الكتاب: ضياء السالك إلى أوضح المسالك المؤلف: محمد عبد العزيز النجار الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى 1422هـ - 2001م عدد الأجزاء: 4   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- ضياء السالك إلى أوضح المسالك محمد عبد العزيز النجار الكتاب: ضياء السالك إلى أوضح المسالك المؤلف: محمد عبد العزيز النجار الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى 1422هـ - 2001م عدد الأجزاء: 4   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] المجلد الأول مقدمات مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة: الحمد لله على جزيل نعمه، وتواتر آلائه ومننه، والصلاة والسلام على النبي المرتضى والحبيب المرتجى؛ سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- النبي العربي، والرسول القرشي؛ صفوة الأنبياء، وأفصح البلغاء، وعلى آله وأصحابه وتابعيه، ومن نحا نحوهم، واهتدى بهديهم، وسلك سبيلهم، إلى يوم الجزاء. "وبعد" فهذا مؤلف جديد، وتعليق فريد، على "أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك" للإمام الجليل جمال الدين بن هشام الأنصاري، يزيد على ما سبقه من الكتب في دقة نسجه, ويفوق ما تقدمه من التعليقات في بسط جوهره، وينفرد عن غيره من المؤلفات بعمق النظرة، ووضوح الفكرة. تناولت فيه التعليق الوافي على متن فخر النحاة "ابن هشام", وأوضحت باختصار معاني وإعراب ألفية "ابن مالك" الهمام. وكشفت عن خفي العبارات والتراكيب التي يصعب على الدارس فهمها، ويلتوي عليه وعيها وإدراكها. وشرحت ما فيه من أمثلة وشواهد، وأجملت معانيها، وذكرت إعراب الغامض منها، وموضع الشاهد فيها. واستقصيت -في إيجاز- ما تمس الحاجة إليه من طرائف وفوائد في شتى الموضوعات، وعملت على تجديد وتنويع ما عرضت من الأسئلة والتطبيقات. وأضفت -في المناسبات- الموضوعات الصرفية الهامة التي أغفلها "ابن هشام" كما أغفلها "ابن مالك" -وبخاصة تصريف الأفعال اكتفاء بكتابه لامية الأفعال- ليكون الكتاب مغنيًا بنفسه في القواعد النحوية والصرفية. وعنيت بعرض تعريف مناسب لأئمة النحاة والقراء الذين وردت أسماؤهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 في هذا السفر الجليل؛ ليكون الدارس على بصيرة بمنزلتهم العلمية، فيختار من آرائهم ما تطمئن إليه نفسه، ويهديه إليه درسه وبحثه. وقد صدرت الكتاب بنبذة جامعة عن وضع النحو ونشأته، وسيره في طريق النمو والازدهار، حتى أينع وأثمر، واستتبع ذلك ذكر بعض رواده الأوائل, وجلة واضعيه الأماثل. وأوضحت كيف نشأ المذهبان المعروفان لدى علماء النحو؛ وهما: المذهب البصري، والمذهب الكوفي، وأهم الفروق بينهما. وقد أقبلت على وضع هذا المؤلف بعد أن سمح وقتي بتفرغي إليه، وقصر جهدي عليه، ومراجعة المصادر المختلفة التي تعين على توضيحه، وتساعد على إظهار مكنون أسراره، وقصدت بعملي هذا خدمة ذلك السفر العظيم، والتقرب إلى الله -الذي تعنو له الوجوه- بتيسير وفهم لغة كتابه الكريم. وقد أسميته: "ضياء السالك إلى أوضح المسالك" سائلًا الله -جلت قدرته- أن يضيء به الطريق لقارئه، وينير السبيل أمام المطلع عليه، إنه سميع مجيب. المؤلف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 ترجمة ابن هشام : هو الإمام العلامة النحوي المشهور: أبو محمد عبد الله "جمال الدين" بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري المصري، ولد بالقاهرة في ذي القعدة من عام 708 "ثمان وسبعمائة من الهجرة النبوية"، الموافق 1309 ميلادية. وقد اشتغل منذ نشأته بالعربية، وتوافر على دراستها حتى أتقنها وبرز فيها، وقرأ على ابن السراج، وسمع من أبي حيان ديوان زهير بن أبي سلمى ولم يلازمه، وحضر دروس الشيخ تاج الدين التبريزي، وتفقه على مذهب الشافعي ثم تحنبل. وقد فاق الأقران بل الشيوخ، وبز من تقدمه، وأعيا من أتى بعده، وتصدر للدرس، فنفع الطلاب وأفادهم كثيرًا، وأقبل الناس عليه من كل صوب، وكان كثير المخالفة لأبي حيان، شديد الانحراف عنه، هذا إلى صلاحه وورعه وشدة تواضعه. قال عنه شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في كتابه "الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة: "لقد انفرد ابن هشام بالفوائد الغريبة، والمباحث الدقيقة، والاستدراكات العجيبة، والتحقيق البالغ، والاطلاع المفرط، والاقتدار على التصرف في الكلام، والملكة التي كان يتمكن بها من التعبير عن مقصوده بما يريد؛ مسهبًا وموجزا، مع التواضع والبر، والشفقة ودماثة الخلق، ورقة القلب". وحسبك هذه الشهادة -الجامعة لأنواع الفضائل- من إمام جليل كابن حجر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 وقال عنه المؤرخ العلامة ابن خلدون: "ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية، يقال له ابن هشام، أنحى من سيبويه". وذكره مرة أخرى بقوله: "إن ابن هشام على علم جم يشهد بعلو قدره في صناعة النحو: وكان ينحو في طريقته منحى أهل الموصل الذين اقتفوا أثر ابن جني، واتبعوا مصطلح تعاليمه، فأتى من ذلك بشيء عجيب يدل على قوة ملكته واطلاعه". وقد صنف ابن هشام كثيرًا من الكتب النافعة التي تلوح منها أمارات التحقيق، وطول الباع في البحث والتدقيق، منها: "مغني اللبيب عن كتب الأعاجيب" وهو مشهور متداول، ومرجع هام للدارسين، وعليه شروح كثيرة. و"الروضة الأدبية في شواهد علوم العربية" وهو شرح لشواهد "اللمع لابن جني" وكتاب "رفع الخصاصة عن قراء الخلاصة" في أربع مجلدات ... وغير ذلك. ومن كتبه المتداولة الآن: "شذور الذهب في معرفة كلام العرب"، و"قطر الندى وبل الصدى" وهما يدرسان في بعض المعاهد. و"شرح الجامع الصغير". وله عدة حواش على الألفية والتسهيل. وشرح قصيدتي: "بانت سعاد" و"البردة". أما "أوضح المسالك" الذي نحن بصدد التعليق عليه، فقد ذاع صيته، وانتشر في الآفاق ذكره، وهو مرجع هام في نحو اللغة العربية. وكان -رحمه الله- خبيرًا بالشعر ونظمه. ومن شعره قوله: ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله ... ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل ومن لا يذل النفس في طلب العلا ... يسيرا يعش دهرا طويلا أخا ذل وتوفي -رحمه الله- ليلة الجمعة، الخامس من ذي القعدة سنة 761 "إحدى وستين وسبعمائة هجرية"، الموافقة 1630 ميلادية. ودفن عند باب النصر بالقاهرة، وقبره معروف هنالك إلى الآن. رحمه الله وأسبغ على جدثه المغفرة والرضوان. وقد رثاه كثير من الشعراء، ومنهم ابن نباتة المصري بقوله: سقى ابن هشام في الثرى نوء رحمة ... يجر على مثواه ذيل غمام سأروي له في سيرة المدح مسندا ... فما زلت أروي سيرة ابن هشام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 كلمة إجمالية عن نشأة النحو : العرب وسيادة قريش: 1- كان يسكن الجزيرة العربية شعبان عظيمان من شعوب الأمة العربية هما: العدنانيون، وكانوا يسكنون الحجاز بمكة وما والاها، ومنهم قريش. والقحطانيون، وكانت منازلهم باليمن. وكانت لغة الشعبين عربية فصيحة، غير أنهما يختلفان في مدلول بعض الألفاظ واللهجات، كما كان لكل من الشعبين لهجات تختلف باختلاف القبائل. 2- وكان لقريش السيادة في الجاهلية، بسبب ما آل إليها من السقاية1 والرفادة2 والحجابة3 والسدانة4 في البيت الحرام. وكانت مكة مزارًا يحج إليها العرب جميعًا كل عام, وتقام فيها الأسواق التي كان من أشهرها: عكاظ5، ومجنة6، وذي المجاز7، والتي كان يحضرها الناس للتجارة، كما يحضرها الخطباء والشعراء من شتى الجهات؛ للتفاخر والتهاجي والتباري في الخطابة والشعر، ويحكم بينهم الحكام، والسعيد من حكم له بالسبق. فاجتمع   1 هي: سقاية الحجاج. 2 ما كانت تخرجه قريش من المال لتشتري به طعامًا للحجيج. 3 القيام على خدمة البيت. والحاجب: البواب، ووظيفته الحجابة. 4 خدمة الكعبة المشرفة، يقال: سدن أي: خدم الكعبة. 5 سوق بين نخلة والطائف، شهدها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبقيت حتى نصف القرن الثاني من الهجرة. 6 موضع قرب مكة، وقد تكسر ميمها. 7 سوق كانت على فرسخ من عرفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 لقريش من ذلك كله زاد لغوي واسع، أضافته إلى لغتها الأصلية بعد أن تخيرت أعذبه جرسًا، وأخفه وقعًا، وأبلغه معنى. فأصبحت لغتها أغنى اللغات العربية، وأشملها، وأعذبها، وأقدرها على تصوير المعاني المختلفة. وتسابق الخطباء والشعراء في استعمال لغة قريش، ونقلوا كثيرا منها إلى قبائلهم، فانتشرت في الجزيرة العربية وسادت. فكان ذلك تمهيدًا وتهيئة لجو ملائم للرسالة المحمدية، ونزول القرآن الكريم بتلك اللغة المنتقاة. 3- وكان العرب في هذه الآونة، يتكلمون العربية الصحيحة بالسليقة على اختلاف قبائلهم ولهجاتهم، وكانوا قليلي الاتصال بمن حولهم من الأعاجم، فكان بين الفرس وعرب الجزيرة، والروم وعرب الشام شيء من الاتصال، يدخل بعض هؤلاء الجزيرة العربية، ويتعلمون اللغة، وينطقونها تقليدًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 ظهور اللحن : 1- ولما جاء الإسلام وانتشر خارج الجزيرة العربية، اضطر العرب للاختلاط بغيرهم، وزاد اتصالهم بالأعاجم في سائر الأمصار، وتبادلوا معهم التجارة والمنافع؛ فأخذ الفساد يدب في تلك السليقة العربية، وظهر اللحن بين بعض العرب -علاوة على الدخلاء من الأعاجم- وساعد على ذلك أن اللغة العربية لغة مُعْربة، سرعان ما يتسرب إليها اللحن والفساد. 2- وقد ظهر اللحن في عهد الرسول -عليه السلام- فقد روي أن رجلًا لحن بحضرته، فقال: "أرشدوا أخاكم فقد ضل". ومر عمر بن الخطاب على نفر يتمرنون على رمي السهام فوجدهم لا يحسنون، فأنبهم، فقالوا له: إنا قوم متعلمين، فأفزعه ذلك وقال: والله لخطؤكم في لسانكم أشد على من خطئكم في رميكم. وروي أن كاتبًا لأبي موسى الأشعري -وكان واليًا لسيدنا عمر على البصرة- كتب رسالة على لسان أبي موسى إلى سيدنا عمر: من أبو موسى الأشعري إلى .... ، فلما اطلع عمر عليها كتب إلى أبي موسى: عزمت عليك لما ضربت كاتبك سوطًا. 3- وقد شاع اللحن بين أوساط الناس، وجرى على ألسنة العجم المستعربين فهال ذلك أولي الأمر، وخافوا أن يتسرب إلى القرآن الكريم والحديث الشريف، فأسرع المفكرون والعلماء إلى وضع قواعد يهتدى بها؛ لحفظ اللغة من هذا الخطر الداهم. وقد هداهم تفكيرهم إلى وضع علمي النحو واللغة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 وضع النحو : 1- اختلفت الروايات عن المتقدمين فيمن أشار بوضع النحو، ومن ابتدأ وضعه. وكثر الحديث في ذلك؛ فمن قائل: إن علي بن أبي طالب أول من وضع النحو، وأنه دفع إلى أبي الأسود الدؤلي المتوفى سنة 67 هجرية بصحيفة فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، الكلام كله اسم وفعل وحرف ... إلخ. وأمره بتكميله. ومن قائل: إن أبا الأسود هو الذي ابتدأ هذا العمل بإشارة عمر -رضي الله عنه- وقيل بإشارة زياد بن أبيه -وكان أبو الأسود معلم أولاده- وهو والي العراق وقتئذ، وقد لحظ انتشار اللحن. ويرى فريق أن أبا الأسود هو الذي بدأ ذلك بنفسه حين قالت له ابنته: يا أبت ما أحسن السماء! فقال نجومها. فقالت له: لم أرد شيء منها أحسن؟ إنما تعجبت من حسنها. فقال لها: قولي إذن: ما أحسن السماء! ثم دفعه ذلك إلى التفكير في وضع النحو، وابتدأ بباب التعجب. 2- ومهما قيل، فمن المؤكد -بعد البحث- أن أبا الأسود هو الذي بدأ هذا العمل، سواء كان بإشارة علي، أم عمر، أم زياد، أم بتفكيره هو، وأنه لم يبدأ بما قيل من تقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف، ولا بوضع باب التعجب أو غيره، فإن التأليف لم يكن معروفًا عند العرب، كما أن كلمة النحو كلمة دقيقة مبتكرة لا تأتي عفوا, والمنطق والعقل يوحيان بالتدرج في مثل هذا العمل المبتكر، والأقرب -كما قيل- أن أبا الأسود بدأ بوضع نقط فوق الحروف؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 لتقوم مقام الشكل الذي نعرفه اليوم، وبعض الضوابط التي تحفظ من الخطأ في كتاب الله، ثم تدرج العمل بعد. 3- وقد كان أبو الأسود من القراء، لبقا ذكيا، حاضر البديهة، كما كان شاعرًا مفلقا. ولعل الذي هداه إلى ذلك أنه خالط الأعاجم في العراق مدة طويلة، وكانت اللغة السريانية -وهي شقيقة اللغة العربية؛ لأن كلتيهما لغة سامية- منتشرة في شمال العراق، ولها نحو فيه اصطلاحات وتقاسيم، وقد يكون أبو الأسود استفاد من ذلك، هو ومن عاصره وشاركه هذا العمل، ومن أتى بعده ممن عنوا بهذا العلم، ووضعوا أصوله وقواعده. 4- وقد عاصر أبا الأسود، وأخذ عنه، وتدارس معه مسائل النحو كثيرون من العلماء؛ منهم: نصر بن عاصم الليثي المتوفى سنة 89 هجرية، أول من سبب النحو وفتق فيه القياس؛ حتى نسب بعضهم إليه أول وضعه. وعبد الرحمن بن هرمز، أول من نقل النحو إلى المدينة وتكلم فيه، وتوفي سنة 117 هـ، ودفن بالمدينة. ومنهم: يحيى بن يعمر المتوفى سنة 129هـ، والذي بسط النحو وعين بعض أبوابه، وكان أظهر عمل هؤلاء أن أثاروا بعض مسائل مختلفة من النحو حول آيات من القرآن الكريم، وأبيات من الشعر العربي. 5- وقد أخذ عن معاصري أبي الأسود أو تلاميذه كثيرون؛ منهم عبد الله بن إسحاق الحضرمي المتوفى سنة 117هـ، أول من مد القياس وشرح العلل. وأبو عمرو بن العلاء، أوسع الناس علمًا بكلام العرب ولغتها وغريبها، ثم عيسى بن عمرو الثقفي المتوفى سنة 149هـ، الذي تتلمذ عليه الخليل بن أحمد، وقد جمع ما أثاره أسلافه من المسائل المتفرقة، وقيل إنه ألف كتابين سمى أحدهما "الإكمال" والآخر "الجامع"، وقد قال فيهما الخليل: بطل النحو جميعا كله ... غير ما أحدث عيسى بن عمر ذاك "إكمال" وهذا "جامع" ... فهما للناس شمس وقمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 ويقال: إن الجامع هو كتاب سيبويه، أضيف إليه كثير مما تلقاه عن الخليل بن أحمد وبعض أساتذته وعلماء عصره، وكل هؤلاء بصريون. وقد ظهر في زمنهم بالكوفة كثير من علمائها، منهم: معاذ الهراء أستاذ الكسائي، إمام الكوفيين في النحو واللغة. والرؤاسي أستاذ الفراء، وهو أول من ألف في النحو من الكوفيين، وكتابه يسمى "الفيصل". 6- ثم جاء الخليل بن أحمد المتوفى سنة 175 هجرية، فعكف على دراسة هذا العلم، وأخذ يخترع ويستنبط الأصول من الفروع، وكان له الفصل الأول في إرساء قواعده ومسائله، ولم يؤلف في ذلك كتابا، وإنما أوحى بعلمه ونتائج بحوثه إلى تلميذه "سيبويه" المتوفى سنة 180هـ، فجمع ذلك وضم إليه كثيرًا من أقوال علماء عصره، ومن سبقهم، وما سمعه بنفسه عن العرب، ورتبه وبوبه وبسطه على النحو الذي نعرفه الآن، وألف فيه كتابه المعروف، وقد حاز هذا الكتاب ثقة العلماء بعده، وتناولوه بالشرح والإيضاح، وأصبح لفظ "الكتاب" إذا أطلق لا ينصرف إلا إلى كتاب سيبويه. والواقع أن ما ألف بعده مبني عليه ومستمد منه، ولا يزال المرجع في كثير من مسائل النحو إلى الآن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 مصادر النحو والصرف : 1- اعتمد العلماء الأقدمون فيما جمعوه من المسائل والقواعد النحوية والصرفية على ما جمع من علوم اللغة والأدب؛ تلك العلوم التي كان من أهم مصادرها: القرآن الكريم، والحديث الشريف، والشعر العربي الموثوق بصحته، وعربية قائليه. 2- كما اعتمدوا على مشافهة العرب والرحلة إليهم، حيث يقيمون في بواديهم النائية، أو الحواضر التي نزحوا إليها. وبذلوا في تتبع النصوص المختلفة المتنوعة جهدًا مضنيًا، وتحملوا كثيرًا من مشاق السفر والرحلة, وخشونة العيش؛ للاختلاط بالعرب. ثم أخذوا يستعرضون الجزئيات المختلفة التي جمعوها، ويضعون لها الكليات، وأعملوا ذهنهم في استخراج القواعد المضبوطة الجامعة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. 3- وبرغم ما أنفقوا من جهد ووقت ومال، وتحملوا من عناء ومشقة، جاءت القواعد التي وضعوها نتيجة استقراء ناقص؛ لأنه من المحال استيعاب جميع ما ورد عن العرب. يضاف إلى هذا: أن القبائل العربية لم تكن في مستوى واحد من الفصاحة، ولا من السلامة من اللحن؛ بسبب اختلاطها بغيرها من الأعاجم، وقرب بعضها من الحضر. ولذلك كان العلماء يتحرزون عند جمع اللغة، ويفضلون بعض القبائل على بعض، وأكثر القبائل العربية التي نقل عنها، وأخذت العربية الصحيحة منها هم: قيس، وتميم، وأسد، وهذيل، وبعض قبائل كنانة، وبعض الطائيين. واستبعدت قبائل: حمير، ولخم، وجذام، وقضاعة، وغسان، وإياد، وثقيف، وبني حنيفة، وعبد قيس؛ وذلك بسبب تسرب الخطأ إليهم، لقربهم من الأعاجم، ومخالطتهم لهم. 4- وقد حمل ذلك العلماء واضطرهم إلى القياس النحوي في بعض المسائل، فأصبحت القواعد التي وضعت بعد الاستقراء والقياس الصحيح، هي المقياس لعلم النحو والصرف، وأهدر ما عدا ذلك من المصادر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 أين نشأ النحو؟ المذهبان: البصري والكوفي 1- العراق إقليم خصب يقع بين نهري دجلة والفرات، وهو من أقدم بقاع الأرض عمرانًا، وكان يسكنه كثيرون من الأمم والدول ذات العلوم والحضارة؛ كالبابليين، والآشوريين، والكلدانيين، والفرس، وغيرهم، وقد هاجر إليه كثيرون من القبائل العربية؛ منها قبيلتا ربيعة ومضر، ونزح إليه الأدباء والعلماء من سائر الجهات: لهذا كان أسبق البلاد إلى تدوين النحو والصرف، وساعد على ذلك حاجة أهل العراق الأعاجم إلى العناية بهذا العلم لتستقيم لغتهم الأعجمية بخلاف العرب، وقد أنشئت مدينة البصرة في الجنوب الغربي من العراق قريبًا من بادية "نجد" سنة 14هـ، كما أنشئت مدينة الكوفة في الشمال منه سنة 17هـ بعيدة عن البادية، وكلاهما في زمن الخليفة سيدنا عمر بن الخطاب. 2- وكان بين أهل البصرة والكوفة تعصب قبلي، انقلب بعد إلى تعصب سياسي، ثم علمي. ولما كانت البصرة قريبة من بادية نجد، وعلى ثلاثة فراسخ من "المربد" -الذي كان في مبدأ أمره سوقًا للإبل، ثم صار متجرا يأتي إليه الناس من كل فج للبيع والشراء، ثم انقلب سوقا للشعر والأدب، والمناظرة بين العلماء- كان النحويون يقصدونها لتلقي الشعر من أفواه العرب، وقد ساعدهم ذلك على تحديد قواعد النحو ووضع رسومها. 3- وقد هاجر إلى البصرة كثيرون من علماء الممالك المجاورة؛ ليتعلموا النحو على علمائها، وينقلوه إلى بلادهم. وبذلك انتشر المذهب البصري، وشجع عليه خلفاء بني أمية. وتعتبر البصرة أول مدينة عنيت بالنحو واللغة وتدوينها، ووضع القواعد لهما، وقد سبقت غيرها بنحو قرن من الزمان. ويعتبر "سيبويه" وكتابه على رأس المذهب النحوي البصري. ومن أشهر النحويين البصريين غير ما أسلفنا: الأخفش، ويونس بن حبيب، واليزيدي، والجرمي، والمازني، والمبرد، والزجاج، وابن السراج، وابن درستويه، والفارسي، والسيرافي ... وغيرهم. ويقسم العلماء نحاة البصريين إلى عشر طبقات. 4- أما الكوفة؛ فلبعدها عن البادية قل نزوح الأعراب الذين صحت لهجاتهم إليها، وكانت "الكناسة"1 عندهم تقابل "المربد" في البصرة؛ حيث يجتمع فيها العرب، ويتنافسون في إلقاء الخطب وإنشاد الشعر.. إلخ. ولكن -على الرغم من هذا- لم يكن لها ما كان للمربد من أثر بعيد في اللغة.   1 موضع بالكوفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 5- وقد اتخذ الكوفيون لهم مذهبًا خاصا يضاهي مذهب البصريين وينافسه، واختلفوا معهم في كثير من المسائل؛ لأن بعض القواعد التي قعدها البصريون جاءت نتيجة استقراء ناقص؛ فقد كان الكوفيون أكثر رواية للشعر من البصريين. وعلى رأس المذهب الكوفي: أبو جعفر الرؤاسي، وتلميذاه: الكسائي والفراء، واشتهر من علمائهم: هشام بن معاوية الضرير، وابن السكيت، وابن الأعرابي، والطوال، وابن سعدان، وثعلب، وابن كيسان، والأنباري، ونفطويه.. إلخ. وينقسم نحاة الكوفة إلى ست طبقات. 6- وقد حدثت بين أصحاب المذهبين مناقشات، وخلافات، ومنازعات ومناظرات1، ابتدأت هادئة بين الخليل من البصريين، والرؤاسي من الكوفيين، ثم اشتدت بين سيبويه والكسائي وأتباعهما. وقد كان لهذه العصبية العلمية التي نشأت عن العصبية السياسية أثر عظيم في خدمة العلم، والتسابق في تجليته. واستمر الخلاف إلى أواخر القرن الثالث الهجري، ثم خفت حدة النزاع والجدل، وتقارب المذهبان حين التقى الكوفيون بالبصريين في بغداد بعد قليل. ثم جاء بعد ذلك من عرض المذهبين ونقدهما، واختار منهما مذهبًا خاصا، وعلى رأس هؤلاء: العالم الثقة، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري الكوفي المتوفى سنة 296هـ. فقد مزج المذهبين وإن كان إلى البصريين أميل.   1- حدثت مناظرة بين سيبويه والكسائي أمام يحيى البرمكي، انتصر فيها الكسائي بالاتفاق مع بعض العرب في المسألة المعروفة بمسألة "العقرب" أو "المسألة الزنبورية"، وأخرى بين الكسائي وبين اليزيدي، انتصر فيها اليزيدي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 منهج المذهبين وسبب الخلاف بينهما : 1- وضع البصريون قواعد عامة مستنبطة من الجزئيات التي تتبعوها في أكثر القبائل المشهورة، التي كانت بمنأى عن المواطن التي سرى فيها اللحن، ورأوا التزام هذه القواعد، والسير عليها، بدون حيدة عنها. وتمسكوا بصواب ما ذهبوا إليه على الرغم من تعدد القبائل واختلافها اختلافًا بينًا في اللغات واللهجات. وشجعهم على ذلك قرب البصرة من البادية، وتمشيًا مع قواعدهم أخذوا يؤولون كل ما خرج عن هذه القواعد، ولو كان مرويا عن الشعراء الموثوق بعربيتهم وبسلامة لغتهم، ويتكلفون في التخريج شططًا ليوافق مذهبهم، وإذا أعجزهم التأويل قالوا: إنه شاذ يحفظ ولا يقاس عليه، أو ضرورة دعت إليها القافية، أو الوزن الشعري وأحيانًا يخطئون بعض العرب المعروفين بصواب القول وصدق العروبة؛ إذا جاء في أقوالهم ما يخالف قواعدهم. وقد نشأ عن ذلك إهدارهم لكثير من الاستعمالات العربية في بعض القبائل، واعتبروه خطأ أو شاذا، مع أنه في الواقع قد يكون غير ذلك، وما هو إلا لغة أو لهجة لهذه القبائل، وأحيانًا يصطنعون أبياتًا من الشعر للتدليل على آرائهم، وتمشيًا مع قواعدهم، وكانوا يرمون من وراء ذلك إلى تنظيم اللغة ولو بإهدار بعضها. 2- أما الكوفيون فقد عنوا بكل ما سمعوا من شعر عربي، ورأوا احترام جميع ما ورد عن العرب، وأجازوا استعماله ولو لم يجر على تلك القواعد التي وضعها البصريون، وقد احتجوا بالشاهد الواحد، وبالشاهد المجهول قائله، وربما جعلوا من هذه الشواهد الفردية والشواذ أساسًا لقواعد أخرى. قيل إن الكسائي كان يسمع الشاذ الذي لا يجوز إلا في الضرورة، فيجعله أصلًا ويقيس عليه. وقد كان الكوفيون أكثر رواية للشعر من البصريين، وكانوا يستنبطون بعض القواعد بالقياس النظري من غير حاجة إلى شاهد. أما البصريون فكانوا لا يستجيبون لكل مسموع، ولا يقيسون على الشاذ، ولهذا كانوا أصح قياسًا من الكوفيين. ومن هنا نشأ خلاف بين الفريقين في كثير من الفروع النحوية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 ونستطيع أن نجمل الفروق الأساسية بين المذهبين فيما يأتي: أ- البصريون حازمون متشددون في قبول ما يروى من الشعر، ولا يعترفون إلا ببعض القبائل الموثوق بشعرها، وقد ذكرناها، ويقل عندهم التجويز. ب- البصريون صارمون، معتدون بأنفسهم، والثقة بروايتهم، ويخطئون ما عداها من الروايات، مهما كان مصدرها. جـ- البصريون يؤولون ما يخالف قواعدهم، ولو كان عربيا صحيحًا، ويتكلفون في ذلك عنتًا، وإذا أعجزهم التأويل حكموا بشذوذه. أما الكوفيون فمتسامحون؛ يقبلون كل ما ورد عن العرب، ويقيسون حتى على البيت الواحد، ويضعون لكل شيء قاعدة ولو كان شاذا. وقد كان البصريون يتحرجون من الرواية عن علماء الكوفة؛ لأن اتصال هؤلاء بالخلفاء ببغداد، وتزاحمهم على أبوابهم -جعلهم يتزيدون فيما يعجب ويجري على الألسنة. أما الكوفيون فكانوا يأخذون عن البصريين؛ لثقتهم فيما يروونه. والذي لا شك فيه أن البصريين كانوا أكثر استنباطًا وإنتاجًا، وأوثق رواية من الكوفيين؛ لما ذكرنا من أن الفصحاء من العرب كانوا يردون على البصرة أكثر من الكوفة لقرب الأولى منهم. وقد نضج النحو في البصرة قبل الكوفة بنحو مائة عام. وهذا لا يحول دون صواب رأي الكوفيين في كثير من المسائل. ونشير هنا إلى أن تشجيع الخلفاء والأوامر من بني العباس للحركة العلمية -وبخاصة اللغة والنحو- كان له أكبر الأثر في الإقبال على تدوين هذا العلم، ووضع أصوله وقواعده. وقد أشرت إلى ما كان يحدث من مناظرات وغيرها. ويعتبر ما وضعه الخليل بن أحمد معجزة الزمان، وما دونه سيبويه في كتابه، وأكمله العلماء والباحثون في ذلك العصر -أساسًا لكل ما وصل إلينا في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 النحو والصرف. وما جد في العصور المتتالية وفي جميع الأمصار- إنما هو شرح وتفصيل وتنظيم وتكميل لهذا التراث العظيم. فجزاهم الله بما قدموا من عمل أحسن الجزاء. وقد ألف أبو البقاء العكبري المتوفى سنة 616هـ كتابًا أسماه: "التبيين في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين". كما ألف الإمام الجليل كمال الدين أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي المتوفى سنة 577هـ كتابًا أسماه "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" وهو كتاب فريد في بابه، ذكر فيه مائة وإحدى وعشرين مسألة. ولعل من المفيد أن أعرض بعض أمثلة من هذه المسائل التي وقع فيها الخلاف، ليقف الدارس على وجهة نظر كل من الفريقين وما احتج به. 1- العطف على موضع اسم "إن" بالرفع قبل تمام الخبر: أجازه الكوفيون محتجين بالنقل، مثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} بعطف {وَالصَّابِئُونَ} على موضع اسم إن بحسب الأصل قبل تمام الخبر وهو {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} وورد في كلام العرب: إنك وزيد ذاهبان. ذكر ذلك سيبويه في كتابه، والقياس لا يمنع العطف على الموضع قبل تمام الخبر مع "لا" فكذلك "إن" ويمنعه البصريون ويؤولون ما ورد من ذلك: 2- وقوع الفعل الماضي حالًا: أجازه الكوفيون محتجين بالنقل والقياس. أما النقل فقوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} فحصرت فعل ماض، وهو موضع الحال من جاءوكم. ويؤيد قراءة: "حَصِرَةً صُدُورُهُمْ" وقول الشاعر أبي صخر الهذلي: وإني لتعروني لذكراك هزة ... كما انتفض العصفور بلله القطر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 فـ "بَلَّلَهُ" فعل ماض، وهو في موضع الحال، والقياس: أن كل ما جاز أن يكون صفة للنكرة جاز أن يكون حالًا للمعرفة. والفعل الماضي يجوز وقوعه صفة للنكرة، فتقول: مررت برجل قعد، وغلام قام. ومنعه البصريون، وأولوا ما ورد من أمثاله: 3- إظهار "أن" المصدرية بعد "لكي": أجازه الكوفيون، على أن تكون "أن" توكيدًا لكي، محتجين بقول الشاعر: أردت لكيما أن تطير بقربتي ... فتتركها شنًا ببيداء بلقع ومنعه البصريون. ومثل "كي" "حتى". 4- ترخيم المضاف: أجازه الكوفيون، ويوقعون الترخيم في آخر الاسم المضاف إليه، محتجين بورود ذلك كثيرًا في الفصيح من كلام العرب، ومنه قول زهير بن أبي سلمى: خذوا حظكم يا آل عكرم واحفظوا ... أواصرنا والرحم بالغيب تذكر أراد: "يا آل عكرمة" وهو عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان، وحذف التاء للترخيم. ومنعه البصريون؛ بحجة أنه لا توجد فيه شروط الترخيم، وهي: أن يكون الاسم منادى، مفردًا, معرفة ... إلخ. 5- إضافة اسم إلى آخر يوافقه في المعنى: أجازه الكوفيون إذا اختلف اللفظان, محتجين بمثل قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} ، {وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ} فاليقين في المعنى نعت لحق، والنعت في المعنى هو المنعوت، وقد أضيف المنعوت إلى النعت وهما بمعنى واحد. والدار هي الآخرة وقد أضيفت إليها. وقولهم: "صلاة الأولى، ومسجد الجامع، وبقلة الحمقاء" فالأولى في المعنى هي الصلاة، والجامع هو المسجد، والبقلة هي الحمقاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 ومنعه البصريون؛ بحجة أن الإضافة يراد بها التعريف أو التخصيص، والشيء لا يتعرف بنفسه، وأولوا ما ورد من ذلك، على نحو ما هو مبسوط في كتب النحو. 6- إضافة النيف إلى العشرة: أجازه الكوفيون؛ فيقولون: خمسة عشر، واحتجوا بورود ذلك في الشعر العربي. قال الشاعر: كلف من عنائه وشقوته ... بنت ثماني عشرة من حجته ولأن النيف اسم مظهر كغيره من الأسماء المظهرة، فلا مانع من إضافة مثلها. ومنعه البصريون؛ لأنهم جعلوا اللفظين اسمًا واحدًا، ولا يضاف بعض الاسم إلى بعضه، وأنكروا البيت. 7- العطف على الضمير المخفوض: أجازه الكوفيون، تقول: مررت بك ومحمد، محتجين بوروده كثيرًا؛ في القرآن الكريم، وفي الكلام العربي. ومن ذلك قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ} بخفض الأرحام على قراءة حمزة؛ عطفًا على الضمير في "به" وقوله: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} بعطف المسجد على الهاء من "به". وقال الشاعر: فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب يخفض الأيام على الكاف في "بك". ومنعه البصريون؛ بحجة أن الجار مع المجرور كالشيء الواحد، والضمير إذا جر اتصل بالجار، ولهذا لا يكون إلا متصلًا، بخلاف ضمير المرفوع والمنصوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المصنف : الحمد لله رب العالمين1، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وقائد الغر2 المحجلين3 وعلى آله وصحبه أجمعين صلاة وسلاما دائمين بدوام السموات والأرض. أما بعد حمد الله مستحق الحمد وملهمه4، ومنشئ الخلق ومعدمه، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأكرمه5، المنعوت بأحسن الخلق وأعظمه6؛ محمد نبيه، وخليله وصفيه، وعلى آله وأصحابه وأحزابه وأحبابه. فإن7 كتاب "الخلاصة   1 الأرجح: أنه اسم جمع، أعرب إعراب الجمع، وليس جمعًا لعالم بفتح اللام كما قال بعضهم؛ لأنه يستلزم أن يكون المفرد أعم من الجمع؛ لأن العالم اسم لما سوى الله، والعالمين خاص بالعقلاء. 2 جمع أغر من الغرة، وهي بياض في الجبهة، ورجل أغر: شريف كريم الأفعال واضحها. 3 جمع محجل، وهو من الخيل الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى الركبتين التي هي مواضع الأحجال؛ أي: الخلاخل والقيود. وفي هذه العبارة إشارة إلى قول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "أمتي الغر المحجلون"، والمراد الموسومون ببياض مواضع الوضوء؛ من الأيدي والوجه والأقدام، وهو كناية عن النور والوضاءة. 4 ملقنه لعباده. والإلهام: شيء يلقيه الله في النفس، يبعث الملهم على الفعل أو الترك، وهو نوع من الوحي يخص الله به من يشاء من عباده. 5 أي: الموصوف من النعت بمعنى الصفة. 6 الخلق -بضم اللام وسكونها- الدين والسجية والطبيعة، وهو صورة الإنسان الباطنية لنفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها. كما أن الخلق صورته الظاهرة وأفعالها وأوصافها المختصة بها، ويجمع على أخلاق لا غير. وهو يشير إلى قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} . 7 هذا جواب أما، ولذلك قرن بالفاء، أي: فأنا أقول لك إن ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 الألفية في علم العربية"1 نظم الإمام العلامة جمال الدين أبي عبد الله محمد بن مالك الطائي -رحمه الله-2 كتاب صغر حجمًا، وغزر علمًا3، غير أنه لإفراط4   1 المراد هنا: النحو والصرف؛ لأن علم العربية -كما يقول الزمخشري- يطلق على اثني عشر علمًا. ويحد على هذا: بأنه قواعد تعرف بها أحوال الكلمات عند الإفراد والتركيب. 2 هو إمام النحاة وحافظ اللغة: محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني الشافعي. ولد سنة 600هـ بمدينة جيان بالأندلس، فنسب إليها. ورحل أهله إلى دمشق، فنشأ بها، وأخذ العربية عن علمائها وغيرهم، ثم صرف همته إليها فأتقنها حتى حاز فيها قصب السبق، وبلغ الغاية، وأربى على المتقدمين، وأصبح المرجع في غريب اللغة ووحشيها، وكان فوق ذلك إمامًا في القراءات وعللها. أما النحو والصرف فكان فيهما بحرًا لا يجارى، وحبرًا لا يبارى. وكان العلماء يعجبون من أشعار العرب التي يستشهد بها في النحو واللغة من أين جاء بها؟ وكان نظم الشعر عليه سهلًا؛ رجزه، وطويله، وبسيطه. وأكثر ما كان يستشهد بالقرآن، فإن لم يجد فيه شاهدًا عدل إلى الحديث، فإن لم يجد فيه ضالته تحول إلى أشعار العرب. هذا مع شدة تدينه، وصدق لهجته، وفصاحة لفظه وأسلوبه، وكمال عقله، ووقاره، وقد أقام بدمشق يصنف ويدرس. وقد تخرج به كثير من العلماء، وله تصانيف كثيرة تقرب من الثلاثين، وقد قدم القاهرة ثم عاد إلى دمشق, وقيل إنه قرأ على ثابت بن حيان، وسمع من أبي علي الشلوبين، وأخذ عن ابن يعيش الحلبي. وتوفي ابن مالك بدمشق في 12 من شعبان سنة 672هـ، وقد رثاه العلماء كثيرًا، وقد جاء في مرثية الإمام شرف الدين الحصني: يا لسان الأعراب يا جامع الإعـ ... ـراب يا مفهمًا لكل مقال يا فريد الزمان في النظم والنثـ ... ـر وفي نقل مسندات العوالي كم علوم بثثتها في أناس ... علموا ما بثثت عند الزوال 3- أي: كثر علمه، والغزارة: الكثرة، وبابه ظرف. 4- الإفراط: مجاوزة الحد في الأمر. والإيجاز: الاختصار، يقال: أوجز الكلام: قصره وقلله، والمراد شدة الاختصار. أما التفريط فهو: التقصير والإهمال، يقال: فرط في الأمر -قصر فيه وضيعه حتى فات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 الإيجاز، قد كاد يعد من جملة الألغاز.1 وقد أسعفت2 طالبيه، بمختصر يدانيه،3 وتوضيح يسايره4 ويباريه5, أحل به ألفاظه6، وأوضح معانيه، وأحلل به تراكيبه7, وأنقح مبانيه8, وأعذب به موارده9, وأعقل به شوارده10، ولا أخلي11 منه مسألة من شاهد12 أو تمثيل، وربما أشير فيه إلى خلاف أو نقد أو تعليل. ولم آل جهدًا13 في توضيحه وتهذيبه، وربما خالفته في تفصيله وترتيبه.   1 جمع لغز "بالضم وبضمتين -وبالتحريك- وكصرد" وهو ما يعمى به ويصعب فهمه، يقال: ألغز الكلام وألغز فيه: عمى مراده وأضمره على خلاف ما أظهره. والألغوزة: ما يعمى به. 2 ساعدت وعاونت، يقال: أسعفه بحاجته: قضاها له. 3 يقاربه في مسائله وبحوثه. 4 يسير على نهجه ويتبع طريقته. 5 يسابقه ويفعل مثل فعله. 6 أبين وأشرح مفرداته. 7 أي: أفصلها وأوضحها. 8 أهذب أصول موضوعاته. ومبنى الكتاب: ما تبنى عليه مسائله. 9 الموارد: المناهل، واحدها مورد. والعذب: الماء الطيب، والمراد: أيسر مسائله، حتى تطيب وتحلو لدى طلابها. 10 عقل البعير -من باب ضرب- ثنى وظيفه "مستدق ساقه" مع ذراعه وشدهما بالحبل؛ وهو العقال. والشارد: النافر، والمراد: أجمع مسائله المبعثرة، وأقيد المطلقة منها بأدلتها المحددة. 11 لا أترك. 12 أي: دليل من كلام عربي صحيح لإثبات القاعدة، والمثال: جزئي يذكر للإيضاح. 13 لم أقصر في طاقتي ولم أدخر وسعًا، يقال: ألا -من باب عدا- قصر. والألو: التقصير. والجهد -بفتح الجيم وضمها- الطاقة والوسع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 وسميته: "أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك"، وبالله أعتصم1، وأسأله العصمة مما يصم2، لارب غيره3، ولا مأمول إلا خيره، عليه توكلت، وإليه أنيب.   1 أمتنع من الخطأ بلطفه وحفظه. والعصمة: المنع والحفظ. 2 أي: يشين ويعيب. والوصم: العيب والعار. 3 "غير" صفة لرب على المحل، وخبر "لا" النافية محذوف, أي: لا غير الله يطلب منه شيء، وكذلك خبر "لا" الثانية محذوف. والمعنى: لا مأمول غير خير الله معتد به. ولا يصح أن يكون "غير" خبرا؛ لأن خبر "لا" الجنسية يكون منفيا عن جمع أفراد الاسم، وذلك يستلزم أن تكون مغايرة الله منفية عن كل رب، وليس كذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 شرح الكلام وشرح ما يتألف منه مدخل ... باب شرح الكلام، وشرح ما يتألف منه 1: الكلام في اصطلاح النحويين:2 عبارة عما اجتمع فيه أمران: اللفظ والإفادة. والمراد باللفظ: الصوت المشتمل على بعض الحروف، تحقيقًا أو تقديرًا3. والمراد بالمفيد: ما دل على معنى يحسن السكوت عليه4. وأقل ما يتألف الكلام من اسمين؛ كـ"زيد قائم"5، ومن فعل واسم؛ كـ"قام زيد"، ومنه6 "استقم"؛ فإنه من فعل الأمر المنطوق به، ومن ضمير المخاطب المقدر بـ"أنت".   هذا باب شرح الكلام، وشرح ما يتألف منه الكلام: 1- تشتمل الترجمة على قسمين: شرح الكلام؛ وقد بينه بقوله: "الكلام في اصطلاح النحويين.. إلخ" وشرح ما يتألف الكلام مه؛ وقد أوضحه بقوله: "وأقل ما يتألف الكلام من اسمين.. إلخ". 2 أما عند اللغويين فهو القول وما كان مكتفيًا بنفسه في أداء المقصود منه؛ كالخط والإشارة والرمز. ويقول ابن عقيل: هو في اللغة: اسم لكل ما يتلفظ به، مفيدًا كان أو غير مفيد. وعند المتكلمين: هو المعنى القائم بالنفس. 3 تحقيقًا: كمحمد وعلي، وتقديرًا: كالضمائر المستترة في نحو: اقرأ، تعلم، نشكر؛ فإنها ليست بحروف ولا أصوات، والتعبير عنها بالضمائر المنفصلة تقريبًا للفهم. 4 أي: من المتكلم، بحيث يقتنع السامع ولا ينتظر مزيدًا من المخاطب، وهذا يستلزم أن يكون الكلام مركبًا مقصودًا، وعلى ذلك فلا حاجة لهذين القيدين, كما قال البعض. 5- هذان اسمان حكمًا؛ لأن الوصف مع مرفوعه المستتر في حكم الاسم المفرد. ومثال الاسمين حقيقة: الدب حيوان. 6- أي: ومما يتألف من فعل واسم. وهو بهذا يشير إلى أنه لا فرق بين أن يكون الجزآن مذكورين، أو أحدهما, ولا بين الخبر والإنشاء، هذا ويسمى الكلام "جملة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 تمهيد : والكلم: اسم جنس جمعي1, واحدة كلمة، وهي: الاسم، والفعل، والحرف. ومعنى كونه اسم جنس جمعي: أنه يدل على جماعة2 وإذا زيد على لفظه تاء التأنيث فقيل: "كلمة"، نقص معناه وصار دالا على الواحد، ونظيره: لبن ولبنة3, ونبق ونبقة. وقد تبين بما ذكرناه في تفسير الكلام من أن شرطه الإفادة، وأنه من كلمتين، وبما هو مشهور من أن أقل الجمع ثلاثة, أن بين الكلام والكلم عمومًا وخصوصًا من وجه4,   1 اسم الجنس: هو ما وضع للحقيقة من حيث هي: وينقسم بحسب الاستعمال قسمين: أ- اسم جنس جمعي "أي: يفيد معنى الجمع"، وهو: ما يدل على أكثر من اثنين، ويفرق بينه وبين واحده؛ إما بالتاء المربوطة، وتكون في المفرد غالبًا كشجر وشجرة وعنب وعنبة، ومنه كلم وكلمة، ويندر أن تكون التاء في اسم الجمع مثل: كمء "الموحدة" وكمأة "للجمع" وجبء، وجبأة. والكمء: نوع من النبات الصحراوي. وفي الحديث: "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين". والجبء: الأحمر من الكمء. وإما بياء النسب المشددة في المفرد؛ كترك وتركي وزنج وزنجي وعرب وعربي. ولا يقال: إن بعض جموع التكسير يفرق بينه وبين واحده بالتاء؛ كمدية ومدى، فكيف نميز بينهما؟ لأنا نقول: جمع التكسير له أوزان معروفة، أما اسم الجنس فلا وزن له، ويرى بعضهم: أن هذا النوع من اسم الجنس من جموع التكسير. ب- واسم جنس إفرادي، وهو ما يصدق على الكثير والقليل بلفظ واحد، فهو موضوع للحقيقة الذهنية لا بقيد قلة ولا كثرة، وذلك نحو: ماء, هواء, لبن, عسل ... إلخ. وهنالك نوع من اسم الجنس يسمى: اسم الجنس الآحادي، وهو ما يدل على الماهية "الحقيقة الذهنية" ممثلة في فرد منتشر غير معين من أفرادها، ولا يتصور العقل هذه الحقيقة إلا بتخيل ذلك الفرد، مثل "أسامة" فإن معنى هذا اللفظ لا يفهم إلا متمثلًا في فرد. 2 أي: من الكلمات، وذلك ثلاثة فأكثر. 3 هذا مثال لاسم الجنس الجمعي من المصنوعات الإنسانية، وما بعده مثال من المخلوقات التي ليس للإنسان دخل فيها. واللبنة الطوبة النيئة التي يبنى بها. 4 ضابط هذه النسبة بين الأشياء: أن تجتمع في الصدق على شيء، وينفرد كل. وقد أوضح المصنف ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 فالكلم أعم من جهة المعنى؛ لانطلاقه على المفيد وغيره1 وأخص من جهة اللفظ؛ لكونه لا ينطلق على المركب من كلمتين؛ فنحو: "زيد قام أبوه" كلام؛ لوجود الفائدة، وكلم؛ لوجود الثلاثة بل الأربعة. و"قام زيد" كلام لا كلم. و"إن قام زيد" بالعكس. والقول: عبارة عن اللفظ الدال على معنى3؛ فهو أعم من الكلام والكلم والكلمة, عمومًا مطلقًا4 لا عمومًا من وجه. وتطلق الكلمة لغة5 ويراد بها الكلام6 نحو: {كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ} . وذلك كثير لا قليل.   1 المفيد نحو: القطن ثروة مصر، وغير المفيد؛ نحو: إن يجتهد الطالب. 2 فقد تقدم أنه ما تركب من أكثر من كلمتين. 3 سواء صح السكوت عليه أم لا. 4 ضابط هذه النسبة بين الأشياء: الاجتماع في الصدق على شيء وانفراد الأعم وهو القول؛ فهو ينفرد في نحو: نور الشمس -ظلمة الليل- غلاف المصحف؛ لأن هذه الأمثلة ليست كلامًا ولا كلمًا ولا كلمة كما سلف. ولهذا قال الناظم: "والقول عم"؛ لأنه ينطبق عليها جميعًا. 5 قيد بذلك؛ لأنها في الاصطلاح هي: اللفظة الواحدة التي تتركب من بعض الحروف الهجائية، وتدل على معنى مفرد, أي: جزئي. 6 أي: على سبيل المجاز، من باب تسمية الشيء باسم جزئه. وكذلك يطلق القول ويراد به الرأي والاعتقاد؛ نحو: قال أبو حنيفة كذا, أي: رأى واعتقد. 7 فإن الضمير في "إنها" وفي "قائلها" راجع لقوله تعالى حكاية عن العاصي إذا جاءه الموت: {رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} ،ومثل قولهم: كلمة الشهادة يريدون: لا إله إلا الله محمد رسول الله. وتقول: قيل في حفل تكريم فلان كلمة رائعة لفلان، يراد: ما قال من خطبة أو شعر. ومن هذا قول الرسول عليه السلام: "أصدق كلمة قالها شاعر، كلمة لبيد بن ربيعة: ألا كل شيء ما خلا الله باطل". وفيما تقدم يقول ابن مالك: "كلامنا" لفظ مفيد كاستقم ... واسم وفعل ثم حرف "الكلم" واحده كلمة، "والقول" عم ... وكلمة بها كلام قد يؤم * أي: إن الكلام عند النحاة هو: اللفظ المفيد، وذلك يستلزم أن يكون مركبًا مقصودًا، كاستقم، والكلم ثلاثة أقسام: اسم وفعل وحرف, مفرده كلمة، والقول يشمل بمعناه هذه الأقسام. وقد يقصد بالكلمة الكلام مجازًا، كما بينا.   * "كلامنا" مبتدأ ومضاف إليه. "لفظ" خبر. "مفيد" صفة للفظ. "كاستقم" جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لمفيد. وهذا الإعراب على اعتبار "استقم" من تمام التعريف. أما إذا جعل مثالًا فهو خبر لمبتدأ محذوف, أي: وذلك كاستقم. وقد جر استقم بالكاف؛ لأنه قصد لفظه "واسم" خبر مقدم. "وفعل ثم حرف" معطوفان على اسم. "الكلم" مبتدأ مؤخر. "واحده كلمة" مبتدأ وخبر. "والقول" مبتدأ "عم" فعل ماض وفاعله يعود على القول والجملة خبر، و"عم" مشددة الميم وقد سكنت للروي، ويجوز أن يكون أفعل تفضيل حذفت همزته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 فصل: يتميز الاسم 1 بخمس علامات 2 "الجر والتنوين": إحداها الجر: وليس المراد به حرف الجر؛ لأنه قد يدخل في اللفظ3 على ما ليس باسم، نحو: عجبت من أن قمت، بل المراد به الكسرة التي يحدثها عامل الجر، سواء أكان العامل حرفًا، أم إضافة، أم تبعية4 وقد اجتمعت في البسملة5.   1 الاسم: كلمة تدل بذاتها -أي: من غير احتياج إلى كلمة أخرى- على شيء ولا تقترن بزمن. وهذا الشيء قد يكون محسا؛ كمحمد، أو يدرك بالعقل؛ مثل: علم, شجاعة. 2 إذا وجدت واحدة منها في الكلمة كانت دليلًا على أنها اسم. 3 قيد بذلك؛ لأن ما بعد "من" في المثال اسم بالتأويل, أي: من قيامك. 4 الصحيح أن الجار في الإضافة هو المضاف لا الإضافة، وفي التبعية عامل المتبوع من حرف أو مضاف -في غير البدل- لا التبعية. 5 فإن "بسم" مجرور بالحرف، ولفظ الجلالة مجرور بالإضافة، و"الرحمن الرحيم" مجروران بالتبعية للموصوف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 الثانية التنوين: وهو نون ساكنة تلحق الآخر لفظًا لا خطا لغير توكيد. فخرج بقيد السكون: النون في "ضيفن" للطفيلي1، و"رعشن" للمرتعش، وبقيد الآخر النون في انكسر، ومنكسر. وبقولي لفظًا لا خطا: النون اللاحقة لآخر القوافي2 وسيأتي. وبقولي لغير توكيد: نون نحو: {لَنَسْفَعًا} ولتضربن يا قوم، ولتضربن يا هند. وأنواع التنوين أربعة: أحدها: تنوين التمكين 3: كـ"زيد،، ورجل". وفائدته: الدلالة على خفة الاسم4، وتمكنه في باب الاسمية؛ لكونه لم يشبه الحرف فيبنى، ولا الفعل فيمنع من الصرف. الثاني: تنوين التنكير: وهو اللاحق لبعض المبنيات للدلالة على التنكير5؛ تقول: "سيبويه" إذا أردت شخصا معينًا اسمه ذلك، و"إيه" إذا استزدت مخاطبك من حديث معين. فإذا أردت شخصًا ما اسمه سيبويه، أو استزادة من حديث ما نونتهما6.   1 هو الذي يجيء مع الضيف في مأدبة أو وليمة، متطفلًا من غير دعوة له. 2 جمع قافية، وهي آخر كلمة في البيت من الشعر. أو هي الحرف الذي تبنى عليه القصيدة، وقيل: هي من أول متحرك قبل أو ساكنين في نهاية البيت. 3 ويسمى أيضًا: تنوين الصرف، وتنوين الأمكنة، وهو الذي يلحق أغلب الأسماء المعرفة المنصرفة: معرفة كانت أو نكرة كما مثل المصنف؛ لأن الأصل في الأسماء أن تكون معربة منونة. وهذا النوع أقوى أنواع التنوين في الدلالة على الاسمية، وهو المقصود عند الإطلاق. 4 أي: بكونه معربا منصرفا. 5 أي: الشيوع وعدم التعيين. 6 ومن المبنيات ما لا يدخله التنوين؛ كحيث، وكم. وهذا التنوين مقيس في الأسماء المبنية المختومة بكلمة "ويه" مثل: خالويه، ونفطويه. ومقصور على السماع في أغلب أسماء الأفعال والأصوات؛ كصه وإيه، و"غاق" لحكاية صوت الغراب؛ فهو غير منون؛ يراد به صياح خاص فيه حزن أو فزع مثلًا, وبالتنوين نكرة تدل على مجرد صياح ... وهكذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الثالث تنوين المقابلة: وهو اللاحق لنحو "مسلمات"1، جعلوه في مقابلة النون في نحو "مسلمين"2. الرابع تنوين التعويض 3: وهو اللاحق لنحو: "غواش وجوار"4؛ عوضًا عن الباء5 ................   1 أي: من جمع المؤنث السالم والملحق به. 2 المقصود: جمع المذكر السالم والملحق به. وإيضاح ذلك كما يقول النحاة: أن التنوين في المفرد قد اختفى وحلت محله النون في آخر جمع المذكر: للدلالة على تمام الاسم. ولما كان جمع المؤنث جمع سلامة كجمع المذكر جعل التنوين فيه في مقابلة النون في جمع المذكر؛ لأنه أيضًا علامة على تمام الاسم، والذي يدل على أنه لتمام الاسم ليس غير؛ أنه ليس بتمكن. 3 ويسمى أيضًا تنوين العوض. 4 أي: من كل جمع تصحيح معتل الآخر على وزن "فواعل". وغوامش؛ جمع غاشية. وهي يوم القيامة، والغطاء. وغاشية الرجل: من يغشاه من زواره وأصدقائه. وجوار: جمع جارية، وهي السفينة والفتية من النساء. 5 أي: المحذوفة عند جمع الكلمة جمع تكسير، فالتنوين هنا عوض عن حرف. وأصل جوار: جواري، على الصحيح من أن الصرف مقدم على الإعلال "أي: إن التنوين سابق على الحذف والتعويض"، حذفت الضمة لثقلها على الياء، فالتقى ساكنان: الياء والتنوين الذي تدل عليه الضمة الثانية، فحذفت الياء للتخلص من الساكنين، ثم التنوين لصيغة منتهى الجموع تقديرًا؛ لأن المحذوفة لعلة كالثابت، فصار "جوار" بغير تنوين, فخيف رجوع الياء فجيء بتنوين آخر عوضًا عنها، وقيل: إن منع الصرف مقدم على الإعلال "أي: إن الكلمة كانت غير منونة، ثم جاء الحذف والتعويض" فأصلها: جواري بدون تنوين؛ لأنها ممنوعة من الصرف لصيغة منتهى الجموع، حذفت الضمة للثقل فصارت جواري، ثم حذفت الياء تخفيفًا، وجيء بالتنوين عوضًا عنها؛ لأنها حرف أصلي لا يحذف من غير تعويض. ويقال عند الإعراب في حالتي الرفع والجر: مرفوع بالضمة على الياء المحذوفة، ومجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة فوق الياء المحذوفة. والتنوين في الحالتين عوض عن الياء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 ولـ"إذ"1 في نحو: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} عوضًا عن الجملة التي تضاف "إذ" إليها2. وهذه الأنواع الأربعة مختصة بالاسم. وزاد جماعة تنوين الترنم 3: وهو اللاحق للقوافي المطلقة4؛ أي: التي آخرها حرف مد5؛ كقوله: أقلي اللوم عاذل والعتابن ... وقولي إن أصبت لقد أصابن6   1 ومثلها: "حين" و"ساعة" وما أشبههما من ظروف الزمان التي تضاف إلى: "إذ". 2 هذه الجملة في الآية هي: {غُلِبَتِ الرُّومُ} ، فحذفت وعوض عنها التنوين. ولما كانت الذال ساكنة وكذلك التنوين؛ حركت الذال بالكسر للتخلص من الساكنين، ووصلت "إذ" في الكتابة بما قبلها. وقد يجيء التنوين عوضًا عن كلمة، كتنوين "كل" و"بعض" الذي يكثر بحذف المضاف إليه بعدهما. والتنوين فيهما تنوين عوض وأمكنية معًا؛ لأنهما معربان منصرفان. 3 أي: التنوين الذي يحصل به الترنم -وهو التغني- لأن النون حرف أغن، وقيل: الكلام على حذف مضاف؛ أي: قطع الترنم؛ لأن الترنم مد الصوت بمدة تجانس الروي، وهذا ما مشى عليه المصنف. 4 أي: التي لم تقيد بسكون، فتحركت وامتد بها الصوت حتى تولد حرف علة في آخرها. 5 وهو الألف والواو والياء المتولدة من إشباع الحركة قبلها، وتسمى أحرف الإطلاق. 6 هذا مطلع قصيدة لجرير بن عطية بن حذيفة الخطفي، الشاعر الأموي المشهور، المتوفى سنة 114هـ يهجو فيها عبيد بن حصين الملقب بالراعي النميري؛ لتفضيله الفرزدق عليه. ومنها البيت المشهور: فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبًا بلغت ولا كلابا = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 الأصل: "العتابا" و"أصابا"، فجيء بالتنوين بدلًا من الألف لترك الترنم، وزاد بعضهم التنوين الغالي، وهو اللاحق للقوافي المقيدة1، زيادة على الوزن، ومن ثم2 سمي غاليًا؛ كقوله: قالت بنات العم يا سلمى وإنن ... كان فقيرًا معدمًا قالت وإنن3   = اللغة والإعراب: أقلى: أمر من الإقلال؛ وهو جعل الشيء قليلًا؛ أي: خفي ولا تكثري، ولعله يريد الترك. اللوم: العذل والملامة. العتاب: مخاطبة الإدلال وتذاكر الموجدة. "أقلى" فعل أمر مبني على حذف النون وياء المخاطبة فاعل. "اللوم" مفعوله. "عاذل" منادى مرخم "عاذلة"، مبني على الضم في محل نصب. "والعتابن" معطوف على اللوم منصوب بالفتحة، والنون عوض عن ألف الإطلاق. "إن أصبت" شرط وفعله، والجواب محذوف؛ أي: فقولي "لقد أصابن" اللام موطئة لقسم محذوف، والجملة جواب ذلك القسم؛ وجملة القسم وجوابه في محل نصب مقول القول. المعنى: خففي أو اتركي أيتها اللائمة الوم والتعنيف، وإن وجدت مني صوابًا وتوخيا الحق والواقع، فلا تنكري ذلك علي، وقولي: والله لقد أصاب القول وما جانب الحق والسداد، وروي: أصبت -بكسر التاء- على أنها ضمير المخاطبة؛ أي: قصدت المنطق بالصواب والحق. الشاهد: في "العتابن، وأصابن"؛ حيث دخلهما تنوين الترنم بدلًا من ألف الإطلاق. والأولى اسم مقترن بأل، والثانية فعل ماض، وذلك يدل على أن هذا التنوين ليس مختصا بالاسم. وقد يدخل هذا التنوين الحرف كقول زياد بن معاوية, المعروف بالنابغة الذبياني؛ نسبة إلى قبيلة "ذبيان": أزف الترحل غير أن ركابنا ... لما تزل برحالنا وكأن قد فإن الأصل "قدي" فجيء بالتنوين بدلًا من الياء لترك الترنم. 1 هي التي رويها ساكن غير مد. 2 أي: ومن أجل زيادته على الوزن؛ فإن الغلو في اللغة: الزيادة، يقال: غلا السعر؛ زاد، وغلا في الأمر؛ جاوز فيه الحد. 3 ينسب النحاة هذا البيت لرؤبة بن العجاج الراجز الإسلامي، المتوفى سنة 145هـ، ولكن = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 والحق أنهما نونان زيدتا في الوقف، كما زيدت نون "ضيفن" في الوصل والوقف، وليسا من أنواع التنوين في شيء؛ لثبوتهما مع أل، وفي الفعل، وفي الحرف، وفي الخط والوقف1 ولحذفهما في الوصل2. وعلى هذا فلا يردان على من أطلق أن الاسم يعرف بالتنوين؛ إلا من جهة أنه يسميهما تنوينين. إما باعتبار ما في نفس الأمر، فلا. الثالثة النداء: وليس المراد به دخول حرف النداء؛ لأن "يا" تدخل في اللفظ على ما ليس باسم، نحو: {يَا لَيْتَ قَوْمِي} 3، "أَلَا يَا اسْجُدُوا" .....   = لم يوجد في ديوانه، وينشدون قبله: قالت سليمى ليت لي بعلًا يمن ... يغسل جلدي وينسيني الحزن اللغة والإعراب: سليمى: تصغير سلمى؛ اسم امرأة. بعلا، البعل: الزوج والجمع البعولة. يمن: يمنن ويتفضل. معدمًا: شديد الفقر لا شيء عنده. "وإنن" الواو عاطفة على محذوف. "إن" حرف شرط جازم وحرك بالكسر للساكنين، والنون الزائدة حرف "كان" فعل الشرط واسمها يعود على البعل. "فقيرًا" خبرها. "معدمًا" صفة لفقير، وجواب الشرط محذوف؛ أي: تقبلينه بعلًا. "وإنن" الثانية محذوف شرطها وجوابها لدلالة الأولى عليهما. المعنى: قالت بنات عم سلمى لها: أترضين بهذا البعل وإن كان شديد الفقر لا مال له؛ فأجابتهن: نعم رضيت به وإن كان كذلك. الشاهد: في "إنن" حيث لحقها التنوين في عروض البيت وقافيته المقيدة، زيادة في الوزن، وهي حرف شرط بلا خلاف. وذلك يدل على أن هذا النوع من التنوين لا يختص بالاسم. 1 كما ذكر في العتابن، وأصابن، وإنن. 2 أي: وليس كذلك شيء من أقسام التنوين. وهنالك مواضع يحذف فيها التنوين وجوبًا؛ منها وجود "أل" في صدر الكلمة المنونة، فتقول في جاء رجل: جاء الرجل، بغير تنوين، وإضافة الكلمة المنونة، تقول: جاء رجل القوم. والوقف على الكلمة المنونة في حالتي الرفع والجر.. إلخ. 3 من الآية 26 من سورة يس. و"يا" حرف نداء، وقد دخلت في اللفظ على ليت، وهي حرف تمن ونصب، و"قومي" اسمها. وجملة "يعلمون" خبرها، والمنادى محذوف؛ أي: يا هؤلاء، أو يا قوم. وقيل "يا" للتنبيه، وإذا لا شاهد فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 في قراءة الكسائي1، بل المراد كون الكلمة مناداة، نحو: يا أيها الرجل، و"يا فل، ويا مكرمان"2. الرابعة أل غير الموصولة 3: كالفرس والغلام. فأما الموصولة فقد تدخل على المضارع كقوله: ما أنت بالحكم الترضي حكومته4   1 فإنه يخفف اللام في "ألا" على أنها حرف تنبيه، وتكون "يا" حرف نداء، وقد دخلت على فعل الأمر لفظًا وهو "اسجدوا" والمنادى محذوف أي: يا هؤلاء. أما على قراءة "ألا" بتشديد اللام، فأن مصدرية و"لا" نافية، و"يسجدوا" مضارع منصوب بأن المصدرية، والمصدر المنسبك من أن والفعل في موضع نصب بدل من "أعمالهم" من قوله تعالى: {فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} وهذا الشاهد من الآية 25 من سورة النمل. 2 هذان اسمان ملازمان للنداء ولا يقبلان من العلامات غير النداء، و"فل": كناية عن نكرة؛ أي: يا رجل، و"مكرمان": اسم للكريم الواسع الخلق، كما أن "ملأمان" للئيم الدنيء، وسيأتي إيضاح لذلك في باب "أسماء لازمت النداء" إن شاء الله. 3 وغير الاستفهامية أيضًا؛ فإنها تدخل على الماضي، نحو: ألفعلت؟ بمعنى هل فعلت؟ 4 صدر بيت من البسيط، لهمام بن غالب، المعروف بالفرزدق الشاعر الأموي، يخاطب رجلًا من بني عذرة هجاه بحضرة الخليفة عبد الملك بن مروان. وعجزه: ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل قيل: إن هذا الرجل دخل على عبد الملك، وعنده جرير والفرزدق والأخطل وهو لا يعرفه، فعرفه بهم، فقال على الفور: فحيا الإله أبا حرزة ... وأرغم أنفك يا أخطل وجد الفرزدق أتعس به ... ودق خياشيمه الجندل فأجابه الفرزدق: يا أرغم الله أنفًا أنت حامله ... يا ذا الخنى ومقال الزور والخطل = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 الخامسة الإسناد إليه 1: وهو أن تنسب إليه ما تحصل به الفائدة، وذلك كالتاء في "قمت" و"أنا"2 في قولك: أنا مؤمن.   =وبعد هذا بيت الشاهد: اللغة والإعراب: الحكم: الذي يفصل في الخصومة بين المتخاصمين. الأصيل: الحسيب الكريم الأصول. الرأي: العقل والتدبير. الجدل: القدرة على المجادلة والمحاجة. "ما" نافية حجازية تعمل عمل ليس. "أنت" اسمها. "بالحكم" خبرها على زيادة الباء. ويجوز أن تكون "ما" تميمية مهملة، و"أنت" مبتدأ، و"بالحكم" خبر "أل" اسم موصول بمعنى الذي، صفة للحكم. "ترضى حكومته" الجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة الموصول "ولا" الواو عاطفة و"لا" زائدة لتأكيد النفي. "الأصيل" معطوف على الحكم، ومثله ما بعده. المعنى: لست أيها العذري بالرجل الذي يعتد بحكمه ويرتضي قوله؛ فإنا لم نحكمك، ولا أنت بالحسيب الشريف النسب، ولا بصاحب رأي وتفكير، أو حجة تدعم بها قولك. الشاهد: دخول "أل" الموصولة على الفعل المضارع، مما يدل على أنها ليست علامة للاسم. وهل دخولها على المضارع خاص بالضرورة فتكون من علامة الاسم؟ أو جائز في الاختيار وإن كان قليلًا؟ رأيان: الأول رأي الجمهور، والثاني رأي الناظم وبعض الكوفيين، وقد سوغه شبه المضارع بالوصف. 1 أي: الإخبار عنه بشيء، وجعله متحدثا عنه؛ لأنه لا يتحدث إلا عن الاسم. وبهذه العلامة دل على اسمية الضمائر ونحوها. 2 كرر المثال؛ لبيان أنه لا فرق بين تأخر المسند إليه وتقدمه، ولا بين أن يكون فعلًا أو وصفًا. وقد أشار ابن مالك إلى العلامات المتقدمة بقوله: بالجر والتنوين والنداء وأل ... ومسند للاسم تميز حصل*   * "بالجر" جار ومجرور متعلق بحصل. "والتنوين والندا وأل ومسند" معطوفات على الجر. "للاسم" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "تمييز" مبتدأ مؤخر. "حصل" فعل ماض مبني على الفتح وسكن للروي، والفاعل يعود على تمييز، والجملة صفة لتمييز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 فصل: ينجلي الفعل بأربع علامات : إحداها: تاء الفاعل 1؛ متكلمًا كان: كقمت، أو مخاطبًا نحو: تباركت. الثاني: تاء التأنيث الساكنة 2؛ كقامت وقعدت، أما المتحركة فتختص بالاسم؛ كقائمة3. وبهاتين العلامتين رد على من زعم حرفية "ليس" و"عسى"4. وبالعلامة الثانية على من زعم اسمية "نعم" و"بئس"5.   1 أي: تاء الضمير الذي يقع فاعلًا في المعنى للفعل قبله. 2 أي: في الأصل، فلا يضر تحركها لعارض، نحو: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} ، {قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ} . 3 أي: مما حركته حركة إعراب، أما المتحركة بحركة بناء، فتدخل على الحروف؛ نحو: لات ربت، ثمت. وتكون في الاسم نحو: لا قوة إلا بالله. 4 يرى الفارسي ومن تبعه من البصريين: أن "ليس" حرف؛ لدلالتها على النفي، قياسًا على "ما" النافية. وذهب الكوفيون إلى أن "عسى" حرف: لدلالتها على الترجي, قياسًا على لعل. ويقول الفريقان: إن لحاق التاء لهما لشبههما بالفعل، في كونهما على ثلاثة أحرف. وفي المعنى، والصحيح أنهما فعلان؛ بدليل قبولهما تاء التأنيث وتاء الفاعل. 5 الزاعم هو الفراء من الكوفيين وحجته: دخول حرف الجر عليهما في بعض التراكيب, ومن ذلك قول بعض العرب وقد بشر بمولود أنثى: "والله ما هي بنعم الولد"، وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير "نعم السير على بئس العير". وتأولها المانعون على حذف موصوف وصفته، ودخول الجار على معمول الصفة وهو اسم؛ أي: بولد مقول فيه نعم الولد، وعلى عير مقول فيه بئس العير. وسيأتي مزيد إيضاح لذلك في باب "نعم وبئس". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 الثالثة: ياء المخاطبة 1؛ كقومي. وبهذه رد على من قال: إن هات و"تعال" اسما فعلين2. الرابعة: نون التوكيد، شديدة أو خفيفة، نحو: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا} 3. وأما قوله: أقاتلن أحضروا الشهودا4. فضرورة.   1 تكون في الأمر، وفي المضارع؛ نحو: أنت يا زينب تقومين. 2 القائل هو الزمخشري. وحجته: استعمالها بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع، وإبراز الضمير معهما، لشدة شبههما بالفعل. والصحيح أن "هات" -بكسر التاء- فعل أمر بمعنى ناول، و"تعال" -بفتح اللام- أمر بمعنى أقبل؛ لقبولهما ياء المخاطبة. وهما مبنيان على حذف حرف العلة. 3 من الآية 32 من سورة يوسف. 4 بيت من مشطور الرجز، نسبه بعض النحاة إلى رؤبة، وينسبه آخرون لشاعر من هذيل وقبله: أريت إن جاءت به أملودا ... مرجلًا ويدبس البرودا ولا ترى مالًا له معدودا اللغة والإعراب: الأملود: الناعم، يقال: غصن أملود أي: ناعم. مرجلًا: ترجيل الشعر تجعيده, وإرساله بالمشط. البرود: جمع برد, وهو نوع معروف من الثياب."أريت" أصله أرأيت، حذفت الهمزة الثانية تخفيفًا "إن جاءت" شرط وفعله. "أملودا" حال من الضمير في "به" العائد على الشاب المراد التزوج به، أو المولود على ما سنبين. وكذلك إعراب مرجلًا، وجملة: "يلبس البرودا". "أقائلن" جواب الشرط، والهمزة للاستفهام، وقائلن: خبر لمبتدأ محذوف مرفوع بالواو المحذوفة للساكنين، إن أريد به الجمع؛ أي: أأنتم قائلون؟ أو مبتدأ مرفوع بالضمة، وفاعله محذوف سد مسد الخبر، إن أريد به المفرد، والنون في الحالين حرف توكيد. "أحضروا الشهودا" الجملة في محل نصب مقول القول. المعنى: أخبرني إن جاءت هذه المرأة بشاب حسن القوام؛ كالغصن الناعم، مرجل الشعر، حسن البزة؛ ليتزوجها، ولكنه فقير معدم، أأنت راض عن ذلك، آمر بإحضار الشهود لعقد نكاحها؟ والاستفهام إنكاري، يراد به الإنكار والتهكم والسخرية. وقيل: إن رجلًا من العرب أتى أمة له، فلما حملت جحد أن يكون الحمل منه، فأنشأت تقول له هذه الأبيات. الشاهد: في "أقائلن" حيث دلت نون التوكيد على اسم الفاعل ضرورة؛ لأنها خاصة بالفعل، وسهل ذلك شبه اسم الفاعل المقرون بأداة الاستفهام بالفعل المضارع، وروي "أقائلون" بواو الجمع، وعليه فلا شاهد فيه، ولا ضرورة. وشذ أيضًا دخول النون على الماضي في قول الشاعر: دامن سعدك إن رحمت متيمًا ... لولاك لم يك للصبابة جانحا وفي هذه العلامات يقول ابن مالك: بنا فعلت وأتت و"يا" افعلي ... و"نون" أقبلن فعل ينجلي* أي: إن الفعل ينجلي وينكشف ويتميز عن غيره بإحدى هذه العلامات، وهي: تاء الفاعل، أو تاء التأنيث الساكنة، أو ياء المخاطبة، أو نون التوكيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 فصل: في الحرف وعلامته وأنواعه ويعرف الحرف1 بأنه لا يحسن فيه شيء من العلامات التسع2؛ كهل، وفي، ولم. وقد أشير بهذه المثل إلى أنواع الحروف؛ فإن منها ما لا يختص بالأسماء ولا بالأفعال فلا يعمل شيئًا؛ كهل3 تقول: "هل زيد أخوك؟ " و"هل يقوم؟ " ومنها ما يختص بالأسماء   1 الحرف: كلمة لا تدل على معنى في نفسها، وتدل على معنى في غيرها إذا ضم إليها، ولا تدل على زمن ما. 2 أي: التي ذكرت للاسم والفعل. 3 الأصل في "هل" الاختصاص بالفعل؛ لأنها بمعنى "قد" وهذه مختصة بالفعل، فلما جاءت بمعنى الهمزة فقدت الاختصاص، فإذا جاء الفعل في تركيبها حنت إليه وجذبته نحوها واختصت به ولو تقديرا، ولهذا وجب نصب الاسم بعدها في باب الاشتغال كما سيأتي. ومن الحروف غير المختصة ما يعمل؛ كما، ولا، ولات، وإن المشبهات بليس.   * "بتا" متعلق بينجلي. "فعلت" مضاف إليه مقصود لفظه، و"أنت" معطوف على فعلت مقصود لفظه "ويا" معطوف على تا. "افعلي" مقصود لفظه مضاف إليه. "ونون" معطوف على تاء, مضاف إلى "أقبلن" لقصد لفظه. "فعل" مبتدأ وسوغ الابتداء به وهو نكرة التنويع "ينجلي" الجملة خبر المبتدأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 فيعمل فيها؛ كـ"في"1؛ نحو: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ} ، {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} 2. ومنها ما يختص بالأفعال فيعمل فيها؛ كـ"لم"3؛ نحو: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} .   1 ومنها ما يختص بالأسماء ولا يعمل؛ كلام التعريف؛ فقد نزلت منزلة الجزء من الاسم. 2 من الآيتين 20، 22 من سورة الذاريات. 3 وقد يختص بها ولام يعمل؛ كقد، والسين، وسوف. واعلم أن الأصل في الحروف المختصة بالأسماء أن تعمل الجر الذي يخص الاسم، والمختصة بالأفعال أن تعمل الجزم، لأنه يخص الفعل. والأصل في المشتركة ألا تعمل شيئًا. وقد مثل لها المصنف، وهذه لا يسأل عن علتها؛ لأنها جاءت على الأصل. وما خالف هذا الأصل فلعلة. وقد بينا هذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 فصل: في الفعل وأنواعه مدخل ... فصل: في الفعل وأنواعه والفعل جنس1 تحته ثلاثة أنواع: أحدها المضارع 2: وعلامته أن يصلح لأن يلي "لم"3؛ نحو "لم يقم"،   1 الفعل هو: ما يدل على معنى -أي: حدث وزمن- يقترن به والمراد بالجنس: معناه الغوي الأعم من النوع. 2 هو كلمة تدل على معنى -أي: حدث، وزمن يصلح للحال والاستقبال. ويتعين للحال إذا اقترن بكلمة تفيد ذلك؛ ككلمة: الآن -الساعة- حالًا. كما يتعين للاستقبال إذا اقترن بالسين، أو سوف, أو بظرف من ظروف المستقبل، مثل: "إذا" نحو: أزورك إذا تسافر, أو دل على وعد أو وعيد؛ نحو: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} أو اقترن بأداة توكيد؛ كالنون، أو لام القسم، أو أداة رجاء، مثل لعل، أو أداة شرط وجزاء. وقد ينصرف زمنه للماضي إذا سبقته "لم" أو "لما" الجازمتان. 3 أي: يقع بعد "لم" النافية الجازمة. وفي هذا يقول الناظم: سواهما الحرف؛ كهل، وفي، ولم ... فعل مضارع يلي "لم"؛ كيشم* أي: إن علامة الحرف: كهل، وفي، ولم، هي عدم قبوله علامة من علامات الأسماء والأفعال. وعلامة المضارع: صلاحيته للوقوع بعد "لم" الجازمة أو أخواتها.   * "سواهما" سوى خبر مقدم مرفوع بضمة مقدرة على الألف، هما: مضاف إليه. "الحرف" مبتدأ مؤخر. "كهل" جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف, أي: وذلك كهل. "وفي، ولم" معطوفان على هل. "فعل" مبتدأ "مضارع" نعت له. "لم" مفعول يلي مقصود لفظه، والجملة خبر المبتدأ" كيشم" إعرابه مثل كهل، وهو مضارع شممت الطيب ونحوه, من باب فرح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 و"لم يشم"، والأفصح فيه فتح الشين لا ضمها، والأفصح في الماضي شممت بكسر الميم لا فتحها. وإنما سمي مضارعًا لمشابهته للاسم1؛ ولهذا أعرب واستحق التقديم في الذكر على أخويه. ومتى دلت كلمة على معنى المضارع2 ولم تقبل "لم"، فهي اسم، كـ"أَوَّه" و"أف"؛ بمعنى أتوجع، وأتضجر3. الثاني الماضي 4: ويتميز بقبول تاء الفاعل؛ كتبارك، وعسى، وليس، أو تاء التأنيث الساكنة؛ كنعم، وبئس،   1 أي: الاسم المصوغ للفاعل؛ فقد أشبهه في اللفظ بجريانه معه في الحركات والسكنات، وفي الحروف الأصلية والزائدة، وفي المعنى؛ لأن كلا منهما يصلح للحال والاستقبال إذا لم توجد قرينة تقصره على أحدهما. 2 وهو الحدث المقترن بالزمن الصالح للحال أو الاستقبال. 3 "أوه" اسم فعل مضارع بمعنى أتوجع شدة الوجع، و"أف" اسم فعل كذلك بمعنى أتضجر وأتألم كثيرًا. ومن هنا نعلم أن اسم الفعل هو: اسم يقوم مقام الفعل في المعنى والزمن والعمل، ولكنه لا يقبل علامة الفعل الذي يقوم مقامه، ولا يتأثر بالعوامل. وسيأتي مزيد إيضاح لذلك في موضعه. ولا يقال: إن هنالك كلمات تدل على معنى الفعل ولا تقبل "لم" وليست أسماء أفعال، بل هي حروف؛ مثل حرف النداء؛ فإنه بمعنى أدعو. وحرف الاستثناء؛ فإنه بمعنى أستثني؛ لأنا نقول: المقصود أن تدل بهيئتها على معنى المضارع. وما ذكر ليس كذلك. 4 هو كلمة تدل على معنى -أي: حدث- وزمن فات قبل النطق بها. ويتعين معناه للحال؛ إذا قصد به الإنشاء؛ مثل: اشتريت، بعت، وهبت، أبرمت. إلخ. كما يتعين للاستقبال؛ إذا أفاد طلبًا أو دعاء؛ مثل: أعانك الله ورفع منزلتك، أو سبق بنفي بـ"لا" أو "إن" المسبوقتين بقسم؛ نحو: والله لا أكرمت الجبان، لئن ثابرت لتظفرن بما ترجو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 وعسى، وليس1. ومتى دلت كلمة على معنى الماضي2 ولم تقبل إحدى التاءين، فهي اسم؛ كهيهات، وشتان بمعنى بعد، وافترق3. الثالث الأمر: 4 وعلامته أن يقبل نون التوكيد مع دلالته على الأمر5، نحو: قومن؛ فإن قبلت كلمة النون ولم تدل على الأمر فعل مضارع، نحو: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا} 6، وإن دلت على الأمر ولم تقبل النون، فهي اسم7؛ كنزال ودراك، بمعنى انزل وادرك.   1 كرر "عسى" و"ليس" ليبين اشتراك التاءين فيهما، ولم يكرر "تبارك" و"نعم" و"بئس"؛ لانفراد تبارك بتاء الفاعل، ونعم وبئس بتاء التأنيث. وقيل: إن تبارك تقبل تاء التأنيث؛ فقد قيل: تباركت أسماء الله. وتقبل كذلك تاء الفاعل، تقول: تباركت يا الله. وفيما تقدم يقول الناظم: وماضي الأفعال بالتاء مز وسم ... بالنون فعل لأمر إن أمر فهم* أي: إن الماضي من الأفعال يتميز، ويختص من تلك العلامات بقبوله في الآخر: التاء المتحركة للفاعل أو الساكنة للتأنيث. وأن فعل الأمر يوسم -أي: يعرف- بقبوله نون التوكيد، مع دلالته على الطلب. 2 وهو الحدث المقترن بزمن مضى وفات. 3 هيهات: اسم فعل ماض بمعنى بعد جدا. وشتان: اسم فعل كذلك بمعنى افترقا بعيدًا. 4 الأمر: هو كلمة تدل بصيغتها من غير زيادة، على معنى مطلوب تحقيقه في المستقبل. 5 وهو الطلب بالصيغة. 6 من الآية 32 من سورة يوسف. 7 أي: اسم فعل أمر؛ كما مثل المصنف، أو اسم مصدر؛ نحو: صبرا على الشدائد والمحن.   * "وماضي الأفعال" مفعول مقدم لمز ومضاف إليه. "بالتا" متعلق بمز. "وسم" الواو للعطف "سم" فعل أمر، ومعناه: علم. "بالنون" متعلق به. "فعل الأمر" مفعوله ومضاف إليه "أن" حرف شرط. "أمر" نائب فاعل لفعل محذوف يفسره فهم. وهو فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف وجوبًا؛ أي: إن فهم أمر فسمه بالنون، وجملة "فهم" لا محل لها من الإعراب؛ لأنها مفسرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 وهذا التمثيل أولى من التمثيل بصه وحيهل1؛ فإن اسميتهما معلومة مما تقدم؛ لأنهما يقبلان التنوين.   1"صه" معناه: اسكت. ومعنى "حيهل": أقبل. وفيما تقدم يقول الناظم: والأمر إن لم يك للنون محل ... فيه هو اسم؛ نحو "صه وحيهل"* أي: إن اللفظ الدال على الأمر إذا لم يقبل النون فهو اسم فعل؛ نحو: صه وحيهل؛ فإنهما وإن دلا على الطلب، لكنهما لا يقبلان النون، فلا يقال: صهن، ولا حيهلن؛ فهما اسما فعل.   * والأمر "الواو للعطف أو للاستئناف، الأمر مبتدأ "إن" حرف شرط جازم "لم يك" مضارع مجزوم بلم على النون المحذوفة للتخفيف، وهو فعل الشرط "للنون" في محل نصب خبر يك مقدم "محل" اسمها مؤخر وسكن للوقف "فيه" متعلق بمحذوف صفة لمحل "هو اسم" مبتدأ وخبر. والجملة في محل جزم جواب الشرط، وحذفت الفاء للضرورة، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ الأول وهو "الأمر" ويجوز جعل جملة: هو اسم, خبر المبتدأ، وجملة الجواب محذوفة لدلالة جملة المبتدأ والخبر عليها "نحو" خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك نحو. "صه" مضاف إليه مقصود لفظه ": وحيهل" معطوف على صه كذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 الأسئلة والتمرينات : 1 عرف كلا من: الكلام، والكلم، وبين الفرق بينهما وبين القول، ووضح بأمثلة من عندك. 2 بين من أي الأنواع العبارات الآتية؟ الظلم ظلمات يوم القيامة، ثورة الشعب، إذا سادت شريعة الغاب بين الأمم، عِ، مَه، دولة الباطل ساعة، صه، اسكت. 3 يقول ابن مالك: "وكلمة بها كلام قد يؤم". اشرح هذا الشطر من البيت، موضحًا بأمثلة من عندك. 4 الكلمات المذكورة بعد أسماء، دلل على ذلك بما عرفت من علامات الأسماء: حيث، قط، هو، نزال، متى، نحن. 5 عرف اسم الجنس الجمعي والإفرادي، واشرح الفرق بينهما، وهات ثلاثة أمثلة لكل منهما، ثم بين نوع كل من الألفاظ الآتية: رهط، شجر، قبط، نحل، عسل، يهود، هواء، ملح، فل، ماء. 6 اشرح قول ابن مالك الآتي شرحًا وافيًا على ضوء ما عرفت: بتا فعلت وأتت و"يا" افعلي ... و"نون" أقبلن فعل ينجلي 7 متى يتعين الفعل الماضي للحال؟ ومتى يتعين للاستقبال؟ اذكر مثالين يوضحان ذلك. 8 بين فيما يأتي: الأسماء، وأنواع الأفعال، وعلاماتها، ومعنى كل فعل مستعينًا بما سبق شرحه: قال تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} ، {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} ، {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ} ، {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ، {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ، {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} ، {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} . لقد وقع الآن ما لم نكن ننتظره، فلنعتصم بالصبر، وليبذل كل منا جهده في العمل والإنتاج، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. أقبح أعمال المقتدرين الانتقام. الرجال ثلاثة. رجل كالغذاء لا يستغنى عنه أبدًا، ورجل كالدواء يحتاج إليه في بعض الأوقات، ورجل كالداء لا يحتاج إليه أبدا، فاختر لنفسك مثلًا من هؤلاء. وإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على أحد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 باب شرح المعرب و المبني : المبني: الاسم ضربان: معرب: وهو الأصل1، ويسمى متمكنًا2. ومبني: وهو الفرع، ويسمى غير متمكن. وإنما يبنى الاسم إذا أشبه الحرف3. وأنواع الشبه ثلاثة: أحدها: الشبه الوضعي 4 وضابطه: أن يكون الاسم على حرف أو حرفين. فالأول5 كـ"تاء" قمت؛   هذا باب شرح المعرب والمبني: 1 الإعراب: تغير آخر اللفظ ظاهرًا أو تقديرًا، بسبب تغير العوامل التي تدخل عليه، وما يتطلبه كل عامل. والمعرب: هو ذلك اللفظ الذي يتغير آخره بتغير هذه العوامل، وإنما كان الأصل في الأسماء الإعراب؛ لأن الاسم يدل بذاته على معنى مستقل هو المسمى. وهذا المسمى قد يكون فاعلًا، أو مفعولًا، أو غيرهما. فلا بد من علامة في آخره تتغير بتغير العوامل، لتميزها، وهي الإعراب. 2 أي: في باب الاسمية، وذلك لقبوله الحركات كلها ثم إن كان منونًا سمي متمكنًا أمكن، وإلا سمي متمكنًا غير أمكن. 3 أي مشابهة قوية لا يعارضها شيء من خصائص الأسماء؛ كالتثنية والإضافة. ومعلوم أن الحروف كلها مبنية؛ لأن الحرف؛ لا يؤدي معنى بنفسه كما سبق؛ فلا ينسب إليه، ولا يقع فاعله ولا مفعولًا حتى يحتاج إلى إعراب. 4 أي: أن يكون الاسم موضوعًا أصالة على صورة وضع الحرف؛ بأن يكون وضعه على حرف أو حرفين من حروف الهجاء. 5 أي: الموضوع على حرف واحد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 فإنها شبيهة بنحو: باء الجر ولامه1، وواو العطف وفائه2. والثاني: كـ"نا" من قمنا3؛ فإنها شبيهة بنحو: قد، وبل. وإنما أعرب نحو: أب، وأخ4؛ لضعف الشبه بكونه عارضًا؛ فإن أصلهما: أبو، وأخو، بدليل: أبوان، وأخوان5. الثاني: الشبه المعنوي 6: وضابطه: أن يتضمن الاسم معنى من معاني الحروف، سواء وضع لذلك المعنى حرف أم لا. فالأول: كـ"متى"؛ فإنها تستعمل شرطًا؛ نحو: متى تقم أقم، وهي حينئذ شبيهة في المعنى بإن الشرطية7. وتستعمل أيضًا استفهامًا نحو: {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} وهي حينئذ شبيهة في المعنى بهمزة الاستفهام8. وإنما أعربت9 "أي" الشرطية في نحو {أَيَّمَا   1 أي: في حالة الكسر. 2 أي: في حالة الفتح. 3 أي: مما ثانيه حرف لين وضعا. مثل: "ما" و"لا"، وهو الراجح، وأطلق بعضهم الوضع على حرفين وأثبت به شبه الحرف، وهو غير سديد. 4 أي: مما ظاهره أنه موضوع على حرفين، مع أنه محذوف أحد أصوله، مثل: "يد" و"دم". 5 أي: برد المحذوف في التثنية؛ لأنها ترد الأشياء إلى أصولها. ولو جعل الدليل تصغيرهما والنسب إليهما لكان أحسن؛ لأنه يقال: أبان وأخان، على لغة النقص كما سيأتي. 6 أي: أن يتضمن الاسم بعد وضعه في جملة، معنى جزئيا، زيادة على معناه المستقل الذي يؤديه في حال انفراده، وكان الحرف أولى بتأدية هذا المعنى الجزئي؛ فيكون الاسم قد خلف الحرف في ذلك. 7 أي: في إفادة التعليق والجزاء الذي يتضح من الجملة بعدها. 8 أي: في السؤال عن معنى محدود يتبين من الجملة التي تليها. 9 هذا كالجواب عن مظنة سؤال هو: أن "أي" الشرطية، و"أي" الاستفهامية أعربتا، مع أنهما أشبها الحرف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} 1، والاستفهامية في نحو: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ} 2؛ لضعف الشبه بما عارضه من ملازمتهما للإضافة التي هي من خصائص الأسماء. والثاني: نحو "هنا"؛ فإنها متضمنة لمعنى الإشارة3. وهذا المعنى لم تضع العرب له حرفًا، ولكنه من المعاني التي من حقها أن تؤدى بالحروف؛ لأنه كالخطاب والتنبيه. فـ"هنا" مستحقة للبناء، لتضمنها لمعنى الحرف الذي كان يستحق الوضع. وإنما أعرب هذان وهاتان4 مع تضمنهما لمعنى الإشارة؛ لضعف الشبه بما عارضه من مجيئهما على صورة المثنى5، والتثنية من خصائص الأسماء. الثالث الشبه الاستعمالي 6: وضابطه: أن يلزم الاسم طريقة من طرائق الحروف؛ كأن ينوب عن الفعل7 ولا يدخل عليه عامل فيؤثر فيه 8،   1 من الآية 28 من سورة القصص. و"أي" اسم شرط جازم منصوب على أنه مفعول مقدم لقضيت، و"ما" زائدة. "الأجلين" مضاف إليه. "قضيت" فعل الشرط وجملة "فلا عدوان علي" جواب الشرط. 2 من الآية 81 من سورة الأنعام. و"أي" اسم استفهام مبتدأ مرفوع. "الفريقين" مضاف إليه "أحق" اسم تفضيل خبر المبتدأ. 3 فإن معناها مطلق الإشارة إلى المكان. 4 أي بناء على قول بأنهما مثنيان حقيقة؛ يعربان بالألف رفعًا، وبالياء نصبًا وجرا، وقد حذفت الألف من "ذا" و"تا". وقيل: تثنيتهما: هذيان وهتيان، بقلب الألف ياء، مثل الفتيان. 5 من يرى أنهما جاءا على صورة المثنى يبنيهما وهو الأصح، فقد لفق المصنف بين القولين. 6 هو أن يكون الاسم عاملًا في غيره، ولا يدخل عليه عامل يؤثر فيه؛ كالحرف. 7 أي في معناه، وفي عمله. 8 فيكون في هذه الحالة عاملًا غير معمول كما أن الحرف كذلك. ومن هذا النوع: أسماء الأفعال؛ كما بين المصنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 وكأن يفتقر افتقارًا متأصلًا إلى جملة1. فالأول:2 " كـ "هيهات" و"صه" و"أَوَّه"؛ فإنها نائبة عن بَعُدَ، واسكت وأتوجع، ولا يصح أن يدخل عليها شيء من العوامل فتتأثر به3، فأشبهت "ليت"، و"لعل" مثلًا؛ ألا ترى أنهما نائبان عن أتمنى، وأترجى؟ 4 ولا يدخل عليهما عامل؟ واحترز بانتفاء التأثر من المصدر النائب عن فعله؛ نحو"ضربًا" في قولك: ضربًا زيدًا؛ فإنه نائب عن اضرب، وهو مع هذا معرب؛ وذلك لأنه تدخل عليه العوامل فتؤثر فيه؛ تقول: أعجبني ضرب زيد، وكرهت ضرب عمرو، وعجبت من ضربه 5. والثاني:6 كإذ، وإذا، وحيث7، والموصولات8؛ ألا ترى أنك تقول: جئتك إذ،   1 هذا النوع الرابع من أنواع الشبه، ويسمى: الشبه الافتقاري، وهو: أن يكون الاسم مفتقرًا افتقارًا لازمًا إلى جملة أو شبه جملة بعده؛ كالموصول؛ فإنه محتاج إلى صلة تكمل معناه وتوضحه، كما أن الحرف لا يظهر معناه إلا بوضعه في جملة. وسيبين المصنف هذا. 2 وهو ما ينوب عن الفعل، ولا يدخل عليه عامل يؤثر فيه. 3 هذا بناء على الصحيح؛ من أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب. خلافًا للمازني ومن تبعه في جعلها مبتدأ أغنى فاعلها عن الخبر، أو مفعولًا مطلقًا لمحذوف وجوبًا. 4 أي: في إفادتهما معناهما. 5 وكذلك "ضربًا" فإنه منصوب بفعل محذوف وجوبًا؛ أي: اضرب ضربًا ومثله: الأوصاف النائبة؛ نحو: جاء الضارب زيدًا، أقائم الزيدان؛ فإنها -وإن نابت عن الفعل- إلا أنها تتأثر بالعوامل. 6 وهو الذي يفتقر افتقارًا متأصلًا إلى جملة أو شبهها. 7 فإنها مفتقرة دائمًا إلى جملة تكمل معناها. وأما إضافة "حيث" إلى مفرد في قول الفرزدق: ونطعمهم تحت الحبا بعد ضربهم ... ببيض النواصي حيث لي العمائم فنادر. 8 فإنها مفتقرة في جميع الأحوال إلى جملة أو شبه جملة تكون صلة لها؛ تكملها، وتوضح معناها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 فلا يتم معنى "إذ" حتى تقول: لجاء زيد، ونحوه؟ وكذلك الباقي. واحترز بذكر الأصالة من نحو: {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} ، فيوم مضاف إلى الجملة، والمضاف مفتقر إلى المضاف إليه، ولكن هذا الافتقار عارض في بعض التراكيب؛ ألا ترى أنك تقول: صمت يومًا، وسرت يومًا، فلا يحتاج إلى شيء؟ واحترز بذكر الجملة من نحو: "سبحان" و"عند" فإنهما مفتقران بالأصالة، لكن إلى مفرد؛ تقول: سبحان الله1، وجلست عند زيد2. وإنما أعرب اللذان واللتان، و"أي" الموصولة في نحو: اضرب أيهم أساء؛ لضعف الشبه بما عارضه من المجيء على صورة التثنية3، ومن لزوم الإضافة.   1 "سبحان" مصدر منصوب بفعل محذوف؛ تقديره: أسبح، ولفظ الجلالة مضاف إليه. والمعنى: تنزيهًا لله من كل نقص وعيب. 2 "عند" منصوب على الظرفية بجلست. 3 هذا بالنسبة إلى اللذين واللتين، ويقال فيهما ما سبق في "هذين" و"هاتين". أما لزوم الإضافة فراجع إلى "أي". هذا: وقد ذكر في الكافية من أنواع الشبه نوع خامس بسمي: الشبه الإهمالي. ومثل له بفواتح السور، مثل: ص، ق، الم. على القول بأنه لا محل لها. أما على أنها أسماء للسور؛ فمحلها رفع بالابتداء أو الخبرية، أو نصب على المفعولية بفعل محذوف؛ أي: اقرأ مثلًا. ومثلها الأعداد المسرودة، والأسماء قبل التركيب. وإلى تقسيم الاسم إلى معرب ومبني وأنواع الشبه المتقدمة يشير الناظم بقوله: والاسم منه معرب ومبني ... لشبه من الحروف مدني كالشبه الوضعي في اسمي "جئتنا" ... والمعنوي في "متى" وفي "هنا" وكنيابة عن الفعل بلا ... تأثر وكافتقار أصلا* =   * والاسم "مبتدأ أول". منه جار ومجرور خبر مقدم. "معرب" مبتدأ مؤخر، والجملة خبر الأول. "ومبني" مبتدأ خبره محذوف لدلالة ما قبله عليه؛ أي: ومنه مبني. "لشبه" متعلق بمبني. "من الحروف" متعلق بشبه، أو بمدني. "مدني" -أي: مقرب- نعت لشبه والباء فيه زائدة للإشباع؛ لأن ياء المنقوص المنكر -غير المنصوب- تحذف = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وما سلم من مشابهة الحرف فمعرب. وهو نوعان: ما يظهر إعرابه؛ كأرض، تقول: هذه أرض، ورأيت أرضًا، ومررت بأرض. وما لا يظهر إعرابه؛ كالفتى1، تقول: جاء الفتى، ورأيت الفتى، ومررت بالفتى، ونظير الفتى2: سُمًا كهدًى، وهي لغة في الاسم؛ بدليل قول بعضهم: ما سُماك؟ 3   = أي: إن الاسم: معرب، ومبني؛ بسبب يدنيه -أي: يقربه- من الحروف. وذلك كالشبه الوضعي: وهو أن يكون الاسم موضوعًا على حرف أو حرفين؛ كالضميرين في "جئتنا". وكالشبه المعنوي في كلمتي: "متى"، و"هنا"؛ فإنهما أشبها الحرف في تأدية معنى معين، كان من حقه أن يؤدى بالحرف. وكأن ينوب الاسم عن الفعل من غير أن يتأثر بعامل، أو يحتاج دائمًا إلى جملة بعده. وإذا كانت العلة الحقيقية في الإعراب والبناء -كما يقول المحدثون وبعض القدامى- هي محاكاة العرب فيما أعربوه أو بنوه، وأن الفيصل في ذلك هو السماع عنهم؛ فإن ما تلمسه النحاة، وأعملوا فيه فكرهم، من علل -مهما قيل فيها وأخذ عليها- يدل على عمق تفكير، ورغبة في تلمس الأسباب؛ للوصول إلى الحقيقة. فجزاهم الله عن البحوث المستفيضة خيرًا. 1 أي: من كل اسم مقصور؛ فإنه يرفع وينصب ويجر بحركات مقدرة على الألف للتعذر. 2 أي: في تقدير الحركات على آخره. 3 أي: ما اسمك؟ ووجه الدلالة: أنه أثبت الألف مع الإضافة، وذلك يدل على أنه مقصور.   = وجوبًا. "كالشبه" جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كالشبه. "الضوعي" نعت للشبه" في اسمي متعلق بمحذوف صفة للوضعي "جئتنا" مضاف إليه مقصود لفظه. "والمعنوي" معطوف على الوضعي "في متى وفي هنا" متعلقان بمحذوف نعت للمعنوي. "وكنيابة" الواو عاطفة والجار والمجرور معطوف على "كالشبه", "عن الفعل" متعلق بنيابة "بلا تأثر" متعلق بمحذوف نعت لنيابة، و"لا" اسم بمعنى "غير" نقل إعرابها إلى ما بعده؛ لأنها على صورة الحرف فهي مضافة إلى تأثر. "وكافتقار" معطوف على "كنيابة" أصلًا فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على افتقار، والألف للإطلاق والجملة من الفعل ونائب الفاعل نعت لافتقار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 حكاه صاحب الإفصاح1، أما قوله: والله أسماك سُمًا مباركًا2 فلا دليل عليه فيه؛ لأنه منصوب منون، فيحتمل أن الأصل: سُمٌ، ثم دخل عليه الناصب ففتح، كما تقول في يد: رأيت يدًا.   1 الإفصاح: شرح لكتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي، وصاحبه هو: محمد بن يحيى، المعروف بابن هشام الخضراوي، المتوفى سنة 646هـ. وسيأتي التعريف به. 2 هذا بيت من مشطور الرجز، لابن خالد القناني الأسدي, نسبة إلى "قنان" جبل لبني أسد وبعده: آثرك الله به إيثاركا اللغة والإعراب: أسماك: ألهم آلك أن يسموك. سما: اسما. آثرك: اختصك وميزك. "والله" مبتدأ. "أسماك" الجملة خبر. "سما" مفعول ثان لأسماك منصوب بفتحة ظاهرة، أو مقدرة على الألف المحذوفة "مباركًا" نعت لسما. "به" متعلق بآثرك والضمير يعود على سما "إيثاركا" مفعول آثرك، وهو مصدر مضاف لمفعوله؛ أي: إيثاره إياك، أو لفاعله والمفعول محذوف؛ أي: إيثارك الناس بالخير. المعنى: أن الله -سبحانه- ألهم أهلك أن يسموك اسمًا ميمونًا مباركًا، اختصك به، وميزك عن سواك، كما اختصك وفضلك بالعقل وحسن التدبير، أو كما تؤثر غيرك، وتخصهم بالمعروف والعطايا. الشاهد: في "سما" فإنه لغة في الاسم، وهو هنا لا يصلح أن يكون دليلًا على أنه مقصور مثل "هدى"، وقد أوضح المصنف ذلك. وفي المعرب من الأسماء، وتقسيمه إلى ظاهر الإعراب ومقدره. يقول الناظم: ومعرب الأسماء ما قد سلما ... من شبه الحرف كأرض وسما* أي: إن المعرب من الأسماء: هو الذي لا يشبه الحرف، وهو قسمان: صحيح الآخر يظهر في آخره الإعراب؛ كلفظ أرض. ومعتل الآخر يقدر الإعراب على آخره؛ نحو: سما، لغة في الاسم.   * معرب الأسماء "مبتدأ ومضاف إليه. "ما" اسم موصول خبر. "قد سلما" الجملة صلة الموصول والألف للإطلاق "من شبه" متعلق بسلم. "الحرف" مضاف إليه. "كأرض" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كأرض "وسما" معطوف على أرض مجرور بكسرة مقدرة للتعذر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 فصل: والفعل ضربان: مبني وهو الأصل1، ومعرب وهو بخلافه. فالمبني نوعان: أحدهما الماضي: وبناؤه على الفتح كضرب. وأما "ضربت" ونحوه، فالسكون عارض أوجبه كراهتهم توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة2، وكذلك ضمة "ضربوا" عارضة لمناسبة الواو3. والثاني الأمر: وبناؤه على ما يجزم به مضارعه، فنحو: "اضرب" مبني على السكون4،   1 لأنه لا يتوارد عليه معان يحتاج في تمييزها إلى إعراب، ولا تتوالى عليه العوامل التي تقتضي ذلك. والمراد بالأصل هنا: الغالب. 2 نزلت تاء الفاعل من الفعل منزلة الجزء؛ لشدة اتصالها به، فصارت المتحركات: أحرف الفعل الثلاثة، وتاء الفاعل. 3 وعلى هذا يكون الفتح مقدرًا للثقل مع ضمير الرفع المتحرك في نحو: ضربت، وللتعذر في نحو: ضربوا، منع من ظهوره الضمة العارضة للمناسبة. وكذلك في رمى وغزا؛ فالماضي مبني على الفتح دائمًا لفظًا أو تقديرًا، غير أنه تمشيًا مع الواقع وتيسيرًا على الدارسين، يقال: يبنى الماضي على الفتح الظاهر إذا لم يتصل به شيء؛ كضرب، أو اتصلت به تاء التأنيث الساكنة؛ نحو: قالت، أو ألف الاثنين؛ نحو: قالا. وقد يكون الفتح مقدرًا إذا كان الماضي معتل الآخر بالألف، مثل: دعا، ورمى. ومبني على السكون إذا اتصلت به تاء الضمير المتحركة؛ مثل: قلت، قلنا، أو نون النسوة؛ مثل: الطالبات نجحن. ويبنى على الضم إذا اتصلت به واو الجماعة؛ نحو: الطلاب نجحوا. 4 لأن مضارعه يجزم بالسكون؛ نحو: لم يضرب. وكذلك إذا اتصلت به نون النسوة؛ نحو اضربن يا فتيات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 ونحو: "اضربا" مبني على حذف النون1، ونحو: "اغز" مبني على حذف آخر الفعل2. والمعرب المضارع: نحو: يقوم، لكن بشرط سلامته من نون الإناث، ونون التوكيد المباشرة3؛ فإنه مع نون الإناث مبني على السكون؛ نحو: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} ومع نون التوكيد المباشرة مبني على الفتح؛ نحو: {لَيُنْبَذَنَّ} 4. وأما غير المباشرة فإنه معرب معها تقديرًا؛ نحو: {لَتُبْلَوُنَّ} . {فَإِمَّا تَرَيْنَ} ، {وَلا تَتَّبِعَانِ} 5.   1 لأن مضارعه كذلك؛ نحو: لم يضربا، مما فيه ألف الاثنين، وكذلك إذا كان فيه واو جماعة؛ نحو: اخرجوا، أو ياء مخاطبة؛ نحو: اسمعي. 2 لأن المضارع المعتل الآخر يجزم بحذف آخره؛ واوا كان الآخر، أو ألفًا أو ياء؛ نحو: لم يدع، ولم يخش، ولم يرم. وبقيت حالة رابعة وهي: البناء على فتح آخره، إذا اتصلت به نون التوكيد؛ نحو: اهجرن البذيء، وما ذكر من بناء الأمر مذهب البصريين، ويرى الكوفيون -كما في المغني- أن فعل الأمر معرب وجزمه بلام أمر محذوفة؛ فأصل "قم" -مثلًا- لتقم، حذفت لام الأمر وحرف المضارعة. 3 أي: التي لم يفصل بينها وبين الفعل فاصل؛ ظاهرا كان؛ كألف الاثنين، أم مقدرًا، كواو الجماعة، وياء المخاطبة كما سيأتي، وإلا كان معربًا. أما نون النسوة فلا يكون اتصالها به إلا مباشرًا. 4 مثله: كل فعل مؤكد مسند للواحد. ويبنى على الفتح لتركبه مع النون تركيب خمسة عشر. 5 "لتبلون" فعل مضارع مبني للمجهول مؤكد بالنون مسند لواو الجماعة، من البلاء؛ بمعنى الاختبار، وأصله قبل التوكيد: "لتبلوون" بواوين؛ واو الفعل وواو الجماعة، تحركت الأولى، وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، ثم حذفت للساكنين، ثم أكد بالنون، فصار "لتبلونن" حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، فالتقى ساكنان، وتعذر حذف واحد منهما؛ لأن الواو للجماعة، والنون جيء بها لغرض؛ فحركت الواو بحركة تجانسها هي الضمة. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 والحروف كلها مبنية1.   = و"ترين" مضارع مؤكد مسند لياء المخاطبة، وأصله قبل التوكيد: "ترأيين" نقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وهو الراء، ثم حذفت الهمزة تخفيفًا، فصار "تريين"، قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار "ترين"، ثم دخل الجازم فحذف النون، وأكد، فالتقى ساكنان، وتعذر حذف أحدهما لما مر، فحركت الياء بالكسرة للمجانسة فصار: "ترين". و"تتبعان" مضارع مسند لألف الاثنين، وأصله قبل دخول لا الناهية للتوكيد. "تتبعان" دخل الجازم، فحذف نون الرفع، ثم أكد، فالتقى ساكنان، فحركت نون التوكيد بالكسر، ولم تحذف الألف؛ لئلا يلتبس بالواحد، ولم تحرك؛ لأنها لا تقبل الحركة. وقد تبين أن النون لم تباشر الفعل في هذه الأمثلة؛ للفصل بواو الجماعة، وياء المخاطبة، وألف الاثنين. ولذلك أعرب إعرابًا تقديريا في "لتبلون"؛ لأن علامة الرفع -وهي النون- محذوفة مقدرة الثبوت، ولفظيًا في "ترين" و"تتبعان"؛ لأن حذف النون فيهما للجازم. ويتضح مما تقدم أن للمضارع حالتين: الإعراب؛ بشرط ألا تباشره نون التوكيد، أو نون النسوة، والبناء؛ إما على الفتح إذا باشرته نون التوكيد، أو على السكون إذا اتصلت بآخره نون النسوة. وتعرف المباشرة من غيرها: بأن المضارع إذا كان مرفوعًا بالضمة قبل دخول نون التوكيد، فإنه يبنى بعد مجيئها؛ لأن الاتصال يكون مباشرًا, وإذا كان مرفوعًا بالنون قبل دخولها، فلا يبنى؛ لوجود الفاصل الظاهر أو المقدر، وهو الضمير. وفي بناء الأمر والماضي، وإعراب المضارع غير المباشر لإحدى النونين، يقول ابن مالك: وفعل أمر ومُضيٍّ بنيا ... وأعربوا مضارعا إن عَرِيا من نون توكيد مباشر، ومن ... نون إناث؛ كَيَرعْنَ من فُتِن* أي: إن فعل الأمر والفعل الماضي مبنيان. والمضارع معرب إن خلا من نون التوكيد المباشرة، ومن نون الإناث؛ كيرعن من قولك: النساء يرعن -أي: يخفن- من فتن بهن. 1 لأن الحرف وحده لا يؤدي معنى في نفسه، فلا ينسب إليه أي فعل. وعلى ذلك فلا تتوارد عليه معان يحتاج في التمييز بينها إلى الإعراب.   * "وفعل أمر" مبتدأ ومضاف إليه. "ومضي" معطوف على أمر. "بنيا" ماض مبني للمجهول والألف ضمير الاثنين نائب فاعل والجملة خبر المبتدأ. "وأعربوا مضارعًا" فعل وفاعل ومفعول. "إن حرف شرط جازم "عريا" -أي: خلا- فعل الشرط في محل جزم، والألف للإطلاق، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام -أي: إن المضارع من النون أعرب, ومعنى عري: خلا. "من نون" متعلق بعري "توكيد" مضاف إليه. "مباشر" نعت لنون "ومن نون إناث" معطوف على ما قبله ومضاف إليه "كيرعن" -أي: يخفن- خبر لمبتدأ محذوف، وقد تقدم مثله، والنون للنسوة. "من" اسم موصول مفعول يرعن باعتباره فعلًا قبل أن نقصد لفظه مع باقي الجملة من الفاعل ونائب الفاعل صلة الموصول لا محل لها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 فصل: وأنواع البناء أربعة 1 أحدها: السكون: وهو الأصل2 ويسمى أيضًا وقفًا. ولخفته دخل في الكلم الثلاث؛ نحو: هل، وقم، وكم. والثاني: الفتح: وهو أقرب الحركات إلى السكون؛ فلذا دخل أيضًا في الكلم الثلاث، نحو: سوف، وقام3، وأين. والنوعان الآخران هما الكسر، والضم: ولثقلهما وثقل الفعل4 لم يدخلا فيه، ودخلا في الحرف والاسم5؛ نحو: لام الجر، وأمس، ونحو: "منذ" في لغة من جر بها أو رفع؛ فإن الجارة حرف، والرافعة اسم6.   1 المراد أنواع البناء الأصلية. والبناء: لزوم آخر الكلمة حالة واحدة. 2 أي: لخفته، واستصحابًا للأصل وهو عدم الحركة. قال الناظم في ذلك: وكل حرف مستحق للبنا ... والأصل في المبني أن يسكنا* 3 مثال للماضي المجرد، ويكون في المضارع والأمر عند وجود نون التوكيد في آخرهما. 4 لدلالته على الحدوث والزمان، وحاجته للفاعل. 5 أي: لخفتهما، وذلك بدلالتهما على شيء واحد. 6 سيأتي الكلام عليها في باب "حروف الجر" وإلى باقي أنواع البناء الأربعة، يشير الناظم بقوله: ومنه ذو فتح وذو كسر وضم ... كأين أمس حيث والساكن كم*   * "وكل حرف" مبتدأ ومضاف إليه. "مستحق" خبر "للبنا" متعلق بمستحق "والأصل" مبتدأ. في المبني "متعلق به "أن مصدرية. "يسكنا". مضارع منصوب بأن ونائب الفاعل يعود إلى المبني والألف للإطلاق وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر المبتدأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 المعرب مدخل ... المعرب: فصل: الإعراب أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة1 وأنواعه أربعة: "رفع" و"نصب" في اسم وفعل؛ نحو: زيد يقوم، وإن زيدًا لن يقوم، و"جر" في اسم نحو: لزيد و"جزم" في فعل نحو: لم يقم2. ولهذه الأنواع الأربعة علامات أصول؛ وهي: الضمة للرفع3، والفتحة للنصب والكسرة للجر، وحذف الحركة للجزم.   1- هذا تعريف للإعراب على أنه لفظي، وتقدم تعريفه على أنه معنوي، في أول "المعرب والمبني" والمراد بالأثر: ما يحدثه العامل من الحركات الثلاث أو السكون وما ينوب عنها، وبالظاهر: ما يلفظ به، وبالمقدر: ما ينوى من ذلك؛ كالضمة والفتحة والكسرة في نحو: الفتى. والنون في مثل: لتبلون كما سبق ويراد بالكلمة: الاسم والفعل المعربان. 2 وإلى هذه الأنواع الأربعة يشير الناظم بقوله: والرفع والنصب اجعلن إعرابًا ... لاسم وفعل نحو لن أهابا والاسم قد خصص بالجر كما ... قد خصص الفعل بأن ينجزما* 3 أي: إن الضم علامة للرفع فيقال في الإعراب مرفوع وعلامة رفعه الضمة، وكذلك منصوب وعلامة نصبه الفتحة.. إلخ. ولا يقال: إن الضمة والفتحة والكسرة والسكون أنواع بناء، فكيف تكون علامات أنواع الإعراب؟ لأنا نقول: إن مطلق الضم وما عطف عليه أعم؛ فإن كان لعامل فإعراب، وإلا فبناء.   * "ومنه" خبر مقدم "ذو فتح" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه "وذو كسر" معطوف على ما قبله "وضم" معطوف على كسر بتقدير مضاف, أي: وذو ضم "كأين" مقصود لفظه خبر لمبتدأ محذوف "أمس حيث" معطوفان على "أين" بحذف العاطف "والساكن كم" مبتدأ وخبر. * "والرفع" مفعول أول مقدم لا جعلن "والنصب" معطوف عليه "اجعلن" فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة "إعرابًا" مفعول ثان لاجعلن "لاسم" متعلق بإعرابًا "وفعل" معطوف على اسم, "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "والاسم" مبتدأ, "قد خصص بالجر" الجملة في محل رفع خبر "كما" الكاف جارة، وما مصدرية "قد خصص الفعل" الجملة من الفعل ونائب الفاعل في تأويل مصدر مجرور بالكاف "بأن" الباء جارة، وأن حرف مصدري ونصب "ينجزما" منصوب بأن والألف للإطلاق والجملة في تأويل مصدر مجرور بالباء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وعلامات فروع1 عن هذه العلامات؛ وهي واقعة في سبعة أبواب:   1 عدتها عشر علامات: ينوب في بعضها حركة فرعية عن حركة أصلية، وفي بعضها حرف عن حركة أصلية، وفي ثالث حذف حرف عن سكون، وتنحصر هذه الفروع النائية فيما يأتي؛ فينوب عن الضمة ثلاثة: الواو والألف والنون، وعن الفتحة أربعة: الكسرة والألف والياء وحذف النون، وعن الكسرة اثنان: الفتحة والياء، وعن السكون واحدة وهي الحذف؛ ويشمل: "حذف حرف العلة في آخر المضارع المعتل، وحذف النون في الأفعال الخمسة المجزومة، وفي العلامات الأصول والفروع بقول الناظم: فارفع بضم وانصبن فتحا وجر ... كسرًا كذكر الله عبده يسر واجزم بتسكين وغير ما ذكر ... ينوب نحو جا أخو بني نمر* أي: أن الرفع يكون بالضمة، والنصب بالفتحة، والجر بالكسرة، والجزم بالسكون، وما عدا ذلك يكون نائبًا عنه؛ مثل: "جا أخو بني نمر" فقد نابت الواو عن الضمة في "أخو"، والياء عن الكسرة في "بني". والمواضع التي تقع فيها النيابة سبعة، سماها المصنف أبوابًا.   * "فارفع" فعل أمر. "بضم" متعلق به. "وانصبن" أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد. "فتحًا" منصوب بنزع الخافض، وكذلك كسر "كذكر الله" خبر لمبتدأ محذوف ومضاف إليه. "عبده" مفعول لذكر وهو مصدر مضاف للهاء. "يسر" فعل مضارع فاعله يعود على ذكر والجملة خبر المبتدأ. "واجزم" فعل أمر معطوف على ارفع. "بتسكين" متعلق به "وغير " مبتدأ "ما" اسم موصول مضاف إليه "ذكر" الجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة ما. "ينوب" الجملة خبر المبتدأ، وفاعل ينوب يعود على غير "نحو" خبر لمبتدأ محذوف "جاء" فعل ماض قصر للضرورة. "أخو" فاعل مرفوع بالواو. "بني" مضاف إليه. "نمر" مضاف إليه لبني، وسكن، لأجل الروي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 والحم1، والهن2. ويشترط -في غير ذو- أن تكون مضافة لا مفردة، فإن أفردت أعربت بالحركات؛ نحو: {وَلَهُ أَخ} و {إِنَّ لَهُ أَبًا} و {وَبَنَاتُ الأَخِ} 3. فأما قوله: خالط من سلمى خياشيم وفا4 فشاذ، والإضافة منوية, أي: خياشيمها وفاها. واشترط في الإضافة أن تكون لغير الياء، فإن كانت للياء أعربت بالحركات المقدرة؛ نحو: {وَأَخِي هَارُونُ} ، {إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي} 5.   1 هو كل قريب للزوج أو الزوجة وقد قصره العرف على الوالد. 2 معناه: شيء، أو شيء يسير، أو تافه. تقول: هذا هنك؛ أي: شيئك، ويكنى به عن كل ما يستقبح ذكره. 3 من الآيات 12 من سورة النساء، و78 من سورة يوسف، و23 من سورة النساء. 4 ينسب النحاة هذا الشاهد للعجاج الراجز المشهور، في وصف الخمر، ولم نجده في ديوانه, وهو عجز بيت من الرجز، وصدره: حتى تناهى في صهاريج الصفا اللغة والإعراب: صهاريج: جمع صهريج، وهو حوض يجتمع فيه الماء. خالط: امتزج. خياشيم: جمع خيشوم؛ وهو الأنف، أو أقصاه. "فا" المراد: "فاها". "تناهى" الفاعل يعود على الماء الممزوج بالخمر في الأبيات قبله، وكذلك فاعل خالط. "خياشيم" مفعول خالط "وفا" معطوف على خياشيم. المعنى: كأن هذه الخمر التي وصفها امتزجت بريح خياشيم سلمى وريقة فمها، حتى وصلت إلى هذه الجودة وطيب النكهة. الشاهد: في قوله "فا"؛ فإنه معطوف على خياشيم، وهو منصوب بالألف نيابة عن الفتحة، مع أنه غير مضاف في اللفظ إلى شيء، وشرط إعراب الأسماء الستة بالحروف الإضافة. وقد أجاب المصنف؛ بأن هذا شاذ، أو مضاف إلى ضمير محذوف عائد على المحبوبة كما بين. 5 من الآيتين: 34 من سورة القصص، و25 من سورة المائدة، و"أخي" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الخاء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، وياء المتكلم مضاف إليه. "هارون" بدل من أخي أو عطف بيان. "هو أفصح مني لسانًا" الجملة خبر المبتدأ. أما "أخي" في الآية الثانية، فيجوز فيه النصب عطفًا على الياء المجرورة بإضافة "نفسي"، والواقع مفعولًا لأملك، والجر عطفًا على الياء المجرورة بإضافة "نفسي"، والرفع على أنه مبتدأ حذف خبره؛ أي: وأخي لا يملك إلا نفسه، أو أنه معطوف على الضمير في "أملك". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 و"ذو" ملازمة للإضافة لغير الياء1، فلا حاجة إلى اشتراط الإضافة فيها. وإذا كانت "ذو" موصولة لزمتها الواو2، وقد تعرب الحروف3؛ كقوله: فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا4   1 أي: من أسماء الأجناس الظاهرة التي ليست وصفًا؛ نحو: معلمي ذو فضل على؛ فلا تضاف إلى الأعلام، ولا إلى الضمائر، ولا إلى الجمل، ولا إلى الصفات، إلا ما شذ من ذلك كله. 2 أي: غالبًا في أحوالها المختلفة، وتكون مبنية على السكون في محل رفع أو نصب أو جر. 3 أي: مثل إعراب "ذي" بمعنى صاحب. 4 عجز بيت من الطويل لمنظور بن سحيم الفقعسي، شاعر إسلامي. وصدره. فإما كرام موسرون لقيتهم اللغة والإعراب: "إما" حرف شرط وتفصيل. "كرام" فاعل لفعل محذوف يفسره السياق؛ أي: إما قابلني كرام، أو خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: فالناس إما كرام، بدليل وإما لئام. "موسرون لقيتهم" صفتان لكرام، أو كرام: مبتدأ نكرة خصص بالوصف، وجملة "لقيتهم" خبر. "فحسبي" الفاء واقعة في جواب الشرط، وحسبي: اسم فعل بمعنى كافيني، خبر مقدم "من "جارة. "ذي" اسم موصول مجرور بالياء. "عندهم" ظرف ومضاف إليه متعلق بمحذوف صلة. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر، ويجوز أن يكون "حسبي" مبتدأ، و"ما" خبر. "كفانيا" الجملة صلة ما، والألف للإطلاق. المعنى: هؤلاء الناس الذين لقيتهم ونزلت عندهم؛ إما أن يكونوا كرامًا أصحاب ثراء، فالذي يصلح حالي، ويقوم بمعيشتي من عطائهم, كافي وحسبي، ولا أبتغي زيادة عليه. وبعد هذا البيت. وإما كرام معسرون عذرتهم ... وإما لئام فادخرت حيائيا أي: وإما معسرون فأعذرهم، وإما لئام أشحاء فأدخر حيائي وعرضي ولا أسألهم شيئا. الشاهد: في "ذي" فإنها هنا اسم موصول بمعنى "الذي" معرب مجرور بالياء في لغة طيئ، مثل "ذي" بمعنى صاحب. وروى "من ذو" على أنها مبنية على سكون الواو بمعنى "الذي" لأنها في محل جر بمن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وإذا لم تفارق الميم "الفم" أعرب بالحركات الثلاث1. فصل: والأفصح في "الهن" النقص؛ أي: حذف اللام2؛ فيعرب بالحركات3، ومنه الحديث: "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا" 4. ويجوز النقص في الأب، والأخ، والحم. ومنه قوله: بأبه اقتدى عدي في الكرم ... ومن يشابه أبه فما ظلم5   1 سواء كانت مفردة أو مضافة، تقول: محمد أطيب الناس فمًا. ومنه قوله -عليه السلام: $"لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" والخلوف: التغير. يقال: خلف فم الصائم, تغيرت رائحته. وخلف اللبن والطعام, إذا تغير طعمه أو ريحه وما به دخل. 2 أي: الواو منه. 3 أي: الظاهرة على النون، فتقول: هذا هنك -ورأيت هنك- ونظرت إلى هنك. 4 تعزى: انتسب وانتمى. عزاء الجاهلية: هو أن يقول الشخص: يا لفلان ليخرج الناس معه إلى القتال بغير حق. فأعضوه: فعل أمر من الثلاثي المزيد، وهمزته همزة قطع؛ أي: قولوا له: اعضض وتمسك بهن أبيك؛ أي: بذكره؛ الذي انتسبت إليه، وذلك استهزاء به ولا تكنوا: لا تذكروا كناية الذكر؛ وهو الهن، بل اذكروا له الاسم الصريح. الشاهد: استعمال الهن منقوصًا معربًا بالحركات الظاهرة. 5 بيت من الرجز، ينسب لرؤبة بن العجاج، يمدح عدي بن حاتم الطائي. اللغة والإعراب: اقتدى به: اتبعه وجعله إمامه وقدوة له. فما ظلم, أي: ما ظلم أمه باتهامها فيه؛ لأنه جاء على مثال أبيه. "بأبه" جار ومجرور متعلق باقتدى، وهو مضاف إلى الضمير. "عدي" فاعل اقتدى. "ومن" اسم شرط جازم مبتدأ. "يشابه" الجملة فعل الشرط. "أبه" مفعول منصوب بالفتحة مضاف إلى الهاء. "فما ظلم" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"ما" نافية، وسكن ظلم للقافية، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ. المعنى: أن عديا اقتدى بأبيه حاتم، وسلك طريقه في الجود والكرم، فدل بذلك على أنه ابنه حقيقة، وكل من يشبه أباه يحسن إلى أمه ولا يظلمها باتهامها فيه. وقيل: معنى ما ظلم, أي: ما ظلم أباه بتضييع صفته وشبهه. الشاهد: استعمال "أب" منقوصًا مجرورًا بالكسرة الظاهرة في "بأبه" ومنصوبًا بالفتحة في "أبه" مع أنهما مضافان إلى ضمير الغائب. وهذه لغة تميم وتسمى لغة النقص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وقول بعضهم في التثنية: أبان وأخان1. وقصرهم أولى من نقصهن؛ كقوله: إن أباها وأبا أبها2   1 مثنى أب، وأخ، بدون نظر إلى اللام المحذوفة؛ كما قيل في تثنية "يد" و"دم": يدان ودمان. 2 شاهد من الرجز لأبي الفضل بن قدامة العجلي الراجز. وقيل: لبعض أهل اليمن. وتمامه: قد بلغا في المجد غايتاها وقبله: واها لسلمى ثم واها واها ... هي المنى لو أننا نلناها يا ليت عينا لنا وفاها ... بثمن نرضي به أباها اللغة والإعراب: واها: اسم فعل مضارع بمعنى أعجب. المجد: الشرف ورفعة النسب. "أباها" اسم إن منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر "وأبا" معطوف على أباها منصوب كذلك. "أباها" الثانية مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الألف "غايتاها" مفعول بلغ منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر. وجاء على لغة من يلزم المثنى الألف، والضمير للمجد مضاف إليه، وأنث باعتبار الصفة أو الرتبة. والمراد بالغايتين: المبدأ والنهاية، أو غاية المجد في النسب، وغايته في الحسب. وقيل: الألف بعد التاء للإشباع لا للتثنية. المعنى: يصف الشاعر والد محبوبته وجدها بأنهما بلغا الغاية في المجد والسؤدد. الشاهد: لزوم الألف في "أباها" على لغة القصر في الأسماء الستة. وهذا صريح = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وقول بعضهم: مكره أخاك لا بطل1 وقولهم للمرأة: "حماة"2.   = وواضح في "أباها" الثالثة؛ لأن موضعها خفض بإضافة "أبا" الثانية إليها. أما الأولى والثانية فبالقرينة. ويجوز إجراؤها على لغة الإتمام؛ لأنهما منصوبان، ويكون نصبهما بفتحة مقدرة على الألف للتعذر على لغة القصر أو بالألف نيابة عن الفتحة على الإتمام، ويكون من باب التلفيق، وهو بعيد في اللغات. تنبيه: قيل في إعراب "لا أبا له"، و"لا أبا لي" ونحوهما مما وقعت فيه بعد "أبا" لام الجر: إن "أبا" اسم "لا" مبني على الألف على لغة من يلزم الأسماء الستة الألف، وحذف التنوين منها للبناء، و"له" متعلق بمحذوف خبر. وهذا خير من جعل "أبا" منصوبًا بالألف ومضافًا إلى الضمير بعدها، واللام بينهما زائدة، لما فيه من جعل اسم "لا" الجنسية معرفة لإضافته للضمير. وهذا التركيب قد يراد به المبالغة في المدح؛ بمعنى أنه معجزة، أو المبالغة في الذم؛ أي: إنه لا ينسب لأب شرعي. 1 هذا مثل عربي يضرب للرجل يضطر إلى عمل ما ليس من شأنه، وقد تمثل به عمرو بن العاص لعلي بن أبي طالب؛ حين حمله معاوية على مبارزته في واقعة صفين، وذكر الأخ للاستعطاف، وقد حمل هذا عليا على الإعراض عنه حين التقيا. "مكره" اسم مفعول خبر مقدم. "أخاك" مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على الألف. "لا" عاطفة. "بطل" معطوف بلا على مكره. الشاهد: في "أخاك" حيث جاء بالألف، وهو في موضع رفع، مما يدل على أنه مقصور معرب بحركات مقدرة عليها. 2 فإن هذا يقتضي أن يقال لرجل: "حما"، بحذف التاء وألف مقصورة ويقدر الإعراب على الألف مثل "فتى"؛ لأن صيغة المؤنث هي صيغة الذكر بزيادة التاء. ومجمل ما ذكره المصنف: أن الأسماء الستة ثلاثة أقسام من حيث الإعراب: ما فيه ثلاث لغات الإتمام والنقص والقصر؛ وهو: الأب، والأخ، والحم". وما فيه لغتان: الإتمام والنقص، وهو: "الهن" والنقص أحسن. وما فيه لغة واحدة؛ هي الإتمام؛ وهو: "ذو" بمعنى صاحب و"الفم" بغير الميم. ويشترط لإعراب هذه الأسماء بالحروف، علاوة على ما ذكر: أن تكون مكبرة؛ فلو = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 .....................................................   = صغرت أعربت كذلك بالحركات الظاهرة، وأن تكون مفردة؛ فلو كانت مجموعة جمع تكسير أعربت كذلك بالحركات. وإن كانت مثناة، أو مجموعة جمع سالم لمذكر أعربت إعرابهما. وفي إعراب هذه الأسماء وشروطها ولغاتها يقول الناظم: وارفع بواو وانصبن بالألف ... واجرر بياء ما من الأسماء أصف من ذاك "ذو" إن صحبة أبانا ... و"الفم" حيث الميم منه بانا أب أخ حم كذاك و"هن" ... والنقص في هذا الأخير أحسن وفي "أب" وتالييه يندر ... وقصرها من نقصهن أشهر وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا ... لليا كجا أخو أبيك ذا اعتلا* بين في البيت الأول الحروف الثلاثة النائبة عن الحركات الأصلية، وهي: الواو والألف والياء. وأوضح في الثاني أن من الأسماء الستة، التي ذكر في البيت الأول أنه سيصفها: "ذو" بشرط أن يكون بمعنى صاحب، و"فم" بشرط أن تنفصل منه الميم. وذكر أربعة في البيتين: الثالث والرابع، وأن النقص في "هن" أحسن من الإعراب بالحروف. أما في الثلاثة الأخرى فالنقص فيها جائز، والقصر أحسن، وفي الخامس ذكر من شروطها: أن تكون مضافة لغير ياء المتكلم. وبقية الشروط بينها المصنف.   * "وارفع" فعل أمر. بواو متعلق به. "وانصبن بالألف" مثل ما قبله "ما" اسم موصول في محل نصب، تنازعه كل من ارفع، وانصب، واجرر. وقد أعمل الأخير لقربه وحذف الضمير مما قبله "من الأسماء". متعلق بأصف، وجملة أصف صلة الموصول والعائد محذوف. "من ذاك" جار ومجرور خبر مقدم. "ذو" مبتدأ مؤخر، مرفوع بضمة مقدرة على الواو لقصد لفظه. "إن" حرف شرط محذوف؛ أي: إن أبان "ذو" صحبة فارفعه بالواو "والفم" معطوف على ذو. "حيث" ظرف مكان. "الميم" مبتدأ. "منه" متعلق بانا. "بانا" أي: انفصل؛ ماض فاعله يعود على الميم، والألف للإطلاق والجملة خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل جر بإضافة حيث إليها. "أب" مبتدأ "وهن" مبتدأ حذف خبره؛ أي: كذاك. "والنقص" مبتدأ. "في هذا" متعلق بالنقص، أو بأحسن. "الأخير" بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة. "أحسن" خبر المبتدأ. وفي أب" متعلق بيندر. و"وتالييه" معطوف على أب. "يندر" فعل وفاعله يعود على النقص. "وقصرها" مبتدأ مضاف إلى الهاء "من نقصهن" متعلق بأشهر الواقع خبرا للمبتدأ. "وشرط" مبتدأ "ذا" اسم إشارة مضاف إليه "الإعراب" بدل أو عطف بيان: "أن يضفن" الجملة من الفعل ونائب الفاعل وهو نون النسوة, في تأويل مصدر خبر المبتدأ "لا" عاطفة؛ "لليا" معطوف على متعلق يضفن المحذوف؛ أي: يضفن لأي اسم ظاهر أو مضمر، لا لليا "كجا" خبر لمبتدأ محذوف. "أخو أبيك" فاعل ومضافع إليه "ذا" حال -بمعنى صاحب- من أخو. "اعتلا" مضاف إليه، وقصر للضرورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 الباب الأول: باب الأسماء الستة 1 فإنها ترفع بالواو، وتنصب بالألف، وتخفض بالياء. وهي: "ذو" بمعنى صاحب2، و"الفم" إذا فارقته الميم3، والأب، والأخ،   1 يسميها بعض النحاة الأسماء الستة المعتلة الآخر؛ لأن آخرها واو محذوفة تخفيفًا فيما عد "ذو". 2 قيد بذلك لتخرج "ذو" التي بمعنى الذي؛ فإنها مبنية على الأصح. 3 يريد ما يدل عليه العضو المخصوص المعروف بالفم -وهو "فوك"- لا لفظ الفم؛ لأنه إذا فارقته الميم بقيت الفاء وحدها، وهي لا تعرب أصلًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 الباب الثاني: المثنى مدخل ... الباب الثاني: المثنى 1 وهو ما وضع لاثنين وأغنى عن المتعاطفين: كالزيدان والهندان؛ فإنه يرفع بالألف،   1 يعرفونه بأنه: اسم يدل على اثنين متفقين في الحركات والحروف والمعنى؛ بسبب زيادة في آخره تغني عن العاطف والمعطوف. وهذه الزيادة هي: الألف والنون المكسورة رفعًا أو الياء المفتوحة والنون المكسورة نصبًا وجرا، ويشترط في كل ما يثني ثمانية شروط: أ- أن يكون معربًا؛ أما هذان، وهاتان، واللذان، واللتان، فقد وردت هكذا عن العرب، فلا يقاس عليها. ب- أن يكون مفردًا؛ فلا يثنى جمع المذكر ولا جمع المؤنث. وقد يثنى جمع التكسير واسم الجنس أحيانًا؛ نحو: "جمالين، وركبين" في تثنية جمال وركب، بقصد الدلالة على التنويع. جـ- أن يكون نكرة؛ فلا يثنى العلم باقيًا على علميته. د- أن يكون غير مركب؛ فلا يثنى المركب الإسنادي بنفسه، وإنما يثني بطريق آخر؛ وهو أن يؤتى بكلمة "ذو" للمذكر، و"ذات" للمؤنث؛ لتوصيل معنى التثنية إليه، فترفع بالألف، وتنصب وتجر بالياء، وتضاف إلى المركب؛ فتقول: جاء ذوا "محمد مسافر"، وذواتا "زينب مسافرة"، ورأيت ذوي، وذواتي، ونظرت إلى ذوي وذواتي. والمضاف إليه في ذلك كله مجرور بكسرة مقدرة منع منها حركة الحكاية. ومثله المركب المزجي على الصحيح. ومن العرب من يعربه بالحروف؛ كالمثنى الحقيقي، فيقول: بعلبكان، وبعلبكين. أما المركب الإضافي؛ كعبد الله، فيثني صدره مع إعرابه بالحروف، ويبقى المضاف إليه على حاله. هـ- أن يكون له موافقًا في اللفظ، موافقة تامة في عدد الحروف وضبطها. أما الأبوان للأب والأم، والعمران: لعمر بن الخطاب، وعمرو بن هشام، المعروف بأبي جهل، فمن باب التغليب. و أن يكون له موافق في المعنى؛ فلا يثنى المشترك؛ فلا تقول: العينين؛ للباصرة، والجارية "البئرة" ولا الحقيقة والمجاز، وأما قولهم: القلم أحد اللسانين، فشاذ. ز- أن يكون له ثان في الكون، والوجود؛ فلا يثني الشمس والقمر. وقولهم: القمران، من باب المجاز والتغليب. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 ويجر وينصب بالياء المفتوح ما قبلها، المكسور ما بعدها1.   = ح- ألا يستغنى عن تثنيته بتثنية غيره؛ فلا تثنى "سواء" ولا "بعض"؛ لأنهم استغنوا عنهما بتثنية "سي". و "جزء"؛ فقالوا: سيان وجزءان. وكذلك لا تثنى كلمة "أجمع"، و"جمعاء" في التوكيد؛ استغناء بكلا وكلتا فيه. وقد جمع بعضهم هذه الشروط في بيتين مشهورين،، نذكرهما إتمامًا للفائدة، وهما: شرط المثنى أن يكون معربا ... ومفردا، منكرا، ما ركبا موافقا في اللفظ والمعنى له ... مماثل لم يغن عنه غيره 1 هذا الإعراب هو أشهر الأقوال وأقواها، ويحسن الاقتصار عليه. ومن العرب من يلزم المثنى وملحقاته الآتية، غير كلا وكلتا، الألف في جميع الأحوال، ويعرب بحركات مقدرة عليها إعراب المقصور. وهذه لغة بني كنانة. وخرج عليه قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} . ومنهم من يلزمه الألف والنون في جميع الحالات، مع إعرابه بحركات ظاهرة على النون كأنه اسم مفرد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 الملحق به : وحملوا عليه أربعة ألفاظ: "اثنين، واثنين" مطلقًا1، وكلا، وكلتا "مضافين لمضمر2،   1 أي: سواء أكانا مفردين عن الإضافة، أم مركبين مع العشرة؛ نحو: انقضى اثنا عشر يومًا واثنتا عشرة ليلة؛ فتعرب "اثنا واثنتا" على حسب موقعهما إعراب ليثنى، أما "عشر" فمبني على الفتح لا محل له من الإعراب؛ لأنه بدل من نون المثنى وهي حرف، أم مضافين إلى ظاهر أم إلى ضمير. ويمتنع إضافتهما إلى ضمير تثنية؛ فلا يقال: جاء الرجلان أثناهما، والمرأتان اثنتاهما. 2 لا تعرب "كلا، وكلتا" بالحروف إلا إذا كانتا للتوكيد، وذلك يستلزم إضافة كل منهما إلى ضمير يطابق المؤكد؛ نحو: جاء الطالبان كلاهما، وقطعت الوردتين كلتيهما؛ فـ "كلا وكلتا" مرفوعان بالألف؛ لأنهما ملحقان بالمثنى. و"هما" مضاف إليه هذا: ولفظهما مفرد، ومعناهما مثنى؛ فيجوز في الضمير العائد عليهما وفي الخبر ونحوه: الإفراد والتثنية، تقول: كلا الرجلين سافر؛ أو سافرا. وكلا الطالبين نبيه، أو نبيهان. والأكثر مراعاة للفظ. ويتعين الإفراد ومراعاة اللفظ في مثل: كلانا غني عن أخيه, من كل موضع ينسب فيه إلى كل واحد من الاثنين ما ينسب إلى الآخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 فإن أضيفا إلى ظاهر لزمتهما الألف1.   1 أي: في الأحوال الثلاثة، ولا يكونان للتوكيد، ويعربان بحركات مقدرة عليها إعراب المقصور على حسب الجملة "فاعلا، أو مفعولا، أو مبتدأ أو خبرا ... إلخ". هذا ويلحق بالمثنى أيضًا ما يسمى به منه؛ مثل: حمدان، بدران، مروان، محمدين. فهذه أو مثالها ملحقة بالمثنى وليست مثنى حقيقيا. وفي إعرابها وجهان: "أحدهما" حذف علامتي التثنية منها، وإعرابها بعد ذلك بالحروف كالمثنى؛ تقول: سافر بدران، وقابلت بدرين، وتحدثت إلى بدرين. وهذا الوجه فيه لبس؛ لأنه يوهم أنه مثنى. "والثاني" إعرابها إعراب ما لا ينصرف بحركات ظاهرة فوق النون؛ فترفع بالضمة، وتنصب وتجر بالفتحة من غير تنوين، للعلمية وزيادة الألف والنون؛ وإذا دخل عليها "أل" للضرورة جرت بالكسرة. وفي المثنى والملحق يقول الناظم: بالألف ارفع المثنى و"كلا" ... إذا بمضمر مضافا وصلا "كلتا" كذاك "اثنان واثنتان" ... كابنين وابنتين يجريان وتخلف اليا في جميعها الألف ... جرا ونصبًا بعد فتح قد ألف* أي: إن المثنى يرفع بالألف و"كلا" كذلك إذا وصلت بمضمر وهي مضافة إليه، و"كلتا" كذلك. أما "اثنان واثنتان" فتجريان في التثنية؛ كابنين وابنتين، المثنيين حقيقة. وتحل الياء في كل ما سبق محل الألف في حالتي الجر والنصب، وما قبلها يكون مفتوحًا، وتكون الياء نيابة عن الفتحة وعن الكسرة.   * "بالألف" متعلق بارفع. "المثنى" مفعول ارفع. "وكلا" معطوف عليه "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "بمضمر" متعلق موصل. "مضافا" حال من ضمير وصل. "وصلا" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود على كلا، والألف للإطلاق، والجملة في محل جر بإضافة إذا، وجواب الشرط محذوف، والتقدير: إذا وصل "كلا" بمضمر حال كونه مضافا إلى ذلك المضمر، فارفعه بالألف. "كلتا كذاك" مبتدأ وخبر. "اثنان واثنتان" ومعطوف عليه. "كابنين" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الألف في يجريان. "وابنتين" مبتدأ ومعطوف على ابنين. "يجريان" مضارع مرفوع بثبوت النون والألف فاعل، والجملة خبر المبتدأ وما عطف عليه. "وتخلف الياء" فعل وفاعل. "في جميعها" متعلق بتخلف وهو مضاف إلى الهاء. "الألف" مفعول تخلف وسكن للقافية. "جرا" مفعول لأجله. "ونصبا" معطوف على جرا. "بعد" ظرف متعلق بتخلف. "فتح" مضاف إليه "قد ألف" قد حرف تحقيق, والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل جر نعت لفتح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 الباب الثالث: جمع الذكر السالم مدخل ... الباب الثالث: باب جمع المذكر السالم 1 كالزيدون والمسلمون، فإنه يرفع بالواو2، ويجر وينصب بالياء المكسور ما قبلها3، المفتوح ما بعدها. ويشترط في كل ما يجمع هذا الجمع ثلاثة شروط4: أحدها: الخلو من تاء التأنيث؛ فلا يجمع نحو: طلحة وعلامة5. الثاني: أن يكون لمذكر؛ فلا يجمع نحو: زينب وحائض6. الثالث: أن يكون لعاقل؛ فلا يجمع نحو: "واشق" علما لكلب، و"سابق" صفة لفرس7.   1 هو ما يدل على أكثر من اثنين؛ بزيادة واو ونون في حالة الرفع، وياء ونون في حالتي النصب والجر. ويشترط فيه ما اشترط في المثنى؛ من الإعراب، والإفراد، والتنكير، واتفاق اللفظ في الحروف والحركات، واتفاق المعنى. 2 ويضم ما قبلها ولو تقديرا، نحو: المصطفون والأعلون. قال تعالى: {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . 3 أي: ولو تقديرا أيضا، نحو: المصطفين. قال تعالى: {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} . 4 الذي يجمع هذا الجمع نوعان: العلم، والصفة. ولذلك مثل بمثالين في كل شرط وهذه الشروط علاوة على الشروط التي أشرنا إليها. 5 لئلا يجتمع علامتا التأنيث والتذكير، والعبرة في التأنيث ليست بلفظة، ولكن بمعناه؛ فإذا جاءت كلمة "سعاد" أو "هند" علما لمذكر واشتهر بذلك؛ فإنها تجمع جمع مذكر سالما. 6 أي: لئلا يلتبس جمع المذكر بجمع المؤنث، ولو سمي مذكر بزينب، جاز أن يجمع هذا الجمع لعدم اللبس. 7 أي: لعدم العقل. قيل: إنما اشترط العقل في هذا الجمع؛ لأنه أشرف الجموع لصحة بناء مفرده، والمذكر العاقل أشرف من غيره. والمراد بالعاقل: أن يكون من جنس العقلاء؛ كالآدميين والملائكة؛ فيشمل المجنون والطفل الصغير. وهذه الشروط سواء، فيها العلم والصفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 ثم يشترط أن يكون: إما علمًا غير مركب تركيبًا إسناديا ولا مزجيا؛ فلا يجمع نحو: "برق نحره"، و"معديكرب"1؛ وإما صفة تقبل التاء، أو تدل على التفضيل2؛ نحو: قائم ومذنب وأفضل؛ فلا يجمع نحو: "جريح وصبور3، وسكران، وأحمر".   1 يبين أنه يشترط في العلم خاصة: ألا يكون مركبا تركيبا إسناديا؛ نحو: "فتح الله" و"برق نحره" مسمى بهما؛ لأن المحكي لا يغير، ومعنى برق: لمع. ولا مركبا تركيب مزج؛ كسيبويه وبعلبك، ولا عدديا؛ كأحد عشر وثلاثة عشر؛ تشبيها لهما بالمحكي في التركيب. وهذه لا تجمع مباشرة، وإنما يتوصل إلى جمعها بأن يسبقها كلمة "ذو" مجموعة، فيقال: ذوو كذا، وذوي كذا، كما بيناه في المثنى. أما المركب الإضافي؛ كعبد الله، فيجمع صدره كما سبق في المثنى أيضًا. 2 يشترط في الصفة خاصة أحد أمرين: أن تقبل التاء المقصود بها التأنيث؛ فلا يجمع هذا الجمع نحو: علام؛ لأنه وإن قبل التاء، لكن لا يقصد بها التأنيث بل لتأكيد المبالغة. أو تدل على التفضيل؛ فلا يجمع ما كان على وزن "أفعل" الذي مؤنثه فعلاء؛ كأخضر، أو على وزن "فعلان" الذي مؤنثه فعلى؛ كسكران. 3 لأن هذه الصيغة تستعمل للمذكر والمؤنث. وكذلك إذا كانت الصفة خاصة بالمؤنث؛ مثل "مرضع"؛ لا تجمع جمع مذكر، منعا للتناقض بين ما يدل عليه المفرد، وما يدل عليه جمع المذكر. وإلى ما سبق يشير ابن مالك بقوله: وارفع بواو وبيا اجرر وانصب ... سالم جمع عامر ومذنب* أي: ارفع بالواو وانصب وجر بالياء، جمع المذكر السالم وما حمل عليه. وأشار "بعامر" للعلم المذكر العاقل الخالي من التاء ومن التركيب، و"بمذنب" إلى الصفة التي لمذكر عاقل، خالية من تاء التأنيث، وليست من باب أفعل فعلاء، ولا فعلان فعلى، ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث؛ فيقال: عامرون ومذنبون.   * وارفع فعل أمر. "بواو" متعلق به. "وبيا" الواو عاطفة. "بيا" متعلق باجرر وقصر للضرورة. "وانصب" معطوف على اجرر ومتعلقه محذوف؛ أي: وانصب بيا. "سالم" مفعول به تنازعه كل من ارفع واجر وانصب، وأعمل الأخير، وحذف الضمير من الأولين. "جمع" مضاف إليه. "عامر" مضاف إليه لجمع. "ومذنب" معطوف على عامر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 الملحق به ... ملحق به: فصل: وحملوا على هذا الجمع أربعة أنواع:1 أحدها: أسماء جموع: وهي: أولوا2 وعالمون3، وعشرون وبابه4. الثاني: جموع تكسير5 وهي: بنون، وحرون، وأرضون6، وسنون وبابه7؛ فإن هذا الجمع مطرد في كل ثلاثي حذفت لامه، وعوض عنها هاء التأنيث، ولم يكسر؛   1 هذه الأنواع تعرب بإعرابه، وليست جمعًا حقيقيا؛ لأنها فقدت بعض شروط الجمع، وأكثرها سماعي لا يقاس عليه كما سيأتي بيانه. 2 أي: التي بمعنى "أصحاب"، وهي اسم جمع لا مفرد له من لفظها، ولها مفرد من معناها؛ وهو "ذو" بمعنى صاحب. 3 هو اسم جمع "عالم" على رأي الأكثرين؛ لأن "عالم" اسم لما سوى الله، ويطلق على كل مجموع متجانس من المخلوقات؛ كعالم الحيوان، والجماد، والنبات، والطيور ... إلخ. و"عالمون" لا يدل إلا على المذكر العاقل؛ فهو خاص، والخاص لا يكون جمعًا للعام. ويرى آخرون أن "عالمون" جمع عالم من باب التغليب، ولكنه ليس جمع مذكر سالما حقيقة؛ لأنه ليس علما ولا صفة، فو ملحق أيضا. 4 عشرون اسم جمع لا واحد له من لفظه ولا من معناه، والمراد ببابه: نظائره، وهي كل العقود إلى التسعين. 5 لها مفرد من لفظها، ولكنه لا يسلم من التغيير عند جمعه، فألحقت بجمع المذكر في إعرابها بالحروف. 6 "بنون" مفرده "ابن" حذفت منه الهمزة عند الجمع. و"حرو،" مفردها "حرة" وهي أرض مليئة بحجارة نخرة سود؛ جمعوها بالواو حملًا على "أرضون"؛ لأنها مؤنثة مثلها. ويقال: "إحرون" بزيادة الهمزة في الجمع. و"أرضون" ليس لها مفرد إلا "أرض" فتغيرت حركة الراء عند الجمع، على أن المفرد مؤنث وغير عاقل. 7 مفرد سنون: سنة -بفتح السين- وهي في الجمع مكسورة. والمراد ببابه -كما ذكره المصنف: كل اسم ثلاثي حذفت لامه وعوض عنها تاء التأنيث المربوطة، ولم يسمع له جمع تكسير يعرب معه بالحركات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 نحو: عضبه. وعضين1 وعزة وعزين2، وثبة وثبين3. قال الله تعالى: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} 4 {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} 5، {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} 6. ولا يجوز ذلك في نحو: "تمرة" لعدم الحذف، ولا في نحو: "عدة" و"زنة"؛ لأن المحذوف الفاء، ولا في نحو: "يد" و"دم"7. وشذ: "أبون"، و"أخون"8، ولا في "اسم" و"أخت" و"بنت"؛ لأن العوض غير التاء9. وشذ "بنون" ولا في نحو: "شاة" و"شفة"؛ لأنهما كسرا على شياه وشفاه.   1 أصل عضة عضه بالهاء، من العضة، وهو الكذب والافتراء؛ يقال: فلان كلامه عضه, أي: كذب وبهتان، وقيل: أصله عضو؛ من التعضية، وهي التفريق، يقال عمل فلان عضو بين زملائه؛ أي: تفريق وتشتيت بينهم؛ فلام الكلمة هاء، أو واو. 2 العزة: الفرقة من الناس، وأصلها عزى، يقال: هذه عزة تجاهد بإخلاص، والعزين: الفرق. 3 الثبة: الجماعة، وأصلها ثبو، أو ثبي؛ يقال: القوم مختلفون؛ ثبة راضية، وثبة غير راضية. ويجوز في الجمع ضم الثاء وكسرها وهو الأفصح. 4 "كم" اسم استفهام معمول للبثتم مبني على السكون في محل نصب. "عدد" تمييز لكم. "سنين" مضاف إليه مجور بالياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر. 5 "عضين" مفعول ثان لجعلوا وعلامة نصبه الياء. 6 "عزين" صفة لمهطعين الواقع حالا من "الذين كفروا" منصوب بالياء. 7 لأن لامهما حذفت ولم يعوض عنها شيء، وأصلهما "يدي" و"دمي". 8 وكذلك "هنون" لأن مفردها واوي اللام، وقد حذفت الواو ولم يعوض عنها شيء، أما الواو الموجودة فهي الواو التي ترفع بها الأسماء الستة في لغة من يرفعها بالواو، مع حذف لامها، وهي لغة النقص. 9 ذلك لأن الأصل: "سمو" و "أخو" و"بنو" على المشهور، حذفت اللام في الثلاثة، وعوض عنها الهمزة في اسم وسكنت السين، وعوضت التاء المفتوحة في الأخيرتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 الثالث: جموع تصحيح لم تستوف الشروط؛ كأهلون ووابلون1؛ لأن أهلًا ووابلًا ليسا علمين ولا صفتين، ولأن وابلًا لغير عاقل. الرابع: ما سمي به من هذا الجمع وما ألحق به كـ"عليون، وزيدون"2 مسمى به. ويجوز في هذا النوع أن يجري مجرى "غسلين"3 في لزوم الياء والإعراب بالحركات على النون منونة4. ودون هذا: أن يجري مجرى "عربون"5 في لزوم الواو والإعراب بالحركات على النون منونة6؛ كقوله: واعترتني الهموم بالماطرون7   1 جمعا: أهل؛ وهم العشيرة، ووابل؛ وهو المطر الغزير. 2 عليون: اسم لأعالي الجنة، ومفرده "علي" بمعنى المكان العالي، أو "علية" بمعنى الفرقة العالية، وهو ملحق بجمع المذكر. أما "زيدون" فجمع مسمى به. وهذان يعربان بالحروف إجراء لهما على ما كانا عليه قبل التسمية، وإن كانا مفردين الآن. 3 هو ما يسيل من أجساد أهل جهنم؛ من صديد وغيره. 4 هذا إذا لم يوجد ما يمنع التنوين؛ ككونه أعجميا؛ مثل: "قنسرين" اسم بلد بالشام، أو وجود "أل" في أوله، أو الإضافة في آخره، وإلا فإنه يعرب على النون من غير تنوين. 5 العربون بضم العين وسكون الراء، أو بفتحهما على أفصح اللغات فيه, ما يقدمه المشتري من الثمن لضمان وتمام عقد المبايعة، وقول العامة "عربون" لحن. 6 أي: إن لم يوجد مانع كما تقدم. 7 هذا عجز بيت من الخفيف لأبي دهبل الجمحي، من قصيدة يشبب فيها بعاتكة بنت معاوية. وصدره: طال ليلي وبت كالمجنون* اللغة والإعراب: اعترنني: غشيتني ونزلت بي. الهموم: الأحزان؛ جمع هم الماطرون: موضع بالشام، وهو في الأصل جمع ماطر، ثم سمي به. "ليلى" فاعل طال "كالمجنون" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر "بت" لأنها ناقصة، وجملة "وبت" حالية قرنت بالواو. المعنى: يقول: إن ليله قد طال وصار في حيرة واضطراب، بسبب بعده عن أحبابه، وتذكره لهم في نومه، ونزلت به الهموم والأحزان في هذا المكان. الشاهد: في "الماطرون" فإنه جمع مذكر مسمى به، فلزمته الواو وأعرب على النون بكسرة ظاهرة كالاسم المفرد، ولم ينون لوجود أل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 ودون هذه: أن تلزمه الواو وفتح النون1. وبعضهم يجري "بنين" وباب "سنين" مجرى غسلين2؛ قال: وكان لنا أبو حسن علي ... أبا برا ونحن له بنين3   1 ويعرب بحركات مقدرة على الواو للثقل في الأحوال الثلاثة، كما تقدر على الألف في المثنى، وتكسر نونه عند من يلزمه الألف. ويلزم على هذه اللغة تقدير الإعراب في وسط الكلمة، ووجود أسماء آخرها واو قبلها ضمة، وتقدر عليها حركات الإعراب، وهذا ما لا نظير له في اللغة العربية. 2 أي: في لزوم الياء، والإعراب بحركات ظاهرة على النون، منونة غالبًا، وغير منونة على لغة البعض، ولا تسقط هذه النون عند الإضافة. 3 بيت من الوافر، ينسب لأحد شيعة سيدنا علي، وقيل هو لسعيد بن قيس يخاطب معاوية بن أبي سفيان. اللغة والإعراب: أبو حسن: كنية سيدنا علي، كني بابنه الحسن من السيدة فاطمة بنت الرسول. برا: محسنًا عطوفًا. "لنا" نعت لأبا، وقد تقدم عليه فيعرب حالًا منه. "أبو" اسم كان مرفوع بالواو؛ لأنه من الأسماء الستة. "حسن" مضاف إليه. "علي" بدل أو عطف بيان لأبو حسن. "أبا" خبر كان. "ونحن" الواو للحال. "نحن" ضمير منفصل مبتدأ. "له" جار ومجرور حال من بنين. "بنين" خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. المعنى: يقول: إن عليا -كرم الله وجهه- كان يرا بنا، محسنًا إلينا، يعاملنا كما يعامل الآباء البررة الرحماء أبناءهم، وكنا نقوم له بواجب البنوة، من البر والطاعة. وفي هذا تنديد بمعاوية، وإنهم لا يزالون على ولائهم لعلي. الشاهد: في "بنين" فقد جاءت بالياء مع أنها في موضع رفع، وجعل الرفع بحركات ظاهرة على النون على لغة بعض العرب. وإن كم تكن علما، كما يقال في "غسلين" و"يقطين" ونحوهما؛ من كل اسم مفرد آخره نون قبلها ياء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 وقال: دعاني من نجد فإن سنينه1 وبعضهم يطرد هذه اللغة في جمع المذكر السالم، وكل ما حمل عليه2. ويخرج عليها قوله: لا يزالون ضاربين القباب3   1 هذا صدر بيت من الطويل للصمة بن عبد الله الطفيل، من شعراء الدولة الأموية. وتمامه: لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا اللغة والإعراب: دعاني اتركاني، وهو من خطاب الواحد بلفظ الاثنين؛ تعظيما على عادة العرب, أو خطاب لاثنين حقيقة. نجد: أحد أقسام بلاد العرب من جهة العراق. سنينه: جمع سنة وهي العام. والمراد هنا: العام المجدب. شيبا: جمع أشيب، وهو من ابيض شعر رأسه. مردا: جمع أمرد، وهو الذي لم ينبت الشعر في وجهه. "دعاني" فعل أمر مبني على حذف النون والألف فاعل، والنون للوقاية والياء مفعول "سنينه" اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة، والهاء مضاف إليه. "لعين" الجملة خبر إن "شيبا" حال من نا في "بنا"."مردا" حال من نا في "شيبننا". المعنى: اتركا يا صاحبي ذكرى نجد، فإن أعوام الجدب والقحط التي مرت بنا فيها، وما لقيناه من الجهد والعنت، هزنا وأزعجنا، وجعلنا أضحوكة ونحن شيوخ وشيبتنا أهوالها ونحن في زمن الشباب. الشاهد: في "سنينه" حيث نصب بالفتحة الظاهرة على النون، وجعلت كأنها من أصل الكلمة مثل "حين" و"غسلين"؛ ولهذا لم تحذف للإضافة، وفي الحديث: "اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف" في رواية تنوين "سنينا" والإتيان بالنون من غير تنوين في "سنين" للإضافة. 2 وهذا ما يشير إليه ابن مالك بقوله: وهو عند قوم يطرد. 3 عجز بيت من الخفيف لم يعلم قائله. وصدره: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 وقوله: وقد جاوزت حد الأربعين1   = رب حي عرندس ذي طلال اللغة والإعراب: عرندس قوي ذو منعة وعزة. طلال: حسن ورواء وجمال هيئة، وهو اسم جنس جمعي لطلالة. القباب: الخيام؛ جمع قبة؛ وهي البيت من الأديم، أو الخشب، أو اللبن، أو نحو ذلك، وقد تطلق على ما يتخذ من البناء. "حي" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حرف الجر الشبيه بالزائد. "عرندس" صفة لحي باعتبار اللفظ، وكذلك "ذي طلال". "لا" نافية. "يزالون" مضارع ناقص مرفوع بثبوت النون والواو اسمها. "ضاربين" خبر يزال منصوب بالفتحة الظاهرة. "القباب" مضاف إليه، وجملة "لا يزالون" خبر المبتدأ. المعنى: كثير من الأقوياء أصحاب العز والجاه والمنعة، لا يزالون يقيمون في ديارهم الأولى، ويسكنون الخيام على عادتهم، ولم يغرهم ما صاروا إليه من الحضارة على ترك مساكنهم. الشاهد: في "ضاربين" حيث أعرب بالحركات ونصب بالفتحة الظاهرة على النون، ويدل على ذلك عدم حذفها للإضافة، أو نصب القباب على أنه مفعول به لضاربين. 1 هذا عجز بيت من الوافر، ينسبونه لسحيم بن وثيل الرباحي، وصدره: وماذا تبتغي الشعراء مني وهو في ديوان جرير من مقطوعة له لفضالة العرني، وقد توعده بالقتل، ومطلعها: عرين من عرينة ليس منا ... برئت إلى عرين ةمن عرين اللغة والإعراب: تبتغي: تطلب. "ماذا" اسم استفهام مفعول لتبتغي. أو "ما" اسم استفهام مبتدأ، و"ذا" اسم موصول خبر، وجملة تبتغي صلة. "الشعراء" فاعل تبتغي "حد" مفعول جاوزت. "الأربعين" مضاف إليه مجرور بكسرة ظاهرة على النون. المعنى: ما الذي تريده مني الشعراء وقد تجاوزت سن الأربعين، وعركت الدهر وجربته، فلا أخدع، ولا يستطاع النيل مني؟ الشاهد: في "الأربعين" حيث أعرب وجر بالكسرة على النون مع لزوم الياء فيه وفي بقية العقود. وقيل إنه معرب بالحروف وهو مجرور بالياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 .................................................................................   = بجمع المذكر، وكسر النون فيه لغة كما سيأتي قريبا. وإلى ما تقدم من أنواع الملحق يشير ابن مالك بقوله: وشبه ذين وبه "عشرونا" ... وبابه ألحق و"الأهلونا" أولو وعالمون عليونا ... و"أرضون شذ، والسنونا" وبابه ومثل "حين" قد يرد ... ذا الباب وهو عند قوم بطرد* يريد بشبه ذين: ما أشبه "عامر"؛ من كل علم مستوف للشروط، وما أشبه كلمة "مذنب"؛ من كل صفة كذلك. ثم ألحق بالجمع "عشرون" وبابه الذي شرحناه، وكذلك أهلونا، وأولو، وعالمون، وعليون, ثم قال: وشذ: أرضون، والسنون وبابه، وخصهما بالشذوذ، مع أن جميع الملحقات شاذة؛ لأن الشذوذ فيهما أشد؛ لفقدهما أكثر الشروط؛ فكل منهما: جمع تكسير، ومفرده مؤنث، وغير علم أو صفة، وغير عاقل. ثم بين أن "سنين وبابه" قد يعرب إعراب "حين" وهو الذي سماه المصنف: "إعراب غسلين"؛ فتلازمه الياء والنون، وتظهر الحركات على النون منونة. ومن العرب من يجعل هذا الإعراب عاما لكل جمع مذكر سمي به، ولا يقتصر على سنين وبابه. ويتلخص: مما تقدم: أن في جمع المذكر وما ألحق به خمس لغات: أ- إعرابه بالحروف: بالواو رفعًا، وبالياء جرا ونصبا، مع فتح النون. وهذه أفصح اللغات وأشهرها. ب- لزوم الواو وإعرابه بحركات مقدرة في الأحوال الثلاثة، مع فتح النون. جـ- لزوم الواو وإعرابه بحركات ظاهرة على النون، مع التنوين. د- لزوم الواو وإعرابه بحركات ظاهرة على النون، مع عدم التنوين. هـ- الإتيان بالباء في الأحوال الثلاثة، وتحريك النون منونة بحركات الإعراب، كأنه اسم مفرد مختوم بياء ونون؛ نحو: مسكين وغسلين.   * "وشبه" معطوف على عامر ومذنب. "ذين" اسم إشارة مثنى مضاف إليه مبني على الياء في محل جر. "وبه" متعلق بألحق. "عشرونا" مبتدأ. "وبابه" معطوف عليه. "ألحق" الجملة خبر المتبدأ. و"الأهلونا" هو وما بعده معطوف على عشرون بإسقاط العاطف في بعضها على أنها مبتدآت حذف خبرها؛ أي: كذلك ألحقت. "وأرضون" مبتدأ. "شذ" الجملة خبر. "والسنون" مبتدأ حذف خبره لدلالة شذ عليه. "وبابه" معطوف على السنون. "ومثل" حال من فاعل يرد. "حين" مضاف إليه. "ذا" اسم إشارة فاعل يرد. "الباب" بدل من ذا، أو عطف بيان. "وهو" الواو عاطفة وهو مبتدأ. "عند قوم" ظرف ومضاف إليه متعلق بيطرد، والجملة "يطرد" خبر المبتدأ. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 فصل: في حركة نون المثنى والملحق به، وكذلك نون الجمع ... فصل: في حركة النون المثنى والملحق به، وكذلك نون الجمع نون المثنى وما حمل عليه1 مكسورة، وفتحها بعد الياء لغة2؛ كقوله: على أحوذيين استقلت عشية3.   1 يدخل في ذلك: ما سمي به، وما ثني على سبيل التغليب، واثننان واثنتان، وغيرهما ... إلخ. 2 وفي لغة ضمها بعد الألف، ومنه قول الشاعر: يا أبتا أرقني القذان ... والنوم لا تألفه العينان والقذان: بكسر القاف وتشديد الذال: جمع قذة، وهي البرغوث. وقيل: هو بالدال المهملة. 3 صدر بيت من الطويل لحميد بن ثور الهلالي أبو المثنى، من كلمة يصف فيها قطاة. وعجزه: فما هي إلا لمحة وتغيب اللغة والإعراب: أحوذيين: مثنى أحوذي، وهو الخفيف السريع في السير، والمراد هنا جناحا القطاة. استقلت: ارتفعت وعلت في الجو. عشية: هي ما بين الزوال إلى غروب الشمس. لمحة: نظرة سريعة. "على أحوذيين" جار ومجرور متعلق باستقلت. "عشية" ظرف زمان. "فما" الفاء عاطفة، وما نافية. "هي" مبتدأ. "إلا" أداة استثناء ملغاة. "لمحة" خبر. المعنى: يصف القطاة بالخفة وسرعة الطيران فيقول: إنها ارتفعت في الجو على جناحين خفيفين سريعين في الحركة، في وقت العشية، فما يشاهدها الرائي عند الطيران، إلا مقدرا لمحة وتغيب عنه. الشاهد: في "أحوذيين" حيث روي بفتح النون على لغة، وهو معرب بالياء؛ لأنه مثنى، لا بالحركات؛ لأنه مجرور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وقيل: لا يختص بالياء1؛ كقوله: أعرب منها الجيد والعينانا2 وقيل: البيت مصنوع3. ونون الجمع مفتوحة، وكسرها جائز في الشعر بعد الياء، كقوله: وأنكرنا زعانف آخرين4   1 أي: بل يكون مع الألف أيضًا. 2 صدر بيت من الرجز، ينسبه بعض النحاة إلى رؤبة، وقيل لغيره وعجزه: ومنخرين أشبها ظبيانا اللغة والإعراب: الجيد: العنق، وجمعه أجياد. ظبيان -بفتح الظاء- اسم رجل. "الجيد" مفعول أعرف. "والعينانا" معطوف عليه منصوب بفتحة مقدرة على الألف على لغة من يلزم المثنى الألف، أو مبتدأ مرفوع بالألف وخبره محذوف؛ أي: كذلك. "ومنخرين" معطوف على الجيد منصوب بالياء. "ظبيانا" مفعول أشبه والألف فاعله. المعنى: أعرف من هذه الفتاة جيدها وعينيها ومنخرين يشبهان منخري ظبيان، ويقال: إنه كان معروفًا بكبر الأنف. الشاهد: في قوله "والعينانا"؛ حيث فتح نون المثنى بعد الألف، كما فتحت بعد الياء. وفيه شاهد آخر وهو: مجيء المثنى بالألف في حالة النصب كما تقدم. وعليها ورد قوله عليه السلام: "لا وتران في ليلة". 3 أي: غير عربي؛ فلا يصلح شاهدًا. قيل: وهو بعيد؛ لأن أبا زيد رواه، وهو من الرواة الثقات. 4 هذا عجز بيت من الوافر لجرير، من مقطوعته التي أشرنا إليها قريبا، يخاطب فضالة العرني. وصدره: عرفنا جعفرا وبني أبيه اللغة والإعراب: جعفر: هو جعفر بن ثعلبة، أخو عرين بن ثعلبة، وعرين: أحد آباء فضالة. زعانف: جمع زعنفة، وهي طرف الأديم، أو هدب الثوب، والمراد هنا: الأتباع والأدعياء. "جعفرا" مفعول عرفنا. "وبني" معطوف على جعفرا منصوب بالياء مضاف إلى أبيه. "آخرين" صفة لزعانف منصوب بالياء أيضا. المعنى: عرفنا جعفرا وإخوانه؛ لأنهم مشهورون بكريم نسبهم ورفعة منزلهم، وأنكرنا غيرهم؛ لأنهم أدعياء وليس لهم أصل معروف، ولا مكانة مرموقة. الشاهد: في "آخرين" حيث أعرب بالياء إعراب جمع المذكر السالم، وكسرت نونه بعدها. قيل: وذلك جائز في الشعر، والراجح أنه لغة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 وقوله: وقد جاوزت حد الأربعين1   1 تقدم هذا البيت قريبا، وأعيد هنا للاستشهاد به على كسر النون في جمع المذكر للضرورة أو على لغة كما بينا. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: ونون مجموع وما به التحق ... فافتح وقل من بكسره نطق ونون ما ثني والملحق به ... بعكس ذاك استعملوه فانتبه*   * "ونون" مفعول مقدم لافتح. "مجموع" مضاف إليه. "وما" اسم موصول معطوف على مجموع. "به" متعلق بالتحق، وجملة "التحق" صلة الموصول وفاعله يعود على ما. "فافتح" الفاء زائدة لتزيين اللفظ، و"افتح" في أمر. "من" اسم موصول فاعل قل. "بكسره" متعلق بنطق والضمير العائد على النون مضاف إليه، وجملة "نطق" صلة الموصول. "نون" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "ثني" ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود على ما، والجملة صلة ما، "والملحق" معطوف على ما. "به" متعلق بالملحق. "بعكس" متعلق باستعملوه. "ذاك" مضاف إليه والكاف حرف خطاب، وجملة" استعملوه" خبر المبتدأ الذي هو "نون". "فانتبه" فعل أمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 الباب الرابع: الجمع بالألف والتاء المزيدتين 1 وما حمل عليه كهندات ومسلمات؛ فإن نصبه بالكسرة 2؛ نحو: {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ} وربما نصب بالفتحة إن كان محذوف اللام3؛ كسمعت لغاتهم، فإن كانت التاء أصلية؛   1 عبر بذلك؛ للإشارة إلى أنه لا فرق بين أن يكون مسمى هذا الجمع مؤنثًا بالمعنى فقط؛ كهندات، أو بالتاء كذلك؛ كطلحات، أوبهما معا كفاطمات، أو بالألف المقصورة أو الممدودة؛ كحبليات وصحراوات، أو يكون مسماه مذكرا؛ كاصطبلات. 2 أي: نيابة عن الفتحة. 3 أي: في المفرد، ولم ترد إليه في الجمع كما مثل المصنف، فإن ردت اللام في الجمع مثل سنوات وسنهات، في جمع سنة، وأخت وأخوات، وجب نصبه بالكسرة اتفاقا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 كأبيات وأموات، أو الألف أصلية؛ كقضاة وغزاة1، نصب بالفتحة. وحمل على هذا الجمع شيئان: أولات2؛ نحو: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} . وما سمي به من ذلك3؛ نحو: رأيت عرفات، وسكنت أذرعات -وهي قرية بالشام- فبعضهم يعربه على ما كان عليه قبل التسمية4، وبعضهم يترك تنوين ذلك5، وبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف6. ورووا بالأوجه الثلاثة قوله: تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال7   1 الألف في قضاة منقلبة عن ياء، وأصلها: قضية، وفي غزاة منقلبة عن واو، وأصلها: غزوة، تحركت الياء والواو فيهما، وانفتح ما قبلهما، فقلبت ألفًا. 2 هي اسم جمع بمعنى "ذوات" لا واحد لها من لفظها، ومفردها من معناها: "ذات" بمعنى صاحبة. و"أولات" في الآية خبر "كن" منصوبة بالكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنها ملحقة بجمع المؤنث السالم، واسمها ضمير النسوة المدغم فيها نونها. و"أولات" مضافة دائما، ولهذا ترفع بالضمة، وتنصب وتجر بالكسرة، من غير تنوين وإضافتها لا تكون إلا لاسم جنس طاهر؛ مثل: فضل، أدب، حلم. 3 أي: الثاني مما حمل على هذا الجمع: ما سمي به منه ومما ألحق به، وصار علما لمذكر أو لمؤنث. 4 أي: بالضمة رفعا، وبالكسرة نصبا وجرا، إعراب جمع المؤنث السالم، ولا يحذف التنوين في جميع الحالات؛ لأنه تنوين المقابلة، لا تنوين الصرف. 5 أي: مراعاة العلمية والتأنيث، ويعربه كما كان قبل التسمية؛ مراعاة للجمعية. 6 فيترك التنوين ويجره بالفتحة؛ مراعات للتسمية. وهذا خير الآراء؛ لأنه يمنع اللبس ويزيل الإبهام. 7 هذا بيت من الطويل لامرئ القيس الكندي، الشاعر الجاهلي، في محبوبته، من قصيدته المشهورة التي مطلعها: ألا عم صباحا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 ..........................................................................   = اللغة والإعراب: تنورتها: نظرت إلى نارها بقلبي لشدة تعلقي بها. أذراعات: بلد بالشام، والنسبة إليها أذرعي. يثرب: اسم المدينة المنورة. أدنى دارها: أقرب مكان من دارها. نظر عالي, أي: يحتاج إلى نظر بعيد. "من أذرعات" جار ومجرور متعلق بمحذوف، حال من التاء في تنورتها. "وأهلها" الواو للحال، وأهلها مبتدأ مضاف إلى ها. "يثرب" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. "أدنى دارها" مبتدأ ومضاف إليه. "نظر" خبر. "عالي" صفة لنظر. المعنى: نظرت إلى نار المحبوبة التي يشعلها أهلها للقرى ونحوه، وأنا بأذرعات وهي بيثرب، مع أن أقرب مكان من دارها يحتاج الناظر منه -إذا أراد رؤية دارها- إلى نظر عال بعيد، فكيف وبيننا هذا البون الشاسع؟ إنه الوجد والشوق يحمل الشاعر إلى هذه المبالغة الشديدة. الشاهد: في "أذرعات" روي بالجر بكسر التاء منونة عند أكثر النحاة؛ مراعاة للجمعية قبل التسمية والتنوين للمقابلة، والجر بالفتحة بلا تنوين؛ مراعاة للحالة الراهنة، وهي العلمية والتأنيث، فيكون ممنوعا من الصرف لذلك، والجر بالكسرة بدون تنوين؛ مراعاة للحالين: الأصلية وهي الجمعية، والحالية وهي كونه علما لمؤنث. فيما سبق يقول ابن مالك: وما بتا وألف قد جمعا ... يكسر في الجر وفي النصب كذا "أولات" والذي اسما قد جعل ... كـ"أذرعات" فيه ذا أيضا قبل* يريد أن ما جمع بتاء وألف، بكسر في حالتي الجر والنصب. ويلحق به نوعان: اسم الجمع؛ نحو "أولات"، وما جعل منه علما؛ كأذرعات. هذا: وينقاس هذا الجمع في ستة أشياء. =   * "وما" الواو للاستئناف، "ما" اسم موصول مبتدأ. "بتا" متعلق بجمع مقصود لفظه. "وألف" معطوف على تا. "قد جمعا" الجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة ما، والألف للإطلاق. "يكسر" الجملة خبر المبتدأ. "في الجر" متعلق بيكسر. "والنصب" معطوف على الجر. "معا" ظرف متعلق بمحذوف حال من الجر والنصب. "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "أولات" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "والذي" اسم موصول مبتدأ أول، والواو = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 ..................................................................................   = أ- كل ما ختم بالتاء غير الأصلية، سواء كان علما؛ كفاطمة، أو غير علم؛ كصناعة؛ مؤنثا لفظا ومعنى؛ كعائشة، أو معنى فقط؛ كحمزة، من أعلام الرجال. وسواء كانت التاء للتأنيث كهذه الأمثلة، أو للمبالغة كعلامة. ويستثنى مما فيه التاء: امرأة، وأمة، وشاة، وشفة، وقلة "اسم لعبة للأطفال"، وأمة، وملة؛ لأنه لم يسمع عن العرب، ويرى بعض الباحثين جواز جمعها حيث لا مانع. ب- ما في آخره ألف التأنيث المقصورة أو الممدودة، سواء أكان علما لمؤنث؛ نحو: سعدى وعصماء، أم غير علم؛ نحو: فضلى وحسناء، أم علما لمذكر؛ كدنيا وزكريا، علمين. لمذكر. ويستثنى من المقصورة "فعلى" مؤنث فعلان؛ كسكرى وعطشى، ومن الممدودة "فعلا" مؤنث أفعل؛ كحمراء وزرقاء. جـ- كل علم لمؤنث حقيقي وليست فيه علامة تأنيث؛ مثل: زينب، إحسان، بدر. د، هـ- مصفر المذكر غير العاقل؛ نحو: نهير، جبيل. وكذلك وصفه، تقول نهيرات جميلات، وجبيلات شامخات، وأيام معدودات. و كل خماسي لم يسمع له عن العرب جمع تكسير، مثل: سرادقات، حمامات، اصطبلات، وما عدا هذه الأنواع يقتصر فيه على السماع، مثل: شمالات، سموات، سجلات، وقد أشار بعضهم إلى هذه الأنواع -ما عدا السادس- بقوله: وقسه في ذي التاء ونحو ذكرى ... ودرهم مصغر وصحرا وَزَيْنبَسٌ ووصف غير العاقل ... وغير ذا مسلم للناقل   = للاستئناف. "اسما" مفعول ثان مقدم لجعل. "قد" حرف تحقيق. "جعل" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود على الذي وهو المفعول الأول، والجملة صلة الموصول. "كأذرعات" متعلق بمحذوف خبرا لمبتدأ محذوف وتقدم مثله. "فيه" متعلق بقبل. "ذا" اسم إشارة مبتدأ ثان "أيضا" مفعول مطلق. "قبل" الجملة من الفعل ونائب الفاعل خبر المبتدأ الثاني وهو ذا، وجملة الثاني وخبره خبر الأول وهو الذي، وجملة كأذرعات معترضة بين المبتدأ الأول وخبره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 الباب الخامس: الاسم الذي لا ينصرف 1 وهو ما فيه علتان من تسع2؛ كأحسن3، أو واحدة منها تقوم مقامهما؛ كـ"مساجد، وصحراء"4؛ فإن جره بالفتحة5؛ نحو: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} ، إلا إن أضيف6؛ نحو: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} ، أو دخلته أل: معرفة؛ نحو: في المساجد، أو موصولة، {كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ} 7، أو زائدة؛ كقوله: رأيت الوليد بن اليزيد مباركا8   1 أي: الاسم الذي لا ينصرف؛ أي: لا ينون؛ بل يرفع بالضمة، وينصب ويجر بالفتحة بلا تنوين. 2 هذه العلل التي تسبب منع الاسم من التنوين، سيأتي شرحها في باب خاص، وقد جمعها ابن النحاس في قوله: اجمع وزن عادلًا أنت بمعرفة ... ركب وزد عجمة فالوصف قد كملا والذي يعنينا هنا ما يناسب الإعراب، وهو ما تنوب فيه حركة عن حركة. 3 العلتان فيه هما: الصفة ووزن الفعل. 4 العلة في مساجد: صيغة منتهى الجموع، وفي صحراء: ألف التأنيث الممدودة. 5 نيابة عن الكسرة. 6 فإنه يجر بالكسرة لا بالفتحة. 7 من الآية 24 من سورة هود. والصحيح كما ذكر صاحب المغني أن "أل" الداخلة على الصفة المشبهة؛ كالأعمى، والأصم، واليقظان، حرف تعريف لا موصلة. 8 هذا صدر بيت من الطويل للرماح بن أبرد، المعروف بابن ميادة، من قصيدة يمدح فيها الوليد بن اليزيد بن عبد الملك بن مروان، وعجزه: شديدا بأعباء الخلافة كاهله اللغة والإعراب: أعباء: جمع عب؛ وهو ما يثقل حمله، والمراد بأعباء الخلافة: مصاعبها وأمورها الشاقة. كاهله، الكاهل: ما بين الكتفين، وهو الذي يحمل عليه عادة "الوليد" مفعول رأى. "ابن" صفة للوليد. "اليزيد" مضاف إليه مجرور بالكسرة. "مباركًا" = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 الباب السادس: الأمثلة الخمسة 1 وهي: كل فعل مضارع اتصل به ألف اثنين؛ نحو: تفعلان ويفعلان، أو واو جمع؛ نحو: تفعلون ويفعلون، أو ياء مخاطبة؛ نحو: تفعلين؛ فإن رفعها بثبوت النون، وجزمها ونصبها بحذفها؛ نحو: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} 2 وأما {إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ} 3   = حال من الوليد؛ لأن رأى بصرية، وكذلك "شديدا". "كاهله" فاعل شديد والهاء مضاف إليه. المعنى: أبصرت الوليد رجلا ميمون الطلعة قائما بأمور الخلافة خير قيام، متحملًا مشاكلها ومصاعبها، وقادرا على حلها والتخلص منها. الشاهد: في "اليزيد" حيث دخلت عليه "أل" الزائدة، فجر بالكسرة؛ مع أنه علم على وزن الفعل، وفيه العلتان اللتان تقتضيان منعه من الصرف، وجره بالفتحة نيابة عن الكسرة. وإلى هذا الباب أشار الناظم بقوله: وجر بالفتحة ما لا ينصرف ... ما لم يضف أو يك بعد "أل" ردف* ومعنى ردف: تبع "أل" وجاء بعدها مباشرة من غير فاصل. ومعنى البيت: اجرر بالفتحة الاسم الذي لا ينصرف مدة عدم إضافته، وكونه غير واقع بعد "أل". ويعلل النحاة ذلك بأن الإضافة وأل من خواص الأسماء، وهو إنما منع الصرف لشبهه بالفعل، فإذا وجد معه ما هو من خصائص الأسماء، فقد بعد هذا الشبه الذي اقتضى منع صرفه. والعلة الحقيقية هي السماع عن العرب. 1 قيل: إن هذا أولى من تسميتها بالأفعال الخمسة؛ لأنها ليست أفعالًا معينة، وإنما هي أمثلة يكنى بها عن كل فعل بمنزلتها، ويعبرون عنها أحيانا بالأمثلة الستة، ويعدون المسند إلى ألفا الاثنين نوعين؛ للمذكر، والمؤنث. 2 من الآية 14 من سورة البقرة. 3 من الآية 237 من سورة البقرة أيضا.   * "وجر" فعل أمر مثلث الآخر، والواو عاطفة أو استئنافية. "بالفتحة" متعلق بجر. "ما" اسم موصول مفعول جر. "لا ينصرف" لا نافية والجملة صلة الموصول "ما" مصدرية ظرفية. "لم يضف" الجملة صلة ما المصدرية. "أو يك" معطوف على يصف، مجزوم على النون المحذوفة للتخفيف واسمها يعود إلى ما الموصولة. "بعد" ظرف متعلق بمحذوف خبر يكن. "أل" مضاف إليه مبني على السكون في محل جر مقصود لفظه. "ردف" ماض والجملة في محل نصب حال من ما الموصولة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 فالواو لام الكلمة1، والنون ضمير النسوة. والفعل مبني؛ مثل يتربصن، ووزنه "يفعلن"، بخلاف قولك: الرجال يعفون، فالواو ضمير المذكرين2، والنون علامة رفع، فتحذف نحو: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ، ووزنه "تفعلوا"، وأصله "تعفووا".   1 أي: لام الفعل؛ لأن أصله: عفا يعفو؛ فإذا قلت: النساء يعفون، فـ"يعفون" مضارع مبني على سكون الواو لاتصاله بنون النسوة، ونون النسوة ضمير فاعل، وتقول: النساء لن يعفون، ولم يعفون؛ فيكون الفعل مبني على السكون في محل نصب، أو جزم؛ لاتصاله بنون النسوة وهي فاعل. 2 أي: ضمير الجمع وهي الفاعل، أما لام الفعل فمحذوفة، وأصله: يعفوون، استثقلت الضمة على الواو الأولى التي هي لام الفعل فحذفت الضمة، والتقى ساكنان، فحذفت الأولى؛ لأنها حرف علة، ولم تحذف الثانية؛ لأنها ضمير فاعل، فصار: يعفون على وزن "يفعون" فإذا دخل ناصب أو جازم، حذفت النون؛ تقول: الرجال لن، ولم يعفوا. وخلاصة الفرق بين النساء يعفون، والرجال يعفون, مع اتحاد الصورة اللفظية: أ- أن لام الفعل غير محذوفة في العبارة الأولى، ومحذوفة في الثانية، لعلة تصريفية؛ وهي: التقاء الساكنين. ب- أن النون ضمير جمع الإناث، وهي فاعل، ولا تحذف لناصب أو جازم في العبارة الأولى، وهي علامة رفع كالضمة في العبارة الثانية، ولهذا تحذف عند دخول ناصب أو جازم. جـ- أن الواو جزء من الكلمة، وهي لامها في العبارة الأولى، ووزنه: "يفعلن". أما في الثانية فالواو كلمة مستقلة ضمير جمع الذكور، وليست جزءا من الكلمة، ووزنه: "يفعون" وقد أشار الناظم إلى هذا الباب بقوله: واجعل لنحو "يفعلان" النونا ... رفعا و"تدعين" و"تسألونا" وحذفها للجزم والنصب سمه ... كلم تكوني لترومي مظلمه* أي: اجعل ثبوت النون علامة للرفع في: يفعلان، وتدعين، وتسألونا، وهي الأفعال الخمسة المشتملة على الضمائر السابقة. واجعل حذف النون سمة؛ أي: علامة لنصبها وجزمها.   * "واجعل" فعل، والواو عاطفة أو استثنائية. "لنحو" متعلق باجعل. "يفعلان" مضاف إليه مقصود لفظه. "النونا" مفعول أول لاجعل. "رفعا" مفعول ثان، أو منصوب على نزع الخافض. "وتدعينا" معطوف على " يفعلان" قصد لفظه. "وتسألونا" معطوف على يفعلان، أو مبتدأ حذف خبره، أي: كذلك. "وحذفها" مبتدأ مضاف إلى الهاء. "للجزم" متعلق بسمة. "والنصب" معطوف على الجزم. "سمة"؛ أي: علامة، خبر المبتدأ مرفوع، ووقف عليه للنظم. "كلم تكوني" خبر لمبتدأ محذوف، وياء المخاطبة اسم تكون الناقصة. "لترومي" اللام للجحود وترومي منصوب أن مضمرة وجوبا بعدها بحذف النون والياء فاعل. "مظلمة" مفعول ترومي، وسكن للروي، وأن المصدرية المضمرة مع مدخولها في تأويل مصدر مجرور بلام الجحود، واللام ومجرورها متعلقان بمحذوف خبر تكوني؛ أي: لم تكوني قابلة لروم ظلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 الباب السابع: الفعل المضارع المعتل الآخر مدخل ... الباب السابع: الفعل المضارع المعتل الآخر وهو ما آخره ألف كيخشى، أو ياء كيرمي، أو واو كيدعو؛ فإن جزمهن بحذف الآخر1. فأما قوله: ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بن زياد2   1 أي: وهو حرف العلة، مع بقاء الحركة التي تناسبه لتدل عليه، وهي: الفتحة قبل الألف، والضمة قبل الواو، والكسرة قبل الياء. وفي حالة النصب تقدر الفتحة على الألف وتظهر على الواو والياء. وجميعها ترفع بضمة مقدرة. 2 هذا مطلع قصيدة لقيس بن زهير العبسي، يعرض فيها بالربيع بن زياد؛ لخصومة بينهما. اللغة والإعراب: الأنباء: الأخبار، جمع نبأ وهو الخبر. وقيل: النبأ خاص بما كان ذا شأن من الأخبار، والخبر أعم. تنمي: تزيد وتكثر. لبون: الناقة ذات اللبن. بني زياد: هم الربيع وإخوته: عمارة وقيس وأنس، المعروفون بالكملة من الرجال, الذين سئلت أمهم فاطمة الأنمارية: أي بنيك أفضل؟ فقالت: هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها. "يأتيك" مضارع مجزوم بحذف الضمة المقدرة، أو بحذف حرف العلة، والياء المذكورة للإشباع. "بما" الباء زائدة، و"ما" اسم موصول فاعل يأتيك. "والأنباء تنمي" الجملة من المبتدأ والخبر الجملة، معترضة بين الفعل والفاعل. المعنى: ألم يبلغك، والأخبار سرعان ما تشيع وتنتشر بين الناس، ما جرى لنياق بني زياد، وقد أسرت واستولي عليها قهرا عنهم، وهم الأبطال الذين يجلهم الناس، ويخشون بأسهم وبطشهم؟ الشاهد: في" يأتيك"؛ حيث ثبت حرف العلة مع الجازم، وقد اكتفى الجازم بحذف الحركة المقدرة التي كان عليها الفعل قبل دخوله. وقيل: إن الياء المذكورة ليست لام الفعل التي تحذف للجازم؛ لأن هذه حذفت للجازم، أما الياء المذكورة فأتت من إشباع كسرة التاء لضرورة الشعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 فضرورة. وأما قوله -تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} في قراءة قنبل1، فقيل: "من" موصولة2، وتسكين "يصبر": إما لتوالي حركات الباء والراء والفاء والهمزة3، أو على أنه وصل بنية الوقف، وإما على العطف على المعنى؛ لأن "من" الموصولة بمعنى الشرطية؛ لعمومها وإبهامها4. تنبيه: إذا كان حرف العلة بدلًا من همزة؛ كيقرأ ويقرئ، ويوضؤ: فإن كان الإبدال بعد دخول الجازم، فهو إبدال قياسي5، ويمتنع حينئذ الحذف لاستيفاء الجازم مقتضاه؛ وإن كان قبله، فهو إبدال شاذ6، ويجوز مع الجازم الإثبات والحذف؛ بناء على الاعتداد بالعارض وعدمه، وهو الأكثر7.   1 أي: بإثبات الياء في "يتقي"، وتسكين الراء في "يصبر" وقنبل: هو أبو عمرو محمد بن عبد الرحمن المخومي المكي الملقب بقنبل. كان إماما في القراءات، ضابطًا متقنًا، انتهت إليه مشيخة الإقراء بالحجاز، ورحل إليه الناس من سائر الأقطار، وهو من أصحاب ابن كثير، وقد أخذ عنه، وتوفي بمكة سنة 291هـ. 2 أي: ليست شرطية جازمة، ويتقي مرفوع لا مجزوم. 3 أي: من قوله -تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} . والعلماء يكرهون توالي أربع حركات فيما هو كالكلمة الواحدة. وهنا: نزل "ويصبر فإن" منزلة الكلمة الواحدة. 4 وأيضا فمدخولها مستقبل، وتدخل الفاء في خبرها كما تدخل في جواب الشرطية. ولهذا صح العطف بالجزم على الصلة كما يعطف على الشرط. وقيل: إن "من" شرطية، والياء في "يتقي" للإشباع، ولام الفعل حذفت للجازم. وهنالك لغة تجيز إبقاء حرف العلة في آخر المضارع المجزوم، ويكون الجزم بالسكون المقدر على حرف العلة. وكل ما تقدم إذا كان حرف العلة أصليا في مكانه، لا بدلا من همزة كما سيذكره المصنف. 5 لأن الهمزة ساكنة بالجازم؛ فتقلب حرف علة من جنس حركة ما قبلها. ويكون المضارع مجزوما بسكون مقدر على الهمزة المنقلبة ألفا أو واوا أو ياء. 6 لأن الهمزة المتحركة ما قبلها لا تبدل. 7 الاعتداد بالعارض علة للحذف، وعدمه علة للإثبات، ففي كلام المصنف لف ونشر غير مرتب. ويقول المصنف: إن عدم الحذف هو الأكثر. وما المانع من أن يكون الحكم هو عدم الحذف دائما؛ لأنه لا أثر لهذا الخلاف؟ تدبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 فصل: تقدير الحركات في المعتل الآخر المقصور والمنقوص وتقدر الحركات الثلاث في الاسم المعرب1, الذي آخره ألف لازمة. نحو: الفتى، والمصطفى، ويسمى معتلا مقصورًا. والضمة والكسرة في الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة مكسور ما قبلها؛ نحو: المرتقى، القاضي، ويسمى معتلا منقوصًا. وخرج بذكر الاسم نحو: يخشى، ويرمي، وبذكر اللزوم نحو: رأيت أخاك، ومررت بأخيك، وباشتراط الكسرة نحو: ظبي، وكرسي2. وتقدر الضمة والفتحة في الفعل المعتل بالألف، نحو: هو يخشاها، ولن يخشاها. والضمة فقط في الفعل المعتل بالواو أو الياء3؛ نحو: هو يدعو، هو يرمي.   1 أما المبني؛ نحو: ذا، وتا، والذي، والتي، فلا دخل له في هذا الموضوع الخاص بالإعراب وعلاماته. 2 الياء في "ظبي" قبلها ساكن صحيح، وفي "كرسي" قبلها ساكن معتل. 3 وقد تظهر الضمة على الواو والياء في الفعل المعتل، كما تظهر عليهما في الاسم، لضرورة الشعر؛ كما في قول الأعرابي: إذا قلت على القلب يسلو قيضت ... هواجس لا تنفك تغريه بالوجد وقول آخر: فعوضني منها غناي ولم تكن ... تساوي عندي غير خمس دراهم وقد أشار الناظم إلى الاسم المعرب المعتل الآخر بقوله: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 وتظهر الفتحة في الواو والياء؛ نحو: إن القاضي لن يرمي، ولن يغزو1.   وسم معتلًا من الأسماء ما ... كالمصطفى والمرتقي مكارما فالأول الإعراب فيه قدِّرا ... جميعه وهو الذي قد قصرا والثان منقوص ونصبه ظهر ... ورفعه ينوي كذا أيضا يجر* أي: إن المعتل من الأسماء: هو الاسم المعرب الذي في آخره ألف لازمة مفتوح ما قبلها؛ كالمصطفى، أو ياء لازمة مكسور ما قبلها؛ كالمرتضي. والأول يعرب بحركات مقدرة على الألف في جميع الأحوال، ويسمى مقصورا. والثاني يسمى منقوصا، وينصب بفتحة ظاهرة على الياء، ويرفع بضمة مقدرة عليها، وكذلك يجر بكسرة مقدرة. وإذا وقع المنقوص صدر مركب مَزجي؛ نحو: معديكرب، لا تظهر الفتحة على الياء على المشهور، إذا جرى الإعراب على الصدر مضافا إلى العجز، ومن العرب من يجيز فتح الياء في هذه الحالة، وهو رأي ضعيف. 1 وقد ورد حذف الفتحة من الفعل المعتل بالياء لضرورة الشعر؛ كقول الشاعر: ما أقدر الله أن يدني على شحط ... من داره الحزن ممن داره صول وأشار إلى إعراب الفعل المضارع المعتل الآخر وأحواله بقوله: وأي فعل آخر منه ألف ... أو واو أو ياء فمعتلا عرف فالألف انو فيه غير الجزم ... وأبد نصب ما كـ"يدعو يرمي" والرفع فيهما انو واحذف جازما ... ثلاثهن تقض حكمًا لازما* =   * "وسم" فعل أمر. "معتلا" مفعول ثان مقدم. "من الأسماء" متعلق بمحذوف حال من ما الموصولة الواقعة مفعولا أول لسم. "كالمصطفى" متعلق بمحذوف صلة الموصول. "والمرتقي" معطوف عليه. "مكارمًا" مفعول المرتقي أو تمييز. "فالأول" مبتدأ أول. "الإعراب" مبتدأ ثان. "فيه" متعلق بقدر الواقع خبرا للمبتدأ الثاني، وجملة الثاني وخبره خبر الأول. "جميعه" توكيد لنائب فاعل قدر المستتر. "وهو" مبتدأ. "الذي" خبر. "قد قصرا" الجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة الذي والألف للإطلاق. "والثان منقوص" مبتدأ وخبر. "ونصبه" مبتدأ ومضاف إليه. "ظهر" الجملة خبر نصبه. "ورفعه ينوي" إعرابه كسابقه. "كذا" متعلق بيجر. "أيضًا" مفعول مطلق لمحذوف، أو صلة لمحذوف. "يجر" مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى المنقوص. * وأي اسم شرط مبتدأ "فعل" مضاف إليه. "آخر" مبتدأ "منه" متعلق بمحذوف صفة لآخر. "ألف" خبر "أو واو، أو ياء" معطوفان على ألف. "فمعتلا" الفاء واقعة في جواب الشرط، ومعتلا مفعول ثان لعرف، أو حال من ضميره مقدم عليه. "عرف" فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على فعل، وهو المفعول الأول = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 ..................................................................   = أي: يعرف الفعل المعتل؛ بأن يكون آخره: ألفا أو واوا أو ياء، وتقدر الحركات كلها على الألف غير الجزم، وأظهر النصب فيما آخره واو؛ كيدعو، أو ياء؛ كيرمي، وقدر الرفع فيهما، واحذف الحروف الثلاثة في حالة دخول الجازم على الأفعال. تتمة: نذكر هنا في إجمال: حكم الفعل الناقص؛ وهو ما كانت لامه حرف علة؛ واوا، أو ياء، أو ألفا منقلبة عنهما. وننقل هنا ما أوجزناه في كتابنا: "التوضيح والتكميل لشرح ابن عقيل" فنقول: الفعل الناقص: إما ماض، أو مضارع، أو أمر. حكم الماضي: أ- إذا كان آخره واوا أو ياء وأسند إلى تاء الفاعل، أو الضمير "نا" أو نون النسوة؛ لا يحدث فيه تغيير ويسكن آخره؛ تقول: سروت، رضيت، سرونا، رضينا، سرون، رضين، وإذا أسند لتاء التأنيث، أو الألف الاثنين فكذلك. ويفتح ما قبل التاء والألف؛ تقول: سروَت، رضيَت، سروَا، رضيَا. أما إذا أسند لواو الجماعة، فيحذف الآخر ويضم ما قبل الواو؛ تقول: سروا، رضوا. ب- وإذا كان آخر الماضي ألفا وأسند إلى تاء الفاعل، أو الضمير "نا" أو نون النسوة، أو ألف الاثنين؛ فإن كانا ثلاثيا ردت الألف إلى أصلها؛ تقول: دعَوت، سعَين، دعونا، سعينا، دعون، سعين، دعوا، سعيا. وتحذف الألف إذا أسند لتاء التأنيث؛ تقول دعت، سعت، وإن كان غير ثلاثي قلبت ياء؛ تقول: ارتضَيت، اهتدَيت، ارتضَينا، اهتدينا، ارتضين، اهتدين، ارتضيا، اهتديا. وإذا أسند لواو الجماعة، حذفت الألف "لام الفعل" وفتح ما قبل الواو للدلالة على الألف المحذوفة، تقول: دعوا، سعوا، ارتضوا، اهتدوا. =   = والجملة جواب الشرط، وجملة الشرط, وجوابه خبر المبتدأ، وهو أي. "فالألف" مفعول لفعل محذوف يفسره انو؛ أي: اقصد مثلا "غير" مفعول انو. "الجزم" مضاف إليه. "وابد" معطوف على انو. "نصب" مفعول به. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "كيدعو" متعلق بمحذوف صلة. "يرمي" معطوف على يدعو بإسقاط العاطف. "والرفع" مفعول مقدم بانو. "فيهما" متعلق بانو. "جازما" حال من فاعل احذف. "ثلاثهن" مفعول احذف بتقدير مضاف، ومفعول جازما محذوف، والتقدير: احذف أواخر ثلاثهن حال كونك جازما الأفعال. "تقض" مضارع مجزوم في جواب الأمر وهو احذف. "حكما" مفعول تقض لتضمنه معنى تؤدي. "لازما" نعت لحكما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 ..........................................................................   = حكم المضارع: أ- إذا كان آخره واو أو ياء، وأسند إلى نون النسوة، سلم الآخر وسكن؛ تقول: النسوة يدعون؛ يقضين. وإذا أسند إلى ألف الاثنين؛ سلم الآخر كذلك ويفتح ما قبل الألف؛ تقول: المحمدان يدعوان، يقضيان، ويحذف الآخر مع واو الجماعة وياء المخاطبة مع ضم ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء؛ للمناسبة، تقول: يدعون، يقضين، أنت يا فاطمة تدعين، تقضين. ويلاحظ أن الواو هنا ضمير جماعة الذكور، وليست لام الكلمة، والنون علامة الرفع. ب- وإذا كان آخره ألفا وأسند إلى نون النسوة، أو ألف الاثنين، تقلب الألف ياء، ويسكن ما قبل نون النسوة، ويفتح ما قبل ألف الاثنين؛ تقول: أنتن ترضين، تسعين، أنتما ترضيان، تسعيان، وإذا أسند إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة، حذفت الألف وفتح ما قبل الواو والياء؛ لدلالة على المحذوف؛ تقول: أنتم ترضون، تسعين، أنتن ترضين، تسعين. حكم الأمر: الأمر كالمضارع المجزوم في جميع ما تقدم؛ لأن لام الناقص تحذف في الأمر لبنائه على حذف العلة، وعند إسناده إلى الضمائر تعود إليه اللام؛ فإذا كانت لامه واوا أو ياء، وأسند لنون النسوة أو ألف الاثنين، سلمت لامه؛ تقول: يا نسوة ادعون، ارمين، ادعيا، ارميا، وإن كانت ألفا قلبت ياء؛ تقول: ارضين، ارضيا، اخشين، اخشيا. وإذا أسند لواو الجماعة أو ياء المخاطبة، حذفت لامه مطلقًا؛ واوا كانت، أو ياء، أو ألفا. وبقي ما قبل الألف في الموضعين مفتوحا، وكسر ما عداه قبل ياء المخاطبة، وضم قبل واو الجماعة، تقول: ارضوا، اخشو، تزكوا، اغزوا، ارموا، استدعوا، ارضي، اخشي، اسري، أعطي، استدعي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 .............................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 لم يبن الاسم؟ وضح ما قيل في أسباب ذلك، ومثل بأمثلة من إنشائك. 2 اشرح قول ابن مالك: وفعل أمر ومُضىٍّ بنيا ... وأعربوا مضارعا إن عريا من نون توكيد مباشر ومن ... نون إناث كيرعن من فتن وبين الحالات التي يبنى عليها كل من الفعل الماضي وفعل الأمر، مع التمثيل. 3 اذكر اللغات الواردة في إعراب الأسماء الستة، وبين شرط إعراب "ذو" و"فم" بالحروف. 4 اذكر الأنواع الملحقة بجمع المذكر السالم، وحكمها في الإعراب، ومثل. 5 كيف تعرب ما سمي به من جمع المؤنث السالم؟ اشرح ذلك بالمثال. 6 ما الذي يشترط في الاسم الذي يثنى؟ وما حكم "كلا وكلتا"، و"اثنان واثنتان"؟ 7 يستشهد النحويون في هذا الباب بما يأتي: بين موضع الاستشهاد، وأعرب ما تحته خط. قال -تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} ، {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} ، {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} ، {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} . فلنعم حشو الدرع أنت إذا ... دعيت نزال ولج في الذعر كلاهما حين جد الجري بينهما ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى ... مساغا لناباه الشجاع لصمما وما أنت باليقظان ناظره إذا ... نسيت بمن تهواه ذكر العواقب فما سودتني عامر عن وراثة ... أبى الله أن أسمو بأم ولا أب 8 بين الأفعال المبنية والمعربة فيما يأتي، ونوع البناء والإعراب، مع بيان السبب: امض فيما أمرت به ولا تخش في الحق لومة لائم {وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} قاوموا العدوان بكل ما تستطيعون من قوة، ولا يدخلن اليأس في قلوبكم، وليبذل كل ما يستطيع، ولا تفرطوا في تقوى الله؛ فمن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 .................................................................................   = 9 ثن واجمع ما يمكن تثنيته وجمعه من الكلمات الآتية، وبين سبب ما لا يمكن. فتح الله، نعمان، عصا، أحمر، بنت، ابن، صحراء، ذو القعدة، محمدين, مرضع. أهل, نعمى، مهتد، الله، نهرو، مكة. 10 فيا رب إن لم تجعل الحب بيننا ... سواءين فاجعلني على حبها جلدا في هذا البيت شذوذ كما يقول النحويون، بين موضع الشذوذ وسببه. 11 ضع مضارع وأمر الأفعال الآتية في جمل مفيدة من إنشائك، بحيث يكون مبنيا على ما يمكن من أنواع البناء. استعان، قرب، نأى، عسى، ولى، فر، سرى، انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 النكرة والمعرفة مدخل ... باب النكرة والمعرفة: الاسم: "نكرة" وهي الأصل1، وهي عبارة عن نوعين: أحدهما: ما يقبل "أل" المؤثرة للتعريف2؛ كرجل وفرس ودار وكتاب. والثاني: ما يقع موقع ما يقبل "أل" المؤثرة للتعريف؛ نحو: ذي، ومن، وما؛ في قولك: مررت برجل ذي مال، وبمن معجب لك، وبما معجب لك؛ فإنها واقعة موقع "صاحب" و"إنسان"، و"شيء"3، وكذلك نحو: "صه" منونًا؛ فإنه واقع موقع قولك: "سكوتا"4.   هذا باب النكرة والمعرفة: 1 قيل: لأنها لا تحتاج في دلالتها على المعنى المراد منها، إلى قرينة، بخلاف المعرفة، وما يحتاج فرع عما لا يحتاج. وأيضا فالنكرة أساس المعرفة، إذ لا توجد معرفة إلا لها اسم نكرة. وتوجد نكرات لا معارف لها؛ كأحد وديار، ويعرفها النحويون بأنها: اسم يفهم معناه ومدلوله بمجرد سماعه وهذا المعنى الذهني غير معين، ولا محدود في الواقع والمشاهد، أو هي ما شاعت في جنس موجود أو مقدر؛ فالأول كرجل، والثاني كشمس وقمر. 2 احترز بذلك من؛ نحو: الحسن والعباس؛ فإن "أل" لا تؤثر فيهما التعريف؛ لأنهما معرفتان بالعلمية قبل دخول أل. 3 "صاحب" راجع لذي، وهو يقبل "أل" المؤثرة للتعريف؛ لأنه صار بالاستعمال صفة مشبهة، فأشبه الأسماء الجامدة، بخلاف "صاحب" اسم فاعل بمعنى مصاحب، فإن "أل" الداخلة عليه موصلة لا تؤثر فيه تعريفا. و"إنسان" راجع لـ"من" النكرة الموصوفة للعاقل، وهو يقبل "أل"؛ فتقول: الإنسان. و"شيء" راجع لـ"ما" التي لغير العاقل، وهو يقبل "أل"؛ تقول: الشيء. ومثل "ما" و"من" الموصوفتين الشرطيتان والاستفهاميتان، وكذلك "أين" و"كيف". 4 أي: وسكوتا يقبل "أل"؛ لأنه مصدر؛ تقول: السكوت. ومذهب الجمهور أن أسماء الأفعال واقعة موقع الأفعال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 و"معرفة" وهي الفرع1، وهي عبارة عن نوعين: أحدهما: ما لا يقبل "أل" البتة2، ولا يقع موقع ما يقبلها؛ نحو: زيد، وعمرو. والثاني: ما يقبل "أل" ولكنها غير مؤثرة للتعريف؛ نحو: حارث، وعباس، وضحاك؛ فإن "أل" الداخلة عليها للمح الأصل بها3. وأقسام المعارف سبعة: المضمر؛ كأنا وهم، والعلم؛ كزيد وهند، والإشارة؛ كذا وذي، والموصول4؛ كالذي والتي، وذو الأداة5؛ كالغلام والمرأة، والمضاف لواحد منها؛ كابني وغلامي، والمنادى6؛ نحو: يا رجل، لمعين.   1 ويعرفها النحاة بأنها: اسم يدل على شيء واحد معين. 2 أي: قطعا. قال سيبويه: ولا يستعمل "البتة" إلا بالألف واللام، وأجاز الفراء تنكيره؛ فيقال لا أفعله ألبتة -وبتة- لكل أمر لا رجعة فيه، وهو منصوب على المصدر المؤكد، وهمزته للقطع سماعا، والتاء فيه للواحدة. 3 أي: وهو التنكير، وليست للتعريف؛ لأنها معارف بالعلمية، وإنما لوحظ معناها الأصلي قبل أن تكون أعلاما، وقد كانت نكرات تقبل "أل" ثم عرفت بالعلمية. وسيأتي إيضاح لهذا باب العلم. 4 قيل: إن تعريف الموصول بالعهد الذي في الصلة، وقيل بأل؛ ملفوظة في نحو: الذي والتي، أو غير ملفوظة، بل يكون الموصول في معنى ما فيه "أل"؛ كـ"من" و"ما". 5 أي: الذي تدخل عليه أداة التعريف, وهي "أل" المعرفة, سواء كان مذكرا أو مؤنثًا. 6 المراد به النكرة المقصودة؛ على القول بأن تعريفها بالقصد. وإلى ما تقدم يشير ابن مالك بقوله: نكرة قابل "أل" مؤثرا ... أو واقع موقع ما قد ذكرا وغيره معرفة كهم وذي ... وهند وابني والغلام والذي* أي: إن النكرة: اسم قابل لفظ "أل" الذي يؤثر فيها التعريف، أو واقع موقع اللفظ الذي يقبلها، وغير المذكور معرفة، وقد ذكر الناظم ستة أنواع ولم يذكر السابع؛ وهو المنادى؛ لأن المشهور أنه نكرة موصوفة.   * "نكرة" مبتدأ. قابل" خبر. "أل" مضاف إليه مقصود لفظه. "مؤثرا" حال من أل. "أو واقع" معطوف على قابل. "موقع" ظرف مكان. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "قد ذكرا" الجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة الموصول والألف للإطلاق. "وغيره" مبتدأ مضاف إلى الضمير العائد على النكرة، وأفرد الضمير للإرادة المذكور "معرفة" خبر المبتدأ. "كهم" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كهم "وذي، وهند، وابني، والغلام، والذي" معطوفات على هم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 فصل في المضمر وانقسامه إلى بارز ومستتر : المضمر والضمير: اسمان لما وضع لمتكلم؛ كأنا، أو لمخاطب؛ كأنت، أو لغائب؛ كهو، أو لمخاطب تارة ولغائب أخرى، وهو: الألف، والواو، والنون؛ كقوما وقاما، وقوموا وقاموا، وقمن1 وينقسم إلى: بارز: وهو ما له صورة في اللفظ؛ كتاء "قمت"،   1 تقول للمخاطب: قمن يا فتيات، وللغائب: الفتيات قمن. وفي هذا يقول الناظم: فما لذي غيبة أو حضور ... "كأنت وهو" سم بالضمير وألف والواو والنون لما ... غاب وغيره "كقاما واعلما"* أي: إن الضمير هو الاسم الجامد الذي يدل على غائب؛ كهو، أو حاضر كأنت، ويشمل المتكلم، والألف والواو والنون للغائب، وغيره, وهو المخاطب لا غير؛ لأن هذه الثلاثة لا تكون للمتكلم أصلًا.   * "فما" اسم موصول مفعول أول لسم, "لذي" متعلق بمحذوف صلة ما "غيبة" مضاف إليه. "أو حضور" معطوف على غيبة. "كأنت" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أو حال من ما. "وهو" معطوف على أنت. "سم" فعل أمر وفاعله أنت. "بالضمير" متعلق بسم، وهو المفعول الثاني لها، "وألف" مبتدأ والواو، والنون، معطوفان على ألف "لما" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ "غاب"الجملة صلة ما. "وغيره" معطوف على "ما" مضاف إلى الضمير "كقاما" الكاف جارة لقول محذوف خبر لمبتدأ محذوف على نحو ما تقدم. "قاما" فعل ماض وألف الاثنين فاعل. "واعلما" فعل أمر مبني على حذف النون، والألف فاعل، والجملة معطوفة على جملة "قاما". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وإلى مستتر: وهو بخلافه1؛ كالمقدر في "قم". وينقسم البارز إلى: متصل: وهو ما لا يفتتح به النطق، ولا يقع بعد إلا، كياء ابني، وكاف أكرمك، وهاء سلنيه ويائه2. وأما قوله: ألا يجاورنا إلاك ديار3 فضرورة. وإلى منفصل: وهو ما يبتدأ به، ويقع بعد "إلا"؛ نحو "أنا"؛ تقول: "أنا" مؤمن، وما قام إلا "أنا".   1 أي: ما ليست له صورة في اللفظ، بل يكون خفيا مقدرا غير ظاهر في اللفظ والكتابة، والتعبير عنه بالضمير المنفصل، إنما هو لتقريب الفهم على المبتدئين. في هذه الأمثلة إشارة إلى أنواع الضمير الثلاثة؛ وهي التكلم، والخطاب، والغيبة، ومحالها، من الرفع والنصب والجر. وترتيبها يشير إلى الأعرفية؛ لأن ضمير المتكلم في "ابني" أعرف من ضمير المخاطب في "أكرمك" وهذا أعرف من هذا الغائب في "سلنيه" وفيما تقدم يقول الناظم: وذو اتصال منه ما لا يبتدا ... ولا يلي "إلا" اختيارا أبدا كالياء والكاف من "ابني أكرمك" ... والياء والهاء من "سليه ما ملك"* أي: إن الضمير المتصل؛ هو الذي لا يبتدأ به، ولا يقع بعد "إلا" في الاختيار على الصحيح. وقد مثل لضمير المتكلم المجرور، بالياء في "ابني" ولضمير المخاطب المنصوب، بالكاف في "أكرمك" وللمرفوع، بيا المخاطبة في "سلي". ومثل للغائب المنصوب، بالهاء في "سليه". 3 عجز بيت من البسيط؛ أنشده الفراء، ولم ينسب لقائل. وصدره: وما نبالي إذا ما كنت جارتنا =   * "وذو" مبتدأ. "اتصال" مضاف إليه. "منه" متعلق بمحذوف نعت لذي اتصال. "ما" اسم موصول خبر المبتدأ، ويجوز العكس. "لا" نافية "يبتدأ" الجملة من الفعل ونائب الفاعل المستتر لا محل لها صلة الموصول. "ولا" نافية. "يلي" مضارع وفاعله يعود إلى ما، والجملة معطوفة على جملة الصلة. "إلا" مفعول "يلي" قصد لفظه. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 وينقسم المتصل بحسب مواقع الإعراب إلى ثلاثة أقسام: ما يختص بمحل الرفع: وهو خمسة: التاء1؛ كقمت والألف كقاما، والواو كقاموا، والنون كقمن، وياء المخاطبة كقومي2   = اللغة والإعراب: ما نبالي: لا نكترث ولا نهتم. من المبالاة. وهي الاكتراث بالأمر والاهتمام به، وأكثر ما يستعمل هذا الفعل بعد النفي؛ تقول: ما أباليه، ولا أبالي به, أي: ما أكترث به. ديار: أحد، وكلاهما لا يستعمل إلا بعد نفي، أو شبهه. "وما" نافية. "نبالي" مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء، والفاعل نحن، ومفعوله محذوف؛ أي: لا نبالي شيئا. ويجوز أن تكون "ما" استفهامية مبتدأ والجملة بعدها خبر؛ أي: أي شيء الذي نباليه "إذا" ظرف فيه معنى الشرط، و"ما" بعدها زائدة. "كنت" فعل الشرط والتاء اسمها "جارتنا" خبر كان ومضاف إليه، وجواب الشرط محذوف للعلم به, أي: لا نبالي ولا شيء علينا "ألا" أن مصدرية و"لا" نافية. "يجاور" مضارع منصوب بأن و"نا" مفعوله مقدم. "إلا" أداة استثناء من: "ديار" الواقع فاعلا مؤخرا، والكاف في محل نصب على الاستثناء؛ لتقدمه على المستثنى منه. ويجوز جعل المصدر المنسبك من أن وما بعدها، منصوبا على نزع الخافض؛ أي: لا نبالي في عدم مجاورة غيرك. المعنى: لا يهمنا ولا يعنينا عدم مجاورة أحد غيرك لنا, إذا كنت لنا جارة. والشاهد: في "إلاك" حيث وقع الضمير المتصل بعد "إلا"؛ لضرورة الشعر، وهو غير سائغ في الاختيار. 1 وتبنى على الضم إذا كانت للمتكلم، وعلى الفتح إذا كانت للمخاطب المذكر، وعلى الكسر إذا كانت للمخاطبة، وتتصل بها الميم والألف؛ للدلالة على خطاب الاثنين، والميم الساكنة؛ للدلالة على خطاب جمع الذكور، والنون المشددة لخطاب جمع الإناث. 2 مثال للحوقها للأمر، وتكون للمضارع؛ مثل "تقومين".   = "اختيارا" منصوب على نزع الخافض. "أبدا" ظرف زمان متعلق بيلى. "كالياء" خبر لمبتدأ محذوف من الفعل. "والكاف" معطوف على الياء. "من ابني" متعلق بمحذوف حال من الياء. "أكرمك" الجملة من الفعل والفاعل والمفعول، معطوف على بني بحذف حرف العطف؛ وهي حال من الكاف. "والياء والهاء" معطوفان على الياء. "من سليه" من جارة والمجرور مقصود لفظه، متعلق بمحذوف حال. "سليه" فعل أمر، وياء المخاطبة فاعل، والهاء مفعول أول. "ما" اسم موصول مفعول ثان. "ملك" الجملة صلة الموصول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وما هو مشترك بين محل النصب والجر فقط: وهو ثلاثة: ياء المتكلم؛ نحو: ربي أكرمني1، وكاف المخاطب؛ نحو: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} 2، وهاء الغائب؛ نحو: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} 3. وما هو مشترك بين الثلاثة: وهو "نا" خاصة؛ نحو: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا} 4. وقال بعضهم: لا يختص ذلك بكلمة "نا" بل "الياء" وكلمة "هم" كذلك؛ لأنك تقول: قومي، وأكرمني، وغلامي، وهم فعلوا، وإنهم، ولهم مال. وهذا غير سديد؛ لأن ياء المخاطبة غير ياء المتكلم، والمنفصل غير المتصل. وألفاظ الضمائر كلها مبنية5.   1 الياء الأولى في "ربي" في محل جر بالإضافة، والثانية في محل نصب؛ لأنها مفعول. 2 الأولى في محل نصب على المفعولية، والثانية في محل جر بالإضافة. 3 الهاء الأولى في محل جر بالإضافة، والثانية في محل نصب على المفعولية. هذا وقد تقع هذه الضمائر الثلاثة بعد "لولا" الامتناعية التي لا يقع بعدها إلا مبتدأ؛ فتكون في محل رفع على الابتدائية؛ نحو: لولاي ما نجحت، ولولاك ما تعبت، ولولاه لحدث ما نكره. ولا يجوز اعتبارها ضمير رفع إلا في هذه الحالة. 4 "نا" الأولى في محل جر بالإضافة لرب، والثانية في محل نصب اسم "إن"، والثالثة محلها رفع على الفاعلية. قال ابن مالك في هذا: للرفع والنصب وجر "نا" صلح ... كاعرف بنا فإننا نلنا المنح* أي: صلح الضمير "نا" للأمور الثلاثة، فيكون في محل جر؛ مثل: اعرف بنا؛ أي: اعترف بقدرنا، وفي محل نصب؛ مثل: إننا، وفي محل رفع؛ نحو: نلنا المنح؛ أي: العطايا. 5 تقدم أن سبب بنائها مشابهتها الحرف في الوضع والجمود. قال الناظم مشيرا إلى ذلك: وكل مضمر له البنا يجب ... ولفظ ما جر كلفظ ما نصب* أي: إن كل ضمير لا بد أن يكون مبنيا، والمجرور كالمنصوب في الصورة؛ ولو مع اختلاف الحركة، وكذلك المرفوع، وقد تركه الناظم لضيق النظم.   * "للرفع" جار ومجرور متعلق بصلح. "والنصب وجر" معطوفان على للرفع. "نا" مقصود لفظه مبتدأ. "صلح" الجملة خبر المبتدأ. "كاعرف" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كقولك. "اعرف" فعل أمر وفاعله مستتر. "بنا" متعلق باعرف. "فإننا" الفاء للتعليل وإن اسمها. "نلنا" الجملة من الفعل والفاعل خبر إن. "المنح" مفعول لنال، وسكن للوقف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 ويختص الاستتار بضمير الرفع1. وينقسم المستتر إلى: مستتر وجوبًا: وهو ما لا يخلفه ظاهر ولا ضمير منفصل2، وهو: المرفوع بأمر الواحد3 كقم، أو بمضارع مبدوء بتاء خطاب الواحد4 كتقوم، أو بمضارع مبدوء بالهمزة كأقوم، أو بالنون كنقوم، أو بفعل استثناء؛ كخلا، وعدا، ولا يكون في ذلك قولك:   1 اعلم أن هنالك فرقا بين المستتر والمحذوف؛ فالمستتر في حكم الحاضر الملفوظ وإن كان لا ينطق به. وهو نوع من المتصل، ولا يمكن الاستغناء عنه في الجملة، وهذا خاص بضمير الرفع. أما المحذوف فيكون في موضع رفع، أو نصب، أو جر، وليس في حكم الحاضر، ويمكن النطق به، كما يمكن الاستغناء عنه أحيانا. 2 أي: لا يقع محله اسم ظاهر ولا ضمير منفصل يرتفع بعامله الذي في الجملة، فالضمير المنفصل في "يقوم" مثلا، لا يصح أن يحل محله اسم ظاهر كمحمد، ولا ضمير منفصل. ولفظ "نحن" الذي ننطق به تعبيرا عن المستتر، ليس معمولا للفعل، وإنما هو توكيد له. 3 أي: بفعل الأمر المخاطب به الواحد المذكر. أما المخاطب به الواحدة نحو: قومي، أو المثنى نحو: قوما، أو الجمع نحو: قوموا وقمن، فيبرز ضميره، ويعرب فاعلا في الأمثلة. 4 أما المبدوء بتاء خطاب الواحدة؛ مثل: تقومين، أو المثنى أو الجمع بنوعيه، فيبرز، والمبدوء بتاء الغائبة مستتر جوازا؛ نحو: هند تقرأ.   * "وكل" مبتدأ أول. "مضمر" مضاف إليه. "له" متعلق بيجب. "البنا يجب" مبتدأ ثان وخبر، والجملة خبر الأول "ولفظ" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "جر" الجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة ما. "كلفظ" الجار والمجرور خبر المبتدأ "ما" اسم موصول مضاف إليه. "نصب" الجملة من الفعل ونائب الفاعل لا محل لها من الإعراب، صلة الموصول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 قاموا ما خلا زيدًا، وما عدا عمرًا، ولا يكون زيدًا1، أو بأفعل في التعجب2، أو بأفعل التفضيل3؛ كما أحسن الزيدين، وهم أحسن أثاثًا، أو باسم فعل غير ماض؛ كـ"أَوَّه، ونزال"4. وإلى مستتر جوازًا: وهو ما يخلفه ذلك5، وهو: المرفوع بفعل الغائب أو الغائبة، أو الصفات المحضة6، أو اسم الفعل الماضي؛ نحو: زيد قام، وهند قامت، وزيد قائم   1 الضمير في أفعال الاستثناء مستتر وجوبًا، تقديره "هو" وسيأتي شرح موضعه في باب "الاستثناء". 2 فاعل فعل التعجب مستتر وجوبًا يعود على "ما". 3 أي: في غير مسألة "الكحل" المشهورة؛ فإنه يرفع فيها الظاهر باطراد، وكذلك يرفع البارز على لغة في نحو: مررت برجل أفضل منه أنت، إذا لم يعرب أنت مبتدأ. 4 بمعنى: أتوجع، وانزل. ومن المواضع التي يستتر فيها الضمير وجوبًا: أن يكون فاعلًا للمصدر النائب عن فعله الأمر؛ نحو: قياما للضيف؛ فقياما مصدر وفاعله مستتر جوبًا، تقديره أنت؛ لأنه بمعنى "قم" وقد اقتصر الناظم على هذا القسم، وذكر أربعة من المواضع بالأمثلة في قوله: ومن ضمير الرفع ما يستتر ... كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر* وهذه الأربعة هي: فعل الأمر للمذكر المخاطب؛ كـ"افعل"، والمضارع الذي في أوله همزة المتكلم؛ مثل: "أوافق، والذي في أوله النون؛ نحو: "نغتبط"، والمبدوء بتاء الخطاب للواحد؛ نحو: "تشكر". 5 أي: الظاهر، أو الضمير المنفصل؛ لأن عامله يرفع المستتر وغيره. 6 أي: الخالصة من شائبة الاسمية؛ كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة. وقد مثل لذلك المصنف. وبقيت أمثلة المبالغة؛ نحو: محمد ضراب، أو مضراب ... إلخ, أما الصفات غير المحضة؛ وهي التي غلبت عليها الاسمية، فلا تتحمل ضميرًا؛ مثل: الأبطح، والأجرع، والأبيض، والأرحب.   * "ومن ضمير" جار ومجرور خبر مقدم "الرفع" مضاف إليه. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر؛ "يستتر" الجملة صلة الموصول. "كافعل" تقدم إعراب مثله. "أوافق" مضارع مجزوم في جواب الأمر. "نغتبط" بدل من أوافق. "إذ" ظرف للزمان الماضي متعلق بنغتبط في محل نصب. "تشكر" الجملة من الفعل والفاعل في محل جر بإضافة إذ إليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 أو مضروب أو حسن، وهيهات؛ ألا ترى أنه يجوز: زيد قام أبوه، أو ما قام إلا هو؟ وكذا الباقي. تنبيه: هذا التقسيم تقسيم ابن مالك وابن يعيش1 وغيرهما، وفيه نظر؛ إذ الاستتار في نحو: زيد قام، واجب؛ فإنه لا يقال: قام "هو" على الفاعلية2. وأما زيد قام أبوه، أو ما قام إلا هو، فتركيب آخر3، والتحقيق أن يقال: ينقسم العامل إلى ما لا يرفع إلا الضمير المستتر كأقوم، وإلى ما يرفعه وغيره كقام. وينقسم المنفصل بحسب مواقع الإعراب إلى قسمين: ما يختص بمحل الرفع وهو: أنا، وأنت، وهو، وفروعهن. ففرع "أنا" نحن، وفرع "أنت": أنت، وأنتما، وأنتم، وأنتن، وفرع "هو" هي، وهما، وهم، وهن4.   1 هو أبو البقاء، يعيش بن علي بن يعيش الحلبي النحوي. ولد بحلب سنة 553هـ، وأخذ عن علمائها، ورحل إلى بغداد ودمشق، وكان من كبار أئمة العربية ولا سيما النحو والصرف. وقد غالب فضلاء حلب، وتصدر للإقراء بها زمانًا وشاع صيته، مع حسن الفهم وظرف الشمائل. ومن تأليفه: "شرح المفصل" وهو معروف متداول، و"شرح تصريف ابن جني". ومات بحلب سنة 643هـ. 2 بل "هو" توكيد للفاعل المستتر كما قدمنا. 3 أسند فيه القيام إلى سببي زيد، أو إلى ضميره المحصور بإلا. وإنما يتجه هذا الاعتراض إذا كان قصد ابن مالك وابن يعيش من تعريف المستتر جوازا بأنه ما يخلفه الظاهر أو الضمير المستتر؛ أن أحدهما يخلفه في تأدية معناه، وهما لم يقصدا ذلك؛ وإنما مرادهما: أن أحدهما يخلفه في رفع العامل إياه وإن لم يكن المعنى واحدا، وبهذا يندفع الاعتراض. 4 الجملة اثنا عشر ضميرا: اثنان للمتكلم، وخمسة للمخاطب، ومثلها للغائب. وفيها يقول الناظم: وذو ارتفاع وانفصال أنا هو ... وأنت والفروع لا تشتبه* أي: إن الضمير المرفوع المنفصل هو: "أنا" للمتكلم، و"هو" للغائب، و"أنت" للمخاطب، وفروعها معروفة، وقد بينها المصنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وما يختص بمحل النصب: وهو "إيَّا" مردفًا بما يدل على المعنى المراد1؛ نحو: إياي للمتكلم، وإياك للمخاطب، وإياه للغائب، وفروعها: إيَّانا، وإيَّاكَ، وإيَّاكِ وإيَّاكما، وإيَّاكم، وإيَّاكن، وإيَّاها، وإيَّاهما، وإيَّاهم، وإيَّاهن. تنبيه: المختار أن الضمير نفس "إيَّا"، وأن اللواحق لها حروف تكلم، وخطاب, وغيبة2.   1 أي: من تكلم أو خطاب أو غيبة، وتذكير أو تأنيث، وإفراد أو تثنية أو جمع، والجملة اثنا عشر ضميرا. وأقسامها كالسابقة، وفيها يقول الناظم: وذو انتصاب وانفصال جعلا ... "إياي" والتفريع ليس مشكلا* أي: إن الضمير المنصوب المنفصل هو "إياي" للمتكلم، وفروعه معروفة، وقد أوضحها المصنف أيضًا، وليس هنالك ضمير منفصل بارز في محل جر، كما أنه ليس هناك ضمير متصل بارز في محل نصب فقط، أو جر فقط. 2 هذا مذهب سيبويه، وذهب الخليل إلى أن اللواحق ضمائر، و"إيا" ضمير مضاف إليها، واختار هذا ابن مالك، وهو رأي ضعيف؛ لأنه لم تعهد إضافة الضمائر. وأما قولهم: "وإذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب"، فشاذ. وذهب بعض البصريين وجمع من الكوفيين إلى أن اللواحق هي الضمائر، وكلمة "إيا" عماد؛ أي: زيادة تعتمد عليها اللواحق؛ ليتميز المنفصل من المتصل. أما "أنا" و"أنت" وفروعه من ضمائر الرفع؛ فقيل: إن الضمير هو الهمزة والنون. أما الألف فزائدة، والتاء حرف خطاب، واللواحق الأخر لبيان المراد من إفراد وتثنية وجمع. وقيل -وهو الصحيح- أن الضمير مجموع "أنا" و"أنت". وأما "هو" وفروعه، فالمجموع هو الضمير.   * "وذو" مبتدأ. "ارتفاع" مضاف إليه. "وانفصال" معطوف على ارتفاع. "أنا" خبر المبتدأ. هو وأنت معطوفان على أنا. "والفروع" مبتدأ. "لا تشتبه" لا نافية والجملة خبر المبتدأ وهو الفروع، ويجوز أن يكون. "ذو" خبرا مقدما، و"أنا" مبتدأ مؤخر، و"هو" مبتدأ, و"أنت" معطوف عليه، والخبر محذوف؛ كي كذلك. * "وذو انتصاب" مبتدأ ومضاف إليه. "في انفصال" في موضع الحال من مرفوع جعلا العائد إلى ذو. "جعلا" فعل ماض مبني للمجهول، والألف للإطلاق ونائب فاعله هو المفعول الأول. "إياي" مفعوله الثاني، والجملة خبر المبتدأ. "والتفريع" مبتدأ. "ليس مشكلا" الجملة من ليس واسمها وخبرها خبر المبتدأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 فصل: القاعدة أنه متى تأتى اتصال الضمير لم يعدل إلى انفصاله1. فنحو: قمت، وأكرمتك، لا يقال فيهما: قام أنا، ولا أكرمت إياك. فأما قوله: إلا يزيدهم حبا إلي هم2   1 ذلك لأن الضمير وضع للاختصار والمتصل أكثر اختصارًا في تكوينه، وفي هذا يقول الناظم: وفي اختيار لا يجيء المنفصل ... إذا تأتى أن يجيء المتصل* أما إذا أمكن أن يؤتى بالضمير المتصل في أي موضع، فلا يعدل عنه إلى المنفصل اختيارا، إلا فيما سيذكر بعد. 2 هذا عجز بيت من البسيط، ينسب إلى زياد بن منقذ العدوي التميمي، من قصيدة في الحنين إلى وطنه. وفي الأغاني: أنه لبدر بن سعيد، وصدره: وما أصاحب من قوم فأذكرهم اللغة والإعراب: "ما" نافية. "من قوم" مفعول أصاحب على زيادة "من" "فأذكرهم" الفاء للسبية، وأذكر فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد فاء السببية الواقعة جوابا للنفي، ويجوز الرفع عطفا على أصاحب والفاعل أنا، و"هم" مفعول. "إلا" أداة استثناء ملغاة. "هم" مفعول أول ليزيد. "حبا" مفعوله الثاني. "إلى" متعلق بيزيد "هم" الثانية فاعل يزيد. المعنى: لا أصاحب قوما غير قومي وأذكر قومي أمامهم، إلا يزيد هؤلاء الآخرون حب قومي إلي؛ لما يسبغونه عليهم من الإطراء والثناء. الشاهد: في "هم" آخر البيت، فقد أتى به منفصلًا للضرورة، والقياس أن يجيء به متصلًا بالفعل؛ فيقول: إلا يزيدونهم.   * "في اختيار" جار ومجرور في محل نصب حال من فاعل يجيء. "لا" نافية. "يجيء المنفصل" فعل وفاعل. "إذا" ظرف للمستقبل مضمن معنى الشرط. "تأتي" فعل ماض "أن يجيء المتصل" أن والفعل والفاعل في تأويل مصدر فاعل تأتى؛ أي: مجيء المتصل، وجملة تأتى فعل الشرط، وجوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وقوله: إياهم الأرض في دهر الدهارير1 فضرورة. ومثال ما لم يتأت فيه الاتصال: أن يتقدم الضمير على عامله؛ نحو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ، أو يلى "إلا"؛ نحو: {أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} .   1 هذا عجز بيت من البسيط للفرزدق، من قصيدة يمدح بها يزيد بن عبد الملك بن مروان. وصدره: بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت اللغة والإعراب: الباعث: الذي يبعث الأموات بعد فنائها ويحييها. الوارث: الذي ترجع إليه الأملاك بعد فناء أصحابها. ضمنت: تضمنت واشتملت عليهم. الدهارير: الشدائد؛ يقال: دهر دهارير؛ أي: شديد، كما يقال: ليلة ليلاء، ونهار أنهر، ويوم أيوم. وقيل واحده دهر على غير قياس وقيل: لا واحد له. "بالباعث" متعلق بحلفت في قوله قبل: إني حلفت ولم أحلف على فند ... فناء بيت من الساعين معمور "الوارث" صفة للباعث "الأموات" مضاف إليه أو منصوب على التنازع للباعث والوارث، وأعمل الثاني، وحذف الضمير من الأول؛ لكونه فضلة "إياهم" مفعول ضمنت. "الأرض" فاعل، والجملة في محل نصب حال من الأموات. المعنى: أقسمت بالذي يبعث الأموات من قبورهم، ويرثهم بعد موتهم، وقد اشتملت عليهم الأرض، وضمتهم في أزمان الشدائد والمحن، والمقسم عليه في البيت بعده. الشاهد: في "ضمنت إياهم" حيث أتى بالضمير منفصلًا لضرورة الوزن، والقياس أن يقول: ضمنتهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 ومنه قوله: .................................. وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي1 لأن المعنى: ما يدفع عن أحسابهم إلا أنا. ويستثنى من هذه القاعدة مسألتان: إحداهما: أن يكون عامل الضمير عاملًا في ضمير آخر أعرف منه2، مقدم عليه،   1 هذا عجز بيت من الطويل للفرزدق، من قصيدة يعارض فيها جريرا ويهجوه ويفخر عليه. وصدره: أنا الذائد الحامي الذمار ... اللغة والإعراب: الذائد: المدافع، وهو اسم فاعل، من ذاد الشيء يذوده، دفعه ومنعه. الحامي: هو بمعنى الذائد؛ من الحماية، فهو تفسير له. الذمار: كل ما يلزم الإنسان حفظه وحمايته والدفاع عنه. أحسابهن: جمع حسب، وهو ما يعده الإنسان من مفاخر أصوله. "أنا الذائد" مبتدأ وخبر. "الحامي" صفة للذائد. "الذمار" مفعول الحامي أو مضاف إليه. "إنما" أداة حصر. "أنا" فاعل يدافع. "أو مثلي" معطوف عليه. والمعنى: أنا الذي أدافع عن قومي وأحمي كل ما تجب حمايته لهم، من أموال وأعراض وغيرهما، ولا يدافع عن أحسابهم ومفاخرهم إلا أنا، أو من كان مثلي في الشجاعة والغيرة وصفات الكمال. الشاهد: في "أنا" حيث جاء ضميرا منفصلا بعد "إلا" في المعنى والتأويل كما ذكر المصنف. هذا: ومن المواضع التي لا يتأتى فيها الاتصال أن يكون عامل الضمير محذوفا، وذلك في باب "التحذير والإغراء"؛ كما سيأتي؛ نحو: إياك والشر، أو يكون حرف نفي؛ نحو: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} ، {إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ} . أو يقع بعد إما المكسورة الهمزة، نحو: إما أنا، وإما أنت. أو يكون منادى عند من يجيز نداء الضمير؛ نحو: يا أنت. أو يكون الضمير تابعا لكلمة تفصل بينه وبين عامله؛ نحو: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} . أو يقع الضمير بعد واو المعية؛ نحو: حضر زملائي وسأسافر وإياهم. أو يكون مبتدأ؛ نحو: أنت أخ وفي. أو يكون فاعلا لمصدر مضاف إلى مفعوله؛ نحو: بمساعدتكم نحن انتصرتم. أو مفعولًا لمصدر مضاف إلى فاعله، نحو: سررت من إكرام الزملاء إياك. 2 بينا سابقا أن ضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب، وهذا أعرف من ضمير الغيبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وليس مرفوعًا1؛ فيجوز حينئذ في الضمير الثاني الوجهان2، إن كان العامل فعلا غير ناسخ فالوصل أرجح3؛ كالهاء من سلنيه4؛ قال الله -تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} 5, {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} 6، {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا} 7. ومن الفصل: "إن الله ملككم إياهم" 8. وإن كان اسما فالفصل أرجح9؛ نحو: عجبت من حبي إياه. ومن الوصل قوله: لقد كان حبيك حقا يقينا10   1 أي: ليس الضمير المقدم مرفوعا، وهذا يستلزم أن يكون العامل من الأفعال التي تنصب مفعولين. 2 الاتصال على الأصل، والانفصال فرارا من توالي اتصالين في فضلتين؛ تقول: الكتاب أعطيتنيه؛ وأعطيتني إياه، وأعطيتكه, وأعطيتك إياه. 3 لأنه الأصل ولا مرجح لغيره كما مثلنا. 4 أي: في مثل قولك: الخير سلنيه، ومثله: الكتاب ملكنيه، ويجوز سلني إياه، وملكني إياه. 5 يكفي فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء، و"الكاف" مفعول أول، و"هم" مفعول ثان، وفيه الشاهد. 6 الهمزة للاستفهام. "نلزم" مضارع، والفاعل نحن، والكاف مفعول أول، والميم علامة الجميع، والواو للإشباع، و"ها" ضمير منفصل مفعول ثان، وهو الشاهد. 7 يسأل: فعل مضارع مجزوم بإن الشرطية وهو فعل الشرط، والفاعل هو. 8 هذا جزء من حديث نبوي، وتمامه. $"ولو شاء لملكهم إياكم", والمراد الأرقاء. والفصل في الجزء الأخير واجب لا جائز؛ لأن الضمير الأول فيه للغائب، وهو غير أعرف من الثاني وهو ضمير المخاطب. 9 لأن الاسم إنما يعمل لمشابهته الفعل، فهو أقل اتصالا بالمفعول من الفعل. ويشترط أن يكون أول الضميرين مجرورا كما مثل، سواء كان فاعلًا كالمثال، أو مفعولا؛ نحو: الدرهم إعطاؤك إياه تفضل عليك، ومنعك إياه عقاب لك، والاسم يشمل المصدر واسم الفاعل. 10 عجز بيت من المتقارب، من مختارات أبي تمام في الحماسة، ولم ينسبه. وصدره: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 وإن كان فعلًا ناسخًا؛ نحو: "خلتنيه"، فالأرجح عند الجمهور الفصل1. كقوله: أخي حسبتك إياه ... 2   = لئن كان حبك لي كاذبا اللغة والإعراب: "لئن" اللام موطئة للقسم، و"إن" شرطية جازمة. "كان" فعل الشرط "حبك" اسمها مضاف إلى الكاف، من إضافة المصدر لفاعله. "كاذبا" خبر كان "لقد" اللام واقعة في جواب القسم. "حبيك" اسم كان مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، والياء مضاف إليه، وهي فاعل المصدر، والكاف مفعوله. "حقا" خبر كان "يقينا" صفة مؤكدة لـ"حقا"، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه. المعنى: يقول لمحبوبته: لئن كنت كاذبة في حبك لي، فإن محبتي لك صادقة لا شك فيها. الشاهد: في "حبيك"؛ حيث أتى بالضمير الثاني وهو ضمير المخاطبة متصلا، وذلك أمر سائغ، ولو أتى به منفصلا لقال: حبي إياك، وهو الأرجح. 1 لأن الضمير خبر في الأصل، وحق الخبر الانفصال. 2 هذا جزء من صدر بيت من البسيط، ولم ينسب لقائل. وتمامه: ........................ وقد ملئت ... أرجاء صدرك بالأضغان والإحن اللغة والإعراب: حسبتك إياه: ظننت أنك أخي, أرجاء: نواحي؛ جمع رجا كعصا، وهو الناحية. الأضعان الأحقاد: جمع ضغن؛ وهو الحقد. الإحن: جمع إحنة؛ وهي الحقد أيضا، فالعطف للتفسير والترادف. "أخي" مبتدأ. "حسبتك" فعل وفاعل، والكاف مفعول أول. "إياه" مفعوله الثاني، والجملة خبر المبتدأ، ويجوز أن يكون "أخي" منادى" أو مفعولا بفعل محذوف يفسره. "حسبتك" ويكون من باب الاشتغال كما سيأتي. "وقد ملئت" الواو للحال وقد للتحقيق، ملئت فعل ماض للمجهول، و"أرجاء" نائب فاعل. "صدرك" مضاف إليه والجملة حال. المعنى: لقد كنت أظنك أخي الحق؛ الذي يشد أزري عند الشدائد، ويدفع عني عوادي الزمن، ولكني وجدت منك صدرا مليئا بالأحقاد والضغائن علي. الشاهد: في "حسبتك إياه"؛ حيث أتى بالضمير الثاني منفصلا، وهو مفعول لفعل ناسخ وهو حسب، وذلك أرجح عند الجمهور. ويجوز الوصل، ولو وصل لقال: حسبتكه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 وعند الناظم، والرماني1، وابن الطراوة2؛ الوصل. كقوله: بلغت صنع امرئ بر إخالكه3   1 هو أبو الحسن علي بن عيسى المعروف بالرماني. ولد سنة 276هـ، واشتغل بالعربية، وأخذ عن ابن السراج والزجاج وابن دريد، إلى أن صار إماما في العربية ولا سيما النحو؛ حتى قيل: لم ير مثله قط علما بالنحو، واستخراجا للعويص، وإيضاحا للمشكل، مع فصاحة ودين وعفاف ونظافة، وكان يمزج النحو بالمنطق. وله مؤلفات كثيرة؛ منها: شرح كتاب سيبويه، والمقتضب، وشرح الألف واللام للمازني، ومات -رحمه الله- سنة 384هـ في خلافة القادر بالله العباسي. 2 هو أبو الحسن سليمان بن محمد المالقي، المشهور بابن الطراوة. كان نحويا ماهرا، وأديبا بارعا يقرض الشعر، وينشئ الرسائل، وسمع على الأعلم كتاب سيبويه، وروى عنه القاضي عياض، وله آراء في النحو تفرد بها، وخالف فيها جمهور النحاة؛ فأثنى عليه بعضهم ونقده آخرون، كابن خروف ونسبه إلى الإعجاب بنفسه، وقد تجول كثيرا في بلاد الأندلس، وألف كتاب "الترشيح" في النحو، والمقدمات على كتاب سيبويه. ومات -رحمه الله- سنة 528هـ عن سن عالية. ومن شعره في فقهاء مالقة: إذا رأوا جملا يأتي على بعد ... مدوا إليه جميعا كف مقتنص أو جئتهم فارغا لزوك في قرن ... وإن رأوا رشوة أتوك بالرحض 3 صدر بيت من البسيط، لم نقف على قائله. وعجزه: إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتدرا اللغة والإعراب: بر: صادق، أو محسن كريم. إخالكه: أظنكه. مبتدرا: مسرعا؛ يقال: ابتدر الشيء، بادر إليه وأسرع إلى عمله. "بلغت" ماض للمجهول والتاء نائب فاعل، وهو مفعوله الأول. "صنع امرئ" مفعول ثان ومضاف إليه. "بر" صفة لامرئ "إخالكه" إخال فعل مضارع والفاعل أنا والكاف مفعول أول والهاء مفعول ثان. "إذ" حرف تعليل، أو ظرف في محل نصب متعلق بإخال. "لاكتساب" جار ومجرور متعلق بمبتدرا، الواقع خبر لـ"نزل". المعنى: علمت بما صنعه امرؤ محسن صادق؛ من الكرم والبر، فظننتك إياه؛ لأني أعلم أنك لا تزال تسرع وتبادر إلى عمل الخير، واكتساب الثناء والحمد. الشاهد: في "إخالكه" حيث أتى بالضمير الثاني -وهو الهاء- متصلا، وهو مفعول ثان لفعل ناسخ؛ وهو "إخال"، وهذا جائز، ويرجحه ابن مالك ومن معه. ويجوز الفصل، فتقول: إخالك إياه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 الثانية: أن يكون منصوبا بكان أو إحدى أخواتها1؛ نحو: الصديق كنته، أو كانه زيد، وفي الأرجح من الوجهين الخلاف المذكور2. ومن ورود الوصل الحديث: "إن يكنه فلن تسلط عليه" 3. ومن ورود الفصل قوله: لئن كان إياه لقد حال بعدنا4   1 أي: إن المسألة الثانية المستثناة من القاعدة السابقة: أن يكون الضمير الثاني منصوبا، بكان أو إحدى أخواتها، سواء أكان السابق ضميرا؛ نحو: الصديق كنته، أو كنت إياه، أم غير ضمير؛ نحو: الصديق كانه محمد. وبذلك افترقت هذه المسألة عن الأولى. ومحل جواز الوجهين في كان وأخواتها في غير الاستثناء. أما فيه فيجب الفصل؛ نحو: محمد قام القوم ليس إياه، أو لا يكون إياه؛ لأنهما ناسخان أيضا. 2 أي: بين الجمهور والناظم ومن معه في "خلتنيه" ونحوه. 3 هذا جزء من حديث؛ قاله الرسول لعمر حين أراد أن يقتل ابن صياد لما أخبر أنه الدجال، وتمامه: "وإلا يكنه فلا خير لك في قتله". الشاهد: في "يكنه". فقد وصل الضمير وهو الهاء، وهو خبر يكن، وعائد على الدجال. واسم يكن يعود على ابن صياد. 4 صدر بيت من الطويل، لعمر بن أبي ربيعة المخزومي. وعجزه: عن العهد والإنسان قد يتغير وهو من قصيدته المشهورة التي مطلعها: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 ولو كان الضمير السابق في المسألة الأولى مرفوعا، وجب الوصل1؛ نحو: ضربته.   = أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فمهجر اللغة والإعراب: حال: تغير وتحولت حالته. عن العهد: عما عهدناه فيه من الشباب والنضرة. "لئن" اللام موطئة للقسم، وإن شرطية. "كان" فعل الشرط واسمها يعود على عمر المعبر عنه بالمغيري في الأبيات قبله. "إياه" خبر كان. "لقد حال" اللام واقعة في جواب القسم المحذوف، وقد سد مسد جواب الشرط. المعنى: لئن كان هذا الذي نراه هو عمر، فلقد تغيرت هيئته، وتحولت حاله عما كنا نعهده فيه، من القوة والشباب والحسن. ثم قال مسليا لها: والإنسان قد يتغير حاله بمرور الزمان وتقلبات الدهر. الشاهد: في "كان إياه"؛ حيث أني بخبر كان الناسخة منفصلا، وذلك جائز، ولو وصل لقال: كانه. وقد أشار الناظم إلى المسألتين المذكورتين، وما فيهما من خلاف بقوله: وصل أو افصل هاء "سلنيه" وما ... أشبهه في "كنته" الخلف انتمى كذاك "خلتنيه" واتصالا ... أختار غيري اختار الانفصالا* أي: إنه يجوز الوصل والفصل في هاء "سلنيه" وما أشبهه؛ من كل فعل غير ناسخ أو شبهه، ينصب ضميرين، أولهما أعرف من الثاني. ولم يبين ابن مالك الخلاف في هذه المسألة، وبين الخلاف في غيرها؛ فقال: إن الخلف انتمى -أي: اشتهر- في "كنته" وفي "خلتنيه"؛ من كل فعل ناسخ ينصب مفعولين. وهو يختار الاتصال، وغيره يختار الانفصال. 1 هذا إذا كان العامل فعلا؛ ليكون متصلا بعامله، ولا يجوز في المثال ضربت إياه؛ تمشيا مع القاعدة؛ فإن كان العامل اسما جاز الأمران؛ تقول: سررت بإكراميك، أو بإكرامي إياك.   * وصل فعل أمر. "أو افصل" الجملة معطوفة على جملة "صل"، و"أو" للتخيير. "هاء" مفعول تنازعه الفعلان، وأعمل الثاني "سلنيه" مضاف إليه مقصود لفظه. "وما" اسم موصول معطوف على سلنيه، واقعة على ضمير "أشبهه" الجملة من الفعل، والفاعل المستتر، والمفعول صلة ما، والهاء في أشبهه عائدة على هاء سلنيه. "في كنته" متعلق بانتمى "الخلف" مبتدأ. "انتمى" الجملة خبر. "كذلك" جار ومجرور خبر مقدم. "خلتنيه" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "واتصالا" مفعول مقدم لأختار. "غيري" مبتدأ ومضاف إليه. "اختار الانفصالا" الجملة من الفعل والفاعل المستتر، والمفعول خبر المبتدأ، والألف للإطلاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 ولو كان غير أعرف وجب الفصل؛ نحو: أعطاه إياك أو إياي، أو أعطاك إياي1، ومن ثم2 وجب الفصل إذا اتحدت الرتبة3؛ نحو: ملكتني إياي وملكتك إياك، وملكته إياه. وقد يباح الوصل إن كان الاتحاد في الغيبة، واختلف لفظ الضميرين4؛   1 وفي هذا يقول الناظم: وقدم الأخص في اتصال ... وقدمن ما شئت في انفصال* أي: إذا اجتمع ضميران منصوبان، أحدهما أخص من الآخر، وجب تقديم الأخص، إن كانا متصلين، ويجوز تقديم غير الأخص، إذا كانا منفصلين؛ وذلك بشرط أمن اللبس؛ فإن خيف اللبس؛ وذلك إذا صلح كل من المفعولين؛ لأن يكون فاعلًا؛ لم يجز؛ نحو: محمد أعطيتك إياه؛ فلا تقول. محمد أعطيته إياك؛ لأنه لا يعلم حينئذ هل محمد مأخوذ أو أخذ؟ وإن كان المعهود أن المتقدم هو الفاعل. وأجاز المبرد، وكثير من القدماء الاتصال، مع تقديم غير الأعرف؛ تقول: الدرهم أعطيتهوك، ومنه قول عثمان -رضي الله عنه: أراهمني الباطل شيطانا، والأصل: أراهم الباطل إياي شيطانا؛ أي: إن الباطل أرى القوم أني شيطان؛ فالباطل فاعل أرى، والهاء مفعول أول، والباء مفعول ثان، وشيطانا ثالث. 2 أي: من أجل وجوب الفصل، إذا تقدم غير الأعرف. 3 أي: تساويا في درجة التعريف؛ بأن كانا لمتكلم، أو مخاطب، أو غائب؛ لأنه يصدق عليه أن المتقدم غير أعرف. 4 أي: في التذكير والتأنيث، والإفراد وغيره. وفي هذا يقول الناظم: وفي اتحاد الرتبة الزم فصلا ... وقد يبيح الغيب فيه وصلا* أي: إذا اتحد الضميران المذكوران في باب "سلنيه" و"خلتنيه" في الرتبة؛ بأن كان لمتكلمين أو مخاطبين أو غائبين، وجب الفصل في أحدهما، وقد يجوز الوصل إذا كانا لغائبين؛ واختلف لفظهما؛ تذكيرا أو تأنيثا، وإفرادا وتثنية وجمعا.   * "وقدم" فعل أمر مبني على السكون، وحُرِّك بالكسر للتخلص من الساكنين. "الأخص" مفعول. "في اتصال" جار ومجرور متعلق بقدم. "وقدمن" فعل أمر مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة. "ما" اسم موصول مفعوله. "شئت" الجملة لا محل لها صلة الموصول في "انفصال" متعلق بقدمن. * "وفي اتحاد" جار ومجرور متعلق بالزم. "الرتبة" مضاف إليه. "فصلا" مفعول الزم. "وقد" حرف تقليل "يبيح الغيب" فعل وفاعل "فيه" متعلق بيبيح، والضمير في فيه عائد على اتحاد الرتبة "وصلا" مفعول يبيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 كقوله: أنا لهماه قفو أكرم والد1 فصل: قد مضى أن ياء المتكلم من الضمائر المشتركة بين محلي النصب والخفض؛ فإن نصبها فعل، أو اسم فعل، أو ليت، وجب قبلها نون الوقاية2.   1 عجز بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وصدره: لوجهك في الإحسان بسط وبهجة اللغة والإعراب: بسط: بشاشة وطلاقة. بهجة: جمال وسرور. قفو: اتباع واقتداء. "لوجهك" جار ومجرور خبر مقدم. "بسط" مبتدأ مؤخر. "في الإحسان" متعلق به. "وبهجة" معطوفة على بسط. "أنالهماه" أنال فعل ماض متعد لاثنين؛ هما: ضمير تثنية مفعول ثان مقدم، عائد إلى البسط والبهجة، والهاء مفعول أول، يرجع إلى وجه. "قفو" فاعل مضاف إلى ما بعده، من إضافة المصدر لمفعوله. المعنى: يقول: إن وجهك تظهر عليه البشاشة والحسن، عند الإحسان والعطاء، وهاتان الصفتان أورثهما لك اقتداؤك بوالدك، وهو أكرم والد. الشاهد: في "أنالهماه"؛ حيث أتى بالضمير الثاني -وهو ضمير المفرد الغائب- متصلا، والأول ضمير غائب للمثنى. والأكثر في هذه الحالة الانفصال؛ وإنما خص جواز الاتصال والانفصال عند اتحاد الرتبة بضميري الغيبة؛ لصحة اختلاف لفظهما، واختلاف مدلولهما كما في البيت، فنزل ذلك اختلاف الضميرين. 2 هي نون مكسورة؛ سميت بذلك لأنها في الغالب تقي الفعل وتصونه من وجود كسرة في آخره، عند إسناده لياء المتكلم، وتمنع اللبس، في مثل: أكرمني في الأمر؛ فلولاها لالتبست ياء المتكلم بياء المخاطبة، وأمر المذكور بأمر المؤنثة؛ كما تقي غير الفعل من تغيير آخر يلحق به؛ وتسمى كذلك "ياء النفس". وقد تحذف ياء المتكلم، وتبقى النون مكسورة للدلالة عليها نحو قوله -تعالى: {أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} ؛ أي: فبم تبشرونني؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 فأما "الفعل" نحو: دعاني، ويكرمني، وأعطني، وتقول: قام القوم ما خلاني وما عداني وحاشاني، إن قدرتهن أفعالا1، قال: تمل الندامى ما عداني فإنني2 وقوله: ما أفقرني إلى عفو الله، وما أحسنني إن اتقيت الله، وقال بعضهم: عليه رجلا ليسني3، أي: ليلزم رجلا غيري، وأما تجويز الكوفي ما أحسني، فمبني على أن قوله: "أحسن" ونحوه اسم.   1 أما إذا قدرتهن أحرف جر، و"ما" زائدة، فإن النون تسقط، وهذا قليل. 2 صدر بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وعجزه: بكل الذي يهوى نديمي مولع اللغة والإعراب: تمل؛ من الملل وهو السأم؛ يقال: مل الشيء: سئمه. الندامى: جمع ندمان؛ وهو النديم: المسامر على الشراب. مولع: مغرم، من أولع بالشيء، أغرى به وأحبه. "الندامى" نائب فاعل. ما" مصدرية. "عداني" فعل ماض، والنون للوقاية، والياء مفعول، والفاعل عائد على البعض المفهوم من الفعل السابق، أو على اسم فاعل، كما سيأتي في بابه. "فإنني" الفاء للتعليل، وإن واسمها. "بكل الذي" متعلق بمولع، ومضاف إليه. "يهوى نديمي" الجملة من الفعل والفاعل صلة الذي، والعائد محذوف؛ أي: يهواه. "مولع" خبر إن. المعنى: يمل الناس نداماهم وسمارهم إلا أنا، فلا أمل ولا يستغنى عني؛ لأني مغرم بقضاء كل ما يحبه مني نديمي. الشاهد: في "ما عداني"؛ حيث دخلته نون الوقاية، وهو فعل ماض؛ بدليل تقدم "ما" المصدرية عليه. 3 قول لبعض العرب، حكاه سيبويه، وقد بلغه أن رجلا يهدده. "عليه" اسم فعل بمعنى المضارع المقترن بلام الأمر؛ أي: ليلزم. "رجلا" مفعول به. "ليسني" فعل ماض، واسمها يعود إلى رجل، والنون للوقاية، وياء المتكلم خبر، وقد لحقت النون "ليس"؛ بناء على الصحيح من أنها فعل لا حرف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 وأما قوله: إذ ذهب القوم الكرام ليسي1 ، فضرورة. وأما نحو: {تَأْمُرُونِي} 2، فالصحيح أن المحذوف نون الرفع. وأما "اسم الفعل" فنحو: دراكني، وتراكني، وعليكني؛ بمعنى أدركني، وبمعنى اتركني، وبمعنى الزمني.   1 هذا رجز، لرؤبة على ما جاء في لسان العرب. وأوله: عددت قومي كعديد الطيس اللغة والإعراب: عديد؛ عدد، يقال: هم عديد الثرى، أي: عدد التراب. الطيس: الكثير من الرمل ونحوه؛ وقد يسمى طيسلا. ليسي: المراد غيري. "قومي" مفعول عددت. "كعديد" متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف، أي: عدا كعديد "إذ" للمفاجأة، أو ظرف متعلق بعددت. "ليسي" ليس فعل ناقص، واسمها يعود على البعض المفهوم مما قبله؛ كما تقدم، وياء المتكلم خبرها. المعنى: عددت قومي وأحصيتهم، فوجدتهم كثيري العدد؛ كذرات الرمل، ولكن لا خير فيهم؛ فقد ذهب القوم الكرام منهم سواي. الشاهد: في "ليسي"؛ حيث حذفت نون الوقاية، التي تلحق الفعل عند اتصاله بياء المتكلم، وذلك شاذ؛ وقد سهله أن "ليس" فعل جامد لا يتصرف؛ فأشبه الاسم. وفيه شذوذ آخر؛ وهو: مجيء خبر ليس ضميرا متصلا. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم مقتصرا على الفعل بقوله: وقبل يا النفس مع الفعل التزم ... نون وقاية و"ليسي" قد قد نظم* أي: إذا اتصل بالفعل ياء المتكلم؛ لحقته لزومًا نون الوقاية، وورد حذفها مع ليس في النظم. 2 أي: بنون واحدة مخففة في قراءة نافع، وهو من الآية 64 من سورة الزمر.   * "وقيل" ظرف زمان متعلق بالتزم. "يا" مضاف إليه قصر للضرورة. "النفس" مضاف إليه. "مع الفعل" ظرف ومضاف إليه، متعلق بمحذوف حال من "يا النفس"، "التزم" ماض مبني للمفعول. "نون" نائب فاعل "وقاية" مضاف إليه. "وليسي" مبتدأ مقصود لفظه. "قد نظم" الجملة من الفعل؛ ونائب الفاعل خبر المبتدأ، وسكن نظم للوقف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 وأما "ليت"1 فنحو: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} . وأما قوله: فيا ليتني إذا ما كان ذاكم2 فضرورة عند سيبويه3.   1 إنما وجبت معها النون؛ على الراجح؛ لقوة شبهها بالفعل في المعنى والعمل. 2 صدر بيت من الوافر، وعجزه: ولجت وكنت أولهم ولوجا وهو لورقة بن نوقل؛ ابن عم السيدة خديجة؛ قاله لها حين أخبرته بما حدثها به ميسرة غلامها؛ من كلام بحيرا الراهب له، وما شاهده من تظليل الغمام للرسول -صلى الله عليه وسلم، أثناء سفره معه في تجارة لخديجة. اللغة والإعراب: كان ذاكم: كان تامة بمعنى حدث، واسم الإشارة يعود إلى ما حدث به ميسرة من كلام بحيرا؛ وأنه سيبعث رسولا وهاديا. ولجت: دخلت، يريد دخوله في الإسلام. "فيا ليتي" الفاء عاطفة، و"ياء" للنداء، والمنادى محذوف؛ أي: يا هؤلاء، و"ليت" حرف تمن ونصب، والياء اسمها. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "ما" زائدة. "ذا" فاعل كان التامة "ولجت" الجملة خبر ليت، أو جواب الشرط، وجملة الشرط وجوابه خبر. "ولوجا" تمييز. المعنى: أتمنى إذا حدث ذلك الأمر أن أكون حيا وقتئذ، فأدخل في هذا الدين، وأكون أول الداخلين فيه، والمصدقين به. الشاهد: في "ليتي"؛ حيث حذفت منها نون الوقاية؛ للضرورة، عند اتصالها بياء المتكلم، والأصل اقترانها بها. 3 هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، مولى بني الحارث بن كعب، إمام البصريين وسيبويه لقبه؛ ومعناه بالفارسية: "رائحة التفاح". قيل لقب بذلك للطافته ونظافته، وكانت وجنتاه كأنهما تفاحتان. أصله من فارس، ونشأ بالبصرة، وأخذ النحو والأدب عن الخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب، والأخفش، وعيسى بن عمر، وغيرهم. وبرع فيهما حتى أصبح إماما لا يجارى في العربية. وكانت في لسانه حبسة، وقلمه من لسانه. وكان إذا أقبل على الخليل بن أحمد يجله ويقول: "مرحبا بزائر لا يمل". وما يقول هذا لغيره. وكتابه يعتبر خير الكتب التي ألفت في النحو، وأجمعها لمسائله، ولا يزال مرجع العلماء إلى اليوم. وقد اشتراه الجاحظ من ميراث الفراء، وأهداه إلى محمد بن عبد الملك الزيات؛ فسر به وقال: "والله ما أهدي إلي شيء أحب إلي منه". وقد قدم سيبويه إلى العراق في عهد الرشيد، وناظر الكسائي -إمام الكوفيين ببغداد- في حضرة يحيى بن خالد البرمكي، وكان مع الكسائي نحاة الكوفة، فناصروه على سيبويه؛ فخرج من المجلس مغموما، واتجه إلى فارس فأقام بها، ولم يعد إلى البصرة حتى مات سنة 180هـ، وقد نيف على الأربعين، ودفن بشيراز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 وقال الفراء: يجوز ليتني وليتي1. وإن نصبها "لعل" فالحذف نحو: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} أكثر من الإثبات2؛ كقوله: أريني جوادًا مات هزلا لعلني3   1 أي: في سعة الكلام من غير ضرورة ولا شذوذ؛ مستدلا بورود الاستعمالين في الكلام العربي الفصيح. والفراء: هو أبو زكريا يحيى بن زياد بن مروان الديلمي الكوفي، المعروف بالفراء. قيل: لقب بذلك؛ لأنه كان يفري الكلام. كان الفراء إماما في العربية، وأعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي. وقد أخذ عنه وعن يونس؛ فجمع إلى علم الكوفيين علم البصريين، وكان يتردد بين الكوفة وبغداد، وكان متدينا ورعا على تيه وعجب. واتصل بالمأمون؛ فاتخذه مربي أولاده، وكان يقال: الفراء أمير المؤمنين في النحو، ولولاه ما كانت عربية؛ لأنه حصنها وضبطها. قال أبو بكر الأنباري: "لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من علماء العربية إلا الكسائي والفراء، لكان لهم بهما الافتخار على جميع الناس". وله مؤلفات كثيرة يستعمل فيها ألفاظ الفلاسفة، منها: "كتاب الحدود في النحو" ويراد بالحدود: التعاريف؛ كحد المعرفة، والنكرة، والنداء ... إلخ، وكتاب "معاني القرآن"، و"البهاء فيما تلحن فيه العامة"، و"المقصور والممدود" و"الجمع والتثنية في القرآن" ... إلخ. وتوفي سنة 207هـ في طريق مكة، عن سبع وستين سنة. 2 ذلك لأن "لعل" شبيهة بالحرف، بل إنها تستعمل أحيانا جارة. 3 صدر بيت من الطويل؛ وهو لحاتم الطائي، يخاطب امرأته، وقد عذلته على كثرة الإنفاق ونسبه في الحماسة إلى غيره. وعجزه: أرى ما ترين أو بخيلًا مخلدا = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وهو أكثر من ليتي. وغلط ابن الناظم فجعل "ليتي" نادرًا، "ولعلني" ضرورة1. وإن نصبها بقية أخوات ليت ولعل2، وهي: إن، وأن، ولكن، وكأن، فالوجهان؛ كقوله: وإني على ليلى لزار وإنني3   = اللغة والإعراب: جوادا: رجلا كريما يجود بماله. هزلا -بضم فسكون- هزالا وضعفا. بخيلا: ضنينا بماله لا ينفقه. مخلدا: دائم الحياة باقيا. "ذريني" فعل أمر مبني على حذف النون، وياء المخاطبة فاعل، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول أول. "جوادا" مفعول ثان لأرى "هزلا" منصوب على نزع الخافض" لعلني" لعل: حرف ترج ونصب، والنون للوقاية، والياء اسمها. "أرى" الجملة خبر لعل. "ما" اسم موصول مفعول أرى "ترين" مضارع مرفوع بثبوت النون، وياء المخاطبة فاعل، والجملة صلة ما. "أو بخيلا" معطوف على جوادا. "مخلدا" صفة. المعنى: أريني أيتها العاذلة رجلا كريما، مات من الضعف والهزال، بسبب ضيق ذات يده من الكرم، أو بخيلا، خلده ماله الذي يضن به عن الإنفاق، لعلي أرى ما ترين من الإمساك والتقتير، وعدم البذل والجود. الشاهد: لحوق نون الوقاية في لعل على قلة، والكثير في العربية حذفها. وبالحذف وحده جاء القرآن الكريم في أكثر من آية. 1 أي: مع أن "ليتي" ضرورة عند سيبويه، و"لعلني" نادر، بل كثير كما تقدم. وهل مجرد المخالفة من إمام عظيم: كابن الناظم يعتبر غلطا؟ إن رأيه ينبغي أن يحترم, وابن الناظم هو: الإمام بدر الدين محمد بن محمد بن مالك بن جمال الدين الطائي الدمشقي، النحوي ابن النحوي. كان إماما ذكيا حاد الخاطر، بارعا في النحو، وعلوم البلاغة، والعروض، على الرغم من أنه لم ينظم شيئا من الشعر. أخذ عن والده، ووقع بينهما خلاف؛ فسكن بعلبك؛ فلما مات والده طلب إلى دمشق وولي وظيفة والده. وتصدى للاشتغال والتصنيف؛ فشرح ألفية والده، وكافيته ولاميته، وشرح التسهيل ولم يتمه، وصنف كثيرا غير ذلك. ومات بالقولنج في دمشق سنة 686هـ. 2 أي: من الحروف الناسخة الناصبة. 3 صدر بيت من الطولي، لقيس بن الملوح، المعروف بمجنون ليلى، وعجزه: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وإن خفضها حرف؛ فإن كان "من" أو "عن"، وجبت النون1 إلا في الضرورة؛ كقوله: أيها السائل عنهم وعني ... لست من قيس ولا قيس مني2   = على ذاك فيما بيننا مستديمها اللغة والإعراب: زار عاتب؛ وهو اسم فاعل من زرى عليه -من باب ضرب- عتب عليه. مستديمها: طالب دوام مودتها وحبها. "إني" إن واسمها. "على ليلى" متعلق بزار الواقع خبرا لإن، واللام فيه للتوكيد. "على ذاك" متعلق بمنسد، الواقع خبرا لإن الثانية، والإشارة إلى الزرى وهو العتاب "فيما بيننا" متعلق بمستديمها، و"ما" اسم موصول، وما بعدها صلة لها. المعنى: إني لعاتب على ليلى؛ لهجرها وصدودها، وعلى الرغم من ذلك، فإني مستبق مودتها، طالب دوام حبها؛ لأن ذلك يسعدني، فلعلها ترضيني، وتبادلني الحب والمودة. الشاهد: حذف نون الوقاية من "إن" الأولى عند اتصالها بياء المتكلم، وإثباتها مع الثانية، والوجهان جائزان في سعة الكلام، وليس أحدهما أولى من الآخر؛ ومثل إن: أخواتها التي ذكرها المصنف. 1 قيل: إن سبب ذلك المحافظة على بقاء السكون في الحروف؛ لأنه الأصل في البناء. 2 شاهد من بحر الرمل، لم ينسب لقائل، ولم يؤيد بمثله؛ لندرته، حتى قال فيه ابن هشام: "في النفس من هذا البيت شيء"، وقيل: إنه مصنوع. اللغة والإعراب: قيس: هو ابن عيلان بن مضر بن نزار بن معد؛ أخو إلياس بن مضر. "السائل" نعت لأي. "عنهم" متعلق بالسائل "من قيس" خبر لست. "ولا" نافية مهملة. "قيس" مبتدأ ممنوع من الصرف، على إرادة القبيلة، للعلمية والتأنيث. "مني" متعلق بمحذوف خبر. المعنى: يا من تسأل عن هؤلاء القوم وعني! لتعلم أني لست من هذه القبيلة ولا صلة بيننا، وليست لها أية صلة بي، ولعه يريد التنصل من أي علاقة بينه وبين هذه القبيلة؛ لعدم انسجامه معها. الشاهد: في "عني، ومني" بالتخفيف؛ حيث حذفت نون الوقاية منهما عند إضافتهما لياء المتكلم؛ للضرورة النادرة. وفي حكم نون الوقاية مع الحروف، يقول ابن مالك مقتصرا على بعض الحروف الناسخة. و"ليتني" فشا و"ليتي" ندرا ... ومع "لعل" اعكس وكن مخيرا في الباقيات واضطرارا خففا ... "مني وعني" بعض من قد سلفا* أي::ن ثبوت نون الوقاية مع "ليت" كثير، ويندر حذفها، ومع "لعل" بالعكس، وأنت مخير في الباقيات من أخوات "ليت"، "لعل". وتلزم النون "من" و"عن"، وبعض المتقدمين يحذفها منهما؛ للتخفيف في الضرورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 وإن كان غيرهما امتنعت، نحو: "لي" و"بي" و"فيَّ" و"خلاي"، و"عداي" و"حاشاي"1. قال: في فتية جعلوا الصليب إلههم ... "حاشاي" إني مسلم معذور2   1 قيل: إن السبب في امتناع النون في "لي" و"بي" أنهما مبنيان على الكسر، وفي "فيَّ" أن سكونها أصلي، لا يزول عند اتصالها بياء المتكلم، بل تدغم الياءان، وأما "خلا" و"عدا" و"حاشا"، فإن الألف لا تقبل الحركة، وقد سبق أنها إذا قدرت أفعالا، لحقتها النون؛ ليجري الفعل مجرى واحدا. 2 بيت من الكامل للمغيرة بن عبد الله الأسدي الملقب بالأقيشر؛ لأنه كان أحمر الوجه أقشر، وهو شاعر إسلامي. اللغة والإعراب: معذور: مقطوع العذرة؛ وهي قلفة الذكر يقطعها الخاتن، ويقال له: مختون؛ من الختان. "في فتية" متعلق بما قبله. "الصليب" مفعول أول لجعل. "إلههم" مفعول ثان ومضاف إليه. "حاشاي" حرف جر، والياء مجرورة بها. المعنى: ليست من القوم الذين يعبدون الصلبان، ويتخذونها آلهة لهم، وإني أنزه نفسي عن ذلك؛ أنما أنا مسلم مختون كالمسلمين؛ ذلك لأن النصارى لا يختتنون. الشاهد: في "حاشاي" حيث حذفت منه النون عند اتصاله بياء المتكلم؛ لأنه حرف جر، آخره ألف لا تقبل الحركة، فلا يخشى كسر آخره، لمناسبة الياء.   * "وليتني" مبتدأ قصد لفظه. "فشا" الجملة خبر المبتدأ؛ ومثله "ليتي ندرا" ومع "ظرف متعلق باعكس". "لعل" مضاف إليه مقصود لفظه. "اعكس" فعل أمر، والفاعل أنت، ومفعوله محذوف؛ أي: اعكس الحكم. "وكن مخيرا" كان واسمها وخبرها. "في الباقيات" متعلق بمخيرا. "واضطرارا" مفعول لأجله. "خففا" فعل ماض والألف للإطلاق. "مني وعني" مفعول خفف مقصود لفظهما. "بعض" فاعل خفف. "من" اسم موصول مضاف إليه. "قد سلفا" قد للتحقيق، وسلفا فعل ماض، والفاعل يعود على "من"، والألف للإطلاق، والجملة صلة الموصول، لا محل لها من الإعراب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وإن خفضها مضاف، فإن كان "لدن"، أو "قط"، أو "قد"، فالغالب الإثبات1، ويجوز الحذف فيه قليلا2، ولا يختص بالضرورة، خلافا لسيبويه. وغلط ابن الناظم3 فجعل الحذف في "قد" و"قط" أعرف من الإثبات، ومثالهما4: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} قرئ مشددًا ومخففًا. وفي حديث النار5: "قطني قطني، وقطي قطي".   1 "لدن" ظرف بمعنى عند، و"قد" و"قط" اسمان مبنيان على السكون بمعنى حسب؛ أي: كاف، ومحلهما على حسب موقعهما في الجملة. وإذا كانت "قد" و"قط" اسما فعل مضارع بمعنى يكفي؛ وجب الإتيان بنون الوقاية؛ لتفصلهما عن ياء المتكلم. أما "قد" الحرفية؛ في مثل: قد اعتدل الجو، و"قط" الظرفية؛ في مثل: ما فعلته قط؛ فلا تتصل بهما ياء المتكلم. وتختص "قد" الحرفية بالدخول على الفعل المتصرف المثبت المجرد من ناصب وجازم. ومن الخطأ قولهم: "قد لا أفعل كذا"، وتفيد التحقيق والتوكيد غالبا، وقد تدل على التقليل والتكثير. أما "قط" الظرفية؛ فظرف زمان لاستغراق الماضي، وتختص بالنفي غلبا؛ فتقول: ما فعلته قط، ومن الخطأ قولهم: "لا أفعله قط". 2 لأن "عند" و"حسب" اللتين بمعناهما لا تلحقهما النون، فكذلك ما كان بمعناهما. 3 يقال فيه ما قيل في سابقه قريبا. 4 أي: مثال الحذف والإثبات في الثلاثة. 5 لفظه؛ كما في اللسان: "إن النار تقول لربها: إنك وعدتني ملئي، فيضع فيها قدمه فتقول: قط، قط ويزوي -أي: يضم- بعضها إلى بعض، روي بسكون الطاء، وبكسرها مع الياء، وبدونها، وبنون الوقاية، وقط بالتنوين. والمراد بوضع قدمه فيها: التجلي عليها بقهره وكبريائه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وقال: قدني من نصر الخبيبين قدي1 وإن كان غيرهن امتنعت؛ خو: أبي وأخي.   1 شاهد من الرجز لحميد بن مالك الأرقط. وعجزه: ليس الإمام بالشحيح الملحد قاله لعبد الملك بن مروان، يصف تقاعده عن عبد الله بن الزبير وأصحابه، ويمدح عبد الملك، ويعرض بابن الزبير. اللغة والإعراب: قدني اسم بمعنى حسبي، أو اسم فعل بمعنى يكفيني. الخبيبين: المراد بهما: عبد الله بن الزبير؛ الذي يكنى أبا خبيب باسم ابنه خبيب، وأخوه مصعب بن الزبير على سبيل التغليب. الشحيح: البخيل. الملحد: الذي يستحل حرمات الله. "قدني" قد: مبتدأ مبني على السكون في محل رفع، والنون للوقاية، والياء مضاف إليه. "من نصر" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، أو قدني: اسم فعل مضارع بمعنى يكفيني، والياء مفعوله "من نصر" فاعله على زيادة من. "الخبيبين" مضاف إليه. "قدي" توكيد لقدني مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم. "بالشحيح" خبر ليس على زيادة الباء. المعنى: يكفي ما أحرزه هذان الرجلان من نصر؛ فإمامنا سخي كريم منزه عن الشح والإلحاد، اللذين يتصف بهما ابن الزبير، وقد كان مبخلا لا تبض يده بشيء. الشاهد: في "قدني، وقدي"؛ حيث أثبت النون في الأولى، وحذفها من الثانية، على قلة. والوجهان جائزان عند ابن مالك قياسا. ويرى سيبويه لزوم النون مع "قد" و"قط"؛ لأنهما اسمان بمعنى "حسب"، وسقوطهما ضرورة. ويرى الكوفيون أنهما إذا كانتا بمعنى. "حسب" لم تقترن بهما النون، وإن اعتبرنا اسم فعل وجبت النون. وفي حكم "لدن" و"قد" و"قط" بالنسبة للاقتران بالنون وعدمه يقول ابن مالك: وفي لدني "لدني" قَلَّ وفي ... "قَدني وقَطْني" الحذف أيضا قد يفي* =   "في لدني" متعلق بقل "لدني" مبتدأ قصد لفظه. "قل" الجملة خبر المبتدأ. "وفي قدني" متعلق بيفي. "وقطني" معطوف على قدني. "الحذف" مبتدأ. "أيضًا" مفعول مطلق لفعل محذوف. "قد يفي" الجملة خبر المبتدأ، وهي معطوفة على الجملة الأولى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 ............................................................................   = أي: قل حذف النون من "لدني" فيقال: "لدني" بالتخفيف، وكذلك يقل الحذف في "قد" و"قط" والكثير إثبات النون، فيقال: "قدني" و"قطني". فائدة: إذا اجتمعت نون الوقاية مع نون الرفع, وذلك في الأفعال الخمسة؛ نحو: أنتم تعرفوني، أنتما تساعدانني، أنت تشاركينني؛ جاز بقاء النونين على حالهما كما ذكرنا، وجاز إدماغهما؛ تقول: تعرفني، تساعداني، تشاركني، وتحذف واو الجماعة وياء المخاطبة؛ لالتقاء الساكنين. ويجوز حذف إحدى النونين تخفيفًا؛ تقول: تعرفوني، تساعداني، تشاركيني، والمختار أن المحذوف هو نون الوقاية إذا كان المضارع مرفوعا؛ فيقال في إعرابه: مرفوع بثبوت النون. ونون الأفعال الخمسة إذا كان منصوبًا أو مجزوما؛ فيقال في إعرابه: منصوب أو مجزوم بحذف النون، والنون الموجودة للوقاية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 .............................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف كلا من المعرفة والنكرة، واذكر أقسام المعرفة، ومثل لها. 2 عرف كلا من الضمير المتصل والمنفصل، وأيهما الأصل؟ ولماذ؟ 3 أذكر الضمائر المتصلة المختصة بالرفع، والمشتركة بين النصب والجر، وضع كلا في عبارة مفيدة من إنشائك. 4 ما الفرق بين المستتر والمحذوف؟ اشرح ذلك، ومثل لما تقول. 5 اذكر المواضع التي يجب فيها استتار الضمير، ومثل لما تقول. 6 متى يجب انفصال الضمير؟ ومتى يجب اتصاله؟ ومتى يجوز الأمران؟ وضح ما تقول بالأمثلة: 7 وضح حكم الضميرين، اتصالا وانفصالا؛ إذا كان العامل فعلا ناسخا، أو اسما. 8 اشرح قول ابن مالك: وصل أو افصل هاء سلنيه وما ... أشبهه في كنته الخلف انتمى 9 متى تجب نون الوقاية في الكلمة؟ ومتى تمتنع؟ ومتى تجوز؟ على قلة أو كثرة؟ 10 يستشهد النحويون بما يأتي في باب النكرة والمعرفة. بين موضع الاستشهاد، وأعرب ما تحته خط: قال -تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} ، {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ} ، {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} ، {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} . وقال عليه السلام: "غير الدجال أخوفني عليكم". أعوذ برب العرش من فئة بغت ... علي فما لي عوض إلاه ناصر فآليت لا أنفك أحذو قصيدة ... تكون وإياها بها مثلا بعدي كأني غداة البين يوم تحملوا ... لدى سمرات الحي ناقف حنظل فقلت أعيراني القدوم لعلني ... أخط بها قبرا لأبيض ماجد إن هو مستوليًا على أحد ... إلا على أضعف المجانين = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 ........................................................................   = فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب ... لعلك تهديك القرون الأوائل وليس الموافيني ليرقد خائبا ... فإن له أضعاف ما كان أملا 11 أعرب ما تحته خط في البيتين الآتيين، وبين الشاهد فيهما، وهما لأبي الأسود الدؤلي. ينهى غلامه عن شرب الخمر: دع الخمر يشربها الغواة فإنني ... رأيت أخاها مجزئًا بمكانها فإن لا تكنها أو تكنه فإنه ... أخوها غذته أمه بلبانها 12 بين فيما يأتي: أ- الضمائر المتصلة والمنفصلة، ومحل كل من الإعراب. ب- المستتر جوازا ووجوبا. جـ- نون الوقاية. د- إعراب ما تحته خط: أخي، هذه نصيحة مخلصة أسديها إليك، ودرة غالية أهديكها، فهي قبس من هديه عليه الصلاة والسلام: "اعلم أن الناس لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك". كأني بك وقد علقتها، تسألني عن الطريق التي تسلكها، فهأنذاك أعرفكها: لا تخش في الحق لومة لائم، ولا تبخل بما منحك مولاك، فما أنت إلا وكيل فيما أعطاك من نعم زادك الله إياها، واجعل شعارك قول الله تعالى: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 العلم مدخل ... العلم: وهو نوعان: جنسي وسيأتي: وشخصي وهو: اسم يعيَّن مسماه تعيينًا مطلقًا1. فخرج بذكر التعيين النكرات2، وبذكر الإطلاق ما عدا العلم من المعارف؛ فإن تعيينها لمسمياتها تعيين مقيد؛ ألا ترى أن ذا الألف واللام مثلًا، إنما يعين مسماه ما دامت فيه "أل"؟ فإذا فارقته فارقه التَّعْين، ونحو "هذا" إنما يعين مسماه ما دام حاضرًا، وكذا الباقي3. فصل: ومسماه نوعان: أولو العلم: من المذكرين كجعفر4، والمؤنثات كخِرِنقَ5. وما يؤلف:6 كالقبائل كقرن7، والبلاد كعدن والخيل كلاحق8، والإبل   هذا باب العلم: 1 أي: غير مقيد بقرينة تكلم، أو إشارة حسية أو معنوية، أو زيادة لفظية؛ كالصلة، أو غير ذلك من القرائن التي توضح مدلوله، وتحدد المراد منه، بل بمجرد الوضع أو الغلبة. 2 فإنها تدل على شيء غير معين، كما أسلفنا في أول النكرة والمعرفة. 3 فالموصول يعين مسماه بالصلة، والضمير عين مسماه بالتكلم أو الخطاب أو الغيبة، والمضاف يعين مسماه بالمضاف إليه. 4 أصل الجعفر: النهر عامة، أو الصغير فوق الجدول, أو الملآن، ثم سمي به رجل معين. 5 الخرنق: ولد الأرنب للذكر والأنثى، أو الفتي من الأرنب، ثم سميت به امرأة شاعرة، هي أخت طرفة بن العبد لأمه. أي: النوع الثاني من قسم العلم: الأشياء الأليفة من غير أولي العلم، التي يكون للواحد منها علم خاص به. 7 اسم قبيلة من مراد؛ ينسب إليها أويس القرني -رضي الله عنه. 8 علم فرس، كان لمعاوية بن أبي سفيان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 كشذقم1، والبقر كعرار2، والغنم كهيلة3، والكلاب كواشق. فصل: وينقسم إلى: مرتجل4؛ وهو: ما استعمل من أول الأمر علمًا؛ كـ"أُدَدْ" لرجل5، و"سعاد" لامرأة. ومنقول، وهو الغالب؛ وهو: ما استعمل قبل العلمية لغيرها.   1 اسم فحل من الإبل، كان للنعمان بن المنذر. 2 عرار -كقطام- اسم بقرة كانت في سبط من بني إسرائيل. 3 علم لعنز كانت لإحدى نساء العرب. ومن هذا النوع كل ما يتصل بحياة الناس وأعمالهم، وله اسم خاص به؛ كأسماء المصانع، والطائرات، والعلوم، والكتب. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بقوله: اسم يُعيِّن المسمى مطلقا ... علمه كجعفر وخرنقا وقرن وعدن ولاحق ... وشذقم وهيلة وواشق* أي: إن العلم هو: الاسم الذي يدل على تعيين مسماه مطلقًا؛ بلا قيد تكلم أو خطاب أو غيبة، ويشمل ذلك مسميات الأعلام العقلاء: من الأناسي، وغيرهم من المألوفات، كما مثل الناظم. 4 من الارتجال، وهو الابتكار والبدء بالشيء من غير سابقة. وهذا التقسيم للعلم من حيث وضعه، وأصالته في العلمية أو عدم أصالته. 5 هو أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ بن حمير، أو قبيلة باليمن.   * اسم خبر مقدم. "يعين المسمى" الجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل رفع صفة لاسم. "مطلقًا" حال من ضمير يعين، أو نائب عن المفعول المطلق؛ أي: تعيينًا مطلقًا. "علمه" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه، ويجوز العكس. "كجعفر" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك؛ كجعفر. "وخرنقا، وقرن ... إلخ" معطوفات على جعفر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 ونقله: إما من اسم: إما لحدث1؛ كزيد وفضل، أو لعين2؛ كأسد وثور. وإما من وصف: إما لفاعل؛ كحارث وحسن، أو لمفعول؛ كمنصور ومحمد. وإما من فعل3: إما ماض كشمر4، أو مضارع كيشكر5. وإما من جملة: إما فعلية؛ كشاب قرناها6، أو اسمية؛ كزيد منطلق، وليس بمسموع7، ولكنهم قاسوه8.   1 أي: مصدر يبين معنى من المعاني العقلية؛ فإن أصل زيد: مصدر زاد يزيد، وفضل: مصدر فضل يفضل. 2 أي: ذات مجسمة محسوسة. 3 أي: من الفعل وحده، من غير أن يكون معه فاعل ظاهر، أو ضمير مستتر، أو بارز، وإلا كان جملة؛ كما سيأتي. 4 علم لفرس، أو لرجل. 5 علم على رجل، وهو نوح -عليه السلام. 6 علم على امرأة؛ ومثله فتح الله، علم لرجل. والقرنان: ذؤابتا الشعر. قال الأسدي: كذبتم وبيت الله لا تنكحونها ... بني شاب قرناها تصر وتحلب 7 كثر النقل من الجمل الاسمية الآن؛ مثل: "ما شاء الله" علم امرأة، وكذلك "ست الدار"، و"ست البلد". 8 أي: على ما سمع من الجمل الفعلية، وجعلوه قسيما له على تقدير التسمية به. وفي قسمي العلم المذكورين يقول الناظم: ومنه منقول كفضل وأسد ... وذو ارتجال كسعاد وأدد* =   * "ومنه" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. "منقول" مبتدأ مؤخر. "كفضل" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كفضل. "وأسد" معطوف على فضل. "وذو" معطوف على منقول. "ارتجال" مضاف إليه. "كسعاد" خبر لمبتدأ محذوف. "وأدد" معطوف على سعاد، ويجوز جعل. "ذو" مبتدأ حذف خبره لدلالة ما تقدم عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وعن سيبويه: الأعلام كلها منقولة1، وعن الزجاج2: كلها مرتجلة3. فصل: وينقسم أيضًا إلى: مفرد؛ كزيد وهند، وإلى مركب4؛ وهو ثلاثة أنواع: مركب إسنادي5: كـ"برق نحره"، و"شاب قرناها". وهذا حكمه الحكاية6. قال: نبئت أخوالي بني يزيد7   1 لأن الأصل في الأسماء التنكير، ولا يضر جهل المعنى الأصلي لما يظن أنه مرتجل منها. 2 هو أبو إسحاق: إبراهيم بن السري بن سهل، المشهور بالزجاج النحوي: كان من أهل الفضل والدين، جميل المذهب، حسن الاعتقاد، وكانت صناعته خرط الزجاج، فنسب إلى ذلك. ثم مال إلى النحو، فلزم المبرد لتعلمه، وكان يعلم بالأجر، وشرط أن يعطيه من كسبه كل يوم درهما حتى يفرق الموت بينهما؛ وذلك ليبالغ في تعليمه. وما زال يلازمه حتى نبغ في النحو، ووفى بشرطه. وكان نديما للمكتفي بالله، وله تصانيف كثيرة منها مختصر في النحو، وشرح أبيات سيبويه، والنوادر، "والاشتقاق"، وكتاب "ما ينصرف وما لا ينصرف" ومات في جمادى الآخرة سنة 311هـ، ودفن ببغداد، وآخر ما سمع منه: اللهم احشرني على مذهب أحمد بن حنبل -رضي الله عنهما. 3 لأن المرتجل عنده هو: ما لم يتحقق عند وضعه قصد نقله من معنى سابق، وهذا القصد غير متحقق. وموافقة بعض الأعلام -وصفا أو غيره- مجرد اتفاق غير مقصود. 4 هذا التقسيم باعتبار لفظه. والمفرد: ما تكون من كلمة واحدة، أما المركب فهو ما تكون من كلمتين أو أكثر. 5 هو كل تركيب أسندت وانضمت فيه كلمة إلى أخرى، على وجه يفيد حصول شيء أو عدم حصوله، ولا يكون ذلك إلا بجملة فعلية أو اسمية. 6 أي إنه يبقى على ما كان عليه قبل التسمية، ويعرب بحركات مقدرة على آخره، منع من ظهورها الحكاية، فيكون من المعربات التقديرية، لا من المبنيات. 7 صدر بيت من الرجز لرؤبة بن العجاج، وعجزه: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 ومركب مزجي 1: وهو كل كلمتين نزلت ثانيتهما منزلة تاء التأنيث مما قبلها2. فحكم الأول: أن يفتح آخره؛ "كبعلبك" و"حضرموت"، إلا إن كان باء فيسكن كـ"معديكرب"، و"قالي قلا"3. وحكم الثاني أن يعرب بالضمة والفتحة4، إلا إن كان كلمة "ويه" فيبنى على الكسر؛ كـ"سيبويه" و"عمرويه". ومركب إضافي 5: وهو الغالب؛ وهو كل اسمين نزل ثانيهما منزلة التنوين مما   = ظلما علينا لهم فديد اللغة والإعراب: نبئت: أخبرت وأعلمت. فديد: صياح وجلبة. "نبئت" فعل ونائب فاعل هو المفعول الأول. "أخوالي" مفعول ثان. "بني" بدل أو عطف بيان لأخوالي. "يزيد" مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة منع من ظهورها حركة الحكاية. "ظلما" مفعول لأجله وناصبه محذوف؛ أي: يصيحون. "علينا" متعلق بذلك المحذوف. "لهم فديد" الجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب مفعول ثالث لنبئت. المعنى: أخبرت أن أخوالي بني يزيد يرفعون أصواتهم في جلبة وصياح بظلمنا، والنيل منا بغير حق. الشاهد: في "يزيد"؛ فإنه مسمى به، مرفوع على الحكاية؛ لأن القوافي كلها مرفوعة, وهو منقول من جملة، وفيه ضمير هو الفاعل، لا من الفعل وحده، وإلا لأعرب إعراب ما لا ينصرف للعلمية ووزن الفعل، وجر بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه مضاف إليه. 1 مزج الشيء: خلطه، سمي بذلك؛ لأن الكلمتين امتزجتا واختلطتا حتى صارتا كالكلمة الواحدة، ويجري الإعراب والبناء على آخر الثانية. 2 أي: في لزوم ما قبلها حالة واحدة في أحوال الإعراب الثلاثة، وجريان حركات الإعراب. 3 معديكرب رجل، وقال قلا: اسم بلد بالشام. 4 أي: يعرب بالضمة في حالة الرفع، وبالفتحة في حالتي النصب والجر، وإعراب ما لا ينصرف للعلمية والتركيب. 5 سمي بذلك؛ لأن الأكثر فيه أن يكون بالكنى، وهي مضافة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 قبله1؛ كـ"عبد الله" و"أبي قحافة". وحكمه أن يجري الأول بحسب العوامل الثلاثة: رفعًا ونصبًا وجرا، ويجر الثاني بالإضافة.   1 أي: في أن الجزء الأول: تجري عليه وجوه الإعراب المختلفة على حسب العوامل، والثاني: يلتزم حالة واحدة؛ كالتنوين الملازم للسكون. وقد أشار الناظم إلى الأنواع الثلاثة للعلم المركب بقوله: وجملة وما بمزج ركبا ... ذا إن بغير "ويه" تم أعربا وشاع في الأعلام ذو الإضافه ... كعبد شمس وأبي قحافه* أي: إن المركب الإسنادي -وهو المراد بقوله "وجملة"، والمركب المزجي غير المختوم بويه -يعربان على حسب الجملة. وذكر في البيت الثاني المركب الإضافي، ولم يذكر حكمه؛ وقد بيناه. وعبد شمس: علم على جد معاوية بن أبي سفيان، وأبي قحافة علم على والد أبي بكر الصديق.   * "وجملة" مبتدأ خبره محذوف؛ أي: ومنه جملة. "وما" اسم موصول معطوف على جملة: "بمزج" متعلق بقوله ركب. "ركبا" الجملة من الفعل ونائب الفاعل العائد على. "ما" لا محل لها صلة الموصول، والألف للإطلاق "ذا" اسم إشارة مبتدأ. "إن" حرف شرط جازم. "بغير" متعلق بتم. "ويه" مضاف إليه قصد لفظه. "ثم" فعل ماض فعل الشرط. "أعربا" الجملة من الفعل، ونائب الفاعل العائد على. "ذا" خبر المبتدأ، والألف للإطلاق، وجواب الشرط محذوف يدل عليه خبر المبتدأ. "ذو" فاعل شاع "الإضافة" مضاف إليه. "كعبد" خبر لمبتدأ محذوف. "شمس" مضاف إليه. "وأبي" معطوف على "عبد" مجرور بالياء؛ لأنه من الأسماء الخمسة. "قحافة" مضاف إليه ممنوع من الصرف وسكن للروي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 فصل: و ينقسم العلم إلى اسم، وكنية، ولقب 1 فالكنية: كل مركب إضافي، في صدره أب أو أم2؛ كأبي بكر، وأم كلثوم.   1 هذا التقسيم باعتبار دلالته أو عدمها، على معنى زائد على العلمية. 2 وكذلك: ابن وبنت، وأخ وأخت، وعم وعمة، وخال وخالة. وليس منه مثل: أب لعلي، وأم لزينب، وأخ لمحمد، ونحو ذلك من كل تركيب لا إضافة فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 واللقب: كل ما أشعر برفعة المسمى أو ضعته1؛ كزين العابدين، وأنف الناقة2. والاسم: ما عداهما3، وهو الغالب؛ كزيد وعمرو. ويؤخر اللقب عن الاسم4؛ كزيد زين العابدين، وربما يقدم كقوله: أنا ابن مُزَيْقِيا عَمْرٍ وجدي5 ولا ترتيب بين الكنية وغيرها   1 أي: فوق دلالته على ذات معينة. 2 لقب جعفر بن قريع، وهو أبو بطن من سعد بن زيد بن مناة. قيل: لقب بذلك؛ لأن أباه ذبح ناقة وقسمها بين نسائه؛ فلما بعثته أمه إلى أبيه لم يجد إلا رأس الناقة، فأخذه وجعل يجره واضعا يده في الأنف؛ فلقب به. وكانوا يغضبون من هذا اللقب حتى مدحهم الحطيئة بقوله: قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ... ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا 3 الاسم هنا: هو العلم الذي يدل على ذات معينة، دون غرض آخر من مدح أو ذم. 4 أي: وجوبا، إن لم يكن اللقب أشهر، وإلا جاز الأمران. ويعلل النحويون وجوب التأخير: بأن اللقب يشبه النعت في الإشعار بالمدح أو الذم، والنعت لا يتقدم. وبأن الغالب في اللقب أن يكون منقولًا عن اسم غير إنسان، وتقدمه قد يوهم السامع أن الغرض هو المسمى الذي نقل عنه. 5 صدر بيت من الوافر، لأوس بن الصامت الصحابي، أخو عبادة بن الصامت وعجزه: أبوه منذر ماء السماء اللغة والإعراب: مزيقيا: لقب عمرو بن مالك، أحد ملوك اليمن، ومن أجداد أوس وجد الأنصار. قيل: لقب بذلك؛ لأنه كان يلبس كل يوم ثوبا، فإذا أمسى مزقه ووهبه لأصحابه. منذر ماء السماء: هو منذر بن امرئ القيس بن النعمان ملك الحيرة، أحد أجداد أوس لأمه، ولقب بماء السماء لحسنه، أو هو لقب لأمه فاشتهر به. "أنا ابن مزيقيا" مبتدأ وخبر ومضاف إليه. "عمرو" بالجر عطف بيان لمزيقيا. "وجدي" مبتدأ أول. "أبوه منذر". مبتدأ وخبر، والجملة خبر الأول. "ما السماء" عطف بيان ومضاف إليه. المعنى: يريد أوس أن يبين أنه كريم الطرفين، نسيب الجهتين، لأبيه، وأمه. الشاهد: في "مزيقيا" حيث تقدم -وهو لقب- على الاسم "عمرو". وهذا جائز، إذا كان اللقب مشهورا؛ كما بينا. وإلى أقسام العلم، وتأخر اللقب، يشير الناظم بقوله: واسما أتى وكنية ولقبا ... وأخرن ذا إن سواه صحبا* أي: إن العلم ثلاثة أنواع: اسم، وكنية، ولقب، وأن ذا -أي: اللقب- يتأخر إن صحب سواه من القسمين الآخرين، والمشهور أنه لا يتأخر إلا مع الاسم فقط، بالشرط الذي ذكرناه، ولهذا يقولون إنه كان الأولى أن يقول: "وأخرن ذا إن سواها صحبا".   * "واسما" حال من ضمير أتى. "أتى" فعل ماض، وفاعله يعود على العلم. "وكنية ولقبا" معطوفان على اسما. "وأخرن" فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة. "ذا" اسم إشارة مفعول أخرن. "إن" حرف شرط. "سواه" سوى مفعول مقدم لصحب، والضمير مضاف إليه عائد على اللقب. "صحبا" فعل ماض فعل الشرط، وفاعله يعود على اللقب، وجواب الشرط محذوف؛ أي: إن صحب اللقب سواه فأخره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 قال: أقسم بالله أبو حفص عمر1   1 رجز قاله بعض الأعراب لعمر بن الخطاب، وقد شكا إليه ضعف ناقته، وطلب أن يحمله من بيت المال؛ فأبى عمر وكذبه. وبعده: ما مسها من نقب ولا دبر ... فاغفر له اللهم إن كان فجر اللغة والإعراب: أبو حفص: كنية عمر بن الخطاب؛ والحفص: الأسد؛ وكني بذلك لجرأته وشجاعته. نقب: هو رقة أخفاف البعير؛ يقال: نقب البعير: رقت أخفافه، وبعير أنقب وناقة نقباء. دبر: هو القرح في ظهر البعير. فجر: كذب وحاد عن الصدق. "أبو حفص" فاعل أقسم، ومضاف إليه. "عمر" بدل من أبو حفص. "ما" نافية. "من نقب" فاعل مسها على زيادة من. المعنى: حلف عمر بالله أن ناقتي لم يصبها حفي، ولا حدثت بها قروح في ظهرها، ثم طلب من الله أن يغفر له؛ إن كان قد حنث في يمينه. الشاهد: تقديم الكنية -وهي: "أبو حفص"- على الاسم، وذلك جائز باتفاق وكذلك عكسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 وقال حسان: وما اهتز عرش الله من أجل هالك ... سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو1 وفي نسخة من الخلاصة2 ما يقتضي أن اللقب يجب تأخيره عن الكنية؛ كأبي عبد الله أنف الناقة، وليس كذلك. ثم إن كان اللقب وما قبله مضافين؛ كعبد الله زين العابدين، أو كان الأول مفردا والثاني مضافًا، كزيد زين العابدين، أو كانا العكس؛ كعبد الله كرز3، أتبعت الثاني للأول4: إما بدلًا5، أو عطف بيان، أو قطعته عن التبعية؛ إما برفعه خبر لمبتدأ محذوف، أو بنصبه مفعولًا لفعل محذوف6.   1 بيت من الطويل؛ ينسب إلى سيدنا حسان بن ثابت، شاعر الرسول؛ في رثاء سعد بن معاذ؛ سيد الأوس، وقيل هو لرجل من الأنصار. اللغة والإعراب: اهتز: تحرك. عرش الله: أخذه الشاعر من قوله -عليه السلام- حين مات سعد بن معاذ, من إثر جرح، من سهم أصابه يوم الخندق، فمات منه بعد ذلك بشهر: "اهتز العرش لموت سعد بن معاذ". هالك: ميت. "ما" نافية. "عرش الله" فاعل اهتز، ومضاف إليه. "سمعنا به" الجملة صفة لهالك. "إلا" أداة استثناء ملغاة "لسعد" متعلق باهتز. "أبي" بدل من سعد. "عمرو" مضاف إليه. الشاهد: في "لسعد أبي عمر"؛ حيث قدم الاسم على الكنية، بعكس الشاهد السابق. 2 فقد روت هذه النسخة بيت ابن مالك؛ كما قدمناه: "وأخرن ذا إن سواه صحبا"؛ والمراد بـ"إذا" اللقب، والضمير في سواه يعود إلى اللقب أيضًا؛ ويراد بما سواه: الاسم والكنية، وهذا ما يعترض عليه المصنف. أما النسخة الأخرى؛ ففيها: "وأخرن ذا سواها صحبا"، وهذا يتمشى مع رأي المصنف؛ وهو المشهور الذي عليه الجمهور. 3 الكرز في الأصل: خرج الراعي، ثم لقب به. 4 ويعرب الأول على حسب حاجة العامل. 5 أي: بدل كل من كل. 6 أما المركب المزجي، والمركب الإسنادي، فلا يعتد بتركيبهما، ويعتبر كل منهما بمنزلة المفرد عند اجتماعه بغيره، وتجري عليه أحكام المفرد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وإن كانا مفردين1؛ كسعيد كرز، جاز ذلك، ووجه آخر؛ وهو إضافة الأول إلى الثاني2. وجمهور البصريون يوجب هذا الوجه. ويرده النظر3، وقولهم: هذا يحيى عينان4.   1 ولا بد أن يكون أحدهما اسما، والآخر لقبا؛ لأن الكنية لا تكون إلا مركبة؛ تركيبا إضافيا كما أسلفنا مثل "سعيد كرز": "قيس قفة"، و"زيد بطة". 2 بشرط ألا يمنع من الإضافة مانع؛ كوجود "أل" في العلم الأول منهما؛ نحو: الحارث كرز، أو يكون اللقب في الأصل وصفا مقرونا بأل؛ نحو: هارون الرشيد. 3 لأن فيه إضافة الشيء إلى نفسه، وذلك ممنوع، ويجاب على هذا بأنهما مختلفان تأويلا؛ فأحدهما -وهو المضاف إليه- يراد به الاسم المجرد، والآخر -وهو المضاف- يراد به المسمى. 4 قيل: هذا الرجل اسمه "يحيى" ولقبه "عينان"؛ لضخم عينيه. فـ"يحيى" خبر المبتدأ وهو "هذا" و"عينان" بدل، ولو أضيف لقيل: "عينيه". ويجيب البصريون على هذا: بأنه جاء على لغة من يلزم المثنى الألف. ومن عجب أن يرد المصنف هذا الوجه؛ مع إجازته له. وقد اختاره الناظم؛ فقال في ذلك -مبينا الإعراب في المركب الإضافي: وإن يكونا مفردين فأضف ... حتما وإلا أتبع الذي ردف* أي: إذا كان اللقب، وما قبله مفردين، وجب إعرابهما إعراب المتضايفين؛ فيكون الأول بحسب العوامل، والثاني مضاف إليه. وإن يكونا غير مفردين؛ بأن كانا مركبين تركيب إضافة، أو كان الأول مركبا، والثاني مفردا، أو بالعكس؛ أعرب الأول على حسب الجملة، أما الثاني الذي ردف الأول -أي: جاء بعده- فيتبعه في حركة إعرابه؛ فيكون بدلا أو عطف بيان.. إلخ، كما أوضح المصنف.   * "إن" حرف شرط جازم. "يكونا مفردين" الجملة من يكون، واسمها، وخبرها فعل الشرط. "فأضف" الفاء واقعة في جواب الشرط. "حتما" مفعول مطلق. "وإلا" إن حرف شرط. و"لا" نافية أدغمت مع النون، وفعل الشرط محذوف؛ أي: وإن لم يكونا مفردين. "أتبع" فعل أمر جواب الشرط، حذفت فاؤه، لضرورة النظم؛ لأن جملة الجواب إذا كانت طلبية، وجب اقترانها بالفاء. "الذي" اسم موصول مفعول لأتبع. "ردف" فعل ماض فاعله يعود على الذي، والجملة صلة الموصول لا محل لها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 و العلم الجنسي 1: اسم يعين مسماه بغير قيد، تعيين ذي الأداة الجنسية أو الحضورية؛ تقول: أسامة أجرأ من ثعالة؛ فيكون بمنزلة قولك: الأسد أجرأ من الثعلب2، و"أل" في هذين للجنس3، وتقول: هذا أسامة مقبلا؛ فيكون بمنزلة قولك: هذا الأسد مقبلا، و"أل" في هذا لتعريف الحضور4. وهذا العلم: يشبه علم الشخص من جهة الأحكام اللفظية؛ فإنه يمتنع من أل، ومن الإضافة، ومن الصرف، إن كان ذا سبب آخر؛ كالتأنيث في "أسامة، وثعالة"، وكوزن الفعل في "بنات أوبر5، وابن آوى"، ويبتدأ به.   1 هذا هو النوع الثاني للعلم، الذي وعد المصنف به في أول الباب، وهو: اسم موضوع للصورة، والحقيقة الخيالية التي في ذهن الإنسان وعقله، ممثلة في فرد شائع من أفراد هذا الحقيقة الذهنية. فالعقل لا يمكن أن يدرك هذه الحقيقة من غير أن يتخيل صورة أي فرد من ذلك الجنس، فكلمة "أسامة" لا يدرك العقل معناها إلا مصحوبة بصورة "أسد"، وكلمة "ثعالة" لا يفهم معناها من غير أن يتصور "الثعلب".وهذا بخلاف كلمتي: "أسد" و"ثعلب". 2 ظاهر هذا: أن علم الجنس بمنزلة اسم الجنس، وقد أوضحنا لك علم الجنس. أما اسم الجنس فهو اسم موضوع للصورة الذهنية المجردة، من غير حاجة إلى استحضار لصورة فرد من أفرادها الخارجية، ومن غير ربط بين اللفظ ومدلوله الخارجي؛ فإذا سمع الإنسان الكلمات: شجر، عنب، نخل، انطبع في العقل بمجرد سماعه لها صورة مجردة، أو حقيقة ذهنية لشيء، له صفات مشتركة بين أفراد الخارجية، والنكرة هي نفس الفرد الشائع بين نظائره، وهي المدلول الحقيقي الخارجي لاسم الجنس هذا، ومن النحاة من لا يرى فرقا بين النكرة واسم الجنس. 3 أي: وليست للعهد؛ لأن كلا منهما اسم جنس. 4 وقد استفيد هذا من الإشارة إلى الجنس، وإن كان المعهود في الحضور: الإشارة إلى فرد حاضر. 5 علم على نوع من الكمأة صغير، له زغب رديء الطعم، على لون التراب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 ويأتي الحال منه؛ كما تقدم في المثالين1. ويشبه النكرة من جهة المعنى؛ لأنه شائع في أمته لا يختص به واحد دون آخر.   1 المثالان هما: أسامة أجرؤ من ثعالة، وقد وقع علم الجنس مبتدأ، والثاني: هذا أسامة مقبلا، وقد جاء فيه الحال من علم الجنس. وفيما تقدم يقول ابن مالك: ووضعوا لبعض الأجناس علم ... كعلم الأشخاص لفظا وهو عم* أي: وضع العرب علما لبعض الأجناس؛ مثل علم الأشخاص في أحكامه اللفظية؛ من حيث منعه من الصرف، ومجيء الحال منه، وعدم دخول الألف واللام عليه ... إلخ. وهذا العلم أعم من علم الشخص في معناه؛ لأنه مثل النكرة كما بينا.   * "وضعوا" فعل ماض، وواو الجماعة فاعل. "لبعض" متعلق بوضعوا. "لأجناس" مضاف إليه. "علم" مفعول به لوضعوا، منصوب بفتحة مقدرة؛ منع منها سكون الروي، أو منصوب ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. "كعلم" متعلق بمحذوف، صفة لعلم. "الأشخاص" مضاف إليه. "لفظا" تمييز لمعنى الكاف؛ أي: مثله من جهة اللفظ، أو منصوب على نزع الخافض. "وهو عم" مبتدأ وخبر، والضمير يرجع إلى علم الأجناس، و"عم" يجوز أن يكون فعلا ماضيا، وأن يكون أفعل تفضيل، وأصله أعم؛ فسقطت الهمزة لكثرة الاستعمال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 و مسمى علم الجنس ثلاثة أنواع : أحدها: وهو الغالب؛ أعيان لا تؤلف؛ كالسباع والحشرات؛ كأسامة، وثعالة، وأبي جعدة للذئب، وأم عريط للعقرب. والثاني: أعيان تؤلف؛ كـ"هيان بن بيان" للمجهول العين والنسب، و"أبي المضاء" للفرس، و"أبي الدغفاء" للأحمق1.   1 أي: من غير تعيين لشخص بذاته؛ قال الشاعر: أبا الدغفاء ولدها فقارا أي: شيئا لا رأس له، ولا ذنب. يريد: كلفها ما لا تطيق، وما لا يكون، يقال هذا للأحمق؛ والدغف كالمنع: الأخذ الكثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 والثالث: أمور معنوية: كـ"سبحان" للتسبيح1، و"كيسان" للغدر2، و"يسار" للميسرة، و"فجار" للفجرة، و"وبرة" للمبرة3.   1 أي: علم للتسبيح، ومعناه التنزيه؛ أي: براءة الله من السوء، وهو منصوب على المصدرية. 2 قال الشاعر: إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم ... إلى الغدر أسعى من شبابهم المرد 3 الفجرة -بسكون الجيم- الفجور. والمبرة: البر. وإلى النوعين الأول، والثالث يشير الناظم بقوله: من ذاك "أم عريط" للعقرب ... وهكذا "ثعالة" للثعلب ومثله "برة" للمبره ... كذا "فجار" علم للفجره* في هذين البيتين أمثلة لنوعين من علم الجنس؛ فأم عريط وثعالة، لما لا يؤلف من الأعيان، وبرة وفجار، للأمور المعنوية، ولم يمثل الناظم لما يؤلف من الأعيان؛ وقد مثل لها المصنف.   * "من" جارة. "ذاك" ذا: اسم إشارة في محل جر بمن، والكاف حرف خطاب، والجار والمجرور خبر مقدم. "أم عريط" مبتدأ مؤخر، ومضاف إليه. "للعقرب" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر. "وهكذا" ها حرف تنبيه، والكاف جارة، وذا اسم إشارة في محل جر، والجار والمجرور خبر مقدم. "ثعالة" مبتدأ مؤخر. "للثعلب" حال من ضمير الخبر. "ومثله" خبر مقدم، والهاء عائدة على المذكور قبل من الأمثلة. "برة" مبتدأ مؤخر. "للمبرة" متعلق بمحذوف حال من ضمير الخبر. "كذا" جار ومجرور خبر مقدم "فجار" مبتدأ مؤخر مبني على الكسر في محل رفع. "علم" مبتدأ خبره محذوف. "للفجرة" متعلق بذلك الخبر المحذوف؛ والتقدير: فجار كذا علم موضوع للفجرة، ويجوز أن يكون "فجار" مبتدأ أول. و"علم" مبتدأ ثان و"كذا" خبر المبتدأ الثاني, وهو خبره خبر الأول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 .........................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف العلم، واذكر أقسامه؛ من حيث اللفظ والاستعمال، ومثل لما تقول. 2 عرف كلا من الكنية واللقب، وإذا اجتمعا، أو اجتمع أحدهما مع الاسم، فما الذي يتقدم؟ مثل بأمثلة من عندك. 3 ما الفرق بين العلم المنقول والمرتجل؟ وعن أي شيء يكون النقل؟ وضح بأمثلة. 4 عرف كلا من: علم الشخص، وعلم الجنس، وبين الفرق بين اسم الجنس، والنكرة مع التمثيل. 5 كيف يعرب العلم المركب؛ تركيبا إضافيا، أو مزجيا؟ وضح بالمثال. 6 فيما يأتي شواهد لبعض المسائل في باب العلم؛ بين موضع الشاهد، وإعراب ما تحته خط: قال -تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} ، {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} ، {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} . أبلغ هذيلًا وأبلغ من يبلغها ... عني وبعض القول تكذيب بأن ذا الكلب عمرا خيرهم حسبا ... ببطن شريان يعوي حوله الذيب أبوك جبان سارق الضيف برده ... وجدي يا حجاج فارس شمرا إنا اقتسمنا خطتينا بيننا ... فحملت برة واحتملت فجار أنا ابن التارك البكري بشرا ... عليه الطير ترقبه وقوعا إذا ما قيل أي الناس شر ... فشرهم بنو يتلمظان 7 بين فيما يأتي: الاسم واللقب والكنية، وحكم كل؛ من حيث التقديم، والإعراب: أول خلفاء بني العباس: أبو العباس؛ عبد الله بن محمد بن علي المتصف بالسفاح؛ لقوله: "استعدوا فأنا السفاح المبيح, والثائر المنيح". وقد بويع بالخلافة يوم الخميس؛ الثالث عشر من ربيع الأول؛ سنة 132هـ، ولما توفي سنة 136هـ عقد البيعة لأخيه؛ أبي جعفر المنصور. وكان من أعظم القواد في زمنه: أبو مسلم الخراساني؛ ثم أعقبه بعد وفاته سنة = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 ...........................................................................   = 158- ابنه محمد المهدي، وكان يعاصره في بلاد الأندلس؛ عبد الرحمن الأول، وخلف المهدي بعد وفاته -سنة 169- ابنه موسى الهادي، ثم تولى الخلافة بعده أخوه هارون الرشيد في ربيع الأول سنة 170هـ، وكان يعاصره في الأندلس: صقر قريش؛ عبد الرحمن الداخل. وقد وصلت في عهده الدولة إلى أسمى الدرجات؛ صولة وسلطانا وثروة وعلما وأدبا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 هذا باب أسماء الإشارة 1: والمشار إليه: إما واحد أو اثنان أو جماعة، وكل واحد منها: إما مذكر وإما مؤنث. فللمفرد المذكر: "ذا"، وللمفرد المؤنث عشر2؛ وهي: ذي، وتي، "وذه، وته، وذه، وته، وذه، وته"3، وذات، وتا. وللمثنى: "ذان، وتان" رفعًا، و"ذين، وتين" جرا ونصبًا، ونحو: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} مؤول4.   هذا باب أسماء الإشارة: 1 اسم الإشارة هو: اسم يعين مدلوله بواسطة إشارة حسية إليه، أو معنوية. 2 منها خمسة مبدوءة بالذال، وخمسة مبدوءة بالتاء. 3 الأوليان بإشباع الكسرة، والثانيتان باختلاس الكسرة؛ أي: اختطافها من الهاء بلا إشباع، والثالثتان بإسكان الهاء، وفي ذلك يقول ابن مالك: بذا لمفرد مذكر أشر ... بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر* أي: أشر للمفرد المذكر بكلمة "ذا"، واقتصر عند الإشارة إلى الأنثى بذي، وذه، وتي، وتا، ولم يذكر الباقي. 4 وتأويله: إما على أن اسم "إن" ضمير الشأن، واللام داخلة على مبتدأ محذوف، خبره ساحران؛ أي: إنه هذان لهما ساحران. أو على أن "إن" حرف بمعنى نعم؛ فلا عمل لها. و"هذان" مبتدأ، واللام داخلة على مبتدأ محذوف، و"ساحران" خبر المبتدأ المحذوف. والجملة خبر "هذان"، وقيل إنه جاء على لغة من يلزم المثنى الألف. وفي إشارة المثنى يقول الناظم: و"ذان" "تان" للمثنى المرتفع ... وفي سواه "ذين تين" اذكر تطع* أي: إن للمثنى في حالة الرفع: "ذان" للمذكر، و"تان" للمؤنث، وفي غير الرفع: "ذين" للمذكر، و"تين" للمؤنث.   * "بذا لمفرد" كل منهما متعلق بأشر. "مذكر" صفة لمفرد. "أشر" فعل أمر وفاعله أنت. "بذي" متعلق باقتصر. "وذه، تي، تا" معطوفات على ذه بإسقاط العاطف من الآخرين. "على الأنثى" متعلق باقتصر؛ وجملة "اقتصر" معطوفة على جملة "أشر"؛ بإسقاط العاطف. * "وذان" مبتدأ. "ثان" معطوف عليه بإسقاط العاطف. "للمثنى" خبر المبتدأ. "المرتفع" نعت للمثنى. "وفي سواه" متعلق باذكر، والهاء مجرورة؛ بإضافة سوى إليها. "ذين" مفعول مقدم لاذكر. "تين" معطوف عليه بإسقاط العاطف. "اذكر" فعل أمر، والفاعل أنت. "تطع" مضارع مجزوم في جواب الأمر، وجملة اذكر معطوفة على ما قبلها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 ولجمعها: "أولاء" ممدودًا عند الحجازيين، ومقصورا عند تميم1. ويقل مجيئه لغير العقلاء؛ كقوله: والعيش بعد أولئك الأيام2   1 تميم: قبيلة من أشهر قبائل مضر العدنانية. وفي إشارة الجمع يقول ابن مالك: وبأولى أشر لجمع مطلقا ... والمد أولى ............ * أي: أشر إلى الجمع مطلقا: مذكرا كان أو مؤنثا، عاقلا أو غير عاقل بأولى مقصورة، والمد أولى من القصر. 2 عجز بيت من الكامل لجرير، من قصيدة يهجو فيها الفرزدق. وصدره: ذم المنازل بعد منزلة اللوى اللغة والإعراب: المنازل: جمع منزل أو منزلة, وهي مكان النزول. اللوى: مكان في بني سليم، كان معدا للحكومة، وكانت فيه موقعة. "ذم" فعل أمر؛ بفتح الميم تخفيفًا، وبكسرها للتخلص من الساكنين، وبضمهما لاتباع الذال "بعد" ظرف متعلق بمحذوف حال من المنازل وهو مضاف لما بعده، "والعيش" معطوف على المنازل "الأيام" بدل، أو عطف بيان من أولئك. المعنى: ذم جميع الأماكن بعد مفارقة هذا المكان، وذم كذلك الحياة بعد تلك الأيام التي، قضيناها في ذلك الموضع. الشاهد: في "أولئك" حيث أشير به إلى الأيام، وهي جمع لغير العقلاء، وذلك قليل.   * وبأولى "متعلق بأشر مجرور المحل. "لجمع" متعلق كذلك بأشر. "مطلقًا" حال من جمع على قلة؛ لأنه نكرة "والمد أولى" مبتدأ وخبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 فصل: وإذا كان المشار إليه بعيدا لحقته كان حرفية؛1 تتصرف تصرف الكاف الاسمية غالبا2، ومن غير الغالب: {ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ} 3. ولك أن تزيد قبلها لامًا4؛ إلا في التثنية مطلقًا، وفي الجمع في لغة من مده5، وفيما سبقته "ها"6. وبنو تميم لا يأتون باللام مطلقًا7.   1 أي: ليست ضميرا؛ لأن اسم الإشارة لا يضاف. 2 فتبنى على الفتح للمخاطب، وعلى الكسر للمخاطبة، وتلحقها علامة التثنية، وميم جمع المذكر، ونون النسوة؛ تقول: ذاك، ذاك، ذاكما، ذاكم، ذاكن. وهذه أشهر اللغات فيها. 3 فتبنى على الفتح لكل أنواع المخاطب، وعلى الكسر لكل أنواع المخاطبة، ولا تلحقها علامة تثنية ولا جمع؛ فإن الكاف في "ذلك" خطاب للمؤمنين، مبني على الفتح، ولم تضم إليها ميم الجمع، و"ذا" إشارة إلى تقديم الصدقة، في قوله -تعالى: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} . 4 تسمى هذه اللام: "لام البعد"، وتكسر إن كان قبلها ساكن؛ نحو: ذلك؛ تكسر، وقد تسكن فيحذف ما قبلها من ساكن آخر؛ نحو: تلك، وتالك، في تي، وتا. ولا توجد بغير كاف الخطاب؛ ولذلك لا تدخل أسماء الإشارة التي لا تدخلها الكاف. 5 احترز بذلك عن لغة القصر؛ فإن منهم من يأتي باللام؛ كقيس وربيعة؛ قال شاعرهم: أولى لك قومي لم يكونوا أشابة ... وهل يعظ الضليل إلا أولى لكا والأشابة: الأخلاط من الناس؛ يريد أن قومه من أب واحد. 6 وتسمى هذه الهاء: هاء التنبيه؛ لأنه يقصد بها تنبيه المخاطب، أو الغافل إلى ما بعدها؛ وهي حرف. ويصح دخول هذه الهاء على اسم الإشارة الخالي من كاف الخطاب؛ نحو: هذا، هذه، هذان، هؤلاء. وقد تجتمع مع الكاف؛ نحو: هذاك، هاتان. وإذا اجتمعا لا يصح مجيء اللام معهما؛ فلا تقول: هذا لك. وتمتنع الكاف إن فصل بين "ها" واسم الإشارة؛ فاصل؛ نحو: هأنذا. وكذلك تمتنع في أسماء الإشارة السبعة التي للمؤنث. 7 أي: لا في مفرد، ولا في مثنى أو جمع. وقد أشار ابن مالك إلى الكاف واللام في البعد وعدمه، فقال: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 فصل: ويشار إلى المكان القريب بهنا، أو ههنا1؛ نحو: {إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} . وللبعيد بهناك، أو ههناك، أو هنالك، أو هَنَّا، أو هِنَّا, أو هَنَّت، أو ثَمَّ2؛ نحو: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ} 3.   = ............................ ... ........ ولدى البعد انطقا بالكاف حرفا دون لام أو معه ... واللام إن قدمت "ها" ممتنعه* أي: عند الإشارة بعيد يؤتى بالكاف وحدها؛ تقول: ذاك، أو بالكاف مع اللام؛ نحو: ذلك؛ وهذه الكاف حرف خطاب، ولا تدخل في إشارات المؤنث، ما عدا: تي، وتا، وذي. وإذا تقدم حرف التنبيه الذي هو "ها" على اسم الإشارة، يؤتى بالكاف وحدها وتمتنع اللام. وقد ساير ابن مالك المصنف في جعل اسم الإشارة مرتبتين قربى، وبعدى. والجمهور على أن المشار إليه: قريب، وبعيد، ومتوسط؛ فللقريب: أسماء الإشارة التي ذكرت من غير زيادة عليها؛ وهي للمتوسط مع زيادة كاف الخطاب. أما البعيد فتزاد له كاف الخطاب ولام البعد؛ وقد أوضحنا قريبا المواضع التي تمتنع فيها كاف الخطاب. أما مجمل المواضع التي تمتنع فيها لام البعد فهي: أسماء الإشارة السبعة التي للمؤنث، وأولاء ممدودة، واسم الإشارة للمثنى مطلقا، واسم الإشارة المبدوء بها التنبيه، والمختوم بكاف الخطاب، واسم الإشارة الذي ليس في آخره كاف خطاب. 1 وتفيد مع الإشارة الظرفية، وإذا وقعت خبرا يجب تقديمه على المبتدأ. 2 ظرف لا يتصرف؛ فهي اسم إشارة وظرف معا، ولا تدخلها كاف الخطاب، ولا "ها" التنبيه، وقد تلحقها تاء التأنيث المفتوحة غالبا؛ فتقول: ثمة. وإذا وقعت خبرا يجب تقديمها على المبتدأ. 3 "ثم" اسم إشارة، ظرف مكان لأزلفنا، مبني على الفتح في محل نصب. "الآخرين" مفعول أزلفنا. وفي الإشارة إلى المكان يقول ابن مالك: =   * "ولدى" ظرف بمعنى عند متعلق بانطقا. "البعد" مضاف إليه. "انطلقا" فعل أمر وفاعله مستتر والألف للإطلاق، أو مبدلة من نون التوكيد الخفيفة للوقف. "بالكاف" متعلق بانطقا. "حرفا" حال من الكاف. "دون لام أو معه" حالان من الكاف أيضا. "واللام" مبتدأ. "إن شرطية". "قدمت ها" ها مفعول قدمت، والجملة في محل جزم فعل الشرط. "ممتنعة" خبر المبتدأ، وجواب الشرط محذوف دل عليه المبتدأ والخبر، وجملة الشرط وجوابه لا محل لها، وهي معترضة بين المبتدأ والخبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 ..........................................................................   = وبهنا أو ههنا أشر إلى ... داني المكان وبه الكاف صلا في البعد أو بثم فه أو هَنَّا ... أو بهنالك انطقن أو هِنَّا* يقول: أشر إلى المكان القريب بهنا، أو ههنا، وصل الكاف بهما عند الإشارة للبعيد، أو جيء باسم إشارة آخر وهو: ثم، أو هنا، أو هنالك. وقد تبع ابن مالك المصنف أيضا في جعل المشار إليه مرتبتين، والجمهور على أن المراتب ثلاثة. وأسماء الإشارة التي للمكان، ملازمة للنصب على الظرفية، ولا تفارقها إلا إلى الجر بمن أو بإلى. هذا: وقد تقع هناك، هنالك، هنا؛ أسماء إشارة للزمان. والجدول الآتي يبين أسماء الإشارة، ومدلولاتها، ومراتب المشار إليه: =   * "وبهنا" متعلق بأشر. "أو ههنا" معطوفة على هنا. "أشر إلى داني المكان" ظاهر الإعراب. "وبه" متعلق بقوله: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 ................................................................................   = ملحوظة: الكاف مع أسماء الإشارة ما عدا -هناك- حرف، تتصرف تصرف الكاف الاسمية على حسب المخاطب؛ فيقال ذاك، ذاك، ذاكما، ذاكم، ذاكن.   = صلاة "الكاف" مفعول لصلا. "صلا" فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف. "في البعد" متعلق بصلا. "أو بثم" متعلق بفه. "فه" فعل أمر والفاعل أنت. "أو هنا" معطوف على ثم. "أو بهنالك" متعلق بانطلق. "انطقن" فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة. "أو هنا" معطوف على هنالك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 ...............................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 ما اسم الإشارة؟ وبماذا يشار للمثنى المؤنث وجمع المذكرين؟ مثل لذلك. 2 تلحق الكاف واللام اسم الإشارة. وضح حكمهما، وما تدل عليه كل منهما، واذكر المواضع التي تمتنع فيها كل من اللام والكاف، ومثل. 3 كم مرتبة للمشار إليه؟ وبماذا يشار إلى المكان القريب؟ وضح بالأمثلة. 4 ما الذي تفيده "ثم وما إعرابها؟ ولماذا تدخل "ها" التنبيه على اسم الإشارة 5 وضح على ماذا يستشهد النحويون بما يأتي في هذا الباب؟ ثم أعرب ما تحته خط: قال -تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} ، {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} . رأيت بني غبراء لا ينكرونني ... ولا أهل هذاك الطراف الممدد حنت نوارا ولات هَنَّا حنت ... وبدا الذي كانت نوار أجنت وإذا الأمور تشابهت وتعاظمت ... فهناك يعترفون أين المفزع نبئت نعمى على الهجران عاتبة ... سقيا ورعيا لذاك العاتب الرازي تعلم أن بعد الغي رشدا ... وأن لتالك الغمر انقشاعا 6 "ذلك هو الفدائي الباسل، الذي أطار صواب العدو، والذي لا يجبن أمام هجماته، فكن مثله، تنل تقدير الوطن". أشر بهذه العبارة إلى اثنين، وخاطب جماعة الذكور، والعكس. 7 ضع أسماء الإشارة الآتية، في جمل تدور حول المجاهدين والمكافحين ضد العدو. واشرح مدلولها: ذانك، هنا، أولاء، ثم، تا. 8 حول الإشارة في الجملة الآتية، إلى المفرد المذكر، مخاطبًا المثنى، ثم إلى الجمع، مخاطبا المفردة المؤنثة: "تلك المجاهدة السمراء يجملها خلقها الرفيع، وهذه الفتاة الحسنة المظهر يقبحها ملبسها الذي يكشف عن عورتها". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 الموصول الموصولات ضربان: حرفي واسمي ... الموصول: وهو ضربان: حرفي واسمي فالحرفي: كل حرف أول مع صلته بمصدر1. وهو ستة أنَّ2، وأنْ3، وما4،   هذا باب الموصول: 1 كل من الموصولات الاسمية والحرفية، لا بد له من صلة، ويسبك الموصول الحرفي مع صلته سبكا ينشأ عنه مصدر يسمى: المصدر المسبوك، أو "المؤول"، ويعرب على حسب الجملة، ولا تحتاج صلته إلى عائد، بخلاف الاسمي كما سيأتي. وهذا النوع لا دخل له بالمعارف، وذكره هنا للمناسبة بينه وبين الاسمي. 2 مشددة النون، وهي التي تنصب الاسم وترفع الخبر، وتوصل بجملة اسمية، وتتكون صلتها من اسمها وخبرها، ومن الثلاثة يصاغ المصدر؛ فإن كان الخبر مشتقا، جاء المصدر من إضافة خبرها إلى اسمها؛ نحو: {إِنَّا أَنزَلْنَا} ؛ أي: إنزالنا، وإن كان الخبر جامدا؛ أول المصدر من لفظ "كون" مضافا إلى اسمها؛ نحو: أيقنت أن هذا المتهم بريء؛ أي: كونه بريئا. وإن كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا، أول المصدر بالاستقرار، أو ما في معناه مضافا إلى الاسم؛ نحو: بلغني أنك في المسجد؛ أي: وجودك فيه، ومثلها "أن" المخففة الناسخة، ولكن اسمها يكون في الغالب ضمير الشأن محذوفا، وخبرها جملة؛ نحو: أيقنت أن محمد لمريض. 3 هي الناصبة للمضارع، ولا تكون صلتها إلا جملة فعلية فعلها كامل التصرف، ماضيا كان أو مضارعا، أو أمرا على الصحيح؛ نحو: سررت من أن قال الحق، من الشهامة أن يقول الحق، أنصح لك أن قل الحق "الصلة في هذا المثال جملة طلبية، وهذا جائز في "أن وحدها". 4 أي: المصدرية، وتكون ظرفية؛ نحو: أصادقك ما دمت تقول الحق. وغير ظرفية؛ نحو: أسفت مما يعمل محمد؛ أي: من عمله. وتوصل بفعل متصرف غير أمركما مثلنا، وبجملة اسمية؛ بشرط ألا تبدأ بحرف مصدري آخر؛ نحو: أزورك ما الوقت مناسب؛ أي: مدة مناسبة الوقت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 وكي1، ولو2، والذي3؛ نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} 4، {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ، {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} ، {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} ، {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّر} ، {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} . والاسمي 5 ضربان: نص ومشترك6. فالنص ثمانية: منها للمفرد المذكر: "الذي" للعالم وغيره؛ نحو: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَه} ، {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُون} . وللمفرد المؤنث: "التي"7 للعاقلة وغيرها؛ نحو: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي   1 أي: الناصبة للمضارع؛ ولا بد أن تسبقها لام التعليل، لفظا أو تقديرا، ولا تكون صلتها إلا جملة مضارعية؛ نحو أخلصت العمل لكي أرضي ضميري. 2 أي: المصدرية؛ وتوصل بالماضي والمضارع المتصرفين, لا بالأمر؛ والأكثر أن تقع بعد ما يفيد معنى التمني؛ كود، ويود، وأحب، ورغب، واختار. ولا تحتاج لجواب؛ نحو: وددت لو سافرت، أو تسافر معنا. ويندر أن تقع بعد غير ذلك؛ كقول الشاعر: ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق 3 هذا رأي ليونس بن حبيب؛ كما ذكره الفارسي في الشيرازيات. والصحيح أن "الذي" موصول اسمي؛ لدخول أل عليه. والمثال الذي ذكره المصنف بعد: مؤول على حذف الموصول والعائد؛ أي: كالخوض الذي خاضوه، أو على أن الأصل؛ كالذين، حذفت النون على لغة. 4 "أولم" الهمزة للاستفهام والواو عاطفة على محذوف. "يكف" مضارع مجزوم بلم بحذف الياء. "هم" مفعوله، وفاعله المصدر المؤول من أن ومعموليها؛ أي: إنزالنا. 5 الموصول الاسمي: هو الاسم المبهم الذي يحتاج في توضيحه وتعيين المراد منه، إلى شيء يتصل به؛ يسمى الصلة، مشتملة على ضمير، أوشبهه يربطها به، يسمى العائد. 6 النص: هو ما كان نصا في الدلالة على بعض الأنواع، ومقصورا عليها لا يتعداها. والمشترك: هو الذي لا يقتصر على بعض الأنواع؛ بل يصلح لها جميعها. 7 هي، والذي، يكتبان بلام واحدة. وهما مبنيان على السكون ومحلهما رفع أو نصب أو جر على حسب موقعهما من الجملة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} ، {مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} . ولتثنيتهما: "اللذان، واللتان" رفعا، و"اللذين، واللتين" جرا ونصبا1، وكان القياس في تثنيتهما2 وتثنية "ذا وتا"؛ أن يقال: اللذيان واللتيان، وذيان وتيان؛ كما يقال: القاضيان بإثبات الياء، وفتيان بقلب الألف ياء، ولكنهم فرقوا بين تثنية المبني والمعرب؛ فحذفوا الآخر3؛ كما فرقوا في التصغير؛ إذ قالوا: اللذيا واللتيا،وذيا وتيا: فأبقوا الأول على فتحه، وزادوا ألفا في الآخر عوضا عن ضمة التصغير. وتميم وقيس تشدد النون فيهما تعويضا من المحذوف، أو تأكيدًا للفرق4، ولا يختص ذلك بحالة الرفع، خلافًا للبصريين؛ لأنه قد قرئ في السبع: {رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنَّ} , {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنَّ} بالتشديد؛ كما قرئ: {وَاللَّذَانَّ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} ، {فَذَانِّكَ بُرْهَانَانِ} .   1 الأحسن فيهما أن يعربا إعراب المثنى، ويكتبان بلامين. 2 هذا التعبير يفهم منه أنهما مثنيان حقيقة، وقد تبع الموضح رأي الناظم في ذلك. والصحيح أنهما صيغتان وضعتا ابتداء للمثنى، وليسا بمثنيين، واختلافهما مع العامل إنما هو بالنظر لصورة التسمية؛ وكذا يقال في "ذان" و"تان"، و"اللذون". 3 أي: من المبني، وهو الياء من "الذي"، "التي"، والألف من "ذا" و"تا"، وأثبتوه في المعرب. 4 أي: بين تثنية المبني والمعرب. وفيما تقدم يقول ابن مالك: موصول الأسماء الذي الأنثى التي ... اليا إذا ما ثُنِّيا لا تثبت بل ما تليه أوله العلامه ... والنون إن تشدد فلا ملامه والنون من "ذين" و"تين" شددا ... أيضا وتعويض بذاك قصدا* أي: إن ألفاظ الموصول الاسمي هي: الذي؛ للمفرد المذكر، والتي؛ للأنثى. والياء في كليهما لا تثبت ولا تبقى عند تثنيتهما؛ بل تحذف، وتجيء بعد الحرف الذي تليه؛ أي: تأتي بعده؛ علامتا التثنية، وتشديد النون في التثنية لا لوم فيه، وكذلك تشديد النون في "ذين" و"تين" اسمي إشارة جائز أيضا. وهذا التشديد قصد به التعويض عن الياء التي حذفت من غير مبرر؛ لأجل التثنية.   * "موصول الأسماء" مبتدأ أول ومضاف إليه. "الذي" مبتدأ ثان خبره محذوف، والجملة من الثاني وخبر الأول "الأنثى التي" مبتدأ وخبر؛ أي: ومؤنثة التي، العاطف محذوف، ويجوز أن يكون "التي" مبتدأ ثانيا حذف خبره، والجملة خبر الأنثى؛ أي: الأنثى لها التي. "واليا" مفعول مقدم لقوله لا تثبت. "إذا" ظرف مضمن معن الشرط "ما" زائدة "ثنيا" الجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل جر بإضافة إذا إليها، وهي جملة الشرط "لا" ناهية. "تثبت" مجزوم بلا، وحرك بالكسر للروي والوزن، وجواب الشرط محذوف؛ أي: إذا ثنيت، الذي والتي, فلا = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 وبلحارث 1 بن كعب، وبعض ربيعة، يحذفون نون اللذان واللتان؛ قال: أبني كليب إن عمي اللَّذا2   1 أصله بنو الحارث؛ فرخم في غير النداء، بحذف النون والواو. 2 صدر بيت من الكامل، للأخطل التغلبي غياث بن غوث يهجو جريرا. وعجزه: قتلا الملوك وفككا الأغلالا اللغة والإعراب: بني كليب: يراد بهم قوم جرير؛ وكليب أبو القبيلة، وهو كليب بن يربوع. عمي، مثنى، والمراد بهما: أبو حنش بن النعمان، قاتل شرحبيل بن الحارث بن عمرو، المعروف بآكل المرار. "والمرار" شجر مر إذا أكلته الإبل قلصت عنه مشافرها، وعمرو بن كلثوم التغلبي، قاتل عمرو بن هند. الأغلال: جمع غل؛ وهو حديدة تجعل في عنق الأسير. "أبني" الهمزة للنداء، وبني منادى منصوب بالياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر "كليب" مضاف إليه. "عمي" اسم إن منصوب بالياء؛ لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة إلى ياء المتكلم. "اللذا" خبر إن مبني على الألف، والنون محذوفة للتخفيف. "قتلا الملوك" الجملة صلة. المعنى: يفخر على جرير بقومه، ويقول: إن قومه ذوو بأس وشجاعة، وأن عميه قتلا ملكين عظيمين، وخلصا الأسرى من أغلالهم. الشاهد: حذف النون من "اللذان" على لغة بعض بني ربيعة، وذلك خاص بحالة الرفع.   = تثبت الياء. "بل" حرف عطف للانتقال. "ما" اسم موصول مفعول لمحذوف يفسره المذكور بعده، من باب الاشتغال. "تليه" مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود على الياء، والهاء مفعوله عائدة على ما، والجملة لا محل لها صلة الموصول. "أوله" فعل أمر، والهاء مفعول أول. "العلامة" مفعوله الثاني. "والنون" مبتدأ. "إن" شرطية. "تشدد" مضارع مبني للمجهول فعل الشرط، ونائب الفاعل يعود على النون. "فلا" الفاء لربط الشرط بالجواب، و"لا" نافية للجنس. "ملامة" اسم "لا" مبني على الفتح، وسكن للروي، والخبر محذوف؛ أي: فلا ملامة عليك، وجملة "لا" واسمها وخبرها جواب الشرط، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ. "والنون" مبتدأ "من ذين" في موضع الحال من مرفوع شددا الآتي. "وتين" معطوف على ذين. "شددا" ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى النون، والألف للإطلاق، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ. "أيضا" مفعول مطلق. "وتعويض" مبتدأ سوغه ما فيه من معنى الحصر. "بذاك" متعلق بقصدا. "قصدا" ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى تعويض، والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وقال: هما اللتا لو ولدت تميم1 ولا يجوز ذلك في "ذان" و"تان"؛ للإلباس2. وتلخص أن في نون الموصول ثلاث لغات3، ,في نون الإشارة لغتان4. ولجمع المذكر العاقل كثيرا ولغيره قليلًا: "الأُلى5 مقصورًا، وقد يمد.   1 صدر بيت من الرجز، ينسب أيضا للأخطل، وعجزه: لقيل فخر لهم صميم اللغة والإعراب: تميم: قبيلة، أبوها تميم بن مر. فخر: شرف ومنزلة عظيمة. صميم: خالص لا شائبة فيه. "هما" مبتدأ. "اللتا" خبر مبني على الألف. "لو" شرطية. "تميم" فاعل ولدت الواقع فعلا للشرط. "لقيل" اللام واقعة في جواب الشرط. "فخر" خبر لمبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبره الجار والمجرور بعده، والجملة نائب فاعل قيل. "صميم" صفة لفخر. المعنى: هما المرأتان اللتان لو ولدتهما تميم؛ لكان لهم بذلك الشرف الخالص الذي لا شك فيه. الشاهد: حذف النون من "اللتان" على لغة، وذلك خاص بحالة الرفع أيضا، وورد حذف النون "الذين" و"اللذون". 2 أي: إلباس المثنى بالمفرد؛ ولعدم طول الصلة. والحق أن العلة في ذلك كله الورود عن العرب. 3 الإثبات بدون تشديد، وهو الأكثر. وبالتشديد، وهو كثير. وبالحذف، وهو لغة لبعض العرب. وهذا خاص باللذان واللتان. 4 هما: الإثبات بدون تشديد وهو الكثير، وبالتشديد. 5 هو اسم جمع كما تقدم، ويكتب بغير واو بعد الهمزة، بخلاف: أولي "اسم إشارة" فإن الواو تلزمها بعد الهمزة، كما أسلفنا. والألى للعقلاء من جمعي المذكر والمؤنث، وهو مبني على السكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 و"اللذين" بالياء مطلقا1 قد يقال بالواو رفعا؛ وهي لغة هذيل أو عقيل. قال: نحن اللذون صبحوا الصباحا2 ولجمع المؤنث: "اللاتي، واللائي" وقد تحذف ياؤها، وقد يتقارض3 الألى، واللائي. قال: محا حبها الألى كن قبلها4 ؛ أي: حب اللاتي.   1 أي: في الأحوال الثلاثة: رفعا ونصبا وجرا، وهي مبنية على الفتح دائما. 2 صدر رجز ينسب لرؤبة في الفخر، وقيل لغيره. وعجزه: يوم النخيل غارة ملحاحا اللغة والإعراب: صبحوا الصباحا: باغتوا العدو في الصباح. النخيل: موضع بالشام غارة: اسم مصدر من أغار على العدو. ملحاحا: شديدة متتابعة، من ألح السحاب؛ دام مطره. وسحاب ملحاح، دائم. "اللذون" خبر نحن مبني على الواو. "صبحوا الصباحا" الجملة صلة. "يوم النخيل" ظرف زمان متعلق بصبحوا ومضاف إليه. "غارة" مفعول لأجله، أو حال من ضمير صبحوا. "ملحاحا"صفة لغارة. المعنى: نحن الفرسان الذين باغتوا أعدائهم، وأغاروا عليهم يوم النخيل، غارات متتابعة للإيقاع بهم وهزيمتهم. الشاهد: في "اللذون" حيث جاء معربا بالواو رفعا، كما لو كان جمع مذكر, والصحيح أنه مبني جيء به على صورة المعرب. هذا: وقد جرى المصنف هنا على أن "اللذان" و"اللذين"، و"اللتان" و"اللتين" و"الذين" و"اللذون" مبنيات. وسبق أن قرر في باب: المعرب والمبني: أن "اللذان" و"اللتان" معربان؛ لأن التثنية التي هي من خواص الأسماء، عارضت شبههما بالحرف؛ فتنبه. 3 أي: يقع كل منهما مكان الآخر، ويستعمل استعماله. 4 صدر بيت من الطويل، لقيس بن الملوح، المعروف بمجنون ليلى. وعجزه: وحلت مكانا لم يكن حل من قبل اللغة والإعراب: محا: أزال. الألى كن قبلها: النساء اللاتي أحبهن قبل ليلى. "حبها" فاعل محا ومضاف إليه. "حب" مفعوله. "الألى" مضاف إليه. "كن" كان واسمها ضمير النسوة. "قبلها" ظرف متعلق بمحذوف خبر، ومضاف إليه، والجملة لا محل لها صلة "مكانا" مفعول حلت. "يكن" مجزوم بلم، واسمها يعود إلى "مكان". "حل" الجملة من الفعل، ونائب الفاعل خبر يكن. "من قبل" متعلق بحل. المعنى: أن حب ليلى قد ملك قلبه، وأزال منه حب كل امرأة قبلها، وحل حبها من القلب مكانا خاليا، لم يحله أحد من قبل. الشاهد: في "الألى"، حيث استعمل لجماعة الإناث بدلا من "اللاتي"؛ بدليل عود الضمير من "كن" عليه بصيغة المؤنث، وأيضا فالمعنى المراد يؤيد ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 قال: فما آباؤنا بأمنَّ منه ... علينا اللاء قد مهدوا الحجورا1 أي الذين. والمشترك سنة: من، وما، وأي، وأل، وذو، وذا. فأما "من": فإنها تكون للعالم؛ نحو: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} . ولغيره في ثلاث مسائل:   1 بيت من الوافر لشاعر من بني سليم، لم يعين العلماء اسمه. اللغة والإعراب: أمَنَّ: أفعل تفضيل؛ أي: أكثر مِنَّة وإنعاما. مهدوا: بسطوا وهيئوا؛ ومنه المهد؛ وهو الفراش المهيأ للصبي، وتمهيد الأمور: تسويتها. الحجور: جمع حجر؛ وهو ما بين يدي المرء من ثوبه وحضنه. "بأمن" خبر ما على زيادة الباء، ممنوع من الصرف؛ للوصفية، ووزن أفعل. "منه -علينا" متعلقان بأمن. "اللاء" صفة لآباؤنا، مبني على الكسر، في محل رفع.. "قد مهدوا الحجورا" الجملة صلة اللائي. المعنى: ليس آباؤنا الذين قاموا بتربيتنا، ورعايتنا، وإصلاح أمرنا، وبسطوا حجورهم فراشا لنا كالمهد؛ بأكثر إنعاما وتفضلًا علينا من هذا الممدوح. الشاهد: في "اللائي"؛ حيث أريد به جماعة الذكور؛ لأنه وصف للآباء، وحل محل "الألى"؛ بمعنى "الذين"، وهو قليل. وفيما تقدم يقول الناظم: جمع الذي "الألى" "الذين" مطلقا ... وبعضهم بالواو رفعا نطقا باللات واللاء "التي" قد جمعا ... اللاء كالذين نزرا وقعا* أي: إن كلمة "الذي" تجمع جمعا؛ أي: لغويا يدل على مطلق التعدد، لا جمعا نحويا؛ على ألى، أو على الذين. وأن "الذين" للجمع مطلقا؛ أي: رفعا ونصبا وجرا. وبعض العرب يأتي فيه بالواو رفعا؛ ويعربه في هذه الحالة؛ وكذلك في حالتي النصب والجر، وعلامتهما موجودة. وأن كلمة "التي" تجمع على "اللات" و"اللاء"، جمعا لغويا كما تقدم، وكلمة "اللاء"، قد تستعمل قليلًا مكان "الذين"، وتحل محلها لجمع المذكر.   * "جمع" مبتدأ. "الذي" مضاف إليه "الألى" خبر. "الذين" معطوف على الألى بتقدير حرف العطف. "مطلقا" حال من الذين. "وبعضهم" مبتدأ، والضمير عائد إلى العرب. "بالواو" متعلق بنطقا. "رفعا" حال، أو منصوب بنزع الخافض، أو مفعول لأجله "نطقا" الجملة خبر المبتدأ. "باللات" جار ومجرور متعلق بجمع. "واللاء" معطوف على اللات. "التي" مبتدأ. "قد جمعا". الجملة خبر المبتدأ، ونائب الفاعل يعود على التي، والألف للإطلاق، "واللاء" مبتدأ. "كالذين" متعلق بمحذوف حال من ضمير وقع. "نزرا" حال ثانية منع أيضا "وقعا" الجملة خبر المبتدأ، والفاعل يعود على اللاء، والألف للإطلاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 إحداها: أن ينزل منزلته1؛ نحو: {مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ} ، وقوله: أسرب القطا هل من يعير جناحه2   1 معناه: أن ينسب إلى المسمى شيء؛ من شأنه ألا يكون إلا من العقلاء؛ فيشبه بهم، وينزل منزلهم في استعمال "من"؛ سواء كان هذا التنزيل من المتكلم، أو من غيره. 2 صدر بيت من الطويل؛ للعباس بن الأحنف؛ من المولدين، وقد ذكره المصنف؛ تمثيلا لا استشهادا، وعجزه: لعلي إلى من قد هويت أطير اللغة والإعراب: سرب: هو القطيع من الظباء والقطا ونحوهما. القطا: جمع قطاة؛ وهي طائر معروف هويت: أحببت. "أسرب" الهمزة للنداء، وسرب: منادى منصوب بالفتحة مضاف إلى القطا. "هل" حرف استفهام. "من" اسم موصول مبتدأ. "يعير جناحه" الجملة صلة، وخبر المبتدأ محذوف؛ أي: موجود. "لعلي" لعل واسمها. "أطير" الجملة خبر لعل "إلى" متعلق بأطير. "من" اسم موصول في محل جر بإلى. "قد هويت" الجملة صلة من الثانية. المعنى: ينادي جماعة القطا؛ ويقول لها: هل منكم من يعيرني، ويعطيني جناحه؛ لعلي أطير به إلى من هويت وأحببت؟ الشاهد: في "من يعير"؛ حيث استعمل "من" في غير العاقل؛ وهو القطا، وجاز ذلك؛ لأنه نزلها منزلة العاقل؛ فناداها وطلب منها الجناح، ولا يتصور النداء والإقبال، إلا من العاقل الذي يفهم الطلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 وقوله: ألا عم صباحا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي1 فدعاء الأصنام، ونداء القطا والطلل، سوغ ذلك. الثانية: أن يجتمع مع العاقل فيما وقعت عليه "من" 2؛ نحو: {كَمَنْ لا يَخْلُق} ؛ لشموله الآدميين والملائكة والأصنام، ونحو: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} ، ونحو: {مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ} فإنه يشمل الآدمي والطائر. الثالثة: أن يقترن به في عموم فُصِّل بـ"من" 3؛ نحو: {مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِه   1 بيت من الطويل؛ هو مطلع قصيدة؛ لامرئ القيس بن حجر الكندي. اللغة والإعراب: عم صباحا: إحدى تحيات العرب الجاهليين في الصباح؛ وفي المساء: عم مساء، وعم ظلامًا؛ وعم: فعل أمر، أصله أنعم؛ حذفت الهمزة والنون تخفيفًا الطلل؛ كل ما بقي شاخصًا من آثار الديار. البالي: المشرف على الزوال والفناء. العصر: لغة في العصر؛ بمعنى الدهر والزمان. الخالي: السالف. "ألا" للتنبيه. "صباحا" ظرف زمان. "أي" منادى، و"ها" للتنبيه. "الطلل" نعت لأي. "البالي" نعت للطلل. "يعمن" مضارع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد. "من" اسم موصول فاعل. المعنى: أنعم الله صباحك أيها الأثر؛ الذي أشرف على الزوال؛ وبقي من آثار الأحبة. ثم ثاب إلى رشده، وأنكر أن يجيبه أحد؛ لهلاك من كان بهذه الديار؛ فقال: وهل ينعمن بشيء من هلك في الزمان الماضي؟ الشاهد: في "يعمن من"؛ حيث استعمل "من" الموصولة للمفرد غير العاقل، وهو الطلل البالي؛ وجوز ذلك نداؤه وتنزيله منزلة من يجيب الداعي؛ لأنه لا ينادي إلا العاقل. 2 أي: أن يكون مضمون الكلام متجها إلى شيء يشمل العاقل وغيره، ولكنك تراعي العاقل؛ فتغلبه على غيره. 3 أي: أن يكون عن شيء عام، يشمل أنواعا متعددة؛ فيها العاقل وغيره، وقد فصل بكلمة "من". هذا: ويجوز عود الضمير على "من" مفردا مذكرا؛ مراعاة للفظها، وهو الأكثر؛ نحو: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ} ، ومراعاة للمعنى؛ نحو: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} ؛ لاقترانهما بالعاقل في عموم {كُلِّ دَابَّةٍ} . وأما "ما": فإنها لما لا يعقل وحده؛ نحو: {مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ} ، وله مع العاقل1؛ نحو: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} ، ولأنواع من يعقل2؛ نحو: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} ، وللمبهم أمره3؛ كقولك، وقد رأيت شبحًا: "انظر إلى ما ظهر". والأربعة الباقية للعاقل وغيره. فأما "أي": فخالف في موصوليتها ثعلب4,   1 وذلك إذا قصد تغليب غير العاقل؛ لكثرته مثلًا. 2 المراد: أفراده وصفاته معا، وإلا استغنى عنه بالقسم الأول. 3 أي: الذي لا يدري، أهو إنسان أم غير إنسان، وكذلك إذا علمت إنسانيته، ولكنك لا تدري؛ أمؤنث هو أم مذكر؟ نحو قوله تعالى على لسان مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} . 4 هو أبو العباس؛ أحمد بن يحيى الشيباني، المعروف بثعلب. كان إمام الكوفيين والبصريين في النحو والفقه في زمانه، وهو ابن ست عشرة سنة، وحفظ كتب الفراء والكسائي، وعني بالنحو كثيرا، ولازم ابن الأعرابي، وله كتاب يسمى "مجالس ثعلب" في المكتبة العامة بالقاهرة نسخة منه. وعنه أخذ الأخفش الأصغر ونفطويه، وابن الأنباري، وله مؤلفات كثيرة؛ منها: "المصون في النحو"، و"اختلاف النحويين"، و"الفصيح" و"غريب القرآن".وقيل: إنه ترك كتبا تقدر بآلاف الدنانير. وتوفي سنة 291هـ، في خلافة المكتفي بالله، ودفن ببغداد. وقد رثاه بعضهم بقوله: مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب ... ومات أحمد أنحى العجم والعرب فإن تولى أبو العباس مفتقدا ... فلم يمت ذكره في الناس والكتب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 ويرده قوله: فسلم على أيهم أفضل1 ولا تضاف لنكرة، خلافا لابن عصفور2، ولا يعمل فيها إلا مستقبل متقدم3؛ نحو: {لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} . خلافًا للبصريين4.   1 عجز بيت من المتقارب؛ لغسان بن وعلة، أحد الشعراء المخضرمين وصدره: إذا ما لقيت بني مالك اللغة والإعراب: "ما" زائدة. "بنى مالك" مفعول لقيت، ومضاف إليه. "أيهم"؛ أي اسم موصول مبني على الضم، في محل جر بعلى؛ على رواية الرفع، وعلى رواية الجر معرب؛ مجرور بالكسرة الظاهرة، و"هم" مضاف إليه. "أفضل" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو أفضل والجملة لا محل لها، صلة الموصول. المعنى: واضح. الشاهد: في "أيهم" حيث بنيت على الضم في الرواية المشهورة؛ لأنها مضافة، حذف صدر صلتها. وهذا يدل على أنها موصولة؛ لأن غير الموصولة لا تبنى، ولا تصلح هنا. 2 قيل في سبب ذلك: إن الموصول مراد تعيينه، وإضافته إلى النكرة تقتضي إبهامه؛ فهنالك تدافع ظاهر. والحق جواز إضافتها للنكرة، ولكن إضافتها إلى المعرفة أقوى. وابن عصفور هو: أبو الحسن؛ على بن مؤمن بن عصفور، النحوي الحضرمي الأشبيلي، حامل لواء العربية في زمانه بالأندلس. أخذ عن الدباح، وعن الشلوبين ولازمه مدة، ثم كانت بينهما منافرة ومقاطعة، وقد جال بالأندلس معلمًا، وأقبل عليه الطلاب، وكان أصبر الناس على المطالعة؛ لا يمل من ذلك، ولم يعد نفسه لغير النحو، ولم ينبغ في غيره. وله مؤلفات كثيرة؛ منها: "الممتع في التصريف". وكان أبو حيان لا يفارقه. وله شروح على "الجمل"، و"المقرب في النحو". وتوفي سنة 669هـ، وقد رثاه القاضي ناصر الدين بن المنير بقوله: بدأ النحو علي وكذا ... قل بحق ختم النحو علي 3 أما شرط الاستقبال؛ فلأن أي موضوعة لدلالة على الإبهام، وذلك يناسبه المضارع المستقبل الزمان؛ الذي لا يدري ما فيه. أما الماضي والحال فمعلومان. وأما تقديم العامل؛ فللفرق بينهما وبين "أي" الشرطية والاستفهامية؛ لأنه لا يعمل فيهما إلا متأخر؛ لصدارتهما. 4 فإنهم قالوا: لا يلزم استقبال عاملها ولا تقديمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وسئل الكسائي: لم لا يجوز: أعجبني أيهم قام؟ فقال: "أي كذا خلقت"1. وقد تؤنث، وتثنى، وتجمع2، وهي معربة: فقيل مطلقًا3، وقال سيبويه: تبنى على   1 الكسائي كوفي؛ والكوفيون يقولون بلزوم استقبال عامل "أي"، فلما سئل في حلقة يونس بن حبيب عن السبب في عدم جواز: أعجبني أيهم قام، توقف. ولما لم يجد وجها للمنع؛ قال هذه القولة التي ذهبت مثلا؛ والكسائي: هو أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله الكسائي. إمام الكوفيين في النحو واللغة، وأحد القراء السبعة المشهورين. قيل: لقب بالكسائي؛ لأنه أحرم في كساء، وقيل: كان يصنعها، وهو من أهل الكوفة. وقد استوطن بغداد، وتعلم النحو على كبر، وأخذ عن "معاذ الهراء" ولزمه حتى بلغ الغاية، ثم خرج إلى البصرة فلقي الخليل بن أحمد وجلس في حلقته. ولما علم أنه جاب البوادي ولقي الأعراب قلده في ذلك، وكتب كثيرا عن العرب غير ما حفظ. وجرت بينه وبين يونس بن حبيب مناقشات شهد له فيها يونس. وكذلك جرت بينه وبين الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة مجالس، وبينه وبين الفراء. قال ابن الأعرابي: كان الكسائي أعلم الناس، ضابطًا عالما بالعربية، قارئا صدوقًا، وأدب ولدي الرشيد. وكان يسمع الشاذ فيجعله أصلا ويقيس عليه، وهذا يدل على تصرفه وسعة أفقه. وله مؤلفات كثيرة منها: معاني القرآن، ومختصر في النحو، والقراءات النوادر، والمصادر. وتوفي بالري يوم توفي الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة سنة 189هـ، ودفنهما الرشيد وقال: اليوم دفنت الفقه والنحو. ومن شعره في وصف النحو: إنما النحو قياس يتبع ... وبه في كل علم ينتفع كم وضيع رفع النحو وكم ... من شريف قد رأيناه وضع 2 فتقول عند بعضهم: أية, أيان, أيتان, أيون, أيات. 3 أي: سواء أضيفت أم لم تضف، ذكر صدر صلتها أم حذف، وهذا مذهب الخليل ويونس والكوفيين. وإليه أشار الناظم بقوله: وبعضهم أعرب مطلقا وفي ... ذا الحذف "أيا" غير أي يقتفي* أي: إن بعض النحاة أعرب "أيا" الموصولة، في كل الحالات. وغير "أي" يقتفي "أيا"، ويتبعها في جواز حذف صدر الصلة إن طالت الصلة.   * "وبعضهم" مبتدأ مضاف إليه "أعرب" الجملة خبر "مطلقا" حال من مفعول به لأعرب محذوف, أي: وبعضهم أعرب أيا مطلقا "في ذا" جار ومجرور متعلق بيقتفي "الحذف" بدل من اسم الإشارة "أيا" مفعول يقتفي "غير أي" مبتدأ ومضاف إليه "يقتفي" الجملة خبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 الضم إذا أضيفت لفظًا، وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا؛ نحو: {أَيُّهُمْ أَشَدّ} 1 وقوله: على أيهم أفضل. وقد تعرب حينئذ؛ كما رويت الآية بالنصب، والبيت بالجر. وأما "أل" 2: فنحو: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} 3، ونحو: {وَالسَّقْفِ   1 أي: ببناء "أي" على الضم؛ تشبيها لها بالغايات؛ إذ كان بناؤها بسبب حذف شيء قبل. ويشترط حينئذ ألا توصل بفعل؛ نحو: أيهم قام، أو بظرف؛ نحو: أيهم عندك. وإلا أعربت اتفاقا. وقد وافق الناظم سيبويه في هذا الرأي فقال: "أي" كـ"ما" وأعربت ما لم تضف ... وصدر وصلها ضمير الحذف* أي إن "أي" تشبه "ما" الموصولة؛ في أن كلا منهما يكون بلفظ واحد؛ للمفرد وغيره؛ مذكرًا ومؤنثًا، وتعرب إلا إذا أضيفت، وكانت صلتها جملة اسمي؛ صدرها ضمير محذوف. وبهذا تخالف "أي" باقي أخواتها المشتركة؛ فأخواتها جميعًا مبنية، وهي معربة إلا في حالة واحدة؛ كما ذكرنا، وليس بين الأسماء الموصولة عامة ما يجوز إضافته إلا "أي"؛ في بعض حالاتها. 2 تكون للعاقل وغيره؛ مفردًا وغير مفرد. ويراعى في الضمير العائد إليها المعنى فقط؛ خوفًا من اللبس. ولا تكون موصولة؛ إلا إذا دخلت على صفة صريحة؛ وهي: اسما الفاعل والمفعول اتفاقًا، وإعرابها يظهر على الصفة الصريحة، المتصلة بها. 3 مثال لما فيه الصلة اسم فاعل، وما بعده لاسم المفعول. أما "أل" الداخلة على الصفة المشبهة فحرف تعريف.   * "أي" مبتدأ. "كما" جار ومجرور خبر. و"أعربت" ماض مبني للمجهول، والتاء علامة التأنيث، والواو للعطف، ونائب الفاعل يعود علي أي. "ما" مصدرية ظرفية. "لم تضف" فعل مضارع مجزوم بلم، ونائب الفاعل يعود على أي. "وصدر" الواو للحال، وصدر: مبتدأ "وصلها" مضاف إليه "ضمير" خبر المبتدأ؛ والجملة من المبتدأ والخبر حال من ضمير تضف. "انحذف" فعل ماض، وفاعله يعود على ضمير؛ والتقدير: "أي" مثل "ما"؛ في كونها موصولًا صالحًا للمفرد والمثنى والجمع؛ مذكرًا ومؤنثًا، وأعربت مدة عدم إضافتها في حال كون صدر صلتها ضميرًا محذوفًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 الْمَرْفُوعِ، وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} وليست موصولًا حرفيا خلافًا للمازني1 ومن وافقه، ولا حرف تعريف، خلافًا لأبي الحسن2.   1 ويرده: أنها لا تؤول بمصدر، وإن الضمير يعود عليها؛ في نحو قولهم: قد أفلح المتقي ربه، والضمير لا يعود إلا على الأسماء. والمازني هو: أبو عثمان؛ بكر بن محمد بن بقية المازني؛ من بني مازن بن شيبان. كان إماما في العربية، ثقة، واسع الرواية، لا يناظره أحد إلا قطعه؛ لقدرته على الكلام. وهو بصري، روى عن أبي عبيدة، والأصمعي وأبي زيد. وروى عنه المبرد، وكان يقول فيه: "لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان". وحكي عنه: أن يهوديا بذل مائة دينار؛ ليقرئه كتاب سيبويه، فامتنع، فقيل له: لم امتنعت مع حاجتك؟ فقال: إن في كتاب سيبويه كذا وكذا آية من القرآن؛ فكرهت أن أقرأ القرآن للذمة، فلم يمض على ذلك وقت حتى طلبه الواثق بالله؛ الخليفة العباسي، وأخلف الله عليه أضعاف ما تركه لله، وذلك أن جارية غنت بحضرته: أظلوم إن مصابكم رجلًا ... أهدى السلام تحية ظلم فرد بعض الحاضرين عليها نصبها لرجل؛ ظانا أنه خبر إن، فلم تقبل وقالت: هكذا قرأت على أعلم الناس بالبصرة؛ أبي عثمان المازني، فحضر إلى الخليفة، فناقشه، ثم سأله عن البيت؛ فقال: صوابه: رجلًا؛ لأن مصابكم مصدر؛ بمعنى إصابتكم، فاستحسن الواثق قوله، وأجازه بثلاثين ألف درهم. وله من التصانيف: "تفسير كتاب سيبويه"، و"علل النحو والتصريف". ومات سنة 249هـ، بالبصرة. 2 وحجته: أن العامل يتخطاها؛ نحو: جاء الكاتب؛ كما يتخطاها مع الجامد؛ نحو: جاء الرجل؛ وهي مع الجامد معرفة اتفاقا؛ فتكون كذلك مع المشتق؛ ورد بأن سبب ذلك: أنها على صورة الحرف. وأبو الحسن: هو سعيد بن مسعدة؛ المعروف بالأخفش البصري؛ وهو الأخفش الأوسط، أحد أئمة النحاة البصريين، قرأ النحو على سيبويه، وإن كان أكبر منه، وصحب الخليل، ولم يأخذ عنه، وقرأ على الكسائي كتاب سيبويه، وعلم ولد الكسائي، بعد أن رحل سيبويه إلى الأهواز؛ عقب المناظرة التي جرت بينه وبين الكسائي؛ بحضرة يحيى البرمكي، وكان ثعلب يقول فيه: "هو أوسع الناس علمًا". وقال المبرد: "أحفظ من أخذ عن سيبويه: الأخفش، ثم الناشئ، ثم قطرب". وكان الأخفش أعلم الناس بالكلام، = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وأما "ذو" 1: فخاصة بطيء والمشهور بناؤها، وقد تعرب؛ كقوله: فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا2 فيمن رواه بالبياء. والمشهور أيضا إفرادها3 وتذكيرها؛ كقوله: وبئري ذو حفرت وذو طويت4   1 تكون للعاقل وغيره؛ مفردا وغير مفرد. 2 تقدم الكلام عليه في باب "المعرب والمبني"؛ ص53. الشاهد: فيه هنا: إعراب "ذي" الموصولة، وجرها بمن؛ مثل "ذي" بمعنى صاحب. 3 أي: في جميع الحالات، لكن معناها قد يكون غير ذلك؛ فيراعى في الضمير العائد عليها؛ لفظها أو معناها. 4 عجز بيت من الوافر؛ لسنان بن الفحل الطائي. وصدره: فإن الماء ماء أبي وجدي اللغة والإعراب: ذو حفرت, أي: التي حفرتها. وذو طويت, أي: التي طويتها. وطي البئر: بناؤها بالحجارة. "فإن" الفاء للتعليل، و"بئري" مبتدأ. "ذو" اسم موصول خبر، مبني على سكون الواو في محل رفع؛ وكل من جملتي "حفرت"، و"طويت"، صلة الموصول قبله، والعائد محذوف, أي: حفرتها وطويتها. المعنى: أن هذا لماء من عهد أبي وجدي، وأنا الذي حفرت هذه البئر وبنيتها بالحجارة. الشاهد: في "ذو"؛ حيث استعملت في الجملتين اسم موصول لمؤنث؛ بمعنى "التي"؛ لأنها واقعة على البئر؛ وهي مؤنثة، مع أن لفظها مفرد مذكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وقد تؤنث، وتثنى، وتجمع1، حكاه ابن السراج2، ونازع في ثبوت ذلك ابن مالك3. وكلهم حكى: "ذات للمفردة، وذوات لجمعها" مضمومتين؛ كقوله: "بالفضل ذو فضلكم الله به، والكرامة ذات أكرمكم الله به"4. وقوله: ذوات ينهضن بغير سائق5   1 تقول: في المؤنث: ذات تعلمت. وفي المثنى: ذوا تعلما، وذواتا تعلمتا. وفي الجمع: ذوو فهموا، وذوات فهمن؛ وهي لغة بعض الطائيين. 2 هو أبو بكر؛ محمد بن السري البغدادي النحوي، صاحب الكتب الممتعة في النحو. كان أحدث أصحاب المبرد سنا؛ مع ذكاء وفطنة. وكان المبرد يقربه إليه؛ فقرأ عليه كتاب سيبويه. وقد اشتغل بالموسيقى؛ حتى نبغ فيها، كما اشتغل بالأدب والشعر، وكان يعول في النحو على مذهب الكوفيين، وخالف أصول البصريين في مسائل كثيرة. ويقال: ما زال النحو مجنونا حتى عقله ابن السراج بأصوله، وقد أخذ عنه: أبو القاسم الزجاجي، والسيرافي، والفارسي، والرماني. وله مصنفات كثيرة؛ منها: كتاب "الأصول"؛ الذي جمع فيه أصول العربية، و"شرح كتاب سيبويه"، و"مختصر في النحو". ومات -رحمه الله- شابًا، سنة 316هـ. 3 الذي نازع فيه هو: أن ذلك لغة لجميع طيئ. أما كونه لغة عند بعضهم؛ فثابت. 4 قول منثور؛ لأعرابي من طيئ، يطلب عطاء. "بالفضل" متعلق بمحذوف؛ أي: أسألكم مثلًا. "ذو" اسم موصول بمعنى الذي؛ صفة للفضل، مبني على السكون، في محل جر. "فضلكم الله" الجملة صلة. "والكرامة" معطوفة على الفضل. "ذات" اسم موصول صفة للكرامة مبني على الضم في محل جر. "به" بفتح الباء متعلق بأكرم، وأصلها "بها"؛ نقلت حركة الهاء إلى الباء بعد سلب حركتها، وحذفت الألف، لالتقاء الساكنين، ووقف عليه بالسكون. المعنى: أسألكم بالفضل الذي فضلكم الله به، والكرامة التي أكرمكم الله بها. 5 عجز بيت من الرجز؛ لرؤبة، وصدره: جمعتها من أينق موارق اللغة والإعراب: جمعتها: الضمير للنوق المختارة في الأبيات قبله. أينق: جمع ناقة، وأصله أنؤق؛ قدمت الواو على النون؛ لتسلم من الضمة، ثم قلبت ياء للتخفيف فوزنه "أعفل". موارق: سريعات في السير، جمع مارقة. من مرق السهم من الرمية؛ إذ نفذ سريعا. "ذوات" اسم موصول؛ بدل من أينق، مبني على الضم في محل جر؛ وجملة "ينهضن" صلة. المعنى: اخترت هذه النوق، وجمعتها من نياق سريعة، ينهض ويسرعن في السير؛ بغير سائق ينبهها، ويستحثها على ذلك؛ كالسهام التي تمرق من الرمايا. الشاهد: في "ذوات"؛ حيث جاءت اسم موصول بمعنى اللواتي، وبنيت على الضم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 وحكي إعرابها إعراب "ذَات، وذَوَات" بمعنى صاحبة وصاحبات1. وأما "ذا" 2: فشرط موصوليتها ثلاثة أمور:   1 فتعرب "ذات" بالحركات منونة؛ لعدم الإضافة، وتعرب "ذوات" كذلك إعراب جمع المؤنث السالم. وفي "ذات" و"ذوات"، وفيما تقدم -من الأسماء المشتركة- يقول ابن مالك: و"من وما وَأَلْ" تساوي ما ذكر ... وهكذا "ذو" عند طيئ شهر وكالتي أيضا لديهم "ذات" ... وموضع اللائي أتى "ذوات"* يقول: إن كل واحد من هذه الأسماء "من -وما- وأل" يساوي الثمانية الماضية في الاستعمال؛ أي: إنه يصلح لكل ما صلحت له، وكذلك "ذو" عند بعض قبائل طيئ. وتستعمل "ذات" موصولة مرادفة للتي، و"ذوات" كذلك للات؛ وكلتاهما تدل بصيغتها على المؤنث. 2 تكون للعاقل وغيره؛ مفرد وغير مفرد، بلفظ المفرد المذكر، ويجوز عود الضمير عليها؛ مراعاة للفظها ولمعناها.   * "ومن" مبتدأ. "وما، وأل" معطوفان على من "تساوي" الجملة خبر المبتدأ، وفاعل تساوي عائد على الثلاثة "ما" اسم موصول مفعول تساوي. "ذكر" نائب الفاعل يعود على. "ما" والجملة صلة. "وهكذا" ها: حرف تنبيه، وكذا: في موضع نصب حال من ضمير شهر. "ذو" مبتدأ. "عند طيئ" ظرف، ومضاف إليه؛ متعلقان بشهر "شهر" الجملة خبر المبتدأ، ونائب الفاعل يعود على ذو. "كالتي" متعلق بمحذوف؛ خبر مقدم، والواو عاطفة. "أيضًا" مفعول مطلق، فعله محذوف. "لديهم" ظرف، ومضاف إليه، متعلق بما تعلق به الجار السابق. "ذات" مبتدأ مؤخر؛ أي: ذات مستعملة عندهم؛ كالتي. "موضع" منصوب على الظرفية بأتى. "اللاتي" مضاف إليه. "أتى ذوات" فعل وفاعل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 أحدهما: ألا تكون للإشارة؛ نحو: من ذا الذاهب؟ وماذا التَّواني؟ 1 والثاني: ألا تكون ملغاة، وذلك بتقديرها مركبة مع "ما" في نحو: ماذا صنعت؟ 2 كما قدرها كذلك من قال: عماذا تسأل؟ فأثبت الألف لتوسطها3. ويجوز الإلغاء عند الكوفيين وابن مالك على وجه آخر؛ وهو تقديرها زائدة4. والثالث: أن يتقدمها استفهام بـ"ما" باتفاق، أو بـ"من" على الأصح؛ كقول لبيد: ألا تسألان المرء ماذا يحاول5   1 "من" و"ما" اسم استفهام مبتدأ. "ذا" اسم إشارة خبر. "الذهب، والتواني" بدلان من اسم الإشارة، ولا يصح جعل "ذا" موصولة؛ لأن ما بعدها مفرد، وهو لا يصلح أن يكون صلة لغير "أل". 2 فقد جعلت "ماذا" كلمة واحدة، وأعربت اسم استفهام في محل نصب مفعولا مقدما لصنعت، أي: أي شيء صنعت؟ وحينئذ يجوز تقديم العامل عليها ولا تلزم الصدارة؛ فقد ورد أن عمرو بن العاص قال للنبي عند إسلامه: أريد أن أشترط. فقال الرسول: "تشترط ماذا؟ " وقد مثل المصنف بـ"ما" وترك التمثيل بـ"من"؛ لأن بعض النحويين؛ كثعلب يمنع أن تكون "من" و"ذا" مركبتين، والصحيح جوازه كما يشير إليه الناظم. 3 أي: لأنها بعد التركيب مع "ذا" أصبحت متوسطة في اسم الاستفهام، ولو جعلا اسمين لحذفت الألف من "ما"؛ لتطرفها، على قاعدة "ما" الاستفهامية، إذا دخل عليها حرف الجر، كما يقول ابن مالك في موضعه: و"ما" في الاستفهام إن جرت حذف ... ألفها وأولها "الها" إن تقف 4 أي: بين "ما" ومدخولها؛ فكأنك قلت: ما صنعت. والبصريون يمنعون ذلك. 5 صدر بيت من الطويل، للبيد بن ربيعة العامري. وعجزه: أنحب فيقضى أم ضلال وباطل اللغة والإعراب: يحاول: المراد: يريد ويطلب من المحاولة، وهي استعمال الحيلة والحذق، وإعمال الفكر للوصول إلى المقصود. نحب: يطلق النحب على المدة والوقت، والنذر، والأقرب أن المراد هنا هو النذر. "ألا" للتنبيه. "ما" اسم استفهام مبتدأ. "ذا" اسم = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 وقوله: ................... فمن ذا يعزي الحزينا1   = موصول خبر، وجملة "يحاول" صلة، والعائد محذوف؛ أي: يحاوله، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب مفعول ثان لتسألان، و"المرء" مفعول أول. "أنحب" الهمزة للاستفهام، ونحب: خبر لمبتدأ محذوف، أو بدل من ما. "أم ضلال" مثله. المعنى: ألا تسألان يا صاحبي هذا الحريص على الدنيا: ما الذي يبغيه من تهالكه عليها، ومحاولته الوصول إلى أقصى غاياته؟ أهو نذر أوجبه على نفسه؛ فهو يدأب لإنفاذه ويسعى لقضائه؟ أم ضلال وباطل من أمره؟ الشاهد: في "ماذا"؛ حيث استعملت "ذا" موصولة بمعنى الذي، وأتى بعدها بجملة صلة، وتقدمها. "ما" الاستفهامية. ولا يصح أن تجعل. "ذا" ملغاة مركبة مع. "ما" مفعولا مقدما ليحاول؛ لأنه جاء بالبدل مرفوعًا، مما يدل على أن المبدل منه كذلك. ويضعف أن تكون. "ماذا" مبتدأ، وجملة. "يحاول" خبر؛ لعدم وجود رابط بين جملة الخبر والمبتدأ، وحذف الرابط في مثل هذا قليل، حتى منعه سيبويه. 1 عجز بيت -إلا كلمة- من المتقارب، لأمية بن أبي عائذ الهذلي، يمدح عبد العزيز بن مروان. وتمامه: ألا إن قلبي لدى الظاعنينا ... حزين .......................... اللغة والإعراب: الظاعنين: جمع ظاعن بمعنى الراحل، وهو اسم فاعل من ظعن بمعنى سار. حزين: منقبض مكتئب. يعزي: يسلي ويعين على البصر. "ألا" أداة استفتاح. "حزين" خبر إن. "فمن" اسم استفهام مبتدأ. "ذا" اسم موصول خبر. "يعزي الحزينا" الجملة صلة. المعنى: يقول: إن قلبي منقبض ومكتئب ومتألم لفراق الأحبة ورحيلهم؛ فهل هناك من يسليني، ويسري عني، ويبعث الصبر إلى نفسي؛ لتخف آلامي. الشاهد: في "من ذا" حيث جاءت "ذا" اسم موصول، وتقدمتها "من" الاستفهامية. وقد قدمنا رأي البعض في ذلك, وفي حكم "ذا" يقول ابن مالك: ومثل "ما" "ذا" بعد ما استفهام ... أو "من" إذا لم تلغ في الكلام* =   * "ومثل" خبر مقدم. "ما" مضاف إليه. "ذا" مبتدأ مؤخر. "بعد" ظرف متعلق بمحذوف حال من ذا. "ما" مضاف إليه قصد لفظه. "استفهام" مضاف إليه. "أو" عاطفة. "من" معطوف على ما. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "لم تلغ" مضارع مجزوم بحذف الألف، ونائب الفاعل يعود إلى ذا، وهو فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف؛ أي: إذا تلغ في الكلام فهي كذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 والكوفي لا يشترط "ما"، ولا "من". واحتج بقوله: أمنت وهذا تحملين طليق1   = أي: إن "ذا" تشبه "ما" في إنها عامة صالحة لجميع الأنواع مع عدم تغيرها؛ وذلك بشرط أن تقع بعد "ما" أو "من" الاستفهاميتين، وترك الناظم بقية الشروط، وقد ذكرها المصنف. تنبيه: إلغاء "ذا" قد يكون بتركيبها مع "من" أو "ما" واعتبارهما كلمة واحدة كما بينا، ويسمى هذا إلغاء حكميا، وقد يكون باعتبارها كلمة زائدة، مستقلة بنفسها، يجوز حذفها وإبقائها، ويسمى هذا إلغاء حقيقيا. وهي في هذا ليس لها محل من الإعراب؛ لأنها لا تقع فاعلا ولا مفعولا ولا مبتدأ ... إلخ. ويجب تقديم "من" و"ما" الاستفهاميتين في أول جملتها؛ لأن الاستفهام الأصيل له الصدارة. وتحذف ألف "ما" الاستفهامية في حالة الجر، بخلاف الإلغاء الحكمي في جميع ما تقدم. 1 عجز بيت من الطويل، ليزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري، قاله يخاطب بغلته، وقد قدمت إليه حين خروجه من سجنه فنفرت، وكان قد هجا عبادا هذا، وملأ البلاد من هجوه؛ فسجنه وعذبه، ثم خرج بأمر معاوية، وصدره: عدس ما لعباد عليك إمارة اللغة والإعراب: عدس: اسم صوت لزجر البغل، واسم للبغل أيضا. عباد: هو ابن زياد بن أبي سفيان والي سجستان. إمارة: حكم وتسلط. طليق: اسم مفعول ومعناه: مطلق السراح من السجن لا سلطان لأحد عليه. "عدس" اسم صوت مبني على السكون لا محل له. "ما" نافية مهملة. "لعباد" خبر مقدم. "إمارة" مبتدأ مؤخر. "وهذا" الواو للحال، وها: حرف تنبيه، وذا: اسم موصول مبتدأ. "تحملين" الجملة صلة والعائد محذوف؛ أي: تحملينه "طليق" خبر. المعنى: قفي أيتها البغلة، ولا تخافي؛ فليس لعباد علي حكم ولا سلطان، وأنت الآن في أمان منه، والذي تحملينه قد أخرج من سجنه، فهو حر طليق. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 أي: والذي تحملينه طليق. وعندنا أن "هذا طليق" جملة اسمية1، و"تحملين" حال؛ أي: وهذا طليق محمولًا.   = الشاهد: استعمال "ذا" اسم موصول بدون تقدم استفهام "بما" أو "من" على رأي الكوفيين. ولم يمنعهم اتصال حرف التنبيه به من موصوليته؛ ذلك لأنهم يرون أن جميع ما يكون اسم إشارة قد يكون اسم موصول؛ ففي قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ} مقدرون: ثم أنتم الذين تقتلون أنفسكم وفي قوله -سبحانه: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ؛ يقدرون: هأنتم الذين جادلتم عنهم. ويرد البصريون هذا ويقولون: إن "هؤلاء" منادى بحذف حرف النداء. 1 فتكون "هذا" اسم إشارة على أصله، لا موصولة؛ لأن "ها" التنبيه لا تدخل على الموصولات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 كل الموصولات تحتاج إلى صلة وعائد : وتفتقر كل الموصولات إلى صلة1 متأخرة عنها2، مشتملة على ضمير مطابق لها3 يسمى العائد4.   1 لأنها مبهمة المعنى، غامضة المدلول، لا تدل على شيء معين؛ فلا بد لها من شيء يعرفها، ويزيل إبهامها وغموضها. 2 لأنها مكملة للموصول؛ فهي منه بمنزلة جزئه المتأخر؛ ولهذا لا يجوز تقديمها، ولا شيء منها عليه. 3 أي: ليربطها بالموصول، وهذه المطابقة تكون في اللفظ والمعنى، إذا كان الموصول مختصا؛ فيطابق في الإفراد والتأنيث وفروعهما؛ فإذا كان الموصول عاما -أي: مشتركًا؛ كـ"من" و"ما" وأخواتهما- فيجوز مراعاة اللفظ وهو الأكثر؛ إذا أمن اللبس، وفي غير "أل"، وإلا وجبت مراعاة المعنى. ويجوز مراعاة المعنى، وهو كثير على النحو الذي بيناه عند الكلام عليها. وهذا في الموصولات الاسمية؛ أما الموصول الحرفي فصلته لا تحتاج إلى رابط كما أسلفنا. 4 سمي بذلك؛ لعوده على الموصول، وقد يغني عن الضمير في الربط -لسبب بلاغي أو نحوه- اسم ظاهر بمعنى الموصول؛ نحو قولهم في خطاب الله: "أنت الذي في رحمة الله أطمع"؛ أي: في رحمته. قيل: وقد تستغني جملة الصلة عن الرابط إذا عطفت عليها، بالفاء، أو الواو، أو ثم، جملة أخرى مشتملة عليه؛ نحو: البطل الذي يشتد الهجوم فيثبت. وفيما تقدم يقول ابن مالك: وكلها يلزم بعده صله ... على ضمير لائق مشتمله* أي: كل الموصولات تحتاج بعدها إلى صلة؛ وهذه الصلة لا بد أن تشتمل على ضمير لائق؛ أي: مطابق للموصول ,قد عرفنا أن هذا الرابط خاص بصلة الموصول الأسمي؛ دون الحرفي.   * "وكلها" مبتدأ ومضاف إليه، والضمير عائد على الموصولات الاسمية لا غير. "يلزم بعده صلة" الجملة من الفعل والفاعل خبر المبتدأ، والضمير في بعده عائد على كل. "على ضمير" متعلق بمشتملة. "لائق" صفة لضمير. "مشتملة" نعت لصلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 والصلة: إما جملة؛ وشرطها: أن تكون خبرية1، معهودة2، إلا في مقام التهويل والتفخيم؛ فيحسن إبهامها3. فالمعهودة؛ كجاء الذي قام أبوه، والمبهمة؛ نحو: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} ولا يجوز أن تكون إنشائية4؛ كبعتكه، ولا طلبية كاضربه، ولا تضربه. وإما شبهها؛ وهو ثلاثة: الظرف المكاني5،   1 أي: لفظا ومعنى؛ بأن يكون معناها صالحا للحكم عليه في نفسه، من غير نظر إلى قائلها. 2 أي: أن يكون معناها معهودا معروفًا، معرفة تفصيلية للمخاطب؛ ليستطيع تعرف معنى الموصول المبهم. 3 لئلا يفوت الغرض المقصود والتهويل: التخويف، والتفخيم: التعظيم المجرد عن التخويف. 4 الإنشائية هي: ما فارق لفظها معناها؛ وهي قسمان: طلبية، أي: يراد بها طلب حصول شيء أو عدم حصوله؛ تشمل: الأمر والنهي، والدعاء والاستفهام والتمني. وغير طلبية؛ كجملة التعجب؛ والمدح أو الذم، ورب وكم، وأفعال الرجاء؛ مثل لعل، وعسى. ومن هذا تعلم أن الطلب نوع من الإنشاء، وإنما امتنع وقوع الإنشائية والطلبية صلة؛ لأن مضمونهما لا يعلم إلا بعد ذكرهما؛ فلا تكونان معهودتين للمخاطب. 5 قيد به؛ لأنه هو الذي يكون متعلقه في الصلة كونا عاما واجب الحذف، أو كونا خاصا واجب الذكر، إلا عند وجود قرينة؛ فيجوز حذفه وذكره؛ أما ظرف الزمان فلا يكون متعلقة إلا خاصا، ولا يحذف إلا بقرينة؛ ويشترط لوقوعه صلة: أن يكون الزمن قريبًا من الكلام؛ نحو: نزلنا المنزل الذي البارحة، أو أمس، أو آنفًا، تريد: الذي نزلناه البارحة ... إلخ، فإن كان الزمن بعيدا من زمن الإخبار؛ لم يحذف العامل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 والجار والمجرور التامان1. نحو: الذي عندك، والذي في الدار، وتعلقهما باستقر محذوفًا2. والصفة الصريحة؛ أي: الخالصة للوصفية3، وتختص بالألف واللام؛ كضارب، ومضروب، وحسن4، بخلاف ما غلبت عليها الاسمية؛ كـ"أبطح، وأجرع، وصاحب، وراكب"5. وقد توصل بمضارع؛ كقوله: ما أنت بالحكم الترضى حكومته6   1 التام: هو الذي يفهم متعلقه المحذوف بمجرد ذكره؛ وذلك إذا كان كونًا عاما كالاستقرار، أو كان أمرا خاصا محذوفًا؛ لوجود ما يدل عليه. 2 قدر المتعلق فعلًا؛ لأن الصلة لا تكون إلا جملة. 3 المراد بها: الاسم المشتق الذي يشبه الفعل، في التجدد والحدوث شبهًا صريحًا؛ أي: خالصًا. وينطبق هذا على اسم الفاعل، وصيغ المبالغة، واسم المفعول. 4 التمثيل بـ"حسن؛ على رأي ابن مالك، وهو ضعيف. والصحيح أن "أل" الداخلة على الصفة المشبهة للتعريف؛ كما تقدم، وكذلك الداخلة على أفعل التفضيل. 5 فإن "أل" الداخلة عليها حرف تعريف لا موصولة، وقد انسلخت عن الوصفية؛ بدليل أنها لا تجري على موصوف، ولا تتحمل ضميرا كالصفات. والأبطح في الأصل: وصف لكل مكان منبطح من الوادي، ثم غلب على الأرض المتسعة. والأجرع: وصف لكل مكان متسع، ثم غلب اسما للأرض المستوية من الرمل التي لا تنبت شيئا. والصاحب: وصف للفاعل ثم غلب على صاحب الملك. والراكب: وصف لكل فاعل الركوب، ثم غلب على راكب الإبل. 6 تقدم الكلام عليه في باب "شرح الكلام" ص34، والشاهد فيه هنا: دخول "أل" الموصولة على ترضى، وهو فعل مضارع مبني للمجهول، و"حكومته" نائب فاعل ومضاف إليه. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 ولا يختص ذلك عند ابن مالك بالضرورة.   = وفي أنواع الصلة، وشروطها يقول ابن مالك: وجملة أو شبهها الذي وصل ... به كمن عندي الذي ابنه كفل وصفة صريحة صلة "أل" ... وكونها بمعرب الأفعال قل* يقول: إن الذي يوصل به -أي: يكون صلة- هو الجملة أو شبهها؛ مثل: الذي عندي، هو الذي ابنه موضع الرعاية؛ فكلمة "من" اسم موصول مبتدأ، و"عندي" ظرف متعلق بمحذوف صلته وهو شبه جملة، و"الذي" اسم موصول وصلته. "ابنه كفل" وهو جملة. ثم قال: إن صلة "أل" لا تكون إلا صفة صريحة، وإن دخولها على الفعل المعرب -وهو المضارع- قليل. هذا: وينبغي أن تقع الصلة بعد الموصول مباشرة؛ وألا يفصل بينهما أجنبي ليس من جملة الصلة نفسها. ويجوز الفصل بجملة القسم؛ نحو: ظفر الذي والله يتقي مولاه. وبالنداء إذا تقدم ضمير المخاطب؛ نحو: أنت الذي -يا علي- تستحق المكافأة. وبالجملة المعترضة؛ نحو: والدي -الذي حفظه المولى- يرعى شئوني. ويجوز حذف الصلة؛ إن دلت عليها قرينة لفظية؛ كأن تقول: من رأيته في الحديقة؟ فتجيب: محمد الذي ... أو معنوية يدل عليها المقام؛ كالفخر والتهويل والتعظيم؛ نحو: نحن الألى فاجمع جمو ... عك ثم وجههم إلينا أي: نحن الألى عرفوا بالشجاعة كما يفهم مما بعده. وهنالك أساليب مسموعة حذفت فيها الصلة. منها قولهم عند استعظام شيء وتهويله "بعد اللتيا والتي" بضم اللام المشددة،   * "وجملة" خبر مقدم "أو شبهها" معطوف على جملة والضمير مضاف إليه. "الذي" مبتدأ مؤخر "وصل" ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود على كلها في البيت السابق. "به" متعلق بوصل، والتقدير: والذي وصل به كل من الموصولات السابق ذكرها جملة أو شبه جملة. "كمن" الكاف جارة لمحذوف تقديره، كقولك "من" اسم موصول مبتدأ. "عندي" ظرف مضاف إلى ياء المتكلم متعلق بمحذوف صلة من. "الذي" خبر المبتدأ "ابنه" مبتدأ مضاف إلى الضمير. "كفل" الجملة من الفعل ونائب الفاعل خبر، وجملة المبتدأ والخبر صلة الذي. "وصفة" خبر مقدم؛ صريحة. صفة "صلة أل" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه. "وكونها" مبتدأ والضمير المتصل اسم كان. "معرب" جار ومجرور خبر كون "الأفعال" مضاف إليه. "قل" الجملة خبر الكون باعتباره مبتدأ، والضمير الفاعل عائد على السكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 ويجوز حذف العائد المرفوع شروطه: إذا كان مبتدأ مخبرا عنه بمفرد1، فلا يحذف في نحو: جاء اللذان قاما، أو ضربا؛ لأنه غير مبتدأ2. ولا في نحو جاء الذي هو يقوم، أو هو في الدار؛ لأن الخبر غير مفرد؛ فإذا حذف الضمير لم يدل دليل على حذفه؛ إذ الباقي بعد الحذف صالح لأن يكون صلة كاملة3، بخلاف الخبر المفرد4؛ نحو: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} ونحو: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} أي: معبود فيها5. ولا يكثر الحذف في صلة غير "أي"؛ إلا إن طالت الصلاة6،   = أو فتحها، تصغير التي كما سيأتي. وكذلك يجوز حذف الموصول الاسمي دون صلته؛ كقول سيدنا حسان بن ثابت في أعداء الرسول -عليه السلام: فمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء فإن التقدير: ومن يمدحه ومن ينصره. ومنه قوله -تعالى- على لسان المسلمين، يخاطبون أهل الكتاب: {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} أي: والذي أنزل إليكم؛ لأن المنزل إلى المسلمين ليس هو المنزل إلى غيرهم من أهل الكتاب، أما الموصول الحرفي فلا يجوز حذفه، ما عدا "أن" نحو: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} . ويختص البصريون الحذف بالضرورة. 1 لأن الخبر المفرد، لا يصلح أن يكون، صلة بعد حذف المبتدأ؛ ولأنه يدل على المحذوف، ويرشد إليه. 2 بل هو في الأول فاعل، وفي الثاني نائب فاعل، وكلاهما لا يحذف. 3 لأنه مشتمل على ضمير مستتر في الفعل، وفي الجار والمجرور. 4 فإنه لا يصلح للوصل، كما تقدم. 5 يشير بهذا إلى أن "في السماء" متعلق بإله؛ لتأويله بالمشتق و"إله" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو إله، وذلك المبتدأ هو العائد؛ ويشترط كذلك لحذف العائد المرفوع: ألا يكون معطوفًا؛ نحو: قابلت الذي محمد وهو زميلان، ولا واقعا بعد "لولا"؛ نحو: أقبل الذي لولا هو لبقيت، ولا بعد حرف نفي، ولا محصورا بإلا أو إنما. 6 طولها يكون إما بمعمول الخبر، أو بغيره، سواء تقدم هذا المعمول على الخبر؛ نحو: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} ، أو تأخر؛ نحو: ما أنا بالذي قائل لك سوءا. واستثنيت "أي" من طول الصلة؛ لأنها ملازمة للإضافة، لفظًا أو تقديرًا؛ وكذا يستثنى من اشتراط الطول: "لا سيما محمد"؛ فإنهم أجازوا في رفع محمد، أن تكون "ما" موصولة، مضافا إليها، ومحمد خبر لمبتدأ محذوف وجوبا؛ أي: لا مثل الذي هو محمد؛ فحذف العائد ولم تطل الصلة، والحذف مقيس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 وشذت قراءة بعضهم: {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنُ} 1 وقوله: من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه2 والكوفيون يقيسون على ذلك3.   1 برفع "أحسن" على أنه خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو أحسن، وهي قراءة يحيى بن يعمر. ويجوز أن يكون "الذي" موصولا حرفيا فلا يحتاج إلى عائد, أي: على إحسانه، وأن يكون نكرة موصوفة فلا تحتاج إلى صلة. 2 صدر بيت من البسيط، لا يعرف قائله. وعجزه: ولا يحد عن سبيل المجد والكرم اللغة والإعراب: يعن؛ بالبناء للمجهول لزوما على المشهور: يعتني ويهتم. الحمد: الثناء. سفه: السفه رقة العقل وضعفه، والمراد لازمه؛ وهو قول السوء والفحش. لا يحد: لا يمل ولا ينحرف. "من" اسم شرط جازم مبتدأ. "يعن" فعل الشرط مجزوم بحذف الألف. "لم ينطق" الجملة جواب الشرط، وجملة الشرط، وجوابه خبر المبتدأ. "بما" ما: اسم موصول في محل جر بالباء. "سفه خبر لمبتدأ محذوف، أي: بما هو سفه، والجملة صلة. المعنى: إن المرء الذي يهتم بأن يكون محمود السيرة -يحمده الناس ويثنون عليه- لا ينطق بالسوء من القول، ولا ينحرف عن الطريق السوي؛ طريق الحلم والكرم وفضائل الأخلاق. الشاهد: في "بما سفه"؛ حيث حذف العائد إلى الاسم الموصول من جملة الصلة، وهو مرفوع، ولم تطل الصلة. وهذا شاذ عند البصريين. 3 أي: على الشاذ من القراءة والبيت، وتبعهم ابن مالك في ذلك، إلا أنه جعل الحذف قليلًا، إذ يقول: إن يستطل وصل وإن لم يستطل ... فالحذف نزر وأبوا أن يختزل إن صلح الباقي لوصل مكمل ... ................................... * =   * "إن شرطية". يستطل "فعل الشرط". "وصل" نائب فاعل وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. "وإن لم يستطل "شرط وفعله. فالحذف نزر" الفاء واقعة في جواب الشرط والجملة من المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط "وأبوا" فعل وفاعل. "أن يختزل" نائب الفاعل يعود على وصل، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مفعول أبوا. "إن" شرطية. "صلح الباقي" فعل الشرط وفاعله، والجواب محذوف. "لوصل" متعلق بصلح. "مكمل" نعت لوصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 ويجوز حذف المنصوب: إن كان متصلًا، وناصبه فعل1، أو وصف، غير صلة الألف واللام2؛ نحو: {يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} ؛ وقوله: ما الله موليك فضل فاحمدنه به3   = سبق أن ذكر الناظم في عجز البيت السابق: أن غير "أي" من الموصولات، يتبع "أيا" ويكون مثلها في حذف صدر صلتها الضمير؛ وهنا يقول: إن هذا الحذف كثير إن استطالت الصلة، ونزر -أي: قليل- إن لم تستطل. وكل ذلك؛ بشرط ألا يصلح الباقي لأن يكون صلة. وخلاصة ما تقدم: أن الكوفيين يجيزون حذف العائد المرفوع بالابتداء مطلقًا؛ طالت الصلة أم قصرت، سواء كان الموصول "أيا" أم غيرها. ويوافقهم البصريون في "أي" أما غيرها فيشترطون طول الصلة؛ فالخلاف بينهما فيما إذا لم تطل الصلة، وكان الموصول غير "أي". وحجة الكوفيين السماع، وعند البصريين شاذ. 1 أي: تام، فلا حذف في نحو: جاء الذي كانه محمد على الأصح. 2 أما منصوب صلة الألف واللام؛ فلا يجوز حذفه إذا عاد إليها؛ لأنه دليل على اسميتها الخفية، فلو حذف ضاع هذا الغرض، أما إذا عاد على غيرها فيجوز حذفه؛ نحو: جاء الذي أنا المكرم. 3 صدر بيت من البسيط، لم يذكر النحاة قائله. وعجزه: فما لدى غيره نفع ولا ضرر اللغة والإعراب: موليك: مانحك ومعطيك. وهو اسم فاعل من أولى يولي؛ أي: أعطى. فضل: منه وعطاء تفضلًا منه. "ما" اسم موصول مبتدأ. "الله" مبتدأ ثان. "موليك" خبره مضاف إلى الكاف من إضافة اسم الفاعل لمفعوله الأول، والجملة صلة الموصول والعائد محذوف؛ أي: موليكه. "فضل" خبر ما. "فاحمدنه" الفاء واقعة في جواب شرط مقدر؛ أي: إذا كان كذلك فاحمدنه، واحمدنه: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 بخلاف: جاء الذي إياه أكرمت1، وجاء الذي إنه فاضل، أو كأنه أسد2. أو أنا الضاربه3. وشذ قوله: ما المستفز الهوى محمود عاقبة4   = التوكيد الخفيفة، والهاء مفعوله. "فما" الفاء للتعليل، و"ما" نافية مهملة. "لدى غيره" ظرف خبر مقدم ومضاف إيه. "نفع" مبتدأ مؤخر. ويجوز أن تكون "ما" عاملة عمل ليس، و"لدى" خبرها مقدم، و"نفع" اسمها مؤخر. المعنى: إن الذي يهبه الله لك من النعم، تفضل مبتدأ منه عليك، وليس جزاء تقدم من عمل، فاحمد الله واشكره على ذلك؛ فهو وحده النافع الضار، وغيره لا يملك من أمر المخلوقات شيئا. الشاهد: حذف الضمير العائد على الموصول المنصوب بوصف غير صلة لأل؛ وهو "مولى". وقدرناه متصلا تمشيا مع قول المصنف، وإلا فالأرجح هنا: موليك إياه. وتقييد المصنف بالمتصل؛ احترازا من المنفصل، المقصود به الحصر لا غير كما هنا. 1 لأن الضمير منفصل، فإذا حذف التبس بالمتصل، وفات الغرض من تقديمه، وهو إفادة الحصر؛ فإن كان لغير الحصر، جاز حذفه: نحو: {فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ} ؛ أي: آتاهم إياه. ولا يقدر متصلًا؛ لأن اتحاد رتبة الضميرين في الغيبة يضعف الوصل. 2 لأن الناصب غير فعل ولا وصف. 3 لأن الوصل صلة لأل. 4 صدر بيت من البسيط، لم يعرف قائله. وعجزه: ولو أتيح له صفو بلا كدر اللغة والإعراب: المستفز: اسم فاعل من استفزه؛ أزعجه واستخفه. الهوى: ميل النفس إلى ما تشتهي. أتيح: هيئ وقدر. "ما" نافية مهملة, أو عاملة عمل ليس. "المستفز" مبتدأ أو اسمها. "الهوى" فاعل المستفز، ومفعوله محذوف عائد إلى أل؛ أي: المستفزه "محمود" بالرفع خبر المبتدأ، وبالنصب خبر ما. "ولو" الواو عاطفة على محذوف، و"لو" حرف شرط غير جازم. "بلا" الباء جارة، و"لا" اسم بمعنى. "غير" ظهر إعرابها على ما بعدها. "كدر" مضاف إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وحذف منصوب الفعل كثير1، ومنصوب الوصف قليل. ويجوز حذف المجرور: بالإضافة، إن كان المضاف وصفًا غير ماض2؛ نحو: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} 3، بخلاف: جاء الذي قام أبوه، وأنا أمس ضاربه4.   = المعنى: ليس المرء الذي يستخف به الهوى ويستهويه، ويتبع شهوات نفسه، وينقاد لها، محمود العواقب، يعيش دائما في أمن واطمئنان، ولو قدر له عيش هنيء خالص من المنغصات؛ فهو عيش غير مأمون الدوام. الشاهد: حذف العائد من صلة أل؛ وهو منصوب بالوصف، وذلك شاذ، وقيل قليل. وفي حذف العائد المنصوب يقول ابن مالك: .................................... ... والحذف عندهم كثير منجلي في عائد متصل إن انتصب ... بفعل أو وصف كمن نرجو يهب * أي: إن الحذف كثير إذا كان العائد ضميرا متصلا منصوبا بفعل تام، أو بوصف غير صلة لأل؛ مثل: من نرجو يهب؛ أي: من نرجوه يهب. 1 لأن الأصل في العمل للفعل؛ فتصرفه في معموله على نطاق واسع. أما الوصف ففرع في العمل، فهو أضعف. 2 بأن يكون اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال، أو اسم مفعول كذلك بشرط أن يكون فعله متعديا لاثنين؛ ليكون أحدهما نائب فاعل، والثاني هو المضاف إليه لفظه. 3 أي: الذي أنت قاضيه. وهذا مثال لاسم الفاعل، ومثال اسم المفعول: يكفيني ما أنا معطي الآن أو غدا؛ أي: معطاه. 4 لأن المضاف في الأول ليس بوصف، وفي الثاني وصف ماض، وهو لا يعمل.   * "والحذف" مبتدأ. "عندهم" ظرف متعلق بالحذف أو بكثير الواقع خبر للمبتدأ. "منجلي" خبر ثان أو نعت للخبر. "في عائد" متعلق بمنجلي أو بكثير. "متصل" نعت لعائد. "انتصب" فعل الشرط وفاعله يعود على عائد وسكن للوقف. "بفعل" متعلق بانتصب. "أو وصف" معطوف على فعل. "كمن" الكاف جار لمحذوف، و"من" اسم موصول مبتدأ وجملة "نرجو" صلة والعائد محذوف؛ أي: نرجوه. "يهب" الجملة خبر المبتدأ، وسكن يهب للضرورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 والمجرور بالحرف إن كان الموصول أو الموصوف بالموصول، مجرورًا بمثل ذلك الحرف معنى متعلقًا1؛ نحو: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} 2، أي: منه.   1 أما السبب في أن يكون الموصول مجرورا بحرف، مثل الحرف الذي جر به العائد المحذوف لفظا ومعنى، فهو: أن اسم الموصول هو نفس ضميره في المعنى، فإذا حذف الضمير ومعه حرف الجر، كان في الكلام ما يدل عليهما. وينبغي أن يكون المتعلق -أي: العامل- في كل منهما، مشابها للآخر في لفظه ومعناه، أو في معناه فقط؛ نحو: فرحت بالذي سررت؛ أي: به، ولا مانع من أن يكون أحد المتعلقين ماضيا، والآخر مضارعا من مادته، أو أمرا كذلك. أو يكون أحدهما فعلا، والآخر مشتقا من المادة نفسها بمعناه. 2 "مما" ما الموصولة مجرورة بمن التبعيضية وهي متعلق بيشرب، والعائد محذوف مجرور كذلك بمن التبعيضية، وهي متعلقة بيشربون، والتقدير: ويشرب من الذي تشربون منه؛ فاتفق الحرفان لفظا ومعنى ومتعلقا. وفي حذف العائد المجرور يقول ابن مالك: كذاك حذف ما بوصف خفضا ... كأنت قاض بعد أمر من قضى كذا الذي جر بما الموصول جر ... كمر بالذي مررت فهو بر* أي: كذلك يجوز حذف الرابط المجرور بالإضافة إذا كان عامله وصفا؛ مثل كلمة "قاض" الواقعة بعد فعل أمر من قضى؛ يشير إلى قوله تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} ؛ أي: ما أنت قاضيه. وكذلك العائد المجرور بحرف جر مثل الذي جر الموصول لفظًا ومعنى ومتعلقا نحو: مررت بالذي مررت؛ أي: به.   * "كذاك" خبر مقدم. والإشارة إلى حذف الضمير المنصوب. "حذف" مبتدأ مؤخر. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "بوصف" متعلق بخفضا الواقع صلة الموصول. "كأنت قاض" مبتدأ وخبر والكاف جارة لقول محذوف؛ أي: كقولك. "بعد" ظرف متعلق بمحذوف نعت للقول المحذوف، أو حال من أنت قاض قصد لفظه. "أمر" مضاف إليه. "من قضى" جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت، أي: بعد أمر مشتق من مادة قضى. "كذا" خبر مقدم. "الذي" مبتدأ مؤخر. "جر" ماض للمجهول ونائب فاعله يعود على الذي، والجملة صلة لها. "بما" متعلق بجر. "الموصول" مفعول جر مقدم. "جر" فعل ماض وفاعله يعود على ما والجملة صلتها. "كمر" جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف. "بالذي متعلق به. "مررت" الجملة صلة والعائد محذوف؛ أي: به. "فهو بر" مبتدأ وخبر، والفاء واقعة في جواب شرط محذوف، وجملة المبتدأ والخبر في محل جزم جواب ذلك الشرط المحذوف؛ أي: إن مررت به فهو بر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 وقوله: لا تركنن إلا الأمر الذي ركنت ... أبناء يعصر حين اضطرها القدر1 وشذ قوله: وأي الدهر ذو لم يحسدوني2 أي: فيه.   1 شاهد من البسيط، لكعب بن زهير بن أبي سلمى. اللغة والإعراب: لا تركنن: لا تميلن، من ركن إليه؛ مال وسكن. الأمر المراد به هنا: الفرار من القتال. يعصر: أبو قبيلة من باهلة. "لا" ناهية. "تركنن" مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم. "الذي" صفة للأمر. "أبناء" فاعل ركن. "يعصر" مضاف إليه ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، والجملة صلة. "حين" ظرف منصوب بركنت. "اضطرها القدر" الجملة في محل جر بإضافة حين. المعنى: لا تجنح إلى الهزيمة، والفرار من القتال، وعدم الصمود أمام الأعداء؛ كما فعلت أبناء يعصر حين اضطرت إلى ذلك. الشاهد: جر الموصوف بالموصول -وهو "الأمر"- بإلى، وهي متعلقة بتركنن، وجر العائد المحذوف لفظا ومعنى ومتعلقا، ولهذا ساغ الحذف، ولا يضر اختلاف الصيغتين. هذا: ويمنع حذف العائد المجرور فيما يأتي: أ- إذا كان الضمير محصورا؛ نحو: مررت بالذي ما مررت إلا به، أو إنما مررت به. ب- إذا وقع المجرور مع الجار موقع النائب عن الفاعل؛ نحو: مررت بالذي مر به. جـ- إذا أوقع حذفه في لبس؛ نحو: رغبت في الذي رغبت فيه؛ فإن حذف "فيه" يوقع في لبس أن يكون المراد: رغبت عنه. د- إذا كان في الكلام ضميران لا يتعين أحدهما للربط؛ نحو: مررت بالذي مررت به في داره؛ فإن حذف "به" قد يغير المعنى المراد. 2 عجز بيت من الوافر، ينسب لحاتم الطائي، الجواد المشهور، وصدره: ومن حسد يجور على قومي = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 وقوله: وهو على من صبه الله علقم1 أي: عليه؛ فحذف العائد المجرور مع انتفاء خفض الموصول في الأول، ومع اختلاف المتعلق في الثاني، وهما: صب، وعلقم.   = اللغة والإعراب: من حسد: من للتعليل، والحسد: تمني زوال نعمة الغير. يجور على قومي: يظلمونني. "من حسد" متعلق بيجور. "علي" متعلق به. "قومي" فاعل يجور. "وأي" استفهامية مبتدأ. "الدهر" مضاف إليه. "ذو" اسم موصول بمعنى الذي خبر. "أي" مبني على الواو في لغة طيئ. "لم يحسدوني" الجملة صلة، والعائد محذوف؛ أي: فيه. المعنى: إن قومي يظلمونني، ويجاوزون حد الاعتدال معي؛ حسدا منهم علي وبغضا، وحسدهم هذا دائم متواصل، فأي وقت من الأوقات الذي لم يحسدوني فيه؟. الشاهد: في ذو "لم يحسدوني"؛ حيث حذف العائد إلى الموصول من جملة الصلة؛ وهي "لم يحسدوني" والعائد مجرور بحرف جر محذوف أيضا، وهو مخالف لما جر به الموصول، وذلك شاذ. والذي سهل الحذف كون الموصوف بالموصول اسما مرادا به زمان، ولهذا قال بعضهم: إن الحذف في مثل ذلك قياسي. 1- عجز بيت من الطويل، لرجل من همدان لم يعين اسمه، وصدره: وإن لساني شهدة يشتفى بها اللغة والإعراب: شهدة هي العسل ما دام في شمعه. عقلم: هو الحنظل، وكل شيء مر. "وهو" بتشديد الواو -للوزن- على لغة همدان، مبتدأ. "علقم" خبر "على من" جار ومجرور متعلق بعلقم؛ لأنه بمعنى مر، و"من" اسم موصول بمعنى الذي، وجملة "صبه الله" صلة والعائد محذوف مجرور بعلى متعلق بصب؛ أي: صبه الله عليه. المعنى: إن لساني مثل الشهد والعسل، فيه شفاء للناس الذين أحبهم، وأثني عليهم، وهو مثل الحنظل في المرارة، على من سلطه الله عيه ممن أكره. الشاهد: في "علي من صبه الله"؛ حيث حذف العائد المجرور بحرف جر محذوف، مع اختلاف المتعلقين؛ وهما: صب وعلقم. وهذا شاذ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 ...............................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف الموصول، وبين الفرق بين الحرفي والاسمي، ووضح ما تقول بالأمثلة. 2 اذكر ثلاثة من الموصولات الخاصة، ومثلها من المشتركة، ومثل لما تذكر. 3 متى تبنى "أي" الموصولة؟ ومتى تعرب؟ وما الذي يشترط في صلة أل؟ اذكر أمثلة موضحة من إنشائك. 4 اشرح "ذو" و"ذا" الموصولتين، وبين حكمهما في الإعراب وما يشترط في صلتهما. 5 بين الفرق بين "ما" و"من" الموصولتين، وما حكم الضمير العائد إليهما من حيث المطابقة؟ وضح ذلك بالأمثلة. 6 اشرح قول ابن مالك: وكلها يلزم بعده صله ... على ضمير لائق مشتمله 7 اذكر الشروط اللازمة في جملة الصلة، وما الذي يشترط في حذف العائد، مرفوعا، ومنصوبا، ومجرورا؟ مع التمثيل. 8 فيما يأتي شواهد في باب الموصول، بين الشاهد، ووضح موضعه من الإعراب: قال تعالى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ} ، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} ، {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} ، {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} . من القوم الرسول الله منهم ... لهم دانت رقاب بني معد لا تنو إلا الذي خير فما شقيت ... إلا نفوس الألى للشر ناوونا أظنك دون المال ذو جئت طالبا ... ستلقاك بيض للنفوس قوابض أبى الله للشم الألاء كأنهم ... سيوف أجاد القين يوما صقالها وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة ... فبح لان منها بالذي أنت بائح 9 في البيتين الآتيين شذوذ كما يقول النحاة. بين السبب، وأعرب ما تحته خط: من لا يزال شاكرا على المعه ... فهو حر بعيشة ذات سعه أخ مخلص واف صبور محافظ ... على الود والعهد الذي كان مالك 10 اشرح البيت الآتي وأعربه: لما نافع يسعى اللبيب فلا تكن ... لشيء بعيد نفعه الدهر ساعيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 المعرف بالأداء مدخل ... المعرف بالأداء: وهي "أل"، لا اللام وحدها، وفاقا للخليل وسيبويه2، وليست الهمزة زائدة، خلافًا لسيبويه3، وهي:   هذا باب المعرَّف بالأداة 1 هو اسم نكرة دخلت عليه "أل" المعرفة فأكسبته التعريف والتعيين. 2 فهما متفقان على أن المعرف "أل" والخلاف بينهما في الهمزة؛ أزائدة هي أم أصلية؟ فالخليل يرى أنها أصلية، وهي قطع وتوصل في الدرج. والخليل هو: ابن أحمد عبد الرحمن الفراهيدي، نسبة إلى فراهيد بن مالك الأزدي البصري. أستاذ سيبويه والأصمعي. أخذ عن أبي عمرو بن العلاء، وكان سيد الأدباء في عصره؛ في علمه وزهده وورعه، آية في الذكاء؛ يقال: إنه لم يكن في العربية بعد الصحابة أذكى منه، ولا أجمع لعلم العربية. وهو أول من استخرج العروض، وضبط اللغة، وحصر أشعار العرب. وكان مع هذا عفيف النفس، غاية في الزهد والورع. قيل: إنه كان يحج سنة ويغزو سنة، ولا يحب صحبة الأمراء والولاة. وجه إليه سليمان بن علي والي الأهواز لتأديب ولده، فأخرج الخليل لرسول سليمان خبزا يابسا، وقال له: كل، فما عندي غيره، وما دمت أجده فلا حاجة لي إلى سليمان، فقال له الرسول: وما أبلغه؟ فقال: أبلغ سليمان أني عنه في سعة ... وفي غنى غير أني لست ذا مال سخى بنفس أني لا أرى أحدا ... يموت هزلا ولا يبقى على حال والفقر في النفس لا في المال نعرفه ... ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال قال سفيان الثوري: من أحب أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد. وقال النضر بن شميل: أكلت الدنيا بعلم الخليل وهو في خصي من أخصاص البصرة لا يشعر به أحد: وهو القائل: اعمل بعلمي ولا تنظر إلى عملي ... ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري وله مؤلفات كثيرة منها: كتاب العين في اللغة، وكتاب الجمل، والشواهد، والعروض، وتوفي -رحمه الله- سنة 175هـ، وقد نيف على السبعين. 3 فقد قال: إن الألف زائدة، ونقل عنه: أن المعرف هو اللام وحدها. وإليه أشار الناظم بقوله: "أل" حرف تعريف أو "اللام" فقط ... فنمط عرفت قل فيه "النمط"* أي: إن "أل" مركبة من الهمزة واللام، حرف تعريف، أو التعريف باللام وحدها والهمزة للوصل؛ فإذا أردت تعريف كلمة "نمط" فقل "النمط" بإدخال أل عليها. والنمط: نوع من البسط، وهو الذي يسمى في العرف "الكليم"، ويطلق أيضًا على الجماعة من الناس تتشابه في الأمر، وثوب يطرح على الهودج، والجمع أنماط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 "أل" الجنسية 1: إما جنسية فإن لم تخلفها "كل" فهي لبيان الحقيقة2؛ نحو: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} وإن خلفتها "كل" حقيقة، فهي لشمول أفراد الجنس؛ نحو: {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} 3. وإن خلفتها مجازا فلشمول خصائص الجنس مبالغة4؛ نحو: أنت الرجل علما.   = بقوله: "أل" حرف تعريف أو "اللام" فقط ... فنمط عرفت قل فيه "النمط"* أي: إن "أل" مركبة من الهمزة واللام، حرف تعريف، أو التعريف باللام وحدها والهمزة للوصل؛ فإذا أردت تعريف كلمة "نمط" فقل "النمط" بإدخال أل عليها. والنمط: نوع من البسط، وهو الذي يسمى في العرف "الكليم"، ويطلق أيضًا على الجماعة من الناس تتشابه في الأمر، وثوب يطرح على الهودج، والجمع أنماط. 1 هي الداخلة على نكرة تفيد معنى الجنس المحض. 2 أي: الحقيقة الذهنية التي تتكون في العقل من غير نظر إلى ما تنطبق عليه من أفراد. والفرق بين المعرف بأل هذه، وبين النكرة: أن هذا المعرف يدل على الحقيقة بقيد حضورها في الذهن، أما النكرة فتدل عليها بدون قيد. 3 فإنه يصح أن يقال على الحقيقة كل فرد من أفراد الإنسان ضعيف. وعلامة "أل" هذه: أن يصح الاستثناء مما دخلت عليه؛ نحو: {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} ويصح نعته بالجمع؛ نحو: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} ومدخول "أل" هذه من حيث التعريف، في درجة علم الجنس لفظًا ومعنى. 4 "أل" هذه تدخل على واحد من الجنس، فتفيد الإحاطة والشمول للأفراد، ولكن لصفة من الصفات الشائعة بينها على سبيل المبالغة؛ فإنه لو قيل: أنت كل رجل علما، لصح على سبيل المجاز، ومعناه: قد اجتمع فيك ما تفرق في كل الرجال من العلم؛ فأنت محيط بهذه الصفة إحاطة شاملة. وما تدخل عليه "أل" من هذين النوعين، في درجة علم الشخص؛ لفظه معرفة تجري عليه أحكام المعرفة، فيكون مبتدأ. ونعتا للمعرفة، وصاحب حال.. إلخ. ومعناه معنى النكرة المسبوقة بكلمة "كل" فيشمل كل فرد من أفراد مدلولها.   * "أل" مبتدأ. "حرف تعريف" خبر ومضاف إليه. "أو" عاطفة "اللام" مبتدأ خبره محذوف لدلالة ما قبله عليه، أي: أو اللام حرف تعريف. "فقط" الفاء زائدة لتزيين اللفظ، و"قط" اسم بمعنى حسب؛ أي: كاف, مبني على السكون في محل نصب حال من اللام؛ أي: حال كونها حسبك؛ أي: كافيتك عن غيرها. وقيل الفاء واقعة في جواب شرط مقدر، وقط في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، أو اسم فعل أمر بمعنى انته؛ أي: إذا عرفت ذلك فهو كافيك، أو فانته عن طلب غيره. "فنمط" مبتدأ. "عرفت" الجملة صفة لنمط. "فيه" متعلق يقل "النمط" مفعول قل مقصود لفظه، والجملة من الفعل والفاعل خبر المبتدأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 آل العهدية : وإما عهدية1، والعهد إما ذِكرِى2؛ نحو: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} . أو علمي3؛ نحو: {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} ، {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} . أو حضوري4؛ نحو {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} . فصل: وقد ترد "أل" زائدة أي: غير معرفة5؛ وهي: إما لازمة: كالتي في علم قارنت وضعه؛ كالسموأل، واليسع، و {اللاَّتَ وَالْعُزَّى} 6 أو في إشارة وهو "الآن"7، وفاقا للزجاج والناظم، أو في موصول وهو "الذي، والتي" وفروعهما؛ لأنه لا يجتمع تعريفان، وهذه معارف بالعلمية والإشارة،   1 أي: للعهد، وهي التي تدخل على النكرة فتفيدها نوعا من التعريف يجعل مدلولها معينا، بعد أن كان مبهما، لما يأتي من أسباب. 2 هو ما تقدم فيه ذكر لمصحوب "أل" في الكلام؛ كـ"رسولا" في الآية. 3 وهو أن يكون ما فيه "أل" معلوما عند المخاطب، ومعروفا له معرفة ذهنية، لا بسبب ذكره في الكلام. 4 أي: أن يكون ما فيه "أل" حاضرا وقت الكلام؛ فالمراد باليوم في الآية اليوم الحاضر، وهو يوم عرفة. 5 أي: ولا موصولة وإن كانت غير صالحة للسقوط. 6 السموأل: اسم شاعر جاهلي مشهور بالوفاء. واليسع: اسم نبي من الأنبياء، واللات: علم مؤنث لصنم كان لثقيف بالطائف على شكل رجل يلت السويق. والعزى: كانت سمرة تعبدها غطفان. وقد بعث الرسول -عليه السلام- خالد بن الوليد فقطعها. 7 هذا بناء على أنه ظرف زمان معناه الزمان الحاضر، وتعريفه بما تعرفت به أسماء الإشارة. والجمهور على أنه علم جنس للزمان الحاضر، وتعريفه بالعلمية، وهو مبني على الفتح دائما. وقيل: إنه معرب منصوب، وقد يجر بمن قليلا، و"أل" فيه معرفة للعهد الحضوري، وليست زائدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 والصلة. وإما عارضة1: إما خاصة بالضرورة؛ كقوله: ولقد نهيتك عن بنات الأوبر2 وقوله: صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو3   والجمهور على أنه علم جنس للزمان الحاضر، وتعريفه بالعلمية، وهو مبني على الفتح دائما. وقيل: إنه معرب منصوب، وقد يجر بمن قليلا، و"أل" فيه معرفة للعهد الحضوري، وليست زائدة. 1 أي: زائدة غير لازمة. 2 عجز بيت من الكامل، أنشده ابن جني، واستشهد به أبو زيد في النوادر، ولم يذكر قائله وصدره: ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا اللغة والإعراب: جنيتك: جنيت لك، حذف الجار توسعا فاتصل الضمير. أكمؤا: جمع كمء، ويجمع الكمء على كمأة، وهو نبات في البادية معروف، له ثمر كالقلقاس، يقال له: شحم الأرض. عساقلا: جمع عسقول، وهو الكبير الأبيض من الكمأة. بنات أوبر: علم على نوع من الكمأة، صغير رديء الطعم, له زعب لونه كالتراب. والإعراب واضح. المعنى: لقد جنيت لك النوع الجيد من الكمأة, ونهيتك عن جني الرديء الخبيث منه. الشاهد: في "بنات أوبر" حيث زيدت فيه "أل" للضرورة، وهو كما ذكر علم على نوع من الكمأة، والعلم لا تدخله أل. 3 عجز بيت من الطويل، لرشيد بن شهاب اليشكري، يخاطب قيس بن مسعود اليشكري وصدره: رأيتك لما أن عرفت وجوهنا اللغة والإعراب: وجوهنا: ذواتنا، أو عطماءنا وزعماءنا. صددت: أعرضت وابتعدت. طبت النفس: طابت نفسك ورضيت. "لما" ظرف بمعنى حين متعلق برأي. "أن" زائدة. "صددت" الجملة مفعول ثان لأرى. "النفس" تمييز. "عن عمرو" متعلق بطبت. المعنى: يخاطب قيسا ويندد به، فيقول: لما رأيتنا ورأيت أكابرنا وعظماءنا، رضيت نفسك، وامتنعت عن الأخذ بثأر صديقك عمرو الذي قتلناه. وكان قوم الشاعر قد قتلوا عمرا، وهو صديق لقيس. الشاهد: زيادة "أل" على النفس للضرورة، وهو تمييز واجب التنكير عند البصريين. أما الكوفيون فلا يوجبون تنكير التمييز، وعليه لا تكون "أل" زائدة؛ بل معرفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 لأن "بنات أوبر" علم و"النفس" تمييز؛ فلا يقبلان التعريف. ويلتحق بذلك ما زيد شذوذًا؛ نحو: "ادخلوا الأول فالأول"1.   1 "الأول" حال من الواو في ادخلوا. "فالأول" عطف عليه. و"أل" فيهما زائدة؛ لأن الحال واجب التنكير، ومعناه: ادخلوا مترتبين الأسبق فالأسبق. والحق أن الحال مجموع للفظين "الأول فالأول" وإن كان ثانيهما معطوفا في اللفظ. وفيما سبق من زيادة "أل"، لازمة وغير لازمة، يقول ابن مالك: وقد تزاد لازما كاللات ... والآن والذين ثم اللاتي ولاضطرار كبنات الأوبر ... كذا و"طبت النفس يا قيس" السري* أي: إن الألف واللام تأتي زائدة أي: غير معرفة. وهي في هذه الزيادة لازمة كاللات؛ وما بعده، وغير لازمة وهي التي تدخل على العلم اضطرارًا كما مثل. وفي البيت الثاني إشارة إلى بيت ابن شهاب اليشكري. والسري: الشريف، وأصله السري بتشديد الياء.   * "قد" حرف تقليل. "تزاد" مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود على "أل" من حيث هي، لا بقيد كونها للتعريف. "لازما" حال من مصدر الفعل السابق؛ أي: حال كون المزيد لازما، أو صفة لمصدر محذوف؛ أي: زيد لازما. "كاللات" جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف متعلق بتزاد. "كبنات" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، وتقدم مثله. "الأوبر" مضاف إليه. "كذا" جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف من مادة القول. "النفس" تمييز. "يا" حرف نداء. "قيس" منادى مبني على الضم. "السري" نعت له، وجملة وطبت النفس مقول القول المحذوف. وتقدير الكلام: وقولك: طبت النفس يا قيس كذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 وإما مجوزة للمح الأصل1: وذلك أن العلم المنقول مما يقبل "أل"، قد يلمح أصله فتدخل عليه "أل". وأكثر وقوع ذلك في المنقول عن صفة؛ كحارث وقاسم، وحسن وحسين، وعباس وضحاك. وقد يقع في المنقول عن مصدر كفضل، أو اسم عين كنعمان؛ فإنه في الأصل اسم للدم. وقد يقع في المنقول عن مصدر كفضل، أو اسم عين كنعمان؛ فإنه في الأصل اسم للدم. والباب كله سماعي2؛ فلا يجوز في نحو: محمد، وصالح، ومعروف. ولم تقع في نحو: "يزيد" و"يشكر"؛ لأن أصله الفعل، وهو لا يقبل أل. وأما قوله: رأيت الوليد بن اليزيد مباركًا3 ... فضرورة، سهلها تقدم ذكر الوليد   1 قوله: "وإما" معطوف على قوله: إما خاصة بالضرورة، فهو ضرب اختياري يلجأ إليه لغرض. ومعنى لمح الأصل: أن ينظر ويلمح أصله المنقول عنه قبل أن يكون علما؛ لتكون هنالك صلة معنوية بين المعنى القديم والجديد، فإن كان يقبل "أل" بأن لم يكن فعلا، دخلت "أل" عليه. 2 يرى بعض المحدثين: أن من الخير أن يقاس على ذلك؛ لأن الغرض الذي من أجله زيدت اللام متجدد في كل العصور، فلا يصح قصره على ما سمع قديما. هذا: وأكثر وقوعها على المنقول من صفة، ويليه دخولها على المنقول من مصدر، ثم على المنقول من اسم عين؛ كما رتب المصنف. 3 تقدم هذا البيت في باب "المعرب والمبني" صفحة 74. الشاهد فيه هنا: دخول "أل" على اليزيد، وهو في الأصل فعل لا تدخل عليه أل. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وبعض الأعلام عليه دخلا ... للمح ما قد كان عنه نقلا كالفضل والحارث والنعمان ... فذكر ذا وحذفه سيان*   * "وبعض الأعلام" مبتدأ ومضاف إليه. "عليه" متعلق بدخلا الواقع خبر للمبتدأ، وفاعله يعود على "أل" والألف للإطلاق. "للمح" متعلق بدخل. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "قد" حرف تحقيق. "كان" فعل ماض ناقص واسمه يعود على بعض. "عنه" متعلق بنقل، وجملة "نقل" في محل نصب خبر كان، ونائب الفاعل يعود على بعض الأعلام، وجملة كان ومعموليها صلة الموصول. "كالفضل" خبر لمبتدأ محذوف. "والحارث والنعمان" معطوفان على الفضل. "فذكر" مبتدأ. "ذا" اسم إشارة مضاف إليه. "وحذفه" معطوف على ذكره، وهو مضاف إلى الضمير. "سيان" خبر المبتدأ وما عطف عليه. مرفوع بالألف؛ لأنه مثنى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 فصل: في التعريف بالغلبة من المعرف بالإضافة، أو الأداة، ما غلب على بعض من يستحقه 1 حتى التحق بالأعلام. فالأول: كـ "ابن عباس، وابن عمر بن الخطاب، وابن عمرو بن العاص، وابن مسعود" 2؛ غلبت على العبادلة 3 دون من عداهم من إخوتهم. والثاني: "كالنجم للثريا، والعقبة، والبيت، والمدينة، والأعشى" 4.   1 أي: على فرد من مدلولاته دون باقي الأفراد؛ بسبب شهرة أو نحوها. 2 كانت كلمة "ابن" في هذه الأمثلة وأشباهها -معرفة؛ لأنها مضافة إلى معرفة، ولكن العلم بالغلبة "أي: الشهرة"- هو مجموع الكلمتين، فصار التعريف بها وألغيت درجة التعريف السابقة. وعلى ذلك فالعلم قسمان: علم بالوضع ويشمل: علم الشخص وعلم الجنس. وعلم بالغلبة وهو هذا، وهو في درجة علم الشخص. 3 العبادلة: جمع عبدل وهو اسم منحوت من عبد الله، كما قالوا: بسملة -في بسم الله. وحمدلة- في الحمد لله.. إلخ. 4 كلمة النجم في الأصل: تشمل كل نجم، ثم صارت علما للثريا. والعقبة في الأصل: اسم لكل طريق صاعد في الجبل، ثم صارت علما على عقبة منى, أو التي على حدود مصر. ولفظ البيت: يطلق على كل بيت، ثم أصبح علما على البيت الحرام. واختصت المدينة بالمدينة المنورة بقبر الرسول. والأعشى: كل من لا يبصر ليلا، ثم صار علما على أعشى همدان، ونحوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 و"أل" هذه زائدة لازمة، إلا في نداء أو إضافة، فيجب حذفها1، نحو: يا أعشى باهلة، وأعشى تغلب. وقد تحذف في غير ذلك؛ سمع: هذا عيوق2 طالعًا، وهذا يوم اثنين مباركًا فيه.   1 لأن حرف النداء والإضافة لا يجامعان "أل"، شأنها في ذلك شأن "أل" المعرفة. 2 قال في اللسان: عيوق: نجم أحمر مضيء بحيال الثريا في ناحية الشمال، يطلع قبل الجوزاء، سمي بذلك؛ لأنه يعوق الدبران عن لقاء الثريا. وهذا الحذف شاذ وعيوق على وزن فيعول. وفي العلم بالغلبة يقول ابن مالك: وقد يصير علما بالغلبه ... مضاف أو مصحوب "أل" كالعقبه وحذف "أل" ذي إن تناد أو تضف ... أوجب وفي غيرهما قد تنحذف* أي: قد يصير "المضاف" أو "المعرف بأل" علما بالغلبة، لا بكونه علم شخص ولا علم جنس. وحذف "أل" هذه واجب إذا نودي الاسم المبدوء بها، أو أضيف. وقد تحذف في غير هاتين الحالتين كما ذكر المصنف. تتمة: إذا أريد تعريف العدد بـ"أل": فإن كان مفردا دخلت عليه مباشرة، تقول: في منزلنا العشرون كرسيا, والثلاثون شجرة، وإن كان مضافا فالأحسن إدخالها في المضاف إليه وحده، وقد تدخل على المضاف أيضًا، تقول: عندي ثلاثة الكتب, والثلاثة الكتب، ومائة القرش, والمائة القرش، وألف الصحيفة, والألف الصحيفة. وإن كان العدد مركبا فالأحسن إدخالها على صدره، ويجوز دخولها على العدد كله، تقول: قرأت الأحد عشر كتابًا- والخمس عشرة قصيدة، وقبضت الأحد عشر ألف جنيه- والأحد العشر الألف=   * "وقد" الواو استئنافية، وقد حرف تقليل. "يصير" مضارع ناقص. "علما" خبرها مقدم. "بالغلبة" متعلق بيصير. "مضاف" اسم يصير مؤخر. "أو مصحوب" معطوف على مضاف "أل" مضاف إليه قصد لفظه. "كالعقبة" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كالعقبة. "وحذف أل" مفعول أوجب مقدم مضاف إلى أل. "ذي" اسم إشارة نعت لأل. "إن" شرطية. "تناد" فعل الشرط مجزوم بحذف الياء. "أو تضف" معطوف على تناد. "أوجب" فعل أمر والجملة جواب الشرط، وحذف الفاء منها مع أنها جملة طلبية؛ لضرورة الشعر. "وفي غيرهما" جار ومجرور متعلق بتنحذف، والضمير في غيرهما يعود على النداء والإضافة. "قد" حرف تقليل. "تنحذف" مضارع مرفوع وفاعله يعود على "أل"، وسكن للروي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 ...................................................................   = جنيه. وإن كان معطوفا ومعطوفا عليه فالأحسن دخولها على الجزأين، تقول: أنفقت الواحد والعشرين درهما. وكتبت الخمسة والعشرين سطرا. وإذا كان المضاف إليه معرفا بأل؛ فإن المضاف يكتسب منه التعريف في الإضافة المحضة كما سبق. وسيأتي تفصيل لذلك في بابي العدد والإضافة، إن شاء الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 ....................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف كلا من "أل" الجنسية والعهدية، واذكر أقسام كل، ووضح بالأمثلة. 2 اشرح "أل" التي للمح الأصل، وما معنى لمح الأصل؟ واذكر أمثلة لذلك. 3 وضح العلم بالغلبة، وبين من أي نوع هو؟ ومثل. 4 بم يستشهد النحويون بالآتي في باب المعرف بأداة التعريف؟ قال تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} ، {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} ، {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ} ، {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} . وقال عليه الصلاة والسلام: "كل الصيد في جوف الفرا". يا عز كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك باعد أم العمر من أسيرها ... حراس أبواب لدى قصورها علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم ... بأبيض ماضي الشفرتين يماني 5 بين فيما يأتي: أنواع ما فيه "أل" ووضح سبب ما تقول: هل تذكر يا أخي الاعتداء الثلاثي سنة 1956؟ إن الاعتدا سنة 1967 كان مدبرا من الصهيونية والاستعمار كسابقه. وقد فطن العرب أخيرا إلى ذلك؛ فأجمعوا الأمر، ووحدوا الجبهة، واتخذوا من البترول سلاحا يرهبون به المعتدي، كما اتخذت القناة كذلك. وعلى الرغم من أن المعتدي -اعتمادا على مساندة المستعمر- قد عبث بقرار الجمعية العامة ومجلس الأمن فإن العرب يحترمون الميثاق، ولا سيما ما يتعلق بحقو الإنسان. وعلى الباغي تدور الدوائر. ومن الخير للدول العربية أن تتعاون، فتستعيد المجد الزائل والعز البائد. وليعلموا أن الجبن أخس الطباع، وأن العز في الاتحاد والإقدام. 6 ما سبب تعريف الكلمات الآتية؟ وضح ذلك. النابغة، ذو القرنين، الكتاب، الحديث، الراضي بالله، بنت الصحراء. 7 عبر عن الأعداد الآتية بكلمات عربية، ثم عرفها بأل. 11، 12، 15، 21، 30، 101، 111، 145، 202، 1336. 8 بين سبب تعريف المضاف في العبارة الآتية: حضر عندي بالأمس رسول أخي، وكنت أقرأ كتاب سيبويه مع نفر من أصدقائي، فأسر إلي بأن نسخ هذا الكتاب عزيزة؛ فازداد حرصي عليه، وشغف ذلك النفر به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 المبتدإ والخبر مدخل ... باب المبتدأ والخبر 1: المبتدأ: اسم أو بمنزلته، مجرد عن العوامل اللفظية أو بمنزلته، مخبر عنه، أو وصف رافع لمكتفًى به2. فالاسم نحو: الله ربنا، ومحمد نبينا، والذي بمنزلته نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} 3، و {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ} 4، و"تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"5.   هذا باب المبتدأ الخبر: 1 ما سبق من الأحكام والبحوث كان خاصا بالكلمة المفردة، أما الآن فسنبدأ بالجمل المركبة. والجمل المفيدة قسمان: جمل اسمية؛ كالمبتدأ والخبر، ومنها: اسم الفعل ومرفوعه، والوصف كذلك. وجمل فعلية؛ كجملة الفعل والفاعل، ومنها: جملة النداء كما سيأتي بيانه. 2 أي: مستغنى به عن الخبر، سواء أكان اسما ظاهرا؛ نحو: أمسافر المحمدان؟ أم ضميرا بارزا؛ نحو: أمسافر هما؟ والمراد الوصف ولو تأويلا؛ ليدخل قولهم: "لا نولك أن تفعل كذا" على قول؛ فإن "نول" مصدر بمعنى اسم المفعول، أي: ليس متناولك هذا الفعل, بمعنى لا ينبغي لك تناوله. فنولك: مبتدأ، وأن تفعل: نائب فاعله. وقيل: نولك مبتدأ، وأن تفعل خبره. 3 المصدر المنسبك من "أن" والفعل مبتدأ، و"خير" خبر أي: صومكم خير لكم. 4 "سواء" خبر مقدم أأنذرتهم المصدر المتصيد من همزة التسوية بعد سواء والفعل مبتدأ مؤخر "أم لم تنذرهم" معطوف عليه أي: إنذارك وعدمه سواء، وإنما صح الإخبار بسواء عن المثنى؛ لأنه في الأصل مصدر بمعنى الاستواء، والمصدر يقع على القليل والكثير. وقيل: إن "سواء" خبر إن في صدر الآية، والمصدر المتصيد من "أأنذرتهم" فاعل أي: إن الذين كفروا مستو عليهم إنذارك وعدمه. 5 مثل عربي؛ يضرب لمن يكون خبره والحديث عنه أفضل من مرآه ومنظره. قيل: إن أول من قاله: المنذر بن ماء السماء. "تسمع" بالنصب مضارع بأن محذوفة شذوذًا، وبالرفع = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 والمجرد كما مثلنا. والذي بمنزلة المجرد نحو: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} 1، وبحسبك درهم2؛ لأن وجود الزائد كلا وجود، ومنه -عند سيبويه: {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} 3، وعند بعضهم: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم" 4.   = كذلك بعد حذف أن وزوال عملها، ولا شذوذ فيه، والمصدر المنسبك من الفعل وأن المقدرة مبتدأ أي: سماعك. "خير" خبر. "من أن تراه" من: جارة، والمصدر المنسبك من أن والفعل مجرور بمن متعلق بخبر أي: خير من روؤيته, ويتبين من تكرار الأمثلة: أنه لا فرق بين أن يكون الاسم المؤول مكونا من أن المصدرية المذكورة والفعل. أو متصيدا من همزة التسوية بعد "سواء" والفعل، أو من أن المحذوفة والفعل؛ سواء بقي عملها, أم حذفت وقدرت وزال عملها. 1 "خالق" مبتدأ على زيادة "من" مرفوع بضمة مقدرة منع منها حركة حرف الجر الزائد "غير الله" صفة لخالق ومضاف إليه والخبر محذوف أي: لكم، أو هو خبر المبتدأ. 2 الباء حرف جر زائد، وحسب: مبتدأ في محل رفع, بمعنى كافيك، ودرهم: خبر. 3 الباء زائدة، و"أيكم" اسم استفهام مبتدأ ومضاف إليه "المفتون" خبر، وعند الأخفش: "بأيكم" خبر مقدم، والباء بمعنى في لا زائدة و"المفتون" بمعنى الفتنة مبتدأ مؤخر، وهو مصدر جاء على وزن اسم المفعول. ومنع ذلك سيبويه؛ لأن صيغة مفعول لم تثبت عنده بمعنى المصدر؛ لأن سياق الآية يقتضي أن الاستفهام عن تعيين الشخص الذي وقعت عليه الفتنة من بين المخاطبين لا عن مكان المفتون. 4 هذا جزء من حديث نبوي. وتمامه: "يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". والباءة: النكاح. وجاء: مصدر وجأ من باب نفع، وهو رض عروق البيضتين حتى تنفضخ "أي: تنفتح وتنعصر" من غير إخراج، فيكون شبيها بالخصاء لأنه يكسر الشهوة. "فعليه" الفاء واقعة في جواب الشرط، وعليه: جار ومجرور خبر مقدم. "بالصوم" الباء زائدة، والصوم: مبتدأ مؤخر. أي: الصوم واجب عليه. وهذا قول ابن عصفور. وقيل: إن "عليه" اسم فعل أمر ومعناه ليلزم، وفاعله مستتر فيه وجوبا. "بالصوم" مفعوله على زيادة الباء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 والوصف نحو: أقائم هذان1. وخرج نحو: "نزال"؛ فإنه لا مخبر عنه، ولا وصف، ونحو: أقائم أبواه زيد؛ فإن المرفوع بالوصف غير مكتفى به2، فزيد مبتدأ، والوصف خبر. ولا بد للوصف المذكور من تقدم نفي أو استفهام3؛ نحو: خليلي ما واف بعهدي أنتما4   1 المراد الوصف المشتق الجاري مجرى الفعل في حركاته وعمله؛ كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وكذلك اسم التفضيل، والمنسوب؛ نحو: أعربي الشاعران؟ 2 وذلك لاحتياج الضمير إلى مفسر يسبقه. 3 هذا شرط لاكتفاء الوصف بالفاعل عن الخبر على الأرجح لا يشترط في العمل. والنفي يشمل: النفي بالحرف، وبالفعل، والاسم. والاستفهام يشمل كذلك: الاستفهام بالحرف، وبالاسم. 4 صدر بيت من الطويل، لم ينسبه النحاة لقائل. وعجزه: إذا لم تكونا لي على من أقاطع اللغة والإعراب: واف: اسم فاعل، من وفى بالعهد: أنجزه ولم يخلفه عهدي: هو ما بين الرجلين من صداقة وأخوة. أقاطع: أخاصم وأهجر. "خليلي" منادى بحذف حرف النداء، منصوب بالياء؛ لأنه مثنى، وهو مضاف لياء المتكلم. "ما" نافية "واف" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة، أو اسم لما على أنها عاملة. "أنتما" فاعل لواف سد مسد الخبر. "إذا" ظرف للمستقبل من الزمان. "من" اسم موصول في محل جر بعلى، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر "تكونا" الناقص. "أقاطع" الجملة صلة، والعائد محذوف أي: أقاطعه. المعنى: يا خليلي! لن تقوما بالوفاء بواجب الأخوة والصداقة التي بيننا، إذا لم تكونا عونا لي على من أخاصم وأعادي من الناس. الشاهد: اعتماد الوصف وهو "واف" على النفي وهو اسم فاعل، فرفع فاعلا سد مسد الخبر. وفيه شاهد آخر وهو: أن الفاعل ضمير بارز، مما يدل على أن الضمير البارز كالاسم الظاهر، في أن كلا منهما يكون فاعلًا مغنيا عن خبر الوصف الواقع مبتدأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 ونحو: أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا1 خلافًا للأخفش والكوفيين2.   1 صدر بيت من البسيط، لم يعرف قائله. وعجزه: إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا اللغة والإعراب: قاطن اسم فاعل من قطن بالمكان أقام فيه. ظعنا: اسم من ظعن؛ أي: ارتحل وسار. "أقاطن" الهمزة للاستفهام، وقاطن: مبتدأ. "قوم سلمى" فاعل سد مسد الخبر ومضاف إليه. "أم" عاطفة. "ظعنا" مفعول نووا. "فعجيب" الفاء واقعة في جواب الشرط، وعجيب: خبر مقدم. "عيش" مبتدأ مؤخر. "من" اسم موصول مضاف إليه. "قطنا" الجملة صلة من، الألف للإطلاق. المعنى: أمقيم وباق قوم سلمى في مكانهم الذي أعهده؟ أم عزموا على السفر والرحيل؟ ثم قال: إن يسافروا ويتركوا ديارهم ومنازلهم؛ فستكون حياة من يبقى ويتخلف عنهم عجيبة غريبة. الشاهد: اعتماد الوصف وهو "قاطن" على الاستفهام بالهمزة، وهو اسم فاعل مبتدأ، فاستغنى بمرفوعه عن الخبر. 2 فقد أجازوا أن يرفع الوصف فاعلا أو نائب فاعل مكتفى به، وإن لم يعتمد هذا الوصف على نفي أو استفهام. ووافقهم الناظم حيث يقول في هذا، وفيما تقدم: مبتدأ زيد وعاذر خبر ... إن قلت "زيد عاذر من اعتذر" وأول مبتدأ والثاني ... فاعل أغنى في "أسار ذان" وقس وكاستفهام النفي وقد ... يجوز نحو "فائز أولو الرشد"* أي: إن قلت: زيد عاذر من اعتذر، فزيد مبتدأ، وعاذر خبر، وفي قولك: أسار ذان؟ الاسم الأول وهو "أسار" مبتدأ، و"ذان" وهو الاسم الثاني فاعل أغني عن الخبر. وقس على هذا المثال: كل وصف معتمد على استفهام، ومثل الاستفهام النفي. ويجوز ألا يعتمد الوصف على شيء منهما؛ نحو: فائز أولو الرشد، ولا يتغير الإعراب.   * "مبتدأ" خبر مقدم. "زيد" مبتدأ مؤخ. "وعاذر" مبتدأ. "خبر" خبر المبتدأ. "إن" شرطية. "قلت" فعل الشرط. "زيد عاذر" مبتدأ وخبر، والجملة مقول القول. "من" اسم موصول مفعول لعاذر؛ لأنه اسم فاعل، وفاعله مستتر فيه. "اعتذر" الجملة صلة الموصول وفاعل اعتذر يعود على من، وجواب الشرط محذوف والتقدير: إن قلت زيد عاذر من اعتذر، فزيد مبتدأ وعاذر خبر. "وأول مبتدأ" مبتدأ وخبر. "والثاني فاعل" مبتدأ وخبر كذلك. "أغنى" الجملة صفة لفاعل. "في" حرف جر لقول محذوف؛ أي: في قولك. "أسار ذان" الهمزة للاستفهام، و"سار" مبتدأ، و"ذان" فاعل سد مسد الخبر، والجملة من المبتدأ وفاعله مقول القول المحذوف. "وقس" فعل أمر فاعله أنت، ومفعول ومتعلقه محذوفان؛ أي: وقس على ذلك ما أشبهه. "وكاستفهام" جار ومجرور خبر مقدم. "النفي" مبتدأ مؤخر. "وقد" حرف تقليل. "يجوز" فعل مضارع. "نحو" فاعله. "فائز" مبتدأ. "أولو" فاعل سد مسد الخبر. "الرشد" مضاف إليه. والجملة من المبتدأ وفاعله مقول محذوف؛ أي نحو قولك فائز ... إلخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 ولا حجة لهم في نحو: خبير بنو لهب فلا تك ملغيا1 خلافًا للناظم وابنه؛ لجواز كون الوصف خبرًا مقدمًا. وإنما صح الإخبار به عن الجمع؛ لأنه على فعيل، فهو على حد: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} .   1 عجز بيت من الطويل، ينسب لأحد الشعراء الطائيين، ولم يعين. وصدره: مقالة لهبي إذا الطير مرت اللغة والإعراب: خبير: من الخبرة، وهي العلم بالشيء. بنو لهب: قوم من الأزد مشهورون بزجر الطيور وعيافتها أي: التكهن بأسمائها وحركاتها وأصواتها تفاؤلا وتشاؤما. ملغيًا: من الإلغاء، يقال: ألغيت كلامه؛ إذا عددته ساقطًا. "خبير" مبتدأ "بنو لهب" فاعل سد مسد الخبر ومضاف إليه "تك" مضارع مجزوم بلا الناهية على النون المحذوفة للتخفيف، واسمها أنت "ملغيا" خبرها "مقالة" مفعول ملغيا "لهبي" مضاف إليه "إذا" ظرف "الطير" فاعل لمحذوف يفسره "مرت". المعنى: إن بني لهب يعلمون زجر الطير، ويعرفون مهابطه، وما تدل عليه أصواته وحركاته حين يمر؛ فإذا أخبرك لهبي بشيء من ذلك فصدقه ولا تلغ قوله. الشاهد: في قوله "خبير" فقد استغنى بالفاعل الخبر، مع عدم تقدم نفي أو استفهام، وقد سوغ الابتداء به -وهو نكرة- عمله فيما بعده. وهذا توجيه الكوفيين والأخفش. وقد رده المصنف، وهو الراجح عند النحاة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وإذا لم يطابق الوصف ما بعده، تعينت ابتدائيته1؛ نحو: أقائم أخواك2، وإن طابقه في غير الإفراد تعينت خبريته3؛ نحو: "أقائمان أخواك، وأقائمون إخوتك"4، وإن طابقه في الإفراد احتملهما؛ نحو: أقائم أخوك5.   1 أي: إذا كان الوصف مفردا، ومرفوعه مثنى أو جمعا. 2 فـ"أخواك" فاعل سد مسد الخبر لقائم، ولا يصح أن يكون "قائم" خبرا مقدما و"أخواك" مبتدأ مؤخرا، لئلا يترتب عليه أن يكون المبتدأ مثنى والخبر مفردا. 3 أي: في رأي الجمهور؛ لأن الوصف إذا رفع ظاهرا كان حكمه حكم الفعل في لزوم الإفراد. 4 الوصف في المثالين خبر مقدم، والمرفوع بعده مبتدأ مؤخر، ولا يسوغ العكس. 5 فيجوز أن يعرب "قائم" مبتدأ وما بعده فاعل سد مسد الخبر، وأن يعرب خبرا مقدما، و"أخوك" مبتدأ مؤخر. وإذا كان الوصف اسم مفعول يعرب مرفوعه نائب فاعل؛ نحو: ما مهزوم علي. وهذه المطابقة تقتضي المطابقة في التذكير والتأنيث؛ فإن اختلفت؛ نحو: أجالس في المكتبة فتاة؟ وجب إعراب الوصف مبتدأ، والاسم المرفوع بعده فاعلا له. ولا يجوز الوجه الثاني لعدم المطابقة في التأنيث. وخلاصة ما تقدم: أن المبتدأ الوصف، يجب إعرابه مبتدأ؛ إذا كان مفردا ومرفوعه مثنى أو جمعا. ويجب إعرابه خبرا مقدما وما بعده مبتدأ مؤخرا؛ إذا تطابقا في التثنية أو الجمع. وأجاز بعضهم العكس في هذه الصورة. ويجوز الأمران إذا تطابقا في الإفراد، وفيما تقدم يقول ابن مالك: والثان مبتدأ وذا الوصف خبر ... إن في سوى الإفراد طبقا استقر* أي: إن الاسم الثاني المرفوع بعد الوصف، يعرب مبتدأ مؤخرا، ويعرب الوصف خبرا مقدما؛ إذا كان ذلك الاسم مطابقا للوصف في غير الإفراد.   * "والثان مبتدأ" مبتدأ وخبر. "وذا" الواو عاطفة و"ذا" اسم إشارة مبتدأ. "الوصف" بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان. "خبر" خبر ذا. "إن" شرطية. "في سوى" متعلق باستقر. "الإفراد" مضاف إليه. "طبقا" حال من ضمير استقر، وجملة استقر فعل الشرط، والجواب محذوف؛ أي: إن استقر الوصف في غير الإفراد مطابقا لمرفوعه؛ فالثان مبتدأ، وليس استقر المذكور هو العامل، بل هو مفسر للمحذوف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 وارتفاع المبتدأ بالابتداء؛ وهو التجرد للإسناد، وارتفاع الخبر بالمبتدأ: لا بالابتداء، ولا بهما. وعن الكوفيين أنهما ترافعا1. الخبر الجز المتم الفائدة مع مبتدأ غير الوصف والخبر: الجزء الذي حصلت به الفائدة مع مبتدأ غير الوصف المذكور؛ فخرج فاعل الفعل فإنه ليس مع المبتدأ، وفاعل الوصف2. وهو: إما مفرد3، وإما جملة. والمفرد: إما جامد4؛ فلا يتحمل ضمير المبتدأ5؛ نحو: هذا زيد، إلا إن   1 هذا خلاف لا طائل تحته، وقد اختار ابن مالك رأي سيبويه، وهو: أن المبتدأ مرفوع بعامل معنوي هو الابتداء أي: وقوعه في بدء الجملة وأولها، والخبر مرفوع بالمبتدأ قال في ذلك: ورفعوا مبتدأ بالابتدا ... كذاك رفع خبر بالمبتدا* 2 أي: فلا يسمى خبرا وإن حصلت به فائدة مع المبتدأ؛ لأن هذا المبتدأ هو الوصف المذكور، وإنما يسمى فاعلا سد مسد الخبر. وفي الخبر يقول ابن مالك: والخير الجزء المتم الفائده ... كالله بر والأيادي شاهده* أي: إن الخبر هو الجزء المكمل للفائدة، ولكن بشرط أن يكون مع المبتدأ. 3 المراد بالمفرد: ما ليس جملة ولا شبه جملة، فيشمل المثنى والجمع، والمركب بأنواعه المعروفة. 4 أي: غير مشتق، وهو ما لم يصغ من مصدر للدلالة على متصف به، ولا يشعر بمعنى الفعل الموافق له في مادته، فيشمل: أسماء الزمان والمكان، والآلة. 5 ولا يرفع كذلك ضميرا بارزا، ولا اسما ظاهرا بعده.   * "مبتدأ" مفعول به لرفعوا. "بالابتدا" متعلق برفعوا. "كذاك" خبر مقدم. "رفع" مبتدأ مؤخر. "خبر" مضاف إليه. "بالمبتدا" متعلق برفع. * "والخبر" مبتدأ. "الجزء" خبر. "المتم" نعت له. "الفائدة" مضاف إليه. "كالله" الكاف جارة لقول محذوف ولفظ الجلالة مبتدأ. "بر" خبر. "والأيادي شاهده" مبتدأ وخبر والجملة معطوفة على الجملة السابقة، والأيادي: النعم؛ جمع أيد، وأيد: جمع يد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 أول بالمشتق؛ نحو: زيد أسد، إذا أريد به شجاع1. وإما مشتق؛ فيتحمل ضميره؛ نحو: زيد قائم؛ إلا إن رفع الظاهر؛ نحو: زيد قائم أبواه2، ويبرز الضمير المتحمل إذا جرى الوصف على غير من هو له3، سواء ألبس؛ نحو: غلام زيد ضاربه هو، إذا كانت الهاء للغلام4، أم لم يلبس؛ نحو: غلام هند ضاربته هي5. والكوفي إنما يلتزم الإبراز عند الإلباس تمسكًا   1 وتقول: قلب السفاح حجر, أي: قاس لا رحمة فيه، وهكذا. 2 أو رفع كذلك ضميرا بارزا؛ نحو: الخير أنت مقدم عليه. وفي الخبر المفرد يقول ابن مالك: والمفرد الجامد فارغ وإن ... يشتق فهو ذو ضمير مستكن* أي: إن الخبر المفرد نوعان: جامد فارغ من الضمير، ومشتق فيه ضمير مستكن, أي: مستتر. 3 أي: إذا كان الوصف الواقع خبرا, صفة لغير مبتدئه. 4 "ضاربه" وصف في المعنى لزيد؛ لأنه هو الضارب للغلام، وقد جرى على الغلام؛ لأنه خبر عنه، فلو لم يبرز الضمير المستتر في "ضاربه" لتوهم أن الغلام هو الضارب لزيد، فينقلب المعنى. وفي هذه الحالة يتعين أن يكون الضمير البارز فاعلا أو نائب فاعل, وعلى حسب نوع الوصف؛ لأن جريانه على غير صاحبه يمنع استتاره، فترجع إليه حالته الأولى، ولا يعرب توكيدا للضمير المستتر. 5 فقد جرى الوصف وهو "ضربته", على غير ما هو له وهو الغلام، ولكن تاء التأنيث تدل على أن الوصف في المعنى لهند. وفي ذلك يقول الناظم: وأبرزنه مطلقا حيث تلا ... ما ليس معناه له محصلا* =   * "والمفرد" مبتدأ. "الجامد" نعت له. "فارغ" خبر. "وإن شرطية. "يشتق" مضارع مبني للمجهول مجزوم بإن، فعل الشرط ونائب الفاعل يعود على المفرد دون صفته. "فهو" الفاء واقعة في جواب الشرط، وهو مبتدأ. "ذو" خبر. وجملة المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط. ويجوز أن يكون الجامد مبتدأ ثانيا، وفارغ خبره، والجملة خبر الأول، وقد حذف رابطها؛ أي: منه. * "وأبرزنه" فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، والضمير البارز مفعوله. "مطلقًا" حال من الضمير "حيث" ظرف مكان متعلق بأبرزنه. "تلا" فعل ماض وفاعله يعود إلى الخبر المشتق، والجملة في محل جر بإضافة حيث إليها. "ما" اسم موصول مفعول تلا واقع على مبتدأ. "ليس معناه" ليس فعل ناقص، واسمها ومضاف إليه، والضمير يعود إلى الخبر. "له" متعلق بمحصلا الواقع خبرا لليس، والجملة من ليس ومعموليها صلة "ما" الموصولة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 نحو قوله: قومي ذرا المجد بانوها .... 1 والجملة: إما نفس المبتدأ في المعنى؛ فلا تحتاج إلى رابط؛ نحو: {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إذا قدر "هو" ضمير شأن2   = أي: أبرز الضمير الرابط مطلقا -سواء أمن اللبس أم لم يؤمن- إذا وقع الخبر بعد مبتدأ، لا يكون معنى هذا الخبر محصلا- أي: حاويا- لمعناه؛ وذلك إذا كان الخبر جاريا على غير ما هو له. ويستوي في توقع الإلباس عند عدم القرينة: الوصف، والفعل ماضيا أو مضارعا؛ نحو: محمد علي أكرمه, أو يكرمه. ففي كل من الفعلين ضمير مستتر، وآخر بارز، يصح عودهما إلى الاسمين. ومن القرائن هنا: حروف المضارعة، وضمائر الرفع البارزة. 1 جزء بيت من البسيط، لم يذكر قائله. وتمامه: .................. وقد علمت ... بكنه ذلك عدنان وقحطان اللغة والإعراب: ذرا: جمع ذروة، وهي من كل شيء أعلاه. المجد: الكرم والشرف. كنه: حقيقة وغاية. عدنان وقحطان: أبوا قبيلتين من قبائل العرب. "قومي" مبتدأ أول "ذرا المجد" مبتدأ ثان ومضاف إليه. "بانوها" خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر الأول، و"ها" عائدة على ذرا، وعائد المبتدأ الأول محذوف؛ أي: هم. المعنى: إن قومي هم الذين أسسوا أعالي المجد والشرف، وقد علمت بحقيقة ذلك قبيلتا عدنان وقحطان. يريد العرب جميعا. الشاهد: في "بانوها" فقد جرى على "ذرا" لأنه خبر عنه، وهو في المعنى راجع لقومي؛ لأنهم البانون، ولم يبرز الضمير لأمن اللبس؛ لأن الذرا مبنية لا بانية، ولو برز لقال على اللغة الفصحى: بانيها هم؛ لأن الوصف كالفعل يفرد إذا أسند للجمع. وعلى غير الفصحى: بانوها هم. ويرى البصريون أن مثل هذا شاذ. 2 فيكون "هو" مبتدأ وجملة "الله أحد" خبر، وهي عين المبتدأ في المعنى؛ لأنها مفسرة له، بخلاف ما إذا قدر "هو" ضمير المسئول عنه. وقد سئل الرسول عليه السلام: صف لنا ربك، فنزلت، فيكون "هو" مبتدأ، و"الله" خبر، و"أحد" خبر بعد خبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 ونحو: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} 1، ومنه: "نطقي الله حسبي"2؛ لأن المراد بالنطق المنطوق به. وإما غيره، فلا بد من احتوائها على معنى المبتدأ الذي هي مسوقة له، وذلك بأن تشتمل على اسم بمعناه، وهو: إما ضميره مذكورًا؛ نحو: زيد قائم أبوه، أو مقدرًا؛ نحو: السمن منوان بدرهم؛ أي: منه، وقراءة ابن عامر: {وَكُلٌّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى} أي: وعده 3. أو إشارة إليه؛ نحو: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} ؛ إذا قدر "ذلك" مبتدأ ثانيا لا تابعًا للباس.   1 هذا إذا قدرت "هي" ضمير القصة فتكون مبتدأ، " وشاخصة" هي خبر مقدم لأبصار، والجملة خبرهما وهي عين المبتدأ في المعنى, أي: فإذا القصة أبصار الذين كفروا شاخصة. أما إذا قدرت "هي" ضمير الإبصار، وقد تقدم مع الخبر -وهي شاخصة- على المبتدأ يكون الخبر مفردا. 2 قيل: إن مثل هذا ليس من الإخبار بالجملة، بل بالمفرد على إرادة اللفظ, أي: نطقي هذا اللفظ. وفيما تقدم يقول ابن مالك: وإن تكن إياه معنى اكتفى ... بها كنطقي الله حسبي وكفى* أي: إن تكن الجملة هي المبتدأ في المعنى اكتفى بها عن الرابط، مثل: "نطقي الله حسبي" فالخبر الجملة, متحد في المعنى مع المبتدأ. 3 فـ"كل" مبتدأ، وجملة {وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى} ؛ خبر، والرابط الضمير المقدر المنصوب وعد على أنه مفعوله الأول، ويشترط في الضمير: أن يكون مطابقا للمبتدأ سابق في التذكير، والإفراد، وفروعهما.   * "وإن" شرطية. "تكن" فعل الشرط واسمها يعود على جملة. "إياه" خبر تكن. "معنى" تمييز أو منصوب بنزع الخافض. "اكتفى" فعل ماض في محل جزم جواب الشرط، وفاعله يعود على الخبر. "كنطقي" الكاف جارة لقول محذوف، ونطقي مبتدأ أول "الله حسبي" مبتدأ ثان وخبر، والجملة خبر الأول. "وكفى" فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو. وأصله: وكفى به، فحذف الجار، فاتصل الضمير واستتر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 قال الأخفش: أو غيرهما1؛ نحو: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} ، أو على اسم بلفظه، ومعناه2؛ نحو: {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} أو على اسم أعم منه نحو: زيد نعم الرجل3، وقوله: فأما الصبر عنها فلا صبرا4   1 أي: غير الضمير والإشارة؛ كإعادة المبتدأ بمعناه كما في الآية؛ فإن "الذين" مبتدأ، وجملة "يمسكون بالكتاب" صلة، "وأقاموا الصلاة؛ معطوفة على الصلاة، والخبر جملة: إنا لا نضيع أجر المصلحين. والمصلحون -في المعنى- هم الذين يمسكون بالكتاب ويقيمون الصلاة، فقد أعاد المبتدأ بمعناه، وهذا هو الرابط، وقيل: إن الرابط ضمير محذوف، والتقدير: إنا لا نضيع أجر المصلحين منهم، وحذف الرابط المجرور جائز بلا نزاع. أو العموم؛ لأن المصلحين أعم من الذين يمسكون بالكتاب. وقيل: إن "الذين يمسكون" في موضع جر بالعطف على "الذين يتقون". 2 ويكون الغرض من ذلك: التفخيم أو التهويل أو نحوهما، و"الحاقة" الأولى مبتدأ أول، "ما" اسم استفهام مبتدأ ثان، و"الحاقة" الثانية خبر "ما"، والجملة خبر المبتدأ الأول، والرابط إعادة المبتدأ بلفظه ومعناه. 3 ففي "الرجل" عموم يشمل زيدا وغيره. 4 جزء من بيت من الطويل للرماح بن أبرد، المعروف بابن ميادة، وهو من شواهد سيبويه. وتمامه: ألا ليت شعري هل إلى أم معمر سبيل .................................. اللغة والإعراب: ليت شعري: الشعر مصدر شعر، بمعنى علم وفطن، والشعر: العلم. والمعنى: ليتني أشعر؛ أي: أعلم. أم معمر: كنية محبوبته "ألا" للتنبيه "شعري" اسم ليت منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، والخبر في هذا التعبير محذوف وجوبا للتعريض عنه بالاستفهام الدائم بعده؛ أي: ليت علمي حاصل. "إلى أم معمر" الجار والمجرور خبر مقدم. "سبيل" مبتدأ مؤخر. "فأما" حرف شرط وتفصيل. "الصبر" مبتدأ "عنها" متعلق به. "فلا صبرا" الفاء واقعة في جواب أما، و"لا" نافية "صبرا" اسمها مبني على الفتح والألف للإطلاق، والخبر محذوف؛ أي: عندي، والجملة خبر المبتدأ. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 في الخبر الظرف والجار والمجرور ويقع الخبر ظرفًا؛ نحو: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} ، ومجرورا؛ نحو: الحمد لله1، والصحيح أن الخبر في الحقيقة متعلقهما المحذوف، وأن تقديره كائن أو مستقر2، لا كان أو استقر3، وأن الضمير الذي كان فيه انتقل إلى الظرف والمجرور؛   = المعنى: أتمنى أن أعرف جواب هذا السؤال: هل هنالك سبيل للوصول إلى أم معمر ولقائها؛ لأن الشوق إليها شديد؟ أما أن أصبر على بعدها فلا سبيل إلى ذلك، ولا قدرة لي على احتماله. الشاهد: في "لا صبرا" فإنه خبر عن الصبر، والرابط بينهما العموم؛ لأن النكرة الواقعة بعد النفي تفيد العموم، فقد نفى بجملة لا صبرا, الصبر بجميع أنواعه، ومنه الصبر عنها الواقع مبتدأ، وفي البيت شاهد آخر وهو: أن المبتدأ الواقع بعد "أما" يجب أن يقترن خبره بالفاء الزائدة. ويشترط في جملة خبر المبتدأ علاوة على اشتمالها على رابط يربطها بالمبتدأ: ألا تكون ندائية، وألا تكون مصدرة بالحروف: لكن، وبل، وحتى وفي تقسيم الخبر إلى مفرد وجملة يقول ابن مالك: ومفردا يأتي ويأتي جمله ... حاوية معنى الذي سيقت له* أي: إن الخبر قد يكون مفردا، وقد يكون جملة. ويشترط في الجملة: أن تكون حاوية معنى المبتدأ الذي سيقت لإتمام الفائدة معه, أي: بأن تكون مشتملة على معناه؛ فإن لم تكن كذلك وجب أن تشتمل على رابط يربط بينهما، سواء كان ضميرا أو غيره. 1 يشترط في الظرف والجار والمجرور: أن يكونا تامين؛ أي: يحصل بالإخبار بهما فائدة بمجرد ذكرهما؛ فلا يصح: محمد مكانا، ولا محمد بك لعدم الفائدة. 2 يشير بهذا إلى أن الخبر يقدر مفردا؛ لأن الأصل في الخبر: أن يكون اسما مفردا، وهذا رأي جمهور البصريين. 3 أي: كما هو رأي الأخفش والفارسي والزمخشري، محتجين بأن المحذوف عمل النصب في لفظ الظرف ومحل المجرور، والأصل في العامل: أن يكون فعلا. وقد جرى الموضح=   * "ومفردا" حال من ضمير يأتي الأولى. "يأتي" فعل مضارع وفاعله يعود على الخبر. "ويأتي" معطوف على يأتي الأولى. "جملة" حال من فاعل يأتي الثانية، وسكن للوقف. "حاوية" نعت لجملة. "معنى" مفعول حاوية. "الذي" مضاف إليه. "سيقت" ماض للمجهور ونائب الفاعل يعود على جملة، والجملة صلة الموصول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 كقوله: فإن فؤادي عندك الدهر أجمع1 ويخبر بالزمان عن أسماء المعاني؛ نحو: الصوم اليوم، والسفر غدا، لا عن أسماء   = هنا على رأي الجمهور. وقال في المغني: والحق عندي أنه لا يترجح تقديره اسمًا ولا فعلًا، بل يقدر بحسب المعنى. وإلى هذا يشير قول الناظم: وأخبروا بظروف أو بحرف جر ... ناوين معنى "كائن" أو استقر* أي: إن الظرف والجار مع مجروره قد يقع كل منهما خبرا؛ لا بنفسه، ولكن بمتعلقه المحذوف الذي قد يكون اسما مشتقا مثل كائن أو مستقر، أو فعلا كاستقر، ومثله: ثبت، أو كان، أو وجد. واستحسن بعض المحدثين أن يكون نفس الظرف منصوبا في محل رفع خبر، والجار والمجرور كذلك في محل رفع؛ لأن هذين قاما مقام الخبر، وانتقلت إليهما آثاره اللفظية والمعنوية. والأصل في الخبر: أن يكون مفردا مرفوعا. وقد أشار إلى هذا الرأي صاحب المفصل، وفي الأخذ به تيسير. 1 عجز بيت من الطويل، لجميل بن عبد الله بن معمر العذري، وكان يهوى بثينة بنت حبأ بن ثعلبة. وصدره: فإن يك جثماني بأرض سواكم اللغة والإعراب: جثماني: هو الجسم، يقال: ما أحسن جثمان الرجل، وجسمانه وجسمه. "فإن" الفاء عاطفة وإن حرف شرط جازم. "يك" فعل الشرط مجزوم على النون المحذوفة "جثماني" اسم يك. "بأرض" متعلق بمحذوف خبر. "سواكم" مضاف إليه على عدم تنوين أرض، وصلة على التنوين؛ فؤادي "اسم إن". "عندك" متعلق بمحذوف خبرها. "الدهر" ظرف زمان متعلق بالخبر المحذوف. المعنى: إذا افترقنا وتباعدت أجسامنا، وكان جسمي وكانت إقامتي بأرض غير أرضكم، فإن قلبي معكم دائما؛ لا يفارقكم، ولا يستطيع البعد عنكم   * "وأخبروا" فعل وفاعل. "بظرف" متعلق به. "أو" عاطفة. "بحرف" جار ومجرور معطوف على الجار والمجرور السابق. "جر" مضاف إليه. "ناوين" حال من الواو في أخبروا، منصوب بالياء نيابة عن الفتحة. "معنى" مفعول ناوين. "كائن" مضاف إليه. "أو" عاطفة. "استقر" معطوف على كائن مقصود لفظه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 الذوات1؛ نحو: زيد اليوم. فإن حصلت فائدة جاز؛ كأن يكون المبتدأ عاما والزمان خاصا2؛ نحو: نحن في شهر كذا. وأما نحو: الورد في أيار3، واليوم خمر، والليلة الهلال، فالأصل: خروج   الشاهد: في "أجمع" فإنه توكيد مرفوع للضمير المنتقل إلى الظرف وهو "عندك". ولا يصح أن يكون توكيد لفؤادي ولا لعند ولا للدهر؛ لأن كل واحد منها منصوب، والمرفوع لا يكون توكيدا للمنصوب. وكذلك لا يصح أن يكون توكيدا لمحذوف؛ لأن التوكيد ينافي الحذف، فلام يبق إلا أن يكون توكيدا للضمير المستكن في الظرف الواقع متعلقه خبرا؛ لأن هذا الضمير مرفوع على الفاعلية. وهذا: وكما يقع كل من الظرف والجار والمجرور التامين خبرا عن المبتدأ، يقع صلة للموصول كما تقدم في باب "الموصول"، وصفة للنكرة، نحو: رأيت سائلا في أثواب رثة وغلمانا معه. وحالان من المعرفة؛ نحو: بهرني الجندي بين الأعداء، والمحلق على هذا الارتفاع. ويجب حذف المتعلق؛ لأنه كون عام. 1 لأنه لا فائدة في الإخبار عنها بالزمان؛ إذ نسبتها إلى جميع الأزمان واحدة، بخلاف الأحداث فلا بد لها من زمن، أما المكان فيخبر به مطلقا عن أسماء الذوات والمعاني. والصحيح أن العبرة في الإخبار بالمكان والزمان عن الجثة والمعنى، في الإفادة فإن كانت هنالك فائدة جاز مطلقا. وإن لم تحدث فائدة بالزمان عن المعنى، أو بالمكان عن الجثة أو المعنى، امتنع الإخبار. 2 التخصص يكون بنعت؛ نحو: نحن في يوم حار، أو بإضافة؛ نحو: نحن في شهر الصوم، أو بعملية؛ نحو: نحن في رمضان. وتحصل الفائدة إذا كان المبتدأ بالذات صالحا لتقدير مضاف هو اسم معنى؛ نحو قول امرئ القيس: اليوم خمر؛ أي: شرب خمر. 3 اسم شهر رومي يكون في الربيع، وهو ممنوع من الصرف للعلمية والعجمية. وفي الخبر باسم الزمان عن الجثة يقول ابن مالك في إيجاز: ولا يكون اسم زمان خبرا ... عن جثة وإن يفد فأخبرا* أي: إن ظرف الزمان لا يقع خبرا عن اسم الذات إلا إذا أفاد؛ نحو: الليلة الهلال، فإن لم يفد لم يخبر به عن الجثة، فلا يقال: محمد اليوم. وقد أوضح المصنف ذلك.   * "ولا" الواو استئنافية ولا نافية. "يكون" مضارع ناقص. "اسم زمان خبرا" اسم يكون ومضاف إليه. "عن جثة" متعلق بخبرا، الواقع خبر يكون: "إن" شرطية. "يفد" فعل الشرط وفاعله يعود إلى كون الخبر اسم زمان فأخبرا "الفاء واقعة في جواب الشرط، وأخبرا فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المنقلبة ألفا للوقف، والجملة جواب الشرط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 الورد، وشرب خمر، ورؤية الهلال. ولا يبتدأ بنكرة 1، إلا إذا حصلت به فائدة: كأن يخبر عنها بمختص مقدم؛ ظرف، أو مجرور؛ نحو: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} ، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} .2. ولا يجوز: رجل في الدار3، ولا عند رجل مال4. أو تتلو نفيا؛ نحو: ما رجل قائم. أو استفهامًا؛ نحو: {أإله مَعَ اللَّهِ} . أو تكون موصوفة؛ سواء ذكرا؛ نحو: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ} ، أو حذفت الصفة؛ نحو: السمن منوان بدرهم5، ونحو: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} ، أي: منوان منه،   1 لأن المبتدأ محكوم عليه، والمحكوم عليه لا بد أن يكون معلومًا ولو إلى حد ما، وإلا كان الحكم عليه لغوا فلا فائدة فيه. وإنما يكون ذلك؛ إذا كان للمبتدأ خبر، فإن كان وصفا له فاعل أو نائب فاعل يغني عن الخبر، كان نكرة ولا يحتاج إلى مسوغ؛ لأن المبتدأ في هذه الحالة يكون محكوما به بمنزلة الفعل، والفعل في مرتبة التنكير كما يقال. 2 الذي سوغ الابتداء بـ"مزيد" و"غشاوة" إضافة الخبر وهو الظرف والمجرور المختصان إلى ما يصلح للابتداء وهو الضمير، وتقدمهما أيضا. والمراد بالاختصاص: أن يكون كل من المجرور والمضاف إليه في الظرف الواقعين خبرا صالحا بنفسه لأن يكون مبتدأ. 3 لعدم الاختصاص والتقدم معا. 4 لعدم الاختصاص، وتقدم الظرف غير مبرر؛ لأنه لم يوصف بما يصلح للابتداء. 5 الصفة التي سوغت الابتداء بمنوان محذوفة؛ أي: منه. ومنوان: تثنية منا -بالقصر- وهو الكيل أو الميزان الذي يوزن به السمن ونحوه. والجمع: أمناء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 وطائفة من غيركم، أو الموصوف1؛ كالحديث: "سوداء ولود خير من حسناء عقيم"؛ أي: امرأة سوداء. أو عاملة عمل الفعل؛ كالحديث: "أمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة" 2. ومن العاملة المضافة؛ كالحديث: "خمس صلوات كتبهن الله" 3. ويقاس على هذه المواضع ما أشبهها؛ نحو: قصدك غلامه رجل4، وكم رجلًا في الدار، وقوله: لولا اصطبار لأودى كل ذي مقة5   1 أي: أو حذف الموصوف وحده، وبقيت الصفة كما مثل المصنف. 2 الذي سوغ الابتداء بأمر ونهي، وهما نكرتان، عملهما في محل المجرور بعدهما؛ لأنهما مصدران، و"صدقة" خبر. 3 فالذي سوغ الابتداء بخمس، وهو نكرة عمله الجر في المضاف إليه وهو "صلوات"، والخبر جملة "كتبهن الله". 4 جملة "قصدك غلامه" من الفعل والفاعل والمفعول خبر مقدم، و"رجل" مبتدأ مؤخر، وسوغ جعله مبتدأ -وهو نكرة- تأخره. وتقدم الخبر وهو جملة مختصة؛ كالظرف والجار والمجرور والمختصين. 5 صدر بيت من البسيط، لم ينسب لقائل. وعجزه: لما استقلت مطاياهن للظعن اللغة والإعراب: أودى فعل ماض لازم بمعنى هلك. مقة: محبة، وفعله: ومق يمق, بالكسر فيهما، والياء فيه عوض عن فاء الكلمة وهي الواو. استقلت: نهضت وهمت للسفر. مطاياهن: جمع مطية، والمراد بها هنا الإبل، وسميت بذلك؛ لأنه يركب مطاها؛ أي: ظهرها. والظعن: الارتحال. "لولا" حرف امتناع فيها معنى الشرط "اصطبار" مبتدأ، والخبر محذوف وجوبا بعدها؛ أي: موجود "لأودى" اللام واقعة في جواب الشرط. "كل ذي مقة" فاعل أودى ومضاف إليه "لما" ظرف بمعنى حين. وإعراب الباقي واضح. المعنى: لولا الصبر، وحمل النفس على عدم الجزع؛ لهلك كل محب عند تهيؤ أحبابه للسفر والرحيل، ومفارقتهم له. الشاهد: وقوع "اصطبار" -وهو نكرة- وسوغ ذلك وقوعه بعد "لولا"، وهي تشبه "ما" النافية في الجملة؛ لأنها تقتضي انتفاء جوابها لانتفاء شرطها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 وقولك: رجيل في الدار؛ لشبه الجملة بالظرف والمجرور، واسم الاستفهام بالاسم المقرون بحرفه، وتالي "لولا" بتالي النفي، والمصغر بالموصوف1.   1 هذا التعليل راجع لما ذكر من الأمثلة المقيسة على طريق اللف والنشر المرتب، فتأمل. واعلم أن مواضع النكرة المفيدة كثيرة جدا. وقد أوصلها بعض النحاة إلى أربعين موضعا. والأصل الذي تقدم عليه هو الإفادة، فليكن هذا الأصل هو المرجع الوحيد في صحة الابتداء بالنكرة. وقد أشار ابن مالك إلى بعض هذه المسوغات بقوله: ولا يجوز الابتداء بالنكره ... ما لم تفد كعند زيد نمره وهل فتى فيكم فما خل لنا ... ورجل من الكرام عندنا ورغبة في الخير خير وعمل ... بر يزين وليقس ما لم يقل* يقول: إنه لا يجوز الابتداء بالنكرة إلا إذا أفادت. وأشار بقوله: "عند زيد نمره" إلى مسوغ تقديم الظرف المختص. و"النمرة": الشال من الصوف. وأشار إلى مسوغ الاستفهام بقوله: "هل فتى فيكم؟ " وإلى النفي بقوله: "ما خل لنا". وإلى النعت بقوله: "رجل من الكرام". وإلى النكرة العاملة بقوله: "رغبة في الخير" و"عمل البر" الأول مصدر والثاني مضاف، ثم قال بقياس ما لم يذكر على ما ذكره.   * "لا" نافية. "يجوز الابتدا" فعل وفاعل. "بالنكرة" متعلق بالابتداء. "ما" مصدرية ظرفية. "تفد" مجزوم بلم، والفاعل يعود على النكرة. "كعند" الكاف جارة لقول محذوف. "عند" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم "زيد" مضاف إليه. "نمرة" مبتدأ مؤخر، وسكن للشعر، وجملة المبتدأ والخبر مقول المحذوف. "وهل" حرف استفهام. "فتى" مبتدأ. "فيكم" متعلق بمحذوف خبر. "فما" نافية. "خل لنا" مبتدأ وخبر. "ورجل" مبتدأ. "من الكرام" صفة لرجل. "عندنا" خبر المبتدأ. "ورغبة" مبتدأ. "في الخير" متعلق برغبة. "خير" خبر المبتدأ "وعمل بر" مبتدأ ومضاف إليه. "يزين" مضارع فاعله يعود على عمل، والجملة خبر المبتدأ. "وليقس" الواو عاطفة واللام للأمر، و"يقس" مضارع مجزوم بها. "ما" اسم موصول نائب فاعل يقس. "لم يقل" يقل مجزوم بلم، ونائب فاعله يعود على ما، والجملة لا محل لها صلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وللخبر ثلاث حالات إحداها التأخر، وهو الأصل1؛ كزيد قائم. ويجب في أربع مسائل: إحداها: أن يخاف التباسه بالمبتدأ، وذلك إذا كانا معرفتين، أو متساويين2، ولا قرينة؛ نحو: زيد أخوك، وأفضل منك أفضل مني3، بخلاف: "رجل صالح حاضر، وأبو يوسف أبو حنيفة4، وقوله: بنونا بنو أبنائنا ...... 5 أي: بنو أبنائنا مثل بنينا.   1 ذلك لأنه محكوم به مجهول غالبا، فيجب أن يسبقه المحكوم عليه المعلوم وهو المبتدأ، والخبر يشبه الصفة، وهي تتأخر عن الموصوف. وفي ذلك يقول الناظم: والأصل في الأخبار أن تؤخرا ... وجوزوا التقديم إذ لا ضررا * أي: إن الأصل تقديم المبتدأ وتأخير الخبر للأسباب التي ذكرت. ويجوز تقديم الخبر إذا لم يحدث ضرر من ذلك؛ كحصول لبس أو نحوه. 2 أي: نكرتين متساويتين في درجة تنكيرهما، بحيث تصلح كل منهما أن تكون مبتدأ. 3 فكل من جزأي المثالين صالح لأن يخبر عنه الآخر، لكن المعنى يختلف باختلاف الغرض المقصود. 4 فإن هنالك قرينة لفظية في المثال الأول تجعل "رجل" هو المبتدأ، وهي الصفة، وفي المثال الثاني قرينة معنوية، وهي التشبيه الحقيقي الذي يقتضي أن يكون "أبو يوسف" هو المبتدأ؛ لأنه المشبه، سواء تقدم أو تأخر. 5 جزء من صدر بيت من الطويل، ينسب للفرزدق الشاعر الأموي المشهور. وتمامه: ........................ وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد =   * "والأصل" مبتدأ. "في الأخبار. "متعلق به. "أن تؤخرا" أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر المبتدأ، ونائب فاعل. "تؤخرا" يعود على الأخبار، والألف للإطلاق. "وجوزوا التقديم". فعل وفاعل ومفعول. "إذ" ظرف زمان متعلق بجوزوا. "لا" نافية للجنس. "ضررا" اسمها مبني على الفتح، والألف للإطلاق وخبرها محذوف؛ أي: موجود، والجملة من لا ومعموليها في محل جر بإضافة إذ إليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 الثانية: أن يخاف التباس المبتدأ بالفاعل1؛ نحو: زيد قام، بخلاف: "زيد قائم، أو قام أبوه، وأخواك قاما"2. الثالثة: أن يتقرن بإلا معنى؛ نحو: {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ} أو لفظًا3؛ نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} فأما قوله: ...... وهل إلا عليك المعول4 فضرورة   = اللغة والإعراب: "بنونا" خبر مقدم. "بنو أبنائنا" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه. "وبناتنا" مبتدأ أول مضاف إلى "نا" "بنوهن" مبتدأ ثان. "أبناء الرجال" خبر المبتدأ الثاني ومضاف إليه، والجملة خبر الأول. "الأباعد" صفة للرجال وهو جمع أبعد. المعنى: أن أولاد أبنائنا ينتسبون إلينا؛ لأنهم كأولادنا. أما أولاد بناتنا فينتسبون إلى آبائهم الأجانب عنا. الشاهد: تقديم الخبر وهو "بنونا" على المبتدأ وهو "بنو أبنائنا" مع تساويهما في التعريف؛ لأن كلا منهما مضاف إلى ضمير المتكلم. وسوغ ذلك القرينة المعنوية التي تعين المبتدأ، وهي التشبيه الذي يقضي بأن بني الأبناء مشبهون بالأبناء. وقيل: هو من التشبيه المقلوب للمبالغة. ولا شاهد فيه. وفي هذه الحالة يقول الناظم: فامنعه حين يستوي الجزءان ... عرفا ونكرًا عادمي بيان أي: امنع التقديم إذا استوى المبتدأ والخبر في التعريف والتنكير، وعدما القرينة والبيان الذي يوضح المبتدأ منهما من الخبر. 1 وذلك إذا كان الخبر جملة فعلية فاعلها ضمير مستتر يعود على المبتدأ. 2 فإن الخبر في المثال الأول وصف، والفعل في المثال الثاني رفع اسما ظاهرا، وفي الثالث رفع ضميرا، فلا لبس في ذلك. وعلى ذلك فلا يجب تأخير الخبر فيها. 3 المراد: أن يكون الخبر محصورا فيه المبتدأ بإلا أو بإنما. 4 بعض عجز بيت من الطويل، للكميت بن زيد الأسدي، من شعراء مضر، من قصيدة من=   * "فامنعه" فعل أمر، والهاء العائدة على تقديم الخبر مفعوله. "حين" ظرف متعلق بامنع. "يستوي الجزءان" الجملة من الفعل والفاعل في محل جر بإضافة حين إليها. "عرفا" تمييز. "ونكرا" معطوف عليه. "عادمي" حال من الجزآن. "بيان" مضاف إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 الرابعة: أن يكون المبتدأ مستحقا للتصدير: إما بنفسه1؛ نحو: ما أحسن زيدًا، ومن في الدار؟ ومن يقم أقم معه، وكم عبيد لذيذ2 أو بغيره3: إما متقدما عليه؛ نحو: "لزيد قائم"4، وأما قوله: أم الحليس لعجوز شهربه5   = قصائده المعروفة بالهاشميات، يمدح بها زيد بن علي. وتمامه: فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى ... عليهم ............................... اللغة والإعراب: يرتجى: يؤمل ويطلب. المعول: مصدر بمعنى التعويل والالتجاء. "رب" منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف. "هل" حرف استفهام إنكاري. "إلا" أداة حصر. "بك" متعلق بيرتجى. "النصر" مبتدأ. "يرتجى" الجملة خبر، و"هل" حرف استفهام بمعنى النفي. "عليك" خبر مقدم. "المعول" مبتدأ مؤخر. المعنى: هل يطلب النصر على الأعداء ويرتجى إلا منك وبعونك؟ وهل هنالك من سند يلجأ إليه الإنسان ويعول عليه إلا أنت؟ والاستفهام إنكاري. الشاهد: تقديم الخبر المحصور بإلا في الشطر الثاني للضرورة. ويجوز أن يكون في الشطر الأول شاهد كذلك؛ إذا أعرب "بك" خبرا مقدما، و"النصر" مبتدأ مؤخرا. أما على ما أعربنا فلا شاهد فيه، ولهذا تركه المصنف. 1 أي: بأن يكون له مباشرة صدر الكلام؛ كأسماء الاستفهام، وأسماء الشرط، و"ما" التعجبية، و"كم" الخبرية. 2 "كم" مبتدأ مبني على السكون في محل رفع "عبيد" مضاف إليه "لزيد" خبر. 3 أي: يكون مستحقا للتصدير لا بنفسه بل بغيره مما يستحق التصدير، كما مثل المصنف. 4 فإن "زيد" لا يستحق التقديم بنفسه، وإنما استوجب ذلك بسبب ملاصقته للام الابتداء التي لها الصدارة في جملتها. 5 صدر بيت من الرجز، ينسب لرؤبة بن العجاج، وقيل لغيره. وعجزه: ترى من اللحم بعظم الرقبه اللغة والإعراب: أم الحليس: كنية الأتان, وهي أنثى الحمار. والحليس: تصغير حلس، وهو كساء رقيق يكون تحت البرذعة، وكنيت به هذه المرأة تشبيها لها بالأتان. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 فالتقدير: لهي عجوز، أو اللام زائدة لا لام الابتداء، أو متأخرًا عنه1؛ نحو: غلام من في الدار؟ وغلام من يقم أقم معه، ومال كم رجل عندك2. أو مشبها به3؛ نحو: الذي يأتيني فله درهم؛ فإن المبتدأ هنا مشبه باسم الشرط لعمومه، واستقبال الفعل الذي بعده، وكون سببًا4   = شهرية: كبيرة طاعنة في السن. من اللحم: بدل اللحم، فـ"من" بمعنى البدل. "أم الحليس" مبتدأ ومضاف إليه "لعجوز" اللام للابتداء مؤكدة و"عجوز" خبر لمبتدأ محذوف, أي: لهي عجوز، والجملة خبر عن أم الحليس، أو اللام زائدة، وعجوز خبر عن أم الحليس، و"شهربه" وجملة "ترضى" صفتان لعجوز. المعنى: أن هذه المرأة عجوز كبيرة، لا تستطيع أكل اللحم وهضمه، فترضى بدله بلحم عظم الرقبة لسهولة مضغه، فالمضاف هنا محذوف. الشاهد: في "لعجوز" حيث يدل ظاهره على تأخير الخبر المقترن بلام الابتداء، وقد وجهه المصنف. 1 أي: أو يكون ذلك الغير المستحق للصدارة متأخرا عن المبتدأ. 2 فـ"غلام" و"مال" مبتدآن مضافان إلى ما يستحق التصدير، وهو "من" الاستفهامية، والشرطية، و"كم" الخبرية. 3 أي: بما يستحق التصدير. 4 أي: كون الفعل سببًا لما بعده، وهو جملة "فله درهم" الواقعة خبرًا, وفي المسائل الثلاثة الأخيرة من وجوب تأخير الخبر، يقول ابن مالك: كذا إذا ما الفعل كان الخبرا ... أو قصد استعماله منحصرا أو كان مسندا لذي لام ابتدا ... أو لازم الصدر؛ كمن لن منجدا؟ * =   * "كذا" متعلق بامنع. "إذا" ظرف للمستقبل مضمن معنى الشرط. "ما" زائدة. "الفعل" اسم لكان المحذوفة تفسرها المذكورة، وخبرها محذوف أيضا. "كان الخبرا" الجملة من كان ومعموليها مفسرة، والألف للإطلاق. "أو" عاطفة. "قصد" فعل ماض مبني للمجهول. "استعماله" نائب فاعل مضاف إلى الهاء. "منحصرا" حال من المضاف إليه؛ لأن المضاف عامل فيه. "أو" عاطفة. "كان" فعل ناقص واسمها يعود إلى الخبر. "مسندا" خبرها. "لذي" متعلق بمسند. "لام ابتدا" مضاف إليه. "أو لازم" معطوف على ذي. "الصدر" مضاف إليه. "كمن الكاف جارة لقول محذوف، و"من" اسم استفهام مبتدأ. "لي" متعلق بمحذوف خبر. "منجدا" حال من ضمير الخبر، وهذا الضمير عائد على المبتدأ الذي هو اسم الاستفهام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 ولهذا دخلت الفاء في الخبر كما تدخل في الجواب. مواضع وجوب تقدمه: الحالة الثانية: التقدم: ويجب في أربع مسائل: إحداها: أن يوقع تأخيره في لبس ظاهر؛ نحو: "في الدار رجل، وعندك مال، وقصدك غلامه رجل1، وعندي أنك فاضل؛ فإن تأخير الخبر في هذا المثال يوقع في إلباس "أن" المفتوحة بالمكسورة، و"أن" المؤكدة بالتي بمعنى لعل2، ولهذا يجوز تأخيره بعد "أما"؛   = أي: كذلك يمتنع تقديم الخبر؛ إذا كان جملة فعلية على النحو الذي سبق، أو كان محصورا فيه كما بينا، أو كان المبتدأ لازم الصدارة؛ أي: لا يقع إلا في صدر جملته، كقولك: "من لي منجدا؟ "؛ فمن اسم استفهام مبتدأ واجب الصدارة. ومن المواضع التي يجب فيها تأخير الخبر: أن يكون الخبر مقترنا بالباء الزائدة؛ نحو: ما محمد بمسافر، أو بالفاء؛ نحو: الذي يرائي فمنافق، أو يكون طلبا؛ نحو: السائل لا ترده، أو يكون خبرا عن ضمير الشأن؛ نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، أو يكون مفصولا عن المبتدأ بضمير الفصل؛ نحو: المؤمن هو المطيع لربه، أو يكون المبتدأ دعاء؛ نحو: سلام عليكم, وويل لكم. وكذلك في المسموع؛ نحو: "راكب الناقة طليحان" أي: متعبان، والأصل: راكب الناقة والناقة طليحان. 1 فكل من: في الدار، وعندك، وقصدك غلامه, خبر مقدم وجوبا؛ لأنه لو تأخر لتوهم أنه لرجل ومال؛ لأن الجملة وشبهها بعد النكرات صفات. 2 ذلك لأنه إذا تقدم المبتدأ يصير التركيب: أنك فاضل عندي؛ فيحتمل فتح "أن" وتكون حرف توكيد ونصب، وهي واسمها وخبرها مبتدأ والظرف خبر، وأن تكون بمعنى لعل -لأنها أحد لغاتها- وعندي متعلق بخبرها، ويحتمل أن تكون مكسورة؛ لأنها في بدء الجملة، وعندي متعلق بخبرها. وهذا اللبس يمتنع عند تقدم الخبر؛ لأن"إن" المكسورة، و"أن" -بمعنى لعل- لا يتقدم معمول خبرهما عليهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 كقوله: .................. وأما أنني جزع ... يوم النوى فلوجد كاد يبريني1 لأن "إن" المكسورة، و"أن" التي بمعنى لعل، لا يدخلان هنا. وتأخره في الأمثلة الأول يوقع في إلباس الخبر بالصفة. وإنما لم يجب تقديم الخبر في نحو: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} ؛ لأن النكرة قد وصفت بمسمى2، فكان الظاهر في الظرف أنه خبر لا صفة.   1 هذا جزء من بيت من البسيط، لم ينسب لقائل. وتمامه: عندي اصطبار ................... ... ...................................... اللغة والإعراب: اصطبار: تصبر وتجلد: جزع: شديد الخوف فاقد الصبر، وهو صفة مشبهة من جزع يجزع, من باب علم. النوى: البعد والفراق. الوجد: شدة الحب. يبريني: ينحلني, من بريت القلم إذا نحته. "عندي" خبر مقدم. "اصطبار" مبتدأ مؤخر. "وأما" حرف شرط وتفصيل. "أنني جزع" المصدر المنسبك من أن ومعموليها مبتدأ؛ أي: وأما جزعي "يوم النوى" ظرف متعلق بجزع ومضاف إليه. "فلوجد" الفاء واقعة في جواب الشرط واللام للتعليل والجار والمجرور خبر المبتدأ. المعنى: إن في طبعي التجلد والتحمل لكل ما ينزل بي من مكروه، وأما جزعي يوم فراق الأحباب؛ فلشدة شوق كاد ينحلني ويقضي علي. الشاهد: تأخير الخبر عن المبتدأ بعد "أما"، وساغ ذلك من أن المبتدأ مصدر مؤول؛ لأمن اللبس بـ"أن" بمعنى لعل، و"إن" المكسورة؛ لأنهما لا يقعان بعدها: فإن كلا منهما مع معموليها جملة، و"أما" لا يفصل بينها وبين الفاء إلا بمفرد. وأما "أن" المفتوحة المؤكدة فتكون مع معموليها في تأويل مصدر، وذلك مفرد بالتأويل، فتقع بعد "أما". 2 فضعف بذلك طلبها للظرف. وقد أشار الناظم إلى هذه المسألة الأولى بقوله: ونحو عندي درهم ولي وطر ... ملتزم فيه تقدم الخبر* أي: يجب تقدم الخبر إذا كان المبتدأ نكرة ليس لها مسوغ؛ إلا تقدم الخبر، وهو ظرف أو جار ومجرور؛ كما مثل الناظم.   * "ونحو" مبتدأ. "عندي درهم" خبر مقدم ومبتدأ مؤخر. "ولي وطر" مثله. "ملتزم" اسم مفعول خبر نحو. "فيه" متعلق بملتزم. "تقدم" نائب فاعل ملتزم. "الخبر" مضاف إليه والوطر: الغرض والحاجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 الثانية: أن يقترن المبتدأ بإلا لفظًا؛ نحو: وما لنا إلا اتباع أحمدا1 أو معنى؛ نحو: إنما عندك زيد2. الثالثة: أن يكون لازم الصدرية؛ نحو: أين زيد؟ أو مضافا إلى ملازمها؛ نحو: صبيحة أي يوم سفرك؟ 3 الرابعة: أن يعود ضمير متصل بالمبتدأ على بعض الخبر؛ كقوله تعالى: {أَمْ   1 هذا مثال من كلام ابن مالك كما سيأتي. 2 المبتدأ في المثالين محصور فيه، فلا يسوغ تقديمه، لئلا يضيع المقصود من الحصر ويختلف المعنى المراد. وفي هذه المسألة الثانية يقول الناظم: وخبر المحصور قدم أبدا ... كما لنا إلا اتباع أحمدا* 3 "صبيحة" مبتدأ. "أي" مضاف إليه، وهو اسم استفهام. "سفرك" مبتدأ مؤخر. ومثل أسماء الاستفهام مما له الصدارة: أسماء الشرط؛ نحو: أينما تعمل ترزق. وقد أشار ابن مالك إلى هذه المسألة الثالثة بقوله: كذا إذا يستوجب التصديرا ... كأين من علمته نصيرا* أي: كذلك يجب تقديم الخبر؛ إذا كان من الألفاظ التي تستحق التصدير وجوبًا، كأسماء الاستفهام نحو: أين من علمته نصيرا؟ وإعرابها موضح في الهامش.   * "وخبر" مفعول مقدم لقدم. "المحصور" مضاف إليه. "قدم" فعل أمر. "أبدا" ظرف لقدم. "كما" الكاف جارة لقول محذوف، و"ما" نافية. "لنا" جار ومجرور خبر مقدم. "إلا" أداة استثناء ملغاة. "اتباع" مبتدأ مؤخر. "أحمدا" مضاف إليه مجرور بالفتحة عن الكسرة للعلمية ووزن الفعل، والألف للإطلاق. * "كذا" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف يدل عليه ما قبله؛ أي: يلتزم تقدم الخبر التزاما كذا الالتزام. "إذا" ظرف. "يستوجب" مضارع فاعله يعود إلى الخبر. "التصديرا" مفعول يستوجب، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها. "كأين" الكاف جارة لقول محذوف، و"أين" اسم استفهام خبر مقدم. "من" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "علمته نصيرا" فعل وفاعل ومفعول أول وثان لعلم، والجملة صلة من. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} 1، وقول الشاعر: .... ولكن ملء عين حبيبها2 الحالة الثالثة: جواز التقديم والتأخير وذلك فيما فقد فيه موجبهما؛ كقولك: زيد قائم؛ فيترجح تأخيره على الأصل،   1 "أم" متصلة، وقيل منقطعة بمعنى بل "على قلوب" خبر مقدم. "أقفالها" مضاف إليه مبتدأ مؤخر. ولا يصح تقديمه؛ لئلا تعود الهاء فيه على قلوب، وهي متأخرة رتبة، فيعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وذلك ممنوع. 2 جزء من عجز بيت من الطويل، لنصيب بن رباح الشاعر الأموي. في امرأته، فقد قيل إنه لم يشبب بأجنبية، وقد كان عبدا أسود لبني مروان. وتمامه: أهابك إجلالا وما بك قدرة ... علي ......................... اللغة والإعراب: أهابك: أخافك وأجلك؛ من الهيبة وهي المخافة. إجلالا: إعظاما لك، وهي مفعول لأجله. "وما بك" الواو للحال و"ما" نافية. "بك" خبر مقدم. "قدرة" مبتدأ مؤخر. "ولكن" حرف استدراك. "ملء عين" خبر مقدم ومضاف إليه. "حبيبها" مبتدأ مؤخر، والهاء عائدة على "عين". المعنى: إني لأهابك وأخافك، إعظاما لقدرك، لا خوفا من بطشك، فليس لك سلطان علي، ولكن العين تمتلئ ممن تحبه فتحصل له المهابة والخوف. الشاهد: تقديم الخبر وهو "ملء عين" لاتصال المبتدأ وهو "حبيبها" بضمير يعود على ملابس الخبر وهو المضاف إليه، فلو قدم المبتدأ لزم عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة؛ لأن رتبة الخبر التأخير، وذلك غير جائز. وفي هذه المسألة الرابعة يقول ابن مالك: كذا إذا عاد عليه مضمر ... مما به عنه مبينا يخبر* أي: كذلك يجب تقديم الخبر؛ إذا عاد عليه الضمير من المبتدأ الذي يخبر عنه بخبر يبين ويفسر الضمير العائد إليه. وفي عبارة الناظم مضاف محذوف أي: "عاد على ملابسه". ومن المواضع التي يجب فيها تقديم الخبر: أن يكون قد ورد متقدما في أمثال العرب؛ نحو قولهم: "في كل واد ثعلبة"؛ لأن الأمثال لا تغير. أو يكون المبتدأ مقرونا بفاء الجزاء بعد أما، نحو: أمامك فالباب مفتوح، أو يكون الخبر اسم إشارة ظرفا للمكان؛ نحو: هنا الأمل وثم الفشل، أو يكون لفظ "كم" الخبرية؛ نحو: كم خطأ ارتكبت، أو مضافا إليها؛ نحو: صاحب كم مؤلف أنت!.   * "كذا" إعرابه كسابقه. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "عاد" ماض فعل الشرط. "عليه" متعلق بعاد. "مضمر" فاعله، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام السابق. "مما" متعلق بعاد و"ما" اسم موصول عائدة على المبتدأ. "به عنه" متعلقان بيخبر، والضمير في "به" عائد على الخبر، وفي "عنه" على المبتدأ. "مبينا" حال من ضمير به. "يخبر" الجملة صلة ما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 ويجوز تقديمه لعدم المانع1. فصل: وما علم من مبتدأ أو خبر، جاز حذفه2، وقد يجب. فأما حذف المبتدأ جوازًا. فنحو: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} ، ويقال: كيف زيد؟ فتقول: دنف. التقدير: فعمله لنفسه وإساءته عليها. وهو دنف3. وأما حذفه وجوبًا: فإذا أخبر عنه بنعت مقطوع لمجرد مدح؛ نحو: الحمد لله الحميد، أو ذم؛ نحو: أعوذ بالله من إبليس عدو المؤمنين، أو ترحم4؛ نحو: مررت بعبدك المسكين 5   1 وقد أشار الناظم إلى ذاك بقوله: وجوزوا التقديم إذ لا ضررا. 2 وذلك إذا دل عليه دليل؛ أي: قرينة حسية أو عقلية، بشرط ألا يتأثر المعنى بحذفه. 3 يكثر الحذف جوازا؛ في جواب الاستفهام، وبعد الفاء الداخلة على جواب الشرط، وقد مثل لهما المصنف، وكذلك بعد القول؛ نحو {قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} ؛ أي: هو، وقد يكون الحذف للمحافظة على وزن الشعر أو السجع أو ضيق الوقت. 4 أي: إظهار الرحمة والشفقة. 5 فكل من: الحميد، وعدو، والمسكين, خبر لمبتدأ محذوف وجوبًا؛ أي: هو، وإنما وجب الحذف لغرض بلاغي؛ وهو أهمية هذه الكلمات وتوجيه النظر إليها، وذلك بتحويلها عن سياقها المألوف وإعرابها الطبيعي، وجعلها جملة جديدة أكثر دلالة على تحقيق الغرض المطلوب؛ وهو إنشاء المدح، أو الذم، أو الترحم. وكما يجوز القطع إلى الرفع؛ يكون إلى النصب، على أنها مفعول لفعل محذوف وجوبا مع فاعله، تقديره: أمدح، أو أذم، أو أترحم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 أو بمصدر جيء به بدلًا من اللفظ بفعله1 نحو: سمع وطاعة، وقوله: فقالت حنان ما أتى بك ههنا2 التقدير: أمري حنان، وأمري سمع وطاعة. أو بمخصوص بمعنى نعم أو بئس، مؤخر عنهما؛ نحو: نعم الرجل زيد، وبئس الرجل عمرو، إذا قدرا خبرين 3.   1 أي: إن الخبر يكون مصدرا يؤدي معنى الفعل، ويغني عن التلفظ به، ويرفع بعد أن كان منصوبا. 2 صدر بيت من الطويل، ينسب لمنذر بن درهم الكلبي، وقد استشهد به سيبويه. وعجزه: أذو نسب أم أنت بالحي عارف اللغة والإعراب: حنان: عطف ورحمة وشفقة. نسب: قرابة. "حنان" خبر لمبتدأ محذوف وجوبا, أي: أمري حنان. "ما" اسم استفهام مبتدأ "أتى بك" الجملة خبر "ها" للتنبيه، و"هنا" ظرف مكان. "أذو نسب" الهمزة للاستفهام، و"ذو" خبر لمبتدأ محذوف، و"نسب" مضاف إليه؛ أي أأنت ذو نسب؟ "أم" عاطفة. "أنت" مبتدأ. "بالحي" متعلق بـ"عارف" الواقع خبرا للمبتدأ. المعنى: أي شيء حملك هذه المشاق وأتى بك إلى هنا؟ فإني أشفق عليك، وأخاف أن يراك قومي فيؤذوك. ثم أوحت إليه بحجة يحتج بها إذا رآه أحد، فقالت: ألك قرابة هنا؟ أم بينك وبين أحد في الحي معرفة وصحبة؟ الشاهد: رفع "حنان"، وهو مصدر نائب عن فعله، على أنه خبر لمبتدأ محذوف وجوبا، وقد حملت حالة الرفع على حالة النصب. هذا: ويلاحظ أن وجوب حذف المبتدأ في هذا الموضع، مشروط بقصد قيام المصدر مقام فعله للغرض الذي ذكرناه؛ فإن لم يقصد ذلك؛ نحو: صبر جميل، وعيد سعيد؛ جاز أن يكون المحذوف هو المبتدأ؛ أي: صبري صبر جميل، وأن يكون هو الخبر؛ أي: صبر جميل خير من غيره. 3 أي: إذا جعل كل من زيد وعمرو خبرا المبتدأ محذوف؛ أي: الممدوح زيد، والمذموم عمرو. أما إذا أعرب كل منهما مبتدأ والجملة قبله خبر، فلا تكون المسألة من هذا الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 فإن كان مقدما؛ نحو: زيد نعم الرجل، فمبتدأ لا غير. ومن ذلك قولهم: من أنت زيد؟ 1 أي: مذكورك زيد، وهذا أولى من تقدير سيبويه: كلامك زيد2. وقولهم: في ذمتي لأفعلن، أي: في ذمتي ميثاق أو عهد3. حذف الخبر جوازا: وأما حذف الخبر جوازًا فنحو: خرجت فإذا الأسد؛ أي: حاضر، ونحو: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} ؛ أي: كذلك. ويقال: من عندك؟ فتقول زيد؛ أي: عندي4.   1 هذا أسلوب مسموع عن العرب، يقال: حين يتحدث شخص حقير بالسوء عن شخص عظيم. وقد ورد بغير مبتدأ، فوجب أن يحافظ عليه كما هو بغير زيادة؛ لأنه بمنزلة المثل، ويقدر له مبتدأ مناسب أي: مذمومك. أو مذكورك، زيد. 2 لأن المعاني لا يخبر عنها بالذوات، ولأن زيدا ليس بكلام لعدم تركيبه. 3 هذا هو الموضع الرابع الذي يحذف فيه المبتدأ وجوبا؛ وهو أن يكون الخبر صريحا في القسم. وتتحقق الصراحة بكونه معلوما في العرف أنه يمين كما مثل المصنف؛ فإنه مبدوء بما يشعر بالقسم بدليل دخول لام القسم على المضارع، وقد حذف المبتدأ وجوبا؛ لسد جواب القسم مسده ودلالته عليه. وهذه المواضع لم يذكرها ابن مالك في النظم. ويزاد عليها: الاسم المرفوع بعد لا سيما؛ نحو: أحب الشعراء ولا سيما حسان، إذا أعرب "حسان" خبرا لمبتدأ محذوف وجوبا، تقديره هو. وبعد المصدر النائب عن فعل الأمر وبعده ضمير مجرور لمخاطب؛ نحو: "سقيا لك ورعيا" أي: الدعاء لك يا هذا، وأرع يا رب. 4 إيضاح ذلك: لأنه لا يجوز حذف الخبر إذا وقع المبتدأ بعد إذا الفجائية وكان الخبر كونا عاما كالمثال الأول، أو كانت جملة المبتدأ معطوفة على جملة اسمية قبلها، والمبتدآن مشتركان في الخبر؛ كالمثال الثاني. أو كانت جملة الخبر جوابا عن استفهام فيه ما يدل على الخبر؛ كالمثال الثالث. وقد أشار الناظم إلى حذف الخبر جوازا هنا، وإلى ما سبق من حذف المبتدأ جوازا بقوله: وحذف ما يعلم جائز كما ... تقول زيد بعد من عندكما وفي جواب كيف زيد قل دنف ... فزيد استغني عنه إذ عرف* أي: إن الحذف جائز في كل ما يعلم ويدل عليه دليل؛ سواء كان المحذوف المبتدأ وحده، أو الخبر وحده، أو هما معا. ومثل الناظم لحذف الخبر؛ بأن يسأل سائل: من عندكما؟ فيقال: زيد؛ أي: زيد عندنا. ولحذف المبتدأ بقول السائل: كيف زيد؟ فيجاب: دنف؛ أي: مريض؛ والتقدير: زيد دنف. ولم يمثل لحذفهما معا؛ ومثاله: من يؤد الواجب فهو مخلص، ومن يقل الحق ..... ؛ أي: فهو مخلص.   * "وحذف" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "يعلم" الجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة ما "جائز" خبر المبتدأ. "كما" الكاف جارة، و"ما" مصدرية، وهي وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بالكاف؛ أي: كقولك، = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 وأما حذفه وجوبا: ففي مسائل: إحداها: أن يكون كونا مطلقا1، والمبتدأ بعد "لولا" 2؛ نحو: لولا زيد لأكرمتك؛ أي: لولا زيد موجود. فإن كان كونا مقيدا: وجب ذكره إن فقد دليه؛ كقوله: لولا زيد سالمنا ما سلم. وفي الحديث: "لولا قومك حديثوا عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم" 3. وجاز الوجهان إن وجد الدليل؛   1 أي: عاما يدل على مجرد الوجود، من غير زيادة ما. 2 المراد "لولا" الامتناعية؛ التي هي حرف امتناع لوجود؛ ومثلها "لوما"؛ التي تفيد الامتناع أيضا. أما "لولا" التحضيضية؛ فلا يليها المبتدأ. 3 هذا حديث للرسول -عليه السلام- يخاطب به السيدة عائشة -رضي الله عنها "لولا" حرف امتناع لوجود. "قومك" مبتدأ، ومضاف إليه. "حديثو عهد" خبر، ومضاف إليه؛ وهو مرفوع بالواو؛ لأنه جمع مذكر سالم. "لبنيت" اللام واقعة في جواب لولا، ولم يحذف الخبر؛ لأنه كون مقيد بالحداثة.   = والجار والمجرور، خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كائن؛ كقولك "زيد" مبتدأ وخبره محذوف؛ أي: عندنا. "بعد" ظرف متعلق بتقول. "من" اسم استفهام مبتدأ "عندكما" ظرف متعلق بمحذوف؛ خبر المبتدأ، وضمير المخاطب مضاف إليه، والميم حرف عماد، والألف للتثنية. "وفي جواب" متعلق بقل. "كيف" اسم استفهام، مبني على الفتح، في محل رفع خبر مقدم. "زيد" مبتدأ مؤخر؛ والجملة في محل جر؛ بإضافة جواب إليها؛ لأنه مقصود لفظها. "دنف" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: زيد دنف. "فزيد الفاء للتعليل، "زيد" مبتدأ. "عنه" نائب فاعل استغنى، والجملة خبر المبتدأ. "إذ" ظرف متعلق باستغنى أو حرف للتعليل. "عرف" ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على زيد، والجملة في محل جر بإضافة إذ إليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 نحو: لولا أنصار زيد حموه1 ما سلم. ومنه قول أبي العلاء المعري: فلولا الغمد يمسكه لسالا2 وقال الجمهور: لا يذكر الخبر بعد "لولا"3، وأوجبوا جعل الكون الخاص مبتدأ؛ فيقال: لولا مسالمة زيد إيانا؛ أي: موجودة. ولحنوا المعري4، وقالوا: الحديث مروي بالمعنى5.   1 "حموه" خبر أنصار؛ وهو كون مقيد بالحماية؛ والدليل لفظ أنصار؛ لأن من شأن الناصر أن يحمي من ينصره. 2 عجز بيت من الوافر؛ لأبي العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي المعري، الشاعر اللغوي، نادرة زمانه حفظا وذكاء، المتوفى سنة 449هـ، يصف سيفا. وصدره: يذيب الرعب منه كل عضب اللغة والإعراب: يذيب: يسيل؛ من الإذابة؛ وهي إسالة الحديد ونحوه. الرعب: الخوف والفزع. عضب: هو السيف القاطع. الغمد: قراب السيف. "الرعب" فاعل يذيب. "كل عضب". مفعوله، ومضاف إليه. "فلولا" حرف امتناع وشرط "العمد" مبتدأ "يمسكه" الجملة خبر. "لسالا" اللام واقعة في جواب لولا، وفاعل سال يعود إلى العضب، والألف للإطلاق، والجملة جواب لولا. المعنى: أن كل سيف قاطع يذوب في غمده؛ فزعا وخوفا من هذا السيف، ولولا أن الغمد يمسكه ويمنعه من السيلان؛ لسال وجرى على الأرض من شدة الخوف. الشاهد: ذكر الخبر؛ وهو "يمسكه" بعد لولا؛ لأنه كون خاص؛ مقيد بالإمساك، وقد دل عليه دليل؛ لأن من شأن غمد السيف إمساكه. 3 بل يكون محذوفا وجوبا؛ لأنه لا يكون إلا كونا عاما عندهم. 4 والمعري لا يحتج بشعره، وقد جاء به المصنف؛ للتمثيل لا للاحتجاج. 5 قيل: كان خيرا للجمهور بدلا من تلحين المعري؛ لأن مثله ورد في شعر آخر موثوق بعربيته، والتشكيك في الحديث: أن يجعلوا "يمسكه" في تأويل مصدر؛ بدل اشتمال من الغمد، وأصله: أن يمسكه؛ فلما حذفت "أن" ارتفع الفعل، كما مر في قولهم "تسمع بالمعيدي". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 الثانية: أن يكون المبتدأ صريحا في القسم1؛ نحو: لعمرك لأفعلن2، وايمن الله3 لأفعلن؛ أي: لعمرك قسمي، وايمن الله يميني. فإن قلت: عهد الله لأفعلن؛ جاز إثبات الخبر؛ لعدم الصراحة في القسم4. وزعم ابن عصفور أنه يجوز في نحو: لعمرك لأفعلن، أن يقدر: لقسمي عمرك، فيكون من حذف المبتدأ5. الثالثة: أن يكون المبتدأ معطوفًا عليه اسم بواو؛ هي نص في المعية6؛ نحو: كل رجل وضيعته7، وكل صانع وما صنع.   1 أي: إنه لا يستعمل إلا فيه غالبًا؛ بحيث يدرك السامع أنه قسم قبل أن يسمع المقسم عليه. 2 معناه: أقسم بحياتك؛ من عمر الرجل، عاش طويلا. "لعمرك" اللام للابتداء، "عمرك" مبتدأ ومضاف إليه، والخبر محذوف وجوبا؛ أي: قسمي "لأفعلن" اللام للقسم، وأفعلن مضارع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد؛ والفاعل أنا. 3 أي: بركته؛ من اليمن؛ وهو البركة. 4 لأن العهد قد يستعمل في غير القسم؛ نحو: عهد الله يجب الوفاء به، ولا يفهم منه القسم؛ إلا بذكر المقسم عليه. 5 قول ابن عصفور هذا ضعيف؛ لأن صراحة القسم تحتم أن يكون المحذوف الخبر؛ وهو "قسمي"، وأيضا: وجود لام الابتداء في أول الاسم يدل على أن مدخولها هو المبتدأ لا الخبر. 6 المراد بالمعية هناك: مشاركة ما بعد الواو لما قبلها في أمر؛ بحيث يجتمعان فيه ولا يفترقان؛ وعلامة الواو التي تفيد هذين الأمرين معا؛ وهما العطف والمعية وتكون نصا في المعية؛ أي يصح حذفها، ووضع كلمة "مع" مكانها، ولا يتغير المعنى؛ بل يتضح، وهي غير التي ينصب بعدها الاسم على أنه مفعول معه؛ كما تقدم. 7 إنما وجب حذف الخبر في هذا ونحوه؛ للعلم به وسد الواو مسده؛ لأنها وما بعدها يدلان على المصاحبة والاقتران؛ فهي قائمة مقام "مع"، ولو جيء بـ"مع" مكانها كان الكلام تاما. ويقال في الإعراب "كل رجل"، مبتدأ ومضاف إليه. "وضيعته" معطوف على كل، والخبر محذوف وجوبًا؛ أي: متلازمان، أو مقترنان. والضيعة: الحرفة؛ سميت بذلك؛ لأن صاحبها يضيع بتركها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 ولو قلت: زيد وعمرو، وأردت الإخبار باقترانهما، جاز حذفه وذكره1؛ قال: وكل امرئ والموت يلتقيان2 وزعم الكوفيون والأخفش أن نحو: كل رجل وضيعته، مستغن عن تقدير الخبر؛ لأن معناه: مع ضيعته. الرابعة: أن يكون المبتدأ: إما مصدرا عاملًا في اسم مفسر لضمير ذي حال لا يصح كونها خبرا عن المبتدأ المذكور؛ نحو: ضربي زيدًا قائمًا3، أو مضافًا للمصدر المذكور؛   1 أما جواز الحذف؛ فلأن السامع يفهم من اقتصارك على ذكر المتعاطفين، المصاحبة والاقتران، وأما الذكر، فلعدم التنصيص على المعية. 2 عجز بيت من الطويل؛ للفرزدق وصدره: تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى اللغة والإعراب: يشعب: يفرق؛ ويسمى الموت: شعوب؛ لأنه يفرق بين الناس. "كل" مبتدأ. "امرئ" مضاف إليه. "والموت" معطوف على كل. "يلتقيان" مضارع مرفوع بثبوت النون، والأف فاعل، والجملة خبر المبتدأ. المعنى: تمنى خصومي لي الموت؛ الذي يفرق بين المرء وإخوانه، وما دروا أن هذا أمر لا مفر منه، وأن كل إنسان سيلتقي مع الموت. الشاهد: ذكر الخبر وهو "يلتقيان" بعد الواو؛ لأنها للعطف وليست نصا في المصاحبة، ألا ترى أنك لو قلت: كل امرئ مع الموت؛ لم يكن صحيحًا. 3 "ضربى" مبتدأ، وياء المتكلم مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. "زيدا" مفعوله "قائما" حال من ضمير محذوف، يفسره زيد، والخبر محذوف وجوبا، ولا يصح أن تكون الحال المذكورة خبرا عن "ضربى"؛ لأن الخبر وصف للمبتدأ في المعنى؛ والضرب لا يوصف بالقيام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 نحو: أكثر شربي السويق ملتوتًا1، أو إلى مؤول بالمصدر المذكور؛ نحو: أخطب ما يكون الأمير قائمًا2. وخبر ذلك مقدر بـ"إذا كان"، أو "إذا كان"3، عند جمهور البصريين. وبمصدر مضاف إلى صاحب الحال عند الأخفش، واختاره الناظم4؛ فيقدر في ضربى زيدا قائما، ضربه قائمًا5. ولا يجوز ضربي زيدا شديدًا؛ لصلاحية الحال للخبرية، فالرفع واجب. وشذ قولهم: حكمك مسمطًا6، أي: حكمك لك مثبتًا.   1 إعرابه؛ كالمثال السابق، و"أكثر" اسم تفضيل، مبتدأ مضاف إلى المصدر المذكور. ولا يصح أن يكون "ملتوتا" خبرا عن "أكثر؛ لأن أكثر الشرب لا يوصف بكونه ملتوتًا. ولت السويق: بسه بالماء حتى يختلط، أو تحريكه بالمحدج -وهو خشبة طرفها ذو جوانب- حتى يختلط. 2 "أخطب" اسم تفضيل مبتدأ. "ما" مصدرية؛ وهي وما بعدها في تأويل مصدر مضاف إليه؛ أي: أخطب كون الأمير. 3 يقدر الأول: إذا أريد الزمن الماضي، والثاني: عند إرادة المستقبل. والخبر هو الظرف متعلقا بمحذوف؛ أي: حاصل إذ كان، أو إذا كان؛ و"كان" هنا تامة، وفاعلها عائد على مفعول المصدر، و"قائمًا" و"ملتوتًا" حالان من الضمير المستتر في كان. 4 وذلك لقلة الحذف مع صحة المعنى. 5 وعلى هذا يكون المصدر الثاني هو الخبر، وفاعله محذوف، والهاء المضاف إليها مفعوله؛ وهي صاحبة الحال. وفي هذا حذف المصدر، وإبقاء معموله، وهو غير جائز عند سيبويه والبصريين. 6 هذا مثل عربي؛ قيل لرجل حكموه عليهم، وأجازوا حكمه. "حكمك" مبتدأ ومضاف إليه، والخبر محذوف وجوبا، أي: لك. "مسمطا" أي: نافذا لا يرد؛ حال من ضمير المصدر المستتر في الخبر. ووجه الشذوذ: نصب الحال مع صلاحيته لأن يكون خبرا، والقياس الرفع. وفي مواضع حذف الخبر -وجوبًا- يقول الناظم: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 تعدد الخبر: والأصح جواز تعدد الخبر1؛ نحو: زيد شاعر كاتب، والمانع يدعي تقدير "هو" للثاني، أو أنه جامع للصفتين، لا الإخبار بكل منهما.   = وبعد لولا غالبا حذف الخبر ... حتم وفي نص يمين ذا استقر وبعد واو عينت مفهوم "مع" ... كمثل "كل صانع وما صنع" وقبل حال لا يكون خبرا ... عن الذي خبره قد أضمرا كضربي العبد مسيئًا، وأتم ... تبيني الحق منوطا بالحكم* أي: إنه يجب حذف الخبر وجوبا -في أغلب الآراء- بعد لولا، وبعد مبتدأ يكون نصا في اليمين على ما ذكرنا، وبعد واو بمعنى "مع" للعطف والمصاحبة، وقبل حال لا تصلح أن تكون خبر للمبتدأ، الذي قد أضمر -أي: حذف وقدر- خبره. ثم مثل بمثالين لهذه الحال: أحدهما فيه المبتدأ مصدرا، والآخر أفعل تفضيل مضاف للمصدر. 1 ذلك لأن الخبر حكم على المبتدأ، وقد يحكم على الشيء الواحد بأكثر من حكم. وحكم التعدد باختصار هو: =   * "وبعد" ظرف متعلق بحتم. "لولا" مضاف إليه مقصود لفظه. "غالبا" منصوب على نزع الخافض. "حذف الخبر" مبتدأ ومضاف إليه. "حتم" خبر المبتدأ. "وفي نص" متعلق باستقر. "يمين" مضاف إليه من إضافة الصفة للموصوف. "ذا" اسم إشارة مبتدأ. "استقر" فاعله مستتر يعود إلى ذا، والجملة خبر. "وبعد" ظرف متعلق باستقر المتقدم. "واو" مضاف إليه. "مفهوم" مفعول عينت. "مع" مضاف إليه مقصود لفظه، والجملة صفة لواو. "كمثل" الكاف زائدة، و"مثل" خبر لمحذوف؛ أي: وذلك مثل. "كل صانع" مبتدأ ومضاف إليه. "وما" الواو عاطفة، و"ما" اسم موصول معطوف على كل. "صنع" الجملة صلة الموصول، ويجوز أن تكون "ما" حرفًا مصدريا؛ وهي ومدخولها في تأويل مصدر معطوف على كل، وخبر المبتدأ محذوف وجوبا. "وقبل" ظرف متعلق باستقر أيضا. "حال" مضاف إليه. "لا يكون خبرا" الجملة من يكون ومعموليها صفة الحال. "عن الذي" متعلق بخبرا. "خبره" مبتدأ ومضاف إليه. "قد أضمرا" الجملة من الفعل، ونائب الفاعل خبر المبتدأ؛ وجملة المبتدأ والخبر صلة الذي. "كضربي" الكاف جارة لقول محذوف، و"ضربي" مبتدأ مضاف إلى ياء المتكلم؛ وهي فاعل المصدر. "العبد" مفعوله. "مسيئا" حال من فاعل كان المحذوفة؛ العائد على العبد، وخبر المبتدأ محذوف. "وأتم" اسم تفضيل مبتدأ. "تبيني" مضاف إليه، وياء المتكلم مضاف إليه؛ وهي فاعل المصدر. "الحق" مفعوله. "منوطا" أي: مرتبطا ومتعلقا، حال من فاعل كان المحذوفة، العائد على الحق. "بالحكم" متعلق بمنوطا، وخبر المبتدأ محذوف؛ كما سلف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وليس من تعدد الخبر ما ذكره ابن الناظم من قوله: يداك يد خيرها يرتجى ... وأخرى لأعدائها غائظه1 لأن "يداك" في قوة مبتدأين لكل منهما خبر. ومن نحو قولهم: الرمان حلو حامض؛   = أإذا كان المبتدأ واحدا وتعدد الخبر لفظا ومعنى؛ بأن كان كل واحد مخالفا للآخر في لفظه ومعناه. ويصح الاقتصار عليه في الخبرية، جاز عطف الثاني وما بعده على الأول؛ بواو العطف أو بغيرها، تقول: المعري شاعر وحكيم ولغوي، ويسمى كل معطوفًا وإن كان في المعنى خبرا، ويجوز حذف الواو، ويسمى كل خبرا. وإذا تعدد الخبر في اللفظ فقط؛ بأن كانت الألفاظ المتعددة مشتركة في تأدية معنى واحد، هو المقصود والمراد، ولا يصح الإخبار بالبعض عن المبتدأ؛ نحو: هذا الرجل طويل قصير؛ تريد أنه "متوسط"؛ ومثل قولهم الرمان حلو حامض؛ أي: مر، فلا يجوز العطف في هذه الحالة؛ لأن الخبرين في معنى خبر واحد من جهة المعنى؛ والعطف يقتضي المغايرة في الغالب؛ لأن المعطوف غير المعطوف عليه، ويعرب كل منهما خبرا. ولا يصح أن يفصل بينهما بأجنبي، ولا أن يتأخر. المبتدأ، أو يتوسط. ب وإذا كان المبتدأ متعددا حقيقة؛ بأن كان مثنى أو مجموعا، وتعدد الخبر لفظا ومعنى؛ نحو: المحمدان مهند وطبيب، والمشتركون في الاتحاد تلميذ وعامل، وتاجر؛ وجب عطف الخبر الثاني وما بعده على الأول بواو العطف لا غير، ويسمى كل معطوفا وإن كان خبرا في المعنى. ومن هذا النوع ما إذا كان المبتدأ متعددا حكما؛ نحو: جسم الإنسان رأس وجذع وأطراف والبيت، غرفة للنوم وغرفة للأكل وصالة، وحديقة .... إلخ. وكلام المصنف يقصر تعدد الخبر على النوع الأول. هذا: وكما يكون التعدد في الخبر المفرد، يكون في الجملة؛ تقول: محمد شاعر، يتصدق كثيرا، والطائر يغرد، يتنقل بين الأشجار. وزعم بعض العلماء أن الخبر لا يتعدد إلا إذا كان من جنس واحد؛ إفرادا أو جملة. 1 بيت من المتقارب؛ أنشده الخليل، ونسبه بعضهم لطرفة بن العبد، وليس في ديوانه. اللغة والإعراب: "يداك" مثنى يد، مبتدأ مضاف إلى كاف المخاطب. "يد" خبر. "خيرها يرتجى" الجملة صفة ليد. "وأخرى" معطوفة على يد. "لأعدائها" متعلق بغائظة؛ الواقعة صفة لأخرى. المعنى: يمدح رجلا بالكرم والجود؛ ذاكرا أن إحدى يديه يرتجى منها الخبر والبر، ويصفه بالشجاعة؛ فيذكر أن يده الأخرى غيظ للأعداء؛ لأنها قوية عليهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 لأنهما بمعنى خبر واحد، أي: مز؛ ولهذا يمتنع العطف على الأصح1، وأن يتوسط المبتدأ بينهما. ومن نحو: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ} ؛ لأن الثاني تابع له2.   1 لأن العطف كما قدمنا يستلزم المغايرة غالبا؛ والمزازة في الرمان: حالة متوسطة بين الحلاوة والحموضة؛ فهو من تعدد الخبر لفظا لا معنى. 2 بينا أن كونه تابعا لا ينافي أنه خبر في المعنى؛ لأن المعطوف على الخبر خبر. وفي تعدد الخبر يقول ابن مالك: وأخبروا باثنين أو بأكثرا ... عن واحد كهم سراة شعرا* أي: إن العرب أخبروا بخبرين أو أكثر عن مبتدأ واحد؛ كما في المثال الذي ذكره؛ فإن "هم" مبتدأ، و"سراة" خبر أول، "شعرا" خبر ثان؛ وأصله شعراء؛ وقصر للضرورة، وسراة: جمع سري؛ وهو الشريف. تنبيه: أجاز بعض النحاة تعدد المبتدأ؛ قياسا على تعدد الخبر؛ فيقال: محمد علي زينب غاضبة عليه بسببه؛ "بتعدد المبتدآت بدون ضمائر وجعل الروابط بعد خبر الأول"؛ فترتب الضمائر ترتيبا عكسيا، ويكون الضمير في "عليه" راجع للثاني؛ وهو "علي"، وفي "بسببه" راجع للأول وهو "محمد". ويقال: محمد عمه خاله خادمه مسافر؛ "بتعدد المبتدآت، وخلو الأول من الضمير، وإضافة ما بعده كل إلى ضمير ما قبله"، والمعنى: خادم خال عم محمد مسافر. وفي هذا تعسف واضح، ومن الخير والصواب عدم استعمال مثل هذه التراكيب.   * "وأخبروا" فعل ماض، والواو فاعل. "باثنين" متعلق بأخبروا. "أو بأكثر" معطوف على باثنين. "عن واحد" متعلق بأخبروا. "كهم" الكاف جارة لقول محذوف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 ........................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف كلا من المبتدأ والخبر، وبين متى يستغني المبتدأ عن الخبر؟ وضح ما تقول بأمثلة من عندك. 2 ما أنواع الخبر؟ وما الذي يشترط في الجملة الواقعة خبرا؟ مثل. 3 متى يتعين أن يكون الوصف مبتدأ، ومتى تتعين خبريته، ومتى يحتملهما؟ 4 اشرح قول ابن مالك: ولا يجوز الابتدا بالنكره ... ما لم تفد كعند زيد نمره واذكر أهم المسوغات لذلك، ومثل بأمثلة من إنشائك. 5 فيما يأتي شواهد في باب المبتدأ الخبر. بين موضع الشاهد، واشرحه. قال -تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} , {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} , {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} ، {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} , {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} , {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} , {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} , {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} . وقال -عليه السلام: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد". وفي الأمثال: "مقتل الرجل بين فكيه". "اليوم خمر وغدا أمر". سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا ... محياك أخفى ضوؤه كل شارق قبيلة ألأم الأحياء أكرمها ... وأغدر الناس بالجيران وافيها كلام النبيين الهداة كلامنا ... وأفعال أهل الجاهلية نفعل ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ... بأخرى الأعادي فهو يقظان نائم لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تعد المنية أول = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 .........................................................................   = 6 اشرح قول ابن مالك الآتي، ووضح ما تقول بالأمثلة. ولا يكون اسم زمان خبرا ... عن جثة وإن بعد فأخبرا 7 أعرب البيت الآتي، وبين ما فيه من شاهد: خالي لأنت ومن جرير خاله ... ينل العلاء ويكرم الأخوالا 8 بين ما في قول أمير الشعراء أحمد شوقي الآتي من شاهد في باب المبتدأ والخبر، وأعرب ما تحته خط. ظفر في فم الأماني حلو ... ليت منه لنا قلامة ظفر موقف يعجب العلا كنت فيه ... بنت مصر وكنت ملكة مصر 9 بين في العبارة الآتية: المبتدأ والخبر، وما حذف منهما، وحكم الحذف: لعمري لا يهنأ العالم بالسلام ما دامت الدول الكبرى تتسابق في التسلح؛ فكل دولة وإنتاجها من المدمرات، وكل جيش وجهده في ذلك، وأكثر ما تهاب الدولة متفوقة في هذه الناحية، والغرب يعرف ذلك والشرق، ولولا الوعي الإنساني، ولطف الله بالبشرية؛ لاندلعت نيران الحروب، وقد نمسي ونصبح فإذا الأمور قد تحرجت، ويقال: ماذا جرى؟ فيقال: الحرب الحرب، الدمار الدمار. 10 بين مواضع إعراب ما تحته خط مما يأتي، ونوعه، قال -تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} . وقال رجل لسيدنا عمر: من السيد؟ فقال: الحواد حين يسأل، الحليم حين يستجهل. والكريم المجالسة لمن جالسه، الحسن الخلق لمن جاوره. وقال الشريف الرضي: ولولا نفوس في الأقل عزيزة ... لغطى جميع العالمين خمول وقال آخر: وما حسن أن يعذر المرء نفسه ... وليس له من سائر الناس عاذر خرست لعمر الله ألسننا ... لما تكلم فوقنا القدر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر 1: فترفع المبتدأ تشبيهًا بالفاعل، ويسمى اسمها، وتنصب خبره تشبيهًا بالمفعول، ويسمى خبرها2. وهي ثلاثة أقسام: أحدها: ما يعمل هذا العمل مطلقًا3، وهو ثمانية: "كان"، وهي أم الباب4، وأمسى، وأصبح، وأضحى، وظل، وبات، وصار، وليس"5؛ نحو: {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} .   هذا باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر: 1 لا تدخل هذه النواسخ على المبتدأ الذي له الصدارة؛ كأسماء الشرط، وأسماء الاستفهام، وكم الخبرية، والمبتدأ المقرون بلام الابتداء، ما عدا ضمير الشأن؛ فإنه يجوز دخولها عليه وإن كان مما يلزم الصدارة؛ كقول الشاعر: إذا مت كان الناس صنفان شامت ... وآخر مثن بالذي كنت أصنع وكذلك لا تدخل على المبتدأ؛ في الأساليب التي التزمت صيغة واحدة، لا يجوز تغييرها حتى صارت كالأمثال؛ نحو: لله در محمد، طوبى للمؤمنين، ويل للمكذبين، أقل رجل يقول ذلك، وما التعجبية، ولا على ما يلزم الصدارة بسبب غيره؛ كالاسم الواقع بعد لولا، وإذا الفجائية؛ فإنهما لا يدخلان إلا على المبتدأ؛ كما تقدم. 2 يشترط في عملها هذا: أن يتأخر اسمها عنها، وألا يكون طلبا، ولا إنشاء؛ فلا يصح: كان الفقير عاونه، ولا: كان محمد يحفظه الله، ولا جملة فعلية ماضوية، ما عدا "كان" فإنها تمتاز بصحة الإخبار عنها بالجملة الماضوية. 3 أي: سواء أكانت مثبتة أم منفية؛ صلة لما الظرفية أو لا؛ كما سيأتي. 4 إنما اعتبرت كذلك، لاختصاصها بأمور لا تكون لنظائرها؛ كما سيأتي قريبا. 5 معنى "أمسى" اتصاف اسمها بمعنى خبرها وقت المساء؛ وأصبح كذلك وقت الصباح؛ وأضحى وقت الضحاء؛ وظل طول النهار. وكل منها يستعمل كثيرا بمعنى صار، ويعمل عملها بشروطها؛ تقول: أمسى اقتحام الفضاء معلوما، وأصبح النفط دعامة الصناعة، وأضحى الجهاد مطلوبا، وظل الجو مسودا من الغبار. ومعنى بات: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 الثاني: ما يعمله بشرط أن يتقدمه نفي 1، أو نهي، أو دعاء2؛وهو أربعة: "زال" ماضي يزال، "وبرح، وفتئ، وانفك"3.   = اتصاف اسمها بخبرها طول الليل، وليس تفيد نفي اتصاف اسمها بمعنى خبرها في زمن التكلم، وقد تكون لنفي الماضي أو المستقبل بقرينة. أما صار: فتفيد تحول اسمها من حالة إلى أخرى ينطبق عليها معنى الخبر؛ نحو: صار الماء بخارا. ومثلها في العمل ما كان بمعناها. وأشهرها عشرة أفعال تستعمل مثلها قياسيا؛ وهي: آض، رجع، عاد، استحال، قعد، حار، ارتد، تحول، غدا، راح، ويشترط في صار وأمثالها: ألا يكون خبرها جملة فعلية فعلها ماض؛ لأن معنى خبرها ممتد إلى وقت التكلم. 1 سواء كان بالحرف كما مثل المصنف، أو بفعل يدل على النفي؛ كـ"ليس"، أو باسم؛ كقول الشاعر: غير منفك أسير هوى ... كل وانٍ ليس يعتبر 2 يكون الدعاء بـ"لا" في الماضي، وبـ"لن" في المستقبل. 3 إنما اشترط في هذه الأربعة ذلك؛ لأن معناها النفي واستمرار ملازمة الخبر للمخبر عنه على حسب ما يقتضيه المقام؛ فإذا دخل عليها النفي انقلبت إثباتا، والنهي والدعاء يتضمنان في المعنى نفيا. ويشترط ألا يكون خبرها جملة فعلية ماضوية فلا يقال: ما زال المسافر غاب ... إلخ. وألا يقع بعد إلا، فلا يصح: ما فتئ الطيار إلا بعيدا. وإلى القسمين المتقدمين أشار الناظم بقوله: ترفع "كان" المبتدا اسما والخبر ... تنصبه ككان سيدا عمر ككان ظل بات أضحى أصبحا ... أمسى وصار ليس زال برحا فتئ وانفك وهذي الأربعه ... لشبه نفي أو لنفي متبعه* أي: أن "كان" ترفع المبتدأ على أنه اسمها، وتنصب الخبر على أنه خبرها؛ مثل: كان عمر سيدا، ومثلها: ظل ... إلخ، والأربعة الأخيرة في الترتيب تتبع نفيا أو شبهه؛ وهو النهي والدعاء؛ أي: تليه وتجيء بعده.   * "كان" فاعل ترفع مقصود لفظها. "المبتدأ" مفعول ترفع. "اسما" حال منه. "والخبر" مفعول لفعل محذوف يفسره ما بعده. "تنصبه" مضارع، فاعله يعود على كان، والضمير البارز مفعوله، والجملة تفسيرية لا محل لها. "ككان" الكاف جارة لقول محذوف خبر لمبتدأ محذوف، وقد سلف مثله. "سيدا عمر" خبر كان مقدم = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 مثالها بعد النفي: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} ، {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} 1، ومنه: {تَاللَّهِ تَفْتَأ} ، وقوله: فقلت يمين الله أبرح قاعدا2 ... إذ الأصل: لا تفتأ ولا أبرح ومثالها بعد النهي قوله: ... صاح شمر ولا تزل ذاكر الموت3   1 "لن" حرف نفي ونصب. "نبرح" مضارع منصوب بلن واسمها مستتر تقديره نحن. "عليه" جار ومجرور متعلق بعاكفين الواقع خبرا لنبرح. 2 صدر بيت من الطويل لامرئ القيس الكندي. وعجزه: ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي اللغة والإعراب: الأوصال: المفاصل؛ جمع وصل، وهو العضو يفصل من الآخر. "يمين الله" مبتدأ ومضاف إليه، وخبره محذوف؛ أي: قسمي، ويجوز العكس. "أبرح" مضارع واسمها أنا. "قاعدا" خبرها. "ولو" شرطية غير جازمة. "قطعوا" فعل الشرط وفاعل، والجواب محذوف لدلالة ما قبله عليه. المعنى: أقسم بالله لأبقين معك هنا، ولا أفارق رحابك خوفا من أحد، ولو قطعوا رأسي ومزقوني إربا إربا. الشاهد: عمل "أبرح" عمل كان، وقد تقدمه النفي تقديرا؛ لأن معناه: لا أبرح. 3 صدر بيت من الخفيف، لم ينسب لقائل. وعجزه: =   = واسمها مؤخر، والجملة مقول القول المحذوف. "ككان" جار ومجرور متعلق بمحذوف، خبر مقدم مقصود لفظه. "ظل" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه أيضا. "بات أضحى.. إلخ" معطوفات على ظل بإسقاط العاطف، فيما عدا صار، وانفك. "وهذي" ها حرف تنبيه، و"ذي" اسم إشارة مبتدأ. "الأربعة" بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان. "لشبه" متعلق بمتبعه. "نفي" مضاف إليه. "أو لنفي" معطوف على ما قبله. "متبعه" خبر المبتدأ وسكن للشعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 ومثالها بعد الدعاء قوله: ولا زال منهلًا بجرعائك القطر1 وقيدت "زال" بماضي يزال احترازًا من زال ماضي يزيل؛ فإنه فعل تام متعد   = ............................. ... فنسيانه ضلال مبين اللغة والإعراب: شمر: استعد واجتهد. "صاح" منادى مرخ صاحبي، منصوب يفتحه مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة، أو مرخم صاحب على غير قياس كما سيأتي."لا" ناهية. "تزل" مضارع مجزوم بلا واسمها أنت. "ذاكر الموت" خبرها ومضاف إليه. "فنسيانه" الفاء للتعليل، و"نسيانه" مبتدأ ومضاف إليه. "ضلال" خبر. "مبين" صفة لضلال. المعنى: اجتهد يا صاحبي واعمل بكل ما أوتيت من قوة، وتذكر أن الموت لا بد منه، فاستعد لما بعده، وكن دائم التذكر له؛ فإن نسيانه يوقعك في الإثم والضلال. الشاهد: تقدم النهي؛ وهو "لا"، على مضارع زال. 1 عجز بيت من الطويل، لذي الرمة، غيلان بن عقبة، من قصيدته في محبوبته "مي". وصدره: ألا يا اسلمي يا دار مي على البِلَى اللغة والإعراب: اسلمي: دعاء بالسلامة من الآفات والعيوب. البلي: الفناء؛ من بلي الثوب إذا خلق ورث. منهلا: منسكبا منصبا. بجرعائك: الجرعاء: تأنيث الأجرع؛ وهي أرض رملية مستوية لا تنبت شيئا. القطر: المطر. "ألا" أداة استفتاح. "يا" للنداء والمنادى محذوف؛ أي: ياء هذه، أو حرف تنبيه مؤكد لألا؛ لما فيها من معنى التنبيه. "اسلمي" فعل أمر مبني على حذف النون والياء فاعل. "مي" مضاف إليه لدار، مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. "على البلى" متعلق باسلمي. "لا" دعائية. "منهلا" خبر زال مقدم. "القطر" اسمها مؤخر. المعنى: حفظك الله وسلمك يا دار مي -على ما فيك من قدم- من الفناء والزوال، ولا زال المطر ينزل بساحتك، حتى يبقى رحابك عامرا، يذكرنا بالأحبة. الشاهد: تقدم "لا" الدعائية على "زال". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 إلى مفعول، ومعناه ماز1، تقول: زل ضأنك عن معزك، ومصدره الزيل، ومن ماضي يزول؛ فإنه فعل تام قاصر، ومعناه الانتقال2؛ ومنه: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا 3 وَلَئِنْ زَالَتَا} ، ومصدره الزوال. الثالث: ما يعمل بشرط تقدم "ما" المصدرية الظرفية 4 وهو "دام"؛ نحو: {مَا دُمْتُ حَيًّا} ؛ أي: مدة دوامي حيا. وسميت "ما" هذه مصدرية؛ لأنها تقدر   1 أي: ميز وفصل. 2 وقد يكون معناه الفناء والانتهاء، تقول: زال حكم الطغاة؛ أي: انتهى. 3 أي: تنقلا. و"تزولا" مضارع منصوب بأن، وعلامة نصبه حذف النون والألف فاعل، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف، وإنما كانت "زال" بمعنى استمر ناقصة وغيرها تاما؛ لأنه قصد في الأولى انتقال النسبة التي هي مضمون الجملة، فلا بد بعدها من ذكر الجملة. والثانية قصد بها الانتقال من المفرد. 4 هي التي تؤول مع ما بعدها بمصدر يكون معمولا للمضارع قبلها، مع نيابتها عن ظرف زمان بمعنى "مدة"؛ فلو كانت "ما" مصدرية غير ظرفية، كانت "دام" تامة، بمعنى بقي واستمر، وإن جاء بعد المرفوع منصوب، أعرب حالا؛ نحو: يسرني ما دمت مواظبا على الحضور؛ أي: مواظبتك، وكذلك إذا لم تذكر معها "ما"؛ ويشترط ألا يكون خبرها جملة ماضوية، وألا يتقدم الخبر عليها ولا على "ما"؛ لأن ما المصدرية الظرفية لا يسبقها شيء من صلتها التي تسبك معها بمصدر. وفي "دام" يقول الناظم: ومثل كان دام مسبوقا بـ"ما" ... كأعط ما دمت مصيبا درهما* أي: إن "دام" مثل "كان" في العمل، بشرط أن تسبقها "ما" المصدرية الظرفية كما يقيده المثال؛ أي: أعط مدة دوامك مصيبا الدرهم، ومصيبا المحتاج.   * "ومثل" خبر مقدم. "كان" مضاف إليه مقصود لفظه. "دام" مبتدأ مؤخر. "مسبوقًا" حال من دام. "بما" جار ومجرور متعلق بمسبوقا. "كأعط" الكاف جارة لقول محذوف كما سبق مرات. "أعط" فعل أمر فاعله أنت، ومفعوله الأول محذوف؛ أي: المحتاج مثلا. "ما" مصدرية ظرفية. "دمت مصيبا" دام واسمها وخبرها. "درهما" مفعول ثان لأعط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 بالمصدر، وهو الدوام، وسميت ظرفية؛ لنيابتها عن الظرف وهو المدة. أقسامها من حيث التصرف وعدمه: وهذه الأفعال في التصرف ثلاثة أقسام: ما لا يتصرف بحال؛ وهو: "ليس" باتفاق و"دام" عند الفراء وكثير من المتأخرين1. وما يتصرف تصرفًا ناقصًا؛ وهو "زال" وأخواتها؛ فإنها لا يستعمل منها أمر ولا مصدر2، و"دام" عند الأقدمين؛ فإنهم أثبتوا لها مضارعًا. وما يتصرف تصرفًا تاما، وهو الباقي3. وللتصاريف في هذين القسمين ما للماضي من العمل4.   1 أما دم ويدوم ودائم ودوام، فمن تصرفات دام التامة. ويرى بعض النحاة أنه قد يجيء المضارع من دام الناسخة ناسخًا مثل الماضي، ولكنه قليل الاستعمال. ورجح الصبان: أن لـ"دام" الناسخة مصدرا، بدليل تقديرهم في "ما دمت حيا"، مدة دوامي حيا. 2 ذلك لأن من شرط عملها النفي، وهو لا يدخل على الأمر، كما أنها لا تدل على الحدث على الراجح، ويأتي منها الماضي والمضارع واسم الفاعل. 3 المراد التمام النسبي؛ لأنه ورد منها الماضي والمضارع والأمر والمصدر، على قلة، واسم الفاعل دون اسم المفعول، وباقي المشتقات؛ فإنها لم ترد والباقي هو: كان أصبح، أضحى، أمسى، بات، ظل، صار. 4 وفي هذا يقول ابن مالك: وغير ماض مثله قد عملا ... إن كان غير الماض منه استعملا * أي: إن الفعل غير الماضي -إن وجد واستعمل- فإنه يعمل مثل الماضي.   * "وغير" مبتدأ. "ماض" مضاف إليه. "مثله" حال مقدم من فاعل عمل ومضاف إليه. "قد" حرف تحقيق. "عملًا" ماض فاعله يعود على غير الماضي، والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ. "إن" شرطية. "كان غير الماضي" كان واسمها ومضاف إليه. "منه" متعلق باستعمل. "استعملا" فعل ماض، ونائب الفاعل يعود إلى غير الماضي، والألف للإطلاق، والجملة خبر كان، وجواب الشرط محذوف؛ أي: إن كان غير الماضي مستعملا فإنه يعمل مشابها للماضي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 فالمضارع نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} 1. والأمر نحو: {كُونُوا حِجَارَةً} . والمصدر كقوله: وكونك إياه عليك يسير2 واسم الفاعل كقوله: وما كل من يبدي البشاشة كائنا ... أخاك ....................... 3   1 "أك" مضارع مجزوم بلم على النون المحذوفة للتخفيف واسمها "أنا". "بغيا" خبرها؛ وأصله: أكون، حذفت الضمة للجازم والواو لالتقاء الساكنين والنون للتخفيف. 2 عجز بيت من الطويل، لم يعرف قائله. وصدره: ببذل وحلم ساد في قومه الفتى اللغة والإعراب: يبذل: البذل: العطاء مع الجود والسماحة. ساد: اتصف بالسيادة، وهي الرفعة وعظم الشأن. "ببذل" متعلق بساد. "الفتى" فاعل ساد. "وكونك الواو عاطفة، و"كون" مبتدأ، وهو مصدر كان الناقصة مضاف إلى اسمه وهو الكاف؛ فهي في محل جر بالإضافة، وفي محل رفع اسم كان "إياه" خبر الكون من جهة النقصان. "عليك" متعلق بيسير، الواقع خبرا لكون من جهة ابتدائيته. المعنى: إن الإنسان يسود في قومه ويرتفع ذكره بينهم؛ بالجود بالمال، والحلم في الخلق، وسعيك في الاتصاف بهاتين الخلتين أمر هين عليك؛ إذا أردت أن تكون مثل هذا الإنسان في المنزلة وعلو الشأن. الشاهد: إجراء مصدر "كان" الناقصة مثلها في رفع الاسم ونصب الخبر. 3 جزء من بيت من الطويل، لم ينسب لقائل. وتمامه: ...................................... ... ......... إذا لم تلفه لك منجدا اللغة والإعراب: يبدي: يظهر. البشاشة: طلاقة الوجه. تلفه: تجده. منجدا: مغيثا ومساعدا. "ما" نافية حجازية بمعنى ليس. "كل" اسمها. "من" اسم موصول مضاف إليه. "يبدي البشاشة" الجملة صلة من. "كائنا" خبر ما واسمه مستتر يعود على من. "أخاك" خبره. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "تلفه" مضارع مجزوم بلم بحذف الياء والهاء مفعول أول. "منجدا" مفعول ثان. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 وقوله: قضى الله يا أسماء أن لست زائلا ... أحبك .................................. 1 في حكم توسط أخبارهن: وتوسط أخبارهن جائز2،   = المعنى: ليس كل من يظهر لك البشر وطلاقة الوجه أخا مخلصا لك؛ ما لم تجده معينا في الشدائد، مساعدا في الملمات. الشاهد: في "كائنا"؛ فإنه اسم فاعل من مصدر كان الناقصة، وقد عمل عملها. هذا: ومن الأساليب الشائعة قولهم: "سأفعله كائنا ما كان، أو كائنا من كان"، وفي أعاريب كثيرة، أيسرها: أن "كائنا" حال منصوب من الهاء وهو اسم فاعل من كان الناقصة، واسمه ضمير مستتر تقديره "هو" يعود على الشيء السابق، و"أما" أو "من"، نكرة موصوفة في محل نصب خبر كائنا، و"كان" فعل ماض تام وفاعله يعود على "ما" أو "من"، والجملة في محل نصب صفة لهما، والتقدير: سأفعل ذلك كائنا أي شيء وجد، أو أي إنسان وجد. 1 جزء من بيت من الطويل، مطلع قصيدة للحسين بن مطير الأسدي، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. وتمامه: ......................................... ... ....... حتى يغمض العين مغمض اللغة والإعراب: قضى الله: حكم وقدر. أسماء: اسم محبوبته. يغمض العين: يطبق جفونها، وهو كناية عن الموت. "أن" مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن. "لست زائلا" الجملة من ليس واسمها وخبرها خبر أن، و"زائلا" اسم فاعل يعمل عمل الفعل واسمها الضمير المستتر فيها تقديره أنا. "أحبك" الجملة خبرها. "حتى" حرف غاية وجر. المعنى: قدر الله علي يا أسماء أن أتعلق بك وأحبك -على الرغم من صدودك وهجرك لي- حتى أفارق هذه الحياة. الشاهد: إعمال اسم الفاعل من زال عملها؛ فرفع الاسم وهو الضمير المستتر فيه، ونصب الخبر وهو جملة "أحبك". 2 أي: بينهن وبين أسمائهن، وذلك إن لم يجب تقديمهن على الاسم، أو تأخيرهن عنه كما سيأتي. والأحسن في الخبر الجملة تأخيره عن الناسخ واسمه، أما الخبر المفرد وشبه الجملة، فله حالات سنذكرها بعد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 خلافا لابن درستويه1 في ليس، ولابن معط2 في دام. قال الله -تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} 3. وقرأ "حمزة، وحفص"4: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} بنصب البر5. وقال الشاعر:   1 هو أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، المشهور بعلمه وتصانيفه. صحب المبرد وقرأ عليه الكتاب وبرع فيه، ولقي ابن قتيبة، وأخذ عن الدارقطني وغيره، وكان شديد الانتصار لآراء البصريين في النحو واللغة، وله تصانيف غاية في الجودة والإتقان؛ منها: شرح الفصيح، والإرشاد في النحو، والمقصور والممدود، وأخبار النحاة. وقد سكن بغداد إلى أن توفي سنة 347هـ وقد قارب التسعين من العمر. 2 هو أبو الحسن زين الدين يحيى بن معط المغربي الحنفي. كان إماما مبرزا في العربية، شاعرا محسنا. قرأ على الجزولي، وأقرأ النحو بدمشق مدة ثم بمصر، وتصدر للتدريس بالجامع العتيق، وأخذ عنه كثير من الناس، وكان يحفظ كثيرا، وله تصانيف كثيرة وهامة؛ منها: الألفية في النحو، وشرح الجمل في النحو أيضا، وشرح أبيات سيبويه نظم. كما نظم كتاب الجمهرة لابن دريد في اللغة. وتوفي رحمه الله سنة 628هـ. 3 "حقا" خبر كان مقدم. "نصر المؤمنين" اسمها مؤخر ومضاف إليه. 4 حمزة: هو أبو عمارة حمزة بن حبيب الكوفي الزيات، أحد أصحاب القراءات السبع، كان إمام القراء بالكوفة بعد عاصم، وكان ثقة عارفا بالعربية، حافظا للحديث، ورعا زاهدا. ولقب بالزيات؛ لأنه كان يجلب الزيت من العراق إلى حلوان، والجبن والجوز منها إلى الكوفة. وتوفي -رحمه الله- سنة 156هـ، أما حفص فهو: أبو عمرو حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الكوفي، من أصحاب عاصم، إمام الكوفيين وأعلمهم بقراءته، وكان ربيبه وابن زوجته من غيره. كان ثقة في القراءة، معروفا بضبط الحروف، وقد أقرأ الناس مدة حتى توفي سنة 180هـ. 5 فيكون "البر" خبر ليس مقدما، والمصدر المنسبك من أن والفعل في "أن تولوا" اسمها مؤخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 لا طيب للعيش ما دمت منغصة ... لذاته ................................ 1 إلا أن يمنع مانع 2؛ نحو: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً} 3. حكم تقديم أخبارهن: جائز4؛ بدليل: {أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا   1 بعض بيت من البسيط، لم ينسب لقائل. وتمامه: ....................................... ... ............ بادكار الموت والهرم اللغة والإعراب: منغصة: اسم مفعول؛ من التنغيص؛ وهو التكدير. بادكار: بتذكر وأصله: اذتكار، قلبت تاء الافتعال دالا، ثم قلبت الذال دالا وأدغمتا. الهرم: الكبر والضعف. "لا" نافية للجنس. "طيب" اسمها مبني على الفتح. "للعيش" متعلق بمحذوف خبرها. "ما" مصدرية ظرفية. "منغصة" خبر دام مقدم. "لذاته" اسمها مؤخر ومضاف إليه. "بادكار" متعلق منغصة. المعنى: لا لذة ولا راحة في هذه الحياة ما دامت لذاتها ونعيمها ومسراتها. تتكدر بتذكر الإنسان للموت، وبالضعف بالكبر. الشاهد: تقدم خبر دام على اسمها. وفيه على هذا الرأي: الفصل بين العامل؛ وهو "منغصة"، ومتعلقه، وهو "بادكار"، بأجنبي عنهما وهو "لذاته". وقيل: إن "لذاته" نائب فاعل لمنغصة، واسم "دام" مستتر فيها، ومنغصة خبرها. 2 أي: من جواز التوسط. وهذا يصدق بوجوب التوسط، وذلك إذا كان الاسم مضافا لضمير يعود على شيء متصل بالخبر؛ مثل: يسرني أن يكون للعمل أهله، أو كان الخبر محصورا في الاسم بإلا المسبوقة بالنفي؛ نحو: ليس ناجحا إلا المجد. كما يصدق بمنع التوسط ووجوب التأخير؛ وذلك إذا ترتب على التوسط لبس لا يمكن معه تمييز الاسم من الخبر لخفاء إعرابهما؛ نحو: أصبح شريكي أخي، بات صاحبي عدوي. أو حصر الاسم في الخبر؛ بأن يكون مقرونا بإلا المسبوقة بالنفي، أو بإنما؛ نحو: ما كان علي إلا صادقا، إنما كان محمد مخلصًا. 3 أي: صفيرا، وفعله مكا؛ من باب عدا. والمانع هنا من توسط الخبر القصر بإلا. 4 أي: عليهن، وذلك إذا لم يكن هنالك ما يوجب التقديم؛ كما إذا كان الخبر اسما واجب الصدارة؛ كأسماء الاستفهام، وكم الخبرية؛ نحو: أين كان الحارس؟ وكم كان مالك الموروث؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 يَعْبُدُونَ} ، {وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ} 1، إلا خبر دام اتفاقًا2، و"ليس" عند جمهور البصريين3، قاسوها على عسى4، واحتج المجيز بنحو قوله -تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} 5، وأجيب بأن المعمول ظرف فيتسع فيه. وإذا نفي الفعل بـ"ما"، جاز توسط الخبر بين النافي والمنفي مطلقًا6؛ نحو: ما قائما كان زيد. ويمتنع التقديم على "ما" البصريين والفراء7.   1 "إياكم" و"أنفسهم" معمولان لخبر كان وقد تقدما عليها، وتقدم المعمول يؤذن بجواز تقدم العامل عند كثير من النحاة. 2 فلا يجوز تقديمه عليها وعلى "ما"؛ لأن معمول صلة الحرف المصدري لا يتقدم عليه. ويجوز أن يتقدم الخبر على "دام" وحدها. فيتوسط بينها وبين "ما"؛ تقول: سأبقى في البيت ما مستمرة دامت الغارة. 3 حجتهم عدم الورود عن العرب، أو ضعفها بعدم التصرف. وقد اختار هذا ابن مالك. 4 فإن خبرها لا يتقدم عليها اتفاقًا، وهي مثلها في الجمود. 5 فإن "يوم" ظرف معمول لمصروفا الواقع خبرا لليس، وقد تقدم على ليس واسمها ضمير يعود على العذاب، ومصروفًا خبرها، وقد تقدم المعمول وهو يشعر غالبا بجواز تقدم العامل وهو الخبر. وقد أجاب المصنف على هذا. ويمكن أن يجاب بأن "يوم" معمول لمحذوف تقديره: يعرفون يوم يأتيهم، وجملة "ليس مصروفا" حال مؤكدة، أو أن "يوم" في محل رفع مبتدأ. وبني لإضافته إلى جملة، وجملة "ليس مصروفًا" خبر. 6 أي: سواء كان النفي شرطا؛ كزال وأخواتها، أم لا. 7 أي: لأنها عندهم مما يستحق التصدير، ومثل "ما": همزة الاستفهام، و"إن" النافية عند الرضي وغيره. وإلى بعض ما سبق يشير ابن مالك بقوله: وفي جميعها توسط الخبر ... أجز وكل سبقه "دام" حظر = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 وأجازه بقية الكوفيين. وخص ابن كيسان المنع بغير "زال" وأخواتها؛ لأن نفيها إيجاب1، وعمم الفراء المنع في حروف النفي، ويرده قوله: على السن خيرا لا يزال يزيد2   = كذاك سبق خبر "ما" النافيه ... فجئ بها متلوة لا تاليه* أي: إن جميع النواسخ السابقة، يجوز فيها توسط الخبر بين العامل واسمه. وكل النحاة حظر -أي: منع- سبق خبر دام عليها. وقد بينا أن الممنوع تقديمه على ما دام، لا على دام وحدها. كذلك منع كل النحاة سبق الخير على "ما" النافية، ويجب أن تكون متلوة -أي: سابقة- يتلوها غيرها، لا تالية غيرها؛ فلا تجيء بعده. 1 أي: لأنها للنفي، ونفي النفي إيجاب؛ فكأنه لم تكن هنالك "ما" النافية المستحقة للتصدير. وابن كيسان هو: أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن كيسان النحوي. كان يحفظ المذهبين البصري والكوفي في النحو؛ لأنه أخذ عن المبرد وثعلب، لكنه كان إلى المذهب البصري أميل. قال فيه أبو حيان التوحيدي: ما رأيت مجلسا أكثر فائدة، وأجمع لأصناف العلوم والتحف والنتف، من مجلسه، وكان يجتمع على بابه عشرات الدواب للرؤساء والأشراف الذين يقصدونه. وكان إقباله على صاحب المرقعة والخلق، كإقباله على صاحب الديباج والدابة والغلام. ومن تصانيفه: المهذب في النحو، وعلل النحو، وما اختلف فيه البصريون والكوفيون، وغلط أدب الكاتب. وتوفي سنة 320هـ. 2 عجز بيت من الطويل للمعلوط القريعي، وصدره: ورج الفتى للخير ما إن رأيته اللغة والإعراب: رج: أمر من الترجية بمعنى الرجاء؛ وهو الأمل وتوقع الخير. الفتى: الشاب. على السن: أي على زيادة العمر. "الفتى" مفعول أول لرج. "للخير" مفعول ثان.=   * "وفي جميعها" متعلق بتوسط، وهو مضاف إلى هنا. "توسط" مفعول أجز. "الخبر" مضاف إليه. "وكل" مبتدأ. "سبقه" مفعول حظر، والهاء مضاف إليه عائدة على الخبر، من إضافة المصدر لفاعله. "دام" مفعوله قصد لفظه. "حظر" فاعله يعود إلى "كل"، والجملة خبر المبتدأ. "كذاك" خبر مقدم. "سبق" مبتدأ مؤخر. "خبر" مضاف إليه وهو فاعل لسبق، من إضافة المصدر لفاعله. "ما" مفعول سبق. "النافية" صفة لها. "بها" متعلق بجئ. "متلوة" حال من الهاء في بها. "لا" حرف عطف. "تاليه" معطوفة على متلوة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 حكم إيلاء معمول خبرها: ويجوز باتفاق، أن يلي هذه الأفعال معمول خبرها؛ إن كان ظرفًا أو مجرورًا1؛ نحو: "كان عندك، أو في المسجد، زيد معتكفًا"2. فإن لم يكن أحدهما؛ فجمهور البصريين يمنعون مطلقًا3، والكوفيون يجيزون مطلقًا.   = مصدرية ظرفية. "إن" زائدة بعدها؛ لشبهها بما النافية في اللفظ، أو "ما"، و"إن" شرطية. "رأيته" فعل الشرط، وجوابها محذوف يدل عليه ما قبله. "على السن" متعلق بيزيد. "خيرا" مفعول مقدم ليزيد. "لا" نافية. "يزال" فعل مضارع ناقص، واسمها يعود على الفتى، وجملة "يزيد" خبر. المعنى: انتظر الخير والنيل. وتوقعه من الشاب؛ إذا رأيته كلما زادت سنه، وتقدم في العمر، يزداد خيرا، ويتلمس المزيد من الخلال الحميدة. الشاهد: تقديم معمول خبر لا يزال؛ وهو "خيرا" على لا النافية، وتقدم المعمول يتبعه جواز تقدم العامل، كما عليه جمهور العلماء. 1 سواء تقدم المعمول وحده بدون الخبر، أو تقدم ومعه الخبر متقدما عليه، أو متأخرا عنه. 2 فعندك وفي المسجد معمولان لمعتكفًا؛ الواقع خبرا لكان، وقد تقدما على اسمها. وفي هذا يقول الناظم: ولا يلي العامل معمول الخبر ... إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جر* أي: إن معمول الخبر لا يتقدم وحده، أو مع الخبر، إلا في حالة واحدة؛ وهي: أن يكون المعمول ظرفا، أو حرف جر مع مجروره. 3 لأنه يلزم عليه الفصل بينها وبين اسمها بأجنبي منها؛ بناءً على أن معمول المعمول ليس في معنى المعمول.   * "لا" نافية. "يلي العامل معمول الخبر". فعل ومفعوله وفاعله ومضاف إليه. "إلا" أداة استثناء. "إذا" ظرف زمان مضمن معنى الشرط. "ظرفًا" حال من ضمير أتى. "أتى" فعل ماض، وفاعله يعود على معمول الخبر. "أو حرف جر" معطوف على ظرفًا، ومضاف إليه؛ وجملة أتى وفاعله في محل جر بإضافة إذا؛ وهي فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف؛ أي: فإنه يليه، وهذه الجملة كلها في موضع الاستثناء من مستثنى منه محذوف؛ والتقدير: ولا يلي معمول الخبر العامل في حال ما؛ إلا في حالة مجيئه ظرفًا، أو حرف جر؛ للتوسع فيهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وفصل ابن السراج والفارسي1، وابن عصفور؛ فأجازوه إن تقدم الخبر معه2؛ نحو: "كان طعامك آكلًا زيد"، ومنعوه إن تقدم وحده3؛ نحو: "كان طعامك زيد آكلًا". واحتج الكوفيون بنحو قوله: بما كان إياهم عطية عودا4   1 هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار؛ الإمام أبو علي الفارسي، النحوي المشهور. كان واحد زمانه في علم العربية، أخذ عن الزجاج وابن السراج، وطاف ببلاد الشام، وقيل: إنه كان أعلم من المبرد، وبرع من تلاميذه كثير؛ كابن جني وعلي بن عيسى الشيرازي. وكان متصلا بعضد الطولة ابن بويه، متقدما عنده، وصنف له كتاب "الإيضاح في النحو"، والتكملة في التصريف". وكان عضد الدولة يقول: "أنا غلام أبي علي في النحو". وقد حدثت بينه وبين ابن خالويه خصومة شديدة، وكان سيف الدولة ضالعا مع خصمه، ينصره عليه؛ ففارق الشام إلى العراق، وفي نفسه شيء من الشام وأهله. وله مؤلفات عظيمة؛ منها: غير ما ذكرنا, "كتاب الحجة في التعليل لقراءات القرآن"، "وتعليقات على كتاب سيبويه"، والمسائل: الحلبية، والبغدادية، والبصرية، والشيرازية ... إلخ. وتوفي ببغداد سنة 377هـ. 2 ذلك لأن المعمول مكمل للخبر؛ فهو كالجزء منه. 3 لأنه يكون حينئذ أجنبيا، ولا يفصل بين الفعل، ومرفوعه بأجنبي. 4 عجز بيت من الطويل؛ للفرزدق؛ يهجو به جريرا وقومه، ويتهمهم بالخيانة والفجور. وصدره: قنافذ هداجون حول بيوتهم اللغة والإعراب: قنافذ؛ جمع قنفذ؛ وهو حيوان شائك معروف، يضرب به المثل في السري؛ فيقال: هو أسرى من قنفذ؛ ذلك لأنه ينام نهارا، ويصحو ليلا؛ ليبحث عما يقتات به، وهو بالذال، والدال. هداجون: جمع هداج؛ وهو صيغة مبالغة من الهدج أو الهدجان؛ وهو مشية الشيخ الضعيف، أو مشية فيها ارتعاش. عطية: أبو جرير. "قنافذ" خبر لمبتدأ محذوف. "هداجون" صفة لقنافد. "حول بيوتهم" ظرف مكان، ومضاف إليه، متعلق بهداجون. بما" الباء للسببية، و"ما" اسم موصول في محل جر بالباء. "كان" فعل ناقص. إياهم" مفعول أول لعودا، ومفعوله الثاني محذوف، وهو عائد الصلة. "عطية" اسم كان، وجملة "عودا" خبر كان. المعنى: هؤلاء الناس؛ أي: رهط جرير، في الخسة والفجور كالقنافذ؛ يمشون ليلا حول البيوت؛ للدعارة والسرقة، مشية الشيخ الهرم؛ لئلا يشعر بهم أحد. وقد ورثوا هذه الصفة الذميمة عن عطية -أبي جرير- الذي عودهم ذلك. الشاهد: تقديم معمول خبر كان، وهو "إياهم" على اسمها، وهو "عطية"، وليس بظرف ولا جار ومجرور، على رأي الكوفيين. وقد خرجه المصنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 وخرج على زيادة "كان"1، أو إضمار الاسم مرادًا به الشأن، أو راجعا إلى "ما"2؛ وعليهن فعطية مبتدأ، وقيل ضرورة. وهذا متعين في قوله: باتت فؤادي ذات الخال سالبة3   1 أي: بين "ما" الموصولة وصلتها، فلا تحتاج إلى اسم وخبر. 2 وعلى القولين، فجملة "عطية عودا" من المبتدأ والخبر، في محل نصب خبر كان، ويكون "إياهم"؛ وهو معمول الخبر، مقدما على المبتدأ، وذلك جائز عند البصريين. وقد اختار الناظم إضمار الاسم للشأن؛ فقال: ومضمر الشأن اسما انو إن وقع ... موهم ما استبان أنه امتنع* يريد: انو، وقدر ضمير الشأن بعد الناسخ؛ إن ورد من الأمثلة ما يوهم أنها التي استبان -أي: ظهر- منعها؛ وهو إيلاء كان وأخواتها معمول خبرها. 3 صدر بيت من البسيط، لم يعرف قائله، وعجزه: فالعيش إن حم لي عيش من العجب اللغة والإعراب: الخال: شامة سوداء في الجسم، تكون غالبًا في الخد، والجمع خيلان سالبة: اسم فاعل من سلب الشيء: أخذه خلسة. حم: قدر. "باتت" فعل ناقص، والتاء علامة التأنيث. "فؤادي" مفعول مقدم لسالبة، وفاعلها يعود على ذات الخال. "ذات الخال" اسم بات ومضاف إليه. "سالبة" خبرها. "فالعيش" الفاء للتفريغ، =   * "مضمر" مفعول مقدم لانو. "الشأن". مضاف إليه. "اسما" حال من فاعل انو. "إن" شرطية. "وقع" فعل الشرط، وسكن للوقف."موهم" فاعله. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "استبان" فعل ماض. "أنه" أن حرف توكيد ونصب، والهاء اسمها. "امتنع" الجملة خبر أن؛ وأن معمولاها في تأويل مصدر فاعل استبان؛ أي: استبان امتناعه، والجملة صلة الموصول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 لظهور نصب الخبر. استعمال هذه الأفعال تامة: قدتستعمل هذه الأفعال تامة، أي: مستغنية بمرفوعها1؛ نحو: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} ؛ أي: وإن حصل ذو عسرة، {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} ؛ أي: حين تدخلون في المساء، وحين تدخلون في الصباح، {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ} ؛ أي: ما بقيت؛ وقوله: وبات وباتت له ليلة2   = و"العيش" مبتدأ، وخبره "من العجب". المعنى: باتت صاحبة الخال طول الليل مستولية على قلبي وحواسي؛ بجمالها وحسنها؛ فعيشتي -إن قدر لي أن أعيش بعد ذلك- عجيبة غريبة. الشاهد: تقدم معمول خبر بات -وهو "فؤادي"- على الخبر، وهو "سالبة" وبهذا ونحوه استدل الكوفيون على جواز وقوع معمول خبر الفعل الناسخ بعده. وقد خرجه المصنف على أنه ضرورة. ولا يجوز زيادة "بات"، ولا جعل اسمها ضمير الشأن؛ لأنه لا يخبر عنه بمفرد. وهنالك تخريج آخر يفسد استدلال الكوفيين برغم ما فيه من تكلف، وهو أن يكون "فؤادي" منادى بحذف حرفي النداء، لا مفعولًا لسالبة، ومفعول الخبر؛ وهو "سالبة" محذوف أيضًا؛ أي: سالبة إياك. 1 هذا هو الصحيح؛ من أن التام هو ما يكتفي بمرفوعه في إتمام المعنى الأساسي للجملة. ويرى سيبويه، وكثير من البصريين: أن معنى كونها تامة: دلالتها على الحدث المقيد والزمان معا. 2 صدر بيت من المتقارب، لامرئ القيس بن عانس؛ وهو صحابي، لا الكندي، خلافًا لمن زعمه. وعجزه: كليلة ذي العائر الأرمد اللغة والإعراب: العائر: القذى في العين، أو بشر في الجفن الأسفل تدمع له العين. الأرمد: المصاب بالرمد. "بات" الأولى تامة، بمعنى نزل ليلا، والفاعل هو. "وباتت" فعل ناقص بمعنى صار، والتاء للتأنيث. "له" خبر مقدم. "ليلة" اسمها مؤخر. المعنى: أن هذا الشخص قضى ليلة سيئة طويلة؛ كليلة المريض بعينيه، المصاب بالرمد، ولا يذوق النوم إلا غرارًا؛ بسبب ما يعتريه من الألم. الشاهد: استعمال "بات" الأولى تامة، بمعنى دخل في المبيت. وقيل: "بات" الثانية تامة أيضًا، و"ليلة" فاعله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وقالوا: بات بالقوم؛ أي: نزل بهم ليلًا، وظل اليوم؛ أي: دام ظله، وأضحينا؛ أي: دخلنا في الضحى. إلا ثلاثة أفعال؛ فإنها ألزمت النقص1؛ وهي: فتئ، وزال، وليس. تختص "كان"بأمور: منها: جواز زيادتها2 بشرطين:   1 أي: فلا تستعمل تامة أصلًا. وفي ذلك، وفي منع تقديم خبر "ليس"، وفي تعريف الفعل التام يقول ابن مالك: ومنع سبق خبر "ليس" اصطفى ... وذو تمام ما برفع يكتفى وما سواه ناقص والنقص في ... "فتئ ليس زال" دائما قفي* أي: أنه اصطفي؛ أي: اختير، منع تقديم خبر "ليس" عليها. والفعل التام: هو الذي يكتفي بمرفوعه، والناقص هو ما لا يكتفي بالمرفوع. وجميع أفعال هذا الباب تستعمل تامة وناقصة؛ إلا ثلاثة: فتئ، وليس، وزال؛ فإن النقص فيها لازم. ومعنى قفي تبعها ولازمها. 2 معنى زيادتها: أنها لا تعمل شيئا؛ فلا تحتاج إلى فاعل أو مفعول، أو اسم وخبر ونحوهما. ولا تقع معمولة لغيرها. وقيل معناه: استغناء الكلام عنها؛ فلا ينقص معناه بحذفها، وتكون لمجرد التقوية والتوكيد، مع دلالتها على الزمان الماضي على الراجح، ولا سيما إذا توسطت بين "ما" التعجبية وفعل التعجب؛ لأن فعل التعجب لا يكون إلا بصيغة الماضي، وإن كان لا أثر للزمن فيه؛ لأنه لمجرد الإنشاء.   * "ومنع" مبتدأ. "سبق" مضاف إليه. "خبر" مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. "ليس" مقصود لفظه، مفعول سبق. "اصطفي" ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على منع، والجملة خبر المبتدأ. "وذو" مبتدأ؛ تمام مضاف إليه. "ما" اسم موصول خبر المبتدأ "برفع" متعلق بيكتفي؛ وجملة يكتفي وفاعله العائد على "ما" صلة الموصول. "ما" اسم موصول مبتدأ. "سوى" ظرف متعلق بمحذوف صلة ما، وهو مضاف إلى الضمير. "ناقص" خبر المبتدأ. "والنقص" مبتدأ. "في فتئ" متعلق بقفى. "ليس، زال" معطوفان على فتئ بإسقاط العاطف. "دائمًا" حال من ضمير: "قفي" وهو مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود على النقص والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 أحدهما: كونها بلفظ الماضي1. وشذ قول أم عقيل: أنت تكون ماجد نبيل2 والثاني: كونها بين شيئين3؛ ليسا جارا ومجرورا؛ نحو: ما كان أحسن زيدا، وقول بعضهم: لم يوجد كان مثلهم". وشذ قوله: على كان المسُوَّمَةِ العراب4   1 وذلك لخفته، ولتعين الزمان فيه، وقد أشبه الحروف الزائدة ببنائه. 2 صدر بيت من الرجز؛ لفاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، زوج أبي طالب، قالته وهي تلاعب ابنها عقيلا وترقصه، وعجزه: إذا تهب شمال بليل اللغة والإعراب: ماجد: كريم شريف. نبيل: ذكي نجيب. شمأل: ريح تهب من جهة الشمال. بليل: رطبة ندية. "أنت" ضمير منفصل مبتدأ. "تكون" زائدة. "ماجد" خبر. "نبيل" صفة لماجد. "إذا" ظرف للمستقبل فيه معنى الشرط. "تهب شمأل" فعل الشرط وفاعله، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. المعنى: أنت -يا عقيل- كريم جواد، ذكي الفؤاد، إذا هبت ريح الشمال، وكثر الضيفان. والتقييد بذلك على عادة العرب، وإلا فهي تريد أنه موصوف بذلك دائما. الشاهد: زيادة "تكون" بلفظ المضارع بين المبتدأ والخبر. وهذا قليل؛ إذ الثابت زيادتها بلفظ الماضي. وقيل: إنها عاملة، واسمها مستتر تقديره أنت، وخبرها محذوف، والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر لا محل لها؛ أي: أنت ماجد نبيل تكونه .... 3 أي: متلازمين؛ بحيث لا يوجد أحدهما بدون الآخر، ولا يستقل بنفسه واحد منهما. وهذا يقتضي أن تكون حشوا بينهما، وذلك. كـ"ما" التعجبية، وفعل التعجب، والمبتدأ والخبر، والفعل والفاعل .... إلخ. 4 عجز بيت من الوافر، أنشده الفراء، ولم ينسبه لقائل. وصدره: سراة بني أبي بكر تسامى اللغة والإعراب: سراة: جمع سري؛ وهو السيد الشريف. تسامى: من السمو؛ وهو العلو والرفعة، وأصله تتسامى. المسومة: الخيل التي جعلت لها سومة؛ أي: علامة؛ لتعرف = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وليس من زيادتها قوله: وجيران لنا كانوا كرام1   = حين تترك في المرعى فيعرفها أصحابها. العراب: العربية؛ وهي خلاف البراذين والبخاتي. "سراة" مبتدأ. "بني أبي بكر" مضاف إليه. "تسامى" الجملة خبر المبتدأ. "على" جارة. "كان" زائدة. "المسومة" مجرورة بعلى. "العراب" صفة للمسومة. المعنى: سادات قبيلة بني بكر وعظماؤها، تتسابق وتختال على تلك الخيول العربية، التي جعلت لها علامة تميزها عن غيرها من الخيول. الشاهد: زيادة "كان" بين "على" ومجرورها. وهذا شاذ؛ لأن الجار والمجرور كالشيء الواحد. وفي زيادة "كان" يقول الناظم: وقد تزاد "كان" في حشو كـ"ما ... كان أصح علم من تقدما"* يريد بالحشو: التوسط بين شيئين متلازمين؛ كما بينا. وتنقاس زيادتها بين "ما" وفعل التعجب؛ كما مثل الناظم. 1 عجز بيت من الوافر؛ للفرزدق، من قصيدة يمدح فيها هشام -أو سليمان- بن عبد الملك، وصدره: فكيف إذا مررت بدار قوم اللغة والإعراب: كلمات البيت واضحة المعنى، لا تحتاج إلى شرح. "كيف" اسم استفهام -أشرب معنى التعجب- خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: كيف حالك؟ "إذا" ظرف زمان مضمن معنى الشرط. "مررت" فعل الشرط وفاعله. "بدار قوم" متعلق بمررت، ومضاف إليه "وجيران" معطوف على قوم. "لنا" جار ومجرور خبر كان مقدم. "كانوا" كان فعل ماض ناقص والواو اسمها، والجملة صفة لجيران. "كرام" صفة ثانية. المعنى: كيف يكون حالك وشعورك إذا مررت بديار قومنا وجيراننا؛ المعروفين بالجود والكرم والسخاء؟. الشاهد فيه: عدم زيادة "كان" على رأي المصنف، وتبعه المبرد وأكثر النحويين؛ لأنها رفعت الضمير، والزائد لا يعمل شيئًا عند الجمهور.   * "كان" نائب فاعل تزاد مقصود لفظها. "في حشو" متعلق بتزاد. "كما" الكاف جارة لقول محذوف. و"ما" تعجبية مبتدأ. "كان" زائدة. "أصح" فعل ماض للتعجب، وفاعله يعود إلى ما. "علم" مفعول أصح، والجملة خبر ما. "من" اسم موصول مضاف إليه. "تقدما" فعل ماض، والفاعل يعود إلى من، والجملة صلة، والألف للإطلاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 لرفعها الضمير، خلافًا لسيبويه1. ومنها أنها تحذف. ويقع ذلك على أربعة أوجه: أحدها: وهو الأكثر، أن تحذف مع اسمها ويبقى الخبر. وكثر ذلك بعد "إن"، و"لو"، الشرطيتين2. مثال "إن" قولك: سر مسرعًا إن راكبًا وإن ماشيًا. وقوله: إن ظالمًا أبدًا وإن مظلومًا3   1 فإنه يقول بزيادتها بين الصفة والموصوف، ووافقه الخليل على ذلك، ولا يمنع من زيادتها إسنادها للضمير، كما لم يمنع إلغاء "ظن" إسنادها للفاعل؛ في نحو: زيد ظننت قائم. ويكون هذا الضمير فاعلها على أنها تامة، أو تكون الواو مؤكدة للضمير في "لنا"، وهي ملغاة، و"لنا" في موضع جر نعت لجيران. 2 علة الكثرة بعد "إن" و"لو"؛ أنهما من الأدوات التي تطلب فعلين؛ فبالحذف يخف طول الكلام. وخصنا بذلك من بين أدوات الشرط؛ لأن "إن" أم أدوات الشرط الجازمة، و"لو" أم الأدوات غير الجازمة. والنحاة يتوسعون في الأمهات. وفي هذا يقول ابن مالك: ويحذفونها ويبقون الخبر ... وبعد "إن" و"لو" كثيرًا ذا اشتهر* أي: يحذفون "كان" مع اسمها، ويبقون الخبر؛ وهذا الحذف قد اشتهر بعد "إن" و"لو" الشرطيتين على ما بينا. 3 عجز بيت من الكامل؛ لليلى الأخيلية؛ تصف منعة قومها، وقد استشهد به سيبويه، وصدره: لا تقربن الدهر آل مطرف =   * "ويحذفونها" مضارع وفاعله ومفعوله. "ويبقون الخبر" كذلك. "وبعد" ظرف متعلق باشتهر. "إن" مضاف إليه مقصود لفظه. "ولو" معطوف على إن. "كثيرا" حال من الضمير في اشتهر. "ذا" اسم إشارة مبتدأ. "اشتهر" فعل ماض، وفاعله يعود على ذا، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 وقولهم: "الناس مجزيون بأعمالهم؛ إن خيرًا فخير، وإن شرا فشر؛ أي: إن كان عملهم خيرًا فجزاؤهم خير. ويجوز "إن خير فخيرًا" بتقدير: إن كان في عملهم خير فيجزون خيرا. ويجوز نصبهما1 ورفعهما2 والأول أرجحها3، والثاني أضعفها4، والأخيران متوسطان. ومثال "لو": التمس ولو خاتمًا من حديد"5. وقوله: لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكًا6   = اللغة والإعراب: مطرف: اسم عظيم قومها. "لا" ناهية. "تقربن" مضارع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد. "الدهر" منصوب على الظرفية. "آل مطرف" مفعول تقربن، ومضاف إليه. "إن" شرطية. "ظالما" خبر لكان المحذوفة مع اسمها؛ أي: إن كنت ظالمًا. "وإن مظلوما" مثل ما قبله. المعنى: ابتعد عن هؤلاء القوم ولا تتعرض لهم؛ سواء أكنت ظالمًا أم مظلومًا؛ لأن بأسهم شديد. الشاهد: حذف "كان" مع اسمها في الموضعين. 1 ويكون التقدير حينئذ: إن كان عملهم خيرا؛ فيجزون خيرا. 2 والتقدير: إن كان في عملهم خير؛ فجزاؤهم خير. 3 أي: الأول من الأوجه الأربعة، وهو الذي سبق أن قال: إنه الأكثر؛ لأن فيه إضمار كان واسمها بعد إن، وإضمار المبتدأ بعد فاء الجزاء، وكلاهما كثير مطرد. 4 لأن فيه حذف كان وخبرها بعد "إن"، وحذف فعل ناصب بعد الفاء، وكلاهما قليل. 5 هذا جزء من حديث؛ قاله -عليه السلام- لرجل طلب منه أن يزوجه امرأة عرضت نفسها على النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال له: "اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد"؛ أي: ولو كان ما تلتمسه. 6 صدر بيت من البسيط، لم ينسب لقائل. وعجزه: جنوده ضاق عنها السهل والجبل اللغة والإعراب: بغي: ظلم. "لا" ناهية. "يأمن" مضارع مجزوم بها، وحرك بالكسر؛ للتخلص من الساكنين. "الدهر" مفعول به. "ذو بغي" فاعل ومضاف إليه مرفوع بالواو؛ لأنه من الأسماء الستة. "ولو" شرطية. "ملكًا" خبر لكان المحذوفة عن اسمها؛ أي: ولو كان الباغي. "جنوده" مبتدأ ومضاف إليه، والجملة بعده خبر، وجملة المبتدأ والخبر صفة لملك. المعنى: لا يأمن صروف الدهر وتقلباته صاحب ظلم؛ ولو كان ملكًا جنوده كثيرون، وأعوانه فوق الحصر والعد؛ فلكل باغ مصرع، والظلم مرتعه وخيم. الشاهد: حذف "كان" مع اسمها، وإبقاء خبرها بعد "لو" الشرطية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 وتقول: ألا طعام ولو تمرًا؟ وجوز سيبويه الرفع بتقدير: ولو يكون عندنا تمر1. وقل الحذف المذكور بدون "إن" و"لو"؛ كقوله: من لد شولًا فإلى إتلائها2، قدره سيبويه: من لد أن كانت شولًا3.   1 فيكون قد حذف "يكون" وخبرها، وأبقى اسمها. 2 كلام عربي يجري مجرى المثل، وهو من شواهد سيبويه. "شولا" قيل هو مصدر بمعنى اسم الفاعل؛ من شالت الناقة بذنبها؛ رفعته عند اللقاح. وقيل: هو اسم جمع لشائلة، على غير قياس؛ والشائلة: الناقة التي خف لبنها، وارتفع ضرعها. ومضى عليها من ولادتها سبعة أشهر أو ثمانية. "إتلائها" مصدر أتلت الناقة؛ إذا تلاها ولدها؛ أي: تبعها "من" جارة. "لد" ظرف زمان مبني على الضم في محل جر، والجار والمجرور متعلق بمحذوف، أي: علمت مثلًا. "شولا" خبر لكان المحذوفة مع اسمها "فإلى" الفاء عاطفة، وإلا إتلائها متعلق بما تعلق به الجار قبله. المعنى: عملت كذا وكذا، من وقت أن كانت النياق شوائل، إلى أن تبعها أولادها. الشاهد: فيه حذف "كان" مع اسمها بعد "لد"، وذلك قليل. ويجوز أن يكون "شولا" مفعولأ مطلقًا لمحذوف؛ أي: من لدن شالت الناقة شمولا، أو منصوبا على التمييز، أو التشبيه بالمفعول به، كما ينصب لفظ "غدوة" بعد "لدن" وخص بعضهم هذا الحكم بغدوة، ولا شاهد فيه حينئذ. 3 إنما قدر سيبويه "أن" بعد "لد" لأنه لا يرى إضافتها إلى الجمل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 الثاني: أن تحذف مع خبرها ويبقى الاسم1، وهو ضعيف؛ ولهذا ضعف "ولو تمر, وإن خير" في الوجهين. الثالث: أن تحذف وحدها. وكثر ذلك بعد "أن" المصدرية في مثل2: أما أنت منطلقًا انطلقت؛ أصله: انطلقت لأن كنت منطلقًا، ثم قدمت اللام وما بعدها على انطلقت للاختصاص3، ثم حذفت اللام للاختصار4، ثم حذفت "كان". لذلك فانفصل الضمير، ثم زيدت "ما" للتعويض5، ثم أدغمت النون في الميم للتقارب. وعليه قوله: أبا خراشة أما أنت ذا نفر6   1 وذلك بعد "إن"، و"لو" الشرطيتين كذلك. أما حذف الخبر وحده فلا يجوز؛ لأنه عوض أو كالعوض من مصدرها. 2 وذلك حيث تقع "أن" موقع المفعول لأجله؛ في كل موضع أريد فيه تعليل شيء بآخر. 3 وكذلك للاهتمام بالفعل. 4 أي: للتخفيف، وهذا جائز وقياسي قبل أنَّ، وأنْ. 5 أي: من "كان" فصار التركيب: أن ما أنت. والحذف في هذه الحالة واجب؛ لوجود العوض عن كان. 6 هذا من شواهد سيبويه؛ وهو صدر بيت من البسيط؛ للعباس بن مرداس السلمي، يفتخر يقومه. وعجزه: فإن قومي لم تأكلهم الضبع اللغة والإعراب: أبو خراشة: كنية شاعر صحابي اسمه خفاف بن ندبة، أحد فرسان = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 أي: لأن كنت ذا نفر فخرت، ثم حذف متعلق الجار. وقل بدونها؛ كقوله: أزمان قومي والجماعة كالذي1   = قيس، وندبه: اسم أمه. نفر: أي جماعة يعتز بهم. والنفر: الرجال من ثلاثة إلى تسعة. الضبع: أصله الحيوان المعروف، والمراد هنا: السنوات المجدبة. "أبا" منادى بحذف الياء، منصوب بالألف؛ لأنه من الأسماء الستة. "خراشة" مضاف إليه. ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث اللفظي. "أن" مصدرية. "ما" زائدة عوض عن كان. "أنت" اسم كان المحذوفة. "ذا نفر" خبر كان ومضاف إليه، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بلام تعليل محذوفة؛ أي لكونك صاحب نفر. "فإن" الفاء للتعليل أو زائدة. "إن" حرف توكيد ونصب. "قومي" اسمها. "لم تأكلهم الضبع" الجملة خبر. المعنى: لا تفخر علي يا أبا خراشة لكونك ذا جماعة كثيرين، تعتز بهم وبشجاعتهم؛ فإن قومي أصحاب منعة وقوة، لم تأكلهم السنوات المجدبة، ولم تؤثر فيهم الحوادث والأزمات. الشاهد: حذف "كان" العاملة وحدها بعد "أن" المصدرية، وتعويض "ما" الزائدة عنها. وفي هذا يقول الناظم: وبعد "أن" تعويض "ما" عنها ارتكب ... كمثل "أما أنت برًّا فاقترب"* أي: قد ارتكب -أي: وقع- تعويض "ما" من "كان" المحذوفة الواقعة بعد "أن" المصدرية؛ نحو: أما أنت برا فاقترب؛ أي: اقترب منا لأن كنت برا؛ أي: صاحب خير ومعروف. وقد أوضح المصنف ما جرى في مثله من حذف وتغيير. 1 صدر بيت من الكامل، من قصيدة لعبيد بن حصين المعروف بالراعي، يخاطب عبد الملك بن مروان، وعجزه:=   * "وبعد" ظرف متعلق بارتكب. "أن" مضاف إليه قصد لفظه. "تعويض". مبتدأ. "ما" مضاف إليه. "عنها" متعلق بتعويض. "ارتكب" ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى تعويض، والجملة خبر المبتدأ. "كمثل" الكاف زائدة، و"مثل" خبر لمبتدأ محذوف، أو الكاف جارة، و"مثل" مجرور بها، والجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كمثل. "أما" أن مصدرية مدغمة في "ما" الزائدة النائبة عن كان المحذوفة. "أنت" اسم كان المحذوفة. "برا" خبرها. "فاقترب" فعل أمر، وجملة أما أنت برا فاقترب، مضاف إليه لمثل، ومقصود لفظها؛ أي: كمثل هذا المثال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 قال سيبويه: أراد: أزمان كان قومي. الرابع: أن تحذف مع معموليها، وذلك بعد "إن" في قولهم: افعل هذا إما لا1؛ أي: إن كنت لا تفعل غيره؛ فـ"ما" عوض، و"لا" النافية للخبر.   = لزم الرحالة أن تميل مميلا* اللغة والإعراب: أزمان: جمع زمن وزمان، وهما اسمان لقليل الوقت وكثيره. الرحالة: سرج من جلد ليس فيه خشب، يتخذ للركض الشديد، والجمع: رحائل. مميلا: مصدر ميمي، بمعنى الميلان؛ أي: الانحراف. "أزمان" ظرف مفعول فيه لفعل سابق. "قومي" فاعل، أو اسم لكان المحذوفة. "والجماعة" مفعول معه، وعامله كان. "كالذي" جار ومجرور خبر كان إن جعلت ناقصة، وحال من قومي إن جعلت تامة. "مميلا" مفعول مطلق. المعنى: يصف الشاعر ما كان من استقامة الأحوال واجتماع الكلمة، قبل عثمان -رضي الله عنه- وبعده؛ فشبه حال قومه في تماسكهم وارتباطهم بالجماعة، وعدم تنافرهم، والتزامهم الطاعة، بحالة راكب لزم الرحل، خوفا من أن يميل ميلا. الشاهد: حذف "كان" وحدها بدون تقدم "أن" المصدرية ولم يعوض عنها "ما". وفيه شاهد آخر، وهو: نصب الاسم الواقع بعد واو المعية من غير تقدم فعل يعمل فيه. ومن أجل هذا قدر سيبويه "كان"؛ لأنها تقع في مثل ذلك الموضع كثيرا. 1 هذا أسلوب معين، يحسن أن تلتزم بمجمل صيغته؛ وهي: أن تقع كان واسمها بعد "إن" الشرطية فعلًا للشرط، وخبرها جملة فعلية منفية بلا؛ فتحذف كان مع معموليها بدون حرف النفي، ويؤتى بـ"ما" عوضا عن "كان" وحدها، وتدغم فيها النون من "إن" الشرطية، فتصير "إما لا". ويقال في إعرابه: "إن" شرطية مدغمة في ما، و"ما" عوض عن كان واسمها، "لا" نافية والخبر محذوف؛ أي: إن كنت لا تفعل غيره. وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. وحذف "كان" واجب في مثل هذا المثال؛ لوجود عوض عنها. وعلى هذا يكون حذف "كان" واجبًا في موضعين: هذا، وبعد "أن" المصدرية السابقة. ويرى بعض النحاة: أن "إما" مركبة من "إن" الشرطية، و"ما" الزائدة المؤكدة لإن من غير تقدير "كان"، و"لا" نافية لفعل الشرط، والجواب محذوف، والأصل: افعل هذا، إلا تفعل غيره، وإذا لا شاهد فيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 ومنها أن لام مضارعها يجوز حذفها، وذلك بشرط كونه مجزومًا بالسكون1، غير متصل بضمير نصب، ولا بساكن؛ نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} 2، بخلاف: {مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} ، {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ} ؛ لانتفاء الجزم، {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} ؛ لأن جزمه بحذف النون، ونحو: "إن يكنه فلن تسلط عليه"؛ لاتصاله بالضمير3، ونحو: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} ؛ لاتصاله بالساكن4. وخالف في هذا يونس5، فأجاز الحذف تمسكًا بنحو قوله:   1 إذا دخل الجازم على مضارع "كان" حذفت الضمة للجازم، والواو التي قبل النون وجوبا، لالتقاء الساكنين؛ نحو: لم أكن، وأصله: أكون. ويجوز بعد ذلك حذف النون تخفيفًا في حالة الوصل، لا في حالة الوقف. ولا فرق في ذلك بين مضارع "كان" التامة أو الناقصة. 2 "أك" مضارع مجزوم بالسكون على النون المحذوفة للتخفيف. 3 هذا جزء من حديث قاله الرسول -عليه السلام- لعمر -رضي الله عنه- في شأن ابن صياد، وكان قد حبسه. وقد سبق الكلام عليه في باب النكرة والمعرفة صفحة 108. 4 أي: وهو لام التعريف، وكسرت النون لذلك، ولم تحذف لقوتها بالحركة. وفيما تقدم يقول الناظم: ومن مضارع لـ"كان" منجزم ... تحذف نون وهو حذف ما التزم* أي: إن المضارع من "كان" مطلقا -تامة أو ناقصة- تحذف منه النون عند جزمه، وهو حذف جائز غير لازم. 5 هو أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب المصري، من أصحاب أبي عمرو بن العلاء. كان بارعا في النحو؛ سمع من العرب، وروى عنه سيبويه كثيرا؛ فهو شيخه، وسمع منه الكسائي والفراء، وله قياس في النحو ومذاهب ينفرد بها. وكان له بالبصرة حلقة يؤمها أهل العلم وطلاب العربية، وفصحاء الأعراب والبادية. ومات في خلافة الرشيد سنة 182هـ، وقد قارب التسعين، ولم يتزوج.   * "ومن مضارع" جار ومجرور متعلق بتحذف. "لكان" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لمضارع. "منجزم" نعت ثان لمضارع. "تحذف نون" فعل ونائب فاعل. "وهو حذف" مبتدأ وخبر. "ما" نافية. "التزم" ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على حذف، والجملة في محل رفع صفة لحذف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 فإن لم تك المرآة أبدت وسامة1 وحمله الجماعة على الضرورة؛ كقوله: ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل2   1 صدر بيت من الطويل للخنجر بن صخر الأسدي. وعجزه: فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم اللغة والإعراب: المرآة: معروفة، وسميت بذلك لأنها آلة الرؤية. أبدت: أظهرت وسامة: حسنا وجمالا وبهاء منظر. ضيغم: أسد. "إن" شرطية جازمة. "تك" مضارع مجزوم بلم على النون المحذوفة، وهو فعل الشرط. "المرآة" اسم تكن، وجملة "أبدت" خبرها "وسامة" مفعول أبدت. "فقد" الفاء واقعة في جواب الشرط. "جبهة" مفعول أبدت الثانية. المعنى: نظر الشاعر في المرآة فلم يرقه منظره فقال مسليا نفسه: إن لم تظهر المرآة جمالا وحسن منظر، فقد أظهرت وجه أسد في الإقدام والشجاعة. الشاهد: حذف نون المضارع من "كان" المجزوم بالسكون، مع أنه قد وليها ساكن على مذهب يونس. 2 عجز بيت من الطويل للنجاشي الحارثي, قيس بن عمرو بن مالك. وصدره: فلست بآتيه ولا أستطيعه اللغة والإعراب: "بآتيه" جار ومجرور خبر ليس، أو الباء زائدة و"آتي" خبر، والهاء مفعوله؛ لأنه اسم فاعل. "ولاك" حرف استدراك مبني على سكون النون المحذوفة للضرورة "إن كان" شرط وفعله. "ماؤك" اسم كان ومضاف إليه "ذا فضل" خبر كان ومضاف إليه. المعنى: يقال إنه عرض للشاعر ذئب في سفره، فدعاه إلى طعامه ومؤاخاته، غير ممتن عليه بذلك، فقال له الذئب: لقد دعوتني إلى شيء لم تفعله السباع قبلي، ولست بآت طعامك، ولا أستطيع إتيانه، ولكن إن كان فيما معك من الماء زيادة فاسقني منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 .........................................................   الشاهد: حذف النون من "لكن"، ولو ذكرت لكسرت للتخلص من الساكنين، ولكن الشاعر حذفها للضرورة، كما حذفت النون من "يكن" في البيت السابق. وجوهر الخلاف بين الجمهور ويونس: أنه لا يتعد بالتحرك العارض بسبب التقاء الساكنين، في تحصين الحرف من الحذف، بل ذلك يكون للحركة الأصلية. أما الجمهور فيرون التحصن بالحركة العارضة من الحذف. فائدتان: أ- إذا دخلت أداة النفي على فعل من النواسخ المتقدمة -غير زال وأخواتها- فالمنفي هو الخبر؛ فإن قلت: ما كان العدو إلا خائفًا، وقع النفي على الخوف؛ فإذا أريد نفي الاسم وإيجاب الخبر لغرض بلاغي؛ كالحصر مثلًا، أتى بكلمة "إلا"؛ فتقول: ما كان العدو إلا خائفًا. ب- إذا كان خبر الناسخ منفيا، جاز دخول حرف الجر الزائد عليه؛ تقول: ما كان محمد بمتهم؛ فمتهم خبر كان، مجرور لفظًا بالباء الزائدة، وفي محل نصب؛ لأنه خبر. وهذا عام في جميع أخبار النواسخ المنفية، إلا زال وأخواتها؛ لأن أخبارها موجبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 ........................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 ما الأفعال التي تعمل عمل "كان" بلا شرط مطلقًا؟ وما شرط عمل دام؟ مثل. 2 ما الذي يشترط في زال وأخواتها؟ ومتى تكون زال تامة؟ مثل لما تقول. 3 يسمي النحاة "كان" أم الباب، فلماذا؟ وما الذي اختصت به عن غيرها حتى استحقت هذا اللقب؟ 4 اشرح قول ابن مالك الآتي شرحا وافيا موضحا بالأمثلة، والشروط: ومن مضارع لـ"كان" منجزم ... تحذف نون وهو حذف ما التزم* 5 ما حكم خبر هذه الأفعال؟ من حيث التقدم عليها, أو على اسمها. اشرح ذلك بأمثلة من عندك. 6 بين موضع الاستشهاد بما يأتي في هذا الباب، وعلله، وأعرب ما تحته خط: قال -تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} ، {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} ، {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} ، {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ} ، {أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} ، {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} ، {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ} ، {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} ، {أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ} ، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} . وفي الحديث: "لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير؛ تغدو خماصًا وتعود بطانًا". وقال -عليه السلام: "إن هذا القرآن كائن لكم أجرًا، وكائن عليكم وزرا". فقلت يمين الله أبرح قاعدًا ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رمادًا بعد إذ هو ساطع سلبي إن جهلت الناس عنا وعنهمو ... فليس سواء عالم وجهول إذا كان الشتاء فأدفئوني ... فإن الشيخ يهدمه الشتاء ومن بك ذا فم مر مريض ... يجد مرا به الماء الزلالا لئن كان سلمى الشيب بالضد مغريا ... لقد هون السلوان عنها التحلم = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255   7 أعرب البيت الأول، وما تحته خط من الثاني، وبين ما فيهما من شاهد: مه عاذلي فهائمًا لن أبرحا ... بمثل أو أحسن من شمس الضحى إن الزمان الذي ما زال يضحكنا ... أنسا بقربكم قد عاد يبكينا 8 بين في العبارات الآتية الأدوات الناقصة، والتامة، ومعمول كل: قال -عليه السلام: "لا يتمن أحدكم الموت؛ إما محسنًا فلعله يزداد، وإما مسيئا فلعله يستعتب". كن في عملك مراقبا ربك؛ فليس مولاك بغافل عنك وكل محاسب على عمله؛ إن مخلصًا وإن مرائيًا. لقد زال زمن الاستعباد، وأضحى كل حرا في وطنه، وسيظل الحال كذلك حتى يمسي كل فرد قرير العين؛ فلا عليك إذا جاهرت برأيك، ما دمت في حدود القانون، ولقد أصبح العمل دعامة الوطن، وصار العامل عنوان التقدم، فكنه تفز بالخير، وتقدير الوطن ولو قليلا. علمتك منانًا فلست بآمل ... نداك ولو غرثان ظمآن عاريا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 في: ما، ولا، ولات، وإن المعملات عمل ليس تشبيهًا بها: أما "ما": فأعملها الحجازيون، وبلغتهم جاء التنزيل؛ قال الله -تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا} ، {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} 1. ولإعمالهم إياها أربعة شروط: أحدها: ألا يقترن اسمها بـ"إن" الزائدة2؛ كقوله: بني غدانة ما إن أنتم ذهب3 وأما رواية يعقوب4 "ذهبًا" بالنصب، فتخرج على أن "إن" نافية مؤكدة لما، لا زائدة.   فصل في: ما، ولا، ولات، وإن، المعملات عمل ليس تشبيهًا بها: 1 "ما" نافية حجازية. "هن" اسمها مبني على الفتح في محل رفع. "أمهاتهم" خبرها منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث، والهاء مضاف إليه، والميم علامة الجمع. 2 فإن اقترن الاسم بها بطل عملها؛ لأنها عملت بالحمل على ليس، و"ليس" لا يقترن اسمها بإن. وقيد بالزائدة؛ لأنها إذا جاءت نافية لتأكيد النفي، لم يبطل عملها، بشرط أن يكون في الكلام ما يدل على ذلك. 3 صدر بيت من البسيط، أنشده ثعلب في أماليه، ولم ينسبه، وعجزه: ولا صريف ولكن أنتم الخزف اللغة والإعراب: غدانة: حي من يربوع. صريف: فضة خالصة. خزف. هو الفخار، وبائعه خزاف. "بني" منادى بحذف الياء. "غدانة" مضاف إليه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. "ما" نافية مهملة. "إن" زائدة. "أنتم ذهب" مبتدأ وخبر. "ولا صريف" معطوف على ذهب. "ولكن" حرف استدراك. "أنتم الخزف" مبتدأ وخبر. المعنى: يهجو بني غدانة ويقول: لستم يا بني غدانة من كرام الناس، ولا من أوساطهم، ولكنكم من الطبقة الدنيا ومن الأسقاط، فلم هذا التفاخر والتعاظم؟ وجعل الذهب مثلًا للأشراف، والفضة مثلًا لمن دونهم، وأراد بالخزف حثالة الناس. الشاهد: إهمال "ما" لوقوع "إن" الزائدة بعدها. 4 هو أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق، المعروف بابن السكيت النحوي، وهو لقب أبيه أخذ النحو عن البصريين والكوفيين؛ كالفراء، وأبي عمرو الشيباني، وابن الأعرابي. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 الثاني: ألا ينتقض نفي خبرها بإلا1؛ فلذلك وجب الرفع في: {وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ} ، {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} ، فأما قوله: وما الدهر إلا منجنونًا بأهله ... وما صاحب الحاجات إلا معذبا2   وروي عن الأصمعي وأبي عبيدة. وكان عالمًا بنحو الكوفيين، ومن أعلم الناس بالقرآن واللغة والشعر. رواية ثقة. وقد أقام ببغداد مدة لتعليم الصبيان، وأدب أولاد المتوكل. قيل: إنه بينما كان مع المتوكل يومًا مر بهما ولداه المعتز والمؤيد، فسأله: من أحب إليك؟ ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ فغض يعقوب من ابنيه، وأثنى على الحسن والحسين، وقال: قنبر خير منهما، وقنبر هذا خادم علي، فأمر الأتراك فداسوا بطنه، فعاش يوما، ومات سنة 244هـ، ولما مات وجه المتوكل إلى أهله عشرة آلاف درهم دية له. وله -رحمه الله- تصانيف كثيرة في النحو، ومعاني القرآن، وتفسير دواوين العرب. قيل: لم يأت بعده مثله. 1 ومثل "إلا" لكن، وبل، بخلاف "غير"، فإن النقض بها لا يبطل عملها؛ تقول: ما الظلم غير مرد لصاحبه، بنصب "غير". 2 بيت من الطويل، أنشده ابن جني، ونسبه لبعض الأعراب، ولم يعينه. اللغة والإعراب: الدهر: الزمان والأبد، والمراد هنا: الفلك الدائر. منجنونا: هي الدولاب التي يستقي عليها، والأكثر فيها التأنيث. "ما" نافية مهملة. "الدهر" مبتدأ. "إلا" أداة حصر. "منجنونا" مفعول مطلق عامله محذوف كما ذكر المصنف، أو مفعول لفعل محذوف؛ أي: يشبه منجنونا، والجملة خبر المبتدأ. والشطر الثاني كذلك. المعنى: أن الزمان ليس له صاحب، ولا يدوم على حالة واحدة؛ فهو يخفض اليوم من رفعه بالأمس، كالدولاب يرتفع وينخفض، وصاحب الحاجات يعاني في قضائها العذاب، ويتحمل المشاق والمصاعب. الشاهد: استشهد بظاهر هذا البيت يونس وغيره كالشلوبين، فجعلوا "ما" عاملة في صدر البيت وعجزه، و"الدهر" اسمها، و"منجنونا" و"معذبا" خبرها؛ زعما أن انتقاض نفي الخبر بإلا، لا يمنع إعمال "ما"، وقد أوله الجمهور على ما ذكره المصنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 فمن باب: ما زيد إلا سيرًا1؛ أي: إلا يسير سيرًا. والتقدير: إلا يدور دوران منجنون، وإلا يعذب معذبًا؛ أي: تعذيبًا2. ولأجل هذا الشرط أيضًا وجب الرفع بعد "بل"، و"لكن" في نحو: ما زيد قائما بل قاعد، أو: لكن قاعد، على أنه خبر لمبتدأ محذوف. ولم يجز نصب بالعطف؛ لأنه موجب3. الثالث: ألا يتقدم الخبر؛ كقولهم: "ما مسيء من أعتب"4، وقوله: وما خذل قومي فأخضع للعدا5   1 أي: إن كلا من منجنونا ومعذبا مفعول مطلق عامله المحذوف هو الخبر عن اسم ذات مبتدأ، وقيل معذب مصدر ميمي بمعنى التعذيب. 2 إنما قدر لفظ "دوران" قبل منجنون؛ لأن الذي ينصب مفعولًا مطلقًا يجب أن يكون مصدرًا، أو اسم مصدر، أو آلة للفعل أو عدد، كما سيأتي في موضعه, ومنجنونا ليس واحد منها؛ لأنه اسم ذات للدولاب. وقدر تعذيبًا؛ لأن معذبًا اسم مفعول، وهو لا يقع مفعولًا مطلقًا. 3 أي: مثبت، وقد ذكرنا سابقا أن "بل" و"لكن"، مثل "إلا". وفي هذا يقول الناظم: ورفع معطوف بلكن أو ببل ... من بعد منصوب بما الزم حيث حل* أي: الزم رفع معطوف بلكن أو ببل من بعد منصوب بـ"ما" حيث حل -أي: وجد- ذلك المنصوب. وهو الخبر. 4 "ما" نافية مهملة. "مسيء" خبر مقدم. "من" مبتدأ مؤخر، ويجوز أن يعرب "مسيء" مبتدأ، و"من" فاعل أغنى عن الخبر، وجملة "أعتب" صلة "من" أو صفتها. والمعتب: الذي يعود إلى مسرتك بعد ما أساءك. 5 صدر بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وعجزه: =   * "ورفع" مفعول مقدم لقوله الزم. "معطوف" مضاف إليه. "بلكن" متعلق بمعطوف. "أو ببل" معطوف على "بلكن". "من بعد" جار ومجرور متعلق برفع. "منصوب" مضاف إليه. "بما" متعلق بمنصوب. "حيث" ظرف مكان متعلق بالزم في محل نصب. "حل" فعل ماض، والفاعل هو، والجملة في محل جر بإضافة حيث إليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 فأما قوله: إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر1   = ولكن إذا أدعوهم فهم هم اللغة والإعراب: خذل: جمع خاذل، اسم فاعل من خذلك، إذا ترك نصرتك ومعونتك. أخضع: أذل وأستكين. فهم هم, أي: إنهم هم المعروفون بالشهامة والشجاعة. "ما" نافية مهملة. "خذل" خبر مقدم. "قومي" مبتدأ مؤخر. "فأخضع" مضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية. "للعدا" متعلق به مجرور بكسرة مقدرة على الألف. "لكن" حرف استدراك. "إذا أدعوهم" شرط وفعله وفاعله ومفعوله. "فهم" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"هم" مبتدأ، و"هم" الثانية خبر. المعنى: ما عودني قومي أن يخذلوني، ويقعدوا عن نصرتي ومعاونتي، والوقوف بجانبي، حتى أخضع وأستكين للأعداء، ولكن إذا دعوتهم هبوا لنصرتي، ووجدت منهم ما أعرفه فيهم؛ من كمال الرجولة والمعاونة الصادقة. الشاهد: إهمال "ما" لتقدم خبرها على اسمها على رأي الجمهور قال الناظم: إعمال "ليس" أعملت "ما" دون "إن" ... مع بقا النفي وترتيب زكن* يعني أن "ما" تعمل عمل "ليس" بشرط ألا توجد بعدها "إن" الزائدة، وألا ينتقض نفيها، وأن يبقى الترتيب المعلوم بين اسمها وخبرها. ومعنى زكن: علم. 1 عجز بيت من البسيط للفرزدق، من قصيدة يمدح فيها عمر بن عبد العزيز وصدره: فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم اللغة والإعراب: أصبحوا: معناها هنا: صاروا. أعاد: رد. نعمتهم: المراد البسط في السلطان. قريش: قبيلة منها الرسول، وبنو أمية قوم عمر. "أصبحوا" فعل ماض ناقص والواو اسمها، والجملة بعده خبر. "إذ" حرف تعليل. "هم قريش" مبتدأ وخبر. "ما" نافية عاملة "مثلهم" خبر مقدم منصوب ومضاف إليه. "بشر" اسمها مؤخر. المعنى: أصبحت بنو أمية -وهم من قريش- وقد رد الله عليهم نعمة الخلافة وبسطة الملك وعزه؛ بتولي عمر بن عبد العزيز زمام الأمور؛ فهم قريش المقدمون على سائر قبائل العرب، والذين لا يماثلهم أحد من البشر؛ لأن منهم خير الخلق. الشاهد: إعمال "ما" مع تقدم خبرها على اسمها. وذكر المصنف ما فيه من خلاف؛ فالجمهور يأبون ذلك ولا يقرون هذا الشاهد، ويؤولونه على النحو المبسوط, والفراء ومن تبعه لا يشترط هذا الشرط.   * "إعمال" مفعول مطلق منصوب بأعملت. "ليس" مضاف إليه مقصود لفظه. "أعملت" فعل ماض للمجهول والتاء للتأنيث. "ما" نائب فاعل أعملت مقصود لفظه. "دون" ظرف في موضع الحال من ما "إن" مضاف إليه. "مع" ظرف حال من ما. "بقا" مضاف إليه، وقصر للضرورة. "النفي" مضاف إليه. "وترتيب" معطوف على بقا. "زكن" -أي: علم- ماض مبني للمجهول والجملة صفة لترتيب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 فقال سيبويه: شاذ. وقيل: غلط، وإن الفرزدق لم يعرف شرطها عند الحجازيين1. وقيل "مثلهم" مبتدأ، ولكنه بني لإبهامه مع إضافته للمبني. ونظيره2: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} ، {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} ، فيمن فتحهما3. وقيل: "مثلهم" حال والخبر محذوف4؛ أي: ما في الوجود بشر مثلهم. الرابع: ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها5؛ كقوله: وما كل من وافى مني أنا عارف6   1 فيه نظر؛ لأن العربي لا يطاوعه لسانه على النطق بغير لغته. 2 أي: نظير "مثل" في البناء على الفتح، واكتسابها البناء من المضاف إليه. 3 أي: مع أن "مثل" تستحق الرفع على التبعية لحق، "بين" كذلك؛ لأنه فاعل تقطع. 4 وإضافته لا تفيده تعريفا، وهو في الأصل نعت لبشر، ونعت النكرة إذا تقدم عليها أعرب حالا؛ وعلى ذلك تكون "ما" مهملة، و"بشر" مبتدأ، وخبره محذوف مقدم على الحال كما قدر المصنف. 5 فإن تقدم بطل عملها. 6 عجز بيت من الطويل، لمزاحم بن الحارث العقيلي، وهو من شواهد سيبويه. وصدره: وقالوا تعرفها المنازل من منى اللغة والإعراب: تعرفها: تطلب معرفتها، واسأل عنها. "مني" هو المكان المعروف القريب من مكة، وفيه نسك من مناسك الحج، وفيه تنحر الهدايا. "المنازل" مفعول فيه لتعرفها. "من منى" جار ومجرور حال من المنازل. "وما" نافية مهملة. "كل" منصوب على المفعولية لعارف "من" اسم موصول مضاف إليه. "وافى منى" الجملة صلة من "أنا عارف" مبتدأ وخبر. المعنى: افتقد مزاحم محبوبته في الحج، فسأل عنها، فقالوا له: سل عنها منازل الحج من منى، فقال: ذلك غير مجد؛ لأني لا أعرف جميع من وفد إلى منى حتى أسأله عنها. الشاهد: إهمال "ما" لتقدم معمول الخبر -وهو: كل- وليس ظرفا ولا جارا ومجرورا. ويجوز رفع "كل" وتكون "ما" مهملة أيضا، أو عاملة، و"كل" اسمها، وجملة "أنا عارف" في محل نصب خبرها، والعائد محذوف؛ أي: عارفه، ولا شاهد فيه حينئذ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 إلا إن كان المعمول ظرفًا، أو مجرورًا؛ فيجوز كقوله: فما كل حين من توالي مواليا1   1 عجز بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وصدره: بأهبة حزم لذ وإن كنت آمنا اللغة والإعراب: أهبة: هي التهيؤ للشيء والاستعداد له. حزم: هو التدبر والفحص عن الأمور. لذ: التجئ. توالي: تصافي وتعاون "بأهبة" جار ومجرور متعلق بلذ "حزم" مضاف إليه. "وإن" الواو عاطفة على محذوف، وإن شرطية. "كنت آمنا" كان واسمها وخبرها، فعل الشرط، والجواب محذوف يدل عليه ما قبله. "فما" الفاء للتعليل، و"ما" نافية مهملة. "كل حين" ظرف منصوب بمواليا ومضاف إليه. "من" اسم موصول في محل رفع اسم "ما"، وجملة "توالي" صلتها. "مواليا" خبرها. المعنى: عليك بالحزم وتمسك به دائما، وإن كنت واثقا من نفسك ومن أصدقائك، آمنا كيد غيرك؛ فليس كل صديق مأمون الجانب في كل وقت. الشاهد: إعمال "ما" مع تقدم معمول الخبر؛ وهو "كل حين"، وسوغ ذلك كون المعمول ظرفا، والظروف يتوسع فيها. وفي ذلك يقول الناظم: وسبق حرف جر أو ظرف كـ"ما ... بي أنت معنيَّا" أجاز العلما* أي: أجاز العلماء تقديم معمول الخبر على الاسم: إذا كان المعمول حرف جر مع مجروره، مثل: ما بي أنت معنيا وكان ظرفًا نحو: ما عندك مال. هذا: وبقي من شروط عمل "ما": ألا تتكرر لا بقصد تأكيد النفي، بل لنفي ما قبلها، نحو: ما ما العربي مقيم على الضيم؛ لأن نفي النفي إثبات، فتصبح "ما" بعيدة عن النفي. فإن قصد بالتكرار تأكيد النفي في الأولى -لا إزالته- صح الإعمال.   * "وسبق حرف" مفعول به مقدم لأجاز مضاف لفاعله. "جر" مضاف إليه. "أو ظرف" معطول على حرف جر. "كما" الكاف جارة لقول محذوف، وما نافية حجازية. "بي" متعلق بمعنيا "أنت". "اسم نا. "معنيا" خبرها. "العلما" فاعل أجازه، وقصر للضرورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 حكم "لا" شروط إعمالها حكم "ليس": وأما لا: فإعمالها عمل "ليس" قليل1، ويشترط له الشروط السابقة، ما عدا الشرط الأول2، وأن يكون المعمولان نكرتين3. والغالب أن يكون خبرها محذوفًا، حتى قيل بلزوم ذلك؛ كقوله: فأنا ابن قيس لا براح4   1 هذا مذهب سيبويه وبعض الحجازيين، وتسمى "لا النافية" للوحدة؛ لأنها تدل على نفي الخبر عن فرد واحد، إن كان اسمها مفردا؛ نحو: لا رجل غائبًا، ولا تدل على الجنس كله. 2 وهو ألا يقترن الاسم بإن الزائدة؛ لأنها لا تقع بعد "لا". 3 فإن كان أحدهما معرفة، أو كلاهما، لم تعمل، وأما قول المتنبي: فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا وقول النابغة الجعدي: وحلت سواد القلب لا أنا باغيا ... سواها ولا عن حبها متراخيا فنادر ويجوز أن يكون خبرها جملة فعلية، أو شبه جملة؛ لأنهما في حكم النكرة. 4 عجز بيت من الكامل؛ لسعد بن مالك القيسي، جد طرفة بن العبد في الفخر، وهو يعرض بالحارث بن عباد، حين اعتزل حرب البسوس المعروفة، بين بكر وتغلب؛ ابني وائل. وصدره: من صد عن نيرانها اللغة والإعراب: صد: أعرض وامتنع. نيرانها: الضمير للحرب في أبيات سابقة. قيس: جده الأعلى. لا براح: لا زوال ولا فرار. "من" اسم شرط جازم مبتدأ. "عن نيرانها" متعلق بصد الواقع فعلًا للشرط. "فأنا ابن قيس" مبتدأ وخبر، وهو علة للجواب المحذوف؛ أي: فأنا لا أصد؛ لأني ابن قيس. "لا" نافية للوحدة. "براح" اسمها مرفوع بالضمة والخبر محذوف؛ أي: لا براح لي، وهو "الشاهد". وقبل هذا البيت: يا بؤس للحرب التي ... وضعت أراهط فاستراحوا المعنى: من امتنع عن اقتحام الحرب، وتحمل ويلاتها، فأنا لا أمتنع؛ لأني ابن قيس المعروف بالشجاعة، والنجدة والإقدام؛ لا براح لي، ولا نكوص عن خوضها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 والصحيح جواز ذكره؛ كقوله: تعز فلا شيء على الأرض باقيا ... ولا وزر مما قضى الله واقيا1 وإنما لم يشترط الشرط الأول؛ لأن "إن" لا تزاد بعد "لا" أصلًا. حكم لات: وأما لات: فإن أصلها "لا"، ثم زيدت التاء2، وعملها إجماع من العرب وله شرطان3: كون معموليها اسمي زمان، وحذف أحدهما، والغالب كونه المرفوع؛ نحو: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} 4؛ أي: ليس الحين حين فرار. ومن القليل قراءة   1 بيت من الطويل، لم ينسب لقائل مع شهرته. اللغة والإعراب: تعز. تسل وتصبر, من العزاء؛ وهو التصبر على المصائب. وزر: ملجأ. واقيا: حافظا؛ وهو اسم فاعل من الوقاية. "تعز" فعل أمر والفاعل أنت. "فلا" الفاء للتعليل، و"لا" نافية للوحدة. "شيء" اسمها مرفوع. "على الأرض" متعلق بواقيا الواقع خبرا للا، و"ما" اسم موصول. "قضى الله" الجملة صلة ما، والعائد محذوف؛ أي: قضاء. المعنى: تسل وتصبر على ما يصيبك من الكوارث والمصائب، فكل شيء إلى زوال، ولا يبقى على وجه الأرض شي، وليس هنالك ملجأ يقي الإنسان ويحفظه مما قضاه الله وقدره. الشاهد: عمل "لا" عمل "ليس" في صدر البيت وعجزه، وذكر معموليها، وهما نكرتان. 2 أي: لتأنيث اللفظ؛ كالتاء في "ربت" و"ثمت"، وتفيد مع ذلك توكيد النفي وتقويته. ولعل من الخير أن يقال: إنها كلمة واحدة؛ معناها نفي الزمن الحالي عند الإطلاق؛ كما رأى بعض النحاة. 3 أي: مع الشروط الخاصة بعمل ما؛ ما عدا وقوع "إن" الزائدة؛ لأنها لا تقع بعد "لات". 4 "لا" نافية تعمل عمل ليس، والتاء للتأنيث اللفظي، أو "لات" كلها حرف نفي واسمها محوذف؛ أي: ليس الحين أو الوقت. "حين مناص" خبر منصوب ومضاف إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 بعضهم برفع الحين1. وأما قوله: يبغي جوارك حين لات مجير2 فارتفاع "مجير" على الابتداء أو على الفاعلية، والتقدير: حين لات له مجير، أو يحصل له مجير، و"لات" مهملة؛ لعدم دخولها على الزمان. ومثله قوله:   1 أي: على أنه اسمها والخبر محذوف؛ أي: ليس حين فرارا حينا لهم. وهذه القراءة لعيسى بن عمر في الشواذ. 2 عجز بيت من الكامل: للشمردل الليثي؛ يرثي منصور بن زياد, وفي الحماسة: أنه لعبد الله بن أبي أيوب التيمي. وصدره: لهفي عليك للهفة من خائف اللغة والإعراب: لهفي: أسفي, من اللهف؛ وهو الحزن والأسى على فائت. للهفة: أي: لأجل لهفة؛ أي: استغاثة. مجيز: ناصر يمنع الأذى ويدفعه. "لهفي" مبتدأ. "عليك" جار ومجرور خبر، أو متعلق به، و"للفهة" هو الخبر؛ أي: حزني عليك حزن شديد. "يبغي جوارك" الجملة صفة لخائف. "حين" ظرف ليبغي. "لات" نافية مهملة. "مجير" مبتدأ، وخبره الجار والمجرور المقدر قبله. أو فاعل لمحذوف كما قدر المصنف. المعنى: لي عليك حسرة شديدة وحزن عميق، من أجل رجل نابه ريب الزمان، وعضه الدهر، وطلب الغوث فلم يجدك، وقد كنت نصيرا لمن لا ملجأ له ولا نصير. الشاهد: إهمال "لات"؛ لعدم دخولها على الزمان. وفي ذلك يقول الناظم: وما لـ"لات" في سوى حين عمل ... وحذف ذي الرفع فشا والعكس قل* أي: إن "لات" لا تعمل في غير الحين؛ أي: الزمن, ولا بد من حذف أحد معموليها, وحذف الاسم صاحب الرفع هو الفاشي؛ أي: الشائع، والعكس قليل، وهو حذف الخبر.   * "وما" نافية. "للات" خبر مقدم. "في سوى" جار ومجرور متعلق بعمل الآتي. "حين" مضاف إليه. "عمل" مبتدأ مؤخر، وسكن للضرورة. "وحذف" مبتدأ. "ذي الرفع" مضافان إليه. "فشا" ماض فاعله يعود إلى حذف ذي الرفع، والجملة خبر المبتدأ. "والعكس قل" العكس مبتدأ، وجملة "قل" خبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 لات هنا ذكرى جبيرة ... 1 إذ المبتدأ "ذكرى" وليس بزمان. حكم إن: وأما إن: فإعمالها نادر2، وهو لغة أهل العالية3؛ كقول بعضهم: "إن أحد خيرا من   1 قطعة من صدر بيت؛ من الخفيف، للأعشى ميمون بن قيس. وتمامه: .................... أو من ... جاء منها بطائف الأهوال اللغة والإعراب: هنا: اسم إشارة للمكان، واستعير هنا للزمان. ذكرى: تذكر جبيرة: اسم امرأة؛ وهي بنت عمرو بن حزم، وقيل هي امرأة الأعشى. بطائف، الطائف: الذي يطرق ليلا، وأراد هنا خيالها الذي يطرقه عند النوم. الأهوال: جمع هوال، وهو الخوف. "لات" حرف نفي مهملة. "هنا" ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر مقدم. "ذكرى جبيرة" مبتدأ مؤخر، ومضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله. ويجوز أن يكون "هنا" متعلق بذكرى، والخبر محذوف؛ أي: ليت ذكرى جبيرة مقبولة. المعنى: ليس هذا الوقت. وقت تذكر جبيرة، أو تذكر ذلك الطائف الذي أزعجك؛ لما رأيته من ضبها. الشاهد: إعمال "لات"؛ لأن اسمها ليس بزمان كما أشار المصنف. وذهب سيبويه وآخرون إلى أن "هنا" التي تقع بعد "لات" في مثل هذا البيت، ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر لها، وقد أضيفت إلى ذكرى جبيرة، واسم "لات" محذوف؛ أي: ليس الوقت وقت ذكرى جبيرة. هذا: وقد تهمل "لات" وتكون للنفي المحض؛ كقول الشاعر: ترك الناس لنا أكنافهم ... وتولوا لات لم يغن الفرار وذلك مقصور على السماع. 2 وهي لنفي الزمن الحالي عند الإطلاق، ويشترط فيها عند الإعمال، ما يشترط في "ما" إلا أن "إن" لا تقع بعدها. 3 هي ما فوق نجد إلى تهامة، وإلى مكة وما والاهما. وبها أخذ الكوفيون، ما عدا الفراء، وبعض البصريين؛ كالمبرد وابن السراج والفارسي، وتبعهما ابن مالك حيث يقول: في النكرات أعملت كليس "لا" ... وقد تلي "لات" و"إن" ذا العملا * أي: أعملت "لا" في النكرات عمل ليس، وقد تتولى "لات" "وإن" هذا العمل فترفع كل منهما الاسم وتنصب الخبر.   * "في النكرات" متعلق بأعملت. "أعملت" ماض للمجهول، والتاء للتأنيث. "كليس" متعلق بمحذوف حال من "لا" أو صفة لموصوف محذوف؛ أي: إعمالا مماثلًا إعمال ليس."لا" نائب فاعل أعملت مقصود لفظه. "وقد" حرف تقليل. "لات" فاعل تلي. "وإن" معطوف على لات. "ذا" اسم إشارة مفعول تلي. "العملا" بدل، أو نعت لاسم الإشارة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 أحد إلا بالعافية1، وكقراءة سعيد2: {إِنْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادًا أَمْثَالُكُمْ} 3. وقول الشاعر: إن هو مستوليا على أحد4   1 "إن" نافية بمعنى ليس. "أحد" اسمها مرفوع. "خيرا" خبرها. 2 هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الكوفي، تابعي من قراء الكوفة، وقد قتله الحجاج بواسط شهيدا فمات سنة 95هـ. 3 القراءة بسكون نون "إن" ونصب "عبادا؛ فتكون "إن" نافية بمعنى ليس، و"الذين" اسمها مبني على الياء في محل رفع "تدعون" الجملة صلة. "عبادا" خبر إن. المعنى: ليس الأصنام الذين تعبدونهم من دون الله عقلاء مثلكم؛ بل هي دونكم؛ لعدم الحياة والإدراك، فكيف تعبدونهم؟ 4 صدر بيت من المنسرح، أنشده الكسائي، شاهدا على عمل "إن" عمل ليس. وعجزه: إلا على أضعف المجانين اللغة والإعراب: مستوليا: اسم فاعل من استولى على الشيء؛ أي: تولاه وملك زمام التصرف فيه. المجانين: جمع مجنون؛ وهو الذي ذهب عقله. "إن" نافية عاملة عمل ليس. "هو" اسمها مبني على الفتح في محل رفع. "مستوليا" خبرها. "على أحد" جار ومجرور متعلق به. "إلا" أداة استثناء مفرغ. "على أضعف" بدل من "على أحد" يدل بعض من كل. "المجانين" مضاف إليه. المعنى: ليس لهذا الرجل سلطان وولاية على أحد من الناس، إلا على أشد المجانين ضعفًا. الشاهد: إعمال "إن" عمل ليس على رأي الكوفيين، ومن تبعهم. ويخرجه المانعون: على أن "إن" مخففة ناصبة للجزأين معا. ويؤخذ من البيت: "أن انتقاض النفي بإلا -بالنسبة إلى معمول خبرها- لا يبطل عملها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 زيادة الباء في خبر هذه النواسخ: وتزاد الباء بكثرة في خبر "ليس"1، و"ما"2؛ نحو: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} ، {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ} . وبقلة في خبر "لا"3، وكل ناسخ منفي؛ كقوله: فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة ... بمغن فتيلًا عن سواد بن قارب4   1 بشرط ألا تكون أداة استثناء، وألا ينتقض النفي. ويكون الخبر مجرورا لفظا، منصوبا تقديرا. وقد تزاد الباء في الاسم إذا تأخر إلى موضع الخبر؛ كقول الشاعر: أليس عجيبًا بأن الفتى ... يصاب ببعض الذي في يديه وهذه الزيادة تقوي الحكم المستفاد من الجملة وتؤكده. 2 سواء كانت عاملة أو مهملة، ويكون ما بعد الباء في محل نصب خبرها، إن كانت عاملة، وفي محل رفع خبر المبتدأ إن كانت مهملة. 3 سواء كانت عاملة عمل "ليس" أو عمل "إن". 4 بيت من الطويل، لسواد بن قارب الأزدي، من قصيدة يخاطب بها النبي -عليه السلام. اللغة والإعراب: لا ذو شفاعة: لا صاحب شفاعة. فتيلا: هو الخيط الذي يكون في شق النواة. "لي" متعلق بشفيعا الواقع خبر لـ"كن". "يوم" ظرف مضاف إليه. "بمغن" خبر لا على زيادة الباء، منصوب بفتحة مقدرة على الياء المحذوفة للساكنين، منع منها حركة حرف الجر الزائد؛ ومغن: اسم فاعل، فاعله يعود على ذو شفاعة. "فتيلا" منصوب على النيابة عن المفعول المطلق؛ أي: غناء ما. "عن سواد" متعلق بمغن. "ابن قارب" مضاف إليه. المعنى: كن شفيعي يا رسول الله في اليوم الذي لا ينفعني فيه صاحب شفاعة نفعا ما، وذلك يوم القيامة. الشاهد: إدخال الباء الزائدة على خبر "لا" النافية؛ وهو "مغن"، وذلك قليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وقوله: وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ... بأعجلهم ..................... 1 وقوله: فلما دعاني لم يجدني بقعدد2   1 جزء من عجز بيت من الطويل، لثابت بن أوس الأزدي، المعروف بالشنفري. وتمامه: ...................................... ... ......... إذ أجشع القوم أعجل وهذا البيت من قصيدته المعروفة بلامية العرب، والتي مطلعها: أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل اللغة والإعراب: بأعجلهم, أي: بعجلهم؛ فهو صفة مشبهة، لا أفعل تفضيل. أجشع، الجشع: شدة الحرص على الطعام. "إن مدت" شرط وفعله. "الأيدي" نائب فاعل مدت. "أكن" مضارع مجزوم بلم واسمها أنا. "بأعجلهم" خبرها على زيادة الباء، منصوب بفتحة مقدرة منع منها حركة حرف الجر الزائد، والهاء مضاف إليه، والميم علامة الجمع، والجملة في محل جزم جواب الشرط. "إذ" حرف تعليل. "أجشع القوم أعجل" مبتدأ ومضاف إليه وخبر. المعنى: إذا تقدم القوم للطعام أو لاقتسام الغنائم، لم أتعجل ذلك، ولا أسبق غيري؛ لأن المتعجل شديد الحرص على ما يقدم عليه، ولست بحريص على السبق في هذه الميدان. وأعجل وأشجع ليسا على بابهما؛ فهما بمعنى: عجل وجشع. الشاهد: زيادة الباء في خبر مضارع "كان" المنفي بلم؛ وهو قليل. ولا تزاد الباء في خبر. "لا يكون" الاستثنائية. 2 عجز بيت من الطويل، لدريد بن الصمة القشيري، من قصيدة يرثي بها أخاه. وصدره: دعاني أخي والخيل بيني وبينه اللغة والإعراب: دعاني: استعان بي وطلب مني أن أغيثه. بقعدد؛ القعدد: الجبان الدنيء القاعد عن المكارم. "دعاني" فعل ماض، والنون للوقاية والياء مفعول. "أخي" فاعل. "والخيل" مبتدأ، والواو للحال. "بيني" ظرف متعلق بمحذوف خبر، وهو مضاف للياء. "وبينه" معطوف على بيني، والجملة حال. "فلما" ظرف بمعنى حين معمول ليجدني. "بقعدد" مفعول ثان ليجد على زيادة الباء. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 وبندور في غير ذلك؛ كخبر إن، ولكن، وليت في قوله: فإنك مما أحدثت بالمجرب1   = المعنى: استصرخني أخي وطلب معونتي في الحرب، وقد حالت خيل الأعداء بفرسانها بيننا، فأجبته، ولم أجبن، ولم أتوان. الشاهد: زيادة الباء في المفعول الثاني ليجد المنفي بلم، وهو من أخوات ظن وأصله الخبر. وفي زيادة الباء في خبر "ما"، و"ليس"، و"لا" و"كان" النافية؛ يقول ابن مالك: وبعد "ما" و"ليس" جر البا الخبر ... وبعد "لا" ونفي "كان" قد يجر* أي: جرت الباء الخبر بعد "ما" و"ليس". وقد يجر الخبر بعد "لا" التي هي من أخوات "ليس"، وبعد "كان" المنفية. 1 عجز بيت من الطويل، لامرئ القيس الكندي. وصدره: فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها اللغة والإعراب: تنأ عنها: تبتعد. والنأي: البعد، والضمير إلى أم جندب، وهو اسم امرأة ذكرها قبل. حقبة: مدة، والجمع حقب؛ والحقب: السنون بالمجرب: اسم فاعل من التجربة؛ وهي الاختبار بواسطة التكرار. "فإن تنأ" شرط وفعله مجزوم بحذف حرف العلة. "حقبة" منصوب على الظرفية. "لا" نافية. "تلاقها" مضارع مجزوم بحذف الياء بدل من تنأ. "فإنك" الفاء واقعة في جواب الشرط وإن واسمها. "مما جار ومجرور، و"ما" اسم موصول. "أحدثت" الجملة صلة. "بالمجراب" خبر إن على زيادة الباء. المعنى: إذا ابتعدت مدة عن أم جندب لا تراها فيها، وغابت هي عنك؛ فلا تظن ذلك منها هجرا وقطيعة، وإنما هي تريد أن تعرف مبلغ حبك لها وصدقه، وتلك عادتها، وقد جربت ذلك من قبل. الشاهد: زيادة الباء في خبر إن؛ وهو "المجرب"، وهذا نادر. وقيل: إن الباء حرف جر أصلي على التشبيه؛ وكأنه قال: إنك مثل الشخص المجرب لأفعالها.   * "وبعد" متعلق بجر. "ما" مضاف إليه. "وليس" معطوف على "ما" قصد لفظهما. "جر البا الخبر" البا -بالقصر- فاعل جر، والخبر مفعوله. "وبعد" متعلق بيجر. "لا" مضاف إليه. "ونفي" معطوف على لا. "كان" مضاف إليه "قد" حرف تقليل. "يجر" مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى الخبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 وقوله: ولكن أجرا لو فعلت بهين1 وقوله: ألا ليت ذا العيش اللذيذ بدائم2 وإنما دخلت في خبر "أن" في: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ} ؛ لما كان {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ} في   1 صدر بيت من الطويل، أنشده أبو علي الفارسي، ولم ينسبه لأحد. وعجزه: وهل ينكر المعروف في الناس والأجر اللغة والإعراب: هين: سهل خفيف. المعروف: الخير والعمل الطيب. "لكن" حرف توكيد ونصب. "أجرا" اسمها. "لو فعلت" شرط وفعله، والجواب محذوف. "بهين". "وهل" حرف استفهام للإنكار؛ أي: لا ينكر "المعروف" نائب فاعل ينكر. "في الناس" متعلق بينكر، "والأجر" معطوف على المعروف. المعنى: أن عمل المعروف والجزاء عليه، هين وسهل لمن أراده، والناس لا ينكرون على صانع المعروف عمله والجزاء عليه، ولن يضيع أجره عند الله. الشاهد: زيادة الباء في خبر لكن وهو "بهين"، وذلك نادر. 2 عجز بيت من الطويل، للفرزدق، يهجو جريرا وكليبا رهطه، ويرميهم بإتيان الأتن. وصدره: يقول إذا اقلولى عليها وأقردت اللغة والإعراب: اقلولى عليها: انكمش على الأتان بعد انقضاء شهوته، وقيل معناه: ارتفع. أقردت: سكنت. "ليت" حرف تمن ونصب. "ذا" اسمها. "العيش" عطف بيان لاسم الإشارة. "اللذيذ" صفة للعيش. "بدائم" خبر ليت على زيادة الباء. المعنى: يقول الكلبي إذا قضى مأربه من الأتان، وسكنت له: أتمنى دوام هذا العيش اللذيذ. الشاهد: زيادة الباء في خبر "ليت"، وهو نادر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 معنى: أَوَلَيس الله1.   1 فقوله: "بقادر" خبر "أن الله" على زيادة الباء، وأن ومعمولاها سدا مسد مفعولي "يروا" العلمية. وليس هذا نادرا؛ لأن القرآن منزه عن وقوع النادر، فإن المعنى كما ذكر المصنف أوليس الله بقادر. فخبر "أن" في حكم خبر "ليس" في المعنى، وزيادة الباء في خبر "ليس" كثيرة. وقوله: "أولم" الهمزة للاستفهام، والواو عاطفة على محذوف، و"لم" حرف نفي وجزم. "يروا" مضارع مجزوم بلم بحذف النون، والواو فاعل. تنبيهان: أ- قد يجر المعطوف على الخبر الصالح للباء مع سقوطها؛ تقول: ليس المجاهد بمتأخر وقاعد عن الفتك بالأعداء. ويسمى هذا عند النحويين بالعطف على التوهم؛ أي: المتكلم توهم وجود الباء الزائدة فعطف بالجر. ويندر هذا في غير خبر "ليس" و"ما". وينبغي أن يقتصر في ذلك على السماع. ويجوز كذلك النصب عطفا على محل المعطوف عليه. ب- خير ما قيل في إعراب "حنت نوار ولات هنا حنت" أن "لات" حرف نفي مهمل، و"هنا" اسم إشارة للمكان، منصوب على الظرفية خبر مقدم. "حنت" فعل ماض والتاء للتأنيث، والفاعل هي، وقبلها "أن" مقدرة، والمصدر المؤول من الجملة، وأن المقدرة في محل رفع مبتدأ مؤخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 ..............................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 ما الفرق بين "ما" الحجازية والتميمية؟ وما شرط إعمالها عمل ليس؟ مثل. 2 ما حكم المعطوف على خبر "ما"؟ اشرح ذلك مستعينًا بقول ابن مالك: ورفع معطوف بلكن أو ببل ... من بعد منصوب بما الزم حيث حل 3 ما الذي تنفيه "لا" العاملة عمل ليس؟ وما شرط عملها هذا العمل؟ وضح ذلك. 4 ما معنى "لات"؟ وما الشروط المطلوبة فيها لتعمل عمل "ما"، وكذلك في "إن"؟ 5 كون جملة اسمية في التشجيع على النضال؛ المبتدأ فيها مصدر مؤول، ثم أدخل عليها "ما" ثم انقض النفي بإلا، وأعرب الخبر في الحالين. 6 بما يستشهد بالآتي في هذا الفصل؟ قال -تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} . {أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} ، {وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ} . إن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية. ما مسيء من أعتب. ندم البغاة ولات ساعة مندم ... والبغي مرتع مبتغيه وخيم وما المرء إلا بيت شعر عروضه ... مصائب لكن ضربه حفرة القبر أنكرتها بعد أعوام مضين لها ... ما الدار دارًا ولا الجيران جيرانا ليس الطموح إلى المجهول من سفه ... ولا السمو إلى حق بمكروه إن المرء ميتا بانقضاء حياته ... ولكن بأن يقضى عليه فيخذلا 7 في البيت الآتي وجوه في الإعراب، واستشهاد في هذا الباب. بين ما فيه: حنت نوار ولات هنا حنت ... وبدا الذي كانت نوار أجنت 8 قال المرحوم علي الجارم المتوفى سنة 1948 من قصيدة له في وحدة العروبة: لقد كان حلما أن نرى الشرق وحدة ... ولكن من الأحلام ما يتوقع إذا لم يكن حلم الحليم بنافع ... فإن صدام الجهل بالجهل أنفع اشرح البيتين شرحا أدبيا، وأعرب ما تحته خط، مبينا ما فيهما من شاهد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 أفعال المقاربة 1: أنواعها، شروط الجملة الفعلية الواقعة خبرا لها: وهذا من باب تسمية الكل باسم الجزء2؛ كتسميتهم الكلام كلمة. وحقيقة الأمر: أن أفعال الباب ثلاثة أنواع: ما وضع للدلالة على قرب الخبر3؛ وهو ثلاثة: كاد، وأوشك، وكرب. وما وضع للدلالة على رجائه4؛ وهو ثلاثة: عسى، واخلولق، وحرى. وما وضع للدلالة على الشروع فيه، وهو كثير؛ ومنه أنشأ، وطفق، وجعل، وعلق، وأخذ5. وتعمل عمل "كان"، إلا أن خبرهن يجب كونه جملة6، وشذ مجيئة مفردا بعد "كاد" و"عسى"؛ كقوله:   هذا باب أفعال المقاربة: 1 هي أفعال ناقصة، تعمل عمل "كان"، وتدل على قرب زمن وقوع الخبر من الاسم قربا كبيرا. 2 الأولى أن يقول: من باب التغليب؛ لأن تسمية الكل باسم الجزء؛ إنما تكون بإطلاق اسم الجزء على ما تركب منه ومن غيره؛ كتسمية المركب كلمة. أما تسمية الأشياء المجتمعة من غير تركيب باسم بعض، فيسمى تغليبًا؛ كما هنا. 3 أي: قرب معناه من مسمى الاسم وإن لم يقع، بل قد يستحيل وقوعه؛ نحو قوله -تعالى: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} ، ولهذا تسمى: أفعال المقاربة. 4 أي: رجاء المتكلم، وأمله وطمعه في وقوعه، وترقب حصوله، إذا كان شيئا محبوبا مرغوبًا فيه. والإشفاق؛ أي: الخوف منه، وإذا كان أمرا مكروها؛ وتسمى أفعال الرجاء. 5 ومنه كذلك: شرع، وأقبل، وجعل، وهب، وقام. وتسمى هذه الأفعال: أفعال الشروع، أي: البدء في دخول الاسم في الخبر. 6 إنما وجب ذلك؛ لأن الحكم يتوجه إلى مضمون الجملة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 فأبت إلى فهم وما كدت آبيا1 وقولهم: عسى الغوير أبؤسًا2. وأما {فَطَفِقَ مَسْحًا} ، فالخبر محذوف؛ أي: يمسح مسحًا3.   1 صدر بيت من الطويل؛ لثابت بن جابر، المعروف بتأبط شرا، وعجزه: وكم مثلها فارقتها وهي تصفر اللغة والإعراب: أبت: رجعت. فهم: اسم قبيلة، وأبوها فهم بن عمرو بن قيس عيلان. تصفر: تخلو؛ والمراد هنا: تتأسف وتحزن. "وما" الواو للحال، و "ما" نافية. "كدت" كاد: فعل ناقص والتاء اسمها. "آيبا" خبرها. "وكم" الواو للعطف، و"كم" خبرية مبتدأ. "مثلها" تمييز مضاف إليه، أو مجرور بمن محذوفة. "فارقتها" الجملة خبر كم. "وهي تصفر" مبتدأ وخبر، والواو للحال من هاء فارقتها. المعنى: رجعت إلى قبيلتي فهم، وما كدت أعود إليها بعد مفارقتي لها، وكثير من القبائل مثلها؛ تركتها وهي تتحسر وتتأسف على تركي لها. الشاهد: عمل "كاد" عمل "كان"، وممجئ خبرها اسما مفردا، شذوذًا، والمطرد أن يكون خبرها جملة فعلية، فعلها مضارع؛ كما سيأتي. 2 مثل تمثلت به الزباء -ملكة الجزيرة- لقومها؛ حين رجع قصير إليها، ومعه الرجال. والغوير: تصغير غار؛ وهو ماء لبني كلب. "أبؤسًا" جمع بؤس، وهو الشدة أو العذاب؛ وأصله أن أناسًا كانوا في غار، فانهار عليهم فماتوا؛ وهو يضرب لكل ما يخاف أن يأتي منه الشر؛ أي: لعل الشر يأتيكم من قبل الغوير. و"عسى" فعل ماض ناقص. "الغوير" اسمها. "أبؤسا" خبرها؛ وقد جاء مفردا شذوذا، وقيل: "أبؤسًا" خبر ليكون محذوفة؛ أي: إن يكون أبؤسا، أو ليصير؛ أي: يصير أبؤسا، أو مفعول مطلق لمحذوف، يبأس أبؤسا. 3 وقد دل على المحذوف مصدره؛ وهو "مسحا" الواقع مفعولًا مطلقًا، واسم "طفق" يعود إلى سيدنا سليمان -عليه السلام- وفيما تقدم يقول ابن مالك: ككان "كاد" "وعسى" لكن ندر ... غير مضارع لهذين خبر* أي: إن "كاد" و"عسى" مثل "كان" في العمل. وندر -أي: قل- أن يكون خبرهما غير جملة مضارعية.   * "ككان" جار ومجرور خبر مقدم. "كاد" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "وعسى" معطوف على كاد. "لكن" حرف استدراك. "غير" فاعل ندر. "مضارع" مضاف إليه. "لهذين" متعلق بخبر. "خبر" من فاعل ندر؛ وقد وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وشرط الجملة أن تكون فعلية. وشذ مجيء الاسمية بعد "جعل" في قوله: وقد جعلت قلوص بني سهيل ... من الأكوار مرتعها قريب1 وشرط الفعل ثلاثة أمور: أحدها: أن يكون رافعا لضمير الاسم2، فأما قوله: وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ... ثوبي ............................. 3   1 بيت من الوافر، ذكره أبو تمام في الحماسة، ولم ينسبه. اللغة والإعراب: قلوص: هي الناقة الشابة الفتية. الأكوار: جمع كور؛ وهو الرجل بأدواته، والكور كذلك: الجماعة من الإبل. مرتعها: المكان الذي ترعى فيه. "جعلت" فعل ناقص، والتاء للتأنيث. "قلوص بني سهيل" اسم جعل، ومضاف إليه. "من الأكوار" متعلق بقريب. "مرتعها قريب" مبتدأ وخبر، والجملة خبر جعل. المعنى: أخذت هذه النوق الفتية ترعى بالقرب من رحالها، أو من جماعة الإبل التي تجاورها؛ وذلك لما بها من الإعياء والتعب، فلم تستطع البعد عن الرحال. الشاهد: وقوع الجملة الاسمية خبرا لجعل، وذلك شاذ. وقيل: إن "جعل" في البيت فعل قاصر، يحتاج إلى فاعل لا غير، و"قلوص" فاعله، وجملة "مرتعها قريب" في محل نصب حال من الفاعل. وقيل أيضا: إن "جعل" بمعنى صار، وليست من أفعال الشروع، و"قلوص" اسمها، وجملة "مرتعها قريب" خبر. ولا شاهد فيه على التوجيهين؛ لأن الكلام في "جعل"؛ التي معناها الشروع في العمل. 2 أي: اسم هذه الأفعال؛ وسبب ذلك أن أفعال هذا الباب تدل على ارتباط الفعل بالمرفوع، وهذا يقتضي أن يكون في الفعل ضمير يعود على المرفوع؛ ليتحقق ذلك. 3 جزء من بيت من البسيط؛ لأبي عمرو بن أحمر الباهلي، وقيل: لأبي حية النميري، شاعر إسلامي، أدرك الدولة العباسية، وقيل لغيرهما. وتمامه: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 وقوله: وأسقيه حتى كاد مما أبثه ... تكلمني أحجاره وملاعبه1   = ...... فأنهض نهض الشارب الثمل اللغة والإعراب: يثقلني: يجهدني ويتعبني. أنهض: أقوم. الثمل: السكران الذي أضعف الشراب قواه. "جعلت" فعل ناقص. والتاء اسمها. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "ما" زائدة. "قمت" فعل الشرط. "يثقلني" فعل مضارع، والنون للوقاية، والباء مفعول، والفاعل ضمير مستتر يعود على ثوبي، وهو متقدم رتبة، وإن تأخر في اللفظ "ثوبي" بدل اشتمال من التاء في جعلت، وأغنى عود الضمير إليه في يثقلني، عن عوده إلى المبدل منه؛ لأن البدل هو المقصود بالحكم، وجملة "يثقلني" في محل نصب خبر جعل المقدرة؛ لأن البدل على نية تكرار العامل؛ وهي جواب الشرط أيضا، وقد أغنى ذلك عن خبر "جعل" المذكورة؛ والتقدير: جعل ثوبي يثقلني. المعنى: جعلت إذا قمت يجهدني. ويتعيني ثوبي الذي ألبسه؛ لما بي من ضعف، فأقوم بمشقة؛ كما يقوم السكران؛ الذي أخذ منه الشراب، وأضعف قواه. الشاهد: في "جعلت يثقلني ثوبي"؛ حيث يدل ظاهره على أن المضارع الواقع خبرا لجعل؛ وهو "يثقلني" قد رفع اسما ظاهرا وهو "ثوبي"، مضافا إلى ضمير يعود إلى اسم جعل، وذلك غير مرضي عند النحاة، وقد علمت ما فيه، وذكره المصنف. 1 بيت من الطويل، لذي الرمة، غيلان بن عقبة. اللغة والإعراب: أبثه: أظهر له بثي؛ والبث: شدة الحزن. ملاعبه: جمع ملعب؛ وهو مكان اللعب، والضمير عائد على ربع مية في قوله قبل: وقفت على ربع لمية ناقتي ... فما زلت أبكي حوله وأخاطبه "أسقيه": مضارع فاعله أنا، والهاء مفعوله، عائدة على الربع. "حتى" حرف غاية. "كاد" فعل ناقص، واسمها يعود على الأحجار والملاعب. "مما" متعلق بتكلمني، و"ما" اسم موصول. "أبثه" الجملة صلة. "تكلمني" مضارع مرفوع، والنون للوقاية، والياء مفعول، وفاعله يعود إلى أحجاره؛ الواقع بدلا من الضمير المستتر في "كاد". العائد إلى الربع؛ كما أوضحنا في سالفه، والأصل: كاد هو، أحجاره وملاعبه تكلمني. المعنى: وقفت أسقي ربع مية بدموعي، أو أدعو له بالسقيا، وأظهر ما عندي من أسى وألم وحزن؛ حتى كادت أحجاره، وأماكن اللعب فيه تجيبني؛ إشفاقًا علي، ورحمة بي. والشاهد: وقوع ما ظاهره أن خبر كاد -وهو "تكلمني"- قد رفع اسما ظاهرا مضافا إلى ضمير الاسم؛ وهو "أحجاره"، وقد علمت ما فيه، وهو كسابقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 فثوبي وأحجاره بدلان من اسمي جعل وكاد. ويجوز في "عسى" خاصة أن ترفع السببي1؛ كقوله: وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده2 يروى بنصب "جهدَه" ورفعه.   1 المقصود بالسببي: الاسم الظاهر المتصل بضمير يعود إلى اسمها. 2 صدر بيت من الطويل؛ للبرج التميمي، وليس للفرزدق، كما قيل، وعجزه: إذا نحن جاوزنا حفير زياد اللغة والإعراب: جهده؛ الجهد: الطاقة والوسع. حفير زياد: موضع بين الشام والعراق، على خمس ليال من البصرة. وزياد: هو ابن أبي سفيان أخو معاوية، وكان واليا على العراق. "ماذا" اسم استفهام مبتدأ، أو "ما" مبتدأ، و"ذا" اسم موصول خبر، وجملة "عسى" صلة؛ على معنى: ما الذي يقال فيه عسى؟ لأن الإنشاء لا يقع صلة، كما تقدم في موضعه "عسى" فعل ناقص. "الحجاج" اسمها. "يبلغ جهده" فعل وفاعل، والجملة خبر عسى. "إذا" ظرف للمستقبل، متعلق بيبلغ. المعنى: كان الحجاج قد طلب إلى الشاعر الانضمام إلى جيش المهلب بن أبي صفرة؛ لقتال الأزارقة؛ فأبى وهرب، وقال قصيدة منها هذا البيت؛ ومعناه: ما الذي يرجو الحجاج أن يناله منا، إذا نحن جاوزنا هذا الموضع، وأصبحنا في أمن من اللحاق بنا؟ والاستفهام إنكاري؛ أي: إنه لا يرجى له شيء مما يريد. الشاهد: رفع المضارع الواقع خبرا لعسى -وهو "يبلغ"- اسما ظاهرا مضافا إلى ضمير عائد على اسم عسى؛ وهو "جهده"، وهذا سائغ في "عسى" دون أخواتها على رأي الجمهور، وإن خالف في ذلك بعضهم، وسوى بين "عسى" وغيرها. وروى "جهده" بالنصب على أنه مفعول "يبلغ" والفاعل يعود على الحجاج؛ ولا شاهد فيه حينئذ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 الثاني: أن يكون مضارعا1. وشذ في "جعل" قول ابن عباس -رضي الله عنهما: "فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا"2. الثالث: أن يكون مقرونًا بأن3 إن كان الفعل حرى، أو اخلولق؛ نحو: حرى زيد أن يأتي، واخلولقت السماء أن تمطر. وأن يكون مجردا منها إن كان الفعل دالًا على الشروع4؛ نحو: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} 5   1 أي: في اللفظ والإعراب، ولكن معناه ماض قريب من الحال في الزمن، مثل كاد وأخواتها. 2 قال ذلك مبينا حال الناس، عند إعلان الرسول -عليه السلام- الدعوة. و"جعل" فعل ناقص. "الرجل" اسمها. "إذا" ظرف لأرسل، وجملة "أرسل رسولا" خبر. وفيه الشاهد؛ حيث وقع خبرا لجعل، وهو ماض، وذلك شاذ. 3 أي: المصدرية الناصبة وجوبًا؛ وذلك للإشعار بأنها للرجاء في المستقبل، ويكون المصدر المنسبك منها ومما بعدها خبر للناسخ، وفيه الإخبار بالمعنى عن الجثة، وهو ممنوع كما تقدم في موضعه؛ فإما أن يقصد المبالغة، أو يقدر مضاف قبل أو بعد الناسخ؛ ففي مثل عسى محمد أن يقوم؛ يقدر: عسى محمد صاحب قيام، أو عسى حال محمد قيامه، أو يقال: إنه يغتفر في هذا الباب الإخبار بالمعنى عن الجثة. 4 لأن الشروع في الفعل والأخذ فيه، ينافيان الاستقبال الذي تفيده "أن". 5 "طفق" فعل ناقص والألف اسمها. "يخصفان" مضارع مرفوع بثبوت النون، والألف فاعل، والجملة خبر طفق. ومعنى يخصفان: يلصقان ويطبقان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 والغالب في خبر عسى وأوشك الاقتران بها1؛ نحو: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} . وقوله: ولو سئل الناس التراب لأوشكوا ... إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا2 والتجرد قليل؛ كقوله: عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب3   1 كان القياس في "عسى" وجوب اقتران خبرها بأن؛ لأنها من أفعال الرجاء، غير أنه اغتفر فيها ذلك لشهرتها. والجمهور على أن التجريد فيها خاص بالشعر. 2 بيت من الطويل، أنشده ثعلب في أماليه عن ابن الأعرابي، ولم ينسبه. اللغة والإعراب: لأوشكوا: لقربوا. يملوا: يسأموا ويضجروا. "لو" حرف شرط غير جازم "الناس" نائب فاعل "سئل" الواقع فعلا للشرط. "التراب" مفعول ثان. له "لأوشكوا" اللام واقعة في جواب الشرط، "أوشك" فعل ماض ناقص والواو اسمها. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "قيل" ماض للمجهول فعل الشرط، ونائب الفاعل محذوف؛ أي: لهم. "هاتوا" فعل أمر وفاعله، والجملة مقول القول. "أن" مصدرية. "يملوا" مضارع منصوب بحذف النون، والجملة خبر أوشك. المعنى: لو سئل الناس إعطاء التراب -وهو شيء تافه لا قيمة له- لكرهوا الطلب، وقاربوا أن يمنعوه إذا قيل لهم هاتوا؛ وذلك لما طبعوا عليه من الحرض، أو لكراهة الطلب. الشاهد: مجيء خبر أوشك -وهو "يملوا"- جملة فعلية مقرونة بأن؛ كعسى، وذلك كثير. وقد ورد أوشك بصيغة الماضي، وفيه رد على من أنكر استعمال الماضي من يوشك. 3 بيت من الواو لهدبة بن خشرم العذري، قاله وهو سجين من أجل قتيل قتله. اللغة والإعراب: الكرب: الهم والحزن. أمسيت: المراد صرت، يروى بضم التاء. وبفتحها، على أنه يخاطب ابن عمه، وكان سجينا معه. فرج, أي: كشف للكرب والغم. "الكرب" اسم عسى. "الذي" صفة للكرب. "أمسيت فيه" الجملة من أمسى ومعموليها صلة الموصول. "يكون" مضارع ناقص، واسمها يعود على الكرب. "وراءه" ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم ومضاف إليه. "فرج" مبتدأ مؤخر. "قريب" صفة لفرج، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب خبر يكون، وجملة يكون خبر "عسى". المعنى: واضح. الشاهد: وقوع خبر عسى مضارعا مجردا من "أن" وذلك قليل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 وقوله: يوشك من فر من منيته ... في بعض غراته يوافقها1 وكاد وكرب بالعكس2 فمن الغالب قوله -تعالى: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} وقول الشاعر: كرب القلب من جواه يذوب3   1 بيت من المنسرح، وهو من شواهد سيبويه، لأمية بن أبي الصلت، الشاعر الجاهلي المتنسك، الذي كان يرجو أن يكون النبي المنتظر، ولما بعث النبي -عليه السلام- حقد عليه ولم يؤمن به، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا} .... إلخ. اللغة والإعراب: فر: هرب. منيته: المنية الموت. غراته: جمع غرة؛ وهي الغفلة. يوافقها: يصادفها ويقع عليها. "يوشك" مضارع ناقص. "من" اسم موصول اسمها. "فر" الجملة صلة من. "من منيته" جار ومجرور متعلق بفر. "في بعض غراته" متعلق بيوافقها ومضاف إليه. "يوافقها" الجملة خبر يوشك. المعنى: أن من فر وهرب من الموت جبنا وخوفا، في حرب أو نحوه، يقرب أن يدركه الموت، وينزل به في بعض غفلاته. الشاهد: ورود خبر "يوشك" جملة فعلية مجردة من "أن" وهذا قليل. 2 أي: يغلب في خبرهما التجرد من "أن"؛ وذلك لأنهما يدلان على شدة مقاربة الفعل، فأشبها أفعال الشروع، واقترانها بأن في النادر بالنظر لأصلهما. 3 صدر بيت من الخفيف لكلحبة اليربوعي، أحد شعراء تميم، واسمه: هبيرة بن عبد الله. والكلحبة: لقبه، وهي: صوت النار ولهيبها، وقيل لغيره، وعجزه: حين قال الوشاة هند غضوب اللغة والإعراب: جواه، الجوى: شدة الحزن والوجد. الوشاة: جمع واش، وهو النمام الذي يسعى بالفساد بين الناس. هند: اسم محبوبته. غضوب: صفة من الغضب، يستوي فيها المذكر والمؤنث. "كرب" فعل ماض ناقص. "القلب" اسمها. "من جواه" متعلق بيذوب الواقع خبرا لكرب. "حين" ظرف متعلق بيذوب أيضا. "هند غضوب" الجملة من المبتدأ والخبر مقول القول. المعنى: قرب من شدة وجده وحزنه وحرقته يسيل؛ حين قال الساعون المفسدون بين الأحبة: هند غاضبة عليك. الشاهد: مجيء خبر "كرب" وهو "يذوب" مجردا من أن، وذلك كثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 ومن القليل قوله: كادت النفس أن تفيض عليه1 وقوله: وقد كربت أعناقها أن تقطعا2 ولم يذكر سيبويه في خبر كرب، إلا التجرد من "أن". وهذه الأفعال ملازمة للماضي، إلا أربعة: استعمل لها مضارع وهي:   1 صدر بيت من الخفيف، لمحمد بن مناذر، أحد شعراء البصرة من قصيدة يرثي بها ميتا عزيزا عليه. وعجزه: إذ غدا حشو ريطة وبرود اللغة والإعراب: تفيض: تخرج من الجسد. غدا: صار. ريطة: هي الملاءة إذا كانت قطعة واحدة، والجمع رياط. برود: جمع برد، وهو نوع من الثياب، وأراد بها الكفن الذي يلف فيه الميت. "النفس" اسم كانت. "أن تفيض" أن وما بعدها في تأويل مصدر خبرها. "إذ" ظرف متعلق بتفيض. "غدا" فعل ناقص، واسمها يعود على الميت. "حشو ريطة" خبرها ومضاف إليه. "وبرود" معطوف على ريطة. المعنى: قاربت النفس أن تخرج من جسدها؛ حزنا على هذا الميت، حين صار مدرجا في أكفانه. الشاهد: اقتران خبر "كاد" بأن، وذلك نادر. 2 عجز بيت من الطويل، لأبي هشام بن زيد الأسلمي، يهجو قوم إبراهيم بن المغيرة، والي المدينة من قبل هشام بن عبد الملك، ويمدح هشاما. وصدره: سقاها ذوو الأحلام سجلًا على الظما اللغة والإعراب: ذوو الأحلام: أصحاب العقول. سجلا: السجل: الدلو ما دام فيه ماء، وجمعه سجال، فإن لم يكن فيه ماء فهو دلو. الظما: العطش. "سقاها" فعل، و"ها" = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 "كاد" نحو: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} . و"أوشك" كقوله: يوشك من فر من منيته   = مفعول أول. "ذوو الأحلام" فاعل ومضاف إليه. "سجلا" مفعول ثان. "على الظما" متعلق بسقا، وسكن للشعر. "أعناقها" اسم كرب ومضاف إليه. "أن تقطعا" المصدر المؤول من أن والفعل خبر، والألف للإطلاق. المعنى: كان الشاعر قد مدح قوم إبراهيم فلم يعطوه شيئا؛ إذ يقول: مدحت عروقا للندى مصت الثرى ... حديثا فلم تهمم بأن تتزعزعا والمراد بالعروق: قوم إبراهيم، فهو يقول: سقى أصحاب العقول -يريد هشاما وصحبه- هذه العروق التي مدحتها ولم تجزني سجال الكرم، وأجزلوا العطاء، وقد كانوا في شدة الفاقة والبؤس، تكاد أعناقهم أن تتقطع من الحاجة؛ يريد أنهم حديثو عهد باليسار والنعمة. الشاهد: اقتران خبر "كرب" بأن، وهذا نادر، حتى إن سيبويه لم يحك فيه غير التجرد. وهذا البيت حجة عليه. وفيما تقدم يقول ابن مالك: وكونه بدون "أن" بعد عسى ... نزر و"كاد" الأمر فيه عكسا وكعسى "حرى" ولكن جعلا ... خبرها حتما بـ"أن" متصلا وألزموا اخلولق "أن" مثل حرى ... وبعد "أوشك" انتقا "أن" نزرا ومثل "كاد" في الأصح "كربا" ... وترك "أن" مع ذي الشروع وجبا كأنشأ السائق يحدو وطفق ... كذا جعلت وأخذت وعلق* =   * "وكونه" مبتدأ، وهو مصدر كان الناقصة، والهاء مضاف إليه اسمها، وهي عائدة إلى الخبر، وخبرها محذوف، أي: واردا. "بدون" جار ومجرور متعلق بذلك الخبر المحذوف. "أن" مضاف إليه مقصود لفظه. "بعد" ظرف متعلق بالخبر المحذوف. "عسى" مضاف إليه. "نزر" خبر المبتدأ وهو كونه. "وكاد" الواو عاطفة. "كاد" مقصود لفظه مبتدأ أول. "الأمر" مبتدأ ثان. "فيه" متعلق بعكسا. "عكسا" فعل ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى الأمر، والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ الثاني، وجملة الثاني وخبره خبر الأول. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وهو أكثر استعمالًا من ماضيها و"طفق". حكى الأخفش: طفق يطفق، كضرب يضرب، وطفق يطفق، كعلم يعلم، و"جعل".   = أي: كون خبر "عسى" خاليا من "أن" قليل، وخبر "كاد" بالعكس، ثم ذكر أن حرى كعسى معنى وعملا، غير أن "حرى" يتحتم أن يتصل خبرها بأن، وكذلك الشأن في "اخلولق". أما "أوشك" فيلزمها "أن"، وقد تحذف نادرا، و"كرب" مثل "كاد" في معناها وعملها؛ وفي عدم اقتران خبرها بأن غالبا. ثم ذكر أن ترك "أن" مع أفعال الشروع واجب، وعد من هذه الأفعال: أنشأ، وطفق، وجعل، وأخذ، وعلق. ومثل للأول بقوله: أنشأ السائق يحدو؛ أي: يغني للإبل لتسرع في السير. ويتلخص من هذا كله: أن خبر "حرى" و"اخلولق" يجب اقترانه بأن، وأفعال الشروع يجب تجردها من "أن"، وخبر "عسى" و"أوشك" يغلب اقترانه بها، و"كاد" و"كرب" يغلب تجرده منها. هذا: وإذا كان الخبر مقترنا بأن، لا يجوز في الأفصح أن يتوسط بينها وبين اسمها، أما غير المقترن بها. و"كاد" و"كرب" يغلب تجرده منها. هذا: وإن كان الخبر مقترنا بأن، لا يجوز في الأفصح أن يتوسط بينها وبين اسمها، أما غير المقترن فيجوز كما في خبر كان. ولا يقع فعل من أفعال المقاربة زائدًا.   = "وكعسى" جار ومجرور خبر مقدم. "حرى" مبتدأ مؤخر قصد لفظه. "ولكن" حرف استدراك. "جعلا" ماض للمجهول. والألف للإطلاق. "خبرها" نائب فاعل وهو المفعول الأول لجعلا، و"ها" مضاف إليه. "حتما" صفة لمصدر محذوف؛ أي: اتصالا حتما، "بأن" متعلق بمتصلا الواقع مفعول "جعل" الثاني. "اخلولق" مفعول أول لألزموا مقصود لفظه. "أن" مفعول ثان قصد لفظه. "مثل" حال من اخلولق. "حرى" مضاف إليه. "وبعد" ظرف متعلق بنزرا. "أوشك" مضاف إليه مقصود لفظه. "انتفا" مبتدأ وقصر للضرورة. "أن" مضاف إليه. "نزرا" فعل، وفاعله يعود إلى انتفاء, والألف للإطلاق، والجملة خبر انتفا. "ومثل" خبر مقدم. "كاد" مضاف إليه مقصود لفظه في الأصح، متعلق بمثل لتضمنه معنى المشتق وهو المماثلة. "قرب" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "وترك" مبتدأ "أن" مضاف إليه. "مع" ظرف متعلق بترك. "ذي" مضاف إليه، وهو مضاف إلى الشروع. "وجبا" فعل ماض والفاعل يعود إلى ترك, والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ. "كأنشأ" الكاف جارة لقول محذوف، خبر لمبتدأ محذوف. "أنشأ" فعل ماض ناقص " السائق" اسمها. "يحدو" ألجملة خبرها في محل نصب "وطفق" معطوف على أنشأ. "كذا" جار ومجرور خبر مقدم. "جعلت" مبتدأ مؤخر قصد لفظه. "وأخذت وعلق" معطوفان على جعلت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 حكى الكسائي: إن البعير ليهرم حتى يجعل إذا شرب الماء مجَّه1. واستعمل اسم فاعل لثلاثة؛ وهي: "كاد" قاله، الناظم،2 وأنشد عليه: .......................... وإنني ... يقينًا لرهن بالذي أنا كائد3 و"كرب" قاله جماعة، وأنشدوا عليه: أَبُنَيَّ إن أباك كارِب يومه4   1 "حتى" ابتدائية. "يجعل" مضارع ناقص مرفوع بالضمة، واسمها ضمير تقديره: هو. "إذا شرب" شرط وفعله والفاعل هو. "الماء" مفعوله. "مجه" جواب الشرط، وجملة جواب الشروط وجوابه خبر يجعل. 2 أي: في شرك الكافية. 3 جزء من بيت من الطويل، لكثير عزة، في رثاء عبد العزيز بن مروان أبي الخلفية عمر بن عبد العزيز. وأوله: أموت أسى يوم الرجام اللغة والإعراب: أسى: حزنا وشدة وألم. الرجام: اسم موضع حدثت فيه موقعة. رهن: مرهون. "أسى" مفعول لأجله أو تمييز. "وإنني" الواو للحال، و"إن" حرف توكيد ونصب، والنون للوقاية والياء اسمها. "يقينا" مفعول مطلق لمحذوف. "لرهن" اللام للابتداء، وتسمى اللام المزحلقة، و"رهن" خبر إن. "بالذي" متعلق به. "أنا كائد" مبتدأ وخبر، والجملة صلة، واسم كائد مستتر تقديره أنا، والخبر محذوف؛ أي: ألقاه. المعنى: كدت أموت من الحزن واللوعة في هذا اليوم الذي غاب فيه عبد العزيز، وإنني لمرهون ومحبوس؛ بسبب الذي أنا قريب ألقاه وألحق به، فالموت أمر لا مفر منه. الشاهد: استعمال اسم الفاعل من "كاد" على هذه الرواية. وقد صوب المصنف أنه بالباء. وإذًَا لا شاهد فيه. 4 صدر بيت من الكامل، لعبد قيس بن خفاف البرمجي، يعظ ابنه، وعجزه: فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل اللغة والإعراب: كارب يومه: قريب يوم وفاته. المكارم: جمع مكرمة، وهي الخصلة من خصال البر. "أبني" منادى تصغير ابن منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 و"أوشك"؛ كقوله: فإنك موشك ألا تراها1 والصواب: أن الذي في البيت الأول "كابد" بالباء الموحدة؛ من المكابدة والعمل، وهو اسم غير جار على الفعل2، وبهذا جزم يعقوب3 في شرح ديوان كثير. وأن "كارب" في البيت الثاني اسم فاعل كرب التامة4 في نحو قولهم: "كرب   = المتكلم في ياء التصغير. "أباك" اسم إن منصوب بالألف؛ لأنه من الأسماء الستة. "كارب يومه" خبر إن ومضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى ظرفه، واسمها مستتر تقديره هو، والخبر محذوف؛ أي: كارب هو في يومه يموت. المعنى: يقول لابنه: اعلم يا بني أن أباك قريب يوم وفاته وانتهاء أجله؛ فإذا دعيت إلى فعل المكرمات وعمل البر، فأسرع بذلك ولا تتأخر. الشاهد: استعمال اسم فاعل من كرب الناقصة على قول. ورده المصنف بأنه من كرب التامة. 1 صدر بيت من الوافر، لكثير عزة، يشبب بغاضرة جارية. "أم البنين" أخت عمر بن عبد العزيز وعجزه: وتعدو دون غاضرة العوادي اللغة والإعراب: تعدو تعوق وتمنع. العوادي: عوائق الدهر وغوائله؛ جمع عادية. "موشك" خبر إن وهو اسم فاعل من أوشك، واسمها تقديره أنت. "ألا" أن مصدرية ولا نافية. "تراها" فعل ومفعول والفاعل أنت، والجملة خبر موشك. "العوادي" فاعل تعدو. المعنى: إن القريب إلى العقل والغالب أنك لا ترى غاضرة، وأن تحول دون رؤيتها موانع وعوائق، لا تستطيع التغلب عليها. الشاهد: مجيء اسم الفاعل من "أوشك" الناقصة وعمله عملها، وقد اقترن الخبر بأن المصدرية كذلك. 2 أي: هو اسم فاعل غير جار على فعله؛ لأن فعله "كابد"، فقياس اسم فاعله "مكابد". 2 هو أبو يوسف يعقوب بن السكيت، انظر صفحة 240. 4 وعليه فلا يحتاج إلى اسم وخبر، بل إلى فاعل فحسب، وفاعله هو "يومه"، ويكون من إضافة اسم الفاعل لفاعله، والأصل: كارب يومه، برفع يوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 الشتاء" إذ قرب، وبهذا جزم الجوهري1. واستعمل مصدر لاثنين وهما: "طفق، وكاد"؛ حكى الأخفش طفوقًا عمن قال طفق بالفتح، وطفقا عمن قال طفق بالكسر. وقالوا: كاد كودًا ومكادًا ومكادة. فيما وتختص عسى، واخلولق، وأوشك: بجواز إسنادهن إلى "أن يفعل" مستغنى به عن الخبر2. نحو: {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا} .   1 هو الإمام اللغوي: إسماعيل بن حماد الجوهري، صاحب كتاب الصحاح في اللغة. كان من أعاجيب الزمان ذكاء وفطنة وعلما، وكان يضرب به المثل في حسن الخط؛ كابن مقلة، مع أنه كان إمامًا في اللغة والأدب، ومن فرسان الكلام. وقد طاف الآفاق؛ فدخل العراق، وقرأ على أبي علي الفارسي والسيرافي، وسافر إلى الحجاز، وشافه العرب العاربة، وطوف بلاد ربيعة ومضر، ثم عاد إلى خراسان، وأقام بنيسابور، ولازم التدريس، بها والتأليف وتعليم الخط، وكتابة المصاحف. وصنف الصحاح في اللغة؛ وهو الكتاب الذي لا يزال مرجع الدارسين إلى اليوم، وعليه اعتمادهم. وكتابا في العروض، ومقدمة في النحو. وتوفي سنة 393هـ. وقد أشار الناظم إلى بعض أفعال هذا الباب بقوله: واستعملوا مضارعًا لأوشكا ... و"كاد" لا غير وزادوا "موشكا"* أي: إن أفعال هذا الباب كلها جامدة، إلا "أوشك"؛ فلها مضارع، وكذلك "كاد" لها مضارع. وقد ورد اسم فاعل لأوشك؛ فقد سمع "موشك". 2 أي: فتكون تامة لا تحتاج إلى خبر، والمصدر المؤول من "أن والفعل" فاعلها. ويشترط أن يكون مرفوع المضارع ضميرا يعود على اسم سابق. ويرى الناظم وبعض النحاة: أنها في هذه الحالة ناقصة. والمصدر المؤول من "أن والفعل" سد مسد المعمولين. وفي هذا يقول: بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد ... غِنى بـ"أن يفعل" عن ثان فُقد* يريد: أن هذه الأفعال الثلاثة، قد يستغني بالجملة المضارعية المسبوقة بأن المصدرية، عن الثاني اللازم لها؛ وهو الخبر؛ فهي تكتفي بالمصدر المؤول من "أن والفعل" مرفوعًا لها على الفاعلية، وتكون تامة لا ناقصة؛ فالمراد بـ"أن والفعل": ما هو على الصفة؛ من كل جملة مضارعية مسبوقة بأن المصدرية.   * "واستعملوا" فعل وفاعل. "مضارعًا" مفعول لاستعمل "لأوشكا" جار ومجرور متعلق باستعملوا. "وكاد" معطوف على أوشك. "لا غير" لا عاطفة، "غير" معطوف على أوشك مبني على الضم، في محل جر. "وزادوا موشكا" فعل وفاعل ومفعول. * "بعد" ظرف متعلق بيرد. "عسى" مضاف إليه منصوب لفظه. "اخلولق، أوشك" معطوفان عليه بحذف العاطف. "قد" حرف تحقيق. "غنى" فاعل يرد. "بأن يفعل" جار ومجرور متعلق بغنى. "عن ثان" متعلق كذلك بغني "فقد" فعل ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى ثان، والجملة في محل جر صفة لثان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وينبني على هذا1 فرعان: أحدهما: أنه إذا تقدم على إحداهن اسم هو المسند إليه في المعنى، وتأخر عنها "أن والفعل"؛ نحو: زيد عسى أن يقوم، جاز: تقديرها خالية من ضمير ذلك الاسم؛ فتكون مسندة إلى" أن والفعل" مستغنى بهما عن الخبر2. وجاز تقديرها مسندة إلى الضمير3، وتكون "أن والفعل" في موضع نصب على الخبر. ويظهر أثر التقديرين: في التأنيث، والتثنية، والجمع؛ فتقول على تقدير الإضمار: هند عست أن تفلح، والزيدان عسيا أن يقوما، والزيدون عسوا أن يقوموا, والهندات عسين   1 أي على هذا الأصل، وهو مجيئها ناقصة تارة، وتامة تارة أخرى. 2 فتكون تامة، والمصدر المؤول من "أن" والفعل "مع مرفوعه المستتر فاعلها، والجملة من "عسى" وفاعلها في محل خبر المبتدأ الذي قبلها؛ وهو "زيد" في المثال. 3 فتكون ناقصة، والضمير العائد على المبتدأ السابق اسمها، والجملة من "عسى" ومعموليها خبر لمبتدأ. وفيما تقدم يقول ابن مالك: وجردن عسى أو ارفع مضمرا ... بها إذا اسم قبلها قد ذكرا* هذا: وما سوى "عسى"، و"اخلولق" و"أوشك" من أفعال هذا الباب، يجب فيه الإضمار؛ تقول: المحمدان أخذا يكتبان وطفقا يخصفان. ولا يجوز: أخذ يكتبان، وطفق يخصفان ... إلخ.   * "وجردن" فعل أمر مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة. "عسى" مفعوله قصد لفظه. "مضمرا" مفعول ارفع. "بها" متعلق بارفع. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "اسم" نائب فاعل لمحذوف؛ يفسره ذكرا "قبلها" ظرف ومضاف إليه؛ متعلق بذكرا. "قد" للتحقيق. "ذكرا" ماض للمجهول، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل يعود على اسم، والجملة تفسيرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 أن يقمن1. وتقول على تقدير الخلو من الضمير: عسى في الجميع2، وهو الأفصح. قال الله -تعالى: {لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} . والثاني: أنه إذا ولي إحداهن "أن والفعل" وتأخر عنها اسم؛ هو المسند إليه في المعنى؛ نحو: عسى أن يقوم زيد. جاز في ذلك الفعل: أن يقدر خاليا من الضمير؛ فيكون مسندا إلى ذلك الاسم، وعسى مسندة إلى "أن والفعل" مستغنى بهما عن الخبر3. وأن يقدر متحملًا لضمير ذلك الاسم؛ فيكون الاسم مرفوعا بعسى، وتكون "أن والفعل" في موضع نصب على الخبرية4، ومنع الشلوبين5 هذا الوجه لضعف هذه   1 أي: إن الضمير الواقع اسما لعسى؛ بما أنه عائد على المبتدأ، يجب أن يطابقه في الإفراد والتذكير وفروعهما، وكذلك مرفوع المضارع بعد "أن". 2 لأن "عسى" تامة، وفاعلها هو المصدر المكون من "أن والفعل" بعدها، وليس فيها ضمير يعود على ما قبلها، والفعل يلزم الإفراد، وإن كان مرفوعه غير ذلك. 3 فـ"عسى" فعل تام، وفاعله هو المصدر المؤول من "أن والفعل"، ومرفوعه المستتر، والجملة خبر مقدم، و"زيد" مبتدأ مؤخر. أو "عسى" فعل تام، وفاعلها "أن والفعل" مع مرفوعه الظاهر؛ وهو زيد. 4 فتكون "عسى" فعل ماض ناقص، واسمها ضمير مستتر، يعود على "زيد"؛ الواقع مبتدأ؛ وهو وإن تأخر لفظًا، إلا أنه متقدم رتبة. والمصدر المؤول من "أن والفعل" مع المرفوع المستتر، خبر "عسى"، والجملة من "عسى" ومعموليها خبر المبتدأ المتأخر. أو "عسى" فعل ناقص، والمصدر المؤول من "أن والفعل"، وفاعله المستتر، خبر مقدم، و"زيد" اسمها مؤخر. 5 هو الأستاذ: أبو علي؛ عمر بن محمد الإشبيلي الأزدي، المعروف بالشلوبين؛ ومعناه بلغة الأندلس: الأبيض الأشقر. كان إمام عصره في العربية، وآخر أئمة هذا النوع بالمشرق والمغرب، عارفا بنقد الشعر، بارعا في التعليم. أخذ عن ابن ملكون وغيره، وأقرأ نحو ستين سنة؛ حتى علا صيته، واشتهر ذكره، وانتفع به أكثر أهل الأندلس. وله تعليق في كتاب سيبويه، وكتاب آخر في النحو؛ سماه "التوطئة". وتوفي في صفر، سنة 645هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 الأفعال عن توسط الخبر. وأجازه المبرد1 والسيرافي2 والفارسي.   1 هو أبو العباس المبرد؛ محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي البصري، إمام العربية ببغداد في زمنه، أخذ عن المازني والجرمي، وقرأ عليهما كتاب سيبويه. وروى عنه: إسماعيل الصفار، ونفطويه، والصولي. وكان فصيحا بليغا مفوها، غزير العلم، حسن المحاضرة، صاحب نوادر وطرافة، مع كرم عشيرة، وجودة خط. وقيل في سبب تلقيبه بالمبرد؛ أن المازني حين صنف كتابه "الألف والام" سأل المبرد عن دقيقه وعويصه؛ فأجابه بأحسن جواب، فقال له: قم فأنت المبرد؛ أي: المثبت للحق. فحرفه الكوفيون "بفتح الراء، وقال فيه نفطويه: "ما رأيت أحفظ للأخبار -بغير أسانيد- من المبرد. وكانت بينه وبين ثعلب منافرة شديدة، وأكثر أهل العلم يفضلونه على ثعلب. وقيل فيهما: أيا طالب العلم لا تجهلن ... وعذ بالمبرد أو ثعلب تجد عند هذين علم الورى ... فلا تك كالجمل الأجرب علوم الخلائق مقرونة ... بهذين في الشرق والمغرب وللمبرد مؤلفات كثيرة؛ منها: "الكامل" في الأدب؛ وهو أشهر كتهب. "والمقتضب" في النحو، من ستة أجزاء مخطوطة بدار الكتب. وشرح شواهد هذا الكتاب، ومات سنة 286هـ، في خلافة المعتضد بالله، ودفن بالكوفة. 2 هو أبو سعيد؛ الحسن بن عبد الله بن المرزبان القاضي، المعروف بالسيرافي النحوي، نسبة إلى "سيراف"؛ مدينة بفارس. كان أبوه مجوسيا؛ اسمه "بهزاد" فسماه أبو سعيد "عبد الله" وكان إماما في النحو والفقه واللغة والشعر، وكثير من العلوم. وقد أخذ النحو عن ابن السراج، وأصبح من أعلم الناس بنحو البصريين. وكان دينا ورعا زاهدًا؛ صام أكثر من أربعين سنة، حسن الخط، لا يأكل إلا من كسب يده، شرح كتاب سيبويه، شرحا لم يسبق إلى مثله، وحسده عليه أبو علي الفارسي، وغيره من معاصريه. وهجاه أبو الفرج الأصفهاني -صاحب الأغاني- لمناقشة حدثت بينهما. وتوفي السيرافي في رجب سنة 368هـ، ودفن ببغداد في خلافة الطائع بالله. ويتبين مما تقدم: أن في "عسى" و"اخلولق" و"أوشك" ثلاث حالات: وجوب النقص، ووجوب الإتمام، وجواز الأمرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 ويظهر أثر الاحتمالين أيضًا في التأنيث والتثنية والجمع؛ فتقول على وجه الإضمار: عسى أن يقوما أخواك1، وعسى أن يقوموا إخوتك، وعسى أن يقمن نسوتك، وعسى أن تطلع الشمس بالتأنيث لا غير2، وعلى الوجه الآخر3: تُوَحِّد "يقوم"4 وتؤنث "تطلع" أو تذكره5. مسألة في كسر السين وفتحها في "عسى": يجوز كسر سين "عسى" خلافًا لأبي عبيدة6   1 "أخواك" اسم عسى مؤخر، و"أن يقوما" في موضع نصب خبرها مقدم، وكذا يقال فيما بعده. 2 فـ"الشمس" اسم عسى، و"أن تطلع" خبرها، وإنما وجب التأنيث؛ لأن الفعل إذا أسند لضمير المؤنث -ولو كان مجازي التأنيث- وجب تأنيثه. 3 وهو عدم الإضمار في الفعل. 4 لأنه مسند إلى الظاهر، والأفصح فيه الإفراد مطلقًا؛ كما سيأتي في بابه. 5 لأنه مسند إلى ظاهر مجازي التأنيث، وسيأتي أنه يجوز فيه التذكير والتأنيث. 6 فإنه يمنع الكسر. وأبو عبيدة: هو معمر بن المثنى، اللغوي البصري، مولى بني تيم "تيم قريش"؛ رهط أبي بكر الصديق. كان جده يهوديا من فارس، وكان خارجيا، قال فيه الجاحظ: "لم يكن في الأرض خارجي، ولا جماعي أبصر بجميع العلوم منه". أول من صنف في غريب الحديث. أخذ عن يونس وأبي عمرو بن العلاء، وعنه أخذ أبو حاتم والمازني. وكان أجمع الناس للعلم، وأكثرهم رواية؛ قيل: كان أعلم من الأنصاري، وأبي زيد بأنساب العرب وأيامها. وكان أبو نواس يمدحه، ويذم الأصمعي. سئل عن الأصمعي فقال: "بلبل في قفص" وعن أبي عبيدة؛ فقال: "أديم طوى على علم"؛ ذلك لأن الأصمعي كان حسن الإنشاد، وزخرفة الكلام، وأبو عبيدة بضد ذلك. وكان مع علمه، ربما يكسر البيت إذا أنشده، ويخطئ إذا قرأ القرآن. وله تصانيف كثيرة تقارب المائتين؛ منها: "النقائض بين جرير والفرزدق"، في ثلاثة مجلدات، و"أيام العرب، والمجاز في غريب القرآن"، و"الأمثال في غريب الحديث" ... إلخ. وتوفي سنة 213هـ، وقد قارب المائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 وليس ذلك مطلقًا1 خلافًا للفارسي؛ بل يتقيد بأن تسند إلى التاء، أو النون، أو "نا"؛ نحو: {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ} ، {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} . قرأهما نافع2 بالكسر، وغيره بالفتح، وهو المختار.   1 أي: إن جواز الفتح والكسر ليس مطلقا؛ سواء أسندت إلى ظاهر أو مضمر؛ بل ذلك مقيد بما إذا أسندت لضمير رفع لمتكلم أو مخاطب، والفتح أشهر. وفي هذا يقول الناظم: والفتح والكسر أجز في السين من ... نحو "عسيت" وانتقا الفتح زكن* أي: إن الفتح والكسر جائزان في مثل: "عسيت"، كما بينا. وعلم عن العرب اختيار الفتح، وأنه أفضل من الكسر. 2 هو أبو الحسن؛ نافع بن عبد الرحمن المدني، أحد أصحاب القراءات السبع، وأصله من أصبهان. كان إمام الناس في القراءة بالمدينة، وانتهت إليه رياسة الإقراء بها. قيل: إنه قرأ على سبعين من التابعين، وأجمع الناس عليه بعدهم. وتوفي سنة 169هـ. تنبيه: يجوز حذف خبر هذه الأفعال؛ إن علم، وهو كثير في خبر. "كاد" قليل في خبر "كان"؛ نحو: من تأنى أصاب أو كاد، ومن عجل أخطأ أو كاد. فائدتان: أ- يتعين في مثل: عسى أن يكرم محمد الضيف، أن تكون "عسى" تامة، و"محمد" فاعلًا لها. ولا يجوز أن يعرب محمد مبتدأ مؤخرًا، ولا اسمًا لعسى على أنها ناقصة، و"أن يكرم" خبرها مقدمًا؛ لئلا يلزم الفصل بين أجزاء صلة "أن" بأجنبي؛ وهو "محمد". ومثل هذا يقال في إعراب كلمة "ربك" في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} و"مقاما" ظرف. ب- اختلف فيما يتصل بعسى من الضمائر: الكاف, والهاء, والياء؛ فذهب سيبويه إلى =   * "والفتح" مفعول مقدم لأجز. "والكسر" معطوف عليه. "في السين" متعلق بأجز. "من نحو" متعلق بمحذوف حال من السين "عسيت" مضاف إليه مقصود لفظه. "وانتفا" مبتدأ. "الفتح" مضاف إليه "ركن" -أي: اعلم- ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على انتفا، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 ..........................................................   = أنها في محل نصب اسم لعسى؛ وهي حينئذ حرف ترج؛ مثل لعل، وما بعدها خبر لها. وفي هذه الحالة لا تقع بعدها. "ما" الزائدة. وذهب المبرد والفارسي إلى أن "عسى" على ما هي عليه؛ من رفع الاسم ونصب الخبر، وهذه الضمائر أخبارها مقدمة في محل نصب، وما بعدها الاسم، وقد عكس الإسناد. ويلزم على هذه: جعل خبر "عسى" اسم صريحا. وهذا نادر؛ كما تقدم. وذهب الأخفش إلى أن "عسى" على ما كانت عليه أيضا، وهذه الضمائر أسماؤها، وقد ناب ضمير النصب عن ضمير الرفع؛ ونيابة بعض الضمائر عن بعض جائز، واختار الناظم قول الأخفش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 .................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 اذكر أنواع أفعال المقاربة، وما يدل عليه كل نوع، وهات أمثلة لما تقول. 2 ما حكم خبر هذه الأفعال؛ من حيث الاقتران بأن المصدرية وعدمه؟ مثل. 3 تختص "عسى" و"اخلولق" و"أوشك" من بين أفعال هذا الباب بأشياء. اذكرها، ووضح ذلك بأمثلة من عندك. 4 اشرح قول ابن مالك: وجردن عسى أو ارفع مضمرا ... بها إذا اسم قبلها قد ذكرا 5 بم يستشهد بالآتي في هذا الباب؟ وضح ذلك، وأعرب ما تحته خط: قال -تعالى: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} ، {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} ، {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} ، {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ} ، {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} . فموشكة أرضنا أن تعود ... خلاف الأنيس وحوشا ببابا عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر ... بمنهمر جون الرباب سكوب أراك علقت تظلم من أجرنا ... وظلم الجار إذلال المجير أبيتم قبول السلم منا فكدتمو ... لدى الحرب أن تغنوا السيوف عن السل أوشك ألا يدوم وصل أخ ... في كل زلاته تنافره 6 قال -شاعر مصر- المرحوم محمود سامي البارودي، المتوفى سنة 1322هـ: وماذا عسى الأعداء أن يتقولوا ... علي وعرضي ناصع الجيب وافر اشرح هذا البيت شرحا أدبيا، وأعرب الشطر الأول منه. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 ............................................................................................   7 الموقعة الفاصلة بيننا، وبين الأعداء أوشكت أن تبدأ، عسى أن يفوز قائدنا. حدث عن الموقعة والقائد، ومثناهما وجمعهما، في هاتين الجملتين؛ على تقدير: خلو "أوشك" و"عسى" من الضمير، وتحملهما له. 8 بين فيما يأتي: الفعل الناقص ومعموليه؛ ما يجب اقترانه بأن، وما يجب تجرده منها، وما يجوز فيه الأمران. الحرب أوشكت أن تندلع، وقد أخذ العرب يستعدون للموقعة الفاصلة، وهب الشباب يندفع للعمل الجاد، بعد أن طفقوا يقرعون حجج الخصوم بحجج دامغة، وما برحوا يحاولون إقناعهم، حتى ملوا من عنادهم؛ فعسى الله أن يهبنا النصر على المعتدين، وعسى مهاجروا فلسطين أن يعودوا لأوطانهم آمنين؛ فقد كادت النفس أن تفيض على هؤلاء المشردين، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} . 9 أعرب هذا البيت، واشرحه شرحا أدبيا, وهو لذي الرمة: إذا غير النأي المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح 10 هات أربعة أمثلة من إنشائك؛ في كل منها فعل ناقص من أفعال المقاربة؛ مراعيا أن يكون الخبر واجب الاقتران بأن في اثنين منها، ومجردا في الآخرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 إن وأخواتها : هذا باب الأحرف الثمانية1 الداخلة على المبتدأ والخبر: فتنصب المبتدأ ويسمى اسمها، وترفع خبره ويسمى خبرها2. فالأول والثاني "إنَّ" و"أنَّ": وهما لتوكيد النسبة3، ونفي الشك عنها، والإنكار لها4. والثالث "لكن": وهو للاستدراك والتوكيد5؛ فالأول نحو: زيد شجاع لكنه بخيل. والثاني نحو: لو جاءني أكرمته لكنه لم يجئ6.   هذا باب الأحرف الثمانية الداخلة على المبتدأ والخبر: 1 اعتبر المصنف منها "عسى" إذا كانت للرجاء بمعنى لعل، في لغة كما سيأتي. 2 فعملها عكس عمل "كان" وأخواتها، وهذا أحد الفروق بينهما. وثانيها: أن هذه حروف، وتلك أفعال وحروف. وثالثها: أن هذه الحروف يجب أن تكون في صدر الجملة, ما عدا أن المفتوحة كما سيأتي، بخلاف كان وأخواتها. هذا: ومن العرب من ينصب بها الجزأين معا، كقول عمر بن أبي ربيعة: إذا اسود جُنح الليل فلتأت ولتكن ... خطاك خفافا إن حراسنا أسدا والجمهور يمنعون ذلك، ويؤولون ما ورد منه على أن الجزء الثاني حال، والخبر محذوف؛ أي: إن حراسنا تلقاهم أسدا. 3 أي: توكيد نسبة الخبر للاسم. 4 فكلا الحرفين بمنزلة تكرار الجملة. ويكونان لمجرد التأكيد إن كان المخاطب عالما بالنسبة، ولنفي الشك فيها إن كان مترددا فيها. وإن كان منكرا لها، فهما لنفي الإنكار. والتوكيد لنفي الشك مستحسن، ولنفي الإنكار لازم، ولغيرهما لا ولا. ولا يستعملان إلا في تأكيد الإثبات. 5 الاستدراك هو: تعقيب الكلام بنفي ما يتوهم ثبوته أو إثبات ما يتوهم نفيه. وهذا يستلزم أن يسبقها كلام له صلة بمعموليها. وأن يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها في المعنى ومغايرا له. وتقع بعد النفي والإثبات. واستعمال "لكن" في الاستدراك هو الغالب فيها. وقد تستعمل لتأكيد النسبة وتقويتها في ذهن السامع، إيجابية كانت أو سلبية. 6 فهي هنا لتأكيد عدم المجيء، وهو مفهوم بدونها من كلمة "لو" الامتناعية التي تفيد نفي معنى ما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 والرابع "كأن": هو للتشبيه المؤكد1؛ لأنه مركب من الكاف وأن. والخامس "ليت": وهو للتمني، وهو: طلب ما لا طمع فيه، أو ما فيه عسر2؛ نحو: ليت الشباب عائد، وقول منقطع الرجاء: ليت لي مالًا فأحج منه.   1 أي: تشبيه اسمها بخبرها فيما يشتهر به الخبر، تشبيها أقوى من التشبيه بالكاف. ولا يليها في الغالب إلا المشبه، أما الكاف ومثل ونحوهما، فيليها المشبه به في الأكثر. واستعمالها في التوكيد مطرد عند جمهور النحاة. وبعضهم يقول: إنها لا تكون للتشبيه إلا حيث يكون خبرها اسما أرفع من اسمها شأنا، أو أحط منه قدرا؛ نحو: كأن محمدا أمير، وكأن القادم لص. أما إذا كان خبرها فعلا، أو ظرفا، أو جارا أو مجرورا، أو صفة من صفات اسمها؛ فإنها تكون للظن، وتأتي للتحقيق، وجعل منه قول الشاعر: فأصبح بطن مكة مقشعرا ... كأن الأرض ليس بها هشام هذا: ومن الأساليب الفصيحة المسموعة قولهم: "كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل"، وهذا القول منسوب إلى سيدنا علي -كرم الله وجهه- وهو خطاب موجه إلى المحتضر. وخير ما قيل في إعرابه: "كأن" حرف تشبيه والكاف اسمها. "بالدنيا" متعلق بالفعل. "لم" حرف نفي وجزم. "تكن" تامة بمعنى توجد مجزومة بلم والفاعل أنت، والجملة في محل رفع خبر كأن، أي: كأنك عند الاحتضار لم توجد بالدنيا، وذلك لسرعة زوالها. وقيل: "بالدنيا" متعلق بمحذوف خبر، وجملة "لم تكن" في محل نصب حال؛ أي: كأنك تبصر بالدنيا وتشاهدها. أما قولهم: كأنك بالشتاء مقبل، فإن "مقبل" هو الخبر، و"بالشتاء" متعلق به. 2 يكون التمني في الممتنع والممكن المرغوب في تحقيقه، ولا يكون في الواجب وقوعه؛ فلا يجوز أن يقال: ليت غدا يأتي، إلا إذا أريد إتيانه الآن -كقوله تعالى: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} ؛ أي: تمنوه قبل وقته؛ لأنه واجب. وتختص "ليت" بأسلوب يلتزم فيه حذف خبرها وهو: "ليت شعري ... " وينبغي أن يكون الاسم -كلمة "شعر"- مضافة إلى ياء المتكلم، وبعدها جملة مصدرة بالاستفهام؛ تقول: ليت شعري؛ أمقيم أنت أم مسافر؟ أي: ليت شعري عالم بجواب هذا السؤال. وكذلك تختص "ليت" بدخولها على "أن" المشددة ومعموليها، فتستغني بالمصدر المؤول من ذلك عن اسمها؛ وخبرها، تقول: ليت أن السلام دائم. وقيل: إن الخبر محذوف؛ أي: ليت دوام السلام حاصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 والسادس "لعل": وهو للتوقع، وعبر عنه قوم بالترجي في المحبوب1؛ نحو: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ، والإشفاق في المكروه2؛ نحو: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} 3. قال الأخفش: وللتعليل، نحو: أفرغ عملك لعلنا نتغذى، ومنه: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} . قال الكوفيون: وللاستفهام، نحو: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} 4 وعقيل تجيز جر اسمها وكسر لامها الأخيرة5.   1 أي: انتظار حصول شيء مرغوب فيه. 2 معنى الإشفاق: الخوف أو شدته. 3 أي: قاتلها غما. والمعنى: أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة على ما فاتك من إسلام قومك. ولا يكون التوقع إلا في الممكن. أما قوله -تعالى- على لسان فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} ، فهو ممكن في زعمه الباطل. 4 أي: أيزكى؟ والمعنى: ما يدريك جواب هذا الاستفهام؟ ومعنى "لعل" و"عسى" في كلام الله: للتحقيق أحيانا، أو الرجاء والإشفاق بالنسبة للذي يدور الكلام بشأنه، لا بالنسبة له سبحانه؛ لأن ذلك مستحيل عليه. وينفرد خبر "لعل" بجواز تصديره بأن المصدرية؛ نحو: لعل الجندي أن يسارع إلى مكانه فيدافع عنه. وفيما تقدم يقول الناظم: "لإن أن ليت لكن لعل ... كأن عكس ما لكان من عمل كإن زيدًا عالم بأني ... كفء ولكن ابنه ذو ضغن* أي: لإن وما بعدها من الحروف عكس ما ثبت من العمل لكان وأخواتها. ثم مثل لحروف ثلاثة؛ هي: إن، وأن، ولكن. ومعنى ذو ضغن: صاحب حقد. 5 أي: مع حذف لامها الأولى وإثباتها، وحينئذ لا تعمل عمل "إن" على الصحيح. بل تنزل منزلة حرف الجر الزائد في عدم تعلقها بشيء. ومجرورها في موضع رفع بالابتداء، وما بعده خبر، وعليه جاء قول شاعرهم: لعل أبي المغوار منك قريب فـ"أبي المغوار" مبتدأ ومضاف إليه، و"قريب" خبر.   * "لإن" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. "أن"، ليت، لكن، لعل، كأن" معطوفات على إن بحذف العاطف. "عكس" مبتدأ مؤخر. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "لكان" متعلق بمحذوف صلة ما. "من عمل" جار ومجرور بيان لما. "كإن" الكاف جارة لقول محذوف، و"زيد" اسم إن، و"عالم" خبرها. "بأني" الباء جارة. "أن" حرف توكيد ونصب، والياء اسمها."كفء" خبرها، وأن ومعمولاها في تأويل مصدر مجرور بالباء، متعلق بعالم. "ولكن" حرف استدراك ونصب. "ابنه" اسمها ومضاف إليه. "ذو ضغن" خبر ومضاف إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 والسابع "عسى": في لُغيَّة. وهي بمعنى لعل1. وشرط اسمه أن يكون ضميرًا؛ كقوله: فقلت عساها نار كأس وعلها2 وقوله: أقول لها لعلي أو عساني3   1 أي: في الترجي والإشفاق، وأجريت مجراها في نصب الاسم ورفع الخبر، كما أجريت "لعل" مجراها في اقتران خبرها بأن. 2 صدر بيت من الطويل، لصخر بن العود الحضرمي، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، وعجزه: تشكِّى فآتي نحوها فأعودها اللغة والإعراب: كأس: اسم محبوبته علها: لغة في لعلها. تشكي: تشتكي وتتألم. أعودها: أزورها والعيادة: زيارة المريض خاصة. "عساها" عسى حرف ترج ونصب، و"ها" اسمها. "نار كأس" خبرها ومضاف إليه. "وعلها" مثل عساها، وجملة "تشكى" خبرها. المعنى: أرجو أن تكون هذه النار التي أبصرها نار محبوبتي "كأس"، كما أتمنى أن تمرض وتشكو آلامه، فأذهب لزيارتها ورؤيتها، وهي أمنية سخيفة تدل على الأنانية. الشاهد: نصب الضمير محلا بعسى، ورفع ما بعده على الخبرية؛ مما يدل على عملها عمل "إن". 3 عجز بيت من الوافر لعمران بن حطان الخارجي. وصدره: ولي نفس تنازعني إذا ما = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 وهو حينئذ حرف وفاقًا للسيرافي، ونقله عن سيبويه؛ خلافًا للجمهور في إطلاق القول بفعليته1، ولابن السراج في إطلاق القول بحرفيته. والثامن "لا" النافية للجنس: وستأتي. ولا يتقدم خبرهن مطلقًا2، ولا يتوسط إلا إذا كان الحرف غير "عسى"، و"لا"،3 والخبر ظرفًا، أو مجرورًا4؛ نحو: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا} ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} .   = اللغة والإعراب: تنازعني: لا تطاوعني. "لي" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "نفس" مبتدأ مؤخر. "تنازعني" الجملة صفة لنفس. "إذا" ظرفية. "ما" زائدة. "لعلي" لعل حرف ترج ونصب، وياء المتكلم اسمها، والخبر محذوف؛ أي: أنازعها. والجملة مقول القول، ومثلها عساني. المعنى: كان عمران هذا سنيا، وقد تزوج امرأة من الخوارج؛ أملًا في أن يردها عن مذهبها، فغلبت عليه، وأضلته عن مذهبه، فهو يقول: إن نفسي لا تطاوعني إذا أردت مغاضبة زوجي ومخاصمتها، وأقول لها: لعلي أنال ما أريد وأبغي. الشاهد: استعمال "عسى" حرف بمعنى "لعل"، واسمه حينئذ ضمير، وخبره محذوف كما ذكرنا. والتقدير: عساني: عساني أن أنال منها ما أريد، مثلا. 1 أي: سواء أكان بمعنى "لعل" أم لا. ويتبين مما تقدم: أن في "عسى" أقوالًا ثلاثة: فعل مطلقًا. وحرف مطلقًا، التفصيل: إن عملت عمل "لعل" كانت حرفًا، وإلا فهي فعل. وهذا كله في "عسى" الجامدة، أما "عسى" المتصرفة ففعل باتفاق، ومعناها: اشتد؛ كقول الشاعر: "لولا الحياء وأن رأسي قد عسى ... فيه المشيب لزرت أم القاسم 2 أي: لا يتقدم خبر هذه الأحرف الثمانية عليها مطلقًا، ولو كان ظرفًا أو جارًا ومجرورًا، وذلك لعدم تصرفها. وهي ملازمة للصدارة، وحملت "أن" المفتوحة على المكسورة. 3 لأن شرط عملهما اتصال اسميهما بهما، فلو قدم خبر إحداهما على الاسم، لفصل بينها وبين الاسم، ففات شرط إعمالها. 4 فيجوز حينئذ توسطه؛ لأنه يتوسع فيهما لكثرتهما. قال الناظم: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 مواضع كسر إن وجوبا: تتعين "إن" المكسورة حيث لا يجوز أن يسد المصدر مسدها ومسد معموليها. و"أن" المفتوحة حيث يجب ذلك1. ويجوزان إن صح الاعتباران. فالأول في عشرة وهي: أن تقع في الابتداء2؛ نحو: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} ، ومنه: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} .   = وراع ذا الترتيب إلا في الذي ... كليت فيها أو هنا غير البذي* أي: راع الترتيب الوارد في الأمثلة؛ فيتقدم الاسم، ويتأخر الخبر وجوبا، إلا في مثل: ليت فيها، أو ليت هنا، غير البذي، أي: الوقح، وذلك كل ترتيب يقع فيه خبر "إن" وأخواتها ظرفا، أو جارا ومجرورا. وحكم معمول الخبر حكم الخبر في عدم جواز تقديمه. ويجب تقديم الخبر إذا كان في الاسم ضمير يعود على شيء في الخبر الجار والمجرور؛ نحو: إن في الفصل تلاميذه؛ فإن تأخر الخبر -وهو في الفصل- يستلزم عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وذلك ممنوع هنا. 1 بأن تقع "أن" مع معموليها في جملة تحتاج إلى اسم مرفوع أو منصوب أو مجرور، ولا سبيل لذلك إلا من طريق مصدر منسبك من أن مع معموليها. وفي هذا يقول الناظم: وهمز "إن" افتح لسد مصدر ... مسدها وفي سوى ذاك اكسر* أي: افتح همزة "إن" لسد المصدر مسدها مع معموليها، واكسرها فيما عدا ذلك. 2 أي: في ابتداء جملتها المقصودة: حقيقة بأن لم يسبقها شيء له تعلق بتلك الجملة، نحو: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ، أو حكما كالواقعة بعد أداة استفتاح مثل: "ألا" و"أما"، وبعد "كلا" التي تفيد الاستفتاح على قول؛ نحو: {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى} ، وبعد "حتى" الابتدائية.   * "وراع" فعل أمر. "ذا" اسم إشارة مفعوله. "الترتيب" بدل أو نعت لاسم الإشارة. "إلا" أداة استثناء من مقدر. "في الذي" جار ومجرور مستثنى من محذوف؛ أي: راع هذا الترتيب كما في كل تركيب إلا في التركيب الذي. "كليت" الكاف جارة لقول محذوف وهما متعلقان بمحذوف صلة الذي. "ليت" حرف تمن ونصب. "فيها" خبرها مقدم. "أو" عاطفة للتخيير. "هنا" ظرف معطوف على فيها. "غير" اسم ليت مؤخر. "البذي" مضاف إليه. * "وهمز" مفعول مقدم لافتح. "إن" مضاف إليه مقصود لفظه. "لسد" متعلق بافتح. "مصدر" مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. "مسدها" مفعول مطلق مضاف إلى الهاء. "وفي سوى" جار ومجرور متعلق بقوله اكسر. "ذاك". "ذا" اسم إشارة مضاف إليه، والكاف حرف خطاب. "اكسر" فعل أمر وفاعله أنت، وحرك بالكسر للشعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 أو تالية "لحيث"؛ نحو: جلست حيث إن زيدًا جالس. أو "لإذ" كجئتك إذ إن زيدًا أمير.1 أو لموصول2؛ نحو: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ} 3، بخلاف الواقعة في حشو الصلة؛ نحو: جاء الذي عندي أنه فاضل، وقولهم: لا أفعله ما أن حراء مكانه4؛ إذ التقدير ما ثبت ذلك، فليست في التقدير تالية للموصول. أو جوابًا لقسم5؛ نحو: {حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} .   1 إنما كسر "إن" بعد "حيث" و"إذ"؛ لأنهما لا يضافان إلى الجمل، وفتح "إن" يؤدي إلى إضافتهما إلى المفرد, والصحيح جواز الفتح عقبهما؛ لأن "حيث" قد تضاف إلى المفرد. وعند إضافتهما إلى الجملة يقدر تمامها من خبر أو فعل. وهذا إذا كانت "إن" واقعة عقب "حيث" فإن لم تقع عقبها نحو: جلست حيث اعتقاد محمد أنه مكان خال، وجب فتحها كما مر. 2 أي: أو تقع تالية لموصول؛ بأن تكون في بدء جملة الصلة؛ لأن صلة غير "أل" لا تكون إلا جملة. 3 "ما" اسم موصول، وجملة "إن مفاتحه" صلة، ومعنى تنوء: تثقل. ويجوز أن تعرب "ما" نكرة موصوفة ويبقى الحكم كما هو؛ فإن "إن" الواقعة في صدر جملة الصفة التي موصوفها اسم ذات، أو في أول جملة الحال، يجب كسر همزتها كما سيأتي. 4 "ما" موصول حرفي "إن" حرف توكيد ونصب. "حراء" اسمها. "مكانه" ظرف خبرها، وأن وما بعدها فاعل بفعل محذوف كما قدر المصنف، والجملة الفعلية صلة "ما". وحراء: جبل قرب مكة على يسار الذاهب إلى منى. والمعنى: لا أفعله ما ثبت كون هذا الجبل في مكانه، وفتحت "إن" لوقوعها في حشو الصلة. 5 أي: في صدر جملة جواب القسم، بشرط أن يكون في خبرها اللام، سواء كانت جملة القسم اسمية؛ نحو: لعمرك إن الحذر لمطلوب. أو فعلية فعلها مذكور أو مقدر، نحو: أقسم إن الظلم لظلمات يوم القيامة، والله إن الظلم لظلمات. فإن لم تقع في خبرها اللام لم يجب الكسر؛ إلا إذا كانت جملة القسم فعلية فعلها محذوف؛ نحو: والله إن الصلح خير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 أو محكية بالقول1؛ نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} . أو حالًا2، نحو: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} . أو صفة3 نحو: مررت برجل إنه فاضل. أو بعد عامل علق باللام4؛ نحو: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} . أو خبرًا عن اسم ذات؛ نحو: زيد إنه فاضل5.   1 أي: في صدر جملة محكية بالقول، بشرط ألا يكون القول بمعنى الظن؛ لأن المحكي بالقول لا يكون إلا جملة أو ما يؤدي معناها؛ فإن وقعت بعد القول غير محكية به، بل معمولة لغيره، فتحت؛ نحو: أخصك القول إنك مهذب؛ أي: لأنك، فالمصدر المؤول معمول للام الجر، لا للقول. وكذلك إذا كان القول بمعنى الظن؛ نحو: أتقول إن الجو سيكون معتدلًا غدا؟ أي: أتظن. 2 سواء قرنت بالواو كما مثل المصنف -فإن جملة إن ومعموليها في موضع نصب على الحال- أم لم تقترن؛ نحو: {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} . ويجب أن تكون في بدء الحال وإلا فتحت؛ نحو: خطب محمد وعندي أنه أجاد. 3 أي: لاسم عين، وبشرط أن تكون في بدء الصفة؛ لأنه يلزم على الفتح وقوع المصدر المؤول صفة لاسم ذات، وذلك غير جائز إلا بتأويل لا داعي له. 4 أي: بعد فعل من أفعال القلوب المتصرفة التي تنصب مفعولين؛ علق عن العمل بسبب وجود لام الابتداء في خبرها. وإنما وجب الكسر؛ لأن فتحها يستلزم تسليط العامل عليها، وما قبل اللام لا يعمل فيما بعدها؛ لأن لها الصدارة. ولا يقال أن "يشهد" في الآية التي مثل بها المصنف، ليست من أفعال القلوب؛ لأنها هنا بمعنى يعلم. 5 لو فتحت "إن" لكان المصدر المؤول خبرا عن "جثة"؛ أي: اسم ذات، فيحتاج إلى تأويل لا داعي له كما أسلفنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 ومنه: {إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} 1. والثاني في ثمانية؛ وهي: أن تقع فاعلة؛ نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} 2.   1 جملة: {إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} من إن ومعموليها في محل رفع خبر "إن" السابقة في قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} ... إلخ، و"الذين" وما عطف عليها اسمها، وهي أسماء ذوات. وفي مواضع كسر همزة "إن" يقول الناظم: فاكسر في الابتدا وفي بدء صله ... وحيث "إن" ليمين مكمله أو حكيت بالقول أو حلت محل ... حال كزرته وإني ذو أمل وكسروا من بعد فعل علقا ... باللام كاعلم إنه لذو تقى* أي: اكسر همزة "إن": إذا وقعت في ابتداء جملتها، أو في صدر جملة الصلة، أو في صدر جواب اليمين؛ أي: القسم، أو في جملة محكية بالقول، أو في جملة هي في موضع الحال؛ نحو: زرته، وإني لذو أمل. وكذلك تكسر إذا وقعت بعد فعل من أفعال القلوب علق عنها باللام. وقد اقتصر الناظم على هذه المواضع الستة، وقد علمت الباقي، والشروط الواجبة في كل. 2 المصدر المكون من "أنا أنزلنا" فاعل يكف؛ أي: إنزالنا. وقد يكون الفاعل مقدرا؛ نحو: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} ؛ أي: ولو ثبت صبرهم.   * "في الابتدا" جار ومجرور متعلق باكسر. "وفي بدء" معطوف على الجار والمجرور. "صله" مضاف إليه. "وحيث" الواو عاطفة، "وحيث" ظرف معطوف على ما قبله. "إن" قصد لفظه مبتدأ. "ليمين" متعلق بمكملة الواقع خبرا للمبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل جر بإضافة حيث إليها. "أو" عاطفة. "حكيت" فعل ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى "إن" والتاء للتأنيث. "بالقول" متعلق بها. "أو حلت" معطوف على حكيت. "محل" ظرف مفعول فيه لحلت. "حال" مضاف إليه. "كزرته" الكاف جارة لقول محذوف. "وإني" الواو للحال، وإن حرف توكيد ونصب وياء المتكلم اسمها. "ذو" خبرها. "أمل" مضاف إليه، والجملة في محل نصب حال من زرته. "علقا" ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى فعل، والألف للإطلاق، والجملة صفة لفعل. "باللام" متعلق بعلق. "كاعلم" الكاف جارة لقول محذوف، و"اعلم" فعل أمر. "إنه" إن حرف توكيد ونصب والهاء اسمها. "لذو" اللام للابتداء وتسمى المعلقة، و"ذو" خبر مرفوع بالواو؛ لأنه من الأسماء الخمسة. "تقي" مضاف إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 أو مفعولة غير محكية؛ نحو: {وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ} 1. أو نائبة عن الفاعل؛ نحو: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ} 2. أو مبتدأ؛ نحو: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ} 3، {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} 4. أو خبرا عن اسم معنى: غير قول، ولا صادق عليه خبرها5؛ نحو: اعتقادي أنه فاضل6 بخلاف: قولي إنه فاضل7،   1 التقدير: لا تخافون إشراككم.. وقد تقع أن ومعمولاها مفعول لأجله؛ نحو: أكرمتك أني أقدرك. ومفعولا معه؛ نحو: يسرني اجتهادك وأنك مستقيم. ولا تقع مفعولا فيه، ولا مطلقا، ولا حالا، ولا تمييزا. 2 أي: أوحي إلي استماع نفر من الجن. 3 فقوله: {أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً} في موضع مبتدأ مؤخر؛ أي: رؤيتك. وعند سيبويه فاعل بالجار والمجرور قبله. وقد يكون مبتدأ في الأصل؛ نحو: كان عندي أنك صاحب حق. 4 "أن" ومعمولاها مبتدأ، والخبر محذوف؛ أي: لولا كونه من المسبحين موجود. وقيل: فاعل لفعل محذوف؛ أي: فلولا ثبت كونه من المسبحين. 5 أي: يشترط في المبتدأ الذي تقع "أن" المؤولة خبرا عنه: أن يكون اسم معنى، وغير قول، وألا يكون معنى الخبر صادقا على المبتدأ. 6 إنما وجب الفتح؛ لأنها مع معموليها مصدر واقع خبرا عن اعتقادي، وهو اسم معنى، غير قول، ولا يصدق خبرها عليه؛ لأن "فاضل" لا يصدق على الاعتقاد. والتقدير: اعتقادي فضله؛ أي: معتقدي. ولا يجوز الكسر على أن تكون "أن" مع معموليها خبرا عن المبتدأ؛ لعدم الرابط. 7 فيجب كسرها فيه؛ لأنها وقعت خبرا عن اسم معنى قول، ولا تحتاج لرابط؛ لأن الجملة المحكية نفس المبتدأ في المعنى؛ أي: قولي هذا اللفظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 واعتقاد زيد إنه حق1. أو مجرورة بالحرف2؛ نحو: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} . أو مجرورة بالإضافة3؛ نحو: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} 4. أو معطوفة على شيء من ذلك؛ نحو: {اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} 5. أو مبدلة من شيء من ذلك؛ نحو: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} 6.   1 فيجب الكسر أيضا؛ لأن خبرها، وهو "حق"، صادق على المبتدأ وهو "اعتقاد"، والرابط اسمها. ولا يسوغ الفتح؛ لأن المعنى يصير: اعتقاد زيد كون اعتقاده حقا، وهو كلام لغو؛ لأن فيه حمل صفة الشيء عليه. هذا: وبقي من الصور: أن تقع "إن" خبرا عن قول، وخبرها صادق عليه؛ نحو: قولي إنه حق. والكسر فيه واضح؛ لأنها إذا كانت تكسر مع أحدهما فمعهما أولى. 2 لأن المجرور بالحرف لا يكون إلا مفردا. 3 لأن المجرور بالإضافة أيضا حقه الإفراد، إلا إذا كان المضاف ظرفا يقتضي غالبا، الإضافة إلى جملة كـ"إذ" و"حيث"، على قول، فتكسر حينئذ. 4 "مثل" صفة لحق مبني. "ما" زائدة. "أنكم تنطقون" أن ومعمولاها في تأويل مصدر مضاف إليه لمثل؛ أي: مثل نطقكم. 5 فالمصدر المؤول -وهو تفضيلي -معطوف على المفعول به وهو نعمتي؛ أي: اذكروا نعمتي وتفضيلي. 6 فالمصدر المؤول من "أنها لكم"، بدل اشتمال من "إحدى الطائفتين"؛ أي: كونها واستقرارها لكم. فائدة: من الأساليب الفصيحة قولهم: أحقا أنك ذاهب، يقصدون: "أفي حق أنك ذاهب". وقد اختلف في إعرابه فقيل: "حقا" ظرف مكان مجازًا خبر مقدم، والمصدر المنسبك من أن ومعموليها مبتدأ مؤخر؛ ولهذا وجب فتح همزة "إن" أي: أفي حق ذهابك؟ وقيل: "حقا" مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: أحق؛ أي: ثبت، والمصدر المنسبك فاعله؛ أي: أثبت ثبوتًا ذهابك؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 والثالث في تسعة: أحدها: أن تقع بعد فاء الجزاء1؛ نحو: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ؛ فالكسر على معنى: فهو غفور رحيم2، والفتح على معنى: فالغفران والرحمة؛ أي: حاصلان، أو فالحاصل الغفران والرحمة3، كما قال الله -تعالى: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ} ؛ أي: فهو يئوس. الثاني: أن تقع بعد "إذا" الفجائية4 كقوله: إذا أنه عبد القفا واللهازم5   1 هي الفاء الواقعة في صدر جواب الشرط وجزائه. 2 أي: على اعتبار "إن" مع معموليها بعد الفاء، جملة مستقلة في محل جزم جواب الشرط، وهذا حسن لعدم احتياجه إلى تقدير شيء. 3 أي: على اعتبار المصدر المؤول من أن ومعموليها، في محل رفع مبتدأ خبر محذوف، أو خبر لمبتدأ محذوف، وهذا أولى؛ لأنه المعهود في جملة الجزاء؛ ومثل فاء الجزاء: الفاء الداخلة على ما يشبه الجزاء؛ لأداة تشبه الشرط في العموم والإبهام؛ كاسم الموصول، والنكرة العامة الموصوفة بجملة فعلية أو شبهها، ومن ذلك قوله -تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} ؛ فيجوز في "أن" الثانية الكسر والفتح، و"ما" هنا موصولة وعائدها محذوف، أي: غنمتموه؛ فعلى الكسر تكون الجملة هي الخبر، وعلى الفتح يكون المصدر المؤول مبتدأ خبره محذوف؛ أي: فكون خمسه لله ثابت، أو خبرا لمبتدأ محذوف؛ أي: فالواجب كون خمسه لله، والجملة خبر "أن" الأولى. 4 أي: الدالة على المفاجأة؛ وهي الهجوم والمباغتة؛ لأن ما بعدها يحدث بعد وجود ما قبلها بغتة وفجأة. 5 عجز بيت من الطويل، أنشده سيبويه ولم ينسبه لقائل. وصدره: وكنت أرى زيدا كما قيل سيدا = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 فالكسر على معنى: فإذا هو عبد القفا والفتح على معنى: فإذا العبودية أي: حاصلة؛ كما تقول: خرجت فإذا الأسد1. الثالث: أن تقع في موضع التعليل؛ نحو: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} ، قرأ نافع والكسائي بالفتح على تقدير لام العلة2. والباقون بالكسر على أنه تعليل مستأنف3؛ مثل: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ   = اللغة والإعراب: أرى -بضم الهمزة غالبًا- معناها أظن يتعدى إلى مفعولين. القفا: مؤخر العنق. اللهازم: جمع لهزمة، وهي طرف الحلقوم الأعلى، وقيل: عظم ناتئ تحت الأذن. "أرى" فعل مضارع على صورة المبني للمجهول والفاعل أنا، والجملة خبر كنت. "زيدا" مفعول أول لأرى. "كما" الكاف جارة، و"ما" مصدرية أو موصولة في محل جر، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لمفعول مطلق لأرى. "قيل" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود على ما، والجملة صلة. "سيدا" مفعول ثان لأرى، وما بين المفعولين اعتراض؛ أي: وكنت أظن زيدا سيدا ظنا موافقا للذي قيل. "إذا" حرف للمفاجأة. إنه عبد القفا إن واسمها وخبرها ومضاف إليه. "واللهازم" معطوف على القفا. المعنى: كنت أظن زيدا سيدا محترما كقول الناس فيه، فتبين أنه عبد ذليل حقير، يصفع على قفاه ويلكز على لهازمه كالعبيد. الشاهد: في قوله: "إذا أنه" حيث يجوز فتح الهمزة وكسرها. وقد بين المصنف توجيه ذلك؛ فالفتح على تقديرها مع معموليها بالمفرد، والكسر على تقديرها جملة وهي في ابتدائها. وقيل: إن "إذا" ظرف مكان أو خبر مقدم، وأن ومعمولاها في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر، والتقدير: ففي الحضرة، أو ففي الوقت الحاضر، عبوديته. 1 أي: حاضر. 2 أي: لأنه هو البر الرحيم؛ وذلك لأن حرف الجر إذا دخل على "إن" لفظا أو تقديرا، فتحت همزتها. 3 أي: قرأ الباقون من السبعة بالكسر على أنه تعليل مستأنف، فهو في المعنى جواب لسؤال مقدر، يؤخذ من الكلام السابق؛ كأنه قيل لهم: لم تدعونه؟ فقالوا: إنه هو البر الرحيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 سَكَنٌ لَهُمْ} ؛ ومثله1: "لبيك إن الحمد والنعمة لك"2. الرابع: أن تقع بعد فعل قسم،3 ولا لام بعده؛ كقوله: أو تحلفي بربك العلي ... أني أبو ذيالك الصبي4 فالكسر على الجواب، والبصريون يوجبونه، والفتح بتقدير"على"   1 أي ومثل: إنه هو البر الرحيم في جواز الأمرين، لا مثل: {إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} ؛ لأنه بالكسر على أنه تعليل مستأنف. 2 يروى بكسر "إن" وفتحها؛ فالفتح على تقدير لام العلة، والكسر على أنه تعليل مستأنف. قيل: وهو أرجح؛ لأن الكلام يصير حينئذ جملتين لا جملة واحدة، وتكثير الجمل في مقام التعظيم مطلوب. 3 سواء كان مذكورا حقيقة، أو حكما بأن كان مقدرا جائز الذكر؛ وذلك إذا كان حرف القسم الباء، دون الواو والتاء. 4 بيت من الرجز، ينسب لرؤبة بن العجاج. وقبله: لتقعدن مقعد القصي ... مني ذي القاذورة المقلي اللغة والإعراب: القصي: البعيد النائي. القاذورة: القذر والوسخ، ويطلق على الفاحشة، والمراد بذي القاذورة: الذي لا يصاحب لسوء خلقه. المقلي: المبغض المكروه؛ من قلاه يقليه، أبغضه. ذيالك: تصغير ذلك على غير قياس؛ لأن المبني لا يصغر. "أو" حرف عطف بمعنى "إلا". "تحلفي" مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد "أو" وعلامة نصبه حذف النون والياء فاعل. "العلي" صفة لرب. "أني" أن واسمها. "أبو" خبرها مرفوع بالواو. "ذيالك" اسم إشارة مضاف إليه في محل جر، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب. "الصبي" بدل من اسم الإشارة. المعنى: قيل: إنه قدم من سفر، فوجد امرأته قد ولدت غلاما، فأنكره، وقال هذين البيتين. وقيل: هما لأعرابي قدم من سفر فوجد امرأته قد وضعت ولدا فأنكره؛ أي: والله لتجلسن أيتها المرأة بعيدة مني، في المكان الذي يجلس فيه، الشخص المطرود المبغض، الذي يتحاشاه الناس، لقذره ودنيء أخلاقه؛ إلى أن تحلفي بربك المنزه عن كل نقص أني أبو هذا المولود. الشاهد: في "أني" رويت بكسر الهمزة وفتحها؛ فمن كسرها اعتبر "إن" ومعموليها جملة لا محل لها جواب القسم، ومن فتحها جعلها مع معموليها في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف متعلق بتحلفي؛ وقد سدت مسد الجواب؛ أي: أو تحلفي على أبوتي لهذا الصبي. ولا يصح أن تكون جوابًا: لأن جواب القسم لا يكون إلا جملة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 ولو أضمر الفعل1 أو ذكرت اللام2 تعين الكسر إجماعًا؛ نحو: والله إن زيدا قائم، وحلفت إن زيدًا لقائم. الخامس: أن تقع خبرا عن قول3، ومخبرًا عنها بقول4، والقائل واحد؛ نحو: قولي إني أحمد الله5. ولو انتفى القول الأول فتحت؛ نحو: عملي أني أحمد الله6. ولو انتفى القول الثاني، أو اختلف القائل، كسرت؛ نحو: قولي إني مؤمن7،   1 أي: فعل القسم ولم يظهر، سواء ذكرت اللام؛ نحو: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} ، أم لم تذكر؛ نحو: {حم, وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ, إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} . 2 بشرط أن يذكر فعل الشرط كما ذكر المصن؛ نحو: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ} . 3 أي: أو ما هو في معنى القول؛ مثل: كلام، وحديث، ونطق ... إلخ. 4 أو ما في معناه أيضًا. 5 فـ"قولي" مساو في مدلوله لخبر إن، وهو "أحمد الله" وخبر إن مساويه كذلك في المدلول، والقائل واحد وهو المتكلم؛ فالفتح على جعل المصدر المؤول من أن ومعموليها خبر للمبتدأ، أي: قولي حمدا لله، ويكون القول باقيا على مصدريته، والكسر، على جعل إن ومعموليها جملة محكية في محل رفع خبر المبتدأ، ويكون القول بمعنى المقول؛ أي: مقولي هذا اللفظ، ولا تحتاج لرابط؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى. 6 التقدير: عملي حمد الله، ولا يجوز الكسر لعدم العائد على المبتدأ، وأيضا فإنه يلزم أن يكون العمل، جملة أني أحمد الله، وهذا غير صحيح؛ لأنه ليس بعمل. 7 "قولي" مبتدأ بمعنى مقولي، وجملة "إني مؤمن" خبر، ولا تحتاج لرابط؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى، ولا يسوغ الفتح؛ لأن الإيمان لا يخبر به عن القول؛ إذ هو من الجنان، والقول من اللسان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وقولي إن زيدًا يحمد الله1. السادس: أن تقع بعد واو مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه؛ نحو: {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى، وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} قرأ نافع وأبو بكر2 بالكسر3؛ إما على الاستئناف، أو بالعطف على جملة "إن" الأولى، والباقون بالفتح، بالعطف على {أَلاَّ تَجُوعَ} 4. السابع: أن تقع بعد "حتى"، ويختص الكسر بالابتدائية5؛ نحو: مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه. والفتح بالجارة والعاطفة؛ نحو: عرفت أمورك حتى أنك فاضل6. الثامن: أن تقع بعد "أما"7؛ نحو: أما إنك فاضل؛ فالكسر على أنها حرف استفتاح بمنزلة "ألا"، والفتح على أنها بمعنى "أحقا"8، وهو قليل.   1 فلا يصح الفتح أيضًا؛ لأن المعنى يصير: قولي حمد زيد الله، وهذا معنى فاسد؛ لأن حمد زيد قائم به؛ فلا يصح إسناده للمتكلم. 2 هو أبو بكر؛ شعبة بن عياش الأسدي الكوفي، من أصحاب عاصم. كان إماما كبيرا من كبار أئمة السنة. قيل: إنه ختم القرآن ثماني عشرة ألف ختمة. وتوفي -رحمه الله- سنة 193هـ، في الشهر الذي توفي فيه هارون الرشيد. 3 أي في: {وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ} على أنها جملة مستأنفة عما قبلها، أو معطوفة على جملة "إن" الأولى من عطف الجمل. وعلى الوجهين فلا محل لها من الإعراب. 4 ويكون من عطف المفرد على مثله، والتقدير: إن لك عدم الجوع وعدم الظمأ. واحترز بقوله: مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه، من المفرد الواقع قبل الواو، ولا يصلح للعطف عليه، إن لي مالا وإن عليا فقير، فيجب الكسر؛ لأنه لا يصلح أن يقال: إن لي مالًا وفقر علي. 5 لأنها في المصدر؛ فهي التي تبدأ بها الجملة مثل "ألا" الاستفتاحية. 6 إن جعلت "حتى" حرف جر: فأن ومعمولاها في موضع جر بها؛ أي: عرفت أمورك إلى فضلك، وهذا هو الظاهر. 7 أي: المفتوحة الهمزة المخففة الميم. 8 فتكون الهمزة للاستفهام و"ما" في موضع نصب على الظرفية متعلقة بمحذوف خبر مقدم؛ أي: أفي حق، والمصدر المكون من أن ومعمولاها مبتدأ مؤخر. أو "ما" ظرف، وأن وما بعدها فاعل به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 التاسع: أن تقع بعد "لا جرم". والغالب الفتح؛ نحو: {لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} ؛ فالفتح عند سيبويه على أن "جرم" فعل ماض، وأن وصلتها فاعل؛ أي: وجب أن الله يعلم، و"لا" صلة. وعند الفراء على أن "لا جرم" بمنزلة لا رجل، ومعناهما لا بد، و"من" بعدهما مقدرة1 والكسر على ما حكاه الفراء؛ من أن بعضهم ينزلها منزلة اليمين؛ فيقول: "لا جرم لآتينك"2.   1 أو تقدر "في" ويقال في إعرابها: "لا" نافية للجنس، و"جرم" اسمها مبني على الفتح في محل نصب، والمصدر المنسبك من أن ومعموليها مجرور بحرف جر محذوف، والخبر محذوف أيضا، والتقدير: لا بد من علم الله، أو لا محالة في علمه. 2 الدليل على أنها منزلة منزلة اليمين، وجود اللام في المثال. ويقال في الإعراب: "لا" نافية للجنس، و"جرم" اسمها ومعناها القسم، وجملة "لآتينك" جواب القسم. وقد أغنت عن الخبر. ومثل ذلك قوله -تعالى: {لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} ، فأن وما بعدها جواب أغنى عن خبر "لا". وقد ذكر الناظم من مواضع جواز الأمرين ما في قوله: بعد "إذا" فجاءة أو قسم ... لا لام بعده بوجهين نمي مع تلو "فا" الجزا وذا يطرد ... في نحو "خير القول إني أحمد"* أي: نسب همزة "إن" لوجهين: الفتح والكسر، بعد "إذا" الفجائية، وبعد قسم لا لام في جوابه، ومع تلو فاء الجزاء، وهذا الحكم بجواز الأمرين مطرد في نحو: "خير القول إني أحمد"، وقد شرحنا ذلك. ويلاحظ أن كلمة "خير" في المثال ليس قولا، ولكنها مضافة للقول، فهي بمنزلته.   * "بعد" ظرف متعلق بنمي. "إذا" مضاف إليه. "فجاءة" مضاف إليه كذلك، من إضافة الدال للمدلول، "أو قسم" معطوف على إذا. "لا" نافية للجنس. "لام" اسمها. "بعده" ظرف خبرها، والجملة نعت لقسم. "بوجهين" متعلق نمي، ونائب فاعل نمي يعود إلى همز إن. "مع" معطوف على "بعد" السابق بإسقاط العاطف. "تلو" مضاف إليه. "فالجزا" مضاف إليهما وقصرا للضرورة. "وذا" اسم إشارة مبتدأ. "يطرد" الجملة خبر. "في نحو" متعلق بيطرد. "خير القول" مبتدأ ومضاف إليه. "إني" إن واسمها. "أحمد" الجملة خبرها، وجملة أن ومعموليها خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل جر بإضافة. "نحو" إليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 مواضع دخول لام الابتداء بعد إن المكسورة: وتدخل لام الابتدا1 بعد إن المكسورة على أربعة أشياء: أحدها: الخبر، وذلك بثلاثة شروط2: كونه مؤخرًا، ومثبتا، وغير ماض؛ نحو: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} ، {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ} ، {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ} ، بخلاف {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا} 3؛ ونحو: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} 4 وشذ قوله: وأعلم إن تسليما وتركًا ... للا متشابهان ولا سواء5   1 سميت كذلك؛ لأنها تدخل على المبتدأ كثيرا، وتدخل على غيره؛ كخبر "إن" المكسورة. وهذه اللام مفتوحة؛ وفائدتها: توكيد مضمون الجملة المثبتة، وإزالة الشك عن معناها أو إنكارها، وتسمى "اللام المزحلقة"؛ ويقول النحاة في سبب تسميتها بذلك: إن مكانها الأصلي الصدارة في الجملة الاسمية، لكن لما كانت للتوكيد، و"إن" تفيد التوكيد، كرهوا الجمع بين حرفين لمعنى واحد، فقدمت "إن" لأنها عاملة، وزحلقت اللام إلى الخبر؛ والواقع أن السبب هو استعمال العرب. 2 يزاد على هذه الشروط: ألا يكون الخبر جملة شرطية؛ فلا يقال: إن محمدًا لئن تكرمه يجلك؛ لأن هذه اللام لا تدخل على أداة الشرط، ولا على فعله أو جوابه، وما اجتمعت فيه الشروط قد يكون مفردا، أو مضارعا، أو ظرفا، أو جارا ومجرورا، أو جملة اسمية، وقد مثل لها المصنف. 3 وذلك لتقدم الخبر، وقد عرفنا أن الخبر في هذا الباب، لا يتقدم إلا إذا كان شبه جملة. 4 لأن الخبر منفي؛ فيجب حذفها قبل أدوات النفي. 5 بيت من الوافر، لأبي حزام، غالب بن الحارث العكلي. اللغة والإعراب: تسليما, أي: على الناس، أو للأمور. تركًا: كذلك. متشابهان: متقاربان. سواء متساويان. "تسليما" اسم إن. "وتركا" عطف عليه. "للا" اللام للابتداء، و"لا" نافية. "متشابهان" خبر إن مثنى مرفوع بالألف. "ولا سواء" معطوف على متشابهان. المعنى: أعلم وأعتقد أن التسليم على الناس وتركه، أو تسليم الأمور لذويها وتركه، ليسا متساويين، ولا قريبين من السواء. وكان ينبغي أن يقول: للا سواء ولا متشابهان؛ لأن نفي التشابه ينفي الاستواء بالأولى، بخلاف العكس، ولكنه عكس لضرورة الشعر. الشاهد: دخول لام الابتداء في خبر "إن" المنفي بلا، وذلك شاذ. وذهب ابن عصفور والفراء إلى أن الهمزة مفتوحة، واللام زائدة، وليست للابتداء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وبخلاف نحو: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى} 1. وأجاز الأخفش والفراء وتبعهما ابن مالك: "إن زيدًا لنعم الرجل، ولعسى أن يقوم"2؛ لأن الفعل الجامد كالاسم. وأجاز الجمهور: إن زيدا لقد قام3، لشبه الماضي المقرون بقد بالمضارع؛ لقرب زمانه من الحال. وليس جواز ذلك4 مخصوصًا بتقدير اللام للقسم لا للابتداء؛ خلافًا لصاحب الترشيح5. وأما نحو: إن زيدا لقام؛ ففي الغرة6 أن البصري والكوفي على منعها إن قُدِّرت للابتداء7.   1 لأن الخبر ماض. 2 أي: من كل جملة فعلية، فعلها ماض غير متصرف، ما عدا ليس؛ فإنه يمتنع دخول اللام عليها. 3 ومثله كل فعل ماض متصرف، اقترن بكلمة "قد" فتصحبها اللام. 4 أي: جواز دخول اللام على "قد". 5 حيث ذهب إلى منع دخول لام الابتداء، على الماضي المقترن بقد، وإذا ورد دخولها عليه، قدرت لام جواب لقسم محذوف، والتقدير في المثال: إن زيدا والله لقد قام. وصاحب الترشيح: هو أبو بكر خطاب بن يوسف المارودي، كان من كبار النحاة ومحققيهم، والمتقدمين في علوم اللسان عامة، تصدر لإقراء العربية طويلا وصنف فيها، واختصر الزاهر لابن الأنباري، وكان يقرض الشعر بإجادة، وينقل عنه أبو حيان وابن هشام كثيرا، وتوفي بعد سنة 450هـ. 6 كتاب الغرة هو: شرح اللمع لابن جني، ومؤلفه: سعيد بن المبارك، المعروف بابن الدهان، كان من أعيان النحاة وأفاضل اللغويين، حتى قيل: كان سيبويه عصره، أخذ عنه الرماني، وعنه أخذ التبريزي، وصنف كثيرا من الكتب؛ في النحو والعروض والتفسير والرياضة، وشرح الإيضاح في أربعين مجلدا. وتوفي بالموصل ليلة عيد الفطر سنة 569هـ، ويوجد من كتاب الغرة نسخة بدار الكتب المصرية. 7 لأن الفعل ماض غير جامد، وغير مقرون بقد، فيمتنع دخول لام الابتداء عليه، فإن قدرت اللام للقسم جاز، ويكون التقدير إن زيدا -والله- لقام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 والذي نحفظه أن الأخفش وهشاما1 أجازاها على إضمار قد. الثاني: معمول الخبر: وذلك بثلاثة شروط أيضًا2:   1 هو أبو عبد الله؛ هشام بن معاوية الضرير النحوي الكوفي، أحد أعيان أصحاب الكسائي، صنف كتاب مختصر النحو، والحدود، والقياس. وتوفي سنة 209هـ. وفي جواز دخول اللام على خبر إن، وشروط ذلك يقول الناظم: وبعد ذات الكسر تصحب الخبر ... لام ابتداء نحو إني لوزر ولا يلي ذي اللام ما قد نفيا ... ولا من الأفعال ما كرضيا وقد يليها مع "قد" كـ"إن ذا ... لقد سما على العدا مستحوذا"* أي: بعد صاحبة الكسر -وهي "إن" المكسورة الهمزة- تصحب خبرها لام الابتداء، ولا يقع بعد هذه اللام الخبر المنفي، سواء كان جملة فعلية إلا المضارعية، أم اسمية، وكذلك لا يليها الخبر إذا كان جملة فعلية فعلها ماض مثل "رضي"؛ في أنه ماض مثبت متصرف غير مقرون بقد، فإن قرر بقد جاز أن يليها؛ مثل: إن ذا لقد سما على العدا مستحوذا؛ أي: مستوليا على ما يريد. 2 يزاد عليها: ألا يكون الخبر مشتملًا عليها، فلا يجوز: إن محمدا لمذلة ليأبى، على الصحيح.   * "بعد" ظرف متعلق بتصحب. "ذات الكسر" مضاف إليه. "الخبر" مفعول تصحب. "لام" فاعل به" ابتداء" مضاف إليه. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "إني" إن واسمها. "لوزر" اللام للابتداء مؤكدة لإن. "وزر" أي: ملجأ, خبر إن. "ولا" نافية. "يلي" فعل مضارع. "ذي" اسم إشارة مفعوله مقدم. "اللام" بدل أو عطف بيان من ذي. "ما" اسم موصول فاعله مؤخر. "قد" للتحقيق. "نفيا" فعل ماض للمجهول, والألف للإطلاق, ونائب الفاعل يعود إلى ما, والجملة صلة ما لا محل لها. "ولا" الواو عاطفة, ولا نافية. "من الأفعال" متعلق بمحذوف حال من "ما" بعده، "ما" اسم موصول معطوف على ما الأولى. "كرضيا" جار ومجرور مقصود لفظه، متعلق بمحذوف صلة ما. "وقد" حرف تقليل. "يلي" فعل مضارع، والفاعل يعود إلى الفعل الذي كرضي، و"ها" مفعوله عائدة إلى اللام. "مع" ظرف متعلق بمحذوف حال من فاعل يلي. "قد" مضاف إليه مقصود لفظه. "كإن" الكاف جارة لقول محذوف. "إن" حرف توكيد ونصب. "ذا" اسم إشارة إن. "لقد" اللام للتأكيد "قد" للتحقيق. "سما" فعل ماض والفاعل هو، والجملة خبر إن. "على العدا" متعلق بسما. "مستحوذا" أي: مستوليا, حال من فاعل سما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 تقدمه على الخبر، وكونه غير حال1، وكون الخبر صالحا للام؛ نحو: إن زيدا لعمرًا ضارب2؛ بخلاف: "إن زيدًا جالسا في الدار"3، و"إن زيدًا راكبًا منطلق"4، و"إن زيدًا عمرًا ضرب"5، خلافًا للأخفش في هذه6. الثالث الاسم: بشرط واحد؛ هو أن يتأخر عن الخبر؛ نحو: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} ، أو عن معموله7؛ نحو: "إن في الدار لزيدًا جالس". الرابع الفصل 8: وذلك بلا شرط؛ نحو: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} ، إذا لم يعرب "هو" مبتدأ.   1 أي: وغير تمييز أيضا؛ فلا يصح أن تقول: إن محمدا لعرقا يتصبب. 2 إذا كان الخبر صالحا لدخول اللام، وله معمول مستوف شروط دخول اللام عليه، جاز دخول اللام على معمول الخبر كمثال المصنف، وجاز دخولها على الخبر؛ نحو: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} ، وجاز دخولها على الخبر ومعموله؛ نحو: إني لبحمد الله لصالح. ومنع الزجاج هذه الحالة. 3 لأن المعمول متأخر، ولام الابتداء تطلب الصدر، ومثله ما إذا تقدم على الاسم؛ فلا يصح: إن لعندك محمدا مقيم. 4 لأن المعمول حال، ولم يسمع دخول اللام عليه. 5 لأن الخبر جملة فعلية فعلها ماض متصرف غير مقرون بقد؛ فلا تصلح لدخول اللام كما سلف. 6 أي: في المسألة الأخيرة؛ وحجته: أن المانع قام في الخبر؛ لأنه فعل ماض، أما المعمول فاسم؛ فما ذنبه؟ ورجحه الموضح. 7 أي: معمول الخبر؛ إذا كان المعمول ظرفا، أو جارا ومجرورا. 8 أي: ضمير الفصل، وهو الضمير الذي يفصل به بين الخبر والنعت، ويرفع الشك، ويزيل اللبس، ويدل على أن ما بعده خبر لما قبله، وليس صفة، ولا بدلا، ولا غيرهما من المكملات، ويفيد مع هذا قصر المسند على المسند إليه، وقد يكون الغرض منه مجرد تقوية الاسم السابق وتأكيد معناه بالحصر؛ إذا كان ضميرا؛ نحو: {وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} . = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 فصل: وتتصل "ما" الزائدة1 بهذه الأحرف إلا "عسى"، و"لا" فتكفها عن العمل، وتهيؤها للدخول على الجمل2؛ نحو: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ، {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} ، بخلاف قوله: ولكنما يقضى فسوف يكون3   = ويسميه الكوفيون "عمادًا"؛ لأنه يعتمد عليه في الاهتداء إلى المعنى. وقد اختلف في الفصل؛ فقيل: هو اسم لا محل له من الإعراب، ومحله محل ما بعده أو ما قبله. وقيل: هو حرف لا يعمل شيئا على الرغم من دلالته على التكلم أو الخطاب أو الغيبة. وخلاصة ما تقدم: أن لام الابتداء تدخل بعد "إن" المكسورة على أربعة أشياء: اثنين متأخرين؛ وهما: الاسم والخبر, إذا لم يكن منفيا ولا ماضيا متصرفا مجردا من "قد"، واثنين متوسطين؛ وهما: معمول الخبر، وضمير الفصل. وقد سبق قول الناظم في الخبر، ويقول في الثلاثة الباقية: وتصحب الواسط معمول الخبر ... والفصل واسما حل قبله الخبر* أي: إن لام الابتداء تدخل على معمول الخبر، إذا كان المعمول متوسطا بين اسم إن وخبرها، أو بين غيرهما مما يقع بعدها، وكذلك تدخل على ضمير الفصل، وعلى اسم إن بشرط أن يحل الخبر قبله؛ أي: يتقدم عليه. 1 أي: غير الموصولة والموصوفة والمصدرية؛ نحو: إن ما عندك جميل، وإن ما فعلت حسن، وهذه تكتب مفصولة من "إن" في الكتابة بخلاف الزائدة؛ فلا بد من وصلها. 2 أي: الفعلية، وتصبح غير مختصة بالجمل الاسمية، فيبطل عملها، و"ما" الزائدة هذه تسمى "ما" الكافة؛ لأنها كفت -أي: منعت- تلك الحروف من العمل. وتزاد بعد "إن" وأخواتها، فتكفها عن عمل النصب والرفع، وكذلك تزاد بعد "قل" و"كثر" و"طال"، فتكفها عن عمل الرفع ولا تطلب فاعلًا، وتزاد بعد "رب" والكاف، فتكفهما عن عمل الجر كما سيأتي في موضعه، ويجب وصل "رب" بـ"ما" في الكتابة. 3 عجز بيت من الطويل، ينسب للأفوه الأزدي، وروي: الأودي، وقيل: لأبي المطواع بن حمدان، من أربعة أبيات يقولها في دمشق، وصدره: =   * "وتصحب" مضارع فاعله يعود على اللام. "الواسط" مفعوله. "معمول الخبر" بدل منه أو حال، ومضاف إليه. "والفصل واسما" معطوفان على الواسط. "الخبر" فاعل حل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 إلا ليت فتبقى على اختصاصها1. ويجوز إعمالها وإهمالها، وقد روي بهما قوله: قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا2   = فوالله ما فارقتكم قاليا لكم اللغة والإعراب: قاليا: اسم فاعل من قلاه يقليه؛ كرهه وأبغضه، وهو حال من التاء في فارقت. "ولكن" حرف توكيد ونصب. "ما" اسم موصول اسمها. "يقضي" الجملة صلة ما. "فسوف" الفاء زائدة، و"سوف" حرف للتسويف. "يكون" مضارع كان التامة بمعنى يوجد، والفاعل يعود على الذي يقضي، والجملة خبر لكن. المعنى: يقسم ويقول: إني ما فارقتكم عن بغض وكراهية لكم، أو ملال لعشرتكم وصحبتكم، ولكنه قدر الله وقضاؤه، وما تجري به المقادير لا مفر من وقوعه، ولا يمكن التحرز منه. الشاهد: إعمال "لكن" مع اتصالها بما؛ لأن "ما" هذه موصولة لا زائدة، بدليل عود الضمير في "يقضى" عليها. وفيه شاهد آخر وهو: زيادة الفاء في خبر لكن، ويمنعه الأخفش، وهو محجوج بهذا الشاهد. 1 أي: بالجمل الاسمية، سواء أهملت أو أعملت، وإنما جاز إهمالها قليلا حملا على أخواتها. 2 صدر بيت من البسيط للنابغة الذبياني في زرقاء اليمامة، وعجزه: إلى حمامتنا أو نصفه فقد وقيل هذا البيت: واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام شراع وارد الثمد وبعده: فحسبوه فألفوه كما ذكرت ... تسعا وتسعين لم ينقص ولم يزد اللغة والإعراب: شراع: داخل في الماء؛ من شرعت الدواب في الماء إذا دخلت فيه. الثمد: الماء القليل. حسبوه: من الحساب وهو العد. فألفوه: فوجدوه. "قالت" ماض فاعله يعود إلى زرقاء اليمامة، وكانت مشهورة بحدة النظر؛ قيل: إنها كانت تبصر من مسيرة ثلاثة أيام. "ليتما" ليت: حرف تمن و"ما" زائدة. "هذا" ها: للتنبيه و"ذا" اسم إشارة مبتدأ = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وندر الإعمال في "إنما"، وهل يمتنع قياس ذلك في البواقي مطلقا1؟ أو يسوغ مطلقًا2؟ أو في لعل فقط3؟ أو فيها، وفي كأن؟ أقوال. فصل: يعطف على أسماء هذه الحروف بالنصب؛ قبل مجيء الخبر، وبعده؛   = على إهمال ليت، وفي محل نصب اسمها على إعمالها. "الحمام" بدل من اسم الإشارة، وهو بالرفع على الإهمال، وبالنصب على الإعمال. "لنا" خبر المبتدأ، أو خبر ليت على الوجهين. "إلى حمامتنا" متعلق بمحذوف حال. "أو نصفه" معطوف على الحمام بالرفع أو النصب أيضا. "أو" بمعنى الواو. "فقد" الفاء فاء الفصيحة، و"قد" اسم بمعنى كاف خبر لمبتدأ محذوف، وجملة المبتدأ والخبر جواب شرط محذوف؛ أي: إن تم ذلك فهو كاف. المعنى: قالت زرقاء -وقد مر بها سرب من الحمام: ليت هذا الحمام لنا مضموما إلى حمامتنا ونصف هذا العدد فيكم لنا مائة. ولفظ مقولها: ليت الحمام ليه ... إلى حمامتيه أو نصفه قديه ... تم الحمام ميه ثم وقع الحمام في شبكة صائد، فعد فإذا هو 66، فإذا أضيف نصفه على حمامتها كان مائة كما قالت. الشاهد: في "الحمام" فقد روي بالنصب على إعمال ليت، وبالرفع على إهمالها. 1 أي: يمتنع قياس المسموع في بقية أخوات "إن" الأربعة؛ وهي: "أن، وكأن، ولعل، ولكن. وهذا مذهب سيبويه والأخفش. ويجب الوقوف عند المسموع. 2 هذا رأي الزجاج والزمخشري وابن مالك؛ لأنه لا فرق بين الأخوات. 3 أي: يجوز القياس فيها لا غير؛ لأنها أقرب إلى ليت، وكذلك "كأن" قريبة من ليت". وقد أشار الناظم إلى هذا الفصل بقوله: ووصل "ما" بذي الحروف مبطل ... إعمالها وقد يبقى العمل* أي: إن اتصال "ما" الزائدة بهذه الحروف الناسخة يبطل عملها فقط دون معناها، وقد يبقى العمل في "ليت" وحدها، مع بقاء اختصاصها بالجمل الاسمية كما بينا.   * "ووصل" مبتدأ. "ما" مضاف إليه قصد لفظه. "بذي" متعلق بوصل. "الحروف" بدل أو عطف بيان من ذي. "مبطل" خبر المبتدأ، وهو اسم فاعل وفاعله مستتر فيه. "إعمالها" مفعول ومضاف إليه. "وقد" حرف تقليل. "يبقى" مضارع مبني للمجهول. "العمل" نائب فاعل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 كقوله: إن الربيع الجود والخريفا ... يدا أبي العباس والصيوفا1 ويعطف بالرفع بشرطين: استكمال الخبر2، وكون العامل: "أن، أو إن، أو لكن"3؛ نحو: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} 4.   1 بيت من الرجز، لرؤبة بن العجاج، يمدح أبا العباس السفاح، أول خلفاء بني العباس بكثرة الكرم والجود. اللغة والإعراب: الجود: المطر الغزير. الصيوف: جمع صيف، وهو أحد فصول السنة الأربعة، ويريد بالربيع والخريف والصيوف: أمطارها. "الربيع" اسم إن. "الجود" صفة للربيع. "والخريفا" معطوف على الربيع. "يدا أبي العباس" يدا: خبر إن، وما بعده مضاف إليه. "والصيوفا" معطوف على الربيع. المعنى: إن مطر الربيع الغزير، وأمطار الخريف والصيف، تشبه يدي أبي العباس في كثرة الخبر والنفع للعباد. وحق التشبيه: أن يشبه الشاعر يدي أبي العباس بالأمطار في هذه الفصول، ولكنه عكس التشبيه للمبالغة. الشاهد: عطف "الخريف" بالنصب على "الربيع" الذي هو اسم "إن" قبل مجيء الخبر؛ وهو "يدا أبي العباس"، وعطف "الصيوف" عليه بعد مجيئه. 2 لأنه يلزم على العطف قبل الاستكمال العطف قبل تمام المعطوف عليه، أو تقديم المعطوف كما سيأتي. 3 قيل في سبب الاقتصار على هذه الأدوات: إن معنى الابتدائية باق معها، أما "ليت، ولعل، وكأن"، فالكلام قبلها للإخبار، وبعدها للتمني أو الترجي أو التشبيه، وهي تغير معنى الجملة من الخبر إلى الإنشاء؛ فلا يجوز معها في المعطوف إلا النصب، سواء بعد استكمالها الخبر أم قبل الاستكمال؛ لأنه يلزم العطف على الرفع عطف الخبر على الإنشاء. 4 "رسوله" مرفوع بعد استكمال الخبر وهو "بريء": إما على العطف على محل الاسم، وهو لفظ الجلالة، باعتبار أصله قبل الناسخ، ويكون من عطف مفرد على مفرد، أو على أنه مبتدأ حذف خبره ويكون من عطف الجمل، أو معطوف على الضمير المستتر في الخبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 وقوله: فإن لنا الأم النجيبة والأب1 وقوله: ولكن عمي الطيب الأصل والخال2   1 عجز بيت من الطويل، لم ينسب لقائل. وصدره: فمن يك لم ينجب أبوه وأمه اللغة والإعراب: ينجب: يلد ولدا نجيبا؛ أي: كريما، النجيبة: المنجبة التي تلد الأولاد النجباء. وفي القاموس: رجل منجب، وامرأة منجبة ومنجاب، ولدا النجباء؛ فحذفت الزوائد من أنجب للضرورة، أو الأصل: النجيبة أبناؤها؛ فحذف المضاف وناب عنه المضاف إليه، فارتفع واستتر. "من" اسم شرط جازم مبتدأ. "يك" فعل الشرط مجزوم على النون المحذوفة للتخفيف واسمها يعود على من، وجملة "لم ينجب أبوه" خبرها. "فإن" الفاء واقعة في جواب الشرط وهو خبر المبتدأ. "إن" حرف توكيد ونصب. "لنا" خبرها مقدم. "الأم" اسمها مؤخر. "النجيبة" صفة للأم، "والأب" معطوف -بعد استكمال الخبر- على محل الاسم، أو على ضمير الخبر، أو مبتدأ حذف خبره، كما بينا في الشاهد السابق. المعنى: من لم ينجب أبوه وأمه أولادا نجباء، فإن لنا أما وأبا قد أنجبا؛ يريد أنه وإخوته نجباء كرام، أبناء رجل منجب وأم كذلك. 2 عجز بيت من الطويل، أنشده أبو الفتح ولم ينسبه لقائل. وصدره: وما قصرت بي في التسامي خئولة اللغة والإعراب: التسامي: التعالي؛ وأراد به العراقة في النسب. خئولة: جمع خال كالعمومة، أو مصدر "خئولة" فاعل قصرت. "لكن" حرف توكيد واستدراك ونصب. "عمي" اسمها. "الطيب الأصل" خبرها ومضاف إليه. "والخال" معطوف -بعد استكمال الخبر- على الأوجه السابقة، وهو "الشاهد". المعنى: لم يقعد بي عن التعاظم والتباهي بالحسب وعراقة النسب، أخوالي ولا أعمامي؛ فإن كلا منهما كريم الأصل، عريق في النسب، فأنا مع علو همتي، كريم العنصر من ناحية الأخوال والأعمام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 والمحققون على أن رفع ذلك ونحوه، على أنه مبتدأ حذف خبره1، أو بالعطف على ضمير الخبر2، وذلك إذا كان بينهما فاصل3 لا بالعطف على محل الاسم؛ مثل: ما جاءني من رجل، ولا امرأة بالرفع؛ لأن الرافع في مسألتنا الابتداء، وقد زال بدخول الناسخ4. ولم يشترط الكسائي والفراء الشرط الأول5 تمسكا بنحو: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} 6، وبقراءة بعضهم: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ"7 وبقوله: فإني وقيار بها لغريب8   1 ويدل عليه ويفسره خبر إن، وتكون هذه الجملة المكونة من المبتدأ وخبره المحذوف، معطوفة على الجملة المكونة من إن ومعموليها. ويجوز أن تكون الجملة اعتراضية بين اسم إن وخبرها. 2 أي: الضمير المستتر في خبر "إن"، ويكون من عطف المفرد على مثله. 3 لأنه لا يجوز العطف على الضمير المرفوع المتصل، إلا إذا كان هناك فاصل بين المعطوف والمعطوف عليه؛ وهو الضمير كما سيأتي في بابه، والفاصل موجود فيما ذكر من الأمثلة؛ وهو: الجار والمجرور من المشركين، والصفة، الخال، والمضاف إليه، الأصل. 4 ذلك لأن العامل اللفظي يبطل عمل العامل المعنوي. أما الرافع لمحل رجل في المثال فهو الفعل "جاءني"، ولا يمنعه عن العمل الحرف الزائد؛ لأنه كالعدم. 5 أي: وهو استكمال الخبر؛ فأجازوا الرفع قبل الاستكمال وبعده كما في المغني وغيره. 6 فقد عطف "الصابئون" بالرفع على محل "الذين آمنوا" قبل استكمال الخبر وهو: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} . 7 أي: برفع "وملائكته" بالعطف على محل لفظ الجلالة، قبل استكمال خبر إن وهو "يصلون". 8 عجز بيت من الطويل، لضابئ بن الحارث البرجمي؛ من قصيدة قالها وهو محبوس في = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 وقوله: وإلا فاعلموا أنا وأنتم ... بغاة .................. 1 ولكن اشترط الفراء -إذا لم يتقدم الخبر- خفاء إعراب الاسم2,   = المدينة في عهد سيدنا عثمان، وصدره: فمن يك أمسى بالمدينة رحله اللغة والإعراب: رحله: المراد هنا بالرحل، مسكن الرجل وما يستصحبه من الأثاث. قيار: اسم جمل الشاعر أو فرسه. "من" شرطية جازمة. "يك" فعل الشرط مجزوم على النون المحذوفة للتخفيف، والجواب محذوف يدل عليه قوله "فإني"؛ أي: فليمس. "فإني" الفاء، للتعليل وإن واسمها. "وقيار" معطوف قبل استكمال الخبر؛ وهو "لغريب" واللام فيه للابتداء. المعنى: من يك منزله وأثاثه بالمدينة فليمس بها، أما أنا فلا؛ لأني وجملي -أو فرسي- غريب بها، فسترحل عنها. الشاهد: عطف "قيار" بالرفع على محل ياء المتكلم الواقع اسما لإن، قبل مجيء الخبر، وهو "لغريب" على رأي الكسائي والفراء ومن تبعهما. 1 هذا جزء من بيت من الوافر، لبشر بن أبي خازم. وتمامه: .............................. ... ..... ما بقينا في شقاق اللغة والإعراب: بغاة: جمع باغ، وهو اسم فاعل من البغي، وهو الظلم ومجاوزة الحد. شقاق: عداء ونزاع. "وإلا" إن: شرطية و"لا" نافية وفعل الشرط محذوف؛ أي: إن لم يكن سلم وصلح. "فاعلموا" الفاء واقعة في جواب الشرط. "أنا" أن واسمها. "وأنتم" معطوفة بالرفع قبل مجيء الخبر؛ وهو "بغاة". "ما" مصدرية ظرفية. المعنى: إن لم يرأب الصدع بيننا، ويحل الوئام محل الخصام، فاعلموا أننا وأنتم شركاء في الظلم، ما دمنا في نزاع وخصام وعداء. الشاهد: عطف "وأنتم"؛ الضمير المرفوع على محل اسم إن وهو "نا" ضمير المتكلم، قبل مجيء الخبر وهو "بغاة" على رأي الكسائي والفراء. 2 بأن يكون مبنيا، أو مقصورا، أو مضافا للياء؛ ومثل ذلك ما إذا خفي إعراب المعطوف دون المعطوف عليه، نحو؛ إن محمدا وموسى فدائيان. والعلة في ذلك الاحتراز من تنافر اللفظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 كما في بعض هذه الأدلة1. وخرجها المانعون على التقديم والتأخير2؛ أي: والصابئون كذلك، أو على الحذف من الأول3؛ كقوله: ...................... فإني وأنتما ... وإن لم تبوحا بالهوى دنفان4   1 أي: المتقدمة؛ وهي: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} .... إلخ، والبيتان. 2 أي: تقديم المعطوف وتأخير الخبر؛ فيكون "من آمن" خبر إن، وخبر "الصائبون" محذوف؛ أي: كذلك. ويقال في الإعراب "من" اسم شرط مبتدأ. "آمن" فعل الشرط، والخبر، فلا خوف .... إلخ، والجملة خبر إن. 3 أي: حذف الخبر من الأول؛ لدلالة الثاني عليه، فيكون "من آمن" خبر عن "الصابئون"، وخبر "إن" محذوف لدلالة خبر "الصابئون" عليه. 4 هذا جزء من بيت من الطويل، أنشده ثعلب في أماليه، ولم ينسبه. وتمامه: خليلي هل طب .............. ... ................................... اللغة والإعراب: طب: هو علاج الجسم والنفس. تبوحا بالهوى: تعلناه وتظهراه. دنفان: مريضان، مثنى دنف؛ صلة مشبهة، من الدنف وهو المرض. "خليلي" منادى بحذف حرف النداء منصوب مضاف لياء المتكلم. "هل" حرف استفهام. "طب" مبتدأ خبره محذوف؛ أي: موجود، أو لنا. "فإني" الفاء للتعليل وإن واسمها والخبر محذوف يدل عليه خبر المبتدأ؛ أي: دنف. "وأنتما" مبتدأ. "وإن لم تبوحا" شرط وفعله، والجواب محذوف يدل عليه ما قبله؛ وهي جملة معترضة. "دنفان" خبر أنتما. المعنى: يا صاحبي! هل من علاج يرجى للشفاء مما نحن فيه؟ فإني مريض، وأنتما كذلك، وإن لم تظهرا ما هو دفين في جوانحكما من هوى وألم ممض. الشاهد: في قوله "فإني وأنتما دنفان"؛ فإنه يتعين أن يكون "أنتما" مبتدأ خبره "دنفان"، ويكون خبر إن محذوفا لدلالة خبر المبتدأ عليه؛ وذلك لأن "دنفان" لا يصلح أن يكون خبرا لإن فقط؛ لأن اسمها مفرد، ولا خبرا عن اسمها وما بعده؛ لأن الجميع جمع؛ فتعين ما ذكرنا؛ ويكون الكلام من عطف الجمل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 ويتعين التوجيه الأول1 في قوله: فإني وقيار بها لغريب* ولا يتأتى فيه الثاني؛ لأجل اللام، إلا إن قدرت زائدة؛ مثلها في قوله: أم الحليس لعجوز شهربه والثاني2: في قوله تعالى: {وَمَلائِكَتَهُ} . ولا يتأتى فيه الأول؛ لأجل الواو في {يُصَلُّونَ} 3، إلا إن قدرت للتعظيم؛ مثلها في: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} . ولم يشترط الفراء الشرط الثاني4 تمسكًا؛ بنحو قوله: يا ليتني وأنت يا لميس ... في بلدة ليس بها أنيس5   1 أي: وهو التقديم والتأخير؛ فيجب أن يكون "لغريب" خبر إن، وقوله "وقيار" مبتدأ حذف خبره؛ لدلالة خبر إن عليه، أي: فإني لغريب، وقيار غريب؛ وذلك لأن "لغريب" مقترن بلام الابتداء، وهي تدخل على خبر إن، لا على خبر المبتدأ. وهناك رأي آخر؛ وهو: أن تقدر اللام داخلة على مبتدأ محذوف، أي: لهو غريب، أو تجعل اللام زائدة؛ كما ذكر المصنف. 2 أي: وهو الحذف من الأول؛ ويكون التقدير: إن الله وملائكته يصلون. 3 لأنها للجماعة، والمخبر عنه واحد، وهو الله سبحانه، وتقديرها للتعظيم -كما يقول المصنف- فيه شيء؛ لأنه لم يسمع أنا مجتهدون -مثلا- على التعظيم، بل لا بد من المطابقة اللفظية؛ على حد: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} ؛ كما في المغني. 4 أي: وهو كون العامل: إن، أو أن، أو لكن. ورأيه حسن ينبغي الأخذ به؛ إذا كان العطف على الضمير المستتر في الخبر؛ لأنه لا مانع حينئذ. 5 بيت من الرجز، لرؤبة بن العجاج، وقيل: لجران العود النميري. اللغة والإعراب: لميس: اسم امرأة. أنيس: مؤنس؛ والمراد:, أي إنسان. "يا" حرف نداء، والمنادى محذوف. "ليتني" ليت: حرف تمن ونصب، والنون للوقاية، والياء اسمها و"أنت" معطوف على محل اسم ليت؛ وهو ياء المتكلم، أو على الضمير المستتر في الخبر "في بلدة" خبر ليت، وجملة "ليس بها أنيس" صفة لبلدة. المعنى: أتمنى أن أكون أنا وأنت يا لميس في بلد، ليس فيه أحد غيرنا. الشاهد: عطف "وأنت"، وهو ضمير رفع، على محل اسم ليت قبل استكمال الخبر، والعامل ليت، وخرجه الجمهور كما ذكر المصنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 وخرج على أن الأصل: وأنت معي، والجملة حالية والخبر قوله: في بلدة1. حكم "إن" المكسورة إذا خففت: تخفف "إن" المكسورة لثقلها؛ فيكثر إهمالها2؛ لزوال اختصاصها؛ نحو:   1 إيضاح ذلك: "أن "أنت" مبتدأ حذف خبره للعلم به؛ أي: معي؛ والجملة من المبتدأ والخبر المحذوف، حال من اسم ليت؛ وهي متوسطة بين اسم ليت وخبرها؛ وهو "في بلدة" وعامل الحال "ليت"، لا الظرف؛ لامتناع تقديم الحال المنصوبة بالظرف، كما سيأتي في موضعه، وإلى هذا الفصل يشير بن مالك بقوله: وجائز رفعك معطوفا على ... منصوب "إن" بعد أن تستكملا وألحقت بإن "لكن وأن" ... من دون "ليت ولعل وكأن"* أي: يجوز أن ترفع معطوفا على اسم "إن"؛ إذا استكملت "إن" معموليها. وألحقت بإن في هذا الحكم: أن، ولكن، وتخالفها: "ليت" و"لعل" و"كأن" وخففت النون في "أن" و"كأن"؛ لضرورة الشعر. فائدة: يجوز العطف بالرفع على اسم "لا" النافية للجنس، بعد الاستكمال وقبله؛ تقول: لا مرائي محترم ومنافق، ولا مرائي ومنافق محترمان. 2 هذا إذا دخلت على جملة اسمية؛ فإن وليها فعل وجب الإهمال. وهنالك من يقول بجواز إعمالها حينذاك، ويكون اسمها ضمير الشأن محذوفًا، والجملة الفعلية خبرها.   * "وجائز" خبر مقدم. "رفعك" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. "معطوفا" مفعول للمصدر. "على منصوب" متعلق بمعطوف. "إن" مضاف إليه. "بعد" ظرف متعلق برفع. "أن" مصدرية "تستكملا" مضارع منصوب بأن، والألف للإطلاق. والفاعل يعود إلى إن، ومفعوله محذوف؛ أي: بعد استكمالها خبرها. "وألحقت" ماض للمجهول، والتاء للتأنيث. "بإن" متعلق. "لكن" نائب فاعل ألحق مقصود لفظه. "وأن" معطوف على لكن. "من دون" متعلق بألحق. "ليت" مضاف إليه. "ولعل وكأن" معطوفان على ليت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} 1، ويجوز إعمالها؛ استصحابا للأصل؛ نحو: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} 2. وتلزم لام الابتداء بعد المهملة فارقة بين الإثبات والنفي3، وقد تغني عنها قرينة لفظية؛ نحو: إن زيد لن يقوم4، أو معنوية؛ كقوله: وإن مالك كانت كرام المعادن5   1 أي: في قراءة من خفف "لما"؛ فتكون "إن" مخففة مهملة، "كل" مبتدأ، "لما" اللام للابتداء، و"ما" زائدة. "جميع" خبر. "لدينا" ظرف متعلق "بمحضرون"، الواقع نعتا لجميع، على المعنى، أو "جميع" مبتدأ ثان. "محضرون" خبره، والجملة خبر المبتدأ الأول. أما على قراءة تشديد "لما"، فتكون "إن" نافية، و"لما" بمعنى إلا، ولا شاهد فيه. 2 أي: بتخفيف "إن" و"لما" في قراءة نافع وابن كثير؛ فتكون "إن" مخففة من الثقيلة. "وكلا" اسمها اللام للابتداء، و"ما" زائدة" للفصل بين اللامين؛ أو موصولة، وتكون خبر إن. "ليوفينهم" اللام للقسم، والجملة لا محل لها، جواب قسم محذوف، وجملة القسم وجوابه صلة "ما". والتقدير: وإن كلا للذين والله ليوفينهم. وقيل: "ما" نكرة موصوفة، وجملة القسم وجوابه سدت مسد الصفة؛ أي: وإن كلا لخلق موفى عمله. وإعراب هذه الآية على تشديد "إن" و"لما": "كلا" اسم إن. "لما" حرف جزم، والمجزوم محذوف؛ أي: لما يوفوا أعمالهم. "ليوفينهم" اللام للقسم، وجملة "يوفينهم" جوابه والقسم وجوابه كلام مستأنف. "إن" بمعنى إلا. "كلا" مفعول لفعل محذوف؛ أي: أرى مثلًا. ليوفينهم "اللام للقسم، وجملة "يوفينهم" جوابه؛ أي: ما أرى كلا، إلا والله ليوفينهم انظر التصريح والصبان والخضري، في آخر باب "إن وأخواتها". 3 أي: لتدل على أنها ليست النافية، ولذا تسمى اللام الفارقة؛ لأنها تفرق بين المخففة والنافية. وقد تلحق هذا اللام "إن" العاملة، إذا حصل لبس، بأن كان إعراب الاسم خفيا؛ نحو: إن هذا، أو يحيى، لقائم. 4 القرينة اللفظية: كون الخبر منفيا، ولام الابتداء لا تدخل على المنفي، ويبعد في الفصيح أن يراد بإن النفي؛ لوجوده في الخبر، ولو أريد ذلك؛ لجيء بالكلام مثبتا من أول الأمر، بدلا من إدخال النفي على النفي لإبطال الأول. 5 عجز بيت من الطويل، للطرماح بن حكيم الطائي، وصدره: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 وإن ولي "إن المكسورة المخففة فعل، كثر كونه مضارعًا ناسخًا1؛ نحو: {وَإنْ   = أنا ابن أباة الضيم من آل مالك اللغة والإعراب: أباة: جمع آب: اسم فاعل من أبى يأبى، إذا امتنع. الضيم: الظلم. مالك: اسم أبي قبيلة الشاعر. كرام المعادن: طيبة الأصول. "أنا" مبتدأ. "ابن أباة الضيم" خبر ومضاف إليه. "من آل مالك" متعلق بمحذوف، حال من أباة الضيم أو بدل، ومضاف إليه. "وإن" الواو عاطفة، وإن مخففة مهملة "مالك" مبتدأ. "كانت كرام" كان واسمها وخبرها، والجملة خبر المبتدأ. "المعادن" مضاف إليه. المعنى: أنا ابن الذين يأبون الظلم والمذلة من آل مالك، وقد كانت قبيلتي كريمة الأصول والأنساب، شريفة المحتد والمنبت. الشاهد: ترك لام الابتداء الفارقة، في خبر المبتدأ الواقع بعد "إن" المخففة المهملة؛ لوجود قرينة معنوية، تدل على أن "إن" غير نافية؛ وهي أن المقام للممدح والافتخار؛ كما يدل عليه صدر البيت, لا للنفي، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وخففت "إن" فقل العمل ... وتلزم اللام إذا ما تهمل وربما استغني عنها إن بدا ... ما ناطق أراده معتمدا* أي: إذا خففت "إن" قل إعمالها، ويلزم مجيء اللام بعدها؛ إذا أهملت، وقد يمكن ترك هذه اللام، والاستغناء عنها؛ إن بدا -أي: ظهر- المعنى الذي أراده المتكلم، معتمدا في ظهوره على قرينة توضحه. 1 أي: من نواسخ المبتدأ؛ وهي: كان، وكاد، وظن وأخواتها. ويشترط في هذا الفعل الناسخ: ألا يكون نافيا؛ مثل "ليس"، ولا منفيا؛ مثل "ما كان"، وما زال وأخواتها. وأن يكون غير =   * "وخففت" ماض للمجهول والتاء للتأنيث. "إن" نائب فاعل. "فقل" الفاء عاطفة. "العمل" فاعل. "اللام" فاعل تلزم. "إذا" ظرف للمستقبل مضمن معنى الشرط. "ما" زائدة. "تهمل" مضارع للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى أن المخففة، الجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، وجواب الشرط محذوف؛ أي: إذا تهمل إن التي خففت، لزمتها اللام. "ربما" حرف تقليل و"ما" كافة. "استغني" ماض للمجهول. "عنها" جار ومجرور نائب فاعل، و"ها" عائدة على اللام. "إن" شرطية. "ما" اسم موصول فاعل بدا. "ناطق" مبتدأ. "أراده" فعل ماض، وفاعله يعود على ناطق، والهاء مفعول، والجملة خبر المبتدأ "معتمدا" حال من فاعل أراد المستتر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} 1، {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} . وأكثر منه كونه ماضيا ناسخًا؛ نحو: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً} ، {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} ، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} . وندر كونه ماضيا غير ناسخ؛ كقوله: شلت يمينك إن قتلت لمسلمًا2   = داخل في صلة؛ مثل: "ما دام". وتدخل اللام في خبر الناسخ الحالي، أو في خبره بحسب الأصل؛ وقد مثل لذلك المصنف؛ فإن كان غير ناسخ، وهذا قليل، دخلت على معموله؛ فاعلا كان أو مفعولا، ظاهرا أو ضميرا منفصلا. وقد مثل المصنف للفاعل بقسميه وللمفعول الظاهر؛ ومثال المفعول الضمير: إن قتلت لمسلما، وإن أهنت لإياه؛ فإن اجتمع الفاعل والمفعول دخلت على السابق منهما، بشرط ألا يكون ضميرا متصلا؛ فإن كان ضميرا متصلًا لم تدخل عليه اللام، ودخلت على المتأخر؛ نحو: إن أكرمت؛ لمصلحا كبيرا، وإن مدحت لإباه. 1 ليصرعونك بنظرهم إليك شذرا. 2 صدر بيت من الكامل، لعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، عم سيدنا عمر بن الخطاب، تخاطب به عمرو بن جرموز، وتدعو عليه؛ وقد رأى زوجها الزبير بن العوام نائما تحت شجرة قد علق بها سيفه، فاستله وقطع رأسه، وكان ذلك قبل واقعة الجمل؛ وعجزه: حلت عليك عقوبة المتعمد وقبله: يا عمرو لو نبهته لوجدته ... لا طائشًا رعد الجنان ولا اليد اللغة والإعراب: شلت: يبست وجمدت، وأصابها الشلل؛ وهو فساد في اليد. حلت: نزلت ووجبت. "إن" مخففة من الثقيلة. "قتلت" فعل ماض غير ناسخ. "لمسلم" اللام للابتداء، و"مسلما" مفعول قتلت. المعنى: تدعو عاتكة على ابن جرموز؛ لفعلته الشنعاء؛ فتقول: أشل الله يدك أيها القاتل؛ لأنك قتلت مسلما بغير حق، ووجبت عليك عقوبة متعمد القتل؛ المذكورة في قوله -تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} . الشاهد: مجيء فعل غير ناسخ بعد "إن المخففة من الثقيلة. وهذا نادر لا يقاس عليه، خلافًا للأخفش. ويعلل النحويون سبب دخول "إن" على الناسخ؛ بأنها كانت مختصة بالدخول على المبتدأ والخبر؛ فلما ضعفت بالتخفيف وزال اختصاصها، عوضوها كثرة الدخول على فعل يختص بهما؛ وهو الناسخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 ولا يقاس عليه "إن قام لأنا، وإن قعد لزيد"، خلافًا للأخفش والكوفيين1. وأنذر منه كونه لا ماضيا ولا ناسخًا؛ كقوله: "إن يزينك لنفسك، وإن يشينك لهيه"2. حكم "أن" المتوحة إذا خففت: وتخفف "أن" المفتوحة؛ فيبقى العمل3، ولكن يجب في اسمها كونه مضمرا محذوفًا4،   1 المنقول عن الكوفيين: أنهم لا يجيزون تخفيف "إن" المكسورة؛ ويؤولون ما ورد من ذلك على أن "إن" نافية، بمنزلة "ما" واللام إيجابية، بمنزلة "إلا". 2 هذا مثال للفاعل بقسميه؛ فإن "نفس" اسم ظاهر فاعل. "يزينك" و"هيه" ضمير بارز فاعل "يشين"، والهاء للسكت. والمعنى: إن نفسك هي التي تزينك، وهي التي تشينك، وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بقوله: والفعل إن لم يك ناسخًا فلا ... تلفيه غالبًا بـ"إنْ" ذي موصلا* أي: إن والفعل إن لم يكن من الأفعال الناسخة، فإنك لا تجده -غالبا- متصلا بإن المخففة؛ أي: يقع بعدها مباشرة. والخلاصة أن للام بعد إن المخففة ثلاث حالات؛ وجوب ذكرها؛ في نحو: إن محمد لمسافر، بالإهمال؛ حيث لا قرينة، ووجوب تركها؛ في نحو: إن محمد لن يسافر، وجواز الأمرين، عند وجود قرينة تدل على نوع "أن"؛ أهي مخففة أم نافية؟ نحو: إن أهل فلسطين لفدائيون. 3 أي: وجوبًا؛ لأنها أكثر مشابهة للفعل من المكسورة. 4 سواء كان لمتكلم أو مخاطب أو غائب؛ ومنه قوله -تعالى: {أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} ، فقد قدره سيبويه: أنك يا إبراهيم. والغالب أن يكون الضمير للشأن.   * "والفعل" مبتدأ. "إن" شرطية. "يك" مضارع ناقص مجزوم بلم، فعل الشرط، واسمه يعود على الفعل "ناسخًا" خبر يك. "فلا" الفاء لربط الجواب بالشرط، و"لا" نافية. "تلفيه" فعل مضارع، والفاعل أنت، والهاء مفعول أول، والجملة خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: فأنت لا تلفيه. وجملة المبتدأ والخبر جواب الشرط. "غالبًا" ظرف مكان أو زمان؛ أي: انتفى في غالب الأزمنة أو التراكيب، أو حال من هاء تلفيه. "بأن" متعلق بموصلا؛ الواقع مفعولا ثانيا لتلفي. "ذي" نعت لإن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 فأما قوله: بأنك ربيع وغيث مريع ... وأنك هناك تكون الثمالا1 فضرورة، ويجب في خبرها أن يكون جملة2؛ ثم إن كانت اسمية أو فعلية؛ فعلها جامد، أو دعاء. لم تحتج لفاصل3؛ نحو: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} ، "وَالْخَامِسَةُ أَنَّ   1- بيت من المتقارب، لجنوب بنت العجلان الهذلية، ترثي أخاها عمرا؛ الملقب "بذي الكلب". اللغة والإعراب: بأنك ربيع, أي: إنك كثير النفع؛ كالربيع. غيث: مطر؛ والمراد الزرع الذي ينبته المطر، بدليل وصفه بمريع. مريع: خصب. الثمالا: الذخر والملجأ. "بأنك" الباء جارة، متعلقة بعلم في قوله قبل: لقد علم الضيف والمرملون ... إذا اغير أفق وهبت شمالا والمرملون: الذين نفد زادهم؛ يقال: عام أرمل؛ أي: قليل المطر. "أن" مخففة من الثقيلة، والكاف اسمها. "ربيع" خبرها. "وأنك" مثل السابقة. "هناك" ظرف مكان. "الثمالا" خبر تكون، والجملة خبر "أن" الثانية. المعنى: لقد علم الضيف، وكل من لا زاد معه، إذا أظلم الجو، وهبت ريح الشمال الباردة، التي تقضي على الزرع، بأنك كثير النفع، متصل العطاء، وأنك الملجأ والغوث، لكل وافد عليك. الشاهد: مجيء اسم "أن" المخفف -في شطر البيت- ضمير مخاطب. والغالب أن يكون ضمير شأن، وأن يكون محذوفا، وهذا عند الجمهور ضرورة. 2 هذا إذا كان الاسم محذوفا، فإن ذكر؛ جاز كون الخبر جملة، وكونه مفردا، وقد اجتمعا في البيت: بأنك ربيع ... إلخ. 3 لأن "أن" المصدرية الناصبة للمضارع؛ لا تقع بعدها الاسمية، ولا الفعلية الشرطية، ولا التي فعلها جامد أو دعاء؛ فلا مجال لخوف اللبس بينها، وبين المخففة. ومتى أمن اللبس، كان الفصل جائزا لا واجبا. 4 أي: على اعتبار "أن" مخففة، لا مفسرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا"1، ويجب الفصل2 في غيرهن بقد؛ نحو: "وَنَعْلَممُ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا". أو تنفيس4؛ نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} . أو نفي بلا، أو لن، أو لم5؛ نحو: "وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ"6, {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} . {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} أو لو؛ نحو: {أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ} . ويندر تركه؛ كقوله: علموا أن يؤملون فجادوا7 ولم يذكر "لو" في الفواصل إلا قليل من النحويين8. وقول ابن الناظم إن الفصل   1 في قراءة من خفف "أن"، وكسر الضاد. 2 أي: بين "أن" والفعل؛ للفرق بين "أن" المخففة والمصدرية، ولتأكيد أنها المخففة وليست الناصبة للمضارع. 3 وتدخل على المضارع، وتقربه من الحال. 4 حرفا التنفيس هما: السين، وسوف. ويدخلان على المضارع المثبت لا غير. 5 "لا" تدخل على الماضي والمضارع، و"لم"، و"لن" يختصان بالمضارع، وزاد الرضى. "ما" وجعلها مثل "لا". 6 في قراءة من رفع "تكون"، وحسب بمعنى اعتقد. 7 صدر بيت من الخفيف، لا يدرى قائله. وعجزه: قبل أن يسألوا بأعظم سؤل اللغة والإعراب: يؤملون: يرجون ويسألون. سؤل: مسئول ومطلوب." أن" مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن. "يؤملون" الجملة من الفعل ونائب الفاعل خبر، وجملة أن ومعمولها في محل نصب، سدت مسد مفعولي "علم". "بأعظم" متعلق بجادوا. المعنى: علم هؤلاء الأجواد أن الناس يرجون معروفهم وبرهم؛ فجادوا من العطاء قبل أن يحوجوهم إلى السؤال والطلب؛ بأعظم مسئول ومرجو. " والشاهد" وقوع خبر "أن" المخففة جملة فعلية؛ فعلها متصرف غير دعاء، ولم يؤت بفاصل بين "إن" والجملة. وهذا نادر عند الجمهور. 8 مع أن مجيء "لولا" فاصلا، كثير في الشعر العربي الفصيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 بها قليل، وهم1 منه على أبيه. حكم "كأن" إذا خففت: وتخفف "كأن" فيبقى أيضا إعمالها، لكن يجوز ثبوت اسمها2 وإفراد خبرها   1 أي: غلط؛ فإن نص عبارة الناظم: "وأكثر النحويين لم يذكروا الفصل بين "أن" المخففة وبين الفعل "بلو". وهذا لا ينافي ورودها كثيرا في الفصيح. وفي أحكام "أن" المخففة يقول الناظم: وإن تخفف "أن" فاسمها استكن ... والخبر اجعل جملة من بعد أن وإن يكن فعلا ولم يكن دعا ... ولم يكن تصريفه ممتنعا فالأحسن الفصل بقد أو نفي أو ... تنفيس أو لو وقليل ذكر لو* أي: إذا خففت "أن" فاسمها ضمير مستكن؛ أي: مستتر لا يظهر في الكلام، وخبرها يكون جملة. وإن كان صدر الجملة فعلا لا يراد به الدعاء، ولم يكن تصريفه ممنوعا؛ بأن كان جامدا، فالأحسن الفصل بينه وبين "أن" المخففة بفاصل من الفواصل التي ذكرت. وخلاصة ما تقدم: أن الفعل غير الجامد وغير الدعاء، بعد "أن" المفتوحة الهمزة، إما مثبت وإما منفي. وعلى كل إما أن يكون ماضيا أو مضارعا؛ فالماضي المثبت يفصل بقد؛ نحو: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} ، والمضارع المثبت يفصل بالسين أو سوف كما مثل المصنف. والماضي المنفي يفصل بـ"لا" النافية لا غير؛ تقول: علمت أن لا حضر محمد ولا اعتذر. والمضارع المنفي يفصل بلا، أو لن، أو لم؛ كما مثل المصنف. وأما "لو" فتأتي فاصلا مع الماضي ومع المضارع. 2 أي: ويجوز حذفه، والغالب أن يكون ضمير الشأن، وقد يكون لغيره، وإذا كان اسمها ضمير الشأن، وجب أن يكون خبرها جملة؛ لأن ضمير الشأن لا بد له من جملة بعده تفسره.   * "وإن" شرطية. "تخفف" مضارع فعل الشرط. "أن" نائب فاعل تخفف. "فاسمها" الفاء لربط الجواب بالشرط، واسمها مبتدأ مضاف إلى الهاء. "استكن" أي: حذف وجوبا، الجملة خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل جزم جواب الشرط. و"الخبر" مفعول أول مقدم لاجعل. "جملة" مفعوله الثاني. "من بعد" متعلق باجعل. "أن" مضاف إليه مقصود لفظه. "وإن" شرطية. "يكن" مضارع كان الناقصة فعل الشرط واسمها يعود إلى الخبر. "فعلا" خبرها. ومثله في الإعراب بقية البيت. "فالأحسن" الفاء واقعة في جواب شرط إن. "الأحسن" مبتدأ. "الفصل" خبر. "بقد" متعلق بالفصل. "أو نفي أو تنفيس أو لو "معطوفات على قد. "وقليل" خبر مقدم. "ذكر لو" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 كقوله: كأن وريديه رشاء خلب1 وقوله: كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم2 يروى بالرفع على حذف الاسم؛ أي: كأنها، وبالنصب على حذف الخبر، أي: كأن مكانها، وبالجر على أن الأصل كظبية وزيد "أن" بينهما.   1 بيت من مشطور الرجز، ينسب لرؤبة بن العجاج. اللغة والإعراب: وريديه: مثنى وريد؛ وهما عرقان في الرقبة يكتنفان صفحتي العنق. رشاء: حبل. خلب: ليف. "كأن" حرف تشبيه ونصب مخففة. "وريديه" اسمها. "رشا" خبرها. "خلب" صفة لرشاء مرفوع بضمة مقدرة، منع منها سكون الوقف. المعنى: كأن عرقي هذا الرجل، المعروفين بالوريدين، حبل من الليف في الغلظ وخشونة الملمس. وقيل: معنى خلب: البئر البعيدة القعر، فيكون "رشا" مضافا إلى "خلب" وفيه مساس بالوزن. وفي كتاب سيبويه: رشاء خلب بالإضافة. الشاهد: تخفيف "كأن" وذكر اسمها ومجيء خبرها مفردا، وذلك جائز. 2 عجز بيت من الطويل، لابن صريم اليشكري، يذكر امرأته ويمدحها، وقيل لغيره، وصدره: ويومًا توافينا بوجه مقسم اللغة والإعراب: توافينا: تأتينا وتزورنا. مقسم: محسن جميل. تعطو: تمد عنقها وتميله، أو تتناول. وارق: مورق، أي: به أوراق السلم: شجر ذو شوك، مفرده سلمة. "يوما" ظرف لتوافينا، وفاعل. توافي يعود على ممدوحته. "بوجه" متعلق بتوافينا. "مقسم" صفة لوجه. "كأن" حرف تشبيه مخففة. "ظبية" اسمها والخبر محذوف. وفيه أعاريب ذكرها المصنف. "وارق" مضاف إلى السلم من إضافة الصفة للموصوف. المعنى: أن هذه المحبوبة تزورنا في بعض الأوقات بوجه نضر جميل، وكأنها في حسن قوامها وخفة حركتها، ظبية تتناول الورق من شجر السلم. الشاهد: حذف اسم "كأن" المخففة من غير أن يكون ضمير شأن، وإفراد خبرها على رواية الرفع، وقد قدره المصنف، وجواز ذكره في الكلام على رواية النصب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 وإذا حذف الاسم، وكان الخبر جملة اسمية، لم يحتج لفاصل1؛ كقوله: كأن ثدياه حقان2   1 تقدم تعليل ذلك في "أن" المخففة؛ فتأمل. وقد أشار الناظم إلى تخفيف "كأن" وأن اسمها ينوى فيكون ضميرا، وقد يكون ظاهرا ثابتًا في الكلام، فقال: وخففت كأن أيضا فنوي ... منصوبها وثابتا أيضا روي* 2 عجز بيت من الهزج، احتج به سيبويه في كتابه، ولم ينسبه لأحد. وصدره: وصدر مشرق النحر اللغة والإعراب: مشرق: مضيء. النحر: موضع القلادة من العنق. حقان: تثنية حق، وهو الوعاء المعروف. "وصدر" الواو واو "رب" المحذوفة، "صدر" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الشبيه بالزائد. "مشرق النحر" صفة لصدر ومضاف إليه. "كأن" حرف تشبيه ونصب، مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن. "ثدياه" مبتدأ. "حقان" خبر، والجملة خبر كأن، وجملة كأن ومعموليها خبر المبتدأ. وروي "ثدييه" على أنها اسم "كأن" منصوب بالياء، و"حقان" خبر"؛ كما روي: "وصدر" على أن الواو عاطفة أو استئنافية، و"صدر" مبتدأ حذف خبره؛ أي: ولها صدر. المعنى: هذه الفتاة لها صدر، أعلاه ناصع البياض. كأن الثديين فيه حقان في الاستدارة والصغر. والعرب كثيرا ما تشبه الثدي بحق العاج. الشاهد: حذف اسم كان، ومجيء خبرها جملة اسمية بلا فاصل بينها وبين كأن. وهذا كثير.   * "خففت" ماض للمجهول والتاء للتأنيث. "كأن" نائب فاعل خفف مقصود لفظه. "أيضا" مفعول مطلق لمحذوف. "فنوي منصوبها" فعل ونائب فاعل، و"ها" مضاف إليه. "وثابتًا" حال من فاعل روي. "أيضًا" مفعول مطلق. "روي" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى منصوبها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وإن كانت الجملة فعلية1، فصلت بـ"لم" أو " قد"2؛ نحو: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} ؛ ونحو قوله: لا يهولنك اصطلاء لظى الحر ... ب فمحذورها كأن قد ألما3 مسألة: حكم "لكن" إذا خففت وتخفف "لكن" فتهمل وجوبًا4؛ نحو: {وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} . وعن يونس والأخفش جواز الإعمال5.   1 أي: فعلها غير جامد، وغير دعائي؛ قياسًا على "أن". 2 الفصل بـ"لم" قبل المضارع المنفي، وبـ"قد" قبل الماضي المثبت. 3 بيت من الخفيف، لم ينسب لقائل. اللغة والإعراب: يهولنك: يفزعنك؛ من الهول؛ وهو أشد الخوف. اصطلاء: مصدر اصطلى بالنار؛ احترق بها، وأصل الاصطلاء بالنار: التدفي بها. لظى الحرب: نارها وشدتها. محذورها: ما يحذر من أمرها ويتحرز عنه وهو الموت. ألما: نزل: "لا يهولنك" لا: نافية، "يهولنك" مضارع مؤكد بالنون، والكاف مفعول. "اصطلاء" فاعل. "لظى الحرب" مضاف إليه. "فمحذورها" الفاء للتعليل و"محذورها" مبتدأ ومضاف إليه "كأن" حرف تشبيه ونصب مخففة، واسمها ضمير عائد على المحذور. "ألما" الجملة خبر. وجملة كأن ومعمولها خبر المبتدأ. المعنى: لا يزعجنك اقتحام الحروب وويلاتها؛ فإن الذي تخشاه منها وتحذره وهو الموت لا بد منه وكأنه نزل بك؛ فلا فائدة من التحرز عنه. الشاهد: وقوع خبر "كأن" جملة فعلية مثبتة، وقد فصل بينه وبينها بقد. 4 لزوال اختصاصها بالجملة الاسمية؛ فتدخل عليها، وعلى الفعلية، وعلى المفرد ومعناها باق؛ وهو الاستدراك. أما "لعل" فلا يجوز تخفيف لامها مطلقًا. 5 أي: قياسا على "أن"، ولم يسمع عن العرب، وما رواه يونس منكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 ..............................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 ما الذي تفيده كل من: لكن، وليت، ولعل؟ اشرح ذلك بأمثلة موضحة. 2 اذكر أربعة مواضع يجب فيها كسر "إن"، ومثلها يجب فيها الفتح، وثلاثة يجب فيها الأمران. ومثل بأمثلة من إنشائك. 3 علام تدخل لام الابتداء؟ اذكر شروط ما تدخل عليه، ووضح بأمثلة من عندك، ولم سميت بذلك؟ 4 اشرح قول بن مالك: وجائز رفعك معطوفا على ... منصوب "إن" بعد أن تستكملا 5 ما حكم "أن" إذا خففت؟ وما الذي يشترط في اسمها وفي خبرها حينذاك؟ وضح ما تقول بالأمثلة. 6 بين موضع الاستشهاد بما يأتي في هذا الباب، وأعرب ما تحته خط: قال -تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ} ، {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} ، {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} ، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} ، {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} ، {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} ، {إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ} . فلو أنك في يوم الرخاء سألتني ... طلاقك لم أبخل وأنت صديق واعلم فعلم المرء ينفعه ... أن سوف يأتي كل ما قدرا فوالله ما فارقتكم قاليا لكم ... ولكنكما يقضى فسوف يكون كفى حزنا أن لا حياة هنيئة ... ولا عمل يرضى به الله صالح وللموت خير من مقام على أذى وللموت خير من حياة على ذل 7 أعرب ما تحته خط في هذين البيتين، وبين ما فيهما من شاهد في هذا الباب: زاد معروفك عندي عظما ... أنه عندك مستور حقير وتناسيك كأن لم تأته ... وهو عند الناس مشهور خطير = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 ..............................................................................   = 8 كون الجمل الآتية من إنشائك في الحالة الحاضرة: أ- جملة فيها "لكن" مهملة، وأخرى فيها "كأن". ب- جملة لـ"أن" خبرها فعل واجب الفصل بأن، وأخرى يجوز فيها الفصل. جـ- جملة عطف فيها بالرفع والنصب على اسم لكن، قبل وبعد استكمال الخبر. د- جملة صفة لمثنى مؤنث، فيها "إن" واجبة الكسر، وأخرى صلة لموصول. 9 ائت بثلاث جمل في الحالة الحاضرة لإن المخففة المهملة، وبثلاث لكأن المخففة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 "لا" العاملة عمل "إن" 1: وشرطها: أن تكون نافية، وأن يكون المنفي الجنس، وأن يكون نفيه نصا2، وألا يدخل عليها جار، وأن يكون اسمها نكرة3، متصلا بها، وأن يكون خبرها أيضا نكرة؛ نحو: لا غلام سفر حاضر. فإن كانت غير نافية لم تعمل، وشذ إعمال الزائدة في قوله: لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها ... إذا للام ذوو أحسابها عمرا4   هذا باب "لا" العاملة عمل "إن": 1 وتسمى "لا" النافية للجنس؛ أي: لكل فرد من أفراد الجنس، وتسمى كذلك "لا" التبرئة؛ لأنها تدل على تبرئة جنس اسمها كله من معنى خبرها. 2 أي: يقصد بها التنصيص على استغراق النفي للجنس كله، لا لنفي الوحدة. 3 لأنه على تقدير "من" الاستغراقية، وهي مختصة بالدخول على النكرات. 4 بيت من البسيط للفرزدق، من قصيدة يهجو فيها عمر بن هبيرة الفزاري. اللغة والإعراب: غطفان: اسم قبيلة. للام، اللوم: العذل والتعنيف. أحسابها: جمع حسب؛ وهو ما يعده الإنسان من مفاخر أصوله. "لو" شرطية. "تكن" فعل الشرط مجزوم بلم. "غطفان" اسم تكن. "لا" زائدة. "ذنوب" اسمها. "لها" متعلق بمحذوف خبرها، والجملة خبر تكن. "إذا" معمول للام الواقع جوابا للشرط. "ذوو" فاعل لام مضاف إلى أقسام. "عمرا" مفعول لام، والألف للإطلاق. المعنى: لو لم يكن لغطفان ذنوب وأعمال مخزية، للاموا عمر الفزاري على تعرضه لنا، ولكنهم يعلمون أنهم مذنبون؛ ولذلك امتنع لومهم. الشاهد: إعمال "لا" عمل "إن" مع زيادتها في قوله "لا ذنوب لها"، وهذا شاذ؛ لأن "لا" الزائدة لمجرد تأكيد الكلام وتقويته، ووجه زيادتها: أن المقصود ثبوت الذنوب لغطفان. وهو مستفاد من نفي النفي المعلوم من "لو"؛ لأنها تدل على امتناع شرطها، ومن "لم". أما "لا" فلم تفد شيئا؛ فدل ذلك على زيادتها. وبعضهم يجعلها نافية على حد: لو لم يخف الله لم يعصه؛ أي: لو كان لغطفان ذنوب للاموا عمرا؛ لأن ذنوبهم لا شيء بالنسبة إلى ذنوبه، فما بالك وهم لم يذنبوا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 ولو كانت لنفي الوحدة عملت عمل "ليس"1؛ نحو لا رجل قائما بل رجلان، وكذا إن أريد بها نفي الجنس لا على سبيل التنصيص2. وإن دخل عليها الخافض خفض النكرة3؛ نحو: "جئت بلا زاد، وغضبت من لا شيء" وشذ "جئت بلا شيء" بالفتح4. وإن كان الاسم معرفة، أو منفصلًا منها5 أهملت،   1 أو أهملت وتكررت، واختبار هذه أو تلك خاضع لما يقتضيه المعنى المراد. 2 أي: بل في الظاهر فقط؛ لعموم النكرة في سياق النفي. وإيضاح ذلك: أن "لا" إذا كان اسمها مفردا؛ مثل: لا رجل في الدار؛ فإن أريد نفي الخبر عن فرد واحد، وعن الجنس في الظاهر، كانت "لا" عاملة عمل "ليس"، ويصح أن يقال بعدها في هذا المثال: بل رجلان. وإن أريد نفي الجنس حقيقة، وتأكيد النص عليه، كانت عاملة عمل "إن"؛ ولا يصح أن يقال بعدها شيء. أما إذا كان الاسم مثنى أو مجموعا فلا يختلف المراد من النفي، فيحتمل نفي الخبر عن المثنى والجمع فقط، أو نفيه عن كل فرد من أفراد الجنس. والفرق بينهما يكون على حسب المراد؛ فالفرق الصحيح بين المراد من النفي في قسمي "لا" يظهر إذا كان الاسم مفردا. 3 لأن "لا" تتوسط بين عامل ومعموله، وتكون حينئذ ملغاة بين الجار والمجرور، وقد تخطاها حرف الجر وعمل فيما بعدها، مع دلالتها على النفي، ولا تعتبر زائدة؛ لأن المعنى يفسد على زيادتها، وقيل: إن "لا" اسم بمعنى "غير" مجرورة بكسرة مقدرة على الألف، وما بعدها مجرور بإضافتها إليه وهذا رأي حسن. 4 أي: على إعمال "لا" مع التركيب؛ فالباء جارة، و"لا شيء" في محل جر بالباء. وقد أجريا مجرى الاسم الواحد، باعتبار أن الجار دخل بعد التركيب؛ مثل خمسة عشر، و"شيء" اسم لا، ولا خبر لها؛ لأنها أصبحت فضلة. 5 هذا يستلزم الترتيب بين معموليها؛ فلا يجوز أن يتقدم خبرها ولا معموله على الاسم، ولو كان ظرفا أو جارا ومجرورا؛ لأن ذلك سيؤدي إلى الفصل بينهما وبين اسمها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 ووجب عند غير المبرد وابن كيسان تكرارها1؛ نحو: لا زيد في الدار ولا عمرو؛ ونحو: {لا فِيهَا غَوْلٌ} 2.. وإنما لم تكرر في قولهم: "لا نولك أن تفعل"3، وقوله: أشاء ما شئت حتى لا أزال لما ... لا أنت شائية من شأننا شاني4 للضرورة في هذا، ولتأول "لا نولك" بلا ينبغي لك5.   1 قال الصبان: أما في المعرفة فجبرا لما فأتها من نفي الجنس، وأما في الانفصال فتبنيها بالتكرار على أنها لنفي الجنس؛ لأن نفي الجنس تكرار للنفي في الحقيقة، ومنه يعلم أن إلغاءها لا يخرجها عن كونها لنفي الجنس في النكرات. 2 الغول: كل ما يغتال العقول ويفسدها، ومنه "الغول". 3 النول: مصدر بمعنى التناول؛ وهو هنا بمعنى المفعول، و"لا" نافية مهملة. "نولك" مبتدأ ومضاف إليه. "أن تفعل" أن والفعل في تأويل مصدر خبر المبتدأ؛ أي: ليس متناول هذا الفعل، بمعنى أنه لا ينبغي لك تناوله. 4 بيت من البسيط، أنشده الفراء وابن كيسان، ولم ينسباه لأحد. اللغة والإعراب: شاني: اسم فاعل من شنأ الشيء، إذا أبغضه وكرهه، وأصله شانئ بالهمزة، فخففت بقلبها ياء. "ما" اسم موصول مفعول أشاء، وجملة "شئت" صلة والعائد محذوف؛ أي: شئته. "حتى" ابتدائية. "أزال" مضارع مرفوع. وقيل: غائية بمعنى "إلى" و"أزال" منصوبة بأن مضمرة بعدها، واسمها أنا. "لما" اللام جارة، و"ما" موصولة، والجار والمجرور متعلق بشاني. "لا أنت" لا نافية و"أنت" مبتدأ. "شائية" خبر والجملة صلة. "من شأننا" متعلق بشائية، أو حال من ما. "شاني" خبر زال، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. المعنى: أحب كل ما تحبينه من الأشياء، حتى لا أزال مبغضا لكل شيء لا تحبينه ولا تريدينه من أمورنا. الشاهد: دخول "لا" النافية على معرفة، وهو الضمير المنفصل، ولم تتكرر مع إهمالها. وقد تمسك بهذا البيت المبرد وابن كيسان، فلم يوجبا التكرار إذا اقترنت "لا" بالمعرفة، أو فصل بينها وبين اسمها؛ هو عند الجمهور ضرورة. 5 فقد دخلت "لا" على الفعل تأويلا؛ وهي إذا دخلت على الفعل غير الماضي الذي ليس دعائيا، لا يجب تكرارها؛ لأنه في معنى النكرة. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 فصل: وإذا كان اسمها مفردًا؛ أي: غير مضاف ولا شبيه به، بني على الفتح 1؛ إن كان   = وإلى إعمال "لا" عمل "إن" أشار الناظم بقوله: عمل "إن" اجعل لـ"لا" في نكره ... مفردة جاءتك أو مكرره* أي: اجعل عمل "إن" من نصب الاسم ورفع الخبر لـ"لا" النافية للجنس، مكررة أو غير مكررة؛ بشرط أن يكون ما تعمل فيه نكرة. وعملها بعد استيفاء شروطها وهي مفردة، واجب، وعملها مكررة جائز. هذا: وقد وردت في الفصيح أمثلة، وقعت فيها "لا" عاملة مع أن اسمها معرفة. ومن ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده". وقول سيدنا عمر بن الخطاب، لسيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما: قضية ولا أبا حسن لها. وأبو حسن: كنيه سيدنا علي. وقد صارت هذه العبارة مثلا يضرب عند الأمر العسير يتطلب من يحله. والنحاة يؤولون مثل ذلك, فيقولون: إن المعرفة هنا مراد بها اسم جنس نكرة, لكل من اتصف بالمعنى المشهور به ذلك العلم؛ أي: لا مسمى بهذا الاسم، أو إن هنالك مضافا محذوفا نكرة لا يتعرف بالإضافة؛ نحو مثل؛ أي: فلا مثل كسرى، ولا مثل قيصر، ولا مثل أبي حسن. ومن الخير أن يقتصر في مثل هذا على المسموع. وإذا دخلت "لا" على منصوب بفعل مقدر، أو اسم بمعنى الدعاء، لا تكرر؛ نحو: لا مرحبا، لا سلام عليك. 1 ويكون في محل نصب دائما، وقيل في سبب ذلك: تركيبه مع اسمها حتى صار كالكلمة الواحدة، فأشبها الأعداد المركبة؛ كخمسة عشر وغيرها. وقد وقع اسم "لا" المفرد منصوبا في أسلوب عربي فصيح هو قولهم: لا أبا لك. وهو تركيب يراد به المبالغة في المدح أحيانا، أو في الذم أحيانا أخرى. وقد أوله النحاة على أن "أبا" منصوب بالألف مضاف إلى الكاف، واللام زائدة، والخبر محذوف؛ أي: لا أباك موجود. والإضافة هنا غير محضة لا تفيد تعريفا؛ كغير، ومثل. قيل: وهو الأفضل, أن "أبا" اسم لا مبني على فتح مقدر على الألف على لغة من يلزم الأسماء الستة الألف، و"لك" جار ومجرور خبر.   * "عمل" مفعول أول لا جعل. "إن" مضاف إليه. "اجعل" فعل أمر، والفاعل أنت. "للا" متعلق باجعل وهو مفعوله الثاني. "في نكره" متعلق باجعل. "مفردة" حال من فاعل. "جاءتك" العائد على لا، والتاء للتأنيث، والكاف مفعوله "أو مكررة" معطوف على مفردة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 مفردا، أو جمع تكسير؛ نحو: لا رجل ولا رجال. وعليه أو على الكسر1 إن كان جمعا بألف وتاء؛ وكقوله: إن الشباب الذي مجد عواقبه ... فيه نلذ ولا لذات للشيب2 روي بهما. وفي الخصائص3. أنه لا يجيز فتحه بصري إلا أبو عثمان4، وعلى الياء إن كان مثنى أو مجموعًا على حده5؛ كقوله: تعز فلا إلفين بالعيش متعا6   1 أي: بلا تنوين، نيابة عن الفتحة. أو بالتنوين على رأي. 2 بيت من البسيط، لسلامة بن جندل السعدي، يأسف على ذهاب الشباب. اللغة والإعراب: مجد عواقبه: نهايته شرف وعزة. الشيب: جمع أشيب؛ وهو الذي ابيض شعره. "الشباب" اسم إن مبني على الفتح. "الذي" صفة للشباب. "مجد" خبر مقدم. "عواقبه" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه والجملة صلة. وصح الإخبار بالمفرد عن الجمع لأن "مجد" مصدر، والمصدر يخبر به بلفظ واحد؛ لأنه. لا يثنى ولا يجمع. "فيه" متعلق بنلذ الواقع خبر لإن. "ولا" نافية للجنس. "لذات" اسمها مبني على الفتح أو الكسر في حل نصب. "للشيب" متعلق بمحذوف خبر. المعنى: إن الشباب الذي تكون نهايته عزة ومجدد وشرف، فيه نجد اللذة وراحة النفس، ولا لذة في زمن الكبر والشيخوخة. الشاهد: بناء جمع المؤنث مع "لا" النافية للجنس، على ما كان ينصب به، وهو الكسرة نيابة عن الفتحة، وروي بالفتحة. 3 كتاب عظيم لأبي الفتح عثمان بن جني، طبعته دار الكتب المصرية حديثًا. 4 هو أبو عثمان المازني، انظر: 145. 5 أي: على حد المثنى وطريقته في الإعراب بالحروف، وهو جمع المذكر السالم، وإنما لم تعارض التثنية والجمع سبب البناء هنا؛ لأن هذا السبب وارد على التثنية والجمع والموارد قوة. 6 صدر بيت من الطويل، لم يعلم قائله. وعجزه: ولكن لوارد المنون تتابع = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 وقوله: يحشر الناس لا بنين ولا آ ... باء إلا وقد عنتهم شئون1 قيل: وعلة البناء تضمن معنى "من"؛ بدليل ظهورها في قوله: وقال ألا لا من سبيل إلى هند2   = اللغة والإعراب: تعز: تصبر وتكلف السلوان والتأسي بمن سبقك، إلفين: تثنية إلف؛ وهو الصديق الذي يألفك وتألفه، ومثله الأليف. وراد: جمع وارد. المنون: الموت. تتابع: توارد، يرد بعضهم في إثر بعض. "تعز" فعل أمر والفاعل أنت. "فلا" الفاء للتعليل، و"لا" نافية للجنس. "إلفين" اسمها مبني على الياء في محل نصب. "بالعيش" متعلق بـ"متعا" الواقع خبرا للا. "ولكن" حرف استدراك. "لوراد" خبر مقدم. "المنون" مضاف إليه. "تتابع" مبتدأ مؤخر. المعنى: تسل يا أخي بمن سبقوك، وتأس بمن مضوا قبلك: فليس هناك صديقان تمتعا بدوام العيش وصفائه، ولكن كل سائر إلى الموت، يتبع بعضهم بعضا. الشاهد: بناء "إلفين" على الياء؛ لأنه مثنى، وهو اسم "لا" النافية للجنس. 1 بيت من الخفيف، لم نقف على قائله. اللغة والإعراب: عنتهم: أهمتهم، يقال: عناه الأمر يعنيه، استحق عنايته واهتمامه. شئون: خطوب وشواغل، جمع شأن. "لا" نافية للجنس "بنين" اسمها مبني على الياء. "ولا آباء" معطوف على "بنين" منصوب بالفتحة. "إلا" حرف إيجاب. "وقد عنتهم شئون" الجملة في محل رفع خبر "لا"، ولا يضر اقترانها بالواو؛ لأن هذا جائز في خبر الناسخ؛ كقوله: "فأمسى وهو عريان". المعنى: أن الناس يحشرون يوم القيامة, وكل من البنين والآباء مشغول بنفسه في هذا اليوم {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} . الشاهد: مجيء اسم "لا" جمع مذكر سالما، وقد بني على الياء، وهي علامة نصبه. 2 عجز بيت من الطويل، لم نقف على قائله. وصدره: فقام يذود الناس عنها بسيفه اللغة والإعراب: يذود: يمنع، ويدفع. سبيل: طريق. هند، اسم محبوبته. "ألا" أداة استفتاح "لا" نافية للجنس "من" زائدة "للاستغراق". "سبيل" اسم لا مبني على فتح مقدر منع منه حرف الجر الزائد. "إلى هند" متعلق بمحذوف خبر. المعنى: أخذ يدفع الناس ويمنعهم عنها بسيفه؛ ويقول: ألا من طريق للوصول إليها وخلاصها؟ الشاهد: ظهور "من" الاستغراقية بعد "لا"؛ مما يدل على أنها إذا لم تذكر مع الاسم، فهو متضمن معناها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 وقيل: تركيب الاسم مع الحرف كخمسة عشر1. وأما المضاف2 وشبهه فمعربان. والمراد بشبهه: ما اتصل به شيء من تمام معناه3؛ نحو: "لا قبيحا فعله محمود، ولا طالعًا جبلًا حاضر، ولا خيرًا من زيد عندنا"4. إعراب "لا حول ولا قوة إلا بالله": ولك في نحو5: لا حول ولا قوة إلا بالله خمسة أوجه:   1 هذا قول سيبويه وآخرين؛ وحجتهم أنه إذا فصل بين "لا" واسمها، أعرب؛ نحو: لا فيها رجل ولا امرأة. 2 أي: إلى نكرة، أو لمعرفة لا يكتسب منها التعريف؛ لتوغله في الإبهام؛ ككلمة "مثل"، و"غير" ونحوهما؛ لأن "لا" لا تعمل في معرفة؛ كما أسلفنا. 3 أي: يتمم معناه ويكمله؛ بشرط أن يكون ذلك الشيء: إما مرفوعا باسم "لا"، أو منصوبا به، أو جارا ومجرورا متعلقين به؛ كما مثل المصنف. أما المجرور بالإضافة فهو من قسم المضاف. 4 "لا" نافية في الجميع، وما بعدها اسمها، والمتأخر خبرها، و"فعله" فاعل لقبيح؛ لأنه صفة مشبهة، و"جبلا" مفعول لطالع؛ لأنه اسم فاعل، و"من زيد" متعلق بخبر؛ لأنه اسم تفضيل، وإلى ذلك يشير ابن مالك بقوله: فانصب بها مضافا أو مضارعه ... وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه أي: انصب بـ"لا" الاسم؛ حين يكون مضافا، أو مضارعه؛ أي: مشابها له؛ أي: للمضاف وبعد ذلك الاسم المنصوب، اذكر الخبر رافعًا إياه. 5 أي من كل تركيب، تكررت فيه "لا" وسبق الثانية عطف، وكان كل من الاسمين مفردا صالحا لعمل لا؛ وذلك بأن يكون نكرة.   * فانصب "فعل أمر". "مضافا" مفعول انصب. "أو مضارعه" أي: مشابهه معطوف على "مضافا" والهاء مضاف إليه. "وبعد" ظرف متعلق باذكر. "ذاك" اسم إشارة مضاف إليه، والكاف حرف خطاب. "الخبر" مفعول اذكر. "رافعه" حال من فاعل اذكر، والهاء مضاف إليه من إضافة الصفة لمعمولها، وهي لا تفيد تعريفا ولا تخصيصًا؛ ولذلك وقع حالا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 أحدهما: فتحهما1 وهو الأصل؛ نحو: "لا بَيْعَ فِيهِ وَلا خُلَّةَ" في قراءة ابن كثير2 وأبي عمرو3. والثاني: رفعهما؛ إما بالابتداء، أو على إعمال "لا" عمل "ليس"4؛ كالآية في قراءة الباقين، وقوله: لا ناقة لي في هذا ولا جمل5   1 أي: فتح ما بعد "لا" الأولى، والثانية؛ على أنهما عاملتان عمل "إن"، ويقدر بعدهما خبر واحد يصلح لهما؛ على اعتبار أن الكلام جملة واحدة، والعطف عطف مفردات، أو يقدر لكل خبر، فيكون الكلام جملتين، ويكون العطف عطف جمل. 2 هو أبو معبد؛ عبد الله بن كثير بن عمرو المكي، أحد أصحاب القراءات السبع. كان إمام القراءة بمكة، غير منازع، وكان عالما بالعربية، فصيحا بليغا مفوها. لقي من الصحابة: عبد الله بن الزبير، وأبا أيوب الأنصاري، وأنس بن مالك -رضي الله عنهم- ولم يزل الإمام المجمع عليه في القراءة بمكة، حتى توفي سنة 120هـ. 3 هو أبو عمرو؛ زياد بن العلاء بن عمار المازني البصري، أحد أصحاب القراءات السبع. كان من أعلم الناس بالقراءة والعربية، مع الصدق والأمانة والدين. ومن أكثر أتباعه ضبطا لقراءته: أبو محمد يحيى بن المبارك؛ المعروف باليزيدي النحوي. مر به الحسن يوما، والناس عكوف عليه، وحلقته غاصة بهم فقال: "لا إله إلا الله، لقد كادت العلماء أن يكونوا أربابا، كل عز لم يوطد بعلم فإلى زوال يئول". وتوفي أبو عمرو -في قول الأكثرين- سنة 154هـ وله ترجمة في النحاة. 4 ويقدر لهما خبر واحد؛ إن جعلت "لا" الثانية زائدة لتوكيد النفي، وما بعدها معطوف على "لا" الأولى مع اسمها؛ باعتبار الأصل على الخلاف في ذلك، وإن أهملت الأولى، وأعملت الثانية، أو بالعكس؛ وجب تقدير خبرين لكل خبر. أما إذا جعلنا عاملتين عمل ليس؛ فيجوز تقدير خبرين، أو خبر واحد. 5 عجز بيت من السيط؛ لعبيد بن حصين؛ المعروف بالراعي النميري، وصدره: وما هجرتك حتى قلت معلنة = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 الثالث: فتح الأول ورفع الثاني1؛ كقوله: لا أم لي إن كان ذاك ولا أب2   = اللغة والإعراب: هجرتك: الهجر: قطع حبال المودة والصلة. "ما" نافية. "حتى" للغاية بمعنى إلى. "معلنة" حال من التاء في قلت. "لا" نافية مهملة، أو عاملة عمل ليس. "ناقة" مبتدأ، أو اسم لا. "لي في هذا" متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، أو خبر لا. "ولا جمل" إعرابه كذلك، وخبره محذوف؛ أي: لي، ويجوز أن تكون "لا" الثانية زائدة، و"جمل" معطوفة على ناقة. المعنى: ما تركتك، وقطعت حبال المودة والصلة بيننا؛ حتى تبرأت مني وقلت صراحة.. إلخ. وهذا مثل عربي؛ يقوله من يتبرأ من أمر، ويباعد نفسه منه؛ والمراد: لا شيء لي في هذا الأمر. الشاهد: تكرر "لا" وورود الاسمين مرفوعين. وقد أوضحنا توجيه ذلك. 1 إما بالابتداء؛ و"لا" ملغاة، أو على أن "لا" عاملة عمل ليس، ويكون في الحالتين من عطف الجمل. أو بالعطف على محل اسم "لا" باعتبار الأصل، و"لا" زائدة لتوكيد النفي. 2 عجز بيت من الكامل، ينسب -كما في سيبويه- لرجل من بني مذحج، كان أهله يفضلون أخاه عليه. وقيل لغيره، وصدره: هذا لعمركم الصغار بعينه والإشارة في قوله: "هذا"؛ إلى ذلك المبين في قوله قبل: وإذا تكون كريهة أدعى لها ... وإذا يحاس الحيس يدعى جندب اللغة والإعراب: لعمركم: وحياتكم، والعمر: الحياة. الصغار: الذل والمهانة. الحيس: تمر يخلط بسمن وأقط، والحيس: الخلط. "هذا" ها للتنبيه، و"ذا" اسم إشارة مبتدأ. "لعمركم" اللام للابتداء، و"عمركم" مبتدأ ومضاف إليه والخبر محذوف وجوبا؛ أي: قسمي. "الصغار" خبر "ذا"، وجملة القسم فاصلة بين المبتدأ والخبر. "بعينه" توكيد للصغار على زيادة الباء. وقيل: الجار والمجرور حال. "لا" نافية للجنس، "أم" اسمها "لي" خبرها. "إن كان" شرط وفعله، و"كان" تامة. "ذا" فاعل كان، والكاف حرف خطاب؛ والجواب محذوف يدل عليه ما قبله، وجملة "إن كان ذاك" معترضة. "ولا أب" بالرفع, معطوف على أحد الأوجه الثلاثة المتقدمة؛ وهو الشاهد. المعنى: أقسم بحياتكم أن إيثار أخي جندب علي في المكارم، ودفعي إلى المكاره، هو عين الذل والمهانة؛ فإن كان ذلك هو تقديركم لي؛ فلا أم لي ولا أب؛ يريد أنه وضيع، ساقط النسب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 وقوله: وأنتم ذنابى لا يدين ولا صدر1 الرابع: عكس الثالث2؛ كقوله: فلا لغو ولا تأثيم فيها3   1 عجز بيت من الطويل؛ لجرير؛ يهجو نمير بن عامر؛ وهو أبو قبيلة من قيس، وصدره: بأي بلاء يا نمير بن عامر اللغة والإعراب: بلاء. البلاء، الاختبار والتجربة؛ والمراد هنا: العمل الذي يكون سببًا للفخر. ذنابي: أتباع وذيول. "بأي" متعلق بمحذوف؛ أي: تفتخرون مثلًا. "بلاء" مضاف إليه. "يا نمير" منادى. "ابن" بدل، أو عطف بيان على محل نمير، "عامر" مضاف إليه. "وأنتم" الواو للحال، و"أنتم" مبتدأ. "ذنابي" خبر. "لا" نافية للجنس "يدين" اسمها مبني على الياء؛ لأنه مثنى، والخبر محذوف؛ أي: لكم. "ولا صدر" بالرفع, معطوف على الأوجه الثلاثة التي شرحت قبل، وهو الشاهد. المعنى: بأي عمل وجهد قدمتموه تفخرون؟ وليس لكم أدنى أثر في المحامد، وأنتم أتباع وذيول لغيركم. "لا يدين ولا صدر"، أي: لستم قادة ولا رؤساء متبوعين. 2 وهو رفع الأول، وفتح الثاني. أما رفع الأول؛ فعلى الابتداء، و"لا" ملغاة، أو على إعمال "لا" عمل ليس. وفتح الثاني على إعمال" لا" الثانية عمل" إن" ويقدر لكل خبر. 3 صدر بيت من الوافر، لأمية بن أبي الصلت، في وصف الجنة، وعجزه كما في كتب النحو: وما فاهوا به أبدا مقيم وفيه تلفيق من بيتين؛ والصواب كما في ديوانه: ولا لغو ولا تأثيم فيها ... ولا حَينٌ ولا فيها مليم وفيها لحم ساهرة وبحر ... وما فاهوا به أبدا مقيم = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 الخامس: فتح الأول ونصب الثاني1؛ كقوله: لا نسب اليوم ولا خلة2 وهو أضعفها3؛ حتى خصه يونس وجماعة، بالضرورة؛ كتنوين المنادى، وهو عند غيرهم على تقدير "لا" زائدة مؤكدة، وأن الاسم منتصب بالعطف.   = والمقصود بلحم الساهرة، لحم البرد، والساهرة: الأرض. اللغة والإعراب: اللغو: القول الباطل، وما لا يعتد به من الكلام. تأثيم: مصدر أثمته؛ نسبته إلى الإثم؛ وهو الذنب. فاهوا: تلفظوا وتكلموا. "لا" الأولى مهملة، أو عاملة عمل ليس. "لغو" مبتدأ، أو اسم "لا" و"لا" الثانية عاملة عمل إن. "تأثيم" اسمها مبني على الفتح. "فيها" خبر. "وما" اسم موصول مبتدأ. "فاهوا به" الجملة صلة. "أبدًا" ظرف زمان. "مقيم" خبر المبتدأ. المعنى: ليس في الجنة قول باطل، أو كلام لغو لا فائدة منه، ولا يفعل أهلها ذنوبًا، وما تلفظوا به من طلب أي شيء، حاصل ومقيم دائما. الشاهد: رفع الاسم بعد "لا" الأولى، وفتحه بعد الثانية على التوجيه الذي ذكرناه. 1 فيكون معربا منونًا؛ بالعطف على محل اسم "لا" الأولى، وتكون "لا" الثانية زائدة. 2 صدر بيت من السريع، لأنس بن العباس بن مرداس السلمي، وعجزه: اتسع الخرق على الراقع اللغة والإعراب: خلة: صداقة. الخرق: الفتق. الراقع: الذي يصلح موضع الفساد من الثوب؛ ومثله: الراتق. "لا" نافية. "نسب" اسمها مبني على الفتح. "اليوم" ظرف متعلق بمحذوف خبر. "ولا" الواو عاطفة. "لا" زائدة لتأكيد النفي. "خلة" بالنصب, معطوف على محل اسم "لا" الأولى؛ عطف مفرد على مفرد، وقيل: إن "خلة" منصوب بفعل مضمر؛ أي: ولا أذكر خلة. المعنى: لا قرابة اليوم، ولا صلة نسب، ولا مودة، ولا صداقة؛ فقد بلغ الخلف مبلغا عظيما، لا يرجى معه إصلاح، وضرب اتساع الخرق مثلا، لتفاقم الأمر وعظمه. 3 لأن فيه نصب الاسم مع وجود "لا" والقياس فتحه بلا تنوين. هذا: وإذا لم يسبق "لا" الثانية عطف، فالكلام جملتان مستقلتان. وإن كان الكلام غير = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 فإن عطفت، ولم تكرر لا، وجب فتح الأول، وجاز في الثاني: النصب، والرفع1؛ كقوله: فلا أب وابنا مثل مروان وابنه2   = صالح لعمل "لا"؛ بأن كان معرفة، تعين الرفع. وفيما تقدم من أوجه، يقول الناظم: وركب المفرد فاتحا كلا ... حول ولا قوة والثاني اجعلا مرفوعا أو منصوبا أو مركبا ... وإن رفعت أولًا لا تنصبا* أي: ركب الاسم المفرد مع "لا"، فاتحا إياه؛ أي: أن تجعله مبنيا على الفتح، بسبب التركيب مع "لا"؛ وذلك مثل "لا حول ولا قوة". واجعل الثاني بعد "لا" المكررة، مرفوعا أو منصوبا، أو مركبا مع "لا"؛ فيكون مبنيا على الفتح. ثم بين أن جواز هذه الأوجه الثلاثة إذا كان اسم "لا" الأولى غير مرفوع؛ فإن كان مرفوعا، لم يجز في اسم "لا" المكررة النصب؛ بل يجوز فيه الرفع، أو البناء على الفتح لا غير. وقد بين ذلك كله بإيضاح. 1 أي: مطلقا؛ سواء أكان مفردا، أم غير مفرد، وكذلك الاسم المعطوف عليه. ويكون النصب بالعطف على محل اسم "لا" الأولى، والرفع على محلها؛ باعتبار أصلها قبل دخول "لا" وقد علمت أن أصلها مبتدأ مرفوع، أو على "لا" مع اسمها، وهما بمنزلة المبتدأ. 2 صدر بيت من الطويل، ينسب لرجل من بني عبد مناة، يمدح مروان بن الحكم، وابنه عبد الملك. وعجزه: إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا =   * "فاتحا" حال من ضمير ركب متعلقه محذوف؛ أي: فاتحا له. "كلا" الكاف جارة لقول محذوف. "لا" نافية للجنس، "حول" اسمها مبني على الفتح، وخبرها محذوف؛ أي: موجود. "ولا قوة" إعرابها مثل لا حول "والثاني" -بحذف الياء للضرورة- مفعول أول لاجعل. "اجعلا" فعل أمر مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد؛ المنقلبة ألفا للوقف. "مرفوعا" مفعول ثان لاجعل، وما بعده معطوف عليه. "وإن" شرطية. "رفعت" فعل الشرط في محل جزم، وتاء المخاطبة فاعل "أولا" مفعول. "لا" ناهية. "تنصبا" مضارع مبني على الفتح، في محل جزم، لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، المنقلبة ألفا، والفاعل أنت، والجملة جواب الشرط، وقد حذفت منه الفاء للضرورة؛ أي: فلا تنصب، ومفعول تنصب محذوف؛ أي" الثاني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 ويجوز: "وابن" بالرفع، وأما حكاية الأخفش "لا رجل وامرأة" بالفتح، فشاذ1. وإذا وصفت النكرة المبنية بمفرد متصل: جاز فتحه2 على أنه ركب معها   = اللغة والإعراب: المجد: العز والشرف. ارتدى: لبس الرداء، وهو اسم لما يستر النصف الأعلى من الإنسان: تأزرا: لبس الإزار؛ وهو اسم لما يستر النصف الأسفل منه. وقد كنى بذلك عن ثبوت هذه الصفة له؛ وهي العزة وكرم النجار؛ لأنه جعلهما كاللابسين لها، المترديين بها. "فلا" نافية للجنس. "أب" اسمها مبني على الفتح "وابنا" معطوف على محل اسم لا. "مثل" بالنصب, صفة على اللفظ، والخبر محذوف، وبالرفع صفة على المحل، أو هو الخبر ولا حذف. "مروان" مضاف إليه. "إذا" ظرف بمعنى الماضي. "هو" مبتدأ. "بالمجد" متعلق بارتدى، الواقع خبرا. المعنى: واضح بعد هذا البيان. الشاهد: العطف بالنصب، والرفع على اسم لا، بدون تكرار لا. وقد أوضحنا توجيه ذلك. ولا يجوز الفتح. 1 لأنه لا يصح البناء بالتركيب؛ لوجود الفصل بحرف العطف. وخرجه بعضهم على أن الأصل: ولا امرأة؛ فحذفت "لا" وأبقي البناء على نيتها، فالشذوذ من هذه الناحية. هذا: وإذا كان المعطوف معرفة، لم يجز فيها إلا الرفع على أنه مبتدأ. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بقوله: والعطف أن لم تتكرر "لا" احكما ... له بما للنعت ذي الفصل انتمى* أي: احكم للمعطوف -إن لم تتكرر "لا"- بالحكم الذي انتمى -أي: انتسب- للنعت المفصول من منعوته؛ وهذا الحكم هو جواز الرفع أو النصب، وامتناع الباء؛ كما سيأتي. 2 أي: بناؤه على الفتح إن كان مفردا، أو على ما ينوب عنها؛ كالياء في المثنى والمجموع.   * "والعطف" مبتدأ. "إن" شرطية. "لم تتكرر" فعل الشرط مجزوم بلم. "لا" فاعل تتكرر، مقصود لفظه "احكما" فعل أمر مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد المنقلبة ألفا للوقف، والفاعل أنت، والجملة جواب الشرط، وقد حذفت منه للضرورة. وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ. "له بما" متعلقان باحكم، وما اسم موصول. "للنعت" متعلق بانتمى، وفاعل انتمى يعود على ما، والجملة صلة. "ذي" نعت للنعت. "الفصل" مضاف إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 قبل مجيء "لا"، مثل خمسة عشر1، ونصبه؛ مراعاة لمحل النكرة2 روفعه مراعاة لمحلها مع لا3؛ نحو: "لا رجل ظريف فيها"4 ومنه: "لا ماء ماء باردًا عندنا"5 لأنه يوصف بالاسم إذا وصف والقول بأنه توكيد خطأ6. فإن فقد الإفراد7؛ نحو: لا رجل قبيحًا فعله عندنا، أو لا غلام سفر ظريفا عندنا، أو الاتصال؛ نحو: لا رجل في الدار ظريف، أو "لا ماء عندنا ماء باردا"، امتنع الفتح8. وجاز الرفع والنصب؛ كما في المعطوف بدون تكرار "لا"، وكما في البدل الصالح لعمل "لا"9، فالعطف نحو: لا رجل وامرأة فيها، والبدل؛ نحو: لا أحد رجل وامرأة فيها10.   1 ولا يصح أن يكون بناء النعت هنا، تبعا لبناء اسم "لا"، لأن بناء المتبوع لا ينتقل إلى التابع، ووجود النعت لا يخرج الاسم عن حالة الإفراد. 2 وقيل اتباعا للحركة البنائية؛ لأنها هنا شبيهة بحركة الإعراب؛ بل أصلها الإعراب. 3 أو لمحل اسم "لا" وحده؛ باعتبار أن أصله مبتدأ. 4 هذا من أمثلة الخليل؛ بفتح ظريف، ونصبه منونا، ورفعه، ويقال في المثنى: لا رجلين ظريفين، بالبناء والنصب، وظريفان. وفي الجمع: لا رجال ظريفين، بالبناء والنصب أيضا، وظريفون. 5 "لا" نافية للجنس. "ماء" اسمها مبني على الفتح. "ماء" الثانية نعت موطئ -أي: ممهد- للأولى. ويجوز فيه الأوجه الثلاثة المتقدمة في ظريف، ولكن يمتنع رفعه -عند سيبويه- على محل لا مع اسمها. "باردا" نعت له. "عندنا" خبر لا. 6 لأنه مقيد بالوصف؛ فليس مرادفًا في اللفظ لماء الأولى المطلقة. وأجازه بعضهم؛ على اعتبار أن الوصف طرأ بعد التوكيد. كما جوزوا إعرابه بدلا. ومنعه بعضهم؛ لأنه يلزم عليه تقديم البدل على النعت، وهو ممنوع. 7 أي: في النعت، أو في المنعوت. وقد مثل لهما المصنف. 8 لأنه علته التركيب، وهم لا يركبون ما زاد على كلمتين، بدون تنزيل. 9 وهو ما يكون نكرة، ومثلهما عطف البيان. 10 أي: برفع رجل وامرأة، ونصبهما لا غير. ولا يجوز الفتح في المعطوف والبدل؛ لوجود الفاصل في العطف بحرفه، وفي البدل بعامله؛ لأن البدل على نية تكرار العامل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 فإن لم يصلح له فالرفع1 نحو لا أحد زيد وعمرو فيها. وكذا في المعطوف الذي لا يصلح لعمل "لا"؛ نحو: لا امرأة فيها ولا زيد. وإذا دخلت همزة الاستفهام على "لا": لم يتغير الحكم2، ثم تارة يكون الحرفان باقيين على معنيهما3؛ كقوله: ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد4   1 أي: إذا لم يصلح البدل لعمل "لا"؛ بأن كان معرفة؛ تعين الرفع على الإبدال من محل "لا" مع اسمها، وامتنع النصب على محل اسمها؛ لأنها لا تعمل في معرفة. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: ومفردا نعتًا لمبني يلي ... فافتح أو انصبن أو ارفع تعدل وغير ما يلي وغير المفرد ... لا تبن وانصبه أو الرفع اقصد* أي: إن النعت المفرد الذي يلي اسم "لا" المبني، يجوز فيه الفتح أو النصب، وإن شئت فارفعه؛ تكن عادلا بين الرفع وغيره. وإذا كان النعت لا يلي المنعوت؛ لوجود فاصل بينهما أو كان أحدهما، أو كلاهما غير مفرد؛ فلا تبن النعت، بل انصبه، أو اقصد الرفع. 2 بل يكون حكمها مع الهمزة كحكمها بدونها في جميع ما تقدم؛ من عمل، ومن تركيب، وتكرار.. إلخ. ويصبح الأسلوب إنشائيا. 3 فتكون الهمزة للاستفهام، و"لا" للنفي، والمراد الاستفهام عن النفي؛ أي: عن شيء غير موجود. 4 صدر بيت من البسيط، لقيس بن الملوح، المعروف بمجنون بني عامر. =   * "ومفردًا" مفعول افتح، وفاؤه للتحسين؛ فلا تمنع عمله فيما تقدم عليه "نعتا" بدل منه أو حال؛ لأن نعت إذا تقدم عليها يعرب حالًا "لمبني" متعلق بنعتا. "يلي" مضارع وفاعله يعود إلى نعتا، والجملة صفة لنعت. "تعدل" مضارع مجزوم في جواب الأمر، وحرك بالكسر للروي. "وغير" مفعول مقدم لقوله لا تبن. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "يلي" الجملة صلة ما. و"غير" معطوف على "غير" الأولى. "المفرد" مضاف إليه؛ أي: غيره من النعت والمنعوت. "لا" ناهية. "تبن" مضارع مجزوم بلا بحذف الياء. "وانصبه" فعل أمر، وفاعله أنت والهاء مفعوله "أو الرفع" أو عاطفة للتخيير، الرفع مفعول لاقصد مقدم, واقصد فعل أمر، والفاعل أنت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 وهو قليل؛ حتى توهم الشلوبين أنه غير واقع. وتارة يراد بهما التوبيخ؛ كقوله: ألا ارعواء لمن ولت شبيبته1   = وعجزه: إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي اللغة والإعراب: اصطبار: تصبر وتجلد واحتمال. جلد: صلابة وثبات. لاقاه أمثالي: كناية عن الموت. "ألا" الهمزة للاستفهام، و"لا" نافية للجنس. "اصطبار" اسم "لا" مبني على الفتح. "لسلمى" متعلق بمحذوف خبر، أو متعلق باصطبار، والخبر محذوف، وهو مجرور بفتحة مقدرة على الألف؛ نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف؛ لألف التأنيث المقصورة. "أم" عاطفة. "لها" خبر مقدم. "جلد" مبتدأ مؤخر. المعنى: أيذهب الصبر، وينتفي عن سلمى، وتجزع؟ أم تتجلد وتثبت إذا لاقيت ما لاقاه أمثالي من الموت؟ الشاهد: معاملة "لا" بعد دخول همزة الاستفهام عليها؛ مثل معاملتها قبل دخولها، وكل من الهمزة، و"لا" باق على معناه؛ والمراد بهما الاستفهام عن النفي. وهذا البيت حجة على الشلوبين؛ في دعواه أن الاستفهام عن النفي شيء غير واقع. 1 صدر بيت من البسيط، لم نقف على قائله، وعجزه: وآذنت بمشيب بعده هرم اللغة والإعراب: ارعواء: انتهاء وانكفاف عن القبيح. ولت: أدبرت وذهبت شبيبته: شبابه. آذنت: أعلمت. مشيب: شيخوخة. هرم: كبر وضعف: "ألا" الهمزة للاستفهام، و"لا" نافية للجنس؛ ومعنى الحرفين التوبيخ والإنكار. "ارعواء" اسم "لا" مبني على الفتح. "لمن" متعلق بمحذوف خبر، أو متعلق بارعواء، والخبر محذوف. و"من" اسم موصول. "ولت شبيبته" الجملة صلة من. "وآذنت" معطوف على ولت، أو حال من الفاعل على تقدير "قد". "بمشيب" متعلق بآذنت. "بعده" ظرف ومضاف إليه خبر مقدم. "هرم" مبتدأ مؤخر، والجملة في محل جر صفة لمشيب. المعنى: ألا يبتعد وينأى عن الأمور القبيحة؛ من ذهب شبابه وولت صبوته، وأنذره المشيب بالكبر والضعف وذهاب القوة؟ الشاهد: بقاء عمل "لا" النافية مع دخول همزة الاستفهام عليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 وهو الغالب. وتارة يراد بهما التمني؛ كقوله: ألا عمر ولى مستطاع رجوعه1 وهو كثير. وعند سيبويه والخليل: أن "ألا" هذه بمنزلة أتمنى، فلا خبر لها، وبمنزلة ليت، فلا يجوز مراعاة محلها مع اسمها، ولا إلغاؤها إذا تكررت، وخالفهما المازني والمبرد2،   1- صدر بيت من الطويل، لم ينسب لقائل. وعجزه: فيرأب ما أثأت يد الغفلات اللغة والإعراب: ولى ذهب وأدبر: فيصلح ويجبر. أثأت: أفسدت. "ألا" حرف تمن. "عمر" اسمها مبني على الفتح، وهو بمنزلة المفعول؛ لأنها بمعنى أتمنى ولا خبر لها، وقيل: الهمزة للاستفهام، و"لا" نافية للجنس، وأريد بهما التمني. "ولى" الجملة في محل نصب صفة لعمر. "مستطاع" خبر مقدم. "رجوعه" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه, والجملة صفة ثانية لعمر. "مستطاع" خبر "ألا" و"رجوعه" نائب فاعل، لأنه اسم مفعول. "فيرأب" مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب التمني، وفاعله يعود على عمر. "ما" اسم موصول مفعول يرأب "أثأت يد الغفلات" الجملة صلة، والعائد محذوف؛ أي: أثأته. المعنى: أتمنى رجوع العمر الذي مضى وذهب، لأصلح ما أفسدته وما عملت من سوء في زمن الغفلة والجهل والصبوة. والشاهد: مجيء "ألا" بمعنى أتمنى؛ والدليل على ذلك نصب المضارع بعد الفاء في جوابها، وذلك كثير في كلام العرب. 2 فجعلاها كالمجردة من همزة الاستفهام، واستدلا بالبيت السابق؛ فجعلا "مستطاع": إما خبرا للا، أو صفة لاسمها، مراعاة لمحلها قبل دخول "لا"، والخبر محذوف؛ أي: راجع، و"رجوعه"، نائب فاعل مستطاع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 ولا دليل لهما في البيت؛ إذ لا يتعين كون "مستطاع" خبرا أو صفة، و"رجوعه" فاعلا1 بل يجوز كون "مستطاع" خبرا مقدما، و"رجوعه" مبتدأ مؤخرا، والجملة صفة ثانية. وترد "ألا" للتنبيه2 فتدخل على الجملتين؛ نحو {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ، {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} 3. وعرضية وتحضيضية4 فتختصان بالفعلية؛ نحو: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} ، {أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} 5.   1 المراد نائب فاعل؛ لأن "مستطاع" اسم مفعول يطلب نائب فاعل. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وأعط "لا" مع همزة استفهام ... ما تستحق دون الاستفهام* 2 هي "ألا" الاستفتاحية؛ هي كلمة واحدة لا عمل لها، وتدل على توجيه الذهن وتنبيهه إلى شيء هام يجيء بعدها، مؤكد الوقوع عند المتكلم، وكثيرا ما تقع بعدها "إن" المكسورة. 3 الآية الأولى مثال لدخولها على الجملة الاسمية، والثانية لدخولها على الجملة الفعلية؛ لأن "يوم" معمول لمصروفا؛ فهي داخلة على "ليس" تقديرا، والأصل: ألا ليس مصروفا عنهم يوم يأتيهم. 4 العرض: طلب الشيء برفق ولين. والتحضيض: طلبه بشدة وإزعاج. وسيأتي تفصيل الكلام عليهما في موضعه إن شاء الله. 5 "ألا" في الآية الأولى للعرض. وفي الثانية للتحضيض، هذا: ومثل "ألا" في الدلالة "أما"، غير أن "ألا" للاستقبال، و"أما" للحال، والغالب أن يأتي بعد "أما" قسم فتفيد توكيده؛ بنحو: أما والله إن الأمن مستتب. وقد تأتي بعدها "إن" المكسورة؛ مثل "ألا" وإذا وقعت كلمة "إلا" بعد "لا"؛ نحو لا إله إلا الله، جاز في الاسم الواقع بعدها النصب على الاستثناء، والخبر محذوف قبل "إلا". وجاز الرفع على البدل من محل لا مع اسمها، أو من الضمير المستتر في الخبر المحذوف، أو من محل اسم لا، بحسب أصله كما تقدم.   * "وأعط" فعل أمر والفاعل أنت. "لا" مفعول أول مقصود لفظه. "مع" ظرف متعلق بمحذوف حال من لا. "همزة استفهام" مضاف إليه. "ما" اسم موصول مفعول ثان لأعط. "تستحق" الجملة صلة ما. "دون" ظرف متعلق بمحذوف حال من لا. "الاستفهام" مضاف إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 مسألة: في حكم الخبر المجهول والمعلوم وإذا جهل الخبر وجب ذكره؛ نحو: "لا أحد أغير من الله عز وجل" 1، وإذا علم فحذفه كثير؛ نحو: {فَلا فَوْتَ} ، {قَالُوا لا ضَيْرَ} 2، ويلتزمه3 التميميون والطائيون.   1 هذا جزء من حديث نبوي، ونصبه: "أنا أغار، والله يغار، ولا أحد أغير من الله؛ ولذا حرم الفواحش" , والغيرة: الحمية والأنفة وانفعال النفس من فعل القبيح. يقال: رجل غيور، وامرأة غيور، وهذا مستحيل على الله، فالمراد لازم الغيرة؛ وهو البعد عن الموبقات، وزجر مرتكبها. 2 {فَلا فَوْتَ} جزء من الآية "51" من سورة سبأ؛ أي: فلا فوت لهم. و {لا ضَيْرَ} من الآية "50" من سورة الشعراء؛ أي: فلا ضير علينا. ومن الأساليب التي حذف فيها الخبر: "لا سيما"، ولا إله إلا الله. وقد أسلفنا الكلام على هذين المثالين. وندر في هذا الباب حذف الاسم وإبقاء الخبر. ومن ذلك قولهم: لا عليك؛ أي: لا بأس عليك. وفي حذف الخبر يقول الناظم: وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر ... إذا المراد مع سقوطه ظهر* 3 الضمير في "يلتزمه": يحتمل أن يعود على حذف خبر "لا" سواء علم أو لم يعلم. ويحتمل عوده على الخبر بقيد كونه معلوما بقرينة ما. ويكون المراد: أن الحجازيين يجيزون ذكر الخبر المعلوم وحذفه. أما التميميون، والطائيون فلا يجيزان ذكره. ولعل هذا هو الأقرب للصواب؛ لأن الجميع متفقون على أن الخبر غير المعلوم يجب ذكره.   * "وشاع" فعل ماض. "في ذا" متعلق بشاع. "الباب" بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة. "إسقاط" فاعل شاع. "الخبر" مضاف إليه. "إذا" ظرف للمستقبل فيه معنى الشرط. "المراد" فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده؛ أي: إذا ظهر المراد. "مع" ظرف متعلق بظهر. "سقوطه" مضاف إليه. "ظهر" فعل وفاعله يعود على المراد، والجملة لا محل لها مفسرة، وجواب إذا محذوف لدلالة ما قبله عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 ..............................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 ما الفرق بين "لا" التي للجنس، والتي للوحدة؟ في المعنى والعمل، مثل ووضح. 2 يقع اسم "لا" الجنسية مفردا ومضافا. بين حكمه من الإعراب في الحالتين. ثم اشرح المراد بالمفرد هنا. 3 متى تهمل "لا"؟ ومتى يجب تكرارها؟ وضح ذلك بأمثلة من إنشائك. 4 كيف تعرب تابع اسم "لا" معطوفا، أو نعتا، أو بدلا؟ اذكر أمثلة موضحة. 5 ما حكم "لا" إذ دخلت عليها الهمزة؟ وما المعاني التي تدل عليها عندئذ؟ مثل. 6 بين موضع الاستشهاد بما يأتي في هذا الباب: قال -تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} ، "لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ"، {لا ظُلْمَ الْيَوْمَ} ، وقال -عليه الصلاة والسلام: "اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت". من الأساليب العربية التي جرت مجرى الأمثال: لا هيثم الليلة للمطي. "وهيثم: اسم لص، أو سائق إبل"، وقولهم: بكيت ولا أمية في البلاد. فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ... ولا مال في الدنيا لمن قل مجده لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النطق إن لم يسعد الحال فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها 7 أعرب البيت الآتي، واشرحه شرحا أدبيا: إذا كان إصلاحي لجسمي واجبا ... فإصلاح نفسي لا محالة أوجب 8 كون من إنشائك -في وصف الحالة الاجتماعية عندنا- ما يأتي: أ- جملتين يكون اسم "لا" في إحداهما منصوبا بالفتحة، وفي الثانية بالياء. ب- جملتين يكون اسم "لا" في إحداهما مبنيا على الفتح، وفي الثانية مبنيا على الكسر، وجملة يكون الاسم فيها منصوبا بالألف. جـ- جملتين تكون "لا" في إحداهما واجبة التكرار، وفي الثانية ممنوعة التكرار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 الأفعال الناصبة للمبتدأ والخبر: الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها1 على المبتدأ والخبر2 فتنصبهما مفعولين: أفعال هذا الباب نوعان: أحدهما أفعال القلوب. وإنما قيل لها ذلك؛ لأن معانيها قائمة بالقلب3، وليس كل قلبي ينصب المفعولين؛ بل القلبي ثلاثة أقسام: ما لا يتعدى بنفسه؛ نحو: فكر وتفكر4. وما يتعدى لواحد؛ نحو: عرف، وفهم5، وما يتعدى لاثنين، وهو المراد6.   هذا باب الأفعال التي تنصب مفعولين: 1 هذا هو الأصل، وقد يتأخر الفاعل ويتقدم المبتدأ والخبر عليه، وقد يتقدمان على العامل إذا كانا مما يلزمان التصدير، كما سترى قريبا. 2 هذا بحسب الغالب؛ فلا يرد نحو: حسبت محمدا عليا، ولا صيرت الطين خرفا؛ مما ليس أصله مبتدأ وخبر، وإن أوله بعض النحاة. 3 أي: متصلة به، وهي المعاني التي تتردد في النفس، وتعرف بالأمور النفسية؛ كالفرح والحزن والفهم، والذكاء ... إلخ 4 مثلهما حزن، وجبن. 5 مثلهما: خاف، وكره، وأحب. 6 أي: المقصود هنا من هذا الباب، والمفعول الثاني هو الذي تتحقق به الفائدة؛ لأنه الخبر في الأصل. وإلى هذا القسم يشير ابن مالك بقوله: انصب بفعل القلب جزأي ابتدا ... أعني رأى خال علمت وجدا ظن حسبت وزعمت مع عد ... حجا درى وجعل اللذ كاعتقد وهب تعلم ................ ... .............................. * أي: انصب بفعل القلب جملة ذات ابتداء؛ أي: مبتدأ وخبر، ثم سرد أفعال القلوب. وأشار بقوله: أعني ... إلخ، إلى أن المراد أفعال قلوب معينة كما يتضح بعد. كما أشار بقوله: وجعل اللذ كاعتقد؛ إلى أن "جعل" المقصود هنا، هي التي بمعنى اعتقد، أما "جعل" السابق شرحها في باب "أفعال المقاربة"، وكذلك "جعل" التي من أفعال التصيير، أو الرجحان الآتية، فليستا من هذا الباب.   * "بفعل" متعلق بانصب، وهو مفرد مضاف إلى "القلب" فيعم. "جزأي" مفعول انصب. "ابتدا" مضاف إليه، وقصر للضرورة. "رأى" مفعول أعني مقصود لفظه. "ذال، علمت، وجد، ظن، حسبت" معطوفات على رأى بإسقاط حرف العطف. "وزعمت" معطوف كذلك على رأي. "مع" ظرف متعلق بأعني، أو حال من مفعوله "عد" مضاف إليه مقصود لفظه. "حجا درى" معطوفان على عد "اللذ" اسم موصول نعت لجعل، وهو لغة في الذي. "كاعتقد" متعلق بمحذوف صلة الموصولة. "وهب، تعلم" معطوفان على عد بإسقاط العاطف من تعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 أفعال القلوب، أقسامها: وينقسم أربعة أقسام: أحدها: ما يفيد في الخبر يقينا1، وهو أربعة: وجد2، وألفى3، وتعلم بمعنى اعلم4، ودرى5؛ قال الله -تعالى: {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا} 6، {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ} ، وقال الشاعر:   1 أي: إن المتكلم يعتقد اعتقادا جازما لا يشوبه شك، سواء أكان هذا الاعتقاد صحيحا في الواقع، أم لا. 2 أي: بمعنى "علم"، ومصدرها الوجود، وقيل: الوجدان؛ فإن كان بمعنى أصاب وصادف تعدت إلى واحد، ومصدرها الوجدان، وإن كانت بمعنى استغنى أو حزن أو حقد؛ فهي لازمة، ومصدر الأولين وجد، والأخيرة موجدة. 3 لا يستعمل هذا الفعل هنا إلا مزيدا بالهمزة، ويأتي بمعنى: أصاب ووجد، فيتعدى لواحد؛ تقول فقدت كتابي، ثم ألفيته؛ أي: وجدته وأصبته. 4 هو فعل أمر جامد عند أكثر النحاة بمعنى "اعلم"، يراد به الأمر بتحصيل العلم والمعرفة في الحال، ويكثر دخوله على "أن" وصلتها. وقد يأتي بمعنى حصل العلم مستقبلا بالأخذ في أسبابه، فيتعدى لواحد؛ تقول تعلم فن الاختزال فهو مفيد في هذا العصر. 5 أي: بمعنى علم، والأكثر فيه أن يتعدى إلى مفعوليه بالباء، ويأتي بمعنى ختل وخدع، فيتعدى لواحد؛ تقول: دريت الصيد؛ أي: خدعته. 6 الهاء المتصلة بتجد مفعوله الأول، و"خيرا" مفعوله الثاني، و"هو" ضمير فصل لا محل له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 تعلم شفاء النفس قهر عدوها1 والأكثر وقوع هذا على "أن" وصلتها2 كقوله: فقلت تعلم أن للصيد غرة3   1 صدر بيت من الطويل، لزياد بن سيار بن عمرو بن جابر، وعجزه: فبالغ بلطف في التحيل والمكر اللغة والإعراب: تعلم، فعل أمر ملازم لهذه الصيغة، بمعنى اعلم وتيقن. شفاء النفس: قضاء مطالبها ومآربها. بلطف: برفق ولين، النحيل: أخذ الأشياء بالحيلة والدهاء. "شفاء النفس" مفعول أول لتعلم ومضاف إليه. "قهر عدوها" مفعول ثان كذلك ومضاف إليه. "في التحيل" متعلق ببالغ. "والمكر" معطوف عليه. المعنى: أن الذي يريح النفس ويجعلها مطمئنة بحصولها على ما ترغب وتحب، هو أن تظفر بعدوها وتقهره، فعليك أن تبذل جهدك، مع الترفق واتباع الحيل وأنواع الخداع، لتصل إلى مرغوبك من عدوك. الشاهد: استعمال "تعلم" بمعنى "اعلم" ونصبه مفعولين، وكل منهما اسم ظاهر على غير الغالب فيها. 2 وحينئذ تسد "أن" ومعمولاها مسد المفعولين، ومعروف أن الصلة تشتمل على مسند ومسند إليه. 3 صدر بيت من الطويل، لزهير بن أبي سلمى المزني، من أصحاب المعلقات، وعجزه: وإلا تضيعها فإنك قاتله اللغة والإعراب: تعلم: اعلم. غرة. غفلة. تضيعها. الضمير عائد على الفرصة التي تتيحها الغفلة. "تعلم" فعل أمر والفاعل أنت. "للصيد" خبر أن مقدم. "غرة" اسمها مؤخر، وأن وصلتها سدت مسد مفعولي تعلم. "وإن" شرطية. "لا تضيعها" فعل الشرط فإنك. "قاتله" الفاء واقعة في الجواب، والهاء في "قاتله" عائدة على الصيد. المعنى: اعلم وتيقن يا صاحبي: أن للصيد أوقات يهدأ فيها ويستريح، وتعتريه غفلة وسكون، فإذا انتهزت هذه الفرصة، وصوبت إليه سهامك، فإنك قاتله لا محالة. الشاهد: استعمال "تعلم" بمعنى اعلم، وقد عداها إلى المفعولين بأن المؤكدة وصلتها، وهذا هو الكثير في استعمالها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 وقال: دريت الوفى العهد يا عرو فاغتبط1 والأكثر في هذا: أن يتعدى بالباء، فإذا دخلت عليه الهمزة تعدى لآخر بنفسه2؛ نحو: {وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ} 3.   1 صدر بيت من الطويل، لم نقف على نسبته لقائل. وعجزه: فإن اغتباطا بالوفاء حميد اللغة والإعراب: دريت: ماض مبني للمجهول، من درى بمعنى علم. فاغتبط: أمر من الغبطة؛ وهي تمني مثل ما للغير، من غير تمني زواله عنه، والمراد: أزدد فيما أنت عليه من الصفات الحميدة ليغبطك الناس، أو الدعاء له بأن يدوم على ما هو عليه؛ ليغبطه الناس. "دريت" ماض للمجهول، والتاء نائب فاعل، وهي المفعول الأول. "الوفي" مفعول ثان، وهو صفة مشبهة "العهد" فاعل بالوفي، أو مضاف إليه، أو منصوب على التشبيه بالمفعول به " يا عرو" يا للنداء، و"عرو" منادى مرخم بحذف التاء مبني على ضم الحرف المذكور أو المحذوف, على اللغتين المشهورتين: من ينتظر ومن لا ينتظر "فاغتبط" الفاء واقعة في جواب شرط مقدر، أي: إذا كنت كذلك فاغتبط. "فإن" الفاء للتعليل "اغتباطا" اسم إن "بالوفاء" متعلق به. "حميد" خبر إن. المعنى: تيقن الناس وعلموا علما لا شك فيه يا عروة، أنك تفي بالعهد، ولا تنقضه، فلتغبط على هذه الخصلة الكريمة؛ فإن الاغتباط بمثل هذه الصفة أمر محمود ومشكور عند الله والناس. الشاهد: نصب "درى"، وهو بمعنى اليقين، مفعولين بنفسه. أحدهما: التاء الواقعة نائب فاعل، والثاني: "الوفي" وهذا قليل، والكثير فيه، ما بينا قريبا؛ أي: يتعدى لواحد بالباء؛ تقول: دريت بكذا. 2 أي: إن دخلت عليه همزة التعدية، تعدى بها لواحد، وللثاني بالباء؛ كقوله -تعالى: {وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ} كما بين المصنف. 3 فضمير المخاطبين مفعول أول، والمجرور بالباء مفعول ثان. وقيل في قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} : إن الكاف مفعول أول، والجملة في محل نصب سدت مسد المفعول الثاني المتعدي إليه بالحرف على إسقاط الجار. وجعلها بعضهم في مثل هذا، مما دخل فيه على الفعل استفهام، متعدية إلى ثلاثة مفاعيل، والجملة سدت مسد المفعولين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 والثاني: ما يفيد في الخبر رجحانًا1، وهو خمسة: جعل2، وحجا3، وعد4، وهب5، وزعم6؛ نحو: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} 7،   1 الرجحان أو الظن: ما ينشأ من تغلب أحد الدليلين المتعارضين في أمر على الآخر، بحيث يصير أقرب إلى اليقين منه إلى الشك. 2 أي: التي بمعنى "اعتقد" كما بين الناظم؛ فإن كانت بمعنى "أوجد"، تعدت لواحد؛ نحو: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} ، أو بمعنى "أوجب، وفرض"، تعدت إلى واحد؛ بنفسها، وإلى الثاني بحرف الجر؛ تقول جعلت للمجد مكافأة سخية. 3 أي: بمعنى "ظن" فإن كانت بمعنى غلب في المحاجة والجدل، أو بمعنى قصد، أو رد، تعددت لواحد، وإن كانت بمعنى أقام، فهي لازمة. 4 أي: بمعنى الرجحان والظن، ومصدرها الزعم؛ فإن كانت بمعنى حسب، تعدت لواحد نحو: عددت النقود. 5 "هب" فعل ملازم لصيغة الأمر بمعنى ظن، ولا يستعمل منه ماض ولا مضارع بهذا المعنى. ويندر دخولها على "أن" وصلتها؛ كقولهم: هب أني فعلت كذا، ويكون المصدر المكون من "أن" ومعموليها سد مسد المفعولين. وكذلك "هب" أمر من الهبة؛ وهي التفضل على الموهوب له، يتعدى لمفعولين، أما "هب" من الهيبة؛ فيتعدى لواحد. 6 أي: بمعنى الرجحان، وتأتي بمعنى الاعتقاد، وتستعمل للشك غالبًا، ومصدرها الزعم؛ فإن كانت بمعنى كفل، أو رأس وساد، تعدت لواحد بنفسها أو بحرف الجر، ومصدرها الزعامة. وقد تستعمل "زعم" في القول، أو الخبر غير الصحيح؛ تقول: زعم فلان كذا؛ أي: قال أو أخبر خبرا غير صحيح. 7 فـ"الملائكة" مفعول أول، و"إناثًا" مفعول ثان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وقوله: قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة1 وقوله: فلا تعدد المولى شريكك في الغنى2 وقوله: وإلا فهبني أمرًا هالكًا3   1 صدر بيت من البسيط، ينسبه بعض النحاة لتميم بن مقبل. وقيل لغيره. وعجزه: حتى ألمت بنا يومًا ملمات اللغة والإعراب: أحجو: أظن. ألمت: نزلت، ملمات: جمع ملمة؛ وهي النازلة من نوازل الدهر. "أحجو" فعل مضارع والفاعل أنا. "أبا عمر" مفعول أول لأحجو ومضاف إليه. "أخا" بالتنوين، مفعول ثان. "ثقة" صفة له، بغير تنوين مضاف إلى ثقة منصوب بالألف. "حتى" حرف غاية. "ملمات" فاعل ألمت. المعنى: قد كنت أظن وأعتقد: أن أبا عمرو أخا مخلصا، يوثق به، ويعتمد عليه عند الملمات والشدائد، حتى نزلت بنا يوما حوادث مؤلمة، فتبين لي غير ما كنت أظن. الشاهد: استعمال المضارع من حجا، بمعنى ظن، ونصبه مفعولين. قيل: ولم ينقل أحد من النحاة أن "حجا يحجو" ينصب مفعولين، غير ابن مالك رحمه الله. 2 صدر بيت من الطويل، للنعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي. وعجزه: ولكنما المولى شريكك في العدم اللغة والإعراب: لا تعدد: لا تظن. المولى: يطلق على معان كثيرة، والمراد هنا: الصاحب والناصر. العدم: الفقر. "المولى" مفعول أول لتعدد. "شريكك" مفعول ثان ومضاف إليه. "لكنما" لكن حرف استدراك، و"ما" زائدة كافة. "المولى" مبتدأ. "شريكك" خبر ومضاف إليه. المعنى: لا تظن الصاحب المخلص والصديق الوفي هو الذي يقاسمك ويشاطرك المودة والإخاء في حال يسارك وغناك، بل هو الذي يرافقك ويصاحبك في حال فقرك وضيق ذات يدك، وتألب الزمان عليك. الشاهد: استعمال المضارع من "عد" بمعنى الظن، ونصبه مفعولين. 3 عجز بيت من المتقارب، لعبد الله بن همام السلولي، وصدره: فقلت أجرني أبا مالك = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وقوله: زعمتني شيخا ولست بشيخ1 والأكثر في هذه: وقوعه على "أنْ" و"أنَّ" وصلتهما؛ نحو: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} .   = اللغة والإعراب: أجرني: أغثني واحمني، وأصله: اتخذني لك جارا تدفع عنه وتحميه. هبني: احسبني وظنني. "أبا مالك" منادى بحذف حرف النداء ومضاف إليه. "وإلا" إن شرطية مدغمة في "لا" النافية، وفعل الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. "فهبني" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"هب" فعل أمر والنون للوقاية والياء مفعول أول. "امرأ" مفعول ثان. "هالكا" صفة لامرأ. المعنى: فقلت: أغثني واحمني ودافع عني يا أبا مالك، وأمني من أعدائي، وإن لم تفعل فظن أني هالك لا محالة. الشاهد: ورود "هب" بمعنى ظن، ونصبه مفعولين، وهو فعل جامد ملازم للأمرية كما أسلفنا. 1 صدر بيت من الخفيف، لأبي أمية الحنفي، واسمه أوس، وعجزه: إنما الشيخ من يدب دبيبا اللغة والإعراب: شيخا، الشيخ: هو الذي ظهر عليه الضعف والشيب، ويغلب أن يكون من سن الخمسين، ويجمع على أشياخ وشيوخ. يدب دبيبا: يمشي مشيا وئيدا. "زعمتني" فعل ماض والنون للوقاية وياء المتكلم مفعول أول لزعم. "شيخا" مفعول ثان. "بشيخ" خبر ليس على زيادة الباء. "إنما" أداة حصر. "من" اسم موصول خبر من الشيخ. "يدب دبيبا" الجملة صلة. المعنى: ظننت هذه المرأة حين رأت الشيب برأسي، أني أصبحت شيخا ضعيفا منهوك القوى، وهي في ذلك جد مخطئة؛ فالشيخ هو من يسير رويدا، وقد تقاربت خطاه، فلا يستطيع السير المعتاد، وأنا لست كذلك. الشاهد: استعمال "زعم" بمعنى ظن، ونصبه مفعولين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 وقوله: وقد زعمت أني تغيرت بعدها1 والثالث: ما يرد بالوجهين2 والغالب كونه لليقين، وهو اثنان: رأى3 وعلم4؛ كقوله -جل ثناؤه: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا} 5.   1 صدر بيت من الطويل، لكثير عزة، وعجزه: ومن ذا الذي يا عز لا يتغير اللغة والإعراب: زعمت: ظنت. تغيرت: تغير جسمي فأصبح هذيلا شاحب اللون. "أني تغيرت" الجملة من أن ومعموليها سدت مسد مفعولي زعم. "ومن ذا" مبتدأ. "الذي" خبر، أو "من" مبتدأ، "ذا" خبر، والذي بدل. "يا عز" يا: حرف نداء، و"عز" منادى مرخم. "لا يتغير" الجملة صلة الموصول. المعنى: ظنت عزة وهي تتحدث عني، لما رأته من تحول في بدني، وشحوب في لوني، وهزال في جسمي، أني تغيرت بعد فراقها والبعد عنها. ثم رجع وقال: ومن الذي لا يتغير بعد ما عانى من الوجد وألم الشوق والبعد؟ الشاهد: استعمال "زعم" بمعنى ظن، وتعديته للمفعولين بواسطة "أن" وصلتها، وهو الكثير فيها. 2 أي: يكون بمعنى اليقين أحيانا، وبمعنى الرجحان أحيانا أخرى، والقرينة تعين المراد. 3 تأتي بمعنى "علم" كثيرا، وبمعنى "ظن" قليلا؛ فإن كانت بصرية، أو من أصاب رئته، تعددت لواحد، وستأتي رأى الحلمية قريبا. 4 تأتي بمعنى" تيقن" كثيرا، وبمعنى "ظن" قليلا، أما علم بمعنى "عرف" فتتعدى لواحد، وسيبين المصنف ذلك. وعلم، بمعنى: انشقت شفته العليا. لازم. يقال: علم الرجل فهو أعلم، والأفلح: مشقوق الشفة السفلى. 5 اجتمع في هذه الآية المعنيان؛ أي: يظنون البعث ممتنعا، ونعلمه واقعا لا محالة، فالأولى للرجحان، والثانية لليقين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 وقوله -تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} 1، وقوله -تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} 2. والرابع: ما يرد بهما والغالب كونه للرجحان؛ وهو ثلاثة: ظن3، وحسب4، وخال5؛ كقوله: ظننتك إن شبت لظى الحرب صالبا6   1 "اعلم" هنا بمعنى تيقن واعتقد، وأن واسمها وخبرها سدت مسد مفعوليها. 2 "علم" في الآية بمعنى ظن، والضمير "هن" مفعولها الأول، و"مؤمنات" المفعول الثاني. 3 أي: التي بمعنى الرجحان واليقين، وهي كثيرة في الأول، قليلة في الثاني، فإن كانت ظن بمعنى اتهم، تعدت لواحد، وسيبين المصنف ذلك. 4 أي: التي بمعنى ظن، وهي بكسر السين، وتأتي بمعنى تيقن بقلة، ويجوز فتح السين في المضارع وكسرها. أما "حسب" بفتح السين، فهي بمعنى عد، ومضارعها "يحسب" بضم السين. 5 أي: التي بمعنى ظن، وتأتي بمعنى علم قليلا. أما "خال" بمعنى تكبر -من الاختيال- فهي لازمة. 6 صدر بيت من الطويل، لم نقف على قائله، وعجزه: فعردت فيمن كان عنها معردا اللغة والإعراب: شبت: اشتعلت واتقدت وتأججت. لظى الحرب: نارها وأوارها. صاليا: داخلا فيها، وخائضا غمارها. عردت: أحجمت وفررت، والتعريد: الفرار، أو سرعة الذهاب في الهزيمة. "ظننتك" الكاف مفعول أول لظننت. "إن شبت" شرط وفعله. "لظى الحرب" فاعل شبت ومضاف إليه، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، "صاليا" مفعول ظن الثاني. "فعردت" الفاء عاطفة. "معردا" خبر كان، والجملة من كان ومعموليها صلة "من". المعنى: ترجح عندي، إذا اضطرمت نيران الحرب وحمي وطيسها، أن تقتحمها وتخوض غمارها غير هياب ولا وجل، ففررت، وانهزمت مع المنهزمين. الشاهد: استعمال ظن بمعنى الرجحان، ونصبها مفعولين كما بينا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 وكقوله -تعالى: {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} 1 وكقول الشاعر: وكنا حسبنا كل بيضاء شحمة2 وقوله: حسبت التقى والجود خير تجارة3   1 "يظنون" في الآية بمعنى يتيقنون، وأن ومعمولاها سدت مسد المفعولين. 2 صدر بيت من الطويل، لزفر بن الحارث الكلابي، في وصف موقعة "مرج راهط" بالشام. وعجزه: عشية لاقينا جذام وحميرا وبعده: فلما لقينا عصبة تغلبية ... يقودون جردا في الأعنة ضمرا سقيناهمو كأسا سقونا بمثلها ... ولكنهم كانوا على الموت أصبرا فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعض أبت عيدانه أن تكسرا اللغة والإعراب: "وكنا حسبنا كل بيضاء شحمة": معناه: كنا ظننا شيئا فوجدنا الأمر على غير ذلك. وهذه العبارة مأخوذة من المثل: "ما كل بيضاء شحمة، ولا كل سوداء تمرة". جذام وحمير: قبيلتان من قبائل اليمن، وجذام: لقب عمرو، وحمير: لقب العرنجج. "كل" مفعول أول حسبنا. "بيضاء" مضاف إليه. "شحمة" مفعول ثان. "عشية" منصوب على الظرفية بحسب. "جذام" مفعول لاقينا، و"حميرا" معطوف عليه، وهما ممنوعان من الصرف للعلمية والتأنيث لاسم القبيلة. المعنى: كنا ظننا في قومنا؛ لما نعلمه من شجاعتهم ومقدرتهم الفائقة في الحرب القدرة على قهر الأعداء بمجرد اللقاء، مع شدتهم وبأسهم، وأن الأعداء سيهزمون حين يرون أنهم أمام شجعان لا قبل لهم بمنازلتهم، ولكنا وجدنا في الأعداء قدرة وصلابة وصمودا للقتال، وصبرا لم يكن منتظرا. وهذا من خبر ما قيل في إنصاف الخصوم. الشاهد: استعمال "حسب" بمعنى الرجحان، ونصبه مفعولين. 3 صدر بيت من الطويل، للبيد بن ربيعة، وعجزه: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 وكقوله: إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى1   = رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا اللغة والإعراب: رباحا, أي: ربحا. ثاقلا, أي: ميتا؛ لأن الجسم يثقل إذا فارقته الروح. "التقى" مفعول أول حسب. "خير تجارة" مفعول ثان ومضاف إليه. "رباحا" منصوب على التمييز. "إذا" شرطية. "ما" زائدة. "المرء" اسم لأصبح محذوفة تفسرها المذكورة، وخبرها محذوف أيضا. "ثاقلًا" بمعنى ثقيلا, خبر أصبح. ويجوز أن يكون "المرء" مبتدأ، وجملة "أصبح" خبره. المعنى: علمت وتيقنت أن تقوى الله، والجود بالمال وبالنفس إذا اقتضى الأمر، أحسن تجارة تعود على الإنسان بخير ربح، إذا مات وفارق هذه الدنيا؛ ذلك لأنه سيجد ما أعده الله خيرا وأعظم أجرا. الشاهد: استعمال حسب بمعنى علم، ونصبه مفعولين كما ذكرنا. 1 صدر بيت من الطويل، لم نقف على قائله. وعجزه: يسومك ما لا يستطاع من الوجد اللغة والإعراب: إخالك: أظنك، وهو بكسر الهمزة، مع أن القياس في همزة المضارعة فتحها، ولكن جمهور العرب كسروها في هذا الفعل، ما عدا بنو أسد؛ فإنهم يفتحونها على القياس. تغضض الطرف: تصرف العين وتغمضها. ذا هوى: صاحب عشق. يسوم: يكلفك ويجشمك. الوجد: الهيام والحزن. "إخالك" فعل مضارع، والفاعل أنا، والكاف مفعول أول. "إن لم تغضض" شرط وفعله. "الطرف" مفعوله، والجواب محذوف يدل عليه ما قبله. "ذا" بمعنى صاحب, مفعول ثان لإخال. "هوى" مضاف إليه. "يسومك" مضارع فاعله يعود على هوى والكاف مفعوله، والجملة صفة لهوى. "ما" اسم موصول مفعول ثان ليسومك. "لا يستطاع" الجملة صلة ما. "من الوجد" بيان لما. المعنى: أظنك إن لم تغمض عينيك، وتكف بصرك عن النظر إلى الحسان ومفاتنهن، صاحب عشق وحب، يجشمك الصعاب، ويقودك إلى ما لا تستطيع تحمله من الحزن والألم. الشاهد: استعمال مضارع خال -وهو بمعنى الرجحان- في نصب مفعولين؛ هما كاف الخطاب، و"ذا هوى". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 وقوله: ما خلتني زلت بعدكم ضمنًا1 تنبيهان الأول: ترد علم بمعنى عرف2، وظن بمعنى اتهم3، ورأى بمعنى الرأي؛ أي: المذهب4، وحجا بمعنى قصد، فيتعدين إلى واحد؛ نحو: {وَاللَّهُ   1 صدر بيت من المنسرح، أنشده خلف الأحمر من الكوفيين، ولم ينسبه، وعجزه: أشكو إليكم حموة الألم اللغة والإعراب: ضمنا: زمنا مبتلى. حموة الألم: شدته وسورته. "ما خلتني" ما نافية. "خلت" فعل وفاعل، والنون للوقاية، والياء مفعول. "زلت" فعل ماض ناقص، والتاء اسمها. "بعدكم" ظرف متعلق بضمنا الواقع مفعولا ثانيا لخلت. "أشكو" فعل مضارع، والجملة خبر زال. "حموة" مفعول أشكو. "الألم" مضاف إليه. ويجوز أن يكون "ضمنا" خبر زال، وجملة "أشكو" هي مفعول "خال" الثاني. المعنى: يقول لمن فارقهم من الأحبة: ما ظننت أني سأبقى بعد فراقكم وبعدكم عني، مريضا أشكو شدة الألم من البعد والفراق والشوق إليكم. الشاهد: استعمال خال بمعنى الرجحان، ونصبه مفعولين كما ذكرنا في الإعراب. 2 ويكون مصدرها العلم بمعنى العرفان؛ تقول: علمت الخبر؛ أي: عرفته. 3 ومصدرها الظن بمعنى الاتهام؛ تقول: اختفت النقود فظننت الخادم؛ أي: اتهمته. وإلى هذين يشير الناظم بقوله: لعلم عرفان وظن تهمه ... تعدية لواحد ملتزمه* أي: للعلم الدال على معنى العرفان، والظن الذي معناه التهمة؛ يرين أن علم إذا كانت بمعنى عرف، ومصدرها العرفان، وظن إذا كانت بمعنى اتهم، ومصدرها الظن بمعنى الاتهام، تعدت كل منهما إلى مفعول واحد. وخصهما الناظم بالتنبيه؛ لأنهما الأصل؛ ولأنهما لا يخرجان عن القلبية. أما غيرهما فينصب مفعولين حملًا عليهما، ويخرج عن القلبية غالبًا. 4 فيكون معنى رأى ذهب واعتقد.   * "لعلم" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "عرفان" مضاف إليه. "وظن" معطوف على علم. "تهمه" مضاف إليه "تعدية" مبتدأ مؤخر. "لواحد" متعلق به. "ملتزمة" نعت لتعدية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} 1، {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} 2، وتقول: رأى أبو حنيفة حل كذا، ورأى الشافعي حرمته3، وحجوت بيت الله4. وترد وجد بمعنى حزن، أو حقد فلا يتعديان5. وتأتي هذه الأفعال وبقية أفعال الباب لمعان أخر غير قلبية فلا تتعدى لمفعولين6. وإنما لم يحترز عنها؛ لأنها لم يشملها قولنا: "أفعال القلوب". الثاني: ألحقوا رأي الحلمية7 برأي العملية في التعدي لاثنين؛ كقوله: أراهم رفقتي حتى إذا ما8 ومصدرها الرؤيا؛ نحو: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ} . ولا تختص الرؤيا   1 معنى لا تعلمون: لا تعرفون. و"شيئا" مفعوله. 2 بظنين -على قراءة الظاء- أي: بمتهم. 3 معنى رأى في هذا المثال: اعتقد، فيتعدى لمفعول واحد؛ هو لفظ "حل" للأولى، و"حرمة" للثانية. وقال الرضي: إن رأى التي من الرأي بمعنى الاعتقاد، تتعدى أحيانا لاثنين؛ مثل: رأى أبو حنيفة كذا حلالا، ورأى الشافعي كذا حراما. وتارة تتعدى لواحد هو مصدر ثاني هذين الفعلين مضافا إلى أولهما؛ كما ذكر المصنف. قال الصبان: "وهذا صريح في جواز استعمال أفعال هذا الباب متعدية إلى واحد هو مصدر ثاني الجزأين مضافا إلى أولهما، من غير تقدير مفعول ثان؛ لأن هذا المصدر هو المفعول به في الحقيقة". وهو قول وجيه. 4 حجوت بمعنى قصدت ونويت. و"بيت الله" مفعوله ومضاف إليه. 5 تقول: وجد محمد على أبيه؛ أي: حزن أو حقد. وتقدم القول في ذلك. 6 ذكرنا المشهور من هذه المعاني عند ذكر كل فعل؛ فتنبه. 7 أي: الدالة على الرؤيا المنامية. 8 صدر بيت من الوافر، لعمرو بن أحمر الباهلي، من قصيدة يذكر فيها جماعة من قومه فارقوه ولحقوا بالشام؛ فصار يراهم في منامه، وعجزه: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 بمصدر الحلمية، بل تقع مصدرًا للبصرية،   = تجافى الليل وانخزل انخزالا وبعده: إذا أنا كالذي يجري لورد ... إلى آل فلم يدرك بلالا اللغة والإعراب: رفقتي: الرافقة: الجماعة ينزلون جملة ويرتحلون جملة. تجافى الليل: زال وذهب. وانخزل: انطوى وانقطع. لورد، الورد: المنهل العذب الذي يشرب منه. آل: هو السراب، وما تراه وسط النهار كأنه ماء وليس بماء. بلالا: ما يبل به الحلق من ماء وغيره، والمراد هنا الماء. "أراهم" أرى فعل مضارع والفاعل أنا، و"هم" مفعول أول. "رفقتي" مفعول ثان. "حتى" ابتدائية. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "ما" زائدة. "تجافى الليل" فعل وفاعل، والجملة فعل الشرط، والجواب: "إذا أنا كالذي يجري لورد"؛ أول البيت الثاني. المعنى: إن هؤلاء الرفاق؛ وهم كما جاء في البيت الذي قبل بيت الشاهد: أبو حنش يؤرقني وطلق ... وعمار وآونة أثالا أراهم مجتمعين معي مناما، حتى إذا انطوى الليل واستيقظت من نومي لا أرى أحدا، فأنا كالظمآن الذي يرى السراب فيظنه ماء، فإذا جاءه لم يجد شيئا، فيعود ولم ينل مأربا. الشاهد: إعمال "أرى" التي بمعنى الرؤية في النوم، ونصبها مفعولين؛ كأرى التي بمعنى علم؛ لما بينهما من تشابه؛ لأن الرؤيا إدراك بالحس الباطن كالعلم. وفي هذا يقول الناظم: ولرأى الرؤيا انم ما لعلما ... طالب مفعولين من قبل انتمى* أي: انسب للفعل "رأى" الذي مصدره الرؤيا المنامية, ما انتسب من قبل للفعل "علم" الذي يطلب مفعولين لينصبهما.   * "ولرأى" جار ومجرور متعلق بانم مقصود لفظه. "الرؤيا" مضاف إليه. "ما" اسم موصول مفعول انم. "لعلما" متعلق بانتمى. "طالب" حال من علم. "مفعولين" مضاف إليه. "من قبل" جار ومجرور متعلق بانتمى، وجملة "انتمى" صلة الموصول، ومعنى انتمى: انتسب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 الأفعال الناصبة للمبتدأ والخبر ... خلافًا للحريري1، وابن مالك؛ بدليل: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} . قال ابن عباس: هي رؤيا عين2.   1 هو أبو محمد، القاسم بن علي بن محمد الحريري، صاحب المقامات المشهورة. كان غاية في الذكاء والفطنة والبلاغة، وأحد أئمة عصره في اللغة. وحسبك دليلا على ذلك مقاماته التي بز بها الأوائل، وأعجز الأواخر. وله غير ذلك مصنفات حسنة؛ منها: درة الغواص في أوهام الخواص، وملحة الإعراب وشرحها في النحو. وله ديوان شعر، وفي مقاماته كثير من شعره. وكان -رحمه الله- دميما مبتلى بنتف لحيته. وتوفي بالبصرة سنة 516هـ. 2 ومع هذا فالمشهور استعمالها في الحلمية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 أفعال التصيير : النوع الثاني: أفعال التصنيير1؛ كجعل، ورد، وترك، واتخذ، وتخذ، وصير، ووهب4. قال الله -تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} 2، {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} 3، {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} 4, {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} ،   1 أي: الأفعال التي تدل على التحويل من حالة إلى حالة أخرى، ولم يذكرها الناظم. واكتفى بأن يشير إليها بقوله: ................... والتي كصيرا ... أيضا بها انصب مبتدًا وخبرا* 2 أي: التي بمعنى صير، ولا يستعمل في هذا المعنى إلا بصيغة الماضي. 3 الهاء في جعلناه "مفعول أول"، وهي عائدة على عمل الكفار. "هباء" مفعول ثان. "منثورا" صفة لهباء. والهباء: ذرات التراب الصغيرة، وما يرى من ذرات في شعاع الشمس، ومعنى منثورا: مبعثرا. 4 "كُمْ" من "يردونكم" مفعول أول "يردون". "كفارا" مفعول ثان. "بعضهم" مفعول أول لترك ومضاف إليه. "يومئذ" ظرف مضاف لإذ. "يموج" الجملة في محل نصب مفعول ثان، ومن العلماء من يجعل ترك متعديا لواحد، وينصب المفعول الثاني على الحال.   * "والتي" اسم موصول مبتدأ. "كصيرا" متعلق بفعل محذوف جملته صلة التي. "أيضا" مفعول مطلق لفعل محذوف. "بها" متعلق بانصب. "مبتدأ" مفعول انصب. "وخبرا" معطوف على مبتدأ، والجملة خبر التي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 وقال الشاعر: تخذت غراز إثرهم دليلًا1 وقال: فصيروا مثل كعصف مأكول2   1 صدر بيت من الوافر لأبي جندب بن مرة الهذلي، من أبيات يقولها في بني لحيان. وعجزه: وفروا في الحجاز ليعجزوني اللغة والإعراب: غراز: اسم واد، وقيل: اسم جبل. إثرهم: عقب رحيلهم. ليعجزوني: ليغلبوني، وذلك بأن يفلتوا مني فلا أدركهم. "غراز" مفعول أول لتخذت ممنوع من الصرف على إرادة البقعة. "إثرهم" منصوب على الظرفية ومضاف إليه. "دليلًا" مفعول ثان. "في الحجاز" متعلق بفروا، و"في" بمعنى إلى. "ليعجزوني" اللام للتعليل، و"يعجزوني" منصوب بأن مضمرة بعد اللام. المعنى: يذم بني لحيان؛ وقد كانت بينه وبينهم خصومة؛ فيقول: إني تتبعت أثرهم بعد رحيلك، ولكنهم فروا إلى الحجاز؛ ليعجزوني؛ وذلك بأن يفوتوني فلا أدركهم. الشاهد: استعمال "تخذ" ونصبه مفعولين، وهو من أفعال التنصير. 2 عجز بيت من السريع الموقوف بسكون لام مأكول، وهو لرؤبة بن العجاج، وصدره: ولعبت طير بهم أبابيل اللغة والإعراب: أبابيل: جماعات وفرق، واحده إبول أو إبيل، وقيل: لا واحد له. كعصف: العصف: الزرع الذي أكل حبه وبقي تبنه وورقه، وقيل: التين. "فصيروا" فعل ماض للمجهول، والواو نائب فاعل، وهي المفعول الأول. "مثل" المفعول الثاني. "كعصف" الكاف بمعنى مثل، توكيد لمثل المذكورة، و"عصف" مضاف إليه. "مأكول" صفة لعصف، وسكن للروي. وقيل: الكاف زائدة. و"عصف" مضاف إليه بمثل. المعنى: يصف الشاعر قوما هلكوا واستؤصلوا، فلم يبق لهم أثر يذكر. ولعله يشير إلى قصة أصحاب الفيل، فشبههم بالزرع الذي عبثت به جماعات الطيور، فأكلت حبه، ولم تترك منه غير ورقه الجاف. الشاهد: استعمال "صير"، وهي من أفعال التحويل، ونصبه مفعولين: أولهما واو الجماعة النائبة عن الفاعل، والثاني "مثل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 وقالوا: وهبني الله فداك1. وهذا ملازم للمضي. لهذه الأفعال ثلاثة أحكام: أحدها الإعمال: وهو الأصل، وهو واقع في الجميع2. الثاني الإلغاء: وهو إبطال العمل لفظًا ومحلا لضعف العامل بتوسطه، أو تأخره؛ كزبيد ظننت قائم، وزيد ظننت3. قال: وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور4   1 قول لبعض العرب في الدعاء. ومعنى وهبني: صيرني. وياء المتكلم مفعول أول. و"فداك" مفعول ثان، وهو بالكسر يمد ويقصر، وبالفتح يقصر لا غير. 2 أي: في أفعال القلوب، وفي أفعال التصيير، سواء منها المتصرف أو الجامد على النحو الذي ذكر. وقد مر أن الأفعال القلبية متصرفة إلا فعلين؛ هما: "تعلم" بمعنى اعلم، و"هب" بمعنى ظن, والذي يعمل من المتصرف هو الماضي وحده في الغالب، أما أفعال التصيير فالجامد منها هو "وهب"، ويلزم المضي كما سبق. 3 المثال الأول لتوسط العامل بين المبتدأ والخبر "مفعوليه"، والثاني لتأخره عنهما. والإلغاء في الحالتين جائز لا واجب، إلا في مسائل ستذكر فيما بعد. 4 عجز بيت من البسيط، لمنازل بن ربيعة المتقري، يهجو العجاج الراجز المشهور. وصدره: أبالأراجيز يابن اللؤم توعدني اللغة والإعراب: الأراجيز: جميع أرجوزة، وهي ما كان من الشعر من بحر الرجز، وقد كان من الشعراء من لا يقول غير الرجز؛ كالعجاج وابنه رؤبة، ومنهم من يقول الشعر لا غير، وآخرون يقولون النوعين. توعدني: تتهددني. اللؤم: دناءة الأصل وشح النفس. الخور: الضعف. "أبالأراجيز" الهمزة للاستفهام، و"بالأراجيز" متعلق بتوعدني. "يابن اللؤم" منادى ومضاف إليه. "وفي الأراجيز" خبر مقدم، والواو للحال. "خلت" فعل وفاعل. "اللؤم" مبتدأ مؤخر. "والخور" معطوف على اللؤم، وجملة "خلت" معترضة بين المبتدأ والخبر. المعنى: أتتهددني بالأراجيز يا دنيء الأصل، ويا وضيع النسب؟ وفي هذه الأراجيز الدناءة والضعف. وقد جعله ابنا للؤم مبالغة في هجائه. الشاهد: إلغاء "خال"؛ لتوسطها بين المفعولين، فرفعا على المبتدأ والخبر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 وقال: هما سيدانا يزعمان وإنما1 وإلغاء المتأخر أقوى من إعماله2، والمتوسط بالعكس3.   1 صدر بيت من الطويل، لأبي أسيدة الدبيري. وعجزه: يسوداننا إن أيسرت غنماهما وقبله: وإن لنا شيخين لا ينفعاننا ... غنيين لا يجري علينا غناهما اللغة والإعراب: يزعمان: يظنان: أيسرت غنماهما: كثرت ألبانها ونسلها. "هما" ضمير منفصل مبتدأ. "سيدانا" خبر ومضاف إليه. "يزعمان" فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف فاعل. "وإنما" أداة حصر لا عمل لها. "إن" شرطية. "أيسرت" فعل الشرط. "غنماهما" فاعل أيسرت ومضاف إليه. وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله. المعنى: إن لنا في قومنا شيخين، طعنا في السن غنيين، لا يعود علينا من غناهما شيء، ومع ذلك يزعمان أنهما سيدانا وصاحبا الأمر فينا. وإنما يكونان كذلك، ويستحقان اسم السيادة علينا؛ إذا أيسرت غنماهما وأجريا علينا شيئًا مما أنعم الله به عليهما. الشاهد: إلغاء عمل الفعل "يزعم" في معموليه لتأخره عنهما؛ فرفعا على المبتدأ والخبر. 2 وذلك لضعفه بالتأخر، ويشترط لجواز الأمرين: عدم انتفاء العامل، وإلا وجب الإعمال؛ نحو: محمدا مسافرا لم أدر، وكون العامل غير مصدر؛ نحو: على مجد ظني، وألا تدخل على الاسم لام الابتداء؛ نحو: لرأيك ناضج خلت، وإلا وجب الإلغاء في الموضعين. ويرى بعضهم أن الثاني من باب التعليق، وتأخير الفعل مع وجود المعلق، لا يمنع التعليق. 3 أي: إن الإعمال أقوى من الإهمال، ومحل هذا إذا لم تتقدم على الاسم لام الابتداء، وإلا وجب الإلغاء. وإذا كان الفعل منفيا تعين الإعمال كما سبق في المتأخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 وقيل: هما في المتوسط بين المفعولين سواء. الثالث التعليق: هو إبطال العمل لفظًا لا محلا1؛ لمجيء ما له صدر الكلام بعده، وهو: لام الابتداء؛ نحو: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ 2 مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} . ولام القسم كقوله: ولقد علمت لتأتين منيتي3   1 أي: إن العامل يمنع من العمل الظاهر؛ وهو النصب في لفظ المفعولين أو أحدهما ولكنه في التقدير عامل؛ وذلك بسبب مانع يحول بينه وبين العامل الظاهر. وسمي هذا النوع من العمل تعليقًا؛ لأن العامل متعلق بالمحل ومقدر عمله فيه، وإن بطل عمله في اللفظ؛ بسبب هذا المانع كما سترى. واعلم أن الجملة في حالة التعليق لفظها مرفوع ولكنها في محل نصب؛ فإذا عطفت عليها جاز مراعاة لفظها برفع المعطوف، وجاز نصبه مراعاة لمحلها. أما في حالة الإلغاء فالجملة لا محل لها من الإعراب، ولا يعطف عليها إلا بالرفع تبعا للفظها. 2 فاللام في "لمن" للابتداء، و"من" اسم موصول مبتدأ أول، وجملة أول جملة "اشتراه" صلة "ما" ثانية "له" خبر مقدم، "من خلان" مبتدأ ثان مؤخر على زيادة من، والجملة خبر الأول وهو "من" الموصولة، وجملة "من اشتراه" في محل نصب سدت مسد مفعولي "علم"، وقد علق عن العمل في اللفظ بسبب لام الابتداء بعده؛ لأن لها الصدارة فلا يتخطاها عامل، وإلا فقدت صدارتها. 3 صدر بيت من الكامل؛ للبيد بن ربيعة من معلقته المشهورة. وعجزه: إن المنايا لا تطيش سهامها اللغة والإعراب: منيتي: المنية: الموت. لا تطيش: لا تخيب ولا تخطئ؛ يقال طاش السهم: إذا لم يصب الهدف. سهامها: جمع سهم. "ولقد" الواو حرف قسم، والمقسم به محذوف، واللام واقعة في جواب القسم، وقد للتحقيق. "علمت" الجملة جواب القسم لا محل لها. "لتأتين" اللام واقعة في جواب قسم آخر مقدر، وتأتين مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة. "منيتي" فاعل. والجملة من الفعل والفاعل سدت مسد مفعولي "علم" المعلق بلام القسم؛ فيكون قد أقسم على العلم، وأقسم على الإتيان. وقيل: إن لتأتين جواب القسم المذكور. ولا يقدر قسم بعد علمت، واللام في لقد للتوكيد. المعنى: لقد أيقنت أني سألاقي الموت، وأن منيتي آتية لا محالة؛ لأن الموت مقدر ونازل بكل مخلوق، ولا يفلت منه أحد أبدا. الشاهد: وقوع "علمت" قبل لام جواب القسم؛ وهي لها الصدارة، فعلقت عن العمل في لفظ الجملة بعدها، وهي في محل نصب سدت مسد المفعولين كما بينا في الإعراب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 و"ما" النافية؛ نحو: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ} 1. و"لا" و"إن" النافيتان في جواب قسم ملفوظ به، أو مقدر2؛ نحو: علمت والله لا زيد في الدار ولا عمرو، وعلمت إن زيد قائم3. والاستفهام، وله صورتان: إحداهما: أن يعترض حرف الاستفهام بين العامل والجملة؛ نحو: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} 4   1 "ما" نافية. "هؤلاء" مبتدأ. "ينطقون" الجملة خبر. والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب سدت مسد مفعولي "علم"، وهي معلقة عنها لفظا بما النافية. 2 لأن لها الصدارة حينئذ، ويرى البعض عدم اشتراط القسم قبل كل أداة من الثلاثة؛ لعدم وروده في الأساليب الفصيحة. ولا فرق في الأحرف الثلاثة بين العاملة منها والمهملة؛ فكلها مع الإعمال أو الإهمال صالحة لأن تكون أداة تعليق. 3 مثال للقسم المقدر مع "إن"، وما قبله مثال للقسم الملفوظ به مع "لا". وعلى كل فجملة جواب القسم مع الفعل الملفوظ به أو المقدر في محل نصب سدت مسد المفعولين، وقد علق عنها الفعل. 4 "إن" نافية. "أدري" فعل مضارع والفاعل أنا. "أقريب" الهمزة للاستفهام، وقريب مبتدأ. "أم بعيد" معطوف عليه. "ما" اسم موصول خبر المبتدأ وما عطف عليه، أو فالع سد مسد الخبر. "توعدون" الجملة صلة والعائد محذوف, ويجوز أن يعرب "قريب" خبرا مقدما، و"ما" مبتدأ مؤخر، وعلى كل فالجملة في موضع نصب. "بأدري"؛ أي: ما أدري جواب هذا السؤال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 والثانية: أن يكون في الجملة اسم استفهام: عمدة كان؛ نحو: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} 1. أو فضلة؛ نحو: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} 2.   1 "أي" اسم استفهام مبتدأ. "الحزبين" مضاف إليه. "أحصى" فعل ماض، والجملة خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب بـ"نعلم" المعلقة بأي الاستفهامية. ومما فيه الاستفهام عمدة: أن يكون خبرا؛ نحو: علمت متى السفر. أو يكون مبتدأ مضافا إلى اسم استفهام؛ نحو: علمت أبو من محمد، أو خبرا كذلك؛ نحو: علمت صبيحة أي يوم سفرك. 2 "أي" اسم استفهام مفعول مطلق منصوب بينقلبون، وهو مقدم من تأخير، والأصل: ينقلبون أي منقلب؛ أي: انقلاب، وجملة ينقلبون في محل نصب بيعلم المعلقة بأي. ولا يجوز أن تكون "أي" منصوبة بيعلم؛ لأن الاستفهام له الصدارة، فلا يعمل فيما قبله ما لم يكن حرف جر؛ نحو: عم تسأل؟ وممن أخذت؟ وقد أشار الناظم إلى المعلقات السابقة بقوله: ...................................... ... والتزم التعليق قبل نفي "ما" و"إن" و"لا" لام ابتداء أو قسم ... كذا والاستفهام ذا له انحتم* أي: يجب التعليق؛ إذا وقع بعد الفعل "ما" النافية، أو "إن" النافية، أو "لا" النافية. وكذلك يعلق الفعل إذا وقع بعده لام الابتداء، أو لام القسم، أو الاستفهام وقول الناظم: والاستفهام ذاله انحتم؛ أي: وجب لأجله ذلك وهو التعليق، وقد ذكر بعضهم من المعلقات: "لعل" ويغلب أن تكون أداة تعليق للفعل. "أدري" المبدوء بالهمزة، أو بأي حرف من حروف المضارعة؛ نحو: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} . "ولو" الشرطية؛ كقول الشاعر: وقد علم الأقوام لو أن حاتما ... أراد ثراء المال كان له وفر =   * "والتزم" ماض للمجهول، أو فعل أمر. "قبل" ظرف متعلق بالتزم. "نفي ما" مضاف إليه، وإضافة نفي إلى "ما" من إضافة المدلول إلى الدال؛ أي: التزم التعليق قبل "ما" التي تدل على النفي. "وإن ولا" معطوفان على ما "لام ابتداء" مبتدأ ومضاف إليه. "أو قسم" معطوف على ابتداء. "كذا" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. "والاستفهام" مبتدأ أول. "ذا" اسم إشارة مبتدأ ثان. "له" متعلق بانحتم، وجملة "انحتم" خبر المبتدأ الثاني، وجملة الثاني وخبره خبر الأول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 ولا يدخل الإلغاء، ولا التعليق في شيء من أفعال التصيير1، ولا في قلبي جامد2 وهو اثنان: هب وتعلم؛ فإنهما يلزمان الأمر3، وما عداهما من أفعال الباب متصرف إلا هب، كما مر. ولتصاريفهن ما لهن4؛ تقول في الإعمال: أظن زيدا قائما، وأنا ظان زيدا قائمًا، وفي   = و"إن" التي في خبرها أو اسمها المتأخر اللام؛ نحو: علمت إن محمد لمسافر، علمت أن في ذلك لعبرة، ولا يدخل التعليق على "رأي" إذا كانت حلمية، وكذلك لا يصيبها الإلغاء. هذا: ويرى بعض النحاة جواز التعليق في كل فعل قلبي ولو لم يكن من أفعال هذا الباب. وقد يلحق بأفعال القلوب الناصبة للمفعولين في التعليق أفعال غير قلبية ناصبة لمفعولين؛ نحو: {فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} ، {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ، بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} ، {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} ، {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ} ، وأفعال قلبية تنصيب مفعولا واحدا كنسي وعرف، أو لا تنصب شيئا؛ مثل: تفكر. تنبيه: قال الأشموني: إذا كان الواقع بين المعلق والمعلق غير مضاف؛ نحو: علمت زيدا من هو؟ جاز نصبه وهو الأجود؛ على أنه مفعول أول والجملة بعده مفعول ثان؛ لأنه غير مستفهم به ولا مضاف إلى مستفهم به. وجاز أيضا رفعه؛ لأنه المستفهم عنه في المعنى. 1 لأن متناولها الذوات لا الأحداث، وأثرها ظاهر في الغالب، فهي قوية في العمل. 2 لضعفه بعدم التصرف، فلا يضم إلى ذلك ضعف آخر بإلغائه أو تعليقه. 3 ذهب الكثيرون من النحاة: إلى أن "تعلم" تتصرف، وهو الراجح؛ فقد حكى ابن السكيت: تعلمت أن فلانا خارج. وعلى ذلك يدخلها الإلغاء والتعليق. 4 المراد بالتصاريف: المضارع، والأمر، واسم الفاعل، واسم المفعول، والمصدر. ويلاحظ أن المصدر يجب فيه الإلغاء إذا تقدم عليه معمولاه أو أحدهما؛ بأن تأخر أو توسط؛ لأنه لا يعمل فيما قبله، كما تقدم في موضعه. وفيما تقدم يقول الناظم: وخص بالتعليق والإلغاء ما ... من قبل "هب" والأمر هب قد ألزما كذا "تعلم" ولغير الماض من ... سواهما اجعل كل ما له زكن* أي: إن الإلغاء والتعليق مختصان بما قبل "هب" في البيتين اللذين ذكرا أول الباب؛ وهي الأفعال القلبية المتصرفة. وذكر الناظم أن "هب، وتعلم" يلزمان الأمرية، وأنه يثبت لغير الماضي من هذه النواسخ -ما عدا هب وتعلم- كل ما علم للماضي من الأحكام؛ من نصب مفعولين، وجواز الإلغاء والتعليق في القلبي.   * "خص" ماض مبني للمجهول، أو افعل أمر. "ما" اسم موصول نائب فاعل على الأول، ومفعول على = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 الإلغاء: زيد أظن قائم، وزيد قائم أظن، وزيد أنا ظان قائم، وزيد قائم أنا ظان، وفي التعليق: أظن ما زيد قائم، وأنا ظان ما زيد قائم، وقد تبين مما قدمناه: أن الفرق بين الإلغاء والتعليق من وجهين: أحدهما: أن العامل الملغي لا عمل له البتة1، والعامل المعلق له عمل في المحل2 فيجوز: علمت لزيد قائم، وغير ذلك من أموره بالنصب3 عطفًا على المحل؛ قال:   1 أي: مطلقا، لا في اللفظ وفي في المحل. 2 أي: في محل الجملة بعده؛ فتكون في محل نصب، بعد أن كان عاملا في لفظ كل من الجزأين، أو في محله. 3 أي: بنصب "غير" عطفا على محل جملة "زيد قائم" لأنها في محل نصب على المعفولية "لعلمت". ويجب عند العطف بالنصب على محل الجملة التي علق عنها الناسخ: أن يكون المعطوف: إما جملة اسمية في الأصل؛ نحو: علمت البلاغة لهي الإيجاز، ورأيت الإطالة لهي العجز، وإما مفردا فيه معنى الجملة كمثال المصنف؛ فلا يصح: علمت لمحمود أديب وحامدا، ولا علمت لمحمود أديب وشاعرا. أما نصب "غير" وهو مفرد في المثال فجاز؛ لأنه بمنزلة الجملة؛ لأن معناه: وزيدا متصفا بغير ذلك.   = الثاني "من قبل متعلق بمحذوف صلة ما. "هب" مضاف إليه مقصود لفظه. "والأمر" مفعول ثان مقدم لألزم. "هب" مبتدأ. "قد" حرف تحقيق. "ألزما" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود على هب، وهو المفعول الأول. وجملة "قد ألزما" خبر المبتدأ. "كذا خبر مقدم. "تعلم" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "ولغير" في موضع المفعول الثاني لأجعل مقدم. "الماض" مضاف إليه. "من سواهما" جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لغير، أو حال منها، وهو مضاف إلى الضمير. "كل" مفعول أول لاجعل. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "له" متعلق بزكن؛ أي: علم، وهو ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود على. "ما"، والجملة صلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 وما كنت أدري قبل عزة ما البكى ... ولا موجعات القلب حتى تولت1 والثاني: أن سبب التعليق موجب؛ فلا يجوز: ظننت ما زيدا قائمًا2، وسبب الإلغاء مجوز3؛ فيجوز: زيدا ظننت قائمًا، وزيدًا قائما ظننت.   1 بيت من الطويل، لكثير بن عبد الرحمن، المشهور بكثير عزة. اللغة والإعراب: أدري: أعلم. عزة: اسم امرأة كان الشاعر يحبها ويتغزل فيها حتى عرف بها. موجعات: جمع موجعة؛ أي: مؤلمة. "ما" نافية. "كنت" كان واسمها. "أدري" فعل مضارع والفاعل أنا، والجملة خبر كان. "قبل" ظرف زمان لأدري. "عزة" مضاف إليه ممنوع من الصرف. "ما" اسم استفهام مبتدأ. "البكا" خبر، والجملة في محل نصب سدت مسد مفعولي. "أدري" المعلقة بـ"ما" الاستفهامية. "ولا" زائدة لتأكيد النفي. "موجعات" معطوف على محل "ما البكا" منصوب بالكسرة؛ لأنه جمع مؤنث سالم "حتى" حرف غاية. المعنى: ما كنت أعلم قبل أن أعرف عزة وأهواها؛ أي شيء هو البكا؟ لأنه لم يخطر ببالي، وما كنت أعرف الأمور المؤلمة؛ لأني كنت مرتاح الخاطر، حتى ذهبت وفارقتني. الشاهد: تعليق الفعل؛ وهو "أدري" عن العمل في لفظ ما بعده النصب؛ لأن المبتدأ اسم استفهام، واسم الاستفهام لا يجوز أن يعمل فيه ما قبله؛ لأن رتبته التصدير، وقد عمل النصب في محل الجملة بدليل عطف "موجعات" المنصوب عليها. وقيل: إن الواو في "ولا موجعات" للحال، و"لا" نافية للجنس" و"موجعات" اسمها، والخبر محذوف، أو "ما" في "ما البكا" زائدة، و"البكا" مفعول، والأصل: لا أدري البكا، ولا أدري موجعات القلب، فيكون من عطف الجمل. ولا شاهد فيه على الوجهين. 2 إذا كانت أداة التعليق في المفعول الثاني وحده؛ نحو: علمت المخلص من هو وظننت المخبر أخو من هو؟ يجوز نصب الكلمة السابقة؛ لأن الناسخ سلط عليها من غير مانع. ويجوز رفعها؛ لأنها هي وما بعد الاستفهام شيء واحد في المعنى؛ فالتعليق هنا جائز لا واجب. 3 هناك بعض حالات يجب فيها الإعمال، وأخرى يجب فيها الإهمال. فيجب الإعمال: إذا كان الناسخ منفيا، سواء كان متأخرا عن المفعولين، أم متوسطا بينهما؛ نحو: شتاء باردا لم أظن، شتاء لم أظن باردا. ويجب الإهمال، إذا كان العامل مصدرا متأخرا؛ نحو: المطر قليل، ظني غالب؛ لأن المصدر المتأخر لا يعمل في شيء متقدم عليه، وكذلك إذا كان في المفعول المتقدم لام ابتداء أو غيرها من ألفاظ التعليق؛ نحو: لمحمد مكافح ظننت. أو إذا وقع الناسخ بين اسم إن وخبرها؛ نحو: إن التردد -حسبت- مضيعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 ولا يجوز إلغاء العامل المتقدم1 خلافًا للكوفيين والأخفش، واستدلوا بقوله: أني وجدت ملاك الشيمة الأدب2 وقوله: وما إخال لدينا منك تنويل3   1 هذا مذهب البصريين، وعليه جرى ابن مالك، ومن الفروق بين الإلغاء والتعليق أن الإلغاء يؤثر في المفعولين معا، أما التعليق فقد يكون أثره على المفعولين أو على أحدهما، والإلغاء لا يجوز في توابعه إلا مراعاة الناحية الظاهرة. أما التعليق فيجوز في توابعه: مراعاة الناحية اللفظية، والناحية المحلية كما سبق. 2 عجز بيت من البسيط، ينسب لبعض شعراء بني فزارة، ولم يعينه النحاة. وصدره: كذاك أدبت حتى صار من خلقي اللغة والإعراب: كذلك اسم الإشارة يراد به مصدر الفعل المذكور بعده؛ أي: تأديبًا؛ مثل ذلك التأديب، المعبر عنه في قوله قبل: أكنيه حين أناديه لأكرمه ... ولا ألقبه والسوأة اللقب ملاك الشيء: قوامه الذي يملك به. الشيمة: الخلق، والجمع شيم. "كذاك" متعلق بمحذوف صفة لموصوف واقع مفعولًا مطلقا لأدبت كما بينا، والكاف اسم بمعنى مثل. "حتى" ابتدائية "صار" فعل ناقص. "من خلقي" جار ومجرور خبر صار مقدم. "أني وجدت" المصدر المكون من أن واسمها وخبرها اسمها مؤخر. "ملاك الشيمة" مبتدأ ومضاف إليه. "الأدب" خبر. المعنى: أدبت أدبا مثل ذلك الأدب العظيم، حتى صار من شيمتي وطبيعي، الإيمان بأن رأس الأخلاق، وملاك الفضائل الإنسانية هو الأدب. الشاهد: إلغاء "وجد" مع تقدمه على مذهب الكوفيين، ويؤوله البصريون كما بين المصنف، ورأي الكوفيين أسلم. 3 عجز بيت من البسيط، لكعب بن زهير بن أبي سلمى، من قصيدته "بانت سعاد" في مدح= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 وأجيب بأن ذلك محتمل لثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون من التعليق بلام الابتداء المقدرة، والأصل: لملاك، وللدينا، ثم حذفت، وبقي التعليق1. والثاني: أن يكون من الإلغاء؛ لأن التوسط المبيح للإلغاء ليس التوسط بين المعمولين فقط، بل توسط العامل في الكلام مقتض أيضًا2. نعم: الإلغاء للمتوسط بين المعمولين أقوى، والعامل هنا قد سبق بـ"أني" وبـ"ما" النافية. ونظيره: متى ظننت زيدًا قائمًا؛ فيجوز فيه الإلغاء. والثالث: أن يكون من الإعمال، على أن المفعول الأول محذوف وهو ضمير الشأن3 والأصل: "وجدته" و"إخاله" كما حذف في قولهم: "إن بك زيد مأخوذ".   = رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصدره: أرجو وآمل أن تدنو مودتها اللغة والإعراب: تدنو: تقرب. تنويل: إعطاء "تدنو" فعل مضارع منصوب بفتحة مقدرة منع ظهورها السكون العارض للشعر. "مودتها" فاعل تدنو ومضاف إليه والهاء عائدة على محبوبته سعاد، و"ما" نافية. "إخال" فعل مضارع والفاعل أنا. "لدينا" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ومضاف إليه. "منك" حال من ضمير الخبر. "تنويل" مبتدأ مؤخر، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب مفعول ثان. "لإخال" والمفعول الأول ضمير شأن محذوف. المعنى: أرجو وأؤمل قرب الصلة والمودة من سعاد، وما أظن عطاء ولا برا يصل لي منها. الشاهد: إلغاء "إخال" مع تقدمه على مذهب المصنف والكوفيين. 1 أي: كما كان مع وجود المعلق، ويكون هذا مما نسخ لفظه وبقي حكمه. 2 وهنا: "وجدت" في البيت الأول، و"إخال" في البيت الثاني، متوسطتان في الكلام، كما بين المصنف. 3 وإلى هذا الوجه والذي قبله أشار الناظم بقوله: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 ................................................................................   = وجوز الإلغاء لا في الابتدا ... وانو ضمير الشأن أو لام ابتدا في موهم إلغاء ما تقدما ... ................................. أي: إن الإلغاء أمر جائز، ولا يقع إذا كان الناسخ في ابتداء جملته؛ أي: متقدما على مفعوليه، وإذا ورد من الأمثلة العربية ما يوهم أن الناسخ المتقدم قد ألغى عمله، فقدر خبر الشأن ليكون المفعول الأول، والجملة بعده في موضع المفعول الثاني، أو قدر لام الابتداء؛ ليكون الكلام من باب التعليق لا من باب الإلغاء. والوجه الأول أولى من الأخيرين؛ لأن حذف اللام معهود في الجملة. تنبيه: تختص الأفعال القلبية المتصرفة علاوة على التعليق والإلغاء بما يأتي: أ- جواز أن يسد المصدر المؤول من "أن" وما دخلت عليه، أو "أن" المصدرية وما دخلت عليه، مسد المفعولين ويغني عنهما، وإن كانا في تقدير المفرد؛ لتضمنهما معنى المسند والمسند إليه. ب- جواز وقوع فاعلها ومفعولها الأول ضميرين متصلين، متحدين في المعنى، بأن يكون مدلولهما واحدا؛ نحو: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} ففاعل "رأى" ضمير مستتر وهو نوع من المتصل، ومفعوله الأول "الهاء" والضميران متحدان في المعنى؛ لأن مدلولهما واحد وهو الغائب. ويلحق بها في ذلك "رأى" البصرية الحلمية. ولا يجوز ذلك في الأفعال الباقية. فلا يجوز ضربتني. وإذا ورد ما يوهمه وجب تقدير "نفس"؛ نحو: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} أي: إلى نفسك. جـ- جواز تنوع المفعول الثاني؛ نظرا لأنه خبر في الأصل، فهو ينقسم إلى ما ينقسم إليه الخبر: من مفرد، وجملة، وشبه جملة. مثال المفرد: زعمت النفاق مزريا بصاحبه؛ ومثال الجملة: أرى الفضل يعرفه ذووه، وشبه الجملة: جعلت الكتاب معك، أرى السعادة في عمل البر.   * "لا" حرف عطف. "في الابتدا" جار ومجرور معطوف على محذوف؛ أي: جوز الإلغاء في حال توسط العامل أو تأخره، لا في حال الابتدا به. "أو لام" معطوف على ضمير. "ابتدا" مضاف إليه. وقصر للضرورة. "في موهم" متعلق بانو. "إلغاء" مفعول موهم؛ لأنه اسم فاعل وفاعله مستتر فيه. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "تقدما" الجملة صلة الموصول والألف للإطلاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 في حذف المفعولين أو أحدهما: ويجوز بالإجماع: حذف المفعولين اختصارًا1؛ أي: لدليل؛ نحو: {أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} 2. وقوله: بأي كتاب أم بأية سنة ... ترى حبهم عارا علي وتحسب3 أي: تزعمونهم شركائي4، وتحسبه عارًا علي. وأما حذفهما اقتصارًا؛ أي: لغير دليل؛ فعن سيبويه والأخفش المنع مطلقًا5 واختاره   1 المراد بالحذف اختصارًا: حذف ما يمكن الاستغناء عنه من الألفاظ؛ لداع يقتضيه، وهو جائز؛ بشرط وجود دليل يدل على المحذوف، وألا يترتب على الحذف فساد في المعنى، أو في الصياغة اللفظية. 2 فحذف مفعولا "تزعمون" لدليل ما قبلهما عليهما، كما بين المصنف. 3 بيت من الطويل؛ للكميت بن زيد، من قصيدة يمدح فيها آل البيت، ومطلعها: طربت وما شوقًا إلى البيض أطرب ... ولا لعبًا مني وذو الشيب يلعب اللغة والإعراب: ترى حبهم: رأى هنا، من الرأي بمعنى الاعتقاد، ويجوز أن تكون علمية. عارا: ألعار: كل خصلة يلحقك بسببها عيب ومذمة؛ تقول: عيرته كذا، ولا تقول عيرته بكذا. وتحسب, أي: تظن؛ من الحسبان. "بأي كتاب" متعلق بترى، ومضاف إليه "أم" عاطفة. حبهم "مفعول أول لترى، ومضاف إليه. "عارا" مفعول ثان. "وتحسب" معطوف على ترى، والواو بمعنى "أو" ومفعولا تحسب محذوفان؛ لدلالة مفعولي "ترى" عليهما. المعنى: يا من يعيب علي حب آل بيت الرسول، بأي كتاب تسترشد؟ أم بأية سنة ترى محبتي لهم منقصة ومذمة؟ أو تظن ذلك؟ الشاهد: حذف مفعولي "تحسب"، لدلالة سابق الكلام عليهما؛ كما بين المصنف. 4 كان الأولى أن يقول تزعمون أنهم شركائي؛ جريا على الأكثر من تعدى "يزعم" إلى أن وصلتها، ولكنه عدل عن ذلك؛ لأن الكلام في حذف المفعولين معا، لا في حذف ما يسد مسدهما وإن كانا بمنزلة واحدة. 5 أي: في أفعال العلم وأفعال الظن, كما يؤخذ من تفصيل الأعلم الآتي؛ وعلة المنع: ذهاب الفائدة بحذفهما، وأيضا فإن هذه الأفعال -لإفادتها التحقيق- تجاب بما يجاب به القسم، وجواب القسم لا يحذف، فكذلك ما هو بمنزلته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 الناظم: وعن الأكثرين الإجازة مطلقا؛ لقوله -تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} 1، {فَهُوَ يَرَى} 2، {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} 3. وقولهم: من يسمع يخل4. وعن الأعلم5: يجوز في أفعال الظن دون أفعال العلم6. ويمتنع بالإجماع حذف أحدهما اقتصارًا7   1 قيل؛ التقدير: يعلم الأشياء كائنة، أو نحو ذلك. 2 التقدير: يرى ما يعتقد حقا. وقيل: إن الحذف في هذه الآية لدليل؛ لأن قوله -تعالى: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ} ؛ يشعر بالمفعولين. 3 أي: ظننتم انقلاب الرسول والمؤمنين إلى أهليهم منتفيا أبدا، فحذف ما يسد مسد المفعولين "ظن السوء" مفعول مطلق مفيد للنوع. والحق أن الحذف هنا اختصارا؛ لوجود دليل؛ لأن قوله -تعالى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ} يشعر بمفعولين، أو بما يسد مسدهما؛ وهو: أن لن ينقلب ... إلخ. 4 أي: يظن مسموعه حقا. وجعله جماعة منهم الرضي، من الحذف لدليل؛ لدلالة "يسمع" على المفعول الأول، وحال التخاطب على المفعول الثاني. 5 هو يوسف بن سليمان بن عيسى النحوي الشنتمري، المعروف بالأعلم. كان عالما بالعربية واللغة ومعاني الأشعار، حافظا لها. مشهورا بضبطها وإتقانها، رحل إلى قرطبة، وأخذ عن علمائها، وصارت إليه الرحلة في زمانه. ومات سنة 476هـ. 6 حجته: كثرة السماع في الأولى دون الثانية. 7 أي: بغير دليل؛ وذلك لأن المفعولين هنا أصلهما المبتدأ والخبر؛ فكما لا يجوز الإتيان بمبتدأ دون خبر، والعكس قبل دخول الناسخ، فكذلك الشأن بعد دخوله. ولأنك إذا قلت: علمت محمدا فاضلا مثلا؛ فالتقدير: علمت فضل محمد؛ لأن المقصود العلم بالصفة، والموصوف ذريعة إلى ذلك، فالمفعول في الحقيقة جملة الفعلين، وحذف أحدهما؛ كحذف جزء الكلمة، وذلك قليل أو ممنوع. وإلى امتناع حذف المفعولين أو أحدهما اقتصارا، أشار الناظم في إيجاز بقوله: ولا تجز هنا بلا دليل ... سقوط مفعولين أو مفعول أي: لا تجز في هذا الباب سقوط مفعولين؛ أي: حذفهما، أو مفعول، بدون دليل يدل على المحذوف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 وأما اختصارًا؛ فمنعه ابن ملكون1 وأجازه الجمهور2. كقوله: ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم3   1 حجته هو ومن تابعه: أنه أحد جزأي الجملة. وابن ملكون هو: أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن منذر بن ملكون، الحضرمي الإشبيلي، من المغاربة، كان أستاذًا نحويا جليلًا، روى عن أبي الحسن شريح، وروى عنه ابن خروف والشلوبين. وألف شرح الحماسة، والنكت على تبصرة الصيمري، وغير ذلك، وتوفي سنة 584هـ. 2 لأن المحذوف لدليل؛ كالمذكور. 3 بيت من الكامل، لعنترة بن شداد، من معلقته المشهورة التي مطلعها: هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم اللغة والإعراب: غادر: ترك. متردم: مستصلح؛ من ردمت الشيء؛ إذا أصلحته؛ يريد: هل ترك الشعراء لأحد معنى لم يتناولوه؟ توهم: إنكار وظن. المحب: المحبوب. "ولقد" الواو للقسم، واللام مؤكدة له، وقد للتحقيق. "نزلت" الجملة جواب القسم المحذوف. "فلا" الفاء للتفريع، ولا ناهية. "غيره" مفعول أول لتظن، ومضاف إليه، والهاء عائدة على النزول المفهوم من نزلت، والمفعول الثاني محذوف؛ لدلالة الكلام عليه؛ أي: حاصلا مثلا. "مني بمنزلة" متعلقان بنزلت، وقوله: "فلا تظني غيره" كلام معترض بين المجرور ومتعلقه. المعنى: لقد نزلت -أيتها المحبوبة- من قلبي بمنزلة الشيء المحبوب المكرم؛ فلا تظني شيئا غير ذلك واقعا. وهذا مثال لحذف المفعول الثاني. ومثال ما حذف فيه الأول؛ قوله -تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} ؛ أي: لا يحسبن ما يبخلون به خيرا. فـ"خيرا" مفعول ثان، و"هو" ضمير فصل. الشاهد: حذف مفعول ظن الثاني اختصارًا؛ وذلك جائز عند جمهرة النحاة، خلافا لابن ملكون.   * "تجز" مضارع مجزوم بلا الناهية. "هنا" ظرف مكان متعلق بتجز. "بلا" اسم بمعنى "غير"، ظهر إعرابه على ما بعده، مجرور محلا بالباء، وهو متعلق بتجز. "دليل" مضاف إليه. "سقوط" مفعول تجز. "مفعولين" مضاف إليه. "أو مفعول" معطوف على مفعولين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 في حكاية الجملة بعد القول وشروط ذلك: تحكى الجملة الفعلية بعد القول1، وكذا الاسمية. وسليم2 يعملونه فيها3 عمل "ظن" مطلقًا4، وعليه يروى قوله: تقول هزيز الريح مرت بأثاب5   1 هذا بإجماع العرب. أما الاسمية، فعند البعض. وتكون الجملة في موضع نصب على المفعولية للقول. هذا: والجملة المحكية قد تذكر بلفظها؛ كما سمعت، وكما جرت على لسان الناطق بها، وقد تذكر بمعناها، لا بألفاظها، مع مراعاة الدقة في المعنى، "إلا إذا كان هنالك ما يقتضي التمسك بنصها الحرفي، لداع ديني أو قضائي مثلا". وإذا كان بالجملة المحكية خطأ لغوي أو نحوي، وجب حكايتها بالمعنى، للتخلص مما بها من خطأ؛ إلا إذا قصد إبراز هذا الخطأ لسبب ما. وإذا وقع بعد القول مفرد؛ سواء كان مدلوله لفظا؛ نحو: قلت كلمة أو لفظا، أو كان في معنى الجملة؛ نحو: قلت قصيدة، أو محاضرة؛ نصب على أنه مفعول به للقول. وإن أريد بالمفرد نفس اللفظ المحض؛ وجب حكايته ورعاية إعرابه، نحو: قال فلان "محمد"، إذا تكلم بمحمد مرفوعا. 2 اسم لقبيلة من قيس عيلان، رأسها سليم بن عكرمة، والأخرى من جذام باليمن. 3 أي: في الجملة الاسمية. 4 أي: بلا شرط من الشروط الآتية. وهل يعملونه باقيا على معناه؛ أو يضمن معنى الظن؟ أو يكون معناه الاعتقاد؛ علما كان أو ظنا؟ أقوال. 5 عجز بيت من الطويل، لامرئ القيس بن حجر الكندي، يصف فرسا بسرعة العدو، وصدره: = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 بالنصب، وقوله: إذا قلت أني آيب أهل بلدة1 بالفتح2. وغيرهم يشترط شروطا؛ وهي:   = إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه اللغة والإعراب: شأوين: تثنية شأو؛ وهو الشوط والطلق. عطفه: جانبه. هزيز الريح: دويها عند هبوبها. أثأب: اسم جنس جمعي، واحده أثأبة؛ وهي نوع من الشجر. "ما" زائدة "شأوين" مفعول مطلق، نائب عن المصدر. "هزيز الريح" مفعول أول لتقول، ومضاف إليه. "مرت بأثأب" الجملة في محل نصب مفعول ثان لتقول. المعنى: إذا جرى هذا الفرس شوطين، وحمي السبق وعرق، تظنه -لخفته وسرعة جريه- ريحا هبت على تلك الأشجار، فلعبت بها. الشاهد: استعمال "تقول" بمعنى "تظن"، ونصبه مفعولين - من غير قيد- على لغة سليم. 1 صدر بيت من الطويل، للحطيئة، يصف بعيره بالسرعة، وعجزه: وضعت بها عنه الولية بالهجر اللغة والإعراب: قلت: معناها هنا ظننت. آيب: راجع؛ اسم فاعل من آب يئوب، إذا رجع، والعادة أن يرجع الإنسان من عمله آخر النهار، وفي أول الليل، وهذا هو المراد هنا. الولية: البرذعة، توضع تحت الرحل، أو ما يوضع تحتها. بالهجر: تصف النهار عند اشتداد الحر؛ وأصله بتحريك الجيم، وسكنت للضرورة. "إذا" شرطية. "قلت" فعل الشرط "آيب" خبر أني. "أهل بلدة" مفعول آيب ومضاف إليه، وأن ومعمولاها سدت مسد مفعولي قلت. "وضعت" جواب إذا. "بها" متعلق به، والباء بمعنى "في"، والضمير يعود إلى البلدة. "عنه" متعلق بوضعت، والضمير عائد على البعير. المعنى: إذا قدرت وظننت أني أصل بلدة آخر النهار؛ لبعد المسافة، أتيتها نصف النهار، عند اشتداد الحر؛ وذلك لسرعة بعيري ونجابته. الشاهد: إجراء "قلت" مجرى ظننت، ولم تحك به الجملة بعده، وإلا لكسر همزة "إن". 2 أي: بفتح همزة "أني"، على أنها، مع معموليها، سدت مسد مفعولي "قلت"؛ كما أسلفنا. وإلى مذهب سليم في القول، يشير الناظم بقوله: وأجري القول كظن مطلقا ... عند سليم نحو قل ذا مشفقا أي: إن قبيلة سليم، تجري القول مجرى الظن في المعنى، وفي نصب المفعولين من غير اشتراط شيء؛ أي: سواء أكان مضارعا أم غير مضارع؛ وجدت فيه الشروط المذكورة بعد، أم لم توجد؛ وذلك نحو: "قل ذا مشفقا"، فـ"ذا" مفعول أول، و"مشفقا" مفعول ثان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 كونه مضارعا1، وسوى به السيرافي: "قلت" بالخطاب، والكوفي "قل"2. وإسناده للمخاطب3. وكونه حالًا4 قاله الناظم، ورد بقوله: فمتى تقول الدار تجمعنا5   1 فالماضي، والأمر، والمصدر، والوصف، لا يعمل شيئا منها عمل "ظن". 2 فيجوز على قولهما: إعمال الماضي المسند إلى ضمير المخاطب؛ تقول: أقلت محمدا مسافرا؟ على الإعمال. وإعمال فعل الأمر؛ لأنه مسند إلى ضمير المخاطب كذلك؛ تقول: قل محمدا مسافرا. 3 أي: بأنواعه المختلفة؛ المفرد وغير المفرد، والمذكر والمؤنث؛ فلا يجوز إعمال المضارع المسند إلى ضمير متكلم أو غائب؛ لا تقل: أقول محمدا مجدا، ولا: يقول أخي محمدا مهملا. 4 أي: دالا على الزمن الحاضر؛ وعليه فيشترط في الاستفهام ألا يكون بهل؛ لأنها تخص المضارع للاستقبال، ولم يشترط هذا بعض النحاة؛ ورأيه حسن. 5 عجز بيت من الكامل، لعمر بن أبي ربيعة المخزومي، وهو من شواهد سيبويه. وصدره: أما الرحيل فدون بعد غد اللغة والإعراب: الرحيل: الارتحال ومفارقة ديار الأحبة. دون بعد غد, أي: قبل بعد غد، وهذا يصدق باليوم وبالغد. "أما" حرف شرط وتفصيل. "الرحيل" مبتدأ. "فبدون" خبر. "بعد غد" مضاف إليه. "متى" ظرف متعلق بتقول، وهو استفهام عن وقت القول "الدار" مفعول أول لتقول. "تجمعنا" الجملة في موضع المفعول الثاني. =   * "القول" نائب فاعل أجري. "كظن" متعلق بمحذوف حال من القول. "مطلقا" حال ثان منه. "عند سليم" ظرف ومضاف إليه متعلق بأجري. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "قل" فعل أمر، والفاعل أنت، "ذا مشفقا" مفعولان أول وثان لقل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 والحق أن "متى" ظرف لتجمعنا، لا لتقول1. وكونه بعد استفهام2 بحرف أو باسم؛ سمع الكسائي: "أتقول للعميان عقلًا؟ "3 وقال: علام تقول الرمح يثقل عاتقي4   = المعنى: إن فراق الأحبة، ورحيلهم عنا سيكون اليوم أو غدا؛ فمتى تظن الدار تجمع شملنا بعد هذا الفراق؟. الشاهد: عمل "تقول" بمعنى "تظن"؛ ونصبها مفعولين، مع أنها ليست للزمان الحاضر، بل هي للمستقبل؛ لأنه لم يستفهم عن ظنه في الحال، أن الدار تجمعه مع أحبابه، بل الاستفهام عن وقوع ظنه. وهذا يقتضي ألا يكون واقعا في الحال, وإلا لم يستفهم عن وقته. والحق اشتراط كون "تقول" بمعنى تظن, للزمان الحاضر؛ كما ذهب إليه ابن مالك. 1 أي: فيكون استفهاما عن وقت الجمع بينه, وبين الأحبة في المستقبل, وهذا لا ينافي وقوع القول حالا. 2 سواء أكان المستفهم عنه الفعل، أم بعض معمولاته، كما في البيت الآتي: علام تقول الرمح ... إلخ؛ فإن الاستفهام عن سبب القول، لا عنه. 3 قول لبعض العرب. "للعميان" مفعول ثان مقدم لتقول. "عقلا" مفعول أول، وقد عملت "تقول" بعد حرف الاستفهام. 4 صدر بيت من الطويل، لعمرو بن معد يكرب الزبيدي. وعجزه: إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت اللغة والإعراب: تقول: تظن. عاتقي: كاهلي؛ وهو ما بين المنكب والعنق. أطعن: أضرب؛ من طعن بالرمح يطعن؛ من باب منع أو نصر. أما طعن فلان على فلان في نسبه مثلا؛ فمن باب فتح. "علام" على: حرف جر، و"ما" اسم استفهام مجرور بعلى، حذفت ألفها، كما تحذف مع أي جار؛ كقوله -تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} ، {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} ، {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} للفرق بينها وبين الموصولية. "الرمح" مفعول أول لتقول. "يثقل عاتقي" الجملة في موضع المفعول له. "إذا" الأولى ظرف ليثقل، والثانية لقوله "لم أطعن" وهما داخلان على فعل محذوف، يفسره المذكور. المعنى: على أي شيء، وبأي حجة تظن الرمح يثقل كاهلي، وأحمل السلاح، إذا أنا لم أطعن برمحي، ولم أقاتل بسيفي الأعداء عند كر الخيل، واحتدام القتال؟ يريد أنه إنما يتكلف مئونة حمل السلاح؛ ليقاتل أعداءه، وينال من خصومه. الشاهد: استعمال "تقول" بمعنى "تظن"، ونصبه مفعولين بعد الاستفهام بالاسم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 قال سيبويه والأخفش: وكونهما متصلين1؛ فلو قلت: أأنت تقول؟ فالحكاية2، وخولفا3. فإن قدرت الضمير فاعلًا بمحذوف، والنصب بذلك المحذوف جاز اتفاقًا. واغتفر الجميع الفصل بظرف، أو مجرور، أو معمول القول4؛ كقوله: أبعد بعد تقول الدار جامعة5   1 أي: لا يفصل بين الاستفهام والمضارع فاصل. ومن النحاة من يشترط عدم الفصل. 2 أي: إذا قلت: أأنت تقول محمد مسافر، مثلا، فيتعين الرفع على الحكاية إذا جعل الضمير مبتدأ. 3 أي: خالفهما الكوفيون والبصريون. فأجازوا النصب، ولم يعتدوا بالضمير فاصلا. 4 سواء كان المعمول مفعولا، أو حالا، أو غيرهما. ويجوز الفصل بأكثر من واحد مما ذكر. 5 صدر بيت من البسيط، لم نقف له على قائل، وعجزه: شملي بهم أم تقول البعد محتوما اللغة والإعراب: جامعة: اسم فاعل جمع؛ والجمع ضد التفريق. شملي: مصدر شملهم الأمر؛ إذا عمهم، ويطلق الشمل على العذق من النخلة، وعلى الاجتماع؛ يقال: فرق شملهم؛ أي: ما اجتمع من أمرهم، وجمع الله شملهم؛ أي: ما تفرق منه. محتوما, أي: واجبا؛ وهو اسم مفعول من حتم الأمر، أوجبه. "أبعد" الهمزة للاستفهام، و"بعد" ظرف زمان متعلق بجامعة أو بتقول. "بعد" مضاف إليه. "الدار" مفعول أول لتقول. "جامعة" مفعول ثان. "شملي" مفعول أول لتقول الثاني. "محتوما" مفعوله الثاني. المعنى: أبعد التفرق والتنائي بيننا، تظن الدار تجمع شملنا ثانية؟ ونلتقي بعد ذلك؟ أم تظن البعد أصبح أمرا مقضيا به علينا إلى الأبد؟ الشاهد: إجراء القول مجرى الظن في شطري البيت، ونصبه مفعولين، والأول مفصول من الاستفهام بالظرف، والثاني متصل بالاستفهام بأم. ومثال الفصل بالجار والمجرور: أفي الدار تقول زيدا مريضًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 وقوله: أجهالًا تقول بني لؤي؟ 1   1 صدر بيت من الوافر، للكميت بن زيد الأسدي، يمدح مضر، ويفضلهم على أهل اليمن، وعجزه: لعمر أبيك أم متجاهلينا اللغة والإعراب: أجهالًا: جمع جاهل. بنو لؤي: يراد بهم جمهور قريش وعامتهم؛ لأنهم ينسبون إلى لؤي بن غالب. لعمر أبيك: لحياته وبقاؤه. متجاهلينا، المتجاهل: الذي يتصنع الجهل، ويتكلفه وليس بجاهل. "أجهالًا" الهمزة للاستفهام، و"جهالًا" مفعول ثان مقدم لتقول. "بني لؤي" مفعول أول ومضاف إليه. "لعمر" اللام للابتداء، و"عمر" مبتدأ. "أبيك" مضاف إليه. والخبر محذوف وجوبا تقديره قسمي؛ والجملة معترضة. "أم" عاطفة معادلة للهمزة. "متجاهلينا" معطوف على جهالا. المعنى: أخبرني -وحياة أبيك- أتظن بني لؤي جهالا، حين استعملوا أهل اليمن على أعمالهم؟ وقدموهم على بني مضر، مع فضلهم عليهم؟ أم هم عالمون بالحقيقة، ومقدرون النتائج، ولكنهم يتصنعون الجهل؛ لحاجة في أنفسهم؟. الشاهد: إعمال "تقول" عمل "تظن"، ونصبه مفعولين. وقد فصل بين همزة الاستفهام، والفعل بفاصل وهو "جهالا"، واغتفر الفصل؛ لأن الفاصل معمول للفعل، إذ هو مفعول ثان له كما عرفت في الإعراب. الخلاصة: أن القول إذا كان بمعنى الظن، واستوفى الشروط التي ذكرت، نصب مفعولين؛ فإن اختل شرط من هذه الشروط، لم يكن بمعنى الظن، وإنما يكون بمعنى النطق والتلفظ، فينصب مفعولا واحدا فقط. وهل يلحق به -إذا كان معناه النطق والتلفظ- ما يؤدي معناه من كلما؛ مثل: أوحيت, ناديت, دعوت؟ رأيان. والأنسب الجواز ما دام المعنى واضحا. قال -تعالى: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} ، {لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} ، {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} ، {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} ، ولا داعي للتأويل في هذه الآيات بتقدير قول. وفي القول وشروطه يقول ابن مالك: و"كتظن اجعل" "تقول" إن ولي ... مستفهما به ولم ينفصل = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 قال السهيلي1: وأن لا يتعدى باللام2؛ نحو: "تقول لزيد عمرو منطلق".   = بغير ظرف وكظرف أو عمل ... وإن ببعض ذي فصلت يحتمل* أي: اجعل "تقول" المضارع للمخاطب؛ مثل "تظن" في المعنى والعمل، إن ولى هذا المضارع مستفهما به؛ أي: جاء بعد أداة يستفهم بها، ولم ينفصل ذلك المضارع، وهو "تقول" عن أداة الاستفهام بفاصل، غير الظرف، أو ما يشبهه؛ وهو الجار والمجرور، أو أي شيء آخر يكون معمولا للفعل. أما الفصل بشيء من هذه فجائز. وقد سبقت الأمثلة لذلك كله. 1 هو أبو القاسم؛ عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الأندلسي المالقي. كان عالما بالعربية واللغة والقراءات، بارعا في ذلك كله، جامعا بين الرواية والدراية. نحويا مقدما، واسع المعرفة، غزير العلم، نبيها ذكيا، تصدر للإقراء والتدريس حتى بعد صيته. روى عن ابن العربي، وأبي طاهر، وابن الطراوة. وروى عنه الرندي، وأبو الحسن الغافقي. وكف بصره وهو ابن سبع عشرة سنة. واستدعي إلى مراكش، ونال فيها حظوة عظيمة. وصنف "الروض الأنف" في شرح السيرة النبوية. و"التعريف والإعلام بما في القرآن من الأسماء والأعلام" وله بحث في رؤية الله، والنبي في المنام. وكان شاعرا مجيدا؛ ومن شعره الأبيات المشهورة التي أولها: يا من يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعد لكل ما يتوقع يا من يرجى للشدائد كلها ... يا من إليه المشتكى والمفزع يا من خزائن رزقه في قول "كن" ... امنن فإن الخير عندك أجمع قيل: إنه ما قرأ أحد هذه الأبيات، ودعا الله تعالى عقبها بشيء؛ إلا استجيب له. وتوفي السهيلي بمراكش، سنة 851هـ. 2 أي: يشترط في المضارع: ألا يتعدى باللام؛ لأنها تبعده عن معنى الظن، ويصبح قولا مسموعا. وقد علمت أن مذهب الجمهور: أن القول إذا عمل عمل الظن، يجري مجراه في المعنى أيضا.   * "وكتظن" جار ومجرور مفعول ثان لاجعل. "تقول" مفعول أول له مقصود لفظه. "إن" شرطية. "ولي" فعل الشرط. مستفهما" مفعول ولي. "به" نائب فاعل لمستفهم. "ينفصل" مجزوم بلم وحرك للروي، وفاعله يعود إلى تقول، والجملة حال. "بغير" جار ومجرور متعلق بينفصل. "ظرف" مضاف إليه. "أو كظرف" معطوف على غير، والكاف اسم بمعنى مثل. "أو عمل" معطوف على غير. "وإن" شرطية. "ببعض" متعلق بفصلت. "ذي" اسم إشارة مضاف إليه. "فصلت" الجملة فعل الشرط. "يحتمل" فعل مضارع للمجهول، ونائب فاعله يعود إلى الفصل المفهوم من فصلت، وهو مجزوم؛ لأنه جواب الشرط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 وتجوز الحكاية مع استيفاء الشروط1؛ نحو: "أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ" الآية، في قراءة الخطاب. وروي: علام تقول الرمح، بالرفع.   1 وحينئذ يكون بمعنى النطلق والتلفظ، لا بمعنى الظن، وتكون الجملة بعده في محل نصب سدت مسد المفعول به. ومن هنا يتبين: أن استيفاء الشروط ليس موجبا لتنزيله منزلة الظن، وإنما يجيز ذلك فقط. أما جريانه مجرى الظن، فيوجب تحقق الشروط المذكورة كلها. تنبيهات: 1 ليس بلازم أن يكون المفعولان في هذا الباب أصلهما المبتدأ والخبر حقيقة، بل يكفي أن يكون أصلهما كذلك، ولو تأويلا؛ مثل: جعلت الطين إبريقا، وصيرت الذهب خاتما؛ فإنه لا يصح أن يقال: الطين إبريق، والذهب خاتم؛ لأن الخبر يجب أن يكون نفس المبتدأ في المعنى، وهنا ليس كذلك، اللهم إلا بشيء من التأويل؛ كأن يقدر: أن الطين سيتحول إلى إبريق، والذهب إلى خاتم. وقد أشرنا إلى ذلك في أول الباب. 2 كثيرا ما يستعمل "رأى" الماضي مسبوقا بأداة استفهام، بمعنى "أخبرني"؛ تقول: أرأيتك هذا الملثم، أفدائي هو؟ وحينئذ ينصب مفعولا واحدا، أو مفعولين، على حسب المراد. 3 التعليق بالاستفهام ليس مقصورا على الأفعال القلبية المتصرفة في هذا الباب، بل سمع في غيرها من الأفعال؛ مثل: تفكر, سأل, استنبأ, أبصر. قال -تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} ، {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} ، {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ} ، {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} . 4 كما يجوز حذف المفعولين، أو أحدهما اختصارا، أو اقتصارا على النحو الذي بسطناه، يجوز أيضا حذف الناسخ مع مرفوعه؛ تقول: ماذا تزعم؟ فيكون الجواب: مندوب الجماعة منتظرا بالباب؛ أي: أزعم ... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 ما ينصب مفاعيل ثلاثة : وهي: أعلم، وأرى اللذان أصلهما علم، ورأى المتعديان لاثنين1، وما ضمن معناهما2 من: نَبَّأَ، وأَنْبَأَ، وخَبَّر، وأَخْبَر، وحدَّث؛ نحو: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} 3، {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ} 4.   هذا باب ما ينصب مفاعيل ثلاثة: 1 أي: بأصلهما قبل دخول همزة التعدية عليهما، والتعدية بالهمزة قياسية في الثلاثي كما سيأتي بيانه في موضعه. والمراد برأي: القلبية، علمية كانت أو حلمية، وقد مثل لهما المصنف. وفي أعلم وأرى هذين يقول الناظم: إلى ثلاثة "رأى" و"علما" ... عدوا إذا صارا أرى وأعلما* أي: إن النحاة عدوا الفعل رأى، والفعل علم، إلى ثلاثة مفاعيل، إذا صار كل واحد منهما: أرى وأعلم، بعد دخول همزة التعدية عليهما. 2 يشير بهذا: إلى أن الخمسة المذكورة ملحقة في بعض استعمالاتها بأعلم وأرى المذكورتين؛ في التعدية إلى ثلاثة مفاعيل لتضمنها معناهما. وليست الهمزة فيها، أو التضعيف للتعدية أو النقل؛ لأنه ليس لها ثلاثي مستعمل في العلم، إلا خبَّر بمعنى علَّم، ولم ترد تعديتها إلى ثلاثة مفاعيل صريحة في كلام العرب، إلا وهي مبنية للمفعول كما سترى من الشواهد؛ فيكون أول المفاعيل نائب فاعل مرفوعا، ويكون الثاني والثالث صريحين. أو تسد مسدهما جملة. أو يكون أحدهما صريحا، والثاني مكانه جملة. 3 يُرى: مضارع أرى: "هم" مفعول أول. "الله" فاعل يرى. "أعمالهم" مفعول ثان ومضاف إليه. "حسرات" مفعول ثالث منصوب بالكسرة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، وقيل: إن رأى في الآية بصرية، وعليه فتكون "حسرات" حالا. 4 الكاف فيهما مفعول أول، و"هم" مفعول ثان. "قليلا وكثيرا" مفعول ثالث. ومثال "نبأ" =   * "إلى ثلاثة" جار ومجرور متعلق بعدوا. "رأى" مفعول مقدم له. "وعلما" معطوف على رأى. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "صارا" فعل ماض ناقص والألف اسمها. "أرى" خبر صار مقصود لفظه. "وأعلما" معطوف عليه، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، وهي فعل الشرط، والجواب محذوف يدل عليه الكلام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 ...............................................................................   = قول النابغة الذبياني في مطلع قصيدة يهجو فيها زرعة بن عمرو بن خويلد. وقد علم أنه يسفه عليه في أشعاره؛ ويتوعده لأنه لم يطعه في الغدر ببني أسد: نبئت زرعة والسفاهة كاسمها ... يهدي إلي غرائب الأشعار نبئت: أخبرت. السفاهة: الطيش والخفة. "نبئت" فعل للمجهول والتاء نائب فاعل وهو المفعول الأول. "زرعة"، مفعول ثان. "والسفاهة كاسمها" جملة حالية من مبتدأ وخبر، وهي معترضة بين الثاني، والثالث، وهو جملة "يهدي إلي". ومعنى قوله "والسفاهة كاسمها": أن كلا من مسماها واسمها قبيح، وهذا تعريض من النابغة بذم زرعة. والمراد بغرائب الأشعار: الصادرة عن من لا يحسن الشعر. وقد جاء "نبأ" في القرآن ناصبة مفعولا واحد صريحا، وسد مسد المفعولين الآخرين جملة، بعد أن علق الفعل عنها باللام؛ وذلك كقوله -تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} . ومثال: "أنبأ" قول الأعشى من قصيدة يمدح بها قيس بن معدي كرب: وأنبئت قيسا ولم أبله ... كما زعموا خير أهل اليمن فأنبئت: فعل للمجهول، والتاء نائب فاعل وهي المفعول الأول. "قيسا" مفعول ثان. "ولم أبله" أي: لم أختبره، والواو للحال، وأبله: مضارع مجزوم بلم بحذف الواو والهاء مفعول. والجملة في موضع نصب حال. "كما زعموا" الكاف جارة و"ما" مصدرية، وهي وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بالكاف؛ أي: كزعمهم، وهذا وما قبله اعتراض بين المفعول الثاني، والثالث وهو "خير". ومثال "خبر" قول العوام بن عتبة بن كعب بن زهير، في امرأة من غطفان اسمها "ليلى"، ولقبها سوداء، وكانت تنزل بالغميم، من بلاد غطفان، وكان بها كلفا، فلما علم بمرضها ترك عمله بمصر وذهب إليها ليعودها. وخبرت سوداء الغميم مريضة ... فأقبلت من أهلي بمصر أعودها فالتاء في "خبرت" نائب فاعل وهي المفعول الأول، "سوداء الغميم" مفعول ثان ومضاف إليه. "مريضة" مفعول ثالث: "فأقبلت" الفاء للسببية أو عاطفة. "من أهلي" متعلق بأقبلت "بمصر" صفة لأهل؛ أي: الموجودين بمصر. "أعودها" الجملة حال من التاء في فأقبلت. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 ..................................................................   = ومثال "أخبر" قول رجل من بني كلاب: وما عليك إذا أخبرتني دنفا ... وغاب بعلك يوما أن تعوديني دنفا مريضا؛ من الدنف؛ وهو المرض الذي ينهك القوى. بعلك: زوجك. تعوديني: تزوريني. و"ما" اسم استفهام إنكاري مبتدأ. "عليك" متعلق بمحذوف خبر؛ أي: بأس كائن عليك. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط متعلق بتعوديني. "أخبرتني" ماض للمجهول، والتاء نائب فاعل مفعول أول، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول ثان "دَنِفا" مفعول ثالث. "وغاب بعلك" الواو للحال، والجملة حال على تقدير "قد". "أن تعوديني" أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بفي محذوفة؛ أي: في عيادتي. والجار والمجرور متعلق بما تعلق به عليك؛ أي: أي بأس عليك حين بلغك أني مريض، وقد غاب زوجك في يوم ما، في زيارتي في هذا الوقت؟ ومثال "حدَّث" قول الحارث بن حلزة اليشكري من معلقته: أو منعتم ما تسألون فمن حُد ... دثتموه له علينا الولاء "أو" عاطفة على ما قبله. "ما" اسم موصول مفعول منعتم. "تسألون" مضارع مبني للمجهول، والجملة صلة ما؛ أي: تسألونه. "فمن" الفاء عاطفة، و"من" اسم استفهام للإنكار والنفي، مبتدأ. "حدثتموه" ماض للمجهول، والتاء نائب فاعل هي المفعول الأول، والميم علامة الجمع، والواو للإشباع، والهاء مفعول ثان، والجملة خبر المبتدأ. "له" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "علينا" متعلق بالمحذوف. "الولاء" مبتدأ مؤخر، وجملة المبتدأ والخبر سدت مسد المفعول الثالث لحدث. يريد: أو منعتم ما تسألون من المهادنة والعدل بيننا وبينكم، فمن الذي حدثكم أن له علينا يدا حتى تطمعوا أن تكونوا مثله؟ أي: إنه لا فضل لأحد علينا، ونحن قادرون على مقابلتكم بالمثل. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وكأرى السابق نَبَّأ أَخْبَرا ... حدَّث أَنْبَأ كذاك خبَّرا* أي: مثل الفعل "أرى" السابق أول الكلام في نصب ثلاثة مفاعيل، هذه الأفعال الخمسة التي سردها.   * "وكأرى" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "السابق" نعت لأرى. "نبا" مبتدأ مؤخر قصد لفظه، وما بعده معطوف عليه بحذف العاطف. "كذاك" جار ومجرور خبر مقدم. "خبرا" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 ويجوز عند الأكثرين حذف الأول؛ كـ"أعلمت كبشك سمينا" والاقتصار عليه؛ كـ"أعلمت زيدًا"1. وللثاني والثالث من جواز حذف أحدهما اختصارًا، ومنعه اقتصارًا، ومن الإلغاء والتعليق ما كان لهما2؛ خلافًا لمن منع الإلغاء والتعليق مطلقًا3، ولمن منعهما في المبني للفاعل. ولنا على الإلغاء قول بعضهم: البركة أعلمنا الله مع الأكابر4 وقوله: وأنت أراني الله أمنع عاصم5   1 وذلك لأن الفائدة لا تنعدم بحذفه في المثال الأول، أو بالاقتصار عليه في المثال الثاني؛ إذ قد يراد الإخبار بمجرد العلم به، وبمجرد إعلام الشخص المذكور. أما حذف الثلاثة، فأجازه ابن مالك لدليل ولغيره، وإن لم يجز في باب ظن لغير دليل. 2 أي: قبل النقل، فتجري عليهما الأحكام والآثار الخاصة بالأفعال القلبية كما أشار المصنف. وإلى هذا يشير الناظم بقوله: وما لمفعولي "علمت" مطلقا ... للثان والثالث أيضا حققا* أي: إن ما ثبت لمفعولي "علم" من الأحكام المختلفة، باعتبارهما في الأصل مبتدأ وخبرا، يثبت للثاني والثالث هنا؛ فإن الثاني والثالث بعد دخول همزة التعدية هما الأول والثاني قبل دخولها على الفعل. 3 أي: سواء أكان مبنيا للفاعل، أم مبنيا للمفعول كما يفهم مما بعد. وحجة المانعين: أن الثاني والثالث بمنزلة الثاني في غير هذا الباب، وهو لا يتعلق ولا يلغى عنه. 4 فـ"البركة" مبتدأ، و"مع الأكابر" خبر، و"أعلم" ملغاة، لتوسطها بين المبتدأ والخبر، وهي مبنية للفاعل. 5 صدر بيت من الطويل، لم نقف على قائله. وعجزه: =   * "وما" اسم موصول مبتدأ. "لمفعولي" متعلق بمحذوف صلة ما. "علمت" مضاف إليه قصد لفظه. "مطلقا" حال من ضمير "حققا" الواقع خبرا عن ما. "للثان" متعلق بحقق. "والثالث" معطوف عليه. "أيضا" مفعول مطلق لفعل محذوف. "حققا" ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى ما، والجملة خبر المبتدأ، والألف للإطلاق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 وعلى التعليق: {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} 1، وقوله: حذار فقد نبئت إنك للذي ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى2   = وأرأف مستكفى وأسمح واهب اللغة والإعراب: أمنع: أفعل تفضيل، من منع على وزن كرم، إذا صار منيعا قويا لا يعتدى عليه. عاصم حافظ، وهو اسم فاعل من عصم فلان فلانا -على وزن ضرب- أي: منع عنه الأذى والمكروه. أرأف: أفعل تفضيل، من الرأفة، وهي الشفقة والرحمة. مستكفى: مطلوب منه الكفاية في الملمات. "وأنت" مبتدأ. "أراني الله" فعل وفاعل ومفعول والنون للوقاية. "أمنع" خبر المبتدأ. "عاصم" مضاف إليه. "وأرأف وأسمح" معطوفان على أمنع. المعنى: أراني الله إياك أقوى حافظ يقي الإنسان شر الأعداء، وأرأف من يلجأ إليه في المهمات، وأجود وأكرم من يعطي ويبذل من غير منّ. الشاهد: إلغاء "أرى" عن العمل في المفعولين الثاني والثالث؛ وهما: "أنت أمنع عاصم"؛ لتوسطه بينهما. والأصل: أراني الله إياك أمنع عاصم، أو أرانيك الله أمنع عاصم، فلما قدم المفعول الثاني أبدل بضمير الرفع وجعل مبتدأ. 1 "كم" مفعول أول "ينبئ". "إذا" شرطية. "مزقتم" فعل الشرط، والجواب محذوف للدلالة عليه بجديد؛ أي: إذا مزقتم تجددون، وجملة الشرط معترضة بين المفعول الأول وما سد مسد المفعولين. "إنكم لفي خلق" الجملة في محل نصب سدت مسد المفعول الثاني والثالث لينبئ، والفعل معلق عن الجملة باللام، ولذلك كسرت "إن". 2 بيت من الطويل، لم ينسبه النحاة لقائل. اللغة والإعراب: حذار: اسم فعل أمر؛ بمعنى أحذر. نبئت: أعلمت وأخبرت. ستجزى: ستكافأ. بما تسعى: بما تعمل في هذه الحياة. "فقد" الفاء للتعليل، و"قد" للتحقيق. "نبئت" ماضي للمجهول والتاء نائب فاعل، وهي المفعول الأول. "إنك للذي" إن واسمها وخبرها، والجملة في موضع نصب سدت مسد المفعولين الثاني والثالث، وقد علق عنها الفعل باللام المزحلقة في خبر إن، ولذلك كسرت "إن". المعنى: احذر عاقبة ما تعمل من عمل في هذه الدنيا، فإنك ستؤاخذ بما قدمت يداك، وتجزى على حسب إجادتك؛ فإن كان خيرا سعدت، وإن شرا شقيت وندمت. الشاهد: نصب "نبئ" ثلاثة مفاعيل، وقد عدي إلى واحد وهو الضمير الواقع نائب فاعل، وعلق عن الثاني والثالث باللام الواقعة في خبر إن؛ وهو "للذي" كما بينا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 قال ابن مالك: وإذا كانت أرى وأعلم منقولتين من المتعدي لواحد1 تعديا لاثنين2؛ نحو: {مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} 3. وحكمهما حكم مفعولي كسا4 في الحذف لدليل وغيره5، وفي منع الإلغاء والتعليق6.   1 بأن كانت "رأى" بصرية بمعنى أبصر، و"علم" عرفانية بمعنى عرف. 2 أي: بواسطة الهمزة. 3 "أرى" فعل ماض بصرية، والفاعل هو. "كم" مفعول أول. "ما" اسم موصول مفعول ثان. "تحبون" الجملة صلة ما. وأما قوله -تعالى: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا} فقليلا حال لا مفعول ثالث. 4 باب كسا: هو كل فعل يتعدى إلى مفعولين ليسا في الأصل مبتدأ وخبر مثل: سأل، وأعطى، وألبس، ومنح، ومنع. ولهذا لا يصح تطبيق الأحكام الخاصة بالأفعال القلبية عليهما؛ إلا التعليق فإنه جائز. 5 فيجوز حذفهما معا، وحذف أحدهما؛ تقول: أعملت، ورأيت، وأعلمت عليا، وأريت السحاب، ولا يقع الثاني جملة مؤولة بمفرد. 6 أي: في المفعولين معا؛ لأنه ليس أصلهما المبتدأ والخبر. أما امتناع الإلغاء فلامتناع الإخبار بالثاني عن الأول. وأما التعليق فأجاز الأشموني تعليقهما عن الثاني؛ لأن "أعلم" قلبية، "وأرى" وإن كانت بصرية, فهي ملحقة بالقلبية في ذلك، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وإن تعديا لواحد بلا ... همز فلاثنين به توصلا والثاني منهما كثان اثنى كسا ... فهو به في كل حكم ذو ائتسا* أي: إذا تعدى كل من "علم ورأى" إلى مفعول واحد، قبل مجيء همزة التعدية؛ بأن كانت علم بمعنى عرف، ورأى بمعنى أبصر؛ فإنهما يتوصلان بالهمزة إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر. والثاني من المفعولين، كالثاني للفعل "كسا" في مثل: كسوت الفقير ثوبا؛ في أنه لا يصلح أن يكون خبرا عن الأول, فهو به ذو ائتسا؛ أي: اقتداء ومحاكاة في كل حكم.   * "وإن" شرطية. "تعديا" فعل ماض والألف فاعل، وهو فعل الشرط. "لواحد" متعلق بتعديا. "بلا همز" الباء جارة، و"لا" اسم بمعنى غير، مجرور محلا بالباء وإعرابها ظاهر على ما بعدها، والجار والمجرور متعلق بتعديا. "همز" مضاف إليه. "فلاثنين" الفاء واقعة في جواب الشرط. "لاثنين به" متعلقان بتوصلا. "توصلا" فعل أمر والفاعل أنت والألف مبدلة من نون التوكيد الخفيفة، والجملة جواب الشرط، ويجوز أن يكون "توصلا" فعل ماض والألف فاعل عائد على "رأى" و"علم" المتقدمين. "والثان" مبتدأ. "منهما" متعلق بمحذوف حال من ضمير الخبر. "كثاني" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ "اثنى كسا" مضافان إليه. "فهو" مبتدأ. "به في كل" متعلقان بائتسا. "حكم" مضاف إليه. "ذو" خبر المبتدأ "ائتسا" مضاف إليه وقصر للضرورة وأصله: ائتساء؛ أي: اقتداء؛ أي: إنه مثله في كل حكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 قيل: وفيه نظر في موضعين: أحدهما: أن علم بمعنى عرف إنما حفظ نقلها بالتضعيف1 لا بالهمزة. والثاني: أن أرى البصرية سمع تعليقها بالاستفهام؛ نحو: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} 2. وقد يجاب3 بالتزام جواز نقل المتعدي لواحد بالهمزة قياسًا4؛ نحو: ألبست زيدا جبة، وبادعاء5 أن الرؤية هنا علمية6.   1 أي: تعديتها لاثنين، نحو: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} . 2 "أرِ" من أرى البصرية، فعل أمر للدعاء، والفاعل أنت والنون للوقاية، والياء مفعول أول {كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} الجملة في محل نصب سدت مسد المفعول الثاني لأر، المعلقة عن الاستفهام بكيف. 3 أي: عن النظر الأول. 4 أي: من غير التوقف على سماع، على أنه سمع في "علم" نقلها بالهمزة إلى اثنين؛ فالقول بأنه لم يحفظ نقلها إلا بالتضعيف، غير وجيه. 5 جواب عن النظر الثاني. 6 أي: في قوله -تعالى: {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} . وأجيب كذلك بأن هذا ليس من باب التعليق؛ لاحتمال أن تكون "كيف" اسما معربا مجردا عن الاستفهام بمعنى الكيفية، ويكون مضافا إلى الفعل بعده بتأويل المصدر؛ أي: أرني كيفية إحيائك للموتى. = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 .......................................................................   = تنبيهان: أ- لا يجوز أن تعامل أخوات "رأى وعلم" القلبية معاملتهما في النقل إلى الثلاثة بالهمزة؛ فيقال: أظننت محمد عليا كريما، وأحسبت، وأزعمت، وأجاز ذلك الأخفش، ورأيه ضعيف. ب- صوغ الفعل للمفعول يجعله قاصرا عن مفعول كان متعديا إليه قبل الصوغ فالمتعدي إلى ثلاثة؛ إذ صغته للمفعول صار متعديا لاثنين، وذو الاثنين يصير متعديا لواحد، وذو الواحد يصير غير متعد، أما دخول همزة النقل على الفعل فبالعكس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 ....................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 ما الأفعال القلبية التي تنصب مفعولين؟ وما أقسامها من حيث دلالتها في الخبر؟ ولم سميت بذلك؟ وضح ما تقول بالأمثلة. 2 ما معنى أفعال التصيير؟ اذكر ثلاثة منها، وضع كلا في مثال من إنشائك. 3 ما الإلغاء؟ وما التعليق؟ وما الفرق بينهما؟ وفيم يدخلان؟ وما أشهر المعلقات؟ مثل لما تقول. 4 اشرح قول ابن مالك الآتي: وابسط القول في حذف المعمول في هذا الباب: ولا تجز هنا بلا دليل ... سقوط مفعولين أو مفعول 5 يستشهد النحويون بما يأتي في هذا الباب. بين موضع الاستشهاد، وأعرب ما تحته خط: قال -تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا} ، {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ} ، {لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} ، {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} ، {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} ، {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} ، {إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} ، {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} ، {وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا} ، {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} . ودعوتني وزعمت أنك ناصح ... ولقد صدقت وكنت ثم أمينا لا أعد الإقتار عدما ولكن ... فقد من قد فقدته الإعدام رأيت الله أكبر كل شيء ... محاولة وأكثرهم جنودا وأخرني دهري وقدم معشرا ... على أنهم لا يعلمون وأعلم 6 تختص الأفعال القلبية المتصرفة بأمور. اذكر هذه الأمور، ووضحها بأمثلة. 7 ما معنى قول ابن مالك: لعلم عرفان وظن تهمه ... تعدية لواحد ملتزمه اذكر أمثلة موضحة لهذا البيت من إنشائك. 8 يقوم الفدائيون في فلسطين بأعمال غاية في التضحية؛ ليستردوا أرضهم المغتصبة، كون = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 ..................................................................................   = جملا من إنشائك في هذا المعنى، وضع هذه الأفعال في تلك الجمل: أخبر، نبأ، خبّر، ظن. 9 أعرب هذا البيت واشرحه، وهو للمرحوم حافظ إبراهيم المتوفى سنة 1932، على لسان مصر: أتراني وقد طويت حياتي ... في مراس لم أبلغ اليوم رشدي 10 ترد الأفعال الآتية غير ناصبة لمفعولين، بين معناها حينئذ، وضعها في أمثلة موضحة: خال، وجد، زعم، حسب، حجا. 11 يستعمل القول بمعنى الظن، ولذلك شروط، اذكر هذه الشروط، ولغة سليم فيه. 12- ما حكم الجملة والمفرد إذا وقع كل منهما بعد القول؟ وضح ذلك على ضوء ما شرحنا، ومثل. 13- ما المراد بباب كسا؟ وما الفرق بين المنصوب فيه والمنصوب في باب أعلم؟ 14 بين فيما يأتي: الأدوات العاملة، ومعمولها، وحكمه. هل تدري يا أخي، أحسبك تعلم ذلك علم اليقين، أن المرحوم أحمد عرابي زعيم الثورة العرابية المصرية، كان يحفظ القرآن الكريم. وقد لحق بالأزهر سنوات، ثم دخل الجيش جنديا، وتزعم ثورة الجيش سنة 1881. وينبئنا التاريخ: أنه لما تقلد الوزارة أحد جملة اصلاحات لم يرض عنها المستعمرون، فكادوا له، وأعدوا العدة لاحتلال البلاد، وقد قاوم عرابي ومن ورائه الشعب، مقاومة عظيمة، وكاد ينتصر لولا الخيانة والغدر. ثم نفي هو وزملاؤه، وعاد إلى وطنه سنة 1901. وتوفي -رحمه الله- سنة 1911. 15 أعرب قول الشاعر: وبات يريني الخطب كيف اشتداده ... وبت أريه الصبر كيف يكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 الفهارس فهرس الموضوعات ... فهرس الموضوعات: الصفحة الموضوع 3 مقدمة 5 ترجمة ابن هشام. 7 كلمة إجمالية عن نشأة النحو، العرب وسيادة قريش. 8 ظهور اللحن. 9 وضع النحو. 11 مصادر النحو والصرف. 12 أين نشأ النحو؟ المذهبان: البصري والكوفي. 14 منهج المذهبين وسبب الخلاف بينهما. 21 مقدمة المصنف. 25 باب شرح الكلام وشرح ما يتألف منه. 26 معنى: الكلام، والكلم، والكلمة. 26 اسم الجنس وأنواعه. اسم الجمع. معنى القول. 28 فصل: بتميز الاسم بخمس علامات: الجر، التنوين. 29 أنواع التنوين: تنوين التمكين، تنوين التنكير، تنوين المقابلة. 30 تنوين العوض، الكلام على تنوين "فواعل" معتل الآخر. 31 تنوين الترنم. 33 من علامات الاسم: النداء. 34 أل غير الموصولة. 35 الإسناد إليه. 36 فصل: ينجلي الفعل بأربع علامات: تاء الفاعل، تاء التأنيث الساكنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 الصفحة الموضوع 37 ياء المخاطبة، نون التوكيد 38 فصل: في الحرف وعلامته، أنواعه. 39 فصل: في الفعل وأنواعه: المضارع. 40 الماضي. 41 الأمر. 43 الأسئلة والتمرينات. 44 باب شرح المعرب والمبني. 44 تعريف المبني من الأسماء، وأنواع الشبه بالحرف. الشبه الوضعي. 45 الشبه المعنوي. 46 الشبه الاستعمالي، الشبه الإهمالي، المعرب من الأسماء. 51 فصل: في تقسيم الفعل إلى معرب ومبني: الماضي، المضارع، الأمر. 54 فصل: أنواع البناء أربعة. 55 فصل: معنى الإعراب، أنواعه، العلامات الأصول. 56 العلامات الفروع وتقع في سبعة أبواب. 56 الباب الأول: الأسماء الستة: شروطها، لغاتها. 63 الباب الثاني المثنى. شروطه. 64 الملحق به. 66 الباب الثالث: جمع المذكر السالم. 68 الملحق به. 75 فصل: في حركة نون المثنى والملحق به، وكذلك نون الجمع. 77 الباب الرابع: الجمع بالألف والتاء المزيدتين وما حمل عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 الصفحة الموضوع 81 الباب الخامس: الاسم الذي لا ينصرف. 82 الباب السادس: الأمثلة الخمسة. 84 الباب السابع: الفعل المضارع المعتل الآخر. 85 تنبيه: في حكم حرف العلة المبدل من الهمزة. 86 فصل: تقدير الحركات في المعتل الآخر المقصور والمنقوص. 88 تتمة: في حكم الفعل الناقص إذا أسند للضمائر. 90 الأسئلة والتمرينات 92 باب النكرة والمعرفة. 93 تعريف، أقسام المعارف سبعة 94 فصل: في المضمر، انقسامه إلى بارز ومستتر. 95 انقسام البارز إلى متصل ومنفصل. 96 انقسام المتصل بحسب مواقع الإعراب. 98 انقسام المستتر إلى واجب الاستتار وجائزه ومواضع كل. 100 انقسام المنفصل بحسب مواقع الإعراب. 101 تنبيه: الضمير نفس "إيا" واللواحق لها حروف ... إلخ. 102 قاعدة: متى تأتي الاتصال لا يعدل عنه إلى الانفصال.. إلخ. 104 يستثنى من هذه القاعدة مسألتان. 111 فصل: في حكم نون الوقاية: بالنسبة للعامل، حكم "قد" و"قط". 121 فائدة: إذا اجتمعت نون الوقاية مع نون الرفع. 122 الأسئلة والتمرينات. 124 باب العلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 الصفحة الموضوع 124 العلم الشخصي انقسامه إلى مرتجل ومنقول ومفرد ومركب. 129 فصل: ينقسم العلم إلى اسم وكنية ولقب. 134 فصل: في العلم الجنسي، علم الشخص. 134 فصل: مسمى علم الجنس ثلاثة أنوع. 137 الأسئلة والتمرينات. 139 هذا باب أسماء الإشارة. 141 ألفاظ الإشارة: الإشارة للبعيد. 142 الإشارة إلى المكان. 145 الأسئلة والتمرينات. 146 باب الموصول. 146 الموصولات ضربان: الموصولات الحرفي. 147 الموصولات الاسمية الخاصة. 152 الموصولات الاسمية المشتركة: "مَن". 152 "ما". 155 "أي". 158 "أل". 160 "ذو". 162 "ذا". 166 فصل: كل الموصولات تحتاج إلى صلة وعائد. شروط كل. 170 حذف العائد المرفوع، شروطه. 172 حذف العائد المنصوب شروطه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 الصفحة الموضوع 174 حذف العائد المجرور شروطه 178 الأسئلة والتمرينات 179 باب المعرف بالأداة. 180 "أل" الجنسية. 181 "أل" العهدية. 181 فصل: وقد ترد "أل" زائدة. أقسامها. 185 فصل: في التعريف بالغلبة. 188 الأسئلة والتمرينات. 189 باب المبتدأ والخبر. 195 فصل: الخبر الجزء المتمم الفائدة مع مبتدأ غير الوصف. 200 فصل: في الخبر الظرف والجار والمجرور. 203 فصل: لا يبتدأ بنكرة إلا إذا حصلت فائدة، مواضع الابتداء بالنكرة. 206 فصل: في أحوال الخبر، مواضع وجوب تأخره. 210 مواضع وجوب تقدمه. 213 جواز التقديم والتأخير، حذف المبتدأ جوازا. 214 حذفه وجوبا. 216 حذف الخبر جوازا. 217 حذفه وجوبا. 222 تعدد الخبر 224 تعدد المبتدأ 225 الأسئلة والتمرينات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 الصفحة الموضوع 227 باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر. 227 أقسامها من حيث العمل: ما يعمل منها بل شرط. 228 ما يعمل بشرط تقدم نفي ... إلخ. 231 ما يعمل بشرط تقدم "ما" المصدرية الظرفية. 232 أقسامها من حيث التصرف وعدمه. 234 فصل: في حكم توسط أخبارهن. 236 فصل: في حكم تقديم أخبارهن. 239 فصل: في حكم إيلاء معمول خبرها. 242 فصل: في استعمال هذه الأفعال تامة. 243 فصل: تختص "كان" بأمور. 254 فائدتان: في حكم الخبر إذا دخلت أداة النفي على الناسخ، ودخول حرف الجر الزائد عليه. 255 الأسئلة والتمرينات. 257 فصل: في "ما" و"لا" و"لات" و"إن". 257 حكم "ما" شروط إعمالها عمل "ليس". 263 حكم "لا": شروط إعمالها عمل "ليس". 264 حكم "لات": شروط إعمالها عمل "ليس". 266 حكم "إن": شروط إعمالها عمل "ليس". 268 زيادة الباء في خبر هذه النواسخ. 272 تنبيهان: العطف على التوهم. 272 إعراب "لات هنا حنت". 273 الأسئلة والتمرينات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 الصفحة الموضوع 274 باب أفعال المقاربة 274 أنواعها، شروط الجملة الفعلية الواقعة خبرا لها 282 فصل: هذه الأفعال ملازمة للمضي إلا أربعة 287 فصل: فيما تختص به عسى واخلولق وأوشك. 291 مسألة في كسر السين وفتحها في "عسى". 292 "تنبيه" و"فائدتان". 294 الأسئلة والتمرينات. 296 باب إن وأخواتها. 296 إن، أن، لكن. 297 كأن، ليت. 298 لعل. 299 عسى. 300 "لا". 301 فصل: في مواضع كسر إن وجوبا. 301 مواضع فتح إن وجوبا، جواز الأمرين. 313 فصل: مواضع دخول لام الابتداء بعد إن المكسورة. 317 اتصال "ما" الزائدة بهذه الأحرف. 319 العطف على أسماء هذه الحروف قبل مجيء الخبر وبعده. 326 فصل: حكم "إن" المكسورة إذا خففت. 330 فصل: حكم "أن" المفتوحة. إذا خففت. 333 فصل: حكم "كأن" إذا خففت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 الصفحة الموضوع 336 مسألة: حكم "لكن" إذا خففت. 337 الأسئلة والتمرينات. 339 باب "لا" العاملة عمل "إن". 339 شروطها: حكم اسمها إذا كان مفردا. 343 حكم اسمها إذا كان غير مفرد. 345 فصل: في إعراب "لا حول ولا قوة إلا بالله". 351 فصل: وإذا وصفت النكرة المبنية. 353 فصل: وإذا دخلت همزة الاستفهام على "لا". 357 مسألة: في حكم الخبر المجهول والمعلوم. 358 الأسئلة والتمرينات. 359 باب الأفعال الناصبة للمبتدأ والخبر. 360 أفعال القلوب، أقسامها. 371 تنبيهان: في تعدي علم وظن ورأى إلى مفعول واحد وفي الإلحاق رأي الحلمية برأي العلمية. 373 أفعال التصيير. 380 أحكامها من حيث الإعمال والإلغاء والتعليق. 381 الفرق بين الإلغاء والتعليق. 386 فصل: في حذف المفعولين، أو أحدهما. 389 فصل: في حكاية الجملة بعد القول وشروط ذلك. 396 تنبيهات. 397 باب ما ينصب مفاعيل ثلاثة. 397 نبَّأ، أَنْبأ، خبَّر، مثال لكل. 397 أخبر، حدَّث، مثال لكل. 404 تنبيهان. 405 الأسئلة والتمرينات. 407 فهرس الموضوعات. 415 فهرس النحاة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 فهرس الإعلام: بيان بأسماء النحاة والقراء الذين وردت أسماؤهم بهذا الجزء: الصفحة الاسم 5 ابن هشام 22 ابن مالك 100 ابن يعيش. 107 الرماني، ابن الطراوة. 114 سيبويه. 115 الفراء. 116 ابن الناظم. 127 الزجاج. 155 ثعلب. 156 ابن عصفور. 157 الكسائي. 159 المازني. 159 أبو الحسن, الأخفش الأوسط. 160 أبو الخطاب, الأخفش الأكبر. 161 ابن السراج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 الصفحة الاسم 179 الخليل بن أحمد. 235 ابن درستويه، ابن معط. 235 حمزة, من القراء. 235 حفص, من القراء. 238 ابن كيسان. 240 الفارسي. 252 ابن حبيب. 257 ابن السكيت. 287 الجوهري, صاحب الصحاح. 289 الشلوبين. 290 المبرد، السيرافي. 291 أبو عبيدة. 292 نافع, من القراء. 311 أبو بكر, من القراء. 314 الماوردي, صاحب الترشيح. 314 كتاب الغرة لابن الدهان. 315 هشام بن معاوية الضرير. 343 الخصائص لابن جني. 346 ابن كثير، أبو عمرو, من القراء. 373 الحريري. 387 الأعلم، يوسف بن سليمان النحوي الشنتمري. 388 ابن ملكون. 395 السهيلي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 المجلد الثاني باب: الفاعل تعريف الفاعل ... بسم الله الرحمن الرحيم باب الفاعل 1: تعريف الفاعل: الفاعل اسم2 أو ما في تأويله أسند إليه فعل3 أو ما في تأويله، مقدم أصلي المحل والصيغة4. فالاسم نحو: تبارك الله، والمؤول به5 نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} 6. والفعل: كما مثلنا، ومنه: أتى زيد، ونعم الفتى7، ولا فرق بين المتصرف والجامد، والمؤول بالفعل8 نحو: {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُه} ، ونحو: "وجهه" في قوله:   هذا باب الفاعل: 1- معنى الفاعل لغة: من أوجد الفعل، واصطلاحًا: ما ذكره المصنف. 2- أي صريح ظاهر، أو ضمير بارز، أو مستتر. 3- أي سواء كان على وجه الإثبات، أو النفي، أو التعليق، أو الإنشاء، نحو: لم يخرج محمد، وإن حضر علي، وهل سافر محمود؟ 4- يراد بأصالة الصيغة: عدم تحويلها إلى صيغة المبني للمجهول، كما سيذكره المصنف. 5- أي بالاسم، وذلك لوجود سابك ملفوظ به أو مقدر، والسابك في باب الفاعل يكون: "بأن" المفتوحة، "وأن" الناصبة للفعل، و"ما" لا غير أما "كي" و "لو"، فلا. 6- أن معمولاها في تأويل مصدر فاعل يكف، أي إنزالنا، ومثال "أن": {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} ، أي خشوع قلوبهم، ومثال: "ما": يسر المرء ما ذهب الليالي، أي ذهاب الليالي، ولا يقدر من هذه الحروف الثلاثة إلا "أن" خاصة، نحو: ما راعني إلا يسير، أي: إلا أن يسير، ولا تقدر أن المشددة، ولا "ما"، لعدم وروده. 7- هذان مثالان ذكرهما الناظم، ليشير إلى أنه لا فرق بين الفعل المتصرف، والفعل الجامد. 8- والصفة المشبهة، كمثاله أيضًا "زيد منير وجهه"، أي ينير، وأمثلة المبالغة نحو أسفاك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 1 أتى زيد منيرًا وجهه، ومقدم، رافع لتوهم دخول نحو: زيد قام، وأصلي المحل، مخرج لنحو: قائم زيد، فإن المسند -وهو قائم- أصله التأخير؛ لأنه خبر1. وذكر الصيغة مخرج لنحو: ضرب زيد "بضم أول الفعل وكسر ثانيه"، فإنها صيغة مفرعة من "ضرب" بفتحهما2.   اللص؟، واسم التفضيل، نحو: ما رأيت امرأ أحب إليه الأقدام من محمد، والمصدر نحو: ألا إن ظلم نفسه المرء بين وكذلك اسمه، نحو: سررت من عطاء الكتاب محمد، واسم الفعل نحو: هيهات الإنصاف بين الناس، والظرف نحو: أعندك مهاجر؟ والجار والمجرور نحو: أفي الفوز شك؟ ويلاحظ أن العامل في الفاعل في الظرف والجار والمجرور متعلقهما. 1 أي: عن زيد، وقدم قائم لفظا فقط، وليس تقديمه على سبيل الأصالة. 2 وإلى ما سبق يشير الناظم بقوله: الفاعل الذي كمرفوعي "أتى ... زيد" منيرًا وجهه" "نعم الفتى" وقد اكتفى عن التعريف بذكر مثالين مستوفيين الشروط التي ذكرها المصنف. "فزيد" فاعل لفعل متصرف وهو أتى، و"وجهه" فاعل لمنيرا، وهو وصف مشبه للفعل؛ لأنه اسم فاعل، "والفتى" فاعل لفعل جامد وهو "نعم"، والفعل في الأمثلة مقدم على الفاعل، فهو أصلي المحل والصيغة. هذا: والصحيح أن الفاعل لا يكون جملة، اللهم إلا إذا كانت الجملة مقصودا لفظها وحكايتها؛ لأنها تكون حينئذ بمنزلة المفرد، فترفع بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة الحكاية، ويرى بعض العلماء: جواز وقوع الجملة فاعلًا؛ اسمية كانت أو فعلية، وبعضهم يجيز وقوعها فاعلًا إذا كانت فعلية معلقة بفعل قلبي، وأداة التعليق الاستفهام كقوله تعالى: {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِم} .   "الفاعل" مبتدأ، "الذي" اسم موصول خبر، "كمرفوعي" متعلق بمحذوف صلة الذي، "أتى زيد" الجملة من الفعل والفاعل في محل جر مضاف إليه، "منيرًا" حال من زيد، وهو اسم فاعل، "وجهه" فاعل بمنير مضاف إلى الهاء، "نعم الفتى" فعل وفاعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 2 أحكام الفاعل : وله أحكام: أحدها: الرفع 1، وقد يجر لفظً2، وقد يجر لفظًا بإضافة المصدر، نحو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاس} 3، أو اسمه، نحو: "من قبله الرجل امرأته الوضوء"4، أو بمن أو بالباء الزائدتين5، نحو: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} ، {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} . الثاني: وقوعه بعد المسند، فإن وجد ما ظاهره أنه فاعل تقدم، وجب تقدير الفاعل ضميرًا مستترًا، وكون المقدم إما مبتدأ في نحو: زيد قائم6، وإما فاعلًا   1 ورافعه: الفعل، أو ما هو في تأويله على الصحيح، وقد ينصب شذوذا إذا فهم المعنى، سمع من كلام العرب: خرق الثوب المسمار، كسر الزجاج الحجر، برفع أولهما، ونصب ثانيهما. 2 ولكنه في محل رفع، ويجوز في تابعه حينئذ الجر، حملا على اللفظ، والرفع بالنسبة للمحل. 3 "الله" مضاف إليه، وهو فاعل يدفع، من إضافة المصدر إلى فاعله، "الناس" مفعوله. 4 "من قبله" جار ومجرور خبر مقدم، "الرجل" مضاف إليه"، من إضافة اسم المصدر وهو "قبلة" لفاعله، "امرأته" مفعوله ومضاف إليه، "الوضوء" مبتدأ مؤخر، وهذه القولة للسيدة عائشة -رضي الله عنها. 5 أو اللام كذلك، نحو: {هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُون} ، وشرط جر الفاعل بمن الزائدة: أن يكون نكرة بعد نفي، أو شبهة، فإن عطف على المجرور بها معرفة، تعين رفعها نحو: ما جاءني من رجل، ولا محمد، وكذلك يجب الرفع إن كان المعطوف عليه نكرة، وأداة العطف "لكن" أو"بل"؛ لأن المعطوف بهما بعد النفي والنهي يكون مثبتًا فلا يجر؛ لأنه بمنزلة المجرور بمن. هذا: وجر الفاعل بالباء الزائدة قد يكون واجبًا؛ كفاعل أفعل في التعجب، نحو: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِر} ، وقد يكون جائزًا ولكنه كثير في فاعل، نحو: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} ، ويقل في غير ذلك. 6 ففي قام ضمير مستتر عائد على زيد، وهو الفاعل، وزيد مبتدأ، والجملة خبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 محذوف الفعل في نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} ؛ لأن أداة الشرط مختصة بالجمل الفعلية1، وجاز الأمران2 في نحو: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} ، {أَنْتُمْ تَخْلُقُونَه} ، والأرجح الفاعلية3. وعن الكوفي جواز تقديم الفاعل تمسكًا بنحو قول الزباء4: ما للجمال مشيهًا وئيدا5   1 "فأخذ" لفاعل لفعل محذوف يفسر المذكور، أي وإن استجارك أحد استجارك، وليس "أحد" مبتدأ، جملة "إن استجارك" خبر، لما ذكر المصنف. 2 أي الابتدائية والفاعلية. 3 "بشر" مبتدأ، وجملة "يهدوننا" خبر، أو فاعل لمحذوف يفسره يهدوننا، ورجحت الفاعلية؛ لأن الغالب في همزة الاستفهام دخولها على الفعل، وكذلك يقال في الآية الثانية. الخلاصة: أنه إذا تقدم على الفعل ما ظاهره أنه فاعل، فإن لم يتقدمه شيء أعرب المتقدم مبتدأ، وأضمر الفاعل مستترًا في الفعل، وإن وقع بعد أداة تختص بالفعل، كأدوات الشرط، والتحضيض أعرب فاعلًا لمحذوف يفسره المذكور، وإن بعد أداة يغلب دخولها على الفعل، كهمزة الاستفهام جاز الأمران، والفاعلية أرجح. 4 هي بنت عمرو بن الظرب بن حسان، ملكة الجزيرة، وقصتها مع جذيمة الأبرش ملك العراق -الذي قتل أباها، ومع قصير بن سعد مولى جذيمة، الذي احتال لقتلها حين قتلت جذيمة خدعة، لتأخذ بثأر أبيها- معروفة مشهورة. 5 صدر بيت من الرجز، وعجزه: أجندلا يحملن أم حديدا وبعده: أم صرفانا باردًا شديدا ... أم الرجال جثما قعودا اللغة والإعراب: الجمال، جمع جمل، وئيدا: ثقيلًا بطيئا، وهو صفة مشبهة من التؤدة، وهي التمهل والتأني، جندلًا، الجندل ما يقله الرجل من الحجارة، صرفانا، الصرفان: النحاس والرصاص، جثما: جمع جاثم، أي لاصقين بالأرض، "ما" اسم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 وهو عندنا ضرورة، أو مشيها مبتدأ حذف خبره، أي يظهر وئيدا، كقولهم: حكمك مسمطًا"، أي حكمك لك مثبتًا، قيل: أو مشيها بدل من ضمير الظرف1. الثالث: أنه لا بد منه 2؛ فإن ظهر في اللفظ نحو: قام زيد، والزيدان قاما، فذاك، وإلا فهو ضمير مستتر راجع: إما لمذكور، كـ"زيد قام كما مر". أو لما دل عليه الفعل كالحديث: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن 3 "، أي ولا يشرب هو، أي الشارب4.   استفهام مبتدأ، "للجمال" جار ومجرور خبر، "مشيها" أعربه الكوفيون فاعلًا مقدما بوئيدا، الواقع حالا من الجمال، والتقدير: أي شيء ثابت للجمال حال كونها وئيدا مشيها. المعنى: واضح بعد هذا البيان. الشاهد: تقدم الفاعل، وهو "مشيها" على عامله، وهو "وئيدا" المشبه للفعل على مذهب الكوفيين، ولا يصح جعله مبتدأ؛ لأنه لا خبر له في اللفظ إلا وئيدا، وهو منصوب, وقد أجاب البصريون بما ذكره المصنف، وهذا على رواية الرفع، وقد ورد بجر "مشيها"، على أنه بدل اشتمال من الجمال، ووئيدا حال من المشي، كما ورد بنصب "مشيها"، على أنه مفعول مطلق لمحذوف، أي تمشي مشيها، ووئيدا حال من المصدر، والجملة حال من الجمال، وعلى الروايتين فلا شاهد فيه. 1 أي الذي هو فاعل الاستقرار المحذوف، وقد انتقل إلى الجار والمجرور -وهو للجمال- بعد حذف الاستقرار، وتظهر نتيجة الخلاف بين المذهبين في التثنية والجمع، فتقول على مذهب الكوفيين: المحمدان قام، والمحمدون قام بالإفراد فيهما، وعند البصريين: لا بد من الضمير المطابق في قام، والراجح مذهب البصريين. 2 أي لا يمكن حذفه والاستغناء عنه؛ لأنه جزء أساسي في الجملة، لا تستغني عنه لتكملة معناها على عامله، وقد يحذف لداع كما سيأتي بعد. 3 حديث ذكره مسلم في صحيحه، في "كتاب الإيمان" وذكره البخاري، في "كتاب الأشربة"، وفيه: "ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن". 4- "ففي" يشرب" ضمير مستتر هو الفاعل، يعود إلى الشارب، ويدل عليه لفظ "يشرب" بالالتزام؛ لأن الشرب يستلزم شاربا، وحسن الحذف لتقدم نظيره وهو لا يزني الزاني، ولا يسرق السارق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 أو لما دل عليه الكلام، أو الحال المشاهد1، نحو: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي} ، أي إذا بلغت الروح2، ونحو قولهم: إذا كان غدا فأتني3، وقوله: فإن كان لا يرضيك حتى تردني4   1 أي بأن تكون هنالك قرينة تعرف من السياق، أو الحال الواقعة. 2 ففي "بلغت" ضمير مستتر هو الفاعل، عائد على الروح المفهومة من سياق الكلام. 3 قوله منسوب لبعض العرب، وكان يحتمل أن تكون تامة و"غدا" ظرف متعلق بها. وأن تكون ناقصة، فيكون "غدا" خبرها، والضمير المستتر المرفوع بكان، تدل عليه الحال الواقعة المشاهدة وقت التكلم كما بين المصنف. 4 صدر بيت من الطويل، لسوار بن المضرب السعدي، وقد كان هرب من الحجاج، خوفًا على نفسه، وعجزه. إلى قطري لا إخالك راضيا اللغة والإعراب: قطري: هو قطري بن الفجاءة التميمي، رأس من رءوس الخوارج في عهد الدولة الأموية، لا إخالك: أي لا أظنك، "إن كان" شرط وفعله، وفاعل كان أو اسمها ضمير مستتر يعود على معلوم من المقام كما أوضح المصنف، "لا يرضيك"، الجملة في محل نصب حال من فاعل "كان" المستتر إن جعلت تامة -وخبرها- إن كانت ناقصة "لا إخالك" لا نافية، "إخال" فعل مضارع، والفاعل أنا، والكاف مفعول أول، "راضيًا" مفعول ثان، والجملة جواب الشرط. المعنى: إذا كان ما تشاهد مني ومن حالي وفراري من ذلك الخارجي لا يرضيك حتى تردني إليه، فإني لا أظنك ترضى أصلًا؛ لأني معتزم عدم الرجوع إليه، ورضاك معلق على عودتي. الشاهد: حذف مرفوع "كان" و"يرضيك"، وهو ضمير يعود على الحال المشاهدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 أي إذا كان هو، أي ما نحن الآن عليه من سلامة، أو فإن كان هو، أي ما تشاهده مني، وعن الكسائي إجازة حذفه تمسكًا بنحو ما أولناه1.   والواقعة للمتكلم والسامع؛ لأنه ليس في الكلام ما يصلح أن يكون مرجعًا لهذا الضمير إلا ذلك، وإلى حكمي الفاعل الثاني والثالث يشير الناظم بقوله: وبعد فعل فاعل فإن ظهر ... فهو وإلا فضمير استتر أي أنه لا بد للفعل من فاعل بعده، فإنه ظهر فهو المطلوب، وإلا فهو ضمير مستتر، أما الحكم الأول وهو الرفع فمفهوم من قوله: "كمرفوعي أتى". 1 أي في الحديث والآية والبيت ... إلخ، هذا: وقد أشرنا قريبا إلى أن الفاعل قد يحذف لداع يقتضي الحذف، ومن ذلك: أ- أن يكون عامله مبنيًا للمجهول، فإن الفاعل يحذف وجوبًا، ويحل محله نائب الفاعل. ب- إذا كان الفاعل واو جماعة، أو ياء مخاطبة، والفعل مؤكد بنون التوكيد، نحو: {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّه} ، انتبهن يا فاطمة، فقد حذفت واو الجماعة في الأول، وياء المخاطبة في الثاني لالتقاء الساكنين كما تقدم إيضاح ذلك. ج- أن يكون عامله مصدرًا نحو: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا} . د- أو يكون فاعل "أفعل" في التعجب إذا دل عليه متقدم، نحو: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِر} . هـ- أن يحذف جوازا مع عامله لداع بلاغي، إذا دل عليهما دليل، نحو: من قابلت؟ فتقول: صديقًا، أي قابلت صديقا، وغير ذلك كثيرًا مما هو مذكور في كتب النحو. وهناك أفعال لا تحتاج إلى فاعل مذكور أو محذوف، مثل: "كان" الزائدة، والفعل التالي لفعل آخر، نحو: حضر حضر محمد، والأفعال التي تتصل بها "ما" الكافة، مثل: طالما، وقلما، وكثر ما ... إلخ، على قول.   * "وبعد" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم "فعل" مضاف إليه، "فاعل" مبتدأ مؤخر"، فإن شرطية، "ظهر" فعل الشرط، وفاعله يعود على فاعل، "فهو" مبتدأ والفاء للربط، والخبر محذوف، أي فهو المطلوب، والجملة جواب الشرط، "وإلا" الواو عاطفة، و"إن" شرطية، و"لا" نافية، وفعل الشرط محذوف، أي وإلا يظهر "فضمير" الفاء للربط "ضمير" خبر لمبتدأ محذوف، أي فهو ضمير، والجملة جواب الشرط، "استتر" فعل ماض، والفاعل هو، وبالجملة صفة لضمير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 الرابع: أنه يصح حذف فعله إن أجيب به نفي كقولك: "بلى زيد، لمن قال: ما قام أحد1، أي بلى قام زيد، ومنه قوله: تجلدت حتى قيل لم يعر قلبه ... من الوجد شيء قلت: بل أعظم الوجد2 أو استفهام محقق3، نحو: نعم زيد، جوابًا لمن قال: هل جاءك؟ ومنه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّه} . أو مقدرة كقراءة الشامي4، وأبي بكر: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَال   1 فزيد فاعل لفعل محذوف، يدل عليه مدخول النفي، وهو قام، والجملة فعلية. 2 بيت من الطويل، لم ينسبه النحاة لقائل. اللغة والإعراب: تجلدت: تكلفت الجلد والصبر على الهموم، لم يعر: لم يغش ولم ينزل، الوجد: الشوق والحب: تجلدت" فعله وفاعل، "حتى" حرف غاية. "يعر" مضارع مجزوم بلم، "قلبه" مفعول يعر" ومضاف إليه، "من الوجد" جار ومجرور متعلق بيعر، "شيء" فاعله، "بل" حرف للإضراب، "أعظم" فاعل لفعل محذوف، أي بل عراه أعظم، "الوجد" مضاف إليه. المعنى: تكلفت الصبر والجلد على بعد المحبوبة وهجرها، ولم أظهر شيئا من الحب والشوق إليها، حتى أعتقد الناس أن حبها لم يتمكن من قلبي، والحقيقة أن ما حل بقلبي من الشوق، والمحبة أعظم ما يتصور. الشاهد: ارتفاع "أعظم" بفعل محذوف، مجاب به على الكلام، منفي سابق، وهو قولهم: "لم يعر قلبه من الوجد شيء"، والمراد النفي بالجملة الفعلية، فإن كان النفي بالجملة الاسمية، فلا يترجح كون المرفوع فاعلًا. 3 أي أم أجيب به استفهام محقق، أي ملفوظ به ظاهر الأداة، وإن كان في حيز شرط لا يوجد مدلوله في الخارج نحو: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم} ... الآية. 4 هو أبو عمران، عبد الله بن عامر بن زيد، إمام أهل الشام، كان تابعيًا جليلًا، أم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 رِجَالٌ} 1، وقوله: ليبك يزيد ضارع لخصومه2 أي يسبحه رجال، ويبكه ضارع، وهو قياسي وفاقا للجرمي3، ..............   المسلمين سنوات كثيرة بالجامع الأموي، في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز وقبله وبعده، وكان يأتم به وهو أمير المؤمنين، وجمع له بين الإمامة والقضاء، ومشيخة الإقراء بدمشق، وقد أجمع الناس على قراءته، وتوفي بدمشق يوم عاشوراء سنة 118هـ. 1 "يسبح" مضارع مبني للمجهول، له "نائب" فاعل "رجال" فاعل لفعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام المقدر، كأنه لما قيل: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} ، قيل: من يسبحه؟ فقيل: يسبحه رجال، ففي الكلام استفهام ضمني، أو مقدر أشعر به، "يسبح" المبني للمفعول. 2 عجز بيت من الطويل، أنشده سيبويه ونسبه للحارث بن نهيك، وقيل للبيد بن ربيعة، يرثي يزيد بن نهشل، وقيل لغيرهما، وصدره: ومختبط مما تطيح الطوائح اللغة والإعراب: ضارع: ذليل خاشع، مختبط: هو المحتاج الذي يطلب معروفك، من غير أن تكون له وسيلة يمت بها إليك، تطيح: تهلك، الطوائح: جمع طائح أو طائحة، "لبيك" اللام لام الأمر، ويبك مضارع مبني للمجهول مجزوم بها بحذف الألف، "يزيد" نائب فاعل، "ضارع" فاعل لفعل محذول دل عليه مدخول الاستفهام المقدر، أي يبكيه"، لخصومه" متعلق به، "ومختبط" معطوف على ضارع"، "مما" من جارة، وما مصدرية، والجار والمجرور متعلق بمختبط. المعنى: ليبك يزيد، ويندبه شخصان، فقير ذليل مهضوم الحق لا يجد له نصيرا، وطالب معروف يدفع به مصائب الدهر، وليس له وسيلة يتقرب بها. الشاهد: رفع "ضارع" على أنه فاعل لفعل محذوف، واقع في جواب استفهام مقدر، كأنه حين قال: ليبك يزيد، قيل: فمن يبكيه؟ فقال: ضارع. وروى ليبك يزيد ضارع، ببناء "يبك" للمعلوم، ونصب "يزيد" على أنه مفعول، ورفع "ضارع" على الفاعلية، وإذًا لا شاهد فيه. 3 هو أبو عمر، صالح بن إسحاق الجرمي البصري، مولى جرم بن زبان، وجرم من قبائل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 وابن جني1. ولا يجوز في نحو: يوعظ في المسجد رجل، لاحتماله للمفعولية2، بخلاف: يوعظ في المسجد رجال زيد3، ... ... ... ... ... ... ... ... ...   اليمن، قال الخطيب: كان فقيهًا، عالمًا بالنحو واللغة، دينا ورعًا، قدم بغداد، وأخذ عن الأخفش ويونس والأصمعي وأبي عبيدة، وحدث عنه المبرد، وقال فيه: "كان الجرمي أثبت القوم في كتاب سيبويه، وناظر الفراء وأفحمه، وانتهى إليه علم النحو في زمانه، وكان يلقب بالنباح، لكثرة مناظرته في النحو، ورفع صوته فيه، وله كتاب "الأبنية" ومختصر في النحو"، وغريب سيبويه، مات سنة 225هـ. 1 هو أبو الفتح، عثمان بن جني، الموصلي مولدًا ونشأة، وأبوه جني، كان مملوكًا روميًا لسليمان بن فهد الأزدي الموصلي، وفي ذلك يقول: فإن أصبح بلا نسب ... فعلمي في الورى نسبي كان إماما في العربية، ومن أحذق أهل الأدب، وأعلمهم بالنحو والصرف، وصنف في ذلك كتبًا فاق بها على المتقدمين وأعجز، المتأخرين، ولم يتكلم أحد في التصريف والإعراب أدق منه كلامًا، قرأ الأدب على أبي علي الفارسي، وأخذ عنه ثم فارقه وقعد للإقراء بالموصل، فاجتاز بها شيخه أبو علي، فرآه في حلقته والناس حوله، فقال له: تزببت وأنت حصرم، فترك حلقته وتبعه ولازمه، وقد عاصر المتنبي وناظره، وكان المتنبي يعجب به وبذكائه وحذقه، ويقول فيه: "هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس"، وخدم أبو الفتح البيت البويهي "عضد الدولة وأولاده" وكان يلازمهم، وله مصنفات كثيرة منها كتاب "الخصائص"، وقد طبعته دار الكتب" و"اللمع"، و"المحتسب" في تخريج القراءات الشاذة، وقد طبع حديثًا، وشرح ديوان المتنبي"، ولما مات المتنبي رثاه بقصيدة مطلعها: غاض القريض وأذوت نضرة الأدب ... وصوحت بعد ري دوحة الكتب وتوفي أبو الفتح في آخر صفر سنة 392هـ، ودفن ببغداد في خلافة القادر بالله. 2 فيكون مرفوعًا على أنه نائب فاعل، فيحصل لبس بين كونه فاعلًا لفعل محذوف، أو نائب فاعل، فلهذا لا يجوز أن يكون فاعلًا. 3 فإنه يجوز أن يكون "زيد" فاعلًا لفعل محذوف، لعدم الاحتمال المتقدم؛ لأن الفعل قبله قد استوفى نائب فاعله، ونائب الفاعل لا يتكرر كالفاعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 أو استلزمه ما قبله1، كقوله: غداة أحلت لابن أصرم طعنة ... حصين عبيطات السدائف والخمر2 أي وحلت له الخمر؛ لأن أحلت يستلزم حلت. أو فسره ما بعده3، نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِين} ، والحذف في هذه واجب4.   1 أي استلزم الفعل الرافع للفاعل -ما ذكر قبله من فعل. 2 بيت من الطويل، من قصيدة للفرزدق. اللغة والإعراب: طعنة: اسم مرة من الطعن، وهو الضرب بالرمح وغيره: عبيطات: جمع عبيطة، وهي القطعة من اللحم الطري غير النضيج، وعبط الذبيحة واعتبطها: نحرها وهي سمينة فتية، من غير داء ولا كسر، السدائف: جمع سديف، وهو شحم السنام ونحوه مما غلب عليه السمن، "غداة" منصوب على الظرفية بما قبله، "طعنة" فاعل أحلت، "لابن أصرم" متعلق بأحلت ومضاف إليه، ممنوع من الصرف، "حصين" بدل أو عطف بيان من أصرم"، عبيطات" مفعول أحلت، "السدائف" مضاف إليه، "والخمر" بالرفع فاعل لفعل محذوف، أي وحلت له الخمر. المعنى: كان لحصين بن أصرم قريب قتل، فحرم على نفسه أكل اللحم الطري وشرب الخمر حتى يأخذ بثأر قريبه، فلما أدرك ثأره حل له ما حرمه على نفسه، فهو يقول: غداة أباحت طعنة حصين لخصمه وإدراكه ثأره، أكل اللحم الطري وشرب الخمر. الشاهد: رفع "الخمر" على أنه فاعل لمحذوف، يدل عليه الفعل السابق ويستلزمه، وهو "أحلت" كما ذكرت المصنف، وروى بنصب "طعنة" على أنه مفعول به، وإن كان فاعلًا في المعنى، ورفع "عبيطات والخمر" على الفاعلية والعطف، على حد: "خرق الثوب المسمار". 3 "أي فسر" الفعل الرافع للفاعل ما بعده من فعل كما في الآية المذكورة. 4 لأن استجارك المذكور مفسر للمحذوف، ويغني عنه، فهو كالعوض، ولا يجمع بين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 الخامس: أن فعله يوجد 1؛ مع تثنية وجمعه، كما يوجد مع إفراده، فكما تقول: قام أخوك، كذلك تقول: قام أخواك، وقام إخوتك، وقام نسوتك2، قال الله تعالى: {قَالَ رَجُلَانِ} ، {قَالَ الظَّالِمُونَ} ، {وَقَالَ نِسْوَةٌ} .   المفسر والمفسر، والعوض والمعوض عنه، وهناك أساليب أخرى يجب فيها حذف الفعل: كالاختصاص والتحذير والإغراء، والمصدر النائب عن فعله، والأمثال وما جرى مجراها ... إلخ، وسيِأتي توضيح كل ذلك وغيره في مكانه، وإلى الحكم الرابع المتقدم يشير الناظم بقوله: ويرفع الفاعل فعل أضمرا ... كمثل "زيد" في جواب من "قرأ" أي أن الفاعل يرفع بفعل مضمر -أي غير مذكور- مع فاعله، نحو قول السائل من قرأ؟ فيجاب: "زيد"، فزيد: فاعل لفعل محذوف يدل عليه "قرأ" المذكور، أي قرأ زيد، واكتفى بهذا المثال عن التفضيل الذي أوضحه المصنف. 1 وكذلك ما هو بمنزلة الفعل، كاسم الفاعل وغيره، مما سبق بيانه في أول الباب. 2 أي بتوحيد الفعل فيه، وفيما قبله؛ لأنه لم يوحد، وقيل: قاما، وقاموا، وقمن، لتوهم أن الاسم الظاهر مبتدأ مؤخر، وما قبله فعل وفاعل خبر مقدم. وقد أشار الناظم إلى هذا الحكم بقوله: وجرد الفعل إذا ما أسندا ... لاثنين أو جمع كـ"فاز الشهدا" أي لا تلحق بآخر الفعل الذي آخره مثنى أو جمعًا علامة تثنية أو جمع، مثل: فاز الشهداء، فالفاعل جمع تكسير، والفعل مجرد من علامة الجمع، وإلا لقال:   * "الفاعل" مفعول يرفع مقدم، "فعل" فاعله مؤخر، "أضمرا" ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى فعل، والجملة من الفعل ونائب الفاعل صفة لفعل، "كمثل" الكاف زائدة، و"مثل" خبر لمبتدأ محذوف، "زيد" فاعل لمحذوف، أي قرأ زيد، "في جواب" متعلق بمحذوف حال من زيد، "من اسم استفهام مبتدأ، "قرأ" الجملة خبر. * "الفعل" مفعول جرد، "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط، "ما" زائدة، "أسندا" ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى الفعل، والألف للإطلاق، والجملة فعل الشرط، وجوابه محذوف، "لاثنين" متعلق بأسند، "أو جمع" معطوف على اثنين، "كفاز الشهداء" الكاف جارة لقول محذوف، والجملة في محل نصب بذلك المحذوف والمجرور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 وحكى البصريون على طيئ، وبعضهم عن أزد شنوءة1 نحو: ضربوني قومك، وضربتني نسوتك، وضرباني أخواك2: قال: ألفيتا عيناك عند القفا3 وقال: يلومونني في اشتراء النخيـ ... ـل أهلي فكلهم ألوم4   1 أزد، بفتح الهمزة. ويقال: أسد بالسين -وهو أفصح- أبو حي من اليمن، وشنوءة: بفتح الشين، وضم النون، وفتح الهمزة، وقد تشدد الواو، سميت القبيلة، لشنآن بينهم. 2 أي بإلحاق علامة الجمع والتأنيث والتثنية بالفعل، ويعبر بعض النحويين عن هذه اللغة بلغة: "أكلوني البراغيث"؛ لأن البراغيث فاعل أكلوني. 3 صدر بيت من السريع، لعمرو بن ملقط، الشاعر الجاهلي، وعجزه: أولى فأولى لك ذا واقيه اللغة والإعراب: ألفيتا: وجدتا، أولى فأولى لك: كلمة تقال عند التهديد والوعيد، وهي -كما قال الأصمعي والمبرد- اسم فعل معناه: قاربك ما يهلكك، ذا: اسم بمعنى صاحب، واقية: مصدر بمعنى الوقاية، كالعافية "ألفيتا" فعل ماض للمجهول، والتاء علامة التأنيث، والألف علامة التثنية، "عيناك" نائب الفاعل، ومضاف إليه، "عند القفا" عند طرف متعلق بألفيتا، والقفا: مضاف إليه، "أولى" مبتدأ، "فأولى" معطوف عليه للتأكيد "لك" خبر المبتدأ، أو "أولى" خبر لمبتدأ محذوف، أي دعائي أولى" ذا واقيه" ذا حال من الكاف في عيناك، وواقية: مضاف إليه. المعنى: يصف الشاعر رجلًا بالجبن والفرار من القتال، فيقول له: وجدت عيناك عند قفاك من كثرة نظرك والتفاتك الشديد إلى الخلف عند الفرار، لتنظر الأعداء وتقيك منهم خشية أن يتبعوك، ثم يدعو عليه بنزول الكوارث، فيقول له: حلت بك المصائب، وقاربك ما يهلكك. الشاهد: إلحاق علامة التثنية بالفعل "ألفى" مع أنه مسند إلى اسم ظاهر مثنى، وهو "عيناك". 4 بيت من المتقارب، ينسبه بعضهم إلى أمية بن أبي الصلت، وروي فكلهم يعذل، ولعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 وقال: نتج الربيع محاسنا ... ألقحنها غر السحائب1   هذا هو الصواب، للروي. اللغة والإعراب: يلومونني: اللوم: العذل والتعنيف، وهو فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو حرف دال على جماعة من الذكور، والنون للوقاية، والياء مفعول، "في اشتراء" جار ومجرور متعلق بيلوم، "النخيل" مضاف إليه، "أهلي" فاعل يلوم، "فكلهم" الفاء عاطفة، و"كلهم" مبتدأ ومضاف إليه، "يعذل" الجملة خبر. المعنى: يعتب علي أهلي ويعنفونني لشراء النخيل، ولا يحق لهم، فكلهم أكثر ملومية. الشاهد: في "يلومونني"، حيث وصل به واو الجماعة، مع أن فاعله اسم ظاهر مذكور وهو "أهلي"، وهذه لغة طيئ، وقيل: لغة أزد شنوءة. 1 بيت من مجزوء الكامل، لأبي فراس الحمداني، من قصيدة إلى سيف الدولة الحمداني، وهذا البيت للتمثيل لا للاستشهاد؛ لأن أبا فراس من المولدين. اللغة والإعراب: نتج: بالبناء للمعلوم، أو للمجهول، ويقال: نتجت الناقة، بالبناء للمجهول، إذا ولدت، الربيع: المراد هنا المطر الذي ينزل وقت الربيع، محاسنًا: جمع لا واحد له من لفظه، مثل ملامح، وقيل: جمع حسن على غير قياس، ألحقنها، الإلقاح: أصله الإيلاد، من ألقح الفحل الناقة إلقاحا، أحبلها، ثم استعير للشجر، غر: جمع غراء، أي بيضاء، السحائب: جمع سحابة، "الربيع" فاعل أو نائب فاعل نتج، على الروايتين "محاسنًا" مفعول أول أو ثان، " ألحقنها" فعل ماض والنون علامة جمع النسوة، والهاء مفعول، "غر السحائب" فاعل ومضاف إليه. المعنى: أنبت المطر الذي ينزل في زمن الربيع نباتًا حسنًا، وكسا الأرض حلة ناضرة، بوساطة تلك السحب الغراء آثارها، وما أنتجته من نبات حسن. الشاهد: وصل نون النسوة بالفعل "ألقح" مع أنه مسند إلى اسم ظاهر بعده، وهو غر السحائب، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وقد يقال سعدا وسعدوا ... والفعل للظاهر بعد مسند   * "سعد وسعدوا" سعدا: نائب فاعل، يقال: وسعدوا معطوف عليه، قصد لفظهما "والفعل" مبتدأ "للظاهر بعد" متعلقان بمسند الواقع خبرا للمبتدأ، والجملة حال. أي قد يقال في بعض اللغات: "سعدا وسعدوا"، بزيادة علامة التثنية والجمع على أنها مجرد علامة، والفعل مسند للفاعل الظاهر بعده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 والصحيح: أن الألف والواو والنون في ذلك أحرف، دلوا بها على التثنية والجمع1، كما دل الجميع2 بالتاء في نحو: قامت على التأنيث3، لا؛ لأنها ضمائر الفاعلين، وما بعدها مبتدأ على التقديم والتأخير، أو تابع على الإبدال من الضمير4، وأن هذه اللغة5، لا تمتنع من المفردين أو المفردات المتعاطفة، خلافًا لزاعمي ذلك6، لقول الأئمة7: إن ذلك لغة لقوم معينين، وتقديم الخبر، والإبدال لا يختصان بلغة قوم أو بأعيانهم، ولمجيء8 قوله: وقد أسلماه مبعد وحميم9   1 أي طيئ وأزد شنوءة ومن إليهما، قصدوا بهذه الأحرف الدلالة على التثنية والجمع تذكيرًا أو تأنيثًا. 2 أي جميع العرب. 3 والجامع بينهما: الفرعية عن الغير، فالمثنى والجمع فرع الإفراد، والمؤنث فرع المذكر، والفرق بين الاثنين أن لحاق علامة التأنيث لغة جميع العرب، ويجب أحيانا، أما لحاق الثانية فلغة قوم، ولا يجب مطلقًا. 4 أي أن ما بعدها تابع لها، على الإبدال من الضمير بدل كل من كل. 5 هذا معطوف على قوله: والصحيح أن الألف والواو ... إلخ، أي الصحيح أيضا أن هذه اللغة، وهي إلحاق علامة التثنية والجمع. 6 أي لمن زعم أن الظواهر مبتدآت، ولمن زعم أنها أبدال، ولمن زعم امتناع هذه اللغة مع المتعاطفات بغير "أو". 7 هذا التعليل لبيان أن الصحيح أن اللواحق أحرف لا ضمائر. 8 هذا تعليل للصحيح من أن هذه اللغة لا تمتنع مع المتعاطفات بغير "أو". 9 عجز بيت من الطويل، لعبد الله بن قيس الرقيات، يرثي مصعب بن الزبير، وكان مشايعًا للزبيرين، وصدره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 وقوله: وإن كانا له نسب وخير1   تولى قتال المارقين بنفسه اللغة والإعراب: المارقين: الخارجين عن الدين، أسلماه: خذلاه وأسلماه إلى أعدائه، مبعد: أجنبي بعيد الصلة، حميم: صديق أو قريب. "تولى" فعل ماض، وفاعله ضمير يعود إلى مصعب، "قتال المارقين" مفعول تولى، ومضاف إليه، "بنفسه" متعلق بتولى، أو توكيد للفاعل، والباء زائدة، "وقد" الواو للحال، "أسلماه" فعل ماض، والألف علامة التثنية والهاء مفعول "مبعد" فاعل، "حميم" معطوف عليه. المعنى: أن مصعبًا تولى بنفسه قتال الخارجين بالعراق، على أخيه عبد الله بن الزبير ولم يركن إلى غيره في ذلك، وقد تجشم المصاعب، وخذله البعيد والقريب، وأسلماه لعدوه. الشاهد: وصل ألف التثنية بالفعل "أسلماه" مع إسناده للفاعل الظاهر مع العطف. 1 عجز بيت من الوافر، لعروة بن الورد العبسي، المعروف بعورة الصعاليك، وصدره: وأحقرهم وأهونهم عليه وهذا البيت من قصيدة يمدح فيها الغنى، ويذم الفقر، وقبله: ذريني للغنى أسعى فإني ... رأيت الناس شرهم الفقير وبعده: يباعده القريب وتزدريه ... حليلته وينهره الصغير اللغة والإعراب: ذريني: دعيني واتركيني، خير: كرم وشرف: "وأحقرهم وأهونهم" معطوفان على "شرهم" في البيت قبله، "عليه" على للتعليل والضمير المجرور يعود على الفقر المفهوم من لفظ الفقير، وروي: عليهم، "وإن" شرطية. "كانا" فعل الشرط والألف حرف دال على التثنية، "له" خبر كان مقدم، "نسب" اسمها مؤخر، و"خير" معطوف على نسب، وجواب الشرط محذوف مفهوم مما قبله. المعنى: يقول للائمته: اتركيني أسعى وأجد في تحصيل الغنى والمال، فإني رأيت الفقير شر الناس وأذلهم، وأحقرهم شأنًا، وأهونهم عليهم، لأجل فقره، وإن كان شريف الأصل كريمًا، حسن الأخلاق، كريم السجايا. الشاهد: لحوق علامة التثنية -وهي الألف- للفعل "كانا"، مع أنه مسند إلى ظاهر مع العطف بالواو، فهو في معنى المثنى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 السادس: أنه إن كان مؤنثًا أنت فعله بتاء ساكنة في آخر الماضي1، وبتاء المضارعة في أول المضارع، ويجب ذلك في مسألتين: إحداهما: أن يكون ضميرًا متصلًا2، كهند قامت، أو تقوم، والشمس طلعت، أو تطلع، بخلاف المنفصل3، نحو: ما قام، أو يقوم إلا هي، ويجوز تركها في الشعر4 إن كان التأنيث مجازيًا، كقوله: ولا أرض أبقل إبقالها5   1 سواء كان جامدا أو متصرفًا، تاما أم ناقصا، وجوبا أو جوازًا، كما سيأتي، وسواء في ذلك التأنيث الحقيقي أو المجازي، ومثل الماضي: الوصف: نحو: أقائمة زينب، وفي هذا يقول الناظم: وتاء تأنيث تلي الماضي إذا ... كان لأنثى كأبت هند الأذى أي إذا أسند الفعل الماضي إلى مؤنث، لحقته تاء ساكنة، تدل على أن الفاعل مؤنث، سواء في ذلك المؤنث الحقيقي والمجازي، ولم يتعرض الناظم للمضارع. 2 أي مستترا، عائدا على منؤث حقيقي التأنيث أو مجازيه، وقد مثل لهما المصنف، وإنما وجب التأنيث في هذا، لئلا يتوهم أن هنالك فاعلا مذكرا منتظرا، كأن يقال: هند قام أبوها -والشمس طلع قرنها. 3 أي فلا يجب التأنيث معه، لعدم التوهم المذكور، والأفصح الشائع في الأساليب عدم تأنيث الفعل. 4 أي مع اتصال الضمير. 5 عجز بيت من المتقارب، لعامر بن جوين الطائي، أي الخلعاء الفتاك، يصف سحابه   * "وتاء تأنيث" مبتدأ ومضاف إليه، "تلي الماضي" الجملة خبر المبتدأ، "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط، "كان" فعل ماض ناقص واسمها يعود إلى "الماضي"، وخبرها محذوف، أي مسندًا، "لأنثى" جار ومجرور متعلق بذلك الخبر، "كأبت هند الأذى" الكاف جارة لقول محذوف، والجملة في محل نصب لذلك القول المحذوف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 وقوله: فإن الحوادث أودى بها1   غزيرة المطر، وأرضا مخصبة، بسبب ما نزل بها من الغيث، وصدره: فلا مزنة ودقت ودقها اللغة والإعراب: مزنة: هي السحابة البيضاء والمثقلة بالماء، ودقت: أمطرت، والودق: المطر، أبقل: أنبتت البقل، والبقل، ما نبت في بزره، لا في أرومة ثابتة، "فلا" نافية تعمل عمل ليس، "مزنة" اسمها مرفوع، "ودقها" مفعول مطلق لودقت، والجملة خبر لا، ويجوز جعل لا مهملة، و"مزنة" مبتدأ، وجملة "ودقت" خبر، "ولا أرض" لا نافية عاملة عمل إن، "أرض" اسمها، وجملة أبقل خبرها. المعنى: ليس هنالك سحابة أمطرت مطرا غزيرا نافعا كهذه السحابة، وليست هنالك أرض أنبتت بقلًا عظيما كهذه الأرض. الشاهد: في "أبقل"، حيث حذف منه تاء التأنيث للضرورة، مع أن فاعله ضمير مستتر، عائد على مجاز التأنيث، وينبغي تأنيث فعله، ويروى أبقلت أبقالها -بكسر التاء، للتخلص من الساكنين، ووصل همزة القطع من "إبقالها". قبل: وهو تخلص من ضرورة، للوقوع في ضرورة أخرى. 1 عجز بيت من المتقارب، للأعشى ميمون بن قيس، وصدره: فإما تريني ولي لمة اللغة والإعراب: لمة: هي شعر الرأس الذي يجاوز شحمة الأذن، فإذا زاد عن ذلك وبلغ المنكبين، فهو "جملة"، الحوادث: النوازل والكوارث، جمع حادثة. "أودى بها" ذهب بها وأهلكها وأبادها، "إما" إن شرطية مدغمة في "ما" الزائدة، "تريني" فعل وفاعل، والنون للوقاية، والياء مفعول، وترى هنا بصرية. "ولى" الواو للحال، و"لي" خبر مقدم "لمة" مبتدأ مؤخر، "فإن" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"إن" حرف توكيد ونصب، "الحوادث" اسمها، "أودى" ماض، وفاعله يعود على الحوادث، الجملة خبر إن، والجملة من إن ومعموليها جواب الشرط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 الثانية1: أن يكون متصلًا2 حقيقي التأنيث، نحو: {إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَان} وشذ قول بعضهم: "قال فلانة"3، وهو رديء لا ينقاس4.   المعنى: يقول لمحبوبته: إن رأيتي فيما مضى وأنا شاب لي لمة تنزل إلى أذني، فلا تعجبي اليوم من منظري، فإن حوادث الدهر وكوارثه ذهبت بها وأزالتها، يريد: أنه أصبح أصلع الرأس، وذلك دليل الضعف، وأمارة الكبر والعجز. الشاهد: تجريد الفعل "أودى" من علامة التأنيث للضرورة، مع أنه مسند إلى ضمير عائد إلى مؤنث وهو الحوادث، وقد سوغ ذلك أن الحوادث مجازي التأنيث، ولا يقال: إنه لا ضرورة في هذا البيت؛ لأنه لو قال: أودت بها؛ لاستقام الوزن؛ لأن القافية مؤسسة، والألف في أودى ملتزمة في أبيات القصيدة، وتسمى عند العروضيين: "حرف الردف" وتركها في بعض الأبيات عيب غير مقبول. 1 أي المسألة الثانية التي يجب فيها التأنيث. 2 أي اسمًا ظاهرًا متصلًا بعامله مباشرة، وقد أشار الناظم إلى حالتي الوجوب بقوله: وإنما تلزم فعل مضمر ... متصل أو مفهوم ذات حر أي أن علامة التأنيث تلزم في الفعل الذي يكون فاعله ضميرا متصلا عائدا على مؤنث، لا فرق في ذلك بين المؤنث الحقيقي والمجازي، وكذلك إذا كان الفاعل اسمًا ظاهرا متصلا به، دالا على مؤنث حقيقي، وهذا قوله: "مفهم ذات حر"، والحر: الفرج: وأصله حرح، حذفت لام الكلمة تخفيفًا. 3 "فلانة" ليس دالا على مؤنث، كفاطمة وزينب مثلا، ولكنه يدل على لفظ مؤنث. 4 فيقتصر فيه على السماع وهو قليل، وقد أشار الناظم إلى هذا، وإلى جواز ترك التاء في مجازي التأنيث في المسألة الأولى، بقوله: والحذف قد يأتي بلا فصل ومع ... ضمير ذي المجاز في شعر وقع   * "وإنما" أداة حصر، "فعل" تلزم، "مضمر" مضاف إليه، "متصل" نعت لمضمر. "أو مفهم" معطوف على "مضمر -أي أو فعل اسم ظاهر مفهم، بشرط اتصال ذلك الظاهر بعامله، "ذات مفعول به لمفهم، "حر" مضاف إليه. * "والحذف" مبتدأ، "قد يأتي" الجملة خبر المبتدأ، "بلا فصل" جار ومجرور متعلق بيأتي، "ومع" الواو عاطفة أو استئنافية، و"مع" ظرف متعلق بوقع. "ضمير" مضاف إليه، "ذي المجاز" مضاف إليه أيضًا، "ذي" بمعنى صاحب، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 وإنما جاز في الفصيح، نحو: نعم المرأة، وبئس المرأة؛ لأن المراد الجنس1، وسيأتي أن الجنس يجوز فيه ذلك2. ويجوز الوجهان في مسألتين:   أي: وقد تحذف التاء من الفعل الذي فاعله مؤنث ظاهر حقيقي، من غير فصل وذلك قليل: وكذلك تحذف من الفعل الذي فاعله ضمير يعود على مؤنث مجازي، وهذا الحذف قليل مخصوص بالشعر. 1 فالمرأة لا يراد بها واحدة معينة، وإنما هي رمز لجنس المرأة ممثلًا في الفاعل. 2 أي يجوز فيه ترك التاء؛ لأن فيه معنى الجماعة، والجماعة مؤنث مجازي التأنيث، ولا يلزم في هذه الصورة أن يكون الفاعل اسمًا ظاهرا، فقد يكون ضميرا مفسرا بنكرة بعده، نحو: نعم فتاة زينب، وإلى هذا يشير الناظم بقوله: والحذف في "نعم الفتاة" استحسنوا ... لأن قصد الجنس فيه بين أي أنه يجوز في نعم وأخواتها إذا كان فاعلها مؤنثها، إثبات التاء وحذفها وإن كان مفردا مؤنثا حقيقيا؛ لأن فاعلها مقصودا به استغراق الجنس، والحذف جنس والإثبات أحسن منه. هذا: ويجب التأنيث أيضًا: أ- إذا كان الفاعل ضمير جمع تكسير لمذكر غير عاقل، نحو: الأيام بك ابتهجت، أو ابتهجن. ب- أو كان الفاعل ضمير جمع تكسير أو سلامة لمؤنث، نحو: الجنود فرحت، أو فرحن، والتلميذات فرحت، أو فرحن.   "في شعر" متعلق بوقع وفاعل وقع يعود إلى الحذف، والجملة معطوفة على "قد يأتي"، أي: وقد وقع ذلك الحذف في الشعر. * "والحذف" مفعول مقدم لاستحسنوا: "في نعم الفتاة" متعلق بالحذف -أو باستحسنوا، وهو مقصود لفظه؛ "لأن" اللام جارة، وأن حرف توكيد ونصب، "قصد الجنس" اسمها ومضاف إليه، "فيه" متعلق بقوله: "بين" الواقع خبرا لأن، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور باللام، والجار والمجرور متعلق باستحسنوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 إحداهما: المنفصل1، كقوله: لقد ولد الأخيطل أم سوء2 وقوله: "حضر القاضي اليوم امرأة"، والتأنيث أكثر، إلا أن كان الفاصل "إلا" فالتأنيث خاص بالشعر3، نص عليه الأخفش، وأنشد على التأنيث.   1 أي المؤنث الحقيقي الظاهر، المنفصل من فعله بفاصل. 2 صدر بيت من الوافر، لجرير الشاعر الأموي المشهور، يهجو الأخطل وعجزه: على باب استها صلب وشام اللغة والإعراب: الأخيطل: تصغير الأخطل الشاعر المشهور واسمه غياث بن غوث، استها: دبرها، صلب: جمع صليب، وهو للنصارى، شام: جمع شامة، وهي الخال والعلامة: "لقد" اللام موطئة للقسم وقد للتحقيق، الأخيطل: مفعول مقدم لولد، "أم سوء" فاعل ومضاف إليه، "على باب" جار ومجرور خبر مقدم، "استها" مضاف إليه، "صلب" مبتدأ مؤخر، و"شام" معطوف على صلب. المعنى: أن الذي ولد الأخطل امرأة سيئة، لم تتحصن بالعفة، فهو سليل الفجور. الشاهد: تجرد الفعل "ولد" من تاء التأنيث على أن فاعله مؤنث حقيقي التأنيث، وقد تقدم وجوب تأنيث الفاعل إذا كان فاعله مؤنثا حقيقيا، ظاهرًا كان أو مضمرا، وجاز ذلك؛ لأنه فصل بين الفعل والفاعل، فبعد الفعل بالفصل عن فاعله، وضعفت عنايته به، وإلى هذا يشير الناظم بقوله: وقد يبيح الفصل ترك التاء في ... نحو أتى القاضي بنت الواقف أي أن الفصل بين الفعل وفاعله المؤنث الحقيقي يبيح تجريده الفعل من علامة التأنيث، نحو: أتى القاضي بنت الواقف، فيجوز أنت، وهو أجود. 3 التخصيص بالشعر مذهب الجمهور، ومثل "إلا" في الفصل "غير" أو"سوى" وإن كان مذكرا، لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه، ويلاحظ أن لفظ "غير" و"سوى" هو الذي يعرب فاعلًا.   * "وقد" حرف تقليل، "الفصل" فاعل يبيح: "ترك التاء" مفعول ومضاف إليه، "في نحو" متعلق بيبيح "القاضي" مفعول أتى، مقدم على الفاعل وهو بنت، "الواقف" مضاف إليه والجملة في محل جر بإضافة نحو إليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 ما برئت من ريبة وذم ... في حزبنا إلا بنات العم1 وجوزه ابن مالك في النثر2، وقرئ: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَة} ، {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} 3.   1 بيت من الزجر لم نقف على قائله. اللغة والإعراب: برئت تخلصت وسلمت، ريبة: هي التهمة والشك، ذم: عيب، "ما" نافية، "برئت" فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، "من ريبة" جار ومجرور متعلق ببرئت، و"ذم" معطوف عليه، "إلا" حرف استثناء، "بنات العم" فاعل برئت ومضاف إليه. المعنى: لم تسلم امرأة من التهمة والشك والعيب في حربنا إلا بنات الأعمام. الشاهد: لحوق تاء التأنيث وهو "برئت"؛ لأن الفاعل حقيقي التأنيث مع وجود الفصل بإلا بالضرورة، وكان الحذف واجبًا؛ لأن الفاعل في الحقيقة ليس الاسم المؤنث المذكور بعد إلا، وإنما هو مذكر محذوف، أي ما برئ أحد إلا بنات العم، وهذا رأي الأخفش ومن تبعه. 2 أي أجاز الإثبات على قلة، والأحسن الحذف، وعليه فما جاء في البيت جار على أحد الوجهين الجائزين، وإن يكن مرجوحا، وفي ذلك يقول الناظم: والحذف مع فصل بإلا فضلا ... كـ"ما زكا إلا فتاة ابن العلا" أي أن الحذف مع الفصل بإلا مفضل على التأنيث عند الناظم نثرا ونظما، نحو: ما زكا إلا فتاة ابن العلا، أي ما صلحت إلا فتاة الرجل المعروف بابن العلا، ويجوز على قلة ما زكت. 3 أي برفع "صيحة" بكان، وضم التاء من "ترى" ورفع "مساكنهم" على النيابة عن الفاعل، وهاتان القراءتان ليستا سبعيتين.   * "والحذف" مبتدأ، "مع" ظرف حال من فاعل فضلا، "فضل" مضاف إليه. "بإلا" متعلق بفضل، "فضلا" ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى الحذف، والجملة خبر المبتدأ، "كما" الكاف جارة لقول محذوف، "ما" نافية، "زكا" فعل ماض، "إلا" أداة استثناء ملغاة، "فتاة" فاعل زكا. "ابن العلا" مضاف إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 الثانية: المجازي التأنيث: نحو: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} 1، ومنه2: اسم الجنس، واسم الجمع، والجمع3؛ لأنهن في معنى الجماعة، والجماعة مؤنث مجازي، فلذلك جاز التأنيث، نحو4: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوح} ، و {قَالَتِ الأَعْرَابُ} ، وأورقت الشجر، والتذكير، نحو5: أورق الشجر: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} ، {وَقَالَ نِسْوَة} ، وقام الرجال، وجاء الهنود، إلا أن سلامة نظم الواحد في جمعي التصحيح، أوجبت التذكير في نحو: قام الزيدون، والتأنيث في نحو: قامت الهندات6.   1 يجوز في غير القرآن: وجمعت. 2 أي من مجازي التأنيث. 3 المراد جمع تكسير؛ لأن جمع المذكر السالم يجب تذكير فعله، كما أن جمع المؤنث السالم المستوفي للشروط، يجب تأنيث فعله على الأصح. 4 مثل المصنف لاسم الجمع فجمع التكسير، فاسم الجنس. 5 الأمثلة على هذا الترتيب: لاسم الجنس، فاسم الجمع المذكر، فاسم الجمع المؤث، فجمع التكسير المذكر، فجمع التكسير المؤنث، وإنما جاز الأمران مع المؤنث المجازي؛ لأن التأنيث في غير حقيقي، فالعناية به ضعيفة، وأيضا فهذا المؤنث في معنى المذكر. 6 وفي جمع التكسير يقول الناظم: والتاء مع جمع سوى السالم من ... مذكر كالتاء مع إحدى اللبن أي أن التاء في فعل كل جمع -سوى جمع المذكر السالم- يجوز إثباتها وحذفها، كالتاء مع الظاهر المجازي للتأنيث، كلبنة، تقول: كسرت اللبنة، وكسر اللبنة، واللبن: الطوب النيئ الذي لم يحرق بالنار.   * "والتاء" مبتدأ، "مع" ظرف متعلق بمحذوف حال منه، أو من الضمير في الخبر، "جمع" مضاف إليه. "سوى" نعت لجمع، "السالم" مضاف إليه، "من مذكر" جار ومجرور متعلق بالسالم، "كالتاء" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ "مع" ظرف متعلق بمحذوف حال من التاء، "إحدى اللبن" مضاف إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 خلافا للكوفيين فيهما1، وللفارسي في جمع المؤنث2، واحتجوا بنحو: {إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل} 3، {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَات} 4. وقوله: فبكى بناتي شجوهن وزوجتي5 وأجيب بأن البنين والبنات لم يسلم فيهما لفظ الواحد6، وبأن التذكير في "جاءك"   1 فقد أجازوا تذكير الفعل وتأنيثه مع جمعي التصحيح، ومع اسمي الجنس أيضًا. 2 فقد أجاز فيه الأمرين ووافقه الناظم فلم يستثنه. 3 فقد أنث الفعل وهو "آمنت" مع جمع التصحيح المذكر وهو "بنو". 4 فقد ذكر الفعل وهو "جاء" مع جمع التصحيح المؤنث. 5 صدر بيت من الكامل لعبدة بن الطبيب، من شعراء الجاهلية وعجزه: والظاعنون إلي ثم تصدعوا اللغة والإعراب: "شجوهن"، الجو: الحزن والهم -من شجاه الأمر- يشجوه إذا أحزنه، "زوجتي"، الأفصح أن يقال: "زوج" للرجل والأنثى، وجمعه أزواج، تصدعوا: تفرقوا وانشعب شملهم، "بناتي" فاعل بكى، "شجوهن" مفعول لأجله ومضاف إليه، "زوجتي" معطوف على بناتي، وكذلك "الظاعنون"، "ثم" حرف عطف، "تصدعوا" فعل وفاعل. المعنى: أن بناتي بكين علي من الحزن، وكذلك زوجتي، والذين وفدوا علينا ليشاركونا أحزاننا وهمومنا من المحبين، ثم انصرفوا بعد ذلك وتفرقوا كل لشأنه. الشاهد: تجريد "بكى" من علامة التأنيث، مع أن الفاعل جمع مؤنث، وهو حجة للكوفيين والفارسي، وفي البيت شاهد آخر في قوله: "شجوهن"، فإن مفعول لأجله وهو معرفة بالإضافة للضمير، وفي هذا رد على من يقول: إنه لا يكون إلا نكرة، كالجرمي وغيره. 6 أي لا تغيير شكله، إذ الأصل "بنو" فحذفت لامه وزيد عليه واو ونون في التذكير، وألف تاء في التأنيث، والكلام في الجمعين إذا لم يحدث فيها تغيير، أما تغير منهما كبنين وبنات، فيجوز فيهما الوجهان اتفاقًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 للفصل، أو؛ لأن الأصل: النساء المؤمنات، أو؛ لأن "أل" مقدرة باللاتي وهي اسم جمع. السابع: أن الأصل فيه أن يتصل بفعله1، ثم يجيء المفعول، وقد يعكس، وقد يتقدمهما المفعول، وكل من ذلك جائز وواجب2. فأما جواز الأصل فنحو: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ، وأما وجوبه في مسألتين: إحداهما: أن يخشى اللبس3، كضرب موسى عيسى، قال أبو بكر، والمتأخرون،   هذا: ولم يذكر المصنف ولا الناظم حكم إسناد الفعل إلى المثنى، وحكمه حكم المفرد، فإن كان لمذكر وجب تذكير الفعل، نحو: قال المحمدان، وإن كان لمؤنث وجب التأنيث، تقول: قامت الهندان. 1 ذلك؛ لأنه منزل منزلة جزئه، ألا ترى أن علامة الرفع تتأخر عنه في الأفعال الخمسة؟ 2 فجملة الصور ستة، أشار إليها الناظم إشارة مختصرة بقوله: والأصل في الفاعل أن يتصلا ... والأصل في المفعول أن ينفصلا وقد يجاء بخلاف الأصل ... وقد يجي المفعول قبل الفعل أي أن الأصل في تكون الجملة العربية وترتيب كلماتها: أن يتصل الفاعل بعامله، وأن ينفصل عنه المفعول بسبب وقوع الفاعل فاصلًا بينهما، وقد لا يراعى هذا الأصل، فيتقدم المفعول على الفاعل، وقد يجيء المفعول قبل الفعل وفاعله. 3 فلا يمكن تمييز الفاعل من المفعول، وذلك كأن يكون كل منهما اسمًا مقصورا كما مثل المصنف، أو مضافا لياء المتكلم، نحو: أكرم صديقي أخي، وكذلك المبنيات وأسماء الإشارة، وليست هنالك قرينة تعين المراد وتميز الفاعل من المفعول، فإن وجدت قرينة لفظية أو معنوية لم يكن الترتيب واجبا، فاللفظية مثل: أكرمت يحيى ليلى، والمعنوية مثل: أزعجت ليلى الحمى.   * "والأصل" مبتدأ"، في "الفاعل" متعلق به، "أن يتصلا" أن: مصدرية، وفاعل يعود على الفاعل والألف للإطلاق، وأن ومنصوبها في تأويل مصدر خبر المبتدأ، وإعراب الشطر الثاني كذلك، "وقد" حرف تقليل، "يجاء" مضارع مبني للمجهول. "بخلاف" جار ومجرور في موضع نائب فاعل "يجاء" الأصل مضاف إليه. "المفعول" فاعل يجي، "قبل" ظرف متعلق بمحذوف حال من المفعول، "الفعل" مضاف إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 كالجزولي1، وابن عصفور، وابن مالك، وخالفهم ابن الحاج2، محتجًا بأن العرب تجيز تصغير عمر، وعمرو3، وبأن الإجمال من مقاصد العقلاء4، وبأنه يجوز: ضرب أحدهما الآخر5، وبأن تأخير البيان لوقت الحاجز جائز عقلًا باتفاق، وشرعًا على الأصح6، وبأن الزجاج نقل أنه لا خلاف في أنه يجوز في نحو: {فَمَا زَالَت   1 هو أبو موسى، عيسى بن عبد العزيز الجزولي، و"جزولة": بطن من البربر" كان إمامًا في العربية لا يشق له غبار، مع جودة التفهيم وحسن العبارة، لزم ابن بري بمصر لما حج وعاد، وتصدر للإقراء بالمرية "بلد الأندلس" وغيرها، وأخذ عنه العربية جماعة، منهم: الشلوبين، وابن معط، وولي خطابة مراكش. وله حواش على الجم الزجاجي، ومات سنة 607هـ. 2 وذلك في نقده على المقرب لابن عصفور، وابن الحاج هو: أبو العباس، أحمد بن محمد الأزدي الأشبيلي، المعروف بابن الحاج، كان عالمًا بالعربية، محققًا حافظًا للغات، قيل: إنه برع في لسان العرب حتى لم يكن في زمنه من يفوقه أو يدانيه، قرأ على الشلوبين وغيره، وله مصنفات كثيرة، منها: مختصر خصائص ابن جني: ومختصر المستصفى، وله نقود على الصحاح، وإيرادات على المقرب لابن عصفور، وأمالي على كتاب سيبويه، وكان يقول: إذا مت يفعل ابن عصفور في كتاب سيبويه ما شاء، وأمات -رحمه الله- سنة 647هـ. 3 أي على "عمير" مع وجود اللبس. 4 هذا القول مبني على أنه لا فرق بين اللبس والإجمال، والحق أن بينهما فرقا كبيرا، فاللبس: تبادر فهم غير المراد، أما الإجمال فهو: احتمال اللفظ للمراد وغيره، من غير تبادر لأحدهما، والأول مضر وليس من مقاصد البلغاء، بخلاف الثاني، وتصغير عمرو وعمر على عمير، وضرب أحدهما على الآخر من الثاني. 5 لأنه لا يبعد أن يقصد الإنسان ضرب أحدهما من غير تعيين، فيأتي باللفظ المحتمل. 6 أما عقلًا؛ فلأنه لا يمتنع أن يتكلم الإنسان بالمجمل، ويتأخر البيان إلى وقت الحاجة، وأما شرعًا؛ فلأن المقصود بالبيان تمكين المكلف من امتثال، ولا حاجة لذلك، ولا حاجة لذلك إلا عند تعيين الامتثال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 تِلْكَ دَعْوَاهُم} ، كون "تلك" اسمها و"دعواهم" الخبر، والعكس1. الثانية: أن يحضر المفعول بـ"إنما"، نحو: إنما ضرب زيد عمرًا2، وكذا الحصر بـ"إلا" عند الجزولي وجماعة، وأجاز البصريون والكسائي والفراء، وابن الأنباري3، تقديمه على الفاعل4، كقوله: ولما أبى إلا جماحا فؤاده5   1 أي فلم يبالواب التباس الاسم بالخبر، فكذلك التباس الفاعل بالمفعول، قال الأشموني: وما قاله ابن الحاج ضعيف؛ لأنه ما استدل به -في غير الآية- من باب الإجمال، وما نحن فيه من باب الإلباس، والثاني ضار دون الأول كما بينا، أما في الآية، فإن التباس الفاعل بالمفعول ليس كالتباس اسم زال بخبرها؛ لأن المبتدأ عين الخبر في الماصدق، فالحكم على أحدهما كالحكم على الثاني، أما الفاعل فغير المفعول فجعل أحدهما الآخر غير مقبول، على أنهم لا يسلمون للزجاج ما نقله. 2 فيجب تقديم الفاعل على المفعول في هذه الصورة؛ لأنه لو أخر انقلب المعنى. 3 هو الإمام أبو بكر، محمد بن القاسم الأنباري النحوي اللغوي، كان من أعلم الناس بالنحو، والأدب، وأكثرهم حفظًا، قيل: إنه كان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدًا في القرآن، وكان يملي من حفظه لا من كتاب، وكان مع حفظه ثقة زاهدا متواضعا دينا من أهل السنة، أخذ عن ثعلب، وروى عنه الدارقطني وجماعة، وكان يملي في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى، وقد أملى كتبا كثيرة، منها: كتاب الأضداد، وأدب الكاتب، والمقصور والممدود، والمذكر والمؤنث، والكافي في النحو: وشرح شعر الأعشى، والنابغة، وزهير، وكان ممن يرى القياس في النحو، ويقول: النحو كله قياس، ومن أنكر القياس فقد أنكر النحو، وكان ذا يسار وحال واسعة، ولم يكن له عيال، وكان مع هذا شحيحًا، وتوفي ليلة النحر من ذي الحجة سنة 327هـ، ودفن ببغداد. 4 أي تقديم المفعول المحصور بإلا على الفاعل بشرط أن تتقدم معه "إلا". 5 صدر بيت من الطويل ينسب إلى دعبل الخزاعي، وعجزه: ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 وقوله: فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها1   اللغة والإعراب: أبي: امتنع، جماحًا: مصدر من جمح الفرس -إذا أسرع إسراعًا لا يرده شيء، والجموح من الرجال: الذي يركب هواه ولا يمكن ردعه، ولم يسل: مضارع، سلا: بمعنى صبر وتعزى، "لما" ظرف بمعنى حين معمول لتسلي في قوله بعد: تسلى بأخرى غيرها فإذا التي ... تسلى بها تغري بليلى ولا تسلي أبى: فعل ماض: "إلا" أداة حصر، "جماحًا" مفعول أبي، "فؤاده" فاعل ومضاف إليه، "ولم يسل" لم حرف نفي وجزم، و"يسل" مضارع مجزوم بلم بحذف حرف العلة، "عن ليلى" متعلق بيسل، "بمال" متعلق به كذلك، "ولا أهل" معطوف على مال. المعنى: أن هذا المحب حين تعلق قلبه بليلى وهام بها، ولم يصرفه عن التمادي في هواها زينة الدنيا من المال والأهل أراد أن يتسلى بغيرها فلم يغنه ذلك، بل زادته الأخرى، إغراء بليلى وتعلقا بها؛ لأنها دون ليلى في الحسن والجمال. الشاهد: جواز تقديم المفعول المحصور بإلا وهو "جماحا" على الفاعل وهو "فؤاده"؛ لأنه لا لبس، إذ يتعين كون المحصور بعد إلا، بخلاف المحصور بإنما؛ لأنه لا دليل على أن المحصور هو تاليها. 1 عجز بيت من الطويل، ينسب إلى قيس بن الملوح -المعروف بمجنون ليلى، وصدره: تزودت من ليلى بتكليم ساعة اللغة والإعراب: "تزودت": اتخذت زادًا، والزاد: طعام يتخذ للسفر، وهو فعل وفاعل، "من ليلى" متعلق به، وهو مجرور بفتحة مقدرة على الألف نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف لألف التأنيث المقصورة، "ما" نافية، "زاد" فعل ماض، "إلا" أداة حصر، "ضعف"، مفعول مقدم. "ما" اسم موصول مضاف إليه، "بي" متعلق بمحذوف صلة، "كلامها" فاعل زاد ومضاف إليه. المعنى: اتخذت من تكليم ليلى، ساعة زادا أتبلغ به، وأطفئ جذوة حبي لها، فلم يفدني ذلك، ولم يشف غلتي، بل زاد كلامها ما بي من وجد ولوعة. الشاهد: تقديم المفعول المحصور بإلا وهو "ضعف" على الفاعل وهو كلامها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 وقوله: وتغرس إلا في منابتها النخل1   1 عجز بيت من الطويل لزهير بن أبي سلمى، مع قصيدة يمدح فيها هرم بن سنان، والحارث بن عوف بالكرم وشرف العنصر، وصدره: وهل ينبت الخطي إلا وشيجه اللغة والإعراب: الخطيي: الرمح المنسوب إلى الخط، "والخط": جزيرة ترفأ إليها سفن الرماح بالبحرين: "وشيجه": جمع وشيجة -وهي العروف الملتفة من شجر الرماح، "هل" حرف استفهام للإنكار بمعنى النفي، "الخطي": مفعول مقدم لينبت، "إلا" أداة حصر، "وشيجه" فاعل مؤخر ومضاف إليه، "تغرس" مضارع للمجهول، "إلا" أداة حصر، "في منابتها" متعلق بتغرس، "النخل" نائب فاعل لتغرس. المعنى: أن الرماح المشهورة بالجودة والصلاة، لا تتخذ إلا من شجرها الأصيل، ولا ينبت النخل إلا في المواطن الصالحة لإنمائه، يريد: أن الكريم لا يأتي إلا من عنصر كريم. وقبل هذا البيت: فما كان من خير أتوه فإنما ... توارثه آباء آبائهم قبل الشاهد: تقديم الجار والمجرور والمحصور بإلا وهو "منابتها" -وهو بمنزلة المفعول- على نائب الفاعل وهو "النخل" وهو بمنزلة الفاعل، وكذلك تقديم المفعول، وهو "الخطي" على الفاعل وهو "وشيخه"، وقد أشار الناظم إلى ماتقدم بقوله: وآخر المفعول إن لبس حدر ... أو أضمر الفاعل غير منحصر وما "بإلا" أو"بإنما" انحصر ... أخر وقد يسبق إن قد ظهر   * "المفعول" مفعول أخر، "إن" شرطية، "لبس" نائب فاعل لفعل محذوف يفسره حذر، "حذر" ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى "لبس" والجملة مفسرة، "أو" عاطفة، "الفاعل" نائب فاعل أضمر، "غير" حال من قوله: الفاعل، "منحصر" مضاف إليه وسكن للوقف، و"ما" اسم موصول مفعول مقدم لأخر، "بإلا" متعلق بانحصر الآتي، أو"بأنما" معطوف على بإلا، "انحصر" فعل ماض وفاعله يعود على "ما" والجملة صلة الموصول، وقد حرف تقليل، "إن" شرطية، "قصد" فاعل لمحذوف يفسره ما بعده، "ظهر" الجملة مفسرة لا محل لها من الإعراب. أي يجب تقديم الفاعل على المفعول، إذا خيف التباس أحدهما بالآخر كما ذكرنا، وكذلك إذا كان الفاعل ضميرا متصلا بعامله غير محصور، نحو: ضربت محمدا، وسيذكر المصنف ذلك بعد، وإذا انحصر الفاعل أو المفعول بإلا أو بإنما وجب تأخيره، وقد يتقدم المحصور إذا ظهر المقصود، وذلك إذا كان الحصر بإلا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وأما توسط المعمول جوازًا، فنحو: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُر} ، وقولك: "خاف ربه عمر"1، وقال: كما أتى ربه موسى على قدر2   1 "ربه" مفعول مقدم، و"عمر" فاعل مؤخر، والضمير في "ربه" عائد على "عمر"، وهو متأخر لفظًا متقدم رتبة، والمراد: عمر بن الخطاب -رضي الله عنه. 2 عجز بيت من البسيط لجرير، من قصيدة يمدح فيها سيدنا عمر بن عبد العزيز: وصدره: جاء الخلافة أو كانت له قدرا اللغة والإعراب: قدرًا: أي مقدرة في الأزل، على قدر: أي على تقدير من الله، "جاء" فعل ماض والفاعل يعود على سيدنا عمر، "الخلافة" مفعول، "أو" حرف عطف بمعنى الواو، ويروى بدلها "إذا"، "كانت" فعل ماض ناقص والتاء للتانيث واسمها يعود على الخلافة له، "له" متعلق بقدر الواقع خبرًا لكان، "كما" الكاف جارة، "ما" مصدرية "ربه" مفعول مقدم لأتى ومضاف إليه، و"ما" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف، "موسى" فاعل مؤخر يأتي، "على قدر" متعلق بأتى. المعنى: تولى عمر الخلافة وكان بتقدير الله سبحانه، فانتشل المسلمين من الظلم وأقام بينهم صرح العدل، كما أتى موسى ربه، وكلمه بقضائه وقدره، فأبان للخلق طريق الحق، قال تعالى: {ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} . الشاهد: تقديم المفعول وهو "ربه" على الفاعل وهو "موسى"، وقد أعاد الضمير المتصل بالمفعول المتقدم على الفاعل المتأخر، وهذا شائع في كلام العرب؛ لأن الضمير عاد على متأخر لفظًا، إلا أنه متقدم رتبة، ويسمى هذا المتقدم حكمًا. قال الناظم مشيرًا إلى ذلك: وشاع نحو "خاف ربه عمر ... وشذ نحو "زان نوره الشجر أي شاع في الأساليب العربية عود الضمير من المفعول المتقدم على فاعله المتأخر، نحو: "خاف عمر ربه"، وشذ عود الضمير من الفاعل على مفعوله المتأخر، نحو: "زان نوره الشجر"، لأن يكون عائدًا على متأخر لفظا ورتبة، وهذا ممنوع لا يقاس عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 وأما وجوبه في مسألتين: إحداهما: أن يتصل بالفاعل ضمير المفعول، نحو: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} ، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُم} 1، ولا يجيز أكثر النحويين نحو: "زان نوره الشجر"، لا في نثر، ولا في شعر، وأجازه فيهما الأخفش، وابن جني، والطوال2، وابن مالك، احتجاجًا بنحو قوله: "جزى ربه عني عدي بن حاتم"3   1 فـ"إبراهيم" مفعلو مقدما وجوبا لابتلى، و"ربه" فاعل مؤخر ومضاف إليه، و"الظالمين" مفعول مقدما وجوبا "ومعذرتهم" فاعل مؤخر ومضاف إليه، وإنما وجب تقديم المفعول فيهما، لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة. 2 هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الطوال النحوي، من أهل الكوفة وأحد أصحاب الكسائي والفراء، حدث عن الأصمعي وقدم بغداد وأقرأ فيها، وكان حاذقًا بارعًا في إلقاء المسائل العربية، ولم يشتهر له تصنيف، ومات سنة 343هـ. 3 صدر بيت من الطويل لأبي الأسود الدؤلي، يهجو عدي بن حاتم الطائي وعجزه: جزاء الكلاب العاويات وقد فعل اللغة والإعراب: العاويات: الصائحات -من عوى الكلب- إذا صاح، وقد فعل: أي أنه -سبحانه وتعالى- استجاب دعاءه، "ربه" فاعل جزى ومضاف إليه، والضمير يعود على "عدي" الواقع مفعولًا، "ابن حاتم" مضاف إليه. "جزاء الكلاب" مفعول مطلق.   * "نحو" فاعل شاع: "ربه" منصوب على التعظيم بخاف والضمير عائد على "عمر" الواقع فاعلا لخاف، وهو إن تأخر لفظا إلا أنه متقدم رتبة، والجملة في محل جر بإضافة "نحو" إليها "نوره" فاعل زان، وضميره عائد على الشجر المتأخر لفظا ورتبة؛ لأنه مفعول زان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 والصحيح جوازه في الشعر فقط. الثانية: أن يحصر الفاعل بإنما، نحو: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} 1. وكذا الحصر بـ"إلا" عند غير الكسائي، واحتج بقوله: ما عاب إلا لئيم فعل ذي كرم ... ولا جفا قط إلا جبأ بطلا2   لجزى ومضاف إليه، "العاويات" صفة للكلاب، و"قد" الواو للحال، وقد للتحقيق، "فعل" فعل ماض مبني على الفتح وسكن للروي، والفاعل يعود على "ربه"، وجزاء الكلاب العاويات: هو الضرب والرمي بالحجارة، وقيل: إنه دعا عليه بالأبنة؛ لأن الكلاب تتعاوى عند طلب السفاد، وهذا وإن عده العلماء من الكنايات الجميلة في الهجاء، إلا أن عدي بن حاتم صحابي جليل لا يقال فيه مثل ذلك الهجاء، وإن صح فلعله كان في زمن الجاهلية قبل أن يسلم. الشاهد: اشتمال الفاعل المتقدم وهو ربه، على ضمير يعود على المفعول المتأخر، وهذا شاذ عند الجمهور، ولهذا يقول الناظم: ...................................... ... وشذ نحو "زان نوره الشجر" 1 "العلماء" فاعل محصور فيه الخشية، فوجب تأخيره، أي ما يخشى الله من عباده إلا العلماء. 2 بيت من البسيط لم نقف على قائله. اللغة والإعراب: لئيم: المراد به الشحيح البخيل، بدليل مقابلته بذي الكرم. جفًا: من الجفاء، وهو البعد وعدم الصلة، جبأ: جبان، بطلا: شجاعا، "ما" نافية، "إلا" أداة حصر، "لئيم" فاعل عاب. "فعل ذي كرم" مفعول عاب ومضاف إليه، "ولا" الواو عاطفة ولا زائدة للتوكيد، "قط"، ظرف لاستغراق الماضي مبني على الضم في محل نصب بحفا "إلا أداة حصر"، "جبأ" فاعل جفا. "بطلا" مفعول. المعنى: لا يعيب عمل الكرام إلا الأشحاء اللئام، ولا يبتعد عن الأبطال الشجعان إلا الجبناء؛ لأنه لا تآلف بين أصحاب الصفات المتنافرة. الشاهد: تقديم الفاعل المحصور بإلا في صدر البيت وعجزه، وهو حجة للكسائي والجمهور، لا يرون تقديم المحصور بإلا، إلا إذا كان مفعولًا كما سبق، ويعربون "فعل ذي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 وقوله: وهل يعذب إلا الله بالنار1 وقوله: فلم يدر إلا الله ما هيجت لنا2.   كرم"، و"بطلا" مفعولين لمحذوف يدل عليه المذكور. 1 عجز بيت من البسيط ليزيد بن الطثرية القشيري، وصدره: نبئتهم عذبوا بالنار جارهم اللغة والإعراب: نبئت: أخبرت، جارهم: الجار من يجاورك في المسكن -أو من أجرته واستجار بك من ظلم، "نبئت" فعل ونائب فاعل وهو المفعول الأول، "هم" مفعول ثان، "عذبوا" فعل وفاعل "بالنار" جار ومجرور متعلق به. "جارهم" مفعول عذبوا ومضاف إليه، وجملة عذبوا مفعول ثالث لنبئ، "وهل" الواو عاطفة، وهل حرف استفهام إنكاري بمعنى "ما"، إلا "أداة حصر. "الله" فاعل يعذب. "بالنار" متعلق بيعذب. المعنى: أخبرت وأعلمت أن هؤلاء الناس يعذبون جيرانهم، أو من استجار بهم بالنار، وذلك بدل أن يغيثوه ويكرموه وهذا عمل شائن؛ لأنه لا يعذب بالنار إلا المولى -سبحانه وتعالى، ويروى: جارتهم -بدل جارهم. الشاهد: تقديم الفاعل المحصور بإلا وهو "الله" على الجار والمجرور وهو "بالنار" وهو بمنزلة المفعول، وهذا حجة الكسائي ويمنعه الجمهور، ويقولون: إن قوله: "بالنار" متعلق بفعل محذوف يدل عليه المذكور كما سبق، أي لا يعذب إلا الله يعذب بالنار، وهو تكلف لا داعي له. 2 صدر بيت من الطويل لذي الرمة غيلان بن عقبة، وقد استشهد به سيبويه، وعجزه: عشية آناء الديار وشامها اللغة والإعراب: هيجت: آثارت، "آناء" ويروى: أنآء -جمع نؤى، وهو الحفيرة التي تحفر حول الخباء لتمنع عنه المطر، شامها: الشام: جمع شامة، وهي العلامة، "يدر" مضارع مجزوم بلم بحذف حرف العلة، "إلا" أداة حصر، "الله" فاعل، "ما" اسم موصول مفعول يدر، "هيجت" الجملة صلة ما والعائد محذوف، أي هيجته لنا، "عشية" ظرف متعلق بهيجت وهو منون وقد حذف تنوينه للضرورة، أو نقلت حركة همزة آناء إلى عشية ثم حذفت الهمزة، "آناء الديار" فاعل هيجت ومضاف إليه، "وشامها" الواو عاطفة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 وأما تقدم المفعول جوازًا، فنحو: {فَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} . وأما وجوبًا ففي مسألتين: إحداهما: أن يكون مما له الصدر1، نحو: {فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ} ، {أَيّمَا تَدْعُو} 2. الثانية: أن يقع عامله بعد الفاء3، وليس له منصوب غيره مقدم عليها، نحو: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} 4، ونحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} 5، بخلاف: أما اليوم   وشامها معطوف على آناء. المعنى: لا يعلم إلا الله -سبحانه- ما أثارته في نفوسنا آثار ديار المحبوبة ورسومها من الشوق واللوعة والحنين إليها. الشاهد: تقديم الفاعل المحصور بإلا على المفعول، وهو حجة للكسائي، ويمنعه الجمهور ويقولون: إن "ما" اسم موصول مفعول لمحذوف يدل عليه المذكور، والتقدير: فلم يدر إلا الله درى ما هيجت لنا. 1 أي اسما له الصدر في جملته، كأن يكون اسم استفهام، أو اسم شرط. كما مثل المصنف، وكذلك إذا كان مضافا لاسم له الصدارة، نحو: صديق من قابلت؟ وصاحب أي صديق تكرم أكرم. 2 فـ"أي" مفعول مقدم لتنكرون، و"أيا" اسم شرط مفعول مقدم لتدعو، و"ما" صلة و"تدعو" مضارع مجزوم بأيا. 3 أي فاء الجزاء، وذلك في جواب "أما" الظاهرة أو المقدرة، ويشترط ألا يفصل بين أما والفاء بشيء آخر. 4 مثال لأما المقدرة أي: وأما ربك فكبر. 5 مثال لأما الظاهرة، وإنما وجب تقديم المفعول ليكون فاصلا؛ لأن الفعل - وبخاصة المقرون بفاء الجزاء- لا يلي "أما"، ولا يقال إن ما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها، فكيف عملت هنا في المفعول؟ لأنا نقول: هذا ممنوع إذا كانت الفاء في موضعها الأصلي، وهي هنا مؤخرة من تقديم، وكان حقها أن تدخل على المفعول المتقدم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 فاضرب زيدًا1. تنبيه: إذا كان الفاعل والمفعول ضميرين، ولا حصر في أحدهما، وجب تقديم الفاعل، كضربته، وإذا كان المضمر أحدهما، فإن كان مفعولًا وصله وتأخير الفاعل، كضربني زيد2، وإن كان فاعلًا وجب وصله وتأخير المفعول أو تقديمه على الفعل، كضربت زيدًا، وزيدا ضربت3، وكلام الناظم يوهم امتناع التقديم؛ لأنه سوى بين هذه المسألة ومسألة: "ضرب موسى عيسى4". والصواب ما ذكرناه5.   1 فإنه لا يجب تقديم المفعول، لوجود الفاصل بالظرف. 2 لأنه لو قدم الفاعل في هذه الحالة لوجب انفصال الضمير مع إمكان اتصاله وذلك ممنوع. 3 وذلك أيضا خوفا من ارتكاب الانفصال مع إمكان الاتصال. 4 أي في وجوب تأخير المفعول فيهما عن الفاعل، حيث يقول: وأخر المفعول إن لبس حذر ... أو أضمر الفاعل غير منحصر وهذا يقتضي أنه لا يجوز: زيدًا ضربت، كما لا يجوز: عيسى ضرب موسى -بتقديم المفعول على الفعل. 5 أي: من جواز نحو: زيدًا ضربت لعدم اللبس، وامتناع نحو: عيسى ضرب موسى، لئلا يتوهم أن "عيسى" مبتدأ و"ضرب" وضميره خبر، وموسى مفعول. هذا: ويمتنع تقديم المفعول على عامله إذا كان مفعولًا "لأفعل" في التعجب، نحو: ما أجمل الصدق! أو مفعولا لفعل مؤكد بالنون، نحو: خالفن هواك، أو كان عامله مسوقا بقد، أو سوف، نحو: قد يدرك المتأني بعض حاجته، سوف أعمل الخير ما استطعت، أو بلفظ "قلما" أو"ربما" وغير ذلك من المواضع وخلاصة ما تقدم: 1 أنه يجب تقديم الفاعل على المفعول في ثلاث مسائل: أ- أن يخشى اللبس بينهما. ب- وأن يكون المفعول محصورا فيه. ج- وأن يكون كل من الفاعل والمفعول ضميرين متصلين. 2 ويجب توسط المفعول في ثلاث مسائل أيضًا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 .......................................................................................   أ- أن يكون الفاعل ملتبسًا بضمير المفعول. ب- وأن يكون الفاعل محصورًا فيه. ج- وأن يكون المفعول ضميرا متصلا والفاعل اسما ظاهرًا. 3- ويجب تقديم المفعول على عامله في مسألتين: أ- أن يكون له صدر الكلام. ب- وأن يكون معمولا لما بعد الفاء بشرطه المتقدم، فتنبه يا فتى. 4 ويجب تأخير الفاعل إذا كان المفعول ضميرا متصلا، والفاعل اسما ظاهرا، ويلاحظ: أن المواضع التي يتقدم فيها الفاعل وجوبا، وهي عينها المواضع التي يتأخر فيها المفعول وجوبًا، والمواضع التي يجب فيها تقديم المفعول على عامله، هي المواضع التي يتأخر فيها الفاعل وجوبًا ويمتنع تقديمه عليه، ولا يجوز تقديم الفاعل على عامله مطلقًا. خاتمة: لا يجيز الجمهور عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وخالفهم الأخفش وابن مالك وغيرهما في ذلك، وهنالك مواضع يعود فيها الضمير على متأخر لفظا ورتبة، لحكمة بلاغية لا ينكرها الجميع، وهي: 1 الضمير المرفوع بنعم وبئس، نحو: نعم رجلا محمدا، وبئس رجلا أبو جهل، بناء على أن المخصوص مبتدأ لخبر محذوف، أما على أنه مبتدأ وخبره الجملة قبله، فهو مما عاد فيه الضمير على متقدم رتبة، وسيأتي إيضاح ذلك في موضعه. 2 الضمير المرفوع بأول المتنازعين المعمل ثانيهما، نحو: جفوني ولم أجف الأخلاء، وسيأتي القول في ذلك، وخلاف البصريين والكوفيين فيه. 3 ضمير الشأن والقصة، كما تقدم في باب المبتدأ والخبر، نحو قوله -تعالى-: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} . 4 الضمير المجرور برب، نحو: ربه رجلا. ويجب أن يكون بعده نكرة تميزه وتفسره، وأن يكون هو مفرد مذكرا، فيقال: ربه امرأة لا ربها. 5 الضمير الواقع مبتدأ، والمخبر عنه باسم ظاهر يفسره غير ضمير الشأن، نحو: {إِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 .....................................................................   هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} ، والضمير فيه راجع إلى الموصوف -وهو الحياة بقطع النظر عن الصفة. 6 الضمير المبدل منه الظاهر المفسر له، نحو: أكرمته محمدا. فائدة: هنالك أفعال لا تحتاج إلى فاعل مطلقًا، منها: "كان" الزائدة مثل: الفقر - كان- مذلة. والفعل المؤكد لفعل قبله توكيدا لفظيا، نحو: ظهر ظهر الحق. والأفعال التي تتصل بها "ما" الكافة، مثل: طالما، قلما، كثرما. وقد أشرنا سابقًا إلى أن "ما" تكفها عن العمل، وبعض المحققين يعرب "ما" مصدرية، والمصدر منها ومن صلتها في محل رفع فاعل، وذلك التزاما للأصل، الذي يقضي بأن يكون لكل فعل أصلي فاعل، ففي مثل: طالما أديت الواجب، يكون التقدير: طال أداؤك الواجب وهكذا ... إلخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 يقول الموضح في تعريف الفاعل: إنه اسم أو ما في تأويله، أسند إليه فعل أو ما في تأويله، اشرح ذلك موضحًا بالأمثلة. 2 اذكر ثلاثة من أحكام الفاعل المتفق عليها بين النحاة، ووضح ذلك بأمثلة من إنشائك، في جهاد أهل فلسطين لتحرير وطنهم. 3 قد يحذف الفعل جوازا، وقد يجب، متى يكون ذلك؟ هات أمثلة موضحة من إنشائك، في الحث على الثبات والتضحية، لتخليص الوطن من المعتدين. 4 بين حكم الفعل إذا أسند إلى مؤنث حقيقي، أو مجازي، أو مثنى، أو جمع، أو اسم جنس، ومثل لما تقول. 5 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل هذا الباب، بين موضع الشاهد، ورأيك فيه: قال تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} . {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} . {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} . {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} . {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ} . {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} . في الحديث النبوي: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار". وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود إن امرأ غره منكن واحدة ... بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور رأين الغواني الشيب لاح بعارضي ... فأعرضن عني بالخدود النواضر إن يغنيا عني المستوطنا عدن ... فإنني لست يوما عنهما بغني كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤدد ... ورقى نداده ذا الندى في ذرى المجد كفى بالمرء عيبا أن تراه ... له وجه وليس له لسان 6 اشرح قول ابن مالك الآتي، والأصل الذي يقوم عليه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   والحذف في نعم الفتاة استحسنوا ... لأن قصد الجنس فيه بين 7 اشرح البيت الآتي شرحا أدبيًا، وأعربه وبين ما فيه من شاهد: وما نفعت أعماله المرء راجيًا عليها ثوابا من سوى من له الأمر 8 اذكر المواضع التي يجب فيها تأخير المفعول، والتي يجب فيها تقديمه على عامله، وبين السبب، ووضح بالأمثلة. 9 يقول النابغة الذبياني من قصيدة يعنذر فيها للنعمان بن المنذر: ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه ... إذا فلا رفعت سوطي إلي يدي اشرح هذا البيت ثم أعربه، وبين ما فيه من شاهد في هذا الباب. 10- بين فيما يأتي: الفعل، والفاعل، والمفعول، وحكم كل، من حيث التقديم والتأخير، والتأنيث والتذكير: كان عمرو بن بحر -الملقب بالجاحظ- إماما كبيرا في اللغة، وقد منحه الله علما وأدبًا، وأحاط باللغة العربية، وتمكن منها، حتى دعاه العلماء: "إمام المتكلمين" فأما الفكاهة فقد برز فيها، وإنما كان يقول الصدق، وألم عقله وفكره بجيمع العلوم المعروفة في زمنه، عربية كانت أو غير عربية، وما أفاده إلا جده وحبه للإطلاع، وإنه لحابس نفسه على عمله، وساعده على ذلك حريته وثاقب بصيرته، وله مصنفات كثيرة، أشهرها: الحيوان، والبيان والتبيين، والبخلاء، والمحاسن والأضداد، وتوفي بالبصرة وقد نيف على التسعين من عمره، فاجعله قدوتك، وإياك أخاطب أيها الصديق، فما فاز إلا المجدون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 باب: النائب عن الفاعل مدخل ... باب النائب عن الفاعل: قد يحذف الفاعل للجهل به، كسرق المتاع، أو لغرض لفظي، كتصحيح النظم1، في قوله: علقتها عرضا وعلقت رجلًا ... غيري وعلق أخرى ذلك الرجل2 أو معنوي، كأن لا يتعلق بذكره غرض3، نحو: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} ، {وَإِذَا   هذا باب النائب عن الفاعل: 1 وكالإيجاز في العبارة، نحو: قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} ، وكالمماثلة بين حركات الحروف الأخيرة في السجع، نحو: من طابت سريرته حمدت سريرته. 2 بيت من البسيط للأعشى ميمون بن قيس، من لاميته المشهورة التي مطلعها: ودع هريرة إن الركب مرتحل ... وهل تطيق وداعًا أيها الرجل اللغة والإعراب: علقتها: أحببتها وتعلقت بها، عرضًا: أي من غير قصد وتعمد، "علقت" فعل للمجهول والتاء نائب فاعل وهي المفعول الأول، "ها" مفعول ثان، "عرضا" مفعول مطلق لبيان نوع العامل، و"علقت" التاء للتأنيث ونائب الفاعل يعود على هريرة المذكورة في مطلع القصيدة، وهو المفعول الأول: "رجلا" مفعول ثان. "غيري" ظرف صفة لرجل منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، "وعلق" ماض للمجهول، "أخرى" مفعول ثان مقدم. "ذلك" ذا: نائب فاعل وهو المفعول الأول، "الرجل" بدل من اسم الإشارة. المعنى: حبب الله إلي هريرة، وعلقت بها حين اعترضتني من غير قصد ولا تعمد عني لرؤيتها، وحببها في رجل غيري، وحبب إلى ذلك الغير امرأة أخرى، فكل تعلق قلبه بشخص لم يعبأ به، ولم يلتفت إليه. الشاهد: بناء الأفعال الثلاثة، وهي "علق" في البيت للمجهول، وحذف الفاعل للعلم به وهو الله تعالى، وذلك من أجل تصحيح النظم. 3 أي أن يعرف السامع أنه ليس هناك قصد ولا تعلق بذكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 حُيِّيتُم} ، {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا} 1. فينوب عنه في رفعه، وعمديته، ووجوب التأخير عن فعله، واستحقاقه للاتصال به، وتأنيث الفعل لتأنيثه2، واحد من أربعة: الأول: المفعول به3، نحو: {وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ} 4. الثاني: المجرور5، نحو: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِم} وقولك: سير بزيد   1 فإنه ليس الغرض إسناد هذه الأفعال إلى فاعل مخصوص، بل إلى أي فاعل كان، ومن الأغراض المعنوية، العلم به نحو: {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} ، والخوف منه، نحو: قتل فلان، من غير ذكر القاتل خشية ضرره، أو الخوف عليه من أن يناله مكروه، وكإبهامه، أو تعظيمه بعد ذكر اسمه على الألسنة صيانة له، أو تحقيره أو إهماله، نحو: قتل الحسين. 2 أي إن كان مؤنثًا حقيقا غير مجرور في اللفظ بالباء الزائدة، وفعله كلمة "كفى"، نحو: كفى بهند شاعرة، وكذلك في وجوب ذكره، وإغنائه عن الخبر في نحو: أمضروب التلميذان، وفي تجريد العامل من علامة التثنية والجمع على اللغة الفصحى. 3 وذلك هو الأصل في النيابة، وسيأتي بيان مفصل عنه، وفيه يقول الناظم: ينوب مفعول به عن فاعل ... فيما له كنيل خير نائل أي ينوب المفعول به عن الفاعل عند حذفه، فيعطى ما كان للفاعل من أحكام، نحو: نيل خير نائل، فخير نائل: مفعول قام مقامه الفاعل ومضاف إليه، والأصل: نال المستحق خير نائل -أي عطاء، فحذف الفاعل وهو "المستحق"، وأقيم المفعول مقامه بعد حذفه، وتغير الفعل على نحو ما سنبين بعد. 4 الأصل: أغاض الله الماء -أي أنقصه، وقضى الله الأمر، ففعل بهما ما بيناه. 5 يشترط أن يكون حرف الجر متصرفًا لا يلتزم طريقه واحدة في الاستعمال، كـ"مذ" ومنذ"، فإنهما لا يجران إلا الأسماء الدالة على الزمان، و "حتى" المختصة بالظاهر، و   * "ينوب مفعول" فعل وفاعل، "به" متعلق بمفعول، "عن فاعل" جار ومجرور متعلق بينوب، و"ما" اسم موصول، "له" متعلق بمحذوف صلة -أي في الذي استقر له "كنيل" الكاف جارة لقول محذوف، "نيل" ماض مبني للمجهول. "خير نائل" نائب فاعل ومضاف إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 وقال ابن درستويه والسهيلي وتلميذه الرندي1: النائب ضمير المصدر2، لا المجرور؛ لأنه لا يتبع على المحل بالرفع3؛ ولأنه يقدم، نحو: {كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} 4؛ ولأنه إذا تقدم لم يكن مبتدأ، وكل شيء ينوب عن الفاعل، فإنه إذا تقدم كان مبتدأ5؛ ولأن الفعل لا يؤنث له في نحو: مر بهند6، ولنا 7 قولهم: "سير بزيد   "رب" فإنها تجر النكرات فقط، وحروف القسم، فإنها لا تجر إلا مقسمًا به، وكحروف الجر التي للاستثناء -وهي: خلا وعدا وحاشا- فإنها لا تجر إلا المستثنى به، وكذلك يشترط ألا يكون حرف الجر دالًا على التعليل، كاللام والباء ومن، ومن، إذا أتي بها للتعليل، فلا يصح وقوع شيء من ذلك مع مجروره -نائب فاعل. 1 هو أبو علي، عمر بن عبد الحميد الرندي، نسبة إلى "رندة" حصن أو قرية من قرى الأندلس، كان أستاذا في النحو من تلاميذ السهيلي، وله شرح على جمل الزجاجي، وهو مقرئي كتاب سيبويه. 2 أي المفهوم من الفعل المستتر فيه، والتقدير عندهم: ولما سقط هو -أي السقوط، وسير هو -أي السير. 3 أي على محل المجرور، إذا ناب عن الفاعل، فلا يقال: مر بزيد الظريف - برفع الظريف، كما لا يقال: مر بزيد ومحمد- برفع محمد، ولو كان المجرور نائبا عن الفاعل لجاز في نائبه الرفع، كما جاز في تابع الفاعل المجرور بالمصدر في قول الشاعر: طلب المعقب حقه المظلوم برفع "المظلوم" على محل "المعقب". 4 فلو كان "عنه" هو النائب لما تقدم على عامله وهو "مسئولا"، كما لا يتقدم الفاعل -وهو الأصل- على عامله. 5 تقول: الزيت كيل، ورمضان صميم، كما أن الفاعل إذا تقدم كان مبتدأ، نحو: محمد قام. 6 أي: وكل مؤنث ينوب عن الفاعل يؤنث له الفعل، تقول: ضربت زينب. هذه أربع شبه جعلتهم يقولون: إن المجرور ليس هو النائب عن الفاعل. 7 أي معشر الجمهور من الأدلة على نيابة المجرور عن الفاعل -في لسان العرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 سيرًا"1، وأنه إنما يراعى في محل يظهر في الفصيح2، نحو: لست بقائم، ولا قاعدًا، بخلاف نحو: "مررت بزيد الفاضل" بالنصب، أو"مر بزيد الفاضل"3 بالرفع، فلا يجوزان؛ لأنه لا يجوز: مررت زيدًا4، ولا مر زيد5، والنائب في الآية ضمير راجع إلى ما رجع إليه اسم "كان" وهو المكلف6، وامتناع الابتداء لعدم التجرد7. وقد أجازوا النيابة في "لم يضرب من أحد"8 مع امتناع: من أحد لم يضرب، وقالوا في {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} : إن المجرور فاعل على امتناع كفت بهند9.   1 أي بنصب "سيرا" فقد أنابوا المجرور وهو "بزيد"، ولم ينيبوا المصدر لإبهامه، فضميره أولى بالمنع؛ لأنه أشد إبهاما منه. 2 هذا رد أول للشبهة الأولى، وهو: أن المحل الذي يراعى في الإتباع، هو المحل الذي يظهر إعرابه في فصيح الكلام، وهو المجرور بحرف زائد، كما مثل المصنف، فإنه يصح حذف الجر في الفصيح وظهور الإعراب، فتقول في المثال: لست قائمًا ولا قاعدا. 3 أي مما هو مجرور بحرف جر أصلي. 4 أي لا يجوز في فصيح الكلام: أن يحذف الجار، ويتعدى الفعل نفسه، وينصب "زيدا" على المفعولية. 5 أي بالرفع على النيابة عن الفاعلية بعد حذف الجار، وعلى هذا: فلا تجوز مراعاة المحل. 6 هذا رد للشبهة الثانية، وهو: أن "عنه" في الآية ليس هو النائب عن الفاعل، وإنما النائب ضمير راجع إلى ما رجع إليه اسم كان، وهو المكلف المعلوم من السياق، أي مسئولا هو -أي المكلف المذكور. 7 ردا للشبهة الثالثة، أي إنما امتنع الابتداء بالمجرور، لعدم تجرده من العوامل اللفظية، ولولا ذلك لجاز. 8 أي؛ لأن "من" زائدة، والجر بحرف جر زائد، كعدم الجر. 9 هذا ردا للشبهة الرابعة، وهي: أن الفعل لا يؤنث له في "مر بهند" فقد امتنع أن يقال: "كفت بهند" بالتأنيث، مع أن الفاعل في الآية مجرور بحرف جر زائد، فما بالك إذا كان مجرورًا بحرف جر أصلي؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 الثالث: مصدر مختص1، نحو: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَة} 2، ويمتنع نحو: سير سير، لعدم الفائدة3، فامتناع سير4 على إضمار السير أحق5 خلافًا لمن أجازه، وأما قوله: وقالت متى يبخل عليك ويعتلل6   1 أي مفيد معنى زائدا على معناه المبهم -وهو الحدث المجرد، ليكون في الإسناد إليه فائدة، ويكون ذلك بتقييده بوصف أو إضافة عدد، وكالمصدر اسمه، ويشترط كذلك: أن يكون لك منهما متصرفا- أي لا يلازم النصب على المصدرية، كمعاذ وسبحان؛ لأن وقوع أحدهما نائب فاعل يخرجه عن النصب الواجب له. 2 "نفخة" نائب فاعل، وهو مصدر مختص؛ لأنه موصوف بواحدة، ومنصرف؛ لأنه وقع مرفوعًا. 3 لأن معناه المبهم مستفاد من الفعل، فكأنه جاء بتأكيد معنى فعله، وذلك غير مقصود من الإسناد. 4 أي بالبناء للمجهول، على أن يكون نائب فاعله ضمير المصدر المستفاد من الفعل والتقدير: سير هو -أي السير. 5 أي أولى بالمنع؛ لأن ضمير المصدر أكثر إبهامًا من الظاهر، أما على إضمار ضمير يعود على سير مخصوص مفهوم من غير العامل -فجائز. 6 صدر بيت من الطويل، لامرئ القيس الكندي، من قصيدته التي بارى فيها عنترة الفحل، وتحاكما إلى أم جندب، فحكمت لعلقمة، والقصة معروفة. وعجزه: يسؤك وإن يشكف غرامك تدرب اللغة والإعراب: يبخل عليك، المراد: أنهم لا ينيلونه ما يريد، يعتلل: يعتذر، والاعتلال: الاعتذار: يسؤك يحزنك ويغضبك، غرامك، الغرام شدة الحب. تدرب: تعتد من الدربة وهي الاعتياد، "متى" اسم شرط جازم مبتدأ، "يبخل" مضارع للمجهول فعل الشرط. "عليك" جار ومجرور نائب فاعل"، "يعتلل" معطوف على يبخل، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه عائد على مصدر هذا الفعل، "يسؤك" مضارع جواب الشرط وجملتا الشرط خبر المبتدأ، "وإن يكشف" شرط وفعله، "غرامك" نائب فاعل يكشف، "تدرب" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 فالمعنى: ويعتلل الاعتلال المعهود، أو اعتلال، ثم خصصه: "بعليك" أخرى محذوفة للدليل، كما تحذف الصفات المخصصة1، وبذلك يوجه: {وَحِيلَ بَيْنَهُم} 2، وقوله: فبالك من ذي حاجة حيل دونها3   جواب الشرط مجزوم، وحرك للروي. المعنى: أن المحبوبة قالت: إذا ضنت عليك بالوصل، وهجرتك واعتذرت عن مقابلتك أحزنك ذلك وأغضبك، وإن وصلتك اعتدت ذلك وأكثرت منه، ولم تستطع الصبر، وربما عرف أمرك فتكون فضيحة، فهي لا تقطع وصله لئلا ييأس، ولا تصدأ كثيرا، لئلا يعتاد ذلك، ويطلبه كل حين. الشاهد: في "يعتلل"، فإن نائب فاعله ضمير مصدر مختص بأل العهدية، أو بوصف محذوف مدلول عليه بالجار والمجرور -وهو- "عليك" المذكور مع الفعل السابق، كما بينه المصنف، وليس للضمير عائدا على مصدر مبهم من الفعل -أي يعتلل اعتلال، كما يقول به جماعة من النحاة؛ لأن نيابة المصدر المبهم ممنوعة عند الجمهور. 1 أي للموصوفات إذا دل عليها دليل، نحو قوله -تعالى-: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} ، أي نافعًا، بدليل: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُه} . 2 أي فيكون الضمير عائدا على مختص بالعهد أو الصفة، والتقدير: وحيل هو -أي الحول المعهود، أو حول بينهم، إلا أن الصفة هنا مذكورة. 3 صدر بيت من الطويل، لطرفة بن العبد البكري، وعجزه: وما كل ما يهوى امرؤ هو نائله اللغة والإعراب: حيل: حجز ومنع من الحيلولة. يهوى: يريد ويحب، نائله: مدركه وواصل إليه من نال إذا أصاب، "فيا لك" الفاء عاطفة، يا "للتنبيه" أو للنداء، والمنادى محذوف، واللام للاستغاثة، والضمير في محل جر باللام، أو في محل نصب على النداء، وقد يقصد بهذا الأسلوب التعجب، "من ذي حاجة" جار ومجرور متعلق بمحذوف، ومضاف إليه: أي استغيث بك من أجل ذي حاجة "حيل" ماض للمجهول، ونائب الفاعل ضمير يعود على المصدر، والتقدير: حيل هو -أي الحول المعهود، أو حول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 وقوله: يغضي حياء ويغضى من مهابته1   موصوف بقوله: "دونها"، ودونها، ظرف متعلق بحيل، أو بمحذوف صفة للمصدر، أو حال من ضمير حيل، "وما" نافية، "كل" اسمها، "ما" الثانية: اسم موصول مضاف إليه، "يهوى امرؤ" الجملة صلة والعائد محذوف -أي يهواه، "هو نائله" مبتدأ وخبر ومضاف إليه، والجملة خبر ما. المعنى: أتعجب أو أستغيث بك من أجل صاحب حاجة حيل بينه وبين إدراكها والوصول إليها، وليس كل ما يريده الإنسان، ويطمع فيه يدركه ويصل إليه. الشاهد: في "حيل دونها" فإن نائب فاعله ضمير مستتر يعود على مصدر مقترن بأل العهدية، أو موصوف بلفظ "دونها" كما تقدم في الشاهد السابق، وليس "دونها" نائب الفاعل؛ لأن "دون" ظرف غير متصرف لا يفارق النصب على الظرفية، وليس كذلك نائب الفاعل ضمير يعود على مصدر مبهم من الفعل -أي حيل حول، كما ذهب إليه ابن درستويه، ومن تبعه؛ لأنه غير مختص. 1 صدر بيت من الطويل، ينسبه كثير إلى الفرزدق، يمدح زين العابدين علي بن الحسين بن سيدنا علي، وعجزه: فما يكلم إلا حين يبتسم وهو من قصيدته المشهورة التي مطلعها: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم اللغة والإعراب: يغضي من الإغضاء -وهو تقارب بين جفني العين حتى يقربا من الانطباق مهابته: هيبته وجلاله، يبتسم، الابتسامة: أول الضحك، "يغضي" مضارع وفاعله يعود على زين العابدين، "حياء" مفعول لأجله، "ويغضي" مضارع للمجهول، ونائب الفاعل ضمير يعود على المصدر المعهود المفهوم من الفعل، أو الموصوف، "فما" الفاء للتفريغ وما نافية، "إلا" حرف استثناء ملغاة، "حين" ظرف متعلق بيكلم، "يبتسم" الجملة في محل جر بإضافة حين إليها. المعنى: أن زين العابدين رجل محتشم شديد الحياء، يكاد يطبق جفنيه أمام محدثه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 ولا يقال النائب عن المجرور، لكونه مفعولا له. الرابع: ظرف متصرف مختص1، نحو: صيم رمضان، وجلس أمام الأمير2، ويمتنع نيابة نحو: عندك ومعك، ومن ثم، لامتناع رفعهن3، ونحو: مكانًا، وزمانا، إذا لم   من الحياء، ويغمض الناس جفونهم أمامه من هيبته وجلاله، فلا يكلمه أحد إلاحين يبتسم، ليهدي من روعه. الشاهد: في قوله: "يغضي من مهابته"، فإن نائب فاعله ضمير مستتر يعود إلى المصدر المعهود، أو الموصوف بوصف محذوف -أي يغضي الإغضاء المعهود، أو إغضاء حادثا من مهابته، وليس قوله "من مهابته" نائب فاعل كما يقول الأخفش؛ لأن "من" الجارة هنا للتعليل، وقد يشترط في صحة نيابة الجار ألايكون للتعليل كما سبق، هذا، ولا تجوز نيابة المفعول لأجله، ولا الحال، ولا التمييز؛ لأن كل واحدة منها بمنزلة جواب عن سؤال مقدر، فكأنه من جملة أخرى غير الفعل والفاعل، ولهذا السبب منعت نيابة الجار الذي يدل على التعليل؛ لأن مجروره مبني على سؤال مقدر، هذا تعليل النحاة، والعلة الحقيقة محاكاة العرب. 1 الظرف الكامل التصرف هو: ما يفارق النصب على الظرفية، وشبهها هو الجر بمن، وينتقل بين حالات الإعراب المختلفة، من رفع إلى نصب، إلى جر، على حسب حالة الجملة كيوم، وزمان، وقدام، وخلف، ... إلخ أما غير المتصرف مطلقا وهو: ما يلازم النصب على الظرفية وحدها، مثل: "قط، وعوض"، وناقص التصرف وهو ما يخرج عن النصب على الظرفية إلى الجر بمن، كـ"عند، ومع، وثم"، فلا يصلح كل منهما للنيابة عن الفعل؛ لأنه لا يفيد الفائدة المطلوبة من الإسناد، ولا يصح إخراجه عن وضعه العربي. والمختص من الظروف: ما خصص بما يزيل عن معناه الإبهام، كأن يكون مضافا أو موصوفًا، أو معرفا بالعلمية، نحو: اليوم جميل، أو غير ذلك مما يزيد معناه ويخرجه من الإيهام. 2- فـ"رمضان" ظرف زمان، و"أمام" ظرف مكان، وهما متصرفان، والأول مختص بالعلمية، والثاني بالإضافة. 3 لعدم تصرفهن كما بينا قريبًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 يقيد1. ولا ينوب غير المفعول به مع وجوده2، وأجازه الكوفيون مطلقًا3، لقراءة أبي جعفر4: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} 5، والأخفش بشرط تقدم النائب6، كقوله:   1 وذلك لعدم الفائدة، فإن قيدا بوصف يخصصهما، نحو: جلس مكان حسن، وصيم زمان طويل، جازت نيابتهما. وإلى نيابة المجرور والمصدر، والظرف، يشير الناظم بقوله: وقابل من ظرف أو من مصدر ... أو حرف جر بنيابة حري أي أن اللفظ القابل للنيابة: من ظرف، أو من مصدر، أو مجرور الجر، حري: أي حقيق وجدير بالنيابة. 2 أي: لأن الأصل وغيره فرع عنه، فإذا وجد مع المفعول به مصدر، أو ظرف، أو جار ومجرور -تعين المفعول به للنيابة، ما عدا المفعول المنصوب على نزع الخافض على الصحيح، فلا تجوز نيابته مع وجود المنصوب بنفس الفعل. 3 أي أجاز الكوفيون أن ينوب غير المفعول به، مع وجوده، سواء تقدم النائب عن المفعول به، أم تأخر عنه. 4 هو أبو جعفر، يزيد بن القعقاع المخزومي المدني، أحد أصحاب القراءات العشر، كان تابعيًا جليلا ثقة، وكان إمام أهل المدينة في القراءة، وإليه انتهت رياسة القراء بها، ولم يكن أحد أقرأ للسنة منه، وتوفي سنة 130هـ. 5 فبنى "يجز" للمفعول، و"بما" نائب فاعل، وهو مجرور مع وجود المفعول به مقدما وهو "قومًا". 6 نحو ضرب في داره محمدا، فإن تقدم المفعول به تعين للنيابة.   * "وقابل" مبتدأ، من ظرف "حال من الضمير" في قابل -أو صفة له، أو من مصدر" معطوف عليه، أو حرف جر" معطوف على مصدر ومضاف إليه. "بنيابة" جار ومجرور متعلق بجر، الواقع خبر للمبتدأ قابل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 ما دام معنيا بذكر قلبه1 وقوله: لم يعن بالعلياء إلا سيدا2   1 عجز بيت من الزجز، لم نقف على قائله، وصدره: وإنما يرضي المنيب ربه اللغة والإعراب: المنيب: اسم فاعل من أناب -إذا رج، والإنابة: الرجوع إلى الله -تعالى- بفعل الطاعات وترك المعاصي، معنيًا: مهتما مولعًا، وهو اسم مفعول -من عني بالبناء للمجهول لزومًا، "إنما" أداة حصر، "المنيب" فاعل يرضي، "ربه" مفعوله ومضاف إليه. "ما" مصدرية ظرفية. "دام" فعل ماض وناقص واسمها يعود على المنيب، "معنيًا" خبر دام، "بذكر" جار ومجرور نائب فاعل "معنيًا"؛ لأنه اسم مفعول، "قلبه" مفعول ومضاف إليه. المعنى: إنما يصلح توبة الإنسان، وينال ثوابهما ويرضي مولاه، مادام قلبه ذاكرا ربه، متعلقا به، نادما على ما فرط منه، مقلعا عن المعاصي. الشاهد: إنابة الجار والمجرور -وهو "بذكر"- عن الفاعل، مع وجود المفعول به، متأخرًا وهو "قلبه". 2 صدر بيت من الرجز، لرؤبة بن العجاج، وعجزه: ولا شفى ذا الغني إلا ذو هدى اللغة والإعراب: يعن: يهتم ويولع، وماضيه عنه -بالبناء للمجهول دائمًا. العلياء: المنزلة الرفيعة: شفى: أبرأ، والمراد: هدى -مجازا، الغي: الضلال والجري مع هوى النفس، "يعن" مضارع للمجهول مجزوم بحذف الألف. "بالعلياء" جاء ومجرور في محل رفع نائب فاعل، "إلا" أداة استثناء ملغاة. "سيدا" مفعول به، "ذا الغي" مفعول شفى ومضاف إليه، "إلا" ملغاة "ذو هدى"، فاعله ومضاف إليه. المعنى: لا يهتم بالخصال الحميدة -التي تورث صاحبها عزا ورفعة- إلا السيد الطموح الشريف النفس، ولا يهدي الضال -ذي النفس المريضة، ويبعده عن طريق الضلالة وسيئ الفعال -إلا من هداه الله، ووفقه لعمل الخير. الشاهد: نيابة الجار والمجرور وهو "بالعليا" -مع وجود المفعول به- وهو "سيدا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 مسألة: وغير النائب مما معناه متعلق بالرافع1، واجب نصبه لفظا، إن كان غير جار ومجرور، كضرب زيد يوم الخميس أمامك ضربا شديدا2، ومن ثم نصب المفعول الذي لم ينب في نحو: أعطى زيد دينار، وأعطي دينار زيدا، أو محلا إن كان جارا ومجرورا، نحو: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} 3، وعلة ذلك: أن الفاعل لا يكون إلا واحدًا، فكذلك نائبه.   وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: ولا ينوب بعض هذي إن وجد ... في اللفظ مفعول به وقد يرد أي لا يصح إنابة شيء من المذكورات، وهي: الظرف، والمصدر، والمجرور - مع وجود مفعول به- في الكلام، وقد ترد في الكلام إنابة غير المفعول مع وجوده، كما ذكر المصنف، والرأي السديد -كما يرى الباحثين- هو اختيار: ما يوضح الغرض، ويبرز المعنى المراد، سواء أكان مفعولًا، أم غير مفعول، أول أو غير أول، متقدمًا على غيره أم غير متقدم. 1 أي بأن يكون معمولًا له. 2 فقد رفع زيد على النيابة عن الفعل، ونصب الظرفان والمصدر. 3 "نفخة" مرفوعة على النيابة عن الفاعل، و"في الصور" جار ومجرور في محل نصب. وقد أشار الناظم إلى هذه المسألة بقوله: وما سوى النائب مما علقا ... بالرافع النصب له محققا أي إذا وجد في الكلام مفعول وغيره يصلح للنيابة، فغير النائب عن الفاعل- مما هو   * "ولا" نافية: "بعض" فاعل ينوب، "هذي" مضاف إليه، "إن شرطية"، وجد مفعول به" الجملة من الفعل، ونائب "الفاعل" فعل الشرط، وجوابه محذوف يدل على السياق، و"قد" حرف تقليل، "يرد" مضارع وفاعله يعود إلى نيابة بعض هذه الأشياء. * "وما" اسم موصول مبتدأ أول"، "سوى النائب" متعلق بمحذوف صلة. "مما" ما: اسم موصول والجار والمجرور بيان لما الأولى، "علقا" ماض للمجهول، والجملة من الفعل ونائب الفاعل المستتر صلة ما -المجرورة محلا بمن "بالرافع" متعلق بعل. ق "النصب" مبتدأ ثان "له" خبر المبتدأ الثاني، وجملة الثاني وخبره خبر الأول، وهو "ما" في أول البيت "محققًا" حال من ضمير "له" الواقع خبرًا. معمول للفعل ومعناه متعلق به -حكمه وجوب النصب لفظًا، أو محلًا، كما بين المصنف، أما النائب فمرفوع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 فصل: في حكم ما إذا تعدى الفعل لأكثر من واحد وإذا تعدى الفعل لأكثر من معمول، فنيابة الأول جائزة اتفاقا1، ونيابة الثالث ممتنعة اتفاقا، نقله الخضراوي2، وابن الناظم، والصواب أن بعضهم أجازه إن لم يلبس، نحو: أعلمت زيدا كبشك ثمينًا3. وأما الثاني: ففي باب "كسا"4، إن ألبس، نحو: أعطيت زيدا عمرا، امتنع اتفاقًا5، وإن لم يلبس، نحو: أعطيت زيدًا درهما، جاز مطلقًا6، وقيل يمتنع مطلقًا7، وقيل إن لم يعتقد القلب8، ... ... ... ... ... ... ... ...   معمول للفعل ومعناه متعلق به -حكمه وجوب النصب لفظًا، أو محلًا، كما بين المصنف، أما النائب فمرفوع. 1 والأفضل اختياره للنيابة، وإن كان أظهر، وأبين للمراد، وإلا فيختار ما هو أقدر على ذلك. 2 هو أبو عبد الله، محمد بن يحيى بن هشام الخضراوي الأنصاري الخزرجي الأندلسي، من أهل الجزيرة الخضراء، كان إمامًا في العربية، عاكفًا على التعليم، أخذ عن ابن خروف، ومصعب، والرندي، وعنه أخذ الشلوبين. وكان شاعرا ناثرا متصرفا في الأدب، وله مصنفات، منها: فصل المقال في أبنية الأفعال، والإفصاح بفوائد الإيضاح، والنقض على الممتع لابن عصفور، وتوفي بتونس في جمادى الآخرة 646هـ. 3 فتقول: أعلم زيدا كبشك سمين. 4 هو كل فعل نصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، ولم ينصب أحدهما بإسقاط الجار. 5 أي للإلباس، سواء تقدم أو تأخر؛ لأن كلا منهما يصلح أن يكون آخذا ومأخوذا، ولا يتبين أحدهما إلا بالإعراب. 6 الإطلاق يفسره ما بعده، أي سواء أعتقد القلب أم لا، وسواء أكان الثاني نكرة والأول معرفة أم لا؛ لأن "زيدًا" هو الآخذ دائما، و"درهما" هو المأخوذ. 7 فتعيين نيابة الأول؛ لأنه فاعل في المعنى. 8 أي تمتنع نيابة الثاني، إن لم يعتقد القلب في الإعراب، وهو كون المرفوع منصوبا، والمنصوب مرفوعا، فإن اعتقد القلب جاز، ويكون النائب في الحقيقة هو الأول؛ لأن نيابة الثاني مع اعتقاد القلب مجاز صوري، كما أن كلا من رفعه ونصب الأول مجاز، فهو من إعطاء المرفوع إعراب المنصوب والعكس -عند أمن اللبس، نحو: كسر الحجر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 وقيل: إن كان نكرة، والأول معرفة1. وحيث قيل بالجواز، فقال البصريون إقامة الأول أولى2، وقيل إن كان نكرة3، فإقامته قبيحة، وإن كانا معرفتين استويا في الحسن4. وفي باب "ظن"5: قال قوم يمتنع مطلقًا6، للإلباس في النكرتين والمعرفتين، ولعود الضمير على المؤخر إن كان الثاني نكرة؛ لأن الغالب كونه مشتقًا، وهو حينئذ شبيه بالفاعل؛ لأنه مسند إليه، فرتبته التقديم7، واختار الجزولي والخضراوي، وقيل: يجوز إن لم يلبس8، ولم يكن جملة9، واختبار ابن طلحة10، وابن عصفور، وابن مالك.   1 أي تمتنع حينئذ نيابة الثان، فلا يقال: أعطى درهم زيدا، ويتعين أعطى زيد درهما، وعلة ذلك أن المعرفة أحق بالإسناد إليها من النكرة. 2 أي؛ لأنه فاعل في المعنى. 3 أي إن كان الثاني نكرة والأول معرفة. 4 وكذلك إذا كانا نكرتين. 5 وهو كل فعل يتعدى إلى مفعولين، والثاني منهما خبر في الأصل عن الأول. 6 الإطلاق يوضحه ما بعده، أي سواء ألبس من لم يلبس، كان جملة أم لا، كان نكرة والأول معرفة أم لا. 7 نحو: ظن قائم محمدا، ففي قائم ضمير مستتر يعود على محمد وهو متأخر لفظا ورتبة؛ لأنه مفعول غير نائب عن فاعل، وقائم متقدم الرتبة؛ لأنه نائب. 8 أي يجوز نيابة الثاني إن لم يلبس، نحو: ظن قائم محمدا، ويمتنع إن ألبس: نحو: ظن علي محمدًا -إذا كان مفعولا ثانيًا. 9 لأن الفاعل ونائبه لا يكونان جملة -لا اسمية ولا فعلية على الأصح، كما أوضحنا لك قريبًا. 10 هو أبو بكر، محمد بن أبي طلحة الأموي الإشبيلي، كان إمامًا في العربية عارفًا يعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 قيل يشترط أن يكون نكرة والأول معرفة، فيمتنع ظن قائم زيد1. وفي باب "أعلم"2: أجازه قوم إذا لم يلبس، ومنعه قوم، منهم الخضراوي والأبدي3 وابن عصفور؛ لأن الأول مفعول صحيح4، والأخيران مبتدأ وخبر شبها بمفعولي أعطى؛ ولأن السماع إنما جاء بإقامة الأول، قال: "ونبئت عبد الله بالجو أصبحت"5   الكلام، تأدب على أبي إسحاق بن ملكون، ودرس العربية، والآداب بإشبيلية أكثر من خمسين سنة، وكان ذكيًا عدلا ذا مروة، مقبولا عند القضاة والحكام، كان يميل إلى مذهب ابن الطراوة، ويثني عليه، ومات سنة 618هـ، ودفن بإشبيلية. 1 لأن هذا يؤدي إلى الإخبار بالمعرفة عن النكرة، وذلك ممنوع في الغالب. 2 هو كل فعل ينصب ثلاثة مفاعيل، أصل الثاني والثالث منها مبتدأ وخبر. 3 هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحيم الأبدي، نسبة إلى "أبدة" بلدة بالأندلس، كان نحويا جليلًا من أعرف أهل زمانه بالخلافات النحوية، درس كتاب سيبويه، ووقف على غوامضه ووقائعه، وكان يقرئه، ثم انتقل إلى غرناطة وأقرأ بها. قال فيه أبو حيان: "كان الأبدي أحفظ من رأيناه بعلم العربية، وكان على إمامته في العلم غاية في الفقر, وتوفي سنة 608هـ". 4 أي مفعول حقيقة، وليس أصله مبتدأ وخبر؛ ولأن أصله الفاعلية، فهو أحق مما كان ملتبسا به، أما الثاني والثالث، فالمفعول في الحقيقة النسبة بينهما، وإطلاق المفعولية عليهما مجاز. 5 صدر بيت من الطويل، ينسب للفرزدق، وعجزه: كراما مواليها لئيما صميمها اللغة والإعراب: نبئت: أخبرت، عبد الله: ليس المراد به شخص معين، ولكنه علم القبيلة، وهي بنو عبد الله بن دارم، أخي مجاشع بن دارم، وهو رهط الفرزدق، بالجو: الجو: أرض باليمامة، ويطلق على أمكنة أخرى. كراما: أشرافا، جمع كريم، والمراد به كريم النسب، مواليها: جمع مولى، والمراد هنا: العبيد والأتباع. صميمها: الصميم: الخالص من كل شيء والمراد رؤساء القبائل وسادتها، "نبئت" فعل ونائب فاعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 وقد تبين أن في النظم أمورًا، وهي: حكاية الإجماع على جواز إقامة الثاني من باب "كسا" حيث لا لبس1، وعدم اشتراط كون الثاني من باب "ظن" ليس جملة2، وإيهام أن إقامة الثالث غير جائزة بإتفاق، إذ لم يذكره مع المتفق عليه3، ولا مع المخلف   "عبد الله" مفعول ثان، ومضاف إليه، "بالجو" متعلق بمحذوف، صفة لعبد الله، "أصبحت" اسم أصبح يعود على عبد الله، "كراما" خبرها، والجملة مفعول ثالث لنبئ، "مواليها" فاعل كراما، ومضاف إليه. "لئيما" خبر بعد خبر. "صميمها" فاعل لئيما. المعنى: أخبرت أن قبيلة عبد الله -بالجو- انعكست فيها الأمور، فصار عبيدها وضعافها وأنباعها أشرافًا وسادة، وصار عظماؤها وساداتها لئاما أخساء، تابعين لغيرهم. الشاهد: في نبئت، حيث أناب المفعول الأول، وهو "تاء المتكلم" عن الفاعل، ولم ينب الثاني والثالث، وإلى ما سبق يشير الناظم بقوله: وباتفاق قد ينوب الثان من ... باب "كسا" فيما التباسه أمن في باب "ظن" و"أرى" المنع اشتهر ... ولا أرى منعا إذا القصد ظهر أي أن النحاة اتفقوا على جواز إنابة المفعول الثاني من باب "كسا" إذا أمن اللبس، واشتهر المنع في إنابة الثاني من باب "ظن" و"أعلم" والناظم لا يوافق على المنع إذا ظهر القصد، واتضح المعنى المراد بإنابة الثاني، ولم يتعرض الناظم للمفعول الثالث، لما ينصب فعله ثلاثة مفاعيل، وأن حكمه كالثاني على الصحيح؛ لأن الثالث في باب "أعلم" هو الثاني، في باب "علم". 1- حيث يقول: وباتفاق قد ينوب الثان من ... باب كسا .... إلخ 2 إذ يقول: في باب ظن وأرى المنع اشتهر 3 أي: وهي نيابة الأول.   * "وباتفاق" متعلق بينوب: "الثان" فاعل ينوب "من باب" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الثان، "كسا" مضاف إليه مقصود لفظه، "فيما" ما: اسم موصول، والجار والمجرور متعلق بينوب، "التباسه" مبتدأ مضاف إلى الهاء "أمن" مضاف للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى الالتباس، والجملة خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر صلة الموصول، "في باب" متعلق باشتهر "ظن" مضاف إليه مقصود لفظه، "وأرى" معطوف على ظن "المنع" مبتدأ، اشتهر الجملة خبر، "ولا" نافية، "منعا" مفعول أرى، "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "القصد" فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، والجملة في محل جر بإضافة إذا. "ظهر" الجملة تفسيرية لا محل لها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 فيه1، ولعل هذا هو الذي غلط ولده حتى حكى الإجماع على الامتناع. فصل: يضم أول فعل المفعول مطلقًا2، ويشركه ثاني الماضي المبدوء بتاء زائدة3، كتضارب وتعلم، وثالث المبدوء بهمز الوصل، كانطلق واستخرج واستحلى4، ويكسر ما قبل الآخر من الماضي، ويفتح من المضارع5.   1 أي: وهو نيابة الثاني. 2 أي سواء كان ماضيا أو مضارعًا. 3 سواء أكانت للمطاوعة، أم لغيرها، كمثال المصنف: تقول فيهما: ضورب وتعلم، والمطاوعة في فعل هي: قبول فاعله التأثر بأثر واقع عليه من فاعل ذي علاج محسوس لفعل آخر يلاقيهه في الاشتقاق، مثل علمته فتعلم -وحطمت الحجر فتحطم. 4 تقول فيها: انطلق باللص، واستخرج بالذهب، واستحلي الطعام. 5 هذا إن لم يكن مكسورا من قبل في الماضي، ومفتوحا في المضارع، وقد يكون الكسر مقدرًا، كصيم رمضان، وعد المال، وكذلك الفتح، نحو يصام، وإلى هذا التغيير الذي يطرأ على الفعل -يشير الناظم بقوله: فأول الفعل اضممن والمتصل ... بالأخر أكسر في مضي كوصل واجعن مضارع منفتحا ... كينتحي المقول فيه ينتحى والثاني التالي تاء المطاوعة ... كالأول اجعله بلا منازعة وثالث الذي يهمز الوصل ... كالأول اجعلنه كاستحلي   * "فأول" مفعول أول لا ضممن، "الفعل" مضاف إليه. "اضممن" فعل أمر مبني على الفتح، لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، "والمتصل" مفعول مقدم لا كسر، "بالآخر" متعلق بالمتصل "أكسر" فعل أمر، والفاعل أنت "في مضي" متعلق باكسر" أو حال "كوصل" الكاف جارة لقول محذوف، والجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف، والجملة مقول القول، "وأجعله" فعل أمر والهاء مفعول أول، "من مضارع" متعلق بمحذوف حال من الهاء "منفتحا" مفعول ثان لا جعل، "كينتحي" جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف، "المقول" بالجر صفة لينتحي المقصود لفظه، "فيه" متعلق بالقول، "ينتحي" نائب فاعل للمقول، قصد لفظه، وهو من الانتحاء -بمعنى القصد والميل، "والثاني" مفعول أول لمحذوف يفسره اجعل المذكور، "التالي" صفة للثاني، "تا" مفعول التالي، وقصره الضرورة. "المطاوعة" مضاف إليه، "كالأول" ثان لأجله، والهاء مفعوله الأول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 وإذا اعتلت عين الماضي وهو ثلاثي، كقال وباع1، أو عين افتعل وانفعل، كاختار وانقاد، فلك كسر ما قبلها بإخلاص2، أو إشمام الضم فتقلب ياء فيهما3, ذلك إخلاص الضمن فتقلب واوًا4، قال:   أي أن أول الفعل المبني للمجهول، يضم في الماضي والمضارع، والحرف المتصل بالآخر يكسر في الماضي، مثل: وصل، فإن أصله وصل، ويصير مفتوحا في المضارع، مثل: ينتحي، فإنه يصير ينتحى، واجعل الحرف الثاني مضمومًا كالأول، إذا كان الأول تاء المطاوعة، ولا نزاع في هذا، وكذلك الحرف الثالث من الفعل المبدوء بهمزة الوصل يضم كالأول، مثل: استحلى بالبناء للمجهول، وأصله: استحلي. 1 مثالان للواوي واليائي. 2 وحينئذ تسلم الياء، وتقلب الواو ياء، تقول: قيل الصدق -وبيع المتاع. وهذه أفصح الحالات. 3 الإشمام هو: النطق بحركة صوتية تجمع بين الضمة والكسرة بالتوالي، سريعا، وينشأ عن ذلك ياء، وقد يسمى "روما". 4 أي تقلب الألف واوا، وإلى هذه الأوجه الثلاثة في فاء الثلاثي المعتل العين أشار الناظم بقوله: وأكسر أو أشمم "فا" ثلاثي أعل ... عينا وضم جا كـ"بوع" فاحتمل أي اكسر أو أشمم فاء الماضي الثلاثي المعل العين، وقد جاء فيه الضم عند العرب فاحتمل قبوله وجاز القياس عليه، وكذلك أشار إلى ما كان على وزن "افتعل" أو"انفعل" من معتل العين بقوله:   "بلا" متعلق باجعل، و"لا" بمعنى: "غير إعرابها على ما بعدها، "منازعة" مضاف إليه، وسكن للوقف، "وثالث" مفعول لمحذوف يفسره اجعلنه، "الذي" مضاف إليه، "بهمز الوصل" متعلق بمحذوف صلة الذي، ومضاف إليه. "كالأول" مفعول ثان لأجعله، والهاء مفعول الأول، "كاستحلى" خبر لمبتدأ محذوف. * "فا" مفعول تنازعه الفعلان قبله، "ثلاثي" مضاف إليه، "أعل" الجملة من الفعل، "ونائب الفاعل صفة لثلاثي "عينا" تمييز، "وضم" مبتدأ، "جا" فعل ماض قصر للضرورة، وفاعله يعود على ضم، والجملة خبر المبتدأ "كبوع" متعلق بمحذوف حال من فاعل جاء، "فاحتمل" معطوف على جاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 ليت وهل ينفع شيئا ليت ... ليت شبابا بوع فاشتريت1 وقال: حوكت على نيرين إذ تحاك2   وما لفا باع لما العين تلي ... في اختار وانقاد وشبه ينجلي أي ما ثبت لفاء الثلاثي المعل العين، مثل: باع وصام، من الأوجه الثلاثة المتقدمة، يثبت مثله للحرف الذي تليه عين الفعل الذي على وزن، "افتعل" و"انفعل" معل العين، نحو: اختار، وانقاد، وشبههما الذي ينجلي ويتضح، وهو: افتعل" و"انفعل"، إذا كانا صحيحين مضعفي اللام، نحو: امتد -وانصب. 1 بيت من الراجز، لرؤبة بن العجاج: اللغة والإعراب: معنى المفردات واضح. "ليت" حرف تمن، "هل" حرف استفهام معناه النفي، "شيئا" معناه النفي "شيئا" مفعول ينفع مقدم، أو مفعول مطلق، أي نفعا "ليت" الثانية فاعل ينفع مقصود لفظها، والجملة اعتراضية لا محل لها، "ليت" الثالثة مؤكدة للأولى، "شابا" اسم ليت الأولى، "بوع" ماض للمجهول "ونائب" فاعله يعود على شبابا، والجملة خبر ليت، "فاشتريت" معطوف على بوع. المعنى: أتمنى -والتمني لا يفيد شيئا- أن يعود الشباب ويباع فأشتريه، وهيهات أن يعود، فإن ما مضى لا يرجع. الشاهد: في بوع، فإنه ثلاثي معتل العين، فلما بني للمجهول، أخلص ضم فائه، فقلبت ألفه واوًا، وإخلاص الضم لغة جماعة من العرب. 2 صدر بيت من الرجز، ينسب كذلك لرؤبة، وعجزه: تختبط الشواك ولا تشاك اللغة والإعراب: حوكت: نسجت -من حاك الثوب يحوكه حوكا وحياكة. نيرين: مثنى نير، وهو مجموع القصب والخيوط، تختبط: تضرب بعنف وشدة. لا تشاك. لا يؤثر فيها الشوك، "حوكت" ماض للمجهول. ونائب الفاعل يعود على الحلة، أو الرداء؛ لأنه   * "وما" اسم موصول مبتدأ "لفا" بالقصر متعلق بمحذوف صلة ما "باع" مضاف إليه قصد لفظه "لما" ما: اسم موصول والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ "العين" مبتدأ "تلي" الجملة خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره صلة ما في "اختار" متعلق بتلي "وانقاد وشبه" معطوفان على اختار "ينجلي" الجملة نعت لشبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 وهي قليلة وتعزى لفقعس ودبير1، وادعى ابن عذرة2 امتناعها في افتعل وانفعل3، والأول قول ابن عصفور، والأبدي وابن مالك، وادعى ابن مالك امتناع ما ألبس من كسر، كخفت وبعت، أو ضم كعقت4، وأصل المسألة: خافني زيد، وباعني   يذكر ويؤنث، "على نيرين" متعلق بحوكت، "إذا" ظرف زمان لحوكت، "تحاك" مضارع مبني للمجهول أيضًا. المعنى: أن هذا الرداء على نيرين، وما ينسج بهذه الطريقة يكون أصفق وأحكم في النسج، فاكتسب متانة وصلابة، حتى إذا ضرب بها الشوك لا يدخل فيها، ولا يحدث بها أثرًا أو ضررًا. الشاهد: في "حوكت" حيث أخلص فيه الضم، فقلبت ألفه واوا، ويروى "حيكت"، فيكون شاهدا على إخلاص الكسر وقلب الألف ياء، ولعل هذا أقرب ليخالف الشاهد السابق. 1 فقعس ودبير: حيان من فصحاء قبيلة بني أسد، وإخلاص الضم لغتهما، أما الكسر فلغة بني تميم. 2 هو الإمام البارع أبو الحكم بن عبد الرحمن بن عذرة، الأنصاري الأوسي الخضراوي، كان نحويا نبيلًا حاذقا ثابت الذهن، وقاد الفكر، أخذ عن أبي العلاء، إدريس القرطبي وابن عصفور وغيرهما، وله تصانيف كثيرة، منها: "الإعراب في أسرار الحركات في الإعراب". والمفيد في أوزان الرجز والقصيد، وتوفي بعد سنة 644هـ. 3 أي وما كان على مثالهما مما زاد على الثلاثة. 4 أي بالبناء للمفعول فيها جميعها، وفي ذلك يقول الناظم: وإن بشكل خيف لبس يجتنب ... وما لباع قد يرى لنحو حب   * "إن" شرطية: "بشكل" متعلق بخفيف. "لبس" نائب فاعل خفيف، وهو فعل الشرط، "يجتنب" مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى شكل، وهو جواب الشرط. "وما" اسم موصول مبتدأ. "لباع" متعلق بمحذوف صلة. "قد" للتقليل، "يرى" مضارع للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى "ما"، والجملة خبر المبتدأ "لنحو" متعلق بيرى، "حب" مضاف إليه مقصود لفظه. أي إذا خيف اللبس بين الفعل المبني والفاعل، والمبني للمفعول، بسبب شكل من الأوجه الثلاثة، يجتنب ذلك الوجه من الشكل، ويعدل إلأى شكل آخر لا لبس فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 لعمرو، وعاقني عن كذا، ثم بنيتهن للمفعول1، فلو قلت: خفت وبعت بالكسر، وعقت بالضم، لتوهم أنهن فعل وفاعل، وانعكس المعنى، فتعين ألا يجوز فيهما إلا الإشمام، أو الضم في الأولين، والكسر في الثالث، وأن يمتنع الوجه الملبس2، وجعلته المغاربة مرجوحا لا ممنوعا، ولم يلتفت سيبويه للإلباس، لحصوله في نحو: مختار وتضار3، وأوجب الجمهور ضم فاء الثلاثي المضعف4، نحو: شد ومد، والحق قول بعض الكوفيين: إن الكسر جائز، وهي لغة بني ضبة5، وبعض تميم، وقرأ علقمة6: {رُدَّتْ إِلَيْنَا} ، {وَلَوْ رُدُّوا} 7، بالكسر، وجوز ابن مالك الإشمام أيضا، وقال المهاباذي8. ... .... ... ... ... ... ...   1 أي بعد حذف الفاعل، وأبدلت ياء المتكلم ياء، لاشتراكها في الدلالة على المتكلم. 2 وهو الكسر في الأولين، والضم في الثالث. 3 أتى بمثالين للاسم والفعل، فـ"مختار": يحتمل أن يكون وصف للفاعل، فتكون ألفه منقلبة عن ياء مكسورة، وأن يكون وصفا للمفعول، فتكون منقلبة عن ياء مفتوحة، ومع هذا قلبوا الياء ألفًا، واكتفوا بالفرق التقديري. و"تضار" يحتمل البناء للفاعل، فتكون راؤه الأولى قبل الإدغام مكسورة. والبناء للمفعول، فتكون مفتوحة، ومع ذلك أدغمت الراء، واكتفى بالفرق التقديري، ومع هذا فالاجتناب أولى وأرجح. 4 هو ما كانت عينه ولامه من جنس واحد، وسيبسط القول فيه قريبا. 5 هم بطن من بطون عامر بن إلياس بن مضر. 6 هو علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي، كان فقيهًا كبيرًا، ومن القراء بالكوفة، أخذ القرآن عن ابن مسعود، وسمع من عمر وعلي وأبي الدرداء وعائشة، وكان من أحسن الناس صوتا بالقراءة، وتوفي سنة 62هـ. 7 الأولى: من الآية 65، من سورة يوسف، والثانية: من الآية 28، من سورة الأنعام. 8 هو أحمد بن عبد المهاباذي الضرير، نسبة إلى مهاباذ، وهي قرية بين "قم" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 من أشم في قيل وبيع، أشم هنا1.   و"أصبهان"، كان من تلاميذ عبد القاهر الجرجاني، وله: شرح على اللمع، لابن جني.1 أي في المضعف، فما ثبت في فاء المعتل من الكسر الخالص، والضم الخالص، والإشمام يثبت في فاء المضعف، وفي هذا يقول الناظم: ... ... ... ... ... .... ... ... وما لباع قد يرى لنحو حب أي ما ثبت من الأحكام لفاء الفعل "باع"، وغيره من الماضي الثلاثي المعتل الوسط عند بنائه للمجهول -قد يثبت لنحو: "حب"، من كل فعل ماض ثلاثي مضعف، حيث يجوز في فائه الأوجه الثلاثة، بشرط أمن اللبس، فإن خيف اللبس في أحدها وجب تركه. فوائد: أ- لا يبنى للمجهول فعل جامد ولا ناقص على الصحيح، وجوزه سيبويه والكوفيون. ب- لا يجوز إنابة الحال، والمستثنى، والمفعول معه، وله؛ لأن ذلك يخرجه عن مهمته الخاصة. ج- إذا قلت: زيد في مرتب محمد عشرون جنيهًا، تعين رفع "عشرين" على النيابة مع وجود المفعول، فإن قدمت محمدا، فقلت: محمد زيد في مرتبه عشرون، جاز رفع العشرين على النيابة، وجاز نصبه على المفعولية، ونائب الفاعل ضمير يعود على المبتدأ، وهو الرابط. د- ورد عن العرب أفعال ماضية ملازمة للبناء المجهول، اعتبرها العلماء كذلك في الصورة اللفظية، لا في الحقيقة، ولهذا يعربون المرفوع بها فاعلا لا نائب فاعل، ومن أشهرها: هزل، زكم، دهش، شده "بمعنى دهش"، شغف بكذا: أولع به، أغري به، أهرع "بمعنى أسرع" عنى بكذا" "اهتم به"، نتج، جن، سل، حم، امتقع لونه، زهي، فلج، وحكم المضارع منها حكم الماضي، ولكن لا يعامل مضارعها معاملة الماضي، إلا فيما ورد عن العرب، فهو مقصور على السماع، ومما سمع: يهرع، يعني، يولع، يستهتر به. تتمة: بمناسبة ذكر المصنف إسناد الفعل المعتل الآخر "الأجوف" و"المضعف" إلى ضمير المتكلم، رأينا، استكمالًا للموضوع، أن ننتقل هذا ما كتبناه بهذا الشأن، ولخصناه في كتابنا "التوضيح والتكميل لشرح ابن عقيل" في هذا المكان: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 .. ... ... ... ... ... ....   أولًا: الأجوف: هو ماكانت عينه حرفًا من حروف العلة: واوًا أو ياء أو ألفا منقبلة عن الواو، أو الياء، مثال الأول: حول، قاول، تحاورا، ومثال الثاني: حيد وغيد، ومثال الثالث: بايع، تسابقا، ومثال الرابع: قام، انقاد، استقام، باع، أذاع، استخار. أويجيء مجره على ثلاثة أوزان: أ- علم يعلم، واويا أو يائيا، نحو: خاف، غيد. ب- نصر ينصر، ولا يكون إلا واويًا، نحو: ذاب يذوب. ج- ضرب يضرب، ولا يكون إلا يائيا، نحو: عاش يعيش، وإذا أسند إلى ضمير رفع متحرك كسرت فاؤه، إن كان من باب "علم" أو"ضرب"، تقول: خفت، خفنا، خفن، بعت، بعنا، بعن، وإن كان باب "نصر" ضمت الفاء، نحو: قلت، قلنا، قلن، ويلاحظ أن العين حذفت؛ لأن القاعدة العامة في الأجوف: أنه إذا سكن آخره حذفت عينه، وإذا تحرك آخره بقيت عينه، نحو: قام، باين. ب أما المزيد: فيأتي على وزن "فاعل"، كحاول وبايع، و"فعل" كسول وصير، و"تفاعل" كتفاوتا وتباينا، و"تفعل" كتقول وتطيب، و"أفعال" كاعوار وأبياض، و"أفعل" كأسود وأبيض، و"افتعل" واوي العين كاشتور، ويجب إذا أتى على وزن من هذه الأوزان، تصحيح عينه، وبقاؤها على حالها، كما يجب تصحيح عين المجرد الذي على وزن "فَعِلْ" بكسر العين إذا كان الوصف منه على وزن "أفعل" فيما دل على حسن أو قبح، نحو: حول فهو أحول، وغيد فهو أغيد، والأغيد: الوسنان المائل العنق، أما إذا أتى على وزن "أفعل" كأجاب، وأهاب، أو"انفعل" كانقاد، وانماح، أو"استفعل"، كاستقام، واستراح، أو"افتعل" يأتي الغين نحو: ابتاع، واكتال، فيجب في هذه الأحوال إعلال عينه كالأمثلة، كما يجب إعلال المجرد الذي على وزن "فعل" بالفتح، أو"فعل"بالكسر، الذي ليس الوصف منه على "أفعل"، كخاف ومات. وإذا أسند هذا الماضي إلى الضمائر اتبع ما يأتي: أ- الصيغ التي يجب فيها تصحيح العين، لا يحذف منها شيء عند الإسناد للضمير، سواء أكان الضمير ساكنًا أو متحركًا، تقول: غيد، حولا، غيدت، حولت، غيدوا، حولوا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 .. ... ... ... ... ... .... ... ... ... ... ... .... ...   تقاولا، تمايلا ... إلخ. ب الصيغ التي يجب فيها الإعلال، تبقى على حالها، إذا أسندت إلى ضمير ساكن، أو اتصلت بتاء التأنيث، تقول: أجابا، أهابا، باعا، قالا، ابتاعا، انقادوا، استقاموا، باعت، قالت: وإذا أسندت لضمير رفع متحرك، وجب حذف العين، تخلصا من التقاء الساكنين. حكم المضارع: أ- الصيغ التي يجب التصحيح في ماضيها، لا يتغير شيء مطلقا في المضارع، تقول: غيد يغيد، بايع يبايع، تهاون يتهاون ... إلخ. ب- الصيغ التي يجب في ماضيها الإعلال، يعل فيها المضارع: بالقلب ألفًا في صيغتي "انفعل"، و"استفعل"، تقول: انقاد ينقاد، واختار يختار، أصلهما: يتقود ويختور، تحركت الواو أو الياء بعد فتحة فقلبت ألفا. أو بالنقل، في مثل: قال يقول: وباع يبيع، أصلهما يقول، ويبيع، نقلت الضمة من الواو والكسرة من الياء إلى الساكن قبلهما. أو بالنقل والقلب في مثل: خاف يخاف، واستقام يستقيم، أصلهما: يخوف ويستقوم، نقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها، ثم قلبت الواو ألفا في يخاف، لتحركها أصلًا وانفتاح ما قبلها الآن، وياء في يستقيم، لوقوعها ساكنة إثر كسرة، ويبقى المضارع على حاله من التصحيح، أو الإعلال إذا كان مرفوعا أو منصوبا، فإن جزم، حذف حرف العلة فيما يجب إعلاله، تخلصا من الساكنين. وإذا أسند المضارع من الأجوف إلى ضمير ساكن، بقي على ما استحقه من تصحيح أو إعلال، ولا تحذف عينه ولو كان مجزومًا، تقول: يخافان، ويخافون، وتخافين، ولن يخافا، ولم يخافا ... إلخ. أما إذا أسند لضمير متحرك، فيجب حذف عينه، إن كان مما يجب فيه الإعلال، تقول: النساء يقلن، ولن، ولم، يرعن. حكم الأمر: هو كالمضارع المجزوم، إذا أسند إلى ضمير ساكن، رجعت إليه العين التي حذفت منه عند إسناده للضمير المستتر، تقول: قولًا، خافا، قولوا، بيعي، وإذا أسند إلى ضمير متحرك، حذفت العين، تقول: قلن، خفن، بعن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 .. ... ... ... ... ... .... ... ... ... ... ... .... ...   ثانيًا: المضعف: وهو نوعان: مضعف الرباع، وهو ما فاؤه ولامه الأولى من جنس، وعينه ولامه الثانية من جنس آخر، نحو: زلزل وعسعس، ومضعف الثلاثي، وهو ما كانت عينه ولامه من جنس واحد، نحو: شد وامتد واستمر. أما الأول: فحكمه عند إسناده إلى الضمائر، كحكم الفعل الصحيح السالم، في أنه لا يحذف منه شيء عند إسناده إلى الضمائر، سواء في ذلك الماضي والمضارع والأمر، غير أنه يجب تسكين آخر إذا اتصل به ضمير رفع متحرك، تقول: زلزلت، زلزلنا، زلزلن، وإذا اتصل به ضمير رفع ساكن فتح آخره قبل الألف، تقول: زلزلا، يزلزلون، زلزلا، وضم آخره قبل الواو، نحو: زلزلوا، يزلزلون، زلزلوا، وكسر آخره قبل الياء، نحو: تزلزلين، زلزلي. وأما الثاني: وهو مضعف الثلاثي، فحكمه عند إسناده للضمائر ما يأتي: حكم الماضي: إذا أسند إلى ضمير رفع متحرك، وهو: تاء الفاعل، وناء، ونون النسوة، وجب فك الإدغام، تقول: مددت، مددنا، مددن، ويجب الإدغام فيما عدا ذلك تقول: مد محمد، ومدت، ومدا، ومدوا. حكم المضارع: إذا أسند لنون النسوة وجب الفك، سواء أكان الفعل مرفوعا أم منصوبا أم مجزوما، تقول: هن يحججن، لم يحججن، لن يحججن، وإذا أسند إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة، أو ياء المخاطبة، وجب الإدغام، تقول: يحجان، يحجون، تحجين، لم ولن، يحجا، يحجوا، تحجي، وكذلك يجب الإدغام إذا أسند إلى اسم ظاهر، أو ضمير مستتر، ولم يكن الفعل مجزوما، فإن جزم الفعل جاز الفك والإدغام، تقول: لم يشد، ولم يشدد. والفك أكثر، قال، تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر} ، {وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَق} . حكم الأمر: إذا أسند إلى ضمير رفع متحرك، وهو نون النسوة، وجب الفك، تقول: احججن، امددن، وإذا أسند إلى ضمير رفع ساكن، وجب الإدغام، تقول: حجا، حجوا، حجي، وإذا أسند إلى ضمير مستتر، جاز الأمران، والفك أكثر، قال تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} . هذا: ويحرك آخر الأمر والمضارع والمجزوم عند الإدغام بالفتح، أو بالكسر، أو تحرك اللام بحركة العين، ويسمى ذلك إتباعًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 .. ... ... ... ... ... .... ... ... ... ... ... .... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 ما أهم الأسباب التي من أجلها يحذف الفاعل، وينوب عنه غيره؟ مثل لما تقول. 2 ما التغيير الذي يحدث في الفعل -ماضيًا- كان أو مضارعا عند إسناده لنائب الفاعل؟ وضح ذلك. 3 مما ينوب عن الفاعل عند حذفه: الظرف، والجار والمجرور، اذكر شروط كل منهما عند نيابته، مع التمثيل. 4 بم تشكل فاء الثلاثي الأجوف، والمضعف، عند البناء للمجهول؟ وضح القول في ذلك على ضوء ما بين المصنف، ثم ضع ما تقول في جمل مفيدة من إنشائك. 5 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل هذا الباب، بين موضع الشاهد، واشرحه: قال تعالى: {وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} . {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ} . {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} . {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} . {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} . {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ} . {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} . 6 بين العبارة الآتية: نائب الفاعل، ونوعه، وعامله، وسبب حذف الفاعل. يعتبر اليوم الخامس من شهر يونيه سنة 1967 من الأيام الأليمة التي لا تنسى، فقد اعتدى فيه على مصر والأردن وسورية، واحتل جزء من أراضيها، بغدر دبر من إسرائيل ومن ورائها الاستعمار، ولم يكن ذلك عن وهن في القدرة العربية، ولكن خدع العرب، وكان إهمال من بعض القيادات أدى إلى نكسة أليمة، وقد استنكر هذا العدوان من جميع الهيئات والشعوب، وتخذت قرارات من هيئة الأمم، تلزم المعتدين بالجلاء عن الأرض التي احتلوها غدرًا، غير أن الاستعمار يداور، ويأتي بحجج واهية، لمساندة المعتدين ولكن العرب بما عرف عنهم من نخوة وإباء، لن يسكتوا عما لحقهم من إهانة، فالجهود تبذل لجمع الكلمة، والوسائل تتخذ لدعم الجيوش، حتى يزال كل أثرها لهذا العدوان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 .. ... ... ... ... ... .... ... ... ... ... ... .... ...   الغاشم: وتعود فلسطين -كما كانت- عربية صحيحة. 7 هات ست جمل من إنشائك، يكون نائب الفاعل في اثنين منها مصدرا، وفي اثنين ظرفا، وفي اثنين جارا ومجرورا. 8 حول الأفعال الآتية إلى أفعال مبنية للمجهول، وائت بنائب فاعل مناسب: سعى، استراح، نام، أنقض، مد، يلاحق، يقاوم، أعان، نأى، نال. 9 أعرب البيت الآتي، واشرحه، وبين ما فيه من شاهد: قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا ... فما اعتذارك من قول إذا قيلا 10 ما حكم المفعول الثاني من باب "أعطى"، ومن باب "رأى"؟ ما حكم الثالث من باب "أعلم"، بالنسبة لنيابته عن المفعول، وضح ما تقول بأمثلة. 11 أسند الكلمات: يسر، يعض، يمتد، يهاب -إلى ألف الاثنين، ونون النسوة، وواو الجماعة، وياء المخاطبة، وكذلك الأمر منها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 باب الاشتغال 1: إذا اشتغل فعل2 متأخر، بنصبه لمحل ضمير اسم متقدم، عن نصبه للفظ ذلك الاسم، كزيدا ضربته، أو لمحله، كهذا ضربته، فالأصل أن ذلك الاسم يجوز فيه وجهان: أحدهما راجع لسلامته من التقدير، وهو الرفع بالابتداء، فما بعده في موضع رفع على الخبرية، وجملة الكلام حينئذ اسمية3، والثاني مرجوح لاحتياجه إلى التقدير، وهو النصب، فإنه بفعل موافق للفعل المذكور4 ... ... ... ... ...   هذا باب الاشتغال: 1 الاشتغال عند النحاة هو: أن يتقدم اسم واحد، ويتأخر عند عامل مشتغل عن العمل في ذلك الاسم، بالعمل في ضميره مباشرة، أو في سببه، بحيث لو فرغ من ذلك المعمول وسلط على الاسم المتقدم، لعمل فيه النصب لفظا أو محلا، والمراد بسببي الاسم المتقدم: كل شيء له صلة وعلاقة به، من قرابة أو صداقة أو عمل، ومن هذا التعريف يتبين لنا أنه لا بد في الاشتغال من ثلاثة أمور: مشغول أو مشتغل، وهو العامل المتأخر، ومشغول به، للفعل، ثم ترك مكانه للضمير، ويجب أن يتصل الاسم المتقدم بعامله إن كان فعلا، ويجوز الفصل بتوابع الاسم المضاف إليه، أما إذا كان وصفا، فيجوز الفصل. 2 أي متصرف، أو اسم بشبهه، وهو هنا: اسم الفاعل، واسم المفعول، وصيغة المبالغة، ولا يكون صفة مشبهة، ولا تفضيلا، ولا وصفا آخر؛ لأن ما بعد الثلاثة لا يجوز أن يسبقها، وأجاز بعضهم الاشتغال مع المصدر واسم الفعل، على القول بجواز تقدم معمولهما عليهما، ومع "ليس"، على رأي من يجيز تقدم خبرها عليها. 3 لأنها مصدرة بالاسم الذي جعل مبتدأ. 4 إما لفظا ومعنى، كمثال المصنف، فإن التقدير: ضربت زيدا ضربته، أو معنى فقط، نحو محمدا مررت به، فإن تقديره جاوزت محمدا مررت به، أو غير موافق لفظا ومعنى، ولكنه لازم للمذكور، نحو: محمدا ضربت أخاه، فإن ضرب الأخ يستلزم عرفا إهانة محمد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 محذوف وجوبا1، فما بعده لا محل له؛ لأنه مفسر2، وجملة الكلام حينئذ فعلية3. ثم قد يعرض لهذا الاسم ما يوجب نصبه، وما يرجحه، وما يسوي بين الرفع والنصب، ولم نذكر من الأقسام ما يجب رفعه كما ذكر الناظم4؛ لأن حد الاشتغال لا يصدق عليها5، وسيتضح ذلك.   1 لأن الفعل المذكور مفسر له، أو كالعوض منه، ولا يجمع بين العوض والمعوض. 2 الجملة المفسرة لا محل لها من الإعراب على الصحيح، وقيل: إنها تساير الجملة المحذوفة المفسرة، وتماثلها في محلها من الإعراب وعدمه، كما تماثلها في لفظها ومعناها. 3 لأنها مصدرة بالفعل المحذوف، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: إن مضمر اسم سابق فعلا شغل ... عنه بنصب لفظه أو المحل فالسابق أنصبه بفعل أضمرا ... حتما موافق لما قد أظهرا أي إن شغل ضمير اسم سابق فعلا، عن نصب الاسم السابق لفظا أو محلا، فاصنب الاسم السابق، بفعل مضمر إضمارا حتما في حالة النصب، ويكون ذلك الفعل المضمر موافقا للفعل الظاهر في الجملة، كما أوضحنا. 4 أي في قوله: وإن تلا السابق ما بالابتدا ... يختص فالرفع فالتزمه أبدا 5 لأنه يعتبر فيه - كما ذكر في التعريف- أن يكون العامل، بحيث لو فرغ للعمل في   * "إن" حرف شرط، "مضمر" فاعل لمحذوف يفسره: "شغل" وهو فعل الشرط، "اسم" مضاف إليه، "سابق" صفة للاسم. "فعلا" مفعول لشغل مقدم، "شغل" ماض، وفاعله يعود إلى مضمر، "عنه ينصب" متعلقان بشغل "لفظه" مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وضمير "عنه" و"لفظه" يعود إلى اسم سابق، "أو المحل" معطوف على لفظ، و"أل" بدل من الضمير، والباء في "بنصب" بمعنى عن "فالسابق" مفعول لمحذوف يفسره ما بعده، وهو جواب الشرط، "انصبه" فعل أمر، والفاعل أنت والهاء مفعول، "بفعل" متعلق بانصب، "أضمرا" نائب الفاعل يعود على فعل والجملة نعت له. "حتما" صفة لمصدر محذوف، أي إضمار حتما، "موافق" نعت ثان لفعل. "لما" متعلق به, و "ما" اسم موصول، "قد أظهرا" قد للتحقيق، ونائب الفاعل أظهروا يعود إلى "ما"، والجملة صلة ما. الاسم المتقدم لنصبه، وما يجب رفعه ليس كذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 فيجب النصب: إذا وقع الاسم بعد ما يختص بالفعل، كأدوات التخصيص1، نحو: هلا زيدا أكرمته، وأدوات الاستفهام غير الهمزة2، نحو: هل زيدا رأيته؟ ومتى عمر لقيته؟ وأدوات الشرط، نحو: حيثما زيدا لقيته فأكرمه، إلا أن هذين النوعين3 لا يقع الاشتغال بعدهما إلا في الشعر، وأما في الكلام فلا يليهما إلا في صريح الفعل4، إلا إن كانت أداة الشرط "إذا" مطلقا5، أو"إن" والفعل ماض6، فيقع في الكلام، نحو: إذا زيدا لقيته أو تلقاه فأكرمه، وإن زيدا لقيته فأكرمه، ويمتنع في الكلام: إن زيدا تلقه فأكرمه7، ويجوز في الشعر، وتسوية الناظم بين إن وحيثما مردودة8.   1 التخصيص هو: الحث وطلب الشيء بقوة وشدة، تظهر في نبرات الصوت، ومثله العرض، وهو طلب الشيء برفق وملاينة: نحو: ألا محمدا سامحته. 2 وإنما تكون أدوات الاستفهام مختصة بالفعل، إذا وجد بعدها فعل في جملتها، فإن لم يوجد، فلا اختصاص، نحو: أين المهرب؟، متى العمل؟ أما الهمزة فتدخل على الاسم، وإن كان الفعل في حيزها؛ لأنها أم الباب فتوسع فيها، ونصب الاسم الواقع بعد "هل" إذا وقع بعدها فعل، هو مذهب سيبويه، أما الكسائي، فيجيز أن يليها الاسم والفعل، وعلى ذلك يجوز الرفع والنصب، غير أن النصب أرجح. 3 وهما: أدوات الاستفهام غير الهمزة، وأدوات الشرط. 4 فلا يجوز في الكلام أن يقال: متى أو حيثما محمد لقيته فأكرمه. 5 أي: سواء أكان الفعل ماضيا أم لا، ومثل "إذا"، "لو"، نحو: لو الخيانة امتنعت لأمن الناس. 6 أي الفعل المفسر، سواء كان ماضيا لفظا ومعنى، نحو: إن علما تعلمته فاعلمه به. أو معنى فقط، كالمضارع الداخلة عليه "لم"، التي تقلب زمنه إلى المضي، نحو: إن محمدا لم تجده فانتظره. 7 لأن "إن" لما جزمت المضارع لفظا قوي طلبها له، فلا يليها غيره، بخلاف ما إذا لم تجزمه لفظا، إما لمضيه، وإما لجزمه بغيرها، فإنه يضعف طلبها له فيليها غيره. 8 لأن الاشتغال بعد "حيثما" لا يقع إلا في الشعر، أما بعد "إن"، فإن كان بعدها ماض وقع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 ويترجح النصب في ست مسائل: إحداها: أن يكون الفعل طلبا، وهو الأمر، والدعاء ولو بصيغة الخبر، نحو: زيدًا أضربه، واللهم عبدك ارحمه، وزيدا غفر الله له1. وإنما وجب الرفع في نحو: زيد أحسن به؛ لأن الضمير في محل رفع2. وإنما اتفق السبعة عليه في نحو: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} ؛ لأن تقديره عند   الاشتغال في النثر والشعر، وإن وقع مضارع مجزوم بها، اختص الاشتغال بالشعر، ويجاب عن الناظم بأن الغرض من التسوية بينهما: إنما هو في وجوب النصب؛ وفي مطلق الاختصاص بالفعل، وعبارته تنطلق بذلك، إذ يقول في هذا الموضع: والنصب حتم إن تلا السابق ما ... يختص بالفعل كان وحيثما أي أن نصب الاسم السابق واجب، إذ وقع بعد أداة لا يليها إلا الفعل، كأدوات الشرط، وأدوات الاستفهام -غير الهمزة- كما بينا. 1 النصب في الأولين بفعل محذوف من لفظ المذكور، وفي الثالث من معناه، أي ارحم زيدا غفر الله له، ومثل الأمر النهي، نحو: خادم لا تؤاخذه. وقد قيل في علة ترجيح النصب إذا كان الفعل طلبًا: أن الأصل في الطلب أن يكون بالفعل، فرجح النصب ليكون الكلام على تقدير فعل، فيجيء على الأصل في الطلب، وأيضا: فلو رفع الاسم لأعرب مبتدأ، ويكون خبره الجملة الطلبية، وذلك قليل؛ لأن جملة الخبر تحتمل الصدق والكذب غالبًا، والطلبية ليست كذلك. 2 أي على الفاعلية، والباء زائدة، على أنه لو كان محل هذا الضمير النصب، لميكن من باب الاشتغال أيضا؛ لأن فعل التعجب جامد، لا يعمل فيما قبله، فلا يفسر عاملًا، وقد اشترط في المشغول أن يكون صالحا للعمل فيما قبله.   * "والنصب حتم" مبتدأ وخبر، "إن" شرطية، "تلا السابق" الجملة فعل الشرط، والجواب محذوف، يدل عليه ما قبله، أي إن تلا السابق ما يختص بالفعل، فالنصب واجب. "ما" اسم موصول، أو نكرة موصوفة مفعول "تلا. "يختص بالفعل" الجملة صلة ما، أو صفة. "كإن" جار ومجرور متعلق بمحذوف، خبر لمبتدأ محذوف "وحيثما" معطوف على إن المجرورة محلا بالكاف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 سيبويه: مما يتلى عليكم حكم الزانية والزاني1، ثم استؤنف الحكم، وذلك؛ لأن الفاء لا تدخل عنده في الخبر في نحو هذا2، ولذا قال في قوله: وقائلة خولان فانكح فتاتهم3   1 فحذف المبتدأ وهو "حكم" وأقيم المضاف إليه مقامه، ثم حذف الخبر المقدم، وهو "مما يتلى"، وعلى ذلك فليس قوله "فاجلدوا" خبرا، بل هو كلام مستأنف. 2 أي من كل ترغيب لم يكن المبتدأ فيه موصولا بفعل أو بظرف، أو موصوفا، بأحدهما وصله أل غير ذلك. 3 صدر بيت من الطويل، استشهد به سيبويه، ولم ينسب لقائل، وعجزه: "وأكرومة الحيين خلو كما هيا" اللغة والإعراب: خولان: اسم قبيلة من مذحج باليمن، فتاتهم، الفتاة: الشابة من النساء: أكرومة: كريمة، من الكرم، كأضحوكة من الضحك، وأعجوبة من العجب، وأحدوثة من الحديث. الحيين: تثنية حي، وهو البطن من بطون العرب، والمراد هنا: حي أبيها وحي أمها، خلو: خالية من الأزواج "وقائلة" الواو واو رب، قائلة مبتدأ، "خولان" خبر لمبتدأ محذوف، أي هذه خولان."فانكح" الفاء للاستئناف، "فتاتهم" مفعول انكح ومضاف إليه، "وأكرومة" مبتدأ والواو للحال, "الحيين" مضاف إليه، "خلو" خبر "كما" جار ومجرور خبر ثان، والكاف بمعنى على، و "ما" اسم موصول، "هي" مبتدأ خبره محذوف، والجملة صلة ما، والتقدير: على الذي هي عليه، ويجوز أن تكون "ما" زائدة، و"هي" ضمير مجرور المحل بالكاف، والجار والمجرور خبر ثان لأكرومة، أي كحالها المعروف. المعنى: رب قائلة لي: هذه قبيلة خولان المعروفة بعرافة النسب والكرم والصفات الحميدة، فتزوج منها ولا تخش رفضا، ففيها الفتاة الكريمة الأبوين الخالية من الأزواج. الشاهد: في "خولان"، فقد جعلها سيبويه خبر لمبتدأ محذوف، ولم يجعلها مبتدأ، وجملة "فانكح فتاتهم" خبر، بل جعلها مستأنفة؛ لأن الفاء عنده لا تدخل على خبر المبتدأ الخاص، كأسماء الأعلام؛ لأن دخولها على خبر المبتدأ لشبه المبتدأ بالشرط في العموم، والخبر بالجواب، فإذا زال الشبه لم تتحقق علة الجواز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 إن التقدير: هذه خولان، وقال المبرد: الفاء لمعنى الشرط1، ولا يعمل الجواب في الشرط، فكذلك ما أشبههما، وما لا يعمل لا يفسر عاملًا، فالرفع عندهما واجب، وقال ابن السيد2، وابن بابشاذ3: يختار الرفع في العموم4، كالآية، والنصب في الخصوص، كزيدا اضربه. الثانية: أن يكون الفعل مقرونًا باللام، أو بلا الطلبيتين، نحو: عمرا ليضربه بكر،   1 لأن المبتدأ -وهو "الزانية"- فيه أل موصوفة، والموصول فيه عن الشرط، وهو التعليق أو العموم، إذ التقدير: من زنت ومن زنى، فاجلدوا ... إلخ، لهذا تدخل الفاء في خبره كما تدخل في جواب الشرط. 2 هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي، نزيل بلنسية، كان عالما باللغات والآداب، متجرا فيهما، انتصب لإقراء علوم النحو، واجتمع إليه الناس، للانتفاع بعلمه، وكانت له يد في العلوم القديمة، وقد صنف كثيرا من الكت، ومن تصانيفه: "شرح أدب الكاتب"، و"شرح الموطأ"، و"سقط الزند" و"ديوان المتنبي"، و"الحلل في شرح أبيات الجمل"، والمسائل المنثورة في النحو, مات في رجب سنة 521هـ، ودفن ببلنسية، ومن شعره: أخو العلم حي خالد بعد موته ... وأوصاله تحت التراب رميم وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى ... يظن من الأحياء وهو عديم 3 هو أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ النحوي المصري، وأحد الأئمة الأعلام في فنون العربية، دخل بغداد تاجرا في اللؤلؤ، وأخذ من علمائها، ثم رجع مصر، واستخدم في ديوان الرسائل، يتأمل ما يخرج من الكتب إلى الأقطار، ويصلح ما بها من خطأ في الهجاء أو النحو أو اللغة، علاوة على تصدره للإقراء بجامع عمرو بن العاص، ثم تزهد وانقطع في غرفة بجامع عمرو، للعبادة والمطالعة، وجمع في أثناء ذلك مقدارا كبيرا من المسائل النحوية، تداولها الخلف عن السلف، وكان النحويون يسمونها: "تعليق الغرفة"، وله شرح على "الجمل" للزجاجي، و"المحتسب في النحو"، و"بابشاذ" كلمة أعجمية معناها الفرح والسرور، أي أنه من باب السرور وطريقه. وتوفي رجب 469هـ. 4 أي في الاسم المنظور فيه إلى العموم، لشبهه بالشرط، مثل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 وخالدا لا تهنه1، ومنه زيدا لا يعذبه الله؛ لأنه نفي بمعنى الطلب2، ويجمع المسألتين في قول الناظم: "قبل فعل ذي طلب"، فإن ذلك صادق على الفعل الذي هو طلب، وعلى الفعل المقرون بأداة الطلب. الثالثة: أن يكون الاسم بعد شيء، الغالب أن يليه فعل، ولذلك أمثلة، منها همزة الاستفهام3، نحو: {أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} ، فإن فصلت الهمزة فالمختار الرفع، نحو: أأنت زيدا تضربه؟ 4 إلا في نحو: أكل يوم زيدا تضربه؟ لأن الفصل بالظرف كلا فصل، وقال ابن الطراوة: إن كان الاستفهام عن الاسم فالرفع، نحو: أزيد ضربته أم عمرو5، وحكم بشذوذ النصب في قوله: أثعلبة الفوارس أم رياحًا ... عدلت بهم طهية والخشابا6   فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} . 1 وذلك إجراء الأمر باللام مجرى الأمر بغيرها، وإجراء للنهي "بلا" مجرى "النفي" بـ"ما" ويقتصر النفي على "ما"، و"لا"، و"إن" كما سيأتي. 2 فزيدا: منصوب بفعل محذوف، تقديره يرحم الله زيدا؛ لأن عدم التعذيب رحمة، فهو خبر معناه الطلب. 3 أي بشرط اتصالها بالاسم المشتغل عنه: أما بقية أدوات الاستفهام، فيجب نصب الاسم الواقع بعدها كما تقدم. 4 لأن الاستفهام حينئذ داخل على الاسم، لا على الفعل، وهذا إذ لم يجعل الضمير فاعلا لفعل محذوف، وقد برز وانفصل بعد حذفه، وإلا وجب النصب بالفعل المحذوف؛ لأن الاستفهام حينئذ يكون عن الفعل، وإلى هذا ذهب الأخفش. 5 لأن الاستفهام عن تعيين المعفول، أما الفعل وهو الضرب فمحقق، فلا تعلق للهمزة به، ومقتضى تعبيره: أن الرفع واجب، بدليل قوله: واحكم بشذوذ ... إلخ، قال الصبان: والحق عدم الوجوب. 6 بيت من الوافر، من قصيدة جرير التي مطلعها: أقلي اللوم عاذل والعتابا ... وقولي إن أصبت لقد أصابا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 وقال الأخفش: أخوات الهمزة كالهمزة1، نحو: أيهم زيدا ضربه؟ ومن أمة الله ضربها؟ 2، ومنها النفي بما، أو لا، أو إن3، نحو: ما زيد رأيته، وقيل: ظاهر مذهب   وفيها يمدح قبيلتي: ثعلبة ورياح، ويذم قبيلتي طهية والخشاب. اللغة والإعراب: ثعلبة ورياح: قبيلتان من بني يربوع من حنظلة، الفوارس: جمع فارس، وهو أحد ألفاظ جمع فيها "فاعل" -وصفا لمذكر عاقل- على ""فواعل" ومنها: هوالك، جمع هالك، ونواكس، جمع ناكس، وحواج، جمع حاج. عدلت: سويت وجعلتهم يعد لونهم في سمو المنزلة، أو ملت. هية: حي من بني تميم، الخشاب: حي من بني مالك بن حنظلة، "أثعلبة" الهمزة للاستفهام، وثعلبة: منصوب بفعل محذوف من معنى العامل المذكور، أي: أحقرت ثعلبة، أو أهنته؟. "الفوارس" نعت لثلعبة باعتباره معناه، "أم متصلة"، "رياحا" معطوف على ثعلبة، "طهية" مفعول لعدلت، إن كانت بمعنى سويت، وبنزع الخافض، والباء للبدل، إن كانت بمعنى ملت، أي ملت بدلهم إلى طهية والخشاب. المعنى: أتسوي بين قبيلتي ثعلبة الفوارس أو رياح هاتين القبيلتين المعروفتين بالفضل والنبل، وبين تينك القبيلتين الوضيعتين اللتين لا وزن لهما: طهية والخشاب. الشاهد: نصب "ثعلبة" الواقع بعد همزة الاستفهام، مع أن المستفهم عنه الاسم، وهذا النصب بفعل مقدر يدل عليه المذكور، تقديره: أأهنت أو أظلمت مثلا، وهو شاذ على رأي ابن الطراوة، الذي يوجب الرفع إن كان الاستفهام عن الاسم، وراجح عند سيبويه وأنصاره؛ لأنه لا فرق عندهم في ترجيح النصب بين أن يكون الاستفهام عن الاسم، أو الفعل. 1 أي في ترجيح النصب، ففي المثال المذكور: "أيهم" مبتدأ و"زيدا" منصوب بفعل محذوف يفسره المذكور، والجملة خبر "أيهم". 2 من "اسم استفهام مبتدأ، "أمة الله" منصوب بفعل محذوف، يفسره المذكور، ومضاف إليه، والجملة خبر. 3 قيد النفي بههذ الثلاثة؛ لأن، لم ولما ولن مختصة بالفعل، ولا يليها الاسم إلا في الضرورة، ويجب نصبه عند ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 سيبويه اختيار الرفع، وقال ابن الباذش، وابن خروف يستويان1. ومنها "حيث"، نحو: حيث زيدا تلقاه أكرمه، كذا قال الناظم2، وفيه نظر3.   1 أي يستوي الرفع والنصب مع هذه الأحرف، لدخولها على الأسماء والأفعال، بخلاف غيرها من أحرف النفي. والباذش هو: أبو جعفر، أحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري الغرناطي، المعروف بابن الباذش النحوي، كان إماما في النحو مقرئا نقادا عارفا بالآداب والإعراب، أخذ النحو عن أبيه الإمام أبي الحسن بن الباذش، وقد كان أوحد زمانا إتقانا ومعرفة بالعربية ومشاركة في غيرها، حسن الخط مع دين وفضل وزهد، وبعد عن أهل الدنيا، وقد شرح كتاب كتاب سيبويه والإيضاح، وتوفي سنة 528هـ، وصلى عليه ابنه أبو جعفر، ولأبي جعفر: كتاب الإقناع في القراءات، قيل: إنه لم يؤلف مثله، وتوفي سنة 540هـ. وابن خروف هو: أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد نظام الدين، ابن خروف النحوي الأندلسي، كان إمامًا في العربية، أخذ النحو عن محمد بن طاهر الأنصاري المعروف بالخدب، وكان خياطًا يقسم ما يكسبه نصفين بينه وبين أستاذه، لم يتخذ بلدا موطنا، بل كان يتنقل في البلاد، طلبا للرزق، ولم يتزوج قط، وله تصانيف كثيرة، منها: كتاب شرح الجمل للزجاجي، وشرح سيبويه، وقد حمله إلى صاحب المغرب فأعطاه ألف دينار، وتوفي بإشبيلية 606هـ، عن خمس وثمانين عاما، وكان قد ضعف عقله، وله في نيل مصر الأبيات المشهورة: ما أعجب النيل ما أحلى شمائله ... في ضفتيه من الأشجار أدوضاح من جنة الخلد فياض على ترع ... تهب فيها هبوب الريح أرواح ليست زيادته ماء كما زعموا ... وإنما هي أرزاق وأرواح 2 أي في شرح الكافية، ونص قوله: "ومن مرجحات النصب" تقدم. "حيث" مجردة من "ما" نحو: حيث تلقاه زيدا فأكرمه؛ لأنها تشبه أدوات الشرط، فلا يليها في الغالب إلا فعل، فإن اقترنت بـ"ما" صارت أداة شرط، واختصت بالفعل، وقد وافقه ابن هشام في المغني على ذلك. 3 يقول صاحب التصريح: إن هذا النظر الذي أبداه الوضح على رأي الناظم -في ترجيح نصب الاسم إذا وقع بعد "حيث" عجيب؛ لأنه وافق الناظم على ذلك في المغني، حيث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 الرابعة: أن يقع الاسم بعد عاطف غير مفصول "بأما" مسبوق بفعل غير مبني على اسم1: كقام زيد وعمرًا أكرمته، ونحو: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ} بعد: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} 2، بخلاف نحو: ضربت زيدًا، وأما عمرو فأهنته، فالمختار   قال: وإضافة "حيث" إلى الفعلية أكثر، ومن ثم ترجح النصب في نحو: جلست حيث زيدا أراه، ولعل وجه النظر في قوله: "أكرمه" في المثال الذي ذكره، فإنه ربما يوهم أنه جواب "حيث" مع أن "حيث" المجردة من "ما" لا جواب لها عند البصريين، ومن جعل لها جوابا من الكوفيين، يوجب النصب بعدها، فلا يكون راجحا، وإلى المواضع الثلاثة المتقدمة أشار الناظم بقوله: واختير نصب قبل فعل ذي طلب ... وبعد ما إبلاؤه الفعل غلب أي يختار النصب على الرفع -مع جواز الأمرين- حين يقع الاسم السابق قبل فعل دال على الطلب، سواء أكان بنفسه، أم بلام الأمر الداخلة على المضارع، وكذلك إذا وقع الاسم بعد أدة يغلب أن يليها ويقع بعدها الفعل، كهمزة الاستفهام، والنفي بـ"ما" أو"لا" أو"إن" أو"حيث"، كما ذكره المصنف. 1 المراد ببنائه على اسم قبله: أن يكون ذلك الفعل خبرًا عن ذلك الاسم السابق. 2 ذكر مثالين، لبيان أنه لا فرق في الفعل بين أن يكون رافع للفاعل، كالمثال الأول، أو ناصبا للمفعول كالآية، وإنما ترجح نصب المعطوف فيهما وهو: "عمرًا، والأنعام"؛ لأنه معه يكون من عطف جملة فعلية على مثلها، وتناسب المتعاطفين خير من تخالفهما، وإلى هذا الموضع يشير الناظم بقوله: وبعد عاطف بلا فصل على ... معمول فعل مستقر أوَّلًا أي كذلك يختار النصب، إذا وقع الاسم المشتغل عنه، بعد عاطف يعطف جملة على   * "نصب" نائب فاعل اختير، "قبل" ظرف متعلق باختير "فعل" مضاف إليه. "ذي طلب" نعت لفعل، ومضاف إليه، "وبعد" معطوف على قبل، "ما" اسم موصول، أو نكرة موصوفة مضاف إليه، "إيلاؤه" مصدر مبتدأ، والهاء مضاف إليه مفعوله الأول، "الفعل" مفعوله الثاني، "غلب" فعل ماض، وفاعله يعود على إيلاء، والجملة خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره صلة ما المجرورة محلا بالإضافة، أو صفة. * "وبعد" معطوف على "بعد" السابق."عاطف" مضاف إليه. "بلا" فصل جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لعاطف، "على معمول" متعلق بعاطف، "فعل" مضاف إليه، "مستقر" صفة لعاطف، "أولا" ظرف لمستقر. جملة، استقر مكان الفعل في أولها، أي جملة فعلية، ولم يفصل بين العاطف والاسم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 الرفع1؛ لأن "أما" تقطع ما بعدها عما قبلها، وقرئ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} بالنصب على حد: زيدا ضربته2، و"حتى" و"لكن" و"بل" كالعاطف، نحو: ضربت القوم حتى زيدا ضربته. الخامسة: أن يتوهم في الرفع أن الفعل صفة: نحو: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاه} 3، وإنما لم يتوهم ذلك مع النصب4؛ لأن الصفة لا تعمل في الموصوف، وما لا يعمل لا يفسر عاملًا. ومن ثم5 وجب الرفع إن كان الفعل صفة، نحو: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي   1 أي لوجود الفصل بين العاطف والاسم بأما، فأصبح ما بعدها مستأنفا مقطوعا عما قبلها، وهذا ما لم يرجح النصب مرجح، كوقوع الاسم قبل فعل ذي طلب، كأكرم محمدًا، وأما عمر فأهنه. 2 "ثمود" منصوب بفعل محذوف يفسره "هدينا"، والتقدير: وأما ثمود فهدينا هديناهم. ولا يقدر الفعل قبل ثمود، لئلا يفصل بين "أما" و"الفاء" بجملة تامة، وذلك ممنوع، ولا يقال: إن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، فلا يفسر عاملًا؛ لأن الفاء هنا ليست في محلها الأصلي، فلا تمنع من العمل. 3 فإنه يحتمل مع رفع "كل": أن جملة "خلقناه" خبر عنه، ويحتمل أنها صفة لشيء، والخبر قوله: "بقدر"، وهذا يوهم وجد شيء لا بقدر لكونه غير مخلوقه له تعالى، كأفعال العباد الاختيارية وأفعال الشر، وهذا رأي المعنزلة، ولا يرتضيه أهل السنة، أما النصب فنص في عموم خلق الأشياء، خيرها وشرها بقدر، وهو المقصود عند أهل السنة، كما هو الحال عند إعراب "خلقنا" خبرا عن كل، ولا يمكن جعل الفعل وصفا. 4 أي انصب "كل" على أنه مفعول بفعل محذوف يفسره "خلقناه". 5 أي ومن أجل أن الصفة لا تعمل فيما قبلها، فلا تفسر عاملًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 الزُّبُرِ} 1، أو صلة، نحو: زيد الذي ضربته2، أو مضافا إليه، نحو: زيد يوم تراه تفرح3، أو وقع الاسم بعدما يختص بالابتداء كإذا الفجائية4، على الأصح، نحو: خرجت فإذا زيد يضربه عمرو، أو قبل ما لا يرد ما قبله معمولًا لما بعده، نحو: زيد ما أحسنه! أو إن رأيته فأكرمه، أو هل رأيته؟ أو هلا رأيته5.   1 إنما وجب الرفع لتأتي الوصفية التي يستقيم بها المعنى؛ لأن النصب يقتضي أنهم فعلوا في الزبر -أي صحف الأعمال- كل شيء مع أنهم لم يفعلوا فيها شيئا، بل الكرام الكاتبون أوقعوا فيها الكتابة، وليس هذا هو المقصود، بل المعنى أن كل شيء مفعول لهم ثابت في صحائف أعمالهم، صغيرًا كان أو كبيرًا. 2 فيجب رفع "زيد"؛ لأن الصلة لا تعمل فيما قبل الموصول. 3 فـ"زيد" مرفوع وجوبا؛ لأن المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف. 4 ومثلها "ليتما"، أو واو الحال، إاذ كان الواقع بعد الاسم المصحوب بالواو مضارعا مثبتا، نحو: خرجت ومحمد يضربه علي، فلا يجوز: ومحمدا بالنصب؛ لأن الجملة المضارعية المثبتة الواقعة حالًا، يمتنع فيها الربط بالواو كما سيأتي. وقوله: على الأصح -يشير إلى ما يراه بعضهم، من أن "إذا" الفجائية تدخل على الأسماء والأفعال مطلقا، أو على الأسماء، وعلى الأفعال المقترنة بقد. 5 فيجب رفع "زيد" في هذه الأمثلة؛ لأن ما بعد "ما" التعجبية، و"إن" الشرطية، و"هل" الاستفهامية، و"هلا" التخضيضية لا يعمل فيما قبله، فلا يفسر عاملا، ومثلها، أداة العرض، ولام الابتداء و"ما" النافية و"كم" الخبرية، والحروف الناسخة، والموصول، والموصوف، وأدوات الاستثناء. وفيما تقدم من مواضع وجوب الرفع يقول الناظم: وإن تلا السابق ما بالابتدا ... يختص فالرفع التزمه أبد كذا إذا الفعل تلا ما لم يرد ... ما قبل معمولا لما بعد وجد   * و"إن" شرطية، "ما" اسم موصول مفعول تلا. "بالابتداء" متعلق بيختص، وجملة "يختص" صلة ما. فالرفع الفاء واقعة في جواب الشرط، "الرفع" مفعول لمحذوف يفسره ما بعده، والتقدير: فالتزم الرفع التزمه، والجملة جواب الشرط، "أبدا" منصوب على الظرفية، "كذا" جار ومجرور متعلق بمحذوف، مفعول مطلق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 تنبيهان: الأول: ليس من أقسام مسائل الباب ما يجب فيه الرفع، كما في مسألة "إذا" الفجائية، لعدم صدق ضابط الباب عليها1، وكلام الناظم يوهم ذلك2. الثاني: لم يعتبر سيبويه إبهام الصفة مرجحًا للنصب3، بل جعل النصب في الآية مثله في زيدا ضربته، قال: وهو عربي كثير. السادسة: أن يكون الاسم جوابا لاستفهام4 منصوب، كزيدا ضربته، جوابا لمن قال: أيهم ضربت؟ أو: من ضربت؟ 5   أي إن وقع الاسم السابق المشتغل عنه، بعد أداة تختص بالابتداء، كإذا الفجائية وغيرها مما ذكر، فالتزم في ذلك رفع الاسم السابق، وكذلك يجب رفع الاسم السابق: إذا وقع الفعل المشتغل بالضمير، بعد لفظ لا يرد ما قبله معمولا لعامل بعده، كأدوات الشرط، والاستفهام، وغير ذلك مما أوضحناه. 1 إذ من جملة الضابط المذكور: أن يكون الفعل، بحيث لو فرع من الضمير، لنصب الاسم السابق، وذلك ممتنع مع إذا الفجائية وما ذكر معها. 2 فقد جعله من جملة أقسام هذا الباب. 3 أي كما في الآية السابقة: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُر} ؛ لأن الإبهام يدفعه المقام فلا ينظر إليه. 4 أي مستفهم به منصوب. 5 فيترجح نصب "زيدا"؛ لأنه جواب لمستفهم به منصوب لفظا في المثال الأول، ومحلًّا في الثاني، وإنما ترجح النصب، ليطابق الجواب السؤال، ومثل المنصوب: المضاف إلى منصوب   لمحذوف يدل عليه السابق، أي: التزم الرفع التزاما مشابها لذلك الالتزام، "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط، "الفعل" فاعل لمحذوف يفسره تلا، "ما" اسم موصول مفعول تلا، "يرد" مضارع مجزوم بلم. "ما" اسم موصول فاعله، والجملة صلة ما الواقعة مفعولا. "معمولا" لتلا، "قبل" ظرف متعلق بمحذوف، صلة ما الثانية، الواقعة فاعلا. "معمولا" حال من فاعل يرد. "لما" متعلق بمعمول، "بعد" ظرف متعلق بوجد، وجملة "وجد" من الفعل، ونائب الفاعل صلة ما المجرورة محلا باللام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 ويستويان في مثل الصورة الرابعة، إذا بني الفعل على اسم1، غير "ما" التعجبية، وتضمنت الجملة الثانية2 ضميره، أو كانت معطوفة بالفاء3، لحصول المشاكلة4، رفعت أو نصبت، وذلك نحو: زيد قام، عمرو أكرمته لأجله، أو فعمرًا أكرمته5، بخلاف ما أحسن زيدا وعمروا أكرمته عنده، فلا أثر للعطف6، فإن لم يكن في الثانية ضمير للأول، ولم يعطف بالفاء: فالأخفش، والسيرافي يمنعان النصب، وهو المختار7.   باعتبار ما كان، نحو: كتاب محمد استعرته، جوابا لمن قال: كتاب من استعرت؟ هذا ولم يشر الناظم إلى المسألتين: الخامسة والسادسة من مواضع ترجيح النصب. وقد ذكر الأشموني من مواضع ترجيح النصب: أن يقع اسم الاشتغال بعد شبيه بالعاطف على الجملة الفعلية، نحو: أكرمت القوم حتى محمدا أكرمته، وما سافر علي، لكن محمدا عاتبته، فـ"حتى" و"لكن" حرفا ابتداء أشبها العاطفين، ولم يعتبرا عاطفين هنا، لدخولهما على الجمل، والعاطف منهما إنما يدخل على المفرد. 1 أي بأن أخبر بالفعل السابق عن اسم. 2 أي المعطوفة على الجملة ذات الوجهين: الاسمية الصدر، الفعلية العجز. 3 أي المفيدة للربط والسببية. 4 أي بين المعطوف، والمعطوف عليه. 5 فيجوز في "عمرو" الرفع والنصب على السواء؛ وذلك لأن "زيد قام" جملة ذات وجهين، وهي جملة كبرى؛ لأنها تتضمن جملة صغرى، هي "قام" المبنية على المبتدأ، فإن نظر إلى صدرها فهي اسمية، فيرفع "عمرو" ليعطف جملة اسمية على مثلها، وكلاهما لا محل له من الإعراب، وإن نظر إلى عجزها، نصب، ليعطف جملة فعلية على مثلها، ومحلها الرفع على الخبرية، والرابط بين الجملتين: إما الضمير في "لأجله"، أو الفاء؛ لأنها للسببية فتقوم مقام الضمير. 6 أي على الجملة الصغرى، أي أنه لا يصح العطف عليها؛ لأنه لا يلزم عليه تسلط "ما" التعجبية على الجملة المعطوفة، وهذا لا يصح، لعدم قصد التعجب بها، فالرجح الرفع على العطف على مجموع الجملة الاسمية. 7 أي بناء على أن العطف على الصغرى؛ لأن المعطوف على الخبر خبر، ولا بد فيه من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 والفارسي وجماعة يجيزونه1، وقال هشام: الواو كالفاء. وهذه أمور متممات لما تقدم: أحدها: أن المشتغل عن ااسم الساب كما يكون فعلا، كذلك يكون اسما، لكن بشروط ثلاثة: أحدها: أن يكون وصفا2، الثاني: أن يكون عاملًا3. الثالث: أن يكون صالحًا للعمل فيما قبله4. .... .... ... ... ....   رابط، وهو مفقود هنا، فإن عطف على الكبرى ترجح الرفع. وإلى ما تقدم أشار الناظم بقوله: وإن تلا المعطوف فعلا مخبرا ... به عن اسم، فاعطفن مخيرا أي إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد عاطف تقدمته جملة فعلية، هي خبر عن مبتدأ، فأنت بالخيار، بين العطف على ما قبله عطف على جملة فعلية مثلها، أو عطف جملة اسمية على اسمية، مراعاة للصدر والعجز. 1 أي يجيزون النصب مع العطف على الجملة الصغرى، ويكون ذلك مستثنى مما يحتاج إلى رابط، واستدلوا على ذلك بإجماع القراء على نصب: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} ، وهي معطوفة على "تسجدان" من قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَان} ، وليس فيها ضمير يعود على النجم والشجر، ويبرر الاستثناء: أنهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرون في الأوائل. 2 فخرج ما يعمل عمل الفعل، وليس بوصف، كاسم الفعل، نحو: زيد دراكه، فلا يجوز نصب "زيد"؛ لأن أسماء الأفعال لا تعمل فيما قبلها، فلا تفسر عاملا، والمراد بالوصف هنا: اسم الفاعل، واسم المفعول، وأمثلة المبالغة، كما أسلفنا. 3 احترز بذلك من الوصف الذي لا يعمل، كاسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي، نحو: محمد أنا مكرمه أمس، فلا يصح نصب محمد؛ لأن ما لا يعمل لا يفسر عاملًا. 4 لا يكون مقرونا بأل، ولا صفة مشبهة، ولا أفعل تفضيل، ولا مصدر ولا حرفا من   * "إن" شرطية، "تلا" فعل ماض فعل الشرط، "فعلا" مفعول5، "مخبرا" نعت لفعل. "به عن اسم" متعلقان بمخبرا، "فاعطفن" جواب الشرط. "مخيرا" حال من فاعل اعطفن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 وذلك نحو: زيدا أنا ضاربه الآن أو غدا، بخلاف نحو: زيد عليكه، وزيد ضرباه إياه؛ لأنهما غير صفة1، نعم يجوز النصب عند من جوز تقديم معمول اسم الفعل، وهو الكسائي، ومعمول المصدر الذي لا ينحل بحرف مصدري2، وهو المبرد والسيرافي، وبخلاف نحو: زيد أنا ضاربه أمس؛ لأنه غير عامل على الأصح، وزيد أنا الضاربه، ووجه الأب زيد حسنه3؛ لأن الصلة والصفة المشبهة لا يعملان فيما قبلهما. الثاني: لا بد في صحة الاشتغال من علقه4 بين العامل والاسم السابق، وكما   الحروف الناسخة، ولا فعلا جامدا، كعسى وليس، وفعل التعجب وغير ذلك من كل ما لا يصلح أن يتقدم عليه معموله، نعم: لا يجوز الاشتغال في المصدر وفي اسم الفعل، وفي ليس، عندي من يجيز تقديم معمول الأولين، وخبر ليس، كما بين المصنف. 1 أي؛ لأن الأول اسم فعل، والثاني مصدره، وهما لا يعملان فيما قبلهما، "فزيد" واجب الرفع على أنه مبتدأ، وخبره: الفعل النائب عن اسم الفعل، والمصدر. 2 وهو الواقع بدلا من اللفظ بفعله، كضربا النائب عن فعله، أما المنحل إلى حرف مصدري، فلا يجوز عمله النصب فيما قبله اتفاقا؛ لأن الصلة لا تعمل فيما قبل الموصول فلا تفسر عاملًا. 3 فزيد مبتدأ، وما بعده جملة اسمية خبر، و"وجه الأب" مبتدأ ومضاف إليه، وما بعده جملة اسمية خبر كذلك، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وسو في ذا الباب وصفا ذا عمل ... بالفعل إن لم يك مانع حصل أي أن الوصف العامل الذي شرحناه، يجري في هذا الباب مجرى الفعل، ويساويه فيما تقدم، إن لم يحصل مانع يمنع الوصف من العمل، كاقترانه بالألف واللام كما بينا. 4 أي ارتباط وعلاقة وصلة.   * "في ذا الباب": متعلق بسو، والباب بدل من ذا، أو عطف بيان، "وصفا" مفعول سو، "ذا" بمعنى صاحب، نعت لوصف. "عمل" مضاف إليه، "بالفعل" متعلق بسو. "إن" شرطية "يك" مضارع مجزروم بلم على النون المحذوفة للتخفيف، "مانع" فاعل يك وهو فعل شرط، "حصل" الجملة صفة لمانع، وجواب الشرط محذوف، أي فسو الوصف بالفعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 تحصل العلقة بضميره المتصل بالعامل، كزيدا ضربته، كذلك تحصل بضميره المنفصل من العامل بحرف الجر، نحو: زيد مررت به، أو باسم مضاف، نحو: زيدا ضربت أخاه1. أو باسم أجنبي أتبع بتابع مشتمل على ضمير الاسم، بشرط أن يكون التابع نعتا له2، نحو: زيد ضربت رجلا يحبه، أو عطفا بالواو3، نحو: زيدًا ضرب عمرًا وأخاه، أو عطف بيان، كزيدا ضربت أخاه4، فإن قدرت الأخ بدلًا بطلت   1 فإن الرابطة بين العامل والاسم السابق، هي الهاء في أخاه، وهي مضاف إليه، وإلى ذلك يشير النظم بقوله: وفصل مشغول بحرف جر ... أو بإضافة كوصل يجري أي أن الحكم إذا فصل بين العامل، والضمير المشغول به العائد إلى الاسم السابق، بحرف جر أو إضافة، يجري كما إذا اتصل الضمير بالفعل، فتكون الأحوال الستة التي ذكرها المصنف. 2 أي لذلك المتبوع الأجنبي، وهي "رجلا" في مثال المصنف. 3 أي لما في الواو في معنى الجمع، ولكن بشرط ألا يعاد معه العامل؛ لأنه يصبح من جملة أخرى فلا يحصل به الربط. 4 فالرابطة بين العامل والاسم السابق، هي الهاء في "أخاه" في المثالين، وهي منفصلة من العامل، بالمعطوف، وقد أشار الناظم إلى ذلك بقوله: وعلقة حاصله بتابع ... كعلقة بنفس الاسم الواقع أي أن العلاقة التي تتم وتحصل بين العامل والتابع المشتمل على ضمير الاسم السابق، كالعلاقة التي تتم بينه وبين الاسم الواقع بعد العامل مباشرة، أي أن الأجنبي إذا أتبع بما فيه ضمير الاسم السابق، جرى مجرى السببي.   * "وفصل" مبتدأ، "مشغول" مضاف إليه، "بحرف جر" متعلق بفصل ومضاف إليه، "أو بإضافة" معطوف على "قوله: بحرف جر، "كوصل" متعلق بيجري، وفاعل يجري عائد على فصل الواقع مبتدأ، والجملة من يجري وفاعله خبر المبتدأ. * "وعلقة" مبتدأ، "حاصلة" نعت له، "بتاعب" جار ومجرور متعلق بحاصلة. "كعلقة" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، "بنفس" متعلق بمحذوف صفة لعلقة، وهو مضاف إلى الاسم "الواقع" صفة للاسم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 المسألة، رفعت أو نصبت1، إلا إذا قلنا عامل البدل والمبدل منه واحد، صح الوجهان2. الثالث: يجب كون المقدر في نحو: زيدًا ضربته3، من معنى العامل المذكور، ولفظه، وفي بقية الصور من معناه دون لفظه4، فيقدر: جاوزت زيدا مررت به5، وأهنت زيدا ضربت أخاه6. الرابع: إذا رفع فعل ضمير اسم سابق، نحو: زيد قام أو غضب عليه7، أو ملابسًا لضميره، نحو: أزيد قام أبوه؟ فقد يكون ذلك الاسم واجب الرفع بالابتداء، كخرجت فإذا زيد قام، وليتما عمرو قعد، إذا قدرت: "ما" كافة8، أو بالفاعلية، نحو:   1 لأن البدل على نية تكرار العامل، فيصبح الأخ من جملة ثانية، وتخلو الجملة الأولى من رابط عيود على المتبدأ إن رفعت، وعلى المشتغل به إن نصبت. 2 أي: لوجود الرابطة بينهما. 3 أي مما يكون فيه العامل متعديا، وناصبا لضمير الاسم السابق بنفسه. 4 تشمل بقية الصور: أن يكون العامل متعديا ناصبا لاسم ظاهر مضاف إلى ضمير عائد على الاسم الساق، كمثال المصنف: زيدا ضربت أخاه، أو يكون العامل لازما ناصبا للمشغول به بحرف جر والمجرور ضمير الاسم السابق، كمثال المصنف أيضًا: زيدا مررت به، أو اسم ظاهر مضاف إلى ضميره، نحو: زيدا مررت بغلامه، فيقدر: لابست زيدا مررت بغلامه، ولا يقدر جاوزت؛ لأنك لم تجاوز زيدا ولم تمرر به، وإنما حدث ذلك لغلامه. 5 لأن "مررت" لا تصل إلى الاسم بنفسها. 6 لأن الضرب لم يقع على زيد، وإنما حصلت له إهانة من جراء ضرب الأخ. 7 مثل بمثالين، للإشارة إلى أنه لا فرق بين أن يكون الضمير المرفوع على الفاعلية، كالمثال الأول، أو النيابة عن الفاعل كالثاني؛ لأن الهاء في عليه في موضع رفع نائب فاعل غضب. 8 فإن قدرت "ما" زائدة غير كافة، كان الرفع جائزا لا واجبا، لجواز الإعمال والإلغاء حينئذ، قال الصبان: ومثل الكافة في وجوب الرفع: المصدرية، إلا أن الرفع بعدها يكون على الفاعلية بفعل محذوف يفسره المذكور؛ لأنه يجب أن يليها فعل ظاهر أو مقدر على المشهور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} 1، وهلا زيد قام. وقد يكون راجح الابتدائية على الفاعلية، نحو: زيد قام، عند المبرد، ومتابعيه2. وغيرهم يوجب ابتدائيته لعدم تقدم طالب الفعل3. وقد يكون راجح الفاعلية على الابتدائية، نحو: زيد ليقم4، ونحو: قام زيد وعمرو قعد5، ونحو: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} ، {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} 6. وقد يستويان، نحو: زيد قام وعمرو قعد عنده7.   1 لأن أدوات الشرط تختص بالأفعال، كما "أن" إذا الفجائية تختص بالأسماء، فالضابط في الصورة الأولى: أن يكون الاسم المرفوع واقعًا بعد أداة تختص بالدخول على الأسماء، كـ"إذا" الفجائية، و"ليت" المكفوفة بما، وضابط الثانية: أن يقع الاسم بعد أداة لا يليها إلا الفعل، كأدوات الشرط عند البصريين. 2 فإنهم يجيزون الرفع بفعل مقدر يفسره المذكور، ويكون من باب الاشتغال. وكذلك يجيزه الكوفيون، بل إن جواز الاشتغال عندهم أقيس وأولى؛ لأنهم يجيزون تقدم الفاعل على رافعه كما سبق بيانه في موضعه. 3 أي من نفي أو استفهام. 4 إنما رجحت الفاعلية؛ لأن الابتدائية تستلزم الإخبار بالجملة الطلبية، وفي جواز ذلك خلاف. 5 ترجحت الفاعلية، طلبا للتناسب بين المتعاطفين. 6 ترجحت الفاعلية؛ لأن الغالب أن يلي همزة الاستفهام الفعل. 7 فالرفع على الابتدائية مراعاة للجملة الكبرى، وعلى الفاعلية مراعاة للصغرى، وفي كل مشاكلة المعطوف عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 .. ... ... ... ... ... ... ... ... .... .... .... .... ... ....   تتمة: يشترط في الاسم المشغول عنه: أن يكون قابلا للإضمار، فلا يصح الاشتغال عن حال، أو تمييزه، أو مصدره مؤكد، أو مجرور بما لا يجر المضمر، كحتى والكاف، وأن يكون مفتقرا لما بعده، فليس من الاشتغال نحو: في الدار فأكرمه، وأن يكون واحدا لا متعددا، وأن يكون مختصا لا نكرة مخصة، ليصح رفعه بالابتداء، فليس من الاشتغال قوله -تعالى-: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} ، بل رهبانية معطوف على ما قبله بتقدير مضاف، أي: وابتدعوها صفة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 .. ... ... ... ... ... ... ... ... .... .... .... .... ... ....   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف الاشتغال، واشرحه، وبين أركانه، موضحا ذلك بأمثلة من عندك. 2 متى يجب نصب الاسم المشغول عنه، ومتى يترجح النصب؟ اشرح مواضع كل، مع التمثيل. 3 يرى صاحب الموضح: أنه ليس من باب الاشتغال ما يجب فيه الرفع، فما حجته؟ وضح ذلك على ضوء ما بين المصنف. 4 ما الشروط اللازمة في العامل المشغول؟ وماذا يشترط في الاسم المشغول عنه؟ اشرح ذلك بأمثلة. 5 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل هذا الباب، بين مواضع الشاهد، وإعرابه. قال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} . {أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُه} . {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ} . {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} . لا تجزعي إن منفس أهلكته ... فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب ... لعلك تهديك القرون الأوائل فارسا ما غادروه ملحما ... غير زميل ولا نكس وكل الملحم: الذي يحيط به الأعداء من كل جانب، زميل: جبان، نكس: ضعيف. وكل: عاجز. 6 اجعل جملة: "ما سئمت العمل من أجل الوطن" اشتغالية، مرة يجب فيها نصب المشغول عنه، وأخرى يجب رفعه ووضح سبب ما تقول. 7 اجعل لفظ "الجهاد" مشغولا عنه في ثلاث جمل مختلفة، يكون في إحداها واجب النصب، وفي الثانية واجب الرفع، وفي الثالثة يجوز الأمران، مع توضيح السبب في كل. 8 كون ثلاث جمل من إنشائك، يكون المشغول عنه في إحداها واجب النصب، وفي الثانية واجب الرفع، وفي الثالثة جائز الأمرين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 . ... ... ... ... ... ... ... ... .... .... .... .... ... ....   9 بين فيما يأتي: المشغول عنه، وحكمه، وموقعه من الإعراب، مع ذكر السبب. من الأمانة خانها فانبذه، الصديق لا تهمل صحبته، الحق إذا عرفته فلا تحد عنه. أينما أستاذك قابلته فاحترمه، النظام لو اتبعته استرحت. ليتما الصناعة تخصها الأمانة بالعناية، متى صديقك أغضبته فلا تكف عن مصالحته، دخلت المعهد فإذا الناقوس يدقه الحارس, إن خادمك أكرمته أخلص في خدمتك، هلا صديقًا ترجو منه الإخلاص والوفاء، الدين ما أحوجنا إليه في هذا الوقت. هل تجربة استفدت؟ 10 أعرب ما تحته خط في البيتين الآتيين، ثم اشرحهما شرحا أدبيا: إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها ... هوانا بها كانت على الناس أهونا فنفسك أكرمها وإن ضاق مسكن ... عليك بها فاطلب لنفسك مسكنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 باب التعدي واللزوم: الفعل ثلاثة أنواع: أحدها: ما لا يوصف بتعد ولا لزوم، وهو: "كان"، وأخواتها1، وقد تقدمت. الثاني: المتعدي، وله علامتان: إحداهما: أن يصح أن يتصل به "هاء" ضمير غير المصدر2، الثانية: أن يبنى منه اسم مفعول تام3، وذلك كضرب. ألا ترى أنك تقول: زيد ضربه عمرو، فتصل به "هاء" ضمير غير المصدر، وهو زيد؟ وتقول: هو مضروب، فيكون تاما، وحكمه أن ينصب المفعول به، كضربت زيدا، وتدبرت الكتب، إلا أن ناب عن الفاعل4، كضرب زيد وتدبرت الكتب.   هذا باب التعدي واللزوم: 1 أي في حال اعتبارها ناقصة، فإن منصوبها خبر، أما في حالة التمام، فتارة تكون لازمة وتارة تكون متعدية، وعلى كل تتصل بها هاء غير المصدر. ومثلها في هذه الحالة: أمثال مسموعة تصلح للأمرين: فتستعمل في المعنى الواحد لازمة ومتعدية، نحو: شكرت الله على نعمه، وشكرت له، ونصحت الرجل، ونصحت له. ويرى بعض النحاة أن مثل هذه الأفعال ينظر فيها إلى الاستعمال الذي يعديها بحرف الجر، فتجعله هو الأصل، وما يأتي منها متعديًا بنفسه يكون فرعا عن اللازم بحذف حرف الجر، وإيصال الفعل إلى ما كان مجرورا، ويسمى هذا "الحذف والإيصال"، ويرى آخرون العكس، على اعتبار زيادة حرف الجر عند من يعديها به. 2 أي هاء تعود على اسم سابق غير مصدر، ولا ظرف، ويكون هذا الاتصال لا على سبيل التوسع بحذف الجار، وعلى وجه لا يكون خبرا، وبذلك يخرج، نحو اليوم صمته، مما اتصلت فيه الهاء بالفعل القاصر على طريق التوسع بحذف الجار، ونحو: الصديق كنته. 3 أي مستغن في تأدية المعنى المراد منه عن جار ومجرور بإطراد، وذكر بإطراد، لإخراج نحو: تمرون الديار، فإنه يصح أن يصاغ منه اسم مفعول، فيقال: الدار ممرورة، ولكن ليس هذا مطردا فلا يكون لفظ "مر" متعديًا. 4 أي إلا إن كان المفعول نائب فاعل فحينئذ يرفع، وقد اقتصر الناظم على العلامة الأولى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 الثالث: اللازم، له واثنتا عشرة علامة، وهي: ألا يتصل به "هاء" ضمير غير المصدر، وألا يبنى منه اسم مفعول تام، وذلك كخرج، ألا ترى أنه لا يقال: زيد خرجه عمرو، ولا هو مخروج، وإنما يقال: الخروج خرجه عمرو1، وهو مخروج به أو إليه2. وأن يدل على سجية3، وهي ما ليس حركة جسم، من وصف ملازم، نحو: جبن، وشجع. أو على عرض4، وهو ما ليس حركة جسم، من وصف غير ثابت، كمرض،   فقال: علامة الفعل المعدى أن تصل ... "ها" غير مصدر به نحو عمل فانصب به مفعوله إن لم ينب ... عن فاعل نحو تدبرت الكتب أي أن علامة الفعل المتعدي إلى المفعول، أن تصل به هاء تعود على غير امصدر مثل "عمل"، تقول في محمد عمل الخير مثلا: محمد عمله، وهو ينصب المفعول به، إلا إذا ناب المفعول عن الفاعل فإنه يرفع بالنيابة، تقول في تدبرت الكتب، أي تأملتها، تدبرت الكتب برفع الكتب على أنها نائب فاعل. 1 فيتصل بخرج "هاء" ضمير المصدر، وهو الخروج. 2 فيبنى منه اسم مفعول ناقص يحتاج إلى حرف الجر. 3 أي طبيعة وسليقة وصفة تلازم صاحبها، ولا تكاد تفارقه إلا لسبب قاهر. 4 أي معنى طارئ ليس له طول ثبات ولا دوام، ويزول بزوال سببه.   * "علامة الفعل" مبتدأ ومضاف إليه، "المعدى" "نعت للفعل. "أن تتصل" أن: حرف مصدري ونصب، و"تصل" منصوب بها وسكن للضرورة، وهو في تأويل مصدر خبر المبتدأ "ها" مفعول تصل، "غير" مضاف إليه "مصدر" مضاف إليه أيضا، "به" متعلق بتصل. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف، "عمل" مضاف إليه مقصود لفظه، "مفعوله" مفعول به لانصب مضاف إلى الهاء. "إن" شرطية. "ينب" مضارع مجزوم بلم فعل الشرط، وفاعله يعود على مفعوله، وجواب الشرط محذوف، أي فانصبه به. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف، "تدبرت الكتب" الجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل جر مضاف إليه، مقصود لفظها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 وكسل، ونهم إذا شبع1. أو على نظافة، كنظف، وطهر ووضؤ2. أو على دنس، نحو: نجس، وقذر3. أو على مطاوعة فاعله لفاعل فعل متعد لواحد4، نحو: كسرته فانكسر، ومددته فامتد، فلو طاوع ما يتعدي فعله لاثنين، تعدى لواحد، كـ"علمته الحساب فتعلمه"، أو يكون موازنًا لـ"افعلل"، كاقشعر واشمأز، أو لما ألحق به5، وهو "افوعل"، كاكوهد الفرح إذا ارتعد. أو لافعنلل، كاحرنجم6، أو لما ألحق به7، وهو "افعنلل" بزيادة إحدى اللامين، كاقعنسس الجمل، إذا أبى أن ينقاد، و"افعنلى" كاحرنبى8" الديك إذا انتفش للقتال.   1 النهم: اشتداد الشهوة للأكل، أو ألا تمتلئ عين الأكل ولا يشبع، وقد عد الناظم هذا من أفعال السجايا، فلعله يرد أن ذلك صار سجية له. 2 الوضاءة: الحسن وبابه ظرف، ويجوز في ظهر، فتح العين. 3 يجوز في "نجس" كسر العين وضمها، وفي قذر الكسر والضم والفتح. 4 المطاوعة: قبول فاعل فعل، أثر فاعل فعل آخر، يلاقيه اشتقاقا. 5 الإلحاق: جعل كلمة أنقص من أخرى، على وزنها، لتصير مساوية لها في عدد الحروف والحركات، فتجري مثلها في التكسير والتصغير والنسب ... إلخ، وسيأتي لذلك مزيد إيضاح في الجزء الثالث إن شاء الله "باب أبنية المصادر". 6 احرنجم الرجل: أراد شيئا ثم عدل عنه، واحرنجمت الإبل: اجتمعت متزاحمة. 7 هو كل فعل في وسطه نون زائدة، بعدها حرفان أحدهما زائد للإلحاق، بالتضعيف، أو من حروف سألتمونيها. 8 في "احرنبي"، بعد النون، حرفان أحدهما وهو الألف الأخيرة من حروف سألتمونيها، وقد اقتصر الناظم على وزنين هما: "افعلل" و"افعنلل"، وأشار إلى اللازم والعلامات المتقدمة له، بقوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 وحكم اللازم أن يتعدى بالجار، كـ"عجبت منه"، ومررت به، وغضبت عليه. وقد يحذف ويبقى الجر شذوذا، كقوله: أشارت كليب بالأكف بالأصابع1   ولازم غير المعدى وحتم ... لزوم أفعال السجايا كنهم كذا "افعلل" والمضاهي "اقعنسسا" ... وما اقتضى نظافة أو دنسا أو عرضا أو طاوع المعدى ... لواحد كمده فامتدا أي أن اللازم، هو الذي ليس متعديا، وحتم لزوم الأفعال التي تدل على السجايا وعدم تعديتها، وكذلك ما كان على وزن "افعلل"، والفعل الذي يشابه "افعنلل"، في وزنه. ومن اللازم أيضًا: ما دل على نظافة، أو دنس أو عرض، أو كان مطاوعًا لفعل متعد لواحد، مثل: مد الحبل فامتد، مثلا. 1 عجز بيت من الطويل للفرزدق، من قصيدة يهجو فيه جريرا، وصدره: إذا قيل أي الناس شر قبيلة اللغة والإعراب: كليب: هو ابن يربوع قبيلة جرير. بالأكف: الباء بمعنى مع، أي مع الأكف، "إذا": ظرف وفيه معنى الشرط. "قيل" ماض للمجهول فعل الشرط، "أي الناس" مبتدأ ومضاف إليه، "شر قبيلة" خبر ومضاف إليه، والجملة نائب فاعل قيل، وهي مقول القول، "أشارت" جواب الشرط، "كليب" مجرور بإلى محذوفة، "بالأكف" جار ومجرور حال من الأصابع الواقعة فاعلا لأشارت. المعنى: إذا سأل سائل عن شر القبائل وأحقرها، أشارت الأصابع مع الأكف إلى   * "ولازم" خبر مقدم. "غير المعدى" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه. "لزوم" ناب فاعل حتم. "أفعال السجايا" مضاف إليه، "كنهم" جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف، "كذا" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر "مقدم. "افعلل" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه، "والمضاهي" معطوف على افعلل، وهو اسم فاعل "افعنسسا" مفعوله، أي والذي شابه اقعنسس، أو فاعله، أي والذي ضاها اقعنسس، "وما" اسم موصول معطوف على المضاهي، "اقتضى نظافة" الجملة لا محل لها صلة ما، "أو عرضا" معطوف على نظافة. "أو طاوع المعدى" معطوف على اقتضى والمعدى مفعول طاوع، "لواحد" متعلق بالمعدى، "كمده" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي وذلك كائن كمده، "فامتدا" الفاء عاطفة. "امتد" فعل ماض وفاعله هو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 أي: إلى كليب. وقد يحذف وينصب المجرور، وهو ثلاثة أقسام: سماعي جائز في الكام المنثور، نحو: نصحته وشكرته1، والأكثر ذكر اللام، نحو: {وَنَصَحْتُ لَكُمْ} ، {أَنْ اشْكُرْ لِي} .2. وسماعي خاص بالشعر، كقوله: ... كما عسل الطريق الثعلب3   كليب، وأبي المسؤلون النطق باسمها لحقارتها والتعفف عن ذكر اسمها. الشاهد: جر "كليب" بحرف جر محذوف شذوذا، وروي "كليب" بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي هي كليب، فيكون قد جمع بين الإشارة والعبارة وإذا لا شاهد فيه. 1 مثله: كلت له: ووزنت له، وفي التنزيل: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} . 2 الأولى من الآية 79 من سورة الأعراف، والثانية من الآية 14 من سورة لقمان. 3 جزء بيت من الكامل، من شعر ساعده بن جؤية الذهلي، يصف رمحا بالليونة، وهو بتمامه: لدن بهز الكف يعسل متنه ... فيه كما عسل الطريق الثعلب اللغة والإعراب: لدن: لين ناعم، ويعسل: يضطرب ويتحرك، متنه، المراد: ظهر الرمح وصدره، "لدن" خبر لمبتدأ محذوف، أي هو لدن "بهز الكف"متعلق بيعسل، أو بلدن، ومضاف إليه، والباء للسببية "متنه" فاعل يعسل ومضاف إليه، "فيه" متعلق بيعسل. "كما" الكاف جارة. و"ما" مصدرية "عسل" فعل ماض، "الطريق" منصوب بحرف جر محذوف، أي في الطريق. "الثعلب" فاعل عسل، و"ما" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف. المعنى: أن هذا الرمح لجودته، شديد الليونة، يتحرك ويضطرب متنه بسبب هزه باليد، كما يضطرب الثعلب في الطريق خوفا من أن يدرك. الشاهد: حذف حرف الجر، وهو "في" ونصب الاسم الذي كان مجرورا به، وهو "الطريق"، وذلك خاص بالشعر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 وقوله: *آليت حرق العراق اليوم أطعمه*1 أي في الطريق وعلى حب العراق. وقياسي، وذلك في أن، وأن وكي2، نحو: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ، ونحو: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} ، ونحو: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} ،   1 صدر بيت من البسيط، لجرير بن عبد المسيح، المعروف بالمتلمس، وعجزه: والحب يأكله في القرية السوس وكان قد ترك العراق كراهة وزهدا في المقام بها. اللغة والإعراب: أليت: حلفت، حب العرق، الحب: اسم جنس جمعي، يشمل الحنطة والشعير وغيرهما. أطعمه: أشوقه. السوس، دود يقع في الطعام، وفي الصوف "آليت" فعل وفاعل والتاء للمتكلم، وقيل للمخاطب، وهو النعمان بن المنذر ملك الحيرة، أو عمرو بن هند الملك، وكان الشاعر قد هجاه فطرد من العراق. "حب العراق" منصوب بحرف جر محذوف ومضاف إليه، أي على حب العراق، "أطعمه" فعل مضارع مرفوع والفاعل أنا والهاء مفعوله، وقبله نفي مقدر، أي لا أطعمه، "والحب" الواو للحال والحب "مبتدأ، "السوس" فاعل يأكل والجملة خبر المبتدأ. المعنى: أقسمت ألا آكل شيئا من خيرات العراق، والحال أن خيره كثير وحبه وفير، وخزائنه مملوءة به، ولكثرته يأكله السوس. الشاهد: حذف حرف الجر، وهو "على" الذي يتعدى به "الفعل" "آلى"، ونصب الاسم الذي كان مجرورا وهو "حب"، وهو ضرورة خاصة بالشعر، ومع ذلك فهو كثير في الشعر العربي. 2 أي حين يكون المجرور مصدرا مؤولا من حرف مصدري من أحد هذه الأحرف المصدرية الثلاثة، مع صلته، وقد سبق الكلام عليها، وإنما كان الحذف قياسا في هذه، لطولها بالصلة؛ ولأن دخول الحرف في الظاهر على موصول حرفي غير مستساغ، وقد اختلف في محلها بعد الحذف، والأقيس أنها في محل نصب وإليه ذهب المصنف، وأجازه الخليل وسيبويه، ولكنهما جعلا أقوى منه، أن يكون الحل جرًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 أي بأنه، ومن أن جاءكم، ولكيلا، وذلك إن قدرت "كي" مصدرية1، وأهمل النحويون هنا ذكر "كي"2، واشترط ابن مالك في "أن" و"أن"، أمن اللبس3، فمنع الحذف في نحو: رغبت في أن تفعل، أو عن أن تفعل، لإشكال المراد بعد الحذف4، ويشكل عليه: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ} ، فحذف الجر، مع أن المفسرين اختلفوا في المراد5.   1 "كي" المصدرية لا بد أن تسبقها لام الجر التي للتعليل، لفظا أو تقديرا. 2 أي مع تجويزهم أن تكون "كي" مصدرية واللام مقدرة قبلها في مثل: جئت كي تكرمني، أي لكي تكرمني. 3 وقد أشار لذلك في النظم كما سيأتي. 4 فإنه لا يتضح المراد بعد الحذف، ولا يدري أهو على "عن" أو"في"، والمعنيان مختلفان، وليست هنالك قرينة تزيل هذا اللبس. 5 أي: وكان اختلافهم بسبب اللبس، فبعضهم قدر "في" وبعضهم قدر "عن" واستدل كل على ما ذهب إليه، ويجيب الناظم بأن الحذف هنا لقرينة كانت عند النزول يفهم منها المراد، أو أن الحذف مقصود به الإبهام على السامع، ليرتدع بذلك من يرغب فيهن لجمالهن ومالهن، ومن يرغب عنهن لدمامتهن وفقرهن. وقد أجاز بعض المفسرين التقديرين، وفيما سبق من حكم اللازم، يقول الناظم: وعد لازما بحرف جر ... وإن حذف فالنصب للمنجر نقلا وفي "أن" و"أن يطرد ... مع أمن لبس كعجبت أن يدوا   * "وعد" فعل أمر والفاعل أنت، "لازما" مفعوله به، "بحرف" بعد. "جر" مضاف إليه. "وإن"شرطية. "حذف" ماض للمجهول فعل الشرط، ونائب الفاعل يعود على حرف جر. "فالنصب للمنجر" مبتدأ وخبر، والفاء واقعة في جواب الشرط، "نقلا" حال من اسم مفعول مفهوم من حذف، أو مفعول مطلق، وفي "أن" جار ومجرور متعلق بيطرد. "وأن" معطوفة على أن، "يطرد" مضارع فاعله يعود إلى الحذف. "مع أنه لبس" ظرف متعلق بيطرد ومضاف إليه، "كعجبت" الكاف جارة لقول محذوف."أن" مصدرية. "يدوا" مضارع منصوب بأن، وعلامة نصبه حذف النون، وواو الجماعة فاعل، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بمن محذوفة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 فصل: لبعض المفاعيل الأصالة في التقدم على بعض: إما بكونه مبتدأ في الأصل1، أو فاعلا في المعنى2، أو مسرحا3، لفظا أو تقديرا، والآخر مقيد لفظا أو تقديرا، وذلك كـ"زيدا" في ظننت زيدا قائما4، وأعطيت زيدا درهما5، واخترت زيدا للقوم، أو من القوم6. ثم قد يجب الأصل، كما إذا خيف اللبس، كأعطيت زيدا عمرا7، أو كان الثاني محصورا8، كما أعطيت زيدا إلا درهما، أو ظاهرا والأول ضمير9: نحو: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} .   1 كما في باب ظن، ويجوز العكس، ولكن مراعاة الأصل أحسن. 2 كما في باب أعطى. 3 أي مطلقا، لم يتقيد بحرف من حروف الجر. 4 تقدم "زيدا"؛ لأنه مبتدأ في الأصل، والمبتدأ متقدم على الخبر. 5 تقدم "زيدا" على درهما؛ لأن زيدا فاعل في المعنى؛ لأنه الآخذ. 6 تقدم "زيدا"؛ لأنه غير مقيد بجار لفظا وتقديرا، فالرابطة بينه وبين الفعل أقوى؛ لأنه يتعدى إليه بنفسه و"القوم" مقيد تقديرا في الأول ولفظا في الثاني. 7 فيتعين أن يكون المقدم هو المفعول الأول؛ لأن كلا منهما يصلح أن يكون آخذا ومأخوذا، فلا بد من التقديم ليكون المتقدم هو الآخذ. 8 أي واقعا عليه الحصر؛ لأنه لو تقدم لفسد الحصر وزال الغرض منه، ولا مانع من تقديمه معه إلا؛ لأن المحصور فيه هو الواقع بعد إلا مباشرة. 9 أي يكون الثاني اسمًا ظاهرا، والأول ضميرا متصلًا؛ لأنه لو تأخر لانفصل، ولا يعدل عن الاتصال إلا في مسائل ليس هذا منها، ولا مانع من تقديم الثاني على الأول والفعل معا، نحو: الكتاب منحتك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 وقد يمتنع1، كما إذا اتصل الأول بضمير الثاني، كأعطيت المال مالكه2، أو كان محصورا، كما أعطيت الدرهم إلا زيدا3. أو مضمرا، والأول ظاهر، كالدرهم أعطيته زيدا، والقوم اخترتهم عمرًا4.   1 أي الأصل، فيجب تأخير ما أصله التقديم. 2 لأنه لو قدم الأول وهو "مالكه" لعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة، فإن كان الثاني هو المشتمل على ضمير يعود إلى الأول، جاز الأمران، تقول: أدخلت محمدا مدرسته، أو أدخلت مدرسته محمد. 3 لأن المحصور فيه واجب التأخير، ويجوز تقديمه مع "إلا" على المفعول الأول وحده دون عامله. 4 لأن التقديم يستلزم انفصال الضمير، ومعروف أنه إذا أمكن الاتصال لا يعدل عنه إلا الانفصال، إلا في مواضع ليس هذا منها. والخلاصة: أنه يجب التزام الترتيب بتقديم الأول في ثلاثة مواضع، وتجب مخالفته في ثلاثة أخرى، ويجوز الأمران في غير ذلك. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بإيجاز، فقال: والأصل سبق فاعل معنى كـ"من" ... من "ألبسن من زاركم نسج اليمن" ويلزم الأصل لموجب عرى ... وترك ذاك الأصل حتما قد يرى   * "والأصل" مبتدأ، "سبق فاعل" خبر ومضاف إليه. "معنى" منصوب على نزع الخافض، أو تمييز. "كمن" جاز ومجرور خبر لمبتدأ محذوف، "من" حرف جر، ومجرورة قول محذوف، والجار والمجرور حال من، "ألبسن" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة وفاعله أنت، "من" اسم موصول مفعوله الأول، "زاركم" الجملة لا محل لها صلة، "نسج مفعول ثان لألبسن"، "اليمن" مضاف إليه وسكن للوقف. "الأصل" فاعل يلزم. "لموجب" متعلق بيلزم، "عرى"، أي عرض، الجملة نعت لموجب. "وترك" مبتدأ "ذاك" ذا اسم إشارة مضاف إليه والكاف حرف خطاب. "الأصل" بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة "حتما" حال من نائب فاعل يرى، "قد" حرف تقليل، "يرى" مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى ترك، والجملة خبر المبتدأ. أي إذا تعدى الفعل إلى مفعولين، أحدهما فاعل في المعنى، فالأصل أن يتقدم الفاعل في المعنى على غير، مثل: ألبسن من زاركم نسج اليمن، فـ"من" مفعول، وهي بمنزلة الفاعل؛ لأن مدلولها هو اللابس، و"نسج" مفعول ثان، ويجوز أن يتقدم غيره، فتقول: ألبسن نسج اليمن من زاركم، ويلزم مراعاة الأصل بسبب موجب عرا، أي حل: كما أن ترك مراعاة الأصل قد يكون واجبًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 فصل: ويجوز حذف المفعول لغرض: إما لفظي، كتناسب الفواصل1، في نحو: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ، ونحو: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} ، وكالإيجاز في نحو: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} . وإما معنوي، كاحتقاره في نحو: {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ} ، أي الكافرين، أو استهجانه2، كقول عائشة -رضي الله عنها-3: "ما رأى مني ولا رأيت منه"، أي العورة. وقد يمتنع حذفه، كأن يكون محصورا4، نحو: إنما ضربت زيدا، أو جوابا، كضربت زيدا جوابا لمن قال: من ضربت؟ 5   1 المراد بالفواصل: نهاية الجمل المتصلة اتصالا معنويا، ومنها: رءوس الآي التي ذكرها المصنف، فقد حذف مفعول "فلا" ليكون مناسبا في وزنه لكلمة "سجا" قبلها، وحذف مفعول "يخشى"، ولم يقل "يخشاه"، لتنتهي الجملة بكلمة مناسبة في وزنها لكلمة "تشقى" التي انتهت بها الجملة السابقة. 2 أي استقباح التصريح يذكره، وغير ذلك من المواضع والأغراض التي يحذف فيها الفاعل كما تقدم. 3 تعني بذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-. 4 لأن الحذف ينافي الحصر. 5 لأن الجواب هو المقصود من السؤال، وكذلك يمتنع حذف المفعول المتعجب منه بعد "ما" أفعل" في التعجب، نحو: ما أحسن الصراحة، وفي باب التنازع، إذا علمت ثاني العاملين في المتنازع فيه، وكان الأول يحتاج إلى منصوب، نحو: أكرمت وأكرمني علي؛ لأننا لو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 فصل: وقد يحذف ناصبة إن علم، كقولك لمن سدد سهما: القرطاس، ولمن تأهب لسفر: مكة، ولمن قال: من أضرب؟ شر الناس، بإضمار: تصيب، وتريد، واضرب. وقد يجب ذلك، كما في باب الاشتغال، كزيدا ضربته1، والنداء، كيا عبد الله2 وفي الأمثال3، نحو: الكلاب على البقر4، أي أرسل, وفيما جرى مجرى الأمثال5، نحو: {انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} ، أي وأتوا، وفي التحذير بإياك، وأخواتها 6، نحو إياك:   أعلمنا الأول في الضمير لعاد على متأخر من غير ضرورة، وإلى بعض مواضع الحذف وامتناعه، أشار الناظم بقوله: وحذف فضلة أجز إن لم يضر ... كحذف ما سبق جوابا أو حصر أي أجز حذف الفضلة -وهو المفعول به- إن لم يضر حذفها، ومن ذلك: ما سيقت جوابا لسؤال، أو وقعت محصورة على النحو الذي بيناه. 1 لأن يجمع بين المفسر والمفسر كما بينا. 2 لأن حرف النداء عوض عن العامل المحذوف وجوبا، ولا يجمع بين العوض والمعوض. 3 أي المسموعة عن العرب بالنصب، والأمثال: جمع مثل، وهو كلام يشبه مضربه بمورده، أي يشبه ما يستعمل فيه بما وضع له في الأصل، فإذا ورد الفعل في المثل محذوفا، لا يذكر؛ لأن الأمثال لا تغير. 4 المراد بالبقر: بقر الوحش، ومعناه: اترك الناس وشأنهم، واسلك أنت طريق السلامة. 5 أي في كثرة الاستعمال، وحسن الاختصار، وهو كل كلام اشتهر وشاع، وجرى على الألسنة فصار كالمثل، وهو يستعمل فيما وضع له، بخلاف المثل فإنه يستعمل في غير ما وضع له، للمشابهة بين ما وضع له، وما يستعمل فيه، على طريق الاستعارة التمثيلية. 6 وهي ضمائر الخطاب المنفصلة.   * "وحذف" معفول به لأجز، "فضلة" مضاف إليه، "إن" شرطية، "لم يضر" فعل الشرط وفاعله يعود إلى حذف، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله، أي فأجزه. "كحذف" خبر لمبتدأ محذوف. "ما" اسم موصول مضاف إليه، وجملة "سبق" من الفعل ونائب الفاعل صلة، ونائب الفاعل هو المفعول الأول. "جوابا" مفعول ثان. "أو حصر" معطوف على ما سبق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 والأسد1، أي إياك باعد واحذر الأسد، وفي التحذير بغيرها، بشرط عطف أو تكرار، نحو: رأسك السيف، أي باعد واحذر، ونحو: الأسد الأسد، وفي الإغراء بشرط أحدهما2، نحو: المروءة والنجدة ونحو: السالح السلاح، بتقديم الزم.   1 فإياك مفعول منصبو محلا بفعل محذوف وجوبا، يقدر متأخرا، لئلا يتصل الضمير المنفصل، و"الأسد" لفعل محذوف وجوبا، يقدر متقدما، وإنما وجب الحذف لينتبه السامع بسرعة، ويبتعد عن الهلاك. 2 أي العطف، أو التكرار، ووجب الحذف، لقيام العطف أو التكرار مقام العامل، وفي حذف الناصب للفضلة يقول الناظم: ويحذف الناصبها إن علما ... وقد يكون حذفه ملتزما أي يجوز حذف ناصب الفضلة -المفعول به- إن كان الناصب معلوما ومعروفا بقرينة تدل عليه وقد يكون الحذف لازما لا بد منه، كما ذكرنا. خاتمة: ننقل هنا ما حررناه في هذا الموضع، في كتابنا: "التوضيح والتكميل لشرح ابن عقيل"، صفحة 375، ففيه غناء عن التغيير: أولا: يصير المتعدي لازما أو في حكم اللازم بما يأتي: 1 التضمين لمعنى فعل لازم، نحو قوله -تعالى-: {فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} ، فإن "يخالف" متعد في الأصل بنفسه، ولكنه ضمن معنى "يخرج" اللازم، فعدى بحرف الجر وهو "عن"، ومثله قوله تعالى: {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} ، فتعدوا بمعنى تتجاوز متعد بنفسه، ولكنه ضمن معنى "تنصرف" الذي يتعدى بحرف الجر وهو "عن"، أي تنصرف وتبعد. والتضمين: أن يؤدي فعل أو ما في معناه، مؤدى فعل آخر، أو ما في معناه فيعطي حكمه في التعدي واللزوم. وقد قرر مجمع اللغة العربية أنه قياسي بشروط ثلاثة.   * "ويحذف" مضارع للمجهول. "الناصب" نائب فاعل، وهو اسم فاعل وفاعله مستتر و"ها" مفعوله عائد على الفضلة، "إن" شرطية، "علما" ماض مبني للمجهول فعل الشرط، ونائب الفاعل يعود على الناصب، والألف للإطلاق، وجواب الشرط محذوف، وباقي الإعراب واضح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 ....................................................   أتحقيق المناسبة بين الفعلين، فلا يحمل الفعل معنى بعيدا عن معناه الوضعي، ولهذا لا يجوز: أكلت إلى الفاكهة على تضمين أكل، معنى "مال". ب وجود قرينة تدل على ملاحظة الفعل الآخر، ويؤمن معها اللبس، وأشهر القرائن: حرف الجر الذي يتعدى به الفعل، ولم يك من حقه أن يتعدى به. ج ملاءمة التضمين للذوق العربي ولا يلجأ للتضمين إلا لغرض بلاغي. 2 تحويل الفعل الثلاثي إلى صيغة "فعل"، إما بقصد المبالغة في قصد الفعل والتعجب منه، نحو: فهم محمد أي ما أفهمه، أو بقصد المدح والذم، نحو: سبق السباح، وقنع الغنى، ومنع الاقدر وحبس، عند الذم بمعنى المعوبة. 3 مطاوعة المتعدي لواحد، لآخر لازم، نحو: هدمت الحائط فانهدم. 4 ضعف العامل عن العلم، إما بتأخيره عن المعمول نحو: {لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} ، وإما بكونه فرعا في العمل كالمشتق، نحو: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} . وتسمى لام الجر هنا: لام التقوية؛ لأنها تساعد ما قبلها على الوصول للمفعول. 5 ضرورة الشعر، كقوله: تبلت فؤادك في المنام خريدة ... تسقي الضجيع ببارد بسام تبلت فؤادك: أصابته بالمرض وذهبت به بسبب الحب، خريدة: امرأة حسناء. الضجيج: المضاجع، ببارد بسام: بريق بارد، بسام محله، فقد عدي تسقي -وهو ينصب مفعولين بنفسه- إلى الثاني بالياء، لضرورة الشعر. ثانيا: يصير اللازم متعديا بالأشياء الآتية: 1 إذا دخلت عليه همزة النقل، تلك الهمزة التي تنقل معنى الفعل إلى مفعوله، ويصير بها الفاعل مفعولا، وهي قياسية في اللازم، وقيل فيه: وفي المتعدي إلى واحد، وقد قرر مجمع اللغة العربية: أن تعدية الفعل الثلاثي اللازم -بالهمزة- قياسية. 2 إذا ضعفت عينه ما لم تكن همزة، نحو: نومت الطفل، ومنه: {نزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَاب} ، والتضعيف سماعي في اللازم، وفي المتعدي لواحد، على أرجح الأقوال. 3 إذا دل على مفاعلة: نحو: جالست الأدباء وماشيت العلماء. 4 إذا كان على وزن "استعفل" للطلب، أو النسبة إلى الشيء، نحو: استعنت بالله. واستخرجت الماء، واستحسنت التسامح، واستقبحت التمادي في الظلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 ....................................................   5 صوغ الفعل على "فعلت" بالفتح "أفعل" بالضم، لقصد الغلبة، نحو: أكرمت عليا أكرمه، أي غلبته في الكرم وشرفت الفارس أشرفه. 6 التضمين كما تقدم، نحو: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاح} ، أي لا تنووا، فقد عدى "تعزم" إلى المفعول به مباشرة للتضمين، مع أنه "عزم" لا يتعدى إلا بعلى. 7 إذا سقط معه الجار توسعا، نحو: {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُم} ، أي عن أمره: {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَد} ، أي عليه، وهذا مقصور على السماع. تنبيهات: أيمتاز التضمين عن بقية وسائل التعدية، بأنه قد ينقل الفعل اللازم إلى أكثر من مفعول، نحو: لا آلوك نصحا، فقد عدي "ألا" بمعنى قصر -وهو لازم- إلى مفعولين، لتضمنه معنى "امنع"، أي لا أمنعك. ب التعدية بحرف الجر ليست مقصورة على الثلاثي اللازم، بل تشمل كذلك المتعدي لواحد أو أكثر، فإنه يتعدى لغيره بالجار، كما وضحه الصبان. ج الكلمات التي سمع عن العرب نصبها على حذف حرف الجر، لا يجوز القياس عليها، كم لا يجوز أن تنصب إلا مع الفعل الذي وردت معه مسموعة، مثل: توجهت مكة، وذهبت الشام، وذلك منعا للخلط والإفساد، وقد أشير إلى هذا قبل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 ....................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف كلا من الفعل المتعدي واللازم، واذكر علامة كل منهما، مع التمثيل. 2 اذكر ثلاثة من أنواع الأفعال التي لا تكون إلا لازمة، وائت بأمثلة موضحة. 3 كيف يمكن أن يتعدى الفعل اللازم؟ ومتى ينقاس حذف الجار؟ مثل لما تقول. 4 اذكر المواضع التي يجب فيها تقديم المفعول الأول على الثاني، والتي يمتنع فيها ذلك. 5 اشرح قول الناظم: وحذف فضلة أجز إن لم يضر ... كحذف ما سبق جوابا أو حصر 6 فيما يأتي شواهد لبعض موضوعات هذا الباب، بين موضع الشاهد قال تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} . {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُم} . {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} . {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} . {إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} . {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} . {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} . {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} . في الأمثال: أحشفا وسوء كيلة، مرحى لك وأهلا وسهلا. ما في الحياة لأن تعا ... تب أو تحاسب متسع ومنا الذي اختير الرجال سماحة ... وخيرا إذا هب الرياح الزعازع وما زرت ليلى أن تكون حبيبة ... إلي ولا دين بها أنا طالبه 7 اذكر موضعين يجب فيهما حذف عامل المفعول، وآخرين يمتنع فيهما الحذف، ومثل لما تقول. 8 قد يحذف المفعول، فلم؟ أذكر ثلاثة من أغراض ذلك، وهات أمثلة من إنشائك. 9 بين في الأساليب الآتية: العامل، مذكورا أو محذوفا، والمعمول، ونوع الأسلوب: مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عمار بن ياسر وهو يعذب فقال: "صبرا آل ياسر، فإن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 ....................................................   موعدكم الجنة"، وشاهد عمر بن الخطاب يوما في الجنود هزالا وتغير ألوان، سأل قائدهم: ما الذي غير ألوان العرب ولحومهم؟ فأجابه: وخومة المدائن. أتفرقا أبناء العروبة، والمستعمرون يتربصون بكم الدوائر؟ فالوفاق الوفاق. والعمل العمل، وإياكم والتهاون، فالحياة جهاد وكرامة، وويل المقصرين من سوء العقابة، والله ما قلت إلا حقا، التجديد والتطرو في أساليب الدفاع، فإن القادة منا -معشر العرب- مغرمون بالتمسك القديم، ولكن التطور سنة الحياة. 10 أعرب البيت الأتي واشرحه، وبين سبب العامل فيه، وهو للبحتري: وإذا عز معشر زال يوما ... منع السيف عزهم أن يزولا 11 اذكر ثلاثة من الأشياء التي يصير بها الفعل المتعدي لازما، ومثلها مما يصير بها اللازم متعديا، ومثل لما تقول. 12 ما الأغراض التي يحول بها الفعل الثلاثي إلى "فعل"؟ وضح ما تقوله بأمثلة من عندك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 باب التنازع 1 في العمل: ويسمى أيضًا باب الإعمال، وحقيقته أن يتقدم فعلان2 متصرفان، أو اسمان يشبهانهما3، أو فعل متصرف واسم يشبهه، ويتأخر عنهما غير سببي مرفوع 4، وهو مطلوب لكل منهما من حيث المعنى5. مثال الفعلين: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} 6، ومثال الاسمين قوله:   هذا باب التنازع في العمل: 1 التنازع معناه لغة: التجاذب، واصطلاحا ما ذكره المصنف. 2 أي مذكوران، فلا تنازع بين عاملين محذوفين، أو محذوف أحدهما، وقد يكون التنازع بين أكثر من عاملين كما سيأتي. 3 أي في العمل لا في التصرف بدليل التمثيل بقوله -تعالى-: {هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} ، فإن "ها" اسم فعل جامد، والمراد بالاسم المشبه هنا: اسم الفاعل واسم المفعول، والمصدر اسمه، واسم الفعل. 4 أو غير مرفوع؛ لأنه يلزم عليه إسناد أحدهما على السببي، والآخر إلى ضميره، فيكن رافع ضمير السببي حاليا من رابط يربطه بالمبتدأ، نحو: زيد قام وقعد أخوه، يحمل على أن السببي، وهو "أخوه" مبتدأ ثان، والعاملان قبله مع ضميريهما خبران عنه، وهذا الشرط لم يذكره النحاة. 5 سواء كان الطلب على جهة التوافق في الفاعلية أو المفعولية، أو مع التحالف فيهما. هذا: ولا بد أن يكون بين العاملين نوع من الارتباط، إما بالعطف مطلقا، نحو: أشكر وأحمد الله، أو بأن يكون المتأخر جوابا في المعنى عن السابق، نحو قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} ، أو معمولا له. نحو قوله سبحانه: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} . أو يكون العاملان خبرين عن اسم، نحو: المعلم مؤاخ معاقب المهمل، أو غير ذلك من عوامل الربط. 6 فـ"آتوني" يطلب "قطرا" على أنه مفعول ثان، وأفرغ" يطلبه على أنه مفعول أول. وقد أعمل الثاني فيه، وأعمل الأول في ضميره، وحذف؛ لأنه فضلة. لو أعمل الأول في "قطرا" لذكر ضميره في الثاني وقيل: أفرغه, والقطر: النحاس المذاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 عهدت مغيثًا مغنيا من أجرته1 ومثال المختلفين: {هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} 2. وقد تتنازع ثلاثة، وقد يكون التنازع فيه متعددا، وفي الحديث: "تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين"، فتنازع ثلاثة في اثنين: ظرف، ومصدر3.   1 صدر بيت من الطويل، لم نقف على قائله، وعجزه: فلم أتخذ إلافناءك موئلا اللغة والإعراب: عهدت: أي عهدك الناس وعرفوك، مغيثا: منجدا، وهو اسم فاعل من الإغاثة، وهي النجدة، مغنيا: اسم فاعل من الإغناء، وهو ضد الإقفار، أجرته: أي حميته من عدوه أو كنت له جارا، فناءك الفناء: ساحة الدار والمراد بالجوار والقرب موئلا: ملجأ، وهو اسم مكان من وأل إليه، أي لجأ: "عهدت" فعل للمجهول، والتاء نائب فاعل: مغيثا مغنيا حالان من التاء. "من" اسم موصول مفعوله، تنازعه كل من مغيثا ومغنيا، فأعمل الثاني لقربه. "جرته" فعل وفاعل ومفعول، والجملة صلة الموصول. "إلا" حرف استثناء ملغاة، "فناءك" مفعول أول لأتخذ ومضاف إليه، "موئلا" مفعول ثان له. المعنى: عرفت بإغاثة المظلوم ونجدته، وإغناء من يستجير بك ويلجأ إليك، فلهذا لم ألجأ إلى أحد سواك، ولم أتخذ غير جوارك موئلا ألجأ إليه. الشاهد: تقدم العاملين الاسمين المشبهين للفعل وهما: مغيثا ومغنيا، وقد تأخر عنهما معمول واحد، وهو "من"، وهما صالحان للعمل، فأعمل الثاني لقربه، وأعمل الأول في ضميره ثم حذف؛ لأنه فضلة، ولو ذكره لقال: عهدت مغيثة. 2 "هاؤم" اسم فعل بمعنى أخذ والميم علامة الجمع، والأصل هاكم، أبدلت الكاف واو، ثم الواو همزة "اقرءوا" فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل، "كتابيه" مفعول تنازعه الفعلان، فاعمل الثاني لقربه، وحذف من الأول: هاؤموه. 3 الظرف قوله: "دبر" ونائب المصدر "ثلاثا"، وهو مفعول مطلق مبين للعدد، وقد أعمل الأخير لقربه، فنصب "دبر" على الظرفية، و"ثلاثا" على المفعولية المطلقة لنيابته عن المصدر، وأعمل الأولين في ضميرهما وحذفهما؛ لأنهما فضلتان، والأصل: تسبحون الله فيه إياها، ولو أعمل الأول لأضمر عقب الثاني والثالث فيه إياها، ولو أعمل الثاني لأضمر ذلك عقب الثالث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 وقد علم مما ذكرته1 أن التنازع لا يقع بين حرفين 2، ولا بين حرف وغيره، ولا بين جامدين3، ولا بين جامد وغيره4، وعن المبرد إجازته في فعلي التعجب، نحو: ما أحسن وأجمل زيدا، وأحسن به وأجمل بعمرو5، ولا في معمول متقدم6، نحو أيهم ضربت وأكرمت أو شتمته، خلافا لبعضهم7، ولا في معمول متوسط، نحو: ضربت زيدا وأكرمت8، خلافا للفارسي، ولا في نحو: فهيهات هيهات العقيق ومن به9   1 أي في تعريف التنازع من أن حقيقته: أن يتقدم فعلان ... إلخ. 2 أي: لضعف الحرف؛ ولأنه لا يضمر فيه، وصحة الإضمار شرط في المتنازعين. 3 لأن التنازع يقع فيه الفصل بين العامل والمعمول، والجامد لا يفصل بينه وبين معموله لضعفه. 4 ينبغي أن يقيد ذلك مما إذا كان الجامد هو الفعل، وكان متقدما فإن كان الجامد غير الفعل، نحو: {هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} جاز، وكذلك إذا تأخر، نحو: أعجبني، ولست مثل محمد. 5 أعمل الثاني في المثالين، وجاء في المثال الثاني مع الأول المهمل بالضمير المجرور الباء، ولم يحذفه؛ لأنه فاعل وهو عمدة وهو الصحيح، ويجب حذفه عند القائلين بأنه فضلة، وتقول في المثالين على إعمال الأول، ما أحسن وأجمله زيد، وأحسن به لعمرو. 6 لأن الثاني لا يأتي إلا بعد أن يكون الأول قد أخذ معموله المتقدم. 7 هو بعض المغاربة، حيث أجاز التنازع في المتقدم مستدلا بقوله تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ، ولا دلالة له في ذلك؛ لأن الأول أخذ المعمول، ومعمول الثاني محذوف لدلالة الأول عليه. 8 لأن الأول استقل بالمعمول قبل مجيء الثاني، وقد اشترطنا في التعريق تقدم العاملين. 9 صدر بيت من الطويل: لجرير الشاعر الأموي، وعجزه: وهيهات خل بالعقيق نواصله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 خلافا له وللجرجاني1؛ لأن الطالب للمعمول إنما هو الأول، وأما الثاني فلم يؤت به للإسناد، بل لمجرد التقوية، فلا فاعل له، ولهذا قال: أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس2   اللغة والإعراب: هيهات اسم فعل ماض بمعنى بعد، العقيق: مكان بالحجاز: خل خليل وصديق، نواصله: نصله، من المواصلة والوصال: "هيهات" الثانية توكيد للأولى، العقيق فاعل الأولى، و"من" اسم موصول معطوف على العقيق، "به" جاز ومجرور متعلق بمحذوف صلة من، "خل" فاعل هيهات الثالثة، "بالعقيق" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المفعول في "نواصله"، وهو فعل مضارع والفاعل نحن والهاء مفعول، والجملة صفة لخل. المعنى: بعد عنا كثيرا ذلك الموضع ومن يقطن به من الأحباب والأصدقاء، وبعد الصديق والحبيب الذي كنا نتصل به ويتصل بنا، ونصله ويصلنا. الشاهد: في "هيهات هيهات العقيق"، فهو ليس من قبيل التنازع؛ لأن العامل هو الأول، وإنما جيء بالثاني لتقوية الأول وتوكيده، كأن الشارع استشعر التردد أو التشكك في بعد هذا الكان، فأتى بهيهات الثانية ليؤكد البعد، وعلى ذلك فليس المعمول مطلوبا لهما معا، وإنما هو مطلوب في المعنى الأول لا غير. 1 هو أبو بكر، عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني النحوي، كان من كبار أئمة النحو والبلاغة يجرجان، أخذ النحو عن محمد بن الحسين بن عبد الوارث، المعروف بالفضل، وهو ابن أخت الفارسي، ولم يأخذ عن غيره؛ لأنه لم يخرج من بلده، وقرأ ونظر في تصانيف النحاة، وشدت إليه الرحال، وكان رحمه الله ضيق العطن، لا يستوفي في الكلام على ما يذكره مع قدرته على ذلك، وله تصانيف كثيرة، منها: شرح الإيضاح والجمل، وإعجاز القرآن. ومات سنة 484هـ، ومن شعره: كبر على العلم يا خليلي ... ومل إلى الجهل ميل هائم وعش حمارا تعش سعيدا ... فالسعد في طالع البهائم 2 عجز بيت من الطويل، لم نقف على قائله، وصدره: فأين إلى أين النحاة ببغلتي اللغة والإعراب: البغلة: أنثى البغال، والواحد بغل. "فأين" الفاء عاطفة، وأين اسم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 ولو كان من التنازع لقال: "أتاك أتوك"1 أو: أتوك أتاك"2، ولا في نحو: "وعزة ممطول معنى غريمها"3   استفهام متعلق بمحذوف، أي فأين أذهب. "إلى أين" جار ومجرور خبر مقدم، "النحاة" مبتدأ مؤخر، "أتاك" فعل ومفعول، "أتاك" الثانية توكيد له "اللاحقون" فاعل أتاك الأولى. "احبس" فعل أمر مبني على السكون وحرك بالكسر للتخلص من الساكنين، والفاعل أنت، "احبس" الثانية تكيد والمفعول محذوف، أي احبس نفسك. المعنى: أين أذهب؟ وإلى أين مكان أنجو ببغلتي؟ وقد جاء الذين يلاحقونني ويطلبوني فلا مفر من أن يستسلم الإنسان للقدر ويقف حيث هو، وليكن ما يكون، والظاهر أن الشاعر كان فارا من قوم يلاحقونه، فخاطب نفسه بذلك. الشاهد: في "أتاك أتاك اللاحقون"، فهو ليس من باب التنازع، وقد بين المصنف سبب ذلك، والعامل هو الأول، أما الثاني فلمجرد تقوية الأول وتأكيده، من باب تأكيد الفعل للفعل. 1 أي على إعمال الأول. 2 أي إذا أعمل الثاني، وقيل المرفوع في البيتين فاعل بالعاملين؛ لأنهما لاتحاد لفظهما ومعناهما، كأنهما عامل واحد. 3 عجز بيت من الطويل، لكثير بن عبد الرحمن، ألمعروف بكثير عزة، وصدره: قضى كل ذي دين فوفى غريمه اللغة والإعراب: الغريم: المدين الذي عليه الدين، وهو أيضا: الذي له الدين ويستحقه، وهو المراد هنا، ممطول: اسم مفعول من المطل، وهو التسويف في قضاء الدين معنى: اسم مفعول منعناه الأمر يعنيه، إذا شق عليه وسبب له العناء والتعب، "كل" فاعل قضى "ذي دين" مضاف إليه، "فوفى" الفاء عاطفة ووفى فعل ماض. "غريمه" مفعول "وعزة" الواو للحال، وعزة مبتدأ، ممطول معني" خبران مقدمان لغريمها الواقع مبتدأ ثانيا ومضاف إليه، والمبتدأ الثاني وخبره خبر الأول. المعنى: أن كل مدين وفي ما عليه من دين لصاحب الدين، إلا عزة، فإنها تماطل غريمها وتتعبه ولا توفيه حقه، يقصد بذلك أنها لا تعطف على محبها ولا تصله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 بل "غريمها" مبتدأ، وممطول، و"معنى" خبران، أو"ممطول" "خبر و"معنى" صفة له، أو حال من ضميره1، ولا يمتنع التنازع في نحو: زيد ضرب وأكرم أخاه؛ لأن السببي منصوب2. فصل: إذا تنازع العاملان جاز إعمال أيهما شئت باتفاق3، واختار الكوفيون الأول لسبقه والبصريون الأخير لقربه4.   وتتعبه ولا توفيه حقه، يقصد بذلك أنها لا تعطف على محبها، ولا تصله. الشاهد: أن هذا ليس من التنازع، وإن كان ظاهرا أن كلا من ممطول، ومعنى يطلبان "غريمها" على أنه نائب فاعل؛ لأن شرط التنازع عند الناظم والمصنف: ألا يكون المتنازع فيه سببيا مرفوعا، ولو جعل من باب التنازع، كان "غريمها" سببًا؛ لأنه اسم ظاهر مضاف إلى ضميره عزة، وهو مرفوع؛ لأنه نائب فاعل حينئذ، ولهذا خرجه المصنف كما ترى. 1 أي المستتر فيه، والمرفوع على النيابة عن الفاعل، العائد إلى غريمها، وغريمها وخبره، خبر عزة. 2 أي بأحد العاملين، والرابط هو الضمير المستتر، أو المضاف إليه السببي، وقيل: بامتناع التنازع السببي المنصوب كالمرفوع؛ لأنك لو أعملت الأول أو الثاني، فلا بد من ضمير يعود على السببي، وضمير السببي لا يتقدم عليه، قال ابن خروف: لأنه لو تقدم لكان عوضا عن اسمين: مضاف ومضاف إليه، وهذا لا سبيل إليه، فالوجه امتناع التنازع في السببي مطلقا: مرفوعا أو منصوبا، قال صاحب التصريح: "ولا يقع التنازع في الاسم المرفوع بعد "إلا" على الصحيح كقول الشاعر: ما صاب قلبي وأضناه وتيمه ... إلا كواعب من ذهل بن شيبانا لأنه لو كان من باب التنازع، لزم إخلاء العامل الملغي من الإيجاب، ولزم كذلك في مثل: ما قام وقعد إلا أنا، إعادة ضمير غائب على حاضر. 3 أي من البصريين والكوفيين، فقد سمع عن العرب إعمال كل منهما. والخلاف بينهما إنما هو المختار، لا في أصل الجواز. 4 ما جاء من التنازع في آي القرآن الكريم، وفي الحديث الشريف، جاز على إعمال العامل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 فإن أعلمنا الأول في المتنازع فيه، أعملنا الأخير في ضميره1، نحو: قام وقعدا، أو: وضربتهما، أو مررت بهما، أخواك، وبعضهم يجيز حذف غير المرفوع؛ لأنه فضلة، كقوله: بعكاظ يعشي الناظريـ ... ـن إذا هم لمحوا شعاعه2   الأقرب إلى المعمول، وهذا يرجح إلى رأي البصريين: وفيما تقدم يقول الناظم: إن عاملان اقتضيا في اسم عمل ... قبل فللواحد منهما العمل والثان أولى عند أهل البصرة ... واختار عكسا غيرهم ذا أسره أي إن وجد عاملان يتطلبان عملا في اسم ظاهر، وكانا قبله، فلواحد منهما العمل دون الآخر، وإعمال الثاني أولى عند البصريين لقربه، واختار غيرهم - وهم الكوفيون- العكس، وهوإعمال الأول لسبقه. ومعنى ذا أسرة: صاحب رابطة علمية قوية. 1 سواء أكان مرفوعا، أم منصوبا، أم مجرورًا، وقد مثل المصنف لذلك، ولما كان المعمول المتناع فيه هو مرجع الضمير، كان لا بد من المطابقة بينهما مطابقة تامة، في الإفراد والتذكير، وفروعهما، وقبل هذا البيت. سائل بنا في قومنا ... وليكف من شر سماعه قيسا وما جمعوا لنا ... في مجمع باق شناعه 2 بيت من الكامل، لعاتكة بنت عبد الملطب عمة النبي، تصف سلاح قومها. اللغة والإعراب: عكاظ: موضع بناحية مكة. كانت تقام فيه سوق للعرب في الجاهلية كل سنة، تمكث شهر ذي القعدة، يتبايعون فيه، ويناشدون الأشعار ويتفاخرون،   * "إن" شرطية. "عاملان" لمحذوف يفسره ما بعده. "اقتضيا" فعل وفاعل والجملة مفسرة، "في اسم" متعلق باقتضى، أو بعمل مقدم عليه. "عمل" مفعول به لاقتضى، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. "قبل" ظرف متعلق باقتضى، أو بمحذوف في محل نصب حال من عاملان، "فللواحد" الفاء للربط، والجار والمجرور خبر مقدم، "منهما" جار ومجرور حال من الواحد. "العمل" مبتدأ مؤخر، والجملة جواب الشرط، والثاني أولى" مبتدأ وخبر. "عند" ظرف متعلق بأولى، "أهل البصرة" مضاف إليه، "عكسا" مفعول اختار, "غيرهم" فاعله ومضاف إليه، "ذا" حال من غيرهم "أسرة" مضاف إليه، والأسرة بفتح الهمزة: الجماعة القوية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 ولنا1: أن في حذفه تهيئة العامل للعمل، وقطعه عنه2، والبيت ضرورة. وإن أعملنا الثاني: فإن احتاج الأول لمرفوع، فالبصريون يضمرونه لامتناع حذف العمدة؛ ولأن الإضمار قبل الذكر قد جاء في غير هذا الباب، نحو: ربه رجلا، ونعم رجلا3، وفي الباب4، نحو: ضربوني وضربت قومك، حكاه سيبويه، وقال الشاعر: جفوني ولم أجف الأخلاء إنني5   فلما جاء الإسلام، هدم ذلك كله، يعشى: مضارع أعشاه، إذا أصابه بالعشا، وهو ضعف البصر ليلا, والمراد هنا ضعف البصر مطلقا، لمحوا: من اللمح، وهو سرعة إبصار الشيء. شعاعه: ضوؤه وبريقه، "بعاظ" متعلق بمجمع في البيت قبله، وهو ممنوع من الصرف للعلمية، والتأنيث، "يعشى" فعل مضارع، "الناظرين" مفعول به, "إذا" فجائية. "هم" مبتدأ، "لمحوا" فعل ماض وفاعل، والجملة خبر المبتدأ، "شعاعه" فاعل يعشى ومضاف إليه، ويجوز أن يعرب "هم" فاعل لمحذوف، ويفسره "لمحوا"، وتكون الجملة مفسرة. المعنى: أن سلاح قومها حين عرض بعكاظ، كان ضوؤه وشدة لمعانه وبريقه، يضر بصر الناظرين، إذا نظروا إليه، وروي: يعشى، أي يغطي، كأن البرق واللمعان عم الجيمع. الشاهد: تنازع "يعشى" ولمحوا" العمل في "شعاعه"، وقد أعمل الأولى، ورفع شعاعه على أنه فاعل، وأعمل الثاني في ضميره فنصبه على أنه مفعول، ثم حذف؛ لأنه فضلة، ولو ذكره لقال: إذا هم لمحوه شعاعه، وهذا الحذف لضرورة الشعر عند البصريين. 1 أي معشر البصريين، من الأدلة على امتناع حذف غير المرفوع. 2 فقد هيئ "لمحوا" للعمل في "شعاعه"، ثم قطع عن العمل فيه، برفعه على الفاعلية ليعشى من غير داع، بخلاف حذف الفضلة مع الأول، ففيه الفرار من الإضمار قبل الذكر، مع أنه فضلة. 3 فـ"رجلًا" فيهما تمييزللمجرور برب، والمرفوع فاعلا بنعم، والتمييز رتبته التأخير، فقد عاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وهو التمييز. 4 أي: وجاء كذلك الإضمار قبل الذكر في هذا الباب الذي نحن فيه، كمثال المصنف. 5 صدر بيت من الطويل، لم يعرف قائله، وعجزه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 والكسائي وهشام والسهيلي يوجبون الحذف1، تمسكا بظاهر قوله: تعفق بالأرطى لها وأرادها ... رجال ........................... 2 إذا لم يقل: تعففوا ولا أرادوا.   لغير جميل من خليلي مهمل اللغة والإعراب: جفوني: من الجفاء، وهو ترك المودة، الأخلاء: جمع خليل وهو الصديق، جميل: أمر حسن. مهمل تارك، وهو اسم فاعل من أهمل الأمر، إذا لم يعبأ به، ولم يلق إليه بإلا، "جفوني" فعل ماض وواو الجماعة العائدة على الأخلاء -بعده- فاعل، والنون للوقاية، والياء مفعول، "ولم أجف" جازم ومجزوم. "الأخلاء مفعول أجف "إنني" إن واسمها، والنون للوقاية، "لغير جميل" جار ومجرور متعلق بمهمل، الواقع خبرا؛ لأن ومضاف إليه، "من خليلي" جار ومجرور صفة لجميل المنفي. المعنى: هجرني الأصدقاء وقطعوا مودتي وصلتي، وتتبعوا عوراتي، ولم يقوموا بواجب الصداقة، من البر والوفاء. أما أنا فلم أقابلهم بالمثل؛ لأني أهمل وأترك ما ليس بحسن من أفعال أصدقائي. الشاهد: إعمال العامل الثاني، وهو "لم أجف" في الأخلاء، فنصبه على أنه مفعول به، وإعمال العامل الأول، وهو "جفوني" في ضميره، وهو واو الجماعة، ولزم على ذلك عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وهو جائز في هذا الباب. 1 أي حذف الضمير المرفوع، فرارا من الإضمار قبل الذكر. 2 جزء من بيت الطويل، لعلقمة بن عبدة، يمدح الحارث بن جبلة الغساني، وهو بتمامه: تعفق بالأرطى لها وأرادها ... رجال فبذت نبلهم وكليب اللغة والإعراب: تعفق: استتر. الأرطى شجر له نور وثمر، كالعناب مر تأكله الإبل، الواحدة: أرطأة، فبذت. فغلبت. نبلهم سهامهم. كليب: جمع كلب، كعبيد جمع عبد، "بالأرطى" جار ومجرور متعلق بالفعل تعفق، "لها" متعلق به أيضا، واللام للتعليل، والضمير للبقرة الوحشية، التي يستتر لاصطيادها الرجال "رجال" فاعل أرادها، "نبلهم" مفعول بذت ومضاف إليه. "وكليب" معطوف على رجال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 والفراء يقول: إن استوى العاملان في طلب المرفوع فالعمل لهما1، نحو: قام وقعد أخواك، وإن اختلفا2 أضمرته مؤخرا3، كضربني وضربت زيدا هو: وإن احتاج الأول لمنصوب لفظا أو محلا4: فإن أوقع حذفه في لبس، أو كان العامل من باب "كان" أو من "باب "ظن" وجب إضمار المعول مؤخرا، نحو: استعنت واستعان على زيد به5، وكنت وكان زيد صديقا إياه6، وظنني وظننت زيدا قائما   المعنى: استتر واختفى وراء هذه الشجرة، لاصطياد تلك البقرة الوحشية، وأراد اصطيادها رجال بالنبال، وكلاب صيد، فغلبتهم وفرت، ولم يتمكنوا من اصطيادها. الشاهد: إعمال ثاني العاملين، وهو "أراد" في رجال، وإعمال الأول، وهو تعفق في ضميره، وحذفه مع أنه نائب فاعل على رأي الكسائي ومن معه، فرارا من الإضمار قبل الذكر، ويمكن أن يجاب: بأن في تعفق ضميرا مستترا يعود إلى رجال، وهو وإن كان جمعا، فهو في تأويل المفرد، فصح استتار ضميره مفردا. وهذا البيت من القصيدة المشهورة التي مطلعها: طحا بك قلب في الحسان طروب ... بعيد الشباب عصر حان مشيب 1 لأنهما -ومطلوبهما واحد- كالعامل الواحد، فأخواك في المثال فاعل لقام وقعد، وإن اختلفا لفظا ومعنى. 2 أي في طلب المعمول، وإن كان أولهما يطلب مرفوعا. 3 إنما أخر هربا من الإضمار قبل الذكر، ولم يحذف فرارا من حذف الفاعل، وإلى هنا انتهى كلام الفراء. 4 المنصوب لفظا هو: ما يصل إليه العامل بنفسه، ومحلا: ما يصل إليه بواسطة حرف جر. 5 "استعان" الأول يطلب زيدا مجرورا بالباء، والثاني يطلبه فاعلا، فأعلمنا الثاني، وأضمرنا ضمير زيد مجرورا بالباء مؤخرا، ولم نحذفه؛ لأن حذفه يوقع في لبس؛ لأنه لا يعلم، إن كان زيد مستعانا به أو عليه، وإضماره مقدما يلزم عليه الإضمار قبل الذكر، من غير ضرورة. 6 فـ"كنت وكان" تنازعا "صديقا" على الخبرية، فأعلمنا الثاني فيه، والأول في ضميره مؤخرا، ولم يحذف؛ لأنه عمدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 إياه1، وقيل في باب "ظن"، و"كان" يضمر مقدما2، وقيل: يظهر3. وقيل يحذف وهو الصحيح؛ لأنه حذف لدليل4. وإن كان العامل من غير بابي "كان" و"ظن" وجب حذف المنصوب5، كضربت وضربني زيد، وقيل يجوز إضماره، كقوله: إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب6 ... وهذا ضرورة عند الجمهور   1 فـ"ظني" يطلب "زيدا قائما"، فاعلا، ومفعولا ثانيا، "وظننت" يطلبهما مفعولين، فأعملنا الثاني، وأضمرنا الفاعل مستترا في الأول مقدما، وأضمرنا المفعول الثاني مؤخرا، ولم نحذفه؛ لأنه عمدة في الأصل. 2 أي كالمرفوع، وذلك؛ لأنه مرفوع في الأصل. 3 فيقال في المثال السابق: ظنني قائما، وظننت زيدا قائما. 4 فإن المفسر يدل عليه والحذف اختصار جائز في بابي "كان" و"ظن" كما تقدم، وليس هنالك ما يدعو إلى الإضمار قبل الذكر، ولا إلى الفصل بين العامل الأول المهمل والمعمول إذا أضمر مؤخرا، وشرط الحذف: أن يكون المحذوف مثل المثبت، إفراد وتذكيرا وفروعهما. 5 أي لفظا ومحلا؛ لأنه فضلة مستغنى عنه. وقال صاحب التسهيل: "الحذف أولى وليس بواجب". 6 صدر بيت من الطويل، لم نقف على قائله، وعجزه: جهارًا فكن في العيب أحفظ للود وبعده: وألغ أحاديث الوشاة فقلما ... يحاول واش غير إفساد ذي عهد اللغة والإعراب: جهارا: عيانا ومشاهدة. الغيب: كل ما غاب واستتر عنك, ود ومودة ومحبة، "إذا" شرطية، "كنت" فعل الشرط، والتاء اسمها. "ترضيه" مضارع والفاعل أنت، والهاء مفعول، عائدة على "صاحب" الآتي، والجملة خبر كان، "ويرضيك" فعل ومفعول. "صاحب" فاعل يرضيك، "جهارا" منصوب على الظرفية، أي في الجهر. "فكن" الفاء واقعة في جواب "إذا"، وكن فعل أمر، واسمها أنت، في "الغيب" متعلق بمحذوف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 ........................................................................   حال من اسم كن، "احفظ" خبر كن. "للود" متعلق به. المعنى: إذا كان بينك وبين أحد صداقة، وكلاكما راض عن هذه الصداقة، عامل على بقائها، فكن في حال بعده وغيبته عنك، أكثر حفظا للمودة والصداقة. الشاهد: إعمال العامل الثاني، وهو "يرضيك: في "صاحب"، وقد أعمل الأول في ضميره، وذكر ولم يحذف للضرورة عند الجمهور، مع أنه فضلة وفيه عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة. ومجمل القول: أنناإذا أعملنا الثاني، لا نعمل الأول في ضمير معموله، إلا في ثلاث حالات، يجب في كل منها الإتيان بضمير مطابق للمعمول، ومتأخر عنه، وهي: أأن يكون المعمول المتأخر مرفوعا، كأن يكون فاعلا مطلوبا للعاملين، فجيب إلحاق الضمير المناسب بالأول، والكسائي ومن معه يوجبون حذفه، على النحو الذي ذكره المصنف، نحو: أكلت وتمهلت المريضة. ب أن يكون المصنف اسما منصوبا أصله عمدة، كمفعولي "ظن" وأخواتها، وخبر "كان" فلا يحذف، بل يضمر متأخر عن المعمول، وقيل: يضمر متقدما، وقيل: يحذف على النحو المبسوط في كلام المصنف، نحو: أظنهما، ويظن محمدحا حامدا ومحمودا مخلصين إياهما، وكنت وكان الصديق أخا إياه. ج أن يكون الضمير مجرورا لفظا، ولو حذف أوقع حذفه في لبس، فيبقى ويضمر متأخر عن المعمول، نحو: استعنت واستعان علي محمد به، وإلى ما تقدم من أحكام التنازع الناظم بإجمال فقال: وأعمل المهمل في ضمير ما ... تنازعاه والتزم ما التزما كيحسنان ويسيء ابناكا ... وقد بغى واعتديا عبداكا ولا تجئ مع أول قد أهملا ... بمضمر لغير رفع أوهلا بل حذفه الزم إن يكن غير خبر ... وأخرنه إن يكن هو الخبر   * "في "ضمير" متعلق بأعمل، "ما اسم موصول مضاف إليه. "تنازعاه" الجملة صلة، "ما" اسم موصول مفعول التزم، وجملة "التزما" من الفعل ونائب الفاعل صلته، والألف للإطلاق، كيحسنان، الكاف جارة لقول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 مسألة: 1 إذا احتاج العامل المهم إلى ضمير، وكان ذلك الضمير خبرا عن اسم، وكان ذلك الاسم مخالفا في الإفراد والتذكير، أو غيرهما للاسم المفسر له، وهو المتنازع فيه، وجب العدول إلى الإظهار، نحو: أظن ويظناني أخا الزيدين أخوين، وذلك؛ لأن الأصل: أظن ويظنني الزيدين أخوين، فأظن: يطلب "الزيدين أخوين" مفعولين2، ويظنني يطلب الزيدين فاعلا، وأخوين مفعولا، فأعلمنا الأول، فنصبنا   أي إذا أعمل أحد العاملين، وأهمل الآخر، فأعمل المهمل في ضمير الاسم المتنازع فيه، والتزم ما التزمه النحاة، وذكر الناظم مثالين: أولهما الإعمال المتأخر في الاسم الظاهر، والمتقدم في ضميره، والثاني لإعمال المتقدم في الاسم المتنازع فيه، وإعمال المتأخر في ضميره، وكلاهما يحتاج للاسم الظاهر فاعلا له، ثم ذكر أنه إذا كان الأول هو المهمل، ومعموله غير مرفوع، وهو المراد بقوله: لغير رفع أوهلا، أي أعد لغير الرافع، فلا تجئ به، بل احذفه إن كان غير عمدة في الأصل، وأضمر مؤخرا إن كان عمدة، وإن كان الطالب هو الثاني، وجب الإضمار، ولا يجوز الحذف. 1 خلاصة هذه المسألة: أنه لا يصح مجيء الاسم المتنازع فيه مع العامل المهمل، ولا حذفه، وإنما يجب أن يحل محله اسم ظاهر، وذلك إذا كان العامل المهمل محتاجا إلى مفعول به، هو عمدة في الأصل، لا يجوز حذفه، ولو أضمرناه لكان غير مطابق لمرجعه الاسم الظاهر، وسيوضح المصنف ذلك بالمثال. 2 أي: وأصلهما المبتدأ والخبر، فلا يسوغ أن يحذف واحد منهما.   محذوف، و"يحسنان" فعل وفاعل، "ابناكا" فاعل يسيء مرفوع بالألف؛ لأنه مثنى، وكاف المخاطب مضاف إليه. "عبداكا". فاعل بغى ومضاف إليه. "ولا" نافية، "تجيء" مضارع مجزوم بلا. "مع" ظرف متعلق بتجئ "أول" مضاف إليه. "قد أهملا" نائب الفاعل يعود إلى أول، والجملة في محل جر صفة له، "بمضمر" متعلق بتجئ. "لغير" متعلق بأوهل، "رفع" مضاف إليه. "أوهلا" ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى مضمر، والجملة صفة له. ومعنى أوهل: أعد وجعل أوهلا له، "بل" حرف عطف ومعناها هنا: الانتقال "حذفه" مفعول ألزم مقدم ومضاف إليه. "إن يكن" وشرط فعله. "غير" خبر يكن"، وأخرنه" أمر مؤكد بالنون الخفيفة، والهاء مفعولة. "إن يكن" شرط وفعله" واسم يكن يعود إلى مضمر. "هو" ضمير فصل. "الخبر" خبر يكن، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 الاسمين وهما: "الزيدين أخوين"، وأضمرنا في الثاني ضمير الزيدين وهو الألف1، وبقي علينا المفعول الثاني يحتاج إلى إضماره، وهو خبر عن ياء المتكلم2، والياء مخالفة لأخوين الذي هو مفسر للضمير الذي يؤتى به، فإن الياء مفرد والأخوين تثنية، فدار الأمر بين إضماره مفردا ليوافق المخبر عنه3، وبين إضماره مثنى ليوافق المفسر4، وفي كل منهما محذور، فوجب العدول إلى الإظهار، فقلنا: "أخا"، فوافق المخبر عنه، ولم يضره مخالفته لأخوين؛ لأنه اسم ظاهر لا يحتاج إلى ما يفسره5، هذا تقدير ما قالوا. والذي يظهر لي: فساد دعوى التنازع في الأخوين، لكونه مثنى، والمفعول الأول مفرد6. وعن الكوفيين أنهم أجازوا فيه وجهين: حذفه، وإضماره7، على وفق المخبر عنه.   1 أي ألف التثنية في "يظناني" وبذلك استوفى فاعله، ومفعوله الأول، وهو ياء المتكلم. 2 أي يحسب الأصل، أما الآن فهي مفعول أول ليظن. 3 أي: وهو الياء؛ لأن أصلهما مبتدأ خبر، فتقول: أظن ويظناني إياه. 4 وهو أخوين. فيقال: أظن ويظناني إياهما. 5 إجمال القول: أننا إنما أظهرنا المفعول الثاني ليظناني، وقلنا "أخا"، ولم نضمره؛ لأننا لو أضمرناه مفردا، لطباق المفعول الأول، وهو ياء المتكلم في الإفراد، وخالف يعود عليه، وهو "أخوين"، فلا يطابق لمفسر المفسر في التثنية، ولو أضمرناه مثنى، لطابق ما يعود إليه وخالف المفعول الأول، مع أنه خبر عنه في الأصل، ولا بد من المطابقة بين المبتدأ والخبر، وكلاهما ممنوع عند البصريين، فلما تعذر الإضمار أظهرنا، ولم نحتج إلى مفسر، وكذلك الحكم لو أعلمنا الثاني، نحو: يظناني وأظن الزيدين أخوين أخا. 6 فهو غير مطابق لمفعوله الأول، وهو الياء. وعلى ذلك فلم يتوجه العاملان إليه، وقد عمل كل منهما في ظاهر، فلا تكون المسألة من باب التنازع. 7 أي مقدما، فيقولون على الحذف: أظن ويظناني الزيدين أخوين، ويحذفون "أخا"، لدلالة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 .............................................................................................   أخوين عليه، ويقولون على الإضمار: أظن ويظناني إياه الزيدين أخوين، وإن أعملنا الثاني فالحكم كذلك، ولكن يضمر مؤخرا. وقد أشار الناظم إلى تلك المسألة -التي يحل فيها الظاهر محل الضمير- بقوله: وأظهر أن يكن ضمير خبرا ... لغير ما يطابق المفسرا نحو أظن ويظناني أخا ... زيدا وعمرا أخوين في الرخا أي ائت بمفعلو الفعل المهمل اسما ظاهرًا، إذا لزم من إضماره عدم مطابقته لما يفسره، لكونه خبرا في الأصل لا يطابق المفسر، ثم ذكر الناظم المثال الذي ذكره المصنف وأوضحناه، والرخا: سعة الرزق، وقصر للنظم. خاتمة: ألا يأتي التنازع في التمييز والحال؛ لأن كلا منهما لا يضمر لوجوب تنكيره. ب يجب إعمال الأول إذا وقعت بعده "لا"، نحو: أكرمت لا أهنت السائل؛ لأن "لا" تجعل الحكم لما قبلها مثبتًا، فما بعدها لا يطلب المعمول، كما يجب إعمال الثاني، في نحو: أكرمت بل أهنت السائل؛ لأن "بل" تجعل الحكم لما بعدها، فما قبلها مسكوت عنه، فلا يطلب المعمول. ج كما يكون المعمول اسما ظاهر، يكون ضميرا، بشرط أن يكون منفصلا، مرفوعا، أو منصوبا، أو متصلا مجرورا، نحو: محمد إنما سافر ورجع، وما زرت وصافحت إلا إياه وسررت وفرحت به. د لا تنازع في مثل: ما قام وقعد إلا محمد؛ لأن الإضمار في المهمل بدون "إلا" يعكس المعنى المراد من الإثبات على وجه الحصر، إلى النفي، والإضمار معها يؤدي إلى خلاف المسموع، وما ورد ما ظاهره جواز ذلك، كقول الشاعر: ما صاب قلبي وأضناه وتيمه ... إلا كواعب من ذهل بن شيبانا فيؤول على أنه من الحذف لدليل، لا من باب التنازع.   * "وأظهر" فعل أمر وحرك بالكسر، للتخلص من الساكنين "اسم يكن" "خبرا" لغيرها متعلق بخبرا، "ما" اسم موصول مضاف إليه. "يطابق المفسرا" الجملة صلة ما. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "أظن" مضارع فاعله أنا, "ويظناني" فعل وفاعل مفعول أول، "أخا" مفعول ثان ليطناني "زيدا" مفعول أول لأظن "وعمرا" معطوف عليه، "أخوين" مفعول ثاني لأظن. "في الرخا" تنازع فيه كل من "أظن"، و"يظناني". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 .............................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف التنازع، وبين ما يشترط في العامل في هذا الباب، ومثل لما تقول. 2 إذا أعملت الأول في الاسم المتنازع فيه، فما حكم العامل الثاني، من حيث العمل؟ والعكس؟ مثل ووضح. 3 أشرح قول الناظم الآتي، وأت بمثال من إنشائك: وأظهر إن يكن ضميرا خبرا لغير ما يطابق المفسرا 4 يستشهد مما يأتي في هذا الباب، وبين موضع الشاهد، وموقع إعراب ما تحته خط: قال تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} . {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} . {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} . طلبت فلم أدرك بوجهي فليتني ... قعدت ولم أبغ النوى عند سائب كساك ولم تستكسه فاشكرن لهم ... أخ لك يعطيك الجزيل وناصر هوينني وهويت الغانيات إلى ... أن شبت فانصرفت عنهن آمالي جئ ثم حالف وف بالقوم إنهم ... لمن أجاروا ذوو عز بلا هون 5 بين فيما يأتي: أالعامل وحكمه. ب المتنازع فيه. ج الحكم من حيث الإضمار والحذف، وعلل لما تقول. زرت وزارني صديقي، قابل وحادثهم الضيوف الكرماء، ولا تستقبل وتجامل اللئام، هل غرس وقطع البستاني الأشجار؟ عاتبت وشكرت أخاك عند مقابلتي إياه، أخذ وفر اللص ولم أمسك به. رغبت فيهم ورغب عني زملائي؛ لأن يهجروك. وتباعد البخلاء، خير من أن تداري، ويعتدون الجهلاء. خذ ودونك هذا الكتاب. 6 أعمل في الجمل الآية: العامل الأول، وأهمل الثاني، وأعط كلا حكمه: أقبلا وحييت زميلاك إكراما لك، تألموا ونصحت إخوانك بالمثابرة، والجد في العمل، خلا وسكنت منزلي منذ شهرين، وودعت بالأمس ابني إلى السودان. أتعبتني وأخذت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 .............................................................................................   الكثير من وقتي هذه التطبيقات. 7 أعمل في الجمل الآتية: العامل الثاني، وأهمل الأول، وأعط كلا ما يستحقه: زارني وسراني صديقاك بأخبار نجاحهما، نصحني وأطعتهم الأطباء، فشفيت من آلامي باع واشترى المسافرون، وعادوا إلى وطنهم مسرورين، أعطيت وبخلوا الزملاء، دارت ورجعن إلى نصابها الأمور. 8- أعرب البيت الآتي، واشرحه، وبين ما فيه من شاهد: ما جاد رأيا ولا أبدى محاولة ... إلا امرؤ لم يضع دنيا ولا دينا 9 هناك حالة لا يصح فيها مجيء الضمير لتعويض الأخير المهمل، وإنما يجب أن يحل محله اسم ظاهر، اذكر هذه الحالة، واشرحها بمثال من عندك. 10 ذكرنا أن لا بد أن يكون بين العاملين، أو العوامل نوع من الارتباط، اشرح ذلك، ووضحه بأمثلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 باب المفعول المطلق: أي الذي يصدق عليه قولنا: "مفعول" صدقا غير مقيد بالجار1. وهو: اسم يؤكد عامله2، أو يبين نوعه، أو عدده، وليس خبرا ولا حالا، نحو: ضربت ضربا، أو ضرب الأمير، أو ضربتين، بخلاف نحو: ضربك ضرب أليم3، ونحو: {وَلَّى مُدْبِرًا} 4. وأكثر ما يكون المفعول المطلق مصدرًا.   هذا باب المفعول المطلق: 1 أي: بخلاف بقية المفاعيل، فإن منها ما هو مقيد بحرف جر، كالمفعول به، أو له، أو فيه، أو بظرف: كالمفعول معه. 2 أي ما يفيد ما أفاده العامل من الحدث لا غير، أو المراد: المصدر الذي تضمنه العامل، وذلك ليتحد المؤكد والمؤكد؛ لأن الفعل يدل على الزمان والحدث، والمصدر يدل على الحدث لا غير. 3 فإن "ضرب" الثاني ليس مفعولا مطلقا، وإن بين النوع بالوصف بعده، وإنما هو خبر عن ضربك. 4 فإن "مدبرا" وإن كان توكيدا للعامل، وهو "ولى"؛ لأنه بمعناه -لكنه ليس مفعولا مطلقًا، بل هو حال من فاعل "ولى". وقد أشار الناظم إلى هذه المعاني الثلاثة، التي يفيدها المفعول المطلق بقوله: توكيدا أو نوعا يبين أو عددا ... كسرت سيرتين سير ذي رشد أي أن المصدر يفيد عامله وتقريره، أو يبين نوعه، أو يبين عدد مراته، ولا بد من إفادة التوكيد مع هذين، ثم ذكر الناظم مثلا لذلك، فـ"سيرتين" لبيان العدد مع التوكيد، و"سير ذي رشد"، لبيان النوع مع التوكيد.   * "توكيدا" مفعول مقدم ليبين"، "أو نوعا" معطوف عليه. "يبين" مضارع فاعله يعود على المصدر. "أو عدد" معطوف على "نوعا"، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. "كسرت" الكاف جارة لقول محذوف، "سيرتين" مفعول مطلق يبين العدد، "سير ذي رشد" مفعول مطلق يبين النوع، مضاف إلى ما بعده، وسكن للوقف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 والمصدر: اسم الحدث الجاري على الفعل1. وخرج بهذا القيد نحو: اغتسل غسلا، وتوضأ وضوءا، وأعطى عطاء، فإن هذه أسماء مصادر2. وعامله: إما مصدر مثله3، نحو: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا} ، أو ما اشتق منه، من فعل4، نحو: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ، أو وصف5، نحو:   1 أي المشتمل على حروف الفعل. 2 لأنها لم تجر على أفعالها، لنقصان حروفها عن أحرف الأفعال. وقياس مصادرها الاغتسال -والتوضؤ- والإعطاء، وإلى معنى المصدر يشير الناظم بقوله: المصدر اسم ما سوى الزمان من ... مدلولي الفعل كأمن من أمن أي أن المصدر اسم يدل على شيء غير الزمان، من المدلولين الذين يدل عليهما الفعل، وهما الحدث والزمان، وما سوى الزمان من المدلولين، هو الحدث المجرد وحده، ومثل الناظم بـ"أمن" من الفعل "أمن"؛،فالأمن يدل على المعنى المجرد، الذي هو أحد شيئين يدل عليهما "أمن"، وهما: الحدث والزمن الماضي، وسمي المصدر مصدرًا؛ لأن فعله صدر عنه، وهو أيضا مصدر، وأصل المشتقات على الصحيح، والفرق بين المصدر واسمه: أن المصدر يدل الحدث المجرد بنفسه، أما اسم المصدر فيدل على الحدث بوساطة المصدر، فمدلوله لفظ المصدر، وسيأتي إيضاح ذلك في "باب المصدر". 3 سواء كان من لفظه ومعناه، كما مثل المصنف، أو من معناه فقط، نحو: يعجبني إيمانك تصديقًا. 4 بشترط أن يكون متصرفا تاما، وغير ملغي عن العمل، فخرج الفعل الجامد، كفعل التعجب، والناقص، مثل كان، والملغي، مثل: ظن عند إلغائها، فلا يقال: ما أحسن محمد حسنا، ولا كان علي مسافرا كونا، ولا علي قائم ظننت ظنا. 5 أي متصرف بعمل عمل الفعل، كاسم الفاعل، واسم المفعول، وأمثلة المبالغة، دون أفعل   * "المصدر اسم" مبتدأ وخبر "ما" اسم موصول مضاف إليه. "سوى" ظرف مضاف إلى "الزمان" متعلق بمحذوف صلة ما. "من مدلولي" جار ومجرور متعلق بما تعلق به سوى، أو أحال من ضمير الصلة، "الفعل" مضاف إليه. "كأمن" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، "من أمن" متعلق بمحذوف أيضًا، صقة لأمن المصدر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} 1. وزعم بعض البصريين أن الفعل أصل للوصف2، وزعم الكوفيون أن الفعل أصل لهما3.   التفضيل، والصفة المشبهة. 1 هذا مثال لاسم الفاعل، ومثال اسم المفعول: اللص مضروب ضربا أليمًا، وأمثلة المبالغة محمد شراب شربا، وأجاز المصنف عمل الصفة المشبهة كاسم الفاعل، تقول: الحزين حزنا مفرطا يسيء إلى نفسه. 2 الذي زعم هذا: هو الفارسي واختاره عبد القاهر، فيكون فرع الفرع. 3 أي للمصدر والوصف، والصحيح كما أسلفنا: أن المصدر أصل للفعل والوصف؛ لأن من شأن الفعل أن يكون فيه ما في الأصل وزيادة. والفعل والوصف مع المصدر كذلك؛ لأنه يدل على مجرد الحدث، وكل منهما يدل على الحدث وزيادة، فالفعل يدل على الحدث والزمان، والصفة تدل على الحدث والموصوف. وإليه ما تقدم يشير الناظم بقوله: بمثله أو فعل أو وصف نصب ... وكونه أصلًا لهذين انتخب أي أن المصدر قد ينصب بمصدر مثله، أو بفعل، أو بوصف، والمختار أنه أصل للفعل والوصف. هذا: ولما كان المصدر لا يكون إلا اسم معنى، كان الاشتقاق من أسماء الأعيان والجواهر غير مقيس، ويقتصر فيه على السماع، وقد يحدث المجمع اللغوي هذه المسألة ورأى أن العرب قد اشتقت كثيرا من أسماء الأعيان، كالذهب والفضة، والدينار، والدرهم، فقالوا: مذهب، ومفضض، ومدنر، ومدرهم، وقالوا: هذا الشيء مترب، ومموه، ومرمل، من التراب، والماء، والرمل. فرأى أنه من الخير والتيسير، ألا نقف جامدين أمام تطور العلوم والاصطلاحات الكميائية   * "بمثله" متعلق بنصب الآتي، "أو فعل أو وصف" معطوفان على مثل "نصب" ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود على المصدر، "وكونه" مبتدأ والهاء اسم كان مضاف إليه، من إضافة مصدر الناقص إلى اسمه. "أصلًا" خبر كان الناقصة. "لهذين" متعلق بأصلا، أو بمحذوف صلة له. "انتخب" ماض للمجهول، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 فصل: ينوب عن المصدر في الانتصاب على المفعول المطلق ما يدل على المصدر1، من صفة، كسرت أحسن السير2، واشتمل الصماء3، وضربته ضرب الأمير اللص، إذ الأصل: ضربا مثل ضرب الأمير اللص، فحذف الموصوف ثم المضاف أو ضميره4، نحو عبد الله أظنه جالسا5، ونحو: {لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا} 6، أو إشارة إليه7، كضربته ذلك الضرب8، أو مرادف له نحو: شنئته بغضا، وأحببته   والطبيعة والطيبة والحيوية. وقرر إجازة الاشتقاق في لغة العلوم عند الحاجة، فيقال: منحس، من النحاس، ومقصدر، من القصدير، ومكهرب من الكهرباء، ومنشى، من النشا ... إلخ. 1 أي عند حذفه وهذه الصور الآتية، للمفعول المطلق المبين لنوع عامله. 2 الأصل: سرت السير أحسن السير، فحذف الموصوف ودلت عليه إضافة الصفة إلى مثله، ونابت منابه. 3 الأصل الشملة الصماء، فحذف الموصوف ونابت الصفة منابه، والشملة الصماء أن يجلل المرء جسده بثوبه، ويضم طرفيه كما يفعل الإعراب بأكسيتهم، فيرد الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الأيسر، ثم يرده ثانية من خلفه اليمنى وعاتقه الأيمن فيغطيهما جميعًا. 4 أي الضمير العائد على مثل المصدر المحذوف، وقوله: "أو ضميره" معطوف على قوله "من صفة". 5 فـ"عبد الله" أول. ومضاف إلي لأظن و"جالسا" مفعوله الثاني، والهاء في أظنه ضمير المصدر المفهوم من أظنه، أي الظن، وهو نائب عنه في الانتصاب على المفعولية المطلقة، أي أظن ظنا، فهو نائب عن مصدر مؤكد. 6 تقديره: لا أعذاب هذا التعذيب الخاص أحدا، فالضمير هنا نائب عن مصدر نوعي. 7 أي إلى المصدر، سواء كان اسم الإشارة متبوعا بالمصدر كمثال المصنف، أم لا، كضربته ذلك والغالب أن يكون بعده مصدر مثل المحذف. 8 اسم الإشارة وهو "ذلك"، مفعول مطلق نائب عن المصدر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 مقة1، وفرحت جذلًا، وهو بالذال المعجمة مصدر جذل بالكسر، أو مشارك له في مادته وهو ثلاثة أقسام: اسم مصدر، كما تقدم، واسم عين2، ومصدر لفعل آخر، نحو: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتًا} 3، {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} 4، والأصل: إنباتا، وتبتلا، أو دال على نوع منه، كـ"قعد القرفصاء"، ورجع القهقري5، أو دال على عدده، كـ"ضربته عشر ضربات"6، {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة} ، أو آلته7، كضربته سوطًا أو عصا8.   1 "بغضا" مفعول مطلق نائب عن شنأ المرادف للبغض، و"مقة" مفعول مطلق نائب عن محبة، والمقة: المحبة، وهي مصدر ومقه، كورثه، أحبه فهو وامق. 2 أي ذات مجسمة. 3 فـ"نبات" اسم عين للشيء النابت من زرع وغيره، وقد ناب عنه "إنباتا" الذي هو مصدر أنبت. 4 فـ"تبتيلا" مصدر للفعل "بتل" وقد ناب عن التبتل، الذي هو مصدر للفعل "تبتل" ولم يعتبر "التبتل" اسم مصدر للفعل بتل؛ لأن حروفه تزيد على حروف مصدر هذا الفعل، واسم المصدر -على الصحيح- لا بد أن تقل حروفه عن حروف مصدر الفعل الذي يجري على مقتضاه في الاشتقاق. 5 أي قعد قعود القرفصاء، ورجع رجوع القهقري، وهي الرجوع إلى الخلف، والقرفصاء: نوع من القعود، وهو أن يجلس الشخص على إليتيه وفخذاه ملتصقان ببطنه، يحيط بهما ذراعاه، أو ينكب على ركبتيه ويلصق بطنه بفخذيه، وكفاه تحت إبطه، وكذلك القهقري: نوع من الرجوع، وهما نائبان عن المصدر؛ لأنهما من غير لفظ العامل، أما إذا استعملا فعليهما المشاركين لهما في المادة وهما "قرفص" و"قهقر" فهما مصدران أصليان. 6 فـ"عشر" نائب عن المصدر، والأصل ضربته ضربا عشر ضربات، فحذف المصدر وناب عنه عدده. 7 أي الآلة التي تستخدم لإيجاد معنى المصدر وتحقيقه. 8 الأصل: ضربته ضربا بسوط أو عصا، أو ضرب سوط أو عصا، فحذف المصدر، وأقيمت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 أو "كل"، نحو: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} 1، وقوله: يظنان كل الظن أن لا تلاقيا2 أو"بعض"، كـ"ضربته بعض الضرب".   الآلة مقامه، ويشترط أن تكون الآلة معهودا استخدامها في إحداث معنى المصدر، فلا يصح: ضربته شجرة. 1 "كل" مفعول مطلق نائب عن مصدر محذوف، أي ميلا كل الميل. 2 عجز بيت من الطويل، لقيس بن الملوح، المعروف بمجنون ليلى، وصدره: وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما اللغة والإعراب: الشتيتين: المتفرقين مثنى شتيت، يريد المحبين المتباعدين اللذين لا يقدران على الاجتماع، "بعد" ظرف متعلق بيجمع، "ما" مصدرية. "يظنان" مضارع مرفوع بثبوت النون والألف العائدة على الشتيتين فاعل "وما"، وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بإضافة "بعد" إليه، "كل" مفعول مطلق نائب عن المصدر، "الظن" مضاف إليه. "أن"، مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن، "لا" نافية للجنس. "تلاقيا" اسمها والألف للإطلاق وخبرها محذوف، والجملة خبر أن، وجملة أن واسمها وخبرها سدت مسد مفعولي ظن. المعنى: يمني نفسه بقرب اجتماعه بليلى وعدم اليأس من ذلك، فيقول: إنه -سبحانه وتعالى- قادر على أن يجمع شمل المتباعدين، بعد أن يكون عندهما ظن محقق، أنه لا يمكن التلاقي والاجتماع. الشاهد: نصب لفظ "كل" على أنه مفعول مطلق نائب عن المصدر، والأصل: ظنا كل الظن. ويشترط في نيابة، "كل" و"بعض" عن المصدر: أن يضاف كلا منهما إلى مثل المصدر المحذوف، كما في البيت والآية، ومثل "كل" و"بعض": ما يؤدي معناهما من الألفاظ الدالة على العموم أو على البعضية، مثل: "جميع"، و"عامة" و"نصف" و"شطر". ومما ينوب عن المصدر: "ما" الاستفهامية" في نحو: ما تزرع حديقتك؟ أي، أي زرع تزرع حديقتك، و"ما" الشرطية، نحو: ما شئت فاعمل، أي: أي شئته فاعمله. وهذه الأشياء التي ذكرناها، منها ما ينوب عن المصدر المؤكد غالبا، وهي: المرادف، واسم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 مسألة: المصدر المؤكد لا يثنى ولا يجمع باتفاق، فلا يقال: ضربين ولا ضروبا؛ لأنه كماء، وعسلٍ1، والمختوم بتاء الوحدة، كضربة بعكسه2باتفاق، فيقال: ضربتين وضربات؛ لأنه كتمرة وكلمة، واختلف في النوعي، فالمشهور الجواز3، وظاهر مذهب سيبويه المنع، واختاره الشلوبين.   المصدر، والمشارك في المادة، وما ينوب عن المبين للنوع أو العدد، وهي: الوصف، والضمير، والإشارة، والعدد والآلة، وكل، وبعض، وما في معناهما، وكلها تتلخص في شيء واحد، وهو وجود ما يدل عليه عند حذفه، وفي ذلك يقول الناظم: وقد ينوب عنه ما عليه دل ... كجد كل الجد وافرح الجذل أي ينوب عن المصدر عند حذفه، كل شيء يدل عليه، وقد مثل الناظم بنائبين، هما: لفظ "كل" مضافا إليه المصدر، والمرادف وهو الجذل، بمعنى الفرح. 1 أي مقصود به معنى الجنس، فهو يدل بنفسه على القليل والكثير، فيستغنى بهذه الدلالة عن الدلالة العددية، في التثنية والجمع. وأيضًا فهو بمنزلة تكرار الفعل، والفعل لا يثنى، ولا يجمع. ومثله في ذلك ما ينوب عنه. 2 أي يثنى ويجمع. 3 أي جواز تثنية وجمعه، وذلك إذا اختلفت أنواعه، وقد جاء في القرآن الكريم: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ} ، ومثله المبين للعدد، ويجوز تقديمها على العامل، ولا يعملان شيئا فليس لها فاعل ولا مفعول. ويرى ابن مالك المنع في المؤكد، والجواز في غيره، وفي ذلك يقول: وما لتوكيد فوحد أبدا وثن واجمع غيره وأفردا* أي أن المصدر الدال على التوكيد يجب توحيده، أي إفراده، فلا يثنى ولا يجمع. أما غيره فثنه إن شئت، واجمعه، أو اجعله مفردا.   * "قد" حرف تحقيق، "عنه" متعلق بينوب، والضمير عائد على المصدر المتأصل في المفعولية، وهو ما كان من لفظ عامله، "ما" اسم موصول فاعل ينوب. "عليه" متعلق بدل، وجملة "دل" صلة ما. "كجد" الكاف جارة لقول محذوف. "كل" مفعول مطلق نائب عن المصدر، "الجد" مضاف إليه. * "وما" اسم موصول مفعول لواحد بعده، "لتوكيد" متعلق بمحذوف صلة ما، "فوحد" الفاء زائدة و"وحد" فعل أمر، "أبدا" ظرف، "غيره" مفعول تنازعه كل من ثن واجمع، فاعمل الثاني، وحذف ضميره من الأول؛ لأنه فضلة. "وأفردا" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة، المقلوبة ألفًا للوقف، والفاعل أنت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 فصل: اتفقوا على أنه يجوز لدليل مقالي1، أو حالي، حذف عامل المصدر غير المؤكد2، كأن يقال: ما جلست؟ فتقول: بلى جلوسا طويلا، أو بلى جلستين3، وكقولك لمن قدم من سفر: قدوما مباركا4. وأما المؤكد، فزعم ابن مالك أنه لا يحذف عامله؛ لأنه إنما جيء به لتقويته وتقرير معناه، والحذف مناف لهما5، ورده ابنه بأنه قد حذف جوازًا، في نحو:   1 الدليل المقالي: الذي يكون مرجعه إلى القول والكلام، أما الحالي: فهو الذي يعمد على المشاهدة أو نحوها، مما يحيط بالشخص، ويجعله يفهم أمرا مستنبطا مما حوله، ولا شأن له بالقول والكلام. 2 وهو المبين للنوع أو العدد. 3 فـ"جلوسا" مصدر نوعي، لوصول بالطول، حذف عامله جوازا، لدليل مقالي، وهو "ما جلست؟ "، والتقدير: "بلى جلست جلوسا طويلا" و"جلستين" مصدر عددي حذف عامله لذلك، والتقدير: بلى جلست جلستين". 4 فـ"قدوما" مصدر نوعي حذف عامله لدليل حالي، وهو المشاهدة، والتقدير: قدمت قدوما مباركا، ومثال حذف عامل العددي لدليل حالي: أن ترى خيل السباق، وهي تدور في الملعب، فتقول: دورتين: والتقدير: دارت دورتين. 5 ومن أجل ذلك لا يصح تثنيته، ولا جمعه، ولا أن يرفع فاعلا، أو ينصب مفعولا، أو يتقدم على عامله، أو يحذف عامله؛ لأن الحذف مناف لتلك الحكمة، مناف للغرض من الإتيان بالمصدر المؤكد، وفي هذا يقول الناظم: وحذف عامل الموكد امتنع ... وفي سواه لدليل متسع أي أنه يمتنع حذف عامل المصدر المؤكد، متسع للحذف في غيره، كالمبين للنوع أو العدد، وذلك عند وجود دليل يدل على المحذوف.   * "وحذف" مبتدأ، وما بعده مضاف إليه. "امتنع" فاعله يعود على حذف، والجملة خبر المبتدأ، وفي "سواه" ومجرور خبر مقدم، "لدليل" متعلق بمتسع الواقع مبتدأ مؤخرا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 أنت سيرا1، ووجوبا في: أنت سيرا سيرا، وفي نحو: سقيا ورعيا2، وقد يقام المصدر مقام فعله فيمتنع ذكره معه3، وهو نوعان: ما لا فعل له، نحو: "ويل زيد"4، و"يحه". بله الأكف ... 5   1 أي مما وقع فيه المصدر خبرا عن اسم عين، غير مكرر ولا محصور. 2 أي إذا كان مكررا، نحو: أنت سيرا سيرا، أو محصورا، نحو: ما أنت سيرا، وإنما أنت سيرا، أو غير ذلك، نحو: سقيا ورعيا، وحمدا وشكرا، وإنما وجب الحذف في ذلك، لقيام التكرار والحصر مقام العامل، ويجاب عن الناظم بأن هذه المصادر ليست من المؤكد الآن، بل المصدر فيها نائب مناب الفعل وعوض منه، بدليل أنه يمتنع الجمع بينهما، ولا شيء من المؤكدات يمتنع الجمع بينه، وبين المؤكد. 3 هذا كالاستثناء من قوله: "وحذف عامل المؤكد امتنع"، فهو من قسم المصدر المؤكد؛ لأن الذي ينوب عن العامل المحذوف هو المصدر المؤكد، ويرى بعض الباحثين: أن الأفضل اعتبار المصدر النائب عن فعله قسما مستقلا، زائدا على الأقسام الثلاثة المتقدمة؛ لأن كثيرا من المصادر النائبة عن عاملها قد يكون مؤكدا لعامله، والأصل في المؤكد ألا يعمل، ولا يحذف عامله، والنائب هنا يعمل، ويحذف عامله، فيقع التعارض بين حكم المؤكد هنا، وحكمه في ناحية أخرى. 4 هو وما بعده: مصدر نائب عن فعله، مضاف إلى المفعول. 5 لعله يشير بهذا إلى بيت من الكامل، لكعب بن مالك الصحابي، من قصيدة قالها في غزوة الخندق، يصف شدة فتك السيوف بالأعداء، وهو بتمامه: تذر الجماجم ضاحيا هاماتها ... بله الأكف كأنها لم تخلق اللغة والإعراب: تذر: تترك، الجماجم: جمع جمجمة، وهي عظم الرأس المشتمل على الدماغ، ضاحيا: بارزا للشمس، هاماتها: جمع هامة، وهي الرأس. "تذر" فعل مضارع فاعله يعود على السيوف."ضاحيا" حال من الجماجم، "هاماتها" فاعل ضاحيا ومضاف إليه. "بله" مصدر نائب عن فعل من معناه. "الأكف" مضاف إليه، وروي "الأكف" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 فيقدر له عامل من معناه1، على حد: قعدت جلوسا. وما له فعل وهو نوعان: واقع في الطلب2، وهو الوارد دعاء، كسقيا، ورعيا، وجدعا3، أو أمرا أو نهيا، نحو: قياما لا قعودا4، ونحو: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} ، وقوله: فندلا زريق المال ندل الثعالب5 كذا أطلق ابن مالك، وخص ابن عصفور الوجوب بالتكرار، كقوله:   بالنصب، على أن "بله" اسم فعل أمر بمعنى اترك، والأكف مفعوله. المعنى: أن هذه السيوف شديدة الفتك بالأعداء، تترك رءوسهم -بعد فصلها عن أجسامهم- معرضة للشمس على أرض المعركة، أما الأكف فليس لها أثر، كأنها لم تخلق. الشاهد: جر الأكف، على أن "بله" مصدر ليس له فعل من لفظه "والأكف" مضاف إليه، وروي "الأكف"، على أنه "بله" اسم فعل أمر، و"الأكف" مفعوله، كما بينا. 1 فيقدر في ويل زيد، أحزن الله زيدا ويله، أو أهلكه، أو عذبه، وفي ويح زيد، رحم الله زيدا ويحه. وفي بله الأكف، اترك ترك الأكف؛ لأنه بله بمعنى ترك، ومثل "ويل" في معنى الهلاك والعذاب. "ويب"، ويب اللص، أي أهلكه الله. ومثل "ويح" في الترحم وإظهار الشفقة "ويس". 2 أي في أسلوب إنشائي مقصود به الطلب، سواء كان طلب فعل أو ترك، أو إقرار للشيء، أو عدم إقراره. 3 "سقيا ورعيا" دعاء بالخير أي سقاك الله سقيا، ورعاك رعيا، و"جدعا" دعاء بالشر، والجدع: قطع ظرف الأنف، أو الشفة، أو الأذن، ونحو ذلك، ومثله: بعد، وسحقا، وبؤسا. 4 أي قم قياما لا تقعد قعودا، فقياما وقعودا منصوبان بفعل محذوف وجوبا. ولا يجوز حذف المضارع المجزوم بلا الناهية، إلا في هذه الصورة. 5 عجز بيت من الطويل، لمحمد بن عبد الله الأنصاري، وقيل لأعشى همدان يهجو لصوصا، وصدره: على حين ألهى الناس جل أمورهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 فصبرا في مجال الموت صبرا1   وقبل هذا البيت: يمرون بالدهنا خفافا عيابهم ... ويرجعن من دارين بجر الحقائب اللغة والإعراب: الدهنا: موضع بنجد: وهو ممدود، وقصر للشعر، عيابهم: جمع عيبة، وهي الوعاء يوضع فيه الزاد والثياب، كالحقيبة، دارين: موضع بالبحرين، مشهور بالمسك، ويقال: مسك داري: بجر: جمع أبجر، وهو العظيم البطن، وإضافته للحقائب من إضافة الصفة للموصوف، الحقائب جمع حقيبة، وهي العيبة، ألهى الناس: شغلهم، من الإلهاء، وهو شغلك عن الشيء، جل معظم وأثر، ندلا: الندل: التناول والاختطاف بسرعة وخفة، زريق: اسم قبيلة أو رجل. "على حين" جار ومجرور متعلق بيمرن في البيت قبله. "يروى" بالفتح على البناء، لإضافته لجملة "ألهى"، وبالكسر على الإعراب. "الناس" مفعول ألهى. "جل أمورهم" فاعله ومضاف إليه، "فندلا" مفعول مطلق لمحذوف، أي اندل، "زريق" منادى بحذف حرف النداء، "المال" مفعول لندلا"، لتباينه عن الفعل، "ندل الثعالب" مفعول مطلق مبين للنوع، ومضاف إليه، أو منصوب على نزع الخافض، متعلق بمحذوف صفة لندلا، أي مثل ندل الثعالب. المعنى: أن هؤلاء اللصوص يخرجون للسرقة، فيمرون بالدهنا وحقائبهم فارغة، ثم يسرقون ويرجعون من دارين، وقد امتلأت حقائبهم بما سرقوا، وهم ينتهزون فرصة اشتغال الناس بأمورهم، ومهامهم، ويوصي بعضهم بعضا بسرعة الخطف والحيلة، كما تفعل الثعالب، والثعلب يضرب به المثل في ذلك. فيقال: أخطف من ثعلب. الشاهد: في وقوله، "ندلا"، فهو مصدر نائب عن فعله، وهو واقع في الطلب؛ لأن معناه، اندل، أي اخطف، هل ينوب هذا المصدر عن الفعل في الدلالة على معناه؟ وفي تحمل ضميره المستتر الذي كان فاعلا له، فيصير بعد الحذف فاعلا للمصدر؟ أي ينوب عن الفعل المحذوف وفاعله معا، فلا يحتاج لفاعل؟ قولان، والأول أحسن؛ لأنه يساير القواعد، والثاني أيسر وأخف. 1 صدر بيت من الوافر، لقطري بن الفجاءة، الخارجي المعروف، وعجزه: فما نيل الخلود بمستطاع وهذا البيت من قصيدته المشهورة التي، مطلعها: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 أي مقرونا باستفهام توبيخي، نحو: أتوانيا وقد جد قرناؤك؟ 1 وقوله: ألؤما لا أبا لك واغترابا2   أقول لها وقد طارت شعاعا ... من الأبطال ويحك لن تراعي فإنك لو سألت بقاء يوم ... على الأجل المقدر لم تطاعي الضمير في "لها" يرجع إلى النفس المفهومة من سياق الكلام، شعاعا: متفرقة، يريد بذلك المبالغة في الجزع والفزع، لن تراعي: لن تخافي ولن تجزعي. اللغة والإعراب: مجال الموت: مكان المعركة الذي يجول فيه الفرسان، الخلود: البقاء المستمر، "صبرًا" مصدر قائم مقام فعل الأمر، أي اصبري، "في مجال الموت" متعلق به، ومضاف إليه، "صبرًا" الثاني توكيد للأول. "فما" الفاء للتفريغ، و"ما" نافية "نيل الخلود" مبتدأ، أو اسم ما على أنها عاملة، والخلود مضاف إليه. "بمستطاع" خبر على زيادة الباء. المعنى: اصبري أيتها النفس، ولا تيأسي، واثبتي في مواطن القتال، حتى النصر أو الموت الشريف، فإن الفرار لا ينجي، والبقاء المستمر في هذه الحياة الدنيا غير ممكن، فلكل أجل كتاب. الشاهد: أن تكرار المصدر القائم مقام فعل الأمر -وهو "صبرا"- هو الذي أوجب حذف العامل، على رأي عصفور، ومن تبعه، أما ابن مالك، وغيره: فيرى وجوب الحذف، متى كان المصدر واقعا موقع فعل الأمر، من غير قيد. 1 أي: أتتوانى توانيا؟ وهذا توبيخ للمخاطب. وقد يكون التوبيخ للمتكلم، فتوجه صيغة التوبيخ مشتملة على الخطاب، ويريد نفسه بقرينة، كمن يقول لنفسه، أتركا للعمل وأنا محتاج؟ وقد يكون التوبيخ للغائب، نحو: أجبنا وهو صاحب الحق في أرضه. 2 عجز بيت من الوافر، لجرير الشاعر الأموي، يهجو خالد بن يزيد الكندي، وصدره: أعبدًا حل في شعبي غريبًا اللغة والإعراب: حل: نزل واستقر. شعبي: موضع، أو المراد جبال متشعبة. غريبا: وصف، من الغربة، هي البعد عن الأهل والوطن، ألؤما: اللؤم الخسة والدناءة: لا أبا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 ........................................................................................   لك: المقصود بهذا الأسلوب هنا الذم، أي أنه مجهول النسب، اغترابا: بعدا عن الوطن، "أعبدا" الهمزة للنداء، و"عبدا" منادى منصوب؛ لأنه شبيه بالمضاف، أو: الهمزة للاستفهام، داخلة على فعل محذوف، تقديره: أتفخر مثلًا، والفاعل أنت، و"عبدا" حال من الفاعل. "حل" فعل ماض وفاعله يعود على "عبدا"، والجملة صفة له "غريبا" حال من الفاعل "ألؤما" الهمزة للاستفهام التوبيخي، و"لؤما" مصدر معمول لمحذوف وجوبا، أي أتلؤم لؤما. "واغترابا" معطوف على لؤما. "لا أبا لك" جملة معترضة بين المتعاطفين، قصد بها الدعاء على المخاطب، "لا" نافية للجنس. "أبا" اسمها منصوب بالألف، "لك" اللام زائدة، والكاف في محل جر بالإضافة، والخبر محذوف. المعنى: يهجو الشاعر رجلا، فيقول له: أيها الذليل الحقير، الذي حل بهذا المكان وهو عنه غريب، لا أهل له به، ولا عشيرة، بم تفخر؟ لقد جمعت بين الدناءة والاغتراب. الشاهد: وقوع المصدر -وهو "لؤما واغترابا"- نائبا عن الفعل بعد الاستفهام التوبيخي، فعامله محذوف وجوبا عند جميع النحاة. هذا: ونيابة المصدر على عامله المحذوف في الأساليب الطلبية، قياسية، بشرط: أن يكون العامل المحذوف فعلا من لفظ المصدر ومادته، وأن يكون المصدر مفردا منكرا، وإلا كان سماعيا، مثل: "ويل" و"ويح" ... إلخ. وفي حذف عامل المصدر النائب عن فعله، يقول الناظم في إيجاز وإجمال: والحذف حتم مع آت بدلا ... من فعله كندلا اللذ كاندلا أي أن الحذف واجب في عامل المصدر، الآتي بدلا، وعوضا عن فعله، ومغنيا عن التلفظ به، مثل "ندلا" -أي: خطفا- الذي هو بمعنى "اندل"، في الدلالة على الطلب، ولعله يشير بهذا المثال إلى البيت السابق "صفحة 123".   * "والحذف حتم" مبتدأ وخبر. "مع" ظرف متعلق بحتم. "آت" مضاف إليه. "بدلا" حال من الضمير في "آت" من "فعله" متعلق ببدلا، "كندلا" خبر لمبتدأ محذوف، مقصود لفظه، أو حال من الضمير المستتر في آت، "اللذ" اسم موصول صفته لندلا، وهو بسكون الذال، وحذف الياء لغة في الذي "كاندلا" متعلق بمحذوف صلة الموصول، وقد قصد لفظه أيضًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 وواقع في الخبر1، وذلك في مسائل: إحداها: مصادر مسموعة2 كثر استعمالها، ودلت القرائن على عاملها، كقولهم عند تذكر نعمة وشدة: حمدًا وشكرا لا كفرا3، وصبرا لا جزعًا4 وعند ظهور أمر معجب عجبًا5، وعند خطاب مرضي عنه أو مغضوب عليه: أفعليه وكرامة ومسرة6، ولا أفعله ولا كيدا ولا هما7. الثانية: أن يكون تفصيلًا لعاقبة ما قبله8، نحو: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا   1 هذا هو النوع الثاني المقابل لقوله سابقًا "واقع في الطلب"، والمراد بالخبر هنا: ما ليس بطلب فيشمل الإنشاء غير الطلبي، كصيغة التعجب، والمدح والذم، وجملة القسم -لا جملة الجواب، ومثل: حمدا وشكرا، وقد جعل النحاة ذلك من قسم الخبر، نظرا لصورة العامل ولفظه، وقيل: إنها أساليب خبرية لفظا ومعنى. 2 الأمثلة التي ذكرها المصنف، من الإنشاء غير الطلبي، الذي يراد به إقرار معنى ما، أو عدم إقراره من غير طلب شيء، وقد جرت هذه الأساليب مجرى الأمثال، ولذلك لا تغير كالأمثال، ويقتصر فيها على المسموع على الصحيح، ولا يقاس عليها, ووجوب حذف العامل فيها خاص باجتماعها، مراعاة للمأثور، وإلا لا يكون الحذف واجبًا. 3 وهذا من أمثلة سيبويه، والتقدير: أحمد الله حمدًا، وأشكره شكرا، لا أكفره كفرا، قيل: ولا يستعمل كفرا إلا مع حمدا وشكرا. 4 أي أصبر ولا أجزع. 5 أي أعجب عجبًا. 6 أي: وأكرمك كرامة، وأسرك مسرة، ولا تستعمل مسرة إلا بعد كرامة، وكرامة: اسم مصدر أكرم. 7 أي لا أكاد كيدا، ولا أهم همًا. واختلف في "أكاد" هذه، فقيل تامة، والمعنى: ولا مقارب، وقيل ناقصة وخبرها محذوف، أي ولا أكاد أقارب الفعل. 8 أي أن يكون المصدر في موضع يوضح ويفصل عاقبة جملة قبله، أي يبين الغاية والغرض من مضمون الجملة قبله، وذلك يكون بوقوعه بعد أداة تفيد التفصيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} 1. الثالثة: أن يكون مكررًا، أو محصورًا، أو مستفهما عنه، وعامله خبر عن اسم عين2، نحو: أنت سيرا سيرا3، وما أنت إلا سيرا، وإنما أنت سير البريد، ... .... ...   1 فـ"منا" و"فداء" ذكرا تفصيلا وتوضيحا لعاقبة الأمر بشد الوثاق؛ والتقدير: فإما أن تمنوا منا؛ بإطلاق الأسرى بدون فداء، وإما أن تفدوا فداء؛ والفداء العوض المالي غيره، وهما مصدران منصوبان بالفعلين المحذوفين وجوبا، وقد ناب كل منهما عن فعله في بيان معناه. وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: وما لتفصيل كإما منا ... عامله يحذف عنا أي إذا دل هذا المصدر على تفصيل أمر مجمل قبله؛ فإن عامله يحذف وجوبا حيث عن؛ أي عرض. وأشار بقوله: "كإما منا" إلى الآية الكريمة التي ذكرها المصنف. 2 أي اسم ذات مجسمة؛ فلا يراد به أمر معنوي؛ كالعلم، والفهم، والنبل ... إلخ. وجملة الشرط أربعة: الأول: أن يكون المصدر مكررا، أو محصورا، أو مستفهما عنه، أو معطوفا عليه أيضا؛ نحو: أنت سيرا وطيرانا. الثاني: أن يكون عامله خبر لمبتدأ، أو ما أصله المبتدأ. الثالث: أن يكون هذا المبتدأ اسم عين. الرابع: أن يكون معنى المصدر مستمرا إلى زمن الحال، لا منقطعا ولا مستقبلا. فإن فقد شرطا من هذه الشروط، كان الحذف جائزا لا واجبا. 3 الأول مثال للمكرر، والثاني والثالث للحصر. وإنما وجب حذف العامل فيهما؛ لقيام التكرير مقام العامل، وكذلك الحصر؛ لما فيه من التأكد القائم مقام التكرير.   * "وما" اسم موصول مبتدأ أول. "لتفصيل" متعلق بمحذوف صلة. "كإما" متعلق بمحذوف نعت لتفصيل، "منا" مفعول مطلق حذف عامله وجوبا. "عامله" مبتدأ ثان ومضاف إليه، "يحذف" الجملة خبر المبتدأ الثاني، وجملة الثاني وخبره خبر الأول. "حيث" ظرف متعلق بيحذف. "عنا"؛ أي عرض، فعل ماض، وفاعله يعود إلى عامل، والألف للإطلاق، والجملة في محل جر بإضافة حيث إليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 وأأنت سيرًا؟ 1 الرابعة: أن يكون مؤكدًا لنفسه أو لغيره، فالأول: الواقع بعد جملة وهي نص في معناه2، نحو: له علي ألف عرفا، أي اعترافا3، والثاني: الواقع بعد جملة تحتمل معناه وغيره، نحو: زيد ابني حقا4، ............................................   1 مثال لدخول الاستفهام على المبتدأ، ووجوب الحذف في ذلك، لقيام الاستفهام في شدة الطلب للفعل، مقام التكرير، ويلاحظ أن الخبر في الجميع خبر عن اسم عين، فلو كان خبرا عن اسم معنى، نحو: إنما سيرك سير الجواد، تعين، رفع المصدر على الخبرية، بخلاف ما إذا كان خبرا عن اسم عين، فإنه يؤمن معه الخبرية؛ لأن المعنى لا يخبر به عن اسم العين إلا مجازا كما سبق. وقد اقتصر الناظم في هذه المسألة على المكرر والمحصور، فقال: كذا مكرر وذو حصر ورد ... نائب فعل لاسم عين استند أي كذلك يحذف المصدر وجوبًا، إذا وقع المصدر نائبا عن فعل محذوف استند لمبتدأ اسم عين، أي أخبر به عنه، وكان هذا المصدر مكررا، أو محصورا، ويزاد على ذلك: إذا كان مستفهما عنه، أو معطوفا عليه، كما بينا. 2 أي يكون مضمونها كمضمونه، ومعناها الحقيقي كمعناه لا تحتمل شيئا آخر. 3 فجملة "له على ألف" نص في الاعتراف لا تحتمل غيره، فمدلول الجملة هو مدلول المصدر، وسمي مؤكدا لنفسه؛ لأنه بمنزلة إعادة الجملة التي قبله. 4 فجملة "زيد ابني" تحتمل الحقيقة، وتحتمل المجاز على معنى: أنت مثل ابني في الحنو والعطف، وقد صارت نصا بالمصدر وهو "حقا"؛ لأنه أزال الشك ورفع المجاز وأثبت الحقيقة، ولذلك سمي مؤكدا لغيره؛ لأنه جعل ما قبله نصا بعد أن كان محتملا، وأثر فيه فكأنه غيره؛ لأن المؤثر غير المأثر.   * "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم، "مكرر" مبتدأ مؤخر، "وذو حصر" معطوف على مكرر ومضاف إليه. "ورد" الجملة نعت للمبتدأ وما عطف عليه، وكان عليه أن يقول: وردا نائبي فعل، واستندا؛ لأنه الجملة نعت للمكرر والمحصور، ولكنه أفرد على معنى ما ذكر، "نائب فعل" حال من فاعل ورد، ومضاف إليه، "لاسم عين" متعلق باستند ومضاف إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 وهذا زيد الحق لا الباطل، ولا أفعل كذا ألبتة1. الخامسة: أن يكون فعلًا علاجيا2 تشبيهيا، بعد جملة مشتملة عليه وعلى صاحبه3، كمررت فإذا له صوت صوت حمار، وبكاء بكاء ذات داهية4.   1 فجملة "لا أفعل كذا" تحتمل استمرار النفي وانقطاعه، وكلمة "ألبتة" رفعت احتمال الانقطاع وحققت استمرار النفي، والبت، والقطع، و"أل" فيها لازمة وهمزتها للقطع، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: ومنه ما يدعونه مؤكدا ... لنفسه أو غيره فالمبتدأ نحو "له على ألف عرفا" ... والثاني كـ"ابني أنت حقا صرفا" أي من المصدر المحذوف عامله وجوبا، ما يسمى المؤكد لنفسه، والمؤكد لغيره، فالمبتدأ، أي النوع الأول، وهو المؤكد لنفسه، نحو: "له على ألف عرفا"، أي اعترافا، فاعترافا مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبا، أي اعترف اعترافا، والنوع الثاني وهو المؤكد لغيره، نحو: "أنت ابني حقا"، وقد شرح هذا المثال، ومعنى صرفا، أي خالصا لا شبهة فيه، وهو نعت لحقا، المصدر النائب عن فعله المحذوف وجوبا. 2 أي يحتاج في إحداثة إلى علاج بتحريك عضو من الأعضاء، كالضرب والكلام، والمراد: أن معناه مما يطرأ ويتجدد، وليس من الأمور الثابتة، والسجايا الفطرية الملازمة، كالذكاء، والطول، والقصر، ....... إلخ. 3 جملة الشروط هي: كونه مصدرا، مشعرا بالتجدد، دالا على التشبيه، بعد جملة، مشتملة هذه الجملة على معناه وعلى فاعله المعنوي، ليس فيها ما يصلح للعمل فيه. 4 فالمصدر في المثالين فعل علاجي، دال على التشبيه، واقع بعد جملة وهي: له صوت   * "ومنه" خبر مقدم، "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر، "يدعونه" فعل وفاعل ومفعول أول، "مؤكدا" مفعول ثان، والجملة صلة الموصول. "لنفسه" متعلق بيدعو، "أو غيره" معطوف على نفسه "فالمبتدأ" مبتدأ، "نحو" خبر مضاف إلى قول محذوف، "له" خبر مقدم "على" متعلق بمحذوف حال من ضمير الخبر المستتر، "ألف" مبتدأ مؤخر "عرفا" مفعول مطلق، والجملة من المبتدأ والخبر في محل جر بإضافة نحو، "والثان" مبتدأ أول، "كابني" الكاف جارة لقول محذوف، و"ابني" خبر مقدم "أنت" مبتدأ ثان مؤخر، والجملة خبر المبتدأ الأول، وهي مقول القول المحذوف، أي والثان كقولك: أنت ابني "حقا" مفعول مطلق، "صرفا" نعت له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 ويجب الرفع في نحو: له ذكاء ذكاء الحكماء؛ لأنه معنوي لا علاجي1، وفي نحو: صوته صوت حمار، لعدم تقدم الجملة، وفي نحو: فإذا في الدار صوت صوت حمار، ونحو: فإذا عليه نوح نوح الحمام، لعدم تقدم صاحبه2، وربما نصب نحو هذين لكن   وله بكاء، وهذه الجملة مشتملة على اسم بمعناه، وهو المصدر الأول، ومشتملة كذلك على صاحب المصدر، وهو الهاء في أوله، وليس فيها ما يصلح للعمل في المصدر الثاني، فتعين أن يكون منصوبا بفعل محذوف وجوبا، يدل عليه الكلام، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله: كذاك ذو التشبيه بعد جمله ... كـ"لي بكا بكاء ذات عضلة" أي كذلك يجب حذف عامل المصدر، إذا قصد به التشبيه بعد جملة مشتملة على فاعله المعنوي كما بينا، واكتفى بالمثال عن بقية الشروط، نحو: لي بكاء بكاء ذات عضلة: أي لي بكاء أبكي بكاء ذات عضلة، والعضلة: الداهية أو الممنوعة من الزواج، أي بكاء من أصابتها داهية، فبكاء الثانية مصدر، دال على التشبيه، واقع بعد جملة ......... إلخ، وهو منصوب وهو منصوب بفعل محذوف وجوبا، ويجوز في هذين المثالين مع استيفاء جيمع الشروط، الرفع، على أن المصدر الثاني بدل من المصدر الأول، أو نعت له؛ لأنه تخصص بالإضافة إلى ما بعده. 1 بل هو من الملكات الثابتة وإنما وجب الرفع من غير العلاجي؛ لأن نصب "صوت" وشبهه، إنما كان؛ لأن ما قبله بمنزلة "يفعل" مسندا إلى "فاعل"، فالتقدير في له صوت: هو يصوت، فاستقام نصب ما بعده لاستقامة تقدير الفعل في موضعه، وذلك غير ممكن في له ذكاء. 2 أما في المثال الأول، فإن الضمير المنتقل إلى الجار والمجرور، للمصدر لا لصاحبه، والضمير المجرور في "عليه" في الثاني، عائد على المنوح عليه لا على الناتح، فليس في الجملتين فاعل الفعل المقدر الذي ينصب المصدر.   * "كذلك" كذا خبر مقدم والكاف حرف خطاب "ذو التشبيه" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه، "بعد" ظرف متعلق بمحذوف حال، "جملة" مضاف إليه، "كلي" متعلق بمحذوف خبر مقدم "بكا" مبتدأ مؤخر وقصر للضرورة والجملة صفة لجملة، أي بعد جملة كائنة كهذه، وذلك ليكون المثال مشيرا لباقي الشروط، "بكاء" مفعول مطلق، "ذات عضلة" مضاف إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 على الحال1. تنبيه: مثل: له صوت صوت حمار، قوله: ما إن يمس الأرض إلا منكب ... منه وحرف الساق طي المحمل2 لأن ما قبله بمنزلة: له طي3، قاله سيبويه.   1 أي من الضمير المستكن في الجار والمجرور، لا على أنه مفعول مطلق. 2 بيت من الكامل، لأبي كبير الهذلي -عامر بن الحليس- يصف تأبط شرا على الصحيح، "وهو ابن امرأته"، وليس الوصف لفرس، كما يقول بعض النحاة. اللغة والإعراب: المنكب: مجمع عظم العضد والكتف، المحمل: علاقة السيف. "ما" نافية مهملة، "إن" زائدة لتأكيد النفي، "الأرض" مفعول يمس، "إلا" أداة استثناء ملغاة. "منكب" فاعل يمس. "منه" جار ومجرور صفة لمنكب، "وحرف الساق" معطوف على منكب ومضاف إليه، "طي" مفعول مطلق منصوب بمحذوف وجوبا، "المحمل" مضاف إليه. المعنى: أن هذا الفتى ضامر مدمج الخلق كطي المحمل، إذا اضطجع لا يصل بطنه إلى الأرض، وإنما يمس الأرض منه منكبه وحرف ساقه، وإن له تجافيا كتجافي حمالة السيف. الشاهد: في "طي المحمل"، فإنه مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبا، وهو، وإن لم تسبقه جملة مستوفية للشروط التي ذكرناه، إلا أن الكلام السابق على المصدر، يدل على ما تدل عليه الجملة، كما ذكر المصنف. 3 أي: وهذه جملة مشتملة على المصدر وصاحبه. فائدتان: أإذا أضيف المصدر، مثلك ويلك، وويحك، وبعدك، يكثر نصبه على المفعولية المطلقة، وقيل مفعول به، ويجوز فيه -على قلة- الرفع على الابتدائية والخبر محذوف، أو العكس، وإذا أفرد جاز الأمران على السواء، وإذا كان معرفا بأل فالأحسن الرفع على الابتداء، تقول: الويل له، ويجوز نصبه على أنه مفعول لفعل محذوف، أما ما يفيد الطلب، نحو: صبر جميل، فيرفع على أنه مبتدأ أو خبر والثاني محذوف، أي صبر جميل أجمل، أو أمري صبر جميل. ب هناك مصادر مسموعة بالنصب بصيغة التثنية مع الإضافة، مثل: لبيك وسعديك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   وحنانيك، ودواليك ... إلخ، ونصبها بفعل محذوف وجوبا، وهي نائبة عنه، والأصل: ألبي لبيك، وأسعد سعديك، وحن حنانيك، وأداول دواليك. ومعناها: أجيبك إجابة بعد إجابة، وأساعدك مساعدة بعد مساعدة، وتحنن علي حنانا بعد حنان، واجعل الأمر متداولا بيننا مرة بعد مرة، وهل هي مثناة حقيقة؟ أو المراد مجرد التكثير؟ رأيان وكلاهما، مقبول على حسب ما يقتضيه المقام، ومن المصادر ما هو مفرد منصوب ملازم للإضافة إلا في الضرورة، مثل -سبحان الله، أي براءة له من النقص، ومعاذ الله، أي عياذًا واستعانة به، وريحان الله أي استرزاق الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف المفعول المطلق، وبين الفرق بينه وبين المصدر، ثم بين المصدر واسمه، ووضح ما تقول بالمثال. 2 اذكر أنواع المفعول المطلق، ومثل لكل نوع بأمثلة من إنشائك. 3 اذكر أربعة أنواع، مما ينوب عن المصدر في الانتصاب على المفعولية المطلقة، ومثل لما تقول بأمثلة من عندك. 4 اشرح قول ابن مالك: وما لتوكيد فوحد أبدا ... وثن واجمع غيره وأفردا 5 اذكر ثلاثة من المواضع التي يجب فيها حذف عامل المصدر، وهات أمثلة موضحة. 6 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل هذا الباب، بين موضع الشاهد وأعربه: قال تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ} . {فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} . {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} . في الأمثال: لا تخبط عشواء، ولا ترجع القهقري. ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وبت كما بات السليم مسهدا أسجنا وقتلا واشتياقا وغربة ... ونأي حبيب إن ذا لعظيم ويح الشباب من النعومة إنها ... أعراض سم للشباب وشيك أطربا وأنت قنسري ... والدهر بالإنسان دواري 7 أعرب البيت الآتي، واشرحه، وبين ما فيه من شاهد: لأجهدن فإما دفع واقعة ... تخشى وإما بلوغ السؤل والأمل 8 ضع في المكان الخالي فيما يأتي: ما يصلح من أنواع المفعول المطلق، وبين نوعه: تحتفل الهيئات كل عام ... بعيد الأسرة، وهو تقليد استحدث ... وأحبه الشعب ..... لأنه يبعث على تقوية الروابط .... بين أفراد الأسرة، وينمي الصلة ... بينها، فيعيش المجتمع ... وترفرف عيلهم أعلام السعادة. 9 كن من إنشائك جملتين لكل من الآتي: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 .. ... .... ... ... .... ... ... .... ... ... .... ... ... .... ... ... .... ... ... .... ... ... ....   أمفعول مطلق محذوف عامله وجوبا. ب مفعول مطلق مبين للنوع. جـ مصدر واقع في الطلب. د مفعول مطلق مبين للعدد. 10 بين فيما يأتي: أنواع المفعول المطلق، والمصدر، والعامل، ونوعه، وحكمه: عجبا لبعض الناس يعيش عيش المترفين، وينصح غيره، نصح المتقشفين، ويذهب في الغواية كل مذهب، وينعي على العاملين بعض الانحراف سهوا أو خطأ، وإذا تحدث سمعت نصحًا، وكان المتحدث اللبق حقا، وتمنت لو قلت ذلك القول، وربما نطقت سمعا وطاعة، وإذا فتشت عنه وجدته المنافق حقا، وصحت في وجهه: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} فيا رب، حنانيك وعبادك المخلصين، وسحقا لأولئك العابثين المنافقين، ومعاذ الله أن تكون من الجاهلين أو المغرورين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 باب المفعول له 1: ويسمى: المفعول لأجله، ومن أجله2، ومثاله: جئت رغبة فيك. وجميع ما اشترطوا له خمسة أمور: كونه مصدرًا3، فلا يجوز جئتك السمن والعسل، قاله الجمهور، وأجاز يونس: أما العبيد فذو عبيد4، بمعنى: مهما يذكر شخص لأجل العبيد فالمذكور ذو عبيد، وأنكره5، سيبويه. وكونه قلبيا6،كالرغبة، فلا يجوز جئتك قراءة للعلم، ولا قتلًا للكافر، قال ابن الخباز7، وغيره، وأجاز الفارسي: جئتك ضرب زيد8، أي لتضرب زيدا.   هذا باب المفعول له: 1 هو المصدر الذي يدل على سبب وعلة ما قبله، ويشارك عامله في وقته وفاعله. 2 أي لأجل ومن أجل شيء آخر، حصل بسببه المفعول، فالمراد ما فعل لأجله وبسببه فعل. 3 لأن المصدر يشعر بالعلية، أما الذوات فلا تكون في الغالب عللا للأفعال. 4 أي بنصب "العبيد" على أنه مفعول لأجله مع أنه غير مصدر، وزعم أن هذا لقول العرب، يقولونه إذا وصف شخص آخر بعبيد وغيرهم، كالمنكرين عليه وصف بغير العبيد. وقال البعض: إنه مفعول لأجله بتقدير مضاف، أي أما تملك العبيد، فالمفعول هو المصدر المحذوف، وهو تملك. 5 أي أنكر القياس عليه، وقال: إن رواية النصب لغة ضعيفة. 6 أي من أفعال النفس الباطنة، وقيل في سبب اشتراط ذلك إن العلة هي السبب في إيجاد الفعل وسبب الشيء متقدم عليه، وأفعال الجوارح ليست كذلك ولم يشترط بعضهم ذلك، وأجاز: جئتك إكرامًا لي، وجئتك اليوم إكراما لك غدا. 7 هو شمس الدين، أحمد بن الحسين الخباز الإربلي الموصلي النحوي، الضرير. كان أستاذ بارعا، علامة زمانه في النحو واللغة والعروض، وله مصنفات مفيدة، منها: النهاية في النحو، وشرح ألفية ابن معطي، ومات بالموصل سنة 637هـ. 8 أي مع أن المصدر ليس قلبيا، وكذلك ليس مشتركا مع العامل في الفاعل؛ لأن فاعل المجيء غير فاعل الضرب، فكأن الفارسي لا يشترط هذين الشرطين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 وكونة علة1: عرضا كان كرغبة، أو غير عرض كقعد عن الحرب جبنا. واتحاده بالمعلل به وقتا2، فلا يجوز تأهبت السفر3، قال الأعلم والمتأخرون. واتحاده بالمعلل به فاعلا4، فلا يجوز جئتك محبتك إياي، قاله المتأخرون أيضا، وخالفهم ابن خروف5.   1 هذا هو الأصل فيه، ومن أجل ذلك: يشترط ألا يكون من لفظ الفعل ولا من معناه، لئلا يصير مصدرا مؤكدا لعامله، أو مبينا لنوعه، أو عدده؛ لأن هذا كله يناقض التعليل. 2 أي بأن يتحد وقت الفعل "المعلل" والمصدر "المعلل" سواء حدث الفعل في بعض زمان المصدر، كجئتك طمع، أو في آخره، كحبستك خوفا من فرارك، أو العكس: كجئتك إصلاحًا لحالك. 3 لأن زمن التأهب غير زمن السفر، وأيضا فالسفر ليس قلبيا. 4 أي: بأن يكون فاعل الفعل وفاعل المصدر واحدا. 5 فقد أجاز النصب مع اختلاف الفاعل محتجًا بنحو قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} ، فإن فاعل الإرادة هو الله، وفاعل الخوف والطمع والعباد والمخاطبون، وقد أجيب: بأن الاتحاد في الفاعل تقديري، فإن معنى يريكم، يجعلون ترون، فيكون فاعل الرؤية هو فاعل الخوف والطمع، أو هو على حذف مضاف، أي إرادة الخوف والطمع، وإلى بعض هذه الشروط أشار الناظم بقوله: ينصب مفعولا له المصدر إن ... أبان تعليلا كـ"جد شكرا ودن وهو بما يعمل فيه متحد ... وقتا وفاعلا ... ... ... ... أي ينصب المصدر على أنه مفعول له، إن أبان، أي أظهر سبب وعلة ما قبله، مثل: جد.   * "مفعولا" حال من المصدر بعده. "له" "المصدر" نائب فاعل ينصب. "إن" شرطية. "أبان" فعل الشرط وفاعله يعود على المصدر، "تعليلا" مفعوله. "كجد" الكاف جارة لقول محذوف، "شكرا" مفعول لأجله. "ودون" فعل أمر من الدين، بفتح الدال -أي أقرض عليك، أو من الدين -بالكسر- بمعنى المجازاة، "وهو" مبتدأ "بما" اسم موصول متعلق بمتحد، "يعمل فيه" الجملة صلة. "متحد" خبر المبتدأ "وقتا" وفاعلا. "تمييزان محولان عن الفاعل، أو منصوبان بنزع الخافض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 ومتى فقد المعلل شرطا منها، وجب -عند من اعتبر ذلك الشرط- أن يجره بحرف التعليل1، ففاقد الأول نحو: {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ} 2، والثاني نحو: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} 3، بخلاف: {خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} 4، والرابع5 نحو: *فجئت وقد نضت لنوم ثيابها6   1 ولا يسمى حينئذ مفعول لأجله، وإنما يجر بحرف التعليل، إلا إذا فقد التعليل منعا للتناقض، وحروف التعليل وهي: اللام، وفي، والباء، ومن. وقد اقتصر على اللام؛ لأنها الأصل. 2 "الأنام" علة الوضع، ولكنها ليست مصدرا، فجرت باللام. 3 "إملاق" علة القتل، ولكنه ليس قلبيا فخفض بمن. 4 أي: لأن الخشية مصدر قلبي، ولذا نصب. 5 وهو الاتحاد في الوقت، ولم يذكر فاقد الشرط الثالث، وهو: كونه علة، لإخراجه بقوله: ومتى فقد المعلل، ومثال ما ليس بعلته: قتلته صبرًا، فيجب نصبه على المفعولية المطلقة، ولا يجوز جره باللام؛ لأنه يفيد بذلك التعليل، والمقصود عدمه. 6 صدر بيت من الطويل، لامرئ القيس من معلقته المشهورة، عجزه: لدى الستر إلا لبسة المتفضل اللغة والإعراب: نضت: خلعت، بتشديد الضاد وتخفيفها، لدى الستر: عند الستار، لبسته المتفضل، ما تلبسه وقت النوم من قميص ونحوه، والمتفضل: المتوشح بثوبه، أو لابس الثوب الواحد. "وقد نضت" الواو للحال، والجملة حالية، والفاعل هي "لنوم" متعلق بنضت، واللام للتعليل، ثيابها. مفعول نضت، ومضاف إليه. "لدى" ظرف منصوب "بنضت"، "الستر" مضاف إليه. "إلا" حرف استثناء. "لبسة" منصوب على الاستثناء، "المتفضل" مضاف إليه. المعنى: أتيت إلى محبوبتي، وقد خلعت ثيابها استعداد للنوم، ولم يبق عليها سوى ثوب واحد معد للنوم فيه، يزيد بذلك: أنها وليدة نعمة. الشاهد: في قوله: "لنوم"، حيث جر بلام التعليل؛ لأن زمن النوم متأخر عن زمن خلع الثياب، فلم يتحدا في الوقت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 والخامس نحو: وإني لتعروني لذكراك هزة1 وقد انتفى الاتحادان في: {أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} 2. ويجوز جر المستوفي للشروط3 بكثرة إن كان بأل، وبقلة إن كان مجردًا4.   1 صدر بيت من الطويل، لأبي صخر الهذلي، وعجزه: *كما انتقض العصفور بلله القطر* اللغة والإعراب: تعروني: تنزل بي، لذكراك: لتذكري إياك. هزة: رعدة وانتقاضة. انتقض العصفور: ارتعد وارتعش، القطر: المطر، "إني" إن واسمها. "لتعروني" اللام واقعة في جواب قسم محذوف، "لذكراك" اللام للتعليل، وذكراك مجرور بها، والكاف مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، "هزة" فاعل تعروني، "كما" الكاف للتشبيه، و"ما" مصدرية، "انتفض العصفور" فعل وفاعل، وما وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف، "بلله القطر" الجملة من الفعل والمفعول والفاعل حال من العصفور بتقدير قد. المعنى: إني لأضطرب، وتنزل بي، وتغشاني عند تذكرك رعدة ورعشة، كما يضطرب العصفور ويرتعش وينتفض، إذا نزل عليه المطر، وابتل بمائه. الشاهد: في "لذكراك" حيث جره باللام، وهو علة لعرو الهزة، لاختلاف الفاعل؛ لأن فاعل العرو الهزة، وفاعل الذكرى، هو المتكلم. وهذا البيت من قصيدته المشهورة التي مطلعها: عجبت لسعي الدهر بيني وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر 2 ففاعل الإقامة، المخاطب، وفاعل الدلوك -"وهو الميل عن وسط السماء"- الشمس، وزمنهما مختلف؛ لأن زمن الإقامة متأخر عن زمن الدلوك، ولذلك جر باللام، وفي الآية مانع آخر، وهو: أن المصدر ليس قلبيًا. 3 يشير بهذا إلى أن الشروط المذكورة هي لجواز النصب، لا لوجوبه، وأن الجر هو الأصل لجوازه مطلقًا. 4 وقد أشار الناظم إلى درجة النصب والجر، عند دخولهما في أقسام المفعول لأجله، فقال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 وشاهد القليل فيهما قوله: لا أقعد الجبن عن الهيجاء1   .... ... ... .... ... ... ... ... وإن شرط فقد فاجرره بالحرف وليس يمتنع ... مع الشروط كلزهد ذا قنع وقل أن يصحبها المجرد ... والعكس في مصحوب "أل" وأنشدوا لا أقعد الجبن عن الهيجاء ... ولو توالت زمر الأعداء أي أنه إذا فقد شرط من الشروط المذكورة، فاجرره بحرف التعليل، ولا تنصبه، ولا يمتنع الجر مع استيفاء الشروط، تقول: هذا قنع لزهد. والمثال يدل على جواز تقديم المفعول له على عامله، منصوبا كان أو مجرورا، وقل أن يصحب الحرف المجرد من أل والإضافة، والعكس في المقرون بأل، أي أن الجر كثير، والنصب قليل، كما في قول الشاعر: لا أقعد عن الهيجاء أي لا أقعد عن الهيجاء للجبن، ولم يذكر الناظم حكم المضاف، وكلامه يشعر بأن النصب والجر فيه سيان. 1 صدر بيت من الرجز، لم نقف على قائله، وعجزه: ولو توالت زمر الأعداء اللغة والإعراب: الجبن: الخوف والفزع، الهيجاء: الحرب، تقصر وتمد. توالت: تتابعت وتكاثرت، زمر: جماعات، جمع زمرة وهي الجماعة. "لا" نافية. "الجبن" مفعول له لأقعد. "عن الهيجاء" جار ومجرور متعلق بأقعد، "ولو" شرطية غير جازمة، "توالت"   * "شرط" نائب فاعل لمحذوف هو فعل الشرط، يفسره ما بعده. "فقد" ماض للمجهول، والجملة مفسرة "فاجرره بالحرف" الفاء للربط والجملة في محل جزم جواب الشرط، "وليس" اسمها يعود على الجر بالحرف، وخبرها جملة يمتنع، "مع الشروط" ظرف متعلق بيمتنع ومضاف إليه. "كالزهد" جار ومجرور متعلق بقنع، "ذا" اسم إشارة مبتدأ، وخبره جملة قنع، "قل" فع ماض. " أن يصحبها المجرد" أن ومدخولها في تأويل مصدر فاعله، والضمير في "يصحبها" للحرف المذكور في قوله: فاجرر بالحرف، وأنثه لتأويله بالكلمة. "والعكس" مبتدأ، في "مصحوب أل" متعلق بمحذوف خبر، ومضاف إليه. " وأنشدوا" فعل وفاعل، والضمير للنحاة، "لا" نافية. "أقعد" فعل مضارع. "الجبن" مفعول لأجله، "عن الهيجاء" متعلق بأقعد. "ولو" شرطية غير جازمة. "زمر الأعداء" فاعل توالت ومضاف إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 وقوله: من أمكم لرغبة فيكم جبر1 ويستويان في المضاف، نحو: {يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّه} ، ونحو: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} 2، قيل: ومثله3: {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ} ، أي: فليعبدوا رب هذا البيت لإيلافهم الرحلتين4، والحرف في هذه الآية واجب عند   فعل الشرط، والتاء للتأنيث، "زمر الأعداء" فاعل ومضاف إليه، وجواب "لو" محذوف دل عليه ما قبله. المعنى: لا أتوانى عن اقتحام الحرب والنزال خوفا وفزعا، ولو تكاثرت جماعات الأعداء علي، وأتى بعضها تلو البعض. الشاهد: في "الجبن"، فهو مصدر منصوب على المفعول لأجله، ونصب قليله؛ لأنه بأل. 1 صدر بيت من الرجز، ولم ينسب لقائل، وعجزه: ومن تكونوا ناصرية ينتصر اللغة والإعراب: أمكم: قصدكم، لرغبة: رغب فيه: أراده وأحبه، ورغب عنه: كرهه ولم يرده. جبر: اغتنى وظفر بما يريد ناصريه: جمع ناصر، وهو المعين، "من" اسم موصول، أو اسم شرط جازم مبتدأ. "أمكم" الجملة صلة، أو فعل الشرط، "لرغبة" متعلق بأمكم. "فيكم" متعلق برغبة. "جبر" ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى "من" والجملة خبر أو جواب الشرط، "ومن" اسم شرط جازم مبتدأ، "تكونوا" فعل الشرط ناقص مجزوم بحذف النون، واو الجماعة اسمها، "ناصريه" خبر منصوب بالياء؛ لأنه جمع مذكر سالم وهو مضاف إلى الهاء. "ينتصر" الجملة جواب الشرط، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ. المعنى: إن الذي يقصدكم يريد فضلكم ومعروفكم، يظفر بما يريد، والذي تتولون إعانته ونصره على أعدائه، ينتصر لا محالة. الشاهد: في قوله: "لرغبة" فإنه مصدر قلبي مجرد من أل والإضافة، قد جر بحرف التعليل على قلة، والكثير نصبه. 2 ابتغاء: مفعول له منصوب، و"خشية" مجرور بمن التعليلية، وكلاهما مضاف. 3 أي في جر المفعول المضاف. 4 هما: رحلة الشتاء، وكانت إلى اليمن، ورحلة الصيف، وكانت إلى الشام، ودخلت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط، أي إن لم يعبدوه لنعمه الكثيرة، فليعبدوه لأجل هاتين الرحلتين، وكانت قريش تحتزم في هاتين الرحلتين، ولا تمس بسوء، وتسود المحبة والألفة الجمع فيهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 من اشترط اتحاد الزمان1.   1 لأن الزمن غير متحد، فزمن الإيلاف في الحال -وهو سابق زمن الأمر بالعبادة في المستقبل، وكذلك الفاعل غير متحد؛ لأن فاعل الإيلاف هو الله، وفاعل العبادة قريش. تنبيه: يجوز حذف المفعول لأجله لدليل، تقول: اعبد الله شكرا وأطعه، أي شكرا، كما يجوزحذف عامله، لقرينة تدل عليه، فتقول: طلبا للراحة، في جواب: لم سافرت إلى الإسكندرية بالأمس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 ............................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف المفعول لأجله، وأت بمثالين يوضحانه من إنشائك. 2 ما الشروط اللازمة لجواز نصب المفعول لأجله؟ اذكر أمثلة موضحة لها. 3 ما حكم فاقد هذه الشروط؟ اذكر مثالا لكل منها من إنشائك. 4 ما أحوال المفعول لأجله؟ وما حكم كل حالة؟ وضح بالأمثلة. 5 بين فيما يأتي: الشاهد في هذا الباب، وحكم إعرابه: قال تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنْ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} . {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَام} . {فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} . {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} . {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} . فليت لي بهم قوما إذا ركبوا ... شنوا الإغارة فرسانا وركبانا واختر قرينك واصطفيه تفاخرا ... إن القرين إلى المقارن ينسب 6 هات مثالين لمفعول له: يحسن جره، وآخرين لما يترجح نصبه، ثم مثالين لما يستوي فيه الأمران. 7 بين فيما يأتي: المفعول لأجله، وحكمه من حيث النصب والجر، وعلل لما تقول: الطالب المهذب يغضي حياء من أستاذه. احرص على ما في يدك مخافة الحاجة. صالح زميلك إبقاء على الصداقة، وقطع دابر الوشاة. أذعنت لرأيك حبا في الوئام، لا اقتناعا ولا ملقا. لا يجنح اللئيم إلى السلم إلا كرها. البخلاء يتظاهرون بحب الخير، تكلفا ومراوغة وخوفا. 8 أكمل الجمل الآتية بوضع مفعول لأجله مناسب، وبين حكمه: يقاتل الجندي المخلص ... لحماية الوطن، أما غيره فيقاتل ... . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 ...........................................................   يتسابق الناس إلى التبرع بدمائهم ... على المجاهدين. رضيت بهذا الحكم ... للنزاع ... للخصومة. أسعى بين المتخاصمين ... بينهم، وابتعد عن الأشرار ... منهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 باب: المفعول فيه وهو المسمى ظرفا مدخل ... باب: المفعول فيه، وهو المسمى ظرفا 1 الظرف: ما ضمن معنى "في"2 باطراد 3، من اسم وقت، أو اسم مكان، أو اسم عرضت دلالته على أحدهما، أو جار مجراه4. فالمكان والزمان كامكث هنا أزمنا5.   هذا باب المفعول فيه، وهو المسمى ظرفا: 1 المفعول فيه، تسمية الكوفيين. أما الظرف، فتسمية البصريين، ويعترض الكوفيون على تسمية البصريين، بأن الظرف في اللغة هو: الوعاء المتناهي الأقطار، وليس اسم الزمان والمكان كذلك، ويجاب بأنهم تجوزوا في ذلك واصطلحوا عليه، ولا مشاحة في الاصطلاح. 2 أي وهو الظرفية، ومعنى تضمنها معناها: أنها تشير إليها، وتكون في قوة المقدرة، من غير أن تتضمن لفظها، أو تنوب عنها في أداء معناها أو عملها. وقد لا يصح التصريح بها، وإلا وجب بناء هذه الظروف بما يسمى بالشبه التضميني، كما سبق في باب المعرب والمبني. 3 أي باستمرار في جميع الأحوال مع سائر الأفعال، ولا يقتصر على بعضها، ويستثنى من شرط الإطراد نوعان من الظروف المكانية وهما: الظروف الدالة على المقادير، فلا تنصبها إلا أفعال السير ومشتقاتها. والظروف التي تلاقي فعلها في الاشتقاق، فإنها تنصب بما اجتمع معها من المادة، من فعل أو وصف. ويلاحظ أن "في" لا يصح التصريح بها في الظروف التي لا تتصرف مثل "عند". 4 أي مجرى الظرف زمانا كان أو مكانا. 5 فـ"هنا" اسم إشارة من أسماء المكان، و"أزمنا": جمع زمن من أسماء الزمان. وفيما تقدم يقول الناظم: الظرف وقت أو مكان ضمنا ... "في" باطراد كهنا أمكث أزمنا   * "الظرف وقت" مبتدأ وخبر، "أو مكان" عطف على وقت. "ضمنا" فعل ماض للمجهول وألف الاثنين نائب فاعل -هو المفعول الأول- والجملة نعت لهما. "في" مفعول ثان لضمن قصد لفظه. "باطراد" متعلق بضمنا، "كهنا" الكاف جارة لقول محذوف، و"هنا" ظرف مكان متعلق بامكث، "أزمنا" ظرف زمان متعلق به أيضا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 والذي عرضت دلالته على أحدهما أربعة: أسماء العدد المميزة بهما، كسرت عشرين يوما1 ثلاثين فرسخا. وأما أفيد به كلية أحدهما أو جزئيته، كسرت جميع اليوم جميع الفرسخ، أو كل اليوم كل الفرسخ، أو بعض اليوم بعض الفرسخ، أو نصف اليوم نصف الفرسخ2. وما كان صفة لأحدهما، كجلست طويلا من الدهر شرقي الدار3. وما كان مخفوضا بإضافة أحدهما ثم أنيب عنه بعد حذفه. والغائب في هذا النائب4 أن يكون مصدرا، وفي المنوب عنه5 أن يكون زمانا، ولا بد من كونه معينا لوقت أو لمقدار، نحو: جئتك صلاة العصر، أو قدوم الحاج6، وأنتظرك حلب الناقة،   أي أن الظرف: هو زمان أو مكان ضمن معنى "في" باطراد نحو: امكث هنا أزمنا، فهنا ظرف مكان، وأزمنا ظرف زمان، وكل منهما تضمن معنى "في"؛ لأن المعنى: امكث في هذا الموضع في أزمن، والألف في ضمنها للتثنية، والمراد منها الوقت والمكان، وكلمة "أو" للتنويع بمعنى الواو. 1 فـ"عشرين" مفعول به منصوب نصب ظرف الزمان، لتمييزه بـ"يوما" الذي هو من أسماء الزمان، "وثلاثين" منصوب نصب ظرف المكان، لتمييزه بـ"فرسخا"، وهو من أسماء المكان. 2 فكل من: "جميع" و"كل" و"بعض" و"نصف"، مفعول فيه منصوب نصب بظرف الزمان أو المكان، لإضافته إليه، فعرضت لهما الظرفية بسبب ذلك. 3 فـ"طويلا" و"شرقي"، مفعول فيهما منصوبان على الزمان والمكان؛ لأنهما صفتان للزمان والمكان، فعرضت لهما الظرفية بسبب ذلك، والأصل: زمانا طويلا، ومكانا شرقي الدار. 4 أي المضاف إليه النائب عن المضاف المحذوف. 5 وهو المضاف المحذوف. 6 فـ"صلاة" و"قدوم" مفعول فيهما منصوبان على الزمان؛ لأنهما نائبان عنه بعد حذفه، والأصل: وقت صلاة العصر، ووقت قدوم الحاج. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 أو نحر جزور1. وقد يكون النائب اسم عين، نحو: لا أكلمه القارظين، والأصل: مدة غيبة القارظين2. وقد يكون المنوب عنه مكانا، نحو: جلست قرب زيد3، أي مكان قربه. والجاري مجرى أحدهما: ألفاظ مسموعة، توسعوا فيها فنصبوها على تضمين معنى في كقولهم: أحقا أنك ذاهب؟ 4 والأصل: أفي حق. وقد نطقوا بذلك، قال: أفي الحق أني مغرم بك هائم5   1 فـ"حلب" و"نحر" مفعول فيهما، كما في سابقه، والأصل: مقدار حلب ناقة، ومقدار نحر جزور. 2 فـ"القارظين" منصوب على الزمان، لنيابته عنه بعد حذفه، وهو ليس بمصدر، "والقارظين" مثنى قارظ، وهو جاني القرظ الذي يدبغ به, وهما رجلان من عنزة خرجا يجنيان القرظ، فطالت غيبتهما ولم يرجعا، فضرب برجوعهما المثل، للأمر الميئوس منه الذي لا يكون أبدًا. 3 أي مكان قرب زيد، فحذف المضاف، وهو مكان، وأقيم المصدر مقامه، وفيما سبق يقول الناظم: وقد ينوب عن مكان مصدر ... وذاك في ظرف الزمان يكثر أي ينوب المصدر عن ظرف المكان قليلا، وتكثر إنابته عن ظرف الزمان. هذا: ولم يذكر الناظم الأشياء التي ذكرها المصنف من غير المصدر، والتي تنوب عن الظرف بنوعيه بعد حذفه وتعرب ظرفًا. 4 فـ"أحقا": منصوب على الظرفية الزمانية، متعلق بمحذوف، خبر مقدم. "أنك ذاهب": في تأويل مصدر، مبتدأ مؤخر. 5 صدر بيت من الطويل، لفائد بن المنذر القشيري، وعجزه:   * "قد" حرف تقليل. "مصدر" فاعل ينوب، "وذاك" مبتدأ، والكاف حرف خطاب، "في" ظرف الزمان متعلق بيكثر، ومضاف إليه. "يكثر" الجملة خبر المبتدأ، وهو ذاك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 وهي جارية مجرى ظرف الزمان دون ظرف المكان، ولهذا تقع خبرا عن المصدر1، دون الجثث، ومثله: غير شك، أو جهد رأيي، أو ظنا مني، أنك قائم2. وخرج عن الحد3 ثلاثة أمور: أحدها: نحو: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ} إذا قدر بفي4، فإن النكاح ليس بواحد مما ذكرنا.   وأنك لا خل هواك ولا خمر اللغة والإعراب: مغرم، مولع، من أغرم بالشيء، أولع به، هائم: متحير، "أفي الحق" الهمزة للاستفهام الإنكاري، و"في الحق" متعلق: بمحذوف خبر مقدم "أني" مغرم، "أن ومعمولاها في تأويل مصدر مبتدأ وخبر، ويجوز أن تكون أن ومعمولاها في تأويل مصدر فاعل بالظرف أو بالجار والمجرور، لاعتماده على الاستفهام، "بك" متعلق بمغرم. "هائم": خبر ثان؛ لأن "لا خل": "لا" عاملة عمل ليس، وخل اسمها، "هواك": خبرها ومضاف إليه، والجملة: خبر أن "ولا خمر": معطوف على خل، وخبره محذوف، لدلالة ما قبله عليه. المعنى: ليس غرامي بك وعشقي لك حقا؛ لأنك لا تستقرين على حال، وهواك وحبك غير ثابت، كماء العنب المتردد بين الخلية والخمرية، فلا هو خل صرف، ولا خمر خالص، ومن كان هواه بهذه المثابة، كيف يكون غرام من أغرم بها حقا؟ الشاهد: في قوله: "أفي الحق"، فقد صرح معه بالجر، مما يدل على أن "حقا" ظرف زمان لتضمنه معنى "في"، وليس منصوبا على المفعولية المطلقة، باعتبار أصله كما يقول البعض. 1 كما سبق في إعراب "أحقا أنك ذاهب". 2 فـ"غير شك"، و"جهد رأيي"، و"ظنا مني": كلمات منصوبة على الظرفية الزمانية، توسعا بإسقاط حرف الجر في، والظرف فيها جميعا خبر مقدم، والمصدر المؤول بعدها من "أنك قائم" مبتدأ مؤخر. 3 أي: تعريف الظرف المتقدم أول الباب. 4 فإنه يصدق عليه الحد؛ لأنه اسم مضمن معنى "في"، فإن المعنى: ترغبون في نكاحهن، مع أن النكاح ليس بظرف، وإذا قدرنا "عن" خرج عما نحن فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 والثاني: نحو: {يَخَافُونَ يَوْمًا} ، ونحو: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَه} ، فإنهما ليسا على معنى "في"1، فانتصابهما على المفعول به، وناصب "حيث" يعلم محذوفا2؛ لأن اسم التفضيل لا ينصب المفعول به إجماعًا3. والثالث: نحو دخلت الدار، وسكنت البيت، فانتصابهما إنما هو على التوسع بإسقاط الخافض، لاعلى الظرفية، فإنه لا يطرد تعدي الأفعال إلى الدار والبيت، على معنى "في"4، لا تقول: صليت الدار، ولا نمت البيت5. فصل: وحكمه النصب. وناصبه اللفظ الدال على المعنى الواقع فيه6، ولهذا اللفظ ثلاث حالات:   1 فهما ليس ظرفين -مع أن يوما وحيث من أسماء الزمان والمكان؛ لأن المعنى يخافون نفس اليوم لا أن الخوف واقع فيه، وهو -سبحانه وتعالى- يعلم المكان المستحق لوضع الرسالة، لا أن العلم واقع فيه. 2 ويدل عليه لفظ "أعلم" المذكور، أما ناصب "يوما" فهو يخافون. 3 دعوى الإجماع منقوضة بنحو قوله -تعالى -: {هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} ، {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ} ، فإن "سبيلا" مفعول به لأهدى، وليس تمييزا؛ لأنه ليس فاعلًا في المعنى، و"من" مفعول به "لأعلم" وكلاهما أفعل تفضيل، وفي إعراب "حيث" في الآية مفعولا به لا ظرفا خروج عن طبيعتها؛ لأنها لا تتصرف وجعلها مفعولا نوع من التصرف. 4 أي: بحسب الاستعمال الصحيح، لا بحسب المعنى. 5 لأن الدار والبيت من أسماء المكان المختصة التي لها صورة وحدود معلومة، ولا ينصب على الظرفية من أسماء المكان إلا المبهم، كمكان وناحية وجهة ... إلخ، أو ما اتحدت مادته ومادة عامله، كما سيذكر المصنف قريبًا. 6 سواء كان هذا اللفظ فعلا مطلقا تاما، أو ناقصا متعديا، أو لازما، نحو: جلست أمام المذياع، أم اسم فعل، أم مصدرا، نحو: المشي يمين الطريق أسلم. أم وصفا، سواء كان حقيقيا كاسم الفاعل واسم المفعول، أو وصفا تأويلا، بأن يكون اسما جامدا قصد به الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 إحداها: أن يكون مذكورا، كامكث هنا أزمنا، وهذا هو الأصل. والثانية: أن يكون محذوفا جوازًا1، وذلك كقولك: فرسخين، أو يوم الجمعة، جوابا لمن قال: كم سرت؟ أو متى صمت؟ والثالثة: أن يكون محذوفا وجوبا2، وذلك في ست مسائل، وهي: أن يقع صفة3، كمررت بطائر فوق غصن، أو صلة، كرأيت الذي عندك4. أو حالا، كرأيت الهلال بين السحاب. أو خبرا، كزيد عندك5. أو مشتغلا عنه، كيوم الخميس صمت فيه6. أو مسموعا بالحذف لا غير7، كقولهم: حينئذ الآن، أي كان ذلك حينئذ واسمع الآن8.   1 أي: إذا دل عليه دليل، ويسمى الظرف الذي حذف عامله جوازا: الظرف اللغو. 2 ويسمى هذا: الظرف المستقر. 3 أي: أن يكون الظرف صفة "فوق" في المثال: صفة لطائر. 4 فـ"عندك" ظرف متعلق بمحذوف صلة للذي. 5 فـ"عندك" خبر عن زيد" و"بين" حال من الهلال، والناصب في جميع ما تقدم محذوف وجوبا، تقديره: فعل، كاستقر أو وصف، كمستقر، فيما عدا الصلة فيتعين أن يكون المحذوف فعلا؛ لأن الصلة "لغير أل" لا تكون إلا جملة، والوصف مع مرفوعه ليس جملة، ويستثنى من الظروف: ما قطع معنى الإضافة وبني على الضم، فإنه لا يقع صلة ولا صفة، ولا حالا، ولا خبرا. 6 فـ"يوم الخميس" منصوب بفعل محذوف وجوبا، يفسره صمت، وإنما قال: صمت فيه، ولم يقل صمته؛ لأن ضمير الظرف لا ينصب على الظرفية، بل يجب جره بفي. 7 جاء في المغني: أن الصيحح أن يقال: "ليس غير" وأنكر صحة قولهم: "لا غير". 8 فـ"حين": منصوبة لفظا بفعل محذوف، وهي مضافة إلى "إذ"، و"الآن" مبني على الفتح في محل نصب، وناصبه محذوفه كما قدره المصنف، وهذا مثل يقال لمن ذكر أمرًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 فصل: أسماء الزمان كلها صالحة للنصب على الظرفية ... فصل: أسماء الزمان كلها صاحلة للانتصاب على الظرفية، سواء في ذلك مبهمها1، كحين ومدة ومختصها، كيوم الخميس، ومعدودها، كيومين وأسبوعين، والصالح لذلك من أسماء المكان نوعان: أحدهما: المبهم، وهو: ما افتقر إلى غيره في بيان صورة مسماه2، كأسماء   قد تقاد عهده، أي كان ما تقوله واقعا حين إذا كان كذا وكذا ... واسمع الآن ما أقول لك، فهما جملتان: اقتطعت "حينئذ" من جملة، واقتطعت "الآن" من أخرى، والمقصود نهي المتكلم عن ذكر ما يقوله، وأمره بسماع ما يقال له، والأحسن في المنقول عنه هنا، وفي المسموع، أن يكون المحذوف فعلا. وفي نصب الظرف وحذف عامله يقول الناظم: فانصبه بالواقع فيه مظهرا ... كان وإلا فانوه مقدرا أي انصب الظرف بالعامل الذي يقع معناه في هذا الظرف، إن كان مذكورا وإلا فقدره جوازا أو وجوبا على النحو الذي بيناه. 1 ظرف الزمان المبهم هو: ما يدل على زمن غير محدد، ولا مقدر بابتداء معين ونهاية معروفة، ولاي قع جوابا لـ"متى" و"كم" أما المختص، فهو ما يدل على زمن مقدر، ويقع جوابا لـ"متى" نحو: يوم الخميس، جوابا لمن قال: متى جئت؟ والمعدود: ما يقع جوابا لـ"كم" نحو: يومين أو أسبوعا، جوابا لمن قال: كم مكثت في الإسكندرية؟ ومن المختص: المعرف بالعلمية كرمضان، أو بالإضافة كزمن الربيع، أو بأل كاليوم، والنكرة الموصوفة كسرت زمنا طويلا، ومن الظروف المبهمة ما له اختصاص من بعض الوجوه، كعشية، وليلة، وصباح، ومساء. 2 إضافة صورة إلى مسماه بيانية، أي صورة هي مسماة، والمراد أنه لا تعرف حقيقته بنفسه؛ لأنه ليس له هيئة ولا شكل محسوس ولا حدود تحصره، بل لا بد من إضافة لفظ آخر إليه.   * "فيه" متعلق بالواقع. "مظهرا" خبر كان مقدم، واسمها يعود إلى الواقع فيه. "وإلا" إن: شرطية، و"لا" نافية، وفعل الشرط محذوف، أي وإلا يظهر "فانوه" الفاء واقعة في جواب الشرط، وانوه فعل أمر ومفعول، والجملة في محل جزم جواب الشرط، "مقدرا" حاله من الهاء في انوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 الجهات، نحوك أمام، ووراء، ويمين، وشمال، وفوق، وتحت. وشبهها في الشياع، كناحية وجانب1، ومكان وكأسماء المقادير2، كميل، وفرسخ، وبريد3. والثاني: ما اتحدت مادته ومادة عامله4، كذهبت مذهب زيد، ورميت مرمى عمرو، وقوله تعالى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} 5.   1 يرى كثير من النحاة: أن لفظ "جانب" وما في معناه، كجهة، ووجه، وكنف، وكذلك داخل، وخارج، وظاهر، وباطن، وجوف يمتنع نصبها على الظرفية المكانية لعدم إبهامها، ويوجب جرها بالحرف "في" صريحا، أما المختص من أسماء المكان فلا ينصب على الظرفية، بل يجب جره بالحرف "في" أيضا، إلا في حالتين: أأن يكون عامل الظرف المختص هو الفعل "دخل"، أو"سكن" أو"نزل"، فقد ورد عن العرب نصب الظرف المختص مع هذه الثلاثة، تقول: دخلت الدار وسكنت البيت، ونزلت البلد، والأحسن أن يعرب المنصوب مفعولًا به لا ظرفا، ويكن الفعل متعديًا. ب أن يكون الظرف المكاني المختص هو كلمة "الشام"، وعامله الفعل "ذهب"، وكلمة "مكة"، وعامله الفعل "توجه". فقد ورد عن العرب: ذهبت الشام، وتوجهت مكة، فالشام ومكة ظرفان على معنى "إلى" مع هذين الفعلين لا غير. 2 يراعى ما بيناه سابقا، وهو أن الظروف الدالة على المقادير لا تتضمن معنى في "بإطراد؛ لأن ناصبها لا بد أن يكون من أفعال السير أو مشتقاتها. 3 الميل: ألف باع، والفرسخ: ثلاثة أميال، والبريد: أربعة فراسخ. وقيل: إن هذه من المختص؛ لأنها معلومة المقدار، وقيل: هي شبيهة بالمبهم. 4 أي بأن يكون مبدأ اشتقاقهما واحد، ويصاغ اسم المكان من الثلاثي على وزن "مفعل" أو"مفعل"، ومن غير الثلاثي على وزن مضارعه مع إبدال أوله ميما مضمومة، وفتح ما قبل الآخر، كما سيأتي في موضعه. 5 فمذهب، ومرمى، ومقاعد منصوبة على الظرفية، ومادتها عاملها متحدة، فإن اختلفت مادة العامل، وجب الجر بالحرف، نحو: جلست في مرمى الكرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 وأما قولهم: هو مني مقعد القابلة1، ومزجر الكلب، ومناط الثريا2، فشاذ، إذ التقدير: هو مني مستقر في مقعد القابلة، فعامله الاستقرار3. ولو أعمل في المقعد قعد، وفي المزجر زجر، وفي المناط ناط، لم يكن شاذا.   1 القابلة: المرأة المولدة، وهذه كناية عن القرب، أي هو مني في القرب مقعد القابلة من النفساء. 2 هذا كناية عن البعد فيهما، أي هو في مكان بعيد عني كبعد مكان زجر الكلب عن زاجرة، وبعد مكان نوط الثريا، أي تعلقها من الناظر إليها، أو من الدبران، والأول المراد به الذم، والثاني من باب المدح. 3 أي ومادة الاستقرار ومخالفة لمادتي: مقعد، ومزجر، ومناط، وإنما استأثرت أسماء الزمان بصلاحية المبهم منها والمختص للظرفية دون أسماء المكان؛ لأن أصل العوامل الفعل، ودلالته على الزمان أقوى من دلالته على المكان؛ لأنه يدل على الزمان بصيغته، وعلى المكان بالالتزام؛ لأن كل حدث لا بد أن يقع في مكان، ولم ينصب المختص من الأمكنة على الظرفية؛ لأنه يلتبس بالمفعول به كثيرًا. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وكل وقت قابل ذاك وما ... يقبله المكان إلا مبهما نحو الجهات والمقادير وما ... صيغ من الفعل كمرمى من رمى وشرط كون ذا مقيسا أن يقع ... ظرفا لما في أصله معه اجتمع   * "وكل وقت قابل" مبتدأ ومضاف إليه وخبر، "ذاك" مفعول قابل؛ لأنه اسم فاعل وفاعله مستتر فيه، والكاف حرف خطاب، "وما" نافية، يقبله مضارع والهاء مفعوله، وهي عائدة على النصب المفهوم من الفعل. "المكان" فاعل يقبل، "إلا" أداة استثناء تدل على الحصر. "مبهما" حال من المكان، "نحو" خبر لمبتدأ محذوف أي وذلك نحو، "الجهات" مضاف إليه، "والمقادير" معطوف عليه. و"ما" اسم موصول معطوف على الجهات. "صيغ من الفعل" الجملة من الفعل المبني للمجهول ونائب الفاعل صلة ما، "كمرمى": خبر لمبتدأ محذوف، "من رمى" متعلق بمحذوف حال من مرمى، والتقدير وذلك كمرمى حال كونه مشتقا من رمى, "وشرط" مبتدأ، "كون" مضاف إليه. "ذا" مضاف إليه من إضافة المصدر إلى اسم الكون، وهو إشارة إلى المأخوذة من مصدر الفعل. "مقيسا" خبر الكون باعتبار النقص، "أن يقع" في تأويل خبر المبتدأ، وفاعل يقع يعود إلى ذا. "ظرفا" حال من فاعل يقع، "لما" متعلق بظرفا، أو بمحذوف صفة له، "في أصله معه" جار ومجرور وظرف متعلقان باجتمع، وجملة "اجتمع" صلة ما. أي أن كل وقت -أي ظرف الزمان- يقبل النصب على الظرفية، مبهما كان أم مختصًا، أما ظرف المكان فلا يقبل النصب منه إلا المبهم، كالجهات الست، وأسماء المقادير، وما اشتق من المصدر بالشرط الذي ذكره وهو أن يقع ظرفا لما اجتمع معه في أصله، أي ينتصب بما يجامعه في الاشتقاق من أصل واحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 فصل: الظرف نوعان ... فصل: في الظرف نوعان: متصرف، وهو ما يفارق الظرفية إلى حالة لا تشبهها، كأن يستعمل مبتدأ، أو خبرا، أو فاعلا، أو مفعولا، أو مضافا إليه، كاليوم، تقول: اليوم يوم مبارك، وأعجبني اليوم، وأحببت يوم قدومك، وسرت نصف اليوم1. وغير متصرف وهو نوعان: ما لا يفارق الظرفية أصلًا، كقط وعوض2 تقول: ما   1 وفي الظرف المتصرف يقول الناظم: وما يرى ظرفا وغير ظرف ... فذاك ذو تصرف في العرف أي أن المتصرف من ظرف الزمان والمكان هو: ما استعمل ظرفا وغير ظرف، وهذا في عرف النحاة واصطلاحهم. وهذا الظرف قد يكون معربًا متصرفا، كيوم، وشهر. أو غير متصرف، كغدوة وبكرة، وضحوة، إذا كانت منها علم جنس على وقتها المعين، وقد يكون مبنيا، كأمس، و"إذا" الواقعة مضافا إليه لاسم زمان، نحو: ساعتئذ. 2 "قط": ظرف زمان لاستغراق الماضي مبني على الضم، وهي مشتقة من قططت الشيء إذا قطعته، و"عوض" ظرف لاستغراق الزمان المستقبل، مثل "أبدا"، وهي مشتقة من العوض، وسمي الزمان عوضا؛ لأن كل جزء منه يخلف ما قبله فكأنه عوض عنه، وتبنى "عوض" على الحركات الثلاث إن لم تضف، فإن أضيفت أعربت، ولا يستعملان -غالبا- إلا بعد نفي أو شبهه. ومثلهما في عدم التصرف "بين"، و "بينما"، و"يدل" بمعنى مكان، نحو: خذ هذا بدل هذا، و"سحر" إذا أريد به سحر يوم بعينه، والسحر: الثلث الأخير من الليل. والظروف المركبة، كصباح مساء.   * "ما" اسم موصول مبتدأ أول. "يرى": مضارع للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى "ما" وهو المفعول الأول "ظرفا": المفعول الثاني، والجملة صلة، "وغير ظرف" معطوف على "ظرفا" ومضاف إليه، "فذاك ذو تصرف" مبتدأ وخبر مضاف إليه، والجملة خبر "ما" وزيدت الفاء في جملة الخبر؛ لأن المبتدأ الموصول يشبه الشرط في العموم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 فعلته قط، ولا أفعله عوض1، وما لا يخرج عنها إلا بدخول الجار عليه2، نحو: قبل، وبعد، ولدن، وعند3، فيحكم عليهن بعدم التصرف مع أن "من" تدخل عليهن، إذا لم يخرجن عن الظرفية إلا إلى حالة شبيهة بها؛ لأن الظرف والجار والمجرور، أخوان4.   1 معناهما: ما فعلته في الزمن الماضي، ولا أفعله في الزمن المستقبل. 2 وهو "من" خاصة؛ لأنها أم الباب، فلو دخل جار وغيرها على هذه الظروف، كـ"عن" في قوله تعالى: {عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ عِزِين} يحكم تصرفه، أما جر "متى" بإلى و"حتى" و"أين بإلى" مع عدم تصرفها، فشاذ قياسًا. 3 "عند": اسم لمكان الحضور الحسي والمعنوي، ولا تقع إلا ظرفًا أو مجرورة بمن، و"بعد" ملازم للإضافة. ويتعين نصبه وإعرابه إذا ذكر المضاف إليه، أو حذف ونوي لفظه، أو حذف واستغنى عنه نهائيا، وفي هذه الحالة ينصب منونا، تقول: صفا الجو بعدا. أما إذا نوي معنى المضاف إليه فيبنى على الضم. ومثل"بعد" في هذا الباب: قبل، وأمام، وقدام ووراء، وخلف، وأسفل، ويمين، وشمال، وفوق، وتحت. 4 أي التوسع فيهما، والتعلق بالاستقرار، إذا وقعا صفة أو صلة أو خبرا، أو حالا. وإلى النوعين المذكورين من غير المتصرف يشير بقوله: وغير ذي التصرف الذي لزم ... ظرفية أو شبهها من الكلم أي أن الظرف غير المتصرف من الكلمات هو الذي لزم الظرفية وحدها، أو لزم للظرفية وشبهها، هو الجر بمن، كما بين المصنف.   * "وغير ذي التصرف" مبتدأ ومضاف إليه. "الذي" خبر المبتدأ. "لزم" الجملة صلة، "ظرفية" مفعول لزم. "أو شبهها" معطوف على فعل محذوف تقديره: أو لزم ظرفية أو شبهها، والمعنى غير المتصرف قسمان: ما يلزم الظرفية وحدها ولا يفارقها، وما يلزمها أو شبهها، وكلام المتن لا يفيد ذلك إلا بهذا التقدير، ولهذا لا يجوز عطف "أو شبهها" على "ظرفية"، "من الكلم" متعلق بشبهها أو بلزم، أو بمحذوف حال من، "غير ذي التصرف". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 ....................................................................   فوائد: أ "الآن" ظرف مبني على الفتح، وظرفيته غالبة، ولا يخرج عنها إلا نادرا، وهو اسم للوقت الحاضر كله أو بعضه عند النطق به، على حسب المقام، ويرى بعض النحاة: أنه معرب منصوب على الظرفية وليس مبنيا، وهو قول مقبول لسهولته. ب "صباح مساء"، و"يوم يوم"، و"صباح صباح": ظروف مركبة غير متصرفة مبنية على فتح الجزأين. المعنى: كل صباح ومساء، وكل يوم، وكل صباح، فإن فقد التركيب، أو أضيف أحد الجزأين إلى الآخر، أو عطف عليه امتنع البناء، ووجب إعرابها وتصرفها. ج من الظروف غير المتصرفة: حول، حوال، حوالي أحوالي، ومعناها الإحاطة والالتفاف، ولا يقصد في الغالب حقيقة التثنية والجمع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 ...........................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف الظرف، واذكر الأسماء التي تستعمل استعمال الظروف، وليست بظروف، ومثل لها. 2 منا الذي ينصب الظرف؟ وما حكم عامله من حيث الذكر والحذف؟ هات أمثلة موضحة من إنشائك. 3 ما الذي ينصب من أسماء المكان على الظرفية؟ ولماذا؟ مثل لما تذكر. 4 اشرح قول الناظم الآتي: موضحا بأمثلة من عندك. وما يرى ظرفا وغير ظرف ... فذاك ذو تصرف في العرف وغير ذي التصرف الذي لزم ... ظرفية أو شبهها من الكلم 5 يستشهد بما يأتي في هذا الباب، وبين موضع الشاهد، وحكمه في الإعراب: قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً} . {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} . {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} . {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} . {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} . قال -عليه الصلاة والسلام- حين سمع وجبة، أي سقطة: "هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا، فهو يهوي إلى النار حين انتهى". في المثل: لا آتيه الفرقدين. ألا أبلغ بني خلف رسولا ... أحقا أن أخطلكم هجاني إن الزمان الذي ليلا سعدت به ... قد كاد في وضح الأحداث يبكينا 6 في الجمل الآتية أسماء زمان ومكان، ولكن النحويين لا يعدونها ظروفا للزمان أو المكان، فلماذا؟ عطلة المدارس عندنا في الصيف في مصر شهران ونصف شهر، وقد تمتد إلى ثلاثة شهور. من الخير أن تخرج كل يوم للتريض ساعة، ثم تعود لتقضي وقتك في الاستذكار. أخذنا من المدرسة حجرة، جعلناها مكانا لاجتماعنا، وكثيرا ما نجتمع فيها في الظهر، وفي المساء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 ...............................................................................   7 أعرب البيت الآتي، واشرحه وبين ما فيه من شاهد: إذا الشعب يوما أراد الحياة ... فلا بد أن يستجيب القدر 8 بين فيما يأتي: ظرف الزمان والمكان، المبهم والمختص، المتصرف وغير المتصرف، العامل وحكمه، من حيث الذكر والحذف: لا تتأخر عن موعد عملك دقيقة، واقص وقتك في العمل الجدي، وانتهز فرصة قدرتك وصحتك، فإن الدهر قلب، يدور يمينا مرة وشمالا أخرى. إذا قدرت على خصمك يوما فاعف عنه، فإن أقبح أعمال المقتدرين الانتقام. إذا انتهيت من الاستذكار مساء فاسترح بعض الوقت قبل أن تذهب إلى المخدع، نوم على جانبك الأيمن، ولا تفكر في شيء أبدا، واستيقظ مبكرا وصل الصبح قبل شروق الشمس، ولا تغفل الواجب طرفة عين، لا تترك ما تحت يدك وتطلب فوق مقدورك، مبلغ علمي أنك ستضع هذه النصائح أمام عينك وتنظر فيها بين حين وآخر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 باب المفعول معه: وهو: اسم فضلة، تال لواو بمعنى مع1، تالية لجملة، ذات فعل، أو اسم فيه معناه وحروفه، كسرت والطريق، وأنا سائر النيل2. فخرج باللفظ الأول3، نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، ونحو: سرت الشمس والشمس طالعة، فإن الواو داخلة في الأول على فعل، وفي الثاني على جملة. وبالثاني4: نحو: اشترك زيد وعمرو. وبالثالث5 نحو: جئت مع زيد. وبالرابع6: نحو: جاء زيد وعمرو قبله أو بعده7. وبالخامس8 نحو: كل رجل وضيعته، فلا يجوز فيه النصب9 خلافا للضميري.   هذا باب المفعول معه: 1 أي أن هذه الواو تدل على أن ما بعدها قد صاحب ولازم الاسم الذي قبلها، في زمن وقوع الفعل، سواء شاركه في الحدث أو لا، وقوله: "تال" يدل على أنه لا يجوز الفصل بين الواو والمفعول معه، ولو بشبه الجملة، كما لا يجوز حذفها. 2 المثال الأول للجملة ذات الفعل، والثاني لذات الاسم الذي فيه معنى الفعل وحروفه، وهو سائر، وكل منها مستوف للشروط. ومثلهما في العمل: اسم الفعل. 3 أي: هو "اسم" ويشترط -على الصحيح- أن يكون صريحًا. 4 وهو قوله: "فضلة". 5 وهو قوله: "تال الواو". 6 وهو قوله: "بمعنى مع". 7 فإن التقييد بالقبلية أو البعدية ينافي المعية. 8 وهو قوله: "تالية لجملة". 9 هذا: إذا قدر الخبر مثنى، كأنه قيل: كل رجل وضيعته مقترنان، أما إذا قدر الخبر مفردا، فيجوز النصب على المعية، عطفا على ضمير الخبر، كأنه قيل: كل رجل موجود وضيعته. والصيمري هو: أبو محمد عبد الله بن علي، ابن إسحاق الصيمري النحوي، نسبة إلى الصيمرة، وهي بلدة بالبصرة، كان عالما فاضلا. قدم مصر، ونقل عنه أبو حيان كثيرا، وله كتاب جليل في النحو، يسمى: "التبصرة"، يشغل به أهل المغرب، وقد أحسن فيه التعليل لمذهب البصريين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 وبالسادس1 نحو: هذا لك وأباك2، فلا يتكلم به، خلافا لأبي علي3. فإن قلت: فقد قالوا: ما أنت وزيدا؟ وكيف أنت وزيدا؟ 4 قلت: أكثرهم يرفع بالعطف5، والذين نصبوا قدروا الضمير فاعلًا لمحذوف، لا مبتدأ، والأصل: ما تكون؟ وكيف   1 وهو قوله: "ذات فعل" أو اسم فيه معناه وحروفه. 2 فإن الجملة السابقة على الواو ليس فيها فاعل، ولا اسم بمعناه وحروفه. 3 هو أبو علي الفارسي، "انظر ص221، جزء أول"، فقد أجاز مثل ذلك، بناء على مذهبه، من الاكتفاء بما فيه معنى الفعل، كالإشارة، والتنبيه، والظرف، ولهذا أجاز في قول الشاعر: لا تحسبنك أثوابي فقد جمعت ... هذا ردائي مطويا وسربالا أن ينصب "سربالا" على المعية، والجمهور على أنه منصوب بـ"مطويا" لا غير. وفيما سبق يقول الناظم: ينصب تالي الواو مفعولا معه ... في نحو "سيري" والطريق مسرعه أن المفعول مع، هو الاسم المنصوب الذي يأتي بعد واو بمعنى مع، واكتفى بالمثال عن الشروط الذي ذكر المصنف، فـ"الطريق" مفعول معه، وهو بعد واو بمعنى مع، أي سيري مع الطريق، وهي مسبوقة بجملة فعلية. 4 أي ينصب "زيدا" فيهما بعد "ما" و"كيف" الاستفهاميتين، مع أنه لم يتقدم فعل، ولا اسم فيه معنى الفعل وحروفه. 5 أي على أنت، وعل هذا فلا إشكال.   * "تالي" نائب فاعل ينصب. "الواو" مضاف إليه، "مفعولا": حال من تالي. "معه" متعلق بمفعولا، ومضاف إليه. "في نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "سيري" فعل أمر وياء المخاطبة فاعل، والجملة في محل جر بإضافة نحو، "والطريق" الواو بمعنى مع، "الطريق" مفعول معه. "مسرعة" حال من ياء المخاطبة، وسكن للشعر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 تصنع؟ فلما حذف الفعل وحده برز ضميره وانفصل1. والناصب للمفعول معه، ما سبقه من فعل أو شبهه2، لا الواو، خلافا للجراجاني3، ولا الخلاف4، خلافا للكوفيين، ولا محذوف، والتقدير: سرت ولابست النيل، فيكون حينئذ مفعولا به، خلافا للزجاج.   1 أي لتعذر الاتصال، وقدر سيبويه الفعل المحذوف من لفظ الكون، وجعله ماضيا "ما"، ومضارعا مع "كيف"، فقال: إن الأصل: ما كنت وزيد، وكيف تكون وزيدا؟ وقيل: إن هذا غير مقصود من سيبويه، و"كان" في المثالين: إما ناقصة، وأداة الاستفهام قبلها خبر مقدم، واسمها ضمير المخاطب الذي كان مستتر، فلما حذفت برز وانفصل، وهذا هو الأصح، وإما تامة وفاعلها الضمير المستتر، "وما" الاستفهامية مفعول مطلق متقدم، و"كيف" حال مقد، والتقدير: أي وجود توجد مع زيد، وفي هذا الرأي ضعف، وقد أشار الناظم إلى بذلك قوله: وبعد "ما استفهام" أو"كيف" نصب ... بفعل كون مضمر بعض العرب أي نصب بعض العرب المفعول معه، بعد "ما" و"كيف" الاستفهاميتين. وجعل النحاة النصب بفعل مقدر من لفظ الكون، كما بين المصنف. 2 أي شبهه في العمل، من كل ما ينصب المفعول به من المشتقات، وذلك: اسم الفاعل، واسم المفعول، والمصدر: واسم الفعل، ولهذا لا تصلح الصفة المشبهة، ولا أفعل التفضيل، ولا ما لا يعمل. 3 لأنه لو كان الأمر كذلك لا تصل الضمير بها، كما في سائر الحروف العاملة، فكان يقال جلست وك، كما يقال: إنك ولك، وذلك ممتنع. 4 أي مخالفة ما بعد الواو لما قبلها؛ لأن هذا أمر معنوي، ولو كان الخلاف يقتضي النصب لجاز: ما قام محمد بل عليا، بنصب علي، وذلك غير جائز بالإجماع، ويؤخذ من قول   * "وبعد" ظرف متعلق بنصب، "ما" مقصود لفظه مضاف إليه. "استفهام" مضاف إليه من إضافة الدال للمدلول. "أو كيف" معطوف على "ما" مقصود لفظه، "نصب" فعل ماض. "بفعل كون" متعلق بنصب ومضاف إليه. "مضمر" نعت لفعل. "بعض العرب"، فاعل نصب ومضاف إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 فصل: وللاسم بعد الواو خمس حالات: وجوب العطف: كما في: كل رجل وضيعته، ونحو: اشترك زيد وعمرو، ونحو: جاء زيد وعمرو قبله أو بعده، لما بينا1. ورجحانه2: كجاء زيد وعمرو؛ لأنه الأصل، وقد أمكن بلا ضعف3. ووجوب المفعول معه: وذلك في نحو: ما لك وزيدا؟ ومات زيد وطلوع الشمس، لامتناع العطف في الأول من جهة الصناعة4، وفي الثاني من جهة المعنى5.   المصنف "والناصب" للمفعول معه ما سبقه من فعل أو شبهه "أن المفعول معه لا يتقدم على عامله، وهذا بالإجماع، ولا يتوسط عند الكثيرين. وفيما سبق يقول الناظم: بما من الفعل وشبهه سبق ... ذا النصب لا بالواو في القول الأحق أي هذا النصب للمفعول معه، يمكن بما سبقه من الفعل وشبهه، ولا يكون بالواو في القول الأحق بالاتباع. 1 أي من فقد شروط النصب، وعدم تقدم جملة الأول، وعدم الفضلة في الثاني، وعدم المصاحبة في الثالث. 2 أي رجحان العطف، ويجوز النصب على ضعف. 3 وأيضًا: فإنه أقوى في الدلالة المعنوية على المشاركة؛ لأن العطف يقتضي إعادة العامل تقديرا قبل المعطوف، فكأن العامل تكرر. 4 لأنه لا يصح العطف على الضمير المجرور -وهو الكاف في "لك"- إلا بعد إعادة الجار، نحو قوله تعالى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} . 5 لأن العطف يقتضي التشريك في المعنى، وطلوع الشمس لا يقوم به الموت.   * "بما" جار ومجرور خبر مقدم، "من الفعل" متعلق يسبق بعد. "وشبهه معطوف على الفعل، "سبق" فعل ماض فاعله يعود على "ما"، والجملة صلة ما، "إذا" اسم إشارة مبتدأ مؤخر. "النصب" بدل أو عطف بيان أو نعت لذا. "لا" عاطفة بالواو معطوف على "بما"، "في القول" متعلق بالنصب، و"في" بمعنى على، "الأحق" نعت للقول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 ورجحانه1: وذلك في نحو قوله: فكونوا أنتم وبني أبيكم2 ونحو: قمت وزيدا، لضعف العطف في الأول من جهة المعنى، وفي الثاني من جهة الصناعة3. وامتناعها: كقوله: علفتها تبنا وماء باردا4   1 أي رجحان المفعول معه. 2 صدر بيت من الوافر، لم ينسب لقائل، وعجزه: مكان الكليتين من الطحال اللغة والإعراب: الكليتان: لحمتان حمراوتان معروفتان، والمفرد: كلية وكلوة، والجمع: كليات وكلى، الطحال: معروف أيضًا، وهو دم متجمد، وجمعه طحل، ككتب "كونوا" فعل أمر من كان الناقصة، مبني على حذف النون والو اسمها، "أنتم" توكيد للواو. و"بني" الواو بمعنى مع و"بني" مفعول معه منصوب بالياء، "أبيكم": مضاف إليه، "مكان": ظرف متعلق بمحذوف، خبر كونوا. "الكليتين": مضاف إليه، "من الطحال": متعلق بمكان. المعنى: يأمر المخاطبين، ويوصيهم أن يكونوا مع إخوتهم وإخوانهم على وفاق، واتصال تام، كاتصال الكليتين بالطحال. الشاهد: نصب "وبني" على أنه مفعول على الراجح، ويجوز الرفع بالعطف على اسم كان، لوجود التأكيد بالضمير المنفصل، ولكنه ضعف من جهة المعنى؛ لأنه يقتضي أن بني الأب مأمورن بذلك أيضًا، وهو غير مراد؛ لأن المراد أمر المخاطبين -وحدهم- أن يكونوا مع بني أبيهم متجابين، كالكليتين من الطحال. 3 لأنه لا يحسن العطف على الضمير المرفوع المتصل، إلا بعد توكيده بضمير منفصل، أو بأي فاصل كان، ونحو: أكرمتك ومحمدا، يجوز: "كون محمدا" معطوفا على الكاف، وأن يعرف مفعولًا معه. 4 صدر بيت من الكامل، لم نقف على قائله، وعجزه -كما ذكر النحاة-: حتى شتت همالة عيناها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 وقوله: وزججن الحواجب والعيونا1   اللغة والإعراب: علفتها: قدمت لها العلف، وهو ما يقدم للدواب من الأكل، وجمعه علاف، كجبل وجبال. شتت: بدت، همالة: صيغة مبالغة، من هملت العين إذا فاض دمعها، وكثر نزوله منها. "علفتها": فعل وفاعل ومفعول أول. "تبنا" مفعول ثان، و"ماء" الواو للعطف، و"ماء": مفعول لفعل محذوف، تقديره: وسيقتها. "باردا" صفة لماء، "حتى" حرف غاية. "همالة": حال من عيناها"، الواقع فاعلا لشتت. المعنى: علفت هذه الدابة تبنا وأشبعتها، وسقيتها ماء باردا، حتى فاضت عيناها بالدموع من الشبع، وتلك عادة الدواب إذا شبعت. الشاهد: في قوله: "وماء"، فإنه لا يصح أن يعطف على تبنا، عطف مفرد على مفرد، لانتفاء المشاركة، لعدم صحة تسلط العامل عليه؛ لأن الماء لا يعلف. ولا يصح أن تكون الواو للمعية لانتفاء المصاحبة؛ لأن الماء لا يصاحب التبن في العلف، وقد خرجه المصنف. 1 عجز بيت من الوافر لعبيد بن حصين، المعروف بالراعي النميري، وصدره: إذا ما الغانيات برزن يوما اللغة والإعراب: الغانيات: جمع غانية، وهي المرأة التي استغنت بجمالها عن الحلي والزينة، برزن: ظهرن. زججن الحواجب: دققنها ورققنها في طول. "إذا": ظرف للمستقبل من الزمان، "ما" زائدة. "الغانيات" فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور، والجملة في محل جر بالإضافة إذا، "برزن": فعل، وضمير النسوة فاعل. "يومًا" ظرف: منصوب ببرزن. "وزججن": معطوف على برزن، "الحواجب": مفعوله. "والعيونا" مفعول لفعل محذوف تقديره: وكحلن، وبعد هذا البيت. أنخن جمالهن بذات غسل ... سراة اليوم يمهدن الكدونا ذات عسل: موضع، سراة اليوم: وسطه. يمهدن: يصلحن، الكدونا: جمع كدن، وهو الهودج، أو ثوب للخدر، وهو بفتح الكاف وكسرها. المعنى: أن تلكم النساء الجميلات، إذا ظهرن من خدورهن متزينات، وقد رققن حواجبهن وكحلن عيونهن، أنخن جمالهن التي يركبنها بهذا الموضع وسط النهار، ليصلحن خدورهن أو هوادجهن. الشاهد: في قوله", العيونا" فإنه لا يصح أن يعطف على الحواجب، لعدم المشاركة في التزجيج، ولا تصح المعية، لعدم الفائدة في الإعلام بمصاحبة العيون للحواجب، وقد وجهه المصنف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 أما امتناع العطف، فلانتفاء المشاركة، وأما امتناع المفعول معه، فلانتفاء المعية في الأول، وانتفاء الإعلام بها في الثاني. ويجب في ذلك إضمار فعل ناصب للاسم على أنه مفعول به، أي: وسقيتها ماء، وكحلن العيونا1، هذا قول الفارسي والفراء ومن تبعهما. وذهب الجرمي، والمازني، والمبرد، وأبو عبيدة الأصمعي2، ... ... ...   1 وحينئذ تكون عطف جملة على جملة، لا مفرد على مفرد، وإلى الحالات المتقدمة يشير الناظم بقوله: والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق ... والنصب مختار لدى ضعف النسق والنصب إن لم يجز العطف يجب ... أو اعتقد إضمار عامل نصب أي إذا أمكن العطف من غير ضعف، فهو أحق من النصيب؛ لأنه الأصل، ويختار النصب على المعية إذا كان في العطف بالحرف ضعف، وإن لم يكن العطف مطلقا، تعين النصب على المعية، أو على إضمار عامل مناسب، وقد أوضح المصنف ذلك. 2 الأصمعي: هو أبو سعيد عبد الملك بن قريب، الأصمعي البصري، نسبة إلى جده أصمع، أحد أئمة اللغة والنحو الغريب والملح والنوادر. روى عن أبي عمرو بن العلاء وغيره، وكان يتمتع بحافظة جيدة، وروي عنه أنه كان يحفظ ست عشر ألف أرجوزة غير دواوين العرب. وكان جيد الإلقاء، حتى قال فيه أبو نواس: "إنه بلبل يطرب الناس بنغماته"، وقال عنه الإمام الشافعي: "ما عبر أحد من العرب بمثل عبارة الأصمعي"، وكان صدوقا في روايته، ومن أعلم الناس بفنه، وأسرعهم جوابا، وكان لا يفتي إلا بما أجمع عليه العلماء، قدم بغداد في أيام الرشيد، واتصل به وبالبرامكة. وله مصنفات كثيرة، منها:   * "والعطف" مبتدأ "إن" شرطية يمكن فعل الشرط "بلا ضعف" متعلق بيمكن، ولا" اسم بمعنى "غير" مجرور بالباء ظهر إعرابه على ما بعده "أحق" خبر المبتدأ، وجواب الشرط محذوف "والنصب مختار" مبتدأ وخبر "لدى" ظرف متعلق بمختار "ضعف النسق" مضاف إليه. "والنصب" مبتدأ خبره "يجب" والجملة الشرطية معترضة بينهما كالسابقة "أو اعتقد" معطوف على يجب، "و"أو" للتخيير "إضمار" مفعول اعتقد "عامل" مضاف إليه "تصب" مضارع مجزوم في جواب الأمر، وهو "اعتقد". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 واليزيدي1، إلى أنه لا حذف، وأن ما بعد الواو معطوف، وذلك على تأويل العامل المذكور بعامل يصح انصبابه عليهما، فيؤول: زججن بحسن2، وعلفتها بأنلتها3.   كتاب "الأصول"، و"النوادر" و"القلب والإبدال"، و"غريب القرآن". ومات سنة 125هـ، ومن شعره في جعفر البرمكي. إذا قيل من للندا والعلا ... من الناس قيل الفتى جعفر وما إن مدحت فتى قبله ... ولكن بني جعفر جوهر وقد تقدمت ترجمة الفراء، والمازني، والمبرد، وأبو عبيدة في الجزء الأول. 1 هو أبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدي، مولى بني عدي، وينسب إلى يزيد بن منصور الحميري، خالد المهدي؛ لأنه أدب أولاده. نشأ ببغداد، وأخذ العربية عن أبي عمرو بن العلاء، واللغة والعروض عن الخليل، وكان أحد أكابر القراء الفصحاء العالمين بلغة العرب والنحو، كما كان ثقة صدوقا صحيح الرواية، وقد اتصل بالرشيد، وجعله مؤدبا للمأمون، وصنف مختصرا في النحو، ومات بخراسان سنة 202هـ، ومن شعره: إذا نكبات الدهر لم تعظ الفتى ... وأفزع منها لم تعظه عواذله ومن لم يؤدبه أبوه وأمه ... تؤدبه روعات الردى وزلازله فدع عنك ما لا تستطيع ولا تطع ... هواك ولا يغلب بحقك باطله 2 ولا شك أن التحسين يصح تسلطه على كل من العيون والحواجب. 3 والإنالة يصح تسلطها على التبن والماء، ويكون ذلك من باب التضمين، وهو سائع ووارد عن العرب، "انظر صفحة 94 من هذا الجزء". تنبيه: الفرق بين العطف والمعية: أن العطف يقتضي المشاركة بين المعطوف عليه في معنى العمل، سواء حصلت المشاركة في الزمن أو لا. فإذا قلت: قابلت محمدا وعليا في الحج، فيجب أن تتناولهما المقابلة، وليس بلازم أن تكون شملتهما مع المتكلم في وقت واحد، أما المعية فبالعكس، أي أنه تتحتم المشاركة الزمنية، أما المشاركة المعنوية فقد تكون أو لا تكون، فإذا قلت: سار محمد والنيل، تعينت المشاركة الزمنية، أما المعنوية فلا يمكن؛ لأن النيل لا يشارك في السير. فائدة: قال الصبان: قال الفارضي: "إذا اجتمعت المفاعيل، قدم المفعول المطلق، ثم المفعول به الذي تعدى إليه الفاعل بنفسه، ثم الذي تعدى إليه بواسطة الحرف، ثم المفعول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   فيه الزماني، ثم المكاني، ثم المفعول، ثم المفعول معه، نحو: ضربت ضربا محمدا بسوط نهارا هنا تأديبا، وطلوع الشمس". والظاهر أن هذا الترتيب أولى، لا أوجب، ومن الخير أن يراعي تقديم الأهم، والمقصود مهما كان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 .................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف المفعول معه، وذاكر شرط عامله، وهات أمثلة موضحه له من إنشائك. 2 ما الذي ينصب المفعول معه في القول الراجح؟ وما المراد بشبه الفعل؟ مثل لما تقول. 3 هات مثالين لاسم واجب النصب على أنه مفعول معه، وآخرين لاسم يمتنع فيه ذلك ويجب العطف. 4 ما الفرق ين المانع الصناعي والمانع المعنوي؟ هات مثالين موضحين لكل. 5 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل هذا الباب، بين الشاهد، وحكم ما بعد الواو. قال تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} . {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} . {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} . {لَقَدْ كُنتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} . قال الشاعر: فما لك والتلذذ حول نجد إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ ... فدعه ووكل أمره واللياليا إذا أنت لم تترك أخاك وزلة ... إذا زلها أوشكتما أن تفرقا جمعت وفحشا غيبة ونميمة ... ثلاث خصال لست عنها بمدعوي 6 وضح فيما يأتي عامل المفعول معه، وأظهره إن كان مقدرا: ما شأنك والأحرار من الفدائيين؟ عجبت من حرصك وثروتك الواسعة، كيف أنت والمتطوعين بدمائهم وأموالهم فداء للوطن؟ علي مبغض وأخاه الطلاب. ما أنت ورحلة إلى السد العالي؟ لو ترك كل إنسان وشأنه لسادت الفوضى، فنصيحتي لك أن تسير وطريق الدين والقانون. 7 بين موقع إعراب ما تحته خط في البيتين الآتيين، واشرحهما شرحا أدبيا: فليست حدود الشرق تفضل بيننا ... لنا الشرق حد والعروبة موقع ولو بردى أنت لخطب مياهه ... لسالت "بوادي النيل" للنيل أدمع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 باب: المستثنى مدخل ... باب المستثنى 1: للاستثناء أدوات ثمان: حرفان وهما: "إلا"عند الجميع، و"حاشا" عند سيبويه2، ويقال فيها: حاش، وحشا3. وفعلان وهما: "ليس"، و"لا يكون". ومترددان بين الفعلية والحرفية4، وهما "خلا" عند الجميع و"عدا" عند غير سيبويه5.   هذا باب المستثنى: 1 هو اسم يذكر بعد إلا، أو إحدى أخواتها، يخالف ما قبلها في الحكم، نفيا أو إثباتا، ويقول صاحب التسهيل في تعريفه: "هو المخرج تحقيقا أو تقديرا، من مذكور أو متروك، بإلا أو ما في معناها". "فقول المخرج: جنس يشمل المخرج بالبدل. وبالصفة، وبالشرط، وبالاستثناء وغير ذلك. وقوله: "من مذكور أو متروك" إشارة إلى قسمي: التام والمفرغ، وقوله: "بإلا أما في معناها" يشمل جميع أدوات الاستثناء، ويخرج ما عدا المستثنى، كما تقدم ذكر بعضه. 2 وتبعه في ذكر أكثر البصريين، وقيل: تستعمل حرف جر كثيرا، وفعلا ماضيا جامدا متعديا بقلة، لتضمنها معنى "إلا"، وذهب الكوفيون إلى أنها فعل متعد متصرف ينصب ما بعده، ولا تكون حرف جر لتصرفها، وإذا ورد ما بعدها مجرورا، فيكون على تقدير حرف جر، حذف وبقي عمله. 3 هل هاتان اللغتان خاصتان بحاشا الخالصة للتنزية، والتي هي اسم مرادف لكلمة "تنزيها"، أو"فعل بمعنى "أنزه"، كما سنبينه بعد؟ أو هما جائزان في حاشا مطلقا؟ ولعل الأول هو الأقرب إلى الصواب، لاتفاقهم على نفي حرفيتها، فتكون أكثر قبولا للتصرف بالحذف. 4 أي ما لم تتقدم عليهما "ما" المصدرية، وإلا تعينتا للفعلية، ويلزمان المضي. 5 أما هو، فلم يحفظ فيها إلا الفعلية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 واسمان، وهما: "غير" و"سوى" بلغاتها، فإنه يقال: سوى كرضا، وسوى كهدى، وسواء كسماء، وسواء كبناء، وهي أغربها1. فإذا استثني "بإلا" وكان الكلام غير تام -وهو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه- فلا عمل لإلا، بل يكون الحكم2 عند وجودها مثله عند فقدها3، ويسمى استثناء مفرغا4، وشرطه: كون الكلام غير إيجاب5، وهو النفي: نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا   1 وقل من ذكرها، وقد ذكرها الفارسي. 2 أي من الناحية الإعرابية، لا من الناحية المعنوية. 3 فيعرب ما بعد "إلا"، وهو المستثنى على حسب ما يقتضيه العامل قبلها، بقطع النظر عن "إلا" فيكون فاعلا ومفعولا ومبتدأ وخبر وغير ذلك، وتكون "إلا" ملغاة. 4 لأن ما قبل "إلا" تفرع للعمل الإعرابي فيما بعدها ظاهرا، ومعموله الحقيقي هو المستثنى منه؛ لأن الاستثناء في الحقيقة من عام محذوف، وما بعد إلا بدل من ذلك المحذوف، فالتقدير في مثل: ما قام إلا محمد، ما قام أحد إلا محمد، فلما حذف المستثنى منه أشغل العامل بالمستثنى وسمي استثناء مفرغا، ويجوز التفريغ لجميع المعمولات، إلا المفعول معه، والمصدر المؤكد لعامله، والحال المؤكدة كذلك، فلا يقال: ما سرت إلا والنيل، وإلا ما زرعت إلا زرعا، ولا تعث إلا مفسدا، وذلك لوقوع التناقض، بذكر المعنى منفيا قبل إلا، ومثبتا بعدها، وأما قوله تعالى: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} ، فالقرينة تدل على أن المراد: إن نظن إلا ظنا عظيما، فهو مصدر نوعي، فاختلف المنفي والمثبت. 5 لأن التفريغ في الإيجاب يدعو إلى الاستبعاد، فإذا قلت: قام إلا محمد كان معناه قام جميع الناس إلا محمد، وهذا بعيد، وليست هنالك قرينة تدل على أن المراد جماعة مخصوصة، وجوز ابن الحاجب التفريغ في الموجب، إذا كان فضلة وحصلت فائدة، نحو: قرأت إلا يوم الخميس، فإنه يجوز أن تقرأ في جميع الأيام إلا يوم الخميس، وأجيب بأن هذا قليل فيمنع طرد للباب، كما اتفق على الجواز في المنفي، وإن لم يستقم المعنى أحيانا، نحو: ما مات إلا محمد، لهذا السبب. والخلاصة: أن الاستثناء المفرغ يقتضي أن يكون الكلام غير تام، وغير موجب معا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 رَسُولٌ} 1، والنهي، نحو: {وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} 2، {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 3، والاستفهام الإنكاري نحو: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُون} 4. فأما قوله تعالى: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} ، فحمل "يأبى" على لا يريد؛ لأنهما بمعنى5. وإن كان الكلام تامًّا، فإن كان موجبًا6 .................................................   1 "محمد": مبتدأ، "إلا": ملغاة. "رسول": خبر، وتقدير المستثنى منه: وما محمد شيء. 2 "الحق": مفعول به لتقولوا: وتقدير المستثنى منه: ولا تقولوا على الله شيئا إلا الحق. 3 "التي" مجرور بالباء؛ لأن ما قبل "إلا" هو "تجادلوا" يطلبه كذلك، وتقدير المستثنى منه، ولا تجادلوا أهل الكتاب بشيء إلا بالتي هي أحسن. 4 "القوم" نائب فاعل "يهلك"، والاستفهام إنكاري بمعنى النفي. 5 أي معنى يأبى هو "لا يريد"، فهناك نفي معنوي، والمستثنى منه محذوف. وإذا فلا فرق بين أن يكون النفي في اللفظ، أو في المعنى، ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} ؛ لأن المعنى: أنها لا تسهل إلا على الخاشعين، ومثل ذلك النهي نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} ؛ لأن المعنى: لا تولوا الأدبار إلا منحرفين، وقد أشار الناظم إلى الاستثناء المفرغ بقوله: وإن يفرغ سابق "إلا" لما ... بعد يكن كما لو "إلا" عدما أي إذا تفرغ العامل الذي قبل إلا للعمل فيما بعدها، أعرب الاسم الذي بعدها على حسب ما يقتضيه هذا العامل، وكأن "إلا" غير موجودة. 6 الموجب: هو الجملة التي ليس فيها نفي وهو النهي، والاستفهام المتضمن معنى   * "وإن" شرطية، "يفرغ" مضارع للمجهول فعل الشرط. "سابق" نائب فاعل يفزع، "إلا". مقصود لفظه مفعول لسابق. "لما" متعلق بيفرغ" و"ما" اسم موصول. "بعد" ظرف متعلق بمحذوف صلة ما "يكن" جواب الشرط واسمها يعود إلى سابق، أو إلى ما بعد. "كما" الكافة جارة و"ما" زائدة: "لو" مصدرية. "إلا" مقصود لفظه نائب فاعل لمحذوف يفسر عدما. "عدما" ماض مبني للمجهول، والألف للإطلاق ونائب فاعله يعود على "إلا" و"لو"، ومدخولها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور خبر يكن الناقصة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 وجب نصب المستثنى1، نحو: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} 2، وأما قوله: عادت تغير إلا النؤي والوتد3 فحمل تغير على "لم يبق على حاله"؛ لأنهما بمعنى.   النفي، كالإنكاري، والتوبيخي. 1 سواء كان متأخرًا عن المستثنى منه، أم متقدما عليه. متصلا كان الاستثناء أم منقطعا، ويقال في الإعراب: "إلا" حرف استثناء، والمستثنى منصوب على الاستثناء. 2 فـ"قليلا" منصوب على الاستثناء وجوبا؛ لأن الكلام موجب ليس فيه نفي أو شبهه، والمستثنى منه مذكور، وهو الواو في "شربوا"، وأما قوله: " {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} برفع لفظ الجلالة، فإن "إلا" في الآية ليست حرف استثناء، وإنما هي اسم بمعنى "غير" صفة للآلهة، ونقل إعرابها إلى ما بعدها، لكونها على صورة الحرف. 3 عجز بيت من البسيط للأخطل التغلبي الأموي، وصدره: وبالصريمة منهم منزل خلق اللغة والإعراب: الصريمة: اسم موضع، وأصله: المنقطع من الرمل، خلق: بال. عاف: دارس مندثر. النؤي: جدول صغير يحفر حول الخباء لمنع السيل عنه "بالصريمة جار ومجرور خبر مقدم "منهم" متعلق بمحذوف من منزل، الواقع مبتدأ مؤخر، أي متخلفا منهم، "خلق" صفة لمنزل "عاف" صفة ثانية، "تغير" الجملة صفة ثالثة، "إلا" حرف استثناء" النؤي" بدل من فاعل تغير، "والوتد" معطوف عليه. المعنى: أن بهذا الموضع منزلا باليا، خلفه القوم تغيرت حالة ودرست معالمه ولم يبق منه إلا الحفرة التي كانت حوله، والوتد الذي يربط به الخباء أو الدواب. الشاهد: رفع "النؤي" على البدلية؛ لأن الكلام ليس تاما موجبا، كما يدل ظاهره، بل هو منفي في المعنى؛ لأن تغير وهو العامل في ضمير المستثنى منه، وهو المنزل -في معنى عامل منفي وهو "لم يبق على حاله"، كما ذكر المصنف. وذهب بعضهم إلى أن "إلا" هنا حرف استدراك بمعنى لكن، وما بعدها مبتدأ حذف وخبره، ومثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: "كل أمتى معافى إلا المجاهرون"، أي لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 وإن كان الكلام غير موجب: فإن كان الاستثناء متصلا1 فالأرجح اتباع المستثنى للمستثنى منه2، بدل بعض عند البصريين، وعطف نسق عند الكوفيين3، نحو: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُم} ، {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَك} ، {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} 4، والنصب عربي جيد، وقد قرئ به في السبع في "قليل"، و"امرأتك". وإذا تعذر البدل على اللفظ، أبدل على الموضع، نحو: لا إله إلا الله، ونحو: ما فيها من أحد إلا زيد، برفعهما5، وليس زيد بشيء إلا شيئا لا يعبأ به، بالنصب6؛ لأن "لا"   1 هو ما يكون فيه المستثنى بعض المستثنى منه، ويحكم على أحدهما بضد ما يحكم به على الآخر، سواء كان المستثنى منه متعدد الأفراد، والمستثنى أحد تلك الأفراد، نحو: زرت الزملاء إلا محمدا، أو كان المستثنى منه فردا ذا أجزاء، والمستثنى جزء من تلك الأجزاء، نحو: نظفت الحجرة إلا شباكا، وفي الحالتين يكون ما بعد إلا مخالفا في الحكم لما قبلها. 2 أي في إعرابه فيكون مثله، مرفوعا، أو منصوبا، أو مجرورا. 3 لأن "إلا" عندهم من حروف العطف في باب الاستثناء خاصة، وهي بمنزلة "لا" العاطفة، في أن ما بعدها يخالف ما قبلها. 4 "الضالون" بدل من الضمير المستتر في "يقنط"، بدل بعض من كل، و"امرأتك" بالرفع بدل من "أحد" كذلك، و"قليل" بدل من الواو في "فعلوه" أيضا، ولا يعترض بعدم وجود الضمير الرابط؛ لأن "إلا" إلا أغنت عنه، لدلالتها على إخراج الثاني من الأول، وكونه بعضا منه، والجمع عطف نسق عند الكوفيين. 5 قيل: لفظ الجلالة بدل من محل الاسم قبل دخول "لا"، أو من محل لا مع اسمها. وفي القولين ضعيف؛ لأن هذا المحل قد زال بدخول الناسخ، والمختار أنه بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، ولا يجوز النصب؛ لأن "لا" الجنسية لا تعمل في معرفة، ولا في موجب، و"زيد" بدل من محل أحد؛ لأن محله رفع بالابتداء، ولا يجوز الخفض على اللفظ؛ لأنه موجب بإلا، و"من" الزائدة لا تعمل في موجب. 6 "شيئا" بدل من محلي "بشيء"؛ لأنها في موضع نصب على الخبرية بليس، ولا يجوز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 الجنسية لا تعمل في معرفة، ولا في موجب، و"من" و"الباء" الزائدتين كذلك، فإن قلت: لا إله إلا الله واحد، فالرفع أيضا1؛ لأنها لا تعمل في موجب. ولا يترجح النصب على الاتباع، لتأخر صفة المستثنى منه عن المستثنى، نحو: ما فيها رجل إلا أخوك صالح، خلافا للمازني2. وإن كان الاستثناء منقطعا3: فإن لم يمكن تسليط العامل على المستثنى، وجب النصب اتفاقا، نحو: ما زاد هذا المال إلا ما نقص4، إذ لا يقال زاد النقص، ومثله: ما نفع زيد إلا ما ضر، إذ لا يقال: نفع الضر.   1 أي على البدل على المحل، ولا يجوز النصب على اللفظ، وإن كان البدل نكرة موصوفة؛ لأنها موجبة لوقوعها بعد "إلا" و"لا" الجنسية لا تعمل في الموجب، كما بين المصنف. 2 فقد اختار النصب في هذه الحالة، فتقول: ما فيها رجل إلا أخاك صالح، فرجل مبتدأ، والجار والمجرور قبله خبر، وصالح: نعت لرجل، وأخاك منصوب على الاستثناء مقدم على صفة المستثنى منه. 3 المنقطع هو: ما لم يكن فيه المستثنى بعضا من المستثنى منه، فلا بد هو فرد من أفراده ولا جزء حقيقي منه، وإن كان ينبغي أن يكون بينهما اتصال معنوي، وعلاقة، وربط، بحيث يصح أن يقع الحرف "لكن" موقع أداة الاستثناء مع استقامة المعنى، فلا بد أن يكون ما قبل "إلا" دالا على ما يستثنى. ولهذا يجوز: ما قام القوم إلا فرسا، ويمتنع قام القوم إلا ثعبانا، ويشترط ألا يسبقه ما هو نص صريح في خروجه، فلا يصح صهلت الخيل إلا الإبل؛ لأن الصهيل نص قاطع في صوت الخيل، فلا صلة بين المستثنى والمستثنى منه، بخلاف "صوتت" مثلا. 4 "إلا" أداة استثناء. "ما" مصدرية. "نقص"، الجملة صلتها، وهي في موضع نصب على الاستثناء، ولا يجوز الرفع على الإبدال من الفاعل؛ لأنه لا يصح تسليط العامل على المستثنى، فلا يقال: زاد النقص. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 وإن أمكن تسليطه: فالحجازيون يوجبون النصب1، وعليه قراءة السبعة: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّن} ، وتميم ترجحيه وتجيز الاتباع2، كقوله: وبلدة ليس بها أنيس ... إلا اليعافير وإلا العيس3 وحمل عليه الزمخشري4:   1 لامتناع الإبدال حقيقة؛ لأن المستثنى ليس به جنس المستثنى منه. 2 فترفع "اتباع" على أنه بدل من "علم" باعتبار موضعه، ولا يجوز خفضه على الإبدال من "علم" باعتبار لفظه؛ لأنه معرفة موجبة، و"من" الزائدة لا تعمل فيها كما سلف. 3 بيت من الرجز: لعامر بن الحارث الملقب بـ"جران العود" شاعر نميري، ولقب بذلك؛ لأنه اتخذ من جلد العود سوطا يضرب به نساءه. اللغة والإعراب: أنيس: مؤنس: اليعافير: جمع يعفور، وهو ولد البقرة الوحشية، العيس: هي الإبل التي يخالط بياضها شيء من الشقرة، واحدها: أعيس، والأنثى: عيساء وبلدة الواو واو رب، "بلدة" مبتدأ، "ليس بها أنيس" الجملة من ليس واسمها وخبرها صفة لبلدة، وخبر المبتدأ محذوف "إلا" حرف استثناء، "اليعافير" بدل من أنيس، وإلا توكيد للأولى."العيس" معطوف على اليعافير. المعنى: كثير من البلدان الموحشة التي لا مؤنس، ولا رفيق فيها، وليس بها إلا أولاد البقر الوحشي، والإبل زرتها، ولم أخش شيئا. الشاهد: رفع "اليعافير والعيس" على الإبدال على لغة تميم، مع أنه استثناء منقطع تقدم فيه المستثنى منه، فكان ينبغي انتصابه على المشهور. وقد حملهم على ذلك: أن المقصود هو المستثنى، فكأنه قال: ليس بها إلا اليعافير، أما المستثنى منه، فكأنه غير مذكور فصار كالاستثناء المفرغ، أو أنه توسع في معنى المستثنى حتى جعله نوعا من المستثنى منه، فقدر اليعافير والعيس نوعا من الأنيس، أو توسع في المستثنى نه، فكأن الاستثناء في الحالتين متصل. 4 هو أبو القاسم: محمود بن عامر جار الله الزمخشري، نسبة إلى زمخشري، من أعمال خوارزم، كان واسع العلم، غاية في الذكاء وقوة القريحة، متفننا في كل علم، معتزليا، قدم بغداد غير مرة، وأخذ الأدب عن النيسابوري والأصبهاني، وجاور بمكة، فلقب بجار الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} 1.   وفخر خوارزم، وكانت له رجل من خشب، بسبب خراج أصاب رجله فقطعت، وله مصنفات كثيرة، من أشهرها: "الكشاف في التفسير"، و"المفصل" في النحو"، و"أطواق الذهب"، و"الأحاجي النحوية"، ومات يوم عرفة سنة 538هـ. كثر الشك والخلاف وكل ... يدعي الفوز بالصراط السوي فاعتصامي بلا إله سواه ... ثم حبي لأحمد وعلي فاز كلب بحب أصحاب كهف ... كيف أشقى بحب آل نبي 1 "من" في محل رفع فاعل يعلم. "الغيب" مفعول به، "الله" بدل من "من" على لغة تميم، وهو استثناء منقطع، لعدم دخوله في مدلول "من"؛ لأنه سبحانه لا يحويه مكان، وجعل ابن مالك الاستثناء متصلا، وقدر متعلق الظرف: من يذكر في السموات والأرض لا استقر ونحوه. وذكر في المغني: أنه يجوز أن تعرب "من" مفعولا به ليعلم، لا فاعلا و"الغيب" بدل اشتمال منه، و"الله" فاعل، ويكون الاستثناء مفرغا، وكأنه قيل: لا يعلم الغيب إلا الله. وقد أشار الناظم في إجمال إلى ما تقدم بقوله: ما استثنت "إلا" مع تمام ينتصب ... وبعد نفي أو كنفي انتخب اتباع ما اتصل وانصب ما انقطع ... وعن تميم فيه إبدال وقع أي أن ما استثنه "إلا" إذا وقع بعد تمام الكلام الموجب ينصب، سواء كان متصلا أو منقطعا، وإن وقع بعد نفي أو شبهه، فالمختار الاتباع مع المستثنى المتصل، والنصب وحده مع المنقطع، وعند تميم يجوز الإبدال أيضا في المنقطع.   * "ما" موصولة مبتدأ. "إلا" فاعل استثنت مقصود لفظها، والجملة صلة، والعائد محذوف: أي ما استثنته إلا، "مع تمام" ظرف ومضاف إليه متعلق باستثنت، "ينتصب" الجملة خبر المبتدأ. و"بعد" ظرف متعلق بانتخب. "نفي" مضاف إليه، "أو كنفي" معطوفة على نفي, "والكاف بمعنى مثل. "اتباع" نائب فاعل انتخب، "ما" اسم موصول مضاف إليه. "اتصل" الجملة صلة. "ما" اسم موصول مفعول انصب، "انقطع" الجملة صلة ما، "وعن تميم" جار ومجرور متعلق بوقع، "فيه" خبر مقدم. "إبدال" مبتدأ مؤخر، "وقع" فعل ماض وفاعله يعود على إبدال والجملة نعت له، ويجوز أن تكون جملة "وقع" خبر المبتدأ، "وعن تميم فيه" متعلقان بوقع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 فصل: وإذا تقدم المستثنى على المستثنى منه، وجب نصبه مطلقًا1، كقوله: وما لي إلا آل أحمد شيعة وما لي إلا مذهب الحق مذهب2 وبعضهم يجيز غير النصب3 في المسبوق بالنفي4، فيقول: ما قام إلا زيد أحد، سمع يونس: ما لي إلا أبوك ناصر، وقال:   1 أي سواء أكان متصلا أم منقطعا، ولا يجوز أن يعرب بدلا؛ لأنه يكون تابعا، والتابع لا يتقدم على المتبوع. 2 هذا البيت للكميت بن زيد الأسدي، من قصيدة له مشهورة، يمدح فيها بني هاشم، آل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومطلعها: طربت وما شوقا إلى البيض أطرب ... ولا لعاب مني وذو الشوق يلعب ولم يلهني دار ولا رسم منزل ... ولم يتطربني بنان مخضب اللغة والإعراب: طربت: من الطرب، وهو خفة تعتري القلب من لهو أو حزن نحوهما، البيض جمع بيضاء، وهي المرأة النقية اللون، بنان: البنان: الأصابع أو أطرافها، والمفرد بناته، مخضب: مزين بالخضباب، وهو ما يختضب به، كالنحاء ونحوه، شيعة: أنصار وأعوان، مذهب الحق: طريقه وشرعته، "ما" نافية، "لي" خبر مقدم "إلا" أداة استثناء "آل" منصوب على الاستثناء، "أحمد" مضاف إليه، ممنوع من الصرف، للعملية، ووزن الفعل. "شيعة" مبتدأ مؤخر، وهو المستثنى منه. المعنى: ليس لي أنصار وأعوان إلا آل النبي -عليه السلام- وليس لي طريق ومذهب أسلكه، وأهتدي به إلا طريق الحق. الشاهد: تقدم المستثنى في الصدر والعجز، وهو "آل" و"مذهب"، ونصبه فيهما وجوبا على الاستثناء؛ لأنه لو لم ينصب على الاستثناء لأعرب بدلا، والبدل تابع، والتابع لا يجوز أن يتقدم على المتبوع. 3 أي على الاستثناء فيجيز النصب والرفع والجر على البدل للاتباع. 4 ومثله: ما في معناه من النهي والاستفهام، كما يدل عليه قول الناظم: وبعد نفي أو كنفي ... إلخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 إذا لم يكن إلا النبيون شافع1 ووجهه: أن العامل فرغ لما بعد "إلا"، وأن المؤخر عام أريد به خاص، فصح إبداله من المستثنى، لكنه بدل كل، ونظيره في أن المتبوع أخر وصار تابعًا: "ما مررت بمثلك أحد"2.   1 عجز بيت من الطويل، لحسان بن ثابت، شاعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصدره: لأنهمو يرجون من شفاعة اللغة والإعراب: يرجون: يأملون؛ "لأنهم" اللام للتعليل، وأن واسمها، "يرجون" الجملة خبرها، "منه" متعلق به. "شفاعة" مفعوله. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط، "يكن" مضارع تامة مجزومة بلم. "إلا" أداة استثناء ملغاة. "النبيون" فاعل يكن، "شافع" بدل كل من فاعل يكن. المعنى: أن أهل بدر أطاعوا الرسول، ووفوا بعهدهم له؛ لأنهم يرجون أن يشفع لهم يوم القيامة، حين لا شفيع فيه إلا الأنبياء. الشاهد: رفع المستثنى المتقدم المسبوق بالنفي -وهو "النبيون"- على مذهب الكوفيين. 2 قول عن العرب "مثلك" تابع في الأصل لأحد على أنه نعت له، وأصل العبارة: ما مررت بأحد مثلك، فلما قدم النعت على المنعوت أعرب النعت بحسب العوامل، وأعرب "أحد"، وهو المنعوت في الأصل بدلا، وإلى ما تقدم من حالة المستثنى المتقدم، يشير الناظم بقوله: وغير نصب سابق في النفي قد ... يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد أي أن غير النصب على الاستثناء -وهو البدل- قد يجوز، حين يكون الكلام تماما منفيا -أي غير موجب- ولكن النصب هو المختار، أما إذا كان تاما موجبا، فالنصب واجب مطلقا كما بين المصنف.   * "وغير" مبتدأ، "نصب" مضاف إليه، وكذلك سابق. "في النفي" متعلق بيأتي، وجملة "قد يأتي" خبر المبتدأ، "ولكن" حرف استدراك. "نصبه" مفعول مقدم لاختر ومضاف إليه. "إن ورد" جملة شرطية، وفعل الشرط، وجواب الشرط محذوف، أي فاختر نصبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 فصل: وإذا تكررت "إلا": فإن كان التكرار للتوكيد، وذلك إذا تلت عاطفًا1، أو تلاها اسم مماثل لما قبلها2، ألغيت، فالأول نحو: ما جاء إلا زيد وإلا عمرو، فما بعد إلا "الثانية" معطوف بالواو على ما قبلها و"إلا" زائدة للتوكيد3، والثاني كقوله: ... ... ... ... ... لا ... تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا4 فالفتى مستثنى من الضمير المجرور بالباء، والأرجح كونه تابعًا له في جره، ويجوز كونه منصوبًا على الاستثناء، و"العلا" بدل من الفتى، بدل كل من كل؛ لأنهما لمسمى واحد، و"إلا" الثانية مؤكدة. وقد اجتمع العطف والبدل في قوله:   1 أي بالواو خاصة، دون غيرها من حروف العطف. 2 أي متفق مع ما قبلها في معناه ومدلوله، ومقصود بالحكم برغم اختلاف الألفاظ، كأن يكون بدل كل من كل، أو عطف بيان، وكذلك بقية أنواع البدل، مثل: ما أعجبني إلا محمد، إلا وجهه، إلا عمله، إلا علي. 3 أي اللفظي، ولا أثر لها في الحكم الإعرابي مطلقا. 4 هذا عجز بيت من كلام الناظم، الذي يبين فيه حكم إلا المكررة للتوكيد، وهو بتمامه: وألغ "إلا" ذات توكيد كلا ... تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا أي اعتبر "إلا" ملغاة، أي غير موجودة، ولا تؤثر فيما دخلت عليه، إذا كررت وكانت للتوكيد، مثل: لا تمرر بهم إلا الفتى، إلا العلا فالعلا هو الفتى، وهو يدل كل، أو عطف بيان من الفتى، و"إلا" لا أثر لها، ولو حذفت ما تغير الإعراب.   * "إلا" مقصود لفظه مفعول ألغ، "ذت توكيد" حال من إلا ومضاف إليه. "كلا" الكاف جارة لقول محذوف، و"لا" ناهية "إلا" أداة استثناء "الفتى" مستثنى من ضمير بهم "إلا العلا" إلا: توكيد للسابقة، والعلا، أي الشرف، بدل من الفتى، بدل كل من كل؛ لأنهما لمسمى واحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 الاستثناء المفرغ ... مالك من شنجك إلا عمله ... إلا رسيمه وإلا رمله1 "فرسيمة" بدل، و"رمله" معطوف، و"إلا" المقترنة بكل منها مؤكدة. وإن كان التكرار لغير توكيد، وذلك في غير بابي العطف والبدل، فإن كان العامل الذي قيل "إلا" مفرغًا، تركته يؤثر في واحد من المستثنيات2، ونصبت ما عدا ذلك الواحد3، نحو: ما قام إلا زيد إلا عمرًا إلا بكرًا، رفعت الأول بالفعل على أنه فاعل، ونصبت الباقي، ولا يتعين الأول لتأثير العامل بل يترجح، وتقول: ما رأيت إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا، فتنصب واحدًا منها بالفعل على أنه مفعول به، وتنصب البواقي بإلا على   1 هذا رجز من شواهد سيبويه، ولم ينسبه لأحد. اللغة والإعراب: شنجك: الشنخ -بالتحريك- الجمل، وسكنت نونه للضرورة. الرسيم: ضرب من سير الإبل البطيء، الرمل: السير السريع، "ما": نافية. "لك": متعلق بمحذوف خبر مقدم، "من شنجك" جار ومجرور ومضاف إليه، وهو متعلق بما تعلق به الخبر، "إلا" أداة استثناء ملغاة، "عمله" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه، "إلا" الثانية للتوكيد. "رسيمه" بدل من عمله، بدل بعض من كل، "وإلا" الواو عاطفة و"إلا" زائدة للتوكيد، "رمله" معطوف على رسيمه. المعنى: ليس لك من جملك مأرب إلا رسيمه ورمله، وكلاهما أنت في حاجة إليه. وروي "شيخك"، وهي الرواية المشهورة، والشيخ: الرجل المسن، وعلى هذا قد يراد بالرسيم والرمل: السعي والهرولة بين الصفا والمروة وفي الطواف، ويكون المعنى: ليس لك مطمع في شيخك، إلا الانتفاع منه بهذين العملين الجليلين. الشاهد: تكرار "إلا" مرتين في قوله: "إلا رسيمه" على البدلي، وفي قوله: و"إلا رمله" على العطف، وهي في الموضعين ملغاة لا تفيد غير التوكيد. 2 أي على حسب ما يطلب، من رفع، أو نصب، أو جر، ويحسن أن يكون عمله في الأول، كما بين المصنف. 3 أي وجوبا على الاستثناء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 الاستثناء1. وإن كان العامل غير مفرغ، فإن تقدمت المستثنيات على المستثنى منه نصبت كلها2، نحو: ما قام إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا أحد.   1 وكذلك تقول: ما مررت إلا بمحمد، إلا محمودا، إلا علينا، فتجر واحدا منها بالباء، وتعلقه بالفعل، وتنصب الباقي، وفيما تقدم يقول الناظم: وإن تكرر لا لتوكيد فمع ... تفريغ التأثير بالعامل دع في واحد مما "بإلا" استثني ... وليس عن نصب سواه مغني أي إذا تكررت "إلا" لغير توكيد، بأن قصد بها ما قصد بما قبلها من الاستثناء، فإن كان الاستثناء مفرغا، فدع العامل يؤثر في واحد من المستثنيات بإلا، وانصب الباقي، فليس عن نصب غير الواحد غنى، أي مفر. 2 أي على الاستثناء وجوبا، سواء كان الكلام تاما موجبا، أما غير موجب. ولا يجوز الإبدال في شيء منها؛ لأنه يكون تابعا، والتابع لا يتقدم على المتبوع، وفي هذا يقول الناظم: ودون تفريغ مع التقدم ... نصب الجميع احكم به والتزم أي إذا تقدمت المستثنيات، وكان الاستثناء غير مفرغ، بأن يكون الكلام تاما موجبا، أو غير   * "وإن" شرطية، "تكرر" مضارع للمجهول فعل الشرط، ونائب الفاعل يعود إلى "إلا"، "ولا" عاطفة، "لتوكيد" معطوف على محذوف، أي: وإن تكرر إلا لتأسيس لا لتوكيد، وكل من المجرور المحذوف والمذكور متعلق بتكرر، أو حال من مرفوعه، "فمع" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"مع" ظرف متعلق بدع، "تفريغ" مضاف إليه، "التأثير" مفعول دع مقدم "بالعامل" متعلق بالتأثير، وجملة "دع" جواب الشرط "في واحد" متعلق بدع. "مما" متعلق بمحذوف نعت لواحد، وما اسم موصول، "بإلا" متعلق باستثنى الواقع صلة ما، "وليس" فعل ناقص واسمها يعود إلى واحد، "عن نصب" متعلق بمعنى، "سواه" مضاف إليه "مغني" خبر ليس، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة، ويجوز أن يكون "مغني" اسم ليس، وخبرها محذوف، أي وليس مغن عن نصب سواه موجودًا. * "ودون تفريغ" ظرف ومضاف إليه متعلق باحكم، "مع التقدم" مثل سابقة، "نصب" مفعول لمحذوف يفسره ما بعده، "الجميع" مضاف إليه، "والتزم" معطوف على احكم ومفعوله محذوف، أي والتزم ذلك الحكم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 وإذا تأخرت، فإن كان الكلام إيجابا، نصبت أيضًا كلها1، نحو: قاموا إلا زيدا إلا عمرًا إلا بكرًا. وإن كان غير إيجاب أعطى واحد منها ما يعطاه لو انفراد2، ونصب ما عداه، نحو: ما قاموا إلا زيد إلا عمرًا إلا بكرًا، لك في واحد منها الرفع راجحًا والنصب مرجوحًا ويتعين في الباقي النصب3، ولا يتعين الأول لجواز الوجهين، بل يترجح 4، هذا حكم المستثنيات المكررة بالنظر إلى اللفظ5. وأما بالنظر إلى المعنى فهو نوعان: ما لا يمكن استثناء بعضه من بعض، كزيد وعمرو وبكر6، ويمكن، نحو: له عندي عشرة إلا أربعة إلا اثنين إلا واحدًا. ففي النوع الأول: إن كان المستثنى الأول داخلًا، وذلك إذا كان مستثنى من غير موجب، فما بعده دخل7، وإن كان خارجًا وذلك إذا كان مستثنى من موجب، فما بعده خارج8.   1 أي ما سبق، من أن جوا الاتباع مختص بغير الإيجاب. 2 فيجوز فيه النصب على الاسثناء، أو البدل من المستثنى منه. 3 أجاز الأبدي في هذه الصورة، رفع الجميع على الإبدال. 4 وذلك لقربه من العامل. 5 أي من حيث الإعراب اللفظي. 6 فإن كل واحد منها لا يدخل فيه غيره، فلا يستثنى منه شيء. 7 أي في الحكم الذي دخل فيه الأول، مثل ما قام أحد إلا محمدًا إلا عليا إلا محمودًا. فـ"محمدًا" هو المستثنى الأول، وهو داخل في إثبات القيام له؛ لأنه مستثنى من النفي، فيكون علي ومحمود داخلين أيضًا. 8 أي أن حكم المستثنيات الأخيرة حكم الأول، دخولًا وخروجا، وفي حكم المستثنيات المكررة المتأخرة يقول الناظم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 وفي النوع الثاني1اختلفوا: فقيل الحكم كذلك، وإن الجميع مستثنى من أصل العدد2، وقال البصريون والكسائي: كل من الأعداد مستثنى مما يليه3، وهو الصحيح؛ لأن الحمل على الأقرب متعين عند التردد، وقيل: المذهبان محتملان. وعلى هذا: فالمقر به في المثال الأول، ثلاثة على القول الأول، وسبعة على القول الثاني، ومحتمل لهما على الثالث، ولك في معرفة المتحصل على القول الثاني طريقتان: إحداهما: أن تسقط الأول، وتجيز الباقي بالثاني، وتسقط الثالث، وإن كان معك   وانصب لتأخير وجئ بواحد ... منها كما لو كان دون زائد كلم يفوا إلا امرؤ إلا علي ... وحكمها في القصد حكم الأول أي انصب المستثنيات كلها في حالة التأخير، وإن كان الكلام موجبا، فإن كان تاما غير موجب، عومل واحد منها بما كان يستحقه لو لم تتكرر "إلا"، فيبدل مما قبله وهو المختار، أو ينصب على قلة، كالمثال الذي ذكره، فيجوز في "علي" الرفع على البدلية من "امرؤ، والنصب على الاستثناء، وما يتكرر من المستثنيات حكمه في المعنى حكم الأول، فيثبت له ما يثبت للأول من الدخول إن كان الكلام منفيا، أو الخروج إن كان موجبا كما أوضح المصنف. 1 وهو ما يمكن استثناء من بعض. 2 أي من العدد الأول. 3 أي من الذي قبله، والذي قبله مستثنى من الذي قبله، وهكذا ... إلى الأول.   * "لتأخير" متعلق بانصب، "منها" متعلق بمحذوف نعت لواحد "كما" الكاف جارة، وما زائدة، "لو" مصدرية أو العكس، "كان" تامة، وفاعلها يعود على واحد. "دون" ظرف متعلق بمحذوف حال من فاعل كان، "زائد" مضاف إليه، و"لو" ومدخولها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف. "كلم" الكاف جارة لقول محذوف، و"لم" نافية جازمة، "يفوا" مضارع مجزوم وواو الجماعة فاعل، "إلا"حرف استثناء. "امرؤ" بدل من الواو، بدل بعض من كل، "إلا" الثانية حرف استثناء، "على" مستثنى منصوب، وقد وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. "وحكمها" مبتدأ والضمير للمستثنيات مضاف إليه، "في القصد" متعلق به. "حكم الأول" خبر المبتدأ ومضاف إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 رابع، فإنك تجيز به، وهكذا إلى الأخير1. والثانية: أن تحط الآخر مما يليه، ثم باقيه مما يليه ... وهكذا إلى الأول2. فصل: وأصل "غير" أن يوصف بها3: إما نكرة، نحو: {صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} 4، أو معرفة كالنكرة5، نحو: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ، فإن موصوفها "الذين"، هم جنس لا قوم بأعيانهم6.   1 فالمستثنى الأول في المثال الذي ذكره المصنف "4" تسقط من "10"، فيكون الباقي "6"، ويجيز بالثاني وهو "2"، ثم يسقط منها الثالث، وهو "1" فيكون الباقي "7". 2 وهناك طريقة ثالثة، وهي: جمع الأعداد الفردية ومنها المستثنى منه الأول، ثم الأعداد الزوجية، وتطرح الثانية من الأولى، فباقي الطرح هو المطلوب، ففي المثال المذكور "10+ 2" - "4+1" = 7. تنبيه: اختلف النحاة في عامل النصب في المستثنى، فقيل "إلا" وقيل العامل الذي قبلها بمساعدتها، وقيل فعل محذوف تقديره "أستثني"، ولعل خير هذه الأقوال أنه منصوب بالفعل الذي قبلها أو بغيره مما يعمل عمله، فإن لم يوجد قبلها فعل أو غيره مما يعمل عمله، نحو: الزملاء إخوة إلا المنحرف، يؤول ما قبلها بما يعمل كأن يقال: في ها المثال: الزملاء منتسبون للإخوة إلا المنحرف. 3 وذلك على الرغم من جمودها، لما فيها من معنى اسم الفاعل؛ لأن معناها إفادة المغايرة، والدلالة على أن مجروها مغاير ومخالف للمنعوت في الحكم الذي ثبته له إيجابا أو نفيا، إما في ذاته، نحو: قابلت رجلا غير "علي"، أو في وصف طارئ على الذات، نحو: قابلني بوجه غير الذي عهدته منه، فوصف الوجه مختلف في الحالتين. 4 فـ"غير" صفة لصالحا، ولا أثر لإضافتها للموصول؛ لأنها لا تتعرف بالإضافة، لتوغلها في الإبهام. 5 وهي المعرفة المراد منها الجنس. 6 والمعرف الذي يراد به الجنس قريب من النكرة، وهي في الحالتين مؤولة بالمشتق بمعنى مغاير؛ لأن النعت لا يكون إلا مشتقا أو مؤولا به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 وقد تخرج عن الصفة وتضمن معنى "إلا"1، فيستثنى بها اسم مجرور بإضافتها إليه، وتعرب هي2 بما يستحقه المستثنى بإلا في ذلك الكلام، فيجب نصبها في نحو: قاموا غير زيد3، وما نفع هذا المال غير الضرر 4 عند الجميع، وفي نحو: ما فيها أحد غير حمار5، عند الحجازيين، وعند الأكثر في نحو: ما فيها غير زيد أحد6.   1 فتقع في جميع مواقعها، وتجري عليها كل الأحكام التي تجري على المستثنى بإلا، وقد تحمل "إلا" على "غير"، فيوصف بها مع بقائها على حرفيتها، أو صيرورتها اسما وظهور إعرابها على ما بعدها، بشرط أن يكون الموصوف بها: جمعا نكرة، كقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} ، أو شبههما. والمراد بشبه الجمع: ما كان مفردًا في اللفظ، دالا على متعدد في المعنى، مثل "غيري" في قول الشاعر: لو كان غيري سليمى الدهر غيره ... وفع الحوادث إلا الصارم الذكر فقوله: إلا الصارم، صفة لغيري، والمراد بشبه النكرة ما أريد به الجنس كالمعرف بأل الجنسية، وقد أشار إلى ذلك المصنف. وتخالف "إلا" "غير" في أمور، منها: أنه لا يجوز حذف موصوفها، فلا يقال: جاءني إلا محمد، ويقال: جائني غير محمد وتقع بعدها الجمل، أما "غير"، فإنها مختصة بالإضافة إلى المفرد، ولا يجوز مراعاة المعنى في المعطوف المستثنى بها، بخلاف "غير"، فتقول: ما قام القوم غير محمد وعلي، بجر "علي" على لفظ محمد، ورفعه على المعنى؛ لأن المعنى: ما قام "إلا" محمد وعلي، أما "إلا" فلا يجوز إلا مراعاة اللفظ. 2 ويجوز بناءها على الفتح في جميع الأحوال بشرط أن تكون مضافة إلى مبني، نحو: ما قام غير هذا، وشأنها في ذلك شأن الأسماء المتوغلة في الإبهام، كغير، ومثل، وأجاز الفراء بناءها على الفتح مطلقا. 3 أي مما فيه الكلام تام موجب. 4 أي إذا كان الاستثناء منقطعا، ولا يمكن تسليط العامل على المستثنى. 5 أي مما فيه الاستثناء منقطع، ويمكن تسليط العامل على المستثنى. 6 أي إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه. والخلاصة: أنه يجب نصب "غير" بالإجماع في صورتين: إذا كان الكلام تاما موجبا، نحو: قام القوم غير زيد، أو كان الاستثناء منقطعا، ولا يمكن تسليط العامل على المستثنى نحو: ما نفع هذا المال غير الضرر، ويجب النصب عند الحجازيين، إذا كان الاستثناء، منقطعا وأمكن تسليط العامل على المستثنى، نحو: ما في الدار أحد غير حمار، وبنو تميم يجيزون الاتباع في ذلك، وإذا تقدم المستثنى منه، نحو: ما في الدار غير زيد أحد وجب النصب عند الأكثرين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 ويترجح عند قوم في نحو هذا المثال، وعند تميم في نحو: ما فيها أحد غير حمار1. ويضعف في نحو: ما قاموا غير زيد2، ويمتنع في نحو: ما قام غير زيد3. فصل: والمستثنى بـ"سوى" كالمستثنى بـ"غير" في وجوب الخفض، ثم قال الزجاجي4، وابن مالك: "سوى "كـ" غير" ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   1 أي وهو الاستثناء المنقطع الذي يمكن فيه تسليط العامل. 2 أي إذا كان الكلام تاما غير موجب. 3 أي إذا كان الاستثناء مفرغا. هذا: وتنصب "غير" بما قبلها من العوامل على الحال، وفيها مع هذا معنى الاستثناء، وإلى "غير" أشار الناظم بقوله: واستثن مجرورًا بـ"غير معربا ... بما لمستثنى بـ"إلا" نسبا أي استثن بكلمة "غير" مستثنى مجرور دائما، ويكون لفظ "غير" معربا بالإعراب الذي يكون للمستثنى بإلا، فيما إذا حذفت "غير"، وحلت "إلا" محلها. 4 هو أبو القاسم، عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي. أصله من نهاوند، ثم انتقل إلى بغداد، ولزم أبا إسحاق إبراهيم الزجاج حتى برع في النحو، وإليه ينسب، ثم رحل إلى الشام وأملى وحدث بدمشق عن الزجاج، ونفطويه، وابن دريد، وابن الأنباري وغيره، وصنف كثيرا من الكتب، ومنها: كتاب الجمل في النحو صنفه بمكة، وكان إذا فرغ من باب منه طاف أسبوعا ودعا الله أن يغفر له، وأن ينفع به قارئه، ولهذا عم النفع به، وهو مخطوط بدار الكتب المصرية، وله في النحو أيضًا، الإيضاح في النحو، والكافي، وتوفي بطبرية سنة 340هـ.   * "واستثن مجرورا" فعل أمر وفاعل مستتر، ومفعول، "بغير" متعلق باستثن"معربا" حال من. "غير" لقصد لفظة "بما" متعلق بمعربا، وما اسم موصول. "لمستثنى" متعلق بنسبا "بإلا" متعلق بمستثنى، "نسبا" ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود على ما والألف للإطلاق، والجملة صلة "ما" الموصولة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 معنى وإعرابًا1، ويؤيدهما حكاية الفراء "أتاني سواك"2، وقال سيبويه والجمهور: هي ظرف3، بدليل وصل الموصول بها؛،كجاء الذي سواك4، قالوا: ولا تخرج عن النصب على الظرفية إلا في الشعر، كقوله:   1 أي فتقع صفة لنلرة أو شبهها، وتقع في الاستثناء متصلا ومنقطعا، وتخرج من النصب إلى الرفع والجر، ويجر ما بعدها بالإضافة ... إلخ، وعلى هذا جري الناظم حيث يقول: ولسوى سوى سواء اجعلا ... على الأصح ما "لغير" جعلا أي اجعل ما "لغير" من الأحكام المتقدمة لسوى وسوى وسواء، على الرأي الصحيح. 2 فقد وقعت "سواك" فاعلا لأتى، ووقعت مبتدأ في قول الشاعر: وإذا تباع كريمة أو تشترى ... فسواك بائعها وأنت المشتري ووقعت كذلك مجرورة بالحرف في قوله -عليه الصلاة والسلام-: $"دعوت ربي ألا يسلط على أمتي عدوا من سوى أنفسها"، ووقعت منصوبة على غير الظرفية في قول الشاعر: لديك كفيل بالمنى لمؤمل ... وإن سواك من يؤمله يشقى 3 أي للمكان مجازا، ومعناها: مكان أو عوض، ونصبها؛ لأنها في الأصل صفة لظرف المكان، كقوله تعالى: {مَكَانًا سُوًى} أي مستويا، فلما حذف الموصوف قامت الصفة مكانه فنصبت. 4 فـ"سواك" هنا ظرف وليست بمعنى "غير"؛ لأن "غير" لا تدخل في مثل هذا إلا وقبلها الضمير، يقولون: جاء الذي هو غيرك، فلما وصلت بغير ضمير ادعى أنها ظرف، والتقدير: جاء الذي استقر مكانك.   * "ولسوى" متعلق باجعلا في موضع المفعول الثاني له "سوى سواء"، معطوفان على سوى بإسقاط العاطف. "اجعلا" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة المقلوبة ألفًا. "على الأصح" متعلق بجعلا، "ما" اسم موصول مفعول أول لاجعلا، "لغير" متعلق بجعلا، وهو في موضع المفعول الثاني له، "جعلا" ماض للمجهول ونائب فاعله ضمير مستتر هو المفعول الأول، والجملة صلة "ما" والألف للإطلاق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 ولم يبق سوى العدوا ... ن دناهم كما دانو1 وقال الرماني والعكبري2: تستعمل ظرفا غالبًا، وكـ"غير" قليلًا، وإلى هذا أذهب3. فصل: والمستثنى بـ"ليس" و"لا يكون"4 واجب النصب؛ لأنه خبرهما، وفي   1 هو لشهل بن شيبان، الملقب بالفند للزماني من قصيدة في حرب البسوس، ومطلعها: صفحنا عن بني ذهل ... وقلنا القوم إخوان فلما صرح الشر ... وأمسى وهو عربان اللغة والإعراب: العدوان: الظلم الصريح. دناهم: جازيناهم وفعلنا بهم مثل ما فعلوا بنا ... "يبق" مضارع مجزوم بلم بحذف الألف، "سوى العدوان" فاعل، ومضاف إليه "دناهم" فعل وفاعل ومفعول، "كما" الكاف حرف تشبيه وجر، "ما" مصدرية وهي ومدخولها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور في محل نصب صفة لمصدر محذوف، أي دناهم دينا، مماثلا لدينهم إيانا، وجملة دناهم جواب "لما" في البيت المذكور قبله. المعنى: لما ظهر الشر وانكشف كل شيء كان مستورا، ولم يبق من بني ذهل إلا العدوان الظاهر، جازيناهم وفعلنا بهم مثل ما فعلوا بنا، وكما تدين تدان. الشاهد: وقوع "سوى" فاعلا لبيق، وخروجها عن الظريفية، وهو عند البصريين خاص بالشعر، وعند الكوفيين جائز في السعة، ومذهبهم أرجح. 2 هو أبو البقاء، عبد الله بن الحسين، محب الدين العكبري البغدادي الضرير النحوي، قرأ العربية على ابن الخشاب وغيره حتى حاز قصب السبق، وأصبح إماما يشار إليه، ويقصده الناس من الأقطار، وكان ثقة صدوقا غزير الفضل كثير المحفوظ، دينا حسن الأخلاق متواضعا، أصيب في صباه بالجدري فأضر به، فكانت تحضر إليه المصنفات وتقرأ عليه، فإذا حصل ما يريد أملاه، وقد صنف كتاب كثير، منها: شرح الإيضاح، والتكملة، واللمع، وشرح الحماسة، والمقامات، وله: كتاب اللباب في علل البناء والإعراب، ومات سنة 616هـ. 3 قيل: وهو أعدل الأقوال؛ لأنه لا يحتاج إلى تكلف وتأويل في التخريج. 4 هما فعلان ناسخان، ويشترط وجود "لا" النافية قبل يكون، وأن تكون بلفظ المضارع الغائب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 الحديث: "ما أنهر الدم وذكرا اسم الله عليه فكلوا، ليس السن والظفر"1، وتقول: "أتوني لا يكون زيدًا". واسمها ضمير متصل عائد على اسم الفاعل2 المفهوم من الفعل السابق3، أو البعض المدلول عليه بكله السابق، فتقدر: "قاموا ليس زيدًا": ليس القائم، أو ليس بعضهم وعلى الثاني فهو نظير: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً} بعد تقدم ذكر الأولاد 4. وجملتا الاستثناء5 في موضع نصب على الحال6، أو مستأنفتان فلا موضع لهما7.   1 هذا حديث في حكم الذبائح، أنهر: أسأل الدم، وقيد الشارع ذلك بقطع الحلقوم والودجين أو المريء، "ما" اسم موصول مبتدأ. "أنهر" فعل ماض وفاعله يعود على ما: "الدم" مفعوله، وجملة "فكلوا منه" خبر ما، "السن" خبر ليس منصوب على الاستثناء من فاعل أنهر، وما بينهما اعتراض، و"الظفر" معطوف على السن. 2 أي أو اسم المفعول، كما في نحو: أكرمت القوم ليس محمدا، فإن المرجع فيه اسم مفعول. 3 أي من الحدث المفهوم من الكلام السابق. أو من قوة الكلام، إن لم يكن هنالك فعل أو مشتق يرشد إلى ما يرجع إليه الضمير، كالاتصاف بالإخوة في مثل هؤلاء إخوتك ليس عليا، أي ليس المنتسب إليك بالأخوة عليا، وهذا الرأي لسيبويه. 4 أي في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} ، فإن الأولاد تشمل الذكور والإناث، فالنون في "كن" اسمها، وهي عائدة على الإناث اللاتي هن البعض المفهوم من الأولاد، و"نساء" خبرها. 5 أي جملة "ليس زيدًا" و"لا يكون زيدا. 6 ولا تحتاج لوجود "قد" المشروطة في الجملة الماضوية الواقعة حالا؛ لأن هذا في غير الجمل التي أفعالها جامدة كما هنا. 7 أي لا علاقة لهما بما قبلهما، من جهة الإعراب، أما من الناحية المعنوية، فبينهما ارتباط. كما أسلفنا، وهذا رأي جمهور البصريين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 فصل: وفي المستثنى بـ"خلا" و"عدا" وجهان: أحدهما: الجر على أنهما حرفا جر1، وهو قليل، ولم يحفظه سيبويه في "عدا". ومن شواهده قوله: أبحنا حيهم قتلًا وأسرًا ... عدا الشمطاء والطفل الصغير2 وموضعهما نصب، فقيل هو نصب عن تمام الكلام3، وقيل؛ لأنهما متعلقان بالفعل المذكور4.   1 ويكون ما بعدهما مجرورا، لفظا، والجار والمجرور متعلقان بما قبلهما من فعل أو شبهه، وقيل: لا يتعلقان بشيبء كما سيأتي، وهذا إذا لم تتقدم عليهما "ما" المصدرية، وإلا وجب اعتبارهما فعلين. 2 بيت من الوافر، لم ينسب لقائل. اللغة والإعراب: أبحنا: أحللنا، من أباح الشيء، إذا أحله، والمراد: استأصلنا. حيهم: الحي: القبيلة، الشمطاء: العجوز التي خالط البياض سواد شعرها، والرجل أشمط. "حيهم" مفعول أبحنا ومضاف إليه، "قتلا" تمييز، ويجوز أن يكون "حيهم" منصوبا على نزع الخافض، أي في حيهم، و"قتلا" مفعول به. "الشمطاء" مجرور بـ"عدا". المعنى: استبحنا القتل والأسر، واستأصلنا هذه القبيلة، ولم نترك إلا العجائز من النساء، والصغار من الأطفال. الشاهد: جر الاسم الواقع بعد "عدا" على أنها حرف جر. 3 أي تمام الجملة قبلهما، فتكون هي الناصبة لمحلهما على الاستثناء، كما قيل في تمييز النسبة: إن العامل فيه النصب هو الجملة قبله، ولا يحتاجان لمتعلق على اعتبارها من أحرف الجر الشبيهة بالزائد. 4 أي قبلهما، فيكونان حينئذ في موضع نصب على المفعول به، قيل: والأرجح الأول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 والثاني: النصب على أنهما فعلان جامدان لوقوعهما موقع "إلا"1، وفاعلهما ضمير مستتر، وفي مفسره، وفي موضع الجملة، البحث السابق2. وتدخل عليهما "ما" المصدرية3 فيتعين النصب، لتعين الفعلية حينئذ، كقوله: ألا كل شيء ما خلا الله باطل4 وقوله: تمل الندامى ما عداني فإنني5   1 لأن الفعل إذا وقع موقع الحرف يصير جامدا، كما أن الاسم إذا وقع موقعه يصير مبنيا، ونصب ما بعدهما على أنه مفعول واضح بالنسبة لعدا؛ لأنه متعد قبل الاستثناء، أما "خلا" فقد ضمنت عند الاستثناء معنى جاوز، فصارت متعدية. 2 أي في "ليس" و"لا يكون" وقد تقدم قريبا. 3 أي الاستثناء؛ لأنها لا تدخل على فعل جامد، وقيل: لأنهما في الأصل متصرفان، والمنع إنما هو الجامد أصالة. 4 صدر بيت من الطويل، للبيد بن ربيعة العامري، وعجزه: وكل نعيم لا محالة زائل اللغة والإعراب: ما خلا الله: ما عداه -سبحانه- باطل المراد: فان وهالك. زائل: ذاهب، "ألا" أداة استفتاح. "كل شيء" مبتدأ ومضاف إليه. "ما" مصدرية. "خلا" فعل ماض، والفاعل هو "الله" منصوب على التعظيم. "باطل" خبر كل، "كل نعيم" مبتدأ ومضاف إليه، "لا" نافية للجنس. "محالة" اسمها والخبر محذوف، "زائل" خبر المبتدأ، وجملة "لا" واسمها معترضة بين المبتدأ والخبر. المعنى: كل شيء في هذه الحياة فان لا بقاء له، إلا المولى -سبحانه وتعالى- وكل نعيم في الدنيا زائل وذاهب من غير شك، فليعتبر بها المنحرفون. الشاهد: استعمال "خلا" فعلا لسبقها بما المصدرية، ونصب لفظ الجلالة بعدها. 5 تقدم هذا البيت في باب النكرة والمعرفة، "انظر صفحة 103 جزء أول". الشاهد: فيه هنا استعمال "عدا" فعلا ماضيا، لسبقها بـ"ما" المصدرية، فوجب نصب الاسم بعدها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 ولهذا دخلت نون الوقاية، وموضع الموصول وصلته نصب: إما على الظرفية1 على حذف مضاف، أو على الحالية على التأويل باسم الفاعل2، فمعنى: "قاموا ما عدا زيد": قاموا وقت مجاوزتهم زيدًا، أو مجاوزين زيدًا وقد يجران على تقدير "ما" زائدة3.   1 أي الزمانية، وهذا هو الصحيح. 2 ويكون الحال فيه معنى الاستثناء، ولا يقال إن المصدر المؤول لا يقع حالا، لتعرفه بالضمير المشتمل عليه، والحال لا يكون إلا نكرة؛ لأنا نقول: إن ما معنى مؤول بنكرة، أي متجاوزين وخالين. 3 وإلى هذا ذهب الجرمي والكسائي والفارسي، ولم يرتضه ابن هشام؛ لأن "ما" تزاد بعد حرف الجر، نحو: {عَمَّا قَلِيلٍ} ، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} ، أما هنا فلا. وإن كان قد سمع ذلك فهو شذوذ لا يقاس عليه، وقد أشار الناظم إلى هذا، وإلى حكم ما سبق، من "ليس، ولا يكون، وعدا، وخلا"، فقال: وأستثن ناصبا بـ"ليس" و"خلا" ... وبـ"عدا" وبـ"يكون" بعد "لا" واجرر بسابقي "يكون" إن ترد ... وبعد "ما" انصب وانجرار قد يرد وحيث جرا فهما حرفان ... كما هما إن نصبا فعلان أي استن بهذه الأدوات، وهي: ليس، وخلا، وعدا، ويكون -المسبوقة بلا النافية- ناصبا المستثنى بها؛ لأنها في هذه الحالة أفعال، وجر المستثنى بالأداتين السابقتين على "يكون" إذا   * "ناصبا" حال من فاعل استثن، "بليس" متعلق باستثن. "وخلا" معطوف عليه، "وبعدا وبيكون" جاران ومجروران معطوفان على ليس، "بعد" ظرف متعلق بمحذوف حال من يكون. "لا" مضاف إليه مقصود لفظه. "بسابقي" متعلق باجرر "يكون" مضاف إليه مقصود لفظه، "إن" شرطية. "ترد" فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام، "وبعد" ظرف متعلق بانصب. "ما" مضاف إليه مقصود لفظه، "وانجرار" مبتدأ "قد يرد" الجملة خبر، "حيث" اسم شرط، على رأي الفراء الذي لا يشترط اقتراتها بما، "جرا" فعل وفاعل فعل الشرط، "فهما حرفان" مبتدأ وخبر جواب الشرط، وعلى رأي غيره: تكون، "حيث" ظرف مكان متعلق بحرفان؛ لأنه في قوة المشتق، وزيدت الفاء لإجراء الظرف مجرى الشرط، كقوله تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ} . "كما" متعلق بفعلان. "هما" مبتدأ. "إن نصبا" شرط وفعله، والجواب محذوف "فعلان" خبر المبتدأ، وجملة الشرط وجوابه معترضة بين المبتدأ والخبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 فصل: والمستثنى "بحاشا" عند سيبويه مجرور لا غير1، وسمع غيره النصب، كقوله: اللهم اغفر لي ولمن يسمع، حاشا الشيطان وأبا الأصبغ2، والكلام في موضعها، جارة وناصبة، وفي فاعلها، كالكلام في أختيها3. ولا يجوز دخول "ما" عليها4، خلافا لبعضهم5، ولا دخول "إلا"، خلافا   شئت، وهما: خلا، وعد، على اعتبارهما حرفي جر، وإذا سبقتهما "ما" المصدرية، فانصب ما بعدهما حتما على اعتبارهما فعلين، وقد ورد الجر قليلا عن بعض العرب في أمثلة مسموعة لا يقاس عليها، وأوله بعضهم على أن "ما" زائدة، وإن جررت بخلا، وعدا فهما حرفا جر، وإن نصبت بهما فهما فعلان بلا خلاف في ذلك. 1 أي على اعتبار أنها حرف جر، والصواب أن ذلك هو الكثر فيها. 2 هذا كلام منثور وليس بنظم، و"أبو الأصبغ" اسم رجل رمي بالخسة والدناءة، وجعل قرينا للشيطان، لالتحاقه به في قبح الأفعال. "الشيطان" منصوب بحاشا على أنها فعل ماض، و"أبا" معطوف عليه، "الأصبغ" مضاف إليه. وجيء بحاشا هنا للتهكم؛ لأنها إنما يستثنى بها في مقام تنزيه المستثنى عن نقص ما، والمغفرة أمر حسن لا يتنزه أحد عنه، ولكنه بالغ في تقبيح فعل الشيطان، وأبي الأصبغ وخستهما وذمهما، حتى كأن المغفرة تنقص بهما، فيجب أن تتنزه عنهما وألا تتعلق بأمثالهما. 3 وهما: عدا، وخلا، وقد شرحناهما قريبا. 4 أي سواء كانت مصدرية أو زائدة، وهذا رأي ابن مالك كما ذكر في النظم، إذ يقول: وكخلا حاشا ولا تصحب "ما" ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وما ورد مما يفيد غير ذلك، فشاذ عنده. 5 فقد أجاز دخول "ما" عليها مستدلا بقوله -عليه الصلاة والسلام-: $"أسامة أحب الناس إلي ما حاشا فاطمة"، ورد بأن جملة "ما حاشا فاطمة"، مدرجة من كلام الراوي، وليست من الحديث، أي أنه -عليه الصلاة والسلام- لم يستثن فاطمة، فتكون "ما" نافية لا مصدرية، و"حاشا" فعل متعدل متصرف بمعنى أستثني، وكذلك استدل بقول الأخطل: رأيت الناس ما حاشا قريشا ... فإنا نحن أفضلهم فعالًا وأجيب بأن هذا شاذ، ومفعول رأى الثاني محذوف، أي دوننا، وقيل: رأى، من الرأي فتكتفي بمفعول واحد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 للكسائي1.   1 فقد أجاز دخول "إلا" عليها إذا جرت، ومنعه إذا نصبت، تقول: قام القوم إلا حاشا محمد بالجر. تكملة: تأتي "حاشا" على ثلاثة أحوال: أ "استثنائية"، وهي فعل ماض جامد، وقد تأتي حرفا كما سبق في الكلام عليها. ب "تنزيهية"، تدل على التنزيه الخالص وتبرئة ما بعدها من سوء، والصحيح أنها اسم مرادف لكلمة "تنزيه" التي هي مصدر "نزه"، بدليل إضافتها وتنوينها في قوله تعالى: {حَاشَ لِلَّهِ} ، فقد قرأ ابن مسعود: "حاش الله" بالإضافة على زيادة اللام، كسبحان الله، ومعاذ الله، وقرأ أبو السمال: "حاشا لله" بالتنوين والإضافة، والتنوين من خواص الأسماء، وهي منصوبة على أنها مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبا من معناها؛ لأنها مصدر قائم مقام الفعل، وقال بعض النحاة: إنها اسم فعل ماض بمعنى: تنزه، أو بريء، واللام بعدها زائدة، و"الله" مجرور باللام الزائدة في محل فاعل باسم الفعل، وقال الكوفيون والمبرد: إنها فعل. جـ أن تكون فعلا متعديا متصرفا بمعنى استثني، تقول: حاشيت مال اليتيم أن تمتد إليه يدي أي استثنيته، وتكتب ألفها الأخيرة ياء في هذه الحالة، ومنه الحديث السابق: $"أسامة أحب الناس إلي ما حاشى فاطمة "، كما ذكرنا. وقول الشاعر: ولا أرى فاعلًا في الناس يشبهه ... ولا أحاشي من الأقوام من أحد ويجوز في نحو: قام الناس حاشاك وحاشاه: كون الضمير منصوبا، وكونه مجرورا، فإذا قلت: حاشاي تعين الجر، وإن قلت: حاشاني تعين النصب، وكذا الشأن في: خلا، وعدا. فائدة: تأتي "لما" للاستثناء بمعنى إلا، نحو: ناشدتك الله لما فعلت كذا، عمرك الله لما تركت كذا، وهذا مقصور على السماع على الصحيح. خاتمة في معنى "لاسيما"، وإعراب الاسم الواقع بعدها: معناها: "سيما" مركبة من كلمتين هما: "سي" بمعنى مثل، ولفظ "ما"، وهي تفيد أن ما بعدها يشترك مع ما قبلها في حكم ما، ولكن نصيب ما بعدها أوفر، ويزيد على نصيب ما قبله، ولذلك كان معناها: لا مثل، أي أن ما بعدها ليس مماثلا لما قبلها، وبسبب هذه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 .. .... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   1 إذا كان الاسم الواقع بعدها نكرة، نحو: ولا سيما يوم، جاز فيه الرفع والجر والنصب، فالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف وجوبا تقديره هو، والجملة صلة "ما" على أنها موصولة، أو صفتها على أنها نكرة موصوفة، أي لا مثل الذي هو يوم -أو لا مثل شيء هو يوم، والجر على إضافة "سي" إليه، و"ما" زائدة، أو على أن "ما" نكرة تامة والمجرور بدل منها أو عطف بيان، وعلى الوجهين ففتحة "سي" إعراب؛ لأنه مضاف لما، أو للاسم إذا كانت زائدة، والنصب على أنه تمييز لما، و"ما" نكرة تامة في محل جر بإضافة سي إليها، وقيل: أن النصب على أنها تمييز لسي؛ لأنها مبهمة تحتاج إلى تمييز، و"ما" كافة لسي عن الإضافة، وعلى هذا ففتحته للبناء، وقد روي بالأوجه الثلاثة قول امرئ القيس. ولا سيما يوم بدارة جلجل 2 وإن كان الاسم الواقع بعدها معرفة: جار الرفع والجر فقط على الاعتبار السابق، وفي جميع الأحوال، فالواو للاستئناف ويجوز أن تكون للعطف، والجملة بعدها معطوفة على ما قبلها أو للحال، "لا" نافية للجنس تعمل عمل إن، و"سي" اسمها بمعنى مثل، وخبرها محذوف دائما تقديره "موجود" أو"حاصل"، والجملة من لا واسمها وخبرها في محل نصب على الحال، والغالب تشديد يائها ودخول "لا" و"الواو" الاعتراضية عليها حتى أوجبه بعضهم، وقد تحذف "الواو" و"لا"، وقد تخفف الياء تحذف الواو، كقول الشاعر: فه بالعقود وبالأيمان لا سيما ... عقد وفاء به من أعظم القرب ونصبها حينئذ على الحال، و"لاش" مهملة، وقد تستعمل "لاسيما" بمعنى خصوصا، إذا قصد بها تفضيل حالة من أحوال ما قبلها، فتكون في محل نصب على أنها مفعول مطلق لأخص محذوفا مع كونها اسم لا، ولا خبر لها، وحينئذ يؤتى بعدها بالحال مقردة أو جملة، نحو: أحب محمدا ولا سيما مجدا، أو هو مجد، وبالجملة الشرطية، نحو: ولا سيما إن اجتهد، وجواب الشرط يدل عليه الفعل المقدر "بأخص". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 .. .... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف المستثنى، وبين الفرق بين الاستثناء المتصل والمنقطع، ومثل لكل. 2 ما هو الاستثناء المفرغ؟ وماذا يشترط فيه؟ هات أمثلة موضحة من إنشائك. 3 تختلف حالات إعراب المستثنى، فمتى يجب نصبه؟ ومتى يترجح؟ ومتى يضعف؟ مثل لما تذكر بأمثلة موضحة، وعلل ما تقول. 4 اشرح قول ابن مالك: واستثن مجرورًا بـ"غير" معربا ... بما لمستثنى بـ"إلا" نسبا وبين الفرق بين "إلا" و"إير" و"سوى"، ووضح ما تقول بالأمثلة: 5 بين حكم المستثنى بخلا وعدا ولا يكون، ووضح ما تقول بأمثلة من إنشائك. 6 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل هذا الباب، بين موضع الشاهد، وحكم المستثنى: قال تعالى: {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ} . {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ} . {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} . {فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى} . {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} . {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ} . {لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَك} . وفي الحديث الشريف: "دعوت ربي ألا يسلط على أمتي عدوًا من سوى أنفسها". لا يدرك المجد إلا سيد فطن ... لما يشق على السادات فعال خلا الله لا أرجو سواك وإنما ... أعد عيالي شعبة من عيالكا لديك كفيل بالمنى لمؤمل ... وإن سواك من يؤمله يشقى لكل جديد لذة غير أنني ... وجدت جديد الموت غير لذيذ فإني والذي يحج له النا ... س بجدوى سواك لم أثق حاشا قريشا فإن الله فضلهم ... على البرية بالإسلام والدين 7 هات ثلاث جمل للاستثناء، يكون فيها المستثنى واجب النصب، وأخرى يكون فيها جائز النصب والاتباع للمستثنى منه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 .. .... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   8 بين موضع إعراب ما تحته خط في الآتي، وعلل لما تقول: وما المرء إلا الأصغران لسانه ... ومعقوله والجسم خلق مصور لكل داء دواء يستطب به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان إذا الخل لم يهجرك إلا ملالة ... فليس له إلا الفراق عتاب 9 اشرح البيت الآتي، واعرب ما تحته خط، وهو للمرحوم إسماعيل صبري الشاعر المصري المتوفى سنة 1923، وفي وصف أهرام مصر: لم يأخذ الليل منها والنهار سوى ... ما يأخذ النمل من أركان ثهلان 10 كون جملة من إنشائك، يكون المستثنى فيها منصوبا، مع أن الكلام قبله تام منفي، وأخرى يجب فيها الاتباع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 باب: الحال أنواعها مدخل ... باب الحال 1: الحال نوعان: مؤكدة2 وستأتي، ومؤسسة3 وهي: وصف4 فضلة5 مذكورة لبيان الهيئة6، كجئت راكبًا، وضربته مكتوفا، ولقيته راكبين7.   هذا باب الحال: 1 يطلق الحال لغة: على الوقت الذي فيه الإنسان، وعلى ما هو عليه من خير أو شر، واصطلاحا: ما ذكره المصنف ولف الحال -من غير تاء- صالح للتذكير والتأنيث، تقول: الحال حسن، أو حسنة، والكثر والأفصح في لفظه التذكير: وفي وصفه وفي ضميره التأنيث. 2 وهي التي لا تفيد معنى جديدًا، ويفهم معناها بدون ذكرها، ويدل عليها عاملها أو صاحبها. 3 وهي التي تفيد معنى لا يستفاد إلا بذكرها، وتسمى كذلك المبنية؛ لأنها تبين وتوضح هيئة صاحبها، وهذا القسم هو الغالب في الحال، حتى قال المبرد والفراء: إن الحال لا تكون مؤكدة. 4 أي صريح أو مؤول، لتدخل الحال الجامدة، والجملة وشبهها "الظرف والجار والمجرور"، لتأول كل بالوصف المشتق، والمراد بالوصف: الاسم المشتق الذي يدل على معنى وذات متصفة به، وهو: اسم الفاعل، واسم المفعول والصفة المشبهة، وأمثلة المبالغة، وأفعل التفضيل. 5 المراد بالفضلة هنا: ما ليست ركنا في الإسناد، وإن كانت لازمة لصحة المعنى، نحو قوله تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} ، فإنه لا يكون معنى إذا حذفت كلمة "كسالى"، أوجب ذكرها لعارض كونها سادة مسد العمدة، كالحال التي تسد مسد الخبر في نحو: ضربي العبد مسيئًا. 6 أي هيئة صاحبه وصفته وقت وقوع الفعل، من فاعل، أو مفعول به، أو هما معا، أو غير ذلك. 7 "راكبا" حال مبنية لهيئة الفاعل، و"مكتوفا" مبنية لهيئة المفعول، و"راكبين" مبنية لهما، قيل: ومجيء الحال من غير ذلك، كالمجرور بالحرف والمضاف إليه، والمبتدأ والخبر، واسم الناسخ، ينبغي أن يؤول بالفاعل أو المفعول، وقيل: بجواز ذلك بدون تأويل، لوروده في الفصيح من كلام العرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 وخرج بذكر الوصف، نحو "القهقرى" في رجعت القهقرى1. وبذكر الفضلة الخبر في نحو: زيد ضاحك. وبالباقي: التمييز في نحو2: لله دره فارسا، والنعت في نحو: جاءني رجل راكب، فإن ذكر التمييز لبيان جنس المتعجب منه3، وذكر النعت لتخصيص المنعوت، وإنما وقع بيان الهيئة بهما ضمنا لا قصدًا، وقال الناظم: الحال وصف فضلة منتصب ... مفهم في حال كذا ... ... فالوصف جنس يشمل الخبر والنعت والحال، وفضله مخرج للخبر، و"منتصب" مخرج لنعتي الموفوع والمخفوض، كجاءني رجل راكب، ومررت برجل راكب، ومفهم في حال كذا4 مخرج لنعت المنصوب، كرأيت رجلًا راكبا، فإنه إنا سيق لتقييد المنعوت، فهو لا يفهم "في حال كذا" بطريق القصد، وإنما أفهمه بطريق اللزوم5. وفي هذا الحدد نظر؛ لأن النصب حكم، والحكم فرع التصور6، والتصور متوقف   1 فإنه وإن كان مبنيا لهيئة الفاعل، إلا أنه اسم للرجوع إلى الخلف، لا وصف وتثنى على القهقرين بحذف الألف، والقياس قلبها ياء. 2 أي من كل تمييز وقع وصفا مشتقا. 3 أي: وهو الفروسية في المثال المذكور. 4 هذه العبارة هي معنى قول المصنف: مذكورة للدلالة على الهيئة. 5 لأن المقصود الأصلي من النعت، تقييد المنعوت به، ويلزم من ذلك بيان الهيئة عرضا. 6 أي تصور المحدود وتعرفه؛ لأنه لا يحكم على شيء إلا بعد تصوره ومعرفته، وقد أدخل الحكم في التعريف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 فصل: في أوصاف الحال على الحد فجاء الدور1. فصل: للحال2 أربعة أوصاف. أحدها3، أن تكون منتقلة لا ثابتة، وذلك غالب لا لازم، كجاء زيد ضاحكا، وتقع وصفا ثابتا في ثلاث مسائل: إحداها: أن تكون مؤكدة4، نحو: زيد أبوك عطوفًان، و {يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} .   1 وقد أجيب على ذلك: بأن يكفي في الحكم على الشيء تصويره بوجه ما غير الحد. وفيما سبق من تعريف الحال يقول الناظم: الحال وصف فضلة منتصب ... مفهم "في حال" كفردًا أذهب أي أن الحال هو: الوصف المشتق الفضلة المنتصب للدلالة على هيئة صاحبه وصفته، مثل: فردا أذهب، ففردا حال بمعنى منفردا، وفيه القيود المذكورة، وكملة "حال" غير منونة؛ لأنها مضافة إلى محذوف، كما أوضحنا في الإعراب. 2 أي من حيث هي، بقطع النظر عن كونها مؤكدة، أو مؤسسة. 3 هذا الوصف باعتبار ثبات معناها ودوامه، أو عدم ذلك، والمرادبالمنتقلة: التي ليست ملازمة للمتصف بها، بل تبين هيئة صاحبها مدة مؤقتة، وبالثابتة: الملازمة لصاحبها التي لا تفارقه. 4 أي لمضمون الجملة التي قبلها، بحيث يتفق معنى الحال ومضمون الجملة، فتلازم صاحبها تبعا لذلك، ويشترط في هذه الجملة: أن تكون اسمية، وأن يكون طرفاه -وهما المبتدأ والخبر- معرفتين جامدتين، ولا بد أن يتأخر الحال عنهما وعن العامل، كالمثال الأول الذي ذكره المصنف، فإن "عطوفا" حال من الأب والعطف ملازم للأبوة؛ لأن الأبوة من شأنها العطف، وهذا المعنى مستفاء من مضمون الجملة ... إلخ. وقد تكون مؤكدة لعاملها، إما في اللفظ والمعنى، نحو: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} ، أو في المعنى فقط، كمثال المصنف الثاني، فإن "حيا" حال من ضمير أبعث، والبعث هو الحياة بعد الموت، وهذه مؤكدة لمعنى العامل، وهو "أبعث"؛ لأن البعث من لازمة الحياة، وهو مستفاد بدون ذكر الحال، أو مؤكدة لمعنى صاحبها، نحو: {لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} ، فجميعا حال مؤكدة معنى صاحبها، وهو "من"، ومعنى الجمعية هو معنى العموم المستفاد من "من" بدون ذكر الحال.   * "الحال وصف" مبتدأ وخبر "فضلة منتصب مفهم" نعوت لوصف "في حال" -بدون تنوين- جار ومجرور في محل جر بإضافة مفهم من إضافة الوصف لمفعوله، والمضاف إليه محذوف منوي ثبوته، أي في حال كذا. "كفردا" الكاف جارة لقول محذوف، و"فردا" حال من فاعل أذهب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 الثاني: أن يدل عاملها على تجدد صاحبها، نحو: خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها، فيديها بدل بعض، و"أطول" حال ملازمة1. الثالثة: نحو: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} ، ونحو: {أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} 2، ولا ضابط لذلك، بل هو موقوف على السماع، ووهم ابن الناظم فمثل "بمفضلًا" في الآية، للحال التي تجدد صاحبها3. الثاني: أن تكون مشتقة لا جامدة4، وذلك أيضًا غالب لا لازم.   1 أي ليديها؛ لأن ذلك مقارن للخلق والإيجاد فهو ثابت لا يتغير، والعامل، وهو "خلق" يدل على تجدد الصاحب وحدوثه -وهو المخلوق- بعد أن لم يكن، و"خلق" هو العامل في الحال وفي صاحبها. 2 أي مما يدل على الدوام بقرائن خارجية، فقائما حال من "الله"، وعاملها "شهد"، و"مفصلا" حال من الكتاب وعاملها أنزل، وهما وصفان ثابتان؛ لأن دوام قيامه تعالى بالعدل لازم، وكذلك تبيين الكتاب للحق والباطل، وهذا معروف من أمر خارج عن الجملة، وهو صفات الخالق سبحانه. 3 حجة المصنف: أن "الكتاب" -الذي هو صاحب الحال- قديم، فلا يمكن أن يكون متجددًا حادثا، وأجيب عن ابن الناظم: بأنه أراد بالكتاب اللفظ المقروء لا الصفة النفسية، ولا مانع من القول بتجدده، بدليل وصفة بالإنزال، ولا يتجها الوهم إلا إذا أريد أن الإنزال يدل على تجدد المنزل، وحدوثه وقت الإنزال. 4 هذا الوصف بحسب الاشتقاق والجمود، وإنما كان الغالب في الحال أن تكون مشتقة؛ لأنهها صفة لصاحبها في المعنى، والصفة لا تكون إلا مشتقة، وهذا يستلزم وجوب مطابقتها لصاحبها في التذكير والإفراد وفروعهما؛ لأن الاشتقاق يقتضيها تحمل ضمير، وإلى الوصفين المتقدمين أشار الناظم بقوله: وكونه منتقلا مشتقا ... يغلب لكن ليس متسحقا أي أن الغالب والكثير في الحال: أن تكون منتقلة مشتقة، وليس هذا واجبا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 وتقع جامدة مؤولة بالمشتق في ثلاث مسائل: إحداها: أن تدل على تشبيه1، نحو: كر زيد أسدا، وبدت الجارية قمرًا، وتثنت غصنا، أي شجاعًا، ومضيئة ومعتدلة2، وقالوا: وقع المصطرعان عدلي عير3، أي مصطحبين اصطحاب عدلي حمار حين سقوطهما. الثانية: أن تدل على مفاعلة4، نحو: بعته يدًا بيد5، أي متقابضين، وكلمته فاه   1 أي أن تقع الحال مشبها بها في جملة، تفيد التشبيه ضمنا لا صراحة. 2 فالكلمات "أسدا وقمرا، وغصنا" أحوال منصوبة من الفاعل قبلها، وهي جامدة مؤولة بالمشتق كما ذكر المصنف، وكل منها بمنزلة المشبه به، وليس مشبها به حقيقة؛ لأن التشبيه غير مقصود، وقيل: أنها مستعملة في حقيقتها، والكلام على حذف مضاف، أي مثل: أسد، وقمر، وغصن، وذلك أصرح في الدلالة على التشبيه. 3 هذا مثل عربي، يضرب للأمر يتساوى فيه الخصمان، ومعناه: وقعا معا ولم يصرع أحدهما الآخر، والمصطرعان: تثنية مصطرع، وهو من يحاول صرع صاحبه وطرحه على الأرض، عدلي: تثنية عدل، وهو نصف الحمل يكون على أحد جنبي البعير، العير: الحمار، ويغلب على الوحشي، "عدلي" حال جامدة من المصطرعات، وهي مؤولة بالمشتق كما بين المصنف، وقيل: إن "عدلي" مفعول مطلق، أي وقوعا مثل وقوع عدلي عير؛ لأن النيابة إنما تكون بين متضايفين، أو موصوف وصفته. 4 سواء كان بلفظها أو بمعانها، والمفاعلة: هي صيغة تقتضي المشاركة من الجانبين. 5 "يدا" حال من الفاعل والمفعول معا "بيد" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة للحال، أي   * "وكونه" مبتدأ، وهو مصدر كان الناقصة مضاف إليه اسمه، "منتقلا" خبر المصدر الناقص، "مشتقا" خبر ثان. "يغلب" الفاعل يعود إلى الكون، والجملة خبر المبتدأ "لكن" حرف استدراك. "ليس" فعل ماض ناقص، واسمها يعود على كونه منتقلا ... إلخ. "مستحقا" خبر ليس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 إلى في، أي متشافهين1. الثالثة: أن تدل على ترتيب، كادخلوا رجلًا رجلًا، أي مترتبين2. وتقع جامدة غير مؤولة المشتق في سبع مسائل: وهي: أن تكون موصوفة3، نحو: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} ، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} 4، وتسمى حالًا موطئة5.   يدا كائنة مع يد، ومعنى الكلمتين جار على صيغة المفاعلة، أي مقايضة، وقيل: إن الحال مجموع اللفظين؛ لأنه هو الدال على المفاعلة، ويجوز رفع "يد" على الابتداء، و"بيد" جار ومجرور خبر، والجملة في محل نصب حال، والرابط محذوف، أي يد منه مع يد مني. 1 إعرابه كسابقه، ومثله: كلمته عينه إلى عيني، أي مواجهة أو مقابلة، وجاورته منزله إلى منزلي، وناضلته قوسه عن قوسي، وقيل: لا يقاس على هذا لخروجه على القياس بالتعريف والجمود والتركيب. 2 مثله: رجلين رجلين، أو رجالا رجالا، وضابط هذا النوع: أن يذكر المجموع أولا مجملا، ثم يؤتى ببعضه مفصلا مكررًا، مثل: مشي التلاميذ: اثنين اثنين، أو ثلاثة ... إلخ، انقضى العام شهرا شهرا، الأسبوع يوما يوما ..... وهكذا، فكل هذا منصوب بالعامل والمجموع حال، وقيل: الأول هو الحال، والثاني، توكيد لفظي للأول، أو صفة بتقدير مضاف، أي ذا رجل، أو معطوف عليه بحرف عطف محذوف، وهو "الفاء" أو"ثم" لا غير؛ لأنهما هما اللذان يدلان على الترتيب. 3 أي بمشتق كمثال المصنف، أو بشبهه، وهو الظرف والجار والمجرور؛ لأن كلا منهما يتعلق بمحذوف مشتق، نحو قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} ، {أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا} . 4 "قرآنا" حال من القرآن في قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ} ، و"بشرا" حال من فاعل تمثل، والاعتماد فيهما على الصفة، وهي: "عربيا، وسويا". 5 أي ممهدة لما بعدها؛ لأنه هو المقصود، أما هي فغير مقصود بذاتها، وإنما تمهد الذهن وتهيؤه لما تجيء بعدها من الصفة، فهي مجرد وسيلة إلى النعت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 أو دالة على سعر1، نحو: بعته مدا بكذا2. أو عدد، نحو: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} 3. أو طور واقع فيه تفصيل4، نحو: هذا بسرا أطيب منه رطبًا5. أو تكون نوعًا لصاحبها6، نحو: هذا مالك ذهبًا. أو فرعا7، نحو: هذا حديدك خاتما، {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} . أو أصلا له8، نحو: هذا خاتمك حديدًا، و {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} .   1 أي على شيء له سعر وثمن. 2 "مدا" حال من الهاء في بعته، وهي عائدة على الشيء المبيع، "بكذا" متعلق بمحذوف بيان لمد، وهو من الأشياء التي تسعر، ويجوز رفع "مد" على أنه مبتدأ، و"بكذا" متعلق بمحذوف خبر، والجملة في محل نصب حال، والعائد محذوف، أي مدمنه. 3 "أربعين" حال من "ميقات"، و"ليلة" تمييز. 4 أي أن تدل الحال على أن صاحبها في طور وحال من أحواله مفضل وزائد على نفسه، أو غيره في حالة أخرى. 5 "فبسرا" حال من فاعل أطيب المستتر فيه، و"ربطا" حال من الهاء في منه. والمراد أن للبلح أطوارا مختلفة، وهو في طر البسر مفضل على نفسه في طور الرطب. 6 أي بأن يكون لصاحبها أنواع متعددة، وهي نوع منها، فـ"ذهبا" في المثال حال من "مالك"، والذهب نوع من المال. 7 أي أن يكون صاحبها نوعا معينا، وهي فرع منه، فخاتما حال من حديدك، وهو فرع له. و"بيوتا" حال من الجبال، وهي فرع منها. 8 أي أن تكون الحال هي النوع والأصل، وصاحبها هو الفرع، فحديدا حال من خاتمك، والحديد أصل للخاتم، و"طينا" حال من منصوب خلقت المحذوف، أي خلقته، أو على نزع الخافض، أي من طين، والطين أصل للمخلوق. وفي الحال الجامدة يقول الناظم في إجمال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 تنبيه: أكثر هذه الأنواع وقوعا: مسألة التسعير، والمسائل الثلاث الأول1، وإلى ذلك يشير قوله: ويكثر الجمود في سعر وفي ... مبدي تأول بلا تكلف ويفهم منه: أنها تقع جامدة في مواضع أخر بقلة، وأنها لا تؤول بالمشتق كما لا تؤول الواقعة في التسعير، وقد بينتها كلها. وزعم ابنه أن الجميع مؤول بالمشتق2، وهو تكلف، وإنما قلنا به في الثلاث الأول؛ لأن اللفظ فيها مراد به غير معناه الحقيقي، فالتأويل فيها واجب. الثالث: أن تكون نكرة لا معرفة3، وذلك لازم4، فإن وردت بلفظ المعرفة.   ويكثر الجمود في سعر وفي ... مبدي تأول بلا تكلف كبعه مدا بكذا يدا بيد ... وكر زيد أسدًا أي كأسد أي يكثر مجيء الحال جامدة في الأشياء التي تدل على سعر، وفي كل ما يظهر تأولها بمشتق من غير تكلف، وقد مثل لما دل على السعر أو التشبيه، وقد أوضح المصنف المواضع الأخرى، والمد: مكيال معروف لأهل الحجاز والعراق، مقداره، رطل وثلث، أو رطلان. 1 وهي ما دل على تشبيه، أو مفاعلة، أو ترتيب. 2 وتأويلها في السبع الباقية على معنى: متصفا بصفات البشر، من استواء الخلقة ونحوها، ومسعرا، ومعدودا، ومطورا بطور البسر أو الرطب، ومنوعا ومصوغا، ومتأصلا، أو مصنوعا. 3 هذا الوصف من ناحية التنكير والتعريف. 4 لأن الغالب فيها أن تكون مشتقة، وأن يكون صاحبها معرفة، فلو عرفت وهي مشتقة   * "في سعر" بيكثر. "وفي مبدي تأول" معطوف على ما قبله، ومضاف إليه "بلا تكلف" متعلق بتأول، و"لا" اسم بمعنى غير مضاف إلى تكلف. "كعبه" الكاف جارة لقول محذوف، و"بعه" فعل أمر ومفعوله. "مدا" حال من الهاء، "بكذا" متعلق بمحذوف صفة لمد، أي كائنا بكذا، "يدا بيد"، إعرابه كسابقه "أسدا" حال من زيد. "أي" حرف تفسير "كأسد" الكاف اسم بمعنى مثل، عطف بيان على "أسدا" الواقع حالا، و"أسد" مضاف إليه. لتوهم أنها نعت عند انتصاب صاحبها، وحمل غيره عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 أولت بنكرة، قالوا: جاء وحده1، أي منفردًا، ورجع عوده على بدئه2، أي عائدًا، وادخلوا الأول فالأول3، أي مترتبين، وجاءوا الجماء الغفير4، أي جميعًا، وأرسلها العراك، أي معتركه5.   1 "وحده" حال من فاعل جاء المستتر، وهي معرفة بسبب إضافتها إلى الضمير الواقع مفعولا؛ لأنها مصدر "وحد"، وجامدة مؤولة بمشتق من معناها، كما ذكر المصنف. 2 "عوده" حال من الفاعل المستتر في رجع، وهو معرفة بإضافته إلى الضمير، ومؤول بالمشتق، ومعناه: رجع عائدا في الحال، أو رجع على الطريق نفسه، ويروى برفع "عوده" على أنه مبتدأ والجار والمجرور بعده خبر، والجملة حال من الضمير في جاء ويقال هذا: لإنسان عهد منه عدم الاستقرار على ما ينقل إليه، بل يرجع إلى ما كان عليه. 3 "الأول" حال من الواو في "ادخلوا"، و"الأول" الثاني معطوف بالفاء على سابقه، وهما معرفتان بأل. 4 "الجماء" حال من الواو في جاءوا، والجماء: مؤنث الأجم بمعنى الكثير وأنت باعتبار الموصوف المحذوف، أي الجماعة الجماء، والغفير: من الغفر وهو الستر، أي الذي يستر ويغطي وجه الأرض لكثرته، وهو صفة للجماء، ولم يطابق، وإن كان بمعنى فاعل حملا على فعيل بمعنى مفعول، أو باعتبار معنى الجمع. 5 ومعناها: مزدحمة، ولو قال: أي معاركة، لكان أحسن؛ لأن اسم الفاعل من العراك معارك، لا معترك، والعراك حال من الهاء في أرسلها، والضمير للإبل أو الأتن، وقيل: العراك مفعول مطلق لمحذوف هو الحال من الضمير، أي معاركة العراك، وهذا المثال جزء من بيت للبيد بن ربيعة العامري، يصف أتنا وردت الماء مزدحمة، وهو بتمامه: فأرسلها العراك ولم يذدها ... ولم يشفق على نغص الدخال العراك: ازدحام الإبل أو غيرها عند ورود الماء يذدها" يطردها ويمنعها. يشفق: يرحم. نغص: نغص البعير -لم يتم شربه الدخال: مداخلة البعير الذي شرب مع الذي لم يشرب، يريد: أن حمار الوحش، أرسل الأتن إلى الماء مزدحمة ولم يرحمها من مزاحمة غيرها ممن شرب، وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بقوله: والحال إن عرف لفظًا فاعتقد ... تنكيره معنى كوحدك اجتهد الحال لا تكون إلا نكرة، فإن جاءت معرفة في اللفظ فهي نكرة في المعنى، كوحدك، فهو مؤول بنكرة، أي منفردا، كما أوضح المصنف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 الرابع: أن تكون نفس صاحبها في المعنى1، فلذلك جاز: "جاء زيد ضاحكًا"، وامتنع" جاء زيد ضحكًا"2. وقد جاءت مصادر أحوالًا بقلة في المعارف3، كجاء وحده، وأرسلها العراك". وبكثرة في النكرات، كطلع بغتة، وجاء، ركضا، وقتلته صبرًا4، وذلك على التأويل بالوصف5، أي مباغتا، وراكضا، ومصبورًا، أي محبوسًا.   1 هذا الوصف باعتبار أنها نفس صاحبها في المعنى، أو ليست هكذا، ومعنى ذلك: أن تكون ذات الحال وذات صاحبها واحدة في الخارج؛ لأنها وصف له والوصف نفس الموصوف، وهذا لا ينافي أن مفهوم الحال ومفهوم صاحبها متغايران. 2 لأن الضحك مصدر، و"زيد" ذات، والمصدر يباين الذات. 3 ذلك؛ لأن فيها شذوذين: المصدرية، والتعريف. 4 بغتة وركضا حال من الفاعل، وصبرا حال من المفعول، وهي مصادر، نكرات، ومعنى بغتة: فجأة، والركض: العدو، والقتل الصبر: أن يحبس المراد قتله ثم يرمى حتى يموت. 5 هذا عند سيبويه والجمهور، وحجتهم: أن الحال كالخير والنعت، وقد وقع كل منهما مصدرًا منكرًا كثيرًا، فكذلك الحال، وذهب الأخفش والمبرد إلى أن مثل ذكل منصوب على المصدرية والعامل فيه محذوف، أي يبغت بغتة، ويركض ركضا، ويصبر صبرا. فالجملة هي الحال، لا المصدر. وكذلك الأمر عند الكوفيين، إلا أن الناصب له عندهم الفعل المذكور مؤولا بفعل من لفظ المصدر، أي بغت بغتة وركض ركضا، وصبر صبرا. وقيل: هي مصادر على حذف مضاف غير مصدر هو الحال في الأصل، فلما حذف.   * "والحال" مبتدأ، "إن" شرطية. "عرف" ماض للمجهول فعل الشرط "لفظا" تمييز محول عن نائب الفاعل، "فاعتقد" جواب الشرط، والفاء للربط. "تنكيره" مفعول اعتقد ومضاف إليه. "معنى" تمييز، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ. "كوحدك" الكاف جارة لقول محذوف، "وحدك" حال من فاعل اجتهد ومضاف إليه، والجملة مقول القول المحذوف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 ومع كثرة ذلك، فقال الجمهور: لا ينقاس مطلقًا، وقاسه المبرد فيما كان نوعا من العامل1، فأجاز: "جاء زيد سرعة"، ومنع: "جاء زيد ضحكا"، وقاسه الناظم وابنه بعد "أما" نحو2: أما علماء فعالم، أي مهما يذكر شخص في حال علم، فالمذكور عالم3، وبعد خبر شبه به مبتدؤه، كـ"زيد زهير شعرًا"4، ... ... ... ...   المضاف ناب عنه المضاف إليه في الحالية، أي ذا بغتة وذا ركض، وذا صبر، وقيل: هي مصادر على حذف مصادر، أي طلوع بغتة، ومجيء ركض، وقتل صبر. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بقوله: ومصدر منكر حالا يقع ... بكثرة كبغتة زيد طلع أي يقع المصدر النكرة حالا بكثرة، وذلك على خلاف الأصل؛ لأن الحال وصف يدل على معنى صاحبه، والمصدر لا دلالة له على صاحب المعنى، وذلك مثل: زيد طلع بغتة، فبغتة مصدر نكرة وهو منصوب على الحال على النحو الذي فصل، والذي سهل هذه المخالفة: الحمل على الإخبارية في مثل: محمد عدل، والنعت كذلك، مثل: هذا ماء غور. 1 أي مما يدل عليه عامه، فالسرعة في المثال نوع من المجيء. 2 أي من كل تركيب وقع فيه الحال بعد، "أما" الشرطية، في مقام قصد فيه الرد على من وصف شخصا بوصفين، وأنت تعتقد اتصافه بأحدهما دون الآخر. 3 ناصب الحال في هذا: فعل الشرط المحذوف، وهو "يذكر"، وصاحبها: المرفوع وهو نائب فاعل، ويجوز أن يكون ناصبها ما بعد الفاء، وصاحبها الضمير المستكين فيه، وهي على هذا مؤكدة، والتقدير: مهما يكن من شيء فالمذكور، عالم في حال علم، ويتعين الوجه الأول إذا كان ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها. 4 فشعرًا -بمعنى شاعرًا- حال، والعامل فيه زهير لتأوله بمشتق؛ لأن معناه ميجد، وصاحب الحال ضمير مستتر فيه، ويجوز أن يعرب "شعرًا" تمييزا مفسرا المثل المحذوفة، أي مثل زهير من جهة الشعر، وهي العاملة في التمييز، ومثله: أنت حاتم جودًا، والأحنف حلما،   * "ومصدر" مبتدأ. "منكر" صفة. "حالا" حال من فاعل يقع، وجملة "يقع" خبر المبتدأ، وفاعل "يقع" يعود على المصدر المنكر، "بكثرة" متعلق بيقع. "كبغتة" الكاف جارة لقول محذوف، و"بغتة" حال من فاعل طلع، "زيد" مبتدأ، "طلع" الجملة خبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 فصل: أصل صاحب الحال التعريف ... فصل: أصل صاحب الحال، وتعريفه أو قرن هو1 بأل الدالة على الكمال، نحو: أنت الرجل علمًا2. فصل: وأصل صاحب الحال التعريف3. ويقع نكرة بمسوغ؛ كأن يتقدم عليه الحال4؛ نحو: في الدار جالسا رجل، وقوله: لمية موضحا طلل5 أو يكون مخصوصًا: إما بوصف؛ كقراءة بعضهم: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ   1 أي الخبر. 2 فعلمًا -بمعنى عالمًا- حال من الضمير في الرجل؛ لتأوله بالمشتق؛ إذ معناه الكامل، والعامل فيه الرجل لما ذكر. ويجو أن يكون تمييزًا محولا عن الفاعل، وهو ضمير الرجل بمعنى الكامل، والتقدير: أنت الكامل علما؛ أي علمه فهذه ثلاثة يقيس فيها الناظم وابنه وقوع المصدر والنكرة حالا. 3 لأنه محكوم عليه بالحال، وحق المحكوم عليه أن يكون معرفة؛ لأن الحكم على المجهول لا يفيد غالبًا. 4 أي وتتأخر النكرة، وذلك قياسا على المبتدإ إذا تأخر. 5 صدر بيت من مجزوء الوافر، لكثير "عزة"، يصف دار محبوبته الدارسة، وعجزه: يلوح كأنه خلل اللغة والإعراب: مية: اسم محوبته، موحشا: اسم فاعل من أوحش المنزل إذا خلا من أهله، والمراد: القفر الذي لا أنيس فيه، طلل: هو ما بقي شاخصا من آثار الديار، يلوح: يظهر ويلمع، خلل: جمع خلة وهي بطانة منقوشة بالمعادن تغشى بها أجفان السيوف. "لمية" جار ومجرور خبر مقدم، ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، "موحشا" حال مقدم من "طلل" الواقع متبدأ مؤخر. المعنى: أن دار مية قد أقفرت من أهلها ودرست معالمها، ولم يبق إلا آثار ضئيلة، تظهر للرائي كأنها نقوش في الباطن التي تغشى أجفان السيوف. الشاهد: وقوع "موحشا" حال من "طلل" وهو نكرة، وسوغ ذلك تقدم الحال عليها. وقيل: إنه حال من الضمير المستكن في الخبر، وهذا الضمير معرفة، وإن كان مرجعه -وهو المبتدأ- نكرة، وإذا لا شاهد فيه، وهو قول جمهور البصريين على أنه يمكن أن يقال: أن النكرة هنا موصوفة يلوح ... إلخ، فالمسوغ وصف النكرة، لا تقدم الحال عليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّق} 1، وقول الشاعر: نجيت يا رب نوحًا واستجبت له ... في فلك ماخر في اليم مشحونا2 وليس منه: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا} ، خلافًا للناظم وابنه3، أو بإضافة؛ نحو: ... ... ... ... ... ... ... ...   1 "مصدقا" حال من كتاب، لتخصيصه بالوصف بالجار والمجرور بعده، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المستتر في الجار والمجرور، وهو الذي انتقل إليه بعد حذف الاستقرار، وإذا لا شاهد فيه. 2 بيت من البسيط، لم نقف على قائله. اللغة والإعراب: نجيت: أنقذت وخلصت من الغرق، نوحا: هو أبو البشر الثاني بعد آدم. فلك: السفينة، للمفرد والجمع، ماخر: شاق عباب الماء، وهو اسم فاعل من مخرت السفينة، إذا شقت الماء فسمع لها صوت، أليم: البحر. مشحونا: مملوءا، "يا رب": يا حرف نداء، ورب منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف اكتفاء بالكسرة، والياء مضاف إليه، "نوحا" مفعول نجيت، "في فلك" متعلق به أو بمحذوف حال من نوح، أو من الهاء في له، "ماخر" صفة لفلك، "في أليم" متعلق به "مشحونا" حال من فلك. المعنى: واضح. الشاهد: في "مشحونا"، فإنه حال من النكرة، وهي "فلك"، وسوغ ذلك تخصصها بوصفها بماخر، فقربها ذلك من المعرفة. 3 فإنهما أعربا "أمرا" حالا من "أمر" الأول، لوصفه بحكيم مع أنه مضاف إليه، وهما يقولان بعدم جواز مجيء الحال من المضاف إليه، إلا بشروط لم تتوافر هنا، وستأتي قريبا. وفي إعرابه أقوال، منها: أن "أمرا" منصوب على الاختصاص بأخص محذوفا، أو مفعول لأجله، أو حال من "كل"، أو من فاعل أنزلنا، أو من مفعوله، أي آمرين به، أو مأمورًا به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً} 1، أو بمعمول؛ نحو: عجبت من ضرب أخوك شديدًا2 أو مسبوقا بنفي؛ نحو: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} 3، أو نهي؛ نحو: .................. لا ... بيغ امرؤ على امرئ مستسهلا4 وقوله: لا يركنن أحد إلى الإحجام ... يوم الوغى متخوفًا لحمام5   1 "سواء" حال من "أربعة" وهي نكرة، لكنها مختصة بإضافتها إلى "أيام". 2 "شديدا" حال من "ضرب" النكرة؛ لاختصاصه بالعلم في الفاعل وهو "أخوك". 3 جملة "ولها كتاب معلوم" حال من "قرية" النكرة؛ لأنها مسبوقة بالنفي، وفيه مسوغ آخر، وهو: اقتران الجملة الحالية بالواو -وأن خص بعضهم ذلك بالإيجاب، ومسوغ ثالث وهو: وقوع "إلا" الاستثنائية قبلها؛ لأن الاستثناء المفرغ لا يقع في النعوت. 4 "مستسهلا" حال من "امرؤ" الأول؛ لأنه مسبوق بنهي، وهذا المثال عجز بيت من الألفية. والبغي: التعدي والظلم، والاستسهال: الاستخفاف، ومعناه: لا يعتدى شخص على غيره مستخفا بذلك، فإن البغي مرتعه وخيم. 5 بيت من الكامل، لقطري بن الفجاءة المازني الخارجي المشهور. اللغة والإعراب: الركون: الميل، الإحجام: النكوص والتأخر، وهو مصدر أحجم عن الشيء إذا نكص عنه ولم يقدم عليه، والوغى: الحرب، وأصله الجلبة والصياح، وأطلق على الحرب لما فيها من ذلك، الحمام: الموت. "لا" ناهية. "أحد" فاعل يركنن. "يوم الوغى" ظرف متعلق بيركنن ومضاف إليه. "متخوفا" حال من "أحد"، وهو نكرة مسبوقة بلا الناهية، "لحمام" متعلق بمتخوف. المعنى: لا يسوغ أن يفكر أحد في التأخر والتخلف، وعدم الإقدام وقت الحرب خوفا من الموت، فإن هذا عار لا يليق بالرجال، ولكل أجل كتاب. الشاهد: وقوع "متخوفا" حالا من "أحد" وهو نكرة، وسوغ ذلك وقوع النكرة بعد النهي الشبيه بالنفي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 أو استفهام؛ كقوله: يا صاح هل حم عيش باقيا فترى1   1 صدر بيت من البسيط، لرجل من بني طيء لم يذكر اسمه، وعجزه: لنفسك العذر في إبعادها الأملا اللغة والإعراب: حم: قدر وقضي، عيش: المراد هنا: الحياة، باقيا: دائما لا يفنى ولا يزول. "صاح" منادى مرخم "صاحب" على غير قياس؛ لأنه غير علم. "عيش" نائب فاعل حم. "باقيا" حال من عيش، "فترى" الفاء للسببية، وترى فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء، "لنفسك" جار ومجرور متعلق بترى، وهو في موضع الفعول الثاني لها، "العذر" مفعول أول. "في إبعادها" متلعق بالعذر، والهاء مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله، "الأملا" مفعول المصدر، والألف للإطلاق. المعنى: يقول لصاحبه مستنكرًا: أخبرني: هي قدر للإنسان حياة دائمة في الدنيا؟ فيكون لك العذر في هذه الآمال البعيدة، والتكالب على جمع حطام هذه الدنيا الغادرة الفانية. الشاهد: وقوع "باقيا" حال من "عيش" وهو نكرة، وسوغ ذلك وقوع النكرة بعد الاستفهام، وهو شبيه بالنفي ومن المسوغات: أن تكون الحال جملة مقرونة بالواو؛ لأن وجود الواو في صدر الجملة يمنع توهم كونها صفة نحو قوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} ، أو تشترك النكرة مع معرفة في الحال، نحو: هؤلاء صبية ومحمد مسافرين، وفي مواضع صاحب الحال النكرة يقول الناظم: ولم ينكر غالبا ذو الحال إن ... لم يتأخر أو يخصص أو يبن من بعد نفي أو مضاهيه كـ"لا ... يبغ امرؤ على امرئ مستسهلا   * "ينكر" مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم، "غالبا" حال من "ذو" الواقعة نائب فاعل ينكر، "الحال" مضاف إليه، "إن" شرطية، "لم يتأخر" فعل الشرط وفاعله يعود على ذو الحال، وجواب الشرط محذوف، أي فلا ينكر "أو يخصص أو يبن" معطوفان على يتأخر، "من بعد نفي" متعلق بيبن ومضاف إليه، "أو مضاهيه" معطوف على نفي، "كلا" الكاف جارة لقول محذوف، ولا ناهية. "يبغ" مجزوم بلا الناهية. "مستسهلًا حال من. "امرؤ" الواقع فاعلا ليبغ. أي أن الغالب على صاحب الحال ألا يكون نكرة؛ إلا إذا تأخر وتقدم الحال على النكرة، أو خصص بوصف أو بإضافة، أو يبن؛ أي يظهر ويقع بعد نفي أو ما يضاهيه ويشابهه؛ وهو النهي والاستفهام، وذكر مثالا للنهي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 وقد يقع نكرة بغير مسوغ، كقولهم: "علية مائه بيضا"1، وفي الحديث: "وصلى وراءه رجال قيامًا" 2. فصل: وللحال مع صاحبها ثلاث حالات3: إحداها: وهي الأصل -أن يجوز فيها أن تتأخر عنه، وأن تتقدم عليه؛ كجاء زيد ضاحكا، وضربت اللص مكتوفا؛ فلك في ضاحكا ومكتوفا، أن تقدمهما على المرفوع، والمنصوب. الثانية: أن تتأخر عنه وجوبا، وذلك كأن تكون محضورة؛ نحو: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} 4، أو يكون صاحبها مجرورًا: إما بحرف جر   1 "بيضا" جمع أبيض حال من مائة، ولا يصح أن يكون تمييزا؛ لأن تمييز المائة لا يكون جمعا. وهذا المثال رواه سيبويه عن العرب، والمراد: أن المائة دراهم لا دنانير ولا غيرها؛ لأن الدراهم من الفضة وهي بيضاء. 2 الحديث؛ كما رواه الإمام مالك في الموطأ "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاعدا وصلى وراءه رجال قياما" فـ"قياما" حال من رجال، وهو نكرة بلا مسوغ، وقدا اختلف النحاة: هل مجيء الحال من النكرة بلا مسوغ مقيس؟ أو هو مقصور على السماع؟ رأيان: الأول لسيبويه، والثاني للخليل ويونس. 3 أحكام التقديم والتأخير الآتية، مقصورة على الحال المؤسسة، أما المؤكدة فالصحيح عدم تقديمها كما سيأتي في موضعه. 4 "مبشرين" و"منذرين" حالان من "المرسلين"، ولا يجوز تقدمها عليها، لأنهما محصوران، ويجب تأخير المحصور؛ لأن تقديمه يؤدي إلى عكس المعنى البلاغي المراد من الحصر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 غير زائد؛ كمررت بهند جالسة1، وخالف في هذه الفارسي وابن جني وابن كيسان؛ فأجازوا التقديم2، قال الناظم: وهو الصحيح؛ لوروده؛ كقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ} 3. وقول الشاعر: تسليت طرًا عنكم بعد بينكم4   1 "جالسة" حال من "هند" المجرورة بحرف الجر، ولا يجوز تقديمها على "بهند" وعلة لك كما قالوا: ان تعلق العامل بالحال تابع لتعلقه بصاحبه، فحقه إذا تعدي لصاحبه بواسطة أن يتعدى إلى الحال بتلك الواسطة، ولما كان الفعل لا يتعدى بحرف واحد مع التصريح به إلى شيئين استعاضوا عن ذلك بالتزام تأخير الحال؛ ليكون في حيز الجار. 2 حجتهم: أن المجرور بالحرف، مفعول به في المعنى، وتقديم حال المفعول به عليه غير ممنوع، فكذلك هنا. 3 "كافة" -بمعنى جميعا- حال من المجرور وهو الناس، وقد تقدم عليه. 4 صدر بيته من الطويل، لم ينسب لقائل، وعجزه: بذكراكموا حتى كأنكم عندي اللغة والإعراب: تسليت: تصبرت وتكلفت السلوان. طرا: أي جميعا. بينكم: فراقكم وبعدكم، "طرا" حال من الضمير المجرور بعن في "عنكم" وقد تقدم عليه. ولا تأتي "طرا". إلا حالا. "عنكم" متعلق بتسليت، "بعد" ظرف تعلق بتسليت أيضًا وهو مضاف إلى "بينكم، بذكراكموا" متعلق بتسليت كذلك. "حتى" ابتدائية، "عندي" ظرف متعلق بمحذوف خبر كأن. المعنى: تسليت وشغلت نفسي عنكم جميعا بعد بعدكم عني بذكراكم الطيبة التي لا تنسى، وكنتم بذلك كأنكم ماثلون أمامي ولم تفارقوني. الشاهد: وقوع "طرا" حال من كان المخاطب في "عنكم"، وهي مجرورة محلا بعن، وقد تقدم الحال على صاحبه المجرور، وذلك جائز في السعة، عند الفارسي ومن تبعه، وأيده الناظم. أما الجمهور فلا يجيزون ذلك. وقد أوضح المصنف رأيهم فيما ورد، وفي هذا يقول الناظم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 والحق أن البيت ضرورة، وأن "كافة" حال من الكاف، والتاء للمبالغة1، لا للتأنيث، ويلزمه تقديم الحال المحصورة، وتعدي "أرسل" باللام؛ والأول ممتنع، والثاني خلاف الأكثر2. وإما بإضافة3، كأعجبني وجهها مسفرة. وإنما تجيء الحال من المضاف إليه: إذا كان المضاف بعضه، كهذا المثال، وكقوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} 4، {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ   وسبق حال ما بحرف جر قد ... أبوا ولا أمنعه فقد ورد أي أن النحاة أبوا ولم يجيزوا أن يتقدم الحال على صاحبها المجرور، بحرف جبر، يقول الناظم، ولا أمنع ذلك، فقد ورد في الكلام الفصيح، وقد بينا حجة كل. وهذا الخلاف فيما إذا كان صاحب الحال مجرورا بحرف جر أصلي، فإذا كان مجرورا بحرف جر زائد، فلا خلاف في جواز التقديم؛ تقول: من جاءني راكبًا من أحد. 1 ويكون المعنى: إلا شديد الكف للناس؛ أي المنع لهم من الشرك ونحوه، قيل: ولا تستعمل "كافة" إلا حالا، وغلط من يقول: ولكافة المسلمين، مثلا. 2 فإن الأكثر والغالب تعدينه بإلى. 3 أي بأن كان صاحب الحال مضافا إليه؛ فلا يجوز حينئذ تقديم الحال على صاحبها؛ لئلا تكون فاصلة بين المضاف والمضاف إليه وهما كالشيء الواحد، وكذلك لا يجوز -على الصحيح- تقديمها على المضاف؛ لأن المضاف مع المضاف إليه كالصلة مع الموصول؛ فكما لا يتقدم ما يتعلق بالصلة على موصولها، كذلك لا يتقدم ما يتعلق بالمضاف إليه على المضاف. هذا: وإذا كانت الإضافة محضة لزم تأخير الحال باتفاق. وإن كانت غير محضة؛ نحو: هذا شارب السويق ملتوتا الآن أو غدا، جاز التقديم عند الناظم، وأنكره ابنه. 4 "إخوانا" حال من المضاف إليه وهو "هم"، والصدور بعضه.   * "وسبق" مفعول مقدم لأبوا، "حال" مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. "ما" اسم موصول مفعول للمصدر، "بحرف" متعلق بقوله. "جر" الواقع صلة لما "قد" للتحقيق. "أبوا" فعل وفاعل. "ولا" نافة "أمنعه" مضارع مرفوع، والهاء مفعول عائدة على سبق. "فقد" الفاء للتعليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} 1 أو بعضه2؛ نحو: {مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} 3. أو عاملًا في الحال4؛ نحو: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} 5، وأعجبني انطلاقك مفردًا، وهذا شارب السويق ملتوتًا6.   1 "ميتا" حال من أخيه المضاف إليه. "لحم"، واللحم بعض الأخ. 2 وهو ما يصح حذفه، وإقامة المضاف إليه مقامه بدون أن يتغير المعنى. 3 "حنيفا" حال من إبراهيم المضاف إليه، و"الملة" كالبعض منه، بدليل أنه يصح حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه مع صحة المعنى، فيقال: اتبع إبراهيم. 4 أي أن يكون المضاف عاملا في الحال، وذلك يستلزم أن يكون المضاف مما يعمل عمل الفعل، كالمصدر، والوصف العامل، كاسم الفاعل ونحوه. ويؤخذ ذلك من تمثل المصنف. 5 "جميعا" حال من "كم" المضاف إليه، و"مرجع" مصدر ميمي -بمعنى الرجوع- عامل النصب في الحال، ومثله تماما: أعجبني انطلاقك منفردا. 6 "ملتوتا" حال من السويق المضاف إليه، و"شارب" اسم فاعل عامل النصب في الحال. والسويق: ما يتخذ من القمح والشعير، والملتوت: من لت السويق. سحقه وبله وبسه بالماء ونحوه، وفي مجيء الحال من المضاف إليه يقول الناظم: ولا تجز حالًا من المضاف له ... إلا إذا اقتضى المضاف عمله أو كان جزء ماله أضيفا ... أو مثل جزئه فلا تحيفا أي لا يجوز مجيء الحال من المضاف إليه، إلا إذا استوفى المضاف عمله في الحال، وهذا يقتضي أن يكون المضاف مما يعمل عمل الفعل، كما بينا أو كان المضاف جزءا من المضاف إليه، أو مثل جزئه في صحة للاستغناء عنه بالمضاف إليه. وقوله "فلا تحيفا"؛ أي:   * "حالا" مفعول تجز: "من المضاف" متعلق بمحذوف صفة لحالا. "له" متعلق بالمضاف. "إلا" أداة استثناء. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط، "المضاف" فاعل اقتضى. "عمله" مفعول اقتضى ومضاف إليه، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام، "أو كان" معطوف على اقتضى، واسم كان يعود إلى المضاف له، "جزء" خبرها. "ما" اسم موصول مضاف إليه، "له" متعق بأضيف الواقع صلة للموصول. "أو مثل جزئه" معطوف على جزء السابق ومضاف إليه. "فلا تخفيفا" لا: ناهية، و"تحيفا" مضارع مبني على الفتح لا تصاله بنون التوكيد الحقيقة المنقلبة ألفا في محل جزم بلا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 الثالثة: أن تتقدم عليه وجوبا، كما إذا كان صاحبها محصورًا1، نحو: ما جاء راكبًا إلا زيد. فصل: وللحال مع عاملها ثلاث حالات أيضًا2. إحداها: وهي الأصل أن يجوز فيها أنت تتأخر عنه، وأن تتقدم عليه. وإنما يكون ذلك: إذا كان العامل فعلا متصرفا3، كجاء زيد راكبًا، أو صفة تشبه   بمخالفة هذا، وإنما اشترط ما ذكر لصحة مجيء الحال من المضاف إليه؛ لوجوب اتحاد عامل الحال وصاحبها عند الجمهور، وإذا كان المضاف عاملا في المضاف إليه كان عاملا في الحال، فيتحد العامل في الحال وفي الصاحب. وإذا كان الحال جزءا أو كالجزء، كان المضاف والمضاف إليه؛ كالشيء الواحد، فيكون المضاف كأنه صاحب الحال، ويكون العامل فيه هو العامل في الحال. أما غير الجمهور فلا يرى ضرورة أن يكون العامل في الحال هو العامل في صاحبها. هذا: وقد ذكر بعض النحاة من المواضع التي تجب فيها تأخير الحال عن صاحبها: أن يكون الصاحب منصوبا بكأن، أو"ليت"، أو"لعل" أو بفعل تعجب، أو بصلة حرف مصدري؛ نحو: سرني أن أكرمت الفقير محتاجا، أو يكون ضميرا متصلا بصلة "أل"؛ نحو: الود أنت المستحقه خالصا، أو يكون الحال جملة مقترنة بالواو؛ نحو: جاء محمد والقوم مستعدون للرحيل. 1 وبعض النحاة يجيز تقديم المحصور بإلا كما سبق في الفاعل، ومن مواضع وجواب التقديم أيضًا: أن يكون صاحبها مضافًا إلى ضمير يعود على شيء له صلة وعلاقة بالحال؛ نحو: جاء زائرا فاطمة أبوها. 2 عامل النصب في الحال: إما لفظي؛ كالمصدر؛ والفعل المشتق، والوصف العامل كاسم الفاعل ونحوه، وإما معنوي؛ كأسماء الإشارة، والألفاظ الاستفهام، وبعض الحروف والأدوات التي سيذكرها المصنف والناظم فيما بعد. 3 بأن يقع في الأزمنة الثلاثة؛ ماضيا، ومستقبلا، وحالا، ويشترط ألا يعرض له ما يمنع تقديم الحال عليه؛ كأن يقترن بلام الابتداء، أو القسم كما سيأتي؛ نحو: إن محمدا ليسافر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 الفعل المتصرف1 كزيد منطلق مسرعا؛ فلك في راكبًا ومسرعًا أن تقدمها على "جاء" وعلى "منطلق"؛ كما قال الله تعالى: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُون} 2. وقالت العرب: شتى تئوب الحلبة3؛ أي متفرقين يرجع الحالبون. وقال الشاعر: نجوت وهذا تحملين طليق4 فتحملين في مضوع نصب على الحال5، وعاملها "طليق"، وهو صفة مشبهة.   1هي: اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة. ووجه الشبه: تضمنها معنى الفعل وحروفه، وقبولها العلامات الدالة على الفرعية مطلقا؛ كالتأنيث، والتثنية، والجمع. 2 "خشعًا" حال من الواو في "يخرجون"، وقد تقدم على عامله الفعل، ويجوز أن يكون "خشعًا" صفة لمفعول محذوف ليدعو؛ أي: يوم يدعو الداعي قوما خشعًا أبصارهم. 3 "شتى" حجال من "الحلبة"، وقد تقدمت على عاملها "تئوب" وهو فعل متصرف. "وشتى: جمع شتيت بمعنى متفرق. تئوب: ترجع الحلبة: جمع حالب؛ وهذا مثل عربي يقال عندما يراد الإخبار عن الاختلاف الناس في الأخلاق مع أن أصلهم واحد؛ فأصحاب الأنعام يردون الماء مجتمعين ويحلبونها متفرقين. 4 تقدم الكلام على هذا الشاهد في باب الموصول في الجزء الأول صفحة 152. 5 أي من فاعل "طليق" المستتر فيه؛ أي هذا طليق حال كونه محمولا لك. وقد أشار الناظم إلى هذه الحالة بقوله: والحال إن ينصب بفعل صرفا ... أو صفة أشبهت المصرفا فجائز تقديمه كمسرعا ... ذا راحل ومخلصا زيد دعا   * "والحال" مبتدأ. "إن ينصب" شرط وفعله. "بفعل" متعلق بينصب. "صرفا" ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود على فعل، والجملة نعت له. "أو صفة" معطوفة على فعل. "أشبهت المصرفا" الجملة نعت لصفة. "فجائز" خبر مقدم، والفاء للربط، "تقديمه" مبتدأ مؤخر، والهاء مضاف إليه مفعول المصدر، والجملة جواب الشرط وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ وهو الحال، "كمسرعا" الكاف جارة لقول محذوف، و"مسرعا" حال أي إذا نصبت بفعل متصرف، أو وصف يشبهه جاز تقديمها على عاملها وتأخيرها عنه، وذكر مثالين: أحدهما إذا تقدمت على عاملها الفعل المتصرف، وهو: مخلصا زيد دعا، والثاني لحال تقدمت على عاملها الوصف، وهو: مسرعا ذا راحل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 الثانية: أن تتقدم وجوبا؛ كما إذا كان لها صدر الكلام؛ نحو: كيف جاء زيد؟ 1. الثالثة: أن نتأخر عنه وجوبا، وذلك في ست مسائل، وهي: أن كيون العامل فعلًا جامدًا؛ نحو: ما أحسنه مقبلا2! أو صفة تشبه الفعل الجامد، وهو اسم التفضيل3؛ نحو: هذا أفصح الناس خطيبا4. أو مصدرًا مقدرًا بالفعل وحرف مصدري؛ نحو: أعجبني اعتكاف أخيك صائمًا5 أو اسم فعل؛ نحو: تزال مسرعًا، أو لفظًا مضمنا معنى الفعل دون حروفه6؛ نحو:   1 "كيف" اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب على الحال من زيد. وقيل: ظرف شبيه باسم المكان، وعلى القولين فهي للاستفهام عن الأحوال. 2 "مقبلا" حال من الهاء في أحسنه. وهو واجب التأخير عن العامل؛ لأنه غير متصرف في نفسه، فلا يتصرف في معموله بالتقدم عليه. 3 لأنه لا يقبل العلاقات الفرعية في أكثر الأحوال؛ كالتأنيث والتثنية، والجمع، فانحط عن درجة المشتقات الأصليلة؛ كاسم الفاعل واسم المفعول، واقترب من الجامد. 4 "خطيبا" حال من فاعل "أفصح" المستتر فيه. 5 "صائمًا" حال من أخيك، والعامل فيه المصدر الذي يمكن تقديره بأن والفعل، ومفعول هذا المصدر لا يتقدم عليه كمعمول اسم الفعل. أما إذا كان العامل مصدرا نائبا عن فعله المحذوف وجوبا؛ فيجوز تقديم الحال؛ نحو: إكرامًا فاطمة مجدة. 6 كألفاظ اسم الإشارة والاستفهام والتشبيه، وأحرف التمني والترجي، والظرف والجار والمجرور، والنداء، وأما. والعلة في ذلك كله ضعف العامل.   مقدمة على عامله وهو راحل، "ذا راحل" مبتدأ وخبر، وفي. "راحل" ضمير مستتر فاعله، وهو صاحب الحال. "ومخلصا" حال من فاعل دعا. "زيد دعا" زيد مبتدأ، وجملة. "دعا" خبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَة} 1؛ وقوله: كأن قلوب الطير ويابسا2 وقولك: "ليت هندًا مقيمة عندنا"3.   1 "خاوية" حال من بيوتهم، والعامل فيه اسم الإشارة تلك"، وفيه معنى الفعل، وهو "أشير" دون حروفه. 2 صدر بيت من الطويل، لامرئ القيس بن حجر الكندي يصف عقابا بسرعة اختطافها للطيور، وعجزه: لدى وكرها العناب والحشف البالي اللغة والإعراب: وكرها، الوكر: عش الطائر حيث كان في شجر أو جيل. العناب: نوع من الفاكهة معروفة، تشبه به أنامل الحسان المخضوبة بالحناء. الحشف: أردأ التمر. "قلوب" اسم كأن. "الطير" مضاف إليه. "رطبا ويابسا" حالان من قلوب، والعامل فيهما "كأن"؛ لما فيها من معنى الفعل، وهو "أشبه" دون حروفه. "لدى وكرها" ظرف متعلق بمحذوف حال من قلوب الطير ومضاف إليه، العناب: خبر كأن. المعنى: أن هذه العقاب كثيرة الاصطياد للطير، ويرى عند عشها قلوب كثيرة من قلوب الطير، بعضها لا يزال رطبا فهو كالعناب، وبعضها قد جف، فهو كأردأ التمر. الشاهد: في "رطبا ويابسا" فهما حالان من قلوب، والعامل في الحالين وصاحبهما "كأن" ومعناه أشبه، فهو متضمن معنى الفعل دون حرفه، ولا يجوز تقديم الحال على عاملها في مثل ذلك. 3 "مقيمة" حال من "هند"، والعامل فيها "ليت"؛ لأنها بمعنى الفعل -"أتمنى"- دون حروفه، وقد أشار الناظم إلى الحال التي لا يجوز تقديمها على عاملها المعنوي بقوله: وعامل ضمن معنى الفعل لا ... حروفه مؤخرا لن يعملا كـ"تلك ليت وكأن" ندر ... نحو "سعيد مستقرًا في هجر"   * "وعامل" مبتدأ. "ضمن ماضي مبني للمجهول، ونائب الفاعل مفعوله الأول، والجملة صفة لعامل. "معنى الفعل" مفعول ثان لضمن ومضاف إليه. "لا حروفه" معطوفة على معنى الفعل، "مؤخرا"حال من فاعل يعمل الآتي "لن" حرف نصب ونفي، "يعملا" مضارع منصوب وفاعله يعود إلى عالم، والألف للإطلاق، والجملة أي أن العامل الذي ضمن معنى الفعل دون حروفه -ويسمى العامل المعنوي- لا يعمل النصب؛ إذا كان متأخرا عن الحال، وذكر من ذلك: تلك، وليت، وكأن وقد مثل لها المصنف. ثم بين أن تقديم الحال على عاملها المعنوي؛ الظرف والجار والمجرور، نادر، وسيذكر المصنف ذلك قريبا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 أو عاملًا آخر عرض له مانع1؛ نحو: لأصبر محتسبا، ولأعتكفن صائمًا؛ فإن في حيز لام الابتداء ولام القسم لا يتقدم عيلهما2. ويستثنى من أفعل التفضيل: ما كان عاملًا في حالين لاسمين: متحدي المعنى، أو مختلفين، وأحدهما مفضل على الآخر3؛ فإنه يجب تقديم حال الفاصل4؛ كهذا بسرًا أطيب منه رطبًا5، وقولك زيد مفردًا أنفع من عمرو معانًا6.   1 أي يمنع من تقديم الفاعل عليه، وعلى المانع أيضا بالأولى. 2 أي؛ لأن لهما الصدارة، فل يعمل ما بعدهما في شيء قبلهما، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك، واللام في "لأصبر" للابتداء، وفي "لأعتكفن" للقسم. 3 أي مفضل في حالة من أحواله على الآخر في حالة أخرى، وعلى نفسه كذلك. 4 أي على أفعل التفضيل خوف اللبس. 5 "بسرا" حال من الضمير في أطيب الواقع فاعلا، و"رطبا" حال من الضمير المجرور في "منه" وهو متعلق بأطيب، والعامل فيهما أطيب، لتضمنه معنى المفاضلة، والإشارة للتمر، أي هذا التمر في حال كونه بسرا أطيب من نفسه في حال كونه رطبا. 6 "مفردا" حال من الضمير المستتر في "أنفع" الراجع إلى زيد، و"معانا" حال من "عمر"، والعامل في الحالين "أنفع". وكان القياس في هذا وما قبله، وجوب تأخر الحالين عن "أفعل"، لكنهم اغتفروا تقدم الحال الفاضلة؛ فرقا بين المفضل والمفضل عليه؛ إذ لو آخر لحصل لبس، وصاحبا الحالين في المثال الأول متحدان في المعنى، وفي الثاني مختلفان، وهذا التقدير الذي ذكره المصنف.   خبر المبتدأ، "كتلك" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ محذوف؛ أي وذلك كائن كتلك، "ليت وكأن" معطوفان على تلك، "نحو" فاعل ندر "سعيد" مبتدأ "مستقرا" حال من الضمير في الجار والمجرور بعده "في هجر" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 ويستثنى من المضمن معنى الفعل دون حروفه: أن يكون1 ظرفا أو مجرورًا مخبرًا بهما2؛ فيجوز بقلة توسط الحال بين المخبر عنه والمخبر به؛ كقوله: بنا عاذ عوف وهو بادي ذلة ... لديكم ... ... ... ... ... 3   تقدير سيبويه، ويرى المبرد والزجاج والفارسي ومن تبعهم، أن الناصب لهذين الحالين "كان" محذوفة، وصاحب الحال هو الضمير المستتر في "كان". وإلى جواز أحد الحالين المنصوبين بأفعل التفضيل المذكور، أشار الناظم بقوله: ونحو "زيد مفردًا أنفع من عمرو معانا" مستجاز لن يهن* أي نحو هذا المثال مما فضل فيه شيء في حال على غيره، أو نفسه في حال أخرى، وقد أوضحنا السبب في ذلك. ومعنى مستجاز: أجازه النحاة. ولن يهن: أي لن يضعف مثل هذا الأسلوب. 1 أي العامل. 2 أي متأخرين عن المخبر عنه. 3 جزء بيت من الطويل، لم تقف على قائله، وهو بتمامه: بنا عاذ عوف وهو بادي ذلة ... لديكم فلم يعدم ولاء ولا نصرًا اللغة والإعراب: عاذ: اعتصم والتجأ. عوف: اسم رجل. بادي ذلة: ظاهر المهانة. يعدم: يفقد، ولاء: موالاة ومناصرة. نصرا: إعانة. "بنا" متعلق بعاذ. "عوف" فاعل عاذ. "هو" الواو للحال، وهو مبتدأ. "بادي" حال من الضمير المستكن في "لديكم" الواقع خبرا للمبتدأ. "ذلة" مضاف إليه. "فلم" الفاء عاطفة ولم جازمة. "ولاء" مفعول يعدم و"لا" اللام زائدة لتوكيد النفي، "نصرا" معطوف على "ولاء". المعنى: التجأ إلين عوف واستعان بنا، وقد ظهر عليه الهوان والمذالة وهو مقيم عندكم، فأقلنا عثرته ونصرناه، وقدمنا له العون والمساعدة.   * "ونحو"، "زيد" مبتدأ كذلك. "مفردا" حال من ضمير أنفع العائد إلى زيد. "أنفع" خبر عن زيد. "من عمرو" متعلق بأنفع. "معانا" حال من عمرو، وجملة "زيد مفردا، إلى معانا" في محل جر بإضافة "نحو" إليها مقصود لفظها. "مستجاز" خبر نحو، "يهن"؛ أي يضعف، مضارع منصوب بلن، وسكن للوقف، وفاعله يعود على نحو، وجملة "يهن" وفاعله في محل رفع خبر ثان، أو صفة للخبر السابق. الشاهد: أن "بادي" حال من ضمير الظرف وهو "لديكم" المنتقل إليه من متعلقة كما هو معلوم، وقد تقدم الحال على عامله الظرف، مع توسطه بين المخبر عنه والخبر، ولو جعل "بادي" حال من "هو" على رأي سيبويه الذي يجبز مجيء الحال من المبتدأ، لم يكن في البيت الشاهد المطلوب، وما ذكره المؤلف والناظم تبعا فيه قول الأخفش والفراء، وهو عند الجمهور ضرورة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 وكقراءة بعضهم: {مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا} 1، وكقراءة الحسن2، {وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} 3، وهو قول الأخفش وتبعه الناظم. والحق أن البيت ضرورة، وأن خالصة، ومطويات معمولان لصلة "ما"، و"لقبضته"4، وأن السموات عطف على ضمير مستتر في "قبضته"؛ لأنه بمعنى   1 "خالصة" بالنصب حال من الضمير المنتقل إلى الجار والمجرور وهو "لذكورنا"، وقد تقدمت على عاملها، وتوسطت بين المخبر عنه، وهو "ما" الموصولة، والخبر -وهو "لذكورنا"، و"ما" واقعة على الأجنة. 2 هو الإمام أبو سعيد، الحسن بن البصري. كان من علماء التابعين وكبرائهم، إماما في القراءة، وكان أكثر كلامه حكما وبلاغة، وقد جمع إلى العلم العمل والعبادة. روي عن الشافعي أنه قال: لو أشاء أن أقول مع القراءات نزل بلغة الحسن لقلت؛ لفصاحته. وهو أحد الأربعة الذين لهم قراءة شاذة مع القراءات العشر، وتوفي بالبصرة سنة 116هـ. 3 "مطويات" حال متوسطة بين المبتدأ، وهو السموات، وعاملها الظرفي الواقع خبرا، وهو "بيمينه"، وصاحب الحال الضمير المنتقل إلى الخبر الجار والمجرور، وهذه الحالة -وهي جواز تقديم الحال على عاملها الظرف، والجار والمجرور -هي التي أشار إليها الناظم فيما تقدم، بقوله: ... ... ... ... ... ... ... ... وندر ... نحو سعيد مستقرا في هجر 4 فتكون "خالصة" معمولة للجار والمجرور على أنها حال من الضمير المستتر في "بطون" الواقعة صلة لما -وهي العاملة في الحال- والتاء في خالصة للتأنيث باعتبار معنى "ما"؛ لأنها واقعة على الأجنة كما أسلفنا، وتكون "مطويات" معمولة لقبضته على أنه حال من السموات، و"بيمينه" ظرف لغو متعلق بمطويات. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 مقبوضته لا مبتدأ، و"بيمينه" معمول الحال لا عاملها1. فصل: ولشبه الحال بالخبر2 والنعت3 جاز أن تتعد لمفرد وغيره4 فالأول؛ كقوله: على إذا ما جئت ليلى بخفية ... زيادة بيت الله رجلان حافيا5 وليس منه6: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} .   1 وعلى ذلك تكون الحال غير متقدمة على عاملها الظرف والجار والمجرور في الآيتين. 2 أي في كونه محكومًا به في المعنى على صاحبه كما يحكم بالخبر على المبتدأ. 3 أي في أنه يدل على الاتصاف بالصفة، وإن كان ذلك مقصودا في النعت، وتبعيا في الحال. 4 المراد بالجواز عدم الامتناع، وهذا يصدق بالواجب، فإنه يجب تكرير الحال وتعددها بعد "إما" لوجوب تكرير "إما"؛ تقول: اضرب اللص إما قائما وإما مطروحا على الأرض، وكذلك بعد "لا" النافية لتكريرها في الغالب؛ تقول: جاء علي فرحا ولا أسوان. 5 بيت من الطويل، أنشده ابن الأعرابي ولم ينسبه، وبعضهم ينسبه إلى مجنون ليلى. اللغة والإعراب: بخفية: أي في خفاء وستر وبعد عن الأنظار، رجلان: ماشيا، حافيا: غير متنعل. "علي" جار ومجرور خبر مقدم. "ما" زائدة. "ليلى" مفعول جئت "بخفيه" صفة لموصوف محذوف على زيادة الباء. "زيارة بيت الله" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله. "رجلان حافيا" حالان من فاعل. "زيارة" المحذوف؛ أي زيارتي بيت الله. المعنى: نذر وواجب علي -إذا وصلت إلى محبوبتي ليلى خفية، ولم يشعر بي أحد من الناس فيشي بنا- أن أزور بيت الله ماشيا غير منتعل. الشاهد: في "رجلان حافيا"؛ حيث تعدد الحال وصاحبهما واحد وهو فاعل الزيارة المحذوف، ويجوز أن يكون حالين من ياء المتكلم المجرورة محلا بعلي. 6 أي من تعدد الحال لمفرد؛ لأن شرط التعدد عند الموضح: ألا يكون هناك حرف عطف بين الأحوال المتعددة، وإلا كان ما بعد العطف معطوفا لا حالا. وأجاز ذلك بعض النحاة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 والثاني: إن اتحد لفظه ومعناه ثني أو جمع1؛ نحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} الأصل دائبة ودائبا2؛ ونحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} 3. وإن اختلف فرق بغير عطف؛ كلقيته مصعدًا منحدرا، ويقدر الأول للثاني وبالعكس4، قال: عهدت سعاد ذات هوى معنى5 وقد تأتي على الترتيب إن أمن اللبس.   1 أي من باب الاختصار، وذلك أولى لا واجب كما يقول بعض النحاة، ومن غير نظر للعوامل: أهي متحدة في ألفاظها ومعانيها وعملها، أم غير متحدة في شيء من ذلك. 2 "دائبين" مثنى، وهي حال مؤسسة من الشمس والقمر، ولا يضر الاختلاف في التذكير والتأنيث، ما دام الحالان متفقين لفظا ومعنى. 3 "مسخرات" جمع، وهي حال مؤكدة لعاملها لفظا ومعنى. 4 أي تقدر الحال الأولى للاسم الثاني، والحال الثانية للاسم الأول، وإن كان هنالك ثالثة فللاسم الذي قبل هذا؛ وذلك ليتصل أول الحالين بصاحبه، ولا يعكس لئلا يلزم فصل كل من صاحبه مع عدم القرينة، وقد تجعل كل حال بعد صاحبها مباشرة، وهذا أحسن منعا للغموض. 5 صدر بيت من الطويل، لم ينسب لقائل معين، وعجزه: فزدت وعاد سلوانًا هواها اللغة والإعراب: عهدت: عرفت علمت سعاد: اسم محبوبته. ذات هوى: صاحبة عشق وحب. معنى: اسم مفعول من عناه الأمر، شق عليه حتى أورثه العناء والجهد سلوانا: سلوا ونسيانا. "سعاد" مفعول عهدت. "ذات هوى" حال من سعاد، ومضاف إليه. "معنى" حال من التاء في عهدت. "عاد" ماض ناقص بمعنى صار، "سلوانا" خبر "عاد" مقدم. "هواها" اسمها مؤخر ومضاف إليه، ويجوز جعل عاد تامة، و"هواها" فاعل به، و"سلوانا" حال منه. المعنى: لقد كنت أنا وسعاد شديدي المحبة والهيام؛ فأما أنا فازددت حبا لها وشغفا بها، وأما هي فصار هواها وحبها هجرا وانصرافا عني. الشاهد: مجيء الحالين على عكس ترتيب صاحبيهما؛ فقد جعل أول الحالين -وهو ذات هوى- لثاني الاسمين، وهو سعاد؛ ليتصل بصاحبه، والعكس والقرينة التذكير والتأنيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 كقوله: خرجت بها أمشي تجر وراءنا1 ومنع الفارسي وجماعة النوع الأول2؛ فقدروا نحو قوله "حافيًا" صفة أو حالًا من ضمير "رجلان"، وسلموا الجواز إذا كان العامل اسم تفضيل3؛ نحو: هذا بسرًا أطيب منه رطبًا.   1 صدر بيت من الطويل، لا مرئ القيس، من معلقته المشهورة، وعجزه: على أرينا ذيل مرط مرحل اللغة والإعراب: مرط: كساء من صوف أو خز. مرحل: معلم فيه خطوط. "بها" متعلق بخرجت. "أمشي" الجملة حال من التاء في خرجت. "تجر" الجملة حال من الضمير في بها. "على أثرينا" جار ومجرور متعلق بتجر، "ذيل" مفعول تجر، مضاف إلى مرط. "مرحل" صفة لمرط. المعنى: خرجت بمحبوبتي من خدرها ماشيا، وهي ورائي تجر على إثر أقدامنا ذيل كسائها؛ لتخفي الأثر عن الناس، فلا يعلم بنا أحد. الشاهد: مجيء الحالين على ترتيب الصاحبين، الأول للأول، والثاني للثاني؛ لأمن اللبس؛ لأن "أمشي" مذكر، و"تجر" مؤنث، ومعروف أن الحال يطابق صاحبه في التذكير والتأنيث. 2 وهو تعدد الحال لمفرد؛ وحجتهم: أن صاحب الحال إذا كان واحدا، فلا يقتضي العامل إلا حالا واحدة، قياسا على الظرف، وهو قياس مع الفارق الواضح؛ لأن الشيء الواحد يمتنع وقوعه في زمانين أو مكانين، لكن لا يمتنع تقييده بقيدين، ولا بأكثر. 3 لأن صاحب الحال، وإن كان جامدا في المعنى، فهو متعدد في اللفظ. هذا: ويؤخذ من المثال الذي ذكره المصنف أنه ينبغي أن يكون اسم التفضيل متوسطا بين الحالين؛ ليخرج نحو: محمد أحسن من زملائه متكلما فصيحا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 فصل: الحال ضربان 1: مؤسسة: وهي التي لا يستفاد معناها بدونها؛ كجاء زيد راكبا، وقد مضت. ومؤكدة: إما لعاملها2 لفظا ومعنى؛ نحو: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} 3، وقوله: أصخ مصيخا لمن أبدى نصيحته4 أو معنى فقط؛ نحو: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا} ، {وَلَّى مُدْبِرًا} 5.   1 تقسيم الحال إلى مؤسسة ومؤكدة هو مذهب الجمهور، وذهب الفراء والمبرد إلى أن الحال لا تكون إلا مؤسسة، وتأولوا الأمثلة التي ساقها الجمهور. 2 وهي: كل وصف دل على معنى عامله؛ سواء وافقه في اللفظ، أو خالفه. 3 "رسولا" من الكاف، وهي مؤكدة لأرسلناك، وموافقة لها لفظا ومعنى، ويؤوله الفراء والمبرد بمعنى "أوجدناك". 4 صدر بيت من البسيط، لم يعين قائله، وعجزه. والزم توقي خلط الجد باللعب اللغة والإعراب: أصخ: استمع؛ وهو أمر من الإصاخة، بمعنى الاستماع. أبدى: أظهر وأعلن. نصيحته؛ النصيحة: الإرشاد إلى الخبر، توقي: مصدر توقي الأمر؛ إذا تحفظ الوقوع فيه وتحرز عن إتيانه. "مصيخا" اسم فاعل حال من فاعل أصخ. "لمن" متعلق بأصخ، ومن اسم موصول. "أبدى نصيحته" الجملة صلة من. "توقي" مفعول الزم. "خلط" مضاف إليه. "الجد" مضاف إليه لخط؛ من إضافة المصدر لمفعوله. المعنى: استمع وأحسن الاستماع والإنصات لمن ينصحك بإخلاص، ولا تهمل النصيحة، والتزم وقاية نفسك، وحفظها من خلط الجد والاجتهاد، بالله والعبث. الشاهد: في "مصيخًا"؛ فإنه حال مؤكدة من ضمير "أصخ"، وهي موافقة لهذا العامل لفظا ومعنى، ويؤوله الفراء والمبرد على أن "أصخ" بمعنى استمع، و"مصيخا" بمعنى: مستمعا في انتباه وحرص. 5 "ضاحكا" حال من فاعل تبسم، و"مدبرا" حال من فاعل ولي. وهما مؤكدان للعامل في المعنى؛ لأن التبسم نوع من الضحك، والإدبار نوع من التولي. ويجمع الوعين قول الناظم: وعامل الحال بها قد أكدا ... في نحو "لا تعث في الأرض مفسدا أي أن الحال قد تؤكد عاملها؛ إما لفظا ومعنى، أو معنى فقط على النحو الذي سلف، وهذا المثال للمؤكدة معنى؛ لأن معنى الإفساد هو العثي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 وإما لصاحبها؛ نحو: {لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} 1. وإما لمضمون جملة2 معقودة من اسمين معرفتين جامدتين؛ كـ: زيد أبوك عطوفا. وهذه الحال واجبة التأخير عن الجملة المذكورة، وهي معمولة لمحذوف وجوبا تقديره: أحقه ونحوه3.   1 "جميعا" حال من فاعل آمن؛ وهو "من" الموصولة، وهي مؤكدة لها؛ لأن كلا منهما يدل على الإحاطة والشمول، وهذا القسم من زيادات المصنف، ولم يذكره الناظم. 2 بحيث يتفق معنى الحال، ومضمون الجملة، فتلزم الحال صاحبها تبعا لذلك. 3 أي: كأعرفه، أو أعمله. وهذا التقدير إن لم يكن المبتدأ ضمير لمتكلم وإلا قدر الفعل، أو العامل مناسبا له؛ نحو: أحقني، أعرفني، أعلم أني. ولا بد أن تكون هذه الحال متأخرة عنه أيضا. وجعل في شرح التسهيل: "زيد أبوك عطوفا" من المؤكدة لعاملها، لموافقتها له. في المعنى؛ لأن الرب صالح للعمل؛ لتأوله بالعاطف. قيل: وهو الحق. والغرض من التوكيد بالحال؛ قد يكون إظهار اليقين؛ نحو: أنت المجاهد معروفا، أو الفخر؛ نحو: أنا محمد بطلا، أو التحقير؛ نحو: هو المجرم معاقبا ... إلخ. وفي الحال المؤكدة لمضمون الجملة يقول الناظم: وإن تؤكد جملة فمضمر ... عاملها، ولفظها يؤخر   * "وعامل الحال" مبتدأ ومضاف إليه. "بها" متعلق بأكدا. "قد أكدا" قد للتحقيق، وأكدا ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى عامل الحال، والجملة خبر المبتدأ، "في نحو" متعلق بأكدا. "لا تعث" لا: ناهية، و"تعث" مضارع مجزوم بلا. "في الأرض" متعلق به. "مفسدا" حال من فاعل تعث، مؤكدة لعاملها؛ كما أوضحنا. * "وإن" شرطية. "تؤكد" مضارع فعل الشرط، وفاعله يعود على الحال. "جملة" مفعوله. "فمضمر" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"مضمر" خبر مقدم "عاملها" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه. "ولفظها يؤخر" مبتدأ وخبر، والجملة في محل جزم، معطوفة على جملة جواب الشرط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 فصل: تقع الحال: اسما مفردا، وجملة وظرفا، كرأيت الهلال بين السحاب1، وجارا ومجرورا؛ نحو: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتهِ} 2، ويتعلقان بمسقر، أو استقر محذوفين وجوبا3. وجملة؛ بثلاثة شروط: أحدها: كونها خبرية، وغلط من قال في قوله: اطلب ولا تضجر من مطلب4   أي إذا كانت الحال مؤكدة للجملة، فإن عاملها يكون مضمرًا؛ أي محذوفا، ويجب تأخير الحال عن الجملة، وعن عاملها المحذوف. 1 "بين" ظرف مكان في مضوع الحال من الهلال. 2 "في زينته" جار ومجرور في موضع الحال من فاعل خرج المستتر العائد على "قارون". 3 أي لكونهما "كونا" مطلقا. ويشترط في كل من الظرف والجار والمجرور: أن يكون تاما أي مفيدا، وإفادته تكون بالإضافة، أو بالنعت، أو بالعدد، أو بغير ذلك من أنواع الإفادة. 4 صدر بيت من السريع؛ نسبه الشيخ خالد لبعض المولدين، ولم يعينه، ولم يؤت به كشاهد؛ وإنما لبيان خطأ الذين أعربوه، وعجزه: فآفة الطالب أن يضجرا اللغة والإعراب: لا تضجر: لا تسأم ولا تقلق. آفة: عاهة وهي عرض يفسد ما يصيبه. "ولا تضجر" الواو عاطفة، و"لا" ناهية، "تضجر" مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المحذوفة تخفيفا في محل جزم، وعلى هذا فهو من عطف الجمل. وقيل: "لا" نافية والواو عاطفة مصدر منسبك من "لا" والفعل، على مصدر متصيد من الأمر السابق؛ أي ليكن منك طلب، وعدم ضجر، وعليه ففتحة تضجر فتحة إعراب. والظاهر أن الواو للمعية، و"لا" نافية، و"تضجر" منصوب بأن مضمرة بعد واو المعية، "من مطلب" متعلق بتضجر، "فآقة" الفاء حرف للتعليل، وآفة مبتدأ، "الطالب" مضاف إليه. "أن يضجر" المصدر المكون من أن والفعل خبر المبتدأ. المعنى: استمر ودوام على طلب معالي الأمور، ولاتسأم إذا لم تظفر بما تطلب؛ فإن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 إن "لا" ناهية، والواو للحال، والصواب: أنها عاطفة؛ مثل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} . الثاني: أن تكون غير مصدرة بدليل استقبال1، وغلط من أعرب "سيهدين" من قوله تعالى: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} حالا. الثالث: أن تكون مرتبطة؛ إما بالواو والضمير؛ نحو: {خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} 2، أو بالضمير فقط؛ نحو: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُو} 3 أي متعادين: أبو بالواو فقط؛ نحو: {لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} 4. وتجب الواو قبل "قد" داخلة على مضارع5؛ نحو: {لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ   السأم والملل علة كل طالب، ومن يصبر ينل ما يريد، وبعده: ألم تر الحبل بتكراره ... في الصخرة الصماء قد أثرا الشاهد: بيان خطأ إعراب أن الواو حالية؛ لأنه يشترط في جملة الحال أن تكون خبرية، وهذه إنشائية. أما مثل: لأمدحن المخلص إن أصاب أو أخطأ، بحيث وقعت الجملة الشرطية حالا مع أنها إنشائية، مشتملة على علامة استقبال، وهي حرف الشرط "إن"؛ فالمسوغ عند النحاة أنها شرطية لفظا لا معنى؛ لأن التقدير: لأمدحنه على أي حال. 1 أي علامة تدل على الاستقبال؛ كالسين، وسوف، ولن، وأداة الشرط .... الخ. وذلك؛ لأنها لو صدرت بهذا؛ لفهم كونها مستقبلة بالنسبة لعاملها فتفوت المقارنة؛ على أن هناكت تنافيا بين الحال والاستقبال بحسب اللفظ. 2 جملة "وهم ألوف" حال من الواو في "خرجوا"، وهي مرتبطة بالواو والضمير. 3 "بعضكم" مبتدأ ومضاف إليه. "لبعض" متعلق بعدو الواقع خبرا، والجملة حال من الواو في "اهبطوا"، والربط الضمير في "بعضكم" والخطاب لسيدنا آدم وحواء، وجمع ضميرهما؛ لأنهما أصلا البشر، فكأنهما جميع الجنس. 4 جملة "ونحن عصبة" حال من الذئب، أو من ضمير يوسف، والرابط الواو فقط، ولا دخل للضمير "نحن"؛ لأنه لم يرجع لصاحب الحال، وتسمى هذه الواو واو الحال. 5 أي مثبت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 تَعْلَمُونَ} 1. وتمتنع في سبع صور: إحداها: الواقعة بعد عاطف2؛ نحو: {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} 3. الثانية: المؤكدة لمضمون الجملة؛ نحو: هو الحق لا شك فيه، {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} 4. الثالثة: الماضي التالي "إلا"5؛ نحو: {إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} 6.   1 جملة "تعلمون" حال من الواو في "تؤذونني"، والرابط الواو، وهي واجبة في ذلك. وتجب أيضا: في الجملة الحالية، الخالية من الضمير العائد على صاحب الحال لفظا وتقديرًا؛ نحو: تيقظت والشمس طالعة. ومنه قوله تعالى: {لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} أما الماضي المثبت الذي تقع جملته حالا ففيه خلاف؛ فالكوفيون يوجبون "قد" إذا كان الرابط هو الواو وحدها. فإن كان هناك ضمير يعود إلى صاحب الحال، جاز الاقتران بقد وعدمه، ويرى البصريون ضرورة وجود "قد" في جملة الماضي المثبت؛ سواء أكان الرابط الواو وحدها، أو الضمير، أو هما، وإن لم توجد قدرت، والصواب رأي الكوفيين؛ لوجود شواهد كثيرة عليه. 2 أي يعطفها على حال قبلها. 3 جملة "هم قائلون" حال معطوفة على "بياتا"، وهو مصدر في موضع الحال، والرابط الضمير. ولا يقال: "أو وهم" كراهة اجتماع حرفي عطف صورة. و"قائلون" من القيلولة وهي نصف النهار؛ يقال: قال وتقيل؛ نام فيه فهو قائل. 4 كل من جملتي "لا شك فيه"، و"لاريب فيه" حال مؤكدة لمضمون الجملة قبلها. وتمتنع الواو؛ لأن المؤد عين المؤكد؛ فلو قرن بالواو كان في صورة عطف الشيء على نفسه. أما المؤكدة لعاملها؛ فقد تقترن بالواو؛ نحو قوله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} . 5 أي التي تفيد الإيجاب، والمسبوقة بكلام غير موجب. 6 جملة "كانوا به يستهزءون" حال من الهاء في "يأتيهم"، وإنما امتنعت الواو؛ لأن ما بعد "إلا" مفرد حكما، ويرى بعض النحاة جواز اقترانه بالواو في هذه الحالة؛ تمسكا بقول زهير: نعم امرأ هرم لم تعر نائبة ... إلا وكان لمرتاع بها وزرا وذلك قياسا على الجملة الاسمية الواقعة بعد "إلا"، نحو قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 الرابعة: الماضي المتلو "بأو"1؛ نحو: لأضربنه ذهب أو مكث2. الخامسة: المضارع المنفي "بلا"؛ نحو: {وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} 3. السادسة: المضارع المنفي "بما" كقوله: عهدتك ما تصبو وفيك شبيبة4   1 أي: الجملة الماضوية الحالية المعطوفة عليها جملة أخرى بأو. 2 جملة "ذهب" في محل نصب حال من الهاء وبعدها "أو"، وتمتنع الواو؛ لأنها في تقدير فعل الشرط؛ إذا المعنى: إن ذهب وإن مكث، وفعل الشرط لا يقترن بالواو، فكذلك المقدر به. والحق أن العلة عدم وجود الواو في مثل هذا الأسلوب من الكلام العربي. 3 جملة "تؤمن بالله" حال من الضمير المجرور باللام، ولم تقترن بالواو؛ لأن المضارع المنفي بلا أو بما بمنزلة اسم الفاعل المخفوض بإضافة "غير" المنصوبة على الحال، وهو لا تدخل عليه الواو؛ والتقدير في هذه الآية: "وما لنا غير مؤمنين"، واختص المنفي بلا وما دون المنفي بلم ولما؛ لأن مضي النفي بهما في المعنى قربه من الماضي الجائز الاقتران بالواو، وأبعده من الشبه باسم الفاعل، ويرى ابن الناظم: أنه يجوز اقتران المضارع في المنفي بلا بالواو، وإن كان عدم الاقتران أكثر، ومن شواهده قول الشاعر العربي: أفادوا من دمي وتوعدوني ... وكنت ولا ينهنهني الوعيد 4 صدر بيت من الطويل، أنشده ابن مالك في التسهيل، ولم ينسبه، وعجزه: فما لك بعد الشيب صبا متيما اللغة والإعراب: عهدتك: عرفتك. تصبو: تميل إلى والله والعبث؛ من الصبوة، وهي الميل إلى الجهل والفتوة. شبيبة: شباب وفتوة ونشاط جسماني. صبا: عاشقا من الصبابة، وهي العشق ورقة الهوى. متيما: مذللا مستعبدا بالحب. "عهدتك" فعل وفاعل ومفعول. "ما" نافية. "تصبو" الجملة في محل نصب حال من الكاف في "عهدتك". "وفيك" الواو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 السابعة: المضارع المثبت1؛ كقوله تعالى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} 2. وأما نحو قوله: علقتها عرضا وأقتل قومها3   للحال، وفيك خبر مقدم. "شبيبة" مبتدأ مؤخر. "فما" الفاء عاطفة، و"ما" استفهامية مبتدأ. "لك" جار ومجرور خبر. "بعد" ظرف زمان متعلق بصبا الآتي، "الشيب" مضاف إليه. "صبا" حال من الكاف في ذلك. "متيما" صفة لصبا. المعنى: عرفتك وأنت شاب؛ موفور القوة، جم النشاط، مستقيما بعيدا عن اللهو، والميل للنساء، فما لك بعد الشيوخة والكبر والضعف صرت عاشقا منحرفا؟ الشاهد: في قوله: "ما تصبو"؛ فإنه جملة حالية مضارعية منفية بما، ولم تقترن بالواو؛ اكتفاء بالربط بالضمير، وهو الفاعل المستتر؛ لما بيناه في المنفية بلا، ومثل "ما" "إن" النافية. 1 أي المجرد من "قد"؛ فإن اقتران بقد، لزمته الواو؛ كما تقدم. 2 جملة "تستكثر" حال من فاعل "تمنن" المستتر فيه. وإنما امتنعت فيه الواو؛ لشبهه باسم الفاعل في الزنة والمعنى، والواو لا تدخل اسم الفاعل؛ فكذلك ما أشبهه. 3 صدر بيت من الكامل، لعنترة بن شداد العبسي، من معلقته المشهورة. زعما لعمر أبيك ليس بمزعم اللغة والإعراب: علقتها: تعلق بها وأحببتها. عرضا: من غير قصد. زعما: طمعا؛ وهو مصدر زعم؛ بمعنى طمع. "علقتها" فعل ونائب فاعل ومفعول. "عرضا" تمييز أو مفعول مطلق، "وأقتل قومها" الجملة حال من التاء في علقتها. "زعما" مصدر لفعل محذوف، أو حال بمعنى زاعما. "لعمر" اللام للابتداء، وعمر مبتدأ. "أبيك" مضاف إليه، والخبر محذوف وجوبا. المعنى: أحببتها وشغفت بها بمجرد النظر إليها من غير قصد، وأنما أحارب قومها وأقتلهم، فكيف ذلك مع هذا التناقض، ثم قال مخاطبا نفسه: إن هذا طمع مني لا موضع له، وفعل لا يليق بمثلي. الشاهد: في "وأقتل قومها"؛ فهي جملة حالية مضارعية مثبتة، وقد اقترنت بالواو مع امتناع الواو في ذلك، وقد خرجه المصنف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 فقيل: ضرورة، وقيل: الواو عاطفة، والمضارع مؤول بالماضي1، وقيل: واو الحال، والمضارع لمبتدأ محذوف؛ أي وأنا أقتل2.   1 والتقدير: وقتلت قومها؛ وذلك ليتناسب المتعاطفان، فذلك أولى من عدم التناسب. 2 وتكون جملة المبتدأ والخبر في محل نصب على الحال، وهي جملة اسمية، وفي الحال التي تقع جملة، وما يتعلق بها، يقول الناظم: وموضع الحال تجيء جملة ... كـ"جاء زيد وهو ناو رحله وذات واو بعدها انو مبتدأ ... له المضارع اجعلن مسندا وجملة الحال سوى ما قدما ... بواو أو بمضمر أو بهما أي تجيء الجملة وتقع موقع الحال، فتكن في موضع نصب على الحال، وذكر الناظم مثالًا للجملة الاسمية الواقعة حالا؛ وهو قوله: "وهو ناو رحله"، ثم ذكر أن الجملة الواقعة حالا؛ إن صدرت بمضارع مثبت تربط بالضمير، ولا تقترن بالواو، واقتصر على هذه الحالة من الحالات التي تمتنع فيها الواو، وهي سبع كما بين المصنف. ثم بين أنه إذا ورد ما ظاهره أن الجملة المضارعية المتقدمة اقترنت بالواو، ينوي ويقدر بعد الواو مبتدأ محذوف، وخبره الجملة المضارعية. وذكر أخيرا أن جملة الحال ما عدا الحالة التي اقتصر عليها.   * "وموضع" ظرف مكان متعلق بتجيء. "الحال" مضاف إليه. "جملة" فاعل تجيء. "وهو" الواو للحال، و"هو" ضمير منفصل مبتدأ. "ناو" خبر المبتدأ، وفيه ضمير مستتر فاعله، "رحله" مفعوله والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب حال من زيد. "وذات بدء" ومضاف إليه، "بمضارع" متعلق بيدء. "ثبت" ماض وفاعله يعود على مضارع، والجملة في محل جر صفة لمضارع. "حوت ضميرا" فاعل حوت يعود على ذات بدء، والجملة خبر المبتدأ. "ومن الواو" جار ومجرور متعلق بخلت، وفاعل "خلت" يعود على "ذات بدء" والجملة معطوفة على جملة الخبر. "وذات واو" مبتدأ ومضاف إليه، "بعدها" ظرف متعلق بانو. "مبتدأ" مفعول انو، والجملة خبر المبتدأ. "له" متعلق باجعلن. "المضارع" مفعول أول لأجعلن. "مسندأ" مفعول ثان له. "وجملة الحال" مبتدأ ومضاف إليه. "سوى" منصوب على الظرفية أو على الاستثناء. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "قدما" نائب الفاعل يعود إلى، "ما" والألف للإطلاق، والجملة صلة "بواو" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، "أو بمضمر أو بهما" معطوفان على "بواو". يجوز ربطها بالواو فقط، أو بالضمير فقط، أو بهما معا، وقد علمت مما أوضحناه القصور في كلام الناظم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 فصل: وقد يحذف عامل الحال جوازًا1؛ لدليل حالي كقولك لقاصد السفر: راشدًا وللقادم من الحج: مأجورًا، أو مقالي2؛ نحو: {بَلَى قَادِرِينَ} ، {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ؛ بإضمار: تسافر، ورجعت، وتجمعها، وصلوا. ووجوبًا: قياسًا في أربع صور؛ نحو: ضربي زيدًا قائمًا3، ونحو: زيد أبوك عطوفا4، وقد مضتا. والتي يبين بها ازدياد أو نقص بتدريج؛ كتصدق بدينار فصاعدا، واشتراه بدينار فسافلًا5. وما ذكر لتوبيخ؛ نحو: أقائمًا، وقد قعد الناس؟ وأتميميا مرة   1 الأصل في عامل الحال وغيرها، أن يكون مذكورا؛ ليحقق الغرض منه؛ وهو إفادة معنى جديد، أو تقوية المعنى الموجود. وقد يحذف جوازا أو وجوبا لدواع تقتضي الحذف؛ كما سيذكر المصنف، ويستثنى من الحذف جوازا: ما إذا كان العامل معنويا؛ كالظرف والجار والمجرور، واسم الإشارة، وحرف التمني والتنبيه ... إلخ مما سبق بيانه؛ فلا يجوز حذف العامل فيها لضعفه؛ سواء فهم أم لم يفهم. 2 الدليل المقالي هو: ما يعتمد على كلام مذكور صريح؛ وهو في مثال المصنف جواب نفي وشرط، وقد يكون جوابا لاستفهام؛ نحو: راكبا، لمن قال: كيف جئت؟ أو منهيا عنه؛ نحو: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا} ، أو مقصود الحصر فيه؛ نحو: ما جاءني محمد إلا راكبا، ومنه قوله تعالى: {وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ} ، أما الدلي الحالي، فتدل عليه القرائن والمناسبات المحيطة بالمتكلم، من غير استعانة بكلام أو قول. 3 أي: مما فيه الحال سادة مسد الخبر، وقد سبق إيضاحهما؛ فل يجوز ذكر الخبر؛ لئلا يلزم الجمع بين العوض والمعوض. 4 أي: من الحال المؤكدة لمضمون جملة قبلها. والعلة في وجوب حذف العامل: أن الجملة قبله منزلة البدل من اللفظ. 5 "صاعدا وسافلا" حالان عاملهما محذوف وجوبا؛ والتقدير: فذهب المتصدق به صاعدا، وانحط المشتري به سافلا، ولا بد من اقتران هذه الحال بالفاء العاطفة، أو "ثم" العاطفة؛ وهي تعطف جملة خبرية على جملة إنشائية، ويجب حذف العامل والصاحب في هذه الحال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 وقيسيا أخرى1؟ أي: أتوجد؟ وأتتحول2؟ وسماعًا في غير ذلك؛ نحو: هنيئا لك؛ أي ثبت لك الخير هنيئا، أو أهناك هنيئا.   1 "قائما" و"تميميا" و"قيسيا" أحوال منصوبة بفعل محذوف وجوبا؛ لأنه بدل من اللفظ بالفعل؛ ولا يجمع بين البدل والمبدل منه. 2 "أتوجد" راجع للمثال الأول، و"أتتحول" راجع للثاني، وليس المراد أن يتحول في حالة كونه تميميا ... إلخ؛ بل إنه يتخلق تارة بأخلاق التميمي، وأخرى بأخلاق القيسي؛ فالأولى تقدير عامل الحال "توجد" كسابقه. وقيل "تميميا وقيسيا" مفعول مطلق على حذف مضاف؛ أي: أتتخلق تخلق تميمي مرة؟ ... إلخ. وفي حذف عامل الحال يقول الناظم: والحال قد يحذف ما عمل ... وبعض ما يحذف ذكره حظل أي أن الحال قد يحذف عاملها؛ الذي يعمل فيها النصب جوازًا، وأن بعض ما يحذف من هذه العوامل محظول؛ أي ممنوع ذكره، وذلك في المواضع التي يجب فيها حذف العامل، وقد بينها المصنف. وهنالك عوامل تحذف سماعا؛ نحو: هنيئا لك. فوائد: أالحال التي تتعدد لواحد تسمى "مترادفة"؛ أي متوالية الواحدة الأخرى، وقد تعرب الحال الثانية حالا من الضمير المستتر في الحال التي قبلها، وحينئذ تسمى الحال الثانية: "متداخلة". ب هنالك ألفاظا مسموعة وقعت حالا، مع أنها معرفة بالإضافة؛ منها قولهم: تفرق القوم أيدي سبأ، وقد أولت على معنى: متبدين، أو مثل أيدي سبأ، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، ومنها قولهم: فعلت هذا الأمر جهدي أو طاقتي. وأول بمعنى:   * "والحال" مبتدأ "ما" اسم موصول نائب فاعل يحذف، والجملة خبر المبتدأ. "فيها" متعلق بعمل الواقع صلة الموصول. "وبعض" مبتدأ أول. "ما" اسم موصول ومضاف إليه. "يحذف" نائب فاعله يعود على، "ما" والجملة صلة. "ذكره حظل" مبتدأ ثان ومضاف إليه، وجملة حظل خبره، وجملة الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   جاهدا أو مطيقا. جـ تنقسم الحال باعتبار الزمان إلى: مقارنة لعاملها، وهو الغالب فيها، ومقدرة، وهي المستقبلة؛ نحو: مررت برجل معه سيف مقاتلا به غدا؛ أي مقدرًا ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف كلا من الحال المؤسسة والمؤكدة، وبين الفرق بينهما، ووضح بأمثلة. 2 اذكر المواضع التي تقع فيها الحال وصف لازما، والتي تقع فيها جامدة، ومثل لما تقول بأمثلة من عندك. 3 متى يقع صاحب الحال نكرة؟ اذكر موضع ذلك، ووضح بالأمثلة. 4 تجيء الحال من المضاف إليه بشروط؛ اذكر هذه الشروط، ووضح ما تقول بأمثلة من إنشائك. 5 اذكر المواضع التي يجب فيها تأخير الحال عن صاحبها، والتي يجب فيها تقديمها، ومثل لما تقول. 6 لا بد في الحال من رابط، فمتى تتعين الواو للربط؟ ومتى يتعين الضمير؟ مثل. 7 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل هذا الباب. وضح ذلك توضيحا شافيا: قال تعالى: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} . {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} . {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} . {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} . {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} . {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} . {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} . {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} . وبالجسم مني بينا لو علمته ... شحوب وإن تستشهد العين تشهد ولو أن قوما لارتفاع قبيلة ... دخلوا السماء دخلتها لا أحجب قهرت العدا لا مستعينا بعصبة ... ولكن بأنواع الخديعة والمكر غافلا تعرض المنية للمر ... ء فيدعى ولات حين إباء بدت قمرًا ومالت غصن بان ... وفاحت عنبرًا ورنت غزالًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   8 اشرح البيتن الآتين شرحا أدبيا، وبين موضع إعراب ما تحته خط فيهما، وهما للمرحوم حافظ إبراهيم، الشاعر المصري على لسان مصر: أتراني وقد طويت حياتي ... في مراس لم أبلغ اليوم رشدي أي شعب أحق مني بعيش ... وارف الظل أخضر اللون رغد 9 اشرح قول ابن مالك الآتي، ووضح ما تقول بأمثلة من إنشائك: والحال قد يجيء ذا تعدد ... لمفرد فاعلم وغير مفرد 10 بين فيما يأتي: الحال، وصاحبها، وعاملها، ونوعها، والرابط: أنشئت الجامعة العربية أملا مرتقبا للعرب في 22 مارس سنة 1943، بين الرجاء يحدوهم، والخوف يجيش في صدورهم. هكذا كان الحال حقا لا مرية فيه، وتكونت وقتئذ من سبع دول عربية، ثم انضمت إليها في غبطة ليبيا سنة 1946، وتبعها السودان -راجيا دعم الوحدة- سنة 1956، وتقدمت تونس والمغرب متآخيتين سنة 1957، ولما خفت وطأة الاستعمار عن الجزائر، أقبلت مهرولة لتسير في الركب العربي، وكلها أم في جمع الكلمة، وحين ظفرت الكويت بالاستقلال دخلت مسرعة للانضمام لأشقائها سنة 1963، وأنعم بها سباقة إلى كل ما فيه خير العرب، وما كاد اليمين شمالا وجنوبا يتنفس الصعداء من آثار التخلف والاستعمار، حتى كان يدا بيد مع الجامعة، ثم انضمت إليها اليمن الجنوبية سنة 1968. تلك هي مرحلة تكوين الجامعة دولة دولة. والآن وقد اكتملت الوحدة، نرجو أن يوفقنا المولى إلى العمل لخير العرب، وكفى بالاستعمار داعيا إلى السير قدما يدا واحدة إخوة متحابين، وألا نعود إلى التفرق أيدي؛ فقد ظهرت الحقائق، شمسا، وعلينا أن نقوي جيوشنا شيئا فشيئا، فإنا نعلم أن العدو متربص بنا أبدًا، ويد الله مع الجامعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 باب: التمييز مدخل ... باب: التمييز 1 التمييز: اسم2 نكرة، بمعنى "من"3، مبين4 لإبهام اسم أو نسبة. فخرج بالفصل الأول5؛ نحو: زيد حسن وجهه6. وقد مضى أن قوله: صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو7 محمول على زيادة "أل". وبالثاني: الحال؛ فإنه بمعنى في حال كذا، لا بمعنى "من". وبالثالث8؛ نحو: لا رجل، ونحو:   هذا باب التمييز 1 هو في الأصل: مصدر ميز الشيء؛ إذا خلصه من شيء آخر؛ فمعناه، لغة: تخليص شيء من شيء. ثم أطلق على الاسم المميز مجازا، ويسمى أحيانا: التفسير أو التبيين، أو المفسر، أو المميز. ومعناه اصطلاحا ما ذكره المصنف. 2 أي صريح؛ لأن التمييز لا يكون جملة ولا ظرفا، ولا جارا ومجرورا، بخلاف الحال في هذه الثلاثة. 3 المراد: أن يفيد معنى "من" البيانية، أي التي تبين جنس ما قبلها أو نوعه؛ ذلك؛ لأن الاسم المميز جيء به لبيان الجتس؛ كما يجاء بمن مميزة له، وليس المراد أنه يمكن تقدير "من" قبله؛ فقد لا يصلح الكلام أحيانا لتقدير "من". 4 هو نعت لاسم؛ أي أنه يبين ويوضح إبهام ما قبله، ويزيل غموضه. 5 أي قوله: نكرة. 6 أي: من كل ما هو مشبه بالمفعول به؛ فإن "وجهه" وإن بين إبهام ما قبله، لكنه ليس بتمييز؛ لأنه معرفة، بل "وجهه" منصوب على التشبيه بالمفعول به. 7 تقدم هذا البيت في "باب المعرف" بالأداة. وقد ذكر هنالك أن اللام في النفس زائدة للضورة؛ فهو نكرة. وقد أجاز الكوفيون تعريف التمييز متمسكين بمثل هذا. 8 وهو قوله: "مبين لإبهام اسم أو نسبة" يخرج اسم "لا" التي للتبرئة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 أستغفر الله ذنبا لست محصيه1 فإنهما وإن كان على معنى "من" لكنها ليست للبيان؛ بل هي في الأول للاستغراق، وفي الثاني للابتداء2. وحكم التمييز النصب. والناصب لمبين الاسم هو ذلك الاسم المبهم3؛ كعشرين درهما. والناصب لمبين النسبة المسند من فعل أو شبهه4؛ كطاب نفسًا، وهو طيب   1 صدر بيت من البسيط، لم نقف على قائله، وعجزه: رب العباد إليه الوجه والعمل اللغة والإعراب: أستغفر: أطلب المغفرة. محصيه: ضابطا عدده، الوجه: القصد والتوجه، "ذنبا" مفعول ثان لأستغفر، أو منصوب على نزع الخافض؛ على تضمين أستغفر معنى استنيب. "لست محصيه" الجملة من ليس واسمها وخبرها صفة لـ"ذنبا"، "رب العباد" بدل من لفظ الجلالة، ومضاف إليه. "إليه" خبر مقدم. "الوجه" مبتدأ مؤخر. "والعمل" معطوف على الوجه. المعنى: أطلب المغفرة والعفو من الله، على ذنوبي الكثيرة التي لا أحصيها؛ فهو رب الخلق جميعا، وإليه الالتجاء في كل شيء، وله يكون العمل والسعي. الشاهد: في "ذنبا" فإنه ليس بتمييز؛ لأنه وإن كان على معنى "من"، إلا أنها ليست للبيان؛ فهو ليس مبينا لإبهام اسم قبله، أو لنسبة في جملة. 2 كأنه أراد استغفار يبتدئ من أول الذنوب إلى ما لا نهاية، وقيل: "من" هنا للتعليل، وهو أظهر. 3 أي الذي جاء التمييز لإيضاحة وإزالة الغموض عنه، وإنما عمل مع جموده؛ لشبهه باسم الفاعل؛ في الاسمية، وطلب المعمول في المعنى، ووجود ما به تمام الاسم؛ وهو النون والتنوين؛ فإن "عشرين درهما" -مثلًا- شبيه بضاربين محمدًا، ورطل زيتا شبيها بضارب عليا. 4 وهو الوصف كما مثل المصنف. وقيل: الناصب له الجملة التي يوضح النسبة فيها؛ لأنه قد لا يكون في الجملة فعل أو وصف؛ نحو: هذا أخوك إخلاصا، أو أبوك عطفا. فالقول بأن ناصبه الجملة مطرد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 أبوة. وعلم بذلك بطلان عموم قوله: ينصب تمييزا بما قد فسره1   1 هذا عجز بيت من النظم، عرف الناظم بصدره التمييز، وهو بتمامه: اسم بمعنى "من" مبين نكره ... بنصب تمييزًا بما قد فسره أي أن التمييز هو: الاسم النكرة المتضمن معنى "من"، الذي يبين إبهام ما قبله ويوضحه، وأن ناصبه هو ذلك الشيء المبهم، الذي جاء التمييز لإيضاحه. ووجه البطلان الذي أشار إليه المصنف: أن كلام الناظم يقتضي أن التمييز بنصب بما قد فسره؛ سواء كان مفسرا لإبهام اسم مفرد أو نسبة، مع أن تمييز النسبة ينصب بالجملة، أو بما فيها من فعل أو شبهه على الخلاف الذي ذكرناه، لا بالنسبة المفسرة، وأجاب الأشموني: بأن كلا من الجملة والفعل يوصف بالإبهام من حيث نسبته؛ فيصح كون التمييز مفسرا لهما باعتبار نسبتهما، فيصدق أنه نصب بمفسره. وعلى هذا يكون قول الناظم على عمومه، وقيل: إن ذلك خاص بتمييز المفرد، وخصه بالذكر؛ لأنه جامد غالبا، فربما ينوهم أنه لا يعمل.   * "اسم" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي هو اسم. "بمعنى" متعلق بمحذوف صفة لاسم. "من" مضاف إليه مقصود لفظه "مبين" نعت ثان لاسم "نكرة" نعت ثالث له، "تمييزا" حال من نائب فاعل ينصب المستتر "بما" جار ومجرور متعلق بينصب. و"ما" اسم موصول، وهي واقعة على العامل، "قد فسره" الجملة صلة ما، وفاعل. "فسره" يعود إلى التمييز، والهاء مفعوله عائدة إلى ما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 فصل: أنواع الاسم المبهم أربعة ... فصل: الاسم المبهم أربعة أنواع أحداها: العدد1 كـ {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} . والثاني: المقدار2، وهو: إما مساحة3؛ كشبر أرضا. أو كيل كقفيز برا4. أو   1 سواء كان صريحا؛ كمثال المصنف ونحوه، أو كناية؛ ككم الاستفهامية نحو: كم رطلا اشتريت. 2 هو ما يعرف به قدر الشيء وكميته. 3 هي الأشياء التي يجري تقديرها بالقياس، ويدخلها العرف في كشبر، وباع ... إلخ. 4 القفيز من المكاييل يختلف باختلاف الأقطار؛ ففي بعضها 182/3؛ نحو ثمانية عشر وثلثين قدحا وفي آخر؛ نحو: 48 قدحا، ومن الأرض 144 ذراعا، وليس مرادا هنا. والبر: القمح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 كمنوين عسلًا؛ وهو تثنية منا1؛ كعصا، ويقال فيه من بالتشديد وتثنية منان. والثالث: ما يشبه المقدار2؛ نحو: {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا} ، ونحي سمنا3، {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} 4. وحمل على هذا: "إن لنا غيرها إبلًا"5. والرابع: ما كان فرعًا للتمييز6؛ نحو: خاتم حديدًا؛ فإن الخاتم فرع الحديد، ومثله: باب ساجا7، وجبة خزًا، وقيل: إنه حال8.   1 المنا: رطلان: وهذه الأمثلة ذكرها الناظم بقوله: كشبر أرضا، وقفيز برا ... ومنوين عسلًا وتمرا 2 أي في مطلق التقدير، وإن لم يكن معينا ومحدودا، أو لم يوضع للتقدير به، وهذا النوع يكون في الوزن والكيل والمساحة، وقد مثل له المصنف على هذا الترتيب. 3 النحي: الزق مطلقا، أو هو خاص بوعاء السمن، وجمعه أنحاء، وهو يشبه الكيل، وليس بكيل حقيقة. 4 "مثل" اسم يدل على المماثلة من غير ضبط بحد معلوم، فهو شبيه بالمساحة، وليس مساحة حقيقة. 5 "إبلا" منصوب على التمييز من غير؛ لأنها اسم مبهم يدل على المغايرة، وهم يحملون المغايرة عى المماثلة. 6 ضابطه: كل فرع أصبح له بسبب التفريع اسم خاص يليه أصله؛ بحيث يصح إطلاق الأصل عليه. 7 الساج: نوع من الخشب. 8 أي؛ لأنه يس مقدارًا ولا شبيها بالمقدار، وأيضًا: فقد يقع نعتا تابعًا للأول، وكل ما يتبع النكرة نعتا لها، ينصب بعد المعرفة حالا، وإذا أعرب حالا، كان التابع نعتا. أما من يقول بأنه تمييز فحجته: جموده، ولزومه، وتنكيره صاحبه، والغالب في الحال غير ذلك. وإذا أعرب تمييز؛ فالتابع عطف بيان، وتسمى هذه الأنواع الأربعة: تمييز المفرد أو الذات؛ لأنها تزيل الإبهام عن كلمة واحدة، أو ما هو بمنزلتها، والغالب في تلك الكلمة أن تكون شيئا محسوسا مجسما.   * "كثير" متعلق بمحذوف، حال من ما الموصولة في البيت قبله "أرضا" تمييز لشبر، "وقفيز" معطوف على شبر. "برا" تمييز لفقير. "ومنوين علا" كذلك. "وتمرا" معطوف على عسلا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 والنسبة المبهمة نوعان1: نسبة الفعل للفاعل؛ نحو: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} 2. ونسبته لمفعول؛ نحو: {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا} 3. ولك في مميز الاسم أن تجره بإضافة الاسم4؛ كشبر أرض، وقفيز بر، ومنوي   1 تمييز النسبة ويسمى تمييز الجملة -هو: الذي يزيل الإبهام والغموض عن المعنى المنسوب فيها؛ لشيء من الأشياء. 2 نسبة "اشتعل" إلى الرأس مبهمة؛ فبين هذا الإبهام بالتمييز؛ وهو "شيبا" وهو محول عن الفاعل؛ لأن الأصل اشتعل شيب الرأس؛ فحول الإسناد من المضاف إلى المضاف إليه فارتفع، وحصل إبهام في الإسناد إليه، فجيء بالمضاف الذي كان فاعلا، وحول عنه الإسناد فجعل تمييزا. 3 نسبة "فجرنا" إلى الأرض مبهمة، و"عيونا" تمييز مبين لذلك الإبهام، والأصل: وفجرنا عيون الأرض، فعمل به ما عمل بسابقه، ويرى أكثر النحاة: أن تمييز الجملة لا يخرج عن واحد من هذين، ولو تأويلا؛ مثل: زادت البلاد سكانا، واختلف الناس طباعا، ووفيت العمال أجورا. 4 ويحذف من الاسم ما به تنوين، أو نون تشبهه. وقد يكون جره بحرف الجر "من"؛ كما سيأتي، ومع جره يسمى تمييز، فالجر لا يمنع من هذه التسمية. وفي ذلك يقول الناظم: وبعد ذي وشبهها اجرره إذا ... أضفتها؛ كـ"مد حنطة غذا أي بعغد هذه الأشياء التي عرض أمثلتها في البيت السابق، وهي ما دل على مساحة أو كيل أو وزن، أو ما يشبهها؛ من كل لفظ جرى العرف على استعماله في واحد منها، اجرر التمييز بالإضافة؛ بشرط أن يكون المميز مضافا للتمييز مباشرة، والمد: رطل وثلث رطل. والحنطة: القمح.   * "وبعد" ظرف متعلق باجرر، "ذي" مضاف إليه، "وشبهها" معطوف على ذي "إذا" ظرف فيه معنى الشرط "أضفتها" الجملة فعل الشرط، والجواب محذوف، "كمد" الكاف جارة لقول محذوف، و"مد" مبتدأ مضاف إلى حنطة "غذا" خبر المبتدأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 عسل إلا إذا كان الاسم عددًا1 كعشرين درهما، أو مضافًا2؛ نحو: {بِمِثْلِهِ مَدَدًا} و {مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا} . فصل: من مميز النسبة: الواقع بعد ما يفيد التعجب3؛ نحو: أكرم به أبا، وما أشجعه رجلًا، ولله دره فارسا4. والواقع بعد اسم التفضيل، وشرط نصب هذا كونه   1 إذا كان العدد من ثلاثة إلى عشرة وجب جر تمييزه بإضافة العدد إليه، والغاب في هذا التمييز المجرور: أن يكون جمعا. والعدد من أحد عشر إلى تسع وتسعين، يجب نصب تمييزه؛ وأن يكون مفردًا، والمائة والمائتان والمئات والألف والألوف، يجب أن يكون التمييز فيها مفردًا مجرورا. 2 أي: إذا أضيف العدد إلى غير التمييز -ولو تقديرا- وجب نصب تمييزه أيضًا لامتناع إضافته مرة أخرى. قال الناظم مشيرا إلى ذلك: والنصب بعد ما أضيف وجبا ... إن كان مثل "ملء الأرض ذهبا أي يجب نصب التمييز؛ إذا أضيف العدد إلى غير التمييز كما مثل؛ فذهبا تمييز لملء واجب النصب، ولا يجوز جره بالإضافة؛ لأن "ملء" أضيف مرة لغير التمييز، فلا مرة أخرى. 3 سواء كان التعجب بصيغتيه القياسيتين، أو بغيرهما من الصيغ السماعية، ويجب نصب التمييز الواقع بعده. 4 فأبا، ورجلا، وفارسا: تمييز لبيان جنس المتعجب منه، المبهمم في النسبة، والدر في الأصل: مصدر در اللبن يدر در؛ إذ أكثر، وسمي اللبن نفسه درًا. والمراد هنا: اللبن الذي   * "والنصب" مبتدأ. "بعد" ظرف متعلق به. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "أضيف" ماض للمجهول والجملة صلة. "وجبا" الجملة خبر المبتدأ، وفاعل وجب يعود إلى النصب، والألف للإطلاق. "إن" شرطية. "كان ناقصة" وهي اسم الشرط، واسمها يعود إلى ما أضيف. "مثل" خبرها. "ملء الأرض" مبتدأ ومضاف إليه "ذهبا" تمييز والخبر محذوف؛ أي لي، وجواب الشرط محذوف، يدل عليه ما قبله، وجملة المبتدأ والخبر في محل جر بمثل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 فاعلًا معنى1؛ نحو: زيد أكثر مالًا بخلاف مال زيد اكثر مال2. وإنما جاز هو أكرم الناس رجلًا؛3 لتعذر إضافة "أفعل" مرتين4.   ارتضعه من ثدي أمه، وأضيف إلى الله تشريفا، ومعناه: ما أعجب هذا اللبن الذي ارتضعه، وأضيف إلى الله تشريفا، ومعناه: ما أعجب هذا اللبن الذي ارتضعه هذا الرجل، وتغذى به؛ لأنه أنشأ شخصا لا مثيل له في صفات الكمال، فهو لبن من عند منشئ الخلائق ومبدعها، وهو الله سبحانه وتعالى، وإلى هذه الصورة يشير الناظم بقوله: وبعد كل ما اقتضى تعجبا ... ميز كـ"أكرم بأبي بكر أبا أي يقع التمييز بعد كل ما يدل على التعجب؛ قياسا أو سماعا، ويجب نصبه كما مثل. 1 علامة ما هو فاعل في المعنى: ألا يكون من جنس ما قبله، وأن يستقيم المعنى بعد جعله فاعلا، وجعل أفعل التفلضيل فعلا؛ فتقول في مثال المصنف: زيد كثر ماله. 2 فيجب جره بالإضافة؛ لأنه ليس بفاعل بالمعنى، وضابط هذا النوع: أن يكون أفعل التفضيل بعضا من جنس التمييز، ويصح أن يوضع لفظ "بعض" موضع اسم التفضيل، ولا يفسد المعنى؛ ففي المثال المذكور يصح أن يقال: "مال زيد بعض مال". وإنما يجب الجر بالإضافة إذا كان أفعل التفضيل غير مضاف لشيء آخر غير التمييز، فإن كان مضافا وجب نصب التمييز؛ نحو: علي أفضل الناس إخوة، وهند أفضل النساء أخوات، وكذلك إذا كان غير مضاف؛ نحو: أنت أذكى من محمد عقلا. 3 أي بنصب "رجلا" مع تخلف شرط النصب؛ لأن "رجلا" لا يصح أن يكون فاعلا في المعنى؛ فلا يقال: هو كرم رجل. 4 فقد أضيف إلى الناس. فلو أضيف إلى رجل أيضًا لزم ذلك، ونصب التمييز في هذا واجب كما تقدم، وإلى صورة أفعل التفضيل أشار الناظم بقوله: والفاعل المعنى انصبن بأفعلا ... مفضلا كـ"أنت أعلى منزلا أي أن التمييز الواقع بعد أفعل التفضيل يجب نصبه؛ إذا كان فاعلا في المعنى؛ كم مثل الناظم، فـ"منزلا" في المثال يجب نصبه؛ لأنه لا يصح جعله فاعلا بعد جعل أفعل التفضيل فعلا؛ تقول: أنت علا منزلك.   * "وبعد كل" ظرف متعلق بميز ومضاف إليه. "ما" اسم موصول أو نكرة موصوفة مضاف إليه. "اقتضى تعجبا" فاعل اقتضى يعود إلى ما، والجملة صلة ما، أو صفة لها "كأكرم" الكاف جارة لقول لمحذوف. و"أكرم" فعل ماض للتعجب جاء على صورة الأمر. "بأبي" فاعل أكرم على زيادة الباء. "بكر" مضاف إليه. "أبا" تمييز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 فصل: ويجوز جر التميز بـ"من"1؛ كرطل من زيته إلا في ثلاث مسائل: إحداها: تمييز العدد 2 كعشرين درهما. الثانية: التميز المحول عن المفعول3 كغرست الأرض شجرًا، ومنه: ما أحسن زيدًا أدبًا4 بخلاف ما أحسنه رجلًا5. الثالثة: ما كان فاعلًا في المعنى: إن كان محولًا عن الفاعل صناعة؛ كطاب زيد نفسًا. أو عن مضاف عن غيره؛ نحو: زيد أكثر مالًا6؛ إذ أصله: مال زيد أكثر، بخلاف   1 أي ظاهرة، واختلف في معناها حينئذ؛ فقيل زائدة، وقيل للتبعيض، والأظهر أنها لبيان الجنس. 2 بينا قريبا حكم تمييز العدد. وسبب عدم جره بمن: أن وضع "من" البيانية أن يفسر بها، وبما بعدها اسم جنس قبلها صالح لحمل ما بعدها عليه. وتمييز العدد لا يصلح للجمل؛ لأنه مفرد وما قبله متعدد. 3 لأنه التمييز فيه مفسر للنسبة، لا للفظ المذكور، فما بعد "من" من مطلق التمييز مبين لما قبلها، فلا يصح حمله عليه، وكذلك الشأن في المحول عن الفاعل. 4 فهو محول عن المفعول، والأصل: ما أحسن أدب زيد. 5 أي فإنه وإن كان مفعولا في المعنى إلا أنه ليس محولا عن المفعول؛ لأنه عين ما قبله؛ فلا يصح أن يقال: ما أحسن رجل زيد. 6 فإن "مالا" محول عن المبتدأ، كما بين المصنف.   * "والفاعل" مفعول مقدمم لانصبن. "المعنى" منصوب على نزع الخافض، أو مفعول به للفاعل، أو مجرورًا تقديرًا؛ بإضافة الفاعل إليه، من إضافة الوصف لمعموله. "بأفعلا" متعلق بانصبن مقصود لفظه. "مفضلا" حال من فاعل انصبن. "كأنت" الكاف جارة محذوف، وأنت مبتدأ، "أعلى" خبر. "منزلا" تمييز، وهو فاعل في المعنى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 نحو: لله دره فارسًا ....................... ... وأبراحت جارا1 فإنهما وإن كانا فاعلين معنى؛ إذ المعنى: عظمت فارسًا، وعظمت جارا2. إلا أنهما غير محولين، فيجوز دخول "من" عليهما؛ من ذلك3 نعم رجلًا زيد يجوز نعم من رجل قال: فنعم المرء من رجل تهامي4   1 أبرحت -بكسر التاء- خطاب للمؤنث؛ أي أعجبت وهذه العبارة مأخوذة، من بيت للأعشى، من قصيدة يمدح فيها قيس بن معدي كرب الكندي، وهو: أقول لها حين جد الرحيل ... أبرحت ريا وأبرحت جارا والضمير في "لها" يعود إلى الناقة التي ارتحل عليها لممدوحه. جد الرحيل: اشتد. أبرحت: عظمت، أو عجبت. ربا: المراد به الممدوح الذي يقصده الشاعر بشعره؛ إذا فسر "أبرحت" بعظمت؛ أي عظمت ملكا؛ بمعنى: ما أعظم الملك الذي نقصدينه، ويكون ربا تمييزا، وإذا فسر أبرحت بأعجب، فالمراد بالرب صاحب الناقة، ويكون "أبرحت" على هذا فعلا متعديا، و"ربا" مفعولا به؛ كأنه قال: أعجبت صاحبك. مثله جارا. المعنى: يتخيل أن ناقته شكت إليه طول سفرها، وما احتملته من مشاق ومتاعب؛ فيقول لها: لا تستعظمي ما تلاقينه من الجهد والتعب؛ فإنك تذهبين إلى ملك عظيم يجزل العطاء الذي ينسى معه كل جهد وعناء. 2 فيكون "فارسا وجارا": واقعين على مدلول التاء التي هي الفاعل؛ فيلزم أن يكونا فاعلين في المعنى. 3 أي من الفاعل، في المعنى غير المحول عن الفاعل صناعة. 4 عجز بيت من الوافر؛ ينسب لأبي بكر بن الأسود الليثي، يرثي هشام بن المغيرة، أحد أشراف مكة، وصدره. تخيره ولم يعدل سواه وقبل هذا البيت: فذرني أصطبح يا بكر إني ... رأيت الموت نقب عن هشام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 فصل: لا يتقدم التمييز على عامله؛ إذا كان اسمًا كرطل زيتا، أو فعلًا جامدًَا1؛ نحو: ما أحسنه رجلًا. وندر تقدمه على المتصرف؛ كقوله: أنفسا تطيب بنيل المنى2   ومعنى اصطبح: اشرب الصبوح؛ وهو شرب الخمر صباحا، ويقابه الغبوق؛ وهو شربها في العشي. ونقب: بحث. اللغة والإعراب: تخيره: اختاره واصطفاه، لم يعدل: لم يمل. تهامي: منسوب إلى تهامة، وتطلق على مكة، وعلى أرض معروفة ببلاد العرب. "تخيره" فعل ماض، والفاعل يعود على الموت، والهاء مفعوله، تعود على هشام. "فلم" الفاء عاطفة، ولم جازمة نافية. "سواه" مفعول يعدل، منصوب بفتحة مقدرة على الألف، والهاء مضاف إليه. "فنعم" الفاء عاطفة، ونعم فعل ماض. "المراء" فاعل. و"من" زائدة، "رجل" تمييز للمرء منصوب بفتحة مقدرة؛ منع منها حرف الجر الزائد. "تهامي" صفة لرجل. المعنى: أن الموت اختار هشاما، ولم يعدل به سواه، ولم يمل إلى غيره من الناس، فهو نعم الرجل من تهامة. الشاهد: جر التمييز وهو "رجل" بمن؛ لأنه -وإن كان فاعلا في المعنى- لكنه غير محول عن الفاعل الصناعي. وقد اقتصر الناظم على مسألتين مما ذكره المصنف، فقال: واجرر بـ"من" إن شئت غير ذي العدد ... والفاعل المعنى؛ كـ"طب نفسا تفد أي يجوز جر التمييز بالحرف "من"؛ بشرط ألا يكون التمييز للعدد الصريح، وألا يكون فاعلا في المعنى؛ مثل: طب نفسا تفد؛ أي تستفد؛ فإن الأصل: لتطب نفسك، ثم حول الكلام؛ فصار الفاعل تمييزا. فلا يصح جر "نفسا" بمن. 1 وكذلك إذا كان فعلا متصرفا يؤدي معنى الفعل الجامد؛ نحو: كفى بالله شهيدا، فإن "كفى" فعل متصرف، ولكنه بمعنى فعل التعجب وهو غير متصرف؛ لأن معناه ما أكفاه. 2 صدر بيت من المتقارب، ينسب لرجل من طيئ، لم يعين اسمه، وعجزه.   * "إن" شرطية. "شئت" فعل الشرط، وجوابه محذوف "غير" مفعول اجرر. "ذي" -بمعنى صاحب- مضاف إليه، "العدد" مضاف إليه. "والفاعل" معطوف على ذي. "المعنى" منصوب على نزع الخافض، أو مضاف إليه، أو مفعول به للفاعل. "نفسا" تمييز. "نفذ" مضارع مبني للمجهول مجزوم في جواب الأمر، وهو "طب" ونائب الفاعل أنت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 وفاس على ذلك المازني والمبرد والكسائي1.   وداعي المنون ينادي جهارا اللغة والإعراب: تطيب: تطمئن. نيل المنى: إدراك المأمول، والمنى: جمع منية؛ وهي ما يتمناه الإنسان ويأمله، المنون: الموت. "أنفسا" الهمزة للاستفهام، و"نفسا" تمييز معمول لتطيب. "وداعي المنون" الواو للحال، "داعي" مبتدأ. و"المنون" مضاف إليه. "ينادي" الجملة خبر المبتدأ. "جهارا" مفعول مطلق. المعنى: كيف تستلذ نفس الإنسان وتطمئن بما تظفر به من الأماني والآمال؛ ورسول الموت يطلبها طلبا شديدا، لا شك فيه. الشاهد: تقديم "نفسا" وهو تمييز على عامله، وهو تطيب؛ لأنه فعل متصرف، وهذا نادر عند سيبويه والجمهور. 1 وحجتهم ما ذكر، وأيضا: القياس على غيره من الفضلات المنصوبة بفعل متصرف. والأجواد عدم جواز التقديم، إلا لضرورة كما يقول سيبويه؛ لأن التمييز كالنعت في الإيضاح، والنعت لا يتقدم على عامله، فكذلك ما أشبهه، وأيضا فالغالب في التمييز المنصوب بفعل متصرف، أن يكون فاعلا في الأصل، فلا يغير عما كان يستحقه من وجوب التأخير، أما البيت ونحوه فضرورة، وفي حكم تقديم التمييز، وعدم تقديمه، يقول الناظم: وعامل التمييز قدم مطلقا ... والفعل ذو التصريف نزرا سبقا أي أن عامل التمييز يجب تقديمه؛ سواء كان التمييز تمييز مفرد أو نسبة، وإذا كان عامل التمييز فعلا متصرفا، فقد يتأخر هذا العامل، ويتقدم التمييز عليه نادرا. أما توسط التمييز بين العامل ومعموله، فجائز؛ بشرط أن يكون العاملا فعلا أو وصفا يشبه؛ نحو: صفا نفسا الورع.   * "وعامل التمييز" مفعول به مقدم لقدم ومضاف إليه. "مطلقا" حال من "عامل التمييز". "والفعل" مبتدأ" "ذو التصريف" نعت للفعل، ومضاف إليه. "نزرا" صفة لمصدر محذوف؛ أي سبق سبقا نزرا، أو حال من ضمير "سبقا" ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على الفعل، والألف للإطلاق، والجملة خبر المتبدأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   فوائد: أالعدد غير الصريح مثل: "كم" يجوز جر تمييزه بمن؛ تقول: كم من كتاب عندك. ب ملخص ما قيل في إعراب "يا جارتا ما أنت جارة": أن "يا" حرف نداء، و"جارتا" منادى منصوب؛ لإضافته لياء المتكلم المنقلبة ألفا؛ وأصله "يا جارتي"، و"ما": إما أن تكون نافية تفيد التعجب. و"أنت جارة" جملة اسمية من مبتدأ وخبر. المعنى: لست جارة. وإنما أنت شيء أكبر من ذلك؛ فأنت بمنزلة الأم أو الأخت أو القريبة؛ إعلانا للتعجب من إخلاصها، الذي لا يصدر إلا عن واحدة من هؤلاء، لا عن جارة، وإما أن تكون "ما" استفهامية خبرا مقدما، و"أنت" مبتدأ مؤخر، و"جارة" تمييز. ومعنى الجملة: التعجب؛ بسبب أداة الاستفهام الدالة على التعظيم، ويجوز في هذه الصورة: أن تكون "جارة" حالا مؤوله بمعنى ملاصفة، كما يجوز أن تكون "ما" نافية. والجملة بعدها منفية؛ أي أنت ليست أهلا أن تكوني جارة ... إلخ. جـ يتفق الحال والتمييز في أن كلا منهما: اسم، نكرة، منصوب، فضلة، راف للإبهام. ويختلفان في الأمور الآتية. 1 التمييز لا يكون إلا اسما مفردا، أما الال فيجيء جملة، وشبه جملة "ظرفا وجارا ومجرورا". 2 التمييز يكون مبينا للذوات أو النسبة، أما الحال فلا يكون إلا مبنيا للهيئات. 3 التميز لا يتعدد إلا بالعطف، أما الحال فتتعدد بعطف، وغير عطف. 4 التمييز في الغالب يكون جامدا، أما الحال فيكون مشتقة وجامدة، وقد يأتي التمييز مشتقا. 5 الراجح عدم تقديم التمييز على عامله، إذا كان فعلا مشتقا أو وصفا يشبهه، أما الحال فيجوز فيه ذلك. 6 التمييز لا يكون إلا مؤكدا لعامله على الصحيح أما الحال فقد تكون مؤكدة، وأما قول الشاعر: تزود مثل زاد أبيك فينا ... فنعم الزاد زاد أبيك زادا فالصحيح أن "زاد" معمول لتزود؛ إما مفعولا مطلقا إن أريد به التزود، أو مفعولا به إن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   أريد الشيء الذي يتزود به من أفعال البر، وعليهما فـ"مثل " نعت له تقدم فصار حالا. وأما قول الآخر: نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت ... رد التحية نطقا أو بإيماء ففتاة حال مؤكدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف التمييز ووضح نوعية، وبين فيما يكون كل منهما؟ مع التمثل. 2 ما حكم التميز الواقع بعد ما يفيد التعجب أو التفضيل؟ وضح ما تقول بالمثال. 3 متى يجب نصب التمييز؟ ومتى يجب جره؟ ومتى يمتنع ذلك؟ مثل لما تذكر. 4 ما حكم التمييز بالنسبة لعامله؛ من حيث تقدمه عليه، أو تأخره عنه؟ وضح. 5 اشرح قول ابن مالك: واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد ... والفاعل المعنى كـ"طب نفسا تفد 6 بين موضع الشاهد فيما يأتي في هذا الباب، وأعرب ما تحته خط: قال تعالى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} . {اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} . {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا} . {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} . {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} . {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَة} . أتهجر ليلى بالفراق حبيبها ... وما كان نفسا بالفراق تطيب إذا المرء عينا قر بالعيش مثريا ... ولم يعن بالإحسان كان مذمما طافت أمامة بالسر كبان آونة ... يا حسنه من قوام ما ومنتقبا إنا لقوم أبت أخلاقنا كرما ... أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا 7 اشرح اليت الآتي شرحا أديبا، وأعربه، وبين ما فيه من شاهد: كفى بالمرء عيبا أن تراه ... له وجه وليس له لسان 8 بين في العبارات الآتية: التمييز، نوعه، عامله، حكمه؛ من حيث النصب والجر: كان سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أطيب الناس عنصرا وأكثرهم عدلا؛ حتى لقب بالفاروق، ومع هذا كان أرقهم قلبا، ولقد عظم عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلا، فلله دره بطلا، وأنعم به جريئا في الحق، لا يخاف فيه لومة لائم. اشترك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   مع الرسول في جميع الغزوات؛ فيا له من شجاع، وما أحسنه مقدامًا، يجود بروحه فداء لغيره، ودفاعا عن دينه، أحسن بالفدائيين رجالا مدافعين عن وطنهم المغتصب. 9 أكمل الجمل الآتية بوضع تمييز مناسب، واضبطه بالأوجه الجائزة: - أعطيت الفقراء من الزكاة كلية ... ... - اشتريت رطلين ... ... - في كيس نقودي عشرة ... ... وثلاث ... ... - قابلني ثلاثون من المجاهدين فأعطيتهم ... ... - جنينا محصول فدان ... ... - ما في الأرض قدر راحة ... ... 10 هات مثالين من إنشائك لما يأتي، ووضح السبب: أ- تمييز جملة واجب المطابقة للاسم السابق. ب- تمييز جملة تمتنع مطابقته للاسم السابق. جـ- تمييز جملة تجوز فيه المطابقة وعدمها للاسم السابق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 باب: حروف الجر لم سميت بذلك وعددها مدخل ... باب حرف الجر 1: وهي عشرون حرفًا2: ثلاثة مضت في الاستثناء؛ وهي: خلا، وعدا، وحاشا.   هذا باب حروف الجر: 1 هكذا: سماها البصريون، وعللوا ذلك بأنها تعمل الجر فيما بعدها؛ ظاهرا أومقدر أو محليا، كما قيل: حروف النصب، والجزم لذلك. أو؛ لأنها تجر معاني الأفعال وشبهها، وتوصلها إلى ما تجره، ومن أجل هذا سماها الكوفيون: "حروف الإضافة"؛ لأنها تضيف معاني الأفعال، وتربطها بما بعدها. 2 أي على المشهور، وفي بعضها خلاف. وقد جمعها الناظم في قوله: هاك حروف الجر وهي من إلى ... حتى خلا حاشا عدا في عن على مذ منذ رب اللام كي واو وتا ... والكاف والبا ولعل ومتى وهذه الحروف تقع كلها أصلية؛ إلا "من" و"الباء" و"اللام" و"الكاف"؛ فتستعمل زائدة أحيانا، أما "رب" و"لعل" فإنهما حرفا جر، شبيهان بالزائد. وحرف الجر الزئاد لا يفيد معنى جديدا؛ وإنما يقوى المعنى القائم الجملة، ويؤكده ولا يحتاج لشيء يتعلق به، والمجرور به يكون مجرورا في اللفظ فقط، ومحله رفع أو نصب، أو جر على حسب ما يقتضيه العامل، أما حرف الجر الشبيه بالزائد فيفيد معنى جديدا في الجملة؛ هو التقليل، ولا يحتاج لمتعلق كالزائد، ويجر ما بعدها لفظا، وله محل من الإعراب كالزائد، ولذلك سمي شبيها بالزائد. وأما حرف الجر الأصلي فيؤدي معنى جديدا في الجملة، ويوصل بين معنى العامل والاسم المجرور به، ويظهر معناه في جملته، وعلى ما بعده، ولا بد له من متعلق -أي عامل- يتعلق به؛ من فعل أو شبهه؛ لأن مهمته توصي المعنى بين العامل والاسم المجرور، والمجرور به مجرور في اللفظ، وقد يكون مع ذلك في محل رفع أو نصب أو جر -على حسب العوامل؛ فله إعراب لفظي، وآخر محلي وكل حرف من حروف الجر المذكورة قد يتعدد معناه، وقد يشاركه غيره في بعض المعاني، وبعض الحروف المشتركة قد يكون أوضح في تأدية المعنى من غيره إلى غير ذلك؛ مما سيمر بك مفصلا -إن شاء الله.   * "هاك" اسم فعل أمر بمعنى خذ، والكاف حرف خطاب، ينصرف تصرف الكاف الاسمية؛ من تذكير وغيره. "حروف الجر" مفعول هاك ومضاف إليه. "وهي مبتدأ. "من" قصد لفظه، وهي ما عطف بإسقاط العاطف في بعضها خبر المبتدأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 وثلاثة شاذة: أحدها: "متى" في لغة هذيل1، وهي بمعنى "من" الابتدائية2. سمع من بعضهم أخرجها متى كمه3، وقال: متى لجج خضر لهن نئيج4   1 من القبائل العربية القحطانية التي عنها أخذ اللسان العربي. وكان فيها شعراء كثيرون مشهورون؛ منهم: أبو ذؤيب الهذلي. 2 قال في الهمع: "وتأتي اسما بمعنى "وسط" حكى، و"ضعها متى كمه"؛ أي وسطه وهي حينئذ مبنية؛ لمشابهتها الحرفية. 3 أي من كمه. 4 عجز بيت من الطويل، لأبي ذؤيب الهذلي يصف سحابا، وصدره: شربن بماء البحر ثم ترفعت اللغة والإعراب: شربن، المراد: حملن الماء، والضمير للسحاب، ترفعت: ارتفعت وتصعدت، لجج: جمع لجة؛ وهي معظم الماء، نئيج: مر سريع بصوت، "شربن" فعل ماض، ونون النسوة فاعل، وقد ضمن معنى تروين. فعداه بالباء، أو الباء بمعنى. "من". "متى" حرف جر أصلي بمعنى "من" لجج "مجرور بها على لغة هذيل، والجار والمجرور متعلق بشربن. "خضر" نعت لجج، "لهن نئيج" مبتدأ وخبر، والجملة صفة للجج، أوحال من النون في شربن، على زعم العرب. المعنى: هذا البيت يعبر عما كان العرب يعتقدون؛ من أن للسحب شبه خراطيم، تدنو من البحر الملح في بعض الأماكن، فتأخذ من مائه ما شاءت ثم تصعد إلى الجو سريعا ولها دوي، فيعذب هذا الماء وينتقل ثم ينزل إلى حيث يشاء الله مطرا. ونستطيع أن نفسر هذا الاعتقاد الساذج بما يتفق مع ما قرره العلم اليوم، وهو أنه كناية عن تصعد ماء البحار بوساطة حرارة الشمس، وتنقله من جهة إلى أخرى بالهواء، حتى يرتفع إلى حيث يشاء الله، ويكون سحبا تنزل بعد مطرا. الشاهد: استعمال "متى" بمعنى "من" على لغة هذيل، وجرها "لجج". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 والثاني: "لعل" في لغة عقيل1قال: لعل الله فضلكم علينا2 ولهم في لامها الأولى: الإثبات، والحذف، وفي الثانية: الفتح، والكسر3. والثالث: "كي"، وإنما تجر ثلاثة؛ أحدها: "ما" الاستفهامية4؛ يقولون إذا سألوا عن علة الشيء: "كميه"5، والأكثر أن يقولوا "لمه".   1 قبيلة عربية، أبوها عقيل بن كعب ربيعة، من قيس عيلان بن مضر. 2 صدر بيت من الوافر، لم ينسب لقائل، وعجزه: بشيء إن أمكم شريم اللغة والإعراب: لعل: حرف جر شبيه بالزائد، ومعناه الترجي، قيل: وهو هنا بمعنى الإشفاق، ولا يتعلق بشيء. فضلكم: زادكم. شريم: هي المرأة المقضاة التي اختلط مسلكاها؛ ويقال فيها: شرماء وشروم. "لعل" حرف ترج وجر شبيه بالزائد. "الله" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة؛ منع منها حرف الجر الشبيه بالزائد. "فضلكم" الجملة خبر. "إن أمكم شريم" الجملة من إن ومعموليها لا محل لها، وهي بمنزلة التعليل لما قبلها؛ إن قرئت بكسر إن، وبفتحها في تأول مصدر مجرور على أنه بدل من شيء. المعنى: آمل في يكون الله سبحانه وتعالى فضلكم علينا وأكرمكم؛ لأن، أو يكون أمكم بهذه الحالة؛ قد اختلط قبلها بدبرها. وهذا -من الشاعر- تهكم واستهزاء. الشاهد: استعمال "لعل" حرف جر على لغة عقيل، وقد جر بها لفظ الجلالة. 3 هذه اللغات ليست خاصة بـ"لعل" التي يجر الاسم بعدها -كما رآه بعضهم، بل جاءت في لغات العرب عامة. 4 أي التي يسأل بها عن سبب الشيء وعلته. 5 أصلها: كيما؟ أي "لما"، ومعروف أن "ما" الاستفهامية إذا جرت تحذف ألفها، ويحل محلها "هاء السكت" في الوقف؛ حفظا للفتحة الدالة على الألف، ويقال في إعرابها: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 الثاني: "ما" المصدرية وصلتها1 كقوله: يراد الفتى كيما يضر وينفع2 أي للضر والنفع، قاله الأخفش، وقيل: "ما" كافة3. الثالث: "أن" المصدرية، وصلتها؛ نحو: جئت كي تكرمني، فإذا قدرت "أن" بعدها4؛ بدليل ظهورها في الضرورة كقوله: لسانك كيما أن تغر وتخدعا5   كي حرف جر أصلي للتعليل، و"ما" استفهامية مجرورة بكي حذفت ألفها وجوبا لما بينا. 1 أي المصدر المنسبك من "ما" وصلتها، فإن هذا هو المجرور محلا بالحرف. 2 عجز بيت من الطويل، لقيس بن الخطيم، وقيل للنابغة، وصدره: إذا أنت لم تنفع فضر فإنما اللغة والإعراب: يراد: يقصد. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط، في محل نصب بضر. "أنت" فاعل لفعل محذوف، هو فعل الشرط، يفسره المذكور. "لم تنفع" الجملة مفسرة. "فضر" الفاء واقعة في جواب "إذا"، و"ضر" فعل أمر، ويجوز في رائه الفتح للخفة، والضم؛ إتباعا لحركة الضاد، والكسر للتخلص "فإنما" للتعليل، وإنما أداة حصر، "يراد الفتى" فعل ونائب فاعل. "كي" جارة تعليلية بمنزلة اللام، و"ما" مصدرية؛ وهي وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بكي. المعنى: إذا لم يكن في مقدورك أن تنفع من يستحق النفع والعون، فضر من يستحق الضرر والإيذاء؛ فإن الإنسان لا يقصد منه في الحياة غير هذين العملين. الشاهد: دخول "كي" على "ما" المصدرية، وجرها المصدر المؤول. 3 أي "لكي" عن عمل الجر، كما تكف "رب" في "ربما". 4 أي ليكون المصدر المنسبك من "أن" المضمرة وصلتها في محل جر "بكي". 5 عجز بيت من الطويل، لجميل بن معمر العذري، وصدره: فقالت أكل الناس أصبحت مانحا اللغة والإعراب: مانحا: اسم فاعل من المنح؛ وهو الإعطاء. تغر: تخدع؛ يقال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 والأولى أن تقدر "كي" مصدرية1، فتقدر اللام قبلها؛ بدليل كثرة ظهورها معها؛ نحو: {لِكَيْلا تَأْسَوْا} . والأربعة عشر الباقية قسمان: سبعة تجر الظاهر والمضمر: وهي: من، وإلى، وعن، وعلى، وفي، والباء، واللام؛ نحو: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} ، {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ} ، {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} ، {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} ، {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} ، {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} .   غره غرورا، خدعه: ختله، وأراد به المكروه من حيث لا يعلم. "أكل" الهمزة للاستفهام، وكل مفعول أول مقدم لمانحا. "الناس" مضاف إليه. "أصبحت" فعل ماض ناقص، والتاء اسمها. "مانحا" خبرها "لسانك" مفعول ثان لمانحا، ومضاف إليه "كي" حرف تعليل وجر. "ما" زائدة. "تغر" مضارع منصوب بأن والفاعل أنت، و"تخدعا" معطوف على تغر والألف للإطلاق، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بكي. المعنى: أصبحت مانحا جميع الناس حلاوة لسانك، وحسن كلامك؛ لتغرهم وتوقعهم في المكروه من حيث لا يشعرون. إن هذا عمل لا يليق بالكملة من الرجال. الشاهد: ظهور "أن" المصدرية بعد "كي"، وهذا يدل على أن "كي" للتعليل وليست حرفا مصدريا، وأنه يقدر بعدها "أن" إن لم تكن موجودة. 1 فتكون هي الناصبة للمضارع، وذلك إذا لم تذكر "أن" بعدها. وإذا ذكرت "أن" المصدرية بعدها ولم تسبقها لام الجر، كانت حرف جر؛ كلام التعليل معنى وعملا، وإن ذكرت قبلها اللام، كانت حرفا مصدريا ناصبا بنفسه؛ كأن المصدرية معنى وعملا، وإن توسطت بينهما؛ فالأحسن اعتبارها جارة للمصدر المنسبك بعدها، مؤكدة للام الجر قبلها، ويجوز أن تكون مصدرية مؤكدة بـ"أن" بعدها، والمصدر المنسبك مجرور باللام قبلها، وإن لم توجد "لام الجر" قبلها، ولا "أن" بعدها، جاز اعتبارها مصدرية؛ بتقدير اللام قبلها، أو حرف جر بتقدير "أن" بعدها. هذا: وتختص "متى"، و"لعل"، و"كي" بالدخول على الاسم الظاهر، وقد علمت أنها لا تستعمل في الجر إلا قليلا. ولم ينبه الناظم على ذلك، وقد ذكر بعض النحاة من حروف الجر "لولا"، إذا دخلت على الضمائر المتصلة؛ نحو: لولاي ولولاك ولولاه، فهي عند سيبويه، وجمهور البصريين في هذه الحالة حرف جر زائد، لا يتعلق بشيء، والضمير بعدها في محل جر بها، وفي محل فع بالابتداء؛ كمدخول "من" الزائدة؛ في مثل قولك: ما في الدار من أحد: أما عند الكوفيين والأخفش من البصريين فموضع الضمير المتصل رفع لا غير، وقد وضع المتصل موضع المنفصل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ} ، {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ} ، {آمِنُوا بِاللَّهِ} ، {وَآمِنُوا بِهِ} ، {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ} ، {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ} . وسبعة تختص بالظاهر:1، وتنقسم أربعة أقسام2: ما لا يختص بظاهر بعينه، وهو: حتى، والكاف، والواو. وقد تدخل الكاف في الضرورة على الضمير؛ كقول العجاج: وأم أو عال كها أو أقربا3   1 أشار إليها الناظم بقوله: بالظهر اخصص منذ مذ وحتى ... والكاف والواو ورب والتا 2 هذا التقسيم بالنسبة لعملها في الظاهر الذي تجره؛ كما سترى. 3 عجز بيت من الرجز المشطور، للعجاج بن رؤبة، في حمار وحشي، وصدره: خلى الذنابات شمالا كثبا اللغة والإعراب: خلى: ترك. الذنابات: موضع معين. شمالا: أي ناحية الشمال. كثبا: قريبا، والكثب: القرب. أم أوعال: هضبة معروفة. كها: أي مثل الذنابات في البعد. "خلى" فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على الحمار الوحشي. "الذنابات" مفعوله الأول منصوب بالكسرة، نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. "شمالا" ظرف مكان، أو مفعول خلى الثاني. "كتبا" حال من الذنابات، أو هو المفعول الثاني لخلى، و"شمالا" حاال. "وأم" -بالنصب- معطوفا على الذنابات. "أو عال" مضاف إليه. "كها" جار   * "بالظاهر" جار ومجرور متعلق باخصص. "منذ" مفعول اخصص مقصود لفظه، و"مذ" وما بعده عطف على "منذ" بإسقاط العاطف في مذ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 وقول الآخر: كه ولا كهن إلا حاظلا1 وما يختص بالزمان؛ وهو: مذ ومنذ، فأما قولهم: ما رأيته مذ أن الله خلقه؛ فتقديره:   ومجرور متعلق بمحذوف حال من "أم أوعال". ويجوز رفع أم على الابتداء، وخبره "كها"، "أو أقربا" معطوف على الهاء من كها. المعنى: إن هذا الحمار ترك الذنابات عن شماله قريبا منه، وترك أم أوعال؛ مثل الذنابات أقرب منها إليه. الشاهد: في "كها"؛ حيث جرت الكاف الضمير المتصل، وحقها أن تجر الظاهر، أو الضمير المنفصل عند بعض النحاة. وهذا ضرورة. 1 عجز بيت من الرجز لرؤبة بن العجاج، يصف حمارا وحشيا، وأتنا وحشيات، وصدره: فلا ترى بعلا ولا حلائلا اللغة والإعراب: بعلا: زوجا، والجمع البعولة؛ ويقال للمرأة أيضا: بعل وبعلة؛ كزوج وزوجة، حلائل: جمع حليلة وهي الزوجة. حاظلا: مانعا من التزوج. "لا" نافية. "بعلا" مفعول أو لترى. "ولا" الواو حرف عطف، "ولا" زائدة لتوكيد النفي. "كه" جار ومجرور متعلق بمحذوف، صفة لبعلا، "ولا كهن" معطوف على "كه"، و"لا" زائدة لتوكيد النفي. "إلا" أداة حصر. "حاظلا" مفعول ثان لترى، ويجوز جعل "حاظلا" حالا من "بعلا" إن جعلت "ترى" بصرية. المعنى: لا ترى من الأزواج والزوجات مثل حمار الوحش وأتنه، كل يقصر نفسه على صاحبه، ولا يتطلع إلى غيره، إلا من منع أنثاه قهرا عن التزوج؛ وذلك أن الحمار يمنع أتنه من حمار آخر يريدها. وكانت عادة العرب في الجاهلية إذا طلقوا امرأة منعوها من التزوج إلا بإذنهم، فجعل الأتن كالحلائل، وجعل الحمار بعلهن. الشاهد: جر الضمير المصتل في "كه"، و"كهن" بالكاف للضرورة، وقد تدخل "حتى" كذلك على الضمير في الضرورة؛ كقوله: فلا والله لا يلفي أناس ... فتى حتاك يا ابن أبي زياد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 مذ زمن أن الله خلقه؛ أي مد زمن1 خلق الله إياه. وما يختص بالنكرات، وهو: "رب"، وقد تدخل في الكلام على ضمير غيبة ملازم للإفراد، والتذكير، والتفسير بتمييز بعده مطابق للمعنى2، قال: ربه فتية دعوت إلى ما3 وما يختص بالله، ورب مضافا للكعبة، أو لياء المتكلم، وهو: "التاء؛ نحو: {وَتَاللَّهِ   1 وعلى ذلك تكون "مذ" جرت زمانا محذوفا مضافا إلى المصدر، ويشترط في الزمان المجرور بهما؛ أن يكون معينا معدودا لفظا أو معنى، كمنذ يومين، أو شهر لا مبهما، كمنذ زمن؛ لأنهما لا يجران المبهم؛ والمراد بالمبهم: النكرة غير المعدودة. وأن يكون ماضيا أو حالا لا مستقبلا كما سيأتي؛ فلا يقال: منذ غد. وأن يكون متصرفا؛ فلا تقول: ما رأيته منذ سحر، تريد سحر يوم بعينه، فإن لم ترده من يوم بعينه، فهو متصرف، كقوله تعالى: {إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} ، ويشترط في عاملهما: أن يكون فعلا ماضيا؛ إما منفيا متكررا؛ نحو: ما رأيته مذ يوم الخميس -أو مثبتا متطاولا؛ كسرت منذ يوم الخميس، ولا يجوز قتلته، أو ما قتلته منذ يوم الخميس؛ إذا كانت مذ أو منذ بمعنى "من" والمراد بالتطاول: أن يكون في طبيعة الحدث معنى الاستمرار كالسير والنوم والمشي، ولا شك أن القتل المتعلق بمعين لا يستمر ولا يتكرر؛ فلو قلت: ما قتلت -بدون هاء- صح الكلام. 2 أي في الإفراد والتذكير وفروعهما. وهذا المعنى هو المراد من الضمير الذي يسمونه "الضمير المجهول"؛ لعدم عودته على متقدم، وقد استغنى بمطابقة التمييز للمعنى عن مطابقته للضمير؛ تقول: ربه رجلا، وربه رجلين، وربه رجالا، وربه امرأة، وربه امرأتين، وربه نساء، والكوفيون يجيزون مطابقة الضمير للمفسر لفظا؛ تقول: ربها امرأة وربهما رجلين، وربهم رجالا، وربهن نساء ... وهكذا. 3 صدر بيت من الخفيف، لم يعرف قائله، وعجزه: يورث المجد دائبا فأجابوا اللغة والإعراب: فتية: جمع فتى. دعوت: ناديت. يورث: يكسب. المجد: الكرم والشرف. دائبا مداوما مجتهدا فيه. "ربه" رب حرف جر شبيه بالزائد والهاء في محل جر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 لأَكِيدَنَّ} ، وترب الكعبة، وتربي لأفعلن، ونذر تالرحمن تحياتك1.   برب، وفي محل رفع مبتدأ. "فتية" تمييز المجرور برب. "دعوت" الجملة خبر المتبدأ، ومفعول دعوت محذوف؛ أي دعوتهم. "دائبا" حال من التاء في دعوت، أو صفة لمصدر محذوف؛ أي إيراثا دائبا. "فأجابوا" معطوف على دعوت. المعنى: كثير من الشباب دعوتهم إلى ما يكسبهم المجد والشرف والكرم، وثابرت على دعائهم، فاستجابوا لما دعوتهم إليه، ولبوا ندائي. الشاهد: جر "رب" ضميرا مفردا مذكرا؛ مع أنه مفسر بتمييز مجموع؛ وهو "فتية" واختلف في الضمير المجرور برب؛ فقيل معرفة، وقيل نكرة؛ لأنه عائد على واجب التنكير. 1 معناه: وحياتك، فالتاء بدل من واو القسم. وقد أشار الناظم إلى الأقسام المتقدمة بقوله: واخصص بمذ ومنذ وقتا وبرب ... منكرا والتاء لله ورب وما رووا من نحو "ربه فتى" ... نزر كذا "كها" ونحوه أتى أي أن "مذ" و"منذ" لا يجران من الأسماء الظاهرة إلا أسماء الزمان، ولا تجر "رب" إلا النكرات، والتاء مختصة بالقسم، وتجر لفظ الجلالة، وكلمة "رب" على النحو الذي بينه المصنف، وما رواه النحاة من جر "رب" لضمير الغيبة، نحو: ربه فتى، نادر وشاذ، وكذلك جر الكاف لهذا الضمير. هذا: ويجوز دخول الكاف على ضمير الرفع؛ تقول: ما أنا كهو، وما أنا كأنت، وما أنت كأنا. وعلى ضمير النصب؛ نحو: ما أنا كإياك، وما أنت كإياي.   * "بمذ" متعلق باخصص. "ومنذ" عطف عليه. "وقتا" مفعول به لا خصص. "وبرب" معطوف على بمذ؛ لأنه من متعلقات اخصص. "منكرا" معطوف على وقتا؛ من باب العطف على معمولين لعامل واحد وهو جائز. "والتاء" مبتدأ. "لله" خبره. "ورب" معطوف على لفظ الجلالة. "وما" اسم موصول مبتدأ. "رووا" فعل وفاعل، والجملة صلة ما. "من نحو" ومجرور متعلق برووا. "ربه فتى" رب: حرف جر شبيه بالزائد والهاء مجرورة محلا "فتى" تمييز للضمير. "نزر" خبر المبتدأ. "نزر" خبر المبتدأ. "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم "كها" مبتدأ مؤخر قصد لفظه. "ونحوه" متبدأ ومضاف إليه. "أتى" الجملة خبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 فصل: في ذكر معاني الحروف 1. لـ"من" سبعة معان: أحدهما: التبعيض2؛ نحو: {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ، ولهذا قرئ: {بَعْضَ مَا تُحِبُّونَ} . والثاني: بيان الجنس3؛ نحو: {مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} .   1 بين البصريين والكوفيين خلاف في جواز نيابة بعض الحروف عن بعض؛ فمذهب البصريين أن لكل حرف من حروف الجر معنى واحدا، يؤديه على سبيل الحقيقة؛ فمعنى "في" الظرفية، و"على" الاستعلاء، و"من" الابتداء، و"إلى" الانتهاء. إلخ؛ فإذا أدى معنى آخر غير الحرف الخاص به، كان تأديته لهذا المعنى بطريق المجاز، أو بتضمين العامل الذي يتعلق به الحرف معنى عامل آخر يتعدى بهذا الحرف، ولا بد لصحة استعمال المجاز من علاقة بين المعنى المنقول منه، والمعنى المنقول إليه، وقرينة تصرف الذهن عن المعنى الأصلي إلى المعنى المجازي. ومذهب الكوفيين: أن قصر الحرف على معنى واحد تعسف لا مبرر له، وأنه إذا اشتهر استعمال الحرف في معنى، وشاعت دلالته عليه؛ بحيث يفهمها السامع بلا لبس ولا غموض؛ كان هذا المعنى حقيقا بالنسبة للحرف، ولا مجاز ولا تضمين، وفي هذا المذهب تيسير، وقد رجححه كثير من المحققين، على أن الباحثين منفقون على أن المجاز إذا اشتهر وشاع أصبح حقيقة عرفية. 2 أي الدلالة على البعضية، وعلامتها: صحة حذف "من" ووضع "بعض" مكانها. 3 أي بيان أن ما بعدها جنس يشمل ما قبلها، وأكثر ما تقع بعد "نا" و"مهما" لشدة إبهامهما، وعلامتهما: صحة الإخبار بما بعدها عما قبلها، وهنالك علامة أخرى وهي: صحة حذف "من" ووضع اسم موصول مكانها؛ مع ضمير يعود على ما قبلها إن كان معرفة. فإن كان نكرة، فالعلامة أن يخلفها الضمير وحده؛ فنحو: {مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} تقول فيه: هي ذهب. و"من" البيانية مع مجرورها، ظرف في محل نصب على الحال. إن كان ما قبلها معرفة، ونعت تابع لما قبلها إن كان ما قبلها نكرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 والثالث: ابتداء الغاية1 المكانية باتفاق؛ نحو: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، والزمانية، خلافا لأكثر البصريين، ولنا قوله تعالى: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} 2، والحديث: "فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة" 3، وقول الشاعر: تخيرن من أزمان يوم حليمة4   1 المراد بالغاية هنا: المقدار والمنسافة لا آخر الشيء، وعلامتها: أن يصلح في مكانها "إلى" أو ما يفيد فائدتها؛ نحو: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن معنى أعوذ بالله ألتجئ إليه. 2 من الآية: 108 من سورة التوبة، ويقول البصريون: إن "من" لابتداء الغاية في الأحداث، والتقدير: من تأسيس أول يوم. 3 هذا حديث رواه أنس بن مالك قال: "جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! هلكت المواشي وتهدمت البيوت، وتقطعت السبل؛ فادع الله. فدعا عليه السلام، فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة". 4 صدر بيت من الطويل، للنابغة الذبياني، في وصف السيوف، من قصيدة له في مدح عمرو بن الحارث، أحد الملوك الغسانيين، وعجزه. إلى اليوم قد جربن كل التجارب اللغة والإعراب: تخيرن: وقع الاختيار عليهن، واصطفين، وضمير الإناث للسيوف المذكورة في قوله قبل: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب "يوم حليمة": يوم من أيام حروب العرب المشهورة، وكان سنة61 ق هـ. وحليمة هي: بنت الحارث بن أبي شمر ملك غسان، وكان أبوها قد وجه جيشا إلى المنذر بن ماء السماء -ملك الحيرة بالعراق- فشجعت الجيش ومنحت أفراده جزءا من طيبها فانتصر وقتل النذر، وقد ضرب بذلك المثل فقيل: "ما يوم حليمة بسر". وهو يضرب لكل أمر مشهور. جرين: اختبرن وامتحن. التجارب: جمع تجربة، وهي اختيار الشيء مرة بعد أخرى. "تخيرن" مضارع للمجهول ونون النسوة نائب الفاعل. "من أزمان" متعلق به. "يوم حليمة" مضاف إليه. "إلى اليوم" متعلق أيضا بتخيرن. "قد" للتحقيق. "جربن" إعرابه مثل تخيرن. "كل" مفعول مطلق مضاف إليه "التجارب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 والرابع: التنصيص على العموم1، أو تأكيد التنصيص عليه2، وهي الزائدة3. ولها ثلاثة شروط: أن يسبقها نفي، أو نهي4 ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   المعنى: أن هذه السيوف جريت واختبرت مرات كثيرة من هذا الوقت، وأظهرت التجارب مضاءها وصفاء جوهرها، وجودة صقلها، وشدة فتكها بالأعداء. الشاهد: في قوله "من أزمان"؛ فإن "من" فيه لابتداء الغاية الزمنية على مذهب الكوفيين، ويجب البصريون على ذلك: بأن الكلام على تقدير مضاف؛ أي من استمرار يوم حليمة، وكذلك يقدرون مضافا في الحديث؛ لتكون "من" لابتداء الغاية في الأحداث؛ أي من صلاة يوم الجمعة، وقد يكون الابتداء في غير الزمان والمكان؛ نحو: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ} ، وقولك: من فلان إلى فلان. 1 أي عموم المعنى وشمول كل فرد من أفراد الجنس، وهي الداخلة على نكرة ليست ملازمة للوقوع بعد النفي، ولا تدل على العموم بنفسها؛ نحو: ما جاءني من رجل؛ ذلك أن كلمة "رجل" من النكرات التي قد تقع بعد النفي، أو لا تقع، فوقوعها بعد النفي لا يفيد العموم والشمول لكل فرد، بل يحتمل خروج بعض الأفراد من دائرة النفي، فإذا أريد النص في الشمول على سبيل اليقين؛ جيء بالحرف الزائد "من"، ووضع قبل النكرة مباشرة؛ ومن ثم لا يصح أن يقال: ما غاب من رجل، وإنما غاب رجلان أو أكثر؛ منعا للتناقض. 2 هي الداخلة على نكرة لا تستعمل إلا بعد نفي أو شبهه، فتدل بنفسها على العموم؛ مثل: أحد، عريب ديار؛ تقول: ما جاءني من أحد، فيدل ذلك دلالة قاطعة على العموم والشمول، وإنما كانت الأولى للتنصيص، وهذه للتأكيد؛ لأن النكرة الملازمة للنفي تدل على العموم بنفسها فزيادة "من" تأكيد لذلك العموم. أما الأولى فإن النكرة قبل دخول "من" تحتمل نفي الوحدة، ونفي الجنس على سبيل العموم؛ فدخولها نص على الثاني. 3 المراد بزيادتها: وقوعها في موضع يطلبه العامل بدونها، فتكون مقمحة بين طالب ومطلوب، وإن كان سقوطها مخلا بالمعنى المراد. 4 فلا تزاد في الإثبات إلا في تمييز "كم" الخبرية؛ إذا كان مفصولا منها بفعل متعد، نحو قوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 أو استفهام بهل1، وأن يكون مجرورها نكرة2، وأن يكون؛ إما فاعلا؛ نحو: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ} ، أو مفعولا3؛ نحو: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} ، أو مبتدأ4؛ نحو: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} 5.   1 أو بالهمزة كذلك على الراجح؛ نحو: هل جاءك، أو جاءك من بشير؟ 2 فلا تجر معرفة وذهب الأخفش إلى عدم اشتراط الشرطين معا؛ فأجاز زيادتها في الإيجاب، وأن تجر معرفة، وجعل من ذلك قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم} ، وأجاب الجمهور: بأن "من" في الآية للتبعيض، لا زائدة. 3 أي حقيقة؛ فخرج ثاني مفعولي "ظن"، وثالث مفاعيل "أعلم"؛ لأنهما خبران في الأصل، لا مفعولان حقيقة. 4 أي ولو في الأصل؛ فيدخل أول مفعولي "ظن" وثاني مفاعيل "أعلم" قيل: أو مفعولا مطلقا؛ نحو قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} : أي من تفريط. 5 "خالق" مبتدأ. "غير الله" نعت على المحل، ومضاف إليه، والخبر محذوف؛ أي لكم. وجملة "يرزقكم" نعت ثان. هذا: ولم يشترط الكوفيون في مجرور "من" الزائدة إلا شرط واحد؛ وهو أن يكون فاعلا، أو مفعولا أو مبتدأ، وذهب الأخفش والكسائي إلى جواز زيادتها بلا شرط مطلقا، وقد اقتصر الناظم على هذه المعاني الأربعة فقال: بعض وبين وابتدئ في الأمكنه ... بـ"من" وقد تأتي لبدأ الأزمنه وزيد في نفي وشبهه فجر ... نكرة كـ"ما لباغ من مفر" أي أن "من" تجيء للتبعيض؛ ولبيان الجنس، وابتداء الغاية في الأمكنة كثيرا، وفي الأزمنة قليلا، وزائدة بعد نفي، أو شبهه، مع جر النكرة، وسيذكر الناظم المعنى الخامس "لمن"، وهو البدلية بعد.   * "بعض" فعل أمر. "وبين وابتدى" معطوفان عليه. "في الأمكنة" متعلق باتبدئ. "بمن" تنازعه الأفعال الثلاثة، فأعمل الأخير لقربه، وحذف من غيره ضميره؛ لأنه فضله. "تأتي" فاعله يعود على من. "وزيد" ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود على من. "في نفي" متعل بزيد. "وشبهه" معطوف على نفي. "نكرة" مفعول جر. "كما" الكاف جارة لقول محذوف، و"ما" نافية. "لباغ" خبر مقدم. "من" زائدة. "مفر" مبتدأ مؤخر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 والخامس: معنى البدل1، نحو: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ} 2. والسادس: الظرفية3؛ نحو: {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ} ، {إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} 4. والسابع: التعليل5؛ كقوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} 6، وقال الفرزدق: يغضي حياء ويغضى من مهابته7. وللام اثنا عشر معنى: أحدها: الملك8؛ نحو: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ} . والثاني: شبه الملك ويعبر عنه بالاختصاص9؛ نحو: السرج للدابة.   1 أي: أن تكون بمعنى كلمة "بدل"؛ بحيث أن تحل هذه الكلمة محلها. 2 أي: بدل الآخر. 3 فتكون بمعنى "في" التي للظرفية؛ مكانية أو زمانية. 4 "من" في الآية الأولى للظرفية المكانية، وفي الثانية للزمانية. 5 فتدخل على اسم يكون سببا، وعلة في شيء آخر. 6 أي: أغرقوا لأجل خطيئاتهم، فقدمت العلة على المعلول للاختصاص. 7 تقدم هذا الشاهد، والكلام عليه في باب النائب عن الفاعل صفحة: 45. الشاهد: فيه هنا يكون "من" دالة على العليل؛ أي يغضي لأجل مهابته. تنبيه: إذا ولي "من" اسم مبدوء بأل، فالأحسن فتح نونها؛ نحو: من القوم. وإذا وليها ساكن آخر، فالغالب كسر نونها نحو: سررت من اجتهادك. 8 هي التي تقع بين ذاتين؛ الثانية منهما هي التي تملك حقيقة، وهذا المعنى أكثر استعمالاتها. 9 وتقع بين ذاتين؛ ثانيتهما لا تملك حقيقة، وإنما تختص بالأولى دون تملك من إحداهما للأخرى؛ كمثال المصنف، أو أولاهما لا تملك؛ كأنت لي وأنما لك. وقد تقع اللام قبل الذاتين؛ نحو: لأخي ابن ذكي. فإن وقعت بين معنى وذات؛ نحو: الحمد لله، والويل للمنافقين، كانت للاستحقاق، وقد يعبر عن الجميع بلام الاختصاص. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 والثالث: التعدية1؛ نحو: ما أضرب زيدًا لعمرو2. والرابع: التعليل؛ كقوله: وإني لتعروني لذكراك هزة3 والخامس: التوكيد، وهي الزائدة4؛ نحو قوله: ملكا أجار لمسلم ومعاهد5   1 أي إلى المفعول به، فما بعدها يكون في حكم المفعول به معنى، وإن كان مجرورا. 2 الفعل "ضرب" متعد في الأصل، فلما نقل إلى "فعل" للتعجب صار قاصرا، فعدي بالهمزة إلى "زيد"، وباللام إلى "عمرو". هذا مذهب البصريين، ويقول الكوفيون: إن الفعل باق على تعديته بلا نقل، واللام هنا لتقوية العامل؛ لضعفه باستعماله للتعجب. 3 تقدم الكلام عليه من باب "إن وأخواتها". الشاهد: فيه هنا كون اللام في "لذكراك" للتعليل؛ أي لأجل تذكري إياك. 4 في هذه الحالة يكون التوكيد محضا، فنزداد لتأكيد معنى الجملة؛ بتمامها وتقويتها دون العامل، ويجري عليها ما يجري على حرف الجر الزائد، وأكثر ما تكون بين الفعل، ومعموله المتأخر عنه؛ كمثال المصنف. أو بين المتضايقين؛ نحو: يا بؤس للحرب، ويحسن الاقتصار على المسموع فيها. وهل ما بعدها مجرور بها أو بالمضاف؟ قولان. 5 عجز بيت من الكامل للرماح بن ميادة، يمدح عبد الواد بن سلميان بن عبد الملك بن مروان، أمر المدينة، وصدره. وملكت ما بين العراق ويثرب اللغة والإعراب: يثرب: الاسم القديم للمدينة المنورة؛ سميت باسم رجل من العمالقة بناها، وتسمى كذلك "طيبة" سماها بذلك الرسول، أجاز: حفظ وحمى، معاهد: هو من يدخل بلاد الإسلام بعهد من الإمام. "ما" اسم موصول مفعول ملكت، "بين" ظرف متعلق بمحذوف صلة. "العراق" مضاف إليه. "ويثرب" معطوف على العراق، مجرور بالكسرة الظاهرة للوزن. "ملكا" مفعول مطلق. "أجاز" الجملة صفة لملكا. "لمسلم" مفعول أجار على زيادة اللام. "ومعاهد" معطوف عليه باعتبار اللفظ. المعنى: لقد امد سلطانك وانبسط نفوذك؛ حتى شمل ما بين العراق والمدينة المنورة، وشملت الجميع بعدلك وحمايتك؛ سواء في ذلك المسلم والمعاهد. الشاهد: زيادة اللام في "لمسلم" لمجرد التوكيد؛ لأن "أجار" يتعدى بنفسه، وقد تقدم على معموله، فليس بحاجة إلى اللام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 وأما {رَدِفَ لَكُم} ، فالظاهر أنه ضمن معنى اقترب1، فهو مثل: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} . والسادس: تقوية العامل الذي ضعف؛ إما بكونه فرعا في العمل2؛ نحو: {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} ، {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} ، وأما بتأخره عن المعمول؛ نحو: {إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} 3، وليست المقوية زائدة محضة4، ولا معدية محضة5، بل هي بينهما. والسابع: انتهاء الغاية6؛ نحو: {كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى} . والثامن: القسم7؛ نحو: لله لا يؤخر الأجل. والتاسع: التعجب8؛ نحو: درك!   1 يرى المبرد: أن اللام فيه زائدة. 2 أي مأخوذا من غير كالفروع؛ وذلك كالمصدر، واسمي الفاعل والمفعول، وأمثلة المبالغة. 3 "تعبرون" أصل في العمل؛ لأنه فعل، ولكن تأخره عن معموله أضعفه؛ فقوي باللام. والرؤيا: الحلم المنامي، وتعبيره: تفسيره. 4 أي؛ لأنها تفيد التقوية، وتتعلق بالعامل الذي قوته؛ بخلاف الزائدة المحضة؛ فإنها لا تتعلق بشيء. 5 وذلك لاطراد صحة إسقاطها. 6 أي المسافة في الزمان والمكان. 7 أي والتعجب معا. ويشترط أن تكون جملة القسم محذوفة، وأن يكون المقسم به لفظ الجلالة؛ لأنها خلف عن التاء؛ والتاء أكثر ما تستعمل مع لفظ الجلالة. 8 أي المجرد عن القسم؛ بشرط القرينة، ويغلب أن يكون بعد النداء؛ نحو: يا للغروب وما فيه من روعة! الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 والعاشر: الصيرورة1؛ نحو: لدوا للموت وابنوا للخراب2 والحادي عشر: البعدية3؛ نحو: {أَقِمُ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} أي: بعده. والثاني عشر: الاستعلاء4؛ نحو: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} ؛ أي: عليها.   1 أي لبيان ما يصير إليه الأمر، وتسمى كذلك "لام العاقبة"؛ لأنها توضح عاقبة الشيء، وما يؤول إليه. 2 صدر بيت من الوافر، لم ينسب لقائل، وعجزه: فكلكم يصير إلى الذهاب اللغة والإعراب: "لدوا" فعل أمر من الولادة، مبني على حذف النون، وواو الجماعة فاعل "للموت" متعلق به. "للخراب" متعلق بابنوا. والخراب: ضد العمران. "فكلكم" الفاء للتعليل، و"كلكم" مبتدأ ومضاف إليه. "يصير" مضارع ناقص، واسمها يعود إلى كل. "إلى الذهاب" متعلق بمحذوف خبر يصير، وجملة يصير من اسمها وخبرها خبر المبتدأ. المعنى: لدوا وتكاثروا وابنوا وشيدوا كما تشاءون؛ ليكون المال والمصير والعاقبة إلى ما ذكر؛ فكل إنسان مصيره الموت والفناء. الشاهد: إن اللام في "للموت" وفي "للخراب" للصيرورة؛ كما ذكرنا، وليست للتعليل؛ لأن الموت ليست علة للولد، وليس الخراب علة البناء. 3 أن تكون اللام بمعنى "بعد"، ويصح حلولها محلها. والمثال الذي ذكره المصنف سبق ذكره في باب المفعول له: صحفة 137. وذكر هنالك أن اللام للتعليل، وفسر الدلوك بميل الشمس عن السماء. 4 أي الدلالة على أن شيئا حسيا أو معنويا وقع فوق الاسم الذي بعدها، فتكون بمعنى "على" والمراد في الآية: أنهم يسقطون على وجوهم والأذقان: جمع ذقن، وهي مجمع اللحيين في الإنسان. ومثال الاستعلاء المعنوي قوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} ؛ أي عليها. وقوله عليه الصلاة والسلام لعائشة حين اشترت بريرة: "اشترطي لهم الولاء"؛ أي عليهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 وللباء اثنا عشر معنى أيضًا: أحدها: الاستعانة1؛ نحو: كتبت بالقلم. والثاني: التعدية2؛ نحو: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} ؛ أي: أذهبه. والثالث: التعويض3؛ نحو: بعتك هذا بهذا.   هذا: وتأتي اللام للظرفية؛ نحو قوله تعالى في أمر الساعة: {لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ} ، وبمعنى "قبل"؛ نحو: كتبت هذا لليلة بقيته من رمضان؛ أي قبل ليلة. وبمعنى "من" البيانية؛ كقول الشاعر: لنا الفضل في الدنيا وأنفك راغم ... ونحن لكم يوم القيامة أفضل أي نحن أفضل منكم يوم القيامة، ولمعان أخرى كثيرة، مبسوطة في "المغني". وقد اقتصر الناظم على بعض ما تقدم من المعاني، فقال: واللام للملك وشبهه وفي ... تعدية أيضًا وتعليل قفي وزيد ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أي أن اللام تفيد معنى الملك وشبهه، وتأتي للتعدية والتعليل، وتقع زائدة، ومعنى قفي: نسب وعرف. 1 هي الدالة على آلة الفعل وأداته التي يحصل بها معناه، فهي الواسطة بين الفاعل ومفعوله المعنوي؛ ولذلك تسمى "باء الآلة"، وهذا المعنى هو و"الإلصاق" أكثر المعاني استعمالا لها. 2 أي يستعان بها غالب في تعدية الفعل إلى مفعوله، كما تعدية همزة النقل؛ ولذلك تسمى "باء النقل"، وأكثر ما تعدى الفعل القاصر كمثال المصنف، ومن ورودها مع الفعل المتعدي قوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} ، وقولهم: صككت الحجر بالحجر، والأصل: دفع بعض الناس بعضا، وصك الحجر الحجر. 3 هي الداخلة على الأعواض والأثمان؛ حسا أو معنى؛ والعوض: دفع شيء في مقابلة   * "واللام للملك" مبتدأ وخبر. "وشبهه" عطف على الملك ومضاف إليه. "وفي تعدية" متعلق بقفي. "أيضا" مفعول مطلق لمحذوف. "وتعليل" معطوف على تعدية. "قفي" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود على اللام. "وزيد" ماض للمجهول نائب الفاعل يعود إلى اللام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 والرابع: الإلصاق1؛ نحو: أمسكت بزيد2. والخامس: التبعيض3؛ نحو: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} ؛ أي: منها4. والسادس: المصاحبة5؛ نحو: {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ} ؛ أي: معه6. والسابع: المجاوزة7؛ نحو: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} ؛ أي: عنه. والثامن: الظرفية8؛ نحو: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} ؛ أي: فيه ونحو: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} . والتاسع: البدل9؛ كقول بعضهم: ما يسرني أني شهدت بدرًا بالعقبة؛ أي بدلها.   شي آخر؛ ولذلك تسمى باء المقابلة، وهي غير البدل الذي هو اختيار أحد الشيئين وتفضيله على الآخر من غير مقابلة من الجانبين، وقد مثل المصنف للعوض الحسي، أما المعنوي، فنحو: قابلت إحسانه بالشكر والدعاء. 1 الإلصاق هو: مطلق التعلق، وهذا المعنى أصل معانيها لا يفارقها، وهو إما حقيقي كمثال المصنف، أو مجازي؛ نحو: مررت بمحمد؛ أي جعلت مروري بمكان يقرب من مكانه. 2 معناه: قبضت على شيء من جسمه، أو ما يتصل به من ثوب أو نحوه، وهذا أبلغ من أمسكت زيدا؛ لأنه يفيد منعه من الانصراف بأي وجه كان. 3 أي أن يكون الاسم المجور بها بعضا من شيء قبلها. 4 وقيل: ضمن يشرب معنى يروي. 5 المصاحبة: انضمام شيء لآخر انضماما يقتضي تلازمهما فيما يقع عليهما أو منهما، وعلامتها: أن يصلح في موضعها "مع"، ويغني عنها وعن مصحوبها الحال. 6 أو كافرين على الحال؛ ومثل هذه الآية: {اهْبِطْ بِسَلامٍ} ؛ أي معه، أو مسلما. 7 سيأتي قريبا أيضاح معنى المجاوزة، وعلامة المجاوزة هنا: أن يصلح في مكانها "عن". قيل: ويختص هذا المعنى بالسؤال كما مثل المصنف، وبدليل: {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} ، وقيل: لا يختص بذلك بدليل قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} ؛ أي عنه. 8 هي التي يصلح في مكانها "في" والظرفية مكانية وزمانية، وقد مثل لهما المصنف. 9 أي أن تكون بمعنى كلمة "بدل"، وقد بينا الفرق بين البدل وبين العوض، قريبا، والقول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 والعاشر: الاستعلاء1؛ نحو: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَار} أي: قنطار. والحادي عشر: السببية2؛ نحو: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} . والثاني عشر: التأكيد، وهي الزائدة3؛ نحو: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} ، ونحو: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ، ونحو: بحسبك درهم، ونحو: زيد ليس بقائم. ولـ"في" ستة معان: الظرفية؛ حقيقة4 مكنية أو زمانية؛ نحو: {فِي أَدْنَى الأَرْضِ} ، ونحو: {فِي بِضْعِ سِنِينَ} . أو مجازية5؛ نحو: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ} .   الذي ذكره المصنف هو لرافع بن خديج الصحابي، وفي الحديث: "ما يسرني حمر النعم" أي بدلها. 1 هي التي يصلح في موضعها "على"، وقد تقدم قريبا معنى الاستعلاء. 2 أي: أو التعليل. وهي التي يكون ما بعدها سببا أو علة فيما قبلها. 3 وتزاد في مواضع منها: زيادتها في فاعل "أفعل" في التعجب للتوكيد، وزيادتها فيه لازمة، وتغلب في فاعل "كفى"، وتزاد في المفعول نحو: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} . وزيادتها في غير ذلك مقيسة. وفي خبر "ليس" و"ما" وزيادتها فيهما لتأكيد النفي وفي المبتدأ مع لفظ حسب، وقد مثل الموضح لذلك، وتأتي الباء للقسم، وهذا من أكثر استعمالاتها وهي الأصلية فيه، وتستعمل في القسم الاستعطافي وهو الذي يكون جوابه جملة طلبية نحو: بالله هل زاركم محمد؟ أي أسألك بالله. وغير الاستعطافي، وهو المؤكد بجملة خبرية نحو: بالله لتسافرن. وللغاية بمعنى "إلى" نحو قوله تعالى: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} ؛ أي أحسن إلي. 4 وهي: ما كان للظرف احتواء وللمظروف تحيز، وذلك بأن يكون كل من الظرف والمظروف من الذوات، و"أدنى" و"بضع" قد اكتسبتا الظرفية من المضاف إليهما؛ فإن "أدنى" اسم تفضيل من الدنو، و"بضع" اسم لما بين الثلاث إلى التسع. 5 هي ما فقدت ركني الحقيقة؛ نحو: في عملك نفع، وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} ، أو الاحتواء؛ نحو: محمد في سعة من الرزق، أو التحيز كمثال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 والسببية؛ نحو: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 1. والمصاحبة2؛ نحو: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} . والاستعلاء؛ نحو: {لأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} . والمقايسة3؛ نحو: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} 4. وبمعى الباء؛ نحو: بصيرون في طعن الأباهر والكلى5   المصنف وقد اجتمعت الظرفية الحقيقة والمجازية في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} . 1 أي بسبب ما أفضتم؛ أي خضتم فيه من حديث الإفك، وما اتهمتم به السيدة عائشة وتسمى التعليلية، وفي الحديث: "دخلت امراة النار في هرة حبستها"؛ أي بسبب، أو لأجل هرة. 2 هي التي يحسن في موضعها "مع". 3 أي: أو الموازنة؛ وهي ما يكون ما قبلها ملاحظا بالقياس إلى ما بعدها، ويحكم عليه بعد القياس بأمر ما؛ فهي واقعة بين مفضول سابق وفاضل لاحق. ولا مانع من العكس أحيانا. 4 أي: بالقياس إلى الآخرة وموازنته بمتاعها. 5 عجز بيت من الطول، لزيد الخير، الذي كان يعرف في الجاهلية بزيد الخيل، فسماه النبي بعد أن أسلم زيد الخير. وصدره: ويركب يوم الروع مجنا فوراس اللغة والإعراب: الروع: الفزع والخوف. فوارس: جمع فارس على غير قياس. بصيرون: عارفون وخبيرون. الأباهر: جمع أبهر، وهو عرق متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه، الكلى: جمع كلوة، أو كلية. "يوم" ظرف منصوب بيركب. "بصيرون" صفة لفوارس. "في طعن" متعلق به "الأباهر" مضاف إليه. "والكلى" معطوف على الأباهر. المعنى: في اليوم الذي يفزع فيه الناس ويرهبون -وهو يوم الحرب- يركب منا فرسان شجعان مدربون على الحرب، خبيرون بطعن المقاتل التي تقضي على الأعداء. الشاهد: قوله "في طعن"؛ فإن "في" بمعنى الباء؛ لأن بصيرا يتعدى بها، وتأتي "في" بمعنى "إلى" الغائية، ومنه قوله تعالى: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} كناية عن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 ولـ"على" أربعة معان: أحدها: الاستعلاء1؛ نحو: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} . والثاني: الظرفية؛ نحو: {عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} ؛ أي: في حين غفلة.   عدم الرد عن ترك الكلام. وبمعنى "من"؛ نحو قوله تعالى: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ} . وبمعنى الباء التي للإلصاق؛ نحو: وقف الحارس في الباب؛ أي ملاصقا له. وقد اقتصر الناظم في معاني "في" على الظرفية والسببية، وعلى بعض معاني الباء، فقال مشيرا إلى ذلك. ... ... ... والظرفية استبن بـ"با" ... و"في" وقد يبينان السببا بالبا استعن وعد عوض ألصق ... ومثل "مع" و"من" و"عن" بها انطق ترك من أول البيت كلمة "وزيد"؛ لأنها من معاني اللام وقد ذكرت قبل ثم قال الناظم: والظرفية استبن ببا وفي؛ أي اجعل الظرفية واضحة بهما؛ لأنها من معانيهما؛ أي أن الباء وفي قد اشتركا في إفادة الظرفية، وكذلك السببية، وذكر أن الباء تكون للاستعانة وللتعدية، وللتعويض، وللإلصاق، وبمعنى "مع"؛ أي المصاحبة. وبمعنى "من" -أي للتبعيض، وبمعنى "عن"- أي المجاوزة، وقد أوضحنا ذلك كله. 1 أي العلو؛ وهو أكثر معانيها استعمالا، والاستعلاء قد يكون حقيقة إن كان على نفس المجرور وهو الغالب؛ حسا كمثال المصنف، أو معنى؛ نحو: {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ، ومجازًا إن كان العلو على ما يقرب من المجرور؛ نحو: {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى} ، {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، فقد شبه التمكن من الهدى والأخلاق العظيمة الشريفة والثبوت عليها، بمن علا دابة يصرفها كيف شاء، وليس من الاستعلاء المجازي قولهم: "توكلت على الله، واعتمدت عليه"؛ لأن الله لا يعلو عليه شيء لا حقيقة ولا مجاز، وإنما ذلك من باب الإضافة والإسناد؛ أي أضفت توكلي واعتمادي إلى الله، وأسندتهما إليه -سبحانه-.   1 "والظرفية" مفعول مقدم لاستبين. "ببا" متعلق به. "وفي" عطف على ببا. "يبنيان" مضارع وألف الاثنين فاعل وهي عائدة إلى "الياء" و"في" "السببا" مفعول والألف للإطلاق. "بالبا" متعلق باستعن والألف للضرورة. "وعد، عوض، ألصق" معطوفان على استعن بحذف العاطف. "ومثل مع" حال من "ها" في بها ومضاف إليه. "ومن، وعن" معطوفان على مع. "بها" متعلق بانطق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 والثالث: المجاوزة؛ كقولك: إذا رضيت علي بنو قشير1 أي: عني. والرابع: المصاحبة؛ نحو: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} ؛ أي: مع ظلمهم. ولـ"عن" أربعة معان أيضًا. أحدها المجاوزة2؛ نحو: سرت عن البلد، ورميت عن القوس.   1 صدر بيت من الوافر، لقحيف العامري، يمدح حكيم بن المسيب القشيري، وعجزه: لعمر الله أعجبني رضاها اللغة والإعراب: بنو قشير: قبيلة تنبسب إلى كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. لعمر الله: المراد: الحلف بإقراره لله -تعالى- بالبقاء بعد فناء الخلق. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "رضيت" فعل الشرط. "بنو قشير" فاعل رضيت ومضاف إليه. "لعمر الله" اللام للابتداء، وعمر الله مبتدأ ومضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله، والخبر محذوف وجوبا؛ أي قسمي. "أعجبني رضاها" جواب الشرط. المعنى: واضح. الشاهد: وقوع "على" بمعنى "عن"؛ لأن الأصل في "رضي" أن يتعدى بعن لا بعلى. وقيل: إن "رضي" مضمن معنى عطف. وتأتي "على" بمعنى اللام، نحو: {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} ؛ أي لهدايته إياكم. وبمعنى "من"؛ نحو: {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} ؛ أي من الناس. وبمعنى الباء نحو: حقيق على ألا أقول إلا الحق، أي بألا أقول. وبمعنى "عند"؛ نحو: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} ؛ أي عندي. 2 المجاوزوة هي: ابتعاد شيء مذكور أو غير مذكور عن حرف الجر بسبب شيء قبله؛ فالأول: نحو: رميت السهم عن القوس، والثاني؛ نحو: -رضي الله عنك؛ أي: جاوزتك المؤاخذة بسبب الرضا والمجاوزة قد تكون حقيقة كهذين المثالين، وقد تكون مجازية، إذا كانت في المعانى؛ نحو: أخذت الفقه عن عالم متمكن؛ أي أن الفقه جاوزه بسبب الأخذ منه، والمجاوزة أظهر معاني "عن" وأكثرها استعمالا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 والثاني: البعدية1؛ نحو: {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} ؛ أي حالا بعد حال2. والثالث: الاستعلاء؛ كقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} أي: على نفسه، وقول الشاعر: لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب عني ... 3؛ أي: علي   1 أي: أن تكون بمعنى "بعد". 2 أي: من البعث والسؤال والموت، أو من النطفة إلى ما بعدها، وقيل: إن "عن" هنا باقية على ظاهرها. والمعنى: طبقا متجاوزا في الشدة عن طبق آخر دونه. 3 جزء بيت من البسيط، لذي الإصبع العدواني، واسمه حرثان بن محرث، ولقب بذي الإصبع؛ لأن حية نهشت إبهام رجله فقطعها، في مزين بن جابر تمامه: ولا أنت دياني فتخزوني وهذا البيت من قصيدة له مشهورة، مطلعها: يا من لقلب شديد الهم محزون ... أمسى تذكر ريا أم هارون وبعده: ولا تفوت عيالي يوم مسغبة ... ولا بنفسك في الضراء تكفيني فإن ترد عرض الدنيا بمنقصتي ... إن ذلك مما ليس يشجيني ومنها: إن الذي يقبض الدنيا ويبسطها ... إن كان أغناك عني سوف يغنيني اللغة والإعراب: لاه: أصله: لله، حذفت لام الجر، واللام الأولى من لفظ الجلالة شذوذا، أفضلت: زدت وصرت صاحب فضل. حسب: هو كل ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه ومآثرهم. دياني: مالك أمري، وهو صيغة مبالغة، من دان فلان فلانا، أخضعه وملك أمره. تخزوني: تسوسني وتقهرني. "لا" مجرور بحرف جر محذوف، والجار والمجرور خبر مقدم. "ابن عمك" مبتدأ مؤخر مضاف إليه. "لا" نافية "أفضلت" فعل. ونائب فاعل. "في حسب عني" متعلقان بأفضلت. "لا" نافية "أنت" مبتدأ. "دياني" خبر مضاف إلى ياء المتكلم. "فتخزوني" مضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية، وسكنت الواو تخفيفا وللقافية. المعنى: لله در ابن عمك، يعني نفسه، فقد حاز من الصفات السامية ما يتعجب منه، وأنت لم تفضلني في المفاخر، ولست القائم على أمري وبيدك مصيري، حتى تسوسني وتقهرني وتذلني. الشاهد: أن "عن" للاستعلاء بمعنى "على"؛ لأن المعروف أن يقال: أفضلت عليه: وجوز الرضي: أن تكون "عن" باقية على أصلها؛ وضمن الشاعر أفضلت، معنى تجاوزت في الفضل، وفي البيت حذف الجر وإبقاء عمله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 والرابع: التعلي؛ نحو: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} ؛ أي لأجله1. وللكاف أربعة معان أيضًا: أحدها: التشبيه2؛ نحو: {وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} 3. والثاني: التعليل؛ نحو: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} ؛ أي لهدايته إياكم4.   1 ويجوز أن يكون حالا من ضمير "تاركي"؛ أي ما نتركها صادرين عن قولك. هذا: وتأتي "عن" بمعنى "من"؛ نحو: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} أي: من عباده، وبمعنى الباء، نحو: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} ؛ أي بالهوى. وللبدل؛ نحو: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} ؛ أي بدل نفس. ولغير ذلك. وفي بعض معاني "على" و"عن" يقول الناظم: على للاستعلا ومعنى "في" و"عن" ... بعن تجاوزا عني من قد فطن وقد تجي موضع "بعد" و"على" ... كما "على" موضع "عن" قد جعلا أي: أن "على" تستعمل للاستعلاء، وبمعنى "في" للظرفية، ومثل "عن" للمجاوزة وتؤدي هذا المعنى إذا قصده من فطن له، وتأتي "عن" بمعنى "بعد"، وبمعنى "على" المفيدة للاستعلاء، كما أن "على" تكون بمعنى "عن" للمجاوزة. 2 وهو أكثر معاني الكاف تداولًا، والأصل فيها. 3 الدهان: الأديم الأحمر، أو جمع دهن؛ أي صارت السماء محمرة كوردة مذابة كالدهن الذي يدهن به. 4 فالكاف للتعليل، و"ما" مصدرية.   * "على" قصد لفظه "للاستعلا" خبر وقصر للضرورة. "ومعنى في" معطوف على الاستعلاء ومضاف إليه. "وعن" معطوف على في، "بعن" متعلق بعني. "تجاوزا" مفعول مقدم لعني. "من" اسم موصول فاعل عني. "قد فطن" الجملة صلة من. "تجي" مضارع فاعله يعود على عن. "موضع" ظرف لتجي. "بعد" مضاف إليه. "وعلى" معطوف على بعد، "كما" الكاف جارة وما مصدرية. "على" مبتدأ مقصود لفظه. "موضع عن" ظرف متعلق يجعلا ومضاف إليه. "جعلا" مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى. "على" والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 والثالث: الاستعلاء، قيل لبعضهم: كيف أصبحت؟ قال: كخير؛ أي عليه1. وجعل مه الأخفش قولهم: "كن كما أنت"؛ أي: على ما أنت عليه2. والرابع: التوكيد؛ وهي الزائدة؛ نحو: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} ؛ أي: ليس شيء مثله3. ومعنى إلى، وحتى: انتهاء الغاية4 مكانية أو زمانية؛ نحو: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} ؛ ونحو: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} 5؛ ونحو: أكلت   1 استدل المصنف بهذا؛ لأن القول له، والمجيب هو رؤبة بن العجاج الراجز المشهور، وقيل: الكاف للتشبيه على حذف مضاف، أي كصاحب خير. 2 الكاف بمعنى "على"، و"ما" موصولة في محل جر بالكاف، و"أنت" مبتدأ حذف خبره -أي كن على الحال التي أنت عليها. وقيل: "أنت" خبر حذف مبتدؤه؛ أي كن كالشخص الذي هو أنت. وقيل: "ما" زائدة ملغاة والكاف جارة و"أنت" ضمير مرفوع نائب عن الضمير المجرور، وهو في محل جر بالكاف، والجار والمجرور خبر "كن"؛ أي كن فيما يستقبل مماثلا لنفسك فيما مضي. وقيل غير ذلك من الأعاريب. 3 هكذا قدره الأكثرون؛ فرارا من إثبات المثل وهو محال عليه -سبحانه-، وقد زيدت الكاف لتوكيد نفي المثل؛ لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة، وقيل: إن الكاف ليست بزائدة، و"مثل" بمعنى الذات أو الصفة، وقيل غير ذلك. وقد ذكر الناظم من معاني الكاف ما جاء في قوله: شبه بكاف وبها التعليل قد ... يعنى وزائدًا لتوكيد ورد أي أن الكاف تأتي لتشبيه، وقد تأتي للتعليل، وورد مجيئها زائدة للتوكيد. ولم يذكر الناظم الاستعلاء من معانيها. 4 المقصود بالغاية كما تقدم: المسافة والمقدار. والمراد بانتهاء الغاية: أن المعنى قبلهما ينقطع وينتهي بوصوله إلى المجرور بعدهما، وتشاركهما في ذلك "اللام" وقد تقدمت. 5 "إلى" هنا لانتهاء الغاية. الزمانية وفي الآية قبلها للمكانية.   * "بكاف" متعلق بشبه. "وبها" متعلق يعني. "التعليل" مبتدأ. "قد يعني" قد للتقليل، ونائب فاعل يعني يعود على التعليل وجملة الفاعل ونائبه خبر المبتدأ. "وزائدا" حال من فاعل. "ورد" الآتي "لتوكيد" متعلق بزائد، "ورد" فعل ماض وفاعله يعود إلى الكاف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 ونحو: أكلت السمكة حتى رأسها، ونحو: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} 1. وإنما يجر بـ"حتى" في الغالب: آخر، أو متصل بآخر كما مثلنا؛ فلا يقال: سهرت البارحة حتى نصفها2. ومعنى "كي" التعليل3، ومعنى "الواو، والتاء"4: القسم.   1 "حتى" للانتهاء في الزمان، وفي المثال الأول لانتهاء الغاية في المكان. 2 لأن النصف ليس آخرا ولا متصلا به. والغالب أن يكون مجرور. "حتى" اسما ظاهرا، لا مضمرا. هذا: وتأتي "إلى" للمصاحبة، نحو: من غش في المعاملة أساء قومه إلى نفسه؛ أي مع نفسه وللاختصاص؛ نحو: أمر الأمة إلى رئيسها، وأمر الأسرة إلى راعيها، والظرفية؛ نحو سيجمع الله الناس إلى يوم تشيب فيه الولدان؛ أي في يوم. وتأتي "حتى" للتعليل والدلالة على أن ما قبلها علة وسبب لما بعدها بعكس اللام؛ فإن ما بعدها هو العلة لما قبلها، وفي هذه الحالة لا تجر إلا المصدر المنسبك من أن الناصبة وصلتها؛ نحو: أحسن عملك حتى تكافأ، وقد اقتصر الناظم على ما في قوله: للانتها "حتى" و"لام" و"إلى" ... و"من" و"باء" يفهمان بدلا أي أن "حتى" تدل على انتهاء الغاية، وكذلك "اللام" و"إلى" و"من" والباء" يشتركان في معنى واحد؛ هو البدل وقد تقدم ذلك. هذا: وقد ذكر النحاة فروقا بين "حتى" و"إلى" تجر الظاهر والمضمر، و"حتى" لا تجر إلا الظاهر على الراجح، و"إلى" تدل على النهاية إذا وجدت قبلها "من" الدالة على البداية، ولا يصح مجيء "حتى". 3 تقدم الكلام عليها صفحة 264. 4 حروف القسم أربعة: اللام والباء، وقد تقدم الكلام عليهما. انظر صفحة 275، وصفحة 279، أما الواو والتاء فيدلان على القسم غير الاستعطافي، ولا يصح أن يذكر معهما فعل القسم، ولا يجران إلا الاسم الظاهر، والتاء لا تجر من الأسماء الظاهرة إلا: "الله، رب، الرحمن"، ومن الشذوذ أن تجر غير هذه الثلاثة، انظر صفحة: 269.   * "للانتها" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "حتى" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "ولام وإلى" معطوفان على حتى. "ومن" قصد لفظه مبتدأ، والواو للاستئناف. "وباء" معطوف على من. "يفهمان" فعل وفاعل، والجملة خبر المبتدأ. "بدلا" مفعول به ليفهمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 ومعنى مذ ومنذ1: ابتداء الغاية إذا كان الزمان ماضيا؛ كقوله: أقوين مذ حجج ومذ دهر2 وقوله: وربع عفت آثاره منذ أزمان3   1 انظر صفحة: 268. 2 عجز بيت من الكامل، لزهير بن أبي سلمى، من قصيدة يمدح فيها هرم بن سنان. وصدره: لمن الديار بقنة الحجر اللغة والإعراب: قنة: هي أعلى الجبل. الحجر: منازل قوم ثمود بالشام عند وادي القرى. أقوين: خلون من السكان. حجج: سنين، جمع حجة وهي السن، وهو اسم زمان كالدهر. "لمن" اللام جارة، ومن اسم استفهام في محل جر باللام، والجار والمجرور خبر مقدم. "الديار" مبتدأ مؤخر، "بفنة" متعلق بمحذوف صفة للديار. "الحجر" مضاف إليه، "أقوين". فعل ماض ونون النسوة فاعل، والجملة حال من الديار بتقدير قد. "مذ" حرف جر بمعنى من. "حجج" مجرور بها. المعنى: لمن هذه الديار التي بأعلى المكان؟ وقد خلت من ساكنيها من سنوات وأزمان طويلة. الشاهد: في "مذ" حيث استعملت حرف الجر بمعنى "من" لابتداء الغاية الزمنية والمجرور ماض، وهو قليل. 3 عجز بيت من الطويل، لامرئ القيس الكندي، وصدره: قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان اللغة والإعراب: "قفا" أمر للواحد بلفظ الاثنين على عادة العرب؛ مثل: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} . ذكرى: تذكر. عرفان: معرفة. ربع: منزل ودار. عفت آثاره: درست وانمحت علاماته. "قفا" فعل أمر، وألف الاثنين فاعل. "نبك" مضارع مجزوم في جواب الأمر بحذف الياء. "من ذكرى" جار ومجرور متعلق بنبك. "حبيب مضاف إليه،"وعرفان" معطوف على حبيب، "وربع" معطوف على ذكرى، أو على حبب. "عفت آثاره" الجملة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 والظرفية إن كان حاضرا1؛ نحو: منذ يومنا. وبمعنى "من" وإلى "معا إن كان معدودًا؛ نحو: مذ يومين2. ورب للتكثير كثيرا وللتقليل قليلا3: فالأول؛ كقوله -عليه السلام-: "يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة" 4، وقول بعض العرب عند انقضاء رمضان: يا رب صائمه   صفة لربع. "منذ" حرف جر بمعنى من. "أزمان" مجروريها، والجار والمجرور متعلق بعفت. المعنى: قف يا صاحبي نندب حظنا ونذرف الدمع من تذكر الأحبة والأصدقاء الذين فقدناهم، وتلك المنازل التي درست بعد أن كانت عامرة بأهلها، وذهبت آثارها ومعالها من أزمان طويلة. الشاهد: جر "منذ" للزمان الماضي وهي للابتداء، وأكثر العرب يرى وجوب جر "منذ ومذ" للحاضر، وترجيح جر "منذ" للماضي، وترجيح رفع "مذ" للماضي على جره. 1 فيكونان على معنى "في" وينصبان بالفعل قبلهما. 2 أي ما رأيته من ابتداء هذه المدة إلى انتهائها؛ ويشترط حينئذ: أن يكون الزمان نكرة معدودا لفظا، كمذ يومين، أو بمعنى كمذ شهر؛ لأنهما لا يجران المبهم -أي غير المعدود. ويجوز وقوع المصدر بعدهما، تقول: ما رأيته مذ قدوم الحجاج- أي مذ زمن قدوم الحجاج، كما يجوز وقوع "أن" وصلتها بعدهما. نحو: ما رأيته منذ أن الله خلقني، وهو على تقدير زمان أيضًا، وفي مذ ومنذ الحرفان يقول الناظم: وإن يجرا في مضي فكـ"من" ... هما وفي الحضور معنى "في" استبنع أي إن وقع ما بعدهم مجرورا، وكان ماضيا فهما حرفا جر بمعنى "من"، وإن كان حاضرا فهما بمعنى "في"، وقوله استبن: أي اطلب بيان معنى "في" الظرفية. 3 يرى فريق من النحاة، أنها للتقليل دائما، وزعم ابن درستويه وجماعة أنها للتكثير دائما. 4 "يا" للتنبيه أو للنداء والمنادى محذوف. "رب" حرف جر شبيه بالزائد. "كاسية"؛ أي مكسية مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة. "في الدنيا" متعلق به. "عارية" خبر. "يوم القيامة"   * "إن" شرطية "يجرا" فعل الشرط والألف فاعل. "في مضي" متعلق بيجرا. "فكمن" الفاء لرابط الجواب بالشرط، و"كمن" ومجرور خبر مقدم، "هما" مبتدأ مؤخر، "وفي الحضور" متعلق باستبن. "معنى" مفعول استبن مقدم. "في" مضاف إليه مقصود لفظه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 لن يصومه وقائمه لن يقومه1. والثاني؛ كقوله: ألا رب مولود وليس له أب ... وذي ولد لم يلده أبوان2   ظرف متعلق بعارية، ومضاف إليه، ويجوز أن تكون عارية صفة لكاسية باعتبار اللفظ أو المحل، والخبر محذوف؛ أي ثابتة. المعنى: كثير من الناس مستور ومكسو في الدنيا، مفضوح وعار اليوم القيامة. الشاهد: أن "رب" هنا للتكثير؛ لأن الحديث مسوق للتخفيف، والتقليل لا يناسبه. ومثله وقوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} . 1 "صائمه" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة، والهاء مضاف إليه، وهي في محل نصب مفعول لصائم. "لن يصومه" الجملة خبر. وقد استدل بهذا الكسائي على إعمال اسم الفاعل المجرد بمعنى الماضي. المعنى: كثير ممن يصومون رمضان ويقومون ليلة لا ثواب لهم في صومهم وقيامه؛ لأنهم يضيعون ثوابهم بما يرتكبون من آثام. الشاهد: فيه كسابقة. 2 بيت من الطويل، ينسب لرجل من أزد السراة، ولم يعين اسمه. وذكر الفارسي أنه لرجل اسمعه عمرو الجنبي، لقي امرأ القيس في إحدى الفلوات فخاطبه بهذا البيت. اللغة والإعراب: مولود ليس له أب: هو عيسى -عليه السلام- ولد ليس له أبوان: هو آدم أبو البشر، فقد خلق من تراب. "ألا" للتنبيه. "رب" حرف جر وتقليل شبيه بالزائد. "مولود" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الشبيه بالزائد، "وليس له أب" الواو للحال، والجملة من ليس ومعموليها، في موضع نصب على الحال، وخبر المبتدأ محذوف؛ أي موجود "وذي" معطوف على مولود مجرور بالياء؛ لأنه من الأسماء الخمسة، "ولد" مضاف إليه "يلده" مضارع مجزوم بلم بسكون مقدر منع من ظهوره حركة التخلص من التقاء الساكنين العارض؛ فقد سكنت اللام تشبيها بكتف وفخذ ونحوهما، من كل كلمة ثانيها مكسور؛ فإنه يجوز إسكانه للتخفيف وسكنت الدال للجازم، فحركت الدال بالفتح إتباعا للياء، ويجوز في ضمها إتباعا للهاء. "أبوان" فاعل يلد، والجملة صفة لذي ولد. الشاهد: كون "رب" هنا للتقليل؛ لأنه لا يوجد من هذين الصنفين إلا فرد واحد، ولا تجر رب غالبا إلا الاسم الظاهره النكرة، وتحتاج هذه النكرة لصفة من مفرد أو جملة أو شبهها، وقد تجر ضميرا للتنبيه يفسره اسم منصوب بعده يعرب تمييزا ... إلخ، انظر صفحة 269. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 فصل: في الحروف المشتركة بين الحرفية والاسمية فصل: من هذه الحروف ما لفظه مشترك بين الحرفية والاسمية، وهو خمسة: أحدهما: الكاف1 والأصح أن اسميتها مخصوصة بالشعر؛ كقوله: يضحكن عن كالبرد المنهم2   1 يرى الأخفش والفارسي وابن مالك: أن استعمالها اسما قياسي في سعة للكلام، ولا يختص بضرورة الشعر، وقد كثر في كلام الفحول من الشعر، وإذا صارت اسما كانت بمعنى "مثل"، وتقع فاعلا فتكون مبنية على الفتح في محل رفع؛ كقول الشاعر: ما عاتب المرء الكريم كنفسه ... ... ... ... ... ... ... ... ... ومفعولا؛ كقول آخر: ولم أر كالمعروف أما مذاقه ... فحلو وأما وجهه فجميل وفي محل جر، نحو: تبتسم عن كاللؤلؤ، وكمثال المصنف. 2 رجز للعجاج بن رؤبة، يصف نسوة بالحسن والجمال وصدره: بيض ثلاث كتعاج جم اللغة والإعراب: بيض: جمع بيضاء. نعاج: جمع نعجة، والمراد بها هنا البقرة الوحشية، شبهت بها المرأة الحسناء، ولا يقال نعاج لغيرها. جم: جمع جماء وهي التي لا قرن لها. البرد: مطر ينعقد كرات صغيرة. المنهم: الذائب منه بعضه حتى يصير كرات صغيرة جدا. "بيض" مبتدأ. "ثلاث" صفة له "كنعاج" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة ثانية. "جم" صفة لنعاج. "يضحكن" فعل مضارع ونون النسوة فاعل، والجملة خبر المبتدأ "كالبرد، الكاف اسم بمعنى "مثل" في محل جر بعن، والبرد مضاف إليه. "المتهم" صفة للبرد. المعنى: أن هؤلاء النسوة البيض اللاتي كبقر الوحش خفة ورشاقة، يضحكن عن أسنان كالبرد الصغير صفاء ولطافة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 والثاني والثالث: "عن"، و"على"؛ ,وذلك إذا دخلت عليهما "من"؛1 كقوله: من عن يميني مرة وأمامي2   الشاهد: استعمال الكاف في "كالبرد" اسما بمعنى "مثل"؛ بدليل دخول حرف الجر عليها، وحرف الجر لا يدخل إلا على الاسم. 1 ليس ذلك بقيد لاسميتهما، وإنما الغالب وقوعهما مجرورتين بمن، وإذا استعملا اسمين، كانت "عن" بمعنى جانب، و"على" بمعنى فوق. وهذا الاستعمال قياسي فيهما. وإلى استعمال الكاف و"عن" و"على" أسماء يشير الناظم بقوله: واستعمل اسما وكذا "عن" و"على" ... من أجل ذا عليهما "من" دخلا أي أن الكاف استعملت اسما، وكذلك "عن" و"على"، ومن أجل استعمالهما اسمين دخل عليهما الحرف الجار "من"، وهو لا يدخل إلى على الأسماء. 2 عجز بيت من الكامل، لقطري بن الفجاءة الخارجي، وصدره: فلقد أرباني للرماح دريئة اللغة والإعراب: دريئة: هي الحلقة التي يتعلم عليها الطعن والرمي. "ولقد" اللام واقعة في جاب قسم مقدر، وقد حرف تحقيق. "أراني" مضارع، والفاعل أنا، والنون للوقاية، والياء مفعول أول. "للرماح" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من دريئة، الواقع مفعولا ثانيا لأرى. "من" جارة. "عن" اسم بمعنى جانب أو جهة، في محل جر بمن، والجار والمجرور متعلق بمحذوف يدل عليه أراني. "يميني" مضاف إليه. "مرة" منصوب على المصدرية "وأمامي" معطوف على يميني. المعنى: يصف نفسه بالشجاعة والصبر على الجلاد في معمعة الحرب حين يفر الأبطال، فتتقاذف عليه رماح الأعداء ونبالهم، وتأتيه من كل جانب وهو ثابت، أو يريد: أن المحاربين معه يتخذونه وقاية يتقون بها رمايا الأعداء؛ لشجاعته ورباطة جأشه.   * "واستعمل" ماض للمجهول، ونائب الفاعل، يعود إلى الكاف في البيت السابق."اسما" حال من نائب الفاعل. "وكذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "عن" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه "وعلى" معطوف على عن. "من أجل" متعلق بدخل. "ذا" مضاف إليه. "عليهما" متعلق بدخل. "من" قصد لفظه مبتدأ. "دخلا" فعل ماض فاعله يعود على. "من" والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 وقوله: غدت من عليه بعدما تم ظمؤها1 والرابع والخامس: "مذ"، ومنذ". وذلك في موضعين2.   الشاهد: أن "عن" اسم بمعنى جانب أو جهة، بدليل دخول حرف الجر عليه وهو "عن". 1 صدر بيت من الطويل، لمزاحم بن الحارث العقيلي يصف قطاة، وعجزه: تصل وعن قيض بزيزاء مجهل اللغة والإعراب: غدت: صارت والضمير فيه عائد على القطاة. ثم: كمل. ظمؤها: مدة صبرها عن الماء؛ والظم: ما بين الشرب والشرب، تصل: تصوت أحشاؤها من العطش، قيض: هو القشر الأعلى للبيض. زيزاء: بيداء، وهي الأرض القفر التي لا ماء فيها. مجهل: قفر ليس فيها أعلام يهتدي بها. "غدت" فعل ماض من أخوات كان، واسمها مستتر يعود على القطاة. "من" جارة. "عليه" اسم بمعنى فوق في محل جر بمن، والهاء مضاف إليه. "بعد" ظرف منصو بغدت. "ما" مصدرية. "ثم ظمؤها" فعل وفاعل ومضاف إليه، والمصدر المنسبك من "ما" وما بعدها مضاف إليه لبعد أي بعد تمام، "تصل" الجملة خبر غدت. "وعن قيض" معطوف بالواو على قوله "من عليه" "بزيزاء" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لقيض، ممنوع من الصرف لألف التأنيث الممدودة، "مجهل" مضاف إليه، أو صفة لزيزاء، أو بدل كل من كل. المعنى: أن هذه القطاة صارت من فوق فرخها، وقد مضت المدة التي تصبر فيها عن الماء -تصوت من شدة الظمأ، وهي على قشور البيض والأفراخ في تلك الأرض الغليظة القفر الخالية مما يهتدي به السائرون. الشاهد: استعمال "على" اسما بمعنى "فوق"؛ بدليل دخول حرف الجر عليها. وقيل: معناه "عند". 2 وإليهما يشير الناظم بقوله: و"مذ ومنذ" اسمان حيث رفعا ... أو أوليا الفعل كـ"جئت مذ دعا"   * "ومذ" مبتدأ قصد لفظه. "ومنذ" معطوف عليه. "اسمان" خبر المبتدأ "حيث" ظرف صفة لمذ ومنذ. "رفعا" جملة الفعل والفاعل في محل جر بإضافة حيث. "أو" عاطفة. "أولياء" ماض للمجهول، والألف نائب فاعل وهي المفعول الثاني. "الفعل" مفعول أول؛ لأنه الفاعل في المعنى. "مذ" ظرف متعلق بجئت. "دعا" فعل ماض والفاعل هو، والجملة في محل جر بإضافة مذ. أي أن "مذ" و"منذ" يكونان اسمين حين يرفعان اسما بعدهما، أو حين يليهما ويقع بعدهما فعل وفاعله، ومثل الناظم للجملة الفعلية بقوله: جئت مذ دعا، وسيأتي إيضاح ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 أحدهما: أن يدخلا على اسم مرفوع؛ نحو: ما رأيته مذ يومان، أو مذ يوم الجمعة، وهما حينئذ: مبتدآن، وما بعدهما خبر1. وقيل: بالعكس2، وقيل: ظرفان، وما بعدهما فاعل بكان تامة محذوفة3. والثاني: أن يدخلا على الجملة؛ فعلية كانت، وهو الغالب؛ كقوله: ما زال مذ عقدت يده إزاره4   1 ومعناهما: الأمد ونفي المدة؛ إذا كان الزمان حاضرا؛ نحو: ما رأيته مذ يومنا، أو معدودا كمثال المصنف "منذ يومان"، والتقدير: مدة عدم الرؤية يومنا، أو يومان ومن المعدود: منذ يوم، أو شهر، أو سنة، أو عشرة أيام، أو خمسة عشر يوما، أو عشرون يوما، أو مائة يوم، أو ألف يوم ... إلخ. وإن كان الزمان ماضيا؛ نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة فمعناه: أول مدة انقطاع الرؤية يوم الجمعة، وهذا مذهب المبرد والفارسي وبعض الكوفيين. 2 ويكونان ظرفين متعلقين بمحذوف هو الخبر وما بعدهما مبتدأ مؤخر، ويكون معنى ما لقيته مذ يومان بيني وبين لقائه يومان، وفي هذا تكلف وتقدير لا مبرر له، وهو مذهب الأخفش والزجاج. 3 والتقدير: مذ كان أو قد مضى يومان أو يوم الجمعة، وهما حينئذ متعلقان بمضون ما قبلهما، مع ملاحظة استمرار الانتفاء إلى زمن التكلم، وهذا مذهب جمهور الكوفيين، واختاره ابن مالك، ولعل الرأي الأول هو الأولى بالاتباع. 4 صدر بيت من الكامل، للفرزدق يرثي يزيد بن المهلب، وعجزه: فسما فأدرك خمسة الأشبار اللغة والإعراب: عقدت يده إزاره: كناية عن مجاوزته حد الطفولة وبلوغه سن التمييز والإزار: ما يلبسه الإنسان في نصفه الأسفل. فسما: شب واتفع. أدرك: بلغ ووصل، خمسة الأشبار: المراد: ارتفعت قامته وبلغ مبلغ الرجال."ما" نافية. "زال" فعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 أو اسمية كقوله: وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع1   ماض ناقص، واسمها يعود على يزيد: "مذ" ظرف مبني على السكون في محل نصب بزال، وهو مضاف إلى جملة "عقدت يداه إزاره" من الفعل والفاعل والمفعول. "قسما" معطوف على عقدت، "فأدرك" معطوف عليه كذلك، "خمسة الأشبار" مفعول أدرك، ومضاف إليه، وخبر زال جملة "يدني" في البيت بعده، وهو: يدني كتائب من كتائب تلتقي ... في ظل معترك العجاج مثار المعنى: أن يزيد منذ بلغ سن التمييز، واستطاع أن يقضي حوائجه بنفسه، ظهرت عليه مخايل الرجولة، وأخذ يتدرج في مدارج الرفعة والشجاعة ويظهر منه ما لا يرى إلا في الأبطال والعظماء. الشاهد: دخول "مذ" على جملة فعلية، وهو الغالب فيها، وينبغي أن يكون الفعل ماضيًا. 1 صدر بيت من الطويل للأعشى ميمون بن قيس، وعجزه: وليدا وكهلا حين شبت وأمردا وهذا البيت من قصيدته المشهورة التي مطلعها: ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وبت كما بات السليم مسهدا اللغة والإعراب: أبغي: أطل. يافع: هو الغلام الذي بلغ الحلم، أو ناهز العشرين؛ يقال أيفع الغلام ويفع؛ فهو يافع، ولا يقال موفع؛ وكأنهم استغنوا باسم الفاعل من الثلاثي. وليدا: صبيا. كهلا: هو من وخطه الشيب، أو من جاوز الثلاثين، أو الأربعين إلى الخمسين والستين. أمردا: هو الشاب الذي طر شاربه ولم تنبت لحيته؛ لأنه لم يبلغ سن الالتحاء؛ فإذا بلغه ولم تنبت لحيته فهو ثط. "ما" نافية "زلت" فعل ماض ناقص، والتاء اسمها. "أبغي المال" الجملة خبر زال. "مذ" ظرف معمول لأبغي. "أنا يافع" مبتدأ وخبر، والجملة مضاف إليه بمذ. المعنى: إنني أطلب المال، وأسعى للحصول عليه منذ كنت ناشئا، ثم صبيا، إلى أن بلغت سن الكهولة. الشاهد: دخول "مذ" على الجملة الاسمية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 وهما حينئذ ظرفان باتفاق1. فصل: تزاد كلمة "ما" بعد من، وعن، والباء فلا تكفهن عن عمل الجر2؛ نحو: {مِمَّا خَطِياتِهِمْ} ، {عَمَّا قَلِيلٍ} ، {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} . وبعد "رب" و"الكاف" فيبقى العمل قليلا؛ كقوله: ربما ضربة بسيف صقيل3   1 قيل: ظرفان مضافان إلى الجملة، أو إلى زمن مضاف إلى الجملة. وقيل: إنهما مبتدأن؛ بتقدير زمن مضاف إلى الجملة، يكون هو الخبر، والتقدير في مثال الناظم: "جئت مذ دعا" وقت المجيء هو زمن دعائه، وفي بيت للأغشى: أول وقت طلبي المال، هو وقت كوني يافعًا؛ وعلى ذلك فدعوى الاتفاق على الظرفية غير مسلمة هذا، وأصل منذ: مذ، ولا تدخل "من" عليهما، ولا يصح العكس أيضا. 2 لأنها لا تزيل اختصاصهن بالأسماء، وتقتضي قواعد الكتابة اتصال الحرفين خطا، قال: الناظم: وبعد "من" و"عن" و"باء" زيد "ما" ... فلم يعق عن عمل قد علما أي تزاد "ما" بعد "من" و"عن" والباء فلا تكفها وتمنعها عن عمل لها معلوم، وهو جر ما بعدها. 3 صدر بيت من الخفيف، لعدي بن الرعلاء الغساني. وعجزه: بين بصرى وطعنة نجلاء اللغة والإعراب: صقيل: مجلو أملس. بصرى: بلد الشام؛ كان بها سوق في الجاهلية، وذهب إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- مع عمه للتجارة، ورآه فيها بحيرا   * "وبعد" ظرف متعلق بزيد. "من" مضاف إليه مقصود لفظه "وعن وباء" معطوفان على من. "زيد" ماض للمجهول. "ما" نائب فاعل زيد. "يعق" مضارع مجزوم بلم، وفاعله يعود على "ما". "عن عمل" متعلق بيعق، "قد علما": "قد" حرف تحقيق، وعلى ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى علما، والألف للإطلاق، والجملة في محل جر صفة لعمل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 وقوله: كما الناس مجروم عليه وجارم1 والغالب أن تكفهما عن العمل2 فيدخلان حينئذ على الجمل.   الراهب، وعرفه، وحذر عمه عليه، نجلاء: واسعة ظاهرة الاتساع، "رب" حرف جر شبيه بالزائد. "ما" زائدة بعدها "ضربة" مجرور برب لفظا، وهي مبتدأ. "بسيف" متعلق بمحذوف صفة لضربة. "صقيل" صفة لسيف. "بين" ظرف متعلق بمحذوف، وخبر المبتدأ "بصرى" مضاف إليه، أو صفة لضربة، والخبر محذوف. "وطعنة" معطوف على ضربة. "نجلاء" صفة لها، مجرورة، بالكسرة الظاهرة للضرورة، وقد أضاف الشاعر "بين" إلى "بصرى"، وهو مفرد لم يعطف عليه مثله، مع أن "بين" لا تضاف إلا إلى متعدد؛ إما؛ لأن "بصرى" في قوة المتعدد؛ لأنها ذات أجزاء، ومحلات كثيرة؛ أي بين أجزائها وأماكنها. أو أن هناك مضافا محذوفا؛ أي بين أماكن بصرى. المعنى: كثيرا ما استعملت سيفي للضرب، ورمحي للطعن، في هذه الجهة استعمالا مشرفا. الشاهد: زيادة "ما" بعد "رب"، وعدم منعها من العمل. وذلك قليل. 1 عجز بيت من الطويل، لعمرو بن براقة الهمداني، وصدره: وننصر مولانا ونعلم أنه اللغة والإعراب: ننصر: نعين ونؤازر، مولانا؛ المراد هنا: حليفنا أو سيدنا، مجروم: مظلوم واقع عليه الجرم والتعدي، وجار: ظالم معتد. "مولانا" مفعول ننصر، منصوب بفتحة مقدرة على الألف، وهو مضاف إلى "نا". "أنه" أن واسمها. "كما" الكاف حرف تشبيه وجر، و"ما" زائدة. "الناس" مجرور بالكاف، والجار والمجرور خبر "أن"، والجملة في محل نصب سدت مسد مفعولي نعلم. "مجروم" خبر ثان؛ لأن. "عليه" جار ومجرور، ونائب فاعل لمجروم؛ لأنه اسم مفعول. "وجازم معطوف عليه. المعنى: أن من أخلاقنا وشيمتنا أن نساعد حليفنا، ونعينه على عدوه، ونحن نعلم أنه كغيره من الناس يظلم، ويظلم غيره. الشاهد: زيادة "ما" بعد الكاف في "كما الناس"، وعدم كفها عن عمل الجر. 2 وحينئذ تسمى "كافة" أما إذا لم تكف؛ فتسمى "زائدة" لا غير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 كقوله: كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه1   وفي زيادة "ما" بعد "رب" و"الكاف" يقول الناظم: وزيد بعد "رب" و"الكاف" فكف ... وقد تليهما وجر لم يكف أي زيد الحرف "ما" بعد "رب"، وبعد "الكاف" فكفهما عن العمل، وقد يلهما ولا يكفيهما، ومعنى "لم يكف: لم يمنع" وكذلك تزاد "ما" قليلا بعد اللام؛ كقول الأعشى: إلى ملك خير أربابه ... فإن لما كل شيء قرارا أي فإن لكل شيء. وما ورد من دخول "ما" على هذه الحروف وكفها عن العمل، يؤول عند الجمهور على أن "ما" مصدرية، والفعل بعدها في تأويل مصدر مجرور بها. وتزاد "ما" أيضًا بعد أدوات الشرط الجازمة، وغير الجازمة؛ فلا تغير وضعها؛ نحو: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ} ، {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ} . والغرض من زيادتها في هذه الأحوال كلها التأكيد. 1 عجز بيت من الطويل، لنهشل بن جرى، يرثي أخاه مالكا، وكان قد قتل في جيش علي يوم صفين، وصدره: أخ ماجد لم يحزني يوم مشهد اللغة والإعراب: ماجد: ذو مجد؛ والمجد: الرفعة والشرف والكرم. يحزني: يوقعني في الخزاية؛ وهي الإهانة والفضيحة؛ والمراد: يخذلني. يوم مشهد: اليوم الذي يشهده الناس ويحضرونه؛ والمراد يوم صفين، وهو الذي قتل فيه أخوه مالك. سيف عمرو؛ المراد: عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وسيفه: الصمصامة. مضاربة: جمع مضرب؛ وهو نحو شبر من طرفه. "أخ" مبتدأ. "ماجد" صفته. "لم يخزني" الجملة خبر. ويجوز أن يعرب. "أخ" خبرا لمبتدأ محذوف، وما بعده صفة. "يوم مشهد" ظرف متعلق بيخزني، ومضاف إليه. "كما" الكاف جارة، و"ما" كافة. "سيفا عمرو" مبتدأ، ومضاف إليه. "لم تخنه مضاربه" الجملة خبر المبتدأ.   * "وزيد" ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على "ما" في البيت السابق. "والكاف" معطوف على "رب". "فكف" الفاء عاطفة، وفاعل كف يعود على "ما"، ومفعوله محذوف؛ أي فكف جرهما. "تليهما" فاعل تلى يعود على "ما"، وضمير التثنية مفعول به يعود على رب والكاف، و"جر" الواو للحال، و"جر" مبتدأ، "لم يكف" يكف مضارع مبني للمجهول؛ ومجزوم بلم؛ ونائب الفاعل يعود إلى. "جر" والجملةخبر المبتدأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 وقوله: ربما أوفيت في علم1 والغالب على "رب" المكفوفة أن تدخل على فعل ماض2 كهذا البيت، وقد تدخل على مضارع منزل منزلة الماضي لتحقق وقوعه؛ نحو: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} 3.   المعنى: يمدح أخاه بالشجاعة والإقدام والكرم، وأنه لم يتخل عنه، ولم يخذله، ولم يحجم عن لقاء الأعداء معه يوم صفين؛ كما أن سيف عمرو بن معد يكرب لم يخذله ولم ينب في يده عن شيء ما. الشاهد: أن "ما" كفت الكاف في "كما" عن الجر؛ فرفع "سيف" على الابتداء، وهذا هو الكثير فيها. هذا: وتقع "كما" بعد الجمل صفة في المعنى؛ نحو: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} ، وتعرب نعتا لمصدر أو حالا؛ أي نعيده أول خلق؛ إعادة مثل ما بدنا، أو نعيده مماثلا للذي بدأناه. ومثل: "كما": "كذلك". 1 صدر بيت من المديد لجذيمة بن الأبرش بن مالك بن فهم ملك الحيرة، وهو صاحب الزباء، وعجزه: ترفعن ثوبي شمالات اللغة والإعراب: أوفيت: نزلت، علم: جبل. شمالات: جمع شمال؛ وهي ريح تهب من ناحية القطب الشمالي. "ربما" رب حرف جر شبيه بالزائد، و"ما" كافة "ترفعن" مضارع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، "ثوبي" مفعول ترفعن. "شمالا" فاعله. المعنى: كثيرًا ما أنزل على الجبال العالية، في مهب الرياح العاتية، محتملا المصاعب؛ لأرقب الأعداء؛ يفتخر بأنه يرقب الطليعة بنفسه متحملا لمشاق؛ ولا يعتمد على غيره. الشاهد: أن "ما" كفت "رب" عن عمل الجر؛ لأنها دخلت على الجملة الفعلية. 2 لأن معناها التكثير أو التقليل؛ وهما إنما يكونان فيما عرف حده، والمستقبل مجهور، وإذا كانت "ما" كافة، و"رب" غير عاملة، وجب وصلهما كتابة، فإن كانت "رب" عاملة، وجب فصلهما. 3 فإن "يود"، وإن كان مستقبلا حقيقة؛ لأنه في يوم القيامة؛ لكن لما كان معلوما لله تعالى، نزل منزلة الماضي، بجامع التحقق في كل، وقيل: إن المضارع مقصود به حكاية حال ماضية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 وندر دخولها على الجملة الاسمية كقوله: ربما الجامل المؤيل فيهم1 حتى قال الفارسي: يجب أن تقدر "ما" اسما مجرورًا برب بمعنى شيء2، والجامل خبرا لضمير محذوف، والجملة صفة لما3؛ أي رب شيء هو الجامل المؤبل. فصل: تحذف "رب"، ويبقى عملها بعد الفاء كثيرًا؛ كقوله:   على طريق المجاز: 1 صدر بيت من الخفيف، لأبي دؤاد الإيادي، وعجزه: وعناجيج بينهن المهار اللغة والإعراب: الجامل: اسم جمع للإبل لا واحد له، وقيل: القطيع من الإبل مع رعاتها. المؤبل: المعد للقنية. عناجيج: جمع عنجوج؛ كعصفور؛ وهي الخيل الجياد الطويلة الأعناق، المهار: جمع مهر، وهو ولد الفرس، والأنثى مهرة. "ربما": "رب" حرف تقليل وجر شبيه بالزائد، و"ما" كافة زائدة "الجامل" مبتدأ "المؤبل" صفته "فيهم" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، "وعناجيج" مبتدأ معكوف على الجامل، وخبره محذوف يدل عليه ما قبله. "بينهن المهار" خبر مقدم، ومبتدأ مؤخر، والجملة صفة لعناجيج. المعنى: يصف نفسه بالكرم والجود، وأنه لا يبخل على من يتصل به بأحسن ما عنده؛ من الإبل المتخذة للقنية، والخيل الجياد التي معها أولادها. الشاهد: دخول "رب" المكفوفة بما على الجملة الاسمية، وذلك نادر. 2 وذلك ليكون الاسم المجرور بها نكرة. 3 و"فيهم" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال؛ أي كائنا فيهم؛ وبذلك يكون مدخول رب مفردا، وإنما قدر الفارسي ضميرا محذوفا، ولم يجعل الجملة على حالها صفة لما ليحصل الربط بين الصفة والموصوف، وفي هذه الحالة تكتب "ما" مفصولة من "رب" بخلاف "ما" الكافة؛ فإنها تكتب موصولة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 فمثلك حبلى قد طرفته ومرضعا1 وبعد "الواو" أكثر: كقوله: وليل كموج البحر أرخى سدوله2   1 صدر بيت من الطويل؛ لامرئ القيس الكندي، من معلقته المشهورة يخاطب به محبوبته، وعجزه: فألهيتها عن ذي تمائم محول اللغة والإعراب: طرقت: أتيتها ليلا؛ والطروق: الإتيان في الليل. ألهيتها: شغلتها. تمائم: جمع تميمة؛ وهي التعاويذ التي تعلق على الصبي لتقيه من العين والسحر ونحوهما، على عقيدة العرب، محول: اسم فاعل؛ من أحول الصبي، إذا مر عمره حول. "فمثلك" الفاء عاطفة و"مثلك" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة، وجر لفظا برب المحذوفة بعد الفاء والكاف مضاف إليه. "حبلى" بدل من "مثل"، وجملة "قد طرقت" خبر المبتدأ "ومرضع" معطوف على حبلى. "فألهيتها" الفاء عاطفة، و"ألهيتها" فعل وفاعل ومفعول. "عن ذي" متعلق به، "تمائم" مضاف إليه، ممنوع من الصرف؛ لصيغة منتهى الجموع. "محول" صفة لذي تمائم مجرورة بالكسرة. المعنى: رب المرأة مثلك حبلى، ومرضع قد أتيتها ليلا، فشغلتها عن طفلها الصغير الذي تولع به، وخص الحبلى والمرضع؛ لأنهما أزهد النساء في الرجال، ومع ذلك تعلقتا به، ومالتا إليه. الشاهد: جر "مثل" في اللفظ -برب المحذوفة بعد الفاء، وذلك كثير. 2 صدر بيت من الطويل، لامرئ القيس أيضًا من المعلقة المذكورة، وعجزه: علي بأنواع الهموم ليبتلي اللغة والإعراب: كموج البحر: أي مثله؛ في شدة هوله وظلمته. سدوله: ستوره والمفرد سدل. ليبتلي: ليختبر ويمتحن. "وليل" الواو واو رب، "ليل" مبتدأ وهو مجرور لفظا برب المحذوفة. "كموج البحر" متعلق بمحذوف صفة لليل، ومضاف إليه، والخبر محذوف، أي قطعته. "أرخى" سدوله"، الجملة صفة ثانية لليل، أو هي الخبر. "علي" متعلق بأرخى. "ليبتلي" اللام للتعليل، ويبتلي مضارع منصوب بأن المضمرة بعد اللام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 وبعد "بل" قليلا؛ كقوله: بل مهمه قطعت بعد مهمه1 وبدونهن أقل؛ كقوله:   المعنى: رب ليل عظيم الهول والخوف أسد على ستور ظلامه مع أنواع الهموم والأحزان؛ ليختبر ما عندي من الشجاعة والاحتمال والصبر، أو الجزع والفزع -قطعته ولم أبال بشيء. الشاهد: جر "ليل" برب المحذوفة بعد الواو؛ وهذا أكثر من حذفها، وجر ما بعدها بعد الفاء. 1 بيت من الرجز المشطور، لرؤبة بن العجاج. اللغة والإعراب: مهمه: مفازة بعيدة الأطراف؛ قيل: سميت بذلك؛ لأن سالكها يقول لصاحبه من الخوف والذعر: مه مه؛ أي كف عن الحديث. "بل"حرف عطف للإضراب. "مهمه" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة، وجر لفظا برب المحذوفة بعد "بل"، "قطعت" الجملة خبر. ويجوز أن يعرب "مهمه" مفعولا مقدما لقطعت. "بعد مهمه" ظرف متعلق بقطعت ومضاف إليه. الشاهد: في "بل مهمه"؛ حيث جر برب المحذوفة بعد "بل". وحذف "رب" بعد "بل" وإبقاء عملها، قليل بالنسبة للواو والفاء، وكل حرف من هذه الأحرف الثلاثة يسمى العوض عن "رب"، أو النائب عنها، ويقال في الإعراب: الواو واو "رب"، والفاء فاء "رب"، وبل: بل "رب". وفي حذف "رب" بعد هذه الأحرف يقول الناظم: وحذفت "رب" فجرت بعد "بل" ... و"ألفا" وبعد "الواو شاعر ذا العمل أي أن "رب" قد تحذف، ويبقى ما بعدها مجرورا بها لفظ؛ وذلك قليل بعد "بل"، وكثير   * "رب" نائب فاعل حذفت مقصود لفظها. "فجرت" الفاء عاطفة، وفاعل جرت يعود على رب، والتاء للتأنيث. "بعد" ظرف متعلق بجرت. "بل" مضاف إليه مقصود لفظه. "وألفا" معطوف على بل؛ وقصر للضرورة. "وبعد الواو" ظرف متعلق بشاع، ومضاف إليه. "ذا" اسم إشارة فاع. شاع العمل بدل من ذا، أو نعت، أو عطف بيان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 رسم دار وقفت في طلله1 وقد يحذف غير "رب" ويبقى عمله؛ وهو ضربان: سماعي؛ كقول رؤبة: "خير والحمد لله"؛ جوابًا لم قال له: كيف أصبحت؟ 2 وقياسي3؛ كقولك: بكم درهم اشتريت ثوبك؟؛ أي: بكم من درهم؟ خلافًا للزجاج في تقديره الجر بالإضافة4.   بعد الفاء، وشاع بعد الواو. 1 صدر بيت من الخفيف، لجميل بن معمر العذري، وعجزه: كدت أقضي الحياة من جلله اللغة والإعراب: رسم دار: هو ما بقي من آثارها لاصقا بالأرض؛ كالرماد ونحوه. طلله، الطلل: ما شخص؛ أي ارتفع من آثارها؛ كالوتد والأثافي. من جلله: من أجله، أو من عظم شأنه في نفسي. "رسم" بالجر مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة، وجر لفظا برب محذوفة. "دار" مضاف إليه، "وقفت" الجملة صفة لرسم. "في طلله" جار ومجرور متعلق بوقفت. "كدت" كاد واسمها أقضي الحياة" الجملة خبر كاد، والجملة من كاد ومعموليها خبر المبتدأ. المعنى: رب أثر باق من آثار ديار الأحبة، وقفت عنده؛ فكدت أموت أسى وحزنا على تلك الديار؛ التي كانت عامرة ولها أعظم شأن في نفسي، فأصبحت خرابا خاوية من أهلها. الشاهد: جر "رسم" برب محذوفة؛ من غير أن يسبق هذا المجرور حرف من الأحرف الثلاثة التي مرت، وذلك نادر. 2 الأصل: بخير، أو على خي؛ فحذف الجار، وأبقي عمله. ورؤبة هذا من فصحاء العرب، الذين يستدل بقولهم. 3 ويطرد في مواضع كثيرة؛ منها: أن يكون حرف الجر داخلا على تمييز "كم" الاستفهامية؛ بشرط أن تكون مجرورة بحرف جر مذكور قبلها؛ كمثال المصنف. 4 بأي إضافة "كم" إلى تمييزها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 وكقولهم: إن في الدار زيدا والحجرة عمرا1؛ أي: وفي الحجرة، خلافا للأخفش؛ إذ قدر العطف على معمولي عاملين2. وقولهم: مررت برجل صالح إلا صالح فطالح3؛ حكاه يونس، وتقديره: إلا أمر بصالح، فقد مررت بطالح4.   1 هذا هو الموضع الثاني؛ وهو: أن يكون حرف الجر مع مجروره بعد عاطف، والمعطوف عليه مشتمل على حرف جر مماثل للمحذوف؛ "فالحجرة" مجرورة بفي محذوفة، وليست معطوفة على الدار؛ لئل يلزم العطف على معمولي عاملين مختلفين، وذلك ممنوع عند سيبويه، ومن تبعه؛ وذلك لضعف العاطف عن القيام مقام عاملين مختلفين. 2 فجعل "الحجرة" معطوفة على الدار، وعمرًا معطوفا على "زيدا"، والدار وزيد، معمولان لعاملين مختلفين؛ لأن العامل في الدار حرف الجر، والعامل في "زيدا" إن. 3 هذا هو الموضع الثالث؛ وهو: أن يكون حرف الجر مسبوقا بفاء الجزاء، الواقعة بعد ما تضمن مثل المحذوف. 4 هذا تقرير ابن مالك. وقدره سيبويه: إلا أكن مررت بصالح فبطالح؛ قيل: هو الصواب؛ لئلا ينتقض إخبارك أولا بالمرور فيما مضي؛ لأن: إلا أمر معناه في المستقبل، ويمكن حمل تقدير ابن مالك عليه؛ بأن يجعل معنى إلا أمر: إن لا أكن مررت. وفيما سبق؛ من حذف الجار وإبقاء عمله؛ تشبيها برب. يقول الناظم: وقد يجر بسوى "رب" لدى ... حذف وبعضه يرى مطردا أي وقد يجر الاسم بحروف غير "رب" مع حذفها، وبعض حالات الحذف والجر قد يكون قياسيا مطردا، وبعضه سماعي لا يقاس عليه. ومما يطرد فيه الحذف غير ما ذكره المصنف: 1 أن يكون حرف الجر "لام التعليل" إذا جرت "كي" المصدرية وصلتها؛ نحو: كافأتك   * "قد" حرف للتقليل. "بسوى" جار ومجرور؛ واقع موقع نائب فاعل يجر. "رب" مضاف إليه مقصود لفظه. "لدى" ظرف متعلق بيجر. "حذف" مضاف إليه. "وبعضه" مبتدأ، ومضاف إليه "يرى". مطردا نائب فاعل يرى، العائد على بعضه، هو المفعول الأول، و"مطردا" المفعول الثاني، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....   كي تقبل على عملك؛ أي لكي؛ إذا قدرت "كي" تعليلية. ب- أو يكون الجار أحد حروف القسم، والمجرور لفظ الجلالة، دون عوض من حرف القسم المحذوف؛ نحو: الله لأعاقبن المهمل، أي بالله. جـ- إذا كان الجار واقعا مع المجرور، في سؤال مقرون بالهمزة، بعد كلام متضمن؛ مثل المحذوف؛ نحو: أعلي بن إبراهيم؛ استفهاما لمن قال: مررت بعلي. د- أو كانا واقعين بعد "هلا" التي للتحضيض، وقبلهما كلام مشتمل على مثل المحذوف؛ كأن يقال: سأتصدق بدينار؛ فيقال: هلا دينارين؛ أي بدينارين. هـ- أن يكون المجرور بالحرف معطوفا على خبر "ليس"، أو"ما" الحجازية؛ بشرط أن يكون صالحا لدخول حرف الجر عليه؛ بأن يكون الخبر اسما لم ينتقض نفيه بإلا؛ نحو: لست مدركا القطار، ولا قادر على العودة؛ بجر "قادر" بالعطف على "مدركا"، الذي يجوز جره بالباء، فيقال: لسبت بمدرك, فعلى الجواز الموهوم، عطف عليه بالجر؛ وهذا هو الذي يسميه النحاة "العطف على التوهم". و إذا كان الجار مسبوقا بإن الشرطية، وقبلهما كلام مشتمل على مثيل للمحذوف؛ نحو: سلم على من تحب؛ إن محمد، وإن علي. ز- إذا كان حرف الجر مع المجرور معطوفين على مشتمل على حرف جر، مثل المحذوف، مع الفصل "بلا" بين حرف العطف، وحرف الجر؛ نحو: ما للمعلم إلا الإرشاد والتوجيه، ولا الطالب إلا الجد والتحصيل، أو: ولا للطالب. حـ- أن يكون حرف الجر كالموضع السابق، مع الفصل "بلو" كقوله: متى استعنتم بنا ولو فئة منا وجدتم منا كل عون؛ أي: ولو بفئة. هذا: ولا يجوز الفصل بين حرف الجر ومجروره اختيارا، ويجوز الفصل بينهما اضطرارا؛ بظرف، أو جار ومجرور. تنبيه: ذكرنا فيما سبق: أن الظرف؛ والجار والمجرور لا بد لهم من متعلق يرتبطان به؛ وهذا المتعلق قد يكون فعلا، أو شبهه؛ كاسم الفعل، أو مؤولا بما يشبه ذلك، أو ما يشير إلى معناه؛ نحو: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} ؛ أي وهو المسمى بهذا الاسم، {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} ؛ أي انتفى الكون مجنونا بنعمة ربك؛ فإن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....   لم يكن شيء من ذلك؛ قدر الكون المطلق متعلقا ويستثنى من ذلك: أ- الحروف الزائدة؛ لأنه أتي بها للتأكيد لا للربط. ب- "لعل" في لغة عقيل؛ لأنها شبيهة بالزائد. جـ- "رب"؛ مثل: رب رجل محسن قابلت؛ لأن مجرورها مفعول. د- "لولا" عند من جربها؛ لأنها بمنزلة "لعل"؛ في رفع ما بعدها محلا. هـ- حروف الاستنثاء؛ وهي: خلا، وعدا، وحاشا، إذا خفضن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 باب: الإضافة معناها مدخل ... باب الإضافة 1: تحذف من الاسم الذي تريد إضافته؛ ما فيه من تنوين ظاهر أو مقدر2؛ كقولك في ثوب ودراهم: ثوب زيد ودراهمه، ومن نون تلي علامة الإعراب وهي: نون التثنية وشبهها؛ نحو: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} ، وهذان اثنا، ونون جمع المذكر السالم وشبهه؛ نحو: {وَالْمُقِيمِي الصَّلاةَ} ، وعشر وعمرو3، ولا تخذف النون التي تليها علامة الإعراب؛ نحو: بساتين زيد، وشياطين الإنس4.   هذا باب الإضافة: 1 معناها في اللغة: مطلق الإسناد، واصطلاحنا: إسناد اسم إلى آخر، على تنزيل الاسم الثاني من الأول منزلة تنوينه، أو ما يقوم مقام التنوين في تمام الكلمة، وإن شئت قلت: هي نسبة تقييدية بين اسمين، تقتضي أن يكون ثانيهما مجرورا دائما، والمراد بالنسبة: الإسناد والحكم، ومعنى كونمها تقييدية: أنها نسبة جزئية الغرض منها تقييد المضاف بالمضاف إليه، وإيجاد نوع من القصر والتحديد له، بعد أن كان عاما مطلقا. 2 كتنوين الممنوع من الصرف؛ كدراهم كما مثل المصنف، وكذلك يجب حذف أل غير الأصلية التي هي من بنية الكلمة من صدر المضاف؛ إذا كانت الإضافة محضة، أو غير محضة. والمضاف غير مثنى أو جمع على حده، والثاني مجرد من أل كما سيأتي في موضعه. 3 عشرو: شبيه بجمع المذكر في إعرابه بالحروف، وليس بجمع؛ لأنه لا مفرد له. 4 لأن النون في المثالين تليها علامة الإعراب، وهي الحركة وعلامة الإعراب تأتي في المرتبة بعد آخر الكلمة، وإلى حذف النون والتنوين من المضاف، يشير الناظم بقوله: نونا تلي الإعراب أو تنوينا ... مما تضيف احذف كطور سينا أي احذف من الاسم الذي تريد إضافته، نونا تلي حرف الإعراب، وكذلك التنوين الذي في آخر الاسم، ومثل الناظم لحذف التنوين من المضاف بكلمة "طور" عند إضافته "لسينا" والطور: جبل معروف في صحراء سينا على الحدود الشمالية الشرقية لمصر.   * "نونا" مفعول مقدم لاحذف، "تلي" الجملة نعت لنونا. "الإعراب" مفعول تلي على حذف مضاف؛ أي حرف الإعراب. "أو تنوينا" معطوف على نونا. "مما" ما: اسم موصول والجار والمجرور متعلق باحذف. "تضيف" الجملة صلة ما. "كطور سينا" الجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف؛ أي وذلك كطور، وسينا: مضاف إليه، وقصر للضرورة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 ويجر المضاف إليه بالمضاف وفاقا لسيبويه1، لا بمعنى اللام خلافا للزجاج2. فصل: وتكون الإضافة على معنى "اللام" بأكثرية، وعلى معنى "من" بكثرة، وعلى معنى "في" بقلة3. وضابط التي بمعنى "في": أن يكون الثاني ظرفا للأول4؛ نحو: {مَكْرُ اللَّيْلِ} ، {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} . والتي بمعنى "من" أن يكون المضاف بعد المضاف إليه، وصالحًا للإخبار به عنه5؛ كخاتم فضة؛ ألا ترى أن الخاتم بعض جنس الفضة؟ وأنه يقال: هذا الخاتم فضة. فإن انتفى الشرطان معا؛ نحو: ثوب زيد وغلامه، وحصير المسجد وقنديله6، أو الأول فقط؛ نحو: يوم الخميس7، أو الثاني فقط؛ نحو: يد زيد8، فالإضافة بمعنى لام الملك والاختصاص1.   1 ووافقة الجمهور وهو الصحيح؛ بدليل اتصال الضمير به، والضمير لا يتصل إلا بعامله. 2 أي: ولا بالإضافة، ولا بحرف مقدر ناب عنه المضاف، خلافا لمن قال ذلك. 3 ذهب أبو حيان: إلى أن الإضافة ليست على معنى أي حرف، ولا على نية حرف. 4 أي: أن يكون المضاف إليه ظرف زمان أو مكان واقعا فيه المضاف، سواء كانت الظرفية حقيقة أو مجازية؛ فإن المقصود أن يكون وعاء للمضاف وغلافا يحتويه، وقد مثل لهما المصنف. 5 أي يصح الإخبار بالمضاف إليه عن المضاف. 6 فإن الثوب والغلام ليسا بعض زيد، وكذلك الحصير والقنديل ليسا بعض المسجد، ولا يصح الإخبار بزيد ولا بالمسجد عما قبلهما، والإضافة في الأولين للملك، وفي الآخرين للاختصاص. 7 فإن اليوم ليس بعض الخميس، وإن كان يصح الإخبار عنه بالخميس، فالإضافة هنا من إضافة المسمى للاسم. 8 فإن اليد وإن كانت بعض زيد، لكن لا يصح الإخبار عنها به، والإضافة فيه من إضافة الجزء إلى كله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 فصل: الإضافة على ثلاثة أنواع ... فصل: والإضافة على ثلاثة أنواع نوع يفيد تعرف المضاف بالمضاف إليه أن كان معرفة؛ كـ غلام زيد، وتخصصه به إن كان نكرة2؛ كغلام امرأة. وهذا النوع هو الغالب3. ونوع يفيد تخصص المضاف دون تعرفه4. وضابطه: أن يكون المضاف متوغلا   1 لام الملك كما في: ثوب زيد وغلامه، ولام الاختصاص كبقية الأمثلة، وعلى هذا تكون الإضافة التي على معنى اللام هي: التي يتحقق معناها دون معنى "من" أو"في". هذا: ولا يشترط في الإضافة التي بمعنى اللام صحة التصريح باللام، بل يكفي إفادة معناها؛ كيوم الاثنين، وعلم البلاغة، وشجرة التفاح؛ فإنها بمعنى لام الاختصاص ولا يصح إظهار اللام فيها. ومن الإضافة على معنى "من": إضافة الإعداد إلى المعدودات؛ نحو: خمسة أقلام. وإضافة العدد إلى مثله؛ نحو: أربعمائة، ولا يضر عدم صحة الإخبار في الظاهر؛ لأن المضاف إليه يشمل المضاف، وإضافة المقادير إلى الأشياء المقدرة؛ نحو: بعت فدان قمح، وقد سبق ذلك في التمييز. 2 المراد بالتخصص: تقليل الشيوع والاشتراك في النكرة؛ بحيث تصبح في درجة بين المعرفة والنكرة، من ناحية التعيين والتحديد. 3 ذلك؛ لأن كلا من المتضايفين يؤثر في الآخر، فالمضاف يؤثر الجر في المضاف إليه، وهذا يؤثر في الأول التعريف أو التخصيص، وضابطه: انتفاء ضابطي القسمين الآتيين. 4 هذا النوع ينقسم إلى قسمين:- أ- قسم ملازم للتنكير، لا يقبل التعريف أصلا ولو أضيف إلى معرفة؛ لشدة توغله في الإبهام، وقد ذكر المصنف ضابطه. ب- وقسم يقبل التعريف، ولكن يجب تأويله بنكرة؛ لأنه حل محل ما لا يكون إلا نكرة؛ ومن ذلك: المعطوف على مجرور "رب" وعلى التمييز المجرور بعد "كم"؛ نحو: رب رجل وصديقه، كم ناقة وفصيلهما؛ لأن مجرور رب و"كم" لا يكون إلى نكرة، فالمعطوف عليهما نكرة كذلك. وكذلك كلمة "وحد"، و"جهد"، و"طاقة" ونحوها في مثل قولهم: فعل ذلك وحده، أو جهده، أو طاقته؛ لأن هذه الكلمات أحوال غالبا، والحال لا يكون إلا نكرة؛ ولهذا يجب تأويلها بمنفردا، وجاهدا، ومطيقا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 في الإبهام1؛ كغير و"مثل"؛ إذا أريد بهما مطلق المماثلة والمغايرة2 لا كمالهما3؛ ولذلك صح وصف النكرة بهما؛ في نحو: مررت برجل مثلك أو غيرك4. وتسمى الإضافة في هذين النوعين: معنوية؛ لأنها أفادت أمرا معنويا5؛ ومحضة؛ أي خالصة من تقدير الانفصال6.   1 أي متعمقا ومتغلغلا وشديد الدخول فيه. 2 نحو: مررته برجل غيرك، أو مثلك؛ لأن المغايرة أو المماثلة العامة بين شيئين لا تخص وجها بعينه. 3 لأن صفات المخاطب معلومة، فثبوتها كلها لشخص، أو ثبوت أضدادها جميعا لشخص يستلزم تعيينه، وإذا أريد بـ"غير" و"مثل" مغايرة خاصة ومماثلة خاصة، وحكم بتعريفهما، وأكثر ما يكون ذلك في "غير": إذا وقعت بين ضدين معرفتين؛ نحو: رأيت العلم غير الجهل، ومررت بالكريم غير الشحيح، ومنه قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ، فقد زيل إبهام "غير" بتعين جهة المغايرة، ويكون في "مثل": إذا أضيفت لمعرفة وقارنها ما يشعر بمماثلة خاصة؛ نحو: محمود مثل عنترة؛ أي في الشجاعة، وعلي مثل حاتم؛ أي في الجود. ومن الألفاظ المتوغلة في الإبهام: تربك، نحوك، ندك، شبهك، ومعناها: نظرك، وشرعك قطك، قدك، وهي بمعنى حسبك وكافيك، وخدنك، بمعنى صاحبك، ولا يقاس على هذه، بل يقتصر على السماع. وكافيك، وخدنك، بمعنى صاحبك، ولا يقاس على هذه، بل يقتصر على السماع. 4 وهذا يدل على أنها لم تتعرف. بالإضافة؛ لأن النكرة لا توصف بمعرفة. 5 وهو استفادة المضاف من المضاف إليه التعريف أو التخصيص؛ ولأنها تتضمن معنى حرف من حروف الجر الثلاثي: من، في، اللام. 6 فإن نحو: والد محمد مثلك، ليس في تقدير: والد لمحمد مثل لك؛ بل بين المضاف والمضاف إليه قوة ارتباط واتصال، وأكثر ما يكون المضاف في الإضافة المحضة: اسما جامدا غير مؤول بالمشتق؛ كالمصادر وأسمائها. والمشتقات الشبيهة بالجوامد التي لا تعمل مطلقا، كأسماء المكان والزمان، والآلة، وأفعل التفضيل على المشهور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 ونوع لا يفيد شيئا من ذلك. وضابطه: أن يكون المضاف صفة تشبه المضارع؛ في كونها مرا بها الحال أو الاستقبال1.   وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: والثاني اجرر وانو "من" أو"في" إذا ... لم يصلح إلا ذاك واللام خذا لما سوى ذينك واخصص أولا ... أو أعطه التعريف بالذي تلا أي اجرر الثاني، وهو المضاف إليه، وانو؛ أي تخيل وجود الحرف "من" أو "في" إذا لم يتحقق المعنى إلا على نية أحدهما، فإن لم يصلح أحدهما، فخذ اللام وانوها في كل موضع سوى الموضع الصالح لهذين الحرفين، واخصص الأول، وهو المضاف، أو عرفه بالذي تلاه، وهو المضاف إليه. 1 أما الصفة التي بمعنى الماضي أو مطلق الزمن؛ فإن الإضافة فيها محضة؛ نحو: قارئ الدرس أمس كان نشيطا، وقارئ الدرس نشيط. واختلف في الصفة التي بمعنى الاستمرار؛ فقيل هي كالحال. وقيل: الاستمرار يحتوي على الأزمنة الثلاثة؛ فإذا اعتبر جانب الماضي، كانت الإضافة حقيقة، فلا يعمل، ويتعرف بالإضافة؛ كما في: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بدليل وصف المعرفة به. وإن اعتبر جانب الحال أو الاستقبال، كانت الإضافة حقيقة، فيعمل، ولا يعرف كما في وجاع الليل سكنًا. هذا: وإذا كان المضاف إليه جملة في هذا النوع من الإضافة؛ فإن هذه الجملة تعتبر في حكم المفرد والمضاف إليه؛ لأنها تؤول بمصدر مضاف إلى فاعله إن كانت فعلية، وبمصدر مضاف إليه مبتدئه إن كانت اسمية؛ نحو: أزورك حين تكون في المنزل؛ أي حين وجودك، وأزورك حين والدك موجود؛ أي حين وجود والدك، وهذا المصدر يكون معرفة إن أضيف إلى معرفة، ونكرة متخصصة إن أضيف إلى النكرة.   * "والثاني" مفعول لاجرر. "وانو" فعل أمر معطوف على اجرر. "من" مفعوله مقصود لفظه. "أو في" معطوف على من. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "لم يصلح" فعل الشرط "إلا" أداة استثناء ملغاة. "ذاك" ذا اسم إشارة فاعل يصلح، والكاف حرف خطاب. "واللام" مفعول مقدم لخذ. "خذا" فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف. "لما" متعلق بخذ، وما اسم موصول. "سوى" ظرف مضاف إلى "ذينك" والإشارة للمعنيين، وهو متعلق بمحذوف صلة ما. "أولا" مفعول اخصص. "التعريف" مفعول أعط الثاني والهاء مفعوله الأول. "بالذي" متعلق بأعط، والباء للسببية، أو متعلق بالتعريف. "تلا" فعل ماض والفاعل يعود على الذي، والجملة صلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 وهذه الصفة ثلاثة أنواع: اسم الفاعل1؛ كـ"ضارب زيد"، وراجينا، واسم المفعول؛ كـ"مضروب العبد"، ومروع القلب2، والصفة المشبهة؛ كـ"حسن الوجه"، وعظيم الأمل، وقليل الحيل. والدليل على أن هذه الإضافة لا تفيد المضاف تعريفا: وصف النكرة به؛ في نحو: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} 3 ووقوعه حالا؛ في نحو: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} 4 وقوله: فأتت به حوش الفؤاد مبطنا5   1 سواء كان مضافا لمعموله الظاهرة أو المضمر، وقد مثل لهما المصنف، ومثل اسم الفاعل: أمثلة المبالغة. 2 سواء كان من الثلاثي أم عن غيره؛ كمثالي المصنف. ومروع، من روعه الشيء بمعنى أفزعه. 3 فـ"هديا" نكرة منصوبة على الحال، و"بالغ الكعبة" صفتها ومضاف إليه، ولا توصف النكرة بالمعرفة. 4 "ثاني" حال من فاعل "يجادل" في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} والحال واجب التنكير، والأصل عدم التأويل. 5 صدر بيت من الكامل، لأبي كبير الهذلي، يمدح تأبط شرًّا -أحد فتاك العرب وذؤبانهم، وعجزه: سهدا إذا ما نام ليل الهوجل اللغة والإعراب: أتت به: فاعل أنت يعود إلى أم تأبط شرا، وكان أبو كبير قد تزوجها، والضمير في "به" يعود إلى تأبط شرا. حوش الفؤاد: حديد القلب جريء الجنان. مبطنا: ضامر البطن، سهدا: قليل النوم. الهوجل: الثقيل الكسلان، أو الأحمق. "حوش الفؤاد" حال من الضمير في "به" ومضاف إليه، وهو صفة مشبهة مضافة إلى فاعلها، "مبطنا، وسهدا" حالان مثل حوش. "إذا" ظرف زمان متعلق بسهدا. "ما" زائدة. "ليل الهوجل" فاعل نام ومضاف إليه. وإسناد النون إلى الليل مجاز عقلي من إسناد الفعل إلى زمنه؛ أي نام الهوجل في الليل. المعنى: أن هذه المرأة جاءت بمولود ذكي جر ضامر البطن يقظ، قليل النوم في الليل حين ينام غير من الكسالى الحمقى. الشاهد: إضافة الصفة المشبهة -وهي "حوش"- إلى فاعلها المحلى بأل، ولم يفدها ذلك تعريفا؛ لأنها جاءت حالا، والحال لا يكون إلا نكرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 ودخول "رب" عليه في قولك: يا رب غابطنا لو كان يطلبكم1 والدليل على أنها لا تفيد تخصيصا: أن أصل قولك ضارب زيد، ضارب زيدًا، فالاختصاص موجود2 قبل الإضافة. وإنما تفيد هذه الإضافة التخفيف3 أو رفع   1 صدر بيت من البسيط، من قصيدة جرير يهجو فيها الأخطل الشاعر الأموي النصراني، وعجزه: لاقى مباعدة منكم وحرمانا اللغة والإعراب: غابطنا: اسم فاعل من الغبطة، وهي أن يتمنى الإنسان مثل حال من يغبطه، من غير أن يتمنى زوال ما عنده. مباعدة، بعدا وانصرافا. حرمانا: منعا وعدم استجابة. "يا" حرف تنبيه، أو نداء والمنادى محذوف. "رب" حرف جر شبيه بالزائد. "غابطنا" مبتدأ مجرور برب لفظا، ومضاف إليه. "لو" شرطية غير جازمة. "كان" فعل الشرط واسمها "هو" يعود إلى الغابط "يطلبكم" الجملة خبر. "لاقي" فعل ماض جواب الشرط وفاعله يعود إلى الغابط. "يطلبكم" الجملة خبر. "لاقى" فعل ماض جواب الشرط وفاعله يعود إلى الغابط. "مباعدة" مفعوله. "منكم" متعلق بمحذوف صفة لمباعدة والجملة من "لو" وشرطها وجوابها خبر المبتدأ. المعنى: كثير من الناس يغبطوننا على اتصالنا بكم، ويتمنون أن يكونوا مثلنا؛ لأنهم يظنون أننا ننعم بهذا الاتصال، ولو قصدوكم وطلبوا شيئا مما عندكم لأبعدتموهم وحرمتموهم العطاء، ولعرفوا حقيقة ما يناله المتصل بكم. الشاهد: دخول "رب" على غابطنا، وهو اسم فاعل مضاف إليه ضمير المتكلم و"رب" مختصة بالدخول على النكرات، ولو كان معرفة ما صح ذلك، فدل على أنه لم يستفد تعريفا من إضافته للضمير. 2 أي بمعمول اسم الفاعل. 3 لأن الأصل في الصفة أن تعمل النصب، والمختص أخف؛ لأنه لا تنوين معه ولا نون كما بين المصنف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 القبح؛ أما التخفيف فبحذف التنوين الظاهر؛ كما في ضارب زيد، وضاربات عمرو، وحسن وجهه، أو المقدر كما في ضوارب زيد، وحواج بيت الله1. أو نون التثنية كما في ضاربا زيد. أو الجمع كما في ضاربوا زيد. وأما رفع القبح ففي نحو: مررت بالرجل الحسن الوجه؛ فإن في رفع الوجه2 قبح خلو الصفة من ضمير يعود على الموصوف3، وفي نصبه4 قبح إجراء وصف القاصر مجرى وصف المتعدي5، وفي الجر تخلص منهما. ومن ثم6 امتنع الحسن وجهه لانتفاء قبح الرفع7؛ ونحو: الحسن وجه لانتفاء قبح النصب؛ لأن النكرة تنصب على التمييز8. وتسمى الإضافة في هذا النوع لفظية؛ لأنها أفادت أمرا لفظيا9، وغير محضة؛ لأنها في تقدير الانفصال10.   1 في "ضوارب" و"حواج" تنوين مقدر حذف الإضافة؛ بدليل نصبهما المفعول. 2 أي على الفاعلية بالصفة المشبهة. 3 لأن الصفة لا ترفع ظاهرا أو ضميرا معا، والغالب في الصفة المشبهة أن تشتمل على ضمير يكون بمنزلة البرابط بيها وبين ما تجري عليه، ويدل على معناها. 4 أي على التشبيه بالمفعول به، إن كان معرفة، وعليه أو على التمييز، إن كان نكرة. 5 أي في نصب الشبيه بالمفعول به؛ لأن الصفة المشبهة لا تصاغ إلا من اللازم، فهي كفعلها لا تنصب المعفول به. 6 أي ومن أجل أن الإضافة فيما ذكر إنما هي لرفع قبح الرفع والنصب على النحو الذي بسط. 7 لأن المرفوع ضميرا مضافا إليه يعود على الموصوف. 8 أي والتمييز ينصبه المتعدي والقاصر. 9 وهو التخفيف بحذف التنوين، ونوني المثنى والجمع من آخر المضاف، والتحسين المترتب على إزالة القبح. 10 فإن المضاف فيها لا بد أن يكون وصفا عاملا، وكثيرا ما يرفع ضميرًا مستترا، وهذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الضمير يكون فاصلا تقديرا بين الوصف المضاف، ومعموله على الرغم من استتاره. ويجعل الإضافة غير خالصلة الاتصال، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وإن يشابه المضاف "يفعل" ... وصفا فعن تنكيره لا يعدل كرب راجينا عظيم الأمل ... مروع القلب قليل الحيل وذي الإضافة اسمها لفظيه ... وتلك محضة ومعنويه أي أن المضاف إذا كان وصفا مشبها "يفعل"؛ أي مشبها المضارع في العمل والدالة على الحال والاستقبال، فإن لا يعزل عن تنكيره؛ أي لا يفارقه التنكير أبدا؛ مثل "رب راجينا"؛ فـ"راج" مضاف، وهو اسم فاعل لم يكتسب التعريف بإضافته للضمير؛ بدليل دخول "رب" عليه، وهي لا تدخل إلا على نكرة. "وعظيم الأمل" صفة مشبهة نعت لراج النكرة، وقد أضيفت إلى معرفة ولم تكتسب منها التعريف، و"مروع القلب" اسم مفعول مضاف للمعرفة بعده، ولم يكتسب منها التعريف؛ لأنه وصف لراج ومثله: "قليل الحيل" فهو صفة مشبهة مضاف لمعرفة، وهو نعت لراج كذلك، والإضافة التي من هذا النوع تسمى: لفظية، وغير محضة، والنوع السابق يسمى: محضة، ومعنوية. ومن الإضافة غير الحضة: إضافة الاسم المنعوت إلى نعت؛ كقولهم: "صلاة الأولى، و"مسجد الجامع"، و"ديانة القيمة" والأصل: الصلاة الأولى، والمسجد الجامع، والديانة القيمة"، وإضافة النعت إلى منعوته؛ كقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} وإضافة المسمى إلى الاسم؛ نحو: شهر رمضان وشجر البرتقال، وعلم الحساب. ومنه: ذات اليمين وذات الشمال، وإضافة صدر المركب المزجي إلى عجزه، على رأي.   * "وإن" شرطية، "يشابه" فعل الشرط. "المضاف" فاعلا "يفعل" مفعوله قصد لفظه. "وصفا" حال من المضاف. "فعن تنكيره" الفاء للرابط، و"عن تنكيره" جار ومجرور متعلق بيعدل. "لا" نافية" "يعدل" مضارع للمجهول، والجملة من الفعل ونائب الفاعل خبر لمبتدأ محذوف، وجملة المبتدأ والخبر جواب الشرط، "كرب" الكاف جارة لقول محذوف، والجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف. "رب" حرف تقليل وجر. "راجينا" اسم فاعل مجرور برب وهو مضاف إلى "نا" من إضافة اسم الفاعل لمفعوله. "عظيم الأمل" نعت لراجي ومضاف إليه، وكذلك ما بعده. "وذي" اسم إشارة مبتدأ أول "الإضافة" بدل أو نعت. "اسمها لفظية" الجملة من المبتدأ والخبر خبر ذي، "وتلك" اسم إشارة مبتدأ والكاف للخطاب. "محضة" خبر. "ومعنوية" معطوفة على محضة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 فصل: فيما يختص به الإضافة اللفظية ... فصل: تختص الإضافة اللفظية بجواز دخول "أل" على المضاف في خمس مسائل1: إحداها: أن يكون المضاف إليه بأل2؛ كالجعد الشعر؛ وقوله: شفاء وهن الشافيات الحوائم3   1 أما المحضة فلا تدخل "أل" فيها على المضاف؛ لئلا يلزم اجتماع معرفين على شيء واحد، أو إضافة المعرفة إلى النكرة، وأجاز الكوفيون دخول "أل" على المضاف إذا كان اسم عدد مضاف إلى معدود فيه "أل"؛ نحو: قرأت الثلاثة الكتب في الأربعة الأيام، وحجتهم في ذلك السماع، وكان القياس في اللفظية كذلك، لكن لما كانت الإضافة فيها على نية الانفصال، اغتفر ذلك فيها. 2 لأن رفع القبح عن نصب ما بعد الصفة المشبهة بالإضافة، لا يكون إلا بذلك الشرط كما بينا قريبا، وحمل عليها اسم الفاعل، والجعد: صفة مشبهة، من جعد شعره جعودة، ضد بسط. 3 عجز بيت من الطويل للفرزدق، من قصيدة قالها حين خرج قتيبة من مسلم الباهلي، على سليمان بن عبد الملك، وخلع طاعته، فقتل وجيء برأسه إلى سليمان، وصدره: أبأنا بها قتلى وما في دمائها اللغة والإعراب: أبأنا: قتلنا وعوضنا، يقال: أبأت فلانا بفلان -قتلت به، وجعلته بواء؛ أي عوضا به. والضمير في "بها" و"هن" للسيوف، وفي "دمائها" للقتلى. الشافيات جمع شافية، اسم فاعل من الشفاء، الحوائم: العاطش، جمع حائمة، وهي التي تحوم حول الماء من العطش، والمراد المتشوقة للقتل، "أبأنا" فعل وفاعل. "بها" متعلق به، "وما" الواو للحال، و"ما" نافية في دمائها" جار ومجرور خبر مقدم ومضاف إليه. "شفاء" مبتدأ مؤخر "وهن" الواو للحال وهن مبتدأ. "الشافيات" خبر. "الحوائم" مضاف إليه، والجملة حال. المعنى: قتلنا بهذه السيوف قتلى منهم، وعوضنا بها قتلانا، ولكن ما سفك من دماء القتلى، لم يشف ما في قلوبنا من غيظ ورغبة في الانتقام؛ لأن من قتلنا غير أكفاء لنا، ولا وفاء في دمائهم لقتلانا، وإنما يشفي غيظ الصدور، وتهدأ حرارة الألم، إذا قتلنا مثل من فقدنا، والسيوف هي الشافيات التي بها تنال الثارات. الشاهد: إضافة الوصف المقترن بأل، وهو "الشافيات"؛ لأن المضاف إليه مقترن بها، وهو "الحوائم". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 الثانية: أن يكون مضافا لما فيه "أل"1؛ كالضارب رأس الجاني، وقوله: لقد ظفر الزوار أقفية العدا2 الثالثة: أن يكون مضافا إلى ضمير ما فيه "أل" كقوله: الود أنت المستحقة صفوه3   1 فإن وجودها فيه كوجودها في الثاني؛ لأن المضاف والمضاف إليه، كالشيء الواحد؛ ولهذا لا يسوغ أن يكون بين الوصف وما فيه "أل"، أكثر من مضاف واحد، فلا يصح: الضارب رأس صديق الجاني. 2 صدر بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وعجزه: بما جاوز الآمال ملأسر والقتل اللغة والإعراب: ظفر: نال. الزوار: جمع زائر. أقفية: جمع قفا وهو مؤخر العنق. ملأسر: أصله من الأسر؛ فحذفت النون على لغة، وهو كثر في كلام العرب، وكذلك همزة الوصل وذلك كثير أيضا في كلامهم، قال عمر بن ربيعة: وما أنس ملأشياء لا أنس قولها ... لنا مرة منها بقرن المنازل يريد: من الأشياء. "لقد" اللام واقعة في جواب قسم مقدر، وقد للتحقيق. "الزوار" فاعل ظفر. "أقفية" مضاف إليه. "العدا" مضاف إليه أيضا لأقفية، "بما" متعلق بظفر، وما اسم موصول، "جاوز الآمال" فاعل جاوز يعود على ما، والآمال مفعوله والجملة صلة ما. "ملأسر" جار ومجرور متعلق بجاوز. "والقتل" معطوف على الأسر. المعنى: أن الأعداد فروا أما هؤلاء الأبطال حين رأوهم ولم يثبتوا، وأعطوهم ظهورهم وأقفيتهم، فظفروا منهم بأكثر مما كانوا يأملون في أسرهم وقتلهم. الشاهد: إضافة الزوار، وهو صفة مقرونة بأل، إلى الخالي منها، وسوغ ذلك كون المضاف إليه -وهو أقفية- مضافا مقترن بأل وهو العدا. 3 صدر بيت من الكامل، لم يذكر قائله، وعجزه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 ومنع المبرد هذه1. الرابعة: أن يكون المضاف مثنى؛ كقوله: إن يغنيا عني المستوطنا عدن2   مني وإن لم أرج منك نوالا اللغة والإعراب: الود: الحب والمودة، صفوة: خالصه. أرج: آمل وأطمع. نولا: عطاء. "الو" مبتدأ أول "أنت" مبتدأ ثان، "لمستحقه" خبره، وجملة الثاني وخبره خبر الأول. "صفوه" مصاف إليه، والهاء مضاف إليه لصفو، وهي عائدة إلى الود. "مني" متعلق بالمستحقه. "وإن" الواو عاطفة، وإن حرف شرط جازم. "أرج" مضارع مجزوم بلم فعل الشرط، والجواب محذوف يدل عليه الكلام. "نوالا" مفعول أرج. المعنى: أنت -دون سائر الناس- التي تستحقين وتستوجبين مني خالص وصادق الحب والمودة، ولست أرجو من وراء ذلك منك عطاء، ولا أطلب جزاء. الشاهد: إضافة الوصف المقترن بأل -وهو المستحقه- إلى مضاف فيه ضمير يعود إليه ما فيه أل، وهو صفوه، وضميره عائد إلى الود، وذلك جائز عند الجمهور. 1 وأوجب النصب، ولم يعتبر الضمير العائد إلى ما فيه أل، بمنزلة الاسم المقرون بها، وهو محجوج بالسماع، والأفصح في المسائل الثلاث: النصب بالوصف. 2 صدر بيت من البسيط، لم نقف على قائله، وعجزه: فإنني لست يوما عنهما بغني اللغة والإعراب: يغنينا: يستغنيا، مضارع. غنى بمعنى استغنى. المستوطنا عدن: اللذان اتخذا "عدن" وطنا وموضع إقامة، "إن" شرطية. "يغنيا" فعل الشرط مجزوم بحذف النون والألف فاعل. "المستوطنا" بدل من الألف الاثنين على اللغة الفصحى. "عدن" مضاف إليه. ويجوز أن يكون "المستوطنا" فاعل، والألف حرف علامة التثنية على لغة "أكلوني البراغيث"، وعدن: بلد في جنوب اليمن على ساحل البحر الأحمر، "فإنني" الفاء واقعة في جواب الشرط وإن واسمها والنون للوقاية، "لست" ليس واسمها، "يوما" منصوب على الظرفية. "عنهما" متعلق "بغنى" الواقع خبرا لليس على زيادة الباء، والجملة خبر إن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 الخامسة: أن يكون جمعا: اتبع بسبيل المثنى وهو جمع المذكر السالم؛ فإنه يعرب بحرفين ويسلم فيه بناء الواحد، ويختم بنون زائدة تحذف للإضافة كما أن المثنى كذلك؛ كقوله: ليس الأخلاء بالمصغي مسامعهم1   المعنى: إن يستغني عني هذان الشخصان المقيمان بعدن، ويريا أنهما في غير حاجة إلي فإني لا أستغني عنهما يوما ما، وأراني محتاجا إليهما دائما. الشاهد: جواز إضافة الاسم المقترن بأل، إلى اسم ليس مقترنا بها، وهو "عدن"؛ وسوغ هذا: أن المضاف وصف دال على مثنى، وعلل النحويون ذلك بأن الوصف لما طال بالتثنية والجمع -ناسبه التخفيف فلم يحتج لاتصالها بالمضاف إليه. 1 صدر بيت من البسيط، لم ينسب لقائل، وعجزه: إلى الوشاة ولو كانوا ذوي رحم اللغة والإعراب: الإخلاء: جمع خليل وهو الصديق المخلص. بالمصغي، جمع مصغ، وهو اسم فاعل من أصغى إليه، إذا أنصت له وأمال أذنه إليه، مسامعهم: جمع مسمع وهو مكان السمع؛ أي الآذان، الوشاة: جمع واش، وهو النمام الذي يسعى بين المتصافين لإفساد قلوبهم. رحم: قرابة. "بالمصغي" خبر ليس على زيادة الباء هو جمع مذكر سالم. "مسامعهم" مضاف إليه، والضمير مضاف إليه أيضا. "إلى الوشاة" متعلق بالمضغي. "ولو" الواو عاطفة، و"لو" شرطية. "كانوا" كان واسمها. "ذوي رحم" خبر كان ومضاف إليه. المعنى: أن الأصدقاء المخلصين في صداقتهم، لا يستمعون ولا يلتفتون لكلام النمامين الذين يسعون للإفساد بين قلوب الأصدقاء، ولو كان هؤلاء الساغون من الأقرباء. الشاهد: إضافة الاسم المقترن بأل، وهو "المصغي" إلى الخالي منها، وهو "مسامعهم"؛ لأن المضاف وصف مجموع جمع مذكر سالما، وقد بينا علة ذلك. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: ووصل "أل" بذا المضاف مغتفر ... إن وصلت بالثان كـ"الجعد الشعر أو بالذي له أضيف الثاني ... كـ"زيد الضارب رأس الجاني" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 وجوز الفراء إضافة الوصف المحلي بأل إلى المعارف كلها1؛ كالضارب زيد والضارب هذا بخلاف: الضارب رجل2. وقال المبرد والرماني في "الضاربك، وضاربك": موضع الضمير خفض3.   وكونها في الوصف كاف إن وقع ... مثنى أو جمعا سبيله اتبع أي أن وصل أل، بهذا المضاف -أي الذي إضافته لفظية- جائز؛ إن وصلته بالثاني وهو المضاف إليه، ومثل الناظم بقوله: "فكلاهما فيه أل. وكذلك يجوز وصل أل بالمضاف؛ إذا أضيف المضاف إلى ما فيه أل، ومثل بقوله: "زيد الضارب رأس الجاني"، فرأس مضاف إليه الضارب، وهو خال من أل، ولكنه مضاف إلى ما فيه أل، وهو الجاني"، ثم قال الناظم: ويكفي كون أل في المضاف دون المضاف إليه؛ إذا كان المضاف وصفا مثنى، أو جمعا تحققت فيه شروط المثنى، وهو جمع المذكر السالم. 1 أي سواء كان تعريفها بالعلمية، أم بالإشارة، أم بالضمير، أم بغيرها، حملا على المعرف بأل وإذا أضيف الوصف المحلي بأل إلى الضمير؛ نحو: الضاربك، والضاربهو جاز كون الضمير في محل جر بالإضافة، أو محل نصب على المفعولية، خلافا للمبرد كما سيأتي. 2 فلا يجوز؛ لامتناع إضافة المعرفة إلى النكرة. 3 حجتهما: أن الضميسر نائب عن الظاهر، وعند حذف التنوين من الوصف يكون الظاهر.   * "ووصل" مبتدأ. "أل" مضاف إليه. "بذا" متعلق بوصل، "المضاف" بدل من ذا. "مغتفر" خبر المبتدأ وسكن للشعر. "إن وصلت" بالبناء للمفعول فعل الشرط ونائب الفاعل يعود إلى أل. "بالثان" متعلق بوصلت، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله. "كالجعد" خبر لمبتدأ محذوف. "الشعر" مضاف إليه من إضافة الصفة المشبهة إلى معمولها. "أو بالذي" عطف على بالثان. "له" متعلق بأضيف، وجملة. "أضيف الثاني" من الفعل ونائب الفاعل لا محل لها صلة الذي. "كزيد" خبر لمبتدأ محذوف، و"زيد" مبتدأ. "الضارب" خبره. "رأس" مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله. "الجاني" مضاف إليه. "وكونها" مبتدأ والضمير مضاف إليه عائد إلى أل، وهو اسم كون. "في الوصف" خبر كون من حيث النقص، "كاف" خبره من حيث ابتدائيته. "إن" شرطية. "وقع" فعل الشرط وفاعله يعود على المضاف، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله "مثنى" حال من الضمير في وقع. "أو جمعا" معطوف عليه. "سبيله" مفعول اتبع مقدم ومضاف إليه، وفاعل اتبع يعود على جمعا، والجملة صفة له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 وقال الأخفش: نصب1 وقال سيبويه: الضمير كالظاهر؛ فهو منصوب "في الضاربك"2 مخفوض في "ضاربك"3، ويجوز في الضارباك والضاربوك الوجهان4. مسألة: قد يكتسب المضاف المذكر من المضاف إليه المؤنث تأنيثه، وبالعكس. وشرط ذلك في الصورتين: صلاحية المضاف للاستغناء عنه بالمضاف إليه5.   مخفوضا، فكذلك نائبه. 1 حجته: أن موجب النصب المفعولية وهي محققه، وموجب الخفض الإضافة وهي غير محققة؛ لأن دليلها حذف التنوين، وهو قد يحذف بسبب آخر غير الإضافة؛ كصون الضميسر المتصل من وقوعه منفصلا، واستدل بقوله تعالى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} . 2 لانتفاء شروط إضافة الوصف المحلي بأل المتقدمة. 3 أي على المحل؛ لأن عدم تنوين الوصف دليل على الإضافة، ولا مانع منها؛ لأنه مجرد من أل. 4 أما الخفض؛ فعلى أن النون حذفت للإضافة والضمير في محل خفض. وأما النصب؛ فعلى أنها حذفت للتخفيف وتقصير الصلة، ويكون الضمير في محل نصب. وقال الجرمي والمازني والمبرد وجماعة: إن الضمير في موضع جر فقط؛ لأن الأصل حذف التنوين للإضافة فلا يعدل عنه إلا إذا تعين غيره. 5 أي مع صحة المعنى ولو مجازا، وعدم تغييره في الجلمة، ويشترط أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه، أو مثل جزئه، وذلك بأن تجمعه بكله صلة قوية غير صلة الجزئية، تدل على اتصاله به؛ كاللون، أو الثوب، أو الخلق، أو الحب ... إلخ أو أن يكون المضاف كلا للمضاف إليه، نحو قوله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} . أو يكون المضاف إليه أو يكون المضاف وصفا في المعنى للمضاف إليه؛ كإضافة المصدر في البيت الآتي. فإن تحقق الشرطان، كان اكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه -على قتله- قياسيا، وإلا فلا اكتساب وإن صلح الحذف، فلا يجوز أعجبتني يوم العروبة؛ لأن المضاف -وهو "يوم"- ليس جزءا ولا كالجزء، ولا كلا ولا وصفا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 فمن الأول قولهم: قطعت بعض أصابعه1، وقراءة بعضهم: "تلتقطه بعض السيارة"، وقوله: طول الليالي أسرعت في نقضي2 ومن الثاني قوله: إنارة العقل مكسوف بطوع هوى3   1 "بعض" نائب فاعل قطعت، وأنث الفعل؛ لأن "بعض" اكتسبت التأنيث من المضاف إليه وهو الأصابع، ويصح الاستغناء عنه بالأصابع؛ فيقال: قطعت أصابعه والمضاف بعض المضاف إليه. 2 صدر بيت من الرجز، للأغلب العجلي، من قصيدة يتحسر فيها على ذهاب شبابه وضعف قوته؛ بسبب الكبر والشيخوخة، وهو من المعمرين، وعجزه: نقضن كلي ونقضن بعضي اللغة والإعراب: نقضي، النقض: الهدم والكسر، وهو هنا: كناية عن ضعف قواه: "طول الليالي" مبتدأ ومضاف إليه. "أسرعت" الجملة خبر المبتدأ، "في نقضي" جار ومجرور متعلق بأسرعت. "نقضن" فعل ماض، ونون النسوة فاعل "كلي" مفعول. "ونقض بعضي" مثله. المعنى: أن طول الليالي أسرعت في ضعفي، وذهبت بقوتي شيئا فشيئا، ولم يبق علي قبل أن يحين الوقت المعتاد فيه ذلك. الشاهد: تأنيث الضمير في "أسرعت" مع إعادته إلى "طول" المذكر، وجوز ذلك إضافة "طول " إلى مؤنث، وهو الليالي، فاكتسب منه التأنيث، والمضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد. 3 صدر بيت من البسيط، لم ينسب لقائل، وعجزه: وعقل عاصبي الهوى يزداد تنويرا اللغة والإعراب: إنارة العقل: إضاءته، والمراد: الغريزة التي بها يدرك العقل الأشياء مكسوف: مظلم، من قولهم: كسفت الشمس، إذا ذهب نورها وزال ضوءها، بطلوع هوى: بالطاعة والانقياد لشهوة النفس. "إنارة العقل" مبتدأ ومضاف إليه. "مكسوف" خبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 ويحتمله: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} 1، ولا يجوز قامت غلام هند، ولا قام امرأة زيد؛ لعدم صلاحية المضاف فيهما للاستغناء عنه بالمضاف إليه.   "بطوع هوى" متعلق بمكسوف ومضاف إليه، و"عقل" مبتدأ. "عاصي الهوى" مضاف إليه. "يزداد" الجملة خبر لمبتدأ. "تنويرا" تمييزا. المعنى: أن مطاوعة الإنسان في هواه، وانطلاقه وراء شهوات نفسه، يغطي نور العقل ووضاءة البصيرة، وعصيانه لهواه يزيد العقل نورا، والبصيرة تبصرة وحسن النظر إلى الأشياء وتقدير لها. الشاهد: في "مكسوف"؛ حيث أعاد الضمير مذكرا على إنارة وهو مؤنث، وسوغ ذلك كون المرجع مضافا إلى مذكر، وهو العقل فاكتسب التذكير منه. 1 فقد ذكر "قريب" وهو خبر عن "رحمة"؛ لأنها اكتسبت التذكير من إضافتها إلى لفظ الجلالة. قال الصبان: وعبر بالاحتمال؛ لما في إطلاق المذكر على الله -تعالى- من سوء الأدب، ولكن التذكير وصف للفظ الجلالة؛ لأنه المضاف إليه، لا لذاته -سبحانه- فتدبر. وقيل: "قريب" فعيل بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث، أو بمعنى فاعل وأجري مجرى مفعول، أو أن التذكير على تأويل الرحمة بمذكر وهو: الغفران. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وربما أكسب ثان أولا ... تأنيثا إن كان لحذف موهلا أي أن الثاني وهو المضاف إليه، قد يكسب الأول وهو المضاف، التأنيث؛ إن كان الأول مؤهلا -أي صالحا- للحذف والاكتفاء بالثاني عنه، وقد أهمل الناظم الشرط الثاني. هذا: وقد ذكر المصنف من الأمرو التي يكتسبها المضاف من المضاف إليه: التعريف؛ إن كان المضاف إليه معرفة، والتخصيص إن كان نكرة، والتخفيف إذا ان المضاف اسم فاعل مضاف إلى معموله، ورفع القبح إن كان صفة مشبهة، والتذكير، والتأنيث، وأتي بأمثلة موضحة لذلك، وهنالك أشياء أخرى يستفيدها إلى المضاف من المضاف إليه؛ منها: الظرفية؛   * "وربما" رب: حرب تقليل وجر، وما: كافة. "ثان" فاعل أكسب. "أولا" مفعول أول لأكسب. "تأنيثا" مفعوله الثاني. "إن كان" شرط وفعله، واسم كان يعود إلى المضاف. "لحذف متعلق بموهلا الواقع خبر لكان، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 مسألة: لا يضاف اسم لمرادفه 1؛ كـ ليث أسد، ولا موصوف إلى صفته2؛ كـ"رجل فاضل"، ولا صفة إلى موصوفها3؛ كـ"فاضل رجل". فإن سمع ما يوهم شيئًا من ذلك يؤول. فمن الأول، قولهم: "جاءني سعيد كرز"4، وتأويله: أن يراد بالأول المسمى وبالثاني الاسم5؛ أي جاءني مسمى هذا الاسم.   بشرط أن يكون المضاف دالا على الكلية أو الجزيئة؛ كلفظ "كل" و"بعض"، والمضاف إليه ظرفا؛ مثل قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} والمصدرية أحيانا؛ إذا كان المضاف إليه مصدرا والمضاف ليس بمصدر؛ كقوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِين ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} فكلمة "أي" مفعول مطلق منصوب بقوله "ينقلبون" ووجوب التصدير؛ إذا كان المضاف إليه لفظا من الألفاظ الذي يجب تصديرها في جملتها؛ كألفاظ الاستفهام؛ فإن وجوب التصدير ينتقل إلى المضاف الذي ليس من ألفاظ الصدارة؛ ولهذا وجب تقديم المبتدأ في نحو: كتاب من معك؟ والخبر في مثل: صبيحة أي يوم سفرك؟ والمفعول مثل: غلام أيهم أكرمت؟ والجار والمجرور في نحو: من صديق أيهم أنت أشعر؟ ... وهكذا. 1 ذلك لأن المضاف يتعرف أو يتخصص بالمضاف إليه؛ فلا بد أن يكون غيره في المعنى؛ لأن الشيء لا يتعرف أو يتخصص بنفسه. والترادف: الاتحاد مأصدقا ومفهوما. 2 لأن الصفة تابعة لموصوفها في الإعراب، فلو أضيف إليها الموصوف، لكانت مجرورة دائما. 3 لأن الصفة يجب أن تكون تابعة ومتأخرة عن الموصوف، ولا يمكن ذلك في الإضافة. 4 فإن "سعيد" و"كرز" اسمان مترادفان مسماهما واحد، وأضيف أحدهما للآخر، والكرز في الأصل: الخرج الذي يضع فيه الراعي زاده ومتاعه وجمعه كرزة. والكراز: الكبش الذي يحمله ويسير به أمام القوم. 5 هذا إذا كان الحكم مناسبا للمسمى، فإن ناسب الاسم عكس التأويل؛ نحو: كتبت سعيد كرز؛ أي كتبت اسم هذا المسمى، والإضافة بهذا التأويل على معنى لام الاختصاص. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 ومن الثاني؛1 قولهم: "حبة الحمقاء، وصلاة الأولى، ومسجد الجامع"، وتأويله: أن يقدر موصوف؛ أي حبة البقلة الحمقاء، وصلاة الساعة الأولى، ومسجد المكان الجامع2. ومن الثالث3 قولهم: "جرد قطيفة، وسحق عمامة"4. وتأويله: أن يقدر موصوف أيضا، وإضافة الصفة إلى جنسها5؛ أي شيء جرد من جنس القطيفة، وشيء سحق من جنس العمامة.   1 أي من الإضافة الموصوف إلى صفته، والحمقاء: هي المسماة بـ"الرجلة"، ووصفت بالحمق مجازًا؛ لأنها تنبت في مجاري السيول، فيمر الماء فيغطيها فتطؤها الأقدام. قال الصبان: وهذا يظهر لو كانت الحبة تطلق على "الرجلة"، ونحوها من البقول، أما إذا كانت واحدة الحب؛ كالبرد وبذر الرجلة، وسائر الحبوب فلا. 2 وبذلك يكون الأول مضافا إلى الموصوف؛ من إضافة الشيء إلى جنسه كالمثال الأول، أو زمنه كالثاني، أو كله كالثالث، وقيل: إن الإضافة في حبة الحمقاء من إضافة العام إلى الخاص، ولا حاجة للتأويل والمراد بالساعة الأولى: أول ساعة بعد الزوال، أو أول ساعة تؤدي فيها الصلاة المفروضة. 3 وهو من إضافة الصفة إلى موصوفها. 4 جرد: بمعنى مجرودة. وسحق: بمعنى بالية؛ أي قطيفة مجرودة، وعمامة بالية. قيل: ومنه قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ} ، إذا قدر أنه من إضاف الصفة إلى الموصوف، ومعناه: الأعين الخائنة. 5 أي جنس موصوفها، وتكون الإضافة، معنوية، من إضافة الشيء إلى جنسه، ويجر الجنس بمن؛ لأن الإضافة على معناها، وفيما تقدم يقول الناظم: ولا يضاف اسم لما به اتحد ... معنى وأول موهما إذا ورد   * "اسم" نائب فاعل يضاف. "لما" متعلق بيضاف، وما: اسم موصول "به" متعلق باتحد، وجملة "اتحد" صلة ما. "معنى" تمييز أو منصوب على نزع الخافض. "موهما" مفعول أول. "إذا ورد" شرط وفعله وجوابه محذوف؛ أي إذا ما يوهم جواز إضافة الشيء إلى ما اتحد به. أي لا يضاف اسم لآخر اتحد معه في المعنى. والمراد بالاتحاد في المعنى: ما يشمل الترادف، والتساوي؛ سواء كان بحسب الوضع؛ كالإنسان والناطق، أو بحسب المراد؛ كالموصوف والصفة، على النحو الذي ذكر. وإذا ورد ما يوهم ذلك يجب تأويله كما بين المصنف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 فصل: الغالب على الأسماء أن تكون صالحة للإضافة والإفراد؛ كغلام، وثوب. ومنها ما يمتنع إضافته1؛ كالمضمرات، والإشارات، وكغير "أي"2 من الموصولات، وأسماء الشرط والاستفهام. ومنها ما هو واجب الإضافة إلى المفرد، وهو نوعان: 1- ما يجوز قطعه عن الإضافة في اللفظ3؛ نحو: كل، وبعض، وأي4، قال تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} 5، {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ، {أَيَّامًا   1 لأنه لا يعرض له ما يحتاج معه إلى الإضافة، وكذلك لمشابهته الحروف، والحروف لا تضاف. 2 أما هي فملازمة للإضافة لفظا أو تقديرا لضعف شبهها بالحرف، بما عارضه من شدة افتقارها إلى مفرد تضاف إليه، لتوغلها في الإبهام، وسيأتي بعد توضيح حكم "أي". 3 فيحذف المضاف إليه؛ لفظا وينوي معناه، ويستغني عنه بالتنوين الذي يدل عليه، والذي يسمى تنوين العوض، ويبقى للمضاف حكمه في التعريف أو التنكير. 4 يشترط في "كل": ألا تكون للتوكيد؛ نحو: ت أصادق العرب كلهم، ولا للنعت؛ مثلك المجاهد المخلص هو الرجل كل الرجل؛ فإن كانت كذلك وجب إضافتها لفظا كما ذكرنا، ويشترط في "أي" ألا تقع نعتا أو حالا، وإلا تعينته إضافتها لفظا، ومن هذا النوع: "غير"، و"مع" والجهات الست، وسيأتي توضيح لذلك في موضعه. 5 التنوين في "كل" عوض عن المضاف إليه المحذوف؛ أي كلهم. والضمير للشموس والأقمار، وأفرد "فلك" مراعاة للفظ كل، وجمع "يسبحون" مراعاة للمضاف إليه المحذوف، واختلف عند قطع "كل" و"بعض" عن الإضافة لفظا، هل هما معرفتان بنية الإضافة؟ ذهب سيبويه والجمهور إلى ذلك، وعليه فتأتي الحال منهما متأخرة؛ فتقول: مررت بكل ساجدًا وببعض جالسا وهو الصحيح، وذهب الفارسي إلى أنهما نكرتان وهذا الخلاف حين يكون المضاف إليه معرفة؛ فإن كان نكرة فلا خلاف في تنكيرهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 تَدْعُوا} 1. 2- وما يلزم الإضافة لفظا، وهو ثلاثة أنواع: ما يضاف للظاهر والمضمر؛ نحو: كلا وكلتا وعند، ولدى، وقصارى2 وسوى. وما يختص بالظاهر؛ كأولي، وأولات، وذي، وذات3؛ قال الله تعالى: {نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ} ، {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ} ، {وَذَا النُّونِ} 4، {ذَاتَ بَهْجَةٍ} . وما يختص بالمضمر، وهو نوعان: ما يضاف لكل مضمر، وهو "وحد"5؛ نحو: {إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ} .   1 "أيا" اسم شرط مفعول مقدم لتدعو، و"ما" زائدة. 2 قصارى الشيء وقصاراه: غايته ونهايته؛ يقال: قصاراك أن تفعل كذا؛ أي جهدك وغايتك وآخر أمرك؛ ومثله: حمادى؛ تقول: حماداك وحمادي؛ أي غايتك وغايتي ... إلخ. 3 أي وفروعهما؛ كذوا، وذواتا، وذووا، وذوات، والكل بمعنى صاحب. 4 أي صاحب النون، وهو سيدنا يونس -عليه السلام-، والنون: الحوت. 5 يضاف "وحد" إلى ضمير الغائب والمخاطب والمتكلم، كما مثل المصنف، ولا فرق بين المذكر والمؤنث، ولا بين ضمير المفرد وغيره، وهو مصدر يدل على التوحيد والانفراد ملازم للإفراد والتنكير، وقد يثنى شذوذا، وهو منصوب غالبا؛ فقيل: على الحال لتأويله بموحد؛ أي منفردا، وقيل: على أنه مفعول مطلق لفعل من لفظه؛ يقال: وحد الرجل يحد إذا انفرد، أو مصدر لا فعل له من لفظه. وقد يجر بعلى؛ يقال: أخذت كل درهم على وحده، وبالإضافة وقد ورد في خمس كلمات؛ يقال في المدح: هو نسيج وحده، وقريع وحده، وفي الدلالة على الإعجاب بالنفس: رجيل وحده. وفي الذم: عيير وحده، وجحيش وحده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 وقوله: وكنت إذا كنت إلهي وحدكا1 وقوله: والذئب أخشاه إن مررت به وحدي2   1 صدر بيت من الرجز، لعبد الله بن عبد الأعلى القرشي، وعجزه: لم يلك شيء يا إلهي قبلكا اللغة والإعراب: قبلك، قيل: إن معنى القبلية: المعية؛ بدليل مقابلتها بقوله وحدك؛ لأن القبلية محالة في حقه تعالى، وقيل: إن الظرف ليس قيدا في الفعل المنفي بلم. والمعنى: لم يكن شيء أصلا إل أنت. "كنت" كان وفاعلها؛ لأنها تامة بمعنى وجدت. "إذا" ظرف للماضي بمعنى حين متعل بكان. "إلهي" منادى بحذف حرف النداء. "وحدكا" منصوب على الحال من فاعل كان والألف للإطلاق، "يك" مضارع مجزوم بلم على النون المحذوفة للتخفيف. "شيء" اسم يك. "قبلكا" ظرف خبر يك ومضاف إليه. المعنى: وجدت يا إلهي حين وجدت وحدك، لم يك معك شيء قبل خلق هذا العالم ثم أوجدت العالم. الشاهد: إضافة "وحد" إلى ضمير الخطاب. 2 جزء بيت من المنسرح، للربيع بن ضبع الفزاري، يصف ذهاب قوته، وضعفه، بعد أن كبر وشاخ وتمامه: ... ... ... ... ... ... ... ... ... وأخشى الرياح والمطرا وقبله: أصبحت لا أحمل السلاح ولا ... أملك رأس البعير إن نفرا اللغة والإعراب: معاني المفردات واضحة. "الذئب" مفعول لفعل محذوف يفسره أخشى. "إن مررت" شرط وفعله، والجواب محذوف يدل عليه ما قبله، "وحدي" حال من التاء في مررت. وإعراب الباقي واضح. المعنى: إني لكبر سني وضعفي وعدم قدرتي على مقاومة أي شيء، أخاف من الذئب إن مررت وليس معي أحد، ولا أحتمل هبوب الرياح وسقوط المطر فإن ذلك يؤذيني لشدة ضعفي. الشاهد: إضافة "وحد" إلى ضمير المتكلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 وما يختص بضمير المخاطب، وهو: مصادر مثناة لفظا ومعناها التكرار1 وهي: "لبيك" بمعنى إقامة على إجابتك بعد إقامة2، و"سعديك" بمعنى إسعادا لك بعد إسعاد، ولا تستعمل إلا بعد لبيك3، و"حنانيك" بمعنى تحننا عليك بعد تحنن، و"دواليك" بمعنى تداولا بعد تداول4، و"هذاذيك" -بذالين معجمتين- بمعنى إسراعا لك بعد إسراع. قال: ضربا هذاذيك وطعنا وخضا5   1 المراد بالتكرار، التكثير الذي يزيد على اثنين، وهي ملحقة بالمثنى في إعرابه؛ مراعاة لمظهرها، وليست مثنى حقيقا من حيث معناها، وتعرب مفعولا مطلقا لفعل من لفظها، إلا هذاذيك، فيقدر فعلها من معناها، وهو: أسرع على الصحيح. 2 أصل لبيك: ألب لك إلبابين؛ أي أقيم على طاعتك وإجابتك إقامة كثيرة، فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه، ثم حذف الزوائد، وحذف الجار من الضمير المفعول وأضيف المصدر إليه، وقيل: إنه من لب بمعنى ألب؛ أي أقام؛ وكذا الباقي؛ ومثلها: حجازيك؛ أي محاجزة بعد مجاجزة، وحذاريك؛ أي حذرًا بعد حذر. 3 لأن "لبيك" هي الأصل في الإجابة، و"سعديك" بمنزلة التوكيد لها. 4 أي تواليا وتناوبا في طاعتك بعد توال وتناوب. 5 صدر بيت من الرجز، للعجاج، من أرجوزة يمدح فيها الحجاج بن يوسف الثقفي، وعجزه: يمضي إلى عاصي العروق النحضا اللغة والإعراب: ضربا هذاذيك: أي ضربا يهذا هذا بعد هذ؛ والهذ: الإسراع في القطع وغيره، وخضا -الوخض: الطعن الذي يصل إلى الجوف، وقيل بالعكس، والمراد: الطعن الذي يسرع إلى الموت، عاصي العروق: هو العرق الذي يسيل ولا يرقأ دمه، وجمعه عواص، النحضا، النحض: اللحم المكتنز كلحم الفخذ، "ضربا" مصدر منصوب بفعل محذوف، أو مفعول به لمحذوف؛ أي نجزيهم ضربا. "هذاذيك" مفعول مطلق لمحذوف من معناه؛ أي أسرع، وهو مضاف إلى الكاف، "وطعنا" معطوف على ضربا "وخضا" صفة له "يمضي" الجملة صفة ثانية لضربا "النحضا" منصوب على تقدير الخافض "في" المعنى: اضرب ضربًا كثيرا مسرعًا في القطع، واطعن طعنًا جائفًا في اللحم حتى يمزق الأجسام، فتصل أجزاؤها إلى العروق العاصية التي يسيل دمها بلا انقطاع. الشاهد: إضافة "هذاذيك" إلى ضمير المخاطب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 وعامله وعامل "لبيك" من معناهما، والبواقي من لفظها1، وتجويز سيبويه في "هذاذيك" في البيت، وفي "دواليك" من قوله. دواليك حتى كلنا غير لابس2 الحالية: بتقدير نفعله متداولين، وهاذين؛ أي مسرعين، ضعيف؛ للتعريف3،   1 فيقدر: أسرع، وأجيب، وأسعد، وأتخنن، وأتداول، وقد علمت أن لـ"لبيك" فعلا من لفظها، قال الصبان: "والمتجه عندي أن لبيك منصوب بفعل من لفظه". وذكر بعضهم فعلا لهذاذيك؛ وهو: هذ يهذ هذا؛ أي أسرع. 2 عجز بيت من الطويل، أنشده سيبويه، وهو لسحيم الأسود، عبد بني الحسحاس، من الشعراء المخضرمين، وصدره: إذا شق برد شق بالبرد مثله اللغة والإعراب: برد: هو الكساء الموشى؛ أي المخطط المزخرف، دواليك: من المداولة وهي المناوبة بينك وبين غيرك. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "برد" نائب فاعل شق. "مثله" نائب فاعل شق الثاني، ومضاف إليه، "دواليك" مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف من معناه، مضاف إلى الكاف، "حتى" اتبدائية. "كلنا غير لابس" مبتدأ وخبر مضاف إليه. المعنى: إذا شق واحد منا برد صاحبه ومزقه؛ شق الآخر برده كذلك بالتناوب، حتى نرى وكلنا ليس عليه برد. قيل في سبب ذلك: أن الرجل كان إذا أراد تأكيدا المودة بينه وبين من يحب، واستدامة صحبته، شق كل واحد منهما برد صاحبه؛ يرى أن ذلك أبقى المودة بينهما. الشاهد: إضافة "دواليك" إلى ضمير المخاطب، وهو مفعول مطلق، لا حال؛ خلافا لسيبويه. 3 أي؛ لأنه معرفة بإضافته للضمير، والحال واجب التنكير، وقوله: "ولأن المصدر ... إلخ". دفع به ما قد يقال: إن هذه الحال مما جاء معرفا لفظا، وإن كان منكرا معنى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 ولأن المصدر الموضوع للتكثير لم يثبت فيه غير كونه مفعولا مطلقا. وتجويز الأعلم في هذاذيك في البيت الوصفية1 مردود لذلك2، وقوله فيه وفي أخواته: إن الكاف لمجرد الخطاب، مثلها في "ذلك"3 مردود أيضا؛ لقولهم: "حنانيه" و"لبي زيد"4، ولحذفهم النون لأجها ولم يحذفوها في "ذانك"5، وبأنها لا تحلق الأسماء التي لا تشبه الحرف6. وشذت إضافة "لبي" إلى ضمير الغائب في نحو قوله: لقلت لبيه لمن يدعوني7   1 أي لضربا. والمعنى: اضرب ضربا مسرعًا أو مكررًا. 2 أي للتعريف؛ لأن ضربا نكرة، فلا يوصف بمعرفة؛ ولأن المصدر ... إلخ. 3 أي مثل الكاف في ذلك؛ في أنها لا موضع لها من الإعراب. 4 فقد أضيف "حنانيه" إلى الضمير، و"لبي" إلى الاسم الظاهر، وقيام ضمير الغيبة، والاسم الظاهر مقام الكاف، دليل على اسميتها؛ لأن الاسم إنما يقوم مقامه مثله. 5 وهذا أيضا دليل على أنها اسم مضاف إليه، وكذلك في "تانك". 6 أي أن الكاف الحرفية لا تحلق كل ما لا يشبه الحرف. ولبيك وأخواته مصادر لا تشبه الحرف؛ فلا تلحقها الكاف الحرفية، فهذه ثلاث علل للرد على الأعلم. 7 رجز أنشده أبو علي الفارسي، ولم ينسبه، وقبله: إنك لو دعوتني ودوني ... زوراء ذات مترع بيون اللغة والإعراب: زوراء: هي الأرض البعيدة الأطراف. مترع: مملوء أو ممتد؛ من قولهم: حوض ترع؛ أي ممتلئ والذي في اللسان: منزع بدل مترع؛ وهو الفراغ الذي في البئر حتى الماء، بيون: هي البئر الواسعة الرأس الضيقة الأسفل، أو البعيدة القاع. "إنك" إن واسمها. "لو" شرطية غير جازمة. "دعوتني" فعل الشرط. "ودوني" الواو للحال، و"دوني" ظرف خبر مقدم، ومضاف إليه، "زوراء" مبتدأ مؤخر، والجملة حال من ياء دعوتني، "ذات مترع" صفة لزوراء ومضاف إليه. "بيون" صفة لمترع. "لقلت" جواب لو، وجملة الشرط وجوابه خبر إن. "لبيه" مفعول مطلق لمحذوف منصوب بالياء، مضاف إلى الهاء، وهو التفات من الخطاب إلى الغيبة. المعنى: إنك لو طلبتني وناديتني لأمر ما -وبيننا أرض نائية، صبعة المسالك، ذات مياه بعيدة الغور- لأجبتك سريعا، ولما تأخرت عن تلبية طلبك. الشاهد: إضافة "لبى" إلى ضمير الغائب، وهو شاذ؛ لأنه مختص بضمير المخاطب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 وإلى الظاهر في نحو قوله: فلبى فلبي يدي مسور1 وفيه رد على يونس في زعمه أنه مفرد، وأصله لبا؛ فقلبت ألفه ياء لأجل الضمير كما في لديك وعليك2. وقول ابن الناظم: إن خلاف يونس في لبيك وأخواته وهم3.   1 عجز بيت من المتقارب، أنشده سيبويه، ولم يعين قائله، وهو لأعرابي من بني أسد، استعان بآخر اسمه مسور في دفع غرامة مالية فأعانه، وصدره: دعوت لما نابني مسورا اللغة والإعراب: دعوت: استعنت. نابني: أصابني ونزل بي. مسور: اسم رجل. فلبى: أجاب دعائي بقوله لبيك. "لما" متعلق بدعوت، و"ما" اسم موصول. "نابني" الجملة صلة ما. "مسورا" مفعول دعوت. "فلبى" الفاء عاطفة، وجملة "لبى" معطوف على جملة "دعوت"، وفاعله يعود على مسور، ومفعوله محذوف؛ أي فلباني أو فلبى رجائي. "فلبى" الفاء للسببية، و"لبى" مفعول مطلق لمحذوف منصوب بالياء. "يدي" مضاف إليه مجرورا بالياء. "مسور" مضاف إليه كذلك. المعنى: دعوت مسورا واستغثت به، لدفع ما نابني وحل بي، فأجابني إلى ما دعوته إليه؛ فتلبية بعد تلبية ليدي مسور، أبادر إليه إذا ناداني وسألني في أمر ينوبه؛ كما بادر إلي، وخص يديه بالذكر؛ لأنهما اللتان قدمتا المال له. الشاهد: إضافة "لبى" إلى الاسم الظاهر، وهو "يدي"؛ وذلك شاذ. 2 وجه الرد كما قال سيبويه: أنه لو كان مفردًا مقصورًا -كما يرى يونس- لما قلبت ألفه ياء مع الظاهر في قوله: "فلبى يدي مسور"، كما لا تقلب ألف "لدي" و"على" عند ذلك؛ إذ يقال: لدي الباب، وعلى الجبل؛ ببقاء الألف، فكان ينبغي أن يقال: لبى زيد، فدل ذلك على أنه مثنى، وليس بمقصور. 3 بفتح الهاء؛ أي غلط؛ لأن خلاف يونس في لبيك فقط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 ومنها ما هو واجب الإضافة إلى الجمل؛1 اسمية أو فعلية، وهو: "إذا" و"حيث"2.   وفيما تقدم في هذا الفصل يقول الناظم: وبعض الأسماء يضاف أبد ... وبعض ذا قد يأت لفا مفردا وبعض ما يضاف حتما امتنع ... إبلاؤه اسما ظاهرا حيث وقع كوحد لبى ودوالي سعدى ... وشذ إبلاء "يدي" للبى أي بعض الأسماء يضاف دائما لفظا ومعنى؛ وبعض هذه قد يجيء مفردًا مقطوعا عن الإضافة؛ لفظا لا معنى، وبعض الأسماء التي يتحتم إضافتها، يمتنع إضافتها إلى الاسم الظاهر، ويجب أن يكون المضاف إليه ضمير؛ ومنها "وحد"، و"لبى" و"شذ"، وقرع يدي -وهو اسم ظاهر- مضافا إليه للبى. 1 يشترط في الجملة الواقعة مضافا إليه: أن تكون خبرية؛ فلا تصلح الشرطية المبدوءه بإن، أو ما يشابهها في التعليق، ولا تصلح الإنشائية مطلقا، ويشترط كذلك أن تكون مشتملة على ضمير، يعود على المضاف؛ لأن المضاف إلى الجملة، مضاف في التقدير إلى مفرد -هو المصدر المكون منها. فكما لا يعود ضمير من المصدر المضاف إليه إلى المضاف؛ كذلك لا يعود من الجملة إليه. 2 "إذا" ظرف للزمان الماضي المبهم في الغال، ومعناها: زمن، أو وقت، أو حين. وقد ترد   * "وبعض الاسما" مبتدأ ومضاف إليه. "يضاف أبدًا" الجملة خبر، وأبدًا ظرف. "وبعض ذا" مبتدأ ومضاف إليه. "يأت" فعل مضارع حذفت ياؤه للضرورة، وفاعله مستتر، والجملة خبر المبتدأ. "فظا" منصوب على التمييز، أو نزع الخافض. "مفردا" حال من ضمير يأتي، ويجوز أن يكون "لفظا" هو الحال، و"مفردا" نعت له. "وبعض" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "يضاف" الجملة صلة ما، ونائب الفاعل يعود على ما، "حتما" مفعول مطلق لفعل محذوف، "إيلاؤه" فاعل امتنع، والجملة خبر المبتدأ، وهو مضاف إلى الهاء؛ من إضافة المصدر لمفعوله الأول. "اسما" مفعوله الثاني. "ظاهرا" صفة لقوله اسما. "حيث" ظرف مكان متعلق بامتنع، وجملة. "وقع" مضاف إليه لحيث، وفاعله يعود إلى بعض ما يضاف. "كوحد" جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف. "لي" ودوالي، سعدي "معطوفات على "وحد" بحذف العاطف في. "لبى" و"سعدى" "إيلاء" فاعل شذ. "يدي" مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله الأول. "للبى" متعلق بإيلاء؛ على أنه مفعوله الثاني. ومفعوله الأول المضاف إليه. واللام فيه لتقوية العامل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 فأما "إذ"؛ فنحو: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ} ، {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا} 1، وقد يحذف ما أضيفت إليه للعلم به2 فيجاء بالتنوين عوضا منه؛ كقوله تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} 3.   ظرفا للمستقبل بمعنى "إذا"، إذا دلت قرينة على ذلك؛ نحو قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} ، {إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِم} ، وإذا أضيفت لجملة فعلية وجب أن يكون الفعل ماضيا لفظا ومعنى، أو معنى فقط؛ نحو قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} ، وقيل: يجب أن يكون معنى الجملة قد تحقق قبل النطق بها، أو أنه سيتحقق من غير شك. وهذا كله ليكون المضاف إليه مماثلا لمعنى "إذ" في الزمن. وتلزم "إذ" البناء، وتكون في محل نصب على الظرفية؛ إلا إذا أضيف إليها اسم؛ كيومئذ، وحينئذ؛ فتكون في محل جر بالإضافة. هذا: "وترد "إذ" للتعليل؛ كقوله تعالى: {وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} ، وهي في هذه الحالة: إما حرف زائد للتعليل كاللام، أو ظرف زمان، والتعليل مستفاد من قوة الكلام، وتأتي لإفادة المفأجاة؛ أي مفاجأة ما بعدها لما قبلها وذلك بعد "بينا" أو"بينما"، نحو: بينا نحن جلوس إذ أقبل علينا ضيف عزيز: وتعرب حينئذ حرف للمفاجأة، أو حرفا زائدًا؛ لتأكيد معنى الجملة. و"حيث" هي في الغالب ظرف مكان نادر التصرف، وهي مبنية دائما على الضم في محل نصب على الظرفية؛ أو خفض بمن؛ ولا يجوز قطعها عن الإضافة لفظا، ولا يضاف إلى الجملة من أسماء المكان غيرها. 1 "إذ" في المثالين مفعول به لاذكروا عند بعض النحاة، وعند الجمهور -وهو الحق- أن "إذ" ظرف لمفعول به محذوف؛ أي اذكروا نعمة الله عليكم، إذ أنتم قليل، وإذ كنتم قليلا. 2 وأكثر ما يكون ذلك؛ إذا كان المضاف اسم زمان، كيومئذ وحينئذ وساعتئذ؛ فيحف المضاف ويؤتى بالتنيوين؛ عوضا عن الجملة المحذوفة، وتحرك الذال عند التنوين بالكسر؛ للتخلص من الساكنين. 3 أي يوم إذ غلبت الروم. و"إذ" حينئذ باقية على بنائها، على الصحيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 وأما "حيث: فنحو: جلست حيث جلس زيد، وحيث زيد جالس1، وربما أضيفت إلى المفرد2؛ كقوله: ببيض المواضي حيث لي العمائم3   1 الغالب في الجملة الاسمية بعد "حيث"، ألا يكون خبرها فعلا. وإضافتها للجملة الفعلية أكثر؛ سواء كانت مثبتة، أو منفية. 2 يجيز بعض النحاة إضافتها للمفرد، مع بقائها مبنية، نحو: إنا مسافر حيث الهدوء، ويؤيده جواز فتح همزة "أن" بعدها؛ فتكون مضافة إلى المصدر المنسبك من أن ومعموليها، وهو مفرد، وبعضهم يعربها، ويندر أن تقع ظرف زمان أو غيره، ولا يقاس على ما يسمع من ذلك. 3 عجز بيت من الطويل، للفرزدق، وصدره: ونطعنهم تحت الحبا بعد ضربهم اللغة والإعراب: نطعنهم -بضم العين وفتحها- نضربهم؛ يقال: طعنه بالرمح؛ كمنعه ونصره -ضربه ووخزه. الحبا: جمع حبوة؛ وهي الثوب الذي يحتبى به. والاحتباء: أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعها به مع ظهره، ويشده عليها. وقد يكون الاحتباء باليدين؛ والمراد هنا: أوساطهم. بيض: جمع أبيض، والمراد: السيوف المواضي؛ جمع ماض، وهو النافذ القاطع؛ أي السيوف القواطع. "لي" العمائم: لفها وشدها طاقة بعد طاقة على الرءوس. "تحت الحبا" مفعول ومضاف إليه "بع" ظرف متعلق بنطعن "ضربه" مضاف إليه. وضمير الغائبين مضاف إليه؛ من إضافة المصدر لمفعوله "حيث" ظرف مكان في محل نصب، متعلق بضرب، أو حال. "لي العمائم" مضاف إليه. المعنى: نضربهم برماحنا في أواسطهم؛ حيث لا يبرءون من الطعن بعد ضربهم بالسيوف القواطع على رءوسهم. الشاهد: إضافة حيث إلى اسم مفرد، وفي المغني: أن من أضاف "حيث" إلى المفرد، أعربها؛ ومنه قول الشاعر: أما ترى حيث سهيلا طالعا بفتح ثاء حيث على أنها مفعول ترى، وخفض سهيل. وفيما يضاف وجوبا إلى الجملة الاسمية والفعلية، يقول ابن مالك: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 ولا يقاس عليه خلافا للكسائي. ومنها ما يختص بالجمل الفعلية وهو: "لما" عند من قال باسميتها1؛ نحو: لما جاءني أكرمته. و"إذا"2 ........................................................................   وألزموا إضافة إلى الجمل ... "حيث" و"إذ" وإن ينون يحتمل إفراد إذ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أي ألزم النحاة "حيث" و"إذ" الإضافة إلى الجمل، بالشروط التي أوضحناها. وإن ينون "إذ"، وذلك بعد حذف المضاف إليه، ومجيء التنوين عوضا عنه، يحتمل ويجوز إفرادها؛ أي قطعها عن الإضافة؛ لفظا لا معنى. 1 القائل باسميتها: الفارسي وابن جني وابن السراج وآخرون؛ وقالوا: هي ظرف بمعنى "حين"؛ ولذا تسمى "لما الحينية". وقيل: بمعنى "إذ"، ورجحه ابن مالك في المعني؛ لأنها مختصة بالماضي، وفيها معنى الشرط، ويجب أن يكون شرطها، وجوابها ماضيين عند الأكثرين، وتضاف إلى شرطها، وتنصب بجوابها، وعند سيبويه: هي حرف وجود لوجود، لا محل لها. 2 هي ظرف غير جازم، مبني دائما، متضمن معنى الشرط غالبا، وتكون للزمان المستقبل كثيرا، وللماضي قليلا، ووقوع الماضي، في جملة شرطها أو جزائها، لا يخرجها عن الدلالة عن المستقبل، ويقع شرطها، وجوابه ماضيين، أو مضارعين، أو مختلفين، وناصبها: المحققين. وإما جوابها فتكون مضافة إلى جملة الشرط وهو المشهور، ويجوز أن يحذف المضاف إليه وتجيء التنوين عوضا عنه؛ تقول: من ينكر المعروف فليس إذا يستحقه؛ أي فليس إذا يجحده يستحقه، وتأتي "إذا" للمفاجأة، فتختص الجملة الاسمية، وهي حينئذ حرف على الأصح، نحو: خرجت فإذا محمد ينتظرني، وقيل هي ظرف، قد أشار الناظم إلى "إذا" بقوله:   * "إضافة" مفعول ثان مقدم لألزموا. "إلى الجمل" متعلق بإضافة، أو بمحذوف صفة له. "حيث" مقصود لفظه مفعول أول. "وإذ" معطوف على حيث. "وإن ينون" شرط وفعله ونائب الفاعل يعود على إذ. "يحتمل إفراد إذ" الجملة من الفعل، ونائب الفاعل جواب الشرط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 عند غير الأخفش والكوفيين1 نحو: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء} ، وأما نحو: {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ} فمثل: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَك} 2. وأما قوله: إذا باهلي تحته حنظلية3   وألزموا "إذا" إضافة إلى ... جمل الإفعال كـ"هن إذا اعتلى" ومعنى: هن إذا اعتلى؛ كن متواضعا هبنا، إذا تكبر وتعالى غيرك. 1 أما عندهما، فيجوز إضافتها إلى الجمل الاسمية؛ تمسكا بظاهر ما ورد من الآيات التي ذكرها المصنف. 2 فكل من "السماء" و"أحد" فاعل بفعل محذوف يفسره المذكور، وليس كل منهما مبتدأ، والفعل بعدهما خبرا. 3 صدر بيت من الطويل للفرزدق، وعجزه: له ولد منها فذاك المذرع اللغة والإعراب: بأهلي: منسوب إلى باهلة، وهي قبيلة من قيس عيلان، ويكثر الشعراء من ذمها؛ ومن ذلك وقول الشاعر: إذا قيل للكلب يا باهلي ... عوى الكلب من لؤم هذا النسب حنظلية: نسبة إلى حنظلة؛ وهي أكرم قبائل تميم؛ حتى ليقال: "حنظلة الأكرمون". المذرع: الذي أمه أشرف من أبيه. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط، "باهلي" اسم كان محذوفة، "تحته" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم، ومضاف إليه. "حنظلية" مبتدأ مؤخر، والجملةفي محل نصب خبر كان المحذوفة وحدها. ويجوز أن يكون المحذوف كان واسمها، و"باهلي" مبتدأ أول. "تحته حنظلية" مبتدأ ثان وخبر، والجملة خبر الأول، والجملة خبر كان المحذوفة مع اسمها ضمير الشأن. "له ولد" خبر مقدم، ومبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ والخبر صفة لباهلي، أو حال. "منها" جار ومجرور صفة لولد "فذاك" الفاء واقعة في جواب الشرط، وذاك اسم إشارة مبتدأ "المذرع" خبر. المعنى: إذا تزوج رجل من باهلة امرأة من حنظلة، وأتى منها بولد؛ فهو المذرع؛ أي   * "إذا" مقصود لفظه مفعول أول لألزموا. "إضافة" مفعول ثان "إلى جمل" متعلق بإضافة "الأفعال" مضاف إليه. "كهن" خبر لمبتدأ محذوف، "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "اعتلى" فعل الشرط، والجملة في محل جر بإضافة إذا، وجواب الشرط محذوف يدل على الكلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 فصل: حكم ما هو بمنزلة إذ أو إذا ... فعلى إضمار كان؛ كما أضمرت هي وضمير الشأن في قوله: فهلا نفس ليلى شفيعها1 فصل: وما كان بمنزلة "إذ" أو"إذا؛ في كونه اسم زمان مبهم لما مضى أو لما يأتي2، فإنه بمنزلتهما فيما يضافان إليه3؛ فلذلك تقول: جئتك زمن الحجاج أمير، أو   الذي أمه أشرف من أبيه. الشاهد: في "إذا باهلي"؛ فإنه على تقدير كان محذوفة بعد إذا؛ بما أنه ليس بعده فعل يصلح للتفسير؛ لأن إذا لا يليها إلا الفعل؛ لفظا أو تقديرا. واحتج به الأخفش على دخول "إذا" على الجملة الاسمية. 1 جزء من بيت من الطويل، لقيس بن الملوح، المعروف بمجنون ليلى، وقيل لغيره، وأوله: ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة ... إلى ... ... ... ... ... ... اللغة والإعراب: نبئت: أخبرت: بشفاعة؛ الشفاعة: التوسل ابتغاء الخير الشفيع: الذي يكون منه التوسل "نبئت" ماض للمجهول، والتاء نائب الفاعل، وهو المفعول الأول. "ليلى" مفعول ثان لنبئت. "أرسلت" الجملة مفعول ثالث. "بشفاعة" مفعول أرسلت؛ على زيادة الباء "إلى" متعلق بأرسلت "فهلا" الفاء للسببية، وهلا حرف تحضيض. "نفس ليلى" خبر مقدم، ومضاف إليه. "شفيعها" مبتدأ مؤخر، ومضاف إليه، والجملة خبر كان المحذوفة، مع اسمها ضمير الشأن؛ أي فهلا كان هو؛ أي الحال والشأن. المعنى: أخبرت أن ليلى أرسلت إلي شفيعا، يطلب مني العودة إلى الوصل والمودة، فهلا تقدمت بنفسها لطلب ذلك؛ إن كان هذا أجدى، وأحق بالقبول. الشاهد: حذف كان واسمها ضمير الشأن بعد هلا، ولم تجعل "نفس ليلى" اسم كان محذوفة، كما حدث في البيت السابق؛ لأن "شفيعها" اسم مفرد مرفوع، لا يصلح أن يكون خبرا، وهلا من الأدوات التي لا يليها إلا الفعل. 2 قول المصنف: لما مضى، راجع لوجه الشبه بإذ. وقوله: أو لما يأتي، راجع لوجه الشبه بإذ. والمراد بالمبهم من الزمان: ما ليس محدودا؛ بالأ يكون له أي اختصاص؛ كحين، ومدة، ووقت، ووزمن، ولحظة، وبرهة، أو يكون له اختصاص من بعض النواحي؛ كغداة وعشية، وليل، ونهار، وصباح، ومساء أما المحدود فهو: ما دل على عدد معين؛ كيومين، وأسبوع، وشهر، وسنة، أو وقت محدود؛ كأمس، وغد، وهذا لا يضاف إلى جملة. 3 فما يكون بمعنى، "إذ" يجوز إضافته إلى الجملة بنوعيها، بالشرط الذي ذكرناه؛ وهو أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 أو زمن كان الحجاج أميرًا؛ لأنه بمنزلة "إذ"1؛ وآتيك زمن يقدم الحاج، ويمتنع في: زمن الحاج قادم؛ لأنه بمنزلة "إذا"2. هذا قول سيبويه، ووافقه الناظم في مشبه "إذ" دون مشبه "إذا"؛ محتجا بقوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} 3. وقوله: فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة4 وهذا ونحوه مما نزل فيه المستقبل -لتحقق وقوعه- منزلة ما قد وقع ومضى5.   يكون معنى الجملة ماضيا أو مستقبلا محتم الوقوع، كما يجوز أن يضاف إلى المفرد أو لا يضاف، وما يكون بمنزلة، "إذا" يضاف إلى الجملة الفعلية، غير أن الإضافة في "إذ" و"إذا" واجبة، وفيما يكون بمنزلتهما جائزة. 1 "فزمن" في المثال الأول مضاف إلى جملة اسمية، وفي الثاني مضاف إلى فعلية. 2 أي: و"إذا" لا تضاف إلى الجمل الاسمية؛ فكذلك ما كان بمعناها. 3 فقد أضيف "يوم" هو يشبه "إذا" في الاستقبال، إلى الجملة الاسمية. 4 صدر بيت من الطويل، لسواد بن قاب السدوسي الأزدي الصحابي، يخاطب الرسول، وعجزه: بمغن فتيلا عن سواد بن قارب وتقدم الكلام عليه في باب "ما ولا ولات" صفحة 257 جزء أول. الشاهد فيه هنا: إضافة "يوم" إلى الجملة الاسمية، على رأي الناظم؛ مع أنه بمنزلة "إذا" في الدلالة على المستقبل، و"إذا" لا تضاف إليها. وظاهره الرد على سيبويه، الذي لا يجيز ذلك. 5 أي فيكون "يوم" مشبها لإذ؛ لا لإذا؛ لأن المراد من الماضي ما كان متحقق الوقوع؛ سواء عبر عنه بالماضي، أو بالمضارع، وهذا توجيه سيبويه، وهو رد على رأي الناظم، وفي أسماء الزمان المشبهات "إذ"، يقول الناظم: ... .... وما كـ"إذ" معنى كإذ ... أضف جوازًا نحو "حين جا نبذ" أي والذي مثل "إذا" في المعنى؛ من حيث كونه اسم زمان ماض مبهم، يضاف جوازا إلى مثل ما تضاف إليه "إذ"؛ من الجمل الاسمية والفعلية؛ نحو: حين جاء نبذ؛ أي طرد. واقتصر الناظم على مشبه، "إذ" دون مشبه "إذا"؛ لأنه يجيز إضافة مشبه "إذا" إلى الجملة الاسمية؛ محتجا بما ذكره المصنف ورده.   * "وما" اسم موصول مبتدأ، "كإذ" متعق بمحذوف صلة، "معنى" منصوب على نزع الخافض، أو تمييز. "كإذ" خبر المبتدأ. "جوازًا" مفعول مطلق لأضف، وجملة أضف؛ كالاستدراك على قوله: كإذ، يبين به أنه مثله في مطلق الإضافة؛ لا في وجوبها. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "حين" ظرف متعلق بنبذ. "جا" فعل ماض قصر للضروة. "نبذ" ماض مبني للمجهول، والجملة في محل جر بإضافة نحو إليها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 فصل: في إعراب الزمان المحمول على إذ أو إذا ... فصل: ويجوز في الزمان المحمول على "إذ" أو"إذا": الإعراب على الأصل والبناء حملًا عليهما1؛ فإن كان ما وليه فعلًا مبنيا؛ فالبناء أرجح للتناسب؛ كقوله: على حين عاتبت المشيب على الصبا2   1 "إذ" و"إذا" مبنيان على الفتح في جميع الأحوال، أما ما يشبههما؛ فيجوز فيه الإعراب على الأصل؛ بناء على أن الأصل في الأسماء الإعراب، وهذا يحسن إذا كان المضاف إليه جملة اسمية، أو جملة مضارعية فعلها معرب، وجيوز فيه البناء على الفتح، ويحسن عند الإضافة إلى جملة فعلية فعلها مبني، وقد أوضح ذلك المصنف. 2 صدر بيت من الطويل، للنابغة الذبياني، من قصيدة، يعتذر فيها للنعمان بن المنذر، وعجزه: وقلت ألما أصح والشيب وازع اللغة والإعراب: "على" الأولى، بمعنى "في"، والثانية للتعليل. عاتبت؛ العتاب: اللوم مع السخط، وعدم الرضا، الصبا، والصبوة والميل إلى الهوى، أصح: أتنبه، وازع: زاجر، من وزع؛ أي زجر ونهي. "على حين" جار ومجرور متعلق بأسبل، أو برددتها في قوله قبل: وأسبل مني عبرة فرددتها ... على النحو منها مستهل ودامع "عاتبت المشيب" الجملة في محل جر بإضافة "حين" إليها، "على الصبا" متعلق بعاتبت. "ألما" الهمزة للاستفهام الإنكاري، و"لما" حرف نفي وجزم. "أصح" مضارع مجزوم بحذف الواو. "والشيب وازع" الواو للحال، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب حال، من الضمير المستتر في أصح. المعنى: سال مني الدمع وانهمل، وقت معاتبتي للشيب، وقد حل بي، وذهب زمان الصبوة والفتوة والانغماس في الشهوات وقلت لنفسي، موبخا: كيف لا أصحو وأفيق من غفلتي واسترسالي في الشهوات! والشيب أكبر زاجر وواعظ. الشاهدك: في "حين"؛ روي بالفتح على البناء لإضافته لمبني، وبالخفض على الإعراب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 وقوله: على حين يستصبين كل حليم1 وإن كان فعلا معربا أو جملة اسمية؛ فالإعراب أرجح عند الكوفيين، وواجب عند البصريين، واعترض عليهم بقراءة نافع: {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ} بالفتح2، وقوله: على حين التواصل غير داني3   1 عجز بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وصدره: لأجتذبن منهن قلبي تحلما اللغة والإعراب: تحلما؛ التحلم: تكلف الحلم وتصنعه. يستصبين: يستملن ويجتذبن. حليم: عاقل رزين. "لأجتذبن" اللام للتوكيد واقعة في جواب قسم مقدر. "أجتذبن" مضارع مؤكد بالنون الخفيفة. "منهن" جار ومجرور متعلق به، "قلبي" مفعول مضاف إليه ياء المتكلم. "تحلما" مفعول لأجله، أو حال بمعنى متحلما. "على حين"جار ومجرور متعلق بأجتذبن، "يستصبين" مضارع مبني على السكون؛ لاتصاله بنون النسوة فاعله، والجملة مضاف إليه لحين. "كل جليم" مفعول يستصبين، ومضاف إليه. المعنى: اجتذب قلبي، وأشده إلى نفسي من هؤلاء الفاتنات؛ متكلفا الحلم، والكف عن الميل إلى الهوى؛ لأنه يستملن إلى الله والصبوة كل عاقل. الشاهد: فيه كالذي قبله؛ غير أن الفعل الذي أضيف إليه "حين" هناك مبني بالإصالة؛ لأنه ماض، وهذا مبني لاتصاله بنون النسوة، وأصله معرب. 2 أي ببناء "يوم" على الفتح، لا على الإعراب؛ لأن الإشارة إلى اليوم؛ كما في قراءة الرفع، فلا يكون ظرفا، ويجيب البصريون -الذين يوجبون الإعراب- بأن الفتحة "في يوم" فتحة إعراب، وهو منصوب على الظرفية خبرًا لهذا. والإشارة ليست لليوم؛ وإنما هي للمذكور قبل؛ من كلامه مع عيسى، وكلام عيسى معه؛ أي هذا المذكور كائن في هذا اليوم، ويمكن أن يكون على لغة سليم؛ من إعمال القول مطلقا. 3 عجز بيته من الوافر، لم ينسب لقائل، وصدره: تذكر ما تذكر من سليمى اللغة والإعراب: التواصل: المواصلة وترك القطعية والهجر، دان: قريب. تذكر فعل ماض، والفاعل هو "ما" اسم موصول مفعول تذكر الأولى "تذكر الثاني" الجملة صلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   "ما"، والعائد محذوف؛ أي تذكره. "من سليمى" جار ومجرور حال من "ما". "على حين" متعلق بتذكر "التواصل غير داني" الجملة من المبتدأ والخبر مضاف إليه لحين. المعنى: تذكر وأعاد إلى ذاكرته وذهنه كل ما كان بينه، وبين سليمى -وأبهم المذكر؛ تعظيما له وتفخيما- لا في وقت لا ينتظر فيه قرب الوصال، والتقرب بينهما. الشاهد: في "حين"؛ روى بالفتح على البناء، في محل جر بعلى، مع إضافته لجملة اسمية. وبهذا يرد على البصريين؛ والذين يمنعون البناء في هذه الحالة، وإن كان الإعراب أكثر. وإلى ما ذكر في هذا الفصل، يشير ابن مالك بقوله: وابن أو أعرب ما كـ"إذ" قد أجريا ... واختر بنا متلو فعل بنيا وقبل فعل معرب أو مبتدا ... أعرب ومن بنى فلن يفندا أي يجوز البناء والإعراب في كل اسم زمان حمل على "إذ"، وكان مثلها في المعنى، والمختار بناء ما يتلوه فعل مبني، وإعراب ما وقع قبل فعل معرب، أو قبل مبتدأ "المراد: جملة اسمية". ومن بني في جميع الأحوال، فلن يفندا؛ أي يغلط. هذا: وهنالك ألفاظ غير زمانية، ولكنها تشبه الزمان؛ في ارتباطها بالوقت والزمن؛ مثل آية بمعنى علامة، وهذه تضاف جوازًا إلى الجملة الفعلية، التي فعلها متصرف، ويغلب أن يأتي بمعنى علامة، وهذه تضاف جوازًا إلى الجملة الفعلية، التي فعلها متصرف، ويغلب أن يأتي بعدها "ما" النافية أو المصدرية، وتعرب على حسب ما تستحقه قبل الإضافة؛ كقول الشاعر: ألا من مبلغ عني تميما ... بآية ما يحبون الطعاما بآية يقدمون الخيل شعثا ... كأن على سنابكها مداما فكلمة آية معربة، مضافة إلى المصدر المؤول في البيت الأول، وإلى الجملة المضارعية في الثاني.   * "أو أعرب" معطوف على "ابن"؛ بنقل فتحة الهمزة إلى الواو للوزن، "ما" اسم موصول تنازعه الفعلان، "كإذ" متعلق بأجريا، وجملة "قد أجريا" صلة ما "بنا" -بالقصر- مفعول اختر، "متلو فعل" مضاف إليه. "بينا" ماض للمجهول، والجملة نعت لفعل. "وقيل فعل" ظرف متعلق بأعرب، ومضاف إليه "معرب" صفة لفعل. "أو مبتدأ" معطوف على فعل، "ومن" اسم موصول مبتدأ، "بني" الجملة صلة من، "فلن يفندا" نائب فاعل يفندا عائد على من، والجملة خبرها، والفاء زائدة في خبر الموصول لشبهه بالشرط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 فصل: مما يلزم الإضافة كلا وكلتا بشروط ... فصل: مما يلزم الإضافة "كلا" و"كلتا"1، ولا يضافان إلا لما استكمل ثلاثة شروط: أحدها: التعريف2؛ فلا يجوز: كلا رجلين، ولا كلتا امرأتين، خلافا للكوفيين3. والثاني: الدلالة على اثنين4؛ إما بالنص؛ نحو: كلاهما، و {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ} أو بالاشتراك؛ نحو قوله: كلانا غني عن أخيه حياته5   1 أي للإضافة لفظا ومعنى، وكلا وكلتا مفردان لفظا، مثنيان معنى، يدلان على اثنين واثنتين، ويجوز في خبرهما، وفي كل ما يحتاج إلى المطابقة بينه وبينهما، مراعاة اللفظ وهو الأفصح، ومراعاة المعنى. 2 لأنهما في المعنى يؤكدان ما أضيفتا إليه، والمنكور لا يؤكد عند البصريين. 3 فقد أجازوا إضافتهما إلى النكرة المختصة؛ لجواز توكيدها؛ تقول: حضر كلا رجلين عالمين، وكتلا امرأتين شاعرتين، والأحسن الأخذ بهذا الرأي. 4 أي شيئين؛ مذكرين أو مؤنثين، واشترط ذلك؛ لأن الغرض منهما تقوية التثنية في المضاف إليه، وتأكيدها، ولا بد أن يطابق التأكيد المؤكد. 5 صدر بيت من الطويل، ينسب لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، يخاطب الحسين بن عبد الله، وكان صديقين ثم تهاجرا، وقيل لغيره، وعجزه: ونحن إذا متنا أشد تغانيا اللغة والإعراب: معاني المفردات واضحة "كلانا" مبتدأ موفوع بالألف، ومضاف إليه. "غني" خبر. "عن أخيه" منصوب على الظرفية، أو على نزع الخافض، ومضاف إليه "ونحن" متبدأ. "إذا متنا" شرط وفعله، وهو اعتراض بين المبتدأ والخبر وهو "أشد". "تغانيا" تمييز. المعنى: واضح. الشاهد: إضافة "كلا" إلى الضمير "نا"؛ وهو لفظ مشترك يدل على الاثنين والجماعة؛ فصحت إضافة "كلا" إليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 فإن كلمة "نا" مشتركة بين الاثنين والجماعة، وإنما صح قوله: إن للخير والشر مدى ... وكلا ذلك وجه وقبل1 لأن "ذا" في المعنى، مثلها في قوله تعالى: {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} 2، أي: وكلا ما ذكر، وبين ما ذكر. والثالث: أن يكون كلمة واحدة3؛ فلا يجوز: كلا زيد وعمرو؛ فأما قوله: كلا أخي وخليلي واجدي عضدا4   1 لعبد الله بن الزبعري، أحد شعراء قريش، من قصيدة قالها بعد غزوة أحد، يتشفى بالمسلمين، وكان وقتئذ لا يزال على جاهليته، ثم أسلم بعد، وقبله النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمنه بعد فتح مكة. اللغة والإعراب: مدى؛ المدى: غاية الشيء ونهايته. وجه: جهة، ومستقبل كل شيء وجهه. قبل، القبل: المحجة الواضحة. "للخبر" جار ومجرور خبر "إن" مقدم. "مدى" اسمها مؤخر. "وكلا" الواو عاطفة. "كلا" متبدأ مرفوع بضمة مقدرة على الألف. "ذلك" ذا: اسم إشارة مضاف إليه، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، "وجه" خبر المبتدأ. "وقبل" معطوفة على وجه؛ وسكن للشعر. المعنى: إن للخير والشر غاية ونهاية، ينتهيان إليها ويقفان عندها، وكلاهما أمر معروف، يستقبله الإنسان ويعرفه، كما يستقبل الوجه. وضبطه بعضهم "قبل"؛ بكسر القاف، وفتح الباء، جمع قلبة؛ أي كلا من الخير والشر بمثابة القبلة التي يتوجه إليها المصلي. الشاهد: إضافة "كلا" إلى مفرد لفظا، مثنى معنى؛ وهو ذلك؛ لأنه عائد على اثنين هما: الخير والشر. 2 أي بين الفارض والبكر؛ والفارض: السنة، والبكر: الفتية، والعوان: النصف. 3 فلا يضافان إلى كلمتين متفرقتين؛ لأنهما موضوعان لتأكيد المثنى. 4 صدر بيت من البسيط لم ينسب لقائل معين، وعجزه: في النائبات وإلمام الملمات اللغة والإعراب: الخليل: الصديق. عضدا: سندا يعتمد عليه، ويركن إليه عند الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 فمن نوادر الضرورات. ومنها "أي"1: تضاف للنكرة2 مطلقًا؛ نحو: أي رجل، وأي رجلين، وأي رجال؟   الشدائد. النائبات: المصائب التي تنوب الإنسان، جمع نائبة. إلمام: نزول، مصدر ألم؛ أي نزل. الملمات: نوازل الدهر وحوادثه، جمع ملمة. "كلا" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الألف. "أخي" مضاف إليه "وخليلي" معطوف عليه مضاف إلى ياء المتكلم، "واجدي" خبر كالا باعتبار لفظه، وياء المتكلم مضاف إليه، وهي في محل نصب مفعوله الأول. "عضدا" مفعول ثان. "في النائبات" متعلق بواجدي. المعنى: كل من أخي وصديقي يجدني عند حلول المصائب والشدائد، ونزول حوادث الدهر ونوائبه، معينا وركنا يستند إليه، وناصرا ينصره ويساعده. الشاهد: إضافة "كلا" إلى متعدد، مع التفريق بالعطف؛ وهو أخي وخليلي، وهذا نادر كل الندرة، ولا تضاف كلا وكلتا لشيء من الضمائر غير "نا" و"الكاف" المتصلة بالميم والألف، والهاء كذلك؛ تقول: كلانا، كلاكما، كلاهما، وكذلك كلتا. وإلى كلا وكلتا وشروطهما أشار الناظم بقوله: لمفهم اثنين معرف بلا ... تفرق أضيف "كلتا" و"كلا" أي أضيفت كلتا وكلا لمفهم اثنين -أي لما يدل عليه اثنين- مع تعريفه، وعدم تفرق أفرداه؛ فقد أجيز: بين محمد وعلي، واشترك محمد وعلي، ولم يجز العطف في كلا وكلتا، مع عدم التفريق بينه، وبين سابقيه، والعلة في ذلك: الورود عن العرب. 1 "أي" الملازمة للإضافة خمسة أنواع: نوعان ملازمان للإضافة لفظا ومعنى؛ وهما: الوصفية، التي تقع نعتا، والحالية، التي تقع حالا، وثلاثة ملازمة للإضافة معنى لا لفظا؛ وهي: الاستفهامية، والشرطية، والموصولة؛ فيحوز قطعها عن الإضافة لفظا، مع نية المضاف إليه، وحينئذ تنون؛ ليكون التنوين عوضا عن المحذوف. 2 كل الأنواع المتقدمة، ما عدا الموصولة، فلا تضاف إلا لمعرفة؛ كما سيأتي.   * "لمفهم" متعلق بأضيف. "اثنين" مضاف إليه. "معرف" صفة لمفهم "بلا تفرق" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة ثانية لمفهم، "كلتا" نائب فاعل أضيف. "وكلا" معطوف عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 وللمعرفة1 إذا كانت مثناة،؛ نحو: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ} ، أو مجموعة؛ نحو: {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} ولا تضاف إليها مفردة2 إلا إن كان بينهما3؛ جمع مقدر4؛ نحو: أي زيد أحسن؟ إذا المعنى: أي جزاء زيد أحسن؟ أو عطف عليها مثلها بالواو5، كقوله: أيي وأيك فارس الأحزاب6   1 إن كانت استفهامية، أو شرطية، أو موصولة. 2 أي لا تضاف "أي" المذكورة إلى المعرفة المفردة. 3 أي بين "أي" وبين المعرفة المفردة. 4 أي لفظ يدل على جمع؛ وهو "أجزاء" في المثال المذكور، أو قصد الجنس بالمضاف إليه؛ نحو: أي الدينار دينارك؟، وأي الكسب أطيب؟. 5 أي تكررت بعطف معرفة مفردة على الأولى بالواو خاصة. ولا يشترط إضافة الأولى منهما إلى ضمير المتكلم، خلافا لبعضهم، فيصح أن يقال: أيك وأي محمد أفقه؟ وأي على، وأي محمد أفضل؟ 6 عجز بيت من الكامل، لم يعلم قائله، وصدره: فلئن لقيتك خاليين لتعلمن اللغة والإعراب: خاليين: منفردين ليس معنا أحد. الأحزاب: جمع حزب؛ وهو الجماعة من الناس أمرهم واحد. "فلئن" اللام موطئة للقسم، وإن حرف شرط جازم، "لقيتك" فعل الشرط. "خاليين" حال من الفاعل والمفعول في لقيتك، "لتعلمن" اللام واقعة في جواب القسم، وتعلمن مضارع مبني على الفتح، لاتصاله بنون التوكيد، وجواب الشرط محذوف، يدل عليه جواب القسم "أيي" مبتدأ ومضاف إليه، "وأيك" معطوفة على أيي. "فارس الأحزاب" خبر ومضاف إليه، وجملة المبتدأ والخبر سدت مسد مفعولي "تعلم"؛ المعلق بسبب الاستفهام. المعنى: يتوعد الشاعر محدث، ويقول له: إذا تقابلنا منفردين، ليس معنا أحد، ونزل كل منا إلى صاحبه، فستعلم أينا الفارس المغوار، الذي لا ينازعه أحد. الشاهد: إضافة "أي" إلى مفرد معرفة؛ لتكرارها بعطف مثلها عليها بالواو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 إذ المعنى: أينا. ولا تضاف "أي" الموصولة إلا لمعرفة1؛ نحو: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} خلافا لابن عصفور2. ولا "أي" المنعوت بها، والواقعة حالا، إلا لنكرة3؛ كمررت بفارس، أي فارس، وبزيد، أي فارس. وأما الاستفهامية والشرطية، فيضافان إليهما4؛ نحو: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} ، {أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ   1 لأنه يراد بها معين، والصلة لا تستقل بذلك مع أي؛ لتوغلها في الإبهام، فلا بد من إضافتها لمعرفة، ولا بد أن تدل المعرفة على متعدد، أو يعطف مثلها بالواو؛ كما سلف. 2 فقد أجاز إضافتها للنكرة. 3 أي غالبًا؛ لأن نعت النكرة، والحال ينبغي أن يكون نكرتين، وينبغي أن تكون هذه النكرة مماثلة للمنعوت؛ لفظا ومعنى، أو معنى فقط؛ كما مثل المصنف. 4 أي إلى النكرة والمعرفة، وذلك؛ لأن معنى الاستفهام، والشرط يؤدي بهما. وخلاصة ما تقدم أن لأي ثلاثة أحوال: أ- الإضافة إلى النكرة والمعرفة، في الشرطية والاستفهامية، ويضافان إلى النكرة مطلقا؛ سواء كانت لمتعدد أو غير متعدد، وهما حينئذ بمعنى المضاف إليه كاملا؛ ولذا يكونان بمعنى "كل"، ويشترط في المعرفة أن تكون لمتعدد، ويكونان معها بمعنى "بعض"، ويجوز قطعهما عن الإضافة؛ فمثال الشرطية في قوله تعالى: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ، ومثال الاستفهامية أن تقول: أكرمت رجلًا؛ فيقال لك: أيا يا فتى؟ ب- الإضافة إلى النكرة في الوصفية والحالية، ومعنى الوصفية: الدلالة على بلوغ المنعوت الغاية؛ مدحا أو ذما؛ ويشترط أن تكون النكرة مماثلة للمنعوت؛ لفظا ومعنى، أو معنى فقط والوصفية لا تتكرر، ولا تنوى بها الأجزاء، وتدل الحالية على ما تدل عليه الحال؛ من بيان هيئة صاحبها المعرفة. جـ- الإضافة إلى المعرفة في "أي" الموصولة؛ وهي بمعنى الذي؛ ويشترط في المعرفة أن تدل على متعدد بالإضافة، أو بالعطف بالواو على مثل المتقدم، كما سبق بيانه، ويراعى لفظه في المطابقة، وقد تقطع عن الإضافة لفظا؛ تقول: أكرم أيا هو أفضل. وفي "أي" وأحكامها، يقول الناظم: ولا تضف لمفرد معرف ... "أيا" وإن كررتها فأضف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 قَضَيْتُ} 1، {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ} ، وقولك: أي رجل جاءك فأكرمه. ومنها لدن2 بمعنى عند، إلا أنها تختص بستة أمور: أحدها: أنها ملازمة لمبدأ الغايات3؛ ...........................................   أو تنو الاجزا واخصصن بالمعرفه ... موصولة "أيا" وبالعكس الصفه وإن تكن شرطًا أو استفهاما ... فمطلقا كمل بها الكلاما أي: لا يجوز إضافة "أي" للمفرد المعرفة، إلا مع تكرارها أو مع نية الأجزاء والمراد: الاستفهامية، والشرطية، والموصولة؛ لأنها هي التي تضاف إلى المعرفة والموصولة تختص بالمعرفة. أما الشرطية والاستفهامية؛ فيجوز إضافتهما للنكرة كما يوضحه الإطلاق بعد. وتختص الصفة بنوعيها؛ النعتية والحالية، بعكس الموصولة؛ أي بالإضافة إلى النكرة، ثم بين إن الشرطية والاستفهامية يكمل بهما وبما أضيفتا إليه الكلام مطلقا؛ سواء أضيفتا إلى المعرفة أو إلى النكرة. 1 مثالان للاستفهامية والشرطية المضافتين إلى معرفة، وما بعدها للمضافتين إلى نكرة. 2 هي ظرف مبهم يدل على بدء الغاية الزمانية أو المكانية، والمراد بالغاية: ما يدل عليه الكلام بعدها من المقدار الزمني أو المسافة المكانية، من حيث يكون البدء بها. وتجر ما بعدها بالإضافة لفظا إن كان معربا، ومحلا إن كان مبنيا أو جملة. 3 أي أول المسافات المكانية أو المقادير الزمانية، فمسماها نقطة البداية ودخول "من" التي للابتداء عليها؛ لتدل على هذا المعنى المراد منها؛ لأن غير مألوف في الأسماء أما "عند" فتكون لمبدأ الغابات كثيرا، وللدلالة على الحضور المجرد؛ نحو: جلست عندك. ويندر أن يقال: جلست لدنك، وإنما تكون "عند" لابتداء الغاية كثيرا إذا دخلت عليها "من" الابتدائية، فإن لم تدخل عليها "من"، كانت للدلالة على مجرد الحضور.   * "ولا" ناهية. "تضف" مضارع مجزوم بلا. "معرف" نعت لمفرد "أيا" مفعول تضف. "وإن كررتها" شرط وفعله ومفعوله. "فأضف" الفاء واقعة في جواب الشرط، ومفعول أضف محذوف؛ أي فأصفها للمعرفة. "أو تنو" معطوف على كررتها مجزوم بحذف الياء، وفصل بينهما بجواب الشرط لكونه ليس أجنبيا. "الأجزاء" مفعول تنو. "واخصصن" أمر مؤكد بالنون الخفيفة. "المعرفة" متعلق به. "موصولة" حال مقدم من أيا الواقع مفعولا لاخصصن، "وبالعكس" خبر مقدم، "الصفة" مبتدأ مؤخر، "وإن تكن" تكن فعل الشرط واسمها يعود على أي. "شرطا" خبر تكن. "أو استفهاما" معطوف على شرطا، "فمطلقا" الفاء للربط، و"مطلقا" صفة لمصدر محذوف؛ أي فتكميلا مطلقا. "كمل بها الكلاما" الجملة في محل جزم جواب الشرط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 فمن ثم يتعاقبان1 في نحو: جئت من عنده ومن لدنه، وفي التنزيل: {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} ؛ بخلاف نحو: جلست عنده؛ فلا يجوز فيه جلست لدنه؛ لعدم معنى الابتداء هنا2. الثاني: أن الغالب استعمالها مجرورة بمن3. الثالث: أنها مبنية4 إلا في لغة قيس5، وبلغتهم قرئ: {مِنْ لَدُنْه} . الرابع: جواز إضافتها إلى الجمل6؛ كقوله: لدن شب حتى شاب سود الذوائب7   1 أي يتداولان على شيء واحد. 2 لأن المقصود: جلست في مكان قريب منه. 3 فتكون مبنية على السكون في محل جر، ولم ترد في القرآن الكريم إلا كذلك. ومن القليل تجردها للظرفية، وحينئذ تكون مبنية على السكون في محل نصب. أما "عند" فتنصب كثيرا على الظرفية، أو تجر بمن، وجرها بمن -على كثرته- قليل بالنسبة لجر "لدن" بها. 4 بخلاف "عند" فإنها معربة عند أكثر العرب. 4 فإنها معربة عندهم تشبيها بعند، وإعرابها عندهم مخصوص بالمشهور فيها، وهو "لدن"، وقد سكنت الدال للتخفيف مع الإشمام بالضمة، والأصل ضمها وزعم الفارسي أن "لدن" في الآية على هذه القراءة مبنية، والكسرة للتخلص من الساكنين: سكون الدال، والنون لأجل بناء لدن. 6 وإذا أضيفت للجملة تمخضت للدلالة على بداية الغاية الزمانية دون المكتابة، لأن الأرجح أنه لا يضاف إلى الجملة من ظروف المكان، غير "حيث" كما تقدم. 7 عجز بيت من الطويل، لعمير بن شييم المعروف بالقطامي الشاعر، وصدره: صريع غوان راقهن ورقنه اللغة والإراب: صريع: مصروع، وهو المطروح على الأرض. غوان: جمع غانية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 الخامس: جواز إفرادها قبل "غدوة"1؛ فنصبها: إما على التمييز2 أو على التشبيه بالمفعول به3 أو على إضمار "كان" واسمها4. وحكى الكوفيون رفعها على إضمار "كان" تامة5. والجر القياس6 والغالب في الاستعمال.   وهي المرأة الحسناء التي استغنت بجمالها عن التزين. راقهن: أعجبهن، وروي: شاقهن؛ أي بعث الشوق إلى أنفسهن: الذوائب: جمع ذؤابة، وهي الضفيرة من الشعر. "صريع غوان" خبر لمبتدأ محذوف ومضاف إليه. "راقهن" الجملة صفة لغوان. "وشقنه" معطوف على راقهن. "لدن" ظرف زمان تنازعه العوامل الثلاثة. صريع، ورقهن، ورقنه، وهو مضاف إلى جملة "شب". "حتى" حرف غاية وجر. "سود الذوائب" فاعل شاب ومضاف إليه، من إضافة الصفة إلى الموصوف. المعنى: أن هذا المخاطب مصروع ومغلوب على أمره، بسبب هؤلاء الغانيات الفاتنات، اللاتي تعلقن به، وقد أعجبب وتعلق بهن منذ نشأ، حتى شابت ذوائبه فأعرضن عنه، وأعرض عنهن قهرا. الشاهد: إضافة "لدن" إلى جملة "شب" وفاعله المستتر فيه جوازا. 1 أي قطعها عن الإضافة لفظا ومعنى، من غير أن يفصل بينها فاصل. 2 أي للدن؛ لأن نونها تشبه التنوين، ويكون من تمييز المفرد سماعًا؛ لأنها اسم لأول زمن مبهم، فسر بغدوة. 3 لأن "لدن" تشبه اسم الفاعل، في أن نونها تثبته تارة وتحذف أخرى، مثله. 4 وتكون "غدوة" خبرا، والأصل: لدن كان الوقت غدوة. وهذا الوجه حسن؛ لبعده عن التكلف؛ ولأن فيه إبقاء "لدن" على ما ثبت لها من الإضافة إلى الجملة. 5 وتكون غدوة فاعلا، والتقدير: لدن كانت غدوة؛ أي وجدت وظهرت، وعلى هذا تكون "لدن" ظرفا مضافا إلى الجملة تقديرا. وقيل: مرفوع بلدن لشبهها بالفاعل، كما عملت "يا" في المنادى لنيابتها عن أدعو. 6 أي بإضافة "لدن" إليها كما تجر سائر الظروف. أما "عند" فلا ينقطع عن الإضافة إلا إذا كان اسما محضا وبعد عن الظرفية. هذا: ولا ينصب بعد "لدن" من الأسماء إلا غدوة، ولا تكون غدوة إلا منونة أما "عند". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 السادس: أنها لا تقطع إلا فضلة1؛ تقول: السفر من عند البصرة2، ولا تقول: من لدن البصرة. ومنها "مع": وهو اسم لمكان الاجتماع3، معرب إلا في لغة ربيعة وغنم4 فتبنى   1 لأنها ظرف غير متصرف، فهي مقصورة على النصب على الظرفية أو الجر بمن. أما "عند" فلا. 2 فالجار والمجرور خبر عن السفر. هذا: وتأتي "عند" ظرفا للأعيان والمعاني؛ تقول: هذا القول عندي صواب، وعند فلان علم به، ويندر ذلك في "لدي" قيل: ومنه قوله تعالى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} . وتقول: عندي مال وإن كان غائبا عنك. ولا تقول: لدي مال إلا إذا كان حاضرا، وفي "لدن" يقول ابن مالك. وألزموا إضافة "لدن" فجر ... ونصب "غدوة بها عنهم ندر أي أن العرب ألزموا "لدن" الإضافة فجر المضاف إليه، وقد يتجرد عن الإضافة وينصب كلمة "غدوة" دون غيرها نادرا. 3 هي ظرف مكان أو ظرف زمان، يدل على اجتماع والتقاء بين اثنين في مكان واحد أو زمان واحد، وإرادة المكان أو الزمان توضحه القرائن. مثال دلالته على المكان: التواضع مع الغنى كرم نفس. ومثال الزمان: يذهب الفلاح إلى الحقل في الصباح الباكر. وهي حينئذ ظرف غير متصرف ملازم في الغالب للإضافة لفظا ومعنى، معرب منصوب على الظرفية؛ ولأنها اسم يخبر بها عن الذوات؛ تقول: محمد معك. وتأتي بمعنى "عند" فتفيد الحضور المجرد، ولا تدل على اجتماع ومصاحبة، وتكون حينئذ معربة مضافة، واجبة الجر بمن الابتدائية؛ نحو: من أراد البذل فلينفق من معه لا من مع غيره. 4 ربيعة: إحدى قبليتين عظيمتين تفعرت إليهما العرب العدنانية، والثانية مضر، وربيعة أبو القبيلة. وغنم: قبيلة أبوها ورئيسها غنم بن تغلب وائل.   * "إضافة" مفعول ثان مقدم لألزموا. "لدن" مفعول أول قصد لفظه. "فجر" الفاء للعطف، وفاعل جر يعود على لدن ومفعوله محذوف؛ أي المضاف إليه. "ونصب" مبتدأ "غدوة" مضاف إليه. "بها" متعلق بنصب. "عنهم" متعلق بتدر، وجملة "ندر" خبر المبتدأ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 على السكون1؛ كقوله: فريشي منكم وهواي معكم2 وإذا لقي الساكنة ساكن جاز كسرها وفتحها3؛ نحو: مع القوم، وقد تفرد بمعنى "جميعا"4 فتنصب على الحال5؛ نحو: جاءوا معًا.   1 لجمودها بملازمتها الظرفية ولتضمنها معنى حرف المصاحبة، وهي على اللغة حرف جر. 2 صدر بيت من الوافر، نسبه الشاطبي إلى الراعي النميري، ونسبه العيني إلى جرير، من كلمة يمدح فيها هشام بن عبد الملك بن مروان، وعجزه: وإن كان زيارتكم لماما اللغة والإعراب: الريش اللباس الفاخر، ومثله الرياش، أو المال والخصب ونحوهما. هواي، الهوى: الميل القلبي. لماما: أي في بعض الأحايين، وقتا بعد وقت. "فريشي" مبتدأ مضاف لياء المتكلم. "منكم" متعلق بمحذوف خبر. "معكم" ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب متعلق بمحذوف خبر هواي. "وإن كانت" شرط وفعله، "زيارتكم" اسم كان ومضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله. "لماما" خبر كان، وجواب الشرط محذوف يدل عليه السياق. المعنى: كل ما عندي من لباس فاخرا أو مال وعيش خصب هو منكم ومن فضلكم، وأنا محب لكم وقلبي متعلق بكم، وإن كانت زيارتكم لي قليلة لا تدل على موالاتكم لي، أو زيارتي لكم قليلة. الشاهد: بناء "مع" على السكون على لغة ربيعة، والمشهور فتحها على أنه معربة، والفتحة للإعراب. 3 فتبنى على الكسر للتخلص من الساكنين، أو على الفتح للخفة. 4 معناها في هذه الحالة: الدلالة على مجرد اصطحاب اثنين أو أكثر واجتماعهما، ولا تدل على اتحاد في الزمان أو المكان إلا بقرينة، وتكون حينئذ معربة منصوبة منونة، ولا حظ لها في الإضافة. 5 وقد تعرب ظرفا مخبرا به عن المبتدأ؛ نحو: المجاهدان معا، وتستعمل للجمع مطلقا، كما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 ومنها "غير": وهو اسم دال على مخالفة ما قبله لحقيقة ما بعده1. وإذا وقع بعد "ليس" وعلم المضاف إليه2: جاز ذكره كقبضت عشرة ليس غيرها3، وجاز حذفه   تستعمل للاثنين؛ تقول: المجاهدون معًا؛ أي مجتمعون وموجودن معا ... إلخ. واختلف النحاة في "مع" أهي ثنائية الوضع؟ أم ثلاثية حذفته لامها، وأصلها معي؟ وخير الآراء: أن الظرفية ثنائية الوضع معربة يحذف تنوينها عند الإضافة، وتقع حالا أو خبرا على حسب السياق، وهي متعلقة بمحذوف، أما المنونة التي تجردت عن الظرفية؛ فإن أعربت حالا كانت منصوبة بالفتحة الظاهرة إن اعتبرت ثنائية، أو بفتحة مقدرة على الألف المحذوفة -لالتقائها ساكنة مع التنوين- إن اعتبرت ثلاثية. وإن أعربت خبر؛ فلا بد من اعتبارها ثلاثية مرفوعة بضمة مقدرة على الألف المحذوفة لفظا لا خطا، أما من يعربها خبرا وهي ثنائية، فيحتم بناءها على الظرفية، وتعليقها بمحذوف هو الخبر، كما ذكرنا. وفي "مع" يقول ابن مالك: ومع "مع" فيها قليل ونقل ... فتح وكسر لسكون يتصل أي أن لفظ "مع" فيها لغة قليلة هي: "مع" بسكون العين، ونقل عن العرب في هذه: الفتح والكسر، إذا جاء بعدها ساكن متصل بها لم ينفصل منها بفاصل. 1 أما في ذاته وحقيقته؛ كمررت بجرل غيرك. أو في وصف من الأوصاف العرضية التي تطرأ على الذات؛ نحو: خرج الطالب من الامتحان بوجه غير الذي دخل به، وهو اسم محض لا ظرفية فيه. 2 أي: بأن دل عليه دليل، ونوى نص لفظه لا معناه، ومصل "ليس"، "لا" النافية عند بعض النحاة. 3 برفع "غير" على أنها اسم "ليس" وخبرها محذوف، والتقدير ليس غيرها مقبوضا، وبنصها على أنها خبر "ليس" واسمها محذوف، والتقدير ليس المقبوض غيرها.   * "ومع" معطوف على لدن "مع" قصد لفظه مبتدأ. "فيها" متعلق بقليل الواقع خبرا للمبتدأ. "فتح" نائب فاعل نقل. و"سر" معطوف على فتح. "لسكون" تنازعه كل من: فتح وكسر، فتعلق بالأخير، وأضمر في الأول ضميره، "يتصل" الجملة نعت لسكون. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 لفظا1 فيضم بغير تنوين2. ثم اختلف، فقال المبرد: ضمة بنا؛ لأنها كقبل في الإبهام، فهي اسم أو خبر3. وقال الأخفش: إعراب؛ لأنها اسم ككل وبعض لا ظرف كقبل وبعد، فهي اسم لا خبر. وجوزهما ابن خروف4. ويجوز الفتح قليلًا مع التنوين ودونه5، فهي خبر، والحركة إعراب باتفاق؛ كالضم مع التنوين6.   1 أي إذا نوي معناه، بأي لفظ آخر يؤدي المعنى المقصود دون لفظه. 2 ويحذف التنوين لنية معنى المضاف إليه. 3 أي اسم لليس في محل رفع، أو خبر لها في محل نصب، والآخر محذوف، والتقدير كما سلف. 4 فعلى البناء هي اسم "ليس" أو خبرها، وعلى الإعراب هي اسم لا خبر. 5 أما مع التنوين فلقطعها عن الإضافة لفظا، ومعنى، وأما مع عدمه لفنية لفظ المضاف إليه. 6 وتكون "غير" اسم ليس: وإجمال القول: أن "غير" تعرب بالحركات كلها بدون تنوين على حسب الجملة قبلها؛ إذا أضيفت لفظا ومعنى، وكذلك الشأن إذا حذف المضاف إليه ونوي لفظه، وسبقتها "ليس" أو"لا" النافيتان. وإذا قطعت عن الإضافة نهائيا، ولم ينو لفظ المضاف ولا معناه، أعربت كذلك بالحركات كلها، ولكنها تكون منونة، أما إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه دون لفظه، فتبنى على الضم من غير تنوين، وتبنى على الفتح إذا كان المضاف إليه المحذوف المنوي لفظه -مبنيا. وإذا لم تسبق "غير" "بليس" ولا "بلا" النافيتين، استعملت نعتا أو نصبت على الاستثناء، على حسب الحالة، وارتضى بعض النحاة: جواز إعراب "غير" وبنائها عند حذف المضاف إليه مطلقا؛ سواء نوى لفظه أم نوى معناه، وحسنه الكثيرون. هذا: وإذا حلت "لا" النافية للجنس محل "ليس"، جاز في "غير"؛ البناء على الض في محل نصب على أنها اسم لا، والمضاف إليه محذوف منوي المعنى، وكذلك الخبر، ويجوز البناء على الفتح في محل نصب كذلك. وإذا كانت "لا" للوحدة بنيت "غير" على الضم في محل رفع على أنها اسم "لا"، والمضاف إليه محذوف منوي معناه، والخبر محذوف كذلك. ويجوز رفعها بتنوين وبغير تنوين، على حسب قطعها عن الإضافة أو نية لفظ المضاف إليه. وفي "غير" يقول الناظم: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 ومنها "قبل" و"بعد"1: ويجب إعرابها في ثلاث صور: إحداها: أن يصرح بالمضاف إليه؛ كجئتك بعد الظهر وقبل العصر، ومن قبله ومن بعده2. الثانية: أن يحذف المضاف إليه وينوى ثبوت لفظه، فيبقى الإعراب وترك التنوين كما لو ذكر المضاف إليه؛ كقوله: ومن قبل نادى كل مولى قرابة3   واضمم بناء "غيرا" ان عدمت ما ... له أضيف ناويًا ما عدما أي اضمم لفظ "غير" ضمة بناء؛ إن عدمت؛ أي حذف ما أضيف له "غير" وقد نوى هذا المحذوف، واقتصر الناظم على هذا ولم يذكر باقي الحالات، وبعضه يعلم مما ذكره في نظائر "غير"، بعد. 1 هما: اسمان ظرفان؛ يدل أولهما على سبق شيء على آخر، وتقدمه عليه في الزمان أو المكان الحسي أو المعنوي، ويدل الثاني على تأخر شيء على آخر كذلك، وهم ملازمان للإضافة غالبا. 2 في المثال الأول، نصبا على الظرفية الزمانية، وفي الثاني جرا بمن؛ وتقول في المكان: دارنا قبل داركم، أو بعدها. 3 صدر بيت من الطويل، لم يعرف قائله، وعجزه: فما عطفت مولى عليه العواطف اللغة والإعراب: من قبل: أي من قبل ما حدث. مولى: للمولى معان كثيرة؛ منها: ابن العم، والسيد، والناصر، والقريب، والأول أو الأخير، هو المراد هنا. عطفت: أمالت   * "بناء" مفعول مطلق على حذف مضاف؛ أي ضم بناء. "غيرا" مفعول اضمم. "إن" شرطية. "عدمت" فعل الشرط وفاعله. "ما" وهي اسم موصول مفعول. "له" متعلق بأضيف، ونائب فاعل أضيف يعود على غير، والجملة صلة ما، "ناويا" حال من فاعل اضمم المستتر. "ما" اسم موصول مفعول ناويا وفاعله مستتر. "عدما" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى "ما" والجملة صلة ما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 أي: ومن قبل ذلك. وقرى: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدِ} بالجر من غير تنوين؛ أي من قبل الغلب، ومن بعده. الثالثة: أن يحذف، ولا ينوى شيء؛ فيبقى الإعراب1، ولكن يرجع التنوين؛ لزوال ما يعارضه في اللفظ والتقدير؛ كقراءة بعضهم: {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} بالجر والتنوين وقوله: فساغ لي الشراب وكنت قبلا2   ورققت. العواطف: الصلات والروابط التي تستلزم العطف وميل بعض الناس لبعض؛ كالصداقة، والمروءة، والنجدة ونحوها، وهي جمع عاطفة. "من قبل" جار ومجرور متعلق بنادى، "كل مولى" فاعل نادى ومضاف إليه. "قرابة" مفعول نادى. "فما" الفاء عاطفة وما نافية. "مولى" الثاني مفعول عطفت. "عليه" متعلق به. "العواطف" فاعل. وذكر في العيني: أن "مولى" بدل من الضمير في عليه وقدم للضرورة. المعنى: يقول الشاعر في وصف شدة نزلت به: إنه قبل وقوع هذه الكارثة، نادى كل قريب من أقربائه، ومن بينه وبينهم صلات مودة وعطف؛ ليساعدوه ويأخذوا يناصره، أما هو فما أجابه أحد، ولا عطف عليه قريب أو صديق. الشاهد: جر "قبل" بدون تنوين، لحذف المضاف إليه ونية لفظه. 1 أي بالنصب على الظرفية أو بالجر بمن إن وجدت. ويكون معنى "قبل" و "بعد" في هذه الحالة، القبلية المطلقة والبعدية المطلقة، من غير تقييد بشيء ما؛ أي أن معناهما هو المعنى الاشتقاقي العام. 2 صدر بيتا من الوافر، ليزيد بن الصعق على الصحيح، ونسبه العيني لعبد الله بن يعرب، وكان له ثأر أدركه، وعجزه: أكاد أغص بالماء الحميم اللغة والإعراب: ساغ: سهل وحلا. أغص: أشرق -بفتح الهمزة والغين- مضارع غص من باب فرح وروي أغص بضم الهمزة وفتح الغين، مبنيا للمفعول. الحميم: هو الماء الحار، والمراد هنا: الماء البارد الذي تشتهيه النفس، كما جاء في اللسان عن ابن الأعرابي، هو من أسماء الأضداد، وروي بالماء الفرات؛ وهو الماء العذب، والرواية الأولى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 ومعرفتان في الوجهين قبله: فإن نوي معنى المضاف إليه دون لفظه1 بنيا على الضم2؛ نحو: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} في قراءة الجماعة. ومنها "أول"3 و"دون"4، وأسماء الجهات: كيمين، وشمال، ووراء، وأمام، وفوق   1 المراد بنية المعنى: أن يلاحظ المعنى من غير نظر إلى عبارة مخصوصة، أو لفظ معين يدل عليه؛ بل يقصد المسمى معبرا عنه بأي لفظ كان. أما نية اللفظ، فيلاحظ لفظ المضاف إليه المعروف من المقام. 2 أي في محل نصب على الظرفية، أو في محل جر؛ إن سبقا بمن، وإنما لم تقتض الإضافة بنية المعنى، الإعراب؛ لضعفها بخلافها مع نية اللفظ، ففيها قوة، وهنالك حالة أخرى يبنيان فيها على الفتح جوازا؛ وهي: إذا أضيفا إلى مبني، وكذلك الشأن في جميع الأسماء المبهمة، وأسماء الزمان المبهمة. 3 أصله "أو أل"؛ بدليل جمعه على أوائل، قلبت الهمزة الثانية واوًا وأدغمتا، وله استعمالات منها: أن يستعمل اسما لا ظرفية فيه، ومعناه: مبتدأ الشيء المقابل لآخره، نحو: أول الغيث قطر؛ أي بدايته، وهذا الشيء ليس له أول ولا آخر، أو وصفا بمعنى "سابق" اسم فاعل؛ أي متقدم؛ نحو: ذهبت إلى الحجاز عاما أولًا؛ أي عاما سابقا، وهو في هاتين الحالتين معرب منصرف. وقد يستعمل اسما مؤولا بالمشتق بمعنى أسبق -أي متقدم- فيمنع من الصرف؛ للوصفية ووزن الفعل، وتدخل عليه "من" الجارة للمفصل عليه؛ تقول: محمد في العلم أول من علي؛ أي أسبق منه، وينصب على الحال أو غيره. وهل هو أفعل تفصيل لا فعل له من لفظه؟ أو جار مجراه؟؛ خلاف ويستعمل "أول" ظرفا للزمان بمعنى "قبل"؛ نحو: رأيت الهلال أول الناس؛ أي قبلهم؟ وفي هذا الاستعمال تجري عليه الأحكام التي جرت على "غير" و"قبل وبعد"؛ فيعرب إذا أضيف لفظا ومعنى، أو حذف المضاف إليه، ونوى معناه؛ نحو: أسرعت للمستغيث أول. 4 "دون" ظرف مكان ملازم للإضافة في أغلب الأحوال، وهو في الأصل اسم للمكان الأدنى -أي الأقرب- إلى مكان المضاف إليه؛ تقول: جلست دون المنبر؛ أي قريبا من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 ومعرفتان في الوجهين قبله: فإن نوي معنى المضاف إليه دون لفظه1 بنيا على الضم2؛ نحو: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} في قراءة الجماعة. ومنها "أول"3 و"دون"4، وأسماء الجهات: كيمين، وشمال، ووراء، وأمام، وفوق   1 المراد بنية المعنى: أن يلاحظ المعنى من غير نظر إلى عبارة مخصوصة، أو لفظ معين يدل عليه؛ بل يقصد المسمى معبرا عنه بأي لفظ كان. أما نية اللفظ، فيلاحظ لفظ المضاف إليه المعروف من المقام. 2 أي في محل نصب على الظرفية، أو في محل جر؛ إن سبقا بمن، وإنما لم تقتض الإضافة بنية المعنى، الإعراب؛ لضعفها بخلافها مع نية اللفظ، ففيها قوة، وهنالك حالة أخرى يبنيان فيها على الفتح جوازا؛ وهي: إذا أضيفا إلى مبني، وكذلك الشأن في جميع الأسماء المبهمة، وأسماء الزمان المبهمة. 3 أصله "أو أل"؛ بدليل جمعه على أوائل، قلبت الهمزة الثانية واوًا وأدغمتا، وله استعمالات منها: أن يستعمل اسما لا ظرفية فيه، ومعناه: مبتدأ الشيء المقابل لآخره، نحو: أول الغيث قطر؛ أي بدايته، وهذا الشيء ليس له أول ولا آخر، أو وصفا بمعنى "سابق" اسم فاعل؛ أي متقدم؛ نحو: ذهبت إلى الحجاز عاما أولًا؛ أي عاما سابقا، وهو في هاتين الحالتين معرب منصرف. وقد يستعمل اسما مؤولا بالمشتق بمعنى أسبق -أي متقدم- فيمنع من الصرف؛ للوصفية ووزن الفعل، وتدخل عليه "من" الجارة للمفصل عليه؛ تقول: محمد في العلم أول من علي؛ أي أسبق منه، وينصب على الحال أو غيره. وهل هو أفعل تفصيل لا فعل له من لفظه؟ أو جار مجراه؟؛ خلاف ويستعمل "أول" ظرفا للزمان بمعنى "قبل"؛ نحو: رأيت الهلال أول الناس؛ أي قبلهم؟ وفي هذا الاستعمال تجري عليه الأحكام التي جرت على "غير" و"قبل وبعد"؛ فيعرب إذا أضيف لفظا ومعنى، أو حذف المضاف إليه، ونوى معناه؛ نحو: أسرعت للمستغيث أول. 4 "دون" ظرف مكان ملازم للإضافة في أغلب الأحوال، وهو في الأصل اسم للمكان الأدنى -أي الأقرب- إلى مكان المضاف إليه؛ تقول: جلست دون المنبر؛ أي قريبا من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 وتحت1، وهي على التفصيل المذكور في "قبل وبعد"؛ تقول: جاء القوم وأخوك خلف، أو أمام2؛ تريد خلفهم أو أمامهم، قال: لعنا يشن عليه من قدام3 وقال: على أينا تعدو المنية أول4   1 يمين وشمال: كثير التصرف، وفوق وتحت: يتصرفان أحيانا إذا اتجردا عن الظرفية، وباقي الظروف متوسطة التصرف، والظرف بنوعيه -المتصرف وغير المتصرف- حين يكون ظرفا معربا؛ ينصب على الظرفية أو يجر بمن، وحين يكون مبنيا على الضم، يكون في محل نصب أو في محل جر بمن، إن وجدت قبله، وإذا جرد من الظرفية لا ينصب على الظرفية، بل يعرب على حسب الجملة؛ كما سيأتي مفصلًا. 2 أي: بالبناء على الضم؛ لحذف المضاف إليه، ونية معناه. 3 عجز بيت من الكامل؛ لأحد شعراء بني تميم، لم يعين اسمه، وصدره: لعن الإله تعلة بن مسافر اللغة والإعراب: لعن؛ اللعن: الطرد والإبعاد. تعلة: اسم رجل. يشن: يصب؛ من شن الماء يشنه، إذا صبه متفرقا. من قدام: من أمامه. "تعلة" مفعول لعن. "ابن مسافر" صفة لتعلة ومضاف إليه. "لعنا" مصدر، "يشن" مضارع للمجهول، ونائب الفاعل يعود على لعنا، والجملة صفة للعنا، "من" جارة، "قدام" مبني على الضم في محل جر بمن. المعنى: واضح. الشاهد: بناء "قدام" على الضم؛ لحذف المضاف إليه، ونية معناه. 4 عجز بيت من الطويل، لمعن بن أوس، وهو من قصيدة مشهورة، يستعطف بها صديقا له. وصدره: لعمرك ما أدري وإني لأوجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 وحكى أبو علي: ابدأ بذا من أول؛ بالضم على نية معنى المضاف إليه1؛ وبالخفض على نية لفظه، وبالفتح على نية تركهما، ومنعه من الصرف؛ للوزن والوصف2. ومنها "حسب"3؛ ولها استعمالان:   اللغة والإعراب: أوجل: من الوجل؛ وهو الحذف، وهذا يحتمل أن يكون وصفا أو فعلا مضارعا مبدوءا بهمزة المتكلم، تعدو: تسطو؛ من عدا عليه، اجترأ وسطا وروي تغدو؛ أي تصبح؛ من غدا فلان، إذا جاء غدوة، المنية: الموت. "لعمرك" سبق إعرابه مرات، "ما أدري" ما: نافية، أدري: مضارع، والفاعل أنا، والجملة جواب القسم "وإني لأوجل" الواو للحال، وإن اسمها واللام للابتداء و"أوجل" خبر إن، والجملة من إن ومعموليها في محل نصب حال. "على أينا" جار ومجرور، ومضاف إليه، ومتعلق بتعدو. "المنية" فاعل تعدو. "أول" ظرف زمان متعلق بتعدو، مبني على الضم في محل نصب، والجملة سدت مسد مفعولي "أدري" المعلق عن العمل بالاستفهام. المعنى: أقسم بحياتك؛ لست أدري ولا أعلم، وإني لخائف، على أينا ينقض الموت أول ويموت قبل صاحبه؛ فلا تقطع حبل المودة والصلة، فالموت آت لا بد منه. الشاهد: بناء "أول" على الضم؛ لحذف المضاف إليه، ونية معناه؛ والمراد أول الوقتين؛ لأن لكل وقتا يموت فيه، أحدهما يقدر أسبق من الآخر. 1 أي من أول الأمر. 2 لأنه اسم تفضيل بمعنى الأسبق؛ أي المتقدم. ويستفاد من حكاية أبي علي الفارسي: أن "أول" له استعمالان؛ أحدهما: أن يكون اسما؛ كقبل، والثاني: أن يكون صفة؛ كالأسبق. وقد تقدم ما فيه. تنبيه: إذا قلت: سافر محمد منذ عام أول، جاز أن تعرب "عام" خبرا مرفوعا عن "منذ" و"أول" بالرفع صفة لها، ويكون المعنى: سافر منذ عام سابق على عامنا الحالي. وجاز في "أول": النصب على أنه ظرف زمان بمعنى قبل؛ ويكون المعنى: منذ عام قبل العام الحالي. 3 هي اسم لا يدل على ظرفية زمانية، ولا مكانية، وذكرت هنا مع ظروف الغايات؛ لأنها تشبهها في الغاية، والدلالة على النهاية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 أحدهما: أن تكون بمعنى "كاف"1؛ فتستعمل استعمال الصفات2: فتكون نعتا لنكرة؛ كمررت برجل حسبك من رجل؛ أي: كاف لك عن غيره، وحالًا لمعرفة؛ كهذا عبد الله حسبك من رجل. واستعمال الأسماء3؛ نحو: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} ؛ {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} 4 بحسبك درهم5. وبهذا يرد على من زعم أنها اسم فعل6؛ فإن العوامل اللفظية لا تدخل على أسماء الأفعال باتفاق7. والثاني: أن تكون بمنزلة "لا غير" في المعنى8؛ فتستعمل مفردة9، وهذه هي   1 أي اسم فاعل عامل من كفى؛ وهي في هذا الاستعمال جامدة، مؤولة بالمشتق، مفردة، معربة، مضافة لفظا، نكرة لا تتعرف بالإضافة للمعرفة؛ نظرا للفظها. 2 أي المشتقة؛ وذلك من افتقارها إلى موصوف تجري عليه، وهذا الاستعمال مراعى فيه معنى "حسب". 3 أي الجامدة، وذلك من مباشرة العوامل اللفظية، والمعنوية، من غير اعتبار موصوف، وهذا الاستعمال مراعى فيه لفظها؛ فتقع مبتدأ أو خبر، أو اسم ناسخ، أو مجرورة بحرف جر زائد؛ والأرجح أن "حسب" لا تقع في موقع إعرابي غير ما ذكرنا. 4 "حسبهم" مبتدأ ومضاف إليه. "جهنم" خبر، ويجوز العكس. و"حسبك" اسم إن ومضاف إليه. "الله" خبرها. ومثال وقوع "حسب" خبرا؛ قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} . 5 "بحسبك" الباء حرف جر زائد، و"حسبك" مبتدأ، ومضاف إليه. "درهم" خبر، ولا يسوغ العكس. والخلاصة: أن "حسب" إذا أضيفته لفظا ومعنى؛ جاز وقوعا مبتدأ، وخبرا، واسما للناسخ، ومجرورة بحرف زائد، مراعاة للفظها، وتقع نعتا للنكرة، وحالا من المعرفة، بالنظر لمعناها؛ وهو اسم الفاعل النكرة؛ بمعنى كاف. 6 أي بمعنى يكفي. 7 وكذلك العوامل المعنوية؛ كالابتداء على الأرجح. 8 فتفيد النفي زيادة على معناها الأصلي. 9 أي مقطوعة عن الإضافة لفظا، وإن نوي معنى المضاف إليه المحذوف وفي هذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 حسب المتقدمة. ولكنها عند قطعها عن الإضافة تجدد لها إشرابها هذا المعنى، وملازمتها للوصفية، أو الحالية، أو الابتدائية، وبناؤها على الضم1؛ تقول: رأيت رجلا حسب، ورأيت زيدًا حسب2. قال الجوهري: كأنك قلت: حسبي، أو حسبك، فأضمرت ذلك3 ولم تنون، انتهى. وتقول: قبضت عشرة فحسب؛ أي: فحسبي ذلك. واقتضى كلام ابن مالك أنها تعرب نصبا إذا نكرت، كقبل وبعد4 قال أبو حيان5:   الاستعمال تبنى "حسب" على الضم، وتقع صفة للنكرة، أو حالا من المعرفة، أو مبتدأ؛ بشرط اقترانها بالفاء الزائدة؛ لتزيين اللفظ؛ تقول: إن لكل قرية جمعية تعاونية حسب؛ فحسب صفة لجمعية، مبني على الضم، في محل نصب، وتقول: انصرف المنافقون حسب؛ أي لا غير؛ فحسب حالن مبني على الضمن في محل نصب، وتقول: قرأت ثلاثة أجزاء من القرآن فحسب؛ فالفاء زائدة، وحسب مبتدأ، مبني على الضم، في محل رفع، والخبر محذوف؛ أي فحسب الثلاثة مقروء، ويجوز العكس في هذا؛ بشرط حذف الفاء، فيكون المبتدأ هو المحذوف؛ تقول: القروء حسب؛ أي كافيني مثلا. 1 أي لقطعها عن الإضافة لفظا، وقد كانت في الاستعمال الأول معربة بحسب العوامل. 2 "حسب" حال من زيد، مبني على الضم، في محل نصب. وفيما قبله وصف لرجل كذلك، وقد حذف المضاف إليه، ونوى معناه. 3 أي حذفت المضاف إليه منهما، وأضمرته في نفسك، ولم تنون؛ لأنك نويت معناه، فبنيت على الضم، كقبل وبعد. 4 هذا إذا قطعت عن الإضافة، قال الناظم: وأعربوا نصبا إذا ما نكرا ... "قبلا" وما من بعده قد ذكرا 5 هو محمد بن يوسف بن علي، الإمام "أثير الدين" أبو حيان الأندلسي الغرناطي، نحوي عصره، ولغويه، ومفسره، ومحدثه، ومقرئه، ومؤرخه، وأديبه، أخذ العربية عن أبي الحسن الآبدي، وأبي جعفر بن الزبير، وابن الضايع، وغيرهم، وأخذ القراءات عن أبي جعفر بن الطباع، وسمع الحديث بالأندلس وأفريقية والأسكندرية ومصر والحجاز، من نحو 450 شيخا، واشتهر اسمه وذاع صيته، وأخذ عنه أكابر عصره؛ ومنهم: ابن عقل، وابن قاسم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 "ولا وجه لنصبها؛ لأنها غير ظرف، إلا إن نقل عنهم نصبها حالًا إذا كانت نكرة، انتهى. فإن أراد1 بكونها نكرة قطعها عن الإضافة اقتضى أن استعمالها حينئذ منصوبة شائع، وأنها كانت مع الإضافة معرفة، وكلاهما ممنوع2. وإن أراد تنكيرها مع الإضافة فلا وجه لاشتراطه التنكير حينئذ؛ لأنها لم ترد إلا كذلك3. وأيضًا فلا وجه لتوقفه في   وكان -رحمه الله- ثبتا عارفا باللغة، أما النحو والتصريف؛ فكان لا يجاري فيهما، ولم يدركه أحد في أقطار الأرض في زمانه. وكان لا يقرئ أحدا إلا في كتاب سيبويه، أو التسهيل، أو مصنفاته وكان يميل إلى مذهب أهل الظاهر، ويعظم ابن تيمية، ثم تركه حين طعن في كتاب سيبويه، ونسب إليه الخطأ في بعض المواضع، وهو الذي وجه الناس على مصنفات ابن مالك، ورغبهم فيها، وشرح فهم غامضها، وكان فصيح العبارة، يقبل على الأذكياء من الطلاب ويعظمهم، وله مصنفات كثيرة؛ منها -في النحو-: "التذييل والتكميل في شرح التسهيل"، و"الارتشاف" مختصره. قيل: لم يؤلف في العربية أعظم، ولا أجمع، ولا أحصى للخلاف منهما، وله كذلك: "التذكرة في العربية". و"المبدع في التصريف"، و"غاية الإحسان في النحو"، و"شرح الشذا في مسألة كذا"، ومن شعره. عداي لهم فضل علي ومنة ... فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها ... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا وتوفي سنة 745هـ. وقد رثاه الشعراء، ومن رثاء الإمام الصفدي له، قوله: مات أثير الدين شيخ الورى ... فاستعر البارق واستعبرا مات إمام كان في علمه ... يرى إمامًا والورى من ورا والنحو قد سار الردى نحوه ... والصرف للتصريف قد غيرا وكان ثبتا نقله حجة ... مثل ضياء الصبح إن أسفرا 1 أي أبو حيان، وهذا تحليل ومناقشة الموضح لقول ابن حيان المذكور. 2 أما الأول؛ فلأنها إذا قطعت عن الإضافة، وجب بناؤها على الضم، وأما الثاني؛ فلأنها نكرة دائما أضيفت أو لم تضف. 3 أي إلا نكرة؛ لأن إضافتها لا تفيد التعريف، وإنما هي في تقدير الانفصال، كما يقول ابن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 تجويز انتصابها على الحال1 فإنه مشهور؛ حتى أنه مذكور في كتاب الصحاح2؛ قال: "تقول هذا رجل حسبك من رجل، وتقول في المعرفة هذا عبد الله حسبك من رجل، فتنصب حسبك على الحال"3، انتهى. وأيضا فلا وجه للاعتذار عن ابن مالك بذلك4؛ لأن مراده5 التنكير الذي ذكره في "قبل وبعد"؛ وهو: أن تقطع عن الإضافة لفظا وتقديرًا6. وأما "عل"7: فإنها توافق "فوق" في معناها8، وفي بنائها على الضم إذا كانت معرفة9؛ كقوله:   1 أي لا وجه لتوقف أبي حيان في نصبها، حينئذ كانت مضافة. 2 هو للجوهري، وهو مشهور متداول بين الدارسين، والمدرسين؛ لسهولته. 3 فحسبك في الأول وقعت بعد نكرة مرفوعة؛ فرفعت على أنها نعت لها. وفي الثاني وقعت بعد معرفة؛ فنصبته على أنها حال منها، وهي في الموضعين نكرة؛ لأن إضافتها لا تفيد التعريف؛ كما تقدم. 4 أي بنصبها على الحال، وهذا إذا تنزلنا وقلنا إن لها حالة تعريف، وحالة تنكير. 5 أي مراد ابن مالك في قوله: وأعربوا نصبا إذا نكرا. 6 أي وتنصب على الظرفية، وليس المراد مطلق التنكير، كما توهمه ابن حيان. وما ذكره الموضح -دفاعا عن ابن مالك- لا يمنع النقد، فالصواب أن يحمل قول الناظم: وما من بعده قد ذكرا على المجوع، لا على كل فرد؛ حتى لا يرد عليه "حسب"، و"عل"؛ كما سيأتي. 7 هي ظرف مكان يفيد الدلالة على العلو؛ أي على أن شيئا أعلى من آخر. 8 أي: وهو الدلالة على العلو. 9 وذلك إذا أريد بها علو خاص معين، ويشترط مع ذلك في بنائها على الضم: أن يحذف المضاف إليه، وينوي معناه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 وأتيت نحو بني كليب من عل1 أي: من فوقهم، وفي إعرابها إذا كانت نكرة؛ كقوله: كجلمود صخر حطه السيل من عل2   1 عجز بيت من الكامل للفرزدق، من قصيدة يهجو فيها جريرا الشاعر المشهور، وصدره: ولقد سددت عليك كل ثنية اللغة والإعراب: ثنية: هي العقبة، أو الجبل، أو الطريق إليهما، والجمع: ثنايا، بني كليب: رهط جرير. "لقد" اللام موطئة للقسم، وقد للتحقيق، "كل" مفعول سددت. "نحو" ظرف مكان منصوب بأتى, "بني كليب" مضاف إليه. "من جارة. "عل" مبني على الضم، في محل جر بمن. المعنى: سددت عليك يا جرير كل طريق، ومنحى تسلكه للمفاخرة، وأتيتكم من أعلى، فألحقت بأصولكم وبكم عارا، لا يستطيعون دفعه، والخلاص منه. الشاهد: بناء "عل" على الضم لكونه معرفة؛ وقد حذف المضاف إليه، وهو ينوي معناه؛ والتقدير: من علهم؛ أي من فوقهم. 2 عجز بيت من الطويل، لام مرئ القيس الكندي، من معلقته المشهورة، يصف فرسا، وصدره: مكر مفر مقبل مدبر معًا اللغة والإعراب: مكر: عظيم الكر والهجوم، لا يسبقه غيره. مفر: سريع الفرار من الأعداء، كجلمود؛ الجلمود: الصخرة العظيمة، الصلبة حطه السيل: حدره وألقاه من أعلى إلى أسفل. من عل: من فوق "مكر" هو وما بعده صفة لمنجرد في قوله قبل: وقد أغتدي والطير في وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل أغتدي: أخرج وقت الغداة. وكناتها: جمع وكنة؛ وهي عش الطائر. بمنجرد: أي فرس قصير الشعر. الأوابد: الوحوش، والمفرد أبد، "معا" حال بمعنى جميعا، أو ظرف متعلق بمقبل ومدبر، "كجلمود" خبر لمبتدأ محذوف. "صخر" مضاف إليه؛ من إضافة الخاص للعام. "عل" مجرور بمن؛ وحذف التنوين للشعر. المعنى: يصف فرسه بسرعة الكر على الأعداء وشدته، والفرار عند النجاة، ويقول: إنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 أي: من شيء عال. وتخالفها في أمرين: أنها لا تستعمل إلا مجرورة بمن1، وأنها لا تستعمل مضافة2؛ كذا قال جماعة؛ منهم ابن أبي الربيع3، وهو الحق، وظاهر ذكر ابن مالك لها في عداد هذه الألفاظ أنها يجوز إضافتها، وقد صرح الجوهري4 بذلك؛ فقال: يقال أتيته من عل الدار -بكسر اللام؛ أي من عال"5. ومقتضى قوله: وأعربوا نصبا إذا ما نكرا ... قبلا وما من بعده قد ذكرا   من السرعة؛ كأنه يقبل ويدبر في وقت واحد، وهو في ذلك؛ كصخر حدره السيل من مكان عال، لا يقف في طريقه شيء. الشاهد: إعراب "عل" وجره بمن، وقطعه عن الإضافة؛ لأنه لم ينو لفظ المضاف إليه، ولا معناه؛ إذ لم يرد الشاعر أن الصخر ينحط من أعلى شيء خاص، وكان حقه التنوين؛ لأنه نكرة، ولكنه حذف للشعر. 1 سواء كانت معربة، أم مبنية. 2 أي لفظا في أفصح الأساليب، وأكثرها شيوعا؛ بل تستعمل مبنية على الضم؛ لنية معنى المضاف إليه، أو منونة؛ لقطعها عن الإضافة رأسا، بخلاف "فوق"؛ فإنها تستعمل كثيرا مضافة، وغير مضافة، مجرورة بمن، وغير مجرورة بها. 3 هو عبيد الله بن أحمد، الإمام أبو الحسين بن أبي الربيع القرشي الأموي الأشبيلي، إمام أهل النحو في زمانه، قرأه على الدباج والشلوبين، وتصدر للإقراء؛ ليحصل على عيشه. ولما استولى الفرنجة على أشبيلية جاء إلى سبتة، وأقرأ بها النحو دهره، وعنه أخذ محمد الإشبيلي والغافقي، وصنف "الإفصاح في شرح مسائل الإيضاح"، كما شرح سيبويه، وشرح "الجمل" شرحا وافيا في عشر مجلدات، لم يشذ عنه مسألة في العربية، وتوفي سنة 688هـ. وخلفه في حلقته تلميذه؛ أبو إسحاق الغافقي. 4 هو الإمام اللغوي؛ إسماعيل بن حماد، صاحب الصحاح انظر 264 جزء أول. 5 هذا رأي لا يرتضيه الجمهور؛ لأنه لم يرد في الفصيح ما يؤيده. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 أنها يجوز انتصابها على الظرفية أو غيرها، وما أظن شيئًا من الأمرين1، موجودًا وإنما بسطت القول قليلًا في شرح هاتين الكلمتين؛ لأني لم أر أحدًا وفاهما حقهما في الشرح، وفيما ذكرته كفاية، والحمد لله. فصل: يجوز أن يحذف ما علم من مضاف ومضاف إليه2. فإن كان المحذوف المضاف؛ فالغالب أن يخلفه في إعرابه3 المضاف إليه4؛ نحو: {وَجَاءَ رَبُّكَ}   1 أي: جواز إضافتها، وجواز نصبها على الظرفية، أو غيرها؛ كالحالية. أما قول الجوهري: يقال: "أتيته من عل الدار" بالإضافة، فهو سهو؛ كما في الشذور. وفي حكم "قبل" و"بعد"، وما بعدهما من نظائر "غير"، يقول الناظم: قبل كغير بعد حسب أول ... ودون والجهات أيضا وعل وأعربوا نصبا إذا نكرا ... "قبلا" وما من بعده قد ذكرا أي أن "قبل" تشبه "غير" في الحكم الذي سبق؛ وهو البناء؛ إذا حذف المضاف إليه، ونوى معناه. وكذلك: بعد، وحسب، وأول، ودون، والجهات. وعل، كغير ثم ذكر أن النحاة أعربوا لفظ "قبل"، وبقية الأسماء التي بعده، بالنصب مع التنكير، وهذا الحكم لا ينطبق على بعض الأسماء مثل: حسب، عل، وقد ترك بعض الأحكام التي ذكرت، وقد بسطنا القول فيها. 2 أي إذا دلت قرينة على لفظه، أو على آخر بمعناه؛ بحيث لا يؤدي حذفه إلى لبس، أو تغيير في المعنى. 3 فيكون فاعلا في مكانه، ومفعولا، ومبتدأ، وخبرا، وطرفا، وحالا ... إلخ، وكذلك في باقي أحكامه؛ كالتذكير، والتأنيث، والإفراد والتنكير، وغير ذلك. 4 أي: بشرط أن يكون صالحا ليحل محل المضاف المحذوف في إعرابه؛ فلا يصح حذف   * "قبل" مبتدأ. "كغير" متعلق بمحذوف خبر. "بعد، حسب، أول، ودون، والجهات" معطوفات على قبل؛ بعاطف مقدر في بعضها. "أيضا" مفعول مطلق لمحذوف. "وعل" معطوف على قبل. "نصبا" حال من ضمير أعربوا؛ أي ناصبين, "وإذا" ظرف فيه معنى الشرط. "ما" زائدة. "نكرا" ماض مبني للمجهول فعل الشرط، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل يعود على قبلا الواقع مفعولا لأعربوا، والإضمار قبل الذكر جائز في الشعر، وجواب الشرط محذوف للعلم به، "وما" موصولة معطوفة على قبلا، "من بعده" متعلق بذكرا، الواقع صلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 أي: أمر ربك، ونحو: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ؛ أي: أهل القرية1. وقد يبقي على جره. وشرط ذلك في الغالب: أن يكون المحذوف معطوفا على مضاف بمعناه2؛ كقولهم: ما مثل عبد الله؛ ولا أخيه يقولان ذلك3؛ أي ولا مثل أخيه؛ بدليل قولهم "يقولان" بالتثنية4 وقوله: أكل امرئ تحسبين امرأ ... ونار توقد بالليل نارا5   المضاف إذا كان المضاف إليه جملة؛ لأنها لا تصلح فاعلا ولا مفعولا ولا مبتدأ ... إلخ. أو كان محلى بأل والمضاف منادى، فلا يصح أن تقول: يا الشاعر، تريد، يا مثل الشاعر. 1 الأول مثال للفاعل، والثاني للمفعول، فلما حذف المضاف وهو: "أمر - وأهل"- أعرب المضاف إليه وهو "رب" و"القرية"، بإعرابه، ومثال المبتدأ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، أي زمن الحج، ومثال الخبر قولهم في وصف الدنيا: فإنما هي إقبال وإدبار؛ أي ذات إقبال. ومثال الظرف: وصلنا إلى المنزل غروب الشمس؛ أي وقت الغروب، ومثال الحال: تفرق القوم أيادي سبأ -أي مثل أيادي سبأ ... إلخ. 2 أي يماثله لفظا ومعنى، أو معنى فقط، أو يقابله، بأن يكون ضده أو نقيضه، ليكون المعطوف عليه دليلا على المحذوف، ويشترط كذلك: أن يكون حرف العطف متصلا بالمضاف إليه، أو منفصلا منه "بلا" النافية. 3 فـ "أخيه" مجرور بإضافة "مثل" المحذوفة إليه، وهي معطوفة على "مثل" المذكورة. 4 أي نظرا إلى المذكور والمحذوف، ولو كان "أخيه" معطوفا على "عبد الله"، لكان العامل فيهما واحدا وهو "مثل"، وكان يجب أن يقال: يقول، بالإفراد؛ لأنه خبر لاسم "ما"، وهو مفرد. 5 بيت من المتقارب، لحارثة بن الحجاج، المكنى يأبي دؤاد الإيادي. اللغة والإعراب: تحسبين: تظنين، توقد: تتوقد وتشتعل "أكل" الهمزة للاستفهام الإنكاري "وكل" مفعول أول لتحسبين مقدم. "امرئ" مضاف إليه. "امرأ" مفعول ثان. "ونار" الواو عاطفة، و"نارا" مجرورة بتقدير مضاف معطوف على كل. "امرئ" أو بإضافة مفعول أول محذوف لتحسبين محذوفة؛ أي: وتحسبين كل نار. "توقد بالليل" الجملة في محل جر صفة لنار. "نارا" مفعول ثان لتحسبين المقدرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 أي وكل نار؛ لئلا يلزم العطف على معمولي عاملين1. ومن غير الغالب قراءة ابن جماز2: {وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} ؛ أي عمل الآخرة؛ فإن المضاف ليس معطوفا؛ بل المعطوف جملة فيها المضاف.   المعنى: أتظنين كل شخص جديرا بأن يسمى رجلا؟ وكل نار تشتعل تسمى نارا؟ إنما الخليق باسم الرجل هو: من اكتملت فيه صفات الرجولة الكريمة، والجديرة باسم النار هي: التي توقد للخير والقرى. الشاهد: إبقاء جر "نار" على أنه مضاف إليه "لكل" محذوفة، معطوفة بالواو على كل المذكورة. 1 أي: إنما جعل المعطوف محذوفا، ولم يعطف "نارا" الأولى على امرئ المعمول لكل، و"نار" الثانية على امرأ المعمول لتحسبن؛ لئلا يلزم عطف معمولين، وهما "نار" المجرورة والمنصوبة على معمولين، وهما: امرء وامرأ، لعاملين مختلفين وهما "كل" و"تحسبين"، بعاطف واحد وهو الواو، وذلك ممنوع على الراجح عند النحاة؛ لأن العاطف نائب عن العامل، والعامل واحد لا يعمل جرا ونصبا، ولا يقوى أن ينوب عن عاملين، أما على حذف "كل" فيكون العطف على معمولي عامل واحد، وهو تحسبين، وذلك جائز. 2 هو أبو الربيع؛ سليمان بن مسلم بن جماز الزهري المدني، كان مقرئا جليلا وضابطا محسنا، من أفاضل رواة أبي جعفر أحد القراء العشرة المشهورين، توفي سنة 170هـ. وفي حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، يقول الناظم: وما يلي المضاف يأتي خلفا ... عنه في الإعراب إذا ما حذفا وربما جروا الذي أبقوا كما ... قد كان قبل حذف ما تقدما لكن بشرط أن يكون ما حذف ... مماثلًا لما عليه قد عطف   * "وما" اسم موصول مبتدأ. "يلي المضاف" الجملة صلة. "يأتي" الجملة خبر المبتدأ. "خلفا" حال من ضمير يأتي العائد إلى ما "عنه" متعلق بخلفا، والضمير عائد إلى المضاف. "في الإعراب" متعلق بيأتي. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط "ما" زائدة "حذفا" فعل الشرط ونائب فاعله عائد إلى المضاف، والألف للإطلاق، وجواب الشرط محذوف، "وربما" رب: حرف جر للتقليل، وما: كافية "الذي" مفعول جروا، "أبقوا" فعل وفاعل والجملة صلة. "كما" ما: موصولة، والجار والمجرور صفة لموصوف لحذوف؛ أي كالجر الذي "قد كان". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 وإن كان المحذوف المضاف إليه فهو على ثلاثة أقسام؛ لأنه تارة يزول من المضاف ما يستحقه من إعراب وتنوين، ويبنى على الضم؛ نحو: ليس غير، ونحو: {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} كما مر1.   أي ما يأتي بعد المضاف -وهو المضاف إليه- يكون خلفا عنه في الإعراب عند حذفه؛ فيعرب بإعرابه، وقد يجر العرب الذي أبقوه بعد حذف المضاف -وهو المضاف إليه- ويتركونه على حاله كما كان قبل حذف المتقدم وهو المضاف، لكن بشرط أن يكون المضاف المحذوف مماثلا لما عطف عليه في لفظه ومعناه؛ ليكون المعطوف عليه دليلا على المحذوف. هذا: وقد يحذف أكثر من مضاف، فيقوم الأخير مقام الأول. فمثال حذف مضافين قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} ، فإن الأصل: وتجعلون بدل شكر رزقكم تكذيبكم، فحذف: "بدل، شكر" وكلاهما مضاف. وقام "رزق" مقام الأول. ومثل حذف ثلاثة قول تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} أصل: فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- من جبريل قدر مسافة قرب قاب قوسين، فحل المضاف غليه الأخير "وهو: قاب"، محل الأول، "وهو: قدر" وإذا حذف المضاف، بعد استيفاء شروط حذفه، جاز عدم الالتفات إليه عند عود الضمائر ونحوها، مما يقتضي المطابقة؛ كالتعريف. والتنكير والإفراد وغير ذلك، وجاز مراعاته كأنه موجود، وقد اجتمع الأمران في قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} . الأصل: وكم من أهل قرية، فرجع الضمير "ها" مؤنثا إلى القرية، ورجع الضمير "هم" مذكرا إلى "أهل" المحذوف. 1 هذا في حالة ما إذا حذف المضاف إليه ونوى معناه. ومثل: "غير" و"قبل" و"بعد"   صلة واسم كان يعود إلى المضاف إليه. "قبل" ظرف خبر كان. "حذف" مضاف إليه. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "تقدما" الجملة صلة، "لكن" حرف استدراك. "بشرط" متعلق بمحذوف حال من فاعل جروا، أو من مفعوله، أو خبر لمبتدأ محذوف؛ أي لكن ذلك الجر كائن بشرط ... إلخ "ما" اسم موصول اسم يكون "حذف" الجملة صلة ما. "مماثلا" خبر يكون. "لما" متعلق بمماثل، وما: اسم موصول. "عليه" متعلق بعطف الواقع صلة لما. الظروف الدالة على الغاية؛ كفوق، وتحت ... إلخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 وتارة يبقى إعرابه ويردي إليه تنوينه، وهو الغالب1؛ نحو: {وَكُلًا ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ} ، {أَيًّا مَا تَدْعُوا} ، وتارة يبقى إعرابه ويترك تنوينه2 كما كان في الإضافة. وشرط ذلك في الغالب: أن يعطف عليه اسم عامل في مثل المحذوف3، وهذا العامل: إما مضاف؛ كقولهم: خذ ربع ونصف ما حصل4، أو غيره؛ كقوله: بمثل أو أنفع من وبل الديم5   1 هذا إذا حذف المضاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه، فيرجع المضاف إلى حالته الإعرابية قبل الإضافة، ويرد إليه ما حذف للإضافة كالتنوين ... إلخ. 2 وذلك إذا حذف المضاف إليه ونوى ثبوت لفظه، فلا يتغير إعراب المضاف إليه إلا يرد إليه ما حذف للإضافة؛ كالتنوين، والنون إن كان مثنى أو مجموعا. 3 أي في صيغته ومعناه؛ ليدل على المحذوف نصا، فيكون في قوة المذكور. 4 الأصل: خذ ربع ما حصل ونصف فما حصل، فحذف المضاف إليه الأول لدلالة الثاني عليه، وأبقى المضاف الأول وهو "ربع" على حالة بدون تنوين؛ لأن المضاف إليه منوي لفظه، وقد عطف عليه. "نصف" وهو مضاف إلى مثل المحذوف. 5 عجز بيت من الرجز، لم ينسب لقائل وصدره: علقت آمالي فعمت النعم اللغة والإعراب: علقت: وصلت. آمالي: جمع أمل، وهو ما يطمع فيه المرء ويرجوه، وبل، والوبل: المطر الكثير كالوابل، الديم جمع ديمة، وهي المطر الدائم لا رعد فيه ولا برق. "آمالي" مفعول علقت. "فعمت" الفاء عاطفة، و"عم" فعل ماض، والتاء علامة التأنيث. "النعم" فاعل فعمت وسكن للشعر، "بمثل" متعلق بعلق، وهو مضاف إلى محذوف يدل عليه المذكور بعده، "أو أنفع" معطوف على "مثل" المجوررة بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للوصفية ووزن الفعل، "من ويل الديم" متعلق بأنفع ومضاف إليه، وسكن "الديم" كذلك للشعر. المعنى: وصلت آمالي وما أجروه في الحياة، ووضعتها بين يدي رجل أسبغ علي نعمه وعمني بفضله، فكان مثل الغيث العميم أو أكثر منه نفعا. الشاهد: حذف المضاف إليه بعد "مثل"؛ لدلالة "وبل الديم" عليه، والتقدير: بمثل وبل الديم. والعامل: "أنفع" وهو غير مضاف، بل مجرور بالعطف على "مثل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 ومن غير الغالب قولهم: "ابدأ بذا من أول" بالخفض من غير تنوين1، وقراءة بعضهم: {فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} ؛ أي: فلا خوف شيء عليهم2.   1 أي على نية لفظ المضاف إليه، والتقدير: من أول الأمر. حكى ذلك أبو علي الفارسي. 2 "خوف" بالضم بلا تنوين على أن "لا" مهملة، أو عاملة عمل ليس، وبالفتح على أن "لا" عاملة عمل إن؛ فإن قدرت الفتحة إعرابا ففيه الشاهد. وإن قدرت بناء فلا. وقد يحذف المضاف إليه ويبقى المضاف على حاله؛ إذا كان معطوفا على مضاف إلى مثل المحذوف، عكس الصورة المذكورة، ومنه الحديث: عن أبي برزة الأسلمي، غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات أو ثماني، بفتح الياء بلا تنوين؛ أي ثماني غزوات. ويقتصر في هذا على المسموع. وقد أشار ابن مالك إلى حذف المضاف إليه بقوله: ويحذف الثاني فيبقى الأول ... كحالة إذا به يتصل بشرط عطف وإضافة إلى ... مثل الذي له أضفت الأولا أي يحذف الثاني، وهو المضاف إليه، فيبقى الأول -وهو المضاف- على حاله الأول، حيث اتصاله بالمضاف إليه لا يتأثر بالحذف، وذلك بشرط أن يعطف على هذا المضاف مضاف إلى لفظ مثل الذي أضيف إليه المضاف الأول.   * "الثاني" نائب فاعل يحذف، "كحالة" متعلق بمحذوف حال من. "الأول" وضمير الغائب مضاف إليه. "إذا" ظرف لحاله. "به" متعلق بيتصل "بشرط" متعلق بيحذف، "عطف" مضاف إليه. "وإضافة" معطوف على عطف "إلى مثل" متعلق بإضافة، "الذي" اسم موصول مضاف إليه، "له" متعلق بأضفت، "أضفت الأولا"، الجملة صلة الذي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 فصل: في الفصل بين المتضايفين فصل: زعم كثير من النحويين أنه لا يفصل بين المتضايفين إلا في الشعر1,   1 ذلك؛ لأن المضاف إليه بمنزلة الجزء من المضاف، فكما لا يفصل بين أجزاء الاسم لا يفصل بينه وبين ما نزل منزلة الجزء منه، وهذا رأي البصريين، وهو رأي حسن؛ لأن الفصل بينه المتضايفين يبعد المعنى عن الذهن، ويحتاج إلى تفكير لفهمه، ولا بد من قرية تدل على ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 والحق أن مسائل الفصل سبع: منها ثلاث جائزة في السعة1: إحداها: أن يكون المضاف مصدرًا والمضاف إليه فاعله، والفاصل: إما مفعوله2؛ كقراءة ابن عامر: {قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} 3 وقول الشاعر: فسقناهم سوق البغاث الأجادل4 وإما ظرفه؛ كقول بعضهم:   1 ضابطها: أن يكون المضاف؛ إما اسما يشبه الفعل والفاصل بينهما معمول للمضاف منصوب، أو اسما لا يشبه الفعل والفاصل القسم. 2 يشترط أن يكون المفعول غير جملة؛ فلا يجوز: أعجبني قول أنا مذنب - السارق. 3 برفع "قتل" على أنه نائب عن فاعل "زين" وجر "شركائهم" على إضافة "قتل" إليه، من إضافة المصدر لفاعله باعتبار أمرهم به، ونصب "أولادهم" على أنه مفعوله، وقد فصل به بين المتضايفين. قيل: والفصل في هذا حسن. 4 عجز بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وعجزه: عتوا إذا أجبناهم إلى السلم رأفة اللغة والإعراب: عتوا: من العتو، وهو مجاوزة الحد. السلم -بكسر السين وفتحها: الصلح. البغاث، مثلثة الباء: طائر ضعيف يصاد ولا يصيد ولا نفع فيه. الأجادل: جمع أجدل، وهو الصقر، "عتوا" فعل ماض مسند لواو الجماعة، "إذا" ظرف بمعنى حين في محل نصب بعتوا، وهو مضاف إليه الجملة بعده. "رأفة" مفعول لأجله. "فسقناهم" الفاء عاطفة، و"ساق" فعل ماض، و"نا" فاعل، و"هم" مفعول. "سوق" مصدر منصوب بسقناهم، وهو مضاف إلى "الأجادل" فاعله "البغاث" مفعوله. الشاهد: الفصل بين المضاف وهو "سوق"، والمضاف إليه وهو "الأجادل" فاعل المصدر بالمفعول وهو "البغاث"؛ لأن المراد: سوق الأجادل البغاث. المعنى: أن أعداءنا تكبروا وطغوا وأفسدوا؛ لما رحمناهم وأجبناهم إلى الصلح رأفة بهم، فلم نر بدا أن نطاردهم ونأخذهم بالقسوة والشدة فسقناهم أمامنا، كما تسوق كواسر الطير، كالأجادل الضعيفة منها كالبغاث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 ترك يوما نفسك وهواها1 الثانية: أن يكون المضاف وصفا2 والمضاف إليه: إما3 مفعوله الأول والفاصل مفعوله الثاني؛ كقراءة بعضهم: {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} 4. وقول الشاعر: وسواك مانع فضله المحتاج5   1 نصيحة نثرية، وتمامها: "سعى لها في رداها"، "ترك" مصدر مبتدأ "يوما" ظرف منصوب به، وقد فصله من المضاف إليه، وهو نفسك الواقع فاعلا للمصدر، ومفعوله محذوف. "وهواها" مفعوله معه؛ أي ترك نفسك شأنها يوما مع هواها "سعى" خبر المبتدأ، ويجوز أن يكون المصدر مضافا إلى المفعول والفاعل محذوف؛ أي تركك نفسك. 2 اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال. 3 لم يأت المصنف لـ"إما" هذه بمقابل، والصواب تأخيرها بعد كلمة "الفاصل"؛ لأن التنويع فيه، وأن يقول: والفاصل إما مفعوله الثاني؛ لأنه قد عادل ذلك: بقوله أو ظرفه. 4 أي ينصب "وعده"، وجر "رسله" فـ"مخلف" اسم فاعل متعد لاثنين "رسله" مضاف إليه من إضافة الوصف إلى مفعوله الأول "وعده"، مفعوله الأول "وعده" مفعول ثان، وقد فصل بينهما، والأصل: فلا تحسبن الله مخلف رسله وعده. 5 عجز بيت من الكامل، لم يعرف قائله، وصدره. ما زال يوقن من يؤمك بالغنى اللغة والإعراب: يوقن: يعلم علما لا شك فيه. يؤمك: يقصدك. المحتاج: الذي به حاجة إلى غيره، "ما" نافية. "زال" فعل ماض ناقص "يوقن" الجملة خبر زال مقدم. "من" اسم موصول اسمها مؤخر "يؤمك" الجملة صلة من "بالغنى" متعلق بيوقن "وسواك" مبتدأ ومضاف إليه، "مانع" خبر، وهو اسم فاعل مضاف إلى "المحتاج" وهو مفعوله الأول؛ لأن منع يتعدى إلى مفعولين. "فضله" مفعوله الثاني ومضاف إليه، وقد فصل به بينهما، وهو الشاهد والأصل: وسواك مانع المحتاج فضله. المعنى: أن من يقصدك طالبا معروفك، يعلم علما لا يخالطه شك أنك ستغنيه وتجيب سؤله، وغيرك يمنع المحتاجين فضله ووفرة ماله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 أو ظرفه؛ كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "هل أنتم تاركو لي صاحبي" 1، وقول الشاعر: كناحت يوما صخرة بعسيل2 الثالثة: أن يكون الفاصل قسمًا؛ كقولك: هذا غلام والله زيد3. والأربع الباقية تختص بالشعر:   1 هذا جزء من حديث قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين وقع خلاف بين أبي بكر وبعض الصحابة، فغضب النبي وقال ما معناه: جئتكم بالهدى فكذبتم، وقال أبو بكر: صدقت، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ تاركو، جمع تارك اسم فاعل من ترك مضاف إلى صاحبي بدليل حذف النون منه وهي تحذف للإضافة، وهو مفعوله "لي" جار ومجرور ظرف لتاركو، وقد فصل بين المضاف والمضاف إليه، وهو الشاهد: 2 عجز بيت من الطويل، لم يعرف قائله أيضا، وصدره: فرشني بخير لا أكونن ومدحتي اللغة والإعراب: رشني: فعل أمر، من راش السهم، ألزق عليه الريش لتقويته، والمراد: قوني وأصلح شأني، بعسيل، العسيل: مكنسة العطار التي يجمع بها العطر. "فرشني" الفاء للاستئناف، و"رش" فعل أمر، والنون للوقاية، "لا" نافية. "أكونن" مضارع ناقص مبني على الفتح لنون التوكيد الحقيقية واسمها أنا، "ومدحتي" الواو للمعية، و"مدحتي" مفعول معه ومضاف إليه "كناحت" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر أكون، وهو اسم فاعل مضاف إلى "صخرة" وهي مفعوله. "يوما" ظرف لناحت، وقد فصل به بينهما، وهو الشاهد، "بعسيل" متعلق بناحت. المعنى: يقول لمن يستجديه ويطلب عونه: قوني وأصلح من شأني ولا تبخل علي وتخيب آمالي فيك، حتى لا أكون في مدحي لك وثنائي عيك كمن ينحت الصخر بمكنسة العطار؛ يريد: أن جودة شعره في مدحه لم تؤثر فيه. 3 بجر "زيد" بإضافة "غلام" إليه. وقد ذكر الكسائي أن العرب يقولون ذلك. وحكى أبو عبيدة عن العرب قولهم: إن الشاة لتجتر فتسمع صوت والله ربها. ومن مواضع الفصل اختيار: الفصل: بـ"إما"؛ كقول تأبط شرا: هما خطتا إما إسار ومنة ... وإما دم والقتل بالحر أجدر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 إحداها: الفصل بالأجنبي، ونعني به معمول غير المضاف؛ فاعلًا كان؛ كقوله: أنجب أيام والده به ... إذ نجلاه فنعم ما نجلا1 ومفعولًا؛ كقوله: تسقي امتياحًا ندى المسواك ريقتها2   أي هما خطتا إسار. وقد حذفت نون المثنى المضاف وفصل بينهما بإما، ولخطة: الحالة والطريقة، وإسار: أي أسر ووقع في يد العدو. ومنة: أي امتنان وعفو بإطلاق السراح؛ أي أن الخطتين المعلومتين من السياق، هما: خطتا أسر وامتنان إن رأيتم العفو، أو قتل، وهو أولى بالجر، وهذا تهكم واستهزاء، والفصل بالجملة الشرطية؛ نحو: هذا خادم، إن شاء الله، المسجد. هذا: ويشترط في الفصل مطلقا: ألا يكون المضاف إليه ضميرا؛ لأنه لا يفصل من عامله. 1 بيت من المنسرح، منقصيدة للأعشى ميمون بن قيس، يمدح سلامة ذا فائش الحميري. اللغة والإعراب: أنجب: من أنجب الرجل، ولد ولدا نجيبا نجلاه: ولداه "أنجب" فعل ماض، "أيام" ظرف متعلق به، "والداء فاعل أنجب مرفوع بالألف. "به" متعلق بأنجب، "إذ" ظرف زمان مضاف إليه لأيام، من إضافة العام للخاص. وقد فصل بينهما بأجنبي من المضاف وهو "والداه"، الواقع فاعلا لأنجب، وفيه الشاهد، "نجلاه" فعل ماض وألف الاثنين العائدة على الوالدين فاعل، والهاء مفعول به والجملة في محل جر بإضافة. "إذ"، "فنعم" فعل ماض لإنشاء المدح. "ما" موصول فاعل نعم. "نجلا" الجملة صلة والعائد محذوف؛ أي نجلاه وفي البيت الفصل بالجار والمجرور وهو "به"، وهذا يدل على جواز الفصل بأكثر من معمول أجنبي للضرورة. المعنى: أن والدي هذا المولود أتيا بولد حين ولداه، فنعم المولود الذ أنجباه. 2 صدر بيت من البسيط لجرير، من قصيدة يمحدح فيها يزيد بن عبد الملك، ويذم آل المهلب، وعجزه: كما تضمن ماء المزنة الرصف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 أي تسقي ندى ريقتها المسواك، أو ظرفا؛ كقوله: كما خط الكتاب بكف يوما ... يهودي يقارب أو يزيل1   اللغة والإعراب: امتياحا: مصدر امتاح؛ أي غرف الماء؛ والمراد هنا: الاستياك. الندى: البلل. المسواك: العودة الذي يستاك به ريقتها؛ الريقة: الرضاب، وهو ماء الفم. المزنة: السحابة البيضاء الرصف: الحجارة المرصوفة، والمفرد رصفة "تسقي" مشارع متعد لاثنين، والفاعل يعود على "أم عمرو" في قوله قبل: ما استوصف الناس عن شيء يروقهم ... إلا أرى أم عمرو فوق ما وصفوا كأنها مزنة غراء واضحة ... أو درة لا يواري ضوءها الصدف "امتياحا" مصدر نائب عن ظرف الزمان؛ أي وقت امتياحها، أو حال مؤوله بالمشتق؛ أي ممتاحة "ندى" مفعول ثان مقدم لتسقي، "ريقتها" مضاف إليه لندى، "المسواك" مفعول أول، وقد فصل بين المتضايفين، ويجوز أن يكون "ندى" فاعل تسقي؛ فيكون الفصل بين الفاعل المضاف، والمضاف إليه، بالمفعول، على كل، فالفاصل أجنبي من المضاف؛ لأنه ليس معمولا له، وهو الشاهد. "كما" الكاف جارة، و"ما" مصدرية. "ماء" مفعول به لتضمن. "المزنة" مضاف إليه. "الرصف" فاعل تضمن، و"ما" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف، صفة لمفعول مطلق محذوف لتسقي؛ والتقدير: تسقي المسواك ندى ريقتها سقيا مشابها؛ لتضمن الرصف ماء المزنة. المعنى: أم "أم عمرو" تسقي من رضاب فمها المسواك الذي تستاك به، فيشتمل على ريقها العذب الصافي، كما تشتمل الحجارة المرصوفة على ماء المطر الصافي؛ وذلك أن الماء المتراكم فوق هذه الحجارة، أصفى وأنقى ما يعرف العرب من الماء. 1 بيت من الوافر، لله يثم بن الربيع بن زرارة -المكنى بأبي حية- النميري. اللغة والإعراب: يقارب: يجعل بعض الكتابة قريبا من بعض. يزيل: يفرق ويباعد بينها. "كما" الكاف حرف جر وتشبيه. "وما" مصدرية. "الكتاب" نائب فاعل خط, والمصدر المكون من "ما" ومدهولها مجرور بالكاف، والجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف؛ أي رسم هذه الدار، كخط الكتاب. "بكف" متعلق بخط. "يهودي" مضاف إليه. "يوما" ظرف متعلق بخط أيضًا، وقد فصل به بين كف المضاف، وبين المضاف إليه، وهو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 الثانية: الفصل بفاعل المضاف كقوله: ولا عدمنا قهر وجد صب1 ويحتمل أن يكون منه، أو من الفصل بالمفعول قوله:   "يهودي"، وهو أجنبي من المضافا؛ لأنه لم يتعلق به وفيه الشاهد. وجملتا "يقارب، أو يزيل" صفتان ليهودي. المعنى: رسم هذه الدار محكم منسق على حسب المواقع؛ كخط الكتاب الذي يكتبه يهودي ماهر، فيدني بعض الكتابة من بعضها أحيانا، ويباعد بينها أحيانا أخرى؛ تبعا لما يتطلبه الرونق والجمال، وخص اليهودي؛ لأنه من أهل الكتاب فيما يعرف العرب. 1 عجز بيت من الرجز، لم نقف على قائله، وصدره: ما إن وجدنا للهوى من طب اللغة والإعراب: الهوى: العشق، أو محبة الإنسان الزائدة للشيء. طب: علاج الجسم والنفس، عدمنا: فقدنا. قهر: غلبة، وجد: شدة الشوق والحب. صب: من الصبابة؛ وهي رقة الشوق وحرارته. "ما" مهملة "إن" زائدة، "من طب" مفعول وجدنا على زيادة "من"، وروي؛ رأينا وهما بمعنى. "ولا" الواو عاطفة، و"لا" حرف زائد لتوكيد النفي. "قهر" مصدر مفعول عدمنا؛ وهو مضاف إلى "صب"؛ من إضافة المصدر لمفعوله، وقد فصل بينهما بفاعل المضاف؛ وهو "وجد"؛ لأنه فاعل المصدر. وفيه الشاهد. المعنى: لم يجد علاجا ينفع ويشفي من برج به العشق، وكثيرا ما يغلب الحب والشوق على العاشق؛ فيملك عليه نفسه وقلبه، ويقوده إلى حتفه. هذا: ويلاحظ أنه في المسألة الأولى من مسائل الجواز في السعة، أجيز الفصل بين المصدر المضاف وفاعله بالمفعول؛ كما في آية: {قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} ، وفي الشاهد بعدها، وهنا امتنع في السعة، إضافة المصدر إلى مفعول، والفصل بالفاعل، فما الفرق، مع أن المعروف جواز إضافة المصدر إلى فاعله ومفعوله على حد سواء؟ لعل السبب هو أن إضافة المصدر للمفعول، مع ذكر الفاعل؛ فيه خلاف بين النحاة، حتى منعه بعضهم، على أن المعول عليه هو السماع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 فإن نكاحها مطر حرام1 بدليل أنه يروى بنصب مطر، وبرفعه2 فالتقدير: فإن نكاح مطر إياها أو هي. الثالثة: الفصل بنعت المضاف؛ كقوله: من ابن أبي شيخ الأباطح طالب3   1 عجز بيت من الوافر، لمحمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت الأوسي، المعروف بالأحوص، من قصيدة يصف فيها "مطر" وزوجته، وصدره: لئن كان النكاح أحل شيء اللغة والإعراب: النكاح: الزواج. مطر: اسم رجل من أقبح الرجال، وزوجته من أجمل النساء، وكانت تريد فراقه، وهو يأبى ذلك. وقيل: إن الأحوص كان يهواها، ولكن أهلها زوجوها مطرا هذا. "لئن" اللام التوكيد، وإن شرطية. "كان" فعل الشرط. "النكاح" اسم كان: "أحل شيء" خبرها ومضاف إليه. "فإن" الفاء واقعة في جواب الشرط. "نكاحها" اسم إن ومضاف إليه، وهو مضاف أيضا إلى "مطر" على رواية الجر، وقد فصل بينهما بالهاء، وهي محتملة للفاعلية والمفعولية؛ كما ذكر المصنف. قال صاحب التصريح: "ويشكل على هذه الرواية إضافة المصدر إلى شيئين". "حرام" خبر إن. 2 أما على رواية النصب؛ فيكون التقدير: فإن نكاح مطر هي؛ فنكاح مصدر مضاف إلى فاعله، ومطرا مفعوله، ويكون من الفصل بالفاعل، وناب ضمير غير الرفع مناب ضمير الرفع. وعلى رواية الرفع؛ يكون التقدير: فإن نكاح مطر إياها؛ فنكاح مصدر أضيف إلى مفعوله، و"مطر" فاعله، ويكون من الفصل بالمفعول. 3 عجز بيت من الطويل، ينسب لمعاوية بن أبي سفيان، وقد قاله حين نجا من ضربة من أراد قتله. وكان ثلاثة من الخوارج قد اتفقوا على قتله، وقتل علي بن أبي طالب، وعمرو بن العاص؛ فنجا من الطعنة، ولم يخرج عمرو ليلة التنفيذ -وقتل من ناب عنه في الصلاة. وقتل علي بيد عبد الرحمن بن ملجم -لعنه الله- والقصة مشهورة. وصدر البيت: نجوت وقد بل المرادي سيفه اللغة والإعراب: المرادي: نسبة إلى قبيلة مراد باليمن، والمراد ابن ملجم. الأباطح: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 الرابع: الفصل بالنداء؛ كقوله: كأن برذون أبا عصام ... زيد حمار دق باللجام1 أي كأن برذون يا أبا عصام.   جمع أبطح، وهو المكان الواسع، ومسيل الماء فيه دقاق الحصى؛ والمراد مكة، وأراد بشيخها: أبا طالب؛ لأنه كان عظيما فيها، "وقد بل" الواو للحال، والجملة حال من التاء في نجوت. "المرادي" فاعل بل. "بسيفه" مفعول ومضاف إليه. "من ابن" متعلق ببل. "أبي" مضاف إليه، وهو مضاف إلى "طالب" شيخ الأباطح" صفة لأبي، ومضاف إليه وقد فصل به بين المضاف؛ وهو "أبي"، والمضاف إليه؛ وهو "طالب"، وهو نعت للمضاف، وفيه الشاهد. والأصل: من ابن أبي طالب، شيخ الأباطح. المعنى: تخلصت من القتل، وقد لطخ ابن ملجم -لعنه الله- سيفه بدم علي بن أبي طالب، شيخ مكة وعظيمها. 1 بيت من الرجز، لم نقف على قائله. اللغة والإعراب: برذون؛ البرذون من الخيل: ما ليس بعربي أبا عصام: كنية رجل. دق: من الدقة، ضد غلط. "كأن"حرف تشبيه ونصب. "برذون" اسم كأن، "أبا عصام" منادى بحذف الياء ومضاف إليه. "زيد" مضاف إليه لبرذون: "حمار" خبر كأن. "دق" ماض مبني للمفعول أو للفاعل، ومرفوعه يعود على حمار. "باللجام" متعلق بدقة، والجملة صفة لحمار. المعنى: يقول: أن برذون زيد أبا عصام غير أصل، وهو هزيل؛ مثل حمار ضعف وهزل؛ بسبب اللجام. الشاهد: الفصل بين المضاف؛ وهو "برذون"، والمضاف إليه؛ وهو "زيد" بالنداء؛ وهو "أبا عصام"، وقيل: إن أبا عصام هو زيد؛ وعلى ذلك يكون "برذون" مضافا إلى أبا عصام"، على لغة القصر، و"زيد" بالجر بدل منه، ولا شاهد فيه حينئذ. وفي الفصل بين المتضايفين يقول الناظم. فصل مضاف شبه فعل ما نصب ... مفعولًا أو ظرفًا أجز ولم يعب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 فصل: في أحكام المضاف للباء. يجب كسر آخره1 كغلامي، ويجوز فتح الياء وإسكانها2. ويستثنى من هذين الحكمين3 أربع مسائل، وهي: المقصور؛ كفتى وقذى، والمنقوص؛ كرام وقاض، والمثنى كابنين وغلامين، وجمع المذكور السالم كزيدين ومسلمين، فهذه الأربعة أخرها واجب السكون4 ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   فصل يمين واضطرارا وجدا ... بأجنبي أو بنعت أو ندا أي أجز فصل ما نصبه المضاف الذي يشبه الفعل؛ إذا كان ذلك المنصوب مفعولا أو ظرفا، ويجوز الفصل باليمين؛ أي القسم. أما في حالة الضرورة؛ فقد وجد الفصل بالأجنبي؛ وهو ما ليس معمولا للمضاف، أو بالنعت، أو بالنداء. وخص النعت والنداء بالذكر -وإن كانا يدخلان في الفصل بالأجنبي- زيادة في الإيضاح. 1 أي آخر المضاف؛ وذلك لمناسبة الياء؛ سواء كان صحيحا؛ كما مثل المصنف، أو شببها به؛ وهو: ما آخره واو أو ياء قبلها ساكن، كدلو وظبي. 2 والإسكان هو الأصل، وتكون مبنية على السكون، أو الفتح في محل جر. وقد تحذف الياء؛ اكتفاء بالكسرة قبلها، وقد تقلب الياء مع فتح ما قبلها، كغلاما، وقد تحذف الألف اكتفاء بالفتحة، وتختص هذه الأوجه بالإضافة المحضة؛ لا بالنداء كما في التسهيل، أما في غيرها، فلا حذف ولا قلب؛ كمكرمي؛ لأنها في نية الانفصال فليست الياء كجزء من الكلمة. 3 أي وجوب كسر الآخر، وجواز فتح الياء وإسكانها. 4 لأن آخر المقصور والمثنى المرفوع ألف، وآخر المنقوص والمثنى المجرور والمنصوب، وجمع المذكر مطلقا، ياء مدغمة في ياء المتكلم، والألف والحرف المدغم لا يقبلان التحريك.   * "فصل مضاف" مفعول مقدم لأجز؛ وإضافته لما بعده من إضافة المصدر لمفعوله، "شبه فعل" صفة لمضاف. ومضاف إليه، "ما" اسم موصول فاعل المصدر، "نصب" الجملة صلة والعائد محذوف؛ أي ما نصبه، "مفعولا" حال من ما. "أو ظرفا" معطوف عليه. "فصل يمين" نائب فاعل يعب، ومضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. "واضطرارًا" مفعول لأجله. "وجدا" نائب الفاعل يعود الفاعل يعود إلى الفصل. "بأجنبي" متعلق بمحذوف حال من ضمير وجد. "أو بنعت" معطوف على بأجنبي. "أو ندا" معطوف على نعت وقصر للضرورة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 والياء معها واجبة الفتح1. وندر إسكانها بعد الألف في قراءة نافع: {وَمَحْيَاي} 2، وكسرها بعدها في قراءة الأعمش3، والحسن: {هِي   1 وذلك للخفة، والتخلص من التقاء الساكنين. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: آخر ما أضيف لليا اكسر إذا ... لم يك معتلًا كرام وقذى أو يك كابنين وزيدين فذى ... جميعها اليا بعد فتحها احتذى أي اكسر آخر الاسم الذي أضيف للياء؛ أي ياء المتكلم؛ بشرط ألا يكون هذا الاسم معتل الآخر؛ كرام: اسم فاعل من رمى، وقذى؛ وهو الأجسام الصغيرة اليت تصيب العين فتؤلمها، والمراد برام: المنقوص، وبقذى: المقصور، والمعتل يشملهما، وألا يكون كابنين وزيدين -أي المثنى وجمع المذكر وشبههما، فهذه الأربعة جميعها اليا احتذي -أي اتبع- فتحها بعدها؛ أي أن الياء بعدها تكون مفتوحة. 2 يلزم على هذه القراءة التقاء ساكنين على غير حده الجائز. 3 هو أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش، الأسدي الكوفي، أحد أصحاب القراءات الشاذة بعد العشرة أخذ القراءة عن عاصم ومجاهد وغيرهما. وكان حافظا ثبتا، واسع العمل بالقراءة ورعا ناسكا، يتجنب الاتصال بأصحاب السلطان، وكان يسمى "المصحف"؛ لشدة إتقانه وضبطه قال هشام: "ما رأيت بالكوفة أحدا أقرأ لكتاب الله من الأعمش". وكان مع هذا ملح ونوادر؛ روي أنه خرج يوما إلى الطلب؛ فقال: "لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت إليكم"، وتوفي -رحمه الله- 148هـ.   * "آخر" مفعول اكسر مقدم. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "أضيف" الجملة صلة "لليا" متعلق بأضيف. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "يك" مضارع مجزوم بلم على النون المحذوفة للتخفيف، واسمها يعود إلى ما. "معتلا" خبرها. "كرام" خبرا لمبتدأ محذوف. "وقذى" معطوف عليه، وجواب الشرط محذوف يدل عليه المقام. "أو يك" معطوف على يك السابق، وفيه ضمير هو اسمه "كابنين" متعلق بمحذوف خبر يك. "وزيدين" معطوف على ابنين. "فذي" اسم إشارة مبتدأ أول. "جميعها" توكيد ومضاف إليه. "اليا" -بالقصر- مبتدأ ثان. "بعد" ظرف مبني على الضم، في محل نصب حال من الياء، "فتحها" مبتدأ ثالث ومضاف إليه. "احتذي" نائب الفاعل يعود إلى فتحها، والجملة خبر المبتدأ الثالث، والثالث وخبره خبر الثاني، وجملة الثاني، وخبره خبر المبتدأ الأول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 عَصَاي} 1. وهو 2 مطرد في لغة بني يربوع3 في الياء المضاف إليها جمع المذكر السالم؛ وعليه قراءة حمزة: "بِمُصْرِخِيِّ إِنِّي". وتدغم ياء المنقوص والمثنى والمجموع في ياء الإضافة كقاضي4، ورأيت ابني وزيدي5 وتقلب واو الجمع ياء6 ثم تدغم كقوله: أودى بني وأعقبوني حسرة7   1 أي بالكسر؛ على أصل التخلص من الساكنين. 2 أي الكسر. 3 حي من تميم، رأسه يربوع بن حنظلة بن مالك، وشاعرهم الأغلب العجلي. ومنهم متمم بن نويرة الصحابي. 4 رفعا ونصبا وجرا، ويعرب بحركات مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها سكون الإدغام. 5 أصلهما: ابنين لي، وزيدين لي؛ حذفت النون واللام للإضافة، ثم أدغمت الياء الساكنة في الياء الثانية هي المضاف إليه، وفتحت ياء المتكلم. 6 اي تطبيقا للقاعدة الصرفية؛ وهي: أنه إذا اجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وكسر ما قبلها إن لم يكن هنالك مانع؛ تقول: أنتم معاوني في صد العدو؛ وأصله معاونون لي؛ حذفت النون واللام للإضافة؛ كما سبق فصار معاونوي؛ قلبت الواو ياء على القاعدة، وأدغمتا، وكسر ما قبلهما للمناسبة؛ فهو مرفوع بالواو المنقلبة ياء. 7 صدر بيت من الكامل، لأبي ذؤيب الهذلي؛ خويلد بن خالد بن محرث، من قصيدة يرثي فيها أبناء له خمسة هلكوا جميعا في الطاعون في عام واحد، وعجزه: عند الرقاد وعبر لا تقلع ويعد العلماء هذه المرثية في الذروة من شعر الرثاء ومطلعها: أمن المنون وريبها تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع اللغة والإعراب: أودى: هلك. أعقبوني: أورثوني، خلفوا لي. حسرة، حزنا مع ألم. عبرة: دمعا. الرقاد: النون. لا تقلع: لا تذهب ولا تنقضي. "بني" فاعل أودى؛ وهو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 وإن كان قبلها ضمة قلبت كسرة؛ كما في بني ومسلمي1 أو فتحة أبقيت2 كمصطفى وتسلم ألف التثنية3؛ كمسلماي. وأجازت هذيل في ألف المقصورة قلبها ياء4   جمع ابن، وأصل بنون لي عمل فيه ما عمل في مثله، وهو مرفوع بالواو المنقلبة ياء، المدغمة في ياء المتكلم "حسرة" مفعول أعقبوني. "عند" ظرف متعلق بأعقب. "الرقاد" مضاف إليه. "وعبرة" معطوف على حسرة. "لا تقلع" الجملة في محل نصب صفة لعبرة. المعنى: هلك أبنائي وتركوا لي حزنا مضنيا، وألما ممضا، ودموعا لا تنقطع، وخص النوم؛ لأنه مثار الهموم والأشجان. الشاهد: قلب واو الجمع ياء عند إضافته لياء المتكلم، وإدغامها لما ذكرنا. 1 لأن الكسرة هي التي تناسب الياء: وفي ذلك يقول الناظم. وتدغم اليا في والواو وإن ... ما قبل واو ضم فاكسره يهن أي تدغم الياء التي في آخر المضاف -في المنصوب من المثنى والجمع- في ياء المتكلم المضاف إليه. وكذلك تدغم الواو في جمع المذكر المرفوع بعد قلبها ياء؛ وإن كان ما قبل واو الجمع مضموما بعد قلبها ياء، وإدغامها في ياء المتكلم؛ وجب قلب هذه الضمة كسرة ليهون -أي يسهل- النطق. 2 لتدل على الألف المحذوفة للساكنين. 3 لأنه لا موجب لقلبها ياء، وكذلك ما حمل عليها كثنتاي، وألف المقصور؛ كهدى، على الراجح. 4 أي: لتكون عوضا عن الكسرة قبل الياء، ثم يدغمونها في ياء المتكلم، فيقولون: في هذى، هدي. وتكون في هذه الحالة معربة بالياء التي أصلها الألف، بدلا من الحركات المقدرة على الألف، فهو مما ناب فيه حرف عن حركة.   * "اليا" نائب فاعل تدغم. "فيه" متعلق يتدغم، والضمير يعود إلى ياء المتكلم، وذكر لتأويله باللفظ. "والواو" معطوفة على الياء. "وإن" شرطية "ما" اسم موصول نائب فاعل لمحذوف يفسره. "ضم" وهذا المحذوف في محل جزم فعل الشرط. "قبل واو" ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول، ومضاف إليه. "ضم" نائب الفاعل يعود إلى ما، والجملة مفسرة، "فاكسره" جواب الشرط "يهن" مضارع مجزوم في جواب الأمر، ومعناه: يسهل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 كقوله: سبقوا هوي وأعتقوا لهواهم1 واتفق الجميع على ذلك2 في علي ولدي3. ولا يختص بياء المتكلم بل هو عام في كل ضمير؛ نحو: عليه ولديه وعلينا ولدينا، وكذا الحكم في إلي.   1 صدر بيت، لأبي ذؤيب الهذلي، من مرثيته السابقة، وعجزه: فتخرموا ولكل جنب مصرع اللغة والإعراب: هوى: ما أهواه وأشتهيه، أعنقوا: أسرعو؛ من العتق؛ وهو السير السريع، والمراد: تبع بعضهم بعضا، فتخرموا: اخترمهم الموت واستأصلهم. مصرع: مكان يصرع ويطرح فيه، "هوى" مفعول سبقوا منصوب بالفتحة المقدرة على الألف المنقلبة ياء، أو بالياء التي أصلها الألف، كما أوضحنا و"أعنقوا" معطوف على سبقوا. "لهواهم" جار ومجرور متعلق بأعنقوا، وهو مجرور بكسرة مقدرة على الألف؛ للتعذر، و"هم" مضاف إليه. "فتخرموا" الفاء عاطفة، وتخرموا فعل ونائب فاعل، "ولكل" الواو للحال، ولكل متعلق بمحذوف خبر مقدم، "جنب" مضاف إليه. "مصرع" مبتدأ مؤخر. المعنى: مات أبنائي، وسبقوني إلى ما كنت أحب وأشتهي، واستأصلهم الموت واحدا بعد واحد، ولكل إنسان أجله، ومكانه الذي يوارى فيه جثمانه. الشاهد: قلب ألف المقصور في "هوي" ياء على لغة هذيل، وإدغامها في ياء المتكلم؛ وأصله هواي، والعرب كافة يبقون ألف المقصور عند إضافته للياء، وفي ذلك يقول الناظم: وألفا سلم وفي المقصور عن ... هذيل انقلابها ياء حسن 2 أي على قلب الألف مع ياء المتكلم. 3 المراد "علا" الظرف، وهو لغة في "عل"، بمعنى فوق، وكذلك "لدى" الظرف بمعنى عند. أما الحرفية فلا تضاف.   * "وألفا" مفعول سلم مقدم. "وفي المقصور عن هذيل" متعلقان بحسن، "انقلابها" مبتدأ ومضاف إليه؛ من إضافة المصدر لفاعله. "يا" مفعول المصدر. "حسن" خبر المبتدأ، وسكن للشعر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   تنبيه: إذا أضيف "ابنم" لياء المتكلم جاز إبقاء ميمه الزائدة وحذفها، مع إسكان الياء، وكسر ما قبلها في الحالتين؛ تقول: ابنمي -أو ابني. هذا: ويجوز زيادة هاء السكت الساكنة غالبا، عند الوقوف على ياء المتكلم، مع بناء الياء على الفتح؛ كقوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ، وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ، يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ، مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} ، وقول السيدة عائشة: "أبيه وما أبيه". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف الإضافة، واذكر ما تحدثه في آخر الاسم من تغيير، ومتى تكون بمعنى "من"، أو"في"؟ 2 اذكر أنواعها، وما الذي يفيده كل نوع، وما تختص به الإضافة اللفظية، مثل لما تقول بأمثلة من إنشائك. 3 يقولون: "إن إضافة الوصف لمعموله لا تفيد المضاف تعريفا، ولا تخصيصا". وضح ذلك بالمثال، والشاهد. 4 ما الذي يمتنع إضافته من الأسماء؟ وما الذي تجب إضافته إلى المفرد، وإلى المضمر؟ مثل لما تقول. 5 بين نوع ما تضاف إليه الأسماء الآتية: لدى -كل- غير. ووضح بالأمثلة. 6 ماذا يشترط فيما تضاف إليه "كلا" و"كلتا"؟ اذكر أمثلة موضحة من إنشائك. 7 يستشهد النحويون بما يأتي في باب الإضافة، بين موضع الاستشهاد، واشرحه: قال تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} . {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} . {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} . {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} . {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} . {لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} . {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} . {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} . {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} . {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} . {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا} . {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   أما ترى حيث سهيل طالعا ... نجما يضيء كالشهاب لامعا أتي الفوحش عندهم معروفة ... ولديهم ترك الجميل جميل ألم تعلمي يا عمرك الله أنني ... كريم على حين الكرام قليل وما زال مهري مزجر الكلب منهم ... لدن غدوة حتى دنت لغروب ولئن حلفت على يديك لأحلفن ... بيمين صدق من يمينك مقسم 8 أعرب ما تحته خط من قول أمير الشعراء أحمد شوقي، يخاطب أبا البنات الذي لم يرزق بنين، وما فيه من شاهد في الإضافة. إن البنات ذخائر من رحمة ... وكنوز حب صادق ووفاء الساهرات لعلة أو كبرة ... والصابرات لشدة وبلاء والباكياتك حين ينقطع البكا ... والزائراتك في العرا والنائي 9 بين فميا يأتي: المضاف، والمضاف إليه، مع بيان نوع الإضافة، وفائدتها: اعلم صديقي أن قصارى جهد النمام الإيقاع بين الأصدقاء؛ فحسبك تلك القطعية، ولقد كان ظلما؛ أي ظلم! أن يخرج أهل فلسطين من ديارهم التي أقاموا فيها، من لدن أقدم العصور، وكل منا ينظر في شئونه ليس غير. ألا إن التاريخ ليطل علينا من عل، ويسجل في صفحاته أينا كان أو العاملين، وسيجعل الله بعد عسر يسرا. قال عليه السلام: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه". يا شاه ما قنص لمن حلت له ... حرمت علي وليتها لم تحرم وأفنى رجالي فبادوا معا ... فأصبح قلبي بهم مستفز ولم أر مثل الخير يتركه الفتى ... ولا الشر يأتيه امرؤ وهو طائع سقى الأرضين الغيث سهل وحزنها ... فنيطت عرى الآمال بالزرع والضرع أأكذب عامدًا من أجل مالي ... فليس بنافعي ما عشت مالي 10 أعرب البيت الآتي، وبين ما فيه من شاهد، واذكر متى تبن "أي"، ومتى تعرب: ألا تسألون الناس أيي وأيكم ... غداة التقينا كان خرا وأكرما 11 اشرح قول ابن مالك: وما يلي المضاف يأتي خلفا ... عنه في الإعراب إذا ما حذفا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   13 تأتي "لدن" بمعنى "عند"، و"عل" بمعنى "فوق"، ولكن بينهما فروق؛ فما هي هذه الفروق؟ وضح ما تقول بالمثال. 14 بين حكم "لبيك" و"سعديك"، ونظائرهما في الإضافة، ثم اشرح معناهما، وكيف تعربهما؟ 15 أعرب البيت الآتي، وبين ما الشاهد فيه، واشرحه شرحا أدبيا: حنانيك مسئولا ولبيك داعيا ... وحسبي موهوبا وحسبك واهبا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: على باب حروف الجر. 1 يسمي الكوفيون حروف الجر "حروف الإضافة"، ولهذه التسمية علاقة بحاجة هذه الحروف إلى متعلق. وضح ذلك. 2 تستعمل "كي" حرف جر مصدرية؛ فمتى تتعين للجر؟ وما الأشياء التي تجرها؟ 3 ما الذي تجره "رب"؟ وما شرط جرها للضمير؟ وضح ذلك بأمثلة. 4 ما الفرق بين حرف الجر الأصلي، والزائد، والشبيه الزائد؟ هات مثالا لكل. 5 من معاني "من": التنصيص على العموم، وتأكيد التنصيص عليه، اشرح ذلك، وبين الفرق بينهما، موضحا بالمثال، ثم اذكر أمثلة فيها "من" للتبعيض، وللبدل، وزائدة. 6 اشرح قول الناظم: و"مذ ومنذ" اسمان حث رفعا ... أو أوليا الفعل كجئت مذ دعا 7 اذكر خمسة من المواضع التي يطرد فيها حذف الجار، وإبقاء عمله، ومثل. 8 ما الذي تلحقه "ما" من حروف الجر؟ وما حكم ما تلحقه منها؟ وضح ما تقول. 9 فيما يأتي شواهد في "باب حروف الجر"؛ بين موضع الشاهد على ضوء ما عرفت: قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} . {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} . {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} . {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} . {اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا} . {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} . {وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} . {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} . {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} . {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} . {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} . {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} . في الحديث: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته". "بني الإسلام على خمس". "رب ضارة نافعة". إني نظرت إلى الشعوب فلم أجد ... كالجهل داء للشعوب مبيدا وجانب من الثرى يدعى الوطن ... ملء العيون والقلوب والفطن ما لمحب جلد أن يهجرا ... ولا حبيب رأفة فيجبرا بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيئا إذا كان جائيا لقد علمت سمراء أن حديثها ... نجيع كما ماء السماء نجيع وإنك لم يفخر عليك كفاخر ... ضعيف ولم يغلبك مثل مغلب تناوله بالرمح ثم انثنى له ... فخر سريعا لليدين وللفم ليس الغبي بسيد في قومه ... لكن سيد قومه المتغابي فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا 10 اشرح وأعرب قول ابن الرومي، يهجو خالدا القحطبي: أخالد ما أغراك من عداوة ... ولا ترة لولا الشقاء المقدر 11 هات أمثلة من إنشائك في الحالة الحاضرة لما يأتي: استعمال "كاف" و"عن" اسمين -زيادة "ما" بعد "رب" وعدم كفها عن العمل. استعمال "منذ" اسما، وبعده جملة اسمية -استعمال "في" بمعنى الباء، والعكس. 12 أعرب ما تحته خط فيما يأتي، وبين الشاهد فيه؛ وهو لأبي محمد اليزيدي النحوي: شكوتم إلينا مجانينكم ... ونشكو إليكم مجانينا فلولا المعافة كنا كهم ... ولولا البلاء لكانوا كنا 13 بين فيما يأتي حرف الجر، ومعناه، ومجروره، الزائد، والأصلي: أيها العاقل: إلي بأذنك وعقلك؛ ادخر من غناك لفقرك، ومن صحتك لمرضك، ومن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   دنياك لأخرتك، ولا تكن في غفلة عن هذا؛ {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} ، وابتعد عن المعاضي ما استطعت؛ فسيجمع الله الناس ليوم تشيب من هوله الولدان، {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} ، وكن كما أمرك مولاك، ودع الغوى، فعن قريب يؤديه الدهر، {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} ، واعلم أن الناس في عراك منذ خلق الله الخلق، فالعاجز من اعتمد على غيره؛ ولو كان أقرب الناس إليه، والقوي من اعتمد على نفسه، وجازى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، ولم يلق بنفسه إلى ما فيه هلاكه، وتحلى بالخلق الكريم، وتمثل بقول الشاعر: ولم أر كالمعروف أما مذاقه ... فحلو وأما وجهه فجميل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 الفهارس فهرس الموضوعات ... فهرس الموضوعات: الصفحة الموضوع 1 باب الفاعل 1 تعريف الفاعل 3 أحكام الفاعل 3 الأول: الرفع 3 الثاني: وقوع الفاعل بعد المسند إليه 5 الثالث: لا بد من الفاعل 9 الرابع: أنه يصح حذف فعله 12 الخامس: أن فعله يوحد مع تثنيته، وجمعه 17 السادس: أنه إن كان مؤنثا أنت فعله لأجله 17 المواضع التي يجب فيها تأنيث الفاعل 25 السابع: أن الأصل أن يتصل بفعله 35 "تنبيه" حكم ما إذا كان الفاعل والمفعول ضميرين ولا حصر في أحدهما 36 "خاتمة" في المواضع التي يعود فيها الضمير على متأخر لفظا ورتبة 37 "فائدة" في الأفعال التي لا تحتاج إلى فاعل 38 الأسئلة والتمرينات 40 باب النائب عن الفاعل 44 قد يحذف الفاعل لأغراض لفظية أو معنوية 44 ينوب عنه في أحكامه: المفعول به، المجرور 44 ينوب عنه في أحكامه: المصدر المختص 47 ينوب عنه في أحكامه: الظرف المتصرف المختص 48 حكم غير النائب 50 معناه متعلق بالرافع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 الصفحة الموضوع 51 فصل: في حكم ما إذا تعدى الفعل لأكثر من واحد 51 حكم الثاني من باب "كسا" 52 من باب "ظن" ومن باب "أعلم" 55 فصل: فيما يحدث للفعل من تغيير 60 "فوائد هامة"، "تتمة" في حكم الأجوف والمضعف عند إسنادهما للضمائر 64 الأسئلة والتمرينات: 66 باب الاشتغال، تعريفه، أركان الاشتغال 68 ناصب الاشتغال، مواضع وجوب نصب المشتغل عنه 69 مواضع ترجيح نصب المشتغل عنه 78 "تنبيهان": أ- ليس من أقسام هذا الباب عند المصنف، ما يجب فيه الرفع 78 ب- لم يعتبر سيبويه إيهام الصفة مرجحا للنصب 80 أمور متممة لما تقدم 80 لا بد في الاشتغال من علقة بين العامل والاسم السابق ... إلخ 86 الأسئلة والتمرينات: 88 باب التعدي واللزوم 88 تعريف المتعدي، علاماته، حكمه 89 تعريف اللازم، علاماته، حكمه 92 أقسامه 95 فصل: لبعض المفاعيل الأصالة في التقدم، وسبب ذلك 97 فصل: يجوز حذف المفعول به لغرض 97 مواضع ذلك 98 فصل: يجوز حذف الناصب 98 وجوب ذلك 99 المواضع التي يصير فيها المتعدي لازمًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 الصفحة الموضوع 100 المواضع التي يصير فيها اللازم متعديًا 101 "تنبيهات" 102 الأسئلة والتمرينات: 104 باب التنازع في العمل 104 تعريف، أمثلة للعاملين، شروط العاملين المتنازعين 109 فصل: حكم العاملين المتنازعين من حيث العمل وأيهما يعمل 112 حكم العامل المهمل 113 إذا كان من باب "كان" أو"ظن" 116 "مسألة" في وجوب عمل المهمل في ظاهر 118 "خاتمة" 119 الأسئلة والتمرينات: 121 باب المفعول المطلق 122 تعريف، الفرق بينه وبين المصدر، عامله 124 فصل: فيما ينوب عن المصدر في النصب على المفعولية المطلقة 127 حكم المصدر من حيث التثنية والجمع 128 حذف عامله جوازا ووجوبا 129 قيام المصدر مقام فعله 129 حكم ما لا فعل له 130 حكم ما له فعل، واقع في الطلب، وواقع في الخبر في مسائل 139 "فائدتان": أ- في إضافة المصدر. ب- بعض مصارد مسموعة بالتثنية 141 الأسئلة والتمرينات: 143 باب المفعول له، أو لأجله 143 تعريف، شروطه، حكم فاقد الشروط 145 أحواله من حيث الإعراب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 الصفحة الموضوع 150 الأسئلة والتمرينات : 152 باب المفعول فيه؛ وهو المسمى ظرفا 152 تعريف الظرف 153 حكم ما يدل على الزمان أو المكان عرضا 156 فصل: وحكمه النصب، ناصبه 157 وحكمه من حيث الذكر والحذف 158 فصل: أسماء الزمان كلها صالحة للنصب على الظرفية 158 ما يصلح لذلك من أسماء المكان 161 فصل: في الظروف المتصرفة، وغير المتصرفة 163 "فوائد" 164 الأسئلة والتمرينات: 166 باب المفعول معه 166 تعريف، محترزات الشروط 168 الناصب له 169 فصل: في أحوال الاسم الواقع بعد الواو 173 الفرق بين العطف والمعية، اجتماع المفاعيل 175 الأسئلة والتمرينات: 176 باب المستثنى، تعريف 176 أدوات الاستثناء 177 حكم المستثنى بإلا 184 فصل: إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه 186 فصل: حكم "إلا" إذا تكررت 187 الاستثناء المفرغ 191 فصل: أصل "غير" أن يوصف بها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 الصفحة الموضوع 192 عامل النصب في المستثنى 192 حكم "غير" الاستثنائية، الفرق بينهما وبين "إلا" 193 فصل: في حكم المستثنى "بسوى" 195 فصل: في حكم المستثنى "بليس، ولا يكون" 197 فصل: في حكم المستثنى "بخلا، وعدا" 200 فصل: في حكم المستثنى "بحاشا" 201 معنى "لا سيما"، وإعراب الاسم الواقع بعدها 203 الأسئلة والتمرينات: 205 باب الحال، أنواعها 206 تعريف الحال المؤسسة 207 فصل: في أوصاف الحال 210 مواضع وقوع الحال جامدة، غير مؤوله بالمشتق 216 فصل: أصل صاحب الحال، التعريف 216 ويقع نكرة بمسوغ 220 فصل: حكم الحال مع صاحبها، تقديمًا، أو تأخيرًا 222 شروط مجيء الحال من المضاف إليه 224 فصل: حكم الحال مع عاملها، تقديما، أو تأخيرا 231 شبه الحال بالخبر 234 فصل: في تقسيم الحال إلى مؤسسة ومؤكدة 234 حكم المؤكدة لعاملها، أو لصاحبها، أو لجملة 236 فصل: تقع الحال: اسما مفردا، وجملة 236 شروط الجملة 238 مواضع ربط الجملة بالضمير أو بالواو 242 فصل: مواضع حذف عامل الحال، جوازا، ووجوبا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 الصفحة الموضوع 245 الأسئلة والتمرينات 247 باب التمييز، تعريف، محترزات التعريف 248 حكم التمييز النصب، ناصبه 249 فصل: أنواع الاسم المبهم أربعة 251 النسبة المبهمة نوعان 252 فصل: حكم التمييز الواقع بعد ما يفيد التعجب، أو التفضيل 254 فصل: يجر التمييز بمن إلا في مسائل 256 لا يتقدم التمييز على عامله 258 "فوائد": إعراب: يا جارتا ما أنت جارة 258 ما يتفق فيه التمييز والحال، وما يختلفان فيه 260 الأسئلة والتمرينات 262 باب حروف الجر، لم سميت بذلك؟، عددها 263 الفرق بين حرف الجر الأصي، والزائد، والشبيه بالزائد 263 حروف الجر الشاذة: متى، لعل، كي 266 الأحراف التي تجر الظاهر والمضمر 267 الأحرف التي تختص بالظاهر، أقسامها 271 فصل: في ذكر معاني الحروف 271 معاني "من" 275 معاني "اللام" 279 معاني "الباء" 281 معاني "في" 283 معاني"على" 284 معاني"عن" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 الصفحة الموضوع 286 معاني "الكاف" 287 معنى إلى، وحتى 288 معنى "كي"، و"الواو"، و"التاء" 289 معاني "مذ" 290 معنى "رب" 292 فصل: في الحروف المشتركة بين الحرفية والاسمية 294 حكم "مذ" و"منذ" 297 فصل: في حكم من، وعن، والباء، إذا دخلت عليها "ما" الزائدة 301 فصل: في حذف "رب"، وبقاء عملها بعد الفاء، والواو، وبل 304 حذف غير "رب"، وبقاء عمله؛ قياسي وسماعي 305 المواضع التي يطرد فيها الحذف 306 "تنبيه" 306 الظرف التي لا تحتاج إلى متعلق 307 الأسئلة والتمرينات 308 باب الإضافة، معناها 309 ما يحذف للإضافة 309 ضابط الإضافة التي على معنى اللام، وفي، ومن 310 فصل: الإضافة على ثلاثة أنواع 310 نوع يفيد التعريف 310 وثان يفيد التخصيص 312 النوع الذي لا يفيد شيئا ضابطه 315 الإضافة اللفظية 317 فصل: فيما يختص به الإضافة اللفظية 322 "مسألة" في شرط اكتساب المضاف من المضاف إليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 الصفحة الموضوع 322 التأنيث، أو التذكير 325 "مسألة" لا يضاف اسم لمرادفه، ما سمع من ذلك يؤول 325 فصل: الغالب على الأسماء صلاحيتها للإضافة والإفراد 327 ما تمتنع إضافته 327 ما تجب إضافته إلى المفرد 328 ما تجب إضافته إلى الجملة مطلقا 335 "إذا" وحكمها 336 "حيث" وحكمها 337 ما تجب إضافته إلى الجمل الفعلية 339 فصل: حكم ما هو بمنزلة "إذا" 341 فصل: في إعراب الزمان المحمول على "إذ" أو"إذا" 344 مما يلزم الإضافة: "كلا" و"كلتا" بشروط 346 حكم "أي" أحوال "أي" 349 حكم "لدن" وما تختص به 352 حكم "مع" وحكم "غير" 356 حكم "قبل" و"بعد" وحكم "أول" و"دون" وأسماء الجهات 361 حكم "حسب" ولها استعمالان 365 حكم "عل"، موافقتها "فوق" ومخالفتها لها 368 فصل: يجوز حذف ما يعلم من مضاف، ومضاف إليه 368 حكم ما إذا كان المحذوف المضاف 371 حكم ما إذا كان المحذوف المضاف إليه 373 فصل: في الفصل بين المتضايفين 374 المسائل التي يجوز فيها الفصل في سعة الكلام 376 المسائل التي تختص بالشعر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 الصفحة الاسم 379 الفصل بفاعل المضاف 380 الفصل بنعت المضاف، وبالنداء 382 فصل: في أحكام المضاف إلى ياء المتكلم، وما يستثنى من كسر الآخر 383 جواز فتح الياء وإسكانها 387 "تنبيه" 387 إضافة "ابتم" إلى الياء 387 جواز زيادة هاء السكت عند الوقف على الياء 388 الأسئلة والتمرينات 391 أسئلة وتمرينات على حروف الجر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 فهرس أعلام : فهرس بأسماء النحاة والقراء الذين وردت أسماؤهم بهذا الجزء الصفحة الاسم 8 الشامي، من القراء 9 الجرمي 10 ابن جني 26 الجزولي. ابن الحاج 27 ابن الأنباري 31 الطوال 42 الرندي 48 أبو جعفر، من القراء 51 الخضرواي 52 ابن طلحة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 الصفحة الاسم 53 الأبدي 58 ابن عذرة 59 علقمة - من القراء 59 المهاباذي 71 ابن السيد، وابن بابشاذ 74 ابن الباذش 74 ابن خروف 107 الجرجاني 143 ابن الخباز 166 الصيمري 172 الأصمعي 173 اليزيدي 182 الزمخشري 193 الزجاجي 195 العكبري 230 الحسن البصري - من القراء 263 أبو حيان 370 ابن جماز- من القراء 383 الأعمش - من القراء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 المجلد الثالث باب: إعمال المصدر وإسمه ... بسم الله الرحمن الرحيم باب: إعمال المصدر واسمه الاسم الدال على مجرد الحدث، إن كان علمًا؛ كفجار وحماد للفجرة والمحمدة، أو مبدوءًا بميم زائدة لغير المفاعلة؛ كمضرب، ومقتل، أو متجاوزًا فعله الثلاثة، وهو بزنة اسم حدث الثلاثي؛ كغسل ووضوء في قولك: اغتسل غسلًا، وتوضأ وضوءًا؛ فإنهما بزنة القرب والدخول ي: قرب قربًا، ودخل دخولًا؛ فهو اسم مصدر، وإلا فمصدر1 ويعمل المصدر عمله فعله2 ......................................................   باب إعمال المصدر واسمه: 1- المصدر من حيث معناه: هو الاسم الذي يدل -غالبًا- على الحدث المجرد من غير ارتباط بزمان، أو مكان، أو بذات، أو بعلمية. ومدلوله الحقيقي: أمر معنوي محض، يدل عليه اللفظ المعروف، وتسميته مصدرا مجاز. ولا بد من ناحيته اللفظية أن يشتمل على جميع الحروف الأصلية والزائدة في فعله لفظًا أو تقديرًا، وقد يزيد عنها؛ كأكرمه إكرامًا، ولا يمكن أن ينقص بدون تعويض. أما اسم المصدر، فهو كالمصدر في معناه؛ من حيث دلالته على الحدث المجرد، ويكون علم جنس كما ذكر الموضح. ويخالفه في لفظه بنقص حروفه عن حروف فعله بدون تعويض. وما ذكره المصنف من اعتبار المبدوء بميم زائدة لغير فاعله اسم مصدر، مجانب لما عليه جمهور النحاة؛ من أن يسمى مصدرا ميميًا كما سيأتي - لا اسم المصدر. هذا: ويرى بعض المحققين أن اسم المصدر، يدل مباشرة على لفظ المصدر لا على الحدث، أما دلالته على الحدث فتبعية؛ جاءت بوساطة دلالته على المصدر. ومن أسماء المصدر: كل اسم يدل على معنى مجرد وليس له فعل، كالقهقري. 2- سواء كان متعديًا أو لازمًا، ويخالف المصدر فعله في أمور؛ أهمها: أن المصدر لا يعمل إلا إذا كان مصدر نائبًا عن فعله. وفي رفعه نائب الفاعل خلاف، والمختار جوازه عند الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 إن كان يحل محله فعل؛ إما مع "أن"1؛ كعجبت من ضربك زيدًا أمس، ويعجبني ضربك زيدًا غذاء؛ أي: أن ضربتهن وأن تضربه. وإما مع "ما"2؛ كيعجبني ضربك زيدًا الآن؛ أي ما تضربه، ولا يجوز في نحو: ضربت ضربًا زيدًا، منصوبًا بالمصدر؛ لانتفاء هذا الشرط3.   أمن اللبس؛ نحو: سررت من رش بالطائرة المبيدات الحشرية. بخلاف الفعل؛ فإنه يعمل وجوبًا بلا شرط، ويتحمل ضمير مرفوعه المحذوفن فاعلًا كان أو نائب فاعل. 1- أي المصدرية، وذلك إذا كان الزمان ماضيًا أو مستقبلًا. 2- أي المصدرية أيضًا، وذلك حين يكون الزمان حالًا ولا تصلح له "أن"، وتدل كذلك على الماضي والمستقبل. وخصت بإرادة الحال لتعذره مع أن، ولأن دلالة "أن" مع الماضي على المضي، ومع المضارع على المستقبل، أشد من دلالة "ما" -هو شرط في عمله في غير الظرف والجار والمجرور، أما عمله فيهما؛ فلا يشترط فيه شيء ما. ويحذف الفعل فينوب عنه مصدره في عمله، وفي تأديه معناه؛ نحو: تعظيمًا والديك، وإشفاقًا على الضعيف، كما تقدم في موضعه. 3- لأنه لا يصلح أن يحل محاله فعل مع "أن" أو "ما"؛ وإنما نصب زيد بضربت؛ لأن المصدر المؤكد لعامله المذكور لا يعمل كما سلف. وما ذكره المصنف لعمل المصدر شرط إيجابي لابد من وجوده، وهنالك شروط سلبية؛ منها: أ- ألا يكون مصغرا؛ فلا يجوز: أميرك مطاع؛ تريد: أمرك. ب- ولا ضميرا؛ فلا يصح: حبي والدي عظيم، وهو أمي أعظم، خلافا للكوفيين، ورأيهم ضعيف؛ لأن المضير مصدر. جـ- ولا مختومًا بالتاء الدالة على الوحدة؛ أي المرة؛ فلا يجوز: سررت بضربتك الفائزة. أما التاء من بنية الكلمة؛ كرحمة ورهبة، فلا تمنع؛ تقول: رحمتك الفقراء دليل على مروءتك وحسن خلقك؟ د- وأن يكون مفردا؛ لا مثنى ولا مجموعًان وشذ إعمال غير المفرد في قول الشاعر: قد جربوك فما زادت تجاربهم ... أبا قدامة إلا المجد والفنعا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 وعمل المصدر مضافًا أكثر1؛ نحو: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاس} 2، ومنونًا أقيس3؛ نحو: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا} 4، وبأل قليل ضعيف5؛ كقوله: ضعيف النكاية أعداءه6   وأجاز بعض العلماء عمل الجميع، وهو رأي مقبول لا مانع من الأخذ به. هـ- وإلا يكون يكون مفصولًا من معموله بأجنبي ولا بتابع؛ فلا يسوغ: إني أسرع إلى إجابة صارخة المتسجير. و ولا موصوفا قبل العمل؛ فلا يصح: ساءني عتابك الأليم محمدا. ز- ولا مؤخرا عن معموله؛ فلا يجوز أعجبني زيدًا ضربك. 1- أي في الاستعمال، وكذلك أبلغ في القول من المنون. 2- الآية 251 من سورة البقرة، والآية 40 من سورة الحج. 3- أي: أوفق بالقياس على الفعل من المضاف؛ لأنه يشبه الفعل بالتنكير، وهو يلي المضاف في الكثرة والفصاحة. 4- "إطعام" مصدر فاعله محذوف "يتيمًا" مفعوله؛ أي "إطعامه يتيمًا "ذي مسغبة" أي مجاعة، صفة ليوم ومضاف إليه. سورة البلد: الآية 14. 5- أي قليل في السماع، ضعيف في القياس؛ لبعده من مشابهة الفعل بدخول "أل" عليه. 6- صدر بيت من المتقارب، ذكره سيبويه ولم ينسبه، وعجزه: يخال الفرار يراخي الأجل اللغة والإعراب:- النكاية: الإضرار والأذى؛ من نكيت العدو: أثرت فيه ونلت منه، يخال: يظن. يراخي: يباعد ويؤخر. "ضعيف" خبر لمبتدأ محذوف. "النكاية" مضاف إليه، وهو مصدر محذوف فاعلة. أعداءه" مفعوله ومضاف إليه. "الفرار" مفعول أول "يخال" "يراخي الأجل" الجملة في محل نصب مفعول ثان، وسكن لأجل الوقف. المعنى: إن هذا الرجل ضعيف لا يستطيع أن يؤثر في أعدائه، أو يقهرهم أو ينازلهم القتال؛ يظن أن الهرب والفرار من الحرب يبعد عنه الموت، ويفسح له في العمر. الشاهد:- إعمال المصدر المقترن بأل؛ وهو "النكاية"، ونصبه المفعول؛ وهو "أعداءه". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 واسم المصدر -إن كان علمًا- لم يعمل اتفاقًا1، وإن كان ميميًا، فكالمصدر اتفاقًا2؛ كقوله: أظلوم إن مصابكم رجلا3   1- لأن الاعلام لا تعمل؛ إذ لا دلالة لها على الحدث الذي يقتضي معمولا؛ وذلك نحو: "يسار" علم لليسر، و"فجار" علم جنس للفجور، وفعله: أفجر، لا فجر. و"برة" علم جنس على البر، وفعله: أبر، لا بر. واسم المصدر العلم لا يضاف، ولا يقبل "أل"، ولا يقع موقع الفعل، ولا يوصف، كما ذكر ذلك صاحب الهمع. وإن كان غير علم، عمل بالشرط الذي يعمل به المصدر غير النائب عن فعله، وإعمال اسم المصدر -مع قياسيته- قليل، ومنه قول الشاعر: بعشرتك الكرام تعد منهم ولم يحفظ له شاهدا إلا في حالة الإضافة؛ لأن النصب من خواص الأسماء، فهو يبعد شبه المصدر من الفعل، ويقدر الفعل الماضي والمضار عند إرادة الزمن المستقبل. 2- أوضحنا قريبًا أن الحق أنه مصدر ميمي، لا اسم مصدر. 3- صدر بيت من الكامل، للحارث بن خالد المخزومي، وعجزه: اهدى السلام تحية ظلم وبعده: أقصيته وأراد سلمكم ... فليهنه إذ جاءك السلم اللغة والإعراب: ظلوم: وصف من الظلم، لقب به الشاعر حبيبته، مصابكم: مصدر ميمي بمعنى الإصابة. "أظلوم" الهمزة للنداء، وظلوم منادي. "مصابكم" اسم إن وهو مصدر بمعنى الإصابة مضاف إلى فاعله. "رجلا" مفعوله. "أهدى السلام" الجملة صفة لرجل. "تحية" مفعول مطلق لأهدى، على حد قعدت جلوسًا، أو حال مؤكد من السلام، أو مفعول لأجله. "ظلم" خبر إن. المعنى: يقول لمحبوبته -وقد لقبها بظلوم لمعاملتها له-: إن إصابكم رجلًا يتقدم بالتحية تقربا إليكم، ظلم منكم له؛ لأنه يبغي الوصل والقرب، وتجيبونه بالصد والإعراض. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 وإن كان غيرهما1، لم يعمل عند البصريين، ويعمل عند الكوفيين والبغداديين. وعليه قوله: وبعد عطائك المائة الرتاعا   الشاهد: -عمل المصدر الميمي- وهو "مصاب" عمل الفعل؛ فقد أضيف إلى فاعله؛ وهو كاف المخاطب، ونصب المفعول، وهو "رجلا". 1- أي غير العلم، وذي الميم المزيدة لغير المفاعلة. 2- عجز بيت من الوافر، لعمير بن شبيم، المعروف بالقطامي، وصدره: أكفرًا بعد رد الموت عني وهو من قصيدته التي مطلعها: قفي قبل التفرق يا ضباعا ... ولا يك موقف منك الوداعا وفيها يخاطب ويمدح زفر بن الحارث الكلابي، وكان قد خلصه من الأسر وأطلق سراحه، ورد عليه ماله، واعطاه مائة بعير من غنائم الذين أسروه. اللغة والإعراب: أكفرا: الكفر هنا: جحد النعمة. الرتاعا: جمع راتعة، وهي الإبل التي ترتع وترعى كيف شاءت لا يمنعها أحد. "أكفرا" الهمزة للاستفهام الإنكاري، و"كفرا" مفعول مطلق لفعل محذوف، أي: أأكفر كفرا؟ "بعد" ظرف متعلق بكفر. "رد الموت" مضاف إليه. "وبعد" السابق. "عطائك" مضاف إليه، وهو اسم مصدر مضاف إليه فاعله، ومفعوله الأول محذوف؛ أي عطائك إياي. "المائة" مفعوله الثاني. "الرتاعا" صفة لمائة. المعنى: كيف أجحد نعمتك، وأنكر فضلك عليَّ، وإحسانك إليَّ، بعد أن أطلقت سراحي من أسري، وخصلتني من يد أعدائي؛ فحلت بيني وبين الموت المحقق، ولم تكتف بذلك؛ بل أعطيتني مائة من الإبل الراتعة السمينة؛ تفضلًا منك وكرمًا؟ الشاهد: -إعمال اسم المصدر- وهو "عطاء" -عمل الفعل؛ فأضيف لفاعله، ونصب المفعول، وهذا قليل. وفيما تقدم يقول الناظم: بفعله المصرد الحق في العمل ... مضافًا أو مجردًا أو مع أل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 ويكثر أن يضاف المصدر إلى فاعله، ثم يأتي مفعوله1؛ نحو: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} [الحج: 40] ، ويقل عكسه كقوله: قرع القواقيز أفواه الأباريق2   إن كان فعل مع "أن" أو "ما" ... يحل محله ولاسم مصدر عمل* أي ألحق المصدر بفعله في العمل، فاجعله مثله في التعدي واللزوم وغيرهما؛ سواء كان مضافًا، أو مبدوءًا بأل، أو مجرد من أل والإضافة؛ وهو المنون؛ وإنما يعمل بشرط أن يصح إحلال فعل مسبوق بـ"أن" أو "ما" المصدريتين محله، وإلا فلا يعمل، واسم المصدر قد يعمل أحيانًا عمل الفعل كما بين المصنف. 1- أي إن وجد له مفعول، ويكون الفاعل مجرورا في اللفظ، مرفوعا في المحل. 2- عجز بيت من البسيط، للمغيرة بن عبد الله المعروف بالأقيشر الأسدي، وصدره: أفنى تلادي وما جمعت من نشب اللغة والإعراب:- التلاد: المال القديم، كالتالد والتليد، وضده: الطريف. النشب: المال الثابت الذي لا يستطاع نقله؛ كالدور ولاضياع. القواقيز: جمع قاقوزة، وهي القد الذي يشرب فيه الخمر، والقرع: ضرب شيء صلب بمثله؟ "تلادي" تلاد مفعول به لأفنى، والياء مضاف إليه. و"ما" الواو عاطفة، و"ما" اسم موصول معطوف على تلادي، "جمعت" الجملة صلة ما "قرع" فاعل أفنى، وهو مصدر مضاف إلى القواقيز، مفعوله. "أفواه الأباريق" أفواه فاعل بالمصدر، والأباريق مضاف إليه. المعنى:- إن معاقرتي للخمر ومعاشرة إخوان السوء، ذهب بجميع أموالي التي ورثتها عن آبائي، وما جمعته بجهدي وعملي، سواء في ذلك المنقول منها والثابت. الشاهد:- إضافة المصدر؛ "وهو قرع"، إلى مفعوله؛ وهو "القوقيز"، ثم الإتيان.   * بفعله: بفعل متعلق بألحق، والهاء مضاف إليه. "المصدر" مفعول مقدم لألحق. "مضافا" حال من المصدر، وكذلك ما عطف عليه. فعل "اسم كان" مع "ظرف معلق بمحذوف، نعت لفعل. "أن" مضاف إليه مقصود لفظه. "أو ما" معطوف على أن "يحل" فعل مضارع، وفاعله يعود إلى فعل، والجملة خبر كان: "محله" محل ظرف مكان منصوب، والهاء مضاف إليه. "ولاسم" جار ومجرور خبر مقدم. "مضاف إليه" عمل "مبتدأ مؤخر، وسكن للشعر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 وقد يختص بالشعر؛ ورد بالحديث: "وحج البيت من استطاع إليه سبيلًا" 1؛ أي: وأن يحج البيت المستطيع. وإما إضافته إلى الفاعل، ثم لا يذكر المفعول وبالعكس، فكثير؛ نحو: {رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء} [إبراهيم: 40] 2، ونحو: {لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} [فصلت: 49] 3، ولو ذكر لقيل: دعائي إياك، ومن دعائه الخير. وتابع المجرور يجر على اللفظ، أو يحمل على المحل فيرفع4؛ كقوله: طلب المعقب حقه المظلوم5   بالفاعل؛ وهو "أفواه" وذلك قليل. وروي: "قرع القوارير"، جمع قارورة؛ وهي الزجاجة. 1- "حج" مصدر مضاف إلى مفعوله؛ وهو "البيت". "من" اسم اموصول فاعله. وقد عدل المصنف عن الاستدلال بالآية: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] ؛ لاحتمال كون "من" بدلًا يحتمل أن تكون مبتدأ خبره محذوف؛ أي فعليه أن يحج. وجعلها فاعلا للمصدر يفسد معه المعني؛ لأن المعنى يكون حينئذ: ولله على الناس -مستطيعهم وغير مستطيعهم- أن يحج البيت المستيطعن فيلزم تأثيم جميع الناس بتخلف المستطيع؛ فتدبر. 2- "دعاء" مصدر مضاف إلى الفاعل وهو ياء المتكلم، ومفعوله محذوف؛ أي دعائي إياك. الآية 40 من سورة إبراهيم. 3- "دعاء الخير" مصدر مضاف لمفعوله، وفاعله محذوف؛ أي من دعائه الخير. وقد يضاف المصدر إلى الظرف فليجره، ويرفع الفاعل وينصب المفعول؛ كالمنون؛ نحو: إهمال اليوم التلميذ الاستذكار ضار بمستقبله. 4- أي: إذا كان المجرور فاعلا أو نائب فاعل، وهذا مذهب الكوفيين، وذهب سيبويه، وجمهور البصريين، إلى عدم جواز الإتباع على المحل، وما ورد مما ظاهره الاتباع على المحل يؤول بتقدير رافع للمرفوع وناصب للمنصوب. ورأي الكوفيين وأولى بالسير عليه. 5- عجز بيت من الكامل للبيد بن ربيعة العامري، يصف حمارا وحشيًا وأتانا، وصدره: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 أو ينصب1؛ كقوله: مخافة الإفلاس والليانا   حتى تهجر في الرواح وهاجها اللغة والإعراب:- تهجر: سار في الهاجرة؛ وهي نصف النهار وقت اشتداد الحر. الرواح: الوقت من زوال الشمس إلى الليل. هاجها: أزعجها وأثارها. المعقب: الغريم الذ ي يطلب حقه بإلحاح "حتى": حرف غاية لكلام متقدم، "تهجر": فعل ماض وفاعله يعود على الحمار الوحشي. "وهاجها": الواو عاطفة، و"هاجها": فعل ومفعول، وفاعله يعود أيضًا على الحمار، و"ها": عائدة على أتان كانت مرافقته له. "طلب المعقب": طلب مفعول مطلق لهاج، والمعقب مضاف إليه، من إضافة المصدر إلى فاعله. "حقه": مفعوله ومضاف إليه. "المظلوم" -بالرفع- نعت للمعقب باعتباره محله. المعنى:- حتى سار ذلك الحمار الوحشي عند شدة الحرا بعد الزوال، وأزعج أتانه، وطلبها طلبًا متواصلًا؛ كما يطلب الغريم المظلوم حقه ودينه من غريمه بشدة وإلحاح. الشاهد:- رفع "المظلوم"- وهو نعت للمعقب المجرور لفظًا -بإضافة المصرد؛ وهو "طلب" ولكنه مرفوع محلًا؛ لأنه فاعل للمصدر. 1- أي إن كان المجرور مفعولًا. 2- عجز بيت من الرجز، لزيادة العنبري، ونسب في كتاب سيبويه لرؤبة بن العجاج، وصدره: قد كنت داينت بها حسانا اللغة والإعراب:- دانيت بها: أخذتها بدلا من دين لي عليه، والهاء عائدة على جارية معروفة الليانة: المماطلة "قد" حرف تحقيق. "كنت" كان واسمها. "دانيت" الجملة خبر كان "حسانا" مفعول داينت. "مخافة" مفعول لأجله."الإفلاس" مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله، والفاعل محذوف؛ أي مخافتي الإفلاس "والليانا" معطوف بالنصب على محل الإفلاس. المعنى:-كنت قد أخذت هذه الجارية من حسان بدلًا من دين لي عليه؛ لخوفي من إفلاسه، ومماطلته في دفع ما عليه من الدين. الشاهد: عطف الليانا -بالنصب- على الإفلاس؛ لأنه -وإن كان مجرورا لفظا بإضافة المصدر؛ وهو "مخافة"، لكنه منصوب محلا- مفعول للمصدر، ويجوز جعل "الليانا" مفعولا معه، ويكون معطوفا على "مخافة" على حذف مضاف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 .......................................................................................................................   وإلى إضافة المصدر لما بعده، وإتباعه على اللفظ أو المحل، يشير الناظم بقوله: وبعد جره الذي أضيف له ... كمل بنصب أو برفع عمله وجر ما يتبع ما جر ومن ... راعي في الإتباع المحل فحسن1 أي بعد إضافة المصدر إلى ما أضيف له، وجره المضاف إليه، كمل عمله بالنصب أو بالرفع؛ وذلك بنصب ما بعده مفعولا به إن كان المصدر مضافا للفاعل، وبرفعه إن كان المصدر مضافا للمفعول. وإنه جاء تابع للمضاف إليه المجرور، فجر هذا التابع مراعيًا لفظ المجرور، أو راع محل المضاف إليه؛ من رفع أو نصب، فارفع التابع أو أنصبه، وهذا حسن، والإتباع على المحل جائز في جميع التوابع عند الكوفيين وطائفة من البصريين. وأجازه سيبويه ومن وافقه في العطف والبدل. ومنعه في النعت والتوكيد، والحق الجواز في الجميع؛ لورود السماع به. تنبيهان: 1- إعمال اسم المصدر قليل وإن كان قياسيًا، وقال الصيمري: إعماله شاذ. 2- قال الأشموني: المصدر المقدر بالحرف المصدري والفعل مع معموله، كالموصول مع صلته؛ فلا يتقدم ما يتعلق به عليه؛ كما لا يتقدم شيء من الصلة على الموصول. ولا يفصل بينهما بأجنبي؛ كما لا يفصل بين الموصول وصلته. وإذا ورد ما يوهم شيئًا من ذلك، أول. أما المصدر الآتي بدلًا من اللفظ بفعله، فلا يتقدم ما يتعلق به عليه؛ لأن الأصح أنه مساوٍ لاسم الفاعل فيتحمل الضمير. ولا يرى الرضي مانعا من تقديم معموله عليه إذا كان ظرفا أو شبهه؛ قال تعالى: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّه} [النور: 2] ، {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْي} [الصافات: 102] .   1- "بعد" ظرف متعلق بكمل. "جره" مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. "الذي" مفعول للمصدر. "أضيف له" ماض للمجهول، والجملة صلة الموصول. "عمله" مفعول كمل ومضاف إليه. "جر" فعل أمر. "ما" اسم موصول، مفعوله. "يتبع" الجملة صلة. "ما" الثانية مفعول يتبع. "جر" الجملة صلة. "ومن" اسم شرط جازم، مبتدأ. "راعي" فعل الشرط. "فحسن" الفاء للربط، و"حسن" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي فرأيه حسن، والجملة جواب الشرط، وجملة الشرط وجوابه خبر "من". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 ...........................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1- عرف كلًا من المصدر واسمه، وبين الفرق بينهما في اللفظ والمعنى، مع التمثيل. 2- اذكر أقسام المصدر، وأيها أكثر استعمالا؟ وهات مثالين لكل قسم. 3- هات ثلاثة أمثلة لمصدر مضاف إلى فاعله، ومثلهما لمصدر مضاف إلى مفعوله. 4- ما الذي يشترط في المصدر ليعمل عمل فعله؟ وضح بالمثال. 5- اشرح قول ابن مالك: وجر ما يتبع ما جر ومن ... راعى في الاتباع المحل فحسن 6- بين موضع الاستشهاد بما يأتي في هذا الباب: قال تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا} ، {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ، يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} ، {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ} . في الحديث الشريف: "من قبلة الرجل امرأته الوضوء". يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شيء بعدكم عدم بضرب بالسيوف رءوس قوم ... أزلنا هامهن عن المقيل إذا صح عون الخالق المرء لم يجد ... عسيرًا من الآمال إلا ميسرًا بعشرتك الكرام تعد منهم ... فلا ترين لغيرهمو ألوفا 7- أعرب قول الشاعر الآتي، وبين ما فيه من شاهد، واشرح معناه شرحا أدبيًا: المن للذم داع بالعطاء فلا ... تمنن فتلفى بلا حمد ولا مال 8- بين فيما يأتي: المصدر ونوعه، واسم المصدر مع بيان المعمول وتابعه: إن وجدي بك الشديد أراني ... عاذرًا من عهدت فيك عذولًا وحمدك المرء ما لم تبله خطأ ... وذمك المرء بعد الحمد تكذيب لا شيء أنقص للأحرار من إفشائهم الأسرار. مخالفة الطالب أستاذه من سوء التربية. يجب أن تكون معاملة الآباء لبنيهم بدافع الشفقة والحنان. محبة الوطن من الإيمان من البر إكرام ضيفًا وإغاثة محتاج الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 باب: إعمال إسم الفاعل مدخل ... باب: إعمال اسم الفاعل وهو: ما دل على الحدث وفاعله؛ فخرج بالحدوث نحو: أفضل، وحسن1؛ فإنهما إنما يدلان على الثبوت،2 وخرج بذكر فاعله نحو: مضروب، وقام3. فإن كان صلة لـ"أل" عمل مطلقًا4، وإن لم يكن عمل بشرطين5. أحدهما: كونه للحال أو الاستقبال6، لا الماضي؛ خلافًا للكسائي، ولا حجة له في   1- أي: من اسم التفضيل، والصفة المشبهة. 2- أي ثبوت الصفة للموصوف، وملازمتها له، كما سيأتي إيضاحة في موضعه. 3- "مضروب": اسم مفعول، وهو يدل على المفعول، لا على الفاعل. و"قام": فعل، والفعل يدل بوضعه على الحدث والزمان، ودلالته على الفاعل بطريق الالتزام. 4- أي من غير تقييد بزمن، أو اعتماد على شيء، أو غير ذلك من الشروط الآتية؛ وذلك لأنه مع "أل" الموصولة يحل محل الفعل، والفعل يعمل في جميع الأحوال؛ فكذلك ما حل محله. وإلى ذلك يشير الناظم بقوله: وإن يكن صلة "أل" ففي المضي ... وغيره إعماله قد ارتضي* 5- المراد: عمل النصب في المعفول، أما رفعه الفاعل فبغير شرط، إذا كان الفاعل ضميرًا مستترًا أو بارزًا، كما سيأتي بيانه. 6- وكذلك إذا كان بمعنى الاستمرار المتجدد؛ أي الذي يحدث ثم ينقطع ثم يعود ... إلخ. وقيل في اشتراط هذا: إنه إنما يعمل حملا على مضارعة، وهو بمعنى الحال أو الاستقبال؛ فإن كان بمعنى الماضي، فقد زال شبهه بالمضارع، فلا وجه لعمله.   * "وإن يكن" شرط وفعله، واسم يكن يعود على اسم الفاعل. "صلة أل" صلة خبر يكن، وأن مضاف إليه. "ففي المضي" متعلق بارتضي، والفاء للربط. "وغيره" معطوف على المضي، ومضاف إليه. "إعماله"مبتدأ ومضاف إليه."قد ارتضى" الجملة خبر، وجملة المبتدأ والخبر جواب الشرط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 {بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} 1؛ لأنه على حكاية الحال. والمعنى: يبسط ذراعيه، بدليل: {وَنُقَلِّبُهُم} 2، ولم يقل: وقلبناهم. والثاني: اعتماده3 على استفهام، أو نفي، أو مخبر عنه، أو موصوف؛ نحو: أضارب زيد عمرًا؟ وما ضارب زيد عمرًا، وزيد ضارب أبوه عمرًا، ومررت برجلٍ ضارب أبوه عمرًا4. والاعتماد على المقدر5 كالاعتماد على الملفوظ به؛ نحو: مهين زيد عمرًا ام مكرمة؟ أي: أمهين؟ 6، ونحو: {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُه} 7؛ أي صنف مختلف ألوانه8. وقوله:   1- حجته: أن "باسطا" اسم فاعل بمعنى الماضي، وقد عمل النصب في "ذراعيه". 2- فقد أتى بالمضارع الدال على الحال، وكذلك الواو في "وكلبهم"؛ فإنها للحال، والذي يحسن وقوعه بعدها المضارع لا الماضي؛ فإنه يقال: سافر محمد وأبوه يبكي، ولا يحسن أن يقال: وأبو بكى. 3- أي: لأن ذلك يقربه من الفعل. وهذا شرط لعمله النصب في المفعول، وفي الفاعل الظاهر، كما سيأتي، أما عدم المضي فشرط لعمله في المفعول فقط. ويشترط فيه -علاوة على الشرطين المذكورين- ألا يكون مصغرا؛ فلا يصح: ضويرب محمدا، ولا موصوفا قبل العمل؛ كالمصدر؛ فلا يسوغ: راكب "مسرع" سيارة. فإن تأخر النعت عن المنعوت جاز، وخالف الكسائي في هذين الشرطين. 4- "ضارب" اسم فاعل صفه لرجل، و"أبوه" فاعل به، و"عمرا" مفعوله. ومثل ذلك الحال؛ لأنه صفة في المعنى؛ نحو: جاء محمد راكبًا أبو فرسا. 5- أي من جميع ما ذكر من الاستفهام، والنفي، والمخبر عنه، والموصوف، وذي الحال. 6- بدليل وجود "أم" المعادلة؛ فمهين اسم فاعل، وقد رفع "زيدٌ"، ونصب "عمرا" اعتمادا على الاستفهام المقدر. 7- سورة فاطر: الآية 38، والنمل: 69. 8- التمثيل بهذه الآية، إما سهو، أو مبني على أن الاعتماد شرط للعمل، حتى في المرفوع، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 كناطح صخرة يومًا ليوهنها1 أي: كوعل ناطح. ومنه: يا طالعًا جبلًا، أي يا رجلًا طالعًا. وقول ابن مالك: إنه اعتمد على حرف النداء، سهو؛ لأنه2 مختص بالاسم فكيف يكون مقربا من الفعل؟ 3.   وهو رأي ضعيف، والصحيح عند النحاة: أن رفعه الفاعل لا يشترط فيه شيء، أما الاعتماد فشرط لنصبه المفعول به، وليس في الآية مفعول به. 1 صدر بيت من البسيط، للأعشى، ميمون بن قيس، وعجزه: فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل اللغة والإعراب: ليوهنها: ليضعفها. يضرها: يضرها ويؤثر فيها. أوهى: أضعف. الوعل: التيس الجبلي، وجمعه أوعال، ووعول. "كناطح" جر ومجرور خبر لمبتدأ محذوف، وهو صفة لمحذوف؛ أي كوعل ناطح. "صخرة" مفعول ناطح. "ليوهنها" اللام لام التعليل، و"يوهن" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد اللام، والفاعل يعود إلى وعل، و"ها" مفعول. "قرنه" قرن مفعول "أوهى"، والهاء مضاف إليه. "الوعل" فاعل. المعنى: أن الذي يطلب ويرجو من الأشياء ما لا يستطيع الوصول إليه، يتعب نفسه، ويخيب أمله، ولا يظفر بشيء، كالتيس الذي ينطح بقرنه صخرة صلبة ليضعفها ويفتتها؛ فلا يؤثر ذلك فيها شيئًا، ويرجع وقد أتعب نفسه، وآذى قرنه بلا جدوى. الشاهد: -عمل اسم الفاعل -وهو "ناطح"- النصب في "صخرة" لاعتماده في المعنى على الموصوف المقدر. وفي البيت شاهد على جواز تقديم المفعول المضاف إلى ضمير الفاعل على الفاعل. 2 أي حرف النداء. 3 قال الصبان: يجاب عن الناظم، بأنه لم يدع أن حرف النداء مسوغ؛ بل إن الوصف إذا ولي حرف النداء عمل، وهذا لا ينافي كون المسوغ الاعتماد على الموصوف المحذوف. وإنما صرح بذلك مع دخوله في قوله بعد: وقد يكون نعت محذوف عرف لدفع توهم أن اسم الفاعل لا يعمل إذا ولي حرف النداء؛ لأن النداء يبعده عن الفعل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 فصل: في صيغ المبالغة، وشروط عملها تحول صيغة "فاعل" للمبالغة والتكثير1 إلى "فعال"، أو "فعول"، أو "مفعالٌ"   وقد أشار الناظم إلى الشرطين اللذين ذكرهما المصنف بقوله: كفعله اسم فاعل في العمل ... إن كان عن مضيه بمعزل وولي استفهامًا أو حرف ندا ... أو نفيًا أو جا صفة أو مسندا وقد يكون نعت محذوف عرف ... فيستحق العمل الذي وصف2 أي: إن اسم الأفعل يكون في العمل -تعديا ولزوما- كفعله، بشرط أن يكون بمعزل -أي بعد- عن الزمان الماضي، وأن يقع بعد استفهام، أو حرف نداء، أو نفي، أو يكون صفة، أو مسندا؛ بأن يكون خبرا لمبتدأ أو لناسخ، وقد يكون نعتا لمنعوت محذوف معروف فيعمل عمل فعله، كما لو اعتمد على مذكور. 1- أي: المبالغة والكثرة في معنى الفعل الثلاثي الأصلي، ولذلك تسمى: صيغة المبالغة. ولا تصاغ في الغالب إلا من مصدر فعل ثلاثي متصرف، متعد، ما عدا صيغة "فعال"؛ فتصاغ من من مصدر الثلاثي اللازم والمتعدي، وقد اجتمعا في قول الشاعر: وإني لصبار على ما ينوبني ... وحسبك أن الله أثنى على الصبر ولست بنظار إلى جانب الغنى ... إذا كانت العليا في جانب الفقر ويندر أن تصاغ من غير اسم الفاعل الثلاثي "كأفعل"؛ لأن اسم فاعل غير الثلاثي يكون على فاعل؛ نحو: دراك، وسئار، من أدرك- وأسأر؛ أي أبق في الكأس بقية، ومعطاء، ومعوان؛ من أعطى، وأعان. وسميع، ونذير؛ من أسمع، وأنذر، وزهوق؛ من   2- "كفعله" جار ومجرور خبر مقدم."اسم فاعل" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه. "في العمل" متعلق بما تعلق به قوله "كفعله"، أو بالكاف لما فيها من معنى التشبيه. "إن كان" شرط وفعله، واسم كان يعود على "اسم فاعل". "عن مضيه" متعلق بمعزل الواقع خبر لكان، وجواب الشرط محذوف للعلم به؛ أي: وإن كان بمعزل عن مضيه فهو كفعله في العمل، "وولي" معطوف على "كان" في البيت السابق، أو الواو للحال، وبعدها "قد" مقدرة، والجملة حال من اسم كان. "استفهامًا" مفعول ولي. "أو حرف ندا أو نفيا" معطوفان على "استفهاما". "أو جا" -بالقصر- معطوف على ولي. "صفة" حال من فاعل جاء. "أو مسندا" عطف على صفة. "وقد" حرف تقليل. "يكون" فعل مضارع ناقص واسمها يعود على اسم الفاعل. "نعت" خبرها مضاف إلى محذوف. "عرف" فعل ماض للمجهول، والجملة صفة لقوله: "محذوف" فليستحق" فعل مضارع معطوف بالفاء على يكون. "العمل" مفعول يستحق. "الذي" نعت للعمل. "وصف" فعل ماض للمجهول، والجملة صلة الذي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 بكثرة، وإلى "فعيل"، أو "فعل"، فيعمل عمله بشروط1؛ قال: أخا الحرب لباسا إليها جلالها2   أزهق. 1- أي تخضع لجميع الأحكام اليت يخضع لها اسم الفاعل بنوعية؛ المجرد من "أل"، والمقرون بها، وعملها قياسي على الأصح. وإلى صيغ المبالغة وحكمها يشير ابن مالك بقوله: فعال أو مفعال أو فعول ... في كثرة عن "فاعل" بديل فيستحق ما له من عمل ... وفي "فعيل" قل ذا و"فعل"3 أي أن صيغة فعال، ومفعال، وفعيل، تغني -عند إرادة الكثرة- عن صيغة"فاعل"، وتستحق ما تستحقه من العمل عند استيفاء الشروط. ثم ذكر أن استعمال صيغتي "فعيل" و"فعل" قليل في الدلالة على المبالغة. 2- صدر بيت من الطويل، للقلاخ بن حزن بن جناب المنقري، وعجزه: وليس بولاج الخوالف أعقلا اللغة والإعراب: أخا الحرب: أي مؤاخيها وملازمها. إليها: إلى بمعنى اللام؛ أي لها. جلالها: جميع جل؛ والمراد: ما يلبس في الحروب من الدروع ونحوها. ولاج: كثير الولوج؛ أي الدخول: الخوالف: جمع خالفة؛ وهي عمود البيت أو الخيمة، والمراد هنا: الخيمة نفسها أو البيت. أعقلا: الأعقل: الذي تصطك ركبتاه من الفزع. "أخا الحرب لباسا" حالان من ضمير متكلم واقع اسم إن في قوله قبل: فإن تك فاتتك السماء فإنني ... بأرفع ما حولي من الأرض أطولا   3- "فعال" مبتدأ وليس بنكرة؛ بل هو علم على وزن خاص. "في كثرة عن فاعل: متعلقان ببديل الواقع خبرا عن فعال وما عطف عليه. "فيستحق" الفاء للتفريع، وفاعل "يستحق" يعود على المذكور من الصيغ. "ما" اسم موصول مفعوله. "له" جار ومجرور، صلة ما. "من عمل" جار ومجرور بيان لما. "وفي فعيل" متعلق بـ"قل". "ذا" اسم إشارة فاعل "قل"، وتابعه محذوف؛ أي العمل. "وفعل" معطوف على فعيل، والتقدير: وقل هذا العمل في فعيل وفعل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 وقال: ضروب بنصل السيف سمانها1 وحكى سيبويه: إنه لمنحار بوائكها2. وقال:   "إليها" متعلق بلباس. "جلالها" مفعول بلباس، ومضاف إليه. "ولبس" الواو عاطفة، واسم ليس يعود إلى "أخا الحرب". "بولاج" خبر ليس على زيادة الباء. أعقلا" خبر ثان لليس، أو حال من اسمها، أو نعت لولاج، ممنوع من الصرف للوصفية، ووزن أفعل. المعنى: يمتدح الشاعر نفسه بالشجاعة والإقدام ويقول: نه رجل حرب، يلبس لها لباسها، ويقتحمها إذا شبت نيرانها، ولا يختبئ في البيوت أو الخيام خوفا وفزعا؛ أي أنه مقدام جيء غير جبان، ويقول عن نفسه: أنا القلاح بن جناب بن جلا ... أخو خنائير أقود الجملا الشاهد: إعمال صيغة المبالغة- وهي "لباس" عمل الفعل واسم الفاعل؛ فنصبت المفعول؛ وهو "جلالها" وقد اعتمدت على موصوف مذكور؛ وهو "أخا الحرب". 1- صدر بيت من الطويل، لأبي طالب بن عبد المطلب، عم النبي، من قصيدة يرثي فيها أبا أمية بن المغيرة المخزومي، زوج أخته عاتكة بنت عبد المطلب، وعجزه: إذا عدموا زادًا فإنك عاقر اللغة والإعراب: ضروب: صيغة مبالغة لضارب، نصل السيف: حده وشفرته. سوق: جمع ساق. سمانها: جمع سمينة، ضد الهزيلة، وهي الممتلئة الجسم. عاقر: اسم فاعل من العقر، وهو الذبح. "ضروب" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي أنت ضروب، مثلا "سوق" مفعول به لضروب. "سمانها" مضاف إليه، وباقي الإعراب واضح. المعنى: يصف الشاعر أبا أمية بالكرم والجود وقت العسرة، ويقول: إنه كان جوادا، واسع الكرم؛ يعقر الإبل السمان للضيفان، إذا أعسر الناس، ولم يجدوا زادا، وقد كانوا يضربون قوائم الإبل بالسيوف قبل الذبح؛ لإضعافها؛ فيتمكنوا من ذبحها. الشاهد: إعمال صيغة المبالغة -وهي "ضروب"- عمل الفعل؛ فنصب بها المفعول؛ وهو "سوق" وقد اعتمدت على مخبر عنه محذوف، كما بينا في الإعراب. 2- بوائكها: جمع بائكة، وهي السمينة الحسناء من النوق، وهي منصوبة بمنحار، صيغة مبالغة من ناحر، وقد اعتمدت على مخبر عنه محذوف؛ وهو اسم "إن". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 فتاتان أما منهما فشبيهة ... هلالاً ................ 1 وقال: أتاني أنهم مزقون عرضي2   1- جزء من بيت من الطويل، لعبد الله بن قيس الرقيات، وتمامه: ......................................... ... وأخرى منهما تشبه البدرا اللغة والإعراب:- فتاتان: تثنية فتاة؛ ويه الجارية الحديثة السن، هلالا: الهلال: القمر لليلتين، أو ثلاث من أول الشهر. البدر: القمر عند تمامه وكماله. "فتاتان" خبر لمبتدأ محذوف، أي هما فتاتان. "أما" حرف شرط وتفصيل. "منهما" خبر لمبتدأ محذوف. "فشبيهة" الفاء زائدة، وشبيهة خبر لمبتدأ محذوف أيضًا، والتقدير: أما فتاة منهما فهي شبيهة، وفي شبيهة ضمير مستتر هو الفاعل. "هلالا" مفعول به لشبيهة؛ وهو من أشبه، وذلك من النادر. "وأخرى" صفة لمبتدأ محذوف؛ أي وفتاة أخرى. "منهما" صفة لأخرى. "تشبه البدرا" الجملة خبر المبتدأ. المعنى: أن هاتين الفتاتين جميلتان؛ غير أن إحداهما تشبه الهلال في نحافتها، والأخرى تشبه البدر في سمنها وإشراقتها. الشاهد: في "شبيهة هلالا"؛ حيث أعمل صيغة المبالغة -وهي "شبيهة"- عمل الفعل؛ فنصب بها المفعول، وقد اعتمدت على مخبر عنه محذوف، كما أوضحنا في الإعراب. هذا: وقد ورد هذا الشاهد بروي آخر هو: "تشبه الشمسا"، وبعده: فتاتان في سعد السعود ولدتما ... ولم تلقيا يوماً هوانًا ولا نحسا 2- صدر بيت من الوافر، لزيد الخيل الطائي، وهو الذي سماه الرسول: "زيد الخير، وكان يلقب بزيد الخيل لكثرة خيوله، وعجزه: جحاش الكرملين لها فديد اللغة والإعراب: مزقو، جمع مزق؛ مبالغة في مأزق، من المزق؛ وهو: شق الثياب ونحوها، ويستعمل في شق العرض مجازًا. عرضي: عرض الإنسان: ما يحميه ويصونه ويدافع عنه من حسبه ونسبه. جحاش. فديد: صياح وتصويت. "أتاني" أتى فعل ماض، والنون للوقاية، والياء مفعول "أنهم" أن واسمها. "مزقون" خبرها، وهي ومعمولاها في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 فصل: في تثنية إسم الفاعل، وجمعه، وكذلك صيغ المبالغة تثنية اسم الفاعل وجمعه، وتثنية أمثلة المبالغة وجمعها، كمفردهن في العمل والشروط1؛ قال الله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا} 2، وقال الله تعالى: {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} 3، وقال: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} 4، وقال الشاعر:   تأويل مصدر فاعل أتاني. "عرضي" مفعول لمزقون، والباقي واضح. المعنى: يقول عن قوم توعدوه بالشر: بلغني أن هؤلاء القوم يتطاولون علي، وينالون عرضي بالقدح والذم، ولست أعبأ بهؤلاء، ولا أصغي لترهاتهم؛ فهم عندي كالجحوش التي ترد هذا الماء، وتتزاحم عليه، وهي تنهق وتصيح، وتحدث جلبة كاذبة. الشاهد: إعمال صيغة المبالغة، وهي "مزقون"؛ فإنه جمع مزق، كاسم الفاعل، وهو معتمد على مخبر عنه؛ وهو اسم إن. 1- وفي ذلك يقول الناظم: وما سوى المفر مثله جعل ... في الحكم والشروط حيثما عمل* أي أن غير المفرد -من اسم الفاعل وأمثلة المبالغة- مثل المفرد في العمل والشروط المتقدمة، ولا فرق بين أن يكون الجمع جمع مذكر سالما، أو جمع مؤنث، أو جمع تكسير هذا: وإعمال أمثلة المبالغة رأي سيبويه وأصحابه، وحجتهم السماع، والحمل على أصلها؛ وهو اسم الفاعل؛ لأنها محولة عنه لقصد المبالغة. ويمنع الكوفيون إعمال شيء منها، وحملوا المنصوب بعدها على تقدير فعل، كما منعوا تقديمه عليها. ويرده قول العرب: "أما العسل فأنا شرابٌ". ولم يجز بعض البصريين إعمال "فعيل" و"فعل". 2- لفظ الجلالة منصوب بالذاكرين، وهو جمع ذاكر، وفاعله مستتر فيه. ولا يحتاج لشرط؛ لاقترانه بأل. 3- "هن" مبتدأ. "كاشفات" خبر، وهو جمع كاشفة، وفاعلها مستتر فيها. "ضره" مفعول، ومضاف إليه، وهي معتمدة على مخبر عنه؛ وهو "هن". 4- "خشعًا" جمع خاشع. "أبصارهم" فاعل به لاعتماده على صاحب الحال.   * "وما" اسم موصول مبتدأ."سوى المفرد" سوى ظرف متعلق بمحذوف، صلة ما. "المفرد" مضاف إليه. "مثله" مفعول ثان مقدم لجعل الواقع خبرا للمبتدأ. "في الحكم" متعلق بجعل. "والشروط" معطوف على الحكم، "حيثما" ظرف متعلق بجعل، و"ما" زائدة. "عمل" الجملة في محل جرب بإضافة حيث إليها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 والناذرين إذا لم القهما دمي1 وقال: غفر ذنبهم غير فخر "غفر" جمع غفور، و"ذنبهم" مفعوله.   1- عجز بيت من الكامل، لعنترة العبسي، وصدره: الشائمي عرضي ولم أشتمهما وهو من معلقته المشهورة، في حصين ومرة؛ ابن ضمضم، المذكورين في قوله قبل: ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر ... للحرب دائرة على ابني ضمضم اللغة والإعراب: الشاتمي: مثنى شاتم؛ من الشتم، وهو الرمي بالمكروه من القول. الناذرين: تثنية ناذر؛ وهو الذي يوجب على نفسه ما ليس بواجب عليه. "الشاتمي" صفة لابني ضمضم، مجرور الياء لأنه مثنى. "عرضي" مضاف إليه. ولم "أشمتهما" الواو للحال، والجملة في محل نصب حال. "والناذرين" معطوف على الشاتمي، "دمي" مفعول للناذرين على تقدير مضاف؛ أي سفك دمي. المعنى: أخشى أن أموت ولم أنتقم من ابني ضمضم؛ اللذين يشتماني، ويقدحان في عرضي، ولم أسئ إليهما، وينذران على أنفسهما -حين أكون غائبًا عنهما- سفك دمي وقتلي؛ فإذا حضرت أو لقياني، أمسكا عن كل ذلك؛ هيبة مني، وجبنا منهم وفزعا. الشاهد: إعمال مثنى اسم الفاعل المقترن بأل -وهو "الناذرين- عمل المفرد؛ فنصب المفعول -وهو "دمي"- بدون اعتماد على شيء. 2- عجز بيت من الرمل، لطرفة بن العبد، من قصيدته التي مطلعها: أصحوت اليوم أم شاقتك هر ... ومن الحب جنون مستعر وصدره: ثم زادوا أنهم في قومهم اللغة والإعراب: هر: مرخم هرة: اسم محبوبته. غفر: جمع غفور؛ مبالغة في غافر فخر: جمع فخور؛ مبالغة كذلك في فاخر. "ثم" حرف عطف. "زادوا" زاد فعل ماض، وواو الجماعة فالع. "أنهم" أن واسمها، روي بفتح الهمزة على تقدير الباء؛ أي زادوا بأنهم، وبكسرها على الاستئناف لبيان سبب الزيادة، "في قومهم" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من اسم أن. "غفر" خبر أن، وفاعله مستتر فيه، "ذنبهم" مفعوله، ومضاف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 فصل: في حكم الإسم الفضلة الذي يلي الوصف العامل يجوز في الاسم الفضلة1 الذي يتلو الوصف العامل: أن ينصب به، وأن يخفض بإضافته2، وقد قرئ {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِه} ، {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} 3، بالوجهين4. وأما ما عدل التالي فيجب نصبه5؛ نحو: {خَلِيفَةً} من   إليه، والإضافة لأدنى ملابسة؛ لأنهم إنما يغفرون ذنب من يذنب إليهم. "غير فخر" غير خبر ثان لأن، وفخر مضاف إليه، وسكن للوقف، ويروى: غير فجر؛ من الفجور. المعنى: أن هؤلاء القوم زادوا على غيرهم -فوق ما هم عليه من الإقدام والشجاعة- بأنهم كثير والعفو عن الزلات، والصفح عن الإساءات، وأنهم- مع ما لهم من الخصال الكريمة- لا يفخرون، ولا يتباهون بشيء، أو لا يرتكبون آثاماً. الشاهد: إعمال جمع صيغ المبالغة -وهو"غفر"- عمل المفرد، وقد اعتمد على مخبر عنه مذكور؛ وهو اسم أن. 1- المراد بالفضلة: المنصوب على أنه مفعول به، أو خبر كان وأخواتها. أما الحال والتمييز فلا يضاف الوصف إليهما، وكذا لا يضاف إلى الفاعل في المعنى. 2- محل جواز الوجهين في الاسم الظاهر، أما الضمير المنفصل فيجب نصبه، وأما المتصل فيجب جره بالإضافة لعدم التنوين؛ نحو: هذا مكرمك؛ خلافا للأخفش وهشام؛ فقد جعلاه في محل نصب. 3- الآية 3 من سورة الطلاق، والآية 38 من سورة الزمر. 4- أي بالنصب والخفض؛ فنصب "امره" على المفعولية، وخفضهما على الإضافة. 5- أي: لتعذر الإضافة بسبب الفصل بالتالي، ومحل النصب إن لم يكن فاعلا، وإلا وجب رفعه؛ نحو: هذا ضارب محمدا أبوه. ويتلخص من هذا: إن التالي للوصف العامل، تارة يجب جره، وتارة يجب نصبه، وتارة يجوز فيه الأمران، وفي ذلك يقول الناظم: وأنصب بذي الإعمال تلواً وأخفض ... وهو لنصب ما سواه مقتضي* أي أنصب المفعول التالي لاسم الفاعل العامل؛ أي المستوفي شروط العمل، أو جره على   * "بذي" متعلق بانصب. "الإعمال" مضاف إليه. "تلوا" مفعول انصب. "وهو" مبتدأ. "لنصب" متعلق بمقتضي. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "سواه" سوى ظرف، والهاء مضاف إليه، وهو متعلق بمحذوف صلة "ما". "مقتضي" خبر المبتدأ "هو". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 قوله: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة} 1. وإذا أتبع المجرور2، فالوجه جر التابع على اللفظ؛ فتقول: هذا ضارب زيد وعمرو. ويجوز نصبه بإضمار وصف منون3، أو فعل اتفاقًا4، وبالعطف على المحل عند بعضهم. ويتعين إضمار الفعل إن كان الوصف غير عامل؛ فنصب {الشَّمْس} في:   الإضافة، ويكون في محل نصب، فإن نصب أكثر من مفعول، جاز جر واحد، ووجب نصب الباقي. أما التالي للوصف غير العامل، فيجب جره بالإضافة، وينصب ما عداه -ولو أكثر من واحد- بفعل محذوف؛ نحو: هذا معطي محمد أمس درهما، ومعلم محمد أمس عليا قائما. وهذا أيضاً إن لم يكن فاعلا، وإلا وجب رفعه عند جمهور النحاة؛ نحو: هذا مكرم أخوه أمس. 1- من الآية 30 من سورة البقرة. 2- أي بالوصف بأحد التوابع. أما المنصوب فلا يجوز جر تابعه؛ لأن شرط الإتباع على المحل كونه أصلياً، والأصل في الوصف المستوفي للشروط العمل، لا الإضافة؛ لالتحاقه بالفعل. 3- فيقال في المثال: وضارب عمرا، ويكون حينئذ معمولا للتابع المقدر لا تابعا. 4- فتقول ويضرب عمرا، قيل: وإضمار الوصف أرجح؛ ليطابق المذكور، ولأن حذف المفرد أسهل من حذف الجملة، ويحتمل المذهبين قول الناظم: وأجرر أو أنصب تابع الذي انخفض ... كـ"مبتغي جاءه ومالاً من نهض* أي أن تابع الاسم المجرور على الوجه السالف، يجوز فيه الجر والنصب؛ نحو: من نهض مبتغي جاه ومالاً؛ فكلمة "مالا" معطوفة على "جاه" المجرور بالإضافة؛ لأنها منصوبة باعتبارها مفعولاً لاسم الفاعل.   * "تابع" مفعول تنازعه الفعلان قبله. "الذي" اسم موصول مضاف إليه. "انخفض" الجملة صلة الذي "كمبتغي" الكاف جاره لقول محذوف في موضع رفع، خبر لمبتدأ محذوف، و"مبتغي" اسم فاعل خبر مقدم وفاعله مستتر فيه."جاه" مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله. "ومالا" منصوب بإضافة وصف منون أو فعل، أو هو معطوف على محل جاه. "من" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "نهض" الجملة صلة الموصول، والتقدير: وذلك كقولك: الذي نهض مبتغي جاه ومالا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ} 1، بإضمار جعل لا غير2، إلا إن قدر "جاعل" على حكاية الحال3.   1- من الآية 96 من سورة الأنعام. 2- فلا يجوز النصب بإضمار وصف منون، ولا بالعطف على المحل؛ لأن الوصف غير عامل؛ لكونه بمعنى الماضي. 3- فحينئذ يجوز النصب على الوجهين السابقين؛ أي بإضمار وصف منون، أو بالعطف على محل الليل؛ لأن الوصف على هذا يكون عاملا؛ لكونه بمعنى "يجعل". هذا: وقد اختلف في ناصب المنصوب: هل هو فعل مضمر يفسره اسم الفاعل، أو اسم الفاعل نفسه؟ كما اختلف في الأحسن بالنسبة للمعمول التالي للعامل: أهو الجر بالإضافة، أم النصب؟ ذهب سيبويه إلى أن النصب أولى، وقيل: الجر أولى؛ لأنه أخف. تنبيهات: أ- إذا كان اسم الافعل مجردًا من أل والإضافة، جاز تقديم معمول عليه؛ نحو: محمد أنا مكرم. وإن كان مقترنا بأل لم يجز تقديم شيء من معمولاته عليه، إلا شبه الجملة؛ لأن أل الداخلية عليه موصولة، واسم الفاعل مع فاعله بمنزلة الصلة لها، والصلة وما يتبعها لا تتقدم على الموصول، وكذلك إذا كان مجرورًا بالإضافة، أو بحرف جر أصلي؛ نحو: هذا رداء معلم الحساب، ذهب محمد بمعلم القراءة، فإن كان حرف الجر زائدا جاز التقديم؛ نحو: ليس محمد خليلا بمكرم. وأجاز البعض تقديم المعمول إذا كان اسم الفاعل مضاف إليه، والمضاف كلمة "غير"، أو "حق"، و "جد"، أو "مثل"، أو "أول"؛ نحو: المنافق الوعد غير منجز، محمد الأعداء جد قاهر، أو حق قاهر، كاتبنا جودة مثل الشاعر، محمد ضيفا أول مكرم. وكذلك يجوز تقديم المعمول على مبتدأ يكون اسم الفاعل خبرًا له؛ نحو: الغرباء أنت مكرم. ب- لا يجوز إضافة اسم الفاعل إلى مرفوعه سواء كان لازما أو متعديا، إلا إذا أريد به الثبوت والدوام، وقامت قرينة على ذلك، وحينئذ يصير صفة مشبهة تجري عليه أحكامها الآتية في بابهما، ويسمى باسمها على الرغم من بقائه على صورته، بخلاف المصدر، فإنه يضاف للفاعل والمفعول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 .....................................................................................................................   وقيل في علة ذلك: إنه يجوز حذف فاعل المصدر، ولا يجوز ذلك في اسم الفاعل. جـ- إذا أريد باسم الفاعل الاستمرار، جاز اعتبار إضافته محضة؛ بالنظر إلى معنى المضي فيه، وبذلك يقع صفة للمعرفة ولا يعمل. وجاز اعتبارها غير محضة؛ بالنظر إلى الحال والاستقبال، وبذلك يقع صفة للنكرة ويعمل فيما أضيف إليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 باب: إعمال اسم المفعول وهو: ما دل على حدث ومفعوله1؛ كمضروب ومكرم. ويعمل علم فعل المفعول2. وهو كاسم الفاعل، في أنه إن كان بأل، عمل مطلقاً، وإن كان مجرداً، عمل بشرط الاعتماد3، وكونه للحال أو الاستقبال: تقول: زيد معطي أبو درهماً الآن أو غداً4، كما تقول: زيد يعطي أبوه درهماً، وتقول: المعطى كفافاً يكتفي5، كما تقول: الذي يعطى أو أعطي، فـ"المعطى": مبتدأ، ومفعوله الأول مستتر عائد إلى "أل"6، و"كفافا" مفعول ثان، و"يكتفي "خبر.   باب إعمال اسم المفعول 1- أي على معنى مجرد، وعلى الذات التي وقع عليها هذا الحدث. 2- أي الفعل المبني للمفعول؛ أي للمجهول. فإن كان متعديا لواحد رفعة بالنيابة، وإن كان متعديا لاثنين أو ثلاثة رفع واحد بالنيابة، ونصب غيره؛ قال الناظم: فهو كفعل صيغ للمفعول في ... معناه كـ"المعطى كفافاً يكتفي* 3- أي على استفهام، أو نفي، أو مخبر عنه، أو موصوف، أو ذي حال؛ كما سبق إيضاحه في اسم الفاعل. 4- "زيد" مبتدأ. "معطى" خبره، وهو اسم مفعول متعد لاثنين. "أبوه" نائب فاعل وهو المفعول الأول."درهماً مفعوله الثاني. ومعطي مجرد من أل، وقد اعتمد على المخبر عنه. 5- مثال للمقرون بأل، وهو يعمل بلا شرط، وقد مثل به الناظم. 6- وهو مرفوع المحل؛ لأنه نائب فاعل، و"أل" في المعطى موصولة، ومعطى صلتها، وأشار   * "فهو" الفاء فاء الفصيحة وهو مبتدأ. كفعل متعلق بمحذوف خبر. "صيغ" فعل ماض للمجهول، والجملة صفة لفعل. "للمفعول" متعلق بصيغ، "في معناه"متعلق بالكاف لما فيها من معنى التشبيه. "كالمعطى" الكاف جارة لقول محذوف خبر لمبتدأ محذوف، و"أل"، موصولة مبتدأ نقل إعرابها إلى ما بعدها؛ لأنها على صورة الحرف، ونائب فاعل "معطى" يعود إلى "أل" وهو مفعوله الأول. "كفافا" المفعول الثاني، والكفاف: ما يكفي الإنسان من غير إسراف. "يكتفي" الجملة خبر المبتدأ الذي هو "أل" الموصولة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 وينفرد اسم المفعول1 عن اسم الفاعل2 بجواز إضافته إلى ما هو مرفوع به في المعنى3؛ وذلك بعد تحويل الإسناد عنه4 إلى ضمير راجع للموصوف5، ونصب الاسم على التشبيه6؛ تقول: .................................   بقوله: الذي يعطى أو أعطى، إلى أنه يحتمل الأزمنة الثلاثة، وإلى حكم اسم المفعول، أشار الناظم بقوله: سوكل ما قرر لاسم فاعل ... يعطى اسم مفعول بلا تفاضل* أي كل ما تقرر لاسم الفاعل من العمل والشروط -مما ذكره المصنف- يثبت لاسم المفعول بلا زيادة على شيء من الشروط. 1- أي القاصر المصوغ من المتعدي لواحد إذا أريد به معنى الثبوت والاستمرار، لا اسم المفعول المراد به الحدوث. 2- أي المتعدي لأكثر من واحد، وأريد به الحدوث، والذي أجمع النحاة على امتناع إضافته لمرفوعه. أما اسم الفاعل اللازم إذا أريد به الدوام؛ كضامر البطن، وعالي القامة، فيجوز إضافته إلى مرفوعه؛ كاسم المفعول. 3- وذلك إجراء له مجرى الفة المشبهة، في جواز الإضافة إلى المرفوع، ويبقى على وزنه الأصلي؛ وهو زنة "مفعول" من الثلاثي، وزنة مضارعة المبني للمجهول من غير الثلاثي، مع إبدال أوله ميمًا مضمومة كما سيأتي. 4- أي عن المرفوع. 5- أي باسم المفعول، فيجعل نائب الفاعل ضمير الموصوف؛ لأنه لو أضيف إليه من غير تحويل، لزم إضافة الشيء إلى نفسه؛ لأن الوصف عين مرفوعه في المعنى، ولا يصح حذفه؛ لعم الاستغناء عنه. 6- أي نصب الاسم المرفوع به على التشبيه بالمفعول به؛ لأن بعد تحويل الإسناد عنه إلى ضمير الموصوف، أشبه الفضلة؛ لاستغناء الوصف عنه بالضمير. ثم يجر بعد ذلك.   * "وكل" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "قرر" فعل ماض للمجهول والجملة صلة ما. "يعطى" مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل مستتر هو المفعول الأول. "اسم" مفعول ثان ليعطى. "مفعول" مضاف إليه، والجملة خبر المبتدأ. "بلا" متعلق بيعطى، و"لا" اسم بمعنى غير مضافة إلى ما بعدها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 الورع محمود مقاصده1،ثم تقول: الورع محمود المقاصد، بالنصب2، ثم تقول: الورع محمود المقاصد، بالجر3.   بالإضافة فراراً من قبح إجراء وصف المتعدي لواحد مجرى وصف المتعدي لاثنين؛ فالجر فرع النصب، وهذا فرع الرفع. 1- "مقاصده" مقاصد نائب فاعل "محمودة"، والهاء مضاف إليه. 2- وذلك بعد تحويل الإسناد عن المرفوع إلى ضمير الموصوف؛ فنائب الفاعل ضمير مستتر يعود على الورع، وينصب المرفوع -وهو المقاصد- على التشبيه بالمفعول به. 3- أي بجر المقاصد بالإضافة. وفي إضافة اسم المفعول لمرفوعه، يشير الناظم بقوله: وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع ... معنى كـ"محمود المقاصد الورع"* هذا: وقد وردت صيغ سماعية بمعنى اسم المفعول المصوغ من مصدر الثلاثي، في الدلالة على الذات والمعنى، ولكنها ليست على زنته. ومن ذلك: "فعيل" بمعنى مفعول، نحو كحيل بمعنى مكحول، و"فعل"؛ "كذبح" بمعنى مذبوح، "وفعل" كنقص بمعنى مقنوص، و"فعلة" كمضغة بمعنى ممضوغة، وغرفة بمعنى مغروفة، وأكلة بمعنى مأكولة يقتصر في ذلك على المسموع. ومن الخير والتسامح أن تعمل عمل اسم مفعول بشروطه، فترفع نائب فاعل حتما. وقد تنصب مفعولا به أو أكثر، إن كان فعلها المبني للمجهول كذلك. تنبيه: ذكر في الأشموني: أن جواز إلحاق اسم المفعول بالصفة المشبهة، وقياسه عليها في جواز إضافته إلى المرفوع؛ إنما يكون إذا كان على وزنه الاصلي، وهو: وزن "مفعول" من الثلاثي، ووزن المضارع المبني للمجهول من غيره؛ فإن حول عن ذلك إلى "فعيل" ونحوه -مما سيأتي بيانه- لم يجز؛ لكراهة كثرة التغيرات؛ فلا يقال: مررت برجل كحيل عينه، ولا قتيل أبيه، ويجوز: مكحول عينه ومقتول أبيه.   * "ذا" اسم إشارة إلى اسم المفعول، وهو نائب فاعل "يضاف"إلى اسم "جار ومجرور، متعلق بـ "يضاف". "مرتفع" نعت لاسم. "معنى" تمييز، أو منصوب على نزع الخافض. "كمحمود" الكاف اسم بمعنى مثل، خبر لمبتدأ محذوف؛ أي وذلك مثل، "محمود" خبر مقدم. "المقاصد" مضاف إليه، من إضافته اسم المفعول لمرفوعه في المعنى. "الورع" مبتدأ مؤخر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 .................................................   الأسئلة والتمرينات: 1- عرف كلا من اسمي الفاعل والمفعول تعريفا مفصلا يوضح الفرق بينهما. 2- ماذا يشترط في اسم الفاعل لينصب المفعول إذا كان بأل، أو مجردا منها؟ ووضح ما تقول بأمثلة من عندك. 3- ما حكم المعمول التالي لاسم الفاعل؟ وما حكمه إذا لم يكن تالياً له؟ وضح ذلك. 4- كيف تعرف تابع المعمول المجرور؟ أشرح ذلك بأمثلة من إنشائك. 5- أشرح قول ابن مالك. وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع ... معنى: كـ"محمود المقاصد الورع" 6- يستشهد النحويون بما يأتي في باب اسمي الفاعل والمفعول، بين موضع الاستشهاد، وأعرب ما تحته خط: قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} . {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} . {مَالِكِ يَوْمِ الدِّين} . وفي الحديث: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار: أمنجز أنتمو وعداً وثقت به ... أم اقتفيتم جميعاً نهج عرقوب حذر أموراً لا تضير وآمن ... ما ليس منجيه من الأقدار وعاجز الرأي مضياع لفرصته ... حتى إذا فات أمراً عاتب القدرا ما الراحم القلب ظلاماً وإن ظلما ... ولا الكريم بمناع وإن حرما هل أنت باعث دينار لحاجتنا ... أو عبد رب أخا عون بن مخراق ولست بمفراح إذا الدهر سرني ... ولا جازع من صرفه المتقلب 7- أعرب ما تحته خط في البيتين، وبين ما فيهما من شاهد: عشية سعدي لو تراءت لراهب ... بدومة تجر دونه وحجيج قلى دينه واهتاج للشوق إنها ... على الشوق إخوان العزاء هيوج الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 ..................................................................................................................   8- بين فيما يأتي: اسمي الفاعل والمفعول، وأمثلة المبالغة، ومعمول كل وتابعه، وحكمه. الإنسان المخلص في عمله، الباذل جهده في إتقانه المطيع أمر خالقه - يكون دائمًا مطمئن النفس، غير مضطرب القلب، سميعاً أمر رؤسائه، مرضيا عنه من الله والناس. أما غير المخلص، المرائي الرؤساء، المضيع الوقت في العبث، القول غير الفعال- فهو محروم من الطمأنينة، غير مستوجب مرضاة الله والناس. قال الجاحظ: المشورة لقاح العقول ورائدة الصواب. وكم مالئ عينيه من شيء غيره ... إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى ما عاش من عاش مذموماً خلائقه ... ولم يمت من ثوى بالخير مذكورا ذريني فإن البخل يا أم مالك ... لصالح أخلاق الرجال سروق لا تحسب المجد تمراً أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ... ومدن القرع للأبواب أن يلجأ تباركت إني من عذابك خائف ... وإني إليكم تائب النفس باخع ضحوك السن إن نطقوا بخير ... وعند الشر مطراق عبوس لكل جديد لذة غير أنني ... وجدت جديد الموت غير لذيذ 9- أعرب البيت الآتي، وأشرحه، وبين ما فيه من شاهد: وما كل ذي لب بمؤتيك نصحه ... ولا كل مؤت نصحه بلبيب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 باب: أبنية مصادر الثلاثي 1 اعلم أن للفعل الثلاثي2 ثلاثة أوزان: "فعل" بالفتح؛ ويكون متعديًا؛ كضربه، وقاصراً؛ كقعد. و"فعل" بالكسر؛ ويكون   باب أبنية مصادر الثلاثي: 1- للفعل الثلاثي مصادر كثيرة، العبرة فيها على السماع. وما يذكره النحويون من الضوابط لمجرد الحصر التقريب لغير المسموع؛ فإذا ورد فعل ولم يعلم مصدره، أتى بمصدر له على الوزن الغالب المقرر في أمثاله، فإن سمع له مصدر على غير القياس يكتفي به. 2- أي المجرد؛ وذلك باعتبار ماضيه فقط. أما باعتبار الماضي مع المضارع، فيأتي على ستة أوجه يسميها الصرفيون أبوابا؛ لأن "فعل" -بالفتح- يأتي مضاعره مثلث العين. و"فعل" -بالكسر- يأتي مضارعه مفتوح العين، أو مكسورها لا غيره، و"فعل" بالضم لا يكون مضارعه إلا مضموم العين. وإليك مجمل القول في هذه الأبواب: الباب الأول: "فعل يفعل"؛ كضرب يضرب، وجلس يجلس، وهو مقيس مطرد في المثال الواوي؛ كوعد يعد، بشرط ألا تكون لامه حرف حلق؛ كوقع، وحروف الحلق ستة؛ وهي: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء. وفي الأجوف اليائي؛ كجاء يجيء، وفاء يفيء. وفي الناقص اليائي، كأتى يأتي، بشرط ألا تكون عينه حرف حلق؛ كسعى. وفي المضعف اللازم؛ كفر يفر. وما عدا ذلك مقصور على السماع. الباب الثاني: "فعل يفعل"؛ كنصر ينصر، وأخذ يأخذ. وهو مقيس في الأجوف الواوي: كجال يجول، وقال يقول. والناقص الواوي أيضًا؛ كصفا يصفو، وسما يسمو والمضعف المتعدي؛ كمده يمده، وصب الماء يصبه. وفي كل تقصد به المفاخرة والغلبة؛ نحو: ناصرته فأنا أنصره، وسابقته فأنا أسبقه، ويشترط ألا يكون من الأنواع التي يجب فيها كسر العين في الباب السابق. الباب الثالث: "فعل يفعل" كبدأ يبدأ. ويكثر فيما كانت عين ماضيه أو لامه حرف حلق؛ كذهب يذهب، وفتح يفتح. ويشترط ألا يكون مضعفا، وإلا فهو على ما سبق؛ من كسر اللازم، وضم المتعدي. وما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 قاصرًا؛ كسلم، ومتعديًا؛ كعلمه. و"فعل" بالضم، ولا يكون إلا قاصرًا1؛ كظرف. فأما "فعل" و""فعل" المتعديان، فقياس مصدرهما "الفعل"2؛ فالأول: كالأكل،   جاء من هذا الباب غير حلقي، فشاذ؛ كأبي يأبى. وقد اشتهر الكسر في مضارع: رجع، ونزع، ونضج. والضم في: دخل، وصرخ، ونفخ، وقعد، وأخذ، وطلع، وبزغ، وبلغ، ونخل. فينبغي الاقتصار على ما اشتهر. الباب الرابع: "فعل يفعل"؛ كعلم يعلم، وفهم يفهم، ولا ضابط لهذا الباب؛ وإنما يكثر فيه الأفعال الدالة على الفرح وتوابعه، والامتلاء، والخلو، والألوان، والعيوب، والخلق الظاهرة التي تذكر لتحلية الإنسان؛ كفرح، وطرب، وغضب، وحزن، وشبع، وروي، وعطش، وحمر، وعمش، وعور، وهيف. الباب الخامس: "فعل يفعل" كحسب يحسب، وولي يلي. وهو نادر في الصحيح، كثير في المعتل. قيل: ولم يرد في اللغة من أفعال هذا الباب إلا خمسة عشر فعلا من المعتل؛ هي: ورث المال، ولي الأمر، ورم الجرح، ورع عن الشبهات، ومق؛ أي أحب، وفق، وثق به، وري المخ، وجد عليه؛ أي حزن، وعق عليه، ورك؛ أي اضطجع، وكم؛ أي اغتم، وقه، وهم، وعم الدار؛ قال لها: أنعمي. وورد أحد عشر فعلا تكسر عينها في الماضي، ويجوز الكسر والفتح في المضارع؛ منها: حسب، يش، يبس، ولخ الكلب، وغر الصدر، وبق؛ أي هلك. الباب السادس: "فعل يفعل" كعظم يعظم، وكرم يكرم، ولا يكون إلا لازما كما ذكر المصنف. وأفعال هذا الباب تدل على الأوصاف الخلقية؛ أي التي لها مكث. ولم يرد "فعل" يائي العي، إلا "هيئو الرجل"؛ أي حسنت هيئته، ولا يأتي الام إلا "نهو الرجل"؛ أي صار ذا نهية؛ أي عقل. هذا: ولك أن تنقل وتحول إلى هذا البناء كل فعل ثلاثي تريد به الدلالة على أن معناه صار كالغزيرة، أو أردت التعجب منه، أو القدح فيه، كما سيأتي في باب التعجب؛ تقول: حسن يحسن، ورفه يرفه. 1- وقد يتعدى بالتضمين كما سبق في "بابه". انظر 103 جزء ثان، أو بالتحويل كما بينا هنا. 2- سواء كان الفعل صحيحا أو معتلا، إلا إن دل على صناعة فمصدره -في الغالب- الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 والضرب، والرد، والثاني: الفهم، واللثم، والأمن. وأما "فعل" القاصر؛ فقياس مصدره "الفعل"؛ كالفرح، والأشر، والجوى، والشلل1، إلا إن دل على حرفة أو ولاية؛ فقياسه "الفعالة"؛ كولي عليهم ولاية2. وأما "فعل" القاصر، فقياس مصدره الفعول3، كالقعود، والجلوس، والخروج إلا   "فعالة"؛ كحاك حياكة، وصاغ صياغة، وخاط خياطة، والمراد بالقياس: أنه إذا ورد فعل لم يعلم مصدره، يقاس على ذلك، ولا يقاس مع السماع. قال الناظم مشيرا إلى مصدر "فعل"، و"فعل": فعل قياس مصدر المعدي ... من ذي ثلاثة كـ"ردَّ ردًّا"* 1- يشير بتكرار الأمثلة إلى أنه لا فرق بين أن يكون صحيحاً، أو معتلا، أو مضعفاً؛ وإليه أشار الناظم بقوله: و"فعل" اللازم بابه "فعل" ... كفرح وكجوى وكشلل** 2- مثله: ساس البلاد سياسة، وراض الخيل رياضة. وهذا المصدر يأتي في "فعل" المتعدي الدال على صناعة كما سلف، واللازم كما سيأتي، ويستثنى منه ما دل على لون؛ فإن الغالب في مصدره "فعلة"؛ كحمرة، وسمرة، وأدمة، وما دل على معنى ثابت، فقياسه "فعولة؛ نحو: يبس يبوسة. أو "فعالة"؛ كبراعة، وما دل على معالجة؛ أي محاولة حسية، فمص3 دره "فعول"؛ كصعد صعوداً، وقدم قدوماً. 3- هذا إذا كان صحيح العين، فإن كان معتلها فالغالب في مصدره أن يكون على وزن   * "فعل" مبتدأ، وسوع الابتداء بالنكرة إنه مراد به لفظ "فعل" المذكور؛ فهو من قبيل الأعلام "قياس مصدر" قياس خبر، ومصدر مضاف إليه. "المعدى" مضاف إليه لمصدر، وأصله نعت لمحذوف؛ أي مصدر الفعل المعدى. "من ذي ثلاثة": "من ذي" جار ومجرور متعلق بمحذوف، حال من المعدى، وثلاثة مضاف إليه، و "من" للتبعيض. "كرد ردا" الكاف جارة لقول محذوف، و"ردا" مفعول مطلق. ** "وفعل" مبتدأ أول."اللازم" نعته. "بابه فعل" بابه مبتدأ ثان ومضاف إليه، وفعل خبر، والجملة خبر الأول "كفرح" خبر لمبتدأ محذوف، وما بعده عطف عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 إن دل على امتناع؛ فقياس مصدره "الفعال"؛ كالإباء1، والنفار، والجماح، والإباق، أو على تقلب2؛ فقياس مصدره "الفعلان"؛ كالجولان، والغليان، أو على داء؛ فقياسه "الفعال"؛ كمشى بطنه مشاء. أو على سير؛ فقياسه "الفعيل"؛ كالرحيل، والذميل3.أو على صوت؛ فقياسه "الفعال"، أو "الفعيل"4؛ كالصراخ، والعواء، والصهيل، والنهيق، والزئير5. أو على حرفة أو ولاية؛ فقياسه "الفعالة"؛ كتجر تجارة، وخاط خياطة، وسفر   "فعل"؛ كنام نوما، وصام صوما. أو على "فعال"؛ كصام صياما، وقام قياما. أو "فعالة"؛ كناح نياحة. قال الناظم: و"فعل" اللازم مثل قعدا ... له "فعول" باطراد كغدا* يقال غدا غدوا؛ أي: أتى، أو ذهب في وقت الغدوة، وهي أول النهار. 1- الإباء: مصدر أبى بمعنى امتنع، أما أبى بمعنى كره؛ فهو متعد؛ تقول: أبيت الشيء، إذا كرهته. 2- أي تنقل: وحركة متقلبة: فيها اهتزاز واضطراب، لا مطلق تحرك؛ فلا يرد: قام قياما، ومشى مشيا، وسعى سعيا. 3- الذميل: ضرب من سير الإبل، فيه رفق ولين، وهو دون الرسيم. 4- يجتمع الفعال والفعيل في نحو: صرخ الطفل، ونعب الغراب، ونعق الراعي. ويكون "فعال" مصدرا لما يدل على مرض كما تقدم، أو صوت؛ نحو: بغم الظبي بغاما، و"فعيل" لما يدل على سير كما سلف، أو صوت أيضًا، نحو: صهل الفرس صهيلا؛ فـ"أو" ليست للتخيير، اللهم إلا إذا لم يسمع أحدهما. 5- الزئير: صوت الأسد؛ مصدر زأر. والنهيق: صوت الحمار؛ مصدر نهق؛ قيل: ويختص "فعال" بالناقص؛ مثل رغاء، وثغاء، فلا يأتي على فعيل، كما يغلب "فعيل" في المضاعف؛ نحو: أزيز، وأنين. وقد تجيء الأصوات على "فعال"؛ كالعرار؛ وهو صياح   * "وفعل" مبتدأ أول. "اللازم" نعته. "مثل" حال من الضمير في اللازم. نعته. "مثل" حال من الضمير في اللازم. "قعدا" مضاف إليه، مقصود لفظه. "له" خبر مقدم. "فعول" مبتدأ ثان مؤخر، والجملة خبر المبتدأ الأول، "باطراد" حال من الضمير المستكن فلي له. "كغدا" جار ومجرور، خبر لمبتدأ محذوف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 بينهم سفارة، إذا أصلح1. وأما "فعل" بالضم، فقياس مصدره "الفعولة"؛ كالصعوبة، والسهولة، والعذوبة، والملوحة، و"الفعالة"؛ كالبلاغة، والفصاحة، والصراحة2.   الظليم. وإلى المستثنيات مصدر "فعل" مفتوح العين اللازم، يشير ابن مالك بقوله: ما لم يكن مستوجبًا "فعالًا" ... أو "فعلانًا فادر أو "فعالا" فأول لذي امتناع كأبى ... والثان للذي اقتضى تقلبا للدَّا "فعال" أو لصوت وشمل ... سيراً وصوتاً "الفعيل" كصهل* أي: إن مصدر "فعل اللازم هو "فعول" باطراد، ما لم يستوجب الفعل مصدر آخر على وزن "فعال" أو "فعلان" فالأول، وهو "فعال"، يكون مصدرا لكل فعل دل على امتناع؛ كأبى إباءً، وامتنع امتناعاً، والثاني: وهو "فعلان"، يكون مصدرا لكل فعل دل على حركة وتقلب واضطراب؛ مثل: جال جولانا، والثالث: وهو "فعال"، لما يدل فعله على داء او مرض؛ نحو: سعل سعالًا. أو على صوت؛ نحو: نعب نعابا، ويستعمل "الفعيل" مصدراً للفعل الذي يدل على الصوت أو السير؛ نحو: صهل الخيل صهيلا، ورحل الضيف رحيلا. وقد جاء مصدر "فعل" اللازم على غير ذلك كثيرا؛ مثل: قام قياما، ولها لهوا، وفسد فسادا، وطغى طغيانا. 1- ويتبين من هذا أن "فعالة" مطرد في كل ما دل على حرفة أو ولاية، سواء كان الفعل متعديا أو لازما، مفتوح العين أم مكسورها. 2- يكون المصدر على وزن "فعولة" غالباً، إذا جاءت الصفة المشبهة منه على وزن "فعل"؛ نحو: سهل فهو سهل، وعذب فهو عذب؛ فالمصدر: سهولة وعذوبة، وعلى وزن "فعالة"   * "ما" مصدرية ظرفية. "مستوجبا" خبر يكن، واسمها ضمير مستتر، وفاعل مستوجب ضمير مستتر فيه "فعلال" مفعوله، "فادر" فعل أمر، والجملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه."فأول" مبتدأ، "لذي امتناع" متعلق بمحذوف خبر ومضاف إليه. "كأبى" خبر لمبتدأ محذوف. "والثان للذي" مبتدأ وخبر."أو لصوت" معطوف على للدا. "سيرا" مفعول شمل مقدم. "وصوتا" معطوف عليه. "الفعيل" فاعل شمل مؤخر. "كصهل" خبر لمبتدأ محذوف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 وما جاء مخالفاً لما ذكرنا فبابه النقل1؛ كقولهم في "فعل المتعدي: جحده جحوداً، وشكره شكوراً وشكرانا2، وقالوا "جحداً" على القياس. وفي "فعل" القاصر: مات موتاً، وفاز فوزاً، وحكم حكماً وشاخ شيخوخة، ونم نميمة، وذهب ذهاباً3. وفي "فعل" القاصر: رغب رغوبة4، ورضي رضا، وبخل بخلاً، وسخ سخطاً، بضم أولهما وسكون ثانيهما، وأما البخل والسخط بفتحتين، فعلى القياس، كالرغب5. وفي "فعل" نحو: حسن حسناً، وقبح قبحاً6. وذكر الزجاجي وابن عصفور: أن "الفعل" قياس في مصدر "فعل" وهو خلاف ما قاله سيبويه.   إذا كانت الصفة منه على وزن "فعيل"؛ نحو: ملح فهو مليح، وظرف فهو ظريف؛ فالمصدر: ملاحة، وظرافة، وقد يختلف ذلك؛ نحو: ضخم، فهو ضخم، وملح الطعام؛ أي صار ملحاً؛ فمصدرهما الشائع: الضخامة، والملوحة، مع أن الصفة المشبهة ليست على "فعل"، ولا "فعيل". وفي "فعل" يقول الناظم: "فعولة" "فعالة" لـ "فعلا" ... كسهل الأمر وزيد جزلا* أي: إن لـ"فعل" -ولا يكون إلا لازما- مصدرين؛ هما: "فعولة"؛ مثل: سهل الأمر سهولة، و"فعالة"؛ مثل: جزل الرجل جزالة، أي جاد أو عظم. 1- أي السماع عن العرب، ولا يقاس عليه. 2- والقياس: جحدا، وشكرا. 3- والقياس في الجميع "فعول". 4- والقياس: رغبا. 5- وعلى ذلك يكون لرغب، وبخل، وسخط مصادر قياسية، وأخرى سماعية، ويلاحظ أن المصنف اعتبر رضي، وسخط، لازمين، مع ورود قولهم: رضيه، وسخطه. 6- والقياس: "الفعولة"، أو "الفعالة"؛ قال الناظم:   * "فعولة" مبتدأ. "فعالة" معطوفة بإسقاط العاطف. "لفعلا" متعلق بمحذوف، خبر المتبدأ وما عطف عليه. "كسهل" الكاف جارة لقول محذوف. "وزيد" مبتدأ. "جزلا" الجملة خبر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 .....................................................   وما أتى مخالفاً لما مضى ... فبابه النقل كسخط ورضي* أي: ما جاء عن العرب مخالفاً لما سبق من أنواع المصادر القياسية، يقتصر فيه على السماع، وتتلخص مصادر الثلاثي فيما يأتي، وأكثرها بقرار من المجمع اللغوي. أ- ما دل على حرفة أو شبهها يكون على وزن "فعالة"؛ كزراعة، وتجارة، وصباغة، وحياكة. ب- وما يدل على امتناع يكون على وزن "فعال"؛ كإباء، وجماح، وفرار ونفار. جـ- وما يدل على اضطراب وتقلب يكون على وزن "فعلان"؛ كغليان، وجولان، ودوران، وطيران. د- وما يدل على داء ومرض يكون على وزن "فعال"؛ كصداع، وزكان، وسعال، ودوار. هـ- وما يدل على صوت يكون على وزن "فعال"، أو "فعيل" كرحيل، وذميل، ودبيب، ووجيف. و وما يدل على صوت يكون على وزن "فعال"، أو "فعيل"؛ كصراخ، وعويل، وزئير. ز- وما يدل على لون يكون على وزن "فعلة"؛ كحمرة، وخضرة، وشهبة، وإن لم يدل على شيء من ذلك فالغالب: أ- في "فعل" اللازم أن يكون مصدره على وزن "فعل"؛ كفرح، وعطش. ب- وفي "فعل" اللازم أن يكون مصدره على وزن "فعول"؛ كقعود، ونهوض. جـ- وفي المتعدي منهما أن يكون مصدره على وزن "فعل"؛ كفهم، ونصر. د- وفي "فعل" -ولا يكون إلا لازماً- يكون مصدره على وزن "فعولة"، و"فعالة"؛ كسهولة، ونباهة. هذا: وقد قرر مجمع اللغة العربية القاهري: أن يصاغ من أي باب من أبواب الثلاثي: مصدر على وزن "فعالة" للدلالة على الحرفة أو شبهها؛ كـ" الدلاكة" لصناعة الدلك، و"الوساطة" لحرفة "القومسيونجية"، وكذلك "الصحافة"، و"الطباعة"؛ إلا إذا كان معتل العين، فالغالب فيه "فعل"؛ كصوم ونوم، أو "فعال"؛ كصيام وقيام، أو "فعالة؛ كنياحة.   * "وما" اسم شرط مبتدأ."أتى" الجملة فعل الشرط. "مخالفا" حال من فاعل أتى. "لما" متعلق بمخالف. و"ما" اسم موصوف. "مضى" الجملة صلة. "فبابه النقل" مبتدأ وخبر، والفاء واقعة في جواب الشرط، والجملة في محل جزم جواب الشرط، وجملتا الشرط والجواب خبر المبتدأ، وهو "ما". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 باب: مصادر غير الثلاثي ... باب: مصارد غير الثلاثي لا بد لكل فعل غير ثلاثي1 من مصدرٍ مقيسٍ.   باب: مصادر وغير الثلاثي 1- ويشمل غير الثلاثي ما يأتي: أ- الرباعي المجرد، وله بناء واحد؛ هو: "فعلل" ويكون لازماً، كحشرج: غرغر عند الموت، ومتعدياً؛ كدحرج. ومنه ما اشتق من أسماء الأعيان، كفلفلت الطعام، وزعفرت الثوب. والمنحوت؛ كبسمل، وحوقل. ويلحق به ثمانية أوزان، أصلها من الثلاثي، فزيد حرف للإلحاق؛ وهي: "فعلل"؛ كجلبب؛ يقال: جلببه: ألبسه الجلباب، و"فوعل"؛ كجورب: ألبسه الجورب. و"فعول"؛ كهرول: أسرع في المشي، و"فيعل"؛ كهيمن؛ هيمن عليه: صار عليه رقيباً. و"فعيل"؛ كشريف؛ يقال: شريف الزرع: قطع شريافه؛ وهو ورقه الطويل. و"فنعل"؛ كسنبل، و"فعنل" كقلنس؛ يقبال: قلنسه: ألبسه القلنسوة. و"فعلى"؛ كسلقى؛ أي استلقى على ظهره. ب- مزيد الثلاثي بحرف واحد، وله ثلاث أبنية: أفعل؛ نحو: أحسن وأكرم، والغالب فيه أن يكون للتعدية؛ نحو: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} ، و"فعل"؛ كقطع وقدم، ويغلب أن يكون للتكثير؛ نحو: {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُن} ، و"فاعل"؛ كقاتل وخاصم، ويدل على المشاركة كثيرا. جـ- مزيد الثلاثي بحرفين، وله ابنية خمسة؛ هي: "انفعل"؛ كانكسر وانصرف. و"افتعل"؛ كاجتمع واتصل، و"تفعل"؛ كتقدم وتصدع، و"تفاعل"؛ كتقاتل وتخاصن، ومنه: ادارك واثاقل. و"افعل"؛ كاحمر، ومنه: ارعوى. د- مزيد الثلاثي بحرفين، وله ابنية أربعة هي:"استفعل"؛ كاستغفر واستقام. و"افعوعل"؛ كاحدودب، واعشوشب، و"افعول"؛ كاجلوذ: أسرع في السير، واعلوط البعير: ركبه بغير خطام. و"افعال"؛ كاحمار، واعوار. هـ- مزيد الرباعي بحرف واحد، وله بناء واحد؛ هو: "تفعلل"؛كتدحرج وتبعثر، ويلحق به سبعة أوزان، أصلها من الثلاثي فزيح حرف للإلحاق، ثم زيدت عليها لتاء؛ وهي: "تفعلل"؛ كتجلبب، و"تمفعل"؛ كتمندل: أي تمسح بالمنديل. و"تفوعل"؛ كتجورب. و"تفعول": كتسرول. و"تفيعل"؛ كتسيطر. و"تفعيل"؛ كترهيأ؛ يقال: ترهيأ في الأمر؛ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 فقياس "فعل" بالتشديد -إن كان صحيح اللام، "التفعيل"؛ كالتسليم، والتكليم؛ والتطهير1، ومعتلها كذلك، ولكن تحذف ياء التفعيل، .........   اضطرب، أو هم ثم أمسك عنه. و"تفعلي"؛ كتقلسي؛ أي ليس القلنسوة. و مزيد الرباعي بحرفين، وله بناءان؛ هما: "افعنلل"؛ كاحرنجم وافرنقع؛ يقال: احرنجم الرجل أراد الأمر، ثم رجع عنه، والقوم: اجتمعوا، وافرنقعوا: تنحوا وانصرفوا. ويلحق به ثلاثة أبنية أصلها من الثلاثي، فزيد حرف للإلحاق، ثم حرفان؛ وهي: "افعنلل"؛ كاقعنس؛ أي تأخر ورجع، و"افعنلى"؛ كاسلنقى: نام على ظهره. و"افتعلى"؛ كاستلقى. ويلاحظ أن زيادة الإلحاق تكون بتكرير اللام، وهو الكثير، أو بزيادة الواو أو الياء، ثانية وثالثة، أو النون وسطا، أو الألف آخرا. والإلحاق هو: زيادة في أصول الكلمة؛ لتكون على وزن أخرى أزيد منها في الحروف؛ لتعامل معاملتها في التصريف؛ كالجمع، والتكسير، والنسب، وغير ذلك. وهو يكون في الأفعال، وضابطه فيها: اتحاد المصادر، ويكاد يكون محصورا في الأوزان السالفة، أما في الأسماء؛ فيمكن أن يقال في تحديده، كل كلمة فيها زيادة، غير حرف المد، لا تطرد في إفادة معنى، وتكون موافقة لوزن من أوزان الاسم الرباعي أو الخماسي المجردين، في الحركات والسكنات، تكون ملحقة به. أما حروف المد، فلا تكون للإلحاق إلا طرفا، كما سيأتي في موضعه. وقد ذكرنا في الزيادة التي للإلحاق أنها لا تطرد في إفادة معنى؛ ليخرج مثل: الميم في "مفعل"؛ فإنها للزمان، أو المكان، أو المصدر، وكذلك الهمزة في "أفعل"؛ فإنها فيه للتفضيل، وكذلك نحو: أكرم، وقاتل، وقدم؛ فذلك ونحوه ليس من الإلحاق في شيء. هذا: وقد كان الذي يدعو للإلحاق عند العرب دواع، في مقدمتها: ضرورة الشعر، والتمليح، أو التهكم ... إلخ. وليس من حقنا اليوم، ولا من حق أحد سواهم، أن يزيد شيئاً للإلحاق؛ فأصبح مقصورا على سمع من ذلك. 1- هي مصادر: سلم، وكلم، وطهر. وفي هذا يقول الناظم: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 وتعوض منها التاء1؛ فيصير وزنه:"تفعلة"؛ كالتوصية، والتسمية، والتزكية2. وقياس "أفعل" -إذا كان صحيح العين- "الإفعال"؛ كالإكرام، والإحسان، ومعتلها كذلك، ولكن تنقل حركتها3 إلى الفاء فتقلب ألفا4، ثم تحذف الألف الثانية5، وتعوض عنها التاء؛ كأقام إقامة، وأعان إعانة. وقد تحذف التاء6؛ نحو: {وَإِقَامِ الصَّلاةِ} .   وغير ذي ثلاثة مقيس ... مصدره كقدس التقديس* 1- أي الدالة على التأنيث؛ لأنها أقوى على قبول الحركات من حروفة العلة. 2- وقد يأتي صحيح اللام كذلك على قلة؛ نحو: جرب تجربة، وذكر تذكرة. هذا: وسمع "فعال" مصدرا لـ"فعل" في لغة اليمن، ومنه قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} ، ويقتصر فيه على السماع. ويغلب في مهموز اللام؛ نحو: جزأ تجزئة، وهنأ تهنئة، ولم يجز سيبويه هذا إلا ما سمع. 3- أي حركة العين. 4- أي تقلب العين ألفا؛ لتحركها بحسب الأصل، وانفتاح ما قبلها الآن. 5- وهي ألف المصدر؛ لالتقائها ساكنة مع الألف المنقلبة عن العين، ولقربها من الطرف الذي هو محل التغيير. وهذا هو الصحيح، وهو مذهب سيبويه، وعليه فوزن إقامة "إفعلة". ويرى الأخفش والفقراء: أن المحذوف هو الألف الأولى، وهي عين الكلمة؛ لأن الأصل: أنه إذا التقى ساكنان، والأول حرف مد، حذف الأول؛ فوزنها عندهما "إفالة". 6- أي للإضافة؛ كمثال المصنف، أو مطلقاً؛ فقد حكى الأخفش: أجاب إجابا. ويرى الفراء أن التعويض لازم، إلا إذا أضيفت الكلمة؛ فيجوز ترك التاء لقيام المضاف إليه مقامها. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بقوله: وزكه تزكية وأجملا ... إجمال من تجملا تجملا   * "وغير" مبتدأ أول."ذي ثلاثة" مضاف إليه. "مقيس" بمعنى قياس، مبتدأ ثان. "مصدره" مضاف إليه. "كقدس" خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر الأول. "التقديس" نائب فاعل قدس، وجيوز جعل "كقدس" متعلق بمحذوف حالا من هاء "مصدره، والتقديس هو خبر "مقيس". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 وقياس ما أوله همزة وصل1؛ أن تكسر ثالثة، وتزيد قبل آخره ألفاً، فينقلب مصدراً؛ نحو: اقتدار اقتداراً، واصطفى اصطفاءً، وانطلق انطلاقاً واستخرج استخراجاً، فإن كان "استفعل" معتل العين، عمل فيه ما عمل في مصدر "أفعل" المعتل العين2؛ فتقول: استقام استقامة، واستعاذ اتسعاذة. وقياس "تفعلل" وما كان على وزنه3، أن يضم رابعه، فيصير مصدراً؛ كتدحرج   واستعذ استعاذة ثم أقم ... إقامة وغالبًا ذا التا لزم* يقول: إن "فعل" معتل اللام مصدره "تفعلة"؛ نحو: زكى تزكية. و"أفعل" صحيح العين، مصدره "إفعال"؛ نحو: أجمل إجمالا. أما "تفعل" فمصدره "التفعل"؛ نحو: التجمل. ثم بين أن السداسي المعتل العين، والرباعي كذلك، تحذف عينهما وتعوض عنها التاء غالباً، ومثل للسداسي باستعاذ، وللرباعي بأقام. 1- هو: ماضي الخماسي على وزن "افتعل"؛ نحو: انشرح واجتمع. وماضي السداسي على وزن "استفعل" غير معتل العين؛ نحو: استغفر، واحلولى. ويشترط أن تكون الهمزة أصلية؛ فيخرج ما أصله: تفاعل، أو تفعل؛ كاطاير، وتطير؛ فلا تكسر ثالث مصدره، ولا تزاد قبل آخر ألف، بل يضم ما قبل الآخر نظرًا للأصل كما سيأتي. 2- أي: من نقل حركة العين إلى الفاء، وقلب العين ألفا، ثم حذفها للساكنين، وتعويض تاء للتأنيث عنها. وهنا يأتي الخلاف السابق في المحذوف من مصدر "أفعل"، وفي تعويض التاء؛ فوزن استقامة عند سيبويه، "استفعلة"، وعند الأخفش "استفالة"، وجاء بالتصحيح نحو: استحوذ استحواذًا، وأغيمت إغياماً. 3- أي في الحركات والسكنات، وعدد الأحرف. وبدئ بتاء زائدة، وإن لم يكن من بابه، كما مثل المصنف.   * "تزكية" مفعول مطلق لزكه. "وأجملا" فعل أمر، والألف منقبلة عن نون التوكيد الخفيفة، "إجمال" مفعول مطلق. "من" اسم موصول مضاف إليه. "تجملا" مصدر مقدم لتجملا الواقع صلة لمن. و"غالبا" حال مقدم من الضمير في لزم. "ذا" اسم إشارة مبتدأ، وهو إشارة إلى المصدر المحذوف منه الحرف. "التاء" -بالقصر- مفعول لزم الواقع خبرا لذا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 تدحرجا، وتجمل تجملا، وتشيطن تشيطناً، وتمسكن تمسكناً. ويجب إبدال الضمة إن كانت اللام باء؛ نحو: التواني، والتداني1. وقياس "فعلل" وما ألحق به "فعللة"؛ كدحرج دحرجة، وزلزل زلزلة، وبيطر بيطرة، وحوقل حوقلة1، و"فعلال"، بالكسر، ......   1- أصلهما بضم ما قبل الياء؛ فقلبت الضمة كسرة لتسلم الياء من قبلها واوا؛ لأن ذلك يؤدي إلى وجود ما لا نظير له في كلام العرب؛ وهو: وجنود واو مضموم ما قبلها، في آخر الاسم المعرب. هذا: وإذا كان الفعل على وزن "تفاعل"، وكانت فاؤه دالا أوثاء؛ نحو: تدارك وتثاقل، جاز إدغام التاء فيما بعدها، والإتيان بهمزة وصل؛ لسكون الأول بالإدغام؛ تقول: ادارك، واثاقل، ويكون المصدر: اداركاً، واثاقلا. ومثل ذلك ما كانت فاؤه صادا أو طاء، أوشينا، نحو: اصابر، واطهر، واشاجروا وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وما يلي الآخر مد وافتحا ... مع كسر تلو الثان مما افتتحا بهمزة وصل كاصطفى وضم ما ... يربع في أمثال قد تلملما* أي ما يليه الآخر؛ أي يقع بعده الحرف الأخير، مده وافتحه، واكسر الحرف الذي يتلو الثاني، من فعل خماسي أو سداسي مبدوء بهمزة وصل، ينشأن منه المصدر القياسي، كاصطفى، واستهوى. أما الخماسي الذي على وزن "تفعلل" فيكون مصدره بضم ما يربع فعله، أي ما يكون رابعا فيه؛ نحو تلملم؛ فإن مصدره "تلملم" بضع الرابع. 2- ذكره من الملحق ما كان على وزن "فعلل"؛ و"فيعل"، و"فوعل"، والباقي سبق بيانه قريباً. ومعنى بيطر: عالج الدواب، وهي ما ليس بإنسان من الحيوان وحوقل: ضعف عن الجماع للكبر.   * "وما" اسم موصول مفعول مقدم لمد، "الآخر" فاعل يلي، ومفعوله محذوف؛ أي ما يليه الآخر، والجملة صلة. "وافتحا" فعل أمر مؤكد بالنون الحقيقة المنقلبة ألفا. "مع كسر" مع ظرف متعلق بمد، وكسر مضاف إليه، "مما" متعلق بمحذوف حال من تلو، وما اسم موصول. "افتتحا" فعل ماض للمجهول والجملة صلة "ما" المجرورة محلا بمن "بهمز وصل" متعلق بافتح ومضاف إليه."كاصطفى" خبر لمبتدأ محذوف. "ما" اسم موصول مفعول ضم "يربع" الجملة صلة ما؛ وهو من ربعت القوم: صرت رابعهم.. "في أمثال" متعلق بضم. "قد تلملما" مضاف إليه قصد لفظه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 إن كان مضاعفًا1؛ كزلزال، ووسواس. وهو2 في غير المضاعف سماعي؛ كسرهف سرهافاً3، ويجوز فتح أول المضاعف، والأكثر أن يعني بالمفتوح اسم الفاعل4؛ نحو: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاس} ؛ أي الموسوس5. وقياس "فاعل"6؛ كضارب وخاصم وقاتل، "الفعال"، و"المفاعلة"، ويمتنع "الفعال" فيما فاؤه ياء7؛ نحو: ياسر، ويامن، وشذ: ياومه يواماً8، وما خرج عما ذكرناه،   1- المضاعف من الرباعي هو: ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنس، وعينه ولامه الثانية من جنس آخر. 2- أي وزن "فعلان". 3- يقال: سرهفت الصبي، أحسنت غذاءه. 4- أي: معنى اسم الفاعل، لا المصدر. وفي مصدر" فعلل" الرباعي يقول الناظم: فعلال أو فعللة لفعللا ... واجعل مقيساً ثانياً لا أولا* أي: إن "فعللة" هي المصدر القياسي للرباعي "فعلل". وقد يجيء مصدره على "فعلال" قليلا، وقد أوضح المصنف القول فيه. 5- ولهذا وصف بالخناس وما بعده، وهما من صفات الذوات. قيل: وليس في اللغة "فعلال" -بالفتح- إلا في المضاعف، والأصل فيه الكسر، كما أنه ليس فيها "تفعال" -بالكسر- مصدرا؛ إلا "تلقاء"، و"تبيان"، وما عداهما بالفتح. وورد من غير المصدر بضعة عشر اسما على وزن "تفعال"؛ منها: تعشار، وترباع، وتبراك؛ أسماء مواضع؛ وتمساح؛ للحيوان المعروف. وتمثال، وتلعاب لكثير اللعلب، وتلقام لسريع اللقم. 6- أي غير معتل الفاء بالياء، سواء دل على المشاركة كما مثل المصنف، أو لا؛ نحو: نادى نداء، ومناداة. 7- وذلك لثقل الابتداء بالياء المكسورة. 8- المياومة: المعاملة بالأيام؛ كالمشاهرة بالشهور.   * "فعلال"مبتدأ."أو فعللة" معطوف عليه. "لفعللا" متعلق بمحذوف، خبر. "مقيسا" مفعول ثان مقدم لاجعل. "ثانياً" مفعول أول. "لا" عاطفة. "أولا" معطوف على ثانيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 فشاذ1؛ كقولهم: كذب كذاب، وقوله: باتت تنزي دلوها تنزيا2   1- فيكون مقصورا على السماع ولا يقاس عليه. وإلى ذلك يشير الناظم بقوله: لفاعل "الفعال" و"المفاعله" ... وغير ما مر السماع عادله أي: إن مصدر "فاعل" هو: الفعال، والمفاعلة، وما جاء مخالفا للمقيس من المصادر السالفة كلها، فمقصور على السماع لا يقاس عليه، ومعنى عادلة*: ساواه. 2- صدر بيت من الرجز، استشهد به كثير من النحاة، ولم ينسبوه لقائل، وعجزه: كما تنزي شهلة صبيا اللغة والإعراب: تنزي: تحرك. شهلة: عجوز، أو هي النصف التي بين الشابة والعجوز. "تنزي" الجملة في محل نصب خبر "بات" إذا جعلت ناقصة، وحال من الضمير المستتر فيها إن جعلت تامة، واسمها أو فاعلها يعود على المرأة المعلومة من قبل. "دلوها" دلو مفعول لتنزي، والهاء مضاف إليه. "تنزيا" مفعول مطلق لتنزي أيضا. "كما" الكاف حرف تشبيه وجر، و"ما" مصدرية، وهي وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لتنزيا؛ أي تنزي دلوها تنزيا مماثلا لتنزية شهلة صبيا. "شهلة" فاعل تنزي. "صبيا" مفعول به لتنزي. المعنى: أن هذه المرأة، باتت تحرك دلوها بيديها حين تخرجه من البئر، برفق ولين، كما تحرك العجوز الصبي حين ترقصه، برفق ولين كذلك. الشاهد: في "تنزيا"؛ حيث جاء مصدر للفعل "تنزي" المعتل اللام، والقياس "تنزيه"؛ كتوصية، وتزكية، وتعمية؛ لأن "التفعيل" مصدر "فعل" الصحيح اللام. وقد لخص بعض العلماء الحديثين مصادر الرباعي فيما يأتي؛ فقال: أ- ما كان على وزن "أفعل" فمصدره "إفعال"؛ كأكرام إكراما. ب- وما كان على وةزن "فعل" فمصدره "تفعيل"؛ كقدم تقديما. جـ- وما كان على وزن "فاعل" فمصدره على "فعال" أو "مفاعلة" كقاتل قتالا ومقاتلة.   * "لفاعل" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "الفعال" مبتدأ مؤخر. "والمفاعلة" معطوف على الفعال.. و"غير" مبتدأ. "ما" اسم موصوف مضاف إليه. "مر" الجملة صلة. "السماع" مبتدأ ثان. "عادلة" الجملة خبر المبتدأ الثاني، وجملة الثاني وخبره خبر الأول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 وقولهم: تحمل تحمالا، وترامى القوم رميا، وحوقل حيقالا، واقشعر قشعريرة، والقياسِ: تكذيباً، وتنزيه وتحملا، وتراميا، وحوقلة، واقشعراراً. فصل: ويدل على المرأة1 من مصدر الفعل الثلاثي بـ"فعله"2 بالفتح؛ كجلس   د- وما كان على وزن "فعلل" فمصدره "فعللة"؛ كدحرج دحرجة، وعلى وزن "فعلال" إن كان مضاعفاً، كوسوس وسوسة، ووسواسا. أما الخامسي والسداسي؛ فالمصدر منهما يكون على وزن الماضي مع كسر ثالثة، وزيادة ألف قبل الآخر، إن كان مبدوءًا بهمزة وصل؛ كانطلق انطلاقا، واستخرج استخراجا، ومع ضم ما قبل آخره فقط، إن كان مبدوءًا بتاء زائدة؛ كتقدم تقما، وتدحرج تدحرجا. وإذا كانت عين الفعل ألفا، تحذف منه ألف الإفعال، والاستفعال، ويعوض عنها التاء في الآخر؛ كأقامة إقامة، واستقام استقامة. وإذا كانت لامه ألفاً؛ ففي "فعل" تحذف ياء التفعيل، ويعوض عنها تاء أيضًا؛ كزكى تزكية، وفي "تفعل" تقلب الألف ياء ويكسر ما قبلها؛ كتأنى تأنيا، وتغاضى تغاضيا. وفي غير ذلك تقلب همزةً إن سبقتها ألف؛ كألقى إلقاءً، ووالى ولاء، واقتدى اقتداء؛ وارعوى ارعواءً، واستولى استيلاءً. 1- أي على حصلو الشيء مرة واحدة. 2- أي: إنه إذا أريد الدلالة على المرة الواحدة من مصدر الفعل الثلاثي -علاوة على معناه- أتي بمصدره مهما كانت صيغته، وجعل على وزن "فعل"، وزيدت عليه تاء التأنيث فيصير "فعلة". وشذ ما حكاه سيبويه من قولهم: أتيته إتيانة، ولقيته لقاءة؛ والقياس: أتية، ولقية، قال المتنبي: لقيت بدرب القلة الفجر لقية ... شفت كبدي والليل فيه فتيل ودرب القلة موضع وراء الفرات. ويشترط أن يكون هذا الفعل الثلاثي الذ ي تصاغ من مصدره المرة: تاما، منصرفا؛ فلا يصاغ من نحو: كاد وعسى. وأن يكون المصدر لأفعال صادرة عن الجوارح المدركة بالحس؛ كالضرب، والمشي، والجلوس، والقيام ... إلخ؛ نحو: ربة، وقعدة وقومة، لا عن الأفعال الباطنة؛ كالعلم، والفهم، والجهل، والجبن، والبخل؛ فلا يقال: علمته علمه، ولا فهمته فهمة، وألا يدل على صفة ثابتة ملازمة؛ فلا يصاغ مثل: حسن، وجبن، وظرف، وقبح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 جلسة، ولبس لبسة، إلا إن كان بناء المصدر العام عليها1، فيدل على المرة منه بالوصف2؛ كرحم رحمة واحدة. ويدل على الهيئة3 بـ"فعلة" بالكسرة؛ كالجلسة، والركبة، والقتلة4، إلا إن كان بناء المصدر العام عليها، فيدل على الهيئة بالصفة ونحوها5، كنشد الضالة نشدة عظيمة. والمرة من غير الثلاثي، بزيادة التاء على مصدره القياسي6؛ كانطلاقه واستخراجه، فإن كان بناء المصدر العام على التاء، دل على المرة منه بالوصف7 كإقامة واحدة، واستقامة واحدة. ولا يبنى من غير الثلاثي مصدر للهيئة8 إلا ما شذ من قولهم: ...............................   1- أي على وزن "فعلة" بالفتح. أما نحو: كدرة بالضم، ونشدة بالكسر، فيفتحان للمرة، ويكسران للهيئة، ولا يؤتى بالوصف معهما. 2- أي بلفظ: "واحدة" أو ما يشابهها، أو بقرينة تدل على الوحدة؛ نحو: أهلك الله ثمود بصيحة. ويتبين من هذا: أن للفعل الثلاثي الصالح للمرة مصدرين: أحدهما مشهور على النحو السالف، والثاني للدلالة على المرة، وهذا لا يعمل. 3- أي هيئة الحدث، وكيفيته عند وقوعه. 4- يعمل هنا ما سبق إيضاحه في "فعلة". 5- أي بالصفة التي تدل على ما يراد من الهيئة؛ من حسن، أو قبح، أو زيادة، أو نقص، أو غير ذلك من الأوصاف، ومثل الصفة: نحو: نشدة الملهوف. وفي صياغة المرة والهيئة من الثلاثي، يقول الناظم: و"فعلة" لمرة كجلسه ... و"فعلة" لهيئة كجلسه* 6- أي: بدون زيادة أو نقص، أو أي تغيير. 7- أو بقيام قرينة تدل عليها. 8- لأن بناء مصدر الهيئة منه يهدم بنية الكلمة؛ ذلك لأنه يستتبع حذف ما قصد إثباته فيها لغرض من الإغراض، فاجتنب ذلك، واكتفي بالمصدر الأصلي مع وصفه عندما تدعو.   * "فعلة" مبتدأ. "لمرة" جار ومجرور، خبر. "كجلسة" متعلق بمحذوف، خبر لمبتدأ محذوف، أي وذلك كجلسة وإعراب الشطر الثاني كذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 اختمرت خمرة1، وانتقبت نقبة2، وتعمم عمة، وتقمص قمصة3.   الحال لذلك. 1- أي غطت رأسها بالخمار؛ وهو المعروف "بالطرحة". 2- أي سترت وجهها بالنقاب؛ وهو المعروف "بالبرقع". 3- أي غطى جسمه بالقميص. وفيما تقدم يقول ابن مالك. في غير ذي الثلاث بالتا المرة ... وشذ فيه هيئة كالخمرة* أي تكون الدلالة على المرة من مصدر غير الثلاثي بزيادة التاء في آخره، أما الهيئة؛ فلا تجيء منه مبشارة، وشذ مجيئها منه؛ كالخمرة؛ من اختمر. تتمة: أ- المصدر الميمي: هو مصدر مبدوء بميم زائدة لغير المفاعلة، مصوغ من المصدر الأصلي للفعل، يعمل عمله ويفيد معناه، مع قوة الدلالة وتأكيدها. واحترز بغير المفاعلة من نحن: مشاركة، ومعاونة، ومقارنة؛ فلا تسمى "مصادر ميمية"، وهو يصاغ من مصدر الفعل الثلاثي مطلقا، غير المضعف1 مهما كانت صيغته، على وزن"مفعل" بفتح العين؛ نحو: ملعب، ومسقط، ومصعد، إلا في حالة واحدة؛ فإنه يكون فيها على وزن "مفعل" بكسر العين؛ وهي: أن يكون الثلاثي معتل الفاء2 بالواو، صحيح الآخر، تحذف فاؤه في المضارع عند كسر عينه؛ نحو: موصل، موعد، موضع، موثق، مورد؛ فإن كان صحيح الفاء، أو معتلها بالياء، أو معتل الفاء واللام، أو غير مكسور العين في المضارع؛ كوجل، فصيغته "مفعل" بالفتح،   * "في غير" متعلق بمحذوف، حال من ضمير الخبر بعد. "ذي" بمعنى صاحب، مضاف إليه. "الثلاث مضاف إليه. "التاء" -بالقصر للضرورة- خبر مقدم. "المره" مبتدأ مؤخر. "فيه" متعلق بشذ والضمير لغير ذي الثلاث، "هيئة" فاعل شذ، و"كالخمره" خبر لمبتدأ محذوف. أ- مضعف الثلاثي هو: ما كانت عينه ولامه من جنس واحد؛ نحو: مد، فر، عد. ب- المعتل الفاء يسمى: "مثالا"، والمعتل اللام يسمى: "ناقصا"، والمعتل العين يسمى "أجوف"، والمعتل الفاء واللام يسمى: "لفيفا مفروقا"؛ مثل: وعي، وني، والمعتل العين واللام يسمى: "لفيفا مقرونا"؛ مثل: عوي، جوي، والذي أحد حروفه همزة يسمى: مهموزا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 ................................................   وشذ: المرجع، المصير، المعرفة، المغفرة، المجيء، المسير، المشيب، المعصية، المعيشة، المعذرة، المقدرة. وقد رود فيها الفتح على القياس. ويصاغ من غير الثلاثي على وزن اسم المفعول وزن المضارع، مع إبدال أوله ميماً مضمومة، وفتح ما قبل الآخر إن لم يكن مفتوحا؛ نحو: معرف، متعاون، مكرم، من عرف، وتعاون، وإكرام. هذا: والمصدر الميمي يلازم الإفراد، ولا تلحقه تاء التأنيث إلا سماعا؛ نحو: المحبة، والمودة، والمسرة، والموعظة. وقد ترد صيغة "مفعلة" لبيان سبب الفعل؛ ومن ذلك قوله- عليه السلام: $"الولد مبخلة مجبنة محزنة"، وذلك مقصور على السماع. كما ترد هذه الصيغة للدلالة على مكان كثرة مسماها؛ نحو: مأسدة، ومسبعة، ومفعاة؛ أي مكان تكثر فيه: الأسود، والسباع، والأفاعي، وقد أجاز المجمع اللغوي أن تصاغ "مفعلة" قياسا من أسماء الأعيان الثلاثية الأصول، للمكان الذي تكثر فيه هذه الأعيان، سواء أكانت من الحيوان، أم من النبات، أم من الجماد. ب- أسماء الزمان والمكان: هما اسمان مصوغان من المصدر الأصلي للفعل؛ للدلالة على زمان الفعل أو مكانه، زيادة على المعنى المجرد الذي يدل عليه ذلك المصدر. وهما يصاغان من الثلاثي على وزن "مفعل" بفتح العين، إن كان معتل اللام مطلقا، أو صحيحها، ولم تكسر عين مضارعه؛ كمرمى، ومسعى، ومدعى، ومنظر، ومدخل، ومقام، ومخاف. وعلى وزن "مفعل"، بكسر العين، إن كان مثالا واويا صحيح اللام مطلقا، أو كانت عين مضارعه مكسورة؛ نحو: موعد، وميسر، ومجلس، ومبيع. وشذ من الأول: المنسك: الموضع الذي تذبح فيه النسائك، وهي الذبائح، والمطلع، والمشرق، والمغرب، والمفرق، والمرفق، والمنبت، والمسقط، والمسكن: موضع السكن، والمسجد، والمخزن. وسمع الفتح في بعضهما على القياس. وشذ من الثاني: موكل: موضع حصن، وموظف: موضع قرب مكة، وموزن: اسم موضع، وقيل: لا شذوذ في ذلك كله؛ لأنها أسماء لأمكنة وأزمنة مخصوصة معينة. ولم يذهب بها النحاة مذهب الفعل، ويصاغان من غير الثلاثي على زنة اسم المفعول؛ كمكرم، ومستخرج، ومستعان به؛ من أكرم، واستخرج، واستعان. قيل: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 ....................................................................................................................   وشذ من ذلك: مأوى ومصبح؛ على أنهما من آويت، واصبحت. واسما الزمان والمكان مشتقان، ولكنهما لا يعملان عمل الفعل. وتعيين المراد من الزمان أو المكان خاضع للقرئن. ويتبين مما تقدم: أن صيغة الزمان والمكان والمصدر الميمي واحدة في غير الثلاثي، وكذلك في الثلاثي إلا فيما يأتي: 1- في المثال الصحيح اللام الذي لا تحذف فاؤه في المضارع. 2- وفي السلم المكسور العين في المضارع؛ فإن المصدر الميمي فيهما على وزن "مفعل" بفتح العين؛ كموجل، ومينع، ومنزل. واسم الزمان والمكان على وزن "مفعل" فيهما وعند الاتفاق في الصيغة يكون التمييز بينها بالقرائن. جـ- المصدر الصناعي، أي المصنوع: هو كل لفظ جامد أو مشتق، أمس أو غيره، زيد في آخره ياء مشددة بعدها تاء تأنيث مربوطة، تسمى: تاء الفعل، تمحض اللفظ للمعنى المصدري؛ ليدل على معنى هو: مجموعة الصفات والخصائص والأحوال الخاصة بذلك اللفظ الذي لحقته الياء والتاء؛ مثل: الحرية، والإنسانية، والوطنية، والتقدمية، والوحشية، والكيفية، والفروسية، واللصوصية، والرجولية ... إلخ. وهو قياسي في هذا، وليست له صيغ أخرى، والحاجة إليه ماسة، وبخاصة في علم الكيمياء، وغيره من العلوم الطبيعية، وهو من المولد المقيس على كلام العرب، ولتوضيح الغرض من المصدر الصناعي نقول: إن اسم الجنس سواء أكان مصدرًا أم اسم عين، يدل على حقيقة الشيء الذي وضع له، ولا يدل على خصائصه وصفاته التي يمكن أن تقوم به؛ فلفظ "إنسان يدل على الحيوان الناطق لا غير، ولا يدل على خصائص هذا اللفظ؛ ككون الإنسان كريم النفس، مأمون الجانب، يألف ويؤلف ... إلخ. ولفظ "وطن" يدل على الموضع الذي يقيم به الإنسان، ولا يدل على غير ذلك من المعاني التي قد تتعلق بهذا الوطن، ككونه محبوبا، تتعلق به النفوس، وتفديه بالأرواح، وتعمل لخيرة، وهكذا .... إلخ. فإذا أريد به الدلالة على هذه الأحوال والخصائص؛ قيل: إنسانية، ووطنية؛ لأن صيغة النسب تربط بين المنسوب، والمنسوب إليه؛ فكأنما قيل: صفات وخصائص تنسب إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 .....................................................................................................................   الإنسان والوطن، وزيدت تاء النقل من الوصفية للاسمية؛ ليتمحض اللفظ للمعنى المصدري. وقد قرره المجمع اللغوي؛ فقال ما نصه: "إذا أريد صنع مصدر من كلمة، يزاد عليها ياء النسب والتاء". د- اسم الآلة: اسم مصوغ من الفعل للدلالة على الأداة التي تعين الفاعل في عمل ما يفعل. وهو يصاغ قياسا من الفعل الثلاثي المتعدي غالبا، وجاء قليل من اللازم؛ كمصفاة ومطهرة، ومن الثلاثي المزيد فيه؛ كمصباح، ومسرجة، من استصبح، واسرج. وينقسم قسمين: مشتق، وجامد، فللمشتق أوزان ثلاثة وهي: "مفعال؛ كمفتاح، ومنشار، ومقراض. و"مفعل"؛ كمبرد، ومقص ومخلب، ومخيط، ومنجل. و"مفعلة"؛كمكنسة، ومسبحة ومسطرة، ومبراة. أما الجامد فليس له وزن مخصوص؛ وإنما يأتيس على أوزان شتى، لا يحدها ضابط؛ مثل الفأس، والقدوم، والسكين، والمخدة، والملحقة ... إلخ. أما نحو: المدهن، والمنخل، والمسمط، والمكحلة، والمدق، مما جاء على وزن مفعل -بضم الميم والعين- فالصحيح: أنها أسماء أوعية مخصوص، وليست أسماء آلة جارية على فعلها، ويوصي المجمع اللغوي باتباع صيغ المسموع من أسماء الآلات؛ فإذا لم يسمع وزن منها لفعل، جاز أن يصاغ من أي وزن من الأوزان الثلاثة المتقدمة. هذا: ولم يرد في القرآن الكريم من صيغ اسم الآلة غير ست كلمات؛ هي: مصباح، مفتاح، ميثاق، ميقات، مكيال، ووردت كلمات أخرى قليلة على غير هذا الصيغ؛ مثل حجاب: خياط، سقاية. وقد قرر المجمع اللغوي صحة استعمال "فعال" لاسم الآلة، وأضاف هذه الصيغة إلى الصيغ الثلاث المتقدمة: "مفعال، مفعل، مفعلة".ومعروف أن صيغة"فعال" من صيغ المبالغة، وتستعمل أيضاً بمعنى النسب، أو صاحب الحديث، وعلى الأخص الحرف؛ فقالوا: نجار، خباز، نشا، كما سيأتي بيان ذلك في باب النسب والعرب يسندون الفعل إلى ما يلابس الفاعل؛ زمانه، أو مكانه، أو آلته، فيقولون: نهر جار، ويوم صائم، وليل ساهر، وعيشة راضية، وقد ورد اسم الآلة على وزن "فعال"؛ مثل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 ................................................   : سراد، وإراث، والسراد: المثقب "آلة الخرز"، والإراث: ما أعد للنار من حراقة وغيرها، ولكنه غير مطرد. "انظر مجلة المجمع اللغوي الجزء العاشر". فوائد: 1- من الشاذ المسموع عند العرب مجيء المصدر الدال على المرة على وزن "فعلة"؛ مثل قولهم:"حج فلان حجة" بكسر الحاء، و"رأى الشيء رئية" بكسر الراء. 2- ذكر صاحب المصباح: أن الفعل الثلاثي إن كان من ذوات التضعيف، كان مصدره الميمي بالفتح والكسر معا؛ نحو: فر مفرا ومفرا. 3- المصدر الميمي، بجميع صيغة وأوزانه، يعرب على حسب الجملة؛ فيكون فاعلا، ومفعولا به، ومضافا إليه، ومبتدأ أو خبرا ... إلخ. وهنالك ألفاظ مسموعة بالنصب في أكثر الأحوال باعتبارها مفعولا لفعل محذوف؛ نحو: أفعل وكرامة ومسرة، ومرحباً بك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 ..................................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1- ما المصدر القياسي لكل من "فعل" المتعدي، و"فعل" اللازم؟ وضح ما تقول بالأمثلة. 2- اذكر المصادر الغالبة للفعل الثلاثي الذي يدل على: حرفة، أو مرض، أو صوت، ووضح بأمثلة من محفوظك. 3- فيم ينقاس كل من: "فعال"، و"فعلة"، و"فعل"، و"فعولة"؟ 4- اذكر المصدر القياسي لـ"أفعل" صحيح العين ومعتلها، وبين ما يحدث من التغيير في المعتل، موضحا ذلك بالأمثلة. 5- بين الحالة التي يفترق فيها المصدر الميمي عن اسمي الزمان والمكان، ومثل لما تقول. 6- يستشهد بما يأتي في هذا الباب، بين موضع الاستشهاد: قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} . {وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاة} . {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} . {وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا} . {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} . {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُم} . {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} . قال -عليه الصلاة والسلام: "وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة". رجع القهقهرى، وقعد القرفصاء، واطمأن طمأنينة. لا يمنعنك من بغا ... ء الخير تعقاد التمائم إن الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشائم متى وعدتك في ترك الهوى عدة ... فاشهد على عدتي بالزور والكذب لا تنم واغتنم مسرة يوم ... إن تحت التراب يوماً طويلا 7- يقول أمير الشعراء أحمد شوقي، مخاطباً رجال الصحافة والوطنية: حمدنا بلاء كمو في النضال ... وأمس حمدنا بلاء السلف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 .................................................................................................................   ومن نسي الفضل للسابقين ... فما عرف الفضل فيما عرف بين في هذين البيتين: المصادر، وأفعالها، وأعرب ما تحته خط فيهما، ثم اشرحهما شرحًا شرحًا أدبياً. 8- ايت بثلاث جمل، في كل منها لفظ يصلح أن يكون مصدرا ميميًا، واسمي زمان ومكان. 9- بين فيما يأتي: المصادر الشاذة والقياسية، وسبب ما تقول. ركوب، عظم رحيل، ذهاب، ملاحة، شراب، طواف، دعوى، صرير، غفران، فصاحة، توحيد، زكان، طوفان، مدينة، رطوبة، سمو، سباب، شرود، تنبيه، إشارة، استشارة، ضجيج ثوران. 10- عرف كلًا من المصدر الصناعي، والمصدر الميمي، وائت بثلاثة أمثلة في جمل مفيدة لكل، وبين حكمها في العمل. 11- بين فيما يأتي المصادر، وأسماء الزمان والمكان، والمرة والهيئة، واذكر فعل كل: قال علي -كرم الله وجهه-: ليس لواضع المعروف في غير حقه، وعند غير أهله، من الحظ إلا محمدة اللئام، وثناء الأشرار، ومقالة الجهال. إذا ثارت في رأسك عزة أخرجتك عن جادة الصواب، وبدرت منك بادرة إساءة لأحد، فأسرع إلى ترضيته ترضية كريمة؛ لتنعم بالسكينة والطمأنينة، وأحسن الإصغاء للناصحين المخلصين؛ فذلك خير مستقرا وأحسن مقاما، ومن قصر في إصلاح نفسه، قعد به تقصيره عن بلوغ الغاية، واعلم أن لكل جواد كبوة، ولك صارم نبوة، والله المستعان على إنجاح مسعانا. 12- ما الذي تتفق فيه صيغتا المصدر الميمي مع صيغتي الزمان والمكان من الثلاثي، وما الذي تختلفان فيه؟ مثل لما تقول. 13- أعرب البيت الأول مما يأتي، وبين ما فيهما من شاهد، وهما للمرحوم الشاعر الكبير محمود سامي البارودي في شكوى الزمان: كلما رمت نهضة أقعدتني ... ونية لا تقلها أعصابي لم تدع صولة الحوادث مني ... غير أشلاء همة في ثيابي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 صفحة سكانر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 باب: أبنية أسماء الفاعلين 1 والصفات المشبهات بها يأتي وصف الفاعل من الفعل الثلاثي المجرد2، على "فاعل"3، بكثرة في "فعل"، بالفتح، معتدياً كان؛ كضربه وقتله، أو لازماً؛ كذهب، وغذاء، بالغين والذال المعجمين، بمعنى سال4. وفي "فعل" بالكسر؛ متعدياً؛ كأمنه، وشربه، وركبه، ويقل في القاصر؛ كسلم. وفي "فعل" بالضم؛ كـ"فره"5. وإنما قياس الوصف من "فعل" اللازم6: فعل في الأعراض7؛ كفرح وأشر.   باب: أبنية أسماء الفاعلين والصفات المشبهات بها 1- اسم الفاعل هو: ما صيغ ليدل على من قام به أصل الحديث، أو وقع منه على أصل الحدث، وكذلك اسم المفعول، واسم التفضيل، وأسماء الزمان والمكان، وبقوله: على جهة الحدوث، تخرج الصفة المشبهة؛ لأنها تدل على الثبوت. 2- بشرط أن يكون متصرفا، سواء كان متعديا أو لازما. 3- وإن كانت عين الماضي ألفا؛ كقال وباع، قلبت همزة؛ تقول: قائل، بائع. وإن كان ماضيه ناقصا، كدعى، ورمى، وسعى، تحذف لأمه في حالتي الرفع والجز؛ تقول: هذا داعٍ، ورام، وساع. 4- تقول: غذا الماء، إذا سال، وغذا العرق، إذا سال دمه، ويستعمل متعديا بمعنى ربي؛ تقول: غذوت الصبي باللبن الطبيعي، أي ربيته به، واسم الفاعل في الحالتين: "غاذ" على وزن "فاعل". 5- الفاره من الناس: الحاذق بالشيء، والمليح الحسن، ومن الدواب: الجيد السير؛ يقال: رجل فاره، أي حاذق، وجارية فرهاء، أي حسناء، وفره الفرس يفره -بضم الراء: نشط وخف في السير. 6- يسمى هذا:"باب فرح" وتأتي منه الصفة المشبهة على ثلاثة أوزان قياسية، ذكرها المصنف ومثل لها. وتحد "الصفة المشبهة باسم الفاعل" بأنها: اسم مشتق مصوغ من مصدر الفعل الثلاثي اللازم، للدلالة على ثبوت صفة لصاحبها ثبوتا عاما مستمرا. 7- المراد بالأعراض: الأمور والمعاني التي تطرأ على الذات وتزول سريعا وتتجدد وتتردد على صاحبها، كالفرح، والحزن، والألم. فخرجت الألوان والأشياء الخلفية، تقول: فرح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 و"أفعل" في الألوان والخلق1؛ كأخضر، وأسود، وأكحل2، وألمى3، وأعور، وأعمى. و"فعلان" فيما دل على الامتلاء وحرارة الباطن4؛ كشبعان، وريان، وعطشان.   فهو فرح، وأشر فهو أشر، و"الأشر" الذي لا يحمد النعمة والعافية، وتعب فهو تعب، وحذر فهو حذرٌ, ومؤنث "فعل" هذا "فعلة"، وشذ من الباب: مريض، وكهل؛ لأنهما عرضان. 1- الخلق: جمع خلقة؛ وهي الحالة الظاهرة الدائمة في البدن؛ من عيب، أو لون، أو حلية. ومؤنث "أفعل" هذا، فعلاء"؛ تقول: عور فهو أعور، وحمر فهو أحمرن وكحل فهو أكحل. ومنه قولهم: اشتهرت الخيول العربية بأنها دعجاء المقلة -والدعج: سعة العين مع شدة سوادها- كحلاء العين، وطفاء الأهداب؛ والوطف: غزرة شعر الجفون. 2- الأكحل: من بجفونه سواد كالكحل، من غير "اكتحال". 3- الألمى: هو أسمر الشفتين، والأنثى: لمياء. 4- الواو بمعنى "أو"؛ لأن المقصود: أنه ينقاس فيما يدل على امتلاء أو خلو، أو نحو ذلك مما يطرأ ويتكرر، ولكنه يزول ببطء، ومؤنثه "فعلى"؛ تقول: ظمي: فهو ظمآن، وهي ظمآى، وصدى فهو صديان، وهي صدي، وروى فهو ريان وهي ريا. الخلاصة: أن باب "فعل" اللازم "باب فرح"، يبنى الصوف منه على ثلاثة أوزان: "فعل، وأفعل، وفعلان"، وتدور معانيها الغالبة حول ما يأتي: أمور تطرأ وتزول سريعا وتتردد، وأمور تثبت وتبقى، وأمور تطرأ وتزول ببطء. وإلى هذا الباب يشير الناظم بقوله: كفاعل صغ اسم فاعل إذا ... من ذي ثلاثة يكون كغذا - وهو قليل في "فعلت" و"فعل" ... غير معدى بل قياسه "فعل" - و"أفعل" "فعلان" نحو أشر ... ونحو صديان ونحو الأجهر*   * "كفاعل": متعلق بمحذوف، حال مقدم من "أسم فاعل" الواقع مفعولا لصنع، أو صفة لمصدر محذوف؛ أي صوع كصوغ. "إذا" ظرف مجرد عن الشرط، متعلق بصغ. "من ذي ثلاثة" متعلق بيكون التامة ومضاف إليه "كغذا" خبر لمبتدأ محذوف. "في فعلت" متعلق بقليل."وفعل" معطوف على فعلت. "غير معدى" غير حال من "فعل"، ومعدى مضاف إليه. "بل" حرف انتقال وإضراب. "قياسه" مبتدأ ومضاف إليه، والضمير للوصف. "فعل" خبر المبتدأ. "وأفعل" معطوف على فعل. "فعلان" معطوف على أفعل بإسقاط العاطف. "نحو أشر" نحو خبر لمبتدأ محذوف، وأشر مضاف إليه، وما بعده معطوف عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 وقياس الوصف من "فعُل"، بالضم1، فعيل، كظريف وشريف، ودونه "فعل"؛ كشهم وضخم. ودونهما "أفْعَل"؛ كأخطب2؛ إذا كان أحمر إلى الكدرة، وفَعُل؛ كبطل3 وحسن و"فَعَال" بالفتح؛ كجبان4، و"فُعَال"؛ بالضم، كشجاع، و"فُعُل"؛ كجنب. و"فَعَل"؛ كعفر؛ أي شجاع ماكر5. وقد يستغنون عن صيغة "فاعل" من "فَعْل" بالفتح، بغيرها6؛ كشيخ، وأشيب، وطيب، وعفيف7.   أي: صغ اسم الفاعل من الفعل الثلاثي المتصرف على وزن "فاعل"؛ نحو: غذا فهو غاذ، وهذا يصلح متعديا ولازما كما أوضحنا. ووزن "فاعل" قليل في مثل "فعل" و"فعل" اللازمين، والقياس فيهما "فعل"؛ تقول: نجس فهو جس، وفرح فهو رح. و"أفعل" و"فعلان" مثل "فعل" في أنهما أسما فاعل من "فعل"الثلاثي اللازم؛ نحو: أشرف، فهو أشر، وصدي، فهو صديان، وجدهر، فهو أجهر؛ والصديان: العطشان، والأجهر: من لا يستطيع الإبصار في الشمس. والحق أن هذه الصيغ صفات مشبهة، وليست باسم فاعل كما يفهم من ظاهر كلام الناظم. 1- يسمى هذا "باب كرم"، وتأتي منه الصفة المشبهة على أوزان كثيرة؛ أشهرها ما ذكره المصنف، ومثل له. 2- ذكر في التصريح: أنه بالخاء والظاء المعجمتين، وليس لهذه المادة أثر في كتب اللغة، والذي فيها: خطب، ولكن فعله من "باب فرح"، وخطب بالضم صار خطيبا، فلعل التمثيل بهذا اللفظ سهو من المصنف. 3- يقال: بطل الرجل، صار بطلا. 4- يكثر هذا الوزن في المؤنث؛ يقال: حصنت المرأة فهي حصا، ورزنت فهي رزان؛ والرزان: المتوقرة غير الطائشة. 5- الذي في اللسان وغيره أن العفر بالكسر: الخبيث الماكر، ومنه العفريت، أما بالضم فهو: الشجاع الجلد. 6- محل الاستغناء: ما لم يكن له وزن قياسي من المسموع، أما ما استعمل له قياس وسمع غيره؛ فليس موضع الاستغناء نحو: مال فهو مائل، وأميل. 7- ذكر المصنف لباب "فعل" عشرة أوزان قياسية؛ بعضها كثير الاستعمال، وبعضها قليل، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 تنبيه: جمع هذه الصفات صفات مشبهة1؛ إلا "فاعلاً"؛ كضارب، وقائم؛ فإنه اسم فاعل، إلا إذا أضيف إلى مرفوعه2، وذلك فيما دل على الثبوت؛ كطاهر القلب، وشاحط الدار، أي بعيدها، فصفة مشبهة أيضاً3.   والبعض أقل، وهي موزعة بين البابين كما سيأتي؛ منهما ما هو خاص بباب كرم؛ وهو: "فعل، وفعل، وفعال". أما: أفعل، وفعلان، فيختصان بباب فرح، ويشترك بين البابين: "فعل، وفعل، وفعيل، وفعل". وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: و"فعل" أولى و"فعيل" بفعل ... كالضخم والجميل والفعل جمل وأفعل فيه قليلٌ و"فعل" ... وبسوى الفاعل قد يغنى "فعل"* أي أن الماضي إذا كان على وزن "فعل" بضم العين، فالأولى أن يكون وزن اسم فاعله "فعل" أو "فعيل"، مثل: ضخم، وجميل، من ضخم، وجمل، ومجيء اسم الفاعل منه على وزن "أفعل" أو "فعل"، قليل. وقد يستغنى عن صيغة "فاعل" من مصدر "فعل" بغيرها؛ نحو: شاب فهو أشيب. وشاخ فهو شيخ ... إلخ. كما ذكر المصنف. 1- أي إذا قصد بها الدلالة على الثبوت والاستمرار، وإن لم تضف لمرفوعها ولم تنصبه؛ فإن قصد بها الحدوث والتجدد كانت أسماء فاعلين، وهل يجب حينئذ أن تحول إلى صيغة "فاعل"؛ فتقول: ضائق، وسائد، وفارح، في ضيق، وسيد، وفرح؟ أم يجوز بقاء زنتها مع هذا القصد؟ لعل الأقرب إلى الصواب: أنه لا يجب التحويل إلا إذا قصد التنصص على إرادة الحدوث. ولا يختص وزن "فاعل" بجواز قصد الثبوت والاستمرار؛ بل يجري ذلك في أسماء الفاعلين من غير الثلاثي. وقد مثل المصنف للصفة المشبهة بمستقيم الرأي، ومعتدل القامة، وهذا يدل على أنه زنة اسم الفاعل من غير الثلاثي، تكون أحياناً صفة مشبهة. 2- أي في المعنى، وكذلك إذا نصبه. 3- يتبين من هذا: أن موازن "فاعل" لا يكون صفة مشبهة، إلا إذا قصد به الدوام والاستمرار   * "وفعل أولى" مبتدأ وخبر. و"فعيل" معطوف على فعل "بفعل" متعلق بأولى."والفعل جمل" مبتدأ وخبر، وهذه الجملة لبيان الواقع لا للاحتراز."وأفعل" مبتدأ. "فيه" متعلق بقليل الواقع خبر للمبتدأ "وفعل" معطوف على أفعل. "وبسوى الفاعل" جار ومجرور متعلق بيغني، ومضاف إليه. "فعل" فاعل يغني. ومعنى يغني: يستغني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 فصل: ويأتي وصف الفاعل من غير الثلاثي المجرد، بلفظ مضارعه1؛ بشرط الإتيان بميم مضمومة، مكان حرف المضارعة، وكسر ما قبل الآخر2 مطلقا؛ سواء كان مكسوراً في المضارع؛ كمنطلق ومستخرج، أو مفتوحاً؛ كمتعلم ومتدحرج.   وأضيف إلى مرفوعه أو نصبه. وكذلك اسم الفاعل من غير الثلاثي كما أسلفنا، وكما سيمثل به المصنف في باب الصفة المشبهة من قوله: مستقيم الرأي، ومعتدل القائمة، مما يدل صراحة على أن الوصف من غير الثلاثي يكون صفة مشبهة. 1- وشذ من ذلك ألفاظ؛ منها: أمحل البلد، إذا قحط، فهو ماحل، وأعشب المكان، إذا كثر عشبه، فهو عاشب، وأيفع الغلامن إذا شب، فهو يافع، وأورس النبت والشجر، إذا اصفر لونه فهو وارس. واحصرت الناقة، إذا ضاق مجرى لبنها، فهي حصور. وأعقت الفرس، إذا حملت فهي عقوق، وألقحت الريح، فهي لاقحة، قال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِح} الآية: 22 من سورة الحجر. قيل: إنه سمع، يفع، وورس، فيكون يافع ووارس حينئذ؛ مما استغنى فيه باسم الفاعل الثلاثي عن اسم فاعل غيره. وجاء "مورس" قليلاً. 2- أي: ولو تقديراً؛ كمختار ومعتل، اسمي فاعل، من اختار واعتل؛ فإن الكسر مقدر فيهما، وشذ فتح ما قبل الآخر في: مسهب، من أسهب إذا تكلم كثيراً، ومحصن، من أحصن إذا تزوج. وملقح من ألقح الفحل الناقة. وفي بناء اسم الفاعل من غير الثلاثي يقول الناظم: وزنة المضارع اسم فاعل ... من غير ذي الثلاث كالمواصل مع كسر متلو الأخير مطلقا ... وضم ميم زائد قد سبقا* أي أن زنة اسم الفاعل من مصدر الفعل غير الثلاثي، هي زنة مضارعه، مع كسر الحرف الذي قبل الآخر في المضارع، وضم الميم الزائدة التي يؤتي بها في أول المضارع بدل حرف المضارعة؛ نحو: المواصل من أوصل الرباعي.   * "وزنة المضارع" زنة خبر مقدم، والمضارع مضاف إليه. "اسم فاعل" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه. "من غير" متعلق بزنة. "ذي الثلاث" مضاف إليه، "كالمواصل" خبر لمبتدأ محذوف. مع "ظرف متعلق بمحذوف حال من كلمة المضارع، وما بعده مضاف إليه. "مطلقا" حال من كسر. "وضم ميم" ضم معطوف على كسر، وميم مضاف إليه. "زائدا" نعت لميم "قد سبقا" الجملة في محل جر نعت ثان لميم، والألف في سبقا للإطلاق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 باب: أبنية أسماء المفعولين 1 يأتي وصف المفعول من الثلاثي المجرد2، على زنه "مفعول"؛ كمضروب، ومقصود، وممرور به3. ومنه مبيع؛ ومرمي؛ إلا أنها غيرت4. ومن غيره بلفظ مضارعة؛ بشرط الإتيان بميم مضمومة مكان حرف المضارعة، وإن شئت فقل: بلفظ اسم   هذا: وقد يأتي اسم الفاعل في صورة المصدر؛ نحو ماء غور؛ أي غائر، ورجل عدل، أي عادل، وجاء ركضا؛ أي راكضا. باب: أبنية أسماء المفعولين 1- اسم المفعول هو: اسم مشتق يصاغ من مصدر الفعل المبني للمجهول؛ للدلالة على معنى مجرد حادث، وعلى من وقع عليه هذا المعنى مجرد حادث، وعلى من وقع عليه هذا المعنى. 2- بشرط أن يكون تاما متصرفا؛ لأن الجامد لا يبنى منه اسم مفعول، ولا اسم فاعل، ولا صفة مشبهة، كما لا يأتي منه مصدر، ولا غيره من المشتقات. ويصاغ من المتعدي مطلقا، ومن اللازم بشرط ما يأتي. 3- هذا مثال لبناء اسم المفعول من اللازم بالصلة؛ لأن اسم المفعول لا يصاغ من اللازم إلا مع الظرف، أو الجار المجرور، أو المصدر، كما تقدم بيان ذلك في باب التعدي واللزوم، انظر صفحة: 94، جزء ثان. 4- أي غيرت لفظا عن زنة "مفعول"، والأصل: مبيوع، ومقوول، ومرموي، نقلت حركة الياء والواو في الأولين، إلى الساكن قبلهما، ثم قلبت الضمة كسرة في الأول لتسليم الياء. وحذفت الواو من الثاني لالتقاء الساكنين؛ أما الثالث فقد قلبت الواو ياء وأدغمتا، لاجتماعهما، وسبق إحداهما بالسكون، ثم قلبت الضمة كسرة لمناسبة الياء. وإذا كان اسم المفعول مؤنثا وجب زيادة تاء التأنيث في آخره؛ تقول: فاطمة منزهة عن فحش القول. وقد أشار الناظم إلى بناء اسم المفعول من الثلاثي بقوله: وفي اسم مفعول الثلاثي اطرد ... زنة "مفعول" كآت من قصد*   * "وفي اسم" جار ومجرور متعلق باطرد، وهو مضاف إلى ما بعده. "زنة مفعول" زنة فاعل اطرد، ومفعول مضاف إليه."كآت" خبر لمبتدأ محذوف على حذف موصوف. "من قصد" متعلق بآت بتقدير مضاف مجرور بمن؛ أي كمفعول آت من مصدر "قصد". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 فاعله بشرط فتح ما قبل الآخر1؛ نحو: المال مستخرج، وزيد منطلق به. وقد ينوب "فعيل" عن مفعول2؛ كـ "دهين"، وكحيل، وجريح، وطريح، ومرجعه إلى السماع3. وقيل: .............   أي: أن صيغة اسم المفعول من مصدر الثلاثي على وزن "مفعول" باطراد، كالوزن اللاذي تأتي به من الفعل "قصد"؛ فتقول: مقصود. 1- أي في اسم الفاعل، وفي ذلك يقول الناظم: وإن فتحت منه ما كان انكسر ... صار اسم مفعول كمثل المنتظر* أي: إن صيغة اسم المفعول من غير الثلاثي، هي صيغة اسم الفاعل، بعد أن يفتح الحرف الذي قبل الآخر، والذي كان مكسورا في اسم الفاعل؛ تقول: منتظر، اسم مفعول، ومنتظر، اسم فاعل. 2- أي: إن اسم المفعول من الثلاثي، قد يأتي على وزن "فعيل" بدلا من "مفعول"، فيدل على معناه، ولكن لا يعمل عمله عند كثير من النحاة؛ فلا يقال: مررت برجل كحيل عينه، أو قتيل أبوه، أو ذبيح كبشه. وأجاز ذلك ابن عصفور في كتاب "المقرب"، واستحسنه بعضهمز وكذلك ينوب عن "مفعول"، على قلة، "فعل"؛ كذبح، وطحن؛ بمعنى: مذبوح ومطحون. و"فعل"؛ كعدد؛ بمعنى معدود، وقنص، بمعنى مقنوص. و"فعلة"؛ كمضغة؛ بمعنى ممضوغ، وكذلك غرفة، وأكلة، وسبة، وضحكة. و"فعول"؛ نحو: ركوب، جزور. 3- أي يقتصر في ذلك على المسموع والمنقول عن العرب. وفي هذا يقول الناظم: وناب نقلاً عنه ذو "فعيل" ... نحو فتاة أو فتى كحيل** أي ينوب "فعيل" عن اسم المفعول من الثلاثي، وهذا منقول عن العرب ومسموع منهم؛ تقول: فتاة كحيل؛ بمعنى مكحولة العين، وفتى كحيل كذلك. وصيغة "فعيل" التي بمعنى مفعول، يستوي فيها المذكر والمؤنث غالباً.   * "وإن فتحت" شرط وفعله. "منه" متعلق بفتحت، والضمير عائد إلى ما زاد عن الثلاثة. "ما" اسم موصول مفعول فتحت. "انكسر" الجملة خبر كان، وهي معمولاها صلة الموصول. "صار اسم مفعول" جواب الشرط "كمثل" خبر لمبتدأ محذوف. "المنتظر" مضاف إليه. ** نقلاً مصدر بمعنى المفعول، حال من ذو فعيل؛ أي منقولا عن العرب. "عنه" متعلق بناب. "ذو فعيل" فاعل ناب ومضاف إليه. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "كحيل" صفة لما قبله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 ينقاس فيما ليس له فعيل" بمعنى "فالع1؛ نحو: قدر، ورحم؛ لقولهم: قديرٌ، ورحيم2.   وقد يأتي اسم المفعول في صورة المصدر قال تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّه} ؛ أي مخلوقة، {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِه} ؛ أي معلومة. سورة البقرة: 255. 1- أي: كقتيل وجريح؛ وذلك لعدم اللبس فيه، بخلاف ماله ذلك فإنه يلتبس بالفاعل. 2- أي: بمعنى قادر، وراحم، وهذا تمثيل للمنفي، والتعليل لمحذوف. أي: إنما كان الفعلان لهما "فعيل" بمعنى فاعل؛ لقولهم ... إلخ. وأما ما ليس له فعيل بمعنى فاعل؛ فنحو: جريح، وقتيل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 باب: إعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي إلى الواحد 1 : وهي: الصفة التي استحسن فيها أن تضاف لما هو فاعل في المعنى2؛ كـ"حسن   باب: إعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي إلى واحد 1- الصفة المشبهة هي: ما اشتق من مصدر فعل لازم لغير تفضيل، بقصد نسبة الحدث إلى الموصوف على جهة الثبوت. وحق الصفة المشبهة أن تكتفي بمرفوعها ولا تعمل النصب؛ لمباينتها الفعل بدلالتها على الثبوت، ولأنها مشتقة من مصدر الفعل الثلاثي اللازم، وهو لا ينصب، ولكنها لما أشبهت اسم الفاعل المتعدي لواحد، نصبت مفعولها مثله، على التشبيه بالمفعول به. ووجه الشبه بينها وبين اسم الفاعل في أمرين: الأول: أنها تدل على الحدث وصاحبه مثله؛ "فحسن" مثلا معناه ذو حسن، وضارب معناه: ذو ضرب، ولا فرق بينهما إلا من حيث دلالتها على الثبوت، ودلالة اسم الفاعل على الحدوث. والثاني: أنها تقبل التثنية والجمع، والتذكير والتأنيث غالبًا، كاسم الفاعل؛ تقول: حسن، وحسنة؛ كما تقول: ضارب وضاربة، وحسنان، وحسنون، وحسنات؛ كما تقول: ضاربان وضاربتان وضاربون؛ ويشترط في عملها النصب على التشبيه بالمفعول به: الاعتماد؛ كاسم الفاعل ومن أجل هذا كله: سميت بذلك الاسم. 2- قيد الفاعل بالمعنى؛ لأن الصفة لا تضاف للفاعل إلا بعد تحويل الإسناد عنه إلى ضمير الموصوف؛ فلم يبق فاعلا إلا من جهة وقوعه بعدها، واتصافه بمعناها. والمراد: استحسان الجر بنوعها لا بشخصها؛ لئلا يرد صور امتناع الجر، وضعفه، كما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 الوجه، ونقي الثغر، وظاهر العرض"؛ فخرج نحو: زيد ضارب أبوه1؛ فإن إضافة الوصف فيه إلى الفاعل ممتنعة2؛ لئلا توهم الإضافة إلى المفعول3، ونحو: زيد كاتب أبوه4؛ فإن إضافة الوصف فيه، وإن كانت لا تمتنع5؛ لعدم اللبس6، لكنها لا تسحن؛ لأن الصفة لا تضاف لمرفوعها، حتى يقدر تحويل إسنادها عنه إلى ضمير موصوفها؛ بدليلين: أحدهما: أنه لو لم يقدر كذلك، لزم إضافة الشيء إلى نفسه7. والثاني: أنهم يؤنثون الصفة في نحو: هند حسنة الوجه8؛ ..................................   سيأتي. وفي تعريف الصفة المشبهة، يقول ابن مالك: صفة استحسن جر فاعل ... معنى بها المشبهة اسم الفاعل* أي أن الصفة التي يتحسن أن يجر بها فاعلها في المعنى هي: "الصفة المشبهة باسم الفاعل"، وهي تجره بالإضافة، والمضاف إليه هو فاعلها المعنوي. 1- مثال لاسم الفاعل المتعدي، الواقع على الذوات. 2- أي وإن قصد به الثبوت والدوام كما بينه المصنف. وأجازهما بعض النحاة إذا قصد الثبوت، وأمن اللبس عند الإضافة للمفعول. وآخرون أجازوا إذا قصد الثبوت، ويحذف المفعول اقتصاراً، ويكون من باب الصفة المشبهة. 3- أي على أن الأصل: زيد ضارب أباه. 4- مثال لاسم الفاعل القاصر؛ أي الذي لا يقع على الذوات. 5- وذلك إذا قصد به الدوام والثبوت؛ لأنه حينئذ يكون صفة مشبهة. أما إذا قصد به الحدوث والتتجدد، فإن إضافته ممتنعة. 6- أي عند الإضافة إلى المفعول؛ لأن الكتابة لا تقع على الذوات. 7- لأن الصفة نفس مرفوعها في المعنى، واللازم باطل، فالملزوم مثله. 8- فلو لم تكن الصفة مسندة إلى ضمير الموصوف؛ وهو هند، لذكرت كما تذكر مع   * "صفة" خبر مقدم. "استحسن جر فاعل" الجملة من الفاعل ونائب الفاعل والمضاف إليه، نعت لصفة. "معنى" تمييز أو منصوب على نزع الخافض. "بها" متعلق بجر. "المشبهة" مبتدأ مؤخر. وفيها ضمير مستتر فاعل بها؛ لأنها اسم فاعل. "اسم فاعل" مفعول به بالمشبهة، والفاعل مضاف إليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 فلهذا1 حسن أن يقال: زيد حسن الوجه؛ لأن من حسن وجهه حسن أن يسند الحسن إلى جملته مجازًا2. وقبح أن يقال: زيد كاتب الأب؛ لأن من كتب أبوه، لا يحسن أن تستند الكتابة إليه3 إلا بمجاز بعيد4. وقد تبين أن العلم بحسن الإضافة5 موقوف على النظر في معناها6 لا على معرفة كونها صفة مشبهة، وحينئذ فلا دور في التعريف المذكور7 كما توهمه ابن الناظم8. فصل: وتختص هذه الصفة عن اسم الفاعل بخمسة أمور. أحدها: أنها تصاغ من اللازم دون المتعدي9؛ كحسن، وجميل، وهو يصاغ   المرفوع. 1- أي لأجل هذا التحويل المذكور. 2- أي من الإسناد إلى الجزء وإرادة الكل، والباعث عليه قصد التخفيف. 3- لأن الأب ليس جزءًا من الابن؛ فلا يسوغ أن يطلق أحدهما ويراد الآخر. 4- وهو الإسناد إلى المضاف، وإرادة المضاف إليه. 5- أي في إضافة الصفة إلى مرفوعها. 6- أي المعنى الثابت لفاعل الصفة؛ وهو: نسبة الحدث إلى موصوفه على سبيل الثبوت، والدوام، فما جاز من الصفات أن يسند إلى ضمير موصوفه، فإضافته إلى موصوفه حسنة، وما لا، فلا. 7- أي التعريف الذي ذكره المصنف، واتبع فيه الناظم في قوله: * صفة استحسن جر فاعل ... إلخ. 8- حيث قال: إن هذه الخاصة -وهي الإضافة إلى الفاعل- لا تصلح للتعريف بالصفة المشبهة وتمييزها عن غيرها؛ لأن العلم بالصفة المشبهة متوقف على استحسان إضافتها للفاعل، واستحسان الإضافة متوقف على العلم بكونها صفة مشبهة، فجاء الدور. وقد دفع المصنف ذلك بما حاصله: أن العلم باستحسان الإضافة موقوف على النظر في المعنى الثابت للفاعل، لا على العلم بكونها صفة مشبهة. 9- إلا إذا كان المتعدي في حكم اللازم وفي منزلته؛ مثل: ممدود القامة، وعالي الرأس، إذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 منهما؛ كقائم، وضارب. الثاني: أنها للزمن الحاضر الدائم1 دون الماضي المنقطع، والمستقبل. وهو يكون لأحد الأزمنة الثلاثة. الثالث: أنها تكون مجارية للمضارع في تحركه وسكونه؛ كطاهر القلب، وضامر البطن، ومستقيم الرأي، ومعتدل القامة، وغير مجارية له. وهو الغالب فلي المبنية من الثلاثي3؛ كحسن، وجميل، وضخم، وملآن. ولا يكون اسم الفاعل إلا مجاريا له.   أريد لكل من "ممدود" و"عالي"، الثبوت الدوام، وفعلهما: مد وعلا. وكلاهما متعد، ولكن مجيء الصفة المشبهة منهما، جعلهما بمنزلة اللازم، وكذلك إذا حول إلى "فعل" بالضم، كما في رحمان ورحيم وعلين؛ فإنها صفات من رحم، وعلم، وكلاهما متعد. 1- أي الثابت المستمر؛ فلا بد أن يشمل معناها الأزمنة الثلاثة مجتمعة، ولا يقتصر على بعضها؛ فلا يصح -على الراجح- أن يقال: الوجه حسن أمس، أو الآن، أو غدا، ودلالة الصفة المشبهة على الدوام، عقلية لا وضعية؛ لأنه لما انتفى عنها التجدد والحدوث، ثبت الدوام عقلا؛ لأن الأصل في كل ثابت دوامه واستمراره. وإلى الأمرين السابقين أشار الناظم بقوله: وصوغها من لازم لحاضر ... كطاهر القلب جميل الظاهر* أي أنها تصاغ من مصدر الثلاثي اللازم، للدلالة على معنى متصل بالزمن الحاضر -أي الحالي- اتصال دوام وملازمة. ثم مثل بمثالين: أحدهما اسم فاعل، قصد به الثبوت والاستمرار؛ فصار صفة مشبهة؛ وهو: طاهر القلب، وبقي على وزنه. والثاني: صفة مشبهة أصيلة؛ وهو: جميل الظاهر. 2- أما المبنية من مصدر غير الثلاثي، فلا بد من مجاراتها لمضارعها. والمراد بالمجاراة: تساوي عدد الحروف المتحركة والساكنة في كل منهما، وأن يكون ترتيب المتحرك والساكن فيهما متماثلا.   * "وصوغها" معطوف على "جر فاعل" المتقدم، أو مبتدأ ومضاف إليه حذف خبره؛ أي وصوغها واجب من لازم ... إلخ. "من لازم لحاضر" متعلقان بصوغها. "كطاهر القلب" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، ومضاف إليه. "جميل الظاهر" معطوف على طاهر القلب بإسقاط العاطف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 الرابع: أن منصوبها لا يتقدم عليها1، بخلاف منصوبه2؛ ومن ثم صح النصب في نحو: زيداً أنا ضاربه3، وامتنع في نحو: زيد أبوه حسن وجهه4. الخامس: أنه يلزم كون معمولها سببياً5؛ أي متصلا بضمير موصوفها؛ إما لفظاً نحو: زيد حسن وجهه، وإما معنى؛ نحو: زيد حسن الوجه؛ أي منه6، وقيل: إن   1- أي إن كان شبيها بالمفعول به؛ لأنه كان فاعلا في الأصل. أما المعمولات الأخرى، فيجوز تقديمها؛ تقول: محمد بالضعفاء رحيم القلب. 2- فإنه يجوز تقديمه؛ إذا كان غير مقرون بأل نحو: العواصف شجرا مقتلعة. أما المقترن بأل، أو المجرور بإضافة، أو بحرف جر أصلي، فيمتنع تقديم منصوبه؛ ففي مثل: هذا غلام قاتل زيدا، ومررت بضارب زيدا، يمتنع تقديم "زيدا"، أما نحو: لست بضارب زيدا؛ فلا يمتنع التقديم لزيادة الجار، أما المرفوع والمجرور فلا يتقدمان فيهما؛ ولأن المرفوع فاعل، والمجرور مضاف إليه، وكلاهما لا يتقدم. 3- أي بنصب "زيدا" على الاشتغال، وتقدمه على اسم الفاعل المشتغل عنه بالعمل في ضميره؛ لأنه لو تفرغ من الضمير لعمل فيه، وما يعمل في المتقدم عليه، يصح أن يفسر عاملا فيه. 4- فلا يصح نصب الأب، بصفة محذوفة معتمدة على زيد، تفسرها الصفة المذكورة المشتغلة عنه بنصب سببيه؛ وهو "وجهه"؛ لأن الصفة المشبهة لا تعمل في متقدم، وما لا يعمل لا يفسر عاملا؛ فوجب رفعه على أنه مبتدأ ثان، و"حسن" خبره، والجملة خبر "زيد". 5- أي: إذا كان مجرورا أو منصوبا على التشبيه بالمفعول به. وكذلك إذا كان معمولها مرفوعا، والصفة جارية على الموصوف. والمراد بالسببي: ما ليس أجنبياً من الموصوف؛ فيشمل الضمير البارز المتصل؛ نحو: حسن الوجه طلقه أنت، فيجوز في الهاء أن تكون في محل نصب أو جر "لطلق"، و"حسن الوجهه طلقه" خبران مقدمان، و"أنت" مبتدأ مؤخر. 6- "فالوجه" معمول لحسن؛ وهو سببي؛ لأنه متصل بضمير الموصوف معنى؛ وهو "زيد"، وقد حذف الضمير مع حرف الجر، ولكنه ملحوظ كأنه موجود. وهذا رأي البصريين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 "أل" خلف عن المضاف إليه1. وقول ابن الناظم: إن جواز نحو: زيد بك فرح2، مبطل لعموم قوله3: إن المعمول لا يكون إلا سببيًا مؤخرًا، مردود؛ لأن المراد بالمعمول4 ما عملها فيه بحق الشبه5؛ وإنما عملها في الظروف، بما فيها من معنى   1- وهو الضمير، وعلى ذلك فلا حذف. وهذا رأي الكوفيين، واعترض عليه بأنه قد يصرح بالضمير مع أل؛ كما في قول طرفة بن العبد من معلقته: رحيب قطاب الجيب منها رقيقة ... بجس الندامى بضة المتجرد الشاهد: في "الجيب منها". رحيب: متسع قطاب: مخرج الرأس منه. والجس: اللمس. البضة: البيضاء الرخصة. المتجرد: جسدها المتجرد من ثيابها. وعلى الرغم من هذا الاعتراض يستحسن بعض العلماء رأي الكوفيين؛ لخلوه من الحذف والتقدير. وعليه يكون السببي هو: المتصل بضمير صاحب الصفة أو بما يغني عن الضمير، وإلى الأمرين السابقين يشير الناظم بقوله: وسبق ما تعمل فيه مجتنب ... وكونه ذا سببية وجب* أي يجتنب أن يسبقها ما تعمل فيه، ووجب كون معمولها ذا سببية. وقد أوضحنا ذلك. 2- أي مما تقدم فيه المعمول -وهو هنا "بك- على الصفة؛ وهي "فرح" مع أنه غير بسببي؛ لأنه ليس اسماً ظاهراً مضافًا إلى ضمير يعود إلى الموصوف، وهو "زيد". 3- أي قول الناظم. 4- أي في قوله: وسبق ما تعمل فيه مجتنب 5- أي بسبب مشابهتها لاسم الفاعل، وهو المنصوب على التشبيه بالمفعول به كما يفهم ذلك من قوله: وعمل اسم فاعل المعدى ... لها على الحد الذي قد حدا**   * "وسبق" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. "تعمل فيه" الجملة صلة ما "مجتنب" خبر المبتدأ."وكونه" مبتدأ وهو مصدر كان الناقصة، مضاف إلى اسمه. "ذا سببية" ذا خبر الكون الناقص، وسببية مضاف إليه. "وجب" الجملة خبر الكون الواقع مبتدأ. ** "وعمل" مبتدأ مضاف إلى ما بعده. "المعدى" مضاف إليه، وهو نعت لمحذوف: أي الفعل المعدى "لها" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. "على الحد" متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في الخبر. "الذي" صفة للحد، أوبدل منه."قد حدا"الجملة صلة الذي والألف للإطلاق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 الفعل. وكذا عملها في الحال، وفي التمييز1 ونحو ذلك2، بخلاف اسم الفاعل3. فصل: لمعمول هذه ثلاث حالات4: الرفع على الفاعلية. وقال الفارسي: أو على الإبدال من ضمير مستتر في الصفة5. والخفض بالإضافة، والنصب على التشبيه   أي ما ثبت لاسم الفاعل المتعدي لواحد، يثبت لها على الضبط والتحديد الذي قد حدد لكل منهما؛ ومن ذلك؛ أن منصوبها لا يسمى مفعولا به؛ وإنما يسمى: المنصوب على التشبيه بالمفعول به إن كان معرفة؛ أما المنصوب على وجه آخر، والمرفوع، فلا يشترط فيهما ذلك. 1- مثال الحال: محمد حسن وجه طلقه. مثال التمييز: على فصيح قولا. 2- أي من الفضلات التي ينصبها الفاعل المتعدي واللازم، ولا يمنع من تقديمها مانع آخر، ما عدا المفعول المطلق. 3- فإنه لقوة شبهة بالفعل، يعمل في متأخر ومتقدم، وفي سببي، وفي أجنبي. هذا: ومما تختص به الصفة المشبهة أيضاً: أ- أنها لا تعمل محذوفة؛ فلا يجوز: هذا حسن القول والعمل، بنصب "الفعل" على تقدير: وحسن الفعل. أما اسم الفاعل فيجوز: أنت ضارب اللص والخائن. ب- أنه لايجوز أن يفصل بينها وبين معمولها المرفوع أو المنصوب بظرف، أو جار ومجرور عند الجمهور؛ إلا للضرورة. جـ- أنه لا يراعى لمعمولها المجرور محل بالعطف أو غيره، بخلاف اسم الفاعل. د- إنها لا تتعرف بالإضافة مطلقا، بخلاف اسم الفاعل؛ فإنه يتعرف بها إذا كان بمعنى الماضي فقط، وأريد به الاستمرار، فيلحظ في هذا الاستمرار جانب المضي وحده. هـ- أن "أل" الداخلة عليها حرف تعريف لا غير، أما الداخلة على اسم الفاعل، فاسم موصول ومعرفة معا على الاصح فيهما. 4- هنالك معمول يمتنع فيه الرفع، وآخر يجب فيه؛ كما سيجيء ذلك قريباً. 5- أي بدل بعض من كل إذا أمكن ذلك. لا مطلقاً. قال الصبان: ويتعين الرفع على الفاعلية في نحو: مررت بامرأة حسن الوجه؛ لأن الصفة لو تحملت الضمير لوجب تأنيث الوصف بالتاء. ويتعين عدمه في نحو: مررت بامرأة حسنة الوجه؛ لأن الوجه لو كان فاعلا، لوجب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 بالمفعول به أن كان معرفة، وعلى التمييز إن كان نكرة1. والصفة مع كل من الثلاثة: إما نكرة، أو معرفة2، وكل من هذه الستة3 للمعمول معه ست حالات؛ لأنه إما "بأل"؛ كـ"الوجه" أو مضاف لما فيه "أل"؛ كوجه الأب، أو مضاف للضمير؛ كوجهه، أوة مضاف لمضاف للضمير؛ كـ"وجه أبيه"، أو مجرد؛ كـ"وجه"، أو مضاف إلى المجرد كـ"وجه أب"؛ فالصور ست وثلاثون؛ الممتنع منها أربعة4؛ وهي: أن تكون الصفة بأل والمعمول مجرداً منها، ومن الإضافة إلى تاليها، وهو مخفوض5   تذكير الوصف، ويجوز الأمران في نحو: مررت برجل حسن الوجه. 1- ويجوز أيضا في النكرة أن تنصب على التشبيه بالمفعول به. 2- أي مجردة من أل، أو مقرونة بها. 3- أي الحاصلة من ضرب وجوه الإعراب الثلاثة، في حالتي تنكير الصفة وتعريفها. 4- لا يصح فيها إضافة الصفة المشبهة إلى معمولها وجره. 5- لأنه يلزم عليه إضافة ما فيه أل، إلى المجرد منها، ومن الإضافة لتاليها، أو لضمير تاليها، وذلك ممنوع كما تقدم إيضاحه في باب الإضافة. انظر صفحة (33) جزء ثان، وهذا في الصفة المفردة، أما المثناة والمجموعة جمع مذكرسالم، فتجوز إضافتها مطلقا. وقد أشار الناظم إلى حالات المعمول وهذه الصور بقوله: فارفع بها وانصب وجر مع "أل" ... ودون "أل" مصحوب "ال" وما اتصل بها مضافًا أو مجردًا ولا ... تجرر بها مع أل سما من أل خلا ومن إضافة لتاليها وما ... لم يخل فهو بالجواز وسما*   * "بها" متعلق بالرفع. "وانصب وجر" معطوفان على أرفع، وحذف متعلقهما لدلالة هذا عليه."مع أل" مع ظرف، حال من الهاء في بها، وأل مضاف إليه."ودون أل" دون ظرف معطوف على مع، وأل مضاف إليه، "مصحوب أل" مفعول تازعه الأفعال الثلاثة قبل، فأعمل الأخير، وحذف ضميره مما قبله؛ لأنه فضلة. "وما" اسم موصوف عطف على مصحوب أل. "اتصل" الجملة صلة ما. "بها" متعلق بجر. "مضافا" حال من اتصل "أو مجردا" معطوف عليه. "تجرر" مجزوم بلا الناهية. "بها" متعلق بجر. "مع أل" مع ظرف حال من الضمير في بها العائد إلى الصفة، وأل مضاف إليه. "سما" بالقصر لغة في الاسم، مفعول تجرر. "من أل" متعلق بخلا، وجملة "خلا" نعت لسما. "ومن إضافة" معطوف على من أل. "لتاليها" متعلق بإضافة، ومضاف إليه. "وما" الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 كـ" الحسن وجهه"1، أو "وجه أبيه"، أو "وجه"، أو "وجه أب".   أي ارفع بالصفة المشبهة، أو انصب، أو جر، مع وجود "أل" فيها، ودون وجودها -المعمول المقترن بأل، والمعمول المتصل بالصفة إذا كان مضافا، أو مجرداً من "أل" والإضافة. ويدخل تحت قوله: مضافا، ما ذكره المصنف من المعمول المضاف بأنواعه. ثم ذكر الحالات التي لا يجوز فيها الجر؛ فقال: لا تجرر بالصفة المشبهة المقرونة بأل، اسما خلا من "أل"، أو من الإضافة لما فيه "أل"، ويشمل ذلك الصور الأربعة التي ذكرها المصنف، وما لم يخل من ذلك يجوز جره، كما يجوز رفعه ونصبه. 1- محل الامتناع في هذا وفي الأمثلة الثلاثة بعده، إذا كان الموصوف غير محلى بأل، كزيد مثلا، وإلا جاز الجر؛ تقول: مررت بالرجل الحسن وجهه ... إلخ؛ لان معمول الصفة حينئذ مضاف لضمير ما فيه أل. هذا: وتنقسم الصور الجائزة إلى ثلاثة أقسام: قبيح، وضعيف، وحسن، فالقبيح: رفع الصفة؛ سواء كانت مع "أل" أو مجردة منها، نكرة، ويشمل ذلك أربع صور؛ هي: الحسن وجهه، أو وجه أب، حسن وجه، أو وجه أب، ووجه القبح: غلو الصفة لفظا عن ضمير الموصوف؛ وإنما جازت لتقدير الضمير فيها. والضعيف نصب الصفة النكرة -المعارف مطلقا، وجرها المضاف إلى ضمير الموصوف، أو إلى المضاف إلى ضميره، وذلك ست صوره؛ مثل: حسن الوجه، أوجه الأب، أو وجهه، أو وجه أبيه؛ بالنصب فيهن. وحسن وجهه، وحسن وجه أبيه، بالجر فيهما، ووجه الضعف: إجراء وصف القاصر مجرى وصف المتعدي، في حالة النصب. وشبه إضافة الشيء إلى نفسه في حالة الجر. والحسن ما عدا ذلك، وهو اثنتان وعشرون صورة.   اسم شرط مبتدأ أول. "لم يخل" الجملة فعل الشرط. "فهو" الفاء للربط، و"هو" مبتدأ. "بالجواز" متعلق بوسما الوقاع خبراً للمبتدأ، وجملة الشرط والجواب خبر المبتدأ الأول، والوسم: العلامة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 ................................................   الأسئلة والتمرينات: 1- كيف تصوغ اسم الفاعل من الثلاثي، صحيح العين ومعتلها؟ وضح بالأمثلة. 2- يأتي اسم الفاعل صفة مشبهة، فمتى يكون ذلك؟ وهل يبقى على زنته؟ وضح ما تقول بأمثلة من عندك. 3- ما زنة اسمي الفاعل والمفعول من غير الثلاثي؟ اذكر أمثلة لذلك. 4- اذكر أوجه الشبه التي من أجلها سميت الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي للواحد؟ 5- اذكر أوزان الصفة المشبهة من بابي "فرح"، "وشرف" ومثل. 6- بين اسم الفاعل والصفة المشبهة فروق؛ فلما هي؟ وضح ذلك بأمثلة. 7- كيف يعرب معمول الصفة المشبهة معرفة ونكرة؟ وما حكم المعمول من حيث التقدم وعدمه؟ 8- فيما يأتي شواهد لاسمي الفاعل، والمفعول، والصفة المشبهة، بين الشاهد، وأعرب ما تحته خط: قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ، هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} . قيل في صفة الرسول -صلى الله عليه وسلم: "وشثن أصابعه"، أي غليظها. وقيل لعرب: ما المروءة عندكم؟ قال": طعام مأكول، ونائل مبذول، وبشر مقبول. أعندي وقد مارست كل خفية ... يصدق واش أو يخيب سائل وإني لسهل ما تغير شيمتي ... صروف ليالي الدهر بالفتل والنقض ومن يك منحل العزائم تبعا ... هواه فإن الرشد منه بعد لعل عتبك محمود عواقبه ... وربما صحت الأجسام بالعلل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 ................................................   تباركت إني من عذابك خائف ... وإني إليك تائب النفس باخع السمح في الناس محبوب خلائقه ... والجامد الكف ما ينفك ممقوتًا 9- بين نوع كل من المشتقات الآتية، وضعه في جملة من إنشائك، وهات فعله الذي اشتق منه: قاض، لطيف، قوال غير فعال، سمح الأخلاق، جيد، نقي العرض، فكه الحديث، لماع، مرضى السجايا، مغررو بنفسه، متعال على إخوانه. 10- يقول الفرزدق الشاعر الأموي في مدح سيدنا علي زين العابدين بن الحسين -رضي الله عنهما: سهل الخلقية لا تخشى بوادره ... تزينه الخصلتان الحلم والكرم حمال أثقال أقوام إذا اقترحوا ... حلو الشمائل يحلو عنده نعم اشرح البيتين شرحاً أدبياً، وبين ما فيهما من شواهد، وأعرب ما تحته خط. 11- ضغ اسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة من الأفعال الآتية. لأن، ساد، أضطر، روى، هاب، نشط، حلا، استدعى، قاد، رقى. صورة سكانر 12- صغ من الأفعال الآتية: اسمي الفاعل والمفعول، والصفة المشبهة: عض، استعان، تكبر، تخاصم، انبطح، نعم، ولي، سما، استولى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 باب: التعجب مدخل ... باب: التعجب 1 وله عبارات كثيرة؛ نحو: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} 2، "سبحان ال له3 إن المؤمن لا ينجس"، لله دره فارساً! 4.   باب: التعجب 1- هو انفعال وتأثر داخلي يحدث في النفس عند استعظام أمر له مزية ظاهرة؛ بسبب زيادة فيه، جعلته نادرا ولا نظير له، وقد خفي سببها، قيل: ولعل هذا معناه اللغوي. أما عند النحاة فهو: استعظام زيادة في وصف الفاعل خفي سببها، وخرج بها المتعجب به عن أمثاله، أو قل نظيره فيها. وهذا يفسر اشتراط أن يكون الفعل الذي توخذ من مصدره صيغة التعجب مبنيا للمعلوم؛ فلا يتعجب مما لا زيادة فيهن ولا مما ظهر سببه؛ ولهذا يقال: إذا ظهر السبب بطل العجب. وأيضاً، لا يوصف المولى -سبحانه- بأنه متعجب؛ لأنه لا يخفى عليه -سبحانه- شيء، وما ورد في كلامه أو في الحديث الشريف أو غيرهما، مما يدل على التعجب؛ فالمراد منه: إما توجيه المخاطبين إلى إظهار العجب؛ نحو: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّار} ؛ أي: إن حالهم تستدعي أن يتعجب منها. أو المراد لازمة؛ وهو الرضا والتعظيم، ونحو ذلك من الأغراض البلاغية: حديث: "عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل" أي: وهم أسارى المشركين، يسلمون فيدخلون الجنة. وكان القياس عدم التعجب من صفاته -تعالى: لأنها لا تقبل الزيادة؛ نحو: ما أعظم الله، وما أقدره، وما أجله، وما أعلمه، ولكنهم أجازوا ذلك بقصد الثناء عليه، على أن المعنى: إنه -تعالى- في غاية العظمة، وإن عظمته مما تحار فيها العقول. 2- المعنى: أتعجب من كفركم بالله، فاستعملت "كيف" للتعجب مجازاً عما وضعت له من الاستفهام عن الأحوال من الآية 28 من سورة البقرة. 3- "سبحان" لفظ موضوع للتنزيه، وقد استعمل للتعجب؛ لأن الإنسان يسبح الله عند رؤية مخلوقاته العجيبة. والمتعجب منه حال المخاطب المتوهم نجاسة المؤمن، وهذا حديث قاله -عليه السلام- لأبي هريرة، حين رآه في بعض طرق المدينة، وكان جُنُبًا، فأبى أن يقابله حتى اغتسل. 4- قول لبعض العرب، ومن الصيغ التعجبية غير ما ذكر: "يا لك" أو "يا له"، وقولهم: عجبت من كذا، إلى غير ذلك، من كل ما يدل على التعجب بقرينة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 والمبوب له منها في النحو اثنتان1: إحداهما:"ما أفعله"؛ نحو: ما أحسن زيدًا! فأما "ما" فأجمعوا على اسميتها2؛ لأن في "أحسن" ضميرًا يعود عليها3، وأجمعوا على أنها مبتدأ لأنها مجردة للإسناد إليه. ثم قال سيبويه: هي نكرة تامة4 بمعنى شيء، وابتدئ بها لتضمنها معنى التعجب5، وما بعدها خبر6؛ فموضعه رفع. وقال الأخفش: هي معرفة ناقصة7؛ بمعنى الذي، وما بعدها صلة فلا موضع له. أو نكرة ناقصة8، وما بعدها صفة فمحله رفع، وعليهما فالخبر محذوف وجوباً؛ أي شيء عظيم9.   1- أي: قياسيتان في التعجب، يدلان عليه بالوضع لا بالقرينة كغيرهما. وقد يتضمنان أحيانًا مع التعجب غرضا آخر؛ كالمدح أو الذم؛ كما سيأتي بعد. 2- وهي علامة التعجب؛ ولذا تسمى: "ما التعجبية". ويجب تقديمها على الفعل. 3- أي: والضمير لا يعود إلا على الأسماء، وهذا الضمير هو فاعل "أحسن"، وهو مستتر وجوباً، ويكون مفردا مذكرا غالباً. 4- يراد بالنكرة: أنها بمعنى شيء أي شيء. وبالتمام: أنها غير موصوفة بشيء بعدها، وقد أفادها التنكير الإبهام، وهو يناسب التعجب؛ لأنه يكون فيما خفي سببه. 5- ذلك لأنها توجه الذهن إلى أن ما بعدها عجيب، وأن الذي أوجده عظيم؛ فلها دخل في إفادته. أما الموضوع للتعجب فهو الجملة بتمامها. 6- أي عن الجملة الفعلية، والتقدير: شيء من الأشياء أحسن زيدا؛ أي جعله حسنا، وهذا باعتبار الأصل. أما الآن فليس المقصود بهذا التركيب الإخبار؛ بل المراد إنشاء التعجب؛ ولذا جاز استعماله في التعجب مما يستحيل كونه بجعل جاعل؛ كالتعجب من صفاته -تعالى- كما أسلفنا قريبا في نحو: ما أقدر الله، وما أعلمه ... إلخ. 7- أي اسم موصول؛ لأنها تحتاج في إفهام المراد منها إلى الصلة. 8- أي موصوفة بمعنى شيء، تحتاج إلى صفة. 9- ويؤخذ على قول الأخفش: أن فيه حذف الخبر من غير أن يسد مسده شيء. وفيه أيضا: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 وأما "أفعل" كأحسن؛ فقال البصريون والكسائي: فعل، للزومه مع ياء المتكلم ونون الوقاية1، نحو: ما أفقرني إلى رحمه الله -تعالى، ففتحته بناء؛ كالفتحة في ضرب، من: زيد ضرب عمراً، وما بعده مفعول به2. وقال بقية الكوفيين: اسم؛ لقولهم: ما أحيسنه3، ففتحته إعراب؛ كالفتحة في "زيد عندك؛ وذلك4 لأن مخالفة الخبر للمبتدأ تقتضي عندهم نصبه5 و"أحسن"؛ إنما هو في المعنى وصف لزيد لا لضمير "ما"6، "وزيد" عندهم مشبه بالمفعول به7. الصيغة الثانية: "أفعل به؛ نحو: أحسن بزيد. واجمعوا على فعليه "افعل"8 ثم   تقديم الإفهام بالصلة أو الصفة، وتأخير الإبهام بالتزام حذف الخبر. والمألوف في الكلام الذي يتضمن إفهاما وإبهاما، تقديم الإبهام؛ فالراجح ماذهب إليه سيبويه من أنها نكرة تامة، وينبغي الأخذ به؛ لأنه خال من التعسف والحذف والتأويل من غير داع. 1- أي: ونون الوقاية لا تلزم إلا الفعل. 2- وهو في المعنى فاعل ولهذا المفعول أحكام خاصة؛ منها: أنه لا يحذف إلا إذا دل عليه دليل. ولا يكون إلا معرفة أو نكرة مختصة. ولا يتقدم على عامله. ولا يحال بينهما إلا بالظرف الصحيح. وسيذكر المصنف بعض هذه الأحكام. 3- أي: والتصغير من خصائص الأسماء. ويجيب البصريون، ومعهم الكسائي من الكوفيين: بأن هذا شاذ فلا ينهض دليلا على الاسمية. 4- أي كون فتحته فتحة إعراب، مع كونه خبرا. 5- أي نصب الخبر، فعامل النصب عندهم في الخبر هو المخالفة للمبتدأ؛ أي كون "ليس" وصفا له، أما إذا كان الخبر هو المبتدأ في المعنى: كالله ربنا أو مشبها به؛ نحو: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُم} ؛ فإنه يرتفع ارتفاعه. من الآية 6 من سورة الأحزاب. 6- هذا بيان للمخالفة هنا، وهي أن الخبر ليس وصفا للمبتدأ في المعنى، وفيه إشارة إلى أن معنى "أحسن" عنددهم: فائق في الحسن، لا صير زيد حسنا، كما هو مذهب البصريين؛ إذ التصيير صفة لضمير "ما"، لا لزيد. 7- وذلك لوقوعه بعد ما يشبه الفعل في الصورة. 8- لأن هذه الصيغة لا تكون إلا للفعل. أما "أصبع" فنادر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 قال البصريون: لظفه لفظ الأمر1، ومعناه الخبر2، وهو في الأصل فعل ماض على صيغة "أفعل"؛ بمعنى: صار ذا كذا3؛ كأغدا البعير، أي صار ذا غدة4، ثم غيرت الصيغة5، فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر6، فزيدت الباء في الفاعل؛ ليصير على صورة صيغة المفعول به7؛ .............................................................   1- أي أنه جاء على صورة الأمر، فيبنى على السكون إن كان صحيح الآخر، وعلى حذف حرف العلة إن كان معتلا؛ كالأمر، نظرا لصورته. أو يبنى على فتح مقدار منع من ظهوره مجيئة على صورة الأمر؛ نظرا لمعناه. 2- أي معناه في الاصل الخبر. أما الآن فالجملة كلها لإنشاء التعجب، ولا تدل على زمن مطلقا كما بينا قريبا. أو يكون مراد المصنف بالخبر، ما قابل الطلب، فيشمل الإنشاء غير الطلب كما هنا. 3- أي: أن أصل "أحسن بزيد": أحسن زيد، أي صار ذا حسن، فهمزته للصيرورة. وهكذا باقي صيغ "افعل" التي جاءت في ظاهرها على صورة الأمر؛ وهي في الحقيقة فعل ماض يراد منه التعجب. 4- الغدة: طاعون الإبل، ولا تكون الغدة إلا في البطن. 5- أي: غيرت إلى صيغة الأمر؛ وذلك عند قصد التعجب؛ ليوافق اللفظ في التغيير، تغيير المعنى من الإخبار إلى الإنشاء. 6- لأن فعل الأمر لا يرفع الاسم الظاهر مطلقا. 7- وزيادتها في هذا الموضع لازمة، إذا كان المجرور بها اسما صريحا لا مصدرا مؤولا. وإلى صيغتي التعجب المذكورتين أشار الناظم بقوله: "بأفعل" انطق بعد "ما" تعجبا ... أو جيء بـ"أفعل" قبل مجرور ببا* أي انطق بصيغة "أفعل" لأجل التعجب، بشرط أن تقع هذه الصيغة بعد "ما" التعجبية. أو جيء بصيغة "أفعل" بعدها المتعجب منه؛ أي من شيء فيه، مجرورًا بالباء.   * "بأفعل": متعلق بانطق، "بعد": ظرف متعلق بانطق أيضا، "ما": اسم تعجب مضاف إليه، "تعجبا": مفعول لأجله أو حال من فاعل انطق عل التأويل بالمشتق أي انطق متعجبا، "أو جئ": معطوف على انطق وما بعده متعلق به، "ببا": متعلق بمجرور وقصر للضرورة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 كـ"امرر بزيد"؛ ولذلك التزمت1 بخلافها في: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} 2؛ فيجوز تركها؛ كقوله: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا3 وقال الفراء والزجاج، والزمخشري، وابن كيسان، وابن خروف: لفظه ومعناه الأمر،   1- أي التزمت زيادتها صونا للفظ عن القبح، إلا إذا كان المجرور بها -وهو الفاعل- مصدرا مؤولا من "أن" أو "أن" وصلتهما؛ لاطراد حذف الجار في ذلك؛ كقول العباس بن مرداس: واحبب إلينا أن تكون المقدما أي بأن تكون: 2- الآية 79، 116 من سورة النساء، 28 من سورة الفتح. 3- عجز بيت من الطويل، لسحيم بن وثيل، عبد بني الحسحاس، وصدره: عميرة ودع إن تجهزت غاديا وبعده: تريك غداة البين كفا ومعصما ... ووجها كدينار الهرقلي صافيا كأن الثريا علقت فوق نحرها ... وجمر غضى هبت له الريح ذاكيا اللغة والاعراب: عميرة: اسم محبوبته، وهو تصغير عمرة. تجهزت: تهيأت وأعددت ما يلزمك في سفرك. غاديا: اسم فاعل من غدا؛ أي ذهب وقت الغداة، وهي ما بين الفجر وطلوع الشمس. "عميرة": مفعول مقدم لودع. "إن تجهزت" شرط وفعله وفاعله. "غاديا" حال من التاء في تجهزت. "الشيب" فاعل كفى. "والإسلام" معطوف عليه. "للمرء" متعلق بناهيا الواقع حالا من الشيب، ويجوز أن يكون "ناهيا" تمييزا مبينا لنسبة الكفاية إليه. المعنى: يجرد من نفسه شخصا يخاطبه، ويقول له: اترك عميرة وودعها وداع شخص أعد عدته لترك نوازع الصبا، متعظا بما حل به من الشيبن واعتصم به من حرمة الإسلام، وكفى بذلك واعظا. روي: أن عمر -رضي الله عنه- حين سمعه ينشد هذا البيت قال: لو قدمت الإسلام على الشيب لأجرتك. الشاهد: إسقاط الباء من فاعل "كفى" لعدم التزامها. بخلافها في فاعل فعل التعجب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 وفيه ضمير1؛ والباء للتعدية2. ثم قال ابن كيسان: الضمير للحسن3. وقال غيره: للمخاطب4؛ وإنما التزم إفراده5 لأن كلام جرى مجرى المثل.   الذي على صورة الأمر؛ فهي لازمة كما بينا، رفعا للقبح. 1- أي مستتر تقديره أنت، وهو الفاعل. 2- فهي حرف أصلي، وهي ومجرورها في محل نصب على المفعولية. وقيل: الهمزة -على قول الفراء ومن وافقه- للنقل، والباء زائدة. 3- أي المصدر المفهوم من أحسن، والتقدير: أحسن يا حسن بزيد؛ أي دم به والزمه؛ ولذلك أفرد الضمير؛ لأن ضمير المصرد كالمصدر؛ لا يثنى ولا يجمع. 4- أي الذي يراد منه أن يتعجب. وعليه يكون معنى أحسن بزيد: اجعل يا مخاطب زيدا حسنا، أي صفة بالحسن كيف شئت. وعلى كل فالضمير المذكور مفرد مذكر دائما؛ فلا يقال في التأنيث: أحسني، ولا في التثنية والجمع: أحسنا، وأحسنوا، وأحسن. 5- أي مع تغيير المخاطبين، وكذلك تذكيره واستتاره. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وتلو "أفعل" أنصبنه كـ"ما ... أوفى خليلينا وأصدق بهما* أي أنصب ما يجيء بعد "أفعل" على أنه مفعول به، وهو المتعجب منه. ثم ذكر مثالين: أحدهما للمتعجب منه المنصوب بعد "أفعل"؛ وهو: ما أوفى خليلينا، والثاني للمتعجب منه المجرور بالباء بعد "أفعل"؛ وهو: أصدق بهما. هذا: ولا يتعجب إلا من معرفة أو نكرة مختصة؛ نحو: ما أحسن محمدا. وما أسعد رجلا يتقي الله في عمله، وذلك لأن المتعجب منه مخبر عنه في المعنى؛ فلا يجوز: ما أحسن رجلا، ولا أحسن برجل؛ لعدم الفائدة.   * "وتلو أفعل"؛ أي تالي أفعل، تلو مفعول لمحذوف يفسره ما بعده، وهو انصبته، و"أفعل" مقصود لفظه مضاف إليه."كما" الكاف جارة لقول محذوف. "ما" تعجيبة مبتدأ. "أوفي" فعل تعجب وفاعله مستتر وجوبا يعود إلى ما. "خليلينا" مفعول أو في منصوب بالياء ومضاف إليه، والجملة خبر ما. "وأصدق" فعل ماض جاء على صورة الأمر. "بهما" الباء زائدة، والضمير فاعل أصدق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 مسألة: في جواز حذف المتعجب منه ... مسألة: ويجوز حذف المتعجب منه 1 في مثل: ...................................................   1- المراد بالمتعجب منه: المعمول الذي له صلةى بالأمر الذي يدعو للتعجب من صفة أو فعل؛ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 "ما أحسنه"، إن دل عليه دليل1؛ كقوله: ربيعة خيراً ما أعف وأكرما وفي "أفعل به" إن كان "أفعل" معطوفا على آخر، مذكور معه؛ مثل ذلك المحذوف؛ نحو: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِر} 3، وأما قوله:   فإذا قلت: ما أحسن الإخلاص في العمل؛ فإن التعجب من حسن الإخلاص، لا من الإخلاص ذاته؛ لأن التعجب من الأحوال لا من الذوات. 1- ويشترط أن يكون ضميرا، سواء أكان منصوبا "بأفعل" أم مجرورا بالباء بعد "أفعل". 2- عجز بيت من الطويل لسيدنا علي بن أبي طالب، من كلمة يمدح فيها ربيعة على ما أبلت معه يوم صفين، وصدره: جزى الله عني والجزاء بفضله* اللغة والإعراب: جزى: كافأ؛ من المجازاة وهي المكافأة. بفضله: بإحسانه. "والجزاء بفضله" الجملة من المبتدأ والخبر معترضة. "ربيعة" مفعول أول لجزي. "خيراً" مفعول ثان. "ما أعف" ما تعجبه مبتدأ، وأعف فعل ماض للتعجب، وفاعله يعود على ما، والجملة خبر المبتدأ. "وأكرما" معطوف على أعف، والألف للإطلاق، ومفعول فعل التعجب؛ وهو المتعجب منه، محذوف للعلم به؛ أي ما أعفها وأكرمها. والمراد هنا: عفتهم عن المغانم وأسلاب القتلى. أنظر إلى قول عنترة: ينبئك من شهد الوقيعة أنني ... أغشى الوغى وأعف عند المغنم الشاهد: حذف المتعجب منه؛ وهو مفعول فعل التعجب؛ لأنه ضمير يدل عليه سياق الكلام. 3- أي: أبصر بهم؛ وإنما جاز حذف المجرور بعد "أفعل" للدليل، مع كونه فاعلا؛ لأن لزومه للجر كساه صورة الفضلة، فجاز فيه ما يجوز فيها، وقيل: لم يحذف، وإنما استتر في الفعل بعد حذف التاء. وقد أشار الناظم إلى حذف المتعجب منه بقوله: وحذف ما منه تعجب استبح ... إن كان عند الحذف معناه يضح*   * "وحذف" مفعول مقدم لاستبح. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "منه" متعلق بتعجب الواقع صلة لما. "إن كان" شرط وفعله."عند الحذف" عند ظرف متعلق بيضح، والحذف مضاف إليه. "معناه" اسم كان. "يضح" الجملة خبر كان، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 حميدا وإن يستغن يوما فأجدر1 أي به، فشاذ2   أي يباح لك ويجوز حذف المتعجب منه؛ وهو المنصوب بعد "أفعل"، والمجرور بالباء بعد "أفعل"، إن كان معناه يظهر عند الحذف؛ بأن دل عليه دليل بعد حذفه. 1- عجز بيت من الطويل، في وصف صعلوك، لعروة بن الورد، المعروف بعروة الصعاليك، وقد كان حفيا بهم، يجمعهم ويقوم بشئونهم وصدره: فذلك إن يلق المنية يلقها اللغة والإعراب: فذلك: الإشارة لصعلوك وصف بأوصاف كثيرة في أبيات قبل هذا البيت؛ منها: ولله صعلوك صحيفة خده ... كضوء شهاب المائس المتنور المنية: الموت. حميدا: محموداً؛ فهو فعيل بمعنى مفعول. فأجدر: أي ما أجدره، وما أحقه. "فذلك" ذا: اسم إشارة مبتدأن واللام للبعد، والكاف حر خطاب. "إن يلق" شرط وفعله، والفاعل يعود إلى الصعلوك. "المنية" مفعول به. "يلقها" يلق فعل مضارع جواب الشرط، مجزوم بحذف الألف، و"ها" مفعول تعود على المنية، والجملة خبر المبتدأ، "حميدا" حال من فاعل يلقها. "فأجدر" الفاء واقعة في جواب الشرط الثاني؛ و"أجدر" فعل ماض للتعجب جاء على صورة الأمر، وحرك للروي، وفاعله محذوف؛ أي به، والجملة في محل جزم جواب الشرط. المعنى: هذا الصعلوك الموصوف بالصفات المذكورة، إن مات في سبيل مطالبه، يموت وهو محمود الفعل عند الناس، لما كان عليه من عفة وعزة نفس، وما له من صفات كريمة، وإن عاش واستغنى؛ فما أحقه وما أخلقه بالغنى؛ لأنه وصل إليه بسعيه وجده. الشاهد: في قوله "فأجدر"؛ حيث حذف المتعجب منه مع حرف الجر، من غير أن تكون صيغة التعجب المحذوف معمولها، معطوفة على أخرى مذكور معمولها المشابه للمحذوف، على حد قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} من الآية 38 من سورة مريم. 2- أي لعدم العطف المذكور، قال الصبان: والأوجه عندي أنه ليس بشاذ، وأنه لا يشترط هذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 مسألة: في عدم تصرف الفعلين وإمتناع تقديم معمولهما عليهما وكل من هذين الفعلين ممنوع التصرف1؛ فالأول نظير: تبارك، وعسى، وليس2، والثاني نظير "هب" بمعنى اعتقد، و"تعلم" بمعنى أعلم3. وعلة جمودهما: تضمنهما معنى حرف التعجب الذي كان يستحق الوضع4. مسألة: ولعدم تصرف هذين الفعلين، امتنع أن يتقدم عليهما معمولهما، وأن يفصل بينهما بغير ظرف، ولا مجرور؛ لا تقول: ما زيداً أحسن، ولا بزيد أحسن، وإن قيل: إن "بزيد" مفعول5، وكذلك لا تقول: ما أحسن يا عبد الله زيداً6، ولا أحسن لولا بخله   الشرط؛ بل المدار على وجود مطلق دليل يدل على المحذوف. 1- فكل من الصيغتين يلزم حالة واحدة، مع أن فعلهما الأصلي ثلاثي متصرف؛ ولكنهما يفقدان التصرف بسبب استعمالهما في التعجب، ولا يدلان على حدث ولا زمن؛ لأن الجملة التعجبية متجردة لحض الإنشاء المقصود منه التععجب، اللهم إلا إذا اشتملت على لفظة "كان" أو "يكون" أو غيرهما من الألفاظ التي تدل على زمن معين. 2- أي في الجمود وملازمة المضي. 3- أي في الجمود وملازمة صيغة الأمر. 4- وأيضًا: فإن لزومها حالة واحدة أدل على التعجب؛ لأن التصرف والانتقال من حالة إلى أخرى، ربما يشعر بزوال المعنى الأول، وأجاز هشام الإتيان بمضارع "ما أفعله"؛ فتقول: ما يحسن محمدا؛ وهو قياس ولم يسمع. وفي عدم تصرف هذين الفعلين يقول الناظم: وفي كلا الفعلين قد لزما ... منع تصرف بحكم حتما* أي: ولزم منع تصرف في كلا الفعلين بحكم محتوم قدم؛ أي في الزمن القديم. 5- كما هو رأي الفراء ومن وافقه، وقد تقدم. 6- أي بالفصل بالمنادى بين أحسن ومعموله. وقد ورد في الفصيح ما يدل على جوازه؛ كقول علي -كرم الله وجهه- في عمار بن ياسر، وقد مر به وهو مقتول، فمسح التراب عن   * "وفي كلا": متعلق بلزم. "الفعلين": مضاف إليه. "قدما" ظرف متعلق بلزم أيضاً. "منع تصرف": منع فاعل لزم، وتصرف مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، "حتما": فعل ماض مبني للمجهول، والجملة من الفعل ونائب الفاعل صفة لحكم؛ أي لزم منع تصرف في كلا الفعلين قديما بحكم محتوم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 بزيد1. واختلفوا في الفصل بظرف أو مجرور متعلقين بالفعل، والصحيح الجواز2؛ كقولهم: ما أحسن بالرجل أن يصدق، وما أقبح به أن يكذب، وقوله: وأحر إذا حالت بأن أتحولا3 ولو تعلق الظرف والجار والمجرور بمعمول فعل التعجب، لم يجز الفصل به اتفاقا؛   وجهه: أعزز علي أبا اليقظان أن أراك صريعا مجدلا؛ أي مرميا على الجدالة، وهي الأرض، وأبو اليقظان: كناية عمار بن ياسر. 1- أي بالفصل بلولا الامتناعية ومصحوبها، وأجاز ذلك ابن كيسان. 2- وذلك للتوسع فيهما. وقد أشار الناظم إلى الحكمين السابقين بقوله: وفعل هذا الباب لن يقدما ... معموله ووصله به الزما وفصله بظرف أو بحرف جر ... مستعمل والخلف في ذاك استقر* أي أن معمول الفعل في هذا الباب لا يتقدم على فعله، والزم وصل الممول بفعله، والفصل بالظرف والجار والمجرور مستعمل في الكلام المأثور. والخلاف بين النحاة ثابت في أمر القياس عليه، والصحيح جوازه. ومحل الخلاف إذا لم يكن في معمول فعل التعجب ضمير يعود على المجرور، وإلا وجب الفصل بالجار ومجروره المتعلقين بفعل التعجب؛ كمثال المصنف. 3- عجز بيت من الطويل، لأوس بن حجر، وصدره: أقيم بدار الحزم ما دام حزمها* اللغة والإعراب: دار الحزم: المكان الذي تعتبر الإقامة فيه حزما. أحر: أخلق. حالت: تغيرت. أتحول: انتقل عنها إلى غيرها. "ما" مصدرية ظرفية. "دام" فعل ماض ناقص. "حزمتها" اسم دام مضاف إليه، والخبر محذوف؛ أي موجودا، ويجوز أن تكون "دام" تامة، وحزمها فاعل به، و"أحر" الواو عاطفة، وأحر فعل ماض للتعجب جاء على   * وفعل هذا مبتدأ ومضاف إليه. "الباب" بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة، "معموله" نائب فاعل يقدم، والجملة خبر المبتدأ. "ووصله" مفعول مقدم بالزما، ومضاف إليه، والألف فيه بدل من نون التوكيد الخفيفة "وفصله" مبتدأ ومضاف إليه. "بظرف" متعلق به. "مستعمل" خبر المبتدأ. "والخلف" مبتدأ. "في ذاك" متعلق به. "استقر" الجملة خبر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 نحو: ما أحسن معتكفا في المسجد، وأحسن بجالس عندك1.   صورة الأمر. "إذا" ظرف زمان متعلق بأجر. "حالت" الجملة في محل جر بإضافة إذا إليها. "بأن اتحولا" الباء زائدة، وإن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بها لفظا، وهو في التقدير فاعل لفعل التعجب "أحر"، مرفوع محلا، والألف في أتحولا للإطلاق. المعنى: أقيم بالمكان الذي نعتبر الإقامة فيه من الحزم وحسن التصرف؛ وذلك حيث يكون الإنسان فيه عزيزا مكرما؛ فإذا تغيرت الحال ولاقى الإنسان مهانة، فأخلق به أن يتحول عنه إلى مكان آخر، يلقى فيه العزة والكرامة. الشاهد: الفصل بالظرف- وهو: "إذا حالت- بين فعل التعجب- وهو"احر" - وبين معموله، وهو قوله: "بأن أتحولا". 1- فلا يقال فيهما: ما أحسن في المسجد معتكفا، ولا أحسن عندك بجالس، لئلا يلزم الفصل بين الفعل ومعموله بمعمول معموله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 فصل: في شروط ما يبنى منه هذان الفعلان فصل: وإنما يبنى هذا الفعلان مما اجتمعت فيه ثمانية شروط: أحدها: أن يكون فعلا1؛ فلا يبنيان من "الجلف والحمار"؛ فلا يقال: ما أجلفه2، ولا ما أحمره. وشذ ما ذرع المرأة؛ أي ما أخف يدها في الغزل؛ بنوه من قولهم: امرأة ذراع3. ومثله: ما أقمنه، وما أجدره بكذا4. الثاني: أن يكون ثلاثياً؛ فلا يبنيان من دحرج، وضارب، واستخرج5، إلا "أفعل"؛ ......................   1- أي ماضيا، وإن كان سيفقد الدلالة على الزمن بدخوله في صيغة التعجب. 2- لبنائه من الاسم لا من الفعل، وقد أثبت له القامونس فعلا؛ فقد جاء فيه: الجلف: الرجل الغليظ الجافي. وجلف -كفرح- جلفا وجلافة، وعلى ذلك يصح ما أجلفه، وكذلك ما أحمره؛ فإنه من الحمار؛ وهو الحيوان المعروف، ويرب به المثل في البلادة، ولا فعل له. 3- في القاموس: الذراع كسحاب: الخفيفة اليدين بالغزل، ويكسر. قيل: وقد ذكر ابن القطاع في كتاب الأفعال: ذرعت المرأة، إذا خفت يدها في العمل؛ فهي ذراع. وعلى هذا يكون الشذوذ من حيث البناء من فعل المجهول. 4- فقد بنو الأول من قولهم: هو قمن، أو قمين بكذا، والثاني من قولهم: هو جدير بكذا، ومعناهما: ما أحقه وما أخلقه، ولا فعل لهما. 5- قال الصبان نقلا عن المصرح؛ لأنه يلزم على ذلك حذف بعض الأصول في الرباعي المجرد، وحذف الزيادة الدالة على معنى مقصود في غيره؛ كالمشاركة والمطاوعة، والطلب؛ في نحو: ضارب، وانطلق، واستخرج، مما تدل عليه حروف الزيادة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 فقيل: يجوز مطلقاً1، وقيل: يمتنع مطلقا، وقيل: يجوز إن كانت الهمزة لغير النقل2؛ نحو: ما أظلم الليل، وما أقفر هذا المكان3، وشذ على هذين القولين4: ما أعطاه للدراهم، وما أولاه للمعروف5، وعلى كل قول: ما أتقاه، وما أملا القربة؛ لأنهما من أتقى وامتلأت، وما أخصره؛ لأنه من اختصر، وفيه شذوذ آخر6 سيأتي. الثالث: أن يكون متصرفاً7 فلا يبنيان من نحو: نعم، وبئس. الرابع: أن يكون معناه قابلًا للتفاضل9؛ ......................................   1- أي سواء كانت الهمزة فيه للنقل أم لا. وهذا مذهب سيبويه والمحققين من أصحابه. 2- همزة النقل هي: التي تنقل الفعل من اللزوم إلى التعدي، أو من التعدي لواحد إلى التعدي لاثنين، أو من التعدي لاثنين إلى التعدي لثلاثة، وقد سبق بيانه ذلك في باب تعدي الفعل ولزومه. انظر صفحة "83" جزء ثان. أما التي لغير النقل فهي: التي وضع عليها الفعل، مثل: أظلم، وأضاء وأقفر. 3- لقائل أن يقول: إن همزة "أفعل" في التعجب للنقل ولتعديه ما عدم التعدي في الأصل؛ نحو: ما أظرف زيدا، أو في الحال؛ نحو: ما أضربه لعمرو؛ فالفعلان المذكوران همزتهما للنقل والتعدية، وقد أجيب بأنهما مبنيان من "أفعل" الذي همزته لغير النقل. 4- أي: وهما المنع مطلقا، أو المنع في أحد شقي التفصيل. 5- أما الشذوذ على القول الأول فواضح. وأما على الثاني فلأن الهمزة في المثالين للنقل من التعدي لواحد إلى التعدي لاثنين؛ فإن الأصل: عطا زيد الدراهم؛ أي تناولها، وولي محمد المعروف، أي تناوله. 6- هو: أنه مصوغ من مبني للمفعول. 7- أي في الأصل تصرفا كاملا قبل أن يدخل في الجملة التعجبية. أما بعد دخوله فيها فيصبح جامدا كما سبق. 8- لأن التصرف فيما لا يتصرف نقض لوضعه. 9- أي التفاوت بالزيادة والنقص؛ وذلك ليتحقق معنى التعجب؛ كالعلم، والجهل، والغنى، والحسن، والقبح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 فلا يبنيان من نحو: فني، ومات1. الخامس: ألا يكون مبيناً للمفعول2؛ فلا يبنيان من نحو: رب، وشذ: ما أخصره من وجهين3. وبعضهم يستثني ما كان ملازما لصيغة "فعل"؛ نحو: عنيت بحاجتك، وزهى علينا؛ فيجيز: ما أعناه بحاجتك، وما أزهاه علينا4. السادس: أن يكون تاماً؛ فلا يبنيان من نحو: كان، وظل وبات، وصار، وكاد5. السابع: أن يكون مثبتاً؛ فلا يبنيان من منفي، سواء كان ملازماً للنفي6، نحو، ما عاج بالدواء، أي ما انتفع به7، أم غير ملازم؛ كـ"ما قام زيد"8.   1- لأنه لا تفاوت في الفناء والموت، ولا مزية لبعض فاعليه على بعض حتى يتعجب منه. 2- وذلك لئلا يلبتس المبني من فعل المفعول، بالمبني من فعل الفاعل. 3- هما: كونه من غير ثلاثي، وكونه من المبني للمجهول. 4- إنما استثنى ذلك لأمن اللبس، ولوروده في الأمثال؛ فقد قيل: هو أزهى من ديك، وأزهى من غراب، وأزهى من طاووس. والتفضيل أخو التعجب فيما يشترط فيهما؛ قال في التسهيل: "وقد يبنيان من فعل المفعول إن أمن اللبس". 5- فلا يقال: ما أكون محمدًا مسافرًا مثلا؛ لأنه يستلزم نصب "افعل" لشيئين، وهاذ غير سائغ. ولا يجوز حذف "مسافرا"؛ لامتناع حذف خبر كان، ولا جره باللام؛ لامتناع ذلك أيضاً. وحكى عن الكوفيين: ما أكون زيدا قائما، بناء على أصلهم؛ من أن المنصوب بعد "كان" حال، وهو قول لم يؤيده سماع. 6- لأنه يؤدي إلى اللبس بين التعجب من المثبت، ومن المنفي؛ لأن صيغة التعجب إثبات وليس فيها أداة نفي. 7- مضارعة يعبج؛ أي ينتفع، وهو ملازم للنفي أيضاً، وندر مجيئه للإثبات، أما عاج يعوج؛ بمعنى مال يميل، فيستعمل في النفي والإثبات، ومن وروده منفياً قول جرير: تمرون الديار ولم تعوجوا ... كلامكم علي إذا حرام 8- فلا يقال: ما أقومه. ومثله: ما عاج؛ أي مال؛ فلا يقال أيضًا: ما أعوجه؛ ذلك لئلا يلتبس المنفي بالمثبت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 الثامن: ألا يكون اسم فاعله على "أفعل فعلاء"1؛ فلا يبنيان من نحو: عرج؛ وشهل، وخضر الزرع2.   1- وذلك حملا للتعجب على "أفعل" التفضل الذي يمتنع بناؤه منه لالتباسه بالوصف؛ لجريانهما مجرى وحدًا في أمور كثيرة كما سيأتي، ولأن هذه المعاني تشبه الخلقة الثابتة التي لا تفاوت فيها بالزيادة والنقص. 2- وهكذا من كل ما دل على لون، أو عيب، أو حلية، أو شيء فطري، وإلى الشروط المتقدمة يشير الناظم بقوله: وصغهما من ذي ثلاث صرفا ... قابل فضل تم غير ذي انتفى وغير ذي وصف يضاهي أشهلا ... وغير سالك سبيل فعلا* أي صغ صيغتي التعجب من مصدر الفعل صاحب الحروف الثلاثة: أي الثلاثي، المتصرف، القابل للتفاضل والتفاوت، التام. غير المنفي، والذي صفته المشبهة ليست مثل "أشهل"؛ فإن مؤنثه شهلاء. والشهلة: زرقة تشوب سواد العين، وغير مبني على صيغة "فعل"؛ وهي صيغة بناء الثلاثي للمجهول.   * "وصغهما" صغ فعل أمر والضمير البارز مفعول لفعل الأمر، وهو عائد إلى فعل التعجب. "من ذي ثلاث"؛ أي من مصدر فعل ذي ثلاث، متعلق بصغ، وثلاث مضاف إليه، "صرفا" فعل ماض للمجهول. والجملة صفة لفعل المقدر. "قابل فضل ثم غير ذي انتفا" نعوت لفعل أيضا، بعضها مفرد بوعضها جملة. "غير ذي وصف" معطوف على غير ذي انتفا، ومضاف إليه؛ فهو نعت أيضاً، وفي "سالك" ضمير مستتر هو الفاعل. "سبيل" مفعوله. "فعلا" مضاف إليه مقصود لفظه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 فصل: في كيفية التعجب من فاقد الشروط فصل: ويتوصل إلى التعجب من الزائد على ثلاثة، ومما وصفه على "أفعل فعلاء"، بـ" ما أشد ونحوه1، ..............................................   1- مثل: ما أقوم، وما أضعف، وما أكثر، وما أقل، وما أحسن، وما أقبح، وما أعظم، وما أحقر، وما أكبر، وما أصغر، وغير ذلك مما يناسب المقام. وأشدد، وأشد، مصوغان من شد الثلاثي، وهو مستكمل للشروط، ولذلك صح أن يتوصل بهما إلى التعجب مما لم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 وينصب مصدرهما بعده1. أو بـ"اشدد" ونحوه؛ ويجر مصدرهام بعده بالباء؛ فنقول: ما أشد أو أعظم دحرجته، أو أنطلاقه، أو حمرته. وأشدد أو أعظم بها2. وكذا المنفي والمبني للمفعول، إلا أن مصدرها يكون مؤولًا3 لا صريحا؛ نحو: ما أكثر ألا يقوم، وما أعظم ما ضرب، وأشدد بهما.   يستكمل الشروط، وليس من أشتد الماسي كما فهم البعض. 1- أي ينصب مصدر ما زاد على الثلاثة، أو ما وصفه على "أفعل فعلاء"، بعد أشده ونحوه، على أنه مفعول به. 2- وقد أشار الناظم إلى ذلك بقوله: وأشدد أو أشد أو شبههما ... يخلف ما بعض الشروط عدما ومصدر العادم بعد ينتصب ... وبعد "أفعل" جره بالبا يجب* أي أن صيغة أشدد، على وزن "أفعل"، وأشد، على وزن "أفعل"، وما يشبه هاتين الصيغتين، مما يؤخذ من فعل مستوف للشروط -يخلف الصيغة التي لا يمكن صوغها الفعل الذي عدم- أي فقد- بعض الشروط. ومصدر الفعل العادم للشروط ينصب بعد الصيغة التي جئنا بها؛ مفعولا بعد "ما أفعل"، وبجر بالباء بعد "أفعل". 3- أي: من "أن" والفعل المضارع المنفي، أو من "ما" والفعل المبني للمجهول، والمصدر المؤول في موضع نصب، مفعول به بعد "أفعل"، ومجرور بالباء بعد "أفعل"، ويجوز في المنفي أن تجيء بمصدره الصريح بدلا من المؤول مسبقوا بكلمة "عدم"الصريحة في معنى النفي أو ما يشبهها؛ فتقول في: ما قام زيد: ما أحسن عدم قيامه.   * "وأشدد"مبتدأ قصد لفظه."أو أشد أو شبههما" معطوفان عليه. "يخلف" فعل مضارع فاعله يعود على أحد المذكورات، والجملة خبر المبتدأ. "أما" اسم موصول مفعول يخلف. "بعض الشروط" بعض مفعول عدم مقدم، والشرط مضاف إليه، وجملة "عدما" صلة ما. "ومصدر" مبتدأ. "العادم" مضاف إليه، وهو صفة لمحذوف، أي الفعل العادم،"بعد" ظرف مبني على الضم متعلق بينتصب الواقع خبرا للمبتدأ. "وبعد" ظرف متعلق بيجب، "أفعل" مضاف إليه مقصود لظفه. "جره" مبتدأ ومضاف إليه. "بالباء" متعق به، وقصر للضرورة، "يجب" الجملة خبر المبتدأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 أما الفعل الناقص: فإن قلنا له مصدر1؛ فمن النوع الأول2، وإلا فمن الثاني3؛ تقول: ما أشد كونه جميلاً، أو: ما أكثر ما كان محسنًا، وأشدد أو أكثر بذلك وأما الجامد والذي لا يتفاوت معناه، فلا يتعجب منهما البتة4.   1- أي بناء على القول بأنه يدل على الحدث، وهو الصحيح. 2- أي: فيؤتى بمصدره الصريح بعد صيغة التعجب التي تؤخذ من الفعل المختار. 3- أي: يؤتى له بمصدر مؤول من "ما والفعل"، منصوب بعد "ما أفعل"، ومجرور بالباء بعد "أفعل". 4- ذلك لأن الجامد لا مصدر له حتى يمكن نصبه، أو جره بالباء، والذي لا يتفاوت معناه غير قابل للتفضيل. هذا: وبقي من لا فعل له؛ فقيل: لا يتعجب منه؛ لأنه لا مصدر له حتى يؤتي به بعد "أشد" ونحوه، منصوبا أو مجرورًا، قال الصبان: والمتجه عندي أنه يتعجب منه بزيادة ياء المصدرية، أو ما في معناها؛ فيقال: ما أشد حماريته، أو ما أشد كونه حماراً. ولا يختص التوصل بأشد ونحوه بما فقد بعض الشروط؛ بل يجوز فيما استوفى الشروط؛ تقول: ما أشد ضرب محمد لعلي، وقد يكون "أشد" ونحوه للتعجب ابتداء؛ نحو: ما أشد أعوانه، وما أكثر أمواله. وحينئذ لا يؤتى بعده بمصدر. وما ورد عن العرب من فعلي التعجب مبنيا مما لم يستكمل الشروط، يحفظ ولا يقاس عليه، لندوره. ومن ذلك قولهم: ما أخصره، من اختصر، وهو خماسي مبني للمفعول. وقولهم: ما أجبنه، وما أهوجه، وما أحمقه، مما الوصف منه على "أفعل" وما أعساه وأعس به، من غير المتصرف.. إلخ، وقد أشار الناظم إلى ذلك بقوله: وبالندور احكم لغير ما ذكر ... ولا تقس على الذي منه أثر*   *وبالندور، متعلق باحكم. "لغير" متعلق به أيضًا. "ما" اسم موصوف مضاف إليه. "ذكر" ماض للمجهول، والجملة صلة ما. "على الذي" متعلق بتقس. "منه" متعلق بأثر الواقع صلة للذي، ومعنى أثر: نقل عن العرب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 .......................................................   الأسئلة والتمرينات: 1- عرف التعجب، واذكر بعض الصيغ غير المبوب لها في النحو، مع وضعها في جمل من إنشائك. 2- يقولون: إذا خفي السببب بطل العجب، بين ارتباط هذا القول بتعريف التعجب. 3- اذكر الشروط المجمع عليها في الفعل الذي تبنى منه صيغتا التعجب، ومحترزاتها، مع التمثيل بأمثلة من عندك. 4- كيف تتعجب من فاقد الشروط؟ ابسط القول في ذلك مع التمثيل. 5- ما حكم معمول فعل التعجب؟ وهل يتقدم على الفعل؟ ومتى يجوز حذف المتعجب منه؟ 6- هل يجوز الفصل بين فعل التعجب ومعموله؟ وضح ذلك. 7- فيما يأتي شواهد في باب التعجب، بين الشاهد، وأعرب ما تحته خط: ما أشبه الليلة بالبارحة. يا جارتا ما أنت جاره، وأها لسلمى ثم واها واها اعزز علي بأن تكون عليلا ... أو أن يكون لك السقام نزيلا - إذا ورث الجهال أبناءهم غنى ... وجاءها فما أشقى بني الحكماء - فما أكثر الإخوان حين تعدهم ... ولكنهم في النائبات قليل - ولا عيب فيها غير سحر جفونها ... وأحبب بها سحارة حين تسحر - إلام الخلف بينكمو إلاما ... وهذي الضجة الكبرى علاما - ما كان أجمل عهدهم وفعالهم ... من لي بعهد في الوفاء تصرما - أولئك قومي بارك الله فيهم ... على كل حال ما أعف وأكرما - أعظم بأيام الشباب نضارة ... يا ليت أيام الشباب تعود 8- يكثر استشهاد النحويين بالبيتين الآيتين في هذا الباب، اشرحهما، وبين موضع الاستشهاد فيهما، وأعربهما: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 .......................................................   أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا خليل ما أحرى بذي اللب أن يرى ... صبوراً ولكن لا سبيل إلى الصبر 9- هات صيغتي التعجب من الأفعال الآتية، وبين المعمول بها: همى الغيث، غم الهلال، عذب الماء، هب الريح، اندحر الأعداء، المجاهد في احلق لا يأس، أنعم بالفداء في سبيل الوطن، ما برح المستعمرون يضللون الرأي العام، سننتصر بالصبر والإيمان. عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب 10- تعجب مما يأتي بصيغتي التعجب المبوب لهما في النحو: "نموذج": 1- تسعد الأمم بأبنائها العاملين. 2- يكرم المرء لأدبه. 3- لا يخذل داعي الوطن إلا دخيل. 4- كان ابن الخطاب آية في العدل. 5- يستخرج الغواصون المرجان من البحار. 6- بان وجه الصواب بالبحث الجدي. 7- لون هذا الثوب زاه. 8- ليس للظلم بقاء مهما طالت أيامه. 9- لم تحرم أمة من النوابغ 10- يكرم المصري ضيفه. يوجد صورة سكانر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 .......................................................   11- تعجب مما يأتي بصيغتي التجب "ما أفعل"، أفعل به". - بان للعالم تعصب الصهيونية - لون السماء صاف - لا يهزم المتمسك بحقه العادل - كان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه. 12- بين القياسي والسماعي من أمثلة التعجب الآتية مع ذكر السبب، وأعرب ما تحته خط. ما أبرع محمدًا في الخطابة - واها لسلمى ثم واها واها، ما أجن المنتحر لسقوطه في الامتحان وما أجهله بدينه، يا سبحان الله! كيف يتفرق العرب والعدو بين ظهرانيهم، لله در الفدائيين، ما أشد فرحة الأحرار حين يقدمون أرواحهم فداء لوطنهم. ما أعذب الموت في سبيل الحرية واسترداد أرض الوطن. ما أولع الشباب بالتمثيل الهذلي مع أنه مفسد للأخلاق، ما أجدر المخلصين من أبناء الوطن بالتكريم والتقدير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 باب: نعم وبئس مدخل ... باب: نعم وبئس 1 وهما فعلان عند البصريين والكسائي؛ بدليل: فبها ونعمت2، واسمان عند باقي الكوفيين3؛ بدليل: "ما هي بنعم الولد4، جامدان5 رافعان لفاعلين، معرفين بأل   باب: نعم وبئس 1- المراد بهما هنا: الفعلان الجامدان اللذان يراد بهما إنشاء المدح العام والذم العام، أما "نعم وبئس" اللذان يراد بهما الإخبار بالنعمة والبؤس، فليستا موضوع هذا الباب، وهما متصرفتان؛ لهما: مضارع، وأمر، واسم فاعل.. وغير ذلك؛ تقول: نعم محمد بكذا، ينعم، فهو ناعم، وبئس، يبأس، فهو بائس. 2- هذا جزء من حديثه، وتمامه: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل"أي فبالرخصة أخذ، ونعمت رخصة الوضوء. ووجه الدلالة على الفعلية دخول تاء التأنيث الساكنة، وهي لا تدخل إلا على الفعل وحكى الكسائي: نعما رجلين، ونعموا رجالا. وضمائر الرفع البارزة المتصلة من خصائص الأفعال أيضا؛ فهذا دليل ثان على الفعلية. 3- وقد بنيا على الفتح لتضمنهما معنى الإنشاء, ويعربان مبتدأين، ومعناهما: الممدوح والمذموم، وما هو فاعل على المشهور يعرب بدلا أو عطف بيان. والخبر هو المخصوص بالمدح أو الذم، ويجوز العكس. وفي مثل: نعم رجلا محمد، يعرب "رجلا" تمييزا أو حالا. 4- قول لبعض العرب وقد بشر بمولود أنثى، وتمامه: نصرها بكاء، وبرها سرقة، ووجه الدلالة فيه: دخول حرف الجر على نعم. ومثال بئس: قول بعضهم -وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير- "نعم السير على بئس العير"، فقد دخل حرف الجر على بئس. ويجيب البصريون على هذا بأن حرف الجر داخل على موصوف محذوف مع صفته، والأصل: بولد مقول فيه: نعم الولد، وعلى عير مقول فيه: بئس العير، والصحيح المعول عليه مذهب البصريين. 5- لأنهما تجردا عن الحدث والزمان -وإن كانا ماضيين وقصد بهما إنشاء المدح أو الذم على سبيل المبالغة، والإنشاء من معاني الحروف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 الجنسية1؛ نحو: {نِعْمَ الْعَبْد} ، و {بِئْسَ الشَّرَاب} . أو بالإضافة إلى ما قارنها؛ نحو: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِين} ، {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِين} 2، أو إلى مضاف لما قارنها؛ كقوله: فنعم ابن أخت القوم غير مكذب3   1- المراد "أل" المعرفة، جنسية كانت أو عهدية؛ فلا يقال: نعم زيد، ولا بئس رجل، على الراجح، والمراد: الجنس حقيقة، إن قصد بمدخول "أل" جميع الأفراد، ثم نص على الممدوح أو المذموم بعد. أو مجازا، إن أريد بمدخولها الفرد المعين كأنه جميع الجنس، مبالغة في المدح والذم، أما العهد فقد يكون لشيء معهود في الذهن، وتكون للعهد الذهني، وقد تكون للعهد الذكري، والمعهود هو المخصوص. و"أل" الجنسية أقوى في تأدية المقصود وإن كانت العهدية أظهر. 2- من الآيتين 29، 30 من سورة النحل. 3- صدر بيت من الطويل لأبي طالب عم النبي، من كلمة يمدح فيها الرسول -عليه السلام، ويعاتب قريشا على ما كان منها، وعجزه. زهير حسان مفرد من حمائل اللغة والإعراب: حسام: الحسام: السيف القاطع؛ سمي بذلك لأنه يحسم الخلاف بين الناس. حمائل: جمع حمالة؛ وهي علاقة السيف. "ابن" فاعل نعم. "أخت" مضاف إليه. "القوم" مضاف إليه أيضاً. "غير مكذب" غير حال من ابن ومكذب مضاف إليه، والجملة من نعم وفاعله خبر مقدم. "زهير" مبتدأ مؤخر، أو زهير خبر لمبتدأ محذوف؛ أي هو زهير، وهو المخصوص بالمدح. "حسام مفرد" خبر إن لمبتدأ محذوف، لا نعتان لزهير؛ لأن المعرفة لا تنعت بالنكرة، وروي حساما مفردا على أنهما حالان من زهير، ولعل هذه الرواية الصحيحة،"من حمائل" متعلق بمفردا، وجر بالكسر للضرورة، وكان ينبغي جرة بالفتحة، لأنه ممنوع من الصرف. المعنى: يمدح زهيراً ابن عمته بأنه صادق المودة مخلص لرحمه، لا ينسب إلى الكذب، ماضي العزيمة، نسيج وحده، كالسيف الذي يفرد عن حمائله، وزهير هذا هو: ابن أمية بن عاتكة بنت عبد المطلب، أخت أبي طالب، وعمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان زهير أحد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 أو مضمرين مستترين1 مفسرين بتمييز2؛ ........................................   الرجال الذين اتفقوا على نقض الصحيفة التي تعاهدت فيها قريش على مقاطعة بني هاشم آل النبي، وعلقوها في الكعبة ليلجئوهم على حمل النبي على ترك دعوته. الشاهد: الإتيان بفاعل "نعم" اسما مضاف إلى مقترن بأل، وهو القوم. هذا: وقد جاءت إضافة الفاعل إلى ضمير ما فيه أل في قول الشاعر: فنعم أخو الهيجا ونعم شبابها وهونادر لا يقاس عليه. وأجاز الفراء ومن تبعه من الكوفيين إضافة الفاعل للنكرة، كقوله: فنعم صاحب قومل لا سلاح لهم ... وصاحب الركب عثمان بن عفانا وخص الجمهور ذلك بالضرورة، وورد مجيء الفاعل علما أو مضافا إلى علم؛ كقول بعض العبادلة: بئس عبد الله أنا إن كان كذا. وقول النبي -عليه السلام: "نعم" عبد الله هذا. وأول على أن الفاعل ضمير مستتر حذف تمييزه، والعلم مخصوص بالمدح، وما بعده بدل أو عطف بيان. 1- أي: أو رافعان لمضمرين مستترين وجوبا غالبا، ويلتزم هذا الضمير الإفراد والتذكير؛ قال الشاعر: نعم أمرين حاتم وكعب ... كلاهما غيث وسيف عضب ومن غير الغالب: نعما رجلين، ونعموا رجالا، كما سبق. وشذ إبراز الضمير مع الباء الزائدة، حكى الفارضي: "نعم بهم قوما"، ولا يتبع بتابع، وشذ تأكيده في: نعم هم قوما أنتم. 2- أي بعدهما، وهذا من المواضع التي يجوز عود الضمير فيها على متأخر لفظا ورتبة. ولا بد من مطابقة هذا التمييز لمعناهما؛ أي للمخصوص بالمدح؛ أو الذم؛ إفرادا وغير إفراد، وتذكير وتأنيث، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: فعلان غير متصرفين ... نعم وبئس رافعان اسمين مقارني "أل" أو مضافين لما ... قارنها كـ"نعم" عقبى الكرما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 نحو: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} 1. وقوله:   ويرفعان مضمرًا يفسره ... مميز كـ"نعم" قوماً معشره* أي أن نعم وبئس فعلان جامدان، وهما يرفعان فاعلين مقترنين بأل، أومضافين للمقترن بها، ومثل لهذا بقوله: {نِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} . أو يرفعان ضميرا يفسره تمييز، كنعم قوما معشره. ويشترط في هذا التمييز علاوة على مطابقة المخصوص التي ذكرناها: أ- أن يكون نكرة عامة متكثرة الأفراد؛ فلا يجوز: نعم شمسا هذه الشمس؛ لأنه لا ثاني لها، أم قولهم: نعم شمسا شمس هذا اليوم، فسائغ؛ لتعددها بتعدد الأيام. ب- وأن يكون مؤخراً عن العامل؛ فلا يصح تقديمه على نعم وبئس. جـ- وأن يتقدم على المخصوص بالمدح أو الذم، وشذ قولهم: نعم محمد رجلا. د- ويجب ذكره؛ فلا يجوز حذفه لئلا يبقى الفاعل المستتر مبهما ليس له ما يفسره إلا إذا وجدت قرينة تدل عليه؛ كالتاء في قولك: إن زرت محمدا فبها ونعمت، أي ونعمت زيارة زيارتك، ومنه الحديث المتقدم: "من توضأ يوم الجمعة ... "إلخ. هـ- ويجب أن يكون صالحا لقبول "أل" المعرفة، أو حال محل ما يقبلها؛ لأنه خلف عما يجب قرنه بها وهو الفاعل، فاعتبر صلاحيته لها، فلا يفسر بالكمات المتوغلة في الإبهام، ككلمة: "غير"، و"مثل"، و"شبه"، و"أي"، وأفعل التفضيل المضاف والمقرون بمن. 1- فاعل"بئس" ضمير مستتر فيها، و"بدلا" تمييز مفسر له؛ والتقدير: بئس هو أي البدل،   * "فعلان" خبر مقدم؛ غير "نعت له، "متصرفين" مضاف إليه، "نعم" مبتدأ مؤخر قصد لفظه. "وبئس" معطوف على نعم. "رافعان" خبر لمبتدأ محذوف، أي هما رافعان، وفيه ضمير مستتر هو الفاعل. "اسمين مفعوله، ويجوز أن يكون "رافعان" نعتا لفعلين. "مقارني أل" نعت لاسمين ومضاف إليه. "أو مضافين معطوف على مقارني. "لما" متعلق بمضافين، و"ما" اسم موصول. "قارنها" الجملة صلة ما، والهاء عائدة إلى أل. "كنعم" الكاف جارة لقول محذوف، و"نعم"فعل ماض، "عقبي الكرما" فاعل نعم ومضاف إليه. "ويرفعان" فعل مضارع وألف الاثنين فاعل، وهو معطوف على رافعان، من عطف الفعل على الاسم المشبه له. "مضمراً" مفعول يرفعان. "يفسره" الجملة صفة لمضمر. "مميز" فاعل يفسر. "قوما" تمييز مفسر لضمير نعم. "معشره" مخصوص بالمدح مبتدأ، وخبره الجملة التي قبله، ومعشر الرجل: عشيرته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 نعم امرأ هرم لم تعر نائبة1 وأجاز المبرد وابن السراج والفارسي: أن يجمع بين التمييز والفاعل الظاهر؛ كقوله: نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت2   والمخصوص محذوف، أي إبليس وذريته، من الآية 50 من سورة الكهعف. 1- صدر بيت من البسيط ينسب لزهير بن أبي سلمى، يمدح هرم بن سنان، وليس في ديوانه، وعجزه. إلا وكان لمرتاع بها وزرا اللغة والإعراب: لم تعر: لم تنزل ولم تعرض. نائبة: كارثة وحادثة من حوادث الدهر. لمرتاع: أي فزع وخائف، وهو اسم فاعل من ارتاع. وزرا، ملجا، ومعينا."نعم" فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو "امرأ" تمييز مفسر للضمير المستتر؛ أي نعم هو؛ أي المرء، والجملة خبر مقدم. "هرم" مخصوص بالمدح مبتدأ مؤخر. "نائبه" فاعل تعر. "إلا" حرف استثناء. "وكان" الواو للحال، وكان فعل ماض ناقص، واسمها يعود على هرم. "لمرتاع" متعلق بوزار الواقع خبرا لكان. المعنى: يمدح هرما بأنه رجل كريم ذو مروءة، وشجاع، لا تنزل بأحد نازلة أو تحل به كارثة من كوارث الزمان تتطلب النجدة والعون؛ إلا أخذ بيده، وكان له معينا وناصرا ومساعدا. الشاهد: في "نعم امرأ"؛ فإن فاعل نعم ضمير مستتر، وقد فسر لإبهامه بالتمييز بعده الذي هو "امرأ" وهنالك شاهد آخر في قوله: "إلا وكان" حيث جي بواو الحال قبل الفعل الماضي الواقع بعد إلا، وهذا نادر، والفصيح تجرد هذه الجملة من الواو؛ كقوله-تعالى-: {إلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} من الآية 11 من سورة الحجر، و30 من سورة يس. 2- صدر بيت من البسيط، لم يعرف قائله، وعجزه: رد التحية نطقاً أو بإيماء اللغة والإعراب: التفاة: المرأة الشابة الحديثة السن، وهي مؤنث الفتى، بذلت: أعطت، بإيماء، الإيماء، الإشارة مصدر أومأ إلى الشيء إذا أشار إليه. "الفتاة" فاعل نعم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 ومنعه سيبويه والسيرافي مطلقا1. وقيل: إن أفلاد معنى زائداً جاز، وإلا فلا، كقولهم: فنعم المرء من رجل تهامي2   "فتاة" تمييز مؤكد له. "هند" مخصوص بالمدح. "لو" شرطية، أو حرف تمن. "بذلت" فعل الشرط، "رد التحية" رد مفعول بذلت، والتحية مضاف إليه. "نطقا" منصوب على نزع الخافض؛ أي بنطقي. "أو بإيماء" معطوف على نطقا بأو، وجواب الشرط محذوف للعلم به. المعنى: إن هندا تستحق الثناء والتقدير، لو تفضلت برد التحية بالنطق أو بالإشارة، وبعد ذلك منها بذلا ومنحة. الشاهد: الجمع بين فاعل نعم الظاهر -وهو "الفتاة" وبين تمييزها- وهو "فتاة" "وليس في التمييز معنى زائد على ما يدل عليه الفاعل، ولكن الغرض منه مجرد التوكيد لا رفع إبهام شيء، مثله قول الشاعر: تزود مثل زاد أبيك فينا ... فنعم الزاد زاد أبيك زادا وهذا الرأي مؤيد بما ورد كثيرا نظما ونثرا في الفصيح من كلام العرب، وهو الصحيح. ومن النثر قول الحارث بن عباد، حين بلغه أن بانه بجيرا قتل في حرب البسوس: "نعم القتيل قتيلا أصلح بين بكر وتغلب". 1- أي سواء أفاد التمييز معنى زائدا عما يفيده الفاعل، أم لا؛ لأن التمييز لرفع الإبهام، ولا إبهام مع ظهور الفاعل، وقد أول ما ورد من ذلك بجعل المنصوب حالا مؤكدة. 2- عجز بيت من الوافر، لأبي بكر الأسود بن شعوب الليثي، وقيل: للحارث بن عباد، وصدره: تخيره فلم يعدل سواه وقد تقدم شرحه في باب التمييز، صفحة (255) من الجزء الثاني الشاهد: فيه هنا: الجمع بين فاعل نعم الظاهر -وهو المرء- وبين التمييز -وهو "من رجل"- وقد أفاد التمييز معنى زائدا عما أفاده الفاعل؛ وذلك بواسطة نعته، وهو أنه تهامي، أي منسوب إلى تهامه، وتهامة: اسم لما انخفض عن نجد من بلاد الحجاز، وإلى هذا الخلاف أشار الناظم بقوله:   *"وجمع تمييز" مبتدأ أول، ومضاف إليه، "وفاعل" معطوف على تمييز، "ظهر" الجملة نعت لفاعل. "فيه" كتعلق بمحذوف خبر مقدم. "خلاف" مبتدأ ثان مؤخر. "عنهم" متعلق باشتهرت الواقع نعتا لخلاف، والضمير في عنهم للحناة، وجكلة المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتد الأول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 واختلف في كلمة "ما" بعد نعم وبئس؛ فقيل: فاعل1، فهي معرفة ناقصة؛ أي موصولة في نحو2: {نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه} 3 أي: نعم الذي يعظكم به. ومعرفة تامة4 في نحو: {فَنِعِمَّا هِي} ؛ أي: فنعم الشيء هي. وقيل: تمييز، فهي نكرة موصوفة في الأول5، وتامة في الثاني6.   وجمع تمييز وفاعل ظهر ... فيه خلاف عنهم قد اشتهر* 1- وعلى ذلك فهي مستثناة من شرط الفاعل المتقدم. ومثل "ما"، "من" وتكون موصولة، أي نكرة تامة، أو موصوفة، ولا تكون معرفة. 2- أي من كل تركيب وقع فيه بعدها جملة فعلية، وتكون الجملة صلة. 3- من الآية 58 من سورة النساء. 4- أي غير مفتقرة إلى صلة؛ وذلك إذا وقع بعدا مفرد، ويكون ما بعدها هو المخصوص كما مثل المصنف، وكذلك إذا وقعت بعدها جملة؛ نحو: نعم ما فعلت، وتكون الجملة صفة لمخصوص محذوف، والتقدير: نعم الشيء شيء فعلت، والتقدير في المثال السابق: نعم الشيء شيء يعظكم به. 5- أي: إذا وقعت بعدها جملة فعلية، ويكون الفعل بعدها صفة لها، والمخصوص محذوف، والتقدير في المثال المذكور: نعم شيئًا يعظكم به ذلك القول. 6- أي: إذا وليها مفرد، فهي نكرة تامة تمييز، وفاعلها ضمير مستتر يعود على هذا التمييز، والمفرد بعدها هو المخصوص، وكذلك يجوز إذا وليتها جملة، أن تعرب نكرة تامة، وتكون الجملة صفة لمخصوص محذوف؛ أي نعم هو شيئًا شيء يعظكم به. وإذا لم يلها مفرد ولا جملة؛ نحو: السماحة نعما، والتقتير بئسما، فهي: إما معرفة تامة فاعل، أو نكرة تامة تمييز، والفاعل ضمير مستتر يعود عليها، والمخصوص على كل محذوف؛ أي نعم الشيء، أو شيئًا، تلك السماحة، وكذلك بئس. وإلى الخلاف في "ما" المتلوة بجملة فعلية يشير الناظم بقوله:   * "وجمع تمييز" مبتدأ أول، ومضاف إليه. "وفاعل" معطوف على تمييز. "ظهر" الجملة نعت لفاعل. "فيه" كتعلق بمحذوف خبر مقدم. "خلاف" مبتدأ ثان مؤخر. "عنهم" متعلق باشتهرت الواقع نعتًا لخلاف، والضمير في عنهم للنحاة، وجكلة المبتدإ الثاني وخبره خبر المبتدإ الأول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 فصل: في حكم المخصوص بعد فاعل نعم وبئس فصل: ويذكر المخصوص بالمدح أو الذم بعد فاعل نعم وبئس1؛ فيقال: نعم الرجل أبو بكر، وبئس الرجل أو لهب، وهو مبتدأ والجملة قبله خبر2، ويجوز أن   "وما" مميز وقيل فاعل ... في نحو "نعم" ما يقول الفاضل* أي: إنه اختلف في "ما" الواقعة بعد "نعم" و"بئس"؛ فقيل: هي نكرة منصوبة على التمييز، ويكون فاعل "نعم" و"بئس" ضميرا مستترا. وقيل: هي الفاعل. والمثال الذي ذكره يصلح للقولين؛ كما يتبين من الإعراب، ومما أضحناه. تنبيه: إذا كان فاعل "نعم" و"بئس" ضميرا مستترا؛ فلا يجوز أن يكون له تابع؛ من نعت، أو عطف، أو توكيد، أو بدل. وإذا كان فاعلهما مفردا ظاهرا، امتنع توكيده توكيدا معنويا. فإن كان مثنى أو جمعا جاز، تقول: نعم الصديقان كلاهما محمد وعلي، ونعم الأصدقاء كلهم محمد، وعلين وعمر، والمؤنث كالمذكر. أما التوكيد اللفظي فجائز، وكذلك العطف والبدل، أما النعت فيجوز إذا أريد به الإيضاح، لا التخصيص؛ لأن التخصيص مناف للتعميم المفهوم من أل الجنسية. 1- يشترط في المخصوص: أن يكون معرفة، أو نكرة مختصة بوصف أو إضافة أو غيرهما من وسائل التخصيص، وأن يكون أخص من الفاعل، لا مساويا له ولا أعم؛ وذلك ليحصل التفضيل بعد الإجمال، فيكون أوقع في النفس. وأن يكون مطابقا له في المعنى: تذكيرا وتأنيثا، وإفرادا وتثنية وجمعا. وأن يكون متأخرا عنه ليكون أدعى للتشويق. وكذلك يجب تأخيره عن التمييز، إذا كان الفاعل ضميرا مستترا له تمييز؛ نحو: نعم رجلا المجاهد فإن كان الفاعل اسما ظاهرا جاز تقديم المخصوص على التمييز وتأخيره؛ تقول: نعم المجد تلميذا محمدا، ونعم المجد محمد تلميذا. وإذا كان المخصوص مؤنثاً، جاز تذكير الفعل وتأنيثه، وإن كان الفاعل مذكرا 2- والرابط عموم الفاعل، أو إعادة المبتدأ بمعناه، وهذا مذهب سيبويه ومن تبعه، وهو الراجح.   * "وما" مبتدأ "مميز" خبر. "وقيل" فعل ماض للمجهول. "فاعل" خبر لمبتدأ محذوف، أي هو فاعل، والجملة نائب فاعل، وهي مقول القول. "في نحو" متعلق بمحذوف حال من "ما" نعم" فعل ماض لغنشاء المدح وفاعله مستر. "ما" نكرة ناقصة في موضع نصب تمييز. "يقول الفاضل" الجملة في محل نصب نعت لما، أي نعم شيئا يقوله الفلاضل، وقيل: "ما" معرفة فاعل نعم، والجملة الفعلية في محل رفع نعت لمخصوص محذوف، أي نعم الشيء شيء يقوله الفاضل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 يكون خبرا لمبتدأ واجب الحذف، أي: الممدوح أبو بكر، والمذموم أبو لهب1. وقد يتقدم المخصوص2، فيتعين كونه مبتدأ، نحو: زيد نعم الرجل، وقد يتقدم ما يشعر به فيحذف3؛ نحو: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ} ؛ أي: هو4.   1- وهذا مذهب الجمهور. وإلى الإعرابين يشير الناظم بقوله: ويذكر المخصوص بعد مبتدأ ... أو خبر اسم ليس يبدو أبدا* أي يذكر المخصوص بعد الفاعل، ويعرب مبتدأ، أو خبرا لمبتدأ محذوف وجوبا 2- أي على "نعم"و"بئس"، وذلك بشرط صلاحيته للتأخير. 3- أي قد يتقدم على جملة المخصوص لفظ يدل عليه ويشعر به إذا حذف فيحذف المخصوص جوازا؛ سواء كان هذا المشعر صالحاً لأن يكون مخصوصا، أو لا، ويعرب على حسب حالته. 4- أي أيوب؛ فحذف المخصوص بالمدح وهو ضمير أيوب؛ لدلالة ما قبله عليه، وهو يصلح أن يكون مخصوصا. ويجوز أن يكون التقدير: نعم العبد الصابر، وعلى هذا يكون المشعر -وهو كلمة "صابرا"- غير صالح لأن يكون مخصوصا؛ لأنه نكرة غير مختصة. من الآية 44 من سورة ص. وإلى حذف المخصوص أشار الناظم بقوله: وإن يقدم مشعر به كفى ... كالعلم نعم المقتنى والمقتفى** أي: إذا تقدم على المخصوص بالمدح أو الذم ما يشعر به بمعناه، ويدل عليه من غير لبس أو فساد في المعنى، كفى عنه وجاز حذفه، وقول الناظم: "كالعلم نعم المقتنى والمقتفى" من تقديم المخصوص لا المشعر به؛ إذا أعرب "العلم" مبتدأ وما بعده خبرا؛ كما هو المتبادر، والأصل: نعم المقتنى والمقتفى العلم. والمقتنى: الشيء الغالي الذي يقتنى ويحرص الناس   * "المخصوص" نائب فاعل يذكر. "بعد" ظرف مبني على الضم محل نصب متعلق ببذكر. "مبتدأ -بالقصر- حال من المخصوص. "أو خبر اسم" أو خبر معطوف على مبتدأ، واسم مضاف إليه. "ليس يبدو أبداً الجملة من ليس ومعموليها في محل جر نعت ثان لاسم. ** "وإن يقدم "شرط وفعله "مشعر" نائب فاعل يقدم. "به" متعلق بمشعر. "كفى" فعل ماض، والجملة جواب الشرط. "كالعلم" الكاف جارة لقول محذوف، و"العلم" مبتدأ، والجملة بعده خبر، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب مقول القول المحذوف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 وليس منه1: "العلم نعم المقتنى"؛ وإنما ذلك من التقدم2.   على الاحتفاظ به. والمقتفى: الذي يتبع ويسار على نهجه. 1- أي ليس من حذف المخصوص. 2- هذا إذا أعرب "العلم" مبتدأ كما بينا، أما إذا أعرب "العلم" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي الممدوح العلم، أو عكسه، أو أعرب مفعولا لمحذوف؛ أي الزم العلم، وجملة "نعم المقتنى" مستأنفة، فيكون من تقديم الشعر لا المخصوص؛ لعدم صلاحيته للتأخير؛ لأنه من جملة أخرى، وعلى هذا يحمل كلام الناظم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 فصل: في بناء "فعل" للتعجب، وإستعماله كنعم وبئس، حكم "ساء" وكان فعل ثلاثي صالح للتعجب منه؛ فإنه يجوز استعماله على "فعل"، بضم العين؛ إما بالإصالة؛ كظرف، وشرف، أو بالتحويل1؛ كضرب، وفهم. ثم يجري حينئذ مجرى نعم وبئس؛ في إفادة المدح والذم2، وفي حكم الفاعل، وحكم المخصوص؛ تقول في المدح: فهم الرجل زيد، وفي الذم: خبث الرجل عمرو3. ومن أمثلته: "ساء"4؛ ........................................................................................................   1- أي إذا كان في الأصل مفتوح العين أو مكسورها كمثال المصنف. ثم إن كان الفعل معتل العين بالألف نحو: صام ونام، بقي على حاله، وقدر فيه التحويل إلى "فعل"، وإن كان معتل اللام؛ فإن كانت لامه واوا، ظهرت الواو مفتوحة وقبلها الضمة إن لم تكن موجودة من الأصل. نحو سَرُوَ، وغَزُوَ. وإن كانت ياء قلبت واو وضم ما قبلها؛ نحو خَشُوَ، ويعتبر الفعل بعد ذلك التحويل لازما مجردا من الدلالة على الزمن، جامدا، لا مضارع له ولا أمر ولا غيرهما من المشتقات. واستعمال هذا النوع في المدح والذم نادر، ولا يحسن استعماله اليوم، فهنالك ما يغني عنه من الأساليب المقبولة. 2- وذلك مع تأدية كل فعل معناه الخاص به، ودلالته على التعجب؛ فكل فعل ثلاثي يحول إلى صورة "فعل" يؤدي هذه الأمور الثلاثة. وجريان الفعل هذا المجرى ليس على سبيل الوجوب، بل على سبيل الأولوية. 3- وتقول: شرف، وكرم، ونبه، وفهم، وبرع، ولعب ..... إلخ. 4- خصها المصنف والناظم بالذكر؛ لأنها للذم العام فهي أشبه ببئس، ولكثرة استعمالها وللخلاف فيها؛ أهي مثل بئس في المعنى والحكم؟ أم هي مثلها في المعنى؟ أما في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 فإنه في الأصل سوأ، بالفتح1؛ فحول إلى "فعل" بالضم، فصار قاصرا، ثم ضمن معنى "بئس" فصار جامداً محكوماً له ولفاعله بما ذكرنا2؛ تقول: ساء الرجل أبو جهل، وساء حطب النار أبو لهب؛ وفي التنزيل: {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً} 3، {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} 4، ولك في فاعل "فعل" المذكور: أن تأتي به اسماً مجرداً من أل5، وأن تجره بالباء6، .........................................................................................   الأحكام فكالأفعال المحولة. 1- والسوء: ضد السرور، حركت الواو والفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، يقال: ساءه الأمر يسوءه، إذا أحزنه، فهو متعد متصرف. 2- أي من كونه كبش في أحكامه، قال الناظم: واجعل كبئس "ساء" وأجعل فعلا ... من ذي ثلاثة كنغم مسجلا* أي اجعل "ساء" مثل بئس في معناها وأحكماها. واجعل "فعل" من كل فعل ثلاثي مثل "نعم"، جعلا مطلقًا في معناها وأحكامها، من غير تقييد يحدث بينهما فرقًا. ومعنى مسجلًا حرًا عن التقييد بحكم. والاقتصار على "نعم" ليس مقصودًا، بل مثلها في ذلك "بئس". 3- فاعل "ساء" ضمير مستتر يعود على النار. "مرتفقًا" تمييز على حذف مضاف؛ أي نار مرتفق؛ لأن التمييز ينبغي أن يكون عين المميزة في المعنى. والمرتفق: المتكأ. من الآية 29 من سورة الكهف. 4- "ما" إن جعلت فاعلاً؛ فهي اسم موصول والجملة صلة؛ أي ساء ما يحكمونه، وإن جعلت تمييزًا، فهي نكرة موصوفة؛ أي ساء شيئاً يحكمونه، وعلى الاتجاهين فالمخصوص بالذم محذوف. من الآية 4 من سورة العنكبوت. 5- أي بخلاف فاعل نعم وبئس، وهذا أحد الفروق بينهما. 6- أي الزائدة، وبكثرة إن كان اسماً ظاهرًا، وذلك تشبيهًا بفاعل "أفعل" في التعجب، فيجر   * "كبش" جار ومجرور في موضع المفعول الثاني لاجعل. "ساء" مفعوله الأول، مقصود لفظه. "فعلا" مفعول أول لاجعل الثاني على تقدير مضاف. "من ذي ثلاثة" متعلق بمحذوف حال من فعلا، ومضاف إليه. "كنعم" جار ومجرور في موضع المفعول الثاني لاجعل. "مسجلا" حال من نعم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 فإنه في الأصل سوأ، بالفتح1، فحول إلى "فعل" بالضم، فصار قاصرا، ثم ضمن معنى "بئس" فصار جامداً محكوماً له ولفاعله بما ذكرنا2؛ تقول: ساء الرجل أبو جهل، وساء حطب النار أبو لهب؛ وفي التنزيل: {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً} 3، {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} 4، ولك في فاعل "فعل" المذكور: أن تأتي به اسماً وأن تأتي به ضميرًا مطابقًا1؛ نحو: فهم زيد. وسمع: مررت بأبيات جاد بهن أبياتًا، وجدن أبياتًا2، وقال: حب بالزور الذي لا يرى3   لفظا ويرفع محلا؛ تقول: حمد بالجار معاشرة؛ أي حمد الجار معاشرة. وهذا فرق ثان بينهما. 1- أي لما قبله وجوبا، وعائدا كذلك إلى شيء سابق؛ تقول: المخلص سعد رجلا، والمخلصان سعدا رجلين..إلخ؛ فإن عاد إلى التمييز المتأخر فلا مطابقة، وهذا فرق ثالث؛ فإن "نعم" يتعين في فاعلها المضمر لزومه حالة واحدة، وعوده على التمييز بعده. 2- حكى ذلك الكسائي، بزيادة الباء في الفاعل أولا، وتجرده منها ثانياً، وهو سبب تمثيل المصنف به. وجاد بهن؛ من جاد الشيء، إذا صار جيدا، وأصله: جود؛ فحول إلى "فعل" لقصد المبالغة والتعجب، وزيدت الباء في الفاعل، وعوض من ضمير الرفع ضمير الجر؛ فقيل: بهن، و"أبياتًا" تمييز، و"جدن" فعل وفاعل، "أبياتًا" تمييز أيضًا، وقد جمع فيهما بين الفاعل والتمييز. 3- صدر بيت من المديد، للطرماح بن حكيم، وعجزه: منه إلا صفحة أو لمام اللغة والإعراب: الزور: الزائر، وهو مصدر يراد به اسم الفاعل، ويطلق على الواحد والجمع، مذكرا ومؤنثا. صفحة: المراد: صفحة الوجه؛ وهي جانبه. لمام: جمع لمة، وهي الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن؛ فإذا بلغ المنكب سمي: جمة "حب" فعل ماض لإنشاء التعجب. "بالزور" فاعل حب على زيادة الباء. "الذي" صفة للزور. "لا" حرف نفي. يرى "فعل مضارع للمجهول. "منه" متعلق به. "إلا" أداة حصر. "صفحة" نائب فاعل يرى. والجملة صلة الذي. "أو لمام" معطوف على صفحة. المعنى: ما أحب الضيف الذي لا يثقل على مضيفه بالمكث عنده ومضايقته، حتى لا يكاد يتحقق من ملامحه، لسرعه انصرافه وتركه المضيف. الشاهد: مجيء فاعل "حب" التي تفيد معنى "نعم" مقترنا بالباء الزائدة؛ لقربها من معنى التعجب، وقد علمت أن الباء تزاد في فاعل فعل التعجب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 أصله: حبب الزور، فزاد الباء، وضم الحاء؛ لأن "فعل" المذكور يجوز فيه: أن تسكن عينه، وأن تنقل حركتها إلى فائه1، فتقول: ضرب الرجل، وضرب.   تنبيه: يتبين مما ذكره المصنف أن "ساء"، "حب" إذا لم يكن معهما "ذا"، من المحول إلى "فعل" بالضم، وتجري عليهما أحكامه التي ذكرها، وهذا هو المشهور. ويرى الدماميني: أنه يلتزم في فاعل "ساء" من جميع الأحكام. وقال الشاطبي: إن فاعل "حب" -إذا لم يكن معه "ذا"- يلتزم فيه ما التزم في فاعل "نعم". 1- وفي ذلك، وفيما تقدم في فاعل "حب" إذا غير "ذا" -يقول الناظم: وما سوى "ذا" ارفع بحب أو فجر ... بالبا ودون "ذا" انضمام الحا كثر* أي أرفع الفاعل بحب، إذا كان اسماً غير كلمة "ذا"، أو جره بالباء الزائدة ويكون في محل رفع، وانضمام الحاء مع "حب" -إذا كان دون ذا- كثير.   * "وما" اسم موصول مفعول مقدم لارفع. "سوى" ظرف، صلة ما. "ذا" مضاف إليه. "بحب" متعلق بارفع. "أو فجر" معطوف على ارفع، والفاء زائدة. "بالباء" متعلق بجر، وقصر للضرورة. "ودون ذا" دون ظرف متعلق بمحذوف، حال من محذوف للعلم به، وذا مضاف إليه. "انضمام" مبتدأ. "الحاء" -بالقصر- مضاف إليه. "كثر" الجملة خبر المبتدأ، والتقدير: وانضمام الحاء من حب حال كونه دون "ذا" كثير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 فصل: في حبذا ولا حبذا، وإعرابهما ويقال في المدح: "حبذا"، وفي الذم: "لا حبذا"، قال: ألا حبذا عاذري في الهوى ... ولا حبذا الجاهل العاذل1   1- بيت من المتقارب، لم نقف على قائله. اللغة والإعراب: العاذر: الذي يقبل العذر، ولا يلوم؛ من عذره يعذره، والاسم المعذرة. العاذل: اللائم؛ من عذله يعذله، والاسم العذل. "ألا" حرف تنبيه. "حبذا" فعل وفاعل. والجملة في محل رفع خبر مقدم، وسيذكر المصنف لها أعاريب أخرى. "عاذري" مبتدأ مؤخر وهو المخصوص بالمدح. "في الهوى" متعلق بعاذر. "ولا" نافية. "حبذا الجاهل" إعرابه كسابقه. "العاذل" صفة للجاهل. المعنى: نعم من يعذرني في الهوى، ويكف عن لومي وعذلي، وبئس الجاهل الغبي الذي يلومني، ولا يلتمس لي عذرا في هواي. الشاهد: استعمال "حبذا" للمدح في الشطر الأول من البيت، و"لا حبذا" للذم في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 ومذهب سيبويه: أن "حب" فعل، و "ذا" فاعل، وأنهما باقيان على أصلهما1. وقيل: ركبا وغلبت الفعلية لتقدم الفعل؛ فصار الجميع فعلاً، وما بعده فاعل2. وقيل: ركبا وغلبت الاسمية لشرف الاسم؛ فصار الجميع اسماً مبتدأً، وما بعده خبره3. ولا يتغير "ذا" عن الإفراد والتذكير، بل يقال: حبذا الزيدان والهندان؛ أو الزيدون والهندات؛ لأن ذلك كلام جرى مجرى المثل4، كما في قولهم: "الصيف ضيعت اللبن". يقال لكل   الشطر الثاني وقد جمع بينهما. 1- أي أنهما جملة فعلية ماضوية لإنشاء المدح، و"ذا" كفاعل "نعم"؛ لا يجوز إتباعه، وإذا وقع بعده اسم؛ نحو: حبذا الرجل، فهو المخصوص، لا تابع لاسم الإشارة، وإلى هذا أشار الناظم بقوله: ومثل نعم "حبذا" الفاعل "ذا" ... وإن ترد ذما فقل "لا حبذا"* أي مثل "نعم" مع فاعلها في إنشاء المدح جملة "حبذا"، وهي جملة فعلية، الفاعل فيها هو "ذا". وعند إرادة الذم قل "لا حبذا" بزيادة "لا" النافية. ويجب وصلها بذا كتابة. 2- هذا رأي ضعيف؛ لأنه لم يعهد تركيب فعل من فعل واسم، على أنه قد يحذف المخصوص، والفاعل لا يحذف، كما في قول الشاعر: ألا حبذا لولا الحياء وربما ... منحت الهوى ما ليس بالمتقارب 3- وأجاز بعضهم كون "حبذا" خبرا مقدما، والاسم بعده مبتدأ مؤخرا. وينسب هذا إلى المبرد وابن السراج. وضعف بأن "حبذا" لو كان اسما لوجب تكرار "لا" عند إهمالها في نحو: لا حبذا زيد ولا عمرو، وأيضا: عمل "لا" في معرفة إن أعملت عمل "إن" أو ليس. وبقي وجه آخر؛ وهو: أن يكون "حب" فعلا، و"ذا" ملغاة، والاسم بعده فاعل. 4- أي في كثرة الاستعمال، وفيه علة تقتضي عدم التغيير كالمثل؛ وهي: إرادة الإبهاما بذا، ثم الإيضاح بما يأتي بعدها مثل: ربه رجلا، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .   * "ومثل" خبر مقدم "نعم" مضاف إليه."حبذا" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "والفاعل ذا" مبتدأ وخبر. "وإن ترد" شرط وفعله. "ذما" مفعول ترد. "فقل" الفاء واقعة في جواب الشرط. "لا" نافية. "حبذا فعل وفاعل، والجملة في محل نصب مقول القول، وجملة القول جواب الشرط. زائدة. "بالباء" متعلق بجر، وقصر للضرورة. "ودون ذا" دون ظرف متعلق بمحذوف، حال من محذوف للعلم به، وذا مضاف إليه. "انضمام" مبتدأ. "الحاء" -بالقصر- مضاف إليه. "كثر" الجملة خبر المبتدأ، والتقدير: وانضمام الحاء من حب حال كونه دون "ذا" كثير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 أحد بكسر التاء وإفرادها1. وقال ابن كيسان: لأن المشار إليه مضاف محذوف؛ أي حبذا حسن هند2، ولا يتقدم المخصوص على "حبذا"؛ لما ذكرنا من أنه كلام جرى مجرى المثل3، وقال ابن رباب: شاذ؛ لئلا يتوهم أن في "حب ضميراً"4، وأن "ذا" مفعول. تنبيه: إذا قلت: "حب الرجل زيد، فحب هذه من باب "فعل" المتقدم ذكره،   1- ذلك لأنه في الأصل خطاب لامرأة طلقت زوجا غنيا لكبره، وأخذت شابا فقيرًا، وكان ذلك في زمن الصيف، فلما جاء الشتاء أرسلت للأول تطلب منه لبنا؛ فقال لها ذلك، وصار مثلا يضرب لمن يطلب الشيء بعد تفريطه فيه، و"الصيف" منصوب على الظرفية لضيعت. 2- هذا قول غير مسلم؛ لأنه لو كان كما ذكره، لظهر هذا المبتدأ المقدر في بعض التراكيب العربية؛ ولم يثبت ذلك إطلاقًا، فهو قول لا دليل عليه. 3- وإلى هذا يشير الناظم بقوله: وأول "ذا" المخصوص أيا كان لا ... تعدل بذا فهو يضاهي المثلا* أي أتبع كلمة "ذا" وجيء بعدها بالمخصوص أيا كان؛ مفردا مذكرا أو غيرهما. ولا تعدل بذا أو تمل إلى سواه؛ أي لا تدخل عليه تغييرا مطلقا؛ فهو يشبه المثل في لزومه حالة واحدة للجميع. 4- أي ضميرا مرفوعا على الفاعلية عائدا على المخصوص، وهذا التوهم بعيد؛ لأن معنى هذا التركيب قد اشتهر في غير ذلك المعنى المتوهم. على أن هذا التوهم الذي يفر منه، لا يمتنع وروده على الذهن بسبب التأخير؛ لأنه يفهم أن "ذا" مفعول مقدم، و"زيد" فاعل مؤخر.   * "وأول" فعل أمر يتعدى لاثنين؛ أي أتبع. "ذا" مفعول أول. "المخصوص" مفعول ثان، ويجوز العكس. "أيا" اسم شرط، خبر لكان مقدم، وهي فعل الشرط، واسمها يعود إلى المخصوص. "لا" ناهية "تعدل" مضارع مجزوم بها، والجملة جواب الشرط، وحذفت الفاء للضرورة. "فهو" الفاء للتعليل، و"هو" ضمير منفصل، مبتدأ "يضاهي" المثلا": "المثلا" مفعول، يضاهي، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 ويجوز في حائه: الفتح والضم، كما تقدم؛ فإن قلت "حبذا"، ففتح الحاء واجبٌ، إن جعلتها كالكلمة الواحدة1.   1- أي بالتركيب، فإن أبقيا على أصلهما بلا تركيب، جاز الوجهان: وإذا كان فاعل "حب" اسما غير "ذا"؛ فإنه لا يلتزم صورة واحدة، وإنما يساير المعنى؛ فيكون مفردا أو غير مفرد، مذكرا وغيره على حسب ما يقتضيه المقام. ويجوز رفعه أو جره بباء زائدة؛ تقول: حب المضيء القمر، وحب المضيئان القمران وحيث المضيئات الأقمار ... وهكذا. تنبيه: يخالف مخصوص"حبذا" مخصوص نعم في أمور؛ منها: أ- أن مخصوص "نعم" يجوز تقديمه عليها، بخلاف مخصوص "حبذا"؛ فلا يتقدم مطلقا، لا على "حب"، ولا على "ذا". وقد أوضح ذلك المصنف. ب- يجوز عمل النواسخ في مخصوص "نعم"؛ تقول: نعم رجلا كان محمد؛ ولا يجوز ذلك في مخصوص حبذا. جـ- تقديم التمييز على المخصوص في "نعم" كثير، وتأخيره شاذ ونادر. أما في "حبذا" فيجوز ذكر التمييز أو الحال قبله، أو بعده؛ تقول: حبذا رجلا محمد، وحبذا محمد رجلا، وحبذا راكبا محمد، وحبذا محمدان مسافرين، وصاحب الحال والمميز هو "ذا"؛ لأنه الفاعل المبهم، لا المخصوص. فائدة: يجوز زيادة "كاف الخطاب" في آخر "نعم" و"بئس"؛ تقول: نعمك الرجل محمد، وبئسك الرجل زيد. وهذه الكاف حرف لمجرد الخطاب، وليس لها موضع من الإعراب. ومع جوازها فهي قليلة في الأساليب البليغة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 ........................................................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1- يرى بعض الكوفيين أن "نعم" و"بئس" اسمان بين حجتهم فلي ذلك، وادحضها. 2- يأتي فاعل "نعم" و"بئس" اسما ظاهرا أحياناً، وضميرا أحياناً أخرى، اشرح الشروط اللازمة في كل، ومثل. 3- للنحاة أقوال في أعراب "ما" الواقعة بعد "نعم" و"بئس"، اشرح ذلك، ووضح بأمثلة من إنشائك. 4- كيف تعرب المخصوص؟ وما الفرق بين مخصوص "نعم"، و"حبذا"؟ 5- ابسط القول في "ساء"، و"حب"، وما يحول إلى "فعل"، وبين الفرق بينهما، وبين "نعم" و"بئس". 6- اشرح قول ابن مالك الآتي، موضحا ما تقوله بالأمثلة: وجمع تمييز وفاعل ظهر ... فيه خلاف عنهم قد اشتهر 7- فيما يأتي شواهد للنحويين في باب "نعم" و"بئس"، بين موضع الشاهد، وأعرب ما تحته خط، واذكر المخصوص بالمدح أو الذم: قال تعالى: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِين} . {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا} . {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُم} . {سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} . {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} . {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} . {وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} . تزود صديق المرء من كان عونه ... فنعم الزاد زاد أبيك زادا - فنعم صديق المرء من كان عونه ... وبئس امرأً من لا يعين على الدهر - فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها ... وحب بها مقتولة حين تقتل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 ........................................................................................................................................   لعمري وما عمري علي بهين ... لبئس الفتى المدعو بالليل حاتم أألوم من بخلت يداه وأغتدي ... للبخل تربا ساء ذاك صنيعاً ألا حبذا لولا الحياء وربما ... منحت الهوى ما ليس بالمتقارب نعم امرأين حاتم وكعب ... كلاهما غيث وسيف عضب 8- أعرب ما تحته خط في البيتين الآتيين، وبين ما فيهما من شاهد، وهما لجرير الشاعر الأموي المشهور: يا حبذا جبل الريان من جبل ... وحبذا ساكن الريان من كانا وحبذا نفحات من يمانية ... تأتيك من قبل الريا أحيانا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 باب: أفعل التفضيل مدخل ... باب: أفعل التفضيل 1 إنما يصاغ أفعل التفضيل مما يصاغ منه فعلا التعجب2؛ فيقال: هو أضرب وأعلم وأفضل، كما يقال: ما أضربه وأعلمه وأفضله.   باب: أفعل التفضيل 1- هو: اسم مشتق مصوغ للدلالة على أن شيئين اشتركا في صفة خاصة، وزاد أحدهما على الآخر في هذه الصفة. وهو يصاغ قياسا على وزن "أفعل" للمذكر ممنوع من الصرف؛ للوصفية ووزن الفعل. وعلى وزن "فعلى" للمؤنث، والزائد يسمى "المفضل" والمزيد عليه يسمى: "المفضل عليه" أو "المفضول" سواء كانت صفة مدح؛ كأفضل وأحسن، أو ذم؛ كأقبح وأسوأ. ومنه: خير، وشر، وحب؛ وقد حذفت همزتها لكثرة الاستعمال؛ قال تعالى: {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُن} ، {أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة} ، وقال الشاعر: وحب شيء إلى الإنسان ما منعا وجاء على الأصل قول رؤبة: بلال خير الناس وابن الأخير وقراءة بعضهم: {مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرِ} ، وفي الحديث: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وأن قل". 2- تقدم ذلك مستوفى في "باب التعجب" قريبا فارجع إليه إن شئت. وفي ذلك يقول الناظم: صغ من مصوغ منه للتعجب ... "أفعل" للتفضيل وأب اللذ أبي* أي صغ "أفعل" للدلالة على التفضيل من مصدر الفعل الذي يصاغ منه التعجب، وامنع هذه الصياغة من الفعل الذي منع منه الصوغ هنالك.   * "من مصوغ" متعلق بصغ والموصوف محذوف؛ أي من فعل مصوغ. "منه" جار ومجرور، نائب فاعل مصوغ. "للتعجب" متعلق بمصوغ. "أفعل" مفعول صغ. "للتفضيل" متعلق بضع. "وأب" فعل أمر مبني على حذف الألف. "اللذ" اسم موصول، لغة، في الذي، مفعول. "أبي" فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى الذي، والجملة صلة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 وشذ بناؤه من صوف لا فعل له؛ كهو أقمن به، أي أحق1، وألص من شظاظ2. ومما زاد على ثلاثة، كـ:"هذا الكلام أخصر من غيره"3. وفي "أفعل" المذاهب الثلاثة4، وسمع: هو أعطاهم للدراهم، وأولاهم للمعروف5، وهذا المكان أقفر من غيره6. ومن فعل المفعول؛ كهو أزهى من ديك7، وأشغل من ذات النحيين8، وأعنى بحاجتك9.   1- بنوه من قمن؛ أي حقيق. ومثله قولهم: ما بالبادية أنوأ منه؛ أي أعلم بالأنواء منه. 2- بنوه من لص، وقد حكي ابن القطاع: لصص -بالفتح- إذا استتر، وحكي أيضاً: لصصه، إذا أخذه خفية، وعلى ذلك فلا شذوذ فيه. وشظاظ بكسر -الشين- اسم لص، معروف بالذكاء في اللصوصية، من بني ضبة، ويضرب به المثل في ذلك. ومثل هذين قولهم: هو أفرس من غيره؛ من الفروسية. 3- بنوه من: "اختصر". وفيه شذوذ آخر؛ وهو: بناؤه من المبني للمجهول. 4- أي في بناء "أفعل" التفضيل من الرباعي الذي على وزن "أفعل" الخلاف السابق في التعجب؛ فقيل: يجوز مطلقاً وقيل يمتنع مطلقا، وقيل: يجوز إن كانت الهمزة لغير النقل وإلا فلا. 5- هذان شاذان عند من يمنع ذلك مطلقاً، وعند من يمنع إذا كانت الهمزة للنقل؛ لأن همزتها كذلك. 6- هذا شاذ على القول بالمنع مطلقًا؛ لأن همزته ليست للنقل. 7- بنوه من قولهم: زهي، بمعنى تكبر، وحكى ابن دريد: زها يزهو؛ أي تكبر، وعليه فلا شذوذ؛ لأنه من المبني للفاعل. 8- بنوه من "شغل" بالبناء للمفعول؛ لأن المراد أنها أكثر مشغولية، لا أنها أكثر شغلا لغيرها وهذا الفعل يجيء مبينا للفاعل؛ قال تعالى: {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} . والنحيين تثنية نحي، وهو زق السمن، وذات النحيين: امرأة من تيم الله بن ثعلبة، كانت تبيع السمن في الجاهلية، فأتى رجل أنصاري قبل أن يسلم، فساومها فحلت نحيا، فقال لها: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره. فحلت الآخر، فقال لها: أمسكيه، فلما شغل يديها حاورها حتى قضى منها ما أراد وفر. 9- بنوه من "عُنِي"، وسمع فيه: عَنِيَ كرضي، وعليه فلا شذوذ فيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 وما توصل به إلى التعجب مما لا يتعجب منه بلفظه، يتوصل به إلى التفضيل. ويجاء بعده بمصدر ذلك الفعل تمييزًا؛ فيقال: هو أشد استخراجاً وحمزة1.   1- إذا كان الفعل جامدا؛ كعسى وليس، أو غير قابل للتفاضل؛ كمات وفني، لم يجز التفضيل منه مطلقا بطريق مباشر أو غير مباشر، لأن الجامد لا مصدر له، وعدم التفاوت يفقد الأساس الذي يقوم عليه التفاضل، وفي المنفي والمجهول خلاف بين النحاة؛ لأن مصدرهما مؤول فيكون معرفة؛ فلا يصلح نصبه تمييزا لأشد ونحوه، وهو ما ينبغي أن يعرب به المصدر هنا. والتحقيق صحة التفضيل منها بالطريقة غير المباشرة؛ لصحة مجيء كلمة "عدم" قبلهما، ولصحة التنكير في بعض الأحوال. أما ما عدا ذلك مما فقد الشروط، فيتوصل إلى التفضيل منه بصوغ اسم تفضيل من "أشد" ونحوه مما يناسب المعنى، ويوضع مصدر الفعل غير المستوفي للشروط بعده، منصوبا على التمييز كما بينا. ويقوم مقام المصدر: اسم فاعل، أو اسم مفعول في آخره ياء مشددة وتاء؛ تقول: هو أشد ضاربية، ومضروبية، من غيره، كما سبق. ويلاحظ أن "أشد" ونحوه في باب التعجب فعل، أما هنا فاسم. هذا: وقد ذكر النحاة أن الألفاظ الدالة على العيوب والألوان لا يصاغ منها "أفعل" مباشرة، إذا كانت هذه العيوب والألوان ظاهرة. وسمع من ذلك: أسود من حلك الغراب، وأبيض من اللبن، وقيل: إن هذا شاذ لا يقاس عليه، ولا ندري السبب في عدم القياس، وما ذكروه من علل غير مقنع، والرأي جوازه، إذا لم يحصل لبس بصيغة أخرى، وقامت قرينة على التفضيل، أما العيوب والألوان المعنوية فتصح الصياغة منها مباشرة؛ مثل: فلان أبله من فلان، وأحمق منه، وأرعن منه، وأخرق منه، وأبيض سريرة منه، وأسود قلبا منه .... وهكذا، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وما به إلى تعجب وصل ... لمانع به إلى التفضيل صل* أي أن ما يتوصل به إلى التعجب من الأفعال التي لم تستكمل الشروط، بسبب   * "وما" اسم موصول مبتدأ. "به" متعلق بوصل على أنه نائب فاعله قدم عليه، وساغ ذلك لأنه جار ومجرور يتوسع فيهما. "إلى تعجب" متعلق بوصل، والجملة صلة. "لمانع" متعلق بوصل أيضاً. "به إلى التفضيل" متعلقان بصل. "صل" فعل أمر، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 فصل: لإسم التفضيل بالنظر للفظه ثلاث حالات ولاسم التفضيل ثلاث حالات1: إحداها: أن يكون مجرداً من "أل" والإضافة؛ فيجب له حكمان: أحدهما: أن يكون مفردًا مذكرًا دائمًا2؛ نحو: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَب} 3، ونحوه: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} ... الآية4؛ ومن ثم5 قيل ...............   مانع يمنع التعجب المباشر منها، يتوصل به إلى التفضيل منها عند وجود ذلك المانع. وليعلم أن "أفعل" التفضيل يدل غالباً على الدوام والاستمرار. وهو اسم جامد ليس له ماض، ولا مضارع، ولا اسم فاعل، ولا مفعول، ولا شيء من المشتقات، ولا يتقدم عليه في الاختيار شيء من معمولاته، كما هو الحكم العام في العوامل الجامدة، إلا في مواضع نص عليها النحاة، وسيأتي بعضها؛ كأن يكون المعمول شبه جملة؛ كقول الشاعر: وللحلم أوقات وللجهل مثلها ... ولكن أوقاتي إلى الحلم أقرب 1- هذا بالنظر إلى لفظه، أما بالنظر إلى معناه، فله ثلاث استعمالات أيضاً: أ- ما تقدم ذكره في تعريفه. ب- أن يراد به أن شيئاً زاد في صفته الخاصة به على شيء آخر في صفته، فالاشتراك بينهما في مطلق الزيادة؛ نحو قولهم: السكر أحلى من الملح، والصيف أحر من حرارته، أشد من الشتاء في برودته.. وهكذا؛ فليس بين كل اثنين اشتراك في المعنى، إلا في مطلق الزيادة المجردة المقصور على صاحبها. جـ- أن يتجرد عن معنى التفضيل، ويراد به ثبوت الصوف لصاحبه؛ فيؤول باسم فاعل، أو صفة مشبهة، وقد أشار إليها المصنف والناظم فيما سيأتي. 2- أي ولو كان مسندًا إلى مؤنث، أو مثنى، أو مجموع. 3- سورة يوسف: الآية 8. 4- تمام الآية: {وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ} من الآية 24 من سورة التوبة. فقد أفرد "أحب" في الآية الأولى مع الاثنين، وفي هذه مع الجماعة. 5- أي: ومن أجل أن "أفعل" التفضيل المجرد من أل والإضافة، يلزم فيه الإفراد والتذكير كما أسلفنا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 "آخر" إنه معدول عن آخر1، وفي قول ابن هانئ: كأن صغرى وكبرى من فقاقعها2 إنه لحن. والثاني: أن يؤتى بعده "بمن"3 جارة للمفضول، وقد يحذفان4؛ نحو: {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} 5. وقد جاء الإثبات والحذف في: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَز   1- أي: وليس من باب التفضيل؛ لأنه ليست فيه مشاركة وزيادة؛ لأن معناه الأصلي: أشد تأخرا، و"أخر": جمع أخرى، أنثى آخر على وزن "أفعل". 2- صدر بيت من البسيط، للحسن بن هانئ، المشهور بأبي نواس، في وصف الخمر، وعجزه: حصباء در على أرض من الذهب اللغة والإعراب: فقاقعها: جمع فقاعة؛ وهي النفاخات التي على وجه الماء أو الخمر، شبه حبات صغيرة من الحصباء، وهي: دقاق الحصى. در: لآلئ، جمع درة؛ وهي اللؤلؤة. "كأن" حرف تشبيه ونصب. "صغرى" اسم كان. "من فقاقعها" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لصغرى وكبرى. "حصباء" خبر كأن. "در" مضاف إليه. "على أرض" متعلق بمحذوف صفة لحصباء. "من الذهب" متعلق بمحذوف صفة الأرض. المعنى: كأن النفاخات الصغيرة البيضاء التي تعلو الخمر وهي في الكأس -في لونها الذهبي- حبات من اللؤلؤ على أرض من ذهب. الشاهد: مجيء "أفعل" التفضيل؛ وهو صغرى وكبرى، مؤنثا مع أنه مجرد من أل والإضافة، وكان حقه أن يكون مفردا مذكرا؛ فيقال: أصغر، وأكبر، لهذا قال بعضهم: إنه لحن، وقال الآخرون: إنه لم يقصد التفضيل، وإنما أراد معنى الوصف المجرد عن الزيادة، فهو صفة مشبهة، لا أفعل تفضيل. 3- ولا يجر المفضول غيرها من الحروف، وهي واجبة في هذه الحالة. واختلف في معناها، فقال المبرد: هي للابتداء، وتكون لابتداء الارتفاع إذا كان السياق للمدح؛ نحو: النشيط أفضل من الخامل. ولابتداء الانحطاط إذا كان السياق للذم؛ نحو: المنافق أضر على المجتمع من العدو، وقال ابن مالك: هي للمجاورة؛ أي أن المفضل جاوز المفضول في الوصف الممدوح أو المذموم، وزاد عليه. 4- أي "من" ومجرورها وهو المفضل عليه، وذلك عند وجود دليل على الحذف، وإلا امتنع. 5- أي من الحياة الدنيا. من الآية 17 من سورة الأعلى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 نَفَراً} ؛ أي: منك1. وأكثر ما تحذف "من" إذا كان "أفعل" خبرًا2. ويقل إذا كان حالًا؛ كقوله: دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا3   1- وعند الحذف لفظا يلاحظان في التقدير والنية. من الآية 34 من سورة الكهف. وإلى ذلك يشير الناظم بقوله: وأفعل التفضيل صله أبدا ... تقديرًا أو لفظًا بمن إن جردًا* أي أن "أفعل" التفضيل المجرد من أل والإضافة. ينبغي أن يوصل في اللفظ بمن جارة للمفضل عليه، وتقدر عند الحذف. 2- سواء كان خبرا لمبتدأ، أو خبر ناسخ، أو أصله الخبر؛ كثاني مفعولي "ظن" وأخواتها، وثالث مفاعيل "اعلم وأرى"..إلخ، نحو: محمد أكرم، كان محمد أفضل، ظننت محمد أعلم، أعلمت عليا محمدا أقدر على تحمل المسئولية. 3- صدر بيت من الطويل، استشهد به النحاة ولم ينسبوه لقائل، وعجزه: فظل فؤادي في هواك مضللا اللغة والإعراب: دنوت: قربت؛ من الدنو؛ وهو القرب خلناك: ظنناك وحسبناك. ظل: استمر مضللا: حيران غير مهتد إلى الصواب؛ من الضلال؛ وهو عدم الرشد. "دنوت" فعل وفاعل. "وقد" الواو للحال من التاء في دنوت، و"قد" حرف تحقيق. "خلناك" خال فعل ماض ناقص، من أخوات ظن، "ونا" فاعل، والكاف مفعول أول. "كالبدر" متعلق بمحذوف مفعول ثان. "أجملا" أفعل تفضيل، حال من التاء في دنوت أيضاً. "فظل" معطوف بالفاء على دنوت. "فؤادي" اسم ظل. "في هواك" متعلق بمضللا الواقع خبرا لظل. المعنى: قربت منا أيتها المحبوبة وأنت أكثر جمالا وبهاء من البدر، وقد كنا نظنك مثله في الجمال وحسن المنظر، فصار قلبي حائرا في هواك وحبك، لا يعرف سبيل الرشد   * "وأفعل التفضيل" أفعل مفعول لمحذوف يفسره ما بعده، والتفضيل مضاف إليه. "أبدًا" ظرف منصوب. "تقديرا أو لفظا" مصدران حالان من المجرور بعدهما، أو منصوبان بإسقاط في. "بمن" متعلق بصل. "إن جردا" شرط وفعله، ونائب الفاعل يعود إلى أفعل التفضيل، والألف للإطلاق، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 أي دنوت أجمل من البدر. أو صفة؛ كقوله: تروحي أجدر أن تقيلي1   ووجه الصواب. الشاهد: في "أجملا" حيث حذفت "من" التي تجر المفضول عليه مع مجرورها، وأفعل التفضيل هنا حال من التاء في "دنوت" كما ذكرنا. وجملة "وقد خلناك كالبدر" اعتراضية. وهذا على قلته قياسي. 1- عجز بيت من الرجز، أو بيت من مشطوره، وبعده: غدًا بجنبي بارد ظليل ... ومشرب يشربها رسيل وهو لأحيحة بن الجلاح الصحابي، يخاطب فسيلة "نخلة صغيرة"، وكان أحيحة ثريا وله نخل كثير بيثرب مدينة الرسول -عليه الصلاة والسلام- ومع ذلك كان يدعو إلى الإدخار والجمع. ومن كلامه الذي جرى مجرى المثل: "التمرة إلى التمرة تمر، والذود إلى الذود إبل"؛ أي أن القليل إذا انضم إلى القليل صار كثيرا. اللغة والإعراب: تروحي: ارتفعي وطولي؛ من قولهم تروح النبت، إذا طال. أجدر: أحق وأحرى. تقيلي: من القيلولة؛ وهي الوقت الذي يشتد فيه الحر في منتصف النهار، والمراد: أنها في هذا الوقت تكون متصفة بما يأتي. بجنبي بارد ظليل: أي في مكان يساعد على النمو والازدهار. رسيل: سهل لين، وهو وصف لمشرب. "تروحي" فعل أمر مبني على حذف النون، والياء فاعل. "أجدر" أفعل تفضيل صفة لمحذوف هو وعامله المعطوف على تروحي؛ أي: وخذي مكانا أجدر. "أن تقيلي" أن مصدرية، وتقيلي مضارع منصوب بأن يحذف النون، والمصدر المنسبك مجرور بحرف جر محذوف قياساً؛ أي بقيلولتك. "غدا" ظرف منصوب بتقيلي. "بجبني" متعلق بتقيلي وهو مثنى. "بارد" مضاف إليه. "ظليل" معطوف على بارد بحذف العاطف، وهما وصفان لموصوفين محذوفين؛ أي بجبني ماء بارد ومكان ظليل. المعنى: ارتفعي أيتها النخلة الصغيرة وطولي، وخذي مكانا أحرى من غيره بأن يزداد فيه نموك وازدهارك، بجنبي ماء بارد ومكان ظليل. وقد كان أهل يثرب ضنوا بطلعهم عليه، فهبت ريح الصبا وقت التأبير على الذكور واحتملت طلعها، فألقته على الإناث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 أي: تروحي وائتي مكانًا أجدر من غيره بأن تقيلي فيه. ويجب تقديم "من" ومجرورها عليه1، إن كان المجرور استفهامًا2؛ نحو: أنت ممن أفضل3؟ أو مضافًا إلى الاستفهام؛ نحو: أنت من غلام من أفضل؟ وقد تتقدم في غير الاستفهام؛ كقوله: فأسماء من تلك الظعينة أملح وهو ضرورة.   فقام ذلك مقام التأبير، فاستغنى عنهم. الشاهد:- في "أجدر أن تقيلي"؛ حيث حذف "من" والمفضل عليه مع "أفعل"؛ وهو صفة لموصوف محذوف. وذلك قليل. هذا: وقد ظن بعضهم أن الشاعر يخاطب بهذا ناقته، وأنه يطلب منها الصبر على مشاق السير في وقت الرواح المقابل للغدو، وأن تقيل في وقت الظهيرة، وعليه تقدير المصنف. ولكن هذا لا يتناسب مع ما قبل هذا البيت وما بعده؛ وقبله: تأبري يا خيرة الفسيل ... تأبري من حنذ فشولي إذ ضن أهل النخل بالفحول ... تروحي أجدر أن تقيلي والصحيح ما ذكرنا، وقد ذكره الفيومي في "المصباح المنير". 1- أي على "أفعل" وحده، دون تقديمها على الجملة كلها. 2- ذلك لأن الإستفهام له الصدارة في الكلام. 3- الأصل: أنت أفضل ممن؟ 4- عجز بيت من الطويل، لجرير الشاعر الأموي، وصدره: إذا سايرت أسماء يومًا ظعينة ومثل قول ذي الرمة، الشاعر الأموي: ولا عيب فيها غير أن قطوفها ... سريع وأن لا شيء منهن أطيب اللغة والإعراب:- سايرت: سارت وصاحبت. ظعينة: الظعينة الهودج كانت فيه امرأة أولا، والجمع: ظعن وظعائن، وهي أيضًا: المرأة ما دامت في الهودج. والمراد هنا: المرأة مطلقًا. أملح: أحسن؛ من ملح؛ كظرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 الحالة الثانية: أن يكون "بأل" فيجب له حكمان:   "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "سايرت" فعل الشرط. "أسماء" فاعل سايرت. "ظعينة" مفعوله. "فأسماء الفاء واقعة في جواب "إذا"، وأسماء مبتدأ. "من تلك" متعلق بأملح الواقع خبرًا للمبتدأ. "الظعينة" بدل من اسم الإشارة. المعنى: أن أسماء، كلما سارت مع نسوة، ظهر حسنها وجمالها، وتفوقت على من يسايرنها في الحسن والملاحة. الشاهد: تقدم "من" ومجرورها؛ وهو قوله: "من تلك الظعينة"، على أفعل التفضيل؛ وهو "أملح" في غير الاستفهام، وذلك شاذ لضرورة الشعر. وفي تقديم "من" مع مجرورها في حالتي الاستفهام يقول الناظم: وأن تكن بتلو من مستفهما ... فلهما كن أبدًا مقدمًا كمثل ممن أنت خير ولدى ... إخبارٌ التقديم نزرًا وردًا* أي: إن تكن مستفهما بالاسم التالي "من"؛ أي مجرورها؛ فقدهما وجوبا دائمًا؛ مثل: ممن أنت خير؟ وورد التقديم نادرا حالة الإخبار؛ أي إذا كان الكلام خبرا، لا إنشائيا استفهاميا. هذا: وإذا بني أفعل التفضيل من مصدر فعل يتعدى بحرف الجر "من"؛ كالفعل "قرب"، و"بعد" جاز تقديم "من" المعدية، على "من" الداخلة على المفضول، وتأخيرها عنها؛ نحو: محمد أقرب من الصواب من علي، وأقرب من علي من الصواب. ولا يجوز الفصل بين "أفعل" وبين "من" ومجرورها، إلا بمعمول "أفعل"؛ نحو: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} أو بـ"لو" وما يتبعها؛ كقول الشاعر: ولفوك أطيب لو بذلت لنا ... من ماء موهبة على خمر   * "بتلو" أي بتالٍ، متعلق بمستفهمًا، "من" مضاف إليه. "مستفهمًا" خبر تكن الواقع فعلا للشرط. "فلهما" الفاء لربط الجواب بالشرط، و"لهما" متعلق بمقدما الواقع خبرا لكن، والجملة جواب الشرط. "أبدا" ظرف متعلق بمقدما. "كمثل" الكاف زائدة، و"مثل" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي وذلك مثل. "ممن" متعلق بخبر الواقع خبرا عن "أنت". "لدى" ظرف بمعنى عنده، متعلق بوردا. "إخبار" مضاف إليه. "لتقديم" مبتدأ. "نزرا" حال من فاعل "ورد" العائد على التقديم، والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 أحدهما: أن يكون مطابقا لموصوفه1؛ نحو: زيد الأفضل، وهند الفضلى، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون، والهندات الفضليات أو الفضل2. والثاني: ألا يؤتي معه "بمن"3، فأما قول الأعشى:   الموهبة: نقرة في جوف الصخرة يخزن فيها الماء ليبرد، والجمع مواهب. "لو" للتمني، أو شرطية حذف جوابها؛ أي لأحسنت إلينا. "على خمر" متعلق بمحذوف صفة لماء. أو بالنداء؛ كقول الشاعر: لم ألق أخبث يا فرزدق منكمو ... ليلاً وأخبث بالنهار نهاراً فائدة: قال الصبان: "من كلامهم المشهور": "زيد أعقل من أن يكذب"، وظاهر مشكل؛ لأنه يقتضي تفضيل زيد في العقل على الكذب؛ ولا معنى له. وخير ما قيل في هذا وأمثاله: أن "أفعل" التفضيل يقصد به هنا معناه اللغوي، مع تضمين "أفعل" معنى "أبعد"، وبيان سبب البعد؛ فالمراد بهذا التركيب: زيد أبعد الناس من الكذب بسبب عقله، ويكون الغرض من هذا التفضيل: ابتعاد الفاضل من المفضول. ولا تكون "من" تفضيلية وإنما هي مع مجرورها متعلقان بأفعل، الذي هو بمعنى متباعد، والمفضول متروك لقصد التعميم. 1- أي في التذكير والتأنيث، والإفراد وفروعه؛ وذلك لأن اقترانه بأل أضعف شبهه بأفعل في التعجب. 2- الفضل: جمع تكسير لفضلي. قيل: وينبغي أن يرجع في تأنيث اسم التفضيل وجمعه جمع تكسير إلى السماع؛ فقد لا يسمع ذلك، كالأشرف، والأظرف؛ فإنه لم يسمع فيهما: الأشارف والأظارف جمعا، ولا الشرفي والظرفي للمؤنث؛ كما سمع ذلك في الأفضل والأطول. وقد سمع في الأكرم والأمجد جمعهما؛ فقيل: الأكارم والأماجد، ولم يسمع فيهما: الكرمي والمجدي للمؤنثة. ونقل صاحب الأمالي أن بعض العرب يقولون: الأكرم، والأجمل، والأحسن، والأرذل، والأنذل، والألأم، وهي: الكرمي، والجملي، والحسني، والرذلي، واللؤمي ... إلخ. وعليه فيمكن القياس مع التحفظ للتيسير؛ لأن الوصول إلى المسموع يحتاج إلى عناء شديد. 3- أي: لأن المفضل عليه غير مذكور؛ إذ تغني عنه أل. و"من"، و"أل" يتعاقبان ولا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 أحدهما: أن يكون مطابقا لموصوفه1؛ نحو: زيد الأفضل، وهند الفضلي، والزيدان الأفضلان، والزيدون ولست بالأكثر منهم حصى1 فخرج على زيادة "أل"2، أو على أنها3 متعلقة بـ"أكثر" نكرة محذوفاً مبدلًا من "أكثر" المذكورة4. الحالة الثالثة: أن يكون مضافًا5، فإن كانت إضافته إلى نكرة لزمه أمران: التذكير،   يجتمعان؛ فلا يقال: على الأفضل من محمد. 1- صدر بيت من السريع، للأعشى ميمون بن قيس، من قصيدة يهجو فيها علقمة بن علاثة الصحابي، ويفضل عليه ابن عمه عامر بن الطفيل، في المنافرة التي وقعت بينهما، وهي مشهورة، وعجزه: وإنما العزة للكاثر اللغة والإعراب: حصى، المراد: العدد من الأعوان والأنصار. العزة: القوة والغلبة، الكاثر: اسم فاعل؛ من كثرته أكثر، من باب نصر: غلبته في الكثرة. "بالأكثر" خبر ليس على زيادة الباء. "حصى" تمييز لأكثر. "وإنما" الواو عاطفة؛ وإنما أداة حصر. "العزة للكاثر" مبتدأ وخبر. المعنى: لست يا علقمة أكثر من عامر عددا وأعوانا وأنصارا؛ وإنما تكون الغلبة ويتم النصر لمن عنده جنود أكثر، وأعوان ونصراء. الشاهد: في قوله: "بالأكثر منهم"؛ حيث يدل ظاهره على أن "من" لحقت أفعل التفضيل المحلى بأل، وهذا ممنوع؛ لما ذكرنا؛ وقد خرجه المصنف، وقال بعضهم إنه ضرورة. 2- أي: فلا تفيد تعريفا، ويكون أفعل التفضيل نكرة، كما تزاد في التمييز والحال. 3- أي "من" في قوله "منهم". 4- ويكون الأصل: وليست بالأكثر أكثر منهم، وفيه حذف البدل. وقيل: إن "من" بمعنى "في"؛ أي فيهم. 5- الراجح أن تكون إضافته غير محضة، وقيل محضة. ويشترط في هذه الحالة مطلقا، سواء أضيف لنكرة أو لمعرفة، ألا يقع بعد "أفعل" "من" الجارة للمفضول؛ فلا يصح: علي أفضل المتسابقين من محمد. أما الجارة لغيره فتقع؛ تقول: محمد أقرب الناس مني، كما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 والتوحيد؛ كما يلزمان المجرد؛ لاستوائهما في التنكير1، ويلزم في المضاف أن يطابق؛ نحو: الزيدان أفضل رجلين، والزيدون أفضل رجال، وهند أفضل امرأة. فأما: {وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِه} 2، فالتقدير: أول فريق كافر به3. وإن كانت   يشترط أن يكون المضاف بعضا من المضاف إليه عند إرادة التفضيل؛ فلا يصح محمد أفضل امرأة. فإن لم يقصد التفضيل جاز؛ نحو: يوسف أحسن إخوته. والمراد بكونه بعضا من المضاف إليه: أن يكون "أفعل" جزءًا، والمضاف إليه كلا؛ نحو: الرأس أنفع الجسم. أو يكون "أفعل" فردا من أفراد كثيرة يشملها المضاف إليه، وينبغي حينئذ أن يكون المضاف إليه جنسا يندرح تحته أفراد كثيرة؛ نحو: النيل أكبر الأنهار في مصر. 1- ولكونهما على معنى "من". وإذ عطفت على المضاف النكرة مضافا إلى ضميرها، فقيل: يذكر الضمير أيضاً ويفرد على التوهم؛ تقول: محمد أفضل رجل وأعقله، وهند أكرم امرأة وأعقله، والمحمدان أكرم رجلين وأعلقه .... وهكذا. وقيل: تجوز المطابقة إن لم تكن واجبة أو أولى. أما إذا أضفت "أفعل" إلى معرفة، فإنك تؤنث وتثني وتجمع، وهو القياس، وأجاز سيبويه الإفراد تمسكا بقول الشاعر: ومية أحسن الثقلين جيداً ... وسالفةً وأحسنه قذالا أي أحسن من ذكر. وإلى حكم "أفعل" التفضل المجرد من "أل" والإضافة، أو المضاف إلى نكرة، يشير الناظم بقوله: وإن لمنكور يضف أو جردا ... ألزم تذكيرًا وأن يوحدا* أي: إذا أضيف "أفعل" التفضيل نكرة، أو جرد من أل والإضافة، يلزم فيه أن كيون مذكر دائماً، وأن يكون مفردا. 2- أي بإفراد {كَافِرٍ} ومقتضى القاعدة: "كافرين" بالجمع؛ ليطابق الواو في {تَكُونُوا} من الآية 41 من سورة البقرة. 3- فهو على حذف موصوف مطابق في المعنى؛ وهو "فريق" لأنه جمع في المعنى، وقد أفرد   * "وإن" شرطية. "لمنكور" متعلق بيضف الواقع شرطًا لإن، ونائب الفاعل يعود إلى أفعل التفضيل. "أو جردا" معطوف على يضف. "ألزم تذكيرا" نائب فاعل ألزم يعود إلى أفعل التفضيل، وهو المفعول الأول، وتذكيرا المفعول الثاني، والجملة في محل جزم جواب الشرط. "وإن يوحدا" المصدر المنسبك من أن والفعل معطوف على "تذكيرا". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 الإضافة إلى معرفة، فإن أول "أفعل" بما لا تفضيل فيه1، وجبت المطابقة2؛ كقولهم: "الناقص والأشج أعدلا بني مروان، أي عادلاهم3. وإن كان على أصله من إفادة المفاضلة؛ جازت المطابقة كقوله تعالى: {أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} 4، {هُمْ أَرَاذِلُنَا} ، وتركها؛ كقوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ}   "كَافِر" باعتبار لفظ فريق. 1- سواء كان الغرض عدم المفاضلة وإرادة الزيادة مطلقا، وأن "أفعل" بمعنى الفاعل أو الصفة المشبهة، أو أن الغرض بيان المفاضلة والزيادة المطلقة، لا على المضاف إليه وحده. 2- أي للموصوف؛ في الإفراد والتذكير وفروعهما، ولا يلزم حينئذ أن يكون أفعل التفضيل المضاف بعضا من المضاف إليه، لأن الإضافة لمجرد التخصيص، لا لبيان المفضل عليه؛ بل تارة يكون؛ نحو: محمد أفضل قريش؛ أي أفضل الناس من بينهم، وتارة لا يكون كيوسف أحسن إخوته؛ إن قصد أنه أحسن الناس من بينهم أو أحسنهم؛ لأن "أفعل" لا يكون على معنى "من" حينئذ. 3- هذا مثال لما لا تفضيل فيه؛ لأنه لم يشاركهما أحد من بني مروان في العدل. والناقص: هو يزيد بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان؛ لقب بذلك لأنه نقص أرزاق الجند. والأشج هو: عمر بن عبد العزيز، لقب بذلك لشجة كانت برأسه من ضرب دابة. ومثل هذا: نصيب أشعر الحبشة؛ أي: شاعرهم. ومثال ما يقصد به التفضيل المطلق على المضاف إليه وعلى غيره: محمد أفضل قريش. 4- فيه أعاريب، أولاها -كما قال الصبان: تفسير {جَعَلْنَا} بمكنا، {فِي كُلِّ قَرْيَة} ظرف لغو متعلق به. {أَكَابِرَ} مفعوله. والشاهد فيه إضافة {أَكَابِرَ} لمجرميها، مع مطابقته لموصوفه المقدر؛ أي قوما أكابر، ولو لم يطابق لقيل: أكبر لمجرميها، من الآية 23 من سورة الأنعام. وكذلك {أَرَاذِلُنَا} ، ولو لم يطابق لقيل: أرذلنا. من الآية 37 من سورة هود. وفي حكم المقرون بأل، والمضاف إلى معرفة، يقول الناظم: وتلو "أل" طبق وما لمعرفة ... أضيف ذو وجهين عن ذي معرفة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 النَّاسِ عَلَى حَيَاة} 1، وهذا هو الغالب. وابن السراج يوجبه2؛ فإن قدر {أَكَابِر} مفعولًا ثانيًا، و {مُجْرِمِيهَا} مفعولًا أول، فيلزمه المطابقة في المجرد3.   هذا إذا نويت معنى "من" وإن ... لم تنو فهو طبق ما به قرن* أي أن "أفعل" الذي يتلو "أل" ويقع بعدها، تجب مطابقته لما قبله. وما أضيف لمعرفة فيه وجهان منقولان عن صاحب رأي ومعرفة بلغة العرب، وهما: المطابقة وعدمها، بشرط أن تنوي "من"؛ أي يقصد التفضيل، فإن لم تنو "من" فهو مطابق لما قرن التفضيل به؛ أي للموصوف الذي يقصد به التفضيل. 1- "هم" مفعول أول لتجد. "أحرص" مفعو ثان له. ولو طابق لقال: أحرصي. 2- أي يوجب ترك المطابقة، ويجعل "أفعل" فيه كالمجرد، ويلتزم فيه الإفراد والتذكير. ويرده {أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} المتقدم. وقول المصنف: "فإن قدر .... إلخ"، جواب عن تقدير سؤال لابن السراج؛ وهو: كيف يوجب ترك المطابقة وقد جاءت في {أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} ؟ 3- وقد تقدم أنها غير جائزة. الخلاصة: أ- أن "أفعل" يجب إفراده وتذكيره، إن كان مجردا، أو مضافا لنكرة، وينبغي دخول "من" الجارة للمفضول في المجرد، ولا تحذف إلا إذا دل عليها دليل، كما يجب في النكرة أن تكون مطابقة لصاحب "أعفل" التفضيل في الإفراد والتذكير وفروعها. ب- تجوز فيه المطابقة وعدمها، إن كان مضافا لمعرفة وقصد التفضيل باق. وتجب البعضية في هذه الصورة.   * "وتلو"؛ أي تالي، مبتدأ. "أل" مضاف إليه قصد لفظه. "طبق" خبر؛ أي مطابق. "وما" اسم موصول مبتدأ "لمعرفة" متعلق بأضيف الواقع صلة لما. "ذو وجهين" ذو خبر المبتدأ، وجهين مضاف إليهز عن "ذي" متعلق بمحذوف صفة لوجهين. "معرفة" مضاف إليه؛ أي ذو وجهين منقولين عن صاحب معرفة. "هذا" اسم إشارة مبتدأ والخبر محذوف؛ أي الحكم مثلا، والإشارة إلى جواز الوجهين في المضاف إلى المعرفة. "معنى" مفعول نويت. "من" مضاف إليه. "وإن لم تنو" جملة شرطية، ومفعول تنو محذوف يدل عليه ما قبله. "فهو" القاء للربط، و"هو" ضمير منفصل مبتدأ. "طبق" خبر. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "به" متعلق بقرن الواقع صلة، والمراد بمعنى من -الذي قد تنويه وقد لا تنويه- هو التفضيل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 مسألة: فيما يرفعه أفعل التفضيل مسألة: يرفع أفعل التفضيل الضمير المستتر في كل لغة؛ نحو: زيد أفضل1. والضمير المنفصل، والاسم الظاهر في لغة قليلة2؛ كمررت برجل أفضل منه أبوه، أو أنت3. ويطرد ذلك إذا حل محل الفعل4؛ .....................................   جـ- وجوب المطابقة إذا اقترن بأل، ويجب عدم ذكر "من" ومجرورها. أو أضيف لمعرفة، ولم تكن المفاضلة قائمة، وفي هذه الصورة يجوز أن يكون بعضا من المضاف إليه أو غير بعض. 1- ففي "أفضل" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية يعود على زيد. 2- حكاها سيبويه، وأشار إليه الناظم كما سيأتي؛ وإنما كان رفعه لهذين قليلا؛ لأنه ضعيف الشبه باسم الفاعل؛ إذ هو يلزم الإفراد والتذكير عند تجرده، أو إضافته لنكرة. 3- بخفض "أفضل" بالفتحة على أنه صفة لرجل، و"منه" متعلق به، ورفع أبوه"، و"أنت" على الفاعلية بأفضل، وأكثر العرب برفع "أفضل" في مثل ذلك على أنه خبر مقدم، و"أبوه" و"أنت": مبتدأ مؤخر، وفاعل أفضل ضمير مستتر عائد على المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر نعت لرجل، والرابط الضمير المجرور بمن. وعلى هذا لا يكون "أفضل" رفع اسمًا ظاهرًا أو ضميرًا بارزًا. 4- أي إذا صح أن يحل محل "أفعل" التفضيل فعل بمعناه، من غير فساد في المعنى أو في الأسلوب؛ وذلك لأن الفعل يرفع الظاهر؛ فكذلك ما يحل محله. وإلى هذا أشار الناظم بقوله: ورفعه الظاهر نزر ومتى ... عاقب فعلاً فكثير ثبتا كلن ترى في الناس من رفيق ... أولى به الفضل من الصديق* أي: أن رفع "أفعل" التفضيل للاسم الظاهر نزر؛ أي قليل، لا يقاس عليه، لكن متى   * "ورفعه" مبتدأ وهو مصدر مضاف لفاعله. "الظاهر" مفعوله. "نزر" خبر المبتدأ "ومتى" اسم شرط، وهو ظرف متعلق بفعله وهو عاقب. "فعلا" مفعول عاقب. "فكثيرا" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"كثيرا" حال من فاعل ثبت العائد على رفعه الظاهر، وألفه للإطلاق. "كلن" الكاف جارة لقول محذوف، و"لن" حرف نفي ونصب. "من رفيق" مفعول ترى على زيادة من. "أولى" اسم تفضيل نعت لرفيق. "به" متعلق بأولى "الفضل" فاعل أولى. "من الصديق" جار ومجرور متعلق بأولى؛ أي من الفضل بالصديق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 وذلك إذا سبقه نفي1، وكان مرفوعه أجنبيا2 مفضلًا على نفسه باعتبارين3؛ نحو: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد4؛ فإنه يجوز أن يقال: ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد. والأصل أن يقع هذا الظاهر5 بين ضميرين: أولهما للموصوف6، وثانيهما للظاهر7 كما مثلنا.   عاقب "أفعل" فعلا؛ أي حل محل الفعل؛ فإن رفعه الظاهر قد ثبت كثيرا عن العرب. ومثل الناظم لهذه الكثرة بالبيت الثاني، وسيذكر المصنف أصله، وما حدث فيه من حذف، ويمكن أن يحل محله فعل بمعناه؛ وهو: يحق. 1- أي: أو شبهه؛ وهو النهي والاستفهام الإنكاري على الصحيح. وبعد هذا ينبغي أن يكون أفعل التفضيل نعتا لاسم جنس، ليعتمد عليه ويقوى على رفعه الظاهر. 2- المراد بالأجنبي هنا: ألا يكون متصلا بضمير يعود على الموصوف، ويدل على صلة بين "أفعل" ومنعوته؛ فيخرج نحو: ما رأيت رجلا أحسن منه أبوه. 3- أي أن ذلك الأجنبي يكون مفضلا على نفسه باعتبارين مختلفين. وهذا القيد يغني عما قبله؛ لأن الأجنبي لا يختلف بالاعتبار بل بالذات. 4- "ما" نافية. "رجلا" مفعول رأيت. "أحسن" نعت لرجل إن كانت "رأى" بصرية، ومفعول ثان إن كانت علمية، وهو: اسم جنس مسبوق بنفي، "في عينه" حال من الكحل، أو ظرف لغاو متعلق بأحسن. "الكحل" فاعل أحسن، وهو أجنبي من الموصوف؛ لأنه لم يتصل بضميره، ومفضل على نفسه باعتبارين مختلفين؛ فكونه في عين زيد فاضل، وفي عين غيره مفضول. "منه" متعلق بأحسن. "في عين زيد" في عين حال من الهاء في منه، وزيد مضاف إليه. المعنى: أن الكحل في عين زيد أحسن من نفسه في عين غيره من الرجال؛ فالمفضل والمفضل عليه شيء واحد، لكن فضل باعتبار مكان على نفسه في مكان آخر. 5- أي الاسم الظاهر الذي هو فاعل لأفعل التفضيل. 6- أي المنعوت بأفعل التفضيل، وهو في المثال: الهاء في "عينه". 7- وهو الهاء في "منه" فيكون المفضول مذكورا. وقد يحذف الضمير الأول العائد على الموصوف إن دل على حذفه دليل؛ تقول: ما رأيت رجلا أحسن الكحل منه في عين زيد، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 وقد يحذف الضمير الثاني1، وتدخل "من"، إما على الاسم الظاهر2، أو على محله3، أو على ذي المحل4؛ فتقول: من كحل عن زيدا، أو من عين زيد، أو من زيد، فتحذف مضافًا5 أو مضافين6. وقد لا يؤتي بعد المرفوع بشيء7؛ فتقول: ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل8، وقالوا: ما أحد احسن به الجميل من زيد9. والأصل: ما أحد أحسن به الجميل من حسن10 الجميل يزيد، ثم إنهم أضافوا الجميل" إلى زيد لملابسته إياه11، ثم حذفوا المضاف12، ومثله في المعنى: .............................   وتقول: ما رأيت رجلا أكمل الإشراق منه في وجه المؤمن؛ والتقدير: أكمل الإشراق في وجه ... إلخ. 1 أي العائد على فاعل اسم التفضيل الظاهر. 2 وهو "الكحل" في مثالنا. 3 أي المحل والمكان الذي يقوم به الفاعل ويحل فيه، وهو "العين" في المثال. 4 أي صاحب ذلك المحل الذي يحل فيه الفاعل، وهو في المثال "زيد". 5 أي إذا أدخلت "من" على المحل؛ وهو "العين". 6 وذلك إذا أدخلت "من" على صاحب المحل؛ وهو "زيد" وقد يحذف الضمير الأول للعلم به؛ تقول: ما رأيت رجلا أحسن الكل منه في عين زيد. 7 فيحذف الضميران معاً، وذلك إذا تقدم محل المفضل نفسه على "أفعل" التفضيل، فيستغني "أفعل" بفاعله عما يكون بعده، وذلك كمثال المصنف، وكقولهم: ما شيء كالغزال أحسن به الحور. 8 فتحذف ضمير "الكحل" ومحله، وصاحب محله؛ اختصارا. 9 فأدخلوا "من" في اللفظ على غير المفضل عليه، وهو ملابسه، لا محله حقيقة. 10 الأولى: إسقاط "حسن"؛ لأن المفاضلة بين الجميل ونفسه باعتبارين، لا بينه بأحد، وحسنه بزيد. ويظهر أن الذي دعى المصنف إلى تقدير "حسن" ليتعلق به المجرور وهو "بزيد"، ويمكن عند الحذف أن يكون "بزيد" حالا من مجرور "من". 11- أي في المعنى؛ فصار التقدير: من جميل زيد. 12- أي: وهو "جميل"، وأقاموا المضاف إليه مقامه؛ وهو "زيد". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 لن ترى في الناس من رفيق ... أولى به الفضل من الصديق1 والأصل: من ولاية الفضل بالصديق2، ثم من فضل الصديق، ثم من الصديق.   1 ذا بيت من النظم، وقد سبق، انظر صفحة (124) . 2 الأولى حذف "ولاية" كما سبق؛ لأن المفاضلة؛ إنما هي بين الفضل ونفسه باعتبارين، لا بينه وبين ولايته. والخلاصة: أن الضميرين قد يذكران معا، وقد يحذفان، وقد يذكر أحدهما ويحذف الآخر. فائدتان: أ- ينصب "أفعل" التفضيل: المفعول لأجله، والظرف؛ والحال، وبقية المنصوبات، ما عدا المفعول المطلق، والمفعول معه، وفي المفعول به خلاف. والرأي جوازه لوروده؛ كقوله تعالى: {هُوَ أَهْدَى سَبِيلا} . أما التمييز، فإن كان فاعلا في المعنى نصب بأفعل؛ نحو: الطبيب أكثر نفعا من المهندس. وإن لم يكن فاعلا، وكان "أفعل" مضافا، صح نصبه؛ نحو: الحطيئة أكثر الشعراء هجاء. ب إذا كان "أفعل" التفضيل مصوغا من مصدر فعل متعد بحرف جر معين، عدي "أفعل" بذلك الحرف؛ نحو: كان عمر أشفق الناس على الرعية، وأزهدهم في الدنيا، واسرع إلى إغاثة الملهوف. وإن كان من متعد بنفسه، فإن دل على حب أو بغض، أو ما في معناهما، عدي باللام، إن كان مجرورها مفعولا به في المعنى، وما قبل "أفعل" هو الفاعل؛ نحو: المسلم أحب للخير من غيره، وأبغض لمخالفته دينه. وعدي بإلى، إن كان المجرور هو الفاعل في المعنى؛ نحو: المال أحب إلى البخيل من كل شيء، وإن دل على غير ذلك، عدمي بالام؛ نحو: محمد أنفع للجار. وإن كان فعله متعديا لاثنين عدي لأحدهما باللام، ونصب الآخر مفعولا به؛ نحو: محمد اعطى للمحتاجين الكثير من المال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 .....................................................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف اسم التفضيل، وبين وزنه القياسي، ومم يصاغ؟ ومثل لما تقول. 2 اذكر حالاته من جهة لفظه، ثم من جهة معناه، ووضح ما تقوله بالأمثلة. 3 متى يلزم "أفعل" التفضيل الإفراد والتذكير، ومتى تجب مطابقته للموصوف؟ 4 بين حكمه إذا أضيف لمعرفة أو لنكرة؛ من حيث المطابقة وعدمها، ومثل. 5- اشرح قول ابن مالك: ورفعه الظاهر نزر ومتى ... عاقب فعلا فكثيراً ثبتا واشرح القاعدة التي يبنى عليها رفعه الظاهر، والضمير البارز، ووضحها بأمثلة. 6 فيما يأتي شواهد لأفعل التفضيل، بين الشاهد، وأعربه: قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} ، {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} . وقال -عليه الصلاة والسلام: "اليد العليا خير من اليد السفلى" وقال: "ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني منازل يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون"، وفي الأمثال: "أمضى من سهم". وأحب أوطان البلاد إلى الفتى ... أرض ينال بها كريم المطلب - إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتًا دعائمه أعز وأطول - فقالت لنا أهلا وسهلا وزودت ... جنى النحل أو ما زودت منه أطيب - وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... على المرء من وقع الحسام المهند - صبرت ومن يصبر يجد غب صبره ... ألذ وأحلى من جنى النحل في الفم 7- خاطب بالعبارة الآتية المؤنثة، والجمع بنوعيه: محمد أحق بالوصاية؛ لأنه أعقل إخوته، والأوفر مالا. 8- صغ اسم الفضيل، وفعلي التعجب، من مصادر الأفعال الآتية، وضع أربعة منها في جمل: انزوى، عظم، قتل، مل، سئم، أسود، طوى، أنعم، أتى، ناضل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 .....................................................................................................................................   9 صغ اسم التفضيل، وفعلى التعجب، من مصادر الأفعال الآتية: ارعوى، قال، اشمأز، طوى، مات، راقب، بر، وعد، ندم، اصفر. يوجد صورة سكانر 10 أعرب البيت البيت الآتي، واشرحه شرحا أدبيا، وبين ما فيه من شاهد في هذا الباب: لولا العقول لكان أدنى ضيغم ... أدنى إلى شرف من الإنسان 11 بين فيما يأتي: اسم التفضيل، ومعموله، وموضعه من الإعراب، وحكمه من حيث الإفراد والمطابقة: كان عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، المعروف بصقر قريش، من أرجح الناس عقلا، وأنفذهم عزما، وأسخاهم يدا. ولد في أحدى ضواحي دمشق الدنيا، سنة 133هـ، وما كاد يبلغ العشرين من عمره، أو أكثر قليلا، حتى كان ملك بني أمية أقرب إلى الزوال، وأخذ العباسيون يتعقبون الأعلين من البيت الأموي، ففر عبد الرحمن إلى أقصى الغرب، واستطاع بما وهب من رجاحة العقل وسعة الفكر، أن يؤسس بالأندلس دولة ضارعت أرقى الدول، وكان لها اليد الطولى في نشر الحضارة بالغرب، وتوفي سنة 172هـ، وعاصر من الخلفاء العباسيين: المنصور، والمهدي، والرشيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 .....................................................................................................................................   ومن آثاره الباقية إلى اليوم: الجامع الأموي في قرطبة، وقد كان العنوان الأسمى لمجد الأمويين في الغرب، والرمز الأعلى لعزهم وحضارتهم. وقد أنشأ في مواجهته قصرًا يعتبر تحفة فنية عظمى، وهو الأول من نوعه في الغرب والشرق. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 باب: النعت مدخل ... باب: النعت 1 الأشياء التي تتبع ما قبلها في الإعراب2 خمسة: النعت، والتوكيد، وعطف البيان، والنسق، والبدل3، فالنعت عند الناظم هو:   باب: النعت 1 يسمى النعت أيضاً: الصفة، والوصف. 2 سواء كان الإعراب لفظياً، أو تقديريا، أو محليا، ومثل الإعراب: ما يشبهه من حركة عارضة لغير الإعراب؛ نحو: يا زيد الفاضل، بضم الفاضل على أنه تابع للمنادى على اللفظ. 3- وقد أشار الناظم إلى هذه التوابع بقوله: يتبع في الإعراب الأسماء الأول ... نعت وتوكيد وعطف وبدل* أي أن هذه الأربعة تتبع في إعرابها الأسماء الأول التي سبقتها وتقدمت عليها، وهي الأسماء المتبوعة, واقتصر على الأسماء لأنها الأكثر. وقد اختلف في عامل التابع، فالجمهور على أن العامل فيه هو العامل في المتبوع، ما عدا البدل فإن عامله محذوف، وقيل غير ذلك، ولكن ما ذكرناه هو الراجح. ولا يفصل بين التابع والمتبوع بأجنبي محض عنهما. ويجوز بمعمول الموصوف؛ نحو قوله تعالى: {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِير} ، من الآية 44 م سورة ن. وبمعمول الموصوف؛ نحو: يعجبني ضربك زيدا الشديد، وبعامل المتبوع؛ نحو: المريض أكرمت الجريح، وبمعمول العامل؛ كقوله تعالى: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ، عَالِمِ الْغَيْبِ} من الآية 91، 92 من سورة المؤمنون. وبمفسر العامل؛ نحو: {إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} وبالاستثناء، وبالقسم وبجوابه؛ كقوله تعالى: {بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ} من الآية 3 من سورة سبأ، وبالاعتراض؛ كقوله سبحانه وتعالى: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيم} ، الآية   * "الأسماء" مفعول يتبع. "الأول" نعت للأسماء. "نعت" فاعل يتبع، وما بعده معطوف عليه، وخص الأسماء بالذكر، لأنها وحدها التي تجري فيها جميع التوابع، وهذا لا ينافي أن بعضها يجري في غير الأسماء؛ كالتوكيد اللفظي، والبدل، وعطف النسق، كما سيأتي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 التابع1 الذي يكمل متبوعه؛ بدلالته على معنى فيه2، أو فيما يتعلق به3. فخرج بقيد التكميل النسق والبدل4، وبقيد الدلالة المذكورة البيان والتوكيد5. والمراد بالمكمل: الموضح للمعرفة6؛ كجاز زيد التاجر، أو التاجر أبوه. والمخصص للنكرة7؛ كجاءني رجل تاجر، او تاجر أبوه. وهذا الحد غير شامل لأنواع النعت، فإن النعت قد يكون لمجرد المدح؛ كـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} ، أو لمجرد الذم؛ نحو: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، أو   76 من سورة الواقعة .... إلخ. ولا يجوز تقديم التابع على المتبوع، وأجاز بعضهم تقديم الصفة إذا كانت لمتعدد تقدم بعضه؛ نحو: نجح محمد الذكيان وعلي. 1 التابع هو: اللفظ المتأخر المشارك لما قبله في نوع إعرابه، الحاصل، والمتجدد وليس خبرًا، ومعنى الحاصل والمتجدد: تغير النعت بسبب تغير المنعوت بتغيير التراكيب. 2 هذا إذا كان نعتا حقيقيا؛ وهو: ما يدل على معنى في نفس منعوته، أو ما هو في حكمه. 3 وذلك إذا كان نعتا سببياً؛ وهو: ما يدل على معنى في شيء بعده؛ له صلة وارتباط بالمتبوع؛ قال الناظم: فالنعت تابع متم ما سبق ... بوسمه أو وسم ما به اعتلق* أي أن العت هو: التابع الذي يتمم المنعوت الذي سبقه، ويكمله بوسمه؛ أي بزيادة سمة وعلامة في المنعوت، أو وسم ما اعتلق به، أي ما أتصل بالمنعوت بعلاقة؛ وهو سببيه. 4 لأنهما لم يقصد بهما أصلا تكميل متبوعهما، لا بإيضاح، ولا تخصيص. 5 لأنهما لا يدلان على صفة ومعنى في متبوعهما ولا فيما يتعلق به؛ فإنهما عين متبوعهما؛ فهما يكملان بالإيضاح ورفع الاحتمال. 6 وذلك بإزالة الاشتراك اللفظي فيها، ورفع الاحتمال الذي يتجه إلى معناها. 7 أي بتقليل الاشتراك المعنوي فيهما، وتضييق عدد ما تشمله.   * "فالنعت تابع" مبتدأ وخبر. "متم" نعت لتابع، وفيه ضمير مستتر هو فاعله. "ما" اسم موصول مفعول متم. "سبق" الجملة صلة ما. "بوسمه" متعلق "بمتم" أو وسم" معطوف على وسمه. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "به" متعلق باعتقال الواقع صلة لما، والهاء فيه وفي بوسمه، عائدة إلى "ما" الواقعة على المتبوع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 للترحم1؛ نحو: اللهم أنا عبدك المسكين. أو للتوكيد؛ نحو: {نَفْخَةٌ وَاحِدَة} 2.   1 أي: إظهار الرحمة والحنان للغير. 2 يجاب على هذا: بأن الأصل في النعت أن يكون للإيضاح أو التخصيص، ومجيئه للمدح وغيره، أمر عرضي تدل عليه القرائن؛ فهو من باب المجاز؛ فلهذا اقتصر المصنف وغيره من المؤلفين عليهما، الآية 13 من سورة الحاقة.   * "وليعط" فعل مضارع مجزوم بلام الأمر يحذف الألف، ونائب الفاعل العائد إلى النعت هو المفعول الأول. "ما" اسم موصول مفعوله الثاني. "لما" متعلق بمحذوف، صلة "ما" وهي واقعة على المنعوت. "تلا" فعل ماض وفاعله يعود على النعت، والجملة صلة ما الثانية المجرورة باللام. "كامرر" الكاف جارة لقول محذوف، وامرر فعل أمر. "كرما" جمع كريم، صفة لقوم، وقصر للضرورة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 فصل: فيما يتبع فيه النعت الحقيقي متبوعه ... فصل: فيما يتبع النعت الحقيقي متبوعه وتجب موافقة النعت لما قبله فيما هو موجود فيه؛ من أوجه الإعراب الثلاثة1، ومن التعريف والتنكير2؛ تقول: جاءني زيد الفاضل، ورأيت زيداً الفاضل، ومررت بزيد الفاضل، وجاءني رجل فاضل، كذلك. وأما الأفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، فإن رفع الوصف ضمير الموصوف   1 وهي: الرفع، والنصب، والجر، وذلك لأن المخالفة فيها تنافي التبعية. 2 لأن المخالفة في ذلك تجعل الشيء معينا وغير معين في وقت واحد. ويشترك في الموافقة فيما تقدم: النعت مطلقا، حقيقيا أو سببيا. قال الناظم مشيرا إلى ذلك: وليعط في التعريف والتنكير ما ... لما تلا كـ"امرر بقوم كرما* أي أن النعت يعطي في التعريف والتنكير، ما ثبت للذي تلاه النعت؛ وهو المنعوت، وفي المثال الذي ذكره؛ وهو: "كرما" نعت لقوم، وكلاهما نكرة. وأجاز الأخفش نعت النكرة إذا خصصت بوصف بالمعرفة. ومثل لذلك بقوله تعالى: {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ الأَوْلَيَانِ} من الآية 107 من سورة المائدة، فجعل "الأوليان" المعرف بأل، نعتا لآخران النكرة؛ لوصفه بالجار والمجرور. كما أجاز بعضهم نعت المعرف بأل الجنسية بالنكرة المخصوصية، وما في حكمهما وهو الجملة؛ ومنه قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَار} الآية 37 من سورة يس.   * "وليعط" فعل مضارع مجزوم بلام الأمر يحذف الألف، ونائب الفاعل العائد إلى النعت هو المفعول الأول. "ما" اسم موصول مفعوله الثاني. "لما" متعلق بمحذوف، صلة "ما" وهي واقعة على المنعوت. "تلا" فعل ماض وفاعله يعود على النعت، والجملة صلة ما الثانية المجرورة باللام. "كامرر" الكاف جارة لقول محذوف، وامرر فعل أمر. "كرما" جمع كريم، صفة لقوم، وقصر للضرورة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 المستترب، وافقه فيها1، كجائتني امراة كريمة، ورجلان كريمان، ورجال كرام. وكذلك جاءتني امرأة كريمة الأب، أو كريمة أبا2، وجاءني رلجان كريما الأب، أو كريمان أبا، وجاءني رجال كرام الأب، أو كرام أبًا، لأن الوصف في ذلك كله رافع ضمير الموصوف المستتر3. وإن رفع الظاهر أو الضمير البارز، أعطي حكم الفعل4، ولم يعتبر حال الموصوف؛   1 وهذا هو النعت الحقيقي، وحينئذ تكمل له الموافقة لمتبوععه في أربعة أشياء من عشرة؛ هي: حركات الإعراب، والتعريف والتنكير، والإفراد وفروعه، والتذكير والتأنيث. 2 الوصف في هذا المثال وما بعده، يسمى بالوصف المجازي، وهو الذي يجري على غير من هو له؛ وذلك بأن يحول الإسناد عن الظاهر إلى ضمير الموصوف، ويجر الظاهر بالإضافة إن كان معرفة، وينصب على التمييز إن كان، كما في الأمثلة. 3 أي: أصالة أو تحويلا، ولم يرفع السببي. هذا: وهنالك أشياء لا تلزم فليها المطابقة المتقدمة غير ما أسلفنا؛ منها: الألفاظ التي تلزم صيغة واحدة في التذكير والتأنيث؛ كـ"فعول" بمعنى فاعل، و"فعيل" بمعنى مفعول؛ مثل صبور، وجريح، ومنها "أفعل" التفضيل إذا كان مجردا من أل، أو مضافا لنكرة؛ فإنه يلزم والإفراد والتذكير، ولا يطابق المنعوت في التأنيث والتثنية والجمع. ومن ذلك: صفة جمع مذكر ما لا يعقل؛ فإنه يجوز معاملتها معاملة المفرد المؤنث أو الجمع؛ نحو: أياما معدودة ومعدودات، ومنها، أن يكون المنعوت تمييزا مفردا للأعداد المركبة، أو المعطوفة، أو العقود؛ فإنه يجوز في النعت: الإفراد مراعاة للفظ المنعوت، والجمع مراعاة للمعنى؛ تقول: خمسة عشر طالباً ذكيا أو أذكياء، وعشرو رجلا أدبياً أو أدباء، وخمسة وثلاثون عالما كذلك..وهكذا. ومنها بعض الفاظ مسموعة من غير مطابقة في الجمع مثل: "ثوب أخلاق" جمع خلق؛ وهو البالي، و"بُرْمَةٌ أعشار"؛ البرمة: قدر من حجارة، {نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} جمع مشيج، أي مختلط. 4 أي الذي يقع في موقع النعت، فيجب تجريده من علامة التثنية والجمع على اللغة الفصحى، ويراعي حالة مرفوعه في التذكير والتأنيث، سواء أكان المنعوت كذلك أم لا، وهذا هو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 تقول: مررت برجل قائمة أمه، وبامرأة قائم أبوها، كما تقول: قامت أمه، وقام أبوها، ومررت برجلين قائم أبواهما، كما تقول: قام أبواهما، ومن قال: قاما أبواهما1، قال: قائمين أبواهما2. وتقول: مررت برجال قائم آباؤهم، كما تقول: قام آباؤهم، ومن قال: قاموا آباؤهم قال: قائمين آباؤهم3. وجمع التكسير أفصح من الإفراد4؛ كقيام آباؤهم.   النعت السببي، ويجب أن يشتمل الاسم الظاهر على ضمير يعود على المنعوت مباشرة، ويربط بينه وبين هذا الاسم الظاهر الذي ينصب عليه معنى النعت. ويطابق النعت السببي منعوته حتما في اثنين من خمسة هما: حركات الإعراب، والتعريف، والتنكير، كما قدمنا. 1 أي: بإلحاق علامة التثنية بالفعل المسند إلى المثنى الظاهر، وهي لغة "طيء" وأزد شنوءة. 2 أي بتثنية الوصف الرافع للسببي. 3 أعلم أنه يجوز في الوصف المسند إلى السببي المجموع جمع تكسير: الإفراد، والتكسير؛ أي المطابقة وعدمها، والتكسير أفصح عند سيبويه. ويتعين الإفراد -أي عدم المطابقة- في السببي المثنى، والإفرد أفصح حين يكون السببي جمع مؤنث سالما، أو جمع مذكر سالما، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وهو لدى التوحيد والتذكير أو ... سواهما كالفعل فاقف ما قفوا* أن حكم النعت عند التوحيد -أي الإفراد- وعند التذكير، وسواهما من فروعهما، هو حكم الفعل، فاتبع في ذلك ما اتبعه العرب في أمر الفعل، وطبقه على النعت. فائدة: قال الصبان نقلا عن المغني: يجوز مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين، ون لزم استتار الضمير في قاعدين مع جريان الصفة على غير من هي له؛ لأنه يغتفر في الثواني ما لا   * "وهو" مبتدأ خبره قوله "كالفعل" الآتي. "لدى" ظرف بمعنى متعلق بما تعلق به الخبر. "التوحيد" مضاف إليه. "والتذكير أو سواهما" معطوف على التوحيد. "ما" اسم موصول مفعول "أقف". "قفوا" الجملة صلة ما، والعائذ محذوف؛ أي قفوه، والقفو: الاتباع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 فصل: الأشياء التي ينعت بها أربعة والأشياء التي ينعت بها أربعة: أحدهما: المشتق. والمراد به: ما دل على حدث وصاحبه1؛ كضارب، ومضروب، وحسن، وأفضل. الثاني: الجامد المشبه للمشتق في المعنى2؛ كاسم الإشارة3، و"ذي" بمعنى صاحب4، وأسماء النسب؛ تقول: مررت بزيد هذا، وبرجل ذي مال، وبرجل دمشقي؛   يغتفر في الأوائل. ويمتنع. قائمين لا قاعد أبواه، على إعمال الثاني؛ للزوم ما ذكر في الأوائل. 1 المراد بصاحب الحدث: من قام به الفعل أو اتصف به، أو وقع عليه أو منه. ويشمل ذلك: الأسماء المشتقة العاملة؛ وهي: اسم الفاعل، واسم المفعول به، وما هو بمعناه؛ كفعيل بمعنى مفعول في مثل: أمين، وجريح، وصيغ المبالغة، والصفة المشبهة، وأفعل التفضيل، أما غير العاملة؛ كاسمي الزمان والمكان، واسم الآلة، فلا ينعت بها؛ لأنها لا تدل على صاحب الحدث، بل هي مشتقة بالمعنى الأعم. 2 بأن يفيد ما يفيده المشتق من المعنى؛ وهذا هو المسمى بالمشتق تأويلا. 3 أي الزمانية؛ مثل: "هذا" وفروعه، وهي معارف؛ فلا تقع نعتا إلا للمعرفة. أما اسم الإشارة المكانية مثل: "هنا، وثم" فلا تقع نعتا بنفسها، ولكنها تتعلق بمحذوف يكون هو النعت؛ تقول مررت برجل هنا، أو ثَمَّ" فلا تقع نعتا بنفسها، ولكنها تتعلق بمحذوف يكون هو النعت؛ تقول مررت برجل هنا، أو ثم؛ أي كائن أو موجود، ويقال من باب الاختصار: الظرف نعت. 4 ومثلها فروعها؛ وهي: "ذوا، ذوي" للمثنى المذكر، و"ذوو، ذوي" الجمع المذكر، و"ذات" للمفردة المؤنثة، و"ذاتا، وذاتي" للمثنى المؤنث، و"ذوات" لجمع المؤنث، ولا تكون نعتا إلا لنكرة. ويوصف كذلك "بذو" الموصولة وفروعها، وسائر الموصولات الاسمية المبدوءة بأل؛ كالذي والتي، و"بأل" نفسها. أما "من" و"ما" ففي النعت بهما خلاف، والرأي جوازه. ولما كانت الموصولات معرفة، وجب أن يكون منعوتها معرفة. ومن الجامد المشبه للمشتق: أسماء الأعداد؛ نحو: اشتريت الكتب الخمسة، ولفظ: "أي"، إذا أضيفت لنكرة تماثل المنعوت في المعنى؛ نحو: اتخذت صديقا أي صديق، ولفظ "كل، أو جد، أو حق" إذا أضيف كلٌ إلى اسم جنس يكمل معنى الموصوف؛ تقول: أنت الرجل كل الرجل، هذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 لأن معناهما: الحاضر، وصاحب مال ومنسوب إلى دمشق1. الثالث: الجملة، وللنعت بها ثلاثة شروط: شرط في المنعوت، وهو أن يكون نكرة2، إما لفظاً ومعنى3؛ نحو: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّه} 4، أو معنى لا لفظاً، وهو المعرف بأل الجنسية5؛ كقوله:   صديق جد وفي، أنت الزميل حق الزميل. 1 أي: فقد أفادت ما يفيده المشتق من المعنى. ولا يقتصر في النسب على المنسوب بالباء؛ بل يشمل ما يكون على صيغة "فعال" أو "فاعل" أو غيرهما، كما سيجيء في باب النسب، وينبغي أن يكون مقصودا، وإلا بقي الاسم على جموده؛ فلا يقع نعتا؛ كمن اسمه: بدوي، أو مكي، ويصلح المنسوب نعتا للنكرة والمعرفة، بشرط المطابقة في ذلك. ومثل المنسوب: المصغر. وإلى النعت بالمشتق وشبهه يشير الناظم بقوله: وانعت بمشتق كصعب وذرب ... وشبهه كذا وذي والمنتسب* والذرب: الحاد اللسان، والمنتسب: المنسوب الذي يفيد النسبة إلى غيره. 2 لأن الجملة -كما يقول الرضي- مؤولة بالنكرة، وإن كان يجري على الألسنة أنها نكرة؛ لأن التعريف والتنكير من خواص الأسماء. ويقول صاحب المفصل: إنها نكرة، بدليل وقوعها نعتا للنكرة، والخلاف شكلي لا أثر له على الجوهر. 3 أي: بأن تكون نكرة محضة خالصة من شائبة التعريف؛ وذلك بخلوها من "أل" الجنسية، ومن أي مخصص آخر؛ كالإضافة، والنعت، ونحوهما. 4 من الآية 281 من سورة البقرة. 5 فإن معناه نكرة؛ لأنها للحقيقة في ضمن فرد منهم. ومثله ما قيد بما يفيد التخصيص، ولا تتعين الجملة في هذه الحالة للنعت؛ بل يجوز أن تكون حالا أيضاً، والمنعوت صاحب الحال.   * "بمشتق" متعلق بالنعت، وهو نعت لوصف محذوف. "كصعب" متعلق بمحذوف، خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك كائن كعصب. "وذرب" معطوف على صعب. "وشبهه" معطوف على مشتق. والهاء مضاف إليه "كذا" خبر لمبتدأ محذوف أيضًا، وما بعده معطوف عليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 ولقد أمر على اللئيم يسبني1 وشرطان في الجملة: أحدهما: أن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف2، إمَّا ملفوظ به كما تقدم، أو مقدرٌ كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} ؛ أي: لا تجزي فيه.   1 صدر بيت من الكامل، نسبه سيبويه في كتابه لرجل من بني سلول ولم يعينه، وقيل إنه مولد. ونسبه الأصمعي إلى شمر بن عمرو الحنفي، ضمن خمسة أبيات ذكرها، وعجزه: فمضيت ثمت قلت لا يعنيني اللغة والإعراب: اللئيم: الدنيء النفس الخبيث الطباع. لا يعنيني: لا يقصدني. "ولقد" الواو للقسم واللام للتوكيد، وقد للتحقيق. "يسبني" فعل مضارع والنون للوقاية والياء مفعول، والجملة صفة اللئيم باعتبار معناه؛ لأنه نكرة في المعنى. "ثمت" ثم حرف عطف، والتاء لتأنيث اللفظ. "لا يعيني" لا نافية، والجملة مقول القول. المعنى: لقد أمر على اللئيم الذي ديدنه وطبعه الشتم والسبب من غير مبر؛ فأمضي ولا أهتم به، ولا أجيبه بالمثل، وأردعه احتقارا له، وأقول في نفسي: إنه لا يقصدني بسبه وشتمه. الشاهد: وقوع "يسبني" نعتا للمعرفة؛ وهي "اللئيم" وساغ ذلك لأن "أل" جنسية، فمدخولها معرفة لفظا، نكرة معنى. ويشترط كذلك في المنعوت: أن يكون مذكورا. ويجوز حذفه بشرط أن يكون مرفوعا، وبعض اسم متقدم مجرور بـ"من" أو "في"، وسيأتي زيادة إيضاح لذلك. 2 ويطابقة في الإفراد والتذكير وفروعهما. وإذا كانت جملة النعت فعلية بعد مبتدأ هو ضمير للمتكلم أو للخاطب، جاز في الضمير الرابط أن يكون للمتكلم أو للمخاطب، وأن يكون للغائب؛ تقول: أنا مخلص أحب، أو يحب، الأهل والأصدقاء. وأنت مخلص تحب، أو يحب، المخلصين الأوفياء، ومراعاة التكلم أو الخطاب أحسن. والوصف بالجملة الفعلية أقوى منه بالاسمية، وقد تغني "أل" عند بعض النحاة عن الضمير الرابط، إذا دخلت على الجملة الاسمية الواقعة نعتا؛ نحو: اشتريت كتاب الورق ناعم مصقول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 والثاني: أن تكون خبرية؛ أي محتملة للصدق والكذب؛ فلا يجوز: مررت برجل أضربه، ولا بعبد بعتكه، قاصداً لإنشاء البيع1، فإن جاء ما ظاهره ذلك، يؤول على إضمار القول2؛ كقوله:   والطباعة جيدة؛ أي ورقه ناعم وطباعته جيدة، وهو مسموع كثيرا يصح القياس عليه إذا أمن اللبس. ولا تصلح الواو التي تسبق جملة الوصف للربط، بخلاف الجملة الحالية، بل هي تزاد احياناً؛ لتزيد التصاق جملة النعت بالمنعوت، وتؤكد، وتؤكد دلالتها على النعت. ولذلك يسميها البعض: "واو اللصوق" ومن أمثلتها في القرآن الكريمك {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُوم} ، الآية 4 من سورة الحجر. 1- أي لا الإخبار به، وذلك لأن النعت يقصد به توضيح المنعوت أو تخصيصه، فلا بد أن يكون معلوما عند السامع قبل. والإنشاء بنوعيه: الطلبي وغير الطلبي، ليس كذلك؛ لأنه لا خارج لمدلولها إلا عند التلفظ بهما. 2- ويكون القول المضمر صفة، وتكون الجملة الطلبية معمولة لهذا القول. وإلى هذا، وإلى النعت بالجملة، يشير الناظم بقوله: ونعتوا بجملة منكراً ... فأعطيت ما أعطيته خبرا وامنع هنا إيقاع ذات الطلب ... وإن أتت فالقول أضمر تصب* أي أن العرب نطقوا بالجملة نعتا للمنعوت المنكر، وإذا حدث ذلك فإنها تعطي من الحكم ما أعطيته وهي خبر؛ بدليل قوله: وامنع هنا -أي في باب النعت- وقوع الجملة الطلبية "المراد الإنشائية مطلقا"، وإن ورد في الكلام جمل إنشائية وقعت نعتا، فيخرج على إضمار قول محذوف هو النعت،   * "منكرا" مفعول نعتوا. "ما" اسم موصول، مفعول ثان لأعطيت، والأول نائب الفاعل، والتاء للتأنيث "أعطيته" الجملة صلة ما، ونائب الفاعل يعود إلى "جملة"، وهو المفعول الأول، والهاء مفعول ثان. "خبرا" حال من نائب الفاعل. "هنا" ظرف مكان متعلق بامنع. "إيقاع" مفعول امنع. "ذات" مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله. "الطلب" مجرور بإضافة ذات. "وإن أتت" شرط وفعله، "فالقول" الفاء واقعة في الجواب، و"القول" مفعول مقدم لأضمر. "تصب" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر، وحرك بالكسر للروي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط1 أي: جاءوا بلبن مخلوط بالماء مقول عند رؤيته هذا الكلام. الرابع: المصدر2؛ قالوا: هذا رجل عدل، ورضا، وزور، وفطر، وذلك عند   وتكون الجملة الإنشائية مقولا له. 1 عجز بيت من الرجز، ينسب العجاج، وقيل لراجز غيره، وقد نزل ضيفا بقوم وطال انتظاره للطعام حتى جاء الليل، ثم أتوه بلبن قليل قد خلطوه بماء كثير حتى صار لونه يحاكي لون الذئب في الزرقة، وصدره: حتى إذا جن الظلام واختلط اللغة والإعراب:- جن: دخل وستر. اختلط: امتزج ظلامه بالضياء. بمذق: هو مصدر بمعنى الممذوق؛ أي المخلوط؛ من مذقت اللبن، إذا خطلته بالماء. "قط" اسم للزمان الماضي. "حتى" ابتدائية. "ظرف مضمن معنى الشرط. "جن الظلام" فعل الشرط وفاعله، وجملة "جاءوا" جواب الشرط. "هل رأيت" الجملة في محل نصب مقول لقول مقدر، واقعة صفة لمذق؛ أي بمذق مقول فيه ذلك عند رؤيته. "قط" ظرف مبني على ضم مقدر في محل نصب لرأيت، وسكن للروي. المعنى:- واضح بعد ما ذكرنا. الشاهد:- في قوله: "بمذق" هل رأيت الذئب؛ فإن الظاهر يشعر بوقوع الجملة الاستفهامية نعتا للنكرة وهو "مذق"، وليس كذلك، بل جملة الاستفهام معمولة لقول محذوف؛ هو الواقع نعتا، كما بينا وأوضح المصنف. 2 بشرط أن يكون منكرا، وصريحا لا مؤولا، وأن يكون مصدر فعل ثلاثي أو بزنته، وألا يبدأ بميم زائدة، وإن يلتزم صيغة واحدة؛ وهي: الإفراد والتذكير غالباً؛ فلا يثني، ولا يجمع، ولا يؤنث، إلا ما سمع من ذلك. وهو مع هذا كله مقصور على السماع؛ قال الناظم: ونعتوا بمصدر كثيراً ... فالتزموا الإفراد والتذكيرا*   * "نعتوا" فعل وفاعل، والضمير للعرب. "بمصدر" متعلق بنعتوا. "كثيرا" نعت لمصدر محذوف؛ أي نعتا كثيرا، وقيل: حال. "الإفراد" مفعول به لالتزموا. "والتذكيرا" معطوف على الإفراد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 الكوفيين على التأويل بالمشتق1؛ أي عادل، ومرضي، وزائر، ومفطر، وعند البصريين على تقدير مضاف؛ أي ذو كذا؛ ولهذا التزم إفراده وتذكيره2، كما يلتزمان لو صرح بذو3.   أي نعت العرب بالمصدر كثيرا في أساليبهم، ولم يخرجوه عن صيغته الملازمة للإفراد والتذكير، ولو كانت المنعوت غير مفرد وغير مذكر. 1 ذلك لأنه لا يصح أن يكون اسم المعنى نعتا للذات. ويؤيد قولهم: ورود أساليب وقع فيها المصدر نعتا مع إضافته لمعرفة؛ كقوله: مررت برجل حسبك من رجل، أو شرعك من رجل، أي كافيك، وهمك من رجل؛ أي مهمك، ونحو من رجل؛ أي مشابهات ومماثلك. وهذه المصادر لم تكتسب التعريف من المضاف إليه؛ لأنه مؤولة بالمشتق. ومن أمثلة المشتق الذي لا يكسب التعريف قوله تعالى: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ، فقد وصف {عَارِضٌ} النكرة بـ {مُمْطِرُنَا} المضاف إلى الضمير من الآية 24 من سورة الأحقاف. 2 لان المصدر من حيث هو مصدر، لا يثني ولا يجمع، فأجروه على الأصل للتنبيه على أن حقه ألا ينعت به لجموده، وأنهم توسعوا فيه بالتأويل والحذف. 3 أي: وفروعه؛ فيقال: هذا رجل ذو عدل، وامرأة ذات عدل، ورجلان ذوا عدل، ورجال ذوو عدل، ونساء ذوات عدل. قيل: ومن النعت بالمصدر على التأويل باسم المفعول أو تقدير المضاف، قولهم: مررت برجل ما شئت من رجل، وقوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَك} . وقيل إنه من النعت بالجملة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 فصل: في حكم تعدد النعوت والمنعوت وإذا تعددت النعوت1، فإن اتحد معنى النعت، استغني بالتثنية والجمع عن تفريقه؛ نحو: جاءني رجلان فاضلان، ورجال فضلاء. وإن اختلف2 وجب التفريق فيها بالعطف بالواو3؛ كقوله:   1 أي: وكان المنعوت دالا على متعدد؛ بأن كان مثنى أو مجموعات من غير تفريق. 2 أي النعت، إما لفظا ومعنى، أو لفظا فقط؛ كالذاهب والمنطلق، أو معنى فقط؛ كالضارب؛ من الضرب بالعصا، والضارب؛ من الضرب في الأرض، أي السير فيها. 3 أي لا غير؛ لأن العطف بغيرها لا يفيد الترتيب في الفعل؛ بل في حصول الوصفين أو الأوصاف للمنعوت، والترتيب في هذا غير مراد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 على أربعين مسلوب وبال1 وقولك: مررت برجال: شاعر، وكاتب، وفقيه.   1 عجز بيت من الوافر، أنشده سيبويه ولم ينسبه لقائل، وصدره: بكيت وما بكا رجل حزين اللغة والإعراب: ربعين: مثنى ربع، وهو المنزل. مسلوب: ذاهب لم يبق له أي أثر بال: ذهبت عينه وبقيت آثاره ورسومه. "ما" نافية. "بكا" اسمها، أو مبتدأ، إن جعلت "ما" مهملة. "رجل" مضاف إليه. "حزين" صفة لرجل، والخبر محذوف؛ أي مفيد. والجملة معترضة بين العامل -وهو بكيت- والمعمول؛ وهو: "على ربعين" المتعلق ببكيت. "مسلوب" نعت لربعين، و"بال" معطوف عليه. المعنى: بكيت من ألم الفراق والحزن على منزلين للأحبة؛ أحدهما ذهب ولم يبق له أثر ما، والثاني بلي ولم يبق منه إلا الأطلال والرسوم. ولكن ماذا يفيد البكاء والحزن على الآثار والأطلال؟ الشاهد: عطف "بال" على "مسلوب" وهما نعتان، ولم يثنهما لاختلافهما في المعنى. هذا: وإذا تعددت النعوت، وكان المنعوت واحدا، وجب تفريق النعوت بعطف بالواو، أو بغيرها مما يناسب السياق، أو بغير عطف؛ تقول: رأيت في الطريق رجلا ماكرا محتالا زريا، أو: ومحتالا وزريا، وتمتنع الواو إذا كان المعنى المراد لا يتحقق بنعت واحد؛ نحو: شرب المريض الدواء؛ الحلو المر. وفي تعدد النعت ومنعوته يقول الناظم: ونعت غير واحد إذا اختلف ... فعاطفًا فرقه لا إذا ائتلف* أي أن النعت المتعدد المختلف في لفظه ومعناه، أو في أحدهما يجب أن تفرقه بالعطف، إذا كان المنعوت متعددا، والعطف يكون بالواو لا غير. أما إذا ائتلف النعت؛ أي اتفق لفظه ومعناه، فلا تفرقة.   * "ونعت" مبتدأ، وما بعده مضاف إليه. "إذا اختلف" شرط وفعله. "فعاطفا" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"عاطفا" حال من فاعل فرقه، والجملة جواب الشرط، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ. "لا" عاطفه للنفي. "إذا ائتلف" شرط وفعله، والجواب محذوف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 وإذا تعددت النعوت1؛ واتحد لفظ النعت، فإن اتحد معنى العامل وعمله، جاز الإتباع مطلقا2؛ كجاء زيد، وأتى عمرو، الظريفان، وهذا زيد، وذاك عمرو، الظريفان، وهذا زيد، وذاك عمرو، العاقلان، ورأيت زيداً، وأبصرت خالدًا، الشاعرين3. وخص بعضهم جواز الإتباع بكون المتبوعين فاعلي فعلين، أو خبري مبتدأين4. وإن اختلفا في المعنى والعمل؛ كجاء زيد، ورأيت عمراً، الفاضلين. أو اختلف المعنى فقط؛ كجاء زيد، ومضى عمرو الكاتبان. أو العمل فقط؛ كهذا مؤلم زيد، وموجع عمراً، الشاعران، وجب القطع5.   1 أي وكان المنعوت متعددا متفرقا. 2 أي: سواء كان المتبوعان مرفوعين بفعلين، أو خبري مبتدأين، أو منصوبين أو مجرورين. وبعضهم يشترط في هذه الحالة: اتفاق المنعوتين تعريفا وتنكيرا؛ لئلا تتبع المعرفة بالنكرة أو بالعكس. كما يشترط ألا يكون أول المنعوتين اسم إشارة؛ فلا يجوز: جاء هذا، وجاء محمد، الشاعران؛ لأن نعت الإشارة لا يفصل منه. 3 لم يمثل المصنف للمجرور، ومثاله: مررت بعلي، وجزت على خالد، الكريمين. 4 ليس هنالك من سبب، إلا أن سيبويه نص على هذين في كتابه، فتوهم البعض الاختصاص بهما، والصحيح تعميم الحكم. وفي هذا يقول الناظم: ونعت معمولي وحيدي معنى ... وعمل أتبع بغير استثنا* أي: أتبع -بغير استثناء- نعت معمولي عاملين متحدين في المعنى والعمل. 5 إما بالرفع على إضمار مبتدأ، أو بالنصب على إضمار فعل. ويمتنع الإتباع لأنه يؤدي إلى تسليط عاملين مختلفي المعنى والعمل، على معمول واحد؛ لأن العامل في التابع هو العامل في المتبوع كما تقدم. وإن كان العامل واحدا؛ فإن اتحد عمله ونسبته إلى المعمولين في المعنى؛ بأن تكون على جهة الفاعلية أو المفعولية مثلا، جاز الإتباع والقطع بشرطه؛   * "ونعت" مفعول مقدم لأتبع. "معمولي" مضاف إليه. "وحيدي" مضاف إليه أيضا، وهو صفة لمحذوف؛ أي نعت معمولي عاملين وحيدي. "معنى" مضاف إليه. "وعمل" معطوف على معنى. "بغير" متعلق بأتبع. "استثنا" مضاف إليه، وقصر للضرورة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 فصل: في حكم ما إذا تكررت النعوت لواحد وإذا تكررت النعوت لواحد؛ فإن تعين مسماه بدونها، جاز إتباعها، وقطعها، والجمع بينهما1، بشرط تقديم المتبع، وذلك كقول خرنق2: لا يبعد قومي الذين هم ... سم العداة وآفة الجزر النازلون بكل معترك ... والطيبون معاقد الأزر   نحو: حضر محمد وعلي الخطيبان. وإن اختلفا؛ نحو: ضرب محمد عليا الكريمان، أو اختلف النسبة دون العمل، نحو: أعطيت محمدا أباه الفاضلان، وجب القطع. 1 أي: بين القطع والإتباع، فيقطع البعض ويتبع البعض الآخر. 2 هي الخرنق بنت بدر بن مالك، من بني قيس بن ثعلبة؛ وهي أخت طرفة بن العبد لأمه، وهذان البيتان من بحر الكامل، من قصيدة في رثاء زوجها بشر بن عمرو بن مرثد، سيد بني أسد، ومن قتل معه في يوم القلاب: "اسم جبل بديار بني أسد". اللغة والإعراب: لا يبعدن: دعاء خرج مخرج النهي؛ أي لا يهلكن؛ من البعد بمعنى الذهاب بالموت أو الهلاك. وهو مضارع. "بعد" من باب فرح. ومن عادة العرب إذا أرادوا الدعاء لشخص، يقولون له: لا تبعد، أو لا يبعد. وإذا أرادوا الدعاء عليه قالوا: بعدت، أو بعدا لك، وفي التنزيل: {أَلا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُود} . العداة: جمع عاد؛ بمعنى العدو؛ أي أنهم بمنزلة السم للأعداء؛ يقتلونهم بلا رحمة. "آفة الجزر". الآفة اسم لكل ما يؤذي أو يهلك، والجزر: جمع جزور، وهي الغبلن يريد أنهم كرماء. "معترك": موضع الاعتراك والقتال. "معاقد": جمع معقد، وهو موضع عقد الإزار، والإزار: ما يشده الإنسان على وسطه، وكني بذلك عن طهارتهم وعفتهم عن الفحشاء. "لا" دعائية. "يبعدن" فعل مضارع مبني على الفتح لنون التوكيد الخفيفة. "قومي" فاعل يبعدن. "الذين" صفة لقومي، وما بعده صلة. "النازلون" نعت لقومي، أو خبر لمبتدأ محذوف. "والطيبون" كذلك. "معاقد" منصوب على التشبيه بالمفعول به؛ لأن "الطيبون" صفة مشبهة. "الأزر" مضاف إليه. المعنى: تدعو لقومهما بالسلامة والنجاة، وتصفهم بالشجاعة، وأنهم للأعداء بمنزلة السم لا يبقون عليهم، وبالكرم؛ فهم يفنون الإبل ذبحا للضيفان، وبالإقدام؛ فهم لا يجبنون عن القتال في كل معركة. وهم مع هذا شرفاء بعيدون عن الخناء والفحشاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 ويجوز فيه: رفع النازلين والطيبين على الإتباع لقومي، أو على القطع بإضمار "هم"، ونصبها بإضمار أمدح أو أذكر، ورفع الأول ونصب الثاني على ما ذكرنا1، وعكسه على القطع فيهما2. وإن لم يعرف إلا بمجموعها، وجب إتباعها كلها؛ لتنزيلها منه منزلة الشيء الواحد؛ وذلك كقولك: مررت بزيد التاجر الفقيه الكاتب، إذا كان هذا الموصوف يشاركه في اسمه ثلاثة: أحدهم تاجر كاتب، والآخر تاجر فقيه، والآخر ففيه كاتب3. وإن تعين ببعضها، جاز فيما عدا ذلك البعض الأوجه الثلاثة4.   الشاهد: في "النازلون"، و"الطيبون" فهما نعتان لا يتوقف عليهما تعيين النعوت؛ ومن ثم يجوز فيهما الإتباع والقطع، وقد بين ذلك المصنف. 1 أي: فيكون الأول -وهو المنازلون- مرفوعا على الإتباع لقومي، أو على القطع بإضمار "هم"، ويكون خبر المبتدأ محذوفًا، ويكون الثاني -وهو الطيبون- منصوبا على القطع بإضمار أمدح، أو أذكر. 2 العكس هو: نصب الأول ورفع الثاني، ولا يجوز الإتباع في الثاني؛ لأنه مسبوق بنعت مقطوع، والإتباع بعد القطع ممنوع؛ لما فيه من الفصل بين النعت والمنعوت بجملة أجنبية؛ ولأنه رجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه. 3 "فزيد" المقصود لا يتعين إلا بالنعوت الثلاثة، فيجب حينئذ إتباعها كلها. 4 أي الإتباع، والقطع إلى الرفع أو النصب، والجمع بينهما، بشرط تقديم النعت التابع على النعت المقطوع. ويجب إتباع المفتقر إليه في التعيين كما سلف. وإلى حكم النعوت المتعددة التي تتلو منعوتا يفتقر إليها في تعيين مسماه يشير الناظم: وإن نعوت كثرت وقد تلت ... مفتقراً لذكرهن أتبعت واقطع أو اتبع إن يكن معينا ... بدونها أو بعضها أقطع معلنا*   * "وإن" شرطية. "نعوت" فاعل لمحذوف يفسرها ما بعده، وهو فعل الشرط. "وقد تلت" الواو للحال، وقد للتحقيق. "مفتقرا" مفعول تلت. "لذكرهن" متعلق بمفتقرًا، وهو مضاف للضمير. "أتبعت" فعل مضارع مبني للمجهول، والجملة جواب الشرط. "أو اتبع" بنقل فتحة الهمزة إلى الواو؛ لأنه من أتبع الرباعي؛ فهمزته للقطع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 وإن كان المنعوت نكرة تعين في الأول من نعوته الإتباع، وجاز في الباقي القطع1؛ كقوله: ويأوي إلى نسوة عطل ... وشعثا مراضيع مثل السعالي2 وحقيقة القطع: أن يجعل النعت خبراً لمبتدأ، أو مفعولًا لفعلٍ. فإن كان النعت المقطوع   أي: إذا كثرت النعوت وتعددت، وجاءت بعد منعوت غير معين، محتاج إليها جميعا في تعيين مسماه، وجب إتباعها كلها له في حركته الإعرابية. وإن كان المنعوت معينا ومتضحا بدونها كلها؛ فاقطع النعوت أو أتبعها. وإذا كان معينا ببعضها، فاقطع أو أتبع هذا البعض، وأتبع ما عداه. 1 سواء افتقر إلى جميعها، أو لا؛ لان القصد من النعت هنا التخصيص، وهو لا يتطلب أكثر من نعت واحد. 2 بيت من المتقارب، من قصيدة لأمية بن أبي عائذ الهذلي، يصف صيادا. اللغة والإعراب: يأوي، المراد: يرجع ويثوب، وأصله من أوى فلان إلى فلان، أي نزل عنده وسكن إليه، وفلان مأوى المساكين، أي أنهم ينزلون عليه ويجدون عنده راحتهم. عطل: جمع عاطل، وهي المرأة التي خلا جيدها من الحلي. شعثا: جمع شعثاء؛ وهي المرأة السيئة الحال، الملبدة الشعر. مراضيع: جمع مرضع، وزيدات الياء للإشباع، أو جمع مرضاع، والياء منقلبة عن الألف في المفرد. السعالي: جمع سعلاة؛ وهي أخبث الغيلان. "يأوي": فعل مضارع فاعله يعود على الصائد. "عطل" صفة لنسوة. "وشعثا" منصوب على الاختصاص بفعل محذوف، تقديره أخص. "مراضيع " صفة لشعثا. "مثل السعالي" مثل نعت ثان لشعثا والسعالي مضاف إليه. المعنى: أن هذا الصائد يغيب عن منزله ونسائه مدة للصيد؛ سعيا وراء رزقه، ثم يعود إليه فيجد نسوة بائسات، قد خلت أعناقهن من الحلي، وتلبدت واغبرت شعورهن، وهن يرضعن أبناءهن. وتراهن في هذا المنظر القبيح كأخبث الغيلان. الشاهد: جر "عطل" على الإتباع وجوبا؛ لأنه نعت لنكرة، وجواز الإتباع والقطع في   مفتوحة، معطوف على أتبع. "إن يكن معينا" إن يكن شرط وفعله، ومعينا خبر يكن. "أو بعضها" مفعول مقدم لا قطع مضاف إلى ها. "معلنا" حال من الضمير في القطع، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 لمجرد مدح أو ذم أو ترحم، وجب حذف المبتدأ والفعل1؛ كقولهم: الحمد لله الحميد، بالرفع فإضمار هو، وقوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَب} ، بالنصب2 بإضمار أذم. وإن كان لغير ذلك3، جاز ذكره؛ تقول: مررت بزيد التاجر بالأوجه الثلاثة4. ولك أن تقول: هو التاجر، وأعني التاجر   "شعثا"، وقد روي مجرور أيضا، كما ذكر سيبويه. 1 ليكون وجوب الحذف دليلا على قصد إنشاء المدح، أو الذم، أو الترحم. 2 أي: بنصب "حمالة" على أنه نعت مقطوع للذم، مفعول لمحذوف تقديره أذم. "وامرأته" مرفوع بالعطف على فاعل "يصلى" المستتر فيه. ومثال الترحم: اللهم الطف بعبدك المسكين. برفع المسكين ونصبه. 3 أي: لغير المدح والذم والترحم؛ بأن كان للتوضيح، أو التخصيص، أو التعميم، أو الإبهام، أو التفصيل ... إلخ. 4 أي: بالجر على الإتباع، والرفع على الخبرية لمبتدأ محذوف، والنصب على المفعول بفعل محذوف أيضاً. وإذا قطع النت، خرج عن كونه نعتا، وكانت جملته مستأنفة مستقلة لا محل لها. وقد تسبقها الواو أحياناً، وتكون هذه الواو زائدة كما قدمنا. ويرى البعض: أن جملة النعت المقطوع إذا وقعت بعد معرفة محضة. كانت حالا، وإذا وقعت بعد نكرة محضة، كانت نعتا. وتصلح للأمرين إذا وقعت بعد نكرة مختصة. والرأي الأول أقوم وأفضل؛ لأن الجملة الثانية إنشائية للمدح أو للذم أو غيرها، والإنشائية لا تصلح نعتا إلا بتأويل، ولا تقع حالا. الخلاصة: أنك إذا أتبعت الأول، جاز لك في التالي: الإتباع، والقطع. وإذا قطعت الأول، وجب القطع في التالي؛ فإن قطعت الجميع، لم يلزم جعل التالي كالأول؛ بل يجوز التوافق والتخالف. وإلى حركة النعت المقطوع وعامله يشير الناظم بقوله: وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا ... مبتدأ أو ناصباً لن يظهرا* أي ارفع النعت المقطوع أو انصبه، فالرفع على إضمار مبتدأ خبره المقطوع، والنصب على تقدير عامل محذوف، والعامل في الحالتين لن يظهر؛ لأنه محذوف وجوبا، وقد فصل المصنف القول في ذلك. هذا: ولا يجوز القطع إذا كان النعت للتوكيد؛ نحو أهلك الله عادا بصيحة واحدة؛ لأن القطع ينافي التوكيد. أو كان النعت من الألفاظ التي كثر استعمالها نعتا بعد كلمات معينة؛ نحو: جاءوا الجماء الغفير. أو كان نعتا لاسم الإشارة؛ مثل: إننا نقدر هذا النابغة.   * "وارفع أو انصب" معطوفان على ما قبل. "إن قطعت" شرط وفعله. وجواب الشرط محذوف. "مضمرا" حال من التاء في قطعت، وفيه ضمير هو فاعله. "مبتدأ" أو "ناصبا" معطوف على "مبتدأ". "لن يظهرا" ألف الاثنين فاعل، وهي عائد على "مبتدأ" و"ناصبا"، والجملة صفة لهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 فصل: يجوز حذف المنعوت بشروطه ... فصل: يجز حذف المنعوت بشروطه ويجوز بكثرة حذف المنعوت إن علم1، وكان النعت: إما صالحاً لمباشرة العامل2؛ نحو: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات} ؛ أي دروعاً سابغاتٍ. أو بعض أسم مقدم مخفوض بمن أو في3. فالأول كقولهم: منا ظعن ومنا أقام؛ أي منا فريق ظعن ومنا فريق أقام4، والثاني   1 وذلك: بأن كانت هنالك قرينة تدل عليه بعد حذفه؛ كأن يكون النعت مختصا بالمنعوت مشتهرا به؛ نحو: مررت برجل راكب صاهلا؛ أي فرسا صاهلا. أو يكون قد صاحب ما يعنيه؛ نحو: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} *؛ فإن تقدم ذكر الحديد أشعر بالمحذوف. من الآية 10، 11 من سورة سبأ. أو يتقدم ما يدل على المنعوت المحذوف؛ نحو: ألا ماء ولو باردا؟ 2 أي: بأن يحل محل المنعوت المحذوف فيعرب بإعرابه؛ فيكون مفردا إن كان المنعوت فاعلا أو مفعولا أو مجرورا أو مبتدأ، ويكون جملة مشتملة على رابط، إن كان المنعوت خبرا مثلا؛ نحو: أنت يضرب محمدا؛ أي: أنت رجل يضرب محمدا؛ فلا يصح حذف المنعوت إن كان فاعلا أو مفعولا أو مجرورا أو مبتدأ، وكان النعت جملة أو شبهها، لأن الجملة لا تقع شيئا مما ذكر. 3 أي: يحذف المنعوت جوازا أيضا، إذا كان النعت جملة أو شبهها، وكان المنعوت مرفوعا؛ كما قال الفارسي. أو كان المنعوت بعضا من اسم متقدم عليه مجرور بـ"من" أو "في". 4 "فظعن وأقام" جملتان في موضع رفع نعتان لمنعوتين محذوفين، والمنعوتان مرفوعان على الابتداء، وهما بعض اسم مقدم؛ وهو الضمير المجرور بمن، وهذا تقدير البصريين. ويقدر الكوفيون المحذوف اسما موصولا؛ أي منا الذي ظعن والذي أقام. وتقدير البصريين أحسن وأقيس؛ لأن اتصال الموصول بالصلة أشد من اتصال الموصوف بصفته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 كقوله: لو قلت ما في قومها لم تيثم ... يفضلها في حسب وميسم1 أصله: لو قلت "ما في قومها أحد يفضلها"، لم تأثم فحذف الموصوف؛ وهو "أحد"، وكسر حرف المضارعة من "تأثم"، وأبدل الهمزة ياء، وقدم جواب "لو" فاصلاً بين الخبر المقدم؛ وهو الجار والمجرور، والمبتدأ المؤخر، وهو "أحد" المحذوف، ويجوز حذف النعت إن علم؛ كقوله تعالى: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} ؛ أي كل سفينة صالحة3، وقول الشاعر: فلم أعط شيئا ولم أمنع4   1 بيت من الرجز، نسبه ابن يعيش إلى الأسود الحماني، يصف امرأة. ونسبه سيبويه إلى حكيم بن معية الربعي، راجز إسلامي، كان معاصرا للعجاج. اللغة والإعراب: لم تيثم: لم تأثم، أي لم تقع في الإثم، وكسرت التاء على لغة، وقلبت الهمزة ياء لسكونها إثر كسرة. يفضلها: يزيد عليها. حسب: كل ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه. ميسم: وسامة وحسن. "لو" شرطية غير جازمة. "قلت" فعل الشرط. "ما" نافية. "في قومها": جار ومجرور خبر مقدم لمبتدأ محذوف؛ أي أحد. "لم تيثم" جواب الشرط. "يفضلها" الجملة صفة لأحد المحذوفة. "في حسب" متعلق بيفضلها. المعنى: لو قلت: إنه ليس في قوم هذه المرأة أحد يفضلها ويزيد عليها في عراقة النسب والجمال، لم تكن كاذبات في قولك. الشاهد: حذف المنعوت وهو "أحد"؛ وهو بعض اسم مقدم مجرور بفي؛ وهو "قومها"، وقد قدره المصنف. 2 وقدر المبتدأ مؤخرا؛ لأنه يجب تقديم خبر النكرة عنها بظرف أو جار ومجرور مختصين. 3 بقرينة قوله تعالى: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} . وهنالك قرينة أخرى؛ وهي: أن الملك الغاصب لا يغتصب ما لا نفع فيه. الآية 29 من سورة الكهف. 4 عجز بيت من المتقارب؛ للعباس بن مرداس السلمي، أحد المؤلفة قلوبهم من أبيات قالها يخاطب النبي -عليه السلام- حين وزع غنائم حنين، فأعطى قوما من المؤلفة قلوبهم، من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 أي شيئا طائلاً، وقوله: مهفهفة لها فرع وجيد1   أشراف العرب، كل واحد مائة من الإبل؛ منهم أبو سفيان، ومعاوية ابنه، والأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن الفزاري، وأعطى العباس أقل من ذلك، وصدر هذا البيت: وقد كنت في الحرب ذا تدرأ اللغة والإعراب: ذا تدرأ: صاحب عدة وقوة في القتال ومحاربة الأعداء. والدرء: الدفع، والمدارأة: المدافعة. "ذا" خبر كنت منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة. "تدرأ" مضاف إليه. "أعط" فعل مضارع مبني للمجهول، مجزوم بلم بحذف الآخر، ونائب الفاعل "أنا"، وهو المفعول الأول. "شيئا" مفعول ثان. "أمنع" فعل مضارع مجزوم بلم، وحرك بالكسر للروي. المعنى: كنت في الحرب مجاهدا شجاعا، صاحب عدة وقوة لقهر الأعداء وهزيمتهم، فلما وزعت الغنائم لم أعط شيئا مناسبا لعملي كما أعطي غيري مما لم يبذل مثل ما بلتن ولم أمنع نهائيا. وقد بذلت أنا وفرسي جهدا عظيما. الشاهد: ذكر المنعوت؛ وهو شيئا، وحذف النعت للعلم؛ لأنه أعطي بالفعل عطاء؛ غير أنه كان أقل مما كان يرجو؛ بدليل قوله: ولم أمنع. وقبل بيت الشاهد: أتجعل نهبي ونهب العبيـ ... ـد بين عيينة والأقرع وبعده: وما كان حصن ولا حابس ... يفوقان مرداس في مجمع وما كنت دون امرئ منهم ... ومن تضع اليوم لا يرفع والنهب بمعنى المنهوب، وأراد به الغنيمة، والجمع نهاب، وهو أيضاً: ضرب من الركض، وكل ما انتهب. والعبيد: اسم فرس لعباس بن مرداس. يفوقان: يفضلان. "في مجمع" أي عند اجتماع الناس للتفاخر والتنافر. قيل: إن النبي -عليه السلام- حين سمع ذلك قال: اقطعوا لسانه عني، فزادوا عطاءه حتى رضي. 1 عجز بيت من الوافر للمرقش الأكبر، عمرو بن سعد بن مالك، أحد بني بكر بن وائل، وقيل اسمه عوف بن سعد بن مالك وصدره: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 أي: فرع فاحم، وجيد طويل.   ورب أسيلة الخدين بكر اللغة والإعراب: أسيلة الخدين: ناعمتهما مع طول واسترسال. مهفهفة: ضامرة البطن خفيفة اللحم. فرع: شعر ناعم. جيد: عنق. "رب": حرف تقليل وجر شبيه بالزائد. "أسيلة" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع منها حركة حرف الجر الشبيهة بالزائد. "الخدين" مضاف إليه، والخبر في الأبيات بعد. "بكر مفهفهة" صفتان. "لها" خبر مقدم. "فرع" مبتدأ مؤخر. "وجيد" معطوف على فرع. المعنى: يمدح هذه الفتاة بأن لها خدا ناعما طويلا. وجسما فيه ضمور بطن ودقة خصر، وشعر مسترسل فاحم، وعنق طويل. الشاهد: حذف الوصفين من "فرع" و"جيد"، ويدل على ذلك مقام المدح؛ لأنه غير مستساغ أن يمدحها بأن لها شعرا وعنقا مطلقين؛ فكل إنسان له ذلك؛ وإنما يريد وصف الشعر بما اعتاد العرب؛ وهو الطول والسواد، وكذلك العنق بالطول. وإلى حذف النعت والمنعوت يشير الناظم بقوله: وما من المنعوت والنعت عقل ... يجوز حذفه وفي النعت يقل* أي أن ما عقل -أي علم- من النعت والمنعوت، يجوز حذفه. وحذف النعت أقل في الكلام من حذف المنعوت. هذا: وقد يحذف النعت والمنعوت معان، إذا دلت القرينة عليهما، وهذا قليل، ومنه قوله تعالى في الأشقى الذي يدخل النار: {ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا} ؛ أي لا يحيا حياة نافعة؛ لأنه ليست هنالك واسطة بين الحياة والموت. من الآية 74 من سورة طه. تتمة: أ- النعت الذي شرحناه يسمى "النعت التأسيسي"، وهو الذي يدل على معنى جديد لا يفهم من الجملة بدون ذكره، وهناك نوع يسمى: "النعت الموطئ" أو "الممهد"؛ وهو: أن يكون النعت جامدا، وغير مقصود لذاته، والمقصود ما عبده، وقد ذكر ليكون توطئة   *"وما" اسم موصول مبتدأ. "من المنعوت" متعلق بعقل. "والنعت" معطوف على المنعوت. "عقل" فعل ماض للمجهول، والجملة صلة ما. "يجوز حذفه" الجملة خبر المبتدأ. "وفي النعت" متعلق بيقل، والواو للعطف وفاعل يقل يعود على الحذف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 ....................................................................................................................   وتمهيد للمشتق التالي له المقصود حقيقة؛ نحو: قابلت أخًا أخًا مخلصًا حقا؛ فأخا الثانية نعت موطئ غير مقصود؛ والمقصود ما بعده، وهو مخلصا. ب - يجوز أن ينعت النعت؛ فتقول: هذا ورق أبيض ناصع البياض، وهذا وجه مشرق أي إشراق. وقد يقع قبل النعت المفرد "لا" النافية، أو "إما"؛ فيجب تكرار هذين الحرفين مع اقترانهما بالواو العاطفة لما بعدهما على ما قبلهما؛ تقول: صاحبت صديقا، لا بخيلا ولا مسرفا، واختر زميلا، إما شاعرا وإما خطيبا. جـ- إذا تعددت النعوت واتحدت أنواعها؛ بأن كانت مفردة، فأنت بالخيار في تقديم بعضها على بعض، على حسب ما ترى من أهمية. وكذلك إذا كانت كلها جملا، أما إذا اختلفت أنواعها؛ فالغالب تقديم المفرد على شبه الجملة، وهذه على الجملة؛ تقول: هذا طائر أليف على غصن يغرد بصوت حسن، ومنه قوله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} ، 28 من سورة غافر. ومن غير الغالب قوله -سبحانه-: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} ، 92، 55 من سورة الأنعام، وهو فصيح يجوز القياس عليه. د- إذا تكررت النعوت لمنعوت واحد، وكانت مفردة متحدة المعنى، لم يجز عطف أحدهما على الآخر؛ نحو: هذا محمد الشجاع الجريء الفاتك، لأن العطف يقتضي المغايرة. وإن كانت مختلفة المعنى، جاز العطف في المفردات بجميع حروف العطف، ما عدا "أم"، و"حتى" وفي الجمل خلاف؛ نحو: هذا طالب يعرف العربية، ويتقن الإنجليزية، ويتعثر في الفرنسية. هـ- من الأسماء ما ينعت وينعت به لاستيفائه شروط ذلك؛ كاسم الإشارة؛ تقول: مررت بمحمد هذا وبهذا الشاعر، ولا يكون نعتا إلا لمعرفة؛ لانه معرفة. وذا وقع منعوتا وجب أن يكون النعت مقرونا بأل. وإذا كان جامدا فالأحسن اعتباره عطف بيان، ويجب أن يطابق منعوته في الإفراد والتذكير وفروعهما. والموصول كالإشارة، ومنها ما لا ينعت ولا ينعت به؛ وذلك كالمضمر، والمصدر الدال على الطلب، وكثير من الأسماء المتولة في الإبهام؛ كأسماء الشرط والاستفهام، و"كم" و"ما" التعجبية، وبعض الظروف المبهمة؛ كقبل وبعد. ويستثنى من ذلك: "غير"، و"سوى"،و"من" و"ما" النكرتان التامتان؛ فإنها تقع نعتا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 .........................................................................................................................   ومنها ما ينعت ولا ينعت به؛ كالأعلام. ومنها ما يقع نعتا، ولا يقع منعوتا؛ ذلك: "أي"، بشرط أن يكون المنعوت بها نكرة، و"كل"؛ نحو: أنت الأمين كل الأمين، أي المتناهي في الأمانة، و"جد"؛ تقول: سمعت خطابا بليغا جد بليغ. وإذا صلح النعت لمباشرة العامل جاز تقديمه، ويكون المنعوت بدلا منه؛ نحو قوله تعالى: {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ} من الآية 1، 2 من سورة إبراهيم. فائدة: ذكر الصبان: أن النعت بعد المركب الإضافي، يكون للمضاف؛ لأنه هو المقصود بالحكم؛ وإنما جيء بالمضاف إليه لغرض التخصيص، فلا يكون له إلا بدليل، ما لم يكن المضاف لفظ "كل"؛ فالنعت للمضاف إليه، لا له؛ لأن المضاف إنما جيء به لقصد التعميم. ولذلك ضعف قوله: وكل أخ مفارقة أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان وذكر في المغنى: أن نحو قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} يجوز فيه: كون "الأعلى" صفة للاسم أو صفة للرب، وعلى الأول تكون منصوبة بفتحة مقدرة على الألف للتعذر، أما على الثاني فمجرورة بكسر مقدرة على الألف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 ...........................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف النعت، وبين الأغراض التي يأتي لها، ووضح الفرق بين السببي والحقيقي منه، ومثل لما تقول. 2 يتبع النعت متبوعه؛ ففيم يتبع كل من الحقيقي والسببي؟ وضح بأمثلة. 3 وضح بالأمثلة ما يشترط في النعت بالمصدر، والجملة التي تقع نعتا. 4 ما حكم النعوت إذا تعددت لواحد، ولأكثر من واحد؛ من حيث الإتباع والقطع؟ 5 متى يحذف كل من النعت والمنعوت؟ وما شرط ذلك؟ مثل. 6 فيما يأتي شواهد لبعض موضوعات النعت. بين موضع الشاهد، وأعربه: قال تعالى: {وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْر} . {قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَق} . {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} . {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} . {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة} . {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِه} . - إن أخاك الحق من يسعى معك ... ومن يضر نفسه لينفعك - والخل كالماء يبدي لي ضمائره ... من الصفاء ويخفيها مع الكدر - كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب - وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود - قال لي كيف أنت قليل عليل ... سهر دائم وحزن طويل 7 أعرب ما تحته خط من قول أبي العلاء المعري الآتي، واشرحه شرحا أدبيا: وقد سار ذكرى في البلاد فمن لهم ... بإخفاء شمس ضوؤها متكامل 8 أكمل الجمل الآتية بالنعت المناسب، وبين حكمه من حيث الإتباع والقطع: سافر علي وذهب إبراهيم ..... حفظت الخطبة والقصيدة ......... الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 ........................................................................................................   أكرم محمود عليا ... حضر الطبيب وحضر المريض .... أعطيت الولد أباه ... مررت بالطلبة وقابلت الضيوف ..... أقبل محمد وانصرف علي ..... 9 بين النعت المفرد، والجملة، والسببي، والحقيقي، ومنعوتهما فيما يأتي: يعتبر يوم الثامن عشر من ذي الحجة المباركة، سنة 376، الموافق السادس والعشرين من شهر يوليو سنة 1956، يوما خالدا لا ينسى ذكره على مر العصور والأجيال؛ ففيه قررت مصر تأميم قناة السويس، واسترداد هذا المرفق المائي العظيم الأثر في اقتصادنا القومي، من يد المستعمرين الذين استغلوه عشرات السنين، وأهملوا صيانته الضرورية، وبذلك قضت على مفتاح الاحتلال، البغيض ذكر اسمه، وبدأت تعمل بنشاط دائم على تحسين هذا الممر العظيم نفعه؛ لخدمة الملاحة البحرية العالمية. وقد ارتفع دخل القناة إلى ما يقرب من (90) تسعين ألف ألف جنيه سنويا. رجال الغد المأمول أنا بحاجة ... إلى قادة تبني وشعب يعمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 باب: التوكيد 1 وهو ضربان: لفظي وسيأتي، ومعنوي2، وله سبعة ألفاظ: الأول والثاني: النفس، والعين3. ويؤكد بهما لرفع المجاز عن الذات؛ تقول: جاء الخليفة؛ فيحتمل أن الجائي خبره، أو ثقله4، فإذا أكدت بالنفس أو بالعين أو بهما5، ارتفع ذلك الاحتمال، ويجب اتصالهما بضمير مطابق للمؤكد6، وأن يكون لفظهما طبقه في الإفراد والجمع7. وأما في التثنية، فالأصح جمعهما على "أفعل"8.   باب: التوكيد 1 هو في الأصل؛ مصدر وكد، ثم استعمل في التابع المذكور، ويقال فيه: التأكيد، بقلب الواو همزة، والأول أشهر في استعمال النحاة. 2 هو: التابع الذي يزيل عن متبوعه الشك واحتمال إرادة غير معناه الحقيقي الظاهر، وعدم إرادة العموم والشمول. 3 المراد بهما: ذات الشيء وحقيقته التي يتكون منها، ولو لم يكن في تركيبه نفس ولا عين. ويختصان عن بقية ألفاظ التوكيد المعنوي بجواز جرهما بالباء الزائدة، تقول: رأيت النانظر نفسه، أو بنفسه، وعينه، أو بعينه. والمجرور في محل رفع، أو نصب، أو جر، على حسب المتبوع. وإذا أكد معهما بكلمة "كل"، يحسن تأخير "كل" عنهما، كما سيأتي. 4 الثقل -بكسر الثاء وسكون القاف- واحد الأثقال، كحمل وأحمال، وبفتحهما: متاع المسافر، وحشمه، وكل شيء نفيس مصون. 5 أي معا بدون عطف، ويشترط تقديم النفس على العين. 6 أي في الإفراد والتذكير وفروعهما؛ وذلك للربط بين التابع والمتبوع، ولا يجوز حذفه ولا تقديره. 7 ينبغي أن يجمع النفس والعين جمع تكسير للقلة على "أفعل" لا غيره؛ حين يكون المؤكد جمعا، مع إضافتهما لضمير الجمع. ولا يجوز أن يؤكد بهما مجموعين على نفوس وعيون، على المختار. 8 فيقال: جاء المحمدان أنفسهما أو أعينهما. ويجوز إفرادهما وتثنيتهما؛ فيقال: نفسهما، وعينهما، أو: نفساهما، وعيناهما. ولا بد من إضافتهما إلى ضمير المثنى ليطابق المؤكد. وفيما تقدم يقول الناظم: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 ويترجح إفرادهما على تثنيتها عند الناظم، وغيره بعكس ذلك. والألفاظ الباقية: كلا، وكلتا، للمثنى1، وكل، وجميع، وعامة، لغيره2، ويجب اتصالهن بضمير المؤكد3؛ فليس منه {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} 4،   بالنفس أو بالعين الاسم أكدا ... مع ضمير طابق المؤكدا وأجمعهما "بأفعل" إن تبعا ... ما ليس واحداً تكن متبعا* أي أكد الاسم بالنفس أو بالعين، بشرط أن يضاف كل منهما إلى ضمير يطابق المؤكد، في الإفراد والتذكير وفروعهما للربط به. وإذا كانا تابعين لغير الواحد؛ وهو المثنى والجمع؛ فجيء بهما مجموعين على وزن "أفعل"؛ لتكون متبعا للنهج العربي الصحيح. وأجاز بعض النحاة جمع "نفس"، و"عين" على نفوس وعيون؛ كما أجاز آخرون جمع "عين" جمع قلة على أعيان. والراجح ما ذكره المصنف. 1 أي: ولو على سبيل التفريق؛ نحو: فاز محمد وعلي كلاهما، بشرط اتحاد العامل. ويقصد بهما: إزالة الاحتمال والمجاز عن التثنية، وإثبات أنها هي المقصودة. 2 أي لغير المثنى؛ وهو الجمع مطلقا، والمفرد بشرط أن يتجزأ بنفسه أو بعامله؛ نحو: حضر الطلبة كلهم، جميعهم، عامتهم، واشتريت المنزل كل، جميعه، عامته، والمقصود من التأكيد بها: إفادة التعميم الحقيقي، وإزالة الاحتمال عن الشمول الكامل. 3 أي لفظا؛ ليحصل الربط بين التابع والمتبوع كما أسلفنا، كما يجب أن يطابق هذا الضمير المؤكد في الإفراد والتذكير وفروعهما. وهذا كله إذا جرت على المؤكد هذا الضمير المؤكد في الإفراد والتذكير وفروعهما. وهذا كله إذا جرت على المؤكد؛ فلا يرد نحو قوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون} ، من الآية 40 من سورة يس. 4 لعدم اتصال جميعا بالضمير. من الآية 29 من سورة البقرة.   * "بالنفس" متعلق بأكدا. "الاسم" بالرفع مبتدأ، و"أكدا" نائب الفاعل يعود إلى الاسم. والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ، وبالنصب مفعول مقدم لأكدا على أنه فعل أمر. "مع ضمير" مع ظرف حال من النفس، وما عطف عليه، و"ضمير" مضاف إليه. "طابق" المؤكد صفة لضمير. "بأفعل" متعلق بأجمعهما. "إن تبعا" شرط وفعله، والألف فاعل، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله. "ما" اسم موصول مفعول تبع. "واحدا" خبر ليس، واسمها يعود على "ما"، وجملة "تكن" مجزومة في جواب الأمر؛ وهو أجمع، واسمها مستتر. "متبعا" خبرها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 خلافا لمن وهم1، ولا قراءة بعضهم: {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا} 2، خلافا للفراء والزمخشري؛ بل {جَمِيعًا} حال3، و {كُلٌّ} بدل4، ويجوز كونه حالاً من ضمير الظرف5. ويؤكد بهن لرفع احتمال تقدير "بعض" مضاف إلى متبوعهن؛ فمن ثم جاز: جاءني الزيدان كلاهما، والمرأتان كلتاهما، لجواز أن يكون الأصل: جاء أحد الزيدين، أو إحدى المرأتين6؛ كما قال تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَان} ، بتقدير: يخرج من أحدهما7. وامتنع -على الأصح: اختصم الزيدان كلاهما؛ والهندان كلتاهما؛ لامتناع التقدير المذكور8.   1 فأعرب "جميعا" توكيد لما الموصولة الواقعة مفعولا لـ"خلق"، ولو كان كذلك لقيل "جميعه"، على أن التوكيد بجميع غريب كما سيأتي، فلا يحمل عليه التنزيل. 2- من الآية 48 من سورة غافر. 3 أي من "ما" الموصولة، ومعناها مجتمعا، خلق بمعنى: قدر خلق ذلك في علمه؛ فلا يرد أن الحالية تقتضي وقوع الخلق على ما في الأرض في حالة الاجتماع، وليس كذلك. 4 أي بدل "كل" من اسم "إن"، وهو لا يحتاج إلى الضمير. 5 أي من ضمير الاستقرار المقدر المرفوع في "فيها". قال في المغني: وفيه ضعفان: تقدم الحال على عامله الظرفي، وتنكير "كل" بقطعها عن الإضافة لفظا ومعنى، والحال واجبة التنكير. قيل: وقد يستغنى عن الإضافة إلى الضمير بالإضافة إلى مثل الطاهر المؤكد بكل، وجعل منه قول كثير. كم قد ذكرتك لو أجزى بذر كمو ... يا أشبه الناس كل الناس بالقمر 6 أي: وقد أطلق المثنى وأريد به واحد. 7 أي: وهو البحر الملح؛ لأن العذاب ليس فيه ذلك. واللؤلؤ: كبار الدر. والمرجان: صغاره. الآية 22 من سورة الرحمن. 8 لأن التخاصم لا يتحقق معناها إلا بوقوعه من اثنين حتما؛ فلا فائدة من التوكيد هنا. ومثله: كل ما يدل على المفاعلة والمشاركة؛ كتقاتل، وتحارب. وهذا رأي الأخفش ومن تبعه. وأجاز الجمهور مثل ذلك، على ما فيه من ضعف بلاغي؛ لأن التوكيد قد يكون للتقوية لا لرفع الاحتمال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 وجاز: جاء القوم كلهم، واشتريت العبد كله. وامتنع: جاء زيد كله1. والتوكيد بـ"جميع" غريب، ومنه قول امرأة: فداك حي خولان ... جميعهم وهمدان2 وكذلك التوكيد بـ"عامة"، والتاء فيهما بمنزلتهما في النافلة3، فتصلح مع المؤنث والمذكر؛ فتقول: اشتريت العبد عامته؛ كما قال الله تعالى: {وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} . فصل: ويجوز -إذا أريد تقوية التوكيد- أن يتبع "كله" بأجمع، و"كلها" بجمعاء،   1 لعدم الفائدة من التوكيد؛ لأنه يستحيل نسبة المجيء إلى جزئه. 2 بيت من مجزوء الرجز، قالته امرأة أعرابية ترقص به ولدها، وبعده: وكل آل قحطان ... والأكرمون عدنان اللغة والإعراب: فداك، الفدا -بالقصر والمد- ما يعطى من مال ونحوه عوضا عن المفدي، والمراد هنا: الدعاء والثناء. خولان وهمدان: قبيلتان من قبائل اليمن. قحطان: أبو العرب اليمانية. عدنان: أبو عرب الحجاز. "فداك" -بفتح الفاء- فعل ماض والكاف مفعول، و"حي" فاعل، وبالكسر مبتدأ ومضاف إليه، و"حي" خبر. "خولان" مضاف إليه ممنعو من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، وسكن للوقف. "جميعهم" جميع توكيد لحي خولان، وهم مضاف إليه. "وهمدان" معطوف على "حي" كذلك. "وكل" معطوف على حي، وكذلك "الأكرمون"، و"عدنان" عطف بيان على "الأكرمون". المعنى: واضح. الشاهد: في "جميعهم"؛ حيث جاء توكيد للفاعل أو الخبر، وهو بمنزلة "كل" في المعنى والاستعمال. والمقصود به رفع احتمال التجوز بإرادة البعض، وإطلاق اسم الكل عليه. وقد يجيء "جميع" بمعنى مجتمع، ضد متفرق، فلا يفيد توكيدا؛ كقول الشاعر: نهيتك عن هذا وأنت جميع 3 أي في أنها زائدة لازمة، لا تفارقها في إفراد، ولا في تذكير، ولا في فروعهما. وهي للمبالغة لا للتأنيث، وفيما تقدم من ألفاظ التوكيد الخمسة يقول الناظم: و"كلا" أذكر في الشمول و"كلا" ... "كلتا" "جميعا" بالضمير موصلا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 و"كلهم" بأجمعين، و"كلهن" بجمع1؛ قال الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} ، وقد يؤكد بهن، وإن لم يتقدم "كل"2؛ نحو: {لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين} .   واستعملوا أيضا ككل فاعله ... من "عم" في التوكيد مثل النافله* أي: اذكر -عند إرادة الشمول- لفظ "كل" للدلالة على التوكيد، وكذلك "كلا"، و"كلتا" وهما لإفادة الشمول في المثنى، و"جميع" ولا بد من وصلها بالضمير المطابق للمؤكد. وقد استعمل العرب للتوكيد في الدلالة على الشمول ككل لفظا على وزن "فاعلة" من الفعل "عم" وهو "عامة"، وهذا اللفظ مثل كلمة "نافلة" وزنا، وفي لزوم التاء في جميع الأحوال؛ تذكيرا وتأنيثا، وإفراد، وغيرهما. هذاك وقد قيل إن معنى "مثل النافلة": أن ذكر هذا اللفظ -وهو "عامة"- في التوكيد، زائد على ما ذكره النحاة؛ فهو كالنافلة بالنسبة للفرائض، وكونه للتوكيد هو مذهب سيبويه، وذهب المبرد: إلى أن معنى "عامتهم" في مثل جاء القوم عامتهم، أكثرهم لا جميعهم، وعلى هذا يكون بدل بعض من كل، لا للتعميم كما يرى سيبويه. 1 تعتبر هذه ملحقة بألفاظ التوكيد المتقدمة، ولهذا ينبغي في الفصيح أن تسبقها لفظة "كل"، وأن تكون مطابقة لها. وقد يتبع "أجمع" وفروعه بـ"أكتع"، فـ"أبصع"، فـ"أبتع" وفروعها؛ لزيادة التقوية لأنها بمعناها، واستعمال هذه قليل؛ ولهذا تركها المصنف والناظم. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وبعد "كل" أكدوا بـ "أجمعا" ... "جمعاء أجمعين ثم جمعا** أي استعمل العرب بعد لفظة "كل" التي للتوكيد، هذه الألفاظ الأربعة؛ لتقوية التوكيد بها. 2 وفي هذه الحالة يجوز إعراب "أجمعين" وأخواتها حالا، ولكن المعنى يختلف عن إعرابها   * "وكلا" مفعول مقدم لاذكر. "في الشمول" متعلق باذكر. "وكلا كلتا جميعا" معطوفات على. "كلا" بحذف العاطف من الأخيرين. "بالضمير" متعلق بموصلا الواقع حالا من "كلا"، وما عطف عليه، وقد أفرد على معنى: ما ذكر. "أيضاً" مفعول مطلق لمحذوف. "ككل" متعلق بمحذوف حال من "فاعله" الواقع مفعولا لاستعملوا. "من عم" متعلق بمحذوف حال من "فاعله" كذلك. "في التوكيد" متعلق باستعملوا. "مثل حال ثالث من فاعله. "النافلة" مضاف إليه. ** "وبعد كل" بعد ظرف متعلق بأكدوا، وكل مضاف إليه. "بأجمعا" جار ومجرور متعلق به أيضا، وما بعده معطوف عليه بإسقاط العاطف، فيما عدا الأخير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 {لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِين} . ولا يجوز تثنية "أجمع"، ولا جمعاء، استغناء بكلا وكلتا1؛ كما استغنوا بتثنية "سي" عن تثنية سواء2، وأجاز الكوفيون والأخفش ذلك؛ فتقول: جاءني الزيدان أجمعان، والهندان جمعاوان.   توكيدا؛ فإن معناها على الحال يكون مجتمعين؛ أي في حال اجتماعهم وعدم تفرقهم وعلى التوكيد، يكون معناها الشمول والإحاطة. وينبغي ملاحظة ذلك عند الإعراب؛ قال الناظم: ودون كل قد يجيء أجمع ... جمعاء أجمعون ثم جمع* 1 قيل: إنما يصح الاستغناء بذلك، إذا قصد شمول الأفراد، أما إذا قصد شمول أجزاء الأفراد؛ كما في اشتريت المنزلين أو الحديقتين، فإن "كلا" و"كلتا" لا تفيده. 2 فقالوا: سيان، ولم يقولوا: سواءان إلا نادرا. وهذا رأي جمهور البصريين، وفي ذلك يقول الناظم: واغن بكلتا في مثنى و"كلا ... عن وزن "فعلاء" ووزن "افعلا"** أي استغن بكلتا وكلا في المثنى عن تثنية "أجمع" و"جمعاء"؛ فلا تقول: أجمعان، ولا جمعاوان، رفعا، ولا أجمعين ولا جمعاوين، نصبا وجرا. هذا: وجمع ألفاظ التوكيد المعنوي معارف، بإضافتها إلى الضمير الرابط، و"أجمع" وفروعه معارف بالعلمية؛ لأن كل لفظ منها علم جنس على الإحاطة؛ ولهذا لا يجوز نصبها على الحال، وتمنع من الصرف، كما سيأتي في موضعه. وإذا تعددت ألفاظ التوكيد فهي للمتبوع، وليس الثاني توكيدا لما قبله، ولا يجوز فيها القطع، ولا عطف بعضها على بعض، ولا يجوز حذف المؤكد "المتبوع" على الحصحي؛ لأن الحذف ينافي الغرض من التوكيد. وأجاز بعض النحاة الحذف إذا كان المؤكد ضميرا   * "ودون" ظرف متعلق بيجيء أو في موضع حال من أجمع وما عطف عليه، وهو مضاف إلى "كل" "قد" حرف تقليل. "أجمع" فالع يجيء، وما بعده معطوف عليه بعاطف مقدر، فيما عدا الأخير. ** "واغن" فعل أمر؛ أي استغن. "بكلتا في مثنى" متعلقان باغن. "وكلا" معطوف على كلتا. "عن وزن" جار ومجرور متعلق باغن. "فعلاء" مضاف إليه. "ووزن" معطوفة على "وزن" قبله. "افعلا مضاف إليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 وإذا لم يفد توكيد النكرة، لم يجز باتفاق1، وإن أفاد جاز عند الكوفيين، وهو الصحيح2. وتحصل الفقائدة بأن يكون المؤكد محدوداً3، والتوكيد من ألفاظ الإحاطة؛ كاعتكف أسبوعا كله، وقوله: يا ليت عدة حول كله رجب4   رابطا في جملة الصلة أو الصفة أو الخبر؛ تقول: جاء الذي أكرمت نفسه، أي أكرمته، وجاء طلبة أكرمت كلهم، أي أكرمتهم كلهم، والطلبة أكرمت كلهم، أي أكرمتهم كلهم. ولا يتحد توكيد متعاطفين ما لم يتحد عاملهما معنى؛ فلا يجوز: مات محمد وعاش على كلاهما؛ فإن أتحد معنى جاز؛ تقول: انطلق زيد وذهب عمر كلاهما. 1 لأن الغرض من التوكيد زالة اللبس، وألفاظه معارف كما قدمنا، والنكرة تدل على الإبهام والشيوع، فهما متعارضان تعريفا وتنكيرا. 2 لأن هذا يقربها من التعريف نوعا ما، ولوروده في الكلام العربي الفصيح, ويمنعه البصريون مطلقا، وفي هذا يقول الناظم: وإن يفد توكيد منكور قبل ... وعن نحاة البصرة المنع شمل* أي أنه يجوز توكيد النكرة إذا أفادها التوكيد، ومنع نحاة البصريين توكيدها مطلقا، أفاد أو لم يفد. 3 أي موضوعا للدلالة على زمن محدود ببدء ونهاية معينين؛ كيوم، وأسبوع، وشهر، وسنة .... إلخ. أو على شيء معلوم المقدار؛ كدرهم، ودينار .... إلخ. 4 عجز بيت من البسيط، لعبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي، وصدره: لكنه شاقه أن قيل ذا رجب* اللغة والإعراب: شاقة: أعجبه وهاجه، أو بعث الشوق إلى نفسه. والشوق: نزوع النفس إلى الشيء. حول: هو العام. "لكنه" لكن حرف استدراك ونصب، والهاء اسمها.   * "وإن يفد" شرط وفعله "توكيد منكور" توكيد فاعل يفد، ومنكور مضاف إليه. "قبل" فعل ماض للمجهول في محل جزم جواب الشرط، وسكن للواقف، ونائب الفاعل يعود إلى "توكيد منكور" عن نحاة البصرة "عن نحاة متعلق بالمنع، والبصرة مضاف إليه. "شمل" الجملة خبر المنع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 ومن أنشد "شهر" مكان "حول"؛ فقد حرفه1، ولا يجوز: صمت زمناً كله2، ولا شهراً نفسه3. فصل: وإذا أكد ضمير مرفوع متصل4 بالنفس أو بالعين، وجب توكيده أولاً بالضمير المنفصل5؛ نحو: قوموا أنتم أنفسكم، بخلاف قام الزيدون أنفسهم؛ فيمتنع   "شاقه" فعل والهاء مفعوله. "أن" مصدرية. "قيل" فعل ماض للمجهول، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل شاق، وجملة شاق وفاعله خبر لكن، "ذا رجب" ذا مبتدأ، ورجب خبر، والجملة نائب فاعل قيل. "يا" للتنبيه. "ليت" حرف تمن ونصب. "عدة حول" عدة اسمها، وحول مضاف إليه. "كله" توكيد لحول. "رجب" الثانية خبر ليت، وهو مصروف، وإن أريد به معين، كما في المصباح. وقيل: إن أريد به معين منع من الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي، أو للعدل عن الرجب ومثله في ذلك "صفر". المعنى: يقول: إنه أعجبه وبعث الشوق إلى نفسه، حين قيل: هذا الشهر رجب، وتمنى أن تكون شهور العام كلها "رجب" لما يجد فيها من الخير والأنس. الشاهد: توكيد النكرة؛ وهي "حول"، على رأي الكوفيين؛ لأنها محدودة؛ فالعام معلوم الأول والآخر، ولفظ التوكيد من الألفاظ الدالة على الإحاطة، وهو "كله". قيل: والصواب نصب "رجب" لا كما رواه النحاة؛ لأن البيت من قصيدة منصوبة الروي، ومطلعها: يا للرجال ليوم الأربعاء أما ... ينفك يحدث لي بعد النهي طربا 1 لأنه يفسد المعنى؛ إذ لا يتصور أن يتمنى أن يكون الشهر كله رجبا؛ فإن الشهر لا يكون بعضه رجبا وبعضه غير رجب، حتى يتمنى أن يكون كله رجبا. 2 لأن النكرة غير محدودة الوقت، ولا معلومة المقدار. 3 لأن لفظ التوكيد ليس من ألفاظ الإحاطة والشمول. 4 سواء أكان بارزا كما مثل المصنف، أم مستترا؛ نحو: محمد حضر هو نفسه. 5 لوقوع اللبس أحيانا في مثل: هند خرجت نفسها، أو ذهبت عينها؛ إذ يحتمل أن المراد هو خروج نفسها التي بها حياتها، وذهاب عينها التي تبصر بها، فإذا جاء الفاصل منع هذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 الضمير1، وبخلاف: ضربتهم أنفسهم، ومررت بهم أنفسهم، وقاموا كلهم؛ فالضمير جائز واجب2.   الاحتمال، واطرد الباب. ويعرب الضمير المنفصل توكيدا لفظيا للضمير السالف. وقيل: إن الشرط مطلق فاصل ولو غير ضمير، نحو: قوموا في الدار أنفسكم، ولكن الفصل بالضمير المنفصل أحسن وأفصح. 1 لأن المؤكد -"وهو الزيدون"- ليس ضمير متصلا مرفوعا؛ وإنما هو اسم ظاهر، والضمير لا يؤكد الظاهر؛ فإن الظاهر أقوى منه؛ لأنه لا يحتاج إلى مرجع تفسيره. 2 لأن الضمير المؤكد في الأولين ليس مرفوعا؛ فهو منصوب المحل على المفعولية في الأول، ومجرور المحل بالباء في الثاني، فلا يلزم توكيده بالضمير المنفصل قبل توكيده بالنفس أو بالعين، ومع هذا يجوز توكيده بالضمير؛ تقول ضربتهم هم أنفسهم، ومررت بهم هم أنفسهم. ويجوز بغير توكيد بالضمير. والتوكيد في الثالث بغير النفس والعين. أما توكيد الضمير المرفوع المنفصل بالنفس أو بالعين، فحكمه حكم توكيد الاسم الظاهر بهما، لا يحتاج إلى فاصل، تقول: أنت نفسك حضرموت، وأنتما أنفسكما سافرتما، وأنتم أنفسكم أمتنعتم عن الإجابة.. إلخ. وفيما سبق يقول الناظم: وإن تؤكد الضمير المتصل ... بالنفس والعين فبعد المنفصل عنيت ذات الرفع وأكدوا بما ... سواهما والقيد لن يلتزما* أي إذا أردت أن تؤكد الضمير المتصل بالنفس أو بالعين؛ فينبغي أن يسبقها ضمير منفصل، يفصل بين التابع والمتبوع. ثم قال: عنيت ذا الرفع؛ أي قصدت الضمير المتصل المرفوع، ويجوز التوكيد بلفظ آخر غير النفس والعين، ولا يلتزم حينئذ الفصل بالضمير المنفصل؛ بل يجوز بغيره، وبدون فاصل. كما لا يلتزم الفصل إذا كان المتبوع ليس بضمير رفع متصل.   * "وإن تؤكد" شرط وفعله. "الضمير" مفعوله. "المتصل" صفة للضمير. "بالنفس والعين" متعلقان بتؤكد. "فبعد" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"بعد" ظرف متعلق بمحذوف، أي فأكد بهما بعد. "المنفصل" مضاف إليه. "ذا الرفع" ذا مفعول عنيت، والرفع مضاف إليه. "بما" متعلق بأكدوا، وما اسم موصول. "سواهما" سوى ظرف متعلق بمحذوف صلة، والضمير مضاف إليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 وأما التوكيد اللفظي؛ فهو المكرر به ما قبله1، فإن كان جملة، فالأكثر اقترانها بالعطف2؛ نحو: {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} *، ونحو:   1 إما بنصه وعينه، ولا يضر بعض تغيير يسير؛ نحو: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} ؛ فكلمة "أمهل" توكيد لفظي لمهل، و"هم" عائدة على الكافرين لا محل لها من الإعراب. من الآية 17 من سورة الطارق. ومن هذه الآية يتبين: أنه يجوز في التوكيد اللفظي الفصل بين المؤكد والمؤكد. وإما بمرادفه قول الشاعر: أنت بالخير حقيق قمن أي جدير: والمرادف: لفظ يؤدي معنى لفظ آخر تماما، ويخالفه في حروفه، ويكون اسما؛ مثل: ذهب وتبر، وفعلا، مثل: قعد، وجلس، وحرفا؛ نحو: نعم، وجير، ولا يصح تكرار اللفظ المؤكد أكثر من ثلاث مرات؛ لأنه لم يسمع غير ذلك، والغرض من التوكيد اللفظي: تمكين السامع من تدارك لفظ لم يسمعه، أو لم يتبينه من أول الأمر. وقد يراد منه التهديد؛ كقوله تعالى -في خطاب المعاندين بالباطل: {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} وقد يكون للتهويل كقوله -سبحانه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ، ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} . وأحياناً يقصد به التلذذ بترديد لفظ مرغوب فيه؛ نحو: الصحة الصحة أغلى شيء، الجنة الجنة نعم من يفوز بها، مصر مصر جنة الله في أرضه. وقد اقتصر الناظم على تعريف التوكيد اللفظي فقال: وما من التوكيد لفظي يجي ... مكررًا كقولك ادرجي ادرجي* أي: والذي هو لفظي من التوكيد، يجيء مكررا، سواء كان التكرار باللفظ والمعنى، أم بالمعنى مع اختلاف اللفظ، كما أوضحنا. 2 وهو "ثم" خاصة, وجعل الرضي الفاء كثم، ويؤيده: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} ، والعطف هنا صوري، لأن بين الجملتين تمام الاتصال، فلا تعطف الثانية على الأولى عطفا حقيقيا،   * "وما" اسم موصول متبدأ. "لفظي" خبر لمبتدأ محذوف، أي هو لفظي، والجملة لا محل لها صلة ما، "من التوكيد" متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في لفظي؛ لأنه في تأويل مشتق؛ إذ هو منسوب. "يجي" فعل مضارع، والجملة خبر ما. "مكررا" حال من ضمير يجي. "كقولك" خبر لمبتدأ محذوف. "ادرجي" فعل أمر، مبني على حذف النون وياء المخاطبة فاعل، والجملة مقول القول، وادرجي الثانية توكيد. وإلا كانت التبعية بالعطف لا بالتوكيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى، ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} ، وتأتي بدونه؛ نحو قوله -عليه الصلاة والسلام: "والله لأغزون قريشاً"، ثلاث مرات1. ويجب الترك عند إيهام التعدد؛ نحو: ضربت زيداً، ضربت زيداً2. وإن كان اسماً ظاهراً3، أو ضميراً منفصلاً منصوباً، فوضاح4؛ نحو: فنكاحها باطل باطل5، وقوله: فإياك إياك المراء فإنه6   1 أي كررها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات. 2 لأنه لو عطف بثم أو بالفاء، لتوهم تكرار الضرب. 3 مثل: اسم الفعل. 4 أي أن توكيده يكون بمجرد التكرار من غير شرط، ويتبع الثاني الأول في الضبط، ولا محل له من الإعراب، ويجب في الأسماء الموصولة عند توكيدها توكيدا لفظيا، إعادة لظفها وصلتها معها، ولا يجوز تكرار الموصول وحده دون صلته. 5 هذا جزء من حديث، وهو: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير وليها فنكاحها .... " إلخ. 6 صدر بيت من الطويل للفضل بن عبد الرحمن القرشي، وعجزه: إلى الشر دجعاء وللشر جالب اللغة والإعراب: المراء: الجدال والمعارضة بالباطل. دعاء: صيغة مبالغة من دعاء فلان فلانا، إذا طلب حضوره. جالب: مسبب له، مجلبه، إذا ساقه وجاء به. "فإياك" منصوب على التحذير بفعل محذوف وجوبا. "إياك" الثانية توكيد للأولى. "المراء" مفعول ثان لفعل التحذير المحذوف؛ أي أحذرك المراء. "فإنه" الفاء للتعليل، وإن واسمها. "إلى الشر" متعلق "بدعاء" الواقع خبرا لإن. "وللشر" جار ومجرور متعلق بـ"جالب" المعطوف بالواو على "دعاء". المعنى: أحذرك الجدال والمعارضة مع الناس من غير وجه حق؛ فإن ذلك كثيرا ما يجر إلى الشرور والخصومات، ويسبب لإنسان متاعب ومصاعب. الشاهد: توكيد الضمير المنفصل المنصوب -وهو "إياك"- بإعادة اللفظ بنفسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 وإن كان ضميراً منفصلا مرفوعاً، جاز أن يؤكد به كل ضمير متصل1؛ نحو: قمت أنت، وأكرمتك أنت، ومررت بك أنت. وإن كان ضميراً متصلا، وصل بما وصل به المؤكد2؛ نحو: عجبت منك منك. وإن كان فعلا أو حرفا جوابياً، فواضح3؛ كقولك: قام قام زيد، وقوله:   1 أي مرفوع، أو منصوب، أو مجرور، ويكون على وجه الاستعارة في توكيد ضمير النصب والجر، وليس له محل إعرابي، ويؤكد به كذلك المنفصل المرفوع لا المنصوب، فلا يقال: إياك أنت أكرمت، وليس هناك ضمير منفصل مختص بالجر، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: ومضمر الرفع الذي قد انفصل ... أكد به كل ضمير اتصل* أي أن الضمير المنفصل المرفوع يجوز أن يؤكد به كل ضمير متصل؛ لكن على وجه الاستعارة في توكيده ضمير النصب والجر كما سبق. 2 أي يجب أن يعاد مع التوكيد اللفظ الذي يتصل بالمؤكد، اسما كان أو فعلا أو حرفا؛ لأن إعادته مجردا تخرجه عن الأتصال إلى الانفصال. وفي ذلك يقول الناظم: ولا تعد لفظ ضمير متصل ... إلا مع اللفظ الذي به وصل** أي لا تكرر لفظ الضمير المتصل للتوكيد؛ إلا إذا أعدت معه اللفظ الذي اتصل بالمؤكد "المتبوع"، أي أنه لا بد من تماثل الضميرين -المؤكد والمؤكد- في اللفظ وفي المعنى، وفي الاتصال، وفي أن يكون مع كل منهما لفظ يماثل اللفظ الذي مع الآخر. 3 أي يكون التوكيد اللفظي بتكرار الفعل وحده، أو الحرف بدون شرط ما. وحروف الجواب هي: ما يجاب بها عن سؤال سائل، سواء كان بالإيجاب؛ كنعم، وأجل، وجير، وإي، أو   * "ومضمر" بالرفع مبتدأ وبالنصب مفعول لمحذوف يفسره ما بعده. "الرفعط مضاف إليه. "الذي" اسم موصول صفة لمضمر. "قد انفصل" قد حرف تحقيق، وفاعل انفصل يعود إلى الذي، والجملة صلة. "اتصل" الجملة في محل جر صفة للضمير المضاف إليه. ** "ولا" ناهية. "ولفظ" مفعول تعد. "ضمير" مضاف إليه. "متصل" صفة لضمير. "إلا" حرف استثناء. "مع ظرف متعلق بمحذوف حال من لفظ. "اللفظ" مضاف إليه. "الذي" صفة للفظ. "به" بـ "وصل" الواقع صلة للموصول، ونائب فاعله يعود على الذي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 ..........................................................................................................   بالنفي؛ مثل: لا، وبلى. وبهذه المناسبةن يحسن أن نلقي بعض الضوء على معاني هذه الحروف واستعمالها: أ- الأصل في استعمال "نعم"، و"جير"، و"أجل"، و"أي" أنها حروف جواب، تقرر حكم ما قبلها من إيجاب أو نفي، فإن كان مثبتا أبقته، على إثباته، وإن كان نفيا أبقته نفيا. فإذا جاءت بعد الاستفهام المثبت أفادات إثباته، وإذا أتت بعد استفهام منفي قررت إثبات نفيه. وتأتي "نعم" بعد الطلب فتفيد الوعد بإنجاز المطلوب؛ سواء كان الطلب أمرًا أم نهيا أم غيرهما من أنواع الطلب؛ تقول: أخبرني الصدق يا أخي، لا تغرر بي، لها صدقتني القول. فيقال: نعم أخبرك الصدق، نعم لا أغرر بك، نعم صدقتك، فهي تصديق لحديث متقدم. قيل: وبعد الاستفهام، ومنه قوله تعالى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} ، {أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا} ،وهو غير مطرد. وكذلك تأتي "نعم" بعد الجملة الخبرية مثبتة أو منفية؛ نحو: قام محمد، وما قام علي، فتفيد تصديق مضمونها وتقريره. وأما "أجل" فهي حرف جواب مثل "نعم"، وتجيء بعد الخبر والاستفهام، ولكنهما بعد الخبر أحسن من "نعم"؛ كما أن "نعم" بعد الاستفهام أحسن منها، وقال جماعة، منهم ابن مالك والزمخشري: إنها للخبر لا غير، ولا تقع بعد الاستفهام، والحق أنها تكثر فيها لا غير. وأما "جير" فحرف جواب بمعنى "نعم"، وتأخذ حكمها في كل ما تقدم. وأما "إي" فكذلك حرف جواب بمعنى "نعم" في جميع استعمالاتها. وزعم ابن الحاجب أنها تقع بعد الاستفهام؛ نحو قوله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} . واتفق الجميع على أنها لاتقع إلا قبل القسم. ب- أما "لا" فهي حرف جواب لنفي إثبات ما قبلها، ولا يجاب بها نفي أصلًا؛ فهي تناقض "نعم" في معناها، وكثير ما تحذف الجمل بعدها. وأما "بلي" فهي حرف جواب أيضاً، وهي عبارة عن "بل" التي للإضراب، و"لا" التي للنفي؛ ولذلك لا تقع إلا إضراباً عن النفي لتبطله وتصيره إيجابًا؛ فهي بعكس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 لا لا أبوح بحب بثنة إنها1 وإن كان غير جوابي، وجب أمران: أن يفصل بينهما2، وأن يعاد مع التوكيد ما اتصل بالمؤكد أن كان مضمرا3؛ نحو: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا   "لا"، سواء كان لنفي مجردا؛ نحو: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} ، أو مقرونا باستفهام، حقيقا كان؛ نحو: أليس زيد بقائم؟ فتقول: بلى. أو توبيخاً، نحو: {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ، بَلَى} ، أو تقريريا؛ نحو: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} . وقد يجاب بـ"بلى" عن الاستفهام المجرد عن النفي؛ ففي صحيح البخاري أنه -عليه الصلاة والسلام- قال لأصحابه: "أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى" وفي صحيح مسلم: أن الرسول قال لرجل أراد زيادة بعض أولاده بالإعطاء: "أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى". ومما سبق يتبين أن "لا" لا تأتي إلا بعد إيجاب. وأن "بلى" لا تأتي إلا بعد نفي غالبا، وأن "نعم" تأتي بعدهما. 1 صدر بيت من الكامل، لجميل بن عبد بن معمر العذري، المعروف بجميل بثينة؛ محبوبته وعجزه: أخذت علي موثقا وعهودا اللغة والإعراب: لا أبوح: لا أفشي ولا أظهر؛ من باح بسره، إذا أفشاه وتكلم به، موثق، وهو العهد والميثاق، "لا" نافية، والثانية توكيد لها. "بحب" متعلق بأبوح. "بثينة" مضاف إليه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. "مواثقا" مفعول أخذت. "وعهودا" معطوف على مواثقا عطف تفسير. المعنى: لا أفشي ولا أخبر أحد بالحب الذي بيني وبين بثينة؛ لأنها أخذت علي عهدا مؤكدا ألا أبوح بحبها ولا أظهره، ويجب أن أفي بعهدي لها. الشاهد: توكيد "لا" توكيدا لفظيا" وهي حرف جواب لا تحتاج للفصل بين المؤكد والمؤكد، ولا لشيء آخر كالحروف غير الجوابية؛ كما سيأتي. 2 أي بين المؤكد والمؤكد بفاصل ما. 3 أي إن كان ما اتصل بالحرف المؤكد مضمرا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُون} 1. وأن يعاد هو أو ضميره إن كان ظاهرا2؛ نحو: زيداً إن زيداً فاضل، أو: إن زيداً إنه فاضل، وهو الأولى3. وشذ اتصال الحرفين؛ كقوله: إن إن الكريم يحلم ما لم4   1 فأنكم الثانية مؤكدة لأنكم الأولى الواقعة مفعولا ثانيا ليعد، وفصل بينهما بالظرف وما بعده، وأعيد مع الثانية ما اتصل بالأولى، وهو الكاف والميم؛ لأنه مضمر. 2 أي يعاد لفظ المتصل بالحرف أو ضميره، إن كان ما اتصل به الحرف اسما ظاهرا. 3 أي أن إعادة الضمير أولى وأفصحج من إعادة اللفظ، لأنه الأصل، ويلزم من إعادة اللفظ التكرار، وإيهام أن الثاني غير الأول، وبه جاء التنزيل؛ قال تعالى: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} ، من الآية 107 من سورة آل عمران. أما إعادة الظاهر فمن وضعه موضع المضمر، وفي توكيد الحرف يقول الناظم: كذا الحروف غير ما تحصلا ... به جواب كنعم وكبلى* أي: كما أن توكيد الضمير المتصل لا يكون إلا بإعادته وإعادة ما اتصل به كما سبق في البيت قبل، كذلك الحروف غير الجوابية؛ لا يعاد لفظها إلا مع اسم الظاهر المتصل بها، أو ضميره، أما حروف الجواب؛ كنعم وكبلى، فتعاد وحدها. 4 صدر بيت من الخفيف، لم يعرف قائله، وعجزه: يرين من أجاره قد ضيما اللغة والإعراب: يحلم: من الحلم؛ وهو الأناة والتعقل. أجاره: جعله في جواره وحمايته. ضيم: فعل مبني للمجهول؛ أي ظلم وبخس حقه. "إن" حرف توكيد ونصب؟ "إن" الثانية توكيد لها. "الكريم" اسمها. "يحلم" الجملة خبر. "ما" مصدرية ظرفية حرف مبني لا محل له من الإعراب. "يرين" فلعل مضارع مؤكد بالنون الخفيفة في محل جزم بلم، و"ما" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بإضافة اسم زمان منصوب بيحلم؛   * "كذا" خبر مقدم. "الحروف" مبتدأ مؤخر. "غير" بالرفع نعت للحروف، وبالنصب أداة استثناء. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "تحصلا" فعل ماض، والألف للإطلاقز "به" متعلق به. "جواب" فاعله، والجملة صلة "كنعم" خبر لمبتدأ محذوف. و"كبلى" معطوف على "كنعم". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 وأسهل منه قوله: حتى تراها وكأن وكأن   أي يحلم مدة عدم رؤيته ... إلخ. "من" اسم موصول مفعول ليرى. "أجاره" الجملة صلة الموصول. "قد ضيما" قد حرف تحقيق، وضيم فعل ماض مبني للمجهول، ونائب فاعله يعود على من، والجملة في محل نصب صفة لمن، أو حال إن جعلت "يرى" بصرية، ومفعول ثان إن كانت علمية. المعنى: إن الرجل الكريم الخلق الأبي الطيب النفس، يتحلى بالحلم، والصبر، والتعقل في أحواله وتصرفاته، ما لم ير أن من أجاره وجعله في حماه، قد ظلم واعتدى عليه؛ فعند ذلك يذهب عنه حلمه، ويبطش بهذا الظالم، المعتدي على من التجأ إليه. الشاهد: توكيدالحرف "إن" بإعادتها من غير فاصل بينهما، مع أنها ليست من حروف الجواب، وهذا شاذ لا يقاس عليه. 1 صدر بيت من الرجز، ينسب لخطام المجاشعي، يصف إبلا. وقيل: هو للأغلب العجلي وعجزه: أعناقها مشددات بقرن اللغة والإعراب: أعناقها: جمع عنق؛ وهو الرقبة. قرن: حبل تربط به الإبل، ويقرن بعضها إلى بعض "حتى" حرف غاية وجر. "تراها" ترى فعل مضارع والفاعل أنت والضمير البارز مفعول، وهو عائد على الإبل في البيت قبله. "وكأن" الواو للحال، وكأن حرف تشبيه ونصب، "وكأن" الثانية توكيد، وخففت للقافية. "أعناقها" أعناق اسم كأن الأولى، وهو مضاف إلى الهاء. "مشددات" خبرها. "بقرن" متعلق بمشددات، وسكن للشعر. المعنى: يصف إبلا في سرعة سيرها وانتظامه؛ فيقول: إن أصحاب هذه الإبل يستحثونها على السير بنظام واعتدال، حتى يظن من يراها أن أعناقها مربوط بعضها إلى بعض بحبال، لانتظامها جميعا في السير. الشاهد: تأكيد "كأن" بمثلها، مع عدم الفاصل بمعمول الأولى، مع أنها ليست من حروف الجواب. وهذا أخف في الشذوذ من سابقه؛ لأنه فصل هنا بواو العطف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 لأن المؤكد حرفان1، فلم يتصل لفظ بمثله. وأشذ من قوله: ولا للما بهم أبدًا دواء2 لكون الحرف على حرف واحد.   1 وهما: الواو وكأن. 2 عجز بيت من الوافر، لمسلم بن معبد الوالي الأسدي، وقيل: هو لرجل من بني أسد لم يعين. وصدره: فلا والله لا يلفي لما بي اللغة والإعراب: لا يلفي: لا يوجد من ألفى، إذا وجد. لما بي: أي للذي بي. "فلا" الفاء عاطفة، و"لا" زائدة لتوكيد القسم. "والله" حرف قسم وجر، ولفظ الجلالة مجرور به، والجار والمجرور متعلق بفعل قسم محذوف. "لا" نافية. "يلفي" فعل مضارع للمجهول جواب القسم. "لما" اللام جارة، وما اسم موصول، والجار والمجرور متعلق بيلفي. "بي" متعلق بمحذوف صلة. "ولا للما بهم" ولا معطوف على ما قبله، واللام الأولى في "للما" جارة، والثانية توكيد للأولى، وما اسم موصول، وبهم متعلق بمحذوف صلة. "أبدا" ظرف متعلق بيلفي. "دواء" نائب فاعل يلفي. المعنى: يقسم أنه لا يوجد للذي به من الموجودة والألم. ولا الذي عند خصومه من الحقد والضغينة علاج، وليس هنالك أمل في المودة والمصالحة وإزالة الأحقاد والضغائن، بعد أن تفاقم الخطب وعظم الخلاف. قيل: إن السبب في هذه القصيدة التي منها هذا البيت، أن مسلما كان غابئا، فكُتبت إبله لعامل الزكاة، فظن أنه فعل به ذلك كيدا، ومنها قوله: بكت إبلي وحق لها البكاء ... وفرقها المظالم والعداء الشاهد: في "للما" فإن اللام الثانية فيها توكيد للأولى الجارة، ولم يفصل بينهنما فاصل، مع أن اللام ليست من أحرف الجواب. وهذا شاذ بالغ الشذوذ؛ لأن الحرف المؤكد موضوع على حرف هجائي واحد لا يكاد يقوم بنفسه، ولو جاء على ما يقتضيه الصواب لقال: "لما لما بهم". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 وأسهل منه قوله: فاصبحن لا يسألنه عن بما به1   1 صدر بيت الطويل للأسود بن يعفر، وعجزه: أصعد في علوى الهدى أم تصوبا اللغة والإعراب: أصعد: أي ارتفع وارتقى، تصوبا: نزل وتسفل. "فأصبحن" الفاء عاطفة، وأصبح فعل ماض نقاض ونون النسوة اسمها، وهي عائدة على الغواني. "لا يسألنه" الجملة خبر أصبح. "عن" جارة. "بما" الباء حرف جر بمعنى "عن" توكيد لها، و"ما" اسم موصول في محل جر بعن. "به" متعلق بمحذوف صلة. "أصعد" الهمزة للاستفهام، وصعد فعل ماض، والفاعل يعود على المحب لهن، وكذلك الضمير في "به". المعنى: أن هؤلاء الغواني أصبحن بعد أن وخط المحب الشيب، وهده الكبر، ونالت منه الشيخوخة، لا يكترثن به ولا يملن إليه، ولا يسألن عما به من ضعف أو غيره، وهل لا يزال يحلق في الهوى والحب، أم نزل إلى السفل ونسي كل شيء؟ الشاهد: في "عن بما" حيث أكد عن الجارة بلفظ مرادف؛ وهو الباء التي بمعنى "عن" المتصلة بما الموصولة، وهذا شاذ أيضاً لعدم الفاصل؛ ولكنه أهون من سابقه؛ لأن الحرف المؤكد -وهو"عن"- موضوع على حرفين، ولأن اللفظين مختلفان وإن اتفقا في المعنى؛ إذ يقال: سألت به وسألت عنه. تتمة: أ- يمتنع حذف المؤكد توكيدا لفظياً؛ لأن حذفه مناف لتكراره. ب- إذا أتبع المضير المتصل المنصوب بمنفصل منصوب؛ نحو: رأيتك إياك، فمذهب البصريين أنه بدل، ومذهب الكوفيين أنه توكيد، وهو الأصح. أما المرفوع فيجوز أن يكون توكيدا، كما يجوز أن يكون بدلا بالإجماع. جـ- من الأساليب الصحيحة: جاء القوم بأجمعهم، وتعرب "أجمع" توكيدا مجرورا اللفظ بالباء الزائدة؛ في محل رفع، أو نصب أو جر، وعلى حسب حالة المؤكد "المتبوع". وبعضهم يعربها بدلا وإن كانت تؤدي معنى التوكيد، وينبغي إضافتها إلى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 ......................................................................................................................   ضمير مطابق. د- تنفرد كلمتا: نفس، وعين، بجواز جرهما بالباء الزائدة؛ تقول: بنفسه أو بعينه، ويكونان في محل رفع أو نصب أو جر على حسب حالة المتبوع. هـ- لا يفصل بين المؤكد والمؤكد، بـ"إما" على الأصح، وأجاز الفراء: مررت بالقوم، إما أجمعين، وإما بعضهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 ......................................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف التوكيد، وبين الفرق بين التوكيد اللفظي والمعنوي بأمثلة موضحة. 2 بم يؤكد بالنفس والعين؟ وما الذي تختص بهما عن بقية ألفاظ التوكيد؟ اشرح ذلك بأمثلة من الواقع. ثم بين ما يؤكد بجميع وعامة. وما يشترط فيهما. 3 اشرح قول ابن مالك: واستعملوا أيضاً ككل فاعله من عم في التوكيد مثل النافله 4 كيف تؤكد الضمير المتصل بالنفس والعين؟ وكذلك المنفصل؟ وضح بأمثلة. 5 بين كيف تؤكد الحروف غير الجوابية، والجوابية؟ وما الفرق بينهما؟ 6 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل هذا الباب، وضح موضع الشاهد، وحكمه في المعنى والإعراب. قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . {كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا، وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} . {كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ} . {لَقَدْ كُنتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} . {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ، ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} . - إذا ما بدت من صاحب لك زلة ... فكن أنت محتالاً لزلته عذرا - والنجم تستصغر الأبصار طلعته ... والذنب للعين لا للنجم في الصغر - فلما تبينا الهدى كان كلنا ... على طاعة الرحمن والحق والتقى - لا ينسك الأسى تأسياً فما ... ما من حمام أحد معتصما - بلاد متى ما جئتها جئت جنة ... لعينك فيها كل ما شئت رضوان - إلام الخلف بينكموا إلاما ... وهذي الضجة الكبرى علاما - وقلن على الفردوس أول مشرب ... أجل جير أن كانت أبيحت دعائره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 ......................................................................................................................   قال صاحب المغني: الفردوس: روضة اليمامة. والدعثور: الحوض الممتلئ. 7 أعرب ما تحته خط في البيتين الآتيين، وبين الشاهد فيهما في هذا الباب: أيا من لست أقلاه ... ولا في البعد أنساه لك الله على ذاكا ... لك الله لك الله 8 بين فيما يأتي: ألفاظ التوكيد ونوعها، والمؤكد ونوعه، وموضع كل من الإعراب. كان الاعتداء الغاشم على بور سعيد سنة 1956 امتحانا للشعوب العربية جميعا ولمبلغ قدرتها كلها على الدفاع، والوقوف في وجه المستعمر. ولقد وقف العرب أنفسهم، ومن ورائهم الشعوب المخلصة جميعها، وقفة أدهشت العالم أجمع؛ ولم يكن في مصر كلها متخاذل ولا متقاعد؛ بل كان الشعب عامة كرجل واحد؛ حتى اندحر المعتودن وارتدوا على أعقابهم خاسرين. وفي 5 يونية 1967 كان اعتداء إسرائيل بجمعها، ومن ورائها المستعمرون عامتهم، على البلاد العربية- تجربة أخرى، استطاعوا فيها بالخديعة الانتصار على العرب، وإصابتهم بنكسة مؤلمة، ولكن الشعب العربي المعروف بصلابته لم ييأس، وسينتصر وينتصر بمشيئة الله. فصبر صبرا، وإلى الأمام إلى الأمام، وشكرًا شكرًا لكل من يؤازرنا في هذه المحنة، بنفسه أو بماله. والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. ليت شعري هل ثم هل آتينهم ... أم يحولن دون ذاك حمام 9 أكد الفاعل، والمفعول، والضمير في العبارات الآتية بالنفس والعين، وبما يناسب من ألفاظ التوكيد الأخرى: جلست في الدرس منصتا، وأصغيت إلى أستاذي حين يتكلم. أمسك لسانك عن الشتم، ويديك عن الأذى. إياك أن تعظ الرجال وقد إياك ... أصبحت محتاجا إلى الوعظ وقف الخلق ينظرون جميعا ... كيف أبني قواعد المجد وحدي 10 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لو قيل "نعم" في قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} كان كفراً. بين السبب في ذلك؛ على ضوء ما عرفت في "نعم"، "بلى". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 باب: العطف 1 وهو ضربان: عطف نسق وسيأتي، وعطف بيان؛ وهو: التابع2 المشبه للصفة في توضيح متبوعه3 إن كان معرفة وتخصيصه إن كان نكرة. والأول4: متفق عليه؛ كقوله: اقسم بالله أبو حفص عمر5 والثاني6: أثبته الكوفيون وجماعة، وجوزوا أن يكون منه: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} ، فيمن نون "كفارة"، ونحو: {مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} 7.   باب: العطف 1 هو في الأصل: مصدر بمعنى الميل والرجوع إلى الشيء بعد الانصرف عنه، وأطلق على التابع المذكور، لأن المتكلم رجع إلى الأول فأوضحه بالثاني، أو أشركه معه في الحكم، كما سيأتي. 2 يشترط فيه: أن يكون جامدا، بخلاف النعت فإنه لا يكون إلا مشتقا، أو مؤولا به. 3 النعت يوضح متبوعه ببيان صفة من صفاته، ومعنى فيه أو في سببه، كما سبق. أما عطف البيان، فيوضح متبوعه ويزيل عنه شائبة الإبهام بنفسه. 4 أي: وهو توضيح ذات متبوعه المعرفة، وإزالة ما قد يصيبها من الشيوع بسبب تعدد مدلولها. 5 عجزه: ما مسها من نقب ولا دبر وقد تقدم شرح هذا البيت وقصته في باب العلم، في الجزء الأول، صفحة (135) ، والشاهد فيه هنا: أن "عمر" عطف بيان على "أبو حفص"، وهو علم معرفة، وقد قصد به الإيضاح. 6 أي: وهو تخصيص النكرة؛ فقد نفاه جمهور البصريين، وأثبته الكوفيون وبعض البصريين المتقدمين؛ كأبي علي الفارسي، وابن جني، وبعض المتأخرين؛ كالزمخشري، والناظم، وابنه، كما سترى بعد. 7 فقد أعربوا "طعام" عطف بيان لكفارة، و"صديد" عطف بيان لـ"ماء"، وكلاهما نكرة والصديد: الدم المختلط بالقيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 والباقون يوجبون في ذلك البدلية1، ويخصون عطف البيان بالمعارف2، ويوافق متبوعه في أربعة من عشرة: أوجه الإعراب الثلاثة3، والإفراد، والتذكير، والتنكير4، وفروعهن. وقول الزمخشري: إن {مَقَامُ إِبْرَاهِيم} عطف على ...............................................   1 أي بدل كل من كل. 2 حجتهم: أن عطف البيان -كاسمه- يقصد به البيان والإيضاح، والنكرة مجهولة، والمجهول لا يعين المجهول، ويقول المجيزون: إن بعض النكرات قد يكون أخص من بعض؛ فلا مانع من أن يبين الأخص غيره، والتخصيص نوع من البيان والإيضاح، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: العطف أما ذو بيان أو نسق ... والغرض الآن بيان ما سبق فذو البيان تابع شبه الصفه ... حقيقة القصد به منكشفه* أي أن العطف ينقسم إلى نوعين: عطف بيان، وعطف نسق، ونحن الآن في صدد تعريف وإيضاح عطف البيان؛ وهو: تابع يشبه الصفة؛ أي النعت؛ إلا أن بينهما فرقا؛ وهو أن عطف البيان يبين حقيقة متبوعه ويوضح ذاته نفسها، أما النعت فيبين معنى عارضا، وصفة من صفات الذات كما بينا. 3 ويجوز فيه القطع كالنعت، وقد سبق إيضاح ذلك فارجع إليه. 4 الصحيح أن هذا هو الأغلب، ويصح تخالفهما تعريفا وتنكيرا؛ بشرط أن يكون التابع هو المعرفة؛ ليتحقق الغرض من عطف البيان، وقد يقع عطف البيان بعد"أي" المفسرة؛ نحو: "هذا الخاتم لجين؛ أي: فضة". ويجوز أن يعرب في هذه الصورة بدلا. وفي موافقة العطف لمتبوعه يقول الناظم: فأولينه من وفاق الأول ... ما من وفاق الأول النعت ولي   * "العطف"؛ بمعنى المعطوف، مبتدأ "إما" حرف تفصيل. "ذو" خبر المبتدأ. "بيان" مضاف إليه. "أو نسق" معطوف على ذو بيان. "الآن" ظرف زمان. "بيان" خبر المبتدأ، وهو الغرض. "ما" اسم موصول، مضاف إليه. "سبق" الجملة صلة ما؛ "فذو البيان تابع" مبتدأ، ومضاف إليه، وخبر. "شبه الصفة" نعت لتابع ومضاف إليه. "حقيقة القصد" مبتدأ ومضاف إليه. "به" متعلق بـ"منكشفة" الواقع خبرا، والجملة صفة ثانية لتابع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 {آيَاتٍ بَيِّنَات} 1، مخالف لإجماعهم2. وقوله، وقول الجرجاني: يشترط كونه أوضح من متبوعه3، مخالف لقول سيبويه في "يا هذا ذا الجمة": إن "ذا الجمة" عطف بيان، مع أن الإشارة أوضح من المضاف إلى ذي الأداة4، ويصح في عطف البيان: أن يعرب بدل كل5 ...................................................................................................................   فقد يكونان منكرين ... كما يكونان معرفين* أي أعطه من موافقة الأول "المتبوع"، مثل ما ولي وأخذ النعت، من موافقة لمنعوته في الأمور السابقة، ثم نص على أن عطف البيان ومتبوعه، يتماثلان تعريفا وتنكيرا؛ ليرد على القائلين بأن عطف البيان لا يكون إلا معرفة. 1 أي: مع أن {مَقَامَ} مخالف لـ {آيَاتٌ} ، في التنكير، والتأنيث، والجمع. والمراد بالآيات. أثر القدم في الصخرة، وغوصها فيها إلى الكعبين، وإبقاء هذا الأثر دون آثار سائر الأنبياء، وحفظه آلاف السنين. وسبب هذا الأثر: أنه لما ارتفع بناء الكعبة، قام إبراهيم على هذا الحجر؛ ليتمكن من رفع الحجارة فغاصت فيه قدماه. 2 أي على وجوب مطابقة البيان للمبين، تعريفا وتنكيرا، وإفرادًا وغيره، وتذكيرا وغيره؛ فالوجه: أن {مَقَامَ} مبتدأ حذف خبره؛ أي منها مقام إبراهيم، أو العكس؛ أي بعضها مقام. وقيل: يجوز كونه بدلا من آيات، بدل بعض من كل. 3 أي أعرف منه؛ لأنه يوضح حقيقته وذاته. 4 لم يعرب سيبويه: "ذا الجمة" نعتا؛ لأن نعت اسم الإشارة لا يكون إلا محلى بأل، والجمة: الشعر الواصل إلى المنكب. 5 وذلك إذا قصد به ما يقصد بالبدل، وحينئذ يتعين كونه بدلا.   * "فأولينه" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة، والهاء مفعوله الأول، ومرجعها ذو بيان. "من وفاق" متعلق بأولينه. "الأول" مضاف إليه. "ما" اسم موصول مفعول ثان لأولينه. "من وفاق الأول" متعلق بولي ومضاف إليه. "النعت" مبتدأ. "ولي" فعل ماض، وفاعله يعود إلى النعت، والجملة خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر صلة "ما". "فقد" حرف تقليل. "يكونان" فعل مضارع ناقص، وألف الاثنين أسمه، وهي عائدة على البيان والمبين. "منكرين" خبر يكون. "كما" الكاف جارة، و"ما" مصدرية، والجملة بعدها مقدرة بمصدر مجرور بالكاف؛ أي ككونهما معرفين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 إلا إن امتنع الاستغناء عنه1؛ نحو: هند قام زيد أخوها. أو إحلاله محل الأول؛ نحو: يا زيد الحارث2، وقوله: أيا أخوينا عبد شمس ونوفلا3   1 أي فيمتنع أن يكون بدلا. ومن ذلك -غير ما سيذكره الناظم- أن تفتقر جملة الخبر إالى رابط، وهو في التابع كمثال المصنف؛ فـ"أخوها" يتعين كونه عطف بيان؛ لأنه لو أعرب بدلا لخلت جملة الخبر عن الرابط؛ لأن البدل على نية تكرار العامل على الصحيح؛ فهو من جملة أخرى. وكذلك جملة الصلة والصفة؛ نحو: حضر الذي أو رجل، ضرب محمد أخوه، وجملة الحال؛ نحو: هذا محمد قام رجل أخوه. 2 أي: مما فيه تابع المنادى محلى بأل، والمتبوع منادى خاليا منها، فيتعين كون "الحارث" عطف بيان من زيد، لا بدلا؛ لامتناع إحلاله محله؛ فلا يقال: يا الحارث؛ لأن "يا" و"أل" لا يجتمعان هنا. وإيضاح ما تقدم: أنه يصح في عطف البيان -إذا قصد به ما يقصد ببدل الكل- أن يعرب بدل كل إلا في حالتين. أ- ألا يمكن الاستغناء عن عطف البيان لمانع يحول دون صحة البدل. ب- وألا يمكن إحلال عطف البيان -لو صار بدلا- محل متبوعه؛ لمانع يحول دون البدلية، ووضع البدل مكان المبدل منه. 3 صدر بيت من الطويل، لطالب بن أبي طالب بن عبد المطلب، أخي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، من قصيدة يمدح بها الرسول -عليه السلام- ويبكي أصحاب القليب -البئر- من قريش، الذين قتلوا يوم بدر، وعجزه: أعيذكما بالله أن تحدثا حربا وروي في السيرة: فدى لكما لا تبعثوا بيننا حربا اللغة والإعراب: عبد شمس: فصيلة من قريش، منهم بنو أمية. نوفل: فصيلة أخرى من قريش أيضاً. أعيذكما بالله: يريد: ألجأ إلى الله من أجلكما، أو أحصنكما بالله وأجعلكما في رعايته؛ مخافة أن تشعلا نار الحرب بينكما "أيا" حرف للنداء. "أخوينا" الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 وقوله: أنا ابن التارك البكري بشر1   منادى منصوب بالياء لأنه مثنى مضاف إلى "نا" "عبد شمس" عبد عطف بيان على أخوينا، وشمس مضاف إليه. "ونوفلا" معطفو على عبد شمس. "أن تحدثا حربا" أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف متعلق بأعيذ؛ أي من أحداثكما حربا. المعنى: واضح، بعد ما تقدم من الشرح. الشاهد: تعين كون "عبد شمس" عطف بيان لأخوينا، و"نوفلا" عطف نسق بالواو عليه. ولا يجوز فيهما أن يكون "عبد شمس" بدلا؛ لعدم صحة حلوله محل "أخوينا"؛ لأن ذلك يستلزم ضم "نوفل" المعطوف عليه؛ لأنه مفرد علم يستحق البناء على الضم، والرواية بالنصب لا غير. ومن الصور التي يمتنع فيها البدل العام صحة إحلاله محل الأول: أن يكون تابع المنادى اسم إشارة؛ كيا محمد هذا، أو مقروناً بأل؛ نحو: يا علي الحسن، أو يتبع وصف "أي" في النداء، أو وصف اسم الإشارة بالخالي من أل؛ نحو: يا أيها الرجل محمد، ويا ذا الرجل غلام محمد، أو يضاف "أفعل" في التفضيل إلى اسم عام يتبع بقسميه؛ نحو: علي أفضل القوم الرجال والنساء، أو أن يتبع ما أضيف إليه "كلا وكلتا" بمتفرق؛ نحو: جاء كلا المجاهدين أحمد وعلي. ففي كل ما تقدم، يتعين أن يكون التابع عطف بيان، ويمتنع البدل للسبب المتقدم؛ فإن الفصيح أن يكون تابع اسم الإشارة مقرونا بأل، ودخول "أل" على المنادي ممنوع، وتابع "أي" في النداء لا بد أن يكون مقرونا بأل، أو اسم إشارة له تابع مقرون بها، وأفعل التفضيل لا بد أن يكون بعضا من المضاف إليه، ويلزم على البدلية أن يكون "علي" بعض النساء، وكلا وكلتا لا تضافان للمثنى المتفرق إلا شذوذًا. 1 صدر بيت من الوافر، للمرار بن سعيد الفقعسي، من قصيدة يفتخر فيها بأن جده خالد بن فضلة قتل بشر بن عمرو بن مرثد، زوج الخرنق أخت طرفة بن العبد البكري، الشاعر المشهور، وذلك في يوم "القلاب"، وعجزه: عليه الطير ترقبه وقوعا اللغة والإعراب: التارك: اسم فاعل من ترك. البكري: المنسوب إلى بكر بن وائل؛ وهي قبيلة مشهورة، منها: جساس، مرة قاتل كليب بن وائل، ترقه: تنتظره. "أنا" الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 وتجوز البدلية في هذا عند الفراء؛ لإجازته: الضارب زيد1 وليس بمرضي.   ضمير منفصل مبتدأ. "ابن التارك" خبر ومضاف إليه. "البكري" مضاف إليه من إضافة الوصف لمفعوله. "بشر" عطف بيان للبكري. "عليه الطير" خبر مقدم، والطير مبتدأ مؤخر، والجملة حال من البكري. "ترقبه" الجملة حال من ضمير الطير المستتر في عليه "وقوعا" مفعول لأجله حذف متعلقه؛ أي ترقبه لأجل وقوعها عليه، أو حل من الضمير المستتر في ترقب. المعنى: يصف نفسه بالشجاعة، وأنه ابن الذي ترك البكري -بشرا- مجندلا في العراء، مثخنا بالجراح، في حالة يرثى لها، تنتظر الطير خروج روحه لتهبط عليه وتنهش من جسده، فهو شجاع من نسل شجعان. الشاهد: تعين كون "بشر" عطف بيان؛ لأنه لو أعرب بدلا -والبدل على نية تكرار العامل- لكان التقدير: أنا ابن التارك البكري، التارك بشر؛ فيضاف الوصف المقترن بأل، إلى اسم مجرد منها ومن الإضافة إلى المقترن بها، أو إلى ضميره. وذلك غير جائز، كما تقدم في باب الإضافة. 1 مذهبه: جوازا إضافة الوصف المقترن بأل إلى جمع المعارف، وهو غير مرضي عند الجمهور، وفيما تقدم يقول الناظم: وصالحاً لبدلية يرى ... في غير نحو "يا غلام يعمرا" ونحو "بشر" تابع "البكري" ... وليس أن يبدل بالمرضي* أي أن عطف البيان يصلح للبدلية في غير التركيب الذي يشبه "يا غلام يعمر"، ويعمر: اسم شخص، وهو أن يكون التابع مفردا معرفة معربا، والمتبوع منادى؛ فيتعين أن يكون "يعمر" عطف بيان؛ لأنه لو جعل بدلا لوجب بناؤه على الضم، وهو منصوب. وكذلك   * "وصالحا" مفعول ثان مقدم ليرى. "لبدلية" متعلق بصالح. "يرى" فعل مضارع للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى عطف البيان، وهو المفعول الأول. "في غير نحو" متعلق يبرى ومضاف إليه. "يا غلام" يا حرف نداء، وغلام منادى مبني على الضم في محل نصب. "يعمرا" عطف بيان لغلام على المحلن وهو بضم الميم وفتحها، علم لشخص منقول من عمر يعمر. "ونحو بشر" معطوف على نحو الأول ومضاف إليه. "تابع" بالجر، نعت لبشر، وبالنصب حال منه. "البكري" مضاف إليه. "أن يبدل" أن وما بعدها في تأويل مصدر، اسم ليس. "بالمرضى" خبرها على زيادة الباء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 ....................................................................................................................   إذا كان التابع خاليا من أل؛ كـ"بشر"، والمتبوع بأل "كالبكري"، وقد أضيفت إليه صفة بأل، نحو: أنا ابن التارك البكري بشر فيتعين كون "بشر" عطف بيان لما بيناه. وليس إعرابه بدلاً مرضيا عند المصنف والجمهور، وهاتان المسألتان اللتان ذكرهما الناظم، هما من أفراد النوع الثاني الذي ذكره المصنف أما الأول، وهو أن يكون التابع غير مستغني عنه في التركيب؛ فلم يتعرض له. هذا: وعلى الرغم من أن بين عطف البيان، وبدل الكل من الكل مشابهة كبيرة في المعنى والإعراب، فإن عطف البيان يقصد به إيضاح الذات نفسها أو تخصيصها، لا أمرًا عرضيا طارئا عليها؛ فهو بمنزلة التفسير للمتبوع. أما البدل فيدل على ذات المتبوع بلفظ آخر يساويه في المعنى؛ بحيث يقع اللفظان على ذات واحدة وفرد معين واحد في حقيقته، ولا شأن له بالإيضاح والتخصيص. ويذكر النحاة فروقا أخر من جهة الصناعة؛ منها: أ- أن عطف البيان لا يكون ضميرا، ولا تابعا لضمير؛ ولهذا امتنع إعراب "مخصوص حبذا" عطف بيان. ب- ولا يكون مخالفا لمتبوعه في التعريف والتنكير على الصحيح. جـ- ولا يقع جملة ولا تابعا لجملة، ولا فعلا ولا تابعا لفعل. د- وأنه لا يلحظ فيه إحلاله محل الأول. هـ- ولا يعد متبوعه في حكم الطرح. ولا يعد في جملة أخرى مستقلة عن جملة متبوعه؛ بخلاف البدل في ذلك كله. وفي بعض تلك الأمور خلاف بين العلماء. ولهذا يرى الإمام الرضي وفريق من النحاة: أنه لا فرق بين عطف البيان والبدل؛ فإن المشابهة بينهما تامة. وما ذكر من الفروق مبني على دعوى أن البدل على نية تكرار العامل، وهو دعوى لا تثبت عند التمحيص. على أنه يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل، أي يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 باب: عطف النسق مدخل ... باب: عطف النسق 1 وهو تابع يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الأحرف الآتي ذكرها2؛ وهي نوعان: ما يتقضي التشريك في اللفظ والمعنى3؛ إما مطلقاً، وهو: الواو، والفاء، وثم، وحتى4،   باب: عطف النسق 1 النسق -بالفتح- اسم مصدر، وبالسكون -مصدر نسقت الكلام أنسقه- من باب نصر- عطفت بعضه على بعض، وربطت بعض اجزائه ببعض. وهو بمعنى المنسوق، من إطلاق المصدر على اسم المفعول؛ فالمراد: العطف على الكلام المنسوق بعضه على بعض. 2 وفي تعريف عطف النسق يقول الناظم: تال بحرف متبع عطف النسق ... كاخصص بود وثناء من صدق* أي أن التالي والتابع بسبب حرف متبع -أي مشرك- ما بعده لما قبله في الحكم والإعراب، يسمى عطف النسق. ثم ساق الناظم مثلا للتشريك في الحكم لـ"ود" هو الثناء؛ وعلى هذا فليست "أي" التفسيرية من حروف العطف عند الجمهور؛ لأنها لا تتبع ما بعدها لما قبلها وما بعدها بدل أو عطف بيان، خلافا للكوفيين الذين يعدونها عاطفة ومعناها التفسير. فخرج بقول المصنف: "يتوسط ... إلخ" التوابع كلها ما عدا عطف النسق، وبالتقييد بالحروف المذكورة "أي" التفسيرية كما ذكرنا. 3 أما في اللفظ فبوجوه الإعراب، وأما في المعنى فباحتمال كل من المتعاطفين للمعنى المراد؛ نفيا، وإثباتا، وصلاحية له. وهذا إذا كانا مفردين؛ فإن كان المعطوف غير مفرد، فقد لا يفيد التشريك؛ نحو: حضر التلميذ ولم يحضر والده. 4 يرى الكوفيين أن "حتى" لا تكون حرف عطف، بل هي حرف ابتداء دائما. ويقدورن عاملا لما بعدها تتم به الجملة؛ ففي مثل: قدم الحجاج حتى المشاة، يقدرون: حتى قدم المشاة.   * "نال" خبر مقدم. "بحرف" متعلق به. "متبع" صفة لحرف. "عطف النسق" عطف مبتدأ مؤخر، والنسق مضاف إليه. "كاخصص" خبر لمبتدأ محذوف، وهو فعل أمر. "بود" متعلق به. "وثناء" معطوف على ود. "من" اسم موصوف مفعول أخصص. "صدق" فعل ماض والجملة صلة من. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 وما مقيدًا؛ وهو: أو، وأم1، فشرطهما ألا يقتضيا إضرابًا2. وما يقتضي التشريك في اللفظ دون المعنى؛ إما لكونه يثبت لما بعده ما انتفى عما قبله؛ وهو "بل" عند الجميع، و"لكن" عند سيبويه وموافقيه3. وإما لكونه بالعكس4، وهو "لا" عند الجميع5، و"ليس" عند البغداديين؛ كقوله:   1 ذهب أبو عبيدة إلى أن "أم" حرف استفهام كالهمزة. 2 فإن اقتضيا إضرابا كانا مشتركين في اللفظ فقط، مثل "بل"، وإلى الحروف الستة المذكورة أشار الناظم بقوله: فالعطف مطلقا بواو ثم فا ... حتى أم أو كـ "فيك صدق ووفا"* أي أنه يعطف بالواو، وثم، والفاء، وحتى، وأم، وأو، فتفيد مشاركة المعطوف مع المعطوف عليه مطلقا؛ أي في اللفظ والمعنى. 3 يرى يونس: أن "لكن" حرف استدراك دائماً، وعندما تأتي عاطفة تكون قبلها الواو؛ لتكون هي العاطفة، وسيأتي بيان واف عن "لكن" قريباً. 5 سيأتي بيان شاف لكل منها، وإلى ذلك يشير الناظم بقوله: وأتبعت لفظا فحسب بل ولا ... لكن كـ" لم يبد امرؤ لكن طلا"** أي: وأتبعت وأفادت مشاركة المعطوف للمعطوف عليه في اللفظ فقط؛ أي في الإعراب لا في المعنى، "بلن ولا، ولكن" والطلا -بالقصر- ولد الظبية حين يولد، أو ولد البقرة الوحشية، أو ولد ذات الظلف مطلقا وجمعه أطلاء.   * فالعطف" مبتدأ. "مطلقا" حال من المبتدأ على رأي سيبويه، أو من الضمير المستتر في الخبر؛ وهو "بواو"، على رأي من يجيز تقديم الحال على عاملها الجار والمجرور. "ثم، فا، حتى، أم، أو" معطوفات بعاطف مقدر على واو بقصد اللفظ. "كفيك" الكاف جارة لقول محذوف، و"فيك" خبر مقدم. "صدق" مبتدأ مؤخر. "ووفا" معطوف على صدق. ** "وأتبعت" فعل ماض والتاء للتأنيث. "لفظا"، و"حسب" بمعنى كاف، مبتدأ مبني على الضمن وخبره محذوف؛ أي فحسبك ذلك؛ "بل" فاعل أتبت "ولا، لكن" معطوفان على بل بحذف العاطف من لكن. "امرؤ" فاعل يبد. "لكن" حرف عطف. "طلا" معطوف على "امرؤ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 إنما يجزي الفتى ليس الجمل1   1 عجز بيت من الرمل، للبيد بن ربيعة العامري، يحث على المعروف وحسن الكافأة، وصدره: وإذا أقرضت قرضاً فأجزه وهذا البيت من قصيدته التي مطلعها: إن تقوى الله من خير نفل ... وبإذن الله ريثي والعجل اللغة والإعراب: النفل: الغنيمة، الريث: الإبطاء والتمهل. أقرضت قرضا: أعطيت شيئا من المال على سبيل القرض لتؤديه بعد؛ والمراد: قدمت إليك معونة ما، أو صنع معك معروف، فأجزه: كافئ صاحبه الفتى: الإنسان. الجمل: الحيوان المعروف، وقد يراد بالفتى الشاب الذي في طراوة الشباب، وبالجمل الرجل الذي تقدمت به السن. "وإذا" ظرف للزمان المستقبل مضمن معنى الشرط. "أقرضت" فعل ماض للمجهول، فعل الشرط، والتاء نائب فاعل. "فاجزه" الفاء واقعة في جواب الشرط، واجزه فعل أمر، والفاعل أنت والهاء مفعوله؛ "إنما" أداة حصر. "يجزى الفتى" فعل وفاعل. "ليس" حرف عطف بمعنى "لا"، على مذهب البغداديين. "الجمل" معطوف على الفتى. المعنى: استعمال "ليس" حرف عطف بمعنى "لا"، لتنفي عما بعدها صنع الخير الذي ثبت لما قبلها. وهذا قول البغداديين، تبعا لابن عصفور وبعض الكوفيينن وجرى عليه الناظم في التسهيل، ويخرجه المانعون على أن "ليس" فعل ماض ناقص، و"الجمل" اسمها، وخبرها محذوف؛ أي ليس الجمل جازيا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 فصل: في الواو "معناها، حكمها، ما تنفرد به" أما الواو؛ فلمطلق الجمع1؛ فتعطف متأخراً في الحكم، نحو: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ} 2.   1 أي الاجتماع والاشتراك بين المتعاطفين في المعنى والحكم، من غير دلالة على مصاحبة، أو ترتيب زني، أو مهلة، أو نحو ذلك. وخالف في ذلك البعض وقالوا إنها للترتيب. 2 من الآية: 26 من سورة الحديد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 ومتقدماً؛ نحو: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} 1، ومصاحباً؛ نحو: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَة} 2. وتنفرد الواو3 بانها تعطف اسما على اسم لا يكتفي الكلام به4؛ كـ"اختصم زيد وعمرو، واصطف زيد وعمرو، وجلست بين زيد وعمرو؛ إذا الاختصام والتضارب والاصطفاف والبينية، من المعاني النسبية التي لا تقوم إلا باثنين فصاعداً5. ومن هنا قال   1 من الآية: 3 من سورة الشورى؛ فـ"الذين" معطوف على الكاف مع إعادة الجار، عطف متقدم على متأخر. 2 فـ"أصحاب السفينة" معطوف على الهاء عطف مصاحب في الإنجاء على مصاحبه، ومضاف إليه، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: فاعطف بواو لاحقاً أو سابقاً ... في الحكم أو مصاحباً موافقا أي أعطف بالواو: اللاحق والسابق والمصاحب في الحكم كما مثل المصنف؛ لأنها تدل على مطلق الاجتماع والاشتراك في الحكم بلا قيد ما؛ وإنما تفيد ذلك إذا كان المتعاطفان مفردين، ولم تقع بعدها "إما" الثانية، ولم تكن هنالك قرينة تدل على عدم التجرد للتشريك، المطلق؛ فإن وقعت بعدها "إما" الثانية، فمعناها يوحي به المقام كما سيأتي. وإن وجدت قرينة، وجب الأخذ بما تدل عليه. هذا: واستعمالها في المعية والمصاحبة أكثر، وفي تقدم ما قبلها كثير، وفي تأخره قليل. 3 أي من بين سائر حروف العطف. ولها مواضع أخرى تنفرد بها تقدم بعضها. 4 أي بالمعطوف عليه في أداء معناه؛ وذلك حين يتطلب الحكم متعددا؛ كالاختصام، والمساواة، ونحوها، كما مثل المصنف. 5 أي: ولا يمكن أن تكون من طرف واحد؛ وذلك مثل: تنازع، وتصالح، وتشارك، وتعاون ... إلخ؛ وإنما انفردت الواو بهذا؛ لأنها لمطلق الجمع؛ وتترجح فيها المعية، قال الناظم مشيرا إلى ذلك:   * "لاحقا" مفعول أعطف. "أو سابقا" معطوف عليه."في الحكم " متعلق بسابقا وقد تنازعه الوصفان قبله. "أو مصاحبا" معطوف على سابقا. "موافقا" نعت له. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 الأصمعي: الصواب أن يقال: بين الدخول وحومل بالواو1   واخصص بها عطف الذي لا يغني ... متبوعه كـ"اصطف هذا وابني" أي اخصص الواو -من بين حروف العطف- بأن يعطف بها، حيث لا يكتفي بالمعطوف عليه في تحقيق معنى العامل؛ كالمثال الذي ذكره الناظم؛ فإن الاصطفاف يتطلب أكثر من واحد. 1 لأن البينية لا يتحقق معناها بواحد. ولا يعطف فيها بالفاء؛ لأن الفاء تدل على الترتيب، وهذا بعض بيت من الطويل، لامرئ القيس بن حجر الكندي، وهو مطلع معلقته وأوله: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى ........................ اللغة والإعراب: قفا: فعل أمر من الوقوف، والألف فيه للاثنين. وقيل منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة، والمخاطب واحد، وعوملت الكلمة في الوصل، كما تعامل في الوقف. ذكرى: مصدر بمعنى التذكر. سقط اللوى: السقط -بتثليث السين وسكون القاف- منقطع الرمل حيث يستدق طرفه، واللوى: رمل يتلوى وينحني، الدخول: اسم موضع، وكذلك حومل. "نبك" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر. "من ذكرى" متعلق بنبك. "حبيب" مضاف إليه. "بسقط اللوى" بسقط جار ومجرور، واللوى مضاف إليه متعلق بمحذوف، صفة لمنزل. "بين الدخول" بين ظرف مكان، والدخول مضاف إليه، صفة ثانية."فحومل" معطوف على الدخول. المعنى: قفا يا صاحبي وشاركاني في البكاء وإرسال الدموع؛ من أجل تذكر حبيب كان يقيم هنا، ومنزل كان عامرا به، بين هذين الموضعين. الشاهد: في قوله: "بين الدخول وحومل"؛ فإن "بين" لا تضاف إلا إلى متعدد والفاء تدل على الترتيب من غير مهملة؛ فالبينية غير متحققة هنا؛ وإنما تتحقق بالعطف بالواو التي تدل على اشتراك العاطف والمعطوف معا دفعة واحدة في مدلول العامل؛ ولهذا خطأ الأصمعي امرأ القيس. وقد عني العلماء بتصحيح قول امرئ القيس، كما بين ذلك المصنف.   * "عطف" مفعول اخصص. "الذي" مضاف إليه."لا يغني متبوعه" الجملة من الفعل المنفي ونائب فاعله صلة الذي. "هذا" فاعل اصطف. "وابني" معطوف على "هذا". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 وحجة الجماعة: أن التقدير: بين أماكن الدخول فأماكن حومل1؛ فهو بمنزلة: اختصم الزيدون فالعمرون2.   1 أي أن كلمتي الدخول وحومل هنا، لا يراد بهما جزئي مشخص؛ وإنما يراد بهما أجزاء هذين المكانين، وهنالك مضاف محوذف يفيد هذا التعدد؛ مثل: أماكن، أو مواضع، أو أجزاء الدخول وحومل. وقدر يعقوب بين أهل الدخول .... إلخ. 2 يقال هذا إذا كان كل فرد من كل فريق خصمًا لمن هو من فريقه، فيكون اختصاص العمرين بعضهم مع بعض عقب اختصام الزيدين بعضهم مع بعض. هذا: وتختص الواو كذلك بعطف الشيء على مرادفه، لتقوية معنى المعطوف عليه وتأكيده؛ نحو: البغي والظلم وبال على صاحبه، ومنه قوله تعالى: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} . وبعطف النعوت المتعددة المتفرقة التي منعوتها متعدد غير متفرق؛ نحو: أصبحت بلادنا زراعية وصناعية وتجارية. وبوقوعها قبل "إما" المسبوقة بمثلها؛ نحو: إنكار المعروف إما جهل، وإما عدم تقدير. وبوقوع "لا" النافية بعدها إذا عطفت مفدرا بعد نفي أو نهي، نحو: الكريم لا يحب البخل ولا الرياء، ومنه قوله تعالى: {لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} ... إلخ، من الآية2 من سورة المائدة، فتكرار "لا" يفيد أن النفي والنهي واقعان على كل من الصفتين وحدها، وعدم تكرارها يوهم أنهما مقصوران على حالة اجتماعهما. وباقترانهما بالحرف "لكن"، كقوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} ، فالواو هي العاطفة، أما "لكن" فحرف استدراك. وبعطف العام على الخاص؛ نحو قوله تعالى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} من الآية 28 من سورة نوح. أما عطف الخاص على العام لمزية في الخاص؛ فتشاركها فيه "حتى" نحو: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} ... الآية، ومات الناس حتى الأنبياءز وتختص كذلك بالعطف في التحذير، والإغراء؛ نحو: المروءة والنجدة، ومنه قوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} ، وغير ذلك كثير. قد أوصل النحاة ما تختص به الواو، إلى واحد وعشرين نوعا، وسيذكر المصنف في آخر الباب بعضاً آخر مما تختص به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 وأما الفاء: فللترتيب1 والتعقيب2؛ نحو: {أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} 3. وكثيراً ما تقتضي أيضاً التسبب4، إن كان المعطوف جملة5؛ نحو: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} . واعترض على الأول6 بقوله تعالى: {أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} 7. ونحو "توضأ فغسل وجه ويديه" ... الحديث8. والجواب، أن المعنى: أردنا إهلاكها، وأراد الوضوء9.   1 أي بنوعيه: المعنوي، والذكرى والمراد بالترتيب المعنوي: أن يكون زمن تحقق المعنى في المعطوف، متأخرا عنه في المعطوف عليه؛ نحو: من الخير الإنصات؛ فالسماع، فمحاولة الفهم. أما الترتيب الذكري، فهو: وقوع المعطوف بعد المعطوف عليه بحسب التحدث عنهما، لا بحسب زمان وقوع المعنى على أحدهما؛ نحو: حدثنا المعلم عن أبي بكر فعثمان فعمر. 2 التعقيب هو: اتصال المعطوف بالمعطوف عليه بلا مهلة، وقصر المدة التي بين وقوع المعنى عليهما، والتعقيب في كل شيء بحسبه. 3 من الآية 21 من سورة عبس. 4 أي الدلالة على السببية؛ بأن يكون المعطوف متسبباً عن المعطوف عليه، ولكنها لا تسمى فاء السببية، إلا إذا دخلت على مضارع منصوب بأن المصدرية المضمرة، كما سيأتي في موضعه. 5 أي في الغالب، وكذلك إذا كان المعطوف وصفا مشتقا؛ نحو: الطلبة واثقون بأنفسهم فمقبلون على الاختبار؛ ففائزون، ومثل قوله تعالى: {لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ، فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} . الآيتان 52، 53 من سورة الواقعة. 6 وهو الترتيب المعنوي. 7 من الآية 4 من سورة الأعراف. 8 فإن الإهلاك متأخر عن مجيء البأس في المعنى، وهو متقدم عليه في التلاوة والذكر وغسل الأعضاء الأربعة متقدم في المعنى، ومتأخر عن الوضوء في الذكر. 9 وبهذا انتفى الاعتراض؛ فإن إرادة الإهلاك متقدمة على البأس، وإرادة الوضوء سابقًا على غسل الأعضاء. وأجيب أيضاً: بأن الفاء في الآية والحديث للترتيب الذكري لا المعنوي، لأن ما بعدها تفصيل للمجمل قبلها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 وعلى الثاني1 بقوله تعالى: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً} 2. والجواب: أن التقدير: فمضت مدة فجعله غثاء3، أو بأن "الفاء" نابت عن "ثم" كما جاء عكسه، وسيأتي. وتختص الفاء: بأنها تعطف على الصلة ما لا يصح كونه صلة؛ لخلوه من العائد4؛ نحو: اللذان يقومان فيغضب زيد أخواك5. وعكسه6؛ نحو: الذي يقدم أخواك فيغضب هو زيد7.   1 أي وهو التعقيب. 2 أي: بعد قوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} ؛ فإن جعله غثاء أحوى، لا يعقب إخراج المرعى، ولا يتصل به، ومعنى غثاء: جافا هشيماً. والأحوى: الأسود. من الآية 5 من سورة الأعلى. 3 أي فيكون المعطوف عليه محذوفا، وقد قيل: إن هذا لا يدفع الاعتراض؛ لأن مضي المدة لا يعقب الإخراج، وأجيب بأنه يكفي أن يكون أول أجزاء المضي متعقبا للإخراج، وإن لم يحصل بتمامه إلا في زمن طويل؛ نحو قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً} ، من الآية 33 من سورة الحج. فإن اخضرار الأرض يبتدي بعد نزول المطر، لكن لا يتم إلا في مدة ومهلة. 4 ذلك لأن ما في الفاء من معنى السببية، جعل ما بعدها مع ما قبلها في حكم جملة واحدة، فأغنى ذلك عن الرابط. 5 "اللذان" مبتدأ. "يقومان" الجملة صلة. "فيغضب زيد" الجملة معطوفة بالفاء على جملة يقومان الواقعة صلة، وكان القياس عدم صحة العطف؛ لخلوها عن ضمير يعود إلى الموصول؛ لأنها رفعت الظاهر، وهو "زيد"، ولكن عطفها بالفاء سوغ ذلك؛ لما في الفاء من معنى السبب كما بينا. "أخواك" خبر المبتدأ. 6 أي: وهو أن تعطف الفاء ما يصلح أن يكون صلة، على ما لا يصلح لذلك. 7 "الذي" اسم موصول مبتدأ. "يقوم أخواك" الجملة صلة، وهي خالية من ضمير يعود إلى الموصول؛ فكان القياس عدم صلاحيتها، ولكن عطف جملة "فيغضب هو" عليها بالفاء، وهي مشتملة على عائد إلى الموصول، سوغ ذلك. "زيد" خبر المبتدأ، والعائد هو الضمير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 ومثل ذلك جار في الخبر، والصفة، والحال1؛ نحو: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً} 2. وقوله: وإنسان عيني يحسر الماء تارة ... فيبدو ...................... 3   المستتر في "يغضب"، أما لفظ "هو" فتوكيد له. ويجوز: أن يكون مبتدأ، و"زيد" خبره، والجملة خبر الذي، كما يحتمل أن يكون فاعلا ليغضب، وأبرز لدفع توهم كون "زيد" فاعلا. 1 فتعطف بالفاء على كل منها ما لا يصلح أن يكون خبرا أو صفة أو حالا، وبالعكس؛ "أي" تعطف جملة تصلح لتلك الأشياء على جملة لا تصلح. 2 جملة {فَتُصْبِحُ الأَرْضُ} معطوفة بالفاء على جملة {أُنْزِلَ} الواقعة خبرا لأن، وهي خالية من ضمير يعود على اسم "أن"؛ ولكن اقترانها بالفاء سوغ ذلك. 3 جزء من بيت الطويل لذي الرمة، غيلان بن عقبة وتمامه: .............................. ... وتارات يجم فيغرق اللغة والإعراب: إنسان عيني: هو النقطة السوداء اللامعة وسط سواد العين. يحسر: ينكشف وينزاح. فيبدو: فيظهر. يجم: يكثر. "إنسان عيني" إنسان مبتدأ، وعيني مضاف إليه. "الماء" فاعل يحسر على أنه مبني للمعلوم، ونائب فاعل إذا بني للمجهول، والجملة خبر المبتدأ "تارة" مفعول مطلق. "فيبدو" الفاء عاطفة، و"يبدو" فعل مضارع، والفاعل يعود على إنسان العين. "وتارات" معطوف على تارة. "يجم" الجملة خبر لـ مبتدأ محذوف؛ أي هو يجم. "فيغرق" معطوف على يجم. المعنى: أن إنسان العين ينكشف عنه الماء ويزول أحياناً، فيظهر الإنسان للرائي، وأحياناً يكثر الماء في العين فيغرق إنسانها ويستتر ولا يرى. الشاهد: عطف جملة "فيبدو"- وهي تصلح أن تكون خبرا عن المبتدأ، وهو "إنسان"؛ لاشتمالها على ضمير يعود إليه- على جملة لا تصلح لذلك لخلوها من ذلك الضمير؛ وهي جملة "يحسر الماء". ومثال عطفها جملة لا تصلح أن تكون صفة لخلوها من عائد يعود على الموصوف، على أخرى تصلح لذلك: هذا قائد يسهر على حراسة الشعب فتسعد الرعية، وعكسه نحو: هذا قائد شكت الرعية فأزال أسباب الشكوى، ومثال عطفها جملة لا تصلح حالا، على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 وأما "ثم" فللترتيب والتراخي1؛ نحو: {فَأَقْبَرَهُ، ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} 2. وقد توضع موضع الفاء؛ كقوله: جرى في الأنابيب ثم اضطرب3   أخرى تصلح أن تقول: أقبل محمد يضحك فتنشرح قلوب الزملاء، وعكسه نحو: أقبل محمد تنشرح قلوب الزملاء فيضحك، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: واخصص بفاء عطف ما ليس صله ... على الذي استقر أنه الصلة أي تختص الفاء بأنها تعطف جملة لا تصلح أن تكون صلة لخلوها من الرابط على جملة أخرى تصلح صلة لاشتمالها على الرابط، ومثل الصلة: الخبر، والصفة، والحال، كما بينا. ومن أحكام الفاء: أنها لا تنفصل من معطوفها بفاصل مطلقا، وتعطف المفردات، كما تعطف الجمل، ويجوز حذفها بقرينة؛ تقول: أنفقت المال جنيها، جنهين، ثلاثة. وتشترك مع الواو في أن كلا منهما يعطف عاملا قد حذف وبقي معموله؛ تقول: اشتريت الكتاب بدينار فصاعدا، أي فذهب الثمن صاعدا. وسيأتي إيضاح ذلك، وإن كلا يجوز حذفه عند أمن اللبس، وحذف الواو أكثر. 1 التراخي هو: انقضاء مدة زمنية بين وقوع المعنى على المعطوف عليه، ووقوعه على المعطوف. وتحديد هذه المدة متروك للعرف. و"ثم" تعطف المفردات والجمل، وقد تدخل عليها تاء التأنيث لتأنيث اللفظ، فتختص بعطف الجمل؛ نحو: من ظفر بمطلوبه ثم أهمل في الحفاظ عليه فلا يلومن إلا نفسه. وتكتب بتاء غير مربوطة. 2 الآية 22 من سورة عبس. 3 عجز بيت من المتقارب لأبي داؤد، حارثة بن الحجاج الإيادي، من قصيدة يصف فيها فرسه، وصدره: كهز الرديني تحت العجاج اللغة والإعراب: الرديني: الرمح المنسوب إلى ردينة، وهي امرأة اشتهرت بصنع   * "عطف" مفعول اخصص. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "ليس صلة" الجملة من ليس ومعموليها صلة ما. "على الذي" متعلق بعطف. "أنه الصله" المصدر المؤول من أن ومعموليها فاعل استقر، وجملة "استقر" من الفعل والفاعل صلة الموصول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 .................................................................................................................   الرماح بهجر. العجاج: الغبار، والمراد: ما تثيره أقدام المتحاربين أو خيولهم الأنابيب: جمع أنبوب، وهوما بين كل عقدتين من القصب. "كهز" جار ومجرور، خبر لمبتدأ محذوف. "الرديني" مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله. والمشبه: اهتزاز فرس كانت تحت الممدوح. "تحت العجاج" تحت ظرف مكان منصوب بهز، والعجاج مضاف إليه."جرى" فعل ماض فاعله يعود على الهز. "ثم" حرف عطف بمعنى الفاء. "اضطرب" فعل ماض مبني على الفتح، وسكن للروي. والمعنى: إن اهتزاز هذا الفرس، وسرعة عدوه ذهابا وجيئة أثناء القتال، يشبه اهتزاز الرمح واضطرابه، في سرعة وخفة في كل ناحية تحت غبار المعركة. الشاهد: في قوله: "ثم اضطرب"؛ فإن "ثم" هنا بمعنى الفاء؛ لأن اضطراب الرمح يحدث عقب اهتزاز أنابيبه مباشرة في لحظات من غير مهلة. وفي معنى "الفاء" و"ثم" يقول الناظم: والفاء للترتيب باتصال ... و"ثم" للترتيب بانفصال ومعنى "باتصال" أي من غير مهلة زمنية، وهو ما يعبر عنه بالتعقيب. ومعنى "بانفصال": أي بمهلة زمنية؛ وهي التراخي. هذا: وقد ترد "ثم" للترتيب الذكري الإخباري، أي الذي يقصد به مجر الإخبار وسرد المعطوفات، من غير ملاحظة ترتيب كلامي سابق، ولا ترتيب زمني حقيقي، كقول الشاعر: إن من ساد ثم ساد أبوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده هذا: وقد تدخل همزة الاستفهام على ثم، والواو، والفاء؛ مثل: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} ، {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} ، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْض} . فقيل: إن الهمزة تقدمت على العاطف لأصالتها في التصدير، وقيل: إن هذه حروف استئناف داخلة على جملة مستأنفة.   * "والفاء" مبتدأ. "للترتيب" متعلق بمحذوف خبر. "باتصال" جار ومجرور متعلق بمحذوف، حال من الترتيب، وإعراب الشطر الثاني كذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 وأما "حتى"1: فالعطف بها قليل، والكوفيون ينكرونه2، وشرطه أربعة أمور: أحدها: كون المعطوف اسماً3. والثاني: كون المعطوف اسما4. والثالث: كونه بعضاً من المعطوف عليه، إما بالتحقيق5؛ نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، أو بالتأويل6 كقوله: ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها7   1 معناها: ترتيب أجزاء ما قبلها ذهنا، والدلالة على أن المعطوف بلغ الغاية في الزيادة أو النقص، بالنسبة للمعطوف عليه؛ سواء كانت هذه الغاية حسية أو معنوية، محمودة أو مذمومة. وكل هذا بحسب التخيل. 2 ويعربونها ابتدائية في مثل: جاء الطلبة حتى محمد، ورأيت المسافرين حتى عليا، ومررت بالعائدين حتى أخيك، وما بعدها معمول لعامل محذوف. 3 فلا يصح أن يكون فعلا، ولا حرفا، ولا جملة -على العطف- صفحت عن المذنب حتى خجل. وأما على الحرف؛ فلأن الحرف لا يدخل على نظيره غالباً إلا في التوكيد اللفظي أو الضرورة الشعرية. وإذا دخلت على جملة فعلية، أو على جملة اسمية، كانت حروف ابتداء. 4 حقق بعض العلماء الاستغناء عن هذا الشرط، وأجاز المثل المذكور، وفيه تيسير مقبول انظر ترجمة الخضراوي صفحة 49، جزء ثان. 5 وذلك بأن يكون جزءًا من كل؛ كمثال المصنف، أو فردًا من جمع؛ نحو: عاقبت التلاميذ حتى عليًا، أو نوعًا من جنس؛ نحو: أعجبني العنب حتى البناني. 6 أي بتقدير أنه كالبعض؛ لملازمته الكل في كثير من الأحيان، ولأهميته. 7 بيت من الكامل، من كلام أبي مروان النحوي في المتلمس، حين فر من عمرو بن هند لما أراد قتله. والمتلمس: لقب جرير بن عبد المسيح، وبعد هذا البيت: ومضى يظن بريد عمرو خلفه ... خوفا وفارق أرضه وقلاها اللغة والإعراب: ألقى: رمى إلى الأرض. الصحيفة: ما يكتب فيه من ورق وغيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 فيمن نصب نعله؛ فإن ما قبلها في تأويل ألقى ما يثقله1. أو شبيهاً بالبعض2؛ كقولك: أعجبتني الجارية حتى كلامها، ويمتنع: حتى ولدها3. وضابط ذلك: أنه إن حسن الاستثناء حسن دخول حتى4. والرابع: كونه غاية في زيادة حسية؛ نحو: فلان يهب الأعداد الكثيرة حتى الألوف، أو معنوية؛ نحو: مات الناس حتى الأنبياء أو الملوك5.   رحله: الرحل: ما يستصحبه المرء من المتاع، وهو أيضاً: ما يوضع على ظهر الناقة، بمنزلة السرج للفرس، والزاد: كل ما يستصحبه المسافر ليبلغه مقصده. "ألقى" فعل ماض، وفاعله يعود على المتلمس. "الصحيفة" مفعوله. "كي": حرف تعليل. "يخفف" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد "كي". "والزاد" معطوف على الصحيفة. "حتى" حرف عطف. "نعله" معطوف على الزاد. المعنى: أن المتلمس رمى بالصحيفة ليخفف ما معه من متاع، وألقى كذلك ما معه من زاد يتبلغ به، حتى نعله التي يلبسها رمى بها، وكان من أمر هذه الصحيفة: أنه وطرفة هجيًا عمرو بن هند الملك، ثم مدحاه بعد ذلك؛ فكتب لكل منهما صحيفة إلى عاملة بالحيرة وختمها، وأمره فيها بقتلهما. وأوهمهما أنه كتب لهما بصلة؛ فلما بلغا الحيرة فتح المتلمس صحيفة، وعلم بما فيها فألقاها في النهر وفر إلى الشام. وأبي طرفة أن يفتح صحيفة، ودفعها إلى العامل فقتله. الشاهد: عطف "نعله" بحتى على ما قبله؛ لأنه بعض من المعطوف عليه بالتأويل كما بين المصنف، ويحتمل أنه منصوب بفعل محذوف يفسره "ألقاها"، وهذا على رواية النصب، وروي بالرفع؛ على أن "حتى" ابتدائية، و"نعله" مبتدأ، وجملة "ألقاها" في محل رفع خبر، كما روي بالجر، على أن "حتى" حرف غاية وجر، و"نعله" مجرور بها. 1 ولا شك أن النعل بعض ما يثقله ويتعب حركته في الهرب. 2 أي في شدة الاتصال به؛ كالعرض الملازم للكل، من غير أن يدخل في تكوينه، مثل: العلم، واللون، والخلق، والصوت، والكلام ... إلخ. 3 لأن الولد ليس جزءًا ولا شبيهاً بالجزء بخلاف الكلام كما أوضحنا. 4 المراد: الاستثناء المتصل؛ لأن شرط الاستثناء المتصل: أن يتناول ما قبل أداته ما بعدها نصًا. 5 فإن الأنبياء والملوك غاية الناس في الزيادة المعنوية؛ وهي الاتصاف بالنبوة والملك؛ ولهذا لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 أو في نقص كذلك؛ نحو: المؤمن يجزى بالحسنات حتى مثقال الذرة؛ ونحو: غلبك الناس حتى الصبيان أو النساء1. وأما "أم"، فضربان: منقطعة وستأتي، ومتصلة، وهي المسبوقة؛ إما بهمزة التسوية2؛ .....................................................................   1 غاية النقص المعنوي في الصبيان والنساء هي: الاتصاف بالصبا والأنوثة. وقد اجتمع المعنيان في قول الشاعر: قهرناكمو حتى الكمأة فأنتم ... تهابوننا حتى بنينا الأصاغرا فإن فقد شرط من هذه الشروط لا تكون حتى عاطفة. و"حتى" العاطفة لمطلق الجمع، كالواو عند عدم القرينة. ولا تفيد ترتيبًا زمنيًا بين العاطف والمعطوف، والمعتبر فيها ترتيب أجزاء ما قبلها ذهنا من الأضعف إلى الأقوى وبالعكس. وإذا عطف بها آخر شيء، على معطوف مجرور بحرف، وجب إعادة هذا الحرف بعدها؛ لأن المعنى يلتبس بعدم إعادته، وتلتبس هي بالجارة؛ تقول: سافرت في الأسبوع الماضي حتى في آخره؛ إذا كان السفر في أوقات متقطعة في الأسبوع؛ فلو لم تذكر "في" ثانية، لاحتمل أن السفر متصل من أول الأسبوع إلى آخره. ولا تعطف "حتى" نعتا على نعت، وتكون كالواو في عطفها الخاص على العام، وفي "حتى" وشروطها يقول الناظم: بعضاً بحتى اعطف على "كل" ولا ... يكون إلا غاية الذي تلا أي اعطف بحتى بعضًا على كل، أي أن يكون المعطوف جزءًا من المعطوف عليه، ولا يكون المعطوف إلا غاية للذي تلاه، وهو المعطوف عليه. والمراد: الغاية في الزيادة أو النقص، كما أوضح المصنف. 2 سميت بذلك لوقوعها غالبا بعد لفظ "سواء"، أو: لا أبالي، أو" لا أدري، أو ما يشبهها؛ في الدلالة على أن الجملتين بعدها متساويتان في الحكم عند المتكلم.   * "بعضا" مفعول مقدم لاعطف. "بحتى" متعلق باعطف. "ولا" الواو للحال، و"لا" نافية. "يكون" فعل مضارع ناقص واسمها يعود إلى بعض؛ "إلا" أداة استثناء ملغاة. "غاية" خبر يكون. "الذي مضاف إليه. "تلا" الجملة صلة، وجملة "يكون" من اسمها وخبرها حال من بعض، ومجيء الحال من النكرة بلا مسوغ قليل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 وهي الداخلة على جملة في محل المصدر1. وتكون هي والمعطوفة عليها: فعليتين؛ نحو: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} 2. أو اسميتين؛ كقوله: أموتي ناء أمهو الآن واقع3   1 بيان لعلامتها؛ وهي: أن تتوسط بين جملتين خبريتين قبلهما الهمزة، وكلتا الجملتين يصلح أن يحل محلها هي والهمزة مصدر مؤول منهما معًا. 2 أعرب الجمهور لفظ "سواء" خبرًا مقدمًا عن الجملة التي بعده، لتأويلها بمصدر؛ أي إنذارك وعدمه سواء، ويجوز العكس. وسوغ الابتداء بسواه، تعلق الجار والمجرور به وهذا من مواضع سبك الجملة بلا سابك. ومنها: الجملة المضاف إليها الظرف؛ نحو قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} ، من الآية 119 من سورة المائدة، ومنها قولهم: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"، بناء على عدم تقدير "أن" قبل تسمع. 3 عجز بيت من الطويل لم يعرف قائله، ويظهر أنه لمتمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك، وصدره: ولست أبالي بعد فقدي مالكًا اللغة والإعراب: أبالي: أكثرت وأعبأ. ناء: بعيد: وهو اسم فاعل من نأى ينأى؛ أي بعد. "لست" ليس واسمها. "أبالي" الجملة خبرها. "بعد"ظرف متعلق بأبالي. "فقدي" مضاف إليه، وهو مصدر مضاف إلى الياء، فاعله. "مالكاً مفعوله. "أموتي" الهمزة للاستفهام، و"موت" مبتدأ. "ناء" خبر مرفوع بضمة مقدرة على الباء المحذوفة، والجملة في محل نصب مفعول أبالي. وقد علق عن العمل في اللفظ بالاستفهام. "أم" عاطفة متصلة. "هو" ضمير منفصل مبتدأ. "الآن" منصوب على الظرفية الزمانية. "واقع" خبر المبتدأ. المعنى: لست مهتمًا ولا مكترثًا بشيء في الحياة، بعد أن فقدت أخي مالكًا، ولا يعنيني -وقد فقدته- أن يكون موتي بعيدًا، أو ينزل بي الآن. الشاهد: وقوع "أم" بين جملتين اسميتن، وقد عطفت إحداهما على الأخرى، والتقدير: لست أبالي نأي موتي أو وقوعه الآن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 مختلفتني؛ نحو: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ} 1. وإما بهزة يطلب بها، وبـ"أم التعيين2، .....................................................................   1 الجملة المعطوف عليها فعلية، والمعطوف اسمية، والتقدير: سواء عليكم دعاؤكم إياهم -أي الأصنام- وصمتكم. من الآية 93 من سورة الأعراف. ومثال العكس: لا يبالي المخلص في عمله؛ أرئيسه حاضر أم يغيب. والمصدر المؤول هنا مفعول به، والتقدير: لا يبالي المخلص حضور رئيسه وغيابه. ومما تقدم يتبين: أن "أم" المتصلة المسبوقة بهمزة التسوية لا تعطف إلا جملة على جملة، وعطفها للمفرد نادر لا يقاس عليه. وهمزة التسوية لا شأن لا بالاستفهام بعد أن تمحضت للتسوية. 2 قوله: "وإما بهمزة معطوف على قوله قبل: "إما بهمزة التسوية". وهمزة التعيين عند كثير من النحاة هي الواقعة بعد: ليت شعري، ولا أعلم، وما أدري، ونحوهما؛ لأن هذه الألفاظ ليست في حكم "لا أبالي" التي تكون الهمزة بعدها للتسوية، كما أسلفنا؛ لأن قائلها يريد: لا أدرين ولا أعلم، وليت شعري، جواب هذا الاستفهام، ولا يقصد التسوية. وهذا صحيح عند عدم القرينة؛ فإن دل السياق على غير ذلك. وجب النزول على ما يحدده السياق. وعلامة "أم" المسبوقة بهمزة العيين: أن تقع بين شيئين ينسب لواحد منهما -غير معين- أمر ما معروف للمتكلم، وقبلهما همزة استفهام يقصد بها وبأم تعيين أحد هذين الشيئين، وتسد "أي" مسد الهمزة مع "أم" في طلب التعيين، وهما يغنيان عن "أي" في ذلك، وفي "أم" المتصلة بنوعيه يقول الناظم: و"أم" بها اعطف إثر همزة التسويه ... أو همزة عن لفظ "أي" مغنيه أي: أن"أم" يعطف بها بعد همزة التسوية، وقد شرحها المصنف. وبعد الهمزة التي تغني مع "أم" عن لفظ "أي" في طلب التعيين، وهي الهمزة التي يطلب بها وبأم التعيين على النحو الذي بيناه. وسميت "أم" في هذين النوعين متصلة؛ لأنها تقع بين شيئين لا يكتفي   * "وأم" مبتدأ قصد لفظها. "بها" متعلق باعطف، وجملة اعطف خبر المبتدأ. "إثر" ظرف بمعنى بعد، متعلق باعطف. "همز التسوية" مضاف إليه. "وهمزة" معطوف على همز. "عن لفظ أي" جار ومجرور متعلق بـ"مغنيه"، ومضاف إليه. "مغنيه" نعت لهمزة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 وتقع بين مفردين؛ متوسطًا بينهما ما لا يسأل عنه؛ نحو: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمُ السَّمَاءُ} 1. أو متأخراً عنهما؛ نحو: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} 2. وبين فعليتين؛ كقوله: فقلت أهي سرت أم عادني حلم3   بأحدهما في تأدية المعنى المطلوب؛ لأن التسوية وطلب التعيين لا يكونان إلا بين متعدد، وتسمى كذلك:"أم" المعادلة، لمعادلتها الهمزة في إفادة التسوية في النوع الأول، وإفادة الاستفهام في النوع الثاني. وتخالف همزة التسوية، الهمزة التي يطلب بها التعيين في أن الأولى لا تستلزم جوابًا؛ لأن الكلام معها خبر قابل للصدق والكذب. أما الثانية، فتتطلب جوابًا بتعيين أحد الشيئين؛ لأنها لم تنسلخ عن الاستفهام. 1 الاستفهام هنا توبيخي، والسؤال عن المبتدأ وهو "أنتم"، والمعادل "السماءِ" المعطوفة على أنتم، وهما مفردان، وقد توسط بينهما غير المسئول عنه؛ وهو {أَشَدُّ خَلْقًا} الواقع خبرًا تقديرًا عن المتعاطفين. من الآية 27 من سورة النازعات. 2 المسئول في هذه الآية عن الخبر وهو قريب وبعيد، والمسئول عنه متأخر، وهو {مَا تُوعَدُونَ} ؛ وذلك لأن شرط الهمزة المعادلة لأم أن يليها أحد الأمرين المطلوب تعيين أحدهما، ويلي "أم" المعادل الآخر؛ ليفهم السامع من أول الأمر ما يطلب تعيينه، ويرى سيبويه: أن إيلاء المسئول عنه الهمزة أولى لا واجب. وإذا عادلت "أم" بين مثبت ومنفي فالغالب أن يلي المثبت الهمزة والمنفي أم. 3 عجز بيت من البسيط لزياد بن حمل؛ وقيل: لزياد بن منقذ العدوي، من كلمة يحن فيها إلى وطنه، وصدره: فقمت للطيف مرتاعًا فأرقني وقبله: زارت رقية شعثاً بعد ما هجعوا ... لدى نواحل في أرساغها الخدم اللغة والإعراب: الطيف: المراد به خيال المحبوبة الذي يراه في النوم. مرتاعًا: خائفًا؛ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 لأن الأرجح كون "هي" فاعلاً بفعل محذوف. واسميتين؛ كقوله: شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر1   يقال: راعه فارتاع؛ أي أفزعه ففزع، ولا ترع؛ أي لا تخف. أرقني: أسهرني. أهي: بسكون الهاء؛ إجراء لهمزة الاستفهام مجرى واو العطف وفائه. سرت: من السرى؛ وهو السير ليلًا. عادني: زارني وأتاني بعد إعراض. "مرتاعًا" حال من التاء في قمت "فأرقني" الفاء عاطفة، وفاعل أرق يعود لى الطيف، والنون للوقاية، والياء مفعول، "أهي" الهمزة للاستفهام، و"هي" فاعل لفعل محذوف يفسره سرت. "أم" عاطفة متصلة. "عادني حلم" الجملة في محل نصب، معطوفة بأم على جملة مقول القول المحذوف، أي فقلت: أهي ... إلخ. المعنى: استيقظت من النوم فزعًا خائفة؛ لما رأيت في نومي من خيال المحبوبة؛ وقلت في نفسي -وقد أزعجني ذلك وأطار النوم من عيني- أهي المحبوبة جاءت إليَّ ليلا؟ أم ذلك حلم ومنام؟ الشاهد: وقوع "أم" المعادلة لهمزة الاستفهام بين جملتين فعليتين؛ فإن "هي" فاعل لفعل محذوف على الأرجح؛ لأن الاصل في الاستفهام أن يكون عن أحوال الذوات المتجددة، وذلك يكون الفعل. 1 عجز بيت من الطويل؛ نسبه سيبويه للأسود بن يعفر التميمي، يهجو قبيلة شعيث بأنها لا تعزى إلى أب معين، ونسبه بعضهم إلى اللعين المنقري الشاعر: وصدره: لعمرك ما أدري وإن كنت داريا اللغة والإعراب: ما أدري: ما أعلم: داريًا: أي من أهل الدراية والعلم بالأنساب. شعيث: اسم حي من بني تميم. سهم: اسم حي من قيس عيلان. منقر: حي ينتهي إلى زيد مناهة بن تميم. "لعمرك" اللام للتوكيد، وعمرك مبتدأ ومصاف إليه، والخبر محذوف وجوبًا؛ أي قسمي. وقد تقدم مثل ذلك. "ما" نافية. "أدري" فعل مضارع. "وإن" الواو اعتراضية، وإن شرطية. "كنت" كان واسمها. "داريا" خبرها، والجملة اعتراضية. "شعيث" مبتدأ، وقد حذفت منه الهمزة. "ابن سهم" "ابن" خبر، وسهم مضاف إليه، والجملة في محل نصب مفعول لأدري، وقد علق عن العمل في اللفظ بالهمزة المحذوفة. "أم" عاطفة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 الأصل: أشعيث؟ فحذفت الهمزة والتنوين منهما1.   متصلة. "شعيث ابن منقر" شعيث مبتدأ، و"ابن منقر" خبر ومضاف إليه. المعنى: يقسم الشاعرلا أنه لا يعلم -وإن كان من أهل العلم والمعرفة بالأنساب- أي نسبي شعيث هو الصحيح والحق، أنسبتها إلى سهم، أم نسبتها إلى منقر؟ الشاهد: وقوع "أم" المعادلة بين جملتين اسميتين؛ ولهذا ثبتت همزة "ابن"؛ لأنها تحذف إذا كان "ابن" نعتًا لعلم، ومضافًا إلى علم، والثاني أبو الأول، وهو هنا خبر. هذا: وقد ذكر سيبويه أنه إذا جاءت همزة التسوية بعد كلمة "سواء"؛ فلا بد من ذكر "أم" العاطفة، فإن لم تجئ الهمزة بعد "سواء" عطف الثاني على الأول بالحرف "أو"؛ نحو: سواء علينا رضي العدو أو سخط. وجاء في المغني: أنه لا يصح العطف بأو بعد "سواء" سواء ذكرت همزة التسوية أم حذفت. وقيل: إن قول الفقهاء: سواء كان كذا أو كذا خطأ، وصوابه "أم". وقد علمت أنه صواب على رأي سيبويه، وحقق بعض العلماء اجتماع همزة التسوية و"أو"، مخالفًا في ذلك رأي سيبويه، وهذا يدل على إباحة استعمال "أو" في جميع الحالات، وهو رأي فيه تيسير، ولا مانع من الأخذ به. أما العطف بـ"أو" بعد همزة الاستفهام فجائزة قياسًا؛ تقول: أسعيد عندك أو بكر، والمعنى: أحدهما عندك أم لا؟ وتخالف همزة التسوية الهمزة التي يطلب بها التعيين في أن الأولى لا تستحق جوابًا؛ لأن الكلام معها خبر قابل للصدق والكذب. أما الثانية فتتطلب جوابًا بتعيين أحد الشيئين؛ لأنها لم تنسلخ عن الاستفهام. 1 أما حذف التنوين فللضرورة، بناء على أن "شعيثًا" مصروف نظرًا إلى الحي. ويحتمل أنه ممنوع من الصرف نظرًا إلى القبيلة. ولا ينافي ذلك الوصف بابن؛ لجواز رعايته التذكير والتأنيث باعتبارين، وأما حذف الهمزة فجائز اختيارًا. ونقل الدماميني اطراد حذفها اختيارًا قبل أم المتصلة، لكثرته نظمًا ونثرًا، وذلك إن علم أمرها ولم يوقع حذفها في لبس، وفي ذلك يقول الناظم: وربما أسقطت الهمزة إن ... كان خفا المعنى بحذفها أمن   * "وربما" رب حرف تقيل، و"ما" زائدة كافة. "الهمزة" نائب فاعل أسقطت. "إن كان" شرط وفعله. "خفا" بالقصر، اسم كان. "المعنى" مضاف إليه. "بحذفها" متعلق بأمن الواقع خبرًا لكان، وجوب الشرط محذوف للعلم به من سابق الكلام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 تقتضيه البتة1؛ نحو: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} 2؛ أي: بل هل تستوي؛ إذ لا يدخل استفهام على استفهام، وكقول الشاعر: هنالك أم في جنة أم جهنم3   1 أي: فتكون للخبر المحض. 2 من الآية 16 من سورة الرعد. 3 عجز بيت من الطويل، لعمر بن أبي ربيعة المخزومي، وصدره: وليت سليمي في المنام ضجيعتي وقبله: ألا ليت أني يوم تقضى منيتي ... لثمت الذي ما بين عينيك والفم وليت طهوري كان ريقك كله ... وليت حنوطي من مشاشك والدم اللغة والإعراب: سليمى: اسم محبوبته. المنام: النوم. ضجيعتي. مشاركتي في المضجع، وهو كان الرقاد. "سليمى" اسم ليت. "في المنام" متعلق بضجيعتي الواقع خبرًا لليت. "هنالك" هنا اسم إشارة إلى مكان النوم، في محل نصب بضجيعتي، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب. "أم" حرف ابتداء بمعنى "بل" للإضراب. "في جنة" متعلق بمحذوف خبر ليت المحذوفة مع اسمها. "أم في جهنم" إعرابها كذلك. المعنى: يتمنى أن تكون محبوبته سليمى معه، وضجيعته حيث ينام، ثم رأى أن ذلك غير متيسر فأضرب عنه، وتمنى أن كون ضجيعته في الجنة، ثم أضرب عن هذا لعدم يقينه من تحققه، وتمنى أن يكونا في جهنم معًا. الشاهد: أن "أم" المنقطعة هنا تمخضت للإضراب بمعنى "بل"، ولا تدل على الاستفهام، ولا تقتضيه أصلًا؛ لأن الشاعر لا يريد الاستفهام؛ وإنما ساقه مساق التمني، ولهذا قدرنا بعدها جملة؛ لأن "أم" التي بمعنى "بل" لا يقع بعدها إلا الجمل، وفي "أم" المنقطعة يقول الناظم: وبانقطاع وبمعنى "بل" وفت ... إن تك مما قيدت به خلت   * "وبانقطاع وبمعنى" متعلقان بوفت. "بل" مقصود لفظه مضاف إليه. "وفت" فعل ماض، والفاعل يعود إلى أم، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 إذ لا معنى للاستفهام. وأما أو: فإنها بعد الطلب1 للتخيير: تزوج زينب أو أختها. أو للإباحة2؛ نحو: جالس العلماء أو الزهاد. والفرق بينهما: امتناع الجمع بين المتعاطفين في التخيير، وجوازه في الإباحة، وبعد   أي أن "أم" تكون منقطعة، ويترتب على ذلك أن تكون بمعنى "بل"، إذا خلت مما قيدت به في النوع السابق، وهو أن تسبقها همزة التسوية، أو همزة مغنية عن لفظ "أي"، فإذا خلت من هذا التقييد وفت بالانقطاع، وكانت مقيدة له، وقد تقع بعد أداة استفهام غير الهمزة، كقوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} . وجرى العلماء على تسميتها حرف عطف، والراجح أن "أم" المنقطعة ليست عاطفة؛ وإنما هي حرف ابتداء يفيد الإضراب، ولا يدخل إلا على الجمل. قيل: وقد تكون "أم زائدة" كما في قول ساعدة بن جؤية: يا ليت شعري ولا منجى من الهرم ... أم هل على العيش بعد الشيب من ندم وهذا النوع مقصور على السماع؛ فلا يقاس عليه. 1 المراد بالطلب: الصيغة التي تدل على معنى الأمر، سواء كانت فعل الأمر أم لام الأمر الداخلة على المضارع، لأن الإباحة والتخيير لا يتأتيان في الاستفهام، ولا في باقي الأنواع الطلبية على الصحيح، ولا فرق بين الأمر الملفوظ والملحوظ؛ كقوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ؛ أي: فليفعل أي الثلاثة. الآية 196 من سورة البقرة. 2 التخيير: ترك المخاطب حرًّا في اختيار أحد المتعاطفين والاقتصار عليه، دون الجمع بينهما؛ لسبب يمنع الجمع، أما الإباحة فهي: حرية المخاطب في اختيار أحد المتعاطفين، أو اختيارهما معا، وله الجمع بينهما إذا أراد. والمراد: الإباحة بحسب العقل أو العرف، في وقت، وعند أي قوم لا الإباحة الشرعية.   والتاء للتأنيث. "إن تك" شرط وفعله، واسم تك يعود إلى أم أيضاً. "مما" متعلق بخلت، و"ما" موصولة، "قيدت به" قيدت فعل ماض للمجهول، وبه متعلق به. والجملة صلة ما. "خلت" الجملة في محل نصب خبرتك، وجواب الشرط محذوف مع فوات شرط حذفه؛ وهو: مضي الشرط، للضرورة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 الخبر للشك1؛ نحو: {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} 2. أو للإبهام3؛ نحو: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 4، وللتفصيل نحو: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} . أو للتقسيم؛ نحو: الكملة اسم، أو فعل، أو حرف5. وللإضراب عند الكوفيين وأبي علي. حكى الفراء؛ "اذهب إلى زيد، أو دع ذلك فلا تبرح اليوم"6.   1 المارد بالخبر: ما يحتمل الصدق والكذب لذاته. والشك يكون من المتكلم في الحكم؛ لعدم اقتناعه بسبب تعارض الأدلة. 2 من الآية 19 من سورة الكهف. 3 أي من المتكلم على المخاطب والسامع؛ وذلك بأن يخفي المتكلم الحقيقة المعروفة له، ويكتمها عن المخاطب والسامع، رغبة في عدم إثارتهما أو إقلاقهما أو نحو ذلك. 4 الشاهد في "أو" الأولى، وقيل في الثانية، وقيل فيهما. والمعنى: وإن أحد الفريقين منا ومنكم لثابت له أحد الأمرين، في كونه على هدى، أو كونه في ضلال مبين. وجاء بالكلام في صورة الاحتمال، مع العلم بأن من وحد الله وعبده فهو على هدى، ومن عبد غيره فهو في ضلال، توطينًا للمخاطب؛ ليكون أكثر قبولا لما يلقى إليه. 5 قيل: الفرق بين التفصيل والتقسيم: أن الأول تبيين للأمور المجتمعة بلفظ واحد؛ فـ"أو" في الآية تفصيل للإجمال في الواو في "قالوا" العائدة على اليهود والنصارى، أي قالت اليهود: كونوا هودًا، وقالت النصارى: كونوا نصارى. أما التقسيم فهو: تبيين لما دخل تحت حقيقة واحدة؛ كمثال المصنف. ويرى المحققون ألا فرق بينهما، ولا ضرر من توحيد معناهما وجعلهما مترادفين، والمسألة اصطلاحية محضة. 6 فـ"أو" في المثال للإضراب بمعنى بل. ومنه قول الشاعر: كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي وهل هي حرف لمجرد الإضراب لا للعطف؛ فما بعدها جملة مستقلة، أو أنها مع إفادة الإضراب حرف عطف؛ فما بعدها معطوف على ما قبلها؟ رأيان، والأول أنسب. واشتراط سيبويه في مجيئها للإضراب: تقدم نفي أو نهي، وإعادة العامل معها؛ نحو: ما قام محمد، أو ما قام علي، ولا يخرج محمدًا، أو لا يخرج علي. والمراد: بل ما قام علي وبل لا يخرج علي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 وبمعنى الواو عند الكوفيين1، وذلك عند أمن اللبس كقوله: ما بين ملجم مهره أو سافع2   1 أي تكون للدلالة على الاشتراك ومطلق الجمع بين المتعاطفين، ويصح أن يحل محلها الواو. ووافق الكوفيين على ذلك: الجرمي، والأخفش. 2 عجز بيت من الكاملن لحميد بن ثور الهلالي، وصدره: قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم اللغة والإعراب: الصريخ: صوت المستصرخ المستغيث، ويطلق على المستغيث نفسه، وكلا المعنيين، يصلح هنا، وقد يطلق الصريخ على المغيث؛ قال تعالى: {فَلا صَرِيخَ لَهُمْ} ؛ أي: لا مغيث. ملجم: جاعل اللجام في موضعه من الفرس. مهره: أصله الحصان الصغير، والمراد هنا: الحصان. سافع: قابض على ناصية فرسه. "قوم" خبر لمبتدأ محذوف. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "سمعوا" فعل الشرط وفالع. "رأيتهم" جواب الشرط. "ما بين" ما زائدة، و"بين" ظرف في موضع المفعول الثاني لرأيت. "ملجم مهره" مضاف إليه. "أو" عاطفة بمعنى الواو. "سافع" معطوف على ملجم. المعنى: يصف القوم بالشجاعة والنجدة؛ فيقوم: إنهم إذا سمعوا استغاثة من أحد أسرعوا لإجابته ونجدته؛ فترى من يلجم فرسه، ومن يأخذ بناصية فرسه، حتى يحضر له غلام اللجام للإسراع في نجدة المستغيث ... إلخ. الشاهد: استعمال "أو" بمعنى الواو العاطفة؛ ذلك لأن "بين" لا تضاف إلا لمتعدد لفظًا ومعنى؛ فلو أبقيت "أو" على معناها -وهو أحد الشيئين أو الأشياء- لأضيفت "بين" إلى واحد، وهو غير سائغ في العربية، وفي معاني "أو" يقول الناظم: خير أبح قسم بأو وأبهم ... وأشكك وإضراب بها أيضًا نمي وربما عاقبت الواو إذا ... لم يلف ذو النطق للبس منفذًا   * "أبح قسم" أمران معطوفان على خبر بحذف العاطف. "بأو" جار ومجرور تنازعه الأفعال الثلاثة قبله. "وأبهم واشكك" معطوفان على خبر. "واضراب" مبتدأ. "بها" متعلق بإضراب. "أيضاً" مفعول مطلق لمحذوف. "نمي" فعل ماضي مبني للمجهول، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 وزعم أكثر النحويين: أن "إما" الثانية في الطلب والخبر؛ نحو: تزوج إما هنداً وإما أختها، وجاءني إما زيد وإما عمرو1؛ بمنزلة "أو" في العطف والمعنى2. وقال أبو علي وابنا كيسان وبرهان:   أي أن "أو" تؤدي هذه المعاني؛ وهي: التخيير، والإباحة، والتقسيم، والإبهام، والإضراب. وقد تعاقب الواو - أي تحل محلها وتؤدي معناها- إذا لم يجد المتكلم منفذًا للالتباس؛ أي ألا يكون استعمالها موقعا في اللبس. وعدم إدراك السامع أنها بمعنى الواو. وخلاصة ما تقدم من معاني "أو": أنها تكون للتخيير والإباحة بعد الأمر، وللشك والإبهام بعد الجمل الخبرية. أما التفصيل، والإضراب، ومعنى الواو؛ فتكون بعد الطلب وبعد الخبر. والأفضل في الإضراب: أن يسبقه نفي أو نهي، وأن يتكرر العامل معه. وهذه المعاني المسموعة خاضعة للسياق والقرائن لتبين نوع كل منها. 1 المثال الأول للطلب، والثاني للخبر. 2 فتكون حرف عطف بمعنى "أو"، وتكون للتخيير والإباحة إذا سبقت بكلام يشتمل على أمر، وللشك والإبهام إذا كانت مسبوقة بجملة خبرية، وللتفصيل بعد الخبر أو الطلب، نحو قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} ، الآية 3 من سورة والواو زائدة لازمه وانتصابهما على الحال، والعامل فيهما {هَدَيْنَاهُ} ولا تكون "إما" الثانية للإضراب، ولا بمعنى واو العطف؛ لأن "أو" مختصة بهما. 3 ابن برهان هو: أبو القاسم، عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي العكبري، نسبة إلى عكبرا، على دجلة فوق بغداد، كان عالمًا مجيدا للعربية واللغة والتاريخ وأيام العرب، وكان أول أمره منجمًا فصار نحويًا، وكان حنبليًا فصار حنفيًا متعصبًا لأبي حنيفة محترمًا بين أصحابه. وقد تصدر للتدريس ببغداد وأفاد كثيرًا. وكان في خلقه شدة على من يقرأ عليه، يقبل على الطلبة الغرباء، ويتكبر على أولاد الأغنياء، ديّنًا زاهدًا لا يعني بملبسه، ولا يضع على رأسه غطاء، ولولا هذا الشذوذ في أخلاقه وتعاليه على من يقرأ عليهم ويستمليهم لكانت له آثار باقية وكتب مروية؛ لعلمه وفضله وتبحره في النحو واللغة وتوفي في جمادى الآخرة سنة 456هـ. وانظر ترجمة ابن كيسان في الجزء الأول، صفحة 247.   "وربما" رب حرف تقليل، و"ما" كافة. "عاقبت" الفاعل يعود إلى أو. "الواو" مفعول به. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "ذو" فاعل يلف. "النطق" مضاف إليه، والجملة في محل جر بإضافة إذا. "للبس" متعلق بـ"منفذًا". "منفذا" -أي طريقا- مفعول أول ليلف، والثاني محذوف، وكذلك جواب إذا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 هي مثلها في المعنى فقط1، ويؤيده قولهم: إنها مجامعة للواو لزوماً، والعاطف لا يدخل على العاطف، وأما قوله: أيما إلى جنة أيما إلى نار2 فشاذ، وكذلك فتح همزتها، وإبدال ميمها الأولى ياء3،   1 أي: وليست للعطف، وذكرها في باب العطف لمصاحبتها لحرفه. 2 عجز بيت من البسيط، لسعد بن قرط، من أبيات له يهجو فيها أمه، وكان عاقًا شريرًا، وصدره. يا ليتنا أمنا شالت نعامتها اللغة والإعراب: شالت نعامتها: كناية من كنايات العرب، ومعناها: ماتت، وأصل شالت: ارتفعت، والنعامة، باطن القدم، ومن مات ترتفع رجلاه وتنخفض رأسه؛ فتظهر نعامته، وقيل النعامة هنا: النعش. أيما: لغة في "إما". "يا" حرف تنبيه أو نداء، والمنادى محذوف. "ليت" حرف تمن وما زائدة. "أمنا" أم اسم ليت، ونا مضاف إليه. "شالت نعامتها" الجملة خبر لبيت. ويجوز أن تكون "ما" كافة، وأمنا بالرفع مبتدأ، وجملة شالت نعامتها خبر المبتدأ. "أيما" حرف للتفصيل. "إلى جنة" متعلق بشالت. "أيما" الثانية عاطفة، وقد جاءت بدون الواو شذوذاً، وهو الشاهد. المعنى: يتمنى هذا الشاعر العاق لأمه، أن تكون أمه قد ماتت، وسيان عنده بعد ذلك أن يكون مصيرها الذهاب إلى الجنة أو إلى النار. 3 أي: شاذان أيضًا على سبيل الاجتماع؛ أما فتح همزتها وحده فلا شذوذ فيه؛ بل هو لغة لجماعة من العرب؛ منهم: تميم، وقيس، وفي "إما" يقول الناظم: ومثل "أو" في القصد "إما" الثانية ... في نحو "إما ذي وإما النائية   * "ومثل" أو "مثل خبر مقدم، و"أو" مضاف إليه. "في القصد" متعلق بمثل. "إما" مبتدأ مؤخر مقصود اللفظ. "الثانية" نعت لها. "في نحو" متعلق بمثل أو بالثانية. "إما" حرف تفصيل. "ذي" اسم إشارة للمؤنثة مبتدأ، والخبر محذوف؛ أي: إما هذه لك مثلا. "وإما النائيه" عطف على ما قبله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 وأما لكن: فعاطفة خلافًا ليونس1؛ وإنما تعطف بشروط: إفراد معطوفها، وأن تسبق بنفي أو نهي، وألا تقترن بالواو؛ نحو: ما مررت برجل صالح لكن طالح، ونحو: لا يقم زيد لكن عمرو، وهي حرف ابتداء2، إن تلتها جملة كقوله: إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره ... لكن وقائعه في الحرب تنتظر3   أي أن "إما" الثانية تفيد ما تفيده "أو" من المعاني؛ نحو: اقصد إما هذه الجهة وإما النائبة؛ أي الجهة البعيدة، وقد سكت المصنف والناظم عن "إما" الأولى؛ لأنه لا عمل لها في عطف أو غيره. ويرى بعض النحاة أن "إما" الثانية والأولى متشابهان في الحرفية، وفي تأدية المعاني المتقدمة، وأن كلام منهما ليس حرف عطف، أما الأولى؛ فلأنه ليس قبلها معطوف عليه، والثانية تقع دائماً بعد الواو العاطفة بلا فاصل، والعاطف لا يدخل على مثله، قيل: وهو رأي حسن يجدر الأخذ به. وقد تحذف "إما" الثانية لوجود ما يغني عنها، والغالب أن يكون "وإلا"؛ تقول: إما أن يتكلم الإنسان بخير، وإلا فليسكت. 1 فإنها عنده مخففة من الثقيلة، ومعناها الاستدراك، وما بعدها معمول لمحذوف يدل عليه المذكور قبلها، وإذا ذكرت معها الواو فالعطف بالواو لا بها. 2 أي: واستدراك أيضا، وليست عاطفة، والجملة بعدها مستقلة في إعرابها عن الجملة التي قبلها. 3 بيت من البسيط، من قصيدة لزهير بن أبي سلمى المزني، يمدح فيها الحارث بن ورقاء الصيداوي. اللغة والإعراب: ورقاء: اسم رجل. بوادره: جمع بادرة، وهي ما يبدر من الإنسان عند الغضب. وقائعه: جمع وقيعة؛ وهي إنزال الشر بالأعداء. تنتظر: تخشى ويرتقب وقوعها. "ابن ورقاء" ابن اسم إن، ورقاء مضاف إليه. "لا تخشى بوارده" الجملة من الفعل ونائب الفاعل خبر إن. "لكن" حرف ابتداء واستدراك. "وقائعه" مبتدأ ومضاف إليه. "في الحرب" متعلق بتنتظر، وجملة "تنتظر" خبر المبتدأ. المعنى: إن هذا الرجل لا يخاف منه عند غضبه وحدته؛ لأنه يملك نفسه عند الغضب؛ فلا يغدر ولا يخون، لكن فتكه بأعدائه في الحرب يرتقب ويخشى منه. الشاهد: مجيء "لكن" حرف ابتداء لا عطف؛ لأن الواقع بعدها جملة لا مفرد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 أو تلت واواً؛ نحو: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} ؛ أي: ولكن كان رسول الله1. وليس المنصوب معطوفًا بالواو2؛ لأن متعاطفي الواو المفردين لا يختلفان بالسلب والإيجاب3. أو سبقت بإيجاب؛ نحو: قام زيد لكن عمرو لم يقم4. ولا يجوز: "لكن عمرو على أنه معطوف5؛ خلافاً للكوفيين. وأما بل: فيعطف بها بشرطين: إفراد معطوفها6، وأن تسبق بإيجاب، أو أمرٍ، أو نفي،   1 بين بهذا التقدير أنه إذا سبقتها الواو وجب أن تقع بعدها جملة تعطف بالواو على ما قبلها، وتكون "لكن" حرف استدراك وابتداء لا غير. "ورسول الله" خبر لكان المحذوفة، ومضاف إليه. من الآية 40 من سورة الأحزاب. 2 فإن المعطوف عليه؛ وهو "أبا أحد" منفي، والمعطوف؛ وهو "رسول الله" مثبت. أما عطف الجملتين بالواو، فيجوز تخالفهما نفيًا وإيجابًا؛ تقول: حضر محمد ولم يحضر علي. 4 فـ" لكن" هنا حرف استدراك وابتداء لا عاطفة، و"عمرو" مبتدأ، وجملة لم "يقم" خبر. وجملة المبتدأ والخبر مستقلة. 5 أي: وحده على زيد، لعدم تقدم نفي أو نهي. ومما تقدم يتبين: أن "لكن" حرف استدراك دائما، وأنها لا تعطف إلا بالشروط الثلاثة المذكورة مجتمعة؛ فإن فقد منها شرط لم تكن عاطفة، ووجب دخولها على الجمل، وتكون حرف استدراك وابتداء معا. والاستدراك يستلزم أن يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها في الحكم. وبما أن ما قبلها يجب أن يكون منفيًا أو منهيًا عنه؛ فيكون كلام الذي بعدها مثبتا دائما. 6 ومعناه يختلف باختلاف ما قبله؛ من كلام مثبت، أو مشتمل على صيغة أمر، أو نفي، أو نهي، كما سيبين المصنف؛ فإن دخلت "بل" على جملة كانت حرف ابتداء، ومعناها الإضراب؛ إما الإيطالي؛ وهو الذي يقتضي نفي الحكم السابق، والقطع بأنه غير واقع؛ نحو قوله تعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُون} ، 26 من سورة الأنبياء؛ أي بل هم عباد؛ بناء على أن المضرب عنه المقول. أو الانتقالي؛ وهو: الذي يراد به الانتقال من غرض إلى غرض آخر، مع بقاء الحكم السابق، وعدم إلغائه؛ نحو: قوله سبحانه: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} ، من الآية: 26 من سورة الأعلى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 أو نهي. ومعناها بعد الأولين سلب الحكم عما قبلها لما بعدها؛ كقام زيد بل عمرو، وليقم زيد بل عمرو1، وبعد الأخيرين تقرير حكم ما قبلها، وجعل ضده لما بعدها، كما أن "لكن" كذلك؛ كقولك: "ما كنت في منزل ربيع؛ بل في أرض لا يهتدي بها"2، و"لا يقم زيد بل عمرو. وأجاز المبرد كونها ناقلة معنى النفي والنهي لما بعدها؛ فيجوز على قوله: ما زيد قائما بل قاعداً، على مغني: بل ما هو قاعداً3.   1 فإن القيام في المثالين مسكوت عنه بالنسبة لزيد، وثابت لعمرو؛ فالواو هنا حرف عطف وإضراب انتقالي. 2 أي لم أكن في مكان مخصب أهل؛ بل كنت في قفر مجهول؛ فهنا تقرير لنفي الكون في منزل ربيع، وإثبات الكون في الأرض المجهولة. وفي المثال بعد: تقرير نهي زيد عن القيام. وأمر عمرو به. فـ"بل" في المثالين حرف عطف واستدراك. وخلاصة ما تقدم: أن "بل" مع الخبر المثبت والأمر تفيد إزالة الحكم عما قبلها؛ بحيث يصير كالمسكوت عنه، وجعله لما بعدها. وبعد النفي والنهي تفيد تقرير ما قبلها وإثبات نقيضه لما بعدها. وفي حكم "بل" يقول الناظم: و"بل" كـ"لكن" بعد مصحوبيها ... كلم أكن في مربع بل تيها* أي أن "بل" مثل "لكن" في أنها تقرر حكم ما قبلها وتتركه على حاله، وتثبت ضده لما بعدها، إذا كانت بعد نفي أو نهي، وهما المراد بقوله "بعد مصحوبيها". والمربع: المكان الخصيب الذي ينزل فيه القوم زمن الربيع خاصة. والتيها: الأرض الصحراء التي يتيه فيها المرء، ولا يهتدي إلى مقصده. 3 قيل: إن مثل هذا الاستعمال لم يسمع عن العرب؛ لأنه يلزم عليه أن "ما" لا تعمل في "قائمًا" شيئا؛ لأن شرط عملها بقاء النفي في المعمول، وقد انتقل عنه. وقد أجيب بأن الانتقاض جاء بعد مضي العمل فلا يضر.   * "وبل" مبتدأ مقصود لفظه. "كلكن" جار ومجرور خبر. "بعد" ظرف متعلق بمحذوف حال من بل. "مصحوبيها" مضاف إليه. و"ها" عائدة إلى لكن. "في مربع" جار ومجرور خبر أكن. "بل" حرف عطف "تيها" بالقصر معطوف على مربع، وأصله: تيهاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 ومذهب الجمهور: أنها لا تفيد نقل حكم ما قبلها لما بعدها، إلا بعد الإيجاب والأمر؛ نحو: قام زيد بل عمرو، واضرب زيداً بل عمراً1. وأما لا2: فيعطف بها بشروط: إفراد معطوفها3، وأن تسبق بإيجاب أو أمر اتفاقاً، كـ"هذا زيد لا عمرو، و"اضرب زيدًا لا عمرًا". أو نداء، خلافاً لابن سعدان4؛ نحو: يا بن أخي لا ابن عمي.   1 فالقاثم والمأمور بضربه عمرو، أما "زيد" فمسكوت عنه، وإلى هذا الاستعمال يشير الناظم بقوله: وانقل بها للثان حكم الأول ... في الخبر المثبت والأمر الجلي أي أن "بل" بعد الكلام الموجب، وبعد صيغة الأمر تفيد الإضراب عن الأول، ويصبح مسكوتًا عنه، وتنقل حكمه إلى الثاني. هذا: ولا يجوز العطف ببل بعد الاستفهام؛ فلا يجوز: أحفظت خطبة بل قصيدة؟ وقد تقع "لا النافية قبلها، فإن كانت "بل" للإضراب، وليست للعطف، كان معنى "لا" تقوية الإضراب وتوكيده. 2 "لا" حرف عطف ونفي تفيد نفي الحكم عن المعطوف بعد ثبوته للمعطوف عليه. 3 أي ولو تأويلًا؛ فيجوز: قلت: محمد قائم لا محمد قاعد، ولا يعطف بها جملة لا محل لها من الإعراب، ويشترط في المفرد: ألا يكون صالحًا لأن يكون صفة لموصوف مذكور، أو يكون خبرًا، أو حالًا، فإن صلح لشيء من ذلك كانت "لا" للنفي المحض وليست عاطفة، ووجب تكرارها؛ نحو {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} ، 68 من سورة البقرة، محمد لا كاتب ولا شاعر، جاء سعيد لا راضيًا ولا ساخطًا، كما يشترط ألا تقترن بعاطف، وإلا كان العطف به. وهي لإفادة نفي ما قبلها؛ نحو: جاء محمد لا بل علي. 4 فإنه منع ذلك؛ زاعمًا أنه لم يسمع عن العرب. وابن سعدان هو: أبو جعفر محمد بن سعدان الضرير، كان من النحاة الكوفيين الموثوق بهم، عالمًا بالعربية والقراءة، وقد أخذها عن أهل مكة والمدينة وغيرها، وكان يقرأ بقراءة حمزة، وصنف كتابًا في النحو، وآخر في القراءات، وتوفي يوم عيد الأضحى سنة 231هـ، وأنجب ولدًا اسمه إبراهيم، كان من أهل العلم والفضل.   * "بها للثان" متعلقان بانقل. "حكم الأول" حكم مفعول انقل، والأول مضاف إليه. "في الخبر" متعلق بانقل. "المثبت" صفة للخبر. "والأمر" معطوف على الخبر. و"الجلي" صفة للأمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 وألا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر1، نص عليه السهيلي، وهو حق؛ فلا يجوز: جاءني رجل لا زيد، ويجوز: جاءني لا زيد، ويجوز: جاءني رجل لا امرأة. وقال الزجاجي: وألا يكون المعطوف عليه معمول فعل ماض؛ فلا يجوز: جاءني لا زيد لا عمرو2، ويرده قوله: عقاب تنوفى لا عقاب القواعل3   1 أي لا يكون داخلًا في مدلوله، ولا معدودًا من أفراده التي يطلق عليها اسمه. 2 حجته: أن العامل يقدر بعد العاطف، ولا يصح أن يقال: لا جاء عمر، إلا على سبيل الدعاء. 3 عجز بيت من الطويل، لامرئ القيس الكندي، وصدره: كأن دثاراً حلقت بلبونه الغة والإعراب: دثار: اسم رجل كان راعيا لامرئ القيس؛ وهو: دثاء بن فقعس، أحد بني أسد. حلقت: ذهبت وارتفعت. بلبونه: اللبون: الإبل ذوات اللبن. عقاب: طائر معروف من الطيور الكواسر. تنوفي: اسم موضع مرتفع في جبال طيء، أغير على إبل امرئ القيس من ناحيته. القواعل: موضع دون تنوفى. "دثارًا" اسم كأن. "حلقت" الجملة خبرها. "عقاب تنوفى" عقاب فاعل حلقت، وتنوفى مضاف إليه. "لا" عاطفة. "عقاب القواعل". معطوف على عقاب تنوفي، ومضاف إليه. المعنى: كأن هذا الراعي حين أغار عليه الأعداء، وشردت إبله بعيدًا قد طارت بإبله عقبان ذلك الجبل العظيم، وارتفعت بها فوقه؛ فهو لا يستطيع ردها، ولا الوصول إليها، لا عقبان هذا الجبل الصغير. الشاهد: أن "لا" عطفت "عقاب العواقل" على "عقاب تنوفي" والمعطوف عليه معمول لفعل ماض؛ وهو "حلقت"؛ فهو رد على الزجاجي الذي يمنع ذلك. وقد جمع الناظم حكم "لكن" المتقدمة، وحكم "لا" في بيت واحد؛ هو:   "بها للثان" متعلقان بانقل. "حكم الأول" حكم مفعول انقل، والأول مضاف إليه. "في الخبر" متعلق بانقل. "المثبت" صفة للخبر. "والأمر" معطوف على الخبر. و"الجلي" صفة للأمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 فصل: في العطف على الظاهر والضمير يعطف على الظاهر، والضمير المنفصل، والضمير المنفصل، والضمير المتصل المنصوب، بلا شرط؛ كـ"قام زيد وعمرو، و"إياك والأسد"؛ ونحو: {جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ} . ولا يحسن العطف على الضمير المرفوع المتصل، بارزًا كان، أو مستترًا، إلا بعد توكيده بضمير منفصل؛ نحو: {لَقَدْ كُنتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} ، أو وجود فاصل، أي فاصل كان، بين المتبوع والتابع؛ نحو: {يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ} . أو فصل بـ"لا" بين العاطف والمعطوف؛ نحو: {مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا} .   وأول "لكن" نفياً أو نهيًا و"لا" ... نداء أو أمرًا أو اثباتًا تلا* أي اجعل "لكن" والية -أي واقعة- بعد نفي أو نهي، و"لا" تتبع نداء أو أمرًا أو إثباتًا، ولا تكون عاطفة إلا إذا وقعت بعد أحدها. وقد أوضح المصنف ما في البيت من قصور. هذا: وقد أجاز بعض النحاة وقوع "لا" العاطفة بعد الدعاء والتحضيض؛ نحو: أطال الله عمرك لا عمر عدوك، هلا تكرم المجد لا الخامل. كما أجاز البعض وقوعها بعد الاستفهام؛ تقول: أفرغت من رسائل الطلبة لا الطالبات؟ 1 {الأَوَّلِينَ} معطوف على "كم"، من الآية 38 من سورة المرسلات. 2 قيل في سبب ذلك: إن المتصل المرفوع كالجزء من عامله المتصل به لفظًا ومعنى؛ فالعطف عليه يكون كالعطف على جزء الكلمة؛ فإذا أكد دل على انفصاله؛ فحصل له نوع استقلال. 3 أبي بين المعطوف والمعطوف عليه. 4 فقوله: {وَمَنْ صَلَحَ} معطوف على الواو في {يَدْخُلُونَهَا} ، والفاصل بينهما "ها". 5 فقوله: {آبَاؤُنَا} معطوف على "نا" في {أَشْرَكْنَا} بالواو، و"لا" فاصلة بين العاطف والمعطوف، الآية 48 من سورة الأنعام.   * "وأول" فعل أمر من أولى يتعدى إلى مفعولين، والفاعل أنت. "لكن" مفعوله الأول". "نفيًا" مفعوله الثاني. "أو نيهًا" معطوف على نفيًا. "ولا" مبتدأ قصد لفظه. "نداء" مفعول مقدم لتلا."أو أمرًا أو إثباتًا" معطوفان على نداء. "تلا" الجملة خبر المبتدأ؛ وهو "لا". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 وقد اجتمع الفصلان في نحو: {مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ} 1. ويضعف بدون ذلك، كمررت برجل سواء والعدم2؛ أي مستوٍ هو والعدم. وهو فاش في الشعر؛ كقوله: ما لم يكن وأب له لينالا3 ولا يكثر العطف على الضمير المخفوض إلا بإعادة الخافض: حرفاً كان أو اسماً؛ نحو: {فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ} ،   1 فقد فصل بين {آبَاؤُكُمْ} المعطوف على الواو في {تَعْلَمُوا} بالتوكيد؛ وهو {أَنْتُمْ} . وفصل بين العاطف وهو الواو، و {آبَاؤُكُمْ} المعطوف بلا. 91 من سورة الأنعام. 2 أي: برفع "العدم" بالعطف على الضمير المستتر في "سواء"؛ لأنه مؤول بالمشتق؛ فيتحمل الضمير، وليس بينها فاصل. وهذه عبارة مأثورة عن بعض العرب. 3 عجز بيت من الكامل، لجرير الشاعر الأموي المشهور، من قصيدة يهجو فيها الأخطل التغلبي وقومه، وصدره: ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه اللغة والإعراب: رجا: أمل من الرجاء؛ وهو الأمل في الحصول على الشيء. الأخيطل: تصغير الأخطل. سفاهة رأيه: ضعف رأيه وفساده. "الأخيطل" فاعل رجا. "من" حرف جر للتعليل. "سفاهة رأيه" مجرور بمن ومضاف إليه. "ما" اسم موصول، أو نكرة مفعول رجا. "يكن" فعل مضارع نقاص مجزوم بلم. "وأب" معطوف على الضمير المستتر في يكن الواقع اسما لها، والعائد على الأخطل. "له" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لأب. "لينالا" اللام لام الجحود، و"ينالا" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد اللام، والألف للتثنية فاعل، والجملة خبر يكن. المعنى: أن الأخطل يرجو ويتمنى؛ لخفته وضعف رأيه وعدم حصافته، ما لا يمكن أن يناله هو وأبوه من الآمال والأحلام، مما لم تجر العادة بأن ينال مثله. الشاهد: عطف "أب" وهو اسم ظاهر، على اسم يكن المرفوع المستتر بغير تأكيد أو فاصل بينهما، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ} 1، وليس وفاقاً ليونس والأخفش والكوفيين2؛ بدليل قراءة ابن عباس، والحسن، وغيرهما: {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} 3، وحكاية قطرب: "ما فيها غيره وفرسه"4.   وإن على ضمير رفع متصل ... عطف فافصل بالضمير المنفصل أو فاصل ما وبلا فصل يرد ... في النظم فاشيًا وضعفه اعتقد* أي: إذا كان المعطوف عليه ضميرًا مرفوعًا متصلًا فافصل بالضمير المنفصل بين المتعاطفين، أو افصل بأي فاصل غير الضمير. وورد عدم الفصل كثيرًا في الشعر، وهو مع كثرته ضعيف، ويمكن القياس عليه شعرًا ما دام كثيرًا. 1 فقوله تعالى: {وَلِلأَرْضِ} معطوف على الهاء في {لَهَا} المجرور باللام، وأعيدت مع المعطوف. من الآية 11 من سورة فصلت، و {آبَائِكُ} معطوف على الكاف المجرور بإضافة "إله"، وقد أعيد المضاف مع المعطوف. من الآية 133 من سورة البقرة. 2 أي: لا يلزم إعادة الخافض عند هؤلاء، وتبعهم الناظم في ذلك. 3 أي بجر {الأَرْحَامِ} وعطفه على الضمير المجرور بالباء بدون إعادة الجار؛ أي: وبالأرحام. 4 بجر كلمة "وفرسه" بالعطف على الهاء المجرورة بإضافة "غير" إلهيا من غير إعادة الجار؛ وهو المضاف. وهذه العبارة قوله لبعض العرب. وقطرب هو: أبو علي محمد بن المستنير البصري النحوي الملقب بقطرب. لازم سيبويه وأخذ عنه كثيراً، وكان يدلج إليه؛ فإذا خرج سيبويه سحرًا رآه على بابه؛ فقال له: ما أنت إلا قطرب ليل، فلقب به. والقطرب: دويبة لا تستريح نهارها سعيًا.   * "وإن" شرطية. "على ضمير رفع" متعلق بعطفت ومضاف إليه. "متصل" صفة لضمير. "عطفت" فعل الشرط، والتاء فاعل. "فافصل" الفاء واقعة في جواب الشرط، ولكونه طلبًا دخلته الفاء. "أو فاصل" معطوف على الضمير. "ما" اسم نكرة نعت لفاصل بمعنى: أي فاصل كان. "وبلا فعل" بلا متعلق بيرد، والواو للاستئناف، و"لا" اسم بمعنى غير، وفصل مضاف إليه. "في النظم" متعلق بيرد أيضا. "فاشيًا" حال من فاعل يرد. "وضعفه" مفعول اعتقد مقدم، والهاء مضاف إليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 قيل: ومنه {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} 1؛ إذ ليس العطف على "السبيل"؛ لأنه صلة المصدر2، وقد عطف عليه "كفر" ولا يعطف على المصدر حتى تكمل معمولاته3.   وقد أخذ قطرب كذلك عن عيسى بن عمر، وجماعة من علماء البصرة. قيل أنه لم يكن ثقة في اللغة، وله تصانيف كثيرة؛ منها: العلل، والنحو، والأضداد، وإعراب القرآن. ومات سنة 206هـ، وكان يقول الشعر قليلًا، ومن شعره: لقد غرت الدنيا رجالا فأصبحوا ... بمنزلة ما بعدها متحول 1 فقوله تعالى: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} معطوف على الهاء في {بِهِ} من غير إعادة الجار. قال في المغني: والصواب أن {الْمَسْجِدِ} مجرور بباء محذوفة لدلالة ما قبلها عليها لا بالعطف، ومجموع الجار والمجرور معطوف على {بِهِ} 217 من سورة البقرة. 2 أي وهو {صَدَّ} لأنه متعلق به. 3 وذلك لئلا يلزم الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي؛ فلو عطف {الْمَسْجِدِ} على {سَبِيلِ} لكان من جملة معمولات {صَدَّ} ؛ لأن المعطوف على معمول المصدر من جملة معمولاته، وفي العطف على الضمير المخفوض يقول الناظم: وعود خافض لدى عطف على ... ضميرخفض لازمًا قد جعلا وليس عندي لازمًا إذ قد أتى ... في النثر والنظم الصحيح مثبتا*   * "وعود خافض" عود مبتدأ، وخافض مضاف إليه. "لدى عطف" لدى ظرف متعلق بعود، وعطف مضاف إليه. "على ضمير خفض" متعلق بعطف، و"خفض" مضاف إليه. "لازمًا" مفعول ثانٍ لجعلا مقدم. "قد جعلا" قد للتحقيق، وجعلا فعل ماض للمجهول. والألف للإطلاق، ونائب الفاعل يعود إلى "عود خافض"، والجملة خبر المبتدأ. "عندي" متعلق بلازما الواقع خبرا لليس. "إذا" أداة تعليل. "أتى" فعل ماض، وفاعله يعود إلى العطف على الضمير المخفوض. "في النظم" متعلق "بمثبتا" حال من فاعل أتى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 ويعطف الفعل على الفعل1، بشرط اتحاد زمانيهما2؛ سواء اتحد نوعاهما؛ نحو: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ} ، ونحو: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} 3، أم اختلفا؛ نحو: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} 4، ونحو: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} 5.   1 أي وحده من غير مرفوعه، وذلك من قبيل عطف المفردات بعضها على بعض؛ كما يعطف الاسم على نظيره عطف مفردات. 2 أي في الماضي، أو الحال، أو الاستقبال. 3 فقد عطف {تَتَّقُوا} ، على {تُؤْمِنُوا} ، و {يَسْأَلْكُمْ} ، على {يُؤْتِكُمُ} ، من عطف الشرط على الشرط، والجواب على الجواب؛ بدليل الجزم فيهما، وكلاهما فعل مضارع. 4 عطف {أَوْرَدَ} ، على {يَقْدُمُ} ، والأول ماض، ولكنه مستقبل المعنى؛ لأنه بمعنى يورد، والثاني مضارع. 5 عطف {يَجْعَلُ} ، -وهو مضارع- على {جَعَلَ} ، الماضي؛ لأنه في محل جزم، وهو مستقبل بسبب أداة الشرط الجازمة التي تستلزم أن يكون فعل زمن الشرط والجواب مستقبلا، ولا فرق في عطف الفعل على الفعل، بين أن يكون بالواو وبالفاء؛ كما مثل، أو بثم؛ كقوله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} ، كما أنه لا فرق بين أن يكون العطف قبل تمام الفائدة؛ كعطف الشرط على الشرط، أو بعد تمامها؛ كعطف الجواب على الجواب. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بعجز البيت الآتي، وصدره سيأتي في آخر الباب في موضوع آخر. ........................................ ... وعطفك الفعل على الفعل يصح ويلاحظ: أن المصنف مثل للماضي والمضارع، ولم يمثل للأمر؛ وذلك لأن فعل الأمر،   * "وعطفك" عطف مبتدأ، وهو مصدر مضاف لفاعله؛ وهو الكاف، والواو للاستئناف. "الفعل" مفعوله. "على الفعل" جار ومجرور متعلق بعطف. "يصح" الجملة خبر المبتدأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 ويعطف الفعل على الاسم المشبه له في المعنى1؛ نحو: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا، فَأَثَرْنَ} 2؛ ونحو: {صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} 3، ويجوز العكس؛ كقوله: أم صبي قد حبا أو دارج4   بدون فاعله، لا يكون معطوفًا ولا معطوفًا عليه على الصحيح؛ لأنه لا يفارق فاعله لا لفظًا ولا تقديرًا. ويعرف عطف الفعل وحده على آخر كذلك، إذا نصب الفعلان أو جزمًا بغير تكرار الناصب أو الجازم. أما في حالة الرفع في المضارعين، فيجوز أن يكون من عطف المفرد أو الجملة، والقرينة هي التي توضح المراد. 1 هو الاسم المشتق العامل؛ كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، والمصدر الصريح أيضاً، واسم الفعل في بعض أحواله. 2 {أَثَرْنَ} ، فعل ماض معطوف على المغيرات، وهي اسم فاعل مشبه للفعل؛ لأنه في تأويل: واللائي أغرن. واختلف في موضع {أَثَرْنَ} ، من الإعراب؛ فقيل: لا محل لها لعطفها على صلة أل وهي كذلك، وجرها بالعارية من أل، وقيل: هي في محل جر بالتبعية. 3 عطف {يَقْبِضْنَ} ؛ وهو مضارع، على {صَافَّاتٍ} ، وهو اسم فاعل؛ لأنها في معنى يصففن، ومعنى {صَّافَّاتِ} : ناشرات أجنحتهن في الجو، ومعنى {يَقْبِضْنَ} : يضممن الأجنحة إلى الأجسام. الآية 19 من سورة الملك. 4 عجز بيت من الرجز، لراجز اسمه جندب بن عمرو، يذكر امرأة الشماخ بن ضرار الغطفاني، شاعر معروف، وصدره: يارب بيضاء من العواهج وقبله: يا ليتني علقت غير حارج ... قبل الصباح ذات خلق بارج اللغة والإعراب: بارج: حسن وجميل. العواهج: جمع عوهج؛ وهي في الأصل: الطويلة العنق من الظباء والنوق والنعام، والمراد هنا: المرأة التامة الخلق. حبا: زحف ومشى على عجزه. دارج: اسم فاعل، من درج الصبي إذا مشى هينا متقارب الخطو. "يا" للتنبيه. "بيضاء" مبتدأ مجرور برب لفظا في محل رفع. "من العواهج" جار ومجرور متعلق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 وجعل منه الناظم: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} ، وقدر الزمخشري عطف {مُخْرِجُ} ، على {فَالِقُ} 1.   بمحذوف صفة لبيضاء. "أم" بالجر، بدل أو عطف بيان لبيضاء باعتبار اللفظ، وبالرفع باعتبار المحل، أو خبر لمبتدأ محذوف. "صبي" مضاف إليه. "حبا" فعل ماض، والجملة صفة لصبي. "أو دراج" معطوف على حبا؛ لتأويله بدرج. المعنى: يريد الشاعر امرأة تامة الخلق، تشبه الظباء في طول عنقها، ولا يكون معها غير صبي يحبو، أو قريب عهد بالمشي، لا يكاد يدرك؛ حتى لا ينم عن اتصاله بها. الشاهد: عطف الاسم المشبه للفعل -وهو "دارج"- على الفعل؛ وهو "حبا"، وفي هذا الشاهد تسامح؛ لأن المعطوف عليه محل جملة "حبا"؛ لأنها صفة لنكرة، فهو من العطف على الجملة لا على الفعل. وعليه يكون قوله: "أم صبي" بدلًا، أو عطف بيان من "ذات خلق بارج". 1 فيكون من عطف الاسم. من الآية 95 من سورة الأنعام، وفي عطف الفعل على الفعل، وعلى اسم يشبهه أو العكس، يقول الناظم: واعطف على اسم شبه فعل فعلا ... وعكسا استعمل تجده سهلا* أي: اعطف الفعل على الاسم المشبه للفعل؛ كاسم الفاعل ونحوه، واستعمل العكس؛ وهو: أن تعطف الاسم على الفعل الواقع موقع الاسم تجد الأمر سهلا ومستساغًا. هذا: ويجوز عطف الجملة الاسمية على نظيرتها، كما يجوز عطف الجملة الفعلية على مثلها، بشرط اتفاقهما خبرًا أو إنشاء، ويمنع إن اختلفا في ذلك على الصحيح. أما عطف الاسمية على الفعلية، والعكس، فجائز على الراجح، ومن الحكم المأثورة: "للباطل جولة ثم يضمحل"؛ فالجملة المضارعية معطوفة على الجملة الاسمية قبلها، وقد تعطف الجملة على المفرد أو العكس، إذا كانت الجملة في الحالتين مؤولة بالمفرد؛ كأن تكون نعتًا؛ أو خبرًا أو حالا، كقوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} ؛ أي أو قائلين، وقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} ؛ فقاعدا معطوف على قوله: {لِجَنْبِهِ} .   * "على اسم" جار وجرور متعلق باعطف. "شبه فعل" شبه نعت لاسم. وفعل مضاف إليه، "فعلا" مفعول اعطف. "وعكسا" مفعول مقدم لاستعمل. "تجده" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر؛ وهو "استعمل"، والهاء مفعوله الأول. "سهلا" مفعوله الثاني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 فصل: فيما تختص به الفاء والواو تختص الفاء والواو بجواز حذفهما لدليل1، مثاله في الفاء: {أَنِ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ} ؛ أي: فضرب فانبجست2، وهذا الفعل المحذوف معطوف على {أَوْحَيْنَا} 3، ومثاله في الواو قوله: فما كان بين الخير لو جاء سالمًا ... أبو حجر إلا ليال قلائل4   1 وتشاركهما في ذلك "أم" المتصلة؛ كقول الشاعر: دعاني إليها القلب إني لأمره ... سميع فما أدري أرشد طلابها التقدير: أرشد طلابها أم غي؟ وقيل: إن الهمزة للتصديق؛ فلا تحتاج لمعادل. 2 أصله فضرب فانبجست، فتكون: {انْبَجَسَتْ} ، معطوفة على {فَضَرْبَ} ، المحذوفة. 3 أي: من قوله تعالى في سورة الأعراف: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ} ، وإنما لم يكن العطف على أوحينا؛ كما هي القاعدة من أن المعطوفات عليه ما قبله مما يقتضيه المعنى. 4 بيت من الطويل، من قصيدة للنابغة الذبياني، يرثي فيها أبا حجر النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني. اللغة والإعراب: معاني المفردات واضحة. "فما" الفاء عاطفة، و"ما" نافية. "بين الخير" بين ظرف، والخير مضاف إليه. وهو متعلق بمحذوف، خبر كان مقدم.. "إلا" أداة حصر. "ليال" اسمها مؤخر، مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة. "قلائل" صفة ليال "لو" شرطية غير جازمة. "جاء" فعل الشرط. "أبو حجر" أبو فاعل جاء، وحجر مضاف إليه. "سالمًا" حال من أبو حجر، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. وجملة الشرط وجوابه معترضة بين خبر كان واسمها. المعنى: لم يكن بيني وبين ما كنت أرجو وأطمع فيه من خير ونعمة إلا مدة قليلة، لو سلم النعمان وجاء إلينا. ولكن القدر كان له بالمرصاد، فذهبت آمالي سدى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 أي بين الخير وبيني، وقولهم: راكب الناقة طليحان؛ أي: والناقة1. وتختص الواو بجواز عطفها عاملاً قد حذف وبقي معموله؛ مرفوعاً كان؛ نحو: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} ؛ أي: وليسكن زوجك. أو منصوباً؛ نحو: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ} ، أي: وألفوا الإيمان. أو مجرورًا؛ نحو:"ما كل سوداء تمرة، ولا بيضاء شحمة"؛ أي: ولا كل بيضاء3. وإنما لم يجعل العطف فيهن على الموجود في الكلام، لئلا يلزم في الأول رفع فعل الامر للاسم الظاهر4، وفي الثاني: كون الإيمان متبوًا؛ وإنما يتبوأ المنزل5. وفي الثالث: العطف على معمولي عاملين6. ولا يجوز في الثاني أن يكون الإيمان مفعولًا معه؛ لعدم   الشاهد: حذف الواو ومعطوفها؛ وهو "وبيني"، والدليل على ذلك: أن كلمة "بين" يجب أن تضاف لمتعدد كما أسلفنا. 1 قول لبعض العربن ومعنى طليحان: متعبان ضعيفان. والدليل على المحذوف تثنية الخبر، ويقاس على هذا: كل مبتدأ مضاف، أخبر عنه بخبر مطابق في التثنية أو الجمع للمضاف مع المضاف إليه، من غير عطف. 2 {زَوْجُكَ} ، فاعل بفعل محذوف، معطوف على {اسْكُنْ} ، المستتر لكان شريكه في عامله، والأمر لا يرفع الظاهر. 5 أي: لو جعل {الإِيمَانِ} ، معطوفًا على {الدَّارِ} ، لكان معمولا لتبوءوا، والتبوؤ معناه التهيؤ. وقيل: إنه يقال: تبوأ فلان الدار إذا لزمها، وعلى هذا يصح العطف، ولا يحتاج إلى تقدير عامل. 6 ذلك لأن "سوداء" معمول لـ"كل"، و"تمرة" معمول لـ"ما" فلو عطف بيضاء على سوداء، وشحمة على تمرة لزم ذلك المحذور، وهو غير جائز على الأصح عند الجمهور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 الفائدة في تقييد الأنصار1 بمصاحبة الإيمان؛ إذ هو أمر معلوم، ويجوز حذف المعطوف عليه بالواو والفاء2؛ فالاول كقول بعضهم: وبك وأهلًا وسهلًا، جواباً لمن قال له: مرحباً، والتقدير: ومرحباً بك وأهلًا3، والثاني نحو: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} ؛ أي أنهملكم فنضرب؟ ونحو: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} ؛   1 في بعض النسخ: "المهاجرين" بدل الأنصار، وهو سهو؛ لأن الآية واردة في الأنصار، وفي مواضع الحذف السابقة يقول الناظم: والفاء قد تحذف مع ما عطفت ... والواو إذ لا لبس وهي انفردت بعطف عامل مزال قد بقي ... معموله دفعاً لوهم اتقي* أي: أن الفاء قد تحذف مع معطوفها؛ وكذلك الواو، إذ دل على ذلك دليل ولم يحدث لبس. وتنفرد الواو من بين حروف العطف، بأنها تعطف عاملًا مزالًا؛ أي محذوفا بقي معموله، والذي يدعو لتقدير المحذوف دفع وهم لا يستقيم الأمر إلا بدفعه وإزالته. هذا: وقد يحذف العاطف وحده، ولا يكون ذلك إلا في الواو، والفاء، وأو؛ فمثال الواو: قوله -عليه السلام-: "تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من صاع بره، من صاع تمره"، ومثال الفاء: ذاكرت النحو بابا بابا، وادخلو المدرسة واحدا واحدا؛ أي باب فبابا، وواحدا فواحدا، ومثال "أو": أعط السائل قرشًا، قرشين، ثلاثة، أي قرشا، أو قرشين، أو ثلاثة. 2 ومثلهما: "أم" المتصلة، وذلك عند أمن اللبس في الجميع. 3 الجار والمجرور -وهو "بك"- متعلقان بكلمة "مرحبًا" المحذوفة، "وأهلا" الواو عاطفة، و"أهلا" معطوف على مرحبا المحذوفة، عطف مفرد على مفرد؛ فالمعطوف عليه محذوف وهو محل الشاهد، و"سهلا" معطوف مرحبا المحذوفة، فالمعطوف عليه محذوف. وسيبويه يجعل "مرحبا" و"أهلا" منصوبين على المصدر.   "والفاء" مبتدأ. "قد تحذف" قد للتقليل، والجملة خبر المبتدأ، "مع" ظرف متعلق بحذف. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "عطفت" الجملة صلة. "والواو" مبتدأ والخبر محذوف؛ أي كذلك.. "إذا" ظرف متعلق بتحذف "لا" نافية للجنس. "لبس" اسمها، والخبر محذوف؛ أي موجود. "وهي" ضمير منفصل مبتدأ. "انفردت" الجملة خبر. "بعطف عامل" بعطف متعلق بانفردت، وعامل مضاف إليه. "مزال" -أي محذوف- نعت لعامل. "قد بقي معموله "الجملة نعت ثان لعامل. "دفعا" مفعول لأجله. "لوهم" متعلق به. "اتقى" فعل ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود على وهم، والجملة في محل جر صفة لوهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 أي: أعموا فلم يروا؟ 1.   ونظير هذه العبارة قول القائل: "وعليكم السلام"، جوابًا لمن قال: "السلام عليكم"؛ فالواو في الجواب لعطف كلام المتكلم المجيب على كلام المخاطب، مثلها في العبارة السابقة. 1 كل من جملتي "نَضْرِبُ"، و"لَمْ يَرَوْا" معطوف بالفاء على جملة محذوفة بينهما وبين الهمزة؛ لأن المعطوف عليه بالفاء خاص بالجمل، والهمزة في الموضعين في موضعها الأصلي، وهذا رأي الزمخشري ومن تبعه، واختاره المصنف. ويرى سيبويه والجمهور: أن الهمزة قدمت من تأخير؛ تنبيهًا على أصالتها في التصدير ومحلها الأصلي بعد الفاء؛ والأصل: فانضرب، فألم يروا. ومثال الحذف مع بقاء "أم" المتصلة قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} ؛ فإن التقدير: أعلمتم أن الجنة حفت بالمكاره؟ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ... إلخ. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بصدر بيت سبق عجزه في موضوع آخر. صفحة 219؛ وهو: وحذف متبوع بدا هنا استبح ... .................................. * أي: استبح حذف معطوف عليه ظهر وذكر في هذا الموضع؛ وهو: العطف بالواو، والفاء، وأم. تتمة: أ- لا يجوز تقديم المعطوف على المعطوف إليه، وما ورد من ذلك فهو شاذ يقتصر فيه على المسموع. ومنه قول الأحوص: ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السلام ب- يجوز الفصل بين الواو ومعطوفها بظرف أو جار ومجرور، ومنه قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} ، ولا يجوز بين الفاء ومعطوفها إلا في الضرورة الشعرية. ج- الأصل في عطف النسق المغايرة بين المتعاطفين؛ فلا يصح عطف الشيء على نفسه، وأجاز بعضهم ذلك إذا اختلف اللفظان لغرض بلاغي، أو لقصد التفسير والتوضيح،   * "وحذف متبوع" حذف مفعول استبح مقدم، ومتبوع مضاف إليه. "بدا هنا" بمعنى ظهر، فعل ماض، والجملة صفة لمتبوع، و"هنا" ظرف مكان متعلق باستبح أو ببدا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 ...................................................................................................................   ومنه قوله الشاعر: وألفى قولها كذبًا ومينًا د- الصحيح جواز عطف الخبر على الإنشاء، والجملة الاسمية على الفعلية، والعكس. هـ- مما تنفرد به الواو عطف كلمة "أي" على مثلها؛ كقول الشاعر: فلئن لقيتك خاليين لتعلمن ... أيي وأيك فارس الأحزاب و لا يجوز العطف بـ"بل" الواقع بعد الاستفهام؛ فلا تقول: أقرأت كتابًا بل كتابين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 ...................................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف عطف البيان، ووضح الفرق بينه وبين البدل بأمثلة من إنشائك. 2 عرف عطف النسق، واذكر حروفه، وما يدل عليه كل حرف، مع التوضيح. 3 تختص كل من الفاء والواو العاطفتين بأشياء، اذكر ما تختص به كل منهما، ووضح ذلك بأمثلة. 4 ما شروط العطف بحتى؟ وما حكم المجرور بعدها؟ اذكر أمثلة موضحة. 5 ما الفرق بين "أو"، "وإما" المعاني التي تأتي لها كل منهما؟ مثل لما تقول. 6 اشرح قول ابن مالك: وأول "لكن" نفيا أو نهيا و"لا" ... نداء أو أمرًا أو إثباتًا تلا 7 ما الفرق بين همزة التسوية وهمزة التعيين؟ اشرح معنى كل بأمثلة موضحة، ثم اذكر الفرق بين "أم" المتصلة والمنقطعة، مع التمثيل بأمثلة من عندك. 8 فيما يأتي شواهد في باب العطف، بين مواضع الشاهد، وحكمه في الإعراب: قال تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} ، {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} ، {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ} ، {أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} ، {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمُ ارْتَابُوا} ، {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} ، {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} ، {إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 ...................................................................................................................   في الحديث. "كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس"، "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته". إذا سيدنا منا مضى لسبيله ... أقام عمود الدين آخر سيد صبرت على ما كان بيني وبينه ... وما يستوي حرب الأقارب والسلم كيف أصبحت كيف أمسيت مما ... يغرس الود في فؤاد الكريم إن من ساد ثم ساد أبوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده أراك فلا أدري أهم هممته ... وذو الهم قدمًا خاشع متضائل نال الخلافة أو كانت له قدرًا ... كما أتى ربه موسى على قدر ذعرتم أجمعون ومن يليكم ... برؤيتنا وكنا الظافرينا فاليوم قد بت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب دعاني إليها القلب أني لأمره ... سميع فما أدري أرشد طلابها 9 أعرب البيت الآتي، وبين ما فيه من شاهد، ثم اشرحه شرحًا أدبيًا: إني مقسم ما ملكت فجاعل ... أجراً لآخره ودنيا تنفع 10 يكثر في تعبير الفقهاء: "سواء كان كذا أو كذا"، ويقول بعض النحاة: إن هذا التعبير، خطأ، اشرح القول في ذلك، على ضوء ما بينا في موضعه. 11 ما الفرق بين التخيير والإباحة؟ وبعد أي صيغة يقعان؟ اذكر مثالين من إنشائك يلقيان الضوء على ما تذكر من فروق. 12 كيف تعطف على ما يأتي؟ أ- على الضمير المرفوع المتصل. ب- على الضمير المخفوض، ثم وضح بأمثلة من عندك. 13 ما شرط عطف الفعل على الفعل؟ وضح ذلك بأمثلة من إنشائك. 14 متى تكون "بل" للإضراب؟ ومتى تتمخض للعطف؟ وما الفرق بين الإضراب الإبطالي والانتقالي؟ وضح ما تقول بأمثلة من عندك. 15 قد تعطف الجملة على المفرد، أو العكس، فمتى يكون ذلك؟ وضح ما تقول بأمثله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 باب: البدل مدخل ... باب البدل 1: وهو: التابع المقصود بالحكم2 بلا واسطة3. فخرج بالفصل الأول4: النعت، والبيان، والتوكيد؛ فإنها مكملات للمقصود بالحكم5. وأما النسق فثلاثة أنواع: أحدها: ما ليس مقصوداً بالحكم6؛ كجاء زيد لا عمرو، وما جاء زيد بل عمرو، أو لكن عمرو، أما الأول فواضح؛ لأن الحكم السابق منفي عنه، وأما الآخران؛ فلأن الحكم السابق هو نفي المجيء، والمقصود به إنما هو الأول. النوع الثاني: ما هو مقصود بالحكم هو وما قبله، فيصدق عليه أنه مقصود بالحكم، لا أنه المقصود7   باب البدل: 1 معناه في اللغة: العوض وفي الاصطلاح: ما ذكره المصنف. 2 أي: الحكم المنسوب إلى متبوعه، إثباتاً أو نفياً. 3 أي: من غير واسطة لفظية؛ تتوسط وتذكر بين التابع والمتبوع. والمراد بالواسطة هنا: حرف العطف؛ لأن البدل من المجرور قد يكون بواسطة إعادة حرف الجر الداخل على المبدل منه؛ نحو قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} ، {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} . 4 أي: وهو المقصود بالحكم. 5 أي: وهو متبوعها إما بتخصيصه أو إيضاحه، أو رفع الاحتمال عنه، أو أي وجه من الوجوه التي سبقت في أبوابها. أما هي فليست مقصودة بالحكم. 6 وهو المعطوف "بلا" بعد الإيجاب، وبـ"بل" و"لكن" بعد النفي، كما مثل المصنف. 7 أي وحده؛ بل يشاركه في الحكم غيره أن يكون مقصوداً هو أيضا. أما عبارة "المقصود بالحكم" فتدل على أنه مقصود بالحكم وحده، ولا يشاركه غيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 وذلك كالمعطوف بالواو1؛ نحو: جاء زيد وعمرو، وما جاء زيد ولا عمرو، وهذان النوعان خارجان بما خرج به النعت، والتوكيد، والبيان2. النوع الثالث: ما هو مقصود بالحكم دون ما قبله، وهذا هو المعطوف بـ"بل" بعد الإثبات؛ نحو: جاءني زيد بل عمرو، وهذا النوع خارج بقولنا: بلا واسطة. وسلم الحد بذلك للبدل. وإذا تأملت ما ذكرته في تفسير هذا الحد، وما ذكره الناظم وابنه من قلدهما، علمت أنهم عن إصابة الغرض بمعزلٍ. وأقسام البدل أربعة3:   1 أي: في حال الإثبات أو النفي، وقد مثل المصنف للحالتين. 2 أما الأول؛ فلأن المقصود بالحكم هو المتبوع، وأما الثاني؛ فلأن التابع ليس هو المقصود وحده بالحكم؛ وفي تعريف البدل يقول الناظم: التابع المقصود بالحكم بلا ... واسطة هو المسمى بدلًا* والغرض من البدل: تقرير الحكم السابق وتقويته، بتعيين المراد وإيضاحه ورفع الاحتمال عنه؛ ذلك لأن الحكم ينسب للمتبوع أولًا، ثم يأتي بعده التابع؛ فكأن الحكم ذكر مرتين. ولهذا يقولون: إن البدل في حكم تكرير العامل، ولا يصح أن يتحد لفظ البدل والمبدل منه، إلا إذا أفاد الثاني زيادة بيان وإيضاح. 3 زاد بعض الناة نوعًا خامسًا سماه: بدل الكل من البعض، واستدل بأمثلة متعددة من الشعر العربي، وفي القرآن الكريم: {فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا، جَنَّاتِ عَدْنٍ} ؛ فجنات بدل "كل" من الجنة, وهي جمع والجنة مفرد، وقال الشاعر: كأني غداة البين يوم تحملوا ... لدى سمرات الحي ناقف حنظل "فاليوم" بدل من "غداة"، مع أنه يشملها، وهي جزء منه، وسمرات: جمع سمرة؛ وهي شجرة الطلح. ناقف: جامع. وجامع الحنظل تدمع عيناه؛ فلهذا شبه به وعيناه تدمعان.   "التابع" مبتدأ أول. "المقصود" نعت له. "بالحكم" متعلق بالمقصود. "بلا" متعلق بالتابع أو بالمقصود. "واسطة" مضاف إليه. "هو المسمى" مبتدأ ثان وخبر، والجملة خبر المبتدأ الأول، وفي المسمى ضمير هو نائب فاعله، وهو المعمول الأول. "بدلًا مفعوله الثاني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 الأول: بدل كل من كل؛ وهو بدل الشيء مما هو طبق معناه1؛ نحو: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ} 2. وسماه الناظم: "البدل المطابق"؛ لوقوعه في اسم الله تعالى؛ نحو: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} ، فيمن قرأ بالجر3؛ وإنما يطلق "كل" على ذي أجزاء، وذلك ممتنع هنا4. والثاني: بدل بعض من كل، وهو: بدل الجزء من كله5: قليلا كان ذلك الجزء، أو مساوياً، أو أكثر؛ كأكلت الرغيف ثلثه، أو نصفه، أو ثلثيه، ولا بد من اتصاله بضمير يرجع على المبدل منه6؛ مذكور كالأمثلة المذكورة، وكقوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا   أي: أن يكون الثاني مطابقًا ومساويًا للأول في المعنى تمام المطابقة، ويختلفان في اللفظ غالباً. 2 فـ {صِرَاطٍ} ، الثانية بدل كل من كل من الأولى، سورة الفاتحة. 3 فـ {اللَّهِ} ، بدل من {الْعَزِيزِ} ، بدل من مطابق، ولا يقال فيه بدل كل من كل؛ لما ذكره المصنف، وإن كانت هذه التسمية اصطلاحية، نقلت بعد التغليب على ما يدل على ذي أجزاء. من الآية 1، 2 من سورة إبراهيم. 4 لأن مسماه تعالى لا يقبل التجزئة. 5 ضابطه: أن يكون البدل جزءًا حقيقيًا من المبدل منه، وأن يصح الاستغناء عنه بالمبدل منه، ولا يفسد المعنى بحذفه. 6 أي ليربط البعض بكله. ويجب في هذا الضمير أن يطابق المتبوع في الإفراد والتذكير وفروعهما، ولا فرق بين أن يتصل هذا الضمير بالبدل مباشرة، أو بلفظ آخر له صلة بالبدل؛ نحو: قابلت العائدين من القتال أربعة منهم. وقد يغني عن الضمير في إفادة الربط "أل" عند أمن اللبس؛ نحو: إذا رأيت والدك فقبله اليد؛ أي يده، وإلا في الاستثناء، إذا كان المبدل منه هو المستثنى منه في كلام تام؛ حيث يجوز في المستثنى النصب على الاستثناء، أو الإتباع على البدلية؛ نحو: ما نجح الطلاب إلا واحدا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} 1، أو مقدر كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ؛ أي: منهم2. والثالث: بدل الاشتمال؛ وهو: بدل شيء يشتمل عامله على معناه اشتمالًا بطريق الإجمال3؛ كأعجبني زيد علمه، أو حسنه، وسرق زيد ثوبه، أو فرسه4. وأمره في الضمير كأمر بدل البعض؛ فمثال المذكور ما تقدم من الأمثلة؛ وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} 5.   1 {كَثِيرٌ} ، بدل من الواو الأولى في {عَمُوا} ، والثانية في {صَمُّوا} ، عائدة على {كَثِيرٌ} ؛ لأنه مقدم رتبة؛ إذ التقدير -والله أعلم- ثم عموا كثير منهم وصموا. والذي يحمل على ذلك أنه لو جعل بدلًا من الواوين معًا، لزم توارد عاملين على معمول واحد. 2 {مَنِ اسْتَطَاعَ} ، بدل من {النَّاسِ} ، والضمير العائد على المبدل منه مقدر، كما بين المصنف، وفيه أعاريب أخرى. 3 لتوضيح هذا التعريف نقول: إن بدل الاشتمال تابع يقصد به تعيين وتوضيح أمر في متبوعه، وهذا الأمر من الأمور العارضة الطارئة، التي ليست جزءًا أصيلًا من المتبوع، ويشتمل على هذا الأمر، ويدل عليه "العامل" في المبدل منه؛ ولكن بطريقة إجمالية؛ لأنه لا يليق نسبته إلى ذات المبدل منه. ويرى ابن مالك أن المشتمل هو المبدل منه، وذهب الفارسي إلى أنه البدل. وما رآه المصنف من أن المشتمل هو "العامل" جدير بالاتباع. وهذا الاشتمال: قد يكون في أمر مكتسب؛ كالعلم، والكرم، والزهد، أو غيره مكتسب؛ ولكنه ملازم لصاحبه: كالحسن، أو غير ملازم؛ كالكلام. وقد يكون الاشتمال بطريق التبعية كالثوب، والفرس ... إلخ. 4 فالعلم والحسن بدل اشتمال، وكلاهما يعين أمرًا عرضيًا في المتبوع؛ لأنه لا يدخل في تكوين الذات، ويشملهما الإعجاب إجمالًا، ولكن لا يناسب نسبته إلى ذات "زيد" التي هي عظم ولحم ودم؛ فيفهم أن المقصود نسبة الإعجاب إلى صفة من صفاته. وكذلك الثوب والفرس بدل اشتمال، ويقال فيهما ما ذكرنا؛ فالمقصود نسبة السرقة إلى شيء يتعلق بالمتبوع؛ فقد دل "العامل" على البدل بطريقة مجملة. 5 فـ {قِتَالِ} ، بدل اشتمال من {الشَّهْرَ} ، والرابط بينهما الهاء المجرورة بفي، وهي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 ومثال المقدر قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ، النَّارِ} 1؛ أي: النار فيه، وقيل: الأصل "ناره" ثم نابت "أل" عن الضمير. والرابع: البدل المباين2، وهو ثلاثة أقسام3؛ لأنه لا بد أن يكون مقصودًا كما تقدم في الحد. ثم الأول4 إن لم يكن مقصوداً البتة؛ ولكن سبق إليه اللسان؛ فهو بدل الغلط؛ أي بدل عن اللفظ الذي هو غلط، لا أن البدل نفسه هو الغلط، كما قد يتوهم. وإن كان مقصوداً؛ فإن تبين بعد ذكره فساد قصده، فبدل نسيان؛ أي بدل شيء ذكر نسياناً. وقد ظهر أن الغلط متعلق باللسان، والنسيان متعلق بالجنان، والناظم وكثير من النحويين لم يفرقوا بينهما، فسموا النوعين بدل غلط5.   متصلة بما يتعلق بالبدل. من الآية 217 من سورة البقرة. 1 هذا بناء على أن {النَّارِ} ، بدل اشتمال من {الأُخْدُودِ} . والأخدود: الشق في الأرض. وأصحابه هم: أنطيانوس ملك الروم، وبختنصر ملك فارس. ويوسف ذو نواس ملك نجران؛ حفر كل منهم شقًا عظيمًا وملأه نارًا، وأمر بأن يلقى فيه كل من لم يكفر. و"أل" في {الأُخْدُودِ} ، للجنس؛ لأنها أخاديد، لا أخدود واحد. وبدل الاشتمال كبدل البعض، لا بد لصحته من صحة الاستغناء عنه بالمبدل منه مع صحة المعنى عند حذفه؛ فمثل: أعجبني علي أخوه، بدل إضراب لا بد اشتمال؛ لعدم صحة الاستغناء عنه بالأول. 2 أي المغاير للمبدل منه. 3 لا بد في كل من الأقسام الثلاثة أن يكون البدل هو المقصود بالحكم، وهذا النوع بأقسامه الثلاثة لا يحتاج إلى ضمير يربطه بالمتبوع. 4 أي المبدل منه. 5 وقد أشار الناظم إلى أنواع البدل الأربعة المتقدمة بقوله: مطابقًا أو بعضًا أو ما يشتمل ... عليه يلفى أو كمعطوف ببل*   * "مطابقًا" مفعول ثان مقدم ليلفى. "أو بعضًا أو ما" معطوفان عليه، و"ما" اسم موصول واقعة على بدل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 وإن كان قصد كل واحد منهما صحيحًا1؛ فبدل الإضراب، ويسمى أيضًا: "بدل البداء"2. وقول الناظم: "خذ نبلًا مدًى، يحتمل الثلاثة، وذلك باختلاف التقادير؛   أي: يلفى البدل -أي يوجد- مطابقًا، أو بعضًا، أو شيئًا يشتمل على البدل اشتمالًا معنويًا - يريد العامل والمتبوع كما ذكرنا؛ أو كمعطوف بالحرف "بل"؛ وذلك هو البدل المباين؛ لأنه بأنواعه الثلاثة لا يخلو من الإضراب. 1 وذلك بأن ذكر المبدل منه قصدًا، ثم أضرب عنه وتركه، من غير أن يتعرض له بنفي أو إثبات. 2 بفتح الباء؛ أي الطور؛ سمي بذلك لأن المتكلم بدا له ذكره بعد ذكر الأول قصدًا، لسبب ما؛ كأن يكون ظهر له الصواب بعد خفائه عليه. وهذا النوع من البدل لا يحتاج إلى ضمير يربطه بالمتبوع، وكثيرًا ما يوقع في لبس؛ فالأحسن عدم استعماله، وإليه أشاره الناظم بقوله: وذلًا للإضراب أعز إن قصداً صحب ... ودون قصد غلط به سلب كزره خالدًا وقبله اليدا ... واعرفه حقه وخذ نبلًا مدى* و"ذا" -أي هذا الذي يشبه "بل"- انسبه إلى الإضراب إن صحبه القصد من المتكلم. وإن لم يقصده المتكلم؛ فهو بدل جيء به ليسلب الغلط الذي حدث ويزيله. وقد مثل الناظم في البيت الثاني لأنواع البدل كلها، وذكر مثالًا للبدل المباين يحتمل أقسامه الثلاثة؛ وهيك الغلط، والإضراب، والنسيان. وإن كان لم يذكر في البيت الأول سوى نوعين؛ هما: الغلط والإضراب. وقد تكفل المصنف بإيضاح ذلك. و"خالد" اسم رجل، وهو بدل مطابق من الهاء في "زره" و"اليدا" بدل بعض من الهاء في "قبله"؛ أي يده، أو اليد منه، و"حقه بدل اشتمال من الهاء في "اعرفه". و"مدى" بدل مباين؛ غلط، أو نسيان، أو إضراب، من "نبلا".   * "يشتمل" الجملة صلة ما. "عليه" متعلق بما بيشتمل، والضمير في يشتمل يعود إلى البدل، وفي "عليه" إلى المبدل منه، ويجوز العكس؛ على أن المشتمل هو البدل أو المبدل منه. "يُلفَى" مضارع للمجهول، ونائب الفاعل هو المفعول الأول. "أو" عاطفة. "كمعطوف" الكاف اسم بمعنى مثل، معطوف على "ما يشتمل"، و"معطوف" مضاف إليه. "ببل" جار ومجرور متعلق بمعطوف. "وذا" اسم إشارة مفعول مقدم لاعز، والإشارة إلى مثل المعطوف ببل. "للاضراب" متعلق باعز. "إن" شرطية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 وذلك لأن النبل: اسم جمع للسهم، والمدى: جمع مدية؛ وهي السكين. فإن كان المتكلم إنما أراد الأمر بأخذ المدى؛ فسبقه لسانه إلى النبل؛ فبدل غلط. وإن كان أراد الأمر بأخذ النبل، ثم تبين له فساد تلك الإرادة، وأن الصواب الأمر بأخذ المدى، فبدل نسيان، وإن كان أراد الأول، ثم أضرب عنه إلى الأمر بأخذ المدى، وجعل الأول في حكم المتروك، فبدل إضراب وبداءٍ. والأحسن فيهن أن يؤتى ببل1.   1 لئلا يتوهم أن "مدى" صفة لنبل. والمعنى: نبلًا حادًا. وإذا أتي بـ"بل" خرج عن كونه بدلًا، وصار عطف نسق. تتمة: أ- لا يلزم موافقة البدل لمتبوعه في التعريف والتنكير؛ فقد يكونان معرفتين؛ كقوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} ، بجر كلمة: {اللَّهِ} ، على أنها بدل من {الْعَزِيزِ} ، وقد يكونان نكرتين، كقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا، حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} . وقد تبدل المعرفة من النكرة؛ نحو: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ} . والعكس كقوله سبحانه: {لَنَسْفَعًََا بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} ، سورة العلق. ب- أما الإفراد والتذكير وفروعهما؛ فإن كان بدل "كل" طابق متبوعه فيها، ما لم يمنع مانع من التثنية أو الجمع؛ كأن يكون أحدهما مصدرًا لا يثنى ولا يجمع، كالمصدر الميمي في الآية السابقة: {مَفَازًا، حَدَائِقَ} ، أو قصد التفضيل؛ كقول الشاعر: وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ... ورجل رمى فيها الزمان فشلت أما غيره من أنواع البدل فلا يلزم موافقته فيها.   "قصدا" مفعول مقدم لصاحب الواقع فعلا للشرط، والجواب محذوف يفهم مما قبله. "ودون قصد" دون ظرف متعلق بمحذوف يدل عليه صحب، وقصد مضاف إليه؛ أي وإن وقع دون قصد. "غلظ" خبر لمبتدأ محذوف على حذف مضاف؛ أي فهو بدل غلط. "به" متعلق بسلب الواقع صفة، ونائب فاعله يعود إلى الحكم المفهوم من السابق. "خالدًا" بدل مطابق في الهاء في زره. "اليدا" بدل بعض من الهاء في قبله، والعائد محذوف؛ أي منه. "حقه" بدل اشتمال من الهاء في أعرفه. "مدى" بدل إضرب من "نبلا". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 فصل: في إبدال كل من الظاهر والضمير من غيره يبدل الظاهر من الظاهر كما تقدم. ولا يبدل المضمر من المضمر1؛ ونحو: قمت أنت، ومررت بك أنت، توكيد اتفاقًا، وكذلك نحو: رأيتك إياك، عند الكوفيين، والناظم2. ولا يبدل مضمر من ظاهر، ونحو: رأيت يدًا إياه، من وضع النحويين وليس بمسموع. ويجوز عكسه مطلقًا3؛ إن كان الضمير لغائب؛ نحو: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} ؛ في أحد الأوجه4.   جـ- إذا اجتمعت التوابع كلها أو عدد منها، قدم النعت، ويليه عطف البيان؛ فالتوكيد فالبدل، فعطف النسق؛ كما قيل: قدم النعت فالبيان فأكد ... ثم أبدل واختم بعطف الحروف 1 العلة في ذلك: عدم الورود عن العرب. 2 لأنه لا فرق عندهم في تأكيد الضمير المتصل بالمنفصل، بين المرفوع وغيره، وذهب البصريون إلى أنه بدل؛ لما ثبت عن العرب، كما نقل عن سيبويه وتلقاه من بعده بالقول أنها إذا أرادت البدلية وافقت بين التابع والمتبوع، فقالت: جئت أنت، ورأيتك إياك، وممرت به به؛ فيتحد لفظ التوكيد والبدل في المرفوع، ويختلف في غيره. وذهب الكوفيون إلى أن الضمير الثاني في حالتي النصب والجر توكيد للأول، كما هو في حالة الرفع، ولو كان موافقا له؛ نحو: رأيتك إياك، ومررت بك بك، وبهذا أخذ ابن مالك. 3 أي يجوز إبدال الظاهر من الضمير؛ سواء في ذلك بدل الكل، أو الاشتمال، أو المباينة. 4 هو: إبدال {الَّذِين} ، من الواو في {أَسَرُّوا} ، بدل كل من كل، وقيل: {الَّذِين} ، فاعل أسروا، والواو حرف دال على الجمع لا ضمير، وهي لغة أكلوني البراغيث، وقيل: {الَّذِينَ ظَلَمُوا} ، مبتدأ مؤخر، {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} ، خبر مقدم. من الآية 3 من سورة الأنبياء. ومثال بدل البعض: محمد أوثقته يديه، والاشتمال: على استحيائه عقله، والغلط: إبراهيم ضربته فرسه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 أو كان لحاضر1؛ بشرط أن يكون بدل بعض؛ كأعجبتني وجهك2، وقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} 3. أو بدل اشتمال؛ كأعجبتني كلامك4، وقول الشاعر: بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا5   1 سواء كان لمتكم أو مخاطب. 2 "وجهك" بدل مرفوع من تاء المخاطب، بدل بعض من كل. 3 فـ"مَنْ" الموصولة المجرورة باللام في "لِمَنْ"، بدل من ضمير "لَكُمْ"، وأعيدت اللام مع البدل للفصل والتوكيد، وهذه الإعادة جائزة لا واجبة، والجر بها، لا باللام الأولى، ولا بأخرى مقدرة على الأصح. من الآية 21 من سورة الأحزاب. 4 "كلامك" بالرفع، بدل اشتمال من تاء المخاطب. 5 صدر بيت من الطويل، للنابغة الجعدي، من قصيدة أنشدها بين يدي حضرة الرسول -عليه السلام- وعجزه: وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا اللغة والإعراب: بلغنا السماء: وصلنا إليها، وهو كناية عن علو المنزلة، مجدنا: المجد كرم الآباء. سناؤنا: السناء الشرف والرفعة. "السماء" مفعول بلغنا. "مجدنا" مجد بدل اشتمال من ضمير المتكلم في "بلغنا" الواقع فاعلًا، والضمير مضاف إليه. "وسناؤنا" معطوف على مجدنا. "لنرجو" اللام للتوكيد وجملة نرجو خبر إن. "فوق" ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من مظهرا. "ذلك" مضاف إليه. "مظهرًا" مفعول نرجو؛ وهو مصدر ميمي أو اسم مكان، معناه المصعد. قيل: ولا يبعد أنه مكان في الجنة. المعنى: يصف قومه بأنهم قد بلغوا الغاية التي يرجوها المؤمل؛ من ارتفاع القدر، وسمو المنزلة، وهم مع ذلك يرقبون منزلة أعلى، قيل إنه لما أنشد هذا بين يدي الرسول قال له: "إلى أين المظهر يا أبا ليلى؟ " فقال: إلى الجنة بك يا رسول الله، فقال الرسول: "أجل، إن شاء الله". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 أو بدل كل مفيد للإحاطة؛ نحو: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} 1. ويمتنع إن لم يفدها خلافاً للأخفش؛ فإنه أجاز: رأيتك زيداً، ورأيتني عمراً2.   الشاهد: إبدال "مجدنا، وسناؤنا" بدل اشتمال من ضمير المتكلم البارز الواقع فاعلا في بلغنا. 1 فـ {أَوَّلِنَا} ، و {آخِرِنَا} ، بدل كل من الضمير "نا" المجرور باللام؛ ولهذا أعيدت اللام جوازًا مع البدل؛ مجاراة للمبدل منه، وهو مفيد للإحاطة والشمول؛ لأن المراد بـ {أَوَّلِنَا} ، و {َآخِرِنَا} ، جميعنا على عادة العرب؛ من ذكر طرفي الشيء، وإرادة جميعه؛ كقوله تعالى: {بُكْرَةً وَأَصِيلًا} ؛ أي في كل وقت. وقد اقتصر الناظم في الحالات السابقة، على إبدال الظاهر من ضمير الحاضر فقال: ومن ضمير الحاضر الظاهر لا ... تبدله إلا ما إحاطة جلا أو اقتضى بعضاً أو اشتمالًا ... كإنك ابتهاجك استمالا* أي: لا تبدل الظاهر من ضمير، إلا إذا أظهر البدل إحاطة؛ أي دل عليها؛ بكونه بدل كل من كل. أو اقتضى بعضا؛ بأن دل على البعضية، أو دل على اشتمال، كقولك: إنك ابتهاجك استمال الليك القلوب وجذبها نحوك. 2 أيك على أن "زيدا" و"عمرا"، بدلان من الكاف والياء المنصوبين محلا في رأيتك ورأيتني. ووجه الامتناع، إن لم يفد الإحاطة، عدم الفائدة حينئذ، وينبغي أن يفيد البدل ما لم يفده المبدل منه.   * "ومن ضمير" جار ومجرور متعلق بتبدله. "الحاضر" مضاف إليه. "الظاهر" مفعول لفعل محذوف يفسره تبدله. "لا" ناهية. "تبدله" فعل مضارع مجزوم بلا، والهاء مفعوله تعود إلى الظاهر. "إلا" أداة استثناء. "ما" اسم موصول مستثنى مبني على السكون في محل نصب. "إحاطة" مفعول جلا مقدم، وجملة "جلا" صلة الموصول. "أو اقتضى" معطوف على جلا، والفاعل يعود على البدل. "بعضا" مفعوله. "أو اشتمالًا" معطوف على بعضا. "كإنك" الكاف جارة لقول محذوف. "ابتهاجك" بدل اشتمال من الكاف في إنك الواقع اسما لإن، والكاف مضاف إليه. "استمالا" فعل ماض والفاعل يعود على ابتهاجك، والألف للإطلاق، والجملة خبر إن، أي إن فرحك استمال القلوب إليك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 فصل: في إبدال كل من الاسم والفعل والجملة من غيره يبدل كل من الاسم والفعل والجملة من مثله1؛ فالاسم كما تقدم، والفعل كقوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ} 2. والجملة كقوله تعالى: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ} 3. وقد تبدل الجملة من المفرد؛ كقوله:   1 ويرى بعض النحاة جواز إبدال الفعل من اسم يشبهه، والعكس؛ كما جاز في العطف؛ تقول: محمد متق يخاف ربه، ومحمد يخاف ربه متق. وقيل: إن هذا خبر بعد خبر. 2 فالفعل "يُضَاعَفْ" بدل اشتمال من "يَلْقَ"؛ لأن لقي الآثام يستلزم مضاعفة العذاب. وقيل: بدل كل من كل؛ لأن مضاعفة العذاب هي لقي الآثام، ويشترط اتحاد الفعلين في الزمان دون النوع كما في العطف؛ فيجوز: إن جئتني تحسن إلي أكرمك. ولا يبدل الفعل من الفعل بدل بعض، ولا بدلًا مباينًا، وأجازهما بعض النحاة، ومثلوا للأول بقولهمك إن تصل تسجد لله يرحمك؛ فـ"تسجد" بدل بعض من "تصل"، وللثاني بنحو: إن تطعم الفقير تكسه تثب؛ فـ"تكسه" مباين من "تطعم"، والذي يدل على أن البد فيما سبق هو الفعل وحده، لا الجملة، مشاركة الفعل التابع لمتبوعه في نصبه أو جزمه؛ فهو من قبيل بدل المفرد، وفي بدل الفعل من الفعل يقول الناظم في إجمال: ويبدل الفعل من الفعل كـ"من ... يصل إلينا يستعين بنا يعن"* "فيستعين بنا" بدل اشتمال من "يصل إلينا". 3 جملة "أَمَدَّكُمْ" الثانية بدل بعض من كل من "أَمَدَّكُمْ" الأولى لأنها أخص منها؛ لأن "مَا تَعْلَمُونَ" يشمل الأنعام وغيرها. من الآيتين 132، 133 من سورة الشعراء. وتبدل الجملة من الجملة بدل اشتمال كقوله: أقول له أرحل لا تقيمن عندنا ... وإلا فكن في السر والجهر مسلماً فجملة "لا تقيمن" بدل اشتمال من جملة "ارحل"؛ إذ يلزم من الرحيل عدم الإقامة. أما إبدال الجملة من الجملة بدل كل؛ فمنعه البعض، وأجازه آخرون بشرط أن تكون الجملة الثانية أدل من الأولى على بيان المراد؛ نحو: اقطع عنقود العنب اقطعه. ولا يحتاج هذا النوع من البدل إلى ضمير يعود على المبدل منه؛ لتعذر عودته على الفعل أو على الجملة.   * "الفعل" نائب فاعل يبدل. "من الفعل" متعلق بيبدل. "كمن" الكاف جارة لقول محذوف، و"من" اسم شرط جازم مبتدأ. "يصل" فعل الشرط مجزوم بمن. "إلينا" متعلق به. "يستعن" فعل مضارع، بدل اشتمال من يصل، "يعن" بالبناء للمجهول، جواب الشرط، وجملتا الشرط وجوابه خبر المبتدأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 إلى الله أشكو بالمدينة حاجة ... وبالشام أخرى كيف يلتقيان1 أبدل "كيف يلتقيان" من "حاجة" و"أخرى"؛ أي: إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما.   1 بيت من الطويل، ينسب للفرزدق الشاعر المشهور، يشكو من تفرق حاجاته وأغراضه وتباعد ما بينها، وأنه موزع القلب مشتت البال، وبعده: سأعمل نص العيش حتى يكفني ... غنى المال يوماً أو غنى الحدثان اللغة والإعراب: معاني المفردات واضحة. "إلى الله" متعلق بأشكو. "بالمدينة" متعلق بمحذوف، حال من "حاجة" تقدمت عليها. "حاجة" مفعول أشكو. "وبالشام" معطوف على الجار والمجرور. "أخرى" معطوف على حاجة، وهما معمولان لأشكو. "كيف" اسم استفهام، حال تقدمت على صاحبها وعاملها. "يلتقيان" فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف فاعل، والجملة بدل اشتمال من حاجة وأخرى. والشاهد: إبدال جملة "كيف يلتقيان" من المفرد -وهو حاجة وأخرى- بدل كل، وسوغ ذلك أن الجملة في التقدير بمنزلة المفرد، كما بين المصنف، والذي ذهب إليه المصنف رأي ابن جني ومن جاء بعده. وقال الدماميني: يحتمل أن يكون "كيف يلتقيان" جملة مستأنفة؛ أريد بها التنبيه على سبب الشكوى؛ وهو استبعاد اجتماع هاتين الحالتين. وقد يبدل المفرد من الجملة، كقوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا، قَيِّمًا} ، فكلمة {قَيِّمًا} بدل من جملة {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} ؛ لأنها في معنى المفرد أي جعله مستقيمًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 فصل: في الإبدال من اسم مضمن معنى الاستفهام أو الشرط وإذا أبدل اسم من اسم مضمن معنى حرف استفهام، أو حرف شرط، ذكر ذلك الحرف مع البدل1؛ فالأول كقولك: كم مالك؟ أعشرون أم ثلاثون؟ ومن   1 وذلك ليوافق البدل المبد منه في تأدية المعنى، وهذا بشرط ألا يظهر حرف الاستفهام مع المبدل منه، فإن ظهر فلا يلي البدل ذلك، ومعنى تضمنه معنى همزة الاستفهام: أنه استفهام يؤدي معنى الهمزة، وهذا الاستفهام عام مجمل، وما بعد الهمزة من البدل. فرد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 رأيت؟ أزيدًا أم عمرًا؟ وما صنعت؟ أخيراً أم شرًا؟ 1 والثاني نحو: من قيم، إن زيد وإن عمرو، أقم معه، وما تصنع، إن خيرًا وإن شرًا، تجز به، ومتى تسافر، إن غدًا وإن بعد غدٍ، أسافر معك2.   يدخل ضمنًا في اسم الاستفهام المبدل منه، وكذلك يقال في الشرط. 1 فـ"عشرون" وما عطف عليه بدل تفصيل من "كم"، و"زيدا" وما عطف عليه بدل من "من"، و"خيرا" وما عطف عليه بدل من "ما". وقرن الجميع بالهمزة؛ لتضمن المبدل منه معنى الاستفهام. وتكرير الأمثلة، لأن الاستفهام الذي يتضمنه المتبوع قد يكون عن الكمية؛ أي المقدار، أو عن تعيين الذات، أو عن معنى من المعاني. 2 فزيد وعمر وبدلان من "من" بدل تفصيل، وخيرًا وشرًا بدلًا من "ما" الشرطية. وغدًا وبعد غد بدلًا من "متى"، وقرنت كلها بإن لتضمن المبدل منه معنى الشرط. وكرر الأمثلة؛ لان الشرط الذي يتضمنه المتبوع قد يكون للعاقل أو غيره، وللزمان وللمكان، وقد اقتصر الناظم على الكلام على البدل ممن ضمن الاستفهام؛ فقال: وبدل المضمن الهمز يلي ... همزاً كـ"من ذا" أسعيد أم علي* أي أن البدل من المضمن همزة الاستفهام لابد أن تسبقه الهمزة كالمثال الذي ذكره.   * "وبدل" مبتدأ، والواو للاستئناف. "المضمن" اسم مفعول مضاف إليه، ونائب فاعل ضمير مستتر هو المفعول الأول. "الهمز" مفعول ثان له. "يلي همزا" الجملة خبر المبتدأ. "كمن" الكاف جارة لقول محذوف، و"من" استفهامية مبتدأ. "ذا" اسم إشارة، خبر. "أسعيد" الهمزة للاستفهام، و"سعيد" بدل من "من". "أم علي "معطوف على سعيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 ..................................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف البدل، واذكر أنواعه، ومثل لكل، وبين كيف يبدل من المجررو؟ 2 ما الذي يشترط في كلنوع من أنواع البدل؟ ولماذا؟ 3 ما شرط الإبدال من الضمير؟ وكيف تبدل مما ضمن معنى الاستفهام، أو الشرط؟ 4 اذكر أقسام البدل المباين، وبين الفرق بينهما، موضحًا ذلك بأمثلة من عندك. 5 اشرح قول ابن مالك: واعطف على اسم شبه فعل فعلا ... وعكساً استعمل تجده سهلا وما رأي النحاة في عطف الجملة على الجملة؟ اشرح ذلك. وهل يشترط فيه شيء؟ 6 فيما يأتي شواهد لأنواع البدل ومسائله، وما يتعين كونه عطف بيان أو بدل، وما يجوز فيه الأمران، بين موضع الشاهد، وأعربه: قال تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} ، {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ} ، {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} ، {وَمَا أَنْسَانِي إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} ، {مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} ، {اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} ، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} ، {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا} . قال -عليه السلام: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" ... إلخ. وقال: "اجتنبوا السبع الموبقات، الشرك بالله، والسحر .... " إلخ. إن النجوم نجوم الأفق أصغرها ... في العين أذهبها في الجو إصعادا ذريني إن أمرك لن يطاعا ... وما ألفيتني حلمي مضاعا رحم الله أعظمًا دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات أداوي جحود القلب بالبر والتقى ... ولا يستوي القلبان قاس وراحم أقول له أرحل لا تقيمن عندنا ... وإلا فكن في السر والجهر مسلمًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 ..................................................................................................................   7 بين الفرق بين بدل المطابقة، وبدل الاشتمال، موضحًا ذلك بأمثلة كافية. 8 ما رأيك فيما ذكر النحاة من فروق بين عطف البيان والبدل؟ وفي القولة المشهورة عن الإمام الرضي، ونصها كما في الصبان في آخر باب عطف البيان: "أنا للآن لم يظهر لي فرق جلي بين بدل الكل من الكل، وعطف البيان؛ بل ما أرى عطف البيان إلا البدل، كما هو ظاهر كلام سيبويه". 9 بين فيما يأتي: أنواع التوابع التي مرت بك، ومتبوعها، وأعرب ما تحته خط. هل تعلم أن سلطان العلماء المعز بن عبد السلام وفد على مصر المعزية من دمشق حاضرة سورية، في عهد السلطان نجم الدين أيوب؟ وقد رشحته موهبته العظيمة، وأدبه الجم، وطلاقه لسانه، أن يتولى الخطابة في مسجد الإمام عمرو بن العاص؛ كما رشحه علمه وورعه أن يتولى القضاء، وأنه أفتى ببيع السادة المماليك. وقد تم ذلك، ونودي ببيعهم على رءوس الأشهاد، صغيرهم وكبيرهم، ووضعت الأموال أثمانهم في بيت المال، خزانة المالية وقتئذ؟ ذلك ما حدث لا ريب فيه، وقد سجله التاريخ. إن علي الله أن تبايعا ... تؤخذ كرهًا أو تجيء طائعا 10 بعض انواع البدل لا بد فيه من ضمير يربطه بالمتبوع، اذكر ذلك النوع، وهل هنالك ما يغني عن الضمير في الربط؟ وضح ذلك بأمثلة من إنشائك. 11 أعرب البيت الآتي واشرحه، وبين الشاهد فيه. ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل ... عفاف وإقدام وحزم ونائل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 باب: النداء وفيه فصول الفصل الأول: في أحراف النداء وما تدل عليه ... باب: النداء 1 وفيه فصول الفصل الأول: في الأحرف التي ينبه بها المنادى، وأحكامها وهذه الأحرف ثمانية: الهمزة و"أي" مقصورتين وممدودتين2، و"يا"، و"أيا"، و"هيا"، و"وا". فالهمزة المقصورة للقريب3؛ إلا إن نزل منزلة البعيد4؛ فله بقية الأحرف، كما أنها للبعيد الحقيقي. وأعمها "يا"؛ فإنها تدخل على كل نداء5. وتتعين في نداء اسم الله تعالى6، وفي باب الاستغاثة؛ نحو: يا لله للمسلمين، وتتعين هي، أو "وا" في باب الندبة، و"وا" أكثر استعمالًا منها في ذلك الباب؛ وإنما تدخل "يا" إذا أمن اللبس7؛   باب النداء وفيه فصول: 1 النداء معناه لغة: الطلب وتوجيه الدعوة بأي لفظ كان. واصطلاحًا: طلب المتكلم إقبال المخاطب إليه بالحرف "يا"، أو إحدى أخواتها، سواء كان الإقبال حقيقيًا، أو مجازيًا يقصد به طلب الاستجابة؛ كنداء الله سبحانه وتعالى. 2 تقول في حالة القصر: أمحمد؛ أي محمد، وفي حالة المد: آمحمد؛ أي محمد. أما بقية الأحرف فممدودة. 3 أي للمخاطب القيب في المكان من الداعي، حسيًا كان أو معنويًا؛ نحو: أرب الكون ما أعظم قدرتك! ومثلها "أي" عند المبرد. وقال ابن مالك: هي لنداء البعيد كيا. 4 وذلك بسبب نوم، أو سهو، أو ارتفاع مكانة؛ كنداء العبد لربه، أو انخفاضها؛ كالعكس. أما الهمزة الممدودة فللبعيد؛ لأنه يحتاج إلى مد الصوت ليسمع النداء. 5 سواء كان خالصًا من الندبة والاستغاثة، أم مصحوبًا بهما؛ ولهذا لا يقدر غيرها عند الحذف. وهي لنداء البعيد عند جمهور النحاة. 6 أي في لفظ الجلالة "الله"، وكذلك في نداء لفظ "أيها" و"أيتها"؛ إذ لم يرد عن العرب نداء هذه الأشياء بحرف آخر. 7 فلا يلتبس المندوب بغير المندوب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 كقوله: وقمت فيه بأمر الله يا عمرا1   1 عجز بيت من البسيط لجرير، يرثي أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-، وصدره: حملت أمرًا عظيمًا فاصطبرت له وقبله: نعى النعاة أمير المؤمنين لنا ... يا خير من حج بيت الله واعتمرا وبعده: فالشمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم الليل والقمرا اللغة والإعراب: حملت: كلفت. أمرًا عظيمًا: هو الخلافة وتبعاتها الشاقة. اصطبرت: بالغت في الصبر والاحتمال. "حملت" فعل ماض للمجهول، والتاء نائب فاعل مفعول أول. "أمرا" مفعول ثان. "فاصطبرت" معطوف على حملت. "لها" جار ومجرور في محل نصب مفعول اصطبرت. "يا عمرًا" يا حرف نداء وندبة، "عمرا" منادى مندوب مبني على ضم مقدر على آخر، منع من ظهوره الفتحة العارضة لمناسبة ألف الندبة. والمعنى: كلفت الخلافة وعهد إليك بشئون المسلمين، في وقت عم فيه الظلم وفشا الجور؛ فصبرت على تلك المشاق، وقمت بما أمرك الله، فقضيت على الفساد ونشرت العدل بين الناس، فأرضيت الخلق والخالق. والشاهد: استعمال "يا" للندبة لأمن اللبس؛ فإن صدور ذلك بعد موت عمر، دليل على أن المقصود الرثاء والتوجع، لا النداء، وكذلك اتصال ألف الندبة في آخره دليل على أنه أراد الندبة لا النداء. وفي بيان أدوات النداء، ومواضع استعمالها، يقول الناظم: وللمنادى الناء أو كالناء "يا" ... و"أي" و"آ" كذا "أيا" ثم "هيا" والهمز للداني و"وا" لمن ندب ... أو "يا" وغير "وا" لدى اللبس اجتنب* أي أنه يستعمل للمنادى النائي؛ أي البعيد، أو ماي يشبهه مما ذكرناه، هذه الأحرف الخمسة التي سردها، وأن الهمزة تستعمل لنداء الداني؛ أي القريب، وأن "وا" للمندوب، وكذلك "يا"، بشرط أمن اللبس، فإن خيف لبس بالمنادى، تعينت "وا" كما إذا كنت تندب شخصًا اسمه "علي"، وبحضرتك مسمى بهذا الاسم؛ فإنه لو أتي بيا احتمل نداء الحاضر. هذا: ويجوز نداء القريب بما للبعيد؛ لعلة بلاغية؛ كالتوكيد، والحث على الإصغاء.   * "وللمنادى" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "الناء" صفة له. "أو كالناء" عطف عليه. "يا" بالقصر مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "وأي وآ" معطوفان على "يا". "كذا" خبر مقدم. "أيا" مبتدأ مؤخر. "ثم هيا" معطوف على "أيا". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 ويجوز حذف الحرف1؛ نحو: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} ، {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ} ، {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّه} 2. إلا في ثمان مسائل: المندوب3؛ نحو: يا عمرا. والمستغاث4؛ نحو: يا لله. والمنادى البعيد؛ لأن المراد فيهن إطالة الصوت والحذف ينافيه. واسم الجنس غير المعين5؛كقول الأعمى: يا رجلا خذ بيدي والمضمر6، ونداؤه شاذ، ويأتي على صيغتي المنصوب والمرفوع، كقول بعضهم: يا إياك قد كفيتك7، وقول الآخر:   ويمتنع العكس إلا في حالة التنزيل المذكور. 1 أي لفظا فقط، مع مراعاة تقديره، ويتعين تقديره "يا" عند الحذف كما أسلفنا؛ لأنها تستعمل في جميع أنواع المنادى. 2 أي بتقدير حرف النداء "يا" في الجميع. وقد مثل بثلاثة أمثلة للمنادى: المفرد، والشبيه به، والمضاف. وقيل: أن {عِبَادَ اللَّهِ} مفعول {أَدُّوا} ، ومضاف إليه، ولا شاهد فيه حينئذ. 3 وهو المتفجع عليه، أو المتوجع منه، وسيأتي إيضاحه في بابه. 4 وهو من ينادي ليخلص من شدة، أو يساعد في دفعها، وقريبًا نوضحه في مكانه، ومنه المتعجب منه، نحو: يا للماء! إذا تعجب من كثرته. 5 هو: النكرة غير المقصود؛ لأنها غير متهيئة فتحتاج إلى زيادة تنبيه. 6 المراد ضمير المخاطب؛ لأن غيره لا ينادي مطلقاً؛ فلا يقال: يا أنا، ولا يا هو. وإنما امتنع الحذف لأن حذف الحرف معه يفوت الدلالة على النداء. 7 قيل: إن الأحوص اليربوعي وفد مع ابنه على معاوية، فقام الأب فخطب؛ فلما انتهى قام الابن ليخطب فقال له الأب ذلك؛ أي قد أغنيتك عن القول. وبعضهم أعرب "يا" للتنبيه، و"إياك" مفعول لفعل محذوف يفسره "كفيتك" المذكور، ويكون من باب الاشتغال، ولا شاهد فيه.   "والهمز للداني" مبتدأ وخبر. "وواو" مبتدأ قصة لفظه. "لمن" متعلق بمحذوف خبر، وجملة "ندب" صلة من "أو يا" معطوف على "وا". "وغير "مبتدأ. "وا" مضاف إليه. "لدى" ظرف متعلق باجتنب. "اللبس" مضاف إليه، وجملة "اجتنب" خبر المبتدأ، وهو "غير". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 يا أبجر بن أبجر يا أنتا1 واسم الله تعالى إذا لم يعوض في آخره الميم المشددة2 وأجازه بعضهم، وعليه قول أمية بن أبي الصلت: رضيت بك اللهم ربا فلن أرى ... أدين إلهاً غيرك الله راضياً3   1 صدر بيت من الرجز، نسبة العيني للأحوص اليربوعي، وصوب بعضهم: أنه لسالم بن دارة، في مر بن واقع، وصدره: يامريا بن واقع يا أنتا والعجز في الحالتين: أنت الذي طلقت عام جعتا اللغة والإعراب: الأبجر: المنتفخ البطن. طلقت: فارقت حلائلك. عام جعتا: أي في الوقت الذي وقعت فيه المجاعة. "يا" للنداء. "أبجر" الجر بالفتحة لوزن الفعل، ولكنه صرف لضرورة الوزن. "يا" للنداء. "أنتا" منادى مبني على ضم مقدر منع منه حركة البناء الأصلي، والألف للإطلاق. "أنت الذي" مبتدأ وخبر. "طلقت" الجملة صلة الذي. "عام" ظرف متعلق بطلقت. "جعتا" الجملة في محل جر بإضافة عام. والمعنى: يذم المخاطب بقوله: يا عظيم البطن، وابن عظيمها، أنت الذي فارقت زوجاتك حين لم تجد ما تسد به رمقك، وتملأ به كرشك، وأبيت السعي لجلب رزقهن. والشاهد: في "يا أنتا" حيث نادى الضمير الذي في موضع الرفع. وقيل: إن "يا" للتنبيه، و"أنت" الأولى مبتدأ، والثانية توكيد، والموصول خبر، ولا شاهد فيه. 2 لأن نداءه على خلاف الأصل، لوجود "أل" فيه؛ فلو حذف حرف النداء من غير تعويض، لم يدم عليه دليل، فإن عوض فالحذف واجب، كما سيأتي. 3 بيت من الطويل، من قصيدة طويلة في سيرة ابن هشام. وأمية هذا: شاعر ثقفي مشهور في الجاهلية، كان عالما بالأخبار، وقد قرأ كثيرًا من الكتب، وعلم أن الله سيرسل رسولًا في ذلك الوقت، فرجا أن يكون هو الرسول؛ فلما بعث النبي -عليه السلام- حسده وكذبه، ولم يوفق للإيمان به. وقيل: إنه هو الذي نزل فيه في سورة الأعراف قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 واسم الإشارة، واسم الجنس لمعين1 خلافاً للكوفيين فيهما2؛ احتجوا بقوله: بمثلك هذا لوعة وغرام3   اللغة والإعراب: أدين: أتخذ دينًا؛ من دان بالشيء: أتخذه دينا. "اللهم" منادى مبني على الضم، والميم المشددة عوض عن حرف النداء المحذوف. "ربا" مفعول رضيت، أو تمييز، أو حال من لفظ الجلالة. "فلن" الفاء للتفريع، و"لن" حرف نفي ونصب. "أرى" فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل أنا. "أدين" فعل مضارع ارتفع بعد حذف الناصب، وأصله: أن أدين، على حد: "تسمع بالمعيدي". "الهاء" مفعوله. "غيرك" غير صفة لإله، والكاف مضاف إليه. "الله" منادى بحذف حرف النداء بدون تعويض، على رأي. "راضيا" حال من فاعل رضيت، أو أدين، أو هو مفعول مطلق لرضيت على حد، قم قائما؛ أي قياما. والمعنى: رضيت رضا ربا يا الله، فلن أرى أن أتخذ إلها غيرك أعبده وأدين له. والشاهد: في قوله "الله" حيث أعرب منادى مع حذف حرف النداء، وبدون تعويض بالميم المشددة، وذلك ممنوع، كما أنه يجب حذف الحرف معه إذا لحقته الميم؛ لأنه لا يجمع بين العوض والمعوض، وهذا هو القياس. وما جاء على غير ذلك فهو مخالف للقياس. 1 المراد به: النكرة المقصودة المبنية على الضم عند ندائها. وعلة امتناع الحذف عندهم: أن حرف النداء في اسم الجنس كالعوض عن أداة التعريف؛ فلا يحذف كما لا تحذف. وكذلك اسم الإشارة. 2 فقد أجازوا نداء اسم الإشارة على قلة؛ بشرط ألا تتصل به كاف الخطاب، إلا في الندبة؛ فيصح، فإن اتصلت به الكاف ففي جواز ندائه خلاف؛ والصحيح المنع لاستلزامه اجتماع النقيضين؛ لأن مدلول كاف الخطاب يخالف مدلول المنادى. وكذلك يجوز نداء اسم الجنس المعين قليلا. 3 عجز بيت من الطويل، من قصيدة لذي الرمة، غيلان بن عقبة، وصدره: إذا هملت عيني لها قال صاحبي ومطلع القصيدة: عليكن يا أطلال مي بشارع ... على ما مضى من عهدكن سلام اللغة والإعراب: هملت العين: فاض دمعها وسال. لوعة: اللوعة: حرقة في القلب؛ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 وقولهم: أطرق كرا1،وافتد مخنوق2، وأصبح ليل3. وذلك عند البصريين ضرورة وشذوذ4.   من ألم الحب والهوى، أو الحزن. غرام: ولوع وشدة رغبة. "إذا" شرطية. "هملت" فعل الشرط، والتاء للتأنيث. "عيني" فاعله. "لها" متعلق بهملت، واللام للتعليل؛ أي لأجل المحبوبة. "قال" فعل ماض، جواب الشرط. "صاحبي" فاعله مضاف للياء. "بمثلك" جار ومجرور خبر مقدم. "هذا" ها للتنبيه، و"ذا" اسم إشارة منادى على حذف حرف النداء. "لوعة" مبتدأ مؤخر، والجملة في محل نصب مقول القول. "وغرام" معطوف على لوعة. والمعنى: كلما بكى وانهمر دمعه عند تذكر محبوبته، قال له صاحبه: يا هذا: إنك شديد الحب لها، والغرام بها. وهو لا يستطيع أن يعمل له شيئاً يخفف من لوعته وغرامه، ويذهب عنه بعض ألامه. الشاهد: نداء اسم الإشارة، وهو "هذا" مع حذف النداء، على رأي الكوفيين. 1 هذا جزء من مثل، وتمامه: إن النعام في القرى، وهو مثل يضرب لمن تكبر وقد تواضع من هو أحسن وأشرف منه؛ أي أخفض يا كرا عنقك للصيد؛ فإن من هو أكبر وأطول عنقا منك -وهو النعام- قد صيد وجيء به من مكانه إلى القرى. وأصله: يا كروان؛ فرخم بحذف النون والألف، كما سيأتي إيضاحه، ثم قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وشذوذه من وجهين: حذف حرف الناء، وترخيمه. 2 مثل يضرب لكل مضطر وقع في شدة وضيق، وهو يبخل بافتداء نفسه بشيء من ماله؛ أي افتد نفسك يا مخنوق. 3 مثل يضرب لمن يظهر الكراهة والبغض للشيء، أي: لتذهب أيها الليل بهمومك، وليأت الصبح بديلًا عنك؛ فقد حذف حرف النداء في هذه الأمثلة، مع أن المنادى اسم إشارة في المثال الأول، واسم جنس في الأخيرين. وبذلك احتج الكوفيون على الجواز، وجعلوا منه قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ} ، على أن هؤلاء اسم إشارة منادى. 4 أي: ضرورة إذا وقع في النظم، وشذوذ إذا ورد في النثر، ومن ذلك قول المتنبي: هذي برزت لنا فهجت رسيسا ... ثم انصرفت وما شفيت نسيسا أي: يا هذي. وقيل: المتنبي كوفي؛ فجاء كلامه على مذهبهم. ومعنى هجت: أثرت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 الفصل الثاني: في أقسام المنادى وأحكامه الأول: ما يجب فيه البناء على ما يرفع به ... الفصل الثاني: في أقسام المنادى وأحكامه المنادى على أربعة أقسام: الأول: ما يجب فيه البناء على ما يرفع به ما يجب فيه أن يبنى على ما يرفع به1 لو كان معرباً، وهو ما اجتمع فيه أمران: أحدهما: التعريف؛ سواء كان ذلك التعريف سابقًا على النداء؛ نحو: يا زيد، أو   رسيسا: هما. نسيسا: بقية نفس. أما الآية فمؤولة على أن {هَؤُلاءِ} بمعنى الذين، وهو خير عن {أَنْتُمْ} ، أو بالعكس، وجملة {تَقْتُلُونَ} صلة، أو أن {هَؤُلاءِ} اسم إشارة وجملة {تَقْتُلُونَ} حال. وقد اقتصر الناظم في مواضع الحذف على قوله: وغير مندوب ومضمر وما ... جا مستغاثًا قد يعرى فاعلما وذاك في اسم الجنس والمشار له ... قل ومن يمنعه فانصر عاذلة* أي: قد يعرى -أي يتجرد- المنادى من حرف النداء، إذا كان المنادى غير مندوب، وغير مضمر، وغير مستغاث. وحذف حرف النداء قليل في اسم الجنس المعين، والمشار له، أي اسم الإشارة، بشرط خلوة من مضيره المخاطب، وقد منعه كثير من النحاة، ومن يمنع ذلك فانصر لائمه؛ لأنه لا حجة له في المنع، فقد وردت أمثلة كثيرة عن العرب تكفي للقياس عليه. 1 فيبنى على الضم الظاهر أو المقدر في: المفرد الحقيقي، وما يلحق به؛ كأسماء الإشارة، والأسماء الموصولة غير المبدوءةبأل، وفي جمع التكسير، وجمع المؤنث السالم، وعلى الألف في المثنى، وعلى الواو في جمع المذكر السالم. وعلل النحويون البناء بمشابهة الكاف الاسمية في نحو: "أدعوك"؛ خطابًا، وإفراد، وتعريفًا، وهذه تشبه الكاف الحرفية لفظا ومعنى، فهو مشبه للحرف بالواسطة.   * "وغير مندوب" غير مبتدأ، ومندوب مضاف إليه. "ومضمر وما" معطوفان على مندوب، و"ما" اسم موصول. "مستغاثًا" حال من فاعل جا، والجملة صلة ما. "قد يعرى" الجملة صلة ما. " قد يعرى" الجملة خبر المبتدأ. "فاعلما" فعل أمر مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد المنقلبة ألفا للوقف. "وذاك" مبتدأ والإشارة إلى التعري، أي التجرد من حرف النداء، المفهوم من يعرى. "في اسم الجنسِ" "في اسم" الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 عارضاً في النداء بسبب القصد والإقبال1؛ نحو: يا رجل، تريد به معيناً. والثاني: الإفراد، ونعني به ألا يكون مضافاً، ولا شبيهاً به، فيدخل في ذلك: المركب المزجي2، والمثنى، والمجموع3، نحو: يا معد كرب، ويا زيدان، ويا زيدون، ويا رجلان، ويا مسلمون، ويا هندات4. وما كان مبنياً قبل النداء؛ كسيبويه، وحذام، في   1 أي قصد المنكر بعينه، مما يزيل عنه الإبهام، وإقبال المتكلم عليه وإلقائه الكلام نحوه، فالعلم المفرد بعد النداء معرفة من غير شك، سواء كان التعريف سابقًا على النداء، وهو الأرجح، أو تجدد بسبب النداء. والنكرة المقصودة هي: التي تستفيد التعريف من النداء، وحكمها البناء على الضمة أو ما ينوب عنها، في محل نصب، فهي كالمفرد العلم في ذلك، بشرط أن تكون مفردة، وغير موصوفة قبل النداء، كما سيأتي. 2 وكذلك العددي؛ كخمسة عشر، والإسنادي؛ كفتح الله. ويبنى المزجي على ضم الجزء الثاني، وكذلك الإسنادي، والعددي على فتح الجزأين. 3 قال الصبان: الظاهر أن نحو: يا زيدان، ويا زيدون، من النكرة المقصودة لا من العلم، وأن العلمية زالت؛ إذ لا يثنى العلم، ولا يجمع، إلا بعد اعتبار تنكيره؛ ولهذا دخلت عليهما أل، فتعريفهما بالقصد والإقبال. 4 الأول مبني على ضم الجزء الثاني، والأخير كذلك؛ لأنه جمع مؤنث، والباقي على الألف والواو، والجميع في محل نصب؛ لأن المنادى بمنزلة المفعول به. وقد اختلف في ناصبه؛ فعند سيبويه والجمهور: أن الناصب له فعل مضمر وجوبًا، وحذف لكثرة الاستعمال، فنابت عنه "يا"، أو إحدى أخواتها، وصار المفعول به منادى مبنيًا على الضم في محل نصب؛ فأصل يا محمد: أدعوا محمدًا؛ حذف الفعل، ونابت منابه "يا". ويرى المبرد والفارسي: أن النصب بحرف النداء الذي سد مسد الفعل المستتر، وقد استتر الفاعل فيه، والمنادى مشبه بالمفعول به. ويعتبر النحاة حرف النداء مع المنادى جملة فعلية إنشائية للطلب، على الرغم من أنها قبل النداء خبرية.   متعلق بقل، والجنس مضاف إليه. "والمشار" عطف على اسم الجنس. "له" متعلق به، وجملة "قل" خبر المبتدأ، و"من" اسم شرط مبتدأ. "يمنعه" فعل الشرط. "فانصر" الفاء واقعة في جواب الشرط. "عاذله" مفعول انصر، ومضاف إليه، والجملة جواب الشرط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 لغة أهل الحجاز قدرت فيه الضمة1. ويظهر أثر ذلك في تابعه؛ فتقول: يا سيبويه العالم، برفع العالم ونصبه2، كما تفعل في تابع ما تجدد بناؤه؛ نحو: يا زيد الفاضل، والمحكي كالمبنى3؛ تقول: يا تأبط شرًا المقدام أو المقدام.   1 أي كما تقدر في المعتل؛ كفتى، وقاض. 2 الرفع مراعاة للضم المقدر، والنصب مراعاة للمحل. ولا يجوز الجر مراعاة للكسر؛ لأنها حركة بناء. ويقال في إعرابه: مبني على ضم مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي، في محل نصب، "وسيبويه" منادى مبني على ضم مقدر، منع منه اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي، في محل نصب. 3 أي يبنى على مقدر، منع من ظهوره حركة الحكاية، في محل نصب، ويرفع تابعه وينصب على النحو المبين في المبني. وإذا نودي المنقوص؛ كقاض، حذف تنوينه ورجعت الياء، وبني على ضم مقدر عليها، وإذا نودي: أثنا عشر، واثنتا عشرة -علمين- جاز أن يقال: يا اثنا عشر، ويا اثنتا عشرة، بالبناء على الألف، وتبقى عشر وعشرة مبنية على الفتح؛ لأنها بمنزلة نون المثنى، وهمزتها للقطع ما داما علمين. ويجوز أن يقال: يا اثني عشر، ويا اثنتي عشرة، بالنصب بالياء، واعتبار عشر وعشرة بمنزلة المضاف إليه صورة، وقد أشار الناظم إلى القسم المتقدم بقوله: وابن المعرف المنادى المفردا ... على الذي في رفعه قد عهدا وانو انضمام ما بنو قبل الندا ... وليجر مجرى ذي بناء جدد* أي ينبغي أن يبنى المنادى المفرد المعرف، وأن يكون بناؤه على العلامة المعهودة فيه   * وابن" فعل مبني على حذف الياء. "المعرف" مفعوله. "المنادى" بدل من المعرف. "المفردا" نعت للمنادى. "على الذي" جار ومجرور متعلق بابن. "في رفعه" متعلق بعهدا الواقع صلة للذي، ونائب فاعل عهدا يعود إلى الذي، والألف للإطلاق. "انضمام" مفعول انو. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "بنوا" الجملة صلة، والعائد محذوف؛ أي بنوه. "قبل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 و الثاني: ما يجب نصبه وهو ثلاثة أنواع: أحدها: النكرة غير المقصودة1؛ كقول الواعظ: يا غافلاً والموت يطلبه2، وقول الأعمى: يا رجلاً خذ بيدي، وقول الشاعر: أيا راكباً إما عرضت فبلغن3   في حالة رفعه قبل النداء؛ فما علامته الضمة يبنى عليها، وما علامته الألف؛ كالمثنى، أو الواو؛ كجمع المذكر، يبنى عليهما. ومثل المفرد العلم: النكرة المقصودة؛ لأنها عرفت بالنداء كما بينا. وما كان من الأسماء مبنيًا قبل النداء، يجب تقدير بنائه على الضم، وإجراؤه مجرى المعرب الذي زال إعرابه وتجدد بناؤه بالنداء، أو مجرى المبني الذي زال بناؤه القديم، وحل محله بناء جديد؛ وذلك بأن يتبع بالرفع مراعاة للضم المقدر فيه، وبالنصب مراعاة للمحل، على النحو الذي شرحناه. 1 أي الباقية على إبهامها وشيوعها، ولا تدل على فرد معين مقصود بالمناداة، وتسمى: اسم الجنس غير المعين. 2 هذا إذا جعلت الواو استئنافية؛ فإن جعلت حالية كان من أمثلة الشبيه بالمضاف؛ لعمله النصب في الجملة التي هي حال من ضمير "غافلا" المستقر فيه. 3 صدر بيت من الطويل، لعبد يغوث بن وقاص الحارثي، أحد شعراء الجاهلية، من قصيدة ينوح فيها على نفسه، عندما أسرته تيم الرباب في يوم الكلاب الثاني، وعجزه: نداماي من نجران أن لا تلاقيا ومطلع القصيدة: ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا ... فما لكما في اللوم خير ولا ليا اللغة والإعراب: عرضت: أي ظهرت، وقيل معناه: أتيت العروض، والعروض: اسم لمكة والمدينة وما حولهما، نداماي: جمع ندمان، وهو المؤنس في مجلس الشراب. نجران: بلد باليمن. "أيا" حرف نداء. "راكبا" منادى منصوب. "أما" إن شرطية مدغمة في "ما" الزائدة. "عرضت" فعل الشرط. "فبلغن" الفا واقعة في جواب الشرط. وبلغن فعل أمر   النداء" قبل ظرف متعلق ببنوا، والندا مضاف إليه. "وليجر" الواو عاطفة، ويجر فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، ونائب الفاعل يعود إلى الذي بنوا قبل النداء. "مجرى" مفعول مطلق مبين للنوع. "ذي بناء" مضاف إليه. "جددا" فعل ماض للمجهول، والجملة في محل جر صفة لبناء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 وعن المازني أنه أحال وجود هذا القسم. الثاني: المضاف1؛ سواء كانت الإضافة محضة؛ نحو: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} ، أو غير محضة؛ نحو: يا حسن الوجه. وعن ثعلب إجازة الضم في غير المحضة2. الثالث: الشبيه بالمضاف، وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه3؛ نحو: يا حسناً   مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة. "نداماي" مفعوهل منصوب بفتحة مقدرة على الألف، وهو مضاف إلى ياء المتكلم. "من نجران" متعلق بمحذوف حال من الندامي، ونجران ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. "أن" مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن. "لا" نافية للجنس. "تلاقيا" اسمها والألف للإطلاق، والخبر محذوف، والجملة في محل رفع خبر "أن" المخففة، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر، مفعول ثان لبلغن. والمعنى: يندب الشاعر حظه وينادي الركبان، وهو في الأسر؛ فيقول: إذا بلغتم العروض فبلغوا ندمائي ورفاقي، وأهلي وأحبابي، أنه لا تلاقي بيننا، فنحن في الأسر لا ندري ما الله صانع بنا. والشاهد: في قوله "فيا راكبا"؛ فهو منادى منصوب لأنه نكرة غير مقصودة؛ فإن الشاعر لا يقصد راكباً معيناً. وفي هذا وأمثاله رد على المازني الذي زعم استحالة وجود هذا النوع؛ بدعوى أن نداء غير المعين لا يمكن، وقال: إن التنوين في ذلك شاذ أو ضرورة. 1 بشرط أن تكون إضافته لغير ضمير لمخاطب غير المضاف. 2 حجته: أن الإضافة فيها في نية الانفصال. ورد بأن علة البناء مشابهة الضمير، وهي مفقودة هنا: لإن الصفة المضافة إلى معمولها ليست بهذه المنزلة، ولم يسمع عن العرب ما يسيغ ذلك. وقد تفصل لام الجر الزائد بين المنادى المضاف، والمضاف إليه، في الضرورة الشعرية؛ كقول سعيد بن مالك: يا بؤس للحرب التي ... وضعت أراهط فاستراحوا 3 أي جاء بعده معمول يتمم معناه؛ سواء كان هذا المعمول مرفوعا به، أم منصوبا، أم مجرورا بالحرف، والجار والمجرور متعلقان بالمنادى، أم معطوفا على المنادى قبل النداء، ومنه النكرة الموصوفة عند كثير من النحاة؛ سواء وصفت بمفرد أو بغيره؛ نحو: يا حليمًا لا يعجل؛ لأنه قد اتصل بهما شيء تمم معناها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 وجهه، ويا طالعا جبلاً، ويا رفيقاً بالعباد، ويا ثلاثة وثلاثين، فيمن سميته بذلك1. ويمتنع إدخال "يا" على ثلاثين2, خلافاً لبعضهم. فإن ناديت جماعة هذه عدتها؛ فإن كانت غير معينة، نصبتهما أيضاً3، وإن كانت معينة، ضممت الأول4، وعرفت الثاني بأل5، ونصبته أو رفعته6، إلا أن أعيدت معه "يا"؛ فيجب ضمه وتجريده من أل7. ومنع ابن خروف8 إعادة "يا"، وتخييره في إلحاق أل مردود9.   1 أي: قبل النداء، وهذا مثال للمنادى المعطوف عليه قبل النداء؛ وإنما وجب نصبها للطول؛ أما الأول فلشبهه بالمضاف؛ لأن الثاني معمول له لوقوع التسمية بهما، وأما الثاني فبالعطف بالواو. 2 لأنه جزء علم؛ كشمس، من عبد شمس، وقيس، من عبد قيس، أما المخالف فقد نظر إلى الأصل. 3 أي ما دمت تريد المجموع؛ أما الأول فلأنه نكرة غير مقصودة، وأما الثاني فللعطف. 4 لأنه نكرة مقصودة، ما دمت أردت به جماعة معينة. 5 لأنه اسم جنس أريد به معين أيضاً؛ فتدخل عليه "أل" لتفيده التعريف، ولم يكف تعريف النداء؛ لأن "يا" لم تدخل عليه مباشرة. 6 أي: عطفا على محل المتبوع أو لفظه، من غير مراعاة لبنائه. 7 أما الضم فلأنه نكرة مقصودة. والمقصود بالضم: البناء على ما يرفع به. وأما تجريده من "أل"؛ فلأن "يا" لا تجامع أل إلا في مواضع ستأتي، وليس هذا منها. 8 انظر صفحة "74"، جزء ثان. 9 قوله: مردود، خبر منع. ووجه الرد على الشطر الأول أن الثاني ليس بجزء علم حتى تمتنع معه "يا"، وعلى الشطر الثاني: أن اسم الجنس أريد به معين؛ فيجب تعريفه بأل لا التخيير، وإلى هذا القسم أشار الناظم بقوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 و الثالث: ما يجوز ضمه وفتحه وهو نوعان: أحدهما: أن يكون علماً مفرداً1، موصوفاً بابن، متصل به، مضاف إلى علم2؛ نحو: يا زيد بن سعيد3. والمختار عند البصريين -غير المبرد- الفتح، ومنه قوله: يا حكم بن المنذر بن الجارود4   والمفرد المنكور والمضافا ... وشبهه أنصب عادماً خلافا* أي: إذا كان المنادى مفردا نكرة غير مقصودة، أو كان مضافا، أو مشبها به، فانصبه بغير خلاف في ذلك. ولم يعتد الناظم برأي ثعلب المخالف؛ لضعفه. 1 فلا يكون مثنى ولا مجموعا، وأن يكون آخره مما يقبل الحركة؛ فلا يكون معتل الآخر؛ فنحو: يا موسى بن محمد، يتعين فيه الضم. 2 سواء كان كل من العلمية: اسما، أو كنية، أو لقبا. ومتى اجتمعت هذه الشروط في نداء أو غيره، وجب حذف همزة الوصل وألفها من ابن وابنة كتابة ونطقا، إلا لضرورة الشعر أو وقوع إحداهما في أول السطر، فتثبت حينئذ كتابة. انظر صفحة 133، باب العلم، من الجزء الأول. 3 فيجوز في "زيد" البناء على الضم في محل نصب على الأصل؛ لأنه مفرد علم، وعلى الفتح في محل نصب أيضاً؛ إما لتركيبه مع الصفة وجعلهما شيئًا واحدًا كخمسة عشر، أو على الإتباع لفتحه "ابن"؛ لأن الحاجز بين آخر المنادي وآخر صفته حرف واحد ساكن، فالفصل به كلا فصل؛ لأنه حاجز غير حصين. ويقال في إعرابه: مبني على ضم مقدر منع من ظهوره فتحه الإتباع في محل نصب، وكلمة "ابن" صفة منصوبة باعتبار المحل، ويجوز من ظهوره فتحة الإتباع في محل نصب، وكلمة "ابن" صفة منصوبة باعتبار المحل، ويجوز أن يكون المنادى معربا منصوباً مضافا إلى سعيد، وكلمة "ابن" مقحمة بين المضاف والمضاف إليه، لا توصف بإعراب ولا بناء ولا محل لها، ولا شك أن هذا تكلف لا مبرر له. 4 صدر بيت من الرجز، نسبه الجوهري لرؤبة، ونسبه غيره لرجل من بني الحرماز، يمدح الحكم بن المنذر العبدي، أمير البصرة، على عهد هشام بن عبد الملك، وعجزه:   * "والمفرد" مفعول مقدم لا نصب. "المنكور" صفته. "والمضافا وشبهة" معطوفان على المفرد، والهاء في شبهة مضاف إليه عائد إلى المضاف. "عادما" حال من فاعل انصب، وفيه ضمير مستتر هو فاعله؛ لانه اسم فاعل يعمل عمل الفعل. "خلافا" مفعوله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 ويتعين الضم في نحو: يا رجل ابن عمرو، ويا زيد ابن أخينا؛ لانتفاء علمية المنادى في الأولى؛ وعلمية المضاف إليه في الثانية، وفي نحو: يا زيد الفاضل ابن عمرو؛ لوجود الفصل، وفي نحو: يا زيد الفاضل؛ لأن الصفة غير "ابن"، ولم يشترط ذلك1 الكوفيون، وأنشدوا: بأجود منك يا عمر الجوادا2، بفتح عمر.   ساردق المد عليك ممدود اللغة والإعراب: الجارود: لقب الجد الممدوح، قيل: لقب بذلك لأنه أغار على قوم فاكتسح أموالهم، فشبهوه بالسيل الشديد الذي يجرف أمامه كل شيء. سرادق. هو ما يمد فوق صحن الدار. المجد: علو المنزلة وسمو القدر. "يا" حرف نداء. "حكم"منادى، وقد ورد بالفتح، فهو مبني على ضم مقدر في محل نصب منع منه حركة الإتباع، أو على الفتح لتركيبه مع "ابن" صفة للحكم على اللفظ أو المحل. "المنذر" مضاف إليه. "ابن" الثانية مجرورة صفة المنذر. "الجارود" مضاف إليه وسكن للوقف. "سرادق المجد" مبتدأ ومضاف إليه. "ممدود" خبر. والمعنى: أن الممدوح ذو شرف وسيادة، وقد جعل المجد ذا سرادق منصوب عليه، على سبيل الاستعارة بالكناية. والشاهد: فتح "حكم" على الرواية، ويجوز الضم. وقد اشترط في جواز الوجهين: كون الابن صفة؛ فلو -جعل بدلا، أو عطف بيان، أو منادى حذف منه حرف النداء، أو -مفعولا- بفعل محوذف تقديره: أعني ونحوه، تعين الضم. 1 أي كون الوصف "ابنا". وحجتهم: أن علة الفتح التركيب. وقد جاء في باب "لا" نحو: لا رجل ظريف، بفتحهما فيجوز هنا. 2 عجز بيت من الوافر الجرير، من قصيدة يمدح فيها عمر بن عبد العزيز، وصدره: فما كعب بن مامة وابن سعدى ومطلع القصيدة: أبت عيناك بالحسن الرقادا ... وأنكرت الأصادق والبلادا اللغة والإعراب: كعب بن مامة: هو كعب الأيادي: الذي يضرب به المثل في الإيثار؛ لأنه آثر رفيقه في السفر بالماء حتى مات عطشا، ومامة: اسم أمه، وابن سعدى: هو أوس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 والوصف بابنة كالوصف بابن؛ نحو: يا هند بنت عمرو. ولا أثر للوصف ببنت؛ فنحو: يا هند بنت عمرو، واجب الضم1. الثاني: أن يكرر2 مضافاً؛ نحو: يا سعد سعد الأوس؛ فالثاني واجب النصب،   ابن حارثة الطائي الجواد المشهور، وسعدى: اسم أمه. "فما" ما نافية حجازية. "كعب" اسمها. "ابن مامة" ابن صفة، ومامة مضاف إليه ممنوع الصرف للعلمية والتأنيث، وابن أروى معطوف على سابقة ومضاف إليه. "بأجود" خبر. "ما" على زيادة الباء. "يا عمر" يا للنداء، وعمر منادى مبنى على الفتح، أو على ضم مقدر منه من ظهوره فتح الإتباع. "الجواد" صفة. والمعنى: واضح. والشاهد: أن "عمر" منادى مبني على الفتح، وقد وصف بغير "ابن"؛ وهو الجوادا، على رأي الكوفيين؛ بدليل قوافي القصيدة، ويحمله البصريون على أن "عمر" حذفت منه الألف. وأصله "يا عمر" فهو كالمندوب، والألف المحذوفة كألف الندبة والفتحة فتحة المناسبة، لا حركة العامل، وهو تكلف بعيد. 1 ويمتنع الفتح لتعذر الإتباع، لأن بينهما حاجزا حصينا وهو تحرك الباء. وقد أشار الناظم إلى هذا النوع بقوله: ونحو "زيد" ضم وافتحن من ... نحو "أزيد بن سعيد" لا تهن والضم إن لم يل الابن علما ... أو يل الابن علم قد حتما أي أنه إذا كان المنادى علما مفردا، موصوفا بكلمة ابن أو ابنة مضافيين إلى علم، جازف فيه البناء على الضم والفتح. ولم يذكر المصنف هذه الشروط اكتفاء بالمثال، وقد بينت بإيضاح. والضم محتوم. ويمتنع الفتح إن لم يقع "ابن" بعد علم، أو لم يقع بعده علم، وباقي المحترزات بينها المصنف. 2 أي المنادى المفرد المعرفة؛ سواء كان علما أم اسن جنس، وفي التمثيل بـ"سعد سعد   "نحو زيد" نحو مفعول لضم، وزيد مضاف إليه، و"افتحن" معطوف على ضم، ومفعوله ضمير محذوف يعود على زيد. "من نحو" متعلق بمحذوف حال من زيد. "أزيد" الهمزة للنداء، و"زيد" منادى مبني على الضم في محل نصب، ويجوز فيه البناء على الفتح. "ابن" نعت لزيد باعتبار محله. "سعيد" مضاف إاليه "تهن" مجزوم بلا الناهية الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 والوجهان في الأول؛ فإن صممته1، فالثاني بيان أو بدل، أو بإضمار "يا"، أو "أعني"2. وإن فتحته؛ فقال سيبويه: مضاف لما بعد الثاني، والثاني مقحم بينهما3. وقال المبرد: مضاف لمحذوف مماثل لما أضيف إليه الثاني4. وقال الفراء: الاسمان مضافان للمذكور5، وقال بعضهم: الاسمان مركبان تركيب   الأوس "إشارة إلى بيت من أبيات من الطويل، قيل: إن هاتفا هتف بها في أهل مكة قبل إسلام سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة؛ وهي: فإن يسلم السعدان يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف المخالف أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصراً ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس منية عارف وسعد الأوس هو: سعد بن معاذ -رضي الله عنه، وسعد الخزرج هو: سعد بن عبادة. 1 أي: لأنه مفرد معرفة، يبنى على الضم في محل نصب. 2 أي أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره: أعني، فهو كالنعت المقطوع إلى النصب. 3 أي متوسط بين المتضايفين. ونصبه؛ إما لأنه توكيد لفظي للأول، ولم ينون لقصد المشاكلة بين الاسمين، أو فتحته فتحة إتباع للأول. وقيل: هو زائد؛ على القول بزيادة الأسماء زيادة مطلقة لا توصف فيها بإعراب ولا بناء، والفصل جائز بين المتضايفين، وفتحته أيضاً فتحة إتباع للأول. 4 ويكون نصب الثاني حينئذ على أحد الأوجه المذكورة عند ضم الأول؛ وهو أن يكون منادى، أو عطف بيان، أو بدلا.. إلخ. والأصل: يا سعد الأوس سعد الأوس؛ فحذفت من الأول لدلالة الثاني عليه. 5 وهو رأي ضعيف؛ لأن فيه توارد عاملين على معمول واحد.   "والضم" مبتدأ. "إن" شرطية. "الابن" فاعل يل. "علما" مفعوله، والجملة في محل جزم فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام؛ أي فالضم حتم. "أو يل" بالجزم، عطف على يل الأولى المجزوم بلم. "الابن" مفعول بل الثاني. "علم" "قد حتما" قد حرف تحقيق، ونائب فاعل حتم يعود على الضم، والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 خمسة عشر ثم أضيفا1.   1 وتكون فتحة الثاني على هذا فتحة بناء. وقد أشار الناظم إلى هذا النوع ببيت سيأتي في آخر فصل تابع المنادى، وهو: في نكو سعد سعد الأوس ينتصب ... ثان وضم وافتح أولاً تصب* أي: في مثل يا سعد سعد الأوس، مما وقعت فيه المنادى مفردا مكررا، والثاني مضاف، يجب نصب الثاني منهما، أما الأول فيجوز فيه الضم والفتح على النحو والتوجيه الذي بينه المصنف. وإذا كان الاسم الثاني غير مضاف؛ نحو: يا محمد محمد، أو يا سعد، جاز بناؤه على الضم؛ على أنه منادى حذف قبله حرف النداء، أو بدل، وجاز رفعه ونصبه باعتباره توكيد لفظياً، على اللفظ أو المحل.   * "في نحو" متعلق بينتصب. "سعد" منادى مفرد حذف فيه حرف النداء، ولتكرره يجوز فيه الضم على الأصل، والفتح على الإتباع لما بعده. "سعد الأوس" بنقل حركة الهمزة إلى اللام. منصوب لا غير على البدلية. أو عطف بيان على محل الأول، أو توكيد له على تقدير فتحه. "ينتصب ثان" فعل وفاعل. "أولا" تنازعه الفعلان قبله. "تُصب" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 الرابع: ما يجوز ضمه ونصبه وهو المنادى المستحق للضم، إذا اضطر الشاعر إلى تنويته؛ كقوله سلام الله يا مطر عليها1، وقوله: أعبد حل في شعبي غريبا2   1 صدر بيت من الوافر للأحوص، محمد بن عبد عاصم الأوسي، وعجزه: وليس عليك مطر السلام اللغة والإعراب: "سلام الله" مبتدأ ومضاف إليه. "يا" للنداء. "مطر" منادى مبني على الضم في محل نصب. ونون لضرورة الشعر. "عليها" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. "عليك" خبر ليس مقدم. "السلام" اسمها مؤخر. والمعنى: واضح. والشاهد: في "يا مطر" الأول؛ حيث جاء منونا مرفوعا لضرورة الشعر، وهو مفرد علم واجب البناء على الضم. 2 عجزه: ألؤما لا أبالك واغترابا وهو لجرير، وقد تقدم شرحه في باب المفعول المطلق، صفحة 132 جزء ثان. والشاهد: فيه هنا: نصب "عبدا" وتنوينه للضرورة، مع أنه منادى مفرد معرفة، لأنه نكرة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 واختار الخليل وسيبويه الضم، وأبو عمرو1 وعيسى2 النصب. ووافق الناظم والأعلم، سيبويه في العلم3، وأبا عمرو وعيسى في اسم الجنس4.   مقصودة، وقيل: يجوز نصب لأنه شبيه بالمضاف؛ إذ هو نكرة موصوفة، كما يجوز أن يكون "عبدا" حالا من فالع فعل محذوف؛ كأنه قال: أتفخر عبدا؟ أي: وأنت عبد؟ ولا يليق الفخر بالعبيد. 1 اسمه كنيته، وقيل: اسمه زبان بن العلاء بن عمار التميمي المازني البصري، أخذ العربية عن ابن أبي إسحاق، أول من مد القياس وشرح العلل، وكان أبو عمرو أوسع منه علما بكلام العرب ولغاتها وغريبها، كما كان من جلة القراء. وأحد أئمة القراءات السبع الموثوق بهم، وكان أبو عمرو يسلم للعرب ولا يطعن عليها، وفيه يقول الفرزدق: ما زلت أفتح أبواباً وأغلقها ... حتى أتيت أبا عمرو بن عمار سمع أبو عمرو رجلا ينشد بيت المرقش الأصغر: ومن يلق خيراً يحمد الناس أمره ... ومن يغو لا يعدم على الغي لائما فقال له: قل ومن يغو بكسر الواو؛ ألا ترى إلى قول الله -عز وجل- {فَغَوَى} ، وتوفي أبو عمرو في طريق الشام سنة 154هـ. 2 هو أبو عمرو، عيسى بن عمر الثقفي، مولى خالد بن الوليد المخزومي، كان إماماً في النحو والعربية. أخذ عن ابن إسحاق وأبي عمرو بن العلاء، وروى عن الحسن البصري، وعنه أخذ الأصمعي والخليل وغيرهما، وكان عيسى يطعن على العرب، ويخطئ المشاهير منهم؛ كالنابغة في بعض أشعاره، كما كان صاحب تقعير في كلامه واستعمال للغريب فيه، وله مصنفات كثيرة؛ يقال إنها تربى على السبعين؛ ومنها: الإكمال، والجامع، في النحو، وفيها يقول الخليل: بطل النحو جميعاً كله ... غير ما أحدث عيسى بن عمر ذاك "إكمال" وهذا جامع ... فهما للناس شمس وقمر قال السيرافي: لم يقع هذان الكتابان إلينا، ولا رأينا أحدا ذكر أنه رآهما، ومات عيسى بن عمر سنة 149هـ، قبل ابي عمرو بن العلاء بسنوات. 3 أي: الضم فيه كـ"مطر" في البيت السابق، وذلك لشدة شبهه بالضمير. 4 أي في نصبه كـ"عبدا" في البيت الثاني، وذلك لضعف شبهه بالضمير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 فصل: في نداء ما فيه "أل" ولا يجوز نداء ما فيه "أل"1، إلا في أربع صور: إحداها: اسم الله تعالى2، أجمعوا على ذلك؛ تقول "يا الله" بإثبات الألفين، و"يلله": بحذفهما، و"يا لله" بحذف الثانية فقط. والأكثر أن يحذف حرف النداء ويعوض عنه الميم المشددة؛ فتقول: "اللهم"3، وقد يجمع بينهما في الضرورة النادرة؛ كقوله: أقول يا اللهم يا اللهما4   وخير في النظم بين الضم والنصب مع التنوين للضرورة؛ فقال: واصمم أو انصب اضطراراً نوناً ... مما له استحقاق ضم بينا أي: اضمم أو انصب ما نون اضطرارا، من كان له استحقاق ضم بين فيما سبق، وذلك هو: المفرد العلم، والنكرة القصودة. وإذا نون المبني على الضم بقي على بنائه، أما في حالة تنوينه منصوبا، فالأحسن أنه معرب منصوب للضرورة. هذا: ويجوز في تابع المنون المضموم: الضم مراعاة للفظه، والنصب مراعاة لمحله. أما تابع المنون المنصوب فيجب نصبه. 1 لما فيه من الجمع بين معرفين ظاهرين: النداء، وأل؛ وذلك ما لم يعهد في الأساليب العربية، سواء كان النداء بيا، أو إحدى أخواتها. أما دخول "يا" أو غيرها من أحرف النداء على العلم فلا مانع منه؛ لأن العلمية ليست بأداة ظاهرة. 2 وذلك للزوم "أل" له، حتى صارت كالجزء منه. 3 وهو من الألفاظ الملازمة للنداء. ويقال في إعرابه: "الله" منادى مبني على الضم في محل نصب، والميم المشددة عوض عن حرف النداء "يا". 4 عجز بيت من الرجز، لأبي خراش الهذلي. ويقال: هو لأمية بن أبي الصلت، وصدره: إني إذا ما حدث ألما اللغة والإعراب: حدث: حادث طارئ من مكاره الدنيا، ألما: نزل. "إني" إن حرف توكيد ونصب، والياء اسمها. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "ما" زائدة. "حدث" فاعل   "ما" اسم موصول تنازعه الفعلان قبله. "اضطرار" مفعول لأجله. "نونا" فعل ماض للمجهول. والألف للإطلاق، والجملة صلة ما. "مما" متعلق بنونا، وما موصولة، "له" متعلق ببينا. "استحقاق ضم" مبتدأ ومضاف إليه. "بينا" الجملة خبر، وجملة المبتدأ والخبر صلة "ما" الثانية المجرورة بمن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 الثانية: الجمل المحكية؛ نحو: يا "المنطلق زيد" فيمن سمى بذلك1. نص على   لفعل محذوف يفسره؛ "ألم"، وهو فعل الشرط "ألما" فعل ماض والألف للإطلاق. "أقول" الجملة خبر "إن" وهو يدل على جواب إذا، أو هو الجواب، وجملة الشرط وجوابه خبر. "يا" حرف نداء. "اللهم" منادى مبني على الضم، والميم حرف، وأصلها عوض عن "ياء" عند حذفها، وقد جمع بينهما للضرورة. "يا اللهم" الثانية إعرابها كذلك. وجملة النداء في محل نصب مقول القول. والمعنى: إذا نزل بي حادث من حوادث الدهرن وطرأ على ما أحتاج فيه إلى المعونة، ألجأ إلى الله وأناديه؛ فإنه -جلت قدرته- هو المعين وحده. والشاهد: الجمع في "يا اللهم" بين "يا" والميم المشددة التي تأتي عوضاً عنها، وذلك نادر؛ لأنه جمع بين العوض والمعوض، وهذا ما لم يعهد في العربية. هذا: وقد تحذف "أل" من اللهم؛ فيقال: لا هم، وتكون كلمة "لاه" هي المنادى المبني على الضم، وهو كثير في الشعر، ومنه قول القائل: لاهم إن العبد يمنع رحله فامتع رحالك وقد تخرج "اللهم" عن النداء المحض؛ فتستعمل قبل أحرف الجواب؛ لتقوي الجواب وتؤكد مضمونه في نفس السامع؛ كأن يقال: أصحيح أنك مسافر؟ فتقول: اللهم نعم. أو: لا، فكأنك تقول: والله نعم، أو: والله لا. وقد تستعمل لإفادة الندرة والدلالة على قلة الشيء؛ كأن يقال: سأسافر غدا، اللهم إلا إذا تغير الجو. ومنه قول المؤلفين: اللهم إلا أن يقال كذا أو كذا. وهي في الاستعمالين منادى صورة؛ فتعرب كما يعرف المنادى الحقيقي، ويقال: إن النداء غير حقيقي، وإنه خرج عن معناه الأصلي إلى معنى آخر؛ هو تقوية الجواب، أو إفادة الندرة. 1 أي من الجمل الاسمية بأل. ويقال في إعرابه: مبني على ضم المقدر للحكاية في محل نصب. ويجب قطع همزته وإثباتها نطقا وكتابة في جميع الأحوال مع ثبوت ألف "يا"؛ لأن المبدوء بهمزة الوصل إذا سمي به يجب قطع همزته، لا فرق بين الفعل وغيره، ولا بين الجملة وسواها؛ لصيرورتها جزءا من الاسم، ما عدا لفظ الجلالة "الله" فله حكمه الخاص الذي سلف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 ذلك سيبويه، وزاد عليه المبرد: ما سمي به من موصول مبدوء بأل1؛ نحو: الذي، والتي، وصوبه الناظم. الثالثة: اسم الجنس المشبه به2؛ كقولك: "يا الخليفة هيبة". نص على ذلك ابن سعدان. الرابعة: ضرورة الشعرة كقوله: عباس يا الملك المتوج والذي3 ولا يجوز ذلك في النثر، خلافاً للبغداديين.   1 بشرط أن يكون مع صلته علما؛ نحو: "يا الذي سافر"، في نداء من سمي بذلك؛ لأن الموصول مع صلته بمنزلة اسم واحد، أما الموصول وحده المسمى به، فمتفق على منع ندائه. 2 بشرط أن يذكر معه وجه الشبه، كما مثل المصنف. وتقديره: يا مثل الخليفة هيبة. فـ"يا" لم تدخل على "أل"، بل دخلت في الحقيقة على منادى محذوف قد حل محله المضاف إليه بعد حذفه، فـ"الخليفة" منادى منصوب؛ لأنه مضاف تقديرًا بعد حذف المضاف وإقامته مقامه في الإعراب، و"هيبة" تمييز. 3 صدر بيت من الكامل، لم نقف على قائله، وعجزه: عرفت له بيت العلا عدنان اللغة والإعراب: المتوج: الذي ألبس التاج. عرفت: اعترفت. العلا: الشرف. عدنان: المراد عدنان أبو العرب. "عباس" منادى بحرف نداء محذوف مبني على الضم في محل نصب "يا" حرف نداء. "الملك" منادى مبني على الضم في محل نصب. "المتوج" بالرفع والنصب - صفته على اللفظ أو المحل. "والذي" معطوف على الملك. "بيت العلاط بيت مفعول عرفت مقدم، والعلا مضاف إليه. "عدنان" فاعل مؤخر. والمعنى: واضح. والشاهد: إدخال حرف النداء "يا" على الاسم المقترن بأل؛ وهو "الملك" وذلك ضرورة من ضرورات الشعر. ويجيز الكوفيون نداء الاسم المقترن بأل كمنا سبقت الإشارة إليه. وفيما سبق من حكم اجتماع أل، وحرف النداء؛ يقول للناظم مقتصرا على بعض الصور: وباضطرار خص جمع "يا" و"أل" ... إلا مع "الله" ومحكي الجمل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 الفصل الثالث: في أقسام تابع المنادى المبني 1 وأحكامه وأقسامه أربعة: أحدها: ما يجب نصه مراعاة لمحل المنادى، وهو ما اجتمع فيه أمران: أحدهما: أن يكون نعتاً2، أو بياناً، أو توكيداً. الثاني: أن يكون مضافاص مجرداً من أل3؛ نحو: يا زيد صاحب عمرو، ويا زيد أبا   والأكثر "اللهم" بالتعويض ... وشذ "يا اللهم" في قريض* أي أن الجمع بين حرف النداء و"أل" خاص بضرورة الشعر. أما مع لفظ الجلالة "الله"، والجمل المحكية المبدوءة باللام، فجائز. والأكثر في نداء اسم الله "اللهم"، بميم مشددة معوضة من حرف النداء. وشد الجمع بين حرف النداء والميم في قريض؛ أي في شعر وقد ذكر الناظم الجمع بين "يا" و"أل"، والمقصود حروف النداء، لا خصوص "يا". ومن مواضع جواز الجمع بين حرف النداء و"أل": المنادى المستغاث به المجرور باللام؛ نحو: يا للموسرين للمحتاجين، وسيأتي في بابه قريباً، إن شاء الله. 1 أما المنادى المنصوب اللفظ؛ فإن كان تابعه نعتًا، أو عطف بيان، أو توكيدًا، وجب نصب التابع مراعاة للفظ المتبوع؛ نحو: يا مجاهدًا مخلصًا لا تحجم عن لقاء العدو، يا عربا أهل اللغة الواحدة، أو كلكم، أجيبوا داعي الوطن. وإن كان التابع بدلا أو عطف نسق مجردا من "أل" فالأحسن أن يكون منصوب الفظ أيضًا؛ نحو: بوركت يا ابن الخطاب عمر، أو بوركتما يا بن الخاطب وعليا. وبعضهم يجعل ذلك في حكم المنادى المستقل. 2 بشرط ألا يكون منعوته -وهو المنادى- اسم إشارة، ولا كلمة "أي" أو "أية" وإلا وجب رفع النعت كما في الحال الثانية الآتية. 3 ويشترط أن تكون الإضافة في الثلاثة محضة على الراجح، وإلا جاز رفع التابع مراعاة   *"وباضطرار" متعلق يخص؛ "جمع" نائب فاعل خص، إن كان ماضياً للمجهول، ومفعوله إن كان فعل أمر. "يا" مضاف إليه، و"أل" معطوف عليه. "إلا" أداة استثناء. "مع" ظرف متعلق بمحذوف، حال من جمع. "الله" مضاف إليه. "ومحكي الجمل" معطوف على لفظ الجلالة ومضاف إليه. "والأكثر اللهم" مبتدأ، وخبر مقصود لفظه. "وبالتعويض" متعلق بمحذوف، حال من اللهم، "يا اللهم" فاعل شذ، قصد لفظه. "في قريض" متعلق بشذ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 عبد الله، ويا تميم كلهم، أو كلكم1. والثاني: 2 ما يجب رفععه مراعاة للفظ المنادى؛ وهو: نعت "أي" و"أية"، ونعت اسم الإشارة، إذا كان اسم الإشارة وصلة لندائه3؛ نحو: {يَا أَيُّهَا النَّاس} ، {يَا أَيَّتُهَا   للفظ المنادى؛ نحو: يا رجل ضارب محمد، بالضم والنصب. ووجوب النصب بهذين الشرطين، مذهب جمهور النحاة. وعن جماعة من الكوفيين: جواز النصب والرفع تبعا للمحل واللفظ. ومثل المضاف شبهه. 1 إذا كان تابع المنادى مشتملا على ضمير؛ جاز أن يكون للمخاطب لأنه مخاطب، وتلك قاعدة عامة تسري على توابع المنادى المنصوب اللفظ وغير المنصوب، إلا إذا كان التابع اسم إشارة؛ فلا يجوز أن تتصل بآخره علامة خطاب. وإلى هذا القسم أشار ابن مالك بقوله: تابع ذي الضم المضاف دون "أل" ... ألزمه نصباً كأزيد ذا الحيل* أي: أن تابع المنادى المبني على الضم، إذا كان مضافا مجردا من أل، يجب نصبه؛ نحو: أزيد ذا الحيل؛ أي صاحب الحي؛ فـ"زيد" منادى مبني على الضم، و"ذا" نعت له منصوب بفتحة مقدرة على الألف، و"الحيل" مضاف إليه. ويراد بالتابع، ما عدا عطف النسق والبدل، كما يشير إلى ذلك بعد، وشمل قوله "ذي الضم": العلم، والنكرة المقصودة، ولو كانا مبنيين قبل النداء. 2 "أي" في التذكير، و"أية" في التأنيث؛ وإنما وجب الرفع؛ لأن المقصود بالنداء هو التابع وهو مفرد. أما "أي" و"أية" فكلاهما صلة لندائه. وهما مبنيان على الضم؛ لأن كلا منهما نكرة مقصودة، و"ها" حرف تنبيه زائد زيادة لازمة لا تفارقهما. 3 أي: نداء النعت المبدوء بأل؛ لأن المبدوء بها لا يجوز نداؤه بغير واسطة، إلا في المواضع التي سبقت، ويكون هو المقصود بالنداء؛ فإن قصد نداء اسم الإشارة وحده، لم يلزم رفع وصفه؛ بل يجوز في تابعه الأمران، كما سيأتي.   * "تابع" مفعول بفعل محذوف يفسره المذكور بعده. "ذي الضم" مضاف إليه. "المضاف" نعت لتابع. "دون" ظرف متعلق بمحذوف، حال من تابع. "أل" مضاف إليه مقصود لفظه. "نصبا" مفعول ثان لألزمه، والهاء مفعوله الأول. "كأزيد" الكاف جارة لقول محذوف، والهمزة للنداء، و"زيد" منادى مبني على الضم في محل نصب. "ذا" نعت لزيد بمراعاة المحل. "الحيل" مضاف إليه، وسكن للشعر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ} 1، وقولك: "يا هذا الرجل، إن كان المراد أولا نداء الرجل. ولا يوصف اسم الإشارة أبداً إلا بما فيه "أل"2. ولا يوصف "أي" و"أية" في هذا الباب. إلا بما فيه أل3، أو باسم الإشارة4؛ نحو: يا أيهذا الرجل5. والثالث: ما يجوز رفعه ونصبه وهو نوعان:   1 "أي" و"أية" نكرتان مقصودتان مبنيتان على الضم في محل نصب، و"ها" زائدة للتنبيه لا محل لها {النَّاس} ، {النَّفْسُ} نعتان لأي مرفوعان باعتبار اللفظ، وحركتها إتباع على الصحيح، 21 من سورة البقرة، 27 من سورة الفجر. 2 أي الجنسية، والتي تصير بعد النداء للعهد الحضوري، أو باسم موصول مبدوء بأل؛ نحو: يا هذا الغافل تنبه. ويجوز إعراب هذا الاسم المبدوء بأل، عطف بيان لاسم الإشارة، والأفضل إعراب المشتق نعتا، والجامد عطف بيان. 3 أي الجنسية، أو المتصلة باسم موصول، كما تقدم في اسم الإشارة. 4 بشرط أن يكون مجردا من كاف الخطاب، ويغلب حينئذ وصفه أيضاً باسم مقرون بأل، كمثال المصنف، وكقول الشاعر: أيها ذا الشاكي وما بك داء ... كن جميلا تر الوجود جميلا وقد يجيء نعته بدون أل، نحو: يا أيهذا أقبل. 5 "أي" منادى. "ها" للتنبيه. "ذا" اسم إشارة صفة في محل رفع. "الرجل" صفة لذا، أو عطف بيان. هذا: ويجب إفراد "أي" و"أية" في النداءِ؛ سواء كانت صفتهما مفردة أم غير مفردة؛ تقول: يا أيها الطالب، يا أيها الصديقان، يا أيها الزملاء، ويحسن أن تماثل كل منهما صفتهما في التذكير والتأنيث؛ تقول: يا أيتها الفتاة؛ يا أيتها الفتاتان، يا أيتها المجدات، وفي هذا القسم يقول ابن مالك: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 أحدهما: النعت المضاف المقرون بأل1؛ نحو: يا زيد الحسن الوجه2. والثاني: ما كان مفردا3؛ من نعت، أو بيان، أو توكيد، أو كان معطوفا مقروناً بأل؛   و"أيها" مصحوب أل بعد صفة ... يلزم بالرفع لدى ذي المعرفه* و"أيهذا" "أيها الذي" ورد ... ووصف "أي" بسوى هذا يرد ** وذو إشارة كـ"أي" في الصفه ... إن كان تركها يفيت المعرفه*** أي: أن النعت المقترن بأل بعد "أيها" يلزم رفعه، وورد عن العرب: "أبهذا"، و"أيها الذي"، مما فيه النعت اسم إشارة، أو اسم موصول مبدوء بأل. ونعت "أي" بغير ذلك يرد ويرفض. وكذلك اسم الإشارة المنادى؛ مثل "أي" ينعت بمعرفة مرفوعة مقرونة بأل، من اسم جنس أو اسم موصول. ويجب أن ينعت اسم الإشارة أن أدى ترك النعت إلى عدم معرفة المشار إليه، وإلا لا. 1 اقترانه بأل يستلزم أن تكون الإضافة غير محضة؛ لأنها هي التي تجتمع مع أل، وتكاد تنحصر هذه الإضافة في تابع واحد هو النعت؛ لأن الغالب عليه الاشتقاق حيث تشيع هذه الإضافة. 2 الرفع على الإتباع للفظ "زيد" في الصورة؛ تشبيها له بالمرفوع، والنصب على المحل. 3 أي: عن الإضافة لا غير؛ سواء كانت فيه "أل"؛ نحو: يا محمد المجد، أم لا؛ كيا رجل ظريف؛ بالرفع والنصب.   * "وأيها" مقصود لفظه مبتدأ. "مصحوب أل" مصحوب مفعول مقدم ليلزم، وأل مضاف إليه. "بعد صفة" حالان من مصحوب أل، وبعد ظرف متعلق بمحذوف. "يلزم" الفاعل يعود على أيها، والجملة خبر المبتدأ، "بالرفع" حال ثالثة من مصحوب أل. "لدى" ظرف متعلق بيلزم. "ذي المعرفة" مضاف إليه. ** "وأيهذا" مبتدأ قصد لفظه. "أيها الذي" معطوف عليه بحذف العاطف. "ورد" فاعله يعود على المذكور، والجملة خبر المبتدأ، "ووصف أي" مبتدأ ومضاف إليه. "يرد" نائب الفاعل يعود إلى "وصف أي" ... إلخ، والجملة خبر المبتدأ. *** "وذو إشارة" مبتدأ ومضاف إليه. "كأي" متعلق بمحذوف، خبر. "في الصفة" متعلق بمحذوف، حال من ضمير الخبر. "إن كان" شرط وفعله. "تركها" اسم كان والضمير يعود إلى الصفة. "يفيت المعرفه" الجملة خبر كان، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 نحو: يا زيد الحسن والحسن، ويا غلام بشر وبشراً، ويا تميم أجمعون وأجمعين، وقال الله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} . قرأه السبعة بالنصب1، واختاره أبو عمرو، وعيسى، وقرئ بالرفع2، واختاره الخليل وسيبويه. وقدروا3 النصب بالعطف على {فَضْلًا} من قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} 4. وقال المبرد: إن كانت "أل" للتعريف، مثلها في {الطَّيْر} ، فالمختار النصب5، أو لغيره، مثلها في {الْيَسَع} ، فالمختار الرفع6. والرابع: ما يعطى تابعا ما يستحقه إذا كان منادى مستقلًا؛ وهو: البدل، والمنسوق المجرد من أل7، وذلك لأن البدل في نيهة تكرار العامل   1 أي ينصب {الطَّيْر} بالعطف على محل "الجبال" من الآية 10 من سورة سبأ. 2 أي: عطفا على لفظ "الجبال". 3 أي من اختاروا الرفع. 4 والتقدير: وآتيناه الطير، وتكون مجملة النداء معترضة بين المتعاطفين، ووجه اختيار الرفع: مشاكلة الحركة وكثرته، كما يقول سيبويه. 5 لأن المعرف يشبه المضاف من حيث تأثر كل بالتعريف بما يتصل به. 6 لأن "أل" حينئذ -وهي من بنية الكلمة- كالمعدومة؛ فلا مانع من أن يلي ما هي فيه حرف النداء، وإلى المعطوف المقرون بأل أشار الناظم بقوله: وإن يكن مصحوب "أل" ما نسقا ... ففيه وجهان ورفع ينتقى أي: إذا كان المعطوف عطف نسق مقترنا بأل جاز فيه وجهان: الرفع، والنصب، والمختار الرفع، ومعنى ينتقى يختار. 7 فيبنى كل منهما على الضم إن كان مفردا معرفة بالعلمية أو بالقصد، وينصب   * "وإن يكن" شرط وفعله. "مصحوب أل" مصحوب خبر يكن مقدم وأل مضاف إليه. "ما" اسم موصول، اسم يكن "نسقا" فعل ماض للمجهول، والجملة صلة، والألف للإطلاق. "ففيه" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"فيه" خبر مقدم. "وجهان" مبتدأ مؤخر، والجملة جواب الشرط. "ورفع" مبتدأ، وسوغ الابتداء به -وهو نكرة- وقوعه في معرفة التقسيم. "ينتقى" فعل ماض للمجهول، والجملة خبر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 والعاطف كالنائب من العامل1؛ تقول: يا زيد بشر بالضم، وكذلك: يا زيد وبشر، وتقول: يا زيد أبا عبد الله، وكذلك: يا زيد وابا عدب الله. وهكذا حكمهما مع المنادى المنصوب2.   إن كان مضافا أو شبيها بالمضاف. 1 أي: أن حرف العطف بمنزلة عامل النداء؛ فكأنه داخل على منادى مستقل. 2 أي ليس ذلك مختصا بتابع ذي الضم، كما يوهمه كلام الناظم؛ يقول: يا عبد الله أخا محمد، ويا عبد الله وأخا محمد بنصب الأخ، وقد أشار الناظم إلى هذا القسم بقوله: وما سواه انصب أو ارفع واجعلا ... كمستقل نسقاً وبدلا وهذا البيت يأتي عقب قول الناظم: تابع ذي الضم المضاف دون "أل" ... ألزمه نصباً كـ"أزيد ذا الحيل" فقوله: "وما سواه"؛ أي ما سنى تابع المضاف المذكور الواجب النصب؛ وهو: المضاف المقرون بأل، والمفرد من نعت وبيان أو توكيد أو نسق مقرون بأل، يجوز رفعه ونصبه كما بين المصنف، أما عطف النسق المجرد من أل، والبدل؛ ففي حكم المنادى المستقل؛ يجب ضمه إذا كان مفردا، ويجب نصبه إن كان مضافا. ويتلخص مما سبق من أحكام هذا الفصل: أن توابع المنادى تنصب -جوازا أو وجوبا، على النحو الذي أو -ضحه المصنف، إلا في موضعين: أ- أن يكون المنادى المتبوع، لفظ "أي"، أو "أية" أو "اسم إشارة"، فيجب رفع نعتها لتماثل حركته حركة المنادى. ب- أن يكون المنادى المتبوع مبنيا على الضم، والتابع بدلا، أو عطف نسق مجردا من "أل"، فحكمها حكم المنادى المستقل عند فريق من النحاة، وبعضهم يجيز النصب، وهو رأي حسن.   * "وما" اسم موصول معمول ارفع مقدم. "سواه" سوى ظرف متعلق بمحذوف صلة، والهاء مضاف إليه، "واجعلا" فعل أمر مؤكد بالنون المنقلبة ألفا. "كمستقل" جار ومجرور متعلق باجعل في موضع المفعول الثاني له. "نسقا" مفعوله الأول. "وبدلا" معطوف على نسقا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 الفصل الرابع: في المنادي المضاف للياء ... الفصل الرابع: في المنادى المضاف إلى الياء 1 وهو أربعة أقسام: أحدها: ما فيه لغة واحدة، وهو المعتل2، فإن ياءه واجبة الثبوت، والفتح3؛ نحو: يا فتاي، ويا قاضي4. الثاني: ما فيه لغتان، وهو الوصف المشبه للفعل5؛ فإن ياءه ثابتة لا غير، وهي: إما مفتوحة أو ساكنة؛ نحو: يا مكرمي، ويا ضاربي.   1 ينظر موضوع "المضاف لياء المتكلم" صفحة 382، جزء ثان، فبين الموضوعين صلة قوية. 2 سواء أكان مقصوراً أم منقوصاً، وقد مثل لهما المصنف. 3 أما علة الثبوت؛ فلأنها لو حذفت لحصل التباس بغير المضاف. وأما وجوب الفتح؛ فلأنها لو سكنت التقى ساكنان، والتحريم بالضم والكسر ثقيل على الياء. 4 "قاضي" منادى منصوب بفتحة مقدرة على الياء المدغمة في ياء المتكلم، وهي مضاف إليها. ويلحق بالمعتل: المثنى وشبهه، وجمع المذكر السالم وشبهه، إذا أضيفا وحذفت نونهما للإضافة، وختم آخرهما بالعلامة الخاصة بكل منهما، فتدغم الياء الساكنة في آخرهما، في ياء المتكلم المبنية على الفتح؛ نحو: يا عيني جودي بالدمع، ومنه قول الشاعر: يا سابقي إلى الغفران مكرمة ... إن الكرام إلى الغفران تستبق ويلحق كذلك بالمعتل: المختوم بياء مشددة ليس تشديدها؛ كعبقري، وبني، تصغير ابن؛ يقال: يا عبقري ويا بني، بحذف الياء المشددة الثانية، وإدغام الاولى في ياء المتكلم المفتوحة. ويجوز حذف ياء المتكلم وبقاء الياء المشددة قبلها مكسورة؛ تقول: يا عبقري، ويا بني، ولا يجوز إسكان ياء المتكلم المتصلة بالاسم، المعتل لئلا يلتقي ساكنان -كما لا يجوز تحريكها بالكسرة أو الضمة؛ لأن هاتين الحركتين ثقيلتان على الياء. 5 أي المضارع، وذلك بإفادته معنى الحال أو الاستقبال، وهو الذي إضافته غير محضة، والمنادى واجب النصب بفتحة مقدرة قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها الكسرة التي لمناسبة الياء، ويجب أن يكون المنادى المضاف مفردا، وأن يكون وصفا عاملا. أما إذا كان الوصف بمعنى الماضي، فإن إضافته تكون محضة،، وتجري فيه اللغات الست الآتية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 الثالث: ما فيه ست لغات، وهو ما عدا ذلك1، وليس أباً، ولا أما؛ نحو: يا غلامي. فالأكثر حذف الياء والاكتفاء بالكسر؛ نحو: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} 2. ثم ثبوتها ساكنة؛ نحو: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} ، أو مفتوحة؛ نحو: {يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا} ، ثم قلب الكسرة فتحة والياء ألفاً؛ نحو: {يَا حَسْرَتَا} 3. وأجاز الأخفش حذف الألف والاجتزاء بالفتحة؛ كقوله: بلهف ولا بليت ولا لو اني4   1 ويشمل: الصحيح الآخر، وما يشبهه، إذا كانت إضافتهما محضة. ويجب نصبه؛ إن كان المنادى مفردا، أو جمع تكسير، أو جمع مؤنث سالما؛ نحو: يا أخي، يا أصدقائي، يا زميلاتي. 2 "عباد" منادى مضاف منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة، منع من ظهورها الكسرة التي جاءت لمناسبة الياء. الآية 16 من سورة الزمر. 3 أصله: حسرتي، فقيل حسرتي، ثم قبلت الياء ألفاً لتحركها، وانفتاح ما قبلها؛ فهو منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفا، منع منها حركة المناسبة، وياء المتكلم مضاف إليه مبني على السكون في محل جر، ويجوز أن تلحقه هاء السكت عند الوقف، فتقول: يا حسرتاه. من الآية 56 من سورة الزمر. 4 عجز بيت من الوافر، لم ينسب لقائل، وصدره: ولست براجع ما فات مني اللغة والإعراب: راجع: اسم فاعل من رجع، وهو أفصح من أرجع، وفي القرآن الكريم: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} لهف: حزن وتحسر، و"يا لهف" كلمة يتحسر بها على فائت. "براجع" خبر ليس على زيادة الباء، وفيه ضمير هو فاعله لأنه اسم فاعل. "ما" اسم موصول مفعوله. "فات" ماض والجملة صلة. "بلهف" الباء جارة لقول محذوف. و"لهف" منادى بحذف حرف النداء، والجملة معمولة للقول المحذوف، وما بعده معطوف عليه مقصود لفظه، و"لا"زائدة لتأكيد النفي. والمعنى: أن ما ذهب مني لا يعود بكلمة التلهف والحسرة ولا بكلمة التمني، وقولي: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 أصله بقولي: يا لهفا. ومنهم من يكتفي من الإضاف بنيتها1، ويضم الاسم كما تضم المفردات2، وإنما يفعل ذلك فيما يكثر فيه ألا ينادى إلا مضافا3؛ كقول بعضهم: يا أم لا تفعلي، وقراءة آخر: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} 4.   ليتني عملت كذا، ولا بقولي: لو أني فعلت كذا لكان كذا. والشاهد: في قوله: "بلهف"؛ فإن "لهف" منادى بحرف نداء محذوف، وهو مضاف لياء المتكلم المنقلبة ألفا المحذوفة، والفتحة دليل عليها، وأصله: يا لهفي. وقيل: إن "لهف" مجرور بالباء على الحكاية، وكذا ما بعده لا على النداء، وإذا لا شاهد فيه. 1 فيحذف الياء والكسرة. 2 وذلك تشبيها له بالنكرة المقصودة، فضمته مشاكلة، ويقال في إعرابه: منصوب بفتحة مقدرة لإضافته تقديرًا، منع من ظهورها ضمة المشاكلة، وهذه اللغة أضعف اللغات، وقد أهملها بعض النحاة. 3 وذلك ليكون العلم بشيوع إضافته دليلا على حذف المضاف إليه، وأنه محذوف في اللفظ ملاحظ في النية، مثل: أم، أب، ابن، رب، قوم. 4 كل من "أم" و"أب" منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوف، منع من ظهورها الضمة المجلوبة لمشاكلة المفرد المبني على الضم. من الآية 33 من سورة يوسف. وإلى حكم الصحيح، واللغات التي في الياء، أشار الناظم مقتصرا على خمس اللغات الأولى بقوله: واجعل منادى صح إن يضف لـ"يا" ... كعبد عبدي عبد عبدا عبديا* أي: أجعل المنادى الصحيح الآخر -إذا أضيف للياء- على مثال واحد من ذلك؛ فـ"عبد" لما حذفت فيه الياء وبقيت الكسرة دليلا عليها، و"عبدي" لثبوت الياء ساكنة وكسر ما قبلها، و"عبد" لما قبلت فيه الياء ألفا وحذفت، واستغني عنها بالفتحة، و"عبدا" لما قبلت   * "منادى" مفعول أول اجعل. "صح" الجملة صفة لمنادى. "إن يضف" شرط وفعله، ونائب الفاعل يعود إلى منادى، وجواب الشرط محذوف. "ليا" متعلق بيضف، والمضاف إليه مقدر؛ أي لياء المتكلم. "كعبد" جار ومجرور في موضع المفعول الثاني لاجعل، وما بعده معطوف عليه بإسقاط العاطف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 الرابع: ما فيه عشر لغات، وهو: الأب، والأم؛ ففيهما مع اللغات الست: أن تعوض تناء التأنيث1 عن ياء المتكلم وتكسرها، وهو الأكثر، أو تفتحها، وهو الأقيس2، أو تضمها على التشبيه بنحو: ثبة وهبة، وهو شاذ، وقد قرئ بهن3. وربما جمع بين التاء والألف، فقيل: يا أبتا، يا أمتا4، وهو كقوله: أقول يا اللهم يا اللهما ... وسبيل ذلك الشعر   فيه الياء ألفا ولم تحذف، وقلبت الكسرة فتحة، و"عبدي" لما أضيف للياء المبنية على الفتح، ولم يذكر اللغة السادسة، وهي ضم الاسم بعد حذف الياء؛ كالمفرد، اكتفاء بنية الإضافة؛ لما بينا. 1 الغالب في هذه التاء: أن تبقى تاء عند النطق بها وقفاً ووصلا، وأن تكتب تاء غير مربوطة في جميع أحوالها. 2 لأنها عوض عن ياء حركتها الفتح. 3 أي في نحو قوله تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} ، والمنادى في هذه الحالات الثلاث منصوب؛ لأنه مضاف للياء المحذوفة المعوض عنها تاء التأنيث، ونصبه بفتحة مقدرة منع من ظهورها الفتحة التي جيء بها لمناسبة التاء. ويرى بعض المحدثين أن يقال: منصوب بالفتحة الظاهرة، لأن تاء التأنيث تستلزم فتح ما قبلها دائماً إلا في النداء. 4 على ما فيه من جمع بين العوض المعوض، وذلك ممنوع وهو من ذلك أن الألف بدل من الياء؛ فهو جمع بين العوض وبدل المعوض. وقيل: إن هذه الألف ليست بدلا من ياء المتكلم؛ وإنما هي حرف هجائي يوصل به آخر المنادى، إذا كان بعيدا، أو مندوبا، أو مستغاثا به. وهنالك صورة أضعف من هذه؛ ويه الجمع بين هذه التاء وياء المتكلم بعدها؛ فتقول: يا أبتي، ويا أمتي، وعليها جاء قول الشاعر: أيا أبتي لا زلت فينا فإننا ... لنا أمل في العيش ما دمت عائشا ويقال في إعرابها: "أب" منادى منصوب مضاف، والتاء عوض عن الياء المحذوفة، أما المذكورة فحرف ناشئ من إشباع كسرة التاء، أو التاء للتأنيث اللفظي والباء بعدها مضاف إليه، وقد فصلت بين المتضايفين. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 ولا يجوز تعويض تاء التأنيث عن ياء المتكلم إلا في النداء1؛ فلا يجوز: جاءني أبت، ولا رأيت أمت. والدليل على أن التاء في يا أبت ويا أمت عوض من الياء، أنهما لا يكادان يجتمعان، وعلى أنها للتأنيث، أنه يجوز إبدالها في الوقف هاء2. فصل: وإذا كان المنادى مضافاً إلى الياء؛ فالياء ثابتة لا غير3، كقولك: يا بن أخي، ويا بن خالي، إلا أن كان ابن أم، أو ابن عم4، فالأكثر الاجتزاء بالكسرة من الياء5، أو أن يفتحا للتركيب المزجي6، وقد قرئ: {قَالَ ابْنَ أُم} بالوجهين، ولا يكادون يثبتون   1 وذلك أيضا خاص بالأب والأم. 2 وكذلك في الخط، وقد بينا قريبا أن الغالب والأفضل جعلها تاء عند الكتابة والوقف. وإلى بعض ما سبق في نداء "أب"، و"أم" يقول الناظم: وفي النداء "أبت أمت عرض ... واكسر أو افتح ومن الياء التا عوض 1أي: عرض وقيل في النداء: يا أبت، ويا أمت، بكسر التاء وفتحها، وهذه التاء عوض عن ياء المتكلم المضاف إليها، وقد ترك الناظم صورة ضم التاء، كما ترك بقية الصور التي أوضحها المصنف. 3 أي: مع بنائها على السكون أو الفتح، ما لمت تحتم الضرورة الشعرية الاقتصار على أحدهما. 4 وكذلك: ابنة أم، أو ابنة عم، أو بنت أم، أو بنت عم. 5 ويكون المنادى معربا منصوبا، والمضاف إليه الأول مجرور بالكسرة الظاهرة قبل الياء المحذوفة. 6 فيصير أن بمنزلة "خمسة عشر" مثلا، ويقال في إعراب: يا بن أم ... إلخ. "يا للنداء"، و "ابن أم" منادى منصوب بفتحة مقدرة، منع من ظهورها حركة البناء التركيبي، وياء المتكلم المحذوفة مضاف إليه. وقيل: إن الأصل: يا بن أما، ويا بن عما ... إلخ، بقلب الياء ألفا وحذفها للتخفيف، وإبقاء الفتحة دليلاً عليها، ويكون الإعراب مقدرا منع منه الفتحة التي   * "وفي النداء" جار ومجرور متعلق بعرض. "أبت" مبتدأ مقصود لفظه. "أمت" معطوف على أبت بحذف العاطف. "عرض" الجملة خبر المبتدأ. "ومن الياء" متعلق بعوض. "التا عوض" مبتدأ وخبره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 الياء ولا الألف، إلا في الضرورة؛ كقوله: يا بن أمي ويا شقيق نفسي1 وقوله: يا بنة عما لا تلومي واهجعي   جيء بها لمناسبة الألف المحذوفة. ويجوز وجه ثالث؛ وهو: إهمال الياء المحذوفة، واعتبار المنادى وما أضيف إليه بمنزلة الاسم الواحد المركب تركيبًا مزجيًا، ويعرب مبنيا على ضم مقدر منع منه حركة البناء أيضا، وقد أشار الناظم إلى بعض هذه الآراء بقوله: وفتح أو كسر وحذف اليا استمر ... في "يا بن أم يا بن عم لا مفر" أي فتح الميم وكسرها قبل الياء المحذوفة، وحذف هذه الياء، مستمر على الراجح في يا بن أم، ويا بن عم، من المنادى المضاف إلى مضاف لياء المتكلم، وأصلهما: يا بن أمي، ويا بن عمي. 1 صدر بيت من الخفيف، لأبي زبيد الطائي، واسمه حرملة بن المنذر، من قصيدة يرثي فيها أخاه، وعجزه: أنت خلقتني لدهر شديد وأولها: إن طول الحياة غير سعود ... وضلال تأميل نيل الخلود اللغة والإعراب: شقيق: تصغير شقيق. خلفتني: تركتني بعدك. لدهر شديد: لزمن تبعاته شديدة. والإعراب واضح. والمعنى: يا أخي في النسب، ويا من نفسه كنفسي، لقد ذهبت وتركتني وحيدًا أقاسي ويلات الزمن، وقد كنت ركنا أستند إليه، وظهير أعتمد عليه. والشاهد: إثبات ياء المتكلم في "يا بن أمي" للضرورة. 2 صدر صدر بيت من الرجز، أو بيت من الرجز المشطور، لأبي النجم، الفضل بن قدامى العجلي، يخاطب امرأته "أم الخيار"، وعجزه:   * "وفتح" مبتدأ وهو نكرة مسوغة التقسيم. "أو كسر" عطف عليه. "وحذف الياء" حذف عطف على كسر، والياء مضاف إليه، والواو بمعنى مع "استمر" فاعله يعود على حذف الياء، والجملة خبر المبتدأ، "في" حرف جر. "يا بن أم" مجرور بفي على الحكاية، متعلق باستمر. "يا بن عم" معطوف عليه بحذف العاطف. "لا" نافية للجنس. "مفر" اسمها، والخبر محذوف، أي: لي، أو: موجود. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 باب: في ذكر أسماء لازمت النداء 1 منها "فل"، و"فلة"، بمعنى رجل، وامرأة2، وقال ابن مالك وجماعة: بمعنى زيد،   لا يخرق اللوم حجاب مسمعي وهذا البيت من قصيدة مشهورة مطلعها: قد أصبحت أم الخيار تدعي ... علي ذنبا كله لم أصنع من أن رأت رأسي كرأس الأصلع ... ميز عنه قنزعا عن قنزع جذب الليالي أبطئي أو أسرعي ... أفناه قيل الله للشمس اطلعي حتى إذا وارك أفق فارجعي   اللغة والإعراب: لا تلومي: من اللوم؛ وهو كثرة العتاب. أهجعي: من الهجوع، وهو الرقاد بالليل، والمراد: ترك ما هي فيه من لوم وتعنيف. حجاب مسمعي. كناية عن الأذن. "يا بنية" "يا" للنداء، وابنة منادى منصوب. "عما" مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفا. منع من ظهورها فتحة مناسبة الألف، والألف المنقلبة عن الياء مضاف إليه. "لا تلومي" لا ناهية وتلومي فعل مضارع مجزوم بلا بحذف النون، "واهجعي" فعل أمر معطوف عليه. والمعنى: دعي واتركي لومي وعتابي يا بنة عمي، وخذي نفسك بالراحة، ونامي؛ فإن لومك هذا لا يصل إلى سمعي ولا أستمع له، وكانت -كثيرة اللوم له لكبره وضعفه ولا سيما وقت النوم والراحة. والشاهد: في "يا بنة عما"؛ حيث أثبت الألف المنقلبة عن ياء المتكلم للضرورة. باب في ذكر أسماء لازمت النداء 1 أي لا تستعمل إلا منادى؛ فلا تقع فاعله، ولا مفعولة، ولا مبتدأ، ولا خبرا، ولا اسما، أو خبرا لناسخ، ولا مضافا إليها، ولا شيئاً آخر غير المنادى. ومن الأسماء ما لا يصح أن يكون منادى على الصحيح؛ كالاسم المضاف إلى ضمير المخاطب؛ نحو: يا أخاك، وكضمائر غير المخاطب، واسم الإشارة المتصل بكاف الخطاب؛ نحو: يا ذاك، والاسم المبدوء "بأل"، في غير المواضع المستثناة التي سبق ذكرها. 2 أي فهما كنايتان عن نكرتين من جنس الإنسان، مستقلتان عن فلان وفلانة. وأصل "فل" الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 وهند، ونحوهما1، وهو وهم2؛ وإنما ذلك بمعنى: فلان، وفلانة3. وأما قوله: في لجة أمسك فلاناً عن فل4 فقال ابن مالك:   1 أي من أعلام الأناسي، فهما كنايتان عن علم شخصي لمن يعقل. 2 أي غلط. 3 أي أن الذي بمعنى زيد، ونحوهما من كناية الأعلام، هو: "فلان" و"فلانة"، لا "فل"، و"فلة". ويمكن دفع وهم ابن مالك؛ بأن أصل "فل" و"فلة" عنده وفلانة، فحذفت الألف والنون تخفيفا، وهو مذهب الكوفيين. ومهما يكن؛ فكل من "فل، فلة"، مبني على الضم دائماً في محل نصب سواء اعتبرا من المفرد العلم، أو النكرة المقصودة. واستعمالها في غير النداء، أو منادى منصوبًا، لا يكون إلا لضرورة شعرية. 4 عجز بيت من الرجز، أو بيت من مشطور الرجز، لأبي العجلي، يصف إبلا قد أقبلت متزاحمة واثارت غبارا، وقبله: تضل منه إبلي بالهوجل وهذا البيت من أرجوزة طويلة مشهورة، مطلعها: الحمد لله العلي الأجلل ... الواسع الفضل الوهوب المجزل اللغة والإعراب: الهوجل: المراد هنا: المفازة الواسعة التي لا أعلام بها، ويطلق على الرجل الأهوج، لجة: هي الجلبة واختلاط الأصوات في الحروب. "منه" جار ومجرور متعلق بتضل. والهاء عائدة على الغبار في البيت قبله. "إبلي" فاعل تضم. "بالهوجل" متعلق به. "في لجة" متعلق بتضل أيضا، أو بتدافع الواقع مفعولا مطلقا لفعل محذوف؛ أي تدافعت الإبل تدافع، وذلك في قوله قبل: تدافع الشيب ولم تقتل "أمسك فلانا عن فل" الجملة في محل نصب مقولة لقول محذوف، صفة للجة، أي في لجة مقول فيها: أمسك ... إلخ. والمعنى: يصف الشاعر إبلا اقبلت متزاحمة متدافعة تثير الغبار، فشبهها في هذه الحالة، وقد ارتفعت أصواتها في الفلاة، يقوم شيوخ في لجة يدافع بعضهم بعضا، فيقال فيهم: أمسك فلانا عن فلان، أي أحجز بينهما. وقيل: إن صدر البيت هو: تدافع الشيب ... إلخ؛ لأن العجز يتلاءم معه بدون هذا التكلف. والشاهد: استعمال "فل" في غير النداء، وجرها بحرف الجر للضرورة. وهذا رأي ابن مالك؛ إذ يقول: "وجر في الشعر فل". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 هو "فل" الخاص بالنداء، استعمل مجروراً للضرورة1، والصواب: أن أصل هذا "فلان"، وأنه حذف منه الألف والنون للضرورة؛ كقوله: درس المنا بمتالع فأبان2 أي: درس المنازل. ومنها: "لؤمان"، بضم أوله وهمزة ساكنة ثانية؛ بمعنى كثير اللؤم3.   1 وقد صرح بذلك في النظم فقال: "وجر في الشعر فل". وقيل إن "فل" هنا أصله "فلان"، فرخم بحذف النون والألف. 2 صدر بيت من الكامل، للبيد بن ربيعة العامري. وعجزه: فتقادمت بالحبس فالسوبان اللغة والإعراب: درس: عفا وزال أثره. المنا: أي المنازل. متالع، وأبان، والحبس، والسوبان: أسماء أماكن معينة. "المنا" فاعل درس مرفوع بصمة مقدرة على الألف للتعذر، أو بضمة ظاهرة على الحرف المحذوف للترخيم. "بمتالع" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من المنازل. "فأبان" معطوف على متالع. والمعنى: أن جميع المنازل التي كانت بهذه الأماكن درست وزالت آثارها. والشاهد: أن أصل المنا "المنازل" فرخم في غير النداء بحذف حرفين منه للضرورة. وهذا يقوي رأي من يقول: إن اصل "فل" -في البيت السابق- "فلان" وحذفت منه الألف والنون للضرورة. وقيل: إن المنا بمعنى المحاذي، ولا ترخيم فيه، وكأن الشاعر قال: عفا المكان المحاذي لهذه الأماكن. 3 ومثله في المعنى والحكم: "ملأم"، وكذلك "ملأمان"، و"مخبثان"، وصفان بمعنى: لئيم وخبيث. ومثلهما: كل وصف على وزن "مفعلان" مما يدل على أمر مذموم، وقد يدل على أمر محمود؛ مثل: مكرمان، ومطيبان، وصفان بمعنى: عزيز مكرم، وطيب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 و"نومان" -بفتح أوله وواو ساكنة ثانية- بمعنى كثير النوم1. و"فعل" كغدر وفسق -سبا للمذكر. واختار ابن عصفور كونه قياسياً2، وابن مالك كونه سماعيا3. و"فعال"؛ كفساق وخباث؛ سبا للمؤنث4، وأما قوله: إلى بيت قعيدته لكاع5، فاستعمله خبراً ضرورة، وينقاس هذا، و"فعال" بمعنى   1 لا يقاس على ما كان على وزن: "لؤمان"، و"ملأم"، و"نومان"؛ بل يقتصر فيه على السماع. أما ما كان على وزن "مفعلان" ففيه رأيان، ولعل الأنسب الأخذ بالرأي الذي يبيح القياس في هذه الصيغة؛ لكثرة ما ورد فيها. 2 أي في كل وصف جاء على وزن "فعل" بمعنى فاعل؛ لذم المذكر وسبه، بشرط دلالة أصله على السب. 3 وقد أشار إلى ذلك في النظم كما سيأتي. ومما سمع: فسق، وغدر، وخبث، ولكع، وسفه، بمعنى سافه، وشتم؛ بمعنى شاتم. وورد: "يا سفه مقتل الرجل بين فكيه"، وقد يستعمل هذا الومن في غير النداء؛ كحديث: "لا تقوم الساحة حتى يكون أسعد الناس في الدنيا لكع ابن لكع. 4 وهو معدول عن "فاعلة" أو "فعلية"، ومبني على الكسر أصالة. 5 عجز بيت من الوافر، اشتهر بأنه للحطيئة، في هجاء امرأته، ونسبه ابن السكيت لأبي الغريب النصري، وصدره: أطوف ما أطوف ثم آوي اللغة والإعراب: أطوف: من التطويف؛ أي أكثر الطواف والجولان في البلاد. آوي: أرجع وأعود. قعيدته. التي تلازم القعود فيه، ويطلق على المرأة "قعيدة البيت" لذلك. لكاع لئيمة خبيثة. "ما" مصدرية ظرفية. "أطوف" فعل مضارع، وقثد وصلت به "ما" وهو مضارع مثبت، وذلك قليل. "قعيدته" مبتدأ ومضاف إليه. "لكاع" خبر مبني على الكسر في محر رفع، والجملة صفة لبيت. والمعنى: يهجو امرأته ويقول: أسير في الأرض، وأكثر من الطواف والجولان والتنقل في نواحيها؛ لتحصيل القوت، والبحث عن العيش لي ولأسرتي، ثم أعود إلى منزلي فأجد فيه امرأة خبيثة لئيمة، لم تهيء لي أسباب الراحة بعد هذا العناء. والشاهد: استعمال "لكاع" -وهو على وزن "فعال"- في غير النداء للضرورة؛ فهي خبر المبتدأ. وقيل: إن الخبر قول محذوف؛ أي قعيدته يقال لها: يا لكاع، وحينئذ لا يكون قد خرج عن النداء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 الأمر1؛ كنزال، من كل فعل ثلاثي2 تام متصرف3. فخرج نحو: دحرج، وكا، ونعم وبئس"4. والمبرد لا يقيس فيهما.   1 ذكر المصنف ذلك هنا من باب الاستطراد لموافقته؛ نحو: خباث؛ في الوزن، والبناء على الكسر، وشروطه، لا في النداء. وسيجيء الكلام على هذه الصيغة في باب "أسماء الأفعال". 2 إلا ما سمع من نحو: دراك، من أدرك. 3 أي تصرفا كاملا؛ فلا يبنى من نحو: يذر ويدع؛ لأن كلا منهما ناقص التصرف. 4"دحرج" غير ثلاثي، و"كان" غير تام، و"نعم" و"بئس" جامدان. ويستخلص مما تقدم: أن الألفاظ التي لا تستعمل إلا منادى ثلاثة أنواع: أ- نوع مقصور على السماع، وأشهر ألفاظه: أبت، وأمت الملازمتين لتاء التأنيث، اللهم، فل، فلة، لؤمان، ملأم، نومان. وألفاظ هذا النوع مبنية على الضم، إلا أبت وأمت، وقد تقدم حكمهما. ب- نوع قياسي وهو: ما كان على وزن "فعال" لسب الأنثى وذمها؛ كيا خباث، ويا فساق، وله شروط سبق بيانها ويقال في إعراب هذا النوع: منادى مبني على ضم مقدر منع من ظهوره كسرة البناء الأصلي في محل نصب. جـ- نوع في قياسته خلاف، والأحسن الأخذ بقول من يقول بقياسيت؛ لكثرة ما ورد منه عن العرب، وهو: ما كان على وزن "مفعلان" للذم غالباً، أو للمدح؛ كملأمان، ومكرمان، وما كان على وزن "فعل" لذم المذكر؛ نحو: غُدر، ولُكَع، وهذا النوع مبني على الضم في محل نصب. وإلى ما تقدم في هذا الباب يشير الناظم بقوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 ....................................................................................................................   و"فل" بعض ما يخص بالندا ... "لؤمان" "نومان" كذا واطردا في سب الأنثى وزن "يا خباث" ... والأمر هكذا من الثلاثي وشاع في سب الذكور "فعل" ... ولا تقس وجر في الشعر "فل" أي أن "فل" و"فلة" من الأسماء التي تختص بالنداء، وكذلك "لؤمان" و"نومان" واطرد في سب الأنثى "يا خباث" وما كان على وزنها، وهذا الوزن مطرد أيضاً في كل اسم فعل ثلاثي دال على الأمر، وشاع في النداء ما كان على وزن "فُعَل" خاصا بسب الذكور، ومع شيوعه، فلا تقس عليه، ويجوز جر "فل" في الشعر للضرورة، مع أنها مختصة بالنداء. نداء المجهول: اختار العرب لنداء المجهول كلمات منها: "هَن" لنداء المذكر المجهول، و"هِنت" لنداء المؤنثة المجهولة؛ تقول: "يا هن لا تدخل فيما لا يعنيك"، و"يا هنت قلبي"، وتقول في التثنية: "يا هنان" و"هنتان"، وفي جمعي السلامة: "يا هنون" و"يا هنات". وقد تلحقها في الآخر "ها" كما في الندبة؛ فيقولون في الإفراد: "يا هناه" و"يا هنتاه"، وفي التثنية: "يا هنتانيهن" و"يا هِنتانيه"، وفي الجمع: "يا هنوناه"، و"يا هناتوه". وتسكن الهاء الأخير في كل ذلك عند الوقف. وتحذف وصلا، وقد تثبت وصلا للضرورة الشعرية، فتتحرك بالضم أو بالكسر، ومن الخير عدم استعمال هذه الكلمات اليوم؛ لثقلها ولتعدد معانيها اللغوية، ومن معانيها: المحمود والمذموم.   *"وفل" مبتدأ. "بعض" خبر. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "يخص" فعل مضارع للمجهول. ونائب الفاعل يعود على "ما" والجملة صلة، "بالندا" متعلق بيخص؟ "لؤمان" مبتدأ. "نومان" معطوف عليه بتقدير عاطف. "كذا" متعلق بمحذوف خبر. "واطردا" فعل ماض، والألف للإطلاق. ** "في سب" متعلق باطراد، و"الأنثى" مضاف إليه. "وزن" فاعل اطرد. "يا خباث" مضاف إليه على الحكاية "والأمر" مبتدأ. "هكذا" متعلق بمحذوف خبر. "من الثلاثي" جار ومجرور متعلق بمحذوف، حال من الضمير المستكن في الخبر. *** "فعل" فاعل شاع. "جر" فعل ماض للمجهول. "في الشعر" متعلق بجر. "فل" نائب فاعل جر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 باب: الاستغاثة 1 إذا استغيث اسم منادى2، وجب كون الحرف "يا"، وكونها مذكورة3، وغلب جره بلام واجبة الفتح4؛ كقول عمر -رضي الله تعالى عنه: "يا الله"5، وقول الشاعر: يا لقومي ويا لأمثال قومي6   باب الاستغاثة: يعرفها النحويون بأنها: نداء من يخلص من شدة واقعة، أو يعين على دفع مشقة قبل وقوعها، ولا يستلزم أن يفعل المستغاث وفق ما يطلب المستغيث؛ قال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} ، وأسلوب الاستغاثة أحد أساليب النداء، ولا يتحقق إلا بثلاثة أشياء: حرف النداء "يا" لا غير، وبعده غالباً المستغاث به، وهو الذي يطلب منه العون والمساعدة، وقد يسمى المستغاث؛ ثم المستغاث له وهو الذي يطلب العون بسببه، ولكل من هذه الثلاثة شروط وأحكام، تتضح مما يأتي. 2 أي إذا نوي مدلول اسم للاستغاثة به. 3 هذان شرطان في حرف النداء. 4 هذا حكم من أحكام المستغاث، ووجود اللام ليس واجبا؛ وإنما الواجب فتحها حين تذكر؛ لأنه واقع موقع كاف الخطاب في مثل: أدعوك، ولام الجر تفتح معها؛ وليحصل الفرق بينها وبين لام المستغاث من أجله، قال الناظم مشيرا إلى ذلك: إذا استغيث اسم منادى خفضًا ... باللام مفتوحا كيا للمرتضى أي: إذا نودي واستغيث اسم، وجب جر المنادى بلام مبنية على الفتح؛ نحو: يا للمرتضى. 5 قال رضي الله عنه لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي: يا لله للمسلمين. 6 صدر بيت من الخفيف - لم ينسب لقائل، وعجزه:   *"إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "استغيث" فعل ماض للمجهول، فعل الشرط. و"اسم" نائب فاعله. "منادى" نعت لاسم. "خفضا" الجملة جواب الشرط والألف للإطلاق. "باللام" متعلق به. "مفتوحا" حال من اللام "كيا" الكاف جارة لقول محذوف، و"يا" حرف نداء. "للمرتضى" اللام جارة عند البصريين، وفي متعلقها خلاف كما سيأتي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 إلا أن كان معطوفاً ولم تعد معه "يا" فتكسر1.   لأناس عتوهم في ازدياد اللغة والإعراب: عتوهم: العتو: الاستكبار والطغيان. في ازدياد: أي يزيد يوما بعد يوم. "يا" حرف نداء واستغاثة. "لقومي" اللام حرف جر أصلي، وهي مفتوحة، وقومي مجرور بها، والجار والمجرور في محل نصب متعلق بأدعو؛ بتضمينه معنى فعل يتعدى باللام، كألتجئ مثلا، أو متعلق بحرف النداء؛ لنيابته عن الفعل "أدعو" كما بينا سابقا. وقيل: اللا زائدة لا تتعلق بشيء والمستغاث منصوب بفتحة مقدرة منع منها حرف الجر الزائد. وذهب الكوفيون إلى أن اللام اسم مضاف لما بعده، وأن الأصل: "يا آل" فحذفت الهمزة للتخفيف، وإحدى الألفين لالتقاء الساكنين. "ويالأمثال" إعرابه كذلك. "قومي" مضاف إليه، وياء المتكلم مضاف إليه. "لأناس" جار ومجرور متعلق بمحذوف؛ أي أدعوكم لأناس، أو متعلق بيا نفسها؛ لأن فيها معنى الفعل. "عتوهم" مبتدأ ومضاف إليه. "في ازدياد" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر، والجملة في محل جر صفة لأناس. والمعنى: أستغيث بقومي وبأمثالهم في النجدة والشجاعة، ليمنعوني من قوم يزدادون علوا واستكبارا علي، ويظلموني بغير سبب. والشاهد: جر المستغاث به في "يا لقومي، ويا لأمثال"، بلام واجبة الفتح. 1 هذا استنثاء من وجوب بناء لأم المستغاث على الفتح؛ وهو وجوب الكسر، إذا كان المستغاث غير مسبوقـ"يا"؛ ولكنه معطوف على آخر مسبوق بها. وكذلك يجب الكسر إذا كان المستغاث ياء المتكلم؛ نحو: يا لي للغرباء، على رأي ابن جني؛ من جواز كونه قد استغاث بنفسه، وكسرت اللام لمناسبة الياء. ويرى غيره أن "يا لي" لا يكون إلا مستغاثا لأجله، والمستغاث به محذوف. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وافتح مع المعطوف إن كررت "يا" ... وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا أي إذا كررت "يا" مع المعطوف وجب فتح لام الجر الداخلة عليه. وفي غير هذه الصورة   "وافتح" فعل أمر، ومفعوله محذوف؛ أي اللام. "مع" ظرف متعلق بمحذوف، حال من ذلك المحذوف "المعطوف" مضاف إليه. "يا" مفعول "كررت" الواقع فعلا للشرط، والجواب محذوف يدل عليه ما قبله، "وفي سوى جار ومجرور متعلق بائتيا. "ذلك" مضاف إليه، والإشارة إلى المذكور في البيتين. "بالكسر" متعلق بائتيا أيضا. "ائتيا" فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف، والفاعل أنت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 ولام المستغاث له مكسورة دائماً كقوله: يا لله للمسلمين1، وقول الشاعر: يا للكهول وللشبان للعجب2   يجب كسر اللام معه، وهذا يشمل: عدم ذكر "يا" مع المعطوف، كما يشمل اللام الداخلة على المستغاث له. هذا: والمستغاث المجرور باللام المسبوق بـ"يا" معرب منصوب؛ فهو مجرور لفظا منصوب محلا، حتى المفرد العلم والنكرة المقصودة؛ لأن اللام جعلتهما من قسم المضاف تأويلا. ويقال في إعرابه: اللام حرف جر أصلي، وما بعدها منادى منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها الكسرة التي جلبها حرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بيا؛ وإنما يعرب بشرط ألا يكون مبنيا في الأصل؛ نحو: يا لهذا للمستجير، وأن تكون اللام مذكورة وقبلها "يا" ويجوز في تابعه: الجر مراعاة للفظ، والنصب مراعاة للمحل. 1 إنما يجب كسر لام المستغاث له؛ إذا لم يكن ضميرا غير ياء المتكلم، وإلا فتحت لامه؛ نحو: يا للمخلص لنا، ويا لمحمد لك، بخلاف يا للزائر لي؛ لأن الضمير ياء المتكلم. وهذا حكم من أحكام المستغاث له. ويجب كذلك تأخيره عن المستغاث، كما أنه يجوز حذفه إذا علم وأمن اللبس؛ نحو: يا لقومي من للندى والسماح؟ 2 عجز بيت من البسيط، لم ينسب لقائل، وصدره: يبكيك ناء بعيد الدار مغترب اللغة والإعراب: ناء: بعيد، وهو اسم فاعل من نأى ينأى؛ بمعنى بعد. مغترب: غريب؟ الكهول: جمع كهل؛ وهو من جاوز الثلاثين ووخطه الشيب، وقيل: الأربعين. والشبان: جمع شاب؛ وهو من كانت سنه دون سن الكهل. "ناء" فاعل يبكي. "بعيد الدار" صفة لناء، ومضاف إليه، وإضافته للدار غير محضة؛ ولذلك وقع صفة للنكرة. "مغترب" صفة ثانية. "يا للكهول" "يا" حرف نداء واستغاثة، واللام حرف جر، و"الكهول" مجرور بها، والجار والمجرور في محل نصب متعلق بأدعو، أو بيا، كما سبق بيانه. "وللشباب" إعرابه كذلك. "للعجب" جار ومجرور متعلق بمحذوف كما سبق. وهو مستغاث له. والمعنى: يبكيك ويحزن لفقدك وموتك الأباعد الغرباء؛ لما كنت تسدي إليهم من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 ويجوز ألا يبتدأ المستغاث باللام؛ فالأكثر حينئذ أن يختم بالألف1؛ كقوله: يا يزيدا لآمل نيل عز2   معروف وعون، وقد يسر الأقارب لما يرثونه منك بعد فقدك؛ فهيا معشر الكهول والشباب لمشاركتنا في العجب من ذلك! والشاهد: كسر لام المستغاث له في "للعجب" وفيه شاهد آخر؛ وهو: كسر لام المستغاث به في "للشبان"؛ لأنه معطوف لم تكرر معه "يا". 1 وتكون هذه الألف عوضا عن اللام، ومن ثم لا يجتمعان، ويبقى المنادى دالا على الاستغاثة بالقرينة، ولكنه لا يكون في هذه الصورة ملحقا بالمنادى المضاف؛ بل يكون مبنيا على الضم المقدر في محل نصب، منع من ظهورها الفتحة الطارئة لمناسبة الألف، ويجوز في تابعه الرفع مراعاة للفظه، والنصب مراعاة لمحله، ولا يجوز مراعاة الفتحة الطارئة لمناسبة الألف، وإذا وقف على المستغاث المختوم بالألف فالأحسن مجيء "ها" السكت الساكنة؛ تقول: يا شاعراه، وتحذف عند الوصل. 2 صدر بيت من الخفيف، لم يعين قائله، وعجزه: وغنى بعد وفاقه وهوان اللغة والإعراب: آمل: اسم فاعل من الأمل؛ وهو الرجاء والتوقع: نيل: حصول. فاقة: فقر وحاجة. هوان: مذلة واحتقار. "يا" حرف نداء واستغاثة، "يزيدا" منادى مستغاث به مبني على ضم مقدر منع منه حركة مناسبة ألف الاستغاثة في محل نصب، والألف عوض عن لام الاستغاثة. "لآمل" متعلق بيا، أو بالفعل المحذوف كما تقدم. "نيل عز" نيل مفعول لآمل، وعز مضاف إليه، وفيه ضمير هو فاعله؛ لأنه اسم فاعل. "وغنى" معطوف على عز منصوب بفتحة مقدرة على الألف المحذوفة للساكنين. "بعد" ظرف زمان متعلق بنيل أو بآمل. "فاقة" مضاف إليه. "وهوان" معطوف على فاقة. والمعنى: أستغيث بك يا يزيد، وأدعوك لمن يطلب القوة والعزة، بعد الضعف والمذلة، ويرجو الغنى والثراء بعد الفقر والحاجة. والشاهد: في "يزيد"؛ فإنه مستغاث به اختتم بالآلف، ولم يؤت معه باللام المفتوحة، التي تدخل على المستغاث به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 وقد يخلو منهما1؛ كقوله: ألا يا قوم للعجب العجيب2 ويجوز نداء المتعجب منه؛ فيعامل معاملة المستغاث3؛ كقولهم: يا للماء، ويا للدواهي، إذا تعجبوا من كثرتهما.   1 أي من اللام والألف، وحينئذ يكون حكمه المنادى الذي ليس للاستغاثة. 2 صدر بيت من الوافر، لم ينسب لقائل، وعجزه: وللغفلات تعرض للأريب اللغة والإعراب: الغفلات: جمع غفلة، مصدر غفل عن الشيء، لم يلتفت إليه ولم يلق إليه باله. تعرض له: تنزل به. الأريب: العالم بالأمور البصير بالعواقب. "ألا" أداة تنبيه. "قوم" مستغاث به منادى، منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة اجتزاء بكسرة الميم. ويجوز أن يكون مبنيًا على الضم إذا قدر قطعه عن الإضافة. "للعجب" جار ومجرور مستغاث لأجله، متعلق بيا، أو بالفعل المحذوف. "العجيب" صفة للعجب. "وللغفلات" معطوف عليه. "تعرض" الجملة حال من الغفلات. والمعنى: أستغيث وأدعو قومي ليعجبوا العجب كله، وينظروا كيفل تحدث الغفلة وعدم الانتباه للبصير بالأمور الخبير بالعواقب؟ والشاهد: في "يا قوم" حيث جاء مستغاثًا به خاليًا من اللام المفتوحة في أوله، ومن الألف في آخره، وذلك نادر، وقد مر التنبيه على ذلك. 3 قد يراد بأسلوب النداء: التعجب من شيء عظيم يتميز بذاته أو بكثرته، أو شدته أو غرابته، فينادى جنس ما رآه، نحو: يا للماء، أو من له به صلة أو معرفة؛ نحو: يا للعلماء ويأتي على صورة الاستغاثة مشتملا على حرف النداء "يا"، وعلى منادى مجرور باللام المفتوحة، ولكن ليس هنالك مستغاث؛ وذلك كأن ترى البدر فيبهرك جماله؛ فتقول: يا للبدر! أو ترى الماء الكثير فتعجب من كثرته؛ فتقول: يا للماء! مثل هذا الأسلوب يقال فيه إنه أسلوب نداء أو استغاثة أريد به التعجب، فكأنك تنادي البدر والماء، وتقول: احضر ليتعجب منك، وعلى هذا ينبغي أن يعامل معاملة المستغاث؛ فيجر باللام المفتوحة، وإذا حذفت جيء بالألف في آخره عوضاً عنها، وتلحقه هاء السكت عن الوقف، وقد يأتي على صورة أخرى؛ فلا يبدأ باللام ولا يختم بالألف؛ تقولك يا عجب. وإلى ذلك وما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 باب الندبة 1: حكم المندوب -وهو المتفجع عليه أو المتوجع منه- حكم المنادى؛ فيضم في نحو: وأزيد وينصب في نحو: وا أمير المؤمنين، إلا أنه لا يكون نكرة؛   قبله، يشير الناظم بقوله: ولام ما استغيث عاقبت ألف ... ومثله اسم ذو تعجب ألف اي: أن لا المستغاث قد تحذف فتعقبها، ويؤتى بألف بدلها في آخره عوضًا عنها، ومثل: المستغاث الاسم المتعجب منه في أسلوب التعجب الآتي. تنبيه: قد يجري المستغاث له بـ"من" بدلا من اللام؛ إذا كان مستنصرًا عليه؛ كقوله: يا للرجال ذوي الألباب من نفر ... لا يبرح السفه المردي لهم دينا فإن كان مستنصراً له، تعين جره باللام؛ نحو: يا لله للمجاهدين، ويجوز الجمع بين "يا" و"أل" التي في صدر المستغاث إذا كان مجرورا باللام كما مثلنا. باب الندبة: 1 الندبة لغة: مصدر ندب الميت، إذا ناح عليه، وذكر خلاله الكريمة، ومآثره الحميدة، واصطلاحاً: نداء موجه للمتفجع عليه أو المتوجع منه، بلفظ "وا"، أو "يا" عند أمن اللبس، والتفجع: إظهار الحزن وقلة الصبر عند نزول المصيبة، وأكثر ما يكون عند النساء؛ لضعفهن عن الاحتمال والصبر. والمتفجع عليه: من نزلت به الفجيعة، أو أصابته نازلة حقيقة، أو نزل منزلة ذلك؛ كقول عمر -رضي الله عنه- وقد أخبر بجدب أصاب بعض العرب: واعمراه واعمراه. والمتوجع منه: الموضع والمكان الذي فيه الألم؛ كقولك: وارأساه، أو السبب الذي أدى إلى الألم؛ كقولك: وامصيبتاه؛ لأن المصيبة هي سبب الألم، وقد يسمى هذا متوجعا له، والمنادى في ذلك كله يسمى: مندوبًا.   * "ولام" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "استغيث" الجملة صلة. "ألف" مفعول عاقب، وسكن على لغة ربيعة، والجملة خبر المبتدأ. "ومثله" خبر مقدم ومضاف إليه، والضمير يعود إلى المستغاث. "اسم" مبتدأ مؤخر. "ذو تعجب" ذو نعت لاسم، وتعجب مضاف إليه. "ألف" الجملة صفة لتعجب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 كرجل1، ولا مبهما؛ كأي، واسم الإشارة والموصول؛ إلا ما صلته مشهورة2؛ فيندب؛ نحو: "وامن من حفر بئر زمزماه3؛ فإنه بمنزلة: "وا عبد المطلباه"4، إلا أن الغالب أن   1 هذا في المتفجع عليه، أما المتوجع منه فيجوز أن يكون نكرة؛ نحو: وامصيبتاه، في مصيبة غير معينة. وإنما لم تندب النكرة ولا المبهم لأن القصد من الندبة الإعلام بعظمه المندوب وإظهار أهميته أو شدته؛ وذلك يستدعي أن يكون معروفًا معينًا. 2 أي معروفة الارتباط بالموصوف بين المتخاطبين؛ بحيث يتعين بها الموصول. وهذا إذا كان الموصول غير مبدوء بأل، وإلا امتنعت ندبته مطلقا. ومثل الموصول في الإبهام المضمر. 3 "وا" حرف نداء وندبة. "من" منادى مندوب مبني على ضم مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بسكون البناء الأصلي في محل نصب، وجملة "حفر" صلة. "بئر" مفعول حفر. "زمزماه" مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة منع منها حركة مناسبة ألف الندبة، وهذا إذا اعتبر متصرفا فإن اعتبر ممنوعا من الصرف؛ فهو منصوب بفتحة مقدرة نيابة عن الكسرة والهاء للسكت. 4 أي في الشهرة. وإلى ما سبق من حكم المندوب، وبيان ما لا يندب، أشار الناظم بقوله: ما للمنادى اجعل لمندوب وما ... نكر لم يندب ولا ما أبهما ويندب الموصول بالذي اشتهر ... كـ" بئر زمزم" يلي "وا من حفر" أي: أجعل للمندوب من الأحكام ما للمنادى، ولا تندب النكرة ولا المبهم من الأسماء؛   * "ما" اسم موصول مفعول أول لاجعل. "للمنادى" متعلق بمحذوف، صلة. "لمندوب" في موضع المفعول الثاني لاجعل. "وما" اسم موصول مبتدأ. "نكر" فعل ماض للمجهول، والجملة صلة. "لم يندب" الجملة خبر المبتدأ. "ولا" الواو عاطفة، و"لا" نافية. "ما" موصولة معطوفة على الضمير في يندب؛ لوجود الفصل بلا. "أبهما" فعل ماض للمجهول، والجملة صلة. "بالذي" متعلق بالموصول لا بيندب. "اشتهر" الجملة صلة والعائد محذوف؛ أي به. "كبئر" جار ومجرور، خبر لمبتدأ محذوف، وبئر بالنصب على الحكاية لأنه مفعول به لحفر. "زمزم" مضاف إليه. "يلي" فعل مضارع، وفاعله يعود إلى بئر زمزم، والجملة حال من "وامن حفر" الواقع مفعولا ليلي على الحكاية، وجملة "حفر" صلة من، والأصل: وامن حفر بئر زمزم. كأي، والمضمر، واسم الإشارة والموصول المحلي بأل، ويندب الموصول الخالي من أل إذا اشتهر بالصلة؛ نحو: "وا من حفر بئر زمزماه"، والذي حفرها: عبد المطلب جد النبي -عليه السلام- وقد شاع ذلك وعرف بين الناس؛ فكأنك قلت: واعبد الملطب، وقوله: "يلي وامن حفر" أي: يقع بعد هذه القولة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 يختم بالألف1؛ كقوله: وقمت فيه بأمر الله يا عمرا2 ويحذف لهذه الألف ما قبلها، من ألف؛ نحو: واموساه3، أو تنوين في صلة؛ نحو: وامن حفر بئر زمزماه4، أو في مضاف إليه،؛ نحو: وا غلام زيداه، أو في محكي؛ نحو: وا قام زيداه5، فيمن اسمه "قام زيد"، ........................................................................   1 أي الزائدة، وذلك لمد الصوت؛ حتى يكون أقوى بنبراته على إعلان ما في النفس من حزن وأسى. 2 تقدم هذا الشاهد في أول "باب الندا". والشاهد: فيه هنا في قوله: "يا عمرا"؛ حيث ختم بألف الندبة، وثبوت هذه الألف دليل على أنه مندوب، ولو كان منادى لبني على الضم؛ لأنه علم مفرد، وهو مبني على ضم مقدر منع منه فتحة مناسبة الألف. واستعمال "يا" للندبة لأمن اللبس؛ لأن وجود الألف بين أنه مندوب، لا منادى. 3 أي في "موسى" وعند إعرابه يقال: "موسى" منادى مبني على ضم مقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين؛ والألف الموجودة زائدة للندبة، والهاء للسكت. 4 بحذف التنوين الظاهر من "زمزم" على أنه مصروف، والتنوين المقدر، على أنه ممنوع من الصرف. 5 فـ"قام زيداه" مبني على مقدر منع منه فتحة المناسبة، وقيل: ضمة الحكاية المحذوفة لأجل الألف. وفي زيادة ألف الندبة، وحذف ما يكون في آخر المندوب من ألف التنوين لأجلها، يقول الناظم: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 ومن ضمة1؛ نحو: وازيداه، أو كسرة2؛ نحو: واعبد الملكاه، واحذاماه. فإن أوقع حذف الكسرة أو الضمة في لبس أبقيتا، وجعلت الألف ياء بعد الكسرة؛ نحو: واغلامكي3، وواواً بعد الضمة؛ نحو: واغلامهو، أو واغلامكمو4، ولك في الوقف   ومنتهى المندوب صلة بالألف ... متلوها إن كان مثلها حذف كذاك تنوين الذي به كمل ... من صلة أو غيرها نلت الأمل يعني أن آخر المندوب تلحقه ألف للندبة، فإن وقعت هذه الألف بعد مثيل لها -أي بعد ألف- حذف المثيل دون ألف الندبة؛ لأنها جاءت لغرض، وقوله: متلوها، أي الذي تليه وتقع بعده. وكذلك يحذف التنوين مما جاء بعد المندوب ليكمله؛ كالصلة بعد الموصلو، والمضاف إليه بعد المضاف. وقوله: نلت الأمل، دعاء للمخاطب، سيق لتكملة البيت. 1 أي في المبني. 2 أي في المعرب كالمثال الأول، أو في المبني كالمثال الثاني. 3 ولا يصح مجيء الألف؛ لأنه لو قيل: واغلامكا، التبس خطاب المؤنث بالمذكر. 4 لأنه لو قيل: واغلامها، التبس المذكر بالمؤنث في الأولى، أو غلامكا، التبس الجمع بالمثنى في الثانية. والخلاصة: أنه ينبغي أن يفتح ما قبل الألف إن كان غير مفتوح؛ لأن الفتحة هي التي تناسبها، فإن أوقعت الفتحة في لبس تركت، وبقيت الحركة الموجودة على حالها، مع زيادة حرف وفي شكل المندوب وضبطه يقول الناظم:   * "ومنتهى المندوب" منتهى مفعول لفعل محذوف يفسره المذكور بعده، والمندوب مضاف إليه. "متلوها" مبتدأ مضاف إلى الهاء. "إن كان" شرط وفعله، واسم كان مستتر فيها. "مثلها" خبرها مضاف إلى الهاء. "حذف" فعل ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى متلوها، والجملة خبر المبتدأ، وجواب الشرط محذوف تدل عليه جملة الخبر. "كذاك" خبر مقدم. "تنوين" مبتدأ مؤخر. "الذي" مضاف إليه. "به" متعلق بكمل الواقع صلة الذي "من صلة" بيان للذي، أو حال من المضاف. "أو غيرها" معطوف على صلة، مضاف للهاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 زيادة "هاء السكت" بعد أحرف المد1.   والشكل حتماً أوله مجانساً ... إن يكن الفتح بوهم لابسا أي: إذا شكل آخر المندوب بضم أو كسر؛ فأوله مجانسًا له، من واو، أو ياء، إذا كان الفتح قبل ألف الندبة يوقع في لبس توهم غير المراد. 1 فتقول: واعمراه، وامصيبتاه، وارأساه. وتحذف في الوصل، إلا في الضرورة الشعرية، فتبقى وتحرك بالكسر أو بالضم؛ كقول المتنبي: واحر قلباه ممن قلبه شبم ... ومن بجسمي وحالي عنده سقم وفي هذه الهاء يقول الناظم: وواقفاً زد هاء سكت إن ترد ... وإن تشأ فالمد والها لا تزد أي: إذا وقفت على المندوب، فزد بعد الألف هاء سكت إذا أردت، وإن شئت ألا تزيد حرف المد ولا الهاء، فافعل. تنبيه: إذا كان المندوب مثنى أو جمع مذكر سالما، فلا تحذف نونهما عند ألف الندبة، فيقال: وازيدانا، وازيدونا، ويبنيان على الألف والواو كالمجرد. وإذا كان للمندوب تابع، فإن كان نعتا لفظة كلمة "ابن" المضافة لعلم، فإن الألف تدخل على المضاف إليه، تقول: وا إسماعيل بن إبراهيماه، وإن كان لفظاً آخر، فالأحسن دخولها على المنعوت. أما البدل، وعطف البيان، والتوكيد المعنوي، فالأحسن الاكتفاء بدخولها على المتبوع، وفي عطف النسق تدخل على المعطوف؛ تقول: واعلي واعمراه، ويجوز دخولها على المعطوف والمعطوف عليه، وتدخل في التوكيد اللفظي عليهما؛ تقول: وامحمداه وامحمداه.   * "والشكل" مفعول لمحذوف يفسره أوله. "حتما" مفعول مطلق لمحذوف، أو حال من هاء أوله. "مجانسا" مفعول ثان لأوله، والهاء مفعوله الأول. "إن يكن" شرط وفعله. "بوهم" متعلق بلابسا الواقع خبرا ليكن، ولا بسا: من لبست الأمر عليه: خلطته، وجواب الشرط محذوف. **"وواقفا" حال من فاعل زد. "هاء" مفعول أول لزد، ومفعوله الثاني محذوف. "فالمد" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"المد" مبتدأ. وخبره محذوف؛ أي واجب، والجملة جواب الشرط، "والهاء -بالقصر للضرورة- مفعول مقدم لتزد المجزوم بلا الناهية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 فصل: وإذا ندب المضاف للياء1، فعلى لغة من قال: "يا عبد" بالكسر، أو "يا عبد" بالضم، أو "يا عبدا" بالألف، أو "يا عبد" بالإسكان؛ يقال: واعبدا2. وعلى لغة من قال: "يا عبدي" بالفتح أو "يا عبدي" بالإسكان؛ يقال: "واعبديا"3، بإبقاء الفتح على الأول، وباجتلابه على الثاني. وقد تبين أن لمن سكن الياء: أن يحذفها، أو يفتحها، والفتح رأي سيبويه، والحذف رأي المبرد. وإذا قيل يا غلام غلامي، لم يجز في الندبة حذف الياء؛ لأن المضاف إليها غير منادى4.   1 أي: لياء المتكلم الجائزة فيها اللغات الست المتقدمة. 2 أي قال في هذه اللغات الخمس: "يا عبدا" بزيادة ألف الندبة في المحذوف الياء، وتحذف ياء المتكلم المنقلبة ألفا في "عبدا"، والياء الساكنة في "عبدي"، وتحل محلهما ألف أخرى للندبة، ويقال في إعرابه: منادى مضاف منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة, منع من ظهورها فتحة ألف الندبة، وليس مبنيًا لأنه مضاف. 3 أي: بزيادة ألف الندبة وفتح ما قبلها، ويكون منصوبًا بفتحة مقدرة على الدال منع من ظهورها الكسرة العارضة لمناسبة الياء في محل نصب، والياء مضاف إليه مبني على سكون مقدر منع من ظهوره الفتحة التي جاءت لمناسبة الألف. 4 فلا يسري عليه أحكام المنادى المضاف للياء، ولما لم تحذف في النداء لم تحذف في الندبة، ومع إثبات الياء يجوز زيادة ألف الندبة بعدها، وعدم زيادتها، وفي المندوب المضاف إلى ياء المتكلم يقول ابن مالك: وقائل: واعبديا واعبدا ... من في الندا اليا ذا سكون أبدى أي: يقول: "واعبديا" بتحريك الياء بالفتح، وزيادة ألف الندبة، أو: "واعبدا" بحذف الياء مع زيادة ألف الندبة وفتح ما قبلها، يقول ذلك: من أبدى في النداء حرف الياء ذا   * "وقائل" خبر مقدم، وفيه ضمير هو فاعله، "واعبديا" مفعول به مقصود لفظه. "واعبدا" معطوف عليه. "من" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "في الندا" متعلق بأبدى. "اليا" -بالقصر- مفعول مقدم لأبدى. "ذا" حال من الياء. "سكون" مضاف إليه. "أبدى" فعل ماض وفاعله يعود إلى "من"، والجملة صلة لها. ومعنى أبدى: أظهر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 .....................................................................................................................   سكون؛ أي من كانت لغته في المنادى المضاف للياء إسكانها. وكذلك يقول: "واعبدا" من يحذف الياء، أو يستغني بالكسرة؛ أو يقلب الياء ألفا، والكسرة فتحة، ويحذف الألف ويستغني بالفتحة، أو يقلبها ألفا ويبقيها. تنبيه: هل المندوب منادى أو لا؟ رأيان. وقد صرح الرضي بأن المندوب والمتعجب منه، مناديان مجازًا لا حقيقة؛ فإذا قلت: يا محمداه، أو يا للماء؛ فكأنك تنادي وتقول: تعال يا محمد؛ فإني إليك مشتاق، وات يا ماء؛ حتى يتعجب منك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 .....................................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف النداء، واذكر أداة النداء التي ينادى بها القريب، والتي ينادى بها القريب والبعيد، ومثل بمثالين من إنشائك للكل. 2 تختص "يا" من بين أحرف النداء بمميزات، فما هي هذه المميزات؟ وضح بأمثلة. 3 لا يجمع بين "يا" و "أل" في النداء إلا في مواضع، أذكر هذه المواضع، ومثل لكل، ووضح علة استثنائها. 4 ما المراد بالمفرد في باب النداء؟ وما حكمه في الإعراب؟ هات أمثلة موضحة. 5 متى يبنى المنادى؟ ومتى يجب نصبه؟ ومتى يجوز فيه الضم والفتح؟ ووضح ما تقول بالأمثلة. 6 إذا وصف المنادى العلم بابن، فمتى يجب ضمه؟ ومتى يجوز الضم والفتح؟ مثل لما تذكر. 7 هنالك أشياء لا تقع إلا منادى، وأخرى لا تنادى، اذكر كلا، ووضح بأمثلة. 8 ما حكم آخر المنادى المعتل إذا أضيف لياء المتكلم؟ وما الذي يلحق بالمعتل؟ مثل لما تقول؟ 9 فيم ينقاس "فعال" في النداء، وفيم يستعمل؟ وكذلك "فُعَل"؟ مثل. 10 عرف المندوب تعريفاً شاملًا، وبين ما يجوز ندبه وما يمتنع، ووضح بالأمثلة. 11 اشرح قول ابن مالك: ولام ما استغيث عاقبت ألف ... ومثله اسم ذو تعجب ألف وبين لم يجب فتح لام المستغاث؟ ومتى تفتح لام المستغاث لأجله؟ ومتى تحذف لام المستغاث به؟ ووضح بالأمثلة. 12 ما حكم إعراب تابع المنادى المبني إذا كان نعتا مفردا، أو مضافا مجردا من أل، أو منسوقا مقرونا بأل، أو مجردا منها؟ وضح ما تقول بالأمثلة. 13 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل النداء، والندبة، والاستغاثة، بين موضع الشاهد، وحكمه: قال تعالى: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 .....................................................................................................................   {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} . {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} . {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ} . {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} . {يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} . {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ} . {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} . {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ} . {يَا أَيُّهَا المَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي} . يا عظيما يدعى لكل عظيم يا لله من أعداء الوطن. فيا لك ليلاً بت فليه مسهداً أي أبتي لا زلت فينا فإننا ... لنا أمل في الله ما دمت عائشا يا أنت يا خير الدعاة للهدى ... لبيك دايعا لنا وهاديا يا للرجال لقوم عز جانبهم ... واستلهموا المجد من أصل وأعراق يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شيء بعدكم عدم لاهم إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك ضيعت قيصر البرية أنثى ... يا لربي مما تجر النساء 14 أعرب ما تحته خط في الآبيات الآتية، واشرح الأخيرين شرحا أدبيا: يا للغروب وما به من عبرة ... للمستهام وعبرة للرائي يا أمة كان قبح الجور يسقطها ... حيناً فأصبح حسن العدل يرضيها يا لقومي إن مصراً ترتجي ... من بينها عملاً يرفعها فانهضوا للمجد واسموا للعلا ... إنما موضعكم موضعها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 .....................................................................................................................   15 صغ العبارات الآتية في صور الاستغاثة التي مرت بك، وضعها في عبارات مناسبة: ظلم الاستعمار، الأحرار في العالم، الصهيونية، الفدائيون. 16 متى يجب وصف اسم الإشارة المنادى؟ ومتى يجوز؟ وما حكم التابع في الحالتين؟ 17 ما حكم نعت "أي"؟ وما الأشياء التي توصف بها في النداء؟ مثل لما تقول. 18 ما الحروف التي يجر بها المستغاث لأجله؟ وما حكم البدل وعطف البيان إذا كان تابعين لمنادى؟ مثل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 باب الترخيم 1: يجوز ترخيم المنادى؛ أي: حذف آخره تخفيفاً، وذلك بشروط2: كونه معرفة3، غير مستغاث3، ولا مندوب، ولا ذي إضافة5، ولا ذي إسناد6، فلا يرخم نحو قول   باب الترخيم: 1 الترخيم في اللغة: ترقيق الصوت وتليينه، يقال: صوت رخيم؛ أي رقيق لين، وكلام رخيم؛ لين سهل، قال الشاعر: لها بشر مثل الحرير ومنطق ... رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر وفي الاصطلاح: حذف آخر الكلمة في النداء بطريقة مخصوصة؛ للتخفيف غالبا، أو لداع آخر؛ كالتمليح، أو الاستهزاء. وهو ثلاثة أقسام: ترخيم اللفظ للنداء، وترخيمه للضرورة الشعرية، وترخيمه للتصغير، والأولان هما موضوع هذا الباب، وفي ذلك يقول الناظم: ترخيماً احذف آخر المنادى ... كيا سعاً فيمن دعا "سعادا" أي: أحذف آخر المنادى حذف ترخيم؛ كقولك: يا سعا، إاذا أردت أن تنادي من اسمها "سعاد". 2 هذه شروط عامة، لا بد منها لترخيم المنادى؛ سواء أكان مختوماً بتاء التأنيث، أم مجردا منها. 3 إما بالعلمية؛ كالمفرد العلم، أو بالقصد والإقبال؛ كالنكرة المقصودة، وإنما اختصت المعرفة بالترخيم؛ لأنها هي التي يكثر نداؤها؛ فلا يصح تريخم النكرة غير المقصودة. 4 أي مجرور باللام، ويجوز ترخيم المحذوف اللام عند سيبويه، وكثير من النحاة؛ تقول: يا فاطما لأخيها، وبعضهم يمنعه أيضاً. 5 أي لا يكون مضافا، ولا شبيها به. 6 أي لا يكون مركبا تركيبا إسناد، ويزاد على هذه الشروط: ألا يكون من الألفاظ المختصة بالنداء؛ كـ"فل" و"فلة"، ولا مبنيًا قبل النداء؛ كحذام، وخمسة عشر.   * "ترخيما" مفعول مطلق لاحذف؛ لأنه بمعناه؛ كقعدت جلوسا، أو مصدر نائب عن اللفظ بفعله في الطلب؛ أي رخم ترخيما. "آخر المنادى" آخر مفعول احذف، والمنادى مضاف إليه. "كيا سعا" جار ومجرور، خبر المبتدأ محذوف. "فيمن" متعلق بمحذوف حال منه. "دعا سعادا" دعا فعل ماض، وسعادا مفعول، والفاعل يعود على "من" الموصولة المجرورة محلا بفي، والجملة صلة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 الأعمى: يا إنساناً خذ بيدي، وقولك: يا لجعفر، وواجعفراه، ويا أمير المؤمنين، ويا تأبط شراء، وعن الكوفيين إجازة تريخم ذي الإضافة بحذف عجز المضاف إليه، تمسكاً بنحو قوله: أبا عرو لا تبعد فكل ابن حرة1 وزعم ابن مالك، أنه يرخم ذو الإسناد2، وأن "عمراً" نقل ذلك؛ وعمرو هذا: هو   1 صدر بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وعجزه: سيدعوه داعي ميتة فيجيب اللغة والإعراب: لا تبعد: لا تهلك؛ من البعد، بمعنى الذهاب بالموت والهلاك. ابن حرة: يكنى بذلك عن الرجل الكريم، ويقال: ابن الأمة ما الأمه. ميتة: اسم هيئة من الموت. "أبا" منادى بحذف الياء منصوب بالألف نيابة عن الضمة. "عرو" مضاف إليه، وحذفت منه التاء للترخيم. "لا" حرف دعاء. "تبعد" فعل مضارع مجزوم به. "فكل" الفاء للتعليل، و"كل" مبتدأ. "ابن حرة" ابن مضاف إليه، وحرة مضاف إليه كذلك. "سيدعوهن" "ميتة" مضاف إليه. "فيجيب" معطوف على سيدعوه. المعنى: لا تهلك نفسك أسى وحزنا على من مضى، فكل عظيم سصيبه الموت بسبب ما من أسبابه الكثيرة، ولا يستطيع أن ينجو منه؛ فتلك سنة الله في الخلق. الشاهد: في قوله: "أبا عرو"؛ حيث رخم عجزه بحذف التاء وهو منادى مركب مضاف، وذلك جائز عند الكوفيين، ويمنعه البصريون؛ محتجين بأن المضاف إليه بمنزلة التنوين ما قبله، فليس بآخر المنادى حقيقة. 2 فتقول في تأبط شرا: يا تأبط، ونسب ذلك إلى سيبويه حيث يقول: والعجز أحذف من مركب وقفل ... ترخيم جملة وذا عمرو نقل أي أنه يجوز ترخيم المركب المزجي، وترخيمه يكون بحذف عجزه، أما مركب الجملة وهو المركب الإسنادي -فترخيمه قليل، وقد نقل ذلك عن العرب "عمرو". المشهور بسيبويه. ولاشتهار المنع عند سيبويه في هذه المسألة، عني الناظم بالتنبيه على أنه هو الذي نقل الجواز عن العرب.   * "والعجز" مفعول حذف مقدم. "من مركب" متعلق باحذف. "ترخيم جملة" ترخيم فاعل "قل"، وجملة مضاف إليه. "وذا" اسم إشارة مبتدأ، وهو إشارة إلى ترخيم الجملة. "عمرو" مبتدأ ثان. "نقل" فعل ماض، والجملة خبره، وجملة الثاني وخبره خبر الاول، والرابط محذوف، أي نقله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 إمام النحويين -رحمه الله- وسيبويه لقبه، وكنيته: أبو بشر. ثم إن كان المنادى مختوماً بتاء التأنيث، جاز ترخيمه مطلقاً1؛ فتقول في "هبة"، علماً: ياهب2، وفي "جارية"، لمعينة: يا جاري: قال: جاري لا تستنكري عذيري3   1 أي سواء كان علما، أو نكرة مقصودة، زائدة على الثلاثة، أم ثلاثيا غير التاء؛ لأن التاء في حكم الانفصال، أو أقل من ثلاثة كما مثل. 2 ومثله: قول العرب: "يا شا ادجني"؛ أي أقيمي في مكانك ولا تسرحي. 3 صدر بيت من الرجز؛ للعجاج بن رؤبة، يخاطب امرأته، وقد أنكرت عليه تأهبه للسفر، وعجزه: سيري وإشفاقي على بعيري اللغة والإعراب: لا تستنكري: لا تعديه أمرا منكرا. عذيري: العذير: ما يعذر الإنسان في عمله، فعلا كان أو تركا. والمراد هنا: الحال التي يزاولها، وعذير الرجل: من يعذره. "جاري" منادى بحذف الياء، وقد رخم بحذف التاء لأنه نكرة مقصودة، اي يا جارية، والجارية: الفتية من النساء. "لا" ناهية. "تستنكري" فعل مضارع مجزوم بها بحذف النون والياء فاعل. "عذيري". "وإشفاقي" معطوف عليه، أو الواو بمعنى "مع". المعنى: لا تنكري علي يا جارية تأهبي للسفر، والذهاب في الأرض للبحث عن العيش، وعطفي وإشفاقي على بعيري؛ فالسعي واجب على كل إنسان، والعطف على الحيوان من الإيمان. قيل: إنه كان يعمل حلسا لبعيره استعددا للسفر فهزئت منه. الشاهد: في "جاري"؛ فإنه منادى مرخم بحذف التاء من آخره، وهو نكرة مقصودة، وقد حذفت منه ياء النداء، ونداء اسم الجنس مع حذف حرف النداء مختلف في جوازه، فضلا عن ترخيمه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 وإذا كان مجرداً من التاء، اشترط لجواز ترخيمه: كون علماً1؛ زائداً على ثلاثة2؛ كجعفر، وسعاد. ولا يجوز ذلك في نحو: "إنسان" لمعين3، ولا في نحو: زيد، ولا في نحو: حكم. وقيل: يجوز في محرك الوسط دون ساكنه، وقيل: يجوز فيهما4.   1 فلا يصح أن يكون نكرة مقصودة؛ لأن تعريفها بالقصد والإقبال. 2 فلا يصح ترخيم الثلاثي مطلقا؛ سواء كان ساكن الوسط أو متحركه، وقد أجازه بعض الكوفيين. وترخيم الأعلام الرباعية غير المختومة بالتاء حسن عند سيبويه. 3 لأن تعريفه بغير العلمية كما بينا. 4 القائل بجواز ترخيم محرك الوسط، الفراء، وبالجواز مطلقا بعض الكوفيين، وفي ترخيم المختوم بالتاء والمجرد منها، يقول الناظم: وجوزنه مطلقا في كل ما ... أنث بالها والذي قد رخما بحذفها وفره بعد واحظلا ... ترخيم ما من هذه الها قد خلا إلا الرباعي فما فوق العلم ... دون إضافة وإسناد متم أي: جوز الترخيم في المنادى المؤنث بالهاء -أي بتاء التأنيث- مطلقاً؛ علما كان أو غير علم، ثلاثياً أو زائدا على الثلاثة، وما يرخم بحذفها لا يحذف منه شيء بعد ذلك. واحظلا: أي أمنع ترخيم الخالي من التاء؛ إلا إذا كان رباعيا فأكثر، وكان علما، غير مضاف، ولا مركبا تركيب إسناد، تاما كاملا.   *"مطلقا" حال من الهاء في "جوزنه" العائد إلى الترخيم، "في كل" متعلق بجوزنه. "ما" اسم موصول، أو نكرة موصوفة، مضاف إليه. "أنث بالهاء" الجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة أو صفة. "والذي" مفعول لمحذوف يفسره "وفره" الآتي. "قد رخما" الجملة صلة. "بحذفها" متعلق برخما. "وفره" فعل أمر ومفعوله؛ أي لا تحذف منه شيئا. "بعد" ظرف متعلق بوفره. "ترخيم" مفعول احظلا المؤكد بالنون الخفيفة. "ما" اسم موصول مضاف إليه، "من هذه" متعلق بخلا. "الها" -بالقصر بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة. "قد خلا" الجملة صلة ما. "الرباعي" منصوب على الاستثناء. "فما" معطوف على الرباعي، و"ما" اسم موصول. "فوق" ظرف متعلق بمحذوف صلة ما. "العلم" بدل من الرباعي. "دون إضافة" دون ظرف متعلق بمحذوف حال من الرباعي، وإضافة مضاف إليه. "وإسناده" معطوف على إضافة "متم" اسم مفعول نعت لإسناد؛ أي إسناد تام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 فصل: والمحذوف للترخيم إما حرف، وهو الغالب1؛ نحو: يا سعا، وقراءة بعضهم: {يَا مَالِ} 2، وإما حرفان؛ وذلك إذا كان الذي قبل الآخر من أحرف اللين، ساكناً3، زائداً، مكملاً أربعة فصاعدا، وقبله حركة من جنسه لفظاً أو تقديراً4؛ وذلك نحو: مروان، وسلمان، وأسماء، ومنصور، ومسكين، علماً؛ قال: يا مرو إن مطيتي محبوسة5   1 ولا يشترط فيه شيء غير ما تقدم. 2 من الآية 77 من سورة الزخرف. 3 الواو والألف والياء التي يجمعها لفظ "واي": إذا وقعت ساكنة بعد حركة تجانسها؛ وهي الفتحة قبل الألف، والضمة قبل الواو، والكسرة قبل الياء، سميت حروف علة ومد ولين؛ نحو: قام، يقوم، مقيم: فإن سكنت وقبلها حركة لا تناسبها، سميت حروف علة ولين؛ نحو: فرعون، خير، فإن تحركت سميت حروف علة فقط؛ فكل مد ولين، وكل لين علة، ولا عكس، وعلى ذلك فذكر المصنف السكون مع اللين، للكشف والإيضاح، وفي بعض النسخ: من أحرف العلة. 4 لفظا: كمروان، ومسكين، ومنصور، وتقديرا: كمصطفون، ومصطفين، علمين. 5 صدر بيت من الكامل للفرزدق، يستجدي به مروان بن الحكم، وكان واليًا على المدينة، وقد مدحه فأبطأت عليه جائزته. وقد استشهد به سيبويه، وعجزه. ترجو الحباء وربها لم ييأس اللغة والإعراب: مطيتي: المطية الراحلة؛ من المطو؛ وهو الإسراع، أو من المطا؛ وهو الظهر، لأن راكبها يقتعد ظهرها محبوسة: يريد ممنوعة من العودة إلى منزلها صاحبها. الحباء: العطاء بلا جزاء، ربها، صاحبها. لم ييأس: لم يقطع الأمل في العطاء. "يا" للنداء. "مرو" منادى مرخم بحذف الألف والنون. "ترجو الحباء" الجملة في محل نصب حال من ضمير مطية، وإسناد الرجاء إليها مجاز، والمراد صاحبها. " وربها" الواو للحال، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 وقال: يا أسم صبراً على ما كان من حدث1   "ربها" مبتدأ ومضاف إليه، وجملة "لم ييأس" خبر، وييأس مجزوم بلم، وحرك بالكسر للروي، وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال. المعنى: يقول للمدوح: إنني باق هنا أنا ومطيتي، لم أبرح رحابك؛ انتظار لعطائك ولم أقطع الأمل في أن يصلها إلي، ولا يزال رجائي معقودا بك. الشاهد: في قوله "يا مرو"؛ فقد رخم بحذف النون والألف قبلها، وأصله "يا مروان" وهو مستوف للشروط التي ذكرت. 1 صدر بيت من البسيط للبيد بن ربيعة، وهو من شواهد سيبويه، وعجزه: إن الحوادث ملقي ومنتظر وقبله: ترى الكثير قليلاً حين تسأله ... ولا تخالجه المخلوجة الكثر اللغة والإعراب: أسم: أصله أسماء. حدث: هو النازلة من نوازل الدهر. والجمع أحداث. ملقي: اسم مفعول من لقي. منتظر: مرتقب ومتوقع النزول. "يا" للنداء. "اسم" منادى مرخم بحذف الألف والهمزة. "صبرا" منصوب على المصدرية لفعل محذوف. "على" متعلق به. "ما" اسم موصول في محل جر. "كان" تامة بمعنى حدث ووقع، وفاعله يعود على "ما" الموصولة. "الحوادث" اسم "إن". "ملقي" خبر لمبتدأ محذوف، أو العكس؛ أي بعضها ملقي. "ومنتظر" معطوف عليه، والجملتان في موضوع رفع خبر إن، ويجوز أن يجعل "ملقي" خبر إن. المعنى: اصبري يا أسماء على ما يطرأ من حوادث الدهر ونوازله؛ فإن حوادثه متتابعة محتومه، منها ما وقع وحصل، ومنها المنتظر وقوعه وحدوثه. الشاهد: في "يا أسم"؛ فقد رخم بحذف الهمزة والألف قبلها، وأصله "يا أسماء"، ولا يصح في هذا النوع المستوفي للشروط، الاقتصار على حذف الآخر وحده، بل يجب أن يحذف معه الحرف الذي قبله، إلا المختوم بالتاء فتحذف وحدها، مع ملاحظة أن أصل الترخيم بحذف الآخر اختياري، ولكن إذا اختير الحذف في هذا النوع المستوفي الشروط، وجب التزام ما ذكرنا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 بخلاف نحو: شمأل، علماً؛ فإن زائدة -وهو الهمزة- غير حرف لين، ونحو: هبيخ وقنور1، علمين؛ لتحرك حرف اللين، ونحو: مختار ومنقاد، علمين؛ لا صلة الألفين2، ونحو: سعيد وثمود وعماد؛ لأن السابق على حرف اللين اثنان3. وبخلاف نحو: فرعون وغرنيق، علماً لعدم مجانسة الحركة4. ولا خلاف في نحو: مصطفون ومصطفين، علمين؛ لأن أصلهما مصطفيون،   1 فيقال في ترخيمهما: يا هبي ويا قنو، بحذف الأخير فقط. والهبيخ: الغلام السمين الممتلئ لحما، والأنثى هبيخة، والقنور: الضخم الرأس، أو الصعب اليابس من كل شيء. 2 فإنهما منقلبان عن أصل؛ فتقول في ترخيمهما: يا مختا، ويا منقا، بحذف الآخر لا غير. 3 فيقال في ترخيمهن: يا سعي، ويا ثمو، ويا عما، بحذف الدال فيها لا غير. 4 فتقول في ترخيمهما: يا فرعو، ويا غرني، بحذف الآخر فقط. ولا يشترط الجرمي والفراء المجانسة؛ فيقولان: يا فرع، ويا غرن؛ لبقاء الاسم على ثلاثة أحرف. وغرنيق: اسم لطائر طويل العنق من طيور الماء معروف. وفي الترخيم بحذف الحرفين الأخيرين يقول الناظم: ومع الآخر احذف الذي تلا ... إن زيد ليناً ساكناً مكملاً أربعة فصاعداً والخلف في ... واو وياء بهما فتح قفي أي: يجب أن يحذف مع الحرف الأخير ما قبله، إن كان حرف لين ساكنا رابعا فصاعدا، وما كان قبل واوه أو يائه فتحة فيه خلاف كما أوضحنا، وقوله: تلا؛ أي تلاه الآخر، ولينا ساكنا: هو حرف المد، ومعنى قفي: تبع وجاء بعده حرف.   * "ومع الآخر" مع ظرف متعلق باحذف والآخر مضاف إليه. "الذي" مفعول به. "تلا" الجملة صلة. "زيد" بالبناء للمجهول، فعل الشرط، ونائب الفاعل يعود على الذي تلا، وجواب الشرط محذوف. "لينا" حال من نائب الفاعل. "ساكنا" نعت له. "مكملا" نعت ثان، وفيه ضمير مستتر هو فاعله؛ لأنه اسم فاعل. "أربعة" مفعوله. "فصاعدا" معطوف على أربعة، أو حال من فاعل فعل محذوف؛ أي فذهب عدد الحروف صاعدا. "والخلف" مبتدأ. "في واو متعلق به. "وياء" معطوف على واو. "بهما" خبر مقدم، والباء بمعنى مع. "فتح" مبتدأ مؤخرز "قفي" -أي اتبع- فعل ماض للمجهول، ونائب فاعله يعود على الخلف، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 ومصطفين؛ فالحركة المجانسة مقدرة. وإما كلمة برأسها؛ وذلك في المركب المزجي؛ تقول في معد يكرب: يا معدي1. وإما كلمة وحرف، وذلك في "اثنا عشر"؛ تقول: يا أثن2؛ لأن "عشر" في موضع النون؛ فنزلت هي والألف منزلة الزيادة في "اثنان" علماً. فصل: الأكثر أن ينوي المحذوف؛ فلا يغير ما بقي3؛ تقول في جعفر: يا جعف   1 وكذلك تفعل في "سيبويه"، و"خمسة عشر"، ونحوها، مسمى بهما؛ تقول يا سيب، ويا خمسة، ولا بد من وجود قرينة قوية تدل على الأصل. ومنع كثير من النحاة ترخيم المركب المزجي؛ لعدم سماعه عن العرب، ورأيهم أقرب إلى الصواب، ومنع الفراء ترخيم المركب العددي، ومنع أكثر الكوفيين ترخيم المختوم بويه. وقد أشار الناظم إلى حذف عجز المركب المزجي بقوله: "والعجز احذف من مركب". 2 وتقول في اثنتا عشرة: يا اثنت، ولم يعرف الترخيم بحذف الآخر وحرف قبله في غاير هذين اللفظين من المركبات العددية، بشرط أن يسمى بهما؛ لئلا يلتبسا بنداء المثنى؛ وهو: اثنان، واثنتان. 3 بل يبقى على حاله قبل الحذف، من حركة، أو سكون، أو صحة، أو إعلال؛ لأن المحذوف في نية الملفوظ، ويستمر البناء على الضم واقعا على الحرف الأخير المحذوف، وتسمى هذه اللغة: لغة من ينتظر، وهي اللغة الفضلى؛ لأن المحذوف المنوي جدير بالمرعاة، وينبغي الاقتصار عليهما في ترخيم المنادى المختوم بتاء التأنيث عند خوف اللبس، كما سيأتي، وفي هذه اللغة يقول الناظم: وإن نويت بعد حذف ما حذف ... فالباقي استعمل بما فيه ألف أي: إن نويت ما حذف بعد حذفه، فاستعمل الباقي بعد الحذف بما ألف فيه وعرف عنه قبل الحذف؛ أي أتركه على حاله المألوف قبل الحذف.   * "ما" اسم موصول مفعول نويت. "حذف" فعل ماض للمجهول، والجملة صلة. "فالباقي" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"الباقي" مفعول استعمل مقدم. "بما" متعلق باستعمل، والباء بمعنى على. "فيه" متعلق بألف، وجملة"ألف" من الفعل ونائب الفاعل صلة "ما" المجرورة بالباء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 بالفتح، وفي حارث، يا حار بالكسر، وفي منصور: يا منص بتلك الضمة، وفي هرقل: يا هرق بالسكون، وفي ثمود، وعلاوة1، وكروان: يا ثمود، ويا علاو، ويا كرو. ويجوز: ألا ينوى فيجعل الباقي كأنه آخر الاسم في أصل الوضع2؛ فتقول: يا جعف، ويا حار، ويا هرق، بالضم فيهن، وكذلك تقول: يا منص، بضمة حادثة للبناء3. وتقول: "يا ثمي"، بإبدال الضمة كسرة، والواو ياء؛ كما تقول في جمع جرو، ودلو:   1 العلاوة بالكسر: ما يعلق على البعير بعد تمام الوقر، والكروان: طائر طويل العنق معروف. 2 وعليه يقع البناء؛ لأن -ما حذف اعتبر- كأنه انفصل نهائياً، وتسمى هذه اللغة: لغة من لا ينتظر، وفيها يقول ابن مالك: واجعله إن لم تنو محذوفاً كما ... لو كان بالآخر وضعاً تمماً فقل على الأول في ثمود "يا ... ثمو" "ويا ثمي" على الثاني بيا أي: أجعل الباقي من المنادى المرخم -إن لم تنو المحذوف- كما لو كان قد تمم الآخر بالوضع، وكأنه لم يحذف شيء يليه؛ فقل على الأول الذي ينتظر المحذوف في "ثمود"، علمًا: يا ثمو، بحذف الدال وترك الباقي على حاله، وعلى الثاني الذي لا ينتظر. يا ثمي، بقلب الواو ياء، والضمة كسرة؛ لأنه يعامل حينئذ معاملة الاسم التام. 3 اختار الصبان: أنه مبني على ضم مقدر، ويكون رفع التابع إتباعاً للضم المقدر، لا للضمة الملفوظ بها؛ وذلك خير من تكلف ذهاب ضمة أصلية وحدوث ضمة أخرى للبناء.   * "محذوفا" مفعول تنو. "كما" الكاف جارة، و"ما" زائدة"لو" مصدرية. "كان" اسمها يعود إلى الباقي. "بالآخر" متعلق بتمما. "وضعا" منصوب على نزع الخافض، أو تمييز. "تمما" فعل ماض للمجهول، ونائب الفاعل هو، والجملة خبر كان، و"لو" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف، وهي ومجرورها في موضع نصب مفعول ثان لاجعله. "فقل" الفاء للتفريغ "على الأول" متعلق بمحذوف حال من فاعل قل؛ أي جاريا على الوجه الأول. "يا ثمو" مفعول قل مقصود لفظه، و"يا ثمي" جملة النداء في محل نصب مقول قول محذوف، دل عليه الأول. "على الثاني" متعلق بمحذوف، حال كذلك من فاعل" قل" لمحذوف. "بيا" متعلق محذوف حال من "يا ثمي". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 الأجري، والأدلي1؛ لأنه ليس في العربية اسم معرب آخره واو لازمة مضموم ما قبلها. وخرج بالاسم: الفعل؛ نحو: يدعو، وبالمعرب: المبني؛ نحو: هو، وبذكر الضم نحو: دلو، وغزو، وباللزوم نحو: هذا أبوك2، وتقول: يا علاء، بإبدال الواو همزة لتطرفها بعد ألف زائدة؛ كما في اكساء، وتقول: يا كرا3، بإبدال الواو ألفاً؛ لتحركها، وانفتاح ما قبلها كما في العصا. فصل: يختص ما فيه تاء التأنيث بأحكام: منها: أنه لا يشترط لترخيمه علمية، ولا زيادة على الثلاثة، كما مر وأنه إذا حذفت منه التاء توفر من الحذف، ولم يستتبع حذفها حذف حرف قبلها4؛ فتقول في عقنباة: يا عقنبا5.   1 أصلها: الأجرو، والأدلو؛ قلبت الضمة كسرة، والواو ياء لعدم النظير، كما ذكر المصنف. ويرى بعض المحدثين: أنه قد انتشرت الآن الأسماء المعربة المختومة بالواو اللازمة الساكنة، التي قبلها ضمة، للأشخاص والأماكن؛ مثل: نهرو، كليمنصو، أرسو، إدفو، طوكيو، كونغو، فيكون من الخير واليسر أن ترخم بإبقائها على حالها، إذا فهمت ولم يحدث لبس. 2 فإن الواو فيثه غير لازمة؛ لقلبها ألفا في النصب، وياء في الحر. 3 ومنه المثل العربي: "أطرق كرا إن النعام في القرى" أي يا كروان، وهو مثل يضرب لمن يخدع بكلام يلطف له ويراد به الغائلة. 4 أي ولو كان لينا، ساكنا، زائدا، مكملا أربعة فصاعدا؛ ذلك لأن التاء في حكم كلمة منفصلة عما قبلها، وقد أشار الناظم إلى ذلك قبل، حيث قال: ........... والذي قد رخما ... بحذفها وفره بعد ................. 5 أي بالألف والاقتصار على حذف التاء. وعقنباة: صفة للعقاب؛ إحدى الطيور الجارحة؛ يقال: هذه عقاب عقنباة؛ أي ذات مخالب قوية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 وأنه لا يرخم إلا على نية المحذوف؛ تقول في مسلمة؛ وحارثة، وحفصة: يا مسلم، ويا حارث، ويا حفص، بالفتح؛ لئلا يلتبس بنداء مذكر لا ترخيم فيه؛ فإن لم يخلف لبس جاز؛ كما في نحو: همزة ومسلمة1، وإن نداه مرخما أكثر من ندائه تاماً؛ كقوله: أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل2   1 الهمزة: علم على المغتاب، يستوي فيه المذكر والمؤنث، و"مسلمة": علم على قائد مشهور، واسم لكثيرين من الصحابة؛ ومن ذلك: مسلمة بن عبد الملك بن مروان، ومثل مسلمة: حمزة، وطلحة، من الأعلام المشهورة التي فيها التاء ليست للفرق بين المذكر والمؤنث؛ وفي ذلك يقول الناظم: والتزم الأول في كـ"مسلمة" ... وجوز الوجهين في كـ"مسلمة" أي التزم الترخيم على لغة من ينتظر الحرف المحذوف فيما فيه التاء للفرق بين المذكر والمؤنث؛ كمسلمة، وجوز الترخيم على اللغتين فيما فيه التاء ليست للفرق، كمسلمة، علما. ولعل من الخير أن يبتعد عن اللبس مطلقاً؛ سواء كان في المختوم بالتاء، أم في المجرد منها، أم في غيرهما، ولا معنى لقصره على المختوتم بالتاء. فإن لم يكن هنالك احتمال لبس، جاز اختيار إحدى الطريقتين، وأمر ذلك موكول إلى المتكلم، وإن كانت الطريقة الأولى أنسب؛ لبعدها عن اللبس غالباً؛ لأن عدم وجود الضمة يوحي بأن في اللفظ الحالي حذفا. 2 صدر بيت من الطويل لامرئ القيس، من معلقته المشهورة، وعجزه: وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي اللغة والإعراب: مهلا: مصدر مهل فلي الشيء، عمله برفق ولم يعجل به. التدلل: أن يثق الشخص بحب غيره له فيجرؤ عليه ثقة به، وإظهار المرأة الغضب والتمنع ولست بغضبي. أزمعت: عزمت ووطنت النفس. صرمي: هجري وقطيعتي. فأجملي: فأحسني. "أفاطم" الهمزة للنداء، وفاطم منادى مرخم بحذف التاء. "مهلا" مفعول مطلق منصوب بمحذوف. "بعض" مفعول به لمحذوف أيضاً، أي دعي بعض. "هذا" مضاف إليه. "التدلل"   "الأول" مفعول التزم. "في كمسلمة" الفاء جارة، والكاف اسم لدخول حرف الجر عليها، بمعنى مثل مبني على الفتح في محل جر بفي، ومسلمة مضاف إليه وإعراب الشطر الثاني كذلك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 المجلد الرابع باب إعراب الفعل نواصب الفعل المضارع ... باب: إعراب الفعل 1 رافع المضارع تجرده من الناصب والجازم، وفاقًا للفراء2 لا حلوله محل الاسم3، خلافًا للبصريين؛ لانتقاضه بنحو: هلا تفعل4 وناصبه أربعة: نواصب الفعل المضارع: إحدها: "لن", وهي لنفي "سيفعل"5 ولا تقتضي تأبيد النفي6 ولا تأكيده,   باب: إعراب الفعل 1 الأفعال ثلاثة: ماض وأمر، وهما مبنيان دائمًا، ومضارع، وهو معرب؛ إلا إذا اتصلت به اتصالا مباشرًا نون التوكيد فيبني على الفتح، أو نون النسوة فيبنى على السكون, وعلة إعرابه -كما يقول النحاة- وقوعه في مواقع كثيرة يقع فيها الاسم؛ كوقوعه خبرًا، وصفة، وصلة. ثم جريانه في الحركات والسكنات على لفظ اسم الفاعل. وقبوله لام الابتداء التي تتصل بخبر "إن" المكسورة، واحتماله الحال والاستقبال، وتخصيصه بأحدهما بالقرينة، وكذلك الاسم شائع بحسب وضعه ويتخصص بأل. 2 وعلى هذا جرى المعربون، فيقولون في مثل: يقوم محمد: "يقوم" فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم. ولا يقال: إن التجرد علامة عديمة فلا يكون علة للوجودي؛ لأن معنى التجرد: الإتيان بالمضارع على أول أحواله قبل أن يسبقه شيء. وعلى هذا جرى الناظم حيث يقول: ارفع مضارعًا إذا يجرد ... من ناصب وجازم كتسعد* أي: إن الفعل المضارع يرفع إذا تجرد عن عامل النصب أو الجزم، مثل: تسعد. 3 أي فيما إذا وقع خبرًا، أو صفة أو حالا، لأن الأصل في هذه الثلاثة الاسم. 4 لأن الاسم لا يقع بعد أداة التحضيض، ولا بعد "سوف" في مثل: سوف يقوم علي. 5 أي: لنفي الفعل في الزمن المسقبل غالبا، ولا يفصل الفعل منها إلا للضرورة الشعرية. ويجوز تقديم معموله عليهان تقول: محمدًا لن أخاصم. 6 أي: دوامه واستمراره إلا بقرينة، بدليل قوله -تعالى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} ؛ لأنها لو كانت تفيد تأبيد النفي لوقع التناقض بينها وبين كلمة "اليوم" في الآية، ولوقع التكرار بذكر "أبدا" في قوله -سبحانه وتعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} لأن "أبدا" تدل على التأبيد.   *"إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "يجرد" فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على مضارع، والجملة فعل الشرط، وجوابه محذوف؛ أي: إذا يجرد فارفعه "من ناصب" متعلق بيجرد. "وجازم" معطوف عليه "كتسعد" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، وقد تقدم مثله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 خلافًا للزمخشري، ولا تقع دعائية1؛ خلافًا لابن السراج. وليس أصلها "لا" فأبدلت الألف نونًا2، خلافًا للفراء. ولا "لا أن" فحذفت الهمزة تخفيفًا والألف للساكنين3، خلافًا للخليل والكسائي. الثاني: "كي" المصدرية4؛ فأما التعليلية فجارة والناصب بعدها "أن" مضمرة، وقد تظهر في الشعر. وتتعين المصدرية إن سبقتها اللام5؛ نحو: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا} . والتعليلية إن تأخرت   1 أي: بأن يكون الفعل بعدها معناه الدعاء. وخالف في ذلك: ابن عصفور وابن السراج وكثيرون، واختاره المصنف في المغني. واحتجوا بقول الشاعر: لن تزالوا كذلكم، ثم لا زلـ ... ـت لكم خالدًا خلود الجبال فقد تضمنت مع النفي الدعاء لهم بالاستمرار على ما هم عليه من الإنعام، والدليل على ذلك: عطف الدعاء عليه. ومنه قوله -تعالى: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} لأن أدب المتكلم مع ربه وجهله بالغيب؛ يقتضيان أن يكون الكلام متضمنا الدعاء، لا النفي القاطع لما يكون في المستقبل. 2 لأن المعهود إبدال النون ألفًا؛ نحو: {لَنَسْفَعًا} ، لا العكس. 3 لأن التركيب إنما يصح إذا كان الحرفان ظاهرين حالة التركيب، مثل "لولا"، والظاهر هنا جزء كل منهما، والخلاف في تركيب "لن" أو عدمه لا طائل تحته. 4 علامتها: وقوعها بعد لام الجر المعروفة بلام التعليل، لفظًا أو تقديرًا، وعدم وقوع "أن" المصدرية بعدها ظاهرة أو مضمرة. وهي تقتضي سببية ما قبلها فيما بعدها، إذا كان الكلام مثبتًا. فإن كان منفيا فقد تقتضي ذلك أو لا تقتضيه. 5 أي: ولم تقع بعدها "أن" كما بينا. ولا يصح اعتبارها تعليلية؛ لأن حرف الجر لا يدخل على مثله في الراجح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 عنها اللام، أو "أن"1 نحو قوله: كي لتقضيني رقية ما ... وعدتني غير مختلس2 وقوله: كيما أن تغر وتخدعا3 ويجوز الأمران في نحو: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَة} 4. وقوله:   1 وكذلك إذا دخلت على "ما" الاستفهامية للسؤال عن العلة؛ نحو: كيمه يغيب الطلاب في آخر العام؟ أي: لِمه يغيبون؟ ولا يصح جعلها مصدرية لوجود فاصل قوي بينها وبين المضارع، وأيضًا لفساد المعنى مع المصدرية. أو دخلت على "ما" المصدرية؛ نحو: جئتك كيما تنصح وتوجه؛ أي: للنصح والتوجيه. ولا يصح اعتبارها مصدرية؛ لوجود الفاصل؛ ولأن حرف المصدر لا يدخل على مثله في الفصيح. 2 بيت من المدين، من قصيدة لعبد الله بن قيس الرقيات، وقبله: ليتني ألقى رقية في ... خلوة من غير ما أنس اللغة والإعراب: لتقضيني: لتوفي لي بما وعدت. رقية: اسم امرأة. مختلس: مصدر ميمي بمعنى الاختلاس، أو اسم مفعول. والاختلاس الآخذ بسرعة. "كي" تعليلية "لتقتضيني" اللام للتعليل مؤكدة لكي. وتقضيني فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعدها، وسكنت الياء للضرورة، والنون للوقاية والياء مفعول أول. "رقية" فاعل "ما" اسم موصول مفعوله الثاني. "وعدتني" الجملة صلة ما. "غير مختلس" غير صفة لمصدر محذوف، ومختلس مضاف إليه؛ أي: قضاء غير مختلس؛ أو حال من "ما". الشاهد: أن "كي" تعليلية لوقوع اللام بعدها، في قوله "كي لتقضيني" والفعل بعد اللام منصوب بأن مضمرة بفتحة مقدرة على الياء. 3 تقدم شرح هذا البيت في باب حروف الجر, جزء ثان صفحة 265. الشاهد فيه هنا: كون "كي" تعليلية لظهور أن المصدرية بعدها. ففي هذه الصور الأربعة "كي" بمنزلة لام الجر، معنى وعملا، فإذا وقعت بعدها اللام، كانت مؤكدة. 4 أي: إذا تجردت من لام الجر قبلها، ومن "أن" المصدرية بعدها؛ فإن قدرت اللام قبلها، فهي مصدرية تنصب الفعل بنفسها. وإن قدرت "أن" بعدها، فهي تعليلية بمعنى لام الجر، والفعل منصوب بأن. ويلاحظ أنه إذا توسطت"كي" بين لام الجر، و"لا" النافية، وجب وصل الثلاثة في الكتابة, وإن لم توجد لام الجر، فصلت "كي" عن "لا". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 أردت لكيما أن تطير بقربتي1 الثالث: "أن"2 في نحو {وَأَنْ تَصُومُوا} ، {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي} .   1 صدر بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وعجزه: فتتركها شنا ببيداء بلقع اللغة والإعراب: تطير: تذهب بسرعة. شنا: الشن: الجلد الذي بلي وتخرق. بيداء: صحراء؛ سميت بذلك لأنه صاحبها يبيد ويهلك فيها. بلقع: قفر خالية من كل شيء "لكيما" اللام حرف جر وتعليل. "كي" إما جارة تعليلية مؤكدة للام، وأن نصابة، أو مصدرية مؤكدة بأن، واللام جارة. "ما" زائدة. فتتركها: فتترك معطوفة على تطير و"ها" مفعول أول، "شنا" مفعول ثان لتترك، أو حال من المفعول على التأويل "ببيداء" متعلق بتترك. "بلقع" صفة لبيداء. المعنى: يخاطب الشاعر طائرا جارحًا، أو سارقا ماهرًا؛ فيقول: رغبت أن تأخذ قربتي بسرعة، وتتركها قطعة ممزقة بصحراء لا يصل إليها إنسان. الشاهد: في "لكيما أن"؛ كي يجوز أن تكون "كي" مصدرية، وأن مؤكدة لها، وأن تكون تعليلية مؤكدة للام، ولولا "أن" لوجب أن تكون "كي" مصدرية. ولولا وجود اللام لوجب أن تكون تعليلية. ويرجح النحويون الإعراب الثاني" لالتصاق "أن" بالمضارع ولأنها أقوى من نصبه وأكثر من استعمالا من "كي". 2 أي: المصدرية. وعلامتها: أن تقع في كلام يدل على الشك أو الرجاء والأمل ولم تسبق بما يدل على العلم أو الظن، وأن يقع بعدها فعل، وتدخل على الماضي والمضارع وتنصب المضارع لفظًا أو تقديرًا أو محلا، ولا تنصب الماضي مطلقًا ولا تغير زمنه. وتتصل بالفعل الذي تدخل عليه. ولا يفصل بينهما بغير "لا" النافي أو الزائدة. ويمتنع تقديم معمول فعلها عليها على الصحيح خلافا للفراء. وتسبك مع الجملة التي بعدها بمصدر مؤول يعرب على حسب ما قبلها. وتقع في أول الكلام فتؤول مع ما بعدها بمصدر يكون مبتدأ؛ نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} وتقع في وسط الكلام فيكون المصدر فاعلًا؛ نحو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} ، ومفعولا؛ نحو: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} ، ومجرورًا بالإضافة؛ نحو: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ} . وبحرف الجر؛ نحو: عجبت من أن كشفت عن اللص. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 وبعضهم يهملها حملًا على "ما" أختها؛ أي: المصدرية1، كقراءة ابن محيصن 2: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} ، وكقوله: أن تقرآن على أسماء ويحكما3 وتأتي "أن" مفسرة وزائدة، ومخففة من أن، فلا تنصب المضارع فالمفسرة هي:   1- وعلى ذلك لا ينصب بها المضارع برغم استيفائها شروط النصب, وهذا الرأي ضعيف لا يحسن العمل به الآن، وفيه يقول الناظم: وبعضهم أهمل "أنْ" حملًا على ... "ما" أختها حيث استحقت عملا 2 هو محمد بن عبد الرحمن بن محيصن، أحد الأربعة أصحاب القراءات الشاذة بعد العشرة، كان مقرئ أهل مكة مع ابن كثير، وكان نحويا جليلا، قرأ القرآن على ابن مجاهد، وفي قراءته بعض مخالفة للمصحف. وتوفي بمكة سنة 123هـ. 3 صدر بيت من البسيط، لم نقف على قائله، وعجزه: مني السلام وألا تشعرا أحدا اللغة والإعراب: تقرآن، المراد: تبلغان وتقولان، من قولهم: اقرأ السلام على فلان, أي: بلغه كأنك تتلوه عليه، والمراد بالسلام هنا: مطلق التحية، ويحكما مصدر معناه: رحمة لكما."أن" مصدرية مهملة. "تقرآن" فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف فاعل، وهو في محل نصب، بدل من حاجة في قوله: يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما ... وحيثما كنتما لاقيتما رشدا إن تقضيا حاجة لي خف محملها ... تستوجبا منة عندي لها ويدا أو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف عائد إلى حاجة؛ أي: هي أن تقرآن: "ويحكما" ويح= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 المسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه1 نحو: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنْ اصْنَعْ الْفُلْكَ} ، {وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا} 2 ... ... ... ... ...   = منصوب بفعل محذوف من معناه، وهو مصدر مضاف إلى ضمير المخاطبين. "مني" متعلق بتقرآن "السلام" مفعول تقرآن. "وألا" الواو عاطفة، وأن مصدرية ناصبة و"لا" نافية. "تشعرا" فعل مضارع منصوب بأن بحذف النون والألف فاعل. "أحدا" مفعول. المعنى: أرجو يا صاحبي أن تبلغا محبوبتي أسماء تحيتي، وألا تخبرا بذلك أحدًا. الشاهد: في: "تقرآن" حيث رفع الفعل مع وجود "أن" قبله، مما يدل على أنها مهملة وفي هذا نظر؛ فإن الشاعر أعمل "أن" في عجز البيت؛ فإذا كان الإهمال لغة الشاعر فكيف يوجه ذلك؟ إن هذا يقدح في صحة الشاهد، ولا سيما أن قائله مجهول. 1 ويشترط كذلك: أن تتأخر عنها جملة أخرى، تتضمن معنى الأولى وتوضح المراد منها. وألا تقرن "أن" بحرف جر ظاهر أو مقدر. من هذا يتبين أن التفسير إنما هو بالجملة المتأخرة، أما "أن" فمجرد أداة، وهي حرف مهمل مثل "أي" المفسرة. فإن لم تسبقها جملة كاملة كانت في الغالب مخففه من الثقيلة؛ نحو قوله -تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، وإن لم تتأخر عنها جملة، امتنع مجيء "أن"؛ فلا يقال: أخذت عسجدًا أن ذهبًا، بل يجب حذف "أن" أو الإتيان بكلمة "أي" المفسرة. وإن اقترنت بحرف جر ظاهر أو مقدر، كانت مصدرية؛ نحو: كتبت إليه بأن اهجم على العدو؛ لأن حرف الجر لا يدخل إلا على اسم صريح أو مؤول. تنبيه: إذا جاء بعد "أن" الصالحة للتفسير مضارع مسبوق بكلمة "لا" نحو: أشرت إليه ألا يتكلم؛ جاز رفعه على اعتبار "لا" نافية، وجزمه على اعتبارها ناهية، و"أن" في الحالتين مفسرة، والجملة بعدها مفسرة لما قبلها، ولا محل لها من الإعراب. ويجوز نصب الفعل على تقدير "لا" نافية، و"أن" مصدرية حذفت الجملة قبلها قياسًا، فإن حذفت "لا" امتنع الجزم، وجاز الرفع أو النصب. 2 المفعول في الآية الأولى مقدر؛ أي: أوحينا إليه شيئًا هو: اصنع. ويصح أن تكون "أن" هنا زائدة: من الآية 27 من سورة المؤمنون. المعنى: أوحينا إليه لفظ "اصنع". وليس المراد بالانطلاق في الآية الثانية المشي، وإنما المقصود انطلاق الألسنة بهذا الكلام؛ كما أن المراد بالمشي الاستمرار على الشيء، وليس المشي المعروف. الآية 6 من سورة ص. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 والزائدة هي: التالية لـ"لما"1 نحو: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} ، والواقعة بين الكاف ومجرورها كقوله: كأن ظبية تَعْطُو إلى وارق السلَم2. أو بين القسم و"لو" كقوله: فأقسم أن لو انتقينا وأنتم3.   1 أي: الحينية التي بمعنى حين ووقت، لا النافية. 2 تقدم هذا البيت وشرحه في باب إن وأخواتها في الجزء الأول صفحة 347. الشاهد فيه هنا: زيادة "أن" بين الكاف ومجرورها؛ وهو "ظبية" على رواية الجر. أما على رواية النصب، فتكون "كأن" حرف تشبيه ونصب مخففة من الثقيلة، و"ظبية" اسمها، والخبر محذوف. 3 صدر بيت من الطويل؛ للمسيب بن علس يخاطب بني عامر بن ذهل، وهو من شواهد سيبويه وعجزه. لكان لكم يوم من الشر مظلم وقبله: لعمري لئن جدت عداوة بيننا ... لينتحين مني على العَظْم مَيسم اللغة والإعراب: أقسم: أحلف، وهو فعل مضارع فاعله أنا "أن" زائدة. "لو" شرطية غير جازمة "التقينا" فعل الشرط، "وأنتم" معطوف على "نا" من غير فاصل للضرورة "لكان" جواب القسم لتقدمه، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه "لكم" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان مقدم "يوم" اسمهما مؤخر. "مظلم" صفة ليوم، ويجوز أن تجعل "كان" تامة، و"يوم" فاعلا بها. وقيل: إن المحذوف جواب القسم؛ لأن جواب الشرط الامتناعي هو المذكور في الكلام سواء تقدم عليه القسم أو تأخر. المعنى: يقسم أنه لو التقى بأعدائه لخذلهم، وكان يوم اللقاء شرا ووبالا عليهم. الشاهد: وقوع "أن" زائدة بين فعل القسم و"لو". وفعل القسم مذكور هنا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 والمخففة من "أنَّ" هي: الواقعة بعد "عِلْم"1 نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} ونحو: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} أو بعد ظن2 نحو: "وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونُ". ويجوز في تالية الظن؛ أن تكون ناصبة وهو الأرجح3، ولذلك أجمعوا عليه في: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} ، واختلفوا في: "وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونُ فِتْنَةٌ"؛ فقرأه غير أبي عمرو والأخوين4 بالنصب5.   1 أي: بعد كلام يدل على اليقين والتحقق والاعتقاد الثابت، مثل: علم، تحقق، تبين، تيقن، وغير ذلك مما يدل على اليقين والقطع، وإنما كانت في ذلك مخففة؛ لأن العلم يتعلق بالمحقق الثابت فيناسبه التوكيد الذي تفيده "أن" المخففة، وجعل سيبويه الحذر، والخوف كالعلم؛ إذا كان الشيء المحذور أو المخوف متيقنًا؛ نحو: خشيت أن تفعل كذا، وخفت أن تذهب وحدك. 2 أي: مؤول بالعلم ومستعمل فيه. 3 ذلك أن في هذا إجراء الظن على أصله من غير تأويل؛ ولأن الناصبة للمضارع أكثر استعمالا من المخففة، ومثل الظن: ما في معناه من أفعال الرجاء. ويفرق بين الناصبة والمخففة، بأن الناصبة، ينصب بعدها المضارع وتؤول بمصدر أما المخففة فيرفع بعده الفعل ولا تؤول بمصدر. 4 المراد بهما: حمزة، والكسائي. 5 أما هم فقد قرءوا بالرفع؛ لوجود الفصل بين "أن" والفعل "بلا" ولم يقرءوا بالرفع في يتركوا لعدم الفصل. تنبيه: يجب حذف النون من "أن" الناصبة المصدرية كتابة؛ إذا وقعت بعدها "لا" نافية أو زائدة، وإدغامها في "لا" نطقًا؛ نحو: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} ويجب إظهارها كتابة لا نطقا إن كانت غير ناصبة، سواء كان بعدها اسم أو فعل؛ نحو "أشهد أن لا إله إلا الله".= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 الرابع: "إذن". وهي حرف جواب وجزاء1. وشرط إعمالها ثلاثة أمور: أحدها: أن تتصدر2؛ فإن وقعت حشوًا أهملت3، كقوله:   = وتدغم في "لا" عند النطق. وفيما تقدم من "لن" و"كي" و"أن" يقول الناظم: و"بلن" انصبه "وكي" كذا "بأنْ" ... لا بعد عِلم والتي من بعد ظن فانصب بها، والرفع صحح واعتقد ... تخفيفها من "أنَّ" فهو مطَّرد* أي: انصب المضارع بحرفي النصب: لن، وكي، وكذلك بالحرف "أن" بشرط ألا يكون واقعًا بعد ما يفيد العلم واليقين، وإن وقعت "أن" بعد ما يفيد الظن والرجحان فانصب بها المضارع إن شئت، وارفعه إن شئت. واعتقد في حالة الرفع أها مخففة من الثقيلة. 1 أي: حرف يقع في صدر الكلام يكون مترتبًا على كلام قبله ترتب الجواب على السؤال، وليس بلازم أن يكون الكلام السابق مشتملا على استفهام يتطلب جوابًا. ومعنى كونها للجزاء: دلالتها على جملة بعدها تكون في الغالب مسببة عما قبلها، وتعتبر أثرًا من أثاره. والصحيح أنها بسيطة ثلاثية الحروف، ناصبة بنفسها، وتبدل نونها ألفًا في الوقف والجمهور يكتبونها بالنون، وبعضهم يكتبها بالألف. وفيل: تكتب العاملة بالنون، والمهملة بالألف؛ للتفرقة بين النوعين، وهو رأي حسن، وهذا كله في غير القرآن، أما فيه فيوقف عليها وتكتب بالألف إجماعًا، اتباعًا للرسم العثماني. 2 أي: تقع في صدر جملتها، فلا يرتبط ما بعدها بما قبلها في الإعراب على الرغم من ارتباطهما في المعنى. 3 يكثر وقوعها حشوًا؛ بين المبتدأ وخبره نحو: أنا إذا أساعدك، والخبر هنا جملة مضارعية. وبين جملتي الشرط والجواب، سواء كانت أداة الشرط جازمة أو غير جازمة؛ نحو: إن تزرني، إذا أشكرك، ونحو: إذا أنصف الناس، إذا يسعدون، أو بين القسم وجوابه، سواء كان القسم مذكورًا أو مقدرًا؛ نحو: والله إذا أكافئك، ونحو: لئن قصرت في عملك، إذا لا تكافأ. وكذلك تهمل إذا تأخرت عن صدر جملتها إلى آخرها.   * "وبلن" متعلق بانصبه. "وكي" معطوف على لن "كذا بأن"متعلقان بمحذوف يدل عليه "انصبه". "لا" عاطفة "بعد علم" بعد ظرف معطوف على محذوف حال من أن وعلم مضاف إليه؛ أي: حال كونها بعد غير علم لا بعد علم."والتي" اسم موصول مبتدأ. "من بعد ظن" متعلق بمحذوف صلة. "فانصب بها" الجملة خير المبتدأ. "والرفع" مفعول مقدم لصحح. "تخفيفها" مفعول اعتقد ومضاف إليه. "من أن" متعلق بتخفيف فهو "الفاء للتعليل، و"هو" مبتدأ. "مطرد" خبر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 وأمكنني منها إذن لا أقيلها1. وأما قوله:   1 عجز بيت من الطويل؛ لكثير عزة، من قصيدة مدح بها عبد العزيز بن مروان، والد الإمام العادل: عمر بن عبد العزيز، وكان واليًا على مصر، فأعجبته مدحته، فقال له: تمن علي؛ فطلب أن يكون كاتبه وصاحب أمره؛ فلحظ منه القبول، فأعرض الشاعر عن ذلك مكتفيا بما منحه من مال، ثم ندم بعد. وصدره. لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها اللغة والإعراب: عاد: رجع لا أقيلها: لا أتركها ولا أرده، والضمير فيه وفي "بمثلها"، يرجع إلى خطة الرشد في قوله قبل: عجبت لتركي خطة الرشد بعد ما ... بدا لي من عبد العزيز قبولها وقيل: الضمير في "بمثلها" يرجع إلى مقالة عبد العزيز له، وهي: "تمن علي"، وفي قوله: "لا أقيلها" إلى مقالته السابقة، وهي: تمنيه أن يكون كاتبه وصاحب أمره. "لئن" اللام موطئة للقسم، وإن شرطية جازمة "عاد" فعل الشرط "عبد العزيز" عبد فاعل عاد، والعزيز مضاف إليه، "بمثلها" متعلق بعاد، وجواب الشرط محذوف "وأمكنني" معطوف على عاد. "إذا" حرف جواب مهمل "لا" نافية "أقيلها" فعل مضارع والفاعل أنا، و"ها" مفعول، وهو جواب القسم في قوله قبل: حلفت برب الراقصات إلى منى ... تغول الفيافي نصها وذميلها الراقصات: الإبل، الرقص: الخبب لها. تغول: تقطع. النص: السير الشديد، الذميل: السير اللين. المعنى: يقسم أنه إذا رجع الخليفة وعرض عليه مثل الخطة التي عرضها، وأمكنه من ذلك، لا يتركها ولا يردها. الشاهد: إهمال "إذن" في قوله: "إذا لا أقيلها" لعدم تصدرها، ووقوعها حشوا بين القسم وجوابه، ولذلك رفع "أقيلها" ولم ينصبه بإذن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 إني إذن أهلك أو أطيرا1 فضرورة، أو الخبر محذوف؛ أي: إني لا أستطيع ذلك. وإن كان السابق عليها واوا أو فاء، جاز النصب2، وقد قرئ: "وَإِذًا لَا يَلْبَثُوا"، "فَإِذًا لَا يُؤْتُوا" والغالب الرفع3 وبه قرأ السبعة.   1 عجز بيت من الرجز، لم نقف على قائله، وصدره. لا تتركني فهم شطيرا اللغة والإعراب: شطيرًا: غريبًا أو بعيدًا، أطير، المراد: أذهب بعيدًا. "لا" ناهية."تتركني" فعل مضارع مؤكد بالنون الثقيلة والنون للوقاية والياء مفعول أول. "شطيرا" مفعول ثان أو حال. "إني" إن واسمها، "أهلك" فعل مضارع منصوب بإذن والجملة خبر إن. "أو أطيرا" معطوف على أهلك، والألف للإطلاق. والمعنى: لا تتركني وتصيرني مثل البعيد والغريب بين هؤلاء القوم الذين لا أستريح إليهم، فإني إذن أموت أو أرحل بعيدًا عنهم. الشاهد: نصب المضارع؛ وهو "أهلك" بعد "إذن وهي غير واقعة في صدر الجملة؛ لأنها وقعت حشوا بين اسم إن وخبرها. وقد خرج -كما ذكر المصنف- على أنه ضرورة، أو على أن خبر "إن" محذوف، وعلى ذلك تكون "إذن" في صدر جملة مستأنفة. 2 أي: نصب المضارع على إعمال "إذن" واعتبار الواو أو الفاء للاستئناف؛ لتكون "إذن" في صدر الكلام، وظاهر عبارة ابن مالك: أن حروف العطف كلها سواء في ذلك الحكم. 3 أي: باعتبار الواو أو الفاء للعطف، فيكون ما بعد العاطف من تمام ما قبله لربطه به. والحق أنه إذا عطف فعل مضارع على مثله، وجب الإهمال؛ لأن المعطوف لا يستقل بنفسه، بل يتبع المعطوف عليه في إعرابه؛ فلا تكون "إذن" واقعة في صدر جملة مستقلة في إعرابها؛ تقول: لم يحضر الغائب, إذًا يسترح أهله، بجزم يسترح، عطفا على يحضر، عطف فعل على فعل. أما إذا عطفت جملة على جملة قبلها، مضارعية كانت أو ماضوية أو اسمية؛ فإن كان للجملة السابقة محل من الإعراب، وجب إهمال "إذن" لوقوعها في صدر جملة.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 الثاني: أن يكون مستقبلًا؛ فيجب الرفع في نحو: إذن تصدق1 جوابًا لمن قال: أنا أحب زيدًا. الثالث: أن يتصلا3، أو يفصل بينهما القسم3، كقوله: إذن والله نرميهم بحرب4.   = تابعة في إعرابها لما قبلها لا مستقلة؛ نحو: إن للتلاميذ رائدًا يرشدهم وإذا يبلغهم مرادهم، فجملة "يرشدهم" في محل نصب صفة لـ"رائدًا" وجملة "يبلغهم" معطوفة عليها في محل نصب، و"إذن" مهملة لا تنصب الفعل بعدها لعدم وقوعها في صدر الجملة، وإن لم يكن للجملة الأولى محل من الإعراب -كالجملة الشرطية مثلا- جاز الإعمال والإهمام؛ نحو: إن تزرني -وإذا أشكرك- أزرك؛ فجملة تزرني شرطية لا محل لها، وقد عطفت عليه جملة "أشكرك" ولا محل لها أيضًا، فيصح نصب الفعل "أشكر" باعتباره في صدر جملة لا محل لها فهي كالمستأنفة، ويصح الرفع باعتبار العطف وارتباطها بما قبلها في المعنى، فكأنها غير مستقلة. 1 لأنه يدل على الحال، والناصب يخلص زمن المضارع للاستقبال، فيقع التعارض بينهما. 2 أي: يكون المضارع متصلا بها؛ لضعفها مع الفصل عن العمل فيما بعدها، وتخطي الفاصل. 3 ذكر في المغني جواز الفصل بلا النافية، وقد وردت في النصوص أمثلة قليلة، وقع فيها الفصل -مع الإعمال- بالنداء، وبالدعاء، وبالظرف؛ فينبغي أن يقتصر على المسموع، ولا يقاس عليه. 4 صدر بيت من الوافر، ينسب لسيدنا حسان بن ثابت، وعجزه. تشيب الطفل من قبل المشيب وهو مثبت في ديوانه بيتا مفردا، من غير سابق ولا لاحق. اللغة والإعراب: نرميهم، المراد: نصيبهم، وأصل الرمي: الطرح على الشيء وقذفه. "بحرب" الحرب يذكر ويؤنث، والأكثر فيها التأنيث، المشيب: زمن الشيب "إذن حرف جواب وجزاء ونصب لا محل له "والله" الواو للقسم. "الله" مقسم به مجرور بالواو والجار والمجرور متعلق بفعل قسم محذوف "نرميهم" نرمي فعل مضارع منصوب بإذن، وضمير= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 فصل: ينصب المضارع "بأن" مضمرة وجوبًا في خمسة مواضع: أحدها: بعد اللام؛ إن سبقت بكون ناقص1، ماض2، منفي3، نحو:   = الغائبين مفعول به: "بحرب" متلعق بنرمي. "يشيب" فعل مضارع والفاعل يعود على الحرب. "الطفل" مفعول به والجملة في محل جر، صفة لحرب. المعنى: إذن، والله نصيب هؤلاء القوم بقتال يشيب الولدان قبل أن يبلغوا سن الشيب، وذلك بسبب ما يحصل لهم من الفزع والرعب. الشاهد: نصب المضارع وهو "نرميهم" بإذن، مع الفصل بينهما بالقسم. وفي "إذن وأحكامها السابقة يقول الناظم: ونصبوا بإذن المستقبلا ... إن صدرت والفعل بعد موصلا أو قبله اليمين، وانصب وارفعا ... إذا "إذن" من بعد عطف وقعا* أي: إن العرب نصبت الفعل المضارع بإذن، إذا كان مستقبل الزمن، وكانت "إذن" في صدر جملتها، والفعل متصل بها من غير فاصل بينهما، أو بفاصل هو القسم، ولم يذكر. "لا" النافية. وانصب المضارع أو ارفعه إذا وقعت "إذن" بعد حرف عطف، وقد قيد النحاة العطف بالواو أو الفاء كما بين المصنف. 1 هو "كان" أو "يكون" دون غيرهما من سائر الأفعال الناسخة أو التامة، فلا يجب الإضمار بعد "كان" التامة؛ لأن اللام بعدها لام "كي". 2 أي: لفظًا ومعنى، أو معنى فقط، إذا وقع فعل الكون مضارعًا بعد "لم" الجازمة التي تقلب زمنه إلى الماضي. 3 هذا النافي هو: "ما"، وتختص بالدخول على "كان". و"لم" الجازمة، وتدخل على=   * "بإذن" متعلق بنصبوا. "المستقبلا" مفعوله. "إن صدرت" شرط وفعله، والجواب محذوف، "والفعل" والواو للحال، و"الفعل" مبتدأ. "بعد" ظرف مبني على الضم في محل نصب متعلق بمحذوف خبر، والجملة حال من إذن "موصلا" حال من الضمير المستكن في الظرف. "أو" عاطفة على بعد، أو موصلا. "قبله" قبل والهاء مضاف إليه، ظرف خبر مقدم. "اليمين" مبتدأ مؤخر ويجوز جعل اليمين فاعلا بالظرف، "وانصب وارفعا" فعل أمر والمفعول محذوف؛ أي: الفعل، "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "إذن" فاعل لمحذوف هو فعل الشرط يفسره وقعا. "من بعد عطف" جار ومجرور متعلق بوقعا ومضاف إليه وجواب إذا محذوف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم} ، {لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُم} 1وتسمى هذه اللام لام الجحود2. الثاني: بعد "أو"3؛ إذا صلح في موضعها "حتى"4، نحو: لألزمنك أو تقضيني حقي، وكقوله: لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى5   = المضارع. وينبغي أن يلي فعل الكون الناسخ اسمه مباشرة، وأن يكون اسمًا ظاهرا لا ضميرا، ثم يأتي مضارع منصوب مبدوء بلام مكسورة، وفاعله ضمير مستتر جوازًا في الغالب، يعود على اسم الناسخ السابق كما مثل المصنف، وإلى ذلك يشير الناظم بقوله: ... ... ... ... ... ... ... ... وبعد نفي "كان" حتما أضمرا* أي: أضمر الحرف الناصب، وهو "أن" حتما، إذا وقع بعد كان المنفية، وقد أوضح المصنف ما في ذلك من أحكام. 1 "يعذب" و"يغفر" منصوبان بأن مضمرة وجوبًا بعد اللام، والخبر محذوف، وتتعلق به اللام الجارة للمصدر المنسبك من "أن" والفعل المجرور بها، والجار والمجرور في محل نصب خبر الناسخ، والتقدير: ما كان الله مريدًا لتعذيبهم. 2 أي: النفي؛ لأنها تقوي معنى النفي في الجملة كلها؛ فهي تقع بعد كون منفي، والمعنى بعدها منفي لتعلقها مع المجرور بالخبر المحذوف المنفي، وما ذكره المصنف من أن الناصب بعد لام الجحود؛ هو "أن" المضمرة، هو مذهب البصريين، ويري الكوفيون أن الناصب اللام، وهي حرف زائد عندهم فيسري النفي منه إلى المصدر المؤول المجرور بها. 3 أي: العاطفة. 4 أي: الدالة على الغاية، وتسمى الغائية، أو التي بمعنى "إلى"، أو الدالة على التعليل وتسمى التعليلية، أو التي بمعنى "كي" أو لام التعليل. 5 صدر بيت من الطويل، لم نقف على قائله؛ وعجزه:=   "وبعد نفي" بعد ظرف متعلق بأضمرا، ونفي مضاف إليه. "كان مضاف إليه. "حتما" نعت لمصدر محذوف؛ أي: إضمارا حتما، "أضمرا" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعدو إلى أن، والألف للإطلاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 أو "إلا"1 نحو: لأقتلنه أو يسلم، وقوله: كسرت كعوبها أو تستقيما2   = فما انقادت الآمال إلا لصابر اللغة والإعراب: لأستسهلن الصعب: لأعدنه وأصيرنه سهلا بالصبر، والصعب: الأمر العسير. أدرك: أبلغ. المني: ما يتمناه الإنسان ويرغب فيه, جمع منية. انقادت: سهلت وتيسرت الآمال: جمع أمل وهو ما يرجى من المطالب. "لأستسهلن" اللام موطئة لقسم محذوف، وجملة أستسهلن جوابه لا محل لها. "الصعب" مفعول أستسهلن، "أو" عاطفة بمعنى حتى أو إلى، "أدرك" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد "أو" وهو في تأويل مصدر بأن المحذوفة، معطوف على مصدر مأخوذ من الفعل المتقدم؛ أي: ليكونن مني استسهال أو إدراك، "فما" الفاء للتعليل وما نافية، "الآمال" فاعل انقادت. "إلا" أداة استثناء مفرغ. "لصابر" متعلق بانقادت. المعنى: لأصيرن كل أمر عسير سهلا بالصبر والاحتمال، حتى أبلغ ما أتمناه وأرجوه فما ذللت الصعاب وتيسرت الأمور التي يرجى الحصول عليها إلا لمن يصبر على الشدائد ويحبس نفسه عن الجزع واليأس. الشاهد: في قوله: "أو أدرك" حيث نصب المضارع بأن مضمرة وجوبًا بعد "أو" التي بمعنى حتى أو إلى. 1 أي: الاستثنائية, إذا كان الفعل الذي قبلها ينقضي دفعة واحدة كما مثل المصنف. 2 عجز بيت من الوافر؛ لزياد الأعجم، وهو من شواهد سيبويه، وصدره. وكنت إذا غمزت قناة قوم اللغة والإعراب: غمزت: هززت، من الغمز، وهو الهز والحبس باليد، قناة: المراد الرمح. كعوبها: جمع كعب، وهو من القصب ما بين كل عقدتين، ومن الرمح أطرافه. تستقيما: تعتدل بعد أعوجاج. "وكنت" كان واسمها. "إذا"ظرف مضمن معنى الشرط، "غمزت" فعل ماض فعل الشرط. "قناة قوم" قناة مفعول غمزت وقوم مضاف إليه. "كسرت" جواب الشرط، وجملة الشرط وجوابه خبر كان الناقصة. "كعوبها" كعوب مفعول كسرت والهاء مضاف إليه. "أو" عاطفة بمعنى "إلا" الاستثنائية، وقد عطفت مصدرًا مؤولا على مصدر متصيد كما سبق، "تستقيما" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 الثالث: بعد "حتى"1؛ إن كان الفعل مستقبلًا باعتبار التكلم، نحو: {فَقَاتِلُوا   = بعد أو، والألف للإطلاق، والفاعل يعود إلى قناة قوم. المعنى: يقصد الشاعر: أنه إذا شرع في إصلاح قوم مفسدين، لا يرجع عن ذلك إلا إذا استقاموا وصلحوا, وإلا كسرهم وآذاهم، كما أنه إذا أراد إصلاح رمح معوج، لا يتركه إلا إذا استقام واعتدل، وإلا كسره. الشاهد: في "أو تستقيما" حيث نصب المضارع بأن المضمرة وجوبًا بعد "أو "التي بمعنى إلا. وفي البيت استعارة تمثيلية، وإلى "أو" أشار الناظم بقوله: كذاك بعد "أو" إذا يصلح في ... موضعها "حتى" أو "إلا" أنْ خفي* أي: مثل ما وقع بعد لام الحجود، يجب إضمار أن بعد "أو" إذا صلح في موضعها "حتى" أو "إلا". 1 أي: الجارة للمصدر المؤول من "أن" المضمرة وجوبًا، وما دخلت عليه، وهي: إما أن تدل على الغاية، أو على التعليل، أو على الاستثناء فتدل على الغاية؛ إذا كان المعنى بعدها نهاية وغاية لما قبلها، وعلامتها: أن يصلح في موضعها "إلى" ولهذا تسمى: حتى الغائية، أو التي بمعنى "إلى" كما أسلفنا، ولا بد أن يكون المعنى السابق، من الأمور التي تنقضي تدريجيا -أي: شيئا فشيئا- لا دفعة واحدة، نحو يستمر الحر نهار الصيف حتى تغيب الشمس. وتدل على التعليل؛ إذا كان ما قبلها علة وسببًا فيما بعدها، وعلامتها: أن يصلح في موضها "كي"، ونحو: تعنى مصر بالصناعة حتى تستعني عن الخارج. وتدل على الاستثناء "كإلا" إذا لم تصلح للغاية أو التعليل, وعلامتها: أن يصلح مكانها " إلا أن"؛ نحو: لا يعفى المدين من دينه حتى يؤديه، فليست في هذا غائية؛ لأن ما قبلها لا ينقضي تدريجيا، ولا تعليلية؛ لأن ما قبلها ليس سببًا لما بعدها، وقد تدل "حتى" على أكثر من معنى، إذا لم تكن هناك قرينة تعين المعنى المقصود.   * "كذاك" متعلق بمحذوف مفعول مطلق لخفي، أو حال من فاعله "بعد أو" بعد ظرف متعلق بخفي، وأو مضاف إليه. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط منصوب المحل بجوابه. "حتى" فاعل يصلح. "أو إلا" معطوف على حتى "أن" مقصود لفظه مبتدأ. "خفي" فعل ماض فاعله يعود إلى أن، والجملة خبر المبتدأ والمعنى التقديري: "أن" خفي بعد "أو" خفاء مماثلا في الوجوب ذلك الخفاء الذي بعد نفي كان؛ إذا كان يصلح في موضع "أو" حتى، أو، إلا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ} 1 أو باعتبار ما قبلها، نحو: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} 2. ويُرفع الفعل بعدها؛ إن كان حالا3 مسببا فضلة4؛ نحو: مرض زيد حتى لا يرجونه5 ومنه: "حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ" في قراءة نافع؛ لأنه مؤول بالحال؛ أي: حتى حالة الرسول والذين آمنوا معه أنهم يقولون ذلك6. ويجب النصب في مثل: "لأسيرن حتى تطلع الشمس"، و"ما سرت حتى أدخلها"، "وأسرت حتى تدخلها؟ " لانتفاء السبيبة7، بخلاف: "أيهم سار حتى يدخلها".   1 فإن "تفيء" مستقبل باعتار زمن التكلم بالأمر بالقتال وإلقائه إلى المخاطب. 2 فقول الرسول وإن كان ماضيًا بالنسبة لزمن الإخبار ونزول جبريل بالآية؛ إلا أنه مستقبل بالنسبة إلى زلزالهم. ويجب كذلك نصب الفعل بعد "حتى" إذا كان ما بعدها غير مسبب عما قبلها، نحو: تصوم حتى تغرب الشمس، أو كان ما بعدها غير فضلة, بأن كان جزءًا أساسيا من الجملة التي قبلها, نحو: أحب أن أعمل حتى أتم الواجب علي. 3 أي: بأن يكون زمنه زمن النطق بالكلام المشتمل على حتى. 4 أي: ليس جزءًا أساسيا في الجملة، كخبر المبتدأ، أو خبر الناسخ. 5 فقوله: لا يرجونه حال؛ لأنه في قوة: فهو الآن لا يرجى، ومسبب عما قبله؛ لأن عدم الرجاء مسبب عن المرض؛ وفضلة لأن الكلام تم بدونه، وإذًا فشروط الرفع بعد "حتى" ثلاثة. 6 فالرفع في قراءة نافع، على تقدير القول الماضي واقعًا في الحال؛ أي: في زمن التكلم، لاستحضار صورته العجيبة. 214، سورة البقرة. 7 لأن طلوع الشمس ليس مسببا عن السير والدخول لا يتسبب عن عدم السير، والسير لم يتحقق وجوده في المثال الثالث بدليل الاستفهام عنه، فلو رفع لزم تحقق وقوع المسبب مع نفي السبب أو الشك فيه، وذلك لا يصح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 فإن السير ثابت، وإنما الشك في الفاعل، وفي نحو: سيري حتى أدخلها؛ لعدم الفضلية1، وكذلك: كان سيري أمس حتى أدخلها، إن قدرت "كان" ناقصة، ولم تقدر الظرف خبرًا2.   1 ذلك لأن "سيري" مبتدأ و"حتى أدخلها" خبر، فلو رفع الفعل لصار المبتدأ بلا خبر. 2 بل قدر متعلقًا "بسيري" فإن قدرت "كان" تامة، أو قدر الظرف وهو "أمس خبرًا"، جاز الرفع؛ لأن ما بعد حتى حال فضلة. والخلاصة: أن الفعل بعد حتى؛ إن كان مستقبلا خالصًا بالنسبة للمتكلم وجب نصبه؛ نحو: {حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} وإن كان وقته حاضرًا وجب رفعه، نحو: سرت حتى أدخل المدينة، إذا قلته وقت الدخول، وإن كان ماضيًا جاز الأمران باعتبار جواز التأويل؛ فإن قدرته حاضرًا وقت التكلم بقصد حكاية الحال أو الحادثة الماضية، وجب رفعه، وتكون حتى ابتدائية. وإن قدرته مستقبلا بتقدير العزم عليه وقت التكلم، وجب نصبه، وتكون حتى جارة للمصدر المنسبك من أن المضمر والفعل، وفي "حتى" يقول الناظم: وبعد "حتى" هكذا إضمار "أنْ" ... حتم، كـ"جد حتى تسر ذا حزن" وتلو حتى حالًا أو مؤولًَا ... به ارفعنَّ، وانصب المستقبلا* أي: إن إضمار "أن" واجب بعد حتى كالإضمار السابق، والمثال الذي ذكره لحتى التعليلية، والمضارع التالي "حتى" -إن كان معناه حالا أو مؤولا بالحال- يرفع وإن كان مستقبل المعنى ينصب، وقد بينا وبين المصنف بقية الشروط.   * "وبعد حتى" بعد ظرف متعلق بإضمار الواقع مبتدأ، وحتى مضاف إليه، "أن" مضاف إليه. "حتم" خبره، "هكذا" متعلق بمحذوف حال من الضمير في حتم "كجد" خبر لمبتدأ محذوف، "حتى" حرف جر بمعنى كي "تسر" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد حتى, "إذا" مفعول تسر. "حزن" مضاف إليه، و"تسر" في تأويل مصدر بأن المحذوفة مجرور بحتى, والجار والمجرور متعلق بجد. "ونلو حتى" أي: تالي حتى، تلو مفعول لأرفعن وحتى مضاف إليه، "حالا أو مؤولا" حالان من تلو حتى. "به" متعلق بمؤولا. "المستقبلا" مفعول انصب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 الرابع والخامس: بعد فاء السببية، وواو المعية1 مسبوقين بنفي2 أو طلب3 محضين4، نحو: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} 5، {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} ، {يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ} ، {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ} ، {فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} .   1 فاء السببية هي: التي تدل على أن ما بعدها مسبب عما قبلها ومترتب عليه بقرينة العدول عن العطف على الفعل إلى النصب. وواو المعية هي: تدل على أن معنى ما قبلها وما بعدها متلازمان؛ يحصلان معًا في وقت واحد, فهي بمعنى "مع" في دلالتها على الجمع والمصاحبة. 2 سواء كانت أداة النفي حرفا مثل: لا, ما، لم، لن، أو فعلا مثل: ليس، زال، أو اسمًا مثل: غير؛ نحو: أنت غير آت فتحدثنا. ويلحق بالنفي التشبيه المراد به النفي بالقرينة، نحو: كأنك المعلم فنطيعك ما أنت بالمعلم، وكذلك التقليل بقلما المقصود به النفي أحيانًا؛ نحو: قلما يشيع الظلم في أمة فتنهض؛ أي: لا يشيع الظلم. 3 المراد بالطلب: الأمر والنهي، والدعاء والاستفهام، والعرض، والتحضيض، والتمني والترجي على الصحيح. وقد جمع بعضهم أنواع الطلب والنفي في قوله: مر وانه وادع وسل واعرض لحضهم ... تمن وراج كذاك النفي قد كملا 4 المراد بالنفي المحض: الخالص من معنى الإثبات، فلا ينتقض معناه، "بإلا" الاستثنائية التي تنقض النفي والنهي، ولا وبنفي آخر بعده يزيل آثره ويجعل الكلام مثبتا؛ لأن نفي النفي إثبات, وسيأتي إيضاح لذلك. أما الطلب المحض فهو: ما يدل لفظه صراحة ونصا على الطلب، ويظهر ذلك في الأمر والنهي والدعاء, أما غيرها من أنواع الطلب, فيجيء معنى الطلب تابعًا لمعنى آخر يتضمنه, والطلب غير المحض هو: الذي يدل عليه باسم فعل أو بلفظ الخبر كما سيأتي. 5 الفاء عطفت المصدر المنسبك من أن المضمرة والفعل على المصدر المتصيد من الكلام؛ أي: لا يكن قضاء عليهم فموت لهم. من الآية 36 من سورة فاطر. وقد سبقت الفاء بالنفي، والآية التالية مثال للواو بعد النفي، وما بعدها مثالان لهما بعد= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 وقوله: لا تنه عن خلق وتأتي مثله1.   = التمني. وفيما تقدم يقول الناظم: وبعد فا جواب نفي أو طلب ... محضين "أنْ" وسترها حتم نصب والواو كالفا, إن تفد مفهوم "مع" ... كلا تكن جلدا وتظهر الجزع* أي: إن "أنْ" تنصب المضارع بعد الفاء المجاب بها نفي محض أو طلب محض، وسترها؛ أي: حذفها واجب, والواو كالفاء في الحكم؛ إذا كانت بمعنى "مع"؛ أي: دالة على المعية والمصاحبة. ثم ساق الناظم مثلا لتقدم النهي بعد الواو. 1 صدر بيت من الكامل، لأبي الأسود الدؤلي، وقد استشهد به سيبويه ونسبه للأخطل، وعجزه: عار عليك إذا فعلت عظيم اللغة والإعراب: لا تنه: لا تطلب الكف والبعد عن الشيء. عار: عيب ونقص "لا" ناهية "تنه" فعل مضارع مجزوم بلا بحذف الألف، والفاعل أنت. "وتأتي" الواو للمعية، وتأتي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الواو، "مثله" مثل مفعول تأتي والهاء مضاف إليه، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر معطوف بالواو على مصدر مأخوذ من الفعل قبلها؛ أي: لا يكن منك نهي وإتيان. "عار" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: فذلك عار ويجوز العكس. "عليك" متعلق بمحذوف صفة لعار. "إذا: ظرف مضمن معنى الشرط. "فعلت" فعل الشرط وفاعل، والجواب محذوف؛ أي: فذلك عار. "عظيم" صفة ثانية لعار، وجملة الشرط معترضة بينهما. المعنى لا تطلب من غيرك الكف والبعد عن شيء قبيح وأنت تفعل مثله، فلذلك عار عظيم عليك، وأمر مشين يحط من قدرك. الشاهد: نصب "تأتي" بأن المضمرة وجوبا بعد واو المعية، في جواب النهي بلا. والآية قبله مثل للفاء بعد النهي.   * "وبعد" ظرف متعلق بنصب، "فا جواب نفي" مضافات إليه. "أو طلب" معطوف على نفي. "محضين" نعت لنفي وطلب. "أن" مبتدأ قصد لفظه "وسترها حتم" مبتدأ وخبر، والواو للحال والجملة حالية أو اعتراضية بين المبتدأ والخبر. "نصب" فعل ماض، والفاعل يعود إلى "أن" والجملة خبر المبتدأ الأول؛ وهو أن. "والواو كالفا" مبتدأ وخبر. "مفهوم" مفعول تفد. "مع" مضاف إليه. "كلا" الكاف جارة لقول محذوف، و"لا" ناهية. "جلدًا" خبر تكن. "وتظهر" الواو للمعية، و"تظهر" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعدها، وهو محل الشاهد والفاعل أنت. "الجزع" مفعول تظهر منصوب بالفتحة، وسكن للوقف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 وقوله: يا ناق سيري عنقًا فسيحًا1 ... إلى سليمان فنستريحا وقوله: فَفُلت ادعي وأدعو إنَّ أندى2   1 بيت من الرجز، لأبي النجم العجلي؛ "الفضل بن قدامة" من قصيدة يمدح فيها الخليفة سليمان بن عبد الملك. وهو من شواهد سيبويه. اللغة والإعراب: عنقًا: العنق: ضرب من السير السريع. فسيحا: واسعًا، فهو وصف كاشف، "يا ناق" "يا" للنداء، وناق منادى مرخم. "ناقة" مبني على ضم القاف، أو التاء المحذوفة -على اللغتين المعروفتين- في محل نصب. "سيرى" فعل أمر مبني على حذف النون والياء فاعل "عنقا" صفة لمصدر محذوف؛ أي: سيرا عنقًا "فسيحا" صفة ثانية كاشفة "فنستريحا" الفاء للسببية، ونستريحا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء والألف للإطلاق، وهو في تأويل مصدر بأن، معطوف بالفاء على مصدر متصيد كما سلف. أي: ليكن منك يا ناقة سير واسع فاستراحة لنا. المعنى: سيري يا ناقة سيرًا سريعًا إلى سليمان، وجدي في ذلك لنستريح معًا. الشاهد: نصب نستريحا، بعد فاء السببية بأن مضمرة وجوبًا في جواب الأمر. 2 صدر بيت من الوافر، استشهد به سيبويه ونسبه للأعشى، وهو في زيادات ديوانه، ونسبه آخرورن إلى غير الأعشى، وعجزه. لصوت أن ينادي داعيان ويروى قبل هذا البيت: تقول حليلتي لما استكينا ... سيدركنا بنو القرم الهجان سيدركنا بنو القمر ابن بدر ... سراج الليل للشمس الحصان اللغة والإعراب: ادعى: أمر من الدعاء، وهو هنا بمعنى النداء، أندى: أفعل تفضيل، من الندا مقصورًا، وهو بعد ذهاب الصوت. "ادعي" فعل أمر مبني على حذف النون، ويجوز في همزته -في غير الوصل- الضم والكسر "وأدعو" فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبًا بعد واو المعية الواقعة في جواب الأمر. إن حرف توكيد ونصب "أندى"= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 وقد اجتمع الطلب والنفي في قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} الآية، لأن "فتطردهم" جواب النفي1، و"فتكون" جواب النهي2. واحترز بتقييد النفي والطلب بمحضين من النفي التالي تقريرًا3 والمتلو بنفي، المنتقض بإلا4، نحو:   = اسم إن منصوب بفتحة مقدرة على الألف، "لصوت" مضاف إليه على زيادة اللام. "أن ينادي" أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر إن، ويجوز العكس، داعيان فاعل ينادي. المعنى: قلت لهذه المرأة التي خافت أن يلحق بنا العدو: نادي مع ندائي للاستغاثة، كي ننجو من العدو؛ فإن أرفع صوت نداء داعيين معًا. الشاهد: نصب المضارع -وهو أدعو- بأن المضمرة وجوبًا بعد واو المعية في جواب الأمر ومن النحاة من يروي هذا البيت: فقلت ادعي وأدع فإن أندى على أن أدع مجزوم بلام أمر مقدرة للضرورة؛ أي: ولأدع، وسهل ذلك عطفه على الأمر الصريح. 1 أي: وهو وقوله تعالى: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [سورة الأنعام الآية: 25] . 2 وهو قوله سبحانه: {وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} ففي الكلام لف ونشر غير مرتب. وقد اقتصر المصنف في التمثيل على النفي والتمني والنهي والأمر؛ لأنه لم يسمع نصب الفعل بعد الواو في غيرها، وزاد الأشموني الاستفهام كقوله: ألم أك جاركم ويكون بيني ... وبينكم المودة والإخاء ثم قال: وقس الباقي. وقال أبو حيان: لا ينبغي أن يقدم على ذلك إلا بسماع. 3 أي: المسبوق باستفهام تقريري؛ نحو: ألم تشهد الورد متفتحًا فتسر به؟ فإنه يجوز رفع الفعل "تسر" مراعاة لمعنى الإثبات؛ لأن الاستفهام التقريري يتضمن ثبوت الفعل، ويجوز نصبه مراعاة لصورة النفي أو الاستفهام. 4 فإنه يجب رفع الفعل بعدهما عند ابن مالك ومن تبعه؛ لأن معناهما الإثبات، وأجاز سيبويه وآخرون: الرفع والنصب بعد المنتقض بإلا الاستثنائية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 "ألم تأتني فأحسن إليك" إذا لم ترد الاستفهام الحقيقي1، ونحو: "ما تزال تأتينا فتحدثنا" و"ما تأتينا إلا وتحدثنا". ومن الطلب باسم الفعل، وبما لفظه الخبر، وسيأتي2. وبتقييد الفاء السببية والواو بالمعية: من العاطفتين على صريح الفعل ومن الاستئنافيتين، نحو: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} ؛ فإنها للعطف3. وقوله: ألم تسأل الربع القواء فينطق4؛   1 أي: بل أردت حمل مخاطبك على الإقرار والاعتراف بإتيانه وإحسانك إليه. 2 وكذلك بالمصدر الواقع بدلا من اللفظ بفعله؛ نحو: سكوتا فيتكلم الخطيب. 3 أي: عطف "يعتذرون" على لفظ "يؤذن"، ليدل على نفي الإذن والاعتذار عقبه مطلقا؛ أي: لا يؤذن لهم فلا يعتذرون. 4 صدر بيت من الطويل، وقد استشهد به سيبويه، وهو من كلام جميل بن عبد الله بن معمر العذري، صحاب بثينة، وعجزه. وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق اللغة والإعراب: الربع: المنزل، القواء: الخالي الذي لا أنيس به. بيداء: صحراء قفر. سملق: لا تنبت شيئا "ألم" الهمزة للاستفهام التقريري، "تسأل" فعل مضارع مجزوم بلم، وحرك الكسر للساكنين. "الربع" مفعوله "القواء" صفته "فينطق" الفاء للاستئناف، وينطق فعل مضارع مرفوع والفاعل يعود على الربع والجملة خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: فهو ينطق، ولا يضر الاقتران بالفاء. "وهل" الواو عاطفة؛ وهل حرف استفهام، تخبرنك مضارع مبني على الفتح لنون التوكيد الخفيفة. "بيداء" فاعل تخبر. المعنى: ألم تسأل هذا المنزل الخالي الذي لا أحد به، فيخبرك عن الأحبة؟ ثم رجع إلى نفسه وقال: وهل تخبرنك صحراء جرداء لا نبات بها؟ الشاهد: في قوله: "فينطق" حيث رفع المضارع بعد الفاء مع أنه مسبوق باستفهام؛ ذلك لأن هذه الفاء عاطفة ولا للسببية، وإنما هي للاستئناف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 فإنها للاستئناف؛ إذ العطف يقتضي الجزم1، والسببية تقتضي النصب2. وتقول لا تأكل السمك وتشرب اللبن, بالرفع إذا نهيته عن الأول فقط3، فإن قدرت النهي عن الجمع نصبت4 أو عن كل منهما جزمت5. وإذا سقطت الفاء بعد الطلب وقصد معنى الجزاء6، جزم الفعل جوابًا لشرط مقدر7، لا للطلب، لتضمنه معنى الشرط، خلافًا لزاعمي ذلك، نحو: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} 8، بخلاف نحو: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا, يَرِثُنِي} في قراءة الرفع؛   1 لأنه معطوف على مجزوم وهو "يسأل". 2 لأنه في جواب استفهام وقيل: إن الفاء هنا للعطف، المعتبر في العطف الجملة لا الفعل وحدة. 3 فتكون الواو للاستئناف، وتشرب خبر لمبتدأ محذوف, أي: ولك شرب اللبن، ويحتمل أن تكون الواو للحال، و"تشرب" خبر لمبتدأ محذوف، ويكون النهي عن المصاحبة. 4 أي: على أن الواو للمعية، ويكون من عطف مصدر مؤول على مصدر متصيد من الفعل السابق كما مر؛ أي: لا تأكل السمك مع شرب اللبن. 5 أي: على العطف، ويكون من عطف الفعل على الفعل للتشريك في النهي لا كسابقه احترازًا من سقوطها بعد النفي، فإنه لا يصح جزم المضارع معه بل يجب رفعه وأحلق الكوفيون بالواو. "ثم" في الحديث: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه". 6 أي: قصد بالفعل الذي سقط منه الفاء أن يكون جوابًا وجزاءًا على الطلب المتقدم؛ أي: يكون مسببًا عنه كتسبب جزاء الشرط على فعل الشرط. 7 أي: وهو فعل الشرط، للدلالة الطلب عليهما، ويتعين أن تكون أداة الشرط المقدرة "إن" لأنه لا يحذف غيرها. 8 "أتل" فعل مضارع مجرد من الفاء وقد تقدمه طلب، وهو: "تعالوا" والمقصود به الجزاء، لأن التلاوة عليهم مسببة عن مجيئهم. فجزم بحرف شرط مقدر، والتقدير: إن تأتوا أتل؛ [الأنعام: 151] . ومثله قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ} فإن تساقط مجزوم بالاتفاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 فإنه قدره صفة لوليا1، لا جوابًا لهب؛ كما قدره من جزم. وشرط غير الكسائي لصحة الجزم بعد النهي2 صحة وقوع "إن لا" في موضعه3؛ فمن ثم جاز: "لا تدن من الأسد تسلم" بالجزم، ووجب الرفع في نحو: لا تدن من الأسد يأكلك4، وأما قوله: $"فلا يقرب مسجدنا يؤذنا" فالجزم على الإبدال5، لا الجواب.   1 أي: إن جملة "يرثني" في محل نصب صفة لوليا؛ لأنه نكرة، والمراد: بالإرث إرث النبوة والعلم، لا المال؛ لأن الأنبياء لا تورث. ومثله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} فتطهرهم في موضع نصب صفة لصدقة؛ أي: صدقة مطهرة لهم، ويصح أن يجزم في جواب الأمر أو يرفع مع الاستئناف. وإذا كان ما قبل الفعل معرفة أعربت الجملة حالا؛ نحو: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} ، {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} . وإن كان نكرة تصلح لمجئ الحال منها, احتمل الوصفية والحالية؛ نحو: أكرم رجلا من الغرباء يدين بالإسلام. 2 أي: فيما إذا سقطت الفاء وقصد الجزاء. 3 أي: صحة وضع "إن" الشرطية وبعدها "لا" النافية موضع "لا" الناهية المحذوفة، مع استقامة المعنى. 4 ذلك لعدم صحة حلول "إن لا" موضع "لا" الناهية المحذوفة؛ لأن الأكل لا يتسبب عن الانتهاء عن الدنو، وإنما على الدنو نفسه، ولهذا وجب الرفع في قوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [سورة المدثر: 6] . 5 أي: جزم "يؤذنا" على أنه بدل اشتمال من يقرب، لا على أنه جواب النهي؛ لأنه لا يصح: أن لا يقرب يؤذنا؛ لأن الإيذاء إنما يتسبب عن القرب لا عن عدمه. وهذا جزء من حديث "من أكل من هذه الشجرة -يعنى الثوم- فلا يقرب مسجدنا يؤذنا" , وفي جواز جزم المضارع عند سقوط الفاء بعد غير النفي -أي: الطلب- يقول الناظم: وبعد غير النفي جزمًا اعتمد ... إن تسقط الفا والجزاء قد قصد = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 وألحق الكسائي في جواز النصب بالأمر؛ ما دل على معناه؛ من اسم فعل 1نحو: نزال فنكرمك، أو خبر نحو: "حسبك حديث فينام الناس"2. ولا خلاف في جواز   = وشرط جزم نهي أن تضع ... "إن" قبل "لا" دون تخالف يقع* أي: إنه يجوز في جواب غير النفي -من أنواع الطلب المذكورة- أن تجزم إذا سقطت الفاء وقصد الجزاء، وشرط الجزم بعد النهي: أن تضع "إن" الشرطية قبل "لا" النافية، دون أن يحدث اختلاف في المعنى قبل مجيء "أن لا" أما شرط الجزم بعد غير النهي من أنواع الطلب -كالأمر، أو الدعاء أو غيرهما- فهو صحة المعنى مع الاستغناء عن أداة الطلب، وإحلال "إن" الشرطية وحدها، وتدخل "إن" على المضارع إن وجد مضارع مذكور، وإلا فعلى فعل آخر يتصيد في مكانه ويوافق المعنى المقصود، وهذا العمل مؤقت ليرشدنا إلى صحة الجزم أو عدم صحته، تبعًا لسلامة المعنى أو عدم سلامته. هذا: ولم يشترط الكسائي وبعض الكوفيين: إحلال "إن لا" محل "لا" الناهية ولا إحلال "إن" قبل بقية أدوات الطلب، ولا ما يترتب على ذلك من صحة المعنى أو عدم صحته؛ بدعوى أن فهم المقصود من الجملة يرجع إلى القرائن وحدها, وأن كثيرًا من الأمثلة التي جاز فيها جزم المضارع, لا يستقيم معناها بوضع "إن لا" بدلا من "لا" الناهية. 1 سواء كان من لفظ الفعل كما مثل المصنف, أولا: نحو "صه" فيسمع الناس الخطيب. وكذلك ينبغي النصب؛ إذا كان الأمر بصيغة المصدر النائب عن فعله؛ نحو: سكوتًا فينام المتعبون. 2 "حسبك" اسم فاعل بمعنى كافيك، مبتدأ "حديث" خبر، ويجوز العكس. "فينام" الفعل منصوب على رأي الكسائي، والجملة متضمنة معنى اكفف. أو "حسب" اسم فعل مضارع=   * "وبعد" ظرف متعلق باعتمد. "غير النفي" غير مضاف إليه والنفي كذلك. "جزما" مفعول اعتمد مقدم. "إن تسقط" شرط وفعله، وجوابه محذوف كما تقدم. "آنفا" بالقصد فاعل تسقط، والجزاء قد قصد "مبتدأ وخبر، والواو للحال والجملة موضع الحال من فاعل اعتمد. "وشرط جزم" مبتدأ، ومضاف إليه، "بعد نهي" بعد ظرف متعلق بشرط أو بجزم ونهي مضاف إليه، "أن تضع" فعل مضارع منصوب بأن المصدرية وسكن للوقف، وهما في تأويل مصدر خبر المبتدأ. "إن" مفعول تضع مقصود لفظها. "قبل" ظرف متعلق بتضع. "لا" مضاف إليه. "دون" ظرف متعلق بمحذوف حال من إن "تخالف" مضاف إليه "يقع" فاعل يقع يعود على تخالف، والجملة صفة لتخالف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 الجزم بعدهما إذا سقطت الفاء1 كقوله: مكانك تحمدي أو تستريحي2   = بمعنى يكفي مبني على الضم "حديث" فاعل. ومن الجملة الخبرية الدالة على الأمر: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ, تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ, يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} . يجزم المضارعين: يغفر, ويدخل في جواب الجملة الخبرية المقصود بها الأمر وهي: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ} ؛ لأن المعنى: آمنوا وجاهدوا. وليس الجزم راجعًا لوقوعها جوابًا للاستفهام؛ وهو: {هَلْ أَدُلُّكُمْ} لفساد المعنى على ذلك. سورة الصف. 1 ذلك لأن امتناع النصب بعدهما عند الجمهور -سببه جمودها- فلا يمكن إضمار "أن"، وتأويل مصدر يعطف على ما قبلهما. أم الجزم فلا يستلزم سبك مصدر. 2 عجز بيت من الوافر، لعمرو بن الإطنابة الخررجي؛ والإطنابة: اسم أمه، واسم أبيه: زيد بن مناة، وصدره. وقولي كلما جشأت وجاشت اللغة والإعراب: جشأت: ثارت ونهضت من فزع أو حزن ونحوهما، والضمير للنفس جاشت: فزعت وغلت من حملها الأثقال كما تغلي القدر. تحمدي: يحمدك الناس: "وقولي": والواو عاطفة، وقولي مبتدأ معطوف على همتي قوله قبل: أبت لي همتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح وإقحامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح "كلما" ظرف زمان متعلق بقولي منصوب، و"ما" حرف مصدري، "جشأت" الجملة صلة "ما". "مكانك" اسم فعل أمر بمعنى اثبتي والفاعل أنت، والكاف حرف خطاب، أو اسم مضاف إليه باعتبار ما قبل النقل، والجملة مقول القول خبر المبتدأ، "تحمدي" فعل مضارع مجزوم في جواب الطلب "أو تستريحي" معطوف على تحمدي. المعنى: أن همتي وشجاعتي جعلتني أقول لنفسي: كلما، فزعت وضجرت من مشقات الحرب اثبتي تحمدي بالصبر والشجاعة والاحتمال، أو تستريحي من عناء الدنيا بالقبل في موطن الشرف والفخار. الشاهد: في "تحمدي"؛ حيث جزم بحذف النون لوقوعه في جواب اسم الفعل الأمر؛ لدلالته على الطلب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 وقولهم: "اتقى الله امرؤ فعل خيرًا يثب عليه"؛ أي: ليتق الله وليفعل1. وألحق الفراء الترجي بالتمني2 بدليل قراءة حفص: {فَأَطَّلِعَ} بالنصب3.   1 جزم "يثب" لأن "اتقى" و"فعل" وإن كانا فعلين ظاهرهما الخبر، إلا أن المراد بهما الطلب. وفي جزم المضارع في جواب الأمر يقول الناظم في تعبير مجمل غير واف: والأمر إن كان بغير "افعل" فلا تنصب جوابه وجزمه اقبلا* أي: إن الأمر -وهو من أنواع الطلب- إن كان مدلولا عليه بغير صيغته الصريحة، وهي صيغة "افعل"؛ بأن كان مدلولا عليه باسم فعل، أو بلفظ الخبر -لم يجز نصبه بعد الفاء؛ لأنها لا تعتبر سببية, ويصح جزمه في جواب هذا الأمر عند سقوط الفاء. 2 أي: في نصب الفعل المقرون بالفاء بعده بأن مضمرة وجوبًا، وإذا سقطت هذه الفاء، صار المضارع -على هذا- جوابًا للترجي مجزوما؛ نحو: لعلك تحفظ حق النعمة يدمها الله عليك. 3 أي: في جواب قوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ, أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ} [سورة غافر الآية: 37] وإلى هذا يشير الناظم بقوله: والفعل بعد الفاء في الرجا نصب ... كنصب ما إلى التمني ينتسب* أي: إن الفعل المضارع الواقع بعد الفاء المسبوقة بالرجاء، ينصب كما ينصب المضارع الواقع بعد التمني؛ على اعتبار الفاء سببية في كل منهما، ولم يذكر الناظم حكم المضارع إذا سقطت الفاء، وقد بيناه. هذا: والتمني الذي أداته "لو" كالنفي؛ لا يجزم المضارع في جوابه عند سقوط الفاء.   * "والأمر" مبتدأ، والمقصود به الطلب، "إن كان" شرط وفعله، واسم كان مستتر فيها، "بغير افعل" بغير متعلق بمحذوف خبرها، وافعل مضاف إليه، "فلا تنصب" الفاء واقعة في جواب الشرط. تنصب "فعل مضارع مجزوم بلا الناهية. "جوابه" جواب مفعول تنصب والهاء مضاف إليه، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ. "وجزمه" الواو عاطفة أو للاستئناف، وجزمه مفعول اقبلا مقدم "اقبلا" فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المنقلبة ألفا للوقف. * "والفعل" مبتدأ. "بعد الفاء" بعد ظرف في موضع الحال من نائب فاعل نصب والفاء مضاف إليه. "في الرجا"= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 فصل: وينصب بـ"أن" مضمرة جوازًا بعد خمسة أيضًا1. أحدها: اللام؛ إذا لم يسبقها كون، ناقص، ماضي، منفي، ولم يقترن الفعل بـ"لا"، نحو: {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ، {وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} 2، فإن سبقت بالكون المذكور،؛ وجب إضمار "أن" كما مر. وإن قرن الفعل بـ"لا" نافية أو مؤكدة وجب إظهارها3؛ نحو: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} ، {لأَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} 4.   1 أي: بعد خمسة أحرف، ويمكن إجمال ذلك في موضعين: أولهما: أن يسبقها لام الجر غير المسبوقة بكون منفي، ويقع بعدها المضارع مباشرة من غير أن تفصله "لا" النافية أو الزائدة. وهذا هو الذي بينه المصنف بقوله: أحدها. 2 أضمرت النون في {لِنُسْلِمَ} وأظهرت في {أَنْ أَكُونَ} ، وهذا الذي ذكره المصنف مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن الناصب هو اللام؛ وجوزوا إظهار أن بعدها للتوكيد، [سورة الأنعام: 71] , [سورة الزمر: 12] . 3 أي: لئلا يتوالي مثلان من غير إدغام. 4 أدغمت النون في "لا" النافية في الآية الأولى: [سورة البقرة: 15] وفي "لا" المؤكدة في الآية الثانية: [سورة الحديد: 29] . وفيما تقدم يقول الناظم: وبين "لا" ولام جر التزم "لا" فأن ... إظهار "أنْ" ناصبة وإن عدم =   = -بالقصر- متعلق بنصب الواقع خبرًا للمبتدأ "كنصب" متعلق بمحذوف نعت لمصدر محذوف أي: نصب نصبًا كنصب، أو حال من مرفوع نصب. "ما" اسم موصول مضاف إليه واقع على الفعل بعد الفاء. "إلى التمني" متعلق بينتسب الواقع صلة لما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 والأربعة الباقية: "أو"، و"الواو"، و"الفاء"، و"ثم"؛ إذا كان العطف على اسم ليس في تأويل الفعل1 نحو: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} في قراءة غير نافع بالنصب. عطفًا على {وَحْيًا} 2. وقوله: ولبس عباءة وتقر عيني3.   = "لا" اعمل مظهرًا أو مضمرًا ... ... ... ... ... ... ... ... * أي: يلزم إظهار "أن" الناصبة للمضارع؛ إذا وقعت متوسطة بين "لا" بنوعيها ولام الجر، وإن عدمت "لا" فأعمل "أن" مظهرة أو مضمرة. 1 هذا هو الموضع الثاني الذي ذكره المصنف بقوله: والأربعة الباقية وهو: أن تقع "أن" بعد حرف عطف من حروف أربعة؛ هي: الواو، والفاء، وثم، وأو؛ بشرط أن يكون المعطوف عليه اسما مذكورًا ليس في تأويل الفعل؛ أي: يكون جامدًا محضا، سواء كان مصدرًا صريحا أم غير مصدر. ويشترط أيضًا: ألا يدل حرف من هذه الحروف على معنى يوجب إضمار "أن"؛ كالسببية مع "الفاء"، والمعية مع "الواو"، "ثم"، والاستثناء مع "إلا". 2 "يرسل" مضارع منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد "أو"؛ وهو في تأويل مصدر منصوب معطوف على "وحيا" والتقدير: إلا وحيا أو إرسالا. والاستثناء منقطع؛ لأن الوحي والإرسال ليسا تكليما. وقيل: هو استثناء مفرغ من الأحوال؛ أي: ما يوجد تكليم الله بشرًا في حال ما، إلا حال كونه موحى إليه، أي: ملهما له كأم موسى أو مسمعا له من وراء حجاب كموسى، أو مرسلا إليه كباقي الأنبياء، فهي أحوال من الفعول، ويجوز أن تكون من الفاعل؛ أي: موحيا؛ أو مكلما، أو مرسلا. و"كان" تامة "لبشر" متعلق بها، "أن يكلمه" المصدر المنسبك فاعل أو ناقصة و"وحيا" خبرها، أي: ما كان تكليم الله بشرًا إلا إيحاء. 3 صدر بيت من الوافر، وقد استشهد به سيبويه ولم ينسبه. ونسبه بعضهم إلى "ميسون".=   * "وبين لا" بين ظرف متعلق بالتزم, أو بإظهار ولا مضاف إليه "ولام جر" معطوف على لا "إظهار أن" إظهار نائب فاعل التزم وأن مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله "ناصبة" حال من أن. "لا" نائب فاعل عدم الواقع فعلا للشرط "فأن" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"أن" مفعول مقدم لا عمل "مظهرًا أو مضمرًا" بصيغة اسم الفاعل, حالان من فاعل اعمل، بصيغة اسم المفعول, حالان من أن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 وقوله: لولا توقع معتر فأرضيه1   = بنت بحدل الكلابية؛ وكانت امرأة من أهل البادية فتزوجها معاوية، ونقلها إلى الحاضرة, وهي أم ولده يزيد؛ ثم تسرى عليها فضاقت نفسها؛ فقال لها: أنت في ملك عظيم وكنت قبلا تلبسين العباءة. فأنشأت قصيدة تحن فيها إلى أهلها وإلى حالتها الأولى؛ ومنها هذا البيت. وعجزه: أحب إلي من لبس الشفوف اللغة والإعراب: عباءة: كساء معروف لا يلبسه أهل الحضر غالبا، تقر: تسر، يقال: قرت عينه، إذا بردت وانقطع بكاؤها، أو رأت ما كانت متشوقة إليه. الشفوف: جمع شف، وهو الثوب الرقيق الذي لا يحجب ما وراءه، "ولبس" الواو عاطفة، و"لبس" مبتدأ "عباءة" مضاف إليه، وهو معطوف على قوله قبله: لبيت تخفق الأرواح فيه ... أحب إلي من قصر منيف "وتقر" الواو للعطف "تقر" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة، جوازًا بعد الواو و"عيني" فاعل تقر "أحب" خبر المبتدأ. المعنى: ولبس كساء غليظ من صوف مع سروري وفرحي، أحب إلى نفسي من لبس الثياب الرفيعة القيمة, مع استيلاء الهموم والأحزان علي. الشاهد: نصب "تقر" بأن مضمرة جوازا بعد الواو، وهي مسبوقة باسم خالص من التقدير بالفعل, وهو "لبس" وأن والفعل في تأويل مصدر معطوف على لبس. 1 صدر بيت من البسيط، لم أقف على قائله، وعجزه: ما كنت أوثر إترابا على ترب اللغة والإعراب: توقع: ترقب وانتظار. معتر: هو الفقير؛ أو الذي يتعرض للمعروف من غير أن يسأل بلسانه، إترابا: مصدر أترب الرجل, إذا كثرت أمواله وصارت كالتراب، أو قلت؛ فهو من الأضداد؛ والمراد الأول. أما ترب، فمعناه افتقر. ترب: فقر. لولا حرف امتناع لوجود. "توقع" مبتدأ، محذوف وجوبا. "معتر" مضاف إليه "فأرضيه" الفاء عاطفة، وأرضى فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد الفاء، "ما" نافية. "كنت" كان واسمها. "أوثر إترابا" الجملة خبر. "كنت"، وجملة "ما كنت" جواب لولا.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 وقوله: إني وقتلي سليكا ثم أعقله1 وتقول: الطائر فيغضب زيد الذباب بالرفع وجوبًا؛ لأن الاسم في تأويل الفعل؛   = المعنى: لولا انتظار السائلين وذي الحاجات لمساعدتهم وسد عوزهم، ما آثرت الغنى على الفقر. وقرأه البعض: أترابًا، جمع ترب، وهو المساوي في العمر والسن، ويكون المعنى ما كنت أوثر أحدا على أترابي بالعطاء والبذل، أو ذلك كناية عن تركه وطنه وأترابه، والضرب في الأرض ابتغاء الثراء، ليصير ملجأ للمحتاجين والسائلين. الشاهد: نصب الفعل "أرضيه" بعد الفاء العاطفة بأن مضمرة جوازًا، على اسم خالص ليس في تأويل الفعل، وهو "توقع". 1 صدر بيت من البسيط، لأنس بن مدركة الخثعمي، وعجزه: كالثور يضرب لما عافت البقر اللغة والإعراب: سليك: اسم رجل، وأمه تسمى "سلكة"، وقد اشتهر بها فيقال: سليك بن سلكة. وهو عداء مشهور، يقال: إنه يسبق الخيل ويلحق الظباء. أعقله: أدفع ديته. وسميت الدية "عقل" لأنهم كانوا يعقلونها؛ أي: يربطونها بجوار القتيل، وكانت من الإبل. الثور: هو فحل البقر، وقيل: هو ما يعلو وجه الماء من طحلب ونحوه فتعافه الوراد: "إني" إن واسمها. "وقتلي" الواو للمعية، وقتلي مفعول معه وهو مصدر مضاف لفاعله "سليكا" مفعول "ثم" حرف عطف "كالثور" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن "يضرب" الجملة حال من الثور "لما" ظرف بمعنى حين، أو حرف ربط. وجملة عافت في محل جر بإضافة لما. المعنى: كان سليك قد مر بامرأة من خثعم فوجدها وحدها فوقع عليها، فقتله الشاعر حمية ودفع ديته، فهو يقول: إني حين قتلت سليكًا ودفعت ديته، فألحقت بمالي الضرر لنفع غيري؛ كالثور الذي يضرب لتشرب البقر؛ وذلك أن البقر إذا امتنعت عن الشرب لا تضرب؛ لأنها ذات لبن فيخاف عليها، فيضرب الثور. الشاهد: نصب "أعقله" بعد ثم العاطفة، بأن مضمرة جوازًا، وقد عطفت فعلا على اسم صريح في الاسمية ليس في تقدير الفعل, وهو "قتلي". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 أي: الذي يطير1. ولا ينصب بـ"أن" مضمرة في غير هذه المواضع العشرة2؛ إلا شاذا، كقول بعضهم: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"3، وقول آخر: "خذ اللص قبل يأخذك"4.   1 ذلك لأنه صلة "لأل" وصلتها في تأويل الفعل، و"أل" اسم موصول مرفوع بالابتداء، نقل إعرابها إلى ما بعدها؛ لأنها على صورة الحرف. "الذباب" خبر. "فيغضب" الفاء عاطفة، ويغضب فعل مضارع مرفوع، وزيد فاعل، والجملة معطوفة على صلة أل، ولا تحتاج لرابط لعطفها بالفاء. وفي الموضع الثاني من مواضع إضمار "أن" جوازًا، يقول الناظم: وإن على اسم خالص فعل عطف ... تنصبه "أن" ثابتًا أو منحذف* أي: إذا عطف المضارع على اسم خالص من رائحة الفعل -بأن يكون جامدًا- فانصبه "بأن" ثابتة في الكلام أو محذوفة. وقد أوضح المصنف ما يتصل بهذا من تفصيل. 2 يزاد عليها ما سيأتي في الجوازم؛ من جواز نصب الفعل المقرون بالفاء، أو الواو بعد الشرط أو الجزاء، فإنه ينصب بأن مضمرة وجوبًا، وإذا دخلت الفاء على مضارع مسبوق بإنما للحصر، نحو: إنما أنت المسافر فتنتفع، جاز نصب المضارع، على اعتبار الفاء السببية وتزيل الحصر منزلة الطلب, وعدم نصبه على اعتبارها غير سببية، ومثله قوله تعالى: "فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونَ" في قراءة من نصب "فيكون". 3 "تسمع" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة شذوذًا؛ والمصدر المنسبك مبتدأ؛ أي: سماعك، "خير" خبر، ويروى برفع "تسمع"، وهو مثل عربي يضرب لمن اشتهر وذاع صيته، وتزدري مرآته. قيل: إن أول من قاله، المنذر بن ماء السماء. 4 ليس في هذا المثال ذكر "أن" المصدرية مع فعل آخر غير المنصوب بها مضمرة، وهو "يأخذك".   * "وإن" شرطية. "على اسم" جار ومجرور متعلق بعطف الواقع فعلا للشرط. "خالص" نعت لاسم. "فعل" نائب فاعل لفعل محذوف يفسره عطف. "تنصبه" فعل مضارع جواب الشرط والهاء مفعوله. "أن" فاعله قصد لفظه. "ثابتا" حال من أن. "أو منحذف" معطوف على ثابتًا، وسكن على لغة ربيعة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 وقراءة بعضهم: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} 1. فصل: وجازم الفعل نوعان: جازم لفعل واحد، وهو أربعة:   1 أي: ينصب "يدمغه" بأن مضمرة شذوذًا، [سورة الأنبياء الآية: 18] ، وكذلك "يأخذك" قبله. ومن الخير الاقتصار على السماع في هذا النوع، وإليه أشار الناظم بقوله: وشذ حذف "أنْ" ونصب في سوى ... ما مر فاقبل منه ما عدل روى* أي: إن حذف "أن" مع عملها النصب في المضارع بعد حذفها في غير المواضع السالفة. أمر شاذ يحفظ ولا يقاس عليه. وما روي منه على لسان الراوي العدل يقبل منصوبًا كما روي.   * "حذف" فاعل شذ. "أن" مضاف إليه مقصود لفظه. "ونصب" معطوف على حذف "سوى" متعلق بنصب. "ما" اسم موصول مضاف إليه "مر" الجملة صلة "ما" الثانية مفعول اقبل. "عدل" مبتدأ، وجملة "روى" خبره وجملة المبتدأ والخبر صلة ما والعائد محذوف؛ أي: رواه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 الجوازم التي تجزم فعلا واحدا ... فصل الجوازم التي تجرم فعلا واحدا: "لا" الطلبية1؛ نهيا كانت؛ نحو: {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} ، أو دعاء؛ نحو: {لَا تُؤَاخِذْنَا} . وجزمها فعلي المتكلم مبنيين للفاعل، نادر2 كقوله: لا أعرفن ربربا حورًا مدامعها3،   1 هي التي يطلب بها الكف عن شيء وعدم فعله؛ فإن كان الطلب من أعلى لأدني -سميت "لا" الناهية، وإن كان من أدنى لأعلى- سميت لا "الدعائية" كما مثل المصنف. وإن كان من مساويك، سميت "لا" التي للالتماس؛ كأن تقول لمساويك: لا تفعل كذا. وخرجت "لا" النافية والزائدة. 2 لأن أمر الشخص ونهيه لنفسه، غير مألوف، ومخالف للواقع، أما جزمها فعلي المتكلم المبنيين للمفعول فكثير، وستأتي الإشارة إلى ذلك. 3 صدر بيت من البسيط -للنابغة الذبياني؛ يخوف بني فزارة من النعمان من الحارث الغساني ويحذرهم بأسهن؛ وكانوا قد نزلوا أرضا يحميها. وعجزه. مردفات على أعقاب أكوار = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 وقوله: إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد1.   = اللغة والإعراب: ربربا: اسم للقطيع من بقر الوحش أو الظباء؛ وقد شبه به الجماعة من النساء في حسن عيونهن وهدوئهن. حورًا: جمع حوراء, من الحور وهو: شدة سواد العين مع شدة بياضها. مدامعها: جمع مدمع اسم مكان، والمراد العيون؛ لأنه أماكن الدمع؛ من إطلاق الحال وإرادة المحل. مردفات: مركبات خلف الراكبين، كل واحدة رديف لرابك. أكوار: جمع كور، وهو الرحل بأداته، أعقاب: جمع عقب، وهو المؤخر من كل شيد. "لا" ناهية "أعرفن" فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد في محل جزم بلا، والفاعل أنا. ويجوز جعل "لا" نافية "ربربا" مفعول أعرفن. "حورا" صفة لها. "مدامعها" مرفوع بحورا والهاء مضاف إليه. "مردفات" حال من "ربربا" أو صفة ثانية "على أعقاب" جار ومجرور متعلق بمردفات. "أكوار" مضاف إليه. المعنى: لا يكن نساء جميلات. تشبه الغزلان أو بقر الوحش في الرشاقة وخفة الحركة وحور العين فأعرفها، قد ركبن خلف الراكبيبن على مؤخر الرحل فأقيم المسبب مقام السبب، وكانت عادة العرب أن يجعلوا النساء المسبيات مردفات خلف من استباهن. وفي كتاب سيبويه: أن عجز البيت: كأن أبكارها نعاج دوار والأبكار: صفار بقر الوحش؛ وأراد بها الجواري من النساء، والنعاج: جمع نعجة وهي البقرة الوحشية، ودوار: ما استدار من الرمل يدور حوله الوحش. يريد: لا تقيموا بهذا المكان فأعرف نساءكم مسبيات. الشاهد: في "لا أعرفن" فإن "لا" ناهية والمضارع المجزوم بها محلا للمتكلم، وهو مبني للمعلوم، وذلك شاذ. 1 صدر بيت من الطويل، للوليد بن عقبة يعرض بمعاوية. ونسبه ابن هشام في مغنى اللبيب إلى الفرزدق وعجزه: لها أبدًا ما دام فيها الجراضم اللغة والإعراب: الجراضم: الكبير البطن الكثير الأكل، وكان معاوية معروفًا بذلك. "إذا" شرطية و"ما" زائدة. "خرجنا" فعل الشرط. "فلا" الفاء واقعة في جواب الشرط. "لا" ناهية أو دعائية. "نعد" فعل مضارع مجزوم بلا. "لها" جار ومجرور متعلق بنعد. "أبدًا" ظرف زمان كذلك "ما" مصدرية ظرفية. "فيها" خبر دام مقدم. "الجراضم" اسمها مؤخر. المعنى: واضح. الشاهد: في قوله: "فلا نعد" حيث جزم فعل المتكلم المبني للمعلوم بلا الناهية أو الدعائية على قول، وذلك قليل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 ويكثر: لا أخرج ولا تخرج؛ لأن المنهي غير المتكلم1. و"اللام" الطلبية2؛ أمرًا كانت، نحو: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ} ، أو دعاء؛ نحو: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} . وجزمها فعلي المتكلم مبنيين للفاعل قليل، نحو: "قوموا فلأصل لكم" 3. و {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} . وأقل منه جزمها فعل الفاعل المخاطب4، نحو: {فَبِذَلِكَ   1 هو الفاعل المحذوف النائب عنه ضمير المتكلم, والأصل: لا يخرجني، ولا يخرجنا أحد بالبناء للمعلوم، فلما حذف الفاعل بني الفعل للمجهول. ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمي. يا حار لا أرمين منكم بداهية ... لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك 2 يقال فيها ما قيل في "لا" وحركتها الكسر، وفتحها لغة سليم. وتسكن بعد الفاء والواو كثيرًا، وتحريكها بعد "ثم" حسن. وقد تحذف ويبقي عملها، وكذلك يصح حذف مضارعها إذا دل على ذلك دليل، وإنما تجزم المضارع بشرط ألا يفصل بينهما فاصل؛ إلا في ضرورة الشعر. 3 أي: لأجلكم، وهو أمر لهم بالاهتمام به ولكنه أضافه إلى نفسه لارتباط فعلهم بفعله، والفاء لعطف جملة طلبية على مثلها، و"أصل" مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف الياء "لكم" اللام للتعدية؛ لأن الصلاة بمعنى الدعاء. وهذا الحديث عن أنس بن مالك؛ فقد روي أن جدته مليكة دعت الرسول لطعام صنعته له، فأكل منه ثم قال: "قوموا فلأصل لكم"، وتقدم النبي وخلفه أنس واليتيم، وقامت العجوز من روائهما، فصلى ركعتين ثم انصرف. 4 أما جزمها المبني للمفعول -متكلما أو مخاطبا- فكثير، نحو لأكرم، ولتكرم يا محمد؛ لأن الأمر فيهما للغائب كما سبق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 فَلْتفْرَحُوا} في قراءة. ونحو: "لتأخذوا مصافكم" 1. والأكثر الاستغناء عن هذا بفعل الأمر2. و"لم"، و"لمَّا"3 ويشتركان في الحرفية، والنفي، والجزم، والقلب للمضي4. وتنفرد "لم" بمصاحبة الشرط5؛ نحو: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} وبجواز انقطاع نفي منفيها6؛ ومن ثمَّا جاز: لم يكن ثم كان، ...... ... ...   1 هذا حديث للرسول، وفي مسلم عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله يقول: "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم". 2 ذكر الزجاج: أن جزم الفعل المخاطب بلام الأمر لغة جيدة، وقد ورد في الحديث فيقبل قوله. 3 تختلف "لما" الجازمة عن "لما" الظرفية التي بمعنى "حين" أو "إذ" والتي كثيرًا ما تدخل على الماضي نحو قوله تعالى: {فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} وكذلك تختلف عن "لما" بمعنى إلا، التي لا تدخل غالبًا إلا على الجمل الاسمية؛ نحو: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} أو على الماضي لفظًا لا معنى؛ نحو: أنشدك الله لما فعلت كذا. 4 فيكون الفعل مضارعًا في صورته وإعرابه، ولكن زمنه ماض -ويختصان كذلك بالمضارع، وبجواز دخول همزة الاستفهام- ولا سيما التقريري. عليها، مع بقائهما على عملهما؛ نحو: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} ، ألما تترك للهو وقد شبت؟. 5 أي: يجوز دخول بعض أدوات الشرط عليها مثل: إن، إذا، لو، من .... إلخ, وإذا دخلت عليها أداة الشرط, تجرد المضارع بعدها للمستقبل, وبطل تأثيرها في قلب زمنه للماضي. ويكون عمل الجزم في هذه الحالة للشرط لسبقه. وتقتصر "لم" على إفادة النفي دون الجزم، وقيل: إن "لم" هي الجازمة لاتصالها بالفعل مباشرة وأدوات الشرط مهملة. 6 أي: جواز أن يكون معنى المضارع المنفي بها قد انتهى وانقطع قبل زمن التكلم، نحو: {لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} لأن معناه: ثم كان بعد ذلك. ويجوز أن يكون مستمرا متصلا بالحال ووقت التكلم ولا ينقطع، نحو قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ, وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْوًا أَحَدٌ} . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 وامتنع في لمّا1. وتنفرد "لمّا" بجواز حذف مجزومها2، كـ"قاربت المدينة ولمّا"؛ أي: ولما أدخلها. فأما قوله: يوم الأعازب إن وصلت وإن لم3 فضرورة، وبتوقع ثبوته4؛ نحو: {لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} ، {وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ} .   1 لأنه يجب اتصال نفي منفيها بحال النطق كما سيأتي. وزعم بعضهم: أن بعض العرب قد ينصب المضارع بـ"لم"، وبعضهم يهملها فلا تنصب ولا تجزم، والحق عدم الاعتداد بمثل ذلك، وتأويل ما سمع منه. 2 أي: اختيارًا في النثر والشعر لدليل، والوقوف عليها بعد حذفه. 3 عجز بيت من الكامل، لإبراهيم بن هرمة القرشي، وهو آخر الشعراء الذين يحتج بشعرهم، وقد مات في خلافة الرشيد، وهرمة، جده الأعلى، ولكنه اشتهر به. وصدره: احفظ وديعتك التي استودعتها اللغة والإعراب: يوم الأعارب، وقيل الأغارب: يوم معهود من أيام العرب، "وديعتك" وديعة مفعول احفظ، والكاف مضاف إليه "التي" اسم موصول نعت للوديعة "استودعتها" استودع فعل ماض مبني للمجهول، والتاء نائب فاعل وهي مفعوله الأول، "إن" شرطية "وصلت" فعل الشرط، روي بالبناء للمجهول والمعلوم. وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، "وإن" الواو عاطفة، وإن حرف شرط جازم "لم" جازمة أو نافية لا غير على الخلاف المتقدم. المعنى: واضح. الشاهد: حذف المجزوم بـ"لم" لضرورة؛ لأن المعنى: وإن لم تصل. 4 أي: ثبوت منفيها ووقوعه في الغالب على الوجه الخالي من النفي ومن غير الغالب: ندم إبليس ولما ينفعه الندم، واستشفع المحكوم عليه بالقتل قصاصًا ولما تنفعه شفاعته، وتنفرد "لمّا" كذلك بوجوب امتداد الزمن المنفي بها إلى الزمن الحالي، امتدادًا يشملهما معًا، وبأن الزمن المنفي بها قصير غالبًا، أو أن أوله في الغالب ليس بعيدًا عن آخره المتصل بالحال؛ بخلاف الزمن الماضي المنفي بالحرف "لم" فإنه طويل في الغالب، والطول والقصر يرجعان إلى العرف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 فِي قُلُوبِكُمْ} 1؛ ومن ثم امتنع: لمّا يجتمع الضدان2.   1 أي: إلى الآن ما ذاقوه وسوف يذوقونه. [سورة ص الآية: 8] . وإلى الآن ما دخل الإيمان في قلوبكم وسوف يدخل، [الحجرات الآية: 14] . 2 لاستحالة دخولهما، وتوقع المستحيل محال، وإلى الجوازم الأربعة المتقدمة، يشير ابن مالك بقوله: "بلا ولام" طالبا ضع جزما ... في الفعل هكذا "بلم ولما"* أي: اجزم الفعل المضارع بلا، واللام؛ إن كنت طالبا بهما؛ أي: إذا استعملتهما أداتي طلب. وكذلك اجزمه بلم ولما. هذا: زعم بعضهم أن "لم" قد تنصب المضارع في لغة، واستشهد بقول الراجز: في أي يومي من الموت أفر ... أيوم لم يقدر أم يوم قدر الحق خلافه، وحمل البيت على أن الفعل مؤكد بالنون الخفيفة المحذوفة. أو أن فتحة الراء لاتباع الفتحة قبلها أو بعدها.   * "بلا" جار مجرور متعلق بضع "ولام" عطف عليه "طالبا" حال من فاعل ضع المستتر "جزما" مفعول ضع في الفعل، متعلق بضع "هكذا بلم" جاران ومجروران متعلقان بمحذوف دل عليه ضع "ولما" عطف على لم.. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 الجوازم التي تجزم فعلينـ، وأنواعها: وجازم لفعلين وهو أربعة أنواع: حرف باتفاق، وهو: "إنْ" وحرف على الأصح، وهو: "إذ ما" واسم باتفاق، وهو "من، وما ومتى، وأي، وأين، وأيان، وأنى، وحيثما". واسم على الأصح وهو: مهما1".   1 أما "إذا" و"كيفما" و"لو" فالصحيح أنها أدوات غير جازمة، وإلى هذا القسم من الجوازم، أشار الناظم بقوله: واجزم بإنْ، ومن، وما، ومهما ... أي، متى، أيان، أين، إذ ما وحيثما أنى وحرف "إذ ما" ... كإن وباقي الأدوات أسما* وكل الأدوات التي تجزم فعلين لا تدخل إلا على الفعل ظاهرًا أو مقدرًا، ولا تدخل على اسم، ولها الصدارة في جملتها، ولا يصح حذفها على القول الصحيح. ومنها ما لا يجزم إلا مقترنا بما، وهو: حيث، وكيف. وما لا تلحقه "ما" وهو: من، ما، مهمها، أنى، وما يجوز فيه الأمران، وهو: إن، أي، متى، أين، أيان.   * "بإن" متعلق باجزم، وما بعدها معطوف عليها باسقاط العاطف في بعضها. "وحرف" خبر مقدم "إذ ما" مبتدأ مؤخر قصد لفظه "كإن" متعلق بمحذوف نعت لحرف "وباقي الأدوات" مبتدأ ومضاف إليه. "أسما" خبر المبتدأ وقصر للضرورة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 وكل منهن يقتضي فعلين: يسمى أولهما شرطًا، وثانيهما جوابًا وجزاء1. ويكونان مضارعين2، نحو: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} وماضيين3؛ نحو: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} . وماضيا فمضارعًا؛ نحو: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ} .   1 وجملة الشرط لا تكون إلا فعلية، أما جملة الجواب فتكون فعلية واسمية كما سيأتي وإنما علمت هذه الأدوات في شيئين، لإفادتها ربط الثاني بالأول، فكأنهما شيء واحد، وسمي الأول شرطًا؛ لأن المتكلم يعتبر تحقيق مدلوله شرطًا لتحقق مدلول الجواب الثاني جوابًا وجزاء، لترتبه على الأول ولزومه له، هذا: وبعض هذه الأدوات يأتي للاستفهام؛ كمتى في قوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} فقد أفادت مع الاستفهام التمني، ولا يقع بعدها الفعل، بل الاسم الذي يعرب مبتدأ، و"أيان" في قوله سبحانه: {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} . و"أين" في قوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي} و "أنى" في قوله: {ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} و"أي" في قوله: {فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ} . 2 ويجزم لفظ المعرب، أما المبني فيجزم محله. 3 يجزم الماضي محلا؛ لأن لفظه لا يجزم، وإنما يكون في محل جزم، ومعناه ينقلب إلى الاستقبال؛ لأن أدوات الشرط الجازمة تجعل زمن شرطها وجوابها مستقبلا خالصًا، وما ورد مما فيه معنى الشرط الجازمة تجعل زمن شرطها وجوابها مستقبلا خالصًا، وما ورد مما فيه معنى الشرط أو الجواب، أو هما معًا، واقعًا في الماضي فمؤول؛ نحو قوله تعالى: {إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} ، {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ} ، {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ} ، أي: إن يتبين في المستقبل أن قتله في الماضي، فأنا أعلم أنك قد علمته ... وهكذا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 وعكسه وهو قليل؛ نحو: "من يقم ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له" 1، ومنه: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ} ؛ لأن تابع الجواب جواب2. ورد الناظم بهذين البيتين ونحوهما على الأكثرين؛ إذ خصوا هذا النوع بالضرورة3، ورفع الجواب المسبوق بماض أو بمضارع منفي بلم قوي4 كقوله:   1 حديث نبوي، ومعنى إيمانًا: تصديقا بأنها حق وطاعة. واحتسابًا: أي طلبًا لرضاء الله وثوابه، لا للرياء ونحوه، ومثل هذا: قول عائشة عن أبيها؛ وهي تحدث الرسول حين قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس": إن أبا بكر أسيف وإنه متى يقم مقامك رق قلبه. "الأسيف: السريع الحزن الرقيق القلب". 2 "فظلت" ماض، وهو معطوف على الجواب وهو "تنزل" فيكون جوابًا، وفي عمل تلك الأدوات وما يليها يقول الناظم: فعلين يقتضين: شرط قدما ... يتلو الجزاء، وجوابًا وسما وماضيين أو مضارعين ... تلفيهما أو متخالفين* أي: إن هذه الأدوات المذكورة قبل، تقتضين فعلين؛ المقدم منهما يسمى شرطًا، ويتلوه الجزاء، ويسمى الجواب, وهذان الفعلان يكونان ماضيين أو مضارعين، أو مختلفين على النحو الذي بينه المصنف. 3 حجتهم، أننا إذا أعملنا الأداة في لفظ الشرط ثم جئنا بالجواب ماضيًا كنا قد هيأنا العامل للعمل ثم قطعناه عنه، وذلك غير مستساغ، والحق ما ذهب إليه الناظم؛ لورود الأمثلة الكثيرة التي تؤيده. 4 لأن الأداة لما لم يظهر أثرها في الشرط لكونه ماضيًا، أو مجزومًا بغيرها وهو "لم" ضعفت=   * "فعلين" مفعول يقتضين مقدم، ونون النسوة في يقتضين فاعله، وهي عائدة على الأدوات السابقة. "شرط" مبتدأ وسوغ الابتداء به -وهو نكرة- وقوعه موقع التفصيل أو خبر محذوف؛ أي: أحدهما، "قدما" فعل ماض للمجهول، والجملة خبر أو صفة والألف للإطلاق، "الجزاء" فاعل يتلو، والجملة مستأنفة، أو خبر ثان لشرط. "جوابًا" مفعول وسما الثاني، ونائب فاعله العائد إلى الجزاء هو المفعول الأول. * "وماضيين" مفعول ثان لتلفيهما مقدم. "أو مضارعين" معطوف عليه "تلفيهما" تلفي مضارع ألفى، والضمير البارز مفعوله الأول، "أو متخالفين" معطوف على مضارعين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 وإن أتاه خليل يوم مسبغة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم1 ونحو: إن لم تقم أقوم. ورفع الجواب في غير ذلك ضعيف، كقوله:   = عن العمل في الجزاء فحسن رفعه، كما قال الناظم: وبعد ماض رفعك الجزاء حسن ... ورفعه بعد مضارع وهن* أي: إذا كان الشرط ماضيًا والجزاء مضارعا، جاز جزم الجزاء ورفعه، وكلاهما حسن. والجزم أحسن. وإن كان الشرط مضارعًا والجزاء مثله وجب الجزم. ورفع الجزاء ضعيف. والرفع عند الكوفيين والمبرد بتقدير الفاء؛ فيكون الفعل المرفوع وفاعله في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف مقترن بالفاء؛ أي: فهو يقول، والجملة الاسمية هي الجواب، وعند سيبويه: على تقدير حذف الجواب والمرفوع المذكور دليله. 1 بيت من البسيط. لزهير بن أبي سلمى، من قصيدة يمدح فيها هرم بن سنان، وهو من شواهد سيبويه. اللغة والإعراب: خليل، المراد هنا: الفقير ذو الحاجة، من الخلة، وهي الفقر والحاجة مسبغة: مجاعة، من سغب فلان، إذا اشتد به الجوع، حرم: ممنوع وحرام. "إن" شرطية. "أتاه خليل" الجملة فعل الشرط. "يوم" ظرف زمان متعلق بأتى. و"مسبغة" مضاف إليه، "يقول" فعل مضارع جواب الشرط مرفوع. "لا" نافية. "غائب" مبتدأ. "مالي" فاعل بغائب سد مسد الخبر، أو غائب خبر مقدم، و"مالي" مبتدأ مؤخر مضاف إلى ياء المتكلم. المعنى: يصف هرمًا بالكرم والجود، وأنه لا يرد سائلا فيقول: إذا جاءه ذو حاجة قد أخذ منه الجوع لا يعتذر بضيق ماله وعدم استطاعته عن الحصول عليه، ولا يقول للسائل المحتاج: أنت ممنوع محروم. الشاهد: في "يقول" حيث رفع وهو جواب الشرط؛ لأن فعل الشرط ماض.   * "وبعد ماض" بعد ظرف بحسن وماض مضاف إليه "رفعك" رفع مبتدأ، وهو مصدر مضاف لفاعله. "والجزا" مفعوله، وقصر للضرورة. "حسن" خبر المبتدأ. "ورفعه" مبتدأ مضاف إلى مفعوله. "بعد مضارع" بعد ظرف متعلق بوهن ومضارع مضاف إليه، وجملة "وهن" خبر المبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... من يأتها لا يضيرها1 وعليه قراءة طلحة بن سيمان: "أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ"2.   1 هذا من شواهد سيبويه، وهو جزء من بيت من الطويل، لأبي ذؤيب الهذلي يخاطب بختيا من الإبل يحمل ميرة من قرية كثيرة الطعام، ويطلب منه التجلد والصبر على الحمل فوق الطاقة، والبيت بتمامه: فقلت تحمل فوق طوقك إنها ... مطبعة من يأتها لا يضيرها اللغة والإعراب: تحمل: أجهد نفسك وتكلف الحمل، طوقك: طاقتك وقدرتك مطبعة, أي: وضع عليها الطابع وهو الخاتم، والمراد: أنها مملوءة بالطعام؛ لأنه لا يختم على الشيء إلا إذا امتلأ وعاؤه. "من" شرطية مبتدأ. "يأيها" فعل الشرط مجزوم بحذف الياء، والفاعل يعود على من، و"ها" مفعول عائدة على القرية. "لا" نافية. "يضيرها" يضير فعل مضارع جواب الشرط مرفوع، وها مفعول، والجملة خبر المبتدأ. المعنى: احمل فوق ما تستطيع حمله من طعام هذه القرية؛ فإنها كثيرة الطعام لا يؤثر فيها ما ينتقص منها. الشاهد: في قوله: "لا يضيرها"؛ حيث رفع المضارع وهو جواب شرط غير ماض، ولا مضارع منفي بلم، وذلك ضعيف عند المؤلف تبعًا لجمهور النحاة، قال الناظم. ... ... ... ... ... ... ... ورفعه بعد مضارع وهن 2 أي: برفع "يدرككم"، وهي قراءة شاذة. ومن المفيد أن نذكر هنا في إجمال كيفية إعراب أسماء الشرط والاستفهام فنقول: 1- إذا وقعت الأداة بعد حرف جر أو مضاف فهي في محل جر بالحرف أو بالإضافة نحو: عمن تتعلم أتعلم؛ وكتاب من تقرأ أقرأ، وصفحة ما تكتب أكتب، ولا تكاد الأداة تجر في غير هاتين الحالتين. 2- وإذا كان الأداة ظرفا للزمان أو المكان فهي في محل نصب على الظرفية لفعل الشرط إن كان تاما؛ نحو: متى يقبل الصيف يشتد الحر. وللخبر إن كان ناسخا. نحو: أينما تكن تجد تقديرًا لإخلاصك؛ فأينما ظرف متعلق بمحذوف خبر "تكن" وأدوات هذا النوع هي: متى، وأيان؛ للزمان. وأين، وأنى، وحيثما،؛ للمكان؛ وأي مضافة إلى الزمان أو المكان، كل حسب الحالة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 فصل: وكل جواب يمتنع جعله شرطًا، فإن الفاء تجب فيه1.   3 وإن دلت الأداة على حدث محض، فهي مفعول مطلق لفعل الشرط. وأداة هذا النوع؛ "أي" مضافة للمصدر؛ نحو: أي عمل تقدم للوطن تجز به خيرًا. أما إذا دلت على ذات؛ فإن كان فعل الشرط لازمًا، فهي مبتدأ خبره فعل الشرط على الأصح، وتوقف الفائدة على الجواب، إنما هو من حيث التعلق، لا من حيث الخبرية، وقيل: الجواب هو الخبر، وقيل: هما؛ نحو: من يسافر أسافر معه. وكذلك إن كان متعديًا ومفعوله أجنبي منها؛ نحو: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} وإن كان متعديًا مسلطًا عليها فهي مفعوله؛ نحو: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} ؛ فإن سلط على ضميرها أو على ملابسه فاشتغال؛ نحو: من يكرمه محمد أكرمه، ومن يصاحب أخاه علي أصاحبه؛ فيجوز في "من" أن تكون مبتدأ، وأن تكون مفعولا لفعل محذوف يفسره فعل الشرط، وأدوات هذا النوع: من، وما، ومهما، وأي مضافة إلى اسم ذات. ويتبين مما تقدم: أن متى وأيان، بدلان على الزمان؛ فكلاهما ظرف زمان جازم. وأين، وأنى، وحيثما، تدل على المكان، ومن، وما، ومهما غير ظروف، أما "أي" فبحسب ما تضاف إليه؛ فإن أضيفت إلى زمان فزمان أو إلى مكان فمكان أو إلى غيرهما فغير ظرف. أما "إن" و"إذ ما" فلتعليق الجواب على الشرط تعليقًا مجردًا من غير دلالة على زمان أو مكان أو غيرهما، وتفيدان الشك والظن. كما أن "إذ" الشرطية تفيد الأمر المتقين غالبًا، و"كيفما" تدل على الحال. 1 أي: ليحصل بها الربط بين الشرط والجزاء؛ إذ بدونها لا يكون ربط؛ لعدم صلاحية الجواب لمباشرة الأداة. وهذه الفاء زائدة محضة ليست للعطف ولا للسببية ولا لغيرهما. ولا تفيد إلا مجرد الربط المعنوي بين جملة الحواب وجملة الشرط، وتعرب مع الجملة التي بعدها في محل جزم جواب الشرط، وخصت الفاء بذلك؛ لما فيها من معنى السببية والتعقيب، ولا شك أن الجزاء متسبب عن الشرط وعاقب له. وفي ذلك يقول الناظم: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 وذلك: الجملة الاسمية1؛ نحو: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، والطلبية2 نحو: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} . وقد اجتمعا في قوله: {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} 3. والتي فعلها جام نحو: {إِنْ تُرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا, فَعَسَى رَبِّي} 4.   واقرن بـ"فا" حتما جوابا لو جعل ... شرطًا لإنْ أو غيرها لم ينجعل أي: أقرن بالفاء حتما كل جواب، لو جعلته فعل شرط للأداة "إن" أو غيرها من أخواتها، لم ينجعل؛ أي: لم يصلح فعلا للشرط؛ لعدم انطباق الشروط عليه. 1 فإن جملة الشرط لا بد أن تكون فعلية كما أسلفنا، وفعلها وحده هو الشرط. 2 وتشمل: الأمر، والنهي، والدعاء ولو بصفة الخبر، والنفي والاستفهام، وإذا كانت أداة الاستفهام هي الهمزة وجب تقديمها على الفاء؛ نحو قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} فإن كانت الأداة غير الهمزة وجب تقديم الفاء؛ نحو: إن حضر محمد فهل تكرمه؟، أو فمن يكرمه؟ أو فأيكم يكرمه؟. 3 جملة: {فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} اسمية؛ لأن صدرها اسم وهو "من"، وطلبية لأن "من" استفهامية؛ وهي مبتدأ، و"ذا" اسم إشارة خبر، "والذي" نعت له أو بيان، "ينصركم" الجملة صلة، ويجوز أن تكون "ذا" ملغاة، و"الذي" هو الخبر والجملة في محل جزم جواب الشرط. [سورة آل عمران الآية: 160] . 4 "إن" شرطية. "ترني" فعل الشرط مجزوم بحذف الألف، والفاعل أنت، والنون للوقاية، والياء المحذوفة تخفيفًا مفعول أول. "أنا" توكيد لها. "أقل" مفعول ثان. "فعسى" الفاء واقعة في جواب الشرط؛ لأن الفعل جامد. [سورة الكهف الآية: 39] .   * "وبقاء" متعلق باقرن وقصر للضرورة. "حتما" حال بتأويل اسم الفاعل؛ أي: حاتما أو نعت لمصدر محذوف, أي: قرنا حتما. جوابًا مفعول اقرن. "لو" حرف شرط غير جازم. "جعل" فعل الشرط، ونائب الفاعل يعود إلى جواب وهو المفعول الأول. "شرطا" مفعوله الثاني. "لإن"متعلق بمحذوف صفة لشرطًا. "أو غيرها" غير معطوف على إن وهو مضاف إلى هاء "لم ينجعل" جواب الشرط وفاعل ينجعل يعود إلى جواب، وجملة لو وشرطها وجوابها في محل نصب صفة لجوابًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 أو مقرون بقد1 نحو: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ} . أو تنفيس؛ نحو: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ} . أو "لن"؛ نحو: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوه} . أو "ما"؛ نحو: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} . وقد تحذف في الضرورة كقوله: من يفعل الحسنات الله يشكرها2 وقوله: ومن لا يزل ينقاد للغي والصبا ... سيلفى على طول السلامة نادما3   1 لأن "قد" تقتضي وقوع فعل الشرط وتقريبه من الحال، وذلك ينافي ما يقتضيه فعل الشرط من احتمال الوقوع وعدمه، وأن زمنه مستقبل. [سورة يوسف الآية: 77] . 2 صدر بيت من البسيط، لعبد الرحمن بن سيدنا حسان بن ثابت، وقيل: لكعب بن مالك. وكلاهما أنصاري، وهو من شواهد سيبويه، وعجزه: والشر بالشر عند الله مثلان ويروى: ............ عند الله سيان. اللغة والإعراب: "من" اسم شرط جازم مبتدأ. "يفعل" فعل الشرط مجزوم، وحرك بالكسر للتخلص من الساكنين وفاعله يعود على من. "الحسنات" مفعوله، منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، "الله يشكرها" مبتدأ وخبر، والجملة جواب الشرط, وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ "من". المعنى: من يفعل الخير والمعروف يحظى برضاء الله وشكره, والجزاء المضاعف على هذا الخير، ومن يفعل الشر يجازى بمثله. الشاهد: في "الله يشكرها"؛ فإنها جملة اسمية وقد وقعت جوابا للشرط، وكان يجب أن تقرن بالفاء، ولكنها حذفت لضرورة الشعر. 3 بيت من الطويل لم نقف على قائله. اللغة والإعراب: ينقاد: يتبع ويميل. للغي، الغي: ضد الرشيد، الصبا: الصبوة. سيلفى:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 ويجوز أن تغني "إذا" الفجائية1 الفاء؛ إن كانت الأداة "إن"2 والجواب جملة   = سيوجد. "من" شرطية مبتدأ. "لا" نافية. "يزل" فعل مضارع ناقص، فعل الشرط واسمها يعود على من. "ينقاد" الجملة خبرها. "سيلفى" فعل مضارع ناقص، فعل الشرط، واسمها يعود على من. "ينقاد" الجملة خبرها "سيلفى" فعل مضارع للمجهول جواب الشرط مجزوم، ونائب فاعله مفعوله الأول "نادما" مفعوله الثاني، أو حال. المعنى: أن الشخص الذي يستسلم للشهوات والشرور ونزعات الصبوة؛ لا بد أن يندم على ذلك في يوم من الأيام، مهما طالت سلامته وسلم من عواقب فعله. الشاهد: في قوله: "سيلفى"، فإنه جواب الشرط. وفيه حرف التنفيس وهو السين ولم يقترن بالفاء للضرورة، ومن النادر الذي لا يقاس عليه قوله -عليه السلام- لأبي بن كعب في شأن اللقطة: " ..... فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها" وجواب الشرط الأول محذوف للعلم به. أي: فأدها إليه. وقد نظم بعض الفضلاء المواضع التي تجب فيها الفاء في بيت مشهور هو: اسمية طلبية وبجامد ... وبما ولن وبقد وبالتنفيس ومثل النفي بما ولن النفي بإن؛ غير أنه إذا كانت أداة الشرط "إذا" والنافي هو "إن" جاز مجيء الفاء وعدم مجيئها، وجعل بعض النحاة "ما" و"لا" النافيتين، مثل "إن" النافية. وزاد في المغني على المواضع المتقدمة: الجواب المقرون بحرف له الصدارة؛ كرب، وكأن: قال -تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} . المصدر بالقسم أو بأداة شرط نحو: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ} . 1 معناها: الدلالة على المفاجأة في الحال، ولا بد أن يسبقها كلام وهي بعد أداة الشرط لا تخلو من الدالة على تعقيب الجواب على الشرط. 2 مثلها "إذا" الشرطية عند بعض النحاة، مستدلين بقوله -تعالى- في المطر: {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} ، وقوله -سبحانه: {إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 اسمية غير طلبية1 نحو: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} .   1 وكذلك يشترط: أن تكون غير مسبوقة بنفي ولا بناسخ؛ فتتعين الفاء في نحو: إن يعص محمد والده فويل له، إن يعص فما له حظ في الآخرة؛ فإن خسرانه لا شك فيه، أما الجمع بين الفاء وإذا ففيه خلاف؛ فمنعه بعضهم، وأجازه آخرون مستدلين بقوله -تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} , {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} . والحق جوازه، وإن كان قليلا. وتخالف "إذا" الفجائية "إذا" الشرطية في: أنها حرف، والشرطية اسم ظرف زمان، والفجائية خاصة بالجمل الاسمية ولا تحتاج إلى جواب، أما الظرفية فخاصة بالفعل ولا بد لها من جواب، ومعنى الفجائية: الحال، ولا يبتدأ بها، والشرطية تدل على الزمان المستقبل ولها حق الصدارة، وفي إغناء "إذا" الفجائية عن الفاء يقول الناظم: ونخلف "الفاء" "إذا المفاجأةه" ... كـ"إنْ تجد" إذا لنا مكافأه* أي: إن الفاء قد تختفي وتخلفها وتحل محلها "إذا" التي تدل على المفاجأة؛ وذلك إذا كان الجواب جملة اسمية، كما يفهم من المثال الذي ذكره. تنبيه: إذا صلح المضارع الواقع جوابًا لأن يكون فعلا للشرط، جاز اقترانه بالفاء، بشرط أن يكون مثبتًا، أو منفيًا "بلا" أو "لم" وحينئذ يرفع المضارع مع الفاء على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والجملة الاسمية جواب الشرط؛ نحو قوله -تعالى: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} وقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ} ؛ أي: فهو لا يخاف. وإن كان الجواب فعلا ماضيا لفظا ومعنى وجب اقترانه بالفاء على تقدير "قد" إن لم تكن ظاهرة؛ نحو قوله تعالى: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} وإن كان ماضيا لفظا مستقبلا معنى، غير مقصود به وعد أو وعيد جاز اقترانه بالفاء على تقدير "قد"؛ نحو قوله -تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} . [سورة النمل الآية: 90] , وجاز عدم اقترانه مراعاة للواقع وأنه مستقبل حقيقة.   * "الفاء" مفعول تخلف. "إذا" فاعله مقصود لفظه "المفاجأة" مصاف إليه من إضافة الدال إلى المدلول. "كان" الكاف جارة لقول محذوف، و"إن" شرطية "تجد" فعل الشرط. "إذا" حرف ربط للجواب بالشرط "لنا" جار ومجرور خبر مقدم، "مكافأة" مبتدأ مؤخر وسكن للشعر، والجملة في محل جزم جواب الشرط. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 فصل: وإذا انقضت الجملتان، ثم جئت بمضارع مقرون بالفاء أو الواو؛ فلك جزمه بالعطف1، ورفعه على الاستئناف2، ونصبه بأن مضمرة وجوبًا3 وهو قليل؛ قرأ عاصم وابن عامر: {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} بالرفع، وباقيهم بالجزم4، وابن عباس بالنصب. وقرئ بهن أيضًا في قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} 5.   1 أي: على لفظ الجواب، إن كان مضارعا مجزومًا، وعلى محله إن كان ماضيا أو جملة اسمية أو فعلية، وفي هذ الحالة تعتبر الفاء والواو حرفي عطف مجردين لا يفيدان سببية ولا معية. 2 فتكون الواو والفاء حرفي استئناف والمضارع مرفوع إن كان مجردًا من ناصب أو جازم، ومن نوني التوكيد، ويكون خبرًا لمبتدأ محذوف، والجملة معطوفة على جملتي الشرط والجواب. 3 أي: على اعتبار الفاء للسببية والواو للمعية؛ لأن جواب الشرط قبلهما غير متحقق الوقوع فهو يشبه الاستفهام أو النفي أو الطب .... إلخ. 4 أي: عطفا على لفظ يحاسبكم، في قوله سبحانه قبل: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} [سورة البقرة الآية: 284] . 5 برفع "يذرهم" على الاستئناف، ونصبه بأن مضمرة وجوبًا بعد الواو، وجزمه بالعطف على محل جملة {فَلَا هَادِيَ لَه} [الأعراف الآية: 186] ، وفيما تقدم يقول الناظم: والفعل من بعد الجزا إن يقترن ... بالفا أو الواو بتثليث قمن* أي: إذا وقع بعد جزاء الشرط فعل مضارع مقرون بالفاء أو الواو جاز فيه ثلاثة أوجه: بالتثليث: الأوجه الثلاثة المذكورة، والكوفيون يجعلون "ثم" مثل الواو للعطف والمعية؛ فيجيزون النصب بعدها. وزاد بعضهم: "أو".   * "والفعل" مبتدأ. "من بعد الجزا" من بعد جار ومجرور متعلق بيقترن والجزا مضاف إليه. "إن تقترن" شرط وفعله "بالفا" بالقصر للضرورة متعلق بيقترن. "أو الواو" معطوف على الفاء "بتثليث" متعلق بقمن الواقع خبرًا للمبتدأ وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 وإذا توسط المضارع المقرون بالفاء أو بالواو بين الجملتين فالوجه الجزم1، ويجوز النصب2 كقوله: ومن يقترب منا ويخضع نؤوه3   1 أي: على العطف على الشرط المجزوم لفظًا أو محلا. 2 أي: على إضمار "إن" وجوبا بعد الفاء والواو، ويمتنع الرفع؛ لأنه يصح الاستنئاف قبل الجزاء، وقيل: لا مانع من الرفع على اعتبار الجملة معترضة بين الشرط والجزاء. 3 صدر بيت من الطويل لم ينسب لقائل، وعجزه. ولا يخش ظلمًا ما أقام ولا هضما اللغة والإعراب: يقترب منا: يدنو ويقرب، يريد: النزول عندهم وفي جوارهم يخضع: يستكين ويكون منقادًا لنا خاضعًا لإرادتنا. نؤوه: ننزله عندنا ونعد له مأوى. هضمًا: غمطًا لحقوقه، من هضمه حقه؛ إذا لم ينصفه ويوفه. "من" اسم شرط جازم مبتدأ. "يقترب" فعل الشرط، وفاعله يعود على من. "ويخضع" فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد الواو، وهو في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيد من الفعل قبله كما سبق. "تؤوه" نؤو فعل مضارع مجزوم في جواب الشرط وعلامة جزمه حذف الياء والكسرة دليل عليها، والهاء مفعوله، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ. المعنى: من يدن منا وينزل في حمانا، مع الخضوع لمشيئتنا وإرادتنا ننزله خير منزل، ولا يخف من تعدي أحد عليه، أو انتقاص حق من حقوقه مدة إقامته بيننا. الشاهد: في قوله: "ويخضع" حيث نصب بالعطف على فعل الشرط قبل مجيء الجواب, والوجه الجزم، ولكن النصب غير ممنوع، وفي حكم المضارع إذا توسط بين = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 فصل: ويجوز حذف ما علم من شرط1؛ إن كانت الأداة "إن" مقرونة بلا، كقوله: وإلا يعل مفرقك الحسام2 أي: وإلا تطلقها يعل.   = جملتي الشرط والجواب يقول الناظم: وجزم أو نصب لفعل إثر "فا" ... أو "واو" أن بالجملتين اكتنفا* أي: إن المضارع المقرون بالفاء أو الواو يتعين نصبه أو جزمه؛ إن اكتنفته, أي: أحاطت به جملتا الشرط والجواب، وإذا توسط المضارع بين جملتي الشرط والجواب، ولم يسبقه أحد حروف العطف السابق أعرب بدلا من فعل الشرط إن كان مجزومًا؛ نحو: متى تأتنا تنزل عندنا نكرمك، وأعربت جملته حالا -في الغالب- إن كان مرفوعا؛ كقول الحطيئة: متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد 1 أي: بأن تدل قرينة عليه، ولا يذكر بعده في الكلام ما يفسره. 2 عجز بيت من الوافر، للأحوص يخاطب مطرًا، وكان دميمًا وتحته امرأة حسناء، وصدره: فطلقها فلست لها بكفء اللغة والإعراب: بكفء: بمساو ومماثل في الحسب وغيره، مما يعتبر لازمًا للتكافؤ بين الزوجين، مفرقك، المفرق: وسط الرأس حيث يفرق الشعر، الحسام: السيف القاطع. "فطلقها" الفاء عاطفة، وطلق فعل أمر والهاء مفعول "فلست" الفاء للتعليل وليس اسمها "لها" متعلق بكفء الواقع خبرًا لليس على زيادة الباء. "وإلا" الواو عاطفة، وإن شرطية مدغمة في "لا" النافية، وفعل الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه "يعل" فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بحذف الواو "مفرقك" مفرق مفعول يعل مقدم والكاف مضاف إليه "الحسام" فاعل مؤخر. المعنى: يطلب الأحوص من مطر أن يطلق زوجته؛ لأنه غير كفء لها وإلا أطاح برأسه. الشاهد: في "وإلا يعل" حيث حذف فعل الشرط؛ لأن الأداة "إن" مقرونة بلا؛ أي: وإلا تطلقها. وينبغي أن يتقدم كلام فيه فعل من مادة الشرط المحذوف، مثل: طلقها في البيت.   * "وجزم" مبتدأ. "أو نصب" عطف عليه "لفعل" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، أو متعلق به، أو بالمعطوف عليه، على سبيل التنازع، والخبر المحذوف، أي: جاز مثلا، أو هو الجملة الشرطية الآتية. "إثر" ظرف متعلق بمحذوف صفة لفعل؛ "نا" بالقصر مضاف إليه. "أو واو" عطف على نا. "إن" شرطية "بالجملتين" متعلق باكتنفا الواقع فعلا للشرط وجواب الشرط محذوف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 وما علم من جواب1؛ نحو: {فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا} 2. الآية.   1 بشرط أن يكون فعل الشرط -في غير الضروة الشعرية- ماضيًا لفظًا ومعنى، كما مثل المصنف، أو معنى فقط كالمضارع المنفي بالحروف "لم" نحو قوله -تعالى: {لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} ، [سورة مريم الآية: 46] ، وقوله الشاعر: لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها ... سرور محب أو إساءة مجرم 2 جواب "إن استطعت" محذوف لدلالة الكلام عليه؛ أي: فافعل. سورة الأنعام. فإن لم يكن فعل الشرط ماضيًا؛ بأن كان مضارعًا لفظًا ومعنى، لم يصح -في القول الراجح- حذف الجملة الجوابية؛ إلا إذا سد مسدها جملة أخرى بعدها تدل عليها ولا تصلح جوابًا؛ نحو قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} ؛ فقد حذف الجواب؛ وهو: فإنه غني عن جهرك. وسد مسده جملة: "فإنه يعلم السر"، وهذه لا تصلح جوابًا؛ لأن الجهر بالقول لا يترتب عليه أن الله يعلم السر؛ لأنه -سبحانه- يعلم السر دائمًا. ومثل هذا: قوله -سبحانه: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ} ؛ فإن الجواب محذوف، تقديره: فليبادر بالعمل الصالح. ولم يتشرط الكوفيون كون فعل الشرط ماضيًا مستدلين بمثل الآيتين المذكورتين، وأن المذكور هو الجواب، ولا يشترط أن يكون الجواب مترتبًا على الشرط، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: والشرط يغني عن جواب قد علم ... والعكس قد يأتي إن المعنى فهم* أي: إن الجملة الشرطية قد تغني عن الجملة الجوابية وتدل عليها عند حذفها، والعكس قد يقع؛ بشرط أن تدل قرينة على ذلك، وأن يكون المعنى المراد مفهومًا بعد الحذف لا لبس فيه ولا اضطراب.   * "والشرط" مبتدأ. "يغني" الجملة خبر "عن جواب" متعلق بيغني "قد علم" الجملة صفة لجواب. "المعنى" نائب فاعل لمحذوف يفسره فهم، وهو فعل الشرط والجواب محذوف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 ويجب حذف الجواب؛ إن كان الدال عليه ما تقدم؛ مما هو جواب في المعنى1, نحو: أنت ظالم إن فعلت أو ما تأخر2 من جواب قسم سابق عليه؛ نحو: {لَئِنْ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ} 3. الآية. كما يجب إغناء جواب الشرط عن جواب قسم تأخر عنه؛ نحو: إن تقم والله أقم4.   1 أي: ولا يصح أن يكون جوابًا صناعة؛ إما لكونه جملة اسمية مجردة من الفاء، أو جملة منفية بلم المقرونة بالفاء، أو لكونه مضارعًا مرفوعًا. وإنما وجب حذف الجواب، وامتنع جعل المتقدم جوابًا؛ لأن أداة الشرط لها صدر الكلام، فلا يتقدم الجواب عليه. 2 أي: أو كان الدال على جواب الشرط ما تأخر ... إلخ. 3 "لئن" اللام موطئة للقسم، و"إن" شرطية، وجملة "لا يأتون" جواب القسم لسبقه وتقدمه على الشرط، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه. الإسراء. 4 "أقم" جواب الشرط لتقدمه، وحذف جواب القسم استغناء عنه بجواب الشرط, وإلى ما تقدم يشر الناظم بقوله: واحذف لدى اجتماع شرط وقسم ... جواب ما أخرت فهو ملتزم* أي: إنه إذا اجتمع شرط وقسم حذف جواب المتأخر منهما؛ لدلالة جواب المتقدم عليه، ويستثنى من ذلك: أ- ما إذا كان القسم مقرونًا بالفاء؛ فإنه يجب جعل الجواب له وإن تأخر، وتكون جملة القسم وجوابه جواب الشرط؛ نحو: إن جاء محمد فوالله لأكرمنه. ب- أو إذا كان الشرط امتناعيا، وهو ما كانت أداته دالة على الامتناع، وهي: "لو، لولا، ولوما" فيجب أن يكون الجواب له وإن تأخر، ويحذف جواب القسم لدلالة جواب=   * "لدى" ظرف متعلق باحذف. "اجتماع" مضاف إليه. "جواب" مفعول احذف "ما" اسم موصول مضاف إليه، وجملة "أخرت" صلة. "فهو ملتزم" مبتدأ وخبر، والفاء للتعليل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 وإذا تقدمها ذو خبر1، جاز جعل الجواب للشرط مع تأخره2، ولم يجب خلافًا لابن مالك3؛ نحو:   = الشرط عليه؛ نحو: لولا رحمة الله بعباده والله لأخذهم بذنوبهم. جـ- وهنالك حالة ثالثة ينبغي أن يكون الجواب فيها للشرط وإن تأخر عن القسم، وهي: التي يكونان فيها مسبوقين بما يحتاج لخبر، وقد بينها الناظم والمصنف. ويعرف جواب الشرط؛ بأنه يجب أن يكون مجزومًا لفظًا إذا كان مضارعًا، أو محلا إن كان ماضيًا، أو يقرن بالفاء أو بإذا الفجائية إن كان من الأنواع التي لا تصلح فعل شرط كما سبق. أما جواب القسم؛ فإن كان للاستعطاف، فجملة الجواب تكون طلبية، نحو: بربك يا أخي ترحم الضعيف، وإن كان غير استعطافي؛ فإن كانت جملة الجواب مضارعية مثبتة، أكدت باللام والنون معًا؛ نحو: والله لأبذلن جهدي في نصح المنحرفين, وإن كانت ماضوية مثبتة وفعلها متصرف، اقترنت باللام و"قد" غالبا؛ نحو: والله لقد ظفر المجدون بالنجاح، وقد تقترن بأحدهما أو تجرد، وإن كان فعلها جامدًا -غير ليس- فالأكثر اقترانها باللام فقط، نحو: والله لنعم رجلا المجاهد في سبيل الوطن. أما إذا كان الجامد "ليس" فلا تقترن بشيء؛ نحو: والله ليس الغني بالمال لكن بالقناعة، وإن كان الجواب جملة اسمية مثبتة فالكثير تأكيدها باللام, و"إن" معًا؛ نحو: والله إن الكذب لوبال على صاحبه، ويصح الاكتفاء بأحدهما، ويندر تجرده منهما. وإن كان الجواب جملة فعلية منفية "بما"، أو "لا"، أو "إن"، وجب تجريده من اللام سواء كانت الجملة فعلية ماضوية أو مضارعية؛ نحو: والله ما يحتمل العزيز الضيم، والله لا حجب ثوب الرياء ما تحته، والله إن ظفر إلا المخلص. 1 أي: ما يحتاج إلى خبر؛ وذلك: كالمبتدأ أو الناسخ. 2 لوقوعه حينئذ خبرًا وهو عمدة في الكلام، وحذفه يخل بمعنى الجملة، أما القسم فهو لمجرد التأكيد. 3 أي: في التسهيل، والكافية؛ فقد نص فيهما على الوجوب، وقد خالف ذلك في الألفية، فقال:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 "زيد والله إن يقم أقم"1، ولا يجوز إن لم يتقدمها خلافا له2 وللفراء، وقوله: لئن كان ما حدثته اليوم صادقًا ... أصم في نهار القيظ للشمس باديا3 ضرورة، أو اللام زائدة، وحيث حذف الجواب اشترط، في غير الضرورة مضي   = وإن توليا وقبل ذو خبر ... فالشرط رجح مطلقًا حذر* أي: إذا اجتمع الشرط والقسم، وتقدم عليهما ما يطلب خبرًا، رجح الشرط مطلقًا سواء تقدم أو تأخر، فيكون الجواب له، وبحذف جواب القسم. 1 "أقم" جواب الشرط مع تأخره؛ لتقدم ذي خبر وهو المبتدأ، ويجوز أن يجعل الجواب للقسم لتقدمه؛ فيقال: زيد والله إن يقم لأقومن. 2 أي: لابن مالك، حيث يقول في النظم: وربما رجح بعد قسم ... شرط بلا ذي خبر مقدم* أي: قد جاء قليلا ترجيح الشرط على القسم، عند اجتماعهما وتقدم القسم، وإن لم يتقدم ذو خبر، فيجوز عنده مثل: والله إن قام محمد أقم. 3 بيت من الطويل، قيل: إنه لامرأة من بني عقيل، ولم يعين أحد اسمها، وقوله في البيت: "باديًا" يرجح أن يكون القائل رجلا، وإلا لقال: بادية. اللغة والإعراب: حدثته: أخبرت به. القيظ: شدة الحر. باديا: ظاهرا بارزًا، "لئن" اللام موطئة للقسم "وإن" شرطية "كان" فعل ماض ناقص، فعل الشرط، "ما" اسم موصول اسمها، "حدثته" حدث فعل ماض للمجهول والتاء نائب فاعل والهاء مفعوله الثاني، والجملة صلة، "صادقًا" خبر كان. "أصم" فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بإن. "للشمس" متعلق بباديا الواقع حالا من فاعل أصم.=   * "وإن تواليا" شرط وفعله، وألف الاثنين فاعل. "وقبل" الواو للحال، و"قبل" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم. "ذو خبر" ذو مبتدأ مؤخر وخبر مضاف إليه، والجملة حال من ألف الاثنين، "فالشرط" الفاء واقعة في الجواب، و"الشرط" مفعول رجح مقدم؛ والجملة في محل جزم جواب الشرط، "مطلقا" حال من الشرط. "بلا حذر" بلا جار ومجرور متعلق برجح، و"لا" بمعنى "غير" مضافة إلى حذر. * "وربما" رب حرف تقليل، و"ما" كافة "بعد قسم" بعد ظرف متعلق برجح وقسم مضاف إليه "شرط" نائب فاعل رجح. "بلا ذي" بلا جار ومجرور متعلق برجح وذي مضاف إليه. "خبر" مضاف إليه إيضًا. "مقدم" نعت لذي خبر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 الشرط1؛ فلا يجوز: أنت ظالم إن تفعل ولا: والله إن تقم لأقومن.   = المعنى: يقسم الشاعر لمخاطبه ويؤكد له: أنه لو كان ما حكي عنه ونسبه إليه الواشون صحيحًا؛ فإن عليه نذرًا لله أن يصوم يومًا شديد الحر، وأن يتعرض لوهج الشمس، حتى يكون ذلك أوجع له وأكثر إيلاما. الشاهد: في "أصم"؛ فقد استشهد به ابن مالك والفراء، على أن الفعل الواقع جوابًا؛ إذا تقدم عليه شرط وقسم، جاز جعله للشرط، وإن كان الشرط متأخرًا، ولم يتقدم عليهما ذو خبر؛ "فأصم"؛ جواب للشرط دليل جزمه. ويؤوله الجمهور على أن هذا ضرورة، أو اللام في "لئن" زائدة وليست للقسم، كما بين المصنف. 1 أي: لفظا أو معنى؛ كالمضارع المجزوم بلم كما مثل، واحترز بقوله، في غير الضرورة، عن نحو قوله الشاعر: لئن تك قد ضاقت على بيوتكم ... ليعلم ربي أن بيتي واسع فقد حذف جواب الشرط "إن" مع أن فعله مضارع وهو "تك" أما جملة "ليعلم" فهي جواب القسم، ولا يصح أن تكون جوابا للشرط؛ لأنه متأخر، وجوابه لا يكون مقرونًا باللام. هذا: وقد يحذف الشرط والجواب معًا، وتبقي أداة الشرط هنالك بشرط أن تكون قرينة تدل عليهما، والغالب أن تكون أداة الشرط "إن" كقول الراجز: قالت بنات العم يا سلمى وإنن ... كان فقيرًا معدمًا قالت وإنن فإن التقدير: أتتزوجينه يا سلمى وإن كان فقيرًا معدما؟ قالت: وإن كان كذلك أتزوجه. ومن أمثلة حذفها بعد أداة غير "إن" قول النمر بن تولب: فإن المنية من يخشها ... فسوف تصادفه أينما أي: أينما يذهب تصادفه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 لم يعرب المضارع إذا لم يتصل بالنونين؟ اشرح القول في ذلك موضحًا بالمثال. 2 ما الفرق بين "كي" المصدرية والتعليلية؟ ومتى تتعين إحداهما؟ اذكر أمثلة توضح ذلك. 3 يقول النحويون: إن بين "لم" و"لما" الجازمتين فرقا في المعنى والعمل، وضح ذلك بأمثلة من إنشائك. 4 اذكر المواضع التي يجب فيها اقتران جواب الشرط بالفاء، واذكر أمثلة لذلك. 5 اشرح قول الناظم: واحذف لدى اجتماع شرط وقسم جواب ما أخرت فهو ملتزم 6 كيف تفرق بين جواب الشرط وجواب القسم؟ اذكر أمثلة توضح ذلك. 7 اذكر المواضع التي يجب فيها إضمار أن، ومتى يجب رفع المضارع بعدها؟ مثل. 8 فيما يأتي شواهد لبعض موضوعات هذا الباب، بين الشاهد وحكمه في الإعراب. قال تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . {وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} . {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} . {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} . {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا} . {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} . {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} . {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} . {أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} . {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} . {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} .= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....   = {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} . وفي الحديث: "من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". لألفينك بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زودتني زادي ومن لا يقدم رجله مطمئنة ... فيثبتها في مستوى الأرض يزلق من يكدني بسيء كنت منه ... كالشجا بين حلقه والوريد لتقم أنت يابن خير قريش ... كي لتقضى حوائج المسلمينا يا ليت من يمنع المعروف يمنعه ... حتى يذوق رجال غب ما صنعوا لئن ساءني أن نلتقي بمساءة ... لقد سرني أني خطرت ببالكا يا أقرع بن حابس يا أقرع ... إنك إن يصرع أخوك تصرع إن يعلموا بالخير يخفوه وإن علموا ... شرا أذاعوه وإن لم يعلموا كذبوا إذا أنت عاتبت الوضيع فإنما ... تخط على صحف من الماء أحرفا رب وفقني فلا أعدل عن ... سنن الساعين في خير سنن 9 أعرب البيت الآتي، وبين ما فيه من شاهد: مه عاذلي فهائمًا لن أبرحا ... بمثل أو أحسن من شمس الضحا 10 اشرح البيت الآتي شرحا أدبيا وهو للمرحوم أحمد شوقي أمير الشعراء المصري, وبين إعراب ما تحته خط. وما السلاح لقوم كل عدتهم ... حتى يكونوا من الأخلاق في أهب 11 يقول الله سبحانه وتعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} ، ويقول في آية أخرى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً} . بين، لم نصب المضارع في الآية الأولى؟ ورفع في الثانية؟ مع تقدم النفي والاستفهام في= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....   = كلتا الآيتين؟ 12 اضبط ما تحته خط في البيت الآتي، وبين موقعه من الإعراب، مع ذكر السبب يابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما ... قد حدثوك فما راء كمن سمعا 13 كون من إنشائك ما يأتي: أ- جملة فيها شرط وقسم والجواب للشرط، وأخرى فيها الجواب للقسم. ب- جلمة شرطية يجب فيها حذف الجواب، وأخرى شرطية قسمية يجب فيها حذف جواب القسم. جـ- جملة يتلو الجواب فيها فعل مضارع؛ معطوف بالفاء مرة، وبثم أخرى، ومع بيان الأوجه الجائزة في إعراب الفعلين، وذكر السبب. 14 بين فيما يأتي: حكم إعراب الأفعال التي تلي: "الواو"، أو "الفاء" مع توضيح السبب. من يكثر مزاحه تسقط هيبته ويحتقره الناس، من يعمل فيخلص في عمله يكسب ثقة عارفيه. إن تقبل على الدرس تدرك عويص الحقائق فتكون موضع ثقة إخوانك، من يصحب الأخيار ويقلدهم يظفر بحسن الأحدوثة, لا تخالف والديك فتندم. استمع لنصحي فتربح. 15 بين فيما يأتي: المنصوب من الأفعال، والمجزوم منها؛ مع ذكر عامل النصب والجزم. هل تستمع إلي أحدثك، لعل حديثي ينفذ إلى قلبك فينشرح صدرك للخير وتأمن العثار؟ لا تكن عبد شهواتك تظفر برضاء الله والناس. صبرا فتصل إلى الأوج، اعتمد على نفسك في أمورك تظفر بما ترجو. رباه ما أشد حاجتي إلى رضاك، فأسدل علي ثوب العافية، ووفقني إلى ما يرضيك لأظفر بنعيم جناتك. ليت العالم يدرك عاقية التسابق في التسلح، ويدرك أنه سيلحق بالإنسانية الدمار والفناء حسبك هذا فتعمل به. ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله ... على قومه يستغن عنه ويذمم قال الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 فصل في لو: لـ"لو" ثلاثة أوجه: أحدها: أن تكون مصدرية؛ فترادف "أنْ"1 وأكثر وقوعها بعد "وَدَّ"، نحو: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِن} أو "يود"2 نحو: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} 3 ومن القليل قول قتيلة: ما كان ضرك لو مننت، وربما ... مَنَّ الفتى وهو المغيظ المحنق4   فصل في لو: 1 أي: يكون مثله في المعنى والسبك، لا في النصب، ولا بد أن يطلبها عامل وتوصل بالجملة الماضوية وبالمضارعية، ولا توصل بجملة أمرية ووصلها بالجملة الاسمية قليل، كقوله تعالى: {وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ} [سورة الأحزاب الآية: 20] ، ويتكون منها ومن صلتها مصدر مؤول، ولا تحتاج لجواب، "انظر باب الموصول الجزء الأول صفحة 146". 2 وكذلك ما هو بمعناهما؛ نحو: أحب يحب، رغب يرغب، اختار يختار. 3 "لو" وما بعدها في المثالين في تأويل مصدر مفعول؛ أي: الادهان والتعمير. [سورة القلم الآية: 9] ، و [سورة البقرة الآية: 96] . 4 بيت من الكامل، من قصيدة لقتيلة بنت النضر بن الحارث الأسدية، تخاطب النبي عليه السلام، وكان قد قتل أباها صبرا بالصفراء، بعد انصرافه من غزوة بدر، قيل، لأنه كان يقرأ على العرب أخبار العجم، ويقول لهم: محمد يأتيكم بأخبار عاد وثود، وأنا آتيكم بخبر الأكاسرة والقياصرة، يريد بذلك إيذاء الرسول, روي أن الرسول -عليه السلام- لما سمع كلامها قال: "لو سمعتها قبل أن أقتله ما قتلته ولعفوت عنه". اللغة والإعراب: ضرك: عاد عليك بالضرر. مننت: أنعمت وتفضلت المغيظ: اسم مفعول، من غاظه يغبظه؛ إذا أغضبه وأثاره، المحنق: الذي يكن الغيظ في صدره، وهو اسم مفعول أيضًا من أحنفه، إذا أغضبه. "ما" استفهامية مبتدأ، "كان" زائدة، "ضرك" فعل ومفعول. "لو مننت" لو مصدرية وهي وما بعدها في تأويل مصدر فاعل ضر، والجملة خبر ما. ويجوز أن تعرب "كان" عاملة، ومصدر "لو مننت" اسمها، وجملة ضرك.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 وإذا وليها الماضي بقي على مضيه، أو المضارع تخلص للاستقبال1، كما أنَّ "أنْ" المصدرية كذلك. الثاني: أن تكون للتعليق في المستقبل2؛ فترادف "إنْ"3 كقوله:   = خبرها؛ أي: ما كان منك ضرك. كما يجوز أن تكون "ما" في محل نصب مفعول مطلق لضرك؛ أي: أي ضرر ضرك المن. "وربما" الواو واو الحال، و"رب" حرف تقليل وجر شبيه بالزائد، وما كافة "وهو" الواو للحال، و"هو" مبتدأ "المغيظ" خبر. "المحنق" صفة له، أو خبر بعد خبر. المعنى: أي ضرر كان يلحقك يا رسول الله لو تفضلت وأنعمت على أبي بالعفو؟ وكثيرًا ما يعفو الرجل الكريم وهو مملوء غيظا وغضبًا. الشاهد: في "لو مننت" فإن "لو" مصدرية وما بعدها في تأويل مصدر ولم تتقدمها "ود" ولا "يود" ونحوهما؛ وهذا قليل. وذكر الصبان: أنه يجوز أن تكون "لو" هنا شرطية، والشرط "لو مننت" والجواب محذوف يدل عليه الكلام؛ أي: لو مننت لم يضرك شيء؛ وإذا لا شاهد فيه. هذا: وبعض النحاة ينكر كون "لو" مصدرية، ويقول: إنها شرطية دائمًا، وإذا لم يكن في الكلام ما يصلح أن يكون جوابًا، قدر الجواب. وحجته: أنها قد تدخل على "أنّ" كما في قوله تعالى: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} ولو كانت مصدرية ما دخلت على حرف مصدري؛ لأن حرف المصدر لا يدخل على مثله. ورد: بأنه يمكن تقدير دخول "لو" على فعل؛ ويكون المنسبك من أن ومصحوبها فاعلا له، والتقدير في الآية: لو ثبت كون أمد بعيد بينها وبينه. 1 ولا بد أن يكون كل من الماضي أو المضارع تام التصرف. 2 أي: تعليق جوابها على شرطها وجودًا وعدما في المستقبل، بحيث لا يتحقق معنى الجواب في المستقبل ولا يحصل إلا بعد تحقق معنى الشرط وحصوله في المستقبل؛ وتسمى "لو" هذه: الشرطية غير الامتناعية. 3 أي: الشرطية، وذلك في تعليق الجواب على الشرط، وفي أن يكون زمن الفعل في جملتي الشرط والجواب مستقبلا مهما كان نوع الفعل، إلا أنها لا تجزم على الأفصح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا1 وإذا وليها ماض أول بالمستقبل، نحو: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا} 2 أو مضارع تخلص للاستقبال، كما في "إنْ" الشرطية. الثالث: أن تكون للتعليق في الماضي3، وهو أغلب أقسام "لو"4.   1 صدر بيت من الطويل، لقيس بن الملوح، المعروف بمجنون ليلى، وقيل: هو لأبي صخر الهذلي وعجزه: ومن دون رمسينا من الأرض سبسب اللغة والإعراب: أصداؤنا: جمع صدى، وهو ما تسمعه كأنه يجيبك بمثل صوتك، إذا كنت في مكان خال أو على جبل أو شط نهر، رمسينا: مثنى رمس وهو القبر أو ترابه، سبسب: صحراء بعيد الأطراف، "لو" شرطية غير جازمة "تلتقي" فعل الشرط. "أصداؤنا" فاعل ومضاف إليه. "ومن" الواو للحال، "من دون" جار ومجرور خبر مقدم. "رمسينا" مضاف إليه، "من الأرض" جار ومجرور حال من "سبسب" الواقع مبتدأ مؤخرًا. وجواب "لو" لظل في قوله بعد: لظل صدى صوتي وإن كنت رمة ... لصوت صدى ليلى يهش ويطرب المعنى: لو تتقابل وتجتمع أصداء أصواتنا من قبورنا، وبيننا مسافات شاسعة، لطربت لسماع صدى صوتها، وأجبتها وإن كنت عظاما بالية. الشاهد: في قوله "لو تلتقي"؛ حيث وردت "لو" شرطية للتعليق في المستقبل، بدليل الإتيان لها بجواب؛ وهو قوله: "لظل" وهو ماض لفظًا مستقبل معنى. 2 أي: لو قاربوا أن يتركوا، وإنما قدر ذلك ليصح وقوع "خافوا" جزاء؛ لأن الخوف إنما يكون قبل الترك بالفعل؛ لاستحالته بعد موتهم. [سورة النساء الآية: 9] . 3 أي: تعليق حصول مضمون الجواب والجزاء، على حصول مضمون الشرط في الماضي، فكل من الشرط والجزاء مرتبط بالآخر، وبما أنها تفيد أن الشرط لم يتحقق وامتنع وقوعه في الماضي، والجواب معلق عليه في الماضي أيضًا، فيلزم امتناع الجواب إذا كان فعل الشرط هو السبب الوحيد في تحقيق الجواب، ولهذا تسمى "لو الشرطية الامتناعية". 4 وهذا القسم هو الذي عناه الناظم بقوله. = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 وتقتضي امتناع شرطها دائمًا1 خلافًا للشلوبين، لا جوابها خلافًا للمعربين2، ثم إن لم يكن لجوابها سبب غيره لزم امتناعه نحو: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} 3 وكقولك: "لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجودًا"4 وإلا لم يلزم، نحو: "لو كانت الشمس   = "لو" حرف شرط في مضي ويقل ... إيلاؤها مستقبلا لكن قبل* أي: إنَّ "لو" حرف يفيد الشرطية في الزمان الماضي، وقد يقع بعدها ما هو مستقبل فتقلب زمنه للمضي، ويقبل هذا لوروده عن العرب. 1 أي: مثبتًا أو منفيا؛ لأنه لو حصل لكان الجواب كذلك، فتخرج عن إفادة التعليق؛ لأنه الثابت الحاصل لا يعلق. 2 أي: في قولهم: "لو حرف امتناع لامتناع" مما يفهم منه، أنها حرف يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط، ولا شك أن هذا غير صحيح؛ لأن امتناع الشرط لا يستلزم امتناع الجواب. فقد يستلزمه أو لا يستلزمه -اللهم إلا إذا لم يكن للجواب سبب غيره- كما أوضح المصنف، ولعل المعربين يقصدون بهذا التعبير الكثير الغالب، والصواب أن يقال: إن "لو" حرف يدل على ما كان سيقع في الماضي لوقوع غيره في الماضي أيضًا، وهذا قول سيبويه. 3 هذه الآية في أحد علماء بني إسرائيل، أو في بلعم بن باعوراء، أو في أمية بن أبي الصلت. وكان يأمل أن يكون هو النبي المنتظر، فلما بعث الرسول -عليه السلام- حسده وكفر به، و"لو" هنا تدل على نفي مشيئة الله لرفع هذا المنسلخ، وذلك يستلزم نفي الرفع، فقد انتفى الجواب لانتفاء الشرط؛ لأنه لا سبب للرفع إلا المشيئة وقد انتفت، وانتفاء السبب يستلزم انتفاء المسبب ضرورة، كما أن ثبوت السبب يستلزم ثبوت المسبب، [سورة الأعراف: الآية 176] . 4 فقد انتفى الجواب -وهو وجود النهار- بدخول "لو"؛ لأنه لا سبب له عقلا وعادة إلا طلوع الشمس.   * "لو" مبتدأ قصد لفظه. "حرف شرط" حرف خبر وشرط مضاف إليه. "في مضي" متعلق بمحذوف نعت لشرط. "إيلاؤها" إيلاؤ فاعل يقل، وهو مصدر مضاف إلى الهاء مفعوله الأول، "مستقبلا" مفعوله الثاني. "لكن" حرف استدراك، "قبل" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود على إيلائها المستقبل، والجملة مستأنفة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 طالعة كان الضوء موجودا"1، ومنه: "لو لم يخف الله لم يعصه"2. وإذا وليها مضارع أوِّل بالماضي3 نحو: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} 4.   1 فإنه لا يلزم من انتفاء الشرط، هو طلوع للشمس، انتفاء الجواب: وهو حدوث الضوء؛ لجواز وجوده بسبب آخر؛ كمصباح، أو نار، أو قمر ... إلخ. 2 هذا أثر مروي عن عمر رضي الله عنه؛ وأوله: "نعم العبد صهيب" و"لو" فيه لا تدل على انتفاء الجواب لانتفاء الشرط؛ فإنه لا يلزم من انتفاء عدم الخوف انتفاء عدم العصيان، حتى يكون قد خاف وعصى؛ لأنه لعدم العصيان أسبابًا أخرى غير الخوف الذي هو وظيفة العوام، منها: الإجلال، والإعظام، والمحبة، والحياء، وتلك وظيفة الخواص. والمراد: أن صهيبًا لو قدر عدم خوفه، لم تقع منه معصية؛ لأنه من الخواص. فكيف وهو يخاف. 3 أي: مع بقاء لفظه على حاله. 4 أي: لو أطاعكم لعنتم، [سورة الحجرات الآية: 7] . ومثله قول كثير في محبوبته عزة: رهبان مدين والذين عهدتهم ... يبكون من حذر العذاب قعودا لو يسمعون كما سمعت كلامها ... خروا لعزة ركعا وسجودا أي: لو سمعوا حديثها كما سمعت، وفي هذا يقول الناظم: وإن مضارع تلاها صرفا ... إلى المضي نحو لو يفي كفى* أي: إذا تلا "لو" الامتناعية ووقع بعدها مضارع لفظا فإنها تقلب زمنه إلى المضي، ويكون مضارعا في الصورة والشكل لا غير، نحو: لو يفي كفى؛ أي: لو وفي كفى، أما غير الامتناعية، فيبقى المضارع معها على حالته صورة وزمنًا.   * "وإن" شرطية "مضارع" فاعل لمحذوف هو فعل الشرط، والفعل بعده مفسر له "صرفا" ماض للمجهول جواب الشرط، ونائب الفاعل يعود إلى المضارع، والألف للإطلاق، "نحو" خبر لمبتدأ محذوف، "لو" حرف شرط غير جازم "يفي" فعل مضارع، فعل الشرط "كفى" فعل ماض جوابه، وجملة الشرط وجوابه في محل جر بإضافة. "نحو" على تقدير مضاف، أي: نحو قول: لو يفي كفى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 وتختص "لو" مطلقًا1 بالفعل، ويجوز أن يليها قليلا اسم معمول لفعل محذوف يفسره ما بعده2 كقوله: أخلاي لو غير الحمام أصابكم3.   1 أي: مصدرية كانت، أو شرطية بنوعيها؛ ومع اختصاصها بالفعل، لا تجزمه على الصحيح. 2 سواء كان ذلك الاسم مرفوعا كم مثل المصنف، ومنه قول عمر -رضي الله عنه- لأبي عبيدة بن الجراح حين قال له، وقد رجع بالجيش من الشام حين بلغه أن بها وباء، أفرارا من قدر الله تعالى؟ فقال له عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم؛ نفر من قدر الله إلى قدره. والقصة مشهورة، وقول حاتم الطائى: "لو ذات سوار لطمتني"، وقد قال ذلك حين كان مأسورًا في بعض أحياء العرب، فطلبت منه صاحبة المنزل أن يفصد ناقته لها لتشرب دمها فنحرها. فقيل له في ذلك فقال: هذا فصدي، فلطمته الجارية, فقال هذا القول ويراد بذات السوار: الحرة؛ لأن الإماء عند العرب ما كانت تلبس السوار، وجواب لو محذوف؛ أي: لهان على ذلك، وهو مثل يضرب للوضيع يهين الشريف، أو منصوبًا، نحو: لو محمدًا رأيته لأكرمته، أو خبرًا لكان محذوف، نحو: التمس ولو خاتما من حديد. 3 صدر بيت من الطويل لأبي الغمطش الضبي، الشاعر الأسدي، وعجزه: عتبت ولكن ما على الموت معتب اللغة والإعراب: أخلاي،: جمع خليل وهو الصديق، وينشد: أخلاء بهمزة مكسورة، وأصله: أخلائي, ثم قصر بحذف الهمزة للضرورة, وأضيف لياء المتكلم. الحمام: الموت. معتب: مصدر ميمي بمعنى العتاب؛ من عتب عليه -إذا لامه وسخط عليه. "أخلاي" الهمزة للنداء، وخلاي منادى منصوب بفتحة مقدرة عل ما قبل الياء، وهي مضاف إليها، وحرف النداء محذوف، وهو مقول القول في قوله قبل: أقول لها وقد فاضت بعيني عبرة ... أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب "لو" شرطية غير جازمة "غير" مبتدأ خبره ما بعده، أو فاعل لمحذوف يفسره أصابكم. "الحمام" مضاف إليه. "عتبت" الجملة جواب "لو". "ولكن" والواو عاطفة ولكن حرف استدراك. "ما" نافية. "على الدهر" جار ومجرور خبر مقدم "معتب" مبتدأ مؤخر. المعنى: لو أصابكم أحد غير الموت لسخطت عليه ووجدت، وكان لي معه شأن آخر.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 وكثيرًا "أنَّ" وصلتها نحو: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} 1؛ فقال سيبويه وجمهور البصريين: مبتدأ2 ثم قيل: لا خبر له3، وقيل: له خبر محذوف4، وقال الكوفيون والمبرد والزجاج والزمخشري: فاعل بثبت مقدرًا5 كما قال الجميع في "ما" وصلتها في: لا أكلمه ما أن في السماء نجما6.   = ولكن الذي أصابكم الموت، ولا عتاب عليه ولا سخط؛ لأنه قدر لا مفر منه. الشاهد: وقوع الاسم، وهو "غير" بعد "لو" الشرطية وذلك قليل وموقعه في الإعراب على أوجه: فقيل: فاعل لمحذوف يفسره ما بعده، كقوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ} وقيل: مبتدأ خبره ما بعده، وهذا أحسن في "لو" أما في "إذا" و"إن". فالأرجح الأول لكثرة وروده عن العرب على هذا النحو. 1 الآية: 5 من سورة الحجرات. 2 أي: إن موضع أنّ مع اسمها وخبرها، رفع على الابتداء، وعلى ذلك تكون "لو" غير داخلة على الفعل. 3 أي: لاشتمال "أنّ" وما بعدها على السند والمسند إليه، فأغنى ذلك عن الخبر، وتوقف الإفادة على الجواب لا يضر بشيء. 4 قيل: يقدر قبل المبتدأ، أي: ولو ثابت صبرهم، وقيل: يقدر مؤخرًا عنه؛ أي: ولو صبرهم ثابت. 5 قيل: وهذا هو الأرجح؛ لأن فيه إبقاء "لو" على اختصاصها بالدخول على الفعل. 6 "أنّ" ومعمولاها في موضع رفع على الفاعلية بثبت مقدرًا؛ أي: ما ثبت أن في السماء نجمًا. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وهي في الاختصاص بالفعل كـ"إنْ" ... لكن "لو" "أنّ" بها قد تقترن* أي: إن "لو" الشرطية بنوعيها مختصة بالدخول على الفعل، مثل "إن" الشرطية فإنها لا تدخل إلا على الفعل ظاهرًا أو مقدرًا، وتنفرد "لو" بدخولها على "أن" ومعموليها.   * "وهي" ضمير منفصل مبتدأ "في الاختصاص" جار ومجرور متعلق بما تعلق به الخبر الآتي. "بالفعل" متعلق بالاختصاص. "كإن" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، "لكن" حرف استدراك ونصب "لو" اسم لكن مقصود لفظه "أن" مبتدأ مقصود لفظه أيضًا "بها" متعلق بتقترن, وجملة "قد تقترن" خبر المبتدأ، و"قد" للتحقيق. وجملة المبتدأ وخبره لكن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 وجواب "لو": إما مضي معنى1 نحو: لو لم يخف الله لم يعصه، أو وضعًا وهو: إما مثبت، فاقترانه باللام2، نحو: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} أكثر من تركها، نحو: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} . وإما منفي بـ"ما" فالأمر بالعكس، نحو: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} . وقوله: ولو نعطى الخيار لما افترقنا3. قيل: وقد تجاب بجملة اسمية4؛ نحو: {لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ} 5 وقيل:   1 لا بد "للو" من جواب مذكور أو محذوف، والماضي معنى هو: المضارع المقرون بلم الجازمة، ويجب تجرده من اللام؛ لأن اللام لا تدخل على ناف إلا "ما" كما سيأتي. 2 هذه اللام تسمى: "لام التسويف"؛ أي: التأجيل والتأخير؛ لأنا تدل على أن تحقق الجواب سيتأخر زمنًا أقل. الآية الأولى: [سورة الواقعة الآية: 65] ، والثانية: [سورة الواقعة الآية: 70] 3 صدر بيت من الوافر، لم نقف على قائله، وعجزه: ولكن لا خيار مع الليالي. اللغة والإعراب: "لو" شرطية غير جازمة، "نعطى" فعل مضارع للجهول فعل الشرط، ونائب الفاعل هو المفعول الأول. "الخيار" مفعول ثان. "لما" اللام واقعة في جواب لو "ما" نافية" "افترقنا" افترق فعل ماض ونا فاعل والجملة لا محل لها جواب "لو". المعنى: لو كان الأمر بيدنا، وخيرنا بين التلاقي والافتراق، ما اخترنا غير التلاقي، ولكن الأيام قلب، ولا خيار للإنسان معها. الشاهد: وقوع جواب "لو" فعلا ماضيًا منفيا بـ"ما" وقد اقترن مع هذا باللام، وهذا قليل، والكثير في هذه الحالة إلا يكون مقترنًا باللام. وإن كان النفي بغير "ما" امتنع اقترانه باللام، نحو: لو سافر محمد لم يحضر علي. 4 أي: يكون جواب "لو" جملة اسمية مقرونة باللام. 5 الآية: 103 من سورة البقرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 الجملة مستأنفة1، أو جواب لقسم مقدر، وإن "لو" في الوجهين للتمني2 فلا جواب لها. فصل في أما: وهي حرف شر3 وتوكيد دائمًا4، وتفصيل غالبًا5؛ يدل على الأول: مجيء   1 أي: إن اللام في "لمثوبة" لام الابتداء لا الواقعة في جواب "لو". 2 قال الصبان: أي على سبيل الحكاية؛ أي: إنهم بحال يتمني العارف بها إيمانهم وإبقاءهم تلهفًا عليهم لا على سبيل الحقيقة؛ لاستحالة التمني عليه تعالى، ويجوز أن تكون "لو" شرطية، وجوابها محذوف لدلالة السياق عليه؛ أي: لأثيبوا. وقد يكون جواب "لو" مسبوقا بكلمة "إذا" كقوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ} ويندر أن يكون الجواب مسبوقًا بالفاء، أو "رب" أو "قد". هذا: وتأتي "لو" زائدة، نحو: البخيل -ولو كثر ماله- منبوذ. وللعرض، نحو: لوتسهم في أعمال البر فتثاب بنصب المضارع. "فتثاب" بعد فاء السببية. وللتحضيض نحو لو تحترم القانون فتأمن العقوبة. وللتمني، نحو قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وهل هذه هي المصدرية أغنت عن فعل التمني فأشبهت ليت فنصب جوابها مثلها؟ أو الشرطية أشربت معنى التمني فلا بد لها من جزاء كالشرط ولو مقدرًا؟ أو هي قسم برأسها فلا جواب لها؟ أقوال، وعلى كل فقد يجيء لها جواب منصوب كليت، وقد لا يجيء ولا تكون للتمني إلا حيث يكون الأمر مستحيلا أو في حكمه. فصل في أما: 3 أي: حرف يفيد معنى الشرط ويتضمن معناه، وهو: تعليق شيء آخر وجودًا وعدمًا وليست موضوعه له. 4 المراد بالتوكيد هنا: تحقق الجواب والقطع بأنه حاصل وواقع لا محالة. 5 أي: تبيين وتوضيح الأمور والأفراد المجتمعة تحت لفظ واحد يتضمنها إجمالا أو إيراد بالتفصيل: ذكر أشياء كل منها مفصول عن الآخر، وإن لم يكن ثم إجمال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 الفاء بعدها1. وعلى الثالث 2: استقراء مواقعها نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} ، {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} ، {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} ، الآيات3، ,منه: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} الآية، وقسيمه في المعنى قوله -تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} الآية4؛ فالوقف دونه5.   1 أي: غالبًا واعتبارها للجزاء، ولا يصح أن تكون للعطف في مثل قوله -تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ} ، {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ} ؛ لأنها داخلة على الخبر في ذلك، والخبر لا يعطف على مبتدئه، ولا في مثل: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} ؛ لأنها داخلة على الفعل، وهو لا يعطف على مفعوله وكذلك لا يصح أن تكو زائدة لعدم الاستغناء عنها. 2 أي: وهو التفصيل. 3 ففي هذه الآيات: قسيم معطوف بأما؛ وهو في الآية الأولى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [سورة الضحى آية: 10] ، وفي الثانية: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ} [آل عمران آية: 107] ، وفي الثالثة: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} [سورة الليل آية: 5] ، فدل ذلك على أنها للتفصيل. 4 وقيل: إن القسيم محذوف يدل عليه قوله: {وَالرَّاسِخُون} ؛ أي: وأما غيرهم فيؤمنون به ويكلون معناه وعمله إلى ربهم، وإنما قال المصنف: "ومنه"؛ لأن التفصيل في ذاك غير ظاهر لعدم تكرار، "أما" وقد يترك تكرارها كذلك استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر، نحو قوله -تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} . أي: وأما الذين آمنوا بالله فلهم كذا وكذا. 5 أي على قوله: "إلا الله" وقوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} كلام مبتدأ به منقطع عما قبله؛ لأن الراسخين على هذا لا يؤولون. [سورة آل عمران الآية: 7] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 والمعنى: وأما الراسخون فيقولون؛ وذلك على أن المراد بالمتشابه: ما استأثر به الله تعالى بعلمه1 ومن تخلف التفصيل قولك: أما زيد فمنطلق2. وأما الثاني: 3 فذكره الزمخشري فقال: "أما" حرف يعطي الكلام فضل توكيد؛ تقول: زيد ذاهب، فإذا قصدت أنه لا محالة ذاهب، قلت: أما زيد فذاهب4، وزعم أن ذلك مستخرج من كلام سيبويه5. وهي نائبة عن أداة شرط وجملته, ولهذا تؤول "بمهما يكن من شيء"6، ولا بد من   1 قال السعد: والحق أنه إن أريد بالمتشابه ما لا سبيل إليه للمخلوق فينبغي الوقف على "إلا الله" وإن أريد به ما لا يتضح؛ بحيث يتناول المجمل والمؤول، فالحق العطف. 2 قيل: يحتمل أنه للتفصيل، والقسيم محذوف للعلم به، أي: وأما غيره فهو ليس كذلك. وقد يكون التفصيل مقدرًا تدل عليه القرائن ويوحي به السياق؛ نحو: الناس معادن، فأما أنفسها فالصادق الأمين؛ أي: وأما أرخصها فالكاذب الخائن. 3 أي: المعنى الثاني وهو التوكيد. 4 إيضاح التوكيد: أن "إما"؛ قائمة مقام "مهما يكن من شيء" أي: مهما يوجد شيء فزيد ذاهب، فقد علق الذهاب على وجود شيء ما، ووجود شيء ما محقق؛ لأن الدنيا لا تخلو من وجود شيء، والمعلق على المحقق محقق، وإذا فلا بد من المعلق عليه، وهو: ذهاب زيد. وهذا الإيضاح يبين أن "ما" للتوكيد، وأنها في معنى الشرط وقائمة مقام اسم الشرط؛ بحيث يصح حذف "كما" ووضع "مهما يكن من شيء" موضعها، ولا يفسد المعنى ولا التركيب. 5 فإن سيبويه فسر "أما" بهما يكن من شيء. ويقال في إعراب هذا التركيب: "مهما" اسم شرط جازم مبتدأ. "يكن" فعل مضارع مجزوم؛ لأنه فعل الشرط. "من شيء": "من" زائدة وشيء فاعل يكن على اعتبارها تامة، واسمها على اعتبارها ناقصة وخبرها محذوف؛ أي: موجودًا. وجواب الشرط ما يكون بعد هذه الجملة مقترنا بالفاء والجملة خبر مهما. 6 ويقال في إعرابها: "أما" نائبة عن مهما يكن من شيء، ولا تعرب اسم شرط أو فعل شرط، ولا تؤدي معناهما؛ لأنها حرف، والحرف لا يؤدي معنى اسم أو فعل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 فاء تالية لتاليها1 إلا إن دخلت على قول قد طرح استغناء عنه المقول؛ فيجب حذفها معه2، كقوله -تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} 3، ولا تحذف في غير ذلك إلا في ضرورة كقوله: فأما القتال لا قتال لديكم4.   1 هذه الفاء لازمة لربط الجواب بها، ولتكون كالقرينة عليها لخفاء شرطيتها لأن شرطيتها بطريق النيابة: وأصل هذه الفاء أن تكون في صدر الجواب كما هو الشأن مع غير "أما" من أدوات الشرط، ولكنها أخرت لقبح وجودها عقب أما لفظًا أو لأنها تشبه العاطفة صورة، فيكو في الكلام عاطف بلا معطوف عليه، وفيما تقدم في "أما" يقول الناظم: أما كـ"مهما يك من شيء" و"فا" ... لتلو تلوها وجبا ألفا* أي: إن "أما" قائمة مقام أداة شرط وفعله، وهما: "مهما يكن من شيء" وتجب الفاء لتالي تاليه؛ تبعًا للمألوف في الفصيح من الكلام العربي، وتالي تاليهما هو الجواب؛ لأن تاليها مباشرة هو الشرط. 2 فحذف القول استغناء عنهما بالقول. وقيل: إن حذفها حينئذ كثير لا واجب، فيجوز إبقاؤها على قلة مع حذف القول. 3 فحذف القول استغناء عنه بالمقول، فتبعته الفاء في الحذف؛ فقوله {أَكَفَرْتُمْ} مفعول القول المحذوف، والقول ومفعوله جواب "أما" [سورة آل عمران الآية: 106] . 4 صدر بيت من الطويل للحارث بن خالد المخزومي، يهجو به بني أسيد، وعجزه: ولكن سيرًا في عراض المواكب وقيل: فضحتم قريشا بالفرار وأنتم ... قمدون سودان عظام المناكب اللغة والإعراب: قمدون: جمع قمد، وهو الطويل العنق الضخمة. سودان: جمع=   * "أما" مبتدأ. "كمهما يك من شيء" الكاف جارة وما بعدها مقصود به الحاكية فهو مجرور بها، والجار والمجرور خبر المبتدأ. "وفا" بالقصر, مبتدأ "لتلو" متعلق بألفا. "تلوها" مضاف إليه "وجوبا" حال من ضمير ألفا الواقع نائب فاعل، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 أو ندور نحو: "أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله" 1.   = أسود على غير قياس، وقيل: جمع سود، وهذا جمع أسود، مأخوذ من السيادة عراض: جمع عرض بالضم، وهو الناحية أو الشق، المواكب: جمع موكب، وهو الجماعة من الناس ركبانًا أو مشاة، وقيل: هم الراكبون على الإبل والخيل للزينة خاصة. "أما" شرطية نائبة عن مهما وفعل الشرط. "القتال" مبتدأ. "لا" نافية للجنس، "قتال" اسمها. "لديكم" ظرف ومضاف إليه متعلق بمحذوف خبر "لا". والجملة خبر المبتدأ، والرابط، إعادة المبتدأ بلفظه. "ولكن" الواو عاطفة، لكن حرف استدراك ونصب، "سيرا" اسمها والخبر محذوف، أي: لديكم. وقيل: إن اسم لكن ضمير مخاطبين محذوف، و"سيرا" منصوب على المصدرية لمحذوف؛ أي: يسيرون سيرًا، والجملة خبر لكن. المعنى: يهجو الشاعر بن أسيد ويصفهم بالجبن والضعف, ويقول: إنهم لا يقدرون على القتال ومنازلة الشجعان، ولكنهم يسيرون في جانب المواكب للزينة لا غير. الشاهد: في قوله "لا قتال" حيث حذفت منه الفاء، وهو جواب "أما" مع أنه ليس في الكلام قول محذوف، وذلك ضرورة. 1 هذا حديث للرسول أخرجه البخاري، والأصل: أما بعد فما بال رجال، فحذفت الفاء، وذلك نادر، و"ما" استفهامية مبتدأ، و"بال" بمعنى شأن, خبرها وجوز بعضهم: أن يكون هذا مما حذفت فيه الفاء تبعًا للقول والتقدير: فأقول: ما بال رجال .... إلخ فالأولى الاستدلال بقول عائشة -رضي الله عنها: "أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافًا واحدًا؛ لأنه على حذف الفاء يقول الناظم: وحذف ذي الفا قل في نثر، إذا ... لم يك قول معها قد نبذا* أي: إن حذف هذه الفاء قليل في النثر إلا إذا حذفت مع القول؛ حيث يكون المقول عوضًا=   * "وحذف" مبتدأ. "ذي" اسم إشارة مضاف إليه "الفا" بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان، وجملة "قل" خبر المبتدأ "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط, "لم يك" لم جازمة ويك، فعل الشرط مجزوم على النون المحذوفة للتخفيف "قول" اسم يك "معها" مع ظرف متعلق بنبذا، الواقع خبر ليك والهاء مضاف إليه, وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 .. .... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = عنهما, كما بينا ويجوز حذف "أما" إذا دل على ذلك دليل، ويكثر ذلك قبل الأمر، والنهي، كقوله -تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ, وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ, وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} . هذا: ولا يفصل بين أما والفاء بجملة تامة -إلا إذا كانت دعائية- بشرط أن يتقدم الجملة فاصل، نحو: أما اليوم -حفظك الله- فإني مسافر، وأما الغد فإني في انتظارك. ويكون الفصل بين أما والفاء بأحد الأمور الآتية: أ- المتبدأ، نحو: أما محمد فيسافر، وقد يستلزم المبتدأ شيئًا يذكر معه، كما إذا كان اسم موصل، نحو قوله -تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} . فإن اسم الموصول يتطلب صلة بعده. ب- الخبر، نحو: أما في المدرسة فمحمد، وأما عند المهاجرين فعلي. جـ- الجملة الشرطية وحدها دون جوابها، نحو قوله -تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ, فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} إلخ, فقوله: {فَرَوْحٌ} جواب أما، وجواب الشرط محذوف وجوبًا، استغناء عنه بجواب "أما". د- الاسم المنصوب لفظًا أو محلا بالجواب، نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} إلخ ولا مانع هنا من أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها؛ لأن الفاء بعد "أما" مزحلقة عن محلها الحقيقي كما تقدم. هـ- الاسم المعمول لمحذوف يفسره ما بعد الفاء نحو: أما الضيف فأكرمه، وأما الطفيلي فأهنه، ومن هذا قوله -تعالى: "وَأَمَّا ثَمُودَ فَهَدَيْنَاهُمْ" على قراءة نصب "ثمود" ويجب تقدير العامل بعد الفاء، وقيل ما دخلت عليه؛ لئلا يكثر الفاصل بينهما وبين أما،؛ فيقال: فهدينا هديناهم. و شبه الجملة: "ظرف أو جار ومجرور" المعمول لأما -إذا لم يكن هناك عامل غيرها- وذلك لما فيها من معنى الفعل الذي نابت عنه، نحو: أما اليوم فإني ذاهب إلى الميدان، وأما في الميدان فالله قادر في عون الجميع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 فصل في لولا ولو ما: لـ"لولا، ولوما" وجهان: أحدهما: لأن يدلا على امتناع جوابهما لوجود تاليهما1؛ فيختصان بالجمل الاسمية2 نحو: {لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} .   فصل في لولا ولو ما: 1 وكلاهما في الزمن الماضي، وهما شرطيتان، وتعرب كل منهما امتناع لوجود؛ أي: امتناع شيء بسبب وجود غيره, فهما خاصتان بالشرط الامتناعي. 2 فيكون ما بعدها مبتدأ خبره محذوف وجوبًا ولو كان ضميرًا متصلا؛ كلولا ولولاك؛ فإنها وإن كانت في ذلك حرف جر لا تتعلق بشيء إلا أن مجرورها في محل رفع بالابتداء، وقد مر ذلك في باب المبتدأ والخبر في الجزء الأول عند قول الناظم: وبعد لولا غالبًا حذف الخبر ولا بد لهما من جواب كجواب "لو" في شروطه المتقدمة؛ فإن كان ماضيًا لفظًا ومعنى، أو معنى فقط "كالمضارع المسبوق بلم"، جاز اقترانه باللام وتجريده منها؛ سواء أكان مثبتًا أم منفيا "بما" دون سواها، والأكثر اقتران المثبت وتجرد المنفي، نحو قوله -تعالى: {يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} ، {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} . وقول الشاعر: لولا المشقة ساد الناس كلهمو ... الجود يفقر والإقدام قتال ويصح حذف الجواب إذا دل عليه دليل؛ كقوله سبحانه: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} أي: لهلكتم، وقد يكون المرفوع بعد لولا اسما مؤولا نحو قوله سبحانه: {لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا} . وفي استعمال لولا ولوما للامتناع، ودخولهما على المبتدأ لزوما، يقول الناظم: "لولا " و"لوما" يلزمان الابتدا ... إذا امتناعا بوجود عقدا* أي: إنهما يلزمان الدخول على المبتدأ، إذا عقدا -أي: ربطا- الامتناع بالوجود أي: دلا على امتناع شيء بسبب وجود شيء آخر.   * "لولا" مبتدأ. "ولوما" عطف عليه مقصود لفظهما. "يلزمان الابتداء" الجملة من الفعل والفاعل والمفعول خبر. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط "امتناعا" مفعول عقدا مقدم. "بوجود" متعلق بعقدا. "عقدا" فعل الشرط وألف الاثنين فاعل، وهي عائدة إلى لولا ولوما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 والثاني: أن يدلا على التحضيض1؛ فيختصان بالفعلية2؛ نحو: {لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} ، {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} 3، ويساويهما في التحضيض والاختصاص بالأفعال: هلا، وألا وألا4. وقد يلي حرف التحضيض اسم معلق بفعل؛ إما مضمر نحو: "فهلا بِكرًا تلاعبها   1 أي: أو العرض. والتحضيض هو: الترغيب بقوة في فعل شيء أو تركه" أما العرض فهو الترغيب في الشيء بلين ورفق. 2 ذلك لأن مضمون الجملة الفعلية حادث متجدد، فيتعلق به الطلب بقوة وحث، أو برفق وهو ما يفيده التحضيض والعرض ويجب أن يليهما المضارع ظاهرًا أو مقدرًا، وأن يكون معناه مستقبلا؛ لأن أداة التحضيض والعرض تخلص زمن المضارع للاستقبال، إذ معناهما لا يتحقق إلا فيه، وإن دخلا على الماضي لفظًا أو تأويلا، كانا للزجر وللتوبيخ على ترك الفعل في الماضي، نحو قوله -تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} . 3 هذان المثالان للتحضيض، ومثال العرض: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} . وأداة التحضيض والعرض قد تحتاج إلى جواب، وقد لا تحتاج، على حسب المقام. 4 كما أن هذه الأوات تدل على التحضيض كذلك تدل أحيانًا على التوبيخ: نحو: هلا دافعت عن شرفك، ألا قاومت المعتدي، ألا رحبت بضيفك. وتمتاز "ألا" بأنها تكون للعرض "وهو الترغيب في فعل شيء أو تركه باللين والعطف" ويكثر استعمالها فيه، وفي دلالة "لولا"، و"لو ما" على التحضيض وإشراك أدوات أخرى معها في ذلك، يقول الناظم: وبهما التحضيض مز، وهلا ... ألا ألا وأولينها الفعلا* أي: ميز بلولا ولوما الدلالة على التحضيض، ويشاركها في ذلك: هلا، وألّا، وألا وتختص حينئذ بالدخول على الجمل الفعلية، كما أوضحنا.   * "وبهما" جار ومجرور متعلق بمز. "التحضيض" مفعول مز مقدم "وهلا" معطوفة على الهاء في بهما. أو مبتدأ حذف خبره؛ أي: كذلك. "ألا ألا" معطوفان على هلا بإسقاط العاطف, "وأوليتها" أول فعل أمر متعد لاثنين مؤكد بالنون الخفيفة، "والها" مفعوله الأول "الفعلا" مفعوله الثاني، والألف للإطلاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 وتلاعبك" 1؛ أي: فهلا تزوجت بكرًا، أو مظهر مؤخر نحو: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ} 2؛ أي: هلا قلتم إذ سمعتموه؟   1 حديث للرسول -صلى الله عليه وسلم- قاله لجابر؛ حين أخبره بأنه تزوج بثيب، و"بكرًا" مفعول لفعل محذوف، كما قدر المصنف. 2 "لولا" هنا بمعنى "هلا"، "إذ" متعلقة بقلتم، وهو فعل مظهر مؤخر من تقديم، كما قدر المصنف "سمعتموه" الجملة في محل جر بإضافة إذ إليها. [سورة النور الآية: 16] , إلى هذه الحالة أشار الناظم بقوله: وقد يليها اسم بفعل مضمر ... علق، أو بظاهر مؤخر* أي: قد يقع بعد هذه الأدوات في الظاهر اسم، ولكنه في الحقيقة يكون متعلقًا ومعمولا لفعل مقدر بعد الأداة مباشرة، أو بفعل ظاهر متأخر عن هذا الاسم. وقد يقع بعد حرف التحضيض مبتدأ وخبر، فيقدر الفعل المضمر "كان الثانية" كقول الشاعر: ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة ... إلي، فهلا نفس ليلى شفيعها أي: فهلا كان هو -أي: الشأن- نفس ليلى؛ شفيعها فـ"نفس" مبتدأ و"ليلي" مضاف إليها. "شفيعها" خبر ومضاف إليه، أو بالعكس، والجملة خبر "كان" الثانية المحذوفة. و"كان" هنا بمعنى "يكون" لوقوعها بعد حرف التحضيض، وإنما عبر بكان؛ لأن المعهود في غير هذا الموضع تقدير "كان" فحمل عليه هذا الموضع. تنبيه: هنالك أدوات تفيد الشرط ولا تجزم أيضًا، منها: "لما" وهي ظرف بمعنى "حين" ولا يليها إلا الماضي، تقول: لما نجح أخي هنأته. و"كلما" وهي ظرف يفيد التكرار ويليها الماضي أيضًا، نحو قوله -تعالى: {أَوَكُلَّمَا   * "قد" حرف تقليل. "اسم" فاعل يليها. "بفعل" متعلق بعلق. "مضمر" نعت لفعل. "علق" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى اسم، والجملة نعت لاسم "أو بظاهر" معطوف على "بفعل" مع ملاحظة منعوت محذوف؛ أي: أو بفعل ظاهر. "مؤخر" نعت لظاهر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} . و"إذا" وهي ظرف للزمان المستقبل ولا يليها إلا الفعل ظاهرًا أو مقدرًا، ولا تستعمل إلا عند التحقق من وقوع الشرط، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك. و"كيف" حين تستعمل أداة شرط لبيان الكيفية، نحو: كيف تتكلم أتكلم. خاتمة: في الجمل وأقسامها وموقعها من الإعراب. أ- تنقسم الجمل بحسب وضعها إلى قسمين: اسمية وفعلية: فالاسمية هي: ما صدرت باسم: والفعلية ما صدرت بفعل. والمراد بصدر الجملة: المسند أو المسند إليه، ولا عبرة بما تقدم عليهما من الحروف؛ فنحو: أمسافر أخواك؛ ولعل الجو معتدل، وما محمد خائف -جمل اسمية. ونحو: أسافر أخوك؟ وقد نجح علي، وهلا قمت، جمل فعلية؛ برغم ما تقدم على الفعل والاسم من حروف. ب- يقسم علماء العربية هذه الجمل إلى قسمين: كبرى، وصغرى: فالكبرى هي: الجملة الاسمية التي يكون خبر المبتدأ فيها جملة؛ سواء أكانت فعلية أم اسمية، نحو: الخريف يبدأ من اليوم الثالث والعشرين من شهر ديسمبر، والجيش المصري رجاله مخلصون. والصغرى هي: التي يخبر بها عن المبتدأ، كجملتي: رجاله مخلصون وبيدأ من اليوم ... إلخ. أما الجملة المكونة من مبتدأ، وخبر مفرد، نحو: محمد مسافر، والخطيب جهير الصوت. وكذلك الجملة الفعلية التي ليست خبرًا عن مبتدأ مثل: تكثر الفاكهة صيفًا، فلا تسمى صغرى ولا كبرى، بل هي مطلقة, وقد تكون الجملة صغرى وكبرى باعتبارين مختلفين كما بينا. جـ- ويقسم علماء المعاني الجمل إلى قسمين: جمل رئيسية، وأخرى غير رئيسية فالجمل الرئيسية هي: المستقلة بمعناها التي ليست قيدًا في غيرها؛ سواء أكانت اسمية أم فعلية، وتشمل: جملة المبتدأ والخبر، والجملة التي أصلها المبتدأ والخبر؛ كاسم= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....   = "كان" و"إن" وخبرهما، وأخواتهما، وجملة الفعل والفاعل، وجملة الفعل، ونائب الفاعل، وجملة المصدر النائب عن فعل الأمر وفاعله، وجملة اسم الفعل وفاعله. أما الجمل غير الرئيسية فهي: ما كنت قيدًا في غيرها، وليست مستقلة بنفسها، ومنها: جملة الحال, جملة المفعول به، جملة الصفة، جملة الشرط، جملة الاختصاص .... إلخ. د- الجملة الاسمية التي خبرها مفرد، أو جملة اسمية تفيد بأصل وضعها: ثبوت شيء لشيء من غير نظر إلى حدوث أو استمرار، وقد تخرج عن هذا الأصل فتفيد الدوام والاستمرار بقرينة؛ كما إذا كان الكلام في معرض المدح والذم، أما الجملة الاسمية التي خبرها جملة فعلية، فتفيد التجدد في زمن معين، وقد تفيد الاستمرار، إذا قصد المدح أو الذم، كما تقدم. هـ- وتنقسم الجمل باعتبار موقعها من الإعراب إلى قسمين: جمل لها محل من الإعراب، وأخرى لا محل لها من الإعراب. وقد مرت مفصلة في أبوابها، ونذكرها هنا بإجمال من باب التذكير: أ- الجمل التي لها من محل من الإعراب، وهي على المشهور. 1 جملة الخبر، ومحلها الرفع. 2 جملة الحال، ومحلها من النصب. 3 جملة المفعول، ومحلها النصب. 4 الجملة المضاف إليه، ومحلها الجر. 5 الجملة الواقعة جوابًا لشرط جازم واقترنت بالفاء أو "إذا"، ومحلها الجر. 6 الجملة التابعة لمفرد؛ بأن كانت نعتًا له، أو عطفت عليه بالحرف، أو كانت مبدلة منه، ومحلها على حسب إعراب المتبوع. 7 الجملة التابعة لجملة لها محل من الإعراب، ويكون ذلك في بابي النسق والبدل، ومحلها على حسب ما قبلها. وزاد صاحب المغني: الجملة المستثناة، نحو قوله -تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ, إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ} . على رأي من أعرب "من" مبتدأ وجملة "يعذبه" خبر. والجملة المسند إليها= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....   نحو: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ} الآية؛ إذا أعرب "سواء" خبرًا مقدمًا، و"أنذرتهم" مبتدأ مؤخر. ب- الجمل التي لا محل لها من الإعراب، وهي: 1 الجملة المستأنفة، وتشمل: الجملة الابتدائية التي تأتي في صدر الكلام نحو: محمد مسافر، والتي تأتي في أثنائه منقطعة عما قبلها، نحو: مات فلان -رحمه الله. 2 الجملة الواقعة صلة لاسم موصول. 3 الجملة الواقعة جوابًا للقسم. 4 الجملة المفسرة لما قبلها، نحو: هلا نفسك هذبتها. 5 الجملة الاعتراضية، وهي المتوسطة بين أجزاء جملة؛ كالتي تقع بين الفعل والفاعل، أو بين المبتدأ والخبر.. إلخ، أو المتوسطة بين جملتين مرتبطتين. 6 جملة جواب الشرط غير الجازم مطلقًا، أو جواب الشرط الجازم غير المقترن بالفاء، أو بإذا الفجائية. 7 الجملة التابعة لجملة لا محل لها من الإعراب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 اذكر أقسام "لو"، وبين الفرق بين "لو" المصدرية، و"لو" الشرطية في المعنى والعمل، ووضح بأمثلة من عندك. 2 على أي الجمل تدخل "لو"؟ وما حكم جوابها من حيث الاقتران باللام أو عدمه؟ مثل. 3 ما الذي تفيده "لما"؟ اشرح ذلك، وبين ما يشترط في جوابها مع التوضيح بالأمثلة. 4 علم تدل "لو"، و"لوما"؟ هات مثالين لكل منهما؛ أحدهما: يوضح معنى والثاني يبين معنى آخر لهما. 5 اذكر أربعة أمثلة يفصل فيها بين أما وبين الفاء؛ على أن يكون الفاصل مختلفًا في كل مثال عن غيره. 6 فيما يأتي شواهد لبعض أدوات هذا الباب, بين الغرض من الشاهد، وما يفيده من معنى مع إيضاح الشرط والجواب. قال -تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} . {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} . {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُون} . {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} . {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} . {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} . {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} . {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ, فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} . {لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} . {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} .= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = ويقول الرسول -عليه السلام: "أما موسى كأني أنظر إليه إذ ينحدر في الوادي". لا يلفك الراجوك إلا مظهرًا ... خلق الكرام ولو تكون عديما لولا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال فأما الصدور لا صدور لجعفر ... ولكن أعجازًا شديدًا ضريرها لولا رجاء لقاء الظاعنين لما ... أبقت نواهم لنا روحا ولا جسدا 7 أعرب ما تحته خط في الأبيات الآتية، وبين ما فيها من أداة شرط، مع ذكر الشرط والجواب: يابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما ... قد حوثوك فما راء كمن سمعا لولا أبوك ولولا قبله عمر ... ألقت إليك معد بالمقاليد ما أطيب العيش لو أنَّ الفتى حجر ... تنبو الحوادث عنه وهو ملموم 8 بين فيما يأتي: الأدوات التي وردت في هذا الباب ومعناه، وشرطها، وجوابها إن كان: من الخير أن تقرأ كل يوم شيئًا من القرآن ولو يسيرًا. أما والله لو فعلت ما أصابك شر في يومك، ولو أن كل حافظ للقرآن فعل ذلك؛ إذا والله لظفر بالحسنى. الأصدقاء ثلاثة: فأما خيرهم فالوافي المعين عند الشدة، وأما أوسطهم فالمشارك بالقول أكثر من الفعل ... أي أخي! هل المعوز عاونت؟ ألا تصاحب المهذب الأخلاق، لو ما تراقب الله في عملك. هلا ذكرت ضعفك وقدرة الله واطلاعه عليك. والنفس لو أن ما في الأرض حيز لها ... ما كان إن هي لم تقنع بكافيها وربما فات قوما جل أمرهم ... من التأني وكان الحزم لو عجلوا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 باب: الإخبار بالذي وفروعه 1 وبالألف واللام ويسميه بعضهم: باب السبك2. وهو: باب وضعه النحويون للتدريب في الأحكام النحوية3، كما وضع التصريفيون مسائل التمرين في القواعد التصريفية4. والكلام فيه في فصلين:   باب: الإخبار بالذي وفروعه، وبالألف واللام 1 فروع الذي هي: المثنى، والجمع "اللذان، والذين، والأولى، واللائي" ومثلها: "التي" ومثناها، وجمعها. أما غير ذلك من الموصلات فلا يخبر به. 2 هي تسمية قديمة من الصدر الأول، ومعناه، سبك كلام من كلام آخر ويسمى كذلك باب التمرين. 3 أي: للتمرين والتدريب فيها؛ ليستطيع الدارس استحضار وتذكر المسائل النحوية المختلفة وأحكامها، وتقوية ملكته على التصرف فيها والتطبيق عليها، ومعرفة ما يصح الإخبار عنه وما يمتنع.. إلخ. ولذلك توسعوا فيه حتى شمل كثيرًا من أبواب النحو؛ كالفاعل والمبتدأ والخبر، ونواسخهما، وجميع المفعولات، والتوابع ... إلخ. وقد لا يقصد بالإخبار ما ذكرنا من التمرين والتدريب؛ بل يؤتى به لغرض آخر مثل: أ- الاختصاص والقصر؛ كما إذا قال قائل: ركب علي الطائرة, فتقول ردًا عليه: الذي ركب الطائرة خالد، ويجاب بهذا كذلك لمن قال: ركب علي وخالد؛ لإفادة القصر، وإزالة الشك في الراكب. ب- تقوية الحكم وتثبيته؛ لأن في التعبير بالإخبار إسنادين: أحدهما إلى الضمير، والثاني إلى الظاهر، ولا شك أن هذا أقوى مما فيه إسناد واحد. جـ- تشويق السامع، كقول أبي العلاء المعري في وصف ناقة سيدنا صالح، وفيه إشارة إلى المعاد الجسماني: والذي حارت البرية فيه ... حيوان مستحدث من جماد 4 سيأتي في باب التصريف أمثله لذلك، كقولهم: "كيف تبني من قرأ" على مثال "جعفر"؟. ومن أمَّ على وزن "إصبع" فهذا، مثل قولك: كيف تخبر عن هذا الاسم بالذي ونحوه؟ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 الفصل الأول: في بيان حقيقته. إذا قيل لك: كيف تخبر عن زيد من قولنا: "زيد منطلق" بالذي؟ فاعمد إلى ذلك الكلام، فاعمل فيه أربعة أعمال. أحدها: أن تبتدئه بموصول مطابق لزيد في إفراده وتذكيره وهو الذي1. الثاني: أن تؤخر "زيدا" إلى آخر التركيب2. الثالث: أن ترفعه على أنه خبر للذي3. الرابع: أن تجعل في مكانه4 الذي نقلته عنه ضميرًا مطابقًا له في معناه وإعرابه5؛ فتقول: "الذي هو منطلق زيد"؛ فالذي: مبتدأ وهو منطلق مبتدأ وخبر، والجملة صلة للذي، والعائد منها6 الضمير الذي جعلته خلفًا عن زيد الذي هو الآن كمال الكلام7. وقد تبين بما شرحناه: أن "زيدًا" مخبر به لا عنه، وأنَّ "الذي" بالعكس، وذلك   1 وتجعله مبتدأ. 2 لأنه يراد جعله خبرا عن الموصول. 3 ويجعل ما بين المبتدأ والخبر صلة الموصول. 4 أي: في موضع "زيد" الذي أخرته. 5 ويكون مطابقًا للموصول؛ لأنه العائد إليه، ويلزم عند الجمهور: أن يكون هذا الضمير غائبًا ولو كان خلفًا عن ضمير متكلم أو مخاطب؛ لأنه عائد على غائب؛ إذ الموصول في حكم الغائب، وأجاز بعضهم مطابقته للخبر في التكلم والخطاب؛ فيقال في الإخبار عن التاء، في ضربت، بالفتح: الذي ضربتَ أنت، وبالضم: الذي ضربتُ أنا. 6 أي: إلى الموصول؛ لأنه يحتاج إلى عائد كما هو معروف. 7 وإلى بيان حقيقة الإخبار المذكورة، أشار الناظم بقوله: = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 خلاف ظاهر السؤال1؛ فوجب تأويل كلامهم على معنى: أخبر عن مسمى زيد في حال تعبيرك عنه بالذي2. وتقول في نحو: "بلغت من أخويكم إلى العمرين رسالة" -إذا أخبرت عن التاء   = ما قيل "أخبر عنه الذي" خبر ... عن الذي مبتدأ قبل استقر وما سواهما فوسطه صله ... عائدها خلف معطي التكمله نحو "الذي ضربته زيد" فذا ... "ضربت زيدا" كان فادر المأخذا* أي: إذا قيل لك: أخبر عن اسم ما بالذي، فاجعل الذي مبتدأ في أول الكلام، واجعل ذلك الاسم خبرًا عنه في الآخر، وما سوى المبتدأ والخبر من بقية الكلام، فاجعله متوسطًا بينهما ليكون صلة الذي، والعائد ضمير خلف عن الاسم الذي جعلناه في الآخر خبرًا ومكملا لجملة المبتدأ، ويكون مطابقًا له في معناه وإعرابه؛ فتقول في نحو ضربت زيدًا: الذي ضربته زيد؛ فالذي مبتدأ، وزيد خبره، وضربته صلة والهاء فيه خلف عن زيد. وهي عائدة على الذي فـ"عن" في قول الناظم: عنه, بمعنى "الباء"، والباء في بالذي بمعنى "عن". 1 أي: الذي ساقه المصنف وهو: "كيف تخبر عن زيد من قولنا: "زيد من منطلق" بالذي؟ فإن ظاهره أن "زيدًا" مخبر عنه، وأن "الذي" مخبر به. 2 هذا أحد التأويلات التي ذكروها وهو لابن عصفور، وقيل: إن الباء في كلام الناظم للسببية؛ أي: أخبر عن ذلك الاسم بسبب التعبير عنه بالذي، أو للاستعانة؛ أي: متوصلا إلى ذلك الأخبار بالذي.   * "ما" اسم موصول مبتدأ، وجملة "قيل" صلة. "عنه بالذي" متعلقان بأخبر، وجملة أخبر وما تعلق بها مقول القول "خبر" خبر المبتدأ. "عن الذي" متعلق بخبر. "مبتدأ" حال من الذي. "قبل" ظرف متعلق باستقر الواقع صلة للذي، أو مبني على الضم في محل نصب حال ثانية. * "وما" اسم موصول مبتدأ "سواهما" سوى ظرف متعلق بمحذوف صلة، "وهما" مضاف إليه "فوسطه" الفاء زائدة والجملة خبر المبتدأ "صلة" حال من الهاء الواقعة مفعولا لوسطة. "عائدها" مبتدأ ومضاف إليه، "خلف معطي" خبر ومضاف إليه "التكملة" مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، والجملة صفة لصلة. * "نحو" خبر لمبتدأ محذوف "الذي" اسم موصول مبتدأ "ضربته" الجملة صلة. "زيد"خبر المبتدأ. "فذا" الفاء للتفريغ، وذا اسم إشارة مبتدأ. "ضربت زيدًا" الجملة مقصود لفظها خبر "كان" مقدم، واسمها يعود إلى ذا، وجملة كان واسمها وخبرها خبر المبتدأ وهو "ذا". "نادر" فعل أمر "المأخذا" مفعول أدر، والألف للإطلاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 بالذي- "الذي بلغ من أخويك إلى العمرين رسالة أنا"1 فإن أخبرت عن "أخويك" قلت: اللذان بلغت منهما إلى العمرين رسالة، أخواك2، أو عن العمرين قلت: "الذين بلغت من أخويك إليهم رسالة العمرون"، أو عن الرسالة قلت: "التي بلغتها من أخويك إلى العمرين رسالة3؛ فتقدم الضمير وتصله4؛ لأنه إذا أمكن الوصل لم يجز العدول إلى الفصل وحينئذ5 فيجوز حذفه؛ لأنه عائد متصل منصوب بالفعل.   1 فـ"الذي" مبتدأ، و"أنا" خبره، وما بينهما صلة، والعائد الضمير المستتر في بلغ. 2 فـ"اللذان" مبتدأ، و"أخواك" خبر, وما بينهما صلة، والعائد ضمير التثنية المجرور في "منها". 3 "التي" مبتدأ، و"رسالة" خبر، وما بينهما صلة، والعائد الهاء في بلغتها. 4 أي: تقدم ضمير الرسالة عن موضعه، وتصله بالفعل؛ وكان حقه أن يكون مكانها منفصلا؛ ويكون التقدير: التي بلغت من أخوتيك إلى العمرين إياها رسالة. 5 أي: حين إذا قدمت الضمير ووصلته. ويؤخذ من هذا الذي ذكره المصنف: أنه إذا كان المخبر عنه مثنى أو مجموعا أو مؤنثًا، جيء بالموصول على وفقه؛ لوجوب مطابقة الخبر للمبتدأ في الإفراد والتذكير وفروعهما، وإلى ذلك يشير الناظم بقوله: وباللذين والذين والتي ... أخبر مراعيا وفاق المثبت* أي: إذا كان الاسم الذي قيل لك: "أخبر عنه" أي: به مثنى أو مجموعا أو مؤنثا؛ فجيء بالمبتدأ الموصول وفقه في ذلك؛ ليطابق الاسم المخبر عنه به، فتقول: اللذين للمثنى، والذين للجمع، والتي للمؤنث.   * "وبالذين" متعلق بأخبر. "والذي والتي" معطوفان عليه "مراعيا" حال من فاعل أخبر، وفيه ضمير هو فاعله. "وفاق المثبت" وفاق مفعوله، والمثبت مضاف إليه، وليس الحكم مقصورًا على هذه الثلاثة، بل المراد فروعها؛ كاللتين واللاتي، واللائي, والأولى كما أوضحنا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 الفصل الثاني في شروط ما يخبر عنه: اعمل أن الإخبار إن كان بالذي أو أحد فروعه1 اشترط للمخبر عنه سبعة شروط: أحدها: أن يكون قابلا للتأخير2؛ فلا يخبر عن "أيهم" من قولك أيهم في الدار؟ لأنك تقول حينئذ: الذي هو في الدار أيهم، فتزيل الاستفهام عن صدريته3، وكذا القول في جميع أسماء الاستفهام، والشرط، و"كم" الخبرية، و"ما" التعجبية، وضمير الشأن، لا يخبر عن شيء منها لما ذكرنا4. وفي التسهيل: أن الشرط أن يقبل الاسم أو خلفه التأخير، وذلك لأن الضمائر المتصلة؛ كالتاء من قمت -يخبر عنه مع أنها لا تتأخر، ولكن يتأخر خلفها وهو الضمير المنفصل، فتقول: الذي قام أنا. الثاني: أن يكون قابلًا للتعريف؛ فلا يخبر عن الحال، والتمييز؛ لأنك لو قلت في جاء زيد ضاحكا: "الذي جاء زيد إياه ضاحك" كنت قد نصبت الضمير على الحال، وذلك ممتنع؛ لأن الحال واجب التنكير، وكذا القول في نحوه5، وهذا القيد لم يذكره   1 أي: من موصول؛ للتأنيث والتثنية، والجمع. 2 وذلك لما سبق بيانه؛ من أنه يجب تأخير ذلك الاسم إلى نهاية الجملة؛ وجعله خبرًا عن الذي وفروعه. 3 وقد أجاز ذلك ابن عصفور والمبرد ومن تبعهما؛ بشرط تقدم اسم الاستفهام ونحوه, فيقال: أيهم الذي هو في الدار، ويعرب "أيهم" خبرًا مقدما، و"الذي" مبتدأ مؤخر، وهم يجيزون تقديم الخبر في هذا الباب. وقيل: أيهم مبتدأ والذي خبره، والصواب رأي الجمهور من عدم جواز هذا ونحوه. 4 أي: من استلزامه إزالة ما له صدر الكلام عن موضعه اللازم له وهو الصدرية، ومثل ما ذكر: ضمير الفصل على القول بأنه اسم؛ فلا يخبر به لئلا يخرج عما له من لزوم التوسط. 5 فلا يجوز في نحو: اشتريت خمسين فدانًا، الذي اشتريت خمسين إياه فدان، ولا في نحو: كرم محمدًا نفسًا, التي كرم محمد إياها نفس، لأن الضمير الواقع بدلا ملازم للتعريف، ونصبه على التمييز غير جائز. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 في التسهيل1. الثالث: أن يكون قابلا للاستغناء عنه بالأجنبي2؛ فلا يخبر عن الهاء من نحو: زيد ضربته؛ لأنها لا يستغنى عنه بالأجنبي كعمرو، وبكر. وإنما امتنع الإخبار عما هو كذلك؛ لأنك لو أخبرت عنه لقلت: "الذي زيد ضربته هو"، فالضمير المنفصل هو الذي كان متصلًا قبل الإخبار، والضمير المتصل الآن3 خلف عن ذلك الضمير الذي كان متصلا ففصلته وأخرته، ثم هذا الضمير المتصل: إن قدرته رابطاً للخبر بالمبتدأ، الذي هو زيد بقي الموصول بلا عائد، وإن قدرته عائدًا على الموصول بقي الخبر بلا رابط4.   1 وذلك للاستغناء عنه بالشرط الرابع الآتي؛ وهو: أن يكون قابلا للاستغناء عنه بالمضمر؛ لأن ما يقبل الإضمار يقبل التعريف. وقد ذكره الناظم لزيادة الإيضاح، فقال في الشرطين الأول والثاني: قبول تأخير وتعريف لما ... أخبر عنه ههنا قد حتما أي: إنه يشترط في الاسيم المخبر عنه بالذي، أن يكون قابلا للتأخير؛ فلا يخبر عما له صدر الكلام، كأسماء الشرط والاستفهام وغيرهما مما ذكره المصنف. وأن يكون قابلا للتعريف؛ فلا يخبر عن الحال والتمييز، وقد أوضح المصنف العلة في ذلك. 2 أي: بأن يصح وضع أجنبي موضعه قبل الإخبار، مثل "محمد" من أكرمت محمدًا؛ فإنه يصح وضع "على" مثلا موضعه في تركيب آخر؛ فتقول: أكرمت عليًّا. 3 وهو الهاء المتصلة بالفعل. 4 ولا يسوغ أن يعود عليهما؛ لأن الضمير المفرد لا يعود على شيئين؛ إنما الذي يسوغ: أن=   * "قبول" مبتدأ. "تأخير" مضاف إليه. "وتعريف" معطوف عليه. "لما" متعلق بحتما، و"ما" موصولة واقعة على المخبر عنه. "عنه" جار ومجرور نائب فاعل أخبر, والجملة صلة ما. "ههنا" متعلق بحتما. "قد حتما" نائب الفاعل يعود إلى قبول تأخير، والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ قبول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 الرابع: أن يكون قابلًا للاستغناء عنه بالمضمر1؛ فلا يخبر عن الاسم المجرور بحتى أو بمذ أو منذ؛ لأنهن لا يجررن إلا الظاهر2. والإخبار يستدعي إقامة ضمير مقام المخبر عنه كما تقدم3؛ فإذا قيل: سر أبا زيد.   = يقدر عوده على أحدهما، ويقدر للآخر عائد يناسب المقام، ومثل الضمير غيره مما يحصل به الربط، كاسم الإشارة في نحو: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} فلا يقال: الذي لباس التقوى هو خير ذلك. وكالاسم الظاهر في نحو: محمد ضربت محمدًا؛ فلا يخبر عن محمد، فلا يقال الذي محمد ضربته محمد، ومنه قول الشاعر: وأنت الذي في رحمة الله أطمع فلا يقال الذي في رحمته أطمع الله. وكالأسماء الواقعة في الأمثال، نحو: الكلاب -في وقولهم "الكلاب على البقر"، فلا يجوز أن يقال: التي إياها على البقر الكلاب لأن لفظ الكلاب لا يستغنى عنه بأجنبي؛ إذ الأمثال لا تغير ألفاظها. 1 أي: الذي يعود على ما قبله، ليصح كونه عائد الموصول؛ فلا يخبر عن مجرور "رب" في مثل: رب رجل لقيته؛ لأنه الضمير المجرور بها لا يعود إلا بعده كضمير الشأن، وذلك ليحصل له به إبهام يقرب به من النكرة، وهو علاوة على ذلك محتاج إلى تمييز ولا تمييز هنا. 2 ومثلهما: المجرور بواو القسم وتائه، والكاف. 3 وقد أوضح المصنف ذلك أول الباب؛ فلا تقول في الإخبار عن الرأس من قولك: أكلت السمكة حتى رأسها -بالجر- الذي أكلت السمكة حتاه رأسها, ولا في الإخبار عن "يومين" من قولك: ما رأيته منذ أو مذ يومين, اللذان ما رأيته منذهما أو مذهما يومان؛ لأن حتى ومنذ ومذ لا تجر ضميرًا. وكذلك لا يجوز الإخبار عن المضاف دون المضاف إليه ولا الموصوف أو الموصول دون الصفة أو الصلة، والعكس فيهما، ولا عن الأسماء العاملة عمل الفعل، كاسم الفاعل، واسم المفعول, والمصدر, واسم الفعل؛ لأن الضمير لا يعمل عملهما فلا يخلفهما. وإلى الشرطين الثالث والرابع أشار الناظم بقوله:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 قرب من عمرو الكريم جاز الإخبار عن زيد1، وامتنع الإخبار عن الباقي؛ لأن الضمير ل خلفهن، أما الأب؛ فلأن الضمير لا يضاف وأما القرب؛ فلأن الضمير لا يتعلق به جار ومجرور ولا غيره، وأما الكريم؛ فلأن الضمير لا يوصف، ولا يوصف به. نعم؛ إن أخبرت عن المضاف والمضاف إليه معًا2، أو عن العامل ومعموله معًا3، أو عن الموصوف وصفته معًا4، فأخرت ذلك وجعلت مكانه ضميرًا جاز؛ فتقول في الإخبار عن المتضايفين: الذي سره قرب من عمرو الكريم، أبو زيد، وكذا الباقي5. الخامس: جواز وروده في الإثبات؛ فلا يخبر عن "أحد" من نحو: ما جاءني أحد؛   = كذا الغني عنه بأجنبي أو ... بمضمر شرط، فراع ما رعوا* أي: كذلك يشترط في المخبر عنه بالذي؛ أي: يصح الاستغناء عنه بأجنبي، وأن يكون كذلك صالحًا للاستغناء عنه بمضمر، وقد أوضح المصنف سبب اشتراط ذلك. 1 أي: وحد في هذه العبارة؛ لأن الضمير يصح أن يخلفه؛ فيقال: الذي سر أباه قرب من عمرو الكريم، زيد. 2 وهما: أبا زيد. 3 وهما: قرب من عمرو. 4 وهما عمرو الكريم. 5 فتقول في الإخبار عن العامل ومعموله: الذي سر أبا زيد قرب من عمرو الكريم؛ فالضمير المستتر في سر الواقع فاعلا، خلف عن "قرب"، وكان ينبغي أن يوضع في محله، ولكن ضرورة اتصاله قدمته، واتصل بعامله فاستتر فيه. وتقول في الإخبار عن الموصوف وصفته معا, وهما عمرو الكريم: الذي سر أبا زيد قرب منه عمر الكريم.   * "كذا" جار ومجرور متعلق بشرط. "الغنى" مبتدأ. "عنه بأجنبي" متعلقان به. "أو بمضمر" معطوف على بأجنبي, و"أو" بمعنى الواو، "شرط" خبر المبتدأ. "فراع" الفاء لتفريع، و"راع" فعل أمر مبني على حذف الياء. "ما" اسم موصول مفعول راع، "راعو" الجملة صلة ما، والعائد محذوف, أي: رعوه. والمعنى: فلاحظ ما حفظوه من الشروط. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 لأنه لو قيل: الذي ما جاءني أحد لزم وقوع "أحد" في الإيجاب1. السادس: كونه في جملة خبرية2؛ فلا يخبر عن الاسم في مثل: "اضرب زيدًا"؛ لأن الطلب لا يقع صلة3. السابع: ألا يكون في إحدى جملتين مستقلتين4 نحو زيد؛ من قولك: "قام زيد وقعد عمرو"5؛ بخلاف "إن قام زيد قعد عمرو"6. وإن كان الإخبار بالألف واللام، اشترط عشرة أمور؛ هذه السبعة   1 وذلك ممنوع عند الجمهور؛ ذلك لأن "أحد" خبر عن "الذي"، وفاعل "جاء" ضمير مستتر فيه؛ وهو ضمير "أحد" ومثل أحد في ذلك: عريب وديار، وغيرهما مما لا يستعمل إلا في النفي. 2 أي: ليمكن الإتيان بصلة للموصول؛ كما ذكر المصنف. 3 فلا يقال: الذي اضربه زيد، وكذلك لا يخبر عن اسم "ليت" "ولعل" وخبرهما إلا إذا كانا بعض جملة خبرية، مثل: قال محمد: ليت عليًّا مسافر أو لعل بكرًا مقيم عندنا؛ فإنه يقال: الذي قال محمد: ليته مسافر علي, أو ليت عليًّا مسافر ... إلخ, ولا يسوغ الإخبار عن معمول لكن؛ لأنه لا تقع صلة وإن كانت خبرية؛ لئلا يلزم الاستدراك بدون مستدرك. 4 أي: إذا لم يكن هنالك ما يربط إحداهما بالأخرى. 5 فلا يقال: الذي قام وقعد عمرو, زيد؛ لخلو جملة "قعد عمرو" من رابط؛ كضمير يعود على الموصول، أو عطف بالفاء فيلزم عند الإخبار: عطف ما ليس صلة على ما هو صلة، فإن كان في الثانية ضمير الاسم المخبر عنه، أو كانت معطوفة بالفاء, جاز الإخبار، لانتفاء المجرور المتقدم، تقول في حالة الضمير في الإخبار عن أحمد في مثل: "سافر أحمد وتخلف عنه إبراهيم": الذي سافر وتخلف عنه إبراهيم، أحمد، وفي حالة العطف بالفاء تقول: في مثل: "حضر علي فتخلف محمد" الذي حضر فتخلف محمد علي. 6 لأن جملتي الشرط والجزاء في حكم الجملة الواحدة، فتقول في الإخبار عن زيد: الذي إن قام قعد عمرو زيد. هذا؛ ومن الشروط: ألا يكون الاسم ملازما لغير الرفع مثل: "سبحان". و"عند"؛ لتعذر جعله خبرًا، وأن يمكن الاستفادة منه، فلا يخبر عن اسم ليس تحته معنى كثواني الأعلام، مثل بكر من أبي بكر، إذ لا يمكن أن يكون خبرًا عن شيء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 وثلاثة أخر وهي: أن يكون المخبر عنه من جمل فعلية1، وأن يكون فعلها متصرفًا، وأن يكون مقدمًا2؛ فلا يخبر بأل عن زيد من قولك: "زيد أخوك"3 ولا من قولك: "عسى زيد أن يقوم"4 ولا من قولك: "ما زال زيد عالما"5. ويخبر عن كل من الفاعل والمفعول في نتحو قولك: وقى الله البطل، فتقول:   1 بخلاف الإخبار بالذي؛ فإنه يخبر به عن الاسم الواقع في جملة اسمية أو فعلية. 2 في بعض النسخ "مثبتا"، فيكون شرطًا زائدا على التقدم. 3 لأنه في جملة اسمية، والجملة الاسمية لا تصلح صلة. 4 لأن فعلها جامد، وهو أيضًا لا يصلح صلة لأل. 5 لأنه تقدم على الفعل نفي: ولا يفصل بين "أل" وصلتها بنفي ولا بغيره، وإلى الشروط المتقدمة، يشير الناظم بقوله: وأخبروا هنا بأل عن بعض ما ... يكون فيه الفعل قد تقدما إن صح صوغ صلة منه لأل ... كصوغ "واق" من "وقى الله البطل"* أي: إنه يخبر بما فيه "أل"عن الاسم، إذا كان واقعًا في جملة فعلية تقدم فيها الفعل، وكان ذلك الفعل مما يصح أن تصاغ منه صلة الألف واللام، فلا يكون جامدًا، ولا منفيا وقد أوضح المصنف ذلك كما أوضح الإخبار في المثال الذي ذكره الناظم، وهو: "وقى الله البطل".   * "هنا بأل عن بعض" الثالثة متعلقات بأخبروا. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "فيه" متعلق بتقدما "الفعل" اسم يكون، وجملة "قد تقدما" خبرها، وجملة "يكون" إلى آخر البيت صلة ما. "إن صح" شرط وفعله، والجواب محذوف. "صوغ" فاعل صح. "صلة" مضاف إليه. "منه" متعلق بصوغ. "لأل" متعلق بصلة. "كصوغ" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، "واق" مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله، "من" حرف جر متعلق بصوغ، ومجروره قول محذوف؛ أي: من قولك: "وقى الله البطل" والجملة مقصود منها لفظها مجروره بمن تقديرًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 الواقي البطل الله1، والواقيه الله البطل2، ولا يجوز لك أن تحذف الهاء؛ لأن عائد الألف واللام، ولا يحذف إلا في ضرورة الشعر، كقوله: ما المستفز الهوى محمود عاقبة3 فصل: وإذا رفعت صلة "أل" ضميرًا راجعًا إلى نفس أل استتر في الصلة ولم يبرز4؛ تقول في الإخبار من التاء من "بلغت" في المثال المتقدم: المبلغ من أخويك إلى العمرين رسالة أنا؛ ففي المبلغ ضمير مستتر؛ لأنه في المعنى لـ"أل" لأنه خلف عن ضمير المتكلم، و"أل" للمتكلم؛ لأن خبرها ضمير المتكلم والمبتدأ نفس الخبر5. وإن رفعت صلة "أل" ضميرًا لغير "أل" وجب بروزه وانفصاله6، كما إذا أخبرت   1 أي: إذا أخبرت عن الفاعل؛ فتنصب البطل على المفعولية، أو تجره على أنه مضاف إليه. 2 أي: عند الإخبار عن المفعول؛ فيرفع لفظ الجلالة على الفاعلية باسم الفاعل، والبطل على الخبرية. 3 تقدم إعراب وشرح هذا البيت في باب الموصول. صفحة 179، جزء أول. والشاهد فيه هنا: حذف الهاء العائدة على "أل" من المستفز للضرورة، أي: المستفزة. 4 بل يجب استتاره؛ لأن الصفحة جارية على من هي له. 5 وإذا أخبرت عن الفاعل في مثل: أكرمتني، قلت: المكرمي أنت فيستتر فالع الصلة؛ لأنه لأل، و"أنت" مرفوع الصلة، وقد أبرز لأنه لغير أل، و"أنا" خبر أل. 6 لأنه الصلة إذا جرت على غير من هي له امتنع رفعها ضميرًا مستترًا, وإلى ذلك يشير الناظم بقوله: وإن يكن ما رفعت صلة أل ... ضمير غيرها أبين وانفصل* أي: إذا رفع الوصف الواقع صلة لأل ضميرًا، وكان هذا الضمير عائدًا على غير "أل" وجب الإتيان به بارزًا منفصلا. أما إذا عاد إلى أل، فيجب استتاره كما بينا.   * "وإن يكن" شرط وفعله. "ما" اسم موصول اسم يكن. "رفعت صلة أل" الجملة صلة ما. "ضمير غيرها" ضمير خبر يكن والهاء مضاف إليه، "أبين" فعل ماض مبني للمجهول في محل جزم جواب الشرط، ونائب الفاعل يعود على "ما" ومعناه: قطع "وانفصل" معطوف على أبين في محل جزم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 عن شيء من بقية المثال؛ تقول في الإخبار عن الأخوين: المبلغ أنا منهما إلى العمرين رسالة أخواك. وعن العمرين: المبلغ أنا من أخويك إليهم رسالة، العمرون، وعن الرسالة: المبلغها أنا من أخويك إلى العمرين رسالة1؛ وذلك لأن التبليغ فعل المتكلم2، و"أل" فيهن لغير المتكلم؛ لأنها نفس الخبر الذي أخرته3.   1 "أنا" في الأمثلة فاعل المبلغ؛ لأنه اسم فاعل، وهو ضمير منفصل؛ لأنه لغير"أل"، وضمير الغيبة هو العائد. 2 بدليل إسناده إلى تاء المتكلم في بلغت. 3 أي: وهو الأخوان في الأول، والعمرون في الثاني، والرسالة في الثالث. خاتمة: يجوز الإخبار عن اسم كان، بالذي وفروعه، وبالألف واللام؛ تقول في مثل: كان محمد زميلك في الدراسة, الذي كان زميلك في الدراسة محمد، أو الكائن زميلك ... إلخ أما الخبر؛ فيرى السيوطي جواز الإخبار عنه إذا كان جامدًا، كما يجوز باتفاق في خبر المبتدأ، وفي باب "إن"، وباب "ظن" الجامد؛ تقول: الذي كان محمد إياه، أو كانه محمد أخوك، والذي إن محمدًا هو أخوك، والذي ظننت محمدًا إياه، أو ظننته محمدًا أخوك. ويمتنع في كل خبر مشتق في الجميع؛ سواء كان خبر للمبتدأ، أو في باب كان، أو إن، وظن. أما غير السيوطي: فيجيز الإخبار عن الخبر مطلقًا، جامدًا أو مشتقًا، وهذا هو الصحيح، وفيه تيسير حسن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 ما الذي يريده النحاة بقولهم: أخبر عن أي اسم بالذي، أو بالألف واللام؟ 2 اذكر الخطوات التي تتبعها إذا أردت الإخبار عن اسم بالذي؟ 3 اذكر ما يشترط في الاسم الذي يراد الإخبار عنه بالذي أو أحد فروعه. ومثل. 4 بين ما لا يصح أن يخبر عنه من الأسماء، ووضح السبب في ذلك. 5 ما الذي يشترط في المخبر عن بالألف واللام؟ ولماذا هذه الشروط؟ 6 أخبر عن الفاعل، والمفعول، والمبتدأ والخبر، واسم كان في الجملة الآتية بما يمكن الإخبار به، وعلل لما تقول: قابلت زملائك بالأمس، وكان محمد معني باستذكار دروسه، أما أخوه فقد رسب وحزن أصدقاؤه لذلك حزنا شديدًا. لا يزال الفدائيون يبذلون كل جهد لينالوا الانتصار على العدو الغادر، وما برح هذا العدو غير مستجيب لنداء الأمم المتحدة. ينصر الله المتوكل عليه إنه نعم المولى ونعم النصير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 باب: العدد 1 اعلم أن الواحد والاثنين يخالفان الثلاثة والعشرة وما بينهما في حكمين: أحدهما: أنهما يذكَّران مع المذكَّر؛ فتقول: واحد، واثنان، ويؤنثان مع المؤنث2؛ فتقول: واحدة، واثنتان3، والثلاثة وأخواتها تجري على عكس ذلك4؛ فتقول: ثلاثة رجالن بالتاء، وثلاث إماء، بتركها؛ قال الله -تعالى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} .   باب: العدد 1 إن معنى كلمة العدد واضح ومعروف، ومع هذا فقد عرفه النحاة بأنه: ما وضح لكمية الآحاد؛ أي: الأفراد. والمراد به هنا: الألفاظ الدالة على المعدود، ومن خواص العدد: أنه يساوي نصف مجموع حاشيتيه المتقابلتين، والمراد بالحاشيتين: الناحيتان اللتان يقع العدد بينهما؛ وهما: العدد الذي قبله والعدد الذي بعده، ومعنى تقابلهما: أن الحاشية التي قبله تنقص عنه بمقدار زيادة الحاشية التي بعده, فالعدد 7 مثلا، حاشيته السفلى 6 والعليا 8؛ ومجموعهما 14، والعدد 7 نصف هذا المجموع ... وهكذا. 2 ومثلهما في ذلك: العشرة إذا ركبت، تقول: الجزاء الرابع عشر، والمقالة الرابعة عشرة، وما وازن "فاعلا" مطلقًا، تقول: الجزء الرابع والمقالة الرابعة، وسيأتي الكلام على موازن "فاعل" في موضعه إن شاء الله. 3 أي: على لغة الحجازيين؛ وثنتان على لغة بني تميم. 4 فتلحقها تاء التأنيث إن كان المعدود مذكرًا، وتتجرد من التاء، إن كان مؤنثا وذلك بشرط: أن يكون المعدود مذكورًا في الكلام، وأن يكون متأخرًا عن اسم العدد، وتقول: ثلاثة رجال، وأربع فتيات، فإن لم يذكر المعدود بل لحظ معناه، أو تقدم وجعل اسم العدد صفته، جاز في اسم العدد التذكير والتأنيث، ومن ذكل الحديث: "ثلاث من كن فيه كان منافقًا"، ويجوز ثلاثة. وحللت مسائل تسعًا، وقابلت رجالا ستة، ويجوز العكس وإن حذف المعدود ولم يلاحظ في التقدير مطلقًا؛ بل قصد ذكر اسم العدد المجرد، فالأفصح تأنيث العدد بالتاء؛ على اعتباره علم جنس مؤنثًا؛ تقول: ثلاثة نصف ستة، ويمنع من= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 والثاني: أنهما لا يجمع بينهما وبين المعدود1؛ لا تقول: واحد رجل، ولا اثنا رجلين؛ لأن قولك: "رجل" يفيد الجنسية والوحدة، وقولك: "رجلان"؛ يفيد الجنسية وشفع الواحد؛ فلا حاجة إلى الجمع بينهما. وأما البواقي؛ فلا تستفاد العدة والجنس إلا من العدد والمعدود جميعًا؛ وذلك لأن قولك: ثلاثة "يفيد العدة دون الجنس، وقولك: "رجال" يفيد الجنس دون العدة. فإن قصدت الإفادتين جمعت الكلمتين2.   = الصرف للعلمية الجنسية والتأنيث، ولا تلحقه "أل" المعرفة على الأرجح هذا: وقد ذكر ابن مالك أن السر في ذكر التاء في الثلاثة والعشرة وما بينهما في عد المذكرين هو أن الثلاثة وأخواتها أسماء جموع مؤنثة، مثل: فرقة، زمرة، أمة، فأصلها أن تكون بالتاء على غرار نظائرها, ولما كان المذكر سابقا على المؤنث في الاستعمال استعملوا هذه الألفاظ على أصلها مع المذكر، وحذفت التاء مع المؤنث للفرق بين المذكر والمؤنث. 1 أي: لا يذكر معهما تمييز؛ وذلك على الإضافة، كما مثل المصنف، وأما "ثنتا حنظل" في قول جندل بن المثنى، فضرورة شاذة: ويجوز الجمع بينهما على طريق الوصفية إذا قصد بالوصف بيان أن المراد باسم الجنس العدد المخصوص لا الجنسية، كما في قوله -تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ، فإنه لو قيل: "إله" ولم يؤكد بواحد لم يحسن؛ فربما فهم أن المراد إثبات الإلهية لا الوحدانية. 2 وفي حكم الثلاثة والعشرة وما بينهما، يقول الناظم: ثلاثة بالتاء قل للعشره ... في عد ما آحاده مذكره في الضد جرد ... ... ... ... ... ... ... ... * أي: قل ثلاثة بالتاء إلى العشرة؛ إذا كنت تعد جمعًا آحاد؛ أي: مفرداته مذكرة، أما في ضد ذلك، حين تكون مفردات المعدود مؤنثة فيجب تجريد العدد من التاء، وقد أوضحنا ما في ذلك كله.   * "ثلاثة" بالنصب, مفعول مقدم لقل بتضمينه معنى اذكر، وبالرفع مبتدأ، وجملة "قل" خبره، والرابط محذوف؛ أي: ثلاثة مقرونة بالتاءء قلها "بالتاء" متعلق بمحذوف حال من ثلاثة لقصد لفظه. "للعشرة عد" متعلقان بقل. "ما" اسم موصول مضاف إليه "آحاده مذكره" مبتدأ ومضاف إليه وخبر، والجملة صلة الموصول "في الضد" جار ومجرور متعلق بجرد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 فصل: مميز الثلاثة والعشرة وما بينهما، إن كان اسم جنس1 كشحر وتمر، أو اسم جمع كقوم ورهط2 خفض بمن؛ تقول. "ثلاثة من التمر"، "وعشرة من القوم"، قال الله -تعالى: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} وقد يخفض بإضافة العدد3 نحو: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} وفي الحديث: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة"، وقال الشاعر: ثلاثة أنفس وثلاث ذود4   1 تقدم الكلام مستوفى على اسم الجنس وأنواعه، واسم الجمع في الجزء الأول صفحة 26. 2 رهط الرجل: قومه وقبيلته، وهو من الثلاثة إلى العشرة من الرجال ولا واحد له من لفظه. 3 يري بعض النحاة قصر ذلك على السماع. 4 صدر بيت من الوافر للحطيئة، من أبيات يشكو فيها ما نزل به من بلاء، وذلك أنه كان في سفر ومعه امرأته أمامة وابنته مليكة، فسرح إبله فافتقد منها ناقة فحزن، وعجز البيت: لقد جار الزمان على عيالي وقبله: أذئب القفر أم ذئب أنيس ... أصاب البكر أم حدث الليالي اللغة والإعراب: ذود: الذود من الإبل: ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها، وقيل غير ذلك. ومن الأمثال: "الذود إلى الذود إبل" أي: إذا جمع القليل إلى القليل صار كثيرا، فهو حث على الإدخار وعدم التبذير. "ثلاثة" خبر لمبتدأ محذوف أو العكس، وما بعده مضاف إليه؛ أي: نحن ثلاثة أنفس، ولنا ثلاث ذود. قال المبرد: أراد بثلاث ذود ثلاث نوق؛ كما تدل على ذلك القصة "لقد" اللام موطئة للقسم وقد حرف تحقيق. "الزمان" فاعل جار, "على عيالي" جار ومجرور متعلق بجار. الشاهد: إضافة العد -وهو ثلاثة- إلى "ذود" المعدود، وهو اسم جمع مؤنث وذلك قليل: والقياس ألا يضاف العدد إلا إلى جمع, وفيه شاهد آخر وهو: تأنيث ثلاثة، والنفس مؤنثة، والقياس: ثلاث أنفس، وقد أنث مراعاة للمعنى، لكثرة إطلاق النفس على الإنسان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 وإن كان جمعًا خفض بإضافة العدد إليه: "ثلاثة رجال". ويعتبر التذكير والتأنيث مع اسمي الجمع والجنس بحسب حالهما1؛ فيعطى العدد عكس ما يستحقه ضميرهما؛ فتقول: "ثلاثة من الغنم" بالتاء؛ لأنك تقول: "غنم كثير" بالتذكير2، "وثلاث من البط" بترك التاء، لأنك تقول: "بط كثيرة" بالتأنيث، و"ثلاثة من البقر"؛ أو "ثلاث"؛ لأن في البقر لغتين: التذكير والتأنيث؛ قال الله -تعالى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} وقرئ: {تَشَابَهَتْ} .   1 أي: حال لفظها وصيغتهما وما هما عليه من تذكير أو تأنيث، أو صلاح للأمرين، وذلك: أن الجنس؛ منه المؤنث كالنخل والبط، والمذكر كالموز والعنب والسدر والقمح، وما فيه لغتان كالبقر والغنم، وكذلك اسم الجمع منه المذكر، كقوم ورهط، والمؤنث كإبل وخيل، وجائزهما، كركب ويعرف الحال من هذه الناحية بوسائل متعددة؛ منها: نوع الضمير العائد على كل مهما، أهو مذكر أم مؤنث؟ والإشارة المستعملة مع كل، والنعت، وتأنيث الفعل معهما ... إلخ ومحل اعتبار اللفظ والصيغة في اسمي الجنس والجمع؛ إذا لم يفصل يبن المعدود واسم العدد نعت يدل على التأنيث فقط، أو التذكير فقط، أو يكون لفظه صالحًا لنعت المؤنث والمذكر؛ فإن توسط هذا النعت وجب مراعاة المعنى الذي يقتضيه؛ فيذكر اسم العدد أو يؤنث تبعًا له؛ تقول: خمس إناث من الغنم، وثلاثة ذكور من البط، ولو تأخر هذا النعت عن المعدود، أو كان لفظه مما يصلح نعتًا للمذكر والمؤنث -كلفظ حسان مثلا- لم يكن له أثر في تأنيث العدد وتذكيره تقول: في الماء خمس من الغنم إناث, وخمسة من الغنم إناث, وثلاثة من البط ذكور, أو ثلاث من البط ذكور؛ كما تقول: خمسة حسان، أو خمس حسان من البط؛ لأن لفظ "حسان" يصلح نعتا للمذكر والمؤنث، فيقال: رجال حسان، ونساء حسان. 2 في مختار الصحاح، والغنم: اسم مؤنث موضوع للجنس يقع على الذكرو والإناث وعليهما جميعًا، والإبل كالغنم في ذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 ويعتبران1 مع الجمع بحال مفرده؛ فلذلك تقول: "ثلاث اصطبلات وثلاثة حمامات" بالتاء فيهما، اعتبارًا بالاصطبل والحمام، فإنهما مذكران، ولا تقول: "ثلاث" بتركها، اعتبارًا بالجمع، خلافًا للبغداديين2. ولا يعتبر من حال الواحد حال لفظه حتى يقال: "ثلاث طلحات" بترك التاء، ولا حال معناه حتى يقال: ثلاث أشخص بتركها تريد نسوة3، بل ينظر إلى ما يستحقه المفرد باعتبار ضميره، فيعكس حكمه في العدد4؛ فكما تقول: "طلحة حضر"، و"هند شخص جميل" بالتذكير فيهما تقول: "ثلاثة طلحات"، "وثلاثة أشخص" بالتاء فيهما. فأما قوله: ثلاث شخوص كاعبان ومعصر5.   1 أي: التذكير والتأنيث. 2 فإنهم يجيزون مراعاة الجمع والمفرد، ووافقهم الكسائي، فيقال: ثلاثة حمامات, وثلاث حمامات. وذكر سيبويه: أن ذلك مخالف لما ورد عن العرب. 3 لأن لفظ "شخص" يستوي فيه المذكر والمؤنث، ولكن إذا أعيد عليه الضمير، يعود مذكرًا، ويؤنث العدد إذا أضيف إلى جمعه. 4 وعلى ذلك: لا يجوز تذكير العدد إذا كان المعدود مذكرًا مؤولا بالمؤنث. 5 عجز بيت من الطويل، لعمر بن أبي ربيعة المخزومي، وصدره. فكان مجني دون من كنت أتقي وهذا البيته من قصيدته الرائية المشهورة التي مطلعها: أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فمهجر اللغة والإعراب: مجني، المجن: أصله الترس وجمعه مجان، ويريد به هنا: ما يتقى به الرقباء، أتقي: أجانب وأحذر شخوص: جمع شخص، وأصله الشبح الذي يرى من بعد، والمراد هنا: الإنسان كاعبان: مثنى كاعب، وهي الجارية حين يبدو ثديها.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 فضرورة، والذي سهل ذلك قوله: "كاعبان ومعصر" فاتصل باللفظ ما يعضد المعنى المراد1، ومع ذلك فليس بقياس، خلافًا للناظم. وإذا كان المعدود صفة -فالمعتبر حال الموصوف المنوي لا حالها، قال الله -تعالى: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} أي: عشر حسنات أمثالها، ولولا ذلك لقيل: "عشرة"؛ لأن المثل مذكر2، وتقول: "عندي ثلاثة ربعات"3 بالتاء إن قدرت رجالًا، وبتركها إن قدرت نساء، ولهذا يقولون: ثلاثة دواب بالتاء، إذا قصدوا ذكورًا؛ لأن الدابة صفة في الأصل فكأنهم قالوا: ثلاثة أحمرة دواب، وسمع ثلاث دواب ذكور، بترك التاء.   معصر: الجارية أول ما تدرك وتدخل عصر الشباب "مجني" خبر كان مقدم "دون" منصوب على الظرفية به لما فيه من معنى الواقي "من" اسم موصول مضاف إليه، "كنت أتقى" الجملة صلة الموصول؛ والعائد محذوف؛ أي: أتقيه "ثلاث شخوص" ثلاث اسم كان مؤخر وشخوص مضاف إليه "كاعبان" بدل من ثلاث "ومعصر" معطوف عليه. والمعنى: كان سِتري وحصني دون من كنت أتقيه وأخافه من الرقباء, هؤلاء الثلاثة اللواتي مشيت بينهن متنكرا وساعدنني على ذلك. وقبل هذا البيت: فقالت لها الصغرى سأعطيه مطرفي ... ودرعي، وهذا البرد إن كان يحذر يقوم فيمشي بيننا متنكرا ... فلا سرنا يفشو ولا هو يظهر والشاهد: في ثلاث شخوص؛ فقد حذف التاء من ثلاثة، وشخوص جمع وكان ينبغي ملاحظة مفرده المذكر -وهو شخص- فيقول: ثلاثة شخوص، ولكنه راعى المعنى الذي قصده، وقواه ذكر الكاعبين والمعصر، وهذا ضرورة عند جمهور النحاة. 1 أي: وهو التأنيث، فقد كنى بذلك عن النساء. 2 ذلك لأنه واحد الأمثال، وتقدم أنه يعتبر في الجمع حال مفرده. 3 بفتح الباء، جمع ربعة، وهو المربوع الخلق الذي ليس بالطويل ولا بالقصير يوصف به المذكر والمؤنث فيقال: رجل ربعة وامرأة ربعة، وهو في الأصل اسم ثم استعمل صفة. قال صاحب الصحاح: وهذا الجمع شاذ؛ لأن "فَعْله" إذا كانت صفة لا تحرك في الجمع، وإنما تحرك إذا كانت اسمًا، ولم يكن موضع العين واو، ولا ياء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 لأنهم أجروا الدابة مجرى الجامد، فلا يجرونها على موصوف. فصل: الأعداد التي تضاف للمعدود عشرة، وهي نوعان: أحدهما: الثلاثة والعشرة وما بينهما، وحق ما تضاف إليه أن يكون جمعًا، مكسرا من أبنية القلة1 نحو: ثلاثة أفلس، وأربعة أعبد، وسبعة أبحر، وقد يتخلف كل واحد من هذه الأمور الثلاثة فيضاف للمفرد؛ وذلك إذا كان مائة2 نحو: ثلائمائة وتسعمائة، وشذ في الضرورة قوله: ثلاث مئين للملوك وفى بها3   1 وذلك ليتطابق المعدود والعدد في الدلالة على التعدد لفظًا ومعنى؛ فإن ألفاظ العدد أقرب إلى جمع التكسير لفظًا، وفي ذلك يقول الناظم: ... ... ... والمميز اجرر ... جمعا بلفظ قلة في الأكثر* أي: اجعل تمييز الثلاثة إلى العشرة مجرورًا بالإضافة، والغالب أن يضاف إلى جمع قلة؛ إن كان للمعدود جمع قلة وكثرة، فإن لم يكن للكلمة إلا جمع كثرة صح التميز به بلا ضعف. 2 أي: إذا كان التمييز لفظ "مائة" فإن لفظها مفرد، وإن كانت جمعًا في المعنى؛ لأنها عشر عشرات، وهو حد جمع القلة. وكذلك إذا كان اسم جمع كقوم ورهط، أو اسم جنس، كنحل وبقر والغالب في هذين النوعين أن يكونا مجرورين بالحرف "من" تقول: ثلاثة من القوم فازوا، وخمسة من البقر، ولدت, ومنه قوله تعالى: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} . ومن جرهما بالإضافة قوله -تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} . وقوله عليه السلام: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة" قيل: والأحسن قصره على السماع. 3 صدر بيت من الطويل للفرزدق همام بن غالب في الفخر، وعجزه. ردائي وجلت عن وجوه الأهاتم =   * "والمميز" مفعول اجرر مقدم. "اجرر" فعل وأمر والفاعل أنت. "جمعا" حال من المميز. "بلفظ" متعلق به. "قلة" مضاف إليه. "في الأكثر" جار ومجرور متعلق بقلة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 ويضاف لجمع التصحيح في مسألتين1: إحداهما: أن يهمل تكسير الكلمة نحو: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} وخمس صلوات، و {سَبْعَ بَقَرَاتٍ} 2. والثانية: أن يجاور ما أهمل تكسيره، نحو: {وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ} ، فإنه في التنزيل مجاور لـ {سَبْعَ بَقَرَاتٍ} 3. ويضاف لبناء الكثرة في مسألتين:   = اللغة والإعراب: ثلاثة مئين, أي: ثلاثمائة بعير. ردائي، الرداء: معروف، وهوما يلبس. قيل: والمراد هنا السيف. جلت: كشفت. وجوه: عظماء وأعيان. الأهاتم: جمع أهتم، وهم بنو سنان الأهتم. "ثلاث" مبتدأ. "مئين" مضاف إليه مجرور بالياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. "للملوك" متعلق بمحذوف صفة لثلاث مئين. "وفي" فعل ماض. المعنى: يقولون: إن ردائي أو سيفي, وفي بديات ثلاث ملوك قتلوا, وكانت ديتهم ثلاثمائة بعير وأزال العبء عن عظماء هذه القبيلة, وكان قد رهن رداءه أو سيفه في ذلك. الشاهد: إضافة ثلاث إلى جمع المائة وذلك شاذ؛ لأن المائة إذا جمعت كان أقل مفهومها ثلاثة، وذكر "ثلاث" التي هي العدد، يجعل معنى ثلاث مئين تسعمائة، ولا شك أن هذا غير مقصود. 1 وكذلك: إذا كان للكلمة جمع تكسير ولكنه نادر وقليل الاستعمال، نحو: ثلاث سعادات وآيات. فإنه يندر: سعائد، وآي. ومن النادر أيضا: وقوع جمع التصحيح المشتق تمييزا للعدد: مثل: ثلاثة صالحين، وأربعة زاهدين، بالإضافة. والأحسن أن يعرب هذا الجمع نعتا، ويجوز نصبه على الحال إن كان نكرة. 2 فإن "سماء" و"صلاة" و"بقرة" لم يسمع لها جمع تكسير أصلا. 3 "سنبلات" لها جمع تكسر وهو "سنابل" وقد عدل عنه لمجاورته بقرات التي ليس لها جمع تكسير, مراعاة للتنسيق، [سورة يوسف الآية: 43] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 أحدهما: أن يهمل بناء القلة: نحو: ثلاث جوار، وأربعة رجال، وخمسة دراهم1. والثانية: أن يكون له بناء قلة، ولكنه شاذ قياسا أو سماعا؛ فينزل لذلك منزلة المعدود. فالأول نحو: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} ؛ فإن جمع "قَرْءٍ" بالفتح على أقراء شاذ2، والثاني: نحو: ثلاثة شُسُوع3؛ فإن أشساعا قليل الاستعمال4. النوع الثاني: المائة والألف5. وحقهما أن يضافا إلى مفرد، نحو: {مِائَةَ جَلْدَةٍ} ، و {أَلْفَ سَنَةٍ} . وقد تضاف بالمائة إلى جمع كقراء الأخوين6 {ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} 7 وقد تميز   1 "جارية" و"رجل" و"درهم" لم يستعمل لها جمع قلة، أما "أرجل" فجمع رجل. 2 ذكر بعضهم أنه جمع "قُرءِ" بالضم، وعليه فلا شذوذ، وأيضا فقد ذكروا بناء قلة مطردا لقرء بالفتح, وهو "أقرؤ" وعلى ذلك فالصواب: جمع {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} من القليل لا مما شذ جمع قلته. [سورة البقرة الآية: 228] . 3 جمع شسع، وهو أحد سيور النعل. 4 أي: وإن كان جمعا قياسيا لشسع. 5 أي: ومثناها وجمعهما؛ فالمراد جنس المائة وجنس الألف، سواء كان الجمع بالصيغة، نحو: مائتي رجل، وألفي فتاة، وثلاثة آلاف مقاتل، أو بإضافة "ثلاثة" فما فوق إليه، نحو: ثلاثمائة رجل، وأحد عشر ألف رجل. ولك أن تجعل هذين من المفرد اعتبارا بلفظ مائة وألف. هذا: ويميز بالألف مطلقا، نحو: مائة ألف، وأحد عشر ألفا، وعشرون ألفا؛ ولا يميز بالمائة؛ إلا: ثلاث وإحدى عشرة وأخواتهما؛ تقول: ثلاثمائة، وخمسمائة، وإحدى عشرة مائة، وخمس عشرة مائة. 6 المراد: حمزة والكسائي. 7 أي: بإضافة مائة إلى سنين؛ تشبيها لها بالعشرة. أو من وضع الجمع موضع المفرد.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 بمفرد منصبو، كقوله: إذا عاش الفتى مائتين عاما1 فصل: إذا تجاوزت العشر جئت بكلمتين، الأولى النيف2، وهو التسعة فما دونها،   = [سورة الكهف الآية: 35] . وفي المائة والألف يقول الناظم: ومائة والألف للفرد أضف ... ومائة بالجمع نزرا قد ردف* أي: أضف "مائة" و"الألف" للمفرد ليكون تمييزا لهما. وقد يردف المائة؛ أي: يقع بعدها جمع مضاف إليه ليكون تمييزا لها، وذلك نادر لا يقاس عليه. وإنما يجب جر التمييز فيما تقدم إذا تأخر وأعرب تمييزا، فإذا تقدم على العدد أعرب على حسب حاجة الجملة، وأعرب العدد نعتا مؤولا لجموده، تقول: عندي ضيوف ثلاثة برفعهما، ورأيت رجالا ثلاثة بنصبهما ... إلخ. 1 صدر بيت من الوافر، للربيع بن ضبع الفزاري أحد الشعراء المعمرين، وقد استشهد به سيبويه، وعجزه: فقد ذهب المسرة والفتاء اللغة والإعراب: المسرة: ما يسر به الإنسان، والجمع مسار، وفي رواية: اللذاذة. الفتاء: الشباب، يقال: فتى فتاء، فهو فتى، أي: بين الفتاء. "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان. "الفتى" فاعل عاش. "مائتين" مفعوله منصوب بالياء؛ لأنه مثنى. "عاما" تمييز. المعنى: إذا بلغ الإنسان هذه السن فقد ذهبت ملذاته التي يسر بها، وولى عنه شبابه الذي يتيه فيه ويعجب به. الشاهد: نصب تمييز مائتين، وكان حقه الجر بالإضافة فيقول: مائتي عام. ونصبه عند الجمهور ضرورة لا يقاس عليه، وجوزه جماعة منهم ابن كيسان. 2 هو من 1 إلى 9، وكل ما زاد على العقد حتى يبلغ العقد الثاني. والنيف -وقد يخفف- الزيادة، يقال عشرة ونيف؛ ومائة ونيف، وهو من ناف ينوف؛ إذا زاد. يكون للمذكر=   * "ومائة" مفعول أضف مقدم. "والألف" عطف عليه. "للرد" متعلق بأضف. "ومائة" الثانية مبتدأ. "بالجمع" متعلق بردف الواقع خبرا للمبتدأ، ونائب فاعله يعود إلى مائة "نزرا" حال من ضمير ردف الواقع نائب فاعل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 وحكمت لها في التذكير والتأنيث بما ثبت لها قبل ذلك1؛ فأجريت الثلاثة والتسعة وما بينها، على خلاف القياس، وما دون ذلك2 على القياس؛ إلا أنك تأتي بأحد وإحدى مكان واحد وواحدة3، وتبني الجميع على الفتح4؛ إلا "اثنين" و"اثنتين" فتعربهما كالمثنى5، وإلا ثماني؛ فلك فتح الياء وإسكانها، ويقل حذفها مع بقاء كسر النون ومع فتحها6. والكمة الثانية: "العشرة" وترجع بها إلى القياس؛ في التذكير مع المذكر، والتأنيث   = والمؤنث بلا هاء، ولا يستعمل إلا متأخرًا عما يصاحبه من العقود، والعقد: ما كان من مرتبة العشرات أو المئات أو الألوف، أما البضع فهو: ما بين الثلاث إلى التسع. وحكمه حكم ثلاثة في الإفراد والتركيب، وعطف عشرين وأخوته عليه؛ تقول: بضع سنين، وبضعة عشر رجلا، وبضع عشر امرأة، فإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع، لا تقول: بضع وعشرون ... إلخ, وقيل: بجواز ذلك؛ وعليه يقال: بضع وعشرون كتابًا، وبضع وعشرون صحيفة، وفي الحديث: "الإيمان بضع وستون شعبة". 1 أي: قبل التركيب. 2 وهو: الأحد، والاثنان. 3 ولا تستعمل إحدى إلا مركبة، أو مضافة، أو معطوفًا عليها، نحو: إحدى عشرة، إحدى وعشرون، قال -تعالى: {إِنَّهَا لإٍحْدَى الْكُبَرِ} [سورة المدثر الآية: 35] ، ولا تستعمل مفردة، وألفها للتأنيث عند الأكثيرين، وقيل زائدة للإلحاق. 4 أي: جميع ألفاظ النيف، وهي تكون صدر المركب مع ضمها لما بعدها. وعلة بنائها: وقوعها موقع ما قبل تاء التأنيث في لزوم الفتح. 5 لوقوع ما بعدهما موقع النون، وما قبل النون محل إعراب لا بناء، ولذلك لا يضافان إلى العقد. 6 هذا كله إذا ركبت، أما إذا لم تركب؛ فإن أضيفت إلى تمييز مؤنث فالأفصح إثبات الياء في جميع الحالات مع إعرابه إعراب المنقوص، فتقدر الضمة والكسرة على يائة وتظهر الفتحة؛ تقول: "ثماني فتيات ينشدن", "سمعت ثماني غوان يعزفن" وإن أضيفت إلى= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 مع المؤنث، وتبنيها على الفتح مطلقًا1 وإذا كانت بالتاء سكنت شينها في لغة الحجازيين، وكسرتها في لغة تميم، وبعضهم بفتحها2. وقد تبين مما ذكرنا أنك تقول: "أحد عشر عبدًا"، "واثنا عشر رجلا". بتذكيرهما3، "وثلاثة عشر عبدًا" بتأنيث الأول وتذكير الثاني وتقول: "إحدى عشرة أمة"، و"اثنتا عشرة جارية" بتأنيثهما، و"ثلاث عشرة جارية"، بتذكير الأول، و"تأنيث الثاني". فإذا جاوزت التسعة عشر في التذكير، والتسع عشرة في التأنيث، استوى لفظ المذكر والمؤنث4، تقول: عشرون عبدًا، وثلاثون أمة.   = مذكر لزمتها الياء، وبعدها التاء الدالة على التأنيث، وأعرب إعراب الأسماء الصحيحة، تقول: عندنا ثمانية رجال، وشاهدت ثمانية رجال، واستمعت إلى ثمانية منشدين، وإن لم تضف؛ فإن كان المعدود مذكرًا لزمتها الياء والتاء أيضًا، تقول: المسافرون من الرجال ثمانية، كان المسافرون ثمانية. وإن كان المعدود مؤنثًا، أعرب إعراب المنقوص غالبًا، تقول: جاءني من الفتيان ثمان، ومررت بثمان من التلميذات؛ ورأيت ثمانيا أو ثماني من الكاتبات، فالتنوين على اعتبارهما اسمًا منقوصًا منصرفًا، وعدمه على المنع من الصرف؛ كجوار. 1 أي: سواء كانت مع النيف، أو مع اثني واثنتين وعلة البناء تضمنها معنى حرف العطف، ووقوعها موقع النون المحذوفة لشبه الإضافة مع اثنين واثنتين وموقع التنوين مع الباقي. 2 أي: كما هو الشأن إذا كان المعدود مذكرًا، وتسكين الشين إن كان المعدود مؤنثًا. 3 أي: النيف والعقد في المثالين. 4 ويكون المدار في التذكير والتأنيث على التمييز. وقد أجمل الناظم الأحكام المتقدمة في ستة أبيات؛ فقال في تركيب العقد مع أحد وإحدى: وأحد اذكر، وصلنه بعشر ... مركبا قاصد معدود ذكر= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = وقل لدي التأنيث إحدى عشره ... والشين فيها عن تميم كسره* أي: إن "عشرة" إذا ركبت مع "أحد" ذكرت، وإذا ركبت مع "إحدى" أنثت، وتسكن شينها عند التأنيث في أشهر اللغات, وتميم تجيز الكسر أيضًا. ثم بين أن الحكم الخاص بعشرة -من ناحية المطابقة للمعدود- ليس مقصورًا على أحد وإحدى، فقال: ومع غير "أحد" و"إحدى" ... ما معهما فعلت فافعل قصدا* أي: افعل قصدًا مع غير أحد وإحدى من الأعداد التي تركب مع عشرة ما فعلته مع أحد وإحدى، من المطابقة في التذكير والتأنيث. ونص على هذه الأعداد التي تركب مع العشرة بقوله: ولثلاثة وتسعة وما ... بينهما إن ركبا ما قدما* أي: إن ثلاثة وما بعدها إلى تسعة؛ حكمها بعد التركيب كحكمها قبله؛ تثبت فيها التاء إن كان المعدود مذكرًا، وتسقط إن كان مؤنثًا, أما "عشرة" فتسقط منها التاء إن كان=   * "وأحد" مفعول اذكر مقدم. "وصلته" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة والهاء مفعوله. "بعشر" متعلق به. "مركبًا قاصد" حالان من فاعل اذكر, "معدود" مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله "ذكر" نعت لمعدود. * "إحدى عشرة" مفعول قل مقصود لفظه. و"الشين" مبتدأ أول. "فيها عن تميم" متعلقان بمحذوف خبر مقدم. "كسرة" مبتدأ ثان مؤخر، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر الأول، والهاء في "كسرة" مبدلة من تاء التأنيث للوقف. * "ومع" مع ظرف متعلق بافعل "غير أحد" غير مضاف إليه وأحد كذلك "وإحدى" معطوف على أحد. "ما" اسم موصول مفعول مقدم لافعل "معهما" مع متعلق بفعلت والضمير المضاف إليه عائد إلى أحد وإحدى. "فعلت" الجملة صلة ما. "فافعل" الفاء زائدة، و"افعل" فعل أمر. "قصدا" حال من ضمير. "افعل" على تأويله بمشتق هو اسم فاعل؛ أي: قصدًا. * "ولثلاثة" جار ومجرور خبر مقدم "وتسعة وما" معطوفان على ثلاثة، وما اسم موصول. "بينهما" بين ظرف متعلق بمحذوف صلة ما "إن ركبا" شرط وفعله، والألف نائب فاعل، وجواب الشرط محذوف، "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "قدما" قدم فعل ماض للمجهول والجملة صلة، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل يعود إلى ماء, وجملة الشرط وجوابه اعتراضية لا محل لها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 وتمييز ذلك كله مفرد منصوب1 نحو: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} ، {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} ، {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} ، {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} 2. وأما قوله -تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} ، فأسباطًا بدل من "اثنتي عشرة"3 والتمييز محذوف؛ أي: اثنتي عشرة فرقة، ولو كان "أسباطًا" تمييزًا؛ لذكر   = المعدوم مذكرًا، وتثبت إن كان مؤنثًا على العكس من ثلاثة فما بعدها، ثم ذكر حكم اثنى، واثنتي؛ فقال: وأول عشرة اثنتي ... وعشرا اثني إذا أثني تشا أو ذكرا واليا لغير الرفع وارفع بالألف ... والفتح في جزأي سواهما ألف* أي: أتبع "اثنتي" المؤنثة، كلمة "عشرة" المؤنثة، واذكر كلمة "عشر" المذكرة بعد "اثني" المذكرة، وهما يعربان إعراب المثنى، فيرفعان الألف وينصبان ويجران بالياء. أما العجز وهي "عشر"؛ فيبنى على الفتح، وغيرهما من الأعداد المركبة يبنى على فتح الجزأين في القول المألوف؛ أي: الشائع. 1 ونكرة أيضًا، وإنما كان مفردًا نكرة؛ لأنه جيء به لبيان حقيقة المعدود، وذلك يحصل بالمفرد النكرة التي هي الأصل ومنصوبًا لتعذر الإضافة مع النون التي هي في صورة نون الجمع. 2 الآيات: [سورة يوسف الآية: 4] , [سورة التوبة الآية: 36] ، [سورة الأعراف الآية: 142] ، [سورة ص الآية: 23] . 3 أي: بدل كل من كل، ليس بتمييز؛ لأنه جمع. ولا يقال إن المبدل منه في نية الطرح، ولو=   * "عشرة" مفعول أول لأول. "اثتني" مفعول ثان. "وعشرًا" معطوف على عشرة "اثني" معطوف على اثنتي، وفي هذا عطف على معمولين لعامل واحد، وذلك جائز "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط، "أنثى" مفعول تشا مقدم وهو فعل الشرط. "أو ذكرا" عطف على أنثى، وجواب الشرط محذوف. * "واليا" مبتدأ وقصر للضرورة. "لغير الرفع" لغير متعلق بمحذوف خبر والرفع مضاف إليه "والفتح" مبتدأ "في جزأي" متعلق بألف "سواهما" سوى مضاف إليه والضمير مضاف إليه أيضًا. "ألف" فعل ماض للمجهول= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 العددان1؛ لأن السبط مذكر. وزعم الناظم أنه تمييز، وأن ذكر "أمما" رجح حكم التأنيث2؛ كما رجحه ذكر "كاعبان ومعصر" في قوله: ثلاث شخوص كاعبان ومعصر3 فصل: ويجوز في العدد المركب غير اثني عشر واثنتي عشرة4 أن يضاف إلى مستحق المعدود5 فيستغنى عن التمييز، نحو: هذه أحد عشر زيد.   = قيل: "وقطعناهم أسباطًا" لفاتت فائدة كمية العدد وهي مطلوبة؛ لأنا نقول: إن ذلك أغلبي، وقد يخرج القرآن على غير الغالب، كما قراءة التنوين في {ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} , وخرج بعضهم الآية على أن تمييز المركب بالجمع جائز، إذا صدق على كل واحد من العدد، وهنا كذلك؛ لأن المراد: وقطعناهم اثنتي عشرة فرقة، كل فرقة أسباط، فوضع "أسباط" موضع فرقة [سورة الأعراف الآية: 160] . 1 أي: فكان يقال: اثني عشر بتذكيرهما. 2 أي: في "أسباطًا" لأنه وصف "بأمما" وهو جمع أمة. 3 تقدم قريبًا انظر صفحة 102، وكان القياسي أن يقال "ثلاثة" شخوص؛ لأن الشخص مذكر، ولكن التفسير بكاعبان ومعصر -وهما مؤنثان- رجح تأنيثه. وفي تمييز العشرين ونحوه من ألفاظ العقود، يقول الناظم: وميز العشرين للتسعينا ... بواحد كأربعين حينا* أي: إن العدد من عشرين إلى تسعين، يكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث، ولا يكون مميزه إلا مفردًا منصوبًا، ويذكر قبله النيف، ويعطف هو عليه. 4 لأن "عشرة" فيهما بمنزلة نون المثنى، فلا تجامع الإضافة كالنون. 5 أي: إلى شيء يستحقه؛ وذلك لأن يكون العدد مملوكًا للمضاف إليه، أو منتسبًا له بأي صلة من صلات الإضافة الدالة على الاستحقاق.   = ونائب الفاعل يعود إلى الفتح، والجملة خبره. * "العشرين" مفعول ميز، "للتسعينا بواحد" متعلقان بميز، واللام بمعنى إلى والألف واللام بمعنى إلى والألف للإطلاق "كأربعين" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كأربعين "حينا" تمييز لأربعين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 ويجب عند البصريين بقاء البناء في الجزأين1، وحكى سيبويه الإعراب في آخر الثاني، كما في بعلبك، وقال: هي لغة رديئة. وحكى الكوفيون وجهًا ثالثًا؛ وهو: أن يضاف الأول إلى الثاني، كما في عبد الله3،   1 أي: كما يبقى مع التمييز، ولم تؤثر الإضافة، لقلتها؛ ولأن البناء يبقى مع الألف واللام بالإجماع فكذلك مع الإضافة، ويكونان في محل رفع أو نصب أو جر على حسب حاجة الجملة. 2 أي: ويبقى الجزء الأول على بنائه على الفتح في جميع الحالات؛ لأن المضاف مجموع الجزأين؛ فهما كاسم واحد في إعرابه في آخره، تقول: ثلاثة عشر علي؛ إن ثلاثة عشر محمد عندي، حافظت على ثلاثة عشر أحمد؛ فثلاثة عشر في هذه الأمثلة معربة، وعجزها في الأول مبتدأ، وفي الثاني اسم إن، وفي الثالث مجرور بعلى, وفي حكم تمييز المركب يقول الناظم: وميزوا مركبا بمثل ما ... ميز عشرون فسوينهما وإن أضيف عدد مركب ... يبق البنا وعجز قد يعرب* أي: إن تمييز العدد المركب كتمييز عشرين وأخواته؛ فيكون مفردًا منصوبًا، وإذا أضيف العدد المركب بقي الجزآن على بنائهما عند الجمهور، وقد يعرب العجز ويبقى الصدر على بنائه، وهو مذهب سيبويه وآخرين. 3 أي: فيعرب الجزء الأول بحسب العوامل، ويجر الثاني بالإضافة إلى مستحق المعدود. وقيل: إنه سمع ذلك عن العرب.   * "مركبا" مفعول ميزوا "بمثل ما" بمثل متعلق بميزوا وما اسم موصول مضاف إليه، "ميز عشرون" الجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة ما، والعائد محذوف؛ أي: به "فسويتها" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة، والضمير البارز مفعوله عائد إلى مركب وعشرين. * "وإن أضيف" شرط وفعله. "عدد" نائب فاعل أضيف. "مركب" نعت لعدد. "يبقى" جواب الشرط مجزوم بحذف الألف. "البنا" فاعل يبق وقصر للضرورة. "عجز" مبتدأ. "قد يعرب" الجملة من الفعل ونائب الفاعل خبر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 نحو: "ما فعلت خمسة عشرك". وأجازوا أيضا هذا الوجه دون إضافة1، استدلالا بقوله: كلف من عنائه وشقوته ... بنت ثماني عشرة من حجته2   1 أي: إلى مستحق المعدود، تقول: هذه خمسة عشر -بجر عشر- وتعرب خمسة على حسب العوامل، والرأيان الأخيران ضعيفان. 2 بيت من الرجز، ينسب لنفيع بن طارق، وقيل: أنشده في أرجوزة ليست له. اللغة الإعراب: "كلف" ماض للمجهول -بالتشديد من التكليف- وهو تحمل ما فيه كلفة مشقة. وقرئ: كلف -من الكلف- يقال: كلف بكذا؛ أي: أولع به. "عنائه"، العناء معناه: التعب والجهد. "شقوته" وعسره "من حجته" من عامة ذلك. "كلف" فعل ماض للمجهول. "من عنائه" من للتعليل, عنائه مجرور ومضاف إلى الهاء. "وشقوته" معطوف على عنائه. "بنت" مفعول ثان لكلف. "ثماني عشرة" ثمان مضاف إليه وهو مضاف إلى عشرة "من حجته" من جارة بمعنى "في", وحجته مجرورة بها. المعنى: أن هذا الرجل تحمل وتكلف -لأجل تعبه وشقائه- مشقة حب بنت سنها ثماني عشرة في عامة ذلك. الشاهد: في قوله "ثماني عشرة" فقد استشهد به الكوفيون على جواز إضافة صدر المركب العددي إلى عجزه، وإن لم يضف المجموع إلى شيء آخر؛ فقد أضيف ثماني إلى عشرة مع عدم إضافتها إلى غيرها كما في خمس عشرة محمد. هذا: وقد يضاف العدد المفرد إلى غير تمييزه المبين لنوع المعدود، فيضاف إلى مستحق المعدود كالمركب، تقول: هذه ثلاثتنا، أو ثلاثة محمد إلى تسعة، وهذه عشرون، أو عشرون علي وكذلك بقية العقود. ومن المفرد: واحد ومؤنثه، واثنان كذلك؛ تقول هذا واحد زملائه، وهذه واحدة أسرتها. وهذان اثنا محمد، إشارة إلى كتابين مثلا، وهاتان الفتاتان اثنتا مصر. خلاصة ما تقدم: أن ألفاظ العدد بالنسبة للاستعمال أربعة أنواع: مفرد، وهو: الواحد والاثنان، وعشرون، وتسعون، وما بينهما= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 فصل: ويجوز أن تصوغ من اثنين وعشرة وما بينهما1 اسم فاعل كما تصوغه من "فعل"؛ فتقول: ثان، وثالث، ورابع.. إلى العاشر2 كما تقول: ضارب وقاعد. ويجب   = ومضاف، وهو: ثلاثة وعشرة، وما بينهما، ومائة، وألف. ومركب، وهو: أحد عشر، وتسعة عشر وما بينهما. ومعطوف وهو: أحد وعشرون، وتسعة وتسعون، وما بينهما. وتمييزها في الغالب هو: واحد واثنان لا يحتاجان لتمييز: وثلاثة وعشرة وما بينهما تمييز بجمع تكسير للقلة مجرور، وجنس المائة والألف يحتاج إلى مفرد مجرور بالإضافة أو بمن مع التفصيل الذي ذكره المصنف، وما عدا ذلك يحتاج إلى مفرد منصوب: تنبيهان: أ- إذا نعت تمييز العدد المركب، أو العقد "عشرون وبابه" أو المعطوف، جاز في هذا النعت: الإفراد مراعاة للفظ المنعوت، وجاز الجمع مراعاة لمعناه، تقول: عندنا خمسة عشر خبيرًا عالمًا أو علماء، وعشرون مهندسًا ماهرًا أو ماهرين، وخمسة وعشرون طبيبا ذكيا أو أذكياء. ومراعاة اللفظ أكثر ومثل النعت غيره من بقية التوابع. ب- وإذا ميز عدد مركب بشيئين، فالحكم لمذكرهما مطلقًا إن وجد العقل، سواء سبق المذكر أولا، وقع الفصل ببين أولا، تقول: عندي خمسة عشر طالبًا وطالبة، وخمسة عشر طالبة وطالبًا، وإن فقد العقل فللسابق؛ بشرط اتصال التمييز بالعدد، نحو: عندي خمسة عشر جملا وناقة، وخمس عشر ناقة وجملا. فإن فصل بين العدد والتمييز ببين؛ فالحكم للمؤنث، نحو: عندي ست عشرة ما بين ناقة وجمل، أو ما بين جمل وناقة. 1 الأصل في الاشتقاق: أن يكون -على الأرجح- من المصدر، وهذه الأعداد أسماء أجناس جامدة وليست بمصادر؛ فالاشتقاق منها سماعي يقتصر فيه على المسموع مثل قولهم: تربت يداك؛ من التراب، واستحجر الطين؛ من الحجر. وقد أجاز المجمع اللغوي المصري: الاشتقاق من الأسماء الجامدة عند الحاجة. 2 إذا أردت من "ثالث" -مثلا- معنى جاعل الاثنين ثلاثة؛ كان مشتقا من مصدر: ثلثت الاثنين أثلثهما؛ أي: جعلتهما ثلاثة، وإن أردت أنه واحد من هذه العدة، كان مشتقا من اسم العدد الذي هو ثلاثة؛ لأن العرب لم تستعمل فعلا ولا مصدرًا بهذا المعنى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 فيه أبدًا أن يذكر مع المذكر ويؤنث من المؤنث كما يجب ذلك مع ضارب، ونحوه. فأما ما دون الاثنين فإنه وضع على ذلك من أول الأمر1، فقيل: واحد وواحدة, ولك في اسم الفاعل المذكور2 أن تستعمله -بحسب المعنى الذي تريده- على سبعة أوجه: أحدهما: أن تستعمله مع أصله؛ ليفيد الاتصاف بمعناه مجردًا. فتقول: ثالث، ورابع3, قال: لستة أعوام وذا العام سابع4   1 أي: إنه اسم وليس بوصف، وقال الرضي: "واحد" اسم فاعل، من وحد يحد وحدًا, أي: انفرد، فالواحد بمعنى المنفرد؛ أي: العدد المنفرد. 2 وهو ثان، وعاشر، وما بينهما. 3 ويكون معناه حينئذ: أنه واحد موصوف بهذه الصفة، وهي كونه ثالثة أو رابعًا؛ أي: في المرتبة الثالثة أو الرابعة، ويقال في المؤنثة: ثالثة أو رابعة .... إلخ، ويعرب "فاعل" في هذه الحالة بالحركات الظاهرة على حسب ما يقتضيه الكلام. 4 عجز بيت من الطويل، للنابغة الذبياني، وصدره: توهمت آيات لها فعرفتها اللغة والإعراب: توهمت: وقع في وهمي وذهني، آيات: علامات، جمع آية وهي العلامة "آيات" مفعول توهمت منصوب بالكسرة، "لستة أعوام" متعلق بعرفتها ومضاف إليه "وذا" الواو عاطفة و"ذا" اسم إشارة مبتدأ، "العام" بدل. "سابع" خبر. المعنى: توهمت علامات لهذه الديار وسكانها؛ من النؤى والأثافي، وغير ذلك فعرفتها بعد مرور ستة أعوم على تركها، وهذا العام الذي أنا فيه هو السابع. الشاهد: في قوله: "سابع" فإنه اسم فاعل مفرد مأخوذ من لفظ "سبعة" مجرد عن الإضافة، ومعناه: اتصاف الموصوف بهذا العدد فحسب. وفي هذا الاستعمال يقول الناظم:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 الثاني: أن تستعمله مع أصله؛ ليفيد أن الموصوف به بعض تلك العدة المعينة لا غير؛ فتقول: خامس خمسة؛ أي: بعض جماعة منحصرة في خمسة. ويجب حينئذ: إضافته إلى أصله1، كما يجب إضافة البعض إلى كله، قال الله -تعالى: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} 2 وقال -تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} . وزعم الأخفش وقطرب والكسائي وثعلب: أنه يجوز إضافة الأول إلى الثاني، ونصبه إياه3، كما يجوز في "ضارب زيد". وزعم الناظم أن ذلك جائز في "ثان"   = وصغ من اثنين فما فوق إلى ... عشرة كـ"فاعل" من فعلا واختمه في التأنيث بالتا ومتى ... ذكرت فاذكر "فاعلا" بغير تا* أي: صغ من العدد "اثنين" أو ما فوقه إلى عشرة وزنًا على مثال "فاعل"، كما تصوغه من الفعل الثلاثي "فعل". واختم "فاعلا" بالتاء حين يكون المعنى على التأنيث، فتقول: ثالثة ورابعة، وإذا كان المعنى على التذكير، فلا تأت بالتاء. 1 ويكون من إضافة الشيء إلى جزئه، والمراد: الوجوب الإضافي، والغرض منع نصب الوصف ما بني هو منه؛، لأنه اسم جامد بمعنى بعض فلا يعمل النصب، وإلا فإنه يجوز خامس من خمسة مثلا، والفرق بين هذه الصيغة وما قبلها: أنها تدل على الاتصاف بالعدد؛ مزيدًا عليه الدلالة على أنها فرد منه وبعض من كله. 2 "ثاني" حال من الهاء في أخرجه، و"اثنين" مضاف إليه. [سورة التوبة الآية: 40] . 3 فيقال: ثالث ثلاثة بجر ثلاثة بالإضافة، ونصبها على أنها مفعول به.   * "فما فوق" الفاء عاطفة، و"ما" موصولة معطوفة على اثنين. "فوق" ظرف مبني على الفتح متعلق بمحذوف صلة ما، والعائد محذوف؛ أي: فما فوقها "إلى عشرة" جار ومجرور متعلق بصغ. "كفاعل" جار ومجرور صفة لمفعول صغ المحذوف؛ أي: صغ وزنًا مماثلا لفاعل "من فعلا" متعلق بفاعل. "في التأنيث" حال من الهاء في اختمه، "بالتاء" متعلق باختمه "ومتى" اسم شرط جازم يجزم فعلين, وهو ظرف في محل نصب بذكرت. "ذكرت" فعل الشرط في محل جزم "فاذكر فاعلا" الفاء واقعة في جواب الشرط. "بغير تا" متعلق بمحذوف نعت لفاعلا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 فقط1. الثالث: أن تستعمله مع ما دون أصله2، ليفيد معنى التصيير، فتقول: هذا رابع ثلاثة؛ أي: جاعل الثلاثة بنفسه أربعة، قال الله -تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى 3 ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} 4. ويجوز حينئذ إضافته وإعماله5؛ كما يجوز الوجهان في "جاعل"، و"مصير"   1 حجته: أن لثان فعلا؛ فقد روي أن العرب تقول: ثنيت الرجلين، إذا كنت الثاني منهما، ولا تقول: ثلثت الرجال، إذا كنت الثالث منهم، وإذا جاز ثنيت الرجلين جاز ثنيث الاثنين. وفي الصحاح للجوهري، يقال: ثلثت القوم أثلثهم إذا كنت ثالثهم، أو أكملتهم ثلاثة. وإلى هذا الاستعمال يشير الناظم بقوله: وإن ترد بعض الذي منه بني ... تضف إليه مثل بعض بيّن* أي: إن ترد بفاعل المصوغ من اثنين فما فوق الدلالة على أنه بعض مما بني منه؛ أي: واحد مما اشتق منه، فأضف إليه مثل بعض؛ أي: كما تضيف بعضًا إلى كل والمضاف إليه وهو الذي اشتق منه. 2 أي: مع العدد الأقل منه مباشر وينقص عنه بدرجة واحدة، فلا يقال: رابع اثنين مثلا، أو خامس ثلاثة. 3 أي: محادثة سرية. 4 "سادس" مضاف إلى الضمير العائد إلى خمسة، والضمير بمنزلة مرجعه وكذلك رابع مضاف إلى الضمير العائد إلى ثلاثة؛ فكأنه مضاف إليه [سورة المجادلة الآية: 7] . 5 أي: إضافته إلى العدد الأقل منه مباشرة، إن كان بمعنى المضي؛ فإن كان بمعنى الحال أو=   * "وإن ترد" شرط وفعله. "بعض" مفعول ترد "الذي" مضاف إليه. "منه" متعلق ببني الواقع صلة للموصول. "تضف" فعل مضارع مجزوم جواب الشرط، ومفعول ضمير محذوف يعود إلى فاعل "إليه" متعلق بتصف، والهاء في منه وإليه عائدة إلى الموصول الواقع على العد، ونائب فاعل بني يعود إلى فاعل، فالصلة جارية على غير صاحبها، "مثل بعض" مثل حال من مفعول تضف المحذوف، وبعض مضاف إليه. "بين" صفة لبعض. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 ونحوهما1. ولا يستعمل بهذا الاستعمال "ثان"؛ فلا يقال: ثاني واحد ولا ثان واحدًا. وأجازه بعضهم2 وحكاه عن العرب.   = الاستقبال جاز مع الإضافة، تنوينه، ونصبه على اعتباره مفعولا به؛ مع ملاحظة ما يشترط في إعمال اسم الفاعل من اعتماده على نفي أو استفهام أو غيرهما، وإنما عمل الوصف في هذه الحالة؛ لأن له فعلا، فإنه يقال: ثلثت الطالبين؛ أي: صيرتهم ثلاثة بانضمامي إليهم، وكذلك ربعت الثلاثة، إلى عشرت التسعة. "ففاعل" هنا بمعنى جاعل، والمصدر الثلث والربع ... إلخ على وزن الضرب والمضارع على وزن يضرب؛ إلا ما كانت لامه عينًا، وهو ربع، وسبع، وتسع. فمضارعه مفتوح العين لا مكسورها، ويقال: كان القوم تسعة عشر فعشرنتهم؛ تسعة وعشرين فثلثنتهم؛ أي: صيرتهم عشرين، وثلاثين، وهكذا إلى 99 فأمأميتهم وكانوا 999 فآلفتهم فأنا مميء ومؤلف. 1 أي: من أفعال التحويل والانتقال. 2 وهو الكسائي، فلا مانع عنده من أن يقال: محمد ثان واحدًا؛ أي: مصير الواحد اثنين بنفسه, وفي هذا الاستعمال الثالث يقول الناظم: وإن ترد جعل الأقل مثل ما ... فوق فحكم جاعل له احكما* أي: إذا أردت بفاعل أن يكون العدد الأقل مساويًا لما فوقه بدرجة واحدة فاحكم به بحكم "جاعل"؛ أي: بحكم اسم الفاعل من "جعل" الذي يفيد التصيير والتحويل؛ فإنه ينصب المفعول به إذا تحقق شرط عمله. وهذه الاستعمالات الثلاثة "لفاعل" المفردة، من غير أن تليها كلمة "عشرة" ولها معها ثلاثة أخرى ستأتي.   * "جعل" مفعول ترد الواقع شرطًا لإن. "الأقل" مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله الأول، "مثل ما" مثل مفعوله الثاني، وما موصول مضاف إليه. "فوق" ظرف متعلق بمحذوف صلة ما. "فحكم" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"حكم" مفعول مقدم لاحكما. "جاعل" مضاف إليه. "له" متعلق باحكما الواقع جوابًا للشرط، وهو مبني لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 الرابع: أن تسعمله مع العشرة1؛ ليفيد الاتصاف بمعناه مقيدًا بمصاحبة العشرة1؛ فتقول: "حادي عشر" بتذكيرهما، و"حادية عشرة" بتأنيثهما، وكذا تصنع في البواقي؛ تذكر اللفظين مع المذكر وتؤنثهما مع المؤنث، فتقول: "الجزء الخامس عشر"، و"المقامة السادسة عشرة"2. وحيث استعملت الواحد أو الواحدة مع العشرة، أو مع ما فوقها كالعشرين، فإنك تقلب فاءهما إلى موطن لامهما وتصيرها ياء3 فتقول: حاد، وحادية. الخامس: أن تستعمله معها؛ ليفيد معنى ثاني اثنين، وهو انحصار العدة فيما ذكر4، ولك في هذه الحالة ثلاثة أوجه: أحدها: وهو الأصل، أن تأتي بأربعة ألفاظ؛ أولها الوصف5 مركبًا مع العشرة،   1 أي: إن الوصف مرتبط بالعشرة ارتباط زيادة عليها. 2 وحكم هذا النوع: وجوب فتح الجزأين معًا، ويكونان في محل رفع أو نصب أو جر على حسب حاجة الجملة. 3 وذلك بناء على القاعدة الصرفية، وهي قلب الواو ياء إذا تطرفت إثر كسرة، وتاء التأنيث في حادية في حكم الانفصال، ثم أعل "حادي" بحذف الياء لالتقاء الساكنين؛ لأنه منقوص، ولم تعل "حادية" لتحرك الياء، و"حادي وحادية" يكونان مركبين مع العشرة، تقول: اليوم الحادي عشر، والليلة الحادية عشرة، ومعطوفًا عليها في الأعداد المعطوفة، تقول: اليوم الحادي والعشرون، والليلة الحادية والعشرون ولا يستعملان في غير ذلك. وكذلك "إحدى" تركب مع العشرة، أو معطوفًا عليها: تقول: إحدى عشرة طالبة، وإحدى وعشرون حجرة، أما "واحدة" فلا تركب مع العشرة إلا سماعًا، وتكون معطوفًا عليها فيقال: هذه واحدة وعشرون، وكذلك واحد وعشرون. 4 أي: إنه يدل على أنه بعض مما اشتق منه، وفرد من تلك الجماعة المنحصرة في العدد الأصلي. 5 وهو صيغة "فاعل" للمذكر، و"فاعلة" للمؤنث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 والثالث ما اشتق منه الوصف1 مركبًا أيضًا مع العشرة، وتضيف جملة التركيب الأول إلى جملة التركيب الثاني2 فتقول: "ثالث عشر ثلاثة عشر"3. الثاني: أن تحذف عشر من الأول استغناء به في الثاني، وتعرب الأول لزوال التركيب، وتصيفه إلى التركيب الثاني4.   1 أي: العدد الأصلي، وهو: أحد واثنان وثلاثة بالتاء، إلى تسعة في التذكير وبالعكس في التأنيث، أما الثاني والرابع فهو العشرة. 2 ويكون كل من التركيبين مبنيا على فتح الجزأين ما عدا اثنا واثنتا كما تقدم، ومحل التركيب الأول بحسب العوامل، والثاني مجرور دائمًا بإضافة التركيب الأول إليه. 3 وثالثة عشرة ثلاث عشرة، فتجري على صيغة، "فاعل" من التذكير والتأنيث ما تطابق به مدلولها, وهي في صدر المركب الأول لا غير وتطابقها في الحالتين كلمة "عشر". 4 ويبقى مبنيا على فتح الجزأين في محل جر، تقول: هذا ثالث ثلاثة عشر وهذه ثالثة ثلاث عشرة؛ فيقتصر على صدر المركب الأول؛ وهو صيغة "فاعل" وحدها، ويليه المركب الثاني كاملا، وهذه الصورة أكثر من غيرها استعمالا, وفي هذا الوجه والذي قبله، يقول الناظم: وإن أردت مثل ثاني اثنين ... مركبا فجيء بتركيبين أو "فاعلا" بحالتيه أضف ... إلى مركب بما تنوي يفي* أي: إن أردت بـ"فاعل" الدلالة على معنى "ثاني اثنين" كما بينا، فجيء بتركيبين على النحو الذي بسطه المصنف، وهذا هو الوجه الأول. أو أضف "فاعلا" بحالتيه وهما: حالة التذكير أو التأنيث، من التركيب الأول بعد حذف كلمة "عشرة" إلى مركب واف بما تنويه؛ أي: كامل؛ وهذا هو الوجه الثاني الكثير الاستعمال.   * "مثل" مفعول أردت الواقع شرطًا لأن. "ثاني" مضاف إليه، و"اثنين" مضاف إليه لثاني، "مركبا" حال من مثل. "بتركيبين" متعلق بجيء الواقع جوابًا للشرط. "أو فاعلا" أو عاطفة، وفاعلا مفعول أضف معطوف بأو على جيء، "بحالتيه" متعلق بمحذوف نعت لفاعلا، "إلى مركب" متعلق بأضف "بما" متعلق بيفي، وجملة "تنوي" صلة ما والعائد محذوف، وجملة "يفي" صفة لمركب؛ أي: مركب واف بما تنويه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 الثالث: أن تحذف العقد من الأول والنيف من الثاني1 ولك في هذا الوجه وجهان: أحدهما: أن تعربهما لزوال مقتضى البناء فيهما2 فتجري الأول بمقتضى حكم العوامل، وتجر الثاني بالإضافة3. والوجه الثاني: أن تعرب الأول وتبني الثاني4، حكاه الكسائي، وابن السكيت، وابن كيسان، ووجهه أنه قدر ما حذف من الثاني فبقى البناء بحاله5، ولا يقاس على هذا الوجه لقلته، وزعم بعضهم أنه يجوز بناؤهما لحلول كل منهما محل المحذوف من صاحبه6، وهذا مردود؛ لأنه لا دليل حينئذ على أن هذين الاسمين منتزعان من تركيبين؛ بخلاف ما إذا أعرب الأول7. ولم يذكر الناظم وابنه هذا الاستعمال الثالث8، بل ذكرا مكانه أنك تقتصر على التركيب الأول باقيًا بناء صدره9، وذكرا   1 فيحذف من المركب الأول عجزه، وهو "عشر"، ومن المركب الثاني صدره وهو صيغة "فاعل". وتكون صيغة "فاعل" مطابقة لمدلولها؛ فيذكران مع المذكر ويؤنثان مع المؤنث. 2 وهو التركيب؛ فقد زال منهما لزوال جزء من كليهما. 3 وهو العقد؛ أي: لفظ "عشر" دائمًا. 4 أي: وهو لفظ "عشر" أيضًا. 5 أي: لنية وملاحظة الصدر المحذوف، واعتباره كالموجود. 6 أي: وتقدير وملاحظة ما حذف من كل منهما؛ من صدر أو عجز. 7 فإن ذلك يدل على أن هذين الاسمين منتزعان من تركيبين. 8 أي: وهو حذف العقد من الأول، والنيف من الثاني. 9 أي: وعجزه، مقدرًا حذف التركيب الثاني بكماله؛ حيث يقول: وشاع الاستغنا بحادي عشرا ... ونحوه ... ... ... ... ... ولعل الاستغناء الذي يريده هو: حذف العقد من التركيب الأول، والنيف من التركيب الثاني، ويكون قد ذكر الوجه الثالث الذي شرحه المصنف، والمراد: بنحو "حادي عشر" ثاني عشر، وثالث عشر .... إلى تسعة عشر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 أن بعض العرب يعربه، والتحرير ما قدمته1. السادس: أن تستعمله معها؛ لإفادة معنى رابع ثلاثة2، فتأتي أيضًا بأربعة ألفاظ، ولكن يكون الثالث منها دون ما اشتق منه الوصف؛ فتقول: "رابع عشر ثلاثة عشر"، أجاز ذلك سيبويه ومنعه بعضهم. وعلى الجواز؛ فيتعين بالإجماع أن يكون التركيب الثاني في موضع خفض3 ولك أن تحذف العشرة من الأول4، وليس لك مع ذلك أن تحذف النيف من الثاني   1 أي: من وجهي الاستعمال الثالث فتدبر، وأما حكاية ابن السكيت ومن معه من إعراب الأول، فهي فيما إذا حذف العقد من الأول والنيف من الثاني، وما ذكره الناظم يجب حمله على الاقتصار على المركب الأول وإلا كان باطلا؛ لأنه يلتبس بما ليس أصله تركيبين. والخلاصة: أن في استعمال "فاعل" كثاني اثنين خمسة أوجه: أ- الإتيان بأربعة ألفاظ، وهذا قليل الاستعمال. ب- حذف عقد الأول. جـ- حذف هذا ونيف الثاني وبناء ما بقي. د- حذفهما وإعراب الباقي. هـ- إعراب عقد الوصف وبناء عشر مع حذف نيفه. وليس منها الاقتصار على التركيب الأول بتمامه، وإنما هو في استعماله كالمفرد. 2 أي: فيستعمل مع العدد الأقل مباشرة من العدد الأصلي الذي اشتقت منه الصيغة؛ ليفيد معنى التصيير والتحويل، وجعل الأقل مساويًا لما فوقه. 3 أي: بإضافة التركيب الأول إليه، ولا يجوز أن ينصب مفعولا به وإن كان الوصف بمعنى "جاعل"؛ لأن اسم الفاعل الذي ينصب المفعول لا بد أن يكون منونًا أو مبدوءًا بأل وهذان ممتنعان مع التركيب، أم التركيب الأول فمبني على فتح الجزأين. 4 فتقول: هذا رابع ثلاثة عشر, ويعرب الوصف حينئذ على حسب العوامل، أو يبنى بنية العجز، ويضاف إلى التركيب الثاني لا غير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 للإلباس1. السابع: أن تستعمله مع العشرين وأخواتها؛ فتقدمه وتعطف عليه العقد بالواو2.   1 أي: إلباس الوصف بمعنى "جاعل" بالوصف بمعنى بعض، فتقل: رابع عشر بفتحهما؛ لأن هذا يلبس بما أصله تركيبين. 2 أي: خاصة دون غيرها من حروف العطف، فتقول: الواحد والعشرون، والحادي والعشرون، والواحدة والعشرون، والحادية والعشرون، والثاني والثانية والثلاثون .... إلخ. ولا يجوز حذف الواو؛ فلا يقال: حادي عشرون؛ كما يقال: حادي عشر، ويعرب المعطوف عليه بالحركات على حسب العوامل، ويتبعه المعطوف في الإعراب، ولكنه يعرب بالحروف كجمع المذكر السالم. وفي هذا الاستعمال يقول الناظم في البيت الثاني وجزء من الأول: "وشاع الاستغنا بحادي عشرا ... ونحوه" وقبل عشرين اذكرا وبابه "الفاعل" من لفظ العدد ... بحالتيه قبل واو يعتمد* أي: اذكر قبل "عشرين" وبابه وهو باقي العقود التي بعده صيغة "فاعل" مأخوذة من أحد الأعداد المحصورة من واحد إلى تسعة، ويكون "فاعل" بحالتيه من التذكير أو التأنيث على حسب مدلوله، بشرط أن يكون متقدما على واو العطف, ويليها العقد المعطوف. فائدة: التاريخ ضروري للأفراد والجماعات؛ لضبط الشئون وتنظيم الأمور، وما يكون بين كل=   * "الاستغنا" فاعل شاع وقصر للضرورة. "بحادي عشر" متعلق بالاستغنا، "ونحوه" معطوف عليه. "وقبل عشرين" قبل ظرف متعلق باذكرا، وعشرين مضاف إليه، وألف اذكرا منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة. "وبابه" عطف على عشرين. "لفاعل" مفعول اذكر "من لفظ العدد" متعلق باذكر أو بنعت لفظ. "الفاعل" محذوف، وتقديره: الفاعل المصوغ من لفظ العدد، والعدد مضاف إليه، "بحالتيه" متعلق باذكر، "قبل واو" قبل ظرف متعلق بمحذوف حال من الفاعل، "واو" مضاف إليه, "يعتمد" فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى واو، والجملة صفة لواو. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = من معاملات، ولكل فرد طريقته الخاصة في ذلك, وتختار الجماعات مبدأ زمنيا تؤرخ به الشئون العامة والحوادث الهامة، وكان العرب قبل الإسلام يؤرخون بالخصب، وبالعامل "الوالي الحاكم عليهم"، وبالأمر المشهور كعام الفيل. فلما فتح سيدنا عمر بلاد الفرس، وذكر له أمر التاريخ عندهم، استحسن ذلك، ورأى أن يجعل مبدأ للتاريخ العربي، وبعد خلاف في البدء اتفقوا على أن تكون الهجرة, لما لها من أثر عظيم في نشر الإسلام مبدأ زمنيا للتاريخ العربي، وأن يكون المحرم هو بدء السنة، وهو قبل الهجرة بشهرين واثنتي عشر ليلة. ويؤرخ بالليالي لسبقها؛ إذ الشهور عند العرب قمرية، وأول الشهر القمري ليلية، وآخره نهار؛ فيقال لما يحدث في أول الشهر: حدث لأول ليلة منه أو لغرته، أو مهله، أو مستهله ولما بعد الليلة الأولى إلى العاشرة: لليلة خلت، ولليلتين خلتا، ولثلاث خلون ... إلخ. ولإحدى عشرة خلت إلى ليلة النصف، فيقال: للنصف منه أو لمنتصفه أو لانتصافه، ويصح أن يقال: لخمس عشرة خلت أو بقيت، والأول أفصح وأكثر استعمالا وعند العشرين يقال: لعشر بقين، أو لثمان بقين، إلى ليلة التاسع والعشرين فيقال: لليلة بقيت. وفي ليلة الثلاثين، يقال: لآخر يوم منه، أولسلخه، أو انسلاخه، وهذا يدل على أن الشهر القمري كامل؛ أي: ثلاثون يوما. هذا: ويصح وضع تاء التأنيث مكان نون النسوة والعكس في كل موضع يراد فيه الحديث عن عدد مدلوله جمع لا يعقل. وتاء التأنيث أنسب في جمع التكسير الدال على الكثرة للمؤنث. ونون النسوة مع جمع القلة للمؤنث. تتمة: الأفصح في شين عشرة الفتح مع التاء, والتسكين بدونها إذا كانت مفردة, والعكس إذا كانت مركبة؛ قال -تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} ، {وَالْفَجْرِ, وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وقال -سبحانه: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} ، {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 باب كنايات العدد 1: وهي ثلاثة: كم، وكأي، وكذا. أما "كم" فتنقسم إلى: استفهامية، بمعن أي عدد2، وخبرية بمعنى كثير3ويشتركان في خمسة أمور: كونهما كنايتين عن عدد مجهول الجنس والمقدار، وكونهما مبنيين4، وكون البناء على السكون5، ولزوم التصدير6، والاحتياج إلى التمييز7، ويفترقان في خمسة أمور أيضًا:   باب كنايات العدد: 1 الكناية: هي التعبير عن الشيء بغير اسمه لسبب بلاغي، وسميت هذه الألفاظ كنايات؛ لأن كل منها يكنى به عن معدود وإن كان مبهما. 2 فيكنى بها عن عدد مبهم، مجهول الجنس والكمية عند المتكلم معلوم في ظنه عند المخاطب، ويستعملها: من يسأل عن كمية الشيء وينتظر الجواب. 3 فهي أداة للإخبار عن معدود كثير، ويكنى بها عن عدد مجهول الجنس والكمية عند المخاطب، وربما يعرفه المتكلم ويريد الإخبار به, ولا ينتظر جوابا، ويستعملها من يريد الافتخار والتكثير. 4 وذلك لشبههما للحرف في الوضع على حرفين. 5 وهما في محل رفع أو نصب أو جر على حسب الجملة، فهما متماثلتان في إعرابهما المحلي. 6 أي: في جملتيهما، فلا يعمل فيهما ما قبلهما إلا حين يكونان مجرورين بحرف جر أو بإضافة، وحكى الأخفش جواز تقديم عامل الخبرية، وقال: إنها لغة، وإذا لم يجرا وكان بعدهما فعل متعد لم يذكر مفعوله فهما في محل نصب مفعوله، وإلا ففي محل رفع مبتدأ. 7 وذلك ليبين إبهامهما؛ لأن كلا منها عدد مجهول، ولا يجوز أن يكون التمييز منفيا؛ فلا تقول: كم لا رجلا جاءك, ويجوز حذف التمييز إن دل عليه دليل؛ تقول: كم صمت. ومنع بعضهم حذف تمييز "كم" الخبرية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 أحدها: أن "كم" الاستفهامية تميز بمنصوب مفرد1، نحو: "كم عبدًا ملكت؟ ". ويجوز جره بـ"من" مضمرة جوازًا إن جرت "كم" بحرف2 نحو: "بكم درهم اشتريت ثوبك؟ ". وتميز الخبرية بمجرور3 مفرد أو مجموع، نحو: "كم رجال جاءوك"، و"كم امرأة جاءتك"، والإفراد أكثر وأبلغ.   1 وردت أمثلة نادرة وقع فيها التمييز جمعًا منصوبًا، وقد استشهد بها الكوفيون على صحة وقوع التمييز جمعًا، تقول: كما شهودًا لك؟ وقيل: يجوز جمعه إن كان السؤال عن الجماعات، نحو: كم غلمانا لك؟ إذا كان السؤال عن الأصناف وإلا فلا. 2 المشهور منع ظهور: "من" عند دخول حرف الجر على "كم"؛ لأن حرف الجر عوض عن التلفظ بمن، وقيل: يجوز: بكم من درهم اشتريت. ولم يشترط بعض النحاة لجر تمييزها جرها بحرف جر؛ مستدلا بقوله -تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} ، وهو رأي ضعيف. وفيما تقدم يقول الناظم. ميز في الاستفهام "كم" بمثل ما ... ميزت عشرين ككم شخصا سما وأجز أن تجره "من" مضمرا ... إن وليت "كم" حرف جر مظهرا* أي: إن تمييز "كم" الاستفهامية يكون كمميز "عشرين" وأخواته مفردًا منصوبًا ويجوز جره بمن مضمرة؛ إن وقعت "كم" بعد حرف جر ظاهر، وقد أوضح المصنف القول في ذلك. 3 ويكون الجر باضافة "كم" إليه على الصحيح، وقيل: "بمن" مقدرة، ويجوز إظهارها قال -تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ} .=   * "كم" مفعول ميز مقصود لفظه. "بمثل" متعلق بميز. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "عشرين" مفعول ميزت والجملة صلة والعائد محذوف؛ أي: ميزت به عشرين. "ككم" الكاف جارة لقول محذوف، و"كم" اسم استفهام مبتدأ. "شخصًا" تمييز لكم. "سما" فعل ماض والفاعل يعود على كم، والجملة خبر المبتدأ. "أن تجره" تجر فعل مضارع منصوب بأن في تأويل مصدر مفعول أجز، والهاء عائدة إلى التمييز. "من" فاعل تجر مقصود لفظها. "مضمرًا" حال من من. "إن وليت" شرط وفعله. "كم" فاعل وليت. "حرف جر" حرف مفعول وليت وجر مضاف إليه. "مظهرًا" نعت لحرف جر، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 والثاني: أن الخبية تختص بالماضي كرب؛ لا يجوز: "كم غلمان سأملكهم" كما لا يجوز: "رب غلمان سأملكهم"1 ويجوز: "كم عبدًا ستشتريه؟ "2,   = ويشترط لجر التمييز: أن يكون متصلا بها غير مفصول منها بشيء, ويصح فصل التمييز منا؛ فإن كان الفصل بجملة كقول الشاعر: كم نالني منهم فضلًا على عدم أو بظرف وجار ومجرور معًا كقوله: تؤم سنانا وكم دونه ... من الأرض محدودبا غارها تعين النصب على الصحيح، ولا يجوز جره إلا في ضرورة الشعر، وإن كان الفصل بالظرف فقط، أو بالجار والمجرور جاز الأمران، والنصب أرجح، نحو: كم دون النبوغ سهرًا، وكم له مجهودًا، ولا يفصل بين الخبرية ومميزها المجرور بالإضافة إلا في الضرورة؛ بخلاف الاستفهامية، فإن الفصل جائز في السعة، نحو: كم عندك عبدًا؟ وإذا فصل بين "كم" الخبرية وتميزها بجملة فعلية فعلها متعد لم يستوف مفعوله وجب جر التمييز "بمن"؛ لئلا يتوهم أن المنصوب مفعول به وليس تمييزًا، كقوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} , {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} فـ"كم" الخبرية بكثرة نحو: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ} ، والاستفهامية بقلة وإن لم تجر نحو: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} وإلى حكم تمييز "كم" الخبرية يشير الناظم بقوله: واستعملنها مخبرًا كعشره ... أو مائة ككم رجال أو مره* أي: إن تمييز "كم" الخبرية، كتمييز العدد "عشرة"؛ أي: جمعًا مجرورًا في الغالب، أو كتمييز المائة؛ أي: مفردًا مجرورًا. 1 لأن التكثير والتقليل لا يكونان إلا فيما عرف مقداره، وهذا لا يتحقق إلا في شيء مضى، أما المستقبل فمجهول. 2 لأن الاستفهام لتعيين المجهول؛ يكون في الماضي والمستقبل.   * "مخبرًا" حال من فاعل استعملنها. "كعشرة" متعلق بمحذوف، نعت لمصدر محذوف؛ أي: استعمالا كاستعمال عشرة، "أو مائة" معطوف على عشرة "ككم" الكاف جارة لقول محذوف خبر لمبتدأ محذوف، و"كم" خبرية بمعنى كثير مبتدأ. "رجال" مضاف إليه والخبر محذوف؛ أي: كثير عندي مثلا، "أو مره"معطوف على رجال، وأصل مره: امرأة، فقلت حركة الهمزة إلى الراء ثم حذفت استغناء بهمزة الوصل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 والثالث: أن المتكلم بها لا يستدعي جوابًا من مخاطبه1. والرابع: أنه يتوجه إليه التصديق أو التكذيب2. والخامس: أن المبدل منها لا يقترن بهمزة الاستفهام3 تقول: "كم رجال في الدار عشرون بل ثلاثون" ويقال: "كم مالك؟ أعشرون أم ثلاثون؟ ". تنبيه: يروى قول الفرزدق: كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت علي عشاري4   1 لأنه مخير لا مستخبر، بخلاف الاستفهامية، والأحسن في جوابه أن يكون على حسب موضعها من الإعراب ويجوز رفعه مطلقًا. 2 لأنه مخبر، والخبر عرضة لأن يصدقه السامع أو يكذبه. 3 لأن هذا لبدل خبري كالمبدل منه وهو "كم"، والخبر لا يتضمن معنى الاستفهام؛ بخلاف الاستفهامية، فغنه يجب اقتران البدل منها بالهمزة؛ لأنها تتضمن معنى الاستفهام، قال الناظم: وبدل المضمن الهمز يلي ... همزا؛ كمن ذا أسعيد أم علي 4 بيت من الكامل، من قصيدة للفرزدق يهجو فيها جريرًا الشاعر، وكان الهجاء بينهما مستديما. اللغة والإعراب: فدعاء: وصف الأنثى، من الفدع؛ وهو اعوجاج الرسغ من اليد أو الرجل حتى ينقلب الكف أو القدم إلى إنسيهما، وذلك من كثرة الحلب، أو المشي وراء الإبل. حلبت علي: أي: على كره مني. عشاري: جمع عشراء، وهي الناقة التي مضى عل حملها عشرة أشهر. "كم" خبرية مبتدأ، أو استفهامية مقصود بها التهكم والسخرية، "عمة" بالجر تمييز "لكم" على الخبرية، وبالنصب على الاستفهامية. "لك" جار ومجرور صفة لعمة، و"خالة" معطوفة على عمة. "فدعاء" صفة لعمة وخالة، منصوب بالفتحة على رواية النصب، وعلى رواية الجر بالفتحة نيابة عن الكسرة لمنعه من الصرف، و"قد حلبت"، والجملة خبر= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 بجر عمة وخالة على أن "كم" خبرية، وبنصبهما؛ فقيل: إن تميمًا تجيز نصب مميز الخبرية مفردًا1، وقيل: على الاستفهام التهكمي، وعليهما2 فهي مبتدأ، و"قد حلبت" خبر، والتاء للجماعة؛ لأنهما عمات وخالات3, وبرفعهما على الابتداء، و"حلبت" خبر للعمة أو الخالة، وخبر الأخرى محذوف4 وإلا لقيل: قد حلبتا، والتاء في حلبت للوحدة؛ لأنهما عمة واحدة وخالة واحدة، و"كم" نصب على المصدرية5 أو الظرفية.   = "كم" "على" متعلق بحلبت "عشاري" مفعول حلبت، وياء المتكلم مضاف إليه. المعنى: على الإخبار: كثير من عماتك وخالاتك يا جرير، كن من جملة خدمي وقد تعوجت أرساغهن من كثرة حلبهن نياقي على كره مني. على الاستفهام: أخبرني يا جرير، بعدد عماتك وخالاتك اللاتي كن يخدمنني ويحلبن نياقي، حتى تعوجت أرساغهن من كثرة الحلب، فقد نسيت عددهن؟ الشاهد: "في عمة وخالة" فقد روي فيهما الرفع والنصب والجر، وقد ذكر المصنف تخريج كل، فتنبه يا أخي. 1 قال الرضي: وبعض العرب ينصب خبر "كم" الخبرية مفردًا كان أو جمعًا بلا فصل أيضًا، اعتمادًا في التمييز بينها وبين الاستفهامية على قرينة الحال، وعلى هذا يجوز نصب "عمة" مع كون "كم" خبرية. وقول الرضي هذا: هو الذي اعتمد عليه الذين أجازوا النصب في تمييز كم الخبرية. 2 أي: على رواية الجر، والنصب. 3 لأن "كم" واقعة على متعدد، أو للوحدة، وأفرد الضمير نظرًا للفظ "كم". 4 أو جملة "قد حلبت" خبر عنهما، والإفراد على تأويله بكل منهما، كما قيل: الأذان والإقامة سنة, أي: كل منهما. 5 في هذا التعبير تسامح، والأحسن أن يقال: نصب على المفعولية المطلقة. هذا: وحاصل إعراب "كم" بقسميها: أنها إذا وقعت على زمان أو مكان فهي ظرف للفعل بعدها مبني على السكون في محل نصب، نحو: كم يومًا صمت؟ وكم ميلا مشيت؟ = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 أي: كم حلبة، أو وقتًا. وأما "كأين"1؛ فبمنزلة "كم"2 الخبرية؛ في إفادة التكثير، وفي لزوم التصدير، وفي انجرار التمييز؛ إلا أن جره بمن ظاهرة لا بالإضافة3، قال الله -تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} 4 وقد ينصب كقوله: اطرد اليأس بالرجا فكأي ... آلما حم يسره بعد عسر5   = وإن وقعت على حدث؛ فهي في محل نصب مفعول مطلق لما بعدها، نحو: كم زيارة زرت أخاك؟ وإن وقعت على ذات؛ فإن لم يليها فعل، نحو: كم طالب في الفصل؟ أو وليها وكان لازمًا، نحو: كم رجلا اشتغل، أو متعديا رافعًا ضميرها؛ نحو: كم محتاج ساعدته؟ فهي مبتدأ وما بعدها خبر. وإن كان الفعل بعدها متعديا لم يستوف مفعوله، فهي في محل نصب مفعوله، نحو: كم قرشًا أعطيت السائل؟ وإن سبقها حرف جر أو مضاف، فهي في محل جر، نحو: في كم ساعة تنتهي من الامتحان، وفوق كم حاجز يقفز الحصان. 1 أصل هذه النون التنوين، فيصح الرجوع إلى أصلها عند الكتابة والوقف، والأحسن إثبات نونها خطا ونطقًا، ويقال لها: "كائن" و"كأين" ويكنى بها عن العدد. 2 مذهب ابن مالك: أن "كأي" تكون خبرية وتكون استفهامية. وهو رأي ابن عصفور، وإعرابها كإعراب "كم"؛ نحو: كأين من معدوم أعنته. 3 لأن نون: "كأين" أصلها التنوين كما قلنا. وهو يمنع الإضافة, وعند الجر يكون الجار والمجرور متعلقين بكأي. 4 "كأين" مبتدأ مبني على السكون في محل رفع. "من دابة" جار ومجرور متعلق بمحذوف بيان لكأين "لا" نافية. "تحمل رزقها" الجملة صفة لدابة، أو خبر كأين، "الله" مبتدأ ثان، وجملة "يرزقها" خبره، والجملة خبر كأين على الوجه الأول، و"وإياكم" معطوف على الهاء في يرزقها: [سورة العنكبوت الآية: 60] . 5 بيت من الخفيف لم نقف على قائله. اللغة والإعراب: اطرد: أزل وأبعد. اليأس القنوط ونفي الأمل في الحصول على المراد.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 وأما كذا1: فيكنى بها عن العدد القليل والكثير2 ويجب في تمييزها النصب، وليس   = الرجاء: الأمل وترقب حصول الشيء. فكأين: فكثير, آلما: اسم فاعل من "ألم يألم" بمعنى: تألم يتألم، والمراد: صاحب ألم. حم: قدر وكتب وهيء. "فكأين" الفاء للتعليل، وكأين اسم بمعنى كثي، مبتدأ مبني على السكون في محل رفع "آلما" تميز لها. "حم" فعل ماض للمجهول. "يسره" نائب فاعل حم ومضاف إليه، والجملة خبر المبتدأ، "بعد" ظرف زمان منصوب بحم، و"عسر" مضاف إليه. المعنى: أبعد عن نفسك القنوط من نيل ما تطلب ولا تيأس، وترقب الوصول إلى ما تريد؛ فكثير من المتألمين واليائسين، قد قدر وكتب لهم اليسر بعد العسر، والفرج بعد الشدة والضيف، وإن مع العسر يسرًا، ومع الشدة فرجًا. الشاهد: في قوله: "آلما" فإنه تمييز منصوب لكأين، فدل ذلك على أن تمييزها يكون منصوبًا كما يكون مجرورًا بمن؛ بخلاف تمييز "كم" الخبرية الذي لا يكون إلا مجرورًا. وتخالف "كم" الخبرية فيما يأتي: أ- أن "كم" بسيطة على الأرجح، أما "كأين" فمركبة من كاف التشبيه "وأي" المنونة على الصحيح؛ ولا أثر لهذا التركيب في معناها الآن بعد أن صارت كلمة واحدة. ب- أن "كم" تجر بالحرف, وبالإضافة, وتقع استفهامية, أما "كأين" فلا تجر بشيء, ولا تخرج إلى الاستفهام. وذهب ابن قتيبة وابن عصفور إلى جواز جرها بحرف الجر. جـ- وأن تمييز "كم" يجر بالإضافة، أو بمن ظاهرة أو مضمرة أما تمييز كأين فمجرور بمن الظاهرة غالبًا، وإذا لم يجر بمن كان منصوبًا. د- إذا وقعت "كأين" مبتدأ، وجب أن يكون خبرها جملة، أما "كم" فلا يلزم فيها ذلك, وتقع "كأين" مفعولا بها، تقول: كأين رجلا رأيت. 1 هي مركبة من كاف التشبيه، و"ذا" الإشارية، وقد أصبحت كلمة واحدة معناها: الإخبار عن عدد قليل أو كثير، وتعرب على حسب العوامل. 2 وهي توافق "كأين"؛ في التركيب، وفي البناء والإبهام، والافتقار إلى التمييز بمفرد. وتشبه "كم" الخبرية؛ في الإخبار وفي الإبهام، وفي البناء، وفي الحاجة إلى تمييز، وتخالفها فيما ذكره المصنف؛ من أنها لا تكون في الصدر، وتمييزها واجب النصب على الأرجح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 لها الصدر؛ فلذلك تقول: "قبضت كذا وكذا درهما"1.   1 والغالب أنها تتكرر مع العطف بالواو؛ تقول: تبرعت للفدائيين بكذا وكذا دينارًا. وفي "كأين" و"كذا" يقول الناظم في بيت واحد مجمل: ككم "كأي" و"كذا" وينتصب ... تمييز ذين أو به صل "من" تصب* أي: إن "كأي" و"كذا" مثل "كم" الخبرية -وقد بينا وجه الشبه بينهما- وتمييزهما منصوب, ويجوز جر تمييز "كأين" بمن، ولا يجوز جر تمييز كذا بمن اتفاقًا، ولا بالإضافة خلافا للكوفيين، والضمير في "به" في النظم, عائد على تمييز كأين لا غير. تتمة: تأتي "كذا" كناية عن غير العدد؛ فيكنى بها عن اللفظ الواقع في التحدث عن شيء حصل، أو عن قول، ومن ذلك الحديث $"يقال للعبد يوم القيامة أتذكر يوم كذا وكذا؛ فعلت فيه كذا وكذا". ويتكلم بها من يخبر عن غيره، فتكون من كلامه لا من كلام المخبر عنه. ويكنى أيضًا عن الحديث عن شيء وقع، أو خبر حدث، أو قول قيل بكيت وكيت، وذيت, مثلثة التاء. ولا بد من تكرارهما مع العطف بالواو للإشعار بطول الكلام؛ تقول: كان من الأمر كيت وكيت، وقالوا: ذيت وذيت. ويقال في إعراب هذا التركيب: "كان" فعل ماض ناقص واسمها ضمير الشأن؛ وخبرها "كيت وكيت". "من الأمر" بيان متعلق بأعني مقدرا، والجزآن مبنيان على الفتح. وهذا المركب المزجي نائب عن جملة؛ ولهذا يصح أن يعمل فيه القول، فتقول: أنت قلت: كيت وكيت؛ فيكون المركب في محل نصب مفعولا به للقول.   * "ككم" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "كأي" مبتدأ مؤخر. و"كذا" معطوف على كأي. "تمييز" فاعل ينتصب. "ذين" اسم إشارة مضاف إليه. "أو" عاطفة. "به" متعلق بصل والضمير عائد إلى التمييز. "صل" فعل أمر. "من" مفعول صل مقصود لفظه. "تصب" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر وهو صل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 ..........................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 بين حكم الأعداد من الواحد إلى العشرة؛ إذا كان المعدود مذكرًا، أو مؤنثًا ومثل لما تقول. 2 إذا كان المعدود جمعًا، أو اسم جمع، أو صفة؛ فكيف تصنع بالعدد؟ وما حكم تمييزه؟ وضح ما تقول بأمثلة. 3 ما الذي يشترط في تمييز الثلاثة إلى العشرة؟ وفي تمييز المائة والألف؟ مثل. 4 ما حكم الأعداد المركبة من العشرة، ومع العشرين وبابه؟ وحكم العشرة نفسها؛ من حيث التذكير، والتأنيث، والإعراب؟ وضح ما تقول بأمثلة مفيدة من إنشائك. 5 متى يستغنى عن تمييز العدد؟ وما حكم إعراب اثني عشر واثنتي عشرة؟ ومطابقتهما للمعدود؟ 6 ما الفرق بين "كم" الاستفهامية والخبرية؟ وما حكم تمييزهما؟ مثل لكل بمثال من عندك. 7 ما الذي تفيده كل من "كأين" و"كذا"؟. وما الفرق بينهما؟ ثم بينهما وبين كم. 8 ما موضع الاستشهاد بما يأتي في باب العدد وكناياته؟ وضح ذلك، وبين موقع إعراب ما تحته خط: قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} . {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ, سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} . {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} . {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} . {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} . {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} . {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} . كم شامت لي إن هلكت ... وقائل لله دره = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 ............................................................................................   = فكم نزهة فيك للناظرين ... وكم راحة فيك للأنفس وكائن ترى من حال دنيا تغيرت ... وحال صفا بعد اكدرار غديرها كم طوى البؤس نفوسًا لو رعت ... منبتًا خصبا لكانت جوهرا عد النفس نعمى بعد بؤساك ذاكرًا ... كذا وكذا لطفا به نسي الجهد 9 اذكر ثلاث استعمالات مختلفة لـ"فاعل" المصوغ من اسم العدد مع التمثيل؛ ثم اشرح قول الناظم: وإن أردت مثل ثاني اثنين ... مركبًا فجيء بتركيبين أو فاعلًا بحالتيه أضف ... إلى مركب ما تنوي يفي 10 ضع الأعداد 11، 12، 16، 21، 23، 30، 100 في عبارات عربية على أن تكون معرفة بالألف واللام مرة، وخالية من التعريف أخرى، مع اختلاف مواقعها في الإعراب، وأعطها ما تستحقه من تمييز. 11 هات ثلاثة أمثلة من إنشائك؛ لـ"كم" الاستفهامية، وأخرى لـ"كم" الخبرية بحيث تكون في أحدها ظرفًا، وفي الثاني مفعولا، وفي الثالث مبتدأ. 12 بين فيما يأتي نوع "كم" وتمييزها، وموقعها من الإعراب ثم موقع إعراب ما تحته خط. قال المتنبي الشاعرالعربي المعروف: وكم ذا بمصر من المضحكات ... ولكنه ضحك كالبكا وقال أبو العلاء المعري: وكم من طالب أمدي سيلقى ... دوين مكاني السبع الشدادا ومن خطبة لقطري بن الفجأة الخارجي في وصف الدنيا: كم واثق بها قد فجعته، وذي طمأنينة إليها قد صرعته، وذي احتيال فيها قد خدعته. وكم من ذي أبهة بها قد صيرته حقيرًا، وذي نخوة قد ردته ذليلا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 باب: الحكاية 1 حكاية الجمل مطردة بعد القول2 نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} 3، ويجوز حكايتها على المعنى4؛ فتقول في حكاية "زيد قائم": "قال عمرو قائم زيد" فإن كانت الجملة ملحونة تَعيّن المعنى على الأصح5. وحكاية المفرد في غير الاستفهام شاذة6.   1 معناها لغة: المماثلة والمشابهة. أما في اصطلاح النحاة فهي: ذكر اللفظ المسموع وإعادة نطقه أو كتابته على هيئته، من غير تغيير شيء من حروفه أو حركاته أو إيراد صفته. وهي ثلاثة أنواع: حكاية جملة، وحكاية مفرد، وحكاية حال المفرد وصفته، وسيذكرها المصنف فيما يأتي على هذا الترتيب. 2 المراد: القول وما تصرف منه؛ من فعل أو وصف بأنواعه، وكذلك تطرد بعد السماع، وبعد الكتابة، والقراءة، ولا تقع الحكاية بعد غير ذلك إلا سماعًا. 3 هذا مثال للجملة الملفوظ بها بعد القول، ومثلها قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ} ، {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} وغير ذلك مما حكيت فيه الجملة على ترتيب اللفظ. 4 يراد بالمعنى: ما قابل لفظ المحكي عنه بهيئته وترتيبه، فيشمل تقديم بعض ألفاظ المحكي وتأخيرها، أو تغيير إعرابها. 5 وذلك ابتعادًا عن اللحن، وصونا للسان، وينبه عليه لئلا يتوهم أن اللحن نشأ من الحاكي؛ فإذا قال شخص: "حضر محمد" بجر محمد، وأريد حكاية قوله، قيل: قال فلان: "حضر محمد" لكنه جر "محمدًا". ومثال حكاية الجملة المكتوبة: كتب "سلام عليكم بما صبرتم" وقول من قرأ خاتم النبي: قرأت على فصه: "محمد رسول الله" ويتضح من هذا أن حكاية الجملة تطرد بعد القول، وبعد السماع، وبعد الكتابة، وبعد القراءة، ولا تقع بعد غير ذلك إلا سماعا كقول الشاعر: وجدنا في كتاب بني تميم ... أحق الناس بالركض المثار 6 هذا هو النوع الثاني، وأكثر ما يكون في الأعلام، ومحل شذوذ حكاية المفرد إذا قصد معناه. فإن قصد لفظه؛ بأن كان الحكم للفظ دون المعنى فلا شذوذ كقوله, عليه السلام= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 كقول بعضهم: "ليس بقرشيا" ردا على من قال: إن في الدار قرشيا1. وأما في الاستفهام2؛ فإن كان المسئول عنه نكرة3 والسؤال بأي أو بمن حكي في لفظ "أي" وفي لفظ "من" ما ثبت لتلك النكرة المسئول عنها؛ من رفع ونصب وجر، وتذكير، وتأنيث، وإفراد، وتثنية، وجمع4. تقول لمن قال: رأيت رجلًا، وامرأة,   =: "إياكم ولو فإن لو تفتح عمل الشيطان"، فـ"لو" اسم إن، قصد منها حكاية اللفظ، وإذا حكي لفظ باعتبار كونه لفظًا جاز إعرابه بحسب العوامل وجازت حكايته على أصله، مع تقدير إعرابه للحكاية، واللفظ الذي على حرفين إن حكي لم يغير مطلقًا، وإن أعرب وثانيه لين وجب تضعيفه مثل "لو" قال الشاعر: ألام على "لو" ولو كنت عالمًا ... بأذناب "لو" تفتني أوائله ويقلب الحرف المضاعف همزة في ما، ولا للساكنين، تقول: ماء، ولاء. 1 فقوله: "بقرشيا" مجرور بالياء وعلامة جره كسرة مقدرة منع من ظهورها حركة الحكاية؛ وهي الفتحة والتنوين، ومثل هذا: قول بعض العرب، وقد قيل له: هاتان تمرتان، دعنا من تمرتان؛ فتمرتان مجرور بمن بياء مقدرة منع من ظهورها حرف الحكاية. 2 هذا هو النوع الثالث، وهو حكاية حال المفرد، وتكون بأداتي الاستفهام: "أي" و"من"؛ ويسمى الاستثبات بأي أو من؛ أي: طلب الإثبات بهما، وهذا النوع هو الذي ذكره الناظم كما سيأتي. 3 احترز به عن المعرفة؛ لأنها لا تحكي بأي. ويجب أن تكون النكرة مذكورة، قال الدنوشري: أو معلومة، كما قيل: هل ضربت رجلا؟ فقال المخاطب: ضربت، فتقول: مريدًا لتعيين الحاكي "أيا" فقد حكيت ما فيها مع الحذف. 4 سواء كان كل من التثنية والجمع حقيقيا؛ بأن كان موجودًا في المسئول عنه كما مثل المصنف، أو يكون صالحا لأن يوصف به نحو: رأيت كاتبًا وخطيبًا، وقابلت رجالا ونساء؛ فإنك تحكيهما بأيين وآيات، مع أن الأولين ليسا بمثنيين صناعة، ولكن يوصفان المثنى، تقول: جالسين مثلا، والآخرين ليسا بجمعي تصحيح، ولكن يوصفان به، تقول: صالحين وصالحات. ويقاس على ذلك حكاية المرفوع بالفاعلية والمجرور. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 وغلامين، وجاريتين، وبنين، وبنات: أيا وأية، وأيين، وأيتين، وأيين، وأيات1.   1 "أي" في جميع الأمثلة الاستفهامية معربة، وفي إعرابها خلاف؛ فقيل: هي معربة بما فيها من حركات وحروف على حسب العوامل، "فأي" مبتدأ مرفوع بالضمة، وخبرها محذوف مؤخر عنها لصدارتها، تقديره في مثل: جاء رجل؛ أي جاء؟، و"أيا" مفعول لفعل محذوف مؤخر أيضًا، تقديره في مثل: أكرمت رجلا، أيا أكرمت؟ و"أي" مجرورة بحرف جر محذوف مع متعلقه تقديره في مثل: مررت برجل؛ بأي مررت؟ و"أيان" مرفوع بالألف، و"أين" بالياء. إلخ ويلزم على هذا القول: حذف الجار، وإبقاء عمله في حالة الجر. وقيل: هي معربة بحركات مقدرة؛ لأنها لحكاية اللفظ المسموع، فحركاتها، وحروفها الزائدة في التثنية للحكاية، وليست علامات إعراب، وعلى هذا يقال: "أي" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع منها حركة الحكاية، و"إيان" مرفوع بضمة مقدرة منع منها علامة التثنية التي جيء بها للحكاية ... إلخ، والخبر محذوف تقديره: أي هو، أو هما، مثلا، وقيل: الحركة والحرف في حالة الرفع إعراب، وفي حالتي النصب والجر حكاية. هذا: وحكاية ما للمنكور من إعراب وتذكير وإفراد وفروعهما، هي اللغة الفصحى وهناك لغة أخرى يحكى بها ما له من إعراب وتذكير وتأنيث فقط. ولا يثنى ولا يجمع لفظ "أي"؛ فتقول: "أيا" لمن قال: رأيت رجلا، أو رجلين، أو رجالا، وأية لمن قال: رأيت امرأة، أو امرأتين، أو نساء. وفي الحكاية بأي يقول الناظم: احك "بأي" ما لمنكور سئل ... عنه بها في الوقف أو حين تصل* أي: إذا سئل بأي عن منكور في كلام سابق حكي في "أي" ما لذلك المنكور من إعراب، وتذكير، إفراد، وفروعهما سواء في ذلك حالة الوقف أو الوصل.   * "ما" اسم موصول مفعول احك. "لمنكور" متعلق بمحذوف صلة ما. "عنه" متعلق بسئل على أنه نائب فاعله، والجملة صفة لمنكور. "بها" متعلق بسئل، و"ها" عائدة إلى أي. "في الوقف" متعلق باحك. "أو حين" حين ظرف معطوف بأو على الوقف. "تصل" الجملة في محل جر بإضافة حين؛ مفعول تصل محذوف؛ أي: حين تصل الكلام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 وكذلك تقول في "من"1؛ إلا أن بينهما فرقا من أربعة أوجه2: أحدها: أن "أيا" عامة في السؤال؛ فيسأل بها عن العاقل كما مثلنا، وعن غيره كقول القائل: رأيت حمارًا، أو حمارين، و"من" خاصة بالعاقل. الثاني: أن الحكاية في "أي" عامة في الوقف والوصل؛ يقال: جاءني رجلان، فتقول: أيان بالوقف، أو أيان يا هذا. والحكاية في "من" خاصة بالوقف3 تقول: "منان" بالوقف والإسكان، وإن وصلت قلت: من يا هذا؟ 4 وبطلت الحكاية، فأما قوله:   1 أي: إذا حكيت بها نكرة مذكورة، تقول للمفرد: منا، ومنه، وللمثنى منين، منتين، وللجمع: منين، منات، و"من" في الجميع مبنية، وهي مبتدأ مبني على سكون مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة للحرف الذي جلبته الحكاية في محل رفع، والخبر محذوف كما تقدم في أي. وليست "منان" و"منين" ونحوهما معربة، كما يتوهم من علامات التثنية ولجمع؛ بل هي لفظ: "من" زيدت عليها هذه الحروف للدلالة على حال المسئول عنه. 2 هناك فرق خامس وهو: أن "أيا" تختص بحكاية النكرة؛ و"من" تحكى بها النكرة، ويحكى بعدها العلم من المعارف بشروط كما سيأتي. 3 وفي هذا يقول الناظم: ووقفًا احك ما لمنكور "بمن" ... والنون حرك مطلقًا وأشبعن* أي: إن سئل عن منكور مذكر بـ"من"، فاحك فيها في حالة الوقف ما له من إعراب وغيره، وحرك النون في أحوال إعراب المحكي الثلاثة، وأشبع حركتها لينشأ عنها ما سبب المحكي. 4 أي: بإبقائها ساكنة على لفظها في جميع الأحوال؛ فلا تحرك نونها، ولا تشبع ولا تلحقها علامات الفروع.   * "ووقفًا" حال من فاعل احك، أو منصوب على نزع الخافض، "ما" اسم موصول مفعول احك. "لمنكور" متعلق بمحذوف صلة "بمن" متعلق باحك. "والنون" مفعول حرك مقدم. "مطلقًا" نعت لمصدر محذوف؛ أي: تحريكًا مطلقًا، "وأشبعن" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 أتوا ناري فقلت منون أنتم؟ 1 فنادر في الشعر، ولا يقاس عليه، خلافا ليونس. الثالث: أن "أيا" يحكى فيها حركات الإعراب غير مشبعة؛ فتقول: "أي، وأيا،   1 صدر بيت من الوافر؛ استشهد به سيبويه ولم ينسبه، وهو لشمر بن الحارث الضبي، وقيل: لتأبط شرا، وعجزه: فقالوا الجن قلت عموا ظلاما اللغة والإعراب: أتوا: حضروا وجاءوا، ناري، المراد: النار التي توقد لإرشاد السائرين، وكانت عادة كرماء العرب إذا كانت مجاعة أو قحط أن يوقدا نارا على مرتفع من الأرض، ليراها السائرون ليلا فيقصدونها، منون أنتم: أي: من أنتم؟ عموا ظلامًا: تحية من تحايا العرب الجاهليين، مثل: عم صباحا، وعم مساء. "أتوا ناري" أتي فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوف للساكنين، وواو الجماعة فاعل، وناري مفعول مضاف لياء المتكلم، "منون" من: اسم استفهام مبتدأ مبني على سكون مقدر منع منه اشتغال المحل بحركة مناسبة الحرف الذي جلبته الحكاية في محل رفع، والواو والنون زائدتان للحكاية، والمحكي ضمير في فعل محذوف صادر من الجن، والتقدير: أتوا ناري فقالوا: أتينا فقلت: منون أنتم؟ "أنتم" خبر المبتدأ. "الجن" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: نحن الجن والجملة في محل نصب مقول القول "ظلاما" منصوب على الظرفية بعموا. المعنى: هذا البيت من أوهام العرب وأكاذيبهم في الجن، يقول الشاعر: حضر الجن إلى ناري للاستدفاء أو لغيره، فقلت لهم مستفهمًا: من أنتم؟ فقالوا: نحن الجن؛ فقلت عند ذلك -تحية لهم- نعم ظلامكم وبعده: فقلت إلى الطعام فقال منهم ... زعيم نحسد الإنس الطعاما لقد فضلتم بالأكل فينا ... ولكن ذاك يعقبكم سقاما الشاهد: في "منون"؛ حيث لحقت الواو والنون "من" في حالة الوصل وذلك شاذ،= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 وأي"، ويجب في "من" الإشباع1، فتقول: "منو" ومنا، ومني". الرابع: أن ما قبل تاء التأنيث في "أي" واجب الفتح، تقول: أية، وأيتان، ويجوز الفتح والإسكان في "من"2 تقول: منه، ومنت3، ومَنَتَان، ومَتْنَان، والأرجح الفتح في المفرد4 والإسكان في التثنية.   = والقياس: "من أنتم"؛ لأن لفظ "من" في الحكاية لا يختلف في حالة الوصل في إفراد ولا تثنية ولا جمع، وفيه شذوذ آخر، وهو: تحريك النون الأخيرة، والنون حين تزاد تكون ساكنة، وشذوذ ثالث وهو: حكاية الضمير المحذوف في "أتينا" والضمير معرفة، والمعارف غير الأعلام لا تحكى, وفي ذلك يقول الناظم: وإن تصل فلفظ "من" لا يختلف ... ونارد "منون" في نظم عرف* أي: إن "من" يحكي بها في الوقف على النحو الذي سبق؛ فإذا وصلت لم يحك فيها شيء، وتكون بلفظ واحد في الجمع, وورد قليلا في الشعر "منون" وصلا. 1 أي: للحركات في حكاية المفرد المذكر خاصة على الفصحى. ومن العرب من يحكي "بمن" إعراب المسئول عنه فقط, ولم يرد علامة التأنيث أو التثنية والجمع؛ فيقول لمن قال: قام رجل، أو امرأة، أو رجلان أو امرأتان، أو رجال أو نساء، "منو" في الجميع، وفي النصب منا، وفي الجر مني. 2 وذلك إذا اتصلت بها تاء الحكاية. 3 وكذلك في حالتي النصب والجر، ولم يثبت حرف المد في "منه" للدلالة على الإعراب؛ لأن هاء التأنيث لا تكون في الوقف إلا ساكنة، فاكتفي بحكاية التأنيث، وتركت حكاية الإعراب. 4 قيل: لأن التاء فيه متطرفة فهي ساكنة في الوقف، فحرك ما قبلها لئلا يلتقي ساكنان؛ ولا كذلك في التثنية, وفي هذا يقول الناظم:=   * "فلفظ" الفاء واقعة في جواب الشرط، ولفظ مبتدأ. "من" مضاف إليه، وجملة "لا يختلف" خبر المبتدأ. "ونادر" خبر مقدم. "منون" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "في نظم" متعلق بنادر. "عرف" فعل ماض للمجهول، والجملة من الفعل ونائب الفاعل نعت لنظم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....   = وقل لمن قال: "أتت بنت" "منه" ... والنون قبل تا المثنى مسكنه* والفتح نزر ................. ... ............................. أي: قل في حكاية المؤنثة: "منه" رفعًا ونصبًا وجرا، لمن قال لك: "أتت بنت" وتسكن النون التي قبل التاء في التثنية؛ فتقول: منتان، ومنتين، وقد ورد قليلا فتح النون، وفي حكاية المثنى يقول الناظم: وقل "منان ومنين" بعد "لي ... إلفان بابنين" وسكّن تعدل أي: قل في تثنية المذكر: "منان" رفعا، و"منين" نصبا وجرا، وتسكن النون فيهما، وإلفان مثنى إلف بمعنى مؤالف، وبابنين, أي: معهما، ومنان لحكاية إلفان ومنين لحكاية إلفان ومنين لحكاية ابنين، ففيه لف ونشر مرتب، وذكر حكاية جمع المذكر بقوله: وقل "منون ومنين" مسكنا ... إن قيل جا قوم لقوم فطنا* أي: قل في حكاية جمع المذكر "منون" رفعًا، و"منين" نصبا وجرا بسكون النون فيهما. فإذا قيل: جاء قوم فقل: منون، وفي رأيت قوما، منين، وفي مررت بقوم، منين، وأشار إلى حكاية جمع المؤنث بقوله: ............. وصل التا والألف ... بمن بإثر "ذا بنسوة كلف"* أي: صل التاء والألف الزائدتين بمن عند حكاية الجمع المؤنث، فإذا قيل: هذا كلف بالنساء فقل في الحكاية: منات. وكذلك تفعل في حالتي الجر والنصب.   * "لمن" متعلق بقل، وجملة "قال" صلة من. "أتت بنت" الجملة محكية بقال "منه" مفعول قل مقصود لفظه. "والنون" مبتدأ. "قبل" ظرف متعلق بمسكنة الواقع خبرًا للنون. * "منان" مفعول قل مقصود لفظه "ومنين" عطف عليه. "بعد" ظرف متعلق بقل. "لي" خبر مقدم. "إلفان" مبتدأ مؤخر. "بابنين" متعلق بإلفان، والجملة من المبتدأ والخبر مقول لقول محذوف مضاف, "بعد" مضاف إليه؛ أي: بعد قولك.. إلخ. * "منون" مفعول قل على حكاية اللفظ، "مسكنا" اسم فاعل جال من فاعل قل. "إن قبل" شرط وفعله، والجواب محذوف، "جا قوم" الجملة من الفعل والفاعل نائب فاعل قل قصد لفظها. "لقوم" متعلق بجا. "فطنا" نعت لقوم المجرور. * "التا" بالقصر مفعول صل. "والألف" معطوف عليه "بمن بإثر" متعلقان بصل. "ذا" اسم إشارة مبتدأ, "بنسوة" متعلق بكلف الواقع خبرًا للمبتدأ وجملة المبتدأ والخبر في محل جر بإضافة قول محذوف مضاف "إثر" مضاف إليه؛ أي: بإثر قولك: ذا ... إلخ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 وإن كان المسئول عنه علما1 لمن يعقل، غير مقرون بتابع2، وأداة السؤال "من" غير مقرونة بعاطف، فالحجازيون يجيزون حكاية إعرابه3، فيقولون: من زيدًا4؛ لمن قال: رأيت زيدًا، ومن زيد بالخفض5؛ لمن قال: مررت بزيد. وتبطل الحكاية في نحو: "ومن زيد" لأجل العاطف، وفي نحو: "من غلام زيد" لانتفاء العلمية، وفي نحو: "من زيد الفاضل" لوجود التابع6. ويستثنى من ذلك: أن يكون التابع ابنًا، متصلًا بعلم؛ "كرأيت زيد بن عمرو"، أو علمًا معطوفًا7؛ "كرأيت زيدًا وعمرًا" فتجوز فيهما الحكاية8 على خلاف في الثانية   1 اسما كان، أو لقبا، أو كنية. 2 أي: من التوابع الخمسة: التوكيد، والبدل، والبيان، والنعت لغير ابن كما سيأتي، وفي العطف الخلاف الآتي. وإنما اشترط انتفاء التابع؛ لأنهم استغنوا بإطالته عن الحكاية؛ لأن إطالته بالتابع توضحه. 3 أما غير الحجازيين فلا يجيزون حكايته؛ بل يرفعوه بعدها مطلقًا، على أنه مبتدأ خبره، "من"، أو العكس. ومن الحجازيين من يجوز ذلك أيضا براجحية. 4 ويقال في إعرابه: "من" مبتدأ، و"زيد" خبر أو العكس، وهو مرفوع بضمة مقدرة في الأحوال الثلاثة، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، وقيل: حركته في حالة الرفع إعراب، والفتحة والكسرة للحكاية. 5 ويتعين حينئذ: رفع الاسم بعد العاطف على الخبرية أو الابتدائية في جميع الأحوال كما سبق. 6 ويشترط كذلك لحكاية العلم "بمن": ألا يكون عدم الاشتراط فيه متيقنا، فلا يقال: من الفرزدق -بالجر- لمن قال: سمعت شعر الفرزدق؛ لأن انتفاء الاشتراك فيه متيقن. 7 أي: بالواو خاصة، وقيل: بالفاء كذلك. 8 تقول لمن قال: رأيت زيد بن عمرو: من زيد بن عمرو؟، ولمن قال: رأيت زيدًا وعمرًا،= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = من زيد وعمرو؟ ولمن قال: رأيت أخا محمد وعليا، ومن أخا محمد وعليا؟ وفي حكاية العلم يقول الناظم: والعلم احكينه من بعد "من" ... إن عريت من عاطف بها اقترن* أي: احك العلم "بمن" إن لم يتقدم عليها عاطف بالواو خاصة، وقيل: بالفاء كذلك. ويتبين مما ذكر: أنه لا يحكى غير العلم من المعارف؛ فلا يقال لمن قال: رأيت صديق محمد. من صديق محمد؟ بنصب صديق؛ بل يجب رفعه. ولا يحكى العلم موصوفا بغير ابن مضافًا إلى علم؛ فلا يقال: من محمدًا العاقل؟ ولا من محمدًا ابن الأمير؟ لمن قال: رأيت محمدًا العاقل، أو رأيت محمدًا ابن الأمير. وخلاصة ما سبق: أن "من" تخالف "أيا" في باب الحكاية فيما يأتي. أ- "من" تختص بحكاية العاقل، و"أي" عامة في العاقل وغيره. ب- "من" تختص بالحكاية في الوقف، و"أي" عامة في الوقف والوصل. جـ- "من" يجب فيها الإشباع، و"أي" تحكى فيها حركات الإعراب غير مشبعة. د- "من" تحكى النكرة ويحكى بعدها العلم بالشروط المذكورة، و"أي" تختص بالنكرة. هـ- ما قبل تاء التأنيث في "من" يجوز فيه الفتح والإسكان، وفي "أي" واجب الفتح.   * "والعلم" مفعول لمحذوف يفسره ما بعده "من بعد" متعلق باحكينه، و"من" مضاف إليه "إن عريت" شرط وفعله، وفاعله يعود على "من". "من عاطف" متعلق بعريت, "بها" متعلق باقتران صفة لعاطف، وفاعل اقترن يعود على عاطف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف الحكاية، واذكر أقسامها التي بينها المصنف، ومثل لكل. 2 أين تطرد حكاية الجملة؟ اذكر أمثلة موضحة من إنشائك؟ 3 ما الفرق بين الحكاية "بأي" و"بمن"؟ وكيف تعربهما؟ وما حكم "من" مع النكرة؟ 4 بم يحكى العلم؟ وما الذي يشترط في حكايته؟ اذكر ذلك موضحًا بالأمثلة. 5 بين موضع الاستشهاد بما يأتي في هذا الباب. قال -تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} . {قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي} . قرأت على باب الحسين: "أحب أهل بيتي إلي الحسن والحسين". وكتب على أحد الحوائط: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} . سمع رجل آخر يقول لصاحبه مشيرًا إلى ثالث: هذا فلسطيني، فأجابه: ليس فلسطيني. 6 حك "بأي" ثم "بمن" النكرات الصالحة للحكاية فيما يأتي: إذا بعث إليك برسل فأكرمهم. في مصر عظماء وقادة مخلصون، وفي البلاد العربية إخوان لنا نجلهم ونقدرهم. لا بد للكنانة من حماة أباة، ركبت حمارًا مسرجًا، نظرت إلى فرس ملجم، وصلت ميناء السويس سفن حربية. 7 في البيت الآتي شاهد في هذا الباب -على قول- وضحه، وبين موقع ما تحته خط من الإعراب؛ وهو لذي الرمة: سمعت الناس ينتجعون غيثًا ... فقلت لصيدح انتجعي بلالا صيدح: اسم ناقة الشاعر، وبلال: اسم الممدوح، وهو بلال بن أبي بردة القاضي. 8 اشرح قول الناظم الآتي مبينا شروط حكاية العلم: والعلم احكينه من بعد "من" ... إن عريت من عاطف بها اقترن 9 احك الجمل الآتية مبينا ما تطرد حكايته: نصر من الله وفتح قريب. حسبنا الله ونعم الوكيل. محمد أكرمته. ومررت بسعيد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 هذا باب التأنيث: لما كان التأنيث فرع التذكير1 احتاج لعلامة، وهي: إما "تاء" محركة2 وتختص بالأسماء كقائمة أو "تاء" ساكنة وتختص بالأفعال كقامت. وإما ألف مفردة3 كحبلى، أو ألف قبلها ألف فتقلب هي4 همزة كحمراء، ويختصان بالأسماء. وقد أنثوا أسماء كثيرة5 بتاء مقدرة6 ويستدل على ذلك: بالضمير العائد عليها؛ نحو: {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} .   هذا باب التأنيث: 1 قيل: إنما كان التأنيث فرع التذكير؛ لأن الأصل في جميع الأشياء كما يقول سيبويه التذكير؛ بدليل أنه يطلق على كل مذكر أو مؤنث لفظ "شيء" وهذا اللفظ مذكر، وأيضًا فهو لا يحتاج إلى زيادة. 2 وتكون مربوطة، وتقلب في الوقف هاء؛ ولذلك يسميها بعض النحاة "هاء التأنيث" هي أظهر في الدلالة على التأنيث من الألف؛ لأنها لا تلتبس بشيء بخلاف الألف، فإنها تلتبس بألف الإلحاق وألف التكسير. 3 أي: لس معها ألف أخرى، وتسمى "الألف المقصورة" وهي ألف لينة مفردة زائدة قبلها فتحة للدلالة على التأنيث، ولا يلحقها تنوين ولا تاء، وتزداد في آخر الأسماء المعربة. 4 أي: الألف الثانية التي للتأنيث، وهذا رأي البصريين وهو الراجح, وتزاد في آخر بعض الأسماء المعربة الجامدة أو المشتقة. ولا يجمع بين الألف والتاء في التأنيث. أما "علقاة" لنبت، و"أرطاة" لشجر، فألفها مع التاء للإلحاق بجعفر، ومع عدمها تحتمل الإلحاق والتأنيث. 5 أي: من مجازي التأنيث والتذكير، وسبيل ذلك السماع. 6 وذلك مثل: دار، وشمس، وأرض، وعين، وأذن، ولا يقدر غير التاء؛ لأنها أكثر وأظهر في الدلالة على التأنيث كما بينا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} 1، وبالإشارة إليها نحو: {هَذِهِ جَهَنَّمُ} ، وبثبوتها في تصغيره3 نحو: عيينة، وأذينة. أو فعله نحو: {وَلَمَّا فَصَلَتِ العِيرُ} وبسقوطها من عدده كقوله: وهي ثلاث أذرع وأصبع4   1 فالنار، والحرب، والسلم مؤنثات؛ بدليل عود الضمير عليها مؤنثًا. [سورة الحج الآية: 72] , [سورة محمد الآية: 4] , [سورة الأنفال الآية: 61] . 2 [سورة يس الآية: 63] . 3 أي: لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، ويختص ذلك بالثلاثي، وكذا الرباعي إذا صغر تصغير الترخيم؛ نحو: ذريعة، في ذراع. 4 عجز بيت من الرجز، لحميد الأرقط، يصف قوسا عربية، وصدره: أرمي عليها وهي فرع أجمع اللغة والإعراب: فرع: أي مأخوذة من الغصن بحاله وليست بفلق "وهي" الواو للحال، و"هي" مبتدأ. "فرع" خبر. "أجمع" توكيد. المعنى: إني أرمي على هذه القوس المصنوعة من الغصن نفسه، وقد استوفت طولا وأجزاء. والمراد بقوله: و"أصبع" الإشارة إلى أن هذه القوس كاملة وافية كما يقال: هذا الثوب سبع أذرع وزيادة. الشاهد: في ثلاث أذرع؛ فإن سقوط الهاء من ثلاث يدل على تأنيث الذراع؛ لما هو معروف من أن العدد من ثلاثة إلى عشرة، يذكر على المؤنث، ويؤنث مع المذكر، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: علامة التأنيث تاء أو ألف ... وفي "أسام" قدروا التا كالكتف ويعرف التقدير بالضمير ... ونحوه كالرد في التصغير* =   * "علامة التأنيث" مبتدأ ومضاف إليه. "تاء" خبر. "أو ألف" عطف على تاء. وفي أسام" متعلق بقدروا "التا" بالقصر مفعول قدروا. "كالكتف" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف أي: وتلك الأسامي كالكتف. "والتقدير" نائب فاعل يعرف. "بالضمير" متعلق بيعرف. "ونحوه" عطف عليه. "كالرد" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كالرد. "في التصغير" متعلق بالرد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 فصل: الغالب في التاء أن تكون لفصل صفة المؤنث من صفة المذكر كقائمة   = أي: إن العلامة التي تدل على تأنيث اللفظ وجود تاء في آخره، أو ألف مقصورة، أو ممدودة على النحو الذي بينه المصنف. وقد تقدر التاء كما في "أسام" جمع أسماء الذي مفرده "اسم" فهو جمع الجمع ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع مثل جوار. و"كتف" من أجزاء الجسم، ويعرف المقدر من العلامة بعود الضمير إليه مؤنثًا، أو بما أشبه ذلك؛ كرد التاء إليه في التصغير، وكذلك بتأنيث خبره، أو نعته، أو حاله. والمؤنث نوعان: حقيقي وهو: الذي يدل على أنثى من طبعها أن تلد وتتناسل, ولو كان التناسل عن طريق البيض والتفريخ، فإن وجدت فيه علامة التأنيث؛ من تاء أو ألف، نحو: فاطمة، وليلى، وعلياء سمي كذلك مؤنثًا لفظيا ومعنويا، وإن لم توجد كهند، وسعاد، سمي مؤنثًا معنويا، ومجازي وهو: الذي لا يلد ولا يتناسل ويعامل معاملة المؤنث الحقيقي غالبًا، ويعرف من طريق السماع والنقل عن العرب، ومما سمع من المؤنثات المجازية: الجنوب، الشمال، الصبا، الدبور، جهنم، سقر، الشمال، اليسار، الكف، الضلع، الكأس, وقد تكون فيه علامة ظاهرة؛ كورقة وسفينة، أو مقدرة؛ كدار، وأذن، وشمس. وهنالك مؤنث لفظي فقط، وهو: ما كان علمًا لمذكر واشتمل على علامة التأنيث؛ نحو: أسامة، وزكرياء. وله أحكام أخرى؛ فقد يراعى لفظه فيمنع من الصرف، وقد يراعى معناه فلا يؤنث له الفعل؛ فلا يقال: قامت أسامة، وزكرياء، ولا يجمع جمع مذكر سالما.. إلخ. ويذكر النحاة نوعًا آخر يسمى المؤنث الحكمي، وهو: ما كان لفظه مذكرًا وأضيف إلى مؤنث فاكتسب التأنيث بالإضافة، نحو قوله -تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} فكلمة "كل" مذكرة، واكتسبت في الآية التأنيث من المضاف إليه وهو "نفس" [سورة ق الآية: 21] . فائدة: ما لا يتميز مذكره عن مؤنثه، مثل: نخلة, قملة، برغوث، يعتبر ما فيه التاء مؤنثًا مطلقًا, وما تجرد منها مذكرًا مطلقًا. وتذكير أعضاء الإنسان وتأنيثها موقوف على السماع والغالب في الأعضاء المزدوجة التأنيث؛ تبعًا للسماع الوارد فيها مثل: عين، أذن، رجل، وفي غير المزدوجة، التأنيث، تبعًا للسماع الوارد فيها مثل: عين، أذن، رجل، وفي= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 وقائم1، ولا تدخل هذه التاء2 في خمسة أوزان: أحدها: "فعول" بمعنى فاعل، كرجل صبور وامرأة صبور، ومنه3: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} أصله: بغويا، ثم أدغم، وأما قولهم: امرأة ملولة, فالتاء للمبالغة؛ بدليل رجل ملولة، وأما امرأة عدوة فشاذ4, محمول على صديقة. ولو كان "فعول" بمعنى مفعول لحقته التاء5 نحو: جمل ركوب، وناقة ركوبة.   = غير المزدوجة التذكير، مثل: رأس، قلب، أنف، ظهر. ومن المزدوج المذكر: الحاجب، الصدغ، الخد، المرفق، الزند، الكوع، الكرسوع، اللحي "عظم الفك". ومن المنفرد المؤنث: الكرش، الكبد، ومن المزدوج الذي يذكر ويؤنث: العضد، الإبط، الضرس، ومن المنفرد الذي يذكر ويؤنث، العنق، اللسان، القفا. 1 قيل: ذلك قياس في اسم الفاعل كقائمة واسم المفعول كمحمودة، والصفة المشبهة كحسنة، والمنسوب بالياء كعربية. وقد تدخل بعض الأسماء الجامدة سمع: أسد، وأسدة، رجل ورجلة، غلام وغلامة، إنسان وإنسانة، فتى وفتاة، ظبي وظبية، امرأ، وامرأة، ولا يقاس على ذلك, بل يجب الوقوف عند حد السماع، كما تدخل في الصفات المختصة بالمؤنث، على وزن فاعل ومفعل، مثل: طالق، حامل، حائض، مرضع مطفل؛ إذا لم يقصد منها الحدوث، فإذا قصد بها الحدوث في أحد الأزمنة لزمتها التاء؛ تقول: فلانة حائضة الآن، وطالقة غدا. 2 أي: الفاصلة صفة المؤنث من صفة المذكر والفارقة بينهما. وقد تلي "فعولا" وغيره من الأوزان، "تاء", ولكنها لا تكون فارقة، مثل فروقة، من الفرق، وملولة، من الملل؛ فإن التاء فيهما للمبالغة. 3 إنما قال: ومنه؛ ليشير إلى الرد على ابن جني، حيث قال: إن "بغيا" وزنه "فعيل" ولو كان "فعولا" لقيل: بَغَوا؛ كما قيل: نَهو. ووجه الرد: أن نهوا شاذ. 4 هذا إذا كانت "عدوة" بمعنى قامت بها العدواة، أما إذا أريد من وقعت عليا العداوة فلا شذوذ؛ لأنها حينئذ بمعنى مفعول. 5 أي: جوازًا على قلة، لا شذوذا كغيره من الأوزان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 والثاني: "فعيل" بمعنى مفعول1 نحو: رجل جريح وامرأة جريح، وشذ ملحفة جديدة، فإن كان "فعيل" بمعنى فاعل لحقته التاء2 نحم: امرأة رحيمة وظريفة، فإن قلت: مررت بقتيلة بني فلان ألحقت التاء خشية الإلباس3؛ لأنك لم تذكر الموصوف. الثالث: "مفعال" كمنحار، وشذ ميقانة4. الرابع: "مفعيل" كمعطير5، وشذ امرأة مسكينة. وسمع مسكين على القياس. الخامس: "مفعل" كمغشم، ومدعس6.   1 أي: بشرط أن يعرف موصوفه؛ أي: المتصف بمعناه، فلا يستعمل استعمال الأسماء غير المشتقة، وليس المراد بالموصوف -هنا- الموصوف النحوي وهو النعت، وإنما المقصود: الموصوف المعنوي الذي يتصل به معنى المشتق؛ ليشمل ما إذا كان الوصف خبرًا، أو حالا، أو بيانا؛ مثل: الفتاة قتيل بحذف التاء، وسواء كان الموصوف المذكور ملفوظا به، أو منويا وملحوظا بقرينة تدل عليه؛ نحو: قتيل من النساء، وقد تلحقه التاء حملا على الذي بمعنى "فاعل" كقولهم: صفة ذميمة، وخصلة حميدة. 2 وقد تحذف حملا على الذي بمعنى مفعول، نحو: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} ، {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [سورة الأعراف الآية: 56] ، [سورة يس الآية: 78] . 3 أي: بالمذكر، وبهذا يعلم أنه إذا استعمل "فعيل" بمعنى مفعول استعمال الأسماء؛ بأن لم يعرف الموصوف وجب ذكر التاء لعدم اللبس، نحو: رأيت في المجزر ذبيحة. 4 من اليقين وهو عدم التردد، يقال رجل ميقان، وامرأة ميقانة؛ أي: يكثر كل منهما اليقين والتصديق بما يسمعه. 5 أي: كثير العطر طيب الرائحة، ومثله "منطيق" للرجل البليغ، والمرأة البليغة. 6 المغشم: الجريء الشجاع الذي لا يثنيه شيء عن إدراك ما يرد ويهوى. والمدعس: الطعان من الدعس، وهو الطعن. وإلى أوزان المشتقات التي لا تدخلها التاء الفارقة، أشار الناظم بقوله: ولا تلي فارقة "فعولا" ... أصلا "ولا المفعال والمفعيلا" كذاك "مفعل" وما تليه ... تا الفرق من ذي فشذود فيه = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 وتأتي التاء لفصل الواحد من الجنس1 كثيرا؛ كتمرة. ولعكسه2، في جبأة وكمأة خاصة3 وعوضا من فاء كعدة4 أو من لام كسنة5؛ أو من زائدة لمعنى، كأشعثي   = ومن "فعيل" كقتيل إن تبع ... موصوفة غالبا التا تمتنع* أي: إن هذه التاء التي تدخل على الصفات للفرق بين المذكر والمؤنث، لا تدخل على ما كان من الصفات على وزن "فعول" أصلا؛ أي: الذي بمعنى فاعل، ولا وصفا على "مفعال" أو "مفعيل" أو "مفعل" وما تلحقه التاء الفارقة من هذه الأوزان ففيه شذوذ؛ أي: إنه شاذ. أما الوصف الذي على وزن "فعيل", فإن تبع موصوفه بأن كان له موصوف معروف حذفت منه التاء غالبًا؛ اكتفاء بمعرفة الموصوف. 1 أي: جنسه الجامد، وتكون في المخلوقات كثيرًا، كتمرة وتمر، ونخلة ونخل، وشجرة وشجر، وفي المصنوعات قليلا، كلبنة ولبن، وجرة جر، وسفينة وسفين. 2 أي: تمييز الجنس الجامد من واحدة؛ فتكون داخلة على الجنس وذلك قليل. 3 هما اسمان لنوع واحد من النبات؛ الأول أحمر، والثاني يميل إلى السواد، ويقال للمفرد منهما "جبء" و"كمء" وليس منه: سيارة وميارة؛ لأنهما جمعا سيار وميار، وليس من أسماء الأجناس لغلبة التأنيث عليهما، قال -تعالى: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ} [سورة يوسف الآية: 19] ، وعلى تقدير كونهما من أسماء الأجناس فهما اسما جنس مشتق. 4 مصدر "وعد" وأصلها "وعدة" نقلت كسرة الواو إلى العين، ثم حذفت الواو وعوض عنها التاء آخرًا؛ لأنها لا تقع صدرًا. 5 أصلها: سنو أو سنة؛ بدليل جمعها على: سنوات، أو سنهات، حذفت الواو والهاء، لكراهية تعاقب حركات الإعراب على الواو لاعتلالها، وعلى الهاء لخفائها وعوض عنها التاء.   * "ولا" لا نافية "تلي" فعل وفاعله يعود إلى تاء التأنيث. "فارقة" حال من فاعل تلي. "فعولا" مفعول تلي. "أصلا" حال من مفعولا. * "كذاك" خبر مقدم. "مفعل" مبتدأ مؤخر. "وما" اسم موصول مبتدأ. "تا" فاعل تليه. "الفرق" مضاف إليه، والجملة صل ما. "من ذي" متعلق بتليه، والإشارة إلى الأوزان المتقدمة. "فشذوذ فيه" مبتدأ وخبر، والجملة خبر المبتدأ والأول، والفاء زائدة لشبه الموصول بالشرط. * "ومن فعيل" متعلق بتمتنع "كقتيل" جار ومجرور متعلق بمحذوف في موضع الحال من فعيل. "إن تبع" شرط وفعله، والجواب محذوف لدلالة ما بعده عليه. "موصوفة" موصوف مفعول تبع، والهاء مضاف إليه، وفاعله يعود على فعيل. "غالبًا" حال من ضمير تبع. "التاء" بالقصر للضرورة، مبتدأ، وجملة "تمتنع" خبره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 وأشاعثة1، أو من زائد لغير معنى كزنديق، وزنادقة2. وللتعريب كموازجة 3, وللمبالغة4 كراوية ولتأكيدها5 كنسابة، والتأكيد التأنيث كنعجة6.   1 فإن التاء هنا عوض عن ياء النسب، ولذلك لا يجتمعان، ومثله: أزرقي و"أزارقة"، ومهلبي و"مهالبة". من جموع التكسير المسنونة إلى المفرد: أشعت، وأزرق، وملهب. 2 فإن التاء عوض عن الياء في المفرد؛ إذ إن الأصل في تكسيرها زناديق على وزن مفاعيل، ولا يجمع بينهما. 3 جمع موزج، وهو الجورب، أو الخف والقياس في جمعه، موازج، فجيء بالتاء في الجمع للدلالة على أن أصل الكملة غير عربي, وقد عربت بإدخال شيء من التغيير على صيغتها. ومثلها: كيالجة، جمع كيلجة، والقياس كياليج؛ فجاءت التاء بدلا من الياء للدلالة على التعريب. 4 أي: في الوصف الذي على فاعل، والراوية: الكثير الرواية. قيل: وإنما أنثوا المذكر هنا؛ لأنهم قصدوا أنه غاية في ذلك الوصف، والغاية مؤنثة. 5 أي: تأكيد المبالغة الحاصلة بغير التاء في الصفة على فعال أو مفعال أو فعول؛ لأن هذه الصفة تفيد المبالغة بنفسها، فدخول التاء يؤكد هذه المبالغة. 6 لأن هذا اللفظ مخصوص بالمؤنث بقطع النظر عن التاء، كعجوز وأتان؛ فدخول التاء عليه لتأكيد التأنيث، ومثل نعجة، ناقة. وكذلك خئولة، وعمومة؛ فإنها فيهما لتأكيد التأنيث اللاحق للجمع. هذا: وليعم أن التاء التي للمبالغة أو لتأكيدها -قد انسلخت عن التأنيث فلا تفيد أي معنى فيه. أما فيما عدا ذلك، فتدل مع ما تفيده من الأغراض على التأنيث المجازي لما هي فيه؛ بدليل تأنيث ضميرها والإشارة إليها. وقد تدخل التاء على وصف يخص المذكر وتلزمه نحو: "بُهمة" للرجل الشجاع الذي لا يصل إليه العدو، وتدخل على ما يشترك فيه المذكر والمؤنث وتلزمه أيضًا، نحو: ربعة؛ للمعتدل القامة من الرجال والنساء، وجمعهما: ربعات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 فصل: لكل واحد من ألفي التأنيث1 أوزان نادرة، ولا نتعرض لها في هذا المختصر، وأوزان مشهورة. فمشهور أوزان المقصورة اثنا عشر: 2 أحدها: "فُعَلَى" بضم الأول وفتح الثاني؛ كأُربى للداهية، وأُدمى، وشُعبى لموضعين، قال: أعبدا حل في شعبى غريبا3 وزعم ابن قتيبة4 أنه لا رابع لها، ويرد عليه "أُرَنَي" بالنون؛ لحب يجبّن به اللبن، و"جنفي" لموضع، و"جعبى" لعظام النمل5. وقد تبين أن عد الناظم "لفعلى" في الأوزان المشهورة مشكل6. الثاني: "فُعْلَى" بضم الأول وسكون الثاني اسمًا كان كبهمى7، أو صفة   1 أي: المقصورة والممدودة. وقد سبق تعريفهما. 2 هذه الأوزان سماعية؛ لا يجوز الزيادة على المسموع منها عن العرب. 3 تقدم الكلام على هذا الشاهد في باب المفعول المطلق الجزء الثاني صفحة 132. 4 هو أبو محمد، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، النحوي اللغوي الكاتب، كان رأسا في العربية واللغة والأخبار وأيام الناس، ثقة دينا فاضلا، وقد سكن بغداد وحدث بها. وروى عنه كثير من العلماء، منهم: ابن درستويه، وله مؤلفات كثيرة منها: إعراب القرآن، وجامع النحو، وطبقات الشعراء، وعيون الأخبار، وكتابه أدب الكاتب؛ معروف متداول، وتوفي سنة 286هـ على الأصح. 5 أي: كباره، فهو جمع عظيم. 6 فقد تبين أنه من الأوزان النادرة، بل قيل إنه شاذ، وأيضًا فقد جعله في التسهيل من الأوزان المشتركة بين المقصورة والممدودة، ومنه مع الممدودة: عشراء ونفساء، وكرماء، وفضلاء، وخلفاء، وهو كثير فيها. 7 اسم لنبت، يطلق على الواحد والجمع وواحدته "بهماة" يقال: أبهمت الأرض، أنبتت البهمي، وأنكر المبرد ذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 كحبلى وطولى، أو مصدرًا كرجعى1. الثالث: "فَعَلَى" بفتحتين, اسما كان؛ كبردى لنهر بدمشق، أو مصدرًا كمرطى2 لمشية، أو صفة كحيدى3. الرابع: "فَعْلى" بفتح أوله وسكون ثانيه بشرط أن يكون: إما جمعًا كقتلى وجرحى، أو مصدرًا كدعوى، أو صفة كسكرى وسيفى مؤنثي سكران، وسيفان للطويل. فإن كان "فعلى" اسما كأرطى وعلقى4 ففي ألفه وجهان5. الخامس: "فُعالى" -بضم أوله، كحبارى6 وسماني، لطائرين. وفي الصحاح: أن ألف حبارى ليست للتأنيث وهو وهم؛ فإنه قد وافق على أنه   1 هي مصدر للفعل رجع. 2 مرطى, وبشكى، وجمزى؛ أنواع من السير السريع؛ وهي مصادر للأفعال؛ مرط، وبشك، وجمز. 3 يقال: حمار حيدى؛ أي: يحيد عن ظله، ويحاول الفرار إذا تخيل منه لنشاطه, قال صاحب الناموس: ولم يوصف مذكر على "فَعلى" غيره وفي التسهيل: أن هذا الوزن من المشترك؛ وذكر منه مع الممدود, قرماء، وجنفاء، لموضعين, ودأثاء -ويحرك- للأمة، والجمع دأث، وابن دأثاء: الأحمق. 4 الأرطى: شجر ينبت في الرمل يدبغ به الأديم؛ يقال أديم مأروط؛ أي: مدبوغ، والعلقى: نبت يكون واحد وجمعًا؛ قضباته دقاق يتخذ منه المكانس. 5 قيل: إنها للتأنيث، وعلى ذلك يمنع من الصرف، وقيل: للإلحاق فلا يمنع ومثلهما: تترى: يقال: جاءوا تترى؛ أي: متتابعين، وهذا الوزن من المشترك؛ ومنه مع الممدوة: حمراء. 6 في القاموس: الحبارى: طائر للذكر والأنثى، والواحد والجمع، وألفه للتأنيث. ويكون فعالى: اسمًا كما مثل المصنف، كسكارى، وصفة كعلادى؛ للشديد من الإبل؛ يقال: جمل علادى؛ أي: قوي شديد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 ممنوع الصرف1. السادس: "فُعَّلَى" بضم أوله وتشديد ثانيه مفتوحا؛ كسمهى للباطل2. السابع: "فِعَلَّى" بكسر أوله وفتح ثانيه، وسكون ثالثه كسِبَطْرَى، ودفقى لضربين من المشي3. الثامن: "فِعْلَى" بكسر أوله وسكون ثانيه إما مصدرًا كذكرى، أو جمعًا، وذلك: "حِجْلَى" جمعا للحجل، بفتحتين، اسمًا لطائر، و"ظِرْبى" -بالظاء المشالة- جمعًا لظربان -بفتح أوله وكسر ثانية- اسما لدويبة4, ولا ثالث لهما في الجموع5. التاسع: "فِعِّلَى" -بكسر أوله وثانيه مشددًا- نحو: حِثِّيثي وخلِّيفي6, وحكى الكسائي: هو من خِصِّيصاء قومه -بالمد- وهو شاذ.   1 أي: ومنع الصرف دليل على أن ألفه للتأنيث. 2 في القاموس، السمهى: الهواء المرتفع، والكذب، والأباطيل. 3 سبطرى: اسم لمشية فيها تبختر، ودفقى: اسم لمشية فيها تدفق وإسراع. 4 تشبه الهرة. منتنة الفسو، يقال: فسا بينهم الظربان؛ أي: تقاطعوا؛ قيل لأنه إذا فسا في ثوب لا تذهب رائحته حتى يبلى. 5 قيل: إن أبا علي الفارسي سأل المتنبي يوما -وكان تلميذه- كما لنا من الجموع على وزن "فِعلى"؟ فأجاب المتنبي على الفور: "حجلى، وظربى" فبحث الفارسي ليلتين فلم يجد لهما ثالثًا، فإ لم يكن "فِعلى" مصدرًا أو جمعًا فألفه للتأنيث؛ إن كان غير منون، نحو: {قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: جائرة، [سورة النجم الآية: 22] . وللإلحاق إن نون، نحو: عزهى للعازف عن اللهو والنساء، أو اللئيم، أو الذي لا يكتم بغض صاحبه. 6 حثيثي: مصدر للفعل حث على الشيء، إذا حض عليه ولم يجئ إلا مصدرًا وخليفي: اسم بمعنى الخلافة، وفي الأثر عن عمر -رضي الله عنه: لولا الخليفى لأذنت، ومثلهما: خصيصى وفخيرى؛ اسمان للاختصاص والفخر: وفي التسهيل: أنهما يمدان؛ فيكون هذا الوزن من المشترك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 العاشر: "فُعُلَّى" -بضم أوله وثانيه وتشديد ثالثه- ككُفُرَّى لوعاء الطلع1، وحذرى، وبذرى، من الحذر والتبذير2. الحادي عشر: "فُعَّيْلَى" -بضم أوله وفتح ثانيه مشددًا- كخليطى للاختلاط3 وقبيطى للناطف4. الثاني عشر: "فُعَّالَى" -بضم أوله وتشديد ثانيه- نحو: "شقارى وخبازى "لنبتين، و"خضارى" لطائر5. تنبيه: نحو: جنفى، وخليفى، وخليطى ليس من الأوزان المختصة بالمقصورة؛ بدليل: عرواء6، وفخيراء7، ودخيلاء8.   1 أي: اسم للوعاء الذي يوضع فيه طلع النخل، واسم للطلع نفسه. 2 الذي في القاموس: حذرى: الباطل، ومثله بذرى. 3 يقال: وقعوا في خليطى؛ أي: اختلط عليهم الأمر، وخليطى: أوباش مختلطون. 4 الناطف: نوع من الحلوى، يسمى بذلك؛ لأنه ينطف؛ أي: يستقطر قبل خثورته، ومثلهما: "لغيزى" اسم للغز. 5 الذي في القاموس: الخضارى كغرابى، طائر، وكالشقارى، نبت، وفي المنجد: هو نبت أحمر، قيل: هو شقائق النعمان. 6 العروراء: هي: برودة الحمى ومسها في أول رعدتها. 7 الفخيراء: الرجل الفخور. 8 في القاموس: دخيلاء الرجل ودخله بالكسر والفتح، نيته ومذهبه، وجميع أمره بطانته, ويقال: هو عالم بداخل أموره وباطنها. وفي قسمي ألف التأنيث، والأوزان المشهورة للألف المقصورة؛ يقول الناظم: وألف التأنيث ذات قصر ... وذات مد نحو أنثى الغر والاشتهار في مباني الأولى ... يبديه وزن "أُرَبى" و"الطُّولى" و"مَرَطَى" ووزن "فَعْلَى"جمعا ... أو مصدرًا أو صفة كـ"شَبْعَي" = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 ومشهور أوزان الممدودة سبعة عشر 1: أحدها: "فَعْلاء" بفتح أوله وسكون ثانية2؛ اسما كان كصحراء، أو مصدرًا كرغباء3، أو صفة 4 كحمراء، و"ديمة هطلاء" أو جمعًا في المعنى كطرفاء5.   = وكـ"حُبَاري" سُمَّهى سِبَطْرى ... ذِكْرى" و"حِثِّيثَى" مع "الكُفُرَّى". كذاك "خُلَّيْطَي" مع "الشُّقارَى" ... واعز لغير هذه استندارا* أي: إن ألف التأنيث على ضربين: أحدهما المقصورة، والثاني الممدودة، وقد شرحناهما. والغر: جمع مفرده المذكر أغر، والمؤنث غراء، والأوزان المشهورة في مباني الأولى -وهي المقصورة- اثنا عشر؛ يوضحها: وزن "أربى" كفعلى ... إلخ. وقد وضحت تمام الإيضاح, ثم قال الناظم بعد سرد الأمثلة لكل الأوزان: "واعز" أي: انسب لغير هذه الأوزان استندارًا؛ أي: ندرة. 1 هي كأختها المقصورة سماعية؛ لا يجوز القياس عليها، وهي: ألف زائدة في آخر بعض الأسماء المعربة الجامدة أو المشتقة للتأنيث، وقبلها أخرى زائدة فتنقلب الثانية همزة. ولا يجمع بينها وبين التاء. 2 وهو قياسي في مؤنث "أفعل" صفة، وقد يجيء في غير ذلك كما مثل المصنف. 3 مصدر رغب إليه؛ أراد ما عنده، ويقال: رغب في الشيء؛ أراده، ورغب عنه؛ لم يرده. 4 أي: لأنثى"أفعل" كحمراء، أو لغيره، كديمة هطلاء؛ فإنه يقال: سحاب هطل أو هطال، لا أهطل، والديمة: المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق، وهطلاء: متتابعة المطر. 5 نوع معروف من شجر الأثل، مفرده طرفاء في الأكثر، وطرفة، وبها لقب طرفة بن العبد, واسمه: عمرو، وقيل: طرفاء اسم جنس جمعي؛ لأن فعلاء ليس من أبنية جمع التكسير. ولهذا قال المصنف: أو جمعًا في المعنى.   * "وألف التأنيث" مبتدأ ومضاف إليه، "ذات قصر" خبر ومضاف إليه كذلك. "وذات مد" عطف عليه. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "أنثى الغر" مضاف إليه بنحو، وأنثى الغر: غراء بألف ممدودة. * "والاشتهار" مبتدأ. "في مباني الأولى" متعلق به ومضاف إليه. "وزن" فاعل بيديه والجملة خبر المبتدأ. * "والطولى ومرطى" معطوفان عن أربى "ووزن" معطوف على وزن السابق, "فعلى" مضاف إليه. "جمعا" حال من فعلى. * وكحبارى معطوف على كشبعى، وما بعده عطف عليه بإسقاط العاطف. "مع الكفرى" مع ظرف حال من المتقدمات قبل والكفرى مضاف إليه. * "كذاك" خبر مقدم, "خليطى" مبتدأ مرخر, "مع الشقاري" مع، حال من خليطى، والشقاري مضاف إليه. "استندارا" مفعول أعز. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 الثاني، والثالث، والرابع: "أفْعَلَاء" بفتح العين1, و"أفْعِلاء" بكسرها, و"أفْعُلاء" بضمها, كقولهم: يوم الأربعاء، سمع في الأوزان الثلاثة. الخامس: "فَعْلَلاء"، كعقرباء، لمكان2. السادس: "فِعالَاء -بكسر الفاء- كقِصاصَاء، للقصاص. السابع: "فُعْلُلاء" -بضم الأول والثالث- كقُرْفُصاء. الثامن: "فَاعُولاء" -بضم الثالث- كعاشوراء4. التاسع: "فَاعِلاء" -بكسر الثالث- كقاصِعاء لأحد جِحَرَة اليربوع5. العاشر: "فِعْلياء" -بكسر الأول وسكون الثاني- نحو: كِبْرياء6.   1 ذكر في التسهيل: أن هذا الوزن من المشترك، ومثال المقصورة: "أجْفلى" للدعوة العامة إلى الطعام، وضده: "النقرى" وهو دعوة قوم على الخصوص دون قوم؛ كالانتقار؛ يقال: دعوتهم النقرى، قال الشاعر: نحن في المشتاة ندعو الجَفَلَى لا ترى الآدِب فينا ينتَقِر 2 وهي أيضًا: أنثى العقارب ممنوع من الصرف، وأرض معقربة، كثيرة العقارب. 3 اسم لنوع من القعود؛ وهو: أن يجلس المرء على أليتيه وقدميه ويلصق بطنه بخفذيه، ويحتبي بيده، وفي القاموس: القرفصي -مثلثة القاف والفاء- مقصورة؛ وعلى هذا فهو من الأوزان المشتركة. 4 اسم للعاشر من المحرم أو لتاسعه، يقصر؛ فهو من المشترك على هذا. 5 اليربوع: حيوان أكبر قليلا من الفأر؛ يداه أقصر من رجليه ويتخذ لجحره أبوابا يخفيها، منها: القاصعاء، والنافقاء؛ فإذا أتى من جهة القاصعاء، ضرب النافقاء برأسه فانتفق، أي: خرج من نافقائه. 6 اسم للتكبر والعظمة والاختيال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 الحادي عشر: "مَفْعُولاء" كمشيوخاء1. الثاني عشر: "فَعَالاء" -بفتح أوله وثانيه- نحو: بَرَاسَاء، بمعنى الناس، يقال: ما أدْري أي البَرَساءِ هو، وبَرَكاء، بمعنى البُروك2. الثالث عشر: "فَعِيلاء" -بفتح أوله وكسر ثانيه- نحو: قَرِيثاء وكَرِيثاء، نوعان من البسر. الرابع عشر: "فَعُولاء" -بفتح أوله وضم ثانيه- نحو: دَبُوقَاء3. الخامس عشر: "فَعَلاء" بفتحتين؛ كخَفَقَاء لموضع، قال ابن الناظم: وإنما هو بالجيم والنون والفاء، ولا نظير إلا دأثاء للأمة4, وقَرَمَاء لموضع، وعلى هذا: فعد الناظم لذلك في المشهور مُشكل وفي المحكم5: أنَّ "جَنَفَى" بالجيم والنون والفاء والقصر، موضع وأنه بالمد أيضًا موضع.   1 اسم لجماعة الشيوخ، وهي جمع شيخ، وهو: من سنه فوق الخمسين: 2 وهو: أن تبرك الإبل وينزل عنها للقتال على الأرجل. وبراكاء: اسم لمعظم الشيء وشدته، يقال: وقع في براكاء الأمر أو القتال؛ أي: في شدته وأكثره. قال الشاعر: ولا ينجي من الغمرات إلا ... براكاء القتال أو الفرار 3 اسم للعذرة، ومثله: جلولاء، بلدة بالعراق، وحروراء، لموضع تنسب إليه الحرورية، وهم طائفة من الخوارج. 4 يقال: فلان ابن دثاء؛ أي: "ابن أمة". 5 كتاب في اللغة العربية، يقارب عشرين مجلدًا، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية، مؤلفه، أبو الحسن، علي بن إسماعيل، المعروف بابن سيده، النحوي الأندلسي من أهل مرسية. كان نادرة وقته، وإمامًا في اللغة العربية، على الرغم من أنه ضرير، وله شعر جيد، وله تصانيف كثيرة، منها: المحكم هذا، والمخصص في 17 مجلدًا، وقد طبع ببولاق سنة 1316. وتوفي ابن سيده سنة 448هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 السادس عشر: "فِعَلاء" -بكسر أوله وفتح ثانية- نحو: سَيَراء1. السابع عشر: "فُعَلَاء" -بضم أوله وفتح ثانيه- كخُيَلاء2.   1 اسم لنوع من الثياب فيه خطوط؛ مخطوط بالحرير، ولنبت يشبه الخلة، وللذهب الخالص. قيل: لم يأت على هذا الوزن غير هذه الكلمة. 2 اسم للكبر والعجب والاختيال، مثله: عشراء، وتسعاء وقد يأتي جمعًا نحو فقهاء وعلماء، وإلى الأوزان المتقدمة لألف التأنيث الممدودة، أشار الناظم بقوله: لمدها "فَعْلُاء أفْعلِاء" ... مثل العين و"فَعَلَلاءُ" ثم "فِعَالَا فُعْلُلَا فَاعُولا" ... و"فَاعِلاء فِعْليًا مَفْعُولا" ومطلق العين "فَعَالَا" وكذا ... مطلق فاء "فَعَلا" أخذا* أي: إن لألف التأنيث الممدودة، هذه الأوزان التي ذكرها، وقد أوضحها المصنف وكلها مختومة بالهمزة، وقد تركت في بعضها لوزن الشعر، وأراد بـ"فعالى" مطلق العين ما كان على وزن "فعالا" مضموم العين ومفتوحها ومكسورها، وكذلك أراد بـ"فعلاء" مطلق الفاء, ما كان مفتوح الفاء أو مضمومها أو مكسورها، وقد مثل المصنف لكل ذلك بأمثلة أوضحنا معناها. هذا: ولألف التأنيث الممدودة، أوزان كثيرة غير ما ذكر، منها: فُعْلاء، كخنفساء. وفعولاء كعشوراء، وتَفْعلاء كتركضاء لمشية المتبختر وقد ذكر العلامة الأشموني كثيرًا منها، فارجع إليه إن شئت. تنبيه: من الألفاظ الكثيرة الاستعمال التي يجوز فيها التذكير والتأنيث: الطريق، السلاح، العقرب، الملح، اللسان، السراويل، السكين، القوس، الذهب، العسل، الكبد.   * "لمدها" جار ومجرور خبر مقدم ومضاف إليه. "فعلاء" مبتدأ مؤخر. "أفعلاء" عطف عليه بحذف العاطف. "مثل العين" مثل حال من أفعلاء، والعين مضاف إليه. "وفعللاء إلى مفعولا" معطوفان على فعلاء بإسقاط العاطف، والقصر في بعضها للضرورة. "ومطلق العين" مطلق حال مقدم من "فعالا" والعين مضاف إليه، وهو معطوف على ما سبق، "وكذا" متعلق بأخذا "مطلق فاء" مطلق حال من "فعلاء" الواقع مبتدأ وفاء مضاف إليه، وجملة "أخذا" خبره، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل يعود إلى فعلاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 باب المقصود والممدود ... باب: المقصور والممدود قصر الأسماء ومدها ضربان: قياسي، وهو وظيفة النحوي: وسماعي، وهو وظيفة اللغوي، وقد وضعوا في ذلك كتبًا. وضابط الباب عند النحويين أن الاسم المعتل بالألف ثلاثة أقسام: أحدها: ما له نظير من الصحيح2 يجب فتح ما قبل آخره، وهذا النوع مقصور   هذا باب: المقصور والممدود 1 المقصور هو: الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة، مثل الهدى والفتى، فيخرج الحرف. والفعل المختوم بالألف؛ كدعا ويسعى والاسم المبني مثل: "إذا" و"لدى". والمثنى في حالة رفعه والأسماء الستة في حالة نصبها؛ لأن الألف فيهما غير لازمة، وسمي مقصورًا؛ لأنه لا مد فيه فهو في مقابلة الممدود. ويعرب المقصور بحركات مقدرة على آخره في جميع الأحوال، وإذا نون حذفت ألفه لفظا لا خطا؛ مرفوعا كان، أو منصوبا، ومجرورًا. أما الممدود فهو: الاسم المعرب الذي آخره همزة قبلها ألف زائدة، أو هو: الاسم المعرب الذي في آخره ألف قبلها ألف زائدة، فتقلب الثانية منها همزة، نحو: رداء، خضراء، فيخرج الفعل، نحو: يشاء، وما فيه الهمزة بعد ألف أصيلة، نحو: ماء أو شاء، أو بعدها تاء التأنيث، نحو: هناءة؛ لأن الإعراب يجري على التاء. ومما تقدم يتبين: أن المقصور والممدود نوعان من الاسم المتمكن المعتل الآخر، فلا يطلقان عند النحاة على المبني، ولا على الفعل والحرف. وقولهم في "هولاء" إنه ممدود, تسبح. أما اللغويون والقراء، فيقولون في "أولى" اسم إشارة, إنه مقصور وفي "أولاء"، ممدود، وكذلك في جاء وشاء، ممدودان. أما المنقوص فهو: الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة مكسور ما قبلها، نحو: القاضي والمنادي، وإذا نون حذفت ياؤه لفظًا وخطا في حالتي الرفع والجر، وبقيت في حالة النصب، والصحيح: ما عدا ذلك، كقلم وكتاب. 2 أي: نظير في وزنه، وفي نوع الاسم كالمصدرية والوصفية والجمعية، لا خصوص الوزن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 بقياس1، وله أمثلة. منها: كونه مصدر "فَعِلَ" اللازم، نحو: جَوِي جَوًى، وهَوِي هَوًى، وعَمِي عَمًى؛ فإن نظيرها من الصحيح: فَرِحَ فرحًا، وأَشِرَ أشرًا2. قال ابن عصفور وغيره، وشذ الغراء بالمد مصدر غَرِيَ3. وأنشدوا: إذا قلت مهلا عارت العين بالبكا ... غراء ومدتها مدامع نهل4 وفيما قالوه نظر؛ لأن أبا عبيدة حكي: غاريت بين الشيئين غراء؛ أي: واليت؛ ثم   1 أي: قياس يخضع للقواعد النحوية، وهذا هو الذي ذكر تعريفه. 2 وهذا المصدر واجب فتح ما قبل آخره؛ لأن "فعِل" اللازم قياس مصدره في الغالب "فَعَل" فكل من جوِي وهوِي مقصور؛ لأن لهما نظير من الصحيح وقد اتفق الفعلان والمصدران في وزنهما. 3 أي: على غير قياس، من عري بالشيء أولع به، أو تمادى فيه في غضبه. 4 بيت من الطويل لكثير عزة، الشاعر الأموي المشهور. اللغة والإعراب: مهلا: مصدر بمعنى التمهل والترفق، غارت: والت وأرسلت الدمع متتابعًا، مدتها: أعانتها وكانت لها مددًا. نهل: كثيرة متتابعة، "مهلا" مفعول مطلق لفعل محذوف، "بالبكا" مفعول غارت على زيادة الباء "غراء" منصوب على المصدرية بفعل محذوف معطوف على الفعل المذكور على رأي ابن عصفور، وفيه تعسف ظاهر، والأسلم أن يكون منصوبًا على الحال بمعنى غرية؛ على رأي أبو عبيدة "مدامع" فاعل مدت، "نهل" صفة لمدامع. المعنى: إذا أردت التمهل الترفق في الحزن والت العين دموعها وأرسلته تباعًا ومدتها المدامع الكثيرة المتتابعة. الشاهد: في "غراء" فإن ابن عصفور أنشده بفتح العين والمد, وقال: إنه مصدر غرى بالشيء فهو به غر، ومده شاذ والقياس القصر، وقد ذكر المصنف عن أبي عبيدة: أن الرواية بكسر الغين والمد، وفعله "غارى" مثل: قاتل قتالا، وعلى ذلك فمده قياسي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 أنشده1. وعلى هذا فالمد قياسي كما سيأتي؛ لأن غاريت غراء، مثل: قاتلت قتالًا، وغاريت: فاعَلْت، من غريت به، وأنشد "أَسْلُو" بدل "مهلًا"، و"فاضت"2 بدل "غارت"، وحُفَّل3 بدل "نُهَّل". ومنها: "فِعَلَ" -بكسر أوله وفتح ثانيه- جمعًا لفِعْله4 بكسر أوله وسكون ثانيه، نحو: فِرْية وفِرًى، ومِرْية ومِرًى؛ فإن نظيره: قِرْبة وقِرَب5. ومنها: "فُعَل" -بضم أوله وفتح ثانيه- جمعًا "لفُعْلَة" بضم أوله وسكون ثانيه، نحو: دمية6 ودُمًى، ومُدْية، ومُدًى، وزُبْية7 وزُبًى وكسوة وكسى؛ فإن نظيره: حُجَّة وحُجج، وقُرَبة وقُرَب. ومنها: اسم مفعول ما زاد على ثلاثة8 نحو: معطى ومستدعى؛ فإن نظيره: مكرم   1 أي: أنشد بيت كثير المذكور، فعلم من هذا أن غارت في البيت بمعنى والت وأصله: غاريت، قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت الألف للساكنين. 2 هو من قولهم: فاض النهر إذا زاد ماؤه عن ارتفاع الشاطئ فسال على الوادي. 3 أي: ممتلئة. 4 أي: المختومة بتاء التأنيث التي قبلها حرف علة، والفرية: الكذب والاختلاق من افترى؛ أي: اختلق، والمرية: الشك، وقد يضم. والامتراء في الشيء الشك فيه. فهذان وأشباههما من جموع التكسير، من المقصور القياسي. 5 و"فعلة" المذكورة يكثر جمعها على "فعل". 6 هي الصورة من العاج ونحوه، وتطلق على الذات الجميلة تشبيهًا، وجاء في الشعر: الدمي بمعنى الثياب التي فيها التصاوير. 7 الزبية: حفر تحفر للأسد وأصلها الرابية لا يعلوها الماء، وسميت بذلك؛ لأنهم كانوا يحفرونها في موضع عال. وفي المثل "بلغ السيل الزبى" فهذه وأمثالها من جموع التكسير من المقصور القياسي. 8 أي: اسم مفعول مصوغ من ماض معتل الآخر يزيد على ثلاثة أحرف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 ومستخرج1. الثاني: أن يكون له نظير من الصحيح2، يجب قبل آخره ألف.   1 واسم المفعول القياسي للفعل المذكور يجيء على هذا الوزن. وفي المقصور القياسي يقول الناظم: إذا اسم استوجب من قبل الظرف ... فتحًا، وكان ذا نظير، كالأسف فلنظيره المعل الآخر ... ثبوت قصر بقياس ظاهر كـ "فِعْل" و"فُعَل" في جمع ما ... كـ"فِعْلَة" و"فُعْلَة"، نحو الدُّمَى* أي: إن الاسم الصحيح الآخر؛ إذا استحق فتح ما قبل آخره وجوبًا، مثل: أسف مصدر أسف، وكان له نظير في وزنه معتل الآخر، يثبت لهذا النظير القصر قياسًا لإخفاء فيه. ثم ذكر الناظم وزنين للاسم المقصور هما: "فِعل و"فُعل" الأول جمع "فُعله" كالدمي جمع دمية، ولم يذكر الباقي. ومن الأمثلة غير ما تقدم -كما ذكر الأشموني- "أفعل" صفة للتفضيل، كالأقصى؛ أو لغير تفضيل؛ كأعمى وأعشى؛ فإن نظيرهما من الصحيح، الأبعد والأعمش، وكذلك ما كان جمعًا للفعلى أنثى، "الأفعل" كالقصوى والقصى، والدنيا والدنى؛ فإن نظيرهما من الصحيح: الكبرى والكُبر، والأخرى والأخر، وكذلك ما كان من أسماء الأجناس دالا على الجمعية بالتجرد من التاء، وهو على وزن "فَعَل" وعلى الوحدة بالتاء، كحصاة وحصى، وقطاة وقطا؛ فإن نظيرهما من الصحيح مذهب ومسرح. 2 أي: غير المهموز.   * "إذا" ظرف فيه معنى الشرط "اسم" فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده, "فتحًا" مفعول استوجب. "وكان" اسمها يعود إلى اسم, "ذا نظير" ذا خبرها ونظير مضاف إليه. "فلنظيره" الفاء واقعة في جواب إذا، والجار والمجرور خبر مقدم "المعل" نعت لنظير "الآخر" مضاف إليه من إضافة اسم المفعول لنائب فاعله. "ثبوت قصر" ثبوت مبتدأ مؤخر وقصر مضاف إليه، "بقياس" متعلق بثبوت. "ظاهر" نعت لقياس. "كفعل" خبر لمبتدأ محذوف، "وفعل" عطف عليه. "في جمع" متعلق بمحذوف حال منهما "ما" اسم موصول مضاف إليه. "كفعلة" متعلق بمحذوف صلة ما "وفعلة" عطف عليه. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "الدمى" مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 وهذا نوع ممدود بقياس1 وله أمثلة. منها: أن يكون الاسم مصدرًا لـ"أفْعَل"2 أو لِفِعل أوله همزة وصل3؛ كأعطى إعطاء، وارتأى ارتئاء4، واستقصى استقصاء5؛ فإن نظير ذلك أكرم إكرامًا، واكتسب اكتسابًا، واستخرج استخراجًا.   1 وإليه يشير الناظم بقوله: وما استحق قبل آخر ألف ... فالمد في نظيره حتما عرف* أي: ما استحق من الأسماء الصحيحة -بحسب القواعد العامة- أن يكون قبل آخره ألف؛ فإن نظيره من مصادر المعتل الآخر، يكون ممدودًا حتمًا. 2 أي: لماض رباعي معتل اللام. 3 ويكون معتل اللام، سواء كان خماسيا أو سداسيا، وقد مثل المصنف لذلك. 4 ارتأى في أمره, أي: رأى وتدبر, من الرأي والتدبير؛ وأصله: ارتأى، قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأصل المصدر: ارتئايًا، قلبت الياء همزة لتطرفها إثر ألف زائدة. 5 استقصى الأمر: تتبعه. وقد اقتصر الناظم على هذا النوع من الممدود؛ فقال: كمصدر الفعل الذي قد بدئا ... بهمز وصل كاروى، وكارتأى* أي: كمصدر الفعل الذي أوله همزة وصل -من الماضي الخماسي، أو السداسي المعتل الآخر، كما مثل.   * "ما" اسم موصول مبتدأ أول. "استحق" الجملة صلة. "قبل آخر" قبل ظرف مضاف إلى آخر متعلق باستحق "ألف" مفعول استحق، وقد وقف عليه بالسكون على لغة. "فالمد" مبتدأ ثان. "في نظيره" متعلق بعرف. "حتما" حال من ضمير عرف. "عرف" فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى المد، والجملة خبر، وجملة المبتدأ الثاني وخبره خبر ما. * "كمصدر" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف. "الفعل" مضاف إليه. "قد بدئا" نائب فاعل بدئ يعود إلى الذي الواقع نعتا للفعل، والألف للإطلاق، والجملة صلة. "بهمز وصل" بهمز متعلق ببدئا ووصل مضاف إليه. "كارعوى" خبر لمبتدأ محذوف، وكارتأى معطوف عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 ومنها: أن يكون مفردًا لـ"أَفْعِلة"1 نحو: كساء وأكسية، ورداء وأردية؛ فإن نظيره، حمار وأحمرة، وسلاح وأسلحة، ومن ثم2 قال الأخفش: أرحية وأقفية من كلام المولدين؛ لأن رحي وقفى مقصوران3، وأما قوله: في ليلة من جماد ذات أندية4 والمفرد ندى -بالقصر- فضرورة، وقيل: جمع ندي على نداء؛ كجمل وجمال، ثم جمع نداء على أندية5. ويبعده أنه لم يسمع نداء جمعًا   1 أي: لجمع تكسير على وزن "أفعله" المختومة بالتاء المسبوقة بحرف العلة الياء؛ بشرط أن يكون هذا المفرد مختومًا بالهمزة المسبوقة بحرف علة؛ لأن "أفعلة" لا تكون إلا جمع تكسير للرباعي الذي قبل آخره مدة. 2 أي: ومن أجل أن مفرد "أفعله" من المعتل ممدود قياسًا. 3 أي: فلا يجمعان على أفعلة. 4 صدر بيت من البسيط، لمرة بن محكان التميمي، وهو من شعراء الحماسة، وعجزه: لا يبصر الكلب في ظلمائها الطُّغُبا اللغة والإعراب: أندية: جمع ندى؛ وهو المطر والبلل الكثير. الطنب: حبل يشد به الخباء، والجمع أطناب. "في ليلة" متعلق بقومي أو ضمي، في قوله قبل: يا ربة البيت قومي غير صاغرة ... ضمي إليك رحال القوم والقُُُرُبا والقرب: جمع قراب، وهو جفن السيف أو غمده "من جمادى" متعلق بمحذوف صلة لليلة. "ذات أندية" ذات صفة ثاية لليلة وأندية مضاف إليه. "الطنبا" مفعول يبصر. المعنى: يذكر أنه طلب إلى زوجه الاستعداد للرحيل في ليلة من جمادى، كثيرة الندى والبلل، شديدة الظلام، حتى إن الكلب مع حدة بصره، لا يبصر شيئًا فيها حتى عمد الخباء. الشاهد: في "أندية"؛ فإنه جمع ندى شذوذًا، وقياس جمعه "أنداء" لأن "أفعلة" ينقاس في جمع كل اسم رباعي ثالثه حرف مد. 5 فيكون أندية: جمع الجمع، وعلى ذلك فليس بضرورة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 ومنها: أن مصدرًا لـ"فعَل" بالتخفيف1؛ دالا على صوت كالرغاء والثغاء2؛ فإن نظيره الصراخ، أو على داء نحو المشاء3؛ فإن نظيره الدوار4 والزكام. الثالث: أن يكون لا نظير له5؛ فهذا إنما يدرك قصره ومده بالسماع. فمن المقصور سماعًا: الفتى واحد الفتيان، والسَّنا الضوء، والثرى التراب، والحِجا، العقل ومن الممدود سماعًا: الفتاء لحداثة السن، والسَّناء، للشرف، والثراء؛ لكثرة المال، والحذاء للنعل.   1 أي: المعتل الآخر الذي مضارعه على وزن "يَفعُل". 2 الرغاء: صوت الحيوانات ذات الخف كالإبل، والماضي "رَغا" والثغاء: صوت الغنم والمعز، والفعل "ثغا". 3 المشاء: استطلاق البطن، وماضيه مشى، والمشاء: الدواء المسهل. 4 الدوار: ما يصيب الرأس من دوران. ومن الأمثلة غير ما تقدم: "فِعال" مصدر فاعل المعتل اللام، نحو: والى وِلاء, وعادى عِداء؛ فإن نظيرهما من الصحيح: ضارب ضرابًا، وقاتل قتالا، وكذلك ما صيغ من المصادر على وزن "تَفعال" ومن الصفات على وزن "فَعْال" أو "مفعال" بقصد المبالغة: كالتعداء مصدر عدا، والعداء: للكثير العدو، والمعطاء: لكثير العطاء: لكثير العطاء؛ فإن نظيرها من الصحيح: التذكار، والخباز، والمهذار. 5 أي: من الصحيح. 6 وهذا هو المقصور السماعي والممدود السماعي، مما لا يدخل في الأمثلة المتقدمة ولا تنطبق عليه الضوابط السابقة، وأهمها: عدم وجود نظير له من الصحيح، وفيه يقول الناظم: والعادم النظير ذا قصر وذا ... مد بنقل كالحجا وكالحذا* أي: إن ما ليس له نظير في الصحيح -من المقصور والممدود- فقصره ومده موقوفان على النقل والسماع؛ فالحجا مقصور، والحذاء ممدود، وقصر للوزن، وليس لهما نظير من الصحيح يجتمع معهما في المصدرية وغيرها، وإن اجتمع في الوزن أحيانًا كعنب.   * "والعادم" مبتدأ. "النظير" مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله, "ذا قصر وذا مد" حالان من الضمير في قوله "بنقل" الواقع خبرًا عن المبتدأ، وتقديم الحال على عامله الظرف والجار والمجرور نادر. "كالحجا" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك ..... إلخ "وكالحذا" عطف عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 مسألة: أجمعوا على جواز قصر الممدود1 للضرورة كقوله: لا بد من صتعا وإن طال السفر2 وقوله: وأهل الوفا من حادث وقديم3   1 لأنه رجوع إلى الأصل، وهو القصر، ويكون بحذف الألف قبل الآخر، وأجازه الفراء بشرط ألا يقتضي القياس مده، ومنعه الكسائي في حالتي الرفع والجر, وذلك كله مردود بما ذكر من الشواهد وغيرها. 2 صدر بيت من الرجز، لم يعين قائله، وعجزه. وإن تحنى كل عود ودبر اللغة والإعراب: صنعا: اسم مدينة باليمن. تحنى: انحنى؛ من حني ظهره إذا احدودب. عود: هو المسن من الإبل. دِبر: أصابته الدبرة؛ وهي قرحة تحدث في البعير من احتكاك الرحل وغيره. "لا" نافية "بد" اسمها مبني على الفتح، والخبر محذوف؛ أي: حاصل "من صنعا" متعلق بيد، أو هو خبر لا. "وإن طال" شرط وفعله "السفرا" فاعل طال وسكن للروي. والجواب محذوف؛ أي: فلا بد منه. المعنى: لا بد من الوصول إلى صنعا، وإن بعدت الشقة وأصاب المطايا ما أصابها من الضعف والمرض. الشاهد: قصر "صنعا" لضرورة الوزن، هي ممدودة، وأصلها: صنعاء. 3 عجز بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وصدره: فهم مثل الناس الذي تعرفونه اللغة والإعراب: مثل الناس، المراد: أنهم مشهورون كالمثل. الوفا: ضد الغدر ونفض العهود. "هم" ضمير منفصل مبتدأ. "مثل الناس" مثل خبر والناس مضاف إليه، "الذي" صفة لمثل، وجملة "تعرفونه" صلة. "وأهل الوفاء" وأهل معطوف على مثل، والوفا مضاف إليه. "من حادث" متعلق بمحذوف حال من "أهل الوفا". المعنى: أن هؤلاء القوم الذي مدحهم أمرهم مشهور؛ يضرب بهم الناس المثل في الفضائل وفي كل صفة من صفات الخير والنبل والرجولية، وهم أهل وفاء حديثًا وقديمًا. الشاهد: قصر "الوفا" لضرورة الوزن، وأصله: الوفاء بالمد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 واختلفوا في جواز مد المقصور للضرورة، فأجازه الكوفيون متمسكين بنحو قوله: فلا فقر يدوم ولا غناء1 ومنعه البصريون وقدروا الغناء في البيت مصدرًا لغانيت2 مصدرًا لغنيت، وهو تعسف3.   1 عجز بيت من الوافر، لم ينسبه النحاة لقائل، وصدره: سيغنيني الذي أغناك عنِّي اللغة والإعراب: معاني الألفاظ واضحة, وكذلك المعنى العام؛ فإنه يقول: إن الذي جعلك في غنى عني -وهو المولى سبحانه- سيغنيني عنك، فلا أحتاج إلى معونة أحد؛ لأن الفقر والغنى بيده وحده سبحانه وهما لا يدومان لمخلوق. الشاهد: في "غناء"؛ فقد مده الشاعر لضرورة إقامة الوزن وأصله: الغنى بالقصر، ضد الفقر. 2 ومعناه: فاخرت بالغنى؛ فهو ممدود قياسا. 3 لأن ذكر الفقر في البيت يدل على أن المراد بالغناء الغنى بالقصر، الذي هو ضد الفقر. وإلى الخلاف في هذه المسألة، يشير الناظم بقوله: وقصر ذي المد اضطرارًا مجمع ... عليه والعكس بخلف يقع* أي: إن قصر الممدود للضرورة الشعرية متفق عليه إجماعًا، أما العكس، وهو مد المقصور؛ فيجوز وقوعه في الضرورة مع خلاف في صحته، والأحسن الأخذ برأي من يقول بجوازه في الضرورة الشعرية وحدها؛ لأن الشعر محل التيسير.   * "وقصر" مبتدأ. "ذي المد" مضاف إليه. "اضطرارًا" مفعول لأجله. "مجمع" خبر المبتدأ. "عليه" متعلق، بمجمع على أنه نائب فاعله. "والعكس" مبتدأ. "بخلف" متعلق بيقع الواقع خبرًا للمبتدأ، وفاعل يقع يعود إلى العكس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 باب: كيفية التثنية 1 الاسم2 عل خمسة أنواع: أحدها: الصحيح3، كرجل وامرأة. الثاني: المنزل منزلة الصحيح4، كظبي ودلو. الثالث: المعتل المنقوص5، كالقاضي. وهذه الأنواع الثلاثة يجب ألا تغير في التثنية6؛ تقول: رجلان، وامرأتان، وظبيان، ودلوان، والقاضيان، وشذ في ألية وخصية؛ أليان وخصيان7، وقيل: هما تثنية أَلْي، وخُصْي. الرابع: المعتل المقصور، وهو نوعان: أحدهما: ما يجب قلب ألفه ياء8، وذلك في ثلاث مسائل:   باب: كيفية التثنية 1 المراد من التثنية: الدلالة على اثنين متفقين في اللفظ بلفظ واحد؛ قصدًا للإيجاز ولا بد من تكرير الاسم والعطف، ويكون ذلك بزيادة ألف ونون مكسورة رفعًا، وياء مفتوح ما قبلها، ونون مكسورة نصبًا وجرا في آخر الاسم. 2 أي: القابل للتثنية. 3 وهو: الذي ليست لامه حرف علة. 4 هو: الذي آخره واو أو ياء، وقبلهما سكون؛ سواء أكانتا مخففتين، كظبي وعضو؛ أم مشددتين: كمرمىّ ومغروّ. 5 هو الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة غير مشددة قبلها كسرة، مثل القاضي المستعلي. 6 فنزاد على الآخر علامة التثنية بدون تغيير مع فتح الآخر؛ إلا إذا كان المنقوص محذوف الياء، فيجب أن ترد إليه مفتوحة عند التثنية، نحو: داعيان في تثنية "داع". 7 أي: بحذف التاء منهما، والقياس: أليتان، وخصيتان. 8 إنما وجب قلب ألفه؛ لأن الألف لا تقبل الحركة، ولا بد من فتح ما قبل علامة التنثية، ولا يمكن حذف الألف للتخلص من الساكنين؛ لئلا يلتبس المثنى بالمفرد عند إضافته لياء المتكلم، كفتاي مثلا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 إحداها: أن تتجاوز ألفه ثلاثة أحرف1، كحبلى، وحبليان، ومهلى وملهيان، وشذ قولهم في تثنية قهقرى وخوزلى: قهقران، وخوزلان بالحذف2. الثانية: أن تكون ثالثة مبدلة من ياء كفتى3 قال الله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} وشذ في حمى حموان بالواو4. الثالثة: أن تكون غير مبدلة5، وقد أمليت6 كمتى؛ لو سميت بها قلت في تثنيتها: متيان. والثاني: ما يجب قلب ألفه واوًا، وذلك في مسألتين:   1 سواء كان أصلها ياء، أو واوًا، وذلك رجوعًا إلى الأصل فيما أصله ياء، وحملا للفعل غير الثلاثي فيما أصله ياء، وحملا للفعل غير الثلاثي فيما أصله واو، كملهى، فإن الفعل ألهيت. 2 القهقرى: الرجوع إلى الخلف, والخوزلى: مشية فيها تبختر، ووجه الشذوذ: حذف الألف دون قلبها ياء, والقياس: قهقريان، وخوزليان. 3 يعرف الأصل؛ المصدر، والتصغير والمشتقات.. إلخ, قال الدنوشري: الفتى: مصدره الفتاء، يقال: هو فتى بين الفتاء، وهو من المصادر التي لا فعل لها. 4 والقياس: حميان؛ لأن ألفه بدل من ياء، تقول: حميت المكان أحميه حماية. 5 سواء كانت أصلية، كالتي في حرف أو شبهة مسمى بهما؛ كبلى ومتى، أو كانت مجهولة الأصل، كالتي في اسم جامد لا يعرف أصله، نحو: "الددا" للهو واللعب، فإننا لا ندري أصل الألف؛ لأنه ليس للكملة أصل معلوم يرجع إليه في الاشتقاق. قيل: ومن المجهولة الأصل الأسماء الأعجمية، كموسى، وعيسى. 6 لأن الإمالة ميل بالألف إلى الياء، فكان ردها إلى الياء في التثنية أحق وأولى. وإلى هذه المسائل الثلاث، أشار الناظم بقوله:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 إحداهما: أن تكون مبدلة من الواو1 كعصا، وقفًا، ومنا، وهو لغة في المن الذي يوزن به2 قال: عصا في رأسها منوا حديد3 وشذ قولهم في رضا رضيان بالياء, مع أنه من الرضوان.   = آخر مقصور تثني اجعله يا ... إن كان عن ثلاثة مرتقيا كذا الذي أليا أصله نحو الفتى ... والجامد الذي أميل كمتى* أي: إن ألف المقصور تقلب ياء عند التثنية في ثلاثة أحوال: إن كانت ألفه مرتقية؛ أي: زائدة على ثلاثة، أو ثالثة وأصلها الياء، نحو: الفتى، أو ثالثة جامدة "مجهول الأصل" وأمليت: نحو: "متى" مسمى بها. 1 أي: ولم تتجاوز ثلاثة أحرف. 2 في القاموس: المنا والمناة: وكيل أو ميزان، ويثنى منوان، ومنيان، والجمع أمناء وأمن, والمنا أو المن: رطلان. 3 عجز بيت من الوافر؛ لم أقف على نسبته لقائل، وصدره. وقد أعددت للعذال عندي اللغة والإعراب: أعددت: هيأت. العذال: اللوام، جمع عاذل وهو اللائم المتسخط "منوا" مثنى منا كعصا. "قد" للتحقيق. "أعددت" فعل وفاعل "للعذال" متعلق بأعددت. "عندي" متعلق به كذلك. "عصا" مفعول أعددت. "في رأسها" جار ومجرور خبر مقدم. "منوا" مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف؛ لأنه مثنى، والنون محذوفة لإضافته إلى "حديد" والجملة صفة لعصا. المعنى: واضح. الشاهد: في "منوا" فإنه مثنى مقصور: قلبت ألف مفرده -وهو "منا"- واوًا في التثنية رجوعًا إلى الأصل؛ لأن أصله منو، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبته ألفًا.   * "آخر مقصور" آخره مفعول لمحذوف يفسره اجعله ومقصور مضاف إليه. "تثني" الجملة صفة لمقصور. "اجعله" فعل أمر الهاء مفعوله الأول. "يا" بالقصر مفعوله الثاني: "إن كان" شرط وفعله، واسم كان يعود إلى المقصور وجواب الشرط محذوف، "عن ثلاثة" متعلق بمرتقيا الواقع خبر لكان. "كذا" خبر مقدم. "الذي" مبتدأ مؤخر. "اليا" بالقصر مبتدأ. "أصله" خبر ومضاف إليه، والجملة صلة الذي. "والجامد" معطوف على الذي أو البيت. "الذي" نعت للجامد. "أميل" فعل ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود على الجامد والجملة صلة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 والثانية: أن تكون غير مبدلة، ولم تمل1 نحو: "لدى" و"إذا"، تقول إذا سميت بهما ثم ثنيتهما: لدوان وإذاوان. الخامس: الممدود، وهو أربعة أنواع. أحدهما: ما يجب سلامة همزته، وهو ما همزته أصلية كقرّاء ووضّاء2، تقول: قرّاءان، ووضّاءان، والقُرَّاء: الناسك3، والوضّاء: الوضيء الوجه. الثاني: ما يجب تغيير همزته بقلبها واوًا؛ وهو ما همزته بدل من ألف التأنيث4 كحمراء، وحمراوان. وزعم السيرافي؛ أنه إذا كان قبل ألفه واو وجب تصحيح الهمزة؛   1 لأن عدم الإمالة دليل على عدم ملاحظة الياء، فقلبت الألف واوًا، وإلى هاتين المسألتين أشار الناظم بقوله: في غير ذا تقلب واوًا الألف ... وأولها ما كان قبل قد ألف* أي: تقلب ألف المقصورة واوًا، إذا ثني في غير ما ذكر من المواضع الثلاثة المتقدمة، وأتبع الواو المنقلبة إليها الألف ما ألف من علامتي التثنية. 2 اسمان على وزن رمّان، من قرأ، ووضو، وإنما لم تقلب الهمزة فيهما، لقوتها بالأصالة، وعدم انقلابها عن غيرها. 3 والقَرّاء -بفتح القاف ككتان- الحسن القراءة، والجمع قراءون ولا يكسر. 4 قيل: إن السبب في قلبها واوًا في ذلك الحمل على النسب؛ لأن التثنية وجمعي الصحيح والنسب تجري كلها مجرى واحدًا.   * "في غير ذا" في غير متعلق بتقلب وذا مضاف إليه "واوًا" مفعول ثان لتقلب "الألف" نائب فاعل تقلب وهو مفعوله الأول. "وأولها" فعل أمر مبني على حذف الياء، و"ها" مفعوله الأول عائدة إلى الألف. "ما" اسم موصول مفعوله الثاني. "كان" فعل ماض ناقص واسمها يعود إلى ما. "قبل" ظرف متعلق بألف, وجملة "قد ألف" في محل نصب خبر كان والجملة صلة "ما". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 لئلا يجتمع واوان ليس بينهما إلا ألف، فتقول في عشواء1: عشواءان بالهمزة، وجوز الكوفيون في ذلك الوجهين. وشذ حمرايان، بقلب الهمزة ياء2، و"قرفصان، وخنفسان، وعاشوران"3 بحذف الألف، والهمزة معًا. الثالث: ما يترجح فيه التصحيح على الإعلال؛ وهو ما همزته بدل من أصل4 نحو: كساء، وحياء؛ أصلهما: كساو، وحياي5 وشذ كسايان. الرابع: ما يترجح فيه الإعلال على التصحيح؛ وهو ما همزته بدل من حرف الإلحاق6 كعِلباء، وقُوباء7؛ أصلهما: علباي، وقوباي، بياء زائدة فيهما لتلحقهما بقرطاس وقُرناس8، ثم أبدلت الياء همزة. وزعم الأخفش وتبعه الجزولي9: أن الأرجح في هذا الباب أيضًا التصحيح.   1 العشواء هي: الناقة التي لا تبصر أمامها، والعشا: سوء البصر بالليل والنهار. 2 وكذلك حمراآن بالتصحيح، وقيل: أنها لغة فزارة. 3 تثنية قرفصاء، وخنفساء، وعاشوراء، والقرفصاء: نوع من القعود تقدم شرحه قريبًا. والخنفساء: دويبة سوداء معروفة. 4 إنما رجح التصحيح؛ لأن فيه إقرارا للحرف على صورته الأصلية. 5 قلبت الواو والياء فيهما همزة لتطرفها إثر ألف زائدة على القاعدة، كما سيأتي. 6 إنما رجح الإعلال في هذا تشبيها لهمزته بهمزة حمراء؛ لأن كلا منهما بدل من حرف زائد. 7 العلباء: اسم لبعض أعصاب صفحة العتق، والقوباء: مرض جلدي معروف، يظهر على الجلد على شكل بقع بيضاء مستديرة صغيرة، ثم تتسع. 8 القرناس: قطعة بارزة من الجبل متقدمة، تشبه الأنف في التقدم والبروز. 9 انظر ترجمة الجزولي في الجزء الثاني، صفحة: 26. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 وسيبويه إنما قال: إن القلب في عِلباء أكثر منه في كساء1.   1 أي: إن القلب في التي للإلحاق، أكثر منه في المنقلبة عن أصل، مع اشتراكهما في القلة. وفي كيفية تثنية الممدود، يقول الناظم: وما كصحراء بواو تُنِّيا ... ونحو عِلباء كساء وحَيَا بواو أو همز وغير ما ذُكر ... صحح وما شذ على نقل قُصر* أي: إن الممدود الذي همزته للتأنيث كصحراء تقلب همزته واو عند التثنية ونحو: علباء مما همزته للإلحاق، وكساء مما همزته بدل من أصل وهو الواو، وحياء مما همزته بدل من أصل وهو الياء. هذه الأنواع الثلاث يجوز فيها قلب الهمزة واوًا في التثنية، أو إبقاؤها همزة على حالها. وفي غير هذه الثلاثة تصحح الهمزة. وما خالف هذا الذي ذكر فهو شاذ يقتصر فيه على المنقول عن العرب. وإذا ختم الممدود بتاء التأنيث لا يسمى ممدودًا، ولا تجري عليه أحكام الممدود. تنبيه: إذا كان الاسم محذوف اللام؛ فإن كان الحذف لعلة توجب ذلك؛ كما في المنقوص والمقصور فقد تقدم حكمه، وإذا كان الحذف لغير علة ويسمى الحذف اعتباطًا؛ نحو: أب وأخ، ويد، ودم، وفم؛ فإن كانت هذه اللام ترد في الإضافة ردت في التثنية؛ وذلك في أب وأخ وحم وهن فحسب؛ تقول: أبوان, أخوان.. إلخ؛ لأنك تقول في الإضافة: أبوك, أخوك, إلخ. وإن لم ترد في الإضافة، لا ترد في التثنية؛ تقول في فم ودم، ويد: فمان ودمان ويدان. ونقول في تثنية ذو مال: ذوا مال بدون رد، وفي ذات مال؛ ذواتا مال بالرد. ومنه قوله تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} وهو الكثير، وورد: ذاتا دون رد على القياس، وهو قليل.   * "وما" اسم موصول مبتدأ. "كصحراء" متعلق بمحذوف صلة. "بواو" متعلق بثنيا الواقع خبرًا للمبتدأ، وألفه للإطلاق ونائب فاعله يعود إلى ما "ونحو" مبتدأ. "علباء" مضاف إليه مصروف. "كساء وحيا" معطوفان على علباء بعاطف مقدر. * "بواو" خبر نحن. "وغير" مفعول صحح مقدم. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "ذكرا" ماض للمجهول والجملة صلة، "وما" اسم موصول مبتدأ. "شذ" الجملة صلة. "على نقل" متعلقة بقصر الواقع خبرا للمبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 باب كيفية جمع الاسم المذكر السالم ... باب: كيفية جمع الاسم جمع المذكر السالم ويسمى الجمع الذي على هجاءين1، والجمع الذي على حد المثنى؛ لأنه أعرب بحرفين, وسلم فيه بناء الواحد، وختم بنون زائدة تحذف للإضافة2. اعلم أنه يحذف لهذا الجمع: ياء المنقوص وكسرتها3؛ فتقول: القاضون، والداعون4. وألف المقصور دون فتحتها5؛ فتقول: الموسون6 وفي التنزيل: {وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ} ، {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ} 7. ويُعطَى الممدود حكمه في التثنية8؛ فتقول في وضاء: وضاءون بالتصحيح، وفي مراء علما لمذكر حمراوون بالواو. ويجوز الوجهان في نحو: عِلباء وكِساء؛ عَلَمين لمذكرين9.   هذا باب: كيفية جمع الاسم جمع المذكر السالم 1 يراد بالهجائين: الواو والنون رفعًا، والياء والنون نصبا وجرا. 2 أي: كما أن المثنى كذلك. 3 ثم يضم ما قبل الواو، ويكسر ما قبل الياء للمناسبة كما مثل المصنف. 4 جمعان للقاضي والداعي؛ وهذان مثالان لحالة الرفع؛ الأل ياؤه أصلية، والثاني منقلبة عن واو، وأصلهما: القاضيون، والداعيون، حذفت ضمة الياء للاستثقال ثم الياء لالتقاء الساكنين، وضمت الضاد والعين لمناسبة الواو؛ لئلا تقلب ياء لوقوعها ساكنة إثر كسرة. وتقول في حالتي النصب والجر: القاضين والداعين، وأصلهما: القاضيين والداعيين، حذفت كسرة الياء للثقل، ثم ياء المنقوص لالتقاء الساكنين. 5 لتكون دليلا على الألف المحذوفة قبل الواو أو الياء. 6 أي: في حالة الرفع، وهو جمع موسى, وأجاز الكوفيون ضم ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء فيما ألفه زائدة، نحو: عيسى، و"حبلى" مسمى به مذكر. ويتعين الفتح عند الجميع فيما ألفه أصلية، وذلك للعناية بالأصلى. 7 أصلهما: الأعلوون، والمصطفوين، قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة دليلا عليها [سورة آل عمران الآية: 139] ، [سورة ص الآية: 47] . 8 فتبقى الهمزة على أصلها إن كانت أصلية، وتقلب واوًا إن كانت زائدة في المفرد للتأنيث، ثم صار هذا المفرد علمًا لمذكر، ويجوز الأمران إن كانت مبدلة من أصل أو للإلحاق. 9 قيد المصنف هذه المفردات بكونها أعلاما لمذكرين؛ ليصح جمعها هذا الجمع الذي يجب أن يكون مفرده علمًا، أو صفة لمذكر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 باب كيفية جمع الاسم جمع المؤنث السالم 1: يسلم في هذا الجمع ما سلم في التثنية؛ فتقول في جمع هند: هندات؛ كما تقول في تثنيتها: هندان، إلا ما ختم بتاء التأنيث2؛ فإن تاءه تحذف في الجمع3 وتسلم التثنية، تقول في جمع مسلمة: مسلمات، وفي تثنيتها: مسلمتان، ويتغير فيه ما تغير في التثنية، تقول: حبليات، وصحراوات بالواو؛ كما تقول في تثنيتهما: حبليان، وصحراوان. وإذا كان ما قبل التاء حرف علة أجريت عليه بعد حذف التاء ما يستحقه4 لو كان آخرًا في أصل الوضع؛ فتقول في نحو: ظبية وغزوة: ظبيات وغزوات؛ بسلامة الياء والواو، وفي نحو: مصطفاة وفتاة: مصطفيات وفتيات، بقلب الألف ياء5، وقال الله -تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ} 6.   هذا باب كيفية جمع الاسم جمع المؤنث السالم: 1 تقدم ما ينقاس فيه هذا الجمع في الجزء الأول صفحة: 77. ولا يجمع المنقوص جمع مؤنث سالمًا إلا إذا سمي به مؤنث، ثم زيدت في آخره الألف والتاء، وحينئذ يعامل معاملته في التثنية. 2 سواء كانت زائدة كقائمة، أو بدلا من أصل، كأخت، وبنت، وعده. 3 وذلك لئلا يجمع بين علامتي تأنيث ثم يعامل الاسم بعد حذفها معاملة العاري منها. 4 أي: من تصحيح وإعلال. 5 وذلك رجوعا إلى الأصل في فتاة ولزيادتها على الثلاثة في مصطفاة. 6 [سورة النور الآية: 33] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 وفي نحو: قناة1 قنوات بالواو، وفي نحو: نباءة: نباءات ونباوات2، وفي نحو قراءة3: قراءات بالهمزة لا غير. فصل: إذا كان المجموع بالألف والتاء،: اسمًا، ثلاثيا، ساكن العين، غير معتلها، ولا مدغمها4؛ فإن كانت فاؤه مفتوحة لزم فتح عينه5 نحو: سجدة ودعد؛ تقول:   1 تطلق القناة: على الرمح، وعلى الحفرة يجري فيها الماء. 2 لأن الهمزة بدل من واو، فيجوز فيها التصحيح والإعلال كما مر، والباوة والنبوة، ما ارتفع من الأرض. 3 هي الناسكة المتعبدة، كالقارئة. وفي جمع المقصور وحده، يقول الناظم: واحذف من المقصور في جمع على ... حد المثنى ما به تكملا والفتح أبق مشعرًا بما حذف ... وإن جمعته بتاء وألف فالألف اقلب قلبها في التثنيه ... وتاء ذي التا الزمن تنحيه* أي: إذا جمتع المقصور جمع مذكر سالمًا فاحذف منه ما اكتمل به لفظه وختم، وهو الألف قبل مجيء علامة الجمع، وأبق الفتحة دليلا على الألف المحذوفة، وإن جمعته جمع مؤنث سالمًا، فاقلب ألفه كما تقلب في التثنية، وإذا كان في المفرد تاء بعد الألف فنحها؛ أي: احذفها واقتصر الناظم على حكم جمع المقصور، وترك حكم المنقوص والممدود؛ لأن حكمها عند الجمع كحكمها عند تثنيتهما وقد ذكر ذلك. 4 جملة الشروط خمسة. 5 أي: اتباعًا لحركة فائه، فيتماثلان في الحركة؛ سواء في ذلك العاقل وغيره صحيح الفاء=   * "من المقصور في جمع" متعلقان باحذف. "على حد" متعلق بمحذوف نعت لجمع والمثنى مضاف إليه. "ما" اسم موصول مفعول احذف، "به" متعلق بتكملا الواقع صلة لما. "والفتح" مفعول لأبق. "مشعرًا" حال من الفتح، أو من الضمير في أبق. "بما" متعلق بمشعرا، وما اسم موصول. "حذف" فعل ماض للمجهول والجملة صلة ما. "جمعته" فعل الشرط والهاء عائدة على المقصور. "فالألف" الفاء واقعة في جواب الشرط، والألف مفعول اقلب مقدم. "قلبها" مفعول مطلق ومضاف إليه، "في التثنية" متعلق بقلب. "وتاء" مفعول أول الزمن مقدم. "ذي التاء" مضاف إليه. "تنحية" مفعول ثان لألزمن. والتنحية: مصدر نحيته، جعلته في ناحية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 سجدات، ودعدات، قال الله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} 1، وقال الشاعر: بالله يا ظبيات القاع قلن لنا2   = واللام، أو أحدهما مؤنث التاء أو المعنى. وفي هذا الاتباع الواجب، يقول الناظم: والسالم العين الثلاثي اسما أنل ... إتباع عين فاءه بما شكل إن ساكن العين مؤنثا بدا ... مختتما بالتاء أو مجردًا* أي: إذا جمعا الاسم الثلاثي، والصحيح العين؛ أي: غير معتلها ولا مضعفها الساكنها، المؤنث المختوم بالتاء أو المجرد منها بالألف وتاء؛ فأنل؛ أي: امنح اتباع عينه الساكنة الحركة التي شكلت بها فاؤه. 1 [سورة البقرة الآية: 167] . 2 صدر بيت من البسيط ينسب إلى عبد الله بن عمرو العرجي، وقيل لغيره، وحقق بعضهم أنه لبدوي اسمه: كامل الثقفي، وعجزه: ليلاي منكن أم ليلى من البشر اللغة والإعراب: ظبيات: جمع ظبية، هو الحيوان المعروف، واستعير هنا للمليحة من النساء، القاع: الأرض السهلة المطمئنة التي انفرجت عنها الجبال والآكام. "بالله" متعلق بفعل قسم محذوف. "ليلاي" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الألف، وهو مضاف إلي ياء المتكلم "منكن" متعلق بمحذوف خبر، والجملة مقول القول: "أم" عاطفة معادلة للهمزة المحذوفة في ليلاي، والتقدير: أليلاي؟ "ليلي من البشر" مبتدأ وخبر. المعنى: واضح الشاهد: في ظبيات؛ فقد فتح العين؛ وهي الياء، اتباعًا لفتحة الفاء، وهي الظاء، والجمع مؤنث مستكمل الشروط المذكورة.   * "والسالم العين" السالم مفعول أول لأنل مقدم. "العين" مضاف إليه. "الثلاثي" صفة للسالم، "اسما" حال من الثلاثي. "إتباع" مفعول أنل الثاني "عين" مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول بعد حذف فاعله. "فاءه" مفعول إتباع الثاني ومضاف إليه، "بما" متعلق بإتباع. "شكل" ماض للمجهول ونائب فاعله يعود إلى الفاء، والجملة صلة ما والعائد محذوف؛ أي: بالذي شكل به. "ساكن العين مؤنثا" حالان من ضمير بدا العائد إلى "السالم العين". "بدا" فعل الشرط، وجوابه محذوف؛ أي: فأنله ما ذكر. "مختتما" حال ثالثة من فاعل بدا "بالتا" متعلق به "أو مجردًا" معطوف على مختتما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 وأما قوله: وحملت زفرات الضحى فأطقتها ... وما لي بزفرت العشي يدان1 فضرورة حسنة؛ لأن العين قد تسكن للضرورة مع الإفراد والتذكير2 كقوله: يا عمرو يابن الأكرمين نسبا3   1 بيت من الطويل، لعروة بن حزام العذري من قصيدة في محبوبته عفراء: اللغة والإعراب: زفرات: جمع زفرة؛ وهي خروج النفس ممتدًا مع أنين وشدة. فأطقتها: تحملتها مع مشقة وجهد. يدان: تثنية يد؛ بمعنى القوة والقدرة. "حملت" فعل ماض للمجهول. والتاء نائب فاعل وهي المفعول الأول "زفرات" مفعول ثان. "وما" الواو عاطفة، وما نافية مهملة. "لي" جار ومجرور خبر مقدم. "بزفرات" متعلق بيدان الواقع مبتدأ مؤخرًا؛ لأنه في معنى قدرة، والعشي مضاف إليه. المعنى: تحملت في جهد ومشقة، ما أصابني من شدة الوجد والهيام في فترة الضحى، وليس لي قدرة على تحمل زفرات العشي، وخص هذين الوقتين؛ لأن عادة المحب المتيم أن يقوي الهيام به الهيام فيهم. الشاهد: تسكين العين في "زفرات" في الموضعين، وعدم اتباعها الفاء في الفتح على القياس للضرورة الشعرية. 2 أي: فتسكينها في الجمع في هذا البيت أولى. 3 صدر بيت من الرجز، أنشده ابن الأعرابي، وعجزه. قد نحب المجد عليك نحبا اللغة والإعراب: النحب: شدة البكاء، ويطلق على النذر، والخطر العظيم، ولعل ذلك هو المراد هنا، "يا عمرو" يا للنداء وعمرو منادى مبني على الضم، "يابن الأكرمين" ابن منادى أيضًا منصوب مضاف إلى الأكرمين. "نسبا" -بسكون السين- تمييز. المعنى: ينادي عمرًا ويقول له: إنك سليل الكرماء من جهة الآباء والأمهات، وإن المجد ضرب عليك، فهو ملازم لك لا يفارقك أبدًا. الشاهد: في "نسبا"؛ حيث سكنت السين فيه وهو مفرد للضرورة، مع أنها مفتوحة والفتحة خفيفة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 وإن كان1 مضموم الفاء، نحو: خطوة وجمل2، أو مكسورها، نحو: كسرة وهند جاز لك في عينه: الفتح، والإسكان مطلقًا3، والإتباع4؛ إن لم تكن الفاء مضمومة واللام ياء5 كدُمية وزُبية ولا مكسورة، واللام واوًا6 كذِورة ورِشوة، وشذ: جِرِوات بالكسر7.   1 أي: الاسم المستوفي للشروط الخمسة المتقدمة. 2 جمل: علم امرأة. 3 أي: عن القيد الآني المشروط في الإتباع. 4 أي: لحركة الفاء. 5 فيمتنع الضم، وذلك لثقل الضمة قبل الياء. 6 فيمتنع الكسر، وذلك لاستثقال الكسرة قبل الواو. 7 أي: بكسر الراء إتباعا للجيم، وجروات: جمع جروة، وهي الأنثى من ولد الكلب والسبع والصغيرة من القثاء. وفي بيان ما يجوز في العين الساكنة بعد فاء غير مفتوحة، يقول الناظم: وسكن التالي غير الفتح، أو ... خففه بالفتح فكلا قد رووا ومنعوا إتباع نحو "ذِروه ... وزُبية" وشذ كسر "جِروه"* أي: إذا كانت عين الجمع الثلاثي بعد فاء غير مفتوحة -أي: مضمومة أو مكسورة- جاز في العين الساكنة بقاؤها على سكونها، أو تخفيفها بالفتحة، أو إتباعها لحركة الفاء من ضم أو كسر, ومنع النحاة الإتباع في نحو "ذروة" من الاسم المكسور الفاء واوي اللام؛ لثقل الكسرة قبل الواو؛ ونحو: "زبية" من المضموم الفاء يائي اللام لثقل الضمة قبل الياء. وشذ ما خالف ذلك؛ نحو: "جروة" فإنه مكسور الفاء واوي اللام، وجاء بالإتباع شذوذا.   * "التالي" مفعول سكن. "غير الفتح" غير مفعول التالي، والفتح مضاف إليه. "فكلا" مفعول "رووا" مقدم. "إتباع" مفعول منعوا. "نحو ذروة" مضاف إليه. "وزبيه" عطف على ذروة، والذروة -بالضم والكسر- أعلى الشيء، والزبية: حفرة تحفر ليقع فيها الأسد وغيره مما يصاد. والجروة -مثلثة الجيم: الأنثى من ولد الكلب أو السبع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 ويمتنع التغيير 1 في خمسة أنواع: أحدها: نحو: زينبات وسعادات؛ لأنهما رباعيان لا ثلاثيان. الثاني: نحو: ضخمات وعبلات2؛ لأنهما وصفان لا اسمان: وشذ كهلات بالفتح3، ولا ينقاس خلافًا لقطرب4. الثالث: نحو: شجرات وسمرات5 ونمرات6؛ لأنهن محركات الوسط، نعم يجوز الإسكان في نحو: سمرات ونمرات7؛ كما كان جائزًا في المفرد8؛ لا أن ذلك حكم تجدد حالة الجمع. الرابع: نحو: جوزات وبيضات9؛ لاعتلال العين، قال الله -تعالى: {فِي   1 أي: مع العين. 2 جمع عبلة، وهي الضخمة الجسم، والعبل: الضخم من كل شيء، وهي بهاء والجمع كجبال. 3 أي: بفتح الهاء، وهي جمع كهلة، والقياس الإسكان؛ لأنه صفة, والكهل: من وخطه الشيب أو من جاز الثلاثين إلى الخمسين، وهي بهاء. ويقال: اكتهل الرجل أي: كهلا، قال صاحب القاموس: والجمع كهلات ويحرك، ولا يقال: كهلة إلا مزدوجًا بشهلة. 4 فقد أجاز القياس عليه، فقال: صعبات وضخمات بالفتح. 5 جمع سمرة؛ وهي شجرة الطلح "وهو شجر عظيم من شجر العضاة". 6 جمع نمرة: أنثى النمر. 7 أي: من كل ثلاثي صحيح العين، وعينه مضمومة أو مكسورة. 8 أي: كما كان الإسكان جائزًا في المفرد للتخفيف فاستصحب مع الجمع. 9 أي: من الواوي أو اليائي الذي قبل حرف العلة فيه فتحة فلا يغير؛ فرارًا من تحريك حرف العلة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ} 1، وهُذيل تحرك نحو ذلك2، وعليه قراءة بعضهم: {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} ، وقول الشاعر: أخو بيضات رائح منأوب3 واتفق جميع العرب على الفتح في: عِيرات -جمع عير- وهي الإبل التي تحمل الميرة4، وهو شاذ في القياس5؛ لأنه كبيعة وبيعات، فحقه الإسكان.   1 [سورة الشورى من الآية: 22] . 2 لأنها لا تستثقل فتحة عين المعتل لعروضها، ولا تشترط الصحة في عين الاسم. 3 صدر بيت من الطويل، لشاعر من هذيل يمدح جمله، وعجزه: رفيق بمسح المنكبين سبوح اللغة والإعراب: أخو بيضات, أي: صاحب بيضات وملازم لها، وهي جمع بيضة. رائح: اسم فاعل من راح يروح رواحا، والرواح: السير وقت العشي، والمراد راجع إلى عشه، متأوب: اسم فاعل من تأوب؛ إذا جاء في أول الليل رفيق بمسح المنكبين: عليم بتحريكهما في السير، سبوح: حسن الجري. "أخو" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو أخو "بيضات" مضاف إليه. "رائح متأوب" صفتان لأخ، وكذلك "رفيق" و"سبوح" ويجوز أن تجعل خبرًا ثانيًا للمبتدأ. المعنى: يمدح الشاعر الهزلي جمله، فيقول: إن جملي في سرعة سيره، كذكر النعام الذي له بيضات يحرص عليها، فهو يسعى ليلا ونهارًا بسرعة ومهارة؛ ليصل إليها ويطمئن عليها من أن يعبث بها أحد. الشاهد: في "بيضات"، حيث فتح العين إتباعًا لحركة الفاء، والاسم ثلاثي معتل العين، وذلك شاذ إلا عند هذيل التي تجيز إتباع العين للفاء على أي حال. 4 الميرة: الطعام المجلوب، وجالبه: ميّار. 5 والقياس تسكين الياء؛ لأن مفرده معتل العين مكسور الفاء، فليس في عينه إلا التسكين. وفيه شذوذ آخر وهو: جمعه بالألف والتاء، مع أن مفرده ليس مما يجمع بهما قياسًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 الخامس: نحو: حجات وحجات1؛ لإدغام عينه، فلو حرك انفك إدغامه، فكان يثقل، فتفوت فائدة الإدغام2.   1 هو بالفتح جمع حجه، للمرة من الحج، وبالكسر جمع حجة للهيئة منه وبالضم جمع حجة؛ وهي الدليل والبرهان. 2 أي: وهي التخفيف وقد تبين -مما ذكر أن ما خالف الأحكام العامة- فهو نادر، أو شاذ لا يقاس عليه، أو ضرورة شعرية، أو لغة لبعض العرب كهذيل. وفي ذلك يقول الناظم: ونادر أو ذو اضطرار غير ما ... قدمته أو لأناس انتمى* تنبيه: إذا كان المجموع بالألف والتاء صفة على وزن "أفعل" للمذكر و"فعلاء" للمؤنث، جمعته جمع تكسير على وزن "فُعْل" مثل: حمراء، شقراء، سوداء، بيضاء زرقاء؛ فيقال: هم وهن: حمر، شقر، سود، بيض، زرق.   * "ونادر" خبر مقدم. "أو ذو" عطف عليه، واضطرار مضاف إليه. "غير" مبتدأ مؤخر. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "قدمته" الجملة صلة ما "أو لأناس" أو عاطفة، "لأناس" متعلق بانتمى المنطوقة جملته بأو على خبر المبتدأ. وقد وقع الخبر في البيت مفردا ومضافًا وجملة فتنبه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الاسئلة والتمرينات: 1 بماذا يستدل على المؤنث الذي ليست فيه علامة تأنيث؟ مثل لما تقول. 2 اذكر الصيغ التي يستوي فيها المذكر والمؤنث، وضعها في جمل مفيدة موضحة. 3 تأتي التاء لمعان غير التأنيث. اذكر هذه المعاني، ووضحها بأمثلة من إنشائك. 4 اذكر خمسة من الأوزان المشتركة بين ألفي التأنيث المقصورة والممدودة، ومثل لها بأمثلة من عندك إذا استطعت: 5 كيف تثني وتجمع المقصور والمنقوص؟ اذكر أمثلة توضح بها ما تقول: 6 اشرح قول ابن مالك الآتي, وبين سبب المنع والشذوذ فيما ذكر. ومنعوا إتباع نحو ذروه وزبية وشذ كسر جِروه 7 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل في بابي التأنيث، والمقصور والممدود. وضح الشاهد وبين حكمه. قال -تعالى: {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} . {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} . {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى} . {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} . {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} . {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ} . {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} . {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} . نحن في المشتات ندعو الجفلى ... لا ترى الآدب فينا ينتقر = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = وإذا الشعوب تخاصمت ... فالحق في حد الحسام وإذا خفيت على الغبي فعاذر ... ألا تراتني مقلة عمياء 8 يقول المتنبي من قصيدة يهجو فيها كافورًا الإخشيدي، ويفتخر بنفسه. لنعلم مصر ومن بالعراق ... ومن بالعواصم أني الفتى وأني وفيت وأني أبيت ... وأني عتوت على من عتا بين في هذين البيتين: حكم الفتى، وعثا، من حيث القصر، ثم هات مصدرًا للأفعال: وفيت وأبيت، وعتوت، وبين حكمه أيضًا. 9 بين فيما يأتي: المنقوص، والمقصور، والممدود. ما يمكن جمعه، ثم اجمعه وثنه. صحراء، جرداء. حسن الجزاء عمل هاد إلى الرشاد. المواء: صوت الهرة، والثغاء صوت الشاة. الرفاء: من صلح الثياب، والعداء: الكثير الجري. يقال: ليلة ليلاء، وديمة هطلاء، وعين نساء، وطاعة عمياء, وفتاة هيفاء. على الباغي تدور الدوائر. النقا أولى بذي التقى. 10 اجمع الكلمات الآتية جمع مؤنث سالمًا، واشكل العين بما يمكن مبينا السبب: غرفة، هند، سيرة، خلوة، أكلة، ظبية، سعدى، رضا، هالة، رحمة، حكمة. 11 ثن الكلمات الآتية واجمعها مجموعًا مناسبة، ثم ضع أربعة منها في أساليب مختلفة: الوادي، المقهى، بيداء، المرتقى، راع، مثوى، متداع، المرائي، الحاكي. 12 خاطب غير الواحد بالعبارة التالية: أبق على مودة صديقك، وارع حقوق الصحبة، واسم بنفسك عن الصغائر وكن لزملائك نعم الهادي، تظفر بمحبتهم وتقديرهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 باب: جمع التكسير 1 وهو ما تغيرت فيه صيغة الواحد؛ إما بزيادة؛ كصِنو وصِنوان2 أو بنقص3؛ كخمة وتخم، أو بتبديل شكل؛ كأسد وأُسد، أو بزيادة وتبديل شكل؛ كرجال، أو بنقص وتبديل شكل؛ كرسل، أو بهن4 كغلمان. وله سبعة وعشرون بناء: منها أربعة موضوعة للعدد القليل، وهو من الثلاثة إلى العشرة، وهي: "أفْعُلُ" كأكْلُب، و"أفعال" كأجْمال، و"أفعِلَة" كأحمِرة، و"فِعْلة" كصِبية.   هذا باب: جمع التكسير 1 هو: اسم يدل على ثلاثة فأكثر، وله مفرد يشاركه في معناه وفي أصول حروفه سواء كان هذ المفرد حقيقيا، كرجل ورجال، أو تقديريا كجمع المركب كما سيأتي بيانه، وذلك مع تغيير يطرأ على صيغة المفرد؛ لفظيا كان ذلك التغيير، أو تقديريا كفلك للمفرد والجمع؛ فقد قدر في المفرد كـ"قُفل"، وفي الجمع كـ"بدن"، و"هجان" في المفرد، مثل كتاب، وفي الجمع كرجال, وقد بين المصنف أنواع التغيير اللفظي. 2 الصنو: المثل، وجمعه صنوان. قال صاحب اللسان: وإذا كانت نخلتان أو ثلاث أو أكثر أصلها وحد، فكل واحد منها صنو, والاثنان: صنوان بكسر النون، والجمع صنوان بالتنوين، وقوله تعالى: {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} أي: نخلات أصلها واحد ومتفرقات مختلفة الأصول [سورة الرعد من الآية: 4] . 3 أي: بنقص بعض الحروف في الجمع. 4 أي: بالنقص، والزيادة، وتبديل الشكل؛ فقد زيد في غلمان ألف ونون في آخره نقص منه الألف قبل الميم، وتبدل شكله عن المفرد. وقد جمع الناظم ذلك في قوله: "أفعلة أفعل ثم فِعله" ... ثمت "أفعال" جموع قله*   * "أفعله" مبتدأ. "أفعل" معطوف بحذف العاطف. "ثم فعله" ثمت أفعال معطوفان على أفعله, "جموع قلة" جموع خبر المبتدأ وما عطف عليه، وقلة مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 وثلاثة وعشرون للعدد الكثير1؛ وهو ما تجاوز العشرة، وسيأتي. وقد يستغنى ببعض أبنية القلة عن بناء الكثرة2 كأرجل، وأعناق، وأفئدة3. وقد   1 يزيد عدد الصيغ المشهورة لجموع الكثرة على ثلاثين، وسنشير إلى ما لم يذكره المصنف في موضعه المناسب. أما جمعا الصحيح فيصلحان للقلة والكثرة حقيقة بالاشتراك المعنوي؛ لأنهما موضوعان لمطلق الجمع، من غير نظر إلى قلة أو كثرة؛ إلا إذا وجدت قرينة تعين الجمع لأحدهما دون الآخر ومفردهما لا يتغير في الغالب عند الجمع. وإذا اقترن جمع القلة بأل الاستغراقية، أو أضيف إلى معرفة، انصرف إلى الكثرة. هذا: واعلم أن أكثر جموع التكسير سماعي، هو متعددة وكثيرة في المراجع اللغوية، وبعضها لا ضابط له، وما ذكره النحاة من الأوزان والضوابط الخاصة بها، إنما هو للغالب والكثير، وليقاس على كل وزن منها ويحمل عليه ما استوفى هذه الشروط، ولم يسمع عن العرب؛ فإذا قيل: إن هذا مطرد، أو قياسي، أو الأصل، أو نحو ذلك، فمعناه: أنه يجوز للمحدثين قياس ما لم يسمع على ما سمع واستوفى شروطه. وقد نص قرار المجمع اللغوي على ذلك حيث قال: "يرى المجمع أن الكلمات التي يستعملها قدامى النحاة والصرفيين وهي: القياس، والأصل، والمطرد والغالب، والأكثر، الكثير، والباب، والقاعدة ألفاظ متساوية الدلالة على ما ينقاس. وأن استعمال كلمة منها في كتبهم، يسوغ للمحدثين من المؤلفين وغيرهم قياس ما لم يسمع على ما سمع، وأن المقيس على كلام العرب هو من كلام العرب". 2 إما بحسب الوضع؛ بأن يكون العرب قد وضعوا جمعًا على صيغة واحدة لأحد النوعين، واستعملت هذه الصيغة في القلة حينًا، وفي الكثرة حينا آخر، واستغنى بذلك عن وضع صيغة أخرى كما مثل المصنف. أو بحسب الاستعمال؛ بأن تكون وضعت الصيغتين، ولكنها استغنت في بعض المواضع عن إحداهما بالأخرى مجازًا لقرينة، مثل: "أقلام" في قوله تعالى: {مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} فقد استعمل جمع القلة للكثرة، مع أن للقلم وزن كثرة وهو: "قلام" والمقام مقام مبالغة وتكثير، فكلتا الصيغتين موجودة، تشيع في أحدهما وحده، وتستعمل في الآخر بقرينة في الكلام. 3 جمع رحل، وعنق، وفؤاد، فقد استغني فيها ببناء القة ولم يستعمل لها بناء كثرة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 يعكس1 كرجال، وقلوب، وصِردان2، وليس منه3 ما مثل به الناظم، وابنه من قولهم في جمع صفاة -وهي الصخرة الملساء- صُفِيّ؛ لقولهم: أصفاء4 حكاه الجوهري وغيره. الأول: من أبنية القلة: "أفعُلٌ" بضم العين، وهو جمع لنوعين: أحدهما: "فَعْل" اسما، صحيح العين5 سواء صحت لامه أم اعتلت بالياء أم   1 فيستغنى ببعض أبنية الكثرة عن بناء القلة؛ إما بحسب الوضع؛ كما مثل المصنف، أو بحسب الاستعمال اعتمادا على القرينة، نحو: "ثلاثة قروء"؛ فقد قرنت ثلاثة بجمع الكثرة، مع وجود جمع القلة وهو "أقراء". 2 جمع: رجل، وقلب، وصرد "اسم لطائر فوق العصفور نصفه أبيض ونصفه أسود" فقد استغني فيها بجمع الكثرة، ولم تضع العرب لها جمع قلة. 3 أي: من هذا القسم الذي لم تضع له العرب بناء قلة، وأغنى فيه جمع الكثرة. 4 فتكون حينئذ مما وضعت له العرب بناء قلة، واستغنت عنه ببناء الكثرة مثل "قروء" وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وبعض ذي بكثرة وضعا يفي ... كـ"أرجل"، والعكس جاء "كالصُّفِى"* أي: بعض هذه الأوزان قد يفي بالكثرة ويدل عليها ويغني فيها كأرجل جمع رجل؛ فإنها للقلة والكثرة بحسب الوضع، ولكنها في أحدهما أكثر شيوعا، وجاء العكس مثل "الصفي" جمع صفاة، فهو بناء كثرة يغني عن القلة. وإذا لم يسمع للكلمة جمع في اللغة؛ يرى مجمع اللغة العربية: أن يختار لها صيغة جمع القلة الذي يطرد في وزنها، وإذا وجد لها صيغتان للجمع، اختير أقواها وأشهرها، وإن تساويا في القوة، اختيرا معا، ويكتفى بجمع واحد في المصطلحات العلمية أيا كان. 5 وليست فاؤه واوًا، كوقت ووعد. وليس مضعفًا كعم وجد.   * "وبعض ذي" بعض مبتدأ، واسم الإشارة مضاف إليه يعود إلى المتقدم. "بكثرة" متعلق بيفي "وضعًا" منصوب على نزع الخافض، أو تمييز، أو مصدر في موضع الحال, أي: ذا وضع "يفى" الجملة خبر المبتدأ. "والعكس"مبتدأ. "جاء" الجملة خبر. "كالصفي" خبر لمبتدأ محذوف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 بالواو، نحو: كلب، وظبي، وجرو1 بخلاف نحو: ضخم؛ فإنه صفة، وإنما قالوا: أعْبُد2 لغلبة الاسمية، وبخلاف نحو: سوط وبيت؛ لاعتلال العين، وشذ قياسا3 أعين، وقياسًا وسماعًا: أثوب وأسيف. قال: لكل دهر قد لبست أثوبًا4 وقال: كأنهم أسيف بيض يمانية5   1 جمعها: أكلب، وأظب، وأجر؛ وأصل أظب وأجر: أظبي، وأجرو استثقلت الضمة على الياء في أظبي فحذفت، فالتقى ساكنان: الياء والتنوين، فحذفت الياء للتخلص من الساكنين كحذفها في المنقوص، وفي أجرو، قلبت ضمة الراء كسرة ثم الواو ياء لوقوعها متطرفة إثر كسرة، ثم حذفت كقاض. 2 جمع عبد، مع أنه صفة. 3 أي: لا استعمالا؛ لكثرته واستعماله في القرآن الكريم، قال -تعالى: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا} ، {وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ} [سورة التوبة من الآية: 92] ، و [سورة الزخرف الآية: 71] . 4 بيت من الرجز المشطور، لمعروف بن عبد الرحمن، ونسبه بعضهم إلى حميد بن ثور، وبعده: حتى اكتسى الرأسف قناعا أشيبا أملح لا لذا ولا محببا ... أكره جلباب إذا تجلببا اللغة والإعراب: القناع: ما تقنع به المرأة رأسها، وهو أوسع من المقنعة، وأراد به هنا: الشعر الأبيض الذي يغطي الرأس. لا لذا: ليس لذيذا. "لكل" متعلق بلبست. "دهر" مضاف إليه، "أثوابا" مفعول لبست. "أشيبا" صفة لقناعا. المعنى: يصف نفسه بالحنكة والحزم فيقول: لبست لكل زمان لبوسه، فعاملت الناس بما يتفق وزمانهم، وتخلقت بأخلاق كل زمان، وسايرتهم حتى شاب رأسي. الشاهد: جمع ثوب على أثوب شذوذًا، والقياس: جمعه على أثواب، أو ثياب. 5 صدر بيت من البسيط، لم نقف على قائله، وعجزه. عضب مضاربها باق بها الأثر = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 الثاني: الاسم، الرباعي، المؤنث1 الذي قبل آخره مدة2؛ كعناق3 وذراع، وعقاب، ويمين، وشذ في نحو: شهاب وغراب، من المذكر4.   = اللغة والإعراب: أسيف: جمع سيف. بيض: جمع بيض، والمراد: شديد البريق واللمعان، يمانية: منسوبة إلى اليمن، وقد زادوا في النسبة إليه ألفًا قبل النون واستغنى بذلك عن ياء النسبة، فقالوا: يمان؛ يريدون: يمني. وفي الحديث: "العلم يمان والحكمة يمانية" عضب: قاطع. مضاربها: جمع مضرب، وهو نحو شبر من طرف السيف. الأثر: ما بقي من أثر ضربة السيف. "كأنهم" كأن حرف تشبيه ونصب، وضمير الغائبين اسمها، "أسيف" خبر. "بيض يمانية" نعتان لأسيف، وكذلك ما بعدهما. المعنى: يصف هؤلاء القوم بكرم الأصل، ومضاء العزيمة وصفاء الخلق، فيقول: كأنهم في ذلك سيوف يمانية شديدة اللمعان, عظيمة القطع, لا يزال بها أثر الضرب والطعن. الشاهد: جمع سيف على أسيف شذوذًا، والقياس: سيوف، وأسياف. 1 أي: تأنيثًا معنويا بغير علامة تأنيث ظاهرة. 2 أي: ألف أو واو، أو ياء. 3 العناق هي: الأنثى من أولاد المعز، والجمع: أعنق، وعنوق. والعناق أيضًا: الداهية والأمر الشديد، وفي المثل: "العُنُوق بعد النوق" يضرب في الضيق بعد السعة. 4 خرجت الصفة، كشجاع. والثلاثي، كدار ونار، وشذ أدور وأنور، وغير المؤنث، كعمود ورغيف، وما فيه علامة ظاهرة، كسحابة ونعمى. وما ليس قبل آخره مدة، كزينب، وفي "أفعُل" وما يطرد فيه، يقول الناظم: لفعل اسمًا صح عينا "أفْعُل" ... وللرباعي اسما أيضا يجعل إن كان كالعناق والذراع في ... مد وتأنيث وعد الأحرف* =   * "لفعل" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "اسما" حال منه. "صح" الجملة نعت لاسما. "عينا" تمييز محول عن الفاعل. "أفعل" مبتدأ مؤخر. "وللرباعي" متعلق بيجعل في موضع المفعول الثاني له. "اسما" حال من الرباعي. "أيضًا" مفعول مطلق لمحذوف "يجعل" نائب فاعله يعود إلى أفعل وهو مفعوله الأول. "إن كان" شرط وفعله، واسم كان يعود إلى الرباعي. "كالعناق" متعلق بمحذوف خبر كان، وجواب الشرط محذوف. "في مد" متعلق بكان، أو بما تعلق به خبرها. "وتأنيث وعد" معطوفان على مد، و"الأحرف" مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 الثاني: "أفعال" وهو لاسم ثلاثي لا يستحق "أفْعُلُ"؛ إما لأنه على "فَعْل" ولكنه معتل العين، نحو: ثوب وسيف؛ أو لأنه على غير "فَعْل"1، نحو: جَمَل، ونَمِر، وعَضُد، وحِمْل، وعِنَب، وإِبِل، وقُفْل، وعُنُق، ولكن الغالب في "فُعَل" بضم الأول وفتح الثاني: أن يجيء على "فِعْلان"؛ كصُرَد، وجرذ، ونغر، وخزز2. وشذ نحو: أرطاب3، كما شذ في "فَعْل" المفتوح الفاء الصحيح العين الساكنها نحو: أحمال، وأفراخ، وأزناد4. قال الله -تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ} 5.   = أي: إن "أفعُل" يكون جمعًا لكل اسم ثلاثي على وزن "فَعْل" صحيح العين، ولكل اسم رباعي يكون كالعناق؛ في وجود مدة قبل آخره، وفي التأنيث وعدد الحروف. وقد أوضحنا وأوضح المصنف القول في ذلك. ومما شذ: جبل وأجبل، وعنق وأعنق، وضلع وأضلع، ونعمة، وأنعم، وذئب وأذؤب. هذا: ويحفظ: "أفعل". كما قال صاحب التصريح "في فعَل" كجبل، و"فعُل" كضبع، و"فعل" كعنق، و"فُعْل" كقفل و"فِعَل" كضلع، و"فَعَلة" كأكمة، وكلها من الأسماء. وفي "فِعْل" اسمًا وصفة؛ كذئب وجلف، و"فِعْلة" كذلك كنعمة وشدة. 1 ويشمل ذلك ثمانية أوزان: فتح الفاء مع فتح العين وكسرها وضمها. وكسر الفاء مع سكون العين وفتحها وكسرها. وضم الفاء مع سكون العين وضمها وقد مثل لها المصنف على هذا الترتيب. 2 الصرد: طائر ضخم يصطاد العصافير: والجرذ: نوع من الفأر، والنغر، طير كالعصفور أحمر اللون يسمى "البلبل" والأنثى نغرة. والخزز: ذكر الأرانب والجمع خزان، وأخزة، وموضعها: مخزة، ومنه اشتق الخز. 3 جمع رطب، وكذلك أرباع، جمع ربع. 4 الزند: موصل طرف الذراع في الكف، والعود الأعلى الذي يقدح به النار، والأسفل: زنده، ولا يقال: زندتان، والجمع: زناد، وأزند. 5 [سورة الطلاق من الآية: 4] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 وقال الحطيئة: ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ1 وقال آخر: وزندك أثقب أزنادها2   1 صدر بيت من البسيط، وعجزه: زغب الحواصل لا ماء ولا شجر وهذا البيت من قصيدة للحطيئة، يخاطب سيدنا عمر بن الخطاب، وكان قد حبسه حين هجا الزبرقان بن بدر بقوله: دع المكارم لا ترحل لبغييها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي اللغة والإعراب: لأفراخ: الأفراخ: جمع فرخ وهو ولد الطائر، والمراد هنا: الصغار من أولاد الشاعر. "ذو مرخ" اسم واد باليمامة. زغب: جمع زغباء من الزغب، وهو أول ما ينبت من الريش والشعر. الحواصل: جمع حوصلة، وهي كيس في أسفل عنق الطائر يجتمع فيه غذاؤه، وهذا كناية عن صغر الفرخ وضعفه. "ماذا" اسم استفهام مبتدأ وخبر أو مفعول لتقول: "زغب الحواصل" زغب صفة لأفرخ والحواصل مضاف إليه. "لا" نافية. "ماء" مبتدأ والخبر محذوف؛ أي: لهم. "ولا" الواو عاطفة ولا زائدة لتأكيد النفي. "شجر" معطوف على ماء. المعنى: ما قولك في أولاد صغار بهذا المكان، ولا ماء عندهم ولا شجر، إذا شكوا إليك حالهم وما هم فيه من حاجة؟ وبعد هذا البيت: ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر قيل: إن عمر لما سمع ذلك رق له وأخرجه من السجن: ويقولون: إن "ذو مرخ واد كثير الشجر، ولكنه قال: لا ماء ولا شجر، من باب التلطف لا غير. الشاهد: جمع "فرخ" على أفراخ شذوذًا، القياس: أفرخ، وفراخ. 2 عجز بيت من المتقارب للأغشى؛ ميمون بن قيس، يمدح قيس بن معد يكرب الكندي. وهو من شواهد سيبويه، وصدره. وجدت إذا أصلحوا خيرهم اللغة والإعراب: وجدت: ألفيت. أصلحوا، المراد: أصلحوا شئونهم، وورد اصطلحوا من الصلح. زندك: الزند: تقدم معناه قريبًا، أثقب: أكثر نارًا واشتعالا، من أثقب النار= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = أوقدها؛ وهذا كنابة عن كثرة جوده وفضله, "وجدت" فعل ماض للمجهول، والتاء نائب فاعل، "خيرهم" خير مفعول ثان لوجد، وهم مضاف إليه، "وزندك" الواو للحال، وزندك مبتدأ ومضاف إليه "أثقب" خبر مضاف إلى ما بعده وروي: أثبت. المعنى: تبين أنك خيرهم وأفضلهم في صفات الرجولة؛ إذا أصلحوا شئونهم عند الصلح وأنك أمضاهم عزيمة وأنفذهم عملا. الشاهد: جمع "زند" على أزناد شذوذًا؛ لأنه اسم ثلاثي صحيح العين على وزن "فعل" والقياس فيه: أزند. وفي صيغة "أفعال" يقول الناظم: وغير ما "أفْعُلُ" فيه مطرد ... من الثلاثي اسما "بأفعال" يرد وغالبا أغناهم "فِعْلان" ... في فُعَل، كقولهم صِردان* أي: إن ما لا يطرد فيه "أفعل" من الثلاثي يجمع على أفعال، وقد أوضحنا ذلك ويغلب أن يجمع "فعل" على "فعلان" كجمع صُرد على صردان. هذا: وفي جعلهم جمع "فَعْل" المفتوح الفاء صحيح العين ساكنها على "أفعال" من قبيل الشذوذ نظر. والصواب -كما حققه بعض العلماء- جواز جمعه على أفعال قياسيا, فيقال: بحث وأبحاث، وشكل وأشكال، وسهم وأسهام .... إلخ؛ فقد ورد منه ألفاظ كثيرة في لسان العرب تكفي لجعله قياسيا؛ كحبر وأحبار، ولفظ وألفاظ ورأي وآراء ... إلخ. وقد عد بعض أعضاء المجمع اللغوي أكثر من ثلثمائة وأربعين لفظًا منه. وإذا كان "فعل" واوي الفاء أو مضعفا، فإنه يكثر مجيئه على "أفعال" كوقت وأوقات, ووكر وأوكار، ووهم وأوهام، ورب وأرباب وفذ وأفذاذ، ومجيئه على "أفعل" قليل. ومما حفظ فيه "أفعال": "فعيل" بمعنى فاعل كشهيد، و"فَعول" كعدو و"فعلة" كهضبة، و"فعلة" كتمرة، و"فعلة" كنضوة؛ للهزيلة من النوق، و"فعال" كجبان. قيل: وقد تجيء "أفعال" في المفرد نادرًا. ومن ذلك: "برمة أعشار" أي: مكسرة إلى عشرة أجزاء، وثوب أخلاق "ممزق بال" ونطفة أمشاج "مختلطة بماء المرأة ودمها" والأكثرون على أن مثل هذه الأمثلة من وصف المفرد بالجمع شذوذًا.   * "وغير" مبتدأ "ما" اسم موصول مضاف إليه "أفعل" مبتدأ "فيه" متعلق ومطرد الواقع خبرًا لأفعل، والجملة صلة ما "من الثلاثي" متعلق بمحذوف حال من غير أو من ضمير مرد "اسما" حال من الثلاثي. "بأفعال" متعلق بيرد الواقع خبرًا لغير. "وغالبًا منصوب بنزع الخافض "فعلان" فاعل أغناهم والضمير للعرب "في فعل" متعلق بأغنى "كقولهم" خبر لمبتدأ محذوف "صردان" خبر لمبتدأ محذوف أيضًا. أي: هذه صردان والجملة مقول القول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 الثالث: "أفْعِله" وهو لاسم، مذكر، رباعي بمدة قبل الآخر1 نحو: طعام، وحمار، وغراب، ورغيف، وعمود، والتزم في "فَعَال" بالفتح, و"فِعال" بالكسر, مضعفي اللام2 أو معتليها؛ فالأول: كبتات3 وزمام، والثاني: كقباء وإناء. الرابع: "فِعْلَة" بكسر أوله وسكون ثانيه, وهو محفوظ4 في نحو: ولد، وفتى،   1 سواء أكان مفتوح الفاء أم مكسورها أم مضمومها؛ وقد مثله لها المصنف على هذا الترتيب. 2 المراد بتضعيف اللام: أن تكون هي والعين من جنس واحد. 3 البتات: الزاد، والجهاز، ومتاع البيت وفي الحديث: "لا يؤخذ منكم عشر البتات". والزمام: الخيط الذي يشد في البرة ويشد في طرفه المقود، وقد يسمى المقود زمامًا، والجمع أبتّه وأزمة، والأصل أبتتة، وأزممة؛ التقى مثلان، فنقلت حركة أولهما إلى الساكن قبلهما ثم أدغما. هذا: ويجمع "فعال" كزمان، و"فعال" كإزار، و"فعيل" كقضيب، و"فعول" مذكرا كعمود، جمع كثرة، على "فُعل" وفي صيغة "أفعلة" يقول الناظم: في اسم مذكر رباعي بمد ... ثالث "أفعِلَة" عنهم اطرد والزمه في فَعَال أو فِعَال ... مصاحبي تضعيف أو إعلال* أي: إن "أفعلة" يطرد جمعًا لكل اسم مذكر رباعي ثالثة مدة، ويلتزم "أفعله" في جمع المضاعف أو المعتل اللام؛ من "فَعل" أو فِعال" على النحو الذي شرح. 4 ليس لهذه الصيغة مفردات لها أوصاف معينة تطرد فيها، وإنما سمعت في مفردات معدودوة على أوزان ستة، وهي: "فَعل" و"فِعل"، و"فَعال"، و"فَعيل" وقد مثل لها المصنف على هذا الترتيب.   * "في اسم" متعلق باطرد "مذكر رباعي" صفتان له. "بمد" متعلق بمحذوف صفة ثالثة لاسم, أو حال منه. "ثالث" مضاف إليه. "أفعلة" مبتدأ. "عنهم" متعلق باطرد الواقع خبرًا للمبتدأ. "والزمه"؛ فعل أمر والضمير البارز مفعوله عائد على أفعلة "مصاحبي" حال من فعال وفعال. "تضعيف" مضاف إليه. "أو إعلال" معطوف على تضعيف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 ونحو: شيخ، وثور، ونحو: ثَنًى1، ونحو: غزال، ونحو: غلام، ونحو: صبي، وخَصي2، ولعدم اطراده قال أبو بكر3: هو اسم جمعٍ لا جمعٌ. والأول: من أبنية الكثرة: "فُعل" بضم أوله وسكون ثانيه، وهو جمع لشيئين: أحدهما: "أفْعَل"؛ مقابل فعلاء4 كاحمر. أو ممتنعة مقابلته لها لمانع خِلْقِي5؛ نحو "أكْمَر، وآدَرَ"6، بخلاف نحو: آلَى7 لكبير الألية؛ فإن المانع من "إلياء" تخلف الاستعمال8. والثاني: "فَعْلاء"؛ مقابلة "أفْعَل" كحمراء، أو ممتنعة مقابلتها له المانع خِلْقيّ، كرَتْقاء، وعَفْلاء9 بالعين؛ بخلاف نحو: عجزاء لكبيرة العجز10.   1 وزنه "فِعل" والثنى: الشيء الذي يعاد مرتين. وفي الحديث: "لا ثِنَى في الصدقة" , أي: لا تؤخذ مرتين في العام، والثنى أيضًا: الثاني من السيادة كالوزير بالنسبة للسلطان. 2 وزنهما: "فِعيل". 3 هو أبو بكر بن السراج. انظر التعريف به صفحة 161، جزء أول. 4 أي: "أفعل" وصف لمذكر يقابل "فَعلاء" وصفًا لمؤنث، فجمعهما "فعل". 5 وذلك بأن تكون خلقة المذكر أو المؤنث غير قابلة للوصف. 6 الأكمر: العظيم الكمرة، وهي حشفة الذكر والآدر: العظيم الأدرة وهي الخصية المنتفخة. 7 بهمزة ممدودة ثم ألف بعد اللام، أصله: أألي، قلبت الهمزة الثانية ألفًا، ثم الياء لتحركها وانفتاح ما قبلها. 8 فقد استعملوا "آلى" في المذكر، ولم يستعملوا في المؤنث "الياء". 9 الرتق: انسداد الفرج باللحم العَفل: شيء يجتمع في قبل المرأة يشبه الأدرة للرجل. 10 فإن المانع من "أعجز" تخلف الاستعمال لا غير؛ فإن العرب قالوا في المؤنث "عجزاء"، ولم يقولوا في المذكر "أعجز".= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 الثاني: "فُعُل" بضمتين، وهو مطرد في شيئين؛ في وصف على "فَعُول" بمعنى فاعل1، كصبور وغفور، وفي اسم رباعي بمدة قبل لام غير معتلة مطلقًَا، أو غير مضاعفة إن كانت المدة ألفًا نحو: قَذال وأتان2، ونحو: حمار وذراع، ونحو: قُراد   = هذا: ويجب قلب ضمة فاء هذا الجمع كسرة، إذا كانت عينه ياء لتسلم من القلب نحو أبيض وعيناء؛ تقول في جمعهما: بيض وعين تصحيحًا للعين، ويكون وزن الفعل مع هذا "فعل" كأصله. وإن كانت عينه صحيحة أو معتلة بالواو، تركت الفاء مضمومة، نحو: خضر وسود وحوّ؛ في جمع أخضر، وأسود، وأحوى: "الحوة: سواد يميل إلى الخضرة، أو حمرة تميل إلى السواد" ويكثر في الشعر ضم عين هذا الجمع إذا كانت صحيحة هي واللام وغير مضعفة، نحو: النُّجُل في قول الشاعر: طوى الجديدان ما قد كنت أنشره ... وأنكرتني ذوات الأعين النجل فلا يضم معتل العين كسود ولا المضعفة كغر؛ جمع أعز، أو اغراء، ولا معتل اللام، كعمى جمع: أعمى وعمياء. وفي "فعل" و"فَعْلة" يقول الناظم: فُعْل لنحو أحمر وحمرا ... وفعلة جمعا بنقل يدري أي: إن "فعل" من جموع الكثرة، يطرد في كل وصف يكون مذكره على "أفعل" ومؤنثه على "فعلاء" و"فعلة" من جموع القلة, يدري مفردة ويعرف بالنقل عن العرب، ولا ضابط له، وشذ جمع بدنه على بدن، وأسد على أسد، وبازل على بزل. 1 فإن كان بمعنى مفعول لم يجمع هذا الجمع، نحو: رَكوب، وحلوب. 2 القذال: جماع مؤخر الرأس, ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية. والأتان: أنثى الحمير وقد مثل المصنف بمثالين لكل من المذكر والمؤنث، في مفتوح الفاء ومكسورها ومضمومها، وكذلك لما مدته ياء، أو واو للمذكر والمؤنث، ثم لما مدته ياء أو واو مع التضعيف على هذا الترتيب.   * "فعل" مبتدأ. "لنحو" متعلق بمحذوف خبر. "أحمر" مضاف إليه، وصرف للضرورة. "وفعلة" مبتدأ. "جمعًا" مفعول ثان مقدم ليدري. "بنقل" متعلق بيدري الواقع خبرًا للمبتدأ، ونائب فاعله يعود على فعلة، وهو المفعول الأول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 وكراع1، ونحو: عمود وقَلوص2 ونحو: سرير وذلول، وخرج نحو: كِساء وقَباء؛ لأجل اعتلال اللام، ونحو: هِلال وسِنان؛ لأجل تضعيفها مع الألف، وشذ عنان3 وعنن، وحجاج4 وحُجح ويحفظ في نحو5: نمر, وخشن، ونذير، وصحيفة. الثالث: "فُعل" بضمِّ أوله وفتح ثانيه، وهو مطرد في شيئين: في اسم على "فُعْلَة"6، كقربة وغرقة ومدية وحجة ومدة، وفي "الفَعْلَى"7 أنثى "أفعَل"، كالكبري والصغرى، بخلاف حبلى8 وشذ في نحو: بُهمة9 ... ... ... ... ... ...   1 القراد: دويبة معروفة، وبعير قَرِد: كثيرها والكراع: مستدق الساق من الغنم والبقر، يذكر ويؤنث، وفي المثل: "أُعطي العبد كرعًا فطلب ذراعًا". 2 القلوص: الشابة من النوق، وهي بمنزلة الجارية من النساء. 3 بكسر العين: اسم لما تقاد به الدابة؛ وبفتحها: السحاب، واحدتها عنانة. 4 بكسر الحاء وفتحها: العظم المستدير حول العين، أو الأعلى الذي ينبت عليه الحاجب. 5 وهي كما مثل المصنف: "فَعِل" اسمًا وصفة، و"فعيل" صفة و"فعيلة" اسمًا كصحيفة، وصفة كنجيبة، وكذلك يحفظ في "فَعل" كسقف ورهن، وفي "فاعل" كبازل، وشارف للمسنة من النوق وفي "فَعَل" كنصف "للمرأة بين الحداثة والمسنة". وفي "فَعال" كصناع. "للمرأة المتقنة لما تصنعه النساء". وفي "فعلة" كفرحة وفي "فَعِلة" كخشبة. وفي "فِعْل" كستر ويجب في غير الضرورة الشعرية تسكين عين هذا الجمع إن كانت واوًا؛ لثقل الضمة على الواو، نحو: سوار وسَوْر وسواك وسوك. وإن كانت العين ياء جاز ضمها وتسكينها، ويجب عند التسكين كسر الفاء لتسلم الياء ويجوز تسكين العين، إن كان حرفًا صحيحًا، نحو: كتاب وكُتب أو كتْب. ويمتنع تسكين عين المضعف نحو سرير وسرر. 6 سواء أكان صحيح اللام أو معتلها أو مضعفها، وقد مثل لها المصنف. 7 أي: في وصف على وزن "فُعلى" التي هي مؤنث "أفعل" المذكر. 8 لأنها وصف لمؤنث لا مذكر له. 9 أي: لأنها صفة والبهمة: الرجل الشجاع الذي لا يدري من أين يؤتى لشجاعته، وجمعه: بُهَم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 ونحو: رُؤيا1، نحو: نَوْبة2 ونحو: بَدْرة -ولِحَية- وتُخْمة3. الرابع: "فعل" بكسر أوله وفتح ثانيه، وهو لاسم4، على "فِعْلَة" كحِجَّة، وكِسْرَة، وفِرية وهي الكذبة، ويحفظ في "فَعَلَة" 5 نحو: حاجة، ونحو: ذكرى،   1 لأنها مصدر، وجمعها رؤى بالتنوين. 2 لعدم ضم الفاء، ومثلها: قَرية، ولِحية، وبدرة، والبدرة: عشرة آلالف درهم، وجمعها: بدور، وبدر. 3 لتحرك الثاني: هذا: وقد زاد في التسهيل مما يطرد فيه. "فُعَل" الاسم الذي على وزن "فُعلة" نحو: جمعة وجمع وكل جمع تكسير على وزن "فُعل" وعينه ولامه من جنس واحد نحو: جديد وجدد, وذلول وذلل؛ فإنه يجوز تخفيفه عند بعض القبائل, بفتح عينه وجعله على وزن "فُعل" تقول: جُدَد، وذلل. 4 تام الأصول؛ فخرجت الصفة، نحو: صِغرة، وكبرة، وصفتان بمعنى صغير وكبير وناقص الفاء؛ نحو: عدة، وزنة. 5 أي: الأجوف المفتوح الأول، مثل حاجة، وحوج وفي "فِعلى" مصدرًا كذكرى وذكر. وفي "فَعلة" صحيح الأصول مثل: قصعة وقصع. وفي "فِعلة" صفة مثل: ذِربة وصمّة، والجمع: ذرب، وصمم، والذربة: المرأة الحديدة اللسان والصمة: الرجل الشجاع، وفي "فِعَل" وبالعكس؛ فمن الأول: حلية وحلى، ولحية ولحى، ومن الثاني: صورة وصور، وقوة وقوى، وهو قياس ولكنه قليل. وفي "فعل" و"فُعَل" و"فِعَل" يقول الناظم: و"فُعل" لاسم رباعي بمد ... قد زيد قبل لام اعلالا فقد ما لم يضاعف في الأعم ذو الألف ... و"فُعَل" جمعا لفُعْلَة عرف* =   * و"فعل" مبتدأ. "لاسم" متعلق بمحذوف خبر. "رباعي" نعت لاسم. "بمد" صفة ثانية لاسم، أو حال منه. "قد زيد" الجملة صفة لمد. "قبل" ظرف متعلق بأيد. "إعلالا" مفعول لفقد مقدم، وجملة "فقد" في محل جر صفة للام. "ما" ظرفية مصدرية, "في الأعم" متعلق بيضاعف. "ذو الألف" ذو نائب فاعل بضاعف والألف مضاف إليه. "وفعل" مبتدأ "جمعًا" حال من ضمير عرف. "لفعلة" متعلق بجمعا أو بعرف "عرف" ماض للمجهول ونائب فاعله يعود إلى "فعل" المبندإ، والجملة خبره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 وقَصعة، وذِربة، وهِدم. الخامس: "فُعَلَة" بضم أوله وفتح ثانيه. وهو مطرد في وصف لعاقل على "فاعل" معتل اللام1، كرام، وقاض، وغاز. السادس: "فَعَلَة" بفتحتين وهو شائع2 في وصف لمذكر عاقل صحيح اللام3، نحو: كامل، وساحر، وسافر، وبار.   = ونحو كبرى ولِفْعْلة "فِعَلْ" ... وقد يجيء جمعه على "فُعَل"* أي: إن "فُعل" من أوزان جمع الكثرة, يطرد في كل اسم رباعي قد زيد قبل آخره مدة؛ بشرط كونه صحيح الآخر وغير مضاعف إن كانت المدة ألفًا، وهذا في الأعم الغالب، ومن الأوزان، "فُعل" وهو يطرد في اسم على "فعلة" أو فُعلى أنثى الأفعل، ككبرى. ومن الأوزان "فِعل" وهو جمع لاسم على "فِعْلة"، وقد تجمع فِعلة على "فُعل"، وقد أوضحنا ووأضح المصنف ما في هذه الأوزان. 1 سواء كان معتل اللام بالياء أو بالواو، فخرج الاسم، نحو: واد، وعاد ووصف المؤنث مثل: عادية وسارية، ووصف غير العاقل، نحو: ضار، وصف لأسد وصحيح اللام مثل: ضارب فلا يجمع شيء من ذلك على "فُعلة" وشذ في صفة على غير "فاعل" نحو: كمّي وكماة، وفي "فاعل" اسما، نحو: باز وبزاة وفي صحيح اللام؛ نحو: هادر وهُدَرة، والهادر: الرجل الساقط الذي لا يعتد به. 2 الواقع: أنه مطرد. 3 على وزن فاعل؛ فلا يجمع غير الوصف مثل: واد، وباز: ولا وصف المؤنث نحو: طالق وحائض. ولا وصف غير العاقل نحو: صاهل، ولا الوصف المعتل اللام نحو: ساع، ولا نحو حذر؛ لأنه ليس على فاعل، ويلاحظ أن أوصاف المفرد هنا؛ كما هي في الصيغة السابقة؛ غير أن اللام هنا صحيحة وهناك معتلة، وشذ: سيد وسادة. وخبيث وخَبَثة. وفي =   * "ونحو" معطوف على فعله. "كبرى" مضاف إليه. "ولفعله" خبر مقدم والواو للاستئناف، "فعل" مبتدأ مؤخر. "قد" حرف تقليل. "جمعه" فاعل يجيء. "على فعل" متعلق به أو بيجيء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 السابع: "فَعْلَى" بفتح أوله وسكون ثانية، وهو لما دل على آفة1؛ من "فَعيل" وصفًا للمفعول، كجريح وأسير وقتيل. وحُمِل عليه ستة أوزان مما دل على آفة؛ من "فِعيل" وصفًا للفاعل كمريض، و"فَعِل" كزَمِن2، و"فاعِل" كهالك، و"فَيْعِل" كمَيِّت، و"أَفْعَل" كأحمق، و"فَعْلان" كسَكْران3. الثامن: "فِعَلَة" بكسر أوله وفتح ثانيه. وهو كثير "فُعْل" اسمًا4 بضم الفاء،   = هذين الوزنين يقول الناظم: في نحو رام ذو اطراد "فُعَلَه" ... وشاع نحو كامِل وكَمَلَه* أي: إن "فُعَلة" يطرد في كل وصف على "فاعل" معتل اللام لمذكر، مثل: رام، و"فَعَلة" يشيع ويطرد في وصف على "فاعل" صحيح اللام لمذكر عاقل؛ نحو: كامل وكملة. واكتفى الناظم بالمثال عن ذكر هذه الشروط. 1 أي: عاهة طارئة؛ من ألم وتوجع، أو موت وهلك، أو عيب ونقص أي نقص. 2 هذا والذي قبله يدلان على الألم والتوجع. 3 هذا والذي قبله يدلان على نقص وعيب وقد قرئ: "وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى" ويحفظ: رجل كيس؛ أي: عاقل، رجال كيسى، وسنان ذرب؛ أي: حاد وأسنة ذربى. وإلى وزن "فَعْلى" يشير الناظم بقوله: فَعْلَى لوصف كقتيل وزَمِن ... وهالك، وميت به قمن* أي: إن "فعلى" يكون جمع تكسير لكل وصف على وزن "فعيل" بمعنى مفعول كقتيل، و"فعل" كزمن، و"فاعل" كهالك؛ مما يدل على هلاك أو مرض، و"فعل" كميت حقيق بأن يجمع هذا الجمع، وقد بين المصنف الباقي من الأوزان: 4 أي: صحيح اللام؛ فخرجت الصفة، نحو: حلو ومر، معتل اللام مثل عضو وضبي ونحي فلا يجمع منها على "فِعلة".   * "في نحو رام" متعلق بمحذوف يدل عليه اطراد لا به؛ لأنه مضاف إليه ذو، والمضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، "ذو اطراد" ذو خبر مقدم واطراد مضاف إليه. "فعله" مبتدأ مؤخر. "نحو كامل" نحو فاعل شاع وكامل مضاف إليه، "وكملة" معطوف على كامل. * "فعلى" مبتدأ. "لوصف" خبر. "كقتيل" خبر لمبتدأ محذوف، "وزمن وهالك" بالجر معطوفان على قتيل. "وميت" مبتدأ. "به" متعلق بقمن الواقع خبر للمبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 نحو: قرط، ودرج، وكوز، ودوب. وقليل في اسم على "فَعْل" بفتح الفاء، نحو: غَرْد1، أو بكسرها نحو: قِرْدَ، وقل أيضًا في نحو: ذَكَر وهادر2. التاسع: "فُعَّل" بضم أوله وتشديد ثانيه مفتوحًا, وهو لوصف على "فاعل" أو "فاعله" صحيحي اللام3، كضاب وصائم ومؤنثيهما. وندر في نحو: غاز وعاف4 كما ندر في نحو: خَريدة5 ونُفساء ورجل أعزل6.   1 نوع من النبات الصحراوي المسمى الكمأة، وحكي كسر العين. 2 الهادر: الساقط وجمعه هدرة. وفي "فِعَلة" يقول الناظم: لفعل اسمًا صح لاما "فِعَله" ... واليضع في فَعْل وفِعْلِ قَلّلَه* أي: إن "فِعَله" جمع لـ"فَعْل" اسما صحيح اللام، والوضع العربي قلل أن يكون جمعًا لاسم على وزن "فَعْل" أو "فِعْل". 3 سواء كانت العين صحيحة أو معتلة كما مثل المصنف، وخرج الاسم، كحاجب العين، وجائزة البيت. أما الحاجب بمعنى مانع، وجائزة بمعنى مارة فهما وصفان ويجمعان على حجب وجوّز. 4 أي: من كل وصف معتل اللام، والجمع غُزّى وعفى، والعافى: السائل أو من عفا عنه؛ إذا تركه ولم يعاقبه. 5 الخريدة: المرأة الحيية ذات الحياء أو الجميلة، أو العذراء، والجمع خرد، وقالوا: خرائد على القياس. 6 أي: لا سلاح معه؛ ويقال: رجال عزّل، وعُزْل.   * "لفعل" جار ومجرور خبر مقدم. "اسما" حال منه. "صح" الجملة في محل نصب نعت لاسمًا، "لاما" تمييز محول من الفاعل. "فعلة" مبتدأ مؤخر. "والوضع" مبتدأ. "في فعل" متعلق بقلله. "وفعل" عطف عليه. "قلله" فعل ماض والفاعل يعود إلى الوضع والهاء مفعوله يعود إلى فعله، والجملة من قلله وفاعله المستتر خبر المبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 العاشر: "فُعَّال" بضم أوله وتشديد ثانيه. وهو لوصف على "فاعِل" صحيح اللام، كصائم وقارئ1، قيل: وندر في "فاعلة" كقوله: وقد أراهن عني غير صداد2 والظاهر: أن الضمير للأبصار3 لا للنساء فهو جمع صاد، لا صادة وفي المعتل، كغراء وسراء4.   1 التمثيل بقارئ يدل على دخول ما لامه همزة، تقول في جمعها: صوام، وقراء. 2 عجز بيت من البسيط، لعمير بن شيم، المعروف بالقطامي، وصدره: أبصارهن إلى الشبان مائلة اللغة والإعراب: أبصارهن: جمع بصر، والمراد العين: مائلة: متجهة، من مال إليه إذا اتجه نحوه. صداد: من الصد، وهو الإعراض وهو جمع صادة. "أبصارهن" مبتدأ وهو مضاف إلى ضمير المؤنثات. "إلى الشبان" متعلق بمائلة "مائلة" خبر أبصارهن. "وقد" الواو للحال وقد حرف تحقيق. "عن" متعلق بصداد. "غير صداد" غير مفعول ثان لأرى، وصداد مضاف إليه، أو غير حال من المفعول. المعنى: أن عيون هؤلاء الغواني متجهة إلى الشبان، والحال أنهن لم يعرضن عني ولم ينسينني مع ذلك. الشاهد: في "صداد" فإنه جمع صادة، بدليل التأنيث في أبصارهن وأراهن، وذلك نادر؛ لأن "فُعّال" جمع لفاعل لا لفاعلة قيل: ولم يرد في فاعلة للمؤنث إلا هذا البيت. 3 فإنه يقال: بصر صاد؛ كما يقال: بصر حاد. 4 جمعان لغاز، وسار اسمي فاعل من الغزو والسري، وفي "فُعل" و"فُعّال" يقول الناظم: و"فُعّل" لفاعل وفاعله ... وصفين نحو عاذِل وعاذله ومثله "الفُعَّال" فيما ذكِّرا ... وَذُان في المعل لا ما ندرا* أي: إن "فُعَل" جمع مقيس في وصف صحيح اللام على وزن فاعل أو فاعله، نحو عاذل وعاذلة، ومثله الفعال؛ فهو مقيس في وصف صحيح على وزن "فاعل" لمذكر، وندر "فعّل وفعّال" في المعتل اللام المذكر، وندر أيضًا في جمع فاعله.   * "وفعل" مبتدأ. "لفاعل" خبر. "وفاعله" عطف عليه. "وصفين" حال منهما. "ومثله" خبر مقدم ومضاف إليه، والضمير يعود إلى فعل. "لفعال" مبتدأ مؤخر. "فيما" متعلق بمثل، لما فيه معنى المماثلة، وجملة "ذكرا" صلة ما، والألف للإطلاق، "وذان" اسم إشارة ومبتدأ "في المعل" متعلق بندرا. "لاما" تمييز، "ندر" فعل وفاعل والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 الحادي عشر: "فِعال" بكسر أوله، وهو لثلاثة عشر وزنًا: الأول، والثاني: "فَعْل، وفَعْلة" اسمين أو وصفين1 نحو: كعب وقصعة، وصعب وخَدْلة2 وندر في يائي الفاء نحو: يَعْر3؛ أو العين نحو: ضيف وضيعة. الثالث، والرابع: "فَعَل وفَعَلة"4 غير معتلي اللام، ولا مضفيها5، كجَمَل وجَبَل، ورَقَبة وثَمَرة. الخامس والسادس: "فِعْل"6 كذئب وبئر، و"فُعْل"7 كدُهن ورُمْح. السابع والثامن: "فَعيل" بمعنى فاعل، و"مؤنثه"8؛ كظريف وكريم وشريف   1 بشرط ألا تكون فاؤهما ولا عينهما ياء. 2 الخدلة: هي الممتلئة الساقين والذراعين مع استدارة، والخدلة أيضًا: الحبة الضئيلة من العنب والخدل: الضخم. 3 هو الجدي يربط في الزبية؛ أي: الحفرة ليجيء الأسد لافتراسه فيقع فيها، والأنثى، يعرة، وفي المثل: "أذل من اليعر". 4 اسمان لا صفتان؛ فخرج نحو: بطل وبطلة؛ لأنه وصف. 5 فخرج نحو: فتى وعصا؛ لاعتلال لامهما، ونحو: طلل؛ لأنه مضعف اللام. 6 بشرط أن يكون اسمًا كما مثل المصنف؛ فخرج نحو: جلف للرجل الجافي. 7 بشرط أن يكون اسمًا غير واوي العين ولا يائي اللام، فخرج نحو: حلو وحوت، ومُدْي والمدي: مكيال شامي وهو غير المد؛ وجمعه أمداء. 8 بشرط أن يكونا وصفين صحيحي اللام؛ فخرج نحو: حديد وجريدة؛ لأنهما اسمان، ونحو: غني وولي ومؤنثيهما، لاعتلال اللام. قيل: لم يأت على "فعيل" صفة، عينه واو وفاؤه ولامه صحيحان؛ إلا في ثلاث كلمات: طويل، قويم، صويب، أما عويص فقد غلبت عليها الاسمية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 ومؤنثاتها. والخمسة الباقية: "فَعْلان" صفة، ومؤنثاه، "فَعْلى، وفَعْلانة"، و"فُعْلان" صفة، وأنثاه "فُعْلانة"، كغضبان وغَضْبى، وندمان وندمانة -وخمان وخمصانة1. والتزموا في "فَعِيل" وأنثاه؛ إذا كانا واوي العينين صحيحي اللامين كطويل وطويلة ألا يجمعا إلا على "فِعال"2 ويحفظ "فِعال" في نحو: راع وقائم وآم3 ومؤنثاتهن، وأعجف4 وجواد، وخير، وبطحاء، وقلوص5.   1 الخمصة: الجوعة، وخمص البطن -مثلثة الميم- خلا، ورجل خمصان بالضمم والتحريك، وخميص الحشا: ضامر البطن، وهي خمصانة، وخميصة، والجمع خماص. 2 أما غيرهما فيجمع عليه وعلى غيره، تقول: كريم، وكرما، وكرام، وكذلك: ظريف، وشريف. 3 آم -بهمزة ممدوة وميم مشدودة- من أم بمعنى قصد، وأصله: آمم كضارب؛ فأدغم المثلان، وجمعه إمام كقيام، قال الله -تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} أي: قاصدين لهم، والمؤنثة: آمة. [سورة الفرقان الآية: 74] . 4 أي: هزيل، ومؤنثه عجفاء، وعجف بغير هاء، والجمع عجاف. 5 القلوص: الشابة من الإبل، وهو اسم على وزن فعول، وما قبله أوصاف على أوزانها. وقد بين الناظم ما يطرد فيه "فِعال" من الأوزان في إجمال، فقال في "فَعْل وفَعلة". فَعْل وفَعْلة "فِعال" لهما ... وقل فيما عينه اليا منهما* فبين أنه قليل فيما عينه ياء منهما؛ ولم يذكر أنه قليل فيما فاؤه الياء أيضًا كما أوضحنا, وقال في الأربعة التالية لهما وهي: "فَعّل وفعلة" و"فِعل وفَعل". و"فَعَل" أيضًا له "فِعَال" ... ما لم يكن في لامه اعتلال* =   * "فعل" مبتدأ. "وفعلة" عطف عليه. "فعلا" مبتدأ ثان. "لهما" جار ومجرور خبره والجملة خبر الأول. "وقل" فعل ماض فاعله يعود على فعال. "فيما" متعلق بقل. "عينه" مبتدأ ومضاف إليه. "إليه" خبر والجملة صلة ما. "منهما" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ما الموصولة. * "وفعل" مبتدأ أول. "أيضًا" مفعول مطلق. "له" خبر مقدم. "فعال" مبتدأ مؤخر والجملة خبر الأول، "ما" مصدرية ظرفية. "في لامه" خبر يكن مقدم. "اعتلال" اسمها مؤخر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 الثاني عشر: "فُعُول" بضمتين ويطرد في أربعة: أحدها: اسم على "فَعِل" نحو: كَبَد ووَعِل1، وهو فيه كاللازم2.   = أو يك مضعفا، ومثل "فَعَل" ... ذو التاء وفُعْل مع فِعْل، فاقبل* أي: اطرد "فِعال" في "فَعل وفَعلة" ما لم يكن لامهما معتلا أو مضاعفًا، واطرد أيضًا في "فُعل" و"فِعْل" أوضح المصنف شروط كل. وفي الرابع والثامن؛ وهما: "فعيل"، ومؤنثه، قال: وفي فَعِيل وصف فاعل ورد ... كذاك في أنثاهف أيضًا اطرد* أي: اطرد "فِعال" أيضًا في كل صفة على فعيل بمعنى فاعل، مقترنة بالتاء أو مجردة منها؛ بشرط صحة لامهما كما أسلفنا. وقال في الخمسة الباقية، وفي "فعيل" معتل العين بالواو صحيح اللام. وشاع في وصف على "فعْلانا" ... أو أنثييه أو على "فُعْلانا" ومثله "فُعْلانة" الزمه في ... نحو طويل وطويلة نفي* أي: وشاع -أي: اطرد- "فِعال" جمعًا لوصف على "فَعلان"، أو أنثييه وهما: "فعلانة أو فَعلى"، وفي وصف على "فُعْلان" أو على "فعلانة" والتزم "فعال" في كل وصف عل فعيل أو فعيلة معتل العين، نحو: طويل وطويلة. 1 الوعل -ككتف- تيس الجبل، ويقال فيه: وعِل، ووُعل كدئل، والأنثى وعلة. 2 أي: اطرد "فُعول" في فِعل، ملتزم غالبًا لا يكاد يجاوزه إلى غيره.   * "أويك" فعل مضارع ناقص معطوف على يكن بحذف النون للتخفيف، واسمها يعود إلى فعل. "مضعفًا" خبرها. "ومثل" خبر مقدم. "فعل" مضاف إليه. "ذوا التا" ذو مبتدأ مؤخر، والتا مضاف إليه. "وفعل" معطوف على ذو التا، "مع فعل" مع ظرف متعلق بمحذوف حال من فعل، وفعل مضاف إليه. * "وفي فعيل" متعلق بورد، "وصف فاعل" حال من فعيل وفاعل مضاف إليه. "كذاك في أنثاه" متعلقان باطرد والضمير يعود إلى فعال. * "على فلانا" متعلق بمحذوف نعت لوصف. "أو أنثييه" عطف عليه، "أو على فعلانا" معطوف على فعلانا. "ومثله" خبر مقدم ومضاف إليه. "فعلانة" مبتدأ مؤخر. "نفي" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر وهو الزمه، والياء للإشباع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 وجاء في نحو: نَمِر، ونُمُور على القياس، ونُمُر1 قال: فيها عياييل أسود ونمر2 وقد يكون مقصورًا من نمور للضرورة3، وقالوا: أيضًا: أنمار4. والثلاثة الباقية: الاسم5 الثلاثي الساكن العين، مفتوح الفاء6 نحو: كعب وفلس، ومكسورها نحو: حَمْل وضرس، ومضمومها نحو: جند وبُرْد، إلا في ثلاثة7:   1 أي: سماعًا. 2 بيت من مشطور الرجز، أنشده سيبويه لحكيم بن معية الربعي من تميم يصف فتاة نبتت في موضع محفوف بالجبال والشجر وقبله: حفت بأطواد جبال وسمر ... في أشب الغيطان ملتف الحظر اللغة والإعراب: حفت: أحيطت. بأطواد: جمع طود، وأصله الجبل العالي، والمراد هنا: الشديد الارتفاع أشب: ملتف ومختلط. والغيطان: جمع غوط وهو الأرض المطمئنة الواسعة. الحظر: الموضع الذي حوله شجر كالحظيرة. عياييل: جمع عيل، واحد العيال، والمراد: أشبال السباع. "فيها" خبر مقدم والضمير عائد إلى الغيطان. "عياييل" مبتدأ مؤخر. "أسود" بدل من عياييل أو بيان لها, وروي بالجر على الإضافة، ويكون من إضافة الصفة للموصوف وقيل: الصواب "غيائيل" جمع غيل وهو موضع الأسد. الشاهد: جمع "نمر" على نمر سماعًا، والقياس: نمور. 3 أي: إن أصله نمور على وزن فعول، ثم حذفت الواو للضرورة اكتفاء بالحركة المجانسة لها. 4 جمع قلة قياسي لنمر، لا سماعي. 5 خرجت الصفة كصعب، وجلف وحلو. 6 وليس معتل العين بالواو، كحوض فلا يجمع على فعول. وشذ في "فوج" وهم الجماعة من الناس: فووج. 7 من مضموم الفاء، فلا يطرد فيها فُعول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 أحدها: معتل العين كحوت1، والثاني: معتل اللام كمدي2 وشذ في نؤي، قال: خلت إلا أياصير أو نؤيًا3 الثالث: المضاعف كمُد4 وشذ في حص -بالحاء المهملة- وهو الورس5 حصوص، ويحفظ في "فَعَل"6 كأسد، وشَجَن، ............................   1 فالغالب جمعه على "فِعلان" كحيتان. 2 فيجمع غالبًا على "أفعال" تقول: مدى، وأمداء؛ بقلب ياءه همزة طبقًا لقاعدة الإعلال والمُدي: القفيز الشامي وهو غير المد المعروف. 3 صدر بيت من الوافر للطرماح، وعجزه: محافرها كأشربة الإضين اللغة والإعراب: أياصر: جمع أيصر، وهو حبل قصير يشد في أسفل الخباء إلى وتد. نؤيًا: جمع نؤى، وهي حفيرة تحفر حول الخباء لئلا يدخله المطر، كأسرية جمع سيري كغني: نهر صغير يجري إلى النخيل وروي كأشربة. الإضين: جمع أضاة، وهي المستنقع من سيل أو غيره. "إلا" أداة استثناء."أياصر" منصوب على الاستثناء. "محافرها" مبتدأ ومضاف إليه، "كأشربة" متعلق بمحذوف خبر وهو مضاف إلى "الإضين" الملحق بجمع المذكر السالم، والجملة من المبتدأ والخبر صفة "لنؤيا". المعنى: أن هذه الديار خلت من أهلها ودرست آثارها، ولم يبق إلا الأياصر والنؤى، وقد خرج منها الماء على شكل مجار صغيرة كأشرية الأضين. الشاهد: جمع "نؤى" بزنة "فُعل" هو معتل اللام على نؤي بزنة "فعول" وأصله نؤوي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمتا، ثم كسرت الهمزة لمناسبة الياء. ويجوز قلب ضمة النون كسرة للمناسبة أيضًا. 4 المد: مكيال مقداره رطلان عند أهل العراق، ورطل وثلث عند أهل الحجاز، ولا يجمع على "فعول" بل جمعه: أمداد. 5 وقيل: هو الزعفران. الورس كما في القاموس: نبات كالسمسم يزرع باليمن نافع للكلف طلاء، وللبهق شربًا. 6 أي: اسمًا غير مضعف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 وندب1، وذكر. الثالث عشر: "فِعلان" بكسر أوله وسكون ثانيه, ويطرد أيضًا في أربعة: اسم على "فُعال" كغلام وغراب. أو على "فُعَل" كصرد وجرذ أو "فُعْل" واوي العين. كحوت وكوز أو "فَعَل"2 كتاج، وساج وخال3، وجاز، ونار، وقاع، وقل في نحو: صنو وخرب4 وغزال، وصِوار5 وحائط، وظَلِيم6 وخروف.   1 الندب: جمع ندبة، وهي أثر الجرح الباقي على الجلد. 2 والغالب أن تكو عينه في الأصل معتلة. 3 الخال: النقطة المخالفة لبقية لون البدن، والأصل خيل، والجمع خيلان. 4 الخرب: ذكر الحباري، والشعر المختلف وسط المرفق، والجمع أخراب وخراب، وخربان. 5 هو القطيع من بقر الوحش، وجمعه: صيران، وأصله: صوران. 6 هو ذكر النعام، وجمعه ظلمان، وكذلك يحفظ في "فِعلة" كنسوة ونسوان وفي وصف على "فعل" كضيف وضيفان، أو على "فُعال" كشجاع وشجعان. وفي الوزنين المتقدمين "فُعول" و"فِعلان" يقول النظام في إجمال. "وبِفُعول" "فَعِل" نحو كبد ... يخص غالبا كذاك يطرد في "فَعْل" اسما مطلق ألفا و"فَعَل" ... له وللفعال "فِعْلان" حصل وشاع في حوت وقاع مع ما ... ضاهاهما وقل في غيرهما* =   * "وبفعول" متعلق بيخص. "فعل" مبتدأ. "نحو كبد" نحو خبر لمبتدأ محذوف وكبد مضاف إليه، "يخص" الجملة من الفعل ونائب الفاعل خبر فعل "غالبًا" حال من الضمير في يخص. "كذاك" متعلق بيطرد وفاعله يعود إلى فعول. "في فعل" متعلق بيطرد. "اسما مطلق ألفًا" حالان من "فعل" ومضاف إليه. "وفعل" مبتدأ. "له" جار ومجرور خبر. "وللفعال" متعلق بحصل. "فعلان" مبتدأ وجملة "حصل" خبر. "في حوت وقاع" متعلقان بشاع. "مع" ظرف متعلق بمحذوف حال منهما. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "ضاهاهما" فاعل ضاهى يعود إلى ما الموصولة، والضمير البارز مفعول، والجملة مصلة ما. "وقل" فعل ماض فاعله يعود إلى فعلان. "في غيرهما" متعلق بقل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 الرابع عشر: "فُعْلان" بضم أوله وسكون ثانيه. ويكثر في ثلاثة: في اسم على "فَعْل" كظهر وبطن، أو "فَعَل" صحيح العين؛ كذكر وجذع1، أو "فَعِيل" كقضيب ورغيف وكثيب، وقل في نحو: راكب وأسود، وزقاق2. الخامس عشر: "فُعَلاء" بضم أوله وفتح ثانيه. ويطرد في "فَعيل" بمعنى فاعل3 غير مضاعف ولا معتل اللام4. كظريف وكريم وبخيل، وكثر في "فاعل" دالا على   = أي: إن "فعول" يورد جمعًا في اسم ثلاثي على "فعل" ويلتزم فيه غالبًا. ويطرد في اسم على "فعل" مثلث الفاء، ويحفظ في "فَعَل" أما "فعلان" فيطرد في اسم على "فُعال" وقد سبق أنه مطرد في "فُعَل" كصرد". وكذلك يطرد فيما عينه واو؛ من "فُعل" أو "فَعل" كحوت وقاع، ويقل في غير ذلك. ولم يذكر الناظم الشروط والتفصيلات، وقد أوضحها المصنف، وزدناها إيضاحًا. 1 الجذع: الشاب الحدث، وقيل: الثني من المعز، وهي بهاء، والجمع: جذاع وجذعان، وهو صفة يحسب الأصل. ثم غلبت عليه الاسمية: كعبد وعبدان ومثله: حمل وحملان. 2 الزقاق كغراب: السكة ويؤنث، والجمع أزقة وزقان. وهو أيضًا مجاز البحرين. وفي الأسماء الثلاثة التي تجمع على "فعلان" يقول الناظم: و"فَعْلا" اسما وفَعيلًا وفَعَل ... غير معل العين فُعْلان شمل* أي: إن "فعلان" جمعًا يشمل من المفردات: الصحيح العين الذي على وزن "فعل"، و"فعيل" و"فعل"، وخرج بقوله اسمًا: ضخم، وجميل وبطل وبغير معتل العين: نحو قود؛ فلا يجمع شيء منها على "فعلان". 3 أو بمعنى "مُفعل"، أو "مفاعل"، ويشترط أن يكون "فعيل" في الثلاثة: وصفًا لمذكر عاقل، غير مضعف ولا معتل اللام، دالا على سجية مدح أو ذم كما مثل المصنف وشد: أسراء، وقتلاء، وسجناء، في أسير وقتيل وسجين؛ لأنهما بمعنى مفعول. 4 فخرج نحو: لبيب، وشديد، وغني، وولي.   * "وفعلا" مفعول مقدم لشمل. "اسما" حال من فعلا. "وفعيلا وفعل" معطوفان عليه. "غير معل العين" غير حال من فعل وما بعده مضاف إليه. "فعلان" مبتدأ. "شمل" الجملة خبر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 معنى: كالغريزة، كعاقل وصالح وشاعر، وشذ "فُعَلاء" في نحو: جبان1 وخليفة2 وسَمْح، وودود. السادس عشر: "أفِعلاء" بكسر ثالثه. وهو نائب عن فُعَلاء؛ في المضعف3 كشديد وعزيز، وفي المعتل4 كولي وغني. وشذ في نحو5: نصيب، وصديق، وهين. السابع عشر: "فواعل" ويطَّرد في سبعة، في "فاعِلة" اسمًا او صفة كـ {نَّاصِيَة   1 أي: مما ليس على "فعيل" أو "فاعل". 2 فقد جمعوه على خلفاء بطريق الحمل على المذكر، وهو خليف؛ لأنه لا يقع إلا على مذكر، وقيل: إن "خلفاء" جمع خلف، أما خليفة، فجمعه "خلائف". 3 أي: في جمع فعيل المتقدم بمعنى فاعل. 4 أي: معتل اللام من فعيل أيضًا. 5 أي: من غير المضعف والمعتل اللام. وشذ كذلك "ظنين" بمعن متهم. و"أظباء"؛ لأنه بمعنى مفعول، وإن كان مضعفًا. وفي "فعلاء" و"أفعلاء" يقول الناظم: ولكريم وبخيل "فُعَلا" ... كذا لما ضاهاهما قد جعلا وناب عنه "أفْعِلاء" في المعل ... لاما ومضعف وغير ذاك قل* أي: إن "فعلاء" يطرد جمعًا في "فعيل" بمعنى فاعل صفة لمذكر عاقل، غير مضاعف ولا معتل اللام؛ ككريم وبخيل، وما شابههما مما يدل على معنى كالغريزة. وينوب عن "فعلاء" في المضاعف والمعتل "أفعلاء"، وقل مجيء "أفعلاء" جمعًا لغير ما ذكر.   * "ولكريم" خبر مقدم. "وبخيل" معطوف عليه. "فعلا" مبتدأ مؤخر. "كذا" متعلق بجعلا في موضع المفعول الثاني. "لما" متعلق به أيضًا، و"ما" اسم موصول. "ضاهاهما" الجملة صلة ما. "قد" حرف تحقيق. "جعلا" نائب فاعلة العائد إلى فعلا، هو مفعوله الأول، والألف للإطلاق. * "في المعل" متعلق بناب. "لا ما" تمييز. "ومضعف" عطف على المعل. "وغير ذاك" غير مبتدأ واسم الإشارة مضاف إليه، والكاف حرف خطاب، وجملة "قل" خبره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} 1، وفي اسم على "فَوْعَل" كجوهر وكوثر، أو "فَوْعَلة" كصومعة2 وزوبعة، أو "فاعَل" بالفتح كخاتم وقالب، أو "فاعِلاء" بالكسر, نحو: قاصعاء وراهطاء3، أو "فاعِل" كجائز4، وكاهل، أو في وصف على "فاعِل" لمؤنث5 كحائض وطالق، أو لغير عاقل6 كصاهل وشاهق، وشذ فوارس، ونواكس، وسوابق، وهوالك7.   1 ناصية: اسم، وكاذبة وخاطئة؛ صفتان. [سورة العلق الآية: 16] . 2 هي: بيت العبادة للنصارى، كالصوامع. 3 اسمان لجحر اليربوع. وله ثالث اسمه: النافقاء، وجمعها: قواصع، ورواهط، ونوافق. 4 هي: الخشبة توضع فوق حائطين, والخشبة التي تحمل خشب سقف البيت. 5 أي: عاقل، خال من تاء التأنيث غالبًا. 6 بشرط أن يكون لمذكر. 7 لأنها جموع أوصاف على "فاعل" لمذكر عاقل. والناكس: المطاطئ رأسه وزاد في الكافية ثامنًا، وهو "فَوعلة" نحو: صومعة وصوامع. وقد ذكر في التسهيل ضابطًا لهذه الأنواع، فقال: "فواعل لغير فاعل، الموصوف به مذكر عاقل، مما ثانيه ألف زائدة؛ أو واو غير ملحقة بخماسي"، وقوله مما ثانيه بيان لغير، واحترز به من نحو: آدم، فإن ألفه أبدلت من فاء الكلمة، فلا يجمع على فواعل، بل على أفاعل، نحو: أوادم. واحترز بقوله: غير ملحقة بخماسي؛ من نحو: خورنق، فجمعه؛ خرانق، بحذف الواو، بزنة فعالل؛ لأن الواو فيه لإلحاق والخورنق: قصر للنعمان الأكبر مشهور. وفي فواعل يقول الناظم: "فَوَاعِل" "لفَوْعَل وفاعِل ... وفَاعِلاء مع نحو كاهل وحائض وصاهل وفاعله ... وشذ في الفارس مع ما ماثله* =   * "فواعل" مبتدأ. "لفوعل" خبر. "وفاعل وفاعلاء" معطوفان على فوعل. "مع" ظرف متعلق بمحذوف حال مما قبله. "وحائض وصاهل وفاعله" معطوفات على كاهل. "وشذ" فعل ماض وفاعله يعود إلى فواعل. "في الفارس" متعلق بشذ. "مع ما" مع ظرف حال من الفارس و"ما" مضاف إليه, "ماثله" الجملة صلة ما، والضمير البارز في ماثل مفعوله، وهو يعود إلى الفارس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 الثامن عشر: "فَعائل" ويطرد في كل رباعي1 مؤنث، ثالثه مَدة2؛ سواء كان تأنيثه بالتاء كسحابة3 وصحيفة وحلوبة، أو بالمعنى كشمال4، وعجوز، وسعيد علم امرأة.   = أي: إن فواعل يطرد جمعًا لاسم على وزن "فَوْعل"، أو على "فاعله" أو على "فاعلاء" أو على "فاعل" نحو كاهل. ويطرد أيضًا في وصف خاص بالأنثى على وزن "فاعل" كحائض، ولمذكر غير عاقل كصاهل. وفي جمع على "فاعلة" وشذ في وصف على "فاعل" لمذكر عاقل لم يجمع على "فواعل" ويرى بعض الباحثين عدم التقيد بالشرط الذي يقضي بألا تجمع صفة "فاعل" على فواعل إذا كانت وصفًا لمذكر عاقل؛ كسابق وسوابق, وسابح وسوابح، وقارئ وقوارئ، وكاهن وكواهن، وغائب وغوائب، وحاج وحواج، فالحق أن صيغة "فاعل" تجمع قياسًا على "فواعل"؛ سواء كانت صفة للمذكر العاقل أم غير العاقل, غير أن الأفضل مراعاة الشروط. 1 قال شارح الموضح: اسما كان أو صفة، وشرط غيره الاسمية في ذوات التاء، ما عدا "فعلية" فتجمع على فعائل ولو كانت صفة، كلطيفة ولطائف؛ بشرط ألا تكون بمعنى مفعول. 2 ألفًا كانت، أو واوًا، أو ياء. 3 مثلها: رسالة، وذؤابة. 4 بكسر الشين مقابل يمين، وبفتحها ريح تهب من ناحية القطب. وهو يشمل عشرة أوزان: خمسة مختومة بالتاء، وخمسة مجردة منها؛ فالتي بالتاء "فعالة" مثلثة الفاء، كذؤابة, وسحابة، ورسالة، و"فعولة" كحمولة وحمائل، و"فعيلة" كصحيفة وصحائف، ويشترط ألا تكون بمعنى مفعولة، كجريحة بمعنى مجروحة. والمجردة منها ويشترط أن تكون لمؤنث معنوي هي: "فعال" مثلثة الفاء، نحو: شمال: "لليد اليسرى" وشمائل، وعقاب "اسم لطائر" وعقائب، وشمال للريح المعروفة وشمائل" و"فعول" نحو: عجوز وعجائز. و"فعيل" نحو: لطيف "اسم امرأة" ولطائف. وذكر في التسهيل: أن "فعائل" يكون جمعًا للمؤنث بألف التأنيث المقصورة كحبارى= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 التاسع عشر: "فَعَالِي" بفتح أوله وكسر رابعه, ويطرد في سبعة: "فلاة" كَمَوْما1. و"فِعْلاة" كسِعْلاة2 و"فِعْلية" كهِبْرِية3، و"فَعْلُوة" كعَرقُوَة 4، وما حُذِفَ أول زائدَيْه5 من نحو: "حَبَنْطَي وقَلَنْسُوة"6، و"فَعْلاء"؛ اسمًا؛ كصحراء، أو صفة لا مذكر لها كعذراء7 ... ... ... ... ... ... ... ....   = وحبائر، أو الممدودة، كجلولاء وجلائل، وشذ: ضرة وضرائر، وحرة وحرائر, وكنة وكنائن؛ لأنها ثلاثية. وفي "فعائل" يقول الناظم: وبفعائل اجمعن "فَعَالَهْ" ... وشِبْهَهُ ذا تاء أو مزالة* أي: إن فعائل يكون جمعًا لكل اسم رباعي بمدة قبل آخره، مؤنث بتاء ثابتة أو مزالة غير موجودة، والمراد بشبه "فعاله"، و"فَعيل" و"فَعول" بالتاء أو مجردتين منها، وقد أوضحنا ذلك كله بالأمثلة. 1 هي الصحراء الواسعة التي لا نبات فيها، وجمعها: موام، كجوار. 2 هي في زعم العرب: الغول، أو ساحرة الجن، وجمعها سعال. 3 هي القشر الذي يتعلق بأصول شعر الرأس، أو ما يتطاير من ذرات القطن والدقيق وجمعها هبار. 4 هي الخشبة التي توضع عرضًا في رأس الدلو، وجمعها عراق. 5 أي: ما كان ذا زيادتين بينهما حرف أصلي، وبحذف أول الزيادتين عند الرب. 6 الحبنطي: العظيم البطن والقلنسوة، ما يلبس على الرأس. وقد زيد في الأول النون والألف، ليلحق بسفرجل، فإذا حذف أول زائديه -وهو النون- قيل في جمعه: حباط. أما الثاني فقد زيد فيه النون والواو فإذا حذف أول الزائدين، قيل في جمعه: قلاس. أما من يحذف ثاني الزائدين فيجمعهما على حبائط وقلانس. ومثلهما: عفرني الأسد. وبلهنية بمعنى السعة؛ يقال: فلان بلهنية من العيش؛ أي: في سعة. 7 هي البكر.   * "وبفعائل" متعلق باجمعن. "فعاله" مفعوله. "وشبهة" معطوف على فعالة. "ذا تاء" "ذا" حال من المفعول به وتاء مضاف إليه. "أو مزالة" معطوف على "ذا تاء" وإضافته إلى الهاء من إضافة اسم المفعول لمفعوله الثاني، والأول هو نائب الفاعل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 والألف المقصورة؛ لتأنيث كحبلى، أو إلحاق كذفرى1. تمام العشرين: "فَعَالَى" بفتح أوله ورابعه. ويشارك الفََعَالِي -بالكسر- في صحراء، ما ذكر بعده2 وليس لفَعَالَى ما ينفرد به عن الفَعَالَى إلا وصف3. الحادي والعشرون: "فَعَالِي" بالتشديد. ويطرد في كل ثلاثي4 آخره ياء مشددة5 غير متجددة للنسب6 ....................................   1 هي الموضع الذي خلف أذن البعير يرشح منه العرق، والجمع: زفار، وألفه زائدة للإلحاق بدرهم. ويحفظ فعالى في نحو: مهر ومهار، وأهل وأهال، وليلة وليال. 2 أي: في "فعلاء" اسمًا كصحراء، أو وصفًا لمؤنث لا مذكر له كعذراء، أو مختومًا بألف التأنيث المقصورة, أو ألف الإلحاق على أساس ما تقدم في "فَعالِي" بالكسرة؛ فهذه المفردات مشتركة عند جمعها بين "فعالِي، وفعالي". 3 أي: على وزن "فعلان" أو "فعلى"، نحو: كسلان وكسالى، وسكران وسكارى، والأحسن في صيغة هذا الوصف، ضم أوله عند الجمع، فيقال: كسالى، وسكارى. وكذلك ينفرد الفعالى بالكسر بالخمسة التي ذكرت قبل صيغة "فعلان". ويحفظ "فَعالى" في نحو: يتيم، وأيم، وطاهر، وحبط، و"فُعالى" في نحو: قديم، وقدامى؛ وأسير، وأسارى. وفي "الفعالى والفعالي" يقول الناظم في إجمال لا تفصيل فيه ولا إيضاح. وبالفَعَالَى والفَعَالَى جمعًا ... صحراء والعذراء والقيس اتبعا* أي: إن "فعالى، وفعالي" يشتركان في جمع ما كان على "فَعلاء" اسمًا كصحراء أو صفة كعذراء واتبع القياس على هذين المثالين؛ أي: قس عليهما نظائرهما. 4 ساكن العين. 5 تلي الأحرف الثلاثة وتزيد عليها. 6 سواء كانت هذه الياء أصلية لغير النسب مطلقًا ككرسي، أم أصلها مزيدة للنسب، ثم أهمل هذا الغرض وترك وأصبح غير ملحوظ، نحو: مهري؛ فإن أصله الجمل المنسوب إلى قبيلة "مهمرة" اليمنية المشهورة بالإبل المذكورة، ثم أهمل ذلك وصار المهري اسما للنجيب من الإبل مطلقًا، فيجمع على مهارى.   * "وبالفعالى" متعلق بجمعا، والباء بمعنى على. "والفعالى" معطوف عليه. "صحراء" نائب فاعل جمع. "والعذراء" عطف عليه. "والقيس" مفعول ابتع، والألف في اتبعا منقلبة عن النون الخفيفة، ومعناه: اتبع القياس على هذين المثالين؛ أي: قس على عليهما نظائرهما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 كبُخْتِي1 وكرسي وقُمْري 2 بخلاف نحو: مصري، وبَصرِيّ3، وأما أناسي فجمع إنسان؛ لا إنسي4، وأصله أناسين؛ فأبدلوا النون ياء كما قالوا: ظَرِبان وظرابي5. الثاني والعشرون: "فَعَالِل" ويطرد في أربعة وهي:   1 أصله الجمل المنسوب إلى "بخت" الخراسانية؛ وهي المشهورة بجودة إبلها وحسنها، ثم تنوسي ذلك وشاع استعمال "البختي" في كل جمل قوي جميل، وجمعه بخاتي والأنثى بختية. 2 القمري: نوع من الحمام، والجمع قماري، والأنثى قمرية. 3 لأن ياءهما متجددة للنسب، ولا يجمع على هذا الوزن. مثل عربي وعجمي لتحرك عينهما. وشذ قبطي وقباطي. 4 لأن الياء في "إنسي" متجددة للنسب الباقي على حاله. وما ختم بها لا يجمع على "فَعال" وقيل: ما المانع من جعل أناسي جمع إنسي على تناسي النسب، كما قالوا في بختي وقمري؟ وأناسين: جمع إنسان ولا داعي للبدل؟ والعرب تقول: إنسي، في معنى إنسان. 5 أصله: ظرابين، فأبدلت النون ياء و"الظربان: دويبة كالهرة منتنة الريح. ويحفظ "فعالى" في نحو: صحراء وعذراء؛ فيقال: صحاري وعذاري وذكر في التسهيل: أنه يطرد أيضًا في وزن "فَعلاء" على النحو الذي سبق شرحه؛ نحو: علباء وقوباء. وفي "فعالى" يقول الناظم: واجعل فَعَاليِّ لغير ذي نَسَب ... جدد، كالكرسي تتبع العرب* أي: اجعل "فَعالِي جمعًا لكل اسم ثلاثي آخره ياء مشددة غير متجددة للنسب، ككرسي. أم النسب غير المتجدد، وهو الذي أهمل عند الجميع فلا يمنع جمعه.   * "فعالى" مفعول أول اجعل "لغير" في موضع المفعول الثاني له. "ذي نسب" ذي مضاف إليه ونسب كذلك. "جدد" فعل ماض للمجهول. والجملة صفة لنسب "كالكرسي" متعلق بمحذوف حال من غير ذي نسب أو خبر لمبتدأ محذوف. "تتبع" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر "العرب" مفعول تتبع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 الرباعي والخماسي مجردين، ومزيدًا فيهما: فالأول: كجعفر وزِبرِج1. والثاني: كسَفَرْجَل وجَحْمَرِش2 ويجب حذف خامسه3 فتقول: سفارج وجحامِر، وأنت بالخيار في حذف الرابع أو الخامس؛ إن كان الرابع مشبها للحرف التي تزاد4؛ إما بكونه بلفظ أحدها كخدرنق5، أو بكونه من مخرجه كفرزدق6؛ فإن الدال من مخرج التاء.   1 الجعفر: النهر الصغير، والكبير الواسع، ضدان، أو النهر الملآن، والزبرج: الذهب، أو السحاب الرقيق الذي يخالط لونه حمرة. 2 الجحمرش: العجوز الكبيرة، والمرأة السمجة الوقحة. 3 وذلك للتخفيف؛ لأن الثقل حدث به. 4 حروف الزيادة عشر معروفة، وهي مجموعة في قولهم "أمان وتسهيل" أو في "سألتمونيها" ويمكن الاستغناء عن الحرف الزائد، وتؤدي الكلمة معنى بعد حذفه. 5 هو العنكبوت، فرابعة -وهو النون- حرف أصلي ولكنه من لفظ حروف الزيادة. 6 اسم جنس جمعي لفرزدقة، هي القطعة من العجين، ولقب به همام بن غالب الشاعر المشهور. تقول في الجمع، خدارق، وفرازق، بحذف الرابع، وخدران، وفرازد، بحذف الخامس وهو أجود؛ لأن المعود الحذف من الآخر، ومحل التخيير: إذا لم يكن الخامس مشبهًا للزائد، وإلا وجب حذفه مطلقًا، سواء كان الرابع شبيهًا بالزائد أم غير شبيه، نحو: "قُذَعمل" للجمل الضخم، وقداعم، وسفرجل، وسفارج؛ ذلك لأن اللام قد تزاد في نحو: عبدل، في عبد. والخلاصة: أنك إذا جمعت الخماسي، تعين حذف خامسه إن لم يكن الرابع مشبهًا للزائد؛ فإن كان الرابع كذلك، فأنت بالخيار في حذف أحدهما؛ ما لم يكن الخامس شبيهًا بالزائد وإلا تعين حذفه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 والثالث1: نحو مُدَحْرج، ومُتَدحرج. والرابع2 نحو: قَرطَبوس3، وخَندَريس4. ويجب حذف زائد هذين النوعين5 إلا إذا كنا لينا6 قبل الآخر فيثبت. ثم إن كان ياء صحح7 نحو: قنديل، أو واوا أو ألفا قلبا ياءين نحو: عصفور وسِرْداح8.   1 الرباعي المزيد بحرف أو حرفين، أو ثلاثة كاحرنجام. 2 وهو الخماسي المزيد. 3 قيل: هو فتح القاف الداهية، وبكسرها الناقة العظيمة الشديدة. 4 اسم من أسماء الخمر. 5 ويحذف مع الزائد الحرف الخامس في مزيد الخماسي أيضا كما مر، تقول في الجمع: دحارج، وقرطب، وخنادر. وتقول في قَبْعثري "للجمل الضخم": قباعث. 6 أي: رباعا وإلا حذف. والمراد باللين الذي يبقى هنا في الجمع: حرف العلة الساكن؛ سواء كان قبله حركة تناسبه كما مثل المصنف، وهو حرف المد اصطلاحا، أو لا تناسبه كفردوس وهو المسمى باللين، فيقال في الجمع: فراديس. فإذا كان حرف العلة متحركا، نحو: كنْهور "للسحاب المتراكم، وللرجل الضخم"، وهبيخ للغلام الممتلئ لحما قيل في جمعهما: كناهِر، وهَبايخ، بحذف حرف العلة وجوبا، وكذلك إذا كان حرف العلة غير رابع، نحو: "فَدَوكس" اسم من أسماء الأسد فيجمع على فداكس. 7 ويجمع ما هو فيه على "فعاليل" بزيادة ياء قبل الآخر في الغالب، إلا إذا كان مختوما بياء مشددة مثل: كرسي فلا تزاد عليه الياء، لئلا يجتمع في آخر الكلمة الواحدة ثلاث ياءات. 8 السرادح: الناقة الطويلة؛ أو الكريمة؛ أو السمينة؛ والمكان اللين. وفي صيغة "فعالل" وشبهه الآتي يقول الناظم: وبفَعالِل وشبهه انطقا ... في جمع ما فوق الثلاثة ارتقى* =   * "وبفعالل" متعلق بانطقا. "وشبهه" معطوف عليه. "في جمع" متعلق بانطقا. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "فوق الثلاثة" فوق ظرف متعلق بارتقى الواقع صلة لما، والثلاثة مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = من غير ما ضى ومن خماسي ... جرد، الآخر آنف بالقياس* أي: إن "فعالَل"، وشبهه يكونان جمعًا لكل اسم ارتقى على الثلاثة -أي: رباعيا- غير ما سبق ذكر جمعه، وانف -أي: احذف- الآخر من الخماسي المجرد عن الزيادة واجمعه على "فعالل" قياسًا ثم قال الناظم في الرباعي. والرابع الشبيه بالمزيد قد ... يحذف دون ما به تم العدد* أي: إن الرابع إذا كان شبيهًا بالمزيد، قد يحذف دون الخامس الذي يتم به أصل الكلمة فإن كان الرابع غير مشبه للزائد، لم يجز حذفه، ويتعين حذف الخامس، ثم قال الناظم في الخماسي: وزائد العادي الرباعي احذفه ما ... لم يك لينا إثره اللذ ختما* أي: احذف زائد الاسم العادي؛ أي: المجاوز الرباعي "وهو الخماسي المزيد بحرف"؛ إلا إذا كان هذا الزائد حرف لين قبل الآخر الذي به ختام الاسم، فإن كان الزائد حرف مد قبل الآخر لم يحذف، بل يجمع الاسم على "فعاليل"، نحو: قرطاس، وقراطيس. هذا: ويصح في جمع التكسير الذي على وزن "فعالل" وشبهه، إذا حذف من مفرده شيء عند الجمع أن يزاد ياء قبل الآخر عوضًا عن المحذوف؛ سواء كان المحذوف أصليا أم زائدًا. وكذلك يجوز حذفها إن كانت موجودة، فتقول في جعفر وبرثن، وفرزق,=   * "من غير" متعلق بمحذوف حال من ما الموصولة. "ما" اسم موصول مضاف إليه، "مضى" الجملة صلة. "ومن خماسي" متعلق بأنف. "جرد" فعل ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى خماسي, والجملة صفة له. "الآخر" مفعول أنف مقدم. "بالقياس" متعلق بأنف. * "والرابع" مبتدأ. "الشبيه" صفة له. "بالمزيد" متعلق به. "قد يحذف" الجملة خبر المبتدأ. "دون" ظرف متعلق بيحذف، "ما" اسم موصول مضاف إليه "به" متعلق بتم. "العدد" فاعل تم, والجملة صلة ما والمراد بقوله: بما به تم العدد الخامس من الخماسي. * "وزائد" مفعول لمحذوف يفسره احذفه. "العادي" مضاف إليه. "الرباعي" مفعول العادي، وسكنت ياؤه للضرورة. "ما" مصدرية ظرفية. "يك" مجزوم بلم بحذف النون، واسمه يعود إلى الزائد، "لينا" خبر. "أثره" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ومضاف إليه. "اللذ" اسم موصول مبتدأ مؤخر، وهو لغة في الذي. "ختما" الجملة صلة والألف للإطلاق وجملة المبتدأ والخبر صفة لينا، والمراد باللذ ختما: الحرف الأخير من الكلمة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 الثالث والعشرين: "شِبّه فَعَالل"1، ويطرد في مزيد الثلاثي غير ما تقدم2، ولا تحذف زيادته إن كان واحدة3؛ كأفكل4 ومسجد وجوهر، وصَيْرَف5 وعَلْقَى6. ويحذف ما زاد عليها؛ فتحذف زيادة من نحو: منطلق، واثنتان من نحو: مستخرج   = وخدرنق: جعافر وجعافير، وبراثن وبراثين، وفرازق، وفرازيق، وخدارق، وخداريق، وهذا مذهب الكوفين، ومنع البصريون زيادة ياء قبل الآخر دون أن يكون هنالك محذوف جاءت عوضًا عنه؛ فلا يقال في جعفر: جعافير؛ إلا في ضرورة الشعر، وكذلك منعوا حذف الياء الموجودة في مفاعيل إلا في الضرورة. هذا: وقد وردت ألفاظ دالة على الجمع على وزن مفاعل وفعاليل وليس لها مفرد. ومن ذلك: هزاهز: وهي تحريك الفتن والحروب بين الناس. وأبابيل: وهي الفرق الكثيرة من الطير والحيوان والإنسان. وعباديد: وهي الجماعات من الناس والخيل الذاهبون في كل وجه. وتباشير: لأوائل الصبح وكل شيء وقيل: هذه أسماء جموع. وهنالك مفردات لا تجمع، مثل: اليم وهو البحر. والسراب: وهو ما يرى نصف النهار كأنه ماء وليس بماء. والدبور: وهي الريح التي تهب من الغرب، ويقابلها: الصبا. 1 المراد به: ما يماثل "فعالل" في عدد الحروف وضبطها، وإن خالفه في الوزن الصرفي، مثل: مفاعل؛ كمنابر، وفياعل؛ كصيارف، وفواعل؛ كجواهر، وفعالل؛ ككراسي. 2 فلا يجمع على شبه "فعالل" مثل: أحمر، سكران، قائم، رام، باب، صغرى، سكرى ... إلخ؛ فقد تقدم لهذه جموع تكسير أخرى قياسية، وحكم هذا الثلاثي المزيد عند جمعه على شبه "فعالل" أوضحه المصنف بقوله: ولا تحذف زيادته ... إلخ. 3 سواء أكان الزائد حرف علة أم غير حرف علة، كان في الأول أم في غيره، للإلحاق أم لغير الإلحاق وقد مثل المصنف لهذه الأنواع. 4 الأفكل -بفتح الهمزة والكاف- الرعد والارتعاش، ولا يبنى منه فعل. ومثلها: الأفضل مقترنًا بأل أو مضافًا إلى معرفة، ليشبه الأسماء غير الأوصاف؛ لأنه إذا خلا من ذلك لزم الإفراد والتذكير كما هو معروف. 5 الصيرف: نقاد الدرهم، والمحتال للأمور. 6 اسم نبت: قيل: وفي التمثيل به نظر؛ لأنه يجمع على "الفعالي" بكسر اللام وفتحها كما سبق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 ومتذكر. ويتعين إبقاء الفاضل1؛ كالميم مطلقًا2 فتقول في منطلق3: مطالق، لا نطالق4, وفي مستدع: مداع5 لا سداع ولا تداع6 خلافًا للمبرد في نحو: مُقْعَنس7؛ فإنه يقول: قعاسس؛ ترجيحًا لمماثل الأصل8 وكالهمزة والياء المصدرتين كألندد ويلندد9؛ تقول: ألاد، ويلاد10. وإذا كان حذف إحدى الزيادتين مغنيا عن حذف الأخرى بدون العكس، تعين   1 وهو: ما له مزية لفظية أو معنوية أو لا يغني حذفه عن حذف غيره. 2 سواء صدرت أم لا، كان معها حرف مماثل للأصل أم لا. ولا فرق في ذلك بين الخماسي والسداسي. 3 أي: مسمى به، وكذلك مستدع. 4 لأن الميم تفضل النون بتصديرها، ودلالتها على معنى مختص بالاسم، لأنا تدل على اسم الفاعل أو المفعول، وهذه مزية معنوية. 5 بحذف السين والتاء؛ لأن وجودهما يخل ببنية الجمع، وإبقاء الميم لمزيتها المتقدمة. 6 لأن البناء الأول غير موجود، والثاني فيه حذف الميم، فيفوت الغرض منها, وهو الدلالة على الفاعل. 7 أي: مما آخر زائديه للإلحاق. والمقعنسس: المتأخر الراجع إلى الخلف؛ من القعس وهو: خروج الصدر ودخول الظهر؛ ضد الحدب. 8 فيحذف الميم والنون، ويبقي السين؛ لأنها وإن كانت زائدة فهي ضعف حرف أصلي، فيحكم لها بما للأصل؛ فكأن أصل مقعنسس عنده: قعسس كجعفر؛ ولأنها زيدت للإلحاق باحرنجم، وبقاء الملحق أولى من غيره. 9 كلاهما بمعنى الخصم الشديد الخصومة؛ كالألد. 10 أي: في جمعها جمع تكسير بحذف النون وإبقاء الهمزة والياء؛ لتصدرهما وتحريكهما؛ ولأنهما في موضع يقعان فيه دالين على معنى؛ وهو التكلم في الهمزة، والغيبة في الياء بخلاف النون فإنها في مثل موضعها لا تدل على شيء أصلا، وهذه مزية معنوية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 حذف المغني حذفها؛ كيا حيْزَبُون1 تقول: حزابين بحذف الياء2 وقلب الواو ياء لا حيازبن -بحذف الواو- لأن ذلك محوج إلى أن تحذف الياء، وتقول: حزابن3؛ إذ لا يقع بعد ألف التكسير ثلاثة أحرف أوسطها ساكن إلا وهو معتل4. فإن تكافأت الزيادتان فالحاذف مخير، نحو: نوني سَرَنْدَى5 وعَلَنْدَى6 وألفيهما7؛ تقول: سَرَاند، وسَرَاد، وعَلانِد، وعَلاد.   1 الحيزبون: المرأة العجوز، فيه ثلاثة زوائد: الياء، والواو، والنون. 2 لأن حذفها يغني عن حذف الواو؛ لصيرورتها رابعة قبل الآخر فيفعل بها ما فعل بواو عصفور من قبلها ياء. 3 ليصير على صيغة الجمع في "مفاعل". 4 مثل: قناديل، ومصابيح. 5 السرندى: السريع في أموره؛ أو الشديد من الرجال، والأنثى سرناده. 6 العلندى: البعير الضخم، والغليظ من كل شيء، ونوع من شجر العضاه له شوك، وأحده بهاء، والجمع علاند. 7 فإنهما زيدتا للإلحاق ولا مزية لإحداهما على الأخرى؛ لأن النون رجحت بالتقديم على الألف، كما أن الألف رجحت بتقديم الحركة لإلحاقها بسفرجل، فما تكافأت الزيادتان، خير الحذف. وإلى ما تقدم في شبه مفاعل، وحكم الزائد عند الجميع يشير الناظم بقوله: والسين والتا من كمستدع أزل ... إذ ببنا الجمع بقاهما مخل والميم أولى من سواه بالبقا ... والهمز واليا مثله إن سبقا* =   * "والسين" مفعول أزل مقدم. "واليا" باقصر عطف عليه "من" متعلق بأزل. "كمستدع" الكاف بمعنى مثل في محل جر بمن، و"مستدع" مضاف إليه. "بقاهما" مبتدأ ومضاف إليه. "إذ" حرف تعليل. "بينا الجمع" بينا متعلق بمخل والجمع مضاف إليه. "مخل" خبر. "والميم" "مبتدأ. "أولى" خبر. "من سواه بالبقا" متعلقان بأولى. "الهمزة" مبتدأ. "واليا" بالقصر عطف عليه, "مثله" خبر المبتدأ وما عطف عليه. "سبقا" فعل الشرط وألف الاثنين فاعل، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = والياء لا الواو احذف إن جمعت ما ... كحيزبون فهو حكم حتما وخيروا في زائدي سرندى ... وكل ما ضاهاه كالعلندى* أي: أزل السين والتاء من مثل مستدع عند الجمع؛ لأ بقاءهما مخل ببناء الجمع وصيغته. ومغزى هذا: أنه إذا اشتمل الاسم على زيادة لو بقيت لاختل بناء الجمع على فعالل وفعاليل حذفت الزيادة, ويبقى ما له مزية كالميم، وتحذف النون من مثل: الندد ويلندد وتبقى الهمزة والياء؛ لما في ذلك من مزية كما شرحنا. واحذف الياء وأبق الواو عند جمع مثل: حيزبون؛ مما اشتمل على ذيادتين وكان حذف إحداهما يتأتى معه صيغة الجمع، ولا يتأتى مع الأخرى كما سبق أيضًا. وإذا لم يكن لإحدى الزيادتين مزية على الأخرى -كنت بالخيار في حذف إحداهما؛ كالزيادة في سرندى وعلندى وما شابههما. تتمة: 1 ذكرنا قريبا أنه يجوز على مذهب الكوفيين زيادة ياء قبل الآخر في صيغة فعالل وشبهه، سواء حذف شيء من المفرد لتكون هذه التاء عوضًا عن المحذوف أم لا. ويجيز الكوفيون أيضا زيادة الياء في "فعالل" مماثل "مفاعل", وحذفها من "فعاليل" مماثل "مفاعيل"؛ فتقول في جعافر، جعافير، وفي عصافير، عصافر، وجعلوا من الأول قوله -تعالى: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} ومن الثاني: قوله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} إلا "فواعل" فلا يقال: "فواعيل" إلا شذوذًا، كقوله: سوابيغ بيض لا يخرقها النبل وينبغي ألا يؤدي ذلك إلى وجود حرفين متماثلين متجاورين، كما جمع جلباب على جلابيب؛ فإن حذف الياء يجعل صيغة الجمع: "جلابيب" بغير إدغام، مع أن الإدغام في مثل هذا واجب، ولو أدغمتا لم يعرف الأصل، ولم يتضح المعنى.   * "والياء" مفعول احذف مقدم, "لا الواو" عطف عليه. "جمعت" فعل الشرط والتاء فاعله. "ما" اسم موصول مفعوله. "كحيزبون" متعلق بمحذوف صلة ما، وجواب الشرط محذوف. "فهو حكم" مبتدأ وخبر. "حتما" فعل ماض للمجهول والألف للإطلاق، والجملة صفة لحكم. *"في زائدي" متعلق بخير. و"سرندى" مضاف إليه. "وكل" معطوف على سرندى. "ما" اسم موصول مضاف إليه "ضاهاه" الجملة صلة ما "كالعلندى" خبر لمبتدأ محذوف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   2 قد تأتي تاء التأنيث عوضًا عن المحذوف بدلا من الياء، وذلك إذا كان المحذوف بدلا من الياء،؛ وذلك إذا كان المحذوف ألفًا خامسة في المفرد، أو ياء في صيغة منتهى الجموع، مثل حَبنطي؛ حبائط، حبانيط، حبانطة، قنديل قنادلة، وكذلك إذا كان المفرد اسمًا مختومًا بياء النسب وحذفت منه هذه الياء عند جمعه؛ فيؤتى بالتاء بدلا من الياء غالبا؛ للدلالة على أن الجمع للمنسوب لا للمنسوب إليه، نحو: أشعَثِى وأشاعثة، وأزرق وأزارقة. ومهلبي ومهالبة. 3 لا يجمع جمع تكسير نحو: مضروب ومكرم مما جرى على الفعل وبدئ بميم زائدة؛ لمشابهته للفعل. بل القياس أن يجمع مثله جمع تصحيح، وجمع شذوذًا؛ ملعون، وميمون، ومشئوم، وموسر، مفطر. ويستثنى من ذلك "مُفْعِل" وصفا للمؤنث، نحو: مرضع، ومراضع. 4 قد تدعو الحاجة إلى جمع الجمع كما تدعو إلى تثنيته، وفي المراجع اللغوية عديد من جمع الجمع فكما يقال في جماعتين من الجمال: جمالان، يقال كذلك في جماعة منها جمالات قال -تعالى: {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} ويقال في جمع رجال وبيوت: رجالات وبيوتات. وكذلك ورد جمع اسم الجمع واسم الجنس؛ فقيل في قوم ورهط وتمر: أقوام وأرهاط، وتمران، والفرق بين الجمع واسم الجمع: أن الجمع ما دل على جماعة وله مفرد من لفظه، أما اسم الجمع فليس له واحد من لفظه غالبًا، كقوم ورهط واسم الجنس يدل على الماهية وضعًا، فهو صالح للواحد والاثنين وللأكثر؛ كتمر وبقر، ويفرق بينه وبين واحده بالتاء، أو الياء، وقد لا يكون له مفرد من لفظه كماء وتراب "انظر الجزء الأول ص33". ولا يطلق جمع الجمع على أقل من تسعة. وإذا إريد تكسير مكسره ينظر إلى ما يشاكله من الآحاد؛ في عدد حروفه ومطلق حركات وسكناته، ومقابلة المتحرك منه بالمتحرك في الآخر، والساكن بالساكن فيكسر بمثل، تكسيره؛ فيقال في أعين: أعاين، وفي أقوال: أقاويل؛ تشبيها بأسْوَد "للعظيم من الحيات" وأساود، وإعصار "للريح= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = الشديدة" وأعاصير. وقالوا في غربان: غرابين، تشبيهًا بسراحين، مفرد "سرحان" للذئب. وما كان من الجموع على مثل: "مفاعل، أو مفاعيل، أو فعلة أو فُعلة" ومشاكلا لها على النحو السابق لا يجوز تكسيره؛ لأنه لا نظير له في الآحاد حتى يحمل عليه عند الجمع، ولكن قد يجمع جمع تصحيح للمذكر أو للمؤنث على حسب المعنى، كقولهم في نواكس "مفرده ناكس بمعنى مطأطئ الرأس" ناكسون، وفي صواحب: صواحبات. ومنه الحديث: "إنكن لأنتن صواحبات يوسف". 5 إذا أريد تثنية المركب وجمعه؛ فإن كان إضافيا وصدره غير "ذي" وابن، وأخ" اقتصر على تثنية صدره وجمعه تصحيحًا أو تكسيرًا, ولا يتغير عجزه مطلقًا؛ ففي مثل: "علم الدين" اسم رجل, يقال: علما الدين رفعا، وعلمي الدين نصبًا وجرا، وعلمو الدين، وأعلام الدين، وإن كان مصدره "ذو، أو ابن، أو أخ" من أسماء ما لا يعقل؛ مثل: ذي القعدة، وذي الحجة، وابن عرس، وابن آوي، واخي الحجر "للثعبان": ثنى صدره كتثنية المفرد للصحيح، ويقتصر على جمعه جمع مؤنث سالما؛ فيقال: ذوات القعدة، وذوات الحجة، بنات عرس، بنات آوي، آخوات الجحر، ولا يجمع جمع تكسير ولا جمع مذكر سالما. وإن كان المركب إسناديا "وهو ما أصله جملة اسمية أو فعلية" مثل: البدر طالع, فتح الله "كل منهما اسم رجل"، ونعمه الله، ست الدار، وكل منهما اسم امرأة" أو مزجيا كسيبويه، فلا يثنى لفظه ولا يجمع، وإنما تزاد قبلهما كملة "ذو" للمذكر و"ذات" للمؤنث، وتثنيان وتجمعان، فيقال: ذوا أو "ذَوي" فتح الله، وذوو أو ذوي فتح الله. وذوو أو ذوي سيبويه. وذواتا، أو ذواتي أوذوات، نعمة الله .... إلخ*. وتعرب "ذو" إعراب جمع المذكر السالم و"ذوات" إعراب جمع المؤنث، وما بعدهما مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة منع منها حركة الحكاية كما مر في بابه، وكذلك الشأن في المثنى والمجموع على حدة إذا سمي بهما، وثنيا أو جمعا؛ تقول: ذوا=   * انظر صفحة 70 وما بعدها جزء أول، عند شروط المثنى والجمع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = محمدين، وذوو محمدين؛ كما يقال في تثنية كلبتي الحداد، هاتان ذواتا كلبتين، وفي الجمع: ذوات كلبتين. 6 الاسم المفرد الدال على الجنس المختوم بتاء الوحدة على أي وزن يجمع بالألف والتاء؛ إذا قصد إلى جمع قلته، وإذا قصد إلى جمع كثرته جرد من التاء بشرط أن يكون من المخلوقات لا من المصنوعات بيد الإنسان، تقول: "نملة, نملات، نمل"، "تينة، تينات، تين"، "هامة، هامات، هام"، "بقرة، بقرات، بقر" ويعتبر البصريون هذا النوع اسم جنس جمعي، ويعتبره الكوفيون جمعًا. 7 لا يجمع الاسم المصغر جمع تكسير للكثرة؛ لأن ذلك ينافي ما يدل عليه التصغير من قلة. وأيضا؛ فليس هنالك صيغة تناسبه من جمع الكثرة. أما جمعه للقلة فجائز. 8 ذهب كثير من النحاة إلى أن جمعي السلامة لمذكر ومؤنث من جموع القلة وقيل هما لمطلق الجمع، فهما صالحان للقلة والكثرة، وإذا قرن جمع القلة بأل الاستغراقية أو أضيف لمعرفة مفردة أو جمع انصرف إلى الكثرة، نحو قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} .... إلخ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 ................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف كلا من جمعي القلة والكثرة، ومثل لكل، ثم اشرح قول الناظم: وبعض ذي بكثرة وضعًا يفي ... كأرجل والعكس جاء كالصيفي 2 يشترك الفعالى والفعالي في مواضع، اشرح ذلك، وبين ما ينفرد فيه كل منهما موضحًا بالأمثلة. 3 ما حكم زائد الرباعي والخماسي عند الجمع على "فعالل"؟ ومتى يتعين حذف أحدهما؟ اشرح ذلك بالمثال، معللا لما تقول: 4 اشرح قول ابن مالك: وفَعلا اسمًا وفَعِيلا وفَعل ... غير معل العين فُعلان شمل 5 كيف تجمع المركب الإضافي جمع تكسير؟ كذلك ما سمي به من مثنى أو جمع؟ مع التمثيل. 6 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل هذا الباب، بين موضع الشاهد، واذكر مفردات الجموع. قال -تعالى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ, مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ, بِأَيْدِي سَفَرَةٍ, كِرَامٍ بَرَرَةٍ} . {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ, وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ, وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ, وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} . {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} . {إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} . {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} . {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} . {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ, وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ} . {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} =. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = لنا الجفنات الغر يلمعن في الدجى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما فضحتم قريشا بالفرار وأنتم ... قُمُدّون سُودان عظام المناكب وأيقنت أني عند ذلك ثائر ... غداتئذ أو هالك في الهوالك قواض مواض نسج داود عندها ... إذا وقعت فيه كنسج الخدرنق 7 اجمع الكلمات الآتية جموع تكسير، مبينا القياسي منها والسماعي، على ضوء ما عرفت من ضوابط. جحود، جبان، زناد، أسد، دلو، شمال، مرخ، رغيف، صبي، سرير، ساع، قائم، ضعيف. لئيم، مريض، طابع، صاحب، عاقلة، فتوى، ابن آوي، جزئي، أعمى، عبد الشكور، ما شاء الله، أضحوكة، زعفران، محمدين، عين رمضاء، أذن صماء. 8 أعرب ما تحته خط في البيتين الآتيين، وبين ما فيهما من جموع تكسير، واذكر مفرداتها ثم اجمع الكلمات: بأس, الردى، الندي، جموع تكسير. ولا عيب فينا غير أن سماحنا ... أضر بنا واليأس من كل جانب فأفنى الردى أرواحنا غير ظالم ... وأفنى الندى أموالنا غير عائب 9 يطرد "فعلاء" و"أفعلاء" في فعيل بمعنى فاعل؛ فما الفرق بينهما؟ 10 أعرب البيتين الآتيين، ثم اجمع ما تحته خط، مبينا نوع الجمع. ولي قلم في أنملي إن هززته ... فما ضرني ألا أهز المهندا إذا جال فوق الطرس وقع صريره ... فإن صليل المشرفي له صدى 11 بم يستدل بعض النحويين بهذه الآيات الكريمات؟ {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} ، {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} ، {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} . 12 كيف تجمع المركب بأنواعه؟ مثل لما تقول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 باب: التصغير 1   باب: التصغير 1 معناه لغة: التقليل، واصطلاحا: تغيير مخصوص يطرأ على بنية الكلمة المعربة وهيئتها، فيحولها إلى وزن "فعيل" أو "فُعيَعل" أو "فُعيعيل" بطريقة خاصة تؤدي إلى ذلك. وهذه الأوزان الثلاثة تسمى "صيغ التصغير"، هي غير جارية على نظام الميزان الصرفي. وأغراض التصغير كثيرة، ترجع غالبا إلى التقليل والتحقير، وأظهرها: أ- تحقير ما يتوهم عظمه، كأسيد. ب- تصغير ما يتوهم كبره، كجبيل. جـ- تقليل كمية ما يتوهم كثرته، كدريهمات. د- تقليل جسم الشيء ذاته؛ كوليد، وطفيل. هـ- تقريب ما يتوهم بعد زمنه أو محله أو قدره؛ كقبيل العصر، وبعيد العشاء، وفويق الفرسخ أو دوينه، وأصيغر من ذلك. ومنها عند بعضه: التحبب والتدليل، نحو: يا بني، ويا أخي، والترحم نحو: يا مسيكين, والتعظيم والتهويل عند الكوفيين، كقول بعض العرب، وهو الحباب بن المنذر: "أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب" وجذيل: تصغير جذل؛ وهو عود ينصب للإبل الجربى لتحتك به. والمحكك: الذي كثر الاحتكاك به؛ أي: أنا ممن يستشفى برأيه؛ كما تستشفى الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود. وعذيقها: تصغيرها عذق، وهو النخلة بحملها، وبكسر العين: القنو منها، والمرجب: المعظم، أو من الرجبة، وهي أن تحاط النخلة الكريمة بحجارة أو خشب أو شوك، إذا خيف عليها لكثرة حملها لئلا يرقى إليها. واعتبر التصغير في مثل هذا للتعظيم؛ لأن المقام للمدح، ومنه قول لبيد: وكل أناس سوف تدخل بينهم ... دُويْهِيَة تصفر منها الأنامل والفائدة المرجوة من التصغير هي: الدلالة على الوصف المقصود من القلة أو الحقارة أو القرب أو التهويل؛ باختصار؛ فهو وسيلة من وسائل الإيجاز. والتصغير خاص بالأسماء؛ فلا تصغر الأفعال ولا الحروف؛ لأن التصغير وصف في المعنى، والفعل والحرف لا يوصفان، وشذ تصغير فعل التعجب كما سيأتي. وكذلك لا تصغر الأسماء العاملة عمل الفعل؛ لأن تصغيرها يبعدها عن شبه الفعل الذي عملت من أجله؛ ما عدا رويدا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 وله ثلاثة أبنية1: "فُعَيل، وفُعَيْعِل، وفُعَيْعِيل" كفليس ودريهم ودنينير؛ وذلك لأنه لا   ويشترط في الاسم المصغر: 1 أن يكون معربًا؛ فلا تصغر قياسًا: الأسماء المبنية؛ كالضمائر، وأسماء الاستفهام والشرط، "وكم" الخبرية، وغيرها من المبنيات، وما سمع من ذلك مصغرًا يقتصر فيه على الوارد كما سيأتي بعد. 2 ألا يكون مصغرًا حقيقة، أو تكون صيغته على هيئة المصغر، مثل: كميت ودريد، وسويد "أعلام". وقيل: إذا كان غير مصغر حقيقة، ولكن مادته وتكوينه على صيغة المصغر، جاز تصغيره؛ نحو: مُهَيمن، ومسيطر "اسمي فاعل من هيمن، وسيطر". ويكون تصغير مثله بحذف الياء الزائدة وإحلال ياء جديدة للتصغير محلها فيبقى اللفظ بحاله ويختلف التقدير. ويظهر الفرق بين المصغر والمكبر في الجمع؛ فالمكبر تحذف ياؤه ويجمع تكسيرًا فيقال: مهامن، ومساطر، أما المصغر فلا يجمع جمع تكسير للكثرة كما أسلفنا قريبًا. 3 أن يكون معناه قابلا للتصغير؛ فلا يصغر نحو: كبير، وجسيم، وعظيم، ولا تصغر الأسماء المعظمة شرعًا؛ كأسماء الله, وملائكته, وأنبياءه, وكتبه, والمصحف، والمسجد؛ لأن تصغيرها ينافي تعظيمها، ولا أسماء الشهور، وأيام الأسبوع؛ لأنها تدل على مدة زمنية محدودة لا تقبل التقليل, ولا جمع الكثرة؛ لأن التقليل ينافيه، ولا المركب الإسنادي؛ لأن صيغ التصغير لا تنطبق عليه إلا بعد أن يحذف منه ما قد يوقع في لبس، ولا الجمل المحكية؛ لأن التصغير ينافي الحكاية، وكذلك لا تصغر "كل" و"بعض"؛ لأن الأول يدل على الشمول، وهو ينافي التقليل، والثاني يدل بنفسه على التقليل؛ فلا حاجة إلى تصغيره، ولا "غير، وسوى، والبارحة، و"الغد"؛ لأن دلالتها لا تحتمل القلة والكثرة، وكذلك الأسماء المختصة بالنفي، كعريب وديار؛ لأن شرط عملها عدم تصغيرها ولم يرد تصغيرها عن العرب ولا يصغر من الأسماء ما أشبه الفعل مثل "حسبك"؛ كما لا تصغر أسماء الأفعال، ولا اسم المفعول، ولا الصفة المشبهة. 1 وزن المصغر بهذه الأبنية الثلاثة، اصطلاح خاص بهذا الباب، اعتبر فيه مجرد اللفظ، من غير مقابلة أصلي بأصلي ولا زائد بمثله؛ تقليلا للأوزان، وليس جاريًا على اصطلاح التصريف؛ فإن مثل: أُحمير، ومكيرم، وسفيرج وزنها في التصغير "فعيل" ووزنها الصرفي: أُفَعيل، ومُفَيعل، وفُعَيلل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 بد في كل تصغير من ثلاثة أعمال ضم الأول، وفتح الثاني1، واجتلاب ياء ساكنة ثالثة. ثم إن كان المصغر ثلاثيا2 اقتصر على ذلك، وهي: بنية "فُعَيل" كفليس ورجيل، ومن ثم3 لم يكن نحو: زُمَّيْل 4 ولُغَّيْزَى5 تصغيرًا؛ لأن الثاني غير مفتوح والياء غير ثالثة. وإن كان متجاوزًا للثلاثة6 احتيج إلى عمل رابع، وهو كسر ما بعد ياء التصغير7. ثم إن لم يكن بعد هذا الحرف المكسور حرف لين قبل الآخر8 فهي بنية "فُعَيعل"، كقولك في جعفر: جعيفر. وإن كان بعده حرف لين قبل الآخر فهي بنية "فُعَيعِيل"9 لأن اللين الموجود قبل   1 هذا إذا لم يكن الأول مضمومًا من قبل كغراب، والثاني مفتوحًا كذلك كغزال، وقيل: يقدر ضم جديد وفتح أيضًا. 2 يدخل في حكم الثلاثي: ما ختم بتاء زائدة للتأنيث، مسبوقة بأحرف ثلاثة أصلية كما سيأتي. 3 أي: ومن أجل اشتراط فتح الثاني، واجتلاب ياء ثالثة. 4 الزميل: الجبان الضعيف. 5 اسم للغز، وهو الكلام المعمى، يقال: ألغز في كلامه؛ إذا عمي مراده. 6 سواء كانت حروفه أصلية؛ نحو: جعفر، أو فيها زائد نحو: بندق. 7 أي: إن لم يكن مكسورًا من قبل، نحو "قِرمز" لنوع من الصبغ الأحمر، وقيل يقدر الكسر للتصغير ما عدا حالات ستجيء. 8 سواء كان ألفًا، أم واوًا، أما ياء في المكبر. 9 وهو بناء ما زاد على أربعة أحرف، وإلى هذه الأوزان الثلاثة يشير الناظم بقوله:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 آخر المكبر؛ إن كان ياء سلمت في التصغير لمناسبتها للكسرة، كقنديل وقَنَيدِيل، وإن كان واوًا أو ألفًا قلبا ياءين لسكونهما وانكسار ما قبلهما، كعصفور وعصيفير، ومصابح ومصيبيح. ويتوصل في هذا الباب إلى مثالي "فُعَيعِل، وفُعَيعيل"1 بما يتوصل به في باب الجمع إلى مثالَي "فَعَالِل, فَعَالِيل"2؛ فتقول في تصغير سفرجل، وفرزدق، ومستخرج، وأَلَنْدَد، ويَلَنْدَد، وحيزبون: سُفَيْرِج3، وفُرَيْزِد، أو فُريْزق ......   = فُعَيْلا اجعل الثلاثي إذا ... صغرته، نحو "قذَى" في "قَذَى" "فُعَيْعِل" مع "فُعَيْعِيل لما" ... فاق كجعل درهم دريهما* أي: اجعل الاسم الثلاثي إذا صغرته على وزن "فعيل" بضم أوله، وفتح ثانية، وزيادة ياء ساكنة بعده؛ تقول في تصغير قذى، وهو جسم صغير كالهباء يقع في العين فيؤلمها: قُذَيّ، بإرجاع الألف إلى أصلها الياء وإدغام ياء التصغير فيها؛ لأن التصغير كالتكسير يرد الأشياء إلى أصولها. فإن زاد الاسم على ثلاثة وكان رابعه غير حرف لين، فعل به ما تقدم، وكسر ما بعد الياء، تقول في دِرهم: دُريهم، وإن كان الرابع حرف لين قلب ياء، فينتهي الوزن إلى "فعيعيل" للخماسي وما زاد عليه. 1 أي: فيما زاد على أربعة أحرف. 2 وللحاذف هنا من وجوب وترجيح، وتخيير. ما سبق له هنالك في التكسير. 3 أي: بحذف خامسه وجوبًا، لقول الناظم فيما سبق: ... ... ... ... ومن خماسي ... جرد الآخر انف بالقياس 4 بحذف الخامس مع الترجيح، أو الرابع؛ لقوله: والرابع الشبيه بالمزيد قد ... يحذف ... ... ... ...   * "فعيلا" مفعول اجعل الثاني. "الثلاثي" مفعول الأول "صغرته" فعل الشرط، والجملة في محل جر بإضافة إذا، والجواب محذوف. "نحو قذى" نحو خبر لمبتدأ محذوف، والذي مضاف إليه، "في قذى" متعلق بمحذوف حال من قذى. "فعيعل" مبتدأ. "مع فعيعيل" مع ظرف وفعيعيل مضاف إليه متعلق بمحذوف حال من الضمير في الخبر وهو "لما" وما اسم موصول وجملة "فاق" صلة ومفعوله محذوف؛ أي: فاق الثلاثي "كجعل" خبر لمبتدأ محذوف، "درهم" مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله الأول "دريهما" مفعول المصدر الثاني. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 ومُخَيْرج1، وأُلَّيَّدَ ويُلَيِّد2، وحُزَيْبِيْن3، وتوقل في سَرَنْدى وعلندى4: سُرَيْنِد وعُلَيْنِد, أو سُريِّد وعُلَيِّد. ويجوز لك في بابي التكسير والتصغير أن تعوض مما حذفته5 ياء ساكنة قبل الآخر، إن لم تكن موجودة؛ فتقول: سفيريج وسفاريج بالتعويض6 وتقول في تكسير احْرِنْجام وتصغيره: حراجيم وحُرَيْجيم، ولا يمكن التعويض لاشتغال محله بالياء المنقلبة عن الألف.   1 أي: بحذف السين والتاء وإبقاء الميم لفضلها عليهما، لقوله فيما سبق: والسين والتاء من كمستدع أزل ... إذ بينا الجمع بقاهما مخل 2 بحذف النون وإبقاء الهمزة والياء لتصدرهما. 3 بحذف الياء وقلب الواو ياء لما مر. 4 أي: مما تكافأت فيه الزيادات وخير الحاذف في إحداهما لعدم المزية، وقد إشار الناظم إلى ما تقدم بقوله: وما به لمنتهى الجمع وصل ... به إلى أمثلة التصغير صل* أي: ما وصل به إلى التكسير في صيغة منتهى الجموع؛ من حذف حرف أصلي أو زائد، صل به إلى التصغير؛ حين تريد تصغير مثله. 5 سواء كان المحذوف حرفًا أصليا، كسفرجل؛ أم زائدًا نحو: منطلق. 6 والتعويض هنا غير لازم، قال الناظم: وجائز تعويض "يا" قبل الطرف ... إن كان بعض الاسم فيهما انحذف* أي: يجوز أن يعوض مما حذف في التصغير أو التكسير ياء قبل الآخر. وقد سبق بينا أن هذه الياء قد يؤتى بها وإن لم يحذف شيء.   * "وما" اسم موصول مبتدأ، أو مفعول لمحذوف يفسره ما بعده, "به لمنتهى الجمع" متعلقان بوصل الواقع صلة لما ومضاف إليه. "به إلى أمثلة التصغير" متعلقان بصل ومضاف إليه أيضًا. * "وجائز" خبر مقدم. "تعويض" مبتدأ مؤخر. "يا" بالقصر مضاف إليه. "قبل الطرف" قبل ظرف متعلق بتعويض والطرف مضاف إليه، وسكن الطرف للشعر، "كان" فعل الشرط ناقص. "بعض الاسم" بعض اسمها والاسم مضاف إليه, "فيهما" متعلق بانحذف الواقع خبرًا لكان، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 وما جاء في البابين مخالفا لما شرحناه فيهما فخارج من القياس. مشاله في التكسير: جمعهم مكانا على أمكن1، ورهطا وكراعا؛ على أرهِط وأكارع2 وباطلا وحديثا على أباطيل وأحاديث3. ومثاله في التصغير: تصغيرهم مغربا وعشاء على مُغَيْربان وعُشَيَّان4 وإنسانا وليلة على أنيسيان ولُيَيْلِية5. ورجلا على رُوَيجل. وصبية وغِلمة، وبنون على أُصَيْبة وأُغيْلِمة، وأُبَيْنُون، وعشية على عُشَيشية6.   1 والقياس: أكون بحذف الميم الزائدة وإبقاء عين الكلمة، لكنه حذفها لشبهها بالزائد وفيه شذوذ آخر وهو: أن "مكان" مذكر، وقياس جمعه "أفعلة". 2 والقياس فيهما: رهوط، وأرهُط، وكرع، وأكرع. والرهط: ما دون العشرة من الرجال ليس فيهم امرأة. والكراع مستدق الساق، ويذكر ويؤنث. 3 والقياس: بواطل، وأحدثة، أو حدث. 4 والقياس: مُغَيْرب، وعُشَيَّة؛ بإسقاط الألف والنون. 5 والقياس فيها: أُنْيسان، أو أنيسين، ولُيَيْلة؛ بإسقاط الياء منهما. 6 والقاس فيها: رُجَيل، وصُبَيَّة، وغُلَيِّمة، وبُنَيُّون، وعُشَيَّة. وقيل: إن هذه الألفاظ مما استغني فيها بتصغير وجمع مهمل عن تصغير وجمع مستعمل فيكون مغيريان وما بعده؛ كأنه تصغير مغريان وعشيان، وأنيسان، وليلاة، ورجل وأصبية، وأغلمة، وأبنون. واختاره في التسهيل. وفي ذلك يقول الناظم: وحائد عن القياس كل ما ... خالف في البابين حكما رسما* أي: إن ما خالف المذكور في البابين "التصغير والتكسير" وجرى على غير لفظ واحده خارج عن القياس فيحفظ ولا يقاس عليه.   * "وحائد" خبر مقدم. "عن القياس" متعلق به. "كل" مبتدأ مؤخر. "ما" اسم موصول أو نكرة موصوفة مضاف إليه. "خالف" الجملة صلة أو صفة. "في البابين" متعلق بخالف. "حكما" مفعول خالف. "رسما" فعل ماض للمجهول، والجملة صفة لحكما، والألف للإطلاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 فصل: واعلم أنه يستثنى من قولنا: "يكسر ما بعد ياء التصغير فيما تجاوز الثلاثة" أربع مسائل: إحداها: ما قبل علامة التأنيث1، وهو نوعان: تاء كشجرة، وألف كحبلى. الثانية: ما قبل المدة الزائدة قبل ألف التأنيث؛ كحمراء2. الثالثة: ما قبل ألف "أفعال"3 كأجمال وأفراس. الرابعة: ما قبل ألف "فَعْلان"4 الذي لا يجمع على "فَعالين"5 كسكران وعثمان؛ فهذه المسائل الأربع يجب فيها أن يبقى ما بعد ياء التصغير مفتوحا؛ أي: باقيًا على ما كان عليه من الفتح قبل التصغير6؛ تقول: شحيرة، وحبيلى، وحميراء.   1 بشرط اتصالها به، كما مثل المصنف؛ فإن فصل ما بعد الياء منها يكسر على الأصل، كحنيظللة, ودحيرجة. 2 المراد: ألف التأنيث الممدودة, ويقال في تصغيرها: "حُميراء" ويؤخذ من هذا أن الألف الممدوة ليست علامة التأنيث، وإنما العلامة الألف التي انقلبت همزة. وخرج الحرف الذي يليه ألف الإلحاق المقصورة، نحو: أرطي، وملهى والذي يليه ألف الإلحاق الممدوة، نحو: علباء، فيجب كسر الحرف الذي قبل الألف؛ تقول في التصغير: أرَيط، ومُليه، وعُليب بالكسر والتنوين؛ فرقا بين الإلحاق والتأنيث وقد قلبت ألف الإلحاق ياء بعد الكسرة. 3 أي: بأن يكون الاسم قبل التصغير على وزن "أفعال" جمعا، فإذا صغر وقعت ألف "أفعال" بعد ياء التصغير، فيفتح الحرف قبل الألف، وهو الواقع بعد ياء التصغير. 4 مثلث الفاء، اسمًا كان أو صفة. 5 بشرط أن تكون الألف والنون زائدتين، وألا يكون مؤنثه بالتاء على "فعلانة" فخرج ما نونه أصلية، نحو: حسان من الحسن, فتصغيره: حسن، والقياس: حسيسين ونحو: سيفان, بمعنى طويل. فإن مؤنثه سيفانة, فيقال في تصغيره: سييفين. ويجب كسر الحرف الذي يلي ياء التصغير، إن كان "فَعلان" مما يجمع على فعالين كما مثل بعد. 6 قالوا في علة ذلك: إن فتح ما قبل تاء التأنيث للخفة، وما قبل الألف المقصورة والممدودة لبقائهما على حالهما؛ لأنه لو كسر ما قبلهما لزم انقلابهما ياء فتذهب صورة العلامة. وما قبل ألف "أفعال" للمحافظة على الجمع وما قبل الألف والنون لمشابهتها ألفي التأنيث، بدليل منع الصرف والحق أن العلة الحقيقية: الورود عن العرب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 وأُجَيمال، وأُفَيْراس، وسُكَيْران، وعُثَيْمان1، وتقول في سِرحان وسلُطان: سُريحين وسُلَيطِين؛ لأنهم جمعوهما على سَرَاحين وسَلاطِين. فصل: ويُستثنى أيضًا من قولنا: يتوصل إلى مثال "فُعَيعل وفُعَيْعِيل" بما يتوصل به من الحذف إلى مثالى "مَفَاعل ومَفاعِيل" ثماني مسائل، جاءت في الظاهر على غير ذلك؛ لكونها مختومة بشيء قدر انفصاله عن البنية، وقدر التصغير واردًا على ما قبل ذلك الشيء2؛ وذلك ما وقع بعد أربعة أحرف؛ من ألف تأنيث ممدودة كقُرفُصاء.   1 لأنهم لم يجمعوا هذه الألفاظ على "فعالين". وفي المستثنيات المتقدمة يقول الناظم: لتلو "يا" التصغير من قبل علم ... تأنيث أو مدته الفتح انحتم كذاك ما مدة "أفعال" سبق ... أو مد سكران وما به التحق* أي: انحتم الفتح ووجب لتالي ياء التصغير؛ من قبل علامة التأنيث؛ وهي التاء والألف المقصور أو الممدودة، وكذلك وجب الفتح للحرف الذي سبق ألف "أفعال" والحرف الذي قبل ألف "فعلان" الذي مؤنثه "فعل" كسكران, وما ألحق به من مضموم العين، أو مسكورها بالشروط التي ذكرناها، وهي: زيادة الألف والنون، وأن يكون المؤنث بغير التاء، وأن يكسر على "فعالين". 2 فمع أن أحرفها تزيد كل منها على أربعة، لا يحذف حرفها الخامس ولا ما بعده عند التصغير، على الرغم من أنهما في بعض الصور قد يحذفان عند التكسير.   * "لتلو" متعلق انحتم، وهو بمعنى تالي. "يا التصغير" يا مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله وقصر الضرورة، "من قبل" متعلق بمحذوف حال من تلو. "علم التأنيث" أي: علامة تأنيث، مضاف إليه، "أو مدته" معطوف على علم الفتح. "الفتح انحتم" مبتدأ وخبر. * "كذاك" خبر مقدم. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "مدة أفعال" مدة مفعول سبق مقدم وأفعال مضاف إليه، وجملة "سبق" صلة ما. "أو مد" معطوف على مدة أفعال "سكران" مضاف إليه ممنوع من الصرف للوصفية والزيادة "وما" اسم موصول معطوف على سكران "به" متعلق بالتحق الواقع صلة لما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 أو تائه كحنظلة، أو علامة نسب كعبقري1، أو ألف ونون زئدتين كزعفران وجُلْجُلان2، أو علامة تثنية كمسلمين، أو علامة جمع تصحيح للمذكر كجعفرين. أو للمؤنث كمسلمات. وكذك عجز المضاف كامرئ القيس، عجز المركب كبعلبك3. فهذه كلها ثابتة في التصغير؛ لتقديرها منفصلة، وتقدير التصغير، واقعًا على ما قبلها4. وأما في التكسير؛ فإنك تحذف فتقول: قَرافِص، وحناظل، وعباقر وزعافر، وجلاجل، ولو ساغ تكسير البواقي5 لوجب الحذف؛ إلا أن المضاف يكسر بلا حذف كما في التصغير؛ تقول: أمارئ القيس؛ كما تقول أُمَيْرِئ القيس؛ لأنهما كلمتان، كل منهما ذات إعراب يخصها، فكان ينبغي للناظم ألا يستثنيه6.   1 نسبة إلى "عبقر"، تزعم العرب أنه اسم بلد الجن فينسبون إليه كل شيء عجيب. والعبقري: السيد، والكامل من كل شيء. 2 الجلجلان: ثمر الكزبرة، وحب السمسم. 3 يشمل هذا: المركب العددي كخمسة عشر؛ فتقول: خميسة عشر بتصغير الصدر لا غير، وكذلك المختوم بويه أما المركب الإسنادي؛ كتأبط شرا فلا يصغر. 4 تقول في تصغير ما سبق: قريفصاء، حُنَيظلة، عُبيقرى، زُعيفران، جُليجلان، مُسيلمين، جعيفرن، أو جعيفرون، مسيلمات، أميرئ القيس، بعيلبك. وإنما تحذف ألف التأنيث الممدودة, وتاؤه وعلامة النسب. إلخ؛ لأنها نزلت منزلة كلمات مستقلة منفصلة عما قبلها، فلو حذفت التبس تصغير ما هي فيه بتصغير المجرد منها. 5 وهي: التثنية، والجمعان، والمضاف، وصدر المركب. 6 أي: في جملة المستثنيات في النظم، حيث يقول فيها: وألف التأنيث حيث مدا ... وتاؤه منفصلين عدا* =   * "وألف التأنيث" ألف مبتدأ والتأنيث مضاف إليه، "حيث" ظرف متعلق بمحذوف حال من المبتدأ على رأي سيبويه، أو من ضمير الخبر. "مدا" فعل ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى ألف التأنيث، والألف للإطلاق. "وتاؤه" معطوف على ألف ومضاف إليه. "منفصلين" مفعول "عدا" الثاني مقدم، ونائب الفاعل هو المفعول الأول، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 فصل: وتثبت ألف التأنيث المقصورة إن كانت رابعة كحُبْلى، وتحذف إن كانت سادسة كلُغَيّزى1، أو سابعة كَبَرْدَرَايا2، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = كذا المزيد آخرًا للنسب ... وعجز المضاف والمركب وهكذا زيادتا فَعْلانا ... من بعد أربع كزَعْفَرانا وقدر انفصال ما دل على ... تثنية أو جمع تصحيح جلا* أي: لا يعتد في التصغير ويعتبر في حكم الانفصال: ألف التأنيث الممدودة، وتاء التأنيث، والياء الزائدة للنسب، وعجز المضاف، وعجز المركب، والألف والنون الزائدتان بعد أربعة أحرف فصاعدًا، وعلامة التثنية، وعلامة جمع التصحيح، فهذه كلها تثبت في التصغير ولا تحذف، ويعتبر ما قبلها كأن الكلمة خالية عنها، وقد يجاب عن الناظم، بأنه لا يقصد استثناء هذه الثمانية من قوله السابق: وما به لمنتهى الجمع .... إلخ حتى يرد استثناء عجز المضاف مع أنه لم يذكر قبل. وإنما يريد أنه يكتفي معها بحصول صيغة التصغير تقديرًا؛ بتقدير انفصال ما يخل بها، سواء فعل مثل ذلك في الجمع أم لا. 1 اسم للغز؛ وهو الكلام المعمى، وأصله جحر اليربوع؛ تقول في تصغيره لغيغيز، ويصح زيادة تاء التأنيث للتعويض فيقال: لغيغزة. 2 اسم موضع، ووزنه فعليايا، ويقال في تصغيره: بُريدو، وقد حذفت ألف التأنيث، ثم الألف والياء لزيادتهما.   * "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم "المزيد" مبتدأ مؤخر، "آخرًا" منصوب على نزع الخافض. "للنسب" متعلق بالمزيد. "وعجز المضاف" عجز معطوف على المزيد، والمضاف مضاف إليه. "والمركب" عطف على المضاف. * "وهكذا" خبر مقدم. "زيادتا" مبتدأ مؤخر. "فعلانا" مضاف إليه. "من بعد أربع" من بعد متعلق بزيادتا، أو حال من الضمير في الخبر. "أربع" مضاف إليه. * "انفصال" مفعول قدر. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "دل على تثنية" الجملة صلة. "أو جمع" بالكسر, عطف على تثنية وتصحيح مضاف إليه. "جلا" الجملة صفة لجمع، وجمع بالنصب, مفعول جلا مقدم، والجملة عطف على جملة "دل على تثنية"، وهذا أحسن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 كذا الخامسة إن لم يتقدمها مَدّة1 كَقَرْقَرى2، فإن تقدمها مدة حذفت أيهما شئت كحبارى، وقُرَيَثا3 تقول: حُبَيْرَى، أو حُبَيِّر4 وقُرَيَثا أو قُرَيِّث. فصل: وإن كان ثاني المصغر لينا منقلبًا عن لين، رددته إلى أصله5؛ فترد ثاني   1 أي: حرف مد زائد. 2 اسم موضع، وتصغيره، قريقر وإنما وجب الحذف في الخامسة فصاعدًا؛ لأن بقاءها يخرج البناء عن صيغة "فعيعل" أو "فعيعيل". 3 القريثا: نوع من التمر؛ وهو أطيب التمر بسرًا. ويجوز فيه المد. 4 أي: بحذف ألف التأنيث المقصورة وقلب المدة ياء وإدغامها في ياء التصغير وفي حكم الألف المقصورة يقول الناظم: وألف التأنيث ذو القصر متى ... زاد على أربعة لن يثبتا وعند تصغير حبارى خير ... بين الحبيرى فادر والحبير* أي: إن ألف التأنيث المقصورة إذا كانت خامسة فصاعدًا وجب حذفها ولا تثبت في التصغير، وإن كانت خامسة وقبلها مدة زائدة كحبارى جاز حذف المدة الزائدة وإبقاء ألف التأنيث؛ تقول: حبيري، وجاز حذف ألف التأنيث وإبقاء المد، تقول: حبير، ويجوز أن يقال: خبيرة بزيادة التاء عوضًا عن المحذوف كما سبق. والخلاصة: أن لألف التأنيث المقصورة ثلاثة حالات هي: وجوب الحذف، ووجوب البقاء، وجواز الأمرين. 5 أي: الذي انقلب عنه، سواء أكان ألفًا أم واوًا، أم ياء.   * "وألف التأنيث" مبتدأ ومضاف إليه, "ذو القصر" ذو نعت لألف كذلك والقصر مضاف إليه. "متى" اسم شرط جازم. "زاد" الجملة في محل جزم فعل الشرط. "على أربعة" متعلق بزاد. "لن يثبتا" جواب الشرط، وقد حذفت منه الفاء للضرورة، وفاعله يعود إلى ألف التأنيث، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ. "وعند تصغير" عند ظرف متعلق بخير، وتصغير مضاف إليه. "حبارى" مضاف إليه كذلك. "بين الحبيري" بين ظرف متعلق بخير أيضًا والحبيري مضاف إليه. "والحبير" معطوف عليه، وجملة "قادر" اعتراضية بينهما لا محل لها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 نحو: "قِيمة ودِيمة ومِيزان وباب" إلى الواو1, ويرد ثاني نحو: "مُوقِن ومُوسِر وناب" إلى الياء2؛ بخلاف ثاني نحو: مُتَّعِد، فإنه غير لين؛ فيقال: مُتَيْعِد3 لا مُويْعِد، خلافًا للزجاج والفارسي4 وبخلاف ثاني؛ نحو: "آدم" فإنه عن غير لين5 فتقلب واوًا؛ كالألف الزائدة من نحو: ضارب، والمجهولة الأصل كصاب 6،وقالوا في عِيْد: عُيَيْد شذوذًا7؛ كراهية لالتباسه بتصغير عود وهذا الحكم8 ثابت في التكسير الذي يتغير فيه الأول، كموازين، وأبواب، وأنياب، وأعواد، بخلاف نحو: قِيَم ودَيَمَ9.   1 لأنها الأصل المنقلب عنه، إذ الأصل: قومه؛ من القوام، ودومة؛ من الدوام، وموزان؛ من الوزن، وبوب؛ قلبت الواو ياء في الثلاثة الأولى لكونها كسر ما قبلها، وألفًا في الرابع لتحركها وانفتاح ما قبلها، تقول في تصغيرها: قويم، دويمة، مُوَيزين، بُوَيب. 2 لأن أصلها الياء؛ فأصل موقن: مُيقن من اليقين، وموسر، مُيْسر، من اليسر وناب: نييب، بدليل الجمع على أنياب، قلبت الياء واوًا في الأولين لسكونها إثر ضمة، وألفا في الثالث لتحركها وانفتاح ما قبلها: تقول في تصغيرها: مُيَيقن، مُيَيس، نييب. 3 بإبقاء التاء الأولى المبدلة من الواو التي هي فاء الكلمة، وحذف تاء الافتعال، ومتعد: اسم فاعل من اتعد بمعنى مواعد، وأصله: موتعد: قلبت الواو تاء وأدغمت التاء في الباء. 4 فإنهما يردانه إلى أصله لزوال موجب قلبها، وهو تاء الافتعال، والصحيح الأول، وهو مذهب سيبويه. انظر الزجاج، ص127 جزء أول، والفارسي، ص240 جزء أول. 5 لأنه عن همزة قبلها همزة: إذ أصله أدم، قلبت الثانية ألفًا لسكونها إثر فتحة، فتصغر على أويدم، قلب الثانية واوًا، ولا ترجع إلى أصلها الهمزة. 6 اسم شجر مر وهو جمع، والمفرد صابة، مثله عاج: نقول في تصغيرهما: صويب، وعويج. 7 والقياس: عويد بالواو: ردا إلى أصلها؛ لأنه من عاد يعود ولعل السر في ذلك قصد الفرق بين عيد وعود. 8 أي: الذي ذكر ذكر في التصغير؛ وهو قلب الحرف الثاني بأقسامه وإرجاعه إلى أصله على النحو المقدم. 9 أي: مما لم يتغير فيه شكل الأول، فإن الثاني يبقى على ما هو عليه. = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 فصل: وإذا صغر ما حذف أحد أصوله وجب رد محذوفه؛ إن كان قد بقي بعد   = هذا: وإذا كان ثاني الاسم المصغر لينا مبدلا عن همزة لم تسبقها همزة كذيب وريم، أو عن حرف صحيح غير همزة، نحو: دينار وقيراط، إذ أصلهما دنَّار وقراط، وجب إرجاعه، إلى الأصل، تقول في التصغير: ذؤيب، ورؤيم؛ إذ أصلهما ذئب ورئم، "والريم: الضبي الخالص البياض"، ودنينير وقويريط، بإرجاع الثاني وهو الياء، إلى أصله النون والراء. والخلاصة: أن الألف الثانية اللينة يجب قلبها عند التصغير واوًا في أربعة مواضع هي: التي أصلها الواو مثل: باب وميزان، المنقلبة عن همزة تلي همزة مثل: آدم، الألف الزائدة؛ مثل ضارب وكاهل، المجهولة الأصل، مثل: عاج، وصاب. وياء في موضع واحد، وهو: أن يكون أصلها الياء، مثل ناب، وموقن. وفي حكم ثاني المصغر وأحواله يقول الناظم في إجمال: واردد لأصل ثانيًا لينا قلب ... فقيمة صير قويمة تصب وشذ في عيد عييد وحتم ... للجمع من ذا ما لتصغير علم والألف الثاني المزيد يجعل ... واوًا كذا ما الأصل فيه يجهل* أي: اردد وأرجع إلى الأصل كل حرف ثان لين، سواء كان أصله واوًا كقيمة أو ياء كموقن، وشذ قولهم في عيد،: عييد؛ لأنه لم يرد إلى أصله، والقياس عويد، ويجب لجمع التكسير من رد الثاني إلى أصله ما وجب للتصغير، وإذا كان ثاني المصغر ألفًا زائدًا قلبت واوا، وكذلك المجهولة الأصل. وقد أوضحنا ذلك كله. تنبيه: إذا صغر اسم مقلوب صغر على لفظه لا على أصله، تقول: في جاه، من الوجاهة: جويه.   * "لأصل" متعلق باردد على أنه مفعوله الثاني. "ثانيًا" مفعوله الأول. "لينا" صفة لثانيًا. "قلب" الجملة صفة ثانية له. "فقيمة" الفاء للتفريع، و"قيمة" مفعول أول صير. "قويمة" مفعول ثان. "تصب" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر. "عييد" فاعل شذ. "للجمع من ذا" متعلقان بحتم. "ما" اسم موصول نائب فاعل حتم. "لتصغير" متعلق بعلم الواقع صلة لما. * "والألف" مبتدأ. "الثاني المزيد" نعتان للألف. "يجعل" نائب فاعله يعود إلى الألف وهو المفعول الأول. "واوًا" مفعوله الثاني، والجملة خبر المبتدأ. "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "الأصل" مبتدأ. "فيه" متعلق بيجهل الواقع خبرًا للمبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها صلة ما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 الحذف على حرفين؛ نحو: كل وخذ ومذ، أعلام1 وَسَه ويَد وحر2، تقول: أُكَيْل، وأُخَيْذ، برد الفاء، ومُنَيْذ وسُتَيْه، برد العين، ويُدَيةَ وحُريح، برد اللام3.   1 قيد بكونها أعلاما ليصح تصغيرها؛ لأنه لا يصغر إلا الاسم المتمكن كما سبق. 2 سَه، أصله: سته؛ وهو الدبر، وحر: أصله حِرْح؛ وهو الفرج حذفت الحاء لاستثقالها بعد راء ساكنة. 3 ومن الباقي على حرفين: الثلاثي الذي حذف منه حرفان، وبقي حرف واحد ضمت إليه هاء السكت وجوبا، نحو: "قِه" علما -أمر من وقى- فقد حذفت منه الفاء واللام. و"رِه" أمر من رأى. فقد حذفت منه العين واللام؛ عند التصغير يرد المحذوف، تقول: وُقي، ورُؤي. ويسري هذا الحكم على الثلاثي الذي حذفت بعض أصوله وعوض عنها تاء التأنيث؛ نحو: عدة وسنة, علمين. فيقال في تصغيرهما: "وُعَيد" بإرجاع الفاء المحذوفة، و"سُنية أو سُنيهة" بإرجاع اللام المحذوفة. ولا يمنع وجود التاء من رد المحذوف. وهذه التاء للتأنيث وليس عوضا. ومما حذفت لامه الأصلية وعوض عنها تاء التأنيث: "بنت وأخت" تقول في تصغيرهما: بُنَية، وأخيَّة، برد المحذوف. قيل: ولم يرد في اللغة إلا بضع كلمات عوض من لامها تاء يوقف عليها وقبلها ساكن، منها: أخت، وبنت، وهنت "كناية عما يستقبح ذكره"، وكيت "كناية" عن قولهم كذا وكذا. ومثلها: ذَيت وتنتان، وكلتا عند سيبويه. وفي حكم تصغير ما حذف بعض أصوله؛ يقول الناظم: وكمِّل المنقوص في التصغير ما ... لم يحو غير التاء ثالثا كما* المراد بالمنقوص هنا: ما نقص منه بعض أصوله بسبب الحذف لغرض ما؛ أي: أكمل المراد بالمنقوص عند التصغير برد ما حذف منه, إذا بقي على حرفين؛ سواء كان مجردا من التاء أو ملتبسًا بها، مثل: "ماء" مسمى به، تقول في تصغيره: مُوَي؛ برد المحذوف.   * "في التصغير" متعلق بكمل. "ما" مصدرية ظرفية. "غير التاء" غير حال مقدم من ثالثا الواقع مفعولا ليحو؛ لأنه نعت لنكرة تقدم عليها والتاء مضاف إليه. "كما" بالقصر -لغة في ماء- خبر لمبتدأ محذوف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 وإذا سمي بما وضع ثنائيا؛ فإن كان ثانيه صحيحًا نحو: هل وَبَلْ، ولم يُزَدْ عليه شيء حتى يصغِّر، فيجب أن يضعف1 أو يزاد عليه ياء2 فيقال: هُلَيْل، أو هُلَيّ. وإن كان معتلا وجب التضعيف قبل التصغير3، فيقال في "لُوْ" و"كَي" و"ما" أعلاما: لَوُّ وكَيُّ -بالتشديد- و"ماء"- بالمد، وذلك لأنك زدت على الألف ألفا فالتقى ألفان، فأبدلت الثانية همزة، فإذا صغرت أعطيت حكم "دَوٍّ، وحيٍّ4 وماء"؛ فتقول: لُوَيٌّ كما تقول: دُوَيٌّ، وأصلهما: لُوَيْوٌ، ودُوَيْوٌ5، وتقول: كُيَيٌّ بثلاث ياءات6؛ كما تقول: حُيَيٌّ، وتقول: مُوَيٌّ7، كما تقول في تصغير الماء المشروب: مُوَيْه، إلا أنَّ هذا لامه هاء فرد إليها8.   1 ويكون أحد المضعفين قبل ياء التصغير، والآخر بعدها فتتوسط بينهما. 2 أي: بعد ياء التصغير، ويكون ذلك بتضعيف ياء التصغير نفسها وهذا أحسن. والحامل على ذلك: الوصول إلى بناء "فعيل" ثم يتحرك الحرف الذي يلي ياء التصغير بالحركة الإعرابية المناسبة للجملة. 3 قيل: لئلا يلزم إثبات اسم معرب على حرفين، آخره حرف لين متحرك، وهذا لا نظير له. بخلاف ما إذا كان ثانيه صحيحًا؛ فإن له نظيره من الأسماء المعربة مثل يد، ودم. 4 الدو: البادية، والفلاة الواسعة، والحي: القبيلة والجمع أحياء. 5 اجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمتا. 6 الأولى أصلية، والثانية للتصغير، والثالثة الزائدة للتضعيف. 7 أي: بإبدال الهمزة ياء وإدغامها في ياء التصغير. 8 وأصله "موه" قلبت الواو ألفًا على القاعدة، ثم الهاء همزة سماعًا على غير قياس فصار "ماء" فعند التصغير يرجع كل إلى أصله. ويعتبر الاسم ثنائيا إذا كانت حروفه ثلاثة أولها همزة وصل؛ نحو: ابن، وسام .... إلخ فتحذف همزة الوصل عند تصغيره، ويرد المحذوف فتقول: بُنَي وسمي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 فصل: وتصغير الترخيم؛ أن تعمد إلى ذي الزيادة الصالحة للبقاء فتحذفها، ثم توقع التصغير على أصوله1، ومن ثم2 لا يتأتى في نحو: جعفر وسفرجل؛ لتجردهما، ولا في نحو: مُتَدَحْرج ومُحرَنْجم؛ لامتناع بقاء الزيادة فيهما لإخلالها بالزنة3، ولم يكن له إلا صيغتان وهما: "فُعَيْل"4 كحميد في أحمد وحامد ومحمود وحَمْدون وحمدان5. و"فُعَيْعِل"6، كقُرَيْطِس، لا فُعَيْعِيل؛ لأنه ذو زيادة.   1 ما ذكره المصنف طريقته مختصرة أما تعريفه فهو: تصغير الاسم الصالح للتصغير الأصلي، بعد تجريده مما فيه من أحرف الزيادة الصالحة للبقاء. وسمي بذلك لما فيه من ضعف بسبب الحذف؛ من الرخم بمعنى الضعف واللين. والغرض منه هو الغرض من التصغير الأصلي، وقد يكون الدافع إليه: التودد والتدليل، والضرورات الشعرية. 2 أي: من أجل أنه مختص بالمزيد. 3 أي: في تصغير غير للترخيم، فلا يسمى تصغيرهما على دُحيرج، وخُريجم تصغير ترخيم؛ لأن الحذف واجب لغيره، ويتبين من هذا أنه يشترط أمران: أن يكون الاسم مشتملا على زيادة، وأن تكون هذه الزيادة صالحة للبقاء في تصغير غيير الترخيم. 4 للثلاثي الأصول إذا كان مسماه مذكرًا، فإن كان مؤنثًا زيدت تاء التأنيث للفرق بين المذكر والمؤنث، فإذا كان معنى الاسم مختصا بالمؤنث؛ كحائض وطالق، لا تلحقه التاء، تقول في التصغير: حُييض، وطُليق؛ بحذف ألفهما وبغير زيادة تاء التأنيث. 5 ويكون التمييز بينها ومعرفة ما كانت عليه قبل التصغير بالقرائن التي تمنع اللبس. 6 للرباعي الأصول؛ وإذا أريد تصغير مثل: إبراهيم، وإسماعيل تصغير ترخيم، فالقياس عند سيبويه أن يقال: بُريهم، وسُميعل، بحذف الزوائد، وهي الهمزة والألف والياء، وعند غيره: أبيره، أو سيمع؛ لأن الهمزة عندهم أصلية وسمع ترخيمهما، على بُريه وسُميع؛ وهو شاد؛ لأن فيه حذف أصلين وزائدين، والأصول لا يحذف منها أكثر من واحد.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 فصل: وتحلق تاء التأنيث تصغير ما لا يُلبس؛ من مؤنث عار منها، ثلاثي في الأصل وفي الحال، نحو: "دار، وسِنَّ، وعَيْن، وأُذُن1. أو الأصل دون الحال نحو: "يد"2، وكذا إن عرضت ثلاثيته بسبب التصغير3 كسماء.   = ولغير الترخيم: بُريهيم، وسُميعيل، قياسًا عند سيبويه وعند غيره: أَبيريه وأسيميع ورأي سيبويه أوضح وأصح. ولا يختص تصغير الترخيم بالأعلام، خلافًا للفراء وثعلب. ومما ورد من تصغير غير العلم قولهم في المثل: عرف حُميق جملة "تصغير أحمق" وهو يضرب لمن يستضعف إنسانًا ويولع به فلا يزال يؤذيه ويظلمه. وفي تصغير الترخيم، يقول الناظم: ومن بترخيم يصغر اكتفى ... بالأصل كالعطيف يعني المعطفا* أي: من يريد تصغير الاسم تصغير ترخيم، اكتفى بتصغير أصوله وحذف زوائده، تقول في تصغير المعطف: عطيف، وقد أوضح المصنف حكم هذا النوع. 1 يقال في تصغيرها: دُويرة، وسُنينة، وعُيينة، وأُذينة، ويستمر هذا الحكم بعد التسمية ومن ذلك: عمرو بن أذينة، وعيينة بن حصن. 2 أصلها: يدَي، حذفت اللام تخفيفًا فيقال في تصغيرها: يُدَية. قيل: وإنما لحقت التاء المصغر؛ لأن التصغير وصف في المعنى, فالمصغر بمثابة الموصوف مع صفته، ولما كانت التاء تلحق آخر الصفات المؤنثة، لحقت كذلك آخر المصغر، ولحقت الثلاثي دون الرباعي التماسًا للتخفيف. 3 يدخل تحت هذا نوعان: أحدهما ما كان رباعيا بمدة قبل لام معتلة، نحو: سماء، تقول في تصغيره: سُمَية: لأن أصله سمييي، بثلاث ياءات؛ الأولى للتصغير، والثانية بدل المدة، والثالثة بدل لام الكلمة، وهي الواو المنقلبة عن همزة؛ لأنه من "سما يسمو" حذفت إحدى الياءين الأخيرتين لتوالي الأمثال، فبقي ثلاثيا فتلحقه التاء. والثاني ما صغر تصغير ترخيم مما أصوله ثلاثة؛ نحو: حمراء، وحبلى، تقول فيهما حميرة، وحبيلة.   * "ومن" اسم موصول مبتدأ. "بترخيم" متعلق بيصغر الواقع صلة لمن. "اكتفى" الجملة خبر المبتدأ. "بالأصل" متعلق باكتفى. "كالعطيف" خبر لمبتدأ محذوف. "يعني" فعل مضارع وفاعله يعود على من. "المعطفا" مفعوله والألف للإطلاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 مطلقًا1 وحَمْراء وحُبْلَى، مصغرين تصغير الترخيم2، بخلاف نحو: شجر وبقر، فلا تلحقهما التاء فيمن أنثهما؛ لئلا يلتبسا بالمفرد3 وبخلاف نحو: خمس وست؛ لئلا يلتبسا بالعدد المذكر4 وبخلاف نحو: زينب وسعاد؛ لتجاوزهما للثلاثة5 وشذ ترك التاء في تصغير: حرب وعرب ودرع ونعل، ونحوهن6 مع ثلاثيتهن وعدم اللبس، واجتلابها في تصغير: وراء وأمام وقدام، مع زيادتهن على الثلاثة7.   1 أي: سواء صغرته ترخيمًا أو لا. 2 كما ذكرنا، وتصغيرهما في غير الترخيم: حميراء، وحبيلى، ولا تلحقهما التاء، لأنه لا يجمع بين علامتي تأنيث. 3 أيك بتصغير المفرد، هو: شجرة، وبقرة. 4 أيك عند تصغيره، ومثل خمس وست: غيرهما من أسماء العدد الدالة على معدود مؤنث: كسبع، وبضع، وعشر، فيقال: خميس، وسديس، وسبيع، وبضيع، وعشير، ولا يقال: خميسة، وسديسة، وسبيعة، وبضيعة، وعشيرة؛ لأنه يلتبس بعدد المذكر المصغر فيظن أنها لمعدود مذكر. 5 فيقال فيهما: زينب وسعيد، بغير تاء ومما تقدم يتبين: أن شرط زيادة تاء التأنيث: أن يكون المصغر ثلاثيا، سواء كانت ثلاثيته أصلية أو طارئة، باقيًا عليها أو حذف منه شيء. وأن يكون مؤنثًا عند تصغيره وألا يلتبس بغيره عند زيادتها. 6 مثل: ذود "من ثلاثة أبعرة إلى عشرة" وقوس، وعرس، وناب، "للمسن من الإبل"، وفرس لأنثى, ونَصَف "للمرأة المتوسطة في السن"، وغير ذلك مما سمع ولا يقاس عليه. وقد ذكر بعض المتأخرين نحو عشرين لفظًا، وبعضهم ألحق التاء في بعضها. 7 فقيل في تصغيرها وُرَيئة، وأُمَيمة، وقديديمة، والقياس حذف التاء، وفيما تقدم من زيادة تاء التأنيث وتركها، يقول الناظم: واختم بتاء التأنيث ما صغرت من ... مؤنث عار ثلاثي كسن ما لم يكن بالتا يرى ذا لبس ... كشجر وبقر وخمس = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 فصل: ولا يصغر من غير المتمكن إلا أربعة: "أفْعَلَ"1، في التعجب، والمركب المزجي2، كبعلبك وسيبويه، في لغة من بناهما، وأما من أعربهما فلا إشكال3؛ وتصغيرهما تصغير المتمكن نحو: ما أُحَيْسنه، وبُعَيلِبَك، وسُييبِويَه، واسم الإشارة4، وسمع ذلك منه في خمس كلمات وهي: ذا، وتا، وذان، وتان، وأولاء5، والاسم   = وشذ ترك دون لبس ونذر ... لحاق "تا" فيما ثلاثيا كثر* أي: إذا صغرت المؤنث الثلاثي الخالي من علامة التأنيث، فاختمه بالتاء، مثل: سن؛ تقول في تصغيره: سنينة، وهذا عند أمن اللبس، فإن خيف اللبس لم تلحقه التاء، فتقول في شجر وبقر، وخمس: شُجَير، وبُقَير، وخميس، بلا تاء؛ لأنك لو ختمتها بالتاء لالتبس بتصغير المعدود به مذكر. وترك التاء مع أمن اللبس شاذ إذا تحققت بقية الشروط. ويندر زيادة التاء، إذا زاد الاسم المصغر على ثلاثة أحرف بأن كان رباعيا فأكثر وقد مثل المصنف لذلك كله. 1 في قياس هذا النوع من التصغير خلاف، والراجح أنه غير قياسي. 2 سواء كان علما كنفطويه، أو عداديا كأحد عشر، ويكون التصغير والتغيير على صدره دون. عجزه؛ فيقال: نفيطويه, وأحيد عشر. 3 فيكون تصغيرهما قياسيا؛ لأنهما حينئذ من أقسام المعرب؛ أي: المتمكن ولا يصغر من المعربات: مع، وعند، ولدن؛ لعدم تصرفها. 4 ويكون لها في التصغير، من التنبيه، والخطاب، ولام البعد، ما لها في التكسير. 5 فقالوا: ذيَّا: في ذا وهذا، وتيَّا، في تا وهذه، وفي ذلك: ذيّالك، وفي تلك: تيّالك، وفي أولئك وهؤلاء: أوليا وهؤليّا، ولا تصغر ذي وذه، لئلا يلتبس تصغيرهما بتصغير ذا للمذكر.   * "ما" اسم موصول مفعول اختم. "صغرت" الجملة صلة ما. "من مؤنث" متعلق بصغرت. "عار ثلاثي" نعتان لمؤنث. "كسن" خبر لمبتدأ محذوف. * "ما" مصدرية ظرفية. "يكن" فعل مضارع مجزوم بلم واسمها يعود إلى مؤنث، "بالتاء" بالقصر متعلق بيكن، وجملة "يرى" خبرها، ونائب الفاعل هو المفعول الأول. "ذا لبس" ذا المفعول الثاني وليس مضاف إليه. * "دون" ظرف متعلق بمحذوف حال من ترك، "لبس" مضاف إليه. "فيما" متعلق بندر وما اسم موصول، "ثلاثيا" مفعول كثر مقدم. وفاعله يعود على ما، والجملة لا محل لها صلة ما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 الموصول، وسمع ذلك منه أيضًا في خمس كلمات، وهي: الذي، والتي، وتثنيتهما، وجمع الذي1. ويوافقن تصغير المتمكن في ثلاثة أمور: اجتلاب الياء الساكنة، والتزام كون ما قبلها مفتوحًا، ولزوم تكميل ما نقص منها عن الثلاثة. ويخالفنه في ثلاثة أيضًا: بقاء أولها على حركته الأصلية2، وزيادة ألف في الآخر عوضًا من ضم الأول3، وذلك في غير المختوم بزيادة تثنية أو جمع4، وأن الياء قد تقع ثانية، وذلك في "ذا"، و"تا"؛ تقول: ذَيَّا، وتيَّا، والأصل: ذَيَيَّا وتَيَيَّا5 فحذفت الياء الأولى6، وذَيَّان وتَيَّان7، وتقول: أُوليَّا8 بالقصر في لغة من قصر، وبالمد في لغة من   1 وهو: الذين، والألي، وهذان اسما جمع؛ لا جمع، ولا تصغر "من وما" الموصولتان، ولا أسماء الشرط والاستفهام، ولا حيث ولا الضمائر. 2 من فتح؛ كالذي، والتي، وذا، وتا، أو ضم؛ كأولي، وأولاء؛ وذلك تنبيها على الفرق بين تصغير المتمكن وغيره. 3 أي: الضم الذي كان ينبغي أن يجتلب للتصغير، ولا يقال إن أوليا، وألياء، زيدت فيهما ألف؛ مع أن الأول منهما مضموم ولا يجمع بين العوض والمعوض؛ لأن الضمة أصلية فيهما. 4 أما فيه فلا تعويض عن ضم الأول؛ لطوله بالزيادة التي للتثنية أو الجمع. 5 الياء الأولى عين الكلمة، والثانية للتصغير، والثالثة لام الكلمة لا منقلبة عن الألف. 6 للتخفيف، ولم تحذف ياء التصغير؛ لأنه جيء بها لمعنى، ولا الثالثة؛ لئلا يلزم فتح ياء التصغير لمناسبة الألف، وفيه لا تحرك لشبهها بألف التكسير. 7 أي: في تثنية "ذان" و"تان" وهما معربان على الصحيح. وتصغيرهما قياسي، وقد جاء الشذوذ من فتح أولهما وتشديد الياء. 8 أي: في تصغير "أولاء". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 مد؛ وتقول1: اللَّذيَّا، واللَّتيَّا، واللَّذيَّانِ، واللَّذَيُّونَ2. وإذا أردت تصغير "اللاتي"، صغرت "التي" فقلت: اللَّتَيَّا، ثم جمعت بالألف والتاء فقلت: اللَّتَيَّات، واستغنوا بذلك عن تصغير "اللاتي، واللائي" على الأصح. ولا يصغر "ذي" اتفاقًا للإلباس3، ولا "تي" للاستغناء بتصغير "تا" خلافًا لابن مالك4.   1 أي: في تصغير الذي والتي ومثناهما وجمع الذين. 2 أي: في حالة الرفع، وفي حالة النصب والجر: اللذيين بضم ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء، وهذا قول سيبويه؛ لأنه يرى أن الألف حذفت تخفيفًا كما في التثنية فكأنه لا وجود لها، وعند الأخفش بالفتح مطلقا؛ قبل الواو والياء كالمقصور، مثل: المصطفين، وهل التثنية، واجلمع واردان على المفرد المصغر أو ذلك تصغير للمثنى والجمع؟ قولان. هذا: وسمع في اللذيا واللتيا: فتح الأول وضمه وكذلك اللذين، والذان واللاتا معربان على الصحيح، فتصغيرهما قياس، وجاء الشذوذ من فتح أولهما. 3 أي: بتصغير "ذا". 4 إذ يقول في النظم. منها "تا، وتي" وقد نص النحاة على أنهم لم يصغروا من ألفاظ المؤنث إلا "تا" خاصة. وفي تصغير اسم الإشارة والموصول، يقول الناظم: وصغروا شذوذًا الذي التي ... وذا مع الفروع تا وتى* أي: صغروا من الأسماء المبنية شذوذًا؛ لأن التصغير من خواص الأسماء المتمكنة الذي والتي، ومثناهما وجمعهما ومن الأسماء الموصولة، وذا وتا وفروعهما من أسماء الإشارة. وذلك مقصور على السماع بالشكل الذي ذكره المصنف. ويعلل النحويون جواز ذلك؛ بأن الموصول والإشارة يوصفان ويوصف بهما، والتصغير=   * "شذوذًا" حال من الواو في صغروا؛ أيك شاذين. "الذي" مفعول صغروا. "التي" عطف عليه بحذف العاطف. "وذا" عطف على الذي "مع الفروع" مع ظرف حال مما قبله والفروع مضاف إليه. "منها" خبر مقدم. "تا" مبتدأ مؤخر. "وتي" معطوف على تا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 ...............................................................................................   = وصف في المعنى. وكذلك يذكران ويؤنثان، ويثنيان ويجمعان، فأشبها بذلك الأسماء المتمكنة. فوائد: أ- يصغر اسم الجنس واسم الجمع على لفظهما لشبههما بالواحد؛ فيقال: قويم، ونفير، ورهيط في: قوم، ونفر، ورَهط، وكذلك تصغر جموع القلة؛ فيقال: أجيمال، وفتية؛ في إجمال, وفتية, أما جمع الكثرة فلا يصغر؛ لأن ذلك يتعارض مع المفهوم من التصغير، وإذا أريد تصغيره: صغر المفرد، ثم جمع بالواو والنون للمذكر العاقل؛ فيقال في غلمان: غُلَيّمون، وبالألف والتاء للمؤنث, وللمذكر غير العاقل، تقول في جوار، ودراهم: جُوَيريات، ودُرَيهمات. ب- إذا وقع بعد ياء التصغير حرف مشدد يجوز قلبها ألف للتخفيف؛ كما في دويبة تصغير دابة، فيقال: دُوابّة، وذلك مقصور على السماع. جـ- الاسم المصغر ما يلحق بالمشتق؛ لأن التصغير كما ذكرنا يتضمن وصفًا في المعنى، فيصح وقوعه نعتا.. إلخ؛ مما يغلب عليه الاشتقاق. د- هنالك ألفاظ مكبرة وردت عن العرب على صورة المصغر، منها: اللجين، للفضة، والثريا، نجم معروف، والكميت، ما لونه أحمر فيه قنوءة من الإبل والأفراس، والهوينا: السهولة والرفق، والمهيمن: المسيطر .... إلخ. ووردت بعض الأسماء مصغرة ولم ينطق بها بكثرة، لأنها مستصغرة عندهم ومن ذلك "جميل" لطائر صغير يشبه العصفور وكعيت، اسم للبلبل. هـ- قيل في تصغير دابة، وشابة، وهدهد: دُوابّة، وشُوابّة، وهُداهد. فجيء بالألف بدلا من ياء التصغير للتخفيف, والقياس: دُويّبة، وشُويّبة، وهُديهد، وليس في اللغة غير هذه الثلاثة على ما نعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 ................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف التصغير واذكر صيغه القياسية، وأنواعه وشروط الاسم الذي يصغر مع التمثيل بأمثلة من عندك. 2 اذكر أربعة من الأغراض التي يأتي لها التصغير، ومثل لكل بأمثلة من عندك. 3 هنالك مواضع لا يكسر فيها ما بعد ياء التصغير. اذكرها، ومثل لها مع الإيضاح. 4 اشرح قول ابن مالك: وكمل المنقوص في التصغير ما ... لم يحو غير التاء ثالثا كما وبين المقصود بالمنقوص، واستوعب القول في كيفية تصغير المحذوف أحد أصوله, مع الإتيان بأمثلة موضحة. 5 متى تلحق التاء الاسم المصغر؟ ومتى يمتنع لحاقها له؟ اشرح ذلك واستشهد بقول الناظم فيه. 6 كيف تصغر اسم الجنس, والجمع بأنواعه؟ والمركب الإضافي والمزجي؟ اشرح ذلك، ومثل. 7 يستشهد بما يأتي في باب التصغير، بين موضع الاستشهاد. قال سيدنا عمر -رضي الله عنه- في عبد الله بن مسعود: كنيف ملئ علمًا "والكنيف: وعاء تكون فيه أداة الراعي". ويقال في الأمر البعيد: بعد اللتيا والتي. وكل أناس سوف تدخل بينهم ... دُويّهية تصفر منها لأنامل ياما أُميْلِسح غزلانا شَدَنّ لنا ... من هَؤُليَّائكُنَّ الضال والسَّلم أو تحلفي بربك العلي ... أني أبو ذَيَّالك الصبي 8 اشرح تصغير الترخيم وشروطه وصيغه، وبين الغرض منه، مع التمثيل. 9 نظم صفي الدين الحلي -من شعراء القرن السابع الهجري- قصيدة في المدح، بها كثير من الأسماء المصغرة منها: نقيط من مسيك في وريد ... خويلك أو وسيم في خديد ومعناه: نقط من مسك في ورد خالك، أو وسم في خد.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 ................................................................................................   = ومنها: وذَيَّاك الُّويمع في الضُّحَيا ... وجيهك أم قُمير في سُعَيد وجيه شُويدن فيه شُكيل ... أدق مُعينيات من خُويد اذكر مكبر كل مصغر من هذين البيتين، وبين الغرض من التصغير فيما تذكر. 10 صغر الكلمات الآتية واضبطها "نموذج" 11 صغر الأسماء الآتية واضبطها، وبين ما حدث فيها من تغيير، ووضح السبب. دلو، وردة, رمانة: إناء, موسر, ريان, أبو تمام, شفة, دجاجة, مهرجان, عاج. فأس, أداة, تفاحة, علامة. ساع. 12 اشرح قول المتنبي في هجاء كافور الإخشيد، وبين ما فيه من شاهد وفارقتف مصرا والاسَيْود عينة ... حذار مسيري تستهل بأدمع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 باب: النسب 1 إذا أردت النسب إلى شيء فلا بد لك من عملين في آخره، أحدهما: أن تزيد عليه ياء مشددة تصير حرف إعرابه، والثاني: أن تكسره؛ فتقول في النسب إلى دِمَشْق: دِمَشْقِي. ويحذف لهذه الياء أمور في الآخر، وأمور متصلة بالآخر. أما التي في الآخر فستة:   باب: النسب 1 هو زيادة ياء مشددة في آخر الاسم، وقبلها كسرة؛ لتدل على أن شيئًا منسوبًا لذلك الاسم المجرد منها؛ أي: مرتبطًا ومتصلًا به، بأي نوع من أنواع الارتباط والغرض منه: توضيح المنسوب أو تخصيصه؛ وذلك بنسبته إلى موطنه نحو: قاهري، أو إسكندري، أو قبيلته نحو: هاشمي، أو صنعته كمطبعي، أو إلى صفة يمتاز بها كإداري، أو علم نبغ فيه كنحوي ..... إلخ. وتسمى تلك الياء "ياء النسب" والاسم الذي تتصل به "المنسوب إليه"، والشيء الذي تدل على اتصاله بما قبلها "المنسوب" وهذه الياء المشددة لا يجوز تخفيفها لئلا تلتبس بياء المتكلم المضاف إليها، ويحدث للاسم ثلاث تغييرات: لفظي وهو: زيادة ياء مشددة في آخر المنسوب إليه، وكسر ما قبلها، وما يتبع ذلك من تغييرات ستأتي، ثم إجراء الإعراب بعلاماته المختلفة على هذه الياء. وقد أشار المصنف إلى ذلك كما سيأتي قريبًا. ومعنوي وهو: صيرورته اسمًا للمنسوب، بعد أن كان اسمًا للمنسوب إليه. وحكمي وهو: أنه بسبب هذا الأثر المعنوي يعتبر مؤولا بالمشتق؛ لتضمنه معناه، فيصلح للمواضع التي تحتاج إلى مشتق. وقد يرفع بعده اسمًا ظاهرًا أو مضمرًا باطراد؛ فيكون كالصفة المشبهة في رفع الظاهر والمضمر ويعرب مرفوعه نائب فاعل، تقول: علي حجازي أبوه وأمه مصرية، ولا يعمل النصب إلا في ظرف أو حال، تقول: أنا مصري أبدا وأنا وطني مخلصًا. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم مقتصرًا على التغيير اللفظي، فقال: ياء كـ"يا" الكرسي زادوا للنسب ... وكل ما تليه كسره وجب* أي: إن العرب زادوا ياء في آخر الاسم، مثل ياء الكرسي؛ لتدل على النسب، ويجب كسر الحرف الذي تليه؛ أي: تقع بعده. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 أحدها: الياء المشددة الواقعة بعد ثلاثة أحرف فصاعدًا1، سواء كانتا زائدتين، أو كانت إحداهما زائدة والأخرى أصيلة. فالأول نحو: كرسي وشافعي2؛ فتقول في النسب إليهما: كُرْسِي وشافعي، فيتحد لفظ المنسوب ولفظ المنسوب إليه، ولكن يختلف التقدير3. ولهذا كان "بخاتي" علما لرجل. غير منصرف4 فإذا نسب إليه انصرف5. والثاني: نحو: "مَرْمَي" أصله: مَرْمُوي، ثم قلبت الواو ياء6 والضمة كسرة7.   1 وذلك لتحل محلها ياء النسب الزائدة. 2 الياء فيهما زائدة إلا أنها في "كرسي" لغير النسب وفي "شافعي" للنسب. 3 فيقدر أن المعنى مع الياء المجددة للنسب غيره مع الياء التي حذفت وحلت محلها ياء النسب. 4 أي: لصيغة منتهى الجموع؛ نظرًا لأصله قبل التسمية وحالة الجمعية؛ لأن الياء التي حذفت من بنية الكلمة التي تصير بسببها من صيغ منتهى الجموع، وهو جمع بُختي، والأنثى: بختية، وهي الإبل الخراسانية. 5 أي: لزوال صيغة منتهى الجموع؛ لأن ياء النسب زائدة فهي في تقدير الانفصال. 6 لاجتماعهما وسبق إحداهما ساكنًا. 7 لمناسبة الياء، ولتسلم من قلبها واوًا.   * "ياء" مفعول لزادوا. "كيا الكرسي" كيا متعلق بمحذوف صفة لياء، والكرسي مضاف إليه. "للنسب" متعلق بزادوا، "وكل ما" مبتدأ ومضاف إليه، وما اسم موصول. "تليه" فعل مضارع وفاعله يعود إلى ياء والهاء مفعوله، والجملة صلة ما. "كسره وجب" مبتدأ وخبر، والجملة خبر كل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 وأدغمت الياء في الياء، فإذا نسبت إليه قلت: مَرْمِي1 وبعض العرب يحذف الأولى لزيادتها، ويبقي الثانية لأصالتها، ويقلبها ألفًا2، ثم يقلب الألف واوًا3 فيقول مَرْمَوِي. وإن وقعت الياء المشددة بعد حرفين، حذفت الأولى فقط، وقلبت الثانية ألفًا ثم لألف واوًا، فتقول في أُميّة: أُمَوِي4.   1 أي: بحذف الياء المشددة التي هي لام الكلمة، وجعل ياء النسب الزائدة مكانها: ومرمي: اسم مفعول من رمى. 2 أي: لتحركها وانفتاح ما قبلها على القاعدة الصرفية. 3 لوجوب كسر ما قبل ياء النسب كما بينا، والألف لا تقبل الحركة. وفي هذا يقول الناظم: وقيل في الَمْرمِي مَرْمَوِيّ ... واختير في استعمالهم مَرْمَيّ* أي: إذا كانت إحدى الياءين زائدة والأخرى أصلا فقد يكتفى بحذف الأولى وتقلب الثانية الأصلية واوًا، وتزاد بعدها ياء النسب؛ فيقال في المرمي: مرموي وهي لغة قليلة، والمختار في الاستعمال: مرمي بحذف الياء المشددة لا الأولى الساكنة. 4 ومثل ذلك: علوي، وقُصَويّ، في علي وقُصي، وعدوِي في عدي. وإلى ذلك يشير الناظم بقوله عند الكلام على "فَعيل وفعيل". وألحقوا معل لام عريا ... من المثالين بما التا أُوليا* أي: إن ما كان على "فَعيل، وفُعيل" بلا تاء، وكان معتل اللام فحكمه حكم ما فيه التاء؛ من وجوب حذف يائه الزائدة وفتح عينه.   * "في المرمى" متعلق بقيل. "مرموي" نائب فاعل. "قبل" على إرادة اللفظ، "واختير" فعل ماض للمجهول. "مرموي" نائب فاعل اختير. * "معل لام" معل مفعول ألحقوا، ولام مضاف إليه. "عريا" فعل ماض، والألف للإطلاق، وفاعله يعود إلى معل لام، وهو صفة له ومتعلقه محذوف؛ أي: عري من التاء. "من المثالين" متعلق بمحذوف حال من ضمير عري. "بما" متعلق بألحقوا وما اسم موصول. و"التا" بالقصر مفعول أوليا الثاني مقدم عليه، نائب فاعله يعود إلى ما، وهو المفعول الأول، والجملة صلة ما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 وإن وقعت بعد حرف لم تحذف واحدة منهما؛ بل تفتح الأولى وتردها إلى الواو إن كان أصلها الواو1، وتقلب الثانية واوًا؛ فتقول في طَي وحَي: طَوَوِيّ, وحَيَوِيّ2. الثاني: تاء التأنيث؛ تقول في مكة: مَكِّي. وقول المتكلمين في ذات: ذاتي، وقول العامة في الخليفة: خَلِفَتيّ لحن3 وصوابهما: ذَوَوِي، وخَلَفَيّ. الثالث: الألف إن كانت متجاوزة للأربعة، أو رابعة متحركًا ثاني كلمتها؛ فالأول: يقع في ألف التأنيث كحُبارى، وألف الإلحاق كحَبَرْكَى4 فإنه ملحق: بسَفَرْجَل، والألف المنقلبة عن أصل كمصطفى5.   1 وتترك ياء إن كان أصلها الياء. 2 لأنهما من طويت وحييت. وفي هذا يقول الناظم: ونحو حي فتح ثانيه يجب ... واردده واوًا إن يكن عنه قلب* أي: نحو حَيّ؛ مما آخره ياء مشددة مسبوقة بحرف واحد لا يحذف منه شيء في النسب، بل يجب فتح ثانيه، وإن كان أصله واوًا رد إلى أصله، وإلا بقي ويقلب الثالث واوًا. 3 أي: خطأ، والقياس في "ذات" قلب ألفه واوًا، ورد لامه المحذوفة وقلبها واوًا، وحذف التاء. وفي "خليفة": حذف الياء والتاء. ومثلهما في الخطأ قولهم: خلوتي في المنسوب إلى الخلوة، ومن ذلك: التاء في عرفات وتمرات مسمى بهما، فتحذف التاء عند النسب إليهما؛ لأنها للتأنيث ثم تحذف الألف. 4 من معانيه: القراد، والأنثى حبركاه، والطويل الظهر القصير الرجلين، والضعيف الرجلين كأنه مقعد، والغيظ الرقبة. 5 فإن أصلها الواو؛ لأنه من الصفوة. تقول في النسب: مصطفي. وقول العامة مصطفاوي، أو مصطفوي لحن.   1 "ونحو حي" نحو مبتدأ أول، وحي مضاف إليه. "فتح ثانيه" فتح مبتدأ ثان، وثانيه مضاف إليه أيضا. "يجب" الجملة خبر الثاني، وجملة الثاني وخبره خبر الأول. "واوًا" مفعول أردد الثاني، والهاء مفعوله الأول وهو يعود إلى ثانيه. "يكن" فعل الشرط، واسمها يعود إلى ثانيه. "عنه" متعلق بقلب، وجملة "قلب" من الفعل ونائب الفاعل في محل نصب خبر يكن، ونائب فاعله يعود إلى ثانيه، وجواب الشرط محذوف يعلم من سابق الكلام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 والثاني: لا يقع إلا في ألف التأنيث كَجَمَزَى1. أما الساكن ثاني كلمتها، فيجوز فيها القلب والحذف2، والأرجح في التي للتأنيث كحُبلى الحذف3، وفي التي للإلحاق كعَلْقى، والمنقلبة عن أصل كمَلْهًى القلب4 والقلب في نحو: مَلْهى خير منه في نحو: عَلْقى والحذف بالعكس5. الرابع: ياء المنقوص المتجاوزة أربعة، كمُعْتَد ومُسْتَعل 6 فأما الرابعة كقاض فكألف المقصور الرابعة في نحو: مَسْعى ومَلْهى7، ولكن الحذف أرجح8. وليس في الثالث من ألف المقصور كفتى وعصا وياء المنقوص كعم وشج، إلا   1 هو وصف بمعنى سريع من الجمز، وهو ضرب من السير فوق العَنق يقال: فرس جمزي أي: سريعة المشي. 2 سواء أكانت زائدة للتأنيث، أم للإلحاق، أم منقلبة عن أصل. 3 وذلك لقوة شبهها بتاء التأنيث لزيادتها. 4 وذلك محافظة على حرف الإلحاق في الأول، ورجوعا إلى الأصل في الثاني: إذا قلبت الألف الرابعة واوًا بأنواعها الثلاثة جاز زيادة ألف قبل الواو، تقول: حُبلاوي، وعِلباوي، ومَلهاوي، وخص سيبويه ذلك بألف التأنيث. 5 أي: إن الحذف في نحو "علقى" مما ألفه للإلحاق, خير منه في نحو "ملهى"؛ لأن حذف الزائد أولى من حذف الأصلي. 6 تقول في النسب إليهما: معتدي ومستعلي بحذف ياء المنقوص الخامسة والسادسة للطول. 7 أي: مما ثاني ما هي فيه ساكن، وألفه منقلبة عن ياء أو واو، ويجوز فيها الحذف والقلب واوًا، تقول: قاضي وقاضوي. 8 أي: من القلب، بل قال بعضهم: إن القلب عند سيبويه من شواذ النسب وأنه لم يسمع إلا في قول الشاعر: فكيف لنا بالشرب إن لم يكن لنا ... دراهم عند الحانوي ولا نقد والوجه عند سيبويه أن يقال: الحاني: لأنه منسوب إلى الحانة، وهي بيت الخمار. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 القلب واوًا1، وحيث قلبنا الياء واوًا فلا بد من تقدم فتح ما قبلها2. ويجب قلب الكسرة فتحة في "فَعِل" كنَمِر، و"فُعِل" كدُئِل، و"فِعِل" كإِبِل3.   1 تقول: فتوِي، وعصوِي، وعموِي، وشجوِي؛ أما في فتى فلئلا تجتمع الكسرة والياءات، وأما في عصا فللرجوع إلى الأصل، وفي عم، وشج؛ لأن عينهما تفتح عند النسب إليهما كما في "نمر": فتقلب الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم تقلب الألف واوًا كما في فتى. 2 أي: قبل أن تقلب واوًا؛ لأن هذا القلب مسبوق بقلبها ألفًا. 3 تقول: نمري، ودؤلي، وإبلي وذلك لئلا تتوالى كسرتان وياء النسب، ومثلها: كل ثلاثي مكسور العين، سواء كان مفتوح الفاء أو مضومهما أو مكسورها وقد ذكر الناظم ما تقدم من المواضع الأربعة في ستة أبيات غير مرتبة، وفي إجمال, فقال في حذف الياء المشددة من آخر المنسوب إليه، وحذف تاء التأنيث وألفه: ومثله مما حواه احذف و"تا" ... تأنيث أو "مدته" لا تثبتا* أي: احذف مثل ياء الكرسي المشددة من الاسم الذي يحويه عند النسب إليه، ولا تثبت تاء التأنيث ولا مدته في الاسم المنسوب إليه بل احذفها، والمراد بالمدة هنا: ألف التأنيث المقصورة. وذكر حكم الألف الرابعة إذا كان ثاني ما هي فيه ساكنًا بقوله: وإن تكن تربع ذا ثان سكن ... فقلبها واوًا وحذفها حسن* =   1 "ومثله" مفعول احذف مقدم، والضمير إلى ياء النسب مضاف إليه، "مما" متعلق باحذف. "حواه" الجملة صلة ما, والهاء مفعول حوى عائدة على الياء, "وتاء التأنيث" تا مفعول تثبتا مقدم وتأنيث مضاف إليه. "أو مدته" معطوف على تا. "تثبتا" فعل مضارع في محل جزم بلا الناهية مبني على الفتح لاتصاله بالنون الخفيفة المنقلبة ألفًا. 2 "تكن" فعل الشرط واسمها يعود إلى مدة التأنيث المقصورة، وجملة "تربع" خبرها. "ذا ثان" ذا مفعول تربع، وثان مضاف إليه. "سكن" فعل ماض وفاعله يعود إلى ثان، والجملة صفة له. "فقلبها" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"قلبها" مبتدأ مضاف إلى الهاء من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول. "واوًا" مفعوله الثاني، وخبر المبتدأ محذوف؛ أي: جائز. "وحذفها حسن" مبتدأ وخبر، وإضافة حذف إلى "ها" من إضافة المصدر لمفعوله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = أي: إذا كانت ألف التأنيث رابعة، ساكنًا ثاني ما هي فيه جاز فيه وجهان: القلب واوًا، الحذف وهو المختار. وبين حكم ما يشبهها في ذلك، وهو ألف الإلحاق والألف المنقلبة عن أصل بقوله: لشبهها الملحق والأصلي ما ... لها والأصلي قلب يعتمى* أي: إن ألف الإلحاق المقصورة والألف المنقلبة عن أصل كألف التأنيث في جواز القلب والحذف، ولكن يعتمى -أي: يختار- القلب، في المنقلبة عن أصل؛ بعكس ألف التأنيث. وأشار إلى حكم الألف الزائدة على أربعة، وياء المنقوص كذلك بقوله: والألف الجائز أربعا أزل ... كذاك "يا" المنقوص خامسًا عزل أي: احذف الألف التي جاوزت أربعا وزادت عليها، وكذلك ياء المنقوص؛ إن كانت خامسة -عزلت- أي: طرحت وحذفت. وفي حكم المنقوص الرابعة والثالثة يقول: ولحذف في اليا رابعا أحق من ... قلب وحتم قلب ثالث يعن* أي: إن الحذف في ياء المنقوص الرابعة أولى من القلب واوا، أما الثالثة فقلبها واوًا محتوم، ومعنى يعن يظهر. وقال في ضرورة فتح ما قبل الواو المقلوبة، وفي حكم الثلاثي المكسور العين:=   * "لشبهها" خبر مقدم. "الملحق" نعت لشبه. "والأصلي" معطوف على الملحق. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "لها" متعلق بمحذوف صلة. "وللأصلي" خبر مقدم. "قلب" مبتدأ مؤخر. "يعتمى" -أي: يختار- الجملة وصف لقلب. * "والألف" مفعول أول مقدم. "الجائز" نعت له، وفيه ضمير هو فاعله. "أربعا" مفعوله. "كذلك" متعلق بعزل. "يا" مبتدأ وقصر للضرورة. "المنقوص" مضاف إليه . "خامسًا" حال من ضمير. "عزل "والجملة خبر المبتدأ، ونائب الفاعل يعود إلى ياء المنقوص. * "والحذف" مبتدأ. "في اليا" متعلق به. "رابعا" حال من اليا. "أحق" خبر المبتدأ. "من قلب" متعلق بأحق, "وحتم" خبر مقدم. "قلب ثالث" قلب مبتدأ مؤخر، وثالث مضاف إليه. "يعن" أي: يعرض فعل مضار والجملة صفة لثالث، ويعن بالنون الساكنة للشعر، وأصلها مشددة، من عن؛ بمعنى ظهر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 الخامس السادس: علامة التثنية، وعلامة جمع تصحيح المذكر1، فتقول في زيدان وزيدون، علمين معربين بالحروف: زيدي2 فأما قبل التسمية فإنمنا ينسب إلى مفردهما، ومن أجرى "زَيْدان" علمًا مجرى "سَلْمان"3، وقال: ألا يا ديار الحي بالسبعان4   = وأول ذا القلب انفتاحا "وفَعِل" ... "وفُعِل" عينهما افتح "وفَعِل"* أي: اجعل المنقوص صاحب ذلك القلب عن أصل واليا فتحًا؛ أي: يجب فتح ما قبله وإذا نسب إلى ثلاثي مقصور العين، قلبت الكسرة فتحة للتخفيف، سواء كانت الفاء مضمومة، أم مفتوحة، أم مكسورة، وقد أجمل الناظم فيما ذكره، وأوضح المصنف ذلك كله وفصله فتدبر يا فتى. 1 وكذلك ما ألحق بهما كاثنين، وعشرين وبابه، تقول: اثني، أو ثَنوي بالنسب إلى لفظه أو إلى أصله, وعشري، ومثلهما: جمع المؤنث على التفصيل الآتي: 2 فقد حذفت علامتا التثنية والجمع؛ لئلا يجتمع على الاسم الواحد علامتا إعراب، بالحروف، وبالحركات في ياء النسب. 3 أي: في لزوم الألف والإعراب على النون إعراب ما لا ينصرف للعلمية وزيادة الألف والنون. 4 صدر بيت من الطويل، لتميم بن أبي بن مقبل، وقيل لغيره، وعجزه: أمل عليها بالبلى الملوان اللغة والإعراب: السبعان؛ اسم واد، أو جبل، ولا يعرف اسم على "فَعلان" غيره. أمل: من أمل الكتاب إذا قال فكتب عنه. وضمن معنى كر فعدي بالباء. البلى: مصدر بلي الثوب؛ إذا خلق. الملوان: الليل والنهار، "إلا" أداة استفتاح. "بالسبعان" متعلق بمحذوف حال من ديار الحي. "زمل" فعل ماض. "الملوان" فاعل. المعنى: أن ديار هؤلاء القوم بهذا المكان، أصابها البلى والخراب بمرور الأيام والأعوام. الشاهد: في السبعان؛ فإنه في الأصل تثنية سبع، ثم سمي به فصار علمًا على مكان بعينه، وأجراه الشاعر مجرى المفرد كسلمان، ولو أجرى مجرى المثنى نظرًا إلى معناه الأصلي لقيل: بالسبعين، وأعرب بالياء لأنه في محل جر.   * و"أول" فعل أمر مبني على حذف الياء. "ذا القلب" ذا مفعول أول، والقلب مضاف إليه، "انفتاحًا" مفعول ثان؛ أي: اجعل صاحب هذا لقلب واليا فتحًا. "وفعل" مبتدأ. "وفعل" عطف عليه. "عينهما" مفعول افتح مقدم، وجملة "افتح" خبر المبتدأ. "فعل" معطوف على الضمير المجرور بالإضاف محلا، ولم يعد الجار لجواز ذلك عند الناظم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 قال: زَيْدَاني. ومن أجرى "زَيْدون" علمًا، مجرى "غِسْلِين"1 قال: زَيْديني ومن أجراه مجرى "هارون"2 أو مجرى "عَرْبون"3، أو ألزمه الواو وفتح النون قال: زَيْدُوني4. ونحو تَمَرات 5؛ إن كان باقيًا على جمعيته، فالنسب إلى مفرده، فيقال: تمري بالإسكان، وإن كان علمًا؛ فمن حكى إعرابه نسب إليه على لفظه6، ومن منع صرفه7 نزل تاءه منزلة تاء مكة، وألفه منزلة ألف جمزى، فحذفهما8، وقال: تَمَرِي بالفتح, وأما نحو: ضَخْمات9 ففي ألفه القلب، والحذف10؛ لأنها كألف حُبْلى، وليس في ألف نحو: مسلمات وسرادقات11 إلا الحذف.   1 أي: في لزوم الياء، والإعراب بالحركات على النون منونة. 2 أي: في لزوم الواو، والمنع من الصرف للعلمية وشبه العجمة. 3 أي: في لزوم الواو، والإعراب على النون منونة. 4 أي: فيكون معربًا بحركات مقدرة على الواو، منع من ظهورها حكاية أصله حالة رفعه التي هي أشرف أحواله، كما أن لزوم فتح النون لحكاية أصله. هذا: وإذا حدث لبس في النسب إلى المثنى أو الجمع العلمين المعربين بالحروف -بالنسب إلى المفرد منهما- يكون التعيين والتمييز بالقرائن. 5 أي: من جمع المؤنث السالم الذي ثانيه متحرك وألفه رابعة. 6 فيقول: تمري بفتح العين وحذف الألف والتاء معًا على القاعدة الخاصة بجمع الاسم الثلاثي السالم العين. وليس بين هذه الصورة والتي قبلها فرق إلا في مثل وردة، وتمرة. 7 أي: للعلمية والتأنيث. 8 أي: على التدريج؛ فحذف التاء أولا، ثم الألف للتنزيل المذكور. 9 مما الثاني فيه ساكن، وألفه رابعة، سواء كان صفة، كضخمات، أم اسمًا كهندات. 10 والحذف هو المختار. ويجوز مع القلب: الفصل بالألف الزائدة، تقول: ضخماوي، وضخموي؛ كما في حبلى. 11 أي: مما ألفه خامسة فصاعدًا، سواء كان جمعًا قياسيا أو سماعيا لاسم أو لصفة، وفي= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 وأما الأمور المتصلة بالآخر فستة أيضًا: أحدها: الياء المكسورة المدغمة فيها ياء أخرى1؛ فيقال في طيب وهَيِّن: طَيْبِيّ وهَيْنِي بحذف الياء الثانية: بخلاف نحو: هَبَيَّخ لانفتاح الياء2، وبخلاف نحو: مُهَيِّيم3 لانفصال الياء المكسورة من الآخر بالياء الساكنة4. وكان القياس أن يقال في طيء: طيئي، ولكنهم بعد الحذف قلبوا الياء الباقية ألفًا على غير قياس5 فقالوا: طائي.   = حذف علامتي التثنية والجمع للنسب، يقول الناظم في إجمال: وعلم التثنية احذف للنسب ... ومثل ذا في جمع تصحيح وجب* أي: احذف من المنسوب إليه عند النسب ما فيه من علامة تثنية، ومثل هذا الحذف للعلامة واجب في جمعي التصحيح بنوعيه: المذكر والمؤنث. 1 سواء كانت الياء المكسورة أصلية كطيب وهين، أو منقلبة عن أصل كميت، أو زائدة: كغزيل تصغير غزال، تقول: مَيْتيّ، وغُزَيلي. 2 فلا تحذف الياء الثانية لعدم كسرها؛ فيقال: هَبيخي بإثبات الياء الثانية والهبيخ: الغلام السمين. 3 تصغير مهيام، من هام على وجهه إذا ذهب من العشق، أو من هام إذا عطش. 4 فيقال في النسب إليه: مُهَيِّمي بإثبات الياء المكسورة، وبقي من المحترزات؛ ما إذا كانت الياء المكسورة مفردة لا مدغما فيها ياء أخرى, نحو: مُغْيل اسم فاعل من أغيلت المرأة ولدها؛ إذا أرضعته وهي حامل، فلا تحذف الياء، فيقال فيه: مغيليَّ. فجملة الشروط ثلاثة: كون الياء مشددة، ومكسورة، ومتصلة بالحرف الأخير. 5 أي: لأنها ساكنة، وإنما تقلب المتحركة. وعلل النحويون الحذف فيما تقدم: بأنه للتخفيف، وفيه يقول الناظم:=   1"وعلم التثنية" أي: علامة، مفعول احذف مقدم، والتثنية مضاف إليه."للنسب" متعلق باحذف. "ومثل ذا" مثل مبتدأ وذا مضاف إليه. "في جمع" متعلق بوجب الواقع خبرا عن المبتدأ. "تصحيح" مضاف إليه، وفاعل "وجب" يعود إلى "مثل ذا". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 الثاني: ياء "فَعِيلة"1 كحَنيفة وصحيفة؛ تحذف منه تاء التأنيث أولا2, ثم تحذف الياء3 ثم تقلب الكسرة فتحة 4 فتقول: حَنَفِيّ وصَحَفِيّ وشذ قولهم في السَّلِيقة5: سَلِيقِيّ، وفي عَمِيرة كلب6: عَميريّ. ولا يجوز حذف الياء في نحو: طويلة؛ لأن العين معتلة؛ فكان يلزم قَلْبُها ألفًا لتحركها وتحرك ما بعدها, وانفتاح ما قبلها فيكثر التغيير، ولا في نحو: جَلِيلة؛ لأن العين مضعفة، فيلتقي بعد الحذف مثلان فيثقل7.   = وثالث من نحو طيب حذف ... وشذ "طائى" مقولًا بالألف* أي: يجب حذف الياء الثالثة المكسورة من نحو: طيب، مما وقع فيه قبل الحرف الذي يجب كسره في النسب ياء مكسورة مدغم فيها أخرى. وشذ طائي بإبدال الياء ألفًا، والقياس: طيِّ. 1 بشرط أن تكون الغين غير مضعفة، وأن تكون صحيحة إذا كانت اللام كذلك. 2 لأنها لا تجامع ياء النسب كما تقدم. 3 فرقًا بين المذكر الصحيح اللام والمؤنث، كشريفي وحنيفي في النسب إلى شريف وحنيف. 4 كما مر في "نمر"؛ كراهة توالي كسرتين وياء النسب، وبذلك تصير الكلمة -بعد هذا التغيير- على وزن "فَعليّ". 5 هي الفطرة والطبيعة، والسليقي: الذي يتكلم بأصل طبيعته؛ معربًا من غير تعلم، قال الشاعر: ولست بنحوي يلوك لسانه ... ولكني سليقي أقول فأعرب 6 قبيلة عربية، ومثلها: سليمة الأزد: أما عميرة غير كلب، وسليمة غير الأزد، فيقال فيهما: غَضمري وسَلمي على القياس. 7 وفي ذلك يقول الناظم بعد:=   1 "وثالث" مبتدأ، وسوغ الابتداء به مع أنه نكرة كونه نعتًا لمحذوف؛ أي: وحرف ثالث "من نحو" متعلق بحذف الواقع خبرًا للمبتدأ، وطيب مضاف إليه، ونائب فاعل حذف يعود إلى ثالث. "طائي" فاعل شذ. "مقولا" حال منه. "بالألف" متعلق بمقولا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 الثالث: ياء "فُعَيَلَة"1 كجُهَينة وقريظة؛ تحذف تاء التأنيث أولًا ثم تحذف الياء2؛ فتقول: جُهَنِي، وقرظي. وشذ قولهم في ردَيْنة3: رُدَيْني، ولا يجوز ذلك في نحو: قُلَيلة؛ لأن العين مضعفة4.   = وتمموا ما كان كالطويلة ... وهكذا ما كان كالجليلة* أي: تمموا ولم يحذفوا ما كان على وزن "فعيلة"، وكان معتل العين صحيح اللام كالطويلة؛ فقالوا: طويلي، وكذلك تمموا ولم يحذفوا ما كان مضاعفًا كالجليلة؛ فقالوا: جليلي، ولم يحذفوا كراهة اجتماع المثالين وما فيه من الثقل مع عدم الإدغام. هذا: ويرى بعض الباحثين المعاصرين من أعضاء المجمع اللغوي المصري: أن النسب إلى "فَعيلة" بلفظ "فعليّ" بالشرطين المذكورين ليس واجبًا، بل هو جائز بشرط اشتهار المنسوب إليه، وعرض أكثر من مائة شاهد على ذلك، بعد تتبعه الكثير لكلام العرب، وأيد رأيه هذا بقول ابن قتيبة الدينوري في كتابه "أدب الكاتب" ما نصه "إذا نسبته إلى فَعيل أو فعِيلة" من أسماء القبائل والبلدان، وكان مشهورًا ألغيت منه الياء؛ مثل: ربيعة، وبجيلة، وحنيفة، فتقول: رَبعي، وبَجلي، وحنفي، وفي ثقيف ثَقَفي، وعتيك عَتَكي. وإن لم يكن الاسم مشهورًا؛ علما كان أو نكرة لم تحذف الياء في "فَعيل ولا فعيلة"؛ أي: إن الحذف قديمًا لم يكن إلا في المشهور وقد رأى المجمع اللغوي الأخذ بهذا الرأي المؤيد برأي عالم جليل كابن قتيبة، على ذلك؛ فما ذكر من الشواذ غير شاذ، وتكون النسبة إلى طبيعة طَبيعي، وليست شاذة، كما اشتهر. 1 بشرط أن تكون العين غير مضعفة، وأن تكون صحيحة إذا كانت اللام صحيحة. 2 فتصير الكلمة بعد هذا التغيير على وزن "فعلي". 3 ردينة: امرأة رجل يسمى السمهري, كانا يقومان الرماح ويرى بعضهم بقاء ياء "فُعَيلة" معتلة العين كما في "فعيلة". 4 وكذلك إذا كانت العين معتلة مع صحة اللام؛ كما في نُوَيرة ونويري، فإن كانت معتلة=   1 "ما" اسم موصول مفعول تمموا. "كان" فعل ماض ناقص، واسمه يعود إلى ما. "كالطويلة" متعلق بمحذوف خبر كان والجملة صلة ما. "وهكذا" خبر مقدم. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "كان كالجليلة" الجملة من كان واسمها وخبرها صلة ما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 الرابع: واو "فُعُولة"1 كشُنُوءه2 تحذف تاء التأنيث، ثم تحذف الواو، ثم تقلب الضمة فتحة؛ فتقول: شَنَئي، ولا يجوز ذلك في قئولة لاعتلال العين، ولا في نحول مَلُولة؛ لأجل التضعيف3. الخامس: ياء "فَعيل" المعتل اللام؛ نحو غني وعليّ تحذف الياء الأولى4، ثم تقلب الكسرة فتحة، ثم تقلب الياء الثانية ألفًا، ثم تقلب الألف واوًا؛ فتقول: غَنوي, وعَلَوِيّ5. السادس: ياء "فُعيل" المعتل اللام نحو قُصَيّ، تحذف الياء الأولى، ثم تقلب الياء الثانية ألفًا، ثم تقلب الألف واوًا؛ فتقول: قُصَويّ. وهذان النوعان مفهومان مما تقدم6، ولكنهما إنما ذكرا هناك استطرادًا وهذا موضعهما.   = مع اعتلال اللام وجب الحذف، نحو: حيّية، وحَيوي. وفي الحذف الخاص بصيغتي "فعيلة" و"فعيلة" يقول الناظم: و"فَعَليّ" في فَعِيْلة التزم ... و"فُعَلِيّ" في فُعَيْلة حتم أي: التزم في النسب إلى "فعيلة" بفتح العين وحذف الياء وفي النسب إلى "فعيلة"، "فعلي" بحذف الياء وقد علمت ما فيه من شروط ومن رأي بعض المعاصرين مدعمًا برأي ابن قتيبة في ذلك. 1 بشرط أن تكون العين صحيحة في الاسم وغير مضعفة. 2 حي من اليمن، سميت كذلك لشنآن بينهم ولم يرد عن العرب غير هذه الكلمة. 3 أما "سفعول" بغير تاء فينسب إليه على لفظه، نحو: ملول، وملولي، وعدو، وعَدّوي. 4 وهي الزائدة. 5 وذلك كراهة اجتماع الياءات مع الكسر. 6 أي: في "فعيلة" و"فعيلة" وقد سبق ذكرهما في حكم الياء المشددة بعد حرفين من حذف=   1 "وفعلى" مبتدأ. "في فعيلة" متعلق بالتزم الواقع خبرا للمبتدأ وهو ممنوع من الصرف. "وفعلى" مبتدأ. "في فعيلة" -مصروف- متعلق بحتم الواقع خبرًا لفعلى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 فإن كان "فُعِيل" و"فُعَيل" صحيحي اللام لم يحذف منهما شيء1 وشذ قولهم في ثقيف، وقريش: ثَقَفي، وقُرَشيّ2. فصل: حكم همزة الممدود في النسب كحكمها في التثنية؛ فإن كانت للتأنيث قلبت واوًا كصحراوِيّ3، أو أصلا سلمت نحو: قُرّائي، أو للإلحاق أو بدلًا من أصل فالوجهان؛ فتقول: كِسائي، وكِساوي، وعِلباوي وعِلبائي4. فصل: ينسب إلى صدر المركب؛ إن كان التركيب إسناديا، كتأبّطي وبَرْقي، وفي   = الأولى وقلب الثانية واوًا وفيهما يقول الناظم: وألحقوا معل لام عريا ... من المثالين بما التّا أوليا* يريد بالمثالين: صيغتي "فعيلة" و"فعيلة" أي: إن النحاة ألحقوا عند النسب ما كان معتل اللام خاليًا من التاء من الصيغتين السابقتين بما وليته التاء منهما؛ في وجوب حذف يائه، وفتح عينه. 1 تقول في عَقيل وعُقيل: عَقيلي وعُقَيليّ. 2 أي: بالحذف. انظر ما قرره بعض المعاصرين ورأي المجمع اللغوي صفحة 263 ويرى المبرد والسيرافي: جواز الحذف في المعل لاما -من فعيل وفعيل- ولا شذوذ فيه، وهو كثير في لغة أهل الحجاز، يمكن القياس على ما سمع من ذلك. 3 وشذ قلبها نونًا في صنعاني، وبهراني؛ نسبة إلى صنعاء اليمن، وبهراء اسم قبيلة من قضاعة، وجاء: صنعاوي، وبهراوي على القياس. 4 وفي الأحسن منهما ما سبق وفي همزة الممدود يقول الناظم: وهمز ذي مد ينال في النسب ... ما كان في تثنية له انتسب* أي: إن همزة الممدود تعطى في النسب من الحكم ما جرى عليها في التثنية مما تقدم.=   * سبق إعراب هذا البيت وبيان مجمل معناه في صفحة 254 فارجع إليه. * "وهمز ذي مد" مبتدأ ومضاف إليه. "ينال" فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى همزة ذي مد، وهو مفعوله الأول, والجملة خبر المبتدأ. "في النسب" متعلق بينال. "ما" اسم موصول مفعوله الثاني، وجملة "كان" صلة ما. "في تثنية له" متعلقان بانتسب الواقع خبر كان، واسمها مستتر فيها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 تأبط شرا، وبَرَق نحره أو مزجيا كبَعْليّ ومَعْدِي، أو مَعَدوِي1؛ في بعلبك، ومَعْدي كرب أو إضافيا2، كامرئي ومَرئي في امرئ القيس3؛ إلا إن كان كنية كأبي بكر   تتمة: أ- إذا كان الاسم مؤنثًا والهمزة لام الكلمة لا للتأنيث، نحو: سماء، وحراء، وقباء، جاز الوجهان، والتصحيح أجود للفرق بين هذا، وبين صحراء والمسموع في ماء وشاء قلب الهمزة واوًا، تقول: ماوي، وشاوي، فلو سمي بهما جاز الوجهان؛ على القياس فيما همزته بدل من أصل، تقول: مائي، وماوي، وشائي، وشاوي، والنسبة إلى "كيمياء" كيمياوي، ولا يقال كيميائي. ب- وإذا نسب إلى الثلاثي المعتل الآخر التشبيه بالصحيح؛ وهو ما آخره واو أو ياء قبلهما ساكن، نحو: ظبي ودلو فلا يحذف منه شيء عند النسب، تقول: ظبي ودلوي فإن جاءت بعده تاء التأنيث فالأرجح عدم الحذف أيضًا، تقول في ظبية وغزوة، ظبيي وغزوي، وتزاد تاء التأنيث إذا كان المنسوب مؤنثًا، وسمع قروي في قرية. جـ- وإذا نسب إلى الاسم المعتل الآخر بالواو، وهو قليل في اللغة العربية حتى قيل: إنه لم يسمع منه إلا "سمندو وقمندو"، وقد كثر الآن هذا النوع: مثل: أرسطو، رنو، كنغو، فالأحسن حذف الواو؛ إن كانت خامسة فأكثر، وبقاؤها إن كانت ثالثة، وجواز الأمرين إن كانت رابعة، تقول: أرسطي، ورنوي، وكنغوي أو كنغي، ويجب كسر ما قبل ياء النسب في جميع الحالات. 1 وإنما خير بين حذف الياء ووضع ياء النسب مكانها وهو الأرجح، أو قلبها بواو؛ لأنه بعد حذف الجزء الثاني يصير الجزء الأول منقوصًا كقاض، وياء المنقوص إذا كانت رابعة يجوز فيها الحذف والقلب وأجاز الجرمي النسب إلى العجز فيقال شري، ونحري، وبكي، وكريي، وقيل: ينسب إليهما مزالا تركيبهما، تقول: بعلي، بكي، معدي، كربي، وقيل: إلى مجموع المركب، تقول: بعلبكي، وحضرموتي. 2 يشترط أن يكون علمًا بالوضع أو بالغلبة، أما نحو غلام محمد، مما ليس علمًا، فمن النسبة إلى المفرد، فينسب فيه إلى المضاف وحده، أو إلى المضاف إليه كذلك على حسب المراد. 3 والثاني أفصح عند سيبويه، به تكلم العرب. قال ذو الرمة يهجو امرأ القيس. إذا المرئي شب له بنات ... عقدن برأسه إبَة وعارا واستثنى بعضهم: امرأ القيس الكندي؛ فإنه ينسب إليه "مَرْقَسي". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 وأم كلثوم، أو معرفا صدره بعجزه1 كابن عمر وابن الزبير فإنك تنسب إلى عجزه، فتقول: بَكْري وكُلْثُومي وعُمَري، وربما ألحق بهما ما خيف فيه لبس، كقولهم في عبد الأشهل: أشهلِي، وفي عبد مناف: مَنَافي2. فصل: وإذا نسبت إلى ما حذفت لامه رددتها وجوبا في مسألتين:   1 وذلك بأن يكون صدره نكرة، وعجزه معرفة بها يتعرف الصدر، كابن عباس، وابن عمر وهو العلم بالغلبة. 2 لأنه لو نسب إلى الصدر فقيل عبدي، لم يعرف المنسوب إليه. ويتلخص من هذا: أنه ينسب إلى عجز المركب الإضافي في ثلاث حالات: أن يكون كنية، وأن يكون علمًا بالغلبة، وأن يكون النسب إلى المصدر مؤديًا إلى اللبس، وما عدا ذلك ينسب إلى صدره، وفي النسب إلى المركب بأنواعه يقول الناظم: وانسب لصدر جملة، وصدر ما ... ركب مزجا، ولثان تمما إضافة مبدوءة بابن أو اب ... أو ما له التعريف بالثاني وجب فيما سوى هذ انسبن للأول ... ما لم يخف لبس، كعبد الأشهل* أي: انسب لصدر جملة "والمراد بها المركب الإسنادي"، وصدر المركب المزجي وذلك بأن=   * "وصدر ما" وصدر معطوف على صدر جملة، وما مضاف إليه. "ركب" الجملة صلة ما, "مزجا" مفعول مطلق لركب على تقدير مضاف؛ أي: تركيب مزج. "ولثان" معطوف على لصدر. "تمما" الجملة نعت لثان، "إضافة" مفعول تمما. "مبدوءة" نعت لإضافة. "بابن" متعلق بمبدوءة "أو اب" معطوف على بأن. "أو ما" معطوف على ابن؛ أي: أو مبدوءة بما .... إلخ "له" متعلق بوجب. "التعريف" مبتدأ. "بالثاني" متعلق به. "وجب" الجملة خبر المبتدأ، و"جملة المبتدأ" وخبره صلة ما. "فيما" متعلق بانسبن. "سوى" ظرف متعلق بمحذوف صلة ما. "هذا" اسم إشارة مضاف إليه. "للأول" متعلق بانسبن. "ما" مصدرية ظرفية. "لبس" نائب فاعل يخف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 إحداهما: أن تكون العين معتلة كشاة، أصلها شَوْهَة1؛ بدليل قولهم شِياه؛ فتقول: شاهِي2، وأبو الحسن3 يقول: شَوْهي؛ لأنه يرد الكلمة بعد رد محذوفها إلى   = تلحق ياء النسب بالصدر دون العجز: ويكون النسب للثاني "وهو العجز" إذا كان متمما لمضاف هو: كلمة ابن، أو أب، أو كان الصدر مما يستفيد التعريف من الثاني، وهو المضاف إليه وينسب للصدر فيما سوى ذلك إذا أمن اللبس؛ فإن خيف لبس نسب إلى العجز، كعبد الأشهل. هذا: وشذ بناء اسم على "فَعْلل" منحوتا من المضاف والمضاف إليه، والنسب إلى تلك الصيغة، وحفظ من ذلك: تَيملي، وعَبدري، ومَرقسي، وعَبقسي، وعَبشمي وحَضرمي في النسب إلى: تيم اللات، وعبد الدار، وامرئ القيس الكندي، وعبد القيس، وعبد شمس، وحضرموت. قال عبد يغوث بن وقاص الحارثي: وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم ترى قبلي أسيرًا يمانيا فائدة: يقال للرجل إذا شاخ: "كنْتِي" نسبة إلى قوله: كنت في شبابي كذا وكذا. إلخ. قال الشاعر: فأصبحت كنتيا وأصبحت عاجنا ... وشر خصال المرء "كنت" و"عاجن" وهذا شاذ، والقياس: كونيا. والعاجن: الذي يعتمد على أصابع يده عند قيامه من الكبر والضعف. 1 فهي واوية العين، حذفت لامها -وهي الهاء- للتخفيف وعوض عنها التاء، ثم حركت الواو بالفتحة لوجوب فتح ما قبل تاء التأنيث فصارت شوة، فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. 2 هذا عند سيبويه والجمهور وهو الراجح، فهم يستبقون عند النسب الضبط الطارئ على حروف الكلمة بسبب حذف بعض أصولها، ولا ترجع الحروف إلى ضبطها الأصلي إذا رد المحذوف الذي كان سببًا في تغيير بعض الحركات، فتفتح العين هنا وإن سكنت في الأصل، فتقلب ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. 3 انظر التعريف به في صفحة 159 جزء أول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 سكونها الأصلي1. الثانية: أن تكون اللام قد ردت في تثنية، كأب وأبوان، أو في جمع تصحيح2 كسنة وسَنَوات، أو سَنَهات، فتقول: أَبَوَيّ وسَنَوَيّ، أو سَنَهِي وتقول في ذو، وذات: ذَوَوي3 لأمرين: اعتلال العين، ورد اللام في تثنية ذات، نحو: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} وتقول في أخت: أَخَوي كما تقول في أخ4. وتقول في بنت: بَنَوي كما تقول في ابن إذا رددت محذوفه5؛ لقولهم: أخوات وبنات بحذف التاء والرد إلى صيغة المذكر الأصلية6، وسره7 أن الصيغة كلها للتأنيث8؛ فوجب ردها إلى صيغة المذكر9، كما وجب حذف التاء في مَكِّي وبَصْري ومُسلمات10.   1 وأصلها قبل حذف اللام التي هي الهاء: "شوهة" فإذا ردت اللام رجعت الواو إلى ضبطها الأصلي وهو السكون، ويمتنع قلبها ألفًا لعدم تحركها. 2 سواء كان لمذكر أو لمؤنث. 3 بفتح الذال والواو باتفاق بين سيبويه، وأبي الحسن الأخفش؛ لأن أصل "ذو" عندهما "فَعَلَ" بالتحريك ولامها ياء؛ فترد اللام وتقلب ألفًا، ثم تقلب الألف واوًا لأجل الياء كما في فتى، و"ذات" هي "ذو" بزيادة التاء. 4 أي: عند رد لامه المحذوفة، ولا يضر الالتباس بينهما؛ لأن النحاة لا يبالون بذلك في النسب. 5 ويلاحظ: أن الجبر في "بنت" واجب مثل "أخت"، بخلاف "ابن" فإنه جائز فيه. 6 وقد سبق أن ما وجب رده في الجمع يجب رده في النسب, وأصل بنات بنوات، قلبت الواو ألفًا، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، ولم يفعل ذلك مع أخوات؛ لأنها أقل استعمالا. 7 أي: حكمه رد صيغة المؤنث إلى صيغة المذكر. 8 أي: صيغة أخت وبنت: والتاء فيهما وإن كانت عوضًا عن اللام المحذوفة فهي للإلحاق بقُفْل وجذع، إلحاقًا للثنائي بالثلاثي، وتشعر بالتأنيث مع ذلك. 9 وذلك بحذف التاء في النسب. 10 أي: في النسب إلى مكه، وبصرة، وجمع المؤنث لمسلمة؛ وذلك لئلا تقع تاء التأنيث حشوا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 ويونس1 يقول فيهما: أُخَتِي وبنتيّ؛ محتجا بأن التاء لغير التأنيث؛ لأن قبلها ساكن صحيح2، ولأنها لا تبدل في الوقف هاء، وذلك مسلم؛ ولكنهم عاملوا صيغتهما معاملة تاء التأنيث؛ بدليل مسألة الجمع3.   1 انظر التعريف به في صحفة 252 جزء أول. 2 أي: وإذا كان ما قبل تاء التأنيث صحيحًا يجب فتحه؛ كضَيعة، وقَصعة، وفاطمة، وحمزة، ولا يسكن إلا إذا كان معتلا مثل "فتاة". 3 فقد ردوا المحذوف من المفرد وحذفوا التاء فيه، ثم جمعوه بألف وتاء مزيدتين، وقالوا أخوات وبنات، ورأي يونس جدير بالمحاكاة؛ لأنه يمنع اللبس بين النسب إلى أخ وابن، وأخت وبنت وفيما تقدم من رد اللام جوازًا ووجوبًا يقول الناظم: واجبر برد ما منه حذف ... جوازًا أن لم يكف رده ألف في جمعي التصحيح أو في التثنية ... وحق مجبور بهذي توفيه وبأخ أختا وبابن بنتا ... ألحق، ويونس أبى حذف التا* أي: اجبر برد اللام المحذوفة جوازًا في المنسوب إليه، إلا إذا كان الرد مألوفًا وواجبا في التثنية أو في جمعي التصحيح؛ فحينئذ يجب توفية المجبور وهو المحذوف اللام برد لامه إليه وألحق أختا بأخ، وبنتًا بابن في رد المحذوف وحذف تاء التأنيث ويونس يأبى حذف التاء وينسب إليهما على لفظيهما.   * "ما" اسم موصول مفعول اجبر. "منه" متعلق بحذف الواقع صلة لما. "جوازًا" نعت لمصدر محذوف بتقدير مضاف؛ أي: اجبره جبرًا ذا جواز. "يك" فعل الشرط مجزوم على النون المحذوفة للتخفيف، "رده" اسم يك. "ألف" الجملة خبرها، وحواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. "في جمعي الصحيح" في جمعي متعلق بألف، والصحيح مضاف إليه. "أو في التثنية" معطوف على جمعي التصحيح. "وحق مجبور" حق مبتدأ، ومجبور مضاف إليه. "بهذي" متعلق بتوفية الواقع خبرًا للمبتدأ أو بمجبور، واسم الإشارة إلى ما سبق من التثنية والجمع. "وبأخ" متعلق بألحق. "اختا" مفعوله مقدم. "وبابن" معطوف على بأخ. "بنتًا" معطوف على اختا من قبل العطف على معمولين لعامل واحد وهو جائز، "يونس" مبتدأ، وجملة "أبى ... إلخ" خبره، وقصر "التاء" للضرورة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 ويجوز رد اللام وتركها فيما عدا ذلك1؛ نحو: يَد ودَم، وشَفَة، تقول: يَدَوَي أو يَدِي، ودَمَوِي، أو دَمِي، وشَفِي، أو شَفَهِي، قاله الجوهري وغيره2، وقول ابن الخباز: إنه لم يسمع إلا شَفَهِي بالرد، لا يدفع ما قلناه3، إن سلمناه؛ فإن المسألة قياسية لا سماعية، ومن قال: "إن لامها واو"، فإنه يقول إذا رد: شَفَوَي، والصواب: ما قدمناه؛ بدليل: شافهت والشّفاه4. وتقول في ابن واسم5: ابني واسمي رددت اللام قلت: بَنَوي وسَمَوَي6 بإسقاط الهمزة؛ لئلا يجمع بين العوض والمعوض منه7. وإذا نسبت إلى ما حذفت فاؤه، أو عينه رددتتهما وجوبًا في مسألة واحدة، وهي: أن تكون اللام معتلة، كـ"يرى" علمًا وكـ"شِيَة"8؛ فتقول في يرى: يَرَئِي، بفتحتين فكسرة على قول سيبويه في إبقاء الحركة بعد الرد9، وذلك لأنه يصير يرأى، بوزن   1 وهو: ما صحت عينه، ولم ترد لامه في تثنية, ولا في جمع. 2 وأصل "يد" يدي بسكون الدال، حذفت اللام تخفيفًا بغير تعويض وتحركت الدال الساكنة وأصل "دم" دَمُو، حذفت الواو تخفيفًا كذلك وحركت الميم، وأصل "شُفة" شفْه، حذفت الهاء تخفيفًا وعوض عنها تاء التأنيث مع فتح ما قبلها. 3 أي: من جواز الأمرين. 4 فإن إسناد الفعل إلى التاء، والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها. 5 أي: ونحوهما، مما حذفت لامه وعوض عنها همزة الوصل، مثل: إست. 6 الكثير المسموع: ضم السين أو كسرها، أما الميم فمفتوحة. 7 فلا يصح أن يقال: ابنوي، واسموي. 8 أصل يرى: يرأى، فنقلت فتحة الهمزة إلى الراء الساكنة قبلها وحذفت الهمزة، وأصل "شِية": وشي، حذفت الواو ونقلت حركتها إلى الشين، وزيدت تاء التأنيث عوضًا عن الواو المحذوفة والشية العلامة، وكل لون يخالف معظم اللون من الفرس وغيره. 9 أي: رد العين المحذوفة، وهي الهمزة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 جَمَزَى، فيجب حينئذ حذف الألف1، وقياس قول أبي الحسن بَرْئي أو يَرْأَوِي، كما تقول: مَلْهَيّ ومَلْهَويَ2، وتقول في "شِيَة" على قول سيبويه: وشَوِي، وذلك، لأنك لما رددت الواو صار الوِشِي، بكسرتين كإبل، فقلبت الثانية فتحة كما تفعل في إبل3، فانقلبت الياء ألفًا، ثم الألف واوًا4، وعلى قول أبي الحسن: وِشْيّ5. ويمتنع الرد في غير ذلك، فتقول في سَهٍِ وعِدَة6، "وأصلها سَتَه ووعد، بدليل أستاه، والوعد": سَهِي، لا سَتْهِيّ، وعِدِي، ولا وَعْدي؛ لأن لامهما صحيحة7.   1 لأنها رابعة متحرك ثاني ما هي فيه. 2 أي: بحذف الألف، أو قلبها واوًا؛ لأنه إذا رد المحذوف -وهو الهمزة- رجعت الفاء إلى سكونها الأصلي فيصير بوزن "جرحى"، وألف المقصور الرابعة الساكن ثاني ما هي فيه يجوز فيها الوجهان: حذفها، وقلبها واوًا. 3 أي: إذا نسبت إليها؛ وذلك لكراهة توالي كسرتين وياءين كما سبق. 4 لأن ألف المقصور الثالثة يجب قلبها واوًا. 5 لأنه برد العين إلى سكونها الأصلي يمتنع قلبها ألفا لزوال المقتضى له. وإلى "شية" وما في حكمها يقول الناظم: وإن يكن كشية ما ألفا عدم ... فجبره وفتح عينه التزم* أي: إذا كان الاسم المنسوب إليه محذوف الفاء معتل اللام، مثل "شية" وجب جبره برد فائه المحذوفة، وفتح عينه عند سيبويه والجمهور، فتقول في شية "وشِوِي". 6 السّه: العجز، أو حلقة الدبر، وعدة: مصدر وعد، حذفت فاؤه وعوض عنها تاء التأنيث. 7 فلم يرد المحذوف منهما؛ فرقا بين النسبة إلى ما حذفت لامه، وما حذفت عينه أو فاؤه.   * "وإن يكن" شرط وفعله. "كشية" خبر يكن مقدم. "ما" اسم موصول اسمها مؤخر. "ألفا" بالقصر مفعول عدم مقدم، وجملة "عدم" صلة ما. "فجبره" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"جبره" مبتدأ مضاف إلى الهاء. "وفتح عينه" عطف على جبره ومضاف إليه. "التزم" الجملة خبر المبتدأ، وما عطف عليه، وجملة المبتدأ والخبر جواب الشرط، وأفرد ضمير التزم على معنى المذكور من جبره وفتح عينه وضمير جبره وفتح عينه عائد على مدلول "ما" وهو الاسم المحذوف الفاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 وإذا سميت بثنائي الوضع معتل الثاني: ضعفته قبل النسب1، فتقول في "لو" و"كي" علمين: لَوّ وكَيّ، بالتشديد فيهما، وتقول في "لا" علما: "لاء" بالمد2؛ فإذا نسبت إليهن،3 قلت: لَوِّي، وكَيويّ 4، ولائي، أو لاوِي5، كما تقول في النسب إلى الدَّوّ والحي والكساء: دَوِّي، وحَيَوِي، وكِسائي، أو كسَاوِي.   1 وذلك بأن تزيد عليه مثله من جنسه. 2 أي: بإبدال ألف التضعيف همزة؛ تخلصًا من تجاور ساكنين. 3 وذلك بأن جعلتها أسماء لأشخاص يراد النسب إليهم أو أريد نسبة شخص إلى لفظها لإكثاره منها. 4 أي: بلا إدغام؛ لعدم اجتماع مثلين؛ لأن الياء الزائدة تقلب واوًا في النسب. 5 لأن الزائد للتضعيف بمنزلة الأصلي، والهمزة إذا كانت بدلا من أصل يجوز فيها التصحيح والقلب، واوًا كما سلف وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وضاعف الثاني من ثنائي ... ثانيه ذو لين كـ"لا" و"لائي"* أي: إذا انسب إلى ثنائي الوضع معتل الثاني وجب تضعيفه؛ فتقول في "لا" علما: "لائي" بإبدال الألف الثانية همزة. هذا: وإذا كان الثاني صحيحا مثل "كم" وهل"؛ فإن جعل الثنائي علما للفظ وقصد إعرابه وجب تضعيف الحرف الثاني، تقول: أكثرت من "الكم ومن الهل" كما تقول في المعتل: أكثرت من اللو، وإن جعل علما لغير اللفظ وقصد إعرابه فلا يضعف الثاني، تقول: جاءني "كم" ورأيت "هلا". وخلاصة ما ذكره المصنف في المنسوب إليه المحذوف أحد أصوله: أ- أن محذوف الفاء والعين: يجب فيه الرد إذا كانت لامه معتلة؛ كشِية، ويرى علمين. ويمتنع الرد إن كانت اللام صحيحة؛ نحو: عدة وسنة. ب- ومحذوف اللام، يجب فيه رد المحذوف؛ إن رد في التثنية، كأب، وأخ، أو في الجمع بالألف والتاء، كأخت، وبنت، وسنة، أو كانت عينه معتلة نحو: شاة و"ذو". ويجوز الرد فيما عدا ذلك، أما ثنائي الوضع فقد سبق حكمه قريبا.   * "الثاني" معطوف ضاعف. "من ثنائي" متعلق بمحذوف حال من الثاني. "ثانيه" مبتدأ. "ذو لين" خبر ومضاف إليه، والجملة نعت لثان. "كلا" جار ومجرور، و"لا" مقصود لفظه، متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف. "ولائي" معطوف على "لا" وأصله بتشديد الياء وخفف في الوقف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 فصل: وينسب إلى الكلمة الدالة على جماعة، على لفظها؛ إن أشبهت الواحد؛ بكونها اسم جمع1، كقَومِيّ ورَهْطيّ، أو اسم جنس كشَجَري2، أو جمع تكسير لا واحد له، كأبابيلي3، أو جاريًا مجرى العلم كأنصاري4، وأما نحو: كلاب وأنمار علمين5، فليس مما نحن فيه؛ لأنه واحد، فالنسب إليه على لفظه، من غير شبهة. وفي غير ذلك يرد المكسّر إلى مفرده، ثم ينسب إليه؛ فتقول في النسب إلى فرائض، وقبائل، وحمر: فَرَضِي وقَبَلِي، بفتح أولهما وثانيهما6، وأُحْمَرِي، وحَمْراوي7.   1 سواء كان له مفرد من لفظه مثل: صَحْبي وركبي، أم لا كمثال المصنف. 2 ومثله: تركي، ورومي ... إلخ في النسبة إلى شجر، وترك، وروم. 3 الأبابيل: الجماعات، وقيل مفرده إبّالة، وهي الحزمة الكبيرة، شبهت بها الجماعة من الطير في تضامها ومثل أبابيل: عباديد، وهم الجماعات المتفرقة من الناس ومن الخيل تذهب في كل وجه. 4 فقد صار علما بالغلبة على القوم المعروفين من أهل المدينة أنصار الرسول -عليه الصلاة والسلام- ومثله "الأصولي"، نسبة إلى الأصول؛ فقد غلب على العلم المعروف حتى صار كالعلم عليه. 5 أي: وضعًا للقبيلتين المعروفتين، ومثلهما: مدائن اسم بلد بالعراق، ومعافر بن مر، أخو تميم بن مر. 6 وذلك لردهما إلى فريضة وقبيلة، فحذفت الياء والتاء في النسب، ومن الخطأ قولهم، فرائضي وكتبي، وآفاقي، في النسب إلى كتب، وآفاق، والقياس: كتابي وأفقي. 7 وذلك لأن "حُمرا" إما جمع أحمر، أو حمراء، والنسب إلي أحمر أحمري، وإلى حمراء حمراوي بقلب الهمزة واوا.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 فصل: وقد يستغنى عن ياء النسب بصوغ المنسوب إليه على "فَعَّال"، وذلك غالب في الحرف؛ كبَزَّاز، ونَجَّار، وعوَّاج1، وعطّار، وشذ قوله:   = وفي النسب إلى جمع التكسير يقول الناظم: والواحد اذكر ناسبًا للجمع ... إن لم يشابه واحدًا بالوضع* أي: إذا أردت النسب إلى الجمع، فجيء بمفرده وانسب إليه، وهذا إن لم يشابه هذا الجمع الواحد، بالوضع؛ بأن يكون علما كأنمار، أو جاريًا مجرى العلم كأنصار، وهذا الذي ذهب إليه المصنف والناظم مذهب البصريين، أما الكوفيون فيجيزون النسب إلى جمع التكسير الباقي على جمعيته، بدون رد إلى مفرده؛ لأن النسب إلى المفرد قد يوقع في لبس، وقد قرر مجمع اللغة العربية، الأخذ برأي الكوفيين، ورأى أن النسبة إلى الجمع قد تكون في بعض الأحيان أدق في التعبير عن المراد من النسبة إلى المفرد؛ فيقال مثلا في النسبة إلى الدول: الدولي، وفي النسبة إلى الملوك: الملوكي، ولا سيما أن النسب إلى الجمع قد كثر فيما مضى، وغلب حتى جرى مجرى الأعلام، فقد قيل: الدوانيقي، لأبي جعفر المنصور الخليفة العباسي، وقيل لغيره: الكرابيسي، والأنماطي، والثعالبي، والجواليقي .... إلخ، واستمر النسب إلى الجمع على هذا النحو إلى الآن وإنما ينسب إلى لفظ الجمع عند الحاجة، كالتمييز بين المنسوب إلى الواحد والمنسوب إلى الجمع. 1 البزاز: بائع البز؛ وهو الثياب، أو متاع البيت من الثياب ونحوها، والعواج: بائع العاج. وأمثلة: "فعَّال" كثيرة، كحداد، ونجار، ونساج، ولبان ..... إلخ، ومع كثرتها لا يجيز سيبويه القياس عليها أما المبرد فيجيز القياس على ما سمع. وقد قرر مجمع اللغة العربية: أن "فعّال" يصاغ قياسًا للدلالة على الاحتراف أو ملازمة الشيء فإن خيف لبس بين صانع الشيء وملازمه كانت صيغة "فعّال" للصانع، وكان النسب بالياء لغيره، فيقال: "زجاج" لصانع الزجاج، و"زجاجي" لبائعه ويجوز أن يزاد على آخره تاء للدلالة على الجماعة فيقال: الحدّادة، والنجّارة، والبقّالة، والعطّارة، ومنه: البغالة؛ وذلك لأن الجماعة مؤنثة.   * "الواحد" مفعول اذكر مقدم. "ناسبًا" حال من فاعل اذكر المستتر. "للجمع" متعلق بناسبًا. "يشابه" فعل الشرط مجزوم بلم وفاعله يعود إلى الجمع. "واحدًا" مفعول يشابه. "بالوضع" متعلق بيشابه والباء بمعنى "في"، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه مع أن الشرط مضارع للضرورة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 وليس بذي سيف وليس بنبال1 أي: بذي نبل، وحمل عليه قوم: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} 2، أو على "فاعل"، أو على "فَعِل"، بمعنى ذي كذا؛ فالأول، كتامر، ولابن، وطاعم، وكاس3،   1 عجز بيت من الطويل لامرئ القيس الكندي، يصف رجلا بلغه أنه توعده، وهو من شواهد سيبويه وصدره: وليس بذي رمح فيطعنني به اللغة والإعراب: فيطعنني بضم العين من باب نصر، وقيل بفتحها بنبال: بصاحب نبل، هي السهام العربية، ولا واحد لها من لفظها، والنابل: الذي يبري السهام "بذي رمح" بذي خبر ليس على زيادة الباء، ورمح مضاف إليه، وكذلك "بنبال"، "فيطعن" يطعن فعل مضارع منصوب بعد فاء السببية في جواب النفي. المعنى: أن هذا الشخص الذي يتوعدني لا أبالي به؛ لأنه ليس من أهل السلاح ولا من رجال الحرب. الشاهد: في قوله "بنبال"؛ حيث استعمل في الدلالة على النسبة إلى ما أخذ منه وهو النبل، والغالب أن تصاغ هذه الصيغة من أسماء الحِرَف كالنجارة والعطارة؛ للدلالة على الانتساب إليها، قال الأشموني: إن "فعال" هنا قام مقام "فاعل"، كلابن وتامر، وقد بناه على "فعّال" للمبالغة. 2 أي: بمنسوب إلى الظلم وحجتهم في ذلك: أن "فعال" هنا لو كانت للمبالغة لكان النفي منصبًا عليها فيكون المعنى: ما ربك بكثير الظلم، فالمنفي هو الكثرة وحدها دون أصل الظلم وهذا فاسد؛ لأنه سبحانه منزه عن الظلم قليلا كان أو كثيرًا. [سورة فصلت الآية: 46] . وقيل: إن "فعال" بمعنى "فاعل"، وعدل عنه إليها تعريضًا بأن ثم ظلامًا للعبيد من ولاة الجور، وبأن العبيد جمع كثرة، فجيء في مقابلته بالكثرة. 3 أي: صاحب تمر، ولبن، وطعام، وكسوة قال الحطيئة: وغررتني وزعمت أنـ ... ك لابن في الصيف تامر أي: كثير اللبن والتمر، والفرق بين "فاعل" هذا في النسب وبين اسم الفاعل: أن الثاني يفيد العلاج ويقبل تاء التأنيث بخلاف الأول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 والثاني، كطَعِم، ولَبَن، ونَهِر، قال: لست بلَيْلِيّ ولكني نَهِر   1 صدر بيت من الرجز، استشهد به سيبويه ولم ينسبه، وعجزه: لا أدلج الليل ولكن ابتكر اللغة والإعراب: بليلي: منسوب إلى الليل، أي: لا أعمل فيه. نهر: أي: أعمل بالنهار. أدلج الليل: أسير فيه. والدلج: السير من أول الليل، ابتكر: أدرك النهار من أوله، والابتكار: المبادرة إلى الشيء، "بليلي" خبر لست على زيادة الباء "نهر" خبر لكن، وسكن لضرورة الشعر. المعنى: أنه لا يستطيع العمل بالليل، ولكنه يزاول عمله بالنهار، ولا يسير بالليل، وإنما يقوم مبكرًا ليدرك النهار من أوله، حيث النشاط والقوة بعد الراحة. وقد يكون المراد: أنه ليس من اللصوص أو الفتاكين الذين يزاولون عملهم بالليل وفي الظلام, بعيدين عن أعين الرقباء، ولكنه ممن يكدحون بالنهار لجلب رزقهم. الشاهد: في "نهر" فإنه على وزن "فَعِل" على معنى المنتسب إلى النهار وهذه الصيغة تغني عن ياء النسب، فهي بدل "نهاري" والأنسب الاقتصار على المسموع من هاتين الصيغتين، ولا يقاس عليهما؛ لقلة الوارد منهما، ولخفاء المعنى معهما. وفي الصيغ الثلاث يقول الناظم: ومع "فاعل، وفَعَّال، فَعِل" ... في نسب أغنى عن اليا فقبل* أي: قد يستغنى عن الياء بصوغ الاسم على "فاعل"، أو "فعال"، أو "فعل" يعني صاحب كذا، وقد يستغنى عن ياء النسب أيضًا: "بمِفْعال" كقولهم: امرأة مِعطار؛ أي: ذات عطر، و"مفعيل" كقولهم: ناقة محضير؛ أي: ذات حُضر وهو الجري و"فَعال" بقلة، ومنه يماني في يمني، بتخفيف ياء النسب وحذف إحدى الياءين والإتيان بدلها بألف، وشآمي في شامي، بياء واحدة ساكنة.   * "ومع فاعل" مع ظرف حال من ضمير أغنى، وفاعل مضاف إليه. "وفعال" معطوف على فاعل. "فعل" مبتدأ. "في نسب" متعلق بأغنى الواقع خبرًا من المبتدأ، "عن الياء" متعلق بأغنى وقصر للضرورة. "فقيل" الفاء عاطفة، قيل فعل ماض مبني للمجهول، نائب الفاعل مستتر فيه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 فصل: وما خرج عما قررناه في هذا الباب فشاذ؛ كقولهم: أمَوِي، بالفتح1، وبِصْرِي، بالكسر2، ودُهْرِي، للشيخ الكبير بالضم 3، ومَرْوَزِي، بزيادة الزاي4، وبَدَوِي، بحذف الألف5، وجَلُولِي وحَرُورِي، بحذف الألف والهمزة6.   1 والقياس ضم الهمزة نسبة إلى أمية. 2 والقياس فتح الباء نسبة إلى البصرة، وسمع الكسر؛ ولكن الفتح أفصح وعليه فلا شذوذ. 3 والقياس فتح الدال نسبة إلى الدهر. 4 نسبة إلى مدينة "مَرْو" بفارس، ومثله: رباني وفوقاتي، وسفلاني، وتحتاني نسبة إلى الرب، وفوق، وسفل، وتحت وصنعاني في صنعاء، وبحراني في البحرين، ورُوحاني في الروح، وصيدلاني في الصيدلة، وجَواني، وبراني في النسبة إلى جو بمعنى البيت، وبر بمعنى الخارج ..... إلخ. 5 نسبة إلى البادية. 6 الأول منسوب إلى "جلولاء" قرية بفارس، والثاني إلى "حروراء" قرية بظاهر الكوفة. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بقوله: وغير ما أسلفته مقررًا ... على الذي ينقل منه اقتصرا* أي: إن ما جاء من النسب مخالفًا لما سبق تقريره، يقتصر فيه على الذي ورد منقولا عن العرب مسموعا عنهم، ولا يقاس عليه كما ذكرنا. هذا: وهنالك جموع لحقت آخرها تاء عوضًا عن ياء النسب، لأن مفرداتها كانت منسوبة؛ مثل: الأزارقة، الأشاعرة، المهالبة، المشارقة، المغاربة. وإذا كان المنسوب مؤنثًا أتي بتاء التأنيث بعد ياء النسب، للدلالة على ذلك إن لم يوجد مانع، تقول: قرأت بحوثًا علمية عميقة، لباحثات عربيات؛ فيهن المصرية، والسورية والكويتية، والفلسطينية ... إلخ.   * "وغير" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "أسلفته" الجملة صلة ما. "مقررا" حال من الهاء في أسلفته. "على الذي" جار ومجرور متعلق باقتصر. "ينقل" الجملة صلة. "منه" متعلق بينقل وهو في موضع النيابة عن الفاعل، "اقتصرا" فعل ماض للمجهول، ونائب فاعله يعود إلى غير، والجملة خبر غير، والألف للإطلاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف النسب واشرح التغييرات التي تحدث بسببه، وبين الغرض منه، مع التمثيل. 2 تحذف لأجل النسب أشياء من آخر الاسم. اذكر هذه الأشياء، ومثل لكل بأمثلة من عندك. 3 كيف تنسب إلى المركب؟ وإلى الجمع واسم الجنس؟ اشرح ذلك بالأمثلة. 4 ما حكم الياء المشددة في آخر الاسم إذا نسب إليه؟ اشرح أحوالها المختلفة التي مرت بك ووضح بالأمثلة. 5 بين حكم المقصور والممدود عند النسب، واشرح قول الناظم: والألف الجائز أربعا أزل ... كذاك "يا" المنقوص خامسا عزل 6 كيف تنسب إلى "فَعيلة"، "فُعيلة"؛ و"فَعولة"، مثل، واشرح رأي ابن قتيبة، ورأي المجمع اللغوي في هذا. 7 وضح حكم النسب إلى محذوف الفاء، أو العين، أو اللام، وابسط القول في بيت الناظم: وضاعف الثاني من ثنائي ... ثانيه ذو لين كلا ولائي 8 هنالك صيغ يستغنى بها عن ياء النسب، اذكر هذه الصيغ، وبين فيما تستعمل غالبًا؟ 9 فيما يأتي شواهد للنسب، وضح الشاهد، وبين المنسوب إليه على ضوء ما عرفت. قال -تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ} . {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} . كان عنترة العبسي فارسا جاهليا، وكان الأصمعي لغويا بارعًا، وكان الأشبيلي عروضيًا ماهرًا، وكان الصنهاجي صاحب الأجرومية المعروفة نحويا كوفيا. كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب تزوجتها رامية هرمزية ... بفضلة ما أعطي الأمير من الرزف. إذا ما غضبنا غضبة مضرية ... هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما إذا المرئي شب له بنات ... عقدن برأسه إبة وعارا = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....   = 10 قال المتنبي من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة، ويصف كتيبة: وملمومة سيفية ربعية ... تصيح الحصى فيها صياح اللقالق ملمومة: مجموعة اللقالق: نوع من الطيور، والمفرد: لقلق، أو لقلاق. وقال أيضا: وأهوى من الفتيان كل سميدع ... نجيب كصدر السمهري المقوم 11 انسب إلى الكلمات الآتية، واشرح قاعدة النسب إلى كل منها. رب. حدائق. ناحية. أبو الفداء. جاد المولى. طبرية. سبعة. فرنسا. شتاء. جرجا. ثريد. حسناء. غني. رضوى. معدة. راية. قلادة. عشواء. سلمان. دية. ابن عمر. عبد الجليل. مدينة. طليطلة. البحرين. ثان. جاد الرب. بني سويف. معهد التربية. 13 سمع عن العرب ما يأتي: رباني في النسبة إلى "رب" ... تحتاني وفوقاني في النسبة إلى تحت وفوق بدوي في النسبة إلى البادية ... قرشي في النسبة إلى قريش الرازي في النسبة إلى الري ... قروي في النسبة إلى قرية طائي في النسبة إلى طيء ... بصري في النسبة إلى البصرة حضرمي في النسبة إلى حضرموت ... مروزي في النسبة إلى مرو حقاني في النسبة إلى حق ... روحاني في النسبة إلى روح فهل هذا جار على قواعد النسب التي مرت بك؟ وإذا كان فيها تغيير وشذوذ عن هذه القواعد، فما هو؟ اشرح ذلك. 13 ضع في المكان الخالي في العبارات الآتية: اسمًا منسوبًا ملائمًا للمعنى، واذكر المنسوب إليه. كان لاختراع القنبلة ... ... ... والصواريخ ... ... ... والسفن ... ... ... والطائرات ... ... ... وغير ذلك من أنواع التقدم ... ... ... أثر كبير في الحروب ... ... ... التي تدور رحاها في العالم بين المستعمرين ... ... ... والشعوب ... ... .... ينذر بالويل ... .... ... ويقضي على صفاء الحياة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = 14 انسب إلى الكلمات الآتية واضبطها بالشكل. "نموذج" 15 انسب إلى الكمات الآتية واضبطها بالشكل بعد النسب. شعرى. حسناء. بيضة. معى. غنى. فرنسا. كتب. ري. بردى. ثريد. شبرا. دينا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 باب: الوقف 1 إذا وقفت على منون2، فأرجح اللغات وأكثرها: أن يحذف تنوينه بعد الضمة   باب: الوقف 1 الوقف هو: قطع النطق عند آخر الكلمة؛ إما لتمام الغرض من الكلام، أو لقصد الاستراحة، أو لتمام النظم في الشعر والسجع في النثر، وغير ذلك من الأغراض، وهو أنواع كثيرة، أظهرها ثلاثة: أ- اختياري، وهو الذي يقصد لذاته وبمحض الاختيار، وقد قسمه القراء إلى ثلاثة أقسام: تام، وكاف، وحسن. فالتام هو الذي يكون عند تمام الكلام ولا تعلق له بما بعد. لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى، وأكثر ما يكون في رءوس الآي وانقضاء القصص وإن كان له تعلق بما بعده من جهة المعنى فقط فهو الوقف الكافي، وإن كان هذا التعلق من جهة اللفظ فهو الحسن ويتطلب الوقف أنواعًا من التغيير ترجع غالبًا إلى ثمانية أشياء، وهي: الحذف، والزيادة، والسكون، والنقل، والتضعيف، والروم، والإشمام، والإبدال، وقد ذكر المصنف سبعة منها، وجمعها بعضهم في بيت فقال: نقل وحذف وإسكان ويتبعها التـ ... ـضعيف والروم والإشمام والبدل. ب- اضطراري، وهو الذي لا يقصد أصلا بل يلجأ إليه الإنسان للضرورة، مثل انقطاع النفس، ويسميه القراء: الوقف القبيح؛ لأنه قد يفسد المعنى. جـ- اختباري، وهو: الذي لا يقصد لذاته؛ بل يقصد به الاختبار الشخصي؛ هل يحسن الشخص الوقوف على نحو: "عم"، و"فيم"، و"اقتضاءَم"، "أَلا يَسْجُدُوا" بالتخفيف، ونحو ذلك مما يتوهم أنه لفظ واحد، وهو في الواقع أكثر؟ أولا. والنوع الأول هو المراد هنا، والمقصود في هذا الباب. 2 الموقوف عليه إما أن يكون منونًا أو غير منون؛ فإذا وقف على منون غير مؤنث بالتاء ففيه ثلاث لغات ذكر المصنف إحداهن وهي الفصحى، والثانية: الوقف عليه بحذف التنوين وسكون الآخر مطلقًا، وهي لغة ربيعة غالبًا. والثالثة: الوقف بإبدال التنوين ألفًا بعد الفتحة، وواوًا بعد الضمة، وياء بعد الكسرة، وهي لغة الأزد، أما المؤنث بالتاء حكمه قريبًا، وأنه لا يوقف عليه إلا بالإسكان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 والكسرة1؛ كـ"هذا زيد"، و"مررت بزيد"، وأن يبدل ألفًا بعد الفتحة: إعرابية كانت، كـ"رأيت زيدًا"، أو بنائية، كـ"إيها". و"وَيها"2، وشبهوا "إذن" بالمنون المنصوب؛ فأبدلوا نونها في الوقف ألفًا، هذا قول الجمهور3، وزعم بعضهم أن الوقف عليها بالنون4، .........................................   1 ويسكن ما قبل التنوين. 2 معنى "إيهًا": انكفف، ومعنى "ويها": أعجب. انظر 334 جزء ثالث وقد أشار الناظم إلى هذه اللغة بقوله: تنوينا إثر فتح اجعل ألفًا ... وقفا، وتلو غير فتح احذفا* أي: إذا وقفت على اسم منون، وكان التنوين بعد فتحة فأبدله ألفًا في الوقف؛ واحذفه إذا وقع بعد غير الفتح "وهو الضم والكسر"، وسكن ما قبله. هذا: والمقصور المنون يوقف عليه بالألف في الأحوال الثلاثة، وهذه الألف بدل من التنوين على قول، وبدل من لام الكلمة على قول آخر، وعند سيبويه والجمهور: بدل من التنوين في حالة النصب، وبدل من لام الكلمة في حالتي الرفع والجر. ويظهر أثر هذا الخلاف في الإعراب؛ فعلى أنها بدل من التنوين يعرب الاسم بحركات مقدرة على الألف المحذوفة للساكنين، وعلى أنها المنقلبة عن الياء يعرب بحركات مقدرة على الموجودة؛ لأنه حينئذ محل الإعراب. 3 واختاره الناظم، وإليه أشار بقوله: وأشبهت "إذًا" منونا نصب ... فألفا في الوقف نونها قلب* أي: إن "إذا" أشبهت الاسم المنون المنصوب، فقلبت نونها ألفًا في الوقف كما يقلب تنوين المنصوب. 4 أي: لأنها بمنزلة "أن" الناصبة للمضارع، والتنوين لا يدخل في الحروف ونقل هذا عن المازني, والمبرد, وعلى ذلك تكتب بالنون. وإن وقف عليها بالألف كتبت بالألف.   * "تنوينا" مفعول أول اجعل. "إثر" ظرف متعلق باجعل. "فتح" مضاف إليه. "ألفًا" مفعول اجعل الثاني. "وقفا" مفعول لأجله، أو حال من ضمير اجعل بتأويل واقفا. "وتلو" مفعول احذف مقدم. "غير فتح" مضاف إليه. "احدفا" فعل أمر مبني على الفتح لنون التوكيد المنقلبة ألفًا في الوقف. * "إذا" فاعل أشبهت. "منونا" وجملة "نصب" نعت منونًا, "فألفًا" مفعول قلب الثاني مقدم. "في الوقف" متعلق بقلب, "نونها" مبتدأ ومضاف إليه، وجملة "قلب" خبر ونائب فاعله والمفعول الأول، وتقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ جائز في الضرورة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 واختاره ابن عصفور، وإجماع القراء السبعة على خلافه1. وإذا وقف على هاء الضمير؛ فإن كانت مفتوحة، ثبتت صلتها2، وهي الألف، كـ"رايتُها"، و"مررت بها"، وإن كانت مضمومة، أو مكسورة، حذفت صلتها، وهي الواو والياء3، كـ"رأيتُه"، و"مررت به" إلا في الضرورة4، فيجوز إثباتها، كقوله: ومهمة مغبرة أرجاؤه ... كأن لون أرضه سماؤه5   1 فقد أجمعوا على الوقف بالألف في نحو: {وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} [سورة الكهف الآية: 20] ، وفي رسمها خلاف؛ فقيل: تكتب بالألف كما في المصحف الإمام وهذا هو الكثير، وقيل: إن ألغيت كتبت بالألف لضعفها، وإن أعملت كتبت بالنون، قيل: بالعكس؛ لأنها عند الإلغاء تلتبس بإذا الشرطية. 2 وهي حرف العلة المتصل بها من جنس حركتها. 3 ووقف على هاء الضمير بالسكون. 4 أي: ضرورة الشعر، وإنما يكون ذلك في آخر العروض، أو الضرب. 5 بيت من الرجز لرؤبة بن العجاج، أو بيتان من مشطور الرجز. اللغة والإعراب: مهمة: هو المفازة البعيدة التي يشق السير فيها، والبلد القفر، قيل: سميت بذلك؛ لأن سالكها يقول لرفقتة: "مَه مَه"، أي: كف عن الكلام، مغبرة: كثر فيها الغبار، وهو التراب، أرجاؤه: نواحيه، جمع رجا بالقصر وهي الناحية "ومهمة" الواو واو رب، "مهمة" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع منها حرف الجر الشبيه بالزائد "أرجاؤه" فاعل بمغبرة ومضاف إليه "كأن" حرف تشبيه نصب "لون أرضه" لون اسم كأن، وأرضه مضاف إليه "سماؤه" خبر كأن ومضاف إليه. المعنى: أن هذا المهمة قد عمه الغبار وانتشر فيه، وارتفع غباره كأن لون سمائه من الغبار لون أرضه، فحذف المضاف وقلب التشبيه للمبالغة. الشاهد: في أرجاؤه وسماؤه؛ فقد أثبت في كل منهما الواو التي هي صلة الضمير المضموم في الوقف، وذلك لضرورة الشعر، والكثير حذف الصلة، والوقف بالسكون. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 وقوله: تجاوزت هندًا رغبة من قتاله ... إلى ملك أعشو إلى ضوء ناره1 وإذا وقف على المنقوص، وجب إثبات يائه في ثلاثة مسائل: إحداها: أن يكون محذوف الفاء، كما إذا سميت بمضارع "وَفى" أو "وَعَى"، فإنك تقول: "هذا يَفي"، و "هذا يَعي" بالإثبات، لأن أصلهما: يَوْفِي ويُوْعِي فحذفت فاؤهما2، فلو حذفت لامهما، لكان إجحافًا. الثانية: أن يكون محذوف العين نحو: مُرِ، اسم فاعل من أرى، وأصله: مَرْئي، بوزن مُرْعِي؛ فتنقلت حركة عينه -وهي الهمزة- إلى الراء، ثم أسقطت3، ولم يجز   1 بيت من الطويل، لم ينسب لقائل فيما بين أيدينا من المراجع. اللغة والإعراب: هند: علم رجل؛ بدليل تذكير ضميره وصرفه، أعشو إلى ضوء ناره: أستدل عليها ببصر ضعيف، والعشا: سوء البصر بالليل والنهار كالعشاوة، والعشواء: الناقة التي لا تبصر أمامها، وعشا النار وإليها: رآها ليلا من بعيد فقصدها مستضيئًا بها "رغبة" مفعول لأجله "إلى ملك" جار ومجرور متعلقان بتجاوزت، وجملة "أعشو" صفة لملك. المعنى: واضح بعد ما ذكر من شرح. الشاهد: في "قتاله، ونار" حيث أثبت الهاء فيهما التي هي صلة الضمير المكسور في الوقف لضرورة. وإلى ما تقدم أشار الناظم بقوله: واحذف لوقف في سوى اضطرار ... صلة غير الفتح في الإضمار* أي: احذف عند الوقف -في غير الضوررة- صلة هاء الضمير؛ إن كانت مضمومة أو مكسورة، وقف على الهاء الساكنة. وإن كانت مفتوحة وقف عليها ولم تحذف. 2 أي: لوقوعها بين عدوتيها: الياء المفتوحة، والكسرة. 3 أي: حذفت الهمزة للتخفيف، ثم الياء لالتقائها ساكنة مع التنوين.   * "لوقف في سوى" متعلقان باحذف، "اضطرار" مضاف إليه. "صلة" مفعول احذف، "غير الفتح" غير مضاف إليه. والفتح مضاف إليه أيضًا، "في الإضمار" متعلق بصلة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 حذف الياء في الوقف لما ذكرنا1. الثالثة: أن يكون منصوبًا؛ منونًا كان نحو: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا} أو غير منون نحو: {كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي} 2. فإن كان مرفوعًا، أو مجرورًا، جاز إثبات يائه وحذفها، ولكن الأرجح في المنون الحذف3، نحو: "هذا قاض"، و"مررت بقاض"، وقرأ ابن كثير: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍي} ، {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍي} 4، والأرجح في غير المنون الإثبات5، كـ"هذا القاضي"، و"مررت بالقاضي".   1 أي: من أن في ذلك إجحافًا بالكلمة؛ لإبقائها على حرف واحد. 2 إنما وجب إثبات الياء فيهما وقفًا؛ لتحصنها في الأول بالألف، وفي الثاني "بأل". 3 لأن الياء غير ثابته في الوصل، والوقف موضع راحة يحتاج إلى التخفيف فلا يؤتى فيه بما لم يكن في الوصل، وهذا رأي سيبويه والمتأخرين وهو الراجح. 4 أي: بإثبات الياء فيهما وهذا إذا لم يكن المنقوص محذوف العين وإلا تعين الرد كما سبق [سورة الرعد الآيتان: 7، 11] . 5 وقرئ: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} ، {يَوْمَ التَّنَادِ} بالحذف فيهما، ويدخل تحت غير المنون: ما سقط تنوينه بدخول أل، كمثال المصنف: وما سقط تنوينه للنداء نحو: يا قاضي، أو لمنع الصرف، نحو: رأيت جواري بالنصب، أو للإضافة، نحو: هذا قاضي مصر، ويترجح في هذا الحذف كالمنون. وفي حالة النصب لا يقلب تنوينه ألفا لضعفه، بل يوقف عليه بالياء. وإلى ما تقدم من حكم الوقف على المنقوص؛ يشير الناظم بقوله: وحذف "يا" المنقوص ذي التنوين ما ... لم ينصب أولى من ثبوت فاعلما وغير ذي التنوين بالعكس وفي ... نحو مُرٍ لزوم رد اليا اقتفي* =   * "وحذف" مبتدأ. "يا المنقوص" مضاف إليه. "ذي التنوين" ذي نعت للمنقوص، والتنوين مضاف إليه. "ما" مصدرية ظرفية. "أولى" خبر المبتدأ. "من ثبوت" متعلق بأولى. "فاعلما" فعلى أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف. "وغير" مبتدأ. "ذي التنوين" مضاف إليه. "بالعكس" متعلق بمحذوف خبر "وفي نحو" متعلق باقتفي. "مر" مضاف إليه. "لزوم" مبتدأ. "رد اليا" مضاف إليه. وجملة "اقتفي" خبر المبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 فصل: ولك في الوقف على المحرك الذي ليس هاء التأنيث1، خمسة أوجه: أحدها: أن تقف بالسكون، وهو الأصل، ويتعين ذلك في الوقف على تاء التأنيث2. الثاني: أن تقف بالروم، وهو: إخفاء الصوت بالحركة3، ويجوز في الحركات كلها، خلافا للفراء في منعه إياه في الفتحة4، وأكثر القراء على اختيار قوله. الثالث: أن تقف بالإشمام، ويختص بالمضموم، وحقيقته: الإشارة بالشفتين إلى الحركة بعيد الإسكان، من غير تصويت5؛ فإنما يدركه البصير دون الأعمى.   = أي: إن حذف ياء المنقوص المنون -غير المنصوب- أولى من الإثبات، فإن كان منصوبا أبدل تنوينه ألفا. والمنقوص غير المنون بالعكس، فإن كان غير منصوب فالإثبات أولى من الحذف. وإن كان منصوبا ثبتت ياؤه ساكنة. وأشار بقوله: ... ... ... ... وفي ... نحو مُرٍ لزوم رد اليا اقتفي إلى أنه إذا كان المنقوص المنون محذوف "العين" "كمر" أو محذوف الفاء وجب إثبات الياء عند الوقف. 1 أما هي فيوقف عليها بالسكون، ويحذف تنوينها، مثل: فاطمة، وقائمة. 2 لأنه لا يتأتى فيها الأوجه الأخرى، وسيوضح المصنف ذلك بعد. 3 وذلك بأن تشير إليها بخفة، وسرعة، وترومها مختلسا لها ولا تتمها، فتكون حالة متوسطة بين الحركة والسكون، فهي أكثر من الإشمام الآتي؛ لأنها تسمع فيدركها الأعمى الصحيح السمع, والبصير؛ لأن فيه مع حركة الشفة صوتا يكاد الحرف به يكون متحركا وسمي الروم روما؛ لأنك تروم الحركة ولم تسقطها. 4 فيمتنع الوقف عنده على {لا رَيْبَ} ، {إِنَّ اللَّهَ} ، {يُؤْمِنُونَ} . 5 وكيفيته: أن تضم الشفتين مع بعض انفراج بينهما يخرج منه النفس؛ ليراهما المخاطب مضمومتين، فيعلم أنك أردت بضمها الحركة، ولذلك لا يدركه إلا البصير. وهو مشتق من الشم، كأنك أشممت الحرف رائحة الحركة وهيأت العضو للنطق بها. والغرض منه ومن الروم: الفرق بين الساكن، أصالة، والمسكن لأجل الوقف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 الرابع: أن تقف بتضعيف الحرف الموقوف عليه1، نحو: "هذا خالد"، و"هو يجعل"، وهو لغة سعدية، وشرطه خمسة أمور، وهي: ألا يكون الموقوف عليه همزة2، كخطأ ورش3، ولا ياء كالقاضي، ولا واوًا، كيدعو، ولا ألفا، كيغشى، ولا تاليًا لسكون4، كزيد وعمرو. الخامس: أن تقف بنقل حركة الحرف إلى ما قبله5، كقراءة بعضهم: "وَتَوَاصَوْا بِالصَّبِرْ"6، وقوله: أنا ابن ماوية إذ جد النقر وشرطه خمسة أمور أيضًا، وهي: أن يكون ما قبل الآخر ساكنًا، وأن يكون ذلك   1 أي: بتشديده، وذلك بأن تزيد عليه حرفًا مثله فيلزم الإدغام. 2 لأن الهمزة لا تدغم ولا يدغم فيها في موضع اللام لثقلها، والحرص على إظهارها لخفائها، وتدغم إذا كانت عينًا كسأل. 3 الرشأ محركة: الظبي إذا قوي ومشي مع أمه، والجمع أرشاء، وشجرة تسمو فوق القامة والرشاء: حبل البئر. 4 وذلك لئلا يجتمع ثلاث سواكن: المدغم وهو المزيد للتضعيف، وما قبله، وما بعده، قال الصبان: ولم ينقل التضعيف عن أحد من القراء إلا عن عاصم في قوله تعالى: "مُسْتِطَر" في أول سورة القمر. 5 أي: نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى الساكن قبله. 6 سورة العصر. 7 صدر بيت من الرجز، استشهد به سيبويه، ونسبه لبعض السعديين ولم يعينه، ونسبه ابن السيد لعبد الله بن ماوية الطائي؛ ونسبه الصاغاني لفدكي بن عبد الله المنقري، وعجزه: وجاءت الخيل أثافي زمر اللغة والإعراب: النقر: صوت يسكن به الفرس إذا اضطرب بالفارس؛ ويكون بلصق طرف اللسان بأعلى الحلق، ثم فتحه والتصويب به، أثافيّ: جمع أثفية، وهي العدد الكثير والجماعة من الناس، والأثفية أيضًا: الحجر يوضع عليه القدر ويقال: رماه بثالثة الأثافي؛= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 الساكن لا يتعذر تحريكه ولا يسثقل، وأن لا تكون الحركة فتحة1، وأن لا يؤدي النقل إلى بناء لا نظير له؛ فلا يجوز النقل في نحو: "هذا جعفر"؛ لتحرك ما قبله2، ولا في نحو: "إنسان" و"يشُدّ" و"يقول" و"يبيع" لأن الألف والمدغم، لا يقبلان الحركة، والواو المضموم ما قبلها، والياء المكسور ما قبلها تستثقل الحركة عليهما، ولا في نحو: "سمعت العلم" لأن الحركة فتحة، وأجاز ذلك الكوفيون والأخفش3، ولا في نحو: "هذا علم" لأنه ليس في العربية "فِعُل" بكسر أوله وضم ثانيه. ويختص الشرطان الأخيران4 بغير المهموز، فيجوز النقل في نحو: {للَّهَ الَّذِي   = أي: بالشر كله. زمر: جمع زمرة، وهي الجماعة. "أنا" ضمير منفصل مبتدأ "ابن ماوية" ابن خبر، وماوية مضاف إليه "إذا" ظرف؛ بمعنى حين والعامل فيه ما في ابن ماوية من معنى شجاع، أو مقدام، "النقر" فاعل جد. المعنى: أنا الشجاع المقدام إذا اضطربت الخيل بفرسانها وجاءت جماعات متتابعة، وذلك عند الهيجاء، واشتداد رحى الحرب. الشاهد: في "النقر" فإن أصله بسكون القاف وتحريك الراء بالضمة للإعراب فتقلب الضمة من الراء إلى القاف للوقف. 1 أي: الحركة التي يراد نقلها؛ لأن المفتوح إذا كان منونا؛ يلزم من النقل حذف ألف التنوين، وحمل غير المنون عليه. وكذلك يتشرط أن يكون المنقول منه صحيحًا، فلا نقل في نحو: "ظبي، ودلو". 2 أي: والمحرك لا يقبل حركة أخرى، وهذا احتراز لقوله: أن يكون ما قبل الآخر ساكنًا، ويجوز في لغة لخم نقل الحركة إلى متحرك، ومن ذلك قول الشاعر: من يأتمر للخير فيما قصده ... تحمد مساعيه ويعلم رشده فقد نقل حركة الهاء في قصده -وهي الضمة- إلى الدال وهي متحركة قبل النقل. 3 وذلك طردا للباب. 4 وهما: ألا تكون الحركة فتحة، وألا يؤدي النقل إلى بناء لا نظير له في العربية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 يُخْرِجُ الْخَبْءَ} ، وإن كانت الحركة فتحة، وفي نحو: "هذا رِدْء"، وإن أدى النقل إلى صيغة "فِعُل"1، ومن لم يثبت في أوزان، الاسم، "فُعِل" بضمة فكسرة، وزعم أن الدئل منقول عن الفعل, لم يجز في نحو: "بقُفْل" النقل2، ويجيزه في نحو: "ببطء"، لأنه مهموز3.   1 وإنما اغتفر ذلك في الهمزة لثقلها، وإذا سكن ما قبل الهمزة الساكنة كان النطق بها أصعب، الردء: العون، والردء: العدل الثقيل. 2 لأنه يصير بعد النقل "بقُفل". 3 لأن عدم النظير في النقل من الهمزة مغتفر لثقلها، والبطء: ضد السرعة. ومع هذا فالنقل قليل في كلام العرب؛ ولم يقرأ به في القرآن إلا في كلمتين: الصبر، والعصر، قيل: ولعل السبب في ذلك، ما يترتب عليه من تغيير بناء الكلمة في الظاهر وما يلزم من نقل حركات الإعراب إلى وسط الكلمة، ومحلها المألوف آخر الكلمة، وفيما تقدم من الوقف على المتحرك، يقول الناظم: وغير "ها" التأنيث من محرك ... سكنه، أو قف رام التحرك أو أشمم الضمة، أو قف مضعفًا ... ما ليس همزًا أو عليلا، إن قفا محركا، وحركات انقلا ... لساكن تحريكه لن يحظلا ونقل فتح من سوى المهموز لا ... راه بصري، وكوف نقلا والنقل إن يعدم نظير ممتتع ... وذاك في المهموز ليس يمتنع*   * "وغير" مفعول لمحذوف يفسره سكنه. "ها التأنيث" مضاف إليه. "من محرك" متعلق يسكنه. "أوقف" معطوف على سكنه. "رائم التحرك" رائم حال من فاعل قف، والتحرك مضاف إليه من إضافة الوصف لمفعوله. "أو أشمم" معطوف على قف. "الضمة" مفعول أشمم. "أو قف" عطف على أشمم, "مضعفًا" حال من فاعل قف، وفيه ضمير مستتر هو فاعله. "ما" اسم موصول مفعوله. "همزًا" خبر ليس، واسمها يعود إلى ما، الجملة صلة الموصول. "أو عليلا" معطوف على همزًا. "قف" أي: تبع. فعل الشرط، وفاعله يعود إلى ما ليس همزًا، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. "محركا" مفعول قفا. "وحركات" مفعول انقلا مقدم. "انقلا" فعل أمر مبني على الفتح، لاتصاله بالنون المنقلبة ألفًا للوقف. "لساكن" متعلق بانقلا. "تحريكه" مبتدأ ومضاف إليه. "لن يحظلا" الجملة خبر، وجملة المبتدأ والخبر في محل جر صفة لساكن. "ونقل فتح" نقل= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 فصل: وإذا وقف على تاء التأنيث1،التزمت التاء، إن كانت متصلة بحرف كثُمَّت2، أو فعل كقامت، أو باسم وقبلها ساكن صحيح، كأخت وبنت3، وجاز إبقاؤها وإبدالها إن كان قبلها حركة4، نحو: تمرة وشجرة، أو ساكن معتل، نحو: صلاة ومُسلمات5 لكن الأرجح في جمع التصحيح، كمُسلمات، وفيما أشبهه6، وهو   = أي: إذا وقف على اسم متحرك الآخر -غير هاء التأنيث- فلك في الوقف عليه خمسة أوجه: التسكين، والروم والإشمام فيما حركته ضمة، والتضعيف في غير ما آخره همزة، أو حرف علة، وينبغي أن يلي حركة، والوقف بالنقل بشرط أن يكون ما قبله ساكنًا لا يمتنع تحريكه، وألا تكون الحركة المراد نقلها فتحة. ويجيز الكوفيون الوقف بالنقل مطلقًا، ولا يجيزه البصريون إذا كانت الحركة فتحة؛ إلا إذا كان الآخر مهموزًا، ويمتنع الوقف بالنقل إذا أدى إلى بناء غير موجود في العربية إلا إذا كان الآخر همزة، وقد ذكر المصنف أمثلة موضحة لذلك كله. 1 المراد: التاء التي تدل على التأنيث، ولو بحسب الوضع؛ فتشمل تاء المبالغة مثل رواية، وزيادة المبالغة كعلامة. 2 ومثلها: "رُبَّت، ولعلَّت، ولات"، وأجاز الكسائي الوقف على "لات" بالهاء وأجاز ابن مالك في الكافية، وأبو حيان: الوقف على ربت وثمت، وبالهاء؛ قياسًا على لات. 3 وكون تائهما للتأنيث، لا ينافي كونها للتعويض عن لام الكلمة أيضًا. 4 ولا تكون الحركة إلا فتحة. 5 ولا يكون هذا الساكن المعتل إلا ألفًا، وإنما جعل حكم الألف حكم المتحرك؛ لأنها منقلبة عن حرف متحرك فهي كالمتحرك تقديرًا. 6 أي: في الدلالة على متعدد في الحال، مثل: "أولات"، أو في الأصل مثل: "عرفات", أو في التقدير "كهيهات".   = مبتدأ، وفتح مضاف إليه. "من سوى" متعلق بنقل. "المهموز" مضاف إليه. "لا يراه بصري" الجملة خبر المبتدأ. "وكوف" مبتدأ، وحذفت منه ياء النسب للضرورة. "نقلا" الجملة خبر والألف للإطلاق. "والنقل" مبتدأ. "عدم" فعل الشرط. "نظير" نائب فاعله. "ممتنع" خبر، وجواب الشرط محذوف. "وذاك" اسم إشارة مبتدأ. "في المهموز" متعلق بيمتنع الواقع خبرًا لليس، وجملة ليس واسمها وخبرها خبر المبتدأ؛ وهو ذاك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 اسم الجمع، وما سمي به من الجمع تحقيقًا أو تقديرًا، فالأول، كأولات، والثاني كعرفات وأذرعات1، والثالث كهيهات، فإنها في التقدير: جمع هَيْهَة، ثم سمي بها الفعل الوقف بالتاء، ومن الوقف بالإبدال قولهم: "كيف الإخوة والأخواه؟ "، وقولهم: "دفن البناه من المكرماه" 2، وقرأ الكسائي والبزي3: "هَيْهَاهْ"4، والأرجح في غيرهما5 الوقف بالإبدال6 ومن الوقف بتركه، قراءة نافع، وابن عامر، وحمزة: "إِنَّ شَجَرَتْ"7، وقال الشاعر. والله أنحاك بكفي مسلمت ... من بعد ما وبعد ما وبعد مت كانت نفوس القوم عند الغلصمت ... وكادت الحرة أن تدعى أمت8   1 هما: جمعا عرفة وأذرع تحقيقًا، وعرفة: موقف الحجاج على بعد حول اثني عشر ميلا من مكة، وأذرعة: قرية بالشام. 2 تعبير المصنف يوهم أن هذا ليس بحديث: وقد روي الطبراني عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما عزي بابنته رقية قال: "الحمد لله" وذكره. 3 هو الإمام أبو الحسن؛ أحمد بن محمد بن عبد الله البزي المكي، مقرئ مكة ومؤذن المسجد الحرام، كان أستاذًا محققًا ضابطًا متقنًا، روى عنه ابن قنبل، وتوفي سنة 250هـ. 4 [سورة المؤمنون من الآية: 36] . 5 أي: في غير جمع التصحيح، وما أشبه؛ سواء كان ذلك الغير مفردًا كمسلمة، أو جمع تكسير كغِلمة. 6 أي: بإبدال التاء هاء؛ فرقًا بينها وبين التاء الأصلية. 7 [سورة الدخان الآية: 43] . 8 بيتان من الرجز، لأبي النجم العجلي، الراجز المشهور. اللغة والإعراب: أنجاك: خلصك مسلمة: علم رجل، ولعله مسلمة بن عبد الملك بن مروان الغلصم: اللحم بين الرأس والعنق، أو الموضع الناتئ في رأس الحلقوم. "الله" مبتدأ "أنجاك" الجملة خبر "بكفي" متعلق بأنجي مجرور بفتحة مقدرة، منع من ظهروها السكون العارض للوقف نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = والتأنيث. "مسلمت" مضاف إليه. "من بعد" جار ومجرور متعلق بأنجي "ما" كافة للبعد عن الإضافة، أو مصدرية، وهي ومدخولها في تأويل مصدر مضاف إليه -يبعد- أي: من بعد كون نفوس ... إلخ. "وبعدمت" معطوف عليه للتوكيد وأصله "بعد ما" فأبدلت ألف "ما" المصدرية هاء، ثم الهاء تاء تشبيها لها بهاء التأنيث، فوقف عليها بالتاء، وما بين ذلك توكيدًا أيضًا "أمت" مفعول ثان لتدعى منصوب بفتحة مقدرة، منع منها سكون الوقف، ونائب فاعله يعود إلى الحرة. المعنى: أن الله سبحانه خلصك من الموت، وما لاقيت من الشدة بيدي هذا الشجاع البطل مسلمة، من بعد ما كانت أرواح القوم على وشك الخروج، وكادت الحرائر أن تسبى وتصبح إماء. الشاهد: في مسلمت، والغلصمت، وأمة؛ حيث لم تبدل تاء التأنيث في الوقف هاء، بل أبقيت على حالها وفي حكم الوقف على تاء التأنيث، يقول الناظم في إجمال كعهده: في الوقف "تا" تأنيث الاسم "ها" جعل ... إن لم يكن بساكن صح وصل وقل ذا في جمع تصحيح، وما ... ضاهي، وغير ذين بالعكس انتمى* أي: إذا وقف على اسم فيه تاء التأنيث، ولم يكن قبلها ساكن صحيح، بأن كان ما قبلها متحركًا أو ساكنًا معتلا بالألف، وقف عليه بالهاء، وإن كان ما قبلها ساكنًا صحيحا وقف عليه بالتاء ويقل الوقف بالهاء، على جمع التصحيح المؤنث وما يشبهه والأرجح الوقف عليهما بالتاء، أما غيرهما من المفرد وجمع التكسير، فبالعكس.   * "في الوقف" متعلق بجعل. "تا" بالقصر مبتدأ. "تأنيث الاسم" مضاف إليه. "ها" بالقصر مفعول جعل الثاني مقدم. "جعل" نائب فاعلة يعود إلى تاء التأنيث، وهو المفعول الأول, والجملة خبر المبتدأ. "يكن" فعل الشرط مجزوم بلم واسمه يعود إلى تاء التأنيث. "بساكن" متعلق بوصل الواقع خبرًا ليكن. "صح" الجملة صفة لساكن "في جمع تصحيح" في جمع متعلق بقل، وتصحيح مضاف إليه، "وما" اسم موصول معطوف على جمع. "ضاهي" الجملة صلة ما. "وغير" مبتدأ "ذين" مضاف إليه، والإشارة إلى جمع التصحيح ومضاهيه. "بالعكس" متعلق بانتمي الواقع خبرًا عن المبتدأ مضاف إليه والإشارة إلى جمع التصحيح ومضاهيه. "بالعكس" متعلق بانتمي الواقع خبر عن المبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 فصل: ومن خصائص الوقف اجتلاب هاء السكت1، ولها ثلاثة مواضع: أحدها: الفعل المُعل بحذف آخره، سواء كان الحذف للجزم، نحو: "لم يَغْزه" و"لم يخشه" و"لم يَرمه"، ومنه: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} 2، أو لأجل البناء، نحو: "اغزه"، و"اخشه"، و"ارمه"، ومنه: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} 3، والهاء في ذلك كله جائزة، لا واجبة، إلا في مسألة واحدة، وهي أن يكون الفعل قد بقي على حرف واحد؛ كالأمر من "وعى يعي"، فإنك تقول: "عِه"4 قال الناظم: "وكذا إذا بقي على حرفين، أحدهما زائد، نحو: لم يعه". ا. هـ5، وهذا مردود بإجماع المسلمين على وجوب الوقف على   1 وذلك للتوصل إلى بقاء الحركة في الوقف، وسميت بذلك؛ لأنه يسكت عليها دون آخر الكملة. 2 هذا على القول بأنه من السنة، وأن لامه واو محذوفة، وأصله يتسنو، قلبت الواو ألفًا ثم حذفت للجازم فلحقته هاء السكت في الوقف, [سورة البقرة الآية: 259] . ويرى الحجازيون: أن الهاء في يتسنه أصلية وهي لام الفعل، والفعل، مجزوم بالسكون. وقيل: أصل "يتسنه" يتسننن بثلاث نونات، من الحمأ المسنون، أبدلت النون الثالثة ألفًا لاجتماع الأمثال، ثم وقف عليه بالهاء، وقيل: إن لام "سنه" هاد، والهاء في "يتسنه" أصلية ومعنى لم يتسنه: لم يتغير الطعام والشراب بمرور السنين. 3 اقتده: فعل أمر من يقتدي، والهاء ساكنة للسكت ومن كسرها فهي ضمير المصدر، وفيها الإشباع وعدمه, [سورة الأنعام من الآية: 90] . 4 أصله: أوعي، حذفت الياء للبناء على الأمر، والواو حملا على المضارع لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، ثم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها، وبقيعين الكلمة بعد حذف فائها ولامها ومثلها "فِه"، أمر من الوفاء، و"قِه"، من الوقاية، و"إه" أمر من وأى يئي؛ بمعنى وعد يعد ومثال ما بقى منه الفاء فقط "ره" أصله: أراه، نقلت حركة الهمزة إلى الراء، ثم حذفت، وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها. 5 أي: كلام الناظم في غير الألفية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 نحو: {وَلَمْ أَكُ} ، {وَمَنْ تَقِ} 1، بترك الهاء. الثاني: "ما" الاستفهامية المجرورة، وذلك أنه يجب حذف ألفها إذا جرت2، نحو: "عم، وفيم، ومجيء مَ جئت"3، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   1 أي: في قوله -تعالى في: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [سورة مريم الآية: 20] ، وفي: {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ} [سورة غافر الآية: 9] . وفي هذا الموضع من إلحاق هاء السكت في حالة الوقف يقول الناظم: وقف بها السكت على الفعل المعل ... بحذف آخر كأعط من سأل وليس حتما في سوى ما كع أو ... كيع مجزومًا، فراع ما رعوا* أي: يجوز الوقف بهاء السكت على الفعل الذي حذف آخره للجزم أو للبناء، كقولك في لم يعط: لم يعطه، وفي أعط: أعطه، ولا يلزم ذلك إلا إذا بقي الفعل على حرف واحد، مثل "ع" أمر من وعى، تقول فيه: "عه" أو على حرفين أحدهما زائد مثل "يَع" مجزومًا تقول: لم يعه والصحيح عدم لزومها فيما بقي على حرفين كما أوضح المصنف. 2 سواء جرت بحرف أو بإضافة، وقد مثل لهما المصنف، وبعض العرب لا يحذف ألف ما الاستفهامية، المجرورة، فإذا وقف لا يقف إلا بالألف وقد جاء على هذه اللغة قول حسان: على ما قام يشتمني لئيم ... كخنزير تمرغ في رماد ويشترط ألا تركب مع "ذا" وإلا امتنع الحذف؛ نحو: لماذا تسافر؟، على ماذا تلومني؟ وقال الشاطبي: حذف الألف من المجرورة بالاسم، جائز لا واجب. 3 "مجيء" مفعول مقدم لجئت، وقد تقدم على عامله وجوبًا لإضافته لواجب التصدير وهو الاستفهام، والأصل: "جئت مجيء مَ" وهو سؤال عن صفة المجيء، أي: على أي صفة جئت؟   * "بها السكت" بها متعلق بقف والسكت مضاف إليه. "على الفعل" متعلق به كذلك. "المعل" نعت لفعل. "بحذف آخر" متعلق بالمعل ومضاف إليه. "من اسم" موصول مفعول أعط. "سأل" الجملة صلة من. "وليس" اسمها يعود إلى لحاق هاء السكت. "حتما" خبرها. "في سوى" متعلق بحتما. "ما" اسم موصول مضاف إليه, "كع" جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما. "أو كيع" عطف عليه "مجزوما" حال من كيع. "فراع" فعل أمر مبني على حذف الياء. "ما" اسم موصول مفعول راع. "رعوا" الجملة صلة ما، والعائد محذوف أي: الذي رعوه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 فرقًا بينها وبين "ما" الخبرية1 في مثل "سألت عما سألت عنه" فإذا وقفت عليها، ألحقتها الهاء حفظًا للفتحة، الدالة على الألف، ووجبت إن كان الخافض اسما2، كقولك في "مجيء مَ جئت" و"اقتضاء مَ اقتضى": مجيء مه، واقتضاء مه، وترجحت إن كان حرفًا3، نحو: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} ، وبها قرأ البزي4.   1 تشمل الموصولة كمثال المصنف، والشرطية نحو: بما تسر أسر، والمصدرية، نحو: عجبت مما تشرب؛ فلا يحذف ألف شيء من ذلك ونقل المبرد: أن حذف ألف ما الموصولة بشئت لغة؛ لكثرة الاستعمال؛ يقول كثير من العرب: سل عما شئت. 2 لبقائها على حرف واحد. 3 لأن الجار إذا كان حرفًا كان كالجزء منها فكأنها على حرفين. 4 انظر صفحة 292 وإلى هذا الموضع يشير النام بقوله: وما" في الاستفهام إن جرت حذف ... ألفها وأولها الها إن تقف وليس حتما في سوى ما انخفضا ... باسم كقولك اقتضاء م اقتضى أي: إذا جرت "ما" الاستفهامية، وجب حذف ألفها، فإذا وقف عليها بعد الجار لحقتها هاء السكت، وهذه الهاء غير لازمة إذا كان الجار حرفًا؛ نحو: عمه، وفيمه، وعم، وفيم، والإثبات، أجود. وتجب إن كان الخافض اسمًا؛ نحو: اقتضاء مه".   * "وما "مبتدأ. "في الاستفهام" متعلق بمحذوف نعت لما أي: ما المستعملة في الاستفهام. "جرت" فعل الشرط. "حذف ألفها" الجملة جواب الشرط، وجملتا الشرط وجوابه خبر المبتدأ. "وأولها" فعل أمر مبني على حذف الياء، و"ها" مفعوله الأول. "الها" مفعوله الثاني. "إن تقف" شرط حذف جوابه لدلالة الكلام عليه. "وليس" اسمها يعود على إيلاء ما الاستفهامية الهاء في الوقف. "حتما" خبرها في سوى. "متعلق بحتما" ما اسم موصول مضاف إليه، وجملة "انخفضا" صلة "باسم" متعلق بانخفضا. "كقولك" خبر لمبتدأ محذوف. "اقتضاء" مفعول مطلق تقدم على عامله وجوبًا لإضافته إلى واجب التصدير. "م" اسم استفهام مضاف إليه. "اقتضى" فعل ماض وفاعله. "وهو" أي: اقتضى أي اقتضاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 الثالث: كل مبني على حركة بناء دائمًا، ولم يشعبه المعرب1، وذلك، كياء المتكلم 2، وكَهِي، وهو فيمن فتحهن، وفي التنزيل: {مَا هِيَهْ} ، {مَالِيَهْ} ، {سُلْطَانِيَهْ} 3، وقا الشاعر: فما إن يقال له من هوهْ   1 القيود ثلاثة، وسيذكر المصنف محترزاتها، فإذا استوفيت جاز إلحاق هاء السكت. 2 الأصل فيها: البناء على الحركة، وسكونها أحيانا عارض للتخفيف. 3 "ما هيه" [سورة القارعة الآية: 10] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} ، و {مَالِيَه} و {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [سورة الحاقة من الآيتين: 28، 29] {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} ، {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} . 4 عجز بيت من المتقارب، لسيدنا حسان بن ثابت الأنصاري -شاعر الرسول- في الفخر، وصدره: إذا ما ترعرع فينا الغلام اللغة والإعراب: ترعرع: تحرك ونشأ؛ والمراد: قارب البلوغ, الغلام: الصبي والأنثى غلامة "إذا" شرطية "ما" زائدة بعد إذا "ترعرع" فعل الشرط "فما" الفاء واقع في جواب الشرط. و"ما" نافية "إن" زائدة "من" استفهام مبتدأ "هوه" ضمير منفصل في محل رفع خبر، والهاء للسكت، والجملة نائب فاعل "يقال". المعنى: إذا بلغ الصبي من الحلم، لا يسأله أحد عن نفسه؛ لأنه يشتهر ويعرف له شأنه وقدره في المجتمع الذي يعيش فيه. الشاهد: في "هوه" حيث لحقت هاء السكت الضمير؛ لتبقى حركة البناء، وهي الفتحة على حالها؛ كما لحقت "سلطانيه وماليه" على لغة فتح ياء المتكلم. هذا: وإذا كانت ياء ساكنة؛ فإذا كانت في فعل جاز فيها إثبات الياء ساكنة وهو الأجود، تقول: أكرمني وعلمني. وجاز حذفها وهو حسن؛ لأن قبلها نون الوقاية تدل عليها نحو: أكرمن وعلمن، قال الأعشى: ومن شانئ كاسف وجهه ... إذا ما انتسبت إليه أنكرن يريد: أنكرني والشانئ: المبغض. وإن كانت في اسم نحو: هذا كتابي ومحمد صديقي، لم يجز حذفها عند كثير من العلماء؛ فلا تقل! هذا كتاب؛ لأن الحذف يوقع في لبس، فلا يدرى، أهو مفرد أو مضاف؟ وأجاز سيبويه ثبوت الباء ساكنة وحذفها؛ لأن اللبس يزول عند الوصل. وإن كانت في حرف فكذلك، وإن كانت محذوفة في الوصل بقيت على الحذف في الوقف نحو: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [سورة مريم الآية: 16] . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 ولا تدخل في نحو: "جاء زيد"، لأنه معرب1، ولا في نحو: اضرب"، و"لم يضرب"، لأنه ساكن2، ولا في نحو: "لا رجل" و"يا زيد" و"من قبل ومن بعد" لأن بناءهن عارض3، وشذ قوله: أرمض من تحت وأضحى من عله   1 أي: بالحركات، وحركة الإعراب تعرف بالعامل فلا تحتاج إلى بيان بهاء السكت، وتلحق المثنى والمجموع على حده؛ تقول: مسلمانَه، ومسلمونَه؛ لأن إعرابهما بالحروف. 2 أي: وهاء السكت إنما تدخل لبيان الحركة. 3 فالحركة فيها شبيهة بحركة الإعراب في العروض؛ لأنها جاءت بسبب شيء يشبه العامل وتزول بزواله، فلا تدخلها هاء السكت، وعلى ذلك لا تدخل اسم "لا"، ولا المنادى المضموم، ولا ما بني من الظروف لقطعه عن الإضافة، كقبل، وبعد، ولا العدد المركب؛ كخمسة عشر؛ لأن حركات هذه الأشياء مشابهة لحركات الإعراب كما بينا. 4 عجز بيت من الرجز، نسبه العيني لأبي ثروان، وقد ورد في أرجوزة منسوبة لأبي الحجنجل، وصدره: يا رب يوم لي لا أظلله اللغة والإعراب: لا أظلله, أي: لا أظلل فيه، وقد حذف حرف الجر واتصل الفعل بالضمير نفسه. أرمض: من رمضت قدمه, إذا احترقت بالرمضاء, وهي الأرض شديدة الحرارة، ويقال: أرمضته الرمضاء؛ أي: أحرقته، وأضحى: أتعرض للشمس وقت الضحى. وفي بناء أرمض، وأضحى للمفعول أو للفاعل؛ بحث طويل في الصبان فارجع إليه إن شئت "يا" حرف تنبيه، أو للنداء، والمنادى محذوف "رب" حرف جر شبيه بالزائد. "يوم" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة "لي" جار ومجرور صفة ليوم "لا" نافية "أظله" أظلل فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل أنا، والهاء مفعول ثان على التوسع، أو= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 فلحقت ما بني بناء عارضًا؛ فإن "عَلُ" من باب "قبل وبعد"، قاله الفارسي والناظم، وفيه بحث مذكور في "باب الإضافة"، ولا في الفعل الماضي، كـ"ضَرَب"، وقَعَد1؛ لمشابهته للمضارع في وقوعه صفة، وخبرًا، وحالًا، وشرطًا.   = مجرور على نزع الخافض، "من" جارة، "تحت" ظرف مبني على الضم لقطعه عن الإضافة، أي: من تحتي، "عله" مبني كذلك على الضم، وألحقت به هاء السكت شذوذًا؛ لأنه غير مبني بناء دائمًا. المعنى: رب يوم يمر علي لا أنعم فيه بشيء يظللني؛ أعاني ألم الرمضاء في قدمي وحر الشمس وقت الضحى على رأسي. الشاهد: في قوله: "من عله"؛ حيث لحقت هاء السكت لفظ "عل" وهي مبنية بناء عارضًا، وذلك شاذ, ومن العلماء من قال: إن هذه الهاء ليست هاء السكت ولكنها بدل من الواو التي هي لام الكلمة؛ لأن أصل "عل" علو، فلما أريد الوقوف عليها ردت لامها وقلبت هاء للوقف. 1 أي: لأنه مبني على حركة، وذلك عند سيبويه والجمهور، وجوز بعضهم لحاق الهاء له مطلقًا؛ لأن حركته لازمة، وقيل: إن أمن اللبس بهاء الضمير، نحو: قعده جاز؛ لأن "قعد" لازم فلا يتعدى للمفعول به، حتى تلتبس هاء السكت بضمير المفعول به وإلا فلا، كضربه وإلى هذا الموضع أشار الناظم بقوله: ووصل ذي الها أجز بكل ما ... حرك تحريك بناء لزما ووصلها بغير تحريك بنا ... أديم شذ، في المدام استحسنا* أي: أجز الوقف بهاء السكت على كل متحرك بحركة بناء لازمة لا تشبه حركة الإعراب وشذ وصلها بما حركته بنائية غير دائمة واستحسن إلحاقها بما حركته دائمة, ومعنى المدام "الدائم الملتزم".   * "ووصل" مفعول أجز مقدم. "ذي" اسم إشارة مضاف إليه. "الها" نعت لذي أو بدل. "بكل" متعلق بأجز. "ما" اسم موصول أو نكرة موصوفة مضاف إليه. "حرك" الجملة صلة أو صفة. "تحريك بناء" تحريك مفعول مطلق، وبناء مضاف إليه, "لزما" فاعله يعود على بناء، والألف للإطلاق، والجملة صفة لبناء. "ووصلها" مبتدأ ومضاف إليه. "بغير" متعلق به. "تحريك بنا" مضاف إليه. "أديم" فعل ماض للمجهول، والجملة نعت لتحريك بناء، وجملة "شد" خبر المبتدأ. "في المدام" متعلق باستحسنا، ونائب فاعله يعود إلى وصل هاء السكت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 مسألة: قد يعطى الوصل حكم الوقف1، وذلك قليل في الكلام، كثير في الشعر2؛ فمن الأول قراءة غير حمزة والكسائي: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} ، {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ} 3, بإثبات هاء السكت في الدرج4، ومن الثاني قوله: مثل الحريق وافق القصبّا   1 أي: من إسكان مجرد؛ أو مع الروم، أو مع الإشمام، ومن تضعيف ونقل، ومن اجتلاب هاء السكت. وقد أشار الناظم، إلى ذلك بقوله: وربما أعطى لفظ الوصل ما ... للوقف نثرا وفشا منتظما* أي: قد يعطى الوصل حكم الوقف، وذلك قليل في النثر كما يشير إليه التعبير، بربما، فاش وكثير في النظم. 3 {فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ} [سورة البقرة من الآية: 259] ، {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} [سورة الأنعام من الآية: 90] . 4 ولهذا ذكر "وانظر" في الآية الأولى، و"قل" في الثانية؛ ليبين الوصل. 5 بيت من مشطور الرجز، لرؤبة بن العجاج، كما في سيبويه، وقيل: لغيره، وذكر النحاة أن قبله: لقد خشيت أن أرى جديا والذي في اللسان وغيره، أنه من أبيات هي: لقد خشيت أن أرى جدبا ... في عامنا ذا بعد ما أخصبا إن الدبي فوق المتون دبا ... كأنه السيل إذا اسْلَحَبّا =   * "لفظ" نائب فاعل أعطى، وهو مفعوله الأول، "ما" اسم موصول مفعوله الثاني. "للوقف" متلعق بمحذوف صلة. "نثرًا" منصوب على نزع الخافض، أو حال على التأويل أي: ذا نثير. "منظما" حال من فاعل فشا العائد إلى الإعطاء المفهوم من أعطى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 أصله: القصب -بتخفف الباء- فقدر الوقف عليها، فشددها، على حد قولهم في الوقف: "هذا خالدّ" بالتشديد، ثم أتي بحرف الإطلاق، وهو الألف، وبقي تضعيف الباء.   = أو الحريق وافق القصبا ومن هذا يتبين: أنه حدث شيء من التغيير والتحريف في النقل ولم يحقق. اللغة والإعراب: جدبًا: جدبا. الجدب: القحط بانقطاع المطر ويبس في الأرض. أخصبا: أخصب ونما فيه الزع. الدّبي: أصغر الجراد والنمل، يقال: أرض مُدْببة أي: كيرثهما ومدبية: أكل الدّبى نبتها، المتون: الظهور. جمع متن، والمراد متون الأودية. دبا: مشى مشيا هينا. اسلحبا: امتد وملأ الأودية. والمسلحب: الطريق البين الممتد. الحريق: النار المشتعلة. القصبا: القصب، وهو كل نبات يكون ساقه أنابيب. وكعوبًا. "جدبا" مفعول أرى "أو الحريق" معطوف على السيل "وافق" أي: صادف الجملة في محل نصب حال من الحريق "القصبا" مفعول وافق. المعنى: لقد خفت أن أرى في عامنا هذا قحطا وجدبا بسبب انقطاع المطر، بعدما أخصبت الأرض ونما فيها الزرع؛ فقد مشى الجراد ودبت الحشرات فوق متون الأدوية، وانتشرت؛ كأنها السيل حين يجري، أو الحريق صادف قصبا فأسرع الاشتعال، وامتدت نيرانه. الشاهد: في اقصبا؛ حيث شدد الباء وضعفها مع وصلها بألف الإطلاق، مع أن التضعيف لا يكون إلا في حالة الوقف، ولكن الشاعر أعطى الوصل حكم الوقف. هذا: ولم يؤثر الوقف بالنقل عن أحد من القراء إلا ما روي عن أبي عمرو أنه وقف على قوله -تعالى: "وَتَوَاصَوْا بِالصَّبِرْ". بكسر الباء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف الوقف واذكر أنواعه، وما الذي يقصده النحويون من هذا الباب؟ 2 كيف تقف على الاسم المنون، وعلى "إذا"، وعلى تاء التأنيث، على امرأة؟ في قوله -تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ} اشرح ذلك على ضوء ما شرح. 3 ما حكم الوقف على المنقوص والمقصور؟ وضح ذلك بأمثلة في جمل مفيدة. 4 كيف تقف على المتحرك الذي ليس هاء تأنيث؟ وضح الأوجه الجائزة فيه وبين الفرق بين الروم والإشمام، وشروط الوقف بالتضعيف وبالنقل. 5 متى يطرد الوقف بهاء السكت؟ وفيم تجب؟ ولم يؤتى بها؟ وضح بالأمثلة. 6 يستشهد بما يأتي في باب الوقف بين موضع الاستشهاد وحكم الوقف فيه: قال -تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ, نَارٌ حَامِيَةٌ} {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} على ما قام يشتمني لئيم ... كخنزير تمرغ في رماد عجبت والدهر كثير عجبه ... من عنزي سبني لم أضربه أرتني حِجْلًا على ساقها ... فهش الفؤاد لذاك الحِجِل 7 يقول الشاعر: الام يقول الناعيان ألامه ... ألا فاندبا أهل الندى والكرامة في هذا البيت مخالفة لبعض أحكام الوقف. بين سبب تلك المخالفة وكيف توجه ذلك؟ 8 قف بما يجوز من أنواع الوقف على ما يأتي: أ- "ما" في: عم تبحث؟ بمَ تجيب السائل؟ سررت بما سررت به. وفي قول المرحوم أحمد شوقي شاعر مصر: إلام الخلف بينكمو إلاما ... وهذى الضجة الكبرى علامًا ثم أعرب البيت واشرح معناه: ب- أجيبوا المنادي هل تجيد القوافي؟ لم هذا البطء؟ لم يدع، ولم يخش ولم يأت.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = علام تسأل؟ جـ- مضارع وأمر الأفعال الآتية، مع وضع كل في جملة مفيدة. سها. نوى. وعى. دعا. نأى. ولى. اقتدي. وهى. استدعى. أسرى. 9 قال عبد الله بن قيس الرقيات: بكر العواذل في الصبا ... ح يلمنني وألومهنه ويقلن شيب قد علا ... ـك وقد كبرت فقلت إنه لا بد من شيب فد عـ ... ـن ولا تطلن ملامكنه بين حكم الوقف وطريقته في آخر كل بيت، وزن ما تحته خط مع بيان السبب. 10 يستشهد بعض النحاة في باب الوقف بقول عروة بن حزام الآتي. بين موضع الاستشهاد والقول فيه: يا رب يا رباه إياك أسل ... عفراء يا رباه من قبل الأجل فإن عفراء من الدنيا الأمل ثم قال: يا مرحباه بحمار عفراء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 باب: الإمال ة 1 وهي: أن تذهب بالفتحة إلى جهة الكسرة؛ فإن كان بعدها ألف ذهبت إلى جهة الياء، كالفُتَى، وإلا فالممال الفتحة وحدها، كنِعْمَة ويَسْحَر2. وللإمالة أسباب تقتضيها3، وموانع تعارض تلك الأسباب، وموانع لهذه الموانع تحول بينها وبين المنع.   هذا باب: الإمالة 1 هي في اللغة: مصدر أملت الشيء إمالة، إذا عدلت به إلى الجهة التي هو فيها؛ من مال الشيء، إذا انحرف عن القصد، وفي الاصطلاح: ما ذكره المصنف وشدة الارتباط بين المعنيين واضحة؛ لأن الإمالة عدول بالفتحة أو الألف عن استوائهما، وجنوح بهما إلى الكسرة أو الياء، والغرض الأصلي منها: تناسب الأصوات وتقاربها، وصيرورتها من نمط واحد؛ وذلك أنك إذا نطقت بكلمة "ساجد" مثلا، كان في نطقك بالفتحة والألف تصعد واستعلاء، وبالكسرة بعد انحدار وتسفل، فيكون في الصوت شيء من الاختلاف والتنافر، فإن أميلت الألف قربت من الياء وامتزج بالفتحة طرف من الكسرة، فتقرب منها، وتصبح الأصوات من نمط واحد تقريبًا. وقد تأتي الإمالة للتنبيه على أصل أو غيره، وسيأتي إيضاح ذلك كله. والإمالة جائزة لا واجبة، فكل ما يمال يجوز عدم إمالته والرجوع إلى أصله. وليس هنالك كلمة تمال إلا وفي العرب من يفتحها وهي تكون في الأسماء المتمكنة والأفعال غالبًا، وقد شاعت بين تميم ومن جاورهم من سائر أهل نجد؛ كأسد، وقيس أما أهل الحجاز فيفخمون بالفتح ولا يميلون إلا قليلا. 2 أراد بالمثالين: بيان أنه لا فرق بين أن تكون الفتحة قبل تاء التأنيث، أولا. هذا: ويرى بعض النحاة أن الممال هو الفتحة وحدها؛ سواء كان بعدها ألف أم لا؛ لأن الألف ليست إلا فتحة؛ غير أنها طويلة في نحو: الفتى، وقصيرة في مثل "نعمة وسحر". 3 أي: تمال لأجلها، وهذه الأسباب قسمان: لفظي، وهو: الياء والكسرة الظاهرتان، ومعنوي، وهو: الدلالة على أحدهما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 أما الأسباب فثمانية: أحدها: كون الألف مبدلة من ياء متطرفة، مثاله في الأسماء: الفتى، والهدى، ومثاله في الأفعال: هدى واشترى1، ولا يمال نحو: ناب مع أن ألفه عن ياء بدليل قولهم: أنياب؛ لعدم التطرف2، وإنما إميل نحو: فَتاة ونَواة، لأن تاء التأنيث في تقدير الانفصال3. الثاني: كون الياء تخلفها في بعض التصاريف كألف مَلْهَى، وأَرْطى، وحُبْلى، وغزا، فهذه وأشبهها4 تمال، لقولهم في التثنية، مَلْهيان، وأرطيان، وحبليان، وفي الجمع حبليات5، وفي البناء للمفعول: غزي، وعلى هذا، فيشكل قول الناظم: إن إمالة ألف "تلا" في {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا} 6 لمناسبة إمالة ألف {جَلاَّهَا} ، وقوله وقول ابنه: إن إمالة ألف {سَجَى} ، لمناسبة إمالة ألف {قَلَى} ، بل إمالتهما لقولك: قُلِي، وسُجِي7.   1 الدليل على أنه الألف فيها مبدلة من ياء: ردها في المثنى، والإسناد، تقول: الهديان والفتيان، وهديت واشتريت. 2 يجيز بعض العرب إمالته إن كان مجرورًا، تقول: نظرت إلى ناب بالإمالة، وسبب الإمالة هنا كسرة الإعراب. 3 وعلى هذا تكون الألف فيهما مبدلة من ياء متطرفة حكما. 4 أي: مما ألفه زائدة على ثلاثة، سواء كانت بدلا من واو في الاسم كملهى، أو زائدة للإلحاق كأرطى، أو ألفًا مقصورة للتأنيث كحبلى، أو بدلا من الواو في الفعل الثلاثي كغزا، وأمثلة المصنف على هذا الترتيب الذي ذكرناه. 5 وكذلك: ملهيات، وأرطيات. 6 [سورة الشمس الآية: 2] . 7 أي: حيث تخلف الياء فيهما الألف عند البناء للمفعول، فلا حاجة لدعوى التناسب إذا أمكن غيره، وأجيب: بأن ابن مالك ذكر التناسب؛ لأنه سبب متفق عليه بين النحاة والقراء، وهذا لا ينافي وجود سبب آخر للإمالة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 ويستثنى من ذلك1 ما رجوعه إلى الياء مختص بلغة شاذة، أو بسبب ممازجة الألف2 لحرف زائد، فالأول، كرجوع ألف "عَصًا"، و"قَفًا" إلى الياء3 في قوله هُذَيل، إذا أضافوهما إلى ياء المتكلم: عَصَي وقَفَي4، والثاني، كرجوعهما إليها إذا صغرا فقيل: عُصَيّة وقُفَي5، أو جمعًا على "فُعول" فقيل: عِصِي وقِفِي6.   1 أي: من السبب الثاني وهو: كون الياء تخلف الألف في بعض التصاريف. 2 أي: مخالطتها ومجاورتها. 3 مع أنها منقلبة عن الواو. 4 أصلهما: عصوي، وقَفَوي، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمتا، فلا يمالان؛ لأن الألف فيهما لا تعود للياء إلا في لغة شاذة. 5 أصلهما: عُصَيْوة، وقُفُيو، ففعل بهما ما تقدم، وقلبت ياء لمجاورتها ياء التصغير، وهي حرف زائد. 6 أصلهما: عُصُوو، وقُفُوو، على وزن فلوس، قلبت الواو الأخيرة ياء كراهة اجتماع واوين، ثم قلبت الأولى ياء على القاعدة وأدغمتا، وقلبت الضمة الثانية على العين كسرة؛ لتسلم الياء من القلب ثم كسرت فاؤهما اتباعًا لكسرة العين. وقد أشار الناظم إلى السببين المتقدمين من أسباب الإمالة، بقوله: الألف المبدل من "يا" في طرف ... أمل، كذا الواقع منه اليا خلف دون مزيد أو شذوذ، ولما ... تليه ها التأنيث ما الها عدما* أي: إن الألف المبدلة من ياء واقعة في طرف الاسم أو الفعل تمال، وكذلك إذا ردت الألف إلى الياء في بعض التصاريف؛ كالتثنية أو الجمع، أو الإسناد إلى الضمير لا بسبب زيادة قبل ياء التصغير، أو في لغة شاذة وحكم ما فيه هاء التأنيث حكم ما خلا منها؛ فتمال الألف التي فيها سبب الإمالة، وإن وليتها هاء التأنيث؛ لأنها في حكم الانفصال.   * "الألف" مفعول أمل مقدم. "المبدل" نعته. "من يا" جار ومجرور متعلق بالمبدل. "في طرف" صفة ليا. "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "الواقع" مبتدأ مؤخر. "منه" متعلق بخلف أو بالواقع. "اليا" فاعل للواقع. "خلف" حال من الياء ووقف عليه السكون على لغة ربيعة. "دون" ظرف متعلق بالواقع أو بخلف. "مزيد" مضاف إليه. "أو شذوذ" عطف على مزيد. "ولما" جار ومجرور خبر مقدم، وما اسم موصول، وجملة "تليه" صلة. "ها" فاعل تليه, "التأنيث" مضاف إليه. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر على حذف مضاف إليه, "الها" بالقصر مفعول عدم مقدم، وألفه للإطلاق وفاعله يعود على "ما" والجملة صلة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 الثالث: كون الألف مبدلة من عين فِعل1 يئول عند إسناده إلى التاء إلى قولك "فِلْت" -بكسر الفاء-2؛ سواء كانت تلك الألف منقلبة عن ياء، نحو: باع وكال، وهاب3، أم عن واو مكسورة، كخاف، وكاد4، ومات في لغة من قال: مت بالكسر، بخلاف نحو: قال، وطال، ومات في لغة الضم5.   1 أما المبدلة من عين اسم، فلا تمال مطلقًا، سواء كانت بدلا عن ياء؛ كعاب وناب، أو عن واو، كتاج وباب. 2 أي: وحذف العين، وذلك حين إسناده إلى تاء الضمير. 3 الألف في كان وباع منقلبة عن ياء مفتوحة, وفي هاب عن ياء مكسورة. 4 الدليل على أن ألفهما منقلبة عن واو: أن مصدرها الخوف والكود. 5 فإن الألف في قال منقلبة عن واو مفتوحة، وفي طال ومات عن مضمومة فهذه لا تمال؛ لأنها تئول عند إسنادها لتاء الضمير إلى "فُلت" بضم الفاء، تقول "فلت" -وطُلت- ومُت، في لغة الضم. وإلى السبب المتقدم أشار الناظم بقوله: وهكذا بدل عين الفعل إن ... يؤل إلى "فلت" كماضي خف ودن* أي: كما تمال الألف المتطرفة على نحو ما سبق، تمال الألف الواقعة بدلا من عين فعل يصير عند إسناده إلى تاء الضمير على وزن "فِلت" بكسر الفاء، سواء كانت العين واوًا، كخاف، أو ياء كدان، فتجوز إمالتهما. الخلاصة: أن الألف التي هي عين الفعل، تمال إن كانت عن ياء مفتوحة؛ كدان، أو مكسورة كهاب، أو عن واو مكسورة كخاف؛ فإن كانت عن واو مضمومة كطال، أو مفتوحة كقال، لم تمل.   * "وهكذا" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. "بدل من عين الفعل" بدل مبتدأ مؤخر وما بعده مضاف إليه. "يؤل" فعل الشرط، وفاعله يعود إلى الفعل، والجواب محذوف، "كماضي" خبر لمبتدأ محذوف، "خف" مضاف إليه. "ودن" عطف عليه مقصود لفظهما، وفي هذا البيت: السبب الثالث من أسباب الإمالة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 الرابع: وقوع الألف قبل الياء1، كبايعته وسايرته، وقد أهمله الناظم والأكثرون. الخامس: وقوعها بعد الياء متصلة، كبيان2، أو منفصلة بحرف كشَيْبان وجادت يداه، أو بحرفين أحدهما الهاء، نحو: دَخلتُ بَيتها3. السادس: وقوع الألف قبل الكسرة4، نحو: عالم وكاتب. السابع: وقوعها بعدها5 منفصلة: إما بحرف، نحو: كتاب وسلاح، أو بحرفين، أحدهما هاء6، نحو: يريد أن يضربها، أو ساكن، نحو: ......................................   1 بشرط أن تكون متصلة كما مثل المصنف، أو منفصلة بالهاء كشاهين. 2 ومثله: بياع وكيال، بتشديد الياء، بل إن الإمالة مع التشديد أقوى لتكرار السبب، وهو الياء. 3 قيد بعضهم ذلك بألا يفصل بين الياء والهاء بحرف مضموم، نحو: هند استع بيتها، وإلا امتنعت الإمالة، كذلك تمتنع إن كانت الألف منفصلة عن الياء بحرفين ليس أحدهما "هاء"، نحو: ساد الوفاق بيننا، أو بأكثر من حرفين، نحو: عيشتنا راضية، قيل: وإنما اغتفر الفصل بالهاء لخفائها فكأنها غير حاجز: وفي هذا السبب يقول الناظم: كذاك تالي الياء والفصل اغتفر ... بحرف أو مع "ها" كجيبها أدر* أي: كذاك تمال الألف الواقعة بعد الياء، بشرط الاتصال بها، واغتفر الفصل بحرف أو حرفين، أحدهما هاء، نحو؛ الحلة أدر جيبها. 4 سواء كانت الكسرة ظاهرة كما مثل المصنف، أو مقدرة، مثل: حادّ؛ فإن أصله: حادد. 5 أي: وقوع الألف بعد الكسرة. 6 ويشترط أن يكون كلا الحرفين متحركًا، وألا يكون قبل الهاء ضمة؛ فلا يمال نحو: هو يضربها.   * "كذاك" خبر مقدم. "تالي الياء" تالي مبتدأ مؤخر، والياء مضاف إليه. "والفصل واغتفر" مبتدأ وخبر، نائب فاعل اغتفر يعود إلى الفصل. "بحرف" متعلق بالفصل, "أو مع ها" مع معطوف على مقدر، وهاء مضاف إليه، أي: بحرف واحد، أو مع ها. "كجيبها" الكاف جارة لقول محذوف، وجيبها مفعول أدر مقدم، و"ها" مضاف إليه وهذا هو السبب الرابع للإمالة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 شِمْلال، وسِرْداح1 أو بهذين2 وبالهاء نحو: دِرْهماك. الثامن: إرادة التناسب3، وذلك إذا وقعت الألف بعد ألف في كلمتها، أو في كلمة قارنتها قد أميلتا لسبب؛ فالأول: كرأيت عمادًا، وقرأت كتابا4، والثاني: كقراءة أبي عمرو والأخوين: {وَالضُّحِى} ، وبالإمالة مع أن ألفها عن واو الضحوة   1 الشملال: الناقة السريعة، والسرداح: الناقة الطويلة أو الكريمة, أو القوية الشديدة. 2 أي: الحرفين: الساكن، فالمتحرك. وإلى السببين المتقدمين يشير الناظم بقوله: كذاك ما يليه كسر أو بلي ... تالي كسر أو سكون قد ولي كسرًا وفصل الها كلا فصل يعد ... فدرهماك من يمله لم يصد* أي: كذلك تمال الألف إذا وليتها كسرة نحو: عالم، أو وقعت بعد حرف يلي كسرة نحو: كتاب، أو بعد حرفين وَلِيَا كسرة وأولهما ساكن نحو: شملال، ولا يضر الفصل بين الحرفين بالهاء، نحو: هذان درهماك. 3 أي: التوافق والتماثل بين الكلمة وأخرى ممالة لسبب من الأسباب المتقدمة وإنما يلجأ إليه إن لم يكن هنالك سبب آخر غيره؛ ولهذا يسمى الإمالة للإمالة، أو لمجاورة الممال، وهو أضعف أسباب الإمالة. 4 فإن الألف الثانية فيهما المنقلبة من التنوين، ممالة لمناسبة الألف الأولى التي أميلت؛ لوقوعها بعد كسرة في كلمتها فصل بينهما بحرف واحد.   * "كذاك" خبر مقدم. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "يليه كسر" الجملة من الفعل والفاعل والمفعول صلة. "تالي" مفعول بلى. "كسر" مضاف إليه. "أو سكون" عطف على كسر. "كسرًا" مفعول ولي، والجملة نعت لسكون. "وفصل الها" مبتدأ ومضاف إليه, "كلا فصل" متعلق ببعد الواقع خبرًا عن المبتدأ، ونائب فاعل بعد يعود على فصل الهاء، "فدرهماك" الفاء للتفريع، ودرهماك مبتدأ أو مضاف إلى الكاف. "من" اسم شرط مبتدأ ثان. "يمله" فعل الشرط. "لم يصد" جواب الشرط، والجملة خبر من، وجملة المبتدأ الثاني، وخبره خبر الأول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 لمناسبة {سَجَى} و {قَلَى} وما بعدهما1. وأما الموانع فثمانية أيضًا، وهي: الراء وأحرف الاستعلاء السبعة2، وهي: الخاء، والغين المعجمتان، والصاد، والضاد، والطاء والظاء والقاف3. وشرط المنع بالراء أمران: كونها غير مكسورة4، واتصالها بالألف5: إما قبلها،   1 وعلى هذا فلا يشترط في الإمالة للتناسب ورعاية الفواصل: أن يكون الممال الأصلي سابقًا على الممال للتناسب. "الآيات الثلاثة، من أول سورة الضحى". هذا: ويرجع الأول والثاني والثالث من الأسباب؛ إلى القسم المعنوي؛ فإن الأول والثاني يدلان على الياء، والثالث يدل على الكسرة، أما باقي الأسباب ما عدا الثامن فترجع إلى القسم اللفظي. والثامن يرجع إلى ما سبب أميل لأجله. ويشير الناظم إلى السبب الثامن بقوله: وقد أمالوا لتناسب بلا ... داع سواه كعمادا وتلا* أي: تمال الألف الخالية من سبب الإمالة؛ لمناسبة ألف قبلها مشتملة على سبب الإمالة، إن لم يكن هنالك سبب سواه؛ كإمالة الألف الثانية من "عمادًا، وتلا"؛ لمناسبة الألف الممالة قبلهما. 2 علة منعها الإمالة -كما يقول النحاة: طلب تجانس الصوت؛ ذلك لأن هذه الأحرف تستعلي إلى الحنك، وإمالة الألف في صاعد وانحدارها بعد ذلك، أو في هابط وصعودها بعد، فيه مشقة؛ فمنعت الإمالة لذلك، أما الراء فإنه وإن لم يكن فيها استعلاء؛ إلا أنها قابلة للتكرار إذا شددت، فكأنها أكثر من حرف واحد فأشبهت المستعلية، بل قيل: إنها أشد في المنع. 3 هي الحروف التي في أوائل كلمات هذه العبارة "قد صاد ضرار غلام خالي طلحة ظليمًا"، والظليم: ذكر النعام أو هي حروف "خص ضغط قظ". 4 أما المكسورة فسيأتي أنها تمنع المانع. 5 ويشترط ألا يجاور الألف راء أخرى، وإلا لم تمنع الإمالة، نحو قوله -تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [سورة الانفطار الآية: 13] , و [سورة المطففين الآية: 22] .   * "لتناسب بلا داع" متعلقان بأمالوا. "سواه" نعت لداع, والهاء مضاف إليه. "كعمادا" خبر لمبتدأ محذوف. "وتلا" معطوف عليه, وكلاهما مقصود لفظه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 نحو: فراش، وراشد، أو بعدها، نحو: هذا حمار، ورأيت حمارًا، وبعضم يجعل المؤخرة المفصولة بحرف نحو: "هذا كافر" كالمتصلة1. وشرط الاستعلاء المتقدم على الألف أن يتصل بها، نحو: صالح، وضامن، وطالب، وظالم، وغالب، وخالد، وقاسم، أو ينفصل بحرف، نحو: غنائم، إلا إن كان مكسورًا2، نحو: طِلاب، وغِلاب3، وخِيام، وصِيام؛ فإن أهل الإمالة يميلونه4، وكذلك الساكن بعد كسرة5، نحو: مِِصْباح، وإصلاح، ومِطْواع، ومِقْلاة 6 وهي التي لا يعيش لها ولد, ومن العرب من لا ينزل هذا منزلة المكسور7. وشرط المؤخر عنها كونه: إما متصلا، كساخر، وحاطب8، وحاظل9، وناقف10، أو منفصلا بحرف، كنافق11، ونافخ، وناعق، وبالغ، أو بحرفين، .....................   1 أي: في منع الإمالة. 2 هذا استثناء من الاستعلاء المنفصل بحرف؛ إذ المكسور قبل المتصل متعذر، لأن متلو الألف لا يكون إلا مفتوحًا. 3 هما مصدران لطالب؛ أي: طلب بحق، وغالب، أي: قهر. 4 لأن حرف الاستعلاء المكسور لا يمنع الإمالة. 5 فإنه لا يمنع الإمالة أيضًا؛ لأن الكسرة لما جاورته وهو ساكن قدر اتصالها به، فنزل ذلك منزلة المكسورة. 6 هي بالتاء الفوقية: الناقة تضع واحدًا ثم لا تحمل والمرأة لا يعيش لها ولد. 7 أي: لا يجعل الساكن بعد كسرة مثل المكسور، فيمنع الإمالة فيه لأجل حرف الاستعلاء. 8 من حطب، إذا جمع الحطب. 9 من حظل عليه، إذا منعه من التصرف والحركة والمشي. 10 اسم فاعل من نقف رأسه، إذا ضربه عليها حتى يخرج دماغه، أو من نقف الرمانة إذا قشرها ليستخرج حبها، والنقف: كسر الهامة. 11 اسم فاعل أيضًا من نفَق البيع نفاقًا إذا راج، والسوق إذا قامت، والرجل والدابة نفوقًا، إذا ماتا، والجرح، إذا تقشر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 كمواثيق ومناشط1، وبعضهم يميل هذا لتراخي الاستعلاء. وشرط الإمالة التي يكفها المانع: أن لا يكون سببها كسرة مقدرة2 ولا ياء مقدرة3؛ فإن السبب المقدر هنا لكونه موجودًا في نفس الألف أقوى من الظاهر؛ لأنه إما متقدم عليها4، أو متأخر عنها5، فمن ثم أميل، نحو: خاف وطاب6 وحاق وزاغ 7.   1 جمع منشاط، صيغة مبالغة من نَشِط إذا جد وطابت نفسه للعمل وغيره. 2 وذلك مثل "خاف" فإن ألفه منقلبة من واو مكسورة، وسبب الإمالة الكسرة المقدرة في الواو المنقلبة أيضًا. 3 مثل "طاب"؛ فإن ألفه منقلبة عن ياء هي سبب الإمالة. 4 أي: على الألف؛ كالكسرة في كتاب، والياء في بيان مثلا. 5 أي: عن الألف نحو: غانم وبايع. 6 أي: مع تقدم حرف الاستعلاء. 7 أي: مع تأخر حرف الاستعلاء؛ لأن السبب مقدر في نفس الألف، فهو أقوى من الاثنين. وفيما تقدم من موانع الإمالة يقول الناظم: وحرف الاستعلا يكف مظهرًا ... من كسر أو يا، وكذا تكف را إن كان ما يكف بعد متصل ... أو بعد حرف أو بحرفين فصل كذا إذا قدم ما لم ينكسر ... أو يسكن إثر الكسر كالمطواع مِر* =   * "وحرف الاستعلاء" حرف مبتدأ، والاستعلاء مضاف إليه. "يكف" الجملة خبر المبتدأ. "مظهر" مفعول يكف. "من كسر أو يا" كلاهما بيان لمظهرا. "وكذا" متعلق بتكف بعد "را" بالقصر فاعل تكف. "كان" فعل الشرط. "ما" اسم موصول اسمها، وجملة "يكف" صلة. "بعد" ظرف متعلق بمحذوف حال من ما. "متصل" خبر كان، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. "أو بعد" معطوف على بعد السابق، وحرف مضاف إليه. "أو بحرفين" متعلق بفصل. " كذا" متعلق بمحذوف يدل عليه ما قبله؛ أي: يمال كذا. "وإذا" ظرف خال من معنى الشرط مضاف إلى جملة "قدم" ونائب فاعل قدم يعود إلى المانع. "ما" مصدرية ظرفية. "ينكسر" فعل مضارع فاعله يعود إلى المانع أيضًا. "أو يسكن" معطوف على ينكسر. "إثر الكسر" إثر ظرف متعلق بيسكن، والكسر مضاف إليه. "كالمطواع" الكاف جارة لقول محذوف، والمطواع أي: المطيع مفعول مقدم لمر، "مر" فعل أمر من ماره أي: أطعمه، والميرة: الطعام. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 مسألة: يؤثر مانع الإمالة إن كان منفصلا1، ولا يؤثر سببها إلا متصلا؛ فلا يمال نحو: "أتى قاسم" لوجود القاف2، ولا "لزيد مال"، لانفصال السبب. هذا ملخص كلام الناظم وابنه3، وعليها اعتراض من وجهين: أحدهما: أنهما مثلا بـ"أتى قاسم" مع اعترافهما بأن الياء المقدرة لا يؤثر فيها المانع4، والاستعلاء في هذا النوع لو اتصل لم يؤثر، والمثال الجيد: "كتاب قاسم"5.   = أي: إن حروف الاستعلاء السبع التي ذكرها المصنف تمنع الإمالة؛ إذا كان سببها كسرة ظاهرة، أو ياء موجودة على النحو الذي شرح وكذلك تمنع الإمالة الراء غير المكسورة، وذلك إذا وقع كل بعد الألف؛ متصلا بها، أو مفصولا بحرف أو بحرفين، وكذلك يمنع الإمالة حرف الاستعلاء المتقدم؛ ما لم يكن مكسورًا، أو ساكنًا إثر كسرة؛ فلا إمالة في نحو: طالب وصالح، بخلاف نحو: طلاب وإصلاح ومطواع. 1 أي: بأن كان في كلمة أخرى مستقلة بنفسها، سواء كان متصلا بالألف، أو مفصولا منها بحرف أو بحرفين كما تقدم. والعلة في ذلك: أن عدم الإمالة هو الأصل فيصار إليه بأدنى سبب. 2 وهي حرف استعلاء وإن كانت منفصلة عن الألف في كلمة أخرى. 3 أي: في شرحي الكافية والخلاصة، ويقول الناظم في الألفية: ولا تمل لسبب لم يتصل ... والكف قد يوجبه ما ينفصل* أي: إن سبب الإمالة لا يؤثر إذا كان غير متصل؛ بأن كان منفصلًا، أما الكف -أي: سبب المنع- فقد يؤثر منفصلا، والمراد بالانفصال في الموضعين: كونهما في كلمة أخرى مستقلة. 4 لأن شرط الإمالة التي يكفها المانع: ألا يكون سببها ياء مقدرة، وألف "أتى" منقلبة عن الياء. 5 فإن سبب الإمالة هنا الكسرة الظاهرة، فيكفها المانع وإن كان منفصلا.   1 "ولا" ناهية. "لسبب" متعلق بتمل المجرور بلا. "لم يتصل" الجملة في محل جر نعت لسبب. "والكف" مبتدأ. "قد" حرف تحقيق. "يوجبه" فعل مضارع ومفعول. "ما" اسم موصول فاعل يوجب، والجملة خبر المبتدأ وهو الكف وجملة "ينفصل" صلة ما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 الثاني: أن نصوص النحويين مخالفة لما ذكرا من الحكمين1. قال ابن عصفور في مُقرِّبه2 بعد أن ذكر أسباب الإمالة ما نصه: "وسواء كانت الكسرة متصلة أم منفصلة، نحو: "لِزيد مال" إلا أن إمالة المتصلة كائنة ما كانت أقوى". وقال أيضًا: "وإذا كان حرف الاستعلاء منفصلًا عن الكلمة لم يمنع الإمالة إلا فيما أميل لكسرة عارضة، نحو: "بمال قاسم" 3، أو فيما أميل من الألفات التي هي صلات الضمائر4، نحو: "أراد أن يعرفها قبل""5 ا, هـ، ولولا ما في شرح الكافية6 لحملت قوله في النظم: والكف قد يوجبه ما ينفصل على هاتين الصورتين7 لإشعار "قد يفعل"8 في عرف المصنفين؛ بالتقليل   1 أي: المذكورين قبل في "مسألة"، وهما: تأثير مانع الإمالة إن كان منفصلا، وعدم تأثير السبب إلا متصلا. 2 المقرب: كتاب مختصر في النحو والصرف من جزء واحد، منه نسختان مخطوطتان بدار الكتب المصرية. قال المؤلف في مقدمته: "لقد وضعت كتابًا صغير الحجم مقربا للفهم وقفت فيه من علم النحو على شرائعه، وملكت عصيه وطائعه، وذللته للفهم بحسن الترتيب، وكثرة التهذيب لألفاظه والتقريب، حتى صار معناه إلى القلب أسرع من لفظه إلى السمع". 3 فإن الكسرة فيه عارضة بسبب دخول عامل الجر. 4 لأن الضمير مع ما قلبه كجزء من الكلمة، وهما كالكلمة الواحدة. 5 فلا تمال الألف في "يعرفها" لأن القاف بعدهما مانعة من الإمالة وإن انفصلت. 6 أي: من قوله: إن سبب المنع قد يؤثر منفصلًا؛ فيقال: أتى أحمد بالإمالة، وأتى قاسم بتركها. 7 أي: المذكورتين في كلام ابن عصفور في المقرب، وهما: ما أميل للكرة العارضة، وما أميل من الألفات التي هي صلات للضمائر. 8 أي: في قول الناظم: "والكف قد يوجبه ما ينفصل" وقيل: إنما في شرح الكافي لا يمنع صحة حمل كلام الناظم هنا على الصورتين؛ لجواز أن يكون رأيه هنا مخالفًا لما في شرح الكافية، وما ذكر من كلام ابن عصفور لا ينهض حجة عليه، ولا يقتضي أن نصوص النحويين خلاف ما قاله، وعلى ذلك فلا اعتراض ولا مؤاخذة على الناظم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 وأما مانع المانع: فهو الراء المكسورة المجاورة1؛ فإنها تمنع المُسْتعلِي والراء، أن يمنعا2، ولهذا أميل: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} 3، {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} 4، مع وجود الصاد والغين، و {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ} 5، مع وجود الراء المفتوحة، و {دَارُ الْقَرَارِ} 6، مع وجودهم7، وبعضهم يجعل المنفصلة بحرف كالمتصلة8، سمع سيبويه الإمالة في قوله: عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر   1 أي: الواقعة بعد الألف. 2 ذلك لأن الراء حرف تكرير فهي بمنزلة حرفين مكسورين، فقوّت بذلك جانب الإمالة. وهذا إذا تأخرت عن الألف، فإن تقدمت عليها لم تؤثر، كما في قوله -تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} فلم يمله أحد من القراء؛ لئلا يلزم التصعد بعد التسفل. 3 [سورة البقرة من الآية: 7] . 4 [سورة التوبة الآية: 40] . 5 [سورة المطففين الآية: 18] . 6 [سورة غافر الآية: 39] . 7 أي: القاف المستعلية والراء المفتوحة، وكلاهما مانع من الإمالة. 8 أي: في أنها تمنع المانع. 9 صدر بيت من الطويل، لهدبة بن خشرم العذري؛ يهجو رجلا من بني نمير بن قادر، وقيل: لغيره، وعجزه: بمنهمر جَوْنِ الرَّباب سَكُوب اللغة والإعراب: قادر: اسم رجل. منهمر: مطر كثير، يقال: انهمل المطر وانهمر؛ أي: نزل بشدة وتتابع نزوله. جون: أسود، ويطلق أيضًا! على الأبيض فهو من الأضداد. الرباب: السحاب الأبيض، واحدته بهاء، سكوب: منصب، من سكب الماء، إذا صبه.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 فصل: تمال الفتحة قبل حرف من ثلاثة: أحدها: الألف، وقد مضت، وشرطها أن لا تكون في حرف، ولا في اسم يشبهه1، فلا تمال "إلا" لأجل الكسرة، ولا نحو: "على" للرجوع إلى الياء في نحو: "عليك"، "وعليه" ولا "إلى" لاجتماع الأمرين فيها ويستثنى من ذلك: "ها" و"نا"2.   = "الله" اسم عسى. "يغني" الجملة في محل نصب خبر "عن بلاد ابن قادر" جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بيغني "بمنهمر" متعلق أيضًا بيغني: "جون الرباب" جون بدل من منهمر والرباب مضاف إليه. "سكوب" نعت لمنهمر. المعنى: يطلب من الله تعالى ويرجوه أن ينزل المطر الكثير؛ فيعم الأرض ويكون الخصب والخير العميم؛ ليستغني عن بلاد ابن قادر ويرحل عنها. الشاهد: إمالة "قادر" مع وجود الفاصل بين الألف والراء المكسورة بحرف، وقد سمع ذلك سيبويه عن العرب وفيه شاهد آخر وهو: مجيء خبر "عسى" فعلا مضارعًا غير مقترن بأن المصدرية، وذلك نادر، والكثير اقترانه بها. هذا: ومحل كف الراء المكسورة حرف الاستعلاء؛ إذا تقدم على الألف؛ فإن تأخر عنها لم تكف إلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: وكف مستعل ورا ينكف ... بكسر راء كغارما لا أجفو* أي: إن حرف الاستعلاء والراء غير المكسورة، إذا وجدت معهما الراء المكسورة كفتهما وأميلت الألف لأجلها، مثل: لا أجفو غارمًا. 1 وذلك لأن الإمالة نوع من التصرف، وهو لا يدخل الحرف ولا ما يشبهه إلا ما استثنى مما سيأتي، فالإمالة من خواص الأفعال والأسماء المتمكنة. 2 المراد: "ها" التي هي ضمير الغائبة؛ لا "ها" التنبيه، و"نا" ضمير المتكلم المعظم لنفسه، أو ومعه غيره.   * "وكف مستعل" كف مبتدأ ومستعل مضاف إليه. "ورا" بالقصر والتنوين معطوف على مستعل. "ينكف" فعل مضارع فاعله يعود إلى كف مستعل، والجملة خبر المبتدأ، "بكسر را" بكسر متعلق بينكف ورا مضاف إليه. "كغارما" الكاف جارة لقول محذوف وغارمًا مفعول أجفو مقدم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 خاصة؛ فإنهم طردوا الإمالة فيهما1، فقالوا: "مر بنا وبها"، و"نظر إلينا وإليها"2، وأما إمالتهم "أنّى ومتى"3، و"بلى" و"لا"4؛ في قولهم: "افعل هذا إما لا" فشاذ من وجهين: عدم التمكن5، وانتفاء السبب6. الثاني: الراء، بشرط كونها مكسورة، وكون الفتحة في غير ياء7، ....................   1 بشرط أن يكون قبلهما كسرة أو ياء، كما مثل المصنف؛ وذلك لكثرة استعمالها، ومع اطراد الإمالة فيهما, فهما من قسم المسموع. 2 أي: بالإمالة؛ لوقوع الألف مسبوقة بالكسرة، أو الياء مفصولة بحرف. 3 أي: من الأسماء المبنية، ومثلهما: "ذا" الإشارية. 4 الأولى حرف جواب، والثانية حرف نفي، لا للجواب، خلافًا لقطرب الذي يجيز إمالة "لا" الجوابية أيضًا، لكونها مستقلة في الجواب، ومثلهما: "يا" النداية. 5 أي: لأنها مبنية. 6 أي: المجوز للإمالة؛ لأن الألف في المبني أصلية وغير منقلبة عن شيء، وليست قبلها كسرة, والذي سهل إمالة هذه الأحرف أنها نائبة عن الجمل؛ لأنها تفيد معنى مفهومًا مستقلة عن غيرها، فأصبح لها مزية على غيرها وهذا التعليل ظاهر في غير "أنّى ومتى" وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: ولا تمل ما لم ينل تمكنا ... دون سماع غير "ها" وغير "نا"* أي: لا تمل غير المتمكن إلا سماعًا، ما عدا، "ها" و"نا"؛ فإنهما يمالان باطراد لكثرة استعمالهما؛ إذا كان قبلهما كسرة أو ياء كما تقدم، وقد علمت أن هذا لا يمنع الاقتصار على المسموع هذا: وتمال "ها" و"طا"، "را" و"حا" في فواتح السور؛ للفرق بين الاسم والحرف؛ لأنهما أسماء ما يلفظ به من الأصوات المنقطعة في مخارج الحروف؛ لا حروف وكذلك تمال حروف المعجم مثل: "با، وتا، وثا" إلخ. 7 سواء كانت بعد ذلك في حرف استعلاء؛ نحو: من البقر، أو في راء نحو: قوله -تعالى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ} , أو في غيرهما؛ نحو: {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ} .   * "ما" اسم موصول مفعول تمل. "لم ينل تمكنا" الجملة صلة ما، وتمكنا مفعول ينل. "دون" ظرف متعلق بتمل. "سماع" مضاف إليه. "غير" منصوب على الحال أو على الاستثناء. "هاء" مضاف إليه، "وغير" معطوف على غير الأولى. "نا" مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 وكونهما1، متصلتين، نحو: "من الكِبر" أو منفصلتين بساكن غير ياء نحو: "من عمرو" بخلاف نحو: "أعوذ بالله من الغِيَر، ومن قبح السِّير2، ومن غيرك"3. واشترط الناظم تطرف الراء مردود4 بنص سيبويه على إمالتهم فتحة الطاء من قولك: "رأيت خَبَطَ رِياح"5.   1 أي: الفتحة والراء. 2 فلا تمال الفتحة فيهما؛ لأنها على الياء والغير جمع غيرة، وهي أحوال الدهر وأحداثه المتغيرة، والسير: جمع سيرة، وهي السنة والطريقة. 3 لأن الفصل فيه بياء ساكنة ويغتفر أيضًا الفصل بين الفتحة والراء بحرف مكسور؛ فيمال نحو: "أشر" ويشترط ألا يكون بعد الراء المكسورة حرف استعلاء، نحو: من المشرق؛ فإنه مانع من الإمالة؛ كما نص على ذلك سيبويه. 4 قد يجاب عن الناظم بأنه خص الطرف بالنظر للغالب؛ لا لأنه لازم وسكت عن غيره، ولا يلزم من السكوت عن الشيء نفيه. 5 قال الصبان: لعله بفتح الخاء والباء؛ أي: ورقًا نفضته الرياح من الشجر، والذي في اللسان، خبط الشجرة شدها ثم ضربها بالعصا ونفض ورقها منها، والخبط: ضرب ورق الشجر حتى ينحات عنه، ثم يستخلف من غير أن يضرب ذلك بأصل الشجرة، وعن الليث، الخبط: خَبط ورق العضاه من الطلح ونحوه؛ يخبط بالعصا فيتناثر ثم تعلف به الإبل. ومن هذا يتبين: أنه يجوز سكون الباء وفتحها، ويؤخذ من الإمالة في هذا المثال: أنه لا يشترط في إمالة الفتحة بكسر راء بعدها، كونهما في كلمة واحدة وفي إمالة الفتحة قبل الراء، يقول الناظم: والفتح قبل كسر راء في طرف ... أمل كللأيسر مل تكف الكلف* أي: أمل الفتحة قبل الراء المكسورة بالشروط التي أوضحها المصنف وصلا ووقفًَا، وهي تكون في الطرف غالبًا، نحو: مل للزمر الأيسر تكف المشقة.   * "والفتح" مفعول أمل مقدم. "قبل" ظرف متعلق به. "كسر راء" مضاف إليه "في طرف" جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لراء, "كالأيسر" الكاف جارة لقول محذوف. "وللأيسر" متعلق بمل. "تكف" فعل مضارع للمجهول مجزوم في جواب الأمر، ومفعوله الأول نائب فاعله المستتر فيه، "الكلف" مفعوله الثاني. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 الثالث: هاء التأنيث1، وإنما يكون هذا في الوقف خاصة، كرحمة ونعمة؛ لأنهم2 شبهوا التأنيث بألفه لاتفاقهما: في المخرج3، والمعنى4، والزيادة5، والتطرف، والاختصاص بالأسماء، وعن الكسائي إمالة هاء السكت أيضًا نحو: {كِتَابِيَهْ} ، والصحيح المنع، خلافًا لثعلب وابن الأنباري.   1 ومثلها: هاء المبالغة، نحو: علامة؛ لأنها في الأصل هاء تأنيث أما هاء السكت، نحو: "كتابيه" فلا تمال الفتحة قبلها على الراجح، وكذلك لا تمال الفتحة قبل تا التأنيث التي لا تقلب هاء، كرحمة عند من يقف عليها بالتاء، ولا قبل التاء المتصلة بالفعل، كقامت. 2 بيان لسبب إمالة الفتحة قبل الهاء مع أنها ليست من أسباب الإمالة. 3 لأن كلا يخرج من أقصى الحلق. 4 لأنهما يدلان على التأنيث. 5 أي: على أصول الكلمة. وقد أشار الناظم إلى إمالة الفتحة قبل الهاء، بقوله: كذا الذي تليه "ها" التأنيث في ... وقف إذا ما كان غير ألف* أي: كذلك تمال الفتحة قبل هاء التأنيث في حالة الوقف؛ بشرط ألا يكون قبل الهاء ألف؛ نحو: الصلاة والحياة؛ فإنها لا تمال. قال الأشموني: إنه لا وجه لاستثناء الألف؛ لأن الضمير في تليه راجع للفتح وليس للحرف الذي تليه الهاء ولعله فعل ذلك لدفع توهم أن الهاء تسوغ إمالة الألف كما سوغت إمالة الفتحة.   * "كذا" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. "الذي" مبتدأ مؤخر. "هاء التأنيث" ها فاعل تليه والتأنيث مضاف إليه، والجملة صلة الذي. "في وقف" متعلق بتليه. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "ما" زائدة. "كان" اسمها يعود إلى الذي تليه هاء التأنيث، "غير ألف" غير خبرها وألف مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف الإمالة، وبين الغرض منها، وحكمها، ومن هم أصحابها؟ 2 ما الذي تدخله الإمالة من أنواع الكلمة؟ اشرح ذلك، ومثل لما تقول. 3 اذكر أربعة من أسباب الإمالة، ومثلها من الموانع، مع الإيضاح بالتمثيل. 4 متى تمال الفتحة؟ وما شرط إمالتها قبل الراء؟ اشرح ذلك، موضحًا بالأمثلة. 5 اشرح قول ابن مالك: وكف مستعل ورا ينكف ... بكسر را كغارما لا أجفو وبين على ضوئه حكم الألف في قوله -تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} ، {وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} . 6 بين ما تجوز إمالته، وما لا تجوز؛ مع ذكر السبب، والمانع فيما يأتي: قال -تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى, فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} ، {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} . في الأمثال: "إن العصا من العصية، ولا تلد الحية إلا حية". بئس الجار من الأشرار، وأنعم بجوار الأخيار الأبرار, المال مال الله، والخلق عياله، فالويل لمن بالغ في الضرر وبخل بماله على عياله, لقد كان أبو بكر نسابة في العرب، وكان يأخذ الناس بالأيسر في كل أمر ويحيد بهم عن الضرر ما استطاع إلى ذلك, سبيلا ستمر بنا أزمات، فيجب أن تنذرع بالصبر حت نقضي عليها والله مع الصابرين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 باب: التصري ف 1 وهو: تغير في بنية الكلمة2 لغرض معنوي أو لفظي؛ فالأول: كتغيير المفرد إلى التثنية والجمع، وتغيير المصدر إلى الفعل والوصف3، والثاني: كتغيير قول وغزو إلى قال وغزا 4، ولهذين التغييرين أحكام كالصحة والإعلال، وتسمى تلك الأحكام: علم التصريف5، ولا يدخل التصريف في الحروف، ولا فيما أشبهها وهي الأسماء   باب: التصريف 1 يقولون: إن التصريف في اللغة معناه مطلق التغيير، وفي القاموس: التصريف في الكلام: اشتقاق بعضه من بعض، وفي الرياج: تحويلها من وجه إلى وجه، وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف. 2 أي في صيغتها التي حقها أن تكون عليها حالة الإفراد؛ وذلك لإظهار ما في حروفها؛ من أصالة، أو زيادة أو حذف، أو صحة، أو إعلال، أو إبدال. 3 وكالتكسير والتصغير، وقد سبق الكلام على هذا النوع. 4 وهذا التغيير يكاد بنحصر في القلب والإبدال، والحذف، والإدغام، والزيادة والنقل، وهو المقصود هنا. 5 وذلك لما فيها من التغيير والتحول من حال إلى حال، وعلى هذا يتضح التعريف الإصلاحي الوافي للتصريف، وهو: أنه علم يبحث عن أحكام بنية الكلمة العربية، بما لحروفها من أصالة وزيادة، وصحة وإعلال ونحو ذلك، وبما يعرض لآخرها من وقف أو غيره؛ مما ليس بإعراب أو بناء، ويكون التصريف في الأسماء المتمكنة، والأفعال المتصرفة في اللغة العربية، ولا يدخل الأسماء الأعجمية، ولا يتعلق بالحروف وأشباهها، وفي ذلك يقول الناظم: حرف وشبهه من الصرف بري ... وما سوهما بتصريف حري   1 "وحرف " مبتدأ "وشبه" عطف عليه، والهاء مضاف إليه "من الصرف" متعلق ببري الواقع خبرًا عن المبتدأ وما عطف عليه، وح ذلك لأن بري على زنة فعيل، وهي يخبر بها عن الواحد والمتعدد، "وما: اسم موصول مبتدأ "سواهما" سوى ظرف وهما مضاف إليه متعلق بمحذوف صلة "بتصريف: متعلق بجري الواقع خبرًا عن المبتدأ وأصله حري بالتشديد فخفف للضرورة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 المتوغلة في البناء1 والأفعال الجامدة2؛ فلذلك لا يدخل فيما كان على حرف أو حرفين؛ إذ لا يكون كذلك إلا الحرف كباء الجر ولامه، وقَد, وبَل، وما أشبه الحرف كتاء قمت، و"نا" من قمنا، وأما ما وضع على أكثر من حرفين ثم حذف بعضه، فيدخله التصريف، نحو: يد ودم في الأسماء، ونحو: "قِ زيدًا"، و"قم"، و"بع" في الأفعال3. فصل: ينقسم الاسم4 إلى مجرد من الزوائد، وأقله الثلاثي5 كرجل، وغايته   1 مثل الضمائر، وأسماء الاستفهام والشرط، والموصولات، وأسماء الإشارة، وأسماء الأفعال، وما ورد من تصغير بعض أسماء الإشارة والأسماء الموصولة فشاذ. 2 أي: التي لا تختلف أبنيتها باختلاف الأزمنة، مثل: نعم، وبئس، وعسى، وليس؛ وذلك لأنها أشبهت الحروف في الجمود والبناء. 3 وقس على ذلك ما أشبهه وفيما تقدم يقول الناظم: ولي أدنى من ثلاثي يرى ... قابل تصريف سوى ما غُيّرا* أي: إنه لا يقبل التصريف من الأسماء والأفعال، ما كان على أقل من ثلاثة أحرف؛ إلا ما حدث فيه تغيير بالحذف منه. 4 أي: المتصرف؛ أما المبني فقد يكون على حرف أو حرفين. 5 قيل: إنما كان أقل أبنية الاسم ثلاثة أحرف؛ لأنه لا بد في اعتدال الكلمة من حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يتوسطهما. والذي يبتدأ به ينبغي أن يكون متحركا؛ إذ لا يبدأ بالساكن، والموقوف عليه يجب أن يكون ساكنا، فلما تنافيا كرهوا مقارنتهما، ففصل بينهما بثالث لا تجب فيه حركة ولا سكون؛ ليكون مناسبًا لهما فاصبح الثلاثي أكثر الأسماء استعمالا، لخفته بقلة حروفه، واعتداله بسبب الفصل بين فائه ولامه.   * "أدنى" اسم ليس, "من ثلاثي" متعلق به. "يرى" فعل مضارع للمجهول، والجملة خبر ليس، ونائب فاعله مفعوله الأول، "قابل تصريف" قابل مفعوله الثاني وتصريف مضاف إليه. "سوى" أداة استثناء. "ما" اسم موصول أو نكرة موصوفة مضاف إليه، وجملة "غيرا" صلة أو صفة، والألف للإطلاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 الخماسي كسَفَرْجل، وما بينهم الرباعي كجعفر، وإلى مزيد فيه وغايته سبعة كاستخراج1، وأمثلته كثيرة في قول سيبويه لا تليق بهذا المختصر2. وأبنية الثلاثي أحد عشر، والقسمة تقتضي اثني عشر؛ لأن الأول واجب الحركة3،   1 وأقله أربعة، مثل: قتال، وبينهما الخماسي، كإكرام، والسداسي كانطلاق. وفي ذلك يقول الناظم: ومنتهى اسم خمس أن تجردا ... وإن يزد فيه فما سعبا عدا* أي: إن منتهى ما يبلغ الاسم المجرد من الزيادة، خمسة أحرف، وإن زيد فيه فلا يجاوز سبعة أحرف. 2 لخصها صاحب التصريح فقال: "الزيادة تكون: واحدة, وثنتين وثلاثا، وأربعا، ومواضعها أربعة: قبل الفاء؛ وبينهما وبين العين، وبين العين واللام، وبعد اللام ولا تخلو من أن تقع متفرقة أو مجتمعة؛ فالزيادة الواحدة قبل الفاء؛ نحو: "أجدل"، وما بين الفاء والعين؛ نحو: "كاهل"، وما بين العين واللام؛ نحو: "غزال", وما بعد اللام؛ نحو: "علقى" والزيادتان المجتمعتان قبل الفاء؛ نحو: "منطلق"، وبين الفاء والعين؛ نحو: "جراجر" للضخام من الإبل، وبين العين واللام؛ نحو: "خطاف"، وبعد اللام؛ نحو "علباء" والزيادتان المتفرقتان؛ بينهما الفاء؛ نحو: "أجادل"، وبينهما العين؛ نحو: "عاقول" وبينهما اللام؛ نحو: "قصيري" لضرب من الأفاعي، وبينهما الفاء والعين؛ نحو: "إعصار"، وبينهما العين واللام؛ نحو: "خيزلي" مشية فيها تثاقل, وبينهما الفاء والعين واللام؛ نحو: "أجفلي" للجماعة من كل شيء. والثلاثة المجتمعة قبل الفاء؛ نحو: "مستخرج"، وبين العين واللام؛ نحو: "سلاليم"، وبعد اللام؛ نحو: "عنفوان" وعنفوان الشيء: أوله أو بهجته المتفرقة؛ نحو: "تماثيل" واجتماع ثنتين وانفراد واحدة؛ نحو: "أفعوان" والأربعة؛ نحو: "أشهياب" مصدر إشهاب إذا صار أشهب والشهبة: بياض يخالطه سواد. 3 لأنه مبتدأ به ويتعذر الابتداء بالساكن.   * "ومنتهى اسم" منتهى مبتدأ واسم مضاف إليه. "خمس" خبر. "تجردًا" فعل الشرط والألف للإطلاق، والجواب محذوف. "يزد" بالبناء للمفعول فعل الشرط. "فما" الفاء واقعة في جواب الشرط وما نافية. "سبعا" مفعول عدا مقدم، والجملة في محل جزم جواب الشرط. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 والحركات ثلاث، والثاني يكون محركا وساكنا؛ فإذا ضربت ثلاثة أحوال الأول في أربعة أحوال الثاني؛ خرج من ذلك اثنا عشر1، وأمثلتها: فَلْس، فَرَس، كَتِفَ، عَضُدَ، حِبْر، عِنَب، إبل، قُفل، صُرَد، دُئِل، عُنُق2، والمهْمَل منها: "فِعُل"3. وأما قراءة أبي السَّمَّال: "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحِبُكِ"، بكسر الحاء وضم الباء، فقيل: لم تثبت4، وقيل: أتبع الحاء للتاء من "ذات"5، والأصل {الْحُبُكِ} ، بضمتين، وقيل على التداخل في حرفي الكلمة، إذ يقال: حبك -بضمتين - وحِبِك -بكسرتين6. وزعم قوم إهمال "فُعِل" أيضا، وأجابوا عن دُئِل ورُئِم؛ بأنهما منقولان من   1 وإليها يشير الناظم بقوله: وغير آخر الثلاثي افتح وضم ... واكسر وزد تسكين ثانيه تَعُم* ولم يعتبر الحرف الأخير من الثلاثي في الوزن؛ لأنه حرف إعراب فحركته بحسب العوامل وعلاقته بما قبله. 2 الأمثلة التي ذكرها المصنف لهذه الأوزان من الأسماء. وأمثلتها من الصفات على الترتيب المتقدم هي: سَهل، بَطل، حذر، يقظ، نِكْس "السهم ينكسر فوقه فيجعل أعلاه أسفله"، زيم "متفرق". بِلِز "ضخم"، حُلو، حُطم، رُئم، جُنُب. 3 بكسر الفاء وضم العين، وإنما أهملت لثقل الانتقال من كسر لازم إلى ضم لازم وكلاهما ثقيل، ولهذا لم يرد في كلام العرب. 4 وهو الصحيح. وأبو السمال العدوي البصري؛ مقرئ له اختيار شاذ في القراءة. 5 ولم يعتد باللام الساكنة؛ لأن الساكن حاجز غير حصين. وضعف بأن "أل" كلمة برأسها منفصلة فهي حاجز قوي يمنع من الاتباع؛ وصاحب هذا القول أبو حيان. 6 فقد ركب القارئ من اللغتين هذه القراءة، وينسب ذلك لابن جني؛ واعترض على هذا القول بأن التداخل في جزأي الكلمة الواحدة غير معهود، وإنما المعهود التداخل بين حرفي كلمتين. والاتباع أحسن هذه الأقوال. والحبك: طرائق النجوم في السماء والمفرد حبيكة، وحُبْك الرمل: حروفه والواحدة حباك. ومن الماء والشعر: الجعد المتكسر منهما.   * وغير "مفعول افتح مقدم. "آخر الثلاثي" آخر مضاف إليه، والثلاثي كذلك. "وضم واكسر" فعلا أمر معطوفان على افتح. "تسكين" مفعول زد. "ثانية" ثاني مضاف إليه، وهو مضاف إلى الهاء. "تعم" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر والفاعل أنت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 الفعل1، واحتج المثبتون بوِعُل لغة في الوَعِل2، وإنما أهمل أو قل لقصدهم تخصيصه بفعل المفعول3، والرباعي المجرد مفتوح الأول والثالث كجعفر، ومكسورهما كزِبْرِج4، ومضمومهما كدُمْلًج5، ومكسور الأول مفتوح الثاني، كفِطَحْل6، ومكسور الأول مفتوح الثالث، كدرهم7.   وحبك الرمل: حروفه والواحدة حباك ومن الماء والشعر: الجعد المتكسر منهما. 1 أي: المبني للمجهول، فليسا من الأسماء الأصلية، ودئل: اسم دويبة تشبه ابن عرس، سميت به قبيلة من كنانة، وإليها ينسب أبو الأسود الدؤلي، ورئم: اسم جنس للدبر. 2 وعلى ذلك فليس "فِعُل" بمهمل كما يزعمون والوعل: تيس الجبل، والأنثى وعلة. 3 واحتمل فيه الثقل؛ لأنه بناء عارضي فرعي على المبني للمعلوم وقد أشار الناظم إلى ذلك -وإلى فعل- فقال: وفعل أهمل والعكس يقل ... لقصدهم تخصيص فعل بفُعِل* أي: إن ما كان على وزن "فِعُل" -بكسر فضم- أهمل استعماله للنقل، وعكسه؛ وهو ما جاء على وزن "فُعِل" بضم فكسر، قليل الاستعمال؛ لأن العرب أرادوا تخصيص صيغة فعلية بفُعِل؛ أي: بالفعل الماضي الثلاثي المبني للمجهول. 4 اسم للذهب، والسحاب الرقيق فيه حمرة، والزينة من وشي أو جوهر. 5 اسم فرس معاذ بين عمرو بن الجموح. 6 هو الضخم من الإبل، أو زمن خروج نوح عليه السلام من السفينة. 7 ما ذكره المصنف أمثلة لأوزان الأسماء، وأمثلة هذه الأوزان من الصفات هي: "سَلْهب" للطويل؛ أو من الرجال خاصة و"دِلْقم" للناقة التي كسرت أسنانها من الكبر، وللعجوز. "ودَرْدِح" للمولع بالشيء والعجوز و"جرْشَع" للعظيم من الإبل والخيل، و"سبطر" للشهم الماضي؛ والسَّبْطري: مشية فيها تبختر، و"هِبْلع" للأكول العظم اللقم، وأوزانها على الترتيب: فَعْلَل, فِعْلِل, فُعْلُل, فِعَلَّ, فِعْلَل, فُعْلل.   * "وفعل" مبتدأ. "أهمل" الجملة خبر. "والعكس يقل" إعرابه كذلك, "لقصدهم" متعلق بيقل، والضمير المضاف إليه فاعل قصد من إضافة المصدر إلى فاعله، "تخصيص" مفعوله, "فعل" مضاف إليه. "بفعل" متعلق بتخصيص. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 وزاد الأخفش والكوفيون مضموم الأول مفتوح الثالث كجُخْدَب1، والمختار أنه فرع من مضمومها، ولم يسمع في شيء إلا وسمع في الضم، كجخدب، وطُحْلَب2، وجُرْشُع3، ولم يسمع في بُرْثُن 4 وبُرْجُد5 وعُرْفُط6 إلا الضم. وللخماسي المجرد أربعة؛ أمثلتها: سَفَرَجل7، جَحْمِرش8، قِرْطَعْب9، قُذْعَمل10. فجملة الأوزان المتفق عليها عشرون11، وما خرج عما ذكرنا من الأسماء العربية الوضع، فهو مفرع عنها؛ إما بزيادة كمنطلق ومُحْرَنْجِم، أو بنقص أصل، كيَد ودم، أو بنقص حرف زائد، كـ"عُلَبِط" أصله عَلابِط12؛ بدليل أنهم نطقوا به، وأنهم لا يوالون بين أربع متحركات، أو بتغيير شكل، كتغيير مضموم الأول والثالث: بفتح ثالثة.   1 هو الأسد، والطويل الرجلين. 2 خضرة تعلو الماء المزمن. 3 هو العظيم من الجمال والخيل. 4 اسم لمخلب الأسد. 5 كساء غليظ مخطط. 6 شجر من العضاه في البادية. 7 مثال للاسم، والصفة؛ نحو: شمردل للسريع من الإبل والطويل. 8 اسم للعجوز المسنة، وللأفعى الضخمة. 9 هي الشيء الحقير التافه، ومثال الصفة: جِرْدحل للضخم من الإبل. 10 هو: الضخم من الإبل وأوزانها على الترتيب: فَعَلّل, فَعْلَلِل, فِعْلَلَّ, فُعَلِّل. 11 أحد عشر للثلاثي، وخمسة للرباعي، وأربعة للخماسي، ولا عبرة بمن خالف في مضموم الفاء مكسور العين، وقد جعل متفقًا عليه. 12 هو الضخم من الرجال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 في نحو: جُخْدَب، وبكسر أوله في نحو: خِرْفُع1، وكتغيير مكسورهما بضم ثالثه في نحو: زِئْبُر2، وأما سَرْخَس وبَلَخْش فأعجميان3.   1 هو القطن الفاسد في براعيمه. 2 هو ما يظهر من درز الثوب. وقيل: هو لحن. والصحيح زِئبر، كزبرج. 3 الأول: اسم بلدة بخراسان، والثاني: اسم حجر من الجواهر معروف. وفيما تقدم من أوزان الرباعي والخماسي المجردين، وحكم ما خرج عما ذكر، يقول الناظم: لاسم مجرد رابع "فَعْلَل" ... وفِعْلِل وفِعْلَل وفَعْلَل وفَعْلُل ومع "فِعَلّ فُعْلَل" وإن علا ... فمع فَعَلَّل حوى فَعْلَلِلا كذا فُعَلِّل وفِعْلَلّ وما ... غاير للزيد أو النقص انتمى* أي: إن للاسم الرباعي المجرد ستة أوزان هي المذكورة وللخماسي المجرد المشار إليه بقوله: وإن علا أربعة أبنية وقد ذكرها، وأشار بقوله وما غاير ... إلخ، إلى ما جاء على خلاف ذلك فهو: إما مزيد فيه، أو ناقص محذوف منه بعض حروفه، والمزيد من الأسماء: ما كان بعض حروفه زائدا، وأقصى ما يصل إليه الاسم بالزيادة سبعة أحرف؛ فالثلاثي يزاد عليه حرف؛ نحو: إصبع، وحرفان؛ نحو: إعصار، وثلاثة؛ نحو: مستخرج، وأربعة؛ نحو: اشهيباب والرباعي يزاد عليه حرف؛ نحو: مدحرج وحرفان؛ نحو: متدحرج، وثلاثة نحو: عبوثران "اسم نبات" أما الخماسي فلا يزاد عليه إلا حرف مد قبل الآخر، نحو: سلسبيل، وفي الآخر؛ نحو: قَبعثري، ولا يتجاوز بالزيادة ستة أحرف وأبنية المزيد كثيرة تزيد على المئات وقد استقصاها ابن عصفور في كتابه "الممتع" وذكرها سيبويه في كتابه؛ فارجع إليهما إن شئت.   * "لاسم" جار ومجرور خبر مقدم. "مجرد رباع" نعتان لاسم، وحذفت ياء النسب من رباع للضرورة، "فعلل" مبتدأ مؤخر، وما بعده معطوف عليه. "ومع" ظرف متعلق بمحذوف حال مما قبله. "فعل" مضاف إليه. "فعلل" معطوف عليه. "علا" فعل الشرط ومعناه: زاد، وفاعله يعود على اسم، "فمع" الفاء واقعة في الجواب، "ومع" ظرف متعلق بمحذوف حال من "فعللا" الواقع مفعولا لحوى، و"فعلل" مضاف إليه، وجملة "حوى" جواب الشرط على تقدير قد داخلة على الماضي، وفاعل حوى يعود على اسم. "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "فعلل: مبتدأ مؤخر. "وفعلل" عطف عليه. "وما" اسم موصول مبتدأ. "غاير" الجملة صلة. "للزيد" متعلق بانتمى. "أو النقص" عطف على للزيد، وجملة "انتمى" خبر المبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 فصل: وينقسم الفعل إلى مجرد، وأقله ثلاثة كضرب، وأكثره أربعة، كدَحْرَج. وإلى مزيد فيه، وغايته: ستة، كاستخرج1، وأوزانه كثيرة2. وأوزان الثلاثي ثلاثة: كضَرَب وعَلِم، وظَرُف3، وأما نحو: ضُرِب، بضم أوله وكسر ثانيه فمن قال: "إنه وزن أصلي" مستدلا بأن نحو: جُنَّ وبُهِت، وطُلّ دَمُه، وأُهْدِرَ، وأولع بكذا، وعِني بحاجتي، بمعنى اعتنى بها4، وزُهِيَ علينا، بمعنى تَكَبّر5 لم تستعمل إلا مبنية للمفعول عده رابعًا6، ومن قال: "إنه فرع من فعل الفاعل"، مستدلا بترك الإدغام في نحو: سُويَرَ، لم يعده7.   1 وأقله أربعة، مثل "أكرم" ثم الخماسي كانطلق. 2 تقدم المشهور منها في باب مصادر غير الثلاثي "جزء 3 صفحة 38". 3 لأن الفاء لا تكون إلا مفتوحة، ولا تكون ساكنة؛ لأنه لا يبدأ بالساكن. 4 أما "عني فلان كذا" بمعنى قصده، فهو مبني للفاعل. 5 ومثلها: حُمّ، وزُكم، ووُعك، وفُلج، وسقِط في يده، ونُفِست المرأة، ونُتِجت الدابة، وغُمّ الهلال، وأُغمى على محمد.. إلخ. 6 وإلى هذا ذهب المبرد والكوفيون وتبعهم الناظم، ودليلهم: أن فعل المفعول لو كان فرعا لغيره لاستلزم وجوده وجود ذلك الغير؛ لأن وجود الفرع يستوجب وجود الأصل، واللازم باطل لوجود هذه الأفعال ونحوها، فكذلك الملزوم. 7 وهذا هو الأظهر، وهو مذهب البصريين، وحجتهم: أن عدم قلب الواو ياء وإدغامهما، مع اجتماعهما، وسبق إحداهما بالسكون على مقتضى القاعدة، دليل على أنها مغيرة عن فعل الفاعل وهو ساير؛ فكما لا تدغم الألف من ساير، فكذلك ما غير عنها، وأجيب بأنه لو أدغم، وقيل: سُيّر، لم يعلم، أهو مجهول ساير؟ أو سَيّر؟ فترك الإدغام منعًا للإجمال. وهذه الأوزان الثلاثة للفعل الثلاثي، هي باعتبار الماضي فقط، أما باعتبار الماضي مع المضارع فله ستة أحوال تقدمت في باب أبنية المصادر "جزء 3 صفحة 31". وفي أوزان الفعل الثلاثي يقول الناظم:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 وللرباعي وزن واحد كدَحْرَج، ويأتي في دُحْرِج -بالضم- الخلاف في فعل المفعول. فصل: في كيفية الوزن، ويسمى التمثيل1. تقابل الأصول بالفاء، فالعين، فاللام2، معطاة ما لموزونها من تحرك وسكون3، فيقال في فلس: فَعْل، وفي ضرب: فَعَل، وكذلك في قام وشد؛ لأن أصلهما: قَوَم وشَدَد4، وفي عَلِم: فَعِل، وكذلك في هاب ومَنَّ 5، وفي ظَرُف: فَعُل، وكذلك في طال وحَبَّ6.   = وافتح وضم واكسر الثاني من ... فِعْل ثلاثي وزد نحو ضمن ومنتهاه أربع إن جردا ... وإن يُزد فيه فما ستّا عدا* وقوله: وزد نحو ضمن, يشير إلى رأي الناظم الذي يوافق فيه الكوفيين بجعل وزن "فُعِل" وزنًا أصليا، وقد علمت حجة كل من الفريقين. 1 وذلك: لمماثلة حروف الميزان للموزون في عدد الحروف وهيآتها والغرض من الوزن: بيان أحوال أبنية الكلمة في الحركات والسكنات، والأصول والزوائد، والتقديم، والتأخير، والحذف وعدمه، وقد اختير للميزان لفظ "فعل". 2 ويسمى الحرف الأول: "فاء الكلمة"، والثاني: "عين الكلمة"، والثالث: "لام الكلمة". 3 أي: أصليين. 4 قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها في الأول، وأدغمت الدال في الدال لاجتماع المثلين في الثاني. 5 لأن أصلهما: هَيب، ومَلِل، ففعل بهما ما تقدم من القلب والإدغام. 6 فإن أصلهما: طَوُل وحُب، ففعل بهما ما سبق أيضًا.   * "الثاني" تنازعه الأفعال الثلاثة قبله على أنه مفعول به, "من فعل" متعلق بمحذوف حال من الثاني. "ثلاثي" نعت لفعل. "نحو" مفعول زد. "ضمن" مضاف إليه مقصود لفظه. "ومنتهاه" مبتدأ، ومضاف إليه. "أربع" خبر. "جردا" فعل ماض مبني للمجهول فعل الشرط، ونائب فاعله يعود إلى المضاف إليه، والألف للإطلاق، وجواب الشرط محذوف، "يزد" فعل مضارع فعل الشرط. "فيه" متعلق به. "فما" الفاء واقعة في جواب، وما نافية، "ستا" مفعول عدا مقدم، والجملة جواب الشرط، ومعنى عدا، جاوز. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 فإن بقي من أصول الكلمة شيء1 زدت لامًا ثانية في الرباعي، فقلت في جعفر: "فَعْلَل"، وثانية وثالثة, في الخماسي، فقلبت في جَحَمَرش: "فَعْلَلِل"2. ويقابل الزائد بلفظه، فيقال في أكْرَمَ، وبَيْطَر، وجَهْوَر: "أَفْعَل وفَيْعَل وفَعْوَل"3، وفي اقْتَدَر: افْتَعل، وكذلك في اصطَبَر وادَّكَر؛ لأن الأصل: اصْتَبر واذْتَكر4، وفي استخرج: استفعل. إلا أن الزائد إذا كان تكرارًا لأصل5 فإنه يقابل عند الجمهور بما قوبل به ذلك الأصل6، كقولك في حِلْتِيت7، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   1 بأن كان أصل وضع الكلمة على أكثر من ثلاثة أحرف. 2 وهذا مذهب البصريين وهو الصحيح. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: بضمن فعل قابل الأصول في ... وزن وزائد بلفظه اكتفي وضاعف اللام إذا أصل بقي ... كراء جعفر وقاف فستق* أي: قابل أصول الكلمة عند الوزن بما تضمنه لفظ "فعل" من الحروف؛ أي: بالفاء والعين واللام، والزائد يعبر عنه بلفظه، وضاعف اللام إن بقي بعد الثلاثة أصل فتقول في وزن جعفر: "فَعْلَل" وفي وزن فستق "فُعْلُل". 3 على طريق اللف والنشر المرتب. 4 قلبت تاء الافتعال طاء في الأول ودالا في الثاني، كما سيأتي إيضاحه في موضعه. 5 سواء كان للإلحاق أو غيره. 6 أي: يكرر الأصل ولا ينطق بالحرف الزائد نفسه. 7 نوع من الصمغ لوجع المفاصل، والتاء فيه للإلحاق.   * "بضمن" متعلق بقابل. "فعل" مضاف إليه؛ أي: بما تضمنه من الحروف الثلاثة. "قابل" فعل أمر. "الأصول" مفعول قابل. "في وزن" متعلق بقابل, "وزائد" مبتدأ. "بلفظه" متعلق باكتفي على أنه نائب فاعله متقدم، والجملة خبر المبتدأ، "اللام" مفعول ضاعف. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "أصل" فاعل لمحذوف يفسره ما بعده، وهو فعل للشرط، والجواب محذوف. "كراء" خبر لمبتدأ محذوف. "جعفر" مضاف إليه، وما بعد عطف عليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 وسُحْنُون1، واغْدَوْدَن2: فِعْليل، وفُعْلُول، وافْعَوْعَل. وإذا كان في الموزون تحويل3، أو حذف4، أتيت بمثله في الميزان، فتقول في ناء: فَلَعَ، فإنه من نَأَى5، وفي الحادي: عالف؛ لأنه من الوَحْدة6، ... ... ... ... ... ... ...   1 قال صاحب التصريح: هو أول المطر، والريح، والنون فيه للإلحاق، ولم أعثر عليه في مراجع اللغة. 2 اغدودن النبت: اخضر حتى يقرب إلى السواد، والشعر طال وتم. والمغدودن من الشجر: الناعم المتثنى، والشاب الناعم، والدال فيه لغير الإلحاق. الخلاصة: أن الزائد يعبر عنه بلفظه كما ذكر الناظم في البيت السابق؛ إلا المبدل من تاء الافتعال فيعبر عنه بأصله وهو التاء، وإلا المكرر فإنه يكرر ما يقابله في الميزان. وفي ذلك يقول الناظم: وإن يك الزائد ضعف أصلي ... فاجعل له في الوزن ما للأصل* أي: إذا كان الحرف الزائد في الموزون ضعف حرف أصلي فيه، فاجعل له في الوزن من أحرف الميزان ما للأصل الذي هو ضعفه؛ فإن كان ضعف الفاء قوبل بالفاء، وإن كان ضعف العين قوبل بالعين، وإن كان ضعف اللام قوبل باللام؛ كما مثل المصنف. 3 أي: من مكان إلى آخر، ويسمى هذا: القلب المكاني؛ وذلك بأن قدمت العين على الفاء؛ كآصع، جمع صاع، فإنها على وزن "أعْفُل"، أو اللام على الفاء كحادي، أو اللام على العين كناء. 4 أي: في بعض الأصول. 5 قدمت اللام -وهي الياء- إلى موضع العين وهي الهمزة فصار: نيأ، على وزن قلع، فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. 6 أصله: واحد، أخرت الفاء -وهي الواو- إلى موضع اللام وهي الدال، ولما كان لا يمكن البدء بالألف، قدمت الحاء عليها فصار حادِو، فقلبت الواو ياء لتطرفها إثر كسرة، فصار حادي.   * "الزائد" اسم يك الواقعة فعلا للشرط: "ضعف أصل" ضعف خبرها وأصل مضاف إليه، "فاجعل" الجملة جواب الشرط، "له" في موضع مفعول اجعل مضاف إليه. "فاجعل" الجملة جواب الشرط. "له" في موضع مفعول اجعل الثاني. "في الوزن" متعلق باجعل. "ما" اسم موصول مفعول اجعل الأول للأصل متعلق بمحذوف صلة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 وتقول في يَهَبْ: يَعَل1، وفي بِعْ: فِل، وفي قاض: فَاعٍ2. فصل: فيما تعرف به الأصول والزوائد. قال الناظم رحمه الله: والحرف إن يلزم فأصل والذي ... لا يلزم الزائد تا احتُذِي3 وفي التعريفين نظر: أما الأول4 فلأن الواو من "كَوْكب"، والنون من "قَرَنْفُل".   1 أصله "يَوْهِب" حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها: الفتحة والكسرة. 2 أصله: قاضي، حذفت لامه لالتقاء الساكنين. 3 هذا: وإذا تعذر وزن بعض الكلمات مثل: اسطاع، وأهراق، روعي في ذلك الأصل، فيقال في وزنهما: "أفعل"؛ لأن أصلهما: أطوع، وإريق، والسين والهاء زائدتان. تنبيه: يؤخذ مما تقدم: أن الميزان يطابق الموزون في: القلب المكاني، وفي الإعلال بالحذف، وبالنقل والحذف، في إدغام حرف أصلي في زائد، نحو: قدَّس أو زائد في زائد نحو: مكرمي. ويخالفه في: الإعلال بالقلب، وفي الإعلال بالنقل فقط، وفي الإعلال بالنقل والقلب؛ فوزن جاء فَعلَ، ووزن يقول، يَفعل، ووزن أطاع أفْعَل. وفي إدغام حرف أصلي في مثله، نحو: يقرّ، وزائد في أصلي، نحو: سيد. وسيأتي مزيد إيضاح لذلك. 3 أي: إن الحرف الأصلي هو: الذي يلزم جميع تصاريف الكلمة، والزائد هو الذي لا يلزم في جميع التصاريف، مثل التاء في احتذي، فهي زائدة؛ لأنها تحذف في بعض التصاريف تقول: حذ حذوه، والاحتذاء، الاقتداء. 4 وهو تعريف الأصلي بأنه: هو الذي يلزم في جميع التصاريف.   * "والحرف" مبتدأ. "إن يلزم" شرط وفعله "فأصل" الفاء واقعة في جواب الشرط وأصل خبر لمبتدأ محذوف. أي: فهو أصل، والجملة جواب الشرط، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ، "والذي" مبتدأ. "لا يلزم" الجملة صلة. "الزائد" خبر المبتدأ. "مثل" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك. "تا" مضاف إليه وقصر للضرورة. "احتذى" مضاف إليه, مقصود لفظه، وهو مبني للمجهول، من احتذى به؛ أي: اقتدى به، وحذا حذوه؛ أي: تبعه، ويقال: احتذى؛ أي لبس الحذاء، وهو النعل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 زائدتان كما ستعرفه مع أنهما لا يسقطان1. وأما الثاني2؛ فلأن الفاء من "وَعَد"، والعين من "قال"، واللام من "غَزَا" أُصولٌ مع سُقوطِهنّ في "يَعِد" و"قُل" و"لم يَغزُ"3. وتحرير القول فيما تُعرف به الزوائد أن يقال: اعلم أنه لا يحكم على حرف بالزيادة حتى تزيد بقية أحرف الكلمة على أصلين، ثم الزائد نوعان، تكرار الأصل، وغيره. فالأول: لا يختص بأحرف بعينها4، وشرطه أن يماثل اللام كجلبب وجلباب، أو العَيْن: إما مع الاتصال كقَتّل5، أو الانفصال بزائد كعَقَنْقَل6، أو تماثل الفاء والعين كمَرْمَرِيس7، أو العين واللام كصَمَحْمَح8، وأما الذي يُماثِل الفاء وحدها كقَرْقَف9.   1 لأن الكلمتين جامدتان. 2 وهو تعريف الزائد بأنه: ما لا يلزم في جميع الصاريف. 3 وعلى ذلك فتعريف الأصلي غير جامع، وتعرف الزائد غير مانع. ويجاب عن الناظم في ذلك: بأن الأصلي الساقط لعلة تصريفية -مقدر وجوده فهو كالثابت والزائد الذي يلزم لعلة كان مقدرًا سقوطه، فالمقصود من اللزوم، وعدمه؛ إما تحقيقًا، وإما تقديرًا. 4 فيكون في جميع الحروف ما عدا الألف؛ لأنها لا تقبل التضعيف، ولا يختص بحروف "سألتمونيها". 5 مثال للفعل، ويكون في الاسم مثل: سُلّم, وقنّب. وهل الزائد الحرف الأول أو الثاني؟ قولان. 6 مثال للاسم، أما الفعل فنحو: احدَوْدَب، واعشوْشَب، والعقنقل: الوادي العظيم المتسع، والكثيب المتراكم. 7 هو: الداهية، والأرض لا تنبت شيئًا، ووزنه "فَعْفعيل" ومثل: مَرمَرِيت بمعنى الداهية أيضًا، ولا ثالث لهما. 8 هو الرجل الشديد المجتمع الألواح، والقصير، والأصلع. 9 هو الخمر يَرْعد عنها صاحبها، ووزنه "فَعفل". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 وسُندُس1، أو العين المفصولة بأصل كحَدْرَد2، فأصلي. وإذا بُنِي الرباعي من حرفين3، فإن لم يصح إسقاط ثالثه فالجميع أصل كسِمْسِم4، وإن صح كلَمْلِمه ولمَّه5، فقال الكوفيون: ذلك الثالث مبدل من حرف مماثل للثاني6، وقال الزجاج: زائد غير مبدل من شيء7، وقال بقية البصريين: أصل8. والنوع الثاني: 9 مختص بأحرف عشرة جمعها الناظم في بيت واحد أربع   1 هو رقيق الديباج، ووزنه "فُعْلُف". 2 اسم رجل، ووزنه "فَعْلع" ولم يرد على هذا الوزن غيره. 3 وذلك بأن تكررت فاؤه وعينه، سواء كان ذلك في اسم كما مثل المصنف، أو في فعل مثل: وَسْوس، وزلزل. 4 وزنه "فِعْلِل" ولا يصح إسقاط ثالثه؛ لأن أصالة أحد المكررين فيه واجبة تكميلا لأقل الأصول، وليس أصالة أحدهما أولى من أصالة الآخر؛ فحكم بأصالتهما معًا والسمسم بكسر السنين: الحب المعروف، وبفتحهما: الثعلب. 5 هما أمران من لملمت الشيء ولممته، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض. 6 وهو العين، فأصل "لَمْلم" -على قولهم- لمّم، فاستثقل توالى ثلاثة أمثال فأبدل من أحدهما حرف يماثل الفاء، فوزنه على ذلك "فعّل". 7 أي: الثالث الصالح للسقوط، ووزن لملم على قوله "فَعْفَل" بتكرير الفاء. 8 فيكون وزنه عندهم "فَعْلَل" وتكون مادة "لملم" غير مادة "لمّ". وفيما تقدمم يقول الناظم: واحكم بتأصيل حروف سِمْسِم ... ونحوه والخُلْف في كَلَمْلِمِ* أي: احكم بأن جميع الحروف أصلية في مثل: سِمسم: من كان رباعي تكررت فاؤه وعينه، ولا يصلح أحد المكررين للسقوط والحذف؛ فإن صح أحد المكررين للسقوط مثل: لملم، ففي الحكم عليه بالزيادة خلاف بسطه المصنف. 9 وهو مما فيه الزائد غير تكرار الأصل.   * "بتأصيل" متعلق باحكم."حروف سمسم" حروف مضاف إليه، وسمسم كذلك. "ونحوه" عطف على سمسم. "والخلف" مبتدأ. "في كلملم" متعلق بمحذوف خبر، والكاف بمعنى مثل مجرور بقي مضاف إلى لملم، ولملم: أمر من لملم الشيء، بضم بعضه إلى بعضه إلى بعض، وحرك بالكسر للروي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334 مرات1 فقال: هناء وتسليم تلا يوم أنسه ... نهاية مسئول أمان وتسهيل فتزاد الألف؛ بشرط أن تصحب أكثر من أصلين2، كضارب، وعماد وغَضْبَى وسُلامي3، بخلاف نحو: قال وغزا، وتُزاد الواو والياء بثلاثة شروط؛ أحدها: ما ذكر في الألف4، والثاني: ألا تكون الكلمة من باب سِمْسِم5. والثالث: ألا تتصدر الواو مطلقًا، ولا الياء قبل أربعة أصول في غير مضارع,   1 وجمعها أبو العلاء المعري في قوله: التناهي سمو، وجمعها بعض النحاة في قوله اليوم تنساه. 2 بشرط أن يكون مقطوعا بأصالة الجميع، فإن صحبت أصلين فقط، فليست زائدة، وإن قدرت زيادته فالألف غير زائدة، وذلك مثل: "أبان". فإنه يحتمل أن وزنه "فعال" بزيادة الألف وأصالة الهمزة، أو "أفعال" بالعكس ولا تزاد أولا؛ لأنه لا يبدأ بساكن وتزاد حشوًا وطرفًا، وتكون للتأنيث والإلحاق في الطرف. 3 كرر الأمثلة لبيان أنها تزاد في الاسم: ثانية، وثالثة، ورابعة، وخامسة كما مثل. والسلامي: واحدة السلاميات، وهي العظامي الصغار بين مفاصل الأصابع في اليدين والرجلين وتزاد سادسة نحو: قبعثرى، وسابعة نحو: أربعاوي، وتزاد كذلك في الفعل ثانية نحو: قاتل، وثالثة نحو: تغافل، ورابعة نحو: سلقى .... إلخ. وفي زيادة الألف يقول الناظم: فألف أكثر من أصلين ... صاحب زائد بغير مَين* أي: إذا صحبت الألف أكثر من حرفين أصليين -أي: ثلاثة حروف أصول- حكم بزيادتها، والمين: الكذب. 4 وهي: أن تصحب أكثر من أصلين. 5 أي: الثنائي المكرر "الرباعي المضعف" فإنه يحكم بأصالتهما فيه كما تقدم.   * "فألف" مبتدأ. "أكثر" مفعول صاحب مقدم. "من أصلين" متعلق به، وجملة صاحب نعت لألف، "زائد" خبر المبتدأ. "بغير مين" بغير متعلق بزائد، ومين مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 وذلك نحو: صَيْرف1، وجَوْهر، وقَضِيب، وعَجُوز، وحِذْرِية2، وعَرْقُوة3، بخلاف نحو: بَيْت، وسَوْط، ويُؤْيؤ4 ووَعْوَعَة5 ووَرَنْتَل6، ويَسْتَعُور7. وتزاد الميم بثلاثة شروط أيضًا، وهي: أن تتصدَّر، ويتأخر عنها ثلاثة أصول فقط,   1 هو المحتال المتصرف في الأمور، وصراف الدراهم. 2 هي القطعة الغليظة من الأرض. والأكمة الغليظة والجمع حذاري. 3 هي الخشبة المعترضة على رأس الدلو، وفي هذه الأمثلة زيادة الواو والياء، ثانيتين، وثالثتين، ورابعتين. 4 اسم طائر من الجوارح كالباشق، وجمعه: يآيئ كمساجد. 5 مصدر وعوع إذا صوت, وهذا وما قبله! من باب سمسم. 6 الورنتل: الداهية، والأمر العظيم، قيل: والنسر وقد تصدرت فيه الواو ووزنه "فعلّل". 7 هو شجر يستاك بعيدانه، واسم موضع عند حرة المدينة وكساء يجعل على عجز البعير. وقد تصدرت فيه الياء قبل أربعة أصول في غير مضارع ووزنه "فَعلول" وفي زيادة الياء والواو يقول الناظم: واليا كذا والواو إن لم يقعا ... كما هما في يُؤْيُؤ ووَعْوعا* أي: كذلك يحكم بزيادة الياء والواو؛ إذا صحبت كل ثلاثة أحرف أصول مثل الألف ولم يكونا في ثنائي مكرر مثل يؤيؤ، ووعوعة، ومريم، ومدين، وزنهما "فَعلل" وإن صحبت الياء أكثر من ثلاثة لا "فَعْيِل"؛ لعدم وجوده في الكلام، ولا "مَفْعل" وإلا وجب الإعلال بالنقل والقلب، فيقال مرام, ومدان. هذا: وتزاد الياء في الاسم؛ أولى نحو: يَلمع "اسم للسراب"، وثانية نحو: ضيغم وثالثة نحو: قضيب: ورابعة نحو: حذرية ..... إلخ. وكذلك الواو تزاد ثانية نحو: كوثر. وثالثة نحو: عجوز، ورابعة نحو: عَرقوة .... إلخ, ولا تزاد الواو أولا عند الجمهور على الصحيح.   * "والياء" بالقصر مبتدأ. "كذا" متعلق بمحذوف خبر. "والواو" مبتدأ حذف خبره؛ أي: كذلك. "إن لم يقعا" شرط وفعله، وحذف جوابه للضرورة، وألف الاثنين فاعل بقعا. "كما هما" في موضع الحال من ألف الاثنين في يقعا. و"ما" كافة للكاف عن العمل، أو نعت لمحذوف، وما مصدرية أي: وقوعًا كوقوعهما، فحذف المضاف وعوض عنه. "ما" فانفصل الضمير، "في يؤيؤ" متعلق بالكاف لما فيها من معنى التشبيه، أو بالمصدر المضاف المحذوف، "ووعوها" معطوف على يويؤ مقصود لفظه، وهو من عطف الفعل على الاسم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 وألا تلزم في الاشتقاق، وذلك نحو: مَسْجِد ومَنْبِج1، بخلاف نحو: ضِرغام2، ومَهْد3، ومَرْزَجُوش4، ومِرْعِز5، فإنهم قالوا: "ثَوْبٌ مُمَرْعَز" فأثبتوها في الاشتقاق. وتزاد الهمز المصدرة بالشرطين الأولين6، نحو: أفْكَل7 وأفضل، بخلاف نحو: كُنَأبِيل8، وَأكَل، وإسطبل.   1 اسم موضع والنسبة إليه منبجاني، بفتح الباء على غير قياس. 2 أي: لعدم تصدر الميم، والضرغام: الأسد. 3 لأنه لم يتأخر عنها ثلاثة أصول. والمهد: الموضع يهيأ للصبي. 4 لأنه تأخر عن الميم أكثر من ثلاثة أصول؛ فالميم فيه أصلية ووزنه "فَعْللول" والمرزجوش معرب، وعربيته السمسق، وهو نبات طبي طيب الرائحة، تعالج به أمراض كثيرة؛ كعسر البول -والمغص ... إلخ. 5 هو الزغب الذي تحت شعر العنز ويشترط كذلك لزيادة الميم: ألا تكون كلمتها رباعية من حرفين؛ كمرمر، ومهمة. ولا تزاد الميم إلا في الأسماء. 6 وهما: أن تتصدر، وأن يتأخر عنها ثلاثة أصول فقط؛ سواء كانت في فعل أو في اسم. ولو قال المصنف: بالشرط الثاني لكفى؛ لأن فرض الكلام في الهمزة المصدرة. 7 الأفكل: الرعدة, والجماعة؛ يقال: أخذه الأفكل إذا أخذته الرعدة، وجاءوا بأفكلهم؛ أي: جماعتهم. 8 لعدم التصدير، وهو اسم موضع باليمن، وفي زيادة الهمزة المصدرة يقول الناظم: وهكذا همز وميم سبقا ... ثلاثة تأصيلها تحققا* أي: كذلك يحكم على الهمزة والميم بالزيادة؛ إذا تقدمتا على ثلاثة أحرف أصول حقا.   * "وهكذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "همز" مبتدأ مؤخر. "وميم" عطف على همز. "سبقا" فعل ماض، وألف الاثنين فاعل. "ثلاثة" مفعول به، والجملة نعت لهمز وميم. "تأصيلها تحققا" تأصيلها مبتدأ، وجملة تحققا خبر، والجملة من المبتدأ والخبر نعت لثلاثة، نائب فاعل تحققا يعود إلى تأصيلها. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 وتزاد المتطرفة بشرطين، وهما: أن تسبقها ألف، وأن تسبق تلك الألف بأكثر من أصلين، نحو: حَمراء وعِلباء وقُرْفُصاء1، بخلاف نحو: مَاء وشَاء، وبِناء وأبْناء"2. وتزاد النون متأخرة بالشرطين3، نحو: عثمان وغَضْبان، بخلاف نحو: أمان وسِنان4.   1 كرر الأمثلة لبيان أنه لا فرق بين أن يكون أول الكلمة مفتوحًا أو مكسورا أو مضمومًا، والألف في الأولين مسبوقة بثلاثة أصول، وفي الثالث بأربعة. 2 فإن الألف في الأولين مسبوقة بأصل واحد، وفي الآخرين بأصلين لا غير: قال الناظم: كذاك همز آخر بعد ألف ... أكثر من حرفين لفظها ردف* أي: كذلك يحكم على الهمزة بالزيادة؛ إذا وقعت آخرًا بعد ألف تبع لفظها -أي: تقدمها- أكثر من حرفين. 3 أي: المذكورين في الهمزة المتطرفة وهما: أن تسبقها ألف، وأن تسبق تلك الألف بأكثر من أصلين وإذا كان قبل الألف حرف مشدد نحو: حسّان ورمّان، أو حرف لين نحو: عِقيان، وعنوان احتملت الزيادة والأصالة؛ إلا إذا دل دليل على أحدهما، كمنع صرف حسان في قوله أمية بن خلف يهجو سيدنا حسان بن ثابت: ألا مبلغ حسان عني ... مغلغلة تدب إلى عكاظ فإن منع صرفه دليل على زيادة النون، وكذلك: عفّان وحيّان؛ إذا اشتقا من العفة والحياة كانت النون زائدة ووزنهما "فَعلان" ومنعا من الصرف، وإن اشتقا من العفونة والحين كانت النون أصلية وصرفا، وكان وزنها "فعّال". وتزاد النون متأخرة أيضًا في المثنى والمجموع على حدة، وفي الأمثلة الخمسة في حالة الرفع، ونون الوقاية، ونون التوكيد، ولم يذكرها المصنف ولا الناظم؛ لأن هذه زيادة معروفة متميزة، والمراد هنا بيان الزيادة المحتاجة إلى تمييز لاختلاطها بأصول الكلمة. 4 فإن الألف سبقت فيهما بأصلين لا غير.   * "كذاك" خبر مقدم. "همز" مبتدأ مؤخر, "آخر" نعت لهمز. "بعد ألف" بعد ظرف متعلق بمحذوف نعت ثان لهمز وألف مضاف إليه. "أكثر" مفعول ردف مقدم. "من حرفين" متعلق بأكثر. "لفظها ردف" مبتدأ وخبر، والجملة نعت ألف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 وتزاد متوسطة بثلاثة شروط: أن يكون توسطها بين أربعة بالسوية، وأن تكون ساكنة، وأن تكون غير مدغمة، وذلك، كغَضَنْفَر، وعَقَنْقَل1، قَرَنْفل، وحَبَنْطَى2، ووَرَنْتَل3، بخلاف عَنْبر، وغُرْنَيق4، وعَجَنَّس5. وتزاد مصدرة في المضارع6. وتزاد التاء في التأنيث كقائمة7، والمضارع كتقوم، والمطاوع كتَعلَّم، وتَدَحْرج، والاستفعال والتَّفعُّل والافتِعال وفروعهن8.   1 يطلق العقنقل على الوادي العظيم المتسع، وعلى الكثيب المتراكم. 2 الحبنطى: الممتلئ غيظًا، أو بطنه، وقيل: القصير. 3 هو الداهية، والأمر العظيم. 4 الغرنيق: طير من طيور الماء طويل العنق يشبه الكُركي، أو هو نفسه، والشاب الأبيض الجميل. 5 هو الجمل الضخم الشديد والنون فيه ثالثة مدغمة، ووزنه "فعلل" لأن الزائد فيه التضعيف على الراجح. 6 وذلك نحو: نقوم وتزاد ثانية نحو: حنظل، وثالثة نحو: غضنفر، ورابعة نحو: رعشن.. إلخ، وكذلك تزاد في المطاوع كانكسر، وفي باب الافتعلال كالاحرنجام وفي زيادتها يقوم الناظم: والنون في الآخر كالهمز وفي ... نحو غضنفر أصالة كُفي* أي: تزاد النون في الآخر بشروط الهمزة، وتزاد كذلك إذا وقعت ساكنة بعد حرفين وبعدها حرفان، وألا تكون مدغمة، وذلك نحو غضنفر ومعنى أصالة كفي؛ أي: منع الأصالة وصرفت عنه. 7 ومثله الجمع؛ كقائمات. 8 أي: من الفعل والوصف وكذلك تزاد في باب التفاعل وفروعه، كالتقاتل وفي باب=   * "والنون" مبتدأ. "في الآخر" حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور بعد وهو. "كالهمز" الواقع خبرًا للمبتدأ. "وفي نحو غضنفر" في نحو متعلق بكفي وغضنفر مضاف إليه. "أصالة" مفعول ثان لكفي، نائب فاعله مفعوله الأول، والغضنفر: الأسد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 وتزاد السين في الاستِفْعال1، وأهملها الناظم وابنه. وزيادة الهاء واللام قليل، كأمهات وأهْراق، وطَيْسَل للكثير, بدليل سقوطها في الأمومة2 والإراقة3 والطَّيْس4. وأما تمثيل الناظم وابنه وكثير من النحويين للهاء بنحو: "لِمَه" و"لم تَرَه" وللام بـ"ـِذَلك" و"تِلك"5؛ فمردود؛ لأن كلا من هاء السكت ولام البعد كلمة برأسها،   = التفعيل والتفعال؛ كالتقديس والترداد، دون فروعهما؛ لأنه لا تاء فيها. وفي زيادة التاء يقول الناظم: والتاء في التأنيث والمضارعة ... ونحو الاستفعال والمطاوعة* أي: تزاد التاء إذا كانت للتأنيث في وصف أو فعل: أو للمضارعة، أو للاستفعال وفروعه من الفعل والوصف، أو للمطاوعة وزيادتها في هذه المواضع مطردة. وتزاد سماعا في أول الكلمة، مثل: تنضب "اسم لشجر ذي شوك"، وتتفل. "اسم للثعلب أو جروه" وتبيان وتلقاء، وتمساح وتمثال. وفي آخرها نحو: ملكوت, وجبروت, ورحموت, قد زيدت حشوًا في ألفاظ نادرة جدًّا مما جعل العلماء يذهبون إلى أصالتها. 1 قيل: إن السين وحدها لم تزد مجردة عن التاء؛ إلا في اسطاع, يسطيع, وقدموس؛ بمعنى قديم ولا تطرد زيادتها في غير ذلك. 2 أي: في المصدر، وكذلك في الجمع؛ فقد قالوا: أمّات، وتغلب الأمهات في العقلاء، والأمات فيما لا يعقل: ووزنها "فعلهات" لأنه جمع أم. 3 مصدر أراق الماء؛ إذا صبه، والمضارع يريق، ومضارع أهراق، يهريق. 4 هو العدد الكثير، وكل مع على وجه الأرض من التراب والقمام، أو هو خلق كثير النسل؛ كالذباب، والسمك، والنمل، والهوام. 5 أي: ونحوهما من أسماء الإشارة في البعد؛ كهنالك، وأولالك.=   * "والتاء" مبتدأ والخبر محذوف. "في التأنيث" متعلق بذلك الخبر المحذوف؛ أي: زائدة أو تزاد مثلا. "والمضارعة" معطوف على التأنيث. "ونحو" معطوف على التأنيث. "الاستفعال" مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 وليست جزءًَا من غيرها. وما خلا من هذه القيود حكم بأصالته؛ إلا إن قامت حجة على الزيادة1، فلذلك حكم بزيادة همزتي: شَمأل2، واحْبَنْطأ3، ومِمَي دُلامِص4 وابنُم، ونُوني حَنْظَل وسُنْبل، وتاءي مَلَكُوت وعِفْرِيت، وسَيْنَي قُدْمُوس5، ............................   = وفي زيادة الهاء واللام يقول الناظم: والهاء وقفا كلمه ولم تره ... واللام في الإشارة المشتهره* أي: تزاد الهاء في الوقف على "ما" الاستفهامية المجرورة، نحو: "لِمه" وعلى فعل الأمر المحذوف الآخر، والمضارع المحذوف الآخر للجزم، نحو لم "تره" وغيرهما مما تقدم في موضعه وزيادة اللام مشتهرة في أسماء الإشارة. وقد ذكر الأشموني أن التحقيق عدم ذكر هاء السكت ولام الإشارة، مع حروف الزيادة؛ للسبب الذي ذكره ابن هشام. 1 وفي هذا يقول الناظم خاتمًا هذا الباب: وامنع زيادة بلا قيد ثبت ... إن لم تبين حجة كحَظَلَتْ* أي: إذا وقع شيء من حروف الزيادة السابقة غير مقيد بالعلامة الدالة على زيادته فامنع زيادته واحكم بأصالته؛ إن لم تقم على زيادته حجة بينة؛ كزيادة نون حنظل، لسقوطها في قولهم: حظلت الإبل إذا آذاها أكل الحنظل، أصله حنظلت. 2 هي ريح الشمال، والجمع شمالات. 3 أي: انتفخ بطنه، والحبنطى: الممتلئ غيظًا أو بطنه. 4 هو الشيء البراق اللماع، يقال: ذهب دلامصي؛ أي: لماع، ورأس دُلمص؛ أي: أصلع. 5 هو الشيء القديم، والملك الضخم، والعظيم من الإبل.   * "والهاء" مبتدأ حذف خبره كسابقه، "وقفا" حال من ضمير الخبر المحذوف بتقدير مشتق؛ أي: واقفا، أو منصوب بنزع الخافض؛ أي: في وقف "كلمة" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف "ولم تره" عطف على لمه. "واللام" مبتدأ خبره محذوف كما تقدم. "في الإشارة" متعلق بذلك الخبر المحذوف. "المشتهرة" نعت للإشارة. * "زيادة" مفعول امنع. "بلا قيد" متعلق بزيادة، وجملة "ثبت" نعت لقيد. "حجة" فاعل تبين، إن كان للمعلوم، نائب فاعله إن كان للمجهول، والجملة فعل الشرط، والجواب محذوف يدل عليه ما قبله. "كحظلت" بفتح الظاء المشالة؛ خبر لمبتدأ محذوف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 وأُسطاع1، لسقوطها في الشُّمول والحَبَط والدَّلاصَة والبُنوّة والمُلك والعَفْر -بفتح أوله وهو التراب2- والقَدَم3 والطاعة، وفي قولهم: "حَظِلت الإبل" إذا آذاها أكل الحنْظَل، و"أسْبَل الزرع" وبزيادة نوني نَرْجَس وهُنْدَلِع4، وتاءي تَنْضُب5 وتُخُيِّب6 لانتفاء فِعْلل وفُعْلَل وفَعْلُل وفُعُلِّل.   1 بقطع الهمزة وضم أول المضارع؛ لأن أصله أطاع ومضارعه يُسطيع بضم الياء،؛ فزيدت السين عوضًا عن حركة عين الفعل، فإن أصل أطاع؛ أطوع. 2 راجع إلى عفريت والعفريت: الرجل الخبيث الداهية المبالغ في الشيء يقال: رجل عفر وعفريت, وامرأة عفرية. وتضم إليه كلمة نفريت، فيقال عفريت نفريت وعفرية نفرية. 3 كان الأَوْلى أن يقول: التقدم كما يدل عليه معناه. 4 اسم لنبات ذي شوك. 5 نوع من الشجر تألفه الحرباء، واسم بلد قرب مكة. 6 يراد به الباطل، من الخيبة، وهي الحرمان وعدم بلوغ المراد يقال: وقعوا في وادي تخُيب؛ أي: في باطل، وخيبه الله: حرمه الخير، وخاب خيبة إذا لم ينل ما طلب، وفي المثل: الهيبة خيبة والخياب: الفدح الذي لا يوارى. هذا: ومما تقدم يتبين أن من أدلة الزيادة. أ- سقوط بعض الأحرف من أصل الكلمة لغير علة؛ كسقوط الهمزة والنون والتاء من الأمثلة التي ذكرها المصنف، وكسقوط ألف ضارب من أصله وهو المصدر، أما السقوط لعلة فلا يكون دليلا على الزيادة؛ كسقوط الواو من في: وعد يعد؛ ووعد. ب- ولزوم عدم النظير لو حكم بالأصالة، وذكر المصنف أمثلة ذلك أيضًا، واقتصر على هذين الدليلين، ومن الأدلة غير ما ذكره المصنف. جـ- سقوط بعض الأحرف من فروع الكملة؛ كسقوط ألف "كتاب" عند جمعه على كتب. د- وكون الحرف مع عدم الاشتقاق في موضع تلزم فيه زيادته مع الاشتقاق؛ كالنون في شر بيث "للغليظ الكفين والرجلين" فإنه غير مشتق، ونونه زائدة؛ لأنها في موضع لا تكون فيه مع المشتق إلا كذلك مثل: "جَحَنْفل" للعظيم الشفة، من الجحفلة وهي لذي الحافر كالشفة للإنسان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 فصل: في زيادة همزة الوصل1. هي: همزة سابقة موجودة2 في الابتداء، مفقودة في الدرج3. ولا تكون في مضارع مطلقًا4، ...........................................   1 الكلام فيها تكمل للكلام السابق على زيادة الهمزة، وأفردت بفصل خاص لاختصاصها بالأحكام التي ستأتي وسميت بذلك؛ لأنها تسقط عند وصل الكلمة بها قبلها وتثبت عند البدء بها؛ أو لأنه يتوصل بها إلى النطق بالساكن؛ ولذلك يسميها الخليل: "سلم اللسان". 2 أي: واقعة في أول الكلمة متقدمة على جميع حروفها. 3 أي: في الاستمرار في الكلام، ووصل الكلام بعضه ببعض؛ لأنه إنما جيء بها لتكون وصلة للبدء بالساكن، قيل: وكان الأجدر أن يسمى: همزة الابتداء أما همزة القطع فهي التي تثبت في الوصل وفي الابتداء. وقد أشار الناظم إلى تعريف همزة الوصل بقوله: للوصل همز سابق لا يثبت ... إلا إذا ابتدي به كاستثبتوا* وفي قوله: للوصل همز، إشارة إلى أن همزة الوصل وضعت همزة لا ألفًا، وقوله استثبتوا، بكسر الباء، أمر للجماعة بالاستثبات من الشيء ومعرفته حق المعرفة. ويجوز أن يكون فعلا ماضيًا عند فتحها، وتعرف همزة الوصل بسقوطها في التصغير؛ كبُنَي وسمي في ابن واسم، بخلاف همزة القطع، فتقول في أب وأخ: أبي وأخي وقد تثبت همزة الوصل في الضرورة كقول الشاعر: إذا جاوز الإثنين سر فإنه ... بنث وتكثير الوشاة قمين* كما تحذف همزة القطع عند الضرورة أيضًا؛ كقول القائل: إن لم أقاتل لبسوني برقعا 4 ثلاثيا أو غيره، مجردًا أو مزيدًا؛ ذلك لأنه مبدوء بحرف المضارعة وهي متحركة دائمًا فلا حاجة به إلى همزة الوصل.   * "للوصل" خبر مقدم. "همز" مبتدأ مؤخر، "سابق" نعت لهمز. "لا يثبت" الجملة نعت ثان له. "إلا" أداة استثناء لإيجاب النفي. "إذا" ظرف متعلق بيثبت. "به" نائب فاعل ابتدي. "كاستثبتوا" الكاف جارة لقول محذوف, "استثبتوا" فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 ولا في حرف غير أل1، ولا في ماضي ثلاثي كأمر وأخذ2، ولا رباعي كأكرَم وأعطَى3، بل في الخماسي كانطلق، والسداسي كاستخراج وفي أمرهما، وأمر الثلاثي كاضرب4، ولا في اسم إلا في مصادر الخماسي والسداسي5 كالانطلاق.   1 أي: التي للتعريف، أو الزائدة، أما الموصولة فهي اسم على الصحيح ومثل أل: "أم" في لغة حمير على القول بأن همزتها للوصل، كما في قوله -عليه السلام: "ليس من أمبر امصيام في امسفر"؛ أي: ليس من البر الصيام في السفر. 2 لأن أوزان الماضي الثلاثي كلها محركة الفاء فلا تحتاج لهمزة وصل. 3 لأن الرباعي لا يبدأ بالهمزة، إلا وزن "أفعل" والهمزة فيه قطع. 4 ضابط ذلك: أنه إذا كان أول المضارع مفتوحًا، كيكتب، وينطلق، ويستخرج، فهمزة أمره وصل، وإن كان مضمومًا، كيكرم ويعطي، فهمزته قطع ويستثنى من أمر الثلاثي ثلاثة أفعال وهي: أخذ، وأكل، وأمر؛ فإن الأمر منها: خذ، وكل، ومر؛ بحذف الفاء وجوبًا في: كل، وخذ، وجوازًا في مر، والاستغناء عن همزة الوصل لتحرك أولها قال -تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} ، {كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} . 5 أي: المبدوءين بهمزة وصل وهذه هي المواضع القياسية لهمز الوصل، وفيها يقول الناظم: وهو لفعل ماض على ... أكثر من أربعة نحو انْجَلى والأمر والمصدر منه وكذا ... أمر الثلاثي كاخْشَ وامض وانْفُذا* أي: إن همزالوصل يكون قياسيا في ماضي ما زاد على أربعة أحرف؛ وهو الخماسي والسداسي، وأمره ومصدره، وأمر الفعل الثلاثي الساكن ثاني مضارعه كما مثل، فإن كان ثاني مضارعه متحرك، نحو يقوم، فإن الأمر منه لا يحتاج إلى همز وصل، نحو: "قم".   * "وهو لفعل" مبتدأ وخبر. "ماض" نعت لفعل. "احتوى" الجملة نعت ثان له. "على أكثر" متعلق باحتوى. "من أربعة" متعلق بأكثر، "والأمر والمصدر" معطوفان على فعل. "منه" في موضع الحال من الأمر وما عطف عليه، والهاء عائدة على الفعل. "وكذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "أمر الثلاثي" أمر مبتدأ مؤخر والثلاثي مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 والاستخراج. قالوا: وفي عشرة أسماء محفوظة، وهي: اسم، واسْتٌ1، وابن، وابْنُم2، وابنة، وامرؤ، وامرأة، واثنان، واثنتان3، وأيمن المخصوص بالقسم4، وينبغي أن يزيدوا "أل" الموصولة؛ وأيْم لغة في أيْمُن، فإن قالوا: هي أيمن فحذفت اللام قلنا: وابنم هو ابن فزيدت الميم5.   1 هو الدبر. وأصله: ستة كجمل، حذفت لامه، وهي الهاء تشبيها بحروف العلة، وسكنت السين، ثم جيء بالهمزة للتوصل للساكن، وكتعويض عن اللام، ويقال فيه: سَه بحذف العين، ووزنه "فَل" ولم يأت من الأسماء ما حذف عينه إلا هذا -وقولهم: "مذ" لأنها محذوفة من منذ, وسَت بحذف اللام، ووزنه "فع" ويكون الإعراب على الهاء والتاء. أما اسم؛ فأصله "سمو" عند البصريين ووسم عند الكوفيين، حذفت لامه على الأول وفاؤه على الثاني، وسكن أوله وأتي بالهمزة توصلًا وتعويضًا كما سبق. 2 هو بمعنى "ابن" والميم فيه زائدة للتوكيد والمبالغة، كما زيدت في "زرقم" بمعنى الأزرق، ومن ذلك قول المتلمس "أبى الله إلا أن أكوه لها "ابنما". وأصل ابن: بنو كقلم، فُعل به ما تقدم. 3 أصلها ثنيان، وثنيتان، حذفت لامهما، وسكنت التاء، ثم جيء بالهمزة كما بينا. 4 هو اسم مفرد مشتق من اليمن بمعنى البركة، والأكثر فتح همزته ويجوز كسرها, وخرج "أيمن" بر القوم بأيمنهم -فإنه- جمع يمين، وهمزته للقطع اتفاقًا. 5 وإلى مواضع همزة الوصل السماعية أشار الناظم بقوله: وفي آسم است ابن آننُم سُمع ... واثنين وامرئ وتأنيث تبع وايْمُن همز أل كذا ويبدل ... مدا في الاستفهام أو يُسَهَّل* =   * "وفي اسم" متعلق يسمع وما بعده عطف عليه، وجملة "تبع" نعت لتأنيث ومفعوله محذوف؛ أي: تبع مذكره منها. "وايمن" معطوف على اسم است إلخ فهو في موضع خفض، ورفعه على الحكاية؛ لأنه ملازم للرفع وللابتداء، "همز أل" همز مبتدأ مضاف إليه. "كذا" متعلق بمحذوف خبر. "ويبدل" فعل مضارع ونائب فاعله يعود على همز أل، وهو مفعوله الأول. "مدا" مفعوله الثاني. "في الاستفهام" متعلق بيبدل. "أو يسهل" عطف على يبدل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 مسألة: لهمزة الوصل بالنسبة إلى حركتها سبع حالات، وجوب الفتح في المبدوء بها "أل"1، ووجوب الضم في نحو: انْطُلِق2 واستُخرج مبنيين للمفعول، وفي أمر الثلاثي المضموم العين في الأصل نحو: اقْتُل، اكْتُب، بخلاف امْشُوا اقْضُوا3، ورُجْحَان الضم على الكسر فيما عَرَض جعلُ ضمة عينة كسرة من نحو: اُغزي4، قاله ابن الناظم، وفي تكملة أبي علي5 .............................   = أي: سمع وحفظ همزة الوصل في الأسماء المذكورة، وفي قوله: وتأنيث تبع إشارة إلى أن المؤنث كالمذكر، وكذلك المثنى كالمفرد في جميع ما ذكر. وإذا دخلت همزة الاستفهام على همز أل، وكلاهما مفتوح لا يجوز حذفه، وجب إبدال همزة الوصل ألفًا وهو الأرجح، أو التسهيل بين الهمزة والألف؛ تقول: آلأمير قادم؟ أالأمير قادم، ولا يجوز حذف أحدهما لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، وسيبين المصنف ذلك. 1 وذلك للخفة وكثرة الاستعمال. 2 من كل فعل ماض مضموم ثالثة ضما أصليا ظاهرًا. 3 فإن الهمزة فيهما مكسورة، لأن عينهما في الأصل مكسورة، والأصل: أمشيوا، واقضيوا، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، ثم الياء لالتقاء الساكنين، وضمت العين لمناسبة الواو. 4 فإن أصله: اغزوى، استثقلت الكسرة على الواو فنقلت، ثم حذفت الواو للساكنين؛ فالضم نظرًا للأصل، والكسر نظرًا إلى الحالة الراهنة. ولم يجز هذان الوجهان في "امشوا"؛ لأن كسر الهمزة هو الأصل، وقد عضد بكسر العين أصلا، فألغي العارض لمعارضته أصلين، بخلاف اغزى. 5 التكملة: كتاب في الصرف لأبي على الفارسي، ألفه تكملة لكتابه "الإيضاح" قيل: إن سبب تأليفه، أن عضد الدولة لما قرأ الإيضاح استقصره، وقال لأبي علي: ما زدت على ما أعرف شيئًا، وإنما يصلح هذا للصبيان، فصنف التكملة وحمله إليه، فلما اطلع عليه عضد الدولة قال: قد غضب الشيخ وجاء بما لا نفهمه نحن ولا هو، وقد عني به كثير من النحاة وتناولوه بالشرح والإيضاح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 أنه يجب إشمام ما قبل ياء المخاطبة1 وإخلاص ضم الهمزة، وفي التسهيل2 أن همزة الوصل تُشم قبل الضمة المشمة3، ورجحان الفتح على الكسر في ايْمُن وابْنُم، ورُجْحان الكسر على الضم في كلمة اسم، وجواز الضم والكسر والإشمام في نحو: اختار وانقاد مبنيين للمفعول، ووجوب الكسر فيما بقي4، وهو الأصل. مسألة: لا تحذف همزة الوصل المفتوحة5 إذا دخلت عليها همزة الاستفهام كما حذفت الهمزة المكسورة نحو: {اتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} ، {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} 6 وهو الأصل؛ لئلا7، يلتبس الاستفهام بالخبر، ولا تحقق، لأن همزة الوصل تثبت في الدرج إلا ضرورة كقوله: ألا لا أرى إثنين أحسن شيمة8   1 وذلك تنبيها على الضم الأصلي، والمراد بالإشمام هنا: ما يسمى روما عند القراء، وهو الميل بالضمة نحو الكسرة. 2 كتاب ألفه ابن مالك تسهيلا وتلخيصا لكتابه المسمى "الفوائد النحوية" وسماه: "تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد"، وهو كتاب جمع مسائل النحو وقواعده، وقد عني به العلماء من بعده، ووضعوا عليه شروحا كثيرة. 3 أي: إذا أشممت الثالث، أشمت الهمزة، وإلا فلا. 4 أي: من الألفاظ المسموعة، وكذلك المصادر والأفعال، وجملة القول: أن همزة الوصل تكون مكسورة، وتفتح مع لام التعريف وميمه، ومع أيمن وأيم على الراجح وتضم إذا وقع بعدها ضمة أصلية لازمة ويجوز في اسم الضم والكسر وهو أرجح. 5 وذلك في "أل"، و"أم" في لغة حمير، وأيمن، وأيم. 6 الأصل: أاتخذناهم، أاستغفرت، بهمزة مفتوحة للاستفهام فمكسورة للوصل، حذفت الثانية استغناء عنها بالأولى، وكما حذفت المضمومة حذفت همزة الوصل وقد ترك مقتضى القياس لسبب الذي ذكره المصنف. [ورة ص الآية: 63] , [سورة المنافقون الآية: 6] . 7 هذا تعليل لقوله: لا تحذف همزه الوصل المفتوحة ... إلخ. 8 صدر بيت من الطويل لم ينسب لقائل وعجزه:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 بل الوجه أن تبدل ألفًا، وقد تسهل1 مع القصر، تقول: "آلحسن عندك" و"آيمن الله يمينك" بالمد على الإبدال راجحًا، وبالتسهيل مرجوحًا، ومنه قوله: أألحق إن دار الرَّباب تباعدت2 وقد قُرئ بهما في نحو: {آلذَّكَرَيْنِ} ، {آلْآنَ} .   = على حَدَثان الدهر مِني ومن جُمْل اللغة والإعراب: شيمة: هي السجية والطبيعة، وجمعها: شيم. حدثان الدهر صروفه وأحداثه, جمل: اسم امرأه "ألا" أداة تنبيه "لا" نافية "اثنين" مفعول أول لأرى "أحسن" مفعول ثان له "شيمة" تمييز "على حدثان" جار ومجرور متعلق بأحسن، والدهر مضاف إليه "مني" متعلق بأحسن كذلك. المعنى: إنه لا يرى من طبعه وشيمته أحسن منه, ومن جمل على تحمل أحداث الدهر ونوازله. الشاهد: في "اثنين" فإن الهمزة فيه الوصل وحقها أن تسقط في الدرج، ولكن الشاعر أثبتها لضرورة الوزن. 1 التسهيل: أن ينطو بها بين الهمزة والألف. 2 صدر بيت من الطويل، وعجزه: أو آنبَتّ حبل أن قلبك طائر وقد استشهد به سيبويه ونسبه إلى عمر بن أبي ربيعة. ونسبه العيني: إلى حسان ابن يسار التغلبي. اللغة والإعراب: الرباب: اسم امرأة. تباعدت: صارت بعيدة عنك. آنبت: انقطع. حبل: الحبل معروف، ويراد به هنا: العهد وأسبابه المودة والصلة "أألحق" الهمزة الأولى للاستفهام، والثانية أداة التعريف، و"الحق" منصوب على الظرفية متعلق بمحذوف خبر مقدم "إن" شرطية "دار الرباب" دار فاعل لمحذوف هو فعل الشرط يفسره تباعدت، والرباب مضاف إليه، والجواب محذوف لدلالة السابق عليه "أن قلبك طائر" أن ومعمولاها في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر، وقيل: الحق بالرفع مبتدأ وما بعده خبر، وليس هذا بسليم.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 ...........................................................................................................   المعنى: أخبرني وأصدقني! إذا تباعدت عنك دار الرباب، أو انقطع ما بينكما من أواصر الألفة والمحبة وعهد الإخاء، هل الحق أن قلبك يطير معها، ويذهب عقللك حزنًا عليها؟ وكنى بذلك عن شدة اضطرابه وخفقانه. الشاهد: في قوله "أألحق" حيث نطق الشاعر بهمزة "أل" تسهيلا؛ أي: بين الهمزة والألف قصرًا، وهذا مرجوح، والكثير الراجح: إبدال همزة أل التالية لهمزة والألف قصرًا وهذا مرجوح، والكثير الراحج: إبدال همزة أل التالية لهمزة الاستفهام ألفًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 ...........................................................................................................   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف التصريف, ووضح الغرض منه وبين فيم يكون؟ مع التمثيل. 2 اشرح قول ابن مالك: بضمن فعل قابل الأصول في ... وزن وزائد بلفظه اكتفي وبين على ضوئه كيف تزن الكلمة؟ وما وزن: سافر, مستغفر, انكسر. 3 بماذا يعرف الحرف الأصلي من الزوائد؟ اذكر بعض الضوابط لذلك، وما حكم وزن ما فيه تقديم أو تأخير؟ أذكر أمثلة موضحة. 4 اذكر شروط زيادة الواو والياء: ثم شرط زيادة الهمزة والنون، مع التمثيل. 5 عرف همزة الوصل، ولم سميت بذلك؟ وما الفرق بينها وبين همزة القطع نطقًا وكتابة؟ 6 بين موضع الاستشهاد في هذا الباب بما يأتي، وزن ما تحته خط. قال -تعالى: {قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} . {وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} . {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} . وفي الحديث: "إذا لقيت الكافر فالقه بوجه مكفهِرّ". حب بالزَّور الذي لا يرى ... منه إلا صفحة ولمام 7 اذكر مواضع همزة الوصل القياسية. ثم بين متى يجب ضم الهمزة؟ ومتى يجب فتحها وكسرها؟ ومثل لما تقول. 8 بم يستشهد النحويون بما يأتي مع إعراب ما تحته خط. إذا جاوز الإثنين سر فإنه ... بنثٍّ وتكثير الوشاة قمين لا نسب اليوم ولا خلة ... اتسع الخرق على الراقع ولا تبادر في الشتاء ولذ بنا ... ألقدر تنزلها بغير جِعال نث الحديث: أفشاه: الوشاة: جمع واش وهو النمام. الجعال: خرقة ينزل بها القدر. 9 زن الكلمات الآتية واضبطها: وبين المجرد منها والمزيد مع النص على أحرف الزيادة. الله. أب. خال. رسالة. مدعو. سعة. قل. أم. كيس. ترو. وأجب.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 ...........................................................................................................   10 "نموذج" الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 باب الإبدال مدخل ... باب: الإبدا ل 1   باب: الإبدال 1 سيمر بك في هذا الباب أربعة ألفاظ اصطلاحية هي: الإبدال، والقلب، والإعلال، والتعويض، ولكل منها مدلوله الخاص؛ ولهذا رأينا أن نبدأ بتوضيحها، وبيان العلاقة بينها. أ- فإلإبدال هو: جعل حرف مكان آخر؛ سواء كان الحرفان صحيحين مثل: تلعثم، وتلعذم، ومدكر، ومدتكر، أم معتلين مثل: قال، وباع؛ فإن أصلهما: قول، وبيع، أم مختلفين نحو: دينار، وقيراط؛ أصلها: دنار وقراط. ب- والقلب: خاص بتحويل أحد حروف العلة أو الهمزة إلى آخر منها, كقلب الواو ألفًا من قول إلى قال، والياء همزة إذا كان متطرفة بعد ألف زائدة؛ نحو: بناء؛ فإن أصله: بناي، والواو المتوسطة ياء بعد كسرة مثل: قيام، والأصل قوام؛ فهو أخص من الإبدال. جـ- أما الإعلال فهو: تغيير أحد حروف العلة أو الهمزة، بقلبه إلى آخر منها، أو حذفه، أو تسكينه تخفيفا، مثل: قام، وأصله: قوم، وصاح، وأصله: صحيح، تحركت الواو والياء وانفتح ما قبلهما فقلبتا ألفين، ويسمى هذا إعلالا بالقلب. ومثل: مقول من قال، وأصله: مقوُول، نقلت ضمة الواو إلى الساكن قبلها فالتقى ساكنان فحذف الأول منهما لذلك؛ فهذا إعلال بالتسكين ثم بالحذف. د- وأما التعويض أو العوض فهو: حذف حرف والاستغناء عنه بآخر أيا كان ذلك الحرف؛ صحيحًا أو معتلا، وسواء حل العوض مكان المحذوف أم في غير مكانه، مثل: تاء عدة وهمزة ابن. وقد يكون العوض عن حركة، كسين اسطاع؛ فإنها عوض عن حركة عينه وعلى هذا: فالعوض لا يتقيد بحرف ولا بمكان معين. أما الإبدال فإنه وإن كان لا يتقيد بحرف؛ إلا أنه يتقيد بمكان المحذوف. والإعلال يتقيد بأحرف العلة، والقلب نوع من الإبدال والإعلال,= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 352 الأحرف التي تبدل من غيرها إبدالًا شائعا1 لغير إدغام2: تسعة يجمعها "هَدَأْتُ مُوطِيَا" وخرج بقولنا شائعًا؛ نحو قولهم في "أُصَيْلان" تصغير أصيل على غير قياس3، وفي "اضْطَجَع" وفي نحو: "عَلِي" في الوقف: أُصَيْلال، والْطَجَع، وعَلجّ. قال: وقفت فيها أُصَيْلالا أُسائلها4   = وتكون العلاقة بينهما على النحو الآتي: أ- بين الإبدال والقلب عموم وخصوص مطلق؛ فكل قلب إبدال ولا عكس يجتمعان في نحو: "باع" وينفرد الإبدال في مثل: "اصطبر". ب- وكذلك الشأن في الإبدل والتعويض؛ فكل إبدال تعويض ولا عكس يجتمعان في "اصطبر، وادكر"، وينفرد التعويض في نحو: "عدة". جـ- أما الذي بين الإبدل والإعلال، فعموم وخصوص من وجه، يجتمعان في نحو: "قال، وصاح"، وينفرد الإبدال في نحو: "اصطبر، ومدكر"، والإعلال في نحو: "يقوم". 1 أي: مطردا وقياسا يضطر إليه في التصريف، ويوقع عدمه في خطأ، كقولك في قال: "قول". 2 أما الإبدال الشائع للإدغام فيقع في جميع الحروف، ما عدا الألف اللينة؛ فإنها لسكونها لا تدغم، ولا تدغم فيها، وليس مكانها هذا الباب. 3 أي: لذيادته على أصله المكبر، وقيل: هو تصغير "أصلان" جمع أصيل؛ كبعير وبعران وهو غير قياسي أيضًا؛ لأن الجمع إنما يصغر على لفظ واحد. 4 صدر بيت من البسيط، للنابغة الذبياني، وقد استشهد به سيبويه، وعجزه: أعيت جوابًا وما بالربع من أحد اللغة والإعراب: أصيلالا، الأصيل: ما بين العصر وغروب الشمس وجمعه أصلان، وصغر على أصيلال بقلب النون لاما. أعيت: ضعفت وعجزت. وفي رواية: عيت. والمعنى واحد. الربع: المنزل والدار: "أصيلالا" ظرف زمان لوقفت. "جوابا" مفعول مطلق لمحذوف؛ أي: أعيت عن أن تجيب جوابا. "وما" نافية "بالربع" متعلق بمحذوف خبر مقدم "من أحد" مبتدأ مؤخر على زيادة. "من" والجلمة في محل نصب حال. المعنى: وقفت بدار المحبوبة وقت الأصيل أسأل عنها وعن أخبارها، فعجزت الدار عن إجابتي، وليس هناك أحد يجيبني. الشاهد: إبدال النون في أصيلان، لاما لقرب المخرج، وهذا شاذ ونادر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 وقال: مال إلى أَرْطاةِ حِقْف فَالْطَجَعْ1 الِي عُويْف وأبو عَلِجّ2   1 عجز بيت من الرجز؛ لمنظور بن حية الأسدي يصف ذئبا، وصدره. لما رأى أن لا دَعَه ولا شِبع وقبله: يارب أبّاز من العُفرِ صَدَع ... تَقَبّض الذئب إليه واجتمع اللغة والإعراب: أباز: هو الذي يكثر القفز، والمراد به ظبي، العفر، هو من الظباء الذي لونه لون التراب, تقبض الذئب: جمع نفسه وتهيأ للوثوب عليه. دعه، الدعة: الراحة وسعة العيش، مال: وركن. أرطاة: واحدة الأرطي، وهو شجر من شجر الرمل له ثمر كالعناب، حقف: هو ما أعوج وانحنى من الرمل، والجمع أحقاف. الطجع: اتكأ على الأرض. "لما" شرطية. "رأى" فعل الشرط وفاعله يعود على الذئب، "أن" مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن، "دعه" اسم لا. "مال" جواب الشرط والفعل يعود على الذئب أيضًا. "فالطجع" الفاء عاطفة، الطجع فعل ماض والفاعل يعود على الذئب أيضًا. المعنى: أن هذا الذئب، لما رأى أنه لم يجد راحة من التعب، ولم يشبع بأكل، ركن إلى شجرة من الأرطي في منحنى من الرمل، واتكأ عل جنبه ليستريح. الشاهد: إبدال اللام من الضاد شذوذا، وأصله: اضتجع قلبت التاء طاء لوقوعها بعد حرف الإطباق، ثم الضاد لاما، والأول إبدال قياسي، والثاني شاذ ونادر. 2 هذا من شواهد سيبوبه، وهو رجز لرجل من أهل البادية لم يعين اسمه، وبعده: المُطعِمان اللّحم بالْعَشَج ... وبالغداة كُتَل الْبرِنْجّ بقلع بالود وبالصيصبج اللغة والإعراب: عويف: تصغير عوف: اسم رجل. العشج: هو العشي؛ وهو آخر النهار. كتل: جمع كتلة، وهي الشيء المجتمع، ويروى: فلق وهو ما قطع به. والبرنج:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 354 وتسمى هذه اللغة: عَجْعَجَة قُضاعة1 ومعنى "هدأتُ": سَكَنْت، و"مُوطيًا" من أوطأته: جعلته وطيئا، فالياء فيه بدل من الهمزة وذكره2 الهاء زيادة على ما في التسهيل؛ إذ جمعها فيه في: "طَوَيت دائما" ثم إنه يتكلم هنا عليها مع عَدِّه إياها؛ ووجهه أن إبدالها من غيرها إنما يطرد في الوقف على نحو: "رَحْمة ونِعمة"، وذلك مذكور في باب الوقف. وأما إبدالها من غير التاء فمسموع؛ كقولهم: هِيَّاك، ولَهِنَّك قائم، وهَرَقْت الماء، وهَرَدْت الشيء، وهَرَحْت الدابة3. فصل: في إبدال الهمزة تبدل من الواو والياء في أربع مسائل، إحداها: أن تتطرف إحدهما4   = البرني، وهو نوع من التمر الجيد. الود: الوتد، الصيصج: الصيصي، وهو قرن البقرة، يريد: أنه شديد التماسك فيحتاج إلى علاج لقلعه. "خالي" مبتدأ. "عويف" خبر أو بدل. "وأبو علج " معطوف عليه ومضاف إليه. "المطعمان" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هما، أو خبر عن خالي وأبو علي. الشاهد: في "أبوعلج" فإن أصله أبو علي، فأبدلت الياء المفردة، جيما في الموقف وكذلك الحال في العشج، والبرنج، والصيصج، وهو إبدال شاذ. 1 وهناك عجعجة في قضاعة، يحولون الياء جيمًا مع العين فيقولون: هذا راعج خرج معج؛ يريدون: هذا راعي خرج معي. 2 أي: الناظم. 3 فقد أبدلت في الجميع، الهاء من الهمزة؛ لاتفاقها في المخرج، والأصل: إياك، ولإنك وأرقت الماء, وأردت الشيء, وأرحت الدابة. 4 إما حقيقة بأن تقع في آخر الكلمة، كما مثل المصنف، أو حكما بأن يقع بعد أحدهما حرف من شأن عدم اللزوم، ولو كان لازما بالفعل للكلمة؛ وذلك كالتاء العارضة للتأنيث للفرق بين وصفي المذكر والمؤنث، كبناء وبناءة، وكريادتي التثنية العرضتين نحو: رداءان وكساءان، ورداءين وكساءين؛ مما همزته بدل من أصل، أو من حرف إلحاق. أما المبدلة من ألف التأنيث، فيجب قلبها واوا في التثنية. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 355 بعد ألف زائدة نحو: كِساء، وسَماء، ودُعاء1، ونحو: بِناء وظِباء وفِناء2؛ بخلاف نحو: قَاولَ وبَايَع وإدَاوَة وهِدايَة3، ونحو: غَزْو، وظَبْي4، ونحو: واو، وآي5 وتشاركهما في ذلك: الألف في نحو: حمراء؛ فإن أصلها حَمْرَى كسكرى، فزيدت ألف قبل الآخر للمد، كألف كتاب وغلام, فأبدلت الثانية همزة6. الثانية: أن تقع إحداهما عينا لاسم فاعل فعل أعلّت فيه7 نحو: ...........   1 الهمزة فيهن مبدلة عن واو. 2 الهمزة فيهن مبدلة عن ياء، وإبدال الواو والياء همزة ابتداء لتطرفهما إثر ألف زائدة، رأي ابن مالك وآخرين، وقيل: إنهما أبدلتا ألفين لتحركهما إثر فتحة، والحاجز بينهما ساكن معتل فهو غير حصين، ثم قلبت الألف همزة لالتقائها ساكنة مع الألف الأولى الزائدة، والألف إذا تحركت قلبت همزة. 3 فإنه يجب التصحيح لعدم التطرف في قاول وبايع؛ ولأن تاء التأنيث غير عارضة في إدارة وهداية، بل هي لازمة لصيغة الكلمة، وبنيتها، وليس للكلمة معنى بدونها. والإداوة: إناء صغير من الجلد يتخذ للماء. 4 لأنه لم تتقدم عليهما ألف. 5 لأن الألف فيهما أصل وليست زائدة و"واو": اسم للحرف "و" ووزنها "فعل". و"آي": جمع آية، وهي العلامة، أو قطعة من السورة، ووزنها "فعل". 6 والخلاصة: أن الواو والياء والألف إذا تطرفت إحداهما تطرفا حقيقيا أو حكميا إثر زائدة، قلبت همزة. 7 أي: أعلت عين فعله، سواء كان اسم الفاعل مؤنثا، أو مثنى، أو مجموعا، ومثله: كل اسم على وزن "فاعل" أو "فاعلة" وإن لم يكن وصفاز "اسم فاعل" كقولهم: "جائز" للبستان. قال الشاعر: صَعْدة نابتة في جائز ... أينما الريح تُميلها تَمِل وقولهم: جائزة للخشبة المعترضة وسط السقف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 356 قائل وبائع1؛ بخلاف نحو: عَيِنَ فهو عاين، وعَوَر فهو عاوِر2. الثالثة: أن تقع إحداهما بعد ألف مفاعل3، وقد كانت مدة زائدة في الواحد4.   1 فإن أصلهما: قاول: وبايع. فأعلا بقلب كل من الواو والياء همزة، أو ألفًا ثم همزة؛ حملا على الفعل: قال، وباع. 2 يقال: عَين عينًا وعينة: عظم سواد عينه في سعة، فهو أعين. والعور: ذهاب حس أحد العينين، وإنما صحت الواو والياء في اسم الفاعل؛ لأنها لم تعل في الفعل خوف الالتباس بعان وعار، وإنما يعل الوصف حملا على الفعل وإلى المسألتين السابقتين يشير الناظم بقوله: أحرف الإبدال "هَدَأت مُوْطِيا" ... فأبدل الهمزة من واو ويا آخرًا إثر ألف زيد وفي ... فاعل ما أعل عينا ذا اقتفي* أي: إن أحرف الإبدال التي تبدل من غيرها إبدالا شائعا: تسعة أحرف مجموعة في هذه العبارة: "هدأت موطيا" ثم ذكر أن الهمزة تبدل من الواو والياء إذا تطرفتا ووقعتا بعد ألف زائدة، وكذلك إذا وقعت كل منهما عينا في صيغة "فاعل" وأعلت في فعله. وقوله: "ذا اقتفي"؛ أي: اتبع وروعي. والإشارة إلى إبدال الواو والياء همزة. 3 المراد: "مفاعل" وما يشبه في عدد الحروف والحركات؛ من كل جمع تكسير ثالثة ألف بعدها حرفان مكسور أولهما؛ كفعائل وفواعل. 4 واللام صحيحة. وقيل في علة الإبدال: إنه عند جمع قلادة على "مفاعل" وقعت ألف الجمع؛ فاجتمع ألفان ولا يمكن حذف إحداهما لفوات الغرض المقصود منه، فوجب تحريك المدة بالكسر لتكون كعين مفاعل، والألف إذا حركت قلبت همزة ثم شبهت واو عجوز. وياء صحيفة بألف قلادة.   * "أحرف" مبتدأ. "الإبدال" مضاف إليه. "هدأت موطيا" خبر المبتدأ مقصود لفظه, "من واو" متعلق بأبدل. "ويا" بالقصر؛ عطف عليه. 1 "آخر إثر" ظرفان متعلقان بمحذوف نعت لواو وياء؛ أو حالان. "ألف" مضاف إليه. وجملة "زيد" بالبناء للمجهول نعت لألف. "وفي فاعل" متعلق باقتفي. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "أعل" الجملة صلة ما. "عينا" تمييز محول عن الفاعل. "ذا" اسم إشارة مبتدأ جملة. "اقتفي" خبره وهو ماض للمجهول ونائب فاعله يعود إلى ذا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 357 نحو: عجائز وصحائف، بخلاف: قسورة وقساور1، ومعيشة ومَعَايِش2 وشذ مصيبة ومصائب، ومنارة ومنائر3. ويشارك الواو والياء في هذه المسألة الألف4 نحو: قِلادة وقلائد، ورسالة ورسائل. الرابعة: أن تقع إحداهما ثاني حرفين لَيِّنَيْن بينهما ألف مفاعل،5 سواء كان اللينان: ياءين كنيائف جمع نَيِّف6، أو واوين، كأوائل جمع أول، أو مختلفين   1 لأن الواو ليست بمدة, والقسورة: الأسد، ويقال فيه: قَسْور بغير تاء. 2 لأن المدة في المفرد أصلية، وحرف المد الأصلي متحرك بأصله؛ فإذا وقع بعد ألف "مفاعل" تحرك بحركته فلا يبدل. 3 أي: بالإبدال، مع أن المدة في المفرد أصلية، والقياس: مصاوب، ومناور، وشذ كذلك: معائش، بالهمزة. 4 فتقلب همزة في الجمع. وإلى المسألة الثالثة من قلب الواو والياء والألف همزة، يشير الناظم بقوله: والمد زيد ثالثًا في الواحد ... همزًا يُرى في مثل كالقلائد* أي: إن حرف المد، "وهو حرف العلة الذي قبله حركة تناسبه"، إذا كان ثالثا زائدًا في الواحد يبدل همزة؛ إذا ولي ألف الجمع الذي على وزن "مفاعل" نحو: قلادة، وقلائد. وقد أشار الناظم إلى بعض الشروط بقوله: "والمد زيد ثالثًا في الواحد"، ولم يفصل اعتمادًا على المثال. 5 أو مشابهه كذلك؛ لا ألف "مفاعيل" ولا ما يشبه بشرط صحة اللام. 6 النيف كل ما زاد على العقد إلى العقد الثاني، من ناف؛ إذا زاد؛ يقال: عشرة ونيف. والنيف: الزيادة, والفضل, والإحسان.   * "والمد" مبتدأ، وجملة "زيد" حال من ضمير "يرى" الواقع خبرًا عن المبتدأ. "ثالثا" حال من ضمير زيد أو من نائب فاعل يرى، وهو على الأول من قبيل الحال المتداخلة, وعلى الثاني حال مترادفة. "في الواحد" متعلق بزيد "همزة" مفعول ثان ليرى، إن كانت علمية ونائب فاعله هو المفعول الأول, أو حال من ضمير يرى إن كانت بصرية. "في مثل" متعلق بيرى. "كالقلائد" مضاف إليه على زيادة الكاف بين المضاف والمضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 358 كسَيَائِد جمع سيِّد؛ إذا أصله سَيُود1 وأما قوله: وكحَّل العينين بالعَوَاور2 فأصله بالعَواوِير؛ لأنه جمع عُوَّار وهو الرمد، فهو مفاعيل كطواويس لا مفاعل؛ فلذلك صحح، وعكسه قول الآخر: فيها عيائيل أسود ونَمُر3   1 اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمتا ومثله: صوائد: جمع صائد، وبوائع: جمع بائعة. ويشترط صحة اللام في الجميع. 2 عجز بيت من الرجز، لجندل بن المثنى الطهوي، يصف الدهر وما لقيه منه؛ حين كبرت سنه وانحنت عظامه، وأصابت الأقذاء عينه، وصدره: حنى عِظامي وأراه ثائِرِي اللغة والإعراب: قوس. ثائري. قاتلي، والثأر: الدم والطلب به، والجمع أثار وآثار، وثأر به: طلب دمه وقتل قاتله، كحل عينه: وضع فيها الكحل تزينا لها، وفيه تخفيف الحاء وتشديدها. العواور: جمع عوار، وهو اللحم ينزع من العين، وسائل يوخذ من شجر ويخفف ويوضع في العين: "حنى" فعل ماض، وفاعله، وفاعل كحل؛ يعودان على الدهر، في قوله مخاطبا زوجته: غرك أن تقاربت أباعِرِي ... وأن رأيت الدهر ذا الدوائر حنى عظامي .............. ... ......................... إلخ وقد جعل الشاعر ما فعله الدهر بعينه من الأذى والوجع كحلا على طريق المجاز. الشاهد: تصحيح الواو في "العواور" وعدم إبدالها همزة؛ لما ذكره المصنف من أن أصله: العواوير على وزن مفاعيل لا مفاعل؛ لأن من حق جمع الاسم الذي على هذه الحال أن تقلب ألفه ياء في الجمع لانكسار ما قبلها، ولكن الضرورة جعلت الشاعر يحذف الياء ويكتفي بالكسرة مع الاعتداد بها وكأنها موجودة. 3 شاهد من كلام حكيم بن معية الربعي. وقد تقدم الكلام عليه في باب جمع التكسير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 فأبدلت الهمزة من ياء مفاعيل؛ لأن أصله "مفاعل"؛ لأن عيائيل جمع عَيّل بكسر الياء, واحد العيال، والياء زائدة للإشباع مثلها في قوله: ............... تنقاد الصياريف1 فلذلك أُعِلّ   1 قطعة من بيت من البسيط، للفرزدق الشاعر المشهور يصف ناقة بالقوة وسرعة السير في الهواجر، وهو بتمامه: تنفي يدها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدراهيم تنقاد الصياريف اللغة والإعراب: تنفي: تبعد وتطرد. يداها المراد: يدا الناقة التي يصفها هاجرة، الهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحر، الدراهيم: جمع درهام لغة في درهم. تنقاد: مصدر نقد الدراهم، إذا ميز رديئها من جيدها، على غير قياس. الصياريف: جمع صيرف، ويقال له: صيرفي، وصراف، وهو الخبير بالنقد الذي يبادل على بعضه ببعض. "يداها" يدا فاعل تنفي مرفوع بالألف؛ لأنه مثنى، وضمير الغائبة مضاف إليه. "الحصى" مفعوله. "في هاجرة" في كل متعلق بتنفي، وهاجرة مضاف إليه. "نفي الدراهيم" نفي مفعول مطلق لتنفي الدراهيم مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله. "تنقاد الصياريف" تنقاد فاعل لنفي والصياريف مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. المعنى: أن هذه الناقة لقوتها وسرعتها، تدفع يداها الحصى وتطرده عن وجه الأرض، وهي سائرة وقت الهاجرة؛ فيقرع بعضه بعضًا ويسمع له صوت، كما يدفع الصراف الدراهم فيسمع له صوت ورنين. الشاهد: في الصياريف؛ فهو جمع صيرف، والقياس في جمعه: صيارف، أو صيارفة بزيادة تاء للنسب، كالأزارقة، والأشاعرة، ولكنه أشبع كسرة الراء فتولدت عنها ياء زائدة، وقد أشار الناظم إلى هذه المسألة الرابعة بقوله: كذاك ثاني لَيِّنين اكتَتَفا ... مد "مَفاعِل" كجمع نيِّفا* أي: كذلك تبدل الهمزة من ثاني حرفين لينين اكتتفا -أي: أحاطا- بمدة "مفاعل"، وتوسطت هي بينهما. كما لو جمعت كلمة نيف جمع تكسير؛ فإنك تقول: نيائف؛ بإبدال الياء الواقعة بعد ألف الجمع همزة.   * "كذالك" جار ومجرور خبر مقدم. "ثاني" مبتدأ مؤخر. "لينين" مضاف إليه. "اكتتفا" ألف الاثنين فاعل والجملة صفة لينين. "مد" مفعول اكتفاء. "مفاعل" مضاف إليه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع. "كجمع" متعلق بمحذوف، خبر لمبتدأ محذوف، وهو مصدر مضاف إلى فاعله المحذوف. "نيفا" مفعوله؛ أي: كجمعك نيفا والنيف الزدياء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 360 وهناك مسألة خاصة بالواو: اعلم أنه إذا اجتمع واوان، وكانت الأولى مُصَدَّرة1، والثانية: إما متحركة، أو ساكنة متأصلة في الواوية2، أبدلت الواو الأولى همزة: فالأولى نحو: جمع واصلة وواقية؛ تقول: أَواصِلُ وأَواق، وأصلُهُما: وواصِلُ وَوَوَاق3، والثانية نحو: الأولى أنثى الأول؛ أصلها: وُولى، بواوين؛ أولاهما فاء مضمومة، والثانية عين ساكنة 4؛ بخلاف نحو: وُوفِي ووُوِري؛ فإن الثانية ساكنة منقلبة عن ألف "فاعل"5، وبخلاف نحو: الوُولَى، بواوين مُخَفّفًا من الوُؤْلَى بواو مضمومة فهمزة، وهي6 أنثى "الأوْأَل"، أفْعَلُ7 من وَأَلَ إذا لَجَأَ8. وخرج باشتراط التصدير نحو: هَوَوِيٍّ ونَوَوِيٍّ9، في المنسوب إلى هَوًى ونَوًى.   1 أي: في أول الكلمة. 2 أي: ليست منقلبة عن حرف آخر؛ بأن تكون مدة أصلية؛ كأولى أنثى الأول، أو ليست مدة أصلا؛ سواء تحركت؛ كأواصل، أو كانت ساكنة؛ كأول؛ فذلك كله يجب فيه الإبدال. 3 أي: بواوين: الأولى فاء الكلمة، والثانية متحركة عارضة مبدلة من الألف الزائدة في المفرد، فأبدلت الواو الأولى همزة. 4 متأصلة الواوية، فلما اجتمعا قلبت الأولى همزة. 5 أي: وهو: وافى، ووارى؛ فليست متأصلة في الواوية؛ لأنها بدل من ألف زائدة؛ فلا يجب الإبدال حينئذ، بل يجوز. 6 الضمير راجع للوؤلى، بالهمز. 7 أي: أفعل تفضيل لمذكر، وللمؤنث "وؤلى" على وزن "فعلى". 8 فتكون الواو الثانية منقلبة عن همزة، فليست متأصلة في الواوية، وحينئذ لا يجب إبدال الواو الأولى همزة، بل يجوز. 9 لأن الواوين اجتمعتا في آخر الكلمة؛ فلا تبدل الأولى همزة، وإلى هذه المسألة أشار= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361 فصل في عكس ذلك: وهو: إبدال الواو والياء من الهمزة، ويقع ذلك في بابين:   = الناظم بقوله: ... ... وهمزا أوَّل الواوين رد ... في بدء غير شبه وُوِفي الأشُد* أي: يجب رد أول الواوين المصدرتين همز، في بدء كلمة لم تشبه "ووفي"؛ في كون الثانية ساكنة عارضة؛ ذلك لأنها بدل من الألف؛ فإن الأصل "وافى" على وزن فاعل؛ فلا يجب فيها الإبدال، بل يجوز. والأشد: القوة. وقد ذكر المصنف تفصيل ذلك، وخلاصته: أنه يجب قلب أول الواوين المصدرتين همزة فيما يأتي. أ- إذا كانت الهمزة الثانية متحركة؛ كما في جمع "واصلة" عل فواعل؛ تقول أواصل، وأصلها: وواصل. ب- أو كانت الثانية ساكنة متأصلة في الواوية؛ كما في "أولى" أنثى الأول؛ فإن أصلها: وولى، بواوين، قلبت الأولى همزة، وليس في العربية سوى هذه الكلمة. جـ- أو تكون الثانية غير مدة أصلا، بألا تكون بعد ضمة؛ كأول. ويجوز القلب: أ- إذا كانت الثانية مدة عارضة غير أصلية؛ مثل: "ووفي" مبنية للمجهول؛ فإنها منقلبة عن الألف الزائدة في الماضي؛ وهو "وافى"، على وزن فاعل؛ فيجوز أن يقال: أوفى. ب- أو كانت منقلبة عن حرف أصلي؛ مثل: "وولى" أنثى الأوأل، أفعل تفضيل. جـ- وكذلك تبدل الهمزة جوازا من الواو، إذا كانت مضمومة ضمة لازمة غير مشددة؛ مثل: "أُجوه"، جمع وجه، و"أدؤر"، جمع دار، والأصل: وُجُوه، وأدوُر. د- أو كانت مصدرة مكسورة؛ كإشاح وإفادة، في وشاح ووفادة، وتبدل من الياء إذا كانت مكسورة بين ألف وياء مشددة؛ نحو: رائي وغائي، في النسبة إلى: راية وغاية، والأصل: راييّ وغاييِّ، بثلاث ياءات؛ فخففت الأولى بقلبها همزة.   * "وهمزا" مفعول رد الثاني مقدم. "أول الواوين" أول مفعوله الأول، والواوين مضاف إليه. "رد" فعل أمر. "في بدء" متعلق برد. "غير شبه" مضاف إليه. "ووفي الأشد" مضاف إليه لشبه، مقصود لفظه، ووفي فعل ماض مبني للمجهول، والأشد نائب فاعل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362 أحدُهُما: باب الجمع الذي على "مَفاعِل"1، وذلك إذا وقعت الهمزة بعد ألفه، وكانت تلك الهمزة عارضة في الجمع2، وكانت لام الجمع همزة، أو ياء، أو واوًا. وخرج باشتراط العروض نحو: المرآة والمرائي؛ فإن الهمزة موجودة في المفرد؛ لأن المرآة "مِفْعَلَة" من الرُّؤية؛ فلا تغير في الجمع3. وخرج باشتراط اعتلال اللام نحو: صحائف وعجائز ورسائل؛ فلا تُغيَّر الهمزة في شيء من ذلك أيضًا. وأما ما حصل فيه ما شرطناه4، فيجب فيه عَمَلان: قلب كَسْرة الهمزة فتحة، ثم قلبها ياء في ثلاث مسائل؛ وهي: أن تكون لام الواحد همزة، أو ياء أصليه، أو ياء منقلبة عن واو. وواوًا في مسألة واحدة؛ وهي: أن تكون لام الواحد واوًا ظاهرة5.   1 أي: وما يشبهه؛ كما تقدم؛ من كل جمع تكسير يماثله في عدد الحروف وضبطها، وإن لم يماثله في وزنه الصرفي؛ فيدخل في ذلك: فواعل، وفعالل، وأفاعل ... إلخ. 2 أي: ليست أصلية فيه؛ وذلك بأن لم تكن في المفرد، بل جاءت في الجمع بدلا من حرف علة في المفرد. 3 وسمع "مرايا" بالإبدال شذوذا؛ سلوكا بالهمز الأصلي مسلك العارض بسبب الجمع، كما شذ عكسه؛ وهو السلوك بالعارض مسلك الأصلي في قول عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، عم الرسول، من قصيدة قالها في شأن يوم بدر، وما وقع له من قطع رجله، ومبارزته هو وحمزة وعلي، ومات -رضي الله عنه- بالصفراء وهم راجعون، وهو المراد من قوله "ثلاثتنا" في هذا البيت. فما بَرِحَت أقدامنا في مكاننا ... ثلاثتنا حتى أُزِيروا المنائيا وقول بعض العرب: اللهم اغفر لي خطائئ، بهمزتين، والقياس: خطاياي؛ لأنه جمع خطيئة. 4 وهو وقوع الهمزة بعد ألف الجمع الذي على وزن "مفاعل"، وكون الهمزة عارضة في الجمع، وكون لام الجمع معتلة: "واو، أو ياء، أو همزة". 5 أي: سالمة في اللفظ من القلب ياء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 مثال ما لامه همزة: خطايا1؛ أصلها: خَطَايِئ بياء مكسورة؛ هي ياء خطيئة، وهمزة بعدها هي لامها، ثم أبدلت الياء همزة على حد الإبدال في صحائف2؛ فصار خطائئ، بهمزتين، ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء؛ لما سيأتي من أن الهمزة المتطرفة بعد همزة تبدل ياء، وإن لم تكن بعد مكسورة، فما ظنك بها بعد المكسورة؟ ثم قلبت كسرة الأولى فتحة للتخفيف؛ إذ كانوا قد يفعلون ذلك فيما لامه صحيحة؛ نحو: مَدَارَى3، وعَذَارَى في المَدَارِي والعذارِي؛ قال: ويوم عقرتُ للعذارى مطيَّتي4   1 جمع خطيئة وهي الذنب؛ من الخطأ؛ وهو ضد الصواب، ووزنه "فعائل". 2 وهو وقوعها بعد ألف التكسير في هذا الوزن. 3 جمع مِدْرى، وهي مثل الشوكة يصلح بها شعر المرأة؛ كالمشط الكبير. 4 صدر بيت من الطويل، لامرئ القيس، من معلقته المشهورة، وعجزه: فَيَا عَجَبا من رحلِها المتحمِّل اللغة والإعراب: عقرت: ذبحت ونحرت. العذارى: جمع عذراء؛ وهي الشابة الفتية البكر. مطيتي: المطية: كل ما يرتحله المسافر. رحلها: الرحل: ما يوضع على ظهر البعير. ويروى: كورها؛ وهو بمعنى الرحل. "ويوم" ظرف مبني على الفتح في محل جر أو رفع، معطوف على يوم في الحالتين؛ في قوله قبل: ولا سيما يوم بدارة جلجل، ويجوز أن يكون منصوبا معربا؛ كأنه قال: أذكر يوم عقرت، "مطيتي" مفعول عقرت. "فيا عجبا" يا للنداء، وعجبا منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفًا، وهي مضاف إليه. "من كورها" متعلق بعجبا. "المتحمل" نعت لرحلها أو لكورها. المعنى: أذكر يوم عقرت ناقتي لهؤلاء الفتيات الأبكار، وإني لأعجب لهن ومنهن! كيف أطقن الرحل في هوادجهن؟ وكيف رحلن بإبلهن على تنعمهن ورفاهة عيشهن؟ وقصة هذا اليوم وما كان منه مع الفتيات وابنة عمه عنيزة؛ معروفة مشهورة. الشاهد: في العذارى؛ فإنه جمع عذراء، وأصله: عذارِي، قلبت كسرة الراء فتحة، ثم الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ مثل خطايا، وقد استدل به على أن العرب تقلب الكسرة التي بعد ألف "مفاعل" فتحة في الأسماء الصحيحة مع أن الاسم الصحيح لا يحتاج إلى تخفيف؛ لسهولة كل الحركات على حروفه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364 وقال: تضل المدارى في مثنى ومُرسَلِ1 فَفِعْلُ ذلك هنا أولى2، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، فصار خطاءا، بألفين بينهما همزة، والهمزة تشبه الألف3 فاجتمع شبه ثلاث ألفات، فأبدلت الهمزة ياء4، فصار خطايا بعد خمسة أعمال.   1 هذا الشاهد أيضًا عجز بيت من الطويل لامرئ القيس، من المعلقة المذكورة، في وصف شعر امرأة بالطول والكثرة وصدره: غدائِرهُ مُسْتَشْزِرات إلى العلا اللغة والإعراب: غدائره: الغدائر: الذوائب من الشعر، واحدتها غديرة، مستشزرات: مرتفعات، والشزر، الفتل على غير جهة للكثرة، تضل: تغيب. المدارى: جمع مدرى؛ وهي ما يعمل من الخشب أو الحديد على شكل المشط، يسرح به الشعر المتلبد، وفي رواية: تضل العقاص، والعقاص: جمع عقيصة؛ وهي ما جمع من الشعر ففتل تحت الذوائب، مثنى: مفتول؛ لأنه ثني بالفتل. مرسل: مسرح غير مفتول. "غدائره" مبتدأ ومضاف إليه. "مستشزرات" خبر. "إلى العلا" متعلق به. "تضل المدارى" الجملة صفة. "في مثنى" متعلق بتضل. "ومرسل" معطوف على مثنى. المعنى: أن ذوائب شعرها مرفوعات إلى أعلى الرأس، وأن المدارى تضل فيه؛ لكثافته وطوله، وكثرته ما بين مفتوح ومسرح. الشاهد: في المدارى، ويقال فيه ما قيل في العذارى في البيت قبله. 2 أي: لثقل الكسرة. 3 لأنهما من مخرج واحد، وهي متوسطة بين ألفين. 4 وذلك فرارا من اجتماع ثلاثة أحرف متشابهة في الآخر، ولم تبدل واوا لخفة الياء، ورجوعًا إلى الأصل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365 ومثال ما لامه ياء أصلية: "قَضَايا"1؛ أصلها: قَضَايي، بياءَيْن: الأولى ياء فَعِيلَة، والثانية لام قضية، ثم أبدلت الأولى همزة كما في صحائف، ثم قلبت كسرة الهمزة فتحة2، ثم قلبت الياء ألفًا3، ثم قلبت الهمزة ياء، فصار قضايا بعد أربعة أعمال4. ومثال ما لامه واو قلبت في المفرد ياء: "مَطِيَّة"5؛ فإن أصلها مَطِيْوةٌ، فَعِيلَة من المَطَا؛ وهو الظَّهْر6، ثم أبدلت الواو ياء، ثم أدغمت الياء فيها، وذلك على حد الإبدال والإدغام في سَيْوِد ومَيْوِت7؛ إذ قيل فيهما: سيِّد ومَيِّت، وجمعها مَطَايا، وأصلُها: مَطَايِو8، ثم قلبت الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة، كما في الغازِي والدَّاعي. ثم قلبت الياء الأولى همزة كما في صحائف9 ثم أبدلت الكسرة فتحة، ثم الياء ألفًا10، ثم الهمزة ياء؛ فصار مطايا بعد خمسة أعمال. ومثال ما لامه واو سَلِمت في الواحد: "هِرَاوَة11 وهَرَاوَى"؛ وذلك أنا قلبنا ألف   1 جمع قضية، ووزنه "فعائل"، ومثلهما: هدية وهدايا، وسجية وسجايا. 2 أي: للتخفيف؛ وذلك لثقل الكلمة بكونها جمعا متناهيا؛ فصار "قَضَاءَي". 3 أي: لتحركها وانفتاح ما قبلها على القاعدة؛ فصار قضاء؛ فاجتمع شبه ثلاث ألفات كما تقدم. 4 إنما لم تكن خمسة كخطايا؛ لأن لام الكلمة هنا ياء وليست همزة متطرفة. 5 هي الدابة تمطو؛ أي: تجد وتسرع في السير. 6 أو من المطو؛ وهو المد والإسراع في السير؛ يقال: مطوت بهم في السير؛ أي: مددت وأسرعت. 7 وهو قلب الواو ياء، وإدغامهما على القاعدة. 8 بياء مكسورة وهي ياء "فعيلة"، وواو هي لامها. 9 فصار مطايي. 10 فاجتمع شبه ثلاث ألفات كما تقدم. 11 هي العصا الضخمة، ومثلها: إداوة؛ للإناء المسمى "الزمزمية". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366 "هِراوَة" في الجمع همزة على حد القلب في "رِسالَة ورسائِل"1، ثم أبدلنا الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة، ثم فتحنا الكسرة فانقلبت الياء ألفًا، ثم قلبنا الهمزة واوا2 فصار هَرَاوى بعد خمسة أعمال أيضًا3.   1 أي: لوقوعها في جمع على "مفاعل"، بعد ألف تكسيره حرفان؛ كما سبق مرات؛ فصار "هرائؤ". 2 وذلك ليشابه ويشاكل الجمع مفرده. وقد أشار الناظم إلى الباب المتقدم بقوله: وافتح ورد الهمز "يا" فيما أُعِل ... لاما وفي مثل هِراوَة جُعل واوًا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أي: افتح الهمزة المعهودة؛ وهي الطارئة بعد ألف مفاعل وشبهه، وردها ياء في الجمع الذي لامه معتلة بالياء أو الهمزة، وواوًا فيما لامه معتلة بالواو؛ وذلك مثل: هراوة وهراوى، وقد أوضح المصنف ذلك بما لا مزيد عليه. 3 وشذ تصحيح الهمزة بعد الألف في قول الشاعر: حتى أريرو المنائيا.   * "الهمز" مفعول أول رد، وهو منصوب أيضًا لافتح على سبيل التنازع. "يا" بالقصر، مفعول رد الثاني. "فيما" متعلق برد، وما اسم موصول، وجملة "أعل" بالبناء للمفعول صلة ما. "لاما" تمييز محول عن نائب الفاعل، "وفي مثل" متعلق بجعل. "هرواة" مضاف إليه. 2 "واو" مفعول جعل الثاني، والأول نائب فاعله؛ أي: جعل الهمزة واوا مثل هرواة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 الباب الثاني: باب الهمزتين الملتقيتين في كلمة : 1 والذي يبدل منهما أبدًا هو الثانية لا الأولى؛ لأن إفراط الثِّقَل بالثانية حصل. فلا تخلو الهمزتان المذكورتان من أن تكون الأولى متحركة والثانية ساكنة أو بالعكس، أو يكونا   1 أي: واحدة؛ احترازا من الاجتماع في كلمتين؛ نحو: أأنت فعلت هذا؟ أأتمن وأأتمر سعيد؛ فإن همزة الاستفهام كلمة مستقلة؛ فلا يجب في مثل ذلك الإبدال، بل يجوز التحقيق كما ذكرنا، والإبدال؛ فتقول: أنت فعلت؟ إيتمن، إيتمر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 متحركتين1. فإن كانت الأولى متحركة والثانية ساكنة: أبدلت الثانية حرف علة من جنس حركة الأولى؛ فتبدل ألفًا بعد الفتحة؛ نحو: آمنتُ2، ومنه قول عائشة -رضي الله عنها: "وكان يأمرني أنْ آتَزِرَ"3، وهو بهمزة فألف، وعوام المحدثين يحرفونه؛ فيقرءونه بألف وتاء مشددة، ولا وجه له؛ لأنه افتعل من الإزار، ففاؤه همزة ساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة4. وياء بعد الكسرة؛ نحو: إيمان، وشذت قراءة بعضهم: "إِئْلَافِهِمْ" بالتحقيق. وواوا بعد الضمة؛ نحو: أُوتُمِن، وأجاز الكسائي أن يبتدأ أُؤتُمِنَ، بهمزتين5، نقله عنه ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء، ورده6.   1 ويمتنع أن تكونا ساكنتين معا. 2 الأصل: أأمنت؛ أبدلت الهمزة الثانية ألفًا لسكونها وفتح ما قبلها. 3 أي: ألبس الإزار، وذلك إذا كانت حائضا وأراد مباشرتها، وأصله: أأتزر؛ فأبدلت الهمزة الثانية ألفًا، وهذا جزء من حديث عن عائشة، ونصه كما في البخاري: "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أغتسل أنا والنبي من إناء واحد، كلانا جنب، وكان يأمرني فآتزر، فيباشرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغلسه وأنا حائض"، والمراد بالمباشرة في الحديث: التقاء البشرتين لا غير، وإنما كان يأمرها بالاتزار؛ لحرمة ما وراء الإزار من الحائض. 4 فقد أبلدت الهمزة الثانية ألفًا لسكونها بعد فتح، لا بعد تاء، وحكى الزمخشري عن بعض العرب: اتَّزر، بالإدغام، وروى البخاري من حديث جابر:"إذا كان الثوب ضيقا، فاتزر به"، وذلك مقصور على السماع. 5 مضمومة فساكنة، وخص الابتداء؛ لأن همزة الوصل تذهب في الدرج، فترجع الهمزة الثانية إلى أصلها؛ لزوال موجب قلبها واوا. 6 حاصل الرد: أن العرب لا تجمع بين همزتين ثانيتهما ساكنة، وهذا الرد ذكره ابن الأنباري= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368 وإن كانت الأولى ساكنة والثانية متحركة 1: فإن كانتا في موضع العين أدغمت الأولى في الثانية؛ نحو: سَأْآل2 ولَأْآل3 ورَأْآس4، وإن كانتا في موضع اللام: أبدلت الثانية ياء مطلقًا5؛ فتقول في مثال "قِمَطْر" من قَرَأَ: قِرَأْي6، وفي مثال "سَفَرْجَل" منه: قَرَأْيَأُ، بهمزتين بينهما ياء مبدلة من همزة7. وإن كانتا متحركتين: فإن كانتا في الطرف، أو كانت الثانية مكسورة، أبدلت ياء   = على الكسائي في إجازته البدء في قوله -تعالى: {إِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا} ، بهمزتين، [سورة يونس من الآية: 15] ؛ لا في أؤتمن كما قال المصنف. وفي حكم هذه الحالة؛ وهي الهمزة الساكنة بعد المتحركة، يقول الناظم: ومَدًّا ابدل ثاني الهمزين مِن ... كِلْمة أن يَسْكن كآثِر وائتمن* أي: أبدل ثاني الهمزتين المجتمعتين في كلمة واحدة، إن كانت ساكنة، وهذا يقتضي أن تكون مدة من جنس حركة ما قبلها؛ وذلك مثل: آثر، أصله: أأثر؛ فأبدلت الثانية الساكنة ألفًا لمناسبة فتح ما قبلها، وأتمن أصله: أأتمن؛ فقلبت الثانية واوًا؛ لضم ما قبلها. 1 ولا يقع هذا النوع في موضع الفاء لتعذر النطق بالساكن ابتداء. 2 صيغة مبالغة من السؤال؛ أي: كثير السؤال، ووزنه "فعال". 3 نسبة لبائع اللؤلؤ. 4 نسبة لبائع الرءوس. 5 سواء كانت طرفًا أم غير طرف. 6 الأصل: قرأء، بهمزتين، أولاهما ساكنة، قلبت الثانية ياء، لوقوعها طرفا إثر همزة ساكنة؛ فرارا من الثقل، وكان القياس الإدغام كما في سأآل، لولا أن الطرف أولى بالتغيير؛ ولهذا قدم القلب هنا. 7 والأصل: قرأأأ، بثلاث همزات، فقلبت الثانية؛ لأن قلبها يخلص من اجتماع همزتين. وهذه الأمثلة التي ذكرها المصنف وفيما بعد فرضية خيالية؛ يقصد بها التدريب والتمرين، ولا يكاد يوجد لها نظائر مأثورة في فصيح الكلام العربي.   * "ومدا" مفعول أبدل الثاني. "ثاني" مفعوله الأول والهمزين مضاف إليه. "من كلمة" متعلق بمحذوف، حال من الهمزين. "أن يسكن" شرط وفعله، والجواب محذوف؛ أي: فأبدله مدا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 مطلقًا1، وإن لم تكن طرفًا، وكانت مضمومة أبدلت واوًا مطلقًا2، وإن كانت مفتوحة؛ فإن انفتح ما قبلها أو انضم، أبدلت واوًا، وإن انكسر أبدلت ياء3. وأمثلة المتطرفة: أن تبني من "قَرَأ" مثل جَعْفَر، أو زِبْرِج، أو بُرْثُن4، وأمثلة المكسورة: أن تَبنِيَ من "أَمَّ"5 مثل أَصْبِع، بفتح الهمزة أو كسرها، أو ضمها، والباء فيهن مكسورة؛ فتقول في الأول: أَأْمِم، بهمزتين: مفتوحة فساكنة، ثم تَنْقُلُ حركة الميم الأولى إلى الهمزة الثانية قبلها؛ ليتمكن من إدغامها في الميم الثانية6، ثم تبدل الهمزة ياء7.   1 سواء كان ما قبلها مفتوحا، أم مضموما، أم مكسورا. 2 سواء كانت بعد ضم، أو فتح، أو كسر. 3 والخلاصة: أن الهمزتين المتحركتين؛ إما أن يكونا في الطرف، أو لا: أ- فإن كانتا في الطرف، فالأولى: إما مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة. ب- فإن كانتا في غير الطرف، تضرب حالات الأولى الثلاثة في مثلها من الثانية، فينشأ من ذلك تسع صور وحكم ذلك كله: أ- أن المتطرفة تبدل ياء في جميع أنواعها، ولا ينظر إلى حركتها أو حركة الأولى. ب- وغير المتطرفة تبدل ياء إذا كانت مفتوحة بعد كسر، أو مكسورة بعد فتح أو كسر، أو ضم، وتبدل واوا في الخمسة الباقية؛ وهي: أن تكون مفتوحة بعد فتح، أو ضم، أو مضمومة بعد فتح، أو كسر، أو ضم. 4 فتقول: قرأأ، قرئئ، قرؤؤ، بهمزتين، ثم تبدل الثانية ياء؛ لأن الواو لا تقع طرفا فيما زاد على الثلاثة. 5 معناها: قصد، أو صار إمامًا. 6 وذلك لاجتماع مثلين. 7 أي: الهمزة الثانية المنقول إليها كسرة الميم؛ لأن الهمزة المكسورة بعد مفتوحة, تقلب ياء، كما تقدم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 370 وكذا تفعل في الباقي أيضًا، وذلك واجب. وأما قراءة ابن عامر والكوفيين "أَئِمَةً"1 بالتحقيق2، فمما يوقف عنده ولا يتجاوز. وأمثلة المضمومة: "أَوُبٌّ" جمع أبٍّ وهو المَرَعى، وأن يُبْنَى من "أَمَّ" مثل إصبع، بكسر الهمزة وضم الباء، أو مِثل "أَبْلَم"3؛ فتقول: أُومُ؛ بهمزة مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، وواو مضمومة وأصل الأول: أَأْبُب على وزن أفلس، وأصل الثاني والثالث: إِئْمُم، وأُأْمُم، فَنَقَلُوا فِيهِن5؛ ثم أبدلوا الهوزة واوا6، وأدغموا أحد المثلين في الآخر. ومثال المفتوحة بعد مفتوحة: "أَوادِمُ" تصغير آدَمَ. ومثال المفتوحة بعد المضمومة: "أُوَيْدِم" تصغير آدَمَ. ومثال المفتوحة بعد مكسورة: أن يُبنى من "أَمَّ" على وزن إصبع، بكسر الهمزة، وفتح الباء8، وإذا كانت الهمزة الأولى من المتحركتين ... ... ...   1 أي: في قوله -تعالى- في سورة القصص في الآية الخامسة: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} ، وقد وردت في آيات أخرى. 2 أي: من غير إبدال، وهو جمع إمام، والقياس: أيمة، بقلب الهمزة الثانية ياء، وأصله: أأئمة، نقلت كسرة الميم إلى الهمزة قبلها توصلا للإدغام، وأدغمت الميمان، ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء. 3 هو سعف شجر الدوم. 4 بهذا التقسيم استوفى الأقسام الثلاثة، وأصبح ذكر "أوب" زائدا؛ فالصواب حذف قوله "أو مفتوحة"؛ للاستغناء عنها بذكر "أوب". 5 أي: نقلوا حركة أول المثلين إلى الساكن قبلها، وهو الهمزة الثانية. 6 أي: تخفيفا؛ لأنها تجانس حركتها. 7 أصله: أآدم، بهمزتين مفتوحتين بعدهما ألف، قلبت الهمزة الثانية واوا على قاعدة قلب الهمزة الثانية المفتوحة غير المتطرفة واوا مطلقًا؛ سواء كان ما فيها مفتوحا أو غير مفتوح. 8 تقول: إيم، وأصله: إأمّم، نقلت حركت الميم الأولى إلى الساكن قبلها توصلا للإدغام الواجب ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء.= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 همزة مضارعة1؛ نحو: أَؤُمُّ وأَئُنُّ2 مضَارِعي أمَمْت وأنَنْت، جاز في الثانية   = وقد ذكر الناظم حكم الهمزتين المتحركتين في ثلاثة أبيات؛ فقال في حكم الهمزة المفتوحة، وأنها تقلب واوا إن كان قبلها فتحة أو ضمة؛ وياء إن كان قبلها كسرة: إن يُفتح إثر ضَمٍّ أو فتحٍ قُلب ... واوًا وياء إثر كسر ينقلب* أي: إن يفتح الهمز الثاني بعد ضم أو فتح يقلب واوًا، وينقلب ياء إن وقع بعد كسر، وقال في حكم الهمزة المكسورة والمضمومة: ذو الكسر مطلقًا كذا وما يضم ... واوًا أصِر ما لم يكن لفظًا أتم فذاك ياء مطلقا جاء وأؤُم ... ونحوه وجهين في ثانيه أُم* أي: كذلك ينقلب ياء، الهمز المكسور مطلقًا؛ سواء كان ما قبله مكسورًا، أم غير مكسور. والهمز المضموم يقلب واوا مطلقًَا؛ بشرط ألا يكون طرفا، وهو المراد بقوله: "ما لم يكن لفظًَا أتم"، فإن كان طرفا وجب قلبه ياء، وهذا قوله: "فذاك ياء مطلقًا جا"، وإذا كانت الهمزة الأولى للمضارعة، وكانت الثانية مضمومة، جاز في الثانية، وجهان: الإبدال والتحقيق؛ نحو: أؤم مضارع أمّ؛ تقول: أُأَم، وأُؤم، وذلك قوله: "وأؤم ونحوه وجهين في ثانيه"، ومعنى أمِّ: اقصد واتجه لهذا الحكم. 1 أي: للتكلم، سواء كان متعديا أو قاصرا. 2 أي: أتألم من الألم مثلا.   * "إن يفتح" شرط وفعله، ونائب الفاعل يعود إلى ثاني الهمزين، "إثر ضم" إثر ظرف متعلق بافتح، وضم مضاف إليه. "قلب" جواب الشرط، ونائب الفاعل مفعوله الأول. "واوًا" مفعوله الثاني، "وياء" مفعول ينقلب مقدم. "إثر كسر" إثر ظرف متعلق به، وكسر مضاف إليه. * "ذو الكسر" مبتدأ، ومضاف إليه. "كذا" خبر. "مطلقًا" حال من الضمير المنتقل إلى الظرف. "وما" اسم موصول مفعول أول أصر. وجملة "يضم" صلة "واوًا" مفعول أصر الثاني "ما" مصدرية ظرفية "لم يكن" اسم يكن يعود إلى ثاني الهمزين، وجملة "أتم" خبرها. "لفظا" مفعول أتم، والتقدير: ما لم يكن ما يضم قد ختم كلمة، أي: وقع في آخرها. "فذاك" اسم إشارة إلى ثاني الهمزين، مبتدأ، "يا مطلقا" حالان من فاعل. "جاء" العائد إلى اسم الإشارة، والجملة خبر المبتدأ. "وأوم" مبتدأ قصد لفظه, "ونحو" عطف عليه. "وجهين" مفعول أم مقدم. "في ثانيه" متعلق بأم. "أم" فعل بمعنى قصد، والجملة خبر المبتدأ، وما عطف عليه. ويجوز أن يكون أؤم ونحوه بالنصب على أنه مفعول بفعل مضمر يفسره أم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 372 التحقيق1؛ تشبيها بهمزة المتكلم؛ لدلالتها على معنى بهمزة الاستفهام؛ نحو: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} .   1 وجاز القلب والتحقيق فتقول أوم وأين وكذلك إذا التقت الهمزتان في كلمتين يجوز في الثانية القلب والتحقيق؛ نحو قوله -تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 فصل: في إبدال الياء من الألف والواو فصل: في إبدال الياء من أُخْتَيْهَا: الألف والواو. أما إبدالها من الألف ففي مسألتين: إحداهما: أن ينكسر ما قبلها؛ كقولك في مِصْباح: مَصابِيح، وفي مِفْتاح مَفاتِيح، وكذلك تصغيرهما1. الثانية: أن تقع قبلها ياء تصغير كقولك في غلام: غُلَيِّمٌ2. وأما إبدالها من الواو ففي عشر مسائل: إحداهما: أن تقع بعد كسرة؛ وهي: إما طَرَف3، كرَضِي، وقَوِيَ، وعُفِيَ والغازي، والداعي4.   1 أي: إن الألف تنقلب ياء في التكسير والتصغير، لانكسار ما قبلها وتعذر النطق بالألف بعد الكسرة؛ فيقال في التصغير: مصيبيح، ومفيتيح. 2 لأن ما بعد التصغير لا بد أن يكون متحركا بالكسرة، والألف لا تقبل الحركة، وياء التصغير ساكنة؛ فقلبت الألف ياء للتخلص من الساكنين: وفي هاتين المسألتين يقول الناظم: وياء اقلِبْ ألفًا كسرًا تلا ... أو ياء تصغير ... ... ... * أي: اقلب حرف الألف ياء إذا تلا -أي: وقع- بعد كسرة، أو بعد ياء تصغير. 3 أي: حقيقة، سواء كانت في فعل مبني للفاعل، أو للمفعول، أو في اسم، وقد مثل لها المصنف، أو حكما؛ كالواقعة قبل تاء التأنيث أو الألف والنون الزائدتين. 4 هذه الكلمات كلها واوية اللام أصلا؛ بدليل ظهور الواو في بعض التصاريف؛ كالرضوان، والقوة، والعفو، والغزو، والدعوة.   * "وياء" مفعول اقلب الثاني مقدم. "ألفًا" مفعوله الأول. "كسرا" مفعول مقدم، وجملة "تلا" نعت لألف، وفاعله يعود على ألفًا. "أو ياء" عطف على كسرا, وتصغير مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 أو قبل تاء التأنيث1؛ كشَجِيَة2، وأَكْسِية3، وغَازِية4، وعُرَيْقِية في تصغير عَرْقُوَة5 وشَذّ سَوَاسِوَة، في جمع سواء6، ومقَاتِوَة بمعنى خُدّام7, أو قبل الألف والنون الزائدتين؛ كقَوْلك في مثال قَطِران من الغَزْو: غَزِيان8. الثانية: أن تقع عينا لمصدر فِعل أُعِلّت فيه9، ويكون قبلها كسرة وبعدها ألف10؛ كصِيام، وقِيام، وانقِياد، واعْتِياد11؛ بخلاف نحو: سِوار وسِواك؛ لانتفاء   1 هذه متطرفة حكما؛ لأن تاء التأنيث بمنزلة كلمة مستقلة بنفسها، فالواو التي تليها في حكم المتطرفة، ومثل التاء: الألف الممدودة؛ كأشقياء وأدعياء. 2 هي -بتخفيف الياء: اسم فاعل للمؤنث؛ من الشجو؛ وهو الحزن والهم، وأصلها: شجوة. 3 جمع كساء؛ وأصلها: أكسوة. 4 اسم فاعل من الغزو. 5 هي إحدى الخشبتين المعترضتين في فم الدلو، وكان يجب في عريقية عدم قلب الواو ياء؛ لأنها بنيت على التاء؛ بدليل أنه ليس هناك اسم معرب آخره واو قبلها ضمة. 6 أي: بمعنى مستو؛ يقال: الناس سواسوة في هذا الأمر؛ أي: مستوون فيه, والقياس: سواسية ووزنه "فعافلة" على أي حال. "وقال الدماميني: السواسوة: الجماعة المستوون في السن. وفيه شذوذ آخر؛ وهو: جمعه على هذا الوزن، وقياس جمعه: أسوية؛ لأن "فعال" يجمع على أفعلة؛ كقباء وأقبية؛ كما شذ من جهات أخر. 7 جمع "مقتو" اسم فاعل من اقتوى؛ بمعنى خدم، والقتو: الخدمة، وأصله: مقتوٍ، وقلبت الواو الثانية ياء لتطرفها إثر كسرة، ثم أعل إعلال قاض، قيل: ولا ثالث لهما. 8 أي: بقلب الواو ياء لتطرفها بعد كسرة، ولا عبرة بالألف والنون الزائدتين؛ لأنهما في حكم الانفصال. 9 أي: في الفعل؛ بأن كانت فيه حرف علة منقلبًا من غيره. 10 فجملة الشروط أربعة، وقد ذكر المصنف محترزاتها؛ فتنبه يا فتى. 11 الأصل فيهن: صوام، وقوام، وانقواد، واعتواد -بالواو- فقلبت ياء في المصدر حملا له على الفعل، لاستثقالها بين الكسرة والألف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 374 المصدرية؛ ونحو: لَاوَذَ لِواذا1، وجاور جِوارًا؛ لصحة عين الفعل2، وحال حِوَلًا، وعاد المريض عِوَدًا؛ لعدم الألف وراح رواحًا؛ لعدم الكسرة، وقل الإعلال فيه3؛ نحو قوله -تعالى: "جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَمًا4 وَارْزُقُوهُمْ"، وقوله -تعالى: "الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ"5 في قراءة نافع وابن عامر في النساء، وفي قراءة ابن عامر في المائدة، وشذ الصحيح مع استيفاء الشروط في قولهم: نارَت الظَّبْيَة نِوارًا6، بمعنى نفَرَت، ولم يسمع له نظير.   1 لاوذ القوم لواذا وملاوذة: لاذ بعضهم ببعض، ولاذ به: لجأ إليه وعاذبه. 2 المراد: عدم إعلالها كما بينا، وإلا فهي معتلة. 3 أي: فيما عدم الألف، ولم يشترط ابن الحاجب في الشافية في قلب الواو في المصدر، وجود ألف بعدها. 4 هو مصدر جيء به للمبالغة كما قال المفسرون، وأصله: "قوما" الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها، [سورة النساء من الآية: 5] . 5 [سورة المائدة من الآية: 97] . 6 والقياس "نيارا". وفي المسألتين المتقدمين يقول الناظم: ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... بواو ذا افْعَلا في آخر أو قَبْل تا التأنيث أو ... زيادتي "فَعْلانَ" ذا أيضًا رأوا في مصدر المعتل عينا والفعل ... منه صحيح غالبًا نحو الحِوَل* =   * "بواو" متعلق بافعلا. "ذا" اسم إشارة، مفعول افعلا مقدم، وهو إشارة إلى القلب ياء. "في آخر" متعلق بمحذوف، نعت لواو، "أو قبل" معطوف على محل "في آخر". "تا التأنيث" مضاف إليه. "أو زيادتي" عطف على تاء التأنيث. "فعلان" مضاف إليه ممنوع من الصرف. "ذا" اسم إشارة مفعول رأوا، وهو إشارة إلى قلب الواو ياء. "في مصدر المعتل" في مصدر متعلق برأوا، والمعتل مضاف إليه. "عينا" تمييز. " والفعل" مبتدأ. "منه" حال من فاعل. "صحيح" الواقع خبرا للمبتدأ. "غالبًا" حال من فاعل. "صحيح" أيضًا. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف، والحول مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 الثالثة: أن تقع عَينا لجمع صحيح اللام، وقبلها كسرة، وهي في الواحد: إما مُعلّة1؛ نحو: دار ودِيار، وحِيلة وحِيَل، ودِيمَة ودِيَم2، وقِيمة وقِيَم، وقامة3 وقِيَم، وشَذّ حاجة وحِوَج، وإما شبيهة بالمُعَلّة؛ وهي الساكنة، وشرط القلب في هذه: أن يكون بعدها في الجمع ألف4؛ كسَوْط وسِيَاط، وحَوْض وحِياض، ورَوْض ورِياض؛ فإن فُقدت صححت الواو؛ نحو: كُوز وكِوَزَة، وعَوْد -بفتح أوّله للمسنّ من الإبل5- وعِوَدَة, وشذ قولهم: ثِيَرَة6. وتصحح الواو إن تحركت في الواحد؛ نحو: طويل وطِوال، وشذ قوله: وأن أعزاء الرجال طِيَالُها7   = أي: افعل ذا بالواو -وهو قلبها ياء- إذا كانت طرفا في الآخر، أو وقعت قبل تاء التأنيث، أو قبل زيادتي "فعلان" مكسورًا ما قبلها على نحو ما بينه المصنف، وكذلك رأى النحاة قلب الواو ياء بعد الكسرة، في مصدر كل فعل معتل العين وبعدها ألف وقبلها كسرة، وإذا كان المصدر على وزن "فِعل" وعينه واو قبلها كسرة، وليس بعدها ألف صحت فيه الواو؛ نحو: الحول مصدر حال؛ تقول: حال حولا. 1 أي: منقلبة، سواء كان بعدها ألف في الجمع؛ كديار: جمع دار، أو لا؛ كباقي الأمثلة التي ذكرها المصنف. 2 أصلها: دومة، من دام يدوم. 3 قامة الإنسان: طوله وحسن قوامه واعتداله، وبكرة البئر بأداتها. 4 لأنها ليست في الضعف كالمعتلة، فلا يقوى تسلط الكسرة عليها إلا بوجود الألف القريبة من الياء؛ فجملة الشروط خمسة: أن يكون جمعا صحيح اللام، وأن تكون الواو في الواحد معلة أو شبيهة بها، وأن يكون قبلها كسرة، وبعدها ألف. 5 هو الذي جاوز في السن سبع سنين، والجمع عِيَدة، وعِوَدة. 6 جمع ثور، والقياس ثورة. 7 عجز بيت من الطويل لأنيف من زبان النبهاني الطائي؛ أحد شعراء الحماسة، وصدره: تبين لي أن القَمَاءة ذِلّة = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 376 قيل: ومنه1 {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} 2، وقيل: جمع جيّد3 لا جَوَاد. أو أُعلَّت لامه؛ كجمع ريّان، وجَوّ4، بتشديد الواو؛ فيقال: رِوَاد وجِوَاء، بتصحيح العين5؛ لئلا يَتَوالى إعلالان6، وكذلك ما أشبههما. وهذا الموضع ليس محرّرًا في الخلاصة، ولا في غيرها من كتب الناظم فتأمَّله.   = اللغة والإعراب: القماءة: قصر القامة؛ من قمؤ الرجل، إذا ذل وصغر، ذلة: صغة وهوان, أعزاء؛ من العزة؛ وهي القوة والمنعة، ضد الذلة، طيالها: جمع طويل، وأصله طوال. "أن القماءة ذلة" المصدر المكون من أن ومعموليها فاعل تبين. المعنى: ظهر لي بعد التجربة والممارسة أن قصر القامة في الإنسان دليل الضعة والمذلة، وأن الرجال الأعزاء المهابون هم الفارعون طوال القامة. الشاهد: في "طيالها"؛ فالأصل: طوالها؛ لأنه جمع طويل، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وكان القياس ألا تقلب ياء في الجمع؛ لأن الواو فيها متحركة في المفرد، فهي قوية بالحركة ولم تقلب فيه، فقلبها شاذ. 1 أي: من إبدال الواو المتحركة في المفرد ياء شذوذا؛ وذلك بناء على أن الجياد جمع جواد؛ وهو الذي يسرع في جريه. 2 الصافن من الخيل: الذي يقوم على ثلاث قوائم، وطرف حافر الرابعة، وهو من صفات الخيول الجيدة، والرجل يصف قدميه، والجياد: المسرعة في جريها، وقد وصفها بالصفوف والجودة ليجمع لها بين الصفتين المحمودتين؛ وافقة وسائرة، [سورة ص الآية: 31] . 3 وعلى ذلك لا يكون الإبدال شاذا؛ لأن الواو في المفرد معتلة؛ إذ أصله جيود؛ من جاد يجود، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون؛ فقلبت الواو ياء وأدغمتا. 4 ريان: أي: مُرتوٍ بالماء، ضد عطشان، والجو: هو الفضاء بين الماء والأرض، واسم لمواضع كثيرة. 5 وأصلها: رِواي، وجِواو، أبدلت الياء والواو همزة؛ لتطرفهما إثر ألف زائدة. 6 إعلال العين بإبدالها ياء لكسر ما قبلها، وإعلال اللام بقلبها همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة، وكذلك يمتنع الإعلال إن لم يكسر ما قبل الواو؛ نحو: أثواب وأحواض، أو وقعت الواو عينا لمفرد غير مصدر؛ نحو: خِوان وسِوار، وشذ التصحيح مع استفياء= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377 الرابعة: أن تَقَعَ طرفا رابعة فصاعدًا1؛ تقول: عَطَوْتَ وزَكَوْتَ2، فإذا جئت بالهمزة أو التضعيف، قلت: أَعْطَيْتُ وزَكَّيْتُ3، وتقول في اسم المفعول: مُعْطَيانِ ومُزَكَّيَان؛ حملوا الماضي على المضارع، واسم المفعول على اسم الفاعل؛ فإن كلا منهما قبل آخره كسرة، وسأل سيبويه الخليل عن وجه إعلال نحو: تَنَازَيْنا وتَدَاعَيْنا4، مع أنَّ   = الشروط؛ كما في حِوَج وحِوَل؛ جمعي حاجة وحيلة. وإلى هذه المسألة الثالثة أشار الناظم بقوله: وجمع ذي عين أعل أو سَكَن ... فاحكم بذا الإعلال فيه حيث عَنْ* أي: إذا وقعت الواو عين جمع صحيح اللام، وأعلت في مفرده أو سكنت؛ فاحكم بهذا الإعلال؛ وهو قلبها ياء، إن انكسر ما قبلها ووقعت بعدها ألف كما بين المصنف ومعنى عن: ظهر وعرض، ثم ذكر الناظم أنه إذا لم تقع بعد الواو السالفة ألف في الجمع، لا تعل. ويجب التصحيح في الجمع الذي على وزنه "فعلة"؛ كما مثل المصنف في عود وعِودة، وكُوز وكِوزة، ويجوز التصحيح والإعلال فيما كان على وزن "فِعَل" فقال في ذلك: وصححوا "فِعَلَة" وفي "فِعَل" ... وجهان والإعلال أولى كالحِيَل* فالتصحيح نحو: حاجة وحِوَج أو حيج، وحيلة وحيل وحول، والإعلال نحو: قامة وقيم، وديمة وديم، والإعلال غالب، أما التصحيح فشاذ عند غيره. 1 بشرط فتح ما قبلها، وأن تكون منقلبة ياء في المضارع؛ سواء كانت في فعل أو في اسم. 2 بإبقاء الواو فيهما لأنهما ثالثة، ومعناهما أخذت، ونميت. 3 فأبدلت الواو ياء؛ لأنها صارت رابعة. 4 والأصل تغازونا، وتداعونا.   * "وجمع ذي عين" جمع مبتدأ، وذي عين مضاف إليه. "أعل" ماض للمجهول، والجملة نعت لعين "أو سكن" معطوف على أعل. "فاحكم" الفاء زائدة، والجملة خبر المبتدأ. "بذا" متعلق باحكم. "الإعلال" بدل أو عطف بيان. "فيه حيث" متعلقان باحكم. "عن" أي: عرض, فعل ماض، والجملة في محل جر بإضافة حيث إليها. * "فعلة" مفعول صححوا، والواو للعرب، "وفي فعل" جار ومجرور متعلق بمحذوف، خبر مقدم. "وجهان" مبتدأ مؤخر. "والإعلال" مبتدأ. "أولى" خبر. "كالحيل" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 378 المضارع لا كَسْر قبل آخِرِه1؛ فأجاب بأن الإعلال ثبت قبل مجيء التاء في أوله، وهو2 غَازَيْنا ودَاعَيْنا حملًا على "نُغَازِي ونُدَاعِي"، ثم استُصحِب معها3. الخامسة: أن تَلِيَ كسرة، وهي ساكنة مُفردة4؛ نحو: مِيزان ومِيقات5؛ بخلاف نحو: صِوان وسِوار6، واجْلِوَّاذ واعْلِوَّاط7.   1 أي: حتى يعل ويحمل عليه الماضي؛ فإن المضارع تتغازى وتتداعى. 2 الضمير عائد على معلوم من السياق؛ أي: المعل المجرد من التاء. 3 وهذا الإعلال يستصحب أيضًا مع هاء التأنيث؛ نحو: المعطاة؛ لأن ألفه منقلبة عن ياء؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهذا الياء منقلبة عن واو لوقوعها رابع إثر فتحة، وفي هذه المسألة يقول الناظم: والواو لاما بعد فتح "يا" انْقَلَب ... كالمُعْطَيَانِ يَرْضَيَان ... ... ... * أي: إذا وقعت الواو لاما -أي: طرفا- بعد فتح، قلبت ياء؛ كالمعطيان ويرضيان؛ فإن أصلهما: الواو، وقد فصل المصنف القول في هذا، وكلمة "وجب" الواقعة تمامًا للبيت متصلة بموضوع آخر؛ هو: إبدال الواو من الألف؛ كما سيأتي بعد. 4 أي: غير مشددة ومدغمة في مثلها. 5 أصلهما: موزان وموقات؛ من الوزن والوقت، قلبت الواو فيهما ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. 6 لأن الواو فيها متحركة، والصوان: هو الوعاء الذي يصان ويحفظ فيه الشيء. 7 لأن الواو فيهما مشددة غير مفردة، وشذ قلب الواو المدغمة في مثلها ياء؛ كقولهم ديوان في دوان؛ بدليل جمعه على دواوين، والإجلواذ: المضاء والسرعة في السير، وهو خاص بالإبل واعلوط البعير تعلق بعنقه وعلاه، أو ركبه بلا خطام، أو عريانا، ويجب التصحيح كذلك إن فتح ما قبل الواو؛ نحو: سوط، وقول، ولم يذكر الناظم هذه المسألة الخامسة.   * "والواو" مبتدأ. "لاما" حال من الواو، أو من الضمير في انقلب الواقع خبر للمبتدأ. "بعد فتح" بعد ظرف متعلق بانقلب، وفتح مضاف إليه. "يا" مفعوله، وقصر للضرورة. "كالمعطيان" الكاف جارة لقول محذوف، والمعطيان مبتدأ. "يرضيان" فعل مضارع مبني للمجهول، والألف نائب فاعل، والجملة خبر، وجملة المبتدأ والخبر في موضع الحال من ضمير انقلب وهي مقول القول المحذوف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 379 السادسة: أن تكون لاما لـ"فُعْلَى"، بالضم: صفة؛ نحو: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} ، وقولك: للمتقين الدرجة العليا1، وأما قول الحجازيين: "القُصْوَى"، فشاذ قياسًا، فصيح استعمالًا2، نُبه به على الأصل؛ كما في استحوذ والقَوَد فإن كانت "فُعْلَى" اسمًا لم تُغَيَّر3؛ كقوله: أدارًا بِحُزْوَى هِجت للعين عَبْرة4   1 فإن أصلهما: الدنوا والعلوا؛ من الدنو والعلو؛ بدليل دنوت دنوا، وعلوت علوا؛ قلبت الواو ياء للاستثقال، وللفرق بينها وبين "فعلى" الاسم. 2 وهي لغة قريش، وقد وردت كثيرا في كلامهم، وجاء في القرآن الكريم: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} [سورة الأنفال الآية: 42] . 3 بل تبقى الواو بدون قلبها ياء؛ وذلك فرقا بينها وبين الصفة، ولم يعكس الوضع؛ لأن الاسم أخف من الصفة. 4 صدر بيت من الطويل، لذي الرمة، غيلان بن عقبة، وعجزه: فماء الهوى يَرْفضُّ أو يَتَرَقْرَق اللغة والإعراب: حزوى: اسم موضع بالحجاز، يكثر ذكره في شعر ذي الرمة. هجت: أثرت وحركت. عبرة: دمعة. ماء الهوى: المراد به: الدمع، وأضيف إلى الهوى لأنه سببه، يرفض: يسيل وينصب متفرقا يترقرق: يبقى في العين متحيرًا مضطربا يجيء ويذهب. "أدارا" الهمزة للنداء، ودارا منادى منصوب وإن كان نكرة مقصودة؛ لأنه شبيه بالمضاف؛ لوصفه بحزوى قبل النداء، وتقدم أن النكرة المقصودة إذا وصفت ترجح نصبها على ضمها؛ كما في حديث: $"يا عظيما يرجى لكل عظيم"."بحزوى" جار ومجرور، متعلق بمحذوف صفة لدار، "عبرة" مفعول هجت. المعنى: أن هذه الدار بهذا الموضع تثير الذكريات، وأيام الحب والهوى؛ فتذرف العين دمعها أحيانا، ويضطرب فيها أخرى. الشاهد: في حزوى؛ حيث بقيت الواو على حالها ولم تقلب ياء؛ لكونها اسما لا صفة، وفي هذا يقول الناظم:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 380 السابعة: أن تَلتقي هي والياء في كلمة1، والسابق منهما ساكن متأصِّل ذاتا وسكونا، ويجب حينئذ إدغام الياء في الياء. مثال ذلك فيما تقدمت فيه الياء: سَيّد وميّت، أصلهما: سَيْوِد ومَيْوِت2. ومثاله فيما تقدمت فيه الواو: طَيّ ولَيّ، مصدرا طَوَيْت ولَوَيْت، وأصلهما طَوْي ولَوْي3، ويجب التصحيح إن كان من كلمتين4؛ نحو: يَدْعُو ياسِر، ويَرَمْي واعِد، أو كان السابق منهما متحركًا؛ نحو: طَوِيل وغَيور، أو عارض الذات5؛ نحو: رُويَة مخفف رُؤْيَة، أو عارِض السكون؛ نحو: قَوْيَ؛ فإن أصله الكسر، ثم إنه سكن للتخفيف؛ كما يقال في عَلِمَ: عَلْمَ.   = بالعكس جاء لام "فُعْلَى" وَصْفا ... وكَوْنُ قُصْوَى نادِرًا لا يَخفى* أي: بعكس لام "فعلى" المذكورة في البيت قبله، والتي ستجيء بعد، تبدل الواو الواقعة لاما لفعلى وصفا ياء، وندر "قصوى" بإقرار الواو قياسا، ولا يخفى أنه فصيح استعمالا لوروده في القرآن، أما "فعلى" اسما فتسلم فيها الواو كما سيأتي، وإن كانت لام "فعلى" ياء سلمت في الاسم والصفة؛ نحو: الفتيا، والقصيا، تأنيث الأقصى. 1 أي: واحدة، أو ما هو في حكم الكلمة؛ كمسلمي في حالة الرفع؛ لأن المتضايفين كالشيء الواحد. 2 أما ساد، فإنه من ساد يسود اتفاقا، ومات: من يموت على إحدى اللغتين، ووزنهما على الراجح عند البصريين "فيعل". 3 اجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون؛ فقلبت الواو ياء، وأدغمتا. 4 وكذلك إذا كانا في كلمة واحدة، ولم يلتقيا؛ مثل: زيتون ونيروز. 5 بأن كان منقلبا من غيره؛ كالمبدل عن الألف؛ نحو: سوير وبويع، أو عن الواو؛ كديوان؛ فإن أصله دوّان، فالياء بدل من الواو الأولى، أو عن الهمزة، كمثال المصنف.   * "بالعكس" جار ومجرور متعلق بمحذوف، حال من لام فعلى. "وصفا" حال من فعلى. "وكون قصوى" كون مبتدأ، وقصوى مضاف إليه، من إضافة المصدر الناقص إلى اسمه. "نادرًا" خبره. "لا يخفى" لا نافية، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 381 وشذ عما ذكرنا ثلاثة أنواع: نوع أُعل ولم يستوف الشروط؛ كقراءة بعضهم: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} 1، بالإبدال والإدغام2،ونوع صُحح مع استيفائها؛ نحو: ضَيْوَن3 وأيْوَم4، وعَوَى الكلب عَوْيَة، ورجاء بن حَيْوة، ونوع أبدلت فيها الياء واوًا وأدغمت الواو فيها؛ نحو: عَوّة5، ونَهُوّ6، عن المنكر. واطرد في تصغير ما يكسر على "مَفَاعِل"7؛ نحو "جَدْوَل"، وأَسْوَدَ للحية الإعلال والتصحيح8. الثامنة: أن تكون لام "مفعول" الذي ماضيه على "فَعِلَ".   1 [سورة يوسف الآية: 42] . 2 أي: بإبدل الهمزة واوا ثم ياء وإدغامهما، مع أن الواو عارضة الذات؛ لأنها مخففة من الهمزة. وحكى بعضم اطراد الإبدال في مثل هذا؛ مما واوه بدل عن همزة. 3 هو السنور الذكر، والجمع: ضياون, ولم يدغم؛ لأنه وضع اسمًا جامدا. 4 أي: كثير الشدة؛ يقال: يوم أيوم، كما يقال: ليلة ليلاء. 5 مصدر عوى الكلب، إذا نبح, القياس: عية؛ وأصله: عَوْية. 6 هو بفتح النون على وزن "فعول"، وأصله نهوي: والقياس نهي، وهو وصف مبالغة للناهي. 7 أي: وما يوازنه؛ بشرط أن يكون اسمًا لا صفة، مشتملا على واو متحركة. 8 تقول: جديل وأسيد على القياس، وجديول وأسيود، حملا للتصغير على التكسير، والإعلال في ذلك أحسن. فإن كان المفرد وصفا؛ نحو: أسود، صفة، تعين الإعلال؛ فيقال: "أسيد" لا غير؛ لأنه لا يجمع على أساود. وعلى ذلك فيشترط في وجوب الإبدال: ألا يكون اجتماع الواو والياء في تصغير ما يكسر على "مفاعل" وكذلك إذا كانت الواو غير متحركة في المفرد؛ نحو: عجوز وعمود؛ فإنهما -وإن كسرا على مفاعل- إلا أن الإعلال واجب في مصغرها فتقول: عُجيز وعُميد، ولا يجوز التصحيح. وفي هذه المسألة يقول الناظم في فصل مستقل:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 382 بكسر العين1؛ نحو: رَضِيَهُ فهو مَرْضِي، وقَوِيَ على زيد فهو مَقْوِيّ عليه3، وشذ قراءة بعضهم: "مَرْضُوَّةً"4. فإن كانت عين الفعل مفتوحة، وجب التصحيح؛ نحو: مَغْزُوٌّ، ومَدْعُوّ5، والإعلال شاذ؛ كقوله:   = إن يسكن السابق من واو ويا ... واتصلا ومن عُرُوض عَرِبا فياء الواو اقلبنَّ مُدغما ... وشذ مُعْطًى غير ما قد رُسما* أي: إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة، والسابق منهما ساكن سكونا أصليا قلبت الواو ياء وأدغمتا، وشذ ما يفيد غير ما رسم وعيّن من ذلك، وقد أوضح المصنف هذا كله. 1 سواء كان متعديا أو لازما. 2 الأصل: مرضوو، بواوين، قلبت الثانية -وهي لام الكلمة- ياء؛ حملا على الفعل؛ لأنها تقلب فيه لكسر ما قبلها كما سبق، ثم الأولى؛ وهي واو مفعول؛ لاجتماعها مع الياء على القاعدة، وأبدلت الضمة كسرة لتسلم الياء من القلب واوًا. 3 أصله: مقووو، قلبت الواو الأخيرة ياء، لثقل ثلاث واوات في الطرف مع الضمة، ثم الوسطى؛ لاجتماعها ساكنة مع التاء على القاعدة، وأبدلت الضمة كسرة كما سبق. 4 أي: بتصحيح الواو وإدغام الواو الزائدة فيها، وذلك في قوله -تعالى- في سورة الفجر: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ, ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً} وجعله في التسهيل مرجوحا. 5 فإن فعلهما: غزا ودعا، وأصلهما: غَزَو ودَعَو، تحركت الواو وانفتح ما قبلها؛ فقلبت ألفًا على القاعدة.   * "إن يسكن" شرط وفعله. "السابق" فاعله يسكن. "من واو" متعلق بيسكن. "ويا" بالقصر، عطف على واو. "وانفصلا" معطوف على يسكن، وألف الاثنين فاعل. "ومن عروض" متعلق بعريا المعطوف على اتصلا، والضمير في عريا عائد إلى السابق. "فيا" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"يا" مفعول اقلبن الثاني. "الثاني" مفعوله الأول، "مدغما" حال من فاعل اقلبن المستتر. "معطى" فاعل شذ، وهو اسم مفعول، ونائب فاعله هو مفعوله الأول. "غير" مفعوله الثاني. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "وقد رسما" الجملة صلة ما، والألف للإطلاق، ونائب فاعل رسما يعود إلى ما. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 383 أنا اللَّيْث مَعْدِيا علي وعَادِيا1 التاسعة: أن تكون لام "فُعُول"، جمعًا؛ نحو: عَصا وعُصِيٍّ، وقَفًا وقُفِيٍّ، ودَلْو ودُلِي2، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .... ... ... ... ... ... ... ....   1 عجز بيت من الطويل، لعبد يغوث بن وقاص الحارثي، وصدره: وقد عَلِمت عِرْسِي مُلَيْكة أنني اللغة والإعراب: عرس الرجل: زوجه. مليكة: اسمها، وهو بدل أو عطف بيان من عرسى الواقع فاعلا لعلمت. "أنني" أن حرف توكيد ونصب، والنون للوقاية، والياء اسمها "أنا" ضمير فصل "الليث" خبر أن، وأن ومعمولاها سدت مسد مفعولي علمت. "معديا" حال من الليث "علي" متعلق به على أنه نائب فاعله؛ لأنه اسم مفعول يعمل عمل الفعل المبني للمجهول "وعاديا" معطوف على معديا. المعنى: تعلم زوجي مليكة أنني شجاع كالليث؛ سواء اعتدى علي أحد، أو اعتديت أنا على غيري. الشاهد: في "معديا" فقد أعل بقلب واوه ياءا شذوذا، والقياس تصحيح لامه؛ لأن فعله عدا مفتوح العين، وأصله: معدوو، قلبت لامه ياء لتطرفها، ثم الواو ياء على القاعدة وأدغمتا، ثم ضمة الدال كسرة لمناسبة الياء فصار معدو، ولكن الشاعر أعله شذوذًا، ويرى الناظم أن التصحيح في مثل هذا راجح لا واجب، والإعلال مرجوح، وفي هذا يقول: وصحح المفعول من نحو عَدا ... وأَعلل إن لم تتحرَّ الأجودا* أي: إذا بني اسم مفعول من ماض ثلاثي، واوي اللام، غير مكسور العين؛ مثل: عدا، فالأجود تصحيح واوه؛ تقول معدو، ويجوز إعلاله بقلب الواو ياء؛ فتقول: معدي، إن لم تتحر الرأي الأجود. وقد ذكر الناظم هذا البيت والذي بعده في باب الإعلال بالنقل. 2 الأصل فيها: عُصُوو، وقُفُوو، ودلوو، على وزن "فُعول"؛ قلبت الواو الثانية ياء لثقل الواوين مع الضمة في الجمع، ثم الأولى لاجتماعها مع الياء، وأدغمتا على القاعدة، وكسر ما قبل الياء لتصح ويصح كسر الأولى منها للتخفيف؛ لأن الانتقال من الضم إلى الكسر في مثل هذه الصيغة لا يخلو من ثقل.   * "المفعول" مفعول صحيح. "من نحو" جار ومجرور متعلق بمحذوف، حال من المفعول. "عدا" مضاف إليه مقصود لفظه. "وأعلل" فعل أمر ومفعوله محذوف يعود على المفعول. "إن" شرطية. "تنحر" فعل الشرط مجزوم بلم بحذف الألف. "الأجودا" مفعول تتحر، والألف للإطلاق، وجواب الشرط مجذوف، أي: إن لم تتحر الأجود من الوجهين فأعلل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 384 والتصحيح شاذ، قالوا: أُبُوّ، وأُخُوّ1، ونُحُوّ، جمعا لنحو؛ وهو الجهة، ونُجُوّ بالجيم جمعا لنَجْو، وهو السحاب الذي هراق ماءه، وبَهْو2 -وهو المصدر- وبُهُوّ فإن كان "فُعُول" مفردًا، وجب التصحيح؛ نحو: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} 3، {لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ} 4 وتقول: نما المال نُموّا، وسما زيد سُموّا 5 وقد يعل نحو: عتا الشيخ عِتِيّا، وقسا قلبه قِسِيا6.   1 جمعان لأب وأخ، والقياس: أبيّ وأخيّ. 2 هو البيت المتقدم أمام البيوت، والواسع من الأرض، ومن كل شيء، وقيل: إن قول المصنف: "وهو المصدر" فيه نظر؛ لأن المفهوم من عبارة القاموس أنه لم يستعمل مصدرًا، وإن كان ذلك لا يدل على عدم وجوده، والجمع أبهاء، وبهوّ، وبهيّ. 3 [سورة الفرقان الآية: 21] . 4 [سورة القصص الآية: 83] . 5 فجميع هذه الأمثلة مصادر مفردة مضمومة الأول والثاني والأصل: عُتوو، وعُلوو، ونموو، وسموو، أدغمت أولى الواوين في الثانية. 6 وقول الناظم يفيد التسوية بين الجمع والمفرد؛ حيث يقول في هذه المسألة: كذاك ذا وجهين جا الفُعُولُ من ... ذي الواو لام جمع أو فرد يعن* أي: إن الاسم الذي على وزن "فعول" واوي اللام، يجوز فيه وجهان التصحيح والإعلال، وفي المفرد التصحيح، وهو الأصلح.   * "كذاك" جار ومجرور متعلق بجا. "ذا" بمعنى صاحب- حال من المفعول الواقع فاعلا لجا بالقصر. "وجهين" مضاف إليه. "ممن ذي الواو" متعلق بجا، ومضاف إليه، أو بمحذوف حال من المفعول. "لام جمع" لام حال من الواو، وجمع مضاف إليه. "أو فرد" عطف على جمع. "من" أي: يظهر. الجملة صفة لفرد، وفاعل يعن يعود على فرد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 385 العاشر: أن تكون عَيْنا "لفُعِّل"، جمعًا صحيح اللام1؛ كصُيِّم ونُيِّم2، والأكثر فيه التصحيح؛ تقول: صُوِّم، ونُوِّم. ويجب إن اعتلّت اللام لئلا يتوالى إعلالان3؛ وذلك كشُوًى وغُوًى؛ جمعي شاوٍ وغاوٍ4، أو فصلت من العين؛ نحو: صُوّام ونُوّام؛ لبعدها5 حينئذ من الطرف، وشذ قوله: فما أَرَقّ النُّيَّام إلا كلامها6   1 بشرط عدم وجود فاصل بين العين واللام. 2 جمعان لصائم ونائم، وأصلها: صوّم ونوّم، بواوين قبلهما ضمة، فعدل إلى الياءين للخفة. 3 إعلال العين، وإعلال اللام. 4 اسما فاعل من شوى يشوي، وغوى يغوي، وأصلها: شُوِّي، وغُوِّي، قلبت الياء فيهما ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت لالتقائها ساكنة مع التنوين. 5 أي: العين. 6 عجز بيت من الطويل، لأبي الغمر الكلابي، ويقال له أبو النجم، وصدره. ألا طَرَقَتنا مَيَّة بنَة مُنْذر اللغة والإعراب: طرقتنا: زارتنا ليلا، مية: اسم امرأة, أرق: أسهر وأذهب النوم من الأعين، النيام: جمع نائم؛ اسم فاعل من نام ينام نوما. "ألا" أداة استفتاح أريد بها التنبيه. "مية" فاعل طرقتنا. "ابنة منذر" ابنة صفة لمية، ومنذر مضاف إليه. "فما" ألفا عاطفة، و"ما" نافية "النيام" مفعول أرق مقدم. "إلا" أداة حصر. "كلامها" فاعل مؤخر، ومضاف إليه. المعنى: أن هذ المرأة زارتهم بالليل وقد نام القوم فأرقهم حديثها العذب وأطار النوم من أعينهم كلامها الحسن البديع، حتى قضوا ليلهم أيقاظا ساهرين. الشاهد: في "نيام" فإنه جمع نائم، والهمزة منقلبة من واو، وقد أعل بقلب الواو ياء، مع أن قبل لامه ألفًا، وهذا شاذ، والقياس: نوام بالتصحيح؛ أو نيّم بحذف الألف. وإلى هذه يشير الناظم بقوله:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 386 فصل: في إبدال الواو من الألف والياء فصل: في إبدال الواو من أختيها: الألف والياء. أما إبدالها من الألف ففي مسألة واحدة؛ وهي: أن ينضم ما قبلها1؛ نحو: بُويِعَ وضُورِب، وفي التنزيل: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} 2. وأما إبدالها من الياء ففي أربع مسائل: إحداها: أن تكون ساكنة مفردة3 في غير جمع4؛ نحو: مُوقِن ومُوسِر5،   = وشاع نحو نُيَّم في نُوَّم ... ونحو نُيَّام شُذُوُذُ نُمِي* أي: شاع وكثر في جمع التكسير الواوي العين الذي وزنه على "فعل" الإعلال بقلب واوه ياء؛ نحو: نيم في نوم، وهذا إذا لم يكن قبل لامه ألف. فإن كان قبل اللام ألف، وجب التصحيح، وشذ الإعلال؛ نحو: نيَّام في نوّام. هذا: ومما يجب فيه قلب الواو ياء: أن تقع الواو طرفا بعد ضمة أصلية في اسم معرب؛ سواء كانت طرفا حقيقة؛ مثل أدل، جمع دلو، أو حكما؛ كما إذا وقع بعدها تاء تأنيث أو علامة تثنية؛ نحو: تدانية، وتدانيان، فتقلب الواو ياء والضمة قبلها كسرة؛ لمناسبة الياء، وعلة القلب هي هذا التفادي مما لا نظير له في العربية. وهذا الموضع لم يتعرض له الناظم ولا ابن هشام. 1 سواء أكانت في الفعل، وذلك عند بنائه للمجهول؛ كما مثل المصنف، أم في الاسم عند تصغيره، نحو: "كوَيتب" في تصغير كاتب، و"مُوَيْهِر" في تصغير ماهر, ويشترط لقلبها واوا في التصغير: ألا يكون أصلها الياء، وإلا وجب ردها إلى أصلها؛ نحو: ناب؛ فيقال فيه: نيب، وقد تقدم ذلك في التصغير. 2 [سورة الأعراف الآية: 20] . 3 أي: غير مشددة، ولا بد أن يكون قبلها ضمة. 4 أي: في لفظ مفرد غير دال على الجمع؛ سواء كانت في اسم أو فعل. 5 أصلها: ميقن وميسر، وكذلك الفعل؛ تقول: يوقن ويوسر؛ فإن أصلهما: يُيقن ويُيسر، قلبت الياء واو للتجانس بين حرف العلة والحركة قبله.   * "نحو" فاعل شاع. "نيم"؛ مضاف إليه. "في نوم" متعلق بمحذوف، حال من نيم، أو متعلق بشاع. "ونحو نيام" مبتدأ، ومضاف إليه، "شذوذه نمي" مبتدأ ثان وخبر، والجملة خبر "نحو". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 387 ويجب سلامتها إن تحركت؛ نحو: هُيَّام1، أو أُدْغِمَت كَحُيَّض2، أو كانت في جمع. ويجب في هذه قلب الضمة كسرة؛ كهيم3 وبيض، في جمع أَفْعَلَ، أو فَعْلَاءَ. الثانية: أن تقع بعد ضمة؛ وهي: إما لام "فَعُل"؛ كَنَهُوَ الرَّجل، وقَضُو؛ بمعنى: ما أنهاه؛   1 مصدر هام إذا اشتد عطشه؛ أو اختل عقله من العشق والحب. 2 جمع حائض، وهذا المثال خارج بقوله: في غير جمع، ومثال المفرد: خُيّر، وزيّن. 3 جمع أهيم وهيماء، والهيم: الإبل العطاش، وأصله هيم، فكسرت الهاء لما سبق. والهيام -بكسر الهاء وضمها- داء يصيب الإبل فتهيم في الأرض ولا ترعى، وتعطش فلا تروى. وكذلك لا يجوز القلب إذا كانت غير مسبوقة بضمة؛ نحو: حيل وجيل. وفي هذه المسألة، وما قبلها من إبدال الواو من الألف، يقول الناظم: .................................. ... .......................... ووجب إبدال واو بعد ضم من ألف ... ويا كموقن بذالها اعترف ويكسر المضموم في جمع كما ... يقال "هِيم" عند جمع "أَهْيَمَا"* أي: إنه يجب أن تبدل الألف واوا إذا وقعت بعد ضمة؛ وذلك في الفعل عند بنائه للمجهول، وفي الاسم عند تصغيره، كما بين المصنف، وهو الموضع الوحيد الذي تبدل فيه الواو من الألف، وتبدل من الياء إذا سكنت في مفرد بعد ضمة كموقن، ويجب قلب الضمة كسرة في الجمع لتصح الياء؛ فيقال: "هِيم" في جمع أهيم، ولا تقلب واوا كالمفرد؛ لثقل الجمع والضمة. وقول الناظم: "ووجب"، تمام البيت الذي تقدم في صفحة "379".   * "إبدال" فاعل وجب. "بعد ضم" بعد ظرف متعلق بإبدال، وضم مضاف إليه. "من ألف" متعلق أيضًا بإبدال. "ويا" مبتدأ. "كموقن" صفته على حذف مضاف؛ أي: كباء موقن. "بذالها" متعلقان باعترف الواقع خبرا للمبتدأ. "اعترف" إما فعل أمر، أو ماض مبني للمجهول. "في جمع" متعلق بيكسر. "كما" الكاف جارة، وما مصدرية. "هيم" نائب فاعل يقال قصد لفظه والجملة صلة. "عند جمع" عند ظرف بمعنى في متعلق بيقال، وجمع مضاف إليه، "أهيما" مضاف إليه ممنوع من الصرف؛ للوصفية ووزن الفعل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 388 أي: أعقله، وما أقضاه1 أو لام اسم مختوم بتاء بنيت الكلمة عليها2؛ كأن يبنى من الرمي مثل "مَقُدُرة"، فإنك تقول: مَرْمُوة3 بخلاف نحو: تَوانَى توانِية4، فإن أصله قبل دخول التاء: توانيا -بالضم- كتكاسل تكاسلا5، فأبدلت ضمته كسرة لتسلم الياء من القلب6، ثم طرأت التاء لإفادة الواحدة وبقي الإعلال بحاله7، أو لام اسم مختوم بالألف والنون كأن تبنى من الرمي على وزن "سَبُعَان" اسم الموضع الذي يقول فيه ابن الأحمر: ألا يا ديار الحي بالسَّبُعان8 فإنك تقول: رَمُوَان9.   1 تقدم الكلام على هذه الصيغة في باب التعجب الجزء الثالث، وأنها تؤدي معنى التعجب، وهي من الأساليب القياسية فيه. 2 أي: من أول الأمر؛ بحيث لا تؤدي الكلمة معناها إلا مع هذه التاء التي للتأنيث. 3 والأصل: مرمية، أبدلت الياء واوا لوقوعها إثر ضمة. 4 فإن الياء فيه عارضة بعد بناء الصيغة المطلوبة للمذكور، فلا تقلب معها الياء واوا؛ لأنها في نية الانفصال فما قبلها آخر، بل يجب حينئذ كسر الضمة لتسلم الياء. 5 لأن هذا هو المصدر القياسي للفعل الذي على وزن "تفاعل". 6 لأنه ليس في الأسماء المتمكنة العربية ما آخره واو قبلها ضمة لازمة كما تقدم ذلك قريبا فارجع إليه. 7 وهو قلب الكسرة ضمة. 8 ذكر الشيخ خالد أن هذا البيت لتميم بن أبي مقبل وهو الأصح، وقد تقدم الكلام عليه في باب النسب "انظر صحفة: 259". 9 والأصل: رميان، قلبت الياء واوا لوقوعها بعد ضمة. وإلى هذه المسألة يشير الناظم بقوله: وواوا إثر الضم رُدَّ "اليا" متى ... ألفي لام فِعل أو من قَبل "تا" كتاء بان من "رَمَى" كمَقْدُرَه ... كذا إذا كسَبُعان صيّره* أي: إن الياء إذا ضم ما قبلها، ووقعت لام فعل، أو اسم مختوم بتاء التأنيث كبناء صيغة على وزن "مقدرة" من رمى، أو مختوم بألف ونون مزيدتين، كبناء صيغة على وزن "سبعان" وجب قلبها واوا.   1 "وواوا" مفعول رد الثاني. "إثر" ظرف متعلق برد. "الضم" مضاف إليه. "اليا" باقصر مفعول رد الأول. "متى" اسم شرط جازم في محل نصب بألقي الواقع فعلا للشرط، ونائب فاعله مفعوله الأول. "لام فعل" لام= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 389 الثالثة: أن تكو لامًا لفِعْلَى، بفتح الفاء, اسما لا صفة، نحو: تَقْوى1 وشَرْوَى2 وفَتْوَى، قال الناظم وابنه3: وشَذّ سَعْيا لمكان، وريا للرائحة4، وطَغْيا لولد البقرة الوحشية، ا. هـ. فأما الأول: فيحتمل أنه منقول من صفة5 كخَزْيَا وصَدْيَا مؤنَّثي خَزْيَان وصَدْيَان، وأما الثاني: فقال النحويون: صفة غلبت عليها الاسمية، والأصل: رائحة رَيّا، أي: مملوءة طيبا6، وأما الثالث: فالأكثر فيه ضم الطاء؛ فلعلهم استصحبوا التصحيح حين فتحوا للتخفيف7.   1 أصله الأصيل: "وقيا" لأنه من وقيت؛ قلبت واوه تاء كما في تراث، ثم ياؤه واوا، ولا يضر اجتماع إعلالين فيه لعدم تواليهما، وهو غير منصرف لألف التأنيث، ومن قرأ: {عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ} بالتنوين جعلها للإلحاق بجعفر كألف تترى. 2 أصله: شريا لأنه من شريت، ومعناه: المثل، يقال: لك شرواه؛ أي: مثله. 3 الناظم في شرح الكافية، وابنه في شرح الخلاصة. 4 أما ريا من الري ضد صديا، فعدم القلب فيها واضح؛ لأنها صفة. 5 أي إلى الاسمية، وقد استصحب التصحيح بعد جعله اسمًا. 6 أي: وتصحيح الصفة غير شاذ، على أنه لو سلم بالاسمية، فالذي يمنع القلب هو: أنه لو قيل "ريوا" لوجب قلب الواو ياء وإدغامها لاجتماعهما، وسبق إحداهما بالسكون. 7 وقد أشار الناظم إلى هذه المسألة بقوله:=   = مفعوله الثاني، وفعل مضاف إليه. "أو من قبل تا" معطوف على لام فعل ويا مضاف إليه، وجواب الشرط محذوف؛ أي: متى ألقى الياء لام فعل، فرده واوا، "كتاء" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، "بان" مضاف إليه "من رمى" متعلق بيان. "كمقدرة" متعلق به أيضًا. "كذا" جار ومجرور متعلق بمحذوف يدل عليه رد السابق. "إذا" ظرف زمان متعلق بما تعلق به الجار قبله. "كسبعان" جار ومجرور في موضع المفعول الثاني لصبره تقدم عليه. "صبره" الهاء مفعوله الأول عائدة على لفظ الرمي المفهوم من رمر والفاعل يعود على بان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 390 الرابعة: أن تكون عَيْنًا "لفُعْلَى" بالضم, باسم كطُوبى مصدرًا لطاب، أو اسما للجَنَّة1، أو صفة جارية مجرى الأسماء2، وهي: "فُعْلَى أَفْعَل" كالطوبَى والكُوسَى والخُورَى مؤنثات: أَطْيَبَ وأَكْيَسَ وأَخْيَرَ، والذي يدل على أنها جارية مجرى الأسماء أن أفعل التفصيل يجمع على "أَفَاعِل"3 فيقال: الأفاضِل والأكابر، كما يقال في جمع أَفْكَل4: أفَاكِل. فإن كانت "فُعْلَى" صفة محضة5 وجب قلب ضمته كسرة6، ولم يسمع من ذلك إلا {قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: جائزة: ومشية حيكى، أي: يتحرك فيها المنكبان7 هذا كلام النحويين.   = من لام "فَعْلَى" اسما أتى الواو بدل ... ياء كتَقْوَى غالبًا جَاذا الْبَدل* أي: إن الواو تبدل من الياء غالبا، إذا وقعت لاما لاسم على وزن "فعلى" نحو: "تقوى" فإن أصله تقيا؛ لأنه من تقيت. 1 فإن أصلها "طيبي" لأنه من طاب يطيب، قلبت ياؤه واوا. 2 وذلك بأن تكون معمولة للعوامل المختلفة مباشرة دون أن يسبقها موصوف. 3 أي: إذا كان مقترنا بأل أو مضافا إلى معرفة، فمثله في ذلك مثل الأسماء المحضة. "انظر ما تقدم في جمع التكسير". 4 أي: الذي هو اسم جامد للرعادة، لا صفة. 5 أي: خالصة من شائبة الاسمية، وذلك بجريانها على موصوف ولو مقدرا. 6 أي: لكي تصح الياء وتسلم من قلبها واوا، وذلك للفرق بين الصفة والاسم. 7 يقال: حاك في مشيه يحوك ويحيك، إذا حرك منكبيه، ويقال: ضازه يضوزه، ويضيزه، إذا جار عليه وبخسه, والأصل فيهما: ضيزى وحيكى بضم أولها، فأبدلت الضمة كسرة لتصح الياء، وعند بعض النحويين: أصلها: ضوزي، وحوكى، فهما واويان، وفي القاموس: أنهما واويان ويائيان ويائيان، وهنالك كلمة ثالثة مسموعة هي "كيضي" ياقل: رجل كيضى؛ أي: يمشي وحده ويأكل وحده ولا يعينه غير نفسه.   * "من لام فعلى" من لام متعلق ببدل وفعلى مضاف إليه. "اسما" حال من فعلى. "الواو" فاعل آتى. "بدل" حال من الواو وسكن على لغة ربيعة. "ياء" مضاف إليه. "كتقوى" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف. "غالبا" حال من "ذا" الواقع فاعلا لجاء. "البدل" بدل من اسم الإشارة أو بيان له أو نعت والتقدير: أتى الواو بدل باء من لام فعلى حال كونها اسما كتقوى جاء هذا البدل غالبا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 وقال الناظم وابنه: يجوز في عين "فعلى" صفة: أن تسلم الضمة فتقلب الياء واوا، وأن تبدل الضمة كسرة فتسلم الياء، فتقول: الطوبي والطيبى، والكوسى، والكيسى، والضوقى والضيقى1.   1 مؤنثي: الأكيس، والأضيق. قال الناظم معبرا عن رأيه في "فعلى". وإن تكن عينا "لِعُمْلَي" وصفا ... فذاك بالوجهين عنهم يُلْفي* أي: إذا وقعت الياء عينا لصفة على وزن "فعلى" جاز فيها الوجهان: التصحيح والإعلال بقلبها واوا. هذا وكلام الناظم يخالف ما عليه سيبويه والنحويون من وجهين. أ- أنه يجيز في "فعلى" وصفا وجهين، وهم يوجبون تصحيح الياء وكسر ما قبلها. ب- أنه أجاز في "فعلى" أنثى الأفعل من الصفات الجارية مجرى الأسماء الوجهين أيضًا. ونص على أنهما مسموعان عن العرب. وهم حكموا لها بحكم الأسماء المحضة، فأوجبوا إقرار الضمة وقلب الياء واوا.   * "وإن تكن" شرط وفعله، واسم تكن يعود إلى الياء. "عينا" خبرها. "لفعلى" متعلق بمحذوف نعت لعينا. "وصفا" حال من فعلى. "فذاك" لفاء واقعة في جواب الشرط. "ذا" اسم إشارة مبتدأ، والكاف حرف خطاب. "بالوجهين" في موضع المفعول الثاني ليلفي. "عنهم" متعلق بيلفي، ونائب فاعله هو مفعوله الأول، وجملة "يلفي" خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط ولذلك اقترنت بالفاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 392 فصل: في إبدال الألف من الواو والياء فصل: في إبدال الألف من أختيها الواو والياء1. وذلك مشروط بعشرة شروط:   1 إذا وقت الألف عين أو لاما في الفعل الثلاثي، فلا بد أن تكون منقلبة عن واواو أو ياء مثل: باع، وصام، وجرى، وسما؛ فإن الأصل: بيع، وصوم، وجرى، وسمو، فقلبت الياء أو الواو ألفًا، ويدل على ذلك: المصادر وغيرها، وكذلك الشأن في كثير من الأسماء. وهذا القلب لا يتم إلا بشروط. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 392 الأول: أن يتحركا؛ فلذلك صحتا في القول والبيع لسكونهما. الثاني: أن تكون حركتهما أصلية1، ولذلك صحتا في جيل2 وتوم3 مخففي: جيئل وتوأم. الثالث: أن ينفتح ما قبلهما4، ولذلك صحتا في العِوَض، والحِيَل، والسُّور. الرابع: أن تكون الفتحة متصلة، أي: في كلمتيهما، ولذلك صحتا في ضرب واحد، وضَرَبَ ياسر5.   1 أي: ليست طارئة للتخفيف، أو لغيره من الحركات التي لا تلازمهما. 2 اسم من أسماء الضبع. 3 هو الولد يولد ومعه غيره في بطن واحد، ويقال لهما: توأمان، وكل واحد توأم، والأكثر توائم، ومثل جيل وتوم في عدم الإبدال، لعروض الحركة، قوله -تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} ، {وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} ، {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ} . 4 لأن غير الفتحة لا يجانس الألف ولا يناسبها. 5 قيل: لو مثل بغير هذين المثالين نحو: أخذ ورقة، ووجد يزيد، لكان أحسن؛ لأن وجود الألف بعد الواو والياء مانع من قلبها أيضًا، فلم يتمحض المنع لما ذكر. وكذلك لا يعل نحو: قاوم وبايع، للفصل بالألف. وقد جمع الناظم هذه الشروط الأربعة في بيت واحد فقال: من واو أو ياء بتحريك أصل ... ألفا أبدل بعد فتح مُتصل* أي: أبدل الألف من الواو أوالياء، إذا تحركتا، وكانت حركتها أصلية، ووقعا بعد فتحة، متصلة بهما "بأن يكونا في كلمة واحدة".   * "من واو" متعلق بأبدل. "أو ياء" عطف عليه. "بتحريك" متعلق بمحذوف نعت لهما. "أصل" فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى تحريك والجملة نعت لتحريك. "ألفًا" مفعول أبدل مقدم. "بعد فتح" بعد ظرف متعلق بإبدل وفتح مضاف إليه. "متصل" نعت لفتح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393 الخامس: أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين1، وألا يليهما ألف ولا ياء مشددة إن كانتا لامين، ولذلك صحت العين في بيان وطويل وخَوَرْنَق2، واللام في رَمَيَا وغَزَوَا، وفَتَيان وعَصَوان3 وعَلَويّ وفَتَوَيّ4، وأعلت العين في قام، وباع وباب وناب لتحرك ما بعدها، واللام في غزا ودعا ورمى وبكى؛ إذ ليس بعدها ألف ولا ياء مشددة، وكذلك في يَخْشَون ويَمْحَوْن5 وأصلهما: يَخْشَيُون ويَمْحَوون؛ فقلبتا ألفين6,   1 وكذلك إذا كانتا فاءين نحو: توالى ونبا من، فلا قلب. 2 وذلك لسكون ما بعدهما بالألف في بيان، والياء في طويل، والراء في خورنق، وهما عينان، وخورنق: قصر للنعمان الأكبر بالعراق. 3 لوجود الألف بعدها، وقد مثل للأفعال والأسماء وإنما صح قبل الألف؛ لأن الإعلال قبلها يؤدي إلى اجتماع ساكنين، وحذف أحدهما يوقع في لبس المثنى بالمفرد؛ إذ يصير: غزا، ورمى، وحمل مثل: فتيان وعصوان عليه. 4 لوجود ياء مشددة بعد الواو؛ هي ياء النسب، والواو في علوي منقلبة عن ياء "على". وفي فتوى منقلبة عن ألف "فتى". 5 بفتح الياء والحاء على لغة من قال: محاه يمحاه محوا، إذا أذهب أثره، أو على أنه مبني للمفعول؛ فيكون من محاه يمحوه محوا؛ وهذا هو الأشهر لضم حاء يمحو. 6 أي: لتحركها وانفتاح ما قبلهما. وفي هذا الشرط الخامس يقول الناظم: إن حُرّك التالى وإن سُكّن كف ... إعلال غير اللام وهي لا يكف إعلالها بساكن غير ألف ... أو ياء التشديد فيها قد أُلف* أي: إن شرط الإبدال السابق، أن يتحرك التالي لهما. فإن سكن ما بعد الواو أو الياء فإن السكون يكف -أي: يمنع- إعلال غير اللام "أي: يمنع قلب الواو أو الياء ألفا إذا وقعتا فاء أو عينا" ويجب التصحيح نحو: بيان وطويل. أما اللام فيقع فيها الإعلال إن وقع بعدها ساكن غير ألف أو ياء مشددة، كرميا وعلوي. ومعنى ألف: عرف وشاع في الكلام الفصيح. ويتبين من هذا: أن القلب ممتنع إذا وقع بعدهما ألف أو ياء مشددة؛ فإن وقع بعدهما ساكن آخر غير هذين، فالقلب واجب على الراجح.   * "التالى" نائب فاعل حرك الواقع فعلا للشرط، والجواب محذوف، "وإن سكن" شرط وفعله ونائب الفاعل يعود إلى التالي. "كف" أي: منع. فعل ماض جواب الشرط. "إعلال" مفعول كيف. "غير اللاء" مضاف إليه. "وهي" ضمير منفصل مبتدأ عائد على الواو والياء وأفراد؛ لأن العطف فيهما بأو. "لا يكف أعلالها" لا ناهية، والجملة خبر المبتدأ. "ساكن" متعلق بيكف "غير ألف" غير نعت لساكن وألف مضاف إليه. "أو ساء" عطف على ألف. "التشديد قد ألف" الجملة من المبتدأ والخبر في محل جر نعت لياء، و"فيها" متعلق بألف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 394 ثم حذفتا للساكنين. السادس: ألا تكون إحداهما عينا "لفعل" الذي الوصف منه على "أفعل"1 نحو: هيف2 فهو أهيف، وعور فهو أعور. السابع: ألا تكون عينا لمصدر هذا الفعل3 كالهَيف. الثامن: ألا تكون الواو عينا "لافْتَعَل" الدال على معنى التفاعل، أي: التشارك في   1 هو "فعل" اللازم، المكسور العين الدال على لون أو عيب أو شيء "فطري" أو وصف ظاهر في الجسم؛ فإن الصفة المشبهة منه تكون على هذا الوزن كسور، وعور، وحول. وإنما صحت عين هذا الفعل حملا على أصله في الألوان والعيوب، وهو "أفعل" كاحول، وأعور؛ لأنه بمعناه في اختصاص كل بالخلق والألوان، وخرج نحو: فإنه وإن كان مكسور العين إلا أن وصفه على فاعل نحو: خائف فيعل كفعل بالفتح والضم. 2 من الهيف. وهو ضمور البطن والخصر، ويعد في الصفات الممدوحة. 3 وذلك حملا للمصدر على الفعل، فهو مقيس على المقيس. وفي هذين الشرطين يقول الناظم: وصح عين فَعَل وفَعِلا ... ذا أفْعَل كأَعْيَد وأَحْولا* أي: إن الفعل الذي الوصف منه وعلى وزن "أفعل" يجب تصحيح عينه إن كانت ياء أو واوا، نحو: غيد فهو أغيد، وحول فهو أحول، والغيد: نعومة البدن وحمل المصدر على الفعل، وهو المراد "بفعل".   * "عين" فاعل صح. "فعل" مضاف إليه. "وفعلا" عطف عليه والألف للإطلاق. "ذا أفعل" ذا بمعنى صاحب حال من فعلا المكسور العين مضاف إلي أفعل. "كأغيد" خبر لمبتدأ محذوف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395 الفاعلية والمفعولية، نحو: اجتوروا واشتوروا فإنه في معنى تجاوروا وتشاوروا1. فأما الياء فلا يشترط فيها ذلك: لقربها من الألف2، ولهذا أعلت في استافوا مع أن معناه تسايفوا3. التاسع: ألا تكون إحداهما مَتْلُوّة بحرف يستحق هذا الإعلال4؛ فإن كانت كذلك، صحت5 وأعلت الثانية6 نحو: الحيا7، والهَوَى8 والحْوى مصدر حوي إذا   1 ولهذا حمل على "تفاعل" في التصحيح الذي استحقه؛ لفصل عينه من الفتحة كما تقدم، فإن لم يدل على المفاعلة وجب الإعلال لعدم ما يحمل عليه في التصحيح نحو: اختان، واختار؛ بمعنى خان وخار. 2 أي: في المخرج؛ فهي لذلك أحق بالإعلال من الواو. 3 أي: تضاربوا بالسيوف، ومثلا استاقوا: امتازوا وابتاعوا؛ أي: تمايزوا وتبايعوا، وإلى هذا الشرط يشير الناظم بقوله: وإن بين تفاعل من افتعل ... والعين واو سلمت ولم تعل* أي: إذا دل "افتعل" على معنى التفاعل؛ أي: الاشتراك في الفاعلية والمفعولية، وكانت عينه واوا سلمت ولا تقلب ياء، نحو: اشتور؛ بمعنى تشاور. 4 وهو القلب ألفا. 5 لئلا يتوالى إعلالان في كلمة بلا فاصل بينهما وهو في الغالب ممنوع عند النحاة لإجحافه بالكلمة: ويلزم كذلك اجتماع ألفين. 6 لأنها طرف، والطرف محل التغيير. 7 مصدر حي، ومعناه الغيث, وأصله الحي بياءين، فقلبت الثانية -وهي لام الكلمة- ألفًا لتحركها وافتتاح ما قبلها. 8 مصدر هوى، وهو ميل النفس إلى الشيء وشاع في المذموم: وأصله الهوى قلبت الياء ألفًا لما تقدم.   * "تفاعل" فاعل بين الواقع فعلا للشرط. "من افتعل" متعلق بين "والعين واو" الجملة من المبتدأ والخبر حال، الرابط الواو. "سلمت" الجملة جواب الشرط. "ولم تعل" الواو للحال، والجملة حال مؤكدة من فاعل سلمت العائد إلى الواو، والرابط الواو والضمير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 396 اسود1. وربما عكسوا فأعلوا الأولى وصححوا الثانية، نحو: "آية" في أسهل الأقوال2، فإن قلت: لنا أسهل منه، قول بعضهم: إنها "فعلة" كنبقة؛ فإن الإعلال حينئذ على القياس3، وأما إذا قيل إن أصلها أييه -بفتح الياء الأولى- أو أبية -بسكونها- آييه فاعلة؛ فإنه يلزم إعلال الأول دون الثاني4، وإعلال الساكن5، وحذف العين لغير موجب6.   1 وأصله: الحوو -من الحوة وهي سواد إلى الخضرة أو حمرة إلى السواد- وشفة حواء؛ حمراء إلى السواد، فلامه واو مثل عينه، لقولهم في المثنى: حووان. 2 أصلها أبيه كقصيه، قلبت الياء الأولى ألفا شذوذا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وكان القياس إعلال الياء الثانية وهي لام الكلمة، وقد سهل ذلك كون الياء الثانية غير طرف، ومثل آية: غاية، وراية، وثاية "وهي حجارة صغار يضعها الراعى عند متاعه فيثوي عندها أو رءوس أشجار يجمعها ويلقي عليها أثوابا ليستظل بها", وطاية "وهي السطح" وهذه ألفاظ مسموعة لا يقاس عليها. وإلى هذا الشرط، وورود السماع بما يخالفة في بعض كلمات يشير الناظم بقوله: وإن لحرفين ذا الإعلال استُحق ... صُحِّح أول وعكس قد يَحِق* أي: إن استحق هذا الإعلال -وهو القلب- لحرفين؛ بأن كان في الكلمة حرفا علة كل منهما متحرك مفتوح ما قبله صحح الأول وأعل الثاني، وقد يعكس على قلة، ولا يجوز إعلالهما معا؛ لئلا يتوالى في كلمة واحدة إعلالان. 3 أي: إعلال الأولى؛ لأنها محركة وقبلها مفتوح، وإعلال الثانية ممتنع لعدم فتح ما قبلها. 4 أي: على القول بأن أصلها: أبيه، وهو شاذ. 5 وهو الياء الأولى على أن أصلها أيية. 6 أي: على القول بأنها آيية كفاعلة والمعهود في مثله قلب الياء الأولى همزة كبائعة وقائلة.   * "وإن" شرطية. "لحرفين" متعلق باستحق الواقع فعلا للشرط. "ذا" اسم إشارة نائب فاعل لمحذوف يفسره استحق. "الإعلال" بدل أو بيان أو نعت لذا. "أول" نائب فاعل صحح، والجملة جواب الشرط. "وعكس" مبتدأ وهو مضافا لمحذوف تقديرًا "قد يحق" الجملة خبر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 397 قلت: ويلزم على الأول تقديم الإعلال1 على الإدغام2، والمعروف العكس، بدليل إبدال همزة أيمة ياء لا ألفا3؛ فتأمله. العاشر: ألا يكون عينًا، لما آخره زيادة تختص بالأسماء4؛ فلذلك صحتا في نحو: الْجَولان5 الهيمان6 والصَّوَرَى7 والحَيَدَى8 وشَذَّ الإعلال في مَاهان ودَاران9.   1 وهو قلب الياء الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. 2 فقد اجتمع مثلان أولهما ساكن. 3 إيضاح الدليل: أن أصل أئمة. أأممة، فلم يقدموا الإعلال ويبدلوا الهمزة الثانية الساكنة ألفا من جنس حركة ما قبلها، بل قدموا الإدغام فنقلوا كسرة الميم الأولى إلى الساكن قبلها وهو الهمزة الثانية وأدغموا، ثم أبدلوا الهمزة الثانية ياء من جنس حركتها، وهذا يدل على أن عنايتهم بالإدغام فوق عنايتهم بالإعلال. 4 وذلك كالألف والنون معا، وكألف التأنيث المقصورة؛ لأن هذه الزيادة تبعد شبهه بالفعل الذي هو كالأصل في الإعلال؛ لأنها لا تلحقه أصلا. 5 مصدر جال يجول، إذا طاف وتنقل. 6 مصدر هام على وجهه يهيم، إذا سار على غير هدى، أو أحب وعشق امرأة. 7 بفتحات، اسم بقعة فيها ماء. 8 مشية المتمايل المختال، وحمار حيدي وحيد، يحيد ويعدل عن ظله لنشاطه، ولم يوصف مذكر على "فعلى" غيره. 9 والأصل: موهان ودوران؛ لأنها تثنية ماء ودار، وقيل: هما أعجميان فلا يحسن عدهما فيما شذ. وفي الشرط العاشر يقول الناظم: وعين ما آخره قد زِيد ما ... يخص الاسم واجب أن يَسْلما* أي: إذا كان عين الكلمة واوا أو ياء تستدعي القلب ألفا؛ وكان في آخرها زيادة تختص بالاسم امتنع القلب, ووجب التصحيح.   * "وعين" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "آخره" ظرف متعلق بزيد الواقع صلة لما. "ما" اسم موصول نائب فاعل زيد. "يخص الاسم" الجملة صلة ما الثانية. "واجب" خبر المبتدأ وهو عين. "أن يسلما" في تأويل مصدر فاعل لواجب، والألف للإطلاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 398 فصل: في إبدال الحروف فصل: في إبدال التاء من الواو والياء إذا كانت الواو والياء فاء للافتعال أبدلت تاء1 وأدغمت في تاء الافتعال، وما تصرف منها2 نحو: اتصل واتعد3 من الوصل والوعد، واتسر من اليسر4، قال: فإن تَتَّعِدني أتَّعِدك بمثلها5   1 وذلك لعسر النطق بحرف اللين الساكن مع التاء؛ لقرب مخرجيهما وتنافر صفتيهما؛ لأن حروف اللين مجهورة والتاء مهموسة، وحروف الهمس مجموعة في هذه العبارة "فحثة شخص سكت" وما عداها مجهور. ويشترط في هذا الإبدال: ألا تكن الواو والياء مبدلتين من همزة. 2 كالماضي والمضارع والأمر؛ واسمى الفاعل واسم المفعول ... إلخ. 3 أصلهما: اوتصل واو تعد، قلبت الواو تاء وأدغمت في تاء الافتعال للتخفيف. 4 أصله: ايتسر، ففاؤه ياد. 5 صدر بيت من الطويل للأعشى ميمون بن قيس، من قصيدة يهجو فيها علقمة بن علاثة ويتهدده، وكان الأعشى قد مدح عامر بن الطفيل وحكم له على علقمة في منافرة وقعت بينهما، وعجزه: وسوف أَزِيد الباقيات القَوارِصا اللغة والإعراب: تتعدني: تتوعدني وتتهددني، وتعده: أوعده بالشر الباقيات المراد الأشعار التي تبقى على ألسنة الرواة يرونها للأعقاب، القوارص: جمع قارصة وهي الكلمة المؤذية المؤلمة. "إن" شرطية. "تتعدني" فعل مضارع فعل الشرط. "اتعدك" جواب الشرط. "بمثلها" متعلق به. "وسوف" الواو عاطفة، وسوف حرف تنفيس. "الباقيات" مفعول أزيد منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة. "القوارص" نعت للباقيات. المعنى: إن كنت تتوعدني وتهددني يا علقمة؛ لأني أنصفت خصمك فإني أقابلك بالمثل، وأهجوك بشعر مؤلم يتناوله الرواة. الشاهد: في "تتعدني وأتعدك" فإن أصلهما: توتعدني، وأوتعدك؛ لأنهما من الوعد، فقلبت الواو فيهما تاء وأدغمت في التاء الزائدة بعدها وهي تاء الافتعال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 399 وقال: فإن القوافي تَتَّلِجْن موالِجا1 وتقول في افتعل من الإزار: "إيتزر"2، ولا يجوز إبدال الياء تاء وإدغامها في التاء؛ لأن هذه الياء بدل من همزة، وليست أصلية3، وشذ قولهم في افتعل من الأكل "اتكل"4 وقول الجوهري في اتخذ: .........................................   1 صدر بيت من الطويل لطرفة بن العبد اليشكري، وعجزه: تضايق عنها أن تولّجها الإبر اللغة والإعراب: القوافي: جمع قافية؛ وتطلق على حرف الروي الذي تبنى عليه القصيدة، وعلى القصيدة كلها, والمراد بها. هنا: القصائد. تتلجن؛ من الولوج وهو الدخول. موالجا: جمع مولج، وهو مكان الولوج أي: الدخول، "القوافي" اسم إن منصوب بالفتحة المقدرة على الياء لمعاملة المنصوب معاملة المرفوع المجرور "تتلجن" الجملة خبر إن "موالجا" منصوب بتتلجن، وكان حقه المنع من الصرف لصيغة منتهى الجموع، ولكنه صرف للضرورة، "تضايق" فعل مضارع مرفوع، وأصله تتضايق فحذفت إحدى التآءين وفاعله يعود إلى الموالج "أن تولجها" أن ناصبة وما بعدها مضارع منصوب والمصدر مجرور بعن محذوفة، وهو بدل من عنها "الإبر" فاعل تولج. المعنى: أن القصائد والأشعار تؤدي بها معان دقيقة، تصل إلى النفوس وتدخل إلى العقول من مسالك خفية لا يستطيع والج أن يلجها، ولا يمكن الإبر أن تنفذ منها. الشاهد: في "تتلجن" فإن أصله توتلجن، فالواو فاء الكلمة والتاء بعدها زائدة للافتعال فقلبت الواو تاء وأدغمت التاء في التاء. 2 أي: بإبدال الهمزة ياء. 3 وسمع: اتزر شذوذا، وقد تقدم ذلك قريبا فتنبه يا فتى. 4 وكذلك قولهم في أتمن من الأمانة: اتمن، بإبدال الواو المبدلة من الهمزة تاء، والفصيح في ذلك كله عدم الإبدال، وفيما تقدم يقول الناظم: ذو اللين "فا" في افْتِعال أُبدلا ... وشذ في ذي الهمز نحو ائْتَكَلا* =   * "ذو اللين" مبتدأ ومضاف إليه. "فا" بالقصر حال من نائب فاعل أبدلا. "تا" بالقصر مفعول ثان مقدم لأبدال. "في افتعال" متعلق بأبدلا، أو بمحذوف نعت لنا،"أبدلا" نائب الفاعل يعود إلى ذو اللين، وهو مفعول الأول والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ. "وشذ" فاعله يعود على الإبدال المفهوم من أبدل. "في ذي الهمزة" في ذي متعلق بشذ، والهمز مضاف إليه. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون. "نحو" فاعل شذ، و"ائتكلا" مضاف إليه لنحو مقصود لفظه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 400 "إنه افتعل من الأخذ" وهم1، وإنما التاء أصل، وهو من تخد2، كاتبع من تبع. فصل: في إبدال الطاء تبدل وجوبا من تاء الافتعال3 الذي فاؤه صاد أو ضاد أو طاء أو ظاء، وتسمى أحرف الإطباق4، تقول في افتعل من صبر: اصطبر5، ولا تدغم؛ لأن الصفيري لا يدغم إلا في مثله6، ........................................................................   = أي: إن حرف اللين -وهو الواو والياء؛ إذا كان فاء في صيغة الافتعال وفروعه أبدل تاء. وشذ هذا الإبدال إذا كان حرف اللين بدلا من همزة نحو: إيتكل من الأكل، فلا يقال فيه: اتكل إلا شذوذا، وإنما يقال: إتكل. وقيد أحرف اللين بالواو والياء؛ لأن الألف لا تكون فاء كلمة مطلقًا. هذا: وبعض الحجازيين يتركون هذا الإبدال، ويجعلون فاء الكلمة على حسب الحركات قبلها؛ فيبدلونها ياء بعد الكسرة، وألفا بعد الفتحة، وواوا بعد الضمة؛ فيقولون: ايتصل ياتصل فهو موتصل، وايتسر ياتسر فهو موتسر ... إلخ. 1 لأنه لوكان من الأخذ لوجب أن يقال: ايتخذ بغير إدغام ولا إبدال. وذهب بعض المتأخرين إلى أن اتخذ "افتعل" من الوخذ، والأصل: اوتخذ، قلبت الواو تاء وأدغمت في تاء الافتعال على القياس. 2 هذا مبني على ثبوت تخذ ثلاثيا. 3 أق: ومشقاته كما سلف، وذلك لاستثقال النطق بالتاء مع حروف الإطباق لما بينهما من اتفاق في الخروج وتباين في الصفة؛ إذ التاء حرف مهموس غير مستعل وحروف الإطباق مستعلية، فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها وهو الطاء. 4 وذلك؛ لانطباق اللسان عند النطق بها بأعلا الحنك. 5 وأصله: اصتبر، قلبت التاء طاء. 6 وأجاز بعضهم الإدغام بقلب الثاني إلى الأول؛ فيقال: اصبر ليبقى الصفير؛ ويمتنع العكس لئلا يذهب الصفير وحروف الصفير هي: الزاى، والسين، والصاد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 401 ومن ضرب: اضطرب1، ولا تدغم؛ لأن الضاد حرف مستطيل2، ومن طهر: اططهر3، ثم يجب الإدغام، لاجتماع المثلين في كلمة، وأولهما ساكن ومن ظلم: اظطلم، ثم لك ثلاثة أوجه4: الإظهار، والإدغام مع إبدال الأول من جنس الثاني، ومع عكسه، وقد روي بهن قوله: هوَ الجواد الذي يُعْطِيك نائِلَة ... عفوا ويُظلم أيحانا فيَظّلِم5 فصل: في إبدال الدال تبدل وجوبا من تاء الافتعال الذي فاؤه دال أو ذال أو زاى، تقول في افتعل من دان:   1 أصله: اضترب، ويقال فيه ما مر في اصطبر. 2 أي: والإدغام في الطاء يفوت الاستطالة، وقد عرفت أنها لا تفوت بقلب الثاني إلى الأول، فيقال: اضرب. 3 وأصله: اطتهر أبدلت التاء طاء بعد الظاء. 4 أي: في مثل هذه الصورة التي تبدل فيها تاء الافتعال طاء بعد الظاء. 5 بيت من البسيط، لزهير بن أبي سلمى المزني، في مدح هرم بن سنان. اللغة والإعراب: نائله، النائل: العطاء؛ كالنوال. فيظلم: يقبل الظلم ويحتمله لكن لا ضعفا ولا استكانة. "هو" ضمير منفصل مبتدأ. "الجواد" خبر. "الذي" صفة للجواد "نائلة" مفعول أعطى الثاني ومضاف إليه، والجملة صلة الموصول. "عفوا" صفة للجواد. "نائلة" مفعول أعطى الثاني ومضاف إليه، والجملة صلة الموصول "عفوا" مفعول مطلق عامله يعطي، وهو صفة لمصدر محذوف؛:أي إعطاء عفوا. "أحيان" ظرف زمان منصوب بيظلم، "فيظلم" معطوف على يظلم المبني للمجهول. المعنى: أن هرما هو الجواد الذي يجزل لك العطاء بسهولة من غير مَنّ ولا إبطاء، ويحمله الناس مغارمهم فيتحملها ويقبل القيام بها تفضلا منه، لا ضعفا ولا خوفا. الشاهد: في قوله "فيظلم" وأصله فيظتلم، ثم قلبت تاء الافتعال طاء فصار يظلم. ويجوز قلب المعجمة طاء وإدغامها فيصير يطلم. وقد روى هذا البيت بالأوجه الثلاثة باختلاف الروايات. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 402 اددان1، ثم تدغم لما ذكرنا في اطهر، ومن زجر ازدجر2، ولا تدغم لما ذكرناه في اصطبر3، ومن ذكر: اذدكر، ثم تبدل المعجمة مهملة وتدغم، وبعضهم يعكس، وقد قرئ شاذا: "فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ" بالمعجمة4.   1 أصله: ادتان، قلبت تاء الافتعال دالا. 2 وأصله أيضًا: ازتجر، ومعناه منع. 3 أي: من أن حرف الصفير لا يدغم إلا في مثله. والإدغام بقلب الدال زايا نحو ازجر، ضعيف. 4 من هذا يفهم أنه يجوز في اذدكر، الأوجه الثلاثة المذكورة في اظطلم فتقول: اذدكر بلا إدغام، واذكر بالذال المعجمة وبقلب المهملة إليها، وادكر بالدال المهملة وقلب المعجمة إليها [سورة القمر الآية: 15] . ويستخلص مما تقدم: أ- أنه إذا أبدلت تاء الافتعال ذالا بعد الدال، وطاء بعد الطاء، وجب الادغام، لاجتماع مثلين. ب- وإن أبدلت ذالا بعد الزاي، أو طاء بعد الصاد أو الضاد، جاز الإظهار، والإدغام بقلب الثاني إلى الأول، دون عكسه. جـ- أما إذا أبدلت دالا بعد الذال أو طاء بعد الظاء، فيجوز فيهما ثلاثة أوجه: الإظهار، والإدغام بوجهية. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله: "طا" "تا" افْتِعال رُدّ إثر مُطْبق ... في ادَّن وازْدَد وادَّكِر دالًا بَقِي* يقول: رد -أي: صير- تاء الافتعال طاء بعد حرف من حروف الإطباق، وتصير دالا بعد الدال والزاي والذال، مثل: ادأن: وازدد، وادكر، والأصل: ادتان وازتد، واذتكر، فاستثقلت التاء بعد هذه الأحرف فقلبت دالا وأدغمت الدال في الدال.   * "طاء" بالقصر للشعر مفعول رد الثاني "تا" بالقصر مبتدأ. "افتعال" مضاف إليه، وجملة "رد" خبر المتبدأ, "إثر مطبق" إثر ظرف يرد، ومطبق مضاف إليه. "في ادان" متعلق ببقي. "وازدد وادكر" معطوفان عليه. "دالا" حال من فاعل بقي العائد إلى تاء الافتعال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 403 فصل: في إبدال الميم أبدلت وجوبا من الوا في "فَم"، وأصله فَوَه، بدليل أفواه1،فحذفوا الهاء تخفيفًا، ثم أبدلوا الميم من الواو2، فإن إضيف رُجع به إلى الأصل فقيل: فُوك، ورُبّما بَقِيَ الإبدال نحو: "لَخَلُوف فَمِ الصَّائِمِ" 3. ومن النون بشرطين، سكونها، ووقوعها قبل الياء، سواء كانا في كلمة أو كلمتين نحو: {انْبَعَثَ} ، {مَنْ بَعَثَنَا} 4، وشذوذ في نحو قوله:   1 لأن التكسير من الأشياء التي ترد الألفاظ إلى أصولها. 2 لأنهما من مخرج واحد. 3 هذا جزء من حديث، وتمامه " ... أطيب عند الله من ريح المسك"، والخلوف: تغير رائحة الفم، يقال: خلف فم الصائم: تغيرت رائحته كأخلف، ومثل الحديث قول رؤبة: يصبح ظمان وفي البحر فمه 4 الأولى من الآية 12 من سورة الشمس {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} ، والثانية من الآية 52، من سورة يس {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} ، ومثل النون: التنوين نحو: مؤمن بالله. قال الناظم مشيرا إلى ما تقدم من إبدال الميم من النون: وقيل "يا" اقلب ميما النون إذا ... كان مسكنا كمن بت ابنذا* أي: تقلب حرف النون ميما؛ إذا كان النون مسكنا قبل الحرف. "يا" مثل: من بت انبذا؛ أي: من قطع مودته فانبذه واتركه ولا تبال به، وهذا المثال حوى صورة النون الساكنة، قبل الباء في كلمة هي "انبذا"، وفي كلمتين وهما: "من بت" وأرجو أن يلاحظ: أن قلب النون ميما إنما هو في النطق لا غير، أما كتابة فتبقى صورة النون على حالها هذا: وكثيرا ما يعبر عن إبدال النون ميما بالقلب، كما فعل الناظم، والأولى أن يعبر عنه بالإبدال؛ لما عرفت من أن القلب إنما يكون في حروف العلة أو الهمزة.   * "وقيل" ظرف متعلق باقلب. "يا" بالقصر مضاف إليه. "ميما" مفعول اقلب الثاني. "النون" مفعوله الأول. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط، "كان" فعل ماض ناقص، واسمها يعود إلى النون. "مسكنا" خبرها، وجواب إذا محذوف لدلالة ما سبق عليه. "كمن" الكاف جارة لقول محذوف ومن اسم الشرط، وجملة، "بت" فعل الشرط، و"انبذا" جوابه على إضمار الفاء للضرورة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 404 وكفك المخضب البنام1 وأصله: "البنان"، وجاء عكس ذلك في قولهم: "أسود قاتِن"، وأصله: قاتم2   1 عجز بيت من الرجز لرؤبة بن العجاج، وصدره: يا هال ذات المنطق التَّمْتَام اللغة والإعراب: هال: اسم امرأة؛ منادى مرخم "هالة" منقول من هالة القمر وهي الدائرة المحيطة به. التمتام: من التمتمة، وهي تكرير التاء والميم. المخضب: الذي جعل فيه الخضاب. البنام: المراد البنان، وهي أطراف الأصابع، والواحدة بنانة، ويقال: بنان مخضب؛ لأن كل جمع يفرق بينه وبين واحدة بالهاء يوحد ويذكر. "يا" حرف نداء. "هال" منادى مبني على ضم الحرف المحذوف للترخيم. "ذات المنطق" ذات صفة لهال على اللفظ أو المحل والمنطق مضاف إليه. "التمتام" صفة لمنطق. "وكفك" بالجر معطوف على المنطق. "المخضب" نعت له. ويجوز رفع "كفك" على أنه مبتدأ والمخضب البنان تركيب إضافي خبر. والجملة حال من "هال". المعنى: ينادي المسماة "هالة"، ويصفها بأن في نطقها تمتمة وأطراف أصابعها مخضبة. الشاهد: في البنام؛ حيث أبدل الميم من النون شذوذا؛ لتحركها وعدم وجود الياء بعدها. 2 فقد أبدل الميم نونا، والقتمة: لون فيه غبرة وحمرة، والأقتم الذي تعلوه القتمة. وخلاصة ما ذكره المصنف من الحروف التي يقع فيها الإبدال. أ- أن الهمزة تبدل من الألف والواو والياء. ب- والألف تبدل من الهمزة والواو والياء. جـ- والواو تبدل من الهمزة والألف والياء. د- والياء تبدل من الهمزة والألف والواو. "أي: إن كل واحدة تبدل من الباقي" هـ- والميم تبدل من الواو النون. و والتاء تبدل من الواو والياء. ز- والطاء والدال يبدلان من التاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 405 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف الإبدال واذكر حروفه، وبين الفرق بينه، وبين القلب، والإعلال، ووضح ما تذكر بالأمثلة. 2 اذكر ثلاثة من المواضع التي تقلب فيها الواو يا، ومثلها مما تقلب فيه الياء واوا، ومثل لما تقول. 3 متى تقلب الواو همزة وجوبا، وجوازا؟ وما حكم الهمزتين الملتقيتين في كلمة؟ مثل. 4 اذكر شروط قلب الواو والياء ألفا، ووضح بأمثلة من إنشائك. 5 اشرح قول ابن مالك. وصححوا فِعَلَة وفي فِعَل ... وجهان والإعلال أولى كالحِيَل 6 متى تقلب الواو الواقعة لاما لـ"فعلى" ياء؟ ومتى تسلم من القلب؟ مثل. 7 لماذا لم تقلب الواو والياء ألفا في الكلمات الآتية؟ وضح السبب. غيور، وقوي، جوارب، صبيان، جولان، طويل. 8 بين موضع الاستشهاد بما يأتي في باب الإبدال، ووضح سبب ما تقول. قال -تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} . {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} . {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} . {وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَان} . {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} . {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} . {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} . {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِر} . {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} . {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ} .= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 406 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} . {لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ, فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} . {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} . {لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} . ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا أضعت شبابي بين حلم وغفلة ... وأنفقت عمري في الأماني الكواذب وإذا المطي بنا بلغن محمدًا ... فظهورهن على الرجال حرام 9 في الكلمات الآتية شذوذ كما يقولون، وضحه، واذكر القياس فيها. مصائر، سواسوة، يوم أيوم، نيام، معدى، ثيرة، جمع ثور. 10 ما شرط إعلال الألف والواو والياء بعد ألف الجمع؟ ومتى تسلم؟ وضح بأمثلة. 11 هات اسم المفعول من الأفعال الآتية، وبين ما حدث فيها من تغيير: عدا، رمى، حظى، وفى، نسي، رأى، كفى، رعا، غشى، رضى، أعطى، أبكى، اشتكي إليه، استعلى عليه. 12 كيف نأتي بصفة افتعل من الأفعال الآتية: زجر، طلع، ضع، صنع، وصف 13 متى يجب إظهار الدال والطاء المبدلتين من تاء الافتعال؟ ومتى يجوز الإظهار والإدغام؟ مثل. 14 أسند الفعلين: سما، وهدى، إلى ألف الاثنين، وواو الجماعة، ونون النسوة، وبين ما يحدث فيهما من تغيير، وسببه. 15 هات صفة على وزن "فعلان" من "روى" واسم مفعول من "أرضى" مصدرا من "آوى"،واسم فاعل من "أتى"، وبين ما حدث فيها من إعلال. 16 هات اسم الفاعل من الأفعال الآتية، وبين ما حدث فيها من تغيير: صان، لام، هاب، شاء، كال، نما، لقى، رعى، طوى، أعطى، أطاع، اتضح، اقتضى،= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 407 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = اصطاف، افترى، استراح، استفاد، استولى. 17 زن الكلمات الآتية وبين ما حدث فيها من إبدال وإعلال. ادخر، اصطفى، اضطهد، يتصل، ازين، مكيدة، مقامة. 18 خاطب بالعبارة الآتية المفردة المؤنثة وجماعة الذكور، وبين ما حدث من إعلال: تأن في عملك، وأده في وقته، ولا تله عنه. 19 زن الجموع الآتية، واذكر مفرد كل، وبين ما حدث من إعلال: آثار، أرجاء، ظباء، عالة، غزاة، رماة، حبائل، أساطير، شواهد، جوائز. 20 اذكر أصل كل كلمة من الكلمات الآتية، وبين ما حدث فيها من تغيير، وحكمها في الإعلال والتصحيح: رسائل، نائم، إفاد، شقاء، ميراث، نائم، أعداد، مقالة، شفاء. 21 اذكر أصل كل كلمة من الكلمات الآتية، وبين ما حدث فيها من تغيير.= "نموذج". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 408 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 409 باب: نقل حركة الحرف المتحرك المعتل إلى الساكن الصحيح قبله 1 وذلك في أربع مسائل: إحداها: أن يكون الحرف المعتل عينا لفعل2. ويجب بعد النقل في المسائل الأربع أن يبقى الحرف المعتل إن جانس الحركة المنقولة3، نحو: يقول ويبيع، أصلهما يقول مثل يقتل ويبيع مثل يضرب4، وأن تقلبه حرفا يناسب تلك الحركة إن لم يجانسها، نحو: يخاف ويخيف، أصلهما: يخوف كيذهب، ويخوف كيكرم5.   باب: نقل حركة الحرف المتحرك المعتل إلي الساكن الصحيح قبله 1 يسمى هذا: الإعلال بالنقل، أو الإعلال بالتسكين، وهو: نقل الحركة من حرف علة متحرك إلى حرف صحيح ساكن قبله، مع بقاء صورة حرف العلة بعد ذلك؛ إن كان متحركا بحركة تجانسه، كيصوم، وأصله: يصوم، ويخاف، وأصله يخوف، ويبيع؛ وأصله يبيع، وقلبه حرما آخر إن لم يكن تناسب بينه وبين حركته الأصلية التي نقلت إلى الساكن، مثل: أقام، وأصله: أقوم؛ كما سيأتي إيضاحه. وعلة هذا النقل استثقال الحركة وإن كانت ضمة أو كسرة على حرف العلة, وحملت الفتحة على أختيها، ولم تستثقل في نحو دلو وظبي؛ لأنها حركة إعراب لا تلزم. 2 وذلك بأن يكون الفعل "أجوف"، وفي أربع المسائل يجب أن يكون حرف العلة في كل منها عين الكلمة. 3 بأن يكون واوا والحركة المنقولة ضمة، أو ياء والحركة المنقولة كسرة. 4 نقلت ضمة الواو وكسرة الياء إلى الساكن الصحيح قبلها، وترك كل منهما على حاله لمجانسة الحركة في المنقول منه. 5 نقلت حركة الواو -وهي الفتحة في الأول والكسرة في الثاني- إلى الساكن الصحيح قبلهما وهو الخاء، ثم قلبت الواو في الأول ألفا لانفتاح ما قبلها، وياء في الثاني لسكونها وكسر ما قبلها، ومثل المضارع في ذلك -الماضي- والأمر، نحو: أجاب أصله: أجوب, نقلت حركة العين وهي الواو إلى ما قبلها ثم قلبت ألفا للمجانسة و"خاف"؛ أصله أخوف، نقلت حركة الواو ما قبلها. ثم قلبت ألفا للمناسبة وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها، ثم حذفت العين لالتقائها ساكنة مع اللام، ولا يعل من الماضي إلا صيغتا "أفعل" كأجاب و"استفعل" كاستجاب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 410 ويمتنع النقل إن كان الساكن معتلا، نحو: بايع، وعوق وبين1، أو كان فعل تعجب2، نحو: ما أبينه، وأبين به، وما أقومه، وأقوم به، أو مضعفا، نحو: ابيض واسود3، أو معتل اللام4، نحو: أهوى وأحيا.   1 أما نحو: "بايع" فلأن الساكن قبل الياء -وهو الألف- لا يقبل الحركة، مثله: طاوع وأما نحو: عرق وبين؛ فلأن نقل الحركة إلى الواو والياء يوجب قلبهما ألفين لتحركهما وانفتاحهما فيلتقي ساكنان، وحذف أحدهما يوقع في اللبس. 2 ومثله اسم التفضيل، بل إن امتناع النقل في صيغة التعجب للحمل على أفعل التفضيل المشابه له؛ وهو لا يعل لمشابهته المضارع في الوزن والزيادة؛ كما سيأتي في المسألة الثانية. 3 وذلك خوف في اللبس، إذا أعل كل منهما؛ فإنه إذا نقلت حركة العين إلى الياء انقلبت ألفًا؛ ثم تحذف همزة الوصل للاستغناء عنها فيصيران: باض وساد، فيلتبسان باسم الفاعل من البضاضة -وهي نعومة البشرة- ومن السد. 4 وذلك لئلا يتوالى إعلالان: إعلال العين، وإعلال اللام. وإلى هذه المسألة وشروطها وما استثني، يقول الناظم: لساكن صح انقل التحريك من ... ذي لين آت عين فعل كأين ما لم يكن فعل تعجب ولا ... كأبيض أو أهوى بلام عللا* أي: إذا كانت عين الفعل حرف لين متحركا. "واو أو ياء" وقبلها ساكن صحيح فانقل حركة العين إلى الساكن قبلها مثل: أبن، أصله: أبين نقلت حركة الياء إلى الباء وهي ساكن صحيح، فالتقى ساكنان الياء للتخلص من الساكنين، ولا نقل في أفعل التعجب أو التفضل، ولا مضعف اللام كأبيض، ولا في معتل اللام كأهوى، وقد أفصح المصنف ذلك.   * "لساكن" متعلق بانقل. "صح" الجملة صفة لساكن. "التحريك" مفعول انقل. "من ذي لين" متعلق بانقل ومضاف إليه. "آت" نعت للين، وفيه ضمير هو فاعله، "عين فعل" عين مفعوله، وفعل مضاف إليه، "ما" مصدرية ظرفية "فعل تعجب" فعل خبر يكن، وتعجب مضاف إليه واسمها يعود على فعل "ولا" الواو عاطفة، ولا زائدة. "كابيض" معطوف على خبر يكن. "أو أهوى" معطوف على ابيض. "بلام" متعلق بعللا الواقع صفة لأهوى، والألف للإطلاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 411 المسألة الثانية: الاسم المشبه للمضارع في وزنه دون زيادته1، أو في زيادة دون وزنه2؛ فالأول 3 كمقام، أصله مقوم -على مثال مذهب4- فنقلوا وقلبوا والثاني: 5 كأن تبني من البيع أو من القول اسما على المثال "تحليء"6 بكسر التاء وهمزة بعد اللام, فإنك تقول تبيع -بكسرتين بعدهما باء ساكنة7- وتقيل، وكذلك، وهذه الياء منقلبة عن الواو لسكونها بعد الكسرة8.   1 بأن يكون مشابها له في مجرد عدد الحروف، مع مقابلة الساكن بمثله والمتحرك بمثله. 2 بأن تكون فيه الزيادة التي تختص بالفعل "كأحرف المضارعة". 3 وهو ما وافق المضارع في الوزن دون الزيادة؛ بأن تكون زيادته ليست من الحروف المذكورة وإن كانت في مكانها. 4 فهو يشبه "يعلم" مثلا في الوزن ولكن فيه زيادة تدل على أنه ليس من قبيل الأفعال، وهي الميم، ومثله: مصير، ومجيب، ومستقيم؛ فإنهما في الأصل على وزن، يجلس، ويكرم، ويستغفر، فكل اسم على وزن "مَفعِل" بفتح الميم مع تحرك العين بأي حركة، أو "مفعل" أو "مستفعل" بضم الميم مع كسر العين أو فتحها، يعل بالنقل؛ لمشابهته الفعل في الوزن دون الزيادة. 5 وهو ما وافق المضارع في الزيادة دون الوزن؛ بأن تكون الزيادة في أوله من حروف المضارعة، ويخالفه في الحركات والسكنات. 6 هو القشر الذي يظهر على الجلد حول منابت الشعر، ويطلق على وسخه، وعلى الشعر نفسه. 7 نقلت حركة الياء وهي الكسرة إلى الساكن الصحيح قبلها وهو الباء، فصار تبيع ففيها إعلال بالنقل. 8 وأصلها "تقول" نقلت حركة الواو إلى ما قبلها وهو القاف، ثم قلبت الواو ياء= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 412 فإن أشبهه في الوزن والزيادة معا، أو باينه فيهما معا، وجب التصحيح1: فالأول نحو: أبيض وأسو2، وأما نحو "يزيد" علما فمنقول إلى العلمية بعد أن أُعل إذ كان فِعلا3، والثاني نحو: مِخْيَط4، وهذا هو الظاهر5، وقال الناظم وابنه: "وكان حق نحو مِخْيَط أن يعل؛ لأن زيادته خاصة بالأسماء، وهو مشبه لِتِعْلم، أي: بكسر حرف   = لتجانس الكسرة كما سبق، ففيها إعلالان: أحدهما بالنقل والآخر بالقلب وقد أشبه هذا النوع المضارع في زيادته الخاصة في أوله، ولكن فيه علامة يمتاز بها عن الفعل؛ وهي أن هذا الوزن وهو "تفعل" بكسر التاء وضمها، خاص بالاسم ولا يجيء في الفعل. وفيما تقدم من هذه المسألة يقول الناظم: ومثل فِعْل في ذا الإعلال اسم ... ضَاهي مُضارعا وفيه وَسْمُ* أي: إن الاسم الذي يشبه الفعل المضارع، يكون مثل الفعل في الإعلال بالنقل، وقوله: "وفيه وسم" معناه: أن يكون في الاسم علامة يمتاز بها عن الفعل؛ بأن يشبهه في الوزن فقط، أو في الزيادة فقط. 1 أما في حالة المشابهة في الأمرين فلئلا يتوهم أنه فعل، وفي حالة المباينة فيهما يبعد عن الفعل الذي هو الأصل في الإعلال. 2 فهذان وصفان يشبهان "أعلم" في الوزن وزيادة الهمزة، فلو أعلا لقيل: أباض وأساد، فيلتبسان بالفعل. 3 أي: إن الإعلال دخله وهو مضارع قبل نقله للعلمية واستصحب معها، فلا يقال: إنه شابه المضارع وزنا وزيادة، ومع ذلك أعل. 4 فإنه مباين للمضارع وزنا يكسر أوله؛ لأن المضارع لا يكون في الأغلب مكسور الأول. وزيادة؛ لأنه مبدوء بميم زائدة، فالصيغة مختصة بالاسم. والمخيط: اسم لأداة الخياطة. 5 أي: كون علة تصحيح نحو: مخيط، مباينته المضارع وزنا وزيادة بدون نظر إلى من يكسر حرف المضارعة لقلته.   * "ومثل فعل" مثل خبر مقدم وفعل مضاف إليه. "في ذاته" متعلق بمثل لما فيه من معنى المماثلة. "الإعلال" عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة. "اسم" مبتدأ مؤخر. "ضاهى مضارعا" الجملة نعت لاسم. "وفيه" خبر مقدم. "وسم" مبتدأ مؤخر، والجملة نعت ثان لاسم أو حال والرابط الواو. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 المضارعة في لغة قوم، لكنه حمل على مخياط لشبهه به لفظا ومعنى1، ا. هـ. وقد يقال: إنه لو صح ما قالا للزم ألا يعل تحليء؛ لأنه يكون مشبها لتحس2 في وزنه وزيادته. ثم لو سلم أن الإعلال كان لازما لما ذكر لم يلزم الجميع، بل من يكسر حرف المضارعة فقط. المسألة الثالثة: المصدر الموازن لـ"إفعال" أو "استفعال"3، نحو: إقوام واستقوام، ويجب بعد القلب حذف إحدى الألفين لالتقاء الساكنين، والصحيح أنها الثانية؛ لزيادتها، وقربها من الطرف4، ثم يؤتى بالتاء عوضا، فيقال: إقامة، واستقامة، وقد تحذف5 نحو: {وَإِقَامَ الصَّلاةِ} .   1 أما في اللفظ فلعدم الفرق بين لفظيهما إلا بالألف، وأما معنى فلأن كلا منهما يكون اسم آلة، وصيغة مقصودا بها المبالغة. 2 أي: بكسر حرف المضارعة في اللغة المذكورة، واللازم باطل، فكذلك الملزوم. 3 هو الذي عين فعله معتلة، ويكون على وزن "أفعل" أو "استفعل" نحو: أقام وستقام، وقد أعل المصدر حملا على فعله، فتنقل حركة عينه إلى الساكن قبلها وهو "إفعال" و"استفعال" ولا يمكن النطق بهما فتحذف الثانية. 4 هذا مذهب الخليل وسيبويه واختاره الناظم، وذهب الأخفش والفراء إلى أن المحذوف الأولى التي هي بدل عين الكلمة. ولهذا الخلاف أثره في الوزن؛ فوزن إقامة واستقامة على رأي الجمهور "إفعله واستفعله"، وعلى مذهب الأخفش: "إقالة واستقالة". 5 وحذفها مقصور على السماع، ويكثر ذلك مع الإضافة لسدها مسد الياء، ومنه قوله -تعالى: {وَإِقَامَ الصَّلاةِ} ، وورد: أراه إراء، وأجابه إجابا. وفي هذه المسألة الثالثة وما يتصل بها، وفي الاسم المخالف للمضارع في وزنه وزيادته في المسألة الثانية، يقول الناظم: ومِفْعَل صحح كالمِفْعال ... وألف الإفعال واستِفْعال = الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 المسألة الرابعة: صيغة مفعول1، ويجب بعد النقل في ذوات الواو، حذف إحدى الواوين، والصحيح أنها الثانية ذكرنا2، ويجب أيضًا في ذوات الياء الحذف، وقلب الضمة كسرة؛ لئلا تنقلب الياء واوا فتلتبس ذوات الياء بذات الواو، مثال الواوي مقول ومضوغ3، واليائي مبيع ومدين4.   = أزل لذا الإعلال والتا الزَم عِوَض ... وحذفها بالنَّقْل ربما عَرَض* أي: إن "مفعال" يلزم فيه التصحيح؛ لأنه غير مشبه للفعل، وحمل عليه "مفعل" لمشابهته له في معناه كما بينا؛ فصحح مثله، والمصدر المعتل العين الذي على وزن "إفعال" و"استفعال"، تحذف ألفه، وتعرض منها تاء التأنيث غالبا, وقد تحذف هذه التاء وذلك مقصور على السماع والنقل عن العرب. وقد ورد تصحيح "إفعال" و"استفعال" وفروعهما في ألفاظ، منها: أعول إعوالا، وأغميت السماء إغياما، واستحوذ استحواذا، واستغيل الصبي استغيالا "أي: شرب الغيل، وهو اللبن الذي ترضعه المرأة ولدها وهي حامل" وهذا عند كثير من النحاة شاذ يحفظ ولا يقاس عليه، وقيل: غير ذلك. 1 أي: من الفعل الثلاثي المعتل العين "الأجوف"، سواء كان واويا أو يائيا، وتعل صيغة مفعول بالنقل والحذف كما سيبين المصنف. 2 أي: من أنها زائدة وقريبة من الطرف. 3 أصلها: مقوول، ومصووغ. نقلت حركة العين إلى ما قبلها على القاعدة فالتقى ساكنان، حذفت واو مفعول عند سيبويه، والواو التي هي عين الكلمة، عند الأخفش، ووزنه عند سيبويه "مفعل" وعند الأخفش "مفول". 4 أصلهما: مبيوع، ومديون، فعل بهما ما تقدم من النقل والحذف، ثم كسر ما قبل الياء؛ لئلا تنقلب واوا عند سيبويه، ولتقلب الواو ياء عند الأخفش لئلا يلتبس اليائى الواوي ووزنهما على رأي سيبويه "مفعل" وعند الأخفش "مفيل".   * "ومفعل" مبتدأ. "صحح" بالبناء للمجهول والجملة خبر. "كالمفعال" متعلق بمحذوف حال من ضمير صحح. "وألف الإفعال" ألف مفعول أزل مقدم والإفعال مضاف إليه. "واستفعال" معطوف على الإفعال. "لذا الإعلال" لذا متعلق بأول والإعلال مضاف إليه. "والتاء" بالقصر, مفعول الزم مقدم. "عوض" حال من التاء، وقد وقف بالسكون على لغة ربيعة. "وحذفها" حذف مبتدأ، والهاء مضاف إليه عائدة إلى التاء. "بالنقل" متعلق بعرض الواقع خبرا مبتدأ. "ربما" رب حرف تقليل، وما كافة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 415 وبنو تميم تصحح اليائي1 فيقولون: مبيوع ومخيوط، قال: وكأنها تفاحة مَطْيُوبةٌ2 وقال: وإخال أنك سيّد مَعْيون3 وربما صحح بعض العرب شيئا من ذوات الواو، سمع ثوب مصْوُون4، وفرس مَقُوُود.   1 لأن الياء أخف عليهم من الواو. 2 نصف بيت من الكامل لم يعثر على تمامه، ولم يعرف قائله، غير أنه شاعر من بني تميم يصف الخمر، والضمير في كأنها يعود إلى الخمر التي يصفها الشاعر. مطيوبة: اسم مفعول: من طاب فلان الشيء يطيبه، إذا وجده طيبا حلوا، وطاب الشيء: إذا حلا وحسن. فالفعل متعد، ومنه أخذ اسم المفعول، ولازم كما بينا و"تفاحة" خبر كان. ووجه التشبيه ذكاء الرائحة وطيبها. الشاهد: في مطيوبة، فقد جاء على الأصل، والقياس أن يقال مطيبة كمبيعة. 3 عجز بيت من الكامل للعباس بن مرادس السلمي، يخاطب كليب بن عمرو السلمي ثم الظفري، وصدره: قد كان قومك يحسبونك سيدا اللغة والإعراب: إخال: أظن. معيون: اسم مفعول، من عانه يعينه، إذا أصابه بالعين، وروي مغيون، وفي الحديث: "إنه ليغان على قلبي" بالغين المعجمة، وهو اسم مفعول أيضًا، من قولهم: غين على قلب فلان -بالبناء للمجهول- أي: غطي عليه وحجب وألبس، فلم يتعرف حقيقة الأمور، ولعل هذا هو الأنسب. "سيدا" مفعول ثان ليحسبونك، "أنك سيد" الجملة من أن ومعوليها سدت مسد مفعولي إخال. الشاهد: في معيون، حيث صحح اسم المفعول من الأجوف اليائي، والأكثر فيه الإعلال، وأن يقال: معين كمبيع. وسمع طعام مزيوت، وبر مكيول، ويوم مغيوم، ورجل مديون، ولا يقال: رجل دون، ولا ما أدونه. 4 أي: محفوظ من صان يصون، ومسك مدوون؛ أي: مبلول أو مسحوق، ولا يقاس على ذلك، وقد أشار الناظم إلى هذه المسألة بقوله: وما لإفعال من الحذف ومن ... مَقْل فمفعول به أيضا قَمِن نحو مَبيع ومَصون ونَدَر ... تصحيح ذي الواو وفي ذي اليا اشتَهَر* أي: إن ما ثبت لإفعال واستفعال من النقل والحذف، يثبت لاسم المفعول من الفعل المعتل العين بالواو أو بالياء، ومعنى قمن: جدير وحقيق؛ فتقول في اسم المفعول من باع مبيع، ومن صان مصون، وندر تصحيح الواوي العين؛ فيقال: مصوون. واشتهر تصحيح بائي العين وهي لغة تميم؛ فيقولون: مبيوع ومخيوط. "تنبيه": كثيرا ما يعبر عن إبدال النون ميما بالقلب كما فعل الناظم. والأولى أن يعبر بالإبدال لما عرف من أن القلب إنما يكون في حروف العلة أو الهمزة انظر صفحة 352".   * "وما" اسم موصول مبتدأ أول. "لإفعال" متعلق بمحذوف صلة ما. "من الحذف" متعلق بما تعلق به ما قبله. "ومن نقل" عطف عليه. "فمفعول" مبتدأ ثان والفاء زائدة. "به" متعلق بقمن الواقع خبرا عن المبتدأ الثاني والجملة خبر المبتدأ الأول. "نحو مبيع" نحو خبر لمبتدأ محذوف ومبيع مضاف إليه. "ومصون" عطف على مبيع. "تصحيح" فاعل نذر. "ذي الواو" مضاف إليه. "وفي ذي الياء" وفي ذي جار ومجرور متعلق باشتهر واليا مضاف إليه. وفاعل اشتهر يعود على تصحيح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 416 باب: الحذ ف 1 وفيه ثلاث مسائل: إحداها: تتعلق بالحرف الزائد، وذلك أن الفعل إذا كان على وزن "أَفْعَل" 2   1 الإعلال بالحذف ينقسم قسمين: مقيس مطرد، وشاذ غير مقيس. فالأول: ما يكون لعلة تصريفية غير التخفيف وسببه: إما الثقل كحذف همزة "أفعل" في المضارع، وفاء المثال، والعين في المضعف كما سيأتي. وإما التقاء الساكنين كما في الأجوف عند تسكين لامه، والفعل المعتل اللام, عند إسناده للواو، وهذا القسم هو المقصود هنا أما القسم الثاني: غير المقيس فهو: ما يكون لغير علة تصريفية؛ مثل الحذف للتخفيف وللترخيم، وكحذف لام، يد، ودم، وأخ، ولا ضابط له، ويسمي: الحذف اعتباطا. 2 وذلك هو: الماضي الرباعي، المبدوء بهمزة زائدة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 417 فإن الهمزة تحذف في أمثلة مضارعة1 ومثالي وصفه -أعني وصفي الفاعل والمفعول- تقول: أُكْرِم، ونُكْرِم، ويُكْرِم، وتُكْرِم، ومُكْرِم، ومُكْرِم2، وشذ قوله: فإنه أهل لأن يؤكرما3 المسألة الثانية: تتعلق بفاء الفعل4، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   1 وذلك لئلا يجتمع همزتان في كلمة في المبدوء بهمزة المتكلم، وحمل الباقي عليه. 2 والأصل: أأكرم، ونؤكرم، ويؤكرم, ومؤكرم، ومؤكرم، فحذفت الهمزة في الجميع. قال الناظم: وحذف همز "أفعل" استمر في ... مضارع وبنيتي متصف أي: إنه يجب حذف همزة "أفعل" من المضارع، ومن صيغتي الذات المتصفة بذلك المعنى على جهة القيام بها أو الوقوع منها، وهما: صيغتا اسمي الفاعل والمفعول، ومثل وصف المفعول في الحذف: المصدر الميمي، واسما الزمان والمكان. 3 نصف بيت من الرجز، أو بيت من مشطورة، لأبي حيان الفقعسي، ولم نقف له على تكملة مع ترديد النحاة له. اللغة والإعراب: أهل: مستحق. يؤكد ما: يكرم. "فإنه أهل" إن واسمها وخبرها "لأن" اللام للتعليل، وأن مصدرية "يؤكرم" فعل مضارع للمجهول منصوب بأن، والمصدر المنسبك من أن ومدخولها مجرور باللام. الشاهد: في يؤكرم؛ حيث أثبتت الهمزة، ولم تحذف تخفيفا لضرورة الشعر، والقياس حذفها، وقد سمع أرض مؤرنبة؛ أي: كثيرة الأرانب، وكساء مؤرنب، إذا خلط صوفه بوبر الأرانب. هذا: وإذا أبدلت همزة "أفعل" هاء: كقولهم في أراق الماء: هراق، أو عينا كقولهم في أنهل الإبل: عنهل, لم تحذف لعدم مقتضى الحذف، فتقول: هراق بهريق فهو مهريق ومهراق، وكذلك عنهل، والنهل: الشرب الأول، والمنهل: المورد. 4 وذلك إذا كان مثالا واوي الفاء.   * "وحذف" مبتدأ. "همزة أفعل" مضاف إليه، وجملة "استمر" خبر المبتدأ. "في المضارع متعلق باستمر. "وبنبتي" معطوف على مضارع، وهو مثنى بنية بمعنى صيغة. "متصف" مضاف إليه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 418 وذلك أن الفعل إذا كان ثلاثيا1 واوي الفاء2 مفتوح العين3 فإن فاءه تحذف في أمثلة المضارع4، وفي الأمر، وفي المصدر المبني على "فعلة " بكسر الفاء5, ويجب في المصدر تعويض الهاء من المحذوف، وتقول: يَعِد ونَعِد وتَعِد وأَعِد، ويا زيد عد عدة6،   1 فإن زاد على ثلاثة لم يحذف منه شيء نحو: والى يوالي، ووافى يوافي. 2 فإن كان يائي الفاء فلاحظ له في الحذف، إلا ما شذ من قول بعضهم: يسر. يسر؛ أي: لعب الميسر، ويئس يئس في لغة، والأصل: ييسر، وييئس. 3 أي: في الماضي: بشرط أن يكون مكسورها في المضارع مثل: وعد يعد، ووصف يصف؛ لأن العبرة بذلك لا يفتحها في الماضي؛ فإن كان مضموم العين فلا تحذف فاء مضارعه، حذفت الفاء نحو وثق يثق، وورث يرث، وإن فتحت؛ فقد تحذف فاء المضارع نحو: وضؤ يوضؤ. ووسم يوسم. وإن كان مكسورها، فإن كسرت عين مضارعه، حذفت الفاء نحو وثق يثق، وورث يرث، وإن فتحت فقد تحذف فآء المضارع نحو: وجل يوجل، ووجع يوجع، ويشترط لحذف الواو من المضارع: أن يكون حرف المضارعة مفتوحا مثل: أعد، نعد، يعد، فلا تحذف من يوعد نوعد ويوعد، مبنيا للمجهول، وأن تكون عينه مكسورة؛ فلا حذف في مثل: يولد ويوضؤ، وشذ الحذف في يدع ويذر، مبنيين للمجهول في لغة، والفصيح إثبات الواو. 4 أي: المبدوءة بحروف المضارعة الأربعة، وعلة الحذف في ذلك: وقوع الواو بين عدوتيها: الياء المفتوحة، والكسر في المبدوء بالياء، وحمل غيره عليه. 5 يشترط في حذف الواو هنا. أن تكون "فعلة" مصدرا، وأن يكون المصدر لبيان الهيئة؛ فلا حذف في غير المصدر. وشذ من ذلك "رقة" جمع ورق مثلثة، للفضة المضروبة، "وحشة" للأرض الموحشة التي لا أنيس بها، و"لدة" صفة بمعنى ترب؛ وهو المساوي في السن، ويقع على الذكر فيجمع بالواو والنون ويقال: "لدون"، وعلى الأنثى فيجمع بالألف والتاء، ويقال: "لدت" ولا حذف فيما قصد به الهيئة مثل: وعدة المحب، ووفقة المعجب بنفسه. 6 أصلها: وعد، بكسر الواو وسكون العين، حذف الفاء حملا على المضارع ثم حركت العين بكسرة الفاء لتدل عليها، وجيء بناء التأنيث عوضا عن الفاء المحذوفة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 419 وأما الوجهة فاسم بمعنى الجهة لا للتوجه1، وقد تترك تاء المصدر شذوذا2، كقوله: وأخلفوك عِدَ الأمر الذي وَعَدوا3   1 أي: إنها ليست مصدرا، وإنما هي اسم للمكان المتوجه إليه، وعلى ذلك فلا شذوذ في إثبات واوه. وقيل: إنها مصدر وإثبات الواو فيها شاذ، وسوغ ذلك أنها غير جارية على الفعل؛ إذا لم يحفظ: وجه يجه، فليس هنا موجب الحذف وهو الحمل على المضارع، وإنما المحفوظ: توجه، واتجه، والمصدر: التوجه، والاتجاه. الخلاصة: أن مصدر المثال لا يحمل على فعله بحذف فائه، إلا بشرطين: أن يكون فاء المصدر مكسورة، وأن يكون الفعل محذوف الواو في المضارع. 2 وذلك إذا أضيف؛ لقيام الإضافة مقام التاء، كما سلف مثل هذا مرات. 3 عجز بيت من البسيط، لأبي أمية -الفضل بن العباس- بن عتبة بن أبي لهب، وصدره: إن الخليط أجَدُّار البَيْن فانْجَرَدوا اللغة والإعراب: الخليط: المخالط الذي يخالط المرء في جميع أموره؛ كالنديم والجليس، ويطلق على الواحد والجمع بلفظ واحد, البين: الفراق والبعد، ومعنى أجدوا البين: أحدثوا الفراق وجعلوه أمرا جديدًا. انجردوا: يعدوا واندفعوا، يقال: انجرد بهم السير، بعد وامتد, ويروى فانصرموا؛ أي: انقطعوا ببعدهم عنا: "أجدوا البين" الجملة خبر إن. "فانجردوا" الفاء عاطفة، وانجرد فعل ماض، وواو الجماعة فاعل. "عد الأمر" عد مفعول أخلف الثاني والأمر مضاف إليه، "الذي" اسم موصول نعت للأمر "وعدوا" الجملة لا محل لها صلة الذي، والعائد محذوف أي: وعدوه. المعنى: يجرد الشاعر في نفسه شخصا يخاطبه ويقول له: إن أصحابك وأصدقاءك الذين عاشروك، قد أحدثوا بينك وبينهم فرقة الألفة وطول عهد القرب والمودة. الشاهد: في "عد الأمر" حيث حذفوا التاء عند الإضافة شذوذا؛ لأن أصله "عدة" وهي عوض عن فاء المصدر وذلك لا يجوز، كما لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض عنه ويرى الفراء: أنه لا بأس من الحذف عند الإضافة ولا شذوذ. مثل قوله -تعالى: {وَإِقَامِ الصَّلاةَ} . وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 420 المسألة الثالثة: تتعلق بعين الفعل1، وذلك أن الفعل إذا كان ثلاثيا مكسور العين، وعينه ولامه من جنس واحد؛ فإنه يستعمل في حالة إسناده إلى الضمير المتحرك على ثلاثة أوجه: تامًّا2، ومحذوف العين بعد نقل حركتها3، ومع ترك النقل، وذلك نحو: "ظل"، تقول: "ظللت، وظلت، وظلت"4، في ظللن5، قال الله -تعالى: {فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} 6. وإن كان الفعل مضارعا أو أمرا واتصل بنون نسوة، جاز الوجهان الأولان7 نحو:   = "فا" أمْر أو مضارع من كَوَعَدْ ... احذف وفي كَعِدَة ذاك اطَّرَدْ* أي: إنه يجب حذف الفاء في المضارع والأمر إذا كان الماضي مثل "وعد" ثلاثيا واوي الفاء مفتوح العين مكسورها في المضارع، وكذلك يجب الحذف في المصدر إذا كان على وزن "فعلة" ولا يدل على الهيئة كعدة. 1 أي: الماضي الثلاثي المضعف. 2 أي: يبقى على حاله مع فك إدغامه وجوبا، وكلم "تاما" منصوبة على أنها بدل من قول المصنف "على ثلاثة أوجه" الواقع حالا. 3 أي: إلى فاء الكلمة. 4 يقال: ظلت أعمل كذا؛ أي: بقيت أعمل طول النهار والليل، والفعل ظل من باب علم غالبا، وفيه الكسر أيضًا. 5 ومثله: ظللنا، وظللتما، وظللنم، وظللتن. 6 أي: تعجبون، أو تندمون على اجتهادكم فيه [سورة الواقعة الآية: 65] . 7 وهما: الإتمام من غير حذف ولا تغيير، إلا فك الإدغام، وحذف العين بعد نقل حركتها إلى الفاء. ولا يجوز الثالث، وهو: حذف العين وحركتها؛ لأن الفاء واللام ساكنان في الأمر والمضارع؛ فيؤدي الحذف إلى التقاء ساكنين.   * "فا" بالقصر للضرورة مفعول احذف مقدم. "أمر" مضاف إليه. "أو مضارع" عطف على أمر. "من كوعد" من جارة، والكاف بمعنى مثل مضاف إلي وعد، والجار والمجرور حال من أمر، وما عطف عليه. "وفي كعدة" متعلق باطرد. "ذاك اطرد" مبتدأ وخبر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 421 يقررن، ويقرن، واقررن، وقرن1. ولا يجوز في نحو: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ} 2، ولا في نحو: {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِِ} 3 إلا الإتمام، لأن العين مفتوحة4، وقرأ نافع وعاصم: {وَقَرْنَ} بالفتح5، وهو قليل؛ لأنه مفتوح، ولأن المشهور قررت في المكان بالفتح، أقر بالكسر، وأما عكسه6 ففي قررت عينا أقر7.   1 يقال: قر بالمكان يقر؛ أي: سكن واستقر فيه، وأصلها: قرر يقرر؛ كضرب يضرب، فلما اجتمع مثلان أو لهما مكسور، حسن الحذف تخفيفا كما فعل بالماضي. 2 من "الآية" 50 من سورة سبأ؛ وهو بفتح العين من الضلال ضد الاهتداء. 3 [سورة الشورى الآية:23] , أي: يبقين ثوابت على ظهر البحر. 4 أي: فليس هنالك نقل، ومثله: حللت، وشذ همت، في هممت، وكذلك يتعين الإتمام إذا كان الماضي المضعف غير ثلاثي نحو: أقررت، وشذ أحست في أحسست. 5 فعل أمر، من قر بالمكان؛ أي: استقر فيه، وأصله: اقررن نقلت حركة الراء للقاف ثم حذفت، وكذلك الشأن في المضارع. [سورة الأحزاب الآية: 33] . 6 وهو قررت بالكسر، أقر بالفتح. 7 أي: سررت، والحذف في غير مكسور العين مقصور على السماع، وفي هذه المسألة يقول الناظم: ظِلْتُ وظَلْتُ في ظَلِتْتُ استُعْمِلا ... وقِرْنَ في اقْرِرْنَ وقَرْنَ نُقِلا* أي: إن الماضي الثلاثي المضاعف المكسور العين كظل، إذا أسند إلى تاء الضمير أو نونه، جاز فيه ثلاثة الأوجه التي ذكرت، وإذا اتصل فعل الأمر المضاعف، أو المضارع بنون النسوة نحو: اقررن، جاز تخفيفه بحذف عينه بعد نقل حركتها إلى الفاء. تقول: قرن، وورد قرن، بفتح القاف وهو نادر؛ لأن التخفيف بالحذف بعد نقل الحركة خاص بمكسور العين. هذا: وقد ألحق الناظم في الكافية مضموم العين بمكسورها في جواز حذف عينه فأجاز في اغضن غضن، قياسا على قرن والحذف في غير مقصور العين, مقصور عند الجمهور على السماع.   * "ظلت" مبتدأ قصد لفظه، "وظلت" عطف عليه. "في ظلت" متعلق باستعملا الواقع خبرا للمبتدأ، "وقرن" مبتدأ. "في اقررن" متعلق بنقلا الواقع خبرا للمبتدأ. "وقرن" عطف على المبتدأ مقصود لفظه. "نقلا" ألف الاثنين فاعل، والجملة خبر المبتدأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 422 باب: الإدغ ام 1 يجب إدغام أول المِثْلين المتحركين2 بأحد عشر شرطًا: أحدهما: أن يكونا في كلمة؛ كَشَدّ ومَلّ، وحَبّ، أصلُهُنّ: شدَدَ بالفتح، ومَلِلَ   1 معناه في اللغة: الإدخال: يقال: أدغم الفرس اللجام -أدخله- في فيه، والحرف في الحرف أدخله. ومعناه اصطلاحا: الإتيان بحرفين، ساكن فمتحرك من مخرج واحد بلا فصل بينهما؛ بحيث ينطق بهما المتكلم دفعة واحدة، ولهذا عرفه بعضهم بأنه: رفع اللسان بالحرفين رفعا واحدا ووضعه بهما كذلك ويدخل الإدغام جميع الحروف ما عدا الألف اللينة، والغرض الأصلي منه: التخفيف، ويكون في متماثلين، من كلمة كمر ومن كلمتين قلب أحدهما مماثلا للآخر، ولهذا قيل: إن الإدغام لا يكون إلا بين متماثلين. وأنواعه ثلاث: 1- واجب 2- وممتنع 3- وجائز، وستأتي. 2 وكذلك يجب إدغام المثلين الساكن أولهما المتحرك ثانيهما بثلاثة شروط. أ- ألا يكون أولهما هاء سكت, فإن كان هاء امتنع الإدغام؛ لأنه جيء بها للوقف, وهو منوي في حالة الوصل. وروي عن ورش الإدغام في {مَالِيَهْ, هَلَكَ} وهو ضعيف قياسا. وورش: لقب عثمان بن سعيد، أحد القراء السبعة المشهورين. ب- ألا يكون همزة منفصلة متصلة بالفاء وجب الإدغام نحو: سآل، ولآل، ورآس. جـ- ألا يكون مدة في الآخر؛ فإن كان كذلك امتنع الإدغام نحو: يعطي ياسير، ويدعو واحد؛ لئلا يذهب المد بسبب الإدغام, ولو كان لينا فقط أدغم نحو: أخشى ياسر واخشوا واقدا. ويمتنع الإدغام إذا تحرك أول المثلين وسكن ثانيهما سواء كانا في كلمة نحو: ظللت وحللت، أو في كلمتين نحو: رسول الحسن، أو كانا بالعكس، وكان الأول هاء سكت كما تقدم، أو مدة في الآخر، أو همزة مفصولة من الفاء. وقد مثلنا لذلك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 423 بالكسر، وحَبُبَ الضم، فإن كانا في كلمتين مثل: "جعل لك"، كان الإدغام جائزًا1 لا واجبًا. الثاني: ألا يصدر أوّلهما2 كما في دَدَن3. الثالث: ألا يتصل أولهما بمدغم4، كجسس، جمع جاس5. الرابع: ألا يكونا في وزن ملحق6، سواء كان الملحق أحد المثلين، كقردد7 ومهدد8، أو غيرهما كهيلل9، ... ... ... ... ... ......................   1 وذلك بشرطين: ألا يكون المثلان همزتين في كلمتين نحو: قرأ آية؛ فإن إدغام مثل ذلك رديء كما سلف قريبا. وألا يكون قبلهما ساكن صحيح نحو: {شَهْرُ رَمَضَانَ} ، {الشَّمْسَ سِرَاجًا} فإن إدغام ذلك ممنوع عند البصريين؛ لما فيه من اجتماع الساكنين على غير حدة وصلا، وقرأ به أبو عمرو، وأوله البصريون على إخفاء الحركة فإن سبقهما لين جاز الإدغام نحو: سير رمضان. 2 لأن الإدغام يستدعي سكون أول المثلين، ولا يبدأ بالساكن إلا إذا كان الأول تاء مضارعة؛ فإنه يجوز الإدغام إذا كانت بعد مدة أو حركة، نحو قوله -تعالى: {تَيَمَّمُوا الْخَبِيثِ} ، {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} ، [سورة البقرة الآية: 267] ، [سورة الملك الآية: 8] . 3 هو اللهو واللعب، ويقال فيه: ددا كفتى، ودد كدم. 4 أي: ألا يكون أول المثلين مدغما فيه حرف قبله، فيمتنع حينذ إدغام المثلين المتحركين؛ لئلا يجتمع ساكنان ويبطل الإدغام السابق. 5 اسم فاعل من جس الشيء إذا لمسه، أو من جس الخبر إذا فحص عنه ومنه الجاسوس لصاحب خبر الشر، والحاسوس بالحاء، والناموس: صاحب خبر الخير. 6 أي: ملحق بغيره؛ بذلك لأن الإدغام بفوت ما قصد من الإلحاق وهو: موازنة الملحق للملحق به. 7 هو المكان الغليظ المرتفع، واسم جبل. 8 علم امرأة. 9 فعل ماض منحوت من مركب، ومعناه: أكثر من قول لا إله إلا الله، والياء فيه مزيدة للإلحاق. ومن الألفاظ المنحوته: بسمل إذا قال: "بسم الله"، وسبحل إذا قال: "سبحان الله"، وحمدل إذا قال: "الحمد لله"، وحوقل: إذا قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وحسبل، إذا قال: "حسبي الله" وجعفل إذا قال: "جعلت فداك"، ودمعز إذا قال: "أدام الله عزك" .... إلخ والباب كثير ولكنه سماعي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 424 أو كليهما، نحو: اقْعَنْسَسَ1، فإنها ملحقة بجعفر، ودَحْرَج، واحْرَنْجَم. الخامس، والسادس، والسابع، والثامن: ألا يكونا في اسم على "فَعَل" بفتحتين, كطَلَلَ2 ومدد، أو "فُعُل" بضمتين, كذُلُل3 وجُدُد جمع جديد، أو "فِعَل" بكسر أوله وفتح ثانيه؛ كَلِمَمْ4، وكِلَلْ5، أو "فُعَل" بضم أوله وفتح ثانيه, كدُرَر وجدَد جمع جُدّة وهي الطريقة في الجبل. وفي هذه الأنواع السبعة الأخيرة يمتنع الإدغام6. والثلاثة الباقية: ألا تكون حركة ثانيهما عارضة7، نحو: اخصُص أبي،   1 معناه: تأخر ورجع، والملحق فيه السين الثانية على المختار، والهمزة أو النون مزيدة للإلحاق. 2 الطلل: ما شخص من آثار الديار. 3 جمع ذلول، وهو ضد الصعبة، يقال: ذل يذل ذلا فهو ذلول. 4 جع لمه؛ وهي الشعر المجاوز شحمة الأذن، ويقال: لمام. 5 جمع كلمة وهي: ستر رقيق يتوقى به من البعوض ونحوه، وهي المسماة في عرفنا "بالناموسية". 6 هي الثلاثة الملحقة، والأربعة من الخامس إلى الثامن، أما امتناعه في الملحقة فلأن الإدغام يفوت الغرض من الإلحاق كما بينا قريبا، وأما في الخامس؛ فإنه وإن وازن الفعل؛ إلا أنه لم يدغم للتنبيه على فرعية الإدغام في الأسماء، وأصالته وقوته في الأفعال. وأما الثلاثة الباقية فلمخالفتها لوزن الفعل، والإدغام خاص بالفعل المتفرع من الاسم وربما وازنه من الأسماء. 7 وذلك لعدم الاعتداد بالعارض فكأنه ساكن؛ ولا إدغام عند سكون ثاني المثلين كما مر. وإلى الشروط المتقدمة أشار الناظم بقوله:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 425 واكفف الشر، أصلهما: اخصص، واكفف -بسكون الآخر- ثم نقلت حركة الهمزة إلى الصاد، وحركت الفاء لالتقاء الساكنين، وألا يكون المثلان ياءين، لازما تحريك ثانيهما، نحو: حيي، وعيي1، ولا تاءين في "افتعل"، كاستتر واقتتل. وفي هذه الصور الثلاث يجوز الإدغام2 والفلك3 قال -تعالى: "وَيَحْيَا مَنْ حَيِيَ عَنْ بَيِّنَةٍ"4 ويقرأ أيضًا: {مَنْ حَيَّ} ، وتقول. استتر واقتتل، وإذا أردت   = أول مِثلين محركين في ... كلمة ادْغِم لا كمثل صُفَف وَذْلُل وكِلَل ولَبَبِ ... ولا كَجُسَّسٍ ولا كاخْصُصَ أبِي ولا كهَيْلَل وشَذْ في أَلِل ... ونحوِهِ فكّ بنقل فقبل* ولم يذكر الثاني وهو: ألا يتصدر أولهما نحو: ددن، وأشار بقوله: وشذ في ألل ونحوه فك .... إلخ، إلى أن هنالك ألفاظا محفوظة منقولة عن العرب، شذ فكها اختيارا، وقياسها الإدغام، نحو: ألل السقاء، إذا تغيرت رائحته، ولححت عينه، إذا التصقت بالرمض، وفطط الشعر، إذا اشتدت جعودته ... إلخ. 1 وإنما لزم تحريك ثانيهما؛ لأن كلا منهما فعل ماض مبني على الفتح الظاهر. 2 وذلك نظرا إلى القاعدة المتقدمة، وهي اجتماع مثلين في كلمة وتحريك ثانيهما حركة لازمة. 3 نظرا إلى أن حركة الثاني كالعارضة في "حي" لوجودها في الماضي دون المضارع والأمر، والعارض لا يعتد به فكذا ما هو كالعارض: ولبناء ما قبل المثلين على السكون في اخصص واستتر، فيحوج الإدغام إلى تكلف نقل حركة أول المثلين إلى الساكن. 4 [سورة الأنفال الآية: 42] .   * "أول مثلين" أول مفعول أدغم مقدم مضاف إليه. "محركين" نعت لمثلين. "في كلمة" متعلق بمحذوف حال من مثلين لتخصصه لوصف، أو نعت ثان له، "لا" عاطفة والمعطوف عليه محذوف، أي: كلمة بوزن مخصوص لا كمثل، والكاف زائدة، ومثل معطوف على ذلك المحذوف، "صفف" مضاف إليه، وما بعده معطوف عليه. "ولا كجس" الواو عاطفة، ولا زائدة لتأكيد النفي كجسس معطوف على كمثل شذ. "فك" فاعل شذ. "بنقل" متعلق بمحذوف نعت لفك. "فقيلي" معطوف على شذ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 426 الإدغام نقلت حركة الأولى إلى الفاء وأسقطت الهمزة للاستغناء عنها بحركة ما بعدها ثم أدغمت؛ فتقول في الماضي: ستتر وقتل، وفي المضارع: يستر ويقتل، بفتح أولهما1، وفي المصدر ستارا وقتالا، بكسر أولهما2. ويجوز الوجهان أيضا في ثلاث مسائل أخر: إحداهن: أولى التاءين الزائدتين في أول المضارع، نحو: تتجلى وتتذكر. وذكر الناظم في شرح الكافية، وتبعه ابنه، أنك إذا أدغمت اجتلبت همزة الوصل3، ولم يخلق الله همزة وصل في أول المضارع4، وإنما إدغام هذا النوع في الوصل5 دون الابتداء، وبذلفك قرأ البزي -رحمه الله تعالى- في الوصل، نحو: {وَلا تَيَمَّمُوا} ، {وَلا تَبَرَّجْنَ} و {كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ} 6، فإن أردت للتخفيف في الابتداء حذفت إحدى التاءين، وهي الثانية7، ... ... ... ...   1 وكذلك ثانيهما، وتشديد الثالث مع كسره وأصلهما: يستتر ويقتتل، فنقل وأدغم. 2 والأصل: استتارا واقتتالا، فلما أريد الإدغام نقلت كسرة التاء الأولى إلى ما قبلها وأدغمت، وطرحت همزة الوصل. 3 وذلك للتوصل بها إلى النطق بالتاء الساكنة للإدغام، تقول: أتجلى وأتذكر. 4 أي: على طريق اللزوم له عند الابتداء به؛ كما في الماضي والأمر والمصدر، ولا بد أن يكون المصنف قد استند على سماع أو استنباط أو قياس ليس في اللغة ما ينافيه والذي ذكره النحاة: زن الفعل المبدوء بتاءين؛ إن كان ماضيا نحو: تتبع وتتابع جاز فيه الإدغام ابتداء واجتلاب همزة الوصل فيه وفي مصدره، فيقال: اتبع اتباعا واتابع اتابعا، وإن كان مضارعا، لم يجز فيه الإدغام إن ابتدئ به نحو: تتذكر؛ لأن ذلك يستلزم اجتلاب همزة الوصل وهي لا تكون إلا في المضارع، بل يخفف بحذف إحدى التاءين كما سيأتي. 5 ويكون بعد متحرك أو لين كما سبق، نحو: {تَكَادُ تَمَيَّزُ} ، {وَلا تَتَمَنَّوْا} لعدم الحاجة حينئذ إلى الهمزة. 6 تقرأ بميم مضمومة في "كنتم" بعدها تاء ساكنة في "تمنون" مدغمة في مثلها. 7 لأن الثقل حصل بها، ولقربها من الطرف؛ ولأن الأولى تدل على المضارعة، وحذفها يضيع المقصود منها، وهذا مذهب سيبويه والبصريين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 427 لا الأولى خلافا لهشام1، وذلك جائز في الوصل أيضا قال الله -تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} 2 {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ} 3.   1 هو هشام الضرير من الكوفيين، وحجته: أن الثانية تدل على معنى هو: المطاوعة، وحذفها يخل بذلك. 2 أي: تلتهب، وأصله تتلظى، حذفت إحد التاءين، ولو كان ماضيا لقيل تلظت؛ لوجوب التأنيث مع المجاري إذا كان ضميرا متصلا. 3 [سورة آل عمران من الآية: 143] . وفيما تقدم يقول الناظم: وحِيىَ افكُكْ وادغِم دون حَذَر ... كذاك نحو تتَجَلّى واسْتَتَر وما بتاءين ابتدي قد يُقْتصر ... فيه على "تا" كتَبَيّن العِبَر* أي: إن "حي" ونحوه؛ مما عينه ولامه ياءان لازم تحريكهما، يجوز فيه الفك والإدغام على الاعتبارين اللذين ذكرهما المصنف، وكذلك يجوز الفك والإدغام فيما اجتمع فيه تاءان؛ إما في أوله نحو: تتجلى، أو في وسطه نحو: استتر وما في أوله تاءين قد يقتصر فيه على إحداهما وتحذف الأخرى، ولا يكون هنالك إدغام، كتبين؛ فإن أصله تتبين، حذفت إحداهما للثقل، كما أوضح ذلك المصنف. ومن هذا يتبين: أن المضارع المبدوء بتاءين؛ يجوز فيه إظهار التاءين، وحذف إحداهما ابتداء ووصلا. وإدغام الأولى في الثانية وصلا بعد متحرك أو مد. أما الماضي فيجوز فيه وجهان لا غير: الإظهار، والإدغام.   * "وحيى" مقصود لفظه مفعول افكك مقدم. "ادغم" معطوف على افكك. "دون" ظرف متعلق بكل من افكك وادغم على الحال. "حذر" مضاف إليه. "كذاك" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "نحو" مبتدأ مؤخر. "تتجلى" مضاف إليه مقصود إليه لفظه. "واستتر" معطوف على تتجلى. "وما" اسم موصول مبتدأ. "بتاءين" متعلق بابتدى الواقع صلة لما. "قد يقتصر" الجملة خبر ما. "فيه" متعلق بيقتصر. "على تا" متعلق بيقتصر أيضا. "كتبين العبر" فعل وفاعل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 428 وقد يجيء هذا الحذف في النون1، ومنه على الأظهر قراءة ابن عامر وعاصم: "وَكَذَلِكَ نُجِّيَ الْمُؤْمِنِينَ"2، أصله: ننجي -بفتح النون الثانية- وقيل: الأصل: ننجي -بسكونها- فأدغمت3 كإجاصة وإجانة4، وإدغام النون في الجيم لا يكاد يعرف، وقيل: هو من نجا ينجو، ثم ضعفت عينه وأسند لضمير المصدر5 ولو كان كذلك لفتحت الياء؛ لأنه فعل ماض6. الثانية والثالثة: أن تكون الكلمة فعلا مضارعا مجزوما7، أو فعل أمر8، قال الله -تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} ، فيقرأ بالفك وهو لغة أهل الحجاز، والإدغام وهو لغة تميم، قال الله -تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} وقال الشاعر: فَغُضّ الطَّرْف إنك من نُمْير9   1 أي: تحذف للتخفيف النون الثانية، فيما تصدر فيه نونان. 2 [سورة الأنبياء من الآية: 88] . 3 أي: أدغمت النون الثانية في الجحيم. 4 الأصل فيهما: إنجاصة، وإنجانة فأدغمت النون في الجيم، والإجاصة: واحدة الإجاص، وهو تمر معروف دخيل على العرب؛ لأن الجيم والصاد لا يجتمعان في كلمة والإجاص: المشمس والكمثرى بلغة الشاميين، والإجانة، بفتح الهمزة، وكسرها، واحدة الأجاجين وهي: إناء يغسل ويعجن فيه. 5 أي: على أنه نائب فاعل له: لأنه ماض للمجهول، والتقدير: نجي هو؛ أي: النجاء قيل: وفيه ضعف. 6 فيكون مثل {قُضِيَ الأَمْرُ} وأيضا ففيه إنابة ضمير المصدر مع أنه مفهوم من الفعل. 7 أي: بالسكون ومضاعفا. 8 أي: مبنيا على السكون أيضا، غير متصل بنون النسوة: فإن لم يجزم المضارع مطلقًا، أو جزم بحذف النون، أو الأمر على الحذف، وجب الإدغام. 9 صدر بيت من الوافر لجرير الشاعر الأموي المشهور، من قصيدة يهجو فيها عبيد بن حصين، المعروف بالرباعي النميري، وعجزه:= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 429 والتزم الإغام في "هَلُمَّ"1، لثقلها بالتركيب2، ومن ثَمّ3 التزموا في آخرها الفتح, ولم يجيزوا فيه ما أجازوه في آخر نحو: رد وشد من الضم للاتباع، والكسر على أصل التقاء الساكنين.   = فلا كعبا بلغت ولا كلابا اللغة والإعراب: غض الطرف: أي: أغمضه وانظر إلى الأرض، والطرف: البصر. نمير: قبيلة، فرع من قيس بن عيلان، أبوهم نمير بن عامر، ومنهم الراعي النميري، وفيهم يقول جرير أيضًا. بأي بلاء يا نمير بن عامر ... وأنتم ذُنابى لا يَدَيْن ولا صَدْر "غض" فعل أمر. "الطرف" مفعول به. "كعبا" مفعول مقدم لبلغت. المعنى: يقول لمخاطبه: طأطئ بصرك واعرف قدرك ولا تتجاوزه، وابتعدعن مبارة الكرام ومجاراتهم؛ وقف عند الحد الذي تؤهله لك صفات قومك، فإنك من قبيل نمير التي لم ترق إلى مصاف القبائل العظيمة. الشاهد: في "غض"؛ حيث جاء الإدغام، ويروى بضم الضاد وفتحها وكسرها؛ فالضم على الاتباع لضم العين، والفتح للتخفيف؛ لأن الفتحة أخف الحركات، والكسر على الأصل في التخلص من الساكنين. 1 هذا كالاستثناء من فعل الأمر المتقدم الذي جوز فيه الفك والإدغام، واستثناؤها على لغة بني تميم؛ فإنها عندهم فعل أمر غير متصرف، تلحقه علامات التأنيث والتثنية والجمع؛ نقول: هلما، هلمي، هلموا، هلمن، فالتزام الإدغام فيها على أصابهم في فعل الأمر. أما الحجازيون فيقولون: إن "هلم" اسم فعل أمر بمعنى أقبل، ولا فعل له، وتلتزم، طريقة واحدة ولا يختلف لفظها بحسب ما هي مسندة إليه. 2 وقد اختلف في تركيبها، فقال البصريون: هي مركبة من "ها" التثنية ومن"لم" التي هي فعل أمر، من قولهم: لم الله شعثك، أي: جمعه؛ كأن قيل: اجمع نفسك إلينا، فحذفت الألف من "ها" تخفيفا، وعند الكوفيين: مركبة من "هل" التي للزجر، و"أم" بمعنى اقصد، فخففت الهمزة بنقل حركتها إلى الساكن قبلها؛ وهو اللام. 3 أي: من أجل ثقلها بالتركيب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 430 ويجب الفك في "أفعل" في العجب1، نحو: أشد ببياض وجوه المتقين؛ وأجبب إلى الله تعالى بالمحسنين. وإذا سكن الحرف المدغم فيه لاتصاله بضمير الرفع2 وجب فك الإدغام3 في لغة غير بكر بن وائل، نحو: حللت، و {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ} ، {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} 4.   1 هو أيضا كالاستثناء من فعل الأمر المتقدم نظرا لصورته؛ لأنه في الحقيقة فعل ماض على صورة الأمر كما هو معروف، وإنما التزم فيه الفك محافظة على صورته وصيغته، سواء كان متصلا بالباء أم لا. وفي حكم "أفعل" في التعجب، و"هلم" يقول الناظم: وفكُّ "أفْعِل" في التَّعجّب التزم ... والتزم الإدغام أيضا في "هَلُمْ"* أي: إنه يجب فك صيغة "أفعل" في التعجب محافظة على صيغته؛ تقول: أحبب بمحمد وأشدد بعلي، فلا يجوز فيه الوجهان كفعل الأمر المتقدم، ويلتزم الإدغام في "هلم" للثقل بالتركيب، على القول بأنها فعل أمر، فهي أيضا مستثناة من فعل الأمر للسابق. 2 أي: البارز المتحرك ويشمل ذلك: تاء الضمير، وتاء ونون الإناث. 3 وذلك لتعذر الإدغام؛ لأن ما قبل الضمير البارز لا يكون ساكنا وتقدمت الإشارة لذلك، وإذا سكن لجزم أو شبه "والمراد به سكون آخر الأمر" جاز الفك وهو لغة أهل الحجاز، وجاز الإدغام وهو لغة تميم. 4 أي: أحكمنا خلقنم، [سورة سبأ الآية: 50] ، [سورة الإنسان الآية: 28] , وفي هذا الموضع الذي يعتبر شرطا من شروط وجوب الإدغام، وهو: ألا يعرض سكون ثاني المثلين؛ إما لاتصاله بضمير رفع، أو لجزم وشبهه، يقول الناظم: وفُكّ حيث مُدغم فيه سَكَن ... لكونه بمضمر الرّفع اقترن =   * "وفك" مبتدأ. "أفعل" مضاف إليه مقصود لفظه. "في التعجب" متعلق بمحذوف حال من أفعل. "التزم" فعل ماض للمجهول والجملة خبر المبتدأ. "الإدغام" نائب فاعل التزم الثاني. "أيضا" مفعول مطلق لمحذوف. "في هلم" متعلق بالتزم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 431 وقد يفك الإدغام في غير ذلك شذوذًا؛ نحو: لَحِحَت عينه1. وألِلَ السِّقاء2، أو في ضرورة، كقوله: الحمد لله العليّ الأجلل ... الواسع الفضل الوهوب المُجْزل3   = نحو حللت ما حللته وفي ... جزم وشبه الجزم تخيير قُفِي* أي: يجب فك الفعل المدغم عينه ولامه، وسكن آخره، لاقترانه بضمير رفع نحو: حللت، وإذا سكن بسبب دخول جازم، أو شبهه كسكون الآخر في الأمر جاز الفك، وجاز الإدغام، والأفصح الفك. هذا: وإذا اتصل بآخر الفعل المدغم من المجزوم وشبهه. "ها" الغائبة، وجب فتحه نحو: ردها ولم يردها، وإن كان "ها" الغائب وجب ضمه نحو: رده ولم يرده، وإن اتصل بآخره ساكن، كسر للتخلص من الساكنين نحو: رد القوم، وبعضهم يفتحه للتخفيف، وحكى ضمه اتباعا، وإن لم يتصل الفعل بشيء من ذلك جاز فيه الفتح مطلقًا، كرد وفر وعض: والكسر مطلقا، والاتباع لحركة الفاء. 1 أي: لصقت بالرمص، وهو سخ جامد يجتمع في الموق، فإن كان سائلا فهو عمص. 2 أي: تغيرت رائحته، وكذلك الأسنان إذا فسدت، والأذن إذا رقت. 3 بيت من الرجز للفضل بن قدامة؛ المعروف بأبي النجم العجلي، الراجز المشهور، وهو مما يستشهد به علماء البلاغة على عدم فصاحة الكلام، بسبب مخالفة بعض مفرداته للمشهور من اللغة. اللغة والإعراب: العلي: صفة، من العلو، بمعنى علو الشأن وسموه. الأجلل: الأجل=   * "وفك" فعل أمر حذف مفعوله؛ أي: أول المثلين، أو ماض للمجهول ونائب فاعله يعود لذلك المحذوف حيث ظرف مكان متعلق بفك. "مدغم" مبتدأ. "فيه" متعلق به على أنه نائب فاعل؛ لأنه اسم مفعول. "سكن" فعل ماض والجملة خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر في محل جر بإضافة حيث إليها. "لكونه" متعلق فك من إضافة الكون الناقص إلى اسمه، وهو عله لكن. "بمضمر الرفع" بمضمر متعلق الواقع خبرا للكون الناقص والرفع مضاف لقول إليه. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "حللت ما حللته" مضاف إليه مقصود لفظه أو نحو مضاف لقول محذوف، وما بعده مقول القول. "وفي جزم" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "وشبه الجزم" وشبه معطوف عليه والجزم مضاف إليه. "تخيير" مبتدأ مؤخر، وجملة "قفي" نعت لتخيير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 432 . ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = الأعظم الواسع الفضل: الكثير العطاء والإحسان: الوهوب: صيغة مبالغة من الهبة؛ أي: العظيم الهبات. "المجزل" اسم فاعل من أجزل العطاء إذا أكثر منه، والجزيل: العظيم "الحمد" مبتدأ. "لله" متعلق بمحذوف خبر. "العلي الأجلل" صفتان للفظ الجلالة، وكذلك ما بعده. الشاهد: في "الأجلل" حيث لم يدغم، والقياس فيه الأجل بالإدغام ولكن الضرورة الشعرية ألجأته لذلك. المعنى: بمحمد الله سبحانه، وهو الرفيع الشأن الأعظم من كل شيء الذي عم فضله وعطاؤه الجم جميع المخلوقات، وهذا حسن ختام من المصنف، يوحي بما أفاض الله عليه من توفيق وهداية لهذا السفر الجليل، نفع الله به؛ وغفر لنا وله، ووفقنا إلى ما فيه الخير والنفع العام؛ إنه سميع مجيب. ملحوظة: كثر في باب الإبدال وما بعده مخالفة ابن هشام للناظم في ترتيب الموضوعات وبعض المسائل والفروع، وضم بعضها إلى بعض؛ فجاء الاستشهاد بالألفية غير منتظم على الترتيب المعهود في الأبيات وفي الفصول، وقد كان ذلك نادرا فيما سبق قبل. فأرجو أن يفهم ذلك ويتدبر. خاتمة: إذا التقي ساكنان، وجب التخلص منهما بحذف الأول في ثلاثة مواضع: الموضع الأول: أن يكون أول الساكنين مدة، ويجب حذفها لفظا وخطأ: إن كان الساكن الثاني من كلمة الأولى؛ كخف وقل وبع، أو كجزء منها كما في المعتل اللام؛ إذا أسند لواو الجماعة أو ياء المخاطبة نحو: تغزن وترمن، وتحذف لفظا فقط إن كانا كلمتين نحو: يخشى القوم، {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ} ، {وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ} ، وإن لم يكن أولهما مدة وجب تحريكه إلا في. الموضع الثاني: هو أن يكون أول الساكنين نون التوكيد الخفيفة، فإنها تحذف إذا وليها ساكن للفرق بينها وبين التنوين نحو: لا تهين الفقر. الموضع الثالث: تنوين العلم الموصوف بابن، مضافا إلى علم، نحو: علي بن أبي= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 433 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = طالب، فإن لم يكن لفظ "ابن" صفة أو لم يضف إلى علم لم يحذف التنوين. ويتخلص من الساكنين في غير ما تقدم؛ بالتحريك. والتحريك؛ إما بالكسر على أصل التخلص من التقاء الساكنين وهو الأكثر. وإما بالضم، ويجب في: أ- أمر المضعف المتصل به هاء الغائب، ومضارعه المجزوم كما مر، نحو: رده ولم يرده, والكوفيون يجيزون فيه أيضا: الفتح، والكسر. ب- في ميم جماعة الذكور المتصلة بالضمير المضموم قبلها نحو: {لَهُمُ الْبُشْرَى} ، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} فإن اتصلت بضمير مكسور جاز الضم والكسر. وإما بالفتح ويجب في أربعة مواضع: أ- نون "من" الجارة إذا دخلت على ما فيه أل، نحو: من الله، من الكتاب فإن كان الساكن غير أل، كثر الكسر نحو: من ابنك. ب, جـ- أمر المضاعف المضموم العين، ومضارعه المجزوم مع ضمير الغائبة نحو: ردها، ولم يردها. د تاء التأنيث إذا وليها ألف اثنين نحو: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} ويغتفر التقاء الساكنين في ثلاثة مواضع. أ- إذا كان أول الساكنين حرف لين أو ياء تصغير، وثانيهما حرف مدغم في مثله، وهما في كلمة واحدة نحو: دابة وخويصة "تصغير خاصة"، ولا الضالين. ب- الكلمات المسرودة نحو: قاف، ميمم، نون، وذلك لجريانها مجرى الموقوف عليها. جـ- الكلمات الموقوف عليها؛ نحو: بكر، ثوب، قال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 434 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   الأسئلة والتمرينات: 1 عرف الإعلال بالنقل، واذكر شروطه، ومواضعه، ووضح ما تقول بالأمثلة. 2 اذكر المواضع التي يمتنع فيها النقل، ومثل. ثم بين سبب الشذوذ في الكلمات الآتية: مدين، جدول، استحواذ، استروح، مكيال، أسود، أسود, منائر، نيام. 3 هات من الأفعال الآتية: اسمى الفاعل والمفعول، والمصدر الميمي، واسم الآلة، وبين وزنها، وما حدث فيها من إعلال وسببه. باع، رأى، رقى، كال، محا، أضاع. متى تقلب عين "أفعل" و"افتعل" إذا كانا معتل العين "أجوفين" ألفا؟ ومتى تسلم؟ وضح ما تذكر بالمثال. 5 اشرح قول ابن مالك: وما لإفعال من الحذف ومن نقل فمفعول به أيضا قمن 6 متى تحذف فاء المثال من الفعل المضارع؟ ومن المصدر؟ اذكر شروط ذلك وضح بالأمثلة، واستشهد بقول الناظم. 7 هات المضارع والأمر من الأفعال الآتية، بين ما يحدث فيها من تغيير وسببه. وفي، ولي، وثب، وجل، لوي، نام، استشار. 8 ما حكم التاءين الزائدتين في المضارع وفي الماضي؟ من حيث الإظهار، والإدغام؟ وضح بالأمثلة. 9 اشرح حكم الفعل المضعف من الماضي والمضارع والأمر عند الإسناد إلى الضمير المتحرك، موضحا ذلك بالأمثلة. 10 فيما يأتي: شواهد لبعض مسائل هذا الباب، وضح موضع الشاهد وبين ما حدث فيه من تغيير إن كان. قال -تعالى: {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} . {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} . {أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا} .= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 435 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ} . {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} . {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} . {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا} . {وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} . {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} . {فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} . {أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} . {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} . {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى, أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} . {وَمَنْ يُشَاقَّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} . {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ} . {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} . {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} . وقال نبي المسلمين تقدموا ... وأحبب إلينا أن تكون المقدما ولا يحركني بغض ولا مِقة ... ولا تريق همومي دفع أقلامي وإن شفائي عبرة مهراقة ... فهل عند رسم دارس من معول 11 بين ما في الكلمات الآتية من إعلال، ووضح السبب. مغيث، طوبى، مصفاة، أوائل، مرضى، موسر، استقامة. 12 بين فيما يأتي: ما فيه إعلال من الكلمات، ووضحه واذكر السبب. كان عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين، مهيب الطلعة محشي الجانب، آمن في الأيام الأولى من الدعوة الإسلامية، وقد اشترك مع الرسول في جميع الغزوات وكان يلبس= الجزء: 4 ¦ الصفحة: 436 .. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...   = الخشن من الثياب مع قدرته على ارتداء الديباج، تولى الخلافة في العام الثالث عشر من الهجرة؛ وكانت رحى الحرب دائرة بين العرب والروم في الشام، وحضر فتح القدس، واستيلاء عمرو بن العاص على فلسطين, وهو أول من أنشأ الديوان لإدارة أعمال البلاد، ووضح التأريخ الإسلامي مبتدئا من أول سنة قمرية بعد الهجرة، وجعل الخلافة بعده شورى، ويعد المثل الأعلى للحاكم العادل، وقد دام حكمه عشر سنوات وتسعة أشهر وتوفي لثلاث ليالٍ بقين من ذي الحجة سنة 23 هـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 437 فهرس موضوعات الجزء الرابع: من كتاب "ضياء السالك إلى أوضح المسالك" الصفحة الموضوع 3 باب إعراب الفعل 3 نواصب الفعل المضارع أربعة 3 أحدها "ل" معناها 4 الثاني "كي" المصدرية، الفرق بينها وبين التعليلية 6 الثالث "أن" 7 حكم المفسرة والزائدة والمخففة 11 الرابع "إذن" شروط إعمالها 15 "فصل" في مواضع النصب بأن مضمرة وجوبا 31 "فصل" في مواضع النصب بأن مضمرة جوازا 36 "فصل" الجوازم التي تجزم فعلا واحدا وهي أربعة 36 "لا" الطلبية 39 اللام الطلبية، "لم"، "لما" 41 الجوازم التي تجزم فعلين، وأنواعها 45 كيفية إعراب أسماء الشرط والاستفهام 46 "فصل" في مواضع وجوب الفاء في جواب الشرط 49 إغناء "إذا" الفجائية عن الفاء 51 "فصل" في العطف على جملتي الشرط والجواب 53 "فصل" في حذف ما يعلم من شرط أو جواب 54 حكم ما إذا اجتمع شرط وجواب 59 الأسئلة والتمرينات 62 "فصل" في "لو" 62 أنواعها 70 "فصل" في "أما" 70 معناها. حكمها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 439 الصفحة الموضوع 76 "فصل" في لولا، ولوما 76 معناهما، حكمهما 78 "تنبيه" في أدوات الشرط التي لا تجزم 79 "خاتمة" في الجمل وأقسامها، وموقعها من الإعراب 82 الأسئلة والتمرينات 84 باب الإخبار بالذي والألف واللام 84 معناه، الغرض منه، قد يؤتى به لأغراض أخرى 85 "الفصل الأول" في بيان حقيقته والعمل فيه 88 "الفصل الثاني" في شروط ما يخبر عنه، إن كان الإخبار بالذي أو أحد فروعه 88 شروطه؛ إنكان الإخبار بالألف واللام 94 "فصل" في الضمير المرفوع بصلة "أل" 95 "خاتمة" في الإخبار عن اسم كان بالذي وفروعه 96 الأسئلة والتمرينات 97 باب العدد 97 معنى العدد. حكم مميز الواحد والاثنين 99 "فصل" في حكم مميز الثلاثة والعشرة وما بينهما 103 "فصل" في الأعداد التي تضاف للمعدود 103 وهي نوعان: الثلاثة والعشرة وما بينهما 105 المائة والألف 106 "فصل" حكم الأعداد التي تجاوز العشرة 111 حكم العدد المركب غير اثنى عشر واثنتي عشرة 113 "خلاصة" في استعمال ألفاظ العدد 114 "فصل" في صوغ اسم فاعل من اثنين وعشرة وما فيهما، ويأتي على سبعة أوجه 122 الخلاصة في استعمال فاعل؛ كثاني اثنين 123 "فائدة" في التاريخ بالليالي، وحكمه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 440 الصفحة الموضوع 124 "تتمة" في ضبط شين عشرة 125 باب كنايات العدد 126 "كم"، وأقسامها، وحكم كل قسم 130 "كأين" ومعناها وحكمها حاصل 130 إعراب "كم" 131 الفرق بين "كم" و"كأين" 131 "كذا" معناها، حكمها 132 "تتمة" في الكناية عن الحديث إعراب بعض التراكيب 133 الأسئلة والتمرينات 135 باب الحكاية 135 معنى الحكاية: أنواعها، حكاية الجملة، وحكاية المفرد 138 حكاية حال المفرد "بأي" و"من" 143 الفرق بين: من، وأي 143 حكاية العلم، شروط ذلك 144 الأسئلة والتمرينات 145 باب التأنيث 145 التأنيث فرع التذكير لماذا؟ علامات التأنيث 147 "فصل" لا تدخل تاء التأنيث في خمسة أوزان 150 لمعاني التي تأتي لها التاء 152 "فصل" في الأوزان المشهورة لألف التأنيث المقصورة 156 المشهور من أوزان الممدود 159 بعض الأوزان غير ما ذكر 159 "تنبيه" ألفاظ يجوز فيها التذكير والتأنيث 160 باب المقصور والممدود 160 تعريف: المقصور, الممدود, المنقوص الجزء: 4 ¦ الصفحة: 441 الصفحة الموضوع 161 أمثلة المقصور القياسي 164 أمثلة الممدود القياسي 166 المقصور والممدود السماعيان 167 "مسألة" في قصر الممدود, ومد المقصور 169 باب كيفية التثنية 169 الاسم على خمسة: الصحيح، المنزل منزلته، المعتل، المنقوص، تثنيتها 169 تثنية المعتل المقصور 172 تثنية الممدود 174 "تنبيه" في تنبيه المحذوف اللام 175 باب كيفية جمع الاسم جمع المذكر السالم 176 باب كيفية جمع الاسم جمع المؤنث 177 "فصل" في حركة عين الجمع بالنسبة للمفرد 181 الأنواع التي يمتنع فيها التغيير لحركة العين 184 الأسئلة والتمرينات 186 هذا باب جمع التكسير 186 تعريف عدد أبنية جمع القلة والكثرة 187 أغلب جموع التكسير سماعي 187 قرار المجمع اللغوي في ذلك 188 قد يستغنى ببعض أبنية القلة عن الكثرة والعكس 188 الأول من أبنية القلة "أفعل" بضم العين 191 الثاني "أفعال" وما يطرد فيه 194 الثالث "أفعله" 194 الرابع "فعله" بكسر الفاء وسكون العين 195 الأول من أبنية الكثرة "فعل" بضم أوله وسكون ثانية 195 الثاني "فعل" بضمتين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 442 الصفحة الموضوع 197 الثالث "فعل" بضم أوله وفتح ثانيه 198 الرابع "فعل" بكسر أوله وفتح ثانيه 199 الخامس "فعلة بضم أوله وفتح ثانيه 199 السادس "فعلة" بفتحتين 200 السابع "فعلى" بفتح أوله وسكون ثانيه 201 التاسع "فُعّل" بضم أوله وتشديد ثانيه 202 العاشر "فعال" بضم أوله وتشديد ثانيه 203 الحادي عشر "فعال" بكسر أوله وفتح ثانيه 205 الثاني عشر "فعول" بضمتين 208 الثالث عشر "فعلان" بكسر أوله وسكون ثانيه 209 الرابع عشر "فعلان" بضم أوله وسكون ثانيه 209 الخامس عشر "فعلان" بضم أوله وفتح ثانيه 210 السادس عشر "أعلاء" بكسر ثالثه 210 السابع عشر "فواعل" 212 الثامن عشر "فعائل" 213 التاسع عشر "فعالى" بفتح أوله وكسر رابعه 214 العشرون "فعالى" بفتح أوله ورابعه 214 الحادي والعشرون "فعالى" بالتشديد 215 الثاني والعشرون "فعالل" 219 الثالث والعشرون "شبه فعالل" 222 "تتمة" في شوارد هامة تتعلق بالجموع 226 الأسئلة والتمرينات 228 باب التصغير 228 معناه, أغراضه, فائدته 229 أبنيته، شروطها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 443 الصفحة الموضوع 230 ما يتوصل به إلى أبنيته 234 "فصل" فيما يستثنى من كسر ما بعد ياء التصغير 235 "فصل" فيما يستثنى من الحذف للتصغير 237 "فصل" في حكم ألف التأنيث عند التصغير 238 "فصل" في حكم تصغير ما ثانيه لين 240 "فصل" في حكم تصغير ما حذف أحد أصوله 243 "فصل" في تصغير الترخيم 244 "فصل" في لحق تاء التأنيث للعاري منها 246 "فصل" فيما يصغر من غير المتمكن 249 "فوائد" 249 1- في تصغير الجمع، واسم الجمع، واسم الجنس 249 2- في ألفاظ مكبرة وردت على صورة المصغرة والعكس 250 الأسئلة والتمرينات 251 نموذج 252 باب النسب 252 تعريفه، ما يحدث بسببه من تغيير 261 الأشياء المتصلة بالآخر التي تحذف لأجله 265 "فصل" في حكم همزة الممدود عند النسب 265 "فصل" في النسبة إلى المركب 266 "تتمة" في أشياء هامة 267 "فصل" في النسب إلى ما حذفت لامه 273 في النسب إلى ثنائي الوضع المسمى به المعتل الثاني 274 "فصل" في النسب إلى الكلمة الدالة على جماعة 275 "فصل" في الاستغناء عن ياء النسب بصوغ المنسوب إليه على وزن 275 خاص قرار المجمع اللغوي في صيغة "فعال" 278 "فصل" في شواذ النسب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 444 الصفحة الموضوع 279 الأسئلة والتمرينات 281 نموذج 282 باب بالوقف 282 تعريفه. أنواعه: الوقف على منون 283 الوقوف على "إذا" 284 الوقف على "هاء الضمير" 285 الوقف على "المنقوص" 287 "فصل" في الوقف على المتحرك الذي ليس هاء تأنيث 291 "فصل" في الوقف على تاء التأنيث 294 "فصل" في الوقف بهاء السكت، مواضعها 300 "مسألة" قد يعطي الوصل حكم الوقف 302 الأسئلة والتمرينات 304 هذا باب الإمالة 305 تعريفها. حكمها 305 أسبابها. ثمانية 310 موانع الإمالة ثمانية أيضًا 313 "مسألة" الفرق بين تأثير المانع وتأثير السبب 316 "فصل" تمال الفتحة قبل حرف من ثلاثة 320 الأسئلة والتمرينات 321 باب التصريف 321 تعريفه، أغراضه، ما يدخله من أنواع الكلمة 322 "فصل" في تقسيم الاسم إلى مجرد ومزيد 323 أبنية الثلاثي المجرد 325 أبنية الرباعي المجرد 326 أبنية الخماسي المجرد 328 "فصل" في تقسيم الفعل إلى مجرد ومزيد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 445 الصفحة الموضوع 329 "فصل" في كيفية الوزن 332 "فصل" فيما تعرف به الأصول من الزوائد 335 شروط زيادة الألف 335 شروط زيادة الواو والياء 336 شروط زيادة الميم 337 شروط زيادة الوصل 338 شروط زيادة النون 339 شروط زيادة التاء 340 شروط زيادة السين والهاء واللام 343 "فصل" في زيادة همزة الوصل 343 تعريفها، مواضعها، أدلة الزيادة 346 "مسألة" لهمزة الوصل بالنسبة لحركتها سبع حالات 347 "مسألة" في حذف همزة الوصل وإبدالها ألفًا 350 ... ... ... ... ... ... 351 الأسئلة والتمرينات 352 نموذج 352 باب الإبدال 353 تعريف: الإبدال، القلب، الإعلال، العوض 355 أحرف الإبدال 361 "فصل" في إبدال الهمزة من الواو والياء، وذلك في أربع مسائل 362 "مسألة" خاصة بالواو 367 "فصل" في إبدال الواو والياء من الهمزة 368 باب الهمزتين الملتقيتين في كلمة 369 حكم ما إذا كانت الأولى متحركة والثانية ساكنة 373 حكم ما إذا كانتا متحركتين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 446 الصفحة الموضوع 373 "فصل" في إبدال الياء من الألف والواو 373 إبدالها من الألف في مسألتين 373 وإبدالها من الواو في عشر مسائل 387 "فصل" في إبدال الواو من الألف والياء 387 إبدالها من الألف في مسألة واحدة 387 وإبدالها من الياء في أربع مسائل 392 "فصل" في إبدال الألف من الواو والياء 399 "فصل" في إبدال التاء من الواو والياء 401 "فصل" في إبدال الطاء 402 "فصل" في إبدال الدال 404 "فصل" في إبدال الميم 406 الأسئلة والتمرينات 408 نموذج 410 باب نقل حركة الحرف المتحرك المعتل إلى الساكن الصحيح قبله 417 "باب الحذف" وفيه ثلاث مسائل 418 1- إحداها تتعلق بالحرف الزائد 421 2- الثانية تتعلق بفاء الفعل 423 3- الثالثة تتعلق بعين الفعل 423 باب الإدغام 423 وجوب إدغام أول المتحركين بشروط، والجواز في ثلاث صور 427 جواز الوجهين في ثلاث مسائل أخر 430 التزام الإدغام في "هلم" الفك في "أفعل التعجب" 433 "ملحوظة" في مخالفة ابن هشام للناظم في الترتيب 433 "خاتمة" في التخلص من التقاء الساكنين, مواضع التقاء الساكنين 435 الأسئلة والتمرينات الجزء: 4 ¦ الصفحة: 447 فهرس بأسماء النحاة والقراءة الذين وردت أسماؤهم بهذا الجزء ... فهرس بأسماء النحاة والقراء الذين وردت أسماؤهم بهذا الجزء: الصفحة الاسم 7 ابن محيصن، من القراء 152 ابن قتيبة 158 ابن سيده، وكتابه المحكم 239 الزجاج، الفارسي 270 يونس بن حبيب 292 البزي 314 المقرب، لابن عصفور 324 أبو السمال، من القراء 346 التكملة والإيضاح، لأبي علي الفارسي 347 التسهيل، لابن مالك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 448