الكتاب: كنوز الذهب في تاريخ حلب المؤلف: أحمد بن إبراهيم بن محمد بن خليل، موفق الدين، أبو ذر سبط ابن العجمي (المتوفى: 884هـ) الناشر: دار القلم، حلب الطبعة: الأولى، 1417 هـ عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- كنوز الذهب فى تاريخ حلب سِبْط ابن العَجَمي، موفق الدين الكتاب: كنوز الذهب في تاريخ حلب المؤلف: أحمد بن إبراهيم بن محمد بن خليل، موفق الدين، أبو ذر سبط ابن العجمي (المتوفى: 884هـ) الناشر: دار القلم، حلب الطبعة: الأولى، 1417 هـ عدد الأجزاء: 2   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] سبط بن العجمي الحلبي أحمد بن إبراهيم بن محمد بن خليل الحلبي الطرابلسي الشافعي المعروف بسبط بن العجمي. ولد في ليلة الجمعة تاسع صفر سنة 818 هـ. وقد نهل من مختلف العلوم والفنون كالفقه والحديث والأدب والتاريخ وصنف في كل منها مما أهله ليكون قاضياً، فشيخاً للشيوخ، وشيخاً للإسلام ولا غرو أن يصفه ابن حجر بالإمام. مشايخه أخذ العلم عن أبيه وعن مشايخ عصره وأعلام زمانه، منهم: إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي، ابن حجر العسقلاني، العلاء بن خطيب الناصرية، ابن طحان، عائشة ابنة ابن الشرائحي، عبد الرحمن بن أبي بكر بن داود الشامي، الشمس الملطي، ابن الفخر المصري، ابن فهد، سراج الدين الحمصي وغيرهم. تلامذته وتتلمذ على يديه كثير من أبناء عصره منهم: إبراهيم بن أحمد الكردي القصري، شهاب الدين أحمد بن أحمد الحاضري، الشيخ أبو بكر بن محمد الحيشي، عبد الرزاق بن محمد الحسن الكيلاني وغيرهم. آثاره وأما مؤلفاته فهي عديدة، لكن أغلبها مفقود، منها: أوفى الوافية في شرح الكافية، مبهمات البخاري، شرح الشفاء (الشفا في تعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض) ، عروس الأفراح فيما يقال في الراح، عقد الدرر واللآل فيما يقال في السلسال، قرة العين في فضائل الشيخين والصهرين والسبطين، كنوز الذهب في تاريخ حلب وغيرها. وفاته توفي سبط بن العجمي في سنة 884 هـ. [ الجزء الاول ] المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم حلب من أقدم مدن العالم إن لم تكن أقدمها. فتاريخها يرجع إلى قرون عديدة خلت قبل الميلاد. وتحت تلالها المعروفة كتلة السوداء والعقبة والجبيلة والقلعة تكمن كثير من الأوابد والكهوف والمغر والسراديب التي تشير بمجموعها الى ماض موغل في القدم. ولا تزال تحظى بعناية المؤرخين والدارسين ففي مختلف الأوقات نسمع عن كتاب صدر مؤرخا لها ليضاف إلى هذه السلسلة والتي تبدأ من القرن الخامس وحتى عصرنا الحالي، كل يزيد على من سبقه بتسلسل زمني. والكتاب الذي نقدمه الآن حلقة من حلقات تلك السلسلة. لقد ذيل فيه مؤلفه سبط بن العجمي على شيخه ابن خطيب الناصرية في تاريخه (الدر المنتخب في تاريخ حلب) ، والذي هو بدوره ذيلا لتاريخ ابن العديم (بغية الطلب في تاريخ حلب) . وقد سرد فيه أحداثا عاصرها وكان له اليد الطولى في بعضها لمكانته آنذاك. وتبرز أهمية هذا التاريخ وقيمته العلمية أمام الباحثين لأن صاحبه كان شاهد عصر، وراصدا لأحداثه ومدوّنا لأخباره عن كثب. فقدّم بذلك ما لا نجده عند غيره حول هذه الفترة. ثم إن كنوز الذهب من أوائل الكتب التي تناولت بعد ابن شداد تاريخ المعالم الإسلامية بحلب (كالجوامع والمساجد والمدارس والربط والمارستانات والخوانك ... ) فقد نقل ما كتبه ابن شداد وأضاف عليه حتى عصره وبتفصيل دقيق، فكان لكتابه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 من القيمة العلمية مالا يستغني عنه أي باحث لتاريخ المنطقة سيما المعالم. وبذلك كان من موارد ابن الحنبلي والطباخ والغزي وبيشوف وطلس .... ومما يؤسف له هو أن هذا السفر الخالد لم يبق منه في العالم سوى نسختين غير كاملتين أصابهما كل أنواع أعذار المخطوطات. حتى النسخة التي اعتبرناها النسخة الأم وصفها أحد الدارسين في فهرس المكتبة حيث توجد: «ذهبت الفائدة العلمية منها» (انظر مقدمة التحقيق) . وقد آلينا على أنفسنا ألّا نترك هذا السفر الخالد مهملا في زوايا المكاتب وبالرغم من الصعوبات الكثيرة قمنا بجمع أشتاته ورممنا ما استطعنا منه وأضفنا كحواش ما تمكنا من جمعه من موارد المؤلف، وأردفنا الكتاب بملاحق بغية إتمام الفائدة علّ الكتاب يخرج أقرب ما يكون لمتناول يد الباحث والقارئ، مشيرين إلى ذلك في الحواشي وبما لا يؤثر على المتن. فليعذرنا القارئ المتثبت وليقدّر غيرتنا على كشف كنوزنا التراثية العديدة. وكلنا أمل أن تظهر للوجود نسخ أخرى خطية من الكتاب علنا في طبعة ثانية نقدم للباحثين والقراء كتاب كنوز الذهب كما أراد له أن يكون مؤلفه سبط بن العجمي. والله من وراء القصد. 22/جمادى الآخر/ 1415 25/ت 2/1996 المحققان شوقي شعث فالح البكور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 سلاسل التواريخ حول حلب 1- تاريخ حمدان الأثاربي: تأليف: أبو الفوارس حمدان بن عبد الرحيم الأثاربي، الحلبي: ولد عام 483 هـ. كان طبيبا مؤرخا، أديبا، له شعر. عاش أيام الحملات الصليبية في عهد طغتكين- صاحب دمشق- زار مصر ودمشق وبغداد. له العديد من الكتب. ضمن تاريخه أخبار الفرنج وأيامهم وخروجهم إلى الشام. توفي نحو عام 520 هـ «1» . عرف كتابه باسم «القوت «2» » ؛ ويرى بعضهم أن الصواب «المفوف «3» » . وما كتب ليس إلا تصحيفا. وهو أول كتاب في تاريخ حلب والكتاب بحكم المفقود. 2- تاريخ العظيمي: تأليف: أبو عبد الله محمد بن علي التنوخي الحلبي- المعروف بالعظيمي- ولد في حلب عام 483 هـ وتوفي عام 556 هـ. كان شاعرا، فصيحا، بليغا. وكان معلما للصبيان بحلب، سافر إلى دمشق وامتدح لشعره. وسمع الحديث. له تآليف عديدة كانت موارد لعدد من المؤرخين «4» . والكتاب، تاريخ عام بدأه مؤلفه منذ آدم عليه السلام وحتى سنة 532 هـ. وقال حاجي خليفة: «هناك تاريخ عام، وآخر عن حلب من وضع العظيمي «5» » . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 خ: نسخة في مكتبة «قرا مصطفى باشا المرزيفولي» برقم: 398 محفوظة في مكتبة: «بايزيد» في استانبول «219 ورقة» ، خط نسخي، نسخ عام 633 «1» هـ. ط: عرّف به المرحوم الأستاذ عباس العزاوي في صفحات مجلة مجمع اللغة العربية (م 1805: ص 200) . ونشر قطعة منه المستشرق الفرنسي كلود كاهن عام 1938 «2» . ثم طبع بتحقيق إبراهيم زعرور. وصدر بدمشق عام 1984 لكن المطبوع تاريخ على شكل حوليات لبلاد العرب وليس لحلب فقط. وعنوانه: «تاريخ مملكة حلب» . وتنتهي أحداثه عام 532 هـ، مع مقدمة تاريخية. 3- معادن الذهب (أو سلاسل الذهب) في تاريخ حلب: تأليف: يحيى بن حميدة الغساني، الحلبي- الشهير بابن أبي طيء- المتوفى عام 630 هـ. كان عالما بالأدب، مؤرخا. له العديد من التآليف «3» . 4- بغية الطلب في تاريخ حلب: تأليف: كمال الدين أبي القاسم عمر بن أبي حرادة- المعروف بابن العديم- أعظم مؤرخ أرّخ لحلب وما حولها. نبغ في الأدب والتاريخ والحديث. والخط. وله العديد من المؤلفات ضاع كثير منها. وهو سليل أسرة حلبية عرفت بالعلم توفي عام 660 «4» هـ. يعدّ الكتاب من أعظم ما أرّخ لمدينة. كتاريخ معلمه ابن عساكر لدمشق. وقد رتبه على أحرف الهجاء في ثلاثين أو أربعين مجلدا- كما قيل- ويعتبر مصدرا أساسا لتاريخ بلاد الشام جنوبا وشمالا ثم تاريخا للإسلام بشكل عام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 وهو مفقود لم يبق منه إلا أجزاء متفرقة منها: خ «1» : استانبول- مكتبة أحمد الثالث- 8 مجلدات، رقم: 2925 ويرى فؤاد سزكين أنها بخط المؤلف. مع باقي مجلدات تركيا. وغيرها نسخ عنها. - استانبول- مكتبة أيا صوفيا- برقم 3036. وتقع في 525 ص مخرومة الطرفين بخط حسن، لها صورة في دار الكتب في القاهرة برقم: ثان: 5/58. - استانبول- مكتبة فيض الله- برقم 1404. - باريس- مكتبة الأمة- مجلدان، رقمهما «2138» . بدأ بترجمة اسحاق بن منصور ولم يتمّه فأتمه أمين بن عبد الله الأموي. وتاريخ نسخهما منذ حوالي 500 سنة. لهما صورة في معهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية بالقاهرة برقم: 286. - الموصل- مكتبة داود حلبي- برقم: 121/15. مجلدان ثانيهما بخط المؤلف. - جزء في المتحف البريطاني- لوندرة- برقم: أول/ 1290. لها صورة في معهد التراث العلمي العربي بحلب رقمها 1759. - باريس- فصلة- أخرى ترجمها ابلوش للفرنسية. وطبعت بباريس عام 1900 مطبعة ليرو في 255 ص ويضم تراجم من عام 540 هـ وحتى 640 هـ. أولها ترجمة نور الدين الشهيد. وآخرها ترجمة جمال الدولة إقبال الخاتوني. ط: المجلد: طبع بالتصوير عن مخطوطة آيا صوفيا- تقديم د. فؤاد سزكين وصدر عن معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية- جامعة فرانكفورت- 1406 هـ. ويرى أن مجلدات تركيا العشر تحوى ثلث الكتاب. وباقي المخطوطات نسخت عنها «2» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 والمجلد الأول: مخروم من بدايته ويقع في 591 ص معظمه حول جغرافية المدينة وأعمالها. وأخيرا قام بتحقيق عدة أجزاء متوفرة منه الدكتور سهيل زكار وصدر بدمشق. وقد اختصره في كتاب دعاه: 5- زبدة الحلب في تاريخ حلب: (وفي كشف الظنون: زبدة الطلب «1» . وفيه سرد للأحوال السياسية منذ فتح حلب على يد المسلمين وحتى عام 643 هـ. مع مقدمة عن اسم حلب وأصله. خ «2» : باريس- مكتبة الأمة- برقم 1666 وتقع في 268 ق. وقد ترجمت إلى الفرنسية وصدرت في باريس عام 1896. - قطعة منه في المكتبة الخديوية- سابقا- نشرت في مجلة الشرق اللاتيني. - نسخة ثانية في لينينغراد (بطرسبيرج حاليا) برقم 160 (مجموعة دوسو) . في 119 ق نسخ عام 863 هـ. ط: في ثلاثة أجزاء بتحقيق د. سامي الدهان وصدر عن المعهد الفرنسي للآداب العربية بدمشق في الأعوام: 1951، 1954، 1968 «3» . وللزبدة مختصرات: 6- الزبد والضرب في تاريخ حلب: تأليف: رضي الدين محمد بن الحنبلي- صاحب الحبب- المتوفى عام 971 هـ. الشيخ الإمام المدقق الفهامة. نبغ في الحفظ. والحديث. والعديد من الفنون ونظم الشعر. له كثير من المصنفات. توفي عام 971 هـ «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 وكتابه اختصر فيه زبدة الحلب. ثم أضاف العديد من الحوادث فيما بعد ابن العديم وحتى عصره. مع بعض الفوائد. خ «1» : نسخة بطرسبرج- روسيا- برقم: 203/ثاني. مع تكملة. - نسخة المتحف البريطاني برقم: 334/أول- أو 9975. لها صورة في معهد التراث العلمي بحلب رقمها «1762» . - نسخة المدينة المنورة- مكتبة عارف حكمت- ضمن مجموع رقمه: «59» . تنتهي حوادث هذه النسخة عام 641 هـ. تاريخ النسخ عام 951 هـ. ط: ط 1: بتحقيق د. محمد التونجي في 67 ص. وصدر في الكويت عام 1409 هـ عن مركز التراث والمخطوطات والوثائق. 7- حضرة النديم من تاريخ ابن العديم: تأليف: الشيخ حسن بن عمر بن حبيب، بدر الدين- المعروف بابن حبيب الحلبي- المولود عام 710 هـ. له العديد من المؤلفات منها «درة الأسلاك في دولة الأتراك» و «نسيم الصبا» . وغيرها كثير. توفي عام 779 «2» هـ. خ: إحدى نسخه الخطية في جامعة الموصل برقم: «5/17 «3» » . وهناك كتاب يحمل الاسم نفسه ألفه ولده طاهر بن حسن بن عمر «4» .... 8- اليواقيت والضرب في تاريخ حلب: منسوب إلى إسماعيل أبي الفداء (؟) . علّه الملك المؤيد صاحب حماة المتوفى عام 732 هـ صاحب التاريخ المعروف: «المختصر في تاريخ البشر» . وكتاب: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 «تقويم البلدان» . والكتاب منتزع من الزبدة لأحداث ما قبل الإسلام. وحتى عام 405 هـ وباختصار لا يذكر «1» . خ «2» : نسخة فريدة في العالم من محفوظات مكتبة بودليانا- جامعة اكسفورد في بريطانيا وبرقم: 836- 36. لها صورة في معهد التراث بجامعة حلب- برقم: 145. ط: بتحقيق: محمد كمال وفالح البكور وصدر عن دار القلم العربي بحلب عام 1410 هـ ويقع في 185 ص. 9- تحف الأنباء في تاريخ حلب الشهباء: تأليف: الدكتور تيودور بيشوف الجرماني. كان طبيبا للجالية الإنكليزية بحلب في أواخر القرن الماضي ويروي بعضهم عن من رآه وهو يجمع المعلومات عن أوابد حلب «3» . الكتاب مأخوذ عن الزبدة، لكن مع كثير من الإضافات لفترة ما قبل الإسلام ثم لأحداث ما بعد ابن العديم مأخوذة عن النجوم الزاهرة وغيرها. وحتى بداية العهد العثماني. مع ملاحق لقراءات أخذها عما كتب على أوابد حلب الإسلامية «4» . وبرأينا أن الكتاب عمل طيب (- في بداية هذا العصر- كتاريخ لمدينة حلب) قام به بيشوف. وبالرغم من جميع ما انتقد به. ط: الطبعة الأولى طبعت في المطبعة الأدبية عام 1880 م. بيروت. الطبعة الثانية صدرت بتحقيق د. شوقي شعث وفالح البكور وصدرت في دمشق عام 1412 هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 وللزبدة ذيول منها: 10- الدر المنتخب في تاريخ حلب: تأليف: علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن سعد الطائي الجبريني ثم الحلبي. الشافعي المشهور- بابن خطيب الناصرية- المتوفى عام 843 هـ. قيل عنه: لم يخلف مثله «1» . الكتاب من ذيول تاريخ ابن العديم ويتضمن تراجم لأعيان المدينة رتبهم على حروف المعجم. وأضاف عليه ابن حجر العسقلاني وسماه (أنباء العمر بأنباء الغمر- ط ج 2 «2» ) . خ «3» : - نسخة الموصل: 63 ق، 22 × 16، نسخ عام 1103، رقم: 8/17- ألمانيا- برلين: برقم 9791- ألمانيا- غوطة: برقم 9772- لوندرة: برقم 436- باريس- المكتبة الوطنية- ج 3 برقم: (2139) . ويبدأ بعبد الكريم بن أحمد المصري وختمه بترجمة محمد بن تمام بن يحيى الحيرة. وتقع في حوالي 150 ق- علها بخط المؤلف. - تركيا- استانبول: مكتبة لاله برقم (2036) و (2037) - نسخة مكتبة خالص بك. - نسخة المكتبة الوقفية بحلب: ج 1، ج 2 برقم 14501/14502 في 362 ق/ 452 ق وهناك تراجم بخط ابن خطيب ورقمها 31 وعددها 150 ترجمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 ط: الكتاب لا يزال مخطوطا. وهناك من يقوم بتحقيقه في حلب وحمص. 11- المنتخب من الدر المنتخب: اختصار العلامة الشيخ أحمد بن محمد الشهير- بالملا- المتوفى عام 1003 هـ. للمجلد الأول وولده الشيخ محمد المتوفى عام 1010 هـ. للمجلد الثاني «1» . خ «2» :- نسخة خطية في إحدى المكتبات الخاصة بحلب. بخط المؤلف. تبدأ بترجمة إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله المعروف- بابن الرعباني- وتحوي 68 ترجمة لأعلام اسمهم الأول إبراهيم. ثم ترجمة ابغا بن هولاكو. ثم 198 ترجمة لأحمد. ثم إسماعيل ... أخيرا ترجمة لست النعم بنت يوسف بن محمد بن النصيي المتوفى عام 681 هـ تاريخ النسخ عام 1009 هـ. بعدها باب الشين. - جزء في استانبول- مكتبة الداماد إبراهيم باشا- مجلد واحد برقم (922) . وتقع في 242 ورقة، خط فارسي، 25 سطر في كل صفحة. نسخ عام 1009 هـ. ط «3» : ذكر جرجي زيدان أن المستشرق فريتاغ الألماني قد نشره. 12- كنوز الذهب في تاريخ حلب: تأليف: أبي ذر سبط بن العجمي المتوفى عام 884 هـ وهو كتابنا هذا «4» . 13- الكواكب المضيئة «5» : تأليف: أبي ذر سبط بن العجمي. المتوفى عام 884 هـ. والكتاب مفقود. ويذكر الطباخ أن بحوزته كراسا فيه العديد من التراجم منقولة عن الكواكب المضيئة من بعض المجاميع «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 14- در الحبب في تاريخ حلب: تأليف: محمد بن إبراهيم بن يوسف المشهور بابن الحنبلي المتوفى عام 971 هـ. جعله ذيلا لكتاب كنوز الذهب «1» . وشرط أن يترجم لمن عاصرهم أو عاصر من عاصرهم من الأعلام أو غيرهم. ومن عاصرهم أو عاصر من عاصرهم ممن دخلها من شتى الأقوام «2» . فيه من التراجم 633 ليسوا جميعا من الأعلام. خ «3» :- المكتبة الوطنية- باريس- برقم (2140) و (2141) ، (2142) ؛ (2143) في أربع مجلدات. - تركيا- استانبول: مكتبة (يكي جامع) رقمها 850، نسخ عام 976 هـ. - استانبول- مكتبة نور عثمانية- برقم (3893) . - نسخة- تونس- مكتبة حسن حسني عبد الوهاب- 400 ق لها صورة في دار الكتب المصرية. - الجزء الثالث في (غوطة، فينا، المتحف البريطاني، اكسفورد) . - نسخة مكتبة بلدية الاسكندرية. - أربع نسخ في حلب: الحلوية، مكتبة بشير الأبري، محمد أسعد الجابري .... - نسخة سوهاج- مصر- برقم: (90/تاريخ) . - نسخة ديوبند- جامعة دار العلوم الهند- رقم: (91/تاريخ) مصوره بدار الكتب المصرية. - نسخة المدينة المنورة- عارف حكمت- رقم (236/تاريخ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 ط «1» : جزءان في أربعة أقسام. بتحقيق محمود فاخوري ويحيى عبارة. وصدر عن وزارة الثقافة بدمشق. عام 1972- 1973- 1974 الجزء الأول- القسم الأول- 132 ترجمة- آخرها: جهان بن سليمان شاه- 492 ص الجزء الأول- القسم الثاني- 227 ترجمة- آخرها: عائشة بنت يوسف بن أحمد- 648 ص الجزء الثاني- القسم الأول- 189 ترجمة- آخرها: موسى بن الحسين الآلاني- 510 ص الجزء الثاني- القسم الثاني- 54 ترجمة- آخرها: أبو اليمن محمد بن حلفا- 529 ص 15- نهاية الأرب من ذكر ولاة حلب: ويرى الطباخ أنه: «شفاء السقيم بآيات إبراهيم.. «2» » . تأليف: محمد بن أحمد الحصكفي المعروف- بابن المنلا الحلبي- ولد عام 967 هـ. نبغ في العديد من الفنون. له كثير من التصانيف. وتوفي عام 1010 هـ «3» . ترجم فيه لمن حكم حلب منذ أيام الصحابة إلى زمن إبراهيم باشا (حاج إبراهيم) الذي كان حاكما لحلب عام 1008 هـ «4» . خ: الجامعة الأردنية- عمان- يبدأ في المائة السابعة من الخلافة العباسية ضعفها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 واضمحلالها منذ عام 732 هـ وحتى عام 742 هـ. فيه 17 ورقة. برقم: (1294) «1» . ويرى الطباخ أن لدى كامل الغزي نسخة خطية منه. 16- إنعاش الروح بمآثر نصوح: تأليف: برهان إبراهيم بن أحمد المعروف- بابن الملا الحلبي- المتوفى عام 1031 هـ؟. لزم المطالعة. له شعر. وعدة مؤلفات «2» . - قال في كشف الظنون: « ... رسالة في وقائع نصوح باشا.. ألفها سنة 1020 هـ. وسلك فيها طريقة الإنشاء والسجع «3» » . نصوح باشا كان واليا على حلب من سنة 1011 هـ. وحتى سنة 1013 «4» هـ. 17- الدر المنتخب في تاريخ حلب: في النسخة المطبوعة عام 1909 «5» والثانية عام 1984 «6» . نسب الكتاب إلى ابن الشحنة أبو الفضل محمد المتوفى عام 890 هـ. لكن الكتاب في أصوله الخطية نسب أيضا إلى ابن خطيب الناصرية «7» المتوفى عام 74 هـ. إلى ابن الملا «8» . وإلى الشعيفي «9» . وإلى أبي اليمن البتروني المتوفى عام 1046 هـ. وغيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 ترى من المؤلف؟ هل هو ابن خطيب الناصرية! المقدمة الثانية للنسخة المطبوعة: «الحمد لله القديم الأزلي، مكور الليل على النهار، عبرة لأولي البصائر ... » وهي نفسها مقدمة كتاب الدر المنتخب لابن خطيب الناصرية- بالمقارنة مع مخطوطاته- مع بعض التحريف. لكن في بداية الكتاب يقول: « ... أما بعد فهذه نبذة انتخبتها من كتاب نزهة النواظر في روض المناظر. تأليف مولانا ... أبي الفضل محمد بن الشحنة ... «1» » . فكيف يختصر ابن خطيب الناصرية المتوفى عام 746 هـ. كتابا لابن الشحنة المتوفى عام 890 هـ. أي بعده ب 44 سنة «2» . فلعله ليس من الصواب نسبتها إلى ابن خطيب الناصرية. هل هو لأبي الفضل محمد بن الشحنة المتوفى عام 890 هـ؟ مؤلف الكتاب يدعي أنها نبذة منتخبة من كتاب نزهة النواظر- كما مر معنا- والكتاب عن حلب. بينما نزهة النواظر لابن الشحنة تاريخ عام «3» . فلعل أحد تلامذة ابن الشحنة انتخب هذه النبذة. وبالتالي ليس من الصواب نسبته إلى ابن الشحنة. فقط قد يكون الأصل له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 لكن هل هو للشعيفي؟ ذكر برو كلمان أن هناك. نسخة مختصرة من نزهة النواظر من اختصار علي بن الحسين ابن علي الشعيفي من محفوظات الفاتيكان. برقم: (الفاتيكان ثالث 826/1 «1» وقد اطلعنا على النسخة وقارناها مع النسخة المطبوعة فوجدناها الكتاب نفسه لكن شوهه بحذف بعض الفقرات بشكل عشوائي «2» . لكن هل هي لأبي اليمن البتروني المتوفى عام 1046 هـ.؟ في الصفحة: 188 من النسخة المطبوعة «3» ورد: «وفي حاشية لكاتبه وجامعه في تعريف للإسكندرية ولأحداث جرت فيها أيام الصليبيين» . وقال: «والآن من سنة ألف جهدت الفرنج ... » . وهي الفترة التي عاصرها أبو اليمن البتروني. وهي بعيد عصر ابن الشحنة. وفي النسخة المطبوعة عام 1909 يقول يوسف إليان سركيس: «ولست أنا بأول من عني بجمع هذا الكتاب بل سبقني إلى ذلك أحد الجهابذة الأفاضل الشيخ كامل أبو اليمن البتروني المتوفى عام 1046 هـ..» . فلعله هو جامع الكتاب. يذكر الشيخ كامل الغزي رؤيته لنسخ خطية منه منسوبة لابن الملا.. (!) لكن بالنظر إلى عدة مخطوطات للكتاب- وهي عديدة- لا نجد واحدة تتفق مع الأخرى إلا وفيها بعض التغيير. وبالتالي قد يكون أصل الكتاب لابن الشحنة ثم اختصره وغيّر به العديد من العلماء أشهرهم أبو اليمن البتروني. حتى وصل إلينا بهذا الشكل ولعله من الصواب تسميته: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 «نبذة مختصرة من كتاب نزهة النواظر في روض المناظر» . إعداد: أبي اليمن البتروني وجماعة. خ «1» : عديدة وكثيرة، منها: - برلين: 9792- جوتا: 1724- ليبزج أول: 656- فينا: 899- هافينا: 142- باريس أول: 6730- عاشر أفندي: 653- بطرسبرج ثان: 238- كمبرد ج أول: 360- مانشستر: 259 ليدن: 851- 1852 نور عثمانية: 3077- الموصل: 173/25 المتحف البريطاني أول: 944، 1329- أيا صوفيا: 3233- 3234- مكتبة الأسد بدمشق: 174 ورقة. نسخ عام 1320 هـ. لها صورة في معهد مخطوطات الكويت «2» . - نسخة (نواب محمد بهادرخان- تونك بالهند- 130 تا- ف 3011- لها صورة في دار الكتب المصرية برقم تسلسل: 1043- بخط معتاد- 120 ق- فيها إضافات لأحد أفراد أسرته حتى عام 928 هـ. - نسخة مكتبة كوبنهاجن. (cod arab gx L 11) :وتقع في 177 ورقة. بدون تاريخ. لها صورة في دار الكتب المصرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 18- معادن الذهب في الأعيان المشرفة بهم حلب تأليف: أبو الوفاء بن عمر الحلبي العرضي المتوفى عام 1071 «1» هـ. الكتاب تراجم لأعلام من حلب ليسوا بالضرورة مشهورين فمنهم الوزير والسفير والصوفي وحتى المجذوب. رتبهم على الأحرف الهجائية «2» . خ: - نسخة المتحف البريطاني: تقع في 91 ق. رقمها 5502 sch 3618 لها صورة في الجامعة الأردنية- ميكروفيلمية- رقم الشريط: «651» «3» . - نسخة استانبول. مكتبة فيض الله أفندي. جزء مؤرخ نحو 1113 هـ. في 34 ق. يبدأ بالمقدمة ثم ترجمة لأربعة وعشرين علما آخرهم إبراهيم بن أحمد الحصكفي ورقمه 33 «4» . - نسخة برلين ورقمها Schiflen -Berlin 9476 (Pet 697) Wahlwort Arabichen Hand -وتقع في ست ورقات (المقدمة مع ترجمة لستة أعلام فقط) . نسخت عام 1200 هـ «5» . ط: - طبع الكتاب بتحقيق د. محمد التونجي وصدر عن دار الملاح- دمشق عام 1407 هـ. ويضم (76) ترجمة، حتى حرف الخاء. آخرها ترجمة: خضر بن حسين المارديني. - طبع أيضا بتحقيق عبد الله الغزالي وصدر عن مكتبة العروبة. الكويت 1987 ويقع في 278 ص «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 19- التاريخ الطبيعي لحلب «1» . تأليف: الطبيب باترك رسل المتوفى عام 1768 م. وساعده فيه أخوه اسكندر رسل وكان باترك قد زار حلب عدة مرات منها عام 1753 «2» م. ملخصه «3» : 1- وصف البلد، مواسم الزراعة والبساتين. 2- وصف السكان وحكومة البلد. 3- إحصاء السكان الأوروبيين. والمسيحيين واليهود ... 4- بحث عن الحيوانات ذات القوائم الأربع والطيور والحشرات 5- ملاحظات ملكية. وعن بعض الأوبئة. 6- بحث عن الطاعون وطريقة مقاومة الأوروبيين له. ط: طبع في لندن عام 1794 م. في مجلدين. في محل: (أيا ترنوسترردو) . وأعيد طبعه ثانية في كوتونكين عام 1897. وقيل ترجم إلى الألمانية «4» . كما طبع مجددا بلندن وقد انتزع منه في هذا العصر كتيب وسمي «حياة الإفرنج في حلب في القرن الثامن عشر» . وصدر بحلب عن مجلة الضاد عام 1968. 20- تاريخ حلب: تأليف: عبد الله بن حسين الملقب بأبي المواهب المتوفى عام 1184 هـ. كما يرى الطباخ «5» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 قسمه إلى قسمين: الأول تكلم فيه عن مدارس الشهباء. والثاني ترجم فيه لأعيان القرن 12 «1» . وهو من موارد خليل المرادي في كتابه سلك الدرر في أعيان القرن الحادي عشر «2» . خ: ذكر الطباخ أنه اطلع على نسخة منه خطية ناقصة في مكتبة الشيخ كامل الغزي (صاحب نهر الذهب في تاريخ حلب) . والمبيضة عند ورثة الشيخ بدر الدين الحسيني بدمشق. رآها عام 1340 «3» هـ. 21- نهر الذهب في تاريخ حلب: الشيخ كامل بن حسين بن محمد الغزي. الأديب والمؤرخ ورئيس دار الكتب بحلب وعضو مجمع اللغة العربية. توفي عام 1933 «4» . قسمه إلى مقدمة وأربعة أبواب وزّعها على أجزاء الكتاب وهي: الجزء الأول ويشتمل على المقدمة وحدها وقد فعل ذلك كما يبدو تيمنا بابن خلدون. الجزء الثاني ويشتمل على الباب الأول كله وخصص للكلام على أحياء حلب ومعالمها التاريخية وأوابدها الأثرية. الجزء الثالث ويشتمل على الباب الثاني من أبواب الكتاب وفيه يتقصى تاريخ الشهباء منذ أقدم العصور حتى عصر المؤلف في الربع الأول من القرن العشرين. وقال في آخر هذا الجزء إن الجزء الرابع سيلي، ويشتمل على الباب الثالث، لكنه من المؤسف أن الجزء الرابع لم يطبع وأضاعه أو باعه أحد ورثته أو لا يزال بحوزة أحدهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 ط: طبع هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة أول مرة بحلب عام 1926 م وطبع للمرة الثانية بحلب أيضا عام 1991 م من قبل دار القلم العربي. 22- طرائف النديم في تاريخ حلب القديم ولطائف الحديث في تاريخ حلب الحديث «1» : تأليف: ميخائيل بن انطون الصقال (1852- 1938) . ولد بمالطة. وعاش في حلب. أديب، وشاعر، ومؤرخ. له كتاب: «العبر» «2» . قسم كتابه إلى قسمين: الأول في تاريخ سوريا منذ ما قبل الطوفان وحتى زمن المسيح- دراسة للسكان- وسماه: «طرائف النديم في تاريخ حلب القديم» . ويقع في ثلاثة أجزاء. حوالي 600 ص. والقسم الثاني سماه: «لطائف الحديث في تاريخ حلب الحديث» . تكلم فيه عن الفتح الإسلامي وعن العرب وأصلهم. ثم بدأ بتاريخ الخلفاء. فالدولة الأموية فالعباسية ... حتى انتهى لتاريخ عصره. يرى بعضهم أن الكتاب لم يطبع أبدا «3» . 23- إعلام النبلاء في تاريخ حلب الشهباء: تأليف: محمد راغب بن محمود بن هاشم الطباخ. ولد عام 1293 في حلب. لأسرة جمعت بين العلم والتصوف والتجارة. قرأ في أحد الكتاتيب ثم تعلم مبادئ اللغة العربية والتركية وغيرها في المدرسة المنصورية. وتلقن العلم على العديد من أعلام الفكر في حلب. والمستشرقين أيضا. صنّف العديد من الكتب. توفي عام 1370 «4» هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وقسم كتابه إلى سبعة أقسام. والثامن كان للفهارس العامة. الجزء الأول: التعريف بتواريخ حلب. والتعريف بالمدينة ثم سردا للحوادث بتوسع حتى عام 541 هـ. الجزء الثاني: أكمل فيه الحوادث حتى حوادث عام 821 هـ. الجزء الثالث: أكمل فيه حتى عصره حوالي 1325 هـ. ثم وصف للقلعة. أما الجزء الرابع والخامس والسادس والسابع ففيها تراجم لكثير من أعلام حلب حسب تواريخ وفاتهم. مع العديد من الإشارات التاريخية. والمواقع. والأماكن «1» . ط: طبعه بمطبعته بحلب عام 1342 هـ وطبع ثانية بحلب عام 1408- وصدر عن دار القلم العربي- إشراف محمد كمال 24- أدباء حلب ذوو الأثر في القرن التاسع عشر: تأليف: قسطاكي الحمصي. ولد عام 1858 م. وتوفي عام 1941 م. كان عضوا في مجمع اللغة العربية بدمشق. له العديد من المؤلف ات «2» . ترجم فيه لخمسين علما من أعلام حلب في عصره ط: ط 1: بحلب عام 1925. ط 2: بحلب عام 1967. 25- الحركة الأدبية في حلب: تأليف: سامي الكيالي ذكر فيه تراجم للأعلام منذ عام 1800 وحتى 1950 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 المؤلف اسمه ونسبه «1» : أحمد بن إبراهيم بن محمد بن خليل- المعروف بسبط بن العجمي- الحلبي الطرابلسي الشافعي. والطرابلسي: حيث أصله من طرابلس الشام فنسب إليها. والحلبي: ولد وعاش ومات بحلب فنسب إليها أيضا. والشافعي مذهبا، فقد كان والده من كبار الشافعية. ويرى السخاوي أنه: أحمد بن إبراهيم بن محمود بن خليل «2» . لقبه: موفق الدين «3» . كنيته: أبو ذر «4» . شهرته: سبط بن العجمي وهو بكنيته أشهر. وبها عرف في كتب التراجم. وأول من عرف بهذا الاسم والده برهان الدين ذلك أن أمه ابنة عمر بن محمد بن الموفق أحمد بن هاشم بن أبي حامد عبد الله بن العجمي الحلبي «5» - والسبط ابن البنت- وبالتالي هو سبط بن العجمي. وقد اشتهر أبو ذر أيضا بهذا الاسم. ومعلوم أن سبطي الرسول. (ص) هما الحسن والحسين من ابنته فاطمة (رض) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 ولادته: ولد في ليلة الجمعة تاسع صفر سنة 818 هـ «1» . مكانته «2» : لقد نهل من مختلف العلوم والفنون كالفقه والحديث والأدب والتاريخ وصنف في كل منها مما أهله ليكون قاضيا. فشيخا للشيوخ. وشيخا للإسلام ولا غرو أن يصفه ابن حجر بالإمام. وأحيانا بالفاضل البارع، المحدث، الأصيل ويكفيه قول من ترجم له فيما بعد: «لم تنجب حلب أفضل منه» . وقد كانت له المكانة المرموقة لدى كفال حلب في عصره- ويظهر ذلك من خلال تاريخه هذا- حيث يؤخذ برأيه. وأثنى عليه وزكاه شيوخه كابن حجر العسقلاني وابن خطيب الناصرية وغيرهم ... ولا عجب أن يصفه ابن أبي عذيبة بالإمام العلامة «3» . صفاته: أثنى عليه معاصروه ومن جاء بعدهم وأطنبوا في مدحه فمن ذلك: قال ابن حجر العسقلاني بوصفه: الأصيل الباهر الذي ضاهى كنيته في صدق اللهجة، الماهر الذي ناجى سميه ففداه بالمهجة الأخير، الذي فاق الأول في البصارة والنضارة، والبهجة» «4» . وقال البقاعي: «.. له حافظة عظيمة- وملكة في تنميق الكلام وتأديته على الوجه المستظرف قوية مع جودة الذهن وسرعة الجواب والقدرة على استخراج ما في ضميره يذاكر بكثير من المبهمات وغريب الحديث.. «5» . وقال بوصفه أيضا: «.. الأديب، البارع، المفنن. وقد تصدى للتحدث والإقراء..» «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 ومن خلال أقوال مترجميه يمكن أن نرسم صورة له فقد كان خيّرا وشهما مبجّلا في ناحيته، منعزلا عن بني الدنيا، قانعا باليسير، كثير التواضع والاستئناس بالغرباء والإكرام لهم، شديد التخيل طارحا للتكلف، ذا فضيلة تامة وذكاء مفرط، واستحضار جيد «1» . شيوخه: أخذ العلم عن أبيه وعن مشايخ عصره وأعلام زمانه. منهم: «2» 1- إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي- والده- ويدعى بالبرهان الحلبي، وبسبط ابن العجمي. عالم بالحديث ورجاله، من كبار الشافعية. ولد وعاش بحلب من كتبه «نور النبراس على سيرة سيد الناس» وكتاب: «التبين لأسماء المدلسين» . كانت وفاته بحلب عام 841 هـ. 2- ابن حجر العسقلاني: (أحمد بن علي) ، المتوفى عام 852 هـ. وصاحب التصانيف الشهيرة مثل: «لسان الميزان» و «وتهذيب التهذيب» و «الإصابة في تمييز الصحابة» ... الخ درس عليه عندما زار حلب. 3- ابن الإعزازي: أخذ عنه العربية. 4- العلاء بن خطيب الناصرية: علي بن محمد بن سعد الطائي الجبريني ثم الحلبي المتوفى عام 843 هـ. صاحب التاريخ المشهور: «الدر المنتخب في تاريخ حلب» الذي ذيل عليه بكتابنا هذا. 5- الزين الخرزي: أخذ عنه العربية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 6- الشمس السلامي: أخذ عنه العربية. 7- صدقة (؟) : أخذ عنه العروض. 8- عائشة ابنة ابن الشرائحي: سمع عنها الحديث. 9- ابن طحان: واسمه عبد الرحمن بن يوسف بن الطحان. سمع عليه عام 838 هـ. قدم القاهرة عام 845 هـ. وقد ذكره في (كنوز الذهب: ج 2) ضمن الحوادث. 10- عبد الرحمن بن أبي بكر بن داود الشامي؛ وقد لبس منه الخرقة في زاوية الأطعاني. ذكر ذلك في تاريخه. 11- عبد الرزاق بن الشهاب أحمد ... بن سحلول الحريري- المعروف بابن سحلول- المتوفى عام 852 هـ. وقد أجاز له. وليّ نظر السحلولية (خانقاه بحلب «1» ) . 12- الحافظ بن ناصر الدين (777- 842) : محمد بن عبد الله، يكنى بأبي بكر بن محمد بن أحمد. حافظ الحديث. مؤرخ «2» . 13- محمد بن علي: شيخ الشيوخ بحلب توفي عام 899 «3» هـ. 14- محب الدين أبو الفضل محمد بن المحب أبي الوليد الشحنة الحنفي. صاحب كتاب: «نزهة النواظر في روض المناظر» . كان من شيوخه أيضا. 15- الكمال محمد بن الناسخ: أجاز له، وقد أخذ عنه العربية «4» . 16- العلاء بن مكتوم الرحبي: أخذ عنه العربية. وقد توفي العلاء عام 848 هـ. وذكره في تاريخه قسم الحوادث «5» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 17- الشمس الملطي: أخذ عنه العربية. 18- ابن الفخر المصري: سمع عنه الحديث 19- ابن فهد: سمع عنه الحديث أيضا. 20- أبو العباس محمد بن الشيخ إبراهيم الكتبي المتوفى عام 852 هـ. وقد ذكره بتاريخه. 21- علي بن الصيرفي المتوفى عام 844 هـ. ذكره في تاريخه. 22- سراج الدين عمر بن موسى المخزومي المتوفى عام 861 هـ. ذكره في تاريخه أيضا. 23- شهاب الدين أحمد بن أبي بكر الرسام الحموي. المتوفى عام 844 هـ. ذكره أيضا. 24- سراج الدين عبد اللطيف بن أبي الفتح محمد الحسيني الحنبلي المتوفى عام 847 هـ. قاضي مكة. ذكره بتاريخه أيضا. 25- سراج الدين الحمصي، كذا ذكره في تاريخه. تلامذته: بجمعه لمختلف الفنون أهّله لأن يتتلمذ على يديه كثير من أبناء عصره وقد تمكنا من جمع أسماء بعض منهم: 1- إبراهيم بن أحمد الكردي القصري المعروف بفقيه اليشبكية. سمع عليه بحلب وتوفي عام 933 هـ «1» . 2- شهاب الدين أحمد بن أحمد الحاضري: كان يعظ الناس في الجامع الكبير بحلب. توفي عام 923 هـ «2» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 3- الشيخ أبو بكر بن محمد الحيشي المعروف بابن الحيشي. قرأ وسمع على أبي ذر. توفي عام 930 هـ «1» . 4- الشيخ إسماعيل بن إبراهيم بن سيف الدين بن عربشاه. قرأ بها على أبي ذر مجموعة من أحاديث صحيح البخاري. وأجاز له. توفي نحو عام 962 هـ. «2» 5- حسن بن علي الأربلي الحصكفي المعروف بابن السيوفي المتوفى عام 925 هـ، أخذ عنه الفقه والحديث بحلب، وإعرابه للمناهج أيضا. وقد قرأ عليه (صحيحي البخاري ومسلم) و (الشفاء) للقاضي عياض «3» . 6- عبد الرزاق بن محمد الحسن الكيلاني: أبو البشرى الحمداني المتوفى عام 901 هـ. لبس الخرقة عن أبي ذر «4» . 7- علي بن محمد الشيخ علاء الدين الكردي الشرابي: المتوفى عام 905 هـ. أخذ عن أبي ذر (المصابيح) وأجاز له «5» . 8- الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن أحمد الحلبي المعروف بابن الطباخ أخذ عن أبي ذر (الشفاء) و (الشمائل) و (منظومة العراقي) . قيل توفي عام 968 هـ «6» . 9- الجلال أبو بكر محمد بن عمر بن محمد ... بن عبد القاهر النصيبي (سبط المحب بن الشحنة) أخذ عنه الفقه وأصوله «7» . 10- الشريف قاضي القضاة أبو بكر محمد بن محمد ... الشهير بابن السيد منصور والمرفوع نسبه إلى موسى الكاظم.. كان حيا عام 895 هـ. أخذ الحديث عن أبي ذر «8» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 11- محمود بن أحمد نور الدين القرشي البكري المتوفى عام 934 هـ. «1» مؤلفاته: مؤلفات سبط بن العجمي عديدة. لكن أغلبها مفقود- إن لم يكن قد أتلفها هو كما قيل عنه- ويعد كتابه كنوز الذهب وتاريخ حلب أشهر مؤلفاته. لما يحويه من معلومات دينية تاريخية وأدبية. وكتبه هي: 1- أوفى الوافية في شرح الكافية «2» : ويعتبر أحد شروح الكافية في النحو لابن الحاجب «3» . 2- البدر إذا استنار فيما قيل في العذار «4» : وهو كتاب في الأدب. 3- التوضيح للأوهام الواقعة في الصحيح «5» : قال عنه حاجي خليفة: «لخصه من شروح ابن حجر والكرماني والرهاوي» «6» . 4- مبهمات البخاري: وقد أفردها. واسمها: «التوضيح لمبهمات الجامع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 الصحيح» «1» . قال حاجي خليفة: «صنف في المبهمات. وذكر إعرابه. وله أيضا مبهمات مسلم» «2» . واسمه «التوضيح لمبهمات الجامع الصحيح» منه نسخة في المولوية وأخرى بالأحمدية بحلب «3» . 5- ستر الحال فيما قيل في الخال «4» : وعند حاجي خليفة: «سير الجمال فيما يقال في الخال» . وأضاف: «كتاب في الأدب. ويقال أذهبه في آخر عمره» «5» . 6- شرح الشفاء «6» : لم يكمله. والمقصود بالشفاء؛ كتاب القاضي عياض وعنوان: «الشفا في تعريف حقوق المصطفى» «7» . 7- عروس الأفراح فيما يقال في الراح «8» : كتاب في الأدب. قال حاجي خليفة: «يقال أذهبه في آخر عمره» «9» . 8- عقد الدرر واللآل فيما يقال في السلسال «10» : كتاب في الأدب. قال حاجي خليفة: «يقال أذهبه في آخر عمره» «11» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 9- قرة العين في فضائل الشيخين والصهرين والسبطين «1» : قال حاجي خليفة «2» : «أوله: الحمد لله الذي طهر قلوب أهل السنة من الأدناس ... إلخ» . وأضاف: «رتبه على ثلاثة عشر فصلا آخره في ذم الروافض..» والشيخين: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. والصهرين: عثمان وعلي رضي الله عنهما. والسبطين: الحسن والحسين رضي الله عنهما. 10- كنوز الذهب في تاريخ حلب «3» : وهو كتابنا هذا. 11- الهلال المستنير في العذار المستدير «4» : وعند حاجي خليفة «5» : «الهلال المستنير في العذار المستدير» وأيضا صاحب الهدية. وقيل: كتاب في الأدب وقد أذهبه في آخر عمره. 12- مبهمات مسلم «6» : لم يكمله. رواية أبي ذر لجامع الصحيح للبخاري» : يرويه عن أبيه البرهان الحلبي عن كمال الدين شيخه المحدث عمر بن إبراهيم بن العجمي الحلبي الشافعي، عن المعمر المسند أبي العباس أحمد بن أبي طالب الحجار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 الصالحي الدمشقي، عن الحسين بن المبارك الزبيدي، عن عبد الأول بن عيسى السجزي الهروي، عن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخي، عن أبي عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح ابن بشر بن إبراهيم الفربري، عن جامعة أمير المؤمنين في الحديث الحافظ الحجة أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري سماعا عليه لجميعه مرتين: مرة بفربر «1» سنة 248 هـ. ومرة ببخارى سنة 252 «2» هـ. طريق آخر بالرواية للإمام البخاري: ويرويه عن شيخه ومجيزه الإمام أحمد بن علي الكناني المعروف بابن حجر العسقلاني بسماعه لجميعه على الأستاذ أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد التنوخي البعلي الأصل الدمشقي المنشأ نزيل القاهرة المعروف بالبرهان الشامي بسماعه لجميعه على المسند الكبير المعمر أبي العباس أحمد بن أبي طالب الحجار الصالحي الدمشقي بالسند المار «3» . روايته لصحيح مسلم: يرويه عن والده البرهان الحلبي، عن إبراهيم بن أحمد التنوخي المعروف بالبرهان الشامي والزين عبد الرحيم العراقي كلاهما عن علي بن إبراهيم العطار، عن الإمام النووي عن إبراهيم بن عمر الواسطي، عن المحدث منصور بن عبد المنعم الفراوي، عن جد أبيه محمد بن الفضل الفراوي، سماعا عليه لجميعه عن عبد الغافر بن محمد الفارسي النيسابوري سماعا قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي النيسابوري سماعا قال: أخبرنا به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان الزاهد النيسابوري ماعا قال: أخبرنا جامعه إمام السنة أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري سماعا منه لجميعه سوى أفوات ثلاثة معلومة فإجازة أو وجادة «1» . طريق آخر بالرواية للإمام مسلم: يرويه عن الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني، عن أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الحميد المعروف بابن عبد الهادي المقدسي الحنبلي، سماعا عليه لجميعه عن أبي العباس أحمد بن عبد الدائم النابلسي سماعا عليه لجميعه عن محمد بن علي المعروف بابن صدقة الحراني سماعا عليه لجميعه عن فقيه الحرم أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بالسند المار «2» . مرويات أبي ذر بن البرهان الحلبي: ويروي عن طريق إسناد والده وعن طريق إسناد شيخه الإمام أحمد بن حجر العسقلاني: سنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه القزويني، ومسند الشافعي، ومسند أحمد بن حنبل، ومسند الدارمي وسنن الدارقطني، وسنن البيهقي، والشفا للقاضي عياض، ومسند الطيالسي، وسنن سعيد بن منصور، ومصنف ابن أبي شيبة عبد الله بن محمد الواسطي الكوفي، ومصنف عبد الرزاق بن همام الصنعاني الحميري، وصحيح الحاكم المسمى بالمستدرك على الصحيحين، وصحيح ابن حبان المسمى بالتقاسيم والأنواع وصحيح ابن خزيمة، ومعجم أبي يعلى أحمد بن علي الموصلي، ومعجم الطبراني وغير ذلك من الكتب الحديثية «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 سماته: من خلال ما كتب عنه في كتب التراجم «1» يمكننا تكوين صورة عن مؤلفنا نتعرف منها على ملامحه وسماته ومكانته بين أقرانه وتلامذته آنذاك فقد كان خيّرا وشهما مبجلا، منعزلا عن بني الدنيا، قانعا باليسير، كثير التواضع والاستئناس، طارحا للتكلف. ذا فضيلة، وذكاء مفرط. واستحضار جيد، وذا حافظة عظيمة، وملكة في تنميق الكلام وتأديته على الوجه المستظرف مع جودة الذهن وسرعة الجواب. ولطالما استشاره كافل حلب في أمور عامة. وكم أوذي من تلامذة والده. وقيل عنه كان يضن بكتبه وكتب والده. ولا غرو فقد وصفه بعضهم مع والده بأنهم أكبر من أن يترجم لهم «2» . وقيل عنه أنه لم يخلف مثله «3» . وصفه السخاوي بالفاضل البارع المحدث الأصيل الباهر الذي ضاهى كنيته في صدق اللهجة الماهر. الذي ناجى سميه ففداه بالمهجة الأخير الذي فاق الأول في البصارة والنضارة والبهجة «4» . نظمه للموّال: الموال صنف من فن الشعر الشعبي يقال في صيغة لحنية. وقيل إن أول من قاله موالي آل برمك- الفرس- ولا يلتزم فيه الفصاحة والإعراب بل تدخله ألفاظ دارجة بجناس لفظي من أنواع النعماني والأعرج ... «5» . ويبدو أن مؤرخنا قد تعاطى هذا الفن من جملة علومه فقد ذكر له السيوطي مواليا «6» : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 عارضك والخال ذا مسكي وذا ندي ... واللحظ والقد ذا خطي وذا هندي والشعر والفرق ذا وصلي وذا صدي ... والخد والثغر ذا حري وذا بردي وأيضا: عني سليت وأسباب الجفا سليت ... مني تخليت في قلبي غصص خليت قتلي استحليت فيه النحر ما حليت ... في القلب حليت، مري بالوصال حليت وقد ذكر السخاوي إنشاد أبي ذر موالا له لدى اجتماعه به «1» . وأن الشيخ ابن حجر العسقلاني قال في أبي ذر موالا لاغتباطه به ومحبته له «2» . الطرف أحور حوى في غنج نعاس ... وقد قدالقنا أهيف نضر مياس ريقتك ماء الحيا يا عاطر الأنفاس ... عذارك الخضر يا زيني وأنت الياس وفاته : ذكر رضي الدين ابن الحنبلي «3» عن الشيخ المعمر محمد بن اينبك- قيم جامع حلب الأموي- عن جده اينبك المشهور هو به، أنه رأى في منامه عمودا أخضر ممتدا إلى جهة السماء صاعدا من بيت الشيخ أبي ذر. فأتى الشيخ [أبي ذر] وقص عليه ما رأى فقال له: «الوقت قريب» . فما مضى قليل من الأيام إلا وتوفي إلى رحمة الله. قال: ولما أوصى ولده الشيخ أبو بكر أن يدفن في قبره كشفوا عنه فإذا كفنه بحاله. وكانت وفاته عام 884 هـ. يوم الخميس خامس عشر وقيل: حادي عشر ذي القعدة. بعد أن اختلط يسيرا. وحجب عن الناس. وقيل فقد بصره، وقيل: عوفي من المرض ورجع إليه بصره قبيل وفاته. ويذكر الأستاذ أحمد سردار «4» أنه رأى في مدرسة بني العجمي في محلة- الجبيلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 اليوم- المعروفة بجامع أبي ذر في شرقي قبلية الجامع بيتا وفيه ثمانية قبور مسنمة لاحجارة عليها ولا كتابة، ثم أدخلت بعدها في القبلية وصارت القبور تحت الجدار في جهة الشرق وفي وسط الجدار المذكور لوحة فيها أسماء من دفن في هذا المكان ومن بينهم المحدث العلامة المؤرخ موفق الدين أبو ذر أحمد بن برهان الدين إبراهيم بن محمد ابن خليل سبط ابن العجمي الحلبي الشافعي، مؤلفنا هذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 مقدمة التحقيق منهج في التحقيق: كان الهدف منه تقديم الكتاب للباحثين والقراء بنص سليم وواضح وبشكل يسهّل المراجعة والبحث والمطالعة. وعملنا لم يخرج عن القواعد التي وضعها مجمع اللغة العربية بدمشق وعن الشروط التي أقرتها لجنة (مشروع وضع أسس تحقيق التراث العربي ومناهجه) باجتماعها المنعقد في عام 1980 حيث شارك كبار الباحثين والمحققين في العالم العربي بوضع القواعد. وما قمنا به يتلخص في الأمور الرئيسة التالية: أ- ضبط النص لغويا وتقسيمه إلى أبواب وفقرات ومقاطع، مع إضافة علامات الترقيم. وشرح الكلمات الغريبة .... ب- مقابلة الأصول، وإضافة ما نقص من إحداها عن الأخرى واستدراك ما أمكن. ج- مقابلة النصوص، وإضافة ما فقد من الكتب التي هي من موارد سبط ابن العجمي في تاريخه مع ذكر المصدر وطبعته وتاريخه. د- ضبط ماورد من شعر، ومقارنته مع الديوان- إن كان هناك- مع ترجمة للشاعر وتفسير للكلمات الغريبة إن وجدت. هـ- إثبات الآيات القرآنية (ذكر السورة ورقم الآية) ووضعها ضمن مزهرتين وترجمة للأعلام ومن مصادر عديدة. ز- ترجمة للمواقع. ح- مقارنة الحوادث مع مصادر تاريخية أخرى ذكرتها حسب وجودها. ط- إعادة ترتيب الحوادث بتسلسل زمني صحيح، حيث فقد ذلك أحيانا في الأصول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ي- إضافة عناوين مساعدة أينما وجدنا الحاجة لذلك. ك- حيث وجدت تراجم عارضة، أضفنا عناوين ثانوية تسهيلا للمراجعة. ل- وضع رموز مساعدة. الرموز المعتمدة: ف: نسخة الفاتيكان [..] إضافة المحققين م: نسخة مصر/ علامة انتهاء ورقة الأصل. م*: القسم المكرر من نسخة مصر/ ... / الإضافة عن النسخة الأخرى من الأصول ت: توفي/ و/ وجه ورقة الأصل. ط: طبع أو طبعة/ ظ/ ظهر ورقة الأصل. نسخة الفاتيكان (ف) : النسخة من محفوظات مكتبة الفاتيكان برقم. (borg:235) وهي مخرومة الأول والآخر، وما تبقى يشمل معظم الجزء الأول (الخطط) من الكتاب. وتبدأ من الفصل السادس (فصل المنافع) وتنتهي في الفصل الثاني عشر (في قلعتها ودار العدل ... ) سقط منه بعض الوريقات. عدد أوراق المخطوطة/ 119/ورقة كتبت بخط عادي مقروء. سطرتها/ 31/سطرا في كل سطر نحوا من/ 13/كلمة. واللوحة بأبعاد 17 x 27 سم أخذت منها الكتابة 8 x 20 سم. والمخطوطة خلو من اسم الناسخ وتاريخ النسخ لكن في الورقة (27 و) في الفصل العاشر وعند الحديث على تاريخ الجامع الأموي الكبير بحلب ذكرت حاشية بخط مغاير على الهامش فيها أن ردما قد حصل في الجامع عام 1170 هـ. نستدل من ذلك أن المخطوطة نسخت بعد عام 1170 هـ. أو أنها نسخت عن مخطوطة كتبت قبل هذا العام. وتكرر هذا التاريخ في ورقة أخرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 ويبدو أن النسخة التي نقلت عنها هي مسودة المؤلف أو شبيهة بها ذلك أن المؤلف قد ترك بياضا في الأصل في تعريفه ببعض الأعلام أو المواقع ويظن أنه ترك ذلك على أمل أن يكمله. بعد حصوله على المعلومات اللازمة مثلا. بينما نرى في نسخة (م) أنه عاد فأكمله بخط مغاير لبعضه. وبالتالي يقودنا ذلك إلى الظن أن النسختين قد نسختا عن أصل واحد علّه المسودة. ومما يزيد من هذا الاحتمال إن لم نقل يؤكده وجود بعض الكلمات التي شطبها ودون أن يطمسها، وذكر الكلمة الصحيحة بجانبها في كلا النسختين ونفس الكلمة! لا وجود لطرة للأصل- ورقة عادية- والصفحة الأخيرة ذكر عليها بخط مغاير- ليست من أصل الكتاب- رموز فلكية. انظرها. تميزت هذه النسخة بكثرة الحواشي. ومعظمها أخذ عن تاريخ ابن خطيب الناصرية حيث يذكر: «قال في الذيل..» أي الذيل على تاريخ ابن العديم. انظر النماذج المرفقة من هذه النسخة. نسخة دار الكتب المصرية (م) : النسخة من محفوظات دار الكتب المصرية برقم (837 تاريخ- تيمورية) ولها صور ميكروفيلمية في الدار نفسها بالأرقام (9638 ح- 939 ح- 9640 ح) . وقد ضمت إلى الدار كغيرها من الخزانة التيمورية حيث كانت بحوزة العلامة أحمد سعيد تيمور- وعليها خاتمه- وقد كتبت بخطوط مختلفة. وفيها تقديم وتأخير وتكرار. وتتألف من جزئين (خطط- حوادث) وفي آخر جزء الحوادث قسم من الخطط مكرر. ومن المؤسف تعرضها لكافة آفات المخطوطات فمن (خرم إلى طمس فأثر رطوبة، وتآكل بسبب الأرضة. وخطوط مختلفة، وتكرار. وتقديم وتأخير. وسهو للناسخ عن مقاطع بكاملها ... ) وقد أشرنا إلى جلّ ذلك حين وروده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 كتب على الغلاف بخط عادي حديث- لعله خط العلامة أحمد تيمور حيث ذكر رقم 837- تاريخ وهو المعتمد في دار الكتب المصرية- على النحو: كتاب: «كنوز الذهب في تاريخ حلب لموفق الدين ... ثم عرف بالكتاب لكن لم تعد واضحة الكتابة.. ثم كتب: (في آخر هذا المجلد فهرس لجزء الحوادث) . جزء الخطط ينتهي بصفحة 221 جزء الحوادث ينتهي بصفحة 110 واختلطت بأواخره قطعه من الخطط من جزء الخطط مكررة تنتهي بصفحة 56 تاريخ 837» . ثم في الصفحة التي تليها ذكر فهرسا وضعه لجزء الخطط وفق الفصول وما تحويه من تراجم. ثم ذيله بفهرس للألفاظ العامية الواردة في الجزء- وهذا يزيد من احتمال نسبته للعلامة أحمد سعيد تيمور- فقد صنف عدة كتب في هذا المجال- والفهرس الذيل من ص 36 وحتى ص: 190. الجزء الأول: مخروم من أوله ويبدأ بالجزء الخامس. بخط عادي مقروء بصعوبة ومسطرة 11 x 16 في كل صفحة نحوا من 26 سطرا وكل سطر يحوي 15 كلمة، العناوين- كما يبدو من الصورة- كتبت بمداد أحمر. وأيضا الكلمة الأولى من المقاطع أحيانا. وهناك تعقيبات. وتكثر الاستدراكات والهوامش. والأخطاء ... ويلاحظ أن المخطوطة وكأنها نقلت عن مسودة المؤلف حيث تركت مساحات بيضاء ثم أكملت بخط مغاير علّه بوقت متأخر. وبعضها لم يكمل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 وأيضا ملاحظة أخرى تكرار بعض الأخطاء في (م) نفسها في (ف) ثم التصحيح نفسه مع إبقاء الخطأ مكتفيا بوضع خط عليه، وذلك يوحي بأنهما نقلتا من نسخة واحدة وكنموذج للتقديم والتأخير ففي أخبار الفرنج نجده يذكر أحداث القرن السادس ثم يعود ليذكر أحداث القرن الثالث والرابع الهجري لذلك عمدنا إلى ترتيبها وفق التسلسل الزمني وأشرنا إلى ذلك في الحاشية وقد استبقينا أرقام صفحات الأصل كما هي تسهيلا للمراجعة. وهناك فصل (عشاق حلب) عاد وكرره، وفصل (الدروب) وفصل (العجائب) وغيرها ... وقد حذفنا ما وجدناه من معلومات مكررة وأعدنا ما وجدناه جديدا إلى موضعه في الأصل. الجزء الثاني: فيه العديد من الخطوط. والمسطرة 10 x 17 في كل صفحة/ 28/سطرا، وكل سطر يحوي على/ 13/كلمة، ويتصف بكثرة الأخطاء والتكرارات ... الخ وعلى الغلاف قراءات- انظرها- وهو خلو من تاريخ النسخ أو اسم الناسخ لكن يمكن الاستنتاج إلى أي عهد يعود من خلال القراءات. والتملكات التي ذكرت: في طرة الأصل: «وجد مكتوبا: (نظر فيه العبد الفقير الداعي لواقفه بالرحمة والرضوان أحمد بن طه الأشرفي الصحاف لطف الله به وبوالديه وبالمسلمين آمين سنة 1210 هـ.» . وأيضا: «نظر فيه العبد الفقير السيد محمد طالب الكواكبي لطف الله به ... م» . وأيضا: «اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نظر فيه واستفاد.. من ما فيه وأنا الفقير السيد عبد السلام بن السيد أسعد السروني [كذا] غفر الله له ولوالديه أجمعين» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 وأيضا خاتم حديث عليه (وقف أحمد بن إسماعيل بن محمد تيمور بمصر..) . بعدها في الصفحة التي تليها فهرس حديث- علّه من إعداد أحمد بن إسماعيل تيمور كما في الجزء الأول- ذيله أيضا بفهرس للكلمات العامية الواردة في الجزء. الصفحة (21) رقمها مكرر لصفحتين، وهناك تسبيق وتأخير بالحوادث وفق السنين. القسم المكرر (م*) : كما أشرنا وجود فصول مكررة رمزنا لها (م*) أيضا قد حذفناها وأضفنا ما بها من معلومات جديدة في مكانها. وتبدأ من صفحة 110 (1) وحتى 161 (56) . في نهاية الجزء الثاني الصفحة الأخيرة من القسم المكرر: (56) : كتب على الزاوية السفلية بخط مغاير: «الحمد لله على نعمه، ملكه والجزء الذي قبله الفقير محمد بن عمر بن الموقع الأنصاري، عفى عنهما. وذلك في ربيع الثاني من شهور سنة ثلاث وأربعين وألف» . وكتب على اليمين وبخط مغاير أيضا: «طالع بهذا المجلد اللطيف والتاريخ الظريف نامق هذه السطور العبد الفقير إلى .... محمد بن عمر بن أبي بكر بن محمد بن علي بن أبي بكر ... الأنصاري الخزرجي الكواكبي ثم الدمشقي محب الدين بن قاضي القضاة علاء الدين بن قاضي القضاة تقي الدين المشهور جده محمد بن علي المذكور أعلاه بابن الموقع. لطف الله تعالى به وبلغه إلى مأموله وعفا عنه وعن فروعه وأصوله بجاه مصطفاه ورسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه الكرام ما تعاقبت الليالى والأيام. آمين قال ذلك ورقمه كاتبه المرقوم في سنة 1081 هـ.» . وفي الزاوية السفلية وبخط مغاير كتب أيضا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 « ... والجزء الذي قبله لم أظفر عليه حيث أنه أعير إلى المرحوم السيد أحمد.. ابن نقيب رحمه الله تعالى» . وعلى الغلاف المقابل للصفحة الأخيرة كتب: «نظر فيه داعيا لمالكه بالغفران الفقير علي قطان غفر الله له ولمعه (كذا) محمد ووالد.» . وكتب أيضا: «يسر الله المطالعة فيه. والذي قبل لا الذي يليه.» وفي هذا القسم كما في الجزئين السابقين أخطاء إملائية ونحوية أشرنا إليها في حينها. أيهما النسخة الأم: لا حظنا أن النسخة (ف) مخرومة الأول والآخر وبالتالي خلوة من اسم الناسخ وتاريخ النسخ لكن في إحدى الصفحات وجدنا حاشية تشير لحدث في عام 1170 هـ. والخط من الخطوط الحديثه- انظر النماذج المرفقة- هذا كل ما نعرفه عنها. لكن نسخة مصر هي الأكثر في المواد وفيها تملكات تعود لعام 1043 هـ.، 1080 .... وخطها أقرب لخطوط عصر المؤلف. بالإضافة إلى العديد من الفقرات التي استدركت زيادة عن الجزء المتبقي من (ف) . لذلك اعتبرنا أن (م) النسخة الأم ونسخة (ف) المساعدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 الصفحة الأولى من نسخة الفاتيكان (ف) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 الصفحة الأخيرة من نسخة الفاتيكان (ف) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 نموذج من نسخة الفاتيكان (ف) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 الصفحة الأخيرة من الجزء الأول (نسخة مصر: م) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 الصفحة الأخيرة من الجزء الثاني (نسخة مصر: م) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 نموذج من نسخة مصر (م) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 الفصل الخامس «1» في- بعض عشاقها- وغيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 اعلم أنّا قد روينا أن «1» الميت عشقا شهيد «2» لكن أعلّه «3» ابن عدي «4» ، والبيهقي «5» ، والحاكم «6» وغيرهم وهو أحد ما أنكر على سويد بن سعيد «7» . قال يحيى بن معين «8» : «لو كان لي سيف وترس أو فرس ورمح لكنت أغزوه لذلك «9» » . وقد أشار إلى الحديث الشيخ الصالح العلامة كمال الدين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 الدميري «1» في منظومته. فقال بعد أن أسند عن ابن عباس «2» رضي الله عنهما: وقد روى عنه سويد بن سعيد ... من مات عشقا فهو بالرفع شهيد في البيهقي وحاكم وابن عدي ... وابن معين رده فاعتمد «3» وسيأتي طرف من هذا في الخاتمة. وقد صنف في هذا الباب الحافظ مغلطاي «4» كتابا واستحسن «5» بسببه. ورأيت بعضهم صدّر كتابه في هذا الفن بقوله: «حمد الله الذي يدز «6» بالمحبة والولوع وقضى بإحراق كبد كل عاشق وولوع وحكم بهوان أهل الهوى فلم يفرحوا «7» الهجوع..» . ثم نسج على هذا المنوال «8» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 ورأيت في الفردوس «1» : (العشق من غير ريبة كفارة للذنوب) .. وقد أفرد الأدباء لهذا الفن كتبا؛ منها: «الموشى «2» » ومنها: «مصارع العشاق «3» » أ. ومنها: «روضة المحبين «4» » . ومنها: «ديوان الصبابة «5» ب» ، وغيرها ج. وقد وصف الشعراء الهوى العذري. وتغزلوا فيه لأن بني عذرة موصوفون به، وهو كثير فيهم. وعامر ليلى «6» معروف بذلك د. وتوبة بن الحمير «7» قضاياه مشهورة مع ليلى. وفيها يقول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت ... عليّ ودوني جندل وصفائح «1» لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا ... إليها صدى من جانب القبر صائح «2» فيقال أنها مرت بقبره. فأنشدت ذلك. فارتفع من قبره شيء كالطائر نفرت منه ناقتها فسقطت ميتة. ودفنت إلى جنبه هـ. لطيفة «3» : نقلت من ديوان الصبابة فوائد منها: أن أبا حنيفة رضي الله عنه رأى رب العزة جل وعلا في المنام تسعة وتسعين مرة. ثم قال: لئن رأيته تمام المائة لأسألنه بما ينجو الخلائق يوم القيامة. قال: «فرأيته تمام المائة. فقلت: أي ربّ عز شأنك وجلّ سلطانك. بماذا ينجو الخلائق يوم القيامة؟» . فقال: «من قال عند الصباح والمساء أ: [ (دعاء) ] «سبحان الأبدي الأبد. سبحان الواحد الأحد. سبحان الفرد الصمد. سبحان من رفع السماء بغير عمد. لم يتخذ صاحبة ولا ولد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد نجا من عذاب يوم القيامة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 واعلم أن في رسم العشق ووسمه أقوالا للأطباء: فمنها ما قاله: أبو علي ابن سينا: «مرض وسواسي شبيه بالمالخوليا «1» يجلبه «2» المرء إلى نفسه بتسليط فكرة على استحسان بعض الصور والشمائل. وقد تكون معه شهوة الجماع. وقد لا تكون» . وكتابنا هذا ليس موضوعا لهذا الباب فاطلبه من كتبه. [أخبار ديك الجن] : واستفتح هذا الفصل بقصة ديك الجن الحمصي «3» . وله ترجمة في التواريخ لم يسمع بمثلها. وهو أنه كان يهوى جارية وغلاما فمن شدة حبه لهما وغيرته عليهما خشي أن يموت وأن يتمتع بهما غيره فعمد إليهما فذبحهما بسيفه. وأحرق جسديهما وصنع من رمادهما «برنيتين «4» » للخمر. وكان يضعهما في مجلس أنسه عن يمينه وشماله. وكان إذا اشتاق إلى الجارية قبّل «البرنية» المجبولة من رمادها. وملأ منها قدحه. وأنشد يقول أبياته فيها. ومنها: يا طلعة طلع الحمام عليها ... وجنى لها ثمر الرّدى بيديها روّيت من دمها الثّرى «5» ولطالما «6» ... روّى الهوى شفتيّ من شفتيها وأجلت «7» سيفي من مجال خناقها ... ومدامعي تجري على خدّيها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 فوحقّ نعليها وما وطئ الثرى «1» ... شيء أعزّ عليّ من نعليها ما كان قتليها لأنّي لم أكن ... أبكي إذا سقط الغبار عليها لكن بخلت على سواي بحسنها «2» ... وأنفت من نظر العيون «3» إليها وإذا اشتاق إلى الغلام قبل البرنيه المجبولة من رماده وملأ قدحه منها وبكى. وأنشد يقول فيه: أشفقت أن يرد الزّمان بغيره ... أو أبتلى بعد الوصال بهجره قمر «4» أنا استخرجته من دجنه ... لبليتي وأثرته «5» من خدره فقتلته وله عليّ كرامة ... ملئ الحشا وله الفؤاد بأسره عهدي به ميتا كأحسن نائم ... والطرف يسفح دمعتي في نحره «6» غصص تكاد تفيض «7» منها نفسه ... ويكاد يخرج قلبه من صدره لو كان يدري الميت ماذا بعده ... بالحيّ منه بكى له في قبره أأقول: هذا الذي يقال فيه الجنون فنون، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من فعل هذا المجنون على أنه أرق الناس شعرا. وأكثرهم للمحبوب ذكرا. فمن شعره في الدعاء على المحبوب: كيف الدعا [ء] على من جار أو ظلما ... ومالك ظالم في كل ما حكما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 لا وأخذ الله من أهوى بجفوته «1» ... عني ولا اقتص لي منه ولا انتقما أقول: صار الطالب مطلوب. هذا الفقه المقلوب. ما كفاه أنه فعل بالأحباب مالا يفعل بالكلاب. حتى تقول هذا الكلام فهو في الخفة والطيش. وقتل المحبوب لا في أيش ولا على أيش «2» . قلت: وهذا لا ينكر عليه فقد تقدم الكلام على أهل حمص «3» وخفتهم في طبائع البلدان أ. فنقول: [التركي وجاريته] : ذكر الشيزري في كتاب: «روضة القلوب» «4» : أنه رأى بحلب سنة خمس وستين وخمسمائة/ رجلا تركيا له جارية رومية يهواها وأنها أحبت شابا خياطا فاعملت الحيلة في وصاله فلم تقدر. فطلبت من سيدها أن يعتقها ويتزوجها ففعل ثم أراد (تزويجها) «5» فأنظرته لوقت ثم أرسلت للخياط فتزوجته عند القاضي محي الدين أبي حامد محمد بن محمد بن الشيزري «6» . فلما بلغ التركي ذلك صاح صيحة عظيمة ثم اختلط ذهنه «7» وتوسوس. فحمل إلى البيمارستان فأقام مقيدا بالحديد خمسة أيام لا يأكل ولا يشرب حتى مات في تلك الأيام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 [عشق امرأة] وذكر أبو القاسم محمد بن عبد الرحمن الشيزري في كتابه المذكور قال: شاهدت امرأة من أهل شيزر تزوجت رجلا جنديا أعجميا يقال له يوسف وكانت تجد به وجدا شديدا حتى كانت لا تصبر عنه لحظة، وكان إذا مضى إلى نوبته في القلعة تتزر وتظل قائمة قباله «1» حتى ينصرف، فإذا دخل عليها لاعبها، وقبلها، فيسكن بعض ما تجد، فدخل عليها مغيظا من كلام جرى بينه وبين مقدمه: فلما دخل أرادت منه العادة، فلم يلتفت إليها، ولاهش بها، فظنت أن ذلك لسبب حدث منها، فارتاعت، وجزعت، فمكث ساعة عندها، لم يرفع طرفه إليها، فقوي عندها فلما خرج، خرجت خلفه كعادتها، فانتهرها، فلم تشك أن غيظه لأجلها، فجعلت في رقبتها حبل وشدته في السقف، فاختنقت به، وماتت. [الظاهر والرجل وغلام نصراني] وقال الوداعي «2» : حكى الأمير شهاب الدين أحمد العقيلي «3» : أن شرف العلا هوى غلاما نصرانيا. وتهتك فيه حتى لبس المسح. وتزي بزي الرهبان. وكان يتبع الغلام حيث توجه. فاتفق أن الظاهر بن صلاح الدين «4» سمع بحاله فبينما هو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 يتصيد في بعض نواحي حلب. قيل له: شرف العلى في هذه الأرض. فأرسل إليه من يحضره. على هيئته. فلما حضر كان السلطان في مجلس شراب. فقال لبعض ندمائه املأ «1» قدحا كبيرا والق شرف العلا به. فلما رأى القدح أخذه بيده. وشربه. وأنشد في الحال يقول ارتجالا يخاطب الظاهر: جمعت بالكأس شملي ... فالله يجمع شملك بحق رأسك دعني ... حتى أقبل نعلك ولم يزل هائما بحبه في كل مكان حتى دخل في خبر كان. [عشق القندري لمغنيه] وحكى القاضي كمال الدين بن النحاس «2» ؛ عن القاضي زين الدين بن السفاح «3» وأخيه القاضي شمس الدين، وجماعة من أهل حلب الموجودين الآن. أنهم أخبروا عن ناصر الدين محمد بن مكبوت «4» أحد كتاب المنسوب المعروف بالقلندري أنه كان يهوى مغنية ولا تزال زرموزتها «5» معه في كيس حرير أطلس معلق في رقبته تحت ثيابه فإذا حضر مجلس أنس ولم يتفق حضورها فيه أخرج الزرموزة من الكيس ووضعها (قدامه) «6» وجعل يبكي. فإن لم يتفق له بكا [ء] . أنشد: «لا متعت عين محب بما يسرها إن هي لم تسجم» «7» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 ثم إنه يأمر من حضر بربط رجليه ويضربه عليها حتى يبكي. [سعد الوراق وعيسى النصراني الفتى] «1» : وحدث الخالدي «2» عن أبي بكر أحمد بن محمد الصنوبري «3» قال: كان بالرها «4» وراق يقال له سعد. وكان في دكانه مجلس كل ذي أدب، وكان حسن الأدب والفهم، يعمل شعرا رقيقا، فما كنا نفارق دكانه، أنا وأبو بكر المعوج الشامي وغيرنا من الشعراء وشعراء الشام وديار مصر. وكان تاجر بالرها نصراني من كبار تجارها، له ابن اسمه عيسى، من أحسن الناس وجها، وأحلاهم قدا، وأظرفهم منطقا. وكان يجلس إلينا، ويكتب عنا من أشعارنا، وجميعنا نحبه، ونميل إليه. وهو حينئذ صبي في الكتّاب. فعشقه سعد الوراق عشقا مبرحا. وكان يعمل فيه الأشعار؛ فمن ذلك وقد جلس في دكانه: اجعل فؤادي دواة والمداد دمي ... وهاك فابري عظامي موضع القلم وصير اللوح وجهي وامحه بيد ... فإن ذلك برءا لي «5» من السقم ترى المعلم لا يدري بمن كلفي ... وأنت أشهر في الصبيان من علم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 ثم شاع بعشق الغلام في الرها خبره. فلما كبر وشارف الاحتلام أحب الرهبنة وخاطب أباه وأمه في ذلك. وألح عليهما حتى أجاباه، وأخرجاه إلى دير نبواحي الرقة وهو في نهاية حسنه فابتاعا له قلاية «1» ودفعا إلى رئيس الدير جملة من المال عنها. فأقام الغلام فيها. وضاقت على سعد الوراق الدنيا بما رحبت وغلق دكانه وهجر إخوانه. ولزم الدير مع الغلام. وسعد في خلال ذلك يعمل فيه الأشعار. فأنكرت الرهبان إلمام سعد به. فنهوه عنه. وأحرموه أن يدخل قلايته. وتوعدوه بإخراجه من الدير إن أدخله إليه. فأجابهم إلى ما سألوه. فلما رأى سعد امتناعه منه شقّ عليه وخضع للرهبان ورفق بهم فلم يجيبوه وقالوا في هذا إثم وعار ونخاف السلطان. وكان إذا وافى الدير أغلقوا الباب في وجهه، ومنعوه من دخوله. ولم يدعوا الغلام يكلمه. فاشتد وجده وزاد عشقه حتى صار إلى الجنون. فخرق ثيابه. وانصرف إلى داره. فضرب «2» جميع ما فيها بالنار. ولزم صحراء الدير وهو عريان يهيم. ويعمل الأشعار. قال أبو بكر الصنوبري ثم عبرت يوما أنا والمعوج الشامي من بستان بيتنا فيه فرأيناه جالسا في ظل الدير وهو عريان، وقد طال شعره، وتغيرت خلقته، فسلمنا عليه وعذلناه وعنفناه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 فقال دعاني من هذا الوسواس. أتريان ذلك الطائر الذي على هيكل الدير وأومأ بيده إلى طائر هناك. فقلنا نعم. فقال: وحقكما يا أخوتي أناشده منذ الغداة أن يسقط فأحمله رسالة إلى عيسى. (2 ظ) م ثم التفت إلي وقال يا صنوبري/ معك لوح؟ قلت: نعم. قال: اكتب: بدينك يا حمامة دير زكى» ... وبالإنجيل عندك بالصليبي قفي وتحملي عني سلاما ... إلى قمر إلى غصن رطيبي حماه جماعة الرهبان عني ... فقلبي ما يقر من النحيب «2» وقالوا رأينا إلمام سعد ... ولا والله ما أنا بالمريب «3» وقولي سعدك المسكين يشكو «4» ... لهيب جوى أحر من اللهيب فصله بنظرة لكن من بعيد ... إذا ما كنت تمنع من قريب وإن أنا مت فاكتب حول قبري ... محب مات من هجر الحبيب رقيب واحد ينغص عيشي ... فكيف بمن له مائتا «5» رقيب ثم تركنا [هـ] «6» وقام بعد ذلك إلى باب الدير وهو مغلق دونه وانصرفنا عنه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 وما زال كذلك زمانا فوجد في بعض الأيام ميتا إلى جانب الدير. وكان أمير البلد العباس بن كيغلغ «1» فلما اتصل ذلك به وبأهل الرها خرجوا إلى الدير وقالوا ما قتله غير الرهبان. وقال لهم ابن كيغلغ لابد من ضرب رقبة الغلام وإحراقه بالنار. ولا بد من تعزير «2» الرهبان بالسياط. وتصعب في ذلك. فافتدت النصارى نفوسهم وديرهم بمائة ألف درهم. وكان الغلام بعد ذلك إذا دخل الرها لزيارة أهله صاح به الصبيان: يا قاتل سعد الوراق. وشدوا عليه بالحجارة يرجمونه. وزاد الأمر بعد ذلك. حتى امتنع من دخول المدينة. ثم انتقل إلى دير سمعان «3» . وما أدري ما كان منه. انتهى. [إسلام راهب] : وذكر الشيزري أنه كان بعمورية «4» راهب يسمى عبد المسيح أسلم فسئل عن إسلامه فقال: كان عندنا شاب فهوى جارية نصرانية، تبيع الخبز، فكان لا يبرح ناظرا إليها، فلما علمت به سلطت عليه الصغار، يضربونه، ويصيحون عليه، فكانت تفعل به ذلك كل يوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 فلما علمت صدقه دعته إلى نفسها حراما، فأبى فعرضت عليه التنصر، ويتزوجها فأبى، فسلطت عليه الصغار فاثخنوه قتلا. قال عبد المسيح: فأدركته لما به وهو يقول: اللهم اجمع بيننا في الجنة، ومات، فلما كان من الليل رأت الجارية الشاب، قالت فانطلق بي وأدخلني الجنة، فلما أردت أن أدخلها منعت لأجل الكفر. قالت: فأسلمت، ودخلت معه فرأيت شيئا عظيما ورأيت قصرا من الجوهر. فقال: هذا لي ولك، وأنا لا أدخله إلا أنا وإياك، ولك خمس ليال تكونين «1» عندي. فلما استيقظت «2» أسلمت، وجلست عند قبره، وماتت في الليلة الخامسة، فكان ذلك سبب إسلامي، انتهى. خاتمة: وقد اختلف «3» أهل الأدب في العشق، هل هو اختياري أو اضطراري على قولين ولكلّ منهما وجه مليح وقدّ رجيح. (3 و) قال/ الفضل بن عياض «4» : لو رزقني الله دعوة مجابة لدعوت الله أن يغفر للعشاق لأن حركاتهم اضطرارية لا اختيارية. والكلام في هذا طويل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 وتقدم أول الفصل الكلام على حديث سويد بن سعيد ونزيد هنا. قال ابن السراج «1» : في كتابه: (مصارع العشاق) عن نفطويه «2» النحوي، قال: دخلت على محمد بن داود الأصفهاني «3» في مرضه الذي مات فيه فقلت: كيف نجدك؟ قال: حب من تعلم أورثني ما ترى؟ فقلت: أما منعك من الاستمتاع به مع القدرة عليه؟ فقال: الاستمتاع على وجهين: أحدهما النظر المباح، والثاني اللذة المحظورة. فأما النظر المباح فأورثني ما ترى. وأما اللذة المحظورة فإنه منعني ما حدثني به أبي. قال: ثنا سويد بن سعيد «4» ؛ قال: ثنا علي بن مسهر «5» ؛ عن أبي يحيى القتات «6» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 عن مجاهد «1» ، عن ابن عباس «2» ؛ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عشق، وكتم، وعفّ، وصبر غفر الله له وأدخله الجنة بمنّه وكرمه» «3» . ثم أنشد: انظر إلى السحر يجري في لواحظه ... وانظر إلى دعج في طرفه الساج وانظر إلى شعرات فوق عارضه ... كأنهن (نمال) «4» دب في عاج وأنشد أيضا: مالهم أنكروا سوادا بخديه ... ولم ينكروا سواد العيون إن يكن عيب خديه بدو الشعر ... فعيب العيون شعر الجفون فقلت له: نفيت القياس في الفقه وأثبته في الشعر؟ فقال: غلبة الهوى، وملكة النفوس دعوا إليه، ومات أبي «5» رحمه الله تعالى أ. وقد اختلف الناس في قوله عليه السلام «6» : من عشق وكتم وعف ... الحديث. فقال بعضهم: كتم عشقه عن الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وقال الحضرمي «1» : أحب فكتم، ووصل، فعف وهجر فمات فهو شهيد. وقال آخر: كتم اسم محبوبه. وقال عثمان بن زكريا المؤدب «2» - أحد رواة الحديث- عن سويد: كتم محبوبه أنه يحبه. وقال الشيخ العلامة الحافظ علاء الدين مغلطاي «3» في كتابه: (الواضح المبين «4» ) : هذا حديث إسناده صحيح. وإن كان جماعة من العلماء أعلوه بما ليس بعله. وقال في كتابه المذكور: إن هذا الحديث سنده كالشمس لا مرية في صحته ولا لبس. ولهذا عدّ جماعة من الفقهاء ميت العشق من الشهداء. أخذ بهذا الحديث منهم الرفاعي «5» وغيره. فبعضهم اشترط الشروط المذكورة. وبعضهم أطلق كالنووي «6» . انتهى ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 [العجمي والغلام ابن الشرابي] : وقد رأيت في حلب في زمن الصبي «1» شخصا أعجميا يهوى غلاما وهو ابن شرابي فكان يجلس قباله في الحانوت من أول النهار إلى آخره يتمتع بالنظر. فإذا أغلق الغلام حانوته وذهب إلى بيته لازم العجمي بابه إلى الصباح. وهو يضرب ويلام على ذلك. فلا يلتفت إلى أحد. ولا يزيده ذلك إلا عشقا. ثم إن الصبي اخترمته المنية فلازم (3 ظ) / العجمي قبره حتى مات. انتهى. [نهاية عشق] : وحكى أبو الفرج ابن الجوزي «2» : قال ذكر لي شيخنا أبو الحسن علي بن عبد الله: أن رجلا عشق نصرانية حتى غلب عليه عقله فحمل إلى البيمارستان. وكان له صديق يترسل بينهما فلما زاد به الأمر، ونزل به الموت. قال لصديقه: «قد قرب الأجل ولم ألق فلانة في الدنيا. وأنا أخشى أن أموت على الإسلام فلا ألقاها في الآخرة» . فتنصر، ومات. فمضى صديقه إلى النصرانية فوجدها عليلة. فقالت: «أنا ما لقيت صاحبي في الدنيا وأريد أن ألقاه في الآخرة» . فأسلمت. ثم ماتت. فلا حول ولا قوة إلا بالله أ. [غلام عاشق] : وقال ابن الجوزي: سنة ثمانين وأربعمائة كان ببغداد غلام يقال له (ابن الرواس) هوى امرأة. فماتت. فحزن عليها «3» وبقي أياما حتى خنق نفسه، ومات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 [فداء من العاشق] : وفي سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة اتفق أن شابا من أبناء دمشق جميل الصورة عدى على إنسان كان يحبه، فقتله، فحمل إلى الوالي: فلما سأله، أنكر فعرّاه للضرب فتقدم إنسان كان يعشق دلك الشاب، وقال: أنا قتلته، فلا تظلموه. فكتب الوالي عليه محضرا بإقراره بالقتل. وأطلق الشاب. وكان ايتمش «1» نائب دمشق إذ ذاك، فلما حكيت له القصة، اطلع على باطنها فتوقف في قتله، وأمر بحبسه. فلما حضر أرغون الكاملي «2» من حلب عوضا عن ايتمش فكان أول شيء حكم به من الدما [ء] قتل العاشق بمقتضى المحضر. انتهى. [الخليفة الهادي وجاريته غادر] : وقال عبد الحق في المعاقبه مما ابتلى الله به الهادي «3» من المحبة وعاقبه به أنه كان مغرى بجارية له تسمى غادرا. وكانت من أحسن الناس وجها. وأطيبهن غناء. اشتراها بعشرة آلاف دينار. فبينما هو يشرب مع ندمائه فكر ساعة، وتغير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 لونه، وقطع الشراب، فقيل له: ما بال أمير المؤمنين. فقال: وقع في فكري أني أموت، وأن أخي هارون «1» يلي الخلافة، ويتزوج غادر «2» امضوا فأتوني برأسه. ثم رجع عن ذلك، وأمر بإحضاره، وحكما له ما خطر بباله، فجعل هارون يترفق له، فلم يقنع بذلك. وقال: احلف لي بكل ما أحلفك به، أنني إذا متّ لاتتزوج بها. فرضي بذلك وحلف له أيمانا عظيمة. ثم قام ودخل إلى الجارية وحلفها أيضا على مثل ذلك. فلم يلبث بعدها شهرا حتى مات، وولي هارون «3» الخلافة، وطلب الجارية، فقالت: يا أمير المؤمنين كيف نصنع في الأيمان؟ قال: «قد كفرت عني وعنك» . ثم تزوج بها، ووقعت من قلبه موقعا عظيما، وافتتن بها أعظم من أخيه الهادي، حتى كانت تسكر وتنام في حجره فلا يتحرك، ولا ينقلب حتى تنتبه، فبينما هي في بعض الليالي في حجره إذ انتبهت فزعة مرعوبة. فقال لها: ما بالك؟. قالت: «رأيت أخاك الهادي في النوم. وأنشدني: أخلفت وعدي بعدما ... جاورت سكان المقابر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 ونسيتني «1» وحلفت لي ... أيمانك الزور الفوا [جر] «2» ونكحت غادر «3» أخي ... صدق الذي سماك غادر «4» لايهنك الإلف «5» الجديد ... ولا تدر عنك الدوائر ولحقتني قبل الصباح ... وصرت حيث عدوت صابر (4 و) / قالت: ثم ولى عني. وكأن الأبيات مكتوبة في قلبي. فما نسيت منها كلمة. فقال لها: «هذه أضغاث أحلام من الشيطان» . فقالت: «كلا والله يا أمير المؤمنين» . ثم اضطربت بين يديه. وماتت في تلك الساعة. فلا تسأل عن حال هارون ومالقي بعدها. [النحوي والغلام] : وفي سنة ثلاثين وخمسمائه «6» توفي عبد الودود بن عبد الملك أبو الحسن النحوي من أهل ... «7» كان أديبا، شاعرا. فاضلا، قدم بغداد وأقام بها مدة وكان يحب صبيا وضيء الوجه بحلب، فكان ذلك الصبي إذا غاضبه يمضي إلى رجل آخر يخدمه مثل ما يخدم عبد الودود ويعاشره فإذا رأى عبد الودود ذلك لا يملك صبره، يستعين بكل طريق في رضاه، فغضب مرة، ومضى إلى ذلك الرجل وكان عطارا فمر عبد الودود بسوق العطر فوجد الصبي جالسا على دكان العطار فلم يتمالك أن خرّ مغشيا عليه في وسط الطريق وسقطت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 عمامته عن رأسه. وباد [ر] «1» الصبي ورفعه من الطريق إلى دكان حتى أفاق ففتح عينه ورأى ما حلّ به فقام، وأنشد «2» : لست أرضى لك يا قلب بأن ترضى «3» بذلي «4» هذه إن شئت أن تسلوا طريق السلو «5» ثم هجره بعد ذلك، وسلاه، ولم يعد إليه بعدها. انتهى. [الأعجمي وفتى من القاهرة] : وأخبرني من أثق به عن شخص كبير بالقاهرة من أرباب الوظائف أنه أخبر عن نفسه أن شخصا تيّم به من الأعاجم، وأنه لازمه، وصار يتعرض له في الطرقات وأنه أخبر أباه بذلك. فقال له: قل لهذا الرجل أتحبني. فإن قال: نعم. فقل له: أتأتمر بأمري. فإن قال: نعم. قل له: إني آمرك أن تخرج من القاهرة. فقال له ذلك: فخرج في الحال من القاهرة ولم يرجع إليها. [غرام ابن نجم الكيلاني بجارية الناصر] : ورأيت في تاريخ شيخنا الحافظ [ا] بن حجر «6» قال: «في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة وفيها توفي آخر من علمناه مات عشقا. وهو غياث الدين محمد بن علي بن نجم الكيلاني كان أبوه من أعيان التجار، فطلب العلم واشترى له أبوه الكتب النفيسة، فمهر واشتهر بالفضل في مدة قليلة، فعلق بجارية من جواري الناصر «7» اسمها سمرا فتزوج بها، وهام بها وأتلف عليها ماله وروحه، وأفرط في حبها. وأفرطت في بغضه، حتى قيل إنها سقته سما فتعلل مدة، ولم تزل به حتى فارقها فزال عقله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 ولما حضرته الوفاة عادته واستحلته فحاللها من شدة المحبة. وكانت قد ألزمته بطلاق زوجته بنت عمه فطلقها لأجلها. ومن شعره فيها قصيدة. منها: سلو [ا] سمرا عن حزبي وحزني ... وعن جفن حكى هطال مزن «1» سلوها هل عراها ما عراني ... من الجن الهواتف بعد جن «2» سلوا هل هزت الأوتار بعدي ... وهل غنت كما كانت تغني سأشكوها إلى مولى حليم ... ليغفر في الهوى عنها وعني «3» وتزوجت بعده عاميا فأحبته، وأبغضها- انتهى. قلت: وأذكر في ذلك قصة بريرة «4» مع زوجها مغيث «5» . وقال صلى الله عليه وسلم. للناس: «ألا تعجبوا من حبه لها. وبغضها له» . وكان يدور خلفها في سكك المدينة يبكي. وقصتها مذكورة في كتب الصحابة رضي الله عنهم. انتهى أ (4 ظ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 «1» الفصل السادس في- المنافع التي بداخلها وخارجها.- والطلاسم.- والمطالب. وفي آخره: - حل الكتابة القديمة التي وجدت على بعض أحجارها. وما في معاملتها من ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 اعلم وفقك الله تعالى أن المنافع، التي تكون في الأحجار، قد تكون لخاصية فيها كالياقوت فإنه ينفي الفقر. ولا يؤثر فيه النار، ولا يغيّره. ومن تختّم به أمن من الطاعون، وتيسرت له أمور المعاش، ويقوى قلبه «1» ، ويهابه الناس، ويسهل عليه قضاء الحوائج «2» . والفيروز ج: لم ير في يد قتيل أبدا «3» والمرجان: إذا علّق على طفل امتنعت عنه أعين السوء من الجن والإنس. والبلور: من علّق عليه لم ير منام سوء. والتيفاجي «4» له كتاب الأحجار «5» فيه فوائد جمة. درب الأسفريس «6» : هذا الدرب به حمام الهذباني «7» ومدرسة الطمانية «8» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وأوله المسجد الذي قيل إن إبراهيم بن أدهم نزل به «1» . في رصيفه الآن عمود أسود ينفع من عسر البول للإنسان والدابة. قاله ابن العديم، وقال: «إنه بالقرب من الأسفريس» . انتهى. وهذا يحتمل أن يكون لخاصة فيه. ويحتمل أن يكون لرصد «2» . ويسمى عمود العسر. فإذا أصاب الإنسان أو الدابة هذا الدا [ء] دير حوله فيبرأ. درب الناصرية «3» ؛ التي انتزعها ابن الزملكاني «4» من اليهود: ينفع لمغل «5» الدواب تسير الدابة هناك فتبول، وتروث، ويزول ما بها، انتهى. والسر في ذلك أنها تسمع عذاب من بالناصرية المذكورة من الكفار فتفزع فتبول، وتروث. ولذلك فالمسلمون يخرجون دوابهم إذا حصل لها ذلك إلى مقابر اليهود فيزول عنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 برج الثعابين «1» ؛ في الزاوية التي عند باب الفراديس «2» : المستجد به طلسم «3» الحيات فإذا لدغت الشخص داخل السور «4» لاتؤذيه. وأما الجبل الأحمر «5» خارج بانقوسا إذا ضربت قتلت. وشاهدنا ذلك وكذلك خارج السور تقتل. وفي أيامنا ضربت حية إنسانا بالقرب من بستان الحبيبي «6» فقتلته. البق: ما كان يدخل إلى البلد حتى اتفق عمارة في مكان من السور فظهر فيه طاقة أفضت إلى مغارة. وكانت مسدودة فخرج منها بق عظيم عند فتحها «7» ؛ قال ابن العديم: أظنها في ناحية قلعة الشريف «8» . وكان الإنسان إذا أخرج يده إلى خارج السور جلس البق عليها. فإذا أدخلها ارتفع البق عنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 [طلسم للبق وآخر للحيات في معرة النعمان] «1» : وكان في معرة النعمان عمود فيه طلسم البق، وذكر أهل المعرة أن الرجل كان يخرج يده وهو على سور المعرة إلى خارج السور فيسقط عليها البق. فإذا أعادها إلى داخل السور زال عنها. ورأى شخص بالمعرة عمودا في/ أسفل/ داره ففت موضعه ليستخرجه فانخرق إلى مغارة فنزل فلم يجد شيئا. ورأى في الحائط صورة بقة. فمن ذلك اليوم كثر البق بالمعرة «2» . وحياتها لا تؤذي إذا لدغت. والعمود القائم في مدينة المعرة طلسم الحيات. وهذا العمود قائم مستقر على قاعدة حديد «3» في وسطه يميله الإنسان فيميل. وكذلك حاله مع الري القوية. ويضع الناس تحته إذا مال الجوز واللوز فينكسر «4» . درب البذادرة «5» ؛ داخل باب أنطاكية إلى ناحية الجلوم تجاه البرج المعروف بالشيخ شمس الدين محمد النواوي الشافعي «6» . بحائط هناك حجر أبيض عليه كتابة قديمة ينفع للمبروق ظهره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 مسجد قاقان «1» ؛ على جانب السور بالقرب من باب أنطاكية، ولا أعرف لقاقان ترجمة: بحائطه حجر أسود فيه صور. والحائط على الجادة إذا حصل للشخص لوقة «2» في حنكه ينظر في هذه الصور قبل طلوع الشمس ثلاثة أيام يزول ذلك، وقد جرّب. وفي داخل هذا المسجد في حائطه الشمالي من جهة الشمال حجر فيه خط بالعبراني يقال إنه ينفع للمبروق «3» ظهره إذا أسند ظهره إليه. انتهى. وأما جمعته فإنها محدثة. قدم الشيخ إبراهيم الوفائي «4» حلب ونزل في العقبة «5» بالقرب من هذا المسجد فاعتقده الناس وأحدث خطبة في هذا المسجد وقام بعمارة منبره المعلم يوسف السمسار في (البزجاد «6» ) المسجد. باب النصر «7» : في دركاته «8» حجر وهي ملساء الآن وبها كتابة إذا حصل للشخص في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 أظافره عروق الملح دلك أصابعه فيه. فيزول. وكذلك إذا دلك أصابعه به أمن من ذلك. المسجد الكائن خارج باب الجنان الآن: وسيأتي الكلام عليه. به جب إذا اغتسل منه من حصل له الشري في جسمه، برىء من ذلك. ورأيت شخصا على بابه له حانوت أخبرني أنه كان يجد في هذا الجامع كل يوم دراهم وأنه أخبر الناس بذلك. فانقطع عنه ذلك. أنطاكية: بها طلسمات- كما سيأتي الكلام عليها في المعاملات- لا يدخلها البق. براق «1» : وهي قرية من قرى حلب بها مزار يقصده الزمنى والمرضى فيبيتون هناك فإما أن يطيبوا وإما أن يروا في المنام قائلا يقول لهم: «دواؤكم في الشيء الفلاني» . أو من يمسح يده عليهم فيطيبون، كذا رأيته في تاريخي ابن الأثير وابن العديم «2» . بجارز ؛ من عمل سرمين «3» : بها بئر ينفع لمن دخل في حلقه علقة فيشرب من ماء البئر فيلقها. بابلي «4» : بها شيء ينفع من عض الكلب الكلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 جندارس «1» ؛ قرية من قرى حلب: يأتيها الناس من كل الآفاق يستحمون للعلل (1 و) ف/ التي تصيبهم ولا يدرى من أين يأتي ماؤها الكبريتي. ولا أين يذهب «2» . الجومة؛ كورة معروفة «3» : بها العيون الكبريتية التي تجري إلى الحمة التي بقرية جندارس «4» . قرية دنجو «5» ؛ من أعمال دير كوش «6» : إلى جانبها حمة يغتسل فيها يوم الأربعا [ء] . ينفع للخلط والدماميل أخبرني من اغتسل فيها فزال عنه ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 سخنة «1» ؛ من أعمال المناظر «2» من ناحية قنسرين «3» : بها حمة ماؤها في غاية الحرارة تنفع من الري والبلغم والجرب «4» . الرها «5» : «6» بها عين الخليل عليه الصلاة والسلام؛ تنفع للجذم وأصحاب العاهات. سرمين: لا عقرب فيها. وفي تاريخ الصاحب: لا يوجد فيها حية. وفي وسطها عمود يقال أنه طلسم الحيات «7» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 شيخ الحديد «1» : لا عقرب يوجد بها: «لطيفة» : من قال حين يمسي: «صلى الله على نوح، وعلى نوح السلام» . لم يلدغه تلك الليلة عقرب إنشاء الله؛ ذكره في الفردوس «2» . عزاز «3» : لا عقرب فيها. العمق «4» : بناحيته حمة ينفع من الري والبلغم. عين جارة «5» : بينها وبين الهوتة حجر قائم كالنجم ربما وقع بين أهل الضيعتين شر فيكيدهم أهل الهوتة بأن يطرحوا الحجر القائم فكلما يقع الحجر يخرج أهل «6» الضيعتين من النساء ظاهرات متبرجات لا يعقلن أنفسهن طلبا للجماع، ولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 يستقبحن ما هم عليه من غلبة الشهوة، إلى أن يبادر الرجال إلى الحجر فيعيدونه إلى حالته الأولى، وقد عاد إليهن التمييز باستقباح ماكن عليه. وقد بطل ذلك. وهذه الهوتة «1» من أعاجيب الدنيا، وهي مستديرة، لا يدرى ما كانت؛ وأهلها لصوص. عين تاب «2» : لا عقرب بها، وترابها إذا شمه العقرب هرب؛ قاله العيني «3» في تاريخه. الفوعة «4» : لا يوجد بداخلها عقرب. قبتان الجب «5» ؛ في النواحي الشرقية: إلى جانبها: «جب الكلب» . كان الكلب العقور إذا عض شخصا فيشرب منه فيبرأ فجا [ء] ت امرأة وألقت خرقة حيض فيه فبطلت منفعته. وقرأت في كتاب: «عجائب المخلوقات» للقزويني؛ قال بعض أهل القرية إذا لم يجاوز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 المكلوب أربعين يوما وشرب منها برأ. وإذا جاوز ذلك مات. وإن شرب منه «1» . ورأيت في معجم البلدان «2» : «قال حدثني مالك القرية ابن الإسكافي وسألته عما يحكى من هذا الجب. وأن الذي نهشه الكلب الكلب إذا شرب منه برأ فقال: هذا صحيح لا شك فيه. قال: «وقد جاءنا منذ شهور ثلاثة أنفس مكلوبين يسألون «3» عن القرية فدلوا عليها فلما حصلوا في صحرائها اضطرب أحدهم وجعل يقول لمن معه اربطوني لئلا يصل إلى أحد منكم مني أذى» ؛ وذاك أنه قد تجاوز (2 و) ف أربعين يوما منذ نهش فربط فلما وصل إلى الجب وشرب من مائه مات. وأما الآخران فلم يكونا جاوزا أربعين يوما فشربا فبرأا. قال وهذه عادته إذا تجاوز المنهوش أربعين يوما لم يكن فيه حيلة. بل إذا شرب منها تعجل موته «4» . وعن تاريخ ابن العديم في حدود الخمسمائة بطلت منفعته. وأن المعضوض إذا نظر في الجب فأبصر النجوم نفعه ذلك. وإن لم ينفعه سمع نباح الكلاب «5» . وقيل: إنما زالت منفعته لأن رضوان بن تاج الدولة «6» وسّع فاه فبطلت منفعته سنة ست وتسعين وأربعمائه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 وفي معجم البلدان: «.. عن ابن الإسكافي، على هذا الجب حوض رخام سرق مرارا فإذا حمل إلى موضع رجم أهل ذلك الموضع حتى يعاد إلى موضعه «1» » . وفي سنة خمس وأربعين وأربعمائة كلب الذباب والكلاب وأتلفت أكثر الناس. وعلي بن منقذ «2» - سديد الملك- الذي فتح شيزر واشتراها من الأسقف بمال وكان من العقلاء والأدباء والشعراء كان ممن عضه كلب. فشرب منه ونظر إليه فرأى نجوما وصب عليه أربعين دلوا فبرأ. وبعد تمام الأسبوع قال: «بلت ثلاثة كلاب مصورة بأذنابها ورؤوسها.» انتهى. «فائدة» : الكلب، بفتح اللام: شبه الجنون يعرض للكلب. وعلامة ذلك أن تحمر عيناه ولا يزال يدخل ذنبه تحت رجليه. وإذا رأى إنسانا ساوره والكلاب تفرّ منه. وإذا عقر هذا الكلب إنسانا عرض له أمراضا رديئة. منها أن يمتنع عن شرب الماء. حتى يهلك عطشا. ولا يزال يستسقي حتى إذا سقي لم يشرب. فإذا استحكمت هذه العلة به قعد للبول خرج منه على هيئة صور الكلاب الصغار «3» . «فائدة» : الكلب الكلب إذا عضّ حيوانا وذبح لا يحلّ أكله لأن من أكله كلب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 قاله التوحيدي «1» . «فائدة «2» : سمعت والدي- رحمه الله تعالى- يقول ينفع المعضوض قطرة من دم ملك. وقال ابن القيم «3» : «إن شرب العسل وحده ممزوجا بماء ينفعه. أ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 كفر نجد «1» :؛ من جبل السماق «2» : فيها بئر من غربيها ربما ساح ماؤها في بعض السنين على وجه الأرض يقصدها من دخل في حلقه علقة كلما شرب من ماء البئر شربة طاف بالبئر مرة فإذا أكمل سبع مرات خرجت بغير أذى. قال ابن العديم: وقد اتفق لي ذلك فشربت من مائها فألقيت العلقة وهي مقدار الأصبع. قال ابن شداد: «والخاصية فيه أن الإنسان يشرب ماءها بحيث أن لا يسقط منه من الماء في البئر. ومن لم يشربه كذلك لا ينفعه. وقد شاهدت ذلك «3» » . إشارة: قال الدميري «4» : طريق خروجها أن يبخر بوبر الثعلب فإذا أصابها دخانه قطت في الحال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 ممبج «1» : على سبعة أميال منها حمة عليها قبة تسمى الدير «2» وعلى شفيرها صورة رجل من حجر أسود تزعم النساء أن كل من لا تحبل إذا حكّت فرجها بأنف تلك الصورة حبلت. وبها حمام يقال له حمام الصراني «3» في وسطه صورة رجل يخرج ماء الحمام من إحليله. معرة مصرين «4» : لا عقرب بها. وبها مسجد المحاريب، به عمود يقال أن الطلسم به. إشارة: قال في ربيع الأبرار «5» : «زعموا أن أرض حمص لا تعيش فيها العقارب. زعم أهلها أن ذلك لطلسم. وإن طرحت فيها «6» عقرب غريبة ماتت من ساعتها.» باعو «7» : من أعمال حلب: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 بها مزار يقصده من به جنون أو مرض خطر فيبيت هناك فيبرأ في الغالب. يحمول «1» ؛ قرية بالقرب من معرة مصرين: لا يوجد في أرضها عقرب. وإذا شمت العقرب ترابها ماتت. وإلى جانبها «رأس «2» » وإليها ينسب الخمر؛ قال الشاعر: كأنّ سبيئة من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء. وهي والكفر عقاربها كثيرة الضرر. وأما: المطالب «3» ففي ظاهر حلب بالقرب من نوايل «4» من شرقها مطلب: أخبرني شخص من أهل الصلاح أنه كان نائما في كرمه بأراضي (بطياس «5» ) فجاءه جماعة وراودوه على الذهاب معهم إلى هذا المكان. خاف من القتل ولم يذهب معهم. ثم إنهم خادعوه. وأخذوه فجاؤوا إلى صخور هناك وقرأوا كلاما فانفتح لهم عن مطلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 فأخذوا منه تبرا وسألوه أن يأخذ منه شيئا. فقال لهم: هذا صار لي. ولم يأخذ منه. ثم إنه عاود المكان بعد ذهابهم فلم ير لذلك أثرا. وشاهدته وقد قل عقله، وتغير طبعه. وبالخناقية «1» ؛ التي ظاهر حلب مطلب آخر: سيأتي الكلام عليه في قلعتها في الحائط الذي بني على خندقها. وببستان المطيلب: دولاب وفيه باب مسدود نصفه في الماء. شاهدته ذهب إليه شخص من عدول حلب، وكتب شيئا على خزف وطرحها في الماء. فخرجت يد وكسرت ذلك وساج الماء. وخرج منه دخان ففر ومن معه. بانطاكية: عدة مطالب. وكذلك: خارج تيزين «2» ؛ عين وبها مطلب: أخبرني من دخل إليها مع المغاربة فإنهم حملوه على الدخول معهم وشاهد الأموال. ولم يأخذ منها شيئا. وقال كما قال المتقدم ذكره. وشاهدته وقد اصفر لونه ندما على ذلك. وبحلب بخندق الروم «3» : مطلب. عند الوتارة «4» : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 بئر ليست مربعة ولا مدورة، بل هي مثلثة الشكل وفيها صندوق من ألقى في البئر حجرا أو غيرها سمع صوت الصندوق. وعجز الناس عن إخراجه. وبعين التل «1» ؛ التي شمالي حلب: مطلب، وقد سد لكثرة من كان يدخل إليه طمعا في إخراجه، فيقتل. وأما: حل الكتابات القديمة التي وجدت على بعض أحجارها منها: الرخامة التي بالمدرسة الحلوية «2» : كانت النصارى تقرب عليها القربان وهي شفافة إذا أوقد تحتها نور ظهر من أعلاها عليها خط سرياني عرّب بأنه: «عمل هذا للملك دق لطيانوس «3» ، والنسر الطائر في أربعة عشر درجة من برج العقرب» . فيكون مقدار ذلك ثلاثة آلاف سنة أي إلى زمن تعريبه، وهذا اللوح أحضره نور الدين الشهيد «4» من فامية «5» . وكان يحشي به للفقهاء القطائف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 وهذا الملك آخر ملوك رومية. قيل إنه ملك عشرين سنة. وتقدم ما كان مكتوبا على قنطرة باب أنطاكية بحلب. ووجد بقنسرين حجر مكتوب فيه بالعبرانية شعر: إذا كان الأمير وصاحباه ... وقاضي الأرض يدهن في القضاء فويل ثم ويل ثم ويل ... لقاضي الأرض من قاضي السماء «1» وبقرية نحلة «2» من جبل بني عليم «3» : مقبرة كان عليها كتابة بالرومية ويشاهد الناظر على المقبرة في بعض الليالي نورا ساطعا حتى إذا قصده اختفى عنه النور فلا يرى شيئا. والكتابة ترجمت بالعربية فكانت: «هذا النور هبة من الله العظيم لنا..» «4» . وذكر كلاما نحو هذا وفيه زيادة عليه. وقد أمر الأمير سيف الدين علي بن قلج «5» بأن تنقل هذه الكتابة ودفعها إلى بعض علماء الروم بحلب فترجمها بما تقدم «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 قلت: والشيء بالشيء يذكر «1» : ففي معاملة الراوندان «2» قرية يشاهد منها نور ساطع في بعض الليالي فإذا قصدها شخص ودنا منها ذهب ذلك النور «3» . وبباب قلمية بطرسوس «4» : حجر مكتوب عليه باليونانية «5» : «الحمد الله الوارث للخلق بعد فناء الدنيا كما عرفني فإني ابن عم ذي القرنين عشت أربعمائة سنة وكسرا «6» . ودرت الشرق والغرب أطلب دواء للموت. من أراد الجنة فليصلّ في هذا الدير عند العمود ركعتين ومن أراد صنعة العمد «7» وآلتها فعليه بالقنطرة السابعة من جسر أدنة «8» » . ونبش شخص أسود قبرا بأنطاكية فأصاب فيه صفيحة نحاس فيها مكتوب بالعبرانية: «أنا عون بن ارميا النبي بعثني ربي إلى أنطاكية أدعوهم إلى الإيمان بالله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 فأدركني فيها أجلي وسينبشني أسود في زمان أمة محمد صلى الله عليه وسلم «1» » . وورد كتاب من أبي جعفر «2» بنبش القبور التي بانطاكية فنبشوا قبرا فإذا فيه رجل أضلاعه تنثني وعند رأسه لوح مكتوب فيه: «لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ أنا عون بن سام بن نوح بعثني الله إلى أهل أنطاكية؛ فكذبوني، وقتلوني. وينبشني رجل أسود أفدع «3» أصلع» . فإذا الذي نبشه أسود. وكانت عليه عمامة فكشفوها فإذا هو أصلع. ونزعوا خفه فاذا هو أفدع فتركوه كما كان. وقال الله تعالى: وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما «4» . وورد عن ابن عباس: هو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 بأنطاكية والكنز لوح من ذهب «1» . والذهب لا يصدأ ولا يتغير. مكتوب فيه أ: «بسم الله الرحمن الرحيم: عجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن. وعجبت لمن يؤمن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها. محمد رسول الله» . هكذا ورد من حديث أنس مرفوعا. وعن مجاهد موقوفا قال: كان الكنز لوحا في أحد جانبيه لا إله إلا الله الواحد الصمد، لم يلد، ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد» . وكان في الجانب الآخر: «عجبا لمن أيقن بالنار كيف يضحك وعجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها. عجبا لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل» . وعن جعفر بن محمد كان الكنز سطرين ونصفا. ولم يتم الثالث فيه مكتوب: «يا عجبا من الموقن بالموت كيف يفرح. ويا عجبا من الموقن بالرزق كيف يتعب. ويا عجبا من الموقن بالحساب كيف يغفل «2» » . عربسوس «3» : وجبل أهل الكهف «4» : قريبا منها في مسجدها كتابة بالعبرانية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 تعريبها: «أن مسلمة يدخل بلاد الروم ويفتح أربعة حصون» . [مسلمة بن عبد الملك] : ومسلمة هو ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم. كان أكثر مقامه بالناعورة «1» من نقرة «2» بني أسد من أعمال حلب. وابتنى بها حصنا. وبقي ولده بالناعورة إلى أيام بني العباس. وغزا الروم في أيام أبيه عبد الملك الغزاة المعروفة. وغزاهم في أيام أخيه سليمان. وحاصر القسطنطينية. وله نكاية في الروم. وقرأت بخط الصاحب بن العديم. قال: قرأت بخط أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي «3» قال مسلمة: قد كنت أبكي على من مات من سلفي ... وأهل ودي جميع غير أشتات فالآن إذ فرقت بيني وبينهم ... نوى بكيت على أهل المودات فما حياة امرء أضحت مدامعه ... مقسومة بين أحياء وأموات ونقلت من منتقى من تاريخ نيسابور للحاكم والمنتقى بخط الصاحب كمال الدين ابن العديم عن أبي عمر القاضي؛ قال: سمعت أبي يقول: دخلت بيت المال بصفين بعد أن دثر فرأيت على أحد جدرانه مكتوبا: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أبى الله إلا أن صفين دارنا ... وداركم ما لاح في الأفق كوكب إلى أن تموتوا أو نموت ومالنا ... ولا لكم من حومة الموت مذهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 واعلم أن المؤرخين والمتقدمين لم يحكوا في تواريخهم ما صدر في الصدر الأول من حل الكتابة القديمة وطلبها ممن يحسنها ويدريها عبثا. بل نبهوا بذلك على أن الصدر الأول إذا كان هذا طلبهم ممن يحسن ذلك ويجرون عليه الأرزاق/ (4 و) ف. ويدرّون عليه فكيف حالهم مع من يحسن الشرعيات/ (8 و) م. وكل هذا من جملة الحرص على محبة العلماء وأرباب العلوم والأدب. فلله در العلم ومن به تردى ... وتعسا للجهل ولمن في أوديته تردى فانظر الآن إلى أهل الفضائل كيف هم مخمولون لا يعبؤون بهم. ولا يوقرون في مجلس ولا يصدرون. بل أكلوا ما لهم من الأرزاق والأقوات. وتركوهم يأكلون النبات: ما الفضل إلا لأهل العلم أنهم ... على الهدى لمن استهدى أدلاء قدر كل امرئ «1» ما كان يحسنه ... والجاهلون لأهل العلم أعداء ولقد أحسن الإمام فخر الدين الرازي «2» حيث، قال: تعس الزمان فإن من أخلاقه ... بغضا لكل مهذب ومفضل. وتراه يتبع كل نذل ناقص ... تبع النتيجة للأخس الأرذل. «قلت» : وأذكرني هذا الحال ما قال الأعمش «3» : «اشتكت شاة عندي فكان خيثمة بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 عبد الرحمن «1» يعودها بالغداة والعشي يسألني: هل استوفت علفها. وكيف صبر الصبيان منذ فقدوا لبنها. وكان تحتي لبد أجلس عليه فإذا خرج قال: خذ ما تحت اللبد حتى صار إليّ في علة الشاة أكثر من ثلاثمائة دينار من بره. حتى تمنيت أن الشاة لم تبرأ» . ويعجبني قول العلامة المحقق تقي الدين محمد بن دقيق العيد: أهل المناصب في الدنيا ورفعتها ... أهل الفضائل مرذولون بينهم قد أنزلونا لأنا غير جنسهم ... منازل الوحش في الإهمال عندهم فما لهم في توقي ضيرنا نظر ... ولا لهم في ترقي قدرنا همم فليتنا لو قدرنا أن نعرفهم ... مقدارهم عندنا أو لودروه هم لهم مريحان من جهل وفرط وغنى ... وعندنا المتعبان العلم والعدم وناقضه أبو الفتح الثقفي فقال، وأجاد: إن المراتب والدنيا ورفعتها ... عند الذي حاز علما ليس عندهم لا شك أن لنا قدرا رأوه وما ... لقدرهم عندنا قدر ولا لهم هم الوحوش ونحن الأنس حكمتنا ... تقودهم حيث ما شئنا وهم نعم وليس شيء سوى الإهمال يقطعنا ... عنهم لأنهم وجدانهم عدم لنا المريحان من علم ومن عدم ... وفيهم المتعبان الجهل والحشم ولو أردنا أن نورد ما في طلب العلم من الفضائل لطال علينا وخرجنا عن مقصودنا ولكنا نقول ما قاله الجاحظ «2» : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 يطيب العيش إن تلقا حكيما ... غذاه العلم والنظر المصيب فيكشف عنك ميرة كل جهل ... وفضل العلم يعرفه الأديب سقام الحرص ليس له شفاء ... وداء الجهل ليس له طبيب ونختم كلامنا بكلام أبي محمد الجويني «1» تيمنا به: «اللهم لا تعقنا عن العلم بعائق» . «خاتمة» : تقدم في الكلب الكلب ما سمعته من والدي. ثم رأيت أهل البديع يستشهدون بقول الكميت «2» من قصيدة يمدح بها أهل البيت: أحلامكم لسقام الجهل شافية ... كما دماؤكم تشفى من الكلب وقول الحماسي: «3» ....... دماؤكم من الكلب الشفاء فنظرت في كلام المحقق سعد الدين فرأيته؛ قال: «الكلب شبه جنون يحدث للإنسان من عض الكلب الكلب؛ وهو الذي يأكل لحوم الناس فيأخذه من ذلك شبه جنون، لا يعض إنسانا إلا كلب. ولا دواء له أنجع من شرب دم ملك.» . «4» انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 الفصل السابع في- تراجم من دفن بها أو بمعاملتها من الخلفاء والملوك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 اعلم وفقك الله، وبصّرك بعيوب نفسك أنّا ترجمنا بعض الخلفا [ء] والملوك هنا ليعتبر الناظر في تراجمهم، ويعلم أنه لا بقا [ء] له في الدنيا. وأنه «1» لا دواء للموت؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء إلا الموت؛ وفي رواية إلا الهرم» . ونستفتح هذا الفصل بمواعظ. ويقال: لا يدرك البقاء إلا بالدوا [ء] . والشقي من جمع لغيره وضنّ على نفسه بخيره. ويقال: مدة العمر قليلة، وصحة النفس مستحيلة. ومن لم يعتبر بالأيام ولم ينزجر بالملام لكن «2» يثور. قال الأول: بيت: إذا قسى القلب لم تنفعه موعظة ... كالأرض إن سبخت لم ينفع المطر. منهم: الملك الظاهر غازي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب «3» مدفون بالمدرسة السلطانية «4» تحت قلعتها؛ وهو: أبو الفتح، وأبو منصور. كان مهيبا، حازما، كثير الاطلاع على أحوال رعيته واختبار الملوك، عالي الهمة، حسن التدبير، باسط العدل، محبا للعلماء، مجيزا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 للفقراء، أعطاه والده حلب في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة بعد عمه العادل «1» . توفي بقلعة حلب ليلة الثلاث [و] العشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وستمائة، ودفن بالقلعة. ثم بنى الطواشي تغربك أتابك «2» ولده العزيز مدرسة تحت القلعة، وعمر فيها تربة ونقله إليها. ومولده بالقاهرة في نصف رمضان سنة ثمان وستين وخمسمائة. وهي السنة الثانية من استقلال أبيه بالمملكة بالديار المصرية. ومن شعره في مملوكه ايبك الجمدار/ (5 و) ف: أنا مالك مملوك ظبي أغيد ... ومن العجائب مالك مملوك وأنا الغني وإنني من وصله ... بين البرية معدم صعلوك ولكم سفكت دما بسيفي عنوة ... ودمي بسيف لحاظه مسفوك نقلته من ديوان الصبابة. قال الذهبي، قال الحلي الشاعر يوما للظاهر في المنادمة وهو يعبث به وزاد عليه. فقال: أنظم؟ يتهدده بالهجاء!. فقال: السلطان: أنثر، وأشار إلى السيف! انتهى. توفي طغربك المذكور سنة إحدى وثلاثين وستمائه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 ثم قام بالأمر بعد الملك الظاهر غازي ولده العزيز غياث الدين أبو المظفر محمد «1» ومولده يوم الخميس خامس ذي الحجة سنة عشر وستمائه بقلعة حلب. وتوفي بها يوم الأربعاء رابع عشر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وستمائه ودفن بالقلعة «2» . وترتب بعده صلاح الدين «3» يوسف بن الملك العزيز. وقام بتدبير دولته: الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني «4» ، وعز الدين بن مجلى «5» والوزير جمال الدين القفطي «6» ، والطواشي جمال الدولة إقبال الخاتوني «7» . والأمر كله راجع إلى ضيفة خاتون «8» . وذكر في تاريخ الإسلام «9» ترجمة لصلاح الدين: منها: كان يذبح في مطبخه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 كل يوم أربعمائة رأس سوى الدجاج والطيور والأجدية. قال: وقيل أن قتله عقب وقعة عين جالوت في الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان وخمسين وستمائه «1» . انتهى. واتسعت مملكته وملك دمشق والبلاد الشامية يوم الأحد سابع ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وستمائه «2» . ومولده بقلعة حلب في رمضان سنة سبع وعشرين وستمائه. وقصده التتار وملكوا دمشق. فخرج منها في صفر سنة ثمان وخمسين في الثالث والعشرين من شوال «3» . وتوفي الصالح شهاب الدين أحمد- صاحب عين تاب- بن الظاهر غازي في شعبان سنة إحدى وخمسين وستمائه. وكانت ولادته في صفر سنة ستمائه بحلب. ومات بعين تاب، وإنما قدم العزيز وهو الأصغر لأن أمه ضيفة خاتون بنت العادل ابن أيوب. فقدموه في الملك لأجل جده، وأخواله، والصالح أمه جارية «4» . واعلم أنني اقتصرت وذكرت في ترجمة السلطان صلاح الدين ما ذكره في تاريخ الإسلام «5» إشارة إلى أن الواقف على هذا التاريخ ينظر كيف كان الملوك وكيف آل الحال. وقد روينا بالسند إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: «ذهب الناس وبقي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 النّسناس «1» » . قيل: وما النسناس؟. قال: الذين يشبهون الناس. وليسوا بالناس. يعجبني قول بعضهم: قف بالديار وناد في صحرائها ... فعسى يجيب الحي عن أبنائها. لا والذي حجت قريش بيته ... مستقبلين الركن من بطحائها. ما أبصرت عيني خيام قبيلة ... إلا ذكرت أحبتي بفنائها. أما الخيام فإنها كخيامهم ... وأرى نساء الحي غير نسائها. وأما السلطان المذكور فلسان الحال يقول في ترجمته: عجبا إذا لاقى شريف ركابه أرضا ... ولم يخضر يابس عودها. وإذا تلألأ من أشعة وجهه ... نور بدا للأفق سعد سعودها. فينبغي للواقف على هذه الترجمة أن يلزم البيوت حتى يموت. وينشد: صبرت عن اللذات حتى تولت «2» ... فألزمت نفسي هجرها وتولت. وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ... فإن طعمت تاقت وإلا تسلت. وأما أنا فأقول كما «3» قال الصّنعاني: تسربلت سربال القناعة والرضى ... صبيا فكانا في الكهولة ديدني وقد كان ينهاني أبي حف بالرضى «4» ... وباليمن أن أوتي يدي من يديّ دني وأقول: دعوني ونفسي في عنائي فإنني ... جعلت غنائي في حياتي ديدني. لا عظم من قطع اليدين على الفتى ... ضيعة بر نالها من يدي دني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 رجع. ومنهم: آقسنقر «1» مدفون في شمالية المدرسة الزّجاجية. وهو: أبو سعيد بن عبد الله الملقب: «قسيم الدولة» ؛ جد البيت الأتابكي، أصحاب الموصل. وهو والد عماد الدين زنكي. قتل في جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وأربعمائة «2» . وفي تاريخ الإسلام: ودفن بالمدرسة الزجاجية داخل حلب. بعدما كان دفن بمشهد قرنبيا «3» . وإنما نقله ولد ولده زنكي وعمل عليه قبة. وقال ابن خلكان «4» وكان أولا مدفونا بقرنبيا فلما ملك ولده زنكي حلب نقله إلى المدرسة ودلّاه من سور البلد. وقال قبل ذلك. ورأيت عند قبره خلقا كثيرا يجتمعون ليلة الجمعة لقراءة القرآن الكريم وقالوا إن لهم على ذلك وقفا عظيما، يفرق عليهم- لا أعرف من وقفه- ثم إني وجدت أن الذي وقفه نور الدين محمود. انتهى. وقال ابن شداد: ولما نقله زنكي زاد في وقفها لأجل القرا [ء] «5» . واتفقت له وقعة مع تتش عند نهر سبعين قريبا من تل سلطان فاقتتلوا فخامر بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 عسكر آقسنقر وانهزم الباقون. وثبت آقسنقر فأخذ أسيرا وأحضر إلى تتش. فقال تتش: لو ظفرت بي ما كنت صنعت. قال: كنت أقتلك. فقال تتش: «فأنا أحكم عليك بما كنت «1» تحكم عليّ به، فقتل اقسنقر صبرا «2» . وكان يقال لمدفنه القسيمية «3» . وعلى مدفنه موقوف حصته بقرية (شامر) من النقرة؛ وقفها زنكي. وكان نظرها لبني العجمي فلما صاهر بنو العجمي القاضي المالكي بحلب صدر الدين الدميري نزل له شهاب الدين بن الخطيب العجمي عن/ (6 و) ف نظرها. واستقر من ذلك الوقت النظر للمالكية. ومنهم: محمد الملك الأشرف عز الدين «4» ولد السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب .... توفي بحلب في سنة خمس وستمائه؛ قاله الذهبي في تاريخ الإسلام ومنهم: الملك الصالح بن نور الدين الشهيد: مدفون في خانقاه تحت القلعة غربيها. وكان «5» قد دفن أولا بقلعة حلب ولم يزل قبره بها إلى أن ملك الناصر حلب. وتسلم قلعتها فحول قبره إلى هذه الخانقاه «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 ولما حول أظهر الناس عليه الحزن كيوم مات وشم من قبره عند نبشه كرائحة المسك. ولما توفي نور الدين والده قام ابنه الصالح إسماعيل «1» بالملك بعده. وعمره إحدى عشرة سنة. وحلفت له العسكر بدمشق وأقام بها. وأطاعه صلاح الدين بمصر، وخطب له بها، وضرب السكة باسمه. وكان المتولي لتدبير الصالح وتدبير دولته الأمير شمس الدين محمد بن عبد الملك المعروف بابن المقدم «2» . ثم اتفقت له أمور مع صلاح الدين ذكرها صاحب حماه في تاريخه «3» . وتوفي سنة سبع وسبعين وخمسمائة في رجب وعمره نحو تسع عشرة سنة ولما اشتد به القولنج وصف له الأطبا [ء] الخمر فمات ولم يستعمله «4» . وكان حليما، عفيف اليد والفرج واللسان، ملازما لأمور الدين لا يعرف له شيء مما يتعاطاه الشباب رحمه الله تعالى. وفي مجمع الأحباب «5» : «في سنة تسع وستين وخمسمائه في يوم عيد الفطر أمر نور الدين بتطهير ولده الصالح إسماعيل «6» » . ومنهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 مسعود المؤيد بن السلطان صلاح الدين «1» كان أخوه الظاهر قد بعثه من حلب إلى العادل وهو محاصر سنجار» فشفع إليه في أهل سنجار وصاحبها يومئذ قطب الدين محمد بن زنكي بن مودود بن زنكي «3» فلم يشفعه. ومات المؤيد برأس عين «4» في نصف شعبان؛ وذلك أنه أقام في بيت مع ثلاثة أنفس وفيه منقل نار ولا منفذ في البيت فانعكس البخار فأخذ على أنفاسهم وهم نيام فماتوا جميعا؛ قاله أبو شامة. وقال ابن واصل «5» : «دخل بيتا مجصصا. وكان يوما شديد البرد. فأشعل نارا وسدّ الطاقات فاختنق مع جماعة، وسلم اثنان فيهما حيوية ضعيفة.» . وتحدث الناس بأنه سقي سما. وحمل في تابوت إلى حلب. وحزن عليه أخوه. وأغلقت حلب سبعة أيام. وذلك في سنة ست «6» وستمائه. ومنهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 الملك الحافظ نور الدين أرسلان شاه بن الملك العادل بن أيوب «1» توفي بأعزاز في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وستمائه. وهي التي تعوضها عن قلعة جعبر «2» ونقل إلى حلب فدفن في الفردوس «3» ؛ قاله المؤيد «4» . وفي تاريخ الإسلام «5» الملك الحافظ نور الدين أرسلان شاه صاحب جعبر تملك قلعة جعبر دهرا طويلا. وكان بها خزانة عظيمة من المال لوالده فلما توفي أبوه أخذها هو. فلما كان في أواخر أمره خاف من الخوارزمية «6» لأنهم شعثوا بلاده وخاف من أبيه أن يسلم القلعة، فأرسل إلى أخته (صاحبة حلب) ليسلم إليها قلعة جعبر وبالس، وأن تعوضه بمدينة أعزاز. ففعلت ذلك، وتسلم الحلبيون قلعة جعبر. وقدم الحافظ إلى حلب واجتمع بأخته، وتسلم بلد أعزاز وقلعتها، فقطعت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 الخوارزمية وعادوا على جعبر وبالس. وعبروا أهلها. ثم إنه سكن عزاز فتوفي بها. وحمل تابوته إلى حلب. ودفن بالفردوس. ومنهم: يعقوب الملك الأعز شرف الدين أبو يوسف بن السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب: ولد بمصر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائه «1» . وسمع من العلامة عبد الله بن بري «2» وأجاز له جماعة. وحدث «3» بعرفة ودمشق. وكان توفي بحلب. وقدم في سنة أربع «4» . فتحقق السنة؛ كذا قاله في تاريخ الإسلام. وذكره فيمن «5» توفي سنة سبع وعشرين. انتهى. قلت: «لا أعرف قبره في أي مكان هو. وقال الذهبي في مكان آخر من تاريخه الملك المعز. ويقال: الأعز، قرأ القرآن على الأرتاجي «6» ، وكان متواضعا كثير التلاوة، حدث بالحرمين ودمشق، وكان صدوقا سمع منه الزكي البرزالي «7» وابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 الحاجب «1» ، وعبد الله بن محمد بن حسان الخطيب «2» . وقال إنه توفي في سنة أربع وعشرين وستمائه «3» . انتهى.» . ومنهم: اسحاق المعز أبو يعقوب بن صلاح الدين «4» : سمع من ابن بري، وحدث. وكان فاضلا نزل عند أخيه في حرمة وتجمل، تقنطر به فرسه في الصيد فمات في ذي الحجة سنة خمس وعشرين وستمائه وله ست وخمسون سنة «5» . ومنهم: الأفضل أبو الحسن «6» علي بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب «7» : كان من أكبر أولاده، وله معرفة وفضيلة وكتابة. ونباهة. وشعر. يعظم العلماء، ويحب الفضلاء، وإليه كانت ولاية عهد أبيه. فلما توفي بدمشق استقل لمملكتها، واستقل أخوه عماد الدين عثمان بالديار المصرية. وأخوهما الظاهر بحلب وآخر الأمر أن العزيز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 والعادل عمه حاصرا دمشق. وأخذاها من الأفضل وأعطياه صرخد «1» . ثم ولى المنصور محمد بن العزيز وأخذ الديار المصرية فدفع للأفضل عدة بلاد بالشرق فمضى إليها فلم يحصل له إلا سميساط «2» . فأقام بها إلى أن مات في صفر سنة اثنين وعشرين وستمائة فجأة ونقل إلى حلب. ودفن في «3» تربة خارج باب المقام وبالقرب من تربة الهروي ومولده في يوم عيد الفطر وقت العصر سنة ست. وقيل خمس وستين وخمسمائه بالقاهرة ووالده يؤمنذ وزير المصريين «4» . ومن شعر الأفضل: أما آن للسعد الذي أنا طالب ... لإدراكه يوما يرى وهو طالبي ترى هل يريني الدهر أيدي شيعتي ... تمكن يوما في نواصي النواصي ومن شعره أيضا على ما ذكره ابن واصل في: «مفرج الكروب» «5» : يا من يسود شعره بخضابه ... لمساه من أهل الشبيبة يحصل ها فاختضب بسواد خطي مرة ... ولك الأمان بأنه لا ينصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 ووجدتهما بخط ابن خلكان في بعض مسوداته لابن الكيزاني المصري «1» . قلت: ويعجبني قول أبي عبد الله الناشيء البغدادي: إذا وجد الشيخ من نفسه ... نشاطا فذلك موت خفي ألست ترى أن ضوء السراج ... له لهب عندما ينطفئ رجع: ولما اتفق على الأفضل العادل أبو بكر وأخوه العزيز عثمان كتب إلى الخليفة «2» : مولاي إنّ أبا بكر وصاحبه ... عثمان قد غصبا بالسيف حقّ عليّ وهو الذي كان قد ولّاه والده ... عليهما واستقام الأمر حين وليّ فخالفاه وحل «3» عقد بيعته ... والأمر بينهما والنص فيه جليّ فانظر إلى حظ هذا الاسم كيف ... لقى من الأواخر ما لاقى من الأول فأجابه: وافى كتابك يا ابن يوسف معلنا ... بالود يخبر أن أصلك طاهر غصبوا عليا حقّه إذ لم يكن ... بعد النبي له بيثرب ناصر فابشر فإن غدا عليه حسابهم ... فاصبر فناصرك الإمام الناصر ورأيت بخط ابن العديم بعد ذكر بيتين من أبياته وهما الأول والآخر. ما لفظه: بعض الناس يقول إنهما من نظم أبي فراس بن أبي الفرج البزاعي. ثم إن أبا طالب بن زيادة أجابه عن البيتين المذكورين بالأبيات الثلاثة المذكورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وقال الذهبي: وقيل إن الخليفة جرد لنصرته سبعين ألفا. فجاءه الخبر إن الأمر قد فات. فبطل التجريدة. ولم يصح هذا القول. انتهى. ومنهم: مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي؛ أبو سعيد «1» (12 و) م تقدم أن أكثر مقامه كان بالناعورة من نقرة بني أسد من أعمال حلب وابتنى بها حصنا. وبقي منه برج إلى زماننا هذا. وبقي ولده بالناعورة إلى أيام بني العباس. غزا الروم في أيام أبيه عبد الملك الغزاة المعروفة. وغزاهم في أيام أخيه سليمان، وحاصر القسطنطينية «2» . وولى الموسم في أيام أخيه الوليد والعراقين «3» في أيام أخيه يزيد ثم عزله. وولي أرمينية. وكان له نكاية في الروم وهو من رجال بني أمية وأجوادهم. وتقدمت ترجمته. (7 ظ) ف ولما احتضر جعل يبكي فقيل له ما هذا الجزع. فقال: والله ما أجز من الموت وإني لواثق. ولكن بعد ثلاثين غزاة أموت على الفراش كما تموت النسا [ء] . ونقلت من خط العظيمي «4» أنه توفي سنة إحدى وعشرين ومائة يوم الأربعاء سابع المحرم في موضع يقال له: «الحانوت» «5» ؛ وهي مزرعة كانت له بأرض قنسرين وعمره خمس وخمسون سنة. وقيل: مات سنة عشرين؛ نقلته من خط ابن العديم «6» . ومنهم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 سليمان بن عبد الملك قبره بدابق «1» ؛ قال في المنتظم «2» : وقد وقع الحريق بها حتى احترق الرجال والدواب وذلك في سنة ثمان ومائة.» «3» . انتهى واستخرج من قبره في أيام السفاح فلم يوجد منه إلا صلبه وأضلاعه ورأسه. فأحرق. «4» وبويع سليمان المذكور بدمشق في اليوم الذي كانت فيه وفاة الوليد «5» وذلك يوم السبت النصف من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين. وتوفي يوم الجمعة لعشر بقين من صفر سنة تسع وتسعين. فكانت ولايته سنتين وثمانية أشهر وخمس ليال، ومات وهو ابن تسع وثلاثين سنة وعهد إلى عمر بن عبد العزيز «6» . وقيل: وفاته كانت يوم الجمعة لعشر خلون من السنة المذكورة. وأن ولايته كانت سنتين وتسعة أشهر وثمانية عشر يوما. واختلف في سنه حين وفاته. فقيل: قبض وهو ابن خمس وأربعين. وقيل: ابن ثلاث وخمسين وقيل: تسع وثلاثين «7» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 قال المسعودي «1» : ووجدت أكثر شيوخ بني مروان من ولده وولد ولده يذهبون إلى أنه كان ابن تسع وثلاثين سنة. قيل سبب موته أن نصرانيا أتاه وهو نازل على دابق بزنبيلين مملؤين «2» تينا وبيضا فأمر من قشر له البيض. وجعل يأكل بيضة وتينة حتى أتى على الزنبيلين. ثم أتوه بمخ وسكر فأكله فاتخم ومرض ومات «3» . وقرأت في المنتظم: ذكر سنده إلى عبيد الله بن محمد التيمي يقول: كان سليمان يوما جالسا ينظر في المرآة إلى وجهه. وكان حسن الوجه فأعجبه ما رآه من جماله وكان على رأسه وصيفة: فقال: أنا الملك الشاب. فرأى شفتي الجارية تتحركان فقال لها: ماقلت. قالت: خيرا. قال: لتخبريني. قالت: قلت أ: أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء «4» للإنسان «5» . وزاد غيره في الشعر: أنت ب حلو من العيون ومما ... يكره الناس غير أنك فاني. ثم خرج إلى المسجد، فخطب، فسمع أقصى من في المسجد صوته. ثم لم يزل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 يضعف وانصرف محموما حمى موصولة بمنيته، انتهى. (12 ظ) م ورأيت في مصباح العيان: أنه لما حمل إلى بيته قال: عليّ بتلك الوصيفة التي كانت قائمة على رأسى. فجا [ء] ت. فقال: أعيدي ما قلت. قالت: وما قلت قال: ألست القائلة: أنت نعم المتاع لو كنت تبقى .... فقالت: والله ما طرق سمعي هذا قط. فعلم أن نفسه قد نعته. فمات. انتهى. ومن الغريب (7 ظ) ف أن السفاح نظر يوما في المرآة وكان أجمل الناس. فقال: اللهم لا أقول كما قال سليمان: أنا الملك الشاب. ولكن أقول: اللهم عمرني طويلا فما استتم كلامه حتى سمع غلاما من غلمانه يقول لغلام آخر: الأجل بيننا شهران وعشرة أيام. فتطير من ذلك. فما مضت أيام حتى أخذته الحمى ومات بعد شهرين وعشرة أيام «1» . لطيفة: تقدم أن سليمان كان أكولا «2» . وقد ذكر الدميري أن الإمام أحمد روى في الزهد عن منذر بن جندب أن ولدا له اعتل من كثرة الأكل؛ فقال: إن مات لم أصلّ عليه. لأنه مات عاصيا. انتهى. ورأيت هذا في كتب الحنابلة عن سمرة بن جندب. ورأيت في العقد لابن عبد ربه أبو الأشهب عن الحسن؛ قال: قيل لمنذر «3» بن جندب ابنك أكل طعاما ... فذكر الحكاية. ورأيت في كلام ابن الملقن «4» أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 عبد الله بن المغفل قيل له: إن ابنك أكل طعاما كاد يقتله. فقال: لو مات ما صليت عليه. ومعاوية- رضي الله عنه- كثرة أكله معروفة. يروي مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا أشبع الله بطنه» ؛ وهذا دعاء له بعدم التخمة. وقد أشار إلى ذلك الدميري في المنظومة حيث قال مضمنا: أفلح من كانت له قوصرة ... يأكل منها كل يوم مرة. إن الأكول بطنه كالهاوية ... كأن في أمعائه معاوية. انتهى. ورأيت في كلام الدارقطني «1» هلال بن أسعر: قال سليمان التيمي: لقيته فقلت: كم أكثر ما أكلت؟ قال: نحرت ناقتي فأكلتها، إلا ما حملت منها على ظهري. قلت كم تكفيك هذه الأكلة؟ قال: خمسة أيام. وقال صدقة بن عبيد الله: أو لم عليّ أبي «2» فصنع عشر جفان «3» ثريدا. فكان أول من دخل عليه هلال بن أسعر فأقعده أبي على جفنة فأكلها. ثم على أخرى فأكلها حتى استوفاها جميعا. ثم استسقى فدعا له أبي بقربة من نبيذ فوضع طرفها في شدقه ففرغت في جوفه. ثم قام. فخرج واستأنفنا عمل الطعام. وكان ميسرة التراس أكولا. قال: أكلت أربعة آلاف تينة ومائة رغيف، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 وقوصرتين «1» بصل. وكيلجة «2» سمك مسلوخا. وشربت نصف جرة سمن. روينا هذه الحكاية بالسند، وفي السند غلام خليل أحمد بن محمد بن غالب باهليّ معروف بالوضع. انتهى. ومنهم: هشام بن عبد الملك: مدفون بالرصافة «3» وأخرج من قبره في أيام أبي العباس السفاح فوجدوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 صحيحا ما فقدوا منه إلا جرمة أنفه فضربه عبد الله «1» بن علي ثمانين سوطا ثم أحرقه «2» . وإنما فعل به ذلك وببني أمية لأنه نبش عن قبر زيد بن علي بن الحسين «3» بعد أن خرج عن الكوفة ومعه القراء والأشراف فحاربه يوسف بن عمر الثقفي «4» . (3 و) م فلما قامت الحرب انهزم أصحاب زيد وبقي في جماعة يسيرة فقاتل أشد (8 و) ف القتال وحال الماء بين الفريقين فانصرف زيد مثخونا بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته فطلب من ينتزعه فأتي بحجّام من بعض القرى فاستكتموه أمره فأخرج النصل، فمات من ساعته. فدفنوه في ساقية ماء، وجعلوا على قبره التراب والحشيش وأجرى الماء على ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 وحضر الحجام مواراته فلما أصبح مضى إلى يوسف متنصحا «1» فدله على موضع قبره فاستخرجه يوسف وبعث برأسه إلى هشام فكتب إليه هشام بأن أصلبه عريانا. فصلبه يوسف ثم كتب هشام إلى يوسف يأمره بإحراقه وذره في الرياح «2» . وبويع هشام في اليوم الذي توفي فيه أخوه يزيد «3» بن عبد الملك وهو يوم الجمعة لخمس بقين من شوال سنة خمس وخمسمائة. وتوفي هشام يوم الأربعاء لست خلون من ربيع الأول سنة خمس وعشرين ومائة؛ وهو ابن ثلاث وخمسين سنة. فكانت ولايته تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وأحد عشر ليلة. وكان فظا غليظا أحول يجمع الأموال ويعمر الأرض، ويستجيد الخيل، وأقام الحلبة فاجتمع له فيها من خيله وخيل غيره أربعة آلاف فرس. ومنهم: الملك المحسن أحمد بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب «4» ولد سنة سبع وسبعين. وكان يميل إلى التشيع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 توفي بحلب في الرابع والعشرين من المحرم سنة أربع وثلاثين وستمائه «1» وحمل إلى الرقة فدفن بها بقرب قبر عمار بن ياسر «2» أ. ومنهم: الملك الزاهر داود بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب «3» قبره بالبيرة، كان صاحب قلعة البيرة على شاطئ الفرات. وكان يحب العلماء وأهل الأدب، ويقصدونه. توفي بالبيرة ليلة التاسع من صفر سنة اثنتين وثلاثين وستمائه. وكانت ولادته بالقاهرة لسبع بقين من ذي الحجة. وقيل: ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وخمسمائه؛ كذا نقلته من مختصر تاريخ ابن خلكان «4» . ونقلت من تاريخ الإسلام «5» : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وأجاز له عبد الله بن بري النحوي، وأحمد بن حمزة بن الموازيني «1» والبوصيري «2» وكان فاضلا، شاعرا ملك البيرة مدة مديدة. ومنهم: في طرسوس في البرج المنسوب إلى الهري على اسكفتي الباب العليا بين حجر قد طبق المصراعين؛ فيه قبر: دقيانوس ملك أصحاب الكهف «3» وقد كشف عنه بمقدار ما يمكن الوصول إليه فوجد ميتا مسجى بأكفانه مصبرا معه سيف إلى جانبه. فوزن فوجدوه أحد عشر أوقية- بالطرسوسي التي وزن كل أوقية منها اثنان وثلاثون درهما- ورد ما كان كشف منه إلى حاله. ومنهم: في طرسوس أيضا: المأمون دفن في بطانة محراب جامعها «4» بسلاحه، ولما ملكها الدمستق «5» سقط محراب الجامع وسقط المأمون بسلاحه فأخذ الدمستق سيفه. ورد الباقي إلى حاله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 ورأيت في تاريخ المؤيد قال: وحمله ابنه العباس وأخوه المعتصم إلى طرسوس فدفناه بدار خلعان خادم الرشيد «1» . وفي تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري «2» : أن قبر المأمون كان على بطانة المحراب بجامع طرسوس. فوقع في أيام بسيل «3» الملك وهو بالدرع والبيضة والسيف. فذكر ذلك لبسيل فقال: هذا ملك ولا يجب أن يغير، فأمر بأخذ السيف. وأمر برده إلى موضعه. قال ابن الوردي وفيه يقول بعضهم «4» : خلّفوه بعرصتي طرسوس ... مثلما خلفّوا أباه بطوس حمل إليه المعتصم ثلاثين ألف ألف ألف فاستبشر به الناس. فقال ليحيى بن أكثم أننصرف بالمال وترجع أصحابنا خائبين. إن هذا اللوم. ففرق أربعة وعشرين ألف ألف ألف ورجله في الركاب «5» . انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 والمأمون هو: عبد الله بن هارون. وكنيته: أبو جعفر. وقيل كنيته: أبو العباس «1» . وبويع عند مقتل الأمين في سنة سبع وتسعين ومائه، وهو ابن ثمان وعشرين سنة وتوفي سنة ثمانية عشر ومائتين وهو ابن تسع وأربعين سنة. ومدة خلافته إحدى وعشرون سنة «2» . ومن شعره «3» : بعثتك مرتادا ففزت بنظرة ... وأغفلتني حتى أسأت بك الظنا فناجيت من أهوى وكنت مباعدا ... فياليت شعري عن دنوك من «4» أغنا أرى أثرا منها بعينيك بينا ... لقد أخذت عيناك من عينها حسنا لطيفة: ذكر المعافى «5» في كتاب الأندلس: قال وصفت للمأمون جارية ... بكل ما توصف امرأة من الكمال والجمال فبعث في شرائها فأتى بها وقت خروجه إلى بلاد الروم فلما همّ ليلبس درعه خطرت بباله فأمر فخرجت إليه. فلما نظر إليها عجب بها وأعجبت به. فقالت: ما هذا. قال: أريد الخروج إلى بلاد الروم، فقالت: قتلتني والله يا سيدي. ثم جرت دموعها على خدها كاللؤلؤ وأنشدت. سأدعو دعوة المضطر ربا ... يثبت عليّ الدعاء ويستجيب لعل الله أن يكفيك حربا ... ويجمعنا كما تهوى القلوب فضمها المأمون إلى صدره. وأنشد متمثلا: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها ... وإذ هي تدري الدمع منها الأنامل. صبيحة قالت في العتاب قتلتني ... وقتلي بما قالت هناك تحاول. ثم قال لخادمه سرور احتفظ بها، وأكرم محلها. وأصلح لها كل ما تحتاج إليه من (9 ظ) ف المقاصير والخدم، والجواري إلى وقت رجوعي. فلولا ما قال الأخطل «1» . قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت بأطهار (14 و) م لكان لي ولها شأن. ثم خرج، فلم يزل يتعاهدها مسرور ويصلح ما أمره به. فاعتلت الجارية علة شديدة أشفق عليها منها. وورد نعي المأمون فلما بلغها ذلك تنفست صعدا وتوفيت. وكان مما قالت وهي تجود بنفسها: إنّ الزمان سقانا من مرارته ... بعد الحلاوة أنفاسا وأورانا أبدا لنا تارة منه فأضحكنا ... ثم انثنى تارة أخرى فأبكانا إنّا إلى الله فيما لا يزال لنا ... من القضا [ء] ومن تلوين دنيانا دنيا تراها ترينا من تصرفها ... مالا يدوم مصافاة وأحزانا خاتمة: جلس المأمون يوما وهو مغتاظ يستاك ويقول: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهي عنهما ومن أنت يا جعل حتى تنهي عما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأوجم الحاضرون حتى دخل يحيى بن أكثم «2» فقال له المأمون: أراك متغيرا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 فقال يحيى: هو غم لما حدث من النداء بتحليل الزنا يا أمير المؤمنين. قال: الزنا قال: نعم، المتعة زنا. قال: ومن أين قلت هذا. قال: من كتاب الله تعالى وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ (*) حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (*) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ «1» . يا أمير المؤمنين زوجة المتعة ملك يمين. قال: لا. قال: فهي الزوجة التي ترث وتورث؟. قال: لا. قال: فقد صار متجاوز هذين من العادين. وهذا الزهري «2» روى عن عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما عن علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنهم، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي بالنهي عن المتعة. وتحريمها بعد أن كان أمر بها. فقال المأمون: أمحفوظ هذا عن الزهري. قال: نعم؛ رواه عنه جماعة منهم مالك رضى الله عنه. فقال المأمون: أستغفر الله وبادر إلى الندا [ء] بتحريم المتعة والنهي عنها. انتهى. خاتمة أخرى تنعطف على ما مضى: رابط سليمان بن عبد الملك بدابق سنتين وحلف لايعود منها حتى يفتح الله القسطنطينية على المسلمين. وجهز لفتحها أخاه مسلمة إلى أن استدعاه عمر بن عبد العزيز إشفاقا على المسلمين ورحمة. انتهى. وقد تقدم في الملك الظاهر غازي ضبط وفاة طفربك ونورد هنا ترجمته: [طفربك] : هو الأمير شهاب الدين أتابك العزيز- صاحب حلب- ومدبره كان حازما رئيسا من كبرا [ء] الأمرا [ء] الظاهرية لما توفي (10 و) ف أستاذه قام بأمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 ولده العزيز أتم قيام، وحفظ البلاد، واستمال الأشراف حتى أعانهم، ودفع عنهم. كان صالحا دينا كثير الصدقات وافر الخيرات (14 ظ) م. كان الأشرف يقول: إن كان لله في الأرض وليّ فهو هذا الخادم. ولما استعاد الأشرف تل باشر «1» دفعها له وقال: هذه تكون برسم صدقاتك فإنك لا تتصرف بأموال الصغير. وطهر حلب من الفسق والمكوس والفجور. توفي كما تقدم بحلب حادي عشر المحرم سنة 631 هـ. «2» ودفن بباب الأربعين «3» في مدرسة الحنفية «4» . وقد حدّث عن الصالح أبي الحسن علي بن محمد الفاسي. انتهى. لطيفة: قال صاحب (جنى النحل) : حضرت يوما بسميشاط وصاحبها يومئذ الأفضل فنظر إلى صبي تركي «5» لابس زردية «6» فقال على البديهة: وذي قلب جليد ليس يقوى ... على هجرانه القلب الجليد تدرع للوغى درعا فأضحى ... وظاهره وباطنه حديد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 رجع: العباس بن الخليفة المأمون كان مع أبيه حين قدم حلب. وولاه الثغور والعواصم في سنة ثلاث عشرة ومائتين وأمر له بخمسمائة ألف دينار «1» ، وضم إليه في سنة أربع عشرة ومائتين أعمالا أخرى من كور دجلة. ثم عزله المأمون عن سائر هذه البلاد في سنة أربع عشرة ومائتين. وقيل في سنة خمس عشرة وولاها اسحاق بن إبراهيم بن مصعب. ثم عزله في هذه السنة «2» وأعاد ابنه العباس إليها ثانية في سنة أربع عشر ومائتين إلى أن توفي المأمون. فكان الولاة من قبل العباس. ولما ولي المعتصم الخلافة وغزا الروم وعبر حلب في سنة ثلاث وعشرين ومائتين عاث العباس بن المأمون فقبض عليه، وقتله ودفنه بمنبج وهو عابر في الغزاة «3» . وفي تاريخ الخوارزمي ونعى اسحاق بن إبراهيم العباس بن المأمون إلى الناس وذكر أنه مات بجسر منبج يوم الجمعة لعشر خلون من ذي القعدة في السنة المذكورة «4» . ولمات مات المأمون سعت الجند وطلبوا العباس ونادوه باسم الخلافة، فأرسل المعتصم إليه، فأحضره، وبايعه، وخرج العباس إلى الناس وقال لهم: ما هذا الحب البارد قد بايعت عمي. فسكنوا. وعاد المعتصم إلى بغداد والعباس معه «5» . فلما توجه المعتصم إلى الغزاة ومر بحلب في سنة ثلاث وعشرين ومائتين ودخل إلى بلاد الروم اجتمع بعض الجند بالعباس ووبخوه على ما فعل من إعطاء المعتصم الخلافة وحسن له مدارك الأمر. فاستمال جماعة من القواد. وعزموا أن يقبضوا على المعتصم وهو داخل إلى الفرات. فلم يمكنهم العباس، وقال: لا أفسد على الناس عزائمهم «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 فنما الخبر إلى المعتصم: فقبض على العباس وعلى (9 ظ) ف من ساعده على ذلك وهو عائد من الفرات. فلما وصل إلى منبج فسأل العباس الطعام وكان جائعا فقدم إليه طعاما كثيرا. فأكل: فلما طلب الماء منع. وأدرج في مسح «1» . فمات في ذي القعدة كما تقدم. وصلى عليه بعض أخوته ودفن بمنبج «2» . وذكر نفطويه «3» في تاريخه بفتح عمورية؛ قال: «ولما انصرف المعتصم من بلاد الروم حبس العباس بن المأمون فمات بمكان يقال له: دابق. ودفن هناك» (20 و) م «4» . ذكر عن مالك بن دينار «5» قال: «قرأت في الحكمة يقول الله عز وجل: «أنا الله مالك الملوك، قلوب الملوك بيدي. فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة. فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك. ولكن توبوا إليّ أعطفهم عليكم أ. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 الفصل الثامن- فيما ظهر بها من العجائب. - ونتبعه بحوادث بها. وفي آخره: - عجائب ظهرت بغيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 فمنها: في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين تزلزلت أنطاكية ومات فيها عشرون ألفا «1» ومنها: تطايرت نجوم السماء كالجراد من المغرب إلى الفجر «2» . ومنها: قرأت في تاريخ ابن الجوزي؛ قال: في خلافة المتوكل في سابع رمضان وقع طائر دون الرخمة وفوق الغراب بحلب، فصاح: يا معشر الناس اتقو [ا] الله الله الله الله حتى صاح أربعين صوتا «3» . وقرأت في مصباح العيان في السنة الثانية والأربعين بعد المائتين؛ وقع طائر دون الرحمة وفوق الغراب على دلبة ببلد حلب، فصاح، وذكر ما تقدم؛ وكذا رأيته في تاريخ الإسلام. ومنها: في سنة خمس وأربعين ومائتين كثرت الزلازل بأنطاكية «4» وحلب وما يليها من كور الشام والجزيرة، وذلك في ذي القعدة وذي الحجة. وقال ابن الوردي وذلك في شباط وسقطت من ذلك كنيسة خاك الكبرى وغيرها. ومنها «5» : ذكر الإمام أحمد في سنده في ضمن حديث قال: وجد في خزائن بني أمية حنطة الحبة بقدر نواة التمر، وهي في صرة مكتوب عليها: «هذا «6» كان نبت في زمن العدل «7» » الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 قال ابن القيم: وأخبرني جماعة من الشيوخ أنهم كانوا يعهدون الثمار أكبر مما هي الآن. وكثير من هذه الآفات التي تصيبها لم يكونوا يعرفونها» . انتهى. ورأيت في بعض الكتب أن حبة القمح كانت بمقدار كلوة البقر «1» . وفي كلام بعضهم كانت بمقدار بيضة النعام. لطيفة «2» : في سنة ثلاث وثمانين ومائتين أمر المعتضد أن يكتب إلى الآفاق والأقطار برد المواريث على ذوي الأرحام وأبطل ديوان المواريث «3» . انتهى «4» . ومنها: في سنة سبع عشرة وثلاثمائة وقع بسبب قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ (11 و) ف مَقاماً مَحْمُوداً «5» ببغداد فتنة عظيمة بين الحنابلة وغيرهم «6» دخل الجند والعام وقتل بينهم كثير. قال أبو بكر المروزي الحنبلي: إن معنى ذلك أن الله تعالى يقعد للنبي صلى الله عليه وسلم معه على العرش. وقالت الطائفة الأخرى إنما هي الشفاعة «7» . ومنها: في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة عدا أسد بأرض الشام لم يسمع بمثله كان يفترس في بلد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 أنطاكية وأرض حمص في ليلة واحدة. حتى ظن الناس أن الأسد كلها عدت. ووتب شخص فدس أصبعه في عين الأسد فقلعها. وسلم منه. وكان يحدث بذلك فيكذّب. فلما قتله الأكراد وجد أعور. ومنها: كان الغلاء العظيم بالشام الذي لم يسمع بمثله. وأكلت الحمير والقطاط والصبيان. ومات خلق عظيم. [ومنها] : وفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة جاء ثلج عظيم لم ير مثله حتى جمد الفرات «1» ومشوا عليه. وكانت القدور على النار تجمد أعلاها. ويبس شجر الزيتون بالمعرة (16 و) م وكفر طاب «2» . ومنها: قال في تاريخ الإسلام في سنة أربعين وثلاثمائة كثرت الزلازل في حلب والعواصم ودامت أربعين يوما. وهلك خلق كثير تحت الهدم. وتهدم حصن رعبان ودلوك وتل حامد «3» . وسقط من سور دلوك ثلاثة أبرجة. عجيبتان: إحداهما: قرأت في عجائب المخلوقات للقزويني: «حدثني بعض التجار أن بقرب ملطية جبلا فيه عين يخرج منها ماء عذب ضارب إلى التثاخن يشرب منه الحيوان ولا يضره فإذا مشى الماء مسافة يسيرة ينعقد حجرا «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الثانية: عين النار بين أقشهر وأنطاكية؛ حدثني من رأى هذه قال: إذا غمست فيها قصبة احترقت «1» . ومنها: في أيام سليمان بن عبد الملك قال ابن أبي حجلة ورد كتاب بن هبيرة أن ببخارى «2» وقت السحر سمع قعقعة عظيمة من السماء. ودوي كالرعد القاصف أسقطت منه الحوامل فنظر فإذا قد انفرج من السماء فرجة عظيمة ونزل أشخاص عظماء رؤوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض وقائل يقول: يا أهل الأرض اعتبروا بأهل السماء؛ هذا صفوئيل الملك عصى الله فعذب فلما طلع النهار جاء الناس إلى ذلك الموضع فوجدوا خسفا عظيما لا يدرك قراره يصعد منه دخان أسود. انتهى. ومنها: في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة أرسل بطارقة الأرمن إلى ناصر الدولة بن أحمد أن رجلين ملتصقين ظهر أحدهما إلى ظهر الآخر عمرهما خمس وعشرون سنة وأبوهما معهما وكانا متلاصقين من تحت إبطهما (11 ظ) ف ولهما بطنان وصرتان وفرجان ومقعدان. وكل منهما كامل الأطراف والأعضاء. وأراد ناصر الدولة فصالهما فأحضر الأطباء فسألوهما هل تجوعان معا وتعطشان معا؟ قالا: نعم فقال الأطباء: متى ما فصلناهما «3» يموتان. وذكر أبوهما أنهما يختصمان في بعض الأوقات ويقيمان مدة لا يتكلمان. ثم يصطلحان ثم إن أحدهما مات وعاش الآخر بعد مدة طويلة. ولما مات ربطوه بحبل حتى انقطع ووقع، فدفنوه «4» . انتهى. وذلك في أيام المطيع لله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 ورأيت «1» بخط والدي رحمه الله رحمه وجد عن الإمام الشافعي قال: دخلت بلدا من اليمن فرأيت إنسانا من وسطه إلى أسفله بدن امرأة ومن وسطه إلى فوق بدنان مفترقان برأسين ووجهين وأربع أيدي. وهما يأكلان ويشربان ويتعاملان ويتلاطمان ويختصمان ويصطلحان. ثم غبت أياما ورجعت فقيل لي أحسن الله عزاك في أحد الجسدين توفي وربط من أسفله بخيط وثيق حتى ذيل وقطع. فعهدي بالجسد الآخر في السوق ذاهبا. انتهى. ومنها: في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة خرج بعمان طائر من البحر كبير أكبر من الفيل ووقف على تل هناك، وصاح بصوت عال ولسان فصيح: «قد قرب» . قالها ثلاث مرات. ثم غاص في البحر. ففعل ذلك ثلاثة أيام. ولم ير بعد ذلك «2» . ومنها: قال ابن سينا: وقد صح عندي (17 ظ) م بالتواتر ما كان ببلد جوزجان «3» في زماننا من أمر حديد يزن مائة وخمسين منا «4» نزل من الهواء فنشب في الأرض ثم نبا نبوة الكرة التي يرمى بها الحائط. ثم عاد فنشب في الأرض وسمع الناس لذلك صوتا عظيما هائلا فلما تفقدوا أمره ظفروا به. وحملوه إلى والي جوزجان ثم كاتبه سلطان خراسان محمود بإنفاذه. أو إنفاذ قطعة منه فتعذر نقله لثقله فحاولوا كسر قطعة منه فما كانت الآلات تعمل فيه إلا بجهد. وكان كل آلة تعمل فيه تنكسر لكنهم فصلوا منه آخر الأمر شيئا فأنفذه إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 ورام أن يطبع منه سيفا فتعذر عليه ذلك. وحكى أن جملة ذلك الجوهر كان ملتئما من أجزاء جاورشية صغار ومستديرة التصق بعضها ببعض. قال: وهذا الفقيه عبد الواحد الجوزجاني صاحبي شاهد ذلك كله «1» . ومنها: في سنة إحدى عشرة وأربعمائه في ربيع الآخر نشأت سحابة بإفريقية شديدة البرق والرعد فأمطرت حجارة كثيرة. وهلك كل من أصابه «2» . ومنها في سنة أربع عشرة وأربعمائة ألقت الريح رجلا من يأجوج ومأجوج من فوق السد طوله ذراع ولحيته شبران وله أذنان عظيمتان. فبعثوه إلى القادر بالله. فطافوا به بغداد وراه الناس «3» . ومنها: في سنة ثمان عشرة وأربعمائة سقط بالعراق برد كبار وزن البردة رطل ورطلان بالبغدادى. وأصغره كالبيضة «4» . ومنها: في سنة عشرين وأربعمائة وقع برد كبار بالنعمانية. ووجدت بردة عظيمة يزيد وزنها على مائة رطل. وقد نزلت في الأرض نحوا من ذراع؛ نقلته من تاريخ الإسلام «5» (12 و) ف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 ومنها: في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة كان غلا [ء] عم الدنيا بأسرها شرقا وغربا من البحر إلى البحر حتى لم يبق من الناس في كل بلد أكثر من خمسين نفسا أو أقل. وذلك في أيام القائم لله «1» . ومنها: في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وقت العصر ظهر ببغداد كوكب له ذؤابة يغلب نوره على نور الشمس وسار سيرا بطيئا ثم انفض «2» . ومنها: في سنة أربع وخمسين وأربعمائة جاءت برقة وتبعها صيحة سقط لها الناس لوجههم. وماتت «3» طيور كثيرة بالمعرة. ومنها: في سنة ستين وأربعمائة في أيار جاءت رعدة عظيمة بالمعرة غشى من صوتها على كثير من الرجال والصبيان والنساء وجا [ء] بعدها سحاب عظيم معظمه على جبل بني عليم «4» وفيه برد فقلع الشجر. وجرى ماء سيل في وادي شنان «5» الذي فيه العين. فكان من الجبل القبلي إلى الجبل الشمالي وغطى شجر الجوز وأخذ صخرة يعجز عن حملها خمسون رجلا، ومضى بها فلم يعرف لها في ذلك الوقت موضع «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وزلزلت فلسطين ومات فيها خمس عشرة ألفا وانشقت صخرة بيت المقدس ثم عادت فالتأمت «1» . ومنها: في سنة تسع وستين وأربعمائة حوصرت أنطاكية فبيع كل رغيفين بدينار والدجاجة بدينار. ومنها: في سنة خمس وثمانين وأربعمائة كانت زلازل بالشام هدمت بنيانا كثيرا منها تسعين برجا من سور أنطاكية وهلك تحت الردم خلق كثير «2» . ومنها: في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة جاءت ريح عظيمة سوداء كالليل ببغداد وقت العصر وتتابع الرعد والبرق ووقعت عدة صواعق وبقي النهار ليلا بهيما وسقط رمل بدل المطر وظن الناس أنها الساعة ودام إلى المغرب شاهد ذلك الإمام أبو بكر الطرسوسي «3» وحكاه في أماليه. «4» ومنها: خمس عشرة وخمسمائة كانت زلزلة بالحجارة تضعضع بسببها الركن اليماني وتهدم بعضه «5» . وتهدم شيء من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 ومنها: في سنة أربع وعشرين وخمسمائة طلعت سحابة على بلد الموصل فأمطرت نارا أحرقت ما أمطرت عليه (!) . وطار بالعراق عقارب طيارة فقتلت خلقا كثيرا «1» . ومنها: في «2» سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة توالت الزلازل بالشام وخربت كثيرا من البلاد ولا سيما حلب فإن أهلها فارقوا بيوتهم وخرجوا إلى الصحراء ودامت من رابع صفر إلى تاسع عشره. قاله المؤيد «3» وقال ابن الأثير عدوا ليلة واحدة جاءتهم ثمانين مرة، ومعها صوت وهدة شديدة «4» . ومنها: (12 ظ) ف في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ورد كتاب من حماة يخبر فيه أنه وقع في هذه الأيام ببارين من عمل حماة برد على صور حيوانات مختلفة منها سباع وحيات وعقارب وطيور ومعز. ورجال في أوساطهم حوايص «5» . ثبت ذلك عند قاضي الناحية. ونقل ثبوته إلى حماة. ومنها: في سنة أربع وأربعين وخمسمائة أمطرت باليمن مطرا كله دم. وبقى أثره في الأرض. وفي ثياب الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 ومنها: في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة وقعت زلازل عظيمة بالشام «1» وحلب وشيزر وأنطاكية وغيرها. فهلك خلق عظيم حتى أن معلما بحماة قام من المكتب وعاد فوجد المكتب قد وقع على الصبيان فماتوا كلهم. ولم يأت أحد يسأل عن ولده لأن آباءهم ماتوا أيضا «2» . ومات في هذه السنة بالزلزلة نحو من ألف ألف ومائة ألف إنسان وهلك كل من في «3» شيزر إلا امرأة وخادما واحدا. وانشق تل في حران فظهر فيه بيوت وعمائر ونواويس. وخربت صيدا وبيروت وطرابلس وعكا وصور وجميع بلاد الفرنج وانشق في اللاذقية موضع فظهر فيه صنم قائم في النار. وانفلق البحر إلى قبرص «4» وقذف بالمراكب إلى ساحله. وقرأت في تاريخ الإسلام؛ قال: «في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة كان بالشام زلازل عظيمة هدمت ثلاثة عشر بلدا؛ منها: خمسة للفرنج، وأما حلب فهلك منها تحت الردم خمسمائة نفس. وأما حماة فهلكت جميعا إلا اليسير. وأما شيزر فما سلم (17 ظ) م منها إلا امرأة وخادم وأما كفرطاب فما سلم منها أحد. وأما أفامية «5» فهلكت وساخت قلعتها إلى الأرض. وأما أنطاكية فسلم نصفها «6» .» . ومنها: في سنة سبع وخمسين وخمسمائة ورد كتاب أنه حدثت زلزلة وقع من سور الرها ثلاثة عشر برجا. وخسف بسميساط وقلب بنصف قلعة بالس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 ومنها: في سنة خمس وستين وخمسمائة في ثاني شوال زلزلت حلب، وأخربت الزلزلة كثيرا من البلاد «1» وهذه «2» قال ابن الجوزي: وقع فيها نصف حلب. ويقال: هلك من أهلها ثمانون ألفا. وقال في مصباح العيان: وقع نصف قلعة حلب. ومنها: في سنة تسع وتسعين وخمسمائة ماجت النجوم ببغداد وتطايرت شبه الجراد ودام ذلك إلى الفجر. وضج الناس بالابتهال إلى الله تعالى؛ قاله الذهبي. ومنها: في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ورد كتاب ملك الحبشة إلى سيف الإسلام صاحب اليمن أن جبلا بالحبشة يعرف بالأصم. بعده من المدينة ثلاثة أيام حمله الريح إلى باب المدينة (!) . (13 و) ف وأن نهرا بها أصبح دما عبيطا (!) . وفي هذه السنة وقع بأرض بالس برد كل حبة وزنها مائة وخمسون درهما فأهلكت الطيور والوحوش والشجر. وأخذ أهل حارم من الصيد شيئا كثيرا. و [منها] : في سنة تسع وثمانين كانت زلزلة وسيول عظيمة أخربت بظاهر حلب ثلاث مائة دار. ومنها: في سنة تسع وعشرين وستمائة جاءت الأمطار والسيول حتى دخل السيل إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 حمام العرائس «1» بحلب فمات فيه نسا [ء] كثير وصبيان. ومنها: في سنة سبع وأربعين وستمائة ولدت امرأة ببغداد اثنين وثلاثين في جوف وشاع ذلك فطلبوا إلى دار الخلافة فأحضروا وقد مات واحد. فأحضر ميتا. فتعجبوا من ذلك وأعطيت المرأة من الثياب والحلي ما بلغ ألف دينار. وكانت فقيرة مستورة. وحكى ابن الرفعة في المطلب عن محمد بن الهيثم عن زوجة كانت لسلطان بغداد وضعت كيسا فيه أربعون ولدا وأنهم عاشوا وركبوا الخيل وقاتلوا مع أبيهم أ (!) انتهى. قال الأذرعي: وفي صحة هذا نظر. وحكى القاضي حسين أنه وجد خمسة في بطن. وقال الشافعي: أخبرني شيخ باليمن أنه ولد له خمسة أولاد في بطن واحد. وعن ابن المرزبان أنه قال: في امرأة بالأنبار ألقت كيسا فيه اثنا عشر ولدا ب. انتهى. ومنها: في سنة ست وخمسين وستمائة اشتد الوبا [ء] بالشام وبلغ الفروج الواحد بحلب إلى عشرة دراهم «2» . ورأيت في بعض التواريخ قيل إن موجب هذا الوبا [ء] «3» .... الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 ومنها: في سنة تسع وخمسين وستمائة وردت الأخبار من ناحية عكا أن سبع جزائر من البحر خسف بها وبأهلها. ولبس أهل عكا السواد وبكوا واستغفروا من الذنوب بعد (18 و) مأن أمطرت عليهم سبعة أيام دما. وهلك منهم قبل الخسف خلق كثير «1» . انتهى. لطيفة: بعكا عين ماء تسمى عين البقر يعظمها المسلمون والنصارى واليهود ويزعمون أن البقرة التي جاءت إلى آدم عليه الصلاة والسلام للحرث خرجت منها والله أعلم. ومنها: في سنة اثنين وثمانين وستمائة كان المنصور «2» بدمشق فجا [ء] سيل عظيم حتى أخذ كل ما مر عليه من العمائر والأشجار والدواب والطواحين وحمل عسكر المنصور بخيامهم ودوابهم وأثقالهم «3» ورماهم في البحر وأهلك أمما «4» . ومنها: «5» وفي سنة خمس وثمانين وستمائة يوم الخميس رابع عشر صفر وقت العصر جعل بناحية الغولة من معاملة حمص سحابة سوداء أرعدت وخرج منها «6» دخان أسود (انفتل) بالأرض على هيئة ثعبان في (كخانة) العمود الكبير الذي لا يحيطه إلا عدة من الرجال. رأسه في عنان السماء وذنبه يلعب في الأرض شبه الزوبعة الهائلة. وصار يحمل الأحجار الكبيرة «7» ويرفعها إلى السماء كرمية سهم فتقع على الأرض، وتصدم بعضها بعضا فيسمع لها أصواتا مرعبة.. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 واتصل ذلك بأطراف العسكر المجرد وعليهم مكتوب «1» . وهم زيادة على المئتي فارس فما مر شيء إلا وقع كرمية سهم وأكثر. وحمل السروج والجواشي وآلات الحرب، وحمل خرجا فيه تطابيق نعال الخيل حتى علّى رمية سهم. ورفع الجمال بأحمالها حتى ارتفعت قدر رمح على الأرض وحمل كثيرا من الغلمان والجذم. ثم غاب الثعبان نحو الشرق. ووقع بعده مطر. ومنها: «2» وفي سنة اثنين وسبعمائة في يوم الخميس ثالث عشر من الحجة عند صلاة الصبح سمع بمصر للحيطان قعاقع وجاءت الزلزلة فخرجت «3» النساء من البيوت وتساقطت الدور وانهدمت المآذن «4» . وخرجت رياح فغاص ماء السيل حتى ألقى المراكب. خرج الناس إلى ظاهر القاهرة. ونصبوا الخيم من بولاق إلى الروضة. وورد الخبر من الاسكندرية بأن المنار انشق وسقط من أعلاه نحو الأربعين بدنة «5» . وأن البحر هاج وألقى الريح موجه حتى وصل باب البحر وصعد بالمراكب (54 ظ) م* الافرنجية على من سقط جانب كبير من القمح «6» . وقدم الخبر من الوجه القبلي بأن في اليوم المذكور هبت ريح سوداء مظلمة حتى لم يرد أحد قدر ساعة ثم ماجت الأرض وظهر من تحتها رمل أحمر غض، وفي بعض المواضع رمل أحمر، وكشطت الريح مواضع من الأرض وظهرت عمائر قد ركبها الرمل. وخربت قوص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 وأن رجلا كان يحلب بقرة فارتفعت وقت الزلزلة وبيده الحليب. وارتفعت البقرة حتى سكنت الزلزلة ثم انحط إلى مكانه من غير أن يبيد شيء من اللبن. وقدم الخبر أن دمنهور لم يبق بها بيت. وخرب جامع عمرو. وخربت أكثر سواري الجامع الحاكمي، وسقطت مئذنته. وخرب الجامع الأزهر، وخرب جامع الصالحية. وخربت مئذنة المنصورية وسقطت مئذنة جامع الطاهين. وانهدم من سور الاسكندرية ستة وأربعين بدنة وسبعة عشر برجا. وسقط جانب من قلعة صفد. وأن البحر من جهة عكا انحسر قدر فرسخين وانتقل من موضعه إلى البر فظهر في مواضع الماء أشياء كثيرة في مقر البحر من أصناف البحارة وتشققت جدر جامع بني أمية واستمرت الزلزلة خمس درج. إلا أن الأرض أقامت عشرين يوما ترص. ولما انشعث بالزلزلة من الجامع الحاكمي وجد في ركن من المئذنة كف إنسان فريدة «1» قد لف في قطن وعليه أسطر مكتوبة لم يدر ماهي. والكف طري «2» في سنة ست وسبعمائة كتب محضر يتضمن أن بأراضي بارين من عمل حماه جبلين بينهما واد يجرى الماء فيه عرضه نحو مائة ذراع وأن نصف أحد الجبلين انتقل من موضعه إلى الجبل الآخر والتصق به، ولم يسقط بينهما شيء من حجارة. وأن طول النصف المنتقل نحو مائة ذراع وعرضه نحو خمسين ذراعا (13 ظ) ف وفيه خطوط جماعة من الشهود وخط الحاكم ببارين (!) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 سبحان من في أرضه عز أمره ... جبل العجائب لا يزال يحول. سبحان من يدنو البعيد بإذنه ... وبحكم حكمته الجبال تزول. ومنها: في سنة ست عشرة وسبعمائة جاء سيل عظيم حتى ملأ الأودية وقلع قرية من قرى دمشق بجميع ما فيها من الدور والكروم والبساتين وأهلها وغلاتها المزروعة. ولم يسلم منهم أحد إلا خمسة أنفس فإنهم تعلقوا بذنب ثور فقام بهم وسلموا. واحتمل (خركاوات) كثيرة من العرب والتركمان فألقاهم في البحر ثم عاود في العام القابل وأخرب دورا وأهلك أمما وكانت عدد الدور ثمانمائة وخمسة وتسعين دارا وسبعة عشر فرنا وأحد عشر طاحونا وأربعين بستانا، وواحد «1» وعشرين مسجدا، وخمس مدارس «2» . ثم نشأ بعد ذلك ريح قلعت أشجارا كثيرة وخرج منه عمود يرمي بشرر من نار وامتد إلى كنيسة رومية هناك مبنية بحجارة عظيمة فقلعها من أساسها وحملها في الجو مقدار رمية نشاب وهي بحالتها لم تتغير حجر عن حجر، والناس ينظرون إليها، ويبكون، ويتضرعون إلى الله تعالى. ثم انتقضت حجارتها ووقعت حجرا حجرا. وغاصت في الأرض. وبقي مكانها مثل الخندق. ووافق هذا الريح برق عظيم ورعد وظلمة حتى أيقن الناس بالهلاك. ثم أمطرت بردا عظيما أخرب بلادا كثيرة بما فيها من أهلها والدواب والوحوش والطيور. واجتمع من ذلك البرد والمطر سيل عظيم ملأ الوادي المعروف بوادي الفيل، وغرق مائة من الناس والدواب، وهجر الباقون من الهالكين تلك الأرض خوفا من العود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وقد ذكر ذلك [ا] بن حبيب في تاريخه فقال: «وقع بحمص وحماه وحلب مطر عظيم، ليل سحابه بهيم، ومعه برد كبر حجمه. وتواتر وقعه ورجمه، وظهرت (18 ظ) م أشراره، ووصل إلى البيضة بل إلى النارنجة مقداره، وصحبه شيء من السمك والضفادع، وأتى بما هو للقلب صارع، فأهلك البلاد، وقلع عدة من بيوت الاكراد، ثم بلعت الأرض ما [ء] ها. فسبحانه من كبير متعال أ. ومنها: في سنة سبع عشرة وسبعمائة ثار بحلب هواء عظيم وغبار وقعه أليم أزعج الخواطر. وهيج المواطر. وأظلم به الجو، وتغير بسببه النو، وقارنه رعد وبرق خاطف، حتى أيقن الناس بالهلاك. ثم أفاضت السحاب جودها وكرمها. ورمت بنادق البرد. وهمت بما لا يحصره العدد. ثم اشتد الهوى فخرب عدة من القرى واقتلع أشجارا وثيقة العرى. ومنها: في سنة ثمان عشرة وسبعمائة خرج ريح بالجون من طرابلس نصف النهار فمرت على بيوت الدورباكي- مقدم التركمان- بالجون فكسرت بيوت جماعة. ثم جاءت إلى بيوت علاء الدين طرالي صارت عمودا كهيئة الثعبان متصلا بالسحاب وجعلت تمر على البيوت يمينا وشمالا فلا تمر على شيء إلا وأهلكته. فقال علاء الدين: «يا رب قد أخذت الرزق، وتركت العيال بغير مال، فأي شيء أطعمهم» . فعاد الريح إليه فأهلكه، وأهلك أولاده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 وحملت جملين كانا قد بقيا إلى الجو مقدار رمية نشاب. ثم أرمتهم مقطوعين أربعة أنصاف، وطوت قدور «1» النحاس والطسوت والصاجات الحديد بعضها على بعض. ثم ذهبت تلك الريح إلى عرب بجوار طرالي المذكور فأحملت لهم أربعة أجمال فغابت بهم في الجو. ثم وقعوا متقطعين ثمانية أنصاف. ثم أمطرت عليهم بردا كبيرا زنة البردة رطل شامي. فما وقع على شيء إلا وأهلكه. و [منها] : في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة ظهر في القاهرة رجل بأربع (19 ظ) م أيدي وأربع أرجل. ولا يقدر على المشي. بل يحمل على الرأس «2» لطيفة: ذكر القزويني قال: حدثني بعض الفقهاء أنه شاهد عند الأكراد المحمدية بعض .... إنسانا كرديا كبيرا بستة أذرع وهو صبي ما بلغ الحلم وكان يأخذ بيد الرجل القوي ويرميه خلف ظهره «3» ومنها: في سنة أربع وأربعين وسبعمائة كانت الزلزلة العظيمة المزعجة المخرجة العميمة، التي حركت السواكن. وخربت كثيرا من الأماكن. دخلت إلى مصر والشام وتواترت مده، إلى أن فتح الله باب الفرج ورفع الشدة، وبها خربت منبج، وكذلك قلعة الراوندان «4» . وقال ابن الوردي «5» من مقامة: «نعوذ بالله من شر ما يلج في الأرض وما يخرج منها. ونستعينه في طيب الإقامة بها، وحسن الرحلة منها. نعم نستعيذ بالله ونستعين من سم هذه السنة؛ فهي أم أربعة وأربعين. ذات زلزال بث في البلاد رجله وخيله. وجزم برقع الأرض لما جرى عليها ذيله لا عاد من زلزال، زال به العقل وزال، قنت الناس لأجله في الصلوات. وسكنت من خوفها الصحارى والفلوات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 إن الدهر حار «1» أمرا ... يهون أذاه يهن فكم زخرف قد سبا ... إذا زلزلت لم يكن فلو رأيت حلب وقد أشرفت على سوء المنقلب. ووضح بجامعها مزوق وأماكن وتعلمت منارته باب الإماله وتحريك الساكن. فلولا بركة النداء فيها لرجمت ولكن الله سلم، فسلمت. انتفع ما يليها بشرف التذكير. وسلم جميعها الصحيح من (14 ظ ف) التكسير. ولو رأيت القلاع والحصون وقد أزالت الزلازل منها كل مصون: طارت لقلع القلاع زلزلة ... ما خشيت رأسا ولا صايد إذا رأى الحصن من رماه بها ... خزله من أساسه ساجد ولو رأيت منبج منبت كل سري، ومهب الريح السحري، وهي لشدة الطمس كأن لم تغن بالأمس، وقد كسف «2» الرمل منها كل بدر وشمس. وليس وفاتهم بالردم نقصا لقدرهم. ففي الشهداء صاروا: وما في بسطوة الخلاق عيب ... ولا في ذلة المخلوق عار. فوا أسفا عليها من مدينة جليلة أصبحت دفينة. وكانت الألسن عن وصفها كليلة. غشيها قتر «3» وظلمة، وركبتها ريح سوداء مدلهمة. هلكوا هم وديارهم في لحظة ... فكأنهم كانوا على ميعاد. نبشوا وأوجههم تضيء من الثرى ... مثل السيوف بدت من الأغماد. وقال ابن حبيب معرضا بمن خرج إلى بر حلب خوفا من الزلازل «4» : يا فرقة فرقوا وعن حلب نأوا ... وتباعدوا لما رأوا زلزالها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 ما زلزلت شهباؤها وتحركت ... إلا لتخرج عامدا أثقالها ومنها: في سنة سبع وأربعين وسبعمائة فيها أقبل إلى حلب وبلادها من جهة الشرق جراد عظيم. فكان أذاه قليلا بحمد الله تعالى. رجل جراد صدّها عن الفساد الصمد ... فكم ولم للطفه في هذه الرجل يد وفي هذه السنة في ذي الحجة صدر بحلب أن بنتا بكرا من أولاد عم عمرو. «1» . كرهت زوجها ابن المقصوص «2» فلقنت كلمة الكفر لينفسخ نكاحها قبل الدخول فقالتها وهي لا تعلم معناها فأحضرها البدري إلى دار العدل بحلب وأمر فقطعت أذناها وشعرها وعلق ذلك في عنقها وشق أنفها وطيف بها على دابة بحلب وهي من أجمل البنات وأحياهن. فشق ذلك على الناس وعمل النساء في كل ناحية بحلب عليها عزا [ء] ، حتى نساء اليهود. وأنكرت القلوب قبح ذلك؛ وما أفلح البدري بعدها «3» . قلت «4» : وضج الناس من بدر منير ... يطوف شرعا بين الرجال ذكرت ولا سوا [ء] بها السبايا ... وقد طافوا بهن على الجمال ومنها: في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة «5» قدم على كركر «6» وكحتا «7» وما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 بينهما عصافير كالجراد المنتشر فسارع الناس إلى (شيل) الغلات بدارا. وهذا لم (15 ظ) ف يسمع بمثله وذلك في شهر ربيع الآخر من السنة «1» وفيها: في العشر الأوسط من آذار وقع بحلب والبلاد ثلج عظيم وتكرر وجاء عقبه غلاء أسعار وقلة أمطار. قلت «2» : ثلج بآذار أم الكافور في ... مزاجه ولونه والمطعم. لو لاه سالت بالفلا [ة] «3» دماؤنا ... من عادة الكافور امساك الدم. وقبل ذلك في المحرم ظهر بين منبج والباب جراد عظيم من بزر السنة الماضية فخرج عسكر من حلب وخلق من فلاحي النواحي نحو أربعة آلاف نفس لقتله، ودفنه. وقامت عندهم أسواق. وصرفت عليهم من الرعية أموال. وهذه سنة ابتدأ بها الطنبغا الحاجب من قبلهم «4» . قلت «5» : قصد الشام جراد ... سنّ للغلات سنا فتصالحنا عليه ... وحفرنا ودفناه ومنها: في سنة تسع وأربعين وسبعمائة «6» فيها كان الفنا [ء] العظيم. والطاعون العميم الذي جاب البلاد والأمصار، ولم يسمع بمثله في سائر الأعصار. وطالت شقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 مدته، وغالت مثلة شدته وحمى وطيسه، ودارت خنذريه. فسرى وسرح، واجترأ واجترح، ورمى ورمح، وما صفى ولا صفح، وضرب وطعن. وقتل من أقام وظعن، وامتضى سيف سفكه، وصبغ بالدم الأحمر والأصفر وجه رنكه، وأخلا الديار والبيوت، وأوقع الناس في علة السكوت. وصار وجال، وقرب الآجال، ويتم الأطفال، وقبض الأرواح وصرف الأموال. لم أنس قول الخل والخل يرى ... بأنفه خوف فناء غلبا إن الوبا في حلب أضحى له ... على الورى كاف وراء قلن وبا سماه بطاعون الأنساب «1» من لدغ بعقاربه، لأنه قلما مات به شخص إلا وتبعه أحد من أولاده وأقاربه. بعث للناس من البشرة واللوزة والخيارة نفث الدم رسلا «2» تجد بهم إلى المنية. فكان الإنسان يتفل دما أصفر. وغاية ما يعيش بعده ساعة رملية. وإذا «3» عاين ذلك ودع أصحابه، وأغلق حانوته وحفر قبره، وأعد كفنه، وهيأ تابوته، ومضى إلى بيته فمات. وأصبح معدودا في العظام والرفات. وبلغت عدة الموتى بحلب في اليوم إلى نحو خمسمائة، وبدمشق إلى أكثر من ألف نفر. ومات بالديار المصرية في يوم واحد نحو من ألف؛ هكذا ورد الخبر. ورأيت بخط والدي- رحمه الله تعالى- عن العالم نجم الدين بن حسام أنه وقف على باب «4» زويلة ...... أنه مات في القاهرة في أيامه مائة ألف محصورة. معدودة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 واستمر نحو سنة برمحه طاعنا، وبسهمه مصيبا، وفني فيه من العالم نحو ثلثيهم تقريبا، وفيه يقول ابن الوردي من رسالة «1» : (15 ظ) ف « .... ومن الأقدار أنه يتتبع أهل الدار، فمن بصق واحد منهم دما تحققوا كلهم عدما، ثم يسكن الباصق الأجداث بعد ليلتين أو ثلاث. سألت بارئ النسم في رفع طاعون صدم. فمن أحس بلع دم، فقد أحس بالعدم. استرسل ثعبانه وانساب، وسمي طاعون الأنساب. فلو شاهدت كثرة النعوش وجملة الموتى. وسمعت بكل قطر نعبا وصوتا. لوليت منهم فرارا وأبيت فيهم قرارا. وهو سادس طاعون وقع في الإسلام. وعندي أنه للموتان الذي أنذر به نبينا صلى الله عليه وسلم فإنه قال قائل هو (20 و) م يعدي ويبيد. قلت: بل الله يبدئ ويعيد. فإن جادل في دعوى العدوى وتأول؛ قلت: قد قال الصادق الصادح فمن أعدى الأول: اللهم إنه فاعل بأمرك فارفع هذا الفاعل، وحاصل عند من شئت فاصرف عنا هذا الحاصل. فمن لدفع هذا الهول غيرك ياذا الحول. ومن فوائده تقصير الأمالي، وتحسين الأعمال، واليقظة من الغفلة، والتزود للرحلة، فهذا يوصي بأولاده، وهذا يودع إخوانه وهذا يهيئ أشغاله، وهذا يجهز أكفانه، وهذا يصالح أعداءه، وهذا يلاطف جيرانه، وهذا يحبس أملاكه، وهذا يحرر غلمانه، إلا أن هذا الوبا قد سبا، وكاد يرسل طوفانه، ولا عاصم اليوم من أمره سوى رحمة الله سبحانه. انتهى.» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وفي هذا الطاعون قال بدر الدين الحسن بن حبيب: إن هذا الطاعون يفتك في العا ... لم مثلا مرئ ظلوم حقود «1» ويطوف البلاد شرقا وغربا ... ويسوق العباد نحو اللحود قد أباح الدما وحرم جمع الشمل ... قهرا وحل نظم العقود وكم طوى النشر من أخ عن أخيه ... وسبى عقل والد بوليد «2» أيتم الطفل أثكل الأم أبكى العين ... أجرى الدموع فوق الخدود بسهام ترمي الأنام خفيات ... تشق القلوب قبل الجلود كلما قلت زدت في القتل أقصر ... وتثبت يقول هل من مزيد «3» إن أعش بعده فإني شكور ... مخلص الحمد للولي الحميد وإذا مت هنوني وقولوا ... كم قتيل إذا قتلت شهيد «4» وقال بعضهم: إنه ابتدأ من بحر الظلمات من خمسة عشر سنة قبل تاريخه. ودخل مكة. وطبق شرق الأرض وغربها. إشارة؛ حديث: (إن الطاعون لا يدخل مكة) «5» ؛ ضعيف. ومنها: في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة ظهر بحلب شخص يدعى بوضاح الخياط وتكلم بما عنده من الهذيان والخباط وادعى النبوة، وأشاع قربه، ودنوه، ووعد من كان له سامعا ومطيعا. وذكر أنه قيل له: «قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 (16 و) ف ثم إنه أعرض عن مقالته الفاسدة، وأسلم، وسلم. وأسف على ما وقع منه. وندم فحكم بإسلامه. وحقن دمه «1» . ومنها: رأيت بخط شيخي في سنة إحدى وستين وسبعمائة وقع برد بحلب أتلف شيئا كثيرا. وكذلك في غيرها من بلاد الشام. قال ابن كثير أنه قرأ في كتاب جاء من حلب أنه وزنت واحدة فجا [ء] ت سبعمائة درهم «2» ومنه ما هو أكبر وأصغر. ومنها: في سنة اثنين وستين وسبعمائة «3» أحضر بين يدي نائب حلب رجل له ولد له رأسان على كل كتف رأس بوجهين مستديرين إلى ناحية واحدة عاش ساعة ومات. قال ابن كثير أنه نقله من كتاب كتبه الفقيه العدل شمس الدين العراقي الحلبي أنه (20 ظ) م حضر ذلك. وأنه شاهد الكتاب. ومنها: في سنة اثنين وسبعين وسبعمائة «4» في ليلة الخامس من جمادى الأول ظهر في السماء نور ساطع، وسيف قاطع، وضوء لامع. ولونه لاشتات «5» قلوب العارفين جامع. له ردا متسع الأطراف، ولون كالشفق الأحمر الشفاف. وصخت به مفارق الطرق. واستضاء ضياؤه في جوانب الأفق. واستمر من أول الليل إلى قرب الثلث الآخر. مبديا أنواع العجائب من بحره الزاخر. ياله شفقا أشفق الناس من ورود وروده. واضطربوا بما حصل لهم من الوجد عند وجوده. واستكانوا لهذه الآية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 الظاهرة. واستغاثوا بصاحب القدرة الكاملة والعظمة الباهرة، وأكثروا من التسبيح والتهليل والتكبير. وابتهلوا بالدعاء إلى من له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير. يا ليلة أقبل من آياتها ... ما أوجب السهد وتكرار القلق. خاف الورى مما جرى وابتهلوا ... لله فيها شفقا من الشفق. وقد سمعت والدي رحمه الله تعالى؛ قال: خرج نائب حلب مرة إلى ظاهرها فأمسك جماعة من العربان، وقدم بهم إلى حلب، واعتقلهم، وكان السجن إذ ذاك بخندق القلعة، فلما أظلم الليل ظهرت حمرة بالسماء كالدم. وضج الناس من ذلك. ومات العرب الذين بالسجن عن آخرهم. ولم يدر سبب موتهم فالله أعلم أنهم كانوا مظلومين. ومنها: وفي سنة أربع وسبعين وسبعمائة «1» رجع الوباء إلى الشام وبلاده. وأجال في ميدان حلب سوابق جياده، ونصب على أرضها أشراكه، واصطاد عرب محلها ولم يترك «2» أتراكه. وصال صولة الليث وأكثر من العبث والعيث. وعوض عن الحلاوة (16 ظ) ف بالمرارة. وأهلك الناس بالكبة والخيارة. وأثبت الأحزان ونفى السرور. وزادت مدة مقامه على ست شهور. وعظم الخطب. وهصر كل غصن رطب، وفنى كثير من الشباب والنسا [ء] والأطفال، وظفر الفقير من مائدة الوارثين «3» بجزء من الأنفال، وخلت المعاهد والمعالم، وجرت على نقد السليم عيون السالم، وانتقل إلى أبيات الأموات قوم بعد قوم، حتى بلغ عدة الموتى أكثر من مائتي نفر في اليوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وتوفي جماعة من العلما [ء] والأعيان تغمدهم الله بالرحمة والرضوان وقلت في ذلك: قلت لقوم عتبوا على الوبا ... حيث غزا فيهم بقلب قاسي لا يحسن العتب على ذي جنة ... يلعب بالكبة بين الناس قاله الحسن بن حبيب «1» . ومنها: في سنة خمس وسبعين وسبعمائة «2» ورد إلى حلب سيل، وخرب نحو أربعمائة مكان، ما بين دار وحانوت وطاحون وبستان. ومنها: في سنة سبع وسبعين وسبعمائة «3» استمر غول الغلاء مقيما بالشام نازلا ممن معه من أعوان القحط وأنصار الشام، كاشرا عن أنياب النواب، ناشرا حبائل (21 و) ممصايده المصائب خارقا للعوائد. مبديا أنواع الأزمات والشدائد. ولقد جال بحلبة حلب وصال، وقطع من الرفق والرفد أسباب الوصال. وعظم أمره، وطال عمره، وسطا شجاعه ودمره، واحتدم لهبه، واضطرم جمرة، وأجحف بالناس وخرج عن الحد والقياس، وجعل الغني فقيرا وأهلك من الضعفاء والمساكين خلقا كثيرا. وزاد إلى أن نقصت الأقوات. وترادفت أمواج الأموات. وارتفعت الأسعار، وقبلت بنية الأعسار وتدرج القمح إلى بيع المكوك بمائتي درهم. وجبر وصول الرطل من الخبز إلى ثلاثة دراهم من يعقل ويفهم. حتى قلت في ذلك: لا تقم بي على حلب الشهبا [ء] ... وارحل فاحضر العيش أدهم. كيف لي بالمقام والخبز فيها ... كل رطل بدرهمين ودرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 ثم تضاعف الارتفاع، وتشتت شمل القوم بعد الاجتماع، ففرقوا شذر مدر، وضجوا عند خلو السّفر إلى السفر، وذاقوا عذاب الجوع. ونأو [ا] عن الهجوم والهجوع. وانكشف الستر وانهتك الحجاب، وأقدموا على أكل الميتة والقطاط والكلاب. كيف لا وقد بلغ المكوك «1» من القمح إلى ثلاثمائة درهم وزيادة. وانخرط الباقي من الأقوات والمطعومات من نسبة هذا السعر الذي لم يسمع مثله في بلاده، ولم تبرح الأحوال حائلة، والمسرات زائلة، ومسألة «2» الجدب عايلة، وعيون المستهلين بالأدعية كألسنتهم سائلة. إلى أن منّ الله في أواخر السنة برحمته. ومحا (17 و) ف ظلام ليل نقمته، بضياء نهار نعمته، وقابل الشدة بالرخاء والسؤال بالجواب، يمحو الله ما يشا [ء] . ويثبت. وعنده أم الكتاب ومنها: في سنة سبع وثمانين وسبعمائة «3» وقع بحلب فنا [ء] «4» توفي فيه خلق كثير وصل عدة الموتى فيه كل يوم إلى نحو الألف «5» . وفيه يقول طاهر بن حبيب في ذيله على تاريخ والده: «.. وفيها حصل بحلب فناء عظيم دوت به الأفنان، وموت ذهبت فيه نفوس كثيرة من الشبان والولدان. وطاف بأركانها وسعى، ورعى حول حماها ثم رتع فيها وما رعى. وأطلق عقاله وثار، وأثار نار حربه، وفتك فتك من له ثار، ودخل المدينة على حين غفلة، وأدخل الحزن لحزن الديار وسهلها. وركب الشهباء وجال، وألحق في حلبتها النساء بالرجال، وأقامهم في مقامها وأصدت نفوسهم إلى الحمام بلجامها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وأطلق لشن الإغارة الأعنة، وسن للطعن وسفك الدماء الأسنة، ولم يبق من لا دخلت دويهته بينهم، واصفرت منه أناملهم، حتى قربت حينهم وطالت مدة أخذه في طول البلد والعرض، واستطالت يد حكمه في الصرف والقبض إلى أن وصل في اليوم إلى الألف وما ينيف عنها، ثم تنازل في أيسر مدة إلى العشر وما يقرب (21 ظ) م منها، ثم قوض عنها خيامه بعد أن بلغ قصده ومرامه. انتهى.» . ومنها: في سنة خمس وتسعين وسبعمائة «1» في ربيع الآخر جا [ء] سيل عظيم بحلب فساق جملة من الوحوش والأفاعي فوجدوا حيات «2» فيها ثعبان يسع ابن آدم إذا بلعه طول سبعة أذرع. ومنها: في سنة ست وثمانمائة «3» زلزلت حلب زلازل كثيرة، منها: واحدة عظيمة مزعجة صبيحة نهار الخميس عاشر شعبان فأخربت كثيرا من الأماكن والمساجد بحلب. وأخربت كثيرا من مدينة الشغر. ولم يعهد من قديم الزمان زلزلة مثلها. ومات بالشغر من الناس ما لا يحصى كثرته. ومنها: في العشر الأوسط من الحجة سنة عشر وثمانمائة «4» ولد مولود كما رأيته بخط والدي رحمه الله تعالى قال: ولد بحلب بخارجها بالهزازة مولود له رأس واحد وفي الرأس وجهان: الواحد من (قدامه) ، والآخر من (قفاه) . فالوجه الذي من قدامه وجه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 إنسان غير أن فمه مشقوق بالطول والوجه الآخر الذي من قفاه يشبه وجه قرد، وعليه شعر نابت. وفي كل جانب من جانبيه يدان وله أربعة أرجل وفخذان فقط ملتصقان. فإذا انحنى الفخذ عن الفخذ ظهر في كل جانب ذكر. فله في الجانبين ذكران. وعاش لحظة ثم مات. (17 ظ) ف ثم ولد آخر توأمان في العشر الأواخر من ذي الحجة من السنة المذكورة بحمام القواس خارج باب النصر أول التوأمين في غاية الملاحة. والتو [أ] م الثاني على التربيع. من فوق. ثم مات في الحال. ومنها: سنة خمس عشرة وثمانمائة منها: وقعت بمكة كائنة عجيبة وهي أن جمّالا يقال له حسن الفاروني كان يكرى من مكة إلى المدينة فرأى بعض جماله قد أسن فأراد بيعه وأن يشتري بثمنه عنزة. فباعه للجزار فاعتقله بالمجزرة لينحره فانفلت والناس في صلاة العشاء. فدخل المسجد الحرام فأرادوا أن يخرجوه فعجزوا عنه، فرفعوا الأمر إلى القاضي جمال الدين بن ظهيرة فأمرهم بحفظ الطواف منه. وكانوا يحرسونه ويمنعونه من الدخول فلما كان الثلث الأخير .... «1» فطاف ثلاثة أشواط ثم ذهب في الثالث إلى جهة مقام الحنفية فسقط ميتا، وحفرت له حفيرة ودفن بها. ومنها: في سنة عشرين وثمانمائة في المحرم «2» وضعت جاموسة بقلقين «3» مولودا برأسين وعنقين وأربعة أيدي وسلسلتي ظهر وذنب واحد. ورجلين اثنتين. ومخرج واحد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 فالذنب مفروق باثنين. فكان ذلك من بديع صنع الله؛ قاله شيخنا [ا] بن حجر في تاريخه. ومنها: في ثلاث وعشرين وثمانمائة ذبح جمل بغزة فأضا [ء] اللحم كما يضيء الشمع وشاع ذلك حتى بلغ حد التواتر، ورميت من لحمه قطعة إلى كلب فلم يأكلها. ومنها: في سنة خمس وعشرين وثمانمائة كان الغلاء بحلب وأعقبه الطاعون. يقال: مات فيه سبعون ألفا. وخلا أكثر البلد من الناس «1» . قلت: [محمد بن أحمد بن إبراهيم الممدوح الحسيني] : وفيه «2» توفي الرئيس الفاضل الشريف بدر الدين أبو عبد الله محمد بن عز الدين أحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن زيد بن جعفر بن أبي إبراهيم محمد الممدوح الحسيني الحلبي، نقيب الأشراف بحلب وابن نقيبها، وكاتب السر بها، وهو المذكور مع أسلافه فيمن مضى من ... «3» . كان إنسانا حسنا يستحضر طرفا من التاريخ يذاكر به. وليّ نقابة الأشراف بحلب بعد موت والده. ثم وليّ كتابة سر حلب من قبل المؤيد في سنة إحدى (22 و) م وعشرين وثمانمائة. ولما جاء هذا الفصل الطاعون إلى حلب في سنة خمس وعشرين وثمانمائة كتب وصيته وتركها معه في جيبه. ولا يزال يذكر الموت. وتحدثه نفسه بأنه يموت في الفصل إلى أن مرض أياما. ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى آخر نهار الخميس حادي عشر جمادى الآخرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 سنة خمس وعشرين وثمانمائة. ودفن الجمعة ثاني اليوم وصلى عليه بالجامع الأعظم بكرة النهار. ودفن بسفح جبل جوشن. بحوش مشهد الحسين عند أجداده. وكانت جنازته مشهودة. وله من العمر نيف وأربعون سنة «1» . وقد رثاه الأديب شمس الدين بن عبد الأحد المخزومي الحلبي- شاعر بني السفاح- بقصيدة، ولم يذكرها شيخنا المذيل في تاريخه. وأولها: قل للمنية طولي أم قصري ... نلت المنى وبمثله لن تظفري هو سيد الأرض الذي غيبته ... منها قضاء فخذي سواه أو ذري «2» ماذا عساك تصيبين من بعده ... هل تبلغين شبيهه في الأعصر كان ابن بنت محمد ها قد قضى ... فنّي الورى وغدا قيام المحشر (17 و) ف بوفاته الدنيا خلت من أهلها ... والأرض موحشة فما من مخبر وترى السما [ء] بها الجواري خنس ... والبدر ساه بينها كالمفكر هل بعد بدر الدين يا بدر الدنا ... نور يروق عيانه للمبصر أين ابن عز الدين عز وجوده ... وبفقده وجد البلاء الأكبر يا صيحة الناعي به كم أخمدت ... من أنفس بوفاته لم تفتر سار السرور مصاحبا لسريره ... وأقام طول الحزن غير مقصر ما كان أبهج قبره من حفرة ... تزهو وأشنع داره في المنظر فلك الهنا يا سفح جوشن بالهنا ... ولك العزا بأذيل عقبة منذر ولفقده نوحوا بني الدنيا ويا ... حور الجنان بروحه فاستبشري انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وفيه توفي أيضا الإمام عز الدين أبو الحامد محمد بن العلامة عز الدين أبي البقاء الحاضري المذكور هو ووالده في قضاة حلب الحنيفة «1» . وفيه توفي الرئيس الفاضل صلاح الدين صالح بن الرئيس شهاب الدين بن السفاح «2» الشافعي كاتب سر حلب المذكور في فصل أهلها الذين سلفوا. [ولي الدين بن شرف الدين الأنصاري] : وفيه توفي الخطيب البليغ الشاب السعيد ولي الدين بن العلامة شرف الدين الأنصاري المذكور والده في فصل القضاة. كان شابا حسنا. لطيف المزاج. حسن المحاضرة، عليه سيماء الأنصار، خطب بجامع حلب بعد والده، وترقى إلى قضاء الشافعية فاخترمته المنية، قرأ على والدي كثيرا، وكان والدي يعظمه ويقدمه على (22 ظ) م أقرانه لنسبه وصحبة والده، وقعت له محنة مع المؤيد «3» فباع منها بعض كتبه، ولما توفي خلف ولدا صغيرا اسمه يوسف فغيروه بموسى فنشأ في حشمة ورئاسة، وخطب مكان أبيه ثم توفي وهو شاب في سنه وانقرض هذا البيت المبارك «4» . « فائدة «5» » : كانت الطواعين المشهورة العظام في الإسلام خمسة أ: - طاعون شيرويه بالمدائن في عهده عليه السلام سنة ست من الهجرة. ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 - طاعون عمواس في زمن عمر رضي الله تعالى عنه كان بالشام مات فيه خمس وعشرون ألفا، وفيه مات أبو عبيدة، ويزيد بن أبي سفيان. ثم- طاعون في زمن ابن الزبير رضي الله عنه في شوال سنة تسع وستين مات في ثلاثة أيام كل يوم سبعين ألفا، ومات فيه لأنس رضي الله عنه ثلاثة وثمانون ابنا، وقيل ثلاثة وسبعون. ومات لعبد الرحمن ابن أبي بكر أربعون ابنا. ثم- طاعون الفتيان في شوال سنة سبع وثمانين، سمي بذلك لأنه بدأ في العذارى بالبصرة وواسط والشام والكوفة. ويقال له طاعون الأشراف أيضا. ثم- طاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة في رجب واشتد في رمضان. وكان يحصى في سكة المربد بالكوفة كل يوم ألف جنازة ثم خف في شوال وكان بالكوفة طاعون سنة خمسين وفيه مات المغيرة بن شعبة. « [فائدة] أخرى» : قال ابن قتيبة: لم يقع بالمدينة ولا مكة طاعون قط. ومنها: في سنة ست وعشرين وثمانمائة في العشر الأواخر من المحرم وقع بنواحي حوران برد كبار على صور خشاش «1» الأرض/ والماء/ «2» [ومنها] : [في] سنة ثمان وعشرين [وثمانمائة] فيها وقعة الفار باللجون وقد تقدمت «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 ومنها: [في] سنة خمس وثلاثين وثمانمائة ظهر بحلب نجمان كل منهما بذنب «1» وفيها ولدت فاطمة بنت جلال الدين البلقيني ولدا خنثى له ذكر وفرج أنثى من تقي الدين رحب، وقيل أن له يدين زائدتين نابتتان في كتفيه، وفي رأسه قرنان كقرني الثور، ويقال: ولدته ميتا. ويقال: مات بعد أن ولدته، قاله شيخنا العلامة أبو الفضل ابن حجر في تاريخه. قلت: وأذكر في ذلك ما ذكره ابن الجوزي في تاريخه في سنة اثنين وثمانين وخمسمائة أن امرأة كانت تمشي في الطريق ورجل يعارضها كل مرة. فقالت له: لا سبيل إلى هذا إلا بالطريق الشرعي، فتزوجها. ومكثت عنده مدة. ثم اعتراه انتفاخ بطن ظن أنه استسقا «2» . فداوته. فلما كان بعد مدة ولد ولدا كالنساء وإذا الرجل خنثى مشكل. انتهى. (18 ظ) ف واذكرني أيضا ما حكاه شيخ الإسلام محي الدين النووي- قدس الله روحه- قال: وجدت في زماننا وتواترت به الأخبار أن رجلا من بلاد بصرى في أوائل سنة خمس وستين وستمائة كان يسيء الاعتقاد في أهل الخير وله ابن محسن الاعتقاد فيهم فجاء ابنه من عند شيخ صالح ومعه سواك. فقال: ما أعطاك شيخك مستهزئا فقال: هذا السواك. فأخذه وأدخله في دبره، احتقارا له. فبقي مدة ثم ولد ذلك الرجل الذي أدخل السواك في دبره جروا قريب الشبه بالسمكة. ومات الرجل في الحال، أو بعد يومين. انتهى. وهذا «3» جزاء من استهزأ بالسنة المحمدية. على صاحبها أفضل الصلاة والسلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 [عبر] «1» : ومن هذا القبيل الرجل الذي سمع بقوله عليه السلام إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده. فقال: أنا أدري أين باتت. فأصبح فوجدها قد دخلت في دبره. ومن قبيل ذلك أيضا ما رواه البيهقي عن الأوزاعي قال: كان عندنا رجل يسافر يوم الجمعة يصطاد ولا ينتظر الجمعة فخرج يوما فخسف ببغلته فلم يبق منها إلا أذناها، وروي عن مجاهد أن قوما سافروا يوم الجمعة حين زوال الشمس عليهم خيامهم [فاحترقوا] «2» من غير أن يوروا نارا. ومن هذا القبيل أيضا ما روي عن أبي يحيى الساجي قال: كنا نمشي في أزقة البصرة إلى باب بعض المحدثين فأسرعنا المشي وكان معنا رجل ماجن متهم في دينه. فقال: ارفعوا أرجلكم «3» عن أجنحة الملائكة لا تكسروها، كالمستهزىء، أي بقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يصنع» . فما زال من موضعه حتى خفت رجلاه، وسقط، انتهى. وكان في أصحاب الحديث رجل خليع فسمع الحديث الشريف المشار إليه فجعل في نعليه مسامير من حديد وقال أريد أن أطىء أجنحة الملائكة فصابته الأكلة في رجليه، والآفات في نظير ذلك كثيرة، نسأل الله العافية والسلامة. [ومنها] : سنة «4» أربعين وثمانمائة فيها كان ابتداء الطاعون بحلب، واستمر يظهر مرة ويخفى أخرى إلى سنة إحدى وأربعين وثمانمائة فظهر، وانتشر. وفشى ومات فيه خلق كثير من الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 وفيه توفي الشيخ ولي الدين محمد بن العلاء عز الدين الحاضري في يوم ... «1» وكانت وفاته بالمدرسة الحلاوية، وصلى عليه بكرة النهار بجامعها ودفن عند والده. وكان إنسانا حسنا دينا خيرا. منقطعا عن الناس وفيه بر وإحسان، يحفظ كتبا كثيرة على قاعدة مذهبه وفي النحو. وكان يكررها، وقرأ صحيح خ عن والده بجامع الدمرداش. وفيه توفي والدي الحافظ برهان الدين وسأله بعض الناس الدعاء وهو في الاحتضار فقال: رفع الله عنكم هذا الطاعون. وفي ذلك يقول الأديب شمس الدين محمد الشهير بزيتون: عجبت من طاعوننا إذ التي ... يهدي خيارا يورث القلب نار (107) م* قلبه مما بنا بارد ... وهو يبقى من حمانا الخيار خاتمة وهي جامعة «2» : قال صفوان بن عيسى: مكث محمد بن عجلان في بطن أمه ثلاث سنين ثم شق بطنها فأخرج وقد نبتت أسنانه. في أيام الحاكم العبيدي «3» خرجت بدمياط سمكة طولها مائتا ذراع وستون ذراعا وعرضها مائة ذراع. وكان قحفها خمس رجال بالمجارف يجرفون شحمها ويناولونه إلى آخرين. وأقام أهل دمياط يأكلون منها عدة أشهر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وفي أيام الظاهر بن الحاكم «1» ظهر الروافض وحضر رجل أعجمي ومعه جماعة عظيمة إلى مكة المشرفة يظهرون أنهم يحجون، فلما وجدوا البيت خاليا من غيرهم عمدوا إلى الحجر الأسود فقلعوه وكسروه أ، فمسكوا على ذلك. وقتلوا عن آخرهم. خبؤوا الحجر الأسود وأعادوه إلى مكانه، وقد تقدم طرف من هذا في خطبة الكتاب. وفي أيام المستعلي بالله «2» جاء بمصر ريح عاصف هدم أماكن كثيرة. وقلعت الأشجار. وكانت مظلمة، حالكة. حتى ظن أن القيامة «3» قد قامت ثم سكنت وانجلت قليلا قليلا. وفي أيام الآمر بأحكام الله ابن المستعلى «4» هاجت ريح وطلعت سحابة سوداء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 على مصر حتى أظلم منها الجو واشتد الريح حتى ظن أنها القيامة. ودامت من (23 و) م العصر إلى المغرب ثم انجلت قليلا قليلا. وفي أيام الحافظ لدين الله «1» ظهر بدمشق سحابة سوداء «2» مظلمة حالكة وهبت ريح عاصفة. وأظلم الجو، وقلعت الأشجار. وهدمت الأماكن. ثم أمطرت مطرا شديدا حتى زادت أنهار دمشق. وكادت تغرق دمشق. وفي الثامنة والخمسمائة كانت زلزلة هائلة بأرض الجزيرة سقط منها ثلاثة عشر برجا من الرها. وبعض سور حران ودور كثيرة. فهلك أهلها. ومن بالس نحو مائة دار. وقلب بنصف قلعتها. وسلم نصفها. وخسف بنصف مدينة سمياط. وهلك تحت الردم خلق كثير. [ما ورد في الزلزلة] ذكر ابن أبي الدنيا «3» عن أنس بن مالك أنه دخل على عائشة رضي الله عنها هو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 (19 و) ف ورجل آخر فقال: يا أم المؤمنين حدثينا عن الزلزلة. فقالت إذا استباحوا الزنا وشربوا الخمر وضربوا بالمعازف «1» غار الله عز وجل في سمائه فقال للأرض تزلزلي بهم: فان تابوا ونزعوا. وإلا أهدمها عليهم. قال: يا أم المؤمنين أعذابا لهم؟ قالت: بل موعظة ورحمة للمؤمنين. ونكالا وعذابا وسخطا على الكافرين. فقال أنس: ما سمعت حديثا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أشد فرحا مني بهذا الحديث وذكر ابن أبي الدنيا حديثا مرسلا أن الأرض تزلزلت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها، وقال: اسكني فإنه لم يأن لك بعد» ؛ ثم التفت إلى أصحابه فقال: «إن ربكم يستعتبكم فاعتبوه.» . ثم تزلزلت على عهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه «2» فقال: «يا أيها الناس ما كانت هذه الزلزلة إلا عن شيء أحدثتموه! والذي نفسي بيده إن عادت لا أساكنكم فيها أبدا» . وفي مناقب عمر لابن أبي الدنيا أن الأرض زلزلت على عهد عمر فضرب يده عليها وقال: مالك، مالك أما لو أنها كانت القيامة حدثت أخبارها» ؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا كان يوم القيامة فليس فيها ذراع ولا شبر إلا وهو ينطق» . وذكر الإمام أحمد عن صفية قالت: زلزلت المدينة على عهد عمر فقال: يا أيها الناس ما هذا ما أسرع ما أحدثتم لإن عادت لا أساكنكم فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 وقال كعب: إنما تزلزل الأرض إذا عمل فيها «1» بالمعاصي فترعد فرقا من الرب جل جلاله أن يطلع عليها. وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار: «أما بعد فإن هذا الرجف شيء يعاتب الله عز وجل به العباد، وقد كتبت إلى الأمصار أن يخرجوا في يوم كذا وكذا في شهر كذا وكذا فمن كان عنده شيء فليتصدق به فإن الله يقول: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ (23 ظ) م تَزَكَّى «2» وقولوا كما قال آدم «3» ونوح «4» ويونس «5» . انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 الفصل التاسع في بعض وقائع الفرنج وما اتفق لهم بها وبمعاملاتها «1» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 اعلم أن الفرنج تارة كانوا يأتون إلى حلب نفسها وتارة يأتون إلى بعض معاملاتها. فنذكر هنا طرفا، وفي المعاملات طرفا؛ وأما «1» من أتى إلى معاملاتها من المدن والمراكز «2» فسيأتي في معاملاتها. فتقول: في السنة الخامسة «3» والأربعين بعد المائتين: أغارت الروم على حلب، وقتلوا وسبوا وعادوا إلى بلادهم «4» . وفي سنة إحدى وتسعين ومائتين: بعث صاحب الروم جيشا مبلغه مائة ألف فوصلوا إلى الحدث فنهبوا، وسبوا، وأحرقوا «5» . خاتمة: قال ابن الوردي: وفي سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة: احترق حصن أفامية وكان بيد المغاربة وضعيف. فنازل الدقس في «6» في ثلاثين ألفا وحاصره سبعة أشهر وأشرف على أخذه فدفعه عنه صمصامة والي دمشق في جهة المغاربة فانفضوا «7» فقتل الدوقس وقتل من عسكره أربعة عشر ألفا، وأسر منهم خلق. وكسروا بعد أن ظهروا. وفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة أخرج ملك الروم نقفور على أفامية وجمع قيام القتلى وصلى عليهم ودفنهم. وفتح شيزر بالأمان لقلة رجالها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 وفي سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة: فيها ملك الروم سروج «1» وسبوا وغنموا، وخربوا المساجد. قاله المؤيد «2» . قال ابن الوردي: قلت: وتبع سيف الدولة الروم وبلغهم ذلك فولوا راجعين فسبى حينئيذ مرعش فقال المتنبي «3» : فديناك من ربع وإن زدتنا كربا ... فإنك كنت الشرق للشمس والغربا ومنها: سراياك تترى «4» والدمستق هارب ... وأصحابه قتلى وأمواله نهبى (23 ظ) ف أتى مرعشا يستقرب البعد مقبلا ... فأدبر «5» إذ أقبلت يستبعد القربا ومنها: (27 ظ) م كفى عجبا أن يعجب الناس أنّه ... بنى مرعشا تبا لآرائهم تبا وما الفرق ما بين الأنام وبينه ... إذا حذر المحذور واستصعب الصعبا وفي سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة: غزا سيف الدولة الروم فجرت بينهم وقعة عظيمة، وانتصر سيف الدولة وغنم «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 قلت: أسر سيف الدولة في هذه الوقعة قسطنطين- ولد الدمستق- وحمله الإبريق إلى بيت الماء. وكان أمرد، فخرج فوجده قائما يبكي، واعتل عنده فمات. فكتب إلى أبيه يخبره أنه لو كان هو المتولي تمريضه ما فعل ما فعله سيف الدولة. وترهب الدمستق بعد الوقعة ولبس المسوح «1» . قال في تاريخ الإسلام: في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة في صفر وجه ملك الروم رسولا فقدم على سيف الدولة يسأله الهدنة فاحتفلوا لدخوله من إظهار الزينة والسلاح الكامل فاستعظم ذلك وقال: أظن أن هذا جيش الإسلام كله قد اجتمع. قال له سيف الدولة: بل هذا شيء يسير من جيوش بني حمدان ومعظم الجيش مع أخي ناصر الدولة. وفيها: جدّ سيف الدولة في بناء الحدث «2» وأن ملك الروم أنكر على الدمستق وقال متى خليته يبنيها يطلب قطعة كبيرة من أرض الروم فسار في جيوشه فلم يشعر سيف الدولة وهو نازل عليها إلا بقوم من الأرمن قد وافوه يطلبون الأمان فاستراب بهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 وقررهم فصدقوه بأن الدمستق قد أقبل وعظموا الأمر وأن بينه وبينه أميالا وكان كثير من الجند في الإقطاعات وليس عند سيف الدولة شك من أن جيش الروم يقصده ولا يتخطى ناحيته فعبأ أصحابه وطلعت جيوش الروم ورحل المسلمون فحمل سيف الدولة في غلمانه حملة قتل فيها بيده فارسا فولت الروم وأخذتهم السيوف فقتل خلق، وأسر نحو ثلاثمائة بطريق بيمند وابن أخت الدمستق وزوج ابنته لعبد. وأحد الأبطال المذكورين الذي كان قد أخذ الحدث وخربها. وكانت القتلى نحو أربعة آلاف. ولم يصب من المسلمين إلا دون العشرة. وجرح جماعة. وفي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة: كانت وقعة عظيمة بنواحي حلب بين الروم (18 ظ) ف وسيف الدولة فقتلوا معظم رجاله وغلمانه وأسروا أهله وهرب في عدد يسير. وفي حوادث سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة: كانت غلبة الروم على عين زربة وتل موزة. والخليج. وتل صوعا، وحمام نوفل. وأرقنينة، وما بين هذه المدن من القرى والرساتيق. وقد قيل: بل كان في سنة تسع وأربعين. وصار إلى بلد الروم وفي يد الطاغية من المسلمين والمسلمات مائة ألف وعشرون ألفا فيهم من أهل الأخطار والأشراف بشر كثير وذلك بعد قتلهم مالا يقع به إحصا [ء] . وأدركهم البرد الشديد فتلف أكثر المسلمين من الخوف عليهم والأسف ما جل من الوصف، ولم يكترث بذلك من بيده الأمر والنهي، والحل والعقد، ولا ألفى لديهم أنفة الأحرار، ولا غير الأبرار. والله المستعان. وأكثر شعرا [ء] الثغور ... الرأى فيما حل بهم. فقال إبراهيم البجلي المصيصي كلمة طويلة أولها: سئمت حياتي وهانت وفاتي ... عليّ لأنّي فقيد اللذات فقيد الشموس فقيد البدور ... فقيد الحماة فقيد الكماة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 أنوح على السادة الأفضلين ... وجوه بني الثغر حتى الممات وأندب كلّ فتى باسل ... يروي من الروم صدر القناة أفكر في عظم هذا المصاب ... لقد جا [ء] نا الدهر بالقصمات أرانا الأوداء والأقربين ... تحكم فيهم أكفّ العداة كرام بهم كان فك الفتاة ... فصار بهم في محلّ العناة ويعرض لي ذكرهم في الصلاة ... فيقطع بيني وبين الصلاة فلا كان في الدهر يوم رمت ... تصاريفه جمعهم بالشتات فذلك يوم رأينا به مصاب ... الفتى وبكاء الفتاة وقال فيها أيضا: ولم أنس مصرعهم بالفلات ... تحكم فيهم ضباع الفلاة نجوم هوت فخبى نورها ... وقد كنّ من قبله نيرات لقد عزّ ناصر أهل الثغور ... فليس نصير إليهم بآت ففي النيل ليس لهم منجد ... وليس لهم منجد في الفرات كان لهم عند أهل الزمان ... كرات.. «1» فلهم بالتراب وقال إبراهيم البجيلي أيضا (29 ظ) م: ترى الأيام تصريف عجيب ... إذا حكمت فما بعدها قريب وأحقر ما يرى فيها كبير ... وأيسر ما يرى منها صعوب مصائب لا تقوم لها الرواسي ... لأهل الثغر وحدهم تصيب إذا دهمتهم دهياء غول ... أتت من بعدها أخرى شعوب فما يخلون من عقبى مصاب ... لهم من بعد عقباه عقيب لفقد أحبة كانوا جميعا ... رزئت بهم فعيشي ما يطيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 كرام ليس فيهم غير شهم ... ولم يك فيهم إلا نجيب لقد شملتهم ساعات نحس ... وجهم جمعهم يوم قطوب فكم عين تفيض دما عليهم ... وكم كبد لنا بهم تذوب محال ليس يبرأ قرح قلبي ... وهل يبرأ وليس له طبيب كان على بني الدنيا حراما ... ونذرا إن دعوهم أن يجبيوا كان بني الثغور لهم ذنوبا ... إليهم ليس يعد لها ذنوب خيول ما يجفلها لبود ... وأعدا ...... «1» تنوب إذا قاموا لحرب أعقبتهم ... حروب ثم يتبعها حروب فكيف بقاء ثغرهم عليا ... إذا كان المنادى لا يثوب ملوك زماننا فابكوا ونوحوا ... لثغركم فقد غلب الصليب وفي سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة افتتح الروم حلب بسو [ء] تدبير سيف الدولة وما كان به من القلة. وكانت الوقعة بسفح بانقوسا «2» وأحرقوا جامعها وقتل في هذه الوقعة زها [ء] مائتي ألف. وقال بعض المؤرخين «3» : استولى على حلب دون قلعتها وكان قد سار إليها الدمستق- ملك الروم- ولم يعلم به سيف الدولة إلا عند وصوله. فلم يلحق سيف الدولة أن يجمع، وخرج فيمن معه وقابل الدمستق. فقتل غالب أصحابه. وانهزم سيف الدولة في نفر قليل «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 وظفر الدمستق بداره وكانت خارج مدينة حلب بمشهد فوجد الدمستق فيها ثلاثمائة بدرة «1» من الدراهم- وقال الذهبي ثلاثمائة وتسعين بدره، وكذلك في كلام ابن الجوزي «2» - وأخذ لسيف الدولة ألفا وأربعمائة بغل، ومن السلاح ما لا يحصى. وملكت الروم الحواضر، وحصروا المدينة، وثلموا السور وقاتلهم أهل حلب أشد قتال. فتأخر الروم إلى جبل جوشن. ثم وقع بين أهل حلب ورجال الشرطة فتنة بسبب ما كان وقع بالبلد فاجتمع بسبب ذلك الناس ولم يبق على الأسوار أحد فوجد الروم السور خاليا فهجموا البلد وفتحوا أبوابه وأطلقوا السيف في أهل حلب، وسبوا بضعة عشر ألف صبي وصبية. وغنموا ما لا يوصف من كثرته فلما لم يبق معهم ما يحمل الغنائم، أمر الدمستق فأحرقوا ما بقي. وأقام الدمستق تسعة أيام. وارتحل عائدا إلى بلاده. ولم ينهب قرايا حلب. وأمرهم بالزراعة ليعود من قابل إلى حلب في زعمه «3» . وفي سنة أربع وخمسين وثلاثمائة: أطاع أهل أنطاكية بعض المقدمين الذين حضروا من طرسوس. وسيأتي الكلام على قضية طرسوس هذه في فصل المصيصية وخالفوا سيف الدولة وكان اسم المقدم» الذي أطاعوه رشيقا فسار إلى جهة حلب وقاتل عامل سيف الدولة قرعويه «5» . وكان سيف الدولة بميافارقين فأرسل سيف الدولة عسكرا مع خادمه بشاره. فاجتمع قرعويه «6» العامل بحلب مع بشارة. وقاتلا رشيقا. فقتل رشيق وهرب أصحابه ودخلوا أنطاكية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 وفي بعض التواريخ في سنة أربع وخمسين بعد الثلاثمائة عاد نقفور إلى الشام فخرب قنسرين، وهدم قلعتها. وطمّ خندقها. وفتح حلب. واستعصت قلعتها. وفي سنة خمس وخمسين وثلاثمائة: سار طاغية الروم بجيوشه إلى بلد الشام فعاث، وأفسد. وأقام به نحو خمسين يوما فبعث سيف الدولة يستنجد أخاه ناصر الدولة (20 و) ف يقول: «قد عسكر بالدرب ومنع رسولنا ابن المغربي أن يكتب بشيء، وقال: لا أجيب سيف الدولة إلا بباب أنطاكية. ليذهب من الشام فإنه لنا ويمضي إلى بلده، ويهادن عنه، وأن أهل أنطاكية راسلوا نقفور وبذلوا له الطاعة، وأن يحملوا إليه مالا. وأنه التمس منهم يد يحيى بن زكريا عليه الصلاة والسلام، والكرسي. وأن يدخل بيعة أنطاكية ليصلي فيها ويصير إلى القدس. وكان الذي جر خروجه وأحنقه إحراق بيعة القدس في هذا العام. وكان البترك كتب إلى كافور صاحب مصر يشكو قصور يده عن استيفاء حقوق البيعة. فكاتب «1» متولى القدس بالشدّ على يده فجاءه من الناس مالا يطيق رفعه، فقتلوا البترك. وحرقوا البيعة وأخذوا زينتها. فراسل كافور طاغية الروم بأن يرد البيعة إلى أفضل ما كانت. فقال: بل أنا أبنيها بالسيف. وأما ناصر الدولة فكتب إلى أخيه إن أحب مسيره إليه سار؛ وإن أحب حفظ ديار بكر سار إليها وبث سراياه. وأصعد سيف الدولة الناس إلى قلعة حلب وشحنها وانحفل الناس. وعظم الخطب. وأخليت نصيبين. ثم نزل عظيم الروم على منبج وأحرق، وخرج إليه أهلها فأقرهم ولم يؤذهم. ثم سار إلى وادي بطياس «2» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وسار سيف الدولة متأخرا إلى قنسرين ورجاله الأعراب قد ضيقوا الخناق على الروم في أربع ضياع بما حوت. فراسل سيف الدولة ملك الروم وبذل له مالا يعطيه إياه في ثلاثة أقساط فقال لا أجيبه إلا أن يعطيني نصف الشام فإن طريقي إلى ناحية الموصل على الشام فقال سيف الدولة والله لا أعطيه ولا حجرا واحدا. ثم جالت الروم بأعمال حلب. وتأخر سيف الدولة إلى ناحية شيزر وانكبت العربان في الروم غير مرة وكسبوا مالا يوصف. ونزل عظيم الروم على أنطاكية يحاصرها ثمانية أيام ليلا ونهارا، وبذل الأمان لأهلها فأبوا. فقال: أنتم كلمتموني، ووعدتموني بالطاعة. فأجابوا: إنما كاتبنا الملك حيث كان سيف الدولة بأرمينية بعيدا عنا. وحدثنا أنه لا حاجة له في البلد. وكان السيف بين أظهرنا. فلما عاد سيف الدولة لم نؤثر على ضبط أدياننا وبلدنا شيئا فناجزهم «1» الحرب من جوانبها. فحاربوه أشد الحرب وكان عسكره معوزا من العلف. ثم بعث نائب أنطاكية محمد بن موسى إلى قرغويه متولى نيابة حلب بتفاصيل الأمور (24 ظ) م وثبات الناس على القتال. وأنا قد قتلنا جملة من الروم. وأنا ليلي ونهاري في الحرب لا أستقر ساعة وأن اللعين قد ترجل عنا، ونزل الجسر. ثم جاء الخبر بأن نائب أنطاكية محمد بن موسى أخذ الأموال التي في خزائن (20 ظ) ف أنطاكية معدة وخرج بها كأنه متوجه إلى سيف الدولة. فدخل بلد الروم فقيل كان عزم على تسليم أنطاكية للملك فلم يمكنه لاجتماع أهل البلد على ضبطه فخشى أن يتم خبره إلى سيف الدولة فيتلفه. فهرب بالأموال. انتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 وفي سنة ست وخمسين وثلاثمائة: نزلت الروم على رعبان «1» . فسار عسكر حلب للكف عنها. فرحل ملك الروم. ثم سار عسكر حلب فنزلوا على حصن سرحون «2» فافتتحوه بعد أيام بالسيف بعد حرب عظيم وأخذوا منه مالا يوصف وحصل من السبي خمسة آلاف آدمي ثم نازلوا حصن سين «3» الحمراء فافتتحوه. وسبوا نحو الألف وأسروا ثلاثمائة علج. وأسروا سرحون وهو الذي كان أسر أبا فراس بني حمدان. وعدت الخراسانية مع لولو الحجراجي «4» من أنطاكية إلى ناحية المصيصة فالتقاهم ثلاثة آلاف فارس من الروم فنصر الله وقتلوا من الروم ألفا وأسروا خلقا وردوا بالغنائم إلى أنطاكية ثم عادوا وغزوا فأصيبوا. وسار نحو ألفي فارس من الترك إلى مصر لأن كافورا راسلهم. ودخل الثغر محمد بن عيسى- رئيس الخراسانية- ومعه [ا] بن ساطر الطرسوسي فظفروا، وغنموا، وردوا بالمغانم، وتأخر في الشام محمد بن عيسى وابن شاكر في نحو ثمانمائة فارس فدهمتهم جموع الروم. فقال ابن عيسى ما استحل أن أوليهم الدبر بعد أن قربوا. وسار ابن شاكر يكشفهم فإذا هم فيما يقال في ثلاثين ألفا. فرجع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وقال: لا طاقة لك بها. فلم يقبل والتقاهم، وقاتلوا أشد قتال. وأنكوا في الروم نكاية عظيمة. واستشهد عامة المسلمين. وبقي محمد بن عيسى في مائة وخمسين فارسا. فقال له [ا] بن شاكر: لا تلقي بيدك إلى التهلكة. فقال له فقيه معه: إن وليت الدبر «1» لحقوك «2» ، وقتلوك، وأنت فار فقاتل حتى قتل أكثر أصحابه ثم أسر محمد بن عيسى، وابن شاكر. ثم ورد الخبر بأن ابن عيسى اشترى نفسه بمائة ألف درهم وثمانية وعشرين علجا كانوا بأنطاكية، وبرطل فصوص فيروزج. وأنه بعد ذلك غزا العدو وظفر. انتهى. وفي سنة سبع وخمسين وثلاثمائة: في ذي القعدة أقبل عظيم الروم نقفور «3» بجيوشه إلى الشام. فخرج من الدرب «4» ، ونازل أنطاكية: فلم يلتفتوا إليه. فهددهم وقال: أرحل، وأخرب الشام كله. وأعود إليكم من الساحل «5» . ورحل في اليوم الثالث ونازل معرة مصرين فأخذها وغدر بهم. وأسر منهم أربعة آلاف ومائتي نسمة «6» . ثم نزل على معرة النعمان فأحرق جامعها. وكان الناس قد هربوا في كل وجه إلى الحصون والبراري والجبال المنيعة «7» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 (21 و) ف ثم سار إلى كفر طاب، وشيزر «1» . ثم إلى حماة، وحمص فخرج من تبقى بها فأمنهم ودخلها فصلى في البيعة. وأخذ (25 و) م منها رأس يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام. وأحرق الجامع «2» ثم سار إلى عرقة فافتتحها. ثم سار إلى طرابلس فأخذ ربضها «3» . وأقام في الشام أكثر من شهر ورجع فأرضاه أهل أنطاكية بمال عظيم «4» . انتهى. وفي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة: ورد نقفور فاحتاط بأنطاكية. وملكها بالأمان فيما أحسب. وأخرجوا أهلها منها. وأطلقوا العجائز والشيوخ والأطفال وقال: امضوا حيث شئتم. وأخذوا الشباب والصبايا والغلمان سبيا، فكانوا أكثر من عشرين ألفا «5» . وكان نقفور قد عتى، وتجبر، وقهر البلاد، وعظمت هيبته. وتزوج امرأة الملك الذي قتله على كره منها. وكان لها ولدان فأراد أن يخصيهما. ويهديهما للبيعة. ويستريح منهما لئلا يملكا. فعلمت زوجة الملك فأرسلت إلى الدمستق ليأتي إليها في زي النساء ومعه جماعة في زي النسا [ء] .؟ فجاءوا [و] باتوا عندها ليلة الميعاد. فقتلوه. وأجلس في الملك ولدها الأكبر «6» . انتهى. وفي «7» بعض التواريخ بعد أخذ أنطاكية قصدوا حلب وقد تغلب عليها قرعويه غلام سيف الدولة بعد طرد ابن استاذه عنها. فتحصن قرعويه بالقلعة وملك الروم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 بحلب. وحصروا القلعة. ثم اصطلحوا على مال يحمله قرعويه في كل سنة وكانت المصالحة يحمل المال المقرر على حلب وما معها من البلاد: وهي حماة وحمص وكفر طاب والمعرة وفامية وشيزر وما بين ذلك. ودفع أهل حلب الرهائن بالمال إلى الروم فرحلت الروم عن حلب وعاد المسلمون إليها «1» . وفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة: هدم لؤلؤ الكبير- مدبر دولة أبي الفضائل سعيد بن سعد الدولة أبي المعالي شريف بن سيف الدولة- حصن كفروما. وحصن عار وحصن اروح، خشية أن يقفز فيها (28 ظ) م. وفي سنة ست وعشرين وأربعمائة: وصلت الروم إلى ولاية حلب فقاتلهم صاحبها شبل الدولة نصر بن صالح بن مرداس «2» فهزمهم، وتبعهم إلى عزاز فقتل «3» ؛ واسم ملك الروم ارمانوس «4» . والصحيح ما قاله ابن المهذب: أن خروج أرمانوس كان سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. وكانوا ستمائة ألف. وخرج في شهر تموز. وفي ذلك يقول أبو الفتح الحسن بن أبي حصينة المعري «5» من قصيدة طويلة وأنشده إياها بظاهر قنسرين: ديار الحي مقفرة بباب ... كأن رسوم دفتها كتاب. ومنها: وذكرك كلّه ذكر جميل ... وفعلك كلّه فعل عجاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وأرمانوس كان أشد بأسا ... وحل به على يدك العذاب أتاك يجرّ بحرا من حديد ... له في كل ناحية عباب (20 ظ) ف إذا سارت كتائبه بأرض ... تزلزلت الأباطح والهضاب فعاد وقد سلبت الملك عنه ... كما سلبت عن الميت الثياب فلا تسمع بطنطنة الأعادي ... فإنهم إذا طلبوا ذباب ولا ترفع لمن عاداك رأسا ... فإن الليث ينبحه الكلاب وفي «1» شبل الدولة لما هزم ملك الروم يقول الإمام أبو عامر الجرجاني من قصيدة: لبسوا دروعا من ضباك تقيهم ... كانت عليهم للحتوف شباك نالت بك العرب الغنا من مالهم ... وتقاسمت أتراكك الأتراك لو لم يفر جعلت صفحة خدّه ... نعلا وقوسي حاجبيه شراك وقال إبراهيم بن الحسن البليغ من قصيدة يمدح بها نصرا منها: نفدي الذي ردّ أرمانوس عن حلب ... للخوف مهجته في قبضة الطرب إذ قابل الثغر عذب الورد ذا شنب ... فلم ينل قبله من ذلك الشنب لله أيامه البيض الذي خضبت ... أسيافه البيض فيها من دم سرب أعلامه العز مكتوب بأجمعها ... أعلام لاقية ما يلقى من العطب والريح تخدمه في نشرها فإذا ... رأى الكتابة قال الرأى في ... «2» وفي سنة إحدى وستين وأربعمائة: في المحرم وصل ملك الروم إلى بلد حلب في مائتي ألف. فخرج إليه محمود وواقعه وقعتين. وانهزم المسلمون. وفتح الروم حصن عم وارتاح. ومنبج. وبلغ ملك الروم أن الأفشين فتح عمورية فعاد إلى القسطنطينية. وجاء الأفشين إلى أنطاكية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 إشارة: في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة: أقبل ملك الروم «1» في ثلاثمائة ألف مقاتل. فالتقاه كمشتكين الملقب بالدانشمند «2» وهو أتابك الجيوش بدمشق الذي يقال له: أمين الدولة واقف الأمينية بدمشق وببصرى فهزم الفرنج. وقتل منهم خلقا كثيرا لم ينج منهم سوى ثلاثة آلاف أوأكثرهم جرحى وذلك في [ذي] القعدة من هذه السنة «3» ب وفي «4» سنة ثمان وتسعين وأربعمائة: كانت وقعة بين الفرنج ورضوان «5» فانكسر رضوان وذلك أن تنكري صاحب أنطاكية نازل حصنا فجمع رضوان عسكرا ورجاله كثيرة من المطوعه. فوصلوا إلى تيزين فلما رأى تنكري «6» سوادهم راسل يطلب الصلح فامتنع رضوان فعملوا المصاف. فانهزمت الفرنج من غير قتال. ثم قالوا نعود ونحمل حملة صادقة ففعلوا فانحطمت المسلمون. وقتل شيء منهم كثير. ولم ينج من الأسر الخياله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وافتتح الفرنج حصن ارتاح «1» وذلك في شعبان «2» . انتهى. وفي سنة ثلاث عشرة وخمسمائة: قاتل ايلغازي بن ارتق «3» الفرنج بأرض حلب عند عفرين في نصف ربيع الآخر. فهزمهم. وقتل منهم كثيرا «4» . وممن قتل صاحب أنطاكية وفتح عقب الوقعة الأتارب وزردنا «5» . فقال بعض الشعرا [ء] فيه «6» . (25 ظ) م قل ما تشا [ء] فقولك المقبول ... وعليك بعد الخالق التعويل واستبشر «7» القرآن حين نصرته ... وبكى لفقد رجاله الإنجيل قال ابن الوردي: وهذا الشعر لا يعجبني فإن انجيل عيسى عليه الصلاة والسلام (22 و) ف لا يبكي لفقد الكفار المشركين. وما أحسن قول بعضهم في كسرة النصارى ونصر المسلمين يبكي من المنبر الصليب كما ... يضحك للمصحف الأناجيل. ويمكن تأويل البيت المذكور. ولكن ليس هذا موضعه والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 وفي بعض التواريخ في هذه السنة سارت الفرنج إلى حلب ففتحوها عنوة وملكوها فسار إليهم صاحبها صاحب ماردين أي: الغازي في جيش كثيف فهزمهم عنها ولحقهم إلى جبل قد تحصنوا به فقتل منهم مقتلة عظيمة. ولم يفلت منهم إلا القليل. انتهى. وفي سنة ثمان عشرة وخمسمائة: ذكر ابن العديم والمؤيد «1» أن الفرنج نزلوا حلب ومعهم دبيس بن صدقة «2» وسلطان شاه بن رضوان وحاصروها. وقلّت أرزاقهم واجتمع رأيهم على أن يسيّروا القاضي أبا غانم ابن جرادة. والشريف زهره. وابن الجلي إلى حسام الدين بن تمرتاش إلى ماردين فأخرجوهم ليلا. فوصلوا إلى ماردين وذكروا له ما حلّ بأهل حلب وما هم فيه من الحصار والصبر فقال: خلوهم إذا أخذوا حلب عدت أخذتها. فأعمل الجماعة الحيلة على أن يمضوا إلى آق سنقر السيوفي إلى الموصل فأمر بالتوكيل عليهم فأعملوا الحيلة وخرجوا وجاؤوا إلى الموصل فوجدوا آق سنقر مريضا قد أشفي. وهو يسقى مرقة الفروج المدقوق فأعلم مجيئهم فدخلوا عليه، وقالوا: أغث المسلمين. فقال: وكيف بالوصول إلى ذلك وأنا على ما ترون. فقالوا له: اجعل على نفسك إن خلصت أن تنصر الإسلام. فقال: أي والله. ثم رفع رأسه إلى السماء وأشهد الله عليه بذلك. فما استتم ثلاثة أيام حتى أكل الفروج ونادى في العسكر الغزاة فبرز الناس وعملوا أشغالهم، وتوجه حتى أتى إلى حلب فلما قاربها رحل الفرنج ونزلوا على جبل جوشن وأبعدوا عن المدينة فلما وصل ساق وعسكر خلفهم مع أهل البلد فانهزموا بين يديه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 ورحلتهم كانت في سنة ثماني عشرة وخمسمائة كما ذكرنا وهو يسير ورا [ء] هم على مهل حتى أبعدوا عن البلد فأرسل الشاوشية ليردوا الناس فجعل أبو الفضل بن الخشاب يقول له: يا مولانا لو سقت خلفهم أخذناهم بأسرهم فإنهم منهزمون فقال له: تعلم أن في بلدكم ما يقوم بكم وبعسكري لو قدر والعياذ بالله علينا كسرة. فقال: لا. فقال: وما يؤمننا أنهم لو كسرونا. ودخلنا البلد وقووا علينا ما نفعنا أنفسنا. ولكن الله تعالى قد دفع شرهم. وكان أهل البلد قد أكلوا القطاط في هذه الحصرة. ولما طال الحصار عليهم وقلت أزوادهم وقع فيهم المرض والفنا [ء] . فكان يمر المار من الأسواق فيجد المرضى على الدكاكين فإذا قارب الفرنج البلد للقتال. ووقع الصائح قام المريض مع شدة مرضه وقاتل أحسن قتال وردوا العدو (22 ظ) ف وكان إقلاع الفرنج في آذار فجعل الناس يأخذون الغلة ويبلونها بالماء (26 و) م ويزرعونها فجا [ء] ت تلك «1» السنة الغلة من أحسن الغلات وأزكاها. تنبيه: [دبيس بن صدقة] دبيس بن صدقة المذكور هو نور الدولة ملك العرب «2» - صاحب الحلة المزيدية «3» كان جوادا كريما. عنده معرفة بالأدب والشعر. وتمكن في خلافة المسترشد «4» واستولى على كثير من بلاد العراق. وهو من بيت كبير، وله شعر حسن. وأبوه وأجداده مذكورون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 في كتب التواريخ. وأبوه سيف الدولة «1» له نظم الشريف أبو علي بن الهبارية كتاب: «الصادح والباغم» . والحلة «2» : بليدة بين الكوفة وبغداد اختطّها سيف الدولة سنة خمس وتسعين وأربعمائة. وفي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة: سار صاحب القدس بالفرنج فقصد حلب فخرج إليه عسكرها فالتقوا فانهزم المسلمون. وقتل منهم مائة فارس. ثم التقوا ونصرهم الله سبحانه وتعالى؛ قاله الذهبي «3» . وفي سنة اثنين وثلاثين وخمسمائة «4» : خرج ملك الروم وقدم إلى بزاعا وفعل ما سيأتي فيها. وأقام على بزاعة بعد أخذها عشرة أيام. ثم رحل بمن معه من الفرنج إلى حلب. ونزل على قويق. وزحف على حلب. وجرى بين أهلها وبينهم قتال كبير. فقتل من الروم بطريق عظيم القدر عندهم فعادوا خاسرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وأقاموا ثلاثة أيام ورحلوا إلى الأتارب وملكوها؛ وتركوا فيها سبايا بزاعة، وتركوا من الروم من يحفظهم. وسار ملك الروم بمجموعة من الأتارب نحو شيزر فخرج أسوار نائب زنكي بحلب بمن عنده وأوقع بمن في الأتارب من الروم فقتلهم واستفكت أسرى بزاعة وسباياها «1» . وسار ملك الروم بمجموعة إلى شيزر وحصرها ونصب عليها ثمانية عشر منجنيقا وأرسل صاحب شيزر أبو العساكر سلطان بن علي بن منقذ بن نصر بن منقذ الكناني «2» إلى زنكي يستنجده، فسار زنكي ونزل على العاصي بين حماة وشيزر وكان يركب عماد الدين زنكي وعسكره كل يوم ويشرفون على الروم وهم محاصرون شيزر بحيث يراهم الروم. ويرسل السرايا فيأخذون كل ما يظفرون به منهم. وأقام ملك الروم محاصرا شيزر أربعة وعشرين يوما ثم رحل عنها من غير أن ينال منها غرضا «3» . وسار زنكي في أثر الروم فظفر بكثير ممن تخلف منهم. ومدح الشعرا [ء] زنكي بسبب ذلك فأكثروا. فمن ذلك ما قاله مسلم بن حضر ابن قيم الحموي من أبيات «4» : لعزمك أيها الملك العظيم ... تذّل «5» لك الصعاب وتستقيم ألم تر أنّ كلب الروم لما ... تبين أنهّ الملك الرحيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 (23 و) ف وقد نزل الزمان على رضاه ... وأنّ لخطبه الخطب العظيم فحين رميته بك عن خميس ... تيقن فوق ما أمسى يروم نك في العجاج شهاب نور ... توقد وهو شيطان رجيم (26 ظ) م أراد بقاء مهجته فولى ... وليس سوى الحمام له حميم [وفي سنة إحدى وأربعين وخمسمائة] «1» : وفي سابع يوم من استقرار نور الدين «2» بحلب اتصل خبر مقتل أتابك بصاحب أنطاكية البيمند فخرج ليومه في عساكر أنطاكية وقسم عسكره قسمين: قسما أنفذه إلى جهة حماة. وقسما أغاربه على جهة حلب وعاث في بلادها. (24 و) فوكان الناس آمنين. فقتل وسبى عالما عظيما وعاد حتى وصل إلى صلدع ونهبها ووصل الخبر إلى حلب فخرج أسد الدين شير كوه «3» في من كان بحلب من العساكر. وجدّ في السير؟ فقام الفرنج وأدرك جماعة من الرجالة يسوقون الأسرى فقتلهم واستنقذ كثيرا مما كانت الفرنج أخذته. وسارع مختبأ «4» عن طريق الفرنج إلى أن شن الغارة على بلد ارتاح واستاق جميع ما كان للفرنج فيه وعاد إلى حلب مظفرا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 (27 ظ) م ووردت الأخبار بعد وفاة زنكي بأن ابن جوسلين جمع الفرنج من كل ناحية وقصد الرها على غفلة بموافقة النصارى المقيمين فيها فدخلها واستولى عليها وقتل من فيها من المسلمين فنهض نور الدين في عسكره ومن انضاف إليه من التركمان وغيرهم في زها [ء] عشرة آلاف فارس. ووقعت الدواب في الطرقات من شدة السير ووافوا البلد وحصل ابن جوسلين «1» وأصحابه فيه فهجموا عليه ووقع السيف فيهم. وقتل من أرمن الرها والنصارى من قتل. وانهزم إلى برج يقال له «برج الماء «2» » فحصل فيه ابن جوسلين في تقدير عشرين فارس من وجوه أصحابه وأحدق بهم المسلمون وشرعوا في النقب عليهم حتى تعرقب البرج فانهزم [ا] بن جوسلين في الخفية من أصحابه، وأخذ الباقون، ومحق السيف كل من ظفر به من نصارى الرها. واستخلص من كان فيه أسيرا من المسلمين ونهب منها شيئا كثيرا من المال والأثاث والسبي وانكفأ المسلمون بالغنائم إلى حلب وسائر الأطراف «3» . وقال ابن الأثير: «لما قتل زنكي كان جوسلين الفرنجي- الذي كان صاحب الرها- في ولايته في تل باشر وما جاورها؛ فراسل أهل الرها وكان عامتهم من الأرمن وواعدهم يوما يصل إليهم فيه فأجابوه إلى ذلك. فسار في عساكره إليها وملكها وامتنعت عليه القلعة بمن فيها من المسلمين فقاتلهم وجدّ في قتالهم فبلغ الخبر نور الدين وهو بحلب فسار إليها بعسكره فهرب جوسلين ودخل نور الدين الرها ونهبها وكبس «4» أهلها «5» .» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 وفي هذه الوقعة نهبت، وحرقت، وخلت من أهلها ولم يبق منهم بها إلا القليل ووصل خبر الفرنج إلى غازي بالموصل فجهز العساكر إلى الرها، فوصلت وقد ملكها نور الدين فبقيت بيده ولم يعارضه أخوه سيف الدين غازي «1» . قلت: «ومن عجيب ما جرى أن نور الدين أرسل من غنائمها إلى الأمراء وأرسل إلى زين الدين علي جملة من الجواري فحملن إلى داره ودخل لينظر إليهن فخرج وقد اغتسل وهو يضحك فسئل عن ذلك (!) . فقال: لما فتحنا الرها مع الشهيد كان في جملة ما غنمت جارية مالت نفسي إليها فعزمت على أن أبيت معها. فسمعت منادى الشهيد وهو يأمر بإعادة السبي والغنائم وكان مهيبا مخوفا فلم اجتر [ء] على إبقائها وأطلقتها. فلما كان الآن أرسل إليّ نور الدين بسهمي من الغنيمة وفيه تلك الجارية (24 ظ) ف فوطئتها خوفا من العود. انتهى «2» » . وفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة: حصر العادل نور الدين «3» حصن حارم فجمع البرنس صاحب أنطاكية وقاتله فانهزم الفرنج وقتل البرنس «4» . قال ابن الوردي: وحمل رأسه إلى حلب وأسر أصحابه. وفي ذلك يقول [ا] بن المنير الأطرابلسي «5» . أقوى الضلال وأقفرت عرصاته ... وعلا الهدى وتبلجت قسماته وانتاش دين محمد محموده ... من بعد ما علت دما عثراته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 ردت على الإسلام عصر شبابه ... وثباته من دونه وثباته صدم الصليب على صلابه عوده ... فتفرقت أيدي سبأ خشباته وسقى البرنس وقد تبرنس ذلة ... بالروح مقمر ما جنت غدراته فانقاد في خطم المنية أنفه ... يوم الحطيم وأقصرت بزواته فجلوته تبكي الأصادف تحته ... بدم إذا صلحت له شماته يمشي العناة برأسه وهو الذي ... نطت مدار النير بين قتاته انتهى. وملك بعد البرنس ابنه بيمند «1» وهو طفل. وتزوجت أمه برجل آخر وتسمى بالبرنس «2» . ثم إن نور الدين غزاهم غزوة أخرى فهزم وقتل وأسر البرنس الثاني فتمكن بيمند في ملك أنطاكية. حكاية: قيل أن دبيس بن صدقة لما سار مع ايلغازي إلى الكرج سأل ايلغازي في الطريق أن يهب له حلب، وأن يحمل له دبيس مائة ألف دينار ويجمع بها التركمان ويعاضده «3» حتى يفتح أنطاكية. فأجابه ايلغازي إلى ذلك وأخذ يده على ذلك. فلما وقعت كثرة الفرنج بدا له في ذلك فانفذ إلى ولده سليمان إلى حلب وكان خفيفا. وقال له: اظهر أنك قد عصيت عليّ حتى يبطل ما بيني وبين دبيس فحمله الجهل على عصى والده ووافقه على قرباص «4» والحاجب ناصر وهو شحنة حلب وغيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 (28 ظ) موقبض سليمان «1» حجاب أبيه فصفعهم وحلق لحاهم ومد يده إلى أموال الناس وظلمهم فطمع الفرنج. وفرقهم سليمان فولوا زردنا «2» وعمروها لابن صاحبها كليام بن الأبرص. ثم سار الفرنج إلى نائب حلب فكبسوا في طريقهم حاضر حلب وغيرها فخرج إليهم الحاجب ناصر والعسكر وكسروهم وقتلوا منهم جماعة «3» . وخرج في جمادى الآخرة فنازل حاضره وأخذها وخربها وحمل باب حصنها إلى أنطاكية، ونزل برج سينا ففعل به ذلك. وكذلك فعل بغيرها من حصون النقرة والأحص، وسبا، وأحرق، ونهب، وعاد فنزل صلدع على نهر قويق. وخرج إليه اتزر بن ترك طالبا منه الصلح مع سليمان فقال: على شرط أن يعطيني سليمان الأتارب حتى أحفظه، وأنا أذب عنه، وأقاتل دونه. فقال له: ما يجوز أن نسلم ثغرا من ثغور حلب في بدو مملكته بل ألتمس غيرها. مما يمكن لنوافقك عليه. فقال له: الأتارب لا يقدر صاحب حلب على حفظها؛ فإن قدرت عمرت عليها الحصون بما دارت. وأنا أعلمكم أنها اليوم تشبه فرسا لفارس قد عطبت يداها. وللفارس هري «4» شعير يعلفها رجا [ء] أن تبرأ ويركبها. فنفذ هرى الشعير وعطبت الفرس. وفاته الكسب. ثم رحل نحوها فحاصرها ثلاثة أيام واتصل به ما أوجب رحيله إلى أنطاكية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 ولما بلغ ايلغازي إصرار ولده على العصيان ضاقت عليه الأرض، وأعمل في الوصول إليه، وأخذ حلب منه فكاتب أقوام، وعرفوه أن ما بحلب من يدفعه عنها. فسار حتى وصل إلى قلعة جعبر. فضعفت نفس ابنه سليمان عن العصيان على أبيه فأنفذ إليه من استحلفه عن الصفح عنه، والإحسان إليه وإلى من حسن له العصيان مثل ابن قرناص وناصر الحاجب وأكد الأيمان على ذلك. ودخل حلب في أول شهر رمضان فخرج الناس للقائه ودخل القصر. وأحسن إلى أهل حلب وسامحهم. وصرف الشحنة الذي كان يؤذي الناس في البلد. وقبض على الريس مكي بن قرناص وعلى أهله. وشق لسانه، وكحله. وأخذ ماله. وسلم أخاه إلى من يعذبه. وكحل (25 و) ف ناصر الحاجب. فعني به من تولى أمره فسلمت إحدى عينيه وعرقب طاهر بن الزاير؛ وكان من أعوان الريس ... «1» وأعاد الملوك أولاد رضوان من قلعة جعبر إلى حلب وكان ولده قد أخرجهم من حلب فمضوا إلى قلعة جعبر وهم سلطان شاه وإبراهيم وغيرهم. وخطب بنت الملك رضوان وتزوج بها. ودخل بها حلب. وولى رياسة حلب سليمان بن عبد الرزاق العجلاني البالسي. وولى ابن أخيه بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار رياسة في حلب. وصالح الفرنج مدة سنة كاملة وأعطاهم من الضياع ما كان في أيديهم أيام ملكهم الأتارب وزردنا «2» . وسار في المحرم من سنة ست عشرة وخمسمائة إلى الشرق ليجمع العساكر فمات وزيره بحلب أبو الفضل بن الرضوان في صفر وولى الوزارة أبو الرجا ابن السرطان. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 الفصل العاشر في- جوامعها.- وبعض مدارسها.- وخوانكها.- وزواياها.- وربطها.- وبيمارستانها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 لما فتح أبو عبيدة حلب كما تقدم صلحا أو عنوة «1» ، ودخل من باب (26 و) ف أنطاكية فحف المسلمون بالأتراس حتى بنيت الشعيبية. وكانت تسمى قديما بمسجد الأتراس ثم بالغضائري «2» . وسيأتي لماذا سميت بالشعيبية «3» - صالحوا أهلها على القول بأنها فتحت صلحا على موضع المسجد الجامع، فاختطه الصحابة- رضي الله عنهم- وكان بستانا للكنيسة التي هي الحلاوية الآن. والجب الذي فيه كان دولابا للبستان، ثم جدده سليمان بن عبد الملك، ولم يذكر ابن العديم في «4» ترجمة سليمان أن سليمان بناه. وقال في مكان آخر: وبلغني أن سليمان هو الذي بناه «5» ، كما رأيته بخط ابن عشائر «6» ولم يبق فيه من بناء سليمان سوى السور. وقد نقض من السور قطعة يسيرة فوق الباب الغربي في «7» سنة تسع وأربعين وثمانمائة وأعيد في أوائل سنة خمسين، وكذلك القبو الذي على الباب الغربي داخل الباب وخارجه. ابتدئ في عمارته في أواخر سنة تسع وأكمل في أوائل سنة خمسين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 ولم يعمر من مال الجامع وإنما عمره شخص يقال له: أبو بكر بن الحلواني وشرط لنفسه أن يسكن مدة حياته في البيت الذي عمره على ظهر القبو المذكور وبعده يكون وقفا على مؤذني الجامع، وسيأتي في الحوادث كيفية موت أبي بكر المذكور «1» . وقد كان هذا الجامع يضاهي جامع دمشق في الزخرفة والرخام والفسيفساء وباهى سليمان في بنائه ليضاهي ما عمل أخوه الوليد في جامع دمشق. وقيل إنما بناه الوليد، وأنه نقل إليه آلة كنيسة قورص «2» . وكانت هذه الكنيسة من عجائب الدنيا ويقال أن ملك الروم بذل في ثلاثة أعمدة كانت فيها سبعين ألف دينار فلم يسمح الوليد بذلك» . ويقال إن بني العباس نقضوا ما كان فيه من الرخام والآلات إلى جامع الأنبار كما نقضوا آثار بني أمية من بلاد الشام. ولم يزل على هذه الصفة إلى أن دخل نقفور في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة حلب فأحرقه. ولما عاد سيف الدولة رمّ بعض ما تهدم منه ثم لما مات سيف الدولة ولى ولده أبو المعالي «4» فبنى فيه «5» . وهذا الجامع أحرق مرارا: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 منها: في «1» سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة أحرقه الفرنج. ومنها: سنة أربع وستين وخمسمائة أحرق فجدده نور الدين الشهيد؛ كما قاله ابن كثير. ومنها: في سنة تسع وسبعين وستمائة حرقه صاحب سيس «2» ونقل صاحب ماردين رخامه. وسيأتي من أحرقه أيضا من التتار وغيرهم. والكلام على الجامع قبليته وشرقيته وشماليته وغربيته، ومنارته، وصحنه، ومصنعه. وما فيه على الترتيب. أما الحائط القبلي الذي يلي الصحن وفيه أبواب القبلية فأخبرني شيخنا أنه من بناء نور الدين الشهيد؛ وسيأتي كلام ابن شداد في الخاتمة «3» . وفي سنة ستمائة وقع باب قلعة حلب، وكان الباب قريبا من أرض البلد متصلا (26 ظ) ف بالباشورة «4» فقتل تحته خلق كثير منها: الأستاذ ثابت بن شعويق الذي بنى الحائط القبلي بجامع حلب الذي فيه محراب الصحن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 والحائط الشرقي مكتوب عليه أنه عمر في أيام الناصر محمد بن قلاوون. في سنة سبع وعشرين وسبعمائة. انتهى. (30 و) م ومنه قطعة من جهة الشمال بنيت في أيام السلطان صلاح الدين. وأما الرمح المغروزة فيه فهو علامة لوقت العصر وقد عمل الشيخ العارف ابن التيزيني تلميذ الرئيس بن الحارمي نزيلا دمشق علامة أخرى بالقرب من العلامة المذكورة أ. وجهة الشمالية من الجامع مقبرة للكنيسة التي هي الآن المدرسة الحلاوية قبل الفتوح. والحائط الغربي جدد بعد موت السلطان المؤيد في تولية ولده السلطان أحمد؛ ورأيته وقد سقط فلما أزيلت الحجارة الساقطة خرجت بالحمام حية من بينهالأنه سقط ليلا ولم يؤذ أحدا. وكان بحلب الوزير علم الدين فأصبح بكرة النهار بالجامع ومعه الصناع لتحرير الحائط وبنائه. فسمع كافل حلب فغضب من ذلك وأنف. فأمر بإخراج الوزير من الجامع. وتمثل بعمارته. إشارة «1» : «في ليلة الأربعا [ء] سابع عشر من شوال في أيام نور الدين. وذلك في سنة أربع وستين وخمسمائة أحرقته الاسماعيلية «2» . واحترقت الأسواق فبناه نور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 الدين كما تقدم، ونقل إليه عمدا من قنسرين، وقطع له العمد من بعادين لأن العمد التي كانت فيه تفطرت من النار» . وكان النصف القبلي من الشرقية التي في قبلي الجامع الملاصقة لسوق البز عن يمين الداخل من الباب القبلي سوقا موقوفا على الجامع فاستفتى نور الدين في ذلك الفقيه عبد الرحمن الغزنوي «1» فأفتاه بجوازه فنقض السوق وأضافه إلى الجامع، فاتسع المسجد. وحسن في مرآى العين. ووقف عليه نور الدين أوقافا كثيرة. قال ابن شداد: وشاهدت الفتوى بخط الغزنوي «2» . وهذا المكان رؤي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي فيه كثيرا وهو الآن دكة مرتفعة عن أرض الجامع. وأراد بعض المتكلمين في أيامي أن يجعل له حائطا وأن يجعله حاصلا للجامع. فمنعته من ذلك وأخبرته بما فعل السلطان نور الدين رحمه الله تعالى وأثابه الجنة. انتهى أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 ولما دخل السلطان صلاح الدين حلب في سنة سبع وسبعين نزل المسعودي- شارح المقامات- واسمه: محمد؛ وله ترجمة في تاريخ ابن خلكان «1» - جامع حلب وقعد في خزانة كتبه الموقوفة. وكانت بالشرقية «2» واختار منها جملة وأخذها ولم يمنعه منها مانع. انتهى. وأما المحراب الكبير: فقد وجد بعد حريقة في أيام السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون في شهر (27 و) ف رجب سنة أربع وثمانين وستمائة في كفالة قراسنقر المنصوري وفيه انحراف «3» وأما المنبر: الذي هو الآن به فعمل في أيام السلطان الملك الناصر محمد وصانعه محمد ابن علي الموصلي بتولي محمد بن عثمان بن الحداد؛ وهذا المنبر غير المنبر الذي كنت سمعت أن صانعه كان فلاحا من قرية «الأخترين» من قرى حلب. وأنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 (30 ظ) م مات قبل تركيبه. وعجز الناس عن تركيبه. فرآه ولده في النوم فقال له: عجزتم عن تركيبه. قال نعم. فأراهم كيفية التركيب. فأصبح ولده وركبه. وقرأت في تاريخ الاسلام: وقد كان نور الدين أنشأ منبرا برسم الأقصى قبل فتح بيت المقدس طمعا في أن يفتحه ولم تزل نفسه تحدثه بفتحه. وكان بحلب نجار فائق الصنعة؛ فعمل لنور الدين هذا المنبر على أحسن نعت، وأبدعه. فاحترق جامع حلب فنصب فيه ثم عمل النجار المذكور ويعرف بالأختريني منبرا آخر شبه ذلك المنبر. فلما افتتح السلطان بيت المقدس أمر بنقل المنبر فنصب إلى جانب محراب الأقصى «1» . انتهى. [غريبة] : ومن الغرائب أن المستهل بن الكميت بن زيد الأسدي «2» قدم حلب بأمر الخليفة المنصور. وصعد منبرها. فذكر مناقب بني هاشم. ومثالب بني أمية. وتكلم في عمر بن عبد العزيز. وقال: إنما مثله مثل بغي بني إسرائيل التي كانت تزني تحت رمان وتتصدق به على المرضى. فقام إليه أسلم بن كرب الشامي «3» فقال: إن كنت كاذبا فأعمى الله بصرك فعمي في موضعه. وانحدر عن المنبر يقاد أ. وكان أسلم بن كرب يطرح التراب إلى فيه ويقول: تبا له سمع دعاءه يزري على نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 وبالقبلية مكان في الحائط: يقال أن قطعة من رأس زكريا عليه الصلاة والسلام فيه. وتقدم الكلام على رأس زكريا في الزيارات. ورأيت في الأعلاق الخطيرة «1» لما تسلم التتر قلعة حلب وأخربوها أخربوا جامع القلعة وذلك سنة ثمان وخمسين فعند ذلك عمد أبو بكر «2» شيخ القلعة على الذخائر، وأبو حامد بن النجيب «3» إلى رأس يحيى عليه السلام فنقلوه إلى جامع حلب «4» . وأما باب الخطابة: فجدد في أيام السلطان الملك الصالح أبي الفداء إسماعيل بن محمد سنة ست وأربعين وسبعمائة وهو غاية في الجودة «5» . وأما السدة: فعملت بإشارة الطنبغا كافل حلب «6» . وباب الجامع القبلي: لم يكن من أنواع المنجور كالنهود والمكولك والمطعم (27 ظ) ف والخيط «7» إلا وهو به. ومكتوب عليه نجز في شعبان سنة سبع وثلاثين وسبعماته. وعلى الباب الثالث من جهة الغرب: تاريخ عمله في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 الشرقية القبلية: وهو المكان الذي يقرأ فيه البخاري، الآن في العضادة الثانية الملاصقة لصحن الجامع الدعا [ء] مستجاب أ. ومشرف العابد كان يصلي هناك. ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام «1» يصلي هناك. وأما سقف الجامع فكان جملونا كجامع دمشق. وكان بحائط المحراب وحائط الصحن قماري ومناظر وآثارها باقية إلى الآن. فلما احترق الجامع في أيام التتار كما سيأتي بنى ابن صقتر هذا القبو- ولابن صقر «2» ترجمة في تاريخ شيخنا- فغوش عليه كافل حلب وقال له: إنما بنيت اصطبلا فلما كانت دولة الظاهر جقمق وكافل حلب إذ ذاك قايتباي الحمزاوي «3» وملاك أمر حلب بيد زين الدين عمر سبط ابن السفاح اختلفت أقاويل المهندسين ورأسهم علي بن الدحال وكان ماهرا في صنعته وأراهم في أمر الحائط الذي فيه أبواب القبلية وهو نهاية في الجودة (31 و) م والترصيف، وجودة النحت. وثقل الآلة وحسن التركيب والترتيب، وكثرة ما فيه من الكوى طلبا للمكنة والخفة. وليس بحلب حائط مثله، بل ولا غيرها؛ إذ مال أوسطه وخرج عن الميزان ميلا فاحشا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 وكانوا قد زانوه وظهر لهم ذلك. وعلى رأس الباب المذكور نسره مبني بالحجارة الهرقلية، وعليه رفرف جدده قصروه- كافل حلب- كما أعانه عليه شيخنا المؤرخ. وظهر تشقق وانفساخ في القبو الملاصق للحائط وكان الناس في صلاة الجمعة والخطيب على المنبر انهار تراب من الشقوق ففزع الناس وخرجوا من القبلية؛ حتى أني كنت أصلي فيه فخيل لي أن الحائط قد سقط على الناس من شدة الفزع فحضر كافل حلب قاتباي الحمزاوي ومعه ابن السفاح ورؤساء «1» البلد والمهندسون والبناؤون ومنهم الحاج محمد شقير وكان عالما بصنعته وفيه ديانة فاضطربوا أيضا. واختلفت أقوالهم فبعضهم أشار بنقض الحائط. وقال أخاف إن وقع وقوع المنارة. وبعضهم أشار بحفر حفر في صحن الجامع ليكشف عن أساس الحائط وينظر في حاله وقال: إنما أتى الحائط من قبل أساسه. وبعضهم قال: إنما أتي من قبل الماء المجتمع في المصنع الذي بصحن الجامع. فحفروا الحفائر فوجدوا الحائط مبنيا على قناطر. فقال بعضهم: إن الذي بناه بناه على أساسه القديم ولم يصل بهم إلى الجبل. وقال بعضهم: بل هذا طلب للمكنة. وأخذوا في نزح الماء من المصنع. وتفرق النائب والناس من غير طائل (28 و) ف. قال لي ابن الدحال: بينا أنا في صحن الجامع إذا أنا بشخص يتكلم بين الناس ويقول: الرأي أن ينقض النسر الذي على الباب. وأن ينقض القبو المتقطع ويترك الحائط على حاله. ولم أعرف الرجل فتدبرت كلامه فوقع في قلبي أنه صواب. فأشرت بذلك. فأخذوا في نقض القبو الملاصق للحائط وكان الرأي أن ينقض قليلا قليلا. فزادوا في النقض فتقطع بقية القبو ولو علم الكافل ب، ذلك لقتل ابن الدحال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 وكانوا قد كاتبوا السلطان في أمره فأرسل ألف دينار إلى ابن السفاح ليصرفها في عمارة ذلك. فاتفق رأي العامل نجم الدين مع ابن السفاح وقطعا المستحقين خلا أرباب الخمس وشرعوا في عمارة ذلك. فلما خاف ابن السفاح من هيبة السلطنة فأصرف شيئا قليلا من مال السلطان في عمل «البواب» التي على الحائط المذكور. وأخذت حجارة النقض. ووضع منها شيء في معبر الباب الغربي. وتم باب القبلي بغير رفرف فشرع القاضي الحنفي [ا] بن الشحنة «1» في عمل رفرف عليه وركب في شهر شعبان سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة. وثبت الحائط على حاله. ولم يزد بعد ذلك شيئا أ. انتهى (31 ظ) م. وأما الشرقية: فبناها «2» بنو عماد الدين «3» . وكانوا أصحاب طرابلس قديما. وتقدم ما هو مكتوب على حائطها. وكان فيها آبار لخزن الغلات المتحصلة من رايع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 كنيسة هيلانة؛ وهي الحلوية وشاهدت منها جبا في الحجازية إلى جانب البركة؛ وإنما سميت حجازية لأنها منزل لأهل الحجاز. والقبور التي بها قبور جماعة ماتوا وقتلوا في محنة تمر. واثنان قتلا في فتنة تغرى ويرمش «1» ؛ نائبها. وهما: خش قدم «2» ؛ مملوك زين الدين ابن السفاح والحاج عبد الله المعري الصابوني؛ وكان شجاعا، فلما أراد المذكور نقب السور الذي عند باب الجنان نزل عبد الله المذكور من السور إليهم، وقاتلهم. وطردهم هو ومن معه. ومنعهم من ذلك، فقتل هناك. ثم صلي عليه في الجامع ودفن هنا. وكان بالشمالية من غربي الباب الشمالي بيت خلا [ء] ؛ أحدثه الشيخ حمزة الجعفري، والسيد حمزة المذكور كان متكلما على الجامع وثبت نسبه. ومكتوب على باب الخلا [ء] أنه جدد في أيام السلطان الظاهر برقوق وكافل حلب إذ ذاك تغري بردي «3» بتولي السيد حمزة في سنة سبع وتسعين وسبعمائة. وخيف على المأذنة منه فأبطلوه أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 وعلى باب الحجازية حجر من الرخام الأبيض يقال إن عمر بن عبد العزيز جلس (28 ظ) ف عليه. ولا يجلس هناك مهموم بالغالب إلا انفرج همه ببركته. وأما الفوارة التي في وسط الجامع والقبة التي عليها: فالفوارة بناها قرعويه كان فيها عمود طوله سبعة أشبار يخرج منه الماء والبركة المضلعة التي تحت القبة في غاية الحسن والكبر يقال أنه كان مذبحا لبعض الكنائس التي كانت بحلب. وفي دور حافة هذا الجرن مكتوب «أمر بعمله قرعويه غلام سيف الدولة سنة 394» . والماء ينصب من هذا الجرن إلى بركة متقطعة من الرخام الأصفر ثم يسيل إلى بركة من رخام أصفر قطعة واحدة. وهي من عجائب الدنيا. والعمود أالذي في وسط الجامع رؤي النبي صلى الله عليه وسلم يصلي عنده. وفي أعلاه صحن من الحديد. كان يوضع فيه البخور قديما. ويوضع فيه تارة زيت وحب قطن ليضيء على جميع الجامع. وفي أرض الجامع حاصل للماء صنع قبل مجيء الماء الحلو من القناة إلى حلب وكان ابن الأيسر متوليا على الجامع فطرق عليه شخص الباب ودفع إليه ألف دينار. وقال: اصرف هذا في وجه من وجوه البر. ففكر «1» فوقع له أن يصرفه في عمارة مصنع لخزن الماء. فشرع في ذلك. وفرغ المال فضاق صدره لذلك فجاءه أيضا ودفع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 إليه ألف دينار فطعن عليه. وقالوا: ضيع مال الجامع. وسعوا به إلى صاحب. فطالبه بالحساب. فأجابه. فلم ير فيه درهما واحدا مما صرفه. على ذلك فسأله عن ذلك فأخبره بالقصة. وفي تاريخ ابن العديم أن الذي فعل ذلك من أجداده وأقاربه. وابن الأيسر لم يكن من أقاربه فحصل في ذلك قولان «1» . ومن الغريب أنه لما حضر موضع المصنع وجد فيه صورة من الحجر الأسود وهو موضوع على بلاط أسود ووجهه إلى جهة القبلة. فاستخرجوه من مكانه. فجرى (32 و) م بعد ذلك ما جرى من خراب الجامع إما بالزلزلة. وإما بالحريق. وأما المئذنة: الموجودة الآن فهي من بناء أبي الحسن محمد بن يحيى بن الخشاب وأبو الحسن علي بن الخشاب له مدائح كثيرة في الخليفة المستضيء بالله. وله ترجمة في تاريخ ابن العديم. وتقدم الكلام على بنى الخشاب. وكان مدبر حلب إذ ذاك أخذ بعض حجارتها من بيت نار للمجوس كان داخل باب الجنان. ثم رأيت في تاريخ المؤيد «2» ؛ قال: ثم دخلت سنة اثنين وثمانين وأربعمائة وفيها عمرت منارة جامع حلب. قام بعملها القاضي أبو الحسن بن الخشاب. وكان بحلب بيت نار قديم. ثم صار أتون حمام فأخذ ابن الخشاب المذكور حجارته وبنى بها المأذنة المذكورة. فسعى بعض حسدة ابن الخشاب به إلى آقسنقر وقال إن هذه (29 و) ف الحجارة لبيت المال فأحضره آقسنقر وحدثه في ذلك. فقال ابن الخشاب: يا مولانا إني عملت بهذه الحجارة معبدا للمسلمين. وكتبت عليه اسمك. فان رسمت غرمت لك ثمنها. فأجاب آقسنقر إلى اتمام ذلك من غير أن يأخذ منه شيئا «3» . انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 وهذه المأذنة ليس في بلد الشام، بل ولا مصر أطول منها، بل ولا في غالب البلاد من فوق سطح الجامع. نعم من أرض الجامع يوجد أطول منها باعتبار علو حائط الجامع كمدرسة السلطان حسن فيما قيل. وفي دلهي بالهند جامع به مأذنة لم يعمل مثلها في الدنيا من حجر أحمر. ودرجها نحو ثلاثمائة وستين درجة. وليست مربعة؛ بل كثيرة الأضلاع. عظيمة الارتفاع. واسعة من تحتها. وفي تاريخ الإسلام قال: في سنة ثلاث وثمانين قال: وفيها عمرت منارة جامع حلب «1» انتهى. ولا اختلاف بين القولين لأن هذه المنارة لا تفرغ في سنة واحدة. فابتدىء بعمارتها في سنة اثنين. وكملت في سنة ثلاث. والذي سعى في ابن الخشاب في أمر المأذنة هو أبو نصر ابن النحاس «2» . وفي تاريخ ابن أبي طيء: أسست العمارة في زمان سابق بن محمود بن صالح «3» . وكان الذي عمرها من سرمين. وبلغ بأساسها الماء. وعقد حجارتها بالكلاليب الحديد والرصاص وأتمها في أيام قسيم الدولة وطول هذه المنارة إلى الدرابزين «4» بذارع اليد سبعة وتسعون ذراعا. وعدد مراقيها «5» مائة وأربع وستون درجة؛ قاله ابن شداد «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 ولما جاءت الزلزلة ليلة الاثنين ثامن عشر شوال سنة خمس وستين وخممائة حركت المنارة فدفعت هلالا كان على رأسها مقدار ستمائة قدم وتشققت «1» . وأبو الحسن هو الذي أنشأ مسجد الجرن الأصفر وحمل إليه الجرن من مكان بعيد «2» ، وجده القاضي عيسى هو الناقل إلى حلب من حصن الكراد في أيام سيف الدولة ولأسلافه المكانة عند الملوك. ولم يتعلق أحد منهم بولاية من الملوك ونفوسهم تأبى ذلك «3» . وسيأتي تراجمهم. ومن غرائب الاتفاق أن التتار قدموا مرة إلى حلب في سنة يأتي تعيينها في فصلهم. فاختبأ شخص من أهلها وضاق صدره من كثرة الخبأ ويئس من الحياة فصعد إلى المأذنة. وجعل يشير بمنديل معه ويقول: جاء النصر من عند الله ويقول: اقبضوهم بين البيوت مثل النسا [ء] ويكبر، ويرفع صوته. فظن التتار أن جيشا قدم إلى حلب. فاقلعوا عنها. ولما مرض نور الدين الشهيد بلغ أخاه الخبر فقدم حلب طمعا فيها فحلف له جماعة من شيعتها وأعيانها وعوامها وسألوه أن يأذن لهم في أن يؤذنوا بحي على خير (32 ظ) م العمل على ما جرت به العادة من الشيعة. فأذن لهم في ذلك استمالة لقلوبهم، فمضوا إلى الجامع. وأذنوا بذلك. ثم تماثل نور الدين وجلس في- طيارة القلعة. فلما (29 ظ) ف تيقن أخوه نصرة الدين براحته خرج من البلد هاربا من نور الدين. وأرسل نور الدين خلف القاضي أبي الفضائل بن أبي جرادة «4» . وقال له: امض إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 الجامع وصل بالناس. فقال له: فالآذان؟ فقال: كيف رأيت. فمضى. وجلس في القبلية تحت المنبر. واستدعى المؤذنين. وأمرهم أن يؤذنوا [ا] لآذان المشهور المعهود. فخاف المؤذنون وقالوا: لا نأمن على أنفسنا. فقال لهم: لا تخافوا لي أسوة بكم. فصعدوا وأذنوا. فاجتمع تحت المنارة ما يزيد على متائة ألف ضارب بالسيف. فقام إليهم أبو الفضل فقال: يا حلبيين إن نور الدين في عافية. وهذا الذي تعملونه لا يليق وقرأ «1» آية: أَطِيعُوا اللَّهَ. وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «2» . وقد أمر نور الدين الأذان المعهود. فمن كان منكم على وضو [ء] فليصل. ومن لم يكن على وضو [ء] فليتوضأ، ويأتي ويصل. فانفتل الناس، وتفرقوا يقولون: ايش نعمل بقاضينا. وسكنت الفتنة. وأما درابزينها: فقد جدد قبل فتنة تمر في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وأما الرفرف: الذي هو الآن عليها «3» : فجدد في شهر المحرم سنة خمس وخمسين وثمانمائة. وأما الكتابة التي عليها: فهي أسماء الأئمة الاثني عشر. ولذلك عصمت في محنة التتار وتيمور من الحريق والتخريب كما تقدم. وبها «4» حية عظيمة رآها بعض الناس، وقال: أنها كقدر معزاة. وأما القبة الرصاص والطبقة التي على الشمالية فجددها: أولا علم الدين الوزير وهو ابن الجابي؛ المتقدم ذكره في الحائط الغربي، ووقف عليها حصة حانوت داخل باب الجنان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 ثم جددها قراجا الدوادار «1» عند قصروه «2» وزخرفها من الداخل. وجعل لها قبة من رصاص وهي موجودة في سنة أربع وسبعين وثمانمائة. ثم لما تشعث داربزينها جدد هذا الدرابزين الموجود في هذه السنة ثم زاد معلوم من يدعوا فيها قبل صلاة الجمعة كافل حلب بن بردبك «3» من الملح. وأما الرخام المفروش في وسط صحنه: فالأصفر منه قطع من معدن بعادين خارج حلب من شمالها. وبعادين، والعافية: من منتزهات حلب. وقد خرج إلى بعادين والعافية البليغ المعري «4» المذكور في وقائع الفرنج في نصر بن صالح مع أقوام من أهل حلب فتعب فأنشد: يا فرجة ما مرّ بي مثلها ... عدمت فيها العيشة الراضية. (30 و) ف زرت بعادين ولكنني ... عدمت في العافية العافية. انتهى. وهذا المعدن لا يوجد إلا في حلب، ومنه ينقل إلى سائر البلاد كدمشق والقاهرة. وأما الحجر الأسود فإنه قطع من الأرض الأحص» ، من معدن له هناك، وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 غاية في حسن التركيب والجودة. والأشكال المختلفة. والشكل الذي (قدام) باب (33 و) م الجامع الشرقي إلى نحو القبلة هو صنعة مدينة النحاس. فإذا دخلت من باب من أبوابه لا يمكنك أن ترجع إليه في غير الطريق الذي دخلت منه. وهذا الرخام الموجود في سنة أربع وسبعين وثمانمائة غير الذي تكلمنا عليه. غير الرخام القديم بل هو رابع ترخيم وضع فيه. لأن رخامه القديم نقل كما تقدم والمتجدد بعده غير ما مرة تكسر من التتار وهو باق تحت هذا الرخام أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 خاتمة: العصفور الدوري ما كان يعشعش في الجامع بل ولا يدخل إليه. ففي هذه الأيام دخل إليه. ولعل طلسمه بطل. واشتهر عند أهل حلب [و] توارثوا ذلك عن بعضهم البعض أن هذا الجامع لا يخلوا عن ولي. وبعضهم يقول أن القطب إنما يصلي في القبلية من جهة الغرب. وهو المعروف بمقصورة الحنفية. وهذا الجامع عليه من الجلالة والمهابة ما هو لائق به. وكان قديما المحراب الكبير مختصا بالأئمة الشافعية، والذي على يمينه بالحنفية والمحراب الأصفر الذي على شماله بالحنابلة. وهذا المحراب من الرخام الأصفر كالمحراب الكبير. وهذه المقصورة التي فيها هذا المحراب لا تخلو عن وصل من الظهر إلى الغروب دائما. وأما محراب الغربية فكان مختصا بالمالكية. وأما الحجازية فلم يكن قديما يصلى فيها بإمام بل كان أول الصلوات تقام في المحراب الكبير فلما آلت الإمامة والخطابة إلى الشيخ الصالح العالم العامل شهاب الدين أبي العباس أحمد بن جمعة الأنصاري القيسي السعدي العبادي المذكور في فصل الزيارات كان يتعبد، ويطيل الرواتب. والفرائض. فتضرر بعض أهل الدنيا بسبب ذلك فرفع الأمر إلى ناصر الدين بن السفاح وكان رئيس حلب إذ ذاك فأحدث صلاة الأولى «1» في الحجازية. وقال من شاء أن يتعجل فليصل هنا. ومحراب الحجازية وسّعه شخص فخاصمه السيد حمزة ومنعه من إتمام ما أراده. وناصر الدين بن السفاح المذكور، وهو الذي منع الناس من بيع الرقيق على باب الجامع الشمالي لأنهم كانوا يهرشون على المصلين فجزاه الله خيرا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 واعلم أن الدخول أإلى هذا الجامع والصلاة فيه تزيل الكرب وتفرج الهموم وهذا مشاهد مرئي. وكيف لا وقد بني في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما تقدم. وقد خطب فيه الصالحون والأخيار كعمر بن عبد العزيز وسليمان بن عبد الملك. [ابن نباته الشاعر الخطيب] : (30 ظ) ف وأخيرا خطب فيه الخطيب أبو يحيى عبد الرحيم الفارقي ابن نباتة؛ صاحب الخطب المشهورة التي وقع الإجماع على أنه ما عمل مثلها. وقصة رؤياه للنبي صلى الله عليه وسلم وتفله في فيه مشهورة. فأقام ثمانية عشر يوما لا يطعم ولا يشرب ببركتها وبحلب اجتمع بالمتنبي. وكان سيف الدولة يفتخر به. وتوفي سنة أربع وسبعين وثلاثمائة بميافارقين. ودفن بها. ومولده سنة خمس وثلاثين. وترجمته مشهورة فلا نطول بها. والخطيب شهاب الدين الأنصاري المتقدم ذكره. ولقد قام مرة إلى بئر ببيته يستسقي الماء فخرج له الدلو ملآن ذهبا فافرغه. وقال: أريد ماء فاتتني الصلاة بالجامع لما تكرر عليه. وكان مع ذلك يعنى صلاحه خلفه شخص أعجمي لا يصلي خلفه في بعض الأحيان فعاتبه في ذلك. فقال «1» : أنت قلبك في ياقد القدس «2» ، لا في المحراب. أشار بذلك إلى أن حصة بالقرية المذكورة وقف على الخطيب وكان أحيانا يعرض ذكرها على قلب الإمام المذكور في الصلاة. انتهى. قلت: وأذكرني هذا ما اتفق لبعض الفقراء أنه صلى مؤتما ببعض أخوته فعرض للإمام عارض دنيوي في صلاته. فقطع المأموم الصلاة. فشكاه الإمام إلى شيخهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 فسأله عن سبب قطعه الصلاة. فأخبره بالذي اتفق. فقال الشيخ للمأموم: وأنت أيضا كيف اشتغلت عن الصلاة بالكشف. انتهى. واعلم: أنه لم يكن بحلب داخل السور سوى خطبة الجامع. وخطبة القلعة حتى أحدث الطنبغا «1» جامعا- كما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى- ويقال أن الجامع الذي بجب السدلة «2» خطبته قديمة؛ كذا أخبرني بعض المشايخ. ورأيت في كلام المختار المتطبب «3» أنه في سنة أربعين وأربعمائة قدم حلب [و] قال: «وبها جامع» . انتهى. والظاهر أنه لم يكن بها قديما إلا الجامع الأعظم. وفي كلام شيخنا: ولم يكن بحلب إلى سنة سبعمائة داخلها جامع سوى الجامع الكبير. انتهى. ومن اللطائف: ما حكاه الصاحب كمال الدين العديم؛ قال: حدثني أبي قال: نزل جدي في بعض الأيام يصلي بالجامع وخلع نعليه بين يدي المنبر وكانا جديدين. فلما قضى صلاته قام ليلبسهما. فلم يجدهما. ووجد مداسه الخليع مكانهما. فقال لغلامه: ألست نزلت الجامع بالجديد. فما الذي أصابه. فقال الغلام: بلى، ولكن جاءنا الساعة إنسان دق الباب وقال: القاضي يقول لكم: انفذوا إليه مداسه العتيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 إلى الجامع فقد سرق متاعه. فضحك. وقال: هذا لص مشفق. جزاه الله خيرا. وهو في أوسع الحل منه. ومن الغرائب: أن كسرى بن عبد الكريم- قاضي حلب- رأى أبويه في النوم (31 و) ف وقد جاءاه بملبوس حسن ألبساه أياه. فتولى الإمامة بهذا الجامع. ثم رآهما بعد ذلك. وقد جاءاه بطيلسان فألبساه إياه. وقالا: هذا غير ذلك. فقلد القضاء بحلب. [محمد بن هاشم الحلبي. خطيب الجامع الأموي] : ومن الغريب: أن محمد بن هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم عبد الرحمن الحلبي. وله محلة بحلب- وسيأتي الكلام عليها- كان خطيب الجامع الأموي بحلب. وكان يخطب بالحاضر في ورقة بيده. توفي في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وستمائة. ومن نظمه: إن غربت حلب الشآم وغربت ... سكنى المقيم بها عن الأبصار فلنعم عوني دمع عيني إذ تفانت ... أسرتي وتخاذلت أنصاري واعلم أن الباب الشمالي إلى جانبه من جهة الغرب على يمين الداخل باب مسدود. وفي الحجازية في شرقي القبور خلوة بابها مسدود وهي ملآنة قتلى. وفي الشرقية خلوة للعلامة العالم شمس الدين بن الركن. وترجمه شيخنا وقد (34 و) م وسعها من جهة القبلة العلامة محب الدين بن الشحنة لما كان يعتكف في الجامع واعلم أن القناديل التي بالجامع كانت في أيام تكلم السيد حمزة المتقدم ذكره تزيد على الألف، وذلك عقب محنة تمر. والأسواق خراب. وريع الجامع إذ ذاك قليل. وكان الناس يقولون أنه أخرب الجامع. واعلم أن التتار لما تكرر هجومهم إلى حلب، وتعطلت غالب المساجد اتفق آراء أهل البلد من الرؤساء على أخذ أوقاف المساجد، وإضافتها إلى الجامع المذكور وأن يصرف للمساجد زيتها من الجامع. واعلم أن في معبر الباب الغربي عن يسار الداخل بابا يفضي إلى حاصل وفيه أجباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 مدفونة في الأرض معدة لخزن زيت الجامع. وكان الأمر على ذلك إلى محنة تمر ثم سد الحاصل المذكور وقطع زيت المساجد الذي كان مرتبا من الجامع إلا مسجد القلعة. واعلم أن كافل حلب تغري برمش- رحمه الله- نصب للتكلم على الجامع شخصا من مماليكه يقال له: «كزل» . وكان شكلا حسنا، ذا رأي وعقل. فتكلم فيه بدين. والزم أصحاب الوظائف بمباشرة وظائفهم. وكسا الجامع حصرا كثيرة. وبّيض الشمالية داخلها وخارجها. وكان يتعاهد الجامع ليلا ونهارا قبل ركوبه إلى خدمة مخدومه. وكان في ليلة الجمعة يخرج إلى سطح داره ويشرف على مصابيح المأذنة فإن رأى مصباحا مطفيا جاء إلى الجامع ليلا وخاصم من له ولاية ذلك. وربما ضربه. والزمه بالخروج إلى المأذنة. وإصلاح ذلك. ووفر من مال الجامع جملة. ورأيته يجر البالوعة من عند البركة إلى منتهاها. ولم يعتمد على الفعلة بل لبس عباءة ونزل إلى السراب. (31 ظ) ف فجزاه الله سبحانه وتعالى لما حبس في قلعة حلب عند خروج أستاذه عن الطاعة بأن خرج أهل البلد إلى القلعة بالأعلام. وشفعوا فيه وانزلوه إلى الجامع. وقال لهم عند نزوله: عندي مال متحصل من ريع الجامع فبنى به قناة الجامع. وضاق صدر المتكلمين على الجامع بسببه. وضرب واحد منهم بالعصى في الجامع على دبره. وانقطع النجم الوردي في منزله. ولم يخرج خوفا على نفسه. وكان ينشد كثيرا: أيا كزل السوء لا تظلمن ... فكم جاء مثلك ثم انعزل قلت: الله يعلم المفسد من المصلح. وكان يقول: «تركتني حجرا في هذا البيت ملقى. ولا أستطيع الخروج بين الناس» . انتهى. وفي سنة سبع وثمانين وسبعمائة قتل أبو بكر بن الركن المطاس بالجامع وسبب قتله أنه كان يظلم الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 قال ابن رشد: «وله مال، ويقدر على أكثر من أربعمائة ألف دينار وكان النواب يصادرونه. فيعطيهم كل ما طلبوا من غير ضرر ولا يتأثر من ذلك.» . واتفق أنه في جماد الأول وقف على رجل وطلب منه مالا على جهة الظلم فاتصل الكلام بينهما إلى أن قال له: انا أتشفع إليك برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أو نحو هذا الكلام. فقال: لو جاء، ما قبلت شفاعته. (34 ظ) م فأخذته العامة. وتقدم عليه أحدهم فقور رقبته بسكين. وقتلوه. وأحرقوه بأيديهم حنقا عليه لما صدر منه. واحتاط النائب على حواصله. وقد تقدم هذا بزيادة في نوابها. وقد مدح هذا الجامع بقصائد؛ منها «1» حلب بدر دجّى أن ... جمها الزّهر قراها حبذا جامعها الجا ... مع للنّفس تقاها شهوات الطرف فيه ... فوق ما كان اشتهاها قبلة كرّمها الله ... بنور وحبّاها ورآها ذهبا في ... لازورد من رآها ومراقي منبر أع ... ظم شيء مرتقاها وذرى مئذنة طا ... لت ذرى النجم ذراها ولفوّارته ما ... لا تراه لسواها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 قصعة ما عدت الكعب ... ولا الكعب عداها فهي تسقي الغيث إن لم ... يسقها أو إن سقاها كنفتها قبّة يض ... حك عنها كنفاها قبّة أبدع باني ... ها بناء إذ بناها (32 و) ف ضاهت الوشي نقوشا ... فحكته وحكاها لو رآها مبتني قبة ... كسرى ما ابتناها حيّيا السارية الخضراء ... منه حيّياها حيث يأتي حلقة الآداب ... منها «1» من أتاها من رآهم من سفيه ... باع بالجهل السّفاها هذه السارية الخضراء كان يجتمع فيها المشتغلون بالأدب يقرءونه عندها وذهبت في الحريق. وما زالت حلقة الأدب لقرا [ء] ة النحو واللغة معقودة بجامع حلب ليلا ونهارا. وكذلك لقراءة القرآن العزيز. وما فتىء على هذه الحالة. وكان مسرق العابد يقرأ فيه الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة وذلك قبل [أن] «2» تبنى المدارس في حلب. انتهى. إشارة «3» : لما استولى «4» التتر المخذولون على مدينة حلب يوم الأحد العاشر من صفر سنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 ثمان وخمسين وستمائة دخل الجامع صاحب سيس وقتل به خلقا كثيرا، وأحرق الحائط القبلي منه، وأخذ الحريق غربا وقبلة إلى المدرسة الحلوية. واحترق سوق البزازين؛ فعّرف عماد الدين القزويني ما اعتمده السيسيون من الإحراق للجامع واغفالهم كنائس النصارى هلاكو، فأمر برفع ذلك وأطفأ النار. وقتل السيسين. فقتل منهم خلق. ولم يقدر على اطفا [ء] النار؛ فأرسل الله مطرا عظيما، فأطفأه. ثم اعتنى نور الدين يوسف بن أبي بكر بن عبد الرحمن السلماسي الصوفي بتنظيف الجامع. ودفن القتلى من المسلمين في جباب كانت بالجامع للغلة في «1» شماله. وتقدم ما قاله غيره في هذه الجباب، وأين كانت. ولما مات عز الدين أحمد- أحد الكتبجية «2» ، ومعناه الكاتب- خرج عن ماله جميعه. فقبضه أخوه وتصدق ببعضه. وعمر حائط الجامع به. فأصرف عليه عشرين ألف درهم؛ منها ثمانية عشر ألف درهم لبنائه. وألفان لحصره ومصابيحه. (35 و) م ولما ملك السلطان الظاهر «3» حلب أمر بتكليس الحائط الذي بني وعقد الجملون على الحائط القبلي إلى الحائط الشمالي من جهة الصحن، وعمل له سقف متقن. انتهى. واعلم أن هذا الجامع كان قديما يدرس فيه على المذاهب الأربعة، ولكل مذهب مكان مخصوص، وبه المحدثون، وأرباب الفتاوى. ولهم معاليم على ذلك. وأمره منتظم إلى محنة تمر والآن «4» قد زالت المسميات، وبقيت الأسما [ء] ؛ كما قال الأول: مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومهبط وحي مقفر العرصات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 قال ابن شداد: زاويتان بالجامع المذكور وقفهما العادل نور الدين لتدريس مذهب مالك وأحمد. وزاوية بالجامع لتدريس الحديث وقفها العادل نور الدين وإنما أغفل المذهبين لأنهما كان يدرس فيهما من قبل نور الدين؛ وقرأت بخط الصاحب ما لفظه: [إبراهيم بن عيسى، الحجة] : (32 ظ) ف إبراهيم بن عيسى بن أحمد الفقيه المالكي المغربي، يلقب بالحجة. فقيه حسن، فاضل، عارف بالأصول وبمذهب مالك، قدم علينا حلب قبل الستمائة وولي التدريس بزاوية المالكية بالمسجد. ودام يدرس بها مذهب مالك إلى أن توفي بعد الأربعين والستمائة بحلب، انتهى. ولو ذكرنا ما يحضرنا من المدرسين لطال. [ذكر جوامع حلب التي كانت تقام فيها الجمعة في زمن ابن شداد] ونشرع الآن في ذكر بعض جوامعها التي تقام فيها الجمعة؛ وقد ذكر ابن شداد في الأعلاق الخطيرة ما لفظه بعد ذكر الجامع الأعظم «1» : «ذكر ما بظاهر حلب من الجوامع «2» » ؛ فهذا دليل على أنه لم يكن في زمانه بباطنها جامع إلا الأعظم. ثم عد: الجامع الذي بالحاضر السليماني «3» : أنشأه أسد الدين شيركوه بن شادي بن مروان بن يعقوب صاحب حمص «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 ووسع بنا [ء] هـ الأمير سيف الدين علي بن علم الدين سليمان بن جندر «1» وبنى إلى جانبه مدرسة وتربة ودفن بها. تقام به الخطبة. وفي الرّمادة جامع تقام به الخطبة يعرف بالبختي «2» . وفي بانقوسا جامع تقام فيه الخطبة يعرف بعيسى الكردي الهكاري «3» ؛ كان شحنة «4» الشرطة بحلب. ثم ذكر جامع القلعة «5» . انتهى كلام ابن شداد «6» . [ما استجد بعد ابن شداد من الجوامع بحلب] ونحن نذكر في كتابنا هذا ما تجدد بعده من الجوامع من غير استيعاب فنبدأ: بجامع الطنبغا «7» : إذ هو أول جامع بني بحلب بعد الأموي، كما تقدم. وكملت عمارته في سنة ثلاث وعشرين وسنمائة. وهذا «8» الجامع بصدر الميدان الأسود. وبلغني أنه كان- يعني الطنبغا- يكره الخطيب ابن العجمي؛ خطيب الجامع الأعظم وهو مذكور مع أقاربه في فصله. وكان الطنبغا يقابله بذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 فصنع هذا الجامع ليصلى فيه. ولا يصلى خلفه. وفي أول جمعة صليت به قرىء على ابن القاسم عمر بن حبيب المسلسل بالأولية تبركا بالحديث النبوي. وفيه مناسبة أخرى ظاهرة. وفيه يقول ابن حبيب: في حلب دار القرى جامع ... أنشته الطنبغا الصالحي (35 ظ) م رحب الذرى «1» يبدو لمن أمه «2» ... لطف معاني حسنه الواضح «3» مرتفع الرايات يروى الظما ... من مائه بالشارب «4» السالحي «5» يهدي المصلي في ظلام الدجى ... من نوره باللامع اللامح «6» من حوله الروض يسر الورى «7» ... من زهره بالفائق الفائح لله بانيه الذي خصه ... بالروح للغادي والرائح وبه بئر غزيرة الماء. وله باب من حديد يخرج منه إلى ظاهر البلدة أخذه من بعض الحصون؛ وبلغني أنه من قلعة النقير. وقال ابن الوردي في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة «8» فيها في شوال رسم نائب (33 و) ف حلب الطنبغا بتوسيع الطرق التي في الأسواق اقتداء بنائب الشام تنكز «9» بما فعله في أسواق دمشق «10» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 ولعمري لقد توقعت عزله عن حلب لما فعل ذلك؛ فقلت «1» : رأى حلبا بلدا داثرا ... فزاد لإصلاحها حرصه وقاد الجيوش لفتح البلاد ... ودق لقهر العدا فحصه وما بعد هذا سوى عزله ... إذا تم أمر بدا نقصه وفي سنة سبع وثلاثين وسبعمائة توفي الأمير جمال الدين خضر بن نائب حلب الطنبغا بحلب، ودفن بالمقام. ثم عمل له والده تربة حسنة عند جامعه خارج حلب. ونقل إليها. وكان حسن السيرة، ليس من أعجاب أولاد النواب في شيء «2» . ومما قلت فيه تضمينا «3» : أيبست أفيدة بالحزن يا خضر ... فالدمع يسقيك إن لم يسقك المطر منها خلقت فلم يسمح زمانك أن ... يشين حسنك فيه الشيب والكبر وإن كان يتضمن هذا التضمين القول بموت الخضر عليه السلام. وقد تقدم الكلام على الطنبغا في فصل النواب. انتهى. جامع تغري بردي «4» ، توفي «5» سنة خمس عشرة وثمانمائة. وكان متواضعا يعرف شيئا من العلم، بنى جامعا بحلب. وكان قد أسسه [ا] بن طومان «6» . وفي ذلك يقول الأديب زين الدين بن إبراهيم بن سليمان الرهاوي كاتب السر بحلب، وكتبه على عتبة منبره: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 منبر جامع محاسن فضل ... ذلك الجمع ماله من نظير خص عزا بجمعة وخطاب ... عن رسول مبشر ونذير قد بناه لله تغري بردي ... كي يجازى بجنة وحرير ومن نظمه «1» : يا غائبين وفي سري محلهم ... دم الفؤاد بسهم البين مسفوك أشتاقكم ودموع العين جارية ... والقلب في ربقة الأشواق مملوك أقول: وهو شعر وزن لا بديع فيه ولا انسجام.: وهذا الجامع بني «2» في سنة سبع وتسعين وسبعمائة. وفيه تصديران على قاعدتي الإمامين الشافعي «3» ، وأبي حنيفة؛ أسندهما «4» الشيخ شمس الدين الغزي، وجمال الدين الملطي الحنفي. وفقها [ء] على المذهبين ومحدث يقرأ البخاري. وفي خارجه من جهة الغرب بالقرب من بابه الصغير عمود من رخام أصفر كان بعض الناس يقرب إليه، ويتبرك به، فكسره بعض القضاة. انتهى. [الشاعر عمر الرهاوي] : (13 ظ) ف وهذا الناظم المذكور؛ أعني عمر الرهاوي ترجمه شيخنا في تاريخه «5» ؛ وقال إنه قرأ على أبي المعالي بن عشائر، وبرع في النظم. ولي كتابة السر بحلب عوضا عن ابن أبي الطيب. ثم خطابة الجامع الأعظم بعد وفاة أبي البركان الأنصاري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وفيه يقول ابن الخراط: وفي الرهاوي لي مديح ... مسير أعجز الحلاوي. وقد أطرب السامعين طرا ... وكيف لا وهو في الرهاوي. توفي في ربيع الآخر سنة ست وثمانمائة «1» . انتهى. لطيفة: ابن أبي الطيب «2» المذكور له ترجمة في تاريخ شيخنا. وسمعت بعض قدما [ء] حلب يقول: إنه لما وليّ ابن أبي الطيب سلط عليه من أخذ الوظيفة عنه عاميا يبيع عنبا على بابه. وينادي على العنب: «العن أبا الطيب» . فاذا قيل له في ذلك (!) . يقول: «إنما أقول العنب الطيب» . انتهى. ويعجبني في معنى ما قاله ابن الخراط قول بعضهم: حلاوية ألفاظها سكرية ... قلتني وقوت نار قلبي بالعجب. شبك دمعي في الخدود مسير ... ومن أجل ذا والله قد زاد في الكسب. انتهى. رجع: وهذا الجامع المذكور في قبلته انحراف والحائط الغربي انهدم في أيام «3» تكلم شيخنا المؤرخ فجدده من مال الوقف، وكان يتردد إلى عمارته. وجدّ في ذلك واجتهد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وعلى بابه حوض للسبيل، ومكتب للأيتام من إنشا [ء] تغري بردي المذكور. ووقف على ذلك أوقافا مبروره من جملتها في معرة عليا «1» من عمل سرمين. وهذا الجامع لا يضاهى منكلى بغا في النورانية؛ إذ ذلك أسس على التقوى؛ كما سيأتي في ترجمته. وعلى بابه مسجد قديم سكن به الشيخ علي الفولاذي نسبه إلى الشيخ الصالح محمد فولاذ القدسي؛ سمي بذلك لصلابته في دينه. وكان يحج كثيرا، واجتمعت به سنة ست وثلاثين بالمدينة المشرفة بالحرم الشريف بدلالة «2» تلميذه الشيخ علي المذكور فرأيته رجلا صالحا متعبدا، متقشفا، وأقام تلك الليلة يحادثنا في طريق القوم حتى انتهاء الليل ثم ودّعنا. ولم ينم في المسجد الشريف. فسألته عن سبب ذلك فقال أخاف من خروج حدث في هذا المكان. وقد توفي الشيخ علي المذكور في بعض الفصول شهيدا. وكان يكتب كتابة حسنة على طريقة ياقوت. وهو شكل حسن ظريف، يتزيا بزي القوم، ويلبس لباسهم. ويتكلم على طريقهم. متعفف منقطع عن الناس مع ما فيه من الفقر. وأوصى أن أصلي عليه إماما. انتهى. وهذا الجامع ندب تغري بردي لعمارته مشدا «3» يقال له: ابن الزين فاعدل. وأقام له خطيبا قاضي المسلمين كمال الدين ابن العديم. ثم صارت من بعده الخطابة لولده ناصر الدين (34 و) ف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 ثم لشهاب الدين أخي كمال الدين؛ فخطب ولده في حياته. ثم لما توفي في فصل سنة خمس وعشرين انتقلت إلى شيخنا شهاب الدين ابن الموازيني «1» . وجعل تغري بردى لقاضي المسلمين شمس الدين الصفدي وظيفة مباشرة فيه. فلما انتقل من حلب إلى طرابلس قاضيا جعلها للقاضي شرف الدين سبط [ا] بن العجمي. انتهى. جامع منكلي بغا الشمسي ؛ ولي نيابة حلب عوضا عن قطلوبغا الأحمدي في سنة ثلاث وستين وسبعمائة ثم وليها ثانية كما تقدم وفي هذه التولية أنشأ هذا الجامع. وباشر منعوتا بأحسن الأوصاف حاملا ألوية العدل والإنصاف إلى أن نقل إلى نيابة دمشق بعد سنة كاملة. وهذا الجامع لطيف، حسن العمارة، ظاهر النورانية، يشرح الصدر ويذهب الهم، ويفرج الكرب. ومحرابه في غاية الجودة من الرخام الملون والفسيفسا [ء] ، وهو معتدل على القبلة. من غير انحراف، ومنبره نهاية من الرخام الأبيض، والفصوص الملونة. وكذلك سدته من الرخام الأبيض جيد في بابه، وحائطه فيه وزرة من الرخام الملون السماقي والأبيض. ومنارته حسنة على هيئة لطيفة مدورة في غاية الإحكام. وكان أولا قبل أن يبنى محلة يباع فيها الخمر. ويقال لها محلة الأرض. فقيض الله سبحانه وتعالى هذا الرجل فأزال المناكر وأسس هذا الجامع بالعدل والإنصاف؛ كما قال الشاعر: وإذا تأملت البقاع وجدتها ... تشقى كما تشقى الرجال وتسعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وأصرف عليه من وجه حلال «1» . ثم بلغ مشد العمارة «2» أن الصيرفي كان يقطع من كل فاعل حبة. فأهانه؛ وقال: لو درى بك النائب لأهانك وكان الفاعل ينام ويعمل. ولا يكلف. ويأمره بالصلاة «3» . وأقام لعمارته ابن المهندار فقام قياما حسنا وعمره، وثمر وقفه وزاد ريعه، وشرى له حصصا. وقد وقف منكلي بغا كتبا نفيسة لهذا الجامع؛ ومنها: «التفسير للقرطبي «4» » و «التبصرة لابن الجوزي «5» » و «مجمع الأحباب للحسيني «6» » ، وغيره من الكتب النفائس. وقد ذهب نصف مجمع الأحباب، وكان كله في مجلدين فذهب مجلد واحد وهو كتاب جليل ترجم فيه الأوليا [ء] والعلما [ء] ، وتكلم فيه على طريق الصوفية، ووضع الكتب في خزائن بالجامع المذكور. وهذه الخزائن متقنة محكمة فيها الصفائح العظيمة على طريق النجارين. وبلغني أن الشيخ فريكا وهو من الصالحين كان نجار ذلك. ومنكلي بغا ترجمته مشهورة، منها: بلغه أن إمام الحلاوية- وهو ابن النجار- وكان نائبا عن القاضي الحنفي وله بيت خلف الحلاوية فأراد ان يستقرب البعد لأجل الإمامة ففتح له بابا إلى الحلاوية من (34 ظ) ف قبتها فلما بلغ منكلي بغا ذلك حضر إلى الحلوية، ونظر فيها، وقد قيل له: أين الباب المذكور. وعين مكانه فوقف عليه وسأل ما هذا؟ فقيل له: ما جرى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 فقال: «أما سمع الإمام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خطوة ترفع درجته، وخطوة تضع خطيئة» . وأمر بسد الباب. انتهى وفي تاريخ ابن حبيب سنة ثمان وستين وسبعمائة أنشأ منكلي بغا جامعه المشار إليه. وحوض السبيل. وله نفع متعدد لا يحتاج إلى دليل. انتهى. ومكتوب على بابه الشمالي أنه أنشأه في غرة شهر صفر سنة سبع وستين وكذلك على باب الشرقي ولا اختلاف في ذلك لأنه ابتدئ في عمارته سنة سبع، وتم (37 و) م في سنة ثمان. انتهى. وتوفي منكلي بغا [عام 774 هـ.] «1» وهذا الجامع قيض الله له في محنة تمر رجلا صالحا نزل فيه ومنع الناس من الدخول إليه وإخراب شيء منه ببركة صاحبه. وفي تاسع عشر المحرم سنة اثنين وخمسين وثمانمائة شرع في نقض الحائط الغربي من هذا الجامع وبعض القبو الملاصق له لأنه انشق قديما. وأراد الحاج عمر الجابي لوقفه أن يبني فيه قناطر. وأن يضعها على الصفوية وهي تربة للصفوي «2» عليها وقف في طاحون الدوير وبها قبر وكان هناك قراء لهم معلوم مرتب من رايع الوقف. واشترى لذلك أحجارا عظيمة ورأيت بعضها على باب الجامع. فلم يتفق ذلك. وكان قد اجتمع مال من رايع الجامع وهو مدخر بالجامع المذكور فتقاسم المباشرون المال ولم يبنوا شيئا من الجامع، فزاد التقطع في الحائط في السنة المذكورة لما أحدثوا قناة حمام المالحة في أساسه. فذهب أهل المحلة إلى كافل حلب تنم «3» وأحضروه إلى الجامع، فرأى حاله وما آل إليه فرق عليه. وكان الخواجا شهاب الدين أحمد الملطي- عين التجار بحلب إذ ذاك- قد تكلم معه في عمارته فقال أخاف من عمارته أن يتوصل أحد من الحكام إلى أخذ شيء من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 مالي. ودلهم على التكلم مع الكافل في ذلك فتكلموا مع الكافل وعرفوه أن ريعه لا يفي بعمارته. فقال الكافل أنا اتبرع بعمارته. فقال له الجماعة بل نترامى على الملطي، ونسأله أن يعمره. فقال لهم: افعلوا ما بدا لكم فذهبوا إلى الملطي. واعلموه بذلك، فأخرج خمسمائة «افلوري «1» » متبرعا بها في عمارته. وتبرع ابن الشحنة محب الدين العلامة بالكلس من ماله. فأرسل كافل حلب إلى القاهرة وأحضر صناعا لبناء ذلك، فحضروا ومعهم مهندس. وكان قليل الكلام. ومعلم وشيال، وكان الشيال طويلا له قدرة على حمل الحجارة العظيمة فشرعوا في النقض كما تقدم فنقضوا حتى بلغوا الأساس ووضع في الأساس أعمدة. وتمت عمارة ذلك في العشر الأوسط من ربيع الآخر من السنة المذكورة فقال علي بن الرحال: «إن هذا البناء يتشقق ثانيا» . فحدث في القبو بعض تشقق. وقد (35 و) ف تشقق الحائط الشمالي مع قبوه في سنة ثلاث وسبعين وازداد في سنة أربع. واعلم أن الحاج محمد بن صفا- رحمهم الله- كان رجلا خيرا، تبرع بجملة من ماله لما فرغت دراهم الملطي. فصرفت في عمارة الحائط المذكور. ولم يقطع للمستحقين الدرهم الفرد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 ولما ولي الكلام على الجامع خشقدم؛ داودار قاتباي الحمزاوي- رحمهم الله تعالى- قام بعمارته أحسن قيام، ورقم قبليته بالحجارة الحندراتية «1» وبيضه متبرعا بذلك كله من ماله فزاد في حسنه. ثم لما ذهب مع استاذه إلى كفالة دمشق أرسل له مصابيح من دمشق (37 ظ) م فعلقت فيه. وهي مذهبة. وغير مذهبة «2» . ثم لما تكلم عليه يوسف خازندار «3» جانم «4» اشترى «5» له بسطا كثيرة من ماله نشرت بالجامع المذكور مضافة إلى البساط الكبير الذي وقفه الأمير صارم الدين بن منجك؛ وكان قدم حلب في بعض التجاريد. ووقف عليه الحاج عمر بن صفا بساطا كبيرا؛ وكذلك أحمد بن الديوان الاستادار «6» . وكان هذا الجامع يحضر إليه الناس من البلاد الشاسعة وأطراف البلد للنظر إلى محاسنه، والاجتماع بمحدثه والدي. وقرا [ء] ة الحديث فيه بشرط الواقف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وكذلك شرط الواقف أن يكون المتكلم على الجامع واحدا، وفوض ذلك إلى ابن حبيب. ثم انتقلت إلى الحراني قاضي حلب الحنبلي. ويأتون أيضا إلى سماع مؤذنه جمال الدين يوسف الكشكاوي. وكان خيرا، دينا، صيتا، يحفظ القرآن، وانقطع صوته ثم عاد. وربما كان يتزعزع في بعض الأحوال. وكذلك لسماع مؤذنه شمس الدين التيزيني. وللصلاة خلف إمامه الشيخ اسرافيل؛ وكان عبدا صالحا صيتا. وسمي بذلك بحسن صوته. وكان الرؤساء يجلسون على بابه فلا يستطيع أحد المرور لحشمتهم وحياء منهم. ومن جملتهم: ابن الافتخاري؛ ووقف صطلا كبيرا من نحاس يعلق على باب الجامع للشرب منه. انتهى. وفي هذا الجامع في قبليته من جهة الشرق ايوانات أحدهما فيه باب صغير مسدود الآن كان يدخل منه منكلي بغا للصلاة يوم الجمعة كيلا «1» يتخطا رقاب الناس. جامع الأطروش «2» : وهو اقبغا الهذباني «3» ؛ ويعرف بدمرداش أيضا وتقدم ذكرهما في النواب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 [اقبغا الهذباني] : واقبغا المذكور مدفون بتربته في حانب الجامع المذكور بالقبة. ودمرداش توفي مقتولا سنة سبع أو ثمان عشرة وثمانمائة. وكان أميرا، كبيرا. يعظم العلماء. كثير الحياء والحشمة؛ قاله بعض المؤرخين «1» . قلت: أخرج أملاك الناس وأوقافهم اقطاعا، ولم تزل كذلك حتى تسلطن المؤيد (35 ظ) ف رحمه الله فأبطل جمع ذلك. وأجرى الناس على ما كانوا عليه. وهذا الجامع في غاية الجودة من البناء والرخام، ومنبره من الرخام الأبيض في غاية الحسن. ومحرابه في غاية الجودة من الرخام الأصفر، وغيره من الآلة الثقيلة، لكن فيه بعض انحراف عن القبلة. وفيه عمودان من الرخام الأصفر من عجائب الدنيا من الغلظ والارتفاع. وفيه عدة شبابيك من النحاس الأصفر في غاية الجودة. وحائطه الغربي جيد الصناعة حسن البنا [ء] . والباب الذي فيه مؤرخ في سنة إحدى عشرة وثمانمائة «2» . وبابه مؤرخ في سنة اثنى عشرة «3» . وكذلك باب مرتفقه. واقبغا الهذباني كان من عتقاء برقوق. وتنقل في الخدم إلى أن وليّ الحجوبية بحلب بعد رجوع السلطان من الكرك ثم نيابة صفد ثم طرابلس ثم حلب في سنة إحدى وثمانمائة سنة وفاة الظاهر (38 و) م «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 «العديمية» ؛ خارج باب النيرب» : كما ستأتي في المدارس «1» أقيمت فيها الجمعة في زماننا، واستمرت. وكان يخطب فيها الشيخ الصالح أحمد الزركشي. «جامع الفردوس» : سيأتي الكلام عليه في المدارس. «جامع التوبة «2» خارج باب النيرب» : كان محلة يباع فيها المنكرات، وتقف فيها القينات وتسمى بحارة السودان. فقام في عمارته جامعا الشيخ محمد بن المعصراني «3» ؛ الآتي في الحوادث. وكلم كافل حلب تنم «4» بكلام خشن فتم مقصوده. وقام الناس معه بصفاء نيته، وأسسه في حياته. وتمم بعد وفاته. فجاء جامعا حسنا نيرا كثير المياه. أجرى إليه الماء من القناة. وأصرف عليه جملة الأمير اسلماس «5» التركماني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 وكذلك غيره. وتساعد أهل الخير فيه بأموالهم وأنفسهم. وعمر له منارة ورخم أرضه. وهو إلى الآن في زيادة ونمو ببركة من أسسه. ووقف أهل الخير عليه أوقافا. «جامع الحاج سليمان الكردي «1» » : «جامع الطواشي: داخل «2» باب المقام» : «3» أنشأه جوهر العلائي الطواشي «4» ، وهو مطل على خندق قديم داخل البلد الآن. وهذا الجامع لطيف. وله خزانة خلف منبره فإذا قضيت صلاة الجمعة ادخل هذا المنبر إلى هذه الخزانة. فإذا كانت الآتية أخرج منها «5» . وذكر لي أن واقفه قد أسسه خانا فمر به شخص فسأله: ماذا تبني هذا. فقال: ابنيه خانا. (36 و) ف فقال له: «تبنيه لأولادك» . فاستيقظ الطواشي وبناه جامعا. وفي قبلته انحراف. «جامع عبيس ؛ داخل باب المقام» : جدد في أيامنا وهو جامع وكان مسجدا قديما فجدد له منارة، وأقيمت فيه الجمعة. وسيق إليه الماء من القناة. وتساعد أهل الخير في عمارته «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 «جامع أرغون الكاملي بالقرب من ساحة بزة» : وهو جامع لطيف له. منارة لطيفة على بابه و [ا] تجاه الباب من خارج بئر ماء ومكتوب على بابه: «أمر بتجديد هذا الجامع أرغون الكاملي «1» في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة» . (38 ظ) م. «جامع الصّروي» : هذا الجامع بالبياضة «2» ؛ أنشأه الحاج ناصر الدين محمد بن بيليك الصروي «3» في سنة ثمانين وسبعمائة. وهو جامع لطيف له محراب من الرخام الأصفر. وكذلك منبره. وسدته. وفي أيامي وسع قبليته وصحنه .... «4» الاقباعي. انتهى. [فائدة] : وتلقب هذه المحلة بالبياضة بالتحفيف. وكذلك حلب- تلقب بالشهباء والبيضاء؛ لبياض أرضها لأن غالبها من الحجارة الحوارة. وترابها يضرب إلى البياض. وإذا أشرف الإنسان عليها ظهرت له بيضا [ء] كما تقدم «5» . انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 «جامع ابن غلبك» : هذا الجامع برأس البياضة. أنشأه في أيامنا الأمير فخر الدين عثمان بن شيخنا الأمير شهاب الدين بن اغلبك «1» ، وجعله جامعا تقام فيه الجمعة ومدرسة للحنفية. وجعل فيه محدثا ومدرسا حنفيا. ورتب له إماما وخطيبا ومؤذنين. وقراء سبع. وغير ذلك. وجعل له منارة قصيرة. ووقف عليه شيئا من أملاكه. وشرط أن يكون المحدث والخطيب العلامة الشيخ شمس الدين بن السلامي الشافعي «2» . وأن يكون المدرس العلامة الشيخ شمس الدين بن أمير حاج الحنفي «3» . ومنبر هذا الجامع من المنجور؛ فيه صنعة مليحة وتركيب حسن. «جامع القرناص» «4» : أنشأه بكتمر القرناصي. وله ترجمة في تاريخ شيخنا المؤرخ. وقد توفي في سنة خمس وسبعين وسبعمائة. وأخبرني والدي أنه لما عمره صار يقع عدة مرار فقال في آخر مرة: «والله إن وقعت لابنيك كنيسة» . وفيه خطبة. وفقها [ء] من الشافعية. مرتبون. ولهم مدرس. وأدركت الشيخ يوسف الكردي «5» يدرس فيه. وقد وقع حائطه الغربي في أيام الشيخ المذكور فتبرع بعمارته الحاج أحمد ابن فستق النشابي، وكان صديقا للشيخ يوسف المذكور. وأحضر عليا بن الرحال فبلغ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 (36 ظ) ف بأسسه الجبل، واقامه ووقفت على أسسه حين أسسه. وله منارة محكمة لطيفة من حسن البنا [ء] والأحجار والنحت. ثم في أيامنا تزعزع رأسها فنقض وأعيد ولم يعيدوه كما كان. فإنهم انقصوا «1» من طول العمد التي عليها قبتها فإنهم كانوا طوالا. انتهى. وذكر لي من أثق به أن الحاج أحمد بن فستق المذكور استشار «2» الشيخ يوسف في أن يحج وكان الحائط المذكور إذ ذاك منهدما فأجابه الشيخ يوسف إنك قد حججت وأنا أدلك على فعل خير يحصل إن شاء الله لك منه أجر الحاج وأشار عليه أن يعمر حائط القرناصية. فقال الحاج أحمد استخير الله تعالى ومضى من عنده فلقيه الشيخ بيرم المجذوب في طريقه فقال له: افعل الذي أشار عليك الشيخ أحمد، وبنى الحائط. انتهى. «جامع الناصرية» سيأتي الكلام عليه في المدارس إن شاء الله تعالى. «جامع الناصري» : داخل دار العذل، وإلى جانبه مسجد السيدة بنت وثاب النميري؛ وقد تقدم الكلام عليها في فصل المزارات «3» وهذا الجامع كان أولا خانا يسمى جان البيض فعمره يلبغا الناصري جامعا، ووقف عليه «4» وقفا فلما قتل أخرج السلطان وقفه. وبنى يلبغا المذكور حماما تحت القلعة وإلى جانبه مكتب أيتام، وحوض ما [ء] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 والآن إنما يصرف على الجامع من مال الحمام. وفي كل أوان يأتي أقارب الناصري من القاهرة وينازعوا أرباب وظائف الجامع ويقول أن الحمام ليست وقفا على الجامع إنما هي لنا وأن وقف الجامع أخرجه السلطان أ. «جامع السفاحية» : بناه المقر الأشرف أبي العباس أحمد بن سبط بني السفاح وترجمته مذكورة مع أقاربه؛ أنشأ مدرسة وجامعا بلا منبر بل بكرسي يحمل، ويوضع أخذ شكله من كرسي البخاري بالجامع الكبير وليس له سدة بل تخت من خشب موضوع للمؤذنين. وكان في محله معصرة معدة للسيرج فنقضها وجعلها قبالة الجامع المذكور وأسس هذا «1» الجامع وبلغ بأساس المأذنة إلى الماء فنبع عليهم فعجزوا عن إزالة الماء فطرحوا في الأسس جرزونا «2» وحواريق «3» من أشجار التوت ثم بنى فوق ذلك. والباني أولا هو مصطفى. ثم عدل عنه إلى المعلم محمد شقير. ونحاته شخص مصري يقال له: محمد الفيل. ونقل إليها الأحجار والرخام الاسود وأخذ بوابة كانت قبال المدرسة الزجاجية فجعلها بوابة الجامع. وجدّ واجتهد في عمارته. وحصل له في أول يوم وفي أول حجر وضع بعد الأساس نكاية عظيمة من ابن الرزاز الحنبلي فإنه صار ينشد: «4» ومطعمة الأيتام من كد فرجها ... لك الويل لا تزني ولا تتصدقي (37 و) ف والله يعلم المفسد من المصلح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 ومحرابها وحائطها القبلي وقناطرها من الرخام الأسود والأصفر وأبوابها من الخيط المنجور في غاية الحسن، وصانع ذلك هو الحاج أحمد بن الفقيه بترتيب الحاج عبد الله الخشاب وكان من أهل الخير إلا باب الشباك الذي عند قبر والد الواقف فإنه من صنعة شخص أعجمي حضر إلى حلب فادعى معرفة الصنعة فاستعمله القاضي شهاب الدين في هذا الباب وفي حاجبه فكلفه عليه كلفة زائدة عن حده فاصرفه. واستعمل الحاج أحمد المذكور. وكان يقول لو عملت هذا الباب من ذهب ما كلفت عليه هذا القدر. انتهى. ورخام صحنها في غاية الجودة. وتأنق القاضي شهاب الدين المذكور في بنائها، وجعل له فيها خلوة لينقطع عن المباشرات فيها. وكان مغرما بهذا الجامع. مكثرا لذكره. وعمل لنفسه جبة من الصوف الأسود ليلبسها عند جلوسه في الخلوة. واقتطع من ملكه، و [ا] شترى أملاكا فوقفها على هذا الجامع و [ا] شترى كتبا نفيسة ووقفها عليه. ورتب خطيبا فخطب بهذا الجامع. وقد خطب بهذا الجامع الشيخ عمر الاعزازي وهو من أهل الخير والصلاح. وخطب به شيخنا الشيخ محمد الاعزازي وسيأتي تاريخ وفاته مع ترجمته. ورتب مدرسا فدرس بها الشيخ علي الكردي- تلميذ والدي- وهو من أهل الفضل. وكان والدي يميل إليه، ويحبه. ثم سافر الشيخ علي إلى القاهرة وقرأ على مشايخها. ودرّس بها الشيخ العلامة قاضي المسلمين أبو بكر بن اسحاق الحنفي «1» . والشيخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 شمس الدين أمير حاج «1» المقرئ، أحضره القاضي بهاء الدين من القاهرة وكان صوفيا منقطعا عن الناس عارفا بالقراءات وأول اجلاس عمله بالجامع المذكور حضر معه شيخنا المؤرخ. وتكلم على أول سورة فاطر. ودرس بها الشيخ العالم الصالح الشيخ عبيد- وستأتي ترجمته- ثم لما آل الأمر والكلام على هذا الجامع لولده الزيني عمر كشط ما على الكتب من الوقف واستأصلها بيعا. وأجر وقفها. وشرط في كتاب وقفها محدثا يقرى البخاري ويقرأ السيرة النبوية. وأن يصرف لشخص كل شهر مبلغا ليكنس الشارع الشرقي. ويرشه لئلا يدخل الغبار إلى مدرسته. وجدد فيها ولده الزيني عمر بعده شيئا من الأبواب المنجورة ووقف واقفها لها ربعه تفرق يوم الجمعة. ورتب لها مؤذنين للأوقات الخمس وإماما. وقراء سبع في كل يوم طرفي النهار، ويوم الجمعة قبل الصلاة وبعدها وقارئ كرسي. وغير ذلك من خبز ومشتغلين. انتهى. وقد أقام القاضي شهاب الدين القاضي كمال الدين ابن الخطيب يكتب مصروف عمارة المدرسة فلما وصل إلى صرف خمسة الاف «افلوري» «2» أمره بالإمساك عن الحساب. وأن لا يرفع إليه حساب بعد اليوم. (37 ظ) ف والسورة «3» النحاس التي معلقة بها وقف المدرسة الصلاحية أخذها ووضعها في هذه المدرسة. وابتدئ في عمارتها في أواخر سنة إحدى وعشرين. وتمت في أوائل سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 وتوفي واقفها رحمه الله تعالى بالقاهرة ثالث عشر رمضان سنة خمس وثلاثين ودفن بالقرافة عند أخيه ناصر الدين. وترجمته مستوفاة عند أقاربه. «مسجد المحصب «1» » : تقدم بعض الكلام عليه؛ ونستوفي هنا فنقول: لما نزل الشيخ عبد الكريم الصوفي فيه بعد نزوله بالرواحية «2» عند الشيخ عبد الرزاق الشيرواني الشافعي- وستأتي ترجمته- اجتمع عليه الناس وكثر اتباعه وتلامذته ومعتقدوه أخذ في توسعة هذا الجامع فنقض الحوانيت التي كانت إلى جانبه من جهة الغرب، وتوصل إلى ذلك بطريق شرعي. وجدّ في عمارته. ووسعه من شرقيته أيضا. وأقام فيه الجمعة. وصار يخطب فيه على الكرسي. إلى أن جدد له جانبك «3» - كافل حلب- منبرا. وجدد له الشيخ بابا ثانيا قبلي بابه القديم وشبابيك من جهة الغرب وبيت خلاء داخله، ورتب له خطيبا وإماما ومؤذنين وقارئا للحديث ولإحياء علوم الدين. ومصابيح وغير ذلك. وهذا المسجد من جملة ما كتب على بابه: «بتولى عبد الرحيم بن عبد الرحيم ابن العجمي الشافعي في سنة أربع وخمسين وستمائة» . وعلى منارته: «جدد هذه المأذنة القاضي بهاء الدين علي بن محمد بن أبي سوادة موقع الدست بحلب وناظر المكان في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة» انتهى. «جامع بالجلوم» : هذا الجامع يعرف قديما بمسجد ظبيان «4» ؛ قاله [ا] بن شداد «5» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 وكذا رأيت مكتوبا على بابه. عمر هذا المسجد الحاج ضبيان بن بدران في سنة ثمان وعشرين وستمائة.» . انتهى. وفي أيامنا جدد في هذا المسجد منبر وسدة. وأقيمت فيه الجمعة. وله على بابه منارة قصيرة بعمارة واقفه. ثم «1» لما قدمت العساكر المنصورة حلب جدد له نائب صفد مناره. ووسع فيه الشيخ محمد الحمصي- مؤدب الأيتام- زيادة كثيرة. وصهريج يجمع الماء العذب. «جامع ايدمر» «2» : هذا الجامع في ذيل عقبة بني المنذر [ا] تجاه حمام الخواجا، وكان مسجدا قديما عمر في أيام السلطان غازي. ثم دثر فجدده ايدمر بن عبد الله الشماع» . وهو مكان مبارك تقام فيه الجمعة. ومكتوب على بابه أن آيدمر جدده في سنة ثلاث وأربعين. وتوفي في سنة أربع وأربعين. انتهى. وفي داخل هذا الجامع قبر في إيوانه الشمالي. والصندوق الرخام الذي كان عليه نقل إلى جانب الشمالية؛ ولعله قبر آيدمر المذكور «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وجدد في سقف صحنه القاضي شهاب الدين بن الزهري في أيام ولايته حلب. انتهى./ (40 و) م (38 و) ف «جامع المهمندار» : بناه الحسين بن بلبان حسام الدين المهمندار «1» الجد؛ كان من أمراء حلب. ووقف عليه وقفا من جملته: «حصة بقرية السموقة «2» » و «حصة بحمام [ا] عزاز» و «البيت الذي [ا] تجاه الجامع المذكور» . ثم إن جار الله يوسف بن الأمير أحمد المهمندار ذكر أنه استبدل بهذا البيت مكانا. ومن شرط واقفه كما رأيته في كتاب وقفه: أن يكون له جابيا ومعمارا وشاذا «3» ؛ وقد ألحق فيه. وعاملا. وذلك في عاشر شوال سنة اثنين وسبعمائة. وهذا الجامع نير، كثير المياه. له منارة لم يوجد في مملكة الشام أحسن منها: بل ذكر لي أنه ولا في مصر أظرف منها. وله منبر من الرخام الأصفر وكذلك سدته. وهذه المنارة فيها من الصنائع من أولها إلى رأس قبتها بحيث أن الناظر إليها لا يميز حجرا من حجر من الأشكال المختلفة في نحتها وتركيبها ودرابزينها من الأحجار المخرمة. وقبتها .... «4» وإلى جانب هذا الجامع مسجد قديم لم يغيره الواقف إنما جعله في جانب جامعه من الغرب. وفتح بينهما. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 [بيت المهمندار] : وبيت المهمندار كان بيت سعادة وحشمة. ومعروف. ورياسة. وثروة كبيرة. فآل ذلك إلى الأخوين؛ وهما: ناصر الدين محمد، وشهاب الدين عن ولد ذكر. وأما ناصر الدين فلم يتزوج قط. وكان محتشما، قليل الكلام. وله ثروة عظيمة وكان يحب جمع الكتب النفيسة. والأشياء النفيسة من كل فن. أخبرني القاضي علاء الدين بن الحاضري؛ قال: اجتمعت به يوما وكان ابن أخيه يوسف صغيرا فخرج يلعب فزبره ابن عمه فنهيته عن ذلك فقال: «إن عمر هذا يبيع مسامير بيتنا» وتوفي ناصر الدين المذكور فورثه ابن أخيه يوسف فحبب إليه الحج فحج حجتين عظيمتين. وأصرف عليهما أموالا كثيرة. وبذر. وباع الأملاك شيئا فشيئا. ولم يبق له أثره لكن في أنواع الخير لا في معصيته. «جامع القصر؛ داخل باب الجنان» : نسبة إلى قصر كان هناك. وقد تقدم ذكره في تعداد القصور «1» . كان مسجدا قديما. وبعد الثمانمائة جدده ... و.. «2» وأقيمت فيه الجمعة. وبه منبر من الرخام الأصفر. وليس له منارة. «جامع باب الجنان» : يسمى بمشهد علي؛ وسيأتي ذكره في المشاهد «3» . وهو مسجد قديم وبه عدة محاريب تقام فيه الجمعة. وكان هذا المكان داخل باب الجنان فلما عمرت الأسوار في أيام الأشرف جعل خارج الباب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 وقد زاد في هذا المكان الخواجا ... «1» بن الجزري زيادة من جهة الغرب؛ وهي قبة وبها شبا كان على الدرب. ووقف عليه أوقافا منها ثلثا مصبنة الجزرية. وجعل فيه قارئا يقرأ الصحيحين. وقراء يقرءون القرآن بعد صلاة الصبح وأن (38 ظ) ف يصرف من هذا الوقف لمؤذن الجامع المذكور وفي مصالحه من سبيل ماء. وما يحتاج إليه الجامع. (40 ظ) م «جامع بالدباغة» : هذا الجامع يقال له «جامع الرومي» «2» ؛ له مناره عظيمة. وهو جامع له صحن لطيف وقبليته غربي الصحن مقبوء بالأحجار. وبنى إلى جانبه موسى الصيرفي المهاجر إلى دين الإسلام- حسن إسلامه وحج إلى بيت الله الحرام سنة سبع وثلاثين. وكان رفيقنا في الحج تربة ومسجدا. وجعل بينهما بابا. وجعل في مسجده بركة ماء وسقف مسجده بالأخشاب. وليس فيما عمره طائل إنما هو من اللبن والحوارة. ودفن أولاده في جانب هذا المسجد «3» . انتهى. وهذا الرومي الذي ينسب إليه هذا الجامع أخبرني بعض المشايخ أنه كان تاجرا، وأنه سافر ورفقة معه فوقع عليهم برد ببعض البوادي فقتل دوابهم وأهلكهم. فسلم هذا الرجل المذكور فجمع ما كان مع رفاقه من المال ودخل حلب وبنى هذا الجامع. وبنى خانا بالقرب من الجامع المذكور، والآن هو: «خان للدقاقين» . وبنى حماما بالقرب من باب قنسرين «4» . وهي الآن بعضها وقف على جامع «5» منكلي بغا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 «جامع قاقان» : تقدم الكلام عليه في فصل المنافع «1» ؛ ليست له منارة إنما يؤذن على بابه. «جامع السدله» : هذا الجامع يقال أن خطبته قديمة؛ ويعرف قديما بمسجد: «أبي خبيش» . وهذا الجامع تقام فيه الجمعة وله منارة فوق بابه «2» . عمارته قديمة. والمنارة يظهر أن عمارتها بعد عمارة الجامع ولا أعرف لها تاريخا. وخارج هذا المسجد بئر يعرف قديما: «ببئر النقيب» ؛ والآن: «ببئر السدلة» . أنشأه النقيب محمد بن أبي الثنا بن صدقة في سنة ست وثلاثين وستمائة. «جامع التوبة؛ داخل باب الفرج» : هذا الجامع كان برجا في (قرنة) سور حلب بين بابي النصر والفرج وكان يذبح فيه أغنام البلد. وكان يتأذى الناس من رائحته. فسعى العلامة القاضي جمال الدين التحريري المالكي «3» - المذكور في فصل القضاة- في إزالة المذبح منه، وجعله جامعا تقام فيه الجمعة. وعمر له مئذنة على السور، فجزاه الله خيرا. «جامع الصفي» : هذا الجامع ظاهر حلب، خارج باب الجنان بالقرب من البساتين؛ شرقي نهر قويق «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 أنشأه صفي الدين عبد الوهاب بن أبي الفضل بن عبد السلام مشارف ديوان الجيوش المنصورة بحلب المحروسة بتاريخ خامس عشر شعبان المكرم من شهور سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. هذا الجامع نزه ظريف له مناظر من غربيه إلى البستان. وله منبر من (39 و) ف الرخام وكذلك سدته. وله بوابة عظيمة. وحوض ماء كان يأتي الماء إليه وإلى بركة الجامع من دولاب شمالي الجامع. وله منارة. وفي بعض الأزمان خرج إلى أعلاها مبيض ليبيض قبتها فزلت رجله فسقط من أعلاها إلى أسفلها فمات. وهذا الجامع له وقف حسن مبرور من جملة وقفه: «بستان بدركوش أ» . «جامع السلطان» «1» : هذا الجامع خارج باب قنسرين. عمر في أيام الظاهر غازي من انعامه للعبد الفقير إلى الله تعالى علي بن سليمان بن جندر في سنة سبعة وستمائة «2» . هذا معنى ما كتب على بابه. وله وقف أراضي حوله. وسيأتي في السيفية البرانية «3» بقية الكلام عليه. (41 و) م «جامع باحسيتا» «4» : كان أولا مسجدا، وأخبرت عن شرف الدين- نائب كاتب الأسرار بالقاهرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وكاتب السر بحلب- قال أن والده القاضي علم الدين. وعمه الشيخ شمس الدين الكاتب وكان من الأخيار خرجا عن بيت لهما كان ملاصقا لهذا المسجد فوسع في هذا المسجد ... «1» ثم آل إلى الخراب فعمره الحاج علي السيبك كان تاجرا في الجوهر. ثم في أيامنا وسعه أهل المحلة من أهل الخير. وساعدهم بعض التجار في ذلك. وهذه الزيادة من جهة الشرق. جامع طوغان: خارج باب الجنان «2» . «جامع خارج حلب في حارة التركمان ظاهر باب النصر شرقي حوض الحاج اينال كافل حلب» : لا أعرف من ترجمته شيئا. مكتوب على بابه تحت منارته جددت هذه المنارة سنة سبعين وسبعمائة.» . «جامع الزكي؛ خارج باب النصر» : كان أولا مسجدا عمريا فجدده قبل فتنة تمر محمد الزكي أحد أجناد الحلقة. ثم في سنة تسع وعشرين وثمانمائة وسّعه الأمير ناصر الدين الحجيج الاستادار بحلب. ووقف على ما زاده وقفا مختصا بالزيادة «3» . وكان قد وقف عليه محمد الزكي وقفا غير ذلك. وهو باق يصرف على مصالح الجامع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 توفي في الحجيج ثاني عشر رجب سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة. ولما توفي (39 ظ) ق الحجيج خلف أولادا صغارا فضبط شيخنا المؤرخ تركته. وكان القاضي شهاب الدين ابن أبي السفاح إذ ذاك كاتب السر بالقاهرة وقد توفي له ولد. فخضبت بنت شيخنا كفها فبلغ ذلك المقر الشهابي فشكا أولاد الحجيج على شيخنا إلى السلطان الأشرف بأنه أكل تركة والدهم. وكان في باطن القاضي شهاب الدين ما كان من سبب خضب كفي بنت شيخنا عند موت ولده فساعد في لمب شيخنا إلى القاهرة. فطلب وذهب مع شيخنا محب الدين بن الشحنة ونقيبه شمس الدين بن عماد الدين. فلما وصلوا إلى القاهرة أخبر القاضي شهاب الدين بوصوله وبوصولهما معه. فساءه ذلك لأنه كان يكرهها كراهية شديدة. وكان يتفرس في شيخنا محب الدين أنه يأخذ وظيفته. فلما خرج شيخنا إلى السلطان خرجا معه. وتقدمهم ووصى البوابين بمنع دخول هذين مع شيخنا إلى السلطان فمنعا ولم يمكنا من الدخول معه؛ ولسان الحال يقول: «أنه سيأخذ وظيفتك بحلب والقاهرة.» . انتهى. وهذا الجامع نيّر. يحضر فيه الصلحا [ء] ؛ قال الشيخ خليل (إمامه) وكان من الصالحين: مكثت سنينا لا أجد للفقرا [ء] رائحة. فلما كنت في بعض الليالي نمت في هذا المسجد فرأيت شخصا قام من بين الفقرا [ء] وقال: «لا إله إلا الله» ؛ فخرج منه نور اتصل بالسماء فقمت إليه وقبضت على يده وسألت خاره فقال لي: «لا بأس عليك» . فكأنما خرجت من سجن، ودلني على شيخ يقال له، شمس الدين العبي. وهذا الرجل له أخوة يتجرون بسوق العبي وهو يجلس عندهم ولا يتجر. قال فجئت إليه في اليوم الثاني وجلست قبالته. فلما حضر وقت الظهر أخذ ابريقه. ونزل فتوضأ. ومضى إلى الجامع، فتبعته، فصلى، ورجع إلى الحانوت، فتبعته أيضا. فلما كان وقت العصر فعل كما فعل وقت الظهر فتبعته. وكان من عادة إخوته لا يغلقون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 الحانوت إلا بأمره. ففي ذلك اليوم صبر حتى أغلق الناس جميعهم حوانيتهم فلما خلا السوق استدعاني وقال لي: «حاجتك عند الذي دلك عليّ» . فسألت خاطره فقال: «اكتم عني» . فكتمت عنه. وقد سأل بعض الناس إخوته عنه ماذا يصنع ليلا؟ فقالوا: «إنه يغلق الباب عليه. ولا ندري ما يصنع حتى يصبح (!) » . «جامع الجديد ببانقوسا» : هذا الجامع يقال أن خصبك الخواجا عمّره «1» ولم يكمله؛ وإنما أكمله أهل الخير فعمّروا له منارة. ورخموا صحنه بالرخام الأصفر. وفيه بركة ماؤها كثير لأن القناة جارية بقربه. وهو جامع عليه وضآة. ووقفه يسير لكن يقيض الله من يقوم بكفايته. وقد أحدث الشيخ أحمد الحنفي القصير. وله اشتغال. وميل إلى (42 و) ف التصوف وهو لبق. حسن السمت، زاوية أشرقي هذا الجامع. وفتح منها شباكا إلى الجامع المذكور وكان يعتكف في هذه الزاوية. وينزل الفقرا [ء] عنده. وجعل لنفسه مدفنا. فدفن فيه. وكان يتردد إلى والدي رحمهما الله تعالى. وهذا الرجل كان له جنينة في بابلي وكان بها عمارة فدعانا إليها مع الفقهاء الحنفية فمضينا إليه وكان له وظائف بحلب فتوفي من غير ولد فأخذ وظائفه الناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 «جامع أالعتيق «1» بها» : هذه الجامع أنشأه شخص يقال له الحاج علي بن معتوق الدنيسري «2» ، وهو جامع نير أصغر من الذي تقدم ذكره. «الجامع المعروف بجامع البختي «3» » : هذا الجامع شمالي بانقوسا، غير متصل بعمائرها. بل في رف المقابر.. وشماليه جبل له قبة صغيرة، مدفون بها شخص من التجار يقال له: «بيق» . أنشأه الحاج عيسى بن موسى الكردي في أيام السلطان الناصر يوسف بن العزيز محمد بن الظاهر غازي «4» في سنة خمس وأربعين وستمائة. وعمارته محكمة من الآلات الثقيلة. ومن غربيه دكة مرخمة خارجه وهو مكان نيّر. (82 و) م «جامع يعرف بجامع الزعلي» : خارج باب انطاكية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 «جامع الحاج أبي بكر الفوعي بالجسر خارج باب أنطاكية؛ شرقي الجسر» : «جامع غربي الجسر» يعرف بمشهد أبي بكر. «جامع بحارة المشارقة» : «1» (40 ظ) ف «جامع بالكلاسة» «2» : «جامع خارج بانقوسا؛ بطريق المتوجه إلى بابلي» : «وجامع آخر أيضا بهذا الطريق» «3» : (42 ظ) م وقد انتهى الكلام في الجوامع التي تقام فيها الجمعات والجماعات التي عرفنا تراجم بعض أهلها، ومتى بنيت. ونشرح الآن في ذكر بعض مدارسها على المذاهب الأربعة. ثم نذكر الخوانق والزوايا، والبيمارستانات. ونقدم على ذلك من الأحاديث الدالة على الحض على بنيان المساجد. ثم نذكر أول مدرسة بنيت بما فيه من الخلاف. ثم نذكر مدارس حلب. فنبدأ منها بأول مدرسة بنيت بحلب: فنقول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 [مدارس حلب] [فضل بناء المساجد] : بنا [ء] المساجد من أعظم القربات؛ ففي الترمذي وابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور. وأن تنظف، وتطيب» . وفي صحيح البخاري عن أنس في حديث ويل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر «1» ببناء المساجد. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة مثله» . وفي ابن حبان عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة» . ومفحص القطاة بفتح الميم مجثمها، حفرة صغيرة تحفرها القطاة لتبيض فيها. [المدارس الأولى في الاسلام] : وأما بناء المدارس فهو من أفضل الطاعات؛ بنى نظام الملك قوام الدين الحسن بن علي الطوسي «2» مدرسة بنيسابور، ومدرسة بالبصرة، ومدرسة بمرو، ومدرسة بآمد برستان، ومدرسة بالموصل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 قال الحافظ الذهبي، زعم بعضهم أنه أول من بنى المدارس. وليس كذلك فقد كانت المدرسة البيهقية بنيسابور قبل أن يولد نظام الملك. والمدرسة السعدية بنيسابور أيضا بناها الأمير نصر بن سبكتكين «1» أخو السلطان محمود لما كان واليا بنيسابور. ومدرسة ثالثة بنيسابور بناها إسماعيل بن علي المثنى الأسترآبادي الواعظ الصوفي شيخ الخطيب. ومدرسة رابعة أيضا بنيسابور بنيت للأستاذ أبي اسحاق الإسفرايني وقال (42 و) ف الحاكم في ترجمة الأستاذ أبي اسحاق؛ لم يبن بنيسابور مدرسة قبلها مثلها. وهذا صريح في أنه بني قبلها غيرها. والغالب على الظن أن نظام الملك أول من رتب فيها المعاليم للطلبة فإنه لم يكن لهم في المدارس التي قبلها معلوم. وكان بناء النظامية ببغداد سنة تسع وخمسين وأربعمائة. ورأيت في كلام بعضهم فتحت يوم السبت عاشر ذي القعدة من السنة المذكورة. وشرع في عمارتها سنة سبع وخمسين. وترجمة نظام الملك ويلة قتل في رمضان سنة خمس وثمانين وأربعمائة بقرية قريبة من نهاوند. وقيل إن السلطان ملك شاه دسّ عليه من قتله. ولم يعش السلطان بعده إلا خمسة وثلاثين يوما والله تعالى أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 [المدارس الشافعية] «المدرسة الزجاجية الشافعية» : سميت باسم السوق الذي هي فيه «1» . وكان هناك معمل للزجاج. جاء إلى المعمل شخص ليلا ولمب منه أن يأووه وهو في زي الفقراء ففعلوا فتركهم حتى ناموا وأخذ شيئا من الزجاج ووضع عليه شيئا كان معه ثم جعل ذلك في المعمل فلما أصبح الصبح فارقهم وذهب. فدخل أهل المعمل فوجدوا في المعمل فصوصا من أنواع الجواهر. ولما حفر أساس الفرن الموجود الآن [ا] تجاه الحمام وجدوا آثار المعمل المذكور. وهذه المدرسة أول مدرسة بنيت بحلب «2» وكانت قديما تدعى بالشرفية (43 ظ) م باسم بانيها العلامة شرف الدين عبد الرحمن بن العجمي «3» . وترجمته مذكورة مع أقاربه، كذا أخبرنا شيخنا ابن الضياء بذلك. ورأيت في تاريخ ابن خلكان أنها من بناء أبي الربيع سليمان بن عبد الجبار بن أرتق صاحب حلب «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 ورأيت في كلام الصاحب في زبدة الحلب. وجدد بدر الدولة المدرسة التي بالزجاجين بحلب المعروفة ببني العجمي بإشارة أبي طالب بن العجمي. وذكر لي أنه عزم أن يقفها على الفرق الأربع. ونقل آلتها من كنيسة داثرة كانت بالطحانين بحلب. انتهى. وبدر الدولة هو سليمان المذكور. ووجدت في تاريخ الإسلام ما يشهد أنها من بناء عبد الرحمن بن العجمي المتقدم ذكره لأنه قال في ترجمته: وبنى بحلب مدرسة مليحة. ووقف عليها؛ وفي كلام ابن السبكي في ترجمته أيضا: وبنى بحلب مدرسة تعرف به. ورأيت في الروضتين «1» قال: في سنة ثلاث وستين وخمسمائة أن الشهيد شتى بقلعة حلب ومعه الأسد والصلاح ونزل العماد بمدرسة ابن العجمي. وإذا نظرت إلى تاريخ مولد صاحب الشرفية التي بالقرب من باب الجامع الشرقي علمت أنها لم تكن موجودة إذ ذاك؛ وقال ابن عساكر «2» أن المرادي «3» قدم حلب ودرس بمدرسة ابن العجمي؛ والمرادي لما قدم لم تكن الشرفية موجودة. انتهى. (41 ظ) م. قال بعض المؤرخين «4» : ولما بنى سليمان الزجاجية كان كلما بنى شيئا أخربته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 الشيعة ليلا فأحضر الشريف زهرة بن علي وأمره أن يباشر البناء بنفسه. فباشر ذلك فلما كملت فوض أمرها تدريسا ونظرا «1» إلى عبد الرحمن بن العجمي. وهذه المدرسة كانت عظيمة كبيرة ولها ايوان من أعاجيب الدنيا. ولها قبلية عجيبة. وشمالية. وأرضها مفروشة «2» بالرخام الأبيض والأسود. ولها أعمدة أخذ تغرى برمش- كافل حلب- من أعمدتها بدلالة ابن الحصوني مباشرة فجعلها أحجارا للمكحلة التي عملها ليرمي بها على القلعة فلم ينجح بذلك. وفي رازها مكتوب بالكوفي: «كملت عمارتها في سنة سبع عشرة وخمسمائة» . قال ابن شداد: «وابتدئ بعمارتها سنة ست عشرة» «3» . وحائطها الشمالي اندثر غالبه وجدّد بعد ذلك. والبقية التي فيه «4» من الكتابة هي من العمارة القديمة. ولها باب صغير إلى جانب الباب الكبير. يدخل منه المدرس وبها كانت القسيمية. وقد تقدم الكلام عليها وعلى وقفها. ووقف صاحب الزجاجية عليها قرية كارس «5» وكانت الجمعة تقام بهذه القرية. ولم تزل هذه المدرسة قائمة الشعار وعامرة إلى محنة تمر فانهدم غالبها وبقي ايوانها. وسيأتي في الحوادث متى خرب. وقد غير أساسها الإمام علاء الدين علي بن الشيباني، وزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام. وأمره بعمارتها. وأحضر كافل حلب. ووقفه عليها ثم أنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 شرع في حفر الأساس. ثم أمسك عن عمارتها. ولما قدم ابن الضيا [ء] إلى حلب بعد فتنة تمر أشار عليه والدي بعمارتها شيئا فشيئا فلم يقبل. ثم ندم عند الموت. ولقد حصل من رائع وقفها شيء فدفعه إلى دوادار كافل حلب قرقماش. ولم يلتمس منه شيئا. والآن المدرسة خراب. والضيعة عامرة. أخبرني والدي- رحمه الله- أن شخصا نزل بها فمرض فأحسن أهلها الوقوف. في خدمته، فلما عوفي استعار لقنا ليغسل ثيابه ثم أنهم فقدوه واللقن فظنوا به سوءا فدخلوا إلى القبلية فوجدوا اللقن ذهبا. ولم يزل شرف الدين المذكور مدرسا بها إلى أن توفي. وتولى التدريس بعده حفيداه مجد الدين طاهر بن نصر الله بن جهبل. وأخوه زين الدين أبو الحسين عبد الكريم. وقيل عبد الملك. وكانا من العلما [ء] المتميزين والفضلا [ء] المبرزين. ولم يزالا مدرسين بها إلى أن أخرجهما منها الملك الناصر صلاح الدين. ووليّ فيها الشيخ كمال الدين عمر بن أبي صالح عبد الرحيم بن الشيخ شرف الدين أبي طالب. وكان حافظا لكتاب (المهذب) «1» . ولم يزل بها مدرسا إلى أن توفي يوم الأربعاء قبل الظهر حادى عشر رجب سنة اثنين وأربعين وستمائة. ثم ولي بعده عماد الدين محمد ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي يوم الاثنين ثالث عشر شعبان سنة تسع وأربعين وستمائة. وكان مولده ليلة الخميس ثالث (42 و) ف عشر شهر رمضان سنة إحدى عشرة وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 ثم ولي بعده أخوه محي الدين عبد الله ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي في أواخر ذي القعدة سنة خمس وخمسين وستمائة. وكان مولده رابع المحرم سنة تسع وستمائة. ثم وليها بعده ولده بهاء الدين أحمد ولم يزل بها مدرسا إلى أن كانت فتنة التتر أبحلب سنة ثمان وخمسين وستمائة. فخرج عنها. انتهى. وقد رأيت بخط أبي «1» المعالي بن عشائر «2» ما ملخصه: [طاهر بن جهبل المعروف بالمجد] : طاهر بن نصر الله بن جهبل بن نصير بن خباب بن نصير بن عمرو بن عصمة بن هريرة بن قريط بن عبد الله بن أبي بكر عبيد (كذا) بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن أبو محمد الحلبي المعروف بالمجد؛ كان من كبار الفقهاء الشافعية بحلب. كان عنده ديانة. ولي التدريس بالزجاجية. واتصل إلى قطب الدين النيسابوري. وفوض إليه تدريس النورية المعروفة بالتغري. فدرّس بها إلى أن جرت له حالة مع النائب في القضا [ء] بحلب أبي البركات محمد بن منصور الشهر زوري أوجبت ضيق صدره. فسار من حلب. وأقام بالقدس وولي التدريس بها بالمدرسة الناصرية. وكان سمع الحديث بحلب من كمال الدين عمر بن حمويه وأبي بكر الحنبلي. وكان سبب رحيله من حلب أن الضيا [ء] بن الشهر زوري رجمت داره أياما فاتهم بذلك صدر الدين أبا الفتح بن مجد الدين طاهر. وشكا إلى السلطان الملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 الظاهر تكرر ذلك منه. فاستدعاه السلطان ليلة من الليالي إلى القلعة فصعد فالتقاه حسام «1» الدين محمود شحنة حلب فأجلسه في دهليز القلعة إلى أن مضى الربع من الليل فصعدت رقعة من الضيا [ء] بن الشهرزوري يشكو «2» فيها صدر الدين ويقول بأننا في هذه الساعة رجمنا. فاستدعا السلطان حسام الدين الشحنة ولمب منه احضار الصور. فقال: يا مولاي والله إنه قاعد عندي من أول الليل فأمر بإنزاله إلى منزل أبيه. فقال له أبوه: يا بني (ما بقى) يمكننا القعود بحلب. فأصبحا. وسافرا. ثم بدا له في الطريق فردّ ابنه ليأتيه بأهله. وما يحتاج إليه. وكان قد آذاه عمر بن العجمي. ولمب مشاركته في الزجاجية. فجاء إليّ وقال: نخرج إلى الشيخ علي الفاسي. فخرجت معه فذكر عامله عمر بن العجي. وقال أنه قد رشا جماعة. وأنه «3» استعان علي (44 و) م بذلك. وأنا أستعين عليه برفع الأيدي في الأسحار. وكتب الدولعي «4» إلى الناصر صلاح الدين بسبب الكمال عمر بن العجمي شفاعة يذكر فيها حال الزجاجية. وأن المجد بن جهبل هو ابن بنت جد الكمال ابن العجمي. وعنه تلقى «5» تدريس المدرسة. وأن من جملة ما درس بها: الحافظ المرادي- شيخ الدولعي- وأقام بها إلى أن مات. قال: وكان قبل المرادي بها شيخ متصوف يدعى: «الظهير» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وكان قبل الظهير الإمام عبد الله القصري وكان ممن صحب الغزالي «1» (42 ظ) ف وإلكيا «2» وأسعد «3» . قال الدولعي: وبعد موت شيخنا المرادي استدعى السلطان نور الدين لشيخنا شرف الدين مكانه- يعني ابن أبي عصرون- وابتنى «4» له المدرسة التي هي الآن تحت يد ولده، ووصل إلى حلب وما كملت، فاستعاد له مدرسة جد هذا الكمال ابن العجمي وكان جده إذ ذاك مجاورا بيت الله الحرام، فقدم، ومنع شرف الدين عن مدرسته. ومنعه دخولها، والأخذ من وقفها بعد ما سئل أن يصبر عليه حتى تنجز مدرسته فما فعل. وما اعترض نور الدين ولا مجد الدين بل مكناه من أمر مدرسته. واستناب لها فقيها يقال له البرهان. فلما درج بالوفاة استنابوا هذا المجد بن جهبل ولدهم. ولما توفي جد الكمال بن العجمي عهد قبل وفاته إلى ولده أبي صالح شهاب الدين بالعهد الشرعي والإسناد الشرعي. وكان جاريا في المدرسة ومالها والمدرس على قاعدة والده من غير معارض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 إلى أن حضرته الوفاة فعهد إلى ابن عمه القطب. فجرى «1» فيها على سنن ابن عمه. ومن العجب أن يذكر الغير أن الوقف عليها من وقف أتابك وجد هذا الكمال على أكمل سعادة عمرّ هذه المدرسة قبل أن يلي أتابك حلب بدهر وجرت بسبب ذلك شدائد. وأخذ منه مصادرة من أجلها مرتين بسعي الوشاة خمسة وعشرين ألف دينار على ما حكاه للخادم من هو عنده صدوق وكان وحيدا في حلب مع شدة شوكتهم في ذلك الوقت وتمكنهم من الدول وأحرقوا عمارة المدرسة مرتين إلى أن ملك أتابك حلب فاستعان عليهم بأن توصل إلى أن أذن له أن ينقل قسيم الدولة أقسنقر إلى مدرسته كفّا لأيدي «2» الحلبيين واستظهارا عليهم، فأذن له في ذلك لأن أتابك نقل أباه إليها. وبناها. ووقف عليها. وفحوى الشفاعة لمب النظر في هذه المدرسة للكمال عمر بن العجمي. وليس فيها تصريح ولا تلويح بطلب التدريس له. انتهى. وهذه المكاتبة التي كتبها الدولعي قال ابن عشائر أخرجها إليّ بعض أحفاد كمال الدين عمر المذكور فنقلت منها هذا. والله تعالى أعلم. انتهى ما رأيته بخط أبي المعالي عمر بن عشائر في بعض مجاميعه ومختاراته من تاريخ الصاحب كمال الدين ابن العديم. ووقع في تاريخ ابن منقذ «3» أن زنكي عمر هذه المدرسة، ووقف عليها ضيعتين وليس كذلك؛ فانظر ما تقدم. (24 ظ) م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 ثم آل التدريس إلى الشيخ كمال الدين بن العجمي- شيخ والدي- وكان قد زوج ابنته من ابن عمه الشيخ شهاب الدين وهو من أولاد كمال الدين «1» المذكور أولا. وكان شهاب الدين قد اشتغل وبرع كما في ترجمته مع أقاربه فقال الشيخ كمال الدين لابنته زوجك لا يدع التدريس لي، ولا تدريس الشرفية فادخلي بيني وبينه ولك علي شقة. فدخلت بينهما فنزل عن التدريسين المذكورين لابن عمه (43 و) ف وهو صهره. ثم قتل شهاب الدين المذكور كما في ترجمته. ثم صارتا من بعده لأخيه شمس الدين محمد إذ ولده أبو جعفر إذ ذاك كان صغيرا فتوفي شمس الدين المذكور في محنة تمر فاستقل أبو جعفر المذكور بالتدريسين المذكورين. وسيأتي متى مات. «المدرسة العصرونية الشافعية» «1» : كانت روضة العلماء، وكانت أولا دارا لأبي «2» الحسن علي بن أبي الثريا (وزير بني مرداس) فانتقلت إلى نور الدين بالطريق الشرعي فجعلها مدرسة وجعل فيها مساكن للمرتبين بها من الفقهاء وذلك في سنة خمسين وخمسمائة واستدعى لها من حلّ «3» بناحية سنجار ابن أبي عصرون «4» . فلما وصل إلى حلب ولي تدريس المدرسة المذكورة والنظر فيها. وهو أول من درس بها فعرفت به. وبنى له نور الدين مدرسة منبج وبحماة وحمص وبعلبك وبدمشق وفوض إليه أن يولي التدريس فيها من شا [ء] ؛ قاله ابن شداد «5» . انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 قلت: «وعلى بابها مكتوب بتولي بن أبي عصرون» . انتهى. وهذه المدرسة بلغني من المتقدمين أنها مهجورة والدليل على ذلك ما تقدم من قول ابن شداد أنه جعل فيها مساكن للمرتبين بها. وهذه المدرسة يدخل إلى داخلها بدرج. ولها باب آخر من الغرب. وبها قاعة لمدرسها، ووقف لها واقفها أوقافا: حوانيت، وقرى داخل حلب وخارجها. ثم بعد المحنة التمرية لما قدم المؤيد إلى حلب جدد سوقها، وجعله نصفين نصفا لمدرسته بالقاهرة. ونصفا لهذه المدرسة وذلك بطريق شرعي فجزاه الله خيرا لأنه كان قادرا على استئجاره بأجرة بخسة وذلك بإشارة شيخنا المؤرخ وتكلمه مع القاضي ناصر الدين بن البارزي- كاتب سره-. وقام بعمارته القاضي شهاب الدين ابن السفاح. ورتب والدي الفقها [ء] على السوق المذكور. وفي سنة أربع وسبعين [كان] عدد الفقهاء المرتبين بها فوق المائة. [السلطان نور الدين الشهيد] : والسلطان نور الدين تقدم بعض ترجمته، ومناقبه كثيرة. توفي يوم الأربعاء حادي عشر شوال بعلة الخوانيق بقلعة دمشق سنة تسع وستين وخمسمائة وكان أسمر طويل القامة. ليس له لحية إلا في حنكة. حسن الصورة ومولده سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وملك حلب سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وكان كما قيل: جمع الشجاعة والخشوع لربه ... ما أحسن الشجعان في المحراب قيل إن الدعا [ء] عند قبره مستجاب. ورأيت في ديوان الصبابة، قال: حكي عن السلطان نور الدين أنه اشترى مملوكا بخمسمائة دينار. وخلعه. ونعله. وكان جميل الصورة. وسلمه إلى خادم كان قد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 ربى «1» السلطان يقال له: «سهيل» :. فقال في نفسه: إنّا لله (45 ظ) م (43 ظ) ف وإنا إليه راجعون. هذا ما اشترى مملوكا بخمسمائة دينار قط. قال فتركني أياما وقال: أحضره مع المماليك يقف في الخدمة كل يوم. فلما كان بعد أيام قال: أحضره بعد العشا [ء] إلى الخيمة. ونم أنت وإياه على باب البرج. فقلت في نفسي: هذا الشيخ في زمان شبابه ما ارتكب كبيرة. ولما كبر سنه يقع فيها. والله لأقتلّنه قبل أن يقع في المعصية. فأخذت كنارة «2» فأصلحتها وجئت بالمملوك وأنا قلق. فسهرت عامة الليل ونور الدين في أعلى «3» البرج. ثم غلبتني عيني فنمت. ثم استيقظت فوقعت يدي على وجه الغلام فإذا عليه حمى شديدة. فرجعت به إلى خيمتي فمات وقت الظهر. فدعاني نور الدين في اليوم الثاني وقال: يا سهيل إن بعض الظن إثم. قال: فاستحيت. فقال: قد عرفت حالي منذ ربيتني هل عثرت لي على زلة. قلت: حاشا لله. قال: فلم حملت الكنارة، وحدثتك نفسك بالسوء. ما أنا معصوم. لما رأيت المملوك وقع قلبي منه مثل النار، فقلت اشتريه لعل يذهب عني ما أنا فيه فلم يذهب. فقالت لي نفسي: أريد أن أراه كل يوم فأمرتك بإحضاره. فقالت أريد أن تحضره الى البرج بالليل فأمرتك باحضاره. فلما حضر ما تركتني النفس أنام. وبقينا في حرب إلى السحر فهممت أن أصعده إلى عندي. فتداركني الله برحمته. فكشفت رأسي وقلت: الهي عبدك محمود المجاهد في سبيلك. الذاب عن دين نبيك صلى الله عليه وسلم، الذي عمر المساجد والمدارس والرباطات؛ تختم أعماله بمثل هذا فسمعت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 هاتفا يقول: قد كفيناك يا محمود. فعلمت أنه قد حدث به حادث (!) وأما أنت فجزاك الله خيرا. والله إن القتل أهون عندي من المعصية ثم أحسن إلى سهيل. [القاضي ابن عصرون] : وأما ابن عصرون «1» فهو القاضي عبد الله بن محمد بن هبة الله بن المظهر بن علي، أبو سعد التميمي. الحديثي، ثم الموصلي، قاضي دمشق، وصاحب كتاب «الانتصار» «2» و «المرشد» «3» و «صفوة المذهب» «4» وغير ذلك. تفقه على القاضي أبي علي الفارقي، وأسعد الميهني وغيرهما. ودرس بسنجار وحلب ودمشق. وكان من الأئمة ذوي الدين والدنيا مولده في ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة «5» وتوفي في رمضان سنة خمس وثمانين وخمسمائة. انتهى «6» . ولم يزل متوليا أمر تدريس هذه المدرسة تدريسا، ونظرا إلى أن خرج إلى دمشق سنة سبعين وخمسمائة. ولما خرج «7» استخلف فيها ولده نجم الدين ولم يزل بها إلى أن وليّ قضا [ء] حماه فخرج عنها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 واستناب فيها ابن أخيه عبد السلام. ولم يزل بها مدرسا إلى أن ورد على حلب ولده قاضي القضاة نجم الدين أبو البركات عبد الرحمن من حماة في أيام الظاهر غازي سنة ثمان وتسعين وخمسمائة فوليّ تدريسها بنفسه. ولم يزال إلى أن رحل عن حلب إلى حماة فتوفي بها يوم (44 ظ) ف الثلاثا [ء] ثامن عشر رمضان سنة اثنين وعشرين وستمائة. واستخلف فيها فخر الدين سرحان بن الحسن بن الحسين الأرموي. وكان ينوب عن والده الشيخ شرف الدين. ولم يزل بها مدرسا نيابة واستقلالا إلى أن خرج من حلب سنة خمس وستمائة يريد إربل. فلما وفد على الملك المعظم مظفر الدين كوكبوري «1» - صاحب إربل- أكرمه، واحتفل به. وكان يتردد إليه. فأقام بإربل إلى أن توفي في حادي عشر جمادى الآخرة سنة سبع وستمائة. قلت «2» : «قال ابن المستوفى في تاريخ إربل: سبب خروج سرحان من حلب أنه كان بمدرسته بركة ماء فيها سمك فغسل الفقهاء «3» يوما ثيابا وألقوا ماء الصابون في البركة. فمات السمك. فأخبر بذلك. فضرب الفقهاء. وأخرجهم من ذلك المكان. فأخرجوه. وتولى تدريسها بعد خروجه من حلب الشيخ شهاب الدين عبد السلام بن المطهر بن الشيخ شرف الدين أبي سعيد عبد الله «4» بن أبي عصرون. واستناب (45 ظ) م ولده قطب الدين أحمد. ولم يزل متوليها إلى أن توفي بدمشق في الثامن والعشرين من المحرم سنة اثنين وثلاثين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 ثم وليها بعده قطب الدين أحمد، وعز الدين عبد العزيز بن «1» عجم الدين عبد الرحمن ابن شرف الدين ولم يزالا بها إلى أن وقعت لهما واقعة بحلب فصرفوهما منها. وحبسا. ثم أخرجا من حلب سنة ست وثلاثين وستمائة. فقصد قطب الدين دمشق فأقام بها. وقصد عبد العزيز مصر، واتصل بالملك الصالح نجم الدين أيوب وأرسله إلى بغداد مرتين. ولما عاد من رسالته في المرة الثانية توفي بالقدس في رمضان أو شوال سنة ثلاث وأربعين وستمائة. وتولى تدريسها بعدهما شرف الدين عثمان بن محمد بن أبي عصرون مدة. ثم رحل إلى دمشق. وتولاها نجم الدين أحمد بن عز الدين عبد العزيز؛ المتقدم ذكره. ولم يكن نبيها ولم يزل مدرسا بها إلى أن كانت حادثة التتر. وتولى تدريسها بعد من ذكرنا جماعة منهم: [محمد بن عبد القاهر بن النصيبي] : العلامة محمد بن محمد بن عبد القادر بن النصيبي، وهو الشيخ الجليل، الفقيه الأديب. ولي المناصب. واستوزر بحماة. ووليّ وكالة بيت المال بحلب. ثم وليّ نظر الأوقاف بها. سمع من أبي المحاسن بن شداد وغيره. مولده بحلب خامس صفر سنة ثماني عشرة وستمائة بدرب الديلم. وتوفي في رجب سنة ست وتسعين وستمائة بحلب. [محمد بن أحمد بن عبد القاهر بن النصيبي] : وتولى تدريسها محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر بن النصيبي، الشيخ الجليل: الرئيس الكاتب وكيل بيت المال. ولد سنة إحدى وأربعين [وسبعمائة] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وسمع الكثير من [ا] بن خليل. وكانت فيه شهامة، ودها [ء] . أخذ إلى مصر مقيدا. فحبس مدة. ثم أطلق. مات في [ذي] القعدة سنة خمس عشرة وسبعمائة. وكان في أواخر (44 ظ) ف عمره على طريقة حسنة. انتهى. ولو أردنا استيعاب من درس بها مع إيراد تراجمهم لطال علينا مقصودنا لكن نذكر بعضهم: فدرس بها قبل محنة تمر الشيخ شرف الدين الأنصاري. وبعد المحنة التمرية درس بها شيخنا المؤرخ دروسا حافلة سيما أن كافل حلب قصروه اعتنى بعمارة المدارس فعمر شيخنا المدرسة المذكورة ودرس بها وحضر معه الكافل وفضلا [ء] حلب كوالدي والشيخ عبيد والشيخ بدر الدين بن سلامة. ثم لم يزل يدرس بها بمسند الإمام الشافعي ويتكلم عليّ بالأحاديث من التمهيد لابن عبد البر يسوق الخلاف العالي والنازل إلى أن توفي. ودرس قبل وفاته إذ عزل من القضاء وبعد وفاته كمال الدين بن شيخنا زين الدين بن الخرزي. ثم درس بها قاضي المسلمين جمال الدين بن الياعوني. وكان يدرس دروسا جيدة، سمعته مرة يقول في درسه: «قال به سليم الرازي» فرد عليه الشيخ يوسف الكردي أنه بفتح السين. فانتصرت للمدرس وقلت أنه بالضم. فكشفنا النقول «1» فلم نر فيه غير الضم. فأصلح بيننا. وأحسن إلينا، وعمر المدرسة في أيامه. ولم يستثن أحدا من القطع بل قطع معلومه أولا. ودرس فيها الشريف الحسيني- قاضي حلب- دروسا محكمة تدل على سعة اطلاعه. وألزمني بالدرس عنه نيابة. فدرست درسا في كتاب: «الإجازة من المنهاج» تبعا لدرسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وهذا آخر من درس بها. وإذا تأملت ما ذكرنا علمت أن التدريس لم (46 و) م يكن بشرط الواقف للقاضي الشافعي. انتهى. «المدرسة النفرية أالنورية الشافعية» : أنشأها الملك نور الدين في سنة أربع وأربعين وخمسمائة. [قطب الدين مسعود بن محمد الطرثيثي] : أول من ولي التدريس بها قطب الدين مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري الطرثيثي مصنف كتاب «الهادي في الفقه» «1» . والتزم فيه أن لا يأتي إلا بالقول الذي عليه الفتيا. وكان اشتغال قطب الدين هذا بنيسابور ومرو. وسمع الحديث وقرأ القرآن والأدب على والده. ورأى الأستاذ أبا نصر القشيري، ودرس بالمدرسة النظامية بنيسابور نيابة عن ابن الجويني «2» . وقدم دمشق سنة أربعين وخمسمائة ووعظ بها. وأقبل الناس عليه. ودرس. ثم رحل إلى حلب. فولي تدريس المدرسة المذكورة، وولي تدريس الأسدية التي بالرحبة، ثم مضى إلى همدان، ودرس بها. ثم عاد إلى دمشق ودرس بالزاوية التي كان يدرس بها أولا، وكان من العلم والدين والصلاح والورع بمكان كبير مطرحا التكليف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 ولد سنة خمس وخمسمائة ثالث عشر رجب وتوفي آخر يوم من شهر رمضان (45 و) ف سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وصلى عليه نهار الجمعة يوم العيد ودفن في مقبرته التي أنشأها جوار مقابر الصوفية- غربي دمشق- وكان «1» يقول: «ثلاثة أشيا [ء] ليس في الدنيا أشد منها: عرق النسا [ء] ، وطريق النسا [ء] ، وخلق النسا [ء] .» . ثم وليّ تدريسها بعده مجد الدين طاهر بن نصر الله بن جهبل «2» . ولم يزل مدرسا بها إلى أن نقل إلى القدس الشريف، وتوفي بها في سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وبعد ما نقل المذكور وفي تدريسها القاضي ضيا [ء] الدين أبو البركات محمد بن المنصور بن القاسم الشهرزوري الموصلي. تفقه بالموصل على القاضي بهاء الدين بن شداد. وعلي بن يونس. وقدم حلب. وتولى نيابة الحكم بها عن القاضي بها [ء] الدين ابن شداد. ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي في الثامن من شعبان سنة إحدى وستمائة فولي تدريسها القاضي نجم الدين الحسن بن عبد الله بن أبي الحجاج العدوي الدمشقي الأصل، والمنشأ. وكان فقيها فاضلا عارفا بالأصلين بارعا فيهما وفي الخلاف والطريق ووليّ أيضا معها نيابة القضا [ء] عن القاضي بها [ء] الدين ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي يوم السبت سادس عشر شهر ربيع الأول ودفن نهار الأحد سابع عشر سنة ثلاثة وعشرين وستمائة. فولي تدريسها بعده صدر الدين محمد الكردي الكاجلي- قاضي منبج- ولم يزل مدرسا بها إلى أن سافر إلى مرعش. وولى القضا [ء] بها والوزارة سنة سبع وعشرين وستمائة وتوفي بمرعش. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 فولي تدريسها الشيخ الإمام عماد الدين أبو المجد إسماعيل بن أبي البركات هبة الله ابن أبي الرضا سعيد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله الموصلي الشافعي المعروف (بابن باطيش) «1» صاحب التصانيف المفيدة. ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي نهار الخميس رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وستمائة ومولده يوم الأحد سادس عشر المحرم سنة خمس وخمسين وستمائة.. ثم ولي تدريسها الشيخ زين الدين عبد الملك بن الشيخ شرف الدين أبي حامد عبد الله بن الشيخ شرف الدين أبي طالب عبد الرحمن بن العجمي في سنة (46 ظ) م ست وخمسين وستمائة. ولم يزل مدرسا بها إلى أن استولت التتر على حلب. واستمر بها بعد ذلك إلى أن خرج من حلب. انتهى. وهذه المدرسة آل أمرها إلى التاج الكركي- قاضي حلب- وكان يسكن بقاعتها. والمدرسة المذكورة [ا] تجاه المدرسة الصاحبية التي أنشأها ابن شداد الآتي ذكرها بالقرب من جامع المرحوم تغري بردي «2» . انتهى. ومن وقفها: تل باجر «3» . «المدرسة الصاحبية الشافعية» «4» : أنشأها: [القاضي بهاء الدين ابن شداد] : الشيخ الإمام العالم العامل العلامة أبو المحاسن وأبو «5» العز يوسف بن رافع بن تميم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 ابن عتبة بن محمد بن عتاب الأسدي- قاضي حلب المعروف بابن شداد- وفي كلام المؤيد لم يكن في أيامه من اسمه شداد بل لعله كان في نسب أمه. فاشتهر به. (45 ظ) ف وغلب عليه. ترجمه ابن خلكان «1» ترجمة حسنة. منها: توفي أبوه وهو صغير فنشأ «2» عند أخواله بني شداد، فنسب إليهم. وكان شداد جده لأمه. ولد بالموصل ليلة العاشر من رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. وعمرّ هذه المدرسة سنة إحدى وستمائة وتوفي يوم الأربعا [ء] رابع عشر صفر سنة اثنين وثلاثين وستمائة، ودفن في تربته التي بجانب هذه المدرسة. والدعاء مستجاب عند قبره، ولما كنت أحضر الدرس مع شيخنا المؤرخ كان يقف عند قبره ويدعو. وسمعته يقول أنه كان يلبس لباس البغاددة بحلب. وهذه المدرسة ليست محكمة البنا [ء] . وهي صغيرة. قليلة البيوت للفقها [ء] . وبها ثلاثة أواوين. قال الذهبي في ترجمة بانيها «3» : ولم يرزق ولدا. ولا كان له أقارب. واتفق أن الظاهر أقطعه أقطاعا يحصل له منها جملة كثيرة. فعمّر منه مدرسة ثم عمر في جوارها دار حديث وبينهما تربة له. وصار المشار إليه في تدبير الدولة بحلب إلى أن كبر واستولت عليه البرودات والضعف، فكان يتمثل بهذا: من يتمنى العمر فليدّرع ... صبرا على فقد أحبابه ومن يعمّر يلق «4» في نفسه ... ما يتمناه لأعدائه «5» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 وقال ابن الظاهري: ابن شداد هو جدّ بها [ء] الدين لأمه فنسب إليه. وقال ابن خلكان «1» : كان أولا يكنى بأبي العز فغيرها بأبي المحاسن. وقال كان يسلك طريق البغاددة في أوضاعهم. ويلبس زيهم. والرؤسا [ء] ينزلون عن دوابهم إليه. ثم صار إلى مصر لإحضار ابنة الكامل لزوجها العزيز فقتل. وقد استقل العزيز بنفسه. ورفعوا عنه الحجر، ونزل طغربك إلى البلد. واستولى على العزيز جماعة شباب يعاشرونه. فاستقل بهم، ولم يزل القاضي وجها يرتضيه، فلازم داره، إلى أن مات وهو باق على القضاء. ولم يبق له حديث في الدولة. فصار يفتح بابه لاسماع الحديث كل يوم. وظهر عليه الخرف بحيث أنه صار إذا جا [ء] هـ إنسان لا يعرفه، وإذا عاد عليه لا يعرفه، واستمر على هذا الحال، ثم مرض أياما قلائل. ومات ثم أرخ وفاته «2» (47 و) ف كما تقدم. «حكاية» : دخل على ابن شداد يوما رجل من العرب يقال له أبو الحجاج يوسف، وكان قريب العهد ببلاده ورد حلب في تلك الأيام. وكان فاضلا في الأدب والحكمة. فلما رآه على تلك الهيئة من الهزال والنحافة، أنشده: لو لم يعلم الناس ما في أن تعيش لهم ... بكوا لأنك من ثوب الصبا «3» عار «4» ولو أطاقوا انتقاصا من حياتهم ... لما فدوك بشيء غير أعمار (46 و) ف فأعجبه ذلك. ودمعت عيناه. وشكر له «5» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 [الفقهاء وحب البلاذر] : وحكى القاضي بها [ء] الدين لجماعة قال: لما كنا بالمدرسة النظامية ببغداد اتفق خمسة من الفقها [ء] استعمال «حب البلاذر» «1» لأجل الحفظ. فاجتمعوا ببعض الأطبا [ء] وسألوه عن مقدار ما يستعمل الإنسان منه. وكيف يستعمله. ثم اشتروا القدر الذي قال لهم الطبيب. وشربوه في موضع خارج من المدرسة. فحصل لهم الجنون. وتفرقوا وتشتتوا. ولم يعلم ما جرى عليهم، وبعد أيام جاء إلى المدرسة واحد منهم. وكان طويلا وهو عريان ليس عليه شيء سوى ستر عورته، وعلى رأسه بقيار «2» كبير له عذبه طويلة خارجة عن العادة. وقد ألقاها ورا [ء] هـ. فوصلت إلى كعبه وهو ساكت، ساكن عليه السكينة والوقار، لا يتكلم. ولا يعبث. فقام إليه من كان حاضرا من الفقها [ء] رسالة عن الحال. فقال لهم: كنا قد اجتمعنا. وشربنا حب البلاذر. فأما أصحابي فإنهم جنّوا. وما سلم منهم إلا أنا وحدي، وصار يظهر العقل العظيم والسكون وهم يضحكون منه وهو لا يشعر بهم. ويعتقد أنه سالم مما أصاب أصحابه وهو على تلك الحالة «3» . انتهى. [رسالة الشاعر ابن خروف لابن شداد] : وقد كتب الأديب نظام الدين المعروف بابن خروف الشاعر إلى ابن شداد رسالة يستنجد منه فروة قرضية، وهي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 بهاء الدين والدنيا ... ونور المجد والحسب طلبت مخافة الأنوا ... ء من نعماك جلد أبي وفضلك عالم أني ... خروف بارع الأدب حلبت «1» الدهر أشطره ... وفي حلب صفا حلبي ذو الحسب الباهر والنسب الزاهر، يسحب ذيول سيراء السرا [ء] «2» ويحسب النحاة لأجل الفرا [ء] ، ويمن على الخروف النبيه بجلد أبيه، قانئ الصباغ قريب عهد بالدباغ، ماضل «3» طالب قرضه ولا ضاع. بل ذاع ثناء «4» صانعه وضاع «5» . أثيث «6» حمائل الصوف، يهزأ من الرياح بكل هو جاء عصوف. إذا طهر إهابه، يخافه البرد ويهابه.. ما في الثياب له ضريب. إذا نزل الجليد والضريب، ولا في اللباس له نظير، إذا عرى من ورقه الغصن النضير. لا كطيلسان ابن حرب «7» ، ولا جلد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 عمرو الممزق بالضرب «1» ، كأنه من جلد حمل الجرباء الذي يراعي البدر والنجم، ولا من جلد السخلة الجرباء التي ترعى الشجر والنجم. فرجي النوع. أرجي الضوع. يكون تارة لحافا وتارة بردا، وهو في الحالين يحيي حرا. ويميت بردا. لا يزال (47 ظ) م مهديه سعيدا، ينجز للأوليا [ء] وعدا. وللأعداء وعيدا، إن شاء الله والسلام «2» . انتهى. وقد درس بها واقفها واستناب القاضي زين الدين أبا محمد عبد الله بن الحافظ عبد الرحمن بن علوان الأسدي. (46 ظ) ف ولما توفي القاضي وليّ القاضي زين الدين. ودرس استقلالا. ولم يزل بها إلى أن توفي سنة خمس وثلاثين فوليها ولده القاضي كمال الدين أبو بكر محمد ولم يزل بها مدرسا إلى أن كانت حادثة التتر فخرج عنها إلى ديار مصر ثم عاد إلى حلب في أواخر سنة إحدى وستين وستمائة وولي تدريس هذه المدرسة، وتدريس الظاهرية، والقضا [ء] ، ولم يزل بها إلى أن توفي في ليلة الأحد رابع وقيل خامس عشر شوال سنة اثنين وستين وستمائة. ووليّ تدريسها جده القاضي محي الدين أبو المكارم محمد بن قاضي القضاة جمال الدين محمد بن عمه فلم يزل بها إلى أن توفي في سنة تسع وستين. ووليها أخوه افتخار الدين عثمان فلم يزل مدرسا بالصاحبية فقط إلى أن توفي بالديار المصرية. ووليها ولده شرف الدين عبد المجيد مع الأوقاف بحلب وهو مستمر بها إلى تاريخ سنة سبع وسبعين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 وهذه المدرسة كانت قبل فتنة تمر عامرة بالعلماء، ودرس بها الشيخ شرف الدين الأنصاري وغيره. وبعد تمر سكن «1» شيخنا الشيخ علاء الدين بن الوردي وكان يقرئ بها «الحاوي» و «البهجة» «2» . والناس يترددون إليه. وكان شيخنا المؤرخ يدرس بها الأحد والأربعا [ء] دائما. وكنت أحضر معه. ومن جملة من درس بها قبل الفتنة التمرية: ابن بنت الباريني. قال لي الشيخ علا [ء] الدين بن مكتوم أنه كان يتصفح كراسا من: «الروضة» وكراسا من «المهمات» مرة واحدة. ويردهما. وأنه لما تكرر ذلك منه أصيب بالعين فأخذته الحمى. ومات. انتهى. ودرس في هذه المدرسة جماعة من القضاة: كالسيد. وشيخنا زين الدين بن الخزري. والباعوني. ثم تعطلت هذه المدرسة. وصارت مسكنا للنسا [ء] حتى قدم الشيخ الصالح الزاهد علا [ء] الدين الجبريني. فحضر إلى هذه المدرسة، ورأى ما حل بها من التعطيل فشرع في إخراج النساء منها. وفي عمارتها. وتبييضها. وترخيم ما تقطع من رخامها. وتعزيل خلاويها، وعمارة مرتفقها، وفتح بركتها. ولما فتح إيوانها الشمالي (وعزّل) ظهر فيه قبر، فأبقاه في مكانه. وأقام شعار هذه المدرسة من ترتيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 إمام ومؤذن وحصر ومصابيح. وغير ذلك. وعزم على أن يسوق إلى بركتها الماء من القناة كعادتها. فما طالت مدته. وسيأتي ما اتفق له. انتهى. وقال ابن الوردي في ترجمة [ا] بن شداد: وعمر بحلب دار حديث ومدرسة متلاصقتين. وجعل تربته بينهما. فقال الناس: هذه تربة بين روضتين. ورجا أن يشمله بركة العلم ميتا كما شمله حيا. وأن يكون في قبره من سماع الحديث والفقه بين الري والريا: (47 و) ف ربما أنعش المحبّ عيان ... من بعيد أو زورة من خيال أو حديث وأن أريد سواه ... فسماع الحديث نوع وصال انتهى. ومن وقفها: كفر سلوان من عمل عزاز، وحصة بالسوق الذي أنشأه دقماق، ويباع الزموط قبلي الحبالين. (48 و) م «المدرسة السلطانية» : هذه المدرسة تعرف قديما بالظاهرية، وهي [ا] تجاه باب القلعة. وهي مشتركة بين الطائفتين الشافعية والحنفية؛ كان الملك الظاهر قد أسسها وتوفي ولم يتمها. وبقيت مدة بعد وفاته. حتى شرع طغربك أتابك العزيز فعمرها وكملها سنة عشرين وستمائة؛ قاله ابن شداد «1» وتقدم في ترجمة الظاهر شيء فانظره. وهذه المدرسة مبنية بالحجارة الهرقلية المحكمة، ومحرابها من أعاجيب الدنيا في جودة التركيب وحسن الرخام. وأراد تيمور أخذه فقيل له: إنه إذا أزيل لا يتركب على حاله الأول. فأبقاه. وهي كثيرة الخلاوي للفقهاء وبركتها ينزل إليها بدرج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 ولما عصى تغرى برمش وخرج عن طاعة الظاهر أجلس جماعة من مماليكه داخل هذه المدرسة يرمون على القلعة بالنشاب فرمى عليهم أهل القلعة بالمكحلة «1» . فأثرت أحجار المكحلة بحائط المدرسة. انتهى. وأول من درس بها وافتتحت به القاضي بهاء الدين بن شداد- المتقدم ذكره- فذكر فيها الدرس يوما واحدا يوم السبت ثامن من عشر شعبان من السنة المذكورة. ووليّ نظرها فولاها القاضي زين الدين أبا محمد عبد الله الأسدي «2» ، قاضي القضاة بحلب، فلم يزل مدرسا بها إلى أن توفي سنة خمس وثلاثين وستمائة وكان يدرس بها المذهبين فوليها بعده ولده القاضي كمال الدين أبو بكر ابن أحمد ولم يزل مدرسا بها إلى استيلا [ء] التتر على حلب. وكان أيضا يدرس المذهبين الشافعية والحنيفة. ولم تزل الدروس تقام بها كغيرها من المدارس حتى أن بعض القضاة بحلب كان مدرسا بها فحصل من وقفها شعير فأكله ولم يعط للفقهاء فشكو [ا] للشيخ أبي جلنك ذلك فقال: في غد لا يحضر أحد منكم معه الدرس. وأنا أحضر فاتفق أنه بكرة النهار حضر المدرس ولم يحضر معه أحد. وحضر الشيخ أبو جلنك فقال له: أين الفقها [ء] . فقال راحوا إلى الدثار «3» . فقال: وماذا يصنعون؟. قال: يرعون. قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 لأي شيء. قال: بلغهم أن سيدنا أكل شعيرهم. فقال القاضي: إنما أبيع ليصرف عليهم ثمنه. فأحضرهم من الدثار فأحضرهم الشيخ أبو جلنك. فأصرف عليهم معلومهم. وحيث ذكرنا أبا جلنك نذكر شيئا من ترجمته: [أبو جلنك الشاعر] : قال الصلاح: أبو جلنك «1» الشاعر المشهور بالعشرة والخلطة التي تركته (97 ظ) ف بدوه «2» ، وجردت قشره. وكان فيه همة، وعنده شجاعة. ولديه في الإقدام في المعارك أجزل بضاعة. نزل قلعة حلب للإغارة. والتتار يتوقد من شرهم كل شرارة. فوقع في فرسه منهم عقرة، وفتق جنبه وبقره. فبقى على ضخامته راجلا، وأمسك عاجلا. وجاؤوا به مقدم التتار فسأله عن عسكر. فرفع شأنهم، وأعلى في الفروسية مكانهم. فغاظه ذلك منه. وضرب عنقه في الحال وشمّر للارتحال. وقال ابن حبيب: أبو جلنك هو الشيخ الشاعر شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن أبي بكر بن مسعود. فاضل في العلوم الأدبية، مجيد في نظم الشعر، وحل العربية. كثير المزاح والنوادر، يشار إليه في المحافل والمحاضر. غير أنه معتن بالهجا [ء] . توفي سنة سبع مائة بظاهر حلب مقتولا بسيف التتار. (48 ظ) م ومن نظم أبي جلنك: وقالوا في الهجاء عليك إثم ... وليس الإثم إلا في المديح لأني في المديح أقول زورا ... وعند الهجو أنطق بالصحيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 ولما كان بحماه التزم لبعض الأكابر من أهلها يهجو صاحب حماه في وجهه فعمل أبياتا. وأنشده إياها. وهي: أشكو إلى الله حماتي وما ... يعلم ما ألقاه منها سواها عجوز سوء لو رأت ثروة ... طارت إليها بجناحي قطاة تقول للبنت الطمي خده ... ولا تكافيه وسبي أباه والله لا أفلحت ما عمرت ... قل لي متى أفلح صاحب حماه فلما سمعها السلطان فهم ما أراد، وعفى عنه. ومن شعره: وللمدارس أموال مضيعة ... سريعة النهب بين الكاس والساق لجاهل أو لذي جاه يمر بها ... أو أمرد ناعم الخدين والساق فلا يقوم لذي علم بها أود ... بالله ما سجعت ساق على ساق وثم أشيا [ء] لا أستطيع ذكرها ... لو قلتها قامت الدنيا على ساق ومن شعره: أتى جمال الدين يختال في ... ثوب من المفتخر المعدني فقلت نعم الثوب هذا الذي ... يلبس لولا أنه مع دني وله في الفحم: أتى بقضبان مسك ثم قابلها ... بوجهه فغدت كالمضعف الجوري لما رأت حسن خديه وحمرتها ... تبرقعت خجلا منه بكافور وحكي عن أبي جلنك أنه كتب رقعة إلى بعض القضاة قيل أنه ابن الزملكاني يسأله فيها شيئا. فدفع له برطلين خبز. فتوجه إلى بستان يرتاض فيه (48 و) ف فقيل له: إنه بستان القاضي المذكور. فكتب على بابه: لله بستان حللنا دوحه ... في جنة قد فتحت أبوابها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 والبان تحسبه سنانيرا رأت ... قاضي القضاة فنفشت أذنابها وفي مفتاح السرور في أشعار أبي جلنك: وكتب على بستان القاضي ابن خلكان فذكر البيتين «1» قيل إن الشيخ بدر الدين ابن مالك أملى عليها كراسة في البديع. ومن شعره: أرى النرجس الغصن الجنى مشمرا ... على سوقه في خدمة الورد قائم وقد ذل حتى لف فوق رؤسه ... عمائم فيها لليهود عمائم ومن شعر أبي جلنك في: «اقطع» . وبي أقطع «2» ما زال يسخو بماله ... ومن فضله مارد في الناس سائل تناهت يداه فاستطال عطاؤها ... وعند التناهي يقصر المتطاول (49 و) م وفي كلام الصلاح الصفدي: أنشدني بعض الأصحاب وزعم أنه للشيخ شمس الدين ابن الصايغ: يا عروضيا له فطن ... بحرها بالفكر يضطرب ايما اسم وضعه وتد ... وهوان صحفته سبب ويرى في الوزن فاصله ... ساكنا تحريكه عجب أي جبل، والجبال أوتادا وزن فاصلة صغرى فهو ثلاث متحركات وبعدها ساكن. انتهى. وكتب عليه شخص الصحيح لأبي جلنك. انتهى. وقرأت بخط الشيخ شمس الدين ابن الركن قال عن الشيخ شمس الدين الخابوري أنه قال: كنت أكثر من ذكر الشيخ يعنى أبا بكر بن قوام عند الفقها [ء] بالمدرسة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 السلطانية بحلب. فقالوا نحب أن نزوره معك، ونسأله «1» عن أشياء من فقه وتفسير وغيرهما. فعزمنا على زيارته إلى بالس. فبينما نحن عازمون إذ جاء بعض الفقراء فقال الشيخ: يدعوك. فقلت له: أين هو. فقال في زاوية الشيخ أبي الفتح الكناني. وكان من أصحابه. فخرجت أنا وجماعة من الفقهاء فقلت جاؤوا ليزوروا الشيخ ويسلموا عليه. فقال: قد حدث أمر عجيب. قلت وأي شيء حدث؟ قال: ألجم الشيخ كل واحد منهم بلجام. وقد يمثل سره سبعا. وهو ينظر في وجه كل واحد منهم، فلما طال نبأ المجلس لم يجسر أحد منا أن يتكلم قال لهم الشيخ: لم لا تتكلمون؟ لم لا تسألون. فلم يجسر أحد أن يتكلم. فقال الشيخ للذي على يمينه: فسألتك كذا والجواب عنها كذا. فما زال حتى أتى على آخرهم. فقاموا بأجمعهم. واستغفروا الله، وتابوا. واعلم أن هذه المدرسة قبل محنة تمر لما كان والدي يشتغل بالعلم كانت (49 و) ف روضة الأدباء ودوحة العلماء كان أولاد حبيب الثلاثة وهم: محمد «2» والحسن «3» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 والحسين «1» يترددون إليها، ويسكنون بها، وينظمون. وينثرون ويحدثون، ويأتي إليهم الناس أفواجا للأخذ عنهم. وتراجم الثلاثة في تاريخ والدي. وشعرهم كثير مشهور. وكان يسكن هناك القصاص الفاضل قص مصحفا بنقطه وإعرابه وجعل بين كل ورقتين ورقة سودا [ء] ليظهر القص. ودرس بها الشيخ شرف الدين الأنصاري وغيره من القضاة. ورزقها متوافر دار على أهلها؛ أخبرني والدي قال: كنت عند الشيخ شرف الدين الأنصاري فجاءه شرف الدين الداديخي فدفع إليه أربعمائة درهم بذلك النقد، وقال: هذا نصيبك من هذه المدرسة. فقال: أنت خير من غيرك، ثم خرج. فقال الأنصاري لوالدي: انظر كيف حالي مع الفقها [ء] أدفع إليه هذا المقدار ولا يقول: كثّر الله خيرك (!) ولم تزل المدرسة على ذلك إلى محنة تمر فصارت كما قال الشاعر: وتنكرت صفة العزيز فلم يكن ... ذاك العزيز ولا التقي ذاك التقي ودرس بها شيخنا بعد فتنة تمر عند ولايته القضا [ء] . وأخذها عنه التاج الكركي. وكذلك العصرونية لينكف عن طلب القضا [ء] . ثم عادتا إليه. ودرس بها بعد شيخنا جماعة، منهم: العلامة السيد الحسيني- قاضي حلب- وضبط متحصلها من جهاتها في سنتين. ومن جهاتها (عين دقنا) «2» من بلد اعزاز و «قمرى» «3» و «القيسية» وحصة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 في: «اصبعا» ، وحصة في (نبل) «1» ، وحصة في (حربتا) . ولها جهات بحلب. وصرفها على المستحقين. ولم يأخذ منها شيئا حتى سأل الفقهاء على قدر ما يأخذ. وبيض المدرسة. وخبأ للفقهاء الذين توجهوا للحجاز، وأحسن للحاضرين. ونقل الفضلاء. فجزاه الله خيرا. انتهى. « المدرسة الأسدية الشافعية التي داخل باب قنسرين التي داخل باب قنسرين، وتعرف محلتها بالرحبة» : أنشأها أسد الدين شيركوه بن شادي بن مروان. وهذه المدرسة مشتملة على إيوان كبير، وخلاوي للفقهاء، وبركة ماء. وتاريخها مكتوب في رخامه فوق إيوانها؛ لا أستطيع قراءته لعلوه. وأول من درس بها قطب الدين مسعود بن محمد بن مسعود؛ المتقدم ذكره في تدريس المدرسة النفرية. وله شعر حسن؛ ومنه: هويت ومن يهوى فلابدّ أن يشقى ... ومن زلّ في مهوى الهوى ماله مرقا وقد لسعتني عقرب العشق لسعة ... ومن لسعته عقرب العشق لا يرقا بليت بما لم يبل مجنون عامر ... به ومتى أبقى وألقى الذي ألقى خليليّ من أهواه شطّ مزاره ... فلا تطمعا من بعد ذلك أن أبقى (49 و) ف ومن نظمه: يقولون إن الحبّ كالنار بالحشا ... ألا كذبوا فالنار تذكو وتخمد وماهي إلا جذوة مس عودها ... ندى فهي لا تخبو ولا تتوقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 ثم تولاها شمس الدين أبو المظفر حامد بن ابي العميد عمر بن أميري بن ورشي القزويني. ولم يزل بها إلى أن رحل من حلب إلى مدينة حمص سنة ستمائة فوليها بعده الشيخ شمس الدين عبد الله الكشوري «1» ، ولم يزل بها إلى أن توفي سادس عشر ربيع الأول سنة ثمان وستمائة. ووليها العلامة الحافظ الزاهد تقي الدين أبو عمر عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان ابن موسى بن أبي نصر المعروف بابن الصلاح «2» . ثم وليها بعده أخوه سديد الدين إبراهيم. ثم رحلا. ووليها بعد سديد الدين ولده. وولي تدريسها بعده الفقيه صلاح الدين عبد الرحمن بن عثمان الشهرزوري الكردي «3» . ولم يزل بها إلى أن توفي ليلة الخميس ثامن عشر «4» ذي الحجة سنة ثمان عشرة وستمائة. وفي «5» كلام ابن الوردي في ترجمة ابن الصلاح أن والده توفي في ذي القعدة بحلب ودفن بالجبيل. وكانت ولادته سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. ثم وليها شرف الدين محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن صلاح ولم يزل بها إلى أن توفي بالاستسقاء «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 ثم وليها معين الدين بن المنصور بن القاسم الشهرزوري مدة شهر واحد ثم رحل إلى حمص. ووليها نجم الدين محمد بن محمد بن عبد الله بن علوان الأسدي ولم يزل بها إلى أن تزهد في سنة تسع وثلاثين وستمائة «1» [ابن حاذور الحموي] : وخرج منها فوليها قوام الدين أبو العلا [ء] المفضل بن السلطان المعروف بابن حاذور الحموي. ولم يزل مدرسا بها إلى أن ولي قضاء معرة النعمان في سنة ست وأربعين. ثم عزل عن المعرة. وعاد إلى حلب. فولي المدرسة الشعيبية مدة. ثم ولي قضاء حمص سنة خمس وخمسين وستمائة. ثم عزل عن حمص. وتوفي سنة ستين وستمائة بحماة. ثم وليها رشيد الدين عمر بن إسماعيل الفارقاني سنة ست وأربعين وستمائة. ولم يزل مدرسا بها إلى سنة ثلاث وخمسين وستمائة ثم خرج إلى دمشق. ووليها مدة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن حسن بن خلكان. ولم يزل بها إلى أن كانت وقعة التتر فخرج من حلب إلى ديار مصر فمات بالفيوم «2» . قلت: وهذه المدرسة لها وقف بدمشق كبير. ووقف بحلب وهو «3» حصة بقرية سارد «4» وحوانيت «5» خارج بانقوسا استبدلها ابن الحسفاوي بحانوت في سويقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 حاتم. قال لي والدي أن درسها كان يقام قبل تمر على الشمع الموكبي بعد صلاة الصبح. ثم نخرج إلى باب قنسرين فنسمع زفة القلعة ونحن قاصدون بقية المدارس التي خارج البلد لأجل الدروس. (49 ظ) ف ودرس بها جماعة؛ كالسيد عبد الله. وأخيرا الشيخ شرف الدين الأنصاري. وانتقل التدريس لولده. ثم لولد ولده. وعنه أخذ شيخنا المؤرخ. وكان يدرس أولا نيابة عنه. ودرس بها الشريف الحسيني «1» قاضي حلب. وجماعة. «المدرسة الرواحية الشافعية» : أنشأها زكي الدين أبو القاسم هبة الله بن «2» عبد الواحد بن رواحة الحموي. وأنشأ أخرى بدمشق. وتوفي يوم الثلاثاء سابع رجب سنة اثنين وعشرين وستمائة وقيل: سنة ثلاث وعشرين. ودفن بمقابر الصوفية. ومدرسته بدمشق تولاها أبو عمر وعثمان بن الصلاح. وهذه المدرسة بالقرب من الخانقاه الشمسية والسهلية «3» المعروفة الآن بسويقة حاتم. وشرط واقفها أن لا يتولاها حاكم متصرف. وشرط أن يعرف مدرسها الخلاف العالي. والنازل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 ووليّ تدريسها القاضي زين الدين أبو محمد عبد الله بن الشيخ الحافظ عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان الأسدي «1» . ولم يزل مدرسا بها إلى أن وليّ نيابة الحكم بحلب سنة ثلاث وعشرين فدرس بها أخوه القاضي جمال الدين أبو عبد الله محمد «2» . ولم يزل بها [إلى] سنة اثنين وثلاثين فتولى نيابة الحكم بحلب عن أخيه قاضي القضاة زين الدين أبي محمد عبد الله فتولى التدريس بها ابن أخيه بهاء الدين يوسف ابن قاضي القضاة زين الدين. ولم يزل بها إلى أن توفي في أوائل سنة خمس وثلاثين فوليها بعده الشيخ الإمام نجم الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن علوان الأسدي ولم يزل مدرسا بها إلى أن تزهد سنة تسع وثلاثين فخرج عنها. ثم وليها بهاء الدين محمد الكردي ولم يزل بها إلى أن توفي. ووليها القاضي محي الدين محمد بن القاضي جمال الدين محمد بن الشيخ الحافظ عبد الرحمن. ولم يزل بها إلى أن تولى نيابة الحكم بحلب ثالث عشر رمضان سنة أربع وأربعين وستمائة فتولى تدريسها كمال الدين أبو الفضائل أحمد بن القاضي نجم الدين الحسن ابن عبد الله بن الحجاج الكردي. ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الخميس تاسع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 ووليها بعده الشيخ مجد الدين محمد بن هدبة بن محمود الأشنهي «1» . ولم يزل بها إلى أن توفي في أوائل سنة ست وخمسين وستمائة. ووليها بعده عماد الدين أبو بكر بن محمد بن الحسن الكوراني. ولم يزل مدرسا بها إلى أن قتل في وقعة التتر بحلب. قلت: وهذه المدرسة اندثرت في وقعة تمر. وانهدم سقفها ورأيت بها شجرة كرم كبيرة تثمر فقطعها شيخنا المؤرخ. فمات أخوه ذلك العام. ولما ألزم (5 و) ف قصروه- كافل حلب- شيخنا بعمارة المدارس عمرها. وسقفها. ودرس بها درسا في قوله تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ ونقل بها مؤلف الدمياطي بهذه المسألة، وحفظه في ليلة واحدة وحضر معه فضلاء البلد كالشيخ عبيد وغيره. وحضر معه الكافل. ثم حضرت درسا مع ابن شيخنا كمال الدين ابن الخرزي. وكان قبل تمر يدرس بها تاج الدين العجمي؛ وقد ترجمه شيخنا أ. ونزل بها في أيامنا الشيخ عبد الرزاق الشرواني- وستأتي ترجمته ودرس بها تبرعا. وهذه المدرسة لها وقف من جملته حصة بقرية (تل أعرن «2» ) ، وحصة بقرية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 نفيحين، وحصة بقرية مشقاتين «1» . وكتاب وقفها موجود. انتهى. « المدرسة الشعيبية الشافعية داخل باب أنطاكية» : لما فتح المسلمون حلب اختطوها. وهي أول ما اختط من المساجد ولذلك يقال مسجد الأتراس كما تقدم. ثم عرفت بمسجد الغضائري: [أبو الحسن علي بن عبد الحميد الغضائري] : وهو «2» أبو الحسن علي بن عبد الحميد بن عبد الله بن سليمان سمع عبد الله «3» ..... بن وبشر بن الوليد «4» وعبد الله بن .... وعبيد الله القواريري «5» وطائفة. وعنه عبد الله بن عدي وجماعة. وثقه الخطيب. وهو أحد الأولياء من أصحاب السري السقطي «6» . حج من حلب أربعين حجة؛ قاله ابن العديم «7» . وشاهدت بخط الشيخ شمس الدين بن الركن قال أبو إسحاق الحنبلي قدمت على علي بن عبد الحميد الغضائري- رضي الله عنه- فوجدته من أفضل خلق الله. وكان لا يتفرغ من الصلاة آناء الليل والنهار. فانتظرت فراغه، وقلت: إنا قد تركنا الآباء والأمهات والأهل والوطن بالرحلة إليك فلو تفرغت ساعة فتحدثنا بما عندك من ما آتاك الله من العلم. فقال: أدركني دعاء الشيخ الصالح سري الدين السقطي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 - رضي الله عنه- وذلك إني جئت إليه يوما فقرعت بابه. فقال: من ذا. فقلت: أنا. فسمعته يقول قبل أن يخرج: اللهم من جاءني يشغلني عن مناجاتك فاشغله بك عني. فما رجعت من عنده حتى حببت إليّ الصلاة والاشتغال بذكر الله تعالى حتى لا أتفرغ لشيء سواه ببركة الشيخ «1» . وعن علي بن عبد الحميد قال: دققت على السري بابه فقام إلى عضادتي الباب فسمعته يقول: «اللهم اشغل من شغلني عنك بك» . فكان من بركة دعائه أني حججت أربعين حجة من حلب على رجلي ذاهبا وآئبا «2» . وفي كلام الذهبي: في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة توفي علي بن عبد الحميد الغضائري «3» . [الشيخ شعيب بن حسين الأندلسي] : ولما ملك نور الدين حلب أنشأ بها المدارس وصل الشيخ شعيب بن أبي الحسن بن حسين بن أحمد الأندلسي الفقيه فصير له هذا المسجد مدرسة وجعله (50 ظ) ف مدرسا بها فعرفت به إلى عصرنا. ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي سنة ست وتسعين وخمسمائة في طريق مكة، ودفن بين تيماء وبين جفر بني عنزة؛ وكان من الفقهاء المعتبرين، والزهاد المعروفين من أصحاب الحافظ أبي الحسن علي بن سليمان المرادي «4» . وانقطع في هذا المسجد فعرف به، وانقطع عنه اسم الغضائري. وكان نور الدين يعتقده فرتبه ليدرس على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه. (51 و) م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 ثم وليها الشيخ شمس الدين محمد بن موسى الجزري «1» ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الأحد سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. ثم وليها موفق الدين أبو القاسم الكردي الحميدي. ولم يزل بها إلى أن وليّ قضاء المعرة في أوائل سنة اثنين وأربعين وستمائة فوليها بعده قوام الدين أبو العلاء الفضل بن سلطان بن شجاع «2» . ثم خرج عنها إلى حمص سنة خمس وخمسين فوليها بدر الدين محمد بن إبراهيم بن خلكان؛ المعروف بقاضي تل باشر. انتهى. وقد وليها قبل فتنة تمر الإمام ناصر الدين أبو المعالي بن عشائر ولما عزل نفسه عن نظرها أنشد: تشعب قلبي بالشعيبية التي ... بها أشعب الطماع يبدو ويخطر. سأترك مغناها غنى وتعففا ... وكم مثلها فارقتها وهي تصفر. كذا رأيته بخط ابن القرناص «3» . وهذه المدرسة الآن شاغرة عن الشعائر والدرس بل ولا يعلم أحد أنها مدرسة. وعليها وقف ببلد اعزاز. وقد استولى الناس على وقفها. وتركوها خالية صفرا كغيرها من المدارس، لا مدرس ولا أنيس، ولا فقيه ولا جليس. مقفرة العرصات، وخالية من إقامة الصلوات أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 ولها منارة محكمة قصيرة. وعليها كتابة كوفية لا أدري ما هي «1» (!) «المدرسة الشرفية الشافعية» : أنشأها الشيخ الإمام شرف الدين أبو طالب عبد الرحمن بن العجمي- وترجمته مع أقاربه- وأصرف على عمارتها ما ينيف على أربعمائة ألف؛ كذا قال ابن شداد «2» وكان بشماليتها قبل فتنة تمر صندوق من الخشب ذكر أقارب واقفها أنه لأجل آلة العمارة «3» . وبعضهم يقول: ملأه دراهم وأصرفها في عمارتها وبالغ بعضهم فقال: أنفق ملأه دراهم برسم مونة لطعام الفعول. وأخوه الشيخ شمس الدين جدي كان يحسن الكيمياء. ويدفع لأخيه ليعمر بها؛ كما سيأتي في الشمسية. وهذه المدرسة عظيمة؛ قال الذهبي فيها: وهي حسنة مليحة. وهي في غاية الارتفاع، وحسن البناء والصنعة. فالبوابة لم ينسج على منوالها وإيوانها فرد في بابه، ومحرابها غاية في الجودة، ورخام أرضها محكم، وبركتها من أعاجيب الدنيا؛ (51 و) ف عشرة أحجار لا يهتدى إلى تركيبها إلا الحذاق. وعمقها الآن قامة وبسطة وقيل: كانت أعمق من ذلك. وببركة واقفها وقع بها أناس ولم يغرق منهم أحد وضرب «4» صاحبها التتار فيها. والحجر الأصفر الشمالي منها رؤي النبي صلى الله عليه وسلم يصلي عليه. وكان والدي لا يصعد فوقه. بل يغسله. ويتوضأ إلى جانبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وكان يأتي الماء إليها في زمن واقفها من دولاب [ا] تجاه باب المدرسة الكبير، وصنع لها واقفها سربا لأجل خلائها من المدرسة إلى خارج البلد لم يشارك أحد فيه، بل مختص بهذه المدرسة. وقد خسفت تنورتها إلى خارج المدرسة شماليها. وأسقفت. وبهذه التنورة جباب لأجل القاذورات إذا امتلأت سرحت في السراب. ولما خسفت أخذ خشب الشمالية وأسقفت به. وكان والدي يقول: لا بد أن يخسف ثانيا. لأنه كان أولا قبوا وقد ترك الشيخ يعقوب القيم بالمدرسة بهذا السرداب (51 ظ) م فرآه محكما فوصل إلى باب الرواحية. ورجع. وهذه المدرسة مبنية بالحجر الهرقلي، وعليها نورانية ظاهرة. ورؤيتها تورث فرحا وانشراح صدر. وكيف لا ومعلم بنائها هو العبد الصالح شيخ الطريقة أبو بكر النصبة المدفون بمقام الشيخ فارس في جبل بابلي، واسمه مكتوب على محرابها. واسم النحات مكتوب على بابها. واسمه أبو الثناء بن ياقوت وصنع لها طرازا على حائطها الأعظم ليكتب عليه ما أراد. وكذلك على إيوانها. فلم يتفق ذلك. لأن واقفها اخترمته المنية. ولم يكملها. ومدة عمارتها أربعون سنة. وكان رحمه الله لا يجلس على دككها التي خارج بابها لئلا تنسب إليه إنما كان يجلس على دككها داخل الباب، وفي إيوانها. وهذه المدرسة بها ثلاثة أدوار من الخلاوى المحكمة البناء والأبواب والخزائن. وبها بأعلى «1» الإيوان مع أعلى «2» حاصلها المعروف الآن بالمغارة قاعة مليحة للمدرس، ولهذه القاعة باب من الإيوان. وباب من أرض المدرسة. وبصدر هذا الإيوان بادهبخ له ثلاثة أبواب ثم سد بابان منهم لأجل الزلزلة خوفا على الإيوان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 وفي هذه المدرسة بئران وصهريجان على بئر منهم قنطرة من الحديد مكتوب عليها: «وقف هذه القنطرة واقف هذه المدرسة عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن العجمي على مصالح الجب في شهر ربيع الأول سنة أربعين وستمائة «1» واسم صانعها: علي بن أبي بكر ابن مسلم. وعليها خط بالكوفي لا أدري ما هو. وهذه الكتابة ليست حفرا. وإنما هي بالقلم المجوز. وعليها صنعة حفر من بدائع الرسم. وهذه القنطرة الحديد من العجائب. ومشاهدتها تورث الفكرة كيف صنعت. وإلى جانب المدرسة تربة الواقف وهو مدفون بها بوصيته وعليها وقف (51 ظ) ف وزاد وقفها بنت ابنه عائشة. وإلى جانب قبليتها مسجد قديم لم يغيره الواقف بل عمر حائطه. وأبقى «2» باب المسجد في مكانه. وفتح له إلى قبلية المدرسة بابا آخر؛ كذا «3» قيل لي. ورأيت في كتاب وقفها أن الواقف هو الذي بناه ووقفه مسجدا. وإلى جانب هذا المسجد بيت كان اصطبلا للعجول التي كانت تجلب الأحجار لبناء المدرسة. وكان الواقف- رحمه الله- إذا أعاقه في طريق العجول الذي تجلب الأحجار عائق من بناء اشتراه من مالكه. وهدمه حتى تمر العجول هناك. وكان بهذه المدرسة من الأبواب المنجورة على الخلاوى من أحسن الصنائع المطعم والحفر والخيط والمكولك وغير ذلك مما يفتخر به الصناع. وقد ذهب غالبها من عدم التعهد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 وكان بالمغارة المذكورة في هذه المدرسة من الرخام الملون والفصوص الملونة مالا مزيد عليه ليرخم به الإيوان وحائطه، والقبلية وحائطها. فلما توفي واقفها- رحمه الله- أخذه أقاربه واقتسموه وجعلوه في بيوتهم. وقد وقف الواقف- رحمه الله تعالى- على هذه المدرسة الكتب النفيسة من كل فن، من حديث وتفسير وفقه ونحو وغير ذلك. فمن كتبها: (مسند الإمام الشافعي) و (الأم) وجميع كتب الإمام الشافعي رضي الله عنه وكتب الاصحاح: (52 و) م (كتفسير الثعلبي) وغيره من التفاسير. و (كالنهاية) و (الحاوي الكبير) «1» و (الإبانة) «2» و (التتمة) «3» و (الذخائر) «4» و (الشامل) «5» ومن الحديث: الكتب الستة «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وكان بها جميع كتب المذهب. ولم يفته شيء سوى كتب الرافعي والنووي لأنهما لم تصل كتبهما إذ ذاك إلى حلب. وكان بها أربعون نسخة من (التنبيه) «1» . وجميع كتب الغزالي «2» . وكانت أسماء الكتب مثبتة عند أقاربه في درج كبير فذهب في محنة تمر. وبلغني أنه شرط في وقفها إلى أن يشترى لأبواب المدرسة الحصر من عبادان. والبسط من اقصراي. وأقاربه يقولون أن من شرطه أن لا يتعرض على الناظر في أمر المدرسة. وإن اعترض معترض يغلق بابها ويعود وقفها وقفا على أهليه؛ وقد رأيت ذلك في كتاب وقفها. وقد وقف لها الأوقاف الجليلة كالقرشية في طريق بالس. وغير ذلك. وشرط لها مؤذنين يؤذنون على بابها. ومن جملة الموقوف على المؤذنين حصة بقرية حربيل «3» . ووقف غير واقفها عليها- وهو الطرسوسي- حصة بقرية ديد حين آلت إليها. ولها باب من جهة القبلة يفتح إلى بيوت الخطيب هاشم. انتهى. وقد درس فيها ولده محي الدين محمد؛ واسمه مكتوب على الكتب الموقوفة عليها وأعاد له منها عشرة أنفس ولم يكن في عصرهم في سائر البلاد ومثلهم إلى أن (52 و) ف قتل شهيدا بأيدي التتر بعد استيلائهم على حلب. وأما الواقف فإنه توفي بعد استيلاء التتر على حلب في رابع عشر صفر سنة ثمانين وخمسين وستمائة. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 ثم قيض الله تعالى لهذه المدرسة من درس بها تبرعا قبل فتنة تمر وبعدها والدي الحافظ برهان الدين. ورحل إليه الحفاظ من البلاد للأخذ عنه بها كشيخ الإسلام [ا] بن حجر. والحافظ العلامة شمس الدين بن ناصر الدين. وهذه المدرسة من شرط واقفها أن يقرأ بها البخارى. وقرأه والدي بعد اللنك بها. انتهى. وإذا تذكرت ما كانت عليه هذه المدرسة من كثرة الفضلاء وتردادهم إليها للسماع عليهم ولسماعهم وما هي عليه الآن؛ تذكرت قول الشاعر: هذي منازل قوم قد عهدتهم ... في رغد عيش ماله خطر صاحت بهم نائبات الدهر فانقلبوا ... إلى القبور فلا عين ولا أثر «المدرسة البدرية» : هذه المدرسة في صدر درب البازيار «1» . وبابها باقي. وهي خراب. وبها الآن بيت عمر في هذه الأزمان أنشأها بدر الدين عتيق عماد الدين شاذي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب «2» . ولها وقف وصار وقفها ملكا؛ كذا قاله [ا] بن شداد «3» . «المدرسة الزيدية» : وتعرف الآن بالألواحية، وهي داخل باب أنطاكية. أنشأها إبراهيم بن إبراهيم المعروف بأخي زيد الكيال الحلبي. انتهت سنة خمس وخمسين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 ودرس فيها شمس الدين أحمد بن محيي الدين محمد بن أبي طالب بن العجمي. وعليه انقضت الدولة «1» . ولما نزل بها الألواحي «2» الصوفي نسبت إليه. انتهى. (52 ظ) م «المدرسة السيفية الشافعية» : هذه المدرسة غربي خندق القلعة. أنشأها الأمير سيف الدين علي بن علم الدين سليمان بن جندر، انتهت سنة سبع عشرة وستمائة. وعلى حائطها الشرقي- مكتوب شرط الواقف أن يدعى للخليفة الناصر لدين الله وللسلطان اللذين في أيامه قبل الدعاء لواقفها. انتهى. قال ابن شداد «3» : «وأن يدرس فيها مذهبا الإمامين الشافعي وأبي حنيفة رضي الله عنهما» . وعلى حائطها أنها وقف على الشافعية «4» . وأول من درس بها مذهب الشافعي القاضي بهاء الدين أبو المحاسن بن شداد ولم يزل مدرسا بها قريبا من سنة. ثم استقل بها بعده القاضي زين الدين أبو محمد عبد الله بن الشيخ الحافظ عبد الرحمن الأسدي «5» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 ولم يزل بها مدرسا إلى أن تولى نيابة الحكم للقاضي بهاء الدين سنة ثلاث وعشرين فوليها نجم الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن علي بن شاني الموصلي المعروف بابن الخباز «1» وكان عالما فاضلا. (52 ظ) م ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الثلاثاء سابع ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وستمائة فوليها القاضي جمال الدين أبو عبد الله محمد بن الأستاذ «2» ولم يزل متوليها إلى أن مات سنة ثمان وثلاثين فوليها ولده محي الدين محمد ولم يزل إلى أن كانت فتنة التتر وانقضت الدولة. وقد عمرها شيخنا لما ألزمه قصروه بعمارة المدارس. وفتح لها شبابيك في شرقيها. ومن جملة أوقافها حصة بقرية «سلامين» من عمل سرمين. وحصة بقرية «المالكية» من عمل اعزاز. وحصة بقرية «تيبسار» «3» «المدرسة الظاهرية الشافعية» : هذه المدرسة ظاهر حلب، خارج باب المقام، أنشأها السلطان الملك الظاهر غازي وانتهت عمارتها في سنة عشرة وستمائة. وفوض النظر فيها إلى القاضي بهاء الدين بن شداد. وشرف الدين أبي طالب بن العجمي، وشرط أن يكون مشاركا للقاضي بهاء الدين مدة حياته. وأن يستقل بها بعد وفاته. ثم لعقبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 وأول من درس بها ضياء الدين أبو المعالي محمد بن الحسين بن أسعد بن عبد الرحمن بن العجمي. وحضر يوم تدريسه السلطان الملك الظاهر بنفسه. وعمل دعوة عظيمة حضرها الفقهاء. واستمر المذكور فيها إلى أن توفي بدمشق يوم الاثنين حادي عشر صفر عند عودته «1» من الحجاز سنة خمس وعشرين. وكان مولده سنة أربع وستين. وحمل إلى حلب فدفن بها. ووليها بعده الشيخ شرف الدين أبو طالب العجمي. ولم يزل بها مدرسا إلى سنة اثنين وأربعين فاستخلف فيها ابن أخيه عماد الدين عبد الرحيم بن أبي الحسن عبد الرحيم. ولم يزل نائبا عنه إلى سنة خمسين فعزله عنها. واستناب ولده محي الدين محمد. ولم يزل بها إلى أن زالت الدولة الناصرية وهذه المدرسة لم تزل في يد بني العجمي ودرس بها منهم: الشيخ كمال الدين عمر بن النسقي- شيخ والدي- والتزم أن يدرس بها الحاوي الصغير في يوم واحد بالدليل والتعليل. فخرج الفقهاء معه لذلك. فوصل إلى كتاب الحيض ضجر الفقهاء واعترفوا بفضله. وكان يسكن بها. ويتنزه ببستانها. ويقيم الدرس هناك. وأخذها من بني العجمي سراج الدين الفوي ثم لما قتل عادت إليهم. وبلغني أن من شرط واقفها أن يصلي الفقيه الخمس فيها وهي محصورة في خمسة عشر فقيها. ولها مدرس في الفقه. ومدرس في النحو والقرآن. ومن جملة وقفها بستان إلى جانبها. وقد استأجره شخص يقال له «اقجا خازندار» يشبك ودفن فيه موتاه. ولها حمام خارج باب المقام كانت وسوق داخل حلب ويعرف بسوق الظاهر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 ولما تهدم عمره جقمق الدوادار وجعله نصفين: نصفا لمدرسته بدمشق ولها (53 و) ف غالب ضيعة من عمل الباب يقال لها «عين أرزة» . انتهى. وهذه المدرسة أنشأ صاحبها إلى جانبها تربة ليدفن بها من يموت من الملوك والأمراء. وبناء هذه المدرسة محكم. وبها خلاوى للفقهاء وبركة ماء. وهي على ترتيب الشرفية التي تقدم الكلام عليها. وقد استعصت مرة على التتار فأرادوا قلع عتبتها فحفر المقيمون بها سقاطة من أعلى بابها ورموا عليهم بالأحجار فاندفعوا عنها. انتهى. «المدرسة الهروية الشافعية» : هذه المدرسة خارج باب المقام قال ابن شداد «1» : «أنشأها الشيخ أبو الحسن على بن أبي بكر الهروى» . انتهى. اعلم أن الشيخ عليا المذكور مدفون في قبة جانب هذه المدرسة. وبناء القبة هو كهيئة الكعبة. فلذلك كانت حاملة في الزيارات مكتوب عليها: حكم ومواعظ وبها بئر من خارجها تنسب إلى سيدنا الخليل عليه السلام. وقد قال الهروي المذكور أن هذه البئر ظهرت بهذه التربة. [الهروي] والهروي ترجمه صاحب حماة «2» ، وابن خلكان «3» . والذهبي «4» . قال ابن خلكان: الهروي الأصل. الموصلي المولد. المشهور. نزيل حلب طاف البلاد، وأكثر الزيارات. وطبق الأرض بالدوران برا وبحرا. سهلا وجبلا. وكل مكان قصده. ولم يصل مكانا إلا وكتب خطه على حائطه، وضرب به المثل في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 ذلك، قال جعفر بن شمس الخلافة «1» يصف رجلا يستكدي بأوراقه شعر: أوراق كديته في بيت كلّ فتى ... على اتفاق معان واختلاف روي يطبق «2» الأرض من سهل إلى جبل ... كأنها «3» خط ذاك السائح الهروي وكان فيه مع ذلك فضيلة. وله معرفة بعلم السيما «4» . وبه تقدم عند الظاهر صاحب حلب. وبنى له المدرسة بظاهر حلب. وقال القاضي «5» ورأيت على حائط الموضع الذي كان يلقى فيه الدروس من المدرسة المذكورة هذين البيتين: رحم الله من دعا لأناس ... نزلوا هاهنا يريدون مصرا نزلوا والخدود بيض فلما ... أزف «6» البين عدن «7» بالدمع حمرا وتوفي في شهر رمضان في العشر الأوسط سنة إحدى عشرة وستمائة. انتهى. وقال الذهبي. وله تواليف حسنة. وكان يعرف السيما. وبه تقدم عند الظاهر. وبنى له مدرسة بظاهر حلب فدرس بها، وصنف خطبا. ودفن في قبة المدرسة. وقال جمال الدين واصل: كان عارفا بأنواع الحيل والشعبذة. وصنف خطبا وقدمها للناصر لدين الله فوقع له بالحسبة في سائر البلاد. وإحياء ما شاء من الموات والخطابة بحلب. وكان هذا التوقيع بيده له به شرف، ولم يباشر شيئا من ذلك. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 قلت: قد سمع من عبد المنعم الفراوي تلك الأربعين السباعية. وروى (53 ظ) ف عنه الصدر البكري وغيره. ورأيت له المزارات والمشاهد التي عاينها في البلاد. ومن المواعظ التي على تربته؛ من كلامه «1» : قل لمن يغتر بالدنيا وقد طال عناه ... هذه تربة من شيد هذا وبناه طالما أتعبه وقد هدّ قواه ... طلب الراحة في الدنيا فما نال مناه سلكت القفار. وطفت الديار. وركبت البحار، ورأيت الآثار، وسافرت البلاد، وعاشرت العباد. فلم أجد صديقا صادقا. ولا رفيقا موافقا فمن قرأ هذا الخط فلا يغتر بأحد قط «2» ابن آدم دع الاحتيال فما يدوم حال. ولا يغالب التقدير، فلن يفيد التدبير، ولا تحرص على جمع مال. ينتقل إلى من لا ينفعك شكره ويبقى عليك وزره، سبحان مشتت العباد في البلاد، وقاسم الأرزاق في الآفاق. هذه تربة الغريب الوحيد علي بن أبي بكر الهروي عاش غريبا ومات وحيدا، لا صديق يدينه، ولا خليل ينعيه، ولا أهل يرونه، ولا إخوان يقصدونه، ولا ولد يطلبه، ولا زوجة تنادمه، أنس الله وحدته، ورحم غربته. وهو القائل: طفت البلاد مشارقا ومغاربا ... ولكم صحبت بسائح وحبيس ورأيت كل غريبة وعجيبة ... ورأيت هولا في رخاء وبؤس الطعم يذل الأنفس العزيزة، ويستخدم العقول الشريفة. وعلى قبره «3» : «يا عزيز ارحم الذليل، يا قادر ارحم العاجز، يا باقي ارحم الفاني، يا حي ارحم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 الميت، اللهم إني ضيفك ونزيلك، وفي جوارك وفي حرمك، وأنت أولى من أكرم ضيفه ورحم جاره، وأعان نزيله، يا رب يا مغيث.» . وعلى باب خارج تربته في الحوش. «فرّ من الخلق فرارك من أسد.» . وعلى باب الميضأة: «المال في بيت الماء» . فكان المغفلون يعزلونها ظنا منهم أن هناك مال. وهو أراد غير ذلك. انتهى. ومن فوائده للدخول على الملوك: «شالوم شيشالوم، صابور صيصابور، شدي قدي «1» . لا أرجو إلا أنت الله ربي، إن مسني الضر وأنت أرحم الراحمين» . وأول من درس بهذه المدرسة في زمانه الشيخ موفق أبو القاسم بن عمر بن فضل الكردي الحميدي. ولم يزل مدرسا بها إلى أن خرج عنها كما تقدم. وكانت وفاته سنة عشرة وستمائة. ثم درس فيها الشيخ الإمام شمس الدين بن المظفر حامد بن أبي العميد عمر بن أميري بن ورش القزويني ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي يوم الجمعة ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وستمائة. وكان مولده سنة سبع وأربعين (54 و) ف وخمسمائة. ووليها بعده ولده عماد الدين محمد ولم يزل بها إلى أن كانت فتنة التتر فدثر بعضها. ولم يبق بها ساكن. وخرب وقفها لأنه كان سوقا بالحاضر. انتهى. «مدرسة الفردوس» : أنشأتها الصاحبة ضيفة خاتون تربة ومدرسة ورباطا. ورتبت فيها خلقا من القراء والفقهاء والصوفية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 وأول من درس فيها شمس الدين أحمد بن الزبير الخابوري ولم يزل إلى عصرنا وهو سنة ثلاث وسبعين وستمائة؛ قاله ابن شداد «1» . قلت: ووقفت على ذلك ضيعة وهي: «كفرزيتا «2» » وثلثي طاحونها. وثلثها الآخر على (البلدقية) كما سيأتي. وهذه المدرسة بناؤها عظيم مرتفع بالحجارة الهرقلية. وهي كثيرة الأماكن من المساكن، وبها خشخاشة «3» للموتى. وبركة ماء كان يأتي ماؤها من بستانها من دولاب خارجها. وفي جانب هذا البستان إيوان عظيم بالحجارة العظيمة. وفي داخل هذه المدرسة عواميد من الرخام الأصفر. ومحرابها من أعاجيب الدنيا يرى الناظر وجهه فيه من صفاء معدنه. وجدد في هذه المدرسة بعد واقفتها. وأقيمت فيه الجمعة. وخطب بها قبل فتنة تمر السيد علي الهاشمي؛ وسيأتي ذكره في الحوادث. وهذه المدرسة مرخمة من الرخام الأبيض والأسود، وبها قاعة عظيمة لمدرسها ولهذه المدرسة من جهاتها الأربع مناظر وشبابيك إلى بستانها. وكانت عمارتها أعلى مما هي عليه الآن. واختصرت. وبها إيوان عظيم مكتوب عليه في طرازه وطرازها: «لله در أقوام إذا جن عليهم الليل سمعت لهم أنين وألحان. وإذا أصبحوا رأيت عليهم تغير ألوان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 [وداخل الإيوان من الطرف الأيمن «1» ] : إذا ما الليل أقبل كابدوه ... ويسفر عنهم وهم ركوع أطار الشوق نومهم فقاموا ... وأهل الأمن «2» في الدنيا خشوع «3» أجسادهم تصبر على التعبد. أقدامهم ليلها مقيمة على التهجد. لا يرد لهم صوت ولا دعاء. تراهم في ليلهم سجدا ركعا. قد ناداهم المنادي، وأطربهم الشادي. [وفي صدره] «4» : يا رجال الليل جدوا ... رب صوت لا يرد ما يقوم الليل إلا ... من له حزم وجد لو أرادوا في ليلهم أن يناموا أقلقهم الشوق إليه فقاموا. وجذبهم الوجد والغرام فهاموا. وأنشدهم مريد الحضرة وبثهم. وحملهم على المناجاة وحثهم: حثوا مطاياكم وجدوا ... إن كان لي في القلوب وجد قد آن أن تظهر الخبايا «5» ... وتنشر الصحف فاستعدوا الفرش مشتاقة إليهم. والوسائد متأسفة عليهم. النوم قرم إلى (54 ظ) ف (54 ظ) م عيونهم والراحة مرتاحة إلى جنوبهم. الليل عندهم أجل الأوقات في المراتب. ومسارهم عند تهجدهم رعي «6» الكواكب: وزارني طيفك حتى إذا ... أراد أن يمضي تعلقت به فليت ليلي لم يزل سرمدا ... والصبح لم أنظر إلى كوكبه هجروا المنام في الظلام، وقلدوا بطول المقام، وناجوا ربهم بأطيب كلام. وأنسوا بقرب الملك العلام، لو احتجبوا عنه في ليلهم أذابوا، ولو تغيبوا عنه لحظة لما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 طابوا، يديمون التهجد إلى السحر ويتوقعون ثمر اليقظة والسهر، بلغنا أن الله تبارك وتعالى يتجلى للمحبين فيقول لهم من أنا؟ فيقولون: أنت مالك رقابنا. فيقول: أنتم أحبتي. أنتم أهل ولايتي وعنايتي. ها وجهي فشاهدوه ها كلامي فاسمعوه. ها كأسي فاشربوه: وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً «1» . إذا شربوا طابوا ثم طربوا. وإذا طربوا قاموا، إذا قاموا هاموا. إذا هاموا طاشوا، وإذا طاشوا عاشوا. لما حملت الصبا ريح قميص يوسف لم يغضض ختامه، إلا يعقوب ما عرفه أهل كنعان. ومن عندهم خرج ولا هوذا وهو الحامل. ومكتوب على باب سطر وهو غاية في الجودة. وقد مدح هذا السطر الشعراء: «أمر بإنشائه ضيفة خاتون في أيام السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الملك العزيز محمد بن السلطان الظاهر غازي بتولي عبد المحسن العزيزي الناصري في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة» ؛ هكذا شاهدته. والعزيز تقدم متى مات، ومتى ولي ولده الناصر فانظر يا هذا ومن جملته: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ «2» . ومما قال فيه الشعراء: في باب فردوس حلب ... سطر من الدر «3» عجب فيه صحاف من ذهب ... هن صحاف من ذهب وبلغني أن شخصا من أهل حلب يقال له شهاب الدين ابن الزبيبة وكان هذا الرجل من أهل العلم، وكان طريفا له منادمة حسنة. وكان يحفظ ألف حكاية. وقد وليّ قضاء اسكندرية، نزل إلى بركة الفردوس ولف لفة بأربعة وعشرين شاشالفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 سكرية. ولفة بيضاء- وتحتها كرسي من سنجاب. ولما دخل قاضي القضاة ابن الزملكاني إلى حلب متوليا قضاءها نزل مشهد الفردوس وكان إذ ذاك بحلب الأديب شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الدمشقي فقال: يا حاكم الحكام يا من به ... قد شرفت رتبته الفاخرة ومن سقى الشهبا مذحلها ... بحار علم وندى زاخرة (55 و) ف نزلت بالفردوس فابشر «1» به ... دارك في الدنيا وفي الآخرة وعامل أهلها بالتشديد فقال له نائبها الطنبغا: يا قاضي لأي شي ما تعاملنا كما كان القاضي زين الدين يعاملنا؟ فقال: ذاك كان يخاف على منصبه. وأنا لو عزلتموني اليوم أصبح على بابي من الطلبة والتلاميذ والمستفتين مثل ما على بابي اليوم في الحكم؟ فقال له صدقت. انتهى. ونظم الأديب جمال الدين أبو بكر محمد بن محمد بن نباته في كمال الدين المشار إليه: ليهن حما الشهباء قاض حوت به ... جمالا على تفضيله اتفق النص فلو مثلت كتب النحاة بنعته ... لما جاز أن يجرى على نعته النقص ومن نظم كمال الدين المشار إليه من أبيات: من ذا يرى ذاك الجمال وينثني ... وله إلى لقيا سواه جنوح إني وهبت ببابكم روحي لكم ... فانظم بلطفك أمن «2» تلك الروم ولما توفي رثاه ابن نباته المشار إليه فقال من قصيدة: بلغا القاصدين أن الليالي ... قبضت جملة العلى بالكمال وقفا في مدارس العقل والنقل ... ونوحا معي على الأطلال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 سائلاها عسى يجيب صداها ... أين ولى مجيب أهل السؤال أين ولى بحر العلوم وأبقى ... بين أجفاننا الدموع لالى أين تلك الأقلام يوم انتصار ... كعوالي الرماح يوم النزال ينقل الناس عن طريق هداها ... طرق العلم عن متون العوال تتمة: ضيفة خاتون ابنة الملك العادل وفي سنة ثمان وستمائة أرسل الظاهر غازي القاضي- بهاء الدين بن شداد إلى أبيها العادل إلى دمشق فاستعطف خاطره وخطب ابنته ضيفة خاتون فتزوجها. وزال ما كان بينهما. وكان قبل ذلك في سنة اثنين وثمانين وخمسمائة. دخل حلب. وزوجة أبوه بغازية ابنة العادل وقد تقدم في الملوك ما اتفق لهم. انتهى. ثم عقد عقده على ضيفة خاتون في سنة تسع وستمائة في المحرم وكان المهر خمسين ألف دينار وتوجهت من دمشق في المحرم فاحتفل الظاهر للقائها وقدم لها أشياء نفيسة. وفي سنة عشر وستمائة ولد للظاهر من ضيفة خاتون الملك العزيز محمد «1» وفي سنة أربعين وستمائة في ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى توفيت ضيفة خاتون، وكان مرضها قرحة في مراق البطن. وحمى ودفنت بقلعة حلب. ومولدها أسنة إحدى أو اثنين وثمانين وخمسمائة بقلعة حلب حين كانت لابيها العادل قبل أن ينتزعها منه أخوه السلطان صلاح الدين ويعطها ابنة غازي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 وقال الذهبي: ولدت سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وكانت تؤثر (55 ظ) ف الفقراء والعلماء. وتحمل إليهم الصدقات الكثيرة. وما قصدها أحد إلا رجع مجبورا. ولما توفيت أغلقت أبواب المدينة ثلاثة أيام. ثم أشهد الناصر صلاح الدين (55 ظ) م على نفسه بالبلوغ. ولما ولدت كان عند أبيها ضيف فسماها ضيفة. وكان مدة عمرها نحو تسع وخمسين. وملكت حلب بعد وفاة ابنها العزيز. وتصرفت في الملك تصرف السلاطين. وكانت مدة ملكها نحو ست سنين. ولما توفيت كان عمر ابن ابنها الناصر يوسف بن العزيز نحو ثلاث عشر سنة. وأشهد عليه أنه بلغ كما تقدم. وحكم واستقل، تملك حلب وما هو مضاف إليها. والمرجع في الأمور إلى جمال الدين اقبال الأسود الخصي الخاتوني؛ قاله المؤيد «1» . انتهى. لطيفة: قال الذهبي: ولما ولدت العزيز في سنة عشر أظهرت السرور وبقيت حلب شهرين مزينة. والناس في أكل وشرب. ولم يبق صنف من أصناف الناس إلا فاض عليهم السلطان النعم. ووصلهم بالإحسان. وسير إلى المدارس والخوانق الغنم والذهب. وأمرهم أن يعملوا الولائم. ثم فعل ذلك مع الأجناد والغلمان وعمل للنساء دعوة مشهودة أغلقت لها المدينة. وأما داره بالقلعة فزينها بالجوهر وأواني الذهب. وكان حين أمر بحفر الخراب حول القلعة وجد عشرين لبنة ذهب فيها قنطار حلبي فعمل منها أربعين قشوة بحقاقها. وختن ولده الأكبر أحمد. وختن معه جماعة من أولاد المدينة. وقدم له تقادم جليلة فلم يقبل منها شيئا رفقا بهم. لكن قبل قطعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 سمندل «1» ذراعين في ذراع فغمسوها في الزيت وأوقدوها حتى نفد الزيت وهي ترجع بيضا فالتهوا بها عن جميع ما حضر وكان عنده من أولاد أبيه وأولاد أولادهم مائة وخمسة وعشرون نفسا فزوج الذكور منهم بالإناث فعقد في يوم واحد خمسا وعشرين عقدا بينهم. ثم صار كل ليلة يعمل عرسا ويحتفل له. وبقى على ذلك مدة رجب وشعبان ورمضان. عجيبة : السمندل: شيء بين غبار القطن ونسج العنكبوت يتلون في سقوف من سقفان تعلو نهارا عدبه بأرض الهند. وأنه قليل جدا لا يظفر منه إلا باليسير. والنار هو الحيواني. يوجد في بعضه تجويف وفيه شيء شبيه بالصوف إذا وضع في النار لم يحترق منه شيء البتة. ووجد عند الأمير علاء الدين بمصر منشفة فحمل طولها أربعة أشبار وعرضها دون ذلك. يمسح بها الوجه واليدان فاذا تدنست تلقى في النار فتنقى وهي من السمند وعند إنسان يعمل النشاب بمصر ريشة بيضاء قدر ذراع يوضع عليها الزيت وتلقى في النار فلا يزال تعمل فيها النار إلى أن تنفي المادة من الزيت. ثم تخرج وهي سليمة نقية بيضاء. وكان شخص مغربي يدهن لحيته بدهن كان معه ويضع السراج فيها فإذا (56 و) ف فرغت مادة الدهن ضرب يده دقنه طفيت النار ولم يحترق منها شيء. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 والسمندل: بفتح السين والميم وبعد النون الساكنة دال مهملة سماه الجوهري السندل بغير ميم. وابن خلكان بغير لام؛ وهو طائر بأرض الصين يؤكل وهو أخضر بتلك البلاد. فإذا يبست كان قوتا لهم. ولم يضرهم فإذا بعد عن السند ولو مائة ذراع وأكله آكل مات من ساعته. وهو يستلذ بالنار ومكثه فيها. وإذا اتسخ جلده لا يغسل إلا بالنار. وإذا أردت تحقيق ذلك فانظر كتاب حياة الحيوان للشيخ كمال الدين الدميرى رحمه الله. «المدرسة البلدقيّة الشافعية «1» » : هذه المدرسة ظاهر حلب بالقرب من الكلاسين. وكانت كبيرة. فاختصرت وقد دثرت بعد شيخنا المؤرخ فإنه كان يرممها. أنشأها الأمير حسام الدين بلدق- عتيق الظاهر- وكان من أعيان الأمراء. وأول من درس بها ركن الدين جبريل بن محمد التركماني وتوفي بها. ودرس فيها بعده ولده عز الدين أحمد ولم يزل بها إلى أن ولي قضاء الشغر. ووليها بعده جمال الدين محمد المعري وبعد فتنة تمر آل تدريسها للشيخ شرف الدين حمزة الحبيشي الشافعي. وتوفي عن ولد لا يعرف شيئا فوضع القضاة أيديهم عليها ودرسوا بها. ثم استنزل ابن الحبيشي عنها القاضي برهان الدين الحسفاوي ولم يدرس بها وحضرت دروسها مع القاضي زين الدين بن الخرزي. وكان ولده يدرس، فدرس مسألة ما إذا أضيف بمسموم بالفا «2» ونقل مذهب الشافعي أنه لا قصاص وعليه الدية. فاعترض عليه الشيخ شمس الدين السلامي بأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل امرأة في خيبر التي جعلت السم في الشاة. وأكل منها بشر بن البراء فمات من ساعته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 فاستشاط والد المدرس المذكور وغضب ولم يرد جوابا والجواب أنه إذا قلنا أنه قتلها إنما قتلها لنقضها العهد. وتقدم أن من جملة وقف هذه المدرسة ثلث طاحون شركة الفردوس ومكتوب على بابها: أنها وقف على الفقهاء والمتفقهة المشتغلين بالعلم على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه. وأنها بنيت في رابع شهر المحرم سنة خمس وثلاثين وستمائة في أيام صلاح الدين يوسف بن العزيز بن غازي. «المدرسة القيمرية «1» » : هذه المدرسة ظاهر حلب، خارج باب المقام في طرف المدارس والترب من القبلة. أنشأها الأمير حسام الدين الحسن بن أبي الفوارس القيمري سنة ست وأربعين. أول من درس بها ركن الدين جبريل المتقدم ذكره جامعا بينها وبين البلدقيّة. ودرس بعده ولده عز الدين أحمد ولم يزل بها إلى أن وليّ قضاء الشغر. ووليها بعده جمال الدين محمد المعري. «مدرسة بالجبيل «2» » : هذه «3» المدرسة ذكرها ابن «4» شداد «5» من جملة المدارس التي خارج حلب. وهي الآن داخل السور لأن السور مكان يصل إلى باب الأربعين. ثم إلى خندق القلعة كما بيناه في سور حلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 أنشأها شيخ الطائفة شمس الدين أبو بكر أحمد بن أبي صالح عبد الرحيم الشهيد ابن العجمي على مذهب الإمام الشافعي والإمام مالك في سنة خمس وتسعين وخمسمائة ولما توفي دفن بها «1» . وقد دفن عنده جماعة من أقاربه كالشيخ أبي حامد ووالده عبد الرحيم وهم صالحون معتقدون. وبنو العجمي إذا حل بهم أمر يأتون إلى قبور هؤلاء يتبركون بالدعاء عندهم. وأهل محلتهم يأخذون من تراب قبورهم لأجل الحمى. ولما طلب جكم الذي تسلطن بحلب والدي ليحضر بيعته امتنع والدي وذهب إلى هذه المدرسة. ودعا هناك فصرف عنه كيده. وكان قد رسم بنهب بيت والدي. وإنما وضع هذه المدرسة هنا واقفها تبركا بخالد بن رباح وبلال أخيه لأن أحدهما مدفون في مقبرة الجبيل المعروفة قديما بمقبرة باب الأربعين- كما تقدم في فصل الزيارات- وهذه المقبرة فيها كثير من الصالحين. وقد تقدم فيه شرح بعضهم. وكانت هذه المقبرة متصلة بهذه المدرسة لا بناء بينهما. والآن جدد بينهما بيوت وغيرهم وأهل هذه البيوت إذا حفروا أسس دورهم وجدوا فيها الموتى وهذه المدرسة الآن ملتصقة بالسور وفي إيوانها الشمالي شباك مطل على خندق البلد، وكان قبل فتنة تمر فوق هذا الإيوان قاعة معلقة مرخمة عظيمة وبعد تمر وجدد غالبها. وكان بنو العجمي يأتون هذه المدرسة للتنزه. وخارج هذه المدرسة من جهة الشرق مقبرة نصفها مختص بأهل الواقف ونصفها لسائر المسلمين وكان بينهما حائط دثر في فتنة تمر وكان كل طائفة من بني العجمي لهم موضع مختص بهم لموتاهم وكان بهذه المقبرة أشجار مختلفة تسقى من ماء بركة المدرسة وغالب بني العجمي مدفونون في هذه المقبرة ووالدي مدفون بها كما تقدم. ومن جملة أوقاف هذه المدرسة سدس طاحون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 الدوير على نهر قويق من جهة القبلة. وحصة من رحا المحدثة، وحوانيت بسوق الهوى. وحوانيت بسويقة حاتم؛ استبدلت عن بيت كان بالقرب من المدرسة المذكورة. وكان المدرس بها أخا الواقف الشيخ شرف الدين صاحب الشرفية. انتهى. وكان قبلي هذه المدرسة في زمن الواقف رحبة واسعة فوضع يده صاروخان عليها بغير طريق شرعي. وجعلها اصطبلا له. وفي الغالب لا يوضع فيها دابة إلا ماتت وقد محا الله ذرية هذا الرجل ببركة الواقف «1» . «مدرسة» : قال ابن شداد «2» أنشأها شمس الدين لؤلؤ عتيق أمين الدين يمن عتيق نور (57 و) ف الدين رسلان بن مسعود صاحب الموصل. أول من درس بها الشريف عبد الله الحسيني «3» . ولم يزل إلى أن توفى سنة اثنين وخمسين وستمائة. ووليها بعده شرف الدين عبد الله بن عثمان بن محمد السجلاسي ولم يزل إلى أن انقضت الدولة ومات بعدها بأيام. قلت: ولا أعرف هذه المدرسة. «مدرسة بالمقام» : أنشأها بهاء الدين المعروف بابن أبي سيال؛ قاله ابن شداد «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 «ومدرسة بالمقام أيضا» : قال ابن شداد «1» : أنشأها عز الدين أبو الفتح مظفر بن محمد بن سلطان بن فاتك الحموي. انتهت في سنة اثنين وخمسين وستمائة. قلت: ولا أعرفهما، بل خارج باب المقام مدارس وترب اندثرت وصار وقفها ملكا بأيدي الناس فسبحان من لا يزول ملكه. «المدرسة الناصرية» : هذه المدرسة كانت قديما كنيسة لليهود. وتعرف بكنيسة مثقال. ثم في سنة سبع وعشرين وسبعمائة حكم قاضي القضاة كمال الدين بن الزملكاني بوجوب انتزاع هذه الكنيسة من أيديهم وجعلها فيئا للمسلمين بعد أن ثبت عنده أنها محدثة في دار الإسلام. وعمل بها درسا يتعلق بهذه المسألة. ثم بنيت الكنيسة المذكورة مدرسة للعلم. وكتب إلى السلطان الناصر فأمره بعمارة منارة لها وجعل فيها خطبة «2» انتهى. وسبب ذلك أنه كان يدرس بالعصرونية التي إلى جانبها فسمع صوت اليهود فسأل عن ذلك فقيل له أنها كنيسة فتقدم بعض الحاضرين وشهد بما تقدم فحكم بذلك. انتهى. [القاضي كمال الدين بن الزملكاني] : وابن الزملكاني هذا هو: أبو المعالي محمد بن أبي الحسن علي بن عبد الواحد بن خطيب زملكان أبي محمد عبد الكريم بن خلف بن نبهان الأنصاري الشافعي. مولده ليلة الاثنين ثامن شوال سنة ست، وقيل سبع وستين وسبعمائة. وتوفي ليلة السبت السادس عشر من رمضان سنة سبع وعشرين وسبعمائة ببلبيس» - وتقدم بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 الكلام عليه في الفردوس- وحمل إلى القاهرة فدفن بها. وتقدم بعض الكلام عليه. قال ابن حبيب: حبر لا يبارى، وبحر لا يجارى. وعالم منشور الأعلام. وحاكم يتضح به مشكلات الأحكام. كان ذا نظم بديع. وإنشاء يده رفيع. وبلاغة وجوهها مسفرة. وكتاب رياضها مزهرة، وتصانيف مفيدة، وتعليقات بحورها مديدة انتهت إليه رئاسة المذهب في عصره. وحاز من المأثر ما يعجز الأقلام عن حصره وباشر بدمشق وكالة بيت المال. كتب إليه ابن نباته من أبيات: نفديه قوم تشبهوا حسدا ... به وليسوا له بأشباه وإن نطقوا بالجميل أو فعلوا ... فللريا والكمال لله «المدرسة الصلاحية» : هذه المدرسة بالقرب من الناصرية المذكورة في درب بني كسرى «1» كانت أولا دارا لبني العديم ثم انتقلت إلى صلاح الدين يوسف بن الأسعد بالطريق الشرعي فكانت داره. وكانت نفيسة بها رخام من الألوان المختلفة. فجعل لها محرابا وجعلها مدرسة على مذاهب الأئمة الأربع في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة. وشرط أن يكون القاضي الشافعي والقاضي الحنفي مدرسيها وذلك عند عوده من بلد سيس «2» صحبة العسكر منصرفا إلى منزله بطرابلس وجعل بابها مكتبا للأيتام أزيل في زماننا. قال الشيخ زين الدين بن الوردي: ولقد كانت الدار المذكورة باكية لعدم بني العديم فصارت راضية بالحديث عن القديم. نزع الله عنها لباس البأس والحزن وعوضها بحلة يوسف عن شقة الكفن، فكمل رخامها وذهبها. وجعل ثمال اليتامى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 عصمة الأرامل مكتبها. وكملها بالفروع الموصلة، والأصول المفرعة، وجملها بالمراقع الذهبية. والمذاهب الأربعة. وبالجملة فقد كتبها صلاح الدنيا في ديوان صلاح الدين إلى يوم العرض. وتلا لسان حسنها اليوسفي؛ وكذلك مكنا ليوسف في الأرض «1» . ولما وقف صلاح الدين المذكور على هذه الترجمة تهلل وجهة وقال ما معناه «ياليتك زدتنا من هذا» انتهى. [صلاح الدين يوسف بن السعد الدوادار] : وتوفي صلاح الدين الدوادار «2» واقفها بطرابلس. وكان من أجل الأمراء، ذكيا فطنا معظما حسن الخط، وله نظم. كان كاتبا. ثم صار داودار قبجق بحماة. ثم شاد الدواوين بحلب. ثم حاجبا بها. ثم دوادار ابن الناصر بمصر. ثم نائبا بالاسنكدرية ثم أميرا بحلب. وشاد المال والواقف. ثم أميرا بطرابلس. وقال ابن الوردي: في سنة أربع وأربعين وسبعمائة وصل عسكران من حماة وطرابلس للدخول إلى بلاد سيس لتمرد صاحبها كند اصطبل الفرنجي ومنعه الحمل ومقدم عسكر طرابلس صلاح الدين يوسف الدوادار. أنشدني في سفرته بيتين للإمام الشافعي رضي الله عنه قيل أنها تنفعان لحفظ البصر. وهما: يا ناظريّ بيعقوب أعيذكما ... بما استعاذ به إذ خانه البصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 قميص يوسف ألقاه على بصري ... بشير يوسف فاذهب أيها الضرر فأنشدته بيتين لي ينفعان إن شاء الله تعالى لحفظ النفس والبدن والأهل والمال وهما: أمررت كفا سبحت فيها الحصى ... وروت الركب بماء طاهر (58 و) ف على معاشي ومعادي وعلى ... ذريتي وباطني وظاهري قلت: «1» وكان بها خزانة كتب، ومن وقفها خانان خارج باب الجنان وحوانيت هناك وحصتا كفره «2» وسناجر «3» . وطاحونها وحصة بقرية البريج «4» ، وحصة بقرية اعنادان «5» . وحضرت درسها مع شيخنا ومع الشويني- رحمهما الله- وكان يدرس في كتاب الحج من المنهج ومع السيد، وكان يدرس في تلخيص المفتاح. «المدرسة القرناصية» : تقدم ذكرها في الجوامع. «السحلولية» : ستأتي في الخوانق. «المدرسة السفاحية» : تقدمت في الجوامع. «مدرسة ابن التقى» : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 هذه المدرسة بالقرب من سويقة علي. أوصى الأمير ناصر الدين بن الحاج إبراهيم بن تقى البابي أن يصرف من ماله في بناء مكتب للأيتام- وعدتهم عشرة- ومسجد وأن يرتب فيه قارىء يقرأ البخاري وثلاثة يتلون كتاب الله في نهار الاثنين والخميس «1» وتوفي بالقاهرة في شهر رمضان في الخامس والعشرين منه سنة خمس وخمسين وثمانمائة. فقام صهره الحاج عمر التادفي في عمارة ذلك. وشرع في عمارتها سنة ست وخمسين فجاءت بناء حسنا مصروفها يزيد على ثلاثة آلاف دينار. [الأمير ناصر الدين بن تقي البابي] : وابن تقى كان أبوه ذا مال وكان صديقا لوالدي. وعنده مباسطة. ومفاكهة حسنة. ونشأ له هذا الولد فعاداه أهل بلده فانتقل إلى حلب، وباشر عند النواب واشترى بيتا من بني المهمندار. وأضاف إليه بيوتا وصار ذا وجاهة عند الحكام وينسب إلى عقل. وكان يتكلم خيرا بدار العدل. ويدافع عن بلده. فتوفي عن أولاد من جملتهم شهاب الدين أحمد. فأوصى أحمد عند موته بشراء وقف المدرسة مضاف لوقف والده. وأن يرتب للمدرسة مدرس شافعي. فلم يقوموا بذلك وقالوا أن عليه دينا وأن تركته لا تفي بالديون. وتردد الشيخ عبد الرحمن الكردي إلى المدرسة رجاء أن يرتب فلم يرتبوه. «المدرسة العشائرية بالقرب من الشرفية» : وسيأتي الكلام عليها في آدر القرآن العزيز. (58 و) م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 المدارس الحنفية «الحلوية» : هذه المدرسة [ا] تجاه باب الجامع الكبير الغربي. كانت أولا كنيسة من بناء هيلانة أم قسطنطين. وهيلانة هي التي بنت القمامة «1» ببيت المقدس على مكان المصلوب «2» وولدها قسطنطين بنى في أيامه بالشام وغيرها من المدائن والقرى أزيد من [ا] ثنتي عشر ألف كنيسة؛ قاله ابن كثير. وكانت هذه الكنيسة معظمة عندهم. يقال أنه كان بحلب نيف وسبعون هيكلا للنصارى منها هذا الهيكل. وهذه المرأة بنت كنائس الشام كلها والبيت المقدس. وهذا الهيكل كان في هذه الكنيسة ولم يزل على ذلك إلى أن حاصرت الفرنج حلب في سنة ثماني عشرة وخمسمائة وملكها يومئذ ايلغازى بن ارتق صاحب (59 ظ) ف ماردين فهرب منها. وقام بأمر البلد ومن فيه القاضي أبو الحسن محمد بن يحيى بن محمد بن أحمد بن الخشاب فعمد الفرنج إلى قبور المسلمين فنبشوها «3» فلما بلغ القاضي ذلك عمد إلى أربع كنائس من الكنائس التي كانت بها. وصيرها مساجد؛ أحدها هذه. والثانية تأتي الحدادية، والثالثة تأتي في المقدمية، والرابعة على ما يغلب عليه ظني هي المسجد الذي بالقرب من حمام موغان. انتهى. قلت: وبالقرب من حمام موغان مسجد بينها وبين الجاولية الحنيفة مكتوب على حائطه: أنه عمر في أيام الناصر بن المعز، بتولية محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم ابن العجمي الشافعي في رمضان سنة خمس وخمسين وستماية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 قال ابن شداد: وكان بموضع الدار التي هي الآن دار الزكاة- وهذه الدار والحمام المجاورة لها من إنشاء ذكا؛ وكان متوليا حلب من سنة اثنين وتسعين ومائتين. [وكان موضعهم «1» ] بيت المذبح لكنيسة هيلانة التي هي الحلاوية. وبينهما ساباط معقود البناء تحت الأرض [يخرج «2» ] منها من الكنيسة إلى المذبح [إلى الهيكل] . وكان النصارى يعظمون هذا المذبح ويقصدونه من سائر البلاد. وكانت حمام موغان «3» حماما للهيكل وكان حوله قريبا من مائتي قلاية تنظر إليه، وكان في وسطه كرسي ارتفاعه أحد عشر ذراعا من الرخام الملكي الأبيض. وذكر ابن شرارة النصراني في تاريخه «4» : أن عيسى عليه السلام جلس عليه. وقيل جلس موضعه لما دخل حلب. وذكر أيضا أن جماعة الحواريين دخلوا هذا الهيكل وكان في ابتداء الزمان معبدا لعبّاد النار. ثم صار إلى اليهود فكانوا يزورونه ثم صار إلى النصارى ثم صار إلى المسلمين. وذكر أيضا أنه كان بهذا الهيكل قس يقال له «برسوما» تعظمه النصارى وتحمل إليه الصدقات من سائر الأقاليم ويذكر في سبب تعظيمهم له أنه أصاب أهل حلب وباقي أيام الروم فلم يسلم منهم غيره. انتهى. وكانت هذه المدرسة تعرف قديما بمسجد السراجين «5» . ولما ملك نور الدين حلب وقفه مدرسة وجدد فيه مساكن يأوي إليها الفقهاء وإيوانا «6» وكان مبدأ عمارته قال ابن شداد في سنة أربع وأربعين وخمسمائة ومكتوب على بابها في سنة ثلاث وأربعين «7» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 ومتولى عمارتها القاضي فخر الدين أبو منصور محمد ابن عبد الصمد بن الطرسوسي الحلبي. وكان ذا همة ومروءة ظاهرة. له أمر نافذ في تصرفه في أعمال حلب، وأثر صالح في الوقوف. ثم انعزل عن ذلك أجل انعزال ومات في وسط سنة تسع وأربعين وخمسمائة. انتهى. والمحراب الذي في إيوانها منجور فرد في بابه: جدد في أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن محمد في سنة ثلاث وأربعين وستمائة. وكان بها خزانة كتب فذهبت. وكان على قبتها طائر من نحاس يدور مع الشمس فذهب. (59 و) ف وجلب إليها نور الدين من أفامية مذبحا من الرخام الملكي الشفاف- وقد تقدم الكلام عليه- كان نور الدين يملأ هذا الجرن في ليلة السابع والعشرين من رمضان قطائف محشوة ويجمع عليها الفقهاء المرتبين بالمدرسة «1» . انتهى. ورأيت في كلام داود بن علي أحد الفقهاء بها ما لفظه: فاطمة زوجة الطاساني هي التي سنت الفطر في رمضان للفقهاء بالحلاوية. كان في يدها سواران فاخرجتهما وباعتهما. وعملت بثمنهما الفطور كل ليلة. فاستمر ذلك الى اليوم. انتهى. قلت: بل انقطع ذلك بالكلية. وكانت هذه المدرسة من أعظم المدارس صيتا وأكثر طلبة، وأغزرها جامكية «2» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 ومن شرط الواقف أن يحمل في كل شهر رمضان من وقفها ثلاثة آلاف درهم للمدرسة يصنع بها للفقراء طعاما. وفي ليلة النصف من شعبان في كل سنة حلوا معلومة. وفي الشتاء ثمن كسوة فقيه شيء معلوم. وفي أيام شرب الدواء من فصلي الربيع والخريف ثمن ما يحتاج إليه من دواء وفاكهة. وفي المواليد أيضا الحلو أو في الأعياد ما يرتفقون به دراهم معلومة وفي أيام الفاكهة ما يشترون به من أنواعها. ولما فرغ من بنائها استدعى لها من دمشق الفقيه الإمام برهان أبا الحسن علي بن الحسن بن محمد بن أبي جعفر؛ وقيل جعفر البلخي. فولاه تدريسها واستدعى الفقيه برهان الدين أبا العباس أحمد بن علي الأصواتي السلفي من دمشق ليجعله نائبا عن برهان الدين فامتنع من القدوم فسير إليه برهان الدين كتابا ثانيا يستدعيه فيه، ويشدد عليه في الطلب. فأجابه على كتابه بكتاب استفتحه بعد البسملة: ولو قلت طأفي النّار أعلم أنّه ... رضّى لك أو مدن لنا من وصالك لقدّمت رجلي نحوها فوطئتها ... هدى منك لي أو ضلّة من ضلالك ثم قدم حلب بعد كتابه فاستنابه برهان الدين ولم يزل نائبا عنه إلى أن مات فحزن عليه برهان الدين حزنا غلب عليه. ولما فرغ من الصلاة عليه التفت إلى الناس وقال: شمت الأعداء بعلي لموت أحمد (!) . ولم يزل برهان الدين مدرسا إلى أن خرج من حلب لأمر جرى بينه وبين مجد الدين أبي بكر محمد بن توسيكين «1» بن الداية لما كان نائبا عن السلطان بحلب وقصد دمشق فأقام بها إلى أن توفي يوم الخميس سلخ شعبان سنة ثمان وأربعين (59 و) م وخمسمائة. وتولى المدرسة بعد خروجه الفقيه الإمام عبد الرحمن بن محمود بن محمد ابن جعفر الغزنوي أبو الفتح وقيل أبو محمد الحنفي الملقب علاء الدين فأقام بها مدرسا إلى أن توفي بحلب لسبع بقين من شوال سنة أربع وستين وخمسمائة. (59 ظ) ف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 وولى بعده ولده محمود وكان صغيرا فتولى تدبيره الحسام علي بن أحمد بن مكي الرازي الوردي. ثم ولى بعده الإمام رضي الدين محمد بن محمد بن محمد أبو عبد الله السرخي «1» . وكان في لسانه لكنة. فتعصب عليه جماعة من الفقهاء الحنيفة وصغروا أمره عند نور الدين وكانت وفاته يوم الجمعة آخر جمعة في رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. فكتب نور الدين إلى عالي بن إبراهيم بن إسماعيل بن علي الغزنوي. وكان بالموصل ليقدم إلى حلب ليوليه تدريس المدرسة. وأتفق أن أبا بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الملقب علاء الدين سير رسولا من الروم إلى نور الدين فعرض عليه المقام بحلب والتدريس بالحلوية، فأجابه إلى ذلك ووعده أن يعود إلى حلب بعد رد جواب «2» الرسالة فعاد إلى الروم. ثم قدم حلب. فولى عالي تدريس الحلوية يوما واحدا. ثم أن نور الدين استحيا من علاء الدين الكاساني فاستدعى بابن الحكيم مدرس مدرسة الحدادين إلى دمشق وولى عالي الغزنوي وكان ابن الحكيم. ثم ولى علاء الدين الحلوية. ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الأحد بعد الظهر عاشر رجب سنة سبع وثمانين وخمسمائة. وولى بعده عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب بن الحسين بن أحمد بن الحسين ابن محمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 ولم يزل مدرسا إلى أن توفي في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وستمائة. فولى بعده ولده تاج الدين أبو المعالي الفضل وخلع في يوم تدريسه عشرين حلقة على من حضر درسه من متميزي الفقهاء. واستمر مدرسا إلى أن توفي فجأة في أواخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة فولي بعده كمال الدين أبو القاسم عمر بن قاضي القضاة نجم الدين أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة المعروف بابن العديم «1» . ولم يزل مستمرا على تدريسها إلى أن قصد دمشق في خدمة الملك الناصر فولي تدريسها استقلالا ولده مجد الدين أبو المجد عبد الرحمن. وتدريسها بيد بني العديم إلى الآن صورة. انتهى. وكانت هذه المدرسة أخيرا في أيامي يستحي الشخص أن يمر على بابها من الفضلاء والعلماء الجالسين على دككها كالشيخ عز الدين الحاضري وجماعته، وقد حضرت بها الدرس في أيام السيفي قصروه درس بها الشيخ أبو بكر بن اسحاق الحنفي القاضي درسا حافلا في قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ .... ورتبه على علوم وحضر قضاة البلد وشيخنا وفضلاء البلد إذ ذاك والكافل فلما أخذ في الدرس سأله شيخنا مسألة فارتج عليه بقية الدرس، ودرس بعده في المجلس (61 و) ف مدرسها عز الدين ابن العديم. قلت: والبرهان الميلخي المتقدم ذكره هو الذي قام في إبطال: حيّ على خير العمل من الأذان بحلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 والرضي المذكور قيل أنه كتبوا فيه إلى نور الدين أنهم أخذوا عليه تصحيفا كثيرا من جملته أنه اشترى حانوتا وفيه مقلى فإن كان من الخزف فصفحها؛ وقال: فإن كان من الخرق. وأنه قال في الجنائز: الجبائر. ودرس في هذه المدرسة أيضا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن أمين الدولة؛ وهو مذكور مع أقاربه. ودرس بها أيضا الحسين بن محمد بن أسعد الفقيه المعروف بالنجم، وله تصانيف في الفقه منها شرح الجامع الصغير لمحمد بن الحسن فرغ من تصنيفه بمكة. وله الفتاوى والواقعات، وكان دينا وله حكاية طويلة في حضوره عند نور الدين وقد سأله عن لبس خاتم في يده فكان فيه لوزات من ذهب فقال: لم تتحرز عن هذا ويحمل إلى خزانتك من المال الحرام كل يوم كذا وكذا فأمر نور الدين بإبطال ذلك. وسميت بالحلاوية لأنه كان عندها سوق الحلوانيين «1» . «المدرسة الشاذبختية «2» » : هذه المدرسة بدرب العدول، وهو سوق النشابة «3» . أنشأها الأمير جمال الدين شاذبجت الخادم الهندي الأتابكي. وكان نائبا عن نور الدين بحلب بقلعتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 ومحرابها عجيب «1» ولها ايوان وخلاوي للفقهاء. [الأمير شادبخت الهندي الأتابكي] : وشادبخت المذكور استمر أمره بالقلعة، وحفظها على ولد نور الدين الصالح مدة حياته. وكان شاذبخت شهما من الرجال ذا رأي سديد، وعقل وافر، وتدبير حسن، وله اليد البيضاء في فعل المعروف، وبناء الربط والمدارس. بنى بحلب مدرستين: - هذه - والأخرى ظاهر حلب شماليها؛ وكان يعرف بمشهد الزرازير. ورأيته وهو عامر. ثم إن الدولة هدمته. وأخذوا الحجارة لعمارة سور حلب. والفاعل لذلك باك نائب السلطنة بقلعة حلب في زمن الأشرف. ونقل ابن العديم عز الدين وقفه بمربع شريف إلى الشاذبخيتية المذكورة. انتهى. ووقف شاذبخت المذكور أوقافا على الصدقات. وعلى خانقاه سنقر جار وقف بحران خانقاه للصوفية. ولما توفي الصالح حفظ حلب. ولم يزل يأمر فيها وينهى إلى أن قدم عز الدين. انتهى ما رأيته بخط ابن عشائر. ولما كملت هذه المدرسة استدعى من سنجار نجم الدين مسلم بن سلامة ليوليه تدريسها فقدم حلب وأصبح ليذكر بها الدرس. واحتفل شاذبخت لوليمة يعملها فسير الظاهر غازي إليه وسأله أن يوليها موفق الدين بن النحاس فلم يسعه مخالفة الظاهر. وانعكس عليه مقصوده. فتولى الموفق المدرسة. وسار النجم عن حلب. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 ومما ينسب لعبد المحسن الصوري: (61 و) ف أنست بوحدتي حتى لو أني ... رأيت الأنس لا ستوحشت منه ولم تدع التجارب لي صديقا ... أميل إليه إلا ملت عنه فأجازه النجم السنجاري: لأني قد خبرتهم انتفاذا ... فبرء من شئت منهم ثم منه إذا عاشرت خلا صار خلا ... وإن تسأل عن العاصي تكنه انتهى. (60 و) م ولم يزل الموفق متوليها إلى أن توفي يوم الأربعاء ثالث عشر ربيع الآخر سنة اثنين وستمائة «بتل عبدة «1» » من عمل «حران» عائدا من رسالة حملها لصاحب تبريز من جهة الظاهر غازي. ونقل إلى حلب فدفن بها. وتولى بعده تدريسها القاضي شمس الدين محمد بن يوسف بن الخضر المعروف بابن القاضي الأبيض- قاضي عسكر العادلي- ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي ليلة الخميس سابع عشري شهر رمضان سنة أربع عشرة وستمائة. وتولى تدريسها بعده الصاحب كمال الدين أبو القاسم عمر بن أبي جرادة ولم يزل مدرسا بها وولده مجد الدين عبد الرحمن ولم يزل ينوب عن والده إلى أن استقل بها أخوه جمال الدين محمد ولد الصاحب كمال الدين إلى أن كانت فتنة التتر سنة ثمان وخمسين والتدريس بأيديهم إلى زماننا. وقد نزل بها الشيخ باكير الحنفي وكان مدرسا بها متبرعا علوما شتى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 «المدرسة الأتابكية» » : هذه المدرسة قبلي بحرة شيخنا العلامة بن الشحنة، ومن جملة ما نقم على ابن الشحنة أنه أخذ قطعة منها وأضافها إلى إيوانه، وأخرب الطنبغا وعلي باي وابن الزهري بعض إيوانه بسبب ذلك، وستأتي القضية مطولة في الحوادث إن شاء الله تعالى. انتهى. أنشأها شهاب الدين طغربك الأتابكي عتيق الظاهر غازي نائب السلطنة بقلعة حلب، ومدبر الدولة بعد وفاة معتقه. انتهت عمارتها في سنة ثمان عشرة وستمائة. وأول من درس فيها الشيخ العالم جمال الدين خليفة بن سليمان بن خليفة القرشي الحوراني الأصل. ولم يزل بها إلى أن توفي في الرابع والعشرين من شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة «2» . ووليها بعده مجد الدين عبد الرحمن بن كمال الدين بن العديم ولم يزل بها إلى أن خرج من حلب فرارا من التتر أسوة أهل بلده. وهي الآن داثرة؛ قاله ابن شداد «3» . قلت: غالبها الآن عامر. ومن جملة أوقافها «فج كمون أ» . وبوابتها عظيمة الظاهر أنها من عمارة الواقف. ولم أسمع بها درسا قط. ولا رأيت أحدا (61 و) ف في أيامي درس بها. «المدرسة الحدادية» : هذه المدرسة سميت بالحدادية بسوق الحدادين كان هناك. وهي بالدرب المتوجه إلى السفاحية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 أنشأها حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين بن أخت صلاح الدين؛ كانت من الكنائس الأربعة التي تقدم ذكرها فهدمها وبناها بناء وثيقا. وأول من درس بها الفقيه الإمام الحسين بن محمد بن أسعد بن حليم المنعوت بالملجم ولم يزل بها إلى أن استدعاه نور الدين إلى دمشق. وولى مكانه عالي بن إبراهيم بن إسماعيل الغزنوي. ولم يزل بها إلى أن توفي إما في سنة إحدى أو اثنين وثمانين وخمسمائة. وقال مقرب الدين أبو حفص عمر بن قشام توفي عالي سنة خمس وثمانين وخمسمائة وهذان القولان حكاهما كمال الدين ابن العديم. وعالي المذكور صنف كتاب: «التقشير في التفسير «1» » . قال أبو اليمن الكندي صحف حتى في اسمه. وفيه أوهام كثيرة سيما إذا تعرض في النحو. ثم وليها بعده موفق الدين أبو الثنا محمود بن طارق النحاس الحلبي. ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي في السنة التي قدمنا ذكرها. عند ذكره في الشاذبخيتية. ثم وليها بعده ولده كمال الدين إسحاق ولم يزل بها مدرسا إلى أن توفي ليلة الأربعاء مستهل شعبان سنة أربع وأربعين وستمائة. ووليها بعده الشيخ شهاب الدين أحمد بن يوسف بن عبد الواحد الأنصاري ولم يزل بها مدرسا إلى أن توفي يوم الخميس سادس عشر شعبان سنة تسع وأربعين وستمائة. ووليها بعده ولده فخر الدين يوسف ولم يزل إلى أن قتلته التتر عند استيلائهم على حلب. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 قلت: وهذه المدرسة بعد الفتنة التمرية تعطلت عن إقامة الشعائر فيها. وسكنها النساء. وأغلق بابها حتى قدم الشيخ الصالح الزاهد العامل علاء الدين الجبرتي- نفع الله به- المتقدم ذكره في مدرسة الصاحبية. فحضر إلى هذه المدرسة بعد أن عمر الصاحبية كما تقدم. وأخرج النساء عنها. وصار يتردد إليها فأقام شعارها وعمر ما دثر منها. وفتح خلاويها بعد أن كانت مردومة بالتراب. وبيض إيوانها. وفتح بركتها. وأجرى إليها الماء من الحوض الذي خلف دار العدل واتخذ له فيها خلوة. وكان يتعبد بها. وعمر مرتفقها وحفره حتى بلغ الماء وكان ينزل إليه بنفسه. وينزح التراب منه، وعمره عمارة متقنة. ولما حفروا المرتفق وجدوا فيها حجرا أسود على قبر وعليه صلبان. وكان أصل هذا المرتفق ناووسا للكنيسة. فتعاونوا على هذا الحجر. وربطوه بالحبال. وجذبوه إلى خارج هذا المرتفق. وبنى إلى جانب هذا المرتفق مستحما. وأحضر إليه جرنا أسود من خارج وقفه بعض أهل الخير على (61 ظ) ف هذا المكان والجرن الأبيض الذي على جانب البركة نقله من الحمام الخراب الذي خلف دار العدل بأمر بنت المؤيد وكان قد أخرجه بعض الناس من الحمام إلى مسجد هناك مهجور ليأخذه إلى منزله فسمع الشيخ بذلك. فأرسل إلى القاهرة. واستأذن بنت المؤيد في نقله إلى هذه المدرسة فأذنت له فيه فنقله. وفتح في هذه المدرسة بعض العناصر صهريجا. وأنفق عليه جملة. وأقيم شعار هذه المدرسة بالذكر والصلوات الخمس والمؤذنين والحصر والبسط والمصابيح وغير ذلك. انتهى. ومن جملة ما نقم الأعداء على الشيخ علاء الدين واستفتوا عليه أنه كان يصلي في هذه المدرسة وهو شافعي المذهب فهلا كانوا استفتوا على النساء الساكنات «1» بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 وعلى من عطل معاهدها. ولقد رأيت بعيني من غير قصد النساء سافرات «1» بها فلا حول ولا قوة إلا بالله. وسيأتي ما اتفق للشيخ في خانقاه الملكي ولما ألزم قصروه المدرسين بالتدريس «2» ألزم شيخنا ابن الرسام الحنبلي بالتدريس فلم يجد له مكانا يدرس بها. وهذه المدرسة من جملة وقفها حوانيت بسوق الحرير. وآل تدريسها إلى المالكية. (61 و) م «المدرسة الجرديكية» : هذه المدرسة بسوق البلاط لها باب من السوق المذكور ينزل إليها بدرج وباب آخر من درب شرقيها. وهي ملاصقة للصاحبية «3» . أنشأها الأمير عز الدين جرديك النوري في سنة تسعين وخمسمائة. وانتهت في سنة إحدى. وأول من وليّ تدريسها الشيخ مقرب الدين أبو حفص عمر بن علي بن محمد بن فارس بن عثمان بن فارس بن محمد بن قشام التميمي الحنفي. ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي ليلة السبت الثاني من جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين وستمائة. ثم وليّ تدريسها بعده نجم الدين عمر بن أبي يعلى عبد المنعم بن هبة الله بن محمد ابن هبة الله الرعباني- ويعرف بابن أمين الدولة- ولم يزل بها إلى أن عزل نفسه؛ إما في سنة ثلاث أو أربع وأربعين. وانقطع بيته. ولم يزل منقطعا إلى أن قتل في بيته عند استيلاء التتر على حلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 ثم وليها بعده صفي الدين عمر بن زقزق الحموي. ولم يزل مدرسا بها إلى أن جدد الطواشي «1» مرشد المنصوري بحماة مدرسة فاستدعاه. فتوجه إليه في سنة اثنين وخمسين وستمائة. وتولى بعده محي الدين محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن النحاس. ولم يزل إلى أن انقضت الدولة الناصرية. ...... «2» ومن جملة وقفها: حصة بكفر نوران «3» . والفقهاء يتناولون من وقفها. انتهى. وجردبك هو الذي تولى قتل شاور بمصر. وقتل ابن الخشاب بحلب. وكان بطلا شجاعا «4» ولي أمرة القدس لصلاح الدين، وتوفي سنة أربع وتسعين (62 و) ف وخمسمائة «5» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 «المدرسة المقدّمية» : هذه المدرسة بدرب كان يسمى قديما بدرب الحطابين. والآن يسمى بدرب ابن سلار. أنشأها عز الدين عبد الملك المقدم. وكانت إحدى «1» الكنائس الأربع التي صيرها القاضي أبو الحسن بن الخشاب مساجد في سنة ثمان عشرة وخمسمائة. وأضاف إليها دارا كانت إلى جانبها. وابتدئ في عمارتها في سنة خمس وأربعين وخمسمائة. وهذه المدرسة على هيئة الشرفية. وقيل أنه أخذ ترتيب الشرفية منها. وشماليتها الآن داثرة. وأول من درس بها برهان الدين أبو العباس أحمد بن علي الأصولي المقدم ذكره. ثم وليها بعده الشريف افتخار عبد المطلب بن الفضل الهاشمي المقدم ذكره في الحلاوية، ولم يزل بها إلى أن توفي. ووليها بعده ولده أبو المعالي الفضل، ولم يزل بها إلى أن توفي. وتولاها بعده شهاب الدين أحمد بن يوسف بن عبد الواحد الأنصاري. ولم يزل بها إلى أن توفي. ووليها بعده افتخار الدين أبو المفاخر محمد بن تاج الدين أبي الفتح يحيى بن القاضي أبي غانم محمد بن أبي جرادة المعروف بابن العديم. ولم يزل بها مدرسا إلى أن قتل عند استيلاء التتر على حلب. قلت: ...... «2» ومن جملة أوقافها رحا الجوهري قبلي حلب على قويق. وحصة بقرية كفتان «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 «المدرسة الجاولية» : هذه المدرسة بالقرب من السهلية وهي سويقة حاتم. الآن لها بوابة عظيمة مبنية بالحجر الهرقلي. أنشأها عفيف الدين عبد الرحمن الجاولي النوري. وشرط أن يقرأ الفقهاء والمدرس شيئا من القرآن. ويجعل منه للسلطان نور الدين. وأول من درس بها الشيخ العالم علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد- أمير كاسان- للكاساني المقدم ذكره ولم يزل بها إلى أن توفي. ووليها بعده الشيخ جمال الدين خليفة بن سليمان بن خليفة القرشي المقدم ذكره إلى أن مات فوليها بعده نجم الدين أبو الحسن على بن إبراهيم بن حسام الكردي الهكاري المعروف بالحلبي. ولم يزل بها إلى أن كانت فتنة التتر. فقتل فيها. وآل تدريسها إلى شيخنا الشيخ شمس الدين بن سلامة وسكن بها. وآلت بعد وفاته لشيخنا العلامة محب الدين الشحنة الحنفي فدرس بها درسا حافلا من أول سورة البقرة، ونقل كلام الزمخشري، والبحث عليه لوالده. ومن جملة أوقافها حصة في لفحناز «1» » من عمل معرتمصرين. «المدرسة الطمانية» : هذه المدرسة بدرب الاسفريس «2» . بالقرب من حمام الهذباني. وقد (62 ظ) ف خط سليمان بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس المولود ببطياس- وموته كان بحلب- منازله بهذه المحلة؛ فولده بها إلى اليوم. انتهى. أنشأها الأمير حسام الدين طمان النوري. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 أول من درس بها الشريف افتخار الدين عبد اللطيف. ثم آثر بها أبا حفص عمر بن حفاظ بن خليفة بن حفاظ- المعروف بابن العقاد الحموي- أحد طلبته علاء الدين الكاساني. ثم سافر عنها فوليها شهاب الدين أحمد بن يوسف- المقدم ذكره- ولم يزل بها إلى أن رحل إلى بغداد سنة اثنين وثلاثين وستمائة فوليها بعده ضياء الدين محمد بن ضياء الدين عمر بن حفاظ؛ المعروف بالنحوي. ولم يزل بها إلى أن توفي سنة اثنين وأربعين وستمائة فوليها الفقيه نجم الدين عبد الرحمن بن ادريس حسن الخلاطي مولدا. الحلبي منشأ. وعليه انقضت الدولة الناصرية. ثم إن تدريسها كان ونظرها بيد شمس الدين بن أمير حاج الحنفي فادعى أبو بكر بن مهاجر وله اتصال بطومان الذي بنى الخان المعروف (المسبل) أن هذه المدرسة لجده طومان فصولح بينهما. وأخذ نظرها. واستقر تدريسها بيد شمس الدين المذكور. واسم بانيها على بابها طمان لاطومان. ولا حول ولا قوة إلا بالله. ومن جملة أوقافها بستان ظاهر بالقرب من الكلاسة يعرف ببستان الجورة. «المدرسة الخشابية» : هذه المدرسة غربي القلعة على رأس القناة. أنشأها الأمير حسام الدين محمود بن ختلو والي حلب. كان أول من درس بها الشيخ بدر الدين يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن النحاس الحبلي «1» . (62 و) أ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي سنة سبع وثلاثين وستمائة فوليها بعده ولده محي الدين بن محمد ولم يزل بها إلى انقضاء دولة الملك الناصر. انتهى. وإلى جانبها «1» مسجد لحسام الدين. وبالقرب منها خانكاه يقال لها: «العادلية» بنيت في سنة ست وسبعمائة. «المدرسة الأسدية تجاه القلعة» : هذه المدرسة على باب بني الشحنة داخل القنطرة. أنشأها بدر الدين؛ بدر الخاتم عتيق «2» أسد الدين شير كوه كانت دارا يسكنها فوقفها بعد موته. وأول من درس بها صائن الدين أيوب بن خليل بن كامل. ولم يزل إلى أن توفي في غرة شعبان سنة ثلاث وخمسين وستمائة فوليها بعده قطب الدين محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد بن هبة الله بن أبي جرادة. ولم يزل بها أن توفي فوليها بعده الشيخ مجد الدين الحسن بن أحمد بن هبة الله بن أمين الدولة، ولم يزل بها إلى أن توفي في وقعة التتر. (63 و) ف والآن تدريسها بيد بني علاء الدين بن الشحنة. وعلى بابها مكتوب: «جدد هذه المدرسة المباركة للفقهاء المشتغلين في دولة السلطان العزيز الطواشي بيدمر الظاهري في ذي الحجة سنة اثنين وثلاثين وستمائة» . «المدرسة القليجية» : هذه المدرسة غربي دار العدل، ملاصقة لها. أنشأها الأمير مجاهد الدين محمد بن شمس الدين محمود بن قليج النوري. وانتهت عمارتها سنة خمسين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 وأول من درس بها الشيخ مجد الدين الحسن- المتقدم ذكره- جامعا بينها وبين المدرسة الأسدية، وعليه انقضت الدولة الناصرية. والآن هي في تكلم أولاد الفان. ويدعون أنهم من ذرية الواقف. انتهى. وفي كفالة جانبيك الناجي حلب. لما توفي أبو زوجته دفنه بهذه المدرسة. «المدرسة الفطيسية» : هذه المدرسة دخلت في دار العدل ولم يبق لها أثر. أنشأها سعد الدين مسعود بن الأمير عز الدين ايبك المعروف (بفطيس) عتيق عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه بن أيوب- صاحب بعلبك- كانت دارا يسكنها فوقفها بعد عينه مدرسة. وتوفي المذكور سنة تسع وأربعين وستمائة. وأول من درس بها أحمد بن محمد بن يحيى القراؤلي المارداني- المعروف بالفصيح- وعليه انقضت الدولة الناصرية. وحكم القاضي شمس الدين بن أمين الدولة الحنفي بانتقال وقفها إلى القليجية إذ هي أقرب مدرسة إليها. ومن جملة وقفها حصة بدير الجمال «1» . « [المدرسة] الشاذبختية التي بظاهر حلب» : قد تقدم اسم بانيها «2» ، وأين كانت في الشاذبخيتية التي داخل حلب. أول من درس بها موفق الدين أبو الثنا محمود بن النحاس؛ باعتبار شرط الواقف أن من في الجوانية كان إليه التدريس في البرانية. ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي في التاريخ قدمنا ذكره «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 ثم وليها بعده صفي الدين محمد بن أحمد بن يوسف الأنصاري السلاري. ولم يزل بها إلى أن مات في شهر رجب سنة ست عشر وستمائة فوليها بعده ولده شمس الدين محمد. ولم يزل مدرسا بها أن توفي فوليها بعده نجم الدين أحمد بن الصاحب كمال الدين بن العديم. (62 ظ) م ولم يزل مدرسا بها إلى أن مات ببلاد الروم وحمل إلى حلب فدفن بها سنة ثمان وثلاثين فوليها افتخار الدين أبو المفاخر محمد بن يحيى بن محمد بن أبي جرادة المعروف بابن العديم. وعليه انقضت الدولة. وقتل بحلب. وهذه المدرسة لم يبق منها إلا الرسوم. «المدرسة الآشودية» : ...... «1» أنشأها الأمير عز الدين أشود التركماني الياروقي. (63 ظ) ف أول من درس بها صفي الدين خليل الملقب بالزقزق الحموي. ثم رحل عنها فوليها بعده شمس الدين محمد الزرنيخي. ثم رحل عنها فوليها ضياء الدين أيوب بن خليل بن كامل- المعروف بابن أخت الجمال خليفة- وخرج عنها. ودرس فيها بعده بدر الدين محمد بن يحيى المعروف بالغوري. «المدرسة السيفية» : هذه المدرسة بالحاضر السليماني. خارج باب قنسرين. أنشأها الأمير سيف الدين علي بن سليمان بن جندر. وكان إلى جانب هذه المدرسة المسجد الجامع المتقدم ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 إشارة: قال الصاحب: مسجد سيف الدين أي المعروف بجامع السلطان «1» الآن وكان قبل أن يبنى مسجدا تربة لبني أبي جرادة وكان فيها القاضي أبو الفضل وأبوه أبو الحسن أحمد وأبوه وجماعة من سلفه، والشيخ أبو الحسن علي بن أبي جرادة فلما جدده سيف الدين مسجدا حولت القبور إلى جبل جوشن. وكانت التربة بالقرب من خان السلطان في السوق. انتهى. [الأمير علي بن سليمان بن جندر] : وسيف الدين المذكور كان كثير الصدقات. توفي سنة اثنين وعشرين وستمائة وأبوه سليمان الأمير علم الدين صاحب عزاز وبغراس له مواقف مشهورة في الجهاد. توفي في أواخر الحجة «2» بقرية «غباغب» سنة سبع وثمانين وخمسمائة. ورأيت في خط ابن عشائر وذكر أنه نقله من بغية الطلب من كلام الصاحب ما لفظه: سليمان بن جندر. وهو الذي وقف المدرسة بالحاضر اتجاه المسجد الجامع على أصحاب أبي حنيفة. وقال ابن شداد أن ابنه على وقفها «3» . فانظر ما هذا. لطيفة: قال الزكي أبو العباس أحمد بن مسعود بن شداد الموصلي: وكنت مع علم الدين سليمان بن جندر بحارم وأنا وإياه تحت شجرة. وكنت إذ ذاك أؤم به في سنة سبع وسبعين وخمسمائة. فقال لي: كنت ومجد الدين أبو بكر بن الداية. وصلاح الدين يوسف بن أيوب تحت هذه الشجرة. وأشار إلى شجرة هناك. ونور الدين محمود بن زنكي إذ ذاك يحاصر حارم وهي في يد الفرنج. فقال مجد الدين ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 الداية: كنت أشتهي من الله أن يأخذ نور الدين حارم ويعطيني إياها. وقال صلاح الدين: كنت أشتهي مصر. ثم قالا لي تمن أنت شيئا فقلت: إذا كان مجد الدين صاحب حارم، وصلاح الدين صاحب مصر ما أصنع بينكما؟ فقالا لا بد أن تتمنى! فقلت: إذا كان ولا بد فأريد عم «1» . فقدر الله أن نور الدين كسر الفرنج وفتح حارم وأعطاها مجد الدين وأعطاني عم فقال صلاح الدين: أخذت أنا مصر. فإننا كنا ثلاثة. وقد بقت أمنيتي. فقدر الله (64 و) ف تعالى أن فتح (63 و) م أسد الدين مصر. ثم آل الأمر إلى أن ملكها صلاح الدين وهذا من غرائب الاتفاقات. انتهى. ولما عدد ابن شداد والمساجد التي بالحاضر السليماني قال: مسجد الأمير سيف الدين بن علم الدين. قال: ومسجد أنشأه المذكور «2» انتهى. فالحاصل أن له مسجدين أحدهما كان إلى جانب هذه المدرسة وقد اندثر. وبقى محرابه. والثاني: هو الذي تقام الآن فيه الجمعة المعروف بجامع السلطان المذكور في الجوامع. انتهى. وهذه المدرسة عظيمة كثيرة البيوت للفقهاء. وبها منارة محكمة. وكان بها بركة ماء. وقد صارت الآن في الخراب، لا مدرس، ولا باب، وربما سد بابها في بعض الأحيان لخلو البقعة من السكان، وكانت أولا قائمة الشعار. أول من درس بها عز الدين محمد بن أبي الكرم بن عبد الرحمن السنجاري. انتقل إلى حلب سنة ثمان وتسعين وخمسمائة فتولى تدريس المدرسة المذكورة. ثم خرج منها إلى دمشق وأقام إلى أن توفي في سنة ست وأربعين بعد أن تولى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 نيابه الحكم بها سنة سبع عشرة فوليها بعد خروجه شرف الدين أبو بكر بن أبي بكر الرازي. ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي سنة ست وعشرين وخمسمائة فوليها بعده نجم الدين أحمد بن شمس الدين محمد بن يوسف وتقدم ذكره. ولم يزل بها مدرسا إلى أن مات قريبا من فتنة التتر. «المدرسة البلدقية الحنفية» : هذه المدرسة كانت بالحاضر ملاصقة للبلدقية الشافعية- المتقدم ذكرها- وقد اندثرت هذه المدرسة- ولم يبق لها أثر. وأخذت حجارتها في عمارة السور في دولة المؤيد. وحمى شيخنا البلدقية الشافعية. ولم يمكنهم من نقضها. وقد تقدم اسم بانيها. وأول من درس بها رشيد الدين المعروف بتكملة. ثم رحل عنها إلى دنيسر «1» فوليها بعده شمس الدين محمد بن مصطفى المارداني. ولم يكن من ماردين وإنما هو من خلاط «2» . ثم خرج عنها إلى الروم فوليها شرف الدين عمر بن العفيف شيخ خانقاه ابن المقدم وعليه انقرضت الدولة. «مدرسة النقيب» : هذه المدرسة في أعالي جبل جوشن متاخمة لدار المعز. وهي غاية في العمارة يقال لها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 تاج حلب. وهي كثيرة المساكن والمنافع. وهي منتزه حلب. وفيها بئر ماء يستقى منه من صحنها ومن درجها. ومن أعلاها. ولها صف خلاوى في أعلاها وقدامهم رواق، وبه قناطر مطل على قويق. وحلب وبساتينها ولها قاعتان، إحداهما عن يمين هذه الخلاوى والأخرى عن يساره وبها عدة قاعات غير هاتين بحيث إن الداخل إليها يرى العجب من كثرة مساكنها بأعلاها وأسفلها. وهي غاية في الارتفاع. وكان بأعلاها قصر أخذت أحجاره. وكان قد أنشأها مشهدا (64 ظ) ف ثم صيرها مدرسة وقبليتها في غاية الجودة إذ قبوها يتحير الناظر إليه من حسن (63 ظ) م التركيب. ولما عمر السور في أيام المؤيد راموا أخذ حجارتها فمنعها الله من النقض لإخلاص نية بانيها. ومحبته الشيخين رضي الله عنهما. ووقف عليها وقفا. ودرس واقفها فيها سنة أربع وخمسين وستمائة. [النقيب أبو الفتح المرتضى بن أحمد] : وهذا النقيب هو: الإمام الشريف المرتضى بن أحمد بن محمد بن جعفر بن زيد بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الإمام الشهيد الحسين بن الإمام الشهيد علي بن أبي طالب، أبو الفتح. وبخط الصاحب أبو الفتوح نقيب العلويين بحلب وابن نقيبهم: تولى نقابة الطالبيين بحلب بعد موت أخيه. وبقي على ذلك مدة. ثم عزله الظاهر غازي بسبب أنه أخذ الخراج واستدركت عليه فيه. وولى النقابة شمس الدين أبا علي بن زهرة ثم إن أتابك طغرل ولاه الحسبة «1» بحلب في أيام العزيز محمد. ودام على ذلك مدة. إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 أن مات أبو علي بن زهرة فولاه نقابة الطالبين. واستمر فيها. وولي بعد ذلك في دولة الناصر يوسف نقابة العباسيين مضافة إلى نقابة العلويين وهو شهير الترجمة. كثير المناقب والمفاخر سيء الاعتقاد. [أبو القاسم بن الحسين بن العود الأسدي] : ومن الغريب أن أبا القاسم بن الحسين بن العود نجيب الدين الأسدي. الفقيه على مذهب الشيعة. كان قد بلغ من العمر ستا وتسعين سنة. وتوفي بقرية جزين «1» في نصف شعبان سنة تسع وسبعين وستمائة. ولما كان بحلب كان يكثر الإتيان إلى الشريف عز الدين النقيب- المتقدم ذكره- فاسترسل معه ابن العود يوما فذكر أبا بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم بما نبأ عنه سمع المرتضى فأمر به فجر من بين يديه. وأركبه حمارا مقلوبا. وطيف به شوراع حلب وأسواقها وهو يضرب بالدرة. فعظم محل المرتضى عند الناس. وتحققوا ما كان ينطوي عليه من حب الصحابة رضي الله عنهم. وهذا سبب انتقال ابن العود من حلب «2» . قلت: والمرتضى من نسل أبي بكر أيضا من جهة الأم. وسيأتي بقية الكلام على نسبته إلى أبي بكر في ترجمة للأشراف. وحيث ذكرنا ابن العود نذكر شيئا من أحواله: قال العلامة قطب: وعمل في هذه الواقعة وأنا بحلب في الكتاب بعد الخمسين وستمائة. وكان استؤذن فيها يوسف الظاهري فتوقف خوف الفتنة وأمضاها المرتضى وفعلها بيده فلم يجسر أحد (65 و) ف من الشيعة أن يعارضه في ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وابن العود المذكور كان من الحلة «1» . وهو عندهم إمام يقتدى به في مذهبهم وفيه مشاركة في علوم شتى. وحسن عشرة، ومحاضرة بالأشعار والتواريخ والحكايات والنوادر. ولما توفي- إلى لعنة الله- رثاه الجمال إبراهيم العاملي فقال: عرّس بجزّين يا مستبعد النجف ... ففضل من حلّها يا صاح غير خفي نور ترى في ثراها فاستنار به ... وأصبح الترب منها معدن الشرف (64 و) م فلا تلومون إن خفتم على كبدي ... صبرا ولو أنها ذابت من اللهف لمثل يومك كان الدمع مدّخرا ... بالله يا مقلتي سحّي ولا تقفي لا تحسبن جود دمعي بالبكاء سرفا ... بل شحّ عيني محسوب من السرف وهي أكثر من هذه الأبيات. ولما بلغت هذه الأبيات جمال الدين محمد بن يحيى بن مبارك الحمصي؛ وهو من أكابر أهل مذهبهم فقال رادا على ناظمها: أرى تجاوز حد الكفر والسخف ... من قاس مقبرة ابن العود بالنجف «2» ما راقب الله أن يرمى بصاعقة ... من السماوات أو يهوى بمنخسف وأعجب لجزّين ما ساخت بساكنها ... بجاهل لعظيم الزور مقترف وقد تحيرت فيما فاه من سفه ... ومن ضلال وإلحاد ومن سرف ومنها: ما أنت إلا كمن قاس منطقة البيت ... المحرّم ذي الأستار بالكنف ولا أقول كمن قاست جهالته ... الدّر الثمين بمكسور من الخزف أو من يقيس الجبال الشامخات بمنحط ... الحطيم وعرف المسك بالجيف ومن يقيس النجوم الزاهرات إذا ... سمت إلى أوجها والسعد بالخزف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 ولم أوفّك ما استوجبت من قدع ... ولست أجمع سوء الكيل والحشف وما أردت بهذا الغض من رجل ... بمثله خلف من غابر السلف ما كان هجوي له إلا ليقلع عن ... تكفير أهل الهوى والدين والصلف وإن عتبت عليه وهو يسمعني ... لقد بكيت عليه وهو في الجذف ومنها: فإن حملتم على ما قلته غرضي ... لقد لجأتم من الحسنى إلى كنف وإن ظننتم بي السوء فلست إذا ... رضيت حيدرة «1» الهادي بذى أسف قلت: اختلف في مكان قبر علي رضي الله عنه. وقد قال سفيان الثوري: «أعز الخلق خمسة أنفس: عالم زاهد، وفقيه صوفي، وغني متواضع، وفقير شاكر وشريف سني (65 ظ) ف «2» » . رجع: توفي الشريف النقيب المتقدم ذكره فجأة بحلب ليلة الخميس سادس عشر شوال سنة ثلاث وخمسين وستمائة. وترك ثلاثة أيام حتى تيقنوا موته. ثم دفن بمدرسته المذكورة في جانب قبليتها؛ ومولده بحلب في سنة تسع وسبعين وخمسمائة. ومن شعره في الإمام المستعصم بالله: إمام لنا يهدي إلى منهج الهدى ... ويوضح من أدياننا كل مشكل إذا عجزت أفهامنا عن صفاته ... عدلنا إلى آي الكتاب المنزل ومن نظمه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 كيف السبيل إلى خلّ أصاحبه ... يرعى المودة من حلّ وترحال «1» لي عنده مثل ما عندي له ويرى ... حفظ الوداد بترك القيل والقال «المدرسة الدقاقية» : هذه المدرسة كانت شمالي الفيض؛ أنشأها مهذب الدين أبو الحسن علي بن فضل الله بن الدقاق؛ وبها يعرف ذلك المكان. أول من درس بها رشيد الدين المعروف بتكملة. وذلك في سنة ثلاثين وستمائة. ثم رحل عنها إلى دنيس فوليها برهان الدين اسحاق التركماني. ولم يزل بها إلى أن رحل عنها إلى دمشق فوليها شمس الدين المارداني ففوضها لصهره بدر الدين محمد الكنجي. ثم رحل عنها ففوضها شمس الدين لفخر الدين عبد الرحمن بن ادريس بن حسن الخلاطي. وعليه انقضت الدولة الناصرية. وهذه المدرسة لم يبق لها أثر. ولم يعرف مكانها؛ بل ظهر في هذه الأزمان اتجاه الفيض مكان أخرج منه أحجار هر قلية فيحتمل أنه من أسسها. ويحتمل غيره. فإنه كان على الفيض عمائر كثيرة كما سيأتي- والله تعالى أعلم- ولما خرجت أخذت أوقافها. وجعلت أملاكا كغيرها. «المدرسة الجمالية» : هذه المدرسة قبلي حلب خارج باب المقام قبلي الفردوس بقربها بئر ماء على جادة الطريق. أنشأها جمال الدولة إقبال الظاهري؛ قال «2» ابن العديم: أنه عتيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 ضيفة خاتون وكان عنده ظلم، ولما قدم التتار إلى ظاهر حلب سنة إحدى وأربعين وستمائة مرض من خوفه في صفر، وتوفي فيه، ودفن في التربة التي أنشأها. وهي هذه ووقفها مدرسة على الحنيفة. قيل أنه انتخب أحجارها من أحجار الفردوس لما عمر فلذلك جاءت حسنة البناء محكمة النحت والآلة. أول من درس بها شمس الدين عيسى الدمشقي. ولم يزل بها إلى أن توفي فوليها بعده جمال الدين يوسف. إلى أن مات. فوليها: قطب الدين محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد المعروف بابن العديم. إلى أن مات. فوليها: نجم الدين سالم بن قريش «1» إلى أن توفي. فوليها: قاضي البلستين «2» ولم يزل بها إلى أن مات. (66 و) ف فوليها: بدر الدين محمد بن نجم الدين أبي الحسن علي بن إبراهيم المعروف بابن خشنام. وعليه انقضت الدولة. وآل تدريسها بعد هولاكو «3» لبني العديم. ومن جملة أوقافها بعض حمام العتيق ببانقوسا. «المدرسة العلائية» : ...... «4» أنشأها علاء الدين علي بن أبي الرجاء شاد ديوان الملكة ضيفة خاتون بنت العادل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 قال ابن شداد «1» : لم أقف على ذكر لمن درّس بها. «المدرسة العديمية» : هذه المدرسة خارج باب النيرب. أنشأها الصاحب كمال الدين عمر بن العديم. وبنى إلى جوارها تربة وجوسقا «2» وبستانا. ابتدأ عمارتها سنة تسع وثلاثين وستمائة، وتمت في سنة تسع وأربعين ولم يدرس بها أحد لأن الدولة الناصرية انقرضت قبل استيفاء غرضه فيها. وهي الآن تقام فيها الجمعة. وكان يخطب بها الشيخ الصالح أحمد الزركشي «3» . «المدرسة الأتابكية» : هذه المدرسة داخل بانقوسا على يمين الخارج منه. وكانت قديما خارج السور. (65 و) م أنشأها الأتابك شهاب الدين طغريل الظاهري؛ المتقدم ذكره. تم بناؤها في سنة عشرين وستمائة. أول من درس بها صفي الدين عمر الحموي. ولم يزل بها إلى أن توجه إلى حماة. ووليها بعده نظام الدين محمد بن عثمان البلخي الأصل، البغدادي المولد والمنشأ، ولم يزل بها إلى أن توفي بحلب ليلة الأربعاء تاسع عشري جمادى الآخرة سنة ثلاث وخمسين وستمائة. وكان مولده في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 فوليها بعده ولده تقي الدين أحمد. ولم يزل إلى أن قتل في فتنة التتر. ثم وليها في أيام الظاهرية الفقيه فخر الدين عبد الرحمن بن ادريس بن حسن ثم خرج عنها إلى ديار مصر. «المدرسة الكلتاوية» : هذه المدرسة داخل بانقوسا بالقرب من المدرسة المتقدم ذكرها. أنشأها طقتمر الكلتاوي. أخبرني والدي- رحمه الله- أنه نشأ له ولد وأنه سمع أن أهل الحديث تطول أعمارهم فأحضروا والدي والشيخ عز الدين لقراءة البخاري عنده فقرىء البخاري عنده للبركة. وحضر فقهاء بانقوسا وسمعوا، ووقف لها أوقافا كثيرة من جملتها: معصرة خارج بانقوسا. [الأمير كلتاوي] : والكلتاوية نسبة إلى الأمير كلتاوي. ولي البيرة وسنجار وقلعة الروم ثم استقل بالحجوبية بحلب، وكان فيه ظلم وتعصب للأئمة. كان يحب أهل العلم. ومات في حادي عشر رمضان سنة سبع وثمانين وسبعمائة. ودفن بمدرسته. (66 ظ) ف «المدرسة الأشقتمرية» : هذه المدرسة داخل باب النيرب؛ بالقرب من حمام اشقتمر. أنشأها اشقتمر- كافل حلب- وله تربة خارج باب المقام. ومكتب أيتام- وسيأتيان- واشقتمر تقدمت ترجمته في النواب. ومتى مات. ومن أوقاف اشقتمر الحمام المنسوبة إليه وغيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 «المدرسة الكاملية» : هذه المدرسة بالقرب من الناصرية اتجاه الدقصلارية بيت هناك ... أنشأها ...... «1» وسكنها الشيخ جمال الدين الملطي الحنفي- قاضي مصر- وترجمته «2» في تاريخ المرادي وترجمه شيخنا الحافظ ابن حجر ترجمة غير حسنة. [الشيخ جمال الدين الملطي] : والمشهور عنه أنه لما كان بحلب صار يتصدق كثيرا لسعة ماله. وقد أثرى واتسع ماله، وولى قضاء مصر- عفا الله تعالى عنه- وله أولاد، منهم: الشيخ علاء الدين علي؛ كان مثابرا على الصلوات والطهارة، عدلا، كريما، زاهدا، عمي ثم قدحت عينه. فأبصر. وله أوقاف بحلب. وله ولد ولد بالقاهرة. جاء إلى حلب واجتمعت به وهو سليم الصدر- وبلغني أنه توفي. «مدرسة أنشأها اقجا خازندار اشبك بالقرب من السفاحية» ؛ وعمل لها بابين أحدهما اتجاه السفاحية. والآخر في الدرب الآخذ إلى ناحية القلعة. وله على هذا الباب حوض ماء. ودرس بها القاضي أبو بكر بن اسحاق الحنفي. وتقطعت عمارة هذه المدرسة لأنه بناها على غير أساس كعادته فخرب غالبها ... «3» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 وبنائه إلى جانب الحوض الذي أنشأه في درب الحدادية زاوية ولم يكملها ثم اتخذها دارا [اقجا خازندار اشبك] : وكان اقجا المذكور لا عقل له. ولما حصر الأشرف آمد كان متكلما على آله الحصار وهم السلطان ببناء حصن ليشرف على آمد في الحصار فشرع اقجا في العمارة فلما رأى السلطان ما فعل قال له: هذا لا يكون على هذه الصورة فأجاب السلطان إن الله أعطاك السلطنة لا الهندسة. فهم السلطان بقتله فعز إلى العجم. ثم اتصل إلى مكة وجاء إلى حلب بعد موت الأشرف (65 ظ) م المدارس المالكية والحنابلة «مدرسة ..... «1» » : أنشأها الأمير سيف الدين علي بن سليمان بن جندر تحت القلعة لتدريس مذهبي مالك وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما. «وزاوية بالجامع الكبير» : وقفها الملك العادل نور الدين لتدريس مذهب الإمام مالك كما تقدم. «وزاوية بالجامع أيضا» : وقفها نور الدين لتدريس مذهب الإمام أحمد كما تقدم. وتقدم في الصلاحية أنها وقف على المذاهب الأربع. وتقدم في الزجاجية أنه أراد أن يقفها على الفرق الأربع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 ذكر آدر القرآن العزيز فمنها: «العشائرية» : وهي مطلة على الجامع الكبير من شباك، أحدث في حائط الجامع بعد (67 و) ف فتنة كبيرة فشرط واقفها على نفسه أنه لا يمنع أحدا من الجامع أن يدخل ليستنجي فيها فسكنت الفتنة حينئذ. قال والدي في تاريخه: أنشأها بعد وفاة ولديه الحسن والحسين شيخنا علاء الدين علي بن بدر الدين محمد بن محمد بن هاشم بن عبد الواحد ابن أبي العشائر «1» . ثم إن ولده ناصر الدين غير ذلك وجعل نفسه الواقف. وزاد ونقص في الأعيان والشروط. انتهى. وشرط فيها مدرسا على مذهب الإمام الشافعي وملقنا للقرآن، وهي لطيفة. وفيها أبواب منجور من صنعة أولاد عبد الله القلعيين. فرد في بابه. انتهى. وقد قال ابن حبيب في ترجمة علاء الدين المذكور: [علاء الدين ابن أبي العشائر] : عالم علمه خافق، وجواد فضله سابق، ورئيس بيته مرتفع، وشمل أصالته مجتمع، أفتى، وأفاد، وحصل، ودأب، وباشر في آخر عمره خطابة الجامع بحلب، وعمر دارا «2» للقراءة بحضرة المدرسة الشريفة. وتوفي بها عن ستين سنة في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 وأما ولده فهو: [محمد الريس بن علاء الدين بن أبي العشائر] : الإمام، الرحال، المحدث، الخطيب ناصر الدين محمد الريس، ذو الهيئة العلية. والنفس الأبية، والخط الباهر، رحل إلى دمشق، وقرأ على مشايخها، واتقن وخرّج، ونظر التواريخ كثيرا- نظرت أجزاء من تذكرته- وانتقى من معجم البرزالي «1» والدمياطي «2» ، والذهبي «3» ، وابن رافع «4» ، أشياء حسنة؛ وهي عندي بخطه في مجلد، وقد سمع والدي معه أشياء كثيرة، ولم يثبتها والدي بخطه اعتمادا عليه. فصار والدي يطالبه بها ليكتب فصار يماطله وذهب على والدي مسموع كثير بسبب ذلك، وقد ذهب الزبيري إلى وجوب العارية في هذه الصورة والله أعلم بقصده وخرج من حلب إلى القاهرة لأنه لم يرض الذل بحلب. وأنشد «5» لسان حاله: ولا يقيم على ضيم يراد به ... إلا الأذلان عير الحي والوتد هذا على الخسف مربوط برمته ... وذا يشبح فلا يرثي له أحد وتوفي بالقاهرة. ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر في سادس عشر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وسبعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 واتفقت له قضايا بحلب مع ابن أبي الرضا أوجبت خروجه من حلب. (66 و) م وخلف ولدا يقال له ولي الدين، ومات ولي الدين المذكور عن غير ولد فبيعت كتبه بعده بالبخس حتى أنه بيع (شرح أحكام عبد الحق لابن بزيزة «1» ) كل جزء بدرهم؛ وكان ناصر الدين- والد المذكور- يخبأ «2» كتبه ولا يظهر عليها أحدا، فلقد رأيت مجاميعه تباع بالهوان. ولقد درس مرة بالسحلولية خارج حلب، وحضر معه الشيخ كمال الدين أبو الفضل ابن العجمي- شيخ والدي- فلما رجع من الدرس قال لوالدي: (67 ظ) ف كنت أظن ابن عشائر يعرف يعرف شيئا. ومما وجدت بخطه من اللطائف قال: كتب إليّ صاحبنا أبو الربيع سليمان بن داود بن يعقوب المصري من سيس: يلوم على قصد الجهاد ملوم ... ونفسي بانصاف الكريم بشيرتي. ولست أبالي اللؤم يا ابن عشائر ... إذا رضيت عني كرام عشيرتي. فكتب في جوابه: هي النفس نفس الحر للخير سيست ... تقاد جنيب القلب في غزو سيسه وما الفتح إلا بالقلوب موجها ... إلى الواحد الفتاح في كل خطره قال وأنشدني الأديب علاء الدين علي بن محمد- كاتب الدرج- «3» بالقاهرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 مما يمدح به علاء الدين البيري المقتول على يد الملك الظاهر برقوق: حب عليّ هو اعتقادي ... من قبل أن ينشأ الوليد وقد تشيعت في هواه ... وعاد لي في الهوى يزيد وكتب إليّ البارع صدر الدين أبو الربيع سليمان الياسوفي: ما سوف أبلغ والأيام تمطلني ... قصدا أو ملة من خير مأسوف وإن دهرا مضى في غير عائدة ... من وصله لعليه غير مأسوف فأجابني وأحسن: يا من محبتي الأولى مخلدة ... عليه والقصد فيها غير مألوف دهر مضى لي في حبك» محتسب ... ولا أقول عليه غير مأسوف وكتب إلى قاضي القضاة أمين الدين الأنفي صدر جواب كتابه إليّ: وشي صنعاء وروض أنف ... من صناعات كتاب الأنفي. أيها الحبر وودي صادق ... أنت في قلبي فقل لي أنا في. أنشدني والدي- رحمه الله- قال: أنشدني الإمام ناصر الدين ابن عشائر لنفسه: (66 ظ) م حديث الثغر صح لنا ... سلسل ريقه العالي رواة الحسن تسنده ... لصفوان بن عسالي ومن نظمه: حملت من المودة منك جهدي ... ومن ميز التفضل فوق طوقي أفاخرك المحبة لا أحاشى ... إذا ما قلت شوقك دون شوقي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 وله: أفديه وضاح المحيا طرفه ... شاكي السلاح بمرهف بتار ظبي شعار جبينه وعيونه ... الحق أبلج والسيوف عواري. ورأيت بخطه من شعر بدر الدين محمد المعروف بابن الخطيب: (68 و) ف ومذ شاع عني حب ليلى وإنني ... كلفت بها شوقا وهمت بها وجدا تعرض لي من كل حي حسانه ... وأبدين لي شوقا وأظهرن لي ودا وقلن عسى أن تملك القلب ناقلا ... غرامك عن ليلى إلينا فما أجدى وو الله ما حبي لها جاز حده ... ولكنها في حسنها جازت الحدا انتهى وقد درس بهذه المدرسة شمس الدين النواوي فدخل إلى شيخنا المؤرخ وهو يدرس فقال: لأي شيء جئت. فقال: جئت لأرد عليك لحنك. وآل تدريسها بعد ذلك إلى بدر الدين محمد بن عمر الواقف وكان جاهلا فأخذته عنه. ولم أدرس بها. وألزمت بالنزول له عنها كرها. فلما توفي أخذها القاضي زين الدين النصيبي وأخوه القاضي شرف الدين وقد أغلق هذا المكان بعد فتنة تمر وصار مسكنا لأقارب الواقف يلعبون فيه بالشطرنج فنزل فيها العلامة المحقق شمس الدين الأطعاني «1» فأقام فيه ذاكرا قائما. فلما توفي سكنها الشيخ الصالح أبو بكر الحيشي «2» - رحمه الله ... ومنها: «دار ابن الصاحب» : وستأتي في مكاتب الأيتام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 ذكر آدر الحديث فمنها: زاوية بالجامع الكبير وقد تقدم ذكرها. وقفها الملك العادل نور الدين. ومنها: الناصرية وقد تقدمت في الجوامع. قال ابن الوردي في قصيدته ما يشهد بذلك؛ وقد تقدمت قصيدته في ترجمة ابن الزملكاني. ومنها: دار لا أدري أين هي ....... «1» وقفها نور الدين. ومنها: دار أنشأها القاضي بهاء الدين بن شداد إلى جانب مدرسة المتقدم ذكرها في المدارس. وهذه الدار كانت إلى محنة تمر مجمعا لأهل الحديث يسكنون بها ويقرءون ويسمعون. ويكتبون الطباق، ويرحلون إلى الآفاق ثم يرجعون. وطال ما مكث فيها والدي والشيخ عز الدين الحاضري والشيخ شرف الدين الأنصاري. وقرؤوا ودأبوا وكتبوا. وبعد تمر انطوى ذلك البساط، وآل أمرها إلى أن سكنها شخص حوّاء (67 و) م وأخذ منها قطعة أرض. وأضافها إلى بيته «2» - فقطع نسله ومات عن قرب «3» - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 وأغلق بابها. واستولى عليها من ليس له معرفة له ولا ألم بشيء من أمور دينه فضلا عن الحديث. ومن وقفها: قرية كرمايل «1» ببلد اعزاز. ومنها: دار: أنشأها ظهير الدين بن العجمي بالقرب من الدار التي أنشأها ابن شداد المتقدم ذكرها. وقد جددها في هذه الأيام قاضي القضاة شمس الدين محمد بن أحمد الحلاوي الحنفي؛ ناب في الحكم بحلب. وولي قضاء دمشق وحماة بعد ذلك. ومنها: دار: أنشأها بدر الدين بن الداية وستأتي ترجمته رحمه الله تعالى- بحلب (68 ظ) ف اتجاه باب القلعة. خارج بوابة بني الشحنة دار مكتوب على بابها ما معناه: «أنشأها بدر الدين الأسدي في دولة «2» السلطان العزيز دارا لقراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظه عل الفتح. وشرط أن يكون إمامها حنفي المذهب في ذي الحجة سنة اثنين وثلاثين وستمائة؛ وهي هذه. ومنها: دار أنشأتها أم الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين في الخانقاه التي بنتها وستأتي. ومنها: دور بظاهر حلب فمنها: زاوية في الفردوس التي قدمنا ذكرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 ومنها: في تربة الأفضل علي بن الناصر صلاح الدين. من وقفه: وقد تقدمت في فصل الملوك. ومنها: دار أنشأها الصاحب مؤيد الدين إبراهيم بن يوسف القفطي اتجاه الفردوس وكانت قديما تعرف بالبدرية. ووقف عليها كتبا من جملتها: «المجمل» «1» ، ورأيت جزءا منه. انتهى. قلت: [أبو اسحاق إبراهيم بن يوسف القفطي] : هو أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد بن موسى بن أحمد ابن محمد بن إسحاق بن محمد الوزير، مولده بالقدس الشريف رابع عشر المحرم سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وتوفي بحلب بعد وقعة التتر. وفي تاريخ الإسلام: في أحد الربيعين سنة ثمان وخمسين وستمائة. ومن نظمه: يا قمرا حاز كل ظرف ... وحاز مما حواه وصف منزلك القلب إن زمان ... عاند «2» في أن يراك طرف ضمك جبر لكسر قلبي «3» ... عليه فتح الهموم وقف انتهى. ومنها: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 «دار بالسهلية بالقرب من سويقة حاتم» : أوصى محمد بن السيد حمزة- كاتب بكلمش- أن تجعل قاعته الملاصقة للخانقاه الزينية دار حديث، فلما توفي جعل والده السيد حمزة عوض قاعته المدرسة المعروفة الآن خارج درب الزينية دار حديث وأقام بعمارتها والده بعده أتم قيام. وأكمل عمارتها. ولها شباك على الطريق واسع جدا. وتحته حوض ماء. وكان السيد حمزة المذكور مشار إليه بحلب قبل فتنة تمر وبعدها بواسطة بني العديم، وله ترجمة في تاريخ شيخنا. ولهذه الدار وقف مبرور وشرط واقفها أن يكون (67 ظ) م. (69 و) ف والدي محدثها. ... ...... ......... «1» وقد انتهى الكلام في المدارس حسبا أو حكما اللاتي كانت موقوفة على الفقهاء والمتفقهة. واعلم أن الفقه أفي الدين نور يقذفه الله في القلب وهذا القدر قد يحصل لبعض أهل العناية موهبة من الله تعالى وهو المقصود الأعظم. وقال ابن الرفعة: الفقيه من عرف من أحكام الشرع من كل نوع شيئا؛ والمراد من كل باب من أبواب الفقه دون ما إذا عرف طرفا منه كمن يعرف أحكام الحيض أو الفرائض وإن سماها الشارع نصف العلم. والفرق بين الفقيه والمتفقه مذكور في كتب الفقه. وقد استفتى الحسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 البصري «1» في مسألة. فأجاب. فقيل له: إن فقهاءها لا يقولون ذلك. فقال: وهل رأيت فقيها قط؛ الفقيه: القائم ليله، الصائم نهاره الزاهد في الدنيا. الذي لا يداري ولا يمارى. ينشر حكمة الله. فإن قبلت منه حمد الله. وإن ردت عليه حمد الله. وفقه عن الله أمره. ونهيه. وعلم ما يحبه. وما يكرهه له. فذلك هو العالم الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. فإذا لم يكن بهذه الصفة فهو من المغرورين «2» . وانتهى الكلام أيضا في آدر الحديث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 ذكر [الخوانق والربط والزوايا والتكايا] والآن نشرع في ذكر الخوانق والربط والزوايا على اختلاف طرائقهم. وقد قال شيخ الطريقة الجنيد «1» - رحمه الله- هذا علم انطوى بساطه ونحن نتكلم في حواشيه. (68 و) م. وقد اختلف أقوال القوم في ماهية التصوف على ألف قول. وكل عبر بلغته وصفر بإشارته. فقيل: «هو الدخول في كل خلق سني والخروج من كل خلق دني «2» » . (69 ظ) ف وقال الجنيد: «هو أن يميتك الحق عنك، ويحييك به، وعلامة الفقر الصادق أن يفتقر بعد الغنى، ويذل بعد العز، ويخفى بعد الشهرة، وعلامة الكاذب العكس «3» » . وقيل: «هو أخلاق كريمة ظهرت في زمان كريم، من رجل كريم، مع قوم كرام «4» » . وسئل الجنيد عنه فقال: «أن تكون معه تعالى بلا علاقة «5» » . وقال الكرخي: «التصوف: الأخذ بالحقائق. واليأس عما في أيدي الخلائق «6» » . وقيل: «الصوفي كالأرض يطرح عليها كل قبيح. ولا يخرج منها إلا كل مليح «7» . وقيل: «الصوفي: كالأرض يطؤها البر والفاجر، وكالسحاب تظل كل شيء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 وكالقطر يسقى كل شيء «1» » . وإذا رأيت الصوفي يعتني بظاهره فاعلم أن باطنه خراب «2» » . وهذا باب طويل. والكلام فيه كثير فعليك بكتب القوم. وانظر أحوالهم ومنازلهم وخواطرهم من الإنس لتعرف الفرق بين الحال «3» والمقام «4» . وتعرف الأنس «5» والقرب «6» . والحياد والاتصال «7» والفناء «8» والبقاء «9» ، والسكر «10» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 والصحو «1» ، إلى غير ذلك من أحوالهم وإشاراتهم. وقد قيل لعبد الله بن المبارك: من الملوك؟ قال: الزهاد. وكن كما قال الأول: طلّق الدنيا ثلاثا ... واتخذ زوجا سواها. إنها زوجة سوء ... لا تبالي من أتاها. أنت تعطيها مناها ... وهي تعطيك قفاها. فإذا نالت مناها ... منك ولتك وراها. انتهى. ونبتدئ بتعريف الخانقاه: [الخانكاه] : وهي بالكاف، وهي بالعجمية ومعناها: ديار الصوفية. ولم يتعرض الفقهاء للفرق بينها وبين الزاوية والرباط. [الرباط] : وهو المكان المسبل للأفعال الصالحة والعبادة واعلم أنه يجوز للفقهاء الإقامة في الربط. وتناول معلومها. ولا يجوز للمتصوف القعود في المدارس وأخذ جرايتها؛ لأن المعني الذي يطلق على التصوف موجود في الفقيه ولا عكس. ونشرع الآن بذكر أول خانكاه بنيت بحلب فنقول: «خانكاه البلاط «2» » : وسوق البلاط هو سوق الصابون الآن. ولها بابان أحدهما من السوق المذكور. والآخر من شارع شرقيها. أنشأها شمق الخواص لولو الخادم- عتيق رضوان- وذلك في سنة تسع وخمسمائة واسمه مكتوب في- عتبة بابها الشرقي. وكان يتولى حلب نيابة. فسمت نفسه إلى التغلب عليها فقتل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 [لولو الخادم، عتيق رضوان] : واعلم أن لولو المذكور هو الملكي ووقف هذه على الفقراء المنجردين دون المتأهلين بحلب؛ كذا رأيته في تاريخ الصاحب بخطه. وهذا كان مملوكا لتاج الرؤساء ثم صار إلى الملك رضوان. وولي تدبير حلب مع ابنه ألب أرسلان الأخرس. وخاف منه فقتله مع جماعة من أمرائه وأجلس (70 و) ف أخاه صبيا صغيرا يقال له سلطان شاه. وتولى أمر حلب وباع أملاكا كثيرة (68 ظ) م من بلد حلب تولى بيعها الحاكم بحلب وتولى لولو قبض ثمنها وحكم فيها منفردا بالأمر إلى أن قتل وهو متوجه إلى قلعة جعبر قتله جماعة من مماليك رضوان بأمر مولاهم. وفي «عنوان: «البر» : وألب أرسلان محمد استولى على حلب وله من العمر سبع عشرة سنة. وقتل خلقا من أصحاب أبيه. فاغتاله خادم كان خصيصا به اسمه لولو في رجب سنة ثمان وخمسمائة وكان ملكه بحلب سنة واحدة. واستولى هذا الخادم على حلب والمال ومزقه وظهرت منه شهامة. وخرج من حلب للصيد فرماه تركي بسهم فقتله في محرم سنة إحدى عشرة وخمسمائة. وقال بعضهم لما عمل لولو على ألب أرسلان وقتله أخذ الأموال من القلعة وسار هاربا يطلب بلاد الشرق فلما وصل إلى دير حافر قال سنقر: تتركونه يقتل تاج الدولة، ويأخذ الأموال، ويمضي. فصاح بالتركية يعني الأرنب. الأرنب. فضربوه بالسهام، فقتلوه. ولما هرب لولو أقامت القلعة في آمنه خاتون بنت رضوان يومين فلما قتل ملكوا سلطان شاه بن رضوان. انتهى. وهذه الخانكاه كانت مركزا للفقراء ومجمعا لأهل الطريق فمن كان بها: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 [الشيخ نجم الدين عبد اللطيف بن محمد الميهني] : شيخ الطريقة سليل المشايخ المسلكين بقية السلف الصالحين نجم الدين أبو محمد عبد اللطيف شيخ الشيوخ بحلب بن الشيخ القدوة بدر الدين محمد بن أبي البركات موسى بن يوسف بن سعد بن سعيد بن محمد بن أبي ناصر بن أبي سعيد بن أبي الخير الحلبي الميهني. وعمه: الشيخ نجم الدين. وقد لبس والدي منه خرقة التصوف «1» المنسوبة إلى جدهم الشيخ العارف أبي الخير الميهني الصوفي في سنة ست وسبعين وسبعمائة بباب منزله بالقرب من الخانكاه المذكورة. ونسب هذه الخانكاه والدي إلى نور الدين وبعد جددها. [الشيخ أبو الخير الميهني الصوفي] : والشيخ أبو الخير المذكور لبس من الشيخ أبي الفضل الحسن السرخي. وهو لبسها من أبي نصر سراج الدين الطوسي. وهو لبسها من أبي محمد المرتعش. وهو لبسها من الشيخ أبي القاسم الجنيد- وهو لبسها من خاله السري السقطي، وهو لبسها من معروف الكرخي، وهو لبسها من داود الطائي «2» ، وهو لبسها من حبيب العجمي «3» ، وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 لبسها من الحسن البصري «1» ، وهو لبسها من علي بن أبي طالب، وهو أخذها من سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. واعلم أن أبا الخير هو أول من فرض النصيب لأهل التصوف. وقد توفي عبد اللطيف سنة سبع وثمانين وسبعمائة. قال ابن حبيب: وكان إنسانا خيرا في نفسه. مثابرا على فعل الخير في يومه أضعاف أمسه. ومن ذرية أبي الخير المذكور عبد اللطيف بن أبي الفتوح. وفي تاريخ شيخنا نصر الدين بن سعد بن سعيد بن محمد مولده يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول (70 ظ) ف سنة تسع وستمائة بحمص. ومات في أوائل سنة سبع وتسعين وستمائة بحلب فجأة غص بلقمة. وترى ترجمته في تاريخ شيخنا. وكان دينا خيرا. لا مبدلا ولا مغيرا مشمولا مقبولا في السكون والحركة. واعلم أن هذه الخانكاه لم تزل بأيدي هذا البيت [و] لما مات عبد اللطيف شيخ والدي أخذها ولده سراج الدين عمر. وبعده أخذها ولده أبو الخير. وكانوا يقيمون بها الذكر والأوراد ولها صوفه مرتبون تجري عليهم (69 و) م المعاليم من وقفها. وبيدهم أشهاد عليه خط الشيخ علي الهروي المتقدم ذكره يشهد لهم بذلك ثم سد باب الخانكاه الذي من السوق. وجعل صغيرا. وهو باق إلى الآن على تلك الهيئة. وهجرت وردم التراب خلف بابها الشرقي. وردمت بركتها وانقطع الماء عنها وسكنها من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 جعلها بيتا من جملة البيوت. ثم لما قدم الشيخ الصالح الزاهد العامل علاء الدين بن يوسف الجبرتي حلب- وستأتي ترجمته وما اتفق له في الحوادث إن شاء الله تعالى- وعمر الصاحبية والحدادية كما تقدم فيهما صار يتردد من الحدادية إلى هذه الخانكاه، وأقام لها مؤذنا واماما وأخرج التراب من بركتها وأجرى إليها الماء من رأس القناة في كيزان جديدة. فإن قناتها القديمة- أخذت كما سيأتي- تبرع بمصروفها الأمير تغري برد بن يونس نائب السلطنة بقلعة حلب إذ ذاك وأصرف عليها جملة كثيرة. وعزل مرتفقها وزاد فيه بيوتا وهم أن يجرى إليه فائض الماء من البركة، وفتح بابها الشرقي وفتح لها في صدر إيوانها شباكا إلى الشارع لئلا يتطرق لابطال شعار هذه الخانكاه كما كانت. وفتح شباكا آخر اتجاه بابها الغربي في جانب رواقها بحيث أن من كان في السوق يعلم أن هناك مسجدا ومن مر في الشارع يعلم ذلك. وأخبرني من أثق به أن الجمل بحمله كان يدخل من باب هذه الخانكاه الذي في السوق. فلما اختصر فكان لا يعلم أن هناك خانكاه إلا من يدخلها. وهذا كان سبب فتح الشباكين المذكورين وبيض قبليتها. وكساها حصرا ومصابيح. ولما كشط كلها القديم شاهد في جانب قبليتها بابا من جهة الشرق ففتحه فوجده كان باب خلوة. وأخذها بعض جيران الخانكاه وأضافها إلى بيته. وعمر فوقها بيتا له. وسيأتي ما اتفق له بسبب ذلك في الحوادث. انتهى. قلت: وقول والدي أنها نورية يحتمل أن نور الدين جدد فيها شيئا ولها أوقاف كثيرة مبرورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 (خانكاه القديم أ» : هذه الخانكاه تحت القلعة إلى جانب الخندق ملاصقة لدار العدل. (71 و) ف أنشأها نور الدين وتولى النظر على عمارتها شمس الدين أبو القاسم بن الطرسوسي. قلت: وهي وقف على الصوفية المتجردين. وأنشأها في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، وهي نيرة كبيرة متسعة الأرجاء، بها قاعة للشيخ، وقبة للفقراء وإيوان كبير، وقبلية. وبشرقيها في صحن الخانكاه باب ينزل منه إلى بركة ماء من قناة حيلان، وبوابتها عظيمة، وهي من زمن الواقف. وأما بابها الذي على الشارع وله دكتان فهو من إنشاء حسام الدين البرغالي لما كان شيخا قبل فتنة تمر. وهذه الخانكاه كان لها مطبخ يطبخ فيه للفقراء فسد الآن وخرب. وكان بها سجادة الشيخ شهاب الدين السهروردي. [شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي] : وهو العلامة شيخ الطريقة شهاب الدين أبو عبد الله عمر بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن عمويه؛ واسمه: عبد الله بن سعد بن الحسين بن القاسم بن النضر بن القاسم بن سعد بن النضر بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه صاحب: «عوارف المعارف «1» » . (69 ظ) م قال الذهبي: هو الزاهد العارف. يحكى أنه أنشد يوما في مجلس وعظه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 لا تسقني وحدي فما عوّدتني ... أني أشحّ بها على جلّاسي أنت الكريم ولا يليق تكرّما ... أن يعبر الندماء دور الكاس فتواجد الناس لذلك. وطربوا، وقطعت شعور كثيرة، ومات «1» خلق عظيم. ومن شعره: تصرمت وحشة الليالي ... وأقبلت دولة الوصال وصار بالوصل لي حسودا ... من كان في هجركم رثالي وحقّكم بعد إذ حصلتم ... بكل من قاست لا أبالي تقاصرت عنكم قلوب ... فياله موردا حلالي عليّ ما للورى حرام ... وحبكم في الحشا حلالي تشربت أعظمي هواكم ... فما لغير الهوى ومالي وما «2» على عادم أجاجا ... وعنده أعين الزلال وقد ترجمه الذهبي ترجمة طويلة «3» منها: أنه أضر في آخر عمره وأقعد ومع هذه فما أخل بالأوراد ودوام الذكر وحضور الجمع في محفة. والمضي إلى الحج إلى أن دخل في عشر المائة. وضعف. فانقطع في منزله. وتوفي في مستهل المحرم سنة اثنين وثلاثين وستمائة. انتهى. وقد آلت هذه الخانكاه مشيخة ونظرا بعد حسام الدين البرغالي إلى العلامة عز الدين الحاضري. ثم بعده إلى أولاده. وشاركهم تاج الدين الكركي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 وقاضي المسلمين أبو بكر ابن إسحاق الحنفي. (71 ظ) ف ثم استقل بها ولد الشيخ عز الدين علاء الدين الحاضري. فرمم ما استهدم منها واشترى «1» لها رخاما ملونا ليرخمها به فإن رخامها القديم تكسر غالبه. وسد باب الماء الذي كان في صحنها، وفتح عوضه بابا من دهليزها. وانتقل إليها وسكن فيها. ومات كما سيأتي في الحوادث. ولها أوقاف مبرورة منها: قرية بديثا «2» من جبل السماق بالقرب من أريحا ولها حمام خلف دار العدل، ولما دثرت عمرها المؤيد بالنصف. ودثرت الآن أيضا ولها حوانيت على بابها. وغير ذلك. «خانكاه القصر» : هذه الخانكاه تحت القلعة، بالقرب من السلطانية. وبابها يفتح إلى الغرب. أنشأها العادل نور الدين. سميت بهذا الاسم لأنها كان في مكانها قصر من بناء شجاع الدين فاتك. وكان مبدأ عمارتها في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وهذه الخانكاه الآن اختصرت وأصبحت مسكنا. وكان أمرها بيد بني أمين الدولة. «خانكاه-» : أنشأتها السيدة أم الصالح إسماعيل بن العادل نور الدين تحت القلعة إلى جانب السيفية المتقدم ذكرها في- المدارس في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. وبنت إلى جانبها تربة، ودفنت بها ولدها الصالح- وتقدمت ترجمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 ووقفت على قراء هذه التربة أوقافا من جملتها: بستان ظاهر حلب يعرف بالبقعة. وشرطت في القارئ أن يكون أعمى. وغرضها في ذلك أن تحضر القراءة بنفسها. وأن لا تحتجب منهم. وأما الخانكاه فمن جملة أوقافها حصة بقرية كفر كرمين «1» من عزاز. خانكاه الزينية: هذه الخانكاه بالسهلية وهي سويقة حاتم الآن أ، بدرب غيرنا قد يعرف بالسيد حمزة. أنشأها المعظم مظفر الدين كوكبوري «2» بن زين الدين علي كوجك- صاحب اربل- قاله ابن شداد «3» . انتهى. [مظفر الدين كوكبوري] : أما مظفر الدين كوكبوري فترجمته طويلة واحتفاله بالمولد مشهور؛ قال «4» في مرآة الزمان كان ينفق في كل سنة على المولد ثلاثمائة ألف دينار. وعلى الخانكاه مائتي ألف دينار وعلى دار المضيف مائة ألف، وعلى الأسرى مائتي ألف دينار. وفي الحرمين والسبل ثلاثين ألف دينار. وقال من حضر المولد مرة عددنا على السماط مائة فارس وخمسة آلاف رأس مشوي وعشرة آلاف دجاجة ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 قال الذهبي وصاحب مرآة الزمان: مجازف لا يتورع في مقالة منها أنه صاحب الصدقات والربط والخوانق والمدارس ووجوه البر وتفقد المحاويج بنفسه، وعيادة المرضى في البيمارستان بنفسه ما لا يحتاج إلى ذكره لكثرته. قال الشيخ كمال الدين شيخ الخانقاه أنه يجلس اليتيم على ركبته ويمسح (78 و) ف وجهه بمنديله، وإذا مات غريب شد وسطه، ونزل بنفسه في قبره وألحده. وربما يقبل وجهه. ويدخل البيمارستان ويجلس عند المرضى ويسأل عن أحوالهم. قدم عليه رجل ذكر له فاقة. فقال ينزل بدار المضيف حتى نكشف عن حاله فأنزل. وركب مظفر الدين وخرج إلى الصيد. وعاد فقام الرجل، وقال: جئت إليك من بلد بعيد. فقال له مبارك: قد قلنا ينزل في دار المضيف. فقال: أريد شيئا. فقال: لا أعطيك شيئا. فقال: لا سمعا ولا طاعة. أخذت طبل نار وضربت به في أقطار الأرض. إنك تقضي حوائج الناس وتصلهم. وجشمت الناس أن يقدموا عليك من البلاد الشاسعة ثم تمنعهم. فبهت. ثم قال: أما والله وكرامة لك. واستدعاه إلى القصر، وأجلسه معه، وأطعمه، ووصله بمائة دينار. ومولده في قلعة الموصل ليلة الثلاثاء السابع والعشرين من المحرم سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وتوفي بإربل في تاسع رمضان سنة ثلاثين وستمائة. وقال الصاحب أنه أخبرني أبو المحامد القوصي أنه توفي بإربل سنة تسع وعشرين وستمائة، وحمل إلى مكة ليدفن بعرفات بالقبة التي أنشأها بها فعرض لهم العرب عند الكوفة فردوه إليها. ودفنوه بأرض النجف منها عند مشهد علي رضي الله عنه. ورأيت في مختصر تاريخ ابن خلكان قال: توفي في وقت الظهر يوم الأربعاء ثامن عشر رمضان سنة ثلاثين وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 وفي تاريخ ابن خلكان: ليلة الجمعة رابع عشر رمضان وله بمكة آثار عظيمة باقية إلى الآن «1» ؛ منها: المصانع التي بعرفات. وهو أول من أجرى الماء إلى الجبل. وعمر المصانع والفساقي بها. ثم حمل إلى مكة. ووجد الركب في تلك السنة التي نقل فيها وهي سنة إحدى وثلاثين شدة كبيرة من عدم الماء بمنزلة من المنازل فعاد الركب ولم يصلوا إلى مكة. ودفنوه بالكوفة بالقرب من المشهد المذكور «2» انتهى. وتهيأ يوما للصيد وكان البرد شديدا فانفرد عن أصحابه فسمع بزدارا «3» يقول لآخر: فعل الله بهذا الشيخ وسب سبا قبيحا. فسمعه. فالتفت الشاتم فرآه، ففزع فناداه يا فلان وقع البرد على أذني فمنعني أن أسمع شيئا فإذا حدثتني فارفع صوتك. فطابت نفس الشاب. ثم تصامم بعد ذلك سنين انتهى. [زين الدين كوجك] : وأما أبوه زين الدين على كوجك «4» فكان قصيرا فسمي بذلك وهو لفظ أعجمي معناه صغير فرزق أولادا كثيرة. وأصله من التركمان. وعمر طويلا جاوز المائة. وعمي في آخر عمره. وانقطع بإربل إلى أن توفي ليلة الأحد حادي عشر [ذى] القعدة سنة ثلاث وستين وخمسمائة وقيل في ذي الحجة ودفن بتربته المعروفة به المجاورة للجامع العتيق داخل البلد بالموصل وله أوقاف كثيرة ومدارس بالموصل. (72 ظ) ف وكان تركيا أسمر اللون خفيف العارضين. قصيرا جدا، وحاله من أعجب الأحوال تارة يبدو منه ما يدل على سلامة صدره وغفلته، وتارة ما يدل على إفراط الذكاء والدهاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 أتاه بعض أصحابه بذنب فرس ذكر أنه مات له فأمر له بفرس عوضا. فأخذ ذلك الذنب أيضا عشرة من الأجناد وأحضره وكل منهم يذكر أنه ماتت له دابة فأمر له بفرس. وتداول ذلك الذنب اثنا عشر نفرا كل منهم يأخذ فرسا. فقال لهم في الآخر: أما تستحون مني كما أستحي منكم. قد أحضر هذا عندي اثنا عشر رجلا. وأنا أتغافل لئلا يخجل أحدكم. أتظنون أني لا أعرفه. انتهى. وهذه الخانكاه مضيئة، ولها باب من دار البازيار مسدود الآن. ولها أوقاف كثيرة خارج حلب باطعانا «1» ولسين «2» أوغيرها. انتهى. وسميت بالزينية نسبة إلى أبيه وإلا في الحقيقة فهي المظفرية كما هو مكتوب عليها وكما تقدم عن ابن شداد. ومتولى عمارتها محمد بن سليمان التبريزي في سنة سبع وستمائة. «خانكاه المجدية» : أنشأها مجد الدين أبو بكر محمد بن محمد المعروف بابن الداية، قرب عرصة الفراتي. انتهى. قلت: وعرصة الفراتي اندثرت الآن. والآن هي قريبة من بلوقيا المذكور في المزارات بالقرب من جامع أرغون. [مجد الدين محمد بن الداية] : ومجد الدين هذا أخو نور الدين الشهيد من الرضاع. كان بطلا شجاعا عاقلا دينا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 اتفق موته وموت العمادي كافل حلب بدمشق فحزن عليهما نور الدين، وبكى لفقدهما، وقال: قص جناحاي. وقدم على عساكره بعد مجد الدين سابق الدين عثمان وذلك في سنة خمس وستين وخمسمائة. «خانكاه-» : أنشأها سعد الدين كمشتكين الخادم مولى بيت الأتابك عماد الدين قرب دور بني العديم. وتوفى سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة مخنوقا بوتر. انتهى. قلت: بيت بني العديم اندثر في محنة تمر. وصار كوما عظيما عقب فتنة تمر، وكان ملاصقا للمدرسة الصلاحية من جهة الشرق. وكان عمارة عظيمة على بابه قناطر بلق. وفي أيامنا اشتراه «1» شخص يقال جمعه الفاعل وحرر منه ترابا كثيرا. وخرج فيه بئر ماء. وإلى جانبه بيت الشريف نقيب الأشرف وإلى جانب هذه الدار بوابة من الرخام الأصفر ثلاث قطع. وهي باقية واندثر داخلها وعمره الناس أملاكا ولعل هذه الخانكاه المذكورة هذا المكان. والآن يعرف هذا المكان بالقلقاسية نسبة إلى شيخ كان ساكنا بها يكره أكل القلقاس «2» . [سعد الدين كمشتكين الخادم] : وكمشتكين المذكور هو سعد الدين نائب الصالح إسماعيل وكان جدنا الكبير أبو صالح الشهيد بن العجمي كالوزير في دولة إسماعيل، فقتل. فقالوا إن (73 و) ف كمشتكين جهز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 له جماعة من الباطنية فقتلوه يوم الجمعة وهو خارج من صلاة الجمعة إلى بيته فقبض الصالح عليه. وقيل تحت العذاب في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. وفي تاريخ ابن خلكان أن الصالح قبض على كمشتكين صاحب دولته وطلب منه تسليم حارم إليه فامتنع، فقتله. ولما سمع الفرنج بقتله نزلوا إلى حارم طمعا فيها وذلك في جمادى الأولى سنة اثنين وسبعين. فلما رأى أهل قلعتها الخطر من جهة الفرنج سلموها إلى الصالح فرحل الفرنج عنها. قلت: وهناك خانكه أخرى بالقرب من آدر الشريف الهاشمي بدرب لا منفذ له وتسمى «بخانكاه طاوس» فتحتمل أن تكون هذه ويحتمل أن تكون المتقدمة والله أعلم. خانكاه الشمسية: هذه الخانكاه برأس درب البازيار ملاصقة لبيتي من جهة الغرب. أنشأها شمس الدين أبو بكر أحمد جدي (أخو صاحب الشرفية) ابن عمي؛ لأني ابن إبراهيم بن عائشة بنت نجم الدين عمر بن قطب الدين محمد بن موفق الدين أحمد بن فاخرة بنت الشيخ شمس الدين المشار إليه؛ وموفق الدين أحمد المشار إليه هو ابن هاشم بن أبي حامد عبد الله أخي الشهيد. وهذه الخانكاه كانت داره، وبها سكنه، ولها باب إلى دهليز قاعتي التي سكنتها ابنته فاخرة المذكورة. وهي خانكاه عظيمة مشتملة علو وهو طباق مرخمة ببروز من الرخام الأصفر وسفل به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 مغارتان إحداهما «1» فوق الأخرى. وبها بئر. وهي محكمة البناء. فلما توفي منشئها سنة إحدى وثلاثين توفي عن ابنة واحدة وهي جدتي فأوصى إلى أخيه الشيخ شرف الدين (صاحب الشرفية) بأن يقفها على الصوفية فوقفها أخوه أ. وكانت هذه الخانكاه لها أوقاف جليلة وحلوى في المواسم ولها أمام وقد صلى والدي بها بالقرآن الشريف. ومن وقفها: حصة «2» بقرية كفر دعال؛ وقدر الحصة فدان وربع وقفت عليها وعلى الرم وحوانيت بسوق الحبالين الآن ولها سماط (73 ظ) ف قيل أن حاكما أبطله لنقض الوقف. وقد سكن هذه الخانكاه قبل فتنة تمر: الشيخ أحمد الحموي. والشيخ علي المتعيش وكانا من الصالحين القائمين. ثم سكنها الشيخ شمس الدين الأطعاني في محنة تمر. ثم سكنها بعد ذلك الشيخ شهاب الدين أحمد بن الحسباني؛ وله ترجمة في تاريخي والدي وشيخنا. ثم صارت بعد ذلك مسكنا للقضاة ومنهم: القاضي الحمصي. وأحدث فيها بابا ورام قلع رخام مغارتها. وأحضر من يقلعه فلم يوافقه على قلعه ...... قلت: وإلى جانب هذه الخانكاه من جهة الشمال خانكاه الخادم وكان من عتقاء بني العجمي وقفها على سكنى معتقي بني العجمي» . ولها بابان بدرب البازيار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 أحدهما جعل دارا وسد من جهة الخانكاه. ولهذه الخانكاه دار بالدرب المذكور وقف عليها. وهذه الدار بيد بني الحر «1» الغزال بمقتضي إجاره. وفي داخل هذه الخانكاه قبر. وبهذا الدرب خانكاه أخرى اتجاه الخانكاه المذكور وبها قبر أيضا ولا أعرف لمن تنسب، وقد جعلت دارا، وسكنها الناس، وانطوى ذكر الخانكاه عنها. «خانكاه التنبيه» : هذه الخانكاه «2» بذيل العقبة بالدرب المتوجه إلى جب السدله. أنشأها الأمير جمال الدين أبو الثنا عبد القاهر بن عيسى المعروف بابن التبني كانت دارا يسكنها فوقفها عند وفاته. وكانت وفاته في رابع عشر المحرم سنة تسع وثلاثين وستمائة. وبهذه الخانكاه قبر فلعله قبر واقفها وهذه الخانكاه أخذ بعضها وأضيف (71 ظ) وإلى مساكن الجيران. [الشيخ شمس الدين الغزي] : وسكن في هذه الخانكاه العبد الصالح الشيخ شمس الدين الغزي، وكان من الأخيار يقرى في الجامع الكبير الأيتام لله تعالى، ويطعمهم. وللناس فيه اعتقاد. ويقفون عليه مساكن. فكان يأخذ ريعها. ويطعم به الفقراء. توفي تاسع عشر ربيع الأول سنة ست وعشرين وثمانمائة ودفن بمقبرة ابن الأطعاني غربي الناعورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 «خانكاه» : أنشأها الأمير علاء الدين طاي بغا كانت دارا يسكنها فوقفها على الصوفية عند موته. وتوفي سنة خمسين وستمائة. قلت: وهذه الخانكاه قبلي دار العدل. مكتوب على بابها: وقف هذا الرباط في أيام الناصر يوسف ابن العزيز محمد بن الظاهر غازي علاء الدين أبو سعيد (74 و) ف طاي بغا الظاهري على الصوفية المستعربة المقيمين بها من أهل الدين والصلاح والسنة والجماعة في شهر رجب سنة خمسين وستمائة. وإلى جانبها قاعة مكتوب عليها: هذا ما وقفه علاء الدين طيبغا على الخانكاه. «خانكاه» : أنشأها سنقر النوري. قلت: وهذه الخانقاه بالقرب من المتقدمة. ومكتوب عليها: عمر هذا الرباط في دولة أبي القاسم محمود بن زنكي مولاه سنقرجاه من ماله. ووقفه على فقراء العرب وزهادهم سنة أربع وخمسين وخمسمائة صنعة عيسى بن علي. وتقدم في الشاذبختية أن شاذبخت له وقف على هذا الرباط. انتهى. وإلى جانب هذا الرباط قاسارية مكتوب عليها: أسست هذه البنية في أيام العادل محمود برسم نافع الخانقاه المجاهدية الملاصقة، المتولى شاذبخت وقفا مؤبدا في سنة أربع وستين وخمسمائة. خانكاه: أنشأها عبد الملك بن المقدم بدرب الحطابين المعروف الآن بدرب بن سلار أربع وأربعين وخمسمائة. قلت: هذه خرب بعضها. وقد شرع في عمارته في هذه الأيام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 ومن جملة أوقافها حصتان بقريتي جسرين والمحمدية «1» من عمل دمشق. وحصة بقرية كفتان «2» من حواضر حلب؛ قاله ابن شداد. خانكاه: أنشأها جمال الدولة اقبال الظاهري تحت القلعة في حدود الأربعين وستمائة. قلت: هي برأس درب المبلط اتجاه تربة الظاهر بالسلطانية. ومن وقفها ريع حمام ببانقوسا المعروفة بحمام العتيق المتقدم ذكرها. خانكاه: أنشأها أتابك طغريل عند باب الأربعين. وتوفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة. خانكاه: أنشأها بيرم مولى ست حارم بنت اليعسباي خاله صلاح الدين في دهليز دار المعظم وتعرف بخانكاه (الشيخ حوشي) لا أعرفها. (72 و) م خانكاه البهائية «3» : أنشأها الشيخ الفقيه الإمام العالم بهاء الدين المعروف بابن شداد. المتقدم ذكره في المدارس ودور الحديث التي أنشأها إلى جانب مدرسته وتربته كانت دارا يسكنها. «خانكاه» : أنشأها سعد الدين مسعود بن عز الدين ايبك فطيس المتقدم ذكره في مدرسته التي أدخلت في دار العدل. «خانكاه الدامغانية» : هي داخل بيت ابن النفيس العجمي خارج باب الأربعين. كان اندثر بعضها فجددها ابن نفيس المذكور. وهي وقف على البسطامية. وهي نسبة إلى حسن الدامغاني، وهو مدفون بها. وكان مكتوب عليها وقفها أحمد ولا أعرفه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 الخوانك التي للنساء خانكاه: أنشأتها الصاحبة فاطمة خاتون بنت الملك العادل ... «1» وتوفيت سنة ست وخمسين وستمائة. قلت: وهذه الخانكاه بالقرب من البيمارستان النوري مكتوب عليها: وقفت هذه الخانكاه فاطمة بنت الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب على الفقراء المقيمات بها. وإظهار الصلوات الخمس بها. والمبيت بها. ووقفت عليها كفر تعال «2» من جبل سمعان بنظر إدريس بن محمد. وهذه الخانكاه الآن بيد بني السفاح «3» . خانكاه: أنشأها نور الدين محمود بن زنكي في سنة ثلاثين وخمسين وخمسمائة في غلبة ظني؛ قاله ابن شداد. قلت: أظنها التي إلى جانب مدرسة شاذبخت التي بدرب العدول، وهو سوق النشابين، وعلى بابها حوانيت كانت من مصالح هذه الخانكاه من داخلها فأخرجت، وجعلت حوانيت. خانكاه: أنشأتها بنت صاحب شيزر سابق الدين عثمان قبالة دورهم أ. قلت: هي برأس درب الأتابكية من جهة الشمال بالقرب من آدر بني الشحنة. «خانكاه بدرب البنات» : ودرب البنات شمالي البيمارستان الكاملي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 أنشأتها زمرد خاتون وأختها بنتا حسام الدين لاجين؛ قاله ابن شداد. قلت: وبهذا الدرب مكان مكتوب عليه: هذا ما وقفته «1» ست العراق ابنة نجم الدين أيوب بن شادي عن ولدها سيف الدين في سنة أربع وسبعين وخمسمائة فلينظر في هذا وفي كلام ابن شداد «2» انتهى. قلت: وبالدرب المذكور بيت كمال الدين المعري- قاضي حلب- وكان مدفونا به فنقل، ودفن عند الفردوس. والخان الذي اتجاه هذا الدرب أسسه كمال الدين المذكور مدرسة فجاءت رسالة من النائب لشخص يقرره إماما فيها. فقال: إنما أسسه خانا. ورجع عن نيته. وانقرضوا. «خانكاه» : أنشأتها بنت والي قوص «3» . «خانكاه» : أنشأتها الملكة ضيفة خاتون بنت العادل سيف الدين أبي بكر أم الملك العزيز محمد داخل باب الأربعين. مكتوب على بابها بنيت سنة خمس وثلاثين وستمائة. قلت: وإلى جانبها من جهة الشرق زاوية أخي باكي العجمي دخلتها مع ولده الخواجا احمد. قلت: واتجاه هذه الخانكاه خانكاه القوامية أظنها نسبة لمن سكن بها لا لبانيها. وهي وقف على البسطامية. «خانكاه الكاملية» : قريبا من آدر بني الخشاب. (75 و) ف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 الخوانك التي بظاهر حلب «خانكاه» : أنشأها الأمير مجد الدين أبو بكر محمد بن الداية بمقام إبراهيم. «خانكاه» : أنشأها الأمير شهاب الدين طغرل بك الأتابكي بالجبيل «1» . وسيأتي في زاوية القلندرية شيء يتعلق بذلك. «خانكاه» : أنشأتها الكاملية زوجة علاء الدين بن أبي الرجاء. خانكاه السحلولية: هذه الخانكا على شاطئ نهر قويق شمالي حلب. أنشأها شخص يدعى الشقيرا من مباشري حلب جعلها متنزها له. ولم يقفها فوصلت إلى كافل حماة الأسعردي وكان عبد الرحمن بن سحلول «2» صاحبا للاسعردي. وكان الريس عبد الرحمن قد أحسن للأسعردي عند دخوله حلب، فكافأه ووقف عليه هذا المكان، وبنى له محرابا. وجعل له خلاوي برسم الفقراء؛ كذا قاله شيخنا «3» . وكان به منارة فآلت للسقوط، فأخربها الشيخ ناصر الدين محمد بن الشيخ ناصر الدين محمد بن الشيخ عبد الرحمن، وجعل مكانها غرفة، وذهبت الغرفة أيضا. وهذه الخانكاه مكان لطيف نزه، فيه من الرخام الملون والشبابيك المطلة على نهر قويق والبساتين وإلى جانبها بحرة فأفردها وباعها الشيخ ناصر الدين المذكور. وبهذه الخانكاه مدرس على مذهب الشافعي بشرط واقفها. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 والأسعردي ترجمته في تاريخ شيخنا. وعبد الرحمن المذكور هو ابن يوسف بن سحلول. كان رئيسا. وتوفي السبت تاسع عشري المحرم سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، ودفن خارج الخانكاه. ومن جملة أوقافها: حصة بقرية بنغلا، وحصة بحمام انطاكية، وعلى الفقهاء والمدرس حصة بخان خارج باب أنطاكية بحلب. وعلى بابها مكتوب: أنشأ هذه الخانكاه عبد الرحمن بن يوسف في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. فلما توفي آل أمر هذا المكان إلى الشيخ ناصر الدين المذكور ولده فأقام بها أتم قيام على أكمل الوجوه من الرئاسة وإطعام الناس، فكان الفقراء والرؤساء يحضرون إليه فيضع بين يدي كل شخص ما يليق به، وكانت لم تزل البسط والفرش والأغطية موضوعة في مرجتها. وعلى الدكة التي في المرجة. وكانت هذه الدكة مرخمة بالرخام الأصفر لأجل من يبيت هناك. أخبرني من أثق به أنه كان يضع بين يدي الناس النقل «1» بحيث أن الشخص لا يرى من اتجاهه من كثرته. وكان التين الأخضر إذ ذاك قليلا بحلب. فكان يحضره من تيزين لأجل من يحضر إلى عنده، ولما قدم البلقيني حلب قبل فتنة تمر (75 ظ) ف عمل البلقيني ميعادا بجامع منكلي بغا وخرج الناس في خدمته في ضيافة القاضي كمال الدين ابن العديم إلى هذا المكان فتأخر ابن العديم بمأ كوله فأحضر ناصر الدين المذكور من حواضر بيته ما قام بالحاضرين. ولما ولد لوالدي أنس كان ذلك ليلا فأرسل له ناصر الدين بكرة النهار خلخالا من ذهب. ولما أغصب دمرداش والدي بقضاء حلب أراد والدي أن يرحل من حلب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 فجاء إليه ناصر الدين بالجمال ليرحله فلما غير دمرداش نيته ثبت والدي عن (73 و) م الرحلة. ولم يزل ناصر الدين في رئاسة وحشمة حتى سرقه السراق ليلا. ثم أنه خرج من حلب، وقدم على جمال الدين الاستدار بالقاهرة فلم ينصفه وكانت أم جمال الدين الاستادار بنت عبد الله بن سحلول وكان عبد الله عم ناصر الدين وزير حلب ثم أنه حج من القاهرة فتوفي وهو متوجه سنة اثنتي عشرة وثمانمائة وخلف ثلاثة أولاد. وهم ناصر الدين المذكور والأمير أحمد والأمير عبد الرزاق فاستقل ناصر الدين بهذا المكان لأنه على طريقة الفقراء. وأقام بها دون والده. وكان شكلا حسنا، كريم النفس- فلما أشرف على الموت أسند تدريسها إليّ- وتوفي يوم الجمعة سلخ جمادى الآخر سنة أربع وأربعين وصلى عليه بجامع حلب، ودفن خارج الخانكاه. فقام بها بعده ابن أخيه ناصر الدين محمد بن الأمير أحمد. وتوفي في الليلة المسفر صباحها عن يوم الخميس تاسع جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين وثمانمائة، وصلي عليه بجامع حلب، ودفن بالسحلولية. وهي وقف على القادرية وتقدمت ترجمة سيدي عبد القادر «1» . «زاوية الشيخ خضر» : على شاطئ نهر قويق شمالي حلب. أنشأها الرئيس بدر الدين بن زهرة متنزها. وأخرج منها أمواتا منهم امرأة بنقشها لأنها كانت مقبرة فرفع فيه قصة منظومة وقصيدة على لسان الأموات إلى السلطان فصادره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 ثم انتقلت بعد ذلك إلى شمس الدين محمد بن العجمي. وزين الدين عمر بن النصيبي. وهذه الزاوية بها بحرة عظيمة ليس في حلب مقدارها وبها إيوان وبه مناظر على نهر قويق، والبساتين، ولما انتقلت إلى جانب ابن العجمي وزين الدين بن النصيبي اغتصبها جلبان- كافل حلب- منهما. وأمر بنفيهما فابتاعها منهما قهرا، وجعلها زاوية للأحمدية وللأدهمية ... «1» بشرط أن يضيف من نزلها من الطوائف الثلاثة ثلاثة أيام. ثم إنها انشعثت في فتنة تمر فرمّها اقباى- مملوك المؤيد- ووقف عليها وقفا بانطاكية «2» . وحيث ذكرنا الأحمدية فنذكر ترجمة سيدي أحمد: [الشيخ أحمد الرفاعي المغربي] : فهو ولي الله؛ أحمد بن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن (86 و) ف رفاعة الشيخ الزاهد أبو العباس بن الرفاعي المغربي؛ صاحب (الأحوال والكرامات) . توفي في جماد الأول سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وله تسع وسبعون سنة. وفي تاريخ ابن خلكان: وكان أصله من العرب، وسكن البطائح بقرية يقال أم عبيدة. وتوفي يوم الخميس الثاني والعشرين من جمادى الأولى من السنة المذكورة ونسبته إلى رجل من المغرب يسمى رفاعه، وهو شافعي المذهب، وليس له عقب، ولم يتزوج. ولذلك كان يلقب بالأعزب، والعقب لأخيه الرفاعي؛ هكذا نقلته من خط بعض أهل بيته. وأحواله وكراماته شهيرة «3» . انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 وخضر المذكور كان عجمي الدار. «زاوية سيدي محمد الأطعاني البسطامي «1» » : بطرف حارة المشارقة من جهة الشمال. بناها الخواجة حسين بن مصطفى وجماعة وكان الأطعاني أولا يذكر بجماعته في مسجد كان ملاصق الزاوية المذكورة. وفي فتنة تمر خرب بعض الزاوية، وسلمت قبتها فرممها الخواجا عبد الرحمن بن البلدي وعمر بها إيوانا، ودخل نصف المسجد الذي كان يذكر فيه الشيخ أولا في هذا الإيوان. ونصفه خارج الإيوان من جهة التربة. وهذه الزاوية مختصة بالبسطامية. وأقام الذكر فيها الشيخ حسين تلميذ سيدي عبد الله البسطامي شيخ والدي والشيخ حسين توفي بمكة. ثم قام بعده ولده الشيخ الصالح سيدي أحمد وتوفي بمكة ودفن إلى جانب (73 ظ) م والده. [الشيخ عبد الرحمن بن أبي بكر الشامي] : وقد لبست خرقة التصوف في هذه الزاوية من الشيخ الصالح القدوة المسلك عبد الرحمن بن الشيخ الصالح أبي بكر بن داود الشامي قدم حلب ونزل بالعشائرية ونزل الشيخ أبو بكر الحيشي «2» عن مكانه وأجلسه مكانه. وكان حنبلي المذهب. وأقام حلقة الذكر والأوراد التي تلقنها من أبيه بحلب وله مؤلفات منها: على كتاب (حياة الحيوان) وهو مفيد؛ زاد عليه المنامات. ومنها: (تحفة العباد بأدلة الأوراد «3» ) أخبرني أن مولده سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. انتهى. وهذه الزاوية نيرة. وبها مساكن. ولها منارة، جددها الحاج أحمد القصار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 إشارة: أخبرني الشيخ عبد الرحمن المذكور أنه لبس الخرقة من الشيخ الصالح ابن الناصح وأنه لبسها من المعمر وأنه لبسها من سيدي عبد القادر. ولما أخبرت والدي بذلك أنكر هذا الإسناد، وقال آن المعمر لم يدرك الشيخ عبد القادر، قال: ولا أعرف هذا المعمر. «الخانكاه الدورية» : هي على شط نهر قويق اتجاه الناعورة. أنشأها الخواجا شمس الدين محمد بن جمال الدين يوسف الشهير بالدوري (37 و) ف عين التجار بحلب. ووقفها على ولي الله الشيخ شمس الدين الأطعاني ولمن بسندها بعده، ووقف عليها ولد الخواجا غرس الدين وقفا. وهذه الزاوية لطيفة، وهي مفروشة بالرخام، ولها مناظر على نهر قويق، وبها مربع، وله باب من خارج الخانقاه. وبه شبابيك من الحديد. انتهى. والشيخ شمس الدين الأطعاني لبس من وليّ الله عبد الله البسطامي المدفون بالقدس، ووالدي أيضا لبس منه بالقدس وله كرامات، وأحوال ظاهرة. [طائفة البسطامية] : وهذه الطائفة البسطامية منسوبة إلى شيخ الطريقة أبي يزيد طيفور بن عيسى بن آدم بن علي البسطامي الزاهد، المشهور، وكان له أخوان زاهدان، عابدان أيضا: آدم وعلي، وكان أبو يزيد أجلهم، وقال: دعوت نفسي إلى شيء من الطاعات فلم تجبني طوعا فمنعتها الماء سنة.» . وكان يقول: «إذا نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى ارتفع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة.» . وله مقالات كثيرة، ومجاهدات مشهورة وكرامات ظاهرة. توفي سنة إحدى وستين، وقيل أربع وستين ومائتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 وبسطام «1» بفتح الباء: بلدة مشهورة من أعمال قومس. انتهى. قلت: وبالقرب من هذه الزاوية بطرف المقبرة مسجد يسكنه الطائفة الأدهمية. أول من سكنه الشيخ العابد إسحاق العجمي كان شكلا حسنا منقطعا عن الناس وهو مدفون بهذا المسجد وجدد فيه الشيخ عبد الله العجمي الأدهمي حوشا ومطبخا وغرفة وعلى بابه اتجاهه قبو. وبه بئر ماء كان قديما، وبنى عليه هذا القبو الحاج محمد الحريري سميسم. «زاوية القادرية» : خارج باب الجنان على نهر قويق ملاصقة للجسر. وقف على القادرية وعلى بابها كتابة كوفية. (74 و) م «زاوية الحيدرية» : خارج باب أنطاكية على شاطئ نهر قويق. أنشأها ...... «2» وسكنها الشيخ علي الحيدري. وكان في محنة تمر يدل التمرية على أرباب الأموال من أهل حلب. «زاوية دقماق» : خارج حلب من جهة الشمال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 أنشأها كافل حلب دقماق: [دقماق نائب حلب] : وكان من مماليك برقوق. وكان معه بالكرك. وكان شكلا حسنا شجاعا كريما وكان ممن فر في وقعة شقحب «1» مع كمشبغا الكبير إلى حلب. فأقام بها. ثم أمره الظاهر مقدمه بحلب، ثم نيابة ملطية، وولاه الناصر نيابة حماة، ثم أسر مع (77 و) ف تيمور. ومن بعدتم ولاه نيابة صفد، ثم حلب. وواقع دمرداش النائب قبله. فانتصر عليه. وفي آخر الأمر رضي عليه الناصر وولاه نيابة حماة. ثم حاصره سح «2» وجكم. وقتل في شعبان سنة ثمان وثمانمائة. استأجر أرضها من أربابها وفوضها للشيخ إسحاق. وكان شيعيا لأنه مرة أحسن إليه وأخبأه عنده في محنة حلت بدقماق المذكور. ووقف على هذه الزاوية وقفا بقرية المالكية من عمل عزاز. وهذه الزاوية مشتملة على قبة بها قبور، وخارج القبة حوش محيط بهذه القبة وبيوت. وكان أبو بكر دوادار السيفي بردبك لما ولى على هذه الزاوية بعد موت بابا علي قتلا ولد الشيخ إسحاق المذكور قد أسس خارج هذه الزاوية حوضا وبوابة ليبني مكانا. ولما عزل أستاذه عن كفالة حلب فتوجه معه إلى دمشق ولم يكمله وقد عمر أبو بكر المذكور قبة عند مرمى النشاب غربي الفيض وتحت هذه القبة صهريج ماء ليس من عمارته إنما تساعد عليه أهل الخير من الرماة الذين يرمون هناك بالنشاب. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 وإلى جانب هذه الزاوية تربة لبني النصيبي؛ أنشأها القاضي زين الدين وأكملها ولده القاضي جلال الدين. «زاوية يبرق» «1» : خارج حلب بصدر بانقوسا على الجبل الأحمر. وهي زاوية عظيمة مبنية بالحجارة الجيدة. أنشأها السلطان الظاهر خشقدم بتولي الشيخ محمد خادم الشيخ يبرق. وفوض أمرها إليه، وبقي بقية يسيرة من عمارتها. ومات السلطان ولم تكمل وبها شبابيك من النحاس الأصفر المحكم الصناعة. وهي وقف على الأحمدية. «زاوية المغاربة» : خارج بانقوسا، وعليها وقف بقرية حندارات. أنشأها ...... «2» زاوية القلندرية: خارج بانقوسا جنب الحوض الكبير. وعليها وقف بقرية عين ارزة. قلت: ولعلها من إنشاء طغرل بك المتقدم، وسيأتي في القناه ما يدل عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 [الشيخ محمد الساوجي شيخ القلندرية] : وهؤلاء الطائفة منسوبون إلى الشيخ جمال الدين محمد الساوجي الزاهد. قدم دمشق وقرأ القرآن والعلم، وسكن جبل قاسيون بزاوية الشيخ عثمان الرومي (74 ظ) م وصلى بالشيخ عثمان مدة. ثم حصل له زهد وفراغ من الدنيا فترك (77 ظ) ف الزاوية .... «1» ، وأقام بمقبرة باب الصغير بقرب موضع القبة التي بنيت لأصحابه وبقي مديدة في قبة زينب بنت زين العابدين فاجتمع فيها بالجلال الدركزيني والشيخ عثمان كوهي الفارسي الذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية. ثم أن الساوجي حلق وجهه ورأسه فانطلى على أولئك حاله الشيطاني فوافقوه، وحلقوا. ثم فتش أصحاب الشيخ عثمان «2» الرومي على الساوجي فوجدوه بالقبة فسبوه، وقبحوا فعله، فلم ينطق ولارد عليهم. ثم اشتهر. وتبعه جماعة وحلقوا وذلك في حدود العشرين والستمائة فيما أظن. ثم لبس دلق» شعر وسافر إلى دمياط. فأنكروا حاله وزيه المنافي للشرع. فزيق بينهم ساعة وإذا هو بعد رفع رأسه فيما قيل شيبة كبيرة بيضاء، فاعتقدوا فيه، وضلوا به حتى قيل أن قاضي دمياط وأولاده وجماعته حلقوا لحاهم وصحبوه والله أعلم بصحة ذلك. انتهى. توفي بدمياط، وقبره مشهور، وذكر شمس الدين الجزري أنه رأى كراريس من تفسير القرآن الكريم للشيخ جمال الدين الساوجي بخطه إلى أن قال: وذكر ابن اسرائيل الشاعر أن هذه الطائفة ظهرت بدمشق سنة نيف وستمائة. انتهى. إشارة: وببانقوسا عدة تكايا يعسر علينا ضبطها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 [الشيخ يونس بن يوسف الشيباني شيخ اليونسية] : ولا أعلم بحلب زاوية للطائفة اليونسيه، وهم منسوبون للشيخ يونس بن يوسف ابن مساعد الشيباني ثم المحارمي- شيخ الفقراء اليونسية- كان رجلا صالحا. قيل إنه كان مجذوبا لا شيخ له وأصحابه يذكرون له كرامات ذكر الشيخ محمد بن أحمد عنه أنه سافر معه فلما مروا على عين بوار التي بحلب منها الملح البواري- وهي بين سنجار وعارة- وكانت الطريق مخوفة، فلم ينم أحد، ونام الشيخ يونس. فسأله عن نومه فقال: ما نمت حتى جاء إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام وتدرك القفل وأصبحنا سالمين. وحكي عنه أنه كان عبد في قريته فقال له: إذا دخلت المدينة فاشتر لام مساعد كفنا- يعني زوجته- وكانت في عانة «1» . فقلت له: ومالها. قال: ما يضر. فلما حضرت وجدتها قد توفيت. وذكر له غير ذلك. توفي الشيخ يونس في سنة تسع عشرة وستمائة في قريته وهي القنية من أعمال دارا. وقبره مشهور بها يزار. وكان قد ناهز تسعين سنة انتهى. [الشيخ أبو السعود الباذبيني شيخ السعودية] : ولا أعلم بحلب زاوية للسعودية. وهم منسوبون إلى أبي السعود بن أبي العشائر بن شعبان الباذبيني «2» ثم المعري الزاهد. كان صاحب عبادة وزهد وأحوال وكان بالقرافة. توفي في تاسع شوال سنة أربع وأربعين وستمائة «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 [إبراهيم بن أدهم شيخ الأدهمية] : وأما الأدهمية فمنسوبون إلى سيدي العارف ولي الله إبراهيم بن (78 و) ف أدهم وستأتي ترجمته في مسجد الأسفريس. «زاوية الحاج بلاط» : خارج باب المقام . أنشأها الأمير زين الدين الحاج بلاط داودار الحاج اينال- كافل حلب- (75 و) م وسبب عمارته لهذه الزاوية أنه توفي ولد لأستاذه الحاج اينال المذكور ودفن هناك ولم يكن هناك تربة ولا زاوية، وحضرت دفنه، فرأيت قد شق هناك أساس ووضع هناك أحجار لأجل بناء تربة. ثم شرع بعد ذلك الحاج بلاط في عمارة هذه التربة والزاوية وبينهما حوش كبير وكان هناك بستان فتوصل إليه بطريق شرعي وعمر فيه هذه الزاوية. وجعل هناك حوض ماء أحضره من قرية جبرين وأجرى الماء إليه، وإلى التربة والزاوية من دولاب كان بالبستان المذكور انتهى. وهي وقف على فقراء الطلبة من الحنفية عدة عشر أنفار. ورتب فيها إماما ومؤذنا ومدرسا. وشرط أن يطبخ للطلبة الساكنين بها. طعام بكرة وعشيا ولكل واحد من المقيمين وأصحاب الوظائف رغيفين مع زبدية طعام بكرة وعشيا، ورتب ثلاثة أنفار يقرءون القرآن على تربة أستاذه الحاج اينال ليلة الاثنين وصبيحة الجمعة. انتهى. ووقف على الزاوية والتربة ربع سوق الملح، وربع «1» قرية معردبسة «2» . ونصف باسوفان «3» من جبل سمعان، وحصة بالنيرب بقرب حلب. ومهما فضل عن المستحقين يكون له ثم لذريته من بعده. ثم من بعدهم للعتقاء من ممالكيه وجواريه «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 زاوية الجية: هذه الزاوية داخل باب المقام ملاصقة لجامع الطواشي المتقدم ذكره في الجوامع أنشأها ..... «1» «زاوية تغري ورمش» : تحت القلعة بالقرب من جامع دمرداش. أنشأها تغرى برمش كافل حلب. وكانت أولا سوقا للخلع بلا بناء فاشترى أرضها من بيت المال. وأسسها في سنة أربعين. وتمت في سنة إحدى وأربعين. وجعل لها وقفا حوانيت على بابها وبحضرتها وحصصا من قرى وجعل سماطا ومجاورين وشيخا بايزيدا آفاقيا «2» عزبا. وجعل لها قارئا يقرأ البخاري. وشرط أن يكون حنيفا. وجعل فوقها مكتبا للأيتام. واتخذ بها مدفنا فخرج إلى الموكب فلما رجع سمع قراءة بالمدفن فقال: ما هذا (!) فقيل: يقرءون القرآن للواقف. (78 ظ) ف فقال: إنما جعلت هذا المكان سقاية للماء. وأما بوابتها فكانت بدار العدل فنقلت «3» إلى هذه الزاوية. وأما الحوض الذي بحضرة شبابيكها فكان السلطان المؤيد قد أحضره لما أراد إعادة السور على عادته القديمة ليجعله عتبة باب عند ساحة بزا فلما لم يتفق ذلك ألقيت هناك فأحضرها تغرى برمش وجعلها حوضا. وهذه الزاوية لطيفة محكمة بالحجر المنحوت وفرش من الرخام الأصفر وغيره وإلى جانبها مطبخ يطبخ به للفقراء، ومرتفق يأتي إليه الماء من دولاب على القناة وجعل النظر فيها لمن تولى نيابة السلطنة بقلعة حلب فكأنه والله أعلم استشعر من نفسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 الخروج عن الطاعة عند موت الأشرف فخاف أن يهدمها أهل القلعة وجعل عمالتها للريس ضياء الدين بن النصيبي لأنه هو الذي تولى عمارتها وكان صديقا له. انتهى. [تغري ورمش] واعلم أن تغري ورمش «1» المذكور كان في خدمة الأشرف برسباي وكان الأشرف يعتمد عليه في أموره، ويشاوره، ويعظمه لعقله ودهائه ومكره، فإنه كان ذا رأي سديد، ولما نزل الأشرف إلى آق بسبب الأمير عثمان سلم إليه تخت مصر فأشار على الأشرف أن لا يجاوز البيرة، وأن يرسل جيوشه لمحاصرة آق فلم يعمل الأشرف برأيه فما نجح أمره- كما تقدم في ترجمة الأشرف- ثم لما رجع الأشرف إلى القاهرة لم يبرح تغري برمش «2» من قلعة الجبل، ولم ينزل إلى العقبة بل لما شاهد الأشرف قد أشرف عليه نزل عن مكانه وقال: هذا المكان الذي سلمته إلى فزادت محبة الأشرف له، وفوض إليه كفالة حلب ليطالعه بأخبار التتار عوضا عن انيال الجكمي. فدخل تغري برمش حلب وخرج القضاة إلى لقيه على عادتهم وكان شيخنا المؤرخ يعرفه قديما من مدينة بهسنا «3» لأن شيخنا كان حاكما بها، وكان والد تغرى برمش صديقا لشيخنا يستدعيه إلى بستانه مع ولده تغري برمش المذكور فلما التقيا تغافل كل منهما عن معرفة الآخر. وقال الكافل للقضاة إلى هنا تلقوني على طريق العتب. فقال القاضي الحنفي له: خالكم نور الدين محمود أخبرنا أنكم تتأخرون عن هذا الوقت فأنف من ذكر خاله وقال: اليوم يوم بارد فأحجم الحنفي عن مكالمته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 ثم أنه نزل على عين المباركة، ودخل حلب بكرة النهار بحشمة زائدة فباشر حلب بعقل وعفة واستكشف أحوالها بالرجال والمكر، وجعل له في كل بيت من بيوت الأمراء من يخبره بأخبارهم، وأرسل إلى بلاد الأعاجم من يستكشف له الأخبار، ثم سافر عن حلب .... «1» ثم قدمت عليه العساكر من مصر ثانيا، وهم: قرقماش ... «2» وجانم أخو (79 و) ف الأشرف وثاني بك نائب قلعة مصر واقبغا التمرازي وخجا سودون واركماس الدوادار ويشبك المشد وقراجا وتمراز. ومعهم كفال البلاد وهم: اينال الجكمي كافل دمشق، وجلبان كافل طرابلس وقانباي الحمزاوي كافل حماة وتوجهوا من حلب ومعهم القاضي معين الدين بن العجمي كاتب سر حلب، وكان تغري برمش يميل إليه إلى عين تاب، ثم إلى الابلستين، ثم إلى قرب سيواس. ودخل بعض العسكر سيواس واشتروا «3» حاجاتهم وكان قد ساق معه الأعراب والتركمان وابن رمضان والأكراد بيتوتهم ونعمهم ثم توجهوا من سيواس إلى اقشار وأخذوا قلعتها فهرب نائبها انيق حسن إلى قلعة بلدرش فتوجه المصريون وكافل طرابلس وحماه خلفه وحاصروا القلعة المذكورة اثنين وعشرين يوما، وعملوا مكحلة عظيمة ترمي بقنطار حلبي وأكثر، ولما أشرفوا على أخذ القلعة المذكورة فرانيق حسن المذكور منها أيضا. فأخذوها. ثم توجه إلى ارزمكان خلا كافل دمشق وحلب. وقد تقدم ذلك مفصلا «4» فتحققوا إذ ذاك موت الأشرف وكان قصد تغري برمش أن يتوجه إلى قلعة النجا لخلاص اسكندر من أخيه. وأن يذهب بالعسكر وبالاسكندر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 إلى بلاد العجم لأخذ ثأر الشام من أولاد تمر لنك. وكان يقول لشيخنا مرات بحلب: والله لأحضرن نساء التتار إلى حلب ولأفعلن بهم كما فعلوا بنساء الشام. فلما لم يتم ذلك وتوفي السلطان، ورجع العسكر من غير ائتلاف بينهم فلما (76 و) م قاربوا حلب كتب تغري برمش إلى أهل حلب يأمرهم بمنع العسكر من دخول حلب، فتوجه العسكر إلى بلادهم، فأخذ هو في العصيان والخروج عن الطاعة باطنا. ولما وردت خلعته باستقراره بكفالة حلب أراد كاتب السر أن يخلفه على قاعدتهم فقال له: لا أخلف بحضرتك. ثم أخذ في العصيان واستجلاب التركمان وغيرهم فاستشعر السلطان جقمق بذلك فورد المرسوم الشريف بملطفات إلى القلعة وأمراء حلب بالركوب عليه. فلما كان ليلة الجمعة بعد العشاء المسفر صباحها عن سلخ شعبان سنة اثنين وأربعين ركب الأمراء عليه، ورموا عليه من القلعة فركب هو أيضا على الأمراء فشتت شملهم، فهرب أمراء حلب منها فلما أصبح النهار أرسل خلف القضاة فرحت في خدمة شيخي قاضي القضاة علاء الدين إلى دار العدل ودخلنا إليها من باب عند بيت قرا دمرداش ودخلنا إليه فإذا الجند عنده وعليهم آلات الحرب والرمي موجود من القلعة وقد تهيأ هو وأهل القلعة للقتال فدخلنا إليه بالشباك، فقال لشيخي وبقية القضاة: ما السبب الذي رمى به أهل القلعة عليّ هل ورد مرسوم بذلك. وما الذي ظهر مني. وأمرهم بالصعود إلى القلعة للسؤال عن حقيقة ذلك. (78 ظ) ف فخرج القضاة إلى القلعة، وخرجت معهم. فلما خرجنا من دار العدل وقاربنا القلعة ورأيت شيئا هالني فرجعت أنا فصعد القضاة إلى القلعة فأظهر أهل القلعة المرسوم الشريف بالرمي عليه فنزل القضاة. فلما نزلوا قدم أهل القلعة على اطلاقهم هلا مسكتموهم وأمرتموهم أن يصعدوا على برج القلعة. ويأمرون العامة بإخراجه من البلد. فلما نزل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 القضاة إلى دار العدل وأخبروه بذلك بلغني أنهم ... «1» شاوروه على الخطبة. فقال: اخطبوا باسم السلطان. وكذلك على رأسه بجامع الناصري بدار العدل. ثم جد في الرمي على القلعة وعلى حصارها، وسيأتي طرف من ذلك في فصل القلعة. ثم أخرجه العامة من حلب في عاشر رمضان يوم الثلاثاء ورجموه، وخرج خروجا فاحشا. واسكت مماليكه. وأخذ ما كان معهم من المال فخرج من باب أنطاكية وذهب إلى طرابلس فمر على طريقه بطر علي بن سقلسيس. وراح إلى طرابلس فملكها يوم «2» الخميس تاسع عشر رمضان. وأقام بها إلى آخر رمضان فخرج منها بعد أن صادر أهلها فأمر أن يؤخذ من كل صاحب فسخة «3» من الصابون على قدر موجوده فخص كل فسخة ألف درهم. وأما صابون الأمراء وأركان الدولة فإنه أخذ عن آخره. وقصد حصار برج ايتمش ليأخذ مائه من زردخانه جلبان. وأرسل القضاة الأربع ومعهم ناصر الدين محمد الحلبي من جماعته إلى من بالبرج ليسلموا ما فيه من الزردخاناه، فما أجابوا. وأمسكوا ناصر الدين ...... «4» فأرسل ناصر الدين إلى السلطان. وأما تغري برمش فلما أخبره القضاة بالخبر همّ بحصار البرج. وشرع في خراب بيت الأمير محمد ناظر البرج، وأخذ أربعة قدور نحاس من معصرته ومصبنته لصنع مكاحل ليرمي على البرج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 فتوجه أهل البرج إلى الرملة وجلبان «1» وأظهر الفساد. ثم رجع إلى حلب ومعه الجم الغفير من التركمان والعرب فحاصر حلب وألح في حصارها وذلك عند باب النيرب وكان الناس يخرجون لقتاله ظاهر البلد فلما كان يوم الجمعه انكسر بعض الناس منه فأمسك جماعة من أهل حلب وقطع أيديهم فدخلوا إلى البلدة ورأى الناس أيديهم. فجد الناس عن ذلك في دفعه عن حلب فرحل عن باب النيرب، ثم حاصرها من باب الفرج وباب الجنان. وفي يوم الجمعة أحضر السلالم إلى مسجد التوبة بباب الفرج. وأراد أن (79 و) ف يزحف من هناك فسمع أن كافل دمشق الجكمي انكسر من العسكر المصريين وأمسك فترك الزحف. فصاح الناس عليه من فوق السور، وقويت قلوبهم. فرجع متوجها إلى لقى العسكر المصري إلى جهة حماة. فقاتلهم بالقرب من حماة فانكسر وهرب إلى جهة ابن صوجي إلى جبل الأقرع. فأمسكه. ثم دخلوا به حلب راكبا على بغله وخلفه شخص في يده صولجان يلعب به فأسمعه الناس ما يكره وأصعدوه إلى القلعة، وأودعوه السجن في قيد ثقيل فقال: بيني وبين القتل مسافة الطريق. وأرسل شخص إلى القاهرة إلى السلطان يخبره «2» ... ثم ورد المرسوم الشريف بقتله فانزلوه من السجن. وعصروه بين أبواب القلعة ليقر على المال. فلم يعترف. فأحضروه إلى باب القلعة وقدموه لضرب الرقبة فنادى عليه الجلاد: هذا جزاء من خرج عن الطاعة. فقال: هذا جزاء من لم يرع نعمة الله. وأخذوا جثته ودفنوها في حانوت من وقف مدرسته وجعل له باب صغير إلى مدرسته. انتهى ... «3» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 وتقدم طرف من أخباره في النواب. «زاوية مظفر» : هي بالقرب من دار ابن نفيس العجمي المتقدم ذكره في الدامغانية. وهي وقف الأوحدية. وواقفها مدفون بالجبيل. وكان رجلا صوفيا. وهي بيد أولاده ساكنون بها. وقناة حلب داخلة فيها. وعليها وقف بقرية كفر دعال «1» . زاوية البهادري: بالقرب من جامع الصروي؛ أنشأها: [شهاب الدين أحمد بن الحسن الهلالي] : الشيخ المسلك شهاب الدين أبو العباس أحمد بن الحسن بن سعيد الهلالي الشافعي نزيل حلب والده، وهذا الرجل كان فقيرا من المال فلزم الشيخ ناصر الدين بن بهادر وكان الشيخ ناصر الدين صالحا زاهدا منقطعا عن الناس. وتوفي ثاني عشر جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وثمانمائة. ودفن خارج باب المقام في التربة التي اندفن فيها السفيري لأنه كان من تلامذته. ثم لزم الشيخ شهاب المذكور والدي، وقرأ عليه كثيرا، وكان يخدم والدي، ويشتري حوائجه بنفسه ثم أنه خدم بعض الأمراء فأثرى وكثر جاهه وهو مع ذلك يتردد إلى والدي كعادته، ويقضي حوائجه كما كان أولا وحج من حلب حجة مصروفها كثير. وتزوج امرأة فأولدها ولدين ثم أنه ترفع عنها ففارقها (87 ظ) م وتزوج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 وبنى هذا المكان، وكتب مسودة وقفه بيده. ثم أشهدني عليه به فكتبت له نسخة. ولم يزل متضعفا في بدنه بعد أن أثرى ورحل إلى القاهرة في حال الطلب. وقرأ على شيخنا الحافظ ابن حجر. ثم لما قدم شيخنا حلب صحبة الأشرف تزوج بمطلقة شهاب الدين ولم يعلم بذلك. فجاء شهاب الدين المذكور مسلما على شيخنا ومع شهاب الدين برنية «1» فيها زنجبيل يهديها لشيخنا، ودخل ابنه إلى أمه فأنكر الشيخ دخول الصبي إلى بيته. فسألني فأخبرته بحقيقة الأمر فاستحى شيخنا منه. ثم أن شيخنا لما سافر من حلب طلقها وندم على طلاقها في الطريق فكتب إليّ كتابا ومن جملته: (77 و) م وأشاع عني عاذلي ... أني سلوت وما صدق ومن جملته: رحلت وخلفت الحبيب بداره ... برغمي ولم أجنح إلى غيره ميلا أعلل نفسي بالحديث تشاغلا ... نهاري وفي ليلي أحن إلى ليلا وكان اسمها ليلا. وأمرني في الكتاب بالتكلم معها في مراجعتها فتكلمت وراجعتها إليه. وسفرتها إليه. ودامت عنده بالقاهرة ثم استأذنته بالتوجه إلى حلب لتزور ولديها فأرسلها وصحبتها الشيخ شمس الدين بن قمر تلميذه وكتب إليّ كتابا يقول لي فيه: خيرها بين الإقامة والرجوع إليّ فخيرتها فاختارت الشيخ فجهزتها إليه. ودامت عنده حتى مات. وبلغني أنه طلقها في مرض موته طلاق الفار. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 وهذه الزاوية لطيفة. لها بابان إلى مسكنه، وكان يجمع الفقراء عنده ويذكر بهم. واتخذ لها بسطا لمن يبيت بها، ووقف عليها وقفا بباب النيرب وحوانيت وقاساريه. وتوفي بعد أن صلى الفجر من يوم الأربعاء ثاني ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وثمانمائة ودفن عند شيخه. «زاوية ناظر الجيش بباحسيتا اتجاه جامعها» : أنشأها الرئيس كمال الدين إبراهيم أبو أصبع ناظر الجيش بحلب وكان دينا كريما محبا للعلماء والفقراء، ويؤثرهم. وكان متضعفا في جسده، يأكل قليلا. حج من حلب. ورجع من الطريق لضعف أصابه. ثم حج ثانيا. وسبب عمارته لهذه الزاوية جاء إليه الشيخ شمس الدين محمد بن جعفر بن صلاح الشهير بالمجرد البسطامي وذكر له أنه رأى رؤيا ليبنى هذا المكان فبناه في سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وسكنه المجرد وذكر فيه. وتوفي كمال الدين سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة ودفن بالزاوية المذكورة وتوفي المجرد ثالث عشر ربيع الأول سنة تسع وأربعين. (81 و) ف «زاوية الحكم» : بقلعة الشريف، على جانب السور ومكتوب على بابها: بناها الشيخ عبد القادر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن الشيخ المعافى «1» في سنة اثنين وستين وسبعمائة على الفقراء والمساكين. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 وقد جدد عليها مأذنة شخص من أجناد القلعة: (ابن الجردق) وكان يقول: أنا من أقارب الواقف «1» وقف ... «2» وفي آخر أمره قيل: أنه ألقى بنفسه في ساطورة للقلعة الخليفة فمات. فإنه وجد ميتا نهارا. واستفتا في أهل القلعة هل (حس «3» ) الساطورة أم لا. فقلت لهم لا. وأراد والدي بعد تيمور أن يسكنها ...... «4» بذهاب.. «5» زمن تيمور وسكنها الآن ابن شمس الدين محمد بن عبد الأحد وله: الناظم ... «6» وهو شاعر بني السفاح. زاوية العجمي: وهي «7» : «زاوية بالجلوم» : في القرب من حمام البنات، بابها إلى جهة الشمال وقف عليها حصة باعندان «8» وهي في يد أولاد الحافظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 ذكر الرّبط والتكايا رباط بالرحبة الكبيرة: وهي داخل باب قنسرين. أنشأه سيف الدين علي بن سليمان بن جندر. وكانت دار تعرف ببدر الدين محمود بن الشكري الذي خنقه الظاهر غازي. قلت: واتجاه مسجد المحصب مكان كان يسكنه الشيخ تاج الدين السراج فلعله هذا الرباط. رباط تحت القلعة يعرف بالخدام: قال ابن شداد «1» : لم يتصل بي ذكر بانيه. رباط بالقرب من صاحبية ابن شداد يعرف باقامة عبد الولي البعلبكي. قلت: وداخل باب النيرب وخارجه ربط وتكايا لا فائدة في تعدادها فإنها هجرت كغيرها أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 ذكر الترب التي داخل حلب وخارجها «التربة الشهابية» : هذه اتجاه المدرسة الناصرية. قيل: وبها تدريس للحنيفة. وقد اختصر (81 ظ) ف بابها. «اليشبكية» : تربة، ومسجد، ومكتب أيتام. أنشأها يشبك كافل حلب إلى جانب الحوض الذي أنشأه الطنبغا العلائي وجعل في المسجد قارىء وذلك في خامس المحرم سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. ووقف عليها السوق المنسوب إليه استأجره من أربابه وعمره ووقفه ووقف عليها الجنينة التي يسكنها كافل حلب وغير ذلك. «الخشابية» : بالقرب من باب قنسرين والجرن الأصفر. جددها الحسن بن إبراهيم بن الخشاب في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وهو مذكور مع أقاربه. ولبني الخشاب تربة أخرى بالقرب من مصبغة حلب جعلت الآن معصرة ثم صارت فرنا. قيل أنها تربة أم الذي بنى المئذنة، وأخبرني من رآها متهدمة وبها شبابيك. وللأولى عليها وقف من جملته مزرعة الدوير عند بليرمون «1» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 وقال ابن شداد في ترجمة صاحب المئذنة: وهو القاضي أبو الحسن «1» قال: وهو الذي أنشأ مسجد جرن الأصفر. وحمل إليه الجرن من مكان بعيد وبنى التربة الملابسة «2» لدور أهل بيته وهي من البناء العجيب لأنه من الحجارة الهرقلية وذلك في سنة ثمان وخمسمائة ووقف عليها. «الصفوية» : بحضرة جامع منكلي بغا من الغرب بينهما شارع، وهي بناء محكم وبها فرش من الرخام. وفيها قبور وقراء يقرءون القرآن. ومن وقفها حصة برحا الدوير على نهر قويق. «تربة العجمي» : بالقرب من سويقة علي عند خان الثلج. دفن بها الطنبغا حاجب حلب بغير استحقاق. وهي بناء محكم. وبوابتها مليحة مرتفعة، وعلى بابها أنها وقف على الإسحاقية نسبة إلى الكازرون بن إسحاق. وهي زاوية كما تقدم وقد «3» سمعت بها الحديث سنة ست وثلاثين على العلامتين شمس الدين البساطي المالكي- وابن نصر الله الحنبلي لما قدما صحبته (78 و) م الأشراف ونزلا بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 «العلمية» : على جانب السور بالقرب من جامع الطنبغا من جهة القبلة وبها منارة. أنشأها:.. «1» وبها قراء يقرءون القرآن. ومن وقفها: حصة بقرية باشنطر «2» . وقاسارية بحلب بسويقة حاتم كانت ثم صارت بيوتا الآن. «تربة أرغون» : تحت القلعة. تقدمت ترجمة واقفها في النواب. وهو مدفون بها. ولها قراء. (82 و) وبها بركة ماء ومنارة على بابها وحوض ماء خارجها وقد عطل. وكان قد أجرى إليه الماء الشيخ الصالح الجبرتي وفعل بهذه التربة كما فعل في غيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 الترب التي بظاهر حلب «تربة القفطي» : خارج حلب بالقرب من مقام الخليل. أنشأها أبو الحسن يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد الشيباني ثم التيمي القفطي. وهي قبة لطيفة محكمة البناء ومكتوب على ظاهرها: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ. [فائدة] : قلت: العامة على ذو هذه بالواو صفة للوجه. وقرأ أبي وعبد الله ذي بالياء صفة لربك. وأما التي في آخر السورة فقرأ ابن عامر ذو الجلال بالواو وجعله تابعا للاسم وهكذا هي مرسومة في مصحف الشاميين. والباقون بالياء صفة للرب فإنه هو الموصوف بذلك. انتهى. وتوفي في شهر رمضان سنة ست وأربعين وستمائة. وأما أبو القاضي الأشرف أبو الفضائل يوسف فتوفي في ذي جبله بالكسر ثم السكون في جمادى الآخرة سنة أربع وعشرين وستمائة. [مدينة ذي جبلة] : وذي جبلة: مدينة باليمن وتسمى ذات النهرين. وهي من أحسن مدن اليمن وأنزهها، وأطيبها. قال عمارة: جبلة رجل يهودي وكان يبيع الفخار في الموضع الذي بنيت فيه الحرة الصليحية دار العزوبة سميت المدينة. وكان أول من اختطها عبد الله بن محمد الصليحي «1» ؛ المقتول بيد الأحول مع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 الداعي يوم المهجم في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة. وكان أخوه علي قد ولاه حصن التعكر وهذا الحصن على الجبل المطل على ذي جبلة. وهي في سفحه. وهي مدينة بين نهرين جاريين في الصيف والشتاء. وكان عبد الله بن محمد الصليحي قد اختطها في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وحشر إليها الرعايا من محلا «1» وجعفر. وقال علي بن محمد بن زياد الماربي؛ وكانت ذو جبلة للمنصور بن المفضل أحد ملوك آل الصليحي فأخذها منه الداعي محمد بن سبأ: بذي جبلة شوق إليك وإنها ... لتظهر للشيخ الذي ليس يضمر عوائد للغيد الغواني فإنها ... عن الشيخ نحو ابن الثلاثين تنفر ومولد الأشرف المذكور في غرة صفر سنة ثمان وأربعين بقفط. وله ولد آخر وهو القاضي المؤيد أبو إسحاق إبراهيم وكان الأشرف قد خرج من قفط في سنة اثنين وسبعين وخمسمائة في الفتنة التي كانت بها بسبب الإمام الذي أقاموه وكان من بني عبد القوي الداعي، وادعى أنه داود بن العاضد فيها. ونفذ صلاح الدين يوسف بن أيوب أخاه العادل أبا بكر فقتل من أهل قفط نحو ثلاثة آلاف وصلبهم على شجرها بظاهر قفط بعمائمهم وطيالسهم «2» . (82 ظ) ف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 وخدم الأشرف خدم سلطانية منها بالصعيد. ثم النظر في بلبيس ونواحيها. ثم النظر في البيت المقدس ونواحيه، وناب عن القاضي الفاضل في كتابة الإنشاء «1» بحضرة السلطان صلاح الدين ثم استوحش من العادل ووزيره أبي شكر فقدم حران فاستوزره الأشرف موسى بن العادل «2» ثم سأله الأذن له في الحج فأذن له وجهزه أحسن جهاز على أن يحج ويعود فلما حصل بمكة امتنع من العود. ودخل اليمن فاستوزره أتابك سنقر في سنة اثنتين وستمائة ثم ترك الخدمة وانقطع بذي جبلة ورزقه دار عليه إلى أن مات في الوقت المذكور. وكان أديبا، فاضلا، مليح الخط، محبا للعلم وللكتب واقتنائها، ذا دين متين. وكرم. رحمه الله تعالى. [القاضي الأكرم علي بن يوسف القفطي] : إشارة: قال الذهبي في ترجمته على المذكور: وكان إماما، أخباريا، مؤرخا وافر الفضائل، صدرا محتشما، معظما. كريما جوادا. حلو الشمائل. له عدة تصانيف منها: «أخبار النحاة وما صنفوه» ، وكتاب: «أخبار المصنفين» ، وكتاب: «الكلام على الموطأ» ، وكتاب: «أخبار الملوك السلجوقية» ، وكتاب: «تاريخ مصر إلى دولة صلاح الدين» في 6 مجلدات و «تاريخ اليمن» ، «تاريخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 محمود بن سبكتكين وأولاده» . و «تاريخ آل مرداس «1» » . وخرج مشيخة الكندي. وله: «إصلاح ما وقع في الصحاح» . وجمع من الكتب مالا يوصف. وقصد بها من الآفاق. ولم يحب من الدنيا سواها. ولم يكن له دار ولا زوجة. وأوصى بكتبه للناصر صاحب حلب. وكانت تساوي خمسين ألف دينار. وقد ذكره ابن سعيد وقال: نظم بيتين في جارية اشتراها فقال: تبدّت فهال البدر من كلف بها ... وحقّك مثلي في دجى الليل حائر وماست فشقّ الغصن غيظا ثيابه ... ألست ترى أوراقه تتناثر وزعم أنه لا يؤتى لهما بثالث. فأنشدته في الحال: وعاجت فألقى العود في النار نفسه ... كذا نقلت عنه الحديث المحابر وقالت فغار الدرّ واصفّر لونه ... كذلك ما زالت تغار الضرائر «الجلالية» : بالقرب من الفردوس، وقد اختصر بابها. وعليه قصر. وبابها يفتح إلى الغرب. أنشأها: ...... «2» «تربة اسقتمر «3» » : شمالي الفردوس. أنشأها اسقتمر كافل حلب. وكان إذا عزل عن حلب يجلس فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 وهذه التربة محكمة البناء وعليها قبو معقود مفروش بالرخام ودكك رخام وحوض ماء من قناة حيلان، وداخل هذه التربة قبة عظيمة بمناظر على هذا الحوض. ومدفون بهذه القبة شيخ الإسلام ابن الشحنة محب الدين وجماعة من ذريته، وغربي هذه القبة حوش وبه إيوان. ومدفون بهذا الحوش جماعة من أولاد بني الشحنة (83 و) ف و (59 و) م «تربة الخطيب بن العجمي» : هذه ملاصقة لتربة اشقتمر. وصاحبها مذكور مع بني العجمي. وهي مشتملة على حوش وبه قبة. وهو مدفون بها. وعليها وقف بالأحص «1» . «تربة سودي» : هذه بالقرب من الظاهرية وهي مشتملة على قبة مبنية من الحجر الهرقلي وحوش به بيوت. أنشأها سودي- كافل حلب- الذي أجرى نهرها لما انقطع. ووقف على هذه التربة وقفا بسوق الحرير القديم وهو الآن سوق النحاس قبلي الجامع الأعظم. «تربة القاضي الرئيس نور الدين بن المعري» : شرقي تربة سودي المذكور. أنشأها في سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة. وهي مشتملة على قبة وشبابيك من الحجارة الرخام الصفر والسود. وجعل هذه التربة فسقيّتين «2» للموتى إحداهما للذكور والأخرى للإناث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 «تربة ابن الصاحب» : بالقرب من الظاهرية من شماليها وبينهما تربة بني سوادة. وقد صارت فضاء الآن وكانت شيعة. وبها شجر وسرو. رجع الكلام إلى تربة ابن الصاحب: [أحمد بن أبي المعالي] : أنشأها الأمير شهاب الدين أحمد بن الصاحب شرف الدين أبي محمد يعقوب بن عبد الكريم بن أبي المعالي، وكان وافر النعمة، سافر الهمة والعزيمة، وله فضيلة ومعرفة وقراءة بالفصاحة والطرب، يجتمع بأهل العلم والأدب، ويترفق بذوي القصد والطلب. توفي سنة خمس وستين وسبعمائة، ودفن بهذه التربة. وهي مشتملة على بوابة محكمة ظريفة بالحجر النحيت النظيف الكثير الصناعة إذ هي قبو ليس مجوفا كعادة الأقبية بل كالفرش، وبوسط هذا القبو كالفسقية التي تكون في وسط قاعة إذ هذا القبو كرخام مرخم، وفوق هذا القبو غرفة من الحجر أيضا، وفي زماننا تصدعت الدعامة التي عليها هذا القبو فأصلحت. وداخل هذه البوابة قبلية لطيفة وحوش. وقد جعل هذا المكان واقفه تربة ورباطا. انتهى. وسيأتي ذكر وقفها وترجمة واقفها في مكتب الأيتام الذي أنشأه بحلب «1» . «تربة غلبك» : ملاصقة لتربة البلقا «2» . وستأتي وهي مشتملة على قبو على بابها وحوض ماء كان يأتى إليه الماء من دولاب داخل التربة، وقد عطل، ويدخل من باب هذه التربة إلى حوش وبه إيوان صغير وبيت للدولاب المذكور، وعليه قبة ويدخل من هذه الحوش إلى حوش أخرى بها قبر الواقف وغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 [غلبك بن عبد الله الجاشنكير] أنشأها «1» غلبك بن عبد الله الجاشنكير- حاجب حلب- وكان أميرا كبيرا دينا صارما وله بر وأوقاف بحلب، وكان متطلعا إلى صالح الرعية. إلا (83 ظ) ف أنه كان يحد على الخمر كثيرا. ويقول: أربعون للحد والباقي لما يحصل منه الفساد والافتراء. توفي بعد الستين وسبعمائة. انتهى. ولهذه التربة قراء «2» . «تربة الغرنوتية» : وهي التربة البلقا. كان بها بوابة عظيمة فأزيلت. وكان تحتها قبو يدخل منه إلى الناحية الأخرى فسد الآن. بناها محمد بن محمد بن محمد الخراز شيخ والدي (قال والدي) - رحمه الله- في ترجمته «3» ... (79 ظ) م «تربة محمد بن قرا سنقر» : هذه التربة تعرف بالمهمازية. وقد تقدم ذكر المهمازي في الزيارات. وأنشأها قرا سنقر رباطا أيضا بحلب؛ قاله شيخنا. وقد كان الشيخ عز الدين الحاضري شيخ القراء بهذه التربة. فنوزع في ذلك لأنه لا يقرأ السبع ومن شرط واقفها قراءة السبع فرحل إلى القاهرة. وقرأ السبع ورجع وقد وقفت على كتاب الوقف. وفيه قرأ. وهذا المكان له أوقاف كثيرة؛ غير أنها في يد أولاد مواليه. ولا يصرف منها شيء فلا حول ولا قوة إلا بالله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 «تربة الخليلي» : هذه كانت خارج باب المقام، واندثرت. وقد تقدم ذكر الخليلي في القضاة. ولما توفي عن غير عصبة. فأمر السلطان ببناء هذه التربة من ماله، ووقف عليها أوقافا فاتخذت أملاكا. «الكاملية» : هذه شرقي المهمازية. وقد تقدم لنا في الخوانك خانكاه الكاملية بظاهر حلب أنشأتها: الكاملية فلعلها هذه، وهي مكان كبير كثير البناء. وهي تشتمل على قبلية بها محراب وايوانين وبأحدهما قبور وبحائطها الغربي قناطر إلى الفضاء فلا أدري ماهي «تربة عبد المحيي» : هي غربي الترب بالقرب من المغاير. وعبد المحيي هو واقف الخان الذي بسوق القوى على أهل مكة والمدينة. «تربة القليجية» : تقدم ذكر قليج في المدارس الحنيفة؛ هذه التربة بدرب المتوجه إلى مقام الخليل وهي مشتملة على حوش. وبه قبة من النحيت. وهي متركة من خارجها. وليس عليها كتابة وتحت هذه القبة محراب وبناء هذا المكان وثيق وإلى جانب هذه الحوش آثار عمارة. فلا أدري ما كان. «تربة شمس الدين بن العجمي» : هذه يقال لها القبة المقطوعة شرقي الترب. وواقفها مذكور مع أقاربه. (84 و) ف «تربة الوالي» : ولها وقف بقرية دارة عزى. وهو ايدمر الظاهر العزيزي الناصري والي حلب وقفها في ثاني شهر ربيع الأول سنة ثمان عشرة وستمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 وكان يسكن بها شخص من السخفاء يقول عن نفسه: «أنا السفياني وسأركب على الناس «1» » . «تربة موسى الحاجب» : هذه بالقرب من باب المقام؛ تشتمل على بوابة. وعليها قبو. وإلى جانبها حوض ماء. وكان يأتي إليه الماء من قناة حيلان. [موسى بن عبد الله الناصري] أنشأها موسى بن عبد الله الناصري؛ الأمير شرف الدين، نائب السلطنة بالبيرة. ثم حاجب حلب. قال ابن حبيب: كان إماما كبيرا عارفا خبيرا، أحسن السياسة جزيل الرئاسة، ذا نعمة وافرة، وحشمة وجوهها سافرة. وخول وخيل، وسير إلى الخير فسبق السيل، ولي الحجوبية بحلب عدة أعوام «2» . وأظهر من مباشرته بالدخيرة خواطر الأقوام، ثم انتقل إلى البيرة. فأحسن فيها السيرة، واستمر على الصوت والصيت إلى أن لحق بجوار من يحيي ويميت. مات بالبيرة سنة ست وخمسين وستمائة، ودفن بالتربة التي أنشأها ظاهر حلب، وهو من أبناء السبعين. وخارج مدفنه مدرسة له كان نظرها بيد شيخ من الحنفية فانتزع النظر منه العلامة محب الدين بن الشحنة. وكان الواقف جده لأمه. وكان كثيرا ما ينشد: تشفع بالنبي فكل عبد ... يجار إذا تشفع بالنبي ولا تجزع إذا ضاقت أمور ... فكم لله من لطف خفي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 قلت: وقد جدد خارج باب المقام ترب كثيرة فلا حاجة بنا إلى تعدادها «تربة لبني ايبك بالفيض» : وهما أحمد وعمر، ولكل منهما وقف وقد اندثرت وبقي هناك قبر من الرخام الأصفر اتجاه الجنينة المعروفة بالشريفة. ومن أوقاف أحمد شيء تحت يد القاضي ابن زين الدين النصيبي. وكان تحت يد والده قبله، وكانا يجهزان إلى الحرمين الشريفين في بعض الأعوام ألف درهم ومن أوقافهما حصة بقرية بالا «1» جعلت اقطاعا. «تربة اللالا» : خارج باب النيرب. ولها أوقاف كثيرة. «تربة القطب بن العجمي» : هذه بالقرب من الهزازة، وكانت مبنية بالحجارة الهرقلية. فنقلت حجارتها إلى عمارة السور. وبها قبر الواقف. ولها أوقاف كثيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 ذكر مكاتب الأيتام «مكتب بدرب العدول» : وهو سوق النشابين، اتجاه مدرسة شاذبخت. أنشأه ناصر الدين الطواشي. وله أوقاف كثيرة كبستان بككرو ظاهر حلب، وغيره. (84 ظ) ف «مكتب يشبك» : في رأس السوق المنسوب إليه، في جانب مسجده. «مكتب على باب المدرسة الصلاحية» : هذا عطل. «مكتب الناصري» : على باب حمامه «1» . «مكتب عماد الدين بن الترجمان» : هذا اتجاه الشرفية. وله وقف بحور «2» ، وبانقور. «مكتب اشقتمر» : بالقرب من حمامه، على باب مدرسته. «مكتب ابن الطيار» : وهو شهاب الدين الرهاوي، بالقرب من حمام بلبان بالجبيل، وعدة أيتامه أحد عشر؛ منهم: ثمانية يصرف لهم من وقف شهاب الدين المذكور. وثلاثة من وقف أخيه الحاج محمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 ومن وقف هذا المكتب: القاسارية التي تحت القلعة بالمكبسلة. «مكتب الماس» : داخل باب النصر، راكب على قبو. «مكتب تغري بردي» : اتجاه جامعه. «مكتب علم الدين بن الكويز» : على حمام الدلبة وله «1» ترجمة بتاريخ شيخنا. سيأتي في خططها. «مكتب الأمير ناصر الدين بن ذي القادر» : بالقرب من المصبغة، وكان بوابة لقاعات معين الدين بن العجمي فاشتراها وكلا من ورثة معين الدين، وجعله مكتبا. وتحته حوض ماء. وله أوقاف. ولناصر الدين المذكور: «مدرسة للحنفية» : خارج باب النصر على الخندق، وبها قراء يقرءون أول النهار. ولها أوقاف بحلب. تولى شراءها له شيخنا المؤرخ. «مكتب ابن الصاحب» : هذا بالقرب من مصبغة حلب، وهي مشتملة على بوابة وداخلها فرش من الرخام، وبركة ماء، وايوان وإلى جانب هذا المكان قبة عظيمة حسنة البناء أوصى بإنشاء هذا المكان الأمير شهاب الدين بن الصاحب- المتقدم ذكره في الترب- في سنة خمس وستين وسبعمائة. وتوفي في هذه السنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 وأخبرني والدي أنه كان متكلما عليها الشيخ شهاب الدين أحمد بن المرحل شيخه. وكان إذا خرج لقسم نواحيها يركب حمارة الفلاح لئلا يثقل على الفلاح كلفة دابة أخرى. ويطلب من الفلاح رغيفا وبيضا ليس إلا. ولما توفي واقفها وجد في جيبه رقعة مكتوب فيها: أعليّ في حب الديار ملام ... أم هل تذكرها عليّ حرام أم هل أذم إذا ذكرت معاهدا ... فارقتها ولها عليّ ذمام دار الأحبة والهوى وشبيبة ... ذهبت وجيران عليّ كرام فارقتهم فارقت من وجدي بهم ... أفعل لهم أو للكرى المام كانوا حياتي فابتليت بفقدهم ... فعلى الحياة تحية وسلام (85 و) ف وهي من أبيات لشهاب الدين أبي الثناء محمود بن سليمان الحلبي. وفي ابن الصاحب يقول جمال الدين محمد بن نباته: إليك أخا العليا والناس والندى ... سرى أمل فيه ثنا وثواب فلا ذم دينا من رأى منك أحمد ... ولا أظلمت حال وأنت شهاب ولا برحت خدام وصفك ما على ... محاسنها للواصفين حجاب لعرضك يمن والمقاصد مرشد ... وسعدك نجح والمقال صواب انتهى. [ناصر الدين محمد بن الصاحب] : وكان له أخ وهو الرئيس ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن الصاحب شرف الدين أبي محمد يعقوب ماجد عز نصره. وقر بالعلم ناضره. كان كاتبا مجيدا، سديدا سعيدا قرأ الفقه والعربية، ومهر في الفنون الأديبة. وارتفع مكانه. وساعده زمانه ولي كتابة السر بحلب ودمشق ثلاثا وعشرين سنة، والتدريس بهما. وتوفي سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بدمشق عن سبع وخمسين سنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 وهو القائل: مشبب شبّ في صناعته ... ريحانة الوقت منشئ الطرب كأن أنفاسه لآلته ... روح تثير الحياة في القصب مولده «1» سنة سبع وسبعمائة ... قرأ القرآن على تاج الدين الرومي، والتنبيه على ابن خطيب جبرين والزملكاني، وعلم الحديث على شمس الدين بن ... وسمع بعض .... ... المزي وأجاز له ... وكان يأخذه ... كاتبا مجيدا سعيدا كثير الحيا ذا فضل وإحسان ولي كتابة سر حلب سنة 729 فباشرها مباشرة جيدة. وولي تدريس النورية والشعيبية والأسدية وولي قضاء ... بحلب. ولي كتابة السر بدمشق. ودرس بالشامية الجوانية. ولي النظر ... ... وكان يستحضر قواعد الفقه فروعا وأصولا. وقواعد أصول الدين. وقواعد الإعراب والمعاني والهيئة وقواعد الطب .... «2» إشارة: قال ابن خلكان في ترجمة أبي القاسم الصاحب بن عباد؛ وهو أول من لقب بالصاحب من الوزراء «3» . وأول من وقع عليه اسم الوزارة في دولة بني العباس فهو حفص بن الخلال «4» . انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 وشرط واقفها أن يكون النظر في المكان لمن يكون حاجبا بحلب. وقد وقفت على كتاب الوقف وفيه قدر معاليم أرباب الوظائف مصلحة. «مكتب الخواجا شهاب الدين الملطي» : اتجاه بيته على مسجد بني العجمي. (85 ظ) ف «مكتب ابن مقلد» : غربي الزجاجية، بالدرب المتوجه إلى التربة الخشابية، تحت الساباط، اتجاه بيت ابن مقلد، وقد عطل وخرب وقفه، وهو صفة ايوان تحت الساباط المذكور وكان وقفه على جسر باب النصر فخربت في محنة تمر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 ذكر المارستانات ونبدأ منها: بيمارستان العتيق: قال ابن الجوزي: المارستان بفتح الراء، والعامة تكسرها. وبعضهم يتفاصح فيقول: البيمارستان وهو أعجمي فقيل: المارستان. انتهى. ومعناه بيت المرضى «1» . [ابن بطلان الطبيب المؤرخ] : اعلم أن المختار بن الحسن المتطبب دخل حلب سنة أربعين وأربعمائة؛ قال وبها بيمارستان صغير، كذا نقلته من خط الصاحب. ثم رأيت في تاريخ الصاحب من خطه أيضا ما لفظه: المختار بن الحسن بن عبدون بن سعدون بن بطلان الطبيب أو الحسن البغدادي، طبيب حاذق. نصراني له مصنفات حسنة في الطب وعددها، وله شعر. وهو الذي بنى البيمارستان بأنطاكية. وقيل هو وضع البيمارستان بحلب، وجدد نور الدين عمارته. وأنه اختار له هذه البقعة التي هو الآن فيها بحلب دون سائر بقاعها وأنه اختبر صحتها بلحم علقه في أماكن حلب بأسرها فلم يجد أصلح من هذا المكان لبناء البيمارستان، فإن اللحم لم يتغير «2» . وقفت على مقالة وضعها في علة نقل الأطباء تدبير أكثر الأمراض التي كانت تعالج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 قديما بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد كالفالج واللقوة «1» ومخالفتهم في ذلك لمسطور القدماء صنفها في سنة خمس وخمسين وأربعمائة بأنطاكية، وقال في آخرها وأظنه بخطه: قال المختار بن الحسن: صنفت هذه المقالة لصديق لي في سنة 455 وأنا يومئذ مكدود الجسم، منقسم الفكر في جمع الآلات لبناء بيمارستان بأنطاكية. وقال في أثناء هذه المقالة: ومما يدل أيضا على اختلاف أحوال البلاد بتنقل القرانات ما حكاه لنا مشايخ أهل حلب أن شجر النارنج ما كانت تنبت بحلب لشدة بردها، وأن الدور القديمة كلها لم يكن يستطاع السكنى في الطبقة السفلى منها. وأن البادهنجات حدثت منذ زمان قريب حتى أن لادار إلا وفيها عدة بادهنجانات بعد أن لم يكن بحلب ولا واحد. ووجدت في تعليق لي خرج ابن بطلان من بغداد سنة تسع وثلاثين وأربعماية، وسافر إلى الشام ودخل مصر سنة أربعين وأربعمائة وأقام بها ثلاث سنين. ثم عاد إلى القسطنطينية وأقام بها سنة ثم خرج منها إلى حلب وأقام بها مدة. وبأنطاكية وكان يتردد من إحداهما إلى الأخرى إلى أن ترهب بأنطاكية. ومات بها بعد خمس وخمسين. (86 و) ف وكان القاضي كسرى- قاضي حلب- قد أسن، وانحدر إلى ركبته مرض أزمنه ومنعه من المشي فجاءه أبو غانم وهو ابن بنت القاضي كسرى بابن بطلان الطبيب فنظر إلى موضع الألم وقال أدخلوه إلى حمام حارة. واتركوه بها حتى يغشاه الكرب ويضيق نفسه ولا تمكنوه من الخروج فإذا غلبكم على رأيكم وقام خارجا بنفسه فخذوا ماء باردا واضربوا به فخذه إلى ركبته فإنه براء. فأدخلوه إلى حمام الكنيسة عند باب الجامع- وهي حمام النطاعين وقد دثرت الآن- وفعلوا به ما قال. فأراد أن يستريح. وطلب ذلك منهم فقالوا له: هاهنا جماعة وعوراتهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 مكشوفة فاصبر إلى أن نزيلهم من طريقك، ودافعوه عن الخروج إلى أن زاد كربه، ولم يطق الصبر. فنهز قائما. فرموه بماء بارد كما أمرهم فاستمر ماشيا على عادته الأولى. فسئل ابن بطلان عن ذلك فقال: رأيت هذا شيخا مسنا. ولا يحمل مزاجه أن يسقى أدوية ويعمل له ضمادات ربما يؤذيه فلم أر له دواء ألطف من هذا. قال لي بهاء الدين أبو محمد الحسن بن الخشاب أنه وجد بخط بعض بني شرارة النصارى الحلبيين أن بطلان توفي بأنطاكية يوم الجمعة الثامن من شوال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. انتهى. وعلى بابه مكتوب عمره السلطان نور الدين بتولي ابن أبي الصعاليك. وفي هذا البيمارستان قاعة للنساء مكتوب عليها عمر هذا المكان في دولة السلطان صلاح الدين يوسف بن العزيز محمد بتولي أبي المعالي محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن العجمي الشافعي في شهر رمضان سنة خمس وخمسين وستمائة. وعلى إيوانه أنه عمر في أيام الأشرف شعبان؛ وأن هذا الإيوان وقاعة النساء الصيفية أنشأها صالح سبط بن السفاح. وعلى الشباك الذي على بابه أنه أحدث في سنة أربعين وثمانمائة على يد الحاج محمد البيمارستاني. وقاعة المنسهلين كانت سماوية فأسقفها القاضي شهاب الدين بن الزهري. ومن جملة أوقافه: قرية معراثا «1» وأراضي خارج حلب. ومن جملة «2» أوقافه: حصة بوادي العسل. وحصة بالحميرا وحصة بطاحون عربيا، جعلها المتكلم عليه الآن ملكا له باليد العادية؛ قاله العز بن العديم. وهو بيمارستان مبارك يستشفى به وهو نير، شرح، ومفروش من الرخام. وبه بركتا ماء يأتي إليهما الماء الحلو من قناة حيلان. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 وكان بحلب: «بيمارستان آخر قديم معروف ببني الدقاق» : وقد دخل الآن في دار سودون الدوداري التي غربي الحلوية التي يسكنها أركان الدولة. انتهى وعلى باب الجامع الكبير بيمارستان: وله أبواب عظيمة، ينسب لابن خرخاز. والآن قد أغلق بابه. ورأيته (86 ظ) ف وهو يجلس فيه الكحالون «1» ، وقد صار مسكنا. البيمارستان الجديد: أنشأه أرغون الكاملي- كافل حلب- داخل باب قنسرين في سنة خمس وخمسين وسبعمائة. واجتهد في أمره. ورفل في أثواب ثوابه. وأجره. وأحكم بنيانه ومهد محاله وإيوانه، ورفع قواعده، وهيأ بيوته ومراقده، وأعد له الآلات والخدم، ورتب بحفظ الصحة فيه أرباب الحكم، وأباحه للضعيف والسقيم، وفتح بابه للراحل والمقيم. [أرغون الكاملي] : وتوفي سيف الدين المشار إليه في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. أحسن الله إليه. وكان لطيف الذات، وافر الصلات، ذا ذكاء أشرقت ذكاؤه. وسخاء سح سحابه فوفا وفاؤه. وليّ نيابة السلطنة بحلب قبل دمشق وبعدها توفي بالقدس. ودفن في تربة عمرها لنفسه وأعدها. ولم يبلغ من العمر ثلاثين سنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 وفي ذلك يقول أبو محمد بن حبيب: قولا لأرغون الذي معروفه ... بالعرف قد أحيى النفوس والأرج أنزلك الرحمن خير منزل ... رحب ورقاك إلى أعلى الدرج بنيت دارا للنجاة والشفاء ... ليس بها على المريض من حرج انتهى. ومحلة هذا البيمارستان «1» كان بيتا لأمير فتوصل إليه بطريق شرعي ولم يغير بوابة تلك الدار إنما كتب عليها: اسمه «2» . وهي معمورة وهذا المارستان «3» له أوقاف مبرورة منها قرية بنش من عمل سرمين وغيرها، وكتاب وقفه موجود. وقد (82 و) م رتب فيه التراتيب «4» : قراء يقرءون القرآن طرفي النهار، وخبزا يتصدق به. ورتب له جميع ما يحتاج إليه من أشربة وكحل ومراهم ودجاج وجميع الملطفات. ووقفه وافر بذلك. وكان هذا المارستان في كفالة تغرى برمش على أتم الوجوه. وشرط واقفه أن يكون النظر فيه لمن يكون كافل حلب ولما تولى جانم الأشرفي كفالة حلب جعل أمامه متكلما على هذا البيمارستان فصنع له سحابة على إيوانه القبلي على قاعدة بيمارستان القاهرة إذ في هذه السحابة منفعة للضعفاء تقيهم الحر والبرد. انتهى. خاتمة: نقلت من كلام ابن حجة في توقيع لعلاء الدين بن أبي الحسن علي الحنبلي بنظر المارستان النوري بحلب: «وصفت مشارب الضعفاء بعد الكدر، وسقاهم ربهم شرابا طهورا، وتلى لمن سعى لهم في ذلك، وجزى بالخيرات إن هذا كان لكم جزاء، وكان سعيكم مشكورا، ودار شراب العافية على أهل تلك الحضرة بالطاس والكاس. وحصل لهم البراء من تلك البراني التي يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس، وتمت الصحة في مفاصل ضعفائه، وقيل لهم (87 و) ف جوزيتم بما صبرتم، وامتدت مقاصيرهم، وفتحت أبوابها. وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم.» . (82 ظ) م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 الفصل «1» الحادي عشر في- خططها «2» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 ولنبدأ منها بالقصبة العظمى التي يدخل إليها من باب أنطاكية وينتهي إلى تحت القلعة، وما يتشعب عنها أ: [ القصبة العظمى وما يتشعب عنها من دروب ] «درب البزادرة» : هو الملاصق لسور باب أنطاكية إلى ناحية القبلة ب. وتقدم أن بهذا الدرب حجرا ينفع للبرقا «1» . «درب الزيدية» : هو الدرب الذي به المدرسة، وبرأسه مسجد تحت الساباط. وكان هذا المسجد قد جعل دارا، وأبيع، فانتزعه السوسي- قاضي حلب- وأعاده مسجدا كما كان وعلى بابه سبيل ماء وعلى علوه طبقة. (87 ظ) ف ولهذا ...... «2» . «درب ابن كزلك» : الآن نسبه إلى بني كزلك وكانوا تجارا. وبه مسجد عمر في سنة سبع وسبعين وسبعمائة. وهذا المسجد جيد العمارة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 «درب الحطابين» : وهو الذي به المقدمتين المدرسة والخانقة أ. وبرأسه من جهة السوق ب مسجد معلق أنشأه الحاج جعفر بن مزاحم قاله ابن شداد «1» . وقد جدد هذا المسجد يوسف بن أحمد- أحد رجال الحلقة- سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. وقد عطل الآن «2» وسد بابه وجعل ملكا. ثم جدد في زماننا. وهذا الدرب يعرف الآن ببني سلار؛ كما تقدم إذ كانت دارهم به ج. وهي بيد بني الحفساوي. وخارج هذا الدرب من القبلة مسجدا أنشأه محمد بن رفاع بن أبي نصر سنة أربع عشرة وستمائة. «درب الخراف» : هو الذي به المسمط الآن. د. قال ابن شداد «3» : برأسه مسجد. ثم قال «4» : وبرأسه مسجد أنشأه النقيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 أمين الدين أبو طالب الإسحاقي أ. «درب السبيعي» : هو الذي به البيمارستان النوري منسوب إلى الحسن بن أحمد بن صالح الحافظ الهمداني السبيعي الحلبي من أولاد أبي اسحاق السبيعي وابن عمرو. وأبو اسحاق له ترجمة في كلام المزي والذهبي وغيرهما في رواة الستة الأصول كان حافظا متقنا، رحالا، عالي الرواية. خبيرا بالرجال والعلل ب فيه تشيع يسير. توفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. انتهى. وتقدم أن بهذا الدرب مسجد ابن زريق. «درب حمام عتاب» : وعتاب المذكور وكان شرابيا فباع لشخص شرابا وأمره أن يضع فيه من الماء البارد وأن يشربه فلما فعل ذلك مات في الحال فرفع أمره إلى كافل حلب فأمر بإحضاره وبإحضار البرنية «1» التي أخذ منها الشراب فارتاع لذلك فأسقاه الكافل من الشراب الذي بالبرنية فلم يعمل فيه شيئا فعند ذلك سألهم عتاب من أي موضع أخذتم الماء الذي أمرتكم بأخذه فقالوا من جب في دارنا. فحضر أرباب الدولة إلى هذه الدار ونظروا في الجب فإذا به حية عظيمة لم تمت فعند ذلك عمد عتاب إلى إبطال (87 ظ) ف صنعة الشراب وبنى هذا لحمام. وصار يأكل من ريعها. انتهى (83 و) م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 «درب الدهانين «1» » : وبه خان الدهان. والذي يظهر لي أنه خان ابن الجلّي. وكان هناك السقاية المجدية. وحماما دار دكا. وهناك مكان كان يعرف بتل فيروز. «درب به مطهرة عمرها أقوش استادار «2» الطنبغا كافل حلب» : وبهذه الدرب مسجد متسع عمره أبو الفتح مسعود بن الأمير سابق الدين عثمان في سنة خمس وستمائة أ. وكان بهذا الدرب مسجد آخر معلق. وقد خرب وسلّمه «3» باق. قلت: وكان هذا الدرب يعرف قديما بدرب الحصادين. «درب به حماما الست» : وقد عطلت إحداهما؛ نسبة «4» ...... ب. ويصعد من هذا الدرب إلى فندق عائشة- وقد تقدم أنها عائشة بنت صالح بن علي ابن عبد الله بن العباس. وكانت بارعة الجمال. تزوج بها موسى الهادي- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 وهذا المكان نزه مرتفع. وكان به مسجدان أحدهما بوسطه. وقد دثر والآخر بذيله وهو باق. انتهى. والآن احكار قرار هذا الفندق جارية في وقف الجامع الكبير. انتهى. وكان بهذا الدرب خان يسمى خان القواسين لبني العجمي أ. «درب ب الدلبة» : وكان به حبس وبه شجرة دلب فسمي بذلك ج. وكان بهذا الدرب حمام يسمى حمام العفيف. والآن به حمامان أنشأهما علم الدين بن الكويز. وكان بهذا الدرب على رأسه مسجد؛ قاله ابن شداد والآن هناك مسجد مغلق د. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 «درب الحدادين» : هو الذي به الحدادية المتقدم ذكرها في المدارس. وبهذا الدرب مسجدان كان أحدهما فوق الحوض الذي كان على باب المدرسة وتقدم أن اقجا أخربه ب، وجدد هناك حوضا كبيرا، والمسجد الآخر باق وقد كان جدده زوجة الحمزاوي- كافل حلب- ثم جدده بعض التجار. وبرأس هذا الدرب بالقرب من السفاحية حمام ميخان. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 قال ابن شداد: وبهذا الدرب مشهد يعرف بعلي رضي الله عنه ولعله هو هذا المسجد المتقدم الذي هو باق الآن. «درب الأسفريس» : تقدم ضبطه وما فيه من المنافع، وتقدم أن المسجد الذي به نزل ولي الله العارف إبراهيم بن أدهم أ. ثم قرأت بخط الصاحب ما لفظه: دخل إبراهيم أنطاكية ومرعش وطرسوس والمصيصة وأدنه والظاهر أنه دخل حلب نفسها فإنه كان كثير التردد في أعمالها ونواحيها. وحيث ذكرناه نذكر ترجمته فنقول «1» : [إبراهيم بن أدهم] : هو أبو إسحاق البلخي أحد الزهاد، نزيل الشام، حج أدهم بأم إبراهيم فولدت إبراهيم بمكة فجعل يطوف به على الخلق ويقول ادعوا لابني أن يجعله الله رجلا صالحا. ثم نشأ وتوفي والده. واستجاب الله دعاءهم له (88 ظ) ف وصار إلى ما صار إليه من الزهد والعبادة بعد سلطنة خراسان وخرج يوما إلى الصيد فأثار أرنبا وهو في طلبه فهتف به هاتف: ألهذا خلقت. أم بهذا أمرت؟ ثم هتف به من قربوس سرجه والله ما لهذا خلقت. فنزل عن دابته. وصادف راعيا لأبيه. (83 ظ) م فأخذ جبته الصوف فلبسها وأعطاه فرسه ومامعه ودخل البادية. ثم دخل مكة. وقال قدمت الشام من أربع وعشرين سنة. ما جئت لرباط ولالجهاد. وإنما جئت أشبع من خبز الحلال. وكان ينشد: أرى أناسا بأدنى الدين قد قنعوا ... ولا أراهم رضوا في العيش بالدون فاستغن بالله عن دنيا الملوك ... كما استغنى الملوك بدنياهم عن الدين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 واختلف إلى الخلاء في الليلة التي توفي بها خمسا وعشرين مرة كل ذلك يجدد الوضوء للصلاة. فلما أحس بالموت قال: أوتروا لي قوسي. وقبض على قوسه فقبض الله روحه والقوس في يده. توفي سنة إحدى وستين ومائة. وقيل اثنين وستين. ورأيت في المنتظم: توفي في الجزيرة وحمل إلى صور فدفن هناك. وترجمه الشريف في مجمع الأحباب ترجمة طويلة وذكر أنه توفي في الجزيرة وحمل إلى صور كما تقدم. ثم رأيت في مصباح العيان أنه توفي في بعض جزائر البحر أ. وبجبلة قبر يزار يقال أنه قبره. انتهى. وقرأت في تاريخ الصاحب: قال: ودفن بسوفين، حصن ببلاد الروم هكذا ذكر. وقد ذكر القشيري أنه مات بالشام «1» . وقبره ظاهر بجبلة يقصده الناس للزيارة. ويتداول الناس الخلف عن السلف أنه القبر الذي بجبلة قبره. انتهى. وقد زرت قبره وعليه من المهابة ما هو لائق به. وعنده حجر أسود يقال أنه كان يتوسده. وله غار على البحر كان يتعبد به، بالقرب منه مدفون سيدي إبراهيم الخطاب. وعلى ابن أدهم مشهد وله مئذنة وعليه أوقاف جارية عليه. وهي كثيرة. وله سماط كبير. والناظر عليه إذا تعدى في وقفه يستغيث أهل المقام بسيدي إبراهيم فيظهر سره في الحال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 وأخبرني جماعة من أهل جبلة قالوا كان ناظر وهو شيخ المكان تعدى على المقام فاستغاثوا به فنشأت سحابة ووقع منها صاعقة على المئذنة والبيت الذي يسكنه الناظر إلى جانب المئذنة فوق السطح فدخلت إلى البيت وأحرق الشيخ المذكور والله تعالى أعلم. ومن كلام سيدي إبراهيم: أطب مطعمك. ولا عليك أن لا تقوم ليلا ولا تصوم نهارا أ. وكان عامة دعائه: اللهم انقلني من ذل معصيتك إلى عز طاعتك. وقال لرجل في الطواف: لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات: (84 و) ف تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدة، وتغلق باب العز وتفتح باب الذل، وتغلق باب الراحة وتفتح باب الجهد، وتغلق باب النوم وتفتح باب السهر، وتغلق باب الغنى وتفتح باب الفقر، وتغلق باب الأمل وتفتح باب الاستعداد للموت. ومن كلامه: هجرت الخلق طرا في هواكا ... وأيتمت العيال لكي أراكا فلو قطعتني في الحب إربا ... فلم أسجد لمعبود سواكا تجاوز عن ضعيف قد جناكا ... وجاءك راجيا يرجو لقاكا (84 و) م «الدرب الآخذ إلى منكلي بغا من رأس درب الاسفريس» : وبه مسجد قديم وجدّده بعد خرابه الحسن بن الجلي. وله منارة قصيرة وبالقرب من جامع منكلي بغا اتجاه الحمام مسجد الاعزازي [كمال الدين رحمه الله تعالى] «1» . وبالحضرة تكية أنشأها أخي الأبار وأبوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 «درب بني السفاح» : به آدرهم. والمدرسة المتقدم ذكرها «1» . وغربي دورهم مسجد من إنشائهم كان يقرئ به شمس الدين الغزي من أول النهار إلى الظهر، وهو مسجد نير. والآن قد عطل. ومن الموقوف عليه نصف طاحون الجديدة. وكان بهذا الدرب دار الشيخ زين الدين بن الوردي أ. ونزل «2» بهذا المسجد المسلك زين الدين الخوافي ومعه أولاده وجماعة. وذلك يوم الأحد سابع جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثمانمائة. ثم سافر إلى العجم وألبس جماعة الخرقة. وأخذ العهد على جماعة. وأسمعهم مصافحة منه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأشخاص قليلة. قال والدي- رحمه الله- وفي صحتها نظر ولا أعرف أنا أحدا من الجماعة المذكورين فيها. انتهى. ولما قدم إلى القاهرة كتب إليه شيخنا أبو الفضل: قدمت لمصر يازين المعالي ... فوافتها الأماني والعوافي وما سرت القوافل منذ دهر ... بمثل سرى القوادم بالخوافي فأجابه: أيا من فاق أهل العصر فضلا ... وعلما بالحديث وبالاعتراف تقدس سرك الصافي فاحيا ... من الآثار مندرس المطاف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 سألت الله أن يبقيك حتى ... تفيض على القوادم والخوافي أ والخوافي هو: أبو بكر محمد بن محمد بن محمد بن علي. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 «درب بني سوادة» : هو الدرب الآخذ إلى البيمارستان الكاملي أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 وبهذا الدرب مسجد ... «1» طغرل بني في أيام العزيز بتولي عبد المجيد بن الحسن ابن العجمي في سنة سبع وعشر وستمائة. ويعرف هذا المسجد قبل فتنة تمر بمسجد النحاة؛ نسبة إلى الشيخين الإمامين أبي جعفر شهاب الدين أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني الأندلسي الغرناطي المالكي ورفيقه شمس الدين أبي عبد الله محمد بن (89 ظ) م أحمد بن علي بن جابر الهواري الأندلسي المالكي الأعمى المعروفين بالأعمى والبصير، ولهما النظم الفائق، والمؤلفات الحسنة. وقد كتب الشيخ أبو جعفر نسخة من البخاري في ثلاثين مجلدا، وكذا نسخة من صحيح مسلم، وبعض هذين الكتابين موجود بحلب. وكان جيد الخط. انتهى. ترافقا من البلاد. ثم قدما القاهرة. ولما رحل من غرناطة أنشد: ولما وقفنا للوداع وقد بدت ... قباب ربا نجد على ذلك الوادي نظرت فألفيت السبيكة فضة ... لحسن بياض الزهر في ذلك النادي فلما كستها الشمس عاد لجينها ... لنا ذهبا فاعجب لاكسيرها البادي وله: تجنّت فجنّت في الهوى كل عاقل ... رآها وأحوال المحب جنون وما وعدت إلا عدت في مطالها ... كذلك وعد الغانيات يكون وله: محاجر دمعي قد محاهن ما جرى ... من الدمع لما قيل قد رحل الركب تناقض حالي قد شجاني فراقهم ... فمن أضلعي نار ومن أدمعي سكب وله: مهلا فما شيم الوفا معاره ... لمن ابتغى من نيلها أوطارا رتب المعالي لاتنال بحيلة ... يوما ولو جهد الفتى أوطارا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 وله: لا تأتمنه على القلوب ... فمنه أصل غرامها فلحاظه هن التي ... رمت الورى بسهامها وله: لما عدا في الناس عقرب صدغها ... كفّت أذاه عن الورى بالبرقع والصبح تحت خمارها متستر ... عنا متى شاءت نقول له اطلع وله: منازل ليلى إن خلت فلطالما ... بها عمرت في القلب مني منازل وسائل شوقي كل يوم يزورها ... وما ضيّعت عند الكرام الوسائل (84 ظ) م وله: ناولته وردة فاحمر من خجل ... وقال وجهي يغنيني عن الزهر الخدّ ورد وعيني نرجس وعلى ... خدي عذار كريحان على نهر وله: (92 و) ف صيرتني في هواك اليوم مشتهرا ... لاقيس ليلى ولاغيلان في الأول زعمت أن غرامي فيك مكتسب ... لا والذي خلق الإنسان من عجل انتهى. ولما قدما القاهرة اجتمعا بالشيخ أبي حيان. ثم قدما دمشق وحلب، ورحلا إلى ماردين. ثم رجعا إلى حلب، ثم حجا من حلب مرارا. وجاورا أ. وقبل موتهما افترقا بالقلوب لأن أبا عبد الله تزوج بالبيرة وأقام. وقدم أبو جعفر حلب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 وبيت أبي عبد الله بالبيرة معروف على شاطئ الفرات «1» . وتوفي أبو جعفر بحلب يوم السبت منتصف رمضان سنة تسع وسبعين وسبعمائة ودفن بمقابر الصالحين. وكانت جنازته مشهودة. ورثاه رفيقه الشيخ أبو عبد الله بقصيدة طنّانة: لقد عزّ مفقود وجلّ مصاب ... فللخد من حمر الدموع خضاب مصاب لعمري مأصبت بمثله ... ولا أنا فيما بعد ذلك أصاب فإن أبك لم أعتب وإن أرى صابرا ... فليس على الصبر الجميل عتاب بكيت ولكن لم أجد ذلك نافعا ... ولا فيه إلا أن يضيع ثواب فأبت لحسن الصبر وهو أجل ما ... إليه إذا جل المصاب يأب «2» لعمرك ما الدنيا بدار إقامة ... فللناس عنها رحلة وذهاب إذا ما رأيت الدار ملأى فإنه ... سينعق فيها بالفراق غراب ومن صحب الأيام كرت خطوبها ... عليه وكرّات الخطوب غراب وكيف خلاص المرء منها وخلفه ... خيول الردى يجرين وهي عراب لئن جمعتنا والجماعة رحمة ... فقد فرقتنا والفراق عذاب تشاب بسم الموت والمرء غافل ... موارد منها للحياة عذاب وما العسل الصافي شيء وإن حلا ... إذا كان بالسم القتول يشاب يهول كمثل البحر إن هب عاصف ... فيهرم من أهوالها ويشاب تفر الورى حتى إذا أطمعتهم ... فطالوا إلى نيل المراد وطابوا رمتهم بأنواع الخطوب فلم تكن ... لتسمع شكوى أو يجاب جواب يعدون من عز النفوس اكتسابها ... وما هو إلا ذلة وتباب (70 ظ) م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 وما مثل الدنيا وطلاب مثلها ... سوى جيف من حولهن كلاب فتبا لها مذ جرّدت سيف غدرها ... لقتل الورى وما جف منه ذباب أ فكم قتلت من ذي جلال ولم يقل ... كأن نفوس العالمين ذباب ب لقد راع قلبي من تقلب دهره ... أمور قضت أن الحياة سراب حوادث لم تتركن بي غير أدمع ... يشاب طعام لي بها وشراب أرى الناس يمضي واحدا بعد واحد ... ولم أرهم بعد الترحل آبوا (92 ظ) ف وهم كحباب الماء يعلو فينطفئ ... ولا طمع في أن يدوم حباب يذيب «1» الثرى من ليس يحصون كثرة ... كهول وشيب قد مضوا وشباب تفقدت أترابي فألفيت كلهم ... تضمنهم بطن التراب فغابوا فماذا انتظاري أن فيهم لأسوة ... فلم يبق إلا أن تحث ركاب ولكن أرجي أن أعيش لعلني ... ييسر لي قبل الممات متاب وكان يهون الموت لو ترك الفتى ... ولم يكن في يوم الحساب عقاب ولكننا نجزى ونسأل في غد ... ونقطع من دون الخلاص عقاب فلا يتمني الموت شخص لشدة ... ينال بها من دهره ويصاب إذا مات فات الأمر وانقطع الرجا ... ولم يبق إلا موقف وحساب وما دام حيا قد يوفق للتقى ... فيفعل فعلا صالحا فيثاب «2» عجبت لهذا الدهر يفنى خياره ... وهم فيه زين أن ذا لعجاب لقد أخذ الموت اللباب فلم يدع ... سوى القشر لا يلفى لديه لباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 فأي شهاب غاب عنا فلم يكن ... ليخلفه في الخافقين شهاب فو الله ما يأتي الزمان بمثله ... وإن زعموا إتيانه فكذاب فكم عطف الحسنى على مثلها وكم ... حوى منه تأكيد البيان جواب ومن نعته هذا فلا بدل له ... ولو طلبوا إلا بدال منه لخابوا هو العلم الفرد المنادي لكشف ماله ... عن عقول الباحثين غياب فإن ضم منا للقلوب محبة ... فقد أنصفوا في ضمه وأصابوا سلوني على المرء الخبير سقطتم ... فأحواله في الصالحين عجاب (85 ظ) م أبا جعفر ما زلت والله سالكا ... سبيل رجال أخلصوا وأنابوا عطفت على كتب الحديث وضبطه ... فولى مشيب فيهما وشباب وكنت إذا أديته قارئا له ... تكاد القلوب القاسيات تذاب فتطرب أهل الحي حتى كأنما ... غذا القوم من ثغر الكؤوس رضاب فما للبخاري بعد موتك قارئ ... ولو علموا عظم المقام لهابوا وكم مدع في العلم أدركه الغنى ... وما ثم من علم لديه يصاب مرارا أمام المصطفى قد قرأته ... بأفصح نطق لم يفته صواب تخاطبه في قبره وهو سامع ... وأنت بإجزال الثواب تجاب وفي حجر إسماعيل أيضا قرأته ... وقد شرعت للدار عين حراب فتسمع أصوات الرجال إذا التقوا ... كما تزأر الآساد وهي غضاب «1» وأنت مديم للقراءة لا الحشا ... يراع ولا منك الفؤاد يراب «2» ومن كان في البيت المحرم قارئا ... حديث رسول الله كيف يهاب (93 و) ف وفي ذاك ما زلنا جميعا كأننا ... حسامان ضم الصفحتين قراب نلازم تحقيق العلوم وجمعها ... وليس نرى إلا بحيث نتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 فنسهر حتى يقضي الليل عمره ... ويكشف عن وجه الصباح نقاب وكنا كندماني جذيمة لم يكن ... يعض علينا للتفرق ناب فلم ندر إلا والتفرق واقع ... وقد سد من دون التواصل باب كأن لم يكن منا اجتماع ولم نبت ... ومن بيننا للكشف منه كتاب وأي اجتماع بعد ما حكم الردى ... وحال من النوب المهيل حجاب «1» ولكن نرجى أن يكون لنا غدا ... بجنة عدن مجمع ومآب أبا جعفر قد كنت أكرم صاحب ... إذا عد من أهل الوفاء صحاب لقد كنت ..... سمح النفس خلوا عن الأذى ... حميد السرى لا شيء فيك يعاب «2» ولو أن مابي من فراقك بالحصى ... لذاب فكيف القلب ليس يذاب بموتك مات العلم والحلم والتقى ... فأصبح ربع الفضل وهو خراب وأصبحت الطلاب بعدك لا يرى ... لهم طمع في أن ينال طلاب (86 و) م فمن للمعاني الغر بعدك عند ما ... ترى وهي للذهن السليم صعاب ومن لفنون العلم يجمع شملها ... إذا اختلفت سبل لها وشعاب ومن لكلام الحق في وجه مبطل ... ولو أنه قد عز منه جناب لمثلك تبكي العين من متوكل ... عليه من الحمد الجميل ثياب أبا جعفر ما مات من عاش ذكره ... وذكرك باق لم ينله ذهاب فو الله لا أنساك حتى يضمني ... كمثلك في بطن الضريح تراب «3» سبقت وإنا لا حقون فكلنا ... سنمضي مضاء ليس منه إياب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 ولا بد أن يستوفي المرء عمره ... ويفرغ زاد خصّه وشراب وتقديم أقوام وتأخير غيرهم ... يفاوت أعمار لهن كتاب لقد أوحشت من بعدك الأرض كلها ... كأن البلاد العامرات يباب فآنسك المولى كما كنت مؤنسي ... وذو البر مجزي به ومثاب سقى الله ذاك القبر صيّب رحمة ... يخالطها من ذي الجلال ثواب انتهى [1] وأما الشيخ أبو عبد الله فإنه توفي بالبيرة سنة ثمانين وسبعمائة ولهما رحلة في مجلد. والبديعية [2] وشرحها.   [1]- القصيدة وردت أيضا في (م*) [2]- ذكرها أبو ذر في القسم المكرر (م*) وهي: دع الدار وارحل للذي جاء بالبشرى ... وبع دارك الدنيا من الله بالأخرى دعينا إلى دار النبوة عزمة ... فقمنا ولم نترك لأنفسنا عذرا «1» ولما تجاوزنا الفرات وقد غدى ... سناء الشمس يلقى فوق قصبها تبرا وقفنا لتوديع الأحبة وقفة ... طوت بتها كشحا على كبد حرا فسرنا وولى القوم عنا وودعوا ... وأيدي النوى ينثرن أدمعنا نثرا «2» صبرنا وقلنا إنما الخير في الذي ... قصدنا ولولا ذاك لم نستطع صبرا (127) وحانت إلى نحو الفرات التفاتة ... وما امتنعت عيني فرددتها أخرا وقلت دعوا بحر الفرات وأسرعوا ... فسوف نرى من جود خير الورى بحرا فبتنا بنهر الجوز «3» والناس قد رأوا ... هناك هلال الصوم واستقبلوا الشهرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473   وكان على الساجور بعد مبيتنا ... فلله ما أبهى وأبهجه نهرا «1» وبالباب بتنا والله بعد فاتح ... بمت قد قصدنا باب نعمته الكبرى فنمت بها كي نكسر النوم ساعة ... وسرنا بعزم لانطيق له كسرا على حلب الشهباء ولي لنا الدجى ... بأديمه إذا شهب الصبح تذكرا فلما نضى عنا الظلام نقابه ... كما نضى الجلباب عن كاعب عذرا رأينا التي قد أكمل الله حسنها ... وما خالف الأخبار عن وصفها الخبرا كفى الماء فيها والهواء يقيهما ... من الطيب ما لعينين العليل به تبرا وما أنا أسلو عن كريم أرنا بها ... أولئك قوم لست أنسى لهم شكرا أقمنا بها مقدار ما هي ...... ... وقمنا لقصد عنده يحمد المسرى «2» وقد مر شهر الصوم إلا بقية ... إذا زدتها يوما فقد كملتها عشرا وثالث يوم من حماة بدت لنا ... حدائق أرخى الحسن من فوقها سترا ترى النهر يجري كالمجرة وسطها ... فتحسب غصن الزهر من حوله زهرا فبات عليها الركب ثم مضوا ضحا ... وبالرستن استوفى ومن جنيه اسرا فصبح حمصا والمطى على ونا ... فقلت أريحوا لا يكن أمركم عسرا وثاني يوم قد حثثنا ركابنا ... ونحن بجاه المصطفى لا نرى ذعرا ومن بركات المصطفى كان يومنا ... بقارة «3» صحوا لا شتاء ولا وقرا إلى أن نزلنا من دمشق لبلدة ... غدت جنة الدنيا فأكرم بها قطرا وذلك يوم العيد والدهر كله ... لساكنها عيد فيا حسنه دهرا ولكنها أرض الغنى وداره ... ولا عيش فيها للذي يجد الفقرا قضينا بها الآمال ثم استحثنا ... إلى المصطفى شوق حشى في الحشى جمرا فسرنا وشهر الفطر قد مر ثلثه ... إلى من أرانا شرعة الصوم والفطرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474   فودعت الركبان ثم تابعوا ... رحيلا وقالوا إن موعدنا بالزورا ولما أتى حوران ....... جوها ... وأصبح لحلق الوجه قد أظهر البشرى «1» فما كان إلا أن ركبنا تيمنا ... إذ الجو يبكي فوقنا بعد ما افترا فأقبلت الأمطار من كل جانب ... علينا وعاد البر من حينه بحرا إلى أن نزلنا من محجة جانبا ... ولم نستطع نخطو ذراعا ولا شبرا «2» فقلنا لأجل المصطفى هان كل ذا ... وبالله أجرا سوف يعطى به أجرا نزلنا وقلنا سوف يرحم ربنا ... ويجعل بعد العسر في أمرنا يسرا وثاني يوم بيض الجو وجهه ... وأبدى لنا البشرى وجاء بما سرا فأصبح وجه الأرض خف ماؤه ... فقمنا بأيدي العيس نلطمه جهرا وفي ازرع باتوا وأسروا يصبحوا ... بدير حليف ثم أمسوا على بصرى «3» فأول بشر أن رأينا بربعها ... معاهد من سرنا له نقطع القفرا إليها انتهى عند الولادة نوره ... كذاك إليها سير فافهم السرا ومن أجل هذا آنس الله ربعها ... فكل أخي تيم رآها فقد سرا وبعد رحيل الركب عنا بساعة ... بدير بحيرا عند تيماء قد مرا «4» هناك وافى ركب مكة مقبلا ... ومنهم أجل الخلق كلهم قدرا وكان بحيرا ناظرا فوق ديره ... فأبصره والسحب تمنعه الحرا وشاهد أزواج الفلا سجدت له ... وكل هشيم مسه مسة اخضرا فأكرم مثواهم وأحسن في القرى ... وباركهم من قبل ذا عنده يقرا وإذ باشر الآيات بشر عمه ... وقد عمه نصحا وأوسعه برا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475   وأعلمه هذا النبي الذي يرى ... وكان لدى أشياعه عالما حبرا فلما وقفنا ذاكرين لعهده ... إلى أن سقينا الأرض من دمعنا قطرا رحلنا وفي سفل البنية خيموا ... وقد شاب ...... الدجى وقضى العمر «1» وبعد أداء الفرض ساروا فأصبحوا ... بزيزي وما زالت ركابهم تترا «2» أقعمنا ثلاثا نجتبي كل نعمة ... فقمنا على عزم وجدبنا المسرا وفي ثالث جئنا الحسى وخامسا ... معانا وأياما مكثنا بها قرا «3» وقمنا وقام الناس من كل حازم ... رمى بنفسه في البيد واستهل الأمرا «4» وثاني يوم أصبح الركب نازلا ... بذات الصفا فاستقبل البلد القفرا فمدوا علي أرجائها وتقدموا ... لزاخر بحر يجعلون اسمه يسرا تلاطم أمواج السراب به وما ... ترى الفلك إلا الخيل والنجب الضمرا وأضحت فجاج البر فينا عواملا ... فترفعنا طورا وتخفضنا أخرى ولم يبق إلا الحبر من كل داخل ... وأصبح به السير لا يقبل القصرا وثالث يوم من معان ورودنا ... على ذات حج فارتوا وسروا ظهرا وعند ابتداء الشمس ذاك وحبذا ... شهورا يا خير الأنام بها يرا وفي ثالث لاحت تبوك لنا ضحى ... وقد لبست من حلها حللا خضرا 125 وردنا بها الماء المبارك كيف لا ... وذلك مما سيد الخلق قد أجرا أتى عينها والماء كالدمع قد غدا ... يبص فلما ... فيها جرت بحرا «5» أقاموا ليلتين على رضى ... وفي سحر أمت مطيهم الصحرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476   وجازوا على وادي الأخيضر ثانيا ... وقد قطعوا من بدئه مسلكا وعرا وجاءوا إلى (الصامي) عشية ثالث ... ورووا وساروا إذ بدى الأفق مفترا «1» وباتوا على (ماء المعظم) بعد ذا ... وما أحد منهم إلى الماء مضطرا وبعد على ماء الحبيب مبيتهم ... فرووا وساروا قبل أن يبصروا الفجرا وفي ثمر الروم انجلى الصبح ضاحكا ... لنا فلقطنا من حمى أرضه درا وفي صبح ثاني مبرك الناقة ..... ... وفي ظهر ذاك اليوم قد وردوا الحجرا «2» وجاءوا العلا بعد الغروب فأكثروا ... لربهم شكرا وللمصطفى ذكرا وطابوا بتخليص المفازة أنفسا ... وأن لهم أن يبصروا ذلك البدرا أقاموا ثلاثا فاستراحوا وأودعوا ... وساروا على عزم وقد جنفوا الظهرا وثاني يوم أودوا الشعب عليهم ... فيا طيب ذاك الماء لو لم يكن بذرا ومن بعد في (وادي هدبة) خيموا ... على مورد لابد منه وإن ضرا وسرنا ووجه الصبح أبيض باسم ... فلاقت من السوداء احمالنا سرا فسالت دما فيها جفان مطينا ... على الصخر كالخنساء حين بكت صخرا وجازوا على (وادي العظام) فلم يروا ... بجاه رسول الله خيما ولا ضرا وكان بقرب (الفحلتين) مبيتهم ... وإذ رحلوا صلوا ورآهما الفجرا وبتنا لدى (وادي القرى) يأنس القري ... وينبق من أرض الحجاز به عطرا و (بالسد) أوردنا صباحا ولم يزل ... نديم السرى حتى نزلنا على (البترا) فبتنا نناجي النفس كيف لقاؤه ... ولم يبق سوى الذنب وجها ولا عذرا نسايس من أجل الخطايا ونرتجي ... إذا ما ذكرنا ذلك الكرم الوفرا وقد أسهر الشوق الشديد عيوننا ... فلا أحد إلا ومقلته سهرا فقمنا فصبحنا (المدينة) بكرة ... فلله من يوم صبيحته غرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477   صعدنا على أعلى (الثنية) فانجلت ... لنا من (بصيد النخل) في حلة خضرا «1» وقد جال بين الشرق والغرب نوره ... وغاب ضياء الشمس فيه فما بدى نضينا أكف القصد إذ رفعت لنا ... وذيل الصبا فوق الحدائق قد جرى وحن جميع الركب حتى مطيهم ... فكم أنفس تفنى وكم أدمع تجرى ونادى منادي القوم هذا ضريحه ... هنيئا لمن أسرى هنا ينقذ الأسرى (126) فلما سمعناه رمينا نفوسنا ... عن العيس برا للذي علم البرا إذا أبصر المشتاق بر ديارهم ... وسار على ظهر المطى فما برا ولما رأينا النور من حجرات من ... تميز بالفرقان واختص بالإسرى شددنا عقود العزم منا لتوبة ... تعود لنا من غافر الذنب بالبشرى وقد أفلح السارون واقترب الرضى ... وقيل ادخلوا في كهف رحمة الكبرا دخلنا فسلمنا وقمنا تجاهه ... قيام كسير القلب ينتظر الجبرا وملنا إلى الصديق نهدي تحية ... وتشكر في الإسلام أفعاله الغرا وقمنا لدى الفاروق صاحبه الرضى ... نسلم بالحسنى ونحسن في الذكرى ولدنا بتابوت الرسالة بعد ذا ... وقلنا أسانا يا إله الورى غفرا وفي الروضة العليا قصدنا لربنا ... صلاة جعلناها لأنفسنا ذخرا وما بين قبر للرسول ومنبر ... لثمنا ثرا من أم ساكنه أثرا هناك عدت من جنة الخلد روضة ... ستجعل من نار الجحيم لنا سترا وزرنا الأولى حلو البقيع وحسبنا ... به قبة العباس غوث من اضطرا بها الحسن الأرضى قيل وأمه ... وقد قيل بل في بيته تابوت قبرا وقبة عثمان الصبور على الأذى ... على بنتي المختار قد أسبل السترا «2» وزرنا الإمام الحبر مالكا الرضا ... فلم نر قبر أقبل ذا قد حوى بحرا وحمزة زرنا سيد الشهداء كم ... أنال الهدى نصرا فحاز به البشرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478   وزرنا قباء ثم المساجد كلها ... وبير أريس قد قصدنا به الظهرا «1» ومن بير حاء شربنا تبركا ... ومن كل بئر مس من مائها قطرا «2» ولما فرغنا من زيارة كل ما ... يؤمل في نقل الخطى نحوه أجرا رحلنا إلى أم القرى نعمل السرى ... عسى سورة الإخلاص في حجنا نقرا ولما وصلنا ذا الحليفة بعد ما ... مضت ساعة والركب أجمع قد سرا قضوا أربا من غسلهم وركوعهم ... ومن سنن المختار قد تبعوا الأثرا وبعد نضو لبس المخيط وأحرموا ... وقد أعلنوا لبيك واجتنبوا الجهرا فباتوا على (تربان) وارتحلوا ضحى ... فكنا على الرّوحاء واليوم قد مرا «3» فجزنا على وادي الغزالة والثرى ... نشم لخير الخلق من طيه نشرا «4» هنالك جاءته الغزالة تشتكي ... وقد صادها من صاد ما قد لاذ ذعرا فنادته لي بالشعب خشف على ظما ... وقد صادني هذا ولا أملك الصبرا فقلبي كسير موجع لفراقه ... وأنت كريم لم تزل تجبر الكسرا «5» فسرّحها من بعد عهد فأسرعت ... رجوعا ولم تستطع خلافا ولا عذرا وبالقرب للصفراء باتوا فأصبحوا ... عليها فذرت سحب خيراتها درا ومدت لهم جناتها الخضر ظلها ... فما أنصفوها حين يدعونها الصفرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479   وما زال بين الماء والظل سيرهم ... إلى أن تولى يومهم وأتوا بدرا «1» وبالعدوة الدنيا نزلنا بحيث قد ... أقام رسول الله ينتظر النصرا بحيث حمى الله الهدى بنبيه ... وأصحابه الأخيار حتى محا الكفرا (127) يصارع أهل البغي قبل آراهم ... وكان كذاك الأمر إذ عظم الأمرا رمى بالحصى في أوجه الجمع رمية ... خفر أشد القوم بأسا وما قرا «2» وناول عودا في القتال حذيفة ... فعادله سيفا يبيد العدى قهرا وأقبل جبريل الأمين بحبه ... فلما رأى الشيطان ما قد رأى فرا فبتنا بتلك الأرض نلمح نوره ... وثوب الدجى في لبة الأفق قد زرا فلما تعرى الصبح عن ثوب ليله ... دخلنا وعقد الشهب يبدي لنا نثرا إلى أن قطعنا رمل عالج الذي ... يظل القطا في قطع كثبانه حيرا وفي (بطن خيت) قد نزلنا وفي الدجى ... سرورا وحرف العيس قد كتبت سطرا «3» فبتنا على (ودان) ثم (بدابغ) ... فلاح هلال الشهر للناس وافتراء «4» وسرنا فبتنا بالبيادر واغتدوا ... فجازوا على (ذات السويق) بنا ظهرا وجاؤوا (خليصا) فارتووا وتعجلوا ... إلى بلد تقل الخطايا به ندرا «5» فباتوا على ظهر (المدرج) واغتدوا ... (بعسفان) ثم (المنحنا) نزلوا عصرا «6» وما صحوا إلا أبا عروة الذي ... ترى العين من (صانه) كلما سرا «7» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480   وبعد زوال الشمس ساروا وشوقهم ... يحثهم مذ شب وسط الحشى جمرا فباتوا على أدنى المساجد منهم ... وقد نشقوا من طيب أم القرى عطرا وفي حرم الله اغتدوا (وبذي طوى) ... قد اغتسلوا كي يتبعوا السنة الغرا وإذ صعدوا فوق (الثنية) أشرفوا ... على حرة الدنيا لمن فهم السرا ولما دنوا من كعبة الله أبصروا ... بدائع حسن تخجل الكاعب البكرا فمالوا إلى الركن الشريف وقبلوا ... كما قبل المشتاق من كاعب ثغرا وطافوا وحتما بالمقام تركعوا ... وفازوا بأمن بعدما دخلوا الحجرا وبلزم البيت المكرم لازموا ... وإذ علقوا بالستر كان لهم سترا وقاموا لدى الميزاب يدعون ربهم ... وفوق الصفا والوا لربهم الذكرا إلى أن وفوا السعي سبعا إذا انتهوا ... لمروتهم كروا لنحو الصفا كرا ومن زمزم العذب المذاق تضلعوا ... فما صدروا إلا وقد شفوا الصدرا وما ماؤه إلا لما قد شربته ... فسل عنه ما شئت من نعم تترا طعام لمحتاج وماء لذي ظماء ... وبر لذي سقم فكم آلم أبرا فكان جميل العفو فيها قراهم ... ومن حل في دار القرى لا يقرا ويوم نزلنا في منى صحت المنى ... فبتنا على إحسانه نحمد الدهرا 128 وفي عرفات قد عرفنا لربنا ... مواهب فضل ليس يحصى لها شكرا وفي موقف المختار بالصخرات قد ... وقفنا بحيث الترب قد فاخر التبرا وبعد زوال الشمس حتى غروبها ... لربهم قاموا ينادونه جهرا فلو كنت في ذاك المقام تراهم ... حفاة عراة مثل ما يردوا الحشرا وقد تركوا أبناءهم وديارهم ... وجاؤوه شعثا قصد رحمته غبرا وقد خشعت أصواتهم وقلوبهم ... وأبدوا لذي العرش التذلل والفقرا وضجت هناك الأرض من دعواتهم ... وأبدوا بكاء هم أن يبكي الصخرا فهبت عليهم رحمة الله هبة ... فما منعت قصدا ولا تركت وزرا وعمت عليهم نعمة الله عندما ... توارى محيا الشمس واستقبلوا الغفرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481   وبالمشعر المبرور بتنا فلم نزل ... نديم بته التعظيم لله والذكرا وبعد صلاة الصبح سرنا إلى منى ... فلما قصدنا الرمي والحلق والنحرا ....... الحج والبعض قائل ... لبعض هنيئا إن حجك قد برا «1» بعدها فأكملنا المناسك في منى ... ووجه الليالي قد أضاء لنا بشرا فلما اعتمرنا ودع الركب راجلا ... وذا آئب يبغي الشام وذا مصرا وما تقتضي أشواقهم أن يفارقوا ... ولكن قضى رب الورى ذلك الأمرا وما هي إلا حكمة الله كلما ... قضوا حجهم حنوا لأوطانهم طرا وتا الله لا أنسى بمكة عيشنا ... فيا حبذا لو كنت أقضي به العمرا نشاهد ذاك الستر والليل مسبل ... فننتظر حسنا لا نطيق له حصرا وقد رفعت ما بيننا الستر وانجلت ... وقالت لكم وصلي ولا تبتغوا هجرا فطاف بها العشاق من كل جانب ... فكلهم من وصلها قد قضى نذرا وقد دهشوا من حسن ما شهدا فهم ... من الوجد في سكر وما شربوا خمرا وما كان في رق الخطايا تكرمت ... عليه بحسن العفو حتى انثنى حرا إذا طفت في تلك الديار كأنني ... أرى المصطفى فيها وأباه الزهرا ديار ذوي العلياء من آل هاشم ... فكم وهبوا والجو قد أمسك القطرا وكم أطعموا وفد الحجيج وكم سقوا ... وكم ستروا عيبا وكم كفوا ضرا تهلل من بشر السماح وجوههم ... لأضيافهم والأرض عابسة غبرا وما سدلوا إلا على الصون أزرهم ... وما ضيعوا من شد يوما بهم أزرا وما حل امرؤ منهم يد جوده ... عن السائل المحتاج قد عقدوا الأمرا هم المطعمون الوحش في كل شاهق ... هم المانعون الجار من كل ماضرا 129 أناس رسول الله صفوة مجدهم ... فإن فاخروا من ذا يساويهم فخرا به شرف الله الأباطح من منى ... ومكة واستدعى إلى قصدها الضمرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 ومن شعر أبي عبد الله «1» : إني سئمت من الزمان لطولما ... قد صدعن حسن الوفاء رجاله ومن النوادر في زمانك أن ترى ... خلّا حمدت وداده وخلاله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 قلت: ولا أعلم بعدهما قدم حلب من المغاربة مثلها. [العلامة محمد بن محمد الحكمي الأندلسي] : وقد قدم حلب شيخنا العلامة المحقق ذو الفنون شمس الدين محمد أبو عبد الله محمد بن محمد بن يحيى ابن محمد بن (93 ظ) ف عيسى الحكمي الأندلسي. مولده كما أخبرني به سنة ست وثمانمائة. قرأ النحو على الشيخ أبي بكر بن قاسم الأندلسي والفقه على الشيخ محمد بن محمد بن سراج الأندلسي، والمعاني والبيان على العلامة ابن مرزوق، وأصول الفقه عليه وعلى غيره. وكذلك المنطق على الشيخ عبد الرحمن بن الباز القسطنطيني، والقرآن على شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد المنتوري- بكسر الميم- وهي بلدة بالأندلس، والفلسفة على الشيخ عمر القلشاني، والطب على الكرماني، واللغة على عدد: منهم ابن فتوح، والحساب على أبي عبد الله محمد الصناع الغرناطي، والتاريخ على شيخ الإسلام أبي قاسم العبدوسي. رحل من بلده إلى مصر لطلب الرواية، فقرأ على شيخنا شيخ الإسلام ابن حجر فأعجبه وصار يميل إليه، ويعظمه. ويثني عليه. فسعى له في قضاء حماة بغير نول فقدم إلى حماة. وسار سيرة حسنة بحرمة وافرة، وأقرأ جماعة من أولاد الحمويين ثم رحل إلى حلب للأخذ عن والدي فنزل بالشرفية (86 ظ) م في بيتي يوم الخميس سادس عشر من شوال سنة تسع وثلاثين وثمانمائة فقرأ على والدي أشياء. وسمع بقراءتي على والدي أشياء. وقرأت عليه قطعة من صحيح البخاري وسمعت من فوائده نقلا عن أبي القاسم العقياني في قوله صلى الله عليه وسلم: «لاردها الله عليك» قال: معناه لا تفعل. «ردها الله عليك» . وسمعته يقول عن أبي القاسم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 المذكور في حديث الخضر وموسى كذب عدو الله. قال: أي شيطانه الحامل له على هذه المقالة. وغير ذلك. انتهى. وكان مغربيا ريض الأخلاق. كريما. وكتب لي إجازة صدرها بقوله: «أما بعد حمد الله مجير السائلين، ومجيب الراغبين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل من أجاز فأجاد. وأقرت محاسنه كل راض. وروت عين مكارمه كل صاد وعلى آله وصحبه السالكين مجاز الفضل على الحقيقة المالكين لدرج المعالي الجليلة والمعاني الرقيقة. ومنها ما أنشده بسنده إلى يحيى بن معين: المال ينفذ حله وحرامه ... يوما ويبقى في غد آثامه ليس التقي بمن يمير بأهله ... حتى يطيب شرابه وطعامه ويطيب ما يحوي وتكسب كفه ... ويكون في حسن الحديث كلامه نطق النبي لنا به عن ربه ... فعلى النبي صلاته وسلامه وبسنده إلى المعري التاجر: تأمل أبدر التم أحسن أم بدري ... وقس نظرا عطفيه بالغصن النضر وقل ما تشاء عن لحظه ورضابه ... وحدث فكل معدن السحر والخمر ودع ذكر أخبار العذيب وبارق ... وصف عن عذيب الريق أو بارق الثغر (94 و) ف وكن مستضيئا بالهدى من جبينه ... إذا ضل هادي الفكر في ظلمة الشعر ومن إنشاده: جزى الله إخوان الخيانة أنهم ... كفونا مؤنات البقاء على العهد فلو قد وفوا كنا أسارى لعهدهم ... تراوج ما بين النسيئة والنقد ومن إنشاده بسنده إلى سلطان المغرب ملك إفريقية: مالي عليك سوى الدموع معين ... إن كنت تغدر في الهوى وتخون من منجدي غير الدموع وأنها ... لمغيثة مهما استغاث حزين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 الله يعلم أن ما حملتني ... صعب ولكن في رضاك يهون (87 و) م وبسنده إلى أبي عبد الله بن الأحمر سلطان المغرب: أيا ربة الخدر التي سلبت نسكي ... على كل حال أنت لابد لي منك فإما بذل وهو أليق بالهوى ... وإما بعز وهو أليق بالملك وقد اجتمع شيخنا المشار إليه بشيخنا الشيخ شمس الدين بن الشماع وسأله أن يستأجر له من يوصله إلى الروم. وأخفى ذلك عنا فرحل عن حلب سابع عشر ذي القعدة من السنة المذكورة وقال والدي في ترجمته. وكان إنسانا حسنا إماما في علوم منها: الفقه والنحو وأصول الدين وغير ذلك، نظيف اللسان مستحضرا للتاريخ ولعلومه كأنها بين عينيه مع التؤدة والسكون، وشبع النفس وبلغني أنه توفي بالروم في أواخر شعبان سنة أربعين وثمانمائة. وأوصى لوالدي بكتبه فرد والدي الوصية. انتهى. وقد قدم حلب أيضا الشيخ العلامة المحقق ذو الفنون أبو الفضل المغربي لكنه قدم متخفيا وذهب إلى عين تاب. وتوفي بها. وأوصى بكتبه لشخص من فقهاء عين تاب فطلبه كافل حلب الحاج اينال. وضربه. وأخذ الكتب منه. ثم حضر مرسوم من القاهرة بإحضار كتبه إلى القاهرة فبلغني أنه أثبت محضر بأنه حي بالروم وأن المتوفى بعين تاب ليس أبا الفضل. انتهى. وبهذا الدرب يقال له: درب البنات: وتقدم أنه شمالي البيمارستان تجاه الخان. وبه مسجد إنشاء بني شنقش قاله ابن شداد «1» . وتقدم الكلام على الخانكاه التي به. قال ابن العديم: وأظن أنه درب البنات يعرف بأم ولد كانت لعبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح اسمها بنات، وهي أم ولد داود «2» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 وبهذا الدرب قبلي البيمارستان مسجد منتخب «1» الدين أحمد بن الإسكافي وعليه دائرة بها كتابة كوفية وهي: عمر هذا منتخب الدين أحمد بن الإسكافي سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وبه مسجد المحصب. وقد تقدم «2» . «درب الرحبة» : وهو الذي به الأسدية. ومسجد ابن الطرسوسي قبلي المدرسة في السوق. وجدده أحمد بن محمد التاجر في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. «قلعة الشريف» : هي منسوبة إلى الشريف أبي علي الحسن بن هبة الله الهاشمي- مقدم الأحداث بحلب يعرف بابن الحثيثي وقد سلم حلب إلى أبي المكارم مسلم ابن قريش العقيلي فلما قتل مسلم انفرد بولاية المدينة وسالم بن مالك بالقلعة فبنى الشريف عند ذلك قلعته في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة خوفا على نفسه من أهل حلب. واقتطعها عن المدينة وبنى بينها وبين المدينة سورا. واحتفر خندقا ثم خرب السور في أيام إيلغازي ابن أرتق حين ملكها واستقل بملكها في سنة ست عشرة وخمسمائة أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 ومسلم المذكور قال الذهبي كان رافضيا، خبيثا. أظهر ببلاده سب السلف. ورأيت في تاريخ ابن العديم، أنه أخذ حلب من سابق بن محمود بن نصر بن صالح في أول يوم من المحرم سنة اثنين وسبعين وأربعمائة وهو مدفون بسر من رأى في قبة نقل إليها من حلب. وقتل بأنطاكية على بابها في صفر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. ومولده في يوم الجمعة ثالث عشر من رجب سنة اثنين وثلاثين وأربعمائة ورأيت في كلام الذهبي عن الماموني وثب عليه خادم في الحمام فقتله. انتهى. وكان كريما فاضلا حليما شاعرا، ومن شعره: الدهر يومان ذا أمن وذا خطر ... والماء صنفان ذا صاف وذا كدر رجع: وكان لما حاصر مسلم وضايقها خطب إلى سابق صاحبها أخته. وتم العقد في يوم تسلمه القلعة ودخوله إليها. ودخل في ذلك اليوم والساعة بالعروس فقيل أنه في ساعة واحدة فتح قلعتين. وفي ذلك يقول منصور بن تميم: قرعت أمنع حصن وافترعت به ... نعم الحصار ضحى من قبل يعتدل وحزت بدر الدجى شمس الضحى فعلى ... مثليكما شرفا لم تبدل الكلل «درب الزجاجين» : تقدم الكلام عليه في الزجاجية. وبهذا الدرب حمام يعرف الآن بالزجاجين أوبه مسجد غربي المدرسة أمر بعمارته العادل أبو بكر محمد بن أيوب بتولي أحمد بن عبد الله الشافعي في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 «درب بني الخشاب» : هو الآخذ من رأس درب الزجاجين إلى ناحية باب قنسرين. وكان بهذا الدرب بيوتهم وهي باقية أ. وكان به مكتب أيتام وتقدم الكلام عليه وفي أول هذا الدرب حوض ماء قد عطل. وسيأتي الكلام عليه وبهذا الدرب باب صغير يسمى «باب الخوخة» يأخذ إلى ناحية الجلوم. وبهذا الدرب قربة بني الخشاب وقد تقدم الكلام، وبهذا الدرب قاعة تسمى قاعة الجوهري. وتقدم الكلام عليها في المزارات وبرأس هذا الدرب مسجد يعرف بابن مشكور، وقد جعل حبسا الآن. «درب الخانكاه» : وهو الآخذ إلى الجرن الأصفر به الخانكاه، وقد تقدمت. وبرأسه مسجد أنشأه أبو الحسن محمد بن الخشاب وإلى جانبه الجرن المذكور، وقد تقدم الكلام عليه. «ناحية الجلوم» : سميت ...... «1» وبها عدة مساجد يشق علينا حصرها، وحمامات خراب. «عقبة بني المنذر «2» » : هي من أعلى مكان في حلب وأنزهه وأطيبه هواء وقد نزلها جماعة من بني صالح واختطوا دورا لسكناهم. وقناة حيلان لا تطلع إلى هذه الحارة إنما يشرب أهلها من صهاريج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 يجمع فيها من ماء المطر أو يكسب فيها من الماء الحلو وبها آبار عميقة. وبذيل هذه الحارة حمام يعرف بالبزدار وقديما بالصفي. وبها عدة مساجد منها: مسجد بالقرب من مسجد قاقان على بابه كتابة كوفية ...... «1» . (88 و) م [الشيخ أبو بكر بن محمد الحصني] : نزل به لمسجد الشيخ تقي الدين أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن الحصني العبد الصالح العالم أالعلامة الورع الزاهد الموجود مثله في مشايخ الرسالة المتقلل من الدنيا في المأكل والمشرب والملبس المنقبض عن الناس وعن لقيهم الداعي إلى الحق سبحانه وتعالى بسرمين وأعمالها حتى رجعوا عما كانوا عليه من سب الصحابة- رضوان الله عليهم- فرجعوا إلى الدين والترضي عن الصحابة وملازمة السنة والجماعة، صاحب التصانيف المفيدة في الفقه والتفسير والتصوف وغير ذلك ب. وترجمته أشهر من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 أن تذكر وهو مدفون بدمشق وقبره يزار. انتهى. وبهذه الحارة مسجد قديم عمر في زمن الظاهر غازي. وبها مسجد قرب آدر بني المنذر وعليه كتابة كوفية أ. وهو مسجد (96 ظ) ف متسع وقد اختصر الآن. وهو مكان نزه مبارك يرى فيه الصالحون وينبت بالزعفران. وبها مسجد آخر بالقرب من دار ابن الهذباني وله أوقاف ب. وبها مسجد آخر بدرب يعرف قديما بدرب المغاربة. وهو غير نافذ. وهو مسجد نزه في قبليته مناظر تشرف على قبلي البلدة وما والاها، وفي ذيل العقبة بالقرب من حمام البزدار المذكور مسجد قديم. وكان بأعلى العقبة حمام تقدم الكلام عليها في الكلام على الحمامات التي عددها ابن شداد ج. درب ابن الحكم د: وكان تاجرا وهو الذي بنى الحمام المعروف بالخواجا اتجاه المسجد الجامع المتقدم ذكره في الجوامع وقد آلت هذه الحمام إلى أحد الحرمين الشريفين ثم باعها شخص من أولاد الحكم ولباني الحمام وقف على الفقراء بقرية أديخ «1» . وقد رأيت كتاب وقفها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 وقد أبيعت ثم أن مشتريها أأعادها وقفا على الحرمين. وبهذا الدرب مسجد بأوله. وعليها كتابة: منها أنه عمره عجلان. وكان بهذا. المسجد نخلة تثمر كل سنة وله وقف. وقد جدد فيه الحاج علي الصايغ وكان يقرأ له به صحيح البخاري. وجدد المذكور بهذا الدرب حوض ماء. وبهذا الدرب جامع تقدم الكلام عليه، وبه مسجد آخر شمالي الجامع المذكور ب. «درب مسجد الجورة» : هذا المسجد جدد في أيام العزيز محمد أبو القاسم عبد المجيد بن الحسن بن العجمي في سنة سبع عشرة وستمائة. وهذا المسجد كان على ساحة الشارع فعلا الشارع وبقي المسجد على ما كان عليه فسد بابه القديم لأنه لم يمكن الدخول منه وأحدث له هذا الباب. «درب الشحام» : كان به حمام فدثرت. وكان به حوض ماء فتعطل. وبهذا الدرب قاعة عظيمة كانت لبني زهرة، وحجارة القاعة شبيهة بحجارة مشهد الحسين رضي الله عنه الذي بسفح جبل جوشن. ويقال أنها أخذت منه. ويليه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 «درب الطير» : وتقدم الكلام عليه، وعلى مسجده، وعلى البيمارستان الذي كان به. «قصبة باب الجنان» : تقدم الكلام على دار كورة. وأن كورة كان نائب حلب وتقدم الكلام (78 ظ) م على القصر الذي اتجاه هذه الدار، وعلى بيت النار الذي كان بهذا الدرب وعلى مسجد القصر. - أول درب بهذه القصبة يأخذ إلى العقبة: وبه مسجدان ملاصقان للسور. وبرأس هذه القصبة: «درب يأخذ إلى السهلية» : وهو سويقة حاتم. «ودرب يأخذ إلى الصبانة» : وسيأتي الكلام عليه. أما الدرب الذي يأخذ إلى السهلية فكان به حمام يسمى حمام العوافي. وتقدم الكلام عليها. وبه حمام شمس الدين لولو. وهي باقية. (96 و) ف «قطيعة السدلة» : تقدم الكلام على جامعها، وعلى بيرها. وسيأتي الكلام على الحوض الذي كان بها. وبالدرب الآخذ إلى جهة العقبة مسجد عمره أبو طاهر وزوجته. وعلى بابه أن القاسارية التي بجانب مسجد القصر وقف عليه. وبرأس هذا الدرب أن الخانكاه التبنية. وتقدم الكلام عليها. وبدرب ابن قيس الآخذ في غربي هذا الدرب مسجد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 وفي شرقي هذا الدرب درب آخذ إلى درب السمانين، وبه مسجد أنشأه ...... «1» . وبقطيعة حمام أوران درب آخذ إلى الصبانة أ: وبه مسجد النحويين. نزل به الشيخ تاج الدين العجمي في أيامنا وأقرأ هناك وكان من أهل العلم والصلاح، ثم انتقل إلى دياره فدخل بين الملوك فصلب هناك وتقدم الكلام على حمامي أوران وعلى الكنيسة التي كانت هناك وصارت مسجدا. وإلى جانبه درب آخذ إلى المزيبلة وتعرف الآن بالعقيبة: وتقدم الكلام على القلايات التي كانت بها، وتقدم الكلام على الجاولية. «السهلية وهي سويقة حاتم» : بها حمامان لبني عصرون. وقد صارتا لابن مشكور. ووقفها على رباط بالقدس وعلى مصالح القساطل التي من السهلية إلى باب الجنان. وجعل النظر في ذلك لخطيب الجامع الكبير ودولاب الحمامين ب دخل الآن في أملاك الناس. «ومن السهلية درب آخذ إلى جهة العقبة» : وفي أوله مسجد بجانب السوق. ومسجد آخر عمر في أيام الظاهر غازي بذيل العقبة. وإلى جانبه حوض ماء سيأتي الكلام عليه. وبقطيعة السهلية: - درب آخذ إلى الحلاوية وباب جامع الغربي . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 - ودرب آخذ إلى باب الجامع الشمالي: وبه بيمارستان. تقدم الكلام عليه. - ودرب آخذ إلى جهة المدبغة: وبهذا الدرب الخانكاه الزينية- تقدم الكلام عليها- ودار حديث. وفي هذا الدرب «1» درب كان يأخذ إلى المزيبلة- وقد سد الآن- ويعرف بدرب المقدسي. انتهى. - ومن قطيعة السهلية درب آخذ إلى الرواحية: وتقدم ...... «2» أبي نصر بن البازيار وما فيه، وكان من رؤساء البلد. وقد سلم الناس فيه من فتنة التتر لفرمان كان على بابه. ثم يأخذ إلى درب شمس الدين بن العجمي وبه مسجد معلق لشهاب الدين بن عشائر «3» وكان به ربعة يقرأ فيها، ويدعى عقب القراءة للواقف. ورأيت في حدود الشمسية أن المسجد كان موجودا عند بنائها فالظاهر أن شهاب الدين المذكور جدده لا ابتكره. وله «4» وقف بالقرى على قراءة سبع به إنشاءه العفيف. وقاعة بالقرب من دار شيخنا المذيل. وصارت الآن ملكا. [محمد بن أبي بكر الباجباري] : وقد نزله العلامة بدر الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن محمد بن عثمان (79 و) م ابن أحمد بن سلامة الباجباري م أمحتدا. المارديني مولدا وباجبار قرية ببلد الموصل (98 و) ف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 مولده سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. نشأ ببلده في طلب العلم فقرأ على جماعة منهم علاء الدين السيرافي. والشيخ حسام الدين صاحب النجار. والشيخ سربحا. والشيخ أحمد الآمدي، والشيخ أحمد الجندي ثم قدم حلب قبل تمر فأقام بها أكثر من عامين فقرأ على ابن الشحنة غالب «الكشاف» و «المطول» للتفتازاني مرتين وغير ذلك، ثم رجع إلى بلده. ثم قدم حلب في يوم الجمعة تاسع عشر ذي الحجة سنة عشر وثمانمائة فاستوطنها. وقرأ فيها على العلامة جلال الدين البلقيني أ، وولي بها تدريس المدرسة الجاولية. وإمامة محراب الحنفية بالجامع الكبير. وانعكف الناس عليه للقراءة. وقد كتب إلى والدي سنة ثلاث عشرة وقد ولد له ولد: يا سيدا بعلومه ساد الورى ... وسمى الأئمة رفعة وبهاء هنئت بالولد العزيز ممتعا ... بحياته متسربلا نعماء وبقيت في عيش رغيد طيب ... حتى ترى أبناءه آباء قلت: لو قال أحفاده لكان أبلغ. وقد مدح البحتري للمتوكل لما ولد له المعتز. فقال: بقيت حتى تستفيىء برأيه ... وترى الكهول الشيب من أولاده. انتهى ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 وقد أخبر الشيخ بدر الدين المشار إليه أنه ولد للشيخ المؤمن وهو من أولاد سيدي عبد القادر ولد وأنه تكلم في الشهر الثالث من عمره فقال: لا إله إلا الله تكلم بذلك مرات ولما بلغ ثلاث سنين صار يخبر بأشياء فتقع. وذهب إلى مقابر أجداده بحيال (كذا) فتكلم بأشياء لا يدرى ما هي أ (!) . ولما قدم شيخنا ابن حجر كتب بدر الدين إليه بقصيدة مطلعها: لبدر سنا علياك أبهى من البدر ... وطلعتك الغراء كالكوكب الدري وقد «1» وقفت على قصيدة من نظم سراج الدين القوي كتبها إلى الشيخ زادا لما قدم حلب مطلعها: لبدر سنا علياك أبهى من البدر ... وبهجتك الحسنا كالكوكب الدري واذكرني هذا ما اتفق وهو أن عبد الله بن الزبير دخل على معاوية- رضي الله عنهما- فأنشده: إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل ويركب حد السيف من أن يضيمه ... إذا لم يكن عن شفرة السيف مرحل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 فقال له معاوية: شعرت بعدي يا عبد الله. ثم لم يلبث أن دخل معن بن أوس فأنشدهما. فقال معاوية: كيف هذا. فقال عبد الله: اللفظ لي والمعنى له. وهو أخي من الرضاعة. فأنا أحق بشعره. انتهى. فأجاب شيخنا [1] لقصيدة الشيخ بدر الدين بقصيدة مطلعها:   [1]- م*: شيخنا ابن حجر المشار إليه بقصيدة سمعناها عليه بقراءة كانت ... «1» ناصر الدين محمد بن المهندس بمنزل شيخنا المذيل بحلب في يوم الاثنين خامس شوال سنة ست وثلاثين وثمانمائة. وهي: بدت في سماء الحسن تزهر كالذرى ... نورة تروى الحديث عن الزهر بديعة حسن قد سبى وجه طرسها ... القلوب ورقم العشرة كالخال ........ «2» ولا عجب من درة مثل زهرة ... ..... إلى البدر .... والبحر تفآلت إذ وافت من ابن سلامة ... نهار حيلي بالسلامة والصبر إمام له في المجد بيت قد اغتنى ... به عن بيوت الشعر فضلا عن الشعر وبالفخر يدعوه الصحاب ........ ... وبالرفق بالطلاب ينعت بالحبر «3» مباحث في الأصلين راقت لسامع ... وذي نظر تبدى أرق من الشعر لو أن خطيب الري يخطب بكرها ... لتحظى لزادت في الفخار على الفخر «4» وفي الفقه والتفسير والجبر الذي ... يصح لقد أربى العيان على .............. «5» وأما تفاعيل العروض بطبعه ... السليم بها يغنى عن الحوض في البحر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499   وقد رام تقريضي تصانيفه التي ... نصال عمرو عندها وأبو عمرو «1» وزيد وبكر والخليل وتغلب ... ويحيى وعبد القاهر الخير والخبر وماذا عسى فكرى يطيع لواجب ... مديحي وما مدد الشهاب من البدر ولا سيما مع غربه وفراق من ... ألفت وقد مدت إليّ يد القهر وقد كنت من مصر بكيت تعنتا ... فلما تفرقنا بكيت على مصر فلم يأت ما أرضى ولم أرض ما أتى ... ولكن تعودنا بطاعة ذي الأمر وبرزت لا عتبا بل الدهر لا يعي ... لتقسيمه فاصفح أخا الحلم عن نزري «2» فهذا لعمري الجهد مني بذلته ... ولكن سأقضي الدين إن مد في عمري عبرت زمانا والقريض يطيعني ... فياليت شعري هل يفي شيئا شعري «3» فقد لاح عذري يا إمام زمانه ... وفرقة إلفي علمتني الهوى العذري «4» ورفقة قوم صار ذو الفضل فيهم ... وأبناء أهل الجهل شان في القدر ............... أمر بهم ... فلم أجن ثمرا بل تحيرت في أمري ............. بالله خشيتي ... فداركني اللطف الخفي ولا أدري .. الحمد في الأولى والأخرى وانني ... عليه اعتمادي في السريرة والجهري ومنه على خير الأنام محمد ... صلاة وتسليم وبر إلى بر ولا زال بدر الدين يسوق نوره ... على طالب العلم الشريف مدى الدهري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 بدت في سما الحسن تزهر كالدر ... منورة تروى الحديث عن الزهري (98 و) ف ومن جملتها: تفآلت إذ وافت من ابن سلامة ... غداة رحيلي بالسلامة والنصر وقد سمعت هذه القصيدة على شيخنا الناظم. قلت: أنشدني العلامة محب الدين بن الشحنة قال: أنشدنا الشيخ بدر الدين المشار إليه، قال: أنشدنا سريجا لنفسه، وأخبرني أيضا به الشيخ بدر الدين إجازة: أما يزيد فإني لا أكفره ... لكنه فاسق بالظلم مشتهر وجوز أحمد رأس الدين لعنته ... عن ابن جوزيهم نقلا كما ذكروا (89 ظ) م وأنشدنا بالسند إلى ابن سريجا يتحمس فيها: وما جبت البلاد لكسب علم ... وعلمي منه تكتسب البلاد «1» وها أنا راقد بديار بكر ... إلى أن يبلغ الأمل الرقاد فأما والثرى وأموت حرا ... وأما والثريا والمراد انتهى. وتوفي للشيخ بدر الدين ولد بماردين يقال له سيف الدين فأنشد: يعز عليّ يا ولدي وعيني ... ويا من فاق بالفضل النبيه بأن ألج الديار ولست منها ... وأن أطأ التراب وأنت فيه «2» وللشيخ بدر الدين أخت يقال لها دنيا ولها شعر رقيق فمنه في الشقيق: «3» مدورة على غصن دقيق ... يحاكى لونها لون العقيق كأن جماجم السودان فيها ... يحير حسنها غادي الطريق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 وكان أبو الشيخ بدر الدين من أهل العلم والأدب شرع في نظم الكنز، ومن نظمه وقد عرضت له حمى ليليه: وزائرتي كأن بها حياء ... فليس تزور إلا في الظلام «1» ومن مبتكراته في الهجو «2» : مدحت الخسيس الندل ثم هجوته ... لأني حرمت البر من جانب المدح إذا انصب ماء الياس في مقلة الرجاء ... فليس لها عند الحكيم سوى القدح وللشيخ بدر الدين مؤلفات منها: «تفسير الفاتحة» ؛ وقد كتب له عليه شيخنا العلامة شيخ الدين الباعوني نظما ونثرا. وله مؤلف في صنعة الحديث انتزعه من كلام الطيبي «3» . ومن قصائده الطنانة ما كتب به إلى المقر الأشرف الشهابي ابن السفاح من قصيدة: يقبل الأرض محروم بلا سبب ... سوى الفضائل والعلم الذي اكتسبا ولو درى أن كسب العلم منقصة ... ماجد في حفظه يوما ولا طلبا ولو قضى العمر في لهو وفي لعب ... لكان في عالم الجهال قد نجبا فمن لأرض بها الجهال قد رأسوا ... واستوعبوا الوقف مسروقا ومنتهبا (98 ظ) ف وخولوا صبية التدليس واعجبا ... وظيفة الدرس أصبحت بينهم لعبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 يا للرجال فهل للوقت من رجل ... يقوم منتصرا لله محتسبا ويخلص القصد من سر ومن علن ... ويفقد الناس من قال قد اضطربا كم روج الطاهر المعمور من رجل ... على الغبي وأخفى الباطل الخربا لكن لدى النقد ما يخفى على فطن ... لا سيما الصارم البتار إن ذربا (90 و) م اعنى شهاب الدنا والدين ناظرنا ... نجل الأكارم والسادات والنجبا ومن إذا يمم الراجون ساحته ... أضحى لهم جبريل المرتجى سببا و «1» لما سكن الشيخ بدر الدين المذكور في هذا المسجد المتقدم كان جميع ما يحتاج إليه يأخذه من بيت شيخنا المذيل. وكان في لسانه سلطة على الأكابر. وكان الظاهر عيسى صاحب ماردين يقول: «يا الله السلامة من لسان ابن سلامة» . وكان يحسن إليه ويكرمه. دخل مرة إليه فإذا هو في الطريق بالوزير الحاج فياض والأمير اصغا يأكلان لبنا وعسلا فما أطعماه فقال لهما: لا هناكم الله. ودخل إلى الظاهر وحكى له ما لقيه فأسر له بجائزة سنية. وكان يقرأ بعض البخارى بالجاولية ويجتمع الناس عنده فيحكى لهم حكايات من الرقائق والعامة تميل إلى ذلك. وكان يكتب الشيء ثم يلصق فوقه. ثم يكتب ثم يكشط ثانيا ويكتب عليه. وأصابه الفالج في آخر عمره فتوفى بعد العصر نهار الاثنين سابع عشري صفر سنة سبع وثلاثين وثمانمائة. وكان شيخنا الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين قد قدم حلب للأخذ عن والدي فخرج في جنازته وصلى عليه ودفن «2» بجبانة خارج باب الفرج «3» . [انتهى] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 رجع «1» : وبالقرب من المسجد المذكور أزاوية أنشأها شيخ والدي شهاب الدين أحمد بن عشائر فلما توفي غيرها ولده تاج الدين وجعلها قاعة وفي تمر خربت فباعها ولده بدر الدين وهي خراب لبعض العدول بحلب فجددها قاعة وكل أيام تهدم حيطانها ب «2» . «درب الخابوري» : على باب الجامع الشمالي، وهو غير نافذ ج. [الشيخ أحمد بن عبد الله الخابوري] والخابوري هو خطيب الجامع «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 «درب الديلم» : وهو الآخذ من باب الجامع الشرقي إلى عقبة الياسمين. وبه المدرسة الشرفية وعند القطيعة مسجد الشيخ الشهيد بن العجمي أ، وإلى جانبه حوض ماء. وسيأتي الكلام عليه. وبرأسه مسجد يعرف بابن الزراد وله وقف. وبرأسه درب لا ينفذ وبه كان سكن صاحب الشرفية ب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 «درب البازيار «1» » : وهو الدرب الذي لا ينفذ. وفي أوله الرباط الشمسي. [أحمد بن نصر البازياراني] : وهو منسوب إلى أحمد بن نصر بن الحسين البازياراني أبي عليّ الكاتب. كان أبوه من أهل سامراء أ. وانتقل هو وأهله إلى حلب وسكنها. واتصل بخدمة سيف الدولة، وحظي عنده، ونادمه. وكان فاضلا. أديبا. كاتبا. توفي سنه إحدى وخمسين وثلاثمائة. وحمل تابوته إلى بغداد. وفي كلام ابن شهاب توفي سنة اثنين وخمسين. وهذا الدرب هو سكن سليمان بن عبد الملك. وعمر بن عبد العزيز. وفي أوله تحت الأرض أزج عظيم وبه طرق مصارف الماء. درب الخطيب هاشم ب: وهو الذي يفتح إليه باب سر الشرفية. وكان على رأس الدرب حوض ماء. وبهذا الدرب مسجد. وبه أيضا بناء عظيم وقد جعل قاسارية ج. والظاهر أنها كانت كنيسة ثم صار غالب هذا الدرب لعماد الدين ابن الترجمان. ولهذه الدور باب يفتح قبلي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 الشرفية إلى ناحية بيوت أقاربه فإن غالب بيوتهم كانت بدرب الديلم. وكان لبني الترجمان ثروة. وانقرضوا. [الخطيب هاشم] : وأما الخطيب هاشم فهو ابن أحمد بن عبد الواحد- خطيب حلب- وابنه محمد خطيبها أيضا. وهم أسديون. ولد ابنه في حدود الستين وخمسمائة أ (100 و) ف ونيف على الثمانين. وحدث عن أبيه. ولأبيه ديوان خطب. وكانا شافعيين روى عن محمد مجد الدين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 العديمي حديثا واهيا وتوفي في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وستمائة أ. وتقدم شيء من أخباره في الجامع. [سعيد بن الخطيب هاشم] : وكان له ولد آخر يسمى سعيدا. خطب بحلب أيضا. سمع عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي. سمع أباه وعبد الواحد بن عبد الماجد بن القشيري، وأبا بكر بن علي بن ياسر الجياني مولده في رجب سنة ست وأربعين وخمسمائة بحلب. وتوفي يوم الجمعة خامس ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وستمائة. [سعيد بن عبد الواحد عم الخطيب] : وللخطيب عم يقال له: سعيد بن عبد الواحد روى عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان شيئا من شعره. وروى عنه أخوه أحمد. ولأبي محمد بن سنان إليه أبيات يعرض فيها بذكر روشن «1» عملهأبو طاهر بحلب. وكان من ظرفاء الحلبيين. والأبيات: بحياة زينب يا ابن عبد الواحد ... وبحق كل نبية في ياقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 وزينب هذه التي أقسم عليه بحياتها هي بنت الشيخ أبي نصر بن هاشم والقسم عليه بالنبية هو أن أبا نصر كان له ملك بقرية ياقد من قرى حلب أ. وكان له فلاح فيها له بنت تدعى أنها نبية تبصر في المنام الوحي. وكان الفلاح أقل عقلا من ابنته. وكان يقسم بحق النبية. وكان أبو نصر يحكي عن خرافات هذا الفلاح فلذلك أقسم عليه بها وقلة العقل في أهل هذه القرية باق الآن وقد ادعى رجل منهم النبوة يقال له: ابن الدربي وأخته أيضا تدعي النبوة. وقد أنشد أبو الفتيان بن حيوس في أبي نصر بن هاشم لما مات: وتربة المرحوم والحاء جيم ... لقد ثوى في النار منه رجيم تبكى لظى إن حل في قعرها ... وتستقيل الله منه الجحيم مضى وفعل السوء اضماره ... فما أتى الله بقلب سليم [1] ب (91 و) م   [1] ب- م*: حاشية في الأصل: «قلت: وأذكرني دعوى هذه المرأة النبوة ما ادعت به سجاح من النبوة في إيام الصديق الأكبر أبو بكر رضي الله تعالى عنه وكذلك ادعى مسيلمة الكذاب- لعنه الله- وجرى بينهما وبين مسيلمة المذكور أمور. وآخر الأمر أن مسيلمة أرسل إليها يقول: إنك تدعى النبوة وأنا أدعيها فهيا نجتمع واتل عليك ما نزل عليّ من القرآن. وتتلين عليّ ما نزل عليك. فمن كان الحق معه يتبعه الآخر. فاستشارت قومها في ذلك، فاشاروا بما قال. فتواعدوا إلى مكان، وسار مسيلمة بقومه. وسارت سجاح بقومها. ثم اتفقا على الاجتماع في ليلة عينوها فأفرد مسيلمة لها خيمة وفرشها بأنواع الزنبق. وأوقد فيها شموعا كثيرة. وأمر بإطلاق العود. وأنواع البخور، وقال: إن المرأة إذا شمت الرائحة الطيبة قامت إلى ملامسة الرجال. فجاءت سجاح ودخلت الخيمة. ودخل مسيلمة فسلم عليها، وسلمت عليه وقال: هاتي قراّنك. فقالت: بل هات قرآنك. فابتدر يقول: «ألم تر أن الله خلق لكم أزواجا، يولجوا فيكن ايلاجا. وتخرجن من بطونكن إخراجا» . ثم قال:- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509   - ألا قومي إلى المخدع ... فقد هيئ لك المضجع فإن شئت سلقناك ... وإن شئت على أربع وإن شئت بثلثيه ... وان شئت به أجمع فقالت: لا والله بل به أجمع، فذلك أوحيّ إليّ. فنهض إليها. ورفع ساقيها فلم تتكلم. فلما فرغ منها قالت له: إني راجعة إلى قومي فأخبرهم أني رأيت الحق معك، وإني قد صدقتك، وآمنت بك. فان قومي يبايعوني على ذلك. ثم ابعث إلى قومي واخطبني منهم فإني أتزوجك، فوافقها على ذلك. فرجعت إلى قومها وأخبرتهم بقصتها معه. فتبعوه على ذلك. وبعث مسيلمة وخطبها، وتزوجها. وإليها أشار الحريري بقوله: «إنها ومرسل الرياح لا كذب من سجاح» . انتهى. وسجاح كقطام. واما مسيلمة فأرسل إليه أبو بكر رضى الله عنه جيشا وأميرهم خالد رضي الله عنه فقتل على يد وحشي وأبو دجانة وعبد الله بن زيد المارذي «1» وابن سهل، وزيد بن الخطاب وهو أول من أدخل البيضة في القارورة وأول من وصل جناح الطائر المقصوص. وكان يدعي أن ظبية تأتيه من الجبل فيحلب لبنها، ورثاه بعض الكفار فقال: لهفي عليك أبا ثمامة ... لهفي على ركني بشمامة كم آية لك منهم ... كالشمس تطلع في غمامة وكذب لعنة الله عليهما بل آياته كانت أكاذيبه. تفل في بئر تبركا فملح ماؤها. ومسح رأس صبي فقرع، ودعى لرجل في ابني له بالبركة فرجع إلى منزله فوجد أحدهما قد سقط في البئر والآخر قد أكله الذئب. ومسح على عين رجل استشفى بمسحه فابيضت عيناه. ووقعته كانت في ربيع الأول سنة اثنى عشر. قتل فيها أربع مائة وخمسون من الصحابة وقيل ستمائة. منهم سبعون من الأنصار. وكان بيد سالم مولى أبي حذيفة لواء المسلمين فقطعت يمينه. فأخذ اللواء بيساره فقطعت. فاغتبق اللواء ثم صرع. وقتل في هذا اليوم ثابت بن قيس بن شماس. وأجيزت وصيته بعد الموت. انتهى. [الأسود العنسي] : قلت: وادعاها أيضا الأسود العنسي ويقال له: «ذو الخمار» باسم شيطانه، أو لأنه يخمر- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510   - وجهه. وقيل ذو الخمار اسمه «عيهلة» . وقيل له الأسود لخلاط كان في عنقه. وكان يدعى أن سحيقا و (سعسا) «1» يأتيان بالوحي. ويقول هما ملكان يتكلمان على لساني. قتله فيروز الديلمي. وقيس بن مكشاح وداذويه دخلوا عليه من سرب صنعته لهم امرأة كان قد غلب عليها فوجدوه سكران لا يعقل. وفي كلام بعضهم أن مرزمامه زوجه دلتهم على السرب وسقته البنج وحمل رأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال عليه السلام قتله الرجل الصالح فيروز «2» . وفي رواية قتله رجل مبارك من أهل بيت مبارك وقتل إنما قتل فى خلافة أبي بكر رضى الله عنه. وفيروز هو ابن أخت النجاشي رضي الله عنهما. رجعنا إلى المقصود: وهذا الدرب كان يعرف قديما بدرب التميمين وهو الذي يفتح إليه بابا الشرفية وكان على رأس الدرب حوض ماء وبه مسجد ولهذا الدرب مكان عظيم النبأ. والظاهر أنه كان كنيسة. وقد جعل قاسارية ولهذه القاسارية حصة وقف على الشرفية ثم اتخذت دارا في سنة ثمان وسبعين. ورأيت في بعض التواريخ أنه كان على باب الجامع ديرا ولا أدرى محله الآن. ثم صار غالب الدرب المذكور لعماد الدين ابن الترجمان، وبه دار الحاج سالم الحلاوي وكان من أهل الخير والصلاح لم يدخل بيته دنس أبدا. انتهى وكان لبني الترجمان ثروة وانقرضوا. ولهم مساكن بدرب الديلم اتجاه أمكنتهم التي هي شرقي المدرسة. انتهى. والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 «درب الحبيشي» : وهو الآخذ من عقبة الياسمين إلى جهة المدبغة. وبه مسجد قديم وجدده الشيخ شرف الدين حمزة الحبيشي وكان من أهل العلم. شافعي المذهب أ. وكان بهذا الدرب حمام يسمى حمام السرور لبني العجمي فباعها بعض بني العجمي في أيامنا وعمرت جنينة ومساكن. «درب الشيخ إسماعيل» : «1» وكان من الصالحين من زقاق الشيخ نبهان. وبهذا الدرب مسجد الشيخ إسماعيل المذكور ب. وكان بهذا الدرب كنيسة لليهود فيما يزعمون فاتخذت دورا بمربع شريف. وكان هذا الدرب يسكنه اليهود قديما فلذلك لا نورانية علمية «2» . (100 و) ف «سويقة علي» : هكذا ذكر القدماء من المؤرخين» هذه المحلة، ولا أعرف لعلى ترجمة وتقدم الكلام على حماميها «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 «درب «1» الفرافرة» أ: نسبة إلى بني فرفور «2» . وكانوا «3» رؤساء. وكان بهذا الدرب مسكن نقباء الجيش الأمير شهاب الدين أحمد وشعبان أولاد كيكلدي وكانا من أهل الخير والصلاح يميلون إلى العدل، ويحبون أهل الخير. وكانا محبين لوالدي وغيره من أهل الخير، وكان شعبان المذكور يجلس عند حانوت الذي يبيع الشمع. والذي يبيع الفاكهة. شخصين يخبران بمن يشتري الفاكهة والشمع فيرسل إليه بكرة النهار ويقول له: بلغ النائب عنك أنك تفعل وتفعل وأراد إخراج اقطاعك. فارجع عما أنت فيه وإلا أخرج اقطاعك وإنما يفعل ذلك شفقة عليه لأنه إذا فعل المحرم احتاج إلى بيع الاقطاع. انتهى. وبهذا الدرب قسطل ب من أيام الظاهر غازي وكان عليه قبو فاندثر ولما قدم الأشرف برسباى الى حلب نزل بهذا الدرب العلامة بدر الدين العيني. ...... «4» كان به ... «5» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 «درب الدقصلارية أ» : كانوا تجارا قبل فتنة تمر ب وكانوا تسعة أخوه. ونزل عندهم السخومي «شارح المصابيح» ج. وارتحلوا من حلب قبل تمر؛ وسبب رحلتهم أن واحدا منهم لبس تفصيلة جاءته من العجم فحبسها شخص من السوق وسأله عن ثمنها. فقال عند ذلك: هذا بلد لا يسكن وارتحل إلى القدس هو وأخوته. وهذه الدار عظيمة واسعة الأرجاء. وبهذا الدرب مسجد قديم وبه منارة. وبه «1» المدرسة الكاملية. (100 ظ) ف. «درب بني الريان» : هو الآخذ من هذا الدرب إلى جهة القرناصية. وتقدم الكلام على بني الريان، وهناك مساكن بني الاستاذ. والخانكاه العادلية. وخانكاه أخرى. (91 ظ) م «درب بني كسرى» : هو الذي فيه المدرسة الصلاحية، وكان به دور بني العديم د. وبهذا الدرب مسجد لهم. وهناك مساكن عز الدين هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 [كسرى بن عبد الكريم السلمي] : وكسرى هو ابن عبد الكريم بن كسرى بن كسور السلمي. قاضي حلب. مات سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة. وولي قضاء حلب في سنة خمس وأربعين وأربعمائة. انتهى. وحيث انتهينا إلى تحت القلعة فنرجع إلى ما وعدنا في أول القطيعة التي برأس قصبة باب الجنان: «درب الصبانة «1» » : به مطابخ للصابون عديدة تزيد على عشرين. وذلك لكثرة أشجار الزيتون بمعاملة حلب، وقد كان الأخص كثير أشجار الزيتون لأنك كنت إذا خرجت منه إلى قرية بابلى ثم أخذت في الرابية المطلة على بابلى تدخل في أشجار الزيتون والتين ولذلك قل قرية من قرى الأحص إلا وبها معصرة للزيتون؛ وسيأتي الكلام في المعاملات مفصلا إن شاء الله تعالى. وبحلب سوق يباع فيه الصابون يحمل منه كل يوم أحمال عديدة إلى ناحية الروم والعجم وغيرهما. وفي معاملة حلب في قراها عدة مطابخ للصابون أيضا أوالجميع يجلب إلى هذا السوق ويباع. انتهى. وبهذه الحارة مسجد يقال له مسجد بدران، وله وقف على الصدقات برحاحاسين وغيرها، وهو مدفون بهذا المسجد. وكان يخدم هذا المسجد شخص يقال له: البعير من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 فقهاء الحنفية، وكان شيخا مسنا، وكان يذكر أنه يجد في هذا المكان دراهم من وقف هذا المسجد بعض رحا الحربلي. وبرأس التل مسجد. وعند أسفله مسجد؛ قاله ابن شداد. وهذه الناحية الآن كثيرة المساجد أ. «سويقة الحجارين» : كان يسكن هناك الحجارون ويجتمعوا. بأول الدرب مسجد، وبئر ب. وبأوسطه: مسجد. وبآخره مسجد وبئر ج. وكان قديما يسمى بدرب القرابين. «درب المدابغ» : تقدم الكلام على الجامع الذي به. «ناحية باحسيتا» : فنبدأ منها بباب الفرج: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 على يسار الداخل منه إلى حلب مسجد، وبه مزار والناس يعتقدون فيه ويقولون أنه مسجد سيتا المنسوب إليه المحلة. وأنه باح بسره؛ فسميت تلك المحلة (101 و) ف باح سيتا. وهذا الباب يدخل منه إلى قصبة تنتهي إلى قطيعة باب النصر وسيأتي الكلام عليه. وبهذه القصبة عدة مساجد منها مسجدان لابن حرب، أحدهما يعرف بمسجد القادوس الآن وعلى بابه منارة. ومنها: مسجد الشيخ سوار وتقدم ذكره في المزارات، وعلى بابه منارة. أيضا. وسكن به الشيخ قاسم الرملي نزيل حلب. وسيأتي ذكره في الحوادث ووسع في هذا المسجد. «درب اليهود» : بأوله مسجد لطيف محكم البناء بناه شخص من مباشري أحلب. وبقربه دار الشيخ شمس الدين بن الشماع. وستأتي ترجمته في الحوادث. وبهذا المسجد شبابيك على الطريق. وبوسط هذا الدرب مسجد معلق، له منارة مطلة على الكنيسة التي هي اليوم بأيديهم يذكرهم أنها لهم. وسيأتي الكلام عليها. (92 و) م «درب الحرانيين» : هو الدرب الآخذ من درب اليهود إلى ناحية سويقة علي. وبأوله مسجد. وبقربه مسجد آخر يعرف بالشيخ محمد الحراني. وقد قرأت فيه الحديث على عبد الواحد الحراني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 وفي أوسط هذا الدرب حوض ماء وبرأسه في القطيعة حوض آخر. انتهى. وفي الدرب الآخذ إلى قصبة باب النصر مسجد قديم له منارة. «باب النصر» : في دركاته مزار أ، ومنفعة «1» ، ومسجد. وتنتهي قصبة هذا الباب إلى قطيعة جامع المهمندار، وبتشعب في هذه القصبة درب آخذ إللى المعقلية ب. وكانت المعقلية ج أولا يعقل بها خيل اللمجاهدين وأبلهم، وكانت رحبة متسعة. وبها بوايك، ونصب في بعض الحروب القلعة بها منجنيق ورمى به على القلعة فرموا من القلعة حجرا من منجنيقها فكسرت رجل الرامي بالمنجنيق الذي في المعقلية، وقتل معه جماعة. وقد جعلت الآن دورا ومزروعا. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 وقد ولد بهذه المحلة شيخ الإسلام جمال الدين يوسف المزي؛ خاتمة السماط أ. «العونية ب» : محلتها كانت خندق البلدة قديما الآخذ إلى باب الأربعين. وآثار السور باقية هناك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 وأهل حلب يقصدون هذه العين للحما بكرة السبت ويغتسلون منها. وبالقرب منها حوض ماء ومطهرة. وفوقهما مسجد أنشأه الحاج عبد الله الزموطي. «درب الجبيل» : تقدم بعض الكلام على الجبيل أ. وسيأتي «1» بقية الكلام عليه. (101 ظ) ف. وجدد بهذا الدرب بالقرب من مدرسة الجبيل ب. قصبة بانقوسا: جدد في أيامنا سوق وخان. وكان أولا للكتاوي وبه اصطبله. وداره فآل إلى الانهدام. فاتخذه الفقراء مساكن لهم فجاء شخص من التجار الغرباء يقال له: ابن الاكنجي ج فتوصل إليه وعمره سوقا وخانا، وكان قبل ذلك كافل حلب الحاج اينال همّ أن يجعله سوقا «1» - كذا قرأناها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 للصابون ويجعل هناك مصبنة فلم يتفق له ذلك، فجاء هذا الرجل المذكور وعمره طمعا فيما أراده الحاج اينال من نقل سوق الصابون إلى هناك فلم يتم له ذلك، وتقدم الكلام على جامع الصروي، وعلى درب البياضة. وبهذه القصبة عدة مساجد. وجدد بها [ا] بن النفيس العجمي حماما [ا] تجاه الجامع. «حارة الأعجام» : هي الآخذه من درب الميدان الأسود إلى درب باب النيرب. وسيأتي الكلام على الميدان في الأسوار. وكانت هذه المحلة مسكنا للأعاجم الذين بحلب. «درب باب النيرب» : الآخذ إلى تحت القلعة؛ تقدم الكلام على ما فيه من المساجد والتكايا. «محلة القصيلة» : كانت مزرعة داخل السور فعمرت دورا وسكنها الناس الغرب وبها عدة مساجد «درب باب المقام» : تقدم الكلام على ما فيه من الجوامع وغيرها يتشعب منه إلى: «ساحة بزا» : وبها حمام حمدان، ومنها أخذ هولاكو حلب. وسيأتي الكلام في السور على هذه المحلة. (92 ظ) م «درب المرمي» : هو الدرب الآخذ من حمام الذهب إلى ناحية القلعة وقد بلطه الظاهر غازي ويعرف الآن بدرب المبلط «1» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 وسميت حمام الذهب لأنها وقف على الفقراء. وكانوا يأخذون منهم صدقتهم ذهبا. وقد جعل بعضها الآن ملكا. والذي فعل ذلك قرض الله ذريته [1] . وهذا الوقف منسوب إلى ايدغري ومعه «1» حصص في قرى منها: حصة كفر كرمين إلى جانب الأتارب. وآل الوقف إلى الست خديجة، وكانت من الصالحات الخيرات. فتزوج بها شخص يدعى حسن بن عم أوغلي وماتت في صحبة فاستولى على الوقف، وولد له ولد يدعى أحمد فحرّف، وغيّر، وكتب للوقف مكاتيب رأيتها مزورة فمات شابا فقيرا. وكذلك أبوه مات فقيرا ببركة الواقف. وقد كان المتقدمون إذا أرادوا خراب بيت أحد أخذوا من تراب الموقوف وطرحوه في بيته. وأشار الدميرى في المنظومة ب. «باب قنسرين» : تقدم الكلام على ما في قصبته من المساجد وغيرها، وكان قديما (102 و) ف يعرف بالدرب الآخذ إلى حمام المالحة. [أما] مطابخ الصابون فحولت إلى ناحية ذكرفا.   [1]- ف: حاشية بالأصل، و (م*) : «قال في الذيل وقال منتخب الدين ابن أبي طي في سيرة الظاهر في سنة تسع وثمانين وخمسمائة عزل الظاهر بدر الدين إبراهيم (بتروه «1» ) عن ولاية حلب وسيره إلى دمشق، وكان إبراهيم رجلا صالحا. خيرا محبا لأهل الدين. وولى مكانه في حلب صارم الدين سنقر المعروف بالصفتكيني فساس الأمور أحسن سياسة وأثر أثارا حسنة منها شونة الحطب وهي دحرة عظيمة لم يحصل أحد مثلها وبنى في القلعة الهوى المعروف بالصفتكيني وهو عظيم جدا وبلط من باب العراق الى باب القلعة الطريق المعروف بالمرمى ببلاط أسود. وعزم عليه أموالا عظيمة. انتهى. وبأوله حمام الذهب وهي وقف على الفقراء.» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 [أسواق حلب] خاتمة «1» : الأسواق التي كانت بحلب: سوق الظاهري: الآن الذي يباع فيه القماش المخيط هو: «سوق الشراشبين» . وقبل بنائه كان معصرة ومدارا. «وسوق الصاغة» : الآن الكائن شرقي الجامع كان: «سوق النطاعين» ، وكان سوق الصاغة القديم بالقرب من حمام الست. وكان يقال له: «تل فيروز» لأنه كان تلا؛ كذا رأيته في بعض كتب الأوقاف. وفي كتاب وقف السلطان نور الدين أنه وقف سوق الصاغة على المدرسة العصرونية الشافعية بحلب. انتهى. وهو السوق الذي يباع فيه البز الآن. وسوق البز قديما كان غربي الجامع. و «سوق الحبال «2» » : الآن الذي بغربي الجامع كان «سوق البز الخليع» أخرى: قال الصاحب في سنة خمس وسبعين وخمسمائة قبض الصالح قرية للإسماعيلية تعرف «بحجيرا» من نقرة بني أسد. فكتب سنان كتبا عديدة إلى الصالح في إطلاقها فلم يطلقها. فأرسل جماعة من الرجال معهم النفط والنار فعمدوا إلى الدكاكين التي في رأس الزجاجين من الشرق في القرية، فألقوا فيها النار أفنهض ثابت رئيس البلد بمن معه في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 المربعة والجماعة المرتبون بحراسة الأسواق وأخذوا السقايين لإطفاء الحريق فأتى الإسماعيلية من أسطحة الأسواق وألقوا النار والنفط في الأسواق فاحترق سوق البز الكبير، وسوق العطارين وبالكتانيين. وسوق مجد الدين، المعد للبز، وسوق الخليع. وسوق الشراشبين. وهو الآن يعرف بالكتانيين. وسوق السراجين. والسوق الذي غربي الجامع إلى أن انتهى الحريق إلى الحلاوية. واحترق للتجار والسوقة ما لا يحصى وافتقر كثير منهم بسبب ذلك ولم يظفروا من الإسماعيلية بأحد فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 الفصل الثاني عشر «1» في- قلعتها.- ودار العدل.- وسورها.- ونهرها.- وقناتها.- وكنائسها.- وبعض الديارات التي بها.- أو بمعامليها.- وجبلها.- وبعض جبالها. (93 و) م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 [قلعة حلب] اعلم أن القلعة التي بحلب قيل أول من بناها ميخائيل وقيل سرقوس «1» (102 ظ) ف الذي بنى حلب. وهي على جبل مشرف على المدينة. وعليها سور. وبه أبراج وكان قديما عليها. بابان من حديد أحدهما دون الآخر؛ كذا قاله ابن الطيب «2» الذي نكبه المعتضد. والآن عليها خمسة أبواب ثلاثة من حديد خالص واثنان مجددان وهذان البابان والبرج الذي عليهما جددهما دمرداش كافل حلب بعد فتنة تمر وأخرب أماكن بحلب ونقل أحجارها لعمارة هذا البرج فمن ذلك خان القواسين نقل أعمدته وجعل بين هذا البرج وبين البلد خلوا يوضع عليه سقالة من الخشب يمر عليها الصاعد للقلعة وعليه مشط من الحديد يرفع وينزل في عجلات وهو باب سادس خارج الأبواب بحيث إذ هجم أحد على باب القلعة أرخي هذا المشط وبقى من هجم داخل هذا المشط. انتهى. وقد تقدم أن الخليل صلى الله عليه وسلم كان قد وضع أثقاله بتل القلعة وكان يقيم بها ويبث الرعاة إلى تل الفرات والجبل الأسود ويجلس بعض الرعاة بما معهم عنده ويامر بحلب ما معه واتخاذ الأطعمة، ويفرقها على الضعفاء والمساكين وبها مقامات له صلى الله عليه وسلم «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 وقال الهروي: بقلعة حلب مقام إبراهيم وبه صندوق وبه قطعة من رأس يحيى ظهرت سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. وقال الصاحب: وفيه رأس يحيى موضوع في جرن من الرخام في خزانة. ووقع الحريق ليلة من الليالي في المقام المذكور فاحترق جميعه في سنة أربع وستمائة، ولم يحترق الجرن المذكور. وفي تاريخ العظيمي «1» في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة ظهر [ب] بعلبك رأس يحيى في حجر منقور فنقل إلى حمص. ثم إلى حلب. ودفن في هذا المقام المذكور في جرن من الرخام الأبيض. ووضع في خزانة إلى جانب المحراب وأغلقت ووضع عليها ستر يصونها. وتقدم الكلام مستوفا في المزارات. أما المقام الأعلى فهو الذي تقام فيه الجمعة، وكان به رأس يحيى عليه الصلاة والسلام أ. وأما المقام الثاني فكان موضعه كنيسة للنصارى إلى أيام بني مرداس وكان فيه المذبح الذي قرب عليه إبراهيم عليه الصلاة والسلام. فغيرت بعد ذلك وجعلت مسجدا للمسلمين. وجدد عمارته نور الدين الشهيد ووقف عليه وقفا ورتب فيه مدرسا يدرس الفقه علي مذهب أبي حنيفة. وقال ابن بطلان في القلعة مسجد وكنيستان وفي إحداهما المذبح. وهذا المقام تقدم الكلام عليه في الزيارات ولما ملك كسرى حلب وبنى سور البلد بنى في القلعة مواضع. ولما جاء أبو عبيدة ب إلى حلب وأخذها ثم جاء إلى القلعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 فلما عاينها دامش أبو الهول قال: هي قلعة منيعة شامخة حصينة يعجز عن مثلها الرائد ويمتنع على الطالب والقاصد، لا ينفع أهلها محاصرة الرجال ولا يضيق (103 و) ف صدرهم من قتال. ثم احتال عليها أبو الهول وأخذها من يومنا- والقصة مطولة مذكورة في كتاب الواقدي «1» - وقد أخذها من البرج الكبير المطل على باب الأربعين هذا وصفه لها. وقد وجدها مرممة الأسوار بسبب زلزلة كانت أصابتها قبل الفتوح فأخربت أسوار البلد وقلعتها. ولم يكن ترميما محكما فنقض بعض ذلك وبناه كسرى كما تقدم. فكيف لو رآها وهي مشيدة الأركان. محكمة الأسوار مشحونة بالرجال والأسلحة. وكذلك لبني أمية وبني العباس فيها آثار «2» . ولما استولى نقفور ملك الروم على حلب في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة والهاشميون قد اعتصموا بها فحمتهم، ولم يكن لها حينئذ سور عامر لأنها كانت قد تهدمت فكانوا يتقون سهام العدو بالأكف والبرادع. وزحف نقفور عليها فألقى على ابن أخته حجرا فمات فلما رأى نقفور ذلك طلب الصلح فصالحه من كان فيها. ومن حينئذ اهتم الملوك بعمارتها وتحصينها. فبنى سيف الدولة منها مواضع لما بنى سور حلب وكانت الملوك لا تسكنها بل كانوا يسكنون قصورهم الذين بالبلد. قال الذهبي: لما قتل ابن أخت الملك كان قد أسر من أعيان حلب ألفا ومائتين فضرب أعناقهم جميعهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 ولما وليّ سعد الدولة بنى فيها. وسكنها وذلك لما تم ما بناه والده سيف الدولة من الأسوار. وكذلك بنى فيها بنو مرداس دورا وجدّدوا سورها. وكذلك من بعدهم من الملوك إلى أن وليها عماد الدين اقسنقر وولده عماد الدين زنكي فحصناها. ولهم بها آثار حسنة. وبنى فيها طغدكين برجا من قبليها. ومخزنا للذخائر عليه اسمه. وبنى فيها السلطان نور الدين أبنية كثيرة وعمل ميدانا، وخضره بالحشيش يسمى الميدان الأخضر./ قد اختصر الآن وتبدل بالجريد بعد الخيزران/ «1» . وكذلك بنى فيها ولده الصالح باشورة «2» كانت قديمة فجددها وكتب عليها اسمه. وفي وسطها برج كبير فوق طريق الماء الذي يدخل إلى الساتورة وعلى البرج اسم الصالح إسماعيل. وكانت هذه الباشورة من موضع الباب الذي يلي البلد «3» . وتدور وسط التل إلى المنشار المتصل بباب الأربعين. وكان في الباشورة مساكن للأجناد أوقد خرب الظاهر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 غازي هذه الباشورة. ووسع الخندق في عمقه. وبنى حائطه من جهة البلد؛ وتقدم في الفردوس «1» ما وجد في الخندق من الذهب لما حفر في سنة عشر وستمائة في رابع عشر رمضان. قال ابن شداد فوجد فيها تسعة عشر لبنة من ذهب وزنها سبعة وعشرون رطلا بالحلبي- الرطل: سبعمائة وعشرون ورفع بابها إلى مكانه (103 ظ) ف الآن وعمل لها هذا الجسر الممتد وحصنها. وبنى فيها مصنعا كبيرا للماء الحلو ومخازن للغلات وسفح تلها. وفي تاريخ الصاحب: سفح بعضها. وعزم على التتميم فاخترمته المنية، وبناه بالحجر الهرقلي. وكان الباب أولا قريبا من أرض البلد متصلا بالباشورة فوقع في سنة ستمائة وقتل تحته خلق كثير كما تقدم في الجامع وبنى على الباب برجين لم ير مثلهما قط، وعمل للقلعة خمس دركاوات بأزاج معقودة، وجعل لها ثلاثة أبواب حديد زاد واحد وجعل لكل باب اسفهلارا «2» ونقيبا، وبنى فيها أماكن يجلس بها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 الجند وأركان الدولة، وكان معلقا بها آلات الحرب. وفتح في سور القلعة بابا يسمى باب الجبل، شرقي بابها وعمل له دركات لا تفتح إلا له إذا نزل دار العدل. وهذا الباب وما قبله انتهت عمارتهما في سنة إحدى عشرة وستمائة وقد سد هذا الباب. وعمل عليه برجان عظيمان. وأخبرني من أثق به أن الباب الذي أغلق هو الذي عليه البرج المطل على سوق الخيل أ. واعلم أن هذه القلعة لم تزل في عمارة وزيادة إلى أن ملكها صلاح الدين يوسف وأعطاها لأخيه العادل فبنى بها برجا ودارا لولده فلك الدين وتعرف به. وفي وسطها بئر قديمة ينزل إليها بمائة وخمسة وعشرين مرقاة قد هندمت تحت الأرض وخرقت خروقا وصيرت آزاجا ينفذ بعضها إلى بعض إلى ذلك الماء المالح. قلت: وهذه الدار بيد بعض أمراء القلعة الآن. وهذه البئر موجودة بها. وذكر بعض القدماء أنه كان على هذا البئر دولاب حيلة يستعمل عند احتياج أهل القلعة إلى الماء وليس عندهم من الدولاب ما يستعملوه في الساتورة المعهودة. وبنى فيها الظاهر ساتورة محكمة بديع إلى العين يميز بها سائر منازلها. وبنى ممشا من شمالي القلعة إلى باب الأربعين وهو طريق بآزاج معقودة لا تسلك إلا في الضرورة وكأنه باب سر. وزاد في حفر الخندق وأجرى فيه الماء الكثير. وأخرق في شفير الخندق مما يلي البلدي مغاير أعدها لسكنى الأسارى يكون في [كل] مغارة خمسين بيتا وأكثر. وبنى فيها دارا تعرف بدار العز. وكان في موضعها دار للعادل نور الدين تسمى دار الذهب. ودار تعرف بدار العواميد، ودار الملك رضوان؛ وفيها يقول (94 و) م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 الرشيد عبد الرحمن بن النابلسي «1» في سنة تسع وثمانين وخمسمائة وأنشده أياها ممتدحا له: دار حكت دارين في طيب ولا ... عطر بساحتها ولا عطار رفعت سماء عمادها فكأنها ... قطب على فلك السعود تدار (104 و) ف وزهت رياض نفوسها ببنفسج ... غض وورد يافع وبهار وضحت محاسنها ففي غسق الدجى ... يلقى لصبح جبينها أسفار ومنها: فتقرعين الشمس أن يضحى لها ... بفنائها مستوطن وقرار تربت يد وفت بها خيلا لها ... في غير معترك الورى احضار وفوارسا شبت لظى حرب وما ... دعيت نزال ولم تشن مغار صور ترى ليث العرين تجاهه ... منها ولا يخشى سطاه صوار ومنها: وموسدين على أسرة ملكهم ... سكرا ولا خمر ولا خمار هذا يعانق عوده طربا وذا ... دأبا يقبل ثغره المزمار وهي طويلة جدا فإنه خرج من هذا إلى ذكر البركة والفوارة والرخام ثم إلى مدح الملك الظاهر فاقتصرت منها على ما يعلم منه حسن هذه الدار. انتهى. وبنى حولها بيوتا وحجرا وحمامات وبستانا كبيرا في صدر ايوانها فيه أنواع الأزهار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 وأصناف الأشجار، وبنى على بابها أزجا يسلك فيه إلى الدركاوات التي قدمنا ذكرها. وبنى على بابها أماكن لكتاب الدرج «1» وكتاب الجيش. قلت «2» : وهذه القاعة هي القاعة العظمى الموجودة الآن وهي محكمة البنيان. واسعة الأرجاء. كثيرة المخادع. وبها إيوان كبير. وبصدره وجانبيه مخادع، وقد كان قد أشرفت هذه القاعة في أيامنا على الانهدام فأمر السلطان الظاهر خشقدم لمتوليها بإصلاح هذه القاعة فأصلحت وبيضت وزخرفت. وهذه القاعة مفروشة من الرخام الملون المحكم التركيب وبها فوارة يأتي إليها الماء من الساتورة الحلوة إلى مقلب في إيوانها الصغير محكم من الرخام الملون جدده ...... «3» ثم يغوص الماء في أسفل هذا المقلب ويخرج من الفوارة التي في وسط هذه القاعة. ولهذه القاعة دهليز طويل جدا وبوابة عظيمة. وإلى جانب هذه القاعة قاعة لطيفة مفروشة من الرخام الملون المحكم التركيب. ولها بابان أحدهما يدخل من جانب القاعة العظمى. والآخر يدخل دهليزها. وسيأتي من عمرها.. وبهذه القاعة العظمى من جهة الشرق قاعة ثالثة لطيفة. ولها أيضا بابان يخرج منه إلى عند حمام القلعة الآن وباب في جانب القاعة العظمى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 ولو استوفينا وصف هذه القلعة لأطلنا. وفي الجملة ما رؤي مثلها ....... «1» ولما تزوج في سنة تسع وستمائة بضيفة خاتون ابنة عمه الملك العادل التي (104) ف حكمت في حلب بعد وفاته. وأسكنها بها وقعت نار عقب العرس فاحترقت وجميع ما كان فيها من الفرش والمصاغ والآلات والأواني. واحترق معها الزردخاناة. وكان الحريق في حادي عشر جمادى الأولى من سنة تسع. ثم جدد عمارتها وسماها «دار الشخوص» لكثرة ما كان منها في زخرفتها وسعتها أربعون ذراعا في مثلها. وفي أيام العزيز ولده وقعت من القلعة عشرة أبراج مع أبدانها وذلك في سنة اثنين وثلاثين وستمائة. ووافق ذلك زمن البرد، وكان تقدير ما وقع خمسمائة ذراع وهو المكان المجاور لدار العدل، ووقع نصف الجسر الذي بناه الملك الظاهر فاهتم الأتابك شهاب الدين طفربك بعمارتها فجمع الصناع واستشارهم فأشاروا أن يبني من أسفل الخندق على الجبل ويصعد بالبناء فإنها متى لم تبن على ما وصفناه وقع ما بنى (94 ظ) م عاجلا وطرأ فيه ما طرأ الآن. وإن قصدها عدو لم يمنعه. فرأى «2» الأتابك أن ذلك يحتاج إلى مال كثير ومدة طويلة فعدل عن الرأي. وقطع أشجار الزيتون والتوت وترك الأساس على التراب وبنى. ولهذا لما نزلتها التتر لم يتمكنوا من أخذها إلا من هذا المكان لتمكن النقابين منه. وفي سنة ثمان وعشرين بنى فيها العزيز دارا إلى جانب الزر دخاناه. يستغرق وصفها الأطناب، ويقصر عنه الإسهاب. مساحتها ثلاثون ذراعا في مثلها. ولما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 تسلم التتر القلعة في تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وستمائة عمدوا إلى خراب سورها، وأحرقوا ما كان بها من الذخائر والزردخاناه والمجانيق. ولما هزم الملك المظفر التتر على عين جالوت وهرب من كان منهم في حلب ثم عادوا إليها مرة ثانية بعد قتل المظفر فرأوا في القلعة برجا قد بنى للحمام بأمر الملك المظفر قطز فأنكروا وأخربوا القلعة خرابا شنيعا وما فيها من الدور والخزائن. ولم يبقوا فيها مكانا للسكنى وذلك في المحرم سنة تسع وخمسين انتهى. وقال «1» بعض المؤرخين: وفي دولة العزيز جدد طغربك دارا فيها للسكنى فظهر في الأساس صورة أسد من حجر أسود فأزالوه عن موضعه فسقط بعد ذلك الجانب القبلي من أسوار القلعة وانهدم من جسرها قطعة كبيرة. ولما حفر العزيز أساس الدار المذكورة وذلك في سنة اثنين وثلاثين وستمائة ظهر لهم مطمورة مطبقة وفيها رجل في رجليه لبنة حديد. فلا أشك أنه: [القاضي أحمد بن أبي أسامة] : أحمد بن محمد بن عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد. بن بهلول بن أبي أسامة أحد كبراء حلب. وهو الذي قبض عليه أسد الدولة صالح بن مرداس ودفنه حيا بالقلعة وهذا الرجل ولي قضاء حلب وتمكن في أيام سديد الدولة ثعبان بن محمد وموصوف والي القلعة فكانا يرجعان إلى رأيه. فلما حضر نواب صالح كان (105 و) ف ابن أبي أسامة في القلعة فتسلمها نواب صالح. وقتلوا موصوفا وابن أبي أسامة دفنوه حيا (!) وذلك سنة خمس عشرة وأربعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 536 وقال بعض الناس في ذلك: وأد القضاء أشد من ... وأد البنات عمى وغيا أدفنت قاضي المسلمين ... بقلعة حلب الشهباء حيا واعلم «1» أنه قد تقدم أن هذه القلعة حصينة، مباركة ببركة الخليل عليه الصلاة والسلام. وبركة الخضر عليه السلام ومقامه «2» بها. وما رامها أحد بسوء إلا أهلكه الله بعد ذلك. ولم تؤخذ فيما استحضر بقتال ولا خربت في جدال. وها أنا أذكر لك ما يبين هذا: أما الصحابة- رضي الله عنهم- فأخذوها أبالحيلة، وصعود الرجال على أكتاف الرجال ليلا، وكانت أسوارها غير حصينة كما تقدم. وأما فتح القلعي فقد عصى فيها على مولاه مرتضى الدولة بن لولو ثم سلمها إلى نواب الحاكم وقد عصى فيها عزيز الدولة فاتك على الحاكم فسلمها أيضا. وقتل بالمركز وكان قصره الذي تنسب إليه خانكاه القصر المتقدم ذكرها متصلا بالقلعة، والحمام المعروف بحمام القصر إلى جانبه تحصينا لها فصار الخندق موضعه، ولما جاء الملك الظاهر هدم الحمام وجعلها مطبخا له. (95 و) م ولما قتل عزيز الدولة صار الظاهر وولده المستنصر ج يوليان واليا بالقلعة وواليا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 537 بالمدينة؛ خوفا أن يتفق ما اتفق من عزيز الدولة. وأما أبو المكارم مسلم بن قريش فقد غارت الساتورة فسلموها له إذ ذاك عطشا. وسنذكر طرفا من أخبار حصاره لها «1» : لما حاصرها غلت الأسعار بحلب فعول على الرحيل عنها «2» . وقرب «3» أبو الحسن بن «4» منقذ من سور القلعة أحد أمرائه فطلع إليه صديق له من أهل الأدب. فقال له ابن منقذ كيف أنتم. فقال: طول حب. خوفا من تفسير الكلمة. فعاد بن منقذ وهو يقلب هذا الكلام فصح له أنه قصد بكلامه أنه قد ضعفوا. فأوجس أنها كلمتان وأن قوله طول: يريد مدا. وحب بير. فقال: مدابير والله. فاعلم مسلما بهذه النكتة فقويت نفسه حتى ملكها. وتقدم الكلام مستوفيا في ملوكها. وأما هولاكو فإنه أخذها بالأمان ثم خربها. وبقيت نحو ثلاث وثلاثين سنة كذلك حتى شرع في عمارتها قرا سنقر المنصوري بأمر الملك المنصور. وفي سنة تسعين وستمائة كملت عمارتها. وقال ابن حبيب: وكتب عليها اسم السلطان الأشرف خليل بن المنصور (105 ظ) ف بماء الذهب فإنه تولى السلطنة في هذه السنة. وأما غازان فامتنعت عنه كما سيأتي. وامتنعت عن منطاش أيضا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 538 وأما تيمور فأخذها بالأمان، ثم خربها جماعته كما تقدم في فصل النواب. وأخذ منها من حواصلها ما أبهره كما اعترف به تيمور أنه لم يجد في حصن قط ما وجد فيها. ودامت على ذلك خرابا حتى انتدب لعمارتها جكم وهو الذي ادعى السلطنة بحلب. وقتل على يدي عثمان بن طرغلي في سنة تسع وثمانمائة كما تقدم، وأخرب عدة أماكن بحلب من الترب والمدارس لعمارتها. وعمل بنفسه. واستعمل قضاة البلد وعمر البرج المطل على سوق الخيل، وكذلك البرج المطل على باب الأربعين. وبنى قصرا على البرجين المطلين على باب القلعة. وهذا «1» القصر عظيم واسع جدا. مفروش بالرخام وله مناظر من جهاته المطلة على البلد. وله بوابة عظيمة. واتجاهها ايوان واسع برسم مصالح خدمة السلطان إذا حضر إلى حلب ونزل بهذا القصر، وقيل أنه لم ير مثل هذا القصر في حصون المسلمين. والمكحلة التي على جدران البرجين. والدكارة من فعل الأمير ناصر الدين بن سلار نائب برقوق بالقلعة. وقد حاصرها جماعة منهم: - ابن قصروه فامتنعت. - وكذلك تغري ورمش كافل حلب في سنة اثنين وأربعين- حصار ايلبغا- ورمى عليها بمكحلة عظيمة. فأثر برميها في البرج المطل على سوق الخيل ونقب عليها، ونزل في النقب بنفسه، فرأى ما يهوله. فرجع. ودام في حصارها بمشاة من الأكراد وزحف عليها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 539 ليلة العاشر من رمضان من جميع جوانبها ونزلوا إلى الخندق ظنا منهم أن يلقوا الجسر الذي لها ففتح أهل القلعة باشارة نقيبها الأمير شهاب الدين طاقات من أعلى الجسر، ورموا عليهم بقدور من الكلس فخرجوا. وكانت المكحلة إذا ألقيت بالنار يقول شخص مجدوب كان تحت القلعة: «بطال. بطال» ؛ وتقدم «1» شيء من أخبار تغري ورمش في زاويته. وبالجملة لم يأخذها أحد إلا بالأمان كما في فصل الملوك. وقد نقل إلى هذه القلعة المؤيد أخشابا من دمشق من الجوز. وسقف القصر ببعضه أ. وأحدث الكوات التي في ظلمة الدركاة. وبعضها باق الآن. وقد عمر فيها باك في أيام الأشرف برجا مثمنا شرقي بابها. وعمل له شباكا من النحاس الأصفر فرد في بابه. ثم خرب من سورها مكان من جهة الغرب فعمر في أيام الظاهر جقمق (95 ظ) م وأصلح في التسفيح ما كان بالقرب من جسرها وفي أيامه. وقد كان على خندقها حائط قدر قامة يمنع الناس من الوقوع فيه، سبب بنائه أن مغربيا حضر إلى حلب. وأخذ شخصا سقاء من أهل باحسيتا وأنزله إلى الخناقية وغور الماء فوجدا مطلبا فأخذ المغربي تبرا وقال للسقاء خذ فامتنع. وقال: هذا صار لي. فذهب المغربي بعد أن أعطى للسقاء شيئا من الذهب كأقراص الخبز (106 و) ف فنصب السقاء الدلاء على هذا المكان لينزع الماء فاستفاق الناس عليه وأحضروه إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 540 حاكم حلب. فذكر له ما اتفق مع المغربي. فأخذ الحاكم منه الذهب وعمر به الحائط المذكور. / فصل «1» /: ذكر ما يضرب فيها «2» من النوبات: أما النوبة التي تضرب عند ثلث الليل الأخير فهذا شيء أحدثته ضيفة خاتون أم العزيز لأجل قيام الليل. فإنها كانت تقوم ذلك الوقت للصلاة. وما كان أحد يستطيع ايقاظها. وأما التي تضرب بعد العشا فللإعلام بانقضاء صلاة العشاء. ودق الطبل مرة بعد ذلك إلى ثلث الليل ثم يضرب مرتين، ثم ثلاثة فأصل ذلك أنه كان بالقلعة جرس كالتنور العظيم معلق على برج من أبراجها التي من غريبها كانت الحراس تحركه ثلاث دفعات في الليل: دفعة في أوله لانقطاع الرجل عن السعي. وأخرى في وسطه للبديل. وأخرى في آخره للاعلام بالفجر. وعلق هذا الجرس في سنة ست وتسعين وأربعمائة. والسبب في تعليقه ما حكاه منتخب الدين يحيى بن أبي طي النجار الحلبي في تاريخه: أن الفرنج لما ملكوا أنطاكية في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة طمعوا في بلاد حلب فخرجوا إليها وعاثوا في بلادها وملكوا معرة النعمان. وقتلوا من فيها. فخافهم الملك رضوان بن تاج الدولة تتش لعجزه عن دفعهم فاضطر إلى مصالحتهم فاقترحوا عليه أشياء من جملتها أن يحمل إليهم في كل سنة قطيعة من مال وخيل وأن يعلق بقلعة حلب هذا الجرس ويضع صليبا على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 541 منارة المسجد الجامع فأجابهم إلى ذلك فأنكر عليه القاضي أبو الحسن بن الخشاب وكان بيده زمام البلد وضع الصليب على منارة الجامع، وقبّح ذلك. فراجع الفرنج في أمر الصليب إلى أن أذنوا له في وضعه على الكنيسة العظمى التي بنتها هيلانة. فلم يزل بها إلى أن حاصرت الفرنج حلب سنة ثمان عشرة وخمسمائة ونبشوا ما حولها من القبور فأخذ القاضي ابن الخشاب الكنائس كما تقدم ورمى الصليب. وأما الجرس فإنه لم يزل معلقا إلى أن ورد حلب الشيخ الصالح أبو عبد الله بن حسان المعري فسمع حركة الجرس وهو مجتاز تحت القلعة فالتفت إلى من كان معه وقال، ما هذا الذي قد سمعت من المنكر في بلدكم (!) هذا شعار الفرنج. فقيل له: هذه عادة البلد من قديم الزمان. فازداد إنكاره وجعل اصبعيه في أذنيه. وقعد في الأرض، وقال: الله أكبر الله أكبر. وإذا بوجبة عظيمة قد وقعت في البلد فانجلت عن وقوع الجرس. إلى الخندق. وكسره وذلك في سنة سبع وثمانين (106 ظ) ف وخمسمائة. فجدد بعد ذلك، وعلق مرة ثانية فانقطع لوقته، وانكسر، وبطل من ذلك اليوم. [محمد بن حسان الزاهد المغربي] قال كمال الدين في ترجمة هذا الرجل: محمد بن حسان بن محمد أبو عبد (96 و) م الله وأبو بكر بن المغربي، الزاهد. رجل فاضل، مقرئ، محدث. ولي من أولياء الله تعالى قدم حلب، ونزل بدار الضيافة، بالقرب من تحت القلعة، وكان من الموسرين المتمولين ببلاد المغرب، فترك ذلك؟؟؟ بيعه، وخرج على قدم التجريد، وحج إلى بيت الله الحرام، ثم قدم حلب، ورحل منها إلى جبل لبنان، وساح فيه، وقيل إنه مات فيه، ولم يذكر وقت وفاته. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 542 ثم اتخذ هذا الضرب في القلاع عادة وأما الضرب الذي يضرب وقت اصفرار الشمس فسببه أن الخليل عليه الصلاة والسلام كان يتخذ للفقراء طعاما يجمعهم ذاك الوقت لأكله «1» . وبقية ما يضرب فيها من الأوقات فهو من اصطلاح الملوك. خاتمة «2» : أما مساجدها فقد تقدم الكلام عليها. وأما بيعها فسيأتي. وقد هرب من هذه القلعة الأمير هبة تدلى في الحبال. وكتب الأديب الكاتب عمر بن إسماعيل الفارقي إلى الناصر بن العزيز يعتذر عن ذلك. عذري عن القلعة الشهباء أوضحه ... لربها زاد ربي في سعادته رأت تكرر اطلاق الهبات بها ... فأطلقت هبة منها كعادته وقد هرب «3» من حبسها سالم بن بدران ومعه طاعة. وتدلى بجبال ...... «4» وقد ألقى نفسه منها نهارا في وقعة تغرى ورمش (فتيان) وسبب ذلك أن خطط نائب السلطنة أحسّ بأن طاعة من أهل القلعة واطئوا تغرى ورمش على تسليمها إليه وأخذوا منه ذهبا، منهم من تسلم الذهب بالبلد، ومنهم من أخرج إليه الذهب في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 543 علب اللبن وممن كان منهم الدبسي أ، وعثمان القلاب بالساتورة وغيرهما. فلما أحس بذلك طلبهم من أبراج القلعة متفرقين وقتلهم، أحس فتيان المذكور بذلك فألقى نفسه من أعلى القلعة، وخرج من النقب الذي نقبه تغري ورمش. وجاء إلى تغري ورمش وأعلمه بما اتفق. فخلع عليه. وأشهره في البلد وأما عثمان فإنهم ألقوه في المنجنيق. انتهى. وسورها مساحته ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون ذراعا. وعدد أبراجها تسعة وأربعون برجا. وأبدانها ثمان وأربعون بدنة؛ هذا ما كانت عليه قديما «1» وللسري الرفاء قصيدة يمدح سيف الدولة بها: وشاهقة يحمي الحمام سهولها ... وتمنع أسباب المنايا وعورها «2» إذا سترت غر السحاب وقد سرت ... جوانبها خلت السحاب ستورها مقيم تمر الطير دون مقامه ... فليس ترى عيناه إلا ظهورها «3» وقال الخالديين من قصيدة يمدحا سيف الدولة ويهنئانه بفتح حلب ويصفا القلعة: وقلعة عانق العيوق مسافلها ... وجاز منطقة الجوزاء عاليها لا تعرف القطر إذ كان الغمام لها ... أرضا توطأ قطريه مواشيها «4» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 544 إذا الغمامة راحت خاض مساكنها ... حياضها قبل أن تهمي عزاليها على ذرى شامخ وعرق امتلأت ... كبرا به وهو مملوء بها تيها له عقاب عقاب الجو حائمة ... من دونها فهي تخفى في خوافيها ردت مكايد أملاك مكايدها ... وقصرت بدواهيهم دواهيها أوطأت همتك العلياء هامتها ... لما جعلت العوالي من مراقيها وقال الفقيه الوزير أبو الحسن على بن ظافر المعروف بابن أبي المنصور يصف قلعة حلب من قصيدة مدح بها الظاهر غازي: وفسيحة الأرجاء سامية الذرى ... قلبت حسيرا عن علاها الناظرا كادت لفرط سموها وعلوها ... تستوقف الفلك المحيط الدائر وردت قواطنها المجرة منهلا ... ورعت سوابقها النجوم أزاهر شماء تسخر بالزمان وطالما ... بشواهق البنيان كان الساخرا ويظل صرف الدهر منها خائفا ... وجلا فما شيء لديها حاضرا «1» ويشوق حسن روائها مع أنها ... أفنت بصحتها الزمان الغابرا «2» فلأجلها قلب الزمان قد انثنى ... قلقا وطرف الجو أمسى ساهرا «3» غلابة غلب الملوك فطالما ... قهرت من اغتصب المماليك قاهرا غنيت بجود مليكها وعلت به ... حتى قد امتطت الغمام الماطرا فترى وتسمع للغمام ببرقه ... والرعد لمعا تحتها وزماجرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 545 ذكر «1» دار العدل سبب بنائها أولا أن نور الدين لما طال مقامه بدمشق وأقام بها أمراؤه وفيهم أسد الدين شيركوه أكبر أمرائه. وكان الأمراء قد اقتنوا الأملاك وتعدى كل منهم على مجاوره «2» في قرية أو غيرها فكثرت الشكاوى إلى القاضي كمال الدين فأنصف بعضهم من بعض ولم يقد- على الإنصاف من شيركوه فأنهى الحال إلى نور الدين فأمر ببناء دار العدل. فلما سمع شيركوه ذلك أحضر نوابه وقال: اعلموا أن نور الدين ما بنى هذه الدار الا بسببي وحدي إلا فمن هو الذي يمتنع على القاضي كمال الدين والله لئن أحضرت إلى دار العدل بسبب واحد منكم لأصلبنه. فامضوا إلى من كان بينكم وبينه منازعة فأعطوه، وأرضوه بأي شيء ممكن، ولو أتى ذلك على بيع ما بيدي. فقالوا إن الناس إذا علموا ذلك ألحوا في الطلب. فقال لهم: خروج أملاكي عن يدي أسهل عليّ من أن يظن نور الدين أني ظالم أو يساوى بيني وبين آحاد العالم في الحكومة. فخرجوا من عنده وفعلوا ما أمرهم به، وأرضوا خصماهم، وأشهدوا عليهم. فلما فرغت دار العدل جلس نور الدين فيها لفصل الخصومات والمحاكمات وكان يجلس في الأسبوع يومين وعنده القاضي والفقهاء وبقى ذلك مدة فلم يحضر إليه أحد يشتكي من أسد الدين. فقال: نور الدين للقاضي ما جاءنا أحد يشتكي من أسد الدين فعرفه القاضي الحال فسجد نور الدين شكرا لله تعالى. وقال (107 ظ) ف الحمد لله الذي أصحابنا ينصفون من أنفسهم قبل حضورهم عندنا. وكان إنما يعينه على ذلك صدقه. وحسن نيته. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 546 ثم سلك هذه السنة السلطان الملك «1» الظاهر غازي فبنى سورا على حلب وفتح له بابا من جهة القبلة اتجاه باب العراق. وبابا من جهة الشرق والشمال على حافة الخندق، كما سيأتي في سورها. وكان إذا ركب يخرج منهما، ومن دار العدل بحلب لجلوسه العام فيهما بين السورين: السور العتيق الذي فيه الباب الصغير وفيه الفصيل الذي بناه نور الدين. وبين السور الذي جدده. ومكتوب على بابها: أنشأ هذه الدار اقبال الظاهري العزيزي الناصري بتولي مملوكه ايدغدي صنعة المطوع. انتهى. ولم تزل «2» الملوك تجدد في هذه الدار سيما بعد فتنة تمر. فاينال الصصلاني وسع المقعد المعروف بالشباك. ويشبك جدد البحرة. وتغرى ورمش عمّر السقف الذي قدام الشباك، ورخم الأرض تحته وجدد المكان الذي يجلس فيه المباشرون. وقرقماش بنى قبة بأربعة أواوين فوق سطحها. وقانباي البهلوان بنى قبة على الزدخانة. وفرع من ذلك في سنة خمسين وثمانمائة. وجلبان جدد المطبخ «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 547 أوتقدم في الجوامع مسجد السيدة. وجامع الناصري. ومن بناه. وكل نائب ينعزل من حلب تتركها أعوانه كالخربة فيأتي من بعده يصلحها ب. (97 و) م وبهذه الدار حمام لأجل حريم الملوك. وقاعة الحريم سقط منها مكان على جوارى جانم أخي الأشرف- كافل حلب- فمات منهم من مات فجدده المذكور. ومن الغرائب أن البلدي كافل حلب وقع من اصطبله بها حجر على فرس له فمات الفرس فكتب السلطان إليه يخفض عنه في ذلك فشق عليه ذلك فقيل له: لأي شيء شق عليك. فقال فرس في اصطبلي تموت فما يخفى عليّ السلطان فكيف أحطامي. وهذه الدار قديما كانت تعرف بابن مجلى وهو الأمير نور الدين علي بن عمر بن مجلى، نائب حلب عن السعيد بن الظاهر لأنه جددها بعد أن خربت. ورأيت قطعة من توقيعه انشاء تاج الدين أحمد ابن سعيد بن الأثير الحلبي: «ولما كان الأمير نور الدين ممن أثرته الدول، واستخلصته لأنفسها الملوك الأول، وأشير إليه في الحل والعقد، وثبت خلاص اخلاصه على النقد وامتاز بنفسه وسلفه، وانحاز إلى فئة من عفافه وصلفه، وأرسل الجياد إلى الجهاد مطلقة الأعنة، وأبات المناوئين من كيدهم على وخز الأسنة. تعين علينا أن نفرده بكفالة المملكة الحلبية ونيابتها، ونعول على هممه المتمكنة في أصالتها واصابتها فليصرف الأحوال (108 و) ف على أهل المصارف ويساو في الحق بين الباد والعاكف. ويتخذ العدل جنة وللرفق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 548 سنة. ويأمر من عنده من الجند باكمال العدد والعدد. والتأهب إلى ما يدعون إليه من الخدمة التي لا تنتهي إلى آمد، ويحفظ من في وديعته من الرعايا، ويعمر البلاد التي هي أول الوصايا، ويعلم أنه موقوف ومسئول. ومجازي حقيقه لا مجازا بما يفعل ويقول أ. ......... «1» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 549 ذكر السور كان سور حلب مبنيا بالحجارة من بناء الروم. ولما وصل كسرى أنوشروان إلى حلب وحاصرها تشعثت أسوارها وكان ملك حلب إذ ذاك توسطينيانوس ملك الروم. ولما استولى عليها أنوشروان «1» وملكها رمّ ما كان هدم من أسوارها وبناءها بالآجر الفارسي وشاهدنا منه في الأسوار التي ما بين باب الجنان وباب انطاكية. قال «2» الصاحب: أظن أن كسرى فتحها من هذه الجهة فإنها كانت أضعف (108 ظ) ف مكان في البلد فلهذا كانت المرمة فيه دون غيره. وفي أسوارها أبرجة عديدة جددها ملوك الإسلام بعد الفتوح مثل بني أمية. وبني صالح لما كانوا ولاة عليها من قبل بني العباس وعلى الخصوص صالح بن علي وعبد الملك ولده. ولما خربت بمحاصرة نقفور ملك الروم لها في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وخرج منها سيف الدولة هاربا واستولى عليها نقفور. وقتل جميع من كان فيها. ثم رجع إليها سيف الدولة جدد سورها سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة واسمه مكتوب على بعض الأبرجة. ولحقت منها برجا كان إلى جانب باب قنسرين من جهة الغرب «3» . وكذلك جدد فيها سعد الدولة بن حمدان ولد سيف الدولة أبرجة واتفق سورها في سنة سبع وستين وثلاثمائة. وبنى بنو مرداس لما ملكوها فإن معز الدولة أبا علوان ثمال بن صالح بن مرداس بنى فيها أبرجة بعد سني عشرين وأربعمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 550 وبقيت إلى أن خربت بأيدي التتر. وكذلك غيرهم من الملوك الذين أسماؤهم مكتوبة عليها مثل: قسيم الدولة آقسنقر وولده عماد الدين زنكي الأتابك. وبنى نور الدين فصيلا على مواضع من باب الصغير إلى باب العراق. ومن قلعة الشريف إلى باب قنسرين إلى باب انطاكية، ومن باب الجنان إلى باب النصر إلى باب أربعين جعل ذلك السور ثانيا قصيرا بين يدي السور الكبير. وعمر أسوار باب العراق. وكان ابتداء العمارة في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. انتهى كلام الصاحب. وقد دخل المختار بن الحسن بن بطلان «1» حلب في سنة أربعين وأربعمائة قال: ولها سور فيه سبعة أبواب. ولما ملك الظاهر غازي حلب أمر بإنشاء سور من باب الجنان إلى برج الثعابين. وفتح الباب المستجد. وأمر بحفر الخنادق وذلك في سنة اثنين وتسعين وخمسمائة. وفي هذه السنة أمر برفع الفصيل «2» الذي بناه نور الدين. وجدد السور والأبرجة، [و] عين لكل أمير من أمرائه برجا يتولى عمارته إلى أن انتهت وكتب كل أمير اسمه على برجه، وبنى أبرجة من باب الجنان إلى باب النصر، وبنى سورا من شرقي البلد على دار العدل، وفتح له بابا من جهة «3» القبلة. وبابا من جهة الشرق والشمال على حافة الخندق يسمى الباب الصغير. وكان يخرج منهما إذا ركب، وبنى دار العدل؛ كما تقدم- بين السورين الجديد الذي جدده إلى جانب الميدان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 551 والسور العتيق الذي فيه الباب الصغير. وفيه الفصيل الذي بناه نور الدين. وكان الشروع في بنائها في سنة خمس وثمانين وخمسمائة (98 و) م. [خندق الروم] : واهتم الملك الظاهر «1» أيضا بتحرير خندق الروم. وسمي بخندق الروم (109 و) ف لأن الروم حفروه لما نازلوا حلب أيام سيف الدولة. وهو من قلعة الشريف إلى الباب الذي يخرج منه إلى المقام ويعرف بباب نفيس. ثم يستمر خندق الروم من ذلك الباب المذكور شرقا إلى باب النيرب. ثم يأخذ شمالا إلى أن يصل إلى باب القناة خارج باب الأربعين. ثم يأخذ غربا من شمالي الجبل إلى أن يتصل بخندق المدينة. وأمر الظاهر برفع التراب وإلقائه على شفير الخندق مما يلي المدينة فارتفع ذلك المكان. وعلا. وسفح إلى الخندق. وبنى عليه سور من اللبن في أيام العزيز. وبنى الأتابك شهاب الدين طغربك برجا عظيما فيما بين باب النصر وبرج الثعابين مقابل أوتونات الكلس، ومقابر اليهود من شمالي حلب. وذلك بعد العشرين وستمائة. وأمر الأتابك طغربك «2» المذكور الحجارين بقطع الأحجار من الحوارة من خندق الروم، وقصدا في توسعته. فعمق. واتسع. وازداد البلد به حصانة. وتقدم الكلام على قلعة الشريف. ورأيت في تاريخ الإسلام: في سنة عشر وستمائة حفر خندق حلب فظهر قطع ذهب وفضة، وكان الذهب نحو عشرة أرطال صورى والفضة بضعة وستين رطلا. وكان على هيئة اللبن. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 552 وكذلك في تاريخ ابن كثير؛ لكنه قال: ظهر بلاطة وهم يحفرون فوجد تحتها من الذهب خمسة وسبعون رطلا ومن الفضة خمسة وعشرون رطل فضة بالرطل الحلبي. وكذلك في تاريخ الكتبي؛ لكنه قال: فوجد تحتها سبع عشرة قطعة من الذهب والفضة على هيئة اللبن. فاعتبرت. فكان منها ذهبا مصريا ثلاثة وستون رطلا بالحلبي. وعشرة أرطال. ونصف صوري. وأربعة وعشرون رطلا فضة. ثم وجدوا حلقة من ذهب وزنها رطلان ونصف فكمل الجميع قنطارا. انتهى. وجدد الملك الناصر يوسف بسور حلب أبرجة كل واحد منها أيضا قلعة وذلك في سنة اثنين وأربعين وستمائة. وسبب بنائه لها أن التتر لما نزلوا حلب ثم رحلوا عنها من غير حصول غرض أخذ في الاستعداد وتحصين البلد بالأبرجة من باب أربعين إلى باب قنسرين، وذلك من شمال حلب إلى قبليها عدتها نيف وعشرون برجا. ارتفاع كل برج فوق الأربعين ذراعا وسعته ما بين الأربعين إلى الخمسين وكل برج له رواقات تستر المقاتل من حجارة المجانيق والنشاب. وكان السور يشتمل على مائة وثمانية وعشرين برجا وبدنة، ومساحته خارجا عن دور القلعة ستة آلاف وستمائة وخمسة وعشرون ذراعا. وسور القلعة تقدم. هذا ما كانت عليه أسوار البلد قديما. ولما هجم هولاكو «1» أخربه كما سيأتي في التتار، ودام كذلك إلى أن جاء كمشبغا وأخرب بانقوسا وذلك في سنة اثنين وتسعين وجعلها دكا، وذلك لخروجهم على السلطان برقوق وقيامهم مع منكاش «2» (109 ظ) و. وأمسك جماعة من أهل الهزازة وقتلهم. وقطع أصابع جماعة من الرماة منهم. وقتل ابن أبي الرضا بسبب هذه القضية فعند ذلك سأله أهل حلب أن يعمر سور حلب. وكان منذ خربه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 553 هولاكو «1» لم يبق له إلا الأساسات فجمع أهل حلب من بينهم ألف ألف درهم وعمر السور عمارة هائلة. وجعل له بابين. وفرغ من عمارته في دون ثلاثة أشهر وعمل أكثر أهل حلب فيه تبرعا بأنفسهم. ودام كذلك حتى هجم تمرلنك حلب خرب أسوارها أيضا. فجاء المؤيد- رحمه الله- إلى حلب واستشار عقلاء الناس على إعادة السور على ما كان عليه قديما إلى باب العراق. فأشار شيخنا المؤرخ بعدم ذلك فإن فيه تخريب المساجد وغيرها. فغضب المؤيد منه ومال جماعة إلى رأي (98 ظ) م السلطان. واستصوبوه. ثم في اليوم الثاني اجتمع شيخنا بالسلطان فقال له السلطان: الرأى ما أشرت به. فأمر بعمارة الأسوار، وجدد أبراجا عديدة من باب الجنان إلى باب قنسرين كل برج منها كالقلعة. ثم إن الأشرف برسباي تمم ما كان قد بقى من عمارته. وهو الآن مستقر على بنائها أ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 554 [أبواب حلب] ذكر أبواب حلب قديما: ونذكر بعد ذلك أبوابها الآن. فأولها مما يلي القبلة: «باب قنسرين» : وسمي بذلك لأنه يخرج منه إلى جهة قنسرين، ويمكن أن يكون بناء سيف الدولة، لأنه إلى جانبه برج كان عليه اسمه. ثم جدده الملك الناصر يوسف في سنة أربع وخمسين وستمائة ونقل إلى بنائه الحجارة من قرية الناعورة «1» من برج كان بها من أبرجة القصر الذي بناه سليمان بن عبد الملك فيها؛ وقد تقدم، ونقل إليه باب الرافقة. وهذا الباب كان أولا على سور عمورية فلما فتحها المعتصم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين نقله إلى سر من رأى لما شرع في بنائها سنة احدى وعشرين. ثم نقل من سر من رأى لما خربت إلى الرافقة، وبنى على هذا الباب أبرجة محصنة كالقلاع المرجلة، وعمل فيها طواحين وأفران، وجباب للزيت وصهاريج للماء وحمل إليها السلاح. ومن عجائب الاتفاقات ما حكاه القاضيان الأجلان كمال الدين بن العديم ...... «2» قالا: قصدنا في بعض الأيام زيارة الشيخ الصالح العابد الزاهد العالم (110 و) ف العامل شرف الدين أبا عبد الله محمد بن موسى الحوراني بظاهر حلب فاتفق عند اجتماعنا به وصول الباب ليركب على باب قنسرين فاجرينا ذكره فقال لنا: يوم فروغ هذا الباب ينزل على المدينة من يأخذها، ويخرب هذا الباب وسائر البلد.» . فجرى الأمر على ما ذكر. ولما استولت التتر على حلب كان أول ما خرب منها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 555 ثم لما أخرجت التتر عنها وملكها الملك الظاهر أبو الفتح بيبرس نقض حديده المصفح به ومساميره وحمل إلى دمشق ومصر. انتهى. وهذا الباب دركاته عظيمة بها عدة أبواب كالقلعة. ثم يتلو هذا الباب من جهة الشرق: «باب العراق» : وسمي بذلك لأنه يخرج منه إلى ناحية العراق، وهو باب قديم. وكان مكتوب على بعض أبرجته: أبو علوان ثمال بن صالح بن مرداس. وكان ثمال بحلب بعد العشرين وأربعمائة. وبين يدي الباب ميدان أنشأه الملك العادل نور الدين محمود في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. وله بابان «1» . كذا كان قديما وقد أزيل هذا السور وحول إلى قبلي البلد. ولم يبق لهذا الباب أثر. وأما الخندق الذي كان فيه هذا الباب فإنه صار داخل هذا السور انتهى. ويتلو هذا الباب شرقا: «باب دار العدل» : كان لا يركب منه إلا الملك الظاهر غازي، وتقدم الكلام على هذا الباب. ويلي هذا الباب شرقا: «باب الصغير» : وهو الباب الذي يخرج منه من تحت القلعة من جانب خندقها، وخانقاه القصر إلى دار العدل، وكان يسمى باب الفرج (99 و) م. ومن خارجه البابان اللذان جددهما الظاهر غازي في السور الذي جدده على دار العدل. أحدهما يدعى: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 556 - الباب الصغير أيضا، يفتح على شفير الخندق، ويخرج منه إلى الميدان الآتي ذكره. - والآخر: مغلق. هكذا كان قديما. فإن السور كان يأخذ من البرج الذي على جانب قلعة الشريف إلى خندق القلعة، ويأخذ من الخندق من جهة الشمال إلى العونية. وقد جدد الظاهر غازي السور الثاني الذي يأخذ من تم الخندق المذكور من القبلة، ويأخذ شرقا وشمالا إلى العونية. ثم أزيل هذا السور الوسطاني وسدت الفرجتان من القبلة والشمال. وصار البلد على ما تراه انتهى. ويلي الباب الصغير الأول: «باب الأربعين» : وكان قد سد، ثم فتح، وله بابان، واختلف في تسميته بهذا الاسم فقيل أنه خرج منة مرة أربعون ألفا فلم يعودوا هكذا قال ابن شداد «1» (110 ظ) ف. وفي كلام الصاحب عاد منهم واحد فرأته امرأة في طاق من علو وقالت له: يا دبير جئت. فقال: دبير من لم يج. فسمي بذلك. وقيل إنما سمي بذلك لأنه كان بالمسجد الذي داخله أربعون من العباد يتعبدون فيه. وكان الباب مسدود. وقيل: أربعون محدثا. وقيل: كان به أربعين شريفا، وإلى جانب أعلى مسجد الأشراف مقبرة. وهذه الثلاثة- أعني باب العراق وباب الصغير وباب الأربعين- كان الظاهر غازي قد سفح بين يديها تلا من التراب الذي أخرجه من خندق الروم. سماه (التواتير) محيط بها من شرقي قلعة الشريف إلى باب القناة. وفتح فيه ثلاثة أبواب ولم يتمها فأتمها ولده العزيز، وسمى القبلي منها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 557 «باب المقام» : ويعرف قديما بباب نفيس رجل كان به اسفاسلارا «1» . ويلي هذا الباب شرقا: «باب النيرب» : وسمي باب النيرب لأنه يخرج منه إلى قرية تسمى بهذا الاسم. وكان يلي هذا الباب: «باب القناة» : وهو باب بانقوسا وسمي بهذا الاسم لأن القناة التي ساقها الملك الظاهر غازي من حيلان إلى المدينة تعبر منه «2» . انتهى. خندق الروم: وقد كان على الخندق المذكور من الأبواب: باب يسمى بباب الرابية التي يباع فيها التين والغلة، خارج باب قنسرين وكان السور اللبن المجدد على خندق الروم من حد هذا الباب. وقد صار على هذا الخندق أبواب مجددة بابان من جامع الطنبغا صغيران لا يدخل منهما إلا المار لا الدواب. وباب بخندق بالوج: رجعنا إلى ما يلي باب القناة. ويليه «3» : «باب النصر» : وكان يعرف قديما بباب اليهود. لأن اليهود تجاوره بدورهم ومنه يخرجون إلى مقابرهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 558 واستقبح الملك الظاهر غازي وقوع هذا الاسم عليه فسماه باب النصر. وجعل عليه أربعة أبواب لكل بابين دركات يسلك من إحداهما إلى الأخرى حنية معقودة وبنى عليه أبراجا محكمة، ويخرج منه على جسر معقود على الخندق. وبناء فنادق تباع فيها الغلات كان في مكانها تلال من التراب والرماد. وكان قبل بناء الظاهر لهذا الباب بابان يخرج منهما إلى باشورة يخرج منهما إلى ظاهر البلد. ويلي هذا الباب: «باب الفراديس» : هو من غربي البلد. ويسمى الآن باب الفرج (111 و) ف. وفي كلام الصاحب أنه إلى جانب برج الثعابين، وأن الظاهر مات ولم يفتحه، فتطيروا به. ولم يزل على ذلك إلى أن فتحه الناصر ابن ابنه. ورتب له أجناد. ويلي هذا الباب: «باب الجنان» : وسمي بذلك لكونه يخرج منه إلى البساتين، وله بابان. ويلي هذا الباب: «باب أنطاكية» : وهو باب حلب الأعظم، وسمي بذلك لكونه يخرج منه إلى جهة أنطاكية وهذا الباب كان قد خربه نقفور لما استولى على حلب في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. ثم لما عاد إليها سيف الدولة بناه. ولم يزل على ما أنشأه إلى أن هذه الملك الناصر يوسف، وبناه فكان ابتداء عمارته في سنة ثلاث وأربعين وستمائة. وتم في سنة خمس وأربعين وبنى عليه برجين عظيمين. وعمل له دركاة. وحنايا بعضها على بعض. وله بابان. ويلي هذا الباب: «باب السعادة» : ويخرج منه إلى ميدان الحصى. أنشأه الملك الناصر في سنة خمس وأربعين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 559 وبنى عليه أبرجة، وله دركاة، وبابان، وهو الآن مسدود، وما فتح إلا وتشاءم به أهل البلد. وهو إلى جانب برج كان يعرف ببرج الغنم. ويعرف الآن (ببرج المزنر) ومن هذا الباب إلى باب قنسرين المذكور. وكان بحلب من الأبواب قديما باب يسمى: باب الفرج: وهو إلى جانب حمام القصر المشهور الذي يلي القلعة. أخربه الظاهر غازي ودرست معالمه. وباب على الجسر الذي على نهر قويق: خارج باب أنطاكية كان من بناء سيما الطويل. وسماه (باب السلامة) ودثرت معالمه، وكانت الروم خربته أيام سيف الدولة. خاتمة: من غرائب الاتفاقيات ما حكاه أبو عبد الله بن الاسكافي لغرس النعمة أبي الحسن في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة أن في خلافة المستنصر بالله صاحب مصر احترق برج من أبراج حلب فذكر ذلك للمستنصر خادم كان بحلب. فقال له: إن كنت صادقا يخطب لنا بالعراق. وعندنا في كتبنا دليل على ما قلناه. قال أبو عبد الله واتفق أن جئنا، وأقمنا الخطبة في ذي القعدة سنة خمسين. انتهى. واعلم أنه لما احرق تمر أسوار حلب جددت أبواب حلب في أوائل شهر رجب سنة أربع وإلى خامس رمضان دام العمل فيها بإشارة دقماق كافل حلب؛ كذا رأيته بخط بن القرناص. وسمعت المتقدمين يقولون أن الصفائح التي على الأبواب أخذت من (111 ظ) ف أبواب الناس بالبلد. ومن جملة الأبواب التي كانت مصفحة باب الخانقاه الشمسية. وباب سكنى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 560 ذكر الميادين «الميدان الأخضر الذي جدده الظاهر غازي» : هو شمالي حلب طوله سبعمائة وخمسون ذراعا. وعرضه من القبلة خمسون ذراعا ومن الشمال سبعون ذراعا. هكذا كان قديما. وخارجه دكة عظيمة لا يصعدها من الملوك للنزول عليها إلا السلطان. ولم تزل الملوك تعمر في هذا الميدان وتحسنه. ولما أراد الأشرف برسباي الحضور إلى حلب عمر فيه قصروه كافل حلب عمارة كثيرة. وعمر فيه اينال الأشقر. ومما قيل فيه: «1» فحبذا في حلب مسارح ... للحسن روح الروح في عيانها وحبذا ما يمرح الأعين في ... مروجه الفيحا في ميدانها وما اكتست أقطاره من جلل ... تتوق الصانع في ألوانها وما جرى حوليه من حد ... عين الحياة الورد من غدرانها رحب مجال الخيل ممتد ... السابق في الحلبة من فرسانها لا يبلغ الغاية من أقطاره ... إلا فتى يطلق من عنانها كأنه بعض مروج الجنة الفيحاء ... قد زحزح عن رضوانها «ميدان باب قنسرين» : طوله ألف ومائة وخمسون ذراعا. «ميدان باب العراق» : طوله خمسمائة وعشرون ذراعا، وعرضه من القبلة خمسة وثمانون ذراعا ومن الشمال مائة وخمسون ذراعا «2» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 561 ذكر نهرها اعلم أن هذا النهر خفيف الماء، وشربه يورث البخل، وكان بعض الملوك إذا كان بحلب يقول: لا تطلبوا مني نفقة فإني بحلب. وأهل حلب لا يشربون منه إنما يشربون من قناتها. والنيل يورث عدم الغيرة. والدجلة الخلفاء لا تشرب منه لأنه يورث لينا في الحركات. وروى ابن العديم في تاريخه بسنده إلى سعيد بن إسحاق أن إلقاء الأقلام في كفالة مريم عليها السلام كان بهذا النهر «1» . وهذا النهر له مخرجان وبين حلب وبينهما أربعة وعشرون ميلا. أحدهما في قرية يقال لها «2» «الحسينية» بالقرب من عزاز. يخرج الماء من عين كبيرة فتجري في نهر، ويخرج بين جبلين حتى تقع في الوطأة التي قبلي الجبل الممتد من بلد عزاز شرقا وغربا. والمخرج الآخر يجتمع من عيون ماء من سنياب «3» ومن قرى حولها كلها من بلد الراوندان فتجتمع مياه الأعين، وتجرى في نهر يخرج من فم فج سنياب فيقع في الوطأة المذكورة «4» . ويجتمع النهران فيصيران نهرا واحدا في بلد عزاز ونهر قويق (112 و) ف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 562 ثم يخرج إلى دابق. ويمر بمدينة حلب. وتمده عيون قبل وصوله إليها. وكذلك بعد أن يتجاوزها. وتمده العين المباركة وتدور به الأرحى. وأول هذه الأرحا قرية «مالد «1» » من شمالي حلب. ويسقى في طريقه مواضع كثيرة حتى ينتهي إلى قنسرين. ثم يمر إلى المطخ فيفيض في الأجم. وحكى جماعة أن نهر قويق يفيض في المطخ، ويخرج إلى بحيرة أفاميا. وبعض الناس يقول أن سمك البحرة يحيض فيحمر ماؤها، فاستدلوا بذلك على ما ذكروه والمسافة بين مفيضه وأفامية مقدار أربعة عشر ميلا «2» . وقال أبو زيد البلخي «3» في تاريخه: ويخرج نهر حلب من حدود دابق دون حلب بثمانية عشر ميلا، ويغيض في أجمة أسفل حلب. وقال ابن حوقل النصيي «4» فيما وقفت عليه فيه: ولها- يعني حلب- واد يعرف بأبي الحسن قويق، وشرب أهلها منه. وفيه قليل طفس. وذكر الحسن بن أحمد المهلبي «5» في كتاب: «المسالك والممالك «6» » الذي صنعه للعزيز الفاطمي لما ذكر حلب قال: وشرب أهلها من نهر على باب المدينة يعرف بقويق، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 563 وتكنيه أهل الخلاعة: «أبا الحسن» : وقال أبو الحسين بن المنادى «1» في كتابه المسمى «بالحافظ «2» » فخرج قويق نهر حلب من قرية تدعى سنياب على سبعة أميال من دابق يمر إلى حلب ثمانية عشر ميلا ثم إلى مدينة قنسرين اثنى عشر ميلا ثم إلى مرج الأحمر اثنى عشر ميلا. ثم يفيض في الأجمة فمن مخرجه إلى مفيضه اثنان وأربعون. ورأيت في كلام ابن الجوزي كذلك. والمرج الأحمر هذا هو المعروف الآن بمرج «تل السلطان «3» » ، وإنما عرف بتل السلطان لأن السلطان ألب أرسلان السلجوقي خيم به مرة فنسب إليه. انتهى. وفي سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وصل نهر الساجور إلى حلب وسلط على قويق فكثر ماؤه، وطال بقاؤه واجراره. وكان بإشارة ارغون الدوادار. ورأيت بخط بدر الدين الناسخ شيخ والدي في صفر وصل إلى حلب نهر الساجور، وسلط على نهرها قويق فعمت فوائده، وطابت موارده، وزاد بعد النقصان، وتبسم الزهر من حوله، ومالت إليه الأغصان وكان يسقم في المصيف، ويبرأ في أواخر الخريف. كما وصفه الصنوبري كأنه أراد قوله «4» (100) م: قويق على الصفراء راكب متنه ... رباه بهذا سهد وحدائقه «5» إذا جدجد الصيف أبصرت جسمه ... ضئيلا ولكن الشتاء يوافقه «6» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 564 ورأيت في تاريخ الصفدي ما لفظه الأمير سيف الدين الدوادار الناصري إلى أن قال: سمع البخاري من الحجار بقراءة الشيخ أثير الدين وكتبه بخطه في مجلد (112 ظ) ف في الليل على ضوء القناديل. وكان له معرفة بعلم الميقات «1» : واجتهد في حلب على سياق نهر الساجور. وبذل فيه أموالا يتحقق بها أنه عند الله مأجور. وما زال إلى أن أدخله حلب. وساق به إليها كل خير وجلب. إلى أن قال: وهو الذي كمل سياقة نهر الساجور إلى حلب بعد ما كان ساقه سودي، ولم يتفق وصوله ويوم دخوله خرج لتلقيه هو والأمراء وأهل البلد مشاة، وشعارهم التكبير والتهليل وحمد الله تعالى. ولم يمكن أحد من المغاني والمطربين من الخروج معهم، وكان يوما مشهودا واحكم عمله وسياقته في الجبال والسهول. واتفق في طريقه واديان وجبلان فبنى على كل واحد- الواديين- جسرا يعبر الماء عليه. وأما الجبلان فكان الأول منها سهلا نقب في مدة يسيرة، والآخر كان صخرا أصم وطول الحفر في هذا الجبل ثلاث مائة وستون ذراعا. وأعمق موضع فيه من الجباب طوله ستة عشر ذراعا وبعضه محفور على هيئة الخندق بعضه جباب مقفرة وكان من هذا القدر نحو عشرين ذراعا لا يمكن حفره إلا بعد حرقه بالنار. وانتهى عمل هذا الجبل في ثمانية أشهر. وكان بعد هذا الجبل سهل فظهر بالحفر فيه حجارة مدورة لا يمكن نبشها إلا بالمشقة. وقيل له: يا خوند بالله لا تتعرض لهذا فإنه ما تعرض له أحد إلا ومات. فقال: أنا أكون فداء المسلمين فيه، وجعل مشده «2» شخصا من مماليكه اسمه أرغون فاتفق ما جرى. انتهى. وفي أجرائه في أيام أرغون «3» يقول شرف الدين أبو عبد الله الحسين بن ريان: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 565 لما أتى نهر الساجور قلت له ... ماذا التأخر من حين إلى حين فقال أخرني ربي ليجعلني ... من بعض معروف سيف الدين أرغون وقال أبو محمد بن حبيب: قد أضحت الشهباء تثنى على ... أرغون في صبح وديجور من نهر الساجور أجرى بها ... للناس بحرا غير مسجور انتهى. وكان سودي قد أجراه كما رأيته في ذيل على تاريخ صاحب حماة وذلك سنة ثلاث عشرة وسبعمائة قبل أرغون وأنفق عليه أموالا كثيرة. انتهى. وفي بعض التواريخ في شعبان سنة ثلاث عشرة تكامل حفر النهر الذي عمله سودي طوله من نهر الساجور إلى نهر قويق أربعون ألف ذراع في عرض ذراعين وعمق ذراعين، وغرم عليه ثلاث مائة ألف درهم. واعلم أن نهر الساجور أصله من عين تاب يجتمع من عيون ببلد عين تاب ويجري إلى قرية التفاح، ويجتمع عليه عيون أخر من بلد تل باشر، ثم ينتهي إلى (113 و) فالفرات، ويصب يه. وله ذكر في الفتوح ونزله أبو عبيدة حين ففتح منبج انتهى. (101 ظ) م. غريبة: كان سيف الدولة بن حمدان بنى له قصرا بالحلبة. وساق قويقا. وأدخله في قصره. وكان قد رأى في منامه كأن حية قد تطوقت على داره فعظم ذلك عليه، فقال له بعض المعبرين: الحية في النوم ماء؛ فأدار نهر قويق حول قصره. ثم إن الروم فتحوا حلب. واستولوا على داره كما تقدم في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. وخربت الدار، وعاد النهر إلى حاله «1» . انتهى. وفي سنة تسع وستين وسبعمائة طفا «2» نهر حلب وزاد، وتكرم بماء ذهبه الأحمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 566 وجاد، وارتفع وعلا، وملأ الرعب قلوب الملأ، وقلع الغراس النابتة، ومما آثار الأشجار الثابتة. وجار على الجار برفعه وحطه. وهدم كثيرا من البيوت المبنية على شطه، وأهلك عدة من المواشي، واستطال معرضا عن لوم العاذل والواشي، ووصل إلى أماكن لم يصل إليها فيما مضى من الأزمان، ثم سكن بعد الحركة ولان، بعد الشدة والزيادة لا بد لها من نقصان. وقال ابن حبيب: لما طفا نهر قويق ولم ... يأت بسيب بل بسير غزير قالت الأشجار من حوله ... مهلا لقد زدت علينا كثير وفي سنة اثنين وثلاثين وثمانمائة في شهر جمادى الأولى زاد هذا النهر زيادة كثيرة، وخربت بيوتا بالقصيلة ظاهر حلب، وعلا الماء على الأشجار، وصل الماء إلى أسفل التلة التي خارج باب الفرج وذلك عقب الثلج الكثير الذي وقع بحلب ومعاملاتها. ودام أياما بجامعها كالتلال؛ وفي ذلك يقول الأديب الأريب الفاضل عماد الدين إسماعيل ابن الزيرتاج الشافعي تغمده الله تعالى برحمته- وستأتي ترجمته في الذيل «1» -: الحمد لله الذي أجرى الماء بقدرته وأوقف عقول أوليائه على بدائع حكمه، أحمده على ما منحنا به من فائض نعمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من أخلص في نيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من بريته. صلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه، والتابعين لسنته، وبعد فلما طغى الماء وزاد بظاهر مدينة وأكثر فيها الفساد، وحمل بجيوشه يجوس خلال تلك الديار، وهلك من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 567 أهلها من استمر على مقاومة التتار، وخرق جيوبها بخارق العادة ونودي على بيوتها بالخراب فلم تكن تحمل الزيادة، وفوض بالهدم تلك الأماكن وعرض (113 ظ) ف بالجزم على تحريك الساكن، ورفع من أبوابها ما كان مبنيا على الفتح، وأزال شكل محاسنها بمحو كل رسم، وهبوط كل سطح، ودار حول كل دار فالتقى الماء على أمر قد قدر، وانحدر نحو بساتينها ولم يقلع عن قلع أشجارها وهو كما قيل السيل المنحدر، واقتحم تلك البيوت يقلعها بعروضه وأوجب قلبها إذ سيق «1» القضاء وتقوس قوس الهلاك بقروضه، فكم قصر حاز عليه المد إلى الغاية، وبحث عن (107 ظ) م إدراك نهايته فلم يحفظ له نهاية. كم عامر رخم فعام فيها، فأعلن الهدم سرائرها، وأظهر خافيها، وهلك من الرجال والنساء والأطفال عدة، وكابد من تلك الأموال والأحوال كل شدة، وساقهم الحين إلى موارد الهلكة واعنف في سوقهم، وأصبحوا وتلك المياه من تحتهم. وخر عليهم السقف من فوقهم واختطفتهم أيدي المنية وهي تجري بهم في موج كالجبال، وأحاطت بهم البلية، واتسع الخرق وضاق المجال، ودخلت عليهم الأمواج من كل باب، وهي نوح بعد فوح، وكم والد رام خلاص ولده فحال بينهما الموج، ولحقت أرواحهم بذي الفضل والامتنان، إذ غلق عنهم باب الفرج وفتح لهم باب الجنان: عليهم سفح جوشن بات يبكي ... لما لا قوه من نكد وضر وزاد بكاؤه والنوح حتى ... رأيت عيونه بالفيض تجري واستمال ذلك السيل قلب كل جدار فقوى إليه ميله، وبالغ في ذلك حتى ما بلغ العرم سيله، فكأن بقية الطوفان طافت بتلك الأرض وسعت لتقابل مبرم ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 568 البنيان بالنقض، وبلغ السّيل الزبى «1» ، وأسكن لقية المنازل برونق تلك الربا، وهلك من المتاع كل حقير وجليل، وقرى فيها بنحو الإمالة قل متاع الدنيا قليل، إلى أن منّ الله تعالى وأخمد من ذلك الطوفان ما كان بالقلوب من حر الجمر، وزال ببركة الله تعالى الغيظ وغيض الماء، وقضي الأمر «2» . فالحكم لله العلي الكبير له التصرف في ملكه. انتهى. وفي سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة أصلح هذا النهر جلبان كافل حلب وقيل له ما قيل لأرغون فلم يلتفت إلى ذلك، وانفق عليه مالا كثيرا جمعه من أرباب الأملاك. وهذا النهر تغزل فيه الشعراء لخفته وعذوبة مائه، وطيب تربته، وقد بلغني أن أرضه مرخمة بالرخام الأسود. واللينوفر ينبت فيه. ورأيت في تاريخ بدر الدين العيني «3» ما لفظه أن نهر قويق ماؤه موصوف بالرقة والخفة، وقيل أن أوله وخيم فإذا امتد طاب (114 و) ف. وسمعت والدي يقول: ما بين النهرين أخف منه، ولقد جيء بماء النيل ووزن به فإذا هو كخفته. ومما قال الشعراء في اللينوفر: يألف المياه طمعا في دوام ... الحياة صفوة السقام. وللشعراء في مدحه: غرام فمنه كأنه ودروع الماء تشمله ... تحت الشعاع أكاليل الطواويس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 569 ومن أحسن ما وصف به الشعراء هذا النهر قول أحمد بن محمد الصنوبرى «1» في القافية: قويق له عهد لدينا وميثاق ... وهذي العهود والمواثيق أطواق نفى الخوف أنا لا غريق ترى له ... فنحن على أمن وذا الأمن أرزاق ونزهه ألا سفينة تمطي مطاه ... لها وخد عليه وإعناق وأن ليس تعتاق التّماسيح شربه ... إذا اعتاق شرب النيل منهن معتاق ولا فيه سلّور ولو كان لم أكن ... أرى أنّه إلا حميم وغسّاق بلى يعلن التسبيح في جنباته ... علاجم بالتسبيح تذكر حذاق «2» أقامت به الحيتان شوقا ولم تزل ... تقام على شطّيه للطير أسواق «3» وسربل بالأرحاء مثنى وموحدا ... كما سربلت غصنا من البان أوراق وفاضت عيون من نواحيه ذرّف ... ولما تعاونها جفون وآماق هو الماء إن يوصف بكنه صفاته ... فللماء إغضاء لديه وإطراق ففي اللون بلور وفي اللمع لؤلؤ ... وفي الطيّب قنديد وفي النفع درياق إذا عبثت أيدي النسيم بوجهه ... وقد لاح وجه منه أبيه براق فطورا عليه منه درع خفيفة ... وطورا عليه جوشن منه رقراق ولم يعده فر متشوق ... بأرؤس تبر والزبر جد أعناق له ورق يعلو على الماء مطبق ... كأطباق مدهون يليهن أطباق وقد عابه قوم وكلّهم له ... على ما تعاطوه من العيب عشّاق وقالوا أليس الصّيف يبلى لباسه ... فقلت الفتى في الصيف يصفه طاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 570 يهاب قويق أن يملّ فإنما ... يقيم زمانا ثم يمضي فيشتاق وما الصّبح إلا آئب ثم غائب ... تواريه آفاق وتبديه آفاق ولا البدر إلا زائد ثم ناقص ... له في تمام الشّهر حبس وإطلاق ولو لم تطاول غيبة الورد لم تتق ... إليه قلوب تائقات وأحداق ولو دام في الحبّ الوصال ولم يكن ... فراق ولا هجر لما اشتاق مشتاق وفضل الغنى لا يستبين لذي الغنى ... إذا لم يبين ذلك الفضل إملاق قويق سيل الغيث يأتي وينقضي ... ويأتي انسياقا تاره ثم ينساق «1» / (114 ظ) ف وقال: للصنوبري أيضا فيه وقد مدّ «2» : اليوم يا هاشمي يوم ... لباسه الطل والضباب عيد في عيدنا قويق ... وخلقت وجهه السحاب ما لون الزعفران ما قد ... لون من مائه التراب تذهب أمواجه كخيل ... شقر لها وسطه ذهاب فبادر الشرب قبل فوت ... قد برد السماء والشراب وقال أيضا «3» : رياض قويق لا تزال مروضة ... يجاور فيها أحمر اللون أبيضه يعارضنا كافوره كل شارق ... إذا ما الصبا مرت به متعرضه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 571 لدى (العوجان) المستفادة عنده ... مغان على حث الكؤوس محرصه «1» إذا ما طفا النيلوفر الغ فوقه ... مفتحة أجفانه أو مغمضة حسبت نجوما مذهبات تتابعت ... فرادى ومثنى في سماء مفضضه وقال الشيخ أبو النصر محمد بن محمد بن إبراهيم الحلبي «2» : ما بردى عندي ولا دجلة ... ولا مجاري النّيل في مصر «3» أحسن مرأى من قويق إذا ... أقبل في المد والجزر يا لهفتا منه على جرعة ... تبل منّي غلّه الصّدر «4» وقال الصنوبري «5» : أما قويق فارتدى بمعصفر ... شرق بحمرته الغداة بياضه فكأنما فيما اكتسى من صبغه ... نفضت شقائقها عليه رياضه ولغيره «6» : قويق إذا شم ريح الشتا ... أظهر تيها وكبرا عجيبا وناسب دجلة والنيل ... والفرات بهاء وحسنا وطيبا وإن أقبل الصيف أبصرته ... ذليلا حقيرا حزينا كئيبا إذا ما الضفادع نادينه ... قويق قويق أبى أن يجيبا فيأوين منه بقايا كسين ... من طحلب الصيف ثوبا قشيبا وتمشي الجرادة فيه فلا ... تكاد قوائمها أن تغيبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 572 وقال الصنوبري: قويق إذا شم ريح الشتاء ... تشم الخلافة من جيبه «1» وفي وغد من عتبه ... فليس ملوما على عيبه وقال أبو القاسم الحسين بن علي المغربي: (103 و) م أما قويق فلا عدته مزينة ... من خدرها برز الغمام الصيب (115 و) ف نهر لا بناء الصبابة معشق ... فيه وللصاد الملوح مشرب وقال الصنوبري «2» : قويق على الصّفراء ركّب جسمه ... رباه بهذا شهّد وحدائقه إذا جدّجدّ الصّيف غادر جسمه ... ضئيلا ولكنّ الشتاء يوافقه يريد أن أصحاب الأمزجة الصفراوية تنحل أجسامهم في الصيف ويوافقهم الشتاء ويريد أن قويقا يقل ماؤه في الصيف حتى يبقى حول المدينة كالساقية وربما انقطع بعد السنين بالكلية «3» . انتهى. وقال أيضا: لله يوما مد في صدره ... قويق مقصور جناحيه مصندلا يلثم ماء الحياة ... منه لمخضر عتذاريه وقد وصفه الشعراء كثيرا لكنا اقتصرنا على ما ذكرناه لعلمنا أن الصنوبري لا يشق غباره في وصف حلب. ولا فيها أحد عداه. ولا يبلغ العشر من مداه. خاتمة: كان أبو الطيب المتنبي مع الشريف أبي إبراهيم على سيف قويق وهو يسايره ويحادثه ويناشده فمر على رجل معه قصبتان بينهما شبكة وهو يضعها في الماء ويرفعها فقل أن تخرج وما فيها شيء من دق السمك فوقفا ينظران إليه. فقال الشريف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 573 للمتنبي: يا أبا الطيب قل في هذا شيئا. فقال سمعا وطاعة. ثم التفت الشريف إلى غلمانه يحدثهم حتى لا يشغل أبا الطيب عما يفكر فيه. ولبث ساعة يمكن أن يعمل فيها الثلاث والخمسة. ثم سأل المتنبي عما فعله فقال: والله ما خطر ما أرتضيه. فقال له الشريف: بل أنا خطر ببالي، وأنشده على لسان الصياد: وخناجر من فضة ... تستل من سيف صقيل باكرتها بمفاضة ... زغف وخطى طويل فلما سمعها المتنبي استحسنها، وأثنى على فضل الشريف وأدبه. واستنشده شيئا فأنشده- كما اتفق- يصف فرسا أدهم أغر: يا رب ليل كماني الشوق خيفته ... فجئته فوق ليل وجهه فلق موله الطرف نحو الحسن يرقبه ... كأنه ديدبان مسه فرق يطل تسمع ..... في شكيمته ... إذا استمر به في سيره العنق «1» (103 ظ) م لأبي الحسن بن علي بن عنبر الحلوى» : لئن سمحت أيدي الليالي برحلة ... إلى حلب حلّ الحيا عندها الحبا شكرت لما أولت يدا غربة النّوى ... زماني بها شكر المجازى على الحبا «3» وقابلت مغناه وقبّلت مبسما ... يحيى فيحي عنده مبسم الصبا «4» (115 ظ) ف فأهلا وسهلا بالشمال تؤمّه ... وسقيا ورعيا للجنوب وللصّبا «5» وقال المهذب عيسى بن «6» سعدان «7» : الجزء: 1 ¦ الصفحة: 574 عهدي بها في رواق الصّبح لامعة ... تلوّى ظفائر ذاك الفاصم الرّجل وقولها وشعاع الشمس منخرط ... حييت يا جبل السماق من جبل يا حبّذا التّلعات الخضر من حلب ... وحبّذا طلل بالسّفح من طلل يا ساكنى البلد الأقصى عسى نفس ... من سفح جوشن يطفى لاعج الغلل طال المقام فوا شوقي إلى طلل ... بين الأحصّ وبين الحصحص الرّمل ماذا يريد الهوى منى وقد علقت ... إني أنا الارقم بن الأرقم الدّغل وقال الخطيب أبو عبد الله محمد بن حرب وهو بالبيرة يتشوق إلى حلب من أبيات «1» : يقر لعيني أن أرواح بجوشن ... وماء قويق تحته متسربا لقد طفت في الآفاق شرقا ومغربا ... وقلبت طرفي بينها متقلبا فلم أر كالشهباء في الأرض منزلا ... لا كقويق في المشارب مشربا جعلت استعار الوحد لي بعد بعدكم ... شعارا ومجرى مذهب الحب مذهبا «2» لعل زمانا قد قضى بفراقنا ... يرينا قريبا شملنا متقربا «3» وقال أبو نصر محمد بن خضر الحلبي «4» : يا حلبا حييت من مصر ... وجاد مغناك حيا القطر أصبحت في جلّق حيران من ... وجد إلى مربعك النضر «5» ومنها: والعين من شوق إلى العين ... والفيض غدت فائضة تجري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 575 كم فيك من يوم ومن ليلة ... مرّ لنا من عزر الدّهر ما بين بطياس وحيلان والجوسق ... والميدان والجسر «1» وروض ذاك الجوهري الذي ... أرواحه أذكى من العطر وزهره الأحمر ناضر ... الياقوت والأصفر كالتّبر «2» والنّور في أجياد أغصانه ... منظم أبهى من الدّر منازل لا زال خلف الحيا ... على رباها دائم السدر تا لله لا زلت لها ذاكرا ... ما عشت في سريّ وفي جهر وكيف ينساها فتى صيغ من ... تربتها الطّيبة النشر «3» وكل يوم مر في غيرها ... فغير محسوب من العمر إن حنّ لي قلب إلى غيرها ... فلا غرو وحن الطّير للوكر «4» يا ليت شعري هل أرها وهل ... يسمح بالقرب بها دهري (116 و) ف (104 ظ) م وقال موفق الدين أبو القاسم بن أبي الحديد «5» : سلام على الحي الذي دون جوشن ... سلام يرث الدّهر وهو جديد يضوع بمسراه البلاد كأنّما ... ثراها من الكافور وهو صعيد فلي أبدا شوق إليه مبرح ... ولي كل يوم أنة ونشيد وكيف أداوي بالعراق محبة ... شآمية إن الدواء بعيد «6» وقال نور الدين علي الغرناطي «7» : حادي العيس كم تنيخ المطايا ... سق فروحي من بعدهم في سياق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 576 حلبا إنها مقر غرامي ... ومرامي وقبلة الأشواق لا خلا جوشن وبطياس والسّعديّ ... من كلّ وابل غيداق «1» كم بها مرتعا لطرف وقلب ... فيه يسقى المنى بكأس دهاق وفجر الصّبا بشط قويق ... لا عدته حدائق الأحداق وقال «2» : وشاهقة يحمي الحمام سهولها ... وتمنع أسباب المنايا وعورها إذا سترت غرّ السحاب وقد سرت ... جوانبها خلت السّحاب ستورها مقيم تمير الطير دون مقامه ... فليس ترى عيناها إلا ظهورها «3» وللخالديين من قصيدة مدحا بها سيف الدولة ويهنئانه لفتح حلب في صفة القلعة «4» : وقلعة عانق العيّوق سافلها ... وجاز منطقة الجوزاء عاليها لا تعرف القطر إذ كان الغمام لها ... أرضا توطأ قطريه مواشيها إذا الغمامة راحت خاض ساكنها ... حياضها قبل أن تهمى عزاليها «5» على ذرى شامخ وعر قد امتلأت ... كبرا به وهو مملوء بها تيها له عقاب عقاب الجو حائمة ... من دونها فهي تخفى في خوافيها ردّت مكايد أملاك مكايدها ... وقصّرت بدواهيهم دواهيها أوطأت همّتك العلياء هامتها ... لما جعلت العوالي من مراقيها وقال الفقيه الوزير أبو الحسن علي بن ظافر المعروف بابن أبي المنصور يصف قلعة حلب من قصيدة مدح بها الملك الظاهر غازي «6» : وفسيحة الأرجاء سامية الذرى ... قلبت حسيرا عن علاها الناظرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 577 كادت لفرط سموّها وعلوها ... تستوقف الفلك المحيط الدائرا وردت قواطنها المجرة منهلا ... ورعت سوابقها النجوم أزاهرا (104) م شماء تسخر بالزمان وطالما ... بشواهق البنيان كان الساخرا ويظل صرف الدهر منها خائفا ... وجلا فما يمسي لديها حاضرا (116 ظ) ف ويشوق حسن رواتها مع أنها ... أفنت بصحتها الزمان الغابرا فلأجلها قلب الزمان قد انثنى ... قلقا وطرف الجو أمسى ساهرا غلّابة غلب الملوك فطالما ... قهرت من اغتصب الممالك قاهرا غنيت بجود مليكها وعلت به ... حتى امتطت الغمام الماطرا فترى وتسمع للغمام ببرقه ... والرعد لمعا تحتها وزماجرا وأنشدني الشيخ الإمام بهاء الدين محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر بن النحاس الحلبي لنفسه يتشوق حلب «1» : سقى حلبا سحب من الدّمع لم تزل ... تسح إذا شحّ الغمام غمائما «2» وحيّا الحيا قيعانها وآكامها ... وأخرج فيها للرّبيع كمائما بلاد بها قضيّت لهوي وصبوتي ... وصاحبت فيها العيش جذلان ناعما وله أيضا «3» : سقى زمانا تقضى في ربا حلب ... من السّحاب ملثّ المزن هطّأ أال ولا عدا ربعها غيث يراوحه ... يحثّه من حداة الرّعداء جال منازل لم أزل ألهو بمربعها ... نعمت فيها فلا حالت بها الحال «4» أصبو إليها ولا أصغى للأئمة ... مالذة العيش إلا القيل والقال «5» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 578 [ما كتب عن حلب نثرا] واعلم: أنا قد أوردنا في وصف حلب. وفي وصف أماكن منها شيئا من النظم ولنضيف إلى ذلك شيئا من النثر إذ هو حليفه وصديقه. بل توءمه وشقيقه.. ونقتصر من ذلك على نبذة يسيرة فنقول: [كتاب الملك الناصر إلى أخيه العادل] وقد كتب القاضي الفاضل عن الملك الناصر إلى أخيه العادل بفتح حلب: «وقد علم المجلس السامي موضع حلب من البلاد، وموقعها من المراد.. ومنه: «.. وكتبنا كتابنا هذا وقد تمكنت أعلامنا الشريفة على قلعتها المنيفة وتفرقت نوابنا في- مدينتها موفية بمواعيد عد لنا الجليلة اللطيفة» . [كتاب عماد الدين الكاتب] «.. في مثل ذلك صدرت هذه المكاتبة مبشرة بما منّ الله تعالى به من الفتح العزيز. والنصر الوجيز ... » . ومنها: « ... قد سكنت الدهماء مذ سكنت الشهباء، وبشرت بها بالأمس افتحها السوداء لما كان لنا في فتحها اليد البيضاء..» . [كتاب محي الدين بن الزكي إلى الناصر] وكتب محي الدين بن الزاكي- قاضي دمشق- إلى الناصر يهنيه بفتح حلب:» وعدكم الله مغانم كثيرة.. الآية ... » . إلى أن قال: «.. ولا زالت عزماته مؤيدة منصورة. وراياته على رؤس المعاقل مرفوعة مشهورة. وقلوب المؤمنين بحياته ونصره مسرورة، وجموع الكفرة وصور الصلبان بسيفه مغلولة مكسورة؛ من النصر المتين، والفتح المبين من فتح هذا المعقل الذي أجمعت العقول على اختياره وتفضيله، وعجزت الخواطر لولا ظهوره إلى عالم الحسن عن تصويره في عالم الخيال (117 و) ف وتمثيله. فيالها عن شهباء ليس لها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 579 سوى السحاب سرج، والريح لجام. وعذرا لم يفضض لها بغير اختيارها ختام..» ، إلى أن قال: «فهي نهد والأرض لها صدر وألف. والبلاد لها سطر. إلى أن قال: «فهي نهد والأرض لها صدر، وألف والبلاد لها سطر.» . وطائر المعاقل عندها غواشي ... وراكب الحصون بين يديها ماشي [وصف ابن جبير لحلب] وذكر الإمام الصالح أبو جعفر «1» في كتاب وضعه ذكر رحلته وما رأى فيها من البلاد فقال: «حلب قدرها خطير، وذكرها في كل زمان يطير، خطابها من الملوك كثير، ومحلها من النفوس أثير، كم هيجت من كفاح، وسلت عليها من بيض الصفاح، لها قلعة شهيرة الامتناع، ثابتة الارتفاع، معدومة الشبيه والنظير في القلاع، تناهت حصونه أن ترام وتستطاع، قاعدة كبيرة، ومائدة من الأرض مستديرة منحوتة الأرجاء موضوعة على نسبة اعتدال واستواء، فسبحان من أحكم تدبيرها وتقديرها، وأبدع كيف شاء تصويرها وتدويرها. عتيقة في الأزل حديثة، وإن لم تزل قد طاولت الأيام والأعوام، وسبعت الخواص والعوام. انتهى.» . وقد ذكرنا طرفا من هذا في الفصل الأول «2» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 580 [ذكر القني المتفرعة عن القناة العظمى] [القناة العظمى] «1» هذه القناة، قيل: هي «عين إبراهيم الخليل عليه السلام وهي تأتي من حيلان. قرية شمالي حلب- وقيل: إن الملك الذي بنى حلب وزن ماءها إلى وسط المدينة وبنى عليها. وهي تأتي إلى (مشهد العافية) تحت (بعاذين) وتركب بعد ذلك على بناء محكم. رفع لها لانخفاض الأرض في ذلك الموضع. ثم تمر إلى أن تصل إلى (بابلي) وهي ظاهرة في مواضع عدة. ثم تمر في جباب قد حفرت لها إلى أن تنتهي إلى (باب القناة) وتظهر في ذلك المكان، ثم تمر تحت الأرض إلى ان تدخل إلى (باب الأربعين) وتنقسم في طرق متعددة إلى البلد، وقيل: إن الملك الذي بنى حلب لما انتهت القناة أعطى للصانع الذي ساق الماء عليها مائة ألف دينار. ولأهل حلب صهاريج في دورهم فيها الماء منها إلا ما كان من الأمكنة المرتفعة «كالعقبة» و (قلعة الشريف) فإن صهاريجهم من المطر. وكان الذي حفرها أجراها إلى كنيسته التي جددتها هيلاني؛ أم قسطنطين. وصارت كما قدمنا مدرسة. وقيل: إن القناة دثرت، وإن عبد الملك بن مروان جددها في ولايته والذي أدخلها إلى حلب الشيخ الأمين بن الفصيصي، الذي تغلب على (قنسرين) . ولم يدخلها داره حتى لا يقال عنه: لحظ نفسه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 581 وقد قيل: إن هذه القناة إسلامية، والصحيح أنها رومية وكانت لا تدخل في قديم الزمان إلا إلى الجامع فقط. وفي أيام نور الدين محمود بن زنكي أخرج منها قطعة إلى (المطهرة) التي هي غربي الجامع بسوق السلاح، وعمل منها قسطل إلى (رأس الشعبيين) وأخرج نور الدين المذكور قطعة أخرى منها إلى الخشابين، وساق منها إلى (الرحبة الكبيرة) داخل باب قنسرين، ثم انقطع ذلك كله بعد وفاة نور الدين، ولم ندرك من القناة شيئا سوى (قسطل الخشابين) فقط. فلما كانت سنة خمس وستمائة سير الملك الظاهر غياث الدين غازي بن الملك ناصر صلاح الدين إلى دمشق صناعا. وخرج بنفسه وأوقفهم على أصل هذه القناة التي تخرج من (حيلان) وأمرهم باعتبار الماء الخارج منها واعتبار ما يصل منه إلى حلب فاختبروا ذلك فرأوا أن مقدار الماء الخارج من أصل القناة مائة وستون إصبعا، ووصل إلى حلب منها عشرون إصبعا لا غير. وضمنوا له أن يكفوا جميع سكك حلب وشوارعها وآدرها ومدارسها وربطها وحماماتها، ويفضل منه شيء كثير يصرف إلى البساتين والأراضي، فشرع الملك الظاهر فيها وبدأ أولا بإصلاح المجرى الذي لها من (حيلان) إلى بلد (حلب) وباشر ذلك بنفسه، وأحضر إليه جميع الأمراء فضربوا خيمهم على سيفها. ثم أمر بزرعها من (حيلان) إلى (باب حلب) فكانت خمسة وثلاثون ألف ذراع بذراع النجارين، وهو ذراع ونصف، ثم قسم ذلك قطعا على الأمراء. وأضاف إليهم صناعا وفعلة وحمل إليهم الكلس والزيت والحجارة والآجر، فأصلحت جميعها، وكانت منكشفة لا سقف لها، فقطع الطوابيق من الصخور الصلبة وطبقها جميعها، إلا مواضع جعلها برسم تنقيتها وشرب الماء منها، وأجرى جميع المجرى إلى (باب حلب) في ثمانية وخمسين يوما. [طريق (باب الأربعين- المعقلية) ] : ولما اتصلت بالبلد أمر ببناء القساطل. وأول قسطل بناه القسطل الذي على (باب الأربعين) تحت (الرباط) الذي بناه شهاب الدين طغريل الأتابك، من رأس خندق الروم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 582 وصورته حوض طوله عشرون ذراعا في رأسيه المشرقي والمغربي قبتان في وسطيهما كالصهريجين ولكل واحد منهما أنبوب مقدار الإصبع يفيض ليلا ونهارا، ووليّ عمارته فخر الدين موسى بن شمس الخلافة محمد بن مختار المصري، ثم ساق هذه القناة إلى داخل باب أربعين، ثم أخذ منها قطعة ودخل بها إلى باب المعقلية. وأمر فبني قسطل على باب المسجد المعروف ببني الأستاذ. ثم بني قسطل آخر في (وسط المعقلية) ثم بني قسطل في (آخر المعقلية) بينه وبين القسطل ثلاثمائة ذراع، ثم ساق الماء منها إلى المسجد الذي داخل (باب النصر) وعمل عنده قسطلا أيضا. ثم ساق الماء منه إلى قدام (باب النصر) وعمل حوضا كبيرا طوله قريب من عشرين شبرا فيه ثلاثة أنابيب تفيض ليلا ونهارا، ثم ساق من هذا القسطل إلى باحسيتا وعمل فيها قسطلين. وهناك انتهى طريق (المعقلية) . [طريق (باب الأربعين- السويقة ومسجد البلاط) ] «1» ثم ساق من أصل القناة من (باب أربعين) إلى الطريق الآخذ إلى (مدرسة ابن أبي عصرون) و (كنيسة اليهود) وتفترق قدام (كنيسة اليهود) قسمين: - قسم يأخذ إلى السويقة - وقسم يأخذ إلى البلاط وما يليه. وهذا الطريق الآخذ إلى (البلاط) فيه قسطل في (رأس العقبة) قدام (درب دار الملك الظاهر) ثم يخرج إلى عند (باب مسجد البلاط) ، وهناك قسطل، ثم يسير إلى رأس درب الديلم، وهناك قسطل، ثم يسير إلى رأس الدرب المعروف بالبازيار، وهناك قسطل، ثم يسير إلى عند (حمام ابن أبي عصرون) وهناك قسطل، ثم يسير إلى رأس (درب شراحيل) وهناك قسطل. والقسم الآخر يأخذ إلى (مسجد المزيبلة) وهناك قسطل، ثم إلى عند (حمام أوران) وهناك قسطل، ثم إلى وسط (السدلة) وهناك قسطل. ثم إلى (باب الجنان) إلى عند (مسجد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 583 القصر) وهناك قسطل، ثم يعود إلى الطريق الآخذ إلى (سويقة اليهود) يسير الماء إلى عند (دور بني القيسراني) وهناك قسطل، ثم ساقه إلى أول (سويقة اليهود) في رأس الطريق الآخذ إلى (باب النصر) ، وعمل حوضا كبيرا يفيض منه ثلاثة أنابيب ليلا ونهارا، ثم ساق منه إلى وسط (السويقة) عند (دار الصبغ) وعمل هناك قسطلا ثم ساق منه إلى (رأس السويقة) وبنى تحت قبلة (المسجد المعلق) في وسط الطريق الآخذ إلى (البلاط) قسطلا. وهناك انتهى طريق السويقة. [طرق (النبع- المصنعة) ] : ثم ساق القناة من أصل الماء الذي تحت القلعة إلى رأس السوق وبنى برأس الطريق الآخذ إلى أسواق حلب وقصبة «1» البلد مصنعة في الأرض وجعل ماء القناة جميعها يجتمع في تلك المصنعة، ثم جعل فيها مقاسم يخرج الماء فيها على السوية فينفرق في حلب على السواء، فأخرج منها طريقا إلى الجامع وما يضاف إليه، وطريقا إلى (كتاب الأسود) وما يليه، وطريقا إلى (باب العراق) وما يليه، وطريقا إلى (القطيعة) وما يليها. فأما طريق الجامع فبنى عليه في رأس درب العدول قسطلا. قلت: هو برأس سوق البلاط. وهو الذي إلى جانب البشتكية. ثم يصير منه إلى رأس الصاغة تحت المسجد المعلق. قلت: وعلى باب حمام الدلبة الذي على مسجد أيضا وقد خرب الآن وليس هو المذكور هنا وقد اندرست معالمه. وأخذ منه إلى حمام العفيف بن زريق الذي عند حبس الدلبة ثم أخذ من (قسطل رأس الصاغة) إلى رأس (سوق النطاعين) في شرقي الجامع وبنى هناك قسطلا. قلت: وقد اندرست معالمه واندثرت آثاره والجرن موجود وهو برأس درب الخطيب هاشم المتقدم ذكره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 584 ومنه ينقسم الماء ثلاثة أقسام. - قسم منه فوارة الجامع - وقسم يشق وسط الجامع ويسير إلى (المطهرة الغربية) وما يتصل بها. - وقسم يأخذ إلى (باب قنسرين) وما يليه. فأما القسم الفوارة ففاصله ينصرف إلى (صهاريج الجامع) ومصانعه، ويمد (المطهرة الغربية) وأما القسم الذي يخرج إلى (المطهرة) فإنه إذا خرج منها سار إلى رأس الشعبيين و (سوق الطير العتيق) وهناك قسطل. قلت: وهو موجود وهو مركز وقد جدد سودون الدوادار بالقرب منه عند مسجد بني زهرة قسطل وقد عطل انتهى. ثم يصير منه إلى درب الخراف وهناك قسطل. قلت: وإلى جانب المسجد الذي برأس الدرب الذي يخرج منه إلى سوق الهوى قسطل كان قد عطل وجدده الحاج علي الصانع على باب داره وبدرب تجاه مسجد الجورة المتقدم ذكره قسطل وقد عطل. ثم يصير الماء إلى رأس (درب الصباغين) ، وهناك قسطل. قلت: وهو الآن يتوجه إلى الشمال وقد عطل الآن والآن موجود تحت الساباط قسطل تأتي إليه أحيانا. ثم منه إلى المسجد الذي قدام باب انطاكية. وهناك قسطل سبع أنابيب يفيض الماء ليلا ونهارا. قلت: وهو موجود وقد عطل. ثم جدد. وكان قد جدده قصروه وأجرى فيه الماء وكذلك القسطل الذي قبله حوّله في سنة سبع وسبعين وثمانمائة شخص يقال له درويش عن باب الشعيبية إلى مكان آخر ليكشف باب الشعيبية. وأخذ في بناء الشعيبية وعزل بالوعة إلى خارج البلد. وهي محكمة مبنية بالحجارة الهرقلية. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 585 [طريق (باب قنسرين والخشابين ودار ذوكا) ] وأما الطريق الذي يخرج إلى باب قنسرين وما يليه فيخرج إلى رأس سوق العطارين العتيق ورأس المدبغة. وهناك قسطل. قلت: وقد درست معالمه. وينقسم هناك قسمين: - قسم يأخذ إلى الخشابين. - وقسم إلى (دار ذوكا) . فأما قسم دار ذوكا فيصير إلى (المطهرة الصغيرة) المعروفة بتل فيروز برأس سوق العطر. قلت: وهذا التل رأيت في كتاب (عقود الجواهر) أن في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة شرع الظاهر في نقله وكان عاليا أشرف على جميع المدينة وكان (51) م* على الأسوار والدور ضرر عظيم ووجد تحت هذا التل آثار قديمة من بناء الروم وبنى سودون قيسارية في قبلى المصنعة وأسكن فيها الحلبيين. وبنى في قبلي هذه قيسارية أسكن فيها ... «1» وجعل لها بابا إلى الجوارين وبابا إلى الغرب قبالة السقاية. انتهى. ثم من هناك إلى حمام دار ذوكا ثم إلى داره وهناك قسطل ثم منه إلى دار ذوكا فيفيض في بركة في وسطها وهناك آخر هذا الطريق. وأما طريق الخشابين فيصير إلى رأس الخشابين وتحت القبة وهناك قسطل. قلت: درست معالمه وجدد علاء الدين ابن الشيباني قسطلا بالقرب من حمام الست. انتهى. وينقسم الماء هناك وأعني من القسطل الذي تحت القبة. ينتهي: - قسم إلى باب قنسرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 586 وقسم إلى الزجاجين. فأما قسم الزجاجين فيصير إلى رأس درب أسد الدين الأخذ شمالا إلى سوق الأساكف القديم والبز، وهناك قسطل، قلت: وقد لحقت رسومه جدد علاء الدين المذكور. ثم يصير إلى عند مسجد المجن. وهناك قسطل. قلت: وهو موجود وتعطل ... «1» مائة. ثم يصير إلى رأس درب البيمارستان وهناك قسطل. قلت: درست معالمه. ثم يصير إلى رأس درب الحطابين، وهناك قسطل يفيض عنه ثلاثة أنابيب ليلا ونهارا قلت: وهو موجود متعطل فان. [طرق عن باب النيرب] فأما طريق (باب النيرب) فيصير إلى رأس (درب ابن بلديق ... «2» وهناك قسطل. قلت: قد عطل، والجرن موجود هناك وجود بن الكلزي هناك قسطلا. وجدد قسطلا بقربه شخص من التجار يقال: محمد بن أحمد بن غنيم حصل له جنون في شبابه ومات. ثم يصير إلى عند المسجد المعروف بابن الإسكافي، وهناك قسطل. قلت: قد عطل وبقيت رسومه ... «3» الآن. ثم يصير إلى عند مسجد المحصيب وهناك قسطل. قلت: وكان قد عطل فجدده شخص من التجار يقال له: أبو بكر بن الجلبي، ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 587 عطل أيضا، وحفر الشيخ عبد الكريم هناك بئرا. وينقسم الماء هناك ثلاثة أقسام: - قسم يأخذ إلى (ربع بني الطريرة) قدام المسجد المعروف بصفي الدين بن طارق ريس في رأس (درب الماسح) . وهناك قسطل. وهو آخر هذا الطريق. - وقسم يأخذ إلى (باب قنسرين) . - وقسم يأخذ إلى الجرن الأصفر فيصير إلى عند (دار غرس الدين قليج) وهناك قسطل خلف تربة بني الخشاب. قلت: درست رسومه. ثم يصير إلى (الجرن الأصفر) عند المسجد، ثم إلى (الرحبة الصغيرة) وهناك قسطل. قلت: قد عطل ثم يصير إلى عند دار بني بكران عند باب أتون حمام الشريف. وهناك قسطل وهو آخر هذا الطريق. وأما القسم الذي يأخذ إلى (باب قنسرين) فيصير إلى اقدام باب قنسرين وهناك قسطل يفيض منه ثلاثة أنابيب ليلا ونهارا. قلت: وهو موجود ثم يخرج منه الماء إلى ظاهر البلد تحت (برج الغنم) مقابل (سوق الأعلى) ، وهناك حوض كبير يفيض منه ثلاثة أنابيب ليلا ونهارا «1» . [طريق (المصنعة- كتاب الأسود) ] «2» وأما الطريق الذي من (المصنعة) إلى كتاب الأسود فيصير إلى تحت المسجد المعلق المعروف ببني الطريوسي. وهناك قسطل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 588 قلت: هذا القسطل خلف دار العدل، وهو جرن صغير أصفر وهيئته غريبة «1» ثم؟؟؟ المسجد المعلق الذي على سطح (كتاب الأسود) وهناك قسطل ثم إلى (52) (الحدادين) إلى قدام (المدرسة الحنفية) ، وهناك قسطل، ثم إلى (الأسفريس) إلى عند (المسجد المعروف ببني دايح) وهناك قسطل، وينقسم إلى قسمين: - قسم يأخذ إلى (عمود العسر) وهناك قسطل، وهو آخر هذا الطريق - وقسم يأخذ إلى عند (مسجد الجبلي) وهناك قسطل، ثم يدخل من هناك إلى (درب البنات) وهناك قسطل، وهو آخر هذا الطريق. [طريق (المصنعة- باب العراق) ] وأما الطريق التي تأخذ من (المصنعة) إلى (باب العراق) فيسير إلى خلف (مدرسة القاضي بهاء الدين ابن شداد) عند (حمام النفري) و (دار الحديث) وهناك قسطل، وينقسم الماء هناك قسمين: - قسم يأخذ إلى (باب العراق) . - وقسم يأخذ إلى (باب القطيعة) و (قلعة الشريف) . فأما الذي يسير إلى (باب العراق) فينتهي إلى داخل (باب العراق) وهناك قسطل. ثم يخرج إلى ظاهر السور من شمالي (باب العراق) وهناك حوض عظيم يفيض في ثلاثة أنابيب، ليلا ونهارا، ثم يسير الماء منه إلى تحت (التواثير) قدام الباب الذي يؤخذ منه إلى (مقام إبراهيم) عليه السلام والمقابر، وهناك قسطل عند (مسجد الارتاحي) ، ثم يسير منه إلى المدرسة التي جددها الملك الظاهر تربة، فيفيض في بركتها. وينقسم الماء هناك قسمين: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 589 - قسم يسير إلى قدام خان السبيل (الذي بناه سيف الدين بن علم الدين) بن جندر، وهناك قسطل يفيض في بركة أمام الخان ليلا ونهارا. وأما الطريق التي تأخذ إلى رأس (القطيعة) و (قلعة الشريف) فإنه يسير إلى (رحبة السوق) التي تأخذ إلى الآن إلى (حمام حمدان) وهناك قسطل، ثم منه إلى عند مسجد الشجرة، وهناك قسطل. ثم يسير إلى (خرابة خليج) إلى عند المسجد وهناك قسطل. ثم ينقسم إلى قسمين:- قسم يأخذ إلى (حمام القاضي ابن الخشاب) في (رأس درب الحديد) وهناك قسطل. - وقسم يأخذ إلى قلعة الشريف، إلى عند (مسجد القبة) وهناك قسطل ثم يسير هذا إلى الطريق التي ظاهر باب قنسرين إلى (خندق الخاص الكبير) فيفيض إلى بركة وفي ظاهر هذا الخندق من القبلة مقابل الحمام المعروفة بسوق التبن، وهناك قسطل. ثم يسير منه إلى (باب الرابية القبلي) ثم يسير منه إلى كتف الخندق، ثم يسير منه إلى يسرى (حمام القاضي) وهناك قسطل ثم يسير منه إلى المدرسة التي أنشأها سيف الدين بن علم الدين سليمان بن جندر فيفيض في بركتها، ثم يسير الفائض إلى بركة الجامع فيفيض ليلا ونهارا ثم ويتصل بالقساطل التي ذكرناها في طريق مدرسة سيف الدين إلى (جامع أسد الدين) . وهذا آخر ما جدده الملك الظاهر وأنشأه من القساطل التي تجري فيها المياه وينتفع بها سوى ما هو سائح إلى برك المساجد والمدارس والربط والحمامات والدور والبساتين وغير ذلك. وصرف على هذه القساطل والطرقات أموال كثيرة. ووقف عليها الملك الظاهر أوقافا سنية. وتجدد في أيام الملك الناصر صلاح الدين بن الملك العزيز بن الملك الظاهر، بظاهر البلد، بسبب سوق الماء إلى (حمام سعد الدين ابن الدرمش) أربعة قساطل، أحدها ب (سوق الخيل) . سيق إليه الماء من القسطل الذي خارج (باب المقام) عند (مسجد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 590 الأرتاحي) وساق من القسطل المذكور قسطلا إلى آخر السوق الأخذ من باب الرابية إلى (الحاضر) من قبلي السوق، وقسطلا بالقرب من (جامع أسد الدين) بالحاضر، وساق الماء فيه إلى قسطل على باب داره. وكان يدخل إلى حلب قناة من جهة باب قنسرين ولما عمل الشيخ منتخب الدين ابن الإسكافي المصنعة التي في المسجد الذي هو شمالي (مسجد المحصب) رأيت هذا الطريق وقد نبش فاستدللت بذلك على صحة ما قيل. ورأيت جماعة من الصناع يقولون: إن القناة إسلامية جلبها إلى حلب ابن الفصيصي، حين حبس في حلب، وكانت هذه القناة قد فسدت مرايقها لطول المدة ونقصت منابع عيونها فكراها الملك الظاهر- رحمه الله- وحرر طريقها إلى البلد وسد مخارج الماء منها؛ فكثر ماؤها. وجرى في القنوات والقساطل كما قدمنا. فقال أبو (المظفر محمد بن.. الواسطي المعروف بابن سنينير يمدحه بما فعل، من هذه المكرمة التي عم نفعها، وشاع برّها وصنعها: روّى ثرى حلب فعادت روضة ... أنفا وكانت قبله تشكو الظما أحيا موات رفاتها فكأنه ... عيسى بإذن الله أحيا الأعظما لا غرو أن أجرى القناة جداولا ... فلطالما بقناته أجرى الدّما «1» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 591 [كنائسها] ------------- «1» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 592 [بعض الديارات التي بها أو بمعامليها] ---------------- «1» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 593 [جبالها] * الكلام في جبال معاملتها فمنها «جبل سمعان» : وهو سمعان الديري كان ينزل به، وتقدم الكلام عليه وعلى رفيقيه في المزارات. وهما: شمعون الصفا «1» وقس بن ساعدة. وقيل سمعان اسم الجبل نفسه، والدير مضاف إلى الجبل «2» . وكان على الدير حصن «3» أخربه سعد الدولة خوفا من الروم أن يضايقوا حلب به. وفي وسط هذا الجبل جبل شاهق يقال له: «بيت لاها الشرقي» . لأن جبل اللكام يقال له: «بيت لاها الغربي» ؛ ومعناه بالسريانية: «بيت الله تعالى» . يقال أن الخليل عليه السلام كان يرعى غنمه من أرض حلب إلى بيت لاها. وهذا الجبل فيه قرى كل قرية كبلدة صغيرة. وبه زيتون وتين وغير ذلك «4» . إشارة: يقال لما حول بيت «5» لاها من الجبال: جبل ليلون؛ ذكره البلاذري في حديث الجراجمة «6» وجميعها من جبل سمعان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 595 ولعيسى بن سعدان «1» لنفسه: يا دار علوى ما جيدي بمنعطف ... إلى سواك ولا قلبي بمنجذب ويا قرى الشام من ليلون لا بخلت ... على بلادكم هطالة السحب ما مر نومك مجتازا على بصرى ... إلا وذكرتني الدارين من حلب ليت العواصم من شرقي فامية ... أهدت إليّ نسيم البان والغرب ما كان أطيب أيامي بقربهم ... حتى رمتنا عوادي الدهر عن كثب (117 ظ) ف ومنها: «جبل السماق» «2» : وهو من وادي الركايا وسرمين بطرفه، وهو جبل مشتمل على قرى عظيمة وقد تقدم الكلام عليه في الفصل الأول. [سنان صاحب الدعوة النزارية] : وقد قدم إلى هذا الجبل سنان بن سلمان بن محمد أبو الحسن البصري صاحب الدعوة النزارية، ومتولى الحصون الإسماعيلية، كان أديبا، فاضلا، عارفا بعلم الفلسفة، وله شعر حسن، وكلام منثور وجيد، وتمكن في الحصون وانقادت «3» إليه الطائفة الإسماعيلية ما لم ينقادوا إلى غيره. ومن شعره: وما أكثر الناس وما أقلهم ... وما أقل في القليل النجبا ليتهم إذ لم يكونوا خلقوا ... مهذبين صحبوا المهذبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 596 وله: ألجأني الدهر إلى معشر ... ما فيهم للخير مستمتع إن حدثوا لم يفهموا سامعا ... أو حدثوا مجّوا ولم يسمعوا تقدمي أخرني فيهم ... من ذمة الإحسان ما يصنع وقد اجتاز هذا الرجل بحلب فجاء إلى المسجد الذي خارج باب الجنان، ويعرف بمشهد علي، وصلى فيه العصر. ووجد رجلا مسنا هناك فقال له: من أين يكون الشيخ. فقال من صبيان حلب. فأعرض عنه ولم يكلمه. وله: لو كنت تعلم كل ما علم الورى ... طرا لكنت صديق كل العالم لكن جهلت فصرت تحسب أن من ... يهوى خلاف هواك ليس بعالم فاستحى أن الحق أصبح ظاهرا ... عما تقول وأنت شبه النائم وهذا سنان «1» المذكور انقاد له جميع من في جبل السماق وادعوا فيه الألوهية وكانوا يحلفون به. أرسل الملك الناصر رسولا يهدده. فقال للرسول: سأريك الرجال الذين ألقاه بهم وأشار إلى جماعة من أصحابه أن يلقوا بأنفسهم من أعلى فألقوا نفوسهم واحدا بعد واحد فهلكوا. وكان هذا الرجل يعلم الصبيان بالبصرة «2» (105 ظ) م وقد مر وهو صاعد إلى الحصون على حمار أبيض حين ولاه إياها صاحب ألموت فمر باقميناس. فاراد أهلها أن يأخذوا حماره فبعد جهد ما تركوه. فلما بلغ من أمره ما بلغ وانقادوا إليه أحضرهم يوما وأوصاهم. وقال لهم عليكم بالصفا بعضكم لبعض ولا يمنعن أحدكم أخاه شيئا هو له. فنزلوا إلى جبل السماق وقالوا قد أمرنا بالصفا وأن لا يمنع أحدنا صاحبه شيئا هو له فأخذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 597 هذا زوجة هذا. وهذا بنت هذا سفاحا. سموا أنفسهم الصفاة أ. فاستدعاهم سنان إلى الحصون وقتل منهم مقتلة عظيمة وكان قد أحل لهم وطئ بناتهم وأخواتهم وأمهاتهم وأسقط عنهم رمضان. وقد كتب إلى السلطان نور الدين رسالة لما كتب (118 و) ف إليه نور الدين يهدده؛ كذا حكاه ابن خلكان. وقال ابن العديم الصحيح أنه كتبها إلى صلاح الدين: يا ذا الذي بقراع السيف هددنا ... لا قام مصراع جنبي حين تصرعه قام الحمام إلى البازي يهدده ... واستيقظت لأسود البر أضبعه أضحى يسد فم الأفعى باصبعه ... يكفيه ما قد تلاقي منه اصبعه وقفنا على تفصيله وجمله، وعلمنا ما هدد به من قوله، فيا لله العجب من ذبابة تطن في أذن الفيل، وبعوضة تعد في التماثيل ب. ولقد قالها قبلك آخرون فدمرنا عليهم وما كان لهم ناصرون، أو للحق تدحضون، وللباطل تنصرون. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، ولئن صدرت قولك في قطع رأسي وقلعك لقلاعي من الجبال الرواسي، فتلك أمان كاذبة، وخيالات غير صائبة فإن الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض وإن عدنا إلى الظواهر والمحسوسات، وعدلنا عن البواطن والمعقولات قلنا في رسول الله أسوة حسنة في قوله: «ما أوذي نبي ما أوذيت» . ولقد علمتم ما جرى على عترته وعشيرته وأهل بيته. والحال ما حال والأمر ما زال، ولله الحمد في الآخرة والأولى، إذ نحن مظلمون لا ظالمون ومغصوبون لا غاصبون، وإذا جاء الحق زهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا وعلمتم ظاهر حالنا، وكيفية رجالنا وما يتمنونه من الفوت، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 598 ويتقربون به إلى حياض الموت. قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين. وفي أمثال العامة السائرة أ: «أو للبط تهدد بالشط، فهيء للبلايا سبايا، وتدرع للرزايا جلبابا، فلا ظهرن عليك منك، ولأنفثنهم فيك عندك، وتكون كالباحث عن حتفه بظلفه، وما ذلك على الله بعزيز، فإذا وقفت على كتابنا هذا فكن لأمرنا بالمرصاد، ومن حالك على اقتصاد، واقرأ أول النحل وآخر صاد. انتهى.» . لطيفه «1» : ولما وثب الإسماعيلية جماعة سنان على صلاح الدين المرة الثالثة بدمشق أرسل صلاح الدين يهدده فلم يرسل إليه جوابا. بل كتب من شعره الأبيات المتقدمة على طرة الكتاب الوارد إليه. ثم قال لقاصد صلاح الدين: هذا هو الجواب. وقال له: إن صاحبكم يحكم على ظواهر جنده، وأنا أحكم على بواطن جندي وقلوبهم، ودليله على ما تشاهده الآن. ثم استدعى عشرة من صبيان القلعة (106 و) م وكان على حصنه المسمى (الكاف) فيه باب ريح إلى الخندق، واستخرج سكينا من تحت مصلاة، وألقاها في الباب ثم أشار إليهم وقال: من أراد هذه فليلق (118 ظ) ف نفسه خلفها. فتبادروا جميعا فتقطعوا على الصخر. فقام القاصد إلى الناصر. وعرفه ما جرى فصالحه عند ذلك. وفي تاريخ أبي غالب قال: في المحرم سنة تسع وثمانين هلك سنان. وكانت وفاته في حصن (الكاف) . وكان رجلا عظيم المخاريق، ذا قدرة على خديعة القلوب وكتمان السر، وأصله من قرية من قرى البصرة تعرف «بعقر السدن» وخدم رؤساء الاسماعلية بألموت. ورأس نفسه بعلوم الفلسفة، وقرأ كثيرا من علوم الجدل والمغالطة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 599 ومن رسائل إخوان الصفا، وبنى في الشام حصونا لهذه الطائفة بعضها مستجدة، وبعضها كانت قديمة، وحصنها ووعّر مسالكها، وحذر الملوك خوفا من هجوم أصحابه عليهم بالقتل، ودام له الأمر بالشام نيفا وثلاثين سنة، وسير إليه داعي دعاتهم من ألموت جماعة عدة مرارا ليقتلوه، خوفا من استبداده بالرئاسة. فمنهم من يقتله ومنهم من يخدعه، ويثنيه عما سير لأجله. ولما توفي وليّ مكانه شخص يدعى أبو منصور محمد. إشارة: بهذا الجبل قرية اصطمك «1» . فيها مصنع عظيم للماء من بناء الروم مبنى بالحجر الهرقلي. على قناطر كثيرة، محكم البناء، وهو من عجائب الدنيا. وكان أحمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين أبو الفضل قدم الشام ونزل بجبل السماق واستطاب ماءه. واستلذ هواءه. ولما رحل عنه قال: يا جبل السماق سقيا لك ... ما فعل الضنى الذي حلك فارقت أطلالك لا أنه ... قلاك قلبي لا ولا ملك فأى لذاتك أبكي دما ... ماءك أم طيبك أم ظلك أم نفحات منك تبدى إذا ... دمع الندى إثر الدجى ملك «جبل بني عليم» : منسوب إلى بني عليم بن جناب بن كلب بن وبرة وقد نزلوا هذا فعرف بهم. وهذا الجبل من قرية المغارة «2» إلى قرية معرزاف «3» أ. ويشتمل على قرى نضرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 600 كثيرة الأشجار والثمار. وقرية المغارة خارجها مغارة كبيرة جدا. وسقفها من خزف زخرفته زائدة. «جبل أريحا» : وأريحا قرية كبيرة بل بلدة عظيمة لها جامع. ومساجد. وبها خانقاه للصوفية. وينزل إليها الماء ويتفرق في جامعها وآبارها. من عين تسمى (الكرساني) . وماؤها عذب. ولا ذكر لأريحا في الفتوح. وهذا الجبل مشرف جدا. وفي أعلاه عين ماء. ينظر منه قلعة حلب عند الغروب. (119 و) ف «جبل الأعلى» : سمي بذلك لعلوه. وهو مطل على العمق، متصل بجبل سمعان من جهة الشمال. وبجبل السماق من جهة القبلة، وفيه قرى عظيمة منها: أرمناز من غريبه وكورتها، وهي بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الميم وبعد الألف زاي. وقال ابن خلكان: إنها قرية من عمل دمشق، وقيل من أعمال انطاكية. وذكر السمعاني أنها من أعمال حلب. وقال لي من رأى أرمناز إن بينها وبين عزاز من عمل حلب أقل من ميل من جانبها الغربي. والمعروف أن أرمناز هي القرية المعروفة بهذا الجبل الآن. وبها معمل الزجاج لكثرة الرمل والحطب بها. وبها عين ماء. ومن شرقيه الجزر وفيه من العمائر وبناء الروم آثار يروق الطرف. ومن قرى هذا الجبل كفر تخارين؛ وهي قرية حسنة، كثيرة الأشجار، ولها مسجد نزه، وقلعتها تحت الأرض، والماء داخل هذا الحصن. وهو عين جارية، وينزل إلى هذا الحصن بدرج. وفي أسفل هذا الجبل إلى ناحية بلد سرمين قرى تدعى (بالحقة) «1» وهي قرى عظيمة كثيرة الفواكه والزيتون. واعتقاد أهلها سيء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 601 وقال حمدان بن عبد الرحيم بن حمدان الأتاربي: اسكان عرشين القصور عليكم ... سلامي ما هبت صبا وقبول «1» ألا هل إلى حث المطايا إليكم ... وشم خزامى حربنوش سبيل «2» وهل غفلات العيش في دير مرقس ... يعود وظل اللهو فيه ظليل «3» إذا ذكرت لذاتها النفس عندكم ... تلاقي عليها زفرة وعويل بلاد بها أمسى الهوى غير أنني ... أميل مع الأقدار حيث تميل «4» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 602 الفصل الثالث عشر في- ذكر التتار.- وتراجم بعض ملوكهم.- ووقائعهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 603 [جنكيز خان] : اعلم أن ملكهم الأول وطاغيتهم هو جنكز خان الذي خرب البلاد وأباد العباد وأنشأ «1» للتتار ذكرا، وقبله إنما كانوا ببادية الصين فملكوه عليهم وأطاعوه طاعة أصحاب نبي لنبي، بل طاعة العباد المخلصين لرب العالمين، وأمه تزعم أنها حملت به من شعاع الشمس أ؛ فلهذا لا يعرف له أب. والظاهر أنه مجهول النسب، ورأيت في مسند أبي يعلى ما يدل «2» على هذا وهو أن (حرقوسا) لما سأل علي رضي الله عنه أمه من أين هذا قالت: لا أدري إلا أني كنت أرعى غنما في الجاهلية (بالربذة) فغشيني شيء كهيئة الظل فحملت منه فولدت هذا. انتهى. وهو الذي وضع الكتاب الموسوم (بالياسا) «3» والتي يتحاكمون ويحكمون بها وأكثرها تخالف شرائع الله وكتبه، وإنما هو شي اقترحه من عند نفسه وذكر بعضهم أنه كان يصعد جبلا ثم ينزل ثم يصعد، ثم ينزل حتى يعيا. ويقع مغشيا عليه. ويأمر من عنده أن يكتب ما يلقى على لسانه حينئذ. فإذا كان هذا هكذا فالظاهر أنه الشيطان كان ينطق على لسانه بما فيها. وذكر الجويني أن بعض عبادهم كان يصعد الجبال في البرد الشديد فسمع قائلا يقول له: أنا قد كلفنا «4» جنكيز خان وذريته الأرض. وفي كتابه: من زنى محصنا كان أو غير محصن قتل «5» وكذلك من لاط قتل. ومن تعمد الكذب قتل. ومن سحر قتل، ومن دخل بين اثنين يختصمان فأعان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 604 أحدهما قتل، ومن بال في الماء الواقف قتل. ومن انغمس فيه قتل، ومن وجد هاربا ولم يرده قتل، ومن رمى إلى أحد شيئا من المأكول قتل؛ بل يناوله من يده إلى يده (!) . ومن أطعم أحدا شيئا فليأكل منه ولو كان المطعم أمير الأسير، ومن أكل ولم يطعم من عنده قتل، ومن ذبح حيوانا ذبح مثله؛ بل يشق جوفه ويتناول قلبه بيده يستخرجه من جوفه أولا. وأهدى له رجل جام زجاج من معمول حلب فاستحسنه فوهن أمره بعض خواصه وقال: يا خوند هذا زجاج لا قيمة له. فقال: أليس قد حمله من بلاد بعيدة حتى وصل إلينا مسالما أعطوه مائتي (بالس) «1» . وقيل له إن في هذا المكان كنزا فإن فتحته أخذت منه مالا كثيرا فقال: الذي بأيدينا يكفينا دعوا هذا يفتح للناس ويأكلونه. وهم أحق به منا، ولم يتعرض له. وكان يحب المصارعين وأهل الشطارة وقد اجتمع عنده منهم جماعة فذكر له إنسان بخراسان فأحضره فصرع جميع من عنده فأكرمه. وأعطاه بنتا من بناته. فمكثت عنده مدة لا يتعرض لها فاتفق أنها زارت بيت القان فجعل السلطان يمازحها ويقول: كيف رأيت المستعرب. فذكرت أنه لم يقربها. فتعجب من ذلك. وأحضره فسأله عن ذلك فقال: يا خوند أنا إنما حظيت عنده بالشطارة. ومتى قربتها نقصت منزلتي عندك. ولما احتضر أوصى أولاده بالاتفاق. وضرب لهم الأمثال و [كان] بين يديه نشابا فجعل يأخذ السهم ويعطيه للواحد منهم. فيكسره. ثم أنه غير حزمة أخرى ودفع مجموعة إليهم فلم يطيقوا كسرها. فقال: هذا مثلكم إذا اجتمعتم واتفقتم. وذاك مثلكم إذا افترقتم واختلفتم. وله عدة أولاد أكبرهم (توشي) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 605 وتوفي في سنة ثلاث وعشرين وستمائة. وقال الذهبي مبدأ ملكه في سنة تسع وتسعين وخمسمائة. واستولى على بخارى وسمرقند في سنة ست عشرة. ومدن خراسان في سنة ثمان عشرة. [وعند ما] رجع من حرب السلطان [جلال الدين] (107 و) م خوارزم شاه على نهر السند وصل إلى مدينة ... «1» من بلاد الخطا فمرض بها ومات في رمضان سنة أربع وعشرين. وكانت أيامه خمسا وعشرين سنة. وكان اسمه قبل أن يملك الملك (تمرجين) . ومات على دينهم وكفرهم. وبلغنا أنه خلف من الأولاد الذين يصلحون للسلطنة ستة وفوض الأمر إلى أو كتاي أحدهم بعد ما استشار الخمسة الآخرين في ذلك. فلما هلك جنكيز خان امتنع أوكتاي عن الملك وقال: لي أخوة وأعمال من هو أكبر مني. فلم يزالوا نحوا من أربعين يوما حتى تملك وحكم على الملوك. ولقبوه (قان الأعظم) ومعناه: الخليفة. مما قيل: رتب جيوشه. وفتح الفتوحات. وطالت أيامه. وولي بعده الأمر. مونكوكا وهو القان الذي كان أخوه هولاكو أمن جملة مقدميه ونوابه على خراسان. [قبلاي] : وولي بعد مونكوكا أخوه قبلاي. وطالت خلافته. وبقي نيفا وأربعين سنة، وعاش إلى سنة ثلاث وتسعين وستمائة. ومات سنة خمس بمدينة خان تالف التي هي كرسي المملكة وهي أم الخطا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 606 وأما ... أفهو اسم جبل بتلك الديار. وهو حدبين بلاد الهند وبلاد الخطا. هذا ومنكوكا وهلاكو أخوة. وهم أولاد طولي «1» بن جنكيز خان. وقتل طولي في مصاف عظيم بين السلطان جلال الدين خوارزم شاه سنة ثمان عشرة وستمائة بخراسان من ناحية غزنة «2» انتهى. وقال المؤيد في سنة عشرة «3» قال: وفي هذه السنة كان ظهور التتر وقتلهم من المسلمين، وذكرت قصة طويلة فانظرها إن أردت. انتهى. وقال سبط بن الجوزي كان أول ظهورهم بما وراء النهر سنة خمس عشرة انتهى. وقرأت في كلام ابن أبي حجلة نقلا عن ابن كثير قال: في سنة ثمان وثلاثين وستمائة ورد من ملك التتار جنكيز خان كتاب إلى ملوك الإسلام يدعوهم إلى طاعته ويأمرهم بتخريب أسوار بلداتهم وعنوانه: «من نائب رب السماء، فاتح «4» الأرض، ملك المشرق والمغرب هامان. انتهى» . وهذا غير الأول. ورأيت في بعض التواريخ عن خط البرزالي قال: جنكيز خان في سنة ست وستمائة كان ظهوره وأول خروجه إلى فرغانة. ونواحي الترك. انتهى. وقرأت في التذكرة للقرطبي قال: وفي جمادى الأولى سنة سبع عشرة وستمائة خرج جيش من الترك يقال له التتر فأقبلوا «5» من وراء النهر ومادونه من جميع بلاد خراسان. وهذا الجيش يؤمن أن الخالق المصور هما التتران «6» . وملكهم يعرف بخان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 607 قامان. وأخربوا مدينة بشاور. وأطلقوا فيها النيران. وأتوا إلى خوارزم وقتلوا وسبوا وخربوا واطلقوا الماء على المدينة من نهر جيحان ثم صيروه لمشهد الرضوى بطوس أرضا وخربوا الري وقزوين وأبهر «1» وزنجان «2» وأردبيل «3» ومراغة، ووصلوا إلى العراق الثاني. وأتو أصبهان «4» وأهلها يشتغلون بالحديث فحفظهم الله تعالى وتلقوهم. واجتمع فيها مائة ألف إنسان وساق القدر التتر إلى مصارعهم. فمرقوا عن أصبهان وجاؤوا إلى همذان (فهدوها) «5» بعد أن قامت الحرب على ساق. وصعدوا جبل أروند «6» وقتلوا من فيه من صلحاء المسلمين. وقتلوا من في العراق الثاني. وربطوا خيولهم إلى جواري المساجد والجوامع وأوغلوا في بلاد المشرق. قال: فقد كملت خرجاتهم. ولم يبق إلا قتلهم لهم فخرجوا على العراق الثاني كما ذكرنا، وخرجوا في هذا الوقت على العراق الثالث وما اتصل بها من البلاد. وقتلوا جميع من كان بها من الملوك والعلماء والفضلاء والعباد. وحصروا ميافارقين واستباحوا جميع من فيها من المسلمين، وعبروا الفرات فوصلوا إلى حلب. وقتلوا من كان فيها إلى «7» أن تركوها خالية. ثم أوغلوا إلى أن ملكوا جميع الشام في مدة يسيرة ودخل زغيمهم إلى مصر فخرج إليهم [الملك المظفر قطز] «8» إلى أن التقى بهم بعين جالوت فكان له عليهم من النصر والظفر كما كان لطالوت. فقتل منهم جمع كثير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 608 وارتحلوا من ساعتهم عن الشام وعبروا الفرات منهزمين، وراحوا (103 ظ) م خاسئين. انتهى. [أبو بكر الشعيبي] : وقال سعد الدين الجويني: سألت الشيخ أبا بكر الشعيبي الزاهد عن التتار قبل أن يطوفوا البلاد فزفر زفرة ثم أنشد: أ وما كل أسرار النفوس مزاعة ... ولا كل ما حل الفؤاد يقال. والشعيبية: قرية من قرى ميافارقين. وكان هذا من الصلحاء الأبدال، صاحب علم وعمل ورياضيات. ومجاهدات. قال الجويني المذكور: سألني السلطان المظفر أن أقول له أن يأذن له في زيارته فلم يجب، وقال: أنا أدعو له أن يصلحه الله تعالى لنفسه ولرعيته فيجتهد أن لا يظلم. قال: وكان أكثر أوقاته يتكلم على .... «1» خرج إلى الشعيبية وقال لأولاده: احفروا لي قبرا. فأنا أموت بعد يومين. فحفروا له ثم مات في اليوم الذي عيّنه في سنة إحدى وأربعين وستمائة. انتهى. رجع: وهلاكو تقدم أنه ابن طرلي. [طولى «2» بن جنكيز خان] : ورأيت بخط بعضهم : طولي بن جنكيز خان كان من أعظم ملوك التتار حازما. شجاعا مدبرا، ذا همة عالية، وسطوة عظيمة وشهامة شديدة وله خبرة بالحروب وافتتاح الحصون، ومحبة في العلوم العقلية من غير أن ينفعل «3» منها شيئا. واستدعى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 609 إليه جماعة من العلماء بها كالمؤيد العرضي، والتقي علي الجويني، وابن طلب. وغيرهم. وجمع حكماء مملكته وأمرهم أن يرصدوا الكواكب ويحققوا أمرها، وكان واسع الصدر يطلق الكثير من الأموال والبلاد مما يشح التتار بمثله؛ فإن الغالب عليهم الشح، وكان على قاعدة المغل في عدم التقيد بدين أو الميل إليه. وإنما كانت زوجته قد تنصرت وكانت عضد النصارى ويقيم شعارهم بتلك البلاد التي استولى عليها وكان سعيدا في حروبه وحصاراته لم يرم أمرا إلا سهل عليه وحصل في قلوب الناس كافة من الرعب منه ما أوجب انقيادهم إليه أو هربهم من بين يديه فطوى البلاد واستولى على الأقاليم وفتك في الشام. ورأيت في بعض التواريخ قال: لما ملك هلاكو الشام أحضر النصير الطوسي «1» وقال انظر من يملك مصر من عظمي أو مقدمي عساكري فقد قيل أني لا أملكها فنظر فلم يجد من أسماء من يملكها إلا كتبغا. وكان صهر هلاكو يسمى كتبغا نونين فظنه هلاكو إياه. فانفذه على العساكر الذي خذلهم الله تعالى على يد المظفر على عين جالوت. [هلاكو وابن المستعصم] : وحكى سراج الدين الأرموي أنه لما توجه إلى هولاكو «2» رسولا من جهة صاحب الروم بعد أخذه بغداد. قال: دخلت عليه فوجدت حوله صبيا صغيرا يلعب فأخذ بمجامع قلبي فلم استطع كف بصري عنه. فلما رأى ذلك هلاكو قال للترجمان: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 610 قل له أتعرف هذا الصبي من هو. فلما قال لي الترجمان ذلك قلت: لا. قال: فلم تديم النظر إليه قلت: أجد في نفسي الميل إليه عن غير اختياري. قال: هذا ولد الخليفة. قال سراج الدين: فقمت قائما وقبلت قدمي ذلك الصغير. فقال هولاكو للترجمان: عرفه أنا قد أقمنا له من يؤدبه بآداب المسلمين، ويعلمه دين الإسلام. ولم ندخله في دين المغل. قال الأرموي: فقلت له من الشكر ما على ذلك ما ناسب. وتحققت رجحان عقله. أ وذكر أن هذا الولد اسمه المبارك أبو .... «1» وبقي عنده إلى أن مات. وقرأت في سيرة الظاهر بيبرس أن في شهر رمضان سنة أربع وستين وستمائة وصل المبارك ولد المستعصم الذي كان عند هولاكو وصحبته جماعة من أمراء العربان فأنزله نائب الشام جمال الدين النجيبي ولما وصل السلطان إلى دمشق سير إليه جلال الدين بن الداودار الطواشي ... فما عرفوه وظهر أنه بخلاف ما أظهر فسيره إلى مصر محتفظا عليه. [كتاب هولاكو إلى الناصر] : وفي سنة ثمان وخمسين وستمائة- في وسط العام- قرئ بدمشق كتاب. هولاكو بسبب الناصر «2» وذلك قبل أن يصل إليه وهو: أما بعد فنحن جنود الدنيا ب ننتقم ممن عتا وتجبر. وطغى وتكبر ... ونحن قد أهلكنا البلاد وأبدنا العباد. وقتلنا النسوان والأولاد. فيا أيها الباقون أنتم بمن مضى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 611 لاحقون. ويا أيها الغافلون أنتم سائرون [نحن] «1» جيوش الهلكة لا جيوش (108 و) م المملكة، مقصودنا الانتقام، وملكنا لا يرام، ونزيلنا لا يضام، وعدلنا في ملكنا قد اشتهر، ومن سيوفنا أبن المفر. أين المفرّ ولا مفر لهارب ... ولنا البسيطان الثرى والماء. ذلّت لهيبتنا الأسود وأصبحت ... في قبضتي الأمراء والخلفاء. ونحن إليكم صائرون، ولكم الهرب، وعلينا الطلب. ستعلم ليلى أي دين تداينت ... وأي عزيم للتقاضي غريمها. دمرنا البلاد وأيتمنا الأولاد، وأهلكنا العباد، وأذقناهم العذاب وجعلنا عظيمهم صغيرا، وأميرهم أسيرا. تحسبون أنكم منا ناجون أو متخلصون وعما قليل سوف تعلمون على ما تقدمون. وقد أعذر من أنذر؛ قاله الذهبي في تاريخ الإسلام. [زواج هولاكو وإسلامه] : وفيه: قال الظهير الكازروني «2» : حكى لي المنجم أحمد بن البواب النقاش- نزيل بزاعة- قال: عزم هلاكو على زواج بنت ملك الكرج فأبت حتى يسلم فقال: عرفوني ما أقول. فعرضوا عليه الشهادتين. فأقربهما. وشهد عليه بذلك خواجا نصير الدين الطوسي، وفخر الدين المنجم. فلما بلغها ذلك أجابت فحضر القاضي فخر الدين الخلاطي فتوكل لها النصير وللسلطان الفخر المنجم وعقدوا العقد باسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 612 باماران خاتون بنت الملك داود بن ايواني على ثلاثين ألف دينار. قال لي ابن البواب: وأنا كتبت الكتاب في ثوب أطلس أبيض. فتعجبت من إسلامه. قلت: إن صح هذا فلعله قالها بفمه لعدم تقيده بدين ولم يدخل الإسلام إلى قلبه. والله أعلم. وسمعت من والدي- رحمه الله- يقول إنه لما نزل على حلب وسمع أذان المؤذنين في الأوقات الخمس سأل بعض من معه: ما هذا. فقال له: هذا الأذان يعلمون به أوقات الصلوات. فقال؛ ومن أمرهم بهذا. فقال: نبيهم. فقال: ومتى مات نبيهم. فذكر له تاريخ وفاته. فقال: وهؤلاء إلى الآن يسمعون أمره، فتعجب من ذلك. انتهى. ولما رجع من الشام وقتل الكامل بلغ ثمن المكوك من القمح بميافار قين ... خمسة وأربعين ألف. ورطل الخبز بين «1» سبعمائة وعشرون درهما وستمائة درهم واللحم الرطل بستمائة درهم، واللبن بستمائة الرطل. والعسل: الأوقية بستمائة والبصل بثلاثة دراهم، ورأس كلب بستين درهما، وبيعت بقرة لنجم مختار بسبعين ألف فاشترى الملك الأشرف رأسها وكوارعها بستة آلاف وخمسمائة درهم؛ قاله ابن أبي حجلة. انتهى. [وفاة هولاكو] : وتوفي إلى لعنة الله في سنة أربع وستين وستمائة «2» بكر كرجلي. وقيل أن وفاته كانت في سابع ربيع الآخر سنة ثلاث وستين ببلد مراغة، ونقل إلى قلعة (تلا) فدفن بها. وكان هلاكه بعلة الصرع فإنه كان حصل له منذ قتل الكامل صاحب ميافارقين الصرع في كل وقت فكان يعتريه في اليوم الواحد المرة والمرتين والثلاث. ولما عاد من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 613 كسرة بركة أقام يجمع العساكر وعزم على العود فزاد الصرع فمرض ولم يزل ضعيفا نحو شهرين فهلك. فاخفوا موته، وصبروه، وجعلوه في تابوت خشب وقيل أنهم لم يدفنوه بل علقوا تابوته بسلاسل في قلعة (تلا) من عمل سلماس «1» . ثم أظهر موته ولما دخل حلب معه (الخفير) ووصل إلى القدس والخليل، ومات عنده. وكان ولده في بلد «مابرق» فسيروا في طلبه. فلما حضر أجلسوه على (التخت) ، وكتب إلى مماليكه يعرفهم بذلك، وخلف من الأولاد- لاكثرهم الله ولا أنشأهم- سبعة عشر ذكرا، غير البنات. وقرأت في زبدة الفكرة أنه توفي في تاسع عشر ربيع الآخر؛ وكذا قرأت في تاريخ المؤيد. فلا رحم الرحمن تربة قبره، ولا زال فيها منكر ونكير. وتقدير عمره فوق الستين. [منكوتمر بن هولاكو] : ومن أولاده أشموط، ومنكوتمر وهو صاحب المصاف على حمص وهو ... وجرحه الأمير علم الدين الدواداري يوم المصاف على حمص فلما اتفق نصر المسلمين حصل له غم ...... «2» ما جرى عليه وعلى عساكره وحدث نفسه (!) بجمع العساكر من سائر ممالك بيت هولاكو وقصد الشام والأخذ بثأره فقدر موت (108 ظ) م أبغا «3» وملك أخيه أحمد «4» وهو مسلم لا يرى محاربة المسلمين؛ فانكسرت همته واعتراه صرع فتدارك فمات في العشر الأول من المحرم سنة إحدى وثمانين ببلد الجزيرة الغربية «5» بقرية يقال لها (تل خنزير) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 614 وقيل كانت وفاته في أواخر سنة ثمانين. وقرأت في تاريخ المؤيد «1» أنه توفي في سنة ثمانين، وكذلك في زبدة الفكرة. وقيل أنه لم يمت حتى أكل لسانه وأتى على أكثر من نصفه. فكفن في أربعة أثواب نسيج وجعل في تابوت. ثم سير فدفن في (تلا) وقد نيف على الثلاثين. [مقتل ازدمر] : وفي تاريخ ابن الوردي قيل أن الحاج ازدمر ساق وخرج التتر إلى مقدمهم منكوتمر فطعنه فرماه واستشهد ازدمر ثم مات منكوتمر وكانت سبب كسرة التتر «2» . انتهى. [اغتيال ابغا والنقمة على الجويني] : وقرأت في زبدة الفكرة: قيل أن عطا ملك علاء الدين الجويني- صاحب ديوان بغداد- كان قد عزم على اغتياله واغتيال أبغا، ونقل الملك عنه لأمر أخافه منه، وكان بالجزيرة شحنة يسمى مؤمن آغا فأرسل عطا ملك المذكور إليه يأمره بأن يتحيل على قتل منكوتمر فدس إليه سما فمات منه. ولما مات خرج الشحنة المذكور من الجزيرة وفر هاربا ومعه اثنان من أولاده خوفا من هذه الجزيرة، وعلم أقارب منكوتمر بأمره فجدوا في طلبه ليقتلوه. فلم يجدوه. فاختاطوا على نسوانه ومن خلفه من الأولاد فقتلوهم عن آخرهم. وحضر مؤمن إلى مصر وولداه معه وأعطوا بها اقطاعات ولم يزل مقيما بها إلى أن توفي فيما بعد. وفي سنة ثمانين توفي علاء الدين عطا ملك المذكور «3» واتفق أن أبغا نقم عليه في هذه المرة معتقدا أنه واطئ المسلمين في الكسرة .............. «4» واستصفى أمواله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 615 وذخائره؛ فعمل هذه الأبيات: لئن نظر الزمان إليّ شزرا ... فلا تك ضيقا من ذاك صدرا وكن بعد ذا ثقة فإني ... أرى لله في ذا الأمر سرا زماني إن رماني لا أبالي ... فقد مارسته عسرا ويسرا وقد صاحبته ستين عاما ... مضين وذقته حلوا ومرا رأيت الدهر لا يبقى بحال ... يريك الوجه ثم يريك ظهرا أرى دهري معاند كل حر ... كأن له لدى الأحرار حرا إذا دكت جبال الصبر دكا ... ترى مني فؤادا مستقرا ففي البأساء لم أخضع لبؤس ... وفي السراء لست اطلبن كثرا «1» فصبرا أيها القلب المعنى ... يكون ختام هذا الأمر نصرا وجعل في عنقه غل، فدخل عليه كاتبه فشاهده على هذا الحال فبكى فأنشده علاء الدين المذكور لنفسه: لا تجز عن لما جرى فالخير فيه لعله ... قد كان عبدا آنفا بعض الإله فعله وعلاء الدين المشار إليه شعره كثير حسن وترجمته مشهورة. ومن شعره «2» : أبادية الأعراب عني فإنني ... بحاضرة الأتراك نيطت علائقي. وأهلك يانجل العيون فإنني ... جننت بهذا الناظر المتضايق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 616 رجع: [ابغا بن هولاكو] : ومن أولاده ابغا وكان ملكا عظيما عالي الهمة شجاعا مقداما خبيرا بالحروب لم يكن بعد والده مثله، وهو على مذهب التتار واعتقادهم، وله رأى وحزم ولما اتفق الكسرة على حمص كان بالرحبة فرجع على عقبه إلى همدان فمات غما وكمدا بين العيدين؛ كذا قاله بعضهم «1» . وفي تاريخ المؤيد في سنة إحدى وثمانين في المحرم ببلاد همذان وملك سبع (109 و) م عشرة سنة. قيل أنه مات مسموما «2» . وفي زبدة الفكرة: توفي سنة إحدى وثمانين في أوائل المحرم؛ قال: وقيل أن أبغا مات في نصف الحجة من السنة الحالية. واستبد أخوه بكدار بعده. انتهى. وهو أحمد الآتي ذكره. وفي تاريخ قطب الدين اليونيني أنه توفي سنة ثمانين وستمائة وكان دخل الحمام وخرج منه فسمع أصوات جملة من الغربان تنعق فقال: هذه تقول مات ابغا. وركب من الحمام فإذا كلاب صيد قد صادفها في طريقه، فعوت كلها في وجهه. فتشاءم من ذلك. وبلغه أن خزانة أبيه وخزانته وقد كانتا في برج على البحر ... «3» بالبرج وغارت الأرض بجميع ما فيه، ولم يسلم سوى قطعة منه فمات في نصف الحجة من السنة المذكورة. في قرية بابل من قرى همذان اسمها بابلى. وقيل في بلدة اسمها كرماشهان «4» من بلاد همذان أيضا، ودفن عند أبيه في قلعة (تلا) وله من العمر نحو خمسين سنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 617 وتوفي بعده بيومين أخوه اغاي «1» [عن عظمته صلى الله عليه وسلم] : كان لهولاكو ثم لولده ابغاخاز ندار يدعى سونجق وكان ممن تنصر في المغل وذلك في دولة ابغا في أولها، قال للفاضل علي بن مرزوق سمعت الشيخ جمال الدين إبراهيم بن محمد الطيبي يقول كنا في مخيم سونجق وعنده جماعة من أمراء المغل وجماعة من كبار النصارى في يوم ثلج فقام نصراني ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم وهناك كلب صيد عزيز على سونجق في سلسلة ذهب. فنهض الكلب وقطع السلسلة ووثب على النصراني فخمشه وأدماه فقاموا إليه وكفوه عنه، وسلسلوه فقال بعض الحاضرين هذا لكلامك في محمد صلى الله عليه وسلم. فقال: أتظنون أن هذا من أجل كلامي في محمد لا. ولكن هذا كلب عزيز النفس وأني أشير بيدي فظن أني أريد ضربه فوثب ثم أخذ في الانتقاص وزاد في ذلك فوثب إليه الكلب ثانيا وقطع السلسلة. وافترسه والله العظيم. وأنا أنظر، ثم عض على زردمته فاقتلعها فمات الملعون وأسلم بسبب ذلك من المغل نحو أربعين ألفا واشتهرت الواقعة أ. وعلي بن مرزوق له ترجمة في معجم الذهبي. صلى الله على محمد ورضي الله عن أصحابه وعترته. [أحمد بن هولاكو] : ولما مات ابغا إلى لعنة الله ترتب في مملكة التتار- وذلك في سنة إحدى وثمانين وستمائة- أخوه لأبيه أحمد؛ وسبب تسميته بأحمد أن الأحمدية دخلوا به النار بين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 618 يدي هلاكو فوهبه لهم. وسماه أحمد فأسلم واسمه أولا (بكدار) ؛ كما تقدم. وكان حسن الإسلام على ما يقال وعمره يومئذ مقدار ثلاثين سنة ووصلت الأخبار إلى الشام بأن كتبه وأوامره وصلت إلى بغداد تتضمن إظهار شعائر الإسلام وإقامة منابره، وأعلى كلمة الدين وبناء المساجد والجوامع والتقيد بالأحكام الشرعية وإلزام أهل الذمة بلبس الغيار وضرب الجزية عليهم. ويقال أن إسلامه كان في حياة والده. وفي حادي عشر صفر وصل إلى دمشق رسل من جهته قاصدين السلطان فانزلوا بقلعة دمشق وتوجهوا إلى مصر ومعهم سيف الدين كبك الحاجب وكان طريقهم على القدس لأجل الزيارة وسيرهم في الليل دون النهار وهم شهاب الدين أتابك الروم وشمس الدين ابن شرف الدين وزير صاحب ماردين. ومعهم العلامة قطب الدين محمود بن مسعود بن المصلح قاضي شيراز وفي الحادي والعشرين من رمضان عادوا (109 ظ) م من مصر ولم يتوجه معهم رسول. وبحيث ذكرنا القطب الشيرازي. فلنذكر ترجمته: [أبو الثناء القطب الشيرازي] : فهو أبو الثناء اشتغل على والده وعمه وغيرهما. ومات أبوه وله أربع عشرة سنة. فرتب مكانه طبيبا بالبيمارستان بشيراز. ثم سافر وله نيف وعشرون سنة. وقصد النصير الطوسي. ولازمه، وقرأ عليه تواليفه في الفلسفة وعلم اللغة. وبرع في ذلك. وكان يسمه قطب فلك الوجود. وسافر معه إلى خراسان ثم رجع وسكن بغداد بالنظامية. واجتمع بهولاكو وأبغا وقال له ابغا: أنت أفضل تلامذة هذا وأشار إلى النضر وقد قارب الموت. فاجتهد حتى لا يفوتك من علمه شيء. قال: قد فعلت ولم يبق لي حاجة بالزيادة. وولي قضاء سيواس وملطية ولم يبخل العلم من يده. وكان مزاحا لطيف المحاضرة. له عدة مؤلفات. منها: «درة المنهاج» للملك دوباج ملك كيلان. و «فعلت فلا تلم» (!) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 619 مولده في صفر سنة أربع وثلاثين وستمائة بكازرون. وقيل بشيراز. وتوفي في سادس عشر رمضان سنة عشرة وسبع مائة بتبريز ودفن إلى جانب القاضي البيضاوي. ومن نظمه من قصيدة: جزى الله خيرا والجزاء مضاعف ... ...... «1» بالذي لست أهله [نصير الدين الطوسي وأتباعه] : ونصير الدين محمد قال ابن تيمية: كان وزيرا للملاحدة الباطنية الإسماعيلية بالألموت، ثم لما قدم الترك إلى بلاد المسلمين وجاؤوا بغداد كان هو منجما مسيرا لهولاكو، وأشار عليه بقتل الخليفة وأهل العلم واستبقاء أهل الصناعات والتجارات الذين ينفعونه في الدنيا واستولى على الوقف وأعطى علماء المشركين وبنى الرصد بمراغة على طريق الصابئة. وكان أحسن الناس منه نصيبا من كان إلى الملك أقرب وأوفرهم نصيبا من كان أبعد عن الملك كالصابئة والمعطلة. وان ارتقوا بالنجوم والطب. والمشهور عنه وعن أتباعه أنهم لا يحافظون على الفرائض، وفي رمضان يشربون الخمر وغيره. ولم يكن لهم قوة وظهور إلا مع المشركين ولهذا لما قوي الإسلام في المغل وغيرهم من الترك ضعف أمر هؤلاء وكانوا أبغض الناس إلى نيروز الشهيد «2» الذي دعى غازان إلى الإسلام. والتزم له النصر وهدم البزخانات «3» وكسر الأصنام. وفرق سدنتها. وألزم اليهود والنصارى بالجزية والصغار. انتهى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 620 ونسخة كتاب الملك أحمد: بقوة الله وإقبال دولة قان خرمان أحمد إلى سلطان مصر: أما بعد فإن الله سبحانه وتعالى بسابق عنايته، وعظيم آيته. وقد كان أرشدنا في عنوان الصبى وريعان الحداثة بنور هدايته إلى الإقرار بتوحيده والاعتراف بربوبيته والشهادة لمحمد عليه السلام بصدق نبوته وحسن الاعتقاد في أوليائه الصالحين من عباده في بريته فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام. فلم نزل نميل إلى إعلاء كلمة الدين وإصلاح أمور المسلمين إلى أن أفضى بعد أبينا الجيد «1» وأخينا الكبير ... «2» الملك إلينا فأفاض علينا من جلابيب ألطافه ولطايفه ما حقق به آمالنا في جزيل الآية، وعوارفه وجلاء هذه المملكة علينا وأهدى عقبا لها إلينا فاجتمع علينا في فوزبلباي وهو الجمع الذي يقدح فيه الآراء جميع الأخوان والأولاد والأمراء الكبار ومقدمي العساكر في انفاذ (110 و) م الجم الغفير من العساكر الذي ضاقت الأرض برحبها من كربهم وامتلأت القلوب رعبا لعظم صولهم وشدة بطشهم إلى تلك الجهة بهمة يخضع لها شمّ الأطواد وعزمة يلين لها صم الصلاد. ففكرنا فيما محضت فيه زبدة عزائمهم عنه فأجمعت أهواءهم عليه، فوجدناه يخالف لما كان في ضميرنا عن إنشاء الخير العام الذي هو تقوية شعار الإسلام، وأن لا يصدر عن أوامرنا ما أمكنا إلا ما يوجب حقن الدماء ويسكن الدهماء، ويجزى له في الأقطار أزج نسائم الأمن والأمان ويستريح به المسلمون في سائر الأمصار في مهاد الشفقة والإحسان تعظيما لأمر الله وشفقة على خلق الله فألهمنا الله تعالى إطفاء تلك النائرة وتسكين الفتن الثائرة، وإعلام من أشار بذلك الرأي بما أرشدنا لله تعالى إليه من تقديم ما يرجى به شفاء العالم من الأدواء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 621 أو تأخر ما يجب أن يكون آخر الدواء، وإننا لا نحب المسارعة إلى هزّ النصال للنصال إلا بعد إيضاح الحجة، ولا نأذن لها إلا بعد تبين الحق وتركيب الحجة. وقوى عزمنا على ما رأيناه من دواغن الصلاح، وتنفيذ «1» ما ظهر لنا به وجه النجاح. إذ كان شيخ الإسلام، قدوة العارفين جمال الدين عبد الرحمن الذي هو نعم الغوث لنا من أمور الدين فأصدرناها رحمة من الله لمن وعاها ونقمة على من أعرض عنهما وعصاها. وأنفذنا أقضى القضاة قطب الدين ... بهاء الدين هما من ثقات هذه الدولة الزاهرة ليعرفاهم طريقنا فيتحقق عندهم ما تنطوي عليه لعامة المسلمين جميل نيتنا. وبينا لهم أننا «2» من الله على بصيرة وأن الإسلام يجب ما قبله، وأنه تعالى ألقى في قلوبنا نفع الحق وأهله، ويشاهدون عظيم نعم الله على ألطافه بما دعانا إليه من تقديم أسباب الإحسان، ولا يحرمونها بالنظر إلى ساكن الأحوال فكل يوم هو في شان، فإن تطلعت نفوسهم إلى دليل مستحكم به «3» دواء من الاعتماد وتبغون بلوغ المراد فلينظروا من جملة ما ثرنا مما اشتهر خبره وعمر أثره فإنا ابتدأنا بتوفيق الله بأعداء أعلام الدين وأظهاره وإيراد كل أمر وإصداره تقديما، وإقامة لنواميس الشرع المحمدي على مقتضى قانون العدل الاحدي «4» ، إجلالا وتعظيما على قلب الجهور وعفونا عن كل من اجترح سيئة واقترف، وقابلناه بالصفح وقلنا عفا الله عما سلف، وتقدمنا بإصلاح أوقاف المسلمين من المشاهد والمساجد والمدارس وعماره بقاع البر والربط الدوارس، وإيصال حاصلها بموجب عوائدها القديمة إلى مستحقيها بشروط واقفيها. ومنعنا أن يلتمس شيء مما استحدث عليها. وأن لا يغير أحد شيئا مما قرر أولا فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 622 وأمرنا تعظيم أمر الحاج وتجهيز وفده وتأمين سبيله، وتيسير قوافله، وأطلقنا سبيل التجار والمترددين إلى تلك البلاد ليسافروا لحيث اختيارهم على أحسن قواعدهم، وحرمنا على العساكر والقردولات والشحاني في الأطراف التعرض لهم في مصادرهم ومواردهم. وقد كان صادف قراغولنا جاسوسا في زي الفقراء كان سبيل مثله أن يهلك. فلم نر اهراق دمه. وبحرمة ما حرم الله تعالى، وأعدناه إليهم ولا يخفى ما كان في انفاذ الجواسيس «1» آنفا من الضر العام على المسلمين فإن عساكرنا طالما رأوهم في زي الفقراء والنساك وأهل الصلاح فساء ظنونهم في تلك (110 ظ) م الطوائف. فقتلوا منهم من قتلوا أو فعلوا بهم ما فعلوا، وارتفعت الحاجة بحمد الله إلى ذلك بما صدر منا فتح الطريق، وتردد التجار وغيرهم. فإذا أمن الفكر في هذه الأمور وأمثالها لا يخفى عليهم أنها أخلاق جبلية «2» طبيعية، وعن شعر ابن ... «3» والتطبع ... «4» وإذا كان الحال على ذلك فقد ارتفعت دواعي النفرة التي كانت موجبة للمخالفة. فإنها إن كانت بطريق الدين وللذب عن وجوه المسلمين فقد ظهر بحمد الله تعالى من عز دولتنا النور المبين وإن كانت لما سبق من الأسباب ممن تحرى الآن طريق الصواب فإن له عندنا لزلفى وحسن مآب. وقد رفعنا الحجاب. وأتينا بفصل الخطاب، وعرفناهم غرضنا بنية خالصة لله تعالى استنيناها وحرمنا على جميع عساكرنا العمل بخلافها ليرضى به الله والرسل ويلوح على .... «5» أثر الإقبال والقبول. ويستريح من اختلاف الكلمة هذه الأمة. ويتجلى بنور الائتلاف ظلمة الاختلاف والغمة. فيسكن في سابغ ظلها البوادي والحواضر، وتقر القلوب التي بلغت من الجهد الحناجر وتعفى سائر الهنات والجرائر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 623 فإن وفق الله سلطان مصر لاختيار ما فيه صلاح العالم وانتظام أسباب بني آدم فقد وجب عليه التمسك بالعروة الوثقى وسلوك الطريقة المثلى لفتح أبواب الطاعة والانجاد وبذل الإخلاص بحيث تنغمر تلك الممالك والبلاد وتسكن الفتن الثائرة. وتغمد السيوف الباترة، فتمكن الكافر أرض الهدينا وروض الهدون، وتخلص رقاب المسلمين من أغلال الذل والهون. وإن غلب سوء الظن بما يفضل به واهب الرحمة، ومنع عن معرفة قدر هذه النعمة فقد شكر الله مساعينا وأبدى عذرنا وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا «1» . والله الموفق للرشاد والسداد وهو المهيمن على العباد. ونسخة جواب السلطان قلاوون إلى السلطان أحمد: بسم الله الرحمن الرحيم بقوة الله تعالى كلام قلاوون إلى السلطان أحمد أما بعد: حمد الله الذي أوضح بنا ولنا الحق منهاجا، وجاء بنا: «فجاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا» والصلاة على سيدنا ونبينا محمد الذي فضله على كل نبي يحي به «2» أثر كل نبي ناجى وعلى آله وصحبه صلاة تنير ما دجى. وتنير من داجا والرضى عن الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين وسليل الخلفاء الراشدين وابن عم سيد المرسلين، والخليفة الذي تمسك ببيعته أهل هذا الدين إنه ورد الكتاب الكريم بالملتقى والتكريم المشتمل على النبأ العظيم من دخوله في الدين وخروجه عمن خالف من العترة «3» والأقربين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 624 ولما فتح هذا الكتاب فألح بهذا الخبر المعلم والحديث الذي صح عند أهل الإسلام وأصح الحديث ما روى مسلم. وتوجهت الوجوه بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى في أن تثبته على ذلك بالقول الثابت. وأن تثبت حب هذا الدين في قلب له كما أثبته أحسن الثبت. من أخشى الثابت وحصل الفصل المبتدأ بذكره من حديث إخلاصه النية في أول العمر وعنوان الصبا في الإقرار بالوحدانية. ودخوله في الملة المحمدية بالقول والعمل والنية، والحمد لله على أن شرح الله صدره للإسلام وألهمه شريف هذا «1» الإلهام كحمدنا الله على أن جعلنا من السابقين الأولين إلى هذا المعالي والمقام، وثبت أقدامنا في كل موقف جهاد واجتهاد تتزلزل دونه الأقدام. وأما افضاء التوبة في الملك .... بعد «2» (111 و) م نهاية الجزء الأول ويليه الجزء الثاني «الخطط» وهو الأخير وبه يتم الكتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 625 [ الجزء الثاني ] [ المقدمة ] بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله المحيي المميت، المغني المغيث، مقدر الأرزاق والآجال، ومدبر الكائنات في أول الآزال، نحمده ونتوكل عليه، ونلجأ في أمورنا إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار العزيز الغفّار، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله، صلى الله عليه وسلم وزاده فضلا وشرفا لديه أما بعد: فلما منّ الله سبحانه بإكمال المقدمة بين يدي الذيل كما أشرنا إليه، أخذنا في جمع ذيل على تاريخ شيخنا المشار إليه وبدأنا بطرف من الأوائل إذ له تعلق بالتاريخ ووقفت على مؤلف لأبي عروبة مختص بذلك ولم أنقل منه شيئا بل كنت كلما وقفت على كلام أحد من العلماء في ذلك جمعته وضممته إلى كلام غيره، ثم وقفت على فصل في هذا المعنى للشيخ العلامة أبي الفرج بن الجوزي فأضفته إلى ما جمعته. وباب الزيادة مفتوح فمن وقف على شيئ فليلحقه والله أسأل أن يوفقنا وأن يختم لنا بالسعادة وأن يجعلنا من عباده المفلحين، وحزبه الصالحين. وأستفتح بقول الأول: دع سالف الأموات لا تبكهم ... وابك على نفسك يا جاهل أأنت بالخالد من بعدهم ... أنت على آثارهم راحل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 حرف الألف" الهمزة" " آدم صلى الله عليه وسلم": أول من نسي. وأول الأنبياء. وأول من بنى الكعبة، أو شيث. وقيل غير ذلك وأول من سمى حواء «1» حواء «2» " إدريس نبي الله صلى الله عليه وسلم": أول من خط بالقلم «3» . وقطع الثياب، وحاكها. وكانوا يلبسون الجلود. " إبراهيم «4» خليل الله صلى الله عليه وسلم" أول من يكسى يوم القيامة. أول من لبس السراويل «5» ، قال الأزرقي: وأول من نصب حدود الحرم. وأول من استحد، وقلّم أظفاره. «6» . وأول من ضيّف الضيف «7» . وأول الناس قص شاربه «8» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 وأول الناس رأى الشيب «1» ، قال ابن قتيبة: وأول من ثرد الثريد، وأطعمه المساكين. وأول من استاك، وفرق شعره «2» . وتمضمض «3» . واستنثر «4» . واستنجى بالماء «5» . ثم قصي بعد الخليل نصبها، وقيل نصبها إسماعيل بعد أبيه ثم قصي- وقيل أول من نصبها عدنان، ثم قريش بعد نزعها. والنبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، ثم نصبت عام الفتح بأمره عليه الصلاة والسلام لتميم الخزاعي. ثم في زمن عمر رضي الله عنه سنة سبع عشرة، ثم في زمن معاوية نصبها كرز ابن علقمة وعبد العزيز بن مروان، والمهدي، ثم الراضي. ثم الراضي أمر بعمارة العلمين اللذين بالتنعيم سنة خمسة وعشرين وثلاثمائة. ثم المظفر- صاحب أربل- أمر بعمارة العلمين اللذين هما حد الحرم من حد عرفة سنة ست عشرة وستمائة، ثم المظفر- صاحب اليمن- سنة ثلاث وثمانين وستمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 فائدة: أول ما نزل من القرآن العزيز سورة: (اقْرَأْ) «1» . وأول ما نزل منه في المدينة الشريفة: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) «2» . وأول آية نزلت في الإذن بالقتال: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) «3» . وأول آية نسخت في القرآن آية القبلة. وأول ما ابتدئ به عليه السلام من الوحي الرؤيا الصادقة أو الصالحة. وأول ما علم جبريل للنبي عليهما السلام الوضوء. " إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم": أول قبر رش قبره، قاله النووي. " إسماعيل نبي الله صلى الله عليه وسلم": الذبيح على الصحيح «4» ، أو إسحاق «5» وصحح. وأول من تكلم بالعربية، والصواب: أنه أول من كتب «6» . وأول من ركب الخيل. وكانت وحشية فذللها الله له، لأنه سمع وأطاع للذبح «7» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 " إسرافيل": أول من سجد من الملائكة، ولذلك جوزي بولايته اللوح المحفوظ قاله النقاش، نقله السهيلي. صلى الله على نبينا وعليه وسلم. " أبي بن كعب رضي الله عنه " «1» : أول من كتب للنبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار، قاله اليعمري. فأول من كتب في آخر الكتاب وكتب فلان. وفي كلام بعضهم: أول من كتب له حين قدم المدينة. " أردشير": أول من ملك من بني ساسان «2» . " أنوش بن شيث": أول من دعا باسم الرب سبحانه «3» . " ابن النفيس؛ أبو الفضل الكوفي": أول من قضى في مصر على الحنفية، ولم يعرف بها مذهب أبي حنيفة. ولاه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 إياها المهدي سنة 194؛ قاله الحافظ عبد القادر في طبقات الحنفية. " أسعد بن زرارة": أول من صلى بالمدينة قبل مقدمه صلى الله عليه وسلم. وقيل: مصعب بن عمير. وأسعد أول من بايع في العقبة. أو: ابن معرور «1» . وأبو الهيثم بن التيهان «2» . " أشعث بن قيس بالمثلثة في آخره " «3» : أول من مشت الرجال معه وهو راكب. " أحمد بن الحسن: أبو بكر الفارسي": تفقه على المزني. أول من درس مذهب الشافعي ببلخ برواية المزني؛ قاله ابن السبكي في طبقاته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 " أحمد بن عمر: أبو العباس بن سريح؛ الباز الأشهب": أول من فتح باب النظر، وعلم الناس طريق الجدل؛ قاله ابن السبكي أيضا " أكثم بن صيفي": أول من قال" من استرعى الذّئب الغنم فقد ظلم" «1» ؛ قاله الدميري. " إبراهيم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي " «2» : أول من درس بنظامية بغداد " إبراهيم بن يزيد النحوي": أول من سمعت منه: (ما عداهما) . كذا رأيته بخط الشيخ عز الدين الحاضري. " أحمد المستعين " «3» : أول من أحدث لبس الأكمام الواسعة فجعل عرضها ثلاثة أشبار وصغّر القلانس وكانت طوالا «4» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 " أحمد بن المتوكل " «1» : أول خليفة قهر. وحجر. ووكل به. " أحمد بن الحسين: أبو البكر البيهقي " «2» : قال الذهبي: أول من جمع نصوص الشافعي. قال ابن السبكي: وليس بل آخر من جمعها. " أحمد بن عيسى: أبو سعيد الخراز " «3» : أول من تكلم في علم البقاء «4» والفناء «5» . توفي سنة نيف وثمانين ومائتين «6» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 " أسعد الحميري " «1» : أول من كسا الكعبة؛ قاله السهيلي. " أسود بن زريع": أول من قصّ بالبصرة. وبالمدينة عبد الله بن نوفل بن الحارث، وبالكوفة أبو قرة الكندي. وبالبصرة كعب بن سور «2» ، وبالعراق سلمان بن ربيعة. " أمية بن الصلت": أول من كتب باسمك اللهم. " إسماعيل بن عباد: أبو القاسم وزير/ مؤيد الدولة بن بويه": أول من لقب الصاحب من الوزراء، لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد فقيل له: صاحب العميد، ثم أطلق عليه هذا اللقب لما ولي الوزارة وبقي ذلك علما عليه. وقيل إنه لقب بذلك لأنه صحب مؤيد الدولة بن بويه من الصبا فاستمر عليه هذا اللقب واشتهر به توفي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. «3» . " إسماعيل بن إسحاق المالكي القاضي " «4» : أول من اتخذ شهودا معينين «5» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 " إسماعيل بن محمد بن محمد قاضي المسلمين زين الدين أبو الوليد اللخمي الأندلسي الغرناطي المالكي": أول قاض مالكي وليّ حماة، قاله ابن قاضي شهبه. " افريدون بن اثفيان " «1» .: أول من سمي بكي. والكيية بنو ساسان، قيل لهم ذلك لأن كل واحد منهم يضاف إلى كي، وهو البها، قاله السهيلي. " إبليس لعنة الله عليه": أول من عصر الخمر. وإدريس عليه السلام قلع عينه. وإبليس أول من يكسى يوم القيامة. " انطاكية": أول بلد ظهرت فيه النصرانية، قاله ابن العديم. «2» " أنوش وتفسيره الصادق": أول من غرس النخلة. وبوب الكعبة. وبذر الحبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 " أوس بن الصامت": «1» أول ظهار كان في الإسلام ظهار أوس من زوجته خويلة، قاله ابن الجوزي. " أغسطس": «2» أول من سمي بقيصر. إليه تنسب القياصرة، وسمي بذلك لأن أمه ماتت وهي حامل به فشق جوفها. وكان يفتخر بأن النساء لم تلده. ولاثنتين وأربعين سنة خلت من ملكه ولد المسيح عليه السلام. " أحمد بن إبراهيم بن عمر القاضي شهاب الدين العمري المعروف بابن رستة الحنفي، قاضي الإسكندرية": قال ابن قاضي شهبة: هو أول من ولي القضاء بها من الحنفية مضافا مع المالكية. " ازدمر الخازندار نائب صفد": قال ابن قاضي شهبة: هو أول نائب أعيد إليها لنيابتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 " اقليدس الحكيم": «1» أول من اخترع الرياضيات. وقيل تقدمه جماعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 حرف الباء " البطن": أول ما ينتن من الإنسان. " بشير بن سعد، بفتح الموحدة " «1» أول من بايع الصديق من الأنصار بالخلافة رضي الله عنهما. " بلال بن حمامة": «2» أول من أظهر إسلامه، قاله النووي. وأول من أذّن في الإسلام. " بختنصر": أول من اتخذ المكامن في الحروب، قاله السهيلي في التعريف. وأول من ....... ونقله اليعمري عن الطبري. " البراء بن معرور":» أول من تكلم ليلة العقبة. أول من مات من النقباء، قاله ابن الجوزي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 وأول من أوصى بثلث ماله. " البصرة": أول من مصرها عتبة بن غزوان «1» بالمثناة فوق بالقاف، وهي مثلثة الباء. والنسبة إليها بالفتح والكسر لا الضم لئلا يشتبه بالنسبة الى بصرى. (( ... ابن شرحا أ: ذكر في عمود نسبه عليه السلام. وشرحها هو سعد رجب. وهو أول من سن رجبا للعرب. والعتيرة «2» هي الرجبيّة. " بطليموس " «3» : أول من سطح الكرة. واخترع الاسطرلاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 حرف التاء " تبع " «1» : أول من عمل للكعبة غلقا، قاله السهيلي. وقيل أول من بوّب الكعبة أنوش بن شيث «2» ، وقيل تبع الحميري «3» ، وهو تبع الثالث، وقيل إن جرهما «4» بوبته. " تميم الداري": «5» ويقال له الديري. فالداري نسبة إلى جده الدار. والديري نسبة إلى دير كان يتعبد فيه. أول من قصّ على الناس. استأذن عمر رضي الله عنهما في ذلك فأذن له «6» وهو أول من أسرج في المسجد، قاله أبو نعيم الأصبهاني. «7» " تماضر بنت الأصبغ": أول كليبية نكحها قرشي، قاله الواقدي، وهي زوج عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما «8» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 حرف المثلث " ثمال بن أثال": أول من لبى بمكة كما رأيته في الإكمال للأمير. " ثابت بن قيس بن شماس " «1» : أول من خلع في الإسلام خلع امرأة ثابت. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 حرف الجيم " جابر بن عبد الله": «1» أول من أسلم من الأنصار، أسلم قبل العقبة الأولى، قاله الدارقطني: وأول دار أسلمت من دور الأنصار دار بني عبد الأشهل. " جندب بن جنادة: أبو ذر رضي الله عنه": أول من حيا النبي صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام «2» " الجعد بن درهم": «3» أول الجهمية «4» قتله خالد بن عبد الله القسري بواسط، قاله ابن تيمية. " جذيمة بن مالك": أول من رمى بالمنجنيق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 وأول من أوقد الشمع. وهو أول من حذيت له النعال. والنبي صلى الله عليه وسلم رمى بالمنجنيق في الطائف. " جذيمة الأبرش": «1» أول من قال: " كبر عمرو عن الطّوق" «2» وعمرو هذا ابن أخته، وهو عمرو بن عدي بن نصر، وكان جذيمة ملك الحيرة وجمع غلمانا من أبناء الملوك يخدمونه منهم عدي بن نصر، وكان له حظ من الجمال فعشقته رقاش أخت جذيمة فقالت له: إذا سقيت الملك فاخطبني إليه، فسقى عدي جذيمة ليلة ثم تلطف «3» له في الخدمة، فقال له: سلني ما أحببت، فقال له زوجني رقاش أختك، ففعل فعلمت رقاش أنه سينكر ذلك عند إفاقته، فقالت للغلام ادخل على أهلك الليلة، فدخل بها فأصبح وقد لبس ثيابا جددا وتطيب، فقال له جذيمة: ما هذا! قال أنكحتني أختك، فقال: خبريني وأنت غير كذوب ... أبحر زنيت أم بهجين أم بعبد وأنت أهل لعبد ... أم بدون وأنت أهل لدون قالت بل زوجتني كفوا من أبناء الملوك. فأطرق جذيمة فلما رآه عدي خافه على نفسه فهرب منه، ولحق بقومه وبلاده. فمات هناك. وعلقت منه رقاش فولدت غلاما فسماه جذيمة عمرا، وتبناه، وأحبه، وكان جذيمة لا يولد له فلما بلغ الغلام ثمان سنين كان يخرج في عدة من خدم الملك يجتنون له الكمأة فكانوا إذا وجدوا كمأة خيارا أكلوها. وراحوا بالباقي للملك، وكان عمرو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 لا يأكل مما يجتني ويأتي به جذيمة فوضعه بين يديه، فقال: هذا جناي وخياره فيه ... إذ كل جان يده إلى فيه فذهبت مثلا. ثم إن عمرا خرج يوما وعليه ثياب وحلي فاستطير/ (3 و) م وفقد زمانا ثم إن مالكا وعقيلا من بني البلقين «1» توجها إلى الملك بهدايا وتحف فبينما هما نازلان انتهى إليهما عمرو وقد عفت أظافره وشعره. فقالا له: من أنت؟ قال: أنا ابن التنوخية. فلهيا عنه. ثم إنهما حملاه إلى جذيمة فعرفه فقبله. وقال لهما حكمكما. فسألاه منادمته: فلم يزالا نديميه أربعين سنة وبعث عمرا إلى أمه فأدخلته الحمام وألبسته ثيابا وطوقته طوقا له من ذهب. فلما رآه جذيمة قال:" كبر عمرو عن الطوق" فأرسلها مثلا.. قال متمم بن نويرة في مالك وعقيل يرثي أخاه: وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدّهر حتّى قيل لن نتصدّعا فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا " جبير بن مطعم": «2» أول من لبس الطيلسان بالمدينة. " جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه": أول من عرقب فرسه في سبيل الله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 " جعفر بن المعتضد": أول من وليّ الخلافة من الصبيان. «1» " جعفر بن فلاح «2» الذي ولي إمرة دمشق للباطنية": أول نائب وليها لبني عبيد. توفي سنة ستين وثلاثمائة، وفيه يقول محمد بن هانئ: كانت مسائلة الركبان تخبرني ... عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر حتى التقينا فلا والله ما سمعت ... أذني بأحسن مما قد رأى بصري " أبو جهل- لعنة الله عليه- عمرو بن هشام": أول من حزّ رأسه، قاله ابن دريد في الوشاح. وهو أول من نحر لقريش حين خرجوا من مكة إلى بدر. وهو أول كافر حمل رأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. أو: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 أبو عزّة الجمحي «1» ، أو كعب بن الأشرف «2» . وأبو عزة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله بأحد وقال صلى الله عليه وسلم في قتله:" لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 حرف الحاء " حوآ، بالمد": أول من حاضت. وهي أم كل حي. " حاطب بن عمرو": أول من هاجر إلى أرض الحبشة. " حام": أول جزية أخذت من بني آدم كان يأخذها بنوه من ولد فرط «1» بن يافث. " الحارث بن معاوية بن ثور": أول من صاد بالصقر وقيل: بهرام جور. " الحارث الرايش": «2» هو أول التبابعة. وهو أول من غنم. وقال الحافظ مغلطاي إن أولهم حمير بن سبأ. " الحارث بن السليل الأسدي": أول من قال:" تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها" «3» ، قاله مغلطاي في الزهر الباسم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 " حرب بن أمية": أول من أدخل الكتاب العربي أرض الحجاز، أو: سفيان بن أمية، أو عبد قصي. وفي كلام السهيلي: عبد بن قصي تعلموه بالحيرة. وتعلمته أهل الحيرة من أهل الأنبار. " حران": المدينة المعروفة أول مدينة وضعت أعلى وجه الأرض «1» ، قاله ابن العديم. ثم بابل «2» ثم نيون «3» ، ثم دمشق، ثم صنعاء اليمن، ثم انطاكية، ثم رومية. " الحجاج بن يوسف الثقفي": أول من أخرج المحامل «4» ، وفيه أنشد: أول عبد أخرج المحاملا ... أخزاه ربي عاجلا وآجلا وهو أول من كتب القرآن على الدراهم، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 كتب عليها:" سورة الإخلاص" «1» وأول من بنى مدينة في الإسلام، وهي" واسط" «2» وأول من ضربت له الجيوش. ونقل له الثلج. وأول من أحدث الأذان الأول بمكة، وبالبصرة زياد. والحجاج أول من كسا الكعبة الديباج، أو: عبد الله بن الزبير، أو عدنان، أو إسماعيل. وكان في جوف الكعبة كسوة من قبل المظفر- صاحب اليمن- وهو أول من كساها من الملوك بعد انتصار دولة بني العباس. " حسان بن بلال بن الحارث": أول من أحدث الإرجاء «3» ، بالبصرة. وحسان صحابي. " الحسن بن علي نظام الملك- ترجمته في فصل المدارس-": أول من بنى المدارس، كذا قاله الذهبي. ورددت هذا فيما تقدم. وأول من فرق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 الإقطاعات على الجند. ولم تكن عادة الخلفاء والسلاطين من زمن عمر رضي الله عنه إلا أنه الأجناد تجيء إلى الديوان ثم تفرق العطايا عليهم حسب المقرر لهم. لطيفة: استأذن نظام الملك السلطان ملكشاه في الحج فأذن له، وهو إذ ذاك ببغداد فعبر دجلة، وعبروا بالأقمشة، وضربت الخيام على الشط. قال عبد الله الساوجي: فأردت الدخول عليه فرأيت بباب الخيمة فقيرا فقال لي: أوصل هذه الأمانة إلى الصاحب وأعطاني رقعة فدخلت بها ووضعتها بين يديه فنظر فيها، وبكى، حتى ندمت، ثم قال: أدخل عليّ صاحب هذه الرقعة. فخرجت فلم أجده فأخبرته بذلك فدفع إليّ الرقعة فإذا فيها: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقال لي:" اذهب إلى الحسن وقل له إلى أين تذهب حجك عنا. أما قلت لك أقم بين يدي هذا التركي أعن صاحب الحوائج من أمتي، فرجع نظام الملك وكان يقول: لو رأيت ذلك الفقير حتى أتبرك به. قال فرأيته على الشط وهو يغسل (خريقات) فقلت له: إن الصاحب يطلبك فقال: مالي وللصاحب إنما كانت عندي أمانة فأديتها. " الحسن بن محمد بن الحنفية": «1» أول من تكلم بالإرجاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 " الحسن الطبري": «1» أول من صنف في الخلاف المجرّد. وهو أول من صنف في الجدل، قاله النووي. " حسين بن شعيب السّنجي- أبو علي-" «2» أول من جمع في تصانيفه بين طريقة العراقيين والخراسانيين. قاله الأسنوي. " حارثة بن سراقة": «3» أول قتيل قتل من الأنصار يوم بدر، أو: عمير بن حمام «4» «5» ، قال الثاني الزهري. " حرملة بن سعد بن ذيبان": أول من سعى في الحمالة، قاله مغلطاي. " حوت صغير": خاف من حوت كبير بالسفينة فعاذ منه بالبيت المعظم فهو: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 أول من عاذ بالبيت. وأول طعام يأكله أهل الجنة زيادة كبد الحوت الحامل للمخلوقات «1» حفص بن سليمان، أبو سلمة الخلال": «2» أول من لقب في الإسلام بالوزير لقبه بذلك أبو مسلم الخراساني. وأول من وزر السفاح. " الحيسمان الخزاعي": أول من قدم بمصاب أهل بدر، قاله اليعمري. " حميد بن زهير": أول من بنى بيتا مربعا. وكان الناس يبنون بيوتهم مدورة تعظيما للكعبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 حرف الخاء المعجمة " خباب بن الأرت بالمثناة آخره": «1» أول من دفن بظاهر الكوفة. وكان الناس إنما يدفنون على أبواب دورهم، قاله النووي. وهو أول من مات بالكوفة من الصحابة رضي الله عنهم وعنه/ (4 و) م. " خديجة بنت خويلد رضي الله عنها": أول امرأة تزوج بها صلى الله عليه وسلم. وأول من آمن من النساء. وأول من صلى معه صلى الله عليه وسلم. وأول أزواجه عليه الصلاة والسلام موتا. " خبيب- بضم المعجم أوله- بن عدي": «2» أول من سن الركعتين عند القتل. أو: زيد بن الحارثة. وأول من صلب في الإسلام خبيب. " خالد بن الأعلم": أول من فرّ يوم بدر، قاله اليعمري. " خالد بن عبد الله القسري": «3» أول من استدار للصلاة حول الكعبة لما ولى إمرة مكة في أيام عبد الملك بن مروان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 " خالد بن سعيد بن العا ص": «1» أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم. " خالد بن برمك": أول من سمى المستمنحين زوارا وكانوا يسمون السؤال. " الخشوع": أول ما يرفع من الناس. " الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف": أول من قطع يده في السرقة من الرجال، لكن قال ابن قتيبة: لا أدري هو أولهم أم لا. وقطع النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن سمرة «2» في السرقة «3» أخو عبد الرحمن «4» . " الخليل بن أحمد": «5» أول من استخرج علم العروض. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 حرف الدال " داود عليه السلام": أول من سرد الدروع، وحلقها، وكانت قبل ذلك صفائح. وأول من قال أما بعد. «1» " دانيال الحكيم": «2» أول من فرق بين الشهود، قاله الدميري. " داود بن علي الأصفهاني، إمام أهل الظاهر": «3» أول من بلغني صنف في مناقب الإمام الشافعي، قاله ابن السبكي. " الدرة": أول ما حمل في السفينة من الدواب. " الدم": أول ما يقضى بين الناس فيه. (فائدة) : أول من يرد الحوض فقراء المهاجرين. أول ما يقضى منه شهيد وعالم ومتصدق لم يريدوا وجه الله تعالى. أول ما يحاسب به العبد صلاته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 أول ما يتكلم من الإنسان يوم القيامة فخذه، وركبتاه. أول من يشفع له رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة وأهل مكة والطائف. " دار الندوة": «1» أول دار بنيت بمكة وجعل بابها إلى المسجد بناها قصي بن الكلاب. وقيل سعد ابن عمرو بن الهصيص السهمي أول من بنى بيتا بمكة. ودار الندوة باعها عكرمة بن عامر بن عبد مناف لمعاوية بمائة ألف درهم «2» . وقال عمرو بن سعد: دار الندوة صارت دار الإمارة. " لطيفة"": قال الفاكهاني: كان بمكة ستة عشر حماما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 حرف الذال المعجمة " ذؤيب بن كليب مصغرا": أول من أسلم باليمن. حرف الراء " رافع بن مالك": «1» أول من أسلم من الأنصار. وقال الصفدي: رافع ومعاذ أول من أسلم من الأنصار. " رانوناء": «2» بين المدينة وقباء، مسجدها أول جمعة جمعها عليه الصلاة والسلام فيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 حرف الزاي " الزبير": «1» أول من سل سيفا في سبيل الله تعالى، قاله النووي تبعا لإبن الجوزي. " الزبير بن عبد المطلب": أول من دعا إلى حلف الفضول «2» ، قاله اليعمري. " زينب بنت جحش": أول نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم موتا بعده «3» . وأول امرأة جعل عليها النعش. وأول امرأة ضرب فسطاط على قبرها، ضرب بالبقيع، بالموحدة لشدة الحر. " زياد بن أبي سفيان": «4» أول من لبس ثياب الكتان بالبصرة، والكتان بفتح الكاف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 وهو زياد بن أبيه. وأنشد أبو سفيان فيه: أما والله لولا خوف واش ... يراني يا عليّ من الأعادي / (4 ظ) م لبين أمره «1» صخر بن حرب ... ولم تكن المقالة عن زياد فقد طالت محاولتي ثقيفا ... وتركي فيهم ثمر الفؤاد وفي كلام ابن قتيبة في المعارف: ولاه معاوية البصرة وأعمالها فلما مات المغيرة بن شعبة جمع له العراقين. فكان أول من جمع له. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 حرف السين " ساروغ بن أرغو": «1» أول من أظهر سكة الدراهم والدنانير. ونسج الابرسم. واخترع الأصباغ. «2» " سليمان عليه السلام": أول من لبس السراويل. وأول من عمل الصابون. وأول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم «3» وأول من دخل الحمام. وأول من صنعت له النورة. وأول من استخرج اللؤلؤ من البحر. " سودة بنت زمعة": أول امرأة تزوج بها عليه الصلاة والسلام بعد النبوة. " سعد بن أبي وقا ص": أول من رمى سهما في سبيل الله «4» تعالى وأول من أراق دما في سبيل الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 " سمية أم عمار بن ياسر": أول شهيد في الإسلام. قاله النقاش " ابن أردشير": «1» أول من ملك الحيرة من الساسانية. " السكبة": «2» أول فرس ملكه عليه الصلاة والسلام. وأول فرس غزا عليه، قاله النووي. " سكينة بنت الحسين": أول من دخل مصر من ولد علي رضي الله عنهم جميعا، حملت إلى الأصبع بن عبد العزيز ليدخل بها، فوجدته قد نعي. فرجعت. قاله ابن زولاق. " سبأ بن يشحب": «3» أول من سبي السبي، ولذلك سمي سبأ، وإنما اسمه عامر. سليمان بن ربيعة: أول من تولى قضاء الكوفة، قاله النووي، وقال ابن قتيبة: أول قاض لعمر في العراق. وأول من ميّز بين العتاق «4» والهجن. «5» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 " سليمان بن هب بن سعيد، وزير المهدي": أول من كتب وأدام عزه، قال الصولي: كان الناس يكتبون" أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، وأعزّه. وسليمان قال: إذا قلنا وأعزه، سألنا له عزا، وإذا قلنا: وأدام عزه سألنا له عزا دائما، فاستعمله الناس " سنجر عبد الله التركي الصالحي «1» ": أول من كسا الكعبة بعد الخلفاء له ترجمة في مشايخ الذهبي. " أبو سلمة بن عبد الله الأسدي، وهو: عبيد الله بن عبد الأسد «2» ": أول من هاجر من مكة إلى المدينة، كما في صحيح مسلم. وأول من هاجر إلى أرض الحبشة. " سنان الأسدي: هب بن عبد الله بن محصن «3» ": أول من بايع تحت الشجرة. وقال ابن قتيبة: أبو سنان بن المحصن أول من بايع بيعة الرضوان. وقال الواقدي: أول من بايع ابنه سنان بن أبي سنان. ويقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 " أبو سنار": أول من قال: " أشرق ثبير كيما نغير " «1» كما في كلام الدميري. واسمه: عميلة بن الأعزل. " سعيد بن عثمان بن عفان": «2» أول من قطع نهر بلخ من العرب. " سوق الثمانين": أول قرية بنيت في الأرض لأن أهل السفينة كانوا ثمانين. «3» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 حرف الشين المعجمة " شيث بن آدم عليهما السلام": أول من ابتدع الكتابة «1» . " شعبة بن الحجاج «2» ": أول من تكلم في الرجاف «3» قاله النووي/ (5 و) م. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 حرف الصاد " صبيح، بضم الصاد- مولى حويطب بن عبد العزى": أول من كوتب، قاله الزمخشري. وتقدم أن سلمان الفارسي أول من كوتب. فالله أعلم. " الصرد": «1» أول طائر صام عاشوراء، وهو الطائر الذي وقع على حرف السفينة في قصة موسى والخضر عليهما السلام. وصرد على وزن زفر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 حرف الضاد " الضحاك «1» ": واسمه: بيوراسف بن أندراسب أول من صلب. ومن قطع الأيدي والأرجل، قاله السهيلي في التعريف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 حرف الطاء " طرفة بن العبد": أول من قال: (خلالك الجو فبيضي واصفري) «1» ، وذلك أنه خرج مع عمه في سفر وهو صبي فنزلوا على ماء فذهب طرفة فنصب للقنابر فخا وبقي عامة يومه فلم يصد شيئا ثم حمل فخه وتحملوا من ذلك المكان فرأى القنابر يلقطن ما نثر لهن من الحب فقال: يا لك من قبّرة بمعمر ... خلالك الجو فبيضي واصفري ونقّري ما شئت أن تنقري ... قد رحل الصياد عنك فابشري ورفع الفخ فماذا تحذري ... ................ .. «2» " طغرلبك السلجوقي": «3» أول ملوك السلجوقية، وكان حنيفا سنيا، يصوم الاثنين والخميس وخطب بنت القائم الخليفة فشق ذلك على الخليفة، ثم زوجه بها، وقدم بغداد في سنة خمس وخمسين وأربع مائة، وأرسل يطلبها وحمل مائة ألف دينار برسم نقل جهازها، فعمل العرس بدار المملكة، وأجلست على سرير ملبس بالذهب، ودخل السلطان وقبل الأرض بين يديها ولم يكشف البرقع عن وجهها إذ ذاك، وقدم لها تحفا، وانصرف مسرورا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 " طقزتمر" بضم الطاء المهملة والقاف وسكون الزاي وفتح التاء المثناة من فوق": أول من ولي نيابة حماة من الترك، قاله ابن قاضي شهبة، وهو الحموي الناصري. " طهموت": «1» أول من كتب بالفارسية، قاله المؤيد صاحب حماة في تاريخه. " طويس": «2» أول من تغنى بالمدينة، واسمه: طاوس فلما تخنث سمي بطويس. يقال: ((أشأم من طويس)) «3» ، وأخذ طريق الغناء عن سبى فارس. وذلك أن عمر (رضي الله عنه) كان صير لهم في كل شهر يومين يستريحون فيهما من المهن فكان طويس يغشاهم حتى فهم طرائقهم. وكان يقول: يا أهل المدينة ما دمت بين أظهركم توقعوا خروج الدجال أمي كانت تمشي بين نساء الأنصار بالتمائم، وولدتني ليلة وفاته عليه السلام، وفطمتني يوم موت أبي بكر، وبلغت الحلم في يوم قتل عمر، وتزوجت يوم قتل عثمان وولد لي في يوم قتل علي رضي الله عنهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 حرف العين " عبد الله بن عثمان، أبو بكر الصديق " رضي الله عنه «1» : أول من أسلم مطلقا، أو من الرجال، أو زيد بن حارثة، أو خديجة ومن الصبيان: علي. زاد مغلطاي: خباب بن الأرت، أو بلال. وذكر عمر بن شبة أن خالد بن سعيد بن العاص أسلم قبل علي. وأول من جمع القرآن في المصحف، وأول من قاء تحرزا من الشبهات. وعن ابن عباس أنه قال: أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم علي رضي الله عنه/ (5 ظ) م. " عمر بن الخطاب": «2» هو أول من وسع المسجد، وأول من اتخذ له الجدار، قاله ابن دحية. وأول من اتخذ له الدرة، واتخذها من نعل النبي صلى الله عليه وسلم فما ضرب بها، لكن روى البيهقي ما يخالف ذلك. وأول من مصر الأمصار في الإسلام، وأول من أرخ أو يعلى بن أمية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 وأول من دون الديوان عمر رضي الله عنه، واول من ختم الكتب بالنبطي «1» عمر أ " عثمان بن عفان" رضي الله عنه: «2» أول من هاجر إلى أرض الحبشة، أو حاطب بن عمرو بن عبد شمس، وقيل غير ذلك وأول من اتخذ الأروقة للمسجد، وأول من زاد أذانا في الجمعة. وأول من عمل جدة ساحلا، وذلك سنة نيف وعشرين، وكان الساحل قبلها الشعيبة «3» . وأول من استراح في الخطبة يوم الجمعة وكان إذا انتهى جلس ولم يتكلم حتى يقوم، وأول من طالب للكعبة (بيت) «4» كسوتين «5» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 " علي بن أبي طالب" رضي الله عنه: أول من بحثوا بين يدي الرحمن للخصومة، كما في صحيحي البخاري ومسلم. وعن سلمان الفارسي قال: أول هذه الأمة ورودا على نبيها صلى الله عليه وسلم الحوض علي رضي الله عنهما. وهو أول من وضع النحو «1» ، أو أبو الأسود الدؤلي. وقيل: أول من تكلم بعد علي رضي الله عنه، أو الأعرج عبد الرحمن بن هرمز «2» قاله مغلطاي. وقال الغزالي في الاحياء: أن عليا أول من سن دعوة المبتدعة بالمجادلة إلى الحق. وأول من كتب عافانا الله وإياك، كتب ذلك إلى معاوية؛ قاله ابن العديم. وأول من حول من قبر إلى قبر المبرد عن محمد بن حبيب. [موضع قبر علي رضي الله عنه] : قال الصلاح الصفدي: واختلف موضع دفنه فقيل: في قصر الإمارة بالكوفة وقيل في رحبة الكوفة، وقيل بنجف الحيرة، وقيل وضع على صندوق وكثر عليه من الكافور وحمل على البعير يريدون به المدينة فلما كان ببلاد طيء أضلوا البعير ليلا فأخذته طيء ودفنوه ونحروا البعير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 وأول من ولي الخلافة وأبواه هاشميان ثم بعده [أبو] «1» اسحاق المعتصم أ، ثم محمد الأمين. وأول من بنى في هذه الأمة السجن. " فائدة": لعلي رضي الله عنه تسعة وثلاثون ولدا؛ قاله الذهبي. " عبد الله بن جعفر": أول مولود ولد في الإسلام بالحبشة. " عبد الله بن الزبير": أول مولود ولد للمهاجرين بالمدينة «2» . وأول من فرش الحجارة بالمطاف ببعض الحجارة التي فضلت من عمارة الكعبة تحتها «3» . " عبد الله بن الحارث": أول من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة)) وأول من حدث الناس بذلك كما في سنن ابن ماجه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 " عبد الله بن العباس" رضي الله عنهما: «1» أول من عرف بالبصرة. " عبد الله بن عمرو، والد جابر رضي الله عنهما " «2» أول قتيل من المسلمين يوم أحد. " عبد الله بن جحش": أول لواء عقد في الإسلام له، وهو أول من تسمى بأمير المؤمنين. وهو أول أمير أمره صلى الله عليه وسلم. وغنيمته أول غنيمة في الإسلام. " عمر بن عبد العزيز": أول من اتخذ دار المضيف من الخلفاء، وأول من فرض لأبناء السبيل. وأول من أحدث الشرفات والمحراب في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 " عبد الرحمن بن سمرة": «1» أول من دفن بمرو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل توفي بالبصرة " عبد الرحمن بن أبي بكرة": أول مولود ولد في الإسلام بالبصرة. «2» " عبد الله بن علي المنصور": «3» أول من أوقع الفرقة بين ولد العباس وولد علي، وكان قبل ذلك أمرهم واحدا. وهو أول خليفة قرب المنجمين، وعمل بأحكام النجوم، وأول خليفة ترجمت له الكتب من اللغات، وأول خليفة استعمل مواليه وغلمانه في أعماله، وقدمهم على العرب «4» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 " عبد الله بن ذكوان؛ أبو الزناد": «1» أول من سمي أمير المؤمنين في الحديث. وفي الفقه: أول من سمي أمير المؤمنين أبو اسحاق الشيرازي «2» . " عبد الله بن أبي سرح العامري " أول من كتب له عليه الصلاة والسلام من قريش، ثم ارتد «3» . " عبد الله بن لهيعة، بوزن معيشة، قاضي مصر": «4» أول من حضر إلى مصر من قبل الخليفة، وأول قاض حضر لنظر هلال رمضان واستمر عليه الناس. " عبيد الله بن أبي بكرة": أول من قرأ بالألحان، وأول من استنجى بالماء في البصرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 " عبد الله بن عامر": أول من لبس الخزّ. " عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب": كان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم، أول من قضى بالمدينة. [أول القضاة] : وأول من قضى بالعراق سلمان بن ربيعة «1» بالمدائن. وأول من قضى بالكوفة أبو قرة الكندي «2» ، ثم استقضى عمر شريح بن الحارث الكندي «3» بعده فقضى خمسا وسبعين سنة. وأول قاض على البصرة كعب بن سور الأزدي «4» استقضاه عمر رضي الله عنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 " علي بن سبأ": أول من كفر من الرافضة وقال: علي رب العالمين، فأحرق علي رضي الله عنه أصحابه بالنار. " عمار بن ياسر": «1» رأيت بخط الدميري: أول من بنى مسجدا لله تعالى في الإسلام بنى مسجد قباء. " عبد الله بن كليب من بني عامر بن صعصعة": أول من ضرب بسيفه باب القسطنطينية، وأذن في بلاد الروم. " عبيد الله بن زياد": أول من غشّ في الذهب والفضّة، كذا رأيته بخط عز الدين الحاضري. " عبيد الله": «2» أول من ملك مصر من العبيديين، قاله الحسيني في مجمع الأحباب. " عبيد بن عمير الليثي": «3» أول من قص بمكة، ويقال: أول من قص الأسود بن سريع «4» ، وكان من أصحابه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 " عبدان بن محمد المروزي": عبدان قرأ على المزني والربيع، أقام بمصر سنين، ثم انتقل إلى مرو وحمل معه مختصر المزني، وهو أول من حمله إلى هناك. " عامر بن جشم": «1» أول من صبغ ثيابه بالزعفران، وهو أول عربي قسم للذكر مثل حظ الأنثيين فنزل القرآن بذلك. " عامر بن الظرب": «2» أول من قضى في الجاهلية في الخنثى من حيث يبول «3» . وقيل: هو أول من سن الدية مائة من الإبل. " عبد الرحمن بن محمد؛ الفخر ابن عساكر": «4» أول من درس بالعذراوية بدمشق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 " عبد الرحمن بن أبي عمر": أول من ولي قضاة الحنابلة بدمشق، قاله شيخنا ابن ناصر الدين/ (6 ظ) م. " عبد الصمد بن علي": «1» أول من بنى المدرج في الصفا والمروة في خلافة المنصور. " عبد الصمد بن الفضل بن خالد بن هلال المراوحي": أول من أخرج عمل المراوح بمصر، روى ابن وهب، وابن عينية، توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين. " عبد العزيز الشيخ عز الدين بن عبد السلام": أول من أخذ التفسير في الدرس «2» . " عبد المطلب": أول من خضب بمكة بالسواد، وأول من حلى الكعبة، وفي الإسلام: الوليد بن عبد الملك أو عبد الملك. وأول من سن الدية مائة من الإبل عبد المطلب، ويقال أبو سيّار، وتقدم في عامر بن الظرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 " عبد الملك بن قريب- بالموحدة في آخره- الأصمعي": «1» أول من .... «2» معاني الشعر وتكلم فيها، وفسرها. وأول من أملى غريب كل بيت .... «3» الأخفش. " عبد الملك بن مروان": «4» أول من اتخذ المارستان للمرضى، ودار الضيافة، وأول من نقش بالعربية على الدراهم، وأول من سمي في الإسلام عبد الملك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 " عبد الملك بن جريح": «1» أول من صنف، أو: سعيد بن أبي عروبة «2» ، أو حماد بن سلمة «3» ، قاله ابن عبد الهادي في الطبقات. " عبد عمرو الفاسق": أول من أنشأ الحرب يوم أحد بين الفئتين. " عبد القيس": قال في صحيح البخاري: أول جمعة جمعت بعد جمعة، جمعت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد عبد القيس، بجواثاء «4» من البحرين. " عبد الرحمن بن زياد بن أنعم": «5» أول من ولد بإفريقية من المسلمين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 " العباس بن عبد المطلب": «1» أول من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي، قاله أبو أحمد الحاكم. " عبيدة بن الحارث": «2» أول راية عقدت في الإسلام له، أو لحمزة رضي الله عنه. " عتاب بن هرم اليربوعي": أول من ردف، وسبب هذا أن لم يكن في العرب أكثر غارة على ملوك الحيرة من بني يربوع فصالحوهم على أن يجعلوا لهم الرادفة، ويكفوا عن أهل العراق. وكانت الرادفة أن يجلس الملك ويجلس الردف عن يمينه فإذا شرب الملك شرب الردف قبل الناس، وإذا غزا الملك جلس الردف موضعه. " عتبة بن مسعود، أخو عبد الله": أول من سمى المصحف مصحفا، قاله السهيلي. " عتبة بن عبد الله الهمداني الشافعي": «3» أول من ولي قضاء القضاة بالعراق، قاله الذهبي في العبر، توفي سنة خمسين وثلاثمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وقال السبكي: هو أول من ولي قضاء القضاة ببغداد، رآه بعضهم بعد موته في المنام، فقال: ما فعل الله بك قال: غفر لي وأمر بي إلى الجنة على ما كان مني من التخليط، وقال: آليت أن لا أعذب أبناء الثمانين ثم ذكر وفاته كما تقدم. " عثمان بن مظعون": أول من دفن في البقيع، وأول من توفي من المهاجرين «1» ، وقال محمد بن الهاشمي: أسعد بن زراة أول من دفن بالبقيع، وقد تقدم. " عثمان أبي قحافة": أول من ورث خليفة في الإسلام، وقد تقدم في ترجمة ولده رضي الله عنهما. " عثمان بن سعيد الأنماطي، صاحب المزني والربيع": «2» أول من حمل إلى بغداد علم المزني. " عثمان بن أبي العا ص": «3» كان الناس يهرولون في الجنائز فلما مات عثمان مشي في جنازته، فهو أول من مشي في جنازته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 " عثمان الصلاح": «1» أول من درس بدار الحديث الأشرفية وبالرواحية بدمشق «2» . " عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث؛ المتلمس الأكبر": أول من نسأ «3» الشهور، أو قلع «4» فمكث سبع سنين، ثم من بعد ابنه عشرون سنة. وقيل اسم المتلمس صفوان، وقيل أول من نسأ سدير بن ثعلبة، ونسأ بعده المتلمس «5» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 " عدي بن نضلة": «1» أول من ورّث في الإسلام، مات بالحبشة فورثه ابنه النعمان. " عدي بن مادة": أول من اعتم من العرب، قاله الكلبي. " العضد": أول ما يظهر سمن الإنسان فيه. " عفان بن مسلم الحافظ": «2» أول من امتحن بخلق القرآن فامتنع فرسم بقطع عطائه، وكان في كل شهر ألف درهم، فقال: ((وفي السماء رزقكم وما توعدون)) ، فدق عليه الباب شخص ذلك اليوم لا يعرف وقال: خذ هذه الألف، ولك عندي كل شهر ألف ثبتك الله كما ثبت الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 " عقبة بن أبي معيط": أول مصلوب صلب في الإسلام «1» ؛ قاله الصلاح الصفدي. " عقبة بن الأزرق": أول «2» من استصبح لاهل ... «3» ؛ قاله الأزرقي. وقال الفا ... «4» : أول من استصبح محمد ... «5» ، أحمد المنصوري في ولايته على مكة، وولايته في عام الستين ومائتين وكان استصباح في مناه «6» . " العلاء بن الحضرمي": «7» أول من نقش خاتم الخلافة، قاله أبو عمرو. " علي بن الحسن البلخي": أول من درس بالحلاوية بحلب «8» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 " عمير بن عدي": أول من أسلم من خطمة «1» . " عمير بن وهب الصحابي": أول من رمى بنفسه عن فرسه بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنشأ الحرب. " عمرو بن حريث": أول من اتخذ بالكوفة دارا. " عمرو بن أمية الضمري": أول رسول بعثه صلى الله عليه وسلم بعثه إلى النجاشي، قاله ابن هشام. " عمرو بن الحضرمي": أول قتيل من المشركين وماله أول مال خمس، قتل يوم نخلة «2» ، قاله أبو عمرو. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 " عمرو بن عبيد": «1» أول من صنف في علم الكلام وواصل بن عطاء. " عمرو بن الحمق": «2» أول مسلم حمل رأسه، وهو صحابي بايع في حجة الوداع. " عمرو بن عامر الخزاعي": أول من سيب السوائب، وقال المؤيد: هو أول من جعل الأصنام فوق الكعبة «3» . وقال ابن الجوزي: أول من سيب السوائب، ونحر النحائر، وحمى الحام ووصل الوصيلة. وأول من بدّل دين إسماعيل عليه السلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 " عمرو بن الجعد أو ابن أبي الجعد الصحابي": أول من قضى بالكوفة. " عفيف بن معدي كرب": «1» أول من حرم الخمر على نفسه، أو عامر بن الظرب، قاله ابن عبد البر في ترجمة العباس بن مرداس. " عمر بن محمد الفرغاني": له ترجمة في طبقات الحنفية، أول من درس بالمستنصرية للحنفية. " فائدة": أول من لحن سمع بالعراق هذه عصاتي، والصواب: عصاي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 حرف الفاء " فاطمة عليها السلام": أول من جعل لها مثل القبة على النعش بالمدينة، أو زينب. " فاطمة بنت الأسد " «1» : أول هاشمية تتزوج من هاشمي؛ قاله النووي. وأول هاشمية ولدت هاشميا. وولدها علي رضي الله عنه أول هاشمي بين هاشميين " فاطمة بنت مر الخثعمية " «2» : أول من قالت:" قد كان ذلك مرة فاليوم لا". وسببه أن عبد الله بن عبد المطلب مر عليها فرأت نور النبوة في وجهه فدعته إلى نفسها وأن تعطيه مائة من الإبل، فقال: أما الحرام فالمحال دونه ... والحل لا حل فأستبينه فكيف بالأمر الذي تنوينه ... ................ «3» ثم مضى فتزوج آمنة فحملت به صلى الله عليه وسلم. ثم مر عليها فقال لها هل لك كما قلت لي. فقالت:" قد كان ذلك مرة فاليوم لا" «4» . " الفرع": أول مونة مارت «5» إسماعيل عليه السلام وأمه التمر بمكة. قاله السهيلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 " الفردة " «1» : أول سرية خرج فيها زيد أميرا؛ قاله اليعمري. " فاطمة المخزومية": أول امرأة قطعت يدها في الإسلام «2» . " الفرائين " «3» : أول علم يرفع هو. " فرعون": أول من خضب بالسواد ومن أهل مكة عبد المطلب، وتقدم. وفرعون أول من قطع الأيدي، والأرجل من خلاف. وأول من صلب. " الفضل بن سهل " «4» : كانت أرزاق الكتاب والعمال أيام المنصور وبني أمية ثلاثمائة درهم. كل سنة إلى أيام المأمون. فأول من سن الزيادة الفضل المذكور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 " فنا خسرو بن ركن الدولة الحسن بن بويه " «1» : ولي سلطنة بلاد فارس. أول من خوطب بالشاهنشاه في الإسلام. توفي سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة «2» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 حرف القاف " قصي " «1» : أول من سقف الكعبة. وقريش أول من رفع بابها ليدخلوا من شاؤوا. وأول من جدد بناء الكعبة بعد الخليل عليه السلام. وأول من ثرد الثريد فأطعمه بمكة وسقى اللبن بعد بنت «2» بن إسماعيل «3» . " قحطان": أول من قحط أموال الناس من العرب. وأول من قيل له عم صباحا. وأول من قيل له أبيت اللعن «4» . واسمه مهمزم؛ قاله ابن ماكولا «5» . " قسطنطين " «6» : أول من صاد بالشواهين، كما في حياة الحيوان للديمري. " القلم": ورد أول ما خلق الله القلم وأعرب في الرفع. " بنو قينقاع مثلث النون": أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 وأموالهم اول اموال خمست بعد بدر «1» " أبو قبيس": أول جبل وضع في الأرض حين مادت. وأول من بنى فيه أبو قبيس فسمي به «2» ؛ قاله ابن الجوزي. " قباء": أول مسجد أسس على التقوى مسجدها «3» . " بنو قريظة": أول خمس وقعت فيه السهمان يوم بني قريظة «4» . " قس بن ساعدة": أول من قال (كذا) من العرب كما في حديث رواه اليعمري. وأول من خطب متوكيا على عصى. وأول من كتب من فلان إلى فلان. وأول من آمن بالبعث من غير علم. وأول من قال:" أما بعد". وسيأتي. وأول من قال:" البينة على المدعي واليمين على من أنكر أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 " فرط بن كعب": أول من نيح عليه بالبصرة، كما في سلم. " القاسم ابن النبي صلى الله عليه وسلم": أول ولد له عليه السلام؛ قاله النووي. " القاسم بن عبيد الله " «1» : وزير المعتضد، ثم المكتفي، فلقّبه المكتفي: ولي الدولة، وهو أول من لقب بالدولة. ولقب ابنه الحسن:" عميد الدولة". " قابيل": أول ولد آدم. وأول من قتل قتيلا. وأول من نصب نارا وعبدها. " القضيب": أول سيف تقلده النبي صلى الله عليه وسلم. " قيس بن عاصم": أول من وأد البنات في الجاهلية للغيرة والأنفة من نكاحهن. " قليبص " «2» : أول ملك من ملوك اليونان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 حرف الكاف " كلثوم بن الهدم " «1» : أول من دفن بالبقيع من الأنصار. أو أسعد؛ قاله بعضهم. قال والدي- رحمه الله- وفي الثاني نظر. " كعب بن مالك": أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بعد أن قالوا قتل «2» قاله اليعمري. " كعب بن لؤي " «3» : أول من قال أما بعد، أو يعقوب أو داود عليهما السلام، أو سحبان أو يعرب ابن قحطان. وتقدم في قيس. قال السهيلي: وكعب أول من جمع يوم العروبة «4» . وقيل: هو أول من سماها الجمعة. فكانت تجتمع إليه في هذا اليوم فيخطبهم ويذكرهم ببعثه عليه السلام ويعلمهم أنه من ولده ويأمرهم باتباعه والإيمان به. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 وينشد: يا ليتني شاهد فحوا دعوته ... إذا قريش «1» تبغي لا حق خذلنا «2» . " أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط " «3» : أول من هاجر إلى المدينة من النساء. " كيومرث " «4» : أول من ملك من ملوك الفرس. وقيل هو أول ملك من بني آدم. وهو أول من وضع التاج على رأسه. " كيقباذ بن راع " «5» : أول من أخذ العشر «6» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 " الكعبة الشريفة": لما أهبط الله آدم إلى الأرض اشتد بكاؤه على الجنة. فأنزل الله له خيمة من خيام الجنة فوضعها له بالجنة في موضع الكعبة. والخيمة ياقوتة حمراء من ياقوت الجنة فيها/ (8 و) م قناديل من ذهب. ونزل معها الركن وهو ياقوتة بيضاء. وكان كرسيا لآدم يجلس عليه فلما كان الغرق زمن نوح مكثت في الأرض خرابا ألفي سنة حتى أمر الله إبراهيم أن يبنيها فجاءت السكينة كأنها سحابة فيها رأس يتكلم له رأس كرأس إنسان فقال: يا إبراهيم خذ ظلي فابن عليه فبنى هو وإسماعيل البيت ولم يجعل له سقفا. وحرس الله آدم والبيت بالملائكة ولم تزل هذه الخيمة إلى أن قبض آدم ثم رفعها الله بالحجارة ثم نسفه الغرق. فغمر مكانه حتى بناه الخليل، وحفر عن قواعده وبناه على ظل الغمام فهو أول بيت وضع للناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 حرف اللام " ليلى بنت أبي حثمة": أول امرأة من المهاجرين دخلت المدينة «1» . " لقمان": أول من جعل الدّية مائة جدي. " لحي بن حارثة " «2» : أول من بحر البحيرة. وغير دين الخليل عليه السلام. " لمك": والد نوح عليه السلام. أو لامك. أول من اتخذ العود؛ وسيأتي في لامك «3» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 حرف الميم " النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله": أول من وضع حجرا في مسجد قباء. وأول من تنشق عنه الأرض. وأول شافع. وأول مشفع. وأول من يقرع باب الجنة «1» . وأول أمة تدخل الجنة أمته صلى الله عليه وسلم. " موسى عليه السلام": أول أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام. " محمد بن إدريس الشافعي الإمام " «2» : أول من صنف في أصول الفقه. وأول من قرر ناسخ الأحاديث ومنسوخها. ومن شعره أ: وأنطقت الدراهم بعد صمت ... أناسا بعد أن كانوا سكوتا فما عطفوا على أحد بفضل ... ولا عرفوا لمكرمة بيوتا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 " لطيفة": قال الربيع كنت عند الشافعي إذ جاءه رجل برقعة فقرأها ووقع فيها. فمضى الرجل وتبعته إلى باب المسجد فقلت: والله لا تفوتني فتياه. فأخذت الرقعة فوجدت فيها: سل المفتي المكي هل في تزاور ... وضمة مشتاق الفؤاد جناح. فإذا الشافعي قد وقع: فقلت: معاذ الله أن يذهب التقى ... تلاصق أكباد بهن جراح. قال الربيع: فأنكرت على الشافعي أن يفتي بمثل هذا. فقلت: يا أبا عبد الله تفتي بمثل هذا لهذا الشاب. فقال: يا أبا محمد هذا رجل هاشمي أقد أعرس في هذا الشهر شهر رمضان. وهو حدث السن. فسأل: هل عليه جناح أن يقبّل ويضم بدون وطء. فأفتيت بهذا. فقال الربيع: فتبعت الشاب. فسألته عن حاله. فذكرلي مثل ما قال الشافعي. فما رأيت فراسته أحسن منها. قال ابن حزم:" من تختم بالعقيق. وقرأ لأبي عمرو. وتفقه للشافعي. وحفظ قصيدة ابن زريق فقد استكمل ظرفه". وأول قصيدته: لا تعذليه فإن العذل يولعه ... قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه " محمد البخاري شيخ الإسلام": أول من صنف في قسم الصحيح. وهو ابن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه بن بردبه، بباء موحدة مفتوحة ثم ذال معجمة مكسورة، ثم ذال ثانية معجمة ساكنة ثم باء موحدة/ (8 ظ) م مكسورة ثم هاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 وقيل بذل بردزبه، وقيل غير ذلك. علا عن المدح حتى مايزان به ... وكأنما المدح من مقداره يضع ووالده كنيته أبو الحسن من العلماء سمع من مالك بن أنس. ورأى حماد بن زيد وصالح بن المبارك. وحدث عن أبي معاوية وجماعة. روى عنه أحمد بن جعفر وقال «1» دخلت عليه عند موته فقال: لا أعلم في جميع مالي درهما من شبهه. قال أحمد بن جعفر .... «2» عزت إلىّ نفسي. وقال الحاكم إنه دخل الجزيرة وسمع من أحمد بن الوليد وإسماعيل بن عبد الله وهذا وهم فإنه لم يدخل الجزيرة ولم يسمع من أحمد بن الوليد إنما روى عن رجل عنه، ولا من ابن زرارة إنما إسماعيل الذي يروي عنه هو إسماعيل ابن أبي أويس «3» . وأما ابن واقد فإنه سمع منه ببغداد، وعمر بن خالد سمع منه بمصر. وروى عن الحسين الكرابيشي «4» وأبي ثور مسائل عن الشافعي رضي الله عنه. وأمه مجابة الدعوة ذهبت عيناه فرأى الخليل عليه السلام فقال: يا هذه قد رد الله على ابنك بصره بكثرة بكائك ودعائك. وقال البخاري: لما بلغت خراسان أصبت ببصري فعلمني رجل أن أحلق رأسي وأغلفه بالخطمى ففعلت فرد الله عليّ بصري. ووصلت إليه شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 وقال البخاري: ارجو «1» أن القى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا. قال الذهبي: يشهد لهذه المقالة كلامه في الجرح والتعديل فإنه يبلغ ما يقول في الرجل المتروك أو الساقط فيه نظر أو سكتوا عنه. ولا يكاد يقول كذاب، ولا يضع الحديث. وهذا من شدة ورعه. انتهى. وقال ابن قطان: قال البخاري: كل من قلت عنه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه، وكان راميا. ومن شعره: اغتنم في الفراغ فضل ركوع ... فعسى أن يكون موتك بغتة كم صحيح رأيت من غير سوء ... ذهبت نفسه الصحيحة فلتة وأنشد البخاري: خالق الناس بخلق واسع ... لا تكن كلبا على الناس تهر وأنشد: أن تبقى تفجع بالأحبة كلهم ... وفناء نفسك لا أبالك أفجع أ وهذا أحسن من قول القائل: ومن يعمر يلق نفسه ... ما يتمناه لأعدائه ومن قول مؤيد الدين الطغرائي: هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأجل " محمد المهدي": أول من أمر بتصنيف كتب الجدل في الرد على الزنادقة والملحدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 " محمد بن عمر الإمام فخر الدين الرازي": «1» أول من اخترع هذا الترتيب في كتبه وأتى فيها بما لم يسبق إليه لأنه يذكر المسألة ويفتح باب تقسيمها وقسمة فروع ذلك التقسيم. ويستدل بأدلة السير والتقييم فلا يشذ عن تلك المسألة فرع له بها علاقة. " محمد بن عمر بن مكي بن عبد الصمد ابن المرجل الشيخ سعد الدين بن الوكيل " «2» : أول من درس في المدرسة الناصرية بالقاهرة» . " محمد بن علي القفال " «4» : أول من صنف في الجدل. " محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارب القاضي " «5» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 أول من أخذ الرشوة؛ قاله المؤيد. وأخذها قبله يرفا «1» . " محمد بن هارون المعتصم": أول من أدخل الديوان الأتراك. وهو أول من أضيف إلى لقبه اسم الله تعالى. وأول من [لبس] التاج من الخلفاء. وكان معروفا بالاستكبار من الأتراك. لم يمت حتى نيف على ثلاثين ألفا من الغلمان الأتراك. " محمد المتوكل": أول خليفة أحدث الركوب بحلية الذهب. وكان من قبله الخلفاء يركبون بحلية من الفضة الخفيفة في المناطق والسيوف والسروج واللجم. " محمد بن سفيان " «2» : أول من تسمى محمدا. ومحمد بن اليحمد «3» . وقال ابن الجوزي: محمد بن حاطب له صحبة. " محمد الزهري": أول سيرة صنفت سيرته؛ قاله السهيلي. " محمد بن سليمان": حمل، في سنة ستين ومائة، الثلج للمهدي ووافى به مكة. فالمهدي أول من حمل إليه الثلج من الخلفاء؛ قاله ابن الجوزي في المنتظم «4» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 " محمد بن مسروق": قال في طبقات الحنفية: هو أول من اتخذ القمطر بمصر فكان يختمها وتودع فإذا جلس للحكم أحضرت. وإنما كانت القضاة قبله تحمل الكتب في منديل وتودع. وهو أول من أدخل النصارى إلى الجامع في حكوماته «1» . " محمود السلطان نور الدين الشهيد": أول من بنى دار الحديث على وجه الأرض وترجمته معروفة قدمتها، وكرمه موصوف، وفضله معروف. لسانه ينشر ما قاله الشافعي رضي الله عنه: يا لهف قلبي على مال أفرقه ... على المقلين من أهل المروات إن اعتذاري إلى من جاء يسألني ... ما ليس عندي من إحدى المصيبات " المسجد الحرام": أول مسجد وضع في الأرض المبارك «1» . " أبو أمية المختط": أول من اختط دارا بطرسوس لما مصرت. " المختار بن أبي عبيد " «2» : أول من لبس الدراريع السود. " مروان بن الحكم " «3» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 أول من اتخذ المقصورة في المسجد. وقال ابن الجوزي: معاوية. وأول من قدم الخطبة قبل الصلاة في العيدين مروان. وأول من أخذ الأمر بالسيف. " مراير بن مروة، من أهل الأنبار": أول من كتب بالعربية. " مروان الحمار " «1» . أول من أمر بتجنيد الجند لأن الكتّاب شكوا في رجل فأمر بتجنيد الجند «2» . " مسراج مولى تميم الداري": أول من أوقد قنديلا في مسجد؛ قاله ابن العاقولي في الوصف «3» . أخرجه ابن عبد البر، وتقدم في تميم. " مسيلمة الكذاب": أول من أدخل البيضة بالقارورة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 " مصعب بن عمير": أول من قدم المدينة. وأول من سمى بالمقرئ. وأول من جمع الجمعة بها «1» . وقيل أسعد بن زرارة. " معاوية": أول من جلس في الخطبة يوم الجمعة. وقيل عثمان رضي الله عنه. وأول من جعل ابنه يزيد ولي عهده. وأول من اتخذ ديوان الخاتم «2» وأمر بهدايا والنيروز والمهرجان. وأول من قتل مسلما صبرا. وأول من أقام على رأسه حرسا. وأول من قيدت بين يديه الجنائب. وأول من اتخذ الخصيان «3» . وأول من جعل درجات المنبر خمسة عشر. «4» وأول من ترك حدا في الإسلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 وأول من اتخذ المقصورة في المسجد «1» . وذلك أنه أبصر على منبره كلبا. وأول من خطب قاعدا «2» على منبر. وكانت الولاة قبله يخطبون يوم الجمعة قياما على أرجلهم في وجه الكعبة. وكان يقول: أنا أول الملوك. " معاوية بن عبيد الله وزير المهدي " «3» : هو الذي نقل الخراج بالعراق إلى المقاسمة. وهو أول من صنف كتاب الخراج بالعراق على الكتاب والسنة. " مالوية بن نوير": أول من ولد بالكوفة؛ قاله ابن قتيبة «4» . " مضر جده عليه السلام": أول من سمى من العرب حداء الإبل. وكان أحسن الناس صوتا وفي الحديث:" لا تسبوا مضر ولا ربيع فإنهما كانا مؤمنين" «5» . " معبد الجهني": أول من قال في القدر بالبصرة «6» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 " المغيرة بن شعبة": أول من سمى عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين. وأول من وضع ديوان البصرة. وأول من سلم عليه بالإمارة «1» . وأول من رشا في الإسلام. قال: ربما عرق الدرهم في يدي أدفعه إلى يرفا ليسهل أذني على عمر رضي الله عنه. قال الشعبي: أول ما عرف العرب بالدهاء والحزم «2» . " المقداد " «3» : أول من غزا بفرس في سبيل الله. " منذر بن عامر الأشجع العبدري": أول من أسلم من ربيعة «4» . " منوشهر " «5» : أول من حفر الخنادق في الحروب؛ قاله اليعمري عن الطبري. " ماعز": أول من رجم في الزنا في الإسلام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 واسمه عرير؛ بالمهملتين، على وزن غريب. " معمر بن راشد": أول من دخل إلى اليمن. " موسى الهادي": أول من مشت الرجال بين يديه بالسيوف والأعمدة والقسي الموترة «1» . " مهجع " «2» : أول قتيل قتل يوم بدر. وهو أول من جرح. أو: عمير بن الحمام. " مهلهل": خال امرئ القيس الكندي، واسمه: عدي. أول من قصد القصائد؛ وذكر الوقائع «3» ، قاله النووي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 حرف النون " نوح نبي الله صلى الله على نبينا وعليه وسلم": أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. وأول من اتخذ السفن. وأول من صام رمضان. " النضر بن كنانة": أول من سن الدّية في العرب. " نجران بن زيد بن يشجب بن يعرب بن قحطان": أول من بنى نجران، وبه سميت. قاله البكري؛ نقله السهيلي. " نضلة بنت عبد العزى": أول موروث في الإسلام. " النضر بن كلاب": أول من سمي قريشا بقريش؛ قاله المبرد. " النضر بن شميل" أو" معمر بن المثنى": أول من صنف بالغريب. " النعمان بن بشير": أول أنصاري بايع أبا بكر رضي الله عنه. وأول مولود ولد في الأنصار بعد الهجرة؛ قاله النووي. " النعمان بن ثابت الإمام أبو حنيفة": أول من وضع كتاب الفرائض وكتاب الشروط. " نتيلة بضم النون وفتح التاء فوق أم العباس بن عبد المطلب": الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 أول أعرابية كست الكعبة الحرير؛ قاله النووي. وقال أبو عمر: أول شيء كسيته الكعبة أنه عليه السلام كساها قباطي «1» . وقيل: أول من كساها عدنان بن أود. وقيل: أول من كساها الديباج عبد الملك بن مروان. وقيل: أول من جللها عبد المطلب وهاشم. " نمرود بضم الميم (كذا) " «2» : أول من تجبر في الأرض «3» . وأول من عمل له خبز الرقاق. وقال ابن قتيبة: أول من تجبر، وقهر، وغضب، وسن سير السوء. وأول من لبس التاج. ووضع أمر النجوم. ونظر فيه، وعمل به. وأهلكه الله ببعوضة دخلت في خياشيمه فعذب بها أربعين يوما ثم مات «4» . (فائدة) : أول أشراط الساعة هو تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأول طلوع الشمس من مغربها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 حرف الهاء " هود عليه السلام": قال ابن كثير: أول من تكلم بالعربية. ويقال: أبوه أول من تكلم بها. ويقال: نوح. ويقال: آدم. وإسماعيل أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة. " هاجر": أول من ثقب أذنها، وخفضت. وأول من جرت ذيلها، قاله السهيلي. وذلك أن سارة غضبت عليها فحلفت أن تقطع ثلاثة أعضاء من أعضائها. فأمر الخليل عليه السلام أن تبر قسمها بثقب أذنيها وخفاضها فصارت سنة في النساء. " هاشم": أول من مات من ولد عبد مناف «1» . " الهالك بن عمرو بن أسد بن خزيمة": أول من عمل الحديد. " هامان": «2» . أول من طبخ الآجر. " هارون الرشيد": الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 أول خليفة لعب: بالصوالجة. في الميدان. ورمى بالنشاب في البرجاس «1» . ولعب بالكرة والشطرنج. " هرقل": أول من ضرب الدنانير. وأحدث البيعة للأولاد. " هرمس الساكن في صعيد مصر الأعلى " «2» : أول من تكلم في الجواهر العلوية. وأنذر بالطوفان. وخاف ذهاب العالم، ودروس الصنائع فبنى الأهرام وصورفيه الصنائع والآلات، ورسم فيه صفات العلوم. " هلال بن أمية": أول لعان كان في الإسلام لعانه مع زوجته. " أبو هيثم بن التيهان " «3» : أول من بايع يوم العقبة. أو البراء بن معروف «4» . أو أسعد بن زرارة «5» ، [و] تقدم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 حرف الواو " الوليد بن المغيرة": أول من حكم بقطع يد السارق في الجاهلية؛ قاله الدميري. وقال ابن الجوزي: أول من خلع نعليه عند دخول الكعبة في الجاهلية فخلع الناس نعالهم في الإسلام. وهو أول من قضى بالقسامة في الجاهلية وأقرها الشارع صلى الله عليه وسلم «1» . وأول قسامة كانت من بني هاشم. والوليد المذكور أول من حرم الخمر على نفسه في الجاهلية «2» . وقطع في السرقة وقال وهب: الحكم بالقسامة، أوحى الله إلى موسى عليه السلام في كل قتيل وجد بين قريتين أو محلتين. " الوليد بن عبد الملك": أول من زين الكعبة بالذهب. «3» " واصل بن عطاء " «4» : أول من صنف في الكلام. وهو أول من قال الخبر خبران: خاص وعام. فلو جاز أن يكون الخاص عاما. ولو جاز أن يكون الكل بعضا. والبعض كلا والأمر خبرا، والخبر أمرا أ. وهو أول من قال الحق يعرف من وجوه أربعة: كتاب ناطق وخبر مجمع عليه، وحجة عقلية، وإجماع من الأمة. وهو أول من قال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 النسخ يكون في الأمر والنهي دون الأخبار. " وحشي بن حرب": أول من حد بالشام في الخمر «1» . " وهب بن عبد الله الأسدي أبو سفيان": أول من بايع بيعة الرضوان. وقد تقدم في حرف السين. " أم ورقة بنت نوفل": لما غزا صلى الله عليه وسلم بدرا قالت له: أتأذن لي في الغزو معك أمرض مرضاكم لعل الله يرزقني شهادة. قال: قري في بيتك فإن الله عز وجل يرزقك الشهادة فكانت تسمى (الشهيدة) . وقد كانت قرأت القرآن فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في دارها مؤذنا فأذن لها. وكانت دبرت غلاما لها وجارية فقاما إليها فغماها بقطينة لها حتى ماتت وذهبا. فأصبح عمر رضي الله عنه. فقام في الناس فقال من عنده من هذين علم أو من رآهما فليخبر بهما. فأمر بهما فصلبا. فكانا أول مصلوب بالمدينة. ووقع في شرح المنهاج للدميري تبعا لشيخه الأسنوي أم فروة وهو غلط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 حرف اللام المعتنقة " لامك: بفتح الميم، ويقال بكسرها": ويقال لمك أول من اتخذ العود، والغناء. وسببه يطول ذكره؛ قاله السهيلي. وهو أبو نوح عليه السلام. وأول من اتخذ المصانع. حرف الياء " يوسف الصديق عليه السلام": أول من علّم عمل القراطيس. " يوسف بن يعقوب بن ماثان": أول من تنبه لحمل مريم قيل إنه تزوجها ودخل بها فوجدها حاملا فأعرض عنها. وما ذكرها إلا بخير لما رأى من شدة عبادتها «1» ؛ قاله السهيلي في التعريف. " يحيى بن زكريا صلى الله عليهما وسلم": أول من آمن بعيسى عليه السلام. وأول من سمي بهذا الاسم. " يحيى بن يعمر": يقال أول من أحدث الضبط الموجود بين أيدينا اليوم؛ قاله السمين في عرابه. " يحيى بن عبد الحميد الحماني" «2» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 أول من صنف المسند بمصر أسد بن موسى «1» . " يحيى بن خالد بن برمك": أول من أمر من الوزراء. وأول من زاد في الكتب: ونسأله أن يصلي على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. نكبه الرشيد ومات في حبسه بالرافقة لثلاث خلون من محرم سنة تسعين ومائة وهو ابن سبعين سنة. " يعرب بن قحطان": أول من تكلم بالعربية قاله الشريف النسابة. وقاله ابن قتيبة في المعارف قال: وهو أول من حياه ولده بتحية الملك: أنعم صباحا، وأبيت اللعن. " يعقوب أبو يوسف": صاحب الإمام الأعظم أبي حنيفة، ولي القضاء ببغداد لثلاثة خلفاء المهدي وابنه الهادي وابنه ثم هارون الرشيد. أول من دعى بقاضي القضاة «2» . وأول من غير لباس العلماء إلى هذه الهيئة التي هي عليها الآن وكان ملبوس الناس من قبل ذلك شيئا واحدا لا يتميز أحد على أحد بلباسه توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة «3» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 " يعقوب بن اسحاق النيسابوري الأسفراييني أبو عوانة بفتح العين" «1» . أخذ عن الربيع والمزني. وهو أول من أدخل مذهب الشافعي وتصانيفه إلى أسفرايين «2» ؛ قاله الأسنوي. " يعلى بن أمية": يقال أول من أرخ الكتب «3» . " الياس بن مضر؛ جده عليه السلام بكسر الهمزة": موافق لاسم إلياس النبي عليه السلام، والأصح أنه سمي بضد الرجاء. واللام فيه للتعريف، والهمزة همزة وصل. يقال إنه سمي السل، وإياس، وداء الياس؛ لأن الياس مات منه. وفي الحديث:" لا تسبوا الياس فإنه كان مؤمنا". وذكر أنه كان يسمع في صلبه تلبية النبي صلى الله عليه وسلم بالحج. والياس أول من أهدى البدن إلى البيت قاله الزبير. وأول من وضع الحجر بعد الطوفان. " يمن بن يعرب": أول من قال القريض والشعر. " أهل اليمن": أول من أحدث المصافحة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 (فائدة) واعلم: أن الأوائل لهم أثر في الخير [و] . بالشر ولفاعلها ذكر بالخير والشر وقال تعالى: (وأنا أول المؤمنين) . وقال تعالى (إن أول بيت وضع للناس للّذي ببكة) . وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل) . وقال صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئ ومن سن/ (11 وم) في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئ) . (قاعدة) " لنذكر" هنا قاعدة تنفعك عند مطالعتك التواريخ: روى أبو عمر بن عبد البر بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " استمعوا علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض فالذي نفسي بيده لهم أشد تغايرا من التيوس في زروبها". وعن مالك بن دينار:" يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيئ إلا قول بعضهم ببعض". ومن هذا القبيل كلام النسائي في أحمد بن صالح لأنه طرده من مجلسه فكان آفة أحمد الكبر وشراسة الخلق، وقال النسائي: فيه جفاء في مجلسه. وقول يحيى بن معين: رأيته كذابا يخطر في جامع مصر قيل هو أحمد بن صالح، وهو شيخ بمكة كان يضع الحديث. ووقع في المبسوط من قول عبد الله بن وهب: لا تجوز شهادة القارئ على القارئ يعني العلماء لأنهم أشد الناس تحاسدا وتباغضا. وقاله سفيان الثوري ومالك بن دينار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 وقال شيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد «1» . أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس المحدثون والحكام. انتهى. " قلت": والمؤرخون فإن أهل التاريخ ربما وضعوا أناسا أو رفعوا. إما لتعصب أو جهل. أو لمجرد اعتماد على نقل لا يوثق به أو غير ذلك من الأسباب التي أشرنا إلى بعض ذلك أول المقدمة. وقال السبكي:" يشترط في المؤرخ الصدق". انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 [فصل «1» ] في ذكر نواب حلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 ...... * ويلاه ويلاه يا «1» شهبا عليك وقد ... كسوتني ثوب حزن غير متسلب من بعد ذاك العلى «2» بالعز قد حكمت ... بالذل فيك يد الإقدار والنوب وحين جاء قضاء «3» الله ما دفعت ... عنك الجيوش ولا الشجعان بالقضب وأصبح المغل حماما «4» عليك ولم ... يرعو لجارك ذي القربى ولا الجنب وبدلوا من لباس اللين «5» ذا خشن ... نعم ومن راحة الأبدان بالنصب وكل ما كان من مال «6» لديك غدا ... في قبضة «7» المغل بعد الورق والذهب وخربوا ربعك «8» المعمور حين غدوا ... يسعون في كل نحو منه بالنكب وخربوا من بيوت «9» الله معظمها ... وخربوا ما بها من أشرف الكتب كذا بلادي أمست ريح «10» خالية ... وأصبحت أهلها بالخوف والرهب لكن مصيبتك الكبرى التي عظمت ... سبي الحريم ذوات الستر والحجب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 من كل جارية «1» لا شمس تنظرها ... ولا يراها سوى أم لها وأب. يأتي إليها عدو الدين يلطخها ... ويجتليها على لاه ومرتقب. علمه عبد ..... أنفسنا «2» ... ذاك الجمال وشلت منك بالعطب ولاه ... سبحان من «3» نفذت ... أحكامه في الورى حقا بلا كذب. قضى رب «4» بهذا الأمر من قدم ... بحكم عدل جرى في اللوح مكتتب. سألتك «5» الله بالمختار سيدنا ... محمد ذي التقى والطهر والحسب. أن لا ترينا سر حمنا «6» ... ولا تعاملنا بالمقت والغضب. بجاه هذا النبي السيد السند ... الهادي الشفيع الرفيع القدر والرتب. صلى الله عليك إله العرش خالقنا ... والآل والصحب سادات الورى النجب ولقد رأيت علل في سيرته وما فعله بالمسلمين وبلغني أنه في بعض البلاد جمع الأطفال وساق عليهم.. «7» . [ولاية دمرداش عام 802 هـ] رجع: وأقام دمرداش نائبا بها إلى سنة أربع وثمانمائة فعزل عنها وطلب إلى مصر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 [ولاية دقماق عام 804 هـ] فولي عنه الأمير دقماق «1» الخاصكي نائب.. «2» وفي يوم الخميس ثاني القعدة سنة خمس وثمانمائة ورد رسول تيمور الخواجا.. «3» ابن محمود صحبة شرف الدين.. «4» وخاصكي من جهة السلطان فرج وهو قايتباي وصحبتهم هدية إلى السلطان من جملتها فيل.. «5» وباز وسنقر وصقر وقبا قصيركم «6» مزركش بريش وفيه ... «7» . وكان قبل ذلك ورود الأمير شهاب الدين أحمد المذكور ...... «8» وأقام بحلب أياما وصحبتهم ... «9» من أمراء ..... «10» من عندهم أن في بعض. وتصافف هو وإياه للحرب فأمسكه وبعث به إلى القهرة. فلما جاء تيمور إلى الشام وتكرر طلبه له فلم يجبه السلطان إلى ذلك فأرسله مكرما. وسافروا من حلب إلى جهة الروم على طرسوس واجتمعوا بتيمور في الروم ثم أرسل الخاصكي وشهاب الدين ومسعود المذكور وصحبتهم الهدية، فلما وصل السلطان ذلك أرسل لتيمور زرافة. ودخلت حلب يوم عيد الفطر سنة ست وثمانمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 ثم قدم مسعود وصحبته منكلي بغا «1» الحاجب بمصر يوم الثلاثاء «2» رابع شوال من السنة المذكورة ومعهم هدايا من السلطان إلى تيمور منها الزرافة المذكورة ونعامات وقماش وغير ذلك. ثم ورد منكلي بغا الحاجب راجعا من عند تيمور بعد أن مات تيمور وقدومه في جمادى سنة ثمان. [ولاية أقبغا الهذباني عام 6، 8 هـ.] رجع: ثم هرب منها دقماق «3» المذكور وكان قد جاءه الطلب من مصر فوليها أقبغا الهذباني «4» ودخلها يوم السبت سادس عشر جمادى الأولى سنة ست وثمانمائة. وأقام بها نائبا إلى سابع عشر من جمادى الآخرة من السنة فمات ليلة الجمعة السابع والعشرين من الشهر المذكور ودفن من عنده قبل الصلاة بالتربة التي أنشأها داخل جامعه بحلب. فلما توفي جاء دقماق وأخذ حلب- وكان عند التركمان- وجاء معه ابن دلغاز وكزل نائب البيرة «5» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 [ولاية دمرداش الثانية وعصيان الأمير جكم] ووليها عن «1» أقبغا المذكور الأمير دمرداش- وكان نائب طرابلس إذ ذاك- ودخل حلب في مستهل رمضان واستمر نائبا بها إلى شهر شعبان فجاء الأمير جكم إلى حلب فتقاتلوا وانكسر دمرداش. ثم أخذ حلب ونائبها إذا ذاك غائب. [ولاية علان المتوفى 8. 8 هـ] . ثم جاء الأمير نوروز وعلان «2» نائب حلب من حماة فأخرجاه منها فهرب واستمر علان نائبها. وهو الذي وليها عوضا عن دمرداش في سنة ثمان. ودخلها يوم الاثنين تاسع عشر ربيع الأول. [عصيان جكم وتوليه حلب عام 8. 8 هـ] . وقال خاتمة الأدباء تقي الدين ابن حجة: مر قاضي القضاة صدر الدين بن الأدمي «3» على حماة سنة سبع وثمانمائة وهو إذ ذاك صاحب ديوان الإنشاء بالشام والمؤيد كافلها في تلك الأيام وركابه متوجه إلى حلب. والأمير جكم في خدمته بحيث يوصله إلى محل كفالته. وكنت في تلك الأيام بحلب أيام كافلها علان فهرب علان واختفيت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 بعده. فلما حل ركاب قاضي القضاة صدر الدين المشار إليه بحلب توصل بحنوه وصدق محبّته إلى أن أعرف أين كنت مختبأ. فكتب إلى: قصدنا حماة فلم نلق من ... أردنا ولم نرع عهدا وإلا وجئنا إلى حلب خلفه ... فإن كان فيها اجتمعنا وإلا فكتبت إليه الجواب: أمولاي والله حال الجري ... ض دون القريض الذي قد تولا وأرجو وقد [عنت] هوى البلاد ... خلاصي بالصدر منها وإلا ثم قدر الله بالسلامة وتوجهت في خدمته متنكرا إلى دمشق. ثم في سنة ثمان ولي نيابتها جكم «1» من الناصر. وكان شهما مقداما وهو الذي أفنى البرانع «2» الذين استولوا على أنطاكية وما والاها قتلا وواقع نعير على قنسرين وأمسكه ثم جيء به إلى دار العدل ...... «3» شوال سنة ثمان. ثم عزل جكم عن حلب بدمرداش ..... «4» بحلب في تاريخ المذكور قبله. (ولاية جركس القاسمي لحلب عام 809 هـ) . قبله استقر بجركس القاسمي «5» ، ليلة فجاء جكم فهرب ومن ثم قطع جكم خطبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 الناصر، وخطب لأخيه المنصور ثم بلغه وفاة المنصور فخطب للخليفة، ثم خطب لنفسه كما تقدم. [تغلب تمربغا المشطوب على حلب] . ولما قتل جكم في التاريخ المقدم، واتفق ما يأتي من حصار على باك أشار سيدنا قاضي القضاة محب الدين ابن الشحنة بولاية المشطوب «1» تمربغا «2» والكتابة بسببه فورد المرسوم الشريف بذلك وورد تقليده وذلك من الناصر وتقدم أن شيخا حاصره وأخذ القلعة منه، وأعطاها لبنجا كما تقدم، وأما البلد فسيأتي من تولاها. واعلم أن في سادس عشر المحرم سنة عشر حصر على باك بن خليل بن قراجا دلغادر «3» المقتول بحلب في الشارع، الآتي حلب ومعه أمراء من التركمان كامل كبك وقرادي باك وغيرهما. ومن العرب الكعبيون كفد مرو ابن سحج. واستمر ذلك والناس يقاتلونهم خارج السور وكان نزولهم بالميدان الأخضر أياما ثم انتقلوا إلى السعدي. وفي غالب الأيام لما كانوا بالميدان الأخضر، كانوا يأتون باب الفرج يقاتلون فيخرج إليهم العوام والعانيون «4» يقاتلونهم ويستظهرون عليهم. ولما كانوا بالسعدي وما حوله كانوا يأتون كل يوم للقتال فيخرج إليهم العامة ومعهم العانيون وتارة أهل بانقوسا واستمر ذلك إلى تاسع صفر فكبسهم الترك الذين بحلب وهو يوم جمعة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 ومنها ... وكان «1» شيخ قد رأى شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني في النوم فشكا له ما الناس فيه فأشار إليه أن يأتي سيدي الوالد رحمه الله تعالى وأن يأمره وأن يقرأ لهم" عمدة الأحكام" «2» في مجلس وأن يدعو عقب ذلك فإن الله يفرج عنهم فجاء هذا الرجل إلى سيدي الوالد وأخبره بالمنام ففعل سيدي ذلك ففرج الله تعالى عن الناس. [ولاية دمرداش عام 811 هـ] ثم استقر دمرداش في كفالة حلب عوضا عن المشطوب في سنة إحدى عشرة وشرع في الإفساد بين شيخ وبين السلطان وتعاطى أسباب المناكرة بينه وبين الحلبيين فولى التاج قضاء حلب، وكان دمرداش لا يعتقد إسلام التاج، وصرح بأنه ولاه للإنكاء في أهل حلب. [تغلب شاهين على حلب] . واستمر دمرداش نائبا بها إلى أن دخلت سنة عشرة فأرسل شيخ شاهين دواداره «3» إلى حلب ليتسلمها فوصل إلى حلب يوم الجمعة ثاني المحرم فوصل إلى بانقوسا وتسلق السور ففتحوا له الباب يوم السبت رابع محرم فدخل إلى البياضة وهرب من كان بحلب من جماعة دمرداش وطلعوا إلى القلعة وعصوا بها واستمر شاهين حاكما بحلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 وفي تاريخ ابن شهبة في سنة ثلاث عشرة كان نائب حلب دمرداش محصورا مع نوروز بحماة فلما اصطلح شيخ ونوروز في ربيع الأول هرب منها وتوجه نوروز إلى حلب. [تولية تغري بردى] ثم السلطان ولى نيابتها لتغري بردى «1» ابن أخي دمرداش. [تولية نوروز عام 813 هـ] . وبعد أيام قدم قرقماش «2» طائعا فولاه السلطان نيابة حلب. وفي كلام غيره: ثم فوض شيخ نيابة حلب إلى نوروز في سنة ثلاث عشرة. وقال ابن شهبة: في جمادى الأولى استقر نوروز في نيابة حلب. انتهى. فوصل نوروز إلى حلب وتسلم قلعتها من نواب دمرداش بالأمان. [تولية قرقماش ثم لشيخ عام 813 هـ] . ثم وليها عوضا عن قرقماش ولاه إياها الناصر واستقر إلى أن عزل بالأمير شيخ. فوليها الأمير شيخ «3» في أواخر سنة ثلاث عشرة. وفي كلام ابن شهبة: وليها شيخ في ذي الحجة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 ثم قال وفي سادس عشر من الحجة خلع على قرقماش نيابة حلب عوضا عن شيخ وقال غيره: ودخلها في صفر أعني شيخا سنة أربع عشرة. واستقر في نيابتها إلى أثناء ذي القعدة من السنة المذكورة فهجم القلعيون «1» على شيخ ونهبوا خيله لأن السلطان توغر صدره عليه وفي يوم الجمعة خامس الحجة تأهب شيخ للخروج وخرج من حلب يوم السبت ورموا عليه من القلعة إلى أقرب باب المقام وذهب من ذهب فاتفق له ما تقدم في ترجمة الناصر من القتال مع الناصر. وقتل الناصر. [تولية سودون ثم يشبك بن أزدمر عام 815 هـ] وفي تاريخ ابن شهبة في سنة خمس عشرة قال: وفيها كان نائب حلب قرقماش استقر فيها وهو بدمشق في الغور من السنة الحمالة وهي سد سح وفي زمن الحصار استقر في نيابتها قرقماش فلم يتم له فلما اتفق للناصر ما اتفق من قتله توجه نوروز إلى حلب فدخلها في أوائل ربيع الأول الآخر سنة خمس عشرة ورتب فيها نائبا سودون الجلب «2» فمات في ربيع الآخر فولي نيابتها يشبك بن أزدمر «3» ، انتهى ما قرأته في بعض التواريخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 [ولاية طوخ عام 816 هـ] وفي تاريخ ابن شهبة: في شهر ربيع الآخر نزل نوروز نائب الشام على حمص وقد امتنع عليه نائبها اينال فلم يزل به حتى نزل إليه بأمان فعصر ركبتيه وقتل ممن كان معه خمسة عشر رجلا وبعثه مقيدا إلى قلعة دمشق فسجن بها وسار إلى حماة وكان دمرداش قد عاد إلى حلب فخرج منها إلى جهة قلعة الروم فدخل نوروز حلب وعليه تشريفه فقرئ. ثم مضى يريد عين تاب وجعل نائب حلب سودون الجلب ففر دمرداش فقطع الفرات فعاد نوروز إلى حلب فقدمها في ثاني عشر وقد مات سودون فعين لنيابة طرابلس طوخ ولكفالة حلب أزدمر ورجع نوروز إلى دمشق. فأظهر ظلما عظيما واستمر إلى يوم الأربعاء خامس حجة سنة خمس عشرة فركب على جند حلب ورحمة العامة، وخامر عليه غالب جماعته فتوجه إلى جهة دمشق. وجهز أمراء حلب وراء دمرداش يطلبونه فدخل إلى حلب يوم الجمعة سابع الشهر المذكور واستمر إلى يوم الجمعة حادى عشر صفر سنة ست عشرة فبلغه أن نوروز واصل إلى حلب لإخراجه فهرب من يوم الجمعة لجهة العمق بعد أن شوش على جماعة من أكابر الحلبيين فدخل نوروز إلى حلب يوم الاثنين تاسع عشر صفر وأقام بها خمسة أيام ثم توجه إلى دمشق بعد أن ولى نيابة حلب للأمير طوخ «1» . فلما كان يوم السبت رابع عشرين صفر نزل دمرداش ببانقوسا بعساكر كثيرة فلم يلتفت إليه طوخ، وغلق أبواب حلب. وقابله من داخل السور وأرسل وراء العجل يطلب حضوره. فأجابه إلى ذلك فهرب دمرداش ليلة الاثنين سابع عشر نحو العمق، ونزل على حارم واستمر إلى أواخر سنة ست عشرة. ولما كان نائبا بها طوخ كان تغري ورمش الآتي ذكره دواداره بها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 وفي تاريخ ابن شهبة: ولي طوخ مدينة حلب في سنة 816 في صفر انتهى. وطوخ قتل العجل بن نعير عند قرية اللجينة من بلد سرمين في ربيع الأول سنة ستة عشر. [العجل بن نعير] : والعجل يقال أن اسمه يوسف بن نعير بن حيار بن مهنا بن عيسى بن مهنا بن مانع بن حديثة بن عصية بن فضل بن ربيعة، كذا نقلت نسبه من تاريخ ابن شهبة «1» . وقرأت بخط ابن عشائر قال: قرأت بخط شيخنا أبي إسحاق إبراهيم بن محمود الكاتب صاحب الديوان بحلب أن ربيعة: هو ابن الطموم بن حازم بن علي بن ربيعة بن جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك. قال ابن شهبة: ولد العجل سنة ثمانين أو بعدها. وكان كثير الشر والعساكر وأعان على قتل أبيه على ما بلغني، ثم انفرد بعده بالأمر وحضر للمصاف مع شيخ على حمص في آخر سنة تسع. وقاتل قتالا شديدا وأظهر أن ذلك لطلب ثأر أبيه مع شيخ على نوروز. ولما اصطلحا مع الناصر فرج في سنة ثلاث عشرة أخرج/ أقطاع العجل نوروز وساعده شيخ على استقلاله. فلما كان في شهر ربيع الأول «2» سار إلى ظاهر حلب ونزل على السلطان. وكان يخرج إليه طوخ ونائب طرابلس، فلا يلتفت إليهما. وهم بالقبض عليهما على ما قيل فبدره طوخ وقتله. وصار لطوخ بذلك ذكر كثير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 [تولية اينال الصصلاني عام 816 هـ] . ثم ولّى السلطان المؤيد اينال الصصلاني «1» عوضا عن طوخ بالقاهرة في شوال سنة ست عشرة ودخل حلب في ربيع الآخر سنة سبع عشرة وباشر مباشرة جيدة أخيه أهل حلب، وكان له حرمة وهيبة على العرب والتركمان واستقر إلى أن قتل كما تقدم في قدوم السلطان شيخ إلى حلب لأنه أظهر العصيان في رجب وانضاف إليه من انضم وقاتلوا السلطان فانكسر، وقبض عليه. [تولية أقباي عام 818 هـ] . ثم وليها أقباي «2» في سنة ثمان عشرة من المؤيد عند إقامة المؤيد بحلب عوضا عن الصصلاني لما قتله المؤيد كما تقدم. واستمر إلى آخر سنة تسع عشرة أو أوائل سنة عشرين فخرج من حلب خفية وتوجه إلى القاهرة على الهجن لأنه بلغه أنه تكلم في حقه عند السلطان فأكرمه وولاه دمشق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 (تولية الأمير قجقار القردمي عام 820 هـ) . ثم وليها قجقار القردمي «1» . واستمر نائبا إلى أن أمسكه السلطان المؤيد عند عودته إلى حلب من جهة الشمال كما تقدم. (تولية الأمير يشبك اليوسفي عام 820 هـ) . ثم وليها عوضه يشبك اليوسفي «2» واستمر نائبا بها إلى سنة إحدى وعشرين ولما كان نائبا بها رجفت حلب يوم الأربعاء ثاني عشر شعبان من السنة المذكورة رجفة عظيمة أخرجت بعض الناس مشاة وكذا النساء والأولاد على وجوههم لأن فيهم من حضر فتنة تمر وتذكر ما اتفق له في أولاده وحريمه وفيهم من لم يحضره لكن بلغه خبر ذلك. وفي السنة: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) إلى معاملات حلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 وسبب ذلك أن ابن قرالوك عثمان بن الطور كذا رأيته بخط سيدي الواحد رحمه الله- قارب حلب من قرا يوسف المتغلب على بعض بلاد العجم وكنت أنا إذ ذاك صغيرا لأن مولدي في سنة ثمان عشرة فأرسلني سيدي الوالد- رحمه الله- مع بقية الأولاد إلى القلعة واستمرت الرجفة إلى يوم الخميس فرجفوا رجفة أعظم من الأولى وأخرجت الناس عن آخرهم من البلد إلى المعاملات. وأخبرني والدي- رحمه الله- قال: جاءني قاضي القضاة علاء الدين ابن خطيب الناصرية- رحمه الله- وأنا واقف على باب الشريفة المدرسة وأعطاني نفقة. وكانت ذهبا وهو راكب على فرس عربي فأردت أن لا آخذها فحلف عليّ وألزمني بأخذها وقال: ها هنا تظهر الصحبة. ثم تعرف الناس في البلاد ولم يزالوا على ذلك. وأما عثمان المذكور فإنه هرب من المذكور وكان رسم له السلطان أن يقطع الفرات العظمى فما منعوه من ذلك، وتفرق عسكره فرقا وجاء بعض أصحاب قرا يوسف إلى حلب، وقيل دخل منهم أربعة أشخاص من باب القناة وتفرقوا يفتشون على عثمان المذكور وذهبوا إلى بلد سرمين وداروا عليه فلم يجدوه. وفي هذه الأيام تواقع يشبك نائب حلب مع جيش قرا يوسف فوق تل (بابلى) وظهر عنها يشبك عن شجاعة لأنه كان في جماعة يسيرة فقتل جماعة وكسرهم ثم جاء الخبر أن قرا يوسف أحرق بعض عين تاب وأخذ من أهل القلعة الذين خرجوا إليها دراهم اختلف في قدرها فمن يقل ومن يكثر وعاث بها جدا. ثم عدى إلى البيرة وأحرق بعض البلد ثم منها إلى الرها وأخرب، وكان جماعة من أصحاب أبي بكر بن الفوز بقلعتها فقيل إنه لم يشاكلهم وما ذاك إلا أنهم كانوا مستخفين وفي نيتهم قتاله ثم جاء الخبر أنه جاوزهم ورجع على عقبيه وتراجع الناس إلى حلب في العشر الأواسط من شعبان من السنة المذكورة واختلف في سبب رجوعه فقيل إنه مرض وابنه وطعن ومات برأس العين. وقيل إنه رأى نفسه في جماعة قليلة فخاف على نفسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 دخول الشام، ثم جاء الخبر إلى حلب أنه هلك من جماعته ثمانية ومن الخيل نحو خمسة آلاف فرس، ثم لما رجع الناس إلى أوطانهم وجدوا حوائجهم وما خلفوه من المتاع سالما لم يتعرض له أحد من أهل الفساد ولله الحمد. انتهى. وسبب الوقوع بينه وبين قرا يوسف بن قرايلك «1» أن في سنة إحدى وعشرين توجه ابن تيمور إلى جهة تبريز لمحاربة قرا يوسف فاشتغل قرا يوسف بما دهمه من ذلك فمشى قرايلوك إلى ماردين وهي من بلاد قرا يوسف فكسر عسكرها وقتل منهم نحوا من سبعين نفسا وأخذ من بلادها ثمان قلاع ومدينتين وحول أهل اثنين وعشرين قرية بأموالهم وعيالهم وسكنهم ببلاده واستمر على حصار ماردين فلما بلغ ذلك قرا يوسف انزعج وسار ففر منه إلى آمد فتبعه ونازله بها فانهزم منه إلى قلعة نجم وأرسل إلى نائب حلب يستأذنه في الوصول إليها فاشتد الأمر على أهل حلب كما تقدم خوفا من قرا يوسف ثم أرسل كافل حلب كتابا إلى السلطان بما اتفق وفيه أن قرا يوسف ابن قرايلك بعد أن عدى الفرات ووصل إلى نهر المرزبان فهجموا عليه من شميساط فوقع «2» بينهم مقتلة عظيمة بمرج دابق ثاني عشر شعبان فانهزم قرايلك ونهبت أمواله ونجا في ألف فارس إلى حلب. وانزاح أهل حماة عنها حتى ترك الناس الأبواب مفتحة فانزعج السلطان وأمر بالنهي إلى الشام وكتب إلى العساكر الإسلامية بالمسير إلى حلب وكان وصول الخبر يوم الاثنين ثالث شعبان بعد المغرب على يد بردبك نائب عين تاب. وذكر أن ولد قرا يوسف وصل إلى عين تاب فرمى فيها النار فهرب النائب منها وأن السبب في ذلك تحريض يشبك الدوادار الذي كان أميرا الحاج وهرب من المدينة فيقال أنه اتصل بقرا يوسف وأغراه ببعض الممالك الشامية ثم ظهر أن ذلك ليس بحق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 وجمع السلطان الخليفة والأمراء والقضاة ليتشاوروا في القضية فلما اجتمعوا سأل عن البلقيني وكان أمرهم أن يحضر فعرف أنه لم يبلغه ذلك فانزعج بدر الدين العيني لكونه كان رسوله إليه واستمر ينتظره إلى أن حضر فقص عليه قصة قرا يوسف وما حصل لأهل حلب وحماة ثم بلغ ثمن الحمار خمسمائة والاكدش خمسين دينارا ثم ذكر لهم سوء سيرة قرا يوسف وأن عنده أربع زوجات فإذا طلق واحدة دفعها إلى قصر له وتزوج غيرها حتى بلغ عدد من في القصر أربعين امرأة يسميهن السراري ويطؤهن كالسراري. بملك اليمين. فاتفق الحال على كتابة فتوى متضمنة سوء سيرته فصورت وكتبت وكتب عليها البلقيني «1» ومن حضر المجلس يتضمن جواز قتاله. وأعجب السلطان ما كتب الحنبلي وأمر أن ينسخ ويقول على الناس فانصرفوا ومعه الدوادار الباني والخليفة والقضاة فنادوا بأن قرا يوسف طرق البلاد وأنه يستحل الدماء والفروج والأموال وخرب البلاد فالجهاد الجهاد فذهل الناس عند سماع النداء واشتد القلق جدا وكتب إلى نائب الشام وأن ينادي بذلك في كل مدينة ويضيف إلى ذلك أن السلطان واصل بعساكره ثم نودي في الأجناد أن يتهيئوا في السفر ومن تأخر صنع به كذا فاشتد الأمر فخيروا بين المشي في خدمة الأمراء وبين الاستمرار في أجناد الحلقة. ثم وردت كتب قرا يوسف إلى حلب وإلى السلطان يعتذر عن دخوله عين تاب ويعاتب على إيواء قرايلوك ويعلم السلطان أنه باق على المودة وأن قرايلوك أخذل ماردين وغيرها. وحلف في كتابه أنه لم يقصد دخول حلب وإنما إليها. وجهز السلطان خلعه لكافل حلب وشكر فعله وفتر عزم السلطان عن السفر. وأهل عين تاب صالحوا قرا يوسف على مائة ألف درهم وأربعين فرسا فرحل بعد إحراق الأسواق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 وامتنع الناس بالقلعة، ثم رحل في تاسع عشر رمضان إلى بلاده، وكان السلطان ندم وقرايلوك وعوقب قرا يوسف بموت ولده. انتهى. ثم إن السلطان المؤيد جرد من الأمراء المصرية إلى حلب ثمان أمراء للإقامة بحلب. ووصلوا في شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين وهم الطنبغا القرمشي «1» والطنبغا الصغير «2» (بغير تصغير) والأمير طوغان «3» والأمير الطنبغا المرقبي «4» وشرباش قامسوا وأزدمر الناصري «5» ، وجلبان، وأقبلاط الدمرداشي «6» فوصلوا إلى حماة وكان نائبها اينال دوادار نوروز فمسكوه حسب المراسيم الشريفة بذلك لهم واستقر في نيابتها أقبلاط المذكور ثم وصلوا إلى حلب. فيما هم مقيمون بلغهم وفاة المؤيد. وتوفي في شهر المحرم كما تقدم واستخلاف ولده وأن أتابك ولده تتر المذكور. فحصل لهم أمر عظيم فقصدوا التوجه للقاهرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 ويشبك نائب حلب بحلب وتكرر لهم المكاتبات بسرعة الحضور فخرجوا من حلب وجاء الأمير الكبير القرمشي ليودعه فطلع يشبك إلى مأذنة جامع الناصري داخل دار العدل فأشار إليه بالسلام الأمير الكبير وخرجوا من حلب. ويذكر أن يشبك طلب منجمه ابن الفلكي واستشاره بالخروج إليهم فقال له: هذه ساعة لا أرى لك بالخروج فيها فلم يلتفت إليه ولم يصغ إلى قوله. فخرج في أثرهم، فقتل، وقطع رأسه. وكان أضمر سوءا كثيرا لأهل حلب فوقاهم الله شره وجعل كيده في نحره. وعلق رأسه بباب القلعة وهو الظالم على المصريين وذلك يوم الثلاثاء رابع عشر من محرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة. ثم دفن مع عظم رأسه بعد يوم في المكان الذي أنشأه بحلب عند باب السر. ثم أخذت جلدة الوجه والرأس بعد أيام فدفنت معه. فلما اتفق ذلك عادوا إلى حلب ونهبوا موجوده، وأقاموا أياما. انتهى. [مقتل علي النسيمي] وفي أيام يشبك المذكور قتل علي النسيمي الزنديق. ادعى بدار العدل بحضور شيخنا المذيل «1» وشمس الدين بن أمين الدولة وكان إذ ذاك نائب الشيخ عز الدين وقاضي القضاة فتح الدين المالكي وقاضي القضاة شهاب الدين وأخيه «2» الحنبلي المدعو ابن الحازوق بألفاظه المنسوبة إليه: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا، أو نفتن عن ديننا وكان قد أغوى بعض من لا عقل له وتبعوه على كفره وزندقته وإلحاده. فقام للدعوى عليه ابن الشنقشي الحنفي وعلماء البلد. فقال له النائب: إن أنت أثبت ما تقول فيه وإلا قتلتك. فحجم عند سماعه هذا الكلام عن الدعوى. والنسيمي لا يزيد في كلامه على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 اللفظ بالشهادتين، ونفى ما قيل عنه فحضر عند ذلك الشيخ شهاب الدين بن هلال وجلس فوق القاضي المالكي وأفتى في هذا المجلس بأنه زنديق وأنه يقتل ... «1» لما جلس فوق المالكي انحرف منه. ثم إن ابن هلال قال للمالكي لم لا تقتل هذا الزنديق. فقال له المالكي: أتكتب خطك بأنه يقتل. فقال: نعم. فكتبت له صورة فتوى، فكتبت عليها فعرض خطة على شيخنا المذيل وبقية القضاة والعلماء الحاضرين فلم يوافقه على ذلك. فقال له المالكي: إذا كان القضاة والعلماء لا يوافقونك كيف أقتله بقولك. فقال يشبك: أنا لا أقتله فإن السلطان رسم لي أن أطالعه وأنظر ماذا يرسم السلطان فيه. وانفصل المجلس على ذلك ودام عند النائب بدار العدل في الاعتقال وطولع المؤيد بخبره. ثم بعد ذلك حصل للنائب خروج إلى العمق فأخرجوه إلى سجن القلعة فورد مرسوم المؤيد بأن يسلخ ويشهر بحلب سبعة أيام وينادى عليه، ثم تقطع أعضاؤه ويرسل منها شيىء لعلي باك بن دلغادر وأخيه ناصر الدين وعثمان قرايلوك فإنه كان قد أفسد عقائد هؤلاء ففعل ذلك به «2» . وهذا الرجل كان كافرا ملحدا نعوذ بالله من قوله وفعله وله شعر رقيق أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 [ولاية الطنبغا الصغير عام 824 هـ] . ثم استقر في نيابتها الطنبغا الصغير «1» وفي الحجوبية الكبرى شاهين الإيدكاري «2» عوضا عن عمر ..... شهري. وكان قد توجه نائب عنه إلى طرطوس. وكان النائب بقلعة حلب شاهين الأرغون شاوي. ثم إن الأمراء توجهوا من حلب فوصلوا إلى دمشق وكان النائب بها جقمق فحصل بين الأمراء وبينه أمر ثم ....... «3» فحصل لهم النصر وطردوه فتوجه إلى قلعة صرخد ونهبوا موجوده، وأقاموا بدمشق. وكان قبل ذلك قد انسحب «4» مقبل الدوادار من الأبواب الشريفة إلى عند نائب دمشق المذكور فلما انكسر توجه صحبته هو وطوغان أمير آخور فإنه كان قد خامر على رفقته وصار من حزب نائب دمشق وبلغهم أن المظفر نزل من القاهرة وصحبته الأتابك ططر وعلي باي الدوادار وتغري بردي ربيب قصروه أمير آخور ودخلوا دمشق في جمادى الأولى فلما اتفق ذلك مسكهم جميعهم بالقلعة ما خلا طوغان فإنه توجه صحبته نائب الشام إلى صرخد وأزدمر الناصري فإنه كان له معهم ابنان فقيل الطنبغا القرمشي وبهر المرقبي الطنبغا وشرباش وانصرف إلى القدس. ثم حضر السلطان بعد ذلك إلى حلب. وقبل وصوله نزل أهل القلعة وكبسوا الطنبغا الصغير بدار العدل فانسحب «5» في نفر يسير وتوجه إلى جهة كركر ثم عاد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 مختفيا إلى حلب عند حلول الركاب السلطاني ثم توجه في جماعة من أصحابه إلى عند نائب كركر فخرج عليه التركمان وقتلوه وغالب من معه. [تولية اينال الساقي الجكمي عام 824 هـ] . فأقام السلطان بحلب إلى شهر شعبان وقرر في كفالة حلب الأمير اينال الساقي وهو الجكمي «1» وفي الحجوبية أحمد بن شهري وفي نيابة القلعة يشبك الساقي والأمير باك رأس نوبة تتر. [تولية الأمير تغري بردي عام 824 هـ] . فلما قصد السلطان العود إلى القاهرة، واقتضت الآراء الشريفة عزل اينال المذكور واستقرار تغري بردي المذكور نائبا بحلب. ولما وصل السلطان إلى الشام أمسك «2» الأمير علي باي الدوادار واينال الجكمي واينال الأزعرس وجماعة من الأعيان. واستقر تتر سلطانا ولقب بالظاهر وذلك في رمضان فتوجه بالعساكر ودخل القاهرة، فلما كان نهار الأربعاء مستهل الحجة شق تغري بردي نائب حلب العصا، وخرج عن طاعة السلطان وأمسك عمر سبط بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 شهري والأمير بردبك العجمي «1» والحاج قطلوبغا من المقدمين بحلب وجماعة من أمراء حلب وانسحب أقبلاط أتابك العساكر وصحبته بعض أمراء حلب إلى حماة فإن أقبلاط لما وصل السلطان عزله من نيابة حماة وعوضه بالإمرة الكبرى بحلب. واستقر في نيابة حماة جار قطلو. وفي نيابة الشام تنبك ... «2» عوضا عن جقمق فإن السلطان لما وصل دمشق أرسل أمانا للأمير جقمق على يد مقبل الدوادار فحضر للأمير فأمسك وقتل واستقر مقبل أتابك العساكر بدمشق وأقبل طوغان أمير آخور وجهز إلى القدس الشريف. وأما ما كان من تغري بردي فإنه استمر على عصيانه، وحاصر قلعتها وكان يشبك نائب القلعة قد طلب إلى الأبواب الشريفة، واستمر باك بمفرده بالقلعة ودام القتال بين أهل القلعة وبينه. ولما كان خامس الحجة توفي السلطان تتر وولى ولده السلطنة واستقر برسباي «3» نظام الملك وطرباى أتابكا «4» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 وأمسكوا من الأمراء بالقاهرة يشبك الدوادار الذي كان انسحب إلى جهة قرا يوسف قديما وجانبك الصوفي فلما بلغ [تغري بردي «1» ] نائب حلب ذلك جد في حصار القلعة وعلى أهل البلد في الجنايات فابتهل الناس إلى الله تعالى فيه فلما كان نهار الاثنين سابع عشرين الحجة أشار أهل القلعة لعوام المدينة بالهجوم على النائب وطرده فكبسوه بدار العدل فانسحب في نفر يسير وفرج الله تعالى عن الأمراء المعتقل عليهم وخرج النائب من البلد وتوجه إلى حارم واجتمع بالأمير كزل «2» فإنه كان نازلا على بلد حارم يستخرج منهم الأموال وعادوا نهار الأربعاء تاسع عشرية إلى حلب فخرج إليه أمير عمر سبط بن شهري وباقي الأمراء والعوام ولم يمكنوهم من الوصول إلى الجدران فلما كان آخر النهار توجه إلى جهة الباب في نفر يسير وعاد غالب جماعته وأكابرهم مثل كزل ودواداره وأمير آخوره ورأس نوبته وغالب مماليكه ومن كان بخدمته وكان قد جهز إلى التركمان منهم متولي بن كبك الأوشرى وابن كردي الكيدري وغيرهم فانسحبوا صحبته بعد أن أمسك العوام جماعة من التركمان وسلبوهم. (تولية قاني باك عام 825 هـ) . ولما كان نهار السبت ثاني شهر المحرم سنة خمس وعشرين ورد الخبر (بنقل) «3» قاني باك البجاسي الذي كان نائب طرابلس وولي عوضا عن المذكور. وورد عليه المرسوم الشريف بولايته يوم عزله سنة أربع وعشرين حلب وصحبة العساكر وهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 اينال نائب صفد المستقر الآن في نيابة طرابلس والنائب بغزة. وعسكر الشام صحبة دوادار كافل الشام ومقبل الدوادار أتابك العساكر بالشام وحاجب الحجاب وغالب عسكرها وعسكر حماة- وورد مرسوم إلى عمر سبط بن شهري لحلب والأمور أقبلاط أتابك العساكر بحلب أن يتوجهوا بمن عندهم من العسكر أثر المخذول فتوجهوا نهار السبت المذكور. ولما كان يوم الأحد ثالث شهر محرم حصرت العساكر ولم يدخلوا البلد ونزلوا شمالي حلب. وتوجهوا يوم الاثنين رابع شهر تاريخه إلى جهة الباب في أثر الأعداء فلحقوا التركمان على جانب الفرات فقصدوا نهبهم فدخلوا على كافل حلب وقالوا نحن رعية السلطان وقطعوا عليهم أغناما وانسحب تغري بردي النائب وكزل ولم يتحقق إلى أي جهة توجهوا وعاد كافل إلى محل كفالته نهار الاثنين حادي عشر المحرم. وفي نهار الأربعاء سابع عشرين من المحرم سنة خمس وعشرين ورد الخبر أن تغري بردي دخل إلى بهسنى في أربع نفر باتفاق مع نائبها شراباش ولما ورد الخبر بذلك كاتب الأمير قاني باك البجاسي كافل حلب الأبواب الشريفة بهذا الخبر على يد أمير آخور وعاد «1» في سادس عشر ربيع الأول منها. وفي صفر ورد الخبر من بردبك نائب كختان أن تغري بردي كاتبه على أنه يتفق معهم فأجاب السمع والطاعة وطلب منه اليمين على الوفاء وأن تجهز إليه أكبر جماعة ممن يثق إليه ليحصل اليمين والاتفاق فجهز إليه شرباش نائب بهسني ولما وصل إلى القرب من كختا نزل في زورق أكراد للراحة فجهز نائب كختا وأعلم الأكراد أن قصده إمساك المذكور ونزل إليه من القلعة ومسكه وجماعته وصعد به إلى القلعة بكختا وبعض جماعته هرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 وفي ثالث ربيع الآخرة خرج العسكر المنصور صحبة كافل حلب إلى جهة العمق ولما كان ثاني جمادى الأولى ورد الخبر من الأبواب الشريفة باستقرار الأشرف برسباي عوض الصالح، ودقت البشائر، وزينت المدن سبعة أيام، واستقر سودون (بن) «1» عبد الرحمن «2» دوادار وقصروه أمير آخور. واستمر الحصار لعسكر حلب على قلعة بهسنا ونازلوها إلى سلخ شعبان فحضر نائب حماة جار قطلوبغا بعساكر حماة ونزل على القلعة وفي عشرين رمضان حضر نائب حلب وأقام بها يومين وثالث يوم بلغه الخبر أنه عند عودته إلى حلب جهز ربيب قصروه المذكور وطلب الأمان من جارقطلو نائب حماة فآمنه ونزل إليه فلما بلغه ذلك خرج من حلب، وتوجه إلى بهسنا وأحضروا المذكور إلى حلب وأودع سجن القلعة وهو يقيم بها إلى سلخ جمادى الأولى سنة سبع وعشرين ثم برزت المراسيم الشريفة في ربيع الأول سنة ثمان وعشرين بقتله فقتل. واستقر المشار إليه في كفالة حلب. واستقر في نيابة بهسنا جربغا. وكان في ربيع الآخر سنة ست وعشرين حضر الناصري محمد بن منجك وعلى يده مرسوم شريف بطلبه إلى الأبواب الشريفة. فتوجه صحبته في جماعة يسيرة فرضي عليه السلطان ورسم له بالعود إلى كفالة حلب، فعاد إليها في آخر جمادى الآخرة واستمر إلى عاشر رمضان بها فتوفى قاني باك كافل الشام فولى البجاسي كفالته بالشام وتوجه إليها وأرسلوا معه من حلب القاضي شهاب الدين بن زين الدين الموقع ليوصله إلى معاملته على عادتهم في ذلك فوصل إلى الشام وأحسن إليه وأعطاه مائة فلورى «3» وخلعه وأمر جماعته أن يخلعوا عليه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 [تولية الأمير جار قطلو عام 826 هـ] . واستقر في كفالة حلب جار قطلو با «1» كذا كان يكتبه في علامته بالراء وشيخنا المذيل سماه جان- بالنون- فوصل إلى حلب في أول يوم أو ثاني يوم من شوال سنة ست وعشرين. وكان شهما مع جنون. واستقر في كفالة حماة عوض جلبان المؤيدي أمير آخور. ولما كان نهار الأربعاء تاسع صفر سنة سبع وعشرين برزت المراسيم الشريفة إلى برسباي الحاجب بالشام وإلى نائب القلعة بها وسائر الأمراء بإمساك البجاسي المذكور فكبسوه بدار السعادة فركب عليهم وكسرهم ومسك بعض الأمراء وانسحب الحاجب وأقام بدار العدل بدمشق أربعة أيام فبلغه أن عساكر مصر واصلة صحبة سودون عبد الرحمن «2» الدوادار المستقر في كفالة الشام عوضه وصحبته مقبل نائب صفد ونائب عزة ونائب القدس ومن انضم إليهم فلما بلغ ذلك البجاسي خرج من دمشق وتوجه لمقابلتهم فوجدهم على الجسر المعروف بجسر يعقوب من ذلك الجانب فنزل من الجانب الشمالي والعساكر من الجهة القبلية، ولما كان نهار الثلاثاء خامس عشر صفر حضر سودون عبد الرحمن ومن معه من العساكر، ودخل دمشق فلما بلغ ذلك البجاسي رجع إليهم ودخل نهار الأربعاء سادس عشر الشهر المذكور فاجتمعت عند باب القلعة فرفس البجاسي وأراد أن يدخل وعدى باب الجابية إلى عند جامع مرجان الطواشي فلما رآه العسكر رفسوا عليه والمكان ضيق فتفرق عنه جماعته وأدار فرسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 ليرجع فتقنطر وسقط عن الفرس فلحقوه، وضربوه بسيف ورمح وحملوه إلى قلعة الشام. وانكسر عسكره ونهبوا ما معهم. واستقر جار قطلو في كفالة حلب إلى جمادى الأولى سنة ثلاثين. وهو الذي كتب إلى أهل عين تاب وخرج من حلب وحده من باب النيرب لئلا يشعر به أنه خرج إلى عين تاب وتبعه شهاب الدين كاتب السروما زال راكبا، وأرسل شخصا من الطريق بين يديه وقال له: من وجدته في الطريق فأمسكه فسار فإذا هو براكب فأمسكه فإذا هو نذير إلى عين تاب يعلمه بأن الكافل واصل فوصل الكافل إلى عين تاب بكرة النهار فإذا هو بعلي باك قد سكر تلك الليلة، وبات عند قينة وهو نائم فأرسل إليه فأيقظه وأخبره بوصول الكافل فنزل ومنديله في عنقه فأمسكه وجاء به إلى حلب ثم ادعى عليه بأنه قتل ابن عمّه وفي غضون الدعوى سل علي باك سيف محمد الحاجب بحلب وهو الذي كان ماسكا بجنزيره ليقتل غريمه فجذبه الحاجب بجنزيره فوقع إلى الأرض فضربه المدعى فقتله ثم إنه غسّل، وكفن ودفن بالجبل إلى جانب السور. انتهى. [تولية حلب للأمير قصروه عام 830 هـ] . ثم وليها قصروه «1» - نائب طرابلس- وكان لين الجانب محبا للعلماء يحضر معهم المدارس وحضر مع شيخنا المذيل دروسه بمدارسه ودرس شيخنا درسا حافلا بالعصرونية والرواحية. أما درس الرواحية فكان في الصلاة الوسطى فذكر فيها أقوالا عديدة وأفاد فوائد جمة وظهر فيه عن علم كبير. انتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 وعمر قصروه المشار إليه مقام سيدي عبد الله الأنصاري «1» خارج حلب- كما سيأتي- ووقف عليه وقفا آل إليه ثم عزل عن كفالة حلب إلى كفالة دمشق وتوجهت صحبة شيخنا المذيل إلى قصروه قبل وصول الخبر إليه بكفالة دمشق فبشره بذلك، ففرج عنه، وسر، وقال لشيخنا: أنت إن شاء الله تعالى تصير قاضيا بدمشق وذلك في سنة سبع وثلاثين فصلى شيخنا عنده الجمعة بجامع الناصري. في دار العدل بحلب فسمعته يقول لشيخنا: وأن مكاني شخص يقال له:" قرقماس". وعنده حد فاصبروا له أو كلاما معناه هذا. [تولية حلب لقرقماس علم 837 هـ] فاستقر قرقماس الشعباني في كفالة حلب، ودخل حلب في العشر الأول من رمضان. قال شيخنا ابن حجر: ومن الاتفاق أن رفيقا لي لما كنا في سفرة آمد قبل أن يدخل حلب رأى أن الناس اجتمعوا يطلبون من يؤم بهم فرأوا رجلا ينسب إلى الصلاح فسألوه أن يؤم بهم قرقماس وكان ففي الحال حضر وتقدم فصلى. فوليها بعد ذلك. وكان شهما، مقداما، أمن الناس في أيامه من قطاع الطرق والحرامية وكان إذا وقع في قبضته أحد منهم علقه بكلاليب تحت الواجه. وخرج مرة إلى الموكب فسار إلى مدينة الباب وحده فوجد جماعة من العربان ينعلون خيلهم فنكل بهم وامتنع العرب في أيامه من ركوب الخيل وحمل الرماح وصاروا يخوفون أولادهم الصغار منه حتى كان البدوي إذا دخل بفرسه إلى الماء ليشرب فامتنعت يقول لها قرقماس في الماء. ثم وشي به إلى السلطان بشيء يقتضي العصيان فورد المرسوم الشريف بطلبه إلى القاهرة في صفر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 [تولية الأمير اينال الجكمي ثانية عام 839 هـ] وتولى عوضه اينال الجكمي المتولي نيابتها أولا المقتول في محنة تغري ورمش بدمش وكان شجاعا جوادا ودخل اينال المذكور حلب يوم السبت ثالث عشر ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين. فلما كان تاسع عشرين ربيع الآخر جاء القاصد على الهجن وقت الغروب أو بعده باستقراره في كفالة دمشق عوضا عن قصروه بحكم وفاته. [تولية الأمير تغري ورمش عام 839 هـ] واستقر السيفي تغري ورمش «1» واسمه أولا حسين بن أحمد من أهل بهسنى في كفالة حلب أ، وكان عاقلا مدبرا متطلعا إلى أحوال رعيته، وما زال رأيه رائدا وعقله تاما حتى أظهر مخالفة السلطان فزال عنه ذلك. ولقد بلغه أن ابن تيمور المدعو (شاه رخ) «2» لما أن بلغه أن السلطان فعل بقاصده صفا ما فعل بالقاهرة قصد التوجه إلى بلد الشام فأظهر تغري ورمش شجاعة عظيمة وطلب أهل البلاد وأرمى عليهم رجالة كثيرة وذكر لبعض رؤساء حلب أنه إن جاء (شاه رخ) أمرت أهل حلب ومعاملتها أن يذهبوا إلى أنطاكية، وأخليت له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 البلد فإن هذا معه جيش عظيم يريدون أكلا كثيرا فإذا جاؤوا وجدوا البلاد خالية ماتوا جوعا فإذا نزلوا على البلد كبسهم وصار يرسل جواسيس يكشفون خبر (شاه رخ) وفي كل وقت عنده خبر حتى إنه لما قتل حضر بعض جواسيسه إلى حلب. ثم إنه سافر من حلب وصحبته العساكر إلى جهة مرعش ليحصل حمزة بن دلغاز «1» ثم عاد إلى حلب، ثم سافر إلى الأبلستبن لمسك ناصر الدين فوصل إلى الأبلستبن ومعه من العساكر نائب حماة إذ ذاك قانباي الحمزاوي فلم يجده فنهب الأبلستبن ثم عاد إلى حلب في رمضان سنة تسع وثلاثين. ثم ساق العساكر صحبته وذلك في محرم سنة أربعين وهم: أمير من مصر جقمق أتابك الجيوش الإسلامية، ويشبك المشد حاجب الحجاب «2» وتغري بردي المؤذي «3» وقاني باك، وأركماس الدوادار «4» ، وقراقجا الحسيني «5» ، وخجاسودون ومعهم أتباعهم، ونائب طرابلس جلبان، وأمراء التركمان وحرب بني كلاب إلى جهة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 سواس خلف ناصر الدين المذكور فوصل إلى آغ صاغ وتفسيره بالعربية" الجبل الأبيض"- فوجد تركمان ابن دلغار وبيوتهم وفلاحين بلد الأبلستبن وماشيتهم فنهبهم وأخرج منه الخمس فجهزه للأمراء المصريين الذين صحبته وبيع رأس البقر بثلاثة دراهم والشاة بدرهم وأقام هناك ثلاثة أيام ثم عاد إلى سيواس وصحبته العساكر وجعلهم أطلابا «1» وألبسهم آلة الحرب جميعها ومر بهم على سيواس ونزل ظاهرها ولم يفتح له المدينة وجهز له نائبها من جهة ابن عثمان تقدمة فقبلها؛ وهي خيل ووشقة حية. فأرسل له خلعة. ثم عاد إلى حلب وأخرب الأبلستبن وغيبته خمسون يوما- وسيأتي في زاويته طرف من أخباره- ثم أقام بحلب إلى آخر شوال سنة إحدى وأربعين. وتوجه إلى أرزنكان «2» ومعه الأمراء المصريون- وسيأتي تعينهم في الزاوية التي أنشأها بحلب- وأخذ (قلعة برظلش) ونقل إليها من قلعة أقشار وحصنها وسلمها مع أقشار لصاحب قلعة ملي حصار ثم توجه إلى أرزنكان وصحبته العساكر وجهان كير بن علي باك بن قرايلوك «3» - صاحب ماردين وديار بكر- ونزلوا «4» بمرج يدعى بالعربية:" المرج العريض" وبينه وبين أرزنكان فحضر إليه أكابر أرزنكان ومعهم مفاتيح البلد ودخلوا في الطاعة الشريفة فسلمها لجهان كير. وأما القلعتان المذكورتان فعاد إليها صاحبها حسن وتسلمها في غضون ذلك. انتهى. ثم رحل العساكر عن أرزنكان متوجهين إلى جهة حلب وعند إقامته على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 أرزنكان سمع بوفاة الأشرف فلما رجل عن أرزنكان عاد صاحبها يعقوب بن قرايلوك «1» ثم جهان كير إليها وطرد المذكور ولما أشيع وفاة الأشرف تنكر عسكر مصر ونائب الشام منه ولم يجتمعوا به. فلما نزل بالقرب من درندة حضر إليه قاصده من حلب وأخبره بحضور اينال الأحمدي الخاسكي مبشرا باستقرار العزيز ووفاة الأشرف فأرسل الأمير الكبير بحلب مطع وسودون الدوادار وكاتب السر القاضي نور الدين إلى عسكر مصر يعرفهم بوفاة السلطان واستقرار ولده وأنه هو وهم مماليك الأشرف ومماليك ولده بعده، وأن يكونوا على كلمة واحدة على طاعة العزيز المذكور. ورحل في أثر من أرسلهم طالبا جهة حلب فلما وصل إلى مكان يسمى بالعربية:" السبع الحجر". من معاملة الأبلستين كان «2» المصريون إذ ذاك نازلين بالمكان فحين عاينوا فوانيسه رحلوا على الفور ليلا طردا خوفا منه قبل اجتماعهم بمن أرسل إليهم. وفي بكرة النهار رحل طالبا الأبلستين وصرف أمراء التركمان وألبسهم خلعا وكان المصريون نازلين بها وبمكان يسمى" زلى خان" بالقرب منها فحين رأوا طلبه رحلوا على الفور ولم يصبروا «3» إلى استواء طعامهم فجهز إليه نائب الشام يقول له ما سبب إسراعه في الرحيل إثر المصريين وأن يجتمع تغري ورمش به فركب ليجتمع بنائب الشام فوجد نائب الشام راكبا مطلبا فخشى على نفسه وعاد ولم يجتمع به. وعند نزول تغري ورمش بزلي خان رحل عنه نائب طرابلس ونائب حماة ونزلوا على المصريين فلما وصل تغري ورمش إلى النهر الأزرق كتب كتابا إلى نائب الغيبة بحلب ونائب القلعة وأكابر حلب يأمرهم أن لا يمكنوا من يحصل منه ضرر على الرعية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 من الدخول إلى حلب. فلما قطع عقبة (قالي بالي) ونزل تحت العقبة وكان المصريون إذ ذاك نازلين بلوك «1» فحضر إليه خجا سودون وأحسن السفارة بينه وبين المصريين وأوقع الصلح بينهم من غير أن يجتمع بهم. ثم رحل المصريون إلى عينتاب وتغري ورمش في أثرهم فنزل المصريون بعينتاب وتغري ورمش بمرج دلوك فحضر اينال الأحمدي المذكور إلى عند تغري ورمش وقرأ المرسوم الشريف عليه من مضمونه أن يجلس في خيمة نائب الشام هو والعساكر الإسلامية على طاعة العزيز وكان به إذ ذاك قولنج فحلف وهو ينقلب من وجهه في خيمة نفسه وجهز كاتب السر إلى نائب الشام والمصريين يحلفهم فقال نائب الشام المرسوم الشريف ورد أن يحضر إلى عندي ويحلف بخيمتي. فقال له كاتب السر حلف بخيمته وهو ضعيف فامتنع نائب الشام وأمر المصريين وغيرهم من الحلف حتى يحضر تغري ورمش إلى خيمته حسبما اقتضت الآراء الشريفة. وتوجه المصريون ونائب الشام وطرابلس وحماة إلى جهة حلب فرحل هو ونزل بعينتاب واستمر مدة ضعيفا فلما حصل له البرء حضر إليه تمرازا أحد أمراء المصريين ونائب حماة رسلا من جهة نائب الشام والمصريين أن يجتمع بهم قبل وصولهم إلى حلب كل منهم بمملوك فتردد في ذلك وكان تارة يحسن له التوجه وتارة لا يحسن له ذلك فرحل ونزل بقرية (سنادر) » بالقرب من كلز فحضر إليه قاصد نائب الشام يعرفهم أن المصريين لا يمكنهم الاجتماع به إلا بعساكرهم فلا يحضر فاستمر مقيما بسنادر. وأخذ في أهبة قصاد يرسلهم إلى حلب للكشف عن أخبار المصريين فلما وصل المصريون إلى حلب خرج إليهم نائب الغيبة ومعه الكتب المجهزة إليه من تغري ورمش المقدم ذكرها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 فحصل أمر عظيم عندهم. وأخذوا الكتب لتعرض على المسامع الشريفة ثم حضر هو إلى حلب في العشر الأخير من المحرم سنة اثنين وأربعين وثمانمائة. واستمر نائبا بها إلى أن ولي السلطان جقمق فخرج عن طاعته وأظهر العصيان وسيأتي ما اتفق له في عصيانه في فصل المدارس والزوايا في مدرسته التي أنشأها بحلب إن شاء الله تعالى. [تولية الأمير جلبان عام 843 هـ] ثم استقر جلبان «1» في كفالة حلب، ثم إنه عزل. ولما كان نائب طرابلس وأخذ تغري ورمش طرابلس هرب وأظهر لجيشه أن قصده مقابلة تغري ورمش وأرسل من يكشفه إلى جسر (أرطوسيه) . فلما كان في جسر الحديد طلب طريق القاهرة فمر على جسر البحصاص وكان نائب الشام إذ ذاك اينال يخشي من جلبان العرب إلى جهة السلطان فأرسل جماعة ليقفوا له عند درجة نهر الكلب وهو مكان ضيق فجاوز جلبان قبل إدراكه، ووضع جلبان مركبا في البحر خشية أن يدركه فيذهب في البحر فسار المركب في البحر وهو في البر مقابله إلى الرملة فأقام بها إلى أن أتاه عسكر المصريين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 [تولية الأمير قانباي الحمزاوي عام 843 هـ] واستقر قانباي الحمزاوي «1» في كفالة حلب ودخلها في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة. انتهى كلام شيخنا المذيل «2» وسيأتي من تولاها بعده في الذيل إن قدره الله تعالى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 [الحوادث على السنين] [سنة اثنين وأربعين وثمانمائة] في يوم الخميس ثاني عشر من رمضان توفي العلامة قاضي القضاة شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن نعيم بن مقدم «1» بن محمد بن الحسن بن خالد بن حاتم «2» ابن محمد بن علي البساطي «3» المالكي. شيخنا قاضي مصر؛ وكان كتب بخطه الكوفي فظهر أن نسبه لبعض قرى سباط. ومولده في أحد الجماديين سنة ستين وسبعمائة. واشتغل في فنون وبعد صيته، وسمع الحديث على عبد الرحمن البغدادي. وقال شيخنا شيخ الإسلام رفيقه «4» لم يشتغل بالحديث. وكان عرافا بالمعقول والعربية والمعاني والبيان والأصلين، وصنف فيها تصانيف. وفي الفقه أيضا وناب في الحكم عن ابن عمه جمال الدين لمدة وغيره مدة. فذكره ططر للمؤيد فولاه مشيخة التربة الظاهرية ثم القضاء عقب موت الأقفهسي «5» في جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين فاستمر نحو عشرين سنة متوالية وهو على ولايته. وعين للقضاء بعده الشيخ عبادة «6» فامتنع وكان يميل إلى كلام ابن عربي ويجادل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 عنه؛ وسبب ذلك ما وقع بينه وبين العلامة علاء الدين علي بن محمد بن محمد البخاري الحنفي ومولده «1» البخاري سنة تسع وسبعين وسبعمائة ونشأ بها وتفقه بأبيه. وعن العلامة عبد الرحمن. وقرأ على العلامة سعد الدين التفتازاني. وبرع في المنقول والمعقول. واستوطن الهند وعظم قدره عند ملوكها لما شاهدوه من دينه. وتوفي بالشام في خامس رمضان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة «2» رحمة الله تعالى. رجع: اجتمعت ........... «3» وسيأتي وسمعت عليه. وفي أواخرها عزل شيخنا المذيل قاضي المسلمين علاء الدين أبو الحسن علي بن شمس الدين أبي عبد الله محمد بن سعد بن محمد بن علي بن عثمان بن إسماعيل بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب بن علي بن هبة الله بن ناجية الطائي الشافعي سبط العلامة قاضي المسلمين فخر الدين ابن خطيب جبرين عن قضاء حلب وورد كتاب القاضي شرف الدين أبو بكر بن علم الدين سليمان سبط المجد بن العجمي بذلك فاجتمع أصحابه ببيت القاضي ضياء الدين محمد بن النصيبي الشافعي وشق عليهم ذلك فأرسلوا إليّ فحضرت فأعلموني بذلك فشق عليّ لأنه كان لي كالوالد إحسانا وشفقة وتربية فجئت إلى بيته وسلمت عليه فرأى الغضب في وجهي فقال: ابتدأ عزلت عن قضاء حلب. قلت له: نعم. وكان مستشعرا بذلك. وسبب عزله أن السلطان الظاهر جقمق قدم إلى حلب صحبته الأشراف فأرسل إليه يطلب منه من مال الأيتام قرضا خمس مائة (أشرفي) «4» فاعتذر شيخنا بأنه لا مال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 للأيتام تحت يدي. وكان صادقا فحقد عليه بسبب ذلك وأضمر له السوء ثم لما خرج تغري ورمش عن الطاعة وكانت العادة أن القضاة يغيبون ولا يحضرون إلى الخارج عن الطاعة فأراد شيخنا أن يفعل ذلك فجاء إليه بعض الناس وأشار عليه بأن لا يفعل وكان غير مصيب في رأيه ولا أدري هل أشار عليه بذلك خبثا أم لا فأقام شيخنا فبلغ ذلك السلطان فحرك ما كان كامنا عنده. فلما ظفر بمقصوده وقتل تغري ورمش بادر إلى عزله وولى شيخنا القاضي زين الدين أبا حفص عمر بن المبارك الخرزي. وأرسل توقيعه إلى حماة فلزم شيخنا بيته، وانكف عن الأحكام «1» وأظهر السرور والفرح وقال: أنا كنت في ضيق لأنني كنت مشتغلا عن العلم بالأحكام فلما وصل توقيع ابن الخرزي بالقضاء فرح فرحا زائدا. وأنشدني القاضي عماد الدين قاضي سرمين في عزله: إني وإن تهت «2» في الدنيا بحبكم ... وبت من كل واش غير محترز فالرب يعلم في سري وفي علني ... أني عن الدر لا أعتاض بالخرز ومدحه الشيخ خاطر فقال: يا سيدا نال في العلياء منزله ... سمت على فلك العلياء عن زحل لا تطلبن المعالي يا ابن بجدتها «3» ... فأنت من قبل تطلاب العلاء «4» علي وله فيه: أقول لأقوام رووا جود حاتم ... وفضل ابن ادريس وقوم تقدموا لئن شرعا للفضل والجود مذهبا ... فإن خطيب الناصرية يختم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 وله: لئن فخرت بالسبق طيء بحاتم ... وطالت به في الملتين «1» كرامها فبابن خطيب الناصرية أصبحت ... على هامة الجوزاء تبنى خيامها وما ضر خير المرسلين جميعهم ... إذا سبقته الرسل وهو ختامها رجع: ثم حضر ابن الخرزي إلى حلب بسرعة في أثناء شهر صفر من سنة ثلاث وأربعين، ولبس تشريفه، وسكن ببيت ابن سلار بالجلوم فبلغ ذلك شيخنا فهم بالسلام عليه وأن يرسل له شيئا من الهدية فجاء إليه من أشار عليه أولا بما تقدم ومنعه من ذلك، فأم القاضي الجديد بحلب وأقام شيخنا ملازما بيته للإشغال والاشتغال. وكان مكبا على ذلك محبا للعلم وأهله، وأذكر لك صفة اشتغاله: كان يخرج من بيته إلى بيت الكتب من ثلث الليل الآخر فيطالع إلى صلاة الصبح ثم يصلي الصبح ثم يشتغل حتى يضحى النهار فيفتح عليه الباب للقضاء بين الناس فيدخل عليه الفتاوي والأوراق فيكتب على الفتاوي والأوراق فيكتب على الفتاوي ويثبت «2» الأوراق فإذا فرغ من ذلك أقبل على المطالعة فإن جاء أحد محدثيه يجده يطالع فلا يتكلم معه إلا كلمة أو كلمتين ثم يقبل على المطالعة فإذا قرب الظهر أغلق الباب وأقبل على المطالعة حتى يدخل وقت العصر فيصلي العصر ثم يجيء إلى المدرسة الشرفية إلى عند والدي- رحمهما الله تعالى- فيذكر له ما أشكله فيتذاكر إلى قرب المغرب ثم يذهب إلى بيته فيصلي المغرب ثم يدخل بيت الكتب للمطالعة إلى بعد صلاة العشاء بزمان ثم يدخل إلى حريمه. فلما أقام شيخنا في بيته على الصفة المذكورة جاء إليه من جاء إليه أولا وثانيا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 وقال له: الرأي في ذهابك إلى مصر لتزيل ما في خاطر السلطان منك. وإن أنت أقمت يقول السلطان هذا عزلت فما التفت إليّ. ويتأثر منك، ويحصل شر عظيم. فما زال به حتى حركه للسفر إلى القاهرة فاهتم في ذلك وسافر من حلب إلى القاهرة فدخلها/ (11 و) في يوم الاثنين رابع عشر ربيع الآخر من سنة ثلاث كما قاله شيخنا شيخ الإسلام أبو الفضل ونزل بيت صديقه القاضي شرف الدين المشار إليه وخرج وسلم على السلطان فأرسل له ألف دينار فقال السلطان: هذا يرشيني على القضاء. فبلغ ذلك شيخنا فخرج إليه وقال له: هذا قدمته لمولانا السلطان لا على سبيل الرشوة، بل كنت نذرت إن مكن الله السلطان بمن خرج من طاعته يكون عندي لبيت مال المسلمين ألف دينار، ففرح السلطان بذلك ظاهرا. ولما سافر من حلب قال القاضي ابن الخرزي: استعجل القاضي علاء الدين في ذهابه إلى القاهرة فإن السلطان لا يوليه هذه الأيام فكان ما قال. فأقام شيخنا بالقاهرة والناس يأتون إليه من كل فج ويتكلمون في العلوم الشرعية، وهو يتكلم فيها فكل أحد أثنى فضله وعلمه. فقدم القاهرة (حطط) نائب القلعة بحلب وكان له يد عند السلطان لأنه هو الذي أمسك القلعة له، وحفظها عليه ولم يمكن تغري ورمش من أخذها ففرح السلطان به وخلع عليه وأعاده إلى ولايته فلما خلع عليه خلعة السفر استعرض حوائجه فقال: أريد أن تولي قاضي حلب القضاء وأن آخذه معي فأجاب إلى ذلك وخلع عليه وأعاده إلى وظيفته فسافر إلى حلب وكان ذلك أثناء شعبان؛ قال شيخنا أبو الفضل. ورأيت بخط بعضهم أنه أول رمضان وشيخنا أعلم بذلك وسافر ابن الخرزي إلى حماة. وكان ذلك في الشتاء فمرض شيخنا المذيل في الطريق ووصل حلب وهو متوعك في أواخر رمضان وكان معه في هذه السفرة دواداره محمد فمرض أيضا معه ومات قبله بيسير وتحدث بعض الناس بأنهما سقيا فالله أعلم. ثم ثقل في المرض وكان مرضه ذات الجنب فلازم الفراش فدخلت عليه يوما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 مسلما وفي يدي صحيح مسلم فقال لي: إلى أي مكان وصلت في قراءة مسلم بالجامع؟ فقلت له إلى صلاة الخوف. وكان متكئا فجلس وتكلم على كيفيات صلاة الخوف وما قال الناس فيها. ومن قال إنها نسخت. وأطال الكلام جدا. فقال له من حضر: أنت ضعيف وفيما ذكرت كفاية. فسكت. ودخل عليه طبيبه وهو سليمان الحكيم فقال له ما وجعك. قال: ذات الجنب فشق عليه ذلك لأنه يعلم أنه من الأمراض المخوفة. وصار يكرر ذات الجنب. ذات الجنب. فقال له بعض الحاضرين: قتلته. وتزايد به الألم إلى أن مات بعد العشاء بقليل في الليلة المسفرة صباحها عن يوم الأربعاء عاشر القعدة سنة ثلاث وأربعين. وحضرت غسله فكان نير الوجه، وغسله الشيخ يوسف الكردي «1» وصلى عليه بالجامع العمري «2» ثم الأموي «3» ثم النوري «4» . وكانت جنازته عظيمة. وحمل نعشه كافل حلب قانباي الحمزاوي «5» وصلى عليه عند باب دار العدل ثم عند جامع دمرداش ثم عند جامع الطواشي ثم خارج باب المقام ودفن في تربة أعدها لنفسه خارج باب المقام رحمه الله تعالى. وشمت بعض الناس بموته فأذكرني ذلك ما قال منصور التميمي الفقيه الشافعي: قضيت نحبي فسر قوم ... حمقى بهم غفلة ونوم كأن يومي عليّ حتم ... وليس للشامتين يوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 ومما قال غيره: فقل للشامتين بنا أفيقوا أ ... ستلقون الممات وتلحقونا. ومما قال غيره: تشفى بشيء لا يصيبك مثله ... وإلا فشىء أنت وارده فلا. وكان رحمه الله ينصف أصحابه، ويقوم بحوائجهم ويتكلف مشاقهم ويحتمل عنهم. ولله در القائل وهو منصور التميمي: قد قلت إذ مدحوا الحياة فأكثروا ... للموت ألف فضيلة لا تعرف منها أمان لقائه بلقائه ... وفراق كل معاشر لا ينصف ومولده في سنة أربع وسبعين وسبعمائة بحلب ونشأ بها فحفظ القرآن العزيز والمنهاج، وألفية ابن مالك، وألفية الحديث، وقرأ على مشايخ بلده كالشيخ زين الكركي والشيخ شمس الدين النابلسي، وقرأ على العلامة محب ابن الشحنة من (المطول) للعلامة سعد الدين، وسمع مع والدي على الشهاب ابن المرحل «1» وابن عمه شرف الدين الحراني والسيد عز الدين نقيب الأشراف وغيرهم. ولازم والدي وقرأ عليه بعد التسعين وسبعمائة. وناظر مشايخه وباحثهم. واعترفوا بفضله وحفظ سيرة ابن سيد الناس وكتبها بخطه ورحل من حلب إلى القاهرة في سنة ثمان وثمانمائة فسمع ببعلبك وبدمشق على عائشة بنت عبد الهادي وبالقاهرة من الشريف النسابة وأحمد بن عبد القادر السبكي. وقرأ على الشيخ ولي الدين العراقي، والشيخ جلال الدين «2» ابن البلقيني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 وبرع وكتب العالي والنازل والطباق وناظر. ثم قدم حلب فلازم الإفتاء والإشغال. وولي قضاء حلب كما تقدم. أخبرني أنه أرق ليلة فتذكر أن بعض الخلفاء أرق وكان قد طفى سراجه فأمر بتحويل فراشه فإذا حية تحته. قال: فحولت مخدتي فإذا أنا بحية تحت مخدتي. ثم إنه حج من حلب حجة عظيمة. وكان الشيخ بدر الدين ابن قاضي شهبة قال لوالده: ائذن لي في الكتابة على الفتوى. فقال له: القاضي علاء الدين متوجه إلى الحج فاستأذنه فلما حضر إلى دمشق استأذنه فأذن له وأخبرني من كان حاضرا معه أنه دخل إلى جامع دمشق والشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة يدرس فلما رآه قام إليه وتواضع فقال له القاضي علاء الدين: درس في مكانك. فدرس فتكلم معه القاضي علاء الدين فأبهره هذا والقاضي علاء الدين غافل عن مكان الدرس. والشيخ تقي الدين طالع لك المكان. ثم حج ورجع إلى بلدة فلا قيته في «1» حماة. ثم بعد الثلاثين لازمته وكتبت حكمه ثم أقلعت عن ذلك. ولما كتبت حكمه «2» رأيت في منامي أن منهاجي سقط من يدي في بعض الأخلية. فنسيت ما كنت حفظت منه. ثم أقلعت عن كتابة حكمه، وانقطعت للاشتغال ففرح بذلك فرحا شديدا. وقرأت عليه قطعة في شرحه على (حديث بريرة) فكتب لي: بلغ الفاضل. ثم كتب لي: بلغ العالم. وكان قلمه يابسا. ثم قال: إن أكملت عليّ قراءة هذا الكتاب كتبت لك العلامة. فصادف سفره من حلب فما أتممت عليه. وحضرت دروسه بالمدارس والجامع وكان يقرأ عليه بالجامع/ (12 و) م (التمهيد) لابن عبد البر و (منهاج البيضاوي) وحليت (كذا) عليه من المنهاج. ورأيت في بعض الليالي في منامي أنني في منزل والدي وشيخنا المشار إليه عندي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 وإذا أنا بشخص قد دخل إلى البيت وبشخص يمشي بين يديه ومعه شمعة ومعه كتاب فلما وصلا إلى المكان الذي نحن فيه فإذا هو الإمام ناصر الدين الشافعي «1» والمزني «2» : فوضع المزني الكتاب بيت يدي شيخنا وقال له: انظر هذا الكتاب فقال له شيخنا: هذا المسند سقط منه عقيل، فضحك الشافعي حتى انقلب عليّ، ثم قال المزني هذا الذي قلت لك. فقلت أنا للشافعي: يا إمام هذا عقيل بن خالد- وهو بضم العين- وكذلك يحيى بن عقيل. وكذلك عقيل: القبيلة. وكل ما في صحيح البخاري ومسلم غير ذلك فهو بفتح العين. فقال الشافعي: أنت تحفظ كتاب ابن الصلاح؟ قلت: نعم. فقال لي: لم لا تدرس الفقه ثم سقاني من كفه شربة ماء. فاستيقظت وجئت إلى شيخنا فأخبرته المنام فبكى. ثم إنه حبب لي مراجعة المنهاج فراجعته. وكان شيخنا المشار إليه كلما قدم إلى حلب فاضل أنزل في مدرسته وأجرى عليه الأدرار حتى يرتحل من حلب. وكان لا ينظم «3» الشعر، ونظمه فيه ركة. وأنشدني في مرض موته: إذا ما بات لحدي من تراب ... وبت مجاور الرب الرحيم فهنوني أصيحابي وقولوا ... لك البشرى قدمت على كريم (لغز في قطايف) : وقد كتب إلى شيخنا المشار إليه القاضي شهاب الدين أحمد بن القاضي زين الدين عمر الحلبي نائب حلب لغزا في قطايف:" ما يقول مولانا الأديب، والعالم الأديب، في ذاتها لها شكل موصوف، ووصف معروف، لها في القلوب وقع ومحل وصحبتها في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 الأحباب لا تمل، إن أودعتها سرا فقد أودعتها فخرا، جرت كريم الأمهات والتعدد في الصفات، ولاسمها طلاوة، وعليه حلاوة. وبعضه اسم طائر. وباقيه بغير معنى صائر. وإن حذفت أوله فهو إنسان أو طارق من الجان، وإن قرنته بعد الحذف بأداة تعريف فهو مكان بغير تحريف: ومودعة سرا وأنت تلومها ... إذا ذاع منها سرها عند شربها تحن للقياها الأنام وإنما ... تسام بنقص عند مغزى «1» يحبها فأجابه شيخنا: وقف المملوك على لغز مولانا البديع الحسن فوجده قد حوى فرعي البلاغة واللسن، وبادر إلى حل ما خفي من رموزه وكشف ما استتر من كنوزه. فإذا هو خماسي الحروف. لإن أودعته السر عدّ من الظروف. طاب ذكره وحلا وكرم أصله وعلا إن صحفته بعد حذف خمسيه فهو بالسقم موصوف. أو قلبته مصحفا صار مكانا بالفضل معروف. وإن كررته على فيك/ (12 ط) م. فكل ما عنده من السر يوليك فلله در منشئه. لقد أربى على فضله. وأغدق وابل علمه ووصله انتهى. [لغز في منبر] : وكتب شيخنا المذيل إلى المشار إليه بعد ذلك لغزا في منبر فما أجاب: ما تقول في اسم رباعي الحروف، معدود في الظروف، إن قصد تعريفه فهو معروف، أو طلب وصفه فهو بعلو الرتب موصوف، مفعول وهو مرفوع، محمول وهو موضوع، مفرّق وهو مجموع، مركب وهو من الصرف غير ممنوع، إن حذف منه حرفان عاد حرفا واحدا، أو عكست محذوفه صار صاحبا مساعدا، أو استعملته مطرودا كان في أطراف البحر موجود. يحار النحوي في تأليفه. ويعجز عن جمعه وتصنيفه، وإن تكلف له جمعا. فليس له نظير قطعا. وإن شدد ثانية مع حذف باقيه حلا في النفوس ذكره. وطاب خبره. وخبره، وإن تشأ كان ذكره مذموما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 ومعانيه ملوما، إلا أن تدعو عليه مع أنه لم يقترف ذنبا فيما لديه، وألفيته ينادى عليه بشرط أن لا يباع مع أنه عين ظاهرة يحل بها الانتفاع. انتهى. ورآني يوما أدرس (جمع الجوامع) «1» فأمرني بدرس (منهاج البيضاوي) فتقاعدت «2» عن ذلك ثم رأيت بعد مدة الشيخ سيف الدين الآمدي في النوم فأصبحت ودرست المنهاج المذكور، ورآني أكتب شرح الزركشي على المنهاج وهو الديباج في النقيصة «3» ومنه الزنا والسرقة لنقص القسيمة بهما والآباق ذكرا كان أو أنثى وقيّدها في الكفاية ..... «4» والأصح اعتبار مصيره عادة. فأخذ الكتاب من يدي وكتب قوله: والأصح إلى آخره. هذا خلاف المذهب فإن الأصح في المذهب وهو المجزوم به في الروضة أنه لا يشترط الاعتياد في الزنا والسرقة وإلا بات خلافا للغزالي. وأمامه والله تعالى أعلم انتهى. وفيه أماكن غير ذلك. وقال لي يوما: تتفكه قبل أن تتغدى؟ فقلت له: ما معنى هذا؟ فقال: طالع الروضة والشرح فإنها بمنزل الخبز واللحم. وأما شروح المنهاج فإنما هي بمنزلة الفاكهة وكان يطالع (الشرح الكبير للرافعي) والروضة ويكثر مطالعتها بحيث إنه يحفظ منهما الورقة والورقتين وينقلهما بالحرف ويحفظ شرح مسلم وقرأ غالبه على والدي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 وكان عالما بالفقه والأصول. وكان اشتغل به أخيرا. وينزع الفروع وحفظ كتاب (التمهيد للأسنوي) «1» في ذلك. وقيل له مرة وهو في السفر المطلق المفيد ما يقول فيهما؟ فأخذ يذكر هذه المسألة وما بنى عليها من الفروع حتى عجب الحاضرون من ذلك، وكان عالما باللغة «2» يحفظ (التوضيح لابن هشام) وكان عالما بالفرائض. وأما كتابه على الفتوى فنهى به مع قلة الألفاظ والإتيان بالمقصود وكان قائلا برضاع الكبير لأنه أمر زوجه أن ترضع محمدا دواداره وهو كبير وصار يدخل عليهما بذلك وكان يميل إلى أن الواقف على معين لا يشترط قبوله وحكم بذلك مرة ومال إلى النصوص في غير موضع. وهو اختيار العراقيين وخلائق وصححه الروياني «3» وابن الصلاح وهو الصواب المفتى به وهو الراجح في الروضة في كتاب السرقة. وصنف «4» تصانيف منها:" الطيب الرائحة في تفسير الفاتحة «5» ". و" ضوء البصيرة في شرح حديث بريرة" و" الدر المنتخب في تاريخ حلب" وشرح قطعة من الأنوار في الفقه وغير ذلك. وكان حليما عفيفا، نزيها. يغض عن عورات الناس. لا يتكلم في أحد إلا بخير نظيف اللسان، ويتصام قصدا عما يكره. وافتقده أهل حلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 ورثاه شيخنا قاضي المسلمين محب الدين أبو الفضل ابن الشحنة بقصيدة وأنشدني إياها أ ب ناحت على سلطانها العلماء ... وبكت لفقد علائها الشهباء وانهد ركن أي ركن شامخ ... للمسلمين ويتم الفقهاء فلئن رأينا الشهب يوم مماته ... لا بدع لما أن تغيب ذكاء والله مات العلم في حلب به «1» ... يا من له طلب ومنه ذكاء من بعد شيخ المسلمين وحبرهم ... قاضي القضاة سيرفع السفهاء من للمدارس بعده علّامة ... من للفتاوى إن بغي إفتاء جل المصاب به وعمّ فموته ... قسما مصاب ليس عنه عزاء الله أكبر يالها من ثلمة ... في دين أحمد مالها إرفاء يا شيخ الاسلام ارتحلت برغمنا ... فانسر قوم مالهم أكفاء فلك البشارة قد قدمت على الذي ... ترجو تراحم جوده الرحماء والله أكرم أن يضيع عالما ... دانت له في علمه العلماء بل سوف يجلس فوق كرسي لدى ... ملك العباد ويجمع الشهداء كيما يفاض عليه من خلع الرضى ... مزجية من سندس خضراء ويخصه الله الكريم بفضله ... بشفاعة فيمن يرى ويشاء يا ابن الخطيب سقى ثراك بواكر ... من رحمة لا تنقضي سخّاء ويثاب فيك المسلمين مصابهم ... فاليوم حقا ماتت الآباء وأنشدها شمس الدين ابن انشا على قبره بصوت حسن فأبكى الناس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 ومررت يوما على بابه فإذا الكلاب جالسة على دككه فذكرت ما كان مكتوبا على قصر جعفر بن فلاح «1» : يا منزلا لعب الزمان بأهله ... فأبادهم بتشتت لا يجمع إن الذين عهدتهم بك مرة ... كان الزمان بهم يضر وينفع وقاله أبو حية النميري وقد رأى باب محمد سليمان خاليا بعد موته: فإن يمس وحشا بابه فلربما ... تواطح «2» أفواجا إليه المواكب يحيون بساما كأن جبينه ... هلال بدا وانجاب عنه السحائب ويا غائبا من كان يرجى إيابه ... ولكنّ من قد ضمن اللحد غائب وفي أواخر هذه السنة يوم الخميس في الثامن عشر من الحجة وقع القبض على القاضي زين الدين عبد الباسط وسبب القبض عليه أنه لما كان الأشرف سلطانا كان لا يلتفت إلى الظاهر ولا يوقره ولا يعظّمه بل كان يهزأ به فيوغر صدره عليه، فلما وليّ السلطنة انتقم منه. وفي سابع عشر قتل تغري ورمش على باب القلعة ودفن بمكانه الذي انشأه تحت القلعة. «3» وفي أوائل رجب من هذه السنة توفيت فاطمة بنت شرف الدين الأنصاري «4» أم القاضي زين الدين عمر بن السفاح. ولها سند وكانت دينة أ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 سنة ثلاث وأربعين [وثمانمائة] في ثالث المحرم أمر عبد الباسط دواداره بإحضار ما في منزله من المال فكان ثلاثين ألف دينار، فاستقل السلطان، فاستأذن السلطان في بيع موجوده فبلغت مصادرته إلى مائة ألف دينار وثلاثين ألف دينار وطلب منه ألف دينار فأنزلها بعض الناس إلى خمسمائة ألف دينار، وقطع على مملوكه جاني بك عشرة آلاف دينار فباع حوائجه ثم تقرر الحال على ثلاث مائة ألف دينار فتكلم معه فأظهر العجز فحبس في البرج فقلب الله قلب السلطان فأخرجه وسلمه إلى نائب القلعة فأنزله في غرفة وذلك أعلى ما في القلعة فأقام بها أكثر من شهر ثم أفرج عنه يوم الاثنين حادي عشر ربيع الآخر وخلع عليه خلعة. وتوجه إلى مكة المشرفة ليلة الاثنين ثامن عشر الشهر المذكور. وفيها تقرر جلبان «1» في كفالة حلب عوضا تغري ورمش «2» وذلك يوم الأحد سابع عشر ربيع الآخر. وأجرى النهر واجتهد فيه. ثم استقر الحمزاوي «3» في كفالتها بحكم انتقال جلبان إلى دمشق. وتقدم في الكفالة متى دخلها. وجلبان أجرى النهر، وعزل طريقه، وسد عورته، وأخرج على ذلك مالا كثيرا من أموال أرباب الأملاك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 سنة أربع وأربعين [وثمانمائة] في ثاني المحرم وصل القاضي عبد الباسط من مكة إلى القدس. وفيها وصلت هديته إلى السلطان. ومنها مائة شاش وتحف هندية وحبشية وثمانمائة قبلها السلطان وخلع على قاصده. وفي أثناء صفر استقر شيخنا القاضي زين الدين ابن الخرزي في قضاء حلب عوضا عن شيخنا المذيل وفي أثناء ولايته هذه كتب بعض أهل حلب من أصحاب الشرور قصة على لسان حلب والفقهاء بأمور كذب فيها أن نائبه مجد ابن الكركي وولده يأخذان الرشوة ويقولان من زاد ركب. فورد تغري البريدي بالكشف عليه وإن صح ذلك فيعزل ويصعد به إلى القلعة فاجتمعت الفقهاء بدار العدل عند الكافل وأثنوا عليه وكذبوا ما في القصة بالكتب إلى السلطان أن الأنباء غير صحيحة «1» وإعطاء البريدي مائتي دينار. [القاضي الفقيه ابن الخرزي] : وشيخنا القاضي ابن الخرزي كان فقيها، نحويا، أصوليا، طيبا، دينا، خيرا ومثالا للأخلاق، عارفا بالأحكام قدم قبل فتنة تيمور وقرأ/ (14 و) م على تاج الدين العجمي. وقرأ على جماعة بحماة وحضر إلى القاهرة عدة مرار وأثنوا على فضله وقرأ الطب على شهاب الدين ابن زيتون. قرأت عليه بعض شرح الدميري على المنهاج، وأذن لي بالإفتاء والتدريس. وكان يقول أنا من ذرية عبد الله بن مبارك ومولده سنة سبع وسبعين وسبعمائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 وقرأ على جمال الدين بن خطيب المنصورية «1» والشيخ سراج الدين البلقيني والشيخ عبد الله المدرس بطرابلس، وعلاء الدين بن الملقي «2» . وسمع على شيخنا أبي الفضل بن حجر وقرأ أولا على السراج القوي «3» قرأ من التسهيل قطعه، وقرأه مرتين. [القاضي محب الدين أحمد بن نصر الله البغدادي] : وفي ليلة الآخر ثاني عشر جمادى الأول منها توفي شيخنا قاضي القضاة محب الدين أحمد بن نصر الله البغدادي الحنبلي- قاضي مصر- كذا رأيته بخطي عن تاريخ شيخنا أبي الفضل. وسمعت ولده جمال الدين يوسف يقول: إنه توفي صبيحة يوم الأربعاء خامس عشر جمادى الآخرة. سمعت عليه بحلب لما قدم صحبة الأشراف، وكان يكتب على الفتوى جيدا وعلمه مشهور، ولما قدم حلب قبل تيمور، وولد في رجب سنة خمس وستين وسبعمائة. ورأيت بخطه أنه ولد يوم السبت ضحوة سابع عشر ببغداد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 وقرأ على الشيخ شمس الدين الكرماني وكتب له: إن الهلال إذا رأيت نموه ... أيقنت أن سيصير بدرا كاملا. ولقبه شهاب الدين، وسمع من ابن رجب بدمشق وابن المحب، وبحلب من ابن المرحل، وقرأ صحيح مسلم قبل تيمور بحلب، ودخل القاهرة سنة ثمان وثمانين. قال رفيقه شيخنا أبو الفضل: ومن الاتفاقات أني كنت أنظر في دمية القصر فمررت في ترجمة المظفر أبي علي هذه الأبيات: بلاني الزمان ولا ذنب لي ... بلى إن بلواه للأمثل وأعظم ما قد أتى صرفه ... وفاة أبي يوسف الحنبلي سراج العلوم ولكن خبا ... وثوب الجمال ولكن بلي فوقع في نفسي أنه يموت بعد ثلاثة أيام بعدد الأبيات فكان كذلك. [ابن سحلول] وفي يوم الجمعة قبل المغرب سلخ جمادى الآخرة منها توفي الشيخ شمس الدين محمد بن الشيخ ناصر الدين محمد بن سحلول- شيخ الشيوخ بحلب- وصلى عليه بكرة النهار في الجامع الأموي، ودفن خارج الخانقاه السحلولية «1» . وكان شكلا حسنا ظريف الشمائل، يلبس الثياب الفاخرة ويليق به، ويركب حمارة كبيرة حسنة وكان كريم الأخلاق يعطي للفقراء ويطعمهم ويؤثرهم. وآثرني عند وفاته بتدريس الخانقاه. وأعطاني كتاب الوقف. وكان يحبني ويعظمني. ثم إني أعطيت الكتاب لابن أخيه شمس الدين. وولي شيخ الشيوخ بعده الشيخ علاء الدين أبو الحسن علي الهاشمي وفيها يوم الأربعاء ثاني رمضان توفي المقر الشرفي أبو بكر بن علم الدين سليمان سبط المجد بن العجمي بالقاهرة. رحل من حلب. ودخل القاهرة سنة سبع وثمانمائة وهو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 في غاية من الفقر. وكان يحب أن يكتب في الإنشاء وكان كاتبا عند ابن/ (64 ط) م سلار نائب قلعة حلب وكان معظما «1» تيمور، وكان شكلا «2» حسنا كان عارفا بمباشرة الناس كتابة الإنشاء. نشأ بحلب ثم انتقل إلى القاهرة فاتصل بخدمة جمال الدين الأستادار فحظي عنده واتصل به اتصالا شديدا، وصار لا يفصل أمرا إلا به وأثرى بسبب ذلك. فلما قتل جمال الدين أراد الناصر قتله، ثم شفع فيه بعض مماليك جمال الدين وكان الملوك قد قدمه جمال الدين للسلطان فأطلقه السلطان. ثم ندم السلطان على إطلاقه، فتطلبه فاختفى وسار إلى مكة، وأقام بها مدة. ثم قدم القاهرة فعاشر الناس بتواضع زايد وعقل وحشمة، وعدم نقل الكلام فأحبّه عبد الباسط وقدمه، وصار يشاوره ويسامره ويتيمن بمشاورته. ولما سافر عبد الباسط إلى الحج أراد السلطان عزله فأخذ من مال عبد الباسط جملة، واصعد هذا للسلطان، وقال له: إن عبد الباسط قال إذا احتاج السلطان إلى شيء فأعطوه كذا ففرح السلطان، وعظمه. ورجع عن همته فرعاها القاضي عبد الباسط له وزادت منزلته عنده ووليّ نيابة كتابة السر بالقاهرة وحضر إلى حلب صحبة الأشرف إلى حلب فأحسن إلى أصحابه بحلب وراعى المودة القديمة ثم رجع مع السلطان إلى القاهرة. ثم في سنة تسع وثلاثين ولاه كتابة السر بحلب، وخلع عليه في ثالث ربيع الأول، وقرر في وظائفه ولده معين الدين وطلب ابن السفاح إلى القاهرة لأنه كتب إلى السلطان يحذره من غائلة قرقماش يطلب الحضور فصادف توجه الهجان بطلبه فسبق قاصده فعرف السلطان بمراده فأذن له في المجيء وحنق على ابن السفاح، فعزله من كتابة السر وتوجه قرقماش على الهجن في أربعة عشر يوما في سادس ربيع الأول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 فلما قدم أكرمه وفي صبيحة دخوله خلع عليه أمير سلاح فكان جقمق، وخلع على اينال الجكمي «1» بحلب وعوتب قرقماس بأنه كاتب جاني باك الصوفي فتنصل من ذلك. وسافر الجكمي وشرف الدين في رابع عشر ربيع الأول إلى حلب فأقام بحلب ونزل ببيت ابن شبابوا بالقرب من المدرسة الصاحبية «2» ، وباشر بدين وعفة وحشمة زائدة وعقل وراعى أصحابه وزاد في إكرامهم. وكان شيخنا المؤرخ يتردد إليه لأنه صاحبه دائما ويسمر عنده وكان ينزل إلى الجامع فيصلي الصبح، ويسمع قراءة البخاري، وخلع عليّ خلعة سنية يوم الختم. وراعى ما بيننا من القرابة والرحم. وفي رمضان «3» توفي الإمام علاء الدين علي بن الصيرفي «4» الدمشقي الشافعي ورأيته بدمشق وترجمته في مشايخي. وقال له شيخنا شمس الدين بن ناصر الدين: هذا هو ولد الشيخ برهان الدين وكان في الحج. فقال: ادع لنا أما علمت أن دعاء الغائب مستجاب، فقلت حتى يرجع إلى أهله. وقد رجعت إليكم وأنتم أهلي. فعجب لسرعة الإجابة فأثنى عليّ وكان دينا، خيرا، محدثا متواضعا حسن الأخلاق/ (15 و) م مطرح الكلفة. وفيها توفي الشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن الرسام الحموي الحنبلي القادري ذكرته في مشايخي، وترجمته، وليّ قضاء حلب مرارا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 سنة خمس وأربعين [وثمانمائة] في شهر صفر قدم الشيخ سراج الدين أبو حفص عمر بن موسى الحمصي المخزومي «1» الشافعي- غير قاض- وسكن الجامع الأموي ثم صار ينتقل من مكان إلى مكان تارة يقيم بمشهد الأنصاري خارج حلب، وتارة بمقام الشيخ فارس خارج قرية بابلي، ونزل الشرفية. ومولده: كما رأيته بخطه في رمضان سنة سبع وسبعين ورأيت بخط صاحبنا «2» الشيخ نجم الدين بن فهد أن مولده سنة إحدى وثمانين بحمص. وكتب لي إذنا بالفتوى والتدريس أفتتحه بقوله: الحمد لله الذي وفق للدين القيم من أظهر المحاسن الشريفة بسر برهان آثارها، وحلاها بتصحيح جوهرها ودرر حسان أخبارها. ومنه: وإن تفق الأصول فذاك منهم ... وإن المسك بعض دم الغزال [لطيفة مع المتنبي] : وأذكرني هذا قول أبي الطيب في سيف الدولة: فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإنّ المسك بعض دم الغزال «3» وأوله: نظرت إلى الذين أرى ملوكا «4» ... كأنك مستقيم في محال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 وحكى أن أبا الطيب قيل له في مجلس سيف الدولة إن المحال ما يطابق الاستقامة لكن القافية ألجأتك إلى ذلك. ولو فرض أنك قلت: كأنك مستقيم في اعوجاج كيف كنت تضع في البيت الثاني. فقال: ولم نتوقف؟ فإن البيض بعض دم الدجاج. رجع: ذكر أنه سمع من البلقيني والعراقي ومن جلا [ل] الدين بن البلقيني وابن الجرزي وشرف الدين بن علوى بمدينة تعز ومن جمال الدين الزجاجي باليمين. وجمال الدين العبدوسي وابن مرزوق «1» وهما من علماء المغرب. وقرأت عليه شيئا من الصحيحين والسنن وذلك في ربيع الأول سنة خمس. ولما نزل الشرفية بحث معي في صفات الفعل فقلت له: تعلتها حادث. فقال: بل قديم. فقلت له: فيلزم قدم العالم فأخذ في الصياح واللفظ كعادته حتى يظن أن الحق معه. وحضر عندي قراءة البخاري. فقرأت:" إني لأرى مومنا ..... " بفتح الهمزة. فرد عليّ بالضم فقلت له النووي ضبطه بالفتح فمن ضبطه بالضم، فسكت ولم يستحضر أن القرطبي قال الرواية بالضم، وعمل المواعيد بالجامع. فقال في بعض مواعيده: عنان السماء بالكسر. والصواب بالفتح. وكان كثير الدعاوى، وصنف كتابا في الفقه بحلب سماه:" الإرشاد". وله ترجمته في مشايخي. ورأيت للعلامة تقي الدين ابن قاضي شهبه ترجمة في تاريخه بترجمة غير حسنة وأورد فيها مقامة عملها الشيخ برهان الدين الباعوني وهي غاية في الأدب وذكر فيها مثالبه وما انطوى عليه وظهر منه في قضاء دمشق. وولي قضاء دمشق. وولي قضاء أسيوط سنة خمس وعشرين، ثم طرابلس، ثم الشام، ثم حلب، أما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 الشام فعوضا عن بهاء الدين بن حجة «1» / (15 ط) م سنة ثمان وثلاثين ببذل أربعة آلاف دينار، ووليها أيضا ثم عزل بالونائي. والحاصل أنه لا يبالي بما يقول ولا يثبت ولما ولّي القضاء بحلب سكن بالخانقاه الشمسية وأراد أن يقلع بلاط مغارتها. وقدم معه شمس الدين محمد البلاطنسي «2» وكان نقيبه ولا يبالي من أن يجمع المال فأصبح ميتا. فادعى أنه شرب الخمر ومات نسأل الله السلامة. وله نظم أنشدني منه وهو ركيك. لا جزالة فيه. ومنه كما شاهدته بخطه يمدح القاضي ضياء الدين ابن النّصيي: كل الأنام إلى الضياء توجهوا ... حسا ومعنى فهو بغية قاصد ونجومه كالزهر ضاءت في الورى ... كالشمس في الدنيا لنفع حامد حصنته وبنيه بالسبع الذي ... في الخمس تتلى من عدو حاسد وتوفي سراج الدين المشار إليه بالقدس يوم الثلاثاء حادي عشر صفر سنة إحدى وستين؛ كذا نقل عن كتاب القاضي محب الدين أبي الفضل بن الشحنة منفيا. وفي يوم الأحد رابع ربيع الأول توفي الخليفة داود بن محمد المعتضد أبو الفتح بن المتوكل «3» قارب تسعين سنة وعهد لأخيه سليمان. وكتب في عهده وورث سليمان داود. وفي يوم الخميس تاسع عشر جمادى الأولى منها قدم قاضي المسلمين جمال الدين يوسف بن قاضي المسلمين أبي العباس أحمد بن ناصر بن خليفة فرج بن عبد الله ابن يحيى بن عبد الرحمن الباعوني «4» قاضيا، شافعيا، وعزل ابن الخرزي، ولبس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 تشريفه ودخل إلى الجامع فقرىء توقيعه. ثم جاء إلى المدرسة الشرفية وسكن دارا على بابها وهو بيت كمال الدين عمر بن العجمي- شيخ والدي- ولزم المدرسة الشريفة وحكم بها، ودرس بالمدارس، وباشر القضاء بدين متين وعفة زائدة، وعقل حسن يتلو القرآن وينكر المنكر يأمر بالمعروف، ويتصدق على الفقراء، ورتب له على ديوان السلطان كل شهر خمسمائة، وعلى بيت المال كذلك، وعلى الجامع كذلك وعلى العصرونية كذلك، ولم يلتمس شيئا من أموال الناس. وكان نقيبه شمس الدين محمد بن الياسوفي فسمع القاضي بخمر في بيت عند خان الدهانين فأرسله لإراقته فسمع به طوغان وهو أمير بحلب. فأرسل خلفه وأحضره إلى بيته- بيت سودون- وضربه ضربا شديدا فجاء إلى الشرفية وهو على حالته من الضرب لا يقدر على المشي فقام الناس قاطبة على الأمير طوغان فأرادوا قتله فأغلق بابه ورمى مماليكه بالنشاب على الناس. فجرح أناس. فجاؤوا بالنار لإحراقه وتوجه القاضي جمال الدين إلى دار العدل ومعه الفقهاء فأعلم الكافل بذلك فأشهر الكافل النبأ على طوغان «1» بالإتيان إلى الجامع وقصد بذلك انفلال الناس عنه خشية قتله فحضر الناس إلى الجامع وكذلك القضاة فخرج هو فارا إلى العسكر الذين كانوا بالميدان واختبأ عندهم ثم أحضروه إلى الشرفية إلى القاضي جمال الدين وأدبه. وكان قد عزم على التوجه على الشام فدخل عليه القاضي محب الدين بن الشحنة حتى أقام وأما والده فولد بقرية الناصرة «2» من أعمال صفد سنة/ اثنتين وخمسين وسبعمائة وحفظ القرآن وله عشر سنين، وحفظ (المنهاج) في مدة يسيرة ثم حفظ المنهاج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 للبيضاوي والألفية وغير ذلك. وقدم دمشق وعرض محافيظه على التاج السبكي وسمع الحديث من جماعة، وكتب المنسوب وقرأ النحو، وبهر في ذلك ثم صحب الفقراء بصفد، وتخلق بأخلاقهم ثم توجه غ 1 كلام القوم وتسلم على هذا لا تجلس عندنا وغضب منه. وفي شوال توفي القاضي شمس الدين أبو عبد الله هبة الله بن العدل عماد الدين إسماعيل الحنبلي والده الحنفي. هو نشأ في حجر خالد إدريس الشاهد داخل باب النصر وكان إدريس من رجال الدنيا دهاء شغله بمذهب أبي حنيفة وقرأ على الشيخ بدر الدين بن سلامة/ (16 ظ) م الحنفي وأدام القراءة عليه، وحفظ محافيظ على قاعدة مذهبه، و (ألفية ابن مالك) ، وكان ذكيا له خط حسن إلى الغاية، وجلس مع العدول داخل باب النصر عند خاله إدريس وأولاد رضوان. ثم استكتبه شيخنا المذيّل حكمه ودربه في صناعة التوريق ففاق في ذلك على أقرانه. لديه/ (16 ظ) م وكان عاقلا داهية له طمع كثير وجب ذلك أن استولى على وظائف، وإجازات وكثر دخله بحيث لم تبق ضيعة في بلاد حلب من جبل سمعان إلا وله فيه تعلق. وحصل كتبا. ولما مات القاضي المالكي شمس الدين محمد بن النحريري سعى لنفسه في قضاء المالكية بحلب عوضا عنه فلم يجب إلى ذلك وولوه للقاضي علاء الدين الناسخ. ثم ترفع عن كتابة حكم شيخنا ولزم بيته وحبّب إليه العمارة ولبس الثياب الفاخرة والخيول الحسنة واستكثر من ذلك واستنابه القاضي الحنفي محب الدين بن الشحنة ولم تبق مدرسة بحلب إلا وله وظائف منها الصلاحبية والصلاحية والكلتاوية وطال طمعه، وزاد شرهه وخرج للتنزه بالسعدي فرجع ومرض بالدم ومات. وتفرق ما جمعه شذر مذر وماتت أولاده. ولا عقب له الآن. ولم يمرض أحد من أهل حلب إلا وأخذ وظائفه بالتعليق سامحه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 سنة ست وأربعين [وثمانمائة] قدم الشيخ بدر الدين محمود بن عبيد الله الأردبيلي الحنفي «1» وعلى يده مرسوم شريف بالكشف عن النسيمية «2» ، وعقد لهم مجلس بالجامع الكبير، وحضر كافل حلب، وقتل الحيداد قاسم النسيمي وكان شكلا مجزعا ينشد أشعار النسيمي ويحث على اتباع مذهبه. وله أتباع ببلاد منبج وعين تاب. ثم ورد في سنة ثمان وأربعين بسببهم وقتل سوندك التركماني بعد إقامة غ 2 إلى مصر واجتمع بالظاهر برقوق فولاه خطابة الجامع الأموي فقدم دمشق سنة اثنين وتسعين وباشرها ثم لما قدم الظاهر إلى دمشق سنة ثلاث وتسعين ولاه القضاء في الحجة فباشر بعفة. وولى مشيخة الشيوخ في ربيع الأول سنة أربع وتسعين انتزعها من كاتب السر، ابن أبي الطيب ثم تغير خاطر الظاهر عليه، وطلب منه أن يقرضه شيئا من أموال الأيتام فلم يفعل فعزله. ثم ولي خطابة القدس في شعبان سنة اثنين وثمانمائة مدة وجاءت الفتنة- يعني فتنة تيمور «3» - وهو هناك ثم وقع بينه وبين أهل القدس لأنه لم يكن عنده حسن مداراة وحكم عليه القاضي الحنبلي بالقدس بحكم باطل فقدم إلى دمشق سنة سبع وثمانمائة واشتكى إلى شيخ نائبها فطلب الحنبلي، وعقد لهما مجلسين وأهين الحنبلي إهانة عظيمة كبيرة وسجن ثم ولي خطابة دمشق وشيخ الشيوخ غير مرة وولاه الناصر القضاء في صفر سنة اثني فلم يمكنه إجراء الأمور على ما كانت عليه ثم صرفه شيخ عند استيلائه على دمشق في جمادى الآخرة من السنة وفي فتنة الناصر ولي قضاء مصر مدة الحصار ثم انتقض ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 وله شعر كثير، ومنه: ولينصرن الله ناصر دينه ... وليتركن عدوه مخذولا. وقال شيخنا شيخ الإسلام أبو الفضل في ذي الحجة سنة ست وثمانمائة: تقلّد القاضي عز الدين عبد العزيز البغدادي الحنبلي قاضي القدس سيفا، ووقف بالأقصى وأشهد على نفسه أنه حكم بزندقة شهاب الدين الباعوني- خطيب القدس- ومنع من الصلاة خلفه فسئل عن المستند فذكر أنه سمعه يقول:" وكتب «1» النبي صلى الله عليه وسلم فقبل فاه «2» ". فاستفتى الباعوني العلماء بالقدس فأفتوه أنه لا يقتضي «3» كفرا. فوصل الباعوني إلى دمشق في المحرم من السنة المقبلة، وشكا حاله لكافل الشام. فأرسل خلفه للحكم بينهما ففر إلى العراق. قال لي والدي الحافظ برهان الدين المحدث- رحمه الله- كنت جالسا على باب الناصرية بالقاهرة ومعنا الشيخ شهاب الدين المشار إليه ومعنا شخص يقال له الصفدي وهو من أهل الخير والصلاح والشيخ شهاب الدين يذكر ما لهم من كرامات فمر يونس الدوادار فسلم. فترك غ 3 البينة عليه. وكان نسيميا أيضا لا عقيدة له ولا دين له، وله أتباع لا كثر الله منهم. وفي خامس عشر ربيع الأول ولي قاضي المسلمين علاء الدين بن العلامة عز الدين الحاضري قضاء حلب عن قاضي المسلمين محب الدين بن الشحنة وليها بمصر وحضر إلى حلب وهو ضعيف. وقرئ توقيعه بجامع حلب، وباشر بحرمة وعفة تبعا لأبيه وجده وصرف عن قرب بالقاضي محب الدين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 وفي خامس عشر ربيع الآخر استقر القاضي زين الدين عبد القادر بن الرسام في وظيفة نظر الجيش بحلب على عادة كمال الدين إبراهيم «1» بن أبي أصبع. وعلى عادة زين الدين عمر بن السفاح. وفي تاسع عشر جمادى الأولى استقر ابن الرسام في نظر القلعة عوضا عن ابن السفاح مضافا لنظر الجيش. وفي ليلة الجمعة تاسع عشر رجب توفي الشيخ أبو بكر الحيشي؛ وتقدمت ترجمته في المزارات. وفي ذي القعدة. ولي قضاء الحنابلة بحلب قاضي المسلمين علاء الدين علي بن أبي بكر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج الراميني «2» - نسبة إلى قرية من جبل نابلس- الدمشقي الحنبلي. وهم ينسبون إلى بني النجار وعوضا عن سالم إذ شكا القاضي جمال الدين الباعوني ووصل إلى حلب في عاشر ربيع الأول سنة سبع وأربعين، وأقام بها إلى أثناء شعبان من السنة. ثم أشيع بحلب ولاية سالم فتوجه إلى القاهرة فلما كان نصف شعبان بعد وصوله إلى الشام/ (17 و) م بثلاثة أيام ورد إليه كتاب القاضي محب الدين بن الشحنة أن سالما ردّ من الصالحية وورد توقيع باستمراره وفي الكتاب إن شئت أن تعود إلى حلب. وإن كان لك ضرورة استنب من شئت فاستناب أمين الدين ظاهر الحنبلي الذي وليها قبله. وأقام بدمشق إلى جمادى سنة ثمان فتوجه إلى القاهرة بسبب الحكم الذي حكمه سالم ونقضه علاء الدين المشار إليه بوقوع الطلاق على عمر بن يحيى فعقد مجلس في بيت القاضي كمال الدين بن البارزي بإشارة السلطان وحضره العلماء فأفتوا بأن الحق بيد ابن مفلح فاجتمع بالسلطان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 فسأله لأي معنى لم تقم بحلب فعرفه أنه ليس له ما يكفيه، فرتب له علي الجوالي «1» كل يوم عشرة دراهم، وعلى ديوان السلطان كل شهر مكوكا من القمح ومكوكا من الشعير، وأعطاه خمسين أشرفيا نفقة. ثم عاد إلى حلب في السنة المذكورة وأقام بها إلى فتنة شاهين فعزل سنة تسع وأربعين وتوجه إلى الشام واستمر بها إلى حضور تغري ورمش الفقيه وابن عبيد الله إلى حلب فعاد إلى حلب فأرسلا وأحضر له توقيعه سنة تسع وأربعين. ثم طلب إلى القاهرة بسبب قضية شاهين. وكان قد وصل «2» يعقوب المالكي إلى مصر وأنكر خطبه ثم عاد متوليا في أوائل سنة خمسين، وأقام بها إلى سنة ست وخمسين فولى سالم فتوجه إلى الشام ثم إلى القاهرة في سنة سبع وخمسين فولى قضاء دمشق في ربيع الأول، واستمر إلى أثناء سنة ثمان وخمسين. فعاد إلى حلب قاضيا وورد عليه مرسوم شريف بتحرير قضية ابن قاضي عين تاب وأقام بقية سنة ثمان وسنة تسع إلى الحجة فورد كتاب ناظر الخاص بتوجهه إلى القاهرة وكان يستنيب «3» من يشاء. فاستناب إبراهيم النابلسي، وتوجه إلى دمشق في الحجة سنة تسع فلما كان في صفر توجه إلى القاهرة. وولي قضاء الشام، ثم عزل ثم قضاء الشام. ثم كتابة السر وكالة بيت المال في سنة ثلاث وستين في ربيع الأول وأقام بدمشق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 إلى آخر سنة خمس وستين فعزل. ثم في أثناء سنة ثمان وستين توجه إلى القاهرة للإقامة بها فلم يتيسر فولي قضاء حلب في جمادى الأول سنة تسع مع نظر الجيش فاستناب ولده صدر الدين عبد المنعم. وقدم هو في سادس رمضان وأقام بها إلى ثامن عشر شوال فعزل عن نظر الجيش بمحمد بن الطنبغا سمسم، واستمر قاضيا إلى أوائل سنة إحدى وسبعين فولي جمال الدين يوسف التادفي جمادى الأولى. واستمر معزولا إلى رجب من السنة المذكورة فولي حلب واستمر ج 1 جمادى الأولى «1» ثم رجع إلى حلب ثم إلى مصر ثم حج في سنة ست وثلاثين والأشرف غائب عن مصر. واجتمعت به في مكة لما حججت سنة سبع وثلاثين وأفضل عليّ وكان صدرا محتشما، وهو أول من وليّ قضاء الحنابلة بمكة، وقد ترجمته في مشايخي. سمع من التشاوري المكي، ومولده في شعبان سنة تسع وسبعين وسبعمائة بمكة، وأجاز له البرهان الشامي وغيره البلقيني وابن الملقن «2» والعراقي والهيثمي. وجمع له مشيخة تقي الدين بن فهد. وعمي في آخر عمره. توفي يوم الاثنين سابع شوال سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة بمكة ودفن بالمعلى. وكان قد نقل عنه للأشرف برسباي «3» أنه نقل عظام تيمور إلى مكة ودفنها بالمعلا؛ نقل عنه الأعداء ذلك. وأن شاه روخ أعطاه مالا جزيلا على ذلك فانقطع في حياة الأشرف عن التوجه إلى شاه روخ لأن الأشرف كانت بينه وبين شاه روخ عداوة. ولأجل ذلك توجه إلى صاحب الروم وفي بعض سفراته أخذ جميع ما معه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 زهدا «1» خارج مكة ولم أر أحدا أكرم منه كأن الدراهم عنده ..... «2» مع طيب نفس بإخراجها. وكان متواضعا وعليه وقار وسكينة. فيه خصال أهل البيت: الكرم والبشاشة والتواضع والحياء والوقار والسكينة. وفي يوم الخميس ثالث عشري المحرم توفي الشيخ شهاب الدين إبراهيم الدمياطي- بالدال المعجمة- ودفن يوم الجمعة قبل الصلاة، كان إنسانا حسنا مقدما عند الرؤساء، معظما عندهم، لجودة عقله ومعرفته بالأمور يقتدي الرؤساء بعقله ورأيه. ولا يقول كلاما أبدا إلا إن كان خطيرا. وعرف منه هذا وربما أبدل القبيح بالحسن، وكان يحفظ القرآن ويداوم على قراءته ودرسه وتدريسه للصغار. وتقدم عند ابن السفاح وأثرى. وسألني بعد موت والدي- رحمه الله-: ما السبب الذي أوجب الاختلاف في اسم أبي هريرة رضي الله عنه؟ فأجبته: أنه أصاب دما في الجاهلية. فكان ينتقل في القبائل فكان كلما جاء إلى قبيلة غير/ (29 و) م اسمه ج 2 إلى آخر السنة فاستقر التادفي. ثم في سنة اثنين وسبعين في رمضان عزل التادفي واستقر ابن مفلح إلى آخر السنة. ثم استقر التادفي إلى ربيع الأول سنة خمس وسبعين. ثم ولاه السيد علاء الدين الكردي قضاء حلب. وفي خامس الحجة أعيد ابن السفاح إلى نظر الجيش ونظر القلعة عوضا عن ابن الرسام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 سنة سبع وأربعين [وثمانمائة] في أوائلها «1» : استقر القاضي زين الدين بن الخرزي في قضاء حلب. وانفصل القاضي جمال الدين الباعوني إلى قضاء دمشق عوضا عن الوفائي. وكان بحلب فضل كبير إلى الفدية «2» . وشاهدت الناس خارج باب المقام على كيفية منكرة» من البكاء والعويل وتجهيز الموتى ودفنهم كل مشغول بنفسه. وترك الناس حوانيتهم وخرجوا إلى خارج حلب إلى كل مقبرة للصلاة على الأموات وتجهيزهم. وفي أواخر الفصل قدم القاضي سراج الدين عبد اللطيف بن أبي الفتح محمد الحسني الحنبلي «4» - قاضي مكة- وليها سنة تسع وثمانمائة. ثم جمع له قضاء الحرمين سنة سبع وأربعين من بلاد العجم واجتمع في سنة اثنين بشاه روخ «5» بن تيمور هناك وأفضل عليه وكان كريما جوادا، فرق ما حمل له شاه روخ قبل أن يصل إلى مكة ونزل بالمدرسة الكلتاوية الحنفية داخل باب بانقوسا «6» وتوفي له قريب فدفنه خارج الكلتاوية. ثم سافر إلى مصر ومن مصر إلى مكة. وكان قد قدم حلب في حياة والدي رحمه الله تعالى. ونزل بالمدرسة الشرفية في الدور الثاني في شدة البرد ومعه جماعة فكان يستدين وينفق عليهم وذلك في سنة خمس وثلاثين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 وسافر من حلب إلى جهة الروم قاصدا في جهة الروم تاسع عشر ج 3 وكان قبل محنته تيمور معظما عند ناصر الدين بن سلار «1» نائب القلعة وكمال الدين بن العديم وناصر الدين بن السفاح. وكان فقيرا في مبدأ أمره وارتقى بالعقل والسكون. وبنى بيتا بحلب عند السفاحية وحوى كتبا كثيرة. وفي عاشر جمادى الأول استقر ابن الرسام في كتابة السر ونظر الجيش ونظر الجوالي ونظر القلعة، ونظر الديوان المفرد وكان قد رافع عمر بن السفاح كاتب السر بحلب وحطط نائب القلعة ومحمد متولي الحجر، وقال للسلطان إنهم أكلوا حواصل القلعة فأحضروا إلى القاهرة وأودعوا في الترسيم وأخذ منهم «2» السلطان بعد الجهد خمسة وعشرين ألف دينار. ثم ولي الوظائف المذكورة. وفي تاسع شهر رجب استقر الأمير غرس الدين خليل بن شاهين الظاهري «3» في الإمرة الكبرى بحلب عوضا عن الأمير طوغان العلائي ووصل إلى حلب وباشر بشهامة زائدة. ودق الكوسات «4» على بابه فأنف من ذلك كافلها الحمزاوي وقال: هذه الكوسات لا تدق إلا على باب الكافل. وكان يترفع عن الركوب في الخدم السلطانية فازداد أنفة وحنق عليه مع ما كان الحمزاوي عليه من رياضة الأخلاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 وحسن المعاشرة. ولكن أغراه على ذلك ابن الرسام كاتب السر فكتب إلى السلطان يعلمه برقاعته وقلة عقله. فأحس بذلك خليل فكتب خليل محضرا بحسن سيرته وأنه داخل في الطاعة ملازم للخدم السلطانية. وأخذ خط قاضي المسلمين محب الدين بن الشحنة، وقاضي المسلمين زين الدين بن الخرزي وخط «1» القاضي ضياء الدين بن النصيي نائب كاتب السر ويخبرهم على محضره وألزمني بالكتابة فكتبت فيه: أنه يحب العلماء، ويثني على مشايخ الإسلام، ويواظب على طلب العلم، فسخط من ذلك وقال ليس «2» هذا المقصود. فدخل ابن الرسام إلى الكافل وقال له: إن خليلا كتب محضرا بأنك خارج عن الطاعة- وكان ابن الرسام يحب الفتن والشرور متحركا- فطلب الكافل القضاة وقال: لا بد من إحضار هذا المحضر إليّ لأنظره وإلا قطعت أيدي الكاتبين فيه فقالوا له إن هذا لم يكتب شيئا يتعلق بك إنما كتب محضرا بحسن سيرته، وملازمة الطاعة فدخل ابن الرسام إليه وقال: لا، هذا جواب إقناعي. لابد أن تقف على المحضر لتنظر حقيقة ذلك فاشتد طلب الكافل للمحضر فحضر القضاة إلى خليل وطلبوا منه المحضر فادعى خليل أنه أرسل المحضر إلى السلطان. ثم إنه أرسله إلى الكافل فقرئ عليه فما وجد فيه شيئا مما قاله ابن الرسام فسكت. وهذا الرجل خفيف العقل له دعاوى عريضة، وكان ولي نيابة إسكندرية وكان قد اجتمع بجماعة من العلماء وأخذ عنهم كشيخنا الحافظ «3» ابن حجر بينهما مراسلات ومكاتبات عديدة، وله نظم في الدرجة السفلى. وكان يدعي أن نظمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 منسجم، رقيق، فائق في الدرجة العليا والأمر بخلاف ذلك ولكن بواسطة مكانته وما هو عليه شهد له بعض الناس وهم الطامعون بما عنده من الإعطاء والكرم بحسن النظم وجودته، وفضله وعلمه وممن أخذ عنه الحديث قال هو شيخنا ابن حجر والتفهني «1» والبساطي «2» المالكي، والعيني «3» ، وسعد الدين الديري «4» ، وشمس الدين والده ومحب الدين بن نصر الله، وبدر الدين الحنبلي وابن .... «5» المالكي والسراج الحمصي، وبدر الدين بن قاضي شهبه ووالده، وبرهان الدين الباعوني وأخوه جمال الدين، وبرهان الدين وأبو السعادات قاضيا مكة وخطيب المدينة. ووقفت له على مؤلف سماه:" التحفة المنيفة في جميع الأحاديث الشريفة". جمع فيه أحاديث شريفة كل حديث لا تعلق له بما قبله. وقال في أوله: " وشرحتها إلهاما". وهذا دليل قلة عقله ونظرته. فرأيته قد أخذ كلام العلماء وتصرف فيه تصرفا عجيبا: المبتدأ لا خبر له، والشرط لا جزاء له .... «6» العقل. وله مؤلف آخر سماه:" الذخيرة لوقت الخيرة". يشتمل على فضل لا إله إلا الله. وله تخميس بانت سعاد ونظمه غير طائل، سد وزن، وأولها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... وفيه شوق إلى الأحباب موصول من وجدهم في طوى الأحشاء معلول ... قد زاد حبا فلا يتلوه تحويل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 متيم إثرها لم يفد مكبول قال في كتاب (التحفة) ومما أتحفني به شيخنا الحافظ ابن حجر: أيا غرس فضل أثمر العلم والندى ... فلله ما أزكى وما أطيب الثمر يجود وينشئ بالغا ما أراده ... لمستطلع «1» درا «2» ومستنزل الدرر لك الخير قد حركت بالنظم خاطرا ... له مدة في العمر ولى «3» وما شعر وقلدت جيدي طوق نعماك جائدا ... فعالا ونطقا صادق الخبر والخبر تناسب اسمانا خليل وأحمد ... لرأس أولى النظم الإمام الذي غبر قال: ولشيخنا المشار إليه من الأشعار الرائقة المطولة ما تضيق عنها الطروس وقد بالغ رحمه الله في أشعار كان يرسلها إليّ. وكنت أكتب إليه بماسخ الله عليّ من أشياء يطول ذكرها. ولا بد من قصيدة من ذلك لنفهم الثاني، وهي: بعث الخليل إلى حبيب رسالة ... تحوي صنوف تحية المعشوق وله اشتياق حل في وسط الحشا ... يزداد في ليلاته بتعلق قد كنت أعشقه بمصر قبل ما ... أزداد أخبارا كمسك معبق وقرأت من كتب وأشعار له ... فاشتد صرفي نحوه وتعشقي ورأيت إعرابا له في نظمه ... والنثر زهر في قضيب مورق أهل المعاني والبيان بأسرهم ... شرحوا منهاجه .... «4» في المنطق وولى وزارة مصر وكتب تقليده بذلك وجاء رؤساء القاهرة ..... إلى بيته لسماع قراءة التقليد على العادة. وكان ممن حضر القاضي ... عبد الباسط. فقرئ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 منه أن السلطان قلده وزارة المشارق والمغارب. فقال في وجهه القاضي عبد الباسط: المفاسي والمضارط وفي آخر عمره افتقر افتقارا زايدا وعزل من المناصب. ولم يتول منصبا ومات رث الحال. قليل المتاع وكان بحلب كتب له القاضي الفاضل زين الدين أبو حفص عمر بن القاضي ضياء الدين محمد النصيي «1» الشافعي بأبيات منها: ملكت رقاب العالمين جميعهم ... بفضل صلات منك يا صاحب الفخر غرست ثمار الفضل في كل نبعة ... فلا زلت محبورا «2» من الله بالنصر وفقت الورى بالعلم والفضل والتقى ... وفي الرأي والأفعال والنهي والأمر وقد صرت من بعض ... «3» فإن نجد ... بها من عيوب عظما أنت بالستر وفي تاسع عشر شعبان توفي الشيخ بدر الدين الحسن بن أحمد الحصوني «4» الشافعي فجأة وصلى عليه يوم الجمعة بالجامع الأموي وكان فاضلا أمره ذكيا اشتغل كثيرا، ثم ترك ذلك، وباشر وظائف بحلب، فعوقب وصودر وكان يضرب ببعض الآلات ثم صار شاهدا بباب الجامع الأشرفي في داخله دكة للعدول ثم أزيلت، وخطه حسن إلى الغاية في مبدأ أمره، وكتب على الفتوى وكان مستهلا في فتواه، وقليل الصلاة. وله نظم كثير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 وكان يفتي بالمسألة ..... «1» ولا يوقع الطلاق بها لكن صورتها إذا قال متى أو، أن، أو إذا، فكان هو يظن أن كلما كان. وإذا ومتى فتكتب على الفتوى أنه لا يقع الطلاق بكلما. وكان يفتي بأشياء ليست جارية على قاعدة المذهب. وكتب صداقا نظما ونثرا للشيخ شمس الدين البوادي «2» الذي كان بحلب شاهدا بسوق الهوى، فمنه: يا له من خاطب ما أجمله ... وعروس بالبها مستكملة ومن الأمر إذا بينهما ... فلها لاق ولاقت هي له وله قريب يقال له شمس الدين محمد بن الحصوني يعرف بمنطاش كان يجلس مع العدول على باب المدرسة الأسدية ويكتب بخطه المالكي وهو لا يدري مسألة لكنه كبير العمة. واسع الأكمام. لقد سمعته مرة يسأل شيخنا المؤرخ في درس الأسدية: هل يصح السلم في الدقان «3» . فلم يرد عليه شيخنا شيئا لجهله. وكان سخيف العقل يدّعي معرفة الشعر وأنه ينظم وهو لا يقيم الوزن، ولا يدري البحور بل يهزأ به الناس ولا يدري. وما أحقه بقول الشاعر: قال حمار حكيم توما ... لو أنصفوني لكنت أركب لأنني جاهل بسيط ... وصاحبي جاهل مركب لأنه يجهل ويجهل أنه يجهل. ولما قدم الأشرف برسباي حلب ومعه القضاة مدح العلامة بدر العيني بشيء فقال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 فلم تر عيني مثلك يا عيني ... لأنه بحر إمام في العلوم وفي .... «1» وقاك الله شر كل حاسد وعين ... وحفظك الواحد المنان بعينيه التي لا تنام أنت ومن حضر معك من مشايخ الإسلام. فقيل له: إن القرينة الواحدة طويلة والأخرى قصيرة فقال خذ من هذه وضع على هذه. ودخل على شيخنا أبي الفضل أبي حجر وعرض قيثارة وشيخنا كان لا يواجه أحدا بما يكره وقال له: إن بعض المحمدية يقول إني/ (3 ط) م سرقت هذا فقال له شيخنا على جهة الإبهام: ليس فيه شيىء من كلام الناس وله قريب آخر يقال له شهاب الدين أحمد كان يلي الحكم بسرمين وإذا عزل يجلس من العدول بباب الأسدية. فولي مرة قضاء سرمين رفيقا لعماد الدين أبي زيد تاج فأنشد فيه شعرا أرسله إلى معين الدين بن شرف الدين يسأله عزله: لا تعذلوني على جنوني ... وخلصوني من الحصوني أيش ذي البقالة «2» أيش ذي الرطالة «3» ... إلى البطالة بالله أرجعوني ما أنا معود بذا المحدد ... بجاه محمد لا تهلكوني أنا ألاطف وهو يخاطف ... والخصم واقف على عيني ومنها: إلى حلب سر ولا تقصر ... لكاتب السر أشكو شجوني قل يا أبا الوجود يا خير موجود ... بمورق العود لا تهلكوني وفي يوم الاثنين ثاني عشري رمضان خرجت الحجة الكبرى المحجبة زوجة كافل حلب قانباي الحمزاوي صان الله حجابها صحبة الحاج إلى الحجاز الشريف في أبهة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 عظيمة وحال حسنة وبهجة زايدة وحشمة وأنفقت على العكّامين «1» والجمالين وخلعت عليهم وتصدقت قبل خروجها على الفقراء ونقل عنها إحسان عظيم إلى الناس في الطريق وصدقات كثيرة على أهل الحرمين الشريفين. ورجعت إلى حلب فاحتفل الكافل لذلك احتفالا عظيما وفرح بها وابتهج الفقراء بقدومها لما تسديه إليهم من الإحسان وتصرف من الصدقات. وفي الليلة المسفر صباحها عن نهار الأربعاء خامس عشر شوال توفي القاضي شهاب الدين أحمد بن قاضي المسلمين جمال الدين إبراهيم بن العديم وكان الناس يكرمونه لأجل أسلافه ولا علم عنده. ووليّ عدة تداريس بحلب أخذها عن أسلافه وكان يلبس الثياب الفاخرة، ويأكل المآكل الحسنة ويديم الإقامة لقرية بابلي في جوسق أهله ثم أخربه وباعه أخيرا وكان منقطعا عن الناس ملازما لبيته ورزقه دار عليه ناب في الحكم عن أخيه كمال الدين لما توجه إلى القاهرة سمعت عليه وأجازني لاتصال السفر. وفي سابع شوال عزل غرس الدين خليل الظاهري عن الإمرة الكبرى بالأمر قانباي اليوسفي؛ كذا كتب إليّ عامل ديوان الجيش بحلب ورأيت بحلب القاضي زين الدين عمر بن النصيي في رابع شهر ذي القعدة يوم الاثنين قدم حلب قاصدا من الأبواب الشريفة وعلى يده مرسوم استقرار قانباي اليوسفي في الإمرة الكبرى عوضا غرس الدين خليل بن شاهين المذكور ومسك خليل المذكور وإيداعه في سجن القلعة في المنصورة فامتثل المرسوم الشريف وقبض عليه وأودع سجن القلعة. وفي ليلة بعد السبت ثاني عشري الحجة، وفي كلام بعض الفضلاء ثاني عشر توفي أبو المعالي محمد بن السلطان الظاهر جقمق الحنفي «2» وجاء الخبر بوفاته آخر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 نهار الأحد رابع عشر المحرم سنة ثمان. وكان كافل القلعة شاهين فأخرج نساءه إلى سور القلعة ورفعن أصواتهن بالعويل والصراخ فخاف الناس من ذلك. وظنوا أن السلطان توفي فأصبح القاضي الحنفي محب الدين بن الشحنة/ (21 و) م، وجاء إلى الجامع وأشهر النداء بالصلاة على ابن السلطان خشية إفهام الناس إلى وفاة السلطان كما فهم ذلك بعضهم وحضر الكافل إلى الجامع وصحبته بعض القضاة. وحضر الناس وصلى عليه صلاة الغائب. وهذا أبو المعالي قدم مع أبيه صحبة الأشرف برسباي ونزلا بيت المهمندار مقابل جامعه «1» ، وجاء إلى المدرسة الشرفية وقرأ على والدي شيئا لا أدري ما هو وكتب له والدي إجازة وأراد أن يشرب ماء فقال له لا تشرب هذا. فلما ذهب إلى أبيه وأخبره استحضار رأي والدي وقال لولده: خاف عليك أن يصيبك شيء فنسب إليه. ولازم الاشتغال فقرأ على شيخنا أبي الفضل بن حجر وعلى الشيخ سعد الدين الديري وعلى الكافجي «2» والشيخ قاسم الحنفي واعتنى بعلم حديث وطلب من بعلبك علي بن إسماعيل بردس «3» ورفيقه وهما أحمد بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن ابن يوسف بن الطحان فقدموا القاهرة يوم الاثنين خامس عشر المحرم سنة خمس وأربعين فقرئ عليهم وسمع عليهم. وابن الطحان سمعت عليه بدمشق في رجوعي من الحج عام ثمان وثلاثين وللاثنين لي منهما إجازة وترجمتهم في مشايخي رحمهم الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 سنة ثمان وأربعين [وثمانمائة] في يوم السبت سادس المحرم قبل الفجر قدم هجان من الديار المصرية إلى حلب وعلى يده مرسوم شريف إلى كافل حلب بالإفراج عن غرس الدين خليل وإنزاله من القلعة واحترامه وأن يقيم بحلب من غير وظيفة إلى أن يحصل الرضى الشريف. وفي الليلة المسفر صباحها عن يوم الخميس ثالث صفر توفي نجم الدين عبد الخالق سبط الشيخ زين الدين ابن الوردي أصابه ريح السكتة إثر غيظ أصابه وحدث له وكان إنسانا حسنا كريما حسن الأخلاق باشر أعماله بالجامع بحلب وكتب عند نائب الغيبة بحلب وله عقل زايد. وفي يوم الخميس سابع ربيع الآخر قدم حلب الشيخ عفيف «1» الدين أبو المعالي عبد المحسن بن محمد بن حسين بن عبد المحسن بن عبد الغفار الخراط الحنبلي ابن الدواليبي ونزل بالمدرسة الشرفية. ومولده ببغداد يوم الأربعاء في الساعة السابعة حادي عشر المحرم سنة تسع وسبعين وسبعمائة واجتمعت به بدمشق سنة ثمان وثلاثين وسمعت عليه المسلسل بالأولية. وأنشدني من نظمه: الشعر ووجهه ضياء وظلام ... صنوان معا والعنق ولحظه قنا وحسام ... قلبي قطعا والثغر وريقه لآلي ومدام ... كيف اجتمعا والوصل وهجره حلال وحرام ... من ذا شرعا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 وقدم حلب قبل ذلك أيضا سنة عشرين وعمل الميعاد بجامع حلب وكان قراجا يجلس على باب الجامع يبيع من غير شاش. وكان يرى أن الطلاق الثلاث واحدة وعزر على ذلك بدمشق. وهو لا يرجع ولما عزروه، وطافوا به شوارع دمشق ولما فرغوا من ذلك قال لهم: هل بقي شارع أيضا ولم يتأثر من ذلك. وخرج من بغداد لما نكب نظام بغداد وقدم/ (31 ط) م الشام وكان مطرح الكلفة له صوت جهوري ويخطب خطبا بليغة، ويحفظ غالب (البقرة لأبي الفرج ابن الجوزي) ومواعيده منها. وفي الليلة المسفر صباحها عن نهار السبت سابع شوال توفي الشيخ بدر الدين محمد بن تاج الدين بن عشائر الحلبي الشافعي. وصلى عليه بجامع حلب- ودفن بالفيض بتربة بني مقلد. وكان شيخا مسنا يكرمه الناس لأجل أسلافه. وهو عار عن العلم. وفي يده وقف أسلافه. وفي محنة تيمور رآه حسين بن مصطفى وحسين في أيدي التتار فدلهم عليه فأخذوه وعذبوه. فجاء بهم إلى الشرفية إلى بيتهم الذي هو لهم بشرط الواقف وهو على يسار الداخل إلى المدرسة. وله دفينة بالبيت فأخرج ذهبا يقرب من ألف دينار فأخذوه وتركوه. وفي ثالث عشر ذي القعدة بين الظهر والعصر دخل غرب باك قاصد صاحب الروم، ودخل دار العدل ومعه جماعة من الفرنج عدتهم خمسة عشر رجلا أحدهم ابن أخي تبكو بن الأنكرس، والآخر يدعى يعقوب من أكابرهم. والثلاثة عشر من الأنكرس. كذا أخبرني غرب باك المذكور عند اجتماعي به بجامع حلب وشاهدتهم عليهم آلة الحرب وعلى رؤوسهم خوذ غريبة الأشكال ولا يظهر شيء من أجسادهم من اللآمة التي عليهم. ومعه ثلاثة ألوية مذهب أحدهم عليه صورة فرس عليها راكب والألوية منكسة ثم ذهبوا إلى الديار المصرية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 في يوم الأربعاء سادس عشر القعدة حضر مثال باشنقر بن سراج الدين الحمصي في قضاء حلب عوضا عن ابن الخرزي. وتاريخ المثال الثالث عشر شوال سنة تسع وأربعين. في يوم الأحد سابع عشر المحرم توفي الشريف إبراهيم بن حمزة الجعفري «1» كان كريم النفس عاريا عن العلم وأبوه ساد بحلب، واستولى على أوقافها وأملاكها وله ترجمة في تاريخ شيخنا. وإبراهيم استولى على غالب مدارس الحنفية وكان يعطل المعاليم من تحت يده ووليّ نظر الجيش كذا قيل لي ووكالة بيت المال. وفي مستهل صفر توفي الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عمر بن رضوان الشافعي «2» . في مبدأ أمره، ثم صار حنفيا ثم صار شافعيا. وكان شاهدا بباب النصر ثم توجه إلى القاهرة واتصل بولده السلطان الظاهر فسعى له تدريس الأسدية بعد وفاة شيخنا قاضي المسلمين علاء الدين فقدم حلب. ودرس بها درسا واحدا ودلّ على عدم فضله. وكان كثير التردد إلى القاهرة فقال له يوما والدي: الناس يحبون القاهرة لمحافيظ وكتب جديدة. وقد قرؤوا على مشايخ وأنت تقدم بقول تضارب علي ابن البلقيني وابن حجر ولانتقل فائدة. ولا تأتينا بكتاب ألف جديدا. وتوفي بعد عوده من الحجاز ولم يكن عليه نورانيه. وينسب إلى التهاون بالصلاة. وفي يوم الثلاثاء سابع عشر صفر توفي العلامة قاضي المسلمين بدمشق أبو عبد الله شمس الدين محمد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد الونائي «3» الشافعي المصري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 كان أبوه شاهدا فشغله بالعلم وأخذ الفقه عن شمس الدين البرقاوي «1» واشتهر بالفضل وفوض إليه ابن المحمرة تدريس الشيخونية لما انتقل إلى القدس مدرسا بالصلاحية فمات ابن المحمرة فاستقل بها ثم ولي قضاء الشام مرض فرجع إلى القاهرة فسعى في تدريس الصلاحية بجوار الشافعي فتركها شيخنا أبو الفضل ابن حجر له اختيارا فباشرها. سنة ونيفا/ (32 و) م. ومولده في شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. وفي بعد العصر نهار الجمعة سادس عشر جمادى الأول توفي الشيخ العالم علاء الدين أبو الحسن علي سبط ابن الوردي «2» ودفن بمقابر الصالحين وكان أعمى حصل ذلك وهو كبير وبينه وبين شيخنا المؤرخ ما بين الأقران. وكان فقيها أصوليا من أذكياء العالم درس بالصاحبية وانتفع الناس به ويستحضر كثيرا من التاريخ وأخبار حلب. ومجالسته حسنة، وله عقل ينتفع برأيه. وكنت إذا قرأت البخاري بالجامع يحضر عندي وكذلك إذا قرأته ببيت القاضي الحنفي ابن الشحنة يحضر عندي يسمع قراءتي. وكان يدرس (البهجة) لجده وكان أولا يميل إلى التاج ابن الكركي. ثم رجع عن ذلك ولازم والدي كثيرا. وفي شهر رجب توفي شيخنا العلامة علاء الدين بن مكتوم العشائري الرحبي الشافعي «3» بالدير. قدم من الرحبة إلى الشام فنشأ بها وقرأ على الرحبي وحفظ ثلث الترمذي وحفظ (التمييز) و (الألفية) و (مختصر ابن الحاجب الأصلي) . وكان ذكيا إلى غاية فقيها، أصوليا، يستحضر كثيرا من أشعار العرب وأيامها. ومن التاريخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 وولي نيابة الحكم بحلب عن شيخنا المؤرخ. وقرأت عليه بحلب بعض شرح (منهاج الأصول) . وكان والدي وشيخنا يعظمانه. وكان أثرى ببلده وكثرت أولاده فمات الجميع في حياته فكان يبكي عليهم. ويذكر قول أبي ذؤيب: أودى بني ... «1» لهواهم ... ... «2» ولكل جنب مصرع ثم توفي ولد ولده وكان شحيحا مع كثرة ماله وكان من أولاده شخص يقال له محمد كان ذكيا حفظ محافيظ وعرضها على والدي رحمهم الله تعالى. وفي شهر ربيع الأول اجتمع العامة على شرف الدين يعقوب المالكي «3» قاضي المالكية بحلب، وأخرجوه من المدرسة الشادبختية الحنفية وأخذوه إلى تحت القلعة مجرجرا، فرجموه، وأرادوا قتله وأراد بعضهم إلقاءه في الخندق وسبب ذلك ما تقدم منه من أخذ الرشا ونصر الباطل وعند إقامة الحق وأكل أموال الناس. ومن جملة ما قاموا عليه بسببه أن شخصا قتل آخر. فقامت البينة عنده على ذلك فقال لا أقتله حتى آخذ كذا وكذا. ثم إن يعقوب المذكور من بين العوام الذين جاؤوا إلى دار بني الشحنة فأحجم الناس عنه فمكث هناك غير مبال بما اتفق له. وكان سيء الخلق قبيح الشكالة، لا نورانية عليه كما قال الشاعر: يأتيك في ثوب من التطليس ... يروي حديث الخزي عن إبليس وفي هذا الشهر جد شاهين نائب القلعة «4» في عداوة الفقهاء وتتبع عثراتهم والنظر إلى ما في أيديهم من الوظائف. وكان قد أحضر مرسوما بالنظر على الأوقاف ودار على المدارس، وصار الشخص يخرج إليه بكتاب الوقف فلا يلتفت إليه ولا يقرؤه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 ويطالب الفقيه بمستند وظيفته فإذا أحضره إليه لا يعبأ به، وخرج إليه فقهاء العصرونية ومعهم نقيب الأشراف عفيف الدين وهو جالس في طيارة القلعة فلما شاهدهم أعرض عنهم ونظر إلى الخندق فسلموا عليه فلم يرد عليهم فقاموا من عنده وقد حصل لهم من الخجل ما لا يوصف. ثم إنه في يوم الأحد/ (32 ظ) م. حادي عشري الشهر أرسل جماعة من القلعة ليأخذ ما غرما من بيت القاضي الحنبلي ابن مفلح فلما يمكنوا من ذلك فلما كان يوم الاثنين ثاني عشرين حضر الفقهاء مع من حضر من القضاة بدار العدل وطلبوه في دعوى شرعية فاستمهل إلى غد فلما كان في غد اجتمع الفقهاء بالجامع والعامة معهم وصعد الناس إلى المنارة وكبروا عليه وقرؤوا القرآن العظيم. واجتمع القضاة ببيت القاضي الحنفي وأرسلوا خلفه فلم ينزل إليهم فحضر القاضي الحنبلي ابن مفلح والقاضي يعقوب المالكي وأبو جعفر ابن العجمي إلى الجامع وكان نائبا عن الحمصي والحمصي إذ ذلك لم يحضر إلى حلب فبيناهم كذلك إذ قام مدع شرعي بأنه ضرب شخصا فقال المضروب أنا في جيرة محمد صلى الله عليه وسلم: فقال: لا أزال أضربك حتى يجيء محمد فيخلصك. وأنه قال له شخص من الفقهاء نقرأ لك القرآن ونجعله في صحيفتك فقال لا حاجة لي بقرآنكم بالنون وغير ذلك. وحضرت عليه بينة وهم ابن فرعون وغيره كالتاج «1» والكركي فشهد أنه يلفظ بذلك قبله هذا المجلس بأيام وكتبوا عليه محضرا بذلك ثم أغلقوا باب الجامع وذهب القضاة والفقهاء إلى دار العدل، وأحضروا بعض البينة وأرسل الكافل وهو الحمزاوي إليه فأبى عن الحضور وكتب شاهين المذكور أحمد بن أبي سواده ليس هو منهم إنما هو من أولاد مماليكهم فلما وصل بين يدي السلطان شق أثوابه، وقال له: أدرك حلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 فإنها قد خرجت من يديك فسأل «1» عن سبب ذلك فقال: اتفق كافل حلب الحمزاوي مع القضاة والفقهاء على إنزال شاهين نائبك في دعوى. وأضمروا أنه صار عندهم أمسكوه وسلموا القلعة للحمزاوي. فلما لم ينزل عمدوا، ورجموا الخندق وملؤوه حجارة، فغضب السلطان وعزل الحمزاوي والقاضي ابن مفلح في ربيع الآخر وأمر بإحضار الحمزاوي والفقهاء إلى مصر فخرج ابن مفلح إلى الشام ووصل إليها. وذهب الحمزاوي إلى مصر ثم أعيد ابن مفلح عن قرب إلى حلب. فلما سمع القاضي بإرسال شاهين قاصده إلى مصر أرسلوا قاصدا وعلى يده المحضر فوصل قاصد الفقهاء آخر يوم وصول قاصد شاهين فطاف بالمحضر على قضاة مصر وسمع فقهاء مصر بما رسم به السلطان فاجتمعوا عند قبر الإمام محمد بن إدريس الشافعي واستغاثوا به فسمع السلطان بذلك فطلب السلطان القضاة بمصر بكرة النهار وسألهم عن القضية فقال القاضي المالكي: إن اتصل بي المحضر ضربت عنق شاهين وفي غضون ذلك أرسل ابن فرعون إلى القاهرة فاستفسر عن الشهادة فقال: أنا ما شاهدت إلا أنه استجار المضروب بالنبي صلى الله عليه وسلم فأدام الضرب عليه وكان من أكبر القائمين على الفقهاء جاني بك المحمودي. وفي نهار السبت حادي عشر ربيع الآخر دخل شيخنا سراج الدين الحمصي إلى حلب قاضيا وتلقاه كافل حلب إلى ظاهرها والقضاة والأمراء ولبس تشريفه بدار العدل. وفي رابع عشري جمادى الأول قدم قانباي البهلوان «2» من حماة نائبا عوضا عن الحمزاوي. ثم في يوم الخميس ثاني رمضان حضر من السلطان الأمير تغري ورمش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 - نائب القلعة- والشيخ بدر الدين محمود وابن/ (37 و) م عبيد الله الحنفي ليتعرفا حقيقة الأمر؛ وكان السلطان قد أرسلهما لذلك فدارا على مدارس الفقهاء واستكشفا حقيقة الأمر في الباطن ثم إن تغري ورمش رحل عن حلب قاصدا أدنة بسبب الكشف على عمر بن رمضان فإنه قيل عنه إنه تزوج أكثر من أربع نسوة ونسبا إليه ظلما كثيرا. فوصل إلى طرطوس فكشف الأمر. ثم رجع إلى حلب فلما وصل إليها أظهر الحط «1» على الفقهاء والانتصار لشاهين ونقض المحضر المتقدم. وكان الحمصي قد قدم إلى حلب بعد الثبوت فاستفتاه شاهين فأفتاه بما يقتضي عدم تكفيره، فوقع بينه وبين ابن عبد الله في قضية أراد كل منها رشوة. وتعصب الحمصي مع الفقهاء فغضب منه تغري ورمش فلما سافر تغري ورمش أرسل له هدية فردها فقال الحمصي هذا غير عاقل كان أخذ الهدية وفعل ما أراد. رجع: فأعيد المجلس بدار العدل وأعادوا البينة فضرب القاضي المالكي الكركي لأنه قيل له: أنت شهدت عليه في تاريخ كذا فلم أخرت شهادتك. فقال: أعرف أن الحق في ذلك الوقت لا يقام ثم عمل ابن عبيد الله المذكور محضرا بضد المحضر الأول وأخذ هو وتغري ورمش من الفقهاء تسفيرا قريبا من عشرين ألف درهم وصارا يقبضان الدراهم بالصيرفي ورجعنا إلى مصر. وهذا تغري ورمش اجتمعت به بحلب فرأيته يستحضر شيئا من التاريخ وأسماء الرجال، وكان كريما، أكولا يتأنق في المآكل ويميل إلى المجون وأهلها. وأخبرني أنه صحب الأشرف إلى حلب وأنه قرأ على والدي وأنه قدم قبل ذلك إليها مع تاجره جلال في سنة ثمان وثمانمائة فاشتراه الظاهر جقمق ثم قدمه لأخيه جركس المصارع، ثم صار إلى الناصر ثم إلى المؤيد. وأنشدني من نظمه لنفسه. قال نظمت ذلك عند نظري كتاب:" الإحكام في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 الأحكام" لابن حزم «1» : خذ القرآن والآثار حقا ... وتوفيقا وإجماعا بيانا دع التقليد بالنص الصحيح ... ولا تسمع قياسا أو فلانا وأنشدني من نظمه ضمن اسمه شقير: تفاح خدي شقير فيه ... مسكي لون زهى وأزهر قد باب منه النوى فأضحى ... زهري لون بخد مشعر وهو سد وزن. ومدحه الشيخ شهاب الدين المرعشي، وزين الدين عمر البيري الحكيم وأنا بأبيات أستحضرها الآن فأستصبحها صحبته إلى القاهرة وبعد وصوله إليها غضب السلطان عليه ونفاه إلى القدس فمات طريدا ببركة العلماء في يوم الجمعة ثالث رمضان سنة اثنين وخمسين. وأما شاهين فإن السلطان عزله بعد ذلك وولاه نيابة قلعة دمشق فعمل بفقراء الشام كما فعل في حلب فإن لهم مرتبا على قرية داريا فخرجوا للقبض من فعلها على عادتهم فوصى عليهم فأرسل الله ريحا حملت الغلات وألقتها حيث شاء الله فأصبحوا فلم يروا شيئا. ثم وقعت عليه دعوى فطلب لسماعها فنزل فحصل له قهر من ذلك فمات قهرا. وأما ابن أبي سوادة فافتقر آخر عمره، ومات أعمى. وفي الليلة المسفر صباحها عن عشرين شوال قبض على جاني بك المحمودي بعد أن امتنع وتحصن في بيته ثم أودع في الترسيم «2» بدار العدل إلى بكرة النهار ثم أودع سجن القلعة؛ وسبب ذلك أن جماعته حضروا إلى كافل حلب أنه يقصد أن يقتلك وتنسحب عن الشام فكتب إلى السلطان فأخرج السلطان إمرته، ورسم بإدامته في السجن ببركة الفقهاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 سنة خمسين [وثمانمائة] ثم استقر زين الدين بن الخرزي وعزل الحمصي في أوائل السنة. وفي تاسع عشر المحرم أنشدني الشيخ الإمام العالم أبو محمد وعبد الله بن مرر بن عثمان الحيزاني- بكسر الحاء المهملة- الشافعي «1» قال: أنشدني شيخي علم الدين الزمخشري؛ وهي مدينة من خراسان: به فلق الظلماء رب البرية ... فنار بنور فاق بالأولية هو القلم العلوي والكون لوحة ... فيجري عليه باليد الأزلية وهذا الرجل ولد بحيزان سنة أربع وثمانمائة تقريبا وقرأ على الشيخ العلامة زين الدين عبد الرحمن بن الحلّال بالجزيرة (شرح العبري على البيضاوي) و (الغاية القصوى للبيضاوي) «2» وقدم حلب ثم ارتحل إلى القاهرة وقرأ على القاياتي في (مقدمة العضد مع حاشيتها) لسعد الدين. وسمع على البخاري ومسلم و (الشفا) وقرأ على شيخنا أبي الفضل بعض البخاري وسمع الباقي و (الموطأ) ، وعلى الكافجي (التلويح) «3» و (التوضيح) «4» إلى باب الاجتهاد، والعضد إلى القياس. ثم قدم حلب ونزل بالصالحية فقرأ عليه بعض الطلبة، وكان فاضلا عالما دمث الأخلاق نزها، وضيء الوجه نيّره، ثم رحل من حلب إلى بلاده ولما كان تغري ورمش الفقيه بحلب كان يجتمع به ويبحث مع الفضلاء فيترجح عليهم وهو رجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 عاقل ذكي إلى الغاية منقطع عن الناس ملازم للإشغال والاشتغال غير متطلع إلى أيدي الناس كثير الأدب والتواضع وله أخلاق حسنة. وفي يوم الاثنين ثامن عشري المحرم توفي العلامة المحقق قاضي المسلمين بالديار المصرية شمس الدين محمد بن علي بن محمد بن يعقوب القاياتي «1» الشافعي. وليّ القضاء بالقاهرة فباشره بعفة ونزاهة وصلى عليه الخليفة بأمر السلطان واستقر شيخنا أبو الفضل ابن حجر عوضه. وصلي عليه بجامع حلب يوم الجمعة سادس عشر صفر صلاة الغائب. وفي يوم الاثنين تاسع صفر خرج القاضي الحمصي من حلب بين الظهر والعصر معزولا بالسوبيني «2» . وفي تاسع عشري ربيع الأول يوم الخميس توجه القاضي الحنفي أبو الفضل بن الشحنة قاصدا القاهرة فعوتب في سفره آخر الشهر فأنشد: دع النجوم لطرقي «3» يعيش به ... وبالعزائم فانهض أيها الملك إن النبي وأصحاب النبي نهوا ... عن النجوم وقد أبصرت ما ملكوا قلت: وأذكرني هذا ما رأيت من شعر زيد بن الحسن الكندي انتهى/ (34 و) م دع طارق النجم يكبو في ضلالته ... إن ادعى علم ما يجري به الفلك تفرد الله بالعلم القديم فلا ... الإنسان يشركه فيه ولا الفلك أعد للرزق من أشراكه شركا ... وبئست العدتان الشرك والشرك وسفرته هذه كانت بسبب قضية شاهين المتقدمة فإن السيد السفاحي كتب إلى المصريين بأن القضية صدرت عن رأيه وباتفاق منه. وفي يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر خرج ابن مفلح من حلب لورود مرسوم بطلبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 من القاهرة بسبب شاهين ولما كان بطريق القاهرة اجتمع بالسويني فأخبره أن الطلب بسبب قضية شاهين، ثم دخل القاهرة فاجتمع بها بشيخنا أبي الفضل بن الشحنة واجتمع بكاتب السر ابن البارزي فسأله عن قضية شاهين فأخبره أنه ما ثبت فقال له: هذا بإشارة ابن شحنة فقال: لا. فقال لمن عنده: أنا أخبركم أنه ثبت على كلامه خلافا لسالم فإنه يتلون ثم إنه اجتمع بمحب الدين بن الأشقر فسأله عن قضية شاهين فأخبره فقبله من عينيه. ثم إن شيخنا ابن حجر أنزله في بيت بالمدرسة البيبرسية. ثم أجتمع بقانباي الجركسي وهو مريض ببيت ناظر الخاص ببولاق فسأله عن قصة شاهين فأخبره فقال: هلا ضربت رقبته. واستصوب كلامه. وقال له: لا تكن مثل الحمصي القاضي فإنه قال خذوا من ماله عشرة آلاف دينار. ثم إنه اجتمع بالسلطان فسأله عن القضية فأخبره. فقال: أما علمت أنه مملوكي. فقال: لا أحابي في الشرع أحدا. فقال له الشاهد: ابن فرعون رجع عن الشهادة. فقال له: هلا أقمت منه موجب الشرع. ثم إن السلطان ألبسه خلعه بعد اقتناعه. ثم سافر من القاهرة بعد شيخنا أبي الفضل. ثم اجتمعنا بدمشق وقدم شيخنا إلى خان طومان قبله. ثم جاء بعده واجتمعنا بخان طومان فقدما حلب يوم السبت تاسع رجب الفرد ولما تقدم القاضي الحنفي شيخنا إلى خان طومان راجعا كتبت إليه: فرحت به الشهباء عند قدومه ... فرح العليل وقد أتاه شفاء والله ما الشهباء إلا جدبة ... من فقده وقدومه الأنواء فليهنها قد زال ما قال العدا ... في حقها من أنها عجفاء فلما وصلت الأبيات صادفت وقوع المطر عليه. ففرح بذلك واستبشر. فلما وصلت الأبيات صادفت وقوع المطر عليه. ففرح بذلك واستبشر. وفي الليلة المسفر صباحها عن نهار السبت حادي عشري ربيع الآخر ورد شخص إلى بانقوسا ومعه جماعة فادعى أنه السلطان العزيز بن الأشرف فأنزل في بيت فلما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 طلعت الشمس قبض عليه وأحسن إلى الكافل فأمر بإيداعه في القلعة ومن معه وهم نحو ثلاثين رجلا وطولع السلطان بذلك فورد المرسوم الشريف في ثاني عشري جمادى الأول بقتل كردي باك بن بكيك هو ومن معه وكان خارجا عن الطاعة وعصى في قلعة كركر فوسطوه ووسطوا شخصا معه. وأما المدعي المذكور فضرب ضربا بليغا فاعترف بأنه من قرية المعيصرة من بلد عين تاب وكذلك الذين/ (34 ظ) م معه فردوا إلى السجن. ثم توفي المدعي المذكور في السجن. وفي العشر الأخير من ربيع الآخر بين العشاءين وقع نجم كبير فأضاءت منه حلب وشاهدت ضوءه. وظننته برقا. وفي يوم الأربعاء بعد العصر رابع عشري جمادى الأول نزل قاضي المسلمين شهاب الدين إبراهيم السوبيني «1» بمقام سيدي عبد الله الأنصاري، وفي نهار الخميس خرج لملاقاته كافل حلب البهلوان. فقال له المسجونون بلغني أن فيهم من حبس بغير حق، وقال لي السلطان انظر في أحوالهم والمنكرات أريد إبطالها فقال له الكافل: افعل ما سمى به السلطان. ولما نزل بخان طومان خرج إليه رؤساء البلد فلما عاينهم دخل إلى خيمته وأقام زمنا. ثم إنه خرج إليهم ودخل إلى حلب ولبس تشريفه وجاء إلى الجامع الأموي وقرئ توقيعه، ثم حضر إلى المدرسة الشرفية ثم ذهب إلى أماكن المنكر وغيّرها وأراق الخمر ومعه الحاجب. أخبرني أنه كان في محنة تيمور مميزا وأنه قرأ الفقه على الشيخ شمس الدين بن زهرة، والنحو على ابن يهودا، والبخاري على ابن البلد وأنه لازم ابن زهرة وانتفع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 به، ثم ترحل إلى القاهرة فقرأ على شيخنا أبي الفضل ابن حجر، وعلى ابن المجدي. وعلى الشيخ كمال الدين بن الحمام، وأنه بكري من جهة الأم. انتهى. وليّ قضاء مكة ثم عزل فحضر إلى القاهرة فاتفق حضور تغري ورمش وابن عبيدان إلى حلب بسبب قصة شاهين وانتصار الحمصي للفقهاء بحلب فعزل الحمصي وربّاه شيخنا أبو الفضل عند السلطان: وما من حبه يحنو عليه ... ولكن بغض قوم آخرينا. فولاه حلب. ثم إنه عامل الناس بشدة وأنكر على الكافل أشياء فيها ضرب الأوزان بين يديه والقرآن يقرأ. ومنها الطبلخاناة والمؤذن يؤذن وغير ذلك. وقال الكافل: لا تجلس معنا في المكان المعد للكفال قديما، وأنزل عنه إذا حضرنا. وأبطل الشحنكية والنقدية وحكم المراسيم الواردة إلا أن يشهد على السلطان شاهدان وكان إذا جاءه الشاهد يسأله عن فرائض الوضوء. فإن أجاب وإلا رد شهادته ومع ذلك يشهد عنده من هو مجهول فيقبله. وقد قرأت عليه بعض مؤلفاته: (لغات المنهاج) وأخذه من كتاب الشيخ سراج الدين ابن الملقن بالإشارات ونقل فيه أشياء من كتب غير صحيحة، وقرأت عليه وغير ذلك من مؤلفاته. وكان فقيها فريضا، عارفا بالحساب معرفة جيدة، دينا، عفيفا عن أموال المدارس، غير عارف بمداراة الناس. وكان لا يليق دواته بماء بركة الشريفة ولا يقبل لأحد هدية. ولم يقبل من قضاة البر شيئا، وتوقف في ولايتهم وفي قبول شهادة بعض الشهود ودرس بمدارس القضاء. وسألني لم قال النووي: بسم الله الرحمن الرحيم بعاطف. فقال له: ليعرفك أن البداية المطلقة بالبسملة، والبداية المقيدة بالحمد لله ليجمع بين روايتي كل أمر ذي بال لا يبدأ بسم الله. وفي رواية بحمد الله فهو أجزم. فلوأتى العاطف لكانت البدأة بالبسملة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 وفي ثامن عشري جمادى الأول ورد كتاب من القاضي أبي الفضل ابن الشحنة على/ (35 و) م، ولده قاضي المسلمين أثير الدين من الصالحية بطريق مصر أنه رأى رؤيا حسنة من جملتها أنه شاهر سلاحا، وقد هزم جماعة من قطاع الطريق وهو يرتجز بديها: من كان لي لا يشهد ... فأنا الخطيب محمد ووقائعي مشهورة ... ومشاهدي لا تجحد فلكم حضرت مشاهدا ... ووقائعا تستشهد ورددت خصمي خائبا ... منه الفرائص ترعد ورجعته مستأثرا ... في قبضتي ولي اليد ولما وصل إلى القاهرة حصل له الكرامة من السلطان ثم عاد إلى حلب على عادته في التاريخ المتقدم ومدحه عماد الدين ابن الزير تاج «1» بهذه القصيدة «2» : ومدحه الشيخ خاطر فقال «3» : بشراك يا شهباء كم تشتكي ... ضرا فقد وافا سماك الطيب محب الدين عدله والتقى ... نصر من الله وفتح قريب وفي يوم الجمعة ثاني عشري رجب توفي الشيخ الإمام المقرئ النحوي شمس الدين محمد بن عمر الفزاري الشهير بابن الدقيق- تصغير الدقيق- وهذا الرجل كان يحفظ محافيظ كثيرة (كالمنهاجين) و (والتلخيص) و (الشاطبية) . ويلازم على درسها ولا يشتغل إلا بقراءة القرآن والحديث ودرس محافيظه وكان صيتا ويظهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 البله. ولازم والدي كثيرا وسمع عليه، ولازم الشيخ عبيدا في دروسه وولي خطابة السفاحية بالجامع الأموي. وانتفع أولاد الناس به لإقرائه أياهم. وكان يقرأ بالسبع. وأظنه قرأ على الشيخ بيروا وصلى عليه بجامع حلب، وخرج في جنازته الشيخ برهان الدين السيوبني قاضي حلب. ودفن في مقبرة الأطعاني. وكان أكولا. موصوفا بذلك مهما حضر بين يديه أكله. وأتى على آخره وصحب زين الدين عمر بن السفاح بعد أبيه فحمل ضررا من جهة الآخرة بصحبته ثم ندم بعد ذلك على صحبته وكان يبكي كثيرا على ما وقع له في صحبته. وفي آخر ليلة الثلاثاء سلخ شوال توفي بحماة الشيخ العالم شمس الدين محمد بن الأشقر الحموي الشافعي كان من الصالحين وقرأ عليه أهل حماة وانتفعوا به. وكان كثير البكاء وعليه سكون وهيبة اجتمعت به بحماة ودفن في مقبرة المحداد أ. وقال له الشيخ تقي الدين الحصيني أنت الأشقر. قال: نعم. قال:" سماعك بالمعيدي خير من أن تراه" «1» . فكان يذكرها ويبكي وكان مطرح الكلفة، متواضعا كتب لي بالإجازة. وفي سابع عشر القعدة خرج من حلب برهان الدين السوبيني بعد أن صرف عن القضاء؛ وسبب صرفه أنه لما اتفق له ما اتفق من الإنكار على البهلوان كتب الكافل إلى السلطان يخبر بأمره وكان كلما سرق بيت بحلب يقول لصاحبه اذهب إلى السوبيني فإنه لم يدع له حرمة فحضر خاصكي إلى حلب يوم الخميس تاسع عشر رمضان إلى الكافل يدعى إينال وطلب السوبيني للخانقه فأظهر أعذارا وجاء في غضون المجلس الشيخ عبد الكريم ومعه جماعة من أوباش الناس فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال لي خذوا بيد السوبيني/ (35 ط) م واعزلوا القاضي المحب دين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 فقال ابن الشحنة: النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول: القاضي. ولا يدخل الألف واللام على محب. وحضر غالب أهل حلب دار العدل منتصرين للسوبيني. وخاف الكافل من الرجم. فأشار إلى بعض جماعته إذا حصل الرجم فاقتلوا السوبيني فلطف الله ولم يرجم أحد، ثم إن المماليك ضربوا الناس. وانفصل المجلس عن كتابة فحضر بما اتفق وأخذ خط السوبيني عليه، وجهر إلى السلطان، وكنت حاضرا بدار العدل، وحضر الشيخ يوسف الكردي للمساعدة فرأى هذا المجلس فسكت. وكان يقال: ما تقول فيقول: أستعين بالله. فلما وصل المحضر إلى السلطان عزله وولى صدر الدين محمد بن شهاب الدين النويري. ولما كان السوبيني بحلب كتب شخص ورقة وألقاها في بيته. ومنها: جاء للشهباء قاض ... ليس فيه من سيادة وإلى سوبين يعزى ... فهو سوء وزيادة وكان سلطان مكة بن بركات «1» يقول: السوبيني: سوء بيّن. وكان له معلوم في الجوالي، وشيخنا أبو الفضل ناظر عليها فكان يرسل إليه ويقول لا ترسل من دارهم (البلص) . فلما عزل أحضر ابن الشحنة نقيبه محمد الخطيب وأراد إهانته فمنعته من ذلك وشفعت فيه فقبل شفاعتي، وأكرمه. وأفضل عليه. وأعطاه ما انكسر للسوبيني من الجوالي. وجاء الشريف علاء الدين الهاشمي إلى دار العدل، وكان قد حكم عليه. فقال أنا أشكوك إلى جدي صلى الله عليه وسلم، وأنا ذاهب إلى الحجاز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 وتوفي السوبيني بدمشق بعد رجوعه من القدس يوم الاثنين ثاني عشر سنة ثمان وخمسين وصلى عليه بحلب صلاة الغائب ثالث عشري الشهر المذكور. وفي يوم الجمعة سلخ السنة بلغ كافل حلب قانباي البهلوان أن تغري بردي نائب القلعة تكلم في حقه أنه خارج عن الطاعة وأنه قد أخذ في تحصينها وخربها ليلا فطلب الهجن ليلا ليسافر إلى حضرة السلطان فاجتمع به أبو الفضل ابن الشحنة وكان قاضيا وكاتب السر بحلب فأشار عليه بعدم السفر وأن يرسل دواداره ففعل ذلك إلى السلطان يتنصل مما نسب إليه ويعتذر عما قيل عنه. وقال أنا مستمر على الطاعة لم أخرج عنها. وكذب من نسب إليّ غير ذلك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 سنة إحدى وخمسين [وثمانمائة] في المحرم تقاتل نائب البيرة علان «1» وجهان كير «2» بن قرايلوك ودخل علان إلى البيره فدخل خلفه عسكر المذكور ونهبوا حارة منها وأخذوا أموالها وسبوا حريمها. ثم أعقب ذلك دخول الطاعون البيرة فاستمر إلى آخر سنة إحدى وإلى أوائل سنة اثنين. وكان السلطان قد أعطى جاه نكير قلعة جعبر فأرسل جاه نكير إلى السلطان يعتذر عما وقع ووعد بتسليم قلعة جعبر. وفي ثاني صفر وصل سماع من السلطان وعلى يده كتاب من دوادار الكافل ومن جماعة من أمراء المصريين بعزل نائب القلعة تغري بردي. وتطييب خاطر الكافل وأن بسيل «3» دواداره. وعلى يده خلعه من/ (36 و) م السلطان. فسر الناس وزينت المدينة. وفي يوم الاثنين خامس عشر الشهر المذكور وصل الدوادار المذكور وعلى يده خلعة سنية للكافل فصادف الكافل وقد اعتراه مرض بطل منه نصفه فصار لا يقدر على المشي فلبسها في الشباك بدار العدل. وكان قبل ذلك جاءته خلعة وفرس من السلطان على يد أقبردي «4» الذي ولي نيابة القلعة بعد ذلك فلبسها وركب على سرج الفرس وحصل له ذلك من السم الذي كان في السرج. ووصل صحبة الدوادار فتسلم القلعة ومرسوم بذهاب تغري بردي إلى الشام بطالا. ثم تزايد مرضه فاستدعى زين الدين ابن الخرزي من حماة للمداواة فحضر إلى حلب. فقال: هذا ميت لا محالة ولست بسيدنا عيسى عليه السلام فإنه كان يحيي الموتى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 فتمادى به المرض واشتد به. فلما كانت ليلة الاثنين سادس ربيع الأول توفي فأصبح الناس وأغلقوا الأسواق وحضروا جنازته وصلى عليه. ثم دفن خارج باب المقام مقابل تربة موسى الحاجب وكان يوما مشهورا. وبكى الناس وترحموا عليه. وكان شجاعا بطلا ذا هيبة وسطوة وبأس شديد وأمن الناس في أيامه من قطاع الطريق والسراق، وكان يكرم العلماء ويعظمهم ويقرأ البخاري عنده ويحضر وينظر إلى الفضلاء بعين الإكرام، وكان أميرا كبيرا أولا بحلب وولي نيابة ملطية وصفد وحماة ومنها انتقل إلى حلب. وبنى حماما خارج باب النصر فقال لي يوما: إنما بنيت هذه الحمام ليطمئن الناس فإنه أشيع أن تيمور شاه روخ يجيء إلى الشام. وفي تاسع صفر وصل القاضي صدر الدين محمد بن النويري إلى حلب متوليا عوضا عن السوبيني. فسار سيرة سيئة مع جنون وأخذ أموال الناس وحكم بغير الشرع. وكان يرقم الشهود، ولم يشهدوا عنده، وتزوج ببنت القاضي الحنفي ابن الشحنة وماتت في صحبته. ورأيت شيخنا وقد وقف عليها وهي تلحد، وبكى وقال: أنا حزين لفراقك. مسرور وفرح بفراق زوجك. ووقع بينه وبين القاضي ضياء الدين بن النصيي وولديه فتنة عظيمة أوجبت سفر القاضي ضياء الدين بولديه إلى القاهرة وكان كريما كثير الإعطاء يعطي للفقهاء ويحسن إليهم ويسمح بالقدر الذي لا يسمح به غيره من القضاة. وما أحقه بقول الأول: يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما ... لكنها خطرات «1» من «2» وساوسه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 ويحفظ كتاب العثماني. ودرس بالعصرونية في قوله: ..... «1» وثمرة النخل المبيع أن شرطت للبائع فله. يوم الأحد ثاني عشر ربيع توفي الشيخ الصالح شمس الدين محمد بن الناصر الصوفي ودفن بالمدرسة الهروية حلب. وكان مجاورا هناك منقطعا عن الناس دمث الأخلاق، وله أوراد وأتباع والناس يهرعون لزيارته ويعظمونه ويدخل إلى الجامع لصلاة الجمعة وهو من أتباع الشيخ محمد بن بهادر «2» . وفي ثامن عشر ربيع الأول جاء هواء عظيم مزعج بحلب وانتشر إلى وادي الباب فقلع أشجارا من الجوز بأصولها. واقتلع نصف مأذنة الشيخ عقيل- أعاد الله علينا من بركاته- ثم بنيت بعد ذلك. وفي أواخر ربيع الأول توفي الإمام تقي الدين أبو بكر بن علي بن الحريري/ (33 ظ) م الدمشقي «3» ؛ ترجمته في مشايخي. وفي نهار السبت مستهل جمادى الأول دخل برسباي كافل طرابلس إلى حلب نائبا عوضا عن البهلوان. وكان وليّ أولا حاجب بدمشق. وفي ليلة الجمعة ثامن رجب توفي العدل الرضا شهاب الدين أحمد بن رضوان وصلى عليه بعد صلاة الجمعة بجامع المهمندار. ودفن بالجبل الأول وكان ساكنا عدلا مريضا وخطب بجامع المهمندار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 وفي يوم الاثنين رابع رمضان وصل تنم نائب حماة كافلا بحلب عوضا عن برسباي. وكان برسباي عبدا صالحا دينا خيرا لم يقطع يد أحد بحلب، ولا قتل أحد وحماها وبلادها بالحال. ولما قدم من طرابلس طلبني من شيخنا أبي الفضل ابن الشحنة لقراءة صحيح البخاري وذلك لأنه لما كان بطرابلس كان يقرأ عنده تقي الدين ابن صدر الحنبلي قاضي طرابلس فلما عزل حثه على أنني أقرأ عنده فقرأت عنده فأحبني حبا زائدا، ولم أر عنده مملوكا أبدا إنما يتفق عنده عبد للوضوء، وكان يصلي أولا الظهر ثم نقرأ عنده وإذا مر حديث يعرفه لكثرة ما قرئ عنده بطرابلس وكان يعظم الحاضرين ويألفهم. ويعد كل جميل. فسافر إلى جهة البيرة لأجل مجيء جاه نكير بن قرايلوك وكبسها وأخذ منها مالا، وأمرني بالقراءة في غيبته فقرأت. فلما قدم حلب بلغه خبر العزل فلما كان في آخر شعبان يوم الجمعة بعد الصلاة رابع عشري الشهر المذكور صرع فدخلت إليه يوم السبت فرأيت عقله مختلا فقال لي: تتم البخاري بالجامع فإنني عزلت فحصل لي أسف على فراقه. فأمرني وللحاضرين بالعادة التي كان يعطيها للقارئ والحاضرين بطرابلس. فخرجنا من عنده داخل الشباك بدار العدل للقبض فأغمي عليه. وضربت الحواطة السلطانية على حواصله فلم نحصل على شيء فسافروا به من حلب بكرة نهار الخميس سلخ شعبان متوجها إلى دمشق فمات قبل وصوله إلى سراقب. فلما وصل جماعته إلى المعرة وصل تنم إليها فكان هذا يدق بشائره وهذه النائحة قائمة عليه والصياح في وطاقه فسبحان «1» من لا يزول ملكه. وبنى برسباي جامعا بدمشق وبرجا على البحر بطرابلس ولم يأخذ من خمارة حلب شيئا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 وسبب عزله من حلب أن الذي قلده بكفالة حلب وهو الأمير جرباش كرت «1» أشاع بالقاهرة أنه مستقيل من كفالة حلب وأنه سأله «2» أن يكون هذا الكلام صدر منه. وفي ليلة الأحد حادي عشري القعدة دخل قانباي الجكمي إلى قبة في بيته ومعه خازنداره وأشعلا نارا في منقل وقيل أنه كان يتناول الخمر فانعكس البخار عليهما فماتا. وفي رابع الحجة صلي بحلب صلاة الغائب على العلامة تقي الدين أبي الصدق أبي بكر بن الشيخ الإمام الفرضي شهاب الدين أحمد بن شيخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن الإمام الفقيه شرف الدين أبي عبد الله «3» محمد بن الإمام كمال الدين عبد الوهاب بن الفقيه جمال الدين محمد بن ذؤيب بن مشرف الأسدي الشهير بابن قاضي شهبة «4» الشافعي فقيه الشام. ولد بدمشق في ربيع الأول سنة تسع (37 و) م وسبعين وسبعمائة حفظ القرآن و (التنبيه) و (منهاج البيضاوي) و (ألفية ابن مالك) وحفظ (الحاوي الصغير) في كبره. واشتغل وسمع الحديث على جماعة وأخذ الفقه عن جماعة منهم البلقيني، وأبو البقاء محمد البكري ابن الشريش وشهاب الدين الزهري وشرف الدين عيسى الغزي وبدر الدين محمد بن مكتوم وشهاب الدين الملكاوي، وشهاب الدين أحمد بن حجي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 وعنه أخذ التاريخ، وجمال الدين الطيماوي وعنه أخذ الأصول، قرأ عليه شرح المختصر للأصفهاني والحاوي الصغير، وأخذ النحو عن الشيخ محمود الأنطاكي. وروى المنهاج عن شهاب الدين الزهري، وشرف الدين محمود بن الشريش عن ابن النقيب عن المصنف «1» وعن جده أيضا شمس الدين محمد عن ابن العطار عن المؤلف وكان آخر فقهاء الشام بالمدارس الطبرية والأمينية والاقبالية. وفي سنة ثلاث عشرة تصدى للإشغال بجامع حلب. وفي سنة عشرين استنابه نجم الدين بن حجي في القضاء فدخل فيه بكره زايد وباشر بعفة ودين وترك ذلك بإشارة الشيخ علاء الدين محمد البخاري «2» في سنة خمس وثلاثين فقال الناس للشيخ البخاري كان في نيابته خير فقال في اشتغاله واشتغاله خير من ذلك. وراسله بالسلام شاه روخ بن تيمور مع والدي وابن حجر وابن المزلق وعبد الباسط. وولي قضاء دمشق استقلالا والخطابة بالجامع ونظر المارستان النوري ومشيخة الخانقاه الشميصاتية مرتين وركبه الدين بسبب ذلك. وله تصانيف منها: (كفاية المحتاج على المنهاج) «3» وصل منه إلى أثناء كتاب الخلع، و (نكت المنهاج الكبرى) كتب فيها من باب من تلزمه الزكاة إلى آخر الفرائض، (وامتناع المحتاج) كتب منه السلم إلى أثناء كتاب العدد. ونكت على التنبيه كتب ومنها: من كتاب الصيام إلى أثناء كتاب النكاح، ولخص (تهذيب الكمال للمزي) «4» ، و (التهذيب للذهبي) «5» في أربع مجلدات وصل منه إلى أثناء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 باب الهاء وبقي عليه مواضع متفرقة. وذيل على تاريخ ابن كثير إلى سنة ست عشر وثمانمائة «1» ، وكتب كراريس متفرقة إلى سنة وفاته وفقد منه كراريس لم توجد بعد وفاته. واختصر الذيل فكتب منه مجلدين إلى ثمانمائة. وله: (المنتقى من الأنساب) لابن سمعان «2» . وله: (المنتقى من نخب في عجائب البر والبحر) «3» . وله: (المنتقى من تاريخ دمشق) لابن عساكر. وله: (طبقات النحاة واللغويين) في مصنفين أحدهما على السنين والآخر على الحروف. وله: (مناقب الشافعي رضي الله عنه) «4» و (طبقات الشافعية) «5» . وغير ذلك. اجتمعت به بالعلا في سنة ثمان وثلاثين في الحج لكني لم أقرأ عليه شيئا وكان شكلا حسنا عارفا بالفقه كثير الاطلاع صحيح النقل والفهم وكان الشيخ تقي الدين الحصني يثني عليه ويرسل الفتاوى إليه وكان يطبخ الطعام الفاخر، ويؤثر الفقراء ويقنع باليسير. توفي يوم الخميس بعد العصر حادي عشر ذي القعدة فجأة وصلى عليه في ثاني يوم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 وكانت جنازته حافلة ودفن بمقبرة باب الصغير بين جده شمس الدين وعم والده الشيخ كمال الدين. وروت له منامات عظيمة رحمه الله تعالى «1» . وفي شهر الحجة ورد المرسوم الشريف الظاهر جقمق إلى أبي الفضل ابن الشحنة وهو كاتب السر والقاضي الحنفي وناظر الجوالي بحلب أن يصرف لنائب سيس مبلغ ألفي دينار ليبني بسيس جامعا من مال الجوالي فأعطاه ذلك وبنى بسيس جامعا لطيفا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 سنة اثنين وخمسين [وثمانمائة] في أوائلها ولدت بنت بقرية بجارز «1» من عمل سرمين لها جسد واحد وعنق واحد وعلى العنق رأسان من جهة واحدة في كل رأس وجه في كل وجه عينان وفم وأنف وأذنان فإذا بكت بكت من المكانين وعاشت يوما واحدا. وفي يوم الأحد تاسع عشر المحرم شرع في عمارة جامع منكلي بغا وتقدم ذلك في الجامع المذكور. وفي أوائل السنة انتقل الطاعون من البيرة إلى حلب وغالب معاملاتها والمعرة وحماة وكثر في حلب في صفر ودام. وفي الخميس ثالث عشري المحرم حضر جماعة من أهل أعزاز وصحبتهم الخطيب وشكوا إلى الكافل تنم بأنهم ظلموا فضربهم وأراد إشهارهم في البلد فخلصهم العامة فوقع بسبب ذلك فتنة بين الكافل والعامة ورمى جماعة من مماليك الكافل على العامة بالنشاب فجرح جماعة وقتل بعض. ثم دخل الأمير الكسرو «2» الحاجب ودوادار السلطان ونائب القلعة بينهم وسكنت الفتنة. وفي الليلة المسفر صباحها عن نهار الخميس سلخ المحرم هرب جماعة من العرب وأميرهم سالم بن بدران من سجن القلعة، ونزلوا من سورها واحتالوا على ذلك فأمروا امرأة من نسائهم فجاءتهم بمبرد «3» فبردوا قيودهم وكسروا باب السجن وكانت قد أتتهم بصوف فغزلوه في السجن. وكانوا إذا سئلوا عن سبب غزلهم قالوا نبيعه ونأكل بثمنه. وأصبح نائب القلعة وأمسك النائحين على باب السجن وأودعهم السجن وطالع بهم السلطان فأمر بإطلاعهم والإفراج عنهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 وفي يوم السبت ثالث عشري صفر ورد المرسوم الشريف صحبة خاصكي إلى كافل تنم بالكشف عمن قام عليه في القضية السابقة ويطالع بذلك السلطان فصفح الكافل عن الناس ولم يؤاخذهم بما صدر منهم. وفي منتصف ربيع الأول طفا السمك الذي بخندق قلعة حلب. ودام الطاعون خارج البلدة أكثر شيئا بالكلاسة وبانقوسا، وصار الناس يبيتون على النعوش وعمل نعوشا، وتكلم في عدد الموتى فمقل ومكثر والصحيح أنه خرج من باب المقام دون الستين وفوق الخمسين نفسا. وحصلت رائحة كريهة في بعض القرى لكثرة الموتى. وفي يوم الجمعة العشرين من ربيع الأول توفي الشيخ شمس الدين محمد بن أبي بكر الشهير بابن المعصراني الجبريني الأصل، وكان شاهدا في مبدأ أمره بباب النيرب وقرأ شيئا من الفقه على الشيخ علاء الدين ابن الوردي وقرأ عليّ شيئا من البخاري. ثم إنه صحب ابن القاصد الصوفي ولزمه وترك زي «1» الفقهاء ولبس زي الفقراء وانقطع إلى رحمة الله تعالى. وكان مجاورا عند قبر سيدي يحيى خارج قرية النيرب وعند قبر الشيخ يوسف/ (37 و) م ولزم مدرسة أشقتمر، ثم حج ورجع فسكن المدرسة العلمية- داخل باب النيرب «2» - وصار له أتباع. يعظمونه، وكان كثير الرياضة، حسن السمت، مليح الشكل، نير الوجه، وهو الذي قام في عمارة جامع التوبة «3» خارج باب النيرب. وكان الخمر يباع في مكانه. وكلم كافل حلب تنم في إزالة المنكرات بكلام خشن فورد مرسوم السلطان بعد ذلك بإزالة المنكرات فعظم قدره، وكانت له جنازة حافلة وتوفي بالعلمية. ورأيت أكابر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 الفقراء يتبركون به عند الموت. ودفن خارج الجامع الذي بناه. ثم في يوم الاثنين ثالث عشري ربيع الأول خرج الكافل والقضاة والمشايخ والعوام ومعهم المصاحف وأعلام الجوامع إلى قرنبيا ورفعوا أصواتهم بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى، وقرّب الكافل قربانا للفقراء ورجعوا فظهر الوباء ظهورا لم يكن قبل ذلك. وأذكرني هذا ما قاله شيخنا أبو الفضل بن حجران في سنة تسع وأربعين وسبعمائة وقع الطاعون بدمشق وخرج الناس إلى الصحراء ومعظم أكابر البلاد ودعوا واستغاثوا فعظم الطاعون بعد ذلك وكثر. قال ووقع أيضا الطاعون في القاهرة في السابع والعشرين من ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين فكان عدد من يموت بها دون الأربعين فخرجوا إلى الصحراء في الرابع من جمادى الأول بعد أن نودي بالصيام ثلاثة أيام كما في الاستسقاء واجتمعوا ودعوا ثم رجعوا ... «1» انسلخ الشهر حتى صار عدد من يموت في كل يوم بالقاهرة فوق الألف ثم تزايد. وفي يوم الجمعة ثامن عشر ربيع الأول ورد كتاب شيخنا زين الدين بن الخرزي باستقراره في قضاء حلب عن صدر الدين بن النويري وأرسل الكافل خلف صدر الدين. ورسم عليه في المدرسة السلطانية، وألزمه أن يعطي الناس ما أخذ منهم. فأخذ في الوفاء، وحضر الناس على الشكوى عليه من كل فج عميق فأدى نحو سبع مائة أشرفي ووعد الباقين بالوفاء، ثم دخل الكافل وذكر أنه أوفى الناس حقوقهم فأطلقه فذهب إلى بيته وكان أولا نازلا بالبيت الذي لبني العجمي مقابل الشرفية. ثم لما تزوج بنت شيخنا انتقل إلى قرب بيوتهم فلما صار الليل ذهب خفية إلى انطاكية ثم توجه إلى طرابلس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 وفي نهار الخميس سادس عشر جمادى الأول وصل شيخنا ابن الخرزي إلى حلب ولبس تشريفه وحكم بين الناس. وفي جمادى الآخرة اشتهر بين الناس اعتمادا على قول أرباب الهيئة «1» أن الشمس تكسف قريبا من التمام فجاء الناس للصلاة بالجامع فانكسفت انكسافا قليلا. وفي العشر الثاني من جمادى الآخرة صرف تنم عن كفالة حلب بالحمزاوي وكان تنم كثير الطمع في أموال الرعية، وصادر أهل الباب ومن حولها من القرى عند ذهابه إليها، وكثر قطاع الطريق في أيامه، وصارت العرب من رعب يأتون إلى القرى يأخذون الغفر «2» حتى لقد رأيت فلاحا يزرع بقرية مارت التي للأشرف وضع بيدره عند مقام الأنصاري فجاء العرب إليه يطلبون الغفر على بيدره، وأحدث غفراء عند خان طومان يغفرون/ (33 ظ) م القوافل إلى سرمين وذلك لعجزه عن ضبط المملكة وعاقب شخصا من أكابر أهل عينتاب بالصفع وأدخله السجن فمات في السجن من الصفع. وفي ليلة الجمعة المسفر صباحها عن ثالث عشري جمادى الآخرة توفي الشيخ أبو العباس محمد بن الشيخ إبراهيم الكتبي وقد أجازني وكان عارفا أستاذا في تجليد الكتب، وتضرب الأمثال بصنعته، وعمل قيامة جامع حلب. وخدمه كثيرا بتقوى وصلى عليه بالجامع بعد الصلاة. ودفن بمقابر الصالحين وافتقده أهل حلب لأنه لم يكن أحد مثله في صنعته وإتقانه. وفي حادي عشري رجب دخل الحمزاوي إلى حلب كافلا عوضا عن تنم وكان الحمزاوي لين الجانب كثير الحياء والتودد للناس وتظلم نفسه. وله زوج عملت خيرا كثيرا لم تدع مزارا بحلب إلا وأرسلت له الدراهم. وأحسنت للفقراء وعزّلت عقبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 ديركوش وسهلتها بعد صعوبتها وأقرأت البخاري في صحيفتها. وكانت تأخذ ما يتحصل من الملح فتصرفه في وجوه الطاعات وكانت حشمة كريمة. لها عقل وماتت بعد زوجها بدمشق عن أثاث كبير وبنت دارا عظيمة بدمشق، وحجت من حلب حجة عظيمة. أصرفت عليها مالا كثيرا وأحسنت للفقراء بالماء والزاد والنفقة وأحسنت لأهل مكة والمدينة- رحمها الله تعالى- وكانت لا تسمع بفقير صالح إلا وأحسنت إليه، ولا بمعروف إلا بادرت إليه، وتحسن لأهل الحبس كثيرا وتطعم الأيتام وتكسوهم، وتزوجهم، وكانت شهمة لها همة عظيمة في فعل الخير. وفي أول رمضان حصل الخلف فثبت عند ابن مفلح أن منزلة الهلال بها غيم فأصبح يوم الثلاثاء وصام وأفطر القاضي الشافعي وصام الأربعاء. ثم بلغنا أن رمضان ثبت برؤيا يوم الثلاثاء فأرسلوا ساعيا إلى طرابلس فجاء على يده كتاب يثبت بأنه الثلاثاء. وكان قبل ذلك جاء اثنان وشهدا أن رمضان ثبت في بلاد طرسوس الثلاثاء فأثبته الحنبلي. لأن الرؤية عندهم تعم جميع البلاد، وجاء الخبر من القاهرة بأنهم صاموا الأربعاء ليلة الخميس روئ هلال شوال. وفي يوم الأحد سابع عشري رمضان حضر صدر الدين ابن النويري من القاهرة متحفظا عليه الشكوى القاضي ضياء الدين ابن النصيبي وولديه زين الدين وشرف الدين وذلك لأنه لما كان بحلب وقع بينه وبينهم وأخذ ابن البويري طبرا «1» ليضرب سيدي عمر بن النصيي ليلا فمسكوه وضربوه وأخذوا الطبر منه. وسبب العداوة أنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 كان زوجا لبنت القاضي ابن الشحنة فكان يدعى أن ابن الشحنة يقدم سيدي عمر ابن النصيي عليه وهو صهره أيضا. وكانت زوجة ابن النووي ماتت وزاد في مخاصمتهم وشتمهم فأنفوا من ذلك. وخرجوا إلى القاهرة شاكين للسلطان فوصلوا القاهرة ونزلوا بالبارزية ببولاق وساعدهم الكمال ابن البارزي فشكوا حالهم للسلطان فشكاهم، وأخرج ابن النويري إلى حلب في الحديد للكشف عليه فجرى الكشف بما التمس من أموال الناس. وأنزلوه بالسلطانية ومرض سيدي عمر بن النصيبي بالقاهرة مرضا أشرف به على الموت ثم عوفي لله الحمد، ثم خلع على القاضي ضياء الدين وولديه بحضرة السلطان خلع السفر وطلعوا من القاهرة كتب الله سلامتهم. وفي يوم الاثنين أدخلوا ابن النويري دار العدل وفي عنقه الغل وقرأ المرسوم الشريف ونودي عليه بالكشف من التمس له شيئا فليحضر فجاء الناس من كل فج يطالبونه واستمر في جامع الناصري في الترسيم. ثم في يوم الخميس ثامن شوال أحضر إلى دار العدل ووقف بين يدي الكافل وادعى عليه الناس بما التمس فصار ينكر. ثم يوم الجمعة بعد الصلاة ادعى الناس وكثر الصياح عليه، وهو مع ذلك لا يتغير ولا يرعوي، ثم أسرع في مصالحة غرمائه. واستمر في الترسيم إلى نهار السبت خامس عشر ربيع الأول سنة ثلاث فأنزل من القلعة للإسهال الذي حصل له إلى السجن في المدينة فأقام بالسجن والإسهال زايد عليه وقاء «1» دما فاشتهى خيارا فجاؤوا له من السجن فلوسا واشترى له خيار بها وهو ملقى على باب السجن في أسوأ حال والناس يأتون أفواجا ينظرون إليه للاعتبار إلى ثالث عشري الشهر المذكور فتوفي أول النهار بالسجن فأخرجوه إلى المارستان الجديد فغسلوه هناك وصلى عليه بالجامع الكبير ثم دفن خارج مقام الأنصاري ورق الناس عليه لغربته وذلته بعد عزه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 وفي يوم عيد الفطر توفي الشيخ أبو بكر الكردي الشافعي قدم حلب وسكن بحارة التركمان وأقرأ أولاد الناس بمكتب ابن الزين ولازم والدي وقرأ عليه كثيرا وحفظ قطعة من (الحاوي الصغير) وكان فرضيا. ويعرف النحو والقرآن، متعففا قليل الكلام، مواظبا على تلاوة القرآن، ودرس بجامع حلب نيابة عن أولاد الشيخ علي ابن الوردي. وفي يوم السبت ثالث شوال ورد كتاب القاضي ضياء الدين بن النصيبي إلى القاضي محب الدين ابن الشحنة إلى حلب يخبره بأن صلاح الدين ابن السابق ... «1» عند خروجه من دمشق قاصدا التوجه إلى حلب في القابون «2» ، وقد رجع من مصر من الشكوى على ابن النويري أنه ورد كتاب الكمالي ابن البارزي يخبر بتولية شمس الدين محمد سبط الوجيه وعزل ابن الخرزي ووصل الكتاب إلى ابن السابق في خامس عشري رمضان فأعلمناه ذلك. وفي رابع عشر شوال وصل إلى خان طومان القاضي ضياء الدين ووالده وسيدي عمر في محفة لتوعكه، وخرج لتلقيهم القاضي الحنفي وولده الأثيري وغالب الناس إلى الخان المذكور، وأصبح بكرة النهار دخلوا إلى حلب وخرج الكافل لتلقيهم إلى جسر الأنصاري ودخلوا إلى دار العدل وعليهم خلع. وقرأ المرسوم الشريف فيه غاية التعظيم والإكرام وأن سيدي عمر ولي قضاء العسكر وسيدي أبو بكر إفتاء دار العدل ولبس كل منهما تشريفا بطريقته كعادة القضاة، وحضروا إلى منزلهم وصحبتهم القضاة، وأركان الدولة وكان يوما مشهودا. ثم أنشدني القاضي شرف الدين لنفسه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 إلهي لك الحمد الذي أنت أهله ... على نصره جاءت من الحكم العدل تقطعت الأوصال في كل ظالم ... وسربها أهل المعارف لا الجهل وأخبرني أنه أنشد من نظمه للكمال البارزي: أيا مليك العصر يا ظاهرا ... مؤيدا من حاكم عادل كيف يولي جاهل جائر ... يهدم دار العدل بالباطل وأن الكمال بن البارزي أنشدهما للمقام الشريف وأنه استحسن ذلك. وفي يوم الأحد ثامن عشر شوال ورد مثال السلطان بولاية ابن الرحبية القضاء وكتابه. وفيه أنه ولي في خامس عشر رمضان وخرج ابن الخرزي إلى حماة يوم الخميس تاسع عشري شوال. وفي يوم الاثنين رابع القعدة عمد رعاع أهل البيرة إلى قاضيهم زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الشافعي سبط الشيخ محمد بن الحداد البيري، فقتلوه قتلة منكرة. وكان قبل ذلك متكلما عليهم من جهة نائبها علّان وأساء السيرة فيهم فلما عزل علان خاف عليه من القتل فكاتب في أمره نائب حلب فأرسل جماعة من عسكر حلب إلى البيرة على أيديهم مرسوم الكافل أن يحضر في دعوى إلى حلب فأنزلوه من القلعة خوفا من القتل فحضر إلى حلب ثم سافر إلى القاهرة ووليّ قضاء البيرة، ودخل حلب وعلّم على توقيعه. وأخذ مرسوم الكافل الحمزاوي إلى نائب البيرة بالوصية به فاجتمعت به بحلب وحذرته من الذهاب إلى البيرة فلم يسمع. فلما وصل إلى البيرة ولبس تشريفه وذلك يوم الاثنين المذكور فلما دخل الليل فعلوا به ما تقدم. وأما رؤساء البيرة فإنهم كانوا قد حلفوا أنه إذا جاء عبد الرحمن إلى البيرة يرحلون منها. فرحلوا منها قبل قتله إلى بعض القرى. وكان عبد الرحمن المذكور فاضلا ذكيا ذكاء مفرطا وله نظم ونثر وكتابة حسنة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 وكتب على أرزة سوداء سورة الإخلاص. وكان في لسانه لثغة وبذلة. وفي طبعه احتقار الناس، وفيه كبر وزهو زائد، وحفظ قطعة من (الحاوي الصغير) . وفي ليلة الأحد تاسع القعدة توفي الإمام النحوي شمس الدين محمد الملطي الحنفي وكان فاضلا في اللغة والنحو والتصريف والمعاني والبيان والأصول مستحضرا لأشعار العرب. وهو مطرح التكلف تاركا للمطالعة. وكان يجيء إلى والدي فيكرمه ويطلب من والدي تفسير ابن عبد السلام ويكثر مطالعته ويستحضر (الكشاف) وهو مسرف على نفسه. وصلي عليه بكرة النهار ودفن بالجبل الكبير. وله نظم جيد وقرأت عليه قطعة من (شرح ابن عقيل على الألفية) فكنت إذا توقعت فهمي يقول منشدا: إذا ما تميمي أتاك مفاخرا ... فقل عد عن ذاك من أكلك للضب اشتغل باسم الزهري. ولما كان القاضي معين الدين سبط ابن العجمي بحلب كاتب سر مدحه فلم يعطه شيئا فأنشد: مدحت معين الدين لا زال عاليا ... ليحصل لي منه العطاء المعجل/ (20 و) م فما انبسطت بالبشر عزة وجهه ... ولا انفتحت بالجود لي منه أنمل فأبت بلا نفع كأوبة أمرد ... ينال فلا يعطي نوالا فيخجل وفي يوم الأحد قدم قاضي المسلمين شمس الدين محمد بن خليل بن محمد بن حسين بن محمد بن أبي العزائم بن عبد الله بن سبط بن الوجيه إلى مقام الأنصاري وبات ثم أصبح بكرة نهار الاثنين سلخ الحجة فدخل دار العدل ولبس تشريفه بقضاء الشافعية ثم جاء إلى الجامع الأموي فقرئ توقيعه وجاء فنزل بيت الشيخ كمال الدين ابن العجمي مقابل الشرفية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 سنة ثلاث وخمسين وثمانمئة وفي يوم الجمعة ثامن عشر المحرم حضر شخص من أهل حمص إلى حلب وصلى بالجامع ثم قال: ما لكم لا تصلون على شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر «1» فإنه مات. وصلي عليه بحمص. فلما كان يوم الأحد وردت الأخبار من القاهرة على القاضي الحنفي ابن الشحنة في ليلة السبت ثامن عشري ذي الحجة فاجتمع عند ذلك بالجامع القضاة خلا ابن الشحنة. والفقهاء والفقراء وأهل الخير وقرؤوا شيئا من القرآن في صحائفه ثم صلي عليه صلاة يوم الجمعة في أكثر جوامع حلب. ثم وقفت على كتاب جاء من القاهرة «2» يتضمن أنه توفي ليلة السبت بعد العشاء بنحو عشرين درجة ثامن عشرين ذي الحجة سنة اثنين وخمسين وثمانمائة «3» وكان يوم وفاته يوما عظيما ذكروا أنه لم ير في القاهرة مثله فصلوا عليه في الرميلة بسبيل «4» المؤمني صلى عليه أمير المؤمنين الخليفة وكان قد تقدم للصلاة عليه علم الدين البلقيني فأشار السلطان إلى الخليفة أن يصلي عليه وقال لعلم الدين: أنت تبغضه. فتأخر قال: في الكتاب وأنشدني أبو البركات الغراقي «5» وقال: إن الشيخ قبل وفاته أنشد يرثي نفسه: قرب الرحيل إلى ديار الآخرة ... فاجعل إلهي خير عمري آخره وارحم مبيتي في القبور ووحدتي ... وارحم عظامي حين تبقى ناخرة فأنا المسكين الذي أيامه ... ولت بأوزار غدت متواترة فلئن رحمت فأنت أكرم راحم ... فبحار جودك يا إلهي زاخرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 والأبيات للزمخشري. أ وبلغني أن أبا الجود المالكي وهو من أهل الصلاح قال: إن الخضر عليه السلام صلى عليه، وهذا على قول من قال بحياته. وبلغني أنه أنشد قبيل وفاته في آخر أيامه: خانني ناظري وهذا دليل ... بانتقالي من بعده عن قليل وكذا الركب إن أرادوا رحيلا ... قدموا ضوءهم أمام الحمول فقال إنهما لسعد بن إبراهيم الطائي الحنبلي البغدادي. رجع: ومولد شيخنا شيخ الإسلام قاضي المسلمين أبو الفضل بن حجر كما رأيته بخطه في شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة ب، وأخبرني لما كان بحلب أنه قرأ البخاري على نفسه للتبرك في عشرة مجالس وكانت القراءة ما بين الظهيرة والعصر وأنه قرأ صحيح مسلم على شرف الدين محمد بن الكويك في خمسة مجالس. وكانت القراءة من بكرة/ (20 ظ) م النهار إلى الظهر (المعجم الأصغر «1» ) في مجلس، وأنه قرأ ابن ماجه في عشر مجالس، وأنه أقام بدمشق مائة يوم فقرأ فيها ألف جزء حديثية تقريبا وكتب عشرة مجلدات «2» . وأول اشتغاله بالعلم سنة سبع وثمانين وأول سماعه سنة خمس وثلاثين وطلب بنفسه سنة ثلاث وسبعين وله مصنفات ومؤلفات وولي قضاء القضاة بالقاهرة عدة مرات وعدة مناصب وتداريس وبالجملة قلّما ترى عيناي مثله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 ورثاه الشهاب الحجازي وعماد الدين بن الزبراح «1» بقصيدة أنشدنيها، وأولها: هي الليالي خطوب تعتري وغير ... فكم أرتنا صروف الحادثات غير لم يصف منهل عيش لامرئ أبدا ... إلا وعقبه بعد الصفاء كدر كم كدرت وصفت كم أخلقت ووفت ... وكل ذا بقضاء قد جرى وقدر منها: فكم جسوم بإطباق الثرى بليت ... وأوجه أسكنت بعد النعيم حفر أواه وا لهف قلبي اليوم وا أسفي ... وا حسرة الدين والدنيا على ابن حجر على شهاب لدين الله كان .... «2» ... (جنابكم) شمس فضل قد خبت وقمر على إمام عليه الخلق قاطبة ... أثنت وكم قد حكت «3» في الجود عنه سير فالعلم من بعده ضاقت مذاهبه ... وضل في حيرة من بعده وفكر مجالس العلم من حزن عليه بكت ... فنوحها اليوم ترمي في القلوب شذر وفي أحاديث خير المرسلين له ... أعلى مقام وإسناد وحسن نظر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 فكم أنار طريقا من مذاهبها ... وكم قديم حديث قد روى وخبر منها: من للفضائل أم من للمسائل أم ... من للرسائل عليها بعد صخر من للمحارب زانتها تلاوته ... في ظلمة الليل من متن الكتاب سور فالسحب أجرت عليه اليوم أدمها ... والريح تبكي إذا مرت عليه سحر بكت عليه نجوم الليل ذاكرة ... تهجدا في ليال كلهن غرر منها: يا قبره قد حويت المجد أجمعه ... وفيك جنة عدن أزلفت ونهر لله درك من قبر علا وسما ... أمسيت للمجد والعلياء نعم قصر مولاي نصر قضاة المسلمين ومن ... للعدل قد سل سيفا في الورى وشهر مقرر على الخلق فقدان لشخصك يا ... من كان ملجأهم يوما لدفع ضرر ما ناح ذو شجن ليلا على فنن ... وأومض البرق نجديا ولاح القمر وفي نهار الثلاثاء سادس صفر ورد الخبر من القاهرة بكثرة الطاعون وبوفاة الشاب السعيد محي الدين يحيى بن السيد نقيب الأشراف بدر الدين بن السيد نقيب الأشراف/ (21 و) م عز الدين الإسحاقي. وكان قد حج ورجع إلى القاهرة والعجب أن القاصد الذي جاء بخبر وفاته جاء صحبته كتاب منه بأنه طيب وكان قد طعن بعد أن أعطاه الكتاب. وكان أخوه النقيب عفيف الدين عبد الله متطلعا خائفا عليه ولا يسأل أحدا عنه خشية أن يبلغه ما يكره كما قيل: ومن حذري لا أسأل الركب عنكم ... وأعلاق قلبي باقيات كما هيا ومن يسأل الركبان عن كل غائب ... فلا بد أن يلقى بشيرا وناعيا وكان السيد يحيى عاقلا ذكيا كثير الحياء، دمث الأخلاق حسن المعاشرة لطيف المحاضرة. قرأ على والدي شيئا من (شرح ألفية الحديث للعراقي) ولازمه ملازمة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 كثيرة، وكان والدي يقدمه في الجلوس على أقرانه اتباعا للسنة:" قدموا قريشا". ويثني على عقله ورجاء أن يكون خلفا عن آبائه وكان سني الاعتقاد. وفي يوم الجمعة تاسع صفر صلي بجامع حلب صلاة الغائب عليه وعلى قاضي القضاة بدر الدين محمد بن التنسي المالكي قاضي مصر. وفي العشر الآخر من صفر سنة ثلاث ورد المرسوم الظاهري بعمارة سور حلب. وفي العشر الأول من ربيع الأول ورد المرسوم الظاهري بعمارة جسر يغرا فخرج المهندسون من حماة وحلب ووقفوا على الجسر وقالوا إن عمارة جسر جديد أنفع من ترميم الجسر العتيق وذكروا أن عمارته لا تكمل إلا في سنتين. وأنه يريد اثني عشر ألف دينار تقريبا وأن عمارته يكون من حجارة قلعة دربساك. فطولع السلطان بذلك وفي يوم السبت رابع عشري ربيع الأول صلب محمد الشهير بالمخلع صاحب شرطة حلب مع جماعة من السّراق لأن بعض السراق أقر عليه أنه كان يعاملهم وضربوه ضربا بليغا فلم يعترف. وعزقت امرأة خارج حلب عند جسر باب انطاكية لأنها كانت تدخل السوق وتعرفهم من أين ينقبوا ويدخلوا «1» ، وفي يوم الأربعاء سادس ربيع الآخر دخل حلب قصاد صاحب الروم مرادباك ومعهم جماعة من الفرنج الذين أسرهم في بعض وقائعه وعليهم آلة الحرب ومعه لواء مذهب ونزلوا بيت الكلتاوي وكان قد أرسلهم إلى السلطان. وفي العشر الأوسط من جمادى الأولى سقط نجم فأضاءت له حلب. وفي العشر الأوسط من رجب تكررت الزلازل بحلب حتى في ليلة الخميس خامس عشر الشهر المذكور زلزلت عدة مرات. وفي ليلة الأحد خامس عشر منه زلزلت ثلاث مرات أيضا. وفي العشر الأول من شعبان تكررت الزلازل حتى في ليلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 الجمعة ثامن شعبان زلزلت زلزلة عظيمة فخربت أماكن عديدة وورد كتاب نائب إياس غريب إلى حلب يتضمن أن في هذه الليلة زلزلت إياس ومعاملتها زلزلة عظيمة وانهدم من بروج القلعة أماكن كثيرة وتشقق وأن أرض البجق في ناحية الملاحة «1» على نهر جيحان يوم الخميس العصر من النهار وقعت زاعقة وقتلت/ (21 ظ) م أربعة نفر في بيت واحد وفي آخر الليل حصلت الزلزلة وأن بعض المواضع خربها؛ ومن جملة ما خسف بأربعة أجمال وراحت. فلا يدري ما اتفق لها وإن في نفس بيوت التركمان تشققت الأرض ونبع الماء من موضعين وأن الحجر البحر الملح انجذب مقدار مدتين قوس وبقي لا ماء فيه. وورد كتاب نائب طرسوس بأن هذه الليلة زلزلت طرسوس ووقعت مئذنتها وبعض الجامع والأسوار. وفي القعدة أخرب العشير المعرة وسبب ذلك قتل أولاد العطوي في الحمام قبل صلاة الجمعة. وفي يوم الأربعاء ثاني الحجة ورد الخبر بوفاة سيدي يحيى بن العطار بالقاهرة. وأخبرني بعضهم أنه توفي في القعدة. وورد في كتاب أنه توفي سابع عشر القعدة. وقد تقدمت ترجمته في قدوم الأشرف إلى حلب «1» وكتب إليه المقر الكمالي ابن البارزي: حل لفظي فإنه سكري ... يتمنى لحلو فهمك لقيا إن تجده قد رق أو مات شوقا ... يا طيب القلوب برحمة يحيى وكتب إليه أيضا: خيالك في فكري يؤانس وحدتي ... على أن داء الشوق في مهجتي أعيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 فإن مات من فرط اشتياقي فصبري ... أعلله بالقرب من سيدي يحيى وكتب سيدي يحيى إلى الكمالي المشار إليه: لما رآني الكما المضني ... وصرت بالشوق كالخلال أراد يحكي نحول جسمي ... إذ كلنا طالب الكمالي فأجابه: مشرف منك قد أتاني ... ألفي محبا ضناه أعيا علمت إذ مات فيه قلبي ... بأنه قد أراد يحيى وفي يوم الأحد عيد الأضحى توفي شهاب الدين أحمد نقيب القلعة بحلب عن سن عالية. وكان عاقلا من رجال الدهر. وفي حادي عشر الحجة ورد مثال بطلب القاضي علاء الدين بن مفلح الحنبلي إلى القاهرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 سنة أربع وخمسين وثمانمائة في يوم السبت مستهل السنة خرج كافل حلب الحمزاوي إلى جهة الجبول بسبب ما حدث بالشام من دخول ابن قرايلوك ونهبه لبعض التركمان وذلك بسبب ابن جعبر مضافة إلى جاه نكير ابن قرايلوك. وقدم عليه في هذه السفرة عرب رغب فأكرمهم وآمنهم ودخل حلب في العشر الثاني من الشهر المذكور. وفي شهر المحرم ورد مرسوم بعدم حضور ابن مفلح واستقراره في وظيفته وتكررت الزلازل في المحرم. وكذلك في صفر فكذلك في جمادى الأولى بحلب وبحماة كانت الزلازل أكثر. وفي نصف صفر ولي ابن الخرزي قضاء حلب عوضا عن شمس الدين سبط ابن الوجيه. وفي يوم الاثنين مستهل ربيع الأول سافر القاضي الحنفي ابن الشحنة إلى القاهرة ونزل بخان طومان/ (22 و) م ثم سافر ليلة الثلاثاء فلما وصل إلى القاهرة ادعى عليه السلطان الظاهر جقمق بنفسه بمقتضى محضر مثبوت على ابن النويري بأنه يستحق عنده ستة وثلاثين ألف دينار. وعقد له مجلسا بحضرة القضاة وكان الشافعي إذ ذاك المناوي فأجاب بأن ابن النويري أنت تعرف فسقه. فأحجم السلطان عن الجواب. ثم انفض المجلس وبعد ذلك صولح على عشرة آلاف دينار بشفاعة عبد الباسط عند أبي الخير النحاس وكانوا قد أرسلوا هجانا إلى القدس لإحضار المحضر. وفي يوم الخميس ثامن عشر ربيع الأول ورد تغري بردي- نائب قلعة حلب- من القاهرة مكرما. وكان قد ذهب من حلب إلى القاهرة. وجاء صحبته نقيب القلعة ومعه مثال بولاية ابن الخرزي عوضا عن سبط ابن الوجيه. وكان ضعيفا فلم يبلغه الخبر واستمر به الألم إلى أن مات؛ وضعفه كان يجبر ألما شديدا في أصبع بيده ولا ظهر لها أثر في الخارج. وتوفي في ليلة السبت المسفر صباحها عن عشري ربيع الأول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 وكان كثيرا ما ينشد قبل الموت: ومن كانت منيته بأرض ... فليس يموت في أرض سواها. وصلي عليه يوم السبت بجامع حلب ودفن بمقابر الصالحين إلى جانب الإمام الغزالي وكان فقيها يحفظ (الحاوي الصغير) ويعرفه معرفة تامة عاقلا لا يعرف النحو وعربيته بردونة (كذا) . وكان ينشد: يبكي الغريب عليه ليس يعرفه ... وذو قرابته في الحي مسرور يرفع قرابته. وكان شكلا حسنا كثير التواضع والانبساط إلى الناس. وأخبرني أنه ولد في جبل من بلاد طرابلس. وكان يكتب بخطه الغزي نسبة إلى غزة- التي دفن بها هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم- وأعداؤه يقولون نسبة إلى غزة؛ بضم الغين المعجمة. ونشأ في طرابلس، وقرأ على الشيخ شمس الدين بن زهرة والشيخ سعد الدين الآمدي. والآمدي: قال ابن قاضي شهبة في ترجمته: " سعد بن عبد الله الآمدي ثم الطرابلسي أقام بطرابلس يشغل ويفتي قليلا وكان فاضلا في الأصول. ويجل الحاوي الصغير لكنه لم يكن محمودا في دينه على ما بلغني. توفي في أحد الجمادين سنة اثنين وثلاثين وثمانمائة. قلت: وأذكرني هذا ما قاله الشيخ العارف السراج: لو كان في الشيخ برجس لظهر في التلميذ أ. لطيفة: ب ذكر ابن جرير الطبري في تاريخه أن عبيد شرية عاش ثلاثمائة سنة وأدرك الإسلام فأسلم ودخل على معاوية بالشام فقال له حدثني: بأعجب ما رأيت. قال: مررت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 ذات يوم بقوم يدفنون ميتا فلما انتهيت إليهم اغرورقت عيناي بالدموع فتمثلت بقول الشاعر: يا قلب إنك من «1» أسماء مغرور ... فأذكر «2» ، وهل ينفعك اليوم تذكير قد بحت بالحبّ ما تخفيه من أحد ... حتى جرت لك «3» أطلاما محاضير فلست تدري وما تدري أعاجلها «4» ... أدنى لرشدك «5» أم ما فيه تأخير فاستقدر الله خيرا، وارضينّ به ... فبينما العسر إذ دارت مياسير وبينما المرء في الأحياء مغتبطا ... فإذ هو الرمش «6» تعلوه الأعاصير يبكي الغريب عليه ليس يعرفه ... وذو قرابته في الحيّ مسرور فقال له الرجل: أتعرف من يقول هذه. قلت: لا والله إلا أني أرويها منذ زمان. فقال والذي يحلف به قائلها هو صاحبنا الذي دفناه، وأنت الغريب الذي «7» تبكي عليه ولست تعرفه. وهذا الذي خرج من قبره أمس الناس به رحما وهو أسرهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 بموته كما وصفت، فتعجب لما ذكر من شعره والذي صار من قوله كأنه ينظر إلى مكانه جنازته. فقلت:" إن البلاء موكل بالمنطق"؛ فذهبت مثلا. فقال معاوية: لقد رأيت عجبا فمن الميت. قال: عنترة بن لبيد العذري «1» . رجع: ثم أقام سبط بن الوجيه بطرابلس وحج سنة أربعين منها. ثم حصل بينه وبين بعض قضاة طرابلس وحشة أوجبت سعيه في قضاء طرابلس فوليها ثم عزل منها. ثم سافر إلى القاهرة فنزل عند ناظر الخاص فسعى في قضاء حلب فوليها وحضر إليها، وباشرها ببعض طمع ودرس بمدارسها وتقدم صحبته خاله زين الدين عمر بن الوجيه؛ وكان شكلا حسنا يستحضر شيئا من الأشعار وينسب إلى الرفض وحضر صحبته شمس محمد بن حمادة الشافعي وكان نقيبه وله قدرة على تحصيل المال من غير وجهه. ولو مودة وانبساطا وينسب إليه إلى قلة الصلاة. ثم بعد موت شمس الدين ذهب إلى طرابلس فشهد عليه زين الدين بن الوجيه بشهادة. فقتل بطرابلس وكان يقول: أنا بريء مما شهد عليّ به. وقام في قتله شهاب الدين بن قرطاي- قاضي طرابلس الشافعي- وكان المذكور ولي قضاء المالكية بحلب. وكمال الدين فهد بن الناسخ الذي قرأ على والدي بحلب لما كان أبوه قاضيا بها: ولشمس الدين سبط الوجيه شعر- سد وزن- منه يمدح الجمال ناظر خاص: يا أيها المولى الذي للملك عقد ونظام لو كان مثلك آخر ما كان من خلق يضام وله مدح في الكمالي بن البارزي وغيره وهو في الدرجة السفلى؛ فمنه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 إذا ما قضاة الجهل جاروا بظلمهم ... علينا التجينا للكمال بن بارزي كريم ومن أصل كريم ووجهه ... ضحوك لدى الحاجات بالخير بارزي لطيفة أ: رأيت بخط الشيخ المؤرخ المقريزي أخبرني العبد الصالح شمس الدين محمد الصوفي أنه جرب غير مرة أنه إذا وضع إناء أو شيئا مما يؤكل وحوط بأصبعه حوله شبه دائرة وقال: يا أيها «1» النمل هذا اللحم أو هذا العسل مثلا من أجرة غلام القاضي فإن النحل تأتي إلى تلك الدائرة وترجع من غير أن تصل إلى ما وضع في داخلها. ومثله إذا وضعت شيئا وأنت ماسك نفسك لا تتنفس لا يقربه نمل. انتهى. فإذا كان هذا أجرة غلام القاضي لا يقربه النمل فكيف بما يأخذه القاضي. وفي العشر الأول من جمادى الأول اشتهرت ولاية/ (23 و) م زين الدين عبد القادر بن شهاب الدين أحمد بن الرسام «2» نظر الجيش بحلب وولاية زين الدين ابن السفاح كتابة السر بها. ووردت كتب ابن الرسام من القاهرة بخبر بذلك فلما كان نهار الجمعة ثامن الشهر المذكور ورد قاصد من القاهرة وعلى يده مرسوم بأن يؤخذ من الأثيري ابن الشحنة مبلغ فأرسل نائب القلعة خلفه يطالبه بذلك فاختفى. فلما كان يوم الاثنين لبس تغري بردي- نائب القلعة- خلعه بنظر الجوالي عوضا عن المقر المحبي ابن الشحنة، ودخل ابن السفاح إلى دار العدل وقرأ مرسومه بنظر الجوالي من غير أن يحضر توقيعه بكتابة السر فلما كان آخر الشهر حضر قاصد المقر المحبي من القاهرة وعلى يده مثال شريف باستمرار المحبي في وظيفته قضاء الحنفية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 بحلب ونظر الجيش واستقرار ولده في كتابة السر. ثم في يوم الجمعة آخر شهر جمادى الأولى ورد قاصد من المقر المحبي من القاهرة وعلى يده تشريف لولده الأثيري بكتابة السر فلبسه يوم السبت مستهل جمادى الآخرة. وابن الرسام المذكور كان أولا لما كان والده قاضيا بحلب نقيب والده ثم انجمع عنه فصار صوفيا ثم سافر من حلب وسعى في كتابة السر بحلب ونظر الجوالي فوليها في أيام الظاهر جقمق. وكان بينه وبنيه معرفة ما فأعطاه قرية بابلي فباشر بحرية وضبط زائد. ووقع بينه وبين القاضي ضياء الدين من الدخول لدار العدل ومباشرته كتابة الإنشاء وضاق صدر الضياء من ذلك. ثم ورد كتاب الكمال بن البارزي إلى الضياء وقرينه يقال شريف بمباشرته وظيفته على عادته، وأنه أمين السلطان فطلبه الكافل وألبسه خلعه، وباشر. وفي سادس عشري جمادى الأول يوم الاثنين حضر إلى حلب سودون قر الخاصكي وعلى يده مرسوم لنيابة حماة لسودون المؤيدي الذي كان أميرا كبيرا بحلب. وخلعه لعلي باك بالإمرة الكبرى عوضا عن سودون. وفي يوم الخميس تاسع عشري جمادى الأول اشتكى جمعة القساسي على مكي البريدي «1» عند ابن مفلح فاعترف فأمر بحبسه فلما وصل إلى أول سوق البلاط ضربه بسكين فحمل إلى بيته ومات من ساعته فقطع كافل حلب يدي مكي فمات ثم سلخوه بعد الموت ودفن جمعة من يومه خارج باب قنسرين. وخرج قانباي البهلوان الكافل في جنازته لأجل ولده قاسم حاجب الحجاب ونائب حماة سودون. وكان جمعة رجلا مشرقيا. وولي ولايات. وفي آخر عمره انقطع ببيته وكتب كتابا (كصحيح مسلم) (وتفسير البغوي) ولم يكمله، و (الأحياء) ولم يكمله، وقتل وهو صائم. وفي يوم الجمعة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 ثالث شعبان دخل دمشق جلبان وكافل طرابلس وكافل صفد (يشبك الحمزاوي) الذي كان دوادار السلطان بحلب/ (23 ظ) م وانتقل منها إلى نيابة صفد ثم إلى حلب وصحبتهم العساكر ونزلوا بالميدان الأخضر وذلك بسبب نزول عسكر جهان شاه على أرزنكان «1» ليأخذوها من جهانكير وكان خاطر السلطان قد تغير عليه بسبب عدم تسليم قلعة جعبر للسلطان وإفساده وإغارته على بلد البيرة. وفي يوم دخولهم حصل بين مماليك كافل الشام وكافل حلب الحمزاوي فتنة أسفرت عن جراحات بينهم. وفي ليلة الجمعة دخل أبو الخير محمد النحاس إلى حلب وبات بخان ابن السفاح داخل باب النيرب تحت الترسيم منفيا إلى طرسوس وأدخل دار العدل يوم الجمعة واستمر بجامع الناصري محتفظا عليه. وخرج من حلب يوم الاثنين سادس الشهر المذكور إلى طرسوس. وهذا الرجل قدم حلب في خدمة معين الدين سبط بن العجمي ثم عاد إلى القاهرة فترفع بصحبة الظاهر جقمق وقدمه على أقرانه وناظر الخاص يوسف وصار لا يقطع أمرا إلا به وصار إذا ذكر أحدا من أكابر القاهرة يستصغره ويتسافه عليه وتأتي الأعيان إلى بابه فلا يأذن لأحد بالدخول. وأثرى وكثر ماله حتى صار له في مدة يسيرة من الأموال ما يزيد على أربعمائة ألف دينار فاحتال عليه ناظر الخاص وتصدق بمال كثير على الفقراء وسألهم الدعاء عليه فتغيرت خواطر الفقراء عليه فغضب عليه السلطان. وأمر بنهب بيته فأخذوا ما في بيته. ومن ذلك كتب تساوي خمسين ألف دينار ومائتي دينار منها (كشاف) «2» بخط ياقوت وجواهر بخمسين ألف دينار منها حلق كان في أذن بنته يساوي سبعمائة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 وخمسين أشرفيا وعجلوا في أخذه فأخرموا أذنها ولم يتأثر إلا من ذلك. وكان يبكي بسبب ذلك وكان يكتب طبقة فلما وصل إلى طرسوس ضيقوا عليه وأجروا عليه كل يوم رغيفا فكتب ربعة ومصحفا عظيمين وأرسلهما إلى السلطان ليرق له وأطلقه فرجع إلى طرابلس ثم مضى إلى مصر بمرسوم. وفي شهر رمضان كثرت الأراجيف بحلب وبلادها بسبب قدوم عسكر جهان شاه إلى أرزنكان وأخذها ثم انتقالهم إلى أطراف بلاد ملطية ودوركي ولم يتعرضوا إلى أحد وأرسل كافل حلب الحمزاوي وكشفهم فجاء الخبر برحيلهم إلى بلاد جهان كير ثم جاء قاصد كافل حلب في يوم الأحد ثاني شوال وأخبرهم بأنهم خاضوا الفرات من جهة سميساط إلى بلاد جهان كير وزلزلت حلب بعد المغرب زلزلت حلب بعد المغرب زلزلة عظيمة في رمضان. وفي يوم السبت ثامن عشر الشهر دخل المحبي ابن الشحنة حلب قاضيا على عادته وناظر جيش عوضا عن عبد القادر بن الرسام. ودخل دار العدل. ولبس تشريفه. ثم جاء إلى بيته. وقرئ ترقيته وهو مؤرخ بعاشر جمادى الآخرة من السنة. وفي «1» ثاني عشر منه توجه يشبك نائب صفد ومعه فرقة من التركمان لحفظ المخايض الفراتية من جهة قلعة المسلمين وما حذاها خشية أن يعبرها جهان كير وتذهب إلى ابن قرمان. وسبب ذلك أن جهان شاه كتب إلى السلطان أن لا يمكنه من خوض الفرات ثم رجع إلى حلب. وفي رابع شوال خرج الكافل الحمزاوي إلى خارج باب النيرب عند المطعم واستعرض أهل حلب. وخرجوا بالسلاح الكامل وأظهروا شجاعتهم ودعوا السلطان. وكان يوما مشهودا من كثرة السلاح وإظهار القوة على ملاقاة من عاداهم ففرح الكافل بذلك وقوي جأشه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 وفي يوم الأربعاء خامس شوال توفي القاضي زين الدين عبد الصمد بالقاهرة. وأوصى أن لا يصلى عليه عند سبيل المؤمني خشية أنه ينزل السلطان فيصلي عليه فيثقل عليه؛ وهذا كان صدرا محتشما رئيسا كريما يقضي حوائج الناس على يده. حج حجة عظيمة من القاهرة وأصرف عليها مالا كثيرا وعمر مدرسة بالقاهرة ومكة والمدينة والقدس والشام. وتقدم في دولة الأشرف برسباي بحيث لا يصدر شيء إلا عن رأيه وكان أولا بحلب في خدمة ابن الشهاب المحمود. وكان الخواجا شمس الدين بن المزلق لا يرفع به رأسا ولا يلتفت إليه ويراه بالعين التي كان بها. ويقال انه هو الذي حسّن للأشرف أن لا يتجر أحد في النهار إلا هو وذلك لإنكاء ابن المزلق. وفي هذا اليوم وهو الأربعاء خامس شوال حضر ابن رمضان درندار ومعه جماعة من التركمان ونزلوا خارج حلب واطمأنت القلوب. وفي يوم الخميس خرج الكافل الحمزاوي إلى الميدان ومعه من حضر إليه من العرب والتركمان وغيرهم من الفلاحين وحضر كفال الممالك وصفوا حلقة عظيمة وكان يوما مشهودا لا يحصون كثرة. وكان القاصد الذي حضر من جهة العسكر جهان شاه اللذين قطعوا الفرات حاضرا والقاصد حضر يوم الأربعاء فشاهد ما حيّره وأزعجه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 سنة خمس وخمسين وثمانمائة. في مستهلها توفي مراد باك «1» صاحب الروم، ومدة مرضه أربعة أيام وأخفي موته حتى حضر ولده محمد «2» من (مفيسا) (كذا) قاطع البحر ثم جلس ولده محمد عوضا عنه في سادس عشري المحرم فصلى عليه وأرسل إلى مدينة (برصا) فدفن هناك. وفي يوم الثلاثاء سادس المحرم ورد الخبر من القاهرة بوفاة قاضي المسلمين ولي الدين محمد بن أحمد السفطي «3» الشافعي وأنه توفي مستهل الحجة من السنة الحالية. وهذا كان يقرأ القرآن كثيرا في نزوله وركوبه وقعوده وقيامه وكان شكلا حسنا وكان صاحبا للظاهر جقمق. ويأتي إليه إلى بيته ويأكل عنده فلما جلس الناس لمبايعته نزل إلى جامع الأزهر وأحضر لباس «4» الخطيب وهو السواد لأنه لّما طلب من ناظر الخاص هذا الشعار أنكر أن يكون عنده فعظم بذلك قدر السفطي عند الظاهر وقدمه واقتدى برأيه وولاه قضاء الديار المصرية عوضا عن شيخنا أبي الفضل وأساء إلى شيخنا ورسم على ولده برهة. وحاسبه على متحصل الأوقاف وفي القاهرة عدة وظائف كمشيخة الجمالية. ثم ولاه الظاهر نظر المارستان ثم أرسل إليه يطلب منه قرضا من مال/ (24 ط) م الأيتام فأرسل له القدر. وأرسل شاهدين ليكتبا مسطورا على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 السلطان. فرد السلطان المال ثم أرسل يطلب من ماله قرضة، وقال لا مال لي. فبلغ السلطان فأعاد الطلب بالضعف فأشهر السلطان النداء من كان عنده مال للسقطي فليحضره وإلا فعل به كذا فأحضر الناس ما عندهم له من الودائع فاختبأ. وكان أبو الخير يحتقره عند السلطان ويذكر مثالبه. ولما تغير «1» السلطان على أبي الخير ظهر السفطي ثم طلع إلى السلطان ثم توفي بعد ثلاثة أيام وكان يدعي علما كثيرا ويقرأ بعض الناس عليه (الكشاف) خوفا منه؛ قال الله تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ . فببركة شيخنا أبي الفضل بن حجر اتفق له ذلك. وفي تاسع عشر المحرم وصل الخبر بوفاة أمير المؤمنين المستكفي سليمان بن محمد «2» توفي بالقاهرة يوم الجمعة ثاني المحرم وصلي عليه بسبيل المؤمني فنزل السلطان الظاهر للصلاة عليه وخرج ماشيا في جنازته إلى أن دفن بالمشهد النفيسي، وكان رجلا صالحا. وفي نهار الخميس تاسع عشري المحرم وصل بيغوت «3» نائب حماة إلى حلب وكان قد انسحب «4» من حماة إلى جهة الرحبة ثم إلى الرها ثم إلى البيرة وحضر إلى حلب صحبته محمد متولي الحجر نائب البيرة وألبسه نائب الشام خلعة وكذلك نائب حلب وطرابلس فطولع السلطان بذلك ونزل بيت (صاروحان) «5» داخل باب بانقوسا وعليه ترسيم. فلما كان يوم الجمعة ثامن ربيع الأول دخل شخص ليسلم عليه فضربه بسكين كانت في يده فجرحه فقام إليه وأمسكه وقتله بعض خدمه «6» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 ثم في يوم الأحد حضر مرسوم السلطان صحبة قاصد بالإفراج عنه وإرساله إلى القاهرة وأن يصرف له مائة دينار نفقة من مال السلطان فأطلق يوم الاثنين حادي عشر ربيع الأول. وفي نهار الأربعاء سابع عشري صفر توفي الأمير شهاب الدين أحمد بن أحمد ابن أغلبك «1» وقد أجازني وكان شكلا حسنا عارفا عاقلا متجمعا عن الناس ويميل إلى أهل الخير ويجتمع معهم ووالده أيضا كان من العقلاء وأرسل قاصدا إلى تيمور باشر شهاب الدين نظر جامع الطنبغا بعفة وعمر أوقافه ودفن خارج باب المقام في تربته. وفي ليلة الخميس المسفر صباحها عن عشري ربيع الأول توفي الشيخ الإمام العلامة عبد الرزاق بن محمد الشيرواني- نزيل حلب- أخبرني القارئ الذي كان يقرأ عنده عند الاحتضار أنهم لما وصلوا إلى قوله تعالى: فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ قضي وهذا الرجل قرأ على الشيخ علاء الدين البخاري وقدم حلب ونزل خارج باب الخندق بالوج فقرأ عليه الشيخ شمس الدين السلامي وغيره (شرح العقائد) ثم نزل بالمدرسة الرواحية ولازم وصار لا يخرج إلا للصلاة بالجامع الأموي وقرأ عليه الشيخ شمس الدين ابن أمير حاج وبه انتفع، وسيدي عمر وسيدي أبو بكر بن النصيبي وغيرهم/ (25 و) م وكانت أوقاته معمورة بالإشغال والاشتغال وقراءة القرآن. وتزوج امرأة فأولدها «2» - توفي «3» في رمضان سنة ثلاث وخمسين- بنتين توفي عنهما. وكان منقطعا متعففا عن الفقهاء. رتب له القاضي جمال الباعوني كل شهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 ثلاثين درهما من العصرونية فلم يقبل وكان قليل الكلام فقيرا جدا، يخرج إلى الصلاة في الجامع في الأوقات الخمس في شدة البرد وعليه دراعة بيضاء. وكان ينسب إلى معرفة كلام ابن العربي، وصلي عليه بكرة نهار الخميس بجامع حلب ودفن بالقرب من مقام سيدنا الخليل عليه السلام خارج حلب وكان متعففا باليسير. ويعجبني قول الداود راوي البخاري: كان في الاجتماع من قبل نور ... فمضى النور وادلهم الظلام فسد الناس والزمان جميعا ... فعلى الناس والزمان السلام وله: إن رمت عيشا طيبا ... صفوا بلا منازع فاقنع بما أوتيته ... فالعيش عيش القانع وفي رابع جمادى الأولى عمل الحاج محمد بن خليفة المعصراني، وهو من أهل بانقوسا، طهورا لأولاده وأراد أهل بانقوسا أن يلبسوا السلاح على عادتهم في المشي في خدمة المطهرين فشاع الخبر بأنهم يريدون الإيقاع بالحوارنة فأرسل الكافل خلف الأكابر وحذرهم من الفتن وأشهر البلاء بعدم لبسهم فدخل إليهم جماعة من أكابر تجار بانقوسا والتزموا بأن لا يحدث شر بين الطائفتين فأذن في ذلك فلبسوا على عادتهم وطافوا في البلد فلما وصلوا إلى تحت القلعة صاح شخص: يالقيس!. فوقعت الفتنة وحمي الوطيس ودامت إلى قرب العصر فقتل جماعة من الطائفتين وبين المتفرجين وجرح جماعة. فلما كان يوم الجمعة قبل الصلاة اقتتلوا أيضا تحت القلعة فأمر الكافل الأمراء ومماليكه فلبس السلاح وأشهر النداء ودار القضاة الأربع والمنادي ينادي من لم يرجع عما هو عليه قتل: فسكتت الفتنة. (فائدة) : واعلم أن سبب العداوة أولا أنه لما مات يزيد بن معاوية بويع ابن الزبير رضي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 الله عنهما بمكة وقام مروان بن الحكم بالشام في أيام ابن الزبير واجتمعت عليه بنو أمية وصار الناس بالشام فرقتين اليمانية مع مروان والقيسية مع الضحاك بن قيس متابعين لابن الزبير لأن الضحاك بايع ابن الزبير سرا بالشام وآخر ذلك أن الفريقين اقتتلوا بمرج راهط في الغوطة وانهزم الضحاك والقيسية وقتل الضحاك وجمع كثير من فرسان قيس ونادى منادي مروان أن يتبع أحد منهزما ودخل مروان دمشق. ثم صار هذا في البلاد. وفي يوم الاثنين بعد العصر توفي عماد الدين إسماعيل الزيرباح «1» الشافعي ودفن يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب [وكان «2» ] يصلي العيد خارج سرمين. وهذا الرجل ولي الحكم بأريحا وسرمين والفوعة. ونظم الشعر وقال أبو الفضل بن حجر لما أوقفته على نظمه هذا أصلح نظم أهل العصر. ومن شعره: ألا ذاب كحل الليل في مقلة الفجر ... وريق الندى قد راق في مبسم الزهر وأسفرت الكثبان عن رائق الحلي ... وماست غصون البان في الحلل الخضر وهي طويلة، ومنه: لما قرفت من البلاد أردت فوعا. وكان حسن الشكالة والمحاضرة والمجالسة والمفاكهة وله تاريخ وقفت عليه وفي أوله:" قيل إن أبا بكر يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في النسب في مرّة بن كعب". انتهى. فأقول: وهذا بلا خلاف بين أهل النسب وأنه ابن عمه لكن المؤرخ صاحب الترجمة من أهل الفوعة. وله ديوان قطعه في حال حياته. وسألت عن سبب ذلك فقال لي: كان الشخص قديما إذا نظم القصيدة ومدح بها أحدا أجرى عليه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 وأعطاه الجوائز السنية. وأنا الآن أنظم القصيدة وأرسل معها الخدم [و] العسل وغيره حتى تقبل. ففي حال حياتي أبذل مالي وبعدي يقال ما أكثر ما سأل بقصائده. وكان يقول: أنا من الخزرج ويكتب ذلك بخطه وينسب إلى تشيع وكان كريم النفس جدا يجود على أصحابه ويفضل عليهم ويحسن إلى الغرباء وحمدت سيرته في ولايته وله المدائح الغرر في رؤساء حلب. ومن ذلك مما امتدح به القاضي الحنفي ابن الشحنة في سنة خمسين لما قدم من القاهرة وأنشد فيها: صدور أيامنا بك انشرحت ... وأنفس المكرمات قد سرحت زهت غصون الهنا بكم طربا ... وورقها بالسرور قد صدحت والدهر كم قد شكا تغيره ... بعدك واليوم حاله صلحت أشرف عيد نهار مقدمكم ... فيه العدى بالعيون قد ذبحت كانت نفوس الأنام قد سكرت ... غما ودنوت صبحت وصيرت ذكرك المدام لها ... فاغتبقت في يداك واصطبحت اطلعت شمس الفخار مشرقة ... من بعدما للغروب قد جنحت من فوق متن السها علاك له ... نجومه الزاهرات قد سرحت لو وزنت بالجبال راسية ... بين البرايا حلومكم رجحت والخلق لما رأتك بحر ندى ... فسبحت وهي منه قد سبحت تحرم نفسا أمت جنابكم ... لما غدا قلبها لكم مرحت أبوابكم قبلة الوفود فكم ... للترب فيها الحياة قد سحت محب دين الإله أكرم من ... أكفه بالنوال قد سمحت من هملت كالغمام راحته ... وبالعطايا الجسام قد سفحت من صدره للحفاة ذو رجب ... به بحار العلوم قد صفحت/ (26 و) م به جميع الكرام قد ختمت ... كذاك أسماؤهم به قد افتتحت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 كالبدر نور أزهى فلو لمحت ... بهجة غيهب الدجى لمحت كم فتية أنا لها كرما ... ما اقترحته وفوق ما اقترحت وراض شهابا وهذ بها ... فما غوت بعدها ولا جمحت قالوا لقد أصبحت سجيته ... خير السجايا فقلت ما برحت وكم إلى محن العلى سمت ... نفوس قوم وأعين سمحت سعت إلى نيله عداه فما ... تمت مساعيهم ولا نجحت رأيت تحاكي بحاره سفهاء ... بجهلها في الأنام فافتضحت لا تستوي في الورى الكرام ومن ... فعالهم في الأنام قد قبحت أولاهم الصفح بعد قدرته ... كذا يكون الكرام إن صفحت وما على الليث عند وثبته ... إذا عليه الكلاب قد نبحت مولاي قاضي القضاة دعوه من ... مهجته بالخطوب قد حرقت شطت عليه الأنام واجترأت ... فنفسه ما الذي قد اجترحت من كل وجه غدا نقابله ... ترى وجوه الخطوب قد كلحت عين بعين الجميل تلمحه ... فكم له أعين منك لمحت ونفسه رقها لغيركم ... ما ملكت في الورى ولا منحت هي المعالي فلا تخالفها ... فهي إذا ما اشترتها نصحت كم معشر صيروا تجارتهم ... مدح سواك بها فما ربحت خذها محببة تفوق على ... أمثالها إذا بمدحك اتشحت وآية إذا فصاحتها ... في كبد للحسود قد قدحت وبحرها من نداك منسرح ... وكم بكفك الجر سرحت وهي بحار بالجود زاخرة ... ما بعدت عن عطاء ولا برحت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 وليس بئس الكلام قارنها ... لولا حباء قد نالها رشحت فحسن معنى البديع يسنح لي ... وكم معان بمدحكم سنحت على القوافي أغار من جزع ... إذا لئام الورى بها مدحت لا تهملن مدحي فديت ... فما إلى سواكم في العالمين بحت كن عون من حاكها فحالته ... قد ظهرت في الأنام واتضحت وكل ذي غيبة أقول له ... إن الأواني بما حوت نضحت بقيت ما ماست الغصون وما ... سرى من الباب نسمة نفخت وفي يوم الأربعاء ثالث عشر القعدة نزل ابن الزهري بمقام الأنصاري ثم في يوم الخميس لبس تشريفه من المقام على غير جاري العادة ودخل إلى دار العدل ثم جاء إلى الجامع ثم إلى منزله. وفي يوم الأربعاء حادي عشري الشهر زلزلت حلب زلزلة عظيمة وتشقق حيطان كثيرة. وفي يوم الثلاثاء رابع الحجة توجه المحبي ابن الشحنة إلى القاهرة وألبسه الكافل خلعة وخرج معه للوداع. وفي الليلة المسفر صباحها عن نهار السبت توفي الشيخ العالم الصالح شرف الدين أبو بكر الأشقر البسطامي الحيشي. وهذا نشأ تحت كنف الشيخ أبي بكر الحيشي «1» فحصل له الخير. وكان يحبه ويحضه على الاشتغال بالعلم فاشتغل بالنحو والقراءات. أما النحو فقرأه على شهاب الدين ابن زين الدين الموقع قرأ عليه فصول ابن المعطي. وانتهى إليه علم القراءات بعد موت الشيخ عبيد وأقرانه. وحفظ (البهجة) لابن الوردي، وقرأها على الشيخ علاء الدين بن الوردي. وحفظ (منهاج البيضاوي) و (تلخيص المفتاح) ، ودأب. وكان دينا. ودفن بتربة الشيخ الأطعاني «2» . وكانت جنازته حافلة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 سنة ست وخمسين وثمانمائة في ثامن المحرم توفي الشيخ العدل زين الدين الحسن بن سلامة الحنفي وأخبرني أنه قرأ على الشيخ أحمد الآمدي السعدي والشيخ حسام صاحب النجار وعرض على القاضي برهان الدين ابن جماعة (الكنز) «1» و (المنار) «2» و (العمدة) «3» في أصول الدين و (الحاجبية) و (تصريف الغزي) و (الأندليسة في العروض) و (الساغوجي في المنطق) وذلك بدمشق. وأنه سافر من ماردين إلى حلب ثم حماة ثم إلى دمشق ثم إلى القدس فاجتمع بولي الله العارف عبد الله البسطامي. ثم رجع إلى ماردين فجاء تيمور فراح إلى بلد الروم إلى سيواس فاجتمع بصاحبها القاضي برهان الدين. وأنشد من شعره: رويدك حادي العيس أعتب مطيتي ... من السير في أوصاف خير البرية بروحي بازيّ تنزل نحونا ... ليصطادنا من حضرة الأمديّة ثم سافر إلى بورسا وخرج مع الغازين إلى أسرانيا من بلاد الفرنج فحضر الغزو وحضر حصار القسطنطينية والغلطة «4» ثم رجع إلى اسرانيك من الروم فأقام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 ثلاث سنين ثم رجع إلى بلده. ثم خرج منها إلى مصر ثم إلى الحجاز فاجتمع بابن صديق فسمع عليه البخاري وبابن ظهيرة الشيخ جمال الدين رفيق والدي فسمع عليه صحيح مسلم وجاوره سنة واجتمع بالشيخ أبي بكر الجبرتي فأنشد في التلبية:" إلهنا ما أعدلك، مليك كل من ملك، لبيك قد لبيت لك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك والساعيات في الفلك على مجاري المشتبك كل نبي وملك، هلل أولبى فلك، لبيك قد لبيت لك، لبيك إن الحمد لك/ (27 و) م والملك لا شريك لك، يا خاطئا ما أغفلك عجل وبادر أجلك، واختم بخير عملك، لبيك قد لبيت لك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد لك، والملك لا شريك لك". وأخبرني أنه اجتمع بالشيخ محمد شيرين وبالشيخ موسى التركماني في رأس العين وكان موسى المذكور لا يأكل الزفر، وأنه حضر مع الشيخ موسى المذكور ضيافة دعاه إليها في رأس العين فلما حضر الشيخ في البيت رفع رأسه إلى السقف ثم قال لصاحب البيت: هذا مصلحة تدعونا إلى مكان فيه المنكر. فقال له صاحب البيت: " أتوب إلى الله وكان فوق السقف طبقة فيها شيء من الخمر" وأخبرني عن الشيخ محمد شيرين أنه سافر مع جماعة والماء موجود في الطريق فقال لرفيقه: احملوا معكم الماء. فأنكروا ذلك عليه وقالوا: الماء موجود فألزمهم بحمله فلما سافروا ضلوا عن الطريق. وحصل لهم العطش فاحتاجوا إلى القربة التي أمرهم بحملها فسقاهم منها. وأخبرني أن أخاه بدر الدين سأل الشيخ شيرين: الخضر هل هو موجود؟ فقال نعم وهنا من رآه. ثم قدم صاحب الترجمة حلب وسكن بالرواحية وتكسب بالشهادة. ومولده سنة سبعين وسبعمائة كما رأيته بخطه. وكان دينا خيرا كريم النفس يؤثر الفقراء ويحبهم، ويميل للأيتام ويحسن إليهم ويربتهم. وفيه سذاجة، وصلى إماما بمحراب الحنفية بجامع حلب بعد وفاة أخيه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 وفي يوم الخميس رابع عشري صفر لبس المقر الأشرفي محمد بن شيخنا أبي الفضل تشريفا بقضاء الحنفية ونظر الجيش عوضا عن والده بعد أن استعفى والده عنهما وأقام بالديار المصرية. وفي سابع عشرين توفي الرئيس كمال الدين محمد بن الرئيس ناصر الدين ابن البارزي الشافعي. وكان رئيسا صدرا وعالما وناظما ناثرا جوادا، مفضالا على العلماء والفضلاء. مجلسه مجلس علم. مملوء بالفضلاء، ولهم مرتبات عليه، ويأكل الطعام الفاخر، ويطعمهم إياه. وحج من مصر حجة أصرف عليها ما يزيد على ستين ألف دينار، ولي قضاء دمشق وكتابة السر بالديار المصرية، وهو من مشايخي بالإجازة، وقرأ على والدي لما كان والده قاضي حلب، وهو من بيت العلم والفضل والحشمة والسؤدد وفي الجملة كان من محاسن الدنيا، قرأ على الشيخ علاء الدين البخاري .... «1» . وفي ثاني ربيع الأول توفي الشيخ الفاضل المعري المجيد العدل الرضي زين الدين عمر بن محمد بن عمر بن السعي الشافعي الجبريني نسبة إلى جبرين (الفستق) الشهير بابن المعصراني. وكان والده عاميا فحبب إليه طلب العلم، فحفظ القرآن في صغره ولازم الشيخ عبيد المقرئ «2» وقرأ عليه كثيرا. ثم انتقل إلى دمشق فجمع السبع على الشيخ زين الدين ابن اللبان. وقرأ على البرماوي شارح البخاري بالقدس ثم قدم حلب ولازم والدي- رحمه الله تعالى- كثيرا وسكن المدرسة الشريفة لأجل ملازمة والدي فانتفع به وكان والدي يعظمه ويحبه/ (27 ظ) م ويثنى على جودة خطه وحج مرتين وحفظ (المنهاجين) و (ألفية ابن مالك) و (العراقي) و (الشاطبية) وقرأ على شيخنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 قاضي المسلمين ابن خطيب الناصرية قطعة من (المنهاج) حلا. وكتب برهة وبيض قطعة من تاريخه، ثم كتب حكم القضاة بعده والناس يميلون إليه لجودة خطه ودماثة أخلاقه، ولطف مفاكهته، وحسن معاشرته وغزارة عقله. وكان عارفا بالشروط وقرأ على ابن الخرزي شرح ابن عقيل على الألفية. ودفن رحمه الله تعالى بالقرب من قبر الشيخ شهاب الدين بن هلال خارج باب الفرج. وفي يوم الأربعاء سابع ربيع الأول بعد صلاة العصر خرجت غيمة عظيمة على حلب وسمع لها دوي كالرعد القاصف وألقت بردا كبارا كبيض الحمام وأكبر وخاف الناس من خراب البيوت خوفا عظيما وكانت ساعة عظيمة لم أشهد مثلها. وفي ثاني عشر ربيع الأول توفي العبد الصالح شمس الدين أبو عبد الله محمد الخبّاز وكان عبدا صالحا ناسكا عابدا زاهدا متقللا من الدنيا منقطعا عن الناس يخبز في التنور. ومهما يحصل له ينفقه على الفقراء والصلحاء، هذا دأبه ويحفظ القرآن ويقرأه كثيرا. والسلطان والعامي عنده على حد سواء ولما كان بالقاهرة مر عليه بطعام السلطان. وكان مفتخرا فقال هذا منتن الريح. لأنه شمه على ما هو عليه. فأخبرني من أثق به أن تغري ورمش نائب حلب جاء إلى الجامع مصليا و [مر] عليه. فازدحموا بالقبلية فجاء مملوك وضايقه فزيق عليه فقام من جانبه وصار المكان خاليا لا يجلس فيه أحد مع ازدحام المماليك. وأخبر الشيخ ابن الشماع قال كنت أعمر بيتي وهو- البيت الذي بناه عند الدباغة- فضاقت يدي فجاء إلي ودفع إليّ دنانير فلما اتسعت يدي دفعت إليه الدنانير فلم يأخذها وكان لا يدخر درهما أبدا. ولا يقيم له علما بل من أقام علما بحلب دخل تحت علمه ولازمه. وكان والدي- رحمه الله- يعتقده ويقول: هو أثبت قدما من مشايخه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 وذكر زهده لكافل حلب، فهم الكافل بزيارته فذهب هو إلى الكافل وسلم عليه. فلامه الفقراء في ذلك. فقال: أخاف من النفس أن يدخلها الكبر بزيارة الكفال. وأن تقول لي أنت الأمراء تزورك. فكسرتها. وصلي عليه بجامع حلب ودفن يومه في تربة الشيخ الأطعاني. وكان ينفق على الشيخ شهاب الدين بن هلال «1» ويلازمه كثيرا وقال لي: رأيت في منامي أنني أنا والشيخ أحمد بن هلال قد دخلنا بيت أبيك بالمدرسة الشرفية فذكرت ذلك للشيخ أحمد بن هلال فقال لي دخلنا بيت السنة. وفي العشر الأوسط من جمادى الأولى صلي بحلب صلاة الغائب على الشيخ زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن الشيخ العارف أبي الصفا تقي الدين أبي بكر بن داود الحنبلي القادري الدمشقي «2» . وهذا قدم حلب ونزل/ (28 و) م بالعشائرية في حياة والدي وذهب والدي فسلم عليه. ثم جاء هو إلى والدي مسلما. ولبست منه خرقة التصوف وقدمت عليه الشام فأكرمني وله زاوية في أعلى الصالحية عظيمة يقيم بها الأوراد والأذكار ويهرع الناس لزيارته. وكان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر وله حرمة وافرة، وعقل حسن، إذا حصل له صداع في رأسه وضع الثلج عليه فيسكن. وله حشمة زائدة. وكرم أخلاق وفضل زائد ونظم ونثر، ويسلك الناس تبعا لوالده. وله مؤلفات منها: (تحفة العباد وأدلة الأوراد) في مجلد. ومنها: كتاب في خواص الحيوان سماه: (نزهة «3» النفوس والأفكار في خواص الحيوان والنبات والأحجار) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 و (الكنز الأكبر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) في مجلدين «1» وكتاب (تسلية الواجم في الطاعون الهاجم) «2» وغير ذلك. وتوفي بدمشق ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر من السنة بعد فراغه من قراءة أوراد ليلة الجمعة ثم دخل إلى بيته وهو في عافية وعندهم مشمش فأكل ثلاث ثم صاح ومات وصلي عليه بعد صلاة الجمعة ودفن بزاويته. ومولده كما أخبرني في سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بجبل قاسيون ورأيت بخط بعض أصحابي قال: إن بخطه مولده اثنين وثمانين سمع الحديث من المحب الصامت سمع عليه شيئا من البخاري، وأيضا على عائشة بنت الهادي. والشيخ جمال الدين ابن الشرائحي، وتلقن الذكر ولبس الخرقة من والده. ولبس هو والده من ابن الناصح. لما قدم دمشق صحبه برقوق الظاهر ولبس هو ووالده الخرقة من البسطامي بزاويته بدمشق. وحج حجات كثيرة منها: حجة الإسلام في سنة ثمان وثمانمائة، والثانية سنة اثني عشر. والثالثة سنة إحدى وعشرين، والرابعة سنة ثلاث وأربعين. وسمع كتاب (التشرف لطريق أهل التصوف «3» ) على شيخنا شمس الدين بن ناصر الدين محدث دمشق بقرأته له على الشيخ أبي العباس أحمد بن يوسف بن البانياسي «4» عن مؤلفه. وتسلسل له ما فيه من المسلسلات بشرطة، ولبس الخرقة، وقرأ عليه أيضا مسلسلات أبي القاسم الطلحي وتسلسلت له، وسمع على والده كتاب: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 (أدب المريد والمراد) «1» من تصنيفه وذلك سنة خمس وثمانمائة بطرابلس، ولبس الخرقة أيضا من يد الشيخ أبي الخير شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن الجزري. وقرأ عليه كراريس من جملتها الأحاديث المسلسلة بالأولية المصافحة والمسائلة والأحاديث العشائرية وغير ذلك. ووالده: هو الشيخ الصالح الخير. كان معدودا في الصالحين وبلغني أنه لما زوج ولده الشيخ عبد الرحمن صنع طعاما للناس ففرغ الطعام فأمر الفقراء بإدخال الزبادي إلى مكان خال ثم أغلقه ثم أمرهم بإخراج الأواني فأخرجوا فإذا هي ملآى بالطعام. وكان على طريقة السلف. وله المام بالعلم صلي على جنازته يوم الثلاثاء سابع عشري رمضان سنة ست وثمانمائة. وفي رمضان حج من حلب نائب قلعة حلب بقردى في هيئة حسنة وتجمل حسن وكان عاقلا. دينا كثير السكون. يميل إلى أهل الخير. وحج فيها الشيخ شمس الدين ابن الشماع أيضا «2» في تجمل حسن في محفة، وخرج عدة محفات من حلب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 سنة سبع وخمسين وثمانمائة في خامس المحرم ورد المرسوم الشريف باعتقال شيخنا أبي الفضل وولده القاضي أثير الدين بقلعة حلب، وجاء زين الدين فرح بن القاشاني- نقيب الجيش- «1» إليها ليخرجهما إلى القلعة، وكان صديقا لهما في الصورة الظاهرة فاستأذن أثير الدين منه أن يذهب إلى بيته لقضاء أربه فأذن له فذهب وأبطأ فخاف ابن القاشاني أن يكون هرب فتغيرت ألوانه فبينما هو كذلك إذ حضر فخرجا من القلعة ووضعا بالمقام وخرجت مسلما عليهما فرأيت قد ورد كتاب ناظر الخاص جمال الدين يوسف إلى شيخنا المشار إليه بتطييب خاطره وفي الحقيقة هو الذي فعل معه ذلك فقرأ فلم يكتب له جوابا. وفي يوم الاثنين ثالث صفر اعتقل الشيخ برهان الدين إبراهيم بن الشيخ حسن الرهاوي «2» والريس شهاب الدين أحمد البابي الريس بجامع حلب وهما من جماعة أبي الفضل ابن الشحنة وذلك لأن الطنبغا الآتي ذكره عرف أنهما يقيمان الشفاعة عليه بما يريد أن يصنع. ويوم الثلاثاء دخل الطنبغا الدوادار إلى حلب من الديار المصرية ومعه أحمد بن العطار وكان كاتب أبي الفضل المشار إليه، وكان قد اطلع على عوراته فعزله عن مباشرته وحاسبه ثم سلط عليه من أخذ أوراق الحساب فغضب من ذلك وذهب إلى القاهرة واجتمع بيوسف ناظر خاص وكان قد تغير على أبي الفضل المشار إليه لما بلغه أن أبا الفضل كتب عليه محضرا بما وصل إليه منه وأنه يريد أن يرتقي إلى كتابة الإنشاء بالقاهرة وأن ينتقم منه ومن الطنبغا تغري ورمش مملوك أبي الفضل المشار إليه ونور الدين محمود بن المعري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 وكان كاتبه أيضا راكبين على بغلين صغيرين فأنشد الشيخ حسن خادم الأنصاري: يا محنة مرت بقاض وابنه ... واثنين من فوق البغال كبلا قالوا نرى ذا الدور عنا ينقضي ... قلت أرى في دوركم تسلسلا فقال شيخنا أبو الفضل عند سماعهما هذا الشاعر يقول: بالدور تسلسلا. فلما دخلوا تحت القلعة رجم ابن العطار بعض العامة فعظم ذلك على الطنبغا ووقف القاضي زين الدين ابن النصيي وتكلم انتصارا لابن الشحنة لأنه صهره فأمسك بعض من فعل ذلك واختبأ ابن النصيي حتى قام والده مقنية وخدم الطنبغا بشيء حتى سكت عنه. ثم أخرجوا القاضي الحنفي وولده من المقام إلى السجن من غير ورود مرسوم بذلك ونزل الطنبغا بحارة اليهود ببيت ابن أبي أصبع فاجتمع عليه من بغض الشحنة وصاروا يتذاكرون أموره ويحضونه على القيام عليه مع ما عنده من وصية ناظر الخاص. ثم في يوم السبت أنزلوا القاضي الحنفي إلى دار العدل ليسمع الدعوى وكان القائم عليه بحلب ابن الزهري ووعده ناظر الخاص بقضاء دمشق على القيام عليه وعمر بن السفاح وأمير كبير علي باي وعلي بن الوجيه وكان ناظر الجيش بحلب وأشدهم عليه السيد محمد قطيش خادم بني السفاح/ (38 و) م فكان يحض «1» عليه ويجتمع بالناس ويأمرهم بالشكوى عليه والقيام ويحرضهم على ذلك. وكان القاضي الحنفي قد أحس بالشر قبل صعوده إلى القلعة فأثبت محضرا عند مجد الدين سالم الحنبلي ونقده عز الدين بن النحريري المالكي بشهادة شمس الدين محمد بن الكلزي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 وجمال الدين التاذفي بعداوة ابن الزهري له وأن حكمه لا يقبل عليه. فلما وصل إلى دار العدل وجلس بين يدي الكافل وحضر القضاة ادعى عليه بدعاوي منها أنه غصب قطعة أرض من المدرسة الأتابكية وأدخلها إلى إيوان بيته الذي بناه وغير ذلك. وانتصب لذلك علي باك وقال له: أنا وكيل في الدعوى عليك فقال له ابن الشحنة: ووكيلي أيضا. وتلطف معه ابن الشحنة. وقال له: قال الله تعالى: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً .... . فلم يلتفت إلى هذا الكلام وصار كلما أبدى جوابا لا يسمع وأحسن ابن الزهري بالمحضر المتقدم. وفي يوم الاثنين خرج الكافل ووقف بالقرب من بيت ابن الشحنة خشية أن لا ينسب إلى التعصب مع ابن الشحنة، وجاء ابن الزهري ومعه القاضيان إلى بيت ابن الشحنة ومعهم المعلمون ومنهم ابن الرحال علي. وكان ابن الشحنة قد ضربه قبل ذلك. وهدموا قطعة من صدر الإيوان. وهو إيوان عظيم أنفق مالا كثيرا في عمارته وعمل في صدره شباكا عظيما داخله قبة وفي الإيوان بابان أنفق على نجارتهما عاج أبنوس مالا عظيما وما تممهما وكتب على رفرفه: علوت كما شاء المهيمن رفرفا ... فصيرت نفعي للأنام مباحا أمد لهم في الصيف ظلي مرفها ... وأرخي عليهم في الشتاء جناحا وكتب على مقعد هذا الباب: إلهي عمر في الهناء معمري ... وقالوا له في الدارين كل نعيم وأقعد أخا صدق أتاني محبة ... بمقعد صدق في جوار كريم قلت: وأذكرني هذا ما قاله فتح الدين ابن الشهيد ليكتب على رفرف: رفعت كما شاء الترفه رفرفا ... أزين سمائي بل أزين سماحي فلا تدع أن الناس يهوون بهجتي ... ويمشون في ظلي وتحت جناحي رجع: ثم ضرب ابن الزهري الشاهدين المذكورين وأصعدهما إلى القلعة وعلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 رؤوسهما طناطير وينادي عليهما بشهادة زور ومعهما سالم الحنبلي وأما المالكي فلا يفعل شيئا لأن السيد السفاحي شفع فيه بل قال له الزهري ضع الزيت على يدك لأقطعها وصار ابن الزهري يقول إني لست بقائم على محب الدين لأني عدوه لكنني محبه وأريد له الخير ليخلص ذمته من الله تعالى. وفي يوم الثلاثاء ورد ساع وعلى يده مرسوم باستمرار الحنبلي في وظيفته فأنزلوه من القلعة يوم الأربعاء وكذلك الشاهدان. وفي يوم الخميس أحضر ابن الشحنة إلى دار العدل وادعى عليه أيضا أنه التمس مالا لأناس فأنكر فألزمه ابن الزهري باليمين فلم يحلف وذلك لعلمه أنه إن حلف أقاموا عليه شهودا بما أرادوا وادعى عليه بأموال الأوقاف التي التمسها من جهاتها وذكروا في/ (38 ط) م الدعوى أنه التمس أكثر من سبعين ألف دينار فأنكر ولم يحلف وصاروا «1» بعد ذلك يدعون عليه بالقلعة وانتصب علي بن الوجيه للحط عليه فانتصر له الشيخ قاسم الرملى ثم بعد مدة صاحوه على بنت ولده أنس الدين. وفي ليلة الأحد بعد العشاء تاسع صفر حضر نائب القلعة تغري بردي من الحجاز قبل الحجاج- وكان أمير الحاج- لأنه فارقهم بالشام لما بلغه وفاة السلطان وولاية ولده المنصور وأشار إليه نائب الشام بالذهاب إلى حلب لحفظ القلعة خوفا من قانباي الحمزاوي، والحمزاوي كان عاقلا لا يفعل شيئا ولا يخرج عن الطاعة. ودخل القلعة فأصبح الناس في أمر مريح بسبب قدومه ولم ينزل من القلعة وصاحا على ابن الزهري ونحو شاعليه وجاء بعض الناس إلى بيت ابن الزهري لنهبه ثم كفوا عن ذلك، وأطلق الرهاوي والبابي، وأخرج القاضي الحنفي وولده من السجن إلى المقام وأكرمه أقبردي ورتب له سماطا مع ما كان بينهما من العداوة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 وفي يوم الخميس ثامن عشري صفر صلي على الظاهر جقمق بجوامع حلب. وتوفي ليلة الثلاثاء المسفر صباحها عن ثالث صفر ثم في يوم الاثنين قدم هجان من القاهرة وأخبر بولاية المنصور وعلى يده مرسوم بالتأكيد على محاسبة ابن الشحنة فأعيد الرهاوي والبابي إلى السجن ثم أخرجا بالبدل، واختبأ الحنبلي وتجهز إلى القاهرة. وفي يوم الاثنين ثاني عشري ربيع الأول ورد الخبر باستقرار الأشرف إينال أبي النصر «1» في السلطنة عوضا عن المنصور عثمان بن الظاهر جقمق وتسلطن يوم الاثنين ثامن الشهر المذكور وخلع المنصور يوم الأحد بعد وقعة حرب وأسفرت عن قتلى. وأمسك تمر بغا الدوادار وغيره وجرح قانباي الجركسي وأخرج ابن الشحنة من السجن إلى المقام وأرسل ابن الشحنة قاصدا إلى القاهرة في البر والبحر. ففي يوم الجمعة ورد بعد العصر ورد الخبر بإطلاقه وذلك في ثالث شهر ربيع الآخر ثم ورد المرسوم الشريف بذلك يوم الأحد خامس الشهر المذكور فنزل هو وولده وكان يوما مشهودا وفرح الناس بذلك وألبسهما الكافل خلعتين سنيّتين وبكى عندما شاهدهما. وفي غضون الدعاوي فاوض الطنبغا ومن معه النحريري المالكي أن يرتب على ابن الشحنة مرتبا «2» يقتضي قتله فما أجاب. وقال الشيخ عبيد الله المالكي إن وليتموني الحكم سمعت عليه البينة وقتلته، وكان هذا عبيد الله زنجي اللون. فاضلا في النحو وفقه المالكية له كرم ونظم جيد وكان صاحب ابن الشحنة وله عليه أيادي فانقلبت الصداقة بالعداوة، ثم ولي بعد مدة مديدة قضاء الشغر فقتل ليلا. كان يسعى في قضاء حلب أولا على النحريري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 وكتب أرجوزة إلى الكمالي بن البارزي. وهنا هي بخطه «1» : الحمد لله وأما بعده ... فإنني ملتزم ما يبدو من ظاهر النظم «2» ومن فحواه ... ومن دليل اللفظ أو معناه بأن أقوم للمقر العالي ... الأشرف الموسوم بالكمالي السيد المولى الفقير العبد ... كهف الملا في حلهم والعقد شيخ الأنام المسلمين العالم ... علامة الوقت الإمام الحاكم الحافظ الرحلة ذو العلوم ... ومنشئ المنثور والمنظوم قاضي القضاة ذو الأصول الفاخرة ... البارزي والفروع الزاهرة صدر العلى بمصر والشام ... مؤتمن الملوك والحكام إمام هذا العصر في الإنشاء ... وكاتب الأسرار والأنباء قامع أهل البغي والفجور ... وكل مفتر نحريري في كل عام عن وظيفة القضاء ... في حلب الشهباء بما فيه الرضى بما لها فيه من العلوم ... إذ هو معلوم لكل قوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 من الجوالي ومن الجبول ... والجامع الكبير ذي التفضيل وغيرها من سائر الجهات ... أسوة من فيها من القضاة من غير أخذي زكوات الناس ... والرشوات عامدا أو ناسي من الدنانير ذوات العد ... والأشرفيات الجياد النقد خمس مئات زاكيات الوزن ... على الحلول عاجلا وآني لقادر على الأداء إن أتى ... تشريف مولانا على فصل الشتا أو أيّ ما وقت وهذا خطي ... عاشا هذا بهذا الضبط وصاحب النظم عبيد الله ... المالكي حقا بلا اشتباه قدما له في ساع وكتبه ... رابع عشر الصوم بين الطلبة عام ثلاث بعد خمسين تلت «1» ... ثمانيا من المئين قد خلت من هجرة الرسول خير البشر ... العاقب المزمل المدثر صلى عليه الملك المهيمن ... الواحد البر السلام المؤمن فآله جميعهم والصحبة ... ما أشرقت سماؤنا بالشهب وكان له مرتب على الجوالي والقاضي الحنفي ابن الشحنة ناظر عليها فلما أقبضه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 مرتبه كتب أشهادا بالقب نظما. وهي من خطه نقلت: حمدت إله العرش ذا المن والعلا ... مديحا صلاتي للنبي على الولا وبعد فمولانا الإمام وكهفا ... وسيدنا العبد الفقير لذي العلا وشيخ الأنام العالم البحر حبرهم ... وعلامة الوقت المفيد لمن تلا وقاضي القضاة الجهبذ الحافظ الذي ... غدا رحلة الحفاظ من ذوي الملا محب ذرى الإيمان والدين والنهي ... أبو الفضل والإحسان والجود مسجلا ونجم العلا ابن الشحنة الحاكم الذي ... به حلب الشهباء خضراء تجتلى هو الحنفي الكامل الحلم والحجى ... أمر القضايا مجملا ومفصّلا هو الناظر الشرعي في الحكم والقضا ... ومال الجوالي والحصون ذوي العلا (39 ظ) م وما مع هذي عظم الله شأنه ... وأعلى له في جنة الخلد منزلا مددت يدي للقبض من بحر واكف ... فألفيت ذاك القبض منه مسهلا وحازت يدي من فيض كفيه فضة ... دراهم سكت بالأصابع كمّلا وعدتها تسع مئات تحصلت ... لست شهور ذات فضل تأثلا لعام ثلاث بعد خمسين قد تلت ... ثماني مئات كاملات قد انجلا وذي الجملة المقبوضة التي أعنيت ... فاخر مالي الجوالي تحصلا من السنة المذكورة الآن فاعلمن ... وذا الخط أضحى شاهدا حين سجلا على بما قد قلت والمالكي ذا ... الفقير عبيد الله للنظم كملا رجع: ولما أفرج عن القاضي الحنفي ابن الشحنة سافر الطنبغا الدوادار عن حلب إلى القاهرة فمات بالطريق قبل أن يصل إلى القاهرة. وكان قد قال له القاضي ابن الشحنة: إن كنت قمت عليّ باطلا لا أوصلك الله إلى القاهرة فقال آمين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 فكان هو الداعي على نفسه. وفي يوم السبت بعد العصر ثالث جمادى الأولى توفي الشيخ الإمام الفقيه شمس الدين أبو عبد الله محمد «1» بن عمر الغزولي، قرأ على الشيخ عبيد كثيرا وخلفه بعده في التدريس بالجامع الأموي احتسابا. وكان يتجر بسوق الغزل ويدرس أول النهار وآخره، واجتمعت الطلبة عليه، واعتكفوا لديه، وكان يعرف (منهاج النووي) وهو قليل الكلام منقطع عن الناس ومولده قبل محنة تيمور ولا يتأنق في المأكل والملبس وهو من عباد الله الصالحين وله ديوان عريض وكان ينظر على ما يقربه من المنهاج، ويحفظه وينقله ثم بعد ساعة ينساه. كأن لم يكن ودرس (منهاج البيضاوي) في آخر عمره. وفي يوم السبت رابع عشري جمادى الأول ورد مثال شريف أشرفي باستقرار السيد تاج الدين عبد الوهاب الحسيني الدمشقي وعزل ابن الزهري عن قضاء حلب وفي يوم الجمعة ثاني عشر شعبان نزل السيد المشار إليه بمقام سيدي عبد الله الأنصاري، ويوم السبت دخل دار العدل. ولبس تشريفه. ونزل عند التاج الكركي فذهبت مسلما عليه، فرأيت عليه آثار الانقباض عن الناس، ثم ندم على سكناه عند ابن الكركي لأنه رآه جار سوء فانتقل إلى البيت الذي مقابل الشرفيه، ونزل به وجاء إلى الشرفيه. ودام يصلي بها ويجلس غالب الأوقات. وهو كما شاهدت بخط العلامة الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة: أبو محمد بن العدل زين الدين عمر بن العدل الكبير بدر الدين الحسين بن محيي الدين أحمد بن بدر الدين الحسن بن حمزة بن محمد بن ناصر بن علي بن الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد بن الباقر «2» بن علي زين العابدين بن الحسين بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 علي رضي الله عنه. وهذا الرجل كان فقيها أصوليا/ (40 و) م نحويا فريضا، وقرأ على الشيخ العلامة علاء الدين البخاري وكان دينا عفيفا نزها شكلا حسنا. عليه مهابة الأشراف. وفي أخلاقه شراسة، سنيا. مواظبا للجماعة. وكان يدرس بجامع حلب ويواظب على ذلك، ودرس بالمدارس ولم يتعرض لأموال قضاه البر، ولا للمدارس، بل فرقها على الفقهاء. والذي تحصل من السلطانية أصرفه على عمارتها، وتمر المتحصل للمدينة الشريفة من قرية (أبزموا) و (أرحاب) وأرسله إلى المدينة المشرفة، وثمر مال الأيتام ونماه. وله مؤلف في الفرائض سماه: (الغيث الفائض) قرّض «1» عليه تقي الدين ابن حجة، والشيخ شمس الدين بن ناصر الدين وغيرهما. ولما صرف عن قضاء حلب ذهب إلى الشام وصار يذهب إلى القدس ويجيء ثم إلى الحجاز. وفي آخر أمره وقف كتبه على مدرسة أبي عمر الصالحية من الشام ومات بمكة وله ملك كثير بالشام. وفي يوم الأربعاء بكرة النهار خامس عشر رمضان توفي شيخ الطائفة شهاب الدين أبو جعفر محمد بن الضياء بن العجمي الشافعي ودفن عند أسلافه بالجبيل وكان قد نشأ يتيما في حجر عمه شمس الدين. وحفظ القرآن والمنهاج، واشتغل على زين الدين الكركي وغيره. وقرأ على والدي كثيرا وكان يتأدب بآدابه وحج معه ثلاث عشرة. ولازمه إلى أن مات والدي ودبل كثيرا. وبعد تيمور وليّ قضاء حلب وكان شكلا حسنا لا يتكلم إلا بخير ويأكل من أوقاف أسلافه وكتب شرح والدي على البخاري. وكتب كثيرا من الفقه وغيره. وآل إليه تدريس الزجاجية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 والشرفية والظاهرية ومشيخة الشمسية ونظر الجميع. وكانت أوقاف بني العجمي منتظمة في أيامه. وعمر شمالية الشرفية وغيرها. وكان يلبس الثياب الفاخرة وأثرى. ولما توفي خلّف مالا جزيلا وكتبا كثيرة، وملبوسا سنيا فاخرا جما. وفي يوم الاثنين ثالث القعدة وليّ القاضي محب الدين أبو الفضل بن شحنة كتابة الإنشاء بالقاهرة، ومدحه شعراؤها كالشيخ شهاب الدين بن أبي السعود. والشيخ شمس الدين النواجي والشهاب الحجازي، وغيرهم. وفي ليلة الخميس بعد المغرب المسفر صباحها عن ثالث عشر ذي القعدة توفي الرئيس القاضي ضياء الدين أبو المعالي محمد بن القاضي زين الدين أبي حفص عمر ابن النصيبي أالشافعي، وكان قد أصابه الفالج قبل ذلك وداواه معين الدين العجمي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 وكان رئيسا صدرا محتشما كريم النفس والأخلاق شكلا حسنا قرأ القرآن العزيز وقام به قبل الفتنة التيمورية وحفظ (المنهاج) و (ألفية ابن مالك) وعرضها على ابن خطيب المنصورية. وكتب في ديوان الإنشاء، وأحبه الناس لحسن كلامه وكثرة مروءته- قرأت عليه قطعة من الاستيعاب بسند والدي عن السيد عز الدين نقيب الأشراف- واختصر تاريخ ابن خلكان. وله معرفة بأنساب أقاربه، واعتنى بذلك في كراريس. وكان حسن المحاضرة والمفاكهه، لا تمل مجالسته. وحج رفيقا لوالدي سنة ثلاث عشرة. وكانت الوقفة الجمعة/ (40 ظ) م. وكان القاضي ضياء الدين كبير الرياسة غزير السياسة لا يكاد أحد يسبقه إلى عزاء ولا هناء. ولا ينزل من مضارب الرئاسة إلا في خباء مروة وفناء يود من يعرفه ومن لا يعرفه، ويسعف قاصده ولا يعنفه. ولم يزل على حالته إلى أن مضى إلى حال سبيله وأنجب ولديه العلّامتين زين الدين وشرف الدين وكان هو وهما أعيان عصرهم وشامة حلب بل شاههم: إذا ركبوا زانوا المراكب هيبة ... وإن جلسوا كانوا صدور المجالس وهم من بيت سعادة وحشمة وسيادة، وفتوى وفتوة، ومكارم للناس مرجوة: من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم ... مثل النجوم التي يسري بها الساري وكتب القاضي صدر الدين إلى شيخنا شيخ الإسلام ابن حجر من نظمه: العبد طولب عن الذي ... لم يخف عنكم من سؤال السائل فانعم به لازلت تتحف دائما ... بفوائد وعوائد وفواضل ولما بلغت وفاة المحبي بن الشحنة حزن حزنا عظيما وكتب إلى صهره القاضي زين الدين من قصيدة يرثيه بها: لقد ضحكت رياض الأرض لما ... بكت من فوقها سحب السماء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 وقد فقد الضياء فصار ليلا ... نهار العز من فقد الضياء «1» وقلت مضمنا: ابن النصيبي الضياء له الورى ... عدموا وحزنهم عليه طويل هيهات لا يأتي الزمان بمثله ... إن الزمان بمثله لبخيل وفي ليلة السبت المسفر صباحها عن حادي عشر الحجة هلك علي باك المؤيدي أمير كبير بحلب. وكان شريرا، شرابا للخمر، به بغض «2» للفقهاء. مستهزئ بالمذاهب الأربعة. ودفن خارج زاوية الشيخ خضر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 سنة ثمان وخمسين وثمانمائة. في أول المحرم كثر البرد والجليد والثلج وخلت الجوامع من المصابيح لأنها كسرت من الجمد، وجعل عوضها السرج. ومشى الناس على الفرات العظمى وقيل إن الدجلة أيضا جمدت ويبس شجر الزيتون والتين والرمان والنارنج وبيع ماء الورد في الورق لأنه جمد. وكذلك الخل. وفي يوم الخميس مستهل صفر عقد مجلس بدار العدل بحضرة الكافل قانباي الحمزاوي والشريف القاضي الشافعي، وأما النحريري المالكي فلم يحضر لأن المجد الحنبلي أرسل يقول له: ثبت عندي أن السلطان عزلك. وحضرت هذا المجلس بسبب عبد الرحمن بن الطويل وأحضر عبد الرحمن المذكور وادعى عليه عند المجد المشار إليه بمقتضى محضر غير مثبوت وفيه أسماء جماعة من الشهود منهم: أبو بكر بن البويضاتي الشاهد ببا حسيتا، والسيد الآمدي بأنه يلفظ الكفر، فقال: عبد الرحمن بن الطويل لا يحل لك أن تحكم فيّ، وبيني وبينك عداوة وعندي شهود بذلك وهم بمدينة حماة. ثم سّفه على الحنبلي، ورماه بالكافر. فقال الحنبلي: ثبت عندي كفرك. وحكمت بقتلك. فسألني الكافل: ما تقول في هذا الأمر. فقلت مذهبي غير مذهبه. ثم قلت للحنبلي: هذا أمر يكتب عليك به أشهاد يستفتى عليك من مصر والشام. فأمهل (كذا) «1» فقال: نعم يستفتي عليّ فأشار الشافعي بتأخيره إلى السجن حتى يجمع الفقهاء وينظروا في أمره. فخرجا من دار العدل فعاد الحنبلي إلى الكافل وقال هذا كافر وثبت قتله عندي ولا يساعده مسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 فقال الكافل لا آمرك ولا أنهاك. فخرج الحنبلي واجتمع بأثير الدين «1» ابن الشحنة القاضي الحنفي. وذكر ما قال له الكافل فأشار عليه بالتأخير والتمهل، ثم جاء إلى بيته وأحضر عبد الرحمن إلى داره ببا حسيتا، وأمر بخنقه، فخنقه بعض الرسل بحبل ثم جعله في قفص وأطاف به البلد ينادي عليه بالكفر. فرقّ الناس عليه وغسلوه، وكفنوه، وصليّ عليه. وكان عبد الرحمن المذكور مجنونا وسفيها ولا يبالي بما يقول تاركا للصلاة، وله ولد درّسه بعض كتب الفقه، وفي بعض الأيام حثه على القراءة، وخنقه ليقرأ فمات الولد وادعى أنه مات فجأة. فلما اتفق قتل عبد الرحمن جاء المجد إلى القاضي الشافعي لينفذ حكمه فلم يفعل فخرج المجد إلى التنزه، ولم يبال ما فعل. وكان يقول غاب عقلي لما أمرت بقتله. ولم أستفق حتى قتل فعاودني الهم والحزن. فحضر أولاد عم عبد الرحمن من البيرة إلى حلب وطافوا على القضاة وأشراف الناس بالبلد وذكروا أمر عبد الرحمن وأنه قتل مظلوما وتوجه بعضهم إلى السلطان، وكتب الكافل إلى السلطان بصورة الحال. وكتب ابن السفاح إلى الجمالي يوسف ناظر الخاص بأن هذا القتل صدر عن رأي ابن الشحنة وكان كاتب السر إذ ذاك بالقاهرة فلما وصل الخبر إلى السلطان لم يتكلم ابن الشحنة في هذه القضية بنفي أو إثبات فورد ساعي وعلى يده مرسوم شريف بإخراج الحنبلي إلى القلعة حتى يرد القاصد فلما أحسّ الحنبلي بذلك خرج من حلب هاربا طالبا القاهرة. فأحضروه من خان طومان، وأخرج إلى القلعة واعتقل البويضاتي والسيد الآمدي وقال معظم الشهود نحن لم نشهد وهذا غير خطنا وثبت الشيخ أبو بكر بن البويضاتي والسيد الآمدي على شهادتهما. وفي يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر حضر قاصد من الأبواب الشريفة ومعه علاء الدين بن مفلح متوليا لتحرير القضية المتعلقة بابن قاضي عينتاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 عبد الرحمن المذكور، وقتله، وعلى يده توقيع ابن النحريري باستمراره على عادته. وفي العشر الأول من ربيع الآخر توفي العبد الصالح متولي التركماني الساكن خارج باب بانقوسا وهذا الرجل كان أولا يجمع الناس ويذكر بهم، ويلبسهم الخرقة ثم انقطع عن الناس قاطبة فلزم الصمت وانقطع عن الكلام مع الناس ولازم قراءة القرآن ورأيته يجلس تحت القلعة يقرأ القرآن ولا يتكلم مع أحد وكان لا يأكل اللحم وإن حصل له شيء آثر به أقاربه. وكان عليه الهيبة والوقار. وقال له شخص من أصحابه: ما حالك؟ فقال: كيف حال من فارق حبيبته. ودفن خارج باب القناة. وفي يوم الخميس ثاني عشر الشهر المذكور عقد مجلس بدار العدل وأحضر سالم وسألوه كيف قتلت ابن قاضي عينتاب. فقال: قتلته بمقتضى المحضر الذي ثبت عليّ فقيل له كيف/ (41 ظ) م سمعت البينة في غير وجهه فقال: مذهبي يجوز أن أسمع البينة في غير الوجه وأحكم في الوجه وانفصل المجلس على ذلك. وفي سادس عشر ربيع الآخر قدموا بالفيل من القاهرة هدية لصاحب الروم من الأشرف إينال ودخلوا به دار العدل ثم نزلوا به دار الكلتاوي داخل باب القناة وذهب الناس للتفرج عليه وذهبت ونظرته. وفي يوم الاثنين حادي عشر رجب عقد في مجلس لمجد الدين سالم الحنبلي بدار العدل بالقضاة الأربع بسبب حكم سالم المذكور بقتل عبد الرحمن بن شمس الدين محمد الطويل قاضي عينتاب والده وكان والده طوالا كثير الكلام وعنده جنون وهذيان كثير ولا يبالي بما يقول. وولي قضاء البيرة وعينتاب ولا يعرف شيئا من العلم وولي وظائف بحلب خوفا من شره. وابتنى دارا بحلب ووقفها على قراء فأبطل ولده المذكور بيده، وترك القراء وظائفهم خوفا من شره. رجع: وكان قد حضر قبل ذلك بيومين ساعي السلطان إلى كافل [حلب] بقتله من غير مراجعة، فأنزلوه من سجن القلعة في الحديد من قدام الشباك فأمر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 الكافل قانباي بإدخاله إلى داخل الشباك فقال لهم: من أراد أن يقتلني فليكتب خطه بجواز قتلي، ويعطني خطه حتى أتركه عند أولادي. فأحجم القضاة عن الحكم بقتله. فأصعدوه إلى القلعة. وكان القائم عليه في ذلك ابن السفاح عمر والشريف محمد الذي في خدمته وأرسل إلى نائب القلعة أن يخنقه في السجن. فقال نائب القلعة قاسم ابن القشاشي: أنا لم يحضر إليّ مرسوم بذلك وهذا لا أستحل قتله. وكذلك الكافل أحجم عن قتله ثم اقتضى رأيهم قتله بسجن حلب، فأنزلوه إلى السجن بعد العصر وأنا شاهدته عند السفاحية والحديد في عنقه وأدخلوه فلما جاء الليل أحضروا الوالي وهو ابن الشارب والمشكالي لقتله. وكان قد حضر قاصد من الكافل يأمرهم بالإمساك عنه فدخلوا إليه في السجن وهو نائم وولده إلى جانبه، فأيقظوه فأحس بالشر. فقال لا توقظوا ولدي. وغطى على وجه ولده بمنديل معه ثم خرجوا من السجن فخنقوه في الليلة المسفر صباحها عن نهار الأربعاء خامس عشر رجب مرة بعد مرة وذلك لإطالة عذابه حتى مات. ثم أخذوه من السجن إلى بيته فغسلوه هناك. ومن الاتفاقات الغريبة أن السيد السفاحي أحد القائمين عليه كان يجود بنفسه لما مروا بالمجد سالم على باب بيته للسجن، فلما وصل سالم إلى السجن مات السفاحي وأخبر بموته. فقال من عاش بعد عدوه يوما لقد نال المنى. وفي شوال توفي شيخنا أبو عبد الله محمد بن أبي العباس أحمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي زيد عبد الرحمن اللخمي الغرناطي المالكي «1» بسواحل الشام. وهذا سمعت عليه المسلسل بالأولية بحلب في تاسع رجب سنة ست وثلاثين ووقف شيخنا أبو الفضل ابن حجر سنده وقرأ .... «2» .... «3» عن التميمي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 وابن الستار/ (42 و) م فقال لا يعرف لهما ذكر، ثم إنه قدم منه كتاب إلى حلب في شعبان سنة أربعين أن يشطب على ترجمة أحمد بن يوسف البوني «1» من لسان الميزان فقد تبين لي أنها لا حقيقة وأنه نقلها من خط المقريزي، وأنه تلقاها من الغرياني «2» ترجم السخاوي لمحمد بن أحمد بن خلد اللخمي الأندلسي وهذا صريح برميه بالكذب. وهذا الغرياني قدم إلى حلب عدة مرات وعمل الميعاد بجامعها واجتمع عليه العام لما ينقله من الأشياء الغريبة كقصة الجن والبن وغير ذلك وكان مهدارا، وادعى في بعض البلاد أنه السفياني وكان ناقص العقل. وذكر الغرياني المشار إليه أنه وجد في كتاب قديم نسبة الخلفاء العلويين وعقبهم وما تخلف عنهم من ذريتهم رجلا رجلا وامرأة امرأة فكان مما وجدته فيه أن المقريزي التي عرف بها الشيخ العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن تميم بن عبد الصمد بن «3» أبي الحسن بن عبد الصمد بن تميم بن علي ابن عقيل بن المعز معد بن المنصور إسماعيل بن القاسم بن المهدي عبيد الله بن محمد بن جعفر بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم؛ قال الغرياني إنها نسبة إلى جد لهم يعرف بابن (امقريز) من أمراء كتامة وكان له بنت فاتنة الحسن تزوجها رجل من ولد عقيل بن المعز لدين الله يقال له فيما أظن عبد الصمد جد مولانا تقي الدين أبي العباس المشار إليه. انتهى. والمقريزي: نسبة إلى حارة ببعلبك سكن بها من أجدادي محمد بن قيم فتستر أولاده من بعده بالانتساب إليها خوفا على أنفسهم من القتل كما قيل: فلو تسأل عن الأيام ما اسمي لما درت ... وأين مكاني ما عرفن مكاني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 قاله المقريزي الشيخ شهاب الدين. [المقريزي] : والمقريزي إخباري وترجمته طويلة، وحفظ تاريخا كثيرا، وجمع فيه شيئا كثيرا وصنف فيه كتبا خصوصا تاريخ القاهرة فإنه أحيا معالمها. توفي بمصر يوم الخميس سادس عشري رمضان سنة خمس وأربعين وثمانمائة. وهو كما قيل: ما زال يلهج بالرحيل وأهله ... حتى أقام «1» بباله الجمال وكما قيل: ما زال يلهج بالتاريخ يكتبه ... حتى رأيناه في التاريخ مكتوبا وكما قيل: ما زلت تلهج بالأموات تكتبها ... حتى رأيتك في الأموات مكتوبا «2» وكان أولا حنفيا، ثم بعد العشرين من عمره صار شافعيا، وكان محدثا يعمل بالأحاديث الصحيحة حتى قيل إنه على مذهب ابن حزم أ. وفي يوم الجمعة آخر النهار سادس عشر الحجة قدم قاضي المسلمين حميد الدين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 ابن تاج الدين الفرغاني الحنفي قاضي دمشق إلى حلب ونزل بمدرسة تغري ورمش وبات هناك ثم أول النهار «1» انتقل ونزل بالحلاوية الحنفية وكان قد رسم السلطان بخروجه من الشام إلى بغداد ثم ردوه من الطريق فقدم حلب. وهذا الرجل كان عالما من نسل الإمام يوسف بن «2» الإمام الأعظم أبي حنيفة. ثم كتب «3» كافل حلب قانباي إلى السلطان يشفع فيه فرد إلى دمشق. وفي سنة أربع وأربعين وثمانمائة ادعى بمصر على الشيخ شهاب الدين الكوراني أنه سب أباه/ (42 ظ) م وجده فضرب الكوراني على رجليه بسبب ذلك خمسا وسبعين عصى. والكوراني سكن الروم بعد ذلك وصار له أثرة صالحة ودنيا واسعة وتقدم عند صاحب الروم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 سنة تسع وخمسين [وثمانمائة] في خامس عشري صفر وليّ الحمزاوي كفالة دمشق عوضا عن جلبان بحكم وفاته، ووصل الخبر بذلك إلى حلب يوم الاثنين رابع عشر ربيع الأول وخرج من حلب في مستهل ربيع الآخر. وفي خامس عشري ربيع الأول صرف التاج الحسيني عن قضاء حلب بابن الزهري وكان بالقاهرة. وفي يوم الخميس رابع عشر جمادى الأول وصل كافل حلب جانم من القاهرة إلى محل كفالته وأحضر بين ما تحصل من الجهات في غيبته. فقال لهم هذه الدراهم لا يحل أخذها. فقال له بعض وسائط السوء: متى تعففت وأظهرت العدل نخاف عليك من سطوات السلطان لأنه يقول إنما فعلت ذلك طلبا للسلطنة فأخذها كرها. وفي يوم الأحد سابع عشر جمادى الأول وصل ماء السمرمر إلى حلب وخرج الناس إلى لقيه بالذكر والدعاء فأخرجوه إلى القلعة وعلقوه بمئذنة جامعها. ووقفت على كتاب قديم كتب إلى الممالك الشرقية بسبب إحضاره. ولفظه:" أدام الله تأييد الموالي السادة الحكام الأئمة الأعلام، أركان الشريعة، أعيان المراتب الرفيعة صدور المجالس، شموس آفاق المدارس، كنوز المعارف، معادن اللطائف، زعماء الأصحاب، غايات الطلاب، أصحاب ديوان الشرع، ملاك أزمة الأصل والفرع جهابذة النقد، وأرباب الحل والعقد، كهوف القاصدين، سيوف الناظرين، أنصار الملة والحق والدين، أعضاء الملوك، فصحاء السلاطين، قضاة القضاة بالمملكة الشرقية والشمالية، ولا زالت أحكامهم مسددة وعزائمهم مؤيدة، وأركانهم مشيدة وشوارد النعم عليهم محسبة مؤبدة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 هذه أ: الخدمة تخصهم بالسلام التام الكامل، والود الشامخ الشامل، وتتحفهم بالتحيات المباركات، والمحامد المتداركات، وتصف رفع الأدعية الصالحة وتنشر ألوية الأثنية الفاتحة، وتبدي إلى علومهم الكريمة أن الله تعالى فرق المنافع في أرضه، وأغاث البقاع بما شاء من عمره دبر ضده، رتب العقاقير في الأقطار فضلا ونعمة، وأنزل الداء والدواء حكمة ورحمة، وزين السماء بالنور اللائح من السراج الوهاج، وأحيا الأرض من الماء العذب الفرات، والملح الأجاج، ومنح البحار بما اختار من العجائب وخص البلاد بما أراد من الغرائب يا لها غرائب أغربت العين، وظهرت بما شاء وأذهلت العقول وحيرت الفكر. فمنها: الماء الحاكم بفسخ عقد الجراد الأمر بالعدل والإحسان إلى البلاد الوارد بالخير الوافد، يميل ..... «1» الرافع الضيم والضمير، الجامع شمل غريب الطير المهدي راحة الأرواح ..... الطائر بجناح النجاح والمبشر بالأمن بعد الخوف، الواصل بعطب أبا ..... «2» وأمهات عوف «3» . الذي جدير به أن يدعى ماء الحياة، وأن ينظم له عقد الأمرة على سائر المياه. باله ما يقل عنده/ (43 و) م المال وتشرئب إليه أعناق الآمال فلو عاينته العيون الصافية لأغضت حياء عن محاسنه واقية ولو شاهده ماء الفرات لشهد أنه أحلى من قطر النبات، ولو رآه النيل لمشى بين يديه وأشار بأصابعه ذات الأيادي إليه، وقد توجه المشايخ الأكابر الصلحاء الأجلاء فلان وفلان وفلان أعاد الله بركتهم، وبلغهم أقصى طلبهم وبغيتهم بسبب تحصيل الماء المذكور وإحضاره وكشف ما خفي من مكنون أسراره ليبلغ أهل الشام به المراد ويقطع بيد مرسلة عنهم رجل الجراد، وتقر العيون ويسر الآباء والبنون، وتنشرح الصدور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 وتبتسم ثغور النفوس ويجيء الجراد من الجرائد، ويقدم طير السمرمر بفرائد الفوائد وينكسر همام الهم، وينجلي غمام الغم، ويستوي الزرع على سوقه. ويسكن قلب الأكار الفلاح بعد خفوقه، ويزيد أنهار بركات الشام، ويطيب مقام من لمح برقها أو شام والمستمد من إحسان الموالي أجزل الله غيث فضلهم المتوالي تتلقى المشايخ المشار إليهم بالترحاب والإكرام، ومقابلتهم بمزيد الأفضال والأنعام ومساعدتهم على ما توجهوا لسببه وقطعوا مفاوز السير والسرى في طلبه وملاحظتهم بعين العناية وشمولهم بشمل العناية، وشمولهم بشمل الرعاية والنظر في أمرهم، واستجلاب جهدهم وشكرهم وإتحافهم بمطلوبهم. واستقرار خواطرهم وقلوبهم وإعانتهم على تحصيل هذا الماء وتجهيزه وإغنائهم من هذا المطلب العزيز بابريزه فإن الجراد انبثت أذنابه وباض، بعد أن أذوى الغصون وأتلف الرياض، وجعل له في كثير من الأرض غرزا ورز؛ كما قال الأصمعي: يرزر رزا، ويخشى من سروته أن يصير دبا ثم انتقل إلى الفوغا فيهلك السهل والربا ثم ينقلب فيكون كثبانا ثم يعود بما يكتب له من الخطوط المختلفة حينا «1» فينشر الفساد في الأرض فيفسد- والعياذ بالله- في الطول منها والعرض والمقصود معالجة النار بإطفائها ومبادر النازلة برفع أفعالها وخفض أسمائها وفي إحسان الموالي غنى عن إطالة القول، ومن منازلة فضلهم بحمد الله يستفاد الجود والنول. ولله تعالى يديم عليهم ملابس الفخار، ويضاعف لهم علو المنار ويجري على أيديهم عيون الإيثار، ويرفع ببركتهم الأذى عن البلاد والأمصار. وهذا الماء هو كائن في بلاد العجم بالقرب ... «2» أخبرني أنه في واد وعلى مكانه خدمة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 والسمرمر: طائر يعادى من الجراد ويقتله، ويكون بينهما مقتلة عظيمة كل منهم على الآخر ويفر الجراد بين يديه. وفي يوم السبت الحادي والعشرين من جمادى الآخرة قدم حلب للأخذ عمن بقي لها من المشايخ الشيخ الإمام الفاضل شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان السخاوي. ومولده سنة إحدى وثلاثين في ربيع الأول. ومعه صاحبه العبد الصالح شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن مسعود السنباطي «1» . ونزلا بالمدرسة الشرفيه وسمعا بقراءتي وسمعت بقراءة السخاوي على عبد الواحد الحراني. وخلد الشرفية «2» روح الشهاب ابن العديم ثم رحلا من حلب إلى القاهرة وكان السنباطي يعتقد شيخنا أبا الفضل بن حجر اعتقادا عظيما وعلى رأسه قبعة ولم يأكل لأحد شيئا، وقرأت بحضرتها في بعض الأجزاء: السامري- بفتح الميم- فقالا: ليس في رجال الحديث سامري/ (43 ظ) م نسبة إلى الطائفة الكفرة فقلت لهما: هذا نسبة إلى محلة ببغداد أ. وأخرجت لهما النقل بذلك من كتاب الأمير ابن ماكولا. وكان السخاوي يقرأ عجلا ولا يمل من القراءة. وفي تاسع عشر شعبان ورد كتاب من حمزة بن أوزران [وفيه] جماعة من الفرنج خرجوا عليه يوم الخميس سادس عشر الشهر واقتتلوا. وأسروا ستة عشر نفرا من أقاربه منهم أخوه سيدي باك بن أوزر. وفي ثالث عشري شعبان ثبت أن «3» أوله الأربعاء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 يوم الخميس بعد العصر توفي الشيخ شهاب الدين أحمد بن عز الدين الحاضري كان تاجرا بسوق الحرير، ويقرأ السبع بالجامع الأموي بعد صلاة الصبح وبعد صلاة المغرب إلى العشاء. وقبل صلاة الجمعة سنين عديدة، ويواظب على ذلك. وعمي في آخر عمره. وهو إنسان حسن تفسير المنامات. وقرأ عند الاحتضار سورة الرعد، وابتدأ في حم فمات. قرأت عليه مجلسا بحضرة السنباطي والسخاوي من النسائي الصغير لأنني رأيت بخط والدي أن أحمد بن عز الدين الأكبر سمع شيئا منه. ثم اختلفنا هل هو الأكبر والأصغر وصلى عليه يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع حلب، ودفن عند أبيه خارج باب المقام. وفي نهار الاثنين ... «1» عشري القعدة توفي الشيخ جمال الدين يوسف الكردي بقرية زرزو من عمل القصير. وسبب ذلك أنه وقع بين طائفتين من الأكراد وهما أولاد خشان أبو بكر وابن أخيه- وهما أمراء الروج- عمر وبين أحمد كبير قسطون فتنة أسفرت عن قتلى وأحضر عمر بن خشان إلى دار العدل وادعى عليه فقال: لم أكن مع المتفرقين عن القتال فأحضر شاهدا يقال له: حسن الكردي فشهد عليه. فطلب القاضي تعديل. فقال الشيخ يوسف:" النبي صلى الله عليه وسلم قال: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله." فقلت:" هذا أمر لا خبر. إلا لزم الخلف". فحقد ذلك؛ وقال:" اقتلوا هذا فإنه مستحق القتل". فقلت:" لابد أن تبين السبب". فانفصل المجلس. وعقد مجالس بدار العدل بسبب ذلك. ثم إنه تكفل بمال عظيم عن ذمة ابن حبيب. وولاه التكلم على الأكراد فذهب الشيخ يوسف إلى بلد القصير لتحصيل المال، فمات هناك. وكان فاضلا، ذكيا. فقيها. قرأ على والدي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 كثيرا وعلى القاضي علاء الدين بن خطيب الناصرية بعض (منهاج الأصول) . وسمعت بقراءته ولازم والدي، وكان يحبه. وقرأ على الشيخ علاء الدين الكردي وترقى إلى تدريس السفاحية. واستقل بالفتوى بعد وفاة شيخنا وكان شكلا حسنا وعليه وقار وسكينة، كريم الأخلاق والنفس. وفي [ذي] الحجة جاءت زيادة عظيمة أخربت بعض دير كوش. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 سنة ستين وثمانمائة وفي يوم الجمعة ثاني المحرم وصلت جنازة أقبردي نائب ملطية إلى حلب ودفن خارج باب المقام في تربته التي أنشأها. وأقبردي المذكور ولي نيابة قلعة حلب في أيام الظاهر جقمق وباشر بحشمة زايدة وعقل راجح وكان دينا كأستاذه لا يعرف شيئا من الفواحش ويقرأ القرآن وحج من حلب في سنة سبع وخمسين حجة عظيمة. ودافع عن الحاج العرب وأحسن إليهم. وتوفي الظاهر جقمق وبلغه الخبر وجاء على الهجن إلى حلب وصعد القلعة وحفظها على ولده المنصور ووجد شيخنا/ (44 و) م أبا الفضل بن الشحنة في شدة عظيمة وكان بينهما وحشة وأخرب له «1» حانوتا تجاه باب القلعة ونقل ترابه وحجارته إلى القلعة فلما وجده كذلك أحسن إليه ورق عليه وأظهر له أنه إنما خاصمه لأجل الدين فإن أهل العلم يجب أن يكون فعلهم كقولهم رحمه الله تعالى. وفي سابع عشر صفر وليّ القاضي جمال الدين يوسف التاذفي «2» عوضا عن ابن مفلح؛ وكان ابن مفلح قد توجه قاصدا مصر. وفي يوم الأحد ثاني ربيع الأول توفي محمد دوادار السلطان. ودفن يوم الاثنين وكان شكلا حسنا، كاتبا عاقلا، ولي ولاية الحجر بالقلعة، ثم تنقل إلى هذه الوظيفة فباشر بحشمة زائدة وعقل، ولاطف الناس، وقدم الفقهاء وأكرمهم، وأحسن إليهم رحمه الله تعالى. وفي سادس شعبان ورد كتاب من القاهرة بولاية القاضي شهاب الدين أحمد بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 الزهري «1» قضاء حلب عن القاضي جلال الدين محمد بن الباعوني. وفي كتابه أنه ولي القضاء في خامس عشر شهر رجب فسافر تلك الليلة القاضي جلال الدين من حلب مختفيا وسار على غير الجادة خشية أن يلحقه الناس وخوفا على نفسه لما فعله من أخذ أموال الناس، فلما كان بالطريق طريق الشام ورد عليه كتاب من القاهرة بولايته قضاء طرابلس فتوجه إليها. وهذا القاضي جلال الدين كان ذكيا، شكلا حسنا يصر على أمر عظيم من أكل أموال الناس بالباطل ولا يحتاش من ذلك، وباشر بطرابلس كذلك، وفي آخر أمره ذهب إلى الروم وقتل بالطريق. وفي يوم الخميس حادي عشر شعبان قتل علي بن الرقيق ومحمد بن الحسن بن الحصوني وهما مباشران بديوان كافل حلب جانم قتلهما العامة وأحرقوهما بالنار وقتلا قبلهما شخص يقال له السرميني من أعوان الطلبة وسبب ذلك ما أظهرا من الظلم وأخذا أموال الناس بغير طريق وعندهما نساء يأتون إلى البيوت إلى النساء فتنظر المرأة منهن ما على المرأة في بيتها من القماش واللباس ثم تذهب إليهما فتخبرهما بالصورة فيرسلان خلف الزوج ويقولان له: إن زوجتك البارحة كانت عند فلان في مجلس الشراب أو عند فلان يزني بها وعلامة ذلك لباسها كذا وما فضحناها فيأخذان منه جملة وربما يطلق الرجل المرأة ظنا منه تصديقهما، وأرجفا في الناس وعندهما أعوان يطوفون بالطرق ويكذبون على الناس ويتعاونون على العامة. وكان ابن الرقيق يقول لابن الحصوني: أنا أحترق بنارك فشاع في الناس قتل السرميني، ولم يكن ذلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 صحيحا، وكان مسافرا فجاء فقيل له: قد أشيع كذا. فقال: هذا كذب. ها أنا حي. ثم تلك الليلة قتلوه فاختبأ عند ذلك ابن الرقيق عند الشيخ عبد الكريم وظن أن ذلك مانعه فسمع الناس بذلك فجاؤوا إلى مسجد عبد الكريم، وأسمعوه ما يكره وأرادوا كسر الباب، فأخرجوه إليهم فقتلوه وجرروه كالكلاب إلى قرب حمام الزجاجين في التلة فأحرقوه، وتبرع جماعة بحطب إحراقه كما تقدم. وأما ابن الحصوني فكان في السجن فذهبوا إليه وأخرجوه وقتلوه وجاؤوا به أيضا فأحرقوه ووضعوه فوق ابن الرقيق، وفي ذلك اليوم دخلت إلى الكافل جانم وكان البخاري يقرأ عنده فحضرنا عنده/ (44 ظ) م القراءة. فسألنا أما دريتم بما اتفق اليوم فقلنا له: هذا ظالمان. فقال إذا كان الأمر كذلك فكان يجب عليكم إعلامي بهما وبغيرهما. أنا غير عارف بأمرهما. ثم قال لنا: إنما أحرقهما دعوة الشيخ علي الدقاق. وكان الشيخ علي المشار إليه قد جاء من دمشق في هذه الأيام ونزل بباب قنسرين فظلم ابن الرقيق امرأة فرفعت أمرها إلى الشيخ علي فأرسل إلى ابن الرقيق وشفع فيها فلم يلتفت إلى كلامه فدعا عليه بالحريق فحرق. وهذا الشيخ علي اجتمعت بتلك الأيام بجامع منكلي بغا. وهو من الصالحين تذكر أمور حسنة من الكشف وغيره. وكان ابن الحصوني أولا يكتب حكم شيخنا المؤرخ، ثم كتب في الديوان، وكان سيء الاعتقاد، وكأبيه لا يصلي «1» ولا يبالي بما يفعل من الظلم، ويفتخر بذلك. وفي ليلة الأحد سادس رمضان توفيت والدتي هاجر، واشتراها والدي- رحمه الله تعالى- سنة تسع. وخمسها من بيت المال لأن الجويني والقفال وغيرهما قالوا: أصول الكتاب والسنة والإجماع متظافرة على تحريم وطء السراري اللاتي يجلبن اليوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 من الروم والهند إلا أن ينصب الإمام من يقسم الغنائم من غير حيف وظلم وعارضهم الفزاري أ. فلأجل الخلاف فعل ذلك ثم أعتقها وتزوجها للحديث الصحيح: (أن له أجرين) . وكانت سيئة الأخلاق، وتسيء أدبها على والدي فيحتمل. في عينها وجع. وأخبرتني بعد وفاة والدي أنها رأت الخليل عليه السلام ووالدي واقف بين يديه يشكو إليه حاله معها. وأن الخليل عليه السلام ضربها على رأسها. وقال لها: لأي شيء تؤذي هذا العبد الصالح. قالت: فحصل في عيني ما حصل بعد ذلك. وصلى عليها بجامع ودفنت عند والدي بالجبيل. وفي يوم الخميس رابع عشري رمضان قدم من القاهرة من السلطان إينال هدية إلى صاحب الروم ابن عثمان من جملتها: فيل وحمارة والحمارة غاية ما تكون في الحسن. منقشة خلقه، وطافوا بهما في البلد. فعجب الناس من ذلك. وفي يوم الجمعة سادس عشري شوال قدم قاضي المسلمين تقي الدين بن عز الدين الحاكم بطرابلس إلى حلب ونزل بالسهيلة بمدرسة السيد حمزة. واجتمعت به. وقدم أيضا إلى حلب ونزل بالعصرونية فسألني ما وجه الجمع بين أحاديث جابر في مقدار ما فضل له من بعد وفاء الدين فأجبته بجواب استحسنه. وهذا الرجل اجتمعت بأبيه بحلب وهو شكل حسن، ويقال إنه من ذرية سنان صاحب القلاع الإسماعلية «1» . وهو فاضل فقيه. كريم النفس والأخلاق بحيث يخرج عن ثيابه للفقراء والفضلاء. قرأ على السوبيني بطرابلس وقتل غيلة في معاملة طرابلس؛ كذا بلغني رحمه الله تعالى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 وفي عاشر شوال حضر قاصد من قلعة جعبر إلى كافل حلب. وذكر أن أهل قلعة جعبر أذعنوا لتسليمها إلى السلطان. فتجهز يوم الثلاثاء حادي عشر شوال دوادار السلطان الطنبغا ومعه جماعة من الأمراء والجند إلى بالس فاجتمعوا بمن نزل إليهم من القلعة وطلبوا ألفي دينار عوضا عنها فحضر الدوادار المذكور إلى حلب وصحبته عثمان بن جهان كير الذي كان بجعبر ومعه بعض جماعة في يوم الاثنين سابع عشر شوال فقبضوا المبلغ المذكور وخرج/ (45 و) م من حلب حاجب الحجاب قاسم بن القشاشي والدوادار المذكور وابن .... «1» سير نائب «2» صاحب شيزر لأنه كان حاضرا إذ ذاك بحلب وجماعة من الأمراء لتسلمها فوصلوا إلى قربها، وأرسلوا بن برامش أمير .... «3» التركماني لأن السلطان كان ولاه إياها قبل ذلك فتسلمها وحضر إلى حلب من أخبر بتسلمها وذلك بعد العصر يوم السبت ثاني عشري شوال فضربت البشائر بذلك. وحضر يوم الأحد الأمراء المتوجهون لذلك إلى حلب. يوم الأحد تاسع القعدة توفي قاضي أنطاكية ناصر الدين محمد بن قاضي المسلمين شمس الدين محمد بن أمين الدولة الحنفي وهو يقرأ القرآن وصلى عليه بكرة النهار يوم الاثنين بجامع حلب. ودفن عند والده في تربة عز الدين الحاضري وكان شكلا حسنا نزها يحب الأكل واللبس الحسن. وفيه كرم أخلاق وحسن مباشرة، وولي نيابة الحكم بحلب، وقضاء أنطاكية، وباشر بعفة، وأثني على كرمه، وحسن أخلاقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 سنة إحدى وستين [وثمانمائة] وفي الليلة المسفر صباحها عن نهار الأحد حادي عشري المحرم توفيت الشيخة المسندة حليمة بنت السيد عز الدين الإسحاقي «1» نقيب الأشراف وصلى عليها بجامع حلب. ودفنت بالمشهد بسفح الجبل عند أسلافها. وفي شهر صفر تزايد ارتفاع الأسعار واشتد الغلاء فشكى الناس حالهم إلى كافل حلب جانم في يوم الخميس أول ربيع الأول ثم صاحوا عليه يوم الجمعة وجاء أناس من أطراف أهل البلد إلى سوق الصابون ونهبوا حانوتا. وماج الناس كموجات البحر، وصلى الناس الجمعة وهم في وجل كبير وخوف من نهب الأسواق. فقلت الأسواق ولم يدخل أحد إلى الجامع من بابه الشرقي لإغلاق الأسواق ثم بعد صلاة الجمعة رمى الناس بعضهم بعض بالحجارة على سطح الجامع وأصبح الناس وباب المذكور والأسواق مغلقة. وفي يوم الثلاثاء حادي عشري صفر توفي الحمصي الشافعي قاضي حلب ودمشق تقدمت ترجمته. وفي سابع عشر ربيع الأول توفي الرئيس حسام الدين حسن بن الزرخوني رئيس جامع حلب، وكان صيتا، عاقلا، وحصل له جزام قبل وفاته بزمان فلزم بيته وفي العشرين عيرت الدراهم بحلب وصار الأشرفي بخمسين درهما، وكان الأشرفي في أيام الأشرف برسباي بأربعين درهما فتلفت، وصار الأشرفي يترقى لفساد المعاملة حتى صار الأشرفي غاية درهم. وكانت الدراهم غالبها نحاس بسكك مختلفة فيذهب الشخص ليشتري له حاجة فترد عليه ولا تقبضها غالب الناس وغلت الأسعار بسبب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 ذلك فاجتهد الكافل جانم أخو الأشرف في إبطالها وضرب الدراهم، وأقام لدار الضرب الشيخ شمس الدين بن السلامي. وكان قد فاوضني في ذلك فامتنعت واعتذرت بأنني لا أعرف الدراهم ولا الزغل «1» فأعفاني من ذلك ثم أقام لها بعد ذلك الشيخ شمس الدين بن الشماع الشافعي وكان يخرج تارة بنفسه لدار الضرب ويسبك الدراهم بحضرته، وتصك، وعتب بعض الناس عليه في ذلك إذ هو صوفي فكيف يدخل نفسه في أمور الدنيا فبلغه ذلك فقال: بذلت نفسي لاصلاح أحوال الناس. ونزل إلى حلب «2» وأحضر أربع صوارف عارفين بالسكك والنقد فبعد ختمها يقف عليها الصوارف الأربع/ (45 ط) م ثم تنزل إلى حلب. وكان الناس تضرروا بالدراهم العتيقة ضررا زائدا وكان وزن الدراهم إذ ذاك ربع درهم وضرب دراهم كل درهم وزن درهم. وكان عليها النورا أوهي خالية من الغش. وفي سلخ جمادى الأول يوم الاثنين قريب الغروب توفي السيد السعيد النقيب عفيف الدين عبد الله بن النقيب بدر الدين بن السيد النقيب عز الدين الإسحاقي الحسيني الشافعي، وصلي عليه يوم الثلاثاء مستهل جمادى الآخرة بجامع حلب ودفن داخل المشهد بالجبل عند أسلافه وكان أصابه الفالج من مدة زمانية. وكان إنسانا حسنا، دمث الأخلاق له نظم غير جيد، وكان يتساهل في ثبوت الأنساب وأثبت نسب أبي بكر بن البطيحي وكان قد قدم حلب وقال أنه أنصاري أبا، حسيني أما. ثم توفي خاله فأخذ نسبته وادعاها لنفسه وكان فاضلا ذكيا له معرفة بالفرائض. فلما فعل ذلك نزع النور من وجهه وصار عليه كآبة، وعمل شرحا على البخاري أخذه من كلام الآية وليس له منه شيء أبدا إنما هو مجرد نقل من نسخ غير صحيحة. وأنشد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 عثمان الحموي الأديب منه: ما دام في حلب البطيخ ذا نسب ... وظل فيها مقيما يدعى الشرفا عنها ارتحل وات «1» قثبانا «2» بلا كسل ... وخذ شمالا وقل يا ضيعة الشرفا وفي العشر الثاني من جمادى الآخر ورد كتاب من نائب درندة بلبان إلى كافل حلب يتضمن أن ولده إبراهيم نائب الغيبة بمدينة دوركي كتب إليه أن مدينة أرزنكان خسف بها ولم يسلم من أهلها سوى نائبها فإنه كان خارج المدينة ومعه جماعة يسيرة. وذكر أن الخسف وقع في يوم السبت ثامن عشري جمادى الأولى. وفي يوم الثلاثاء رابع عشر رجب توفي الشيخ محمد بن الشيخ أبي بكر بن الشيخ نبهان بقرية جبرين ودفن بكرة النهار عند أسلافه، وخرج أهل حلب للصلاة عليه وتبركا بأسلافه، وأجلس ولده الشيخ أحمد مكانه وهذا لم يكن على طريقة أسلافه ولا سالكا سبيلهم وكان يحب الصيد ويميل إليه، ويحمل الطيور على يده بحضرة الكافل ودواداره، وكان أهل حلب يعتبون ذلك عليه لكنه في خفارة سيدي نبهان. وخرج مرة إلى الصيد فأخذته العرب وأنزلوه عن فرسه وربطوه من رقبته وجرروه، فاستغاث بسيدي نبهان فوقع بينهم عداوة فأطلقوه. وفي يوم الاثنين ثالث رمضان وصل كافل حلب جانم إلى حلب راجعا من بلاد ابن قرمان إبراهيم، وكان قد توجه صحبة نائب الشام الحمزاوي ونائب حماة وطرابلس وصعد ومعهم عساكر مصر منهم الأمير خشقدم وهو أمير سلاح الذي ولي السلطنة فيما بعد فوصلوا إلى قلعة الدوالي فأخربوها ثم وصلوا إلى الأرندة فأحرقوها مع القرى. وكان السلطان إينال قال لهم لا تقيموا على بلدة أبدا خوفا عليهم من وقوع الغلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 وأمسكوا درندار بن رمضان وولوا مكانه عمر ابن عمه وأحضروا إلى حلب محتفظا عليه ووصل كافل الشام/ (46 و) م بعده إلى حلب بيوم واحد وقبله بيوم واحد وصل المصريون ورحل الحمزاوي إلى دمشق في الليلة المسفر صباحها عن يوم الجمعة سابع رمضان ومعه كفال الممالك. وفي رابع عشري رمضان لبس «1» ابن الكركي قضاء حلب عوضا عن ابن الزهري وكان قد حكم قبل ذلك، وخرج ابن الزهري خفية إلى دمشق، وولاية ابن الكركي كانت في العشر الأخير من شعبان وفي الثلاثاء خامس عشري رمضان عقد مجلس بدار العدل بالجنينة «2» عند كافل حلب جانم حضره القضاة الأربع والشيخ شمس الدين ابن الشماع والشيخ شمس الدين محمد بن السلامي بسبب الشيخ جنيد ابن سيدي علي بن صدر الدين الأرذبلي. وهذا الرجل سكن كلز، وبنى بها مسجدا وحماما وللناس فيه اعتقاد عظيم بسبب أبيه وجده، ويأتمرون بأمره ولا يغفلون عن خدمته، ويثابرون على لزوم بابه ويأتي الناس من الروم والعجم وسائر البلاد. ويأتيه الفتوح الكثير، ثم سكن جبل موسى عند أنطاكية هو وجماعته وبنى به مساكن من خشب. وفي الجملة كان على طريق الملوك لا على طريق القوم. رجع: وكان كافل حلب قد أرسل خلفه قبل ذلك فلم يحضر، وذهب مع جماعة الكافل إليه شمس الدين بن محسن «3» الشافعي- مفتي أنطاكية- فأمسكه عنده وهم بقتله. ثم أرسل خلفه ثانيا دوادار السلطان الماس ومعه جماعة من الأجناد فلم يحضر، فلما حضر الماس نسب إلى جماعته المقيمين عنده أنه حارب من ذهب خلفه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 وأن في الوقعة قتل إبراهيم بن غازي من أمراء التركمان بجبل الأقرع. فعقد هذا المجلس بسبب ذلك. فبينما نحن في المجلس أرسل الكافل خلف الشيخ محمد بن الشيخ إدريس الأردبيلي «1» المقيم بحلب، وهذا أيضا كان بأربل ثم انتقل، وتزوج الشيخ جنيد بأخت الشيخ محمد ثم تشاجرا وتطالقا، وصار في النفوس شيء. فلما حضر سأله ما تقول في هذا الرجل؟ فقال أنا بيني وبينه عداوة لا تقبل كلامي فيه، ثم انصرف. فاستحسن الحاضرون عقله. فبينا نحن كذلك إذا حضرت ورقة من عند الشيخ عبد الكريم أن هذا الرجل شعاشعي المذهب. وورقة من عند الشيخ البكرجي أن هذا الرجل تارك الجماعة ونسب إليه أشياء. فقام الشيخ شمس الدين الأسيوطي والأمير فخر الدين بن أغلبك واتفقا على كتابة صورة استفتاء في أمره. وما يصدر منه، وأحضرت صورة الاستفتاء إلى الجماعة ليكتب كل أحد ما يكتب. فقلت لهم: إذا استعدى على غائب في غير ولايته الحكم فليس له إحضاره ..... «2» وله نائب هناك لم يحضره بل يسمع بنيته، ويكتب إليه أولا نائب له فيحضره من مسافات العدوى. وهي التي ترجع منها فبكر ليلا وكتب بخطي بذلك. وخط عليه الشيخ شمس الدين بن الشماع وأنكر ما نسب إليه. وأخذ خازندار جانم يوسف الفتوى إلى بلاد سرمين ووضعها على رمح وقال: هذا جائز القتال. وهذا خط العلماء. وفي غضون ذلك حضر شخص من عنده لنائب القلعة قاسم بن القشاشي «3» يعتذر عما نسب إليه فذهب إلى الشيخ شمس الدين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 ابن الشماع فرق له. ولم يفد هذا شيئا لأن الناس كانوا قد ذهبوا إليه وخرجوا إلى الجبل فاقتتلوا وذلك يوم العيد أو ليلته/ (46 ظ) م فأسفرت الوقعة عن قتلى بين الفريقين فتسحب من الجبل إلى جهة بلاد العجم وأقام هناك ثم خرج على بعض ملوكها فقتل وبعض أصحابه يدعى حياته. انتهى. [الشيخ محمد بن فلاح المعروف الشعشاع] : وقول الشيخ عبد الكريم هذا شعاشعي هذه نسبة إلى محمد بن فلاح الذي ظهر بالجزائر وقتل الناس وحملهم على الرفض وعلى ترك الجماعات ويعرف بالشعشاع. وقد ورد منه كتاب على الشيخ شمس الدين بن الشماع يعتذر عن ذلك ويتبرأ منه «1» هذه نسخته: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يعلم جناب الشيخ الأعظم الأمجد الأكرم الشيخ شمس الدين بن الشماع أحسن الله تعالى أحواله في الدارين لمحمد وآله الأطهرين آمين اللهم آمين أن قد جاءنا من ناحيتكم تجار وبينهم رجل يقال له سليم أبو زيتون وزعم أن جنابكم الشريف أمره بالحضور عندنا وأن يلتمس شيئا من حديثنا ويطلع على أحوالنا وكيفية ما نحن به فقد أجاب إلى ما أمرتم وامتثل ما قلتم له والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وهو يجيبكم عما رآى ويخبركم بما سمع ولا يخفى على الكافل مثلكم ما نحن به والله هو المولى وهو يحي الموتى، وهو على كل شيء قدير، وما بلغكم عنا من ترك العبادات والتهاون بالواجبات والعياذ بالله وفعل المحرمات مما شاع وذاع، وبلغ الأسماع ما المعصوم إلا من عصمه الله من أنبيائه وأوليائه. أكفر بعد إيمان أم ضلال بعد هدى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مطلعه أظهر من الشمس وأبين من اليوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 من أمس حيث دعى العباد إلى عبادة رب السماوات والأرض وحذف ما في أيديهم من أصنام نحتوها وأزلام قد استعملوها أبت الطبائع عن متابعة وامتثال شريعته وارتكاب طريقته لاستينا سهم «1» بما هم عليه من تلك التماثيل والصور ولجبر «2» لحقهم وتكبر علاهم. وقد حكى الله أمثال ذلك في كتابة العزيز فقال حكاية عن ابليس: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ يعني آدم- خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ . وكذا ما حكاه عن فرعون أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً. وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ «3» وقد جاء في الحديث." المرء مخبوء تحت لسانه". وإليه أشار القرآن يا أَيُّهَا «4» الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ «5» «6» فإذا كان محمد عليه السلام هو المحق الأمين وقد سطت عليه عقول عبدة الأصنام وأهل البيت واستخفت بعقله، ونسبته تارة إلى الجنون. وتارة إلى كهانة ونسبت كتابة المنزل الذي عجزت الفصحاء عن معارضته إلى كونه شعرا. فأي ويل لمن عثر في حق خفي وما ستر عن العالم الأرضي أن يقال به ما قد قيل بنبي هذه الأمة، وكما قيل للرسل من قبله خصوصا مثلي بين قوم جهال حوتهم هذه الشعشعة التي ما ظهرت من قبل. كل يقول منهم كذا وكذا مما لا يوافق الشرع المطهر ولا العقل الصحيح ولا يرد القائل عن ذلك عواطف الدهر. وكل ناقل ينقله إنما ينسب إليّ حيث لم يخاطبني ولم يسمع مقالتي، وقد قال الله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ .... «1» ؛ والرد إلى الله العمل بالقرآن وإلى الرسول/ (47 و) م العمل بالشريعة وما بعد الحق إلا الضلال فأنّى تصرفون وأنا رجل على الكتاب والسند أبصر من كل بصير في القرآن وأخبر من كل خبير في الشريعة ومن شك فليتقدم. ومضى هذا عظم الله أجرك. اختلفت أمة الإسلام بمهدي يظهر في الأرض؛ قالت الاثنى عشرية: لا مهدي إلا ولد الحسن العسكري عليهما السلام بدلائل عندهم من أحاديث مسندة مروية من صحاح الأخبار؛ منها النبي عليه السلام: خلفائي من بعدي كعدد نقباء بني اسرائيل. والنقباء منهم اثنا عشر. وقال الله تعالى: وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً. «2» . والنقباء خلفاء كل نبي من أولي العزم. فكذلك خلفاء محمد عليه السلام من بعده اثني عشر خليفة. وقد قيل في الحديث ان النبي محمدا عليه السلام نظر إلى ولده الحسين بن علي ابن فاطمة الزهراء عليهم السلام فقال: هذا ولدي إمام ابن إمام أخو الإمام أبو أئمة تسع تاسعهم قائمهم. وكثير من هذا البحث على هذا النمط لا يحتمل ذكره هنا. وهذا عند الاثني عشرية مثل القيامة لا استبعاد لطول عمره. كما تقوله الجماهرة من أنه لحق بالآباء والأجداد ويستبعدون طول عمره حيث هو من أمة محمد عليه السلام التي لم يعمر أحد منهم بهذا العمر الطويل لأنه ولد سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة فقد كمل له في سنة إحدى وستين هذه ستمائة سنة وست سنوات والله على كل شيء قدير. وقد عمر الله من الصالحين أناسا ومن الطالحين أناسا فمن الصالحين مثل الخضر ونوح وشعيب. ومن الطالحين مثل الدجال كما ورد. ومثل من مضى أول الزمان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 قالت الجماهرة: هذا التعمير وقع في الأمم الماضية لا في هذه الأمة المتأخرة التي جاءت في الدور القمري. قالت الاثنى عشرية: إذا عمر مثل هذا الرجل الفاضل وخالف قانون هذه الأمة فالله على كل شيء قدير وهو داخل تحت الاقتدار، معجز من المعجزات الآباء والأجداد ولا يستبعد عن مثله هذا العجز. وقالت الاثنى عشرية إنه هو بعينه يظهر ويظهر معه الخضر من السياحة وعيسى من السماء. وهذه المقالة توجب عدم صحة الاختبار للمكلفين لأن الاختبار لا يمكن إلا ببعثه ضعيف كمحمد عليه السلام وهربه إلى الغار لفقد الناصر ومثل هذا مع عيسى والخضر لا يمكن صحة الاختبار بظهوره لقوته ولعلو شوكته فلا يعلم صالح الأمة من طالحها لانقياد الذين «1» جميعا «2» إلى بابه لقوة الناصر، وعظمته وجلاله في أعين المكلفين؛ فلا يجوز أن يظهر مهدي الأمة أقوى من محمد عليه السلام. وإذا كان الأمر هكذا وجب في النظر العقلي أن لا يظهر ذلك المشار إليه في مقاولات الاثني عشرية بل يظهر حجابه ومقامه في الأرض ضعيف محتاج إلى ناصر ينصره يده حتى تقع الاختبار الصحيح في الأمة، ولنقف على مثل هذا الحد. وفقك الله بتوفيقه إلى ما تحب وتختار إن شاء الله تعالى وصلى على محمد وآله .... «3» الله محمد وآل محمد. وفي الليلة المسفر صباحها عن نهار الأربعاء سابع عشر شوال توفي الشيخ شمس الدين «4» ..... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 حلب [في أيام الخلفاء والأمراء المسلمين] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 ... «1» حبسا بقلعة قنسرين كان يزيد بن الوليد حبسهما فنهض عبد العزيز بن الحجاج ويزيد بن خالد القسري فقتلاهما وقتل معهما يوسف بن عمر الثقفي ... «2» وأخذ بعد ذلك فصلبهما مروان. [عبرة] : مروان المذكور بلغه أن خادما له نمّ عليه، فأمر به بقطع رأسه وسل لسانه، وألقي على الأرض فجاءت هرة فأكلته وبعد أيام قطع رأس مروان في ذلك المكان وسل لسانه وألقي على الأرض فجاءت تلك الهرة فاختطفته وأكلته ففي ذلك يقول شاعرهم: قد يسر الله نصرا عنوة لكم ... وأهلك الفاجر الجبار إذ ظلما فذاك مقوده هر يجرره ... وكان ربك من ذي الظلم منتقما قتل مروان على يد عامر بن إسماعيل «3» . ولما قتله طلب كنيسة فيها بنات مروان ونساؤه وإذا بخادم بيده سيف مشهور يحاول الدخول. فأخذ الخادم وسئل عن أمره. فقال: أمرني مروان إن هو قتل أن أضرب رقاب بناته ونسائه فأرادوا قتله. فقال لا تقتلوني فإنكم إن فعلتم ليفقدن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر ما تقول قال: إن كذبت فاقتلوني فتبعوه. فخرج بهم إلى موضع رمل. فقال اكشفوا هنا. فكشفوا فوجدوا البردة والقضيب قد دفنهما مروان لئلا يصيرا إلى بني هاشم. فوجه بهما صالح إلى أخيه عبد الله فوجههما عبد الله إلى السفاح فتوارثوهما إلى أيام المعتضد «4» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 ومروان أمه أم ولد كردية «1» كانت لإبراهيم بن الأشتر أخذها محمد بن مروان فقتل إبراهيم مع مصعب وبنو أمية كانوا يكرهون ابن أمة لما كانوا يزعمون من ذهاب ملكهم على رأس ابن أمة. وأرى النعيم وكل ما يلهى به يوما يصير إلى بلى ونفاد [ملك أبي العباس السفاح لحلب] ثم ملكها أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس السفاح. وفي أيام أبي العباس/ (48 ط) م السفاح تغلب على حلب العباس بن محمد بن عبد الله وذلك في سنة ثلاث وثلاثين ومائة. ولبس الحمرة «2» ، وخالف، وأظهر العصية ودعا إلى نفسه وتبعه جماعة. وبويع السفاح في ربيع الآخر. وفي بعض التواريخ يوم الجمعة رابع عشر الأول سنة اثنين وثلاثين ومائة بالكوفة «3» . وهو الذي اشترى بردة النبي صلى الله عليه وسلم. [وقعة الزاب وهزيمة مروان] وسير «4» عبد الله بن علي بن عبد الله بن السفاح للقاء مروان فالتقيا بالزاب من أرض الموصل في جمادى الآخرة سنة اثنين وثلاثين ومائة فهزم مروان. وسار مروان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 فعبر الفرات من جسر منبج. وأحرقه ومر على قنسرين وقامت طيء وتنوخ واقتطعوا آخر عسكره، ونهبوه، وكان قد تعصب عليهم أيام دولته، وقتل منهم جماعة. فتبعه علي المذكور فنزل على منبج فبعث إلى أهل حلب بالبيعة مع أبي أمية التغلبي. وقدم عليه أخوه عبد الصمد فقلده حلب وقنسرين. وسار خلفه إلى أبو صير فقتله كما تقدم. ثم عاد إلى دمشق. ومات السفاح يوم الأحد ثالث عشر المحرم سنة ست وثلاثين [ومئة] سمه أخوه أبو جعفر. وقيل بالجدري» ، وقبره بالأنبار. [حلب في أيام أبي جعفر المنصور] ثم ملكها أبو جعفر المنصور عبد الله فضرب أبا حنيفة رضي الله عنه على القضاء فأبى. ومات في حبسه. وبنى بغداد «2» . وقتل أبا مسلم. وعاتبه عند قتله. فقال له: ليس هذا جزائي بعد بلائي. وما كان مني؟ فقال له: يا ابن الخبيثة إنما فعلت ذلك بخطنا. ألست الذي تبدأ بنفسك في المكاتبة، ألست الذي تخطب عمتي آسية بنت علي. وتزعم أنك ابن سليمان بن عبد الله بن العباس؟. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 فقبل أبو مسلم يده. فقال له: قتلني الله إن لم أقتلك. فقتله القوم بين يديه والمنصور يقول: اضربوه قطع الله أيديكم. فقال أبو مسلم: عند أول ضربة استبقني لعدوك. فقال: لا أبقاك الله؛ وأي عدو أعدى منك. ثم أنشد: زعمت أن الدّين لا ينقضي ... فاستوف بالكيل أبا مجرم. اشرب بكأس كنت تسقي بها ... أمر في الحلق من العلقم. وكان المنصور يشير دائما على أخيه السفاح بقتله فلم يقبل. ولما سمع أصحابه بقتله اضطربوا فصرفت فيهم الأموال فسكتوا. وخطبهم المنصور وقال «1» :" يا أيها الناس لا تخرجوا من «2» أنس الطاعة إلى وحشة المعصية. وإن أبا مسلم بايع لنا على أنه من نكث فقد أباح دمه ثم نكث فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره. ولم تمنعنا رعاية الحق في إقامة الحق عليه". انتهى. وترجمة أبي مسلم معروفة فيها: كان لا يأتي النساء في السنة إلا مرة واحدة، ويقول: الجماع جنون ويكفي الإنسان أن يجن في السنة مرة. وكان أشد الناس غيرة. وقتله كان برومية المدائن- بليدة بالقرب من الأنبار- يوم الخميس لخمس بقين من شعبان، وقيل لليلتين، وقيل يوم الأربعاء لسبع خلون منه سنة سبع وثلاثين ومائة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 وقيل سنة ست وثلاثين. وقيل: أربعين. انتهى. وسيأتي متى مات المنصور. ووليها يوم الاثنين رابع عشر الحجة سنة ست وثلاثين (ومائة) وموته من حر أصابه فعرضت له هيضة، وقيل أكل لحم جزور وكان شديد البخل «1» ؛ مات وفي بيت ماله أربع مائة ألف ألف وستون ألف ألف دينار. قالت سلاف أم منصور: رأيت حين حملت به أسدا أخرج من/ (49 و) م قبلي «2» وضرب الأرض بذنبه فاجتمعت إليه الأسود، وكان كلما جاءه أسد سجد له. [حلب أيام المهدي] ثم ملكها ابنه المهدي. ومات مسموما في قصة طويلة. وكان رأى في منامه رجلا يهدم قصره. وكان ناسكا، عابدا، ووسع المسجد الحرام. وتوفي لثمان بقين من المحرم سنة تسع وستين (ومائة) «3» وعمره ثلاث وأربعون سنة. [حلب في أيام موسى الهادي وهارون الرشيد] ثم ملكها الهادي موسى «4» ثم الرشيد؛ أبو جعفر هارون. وهو الذي أوقع بالبرامكة، وقصتهم طويلة. ولم ير ضاحكا بعد قتله قط «5» . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 قال بعض المؤرخين: .... «1» الدنيا في أيامه. وأنشد حاديهم: ملك بني برمك تولى ... سبحان من لا يزول ملكه غريبة: حكي أن أبا نواس لما مدح الفضل بن يحيى بقصيدته التي أولها: أربع البلا إن الخشوع لباد ... .............. تطير الفضل من هذا الابتداء. فلما انتهى قوله: سلام على الدنيا إذا ما فقدتم ... بني برمك من رائحين وغاد. استحكم تطيره. فلم يمض ذلك أسبوع حتى نكب. وكان الرشيد كثيرا ما ينشد عند نكبة البرامكة قول أبي العتاهية: واذا استوت للنمل أجنحة ... حتى تطير فقد دنا عطبه وسيأتي متى مات الرشيد «2» . وبويع بالخلافة لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة سبعين. وهي ليلة وفاة الهادي. وعمره لما ولي تسع عشرة سنة. ولم يل قبله أصغر سنا منه. والليلة التي بويع فيها تسمى الغراء. لأن المأمون ولد له فيها. فائدة: قال المسعودي في مروج الذهب «3» : حبس الرشيد موسى الكاظم فلما كان في بعض الليالي رأى حبشيا في منامه وهو يقول له: أطلقه وإلا قتلتك فاستدعى عبد الله والي شرطته ليلا وأمره بالذهاب إلى السجن وإطلاق الكاظم ويخيره في الإقامة والذهاب حيث يشاء، وأن تعطيه ثلاثين ألف درهما. فلما جاءه ليلا إلى السجن ارتاع من ذلك وظن أنه جاءه القتل، فقال له: لا تخف. وبشره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 فقال الكاظم عند ذلك رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام. وقال لي: أنت لا تبيت في هذا السجن هذه الليلة. وعلمني هذا الدعاء. وقال لي فإن الله يفرج عنك وهو:" اللهم يا سامع الصوت. ويا سابق الفوت، ويا كاسي العظام لحما وتنشرها بعد الموت، أسألك باسمائك الحسنى. وباسمك الأعظم المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من خلقك يا حليما ذا أناة لا يقدر على أناته أحد، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصى له عدد أفرج عني. انتهى.". [موسى بن جعفر الصادق] وموسى هو ابن جعفر الصادق رضي الله عنهما. وكان يدعى العبد الصالح لعبادته واجتهاده. وكان يسجد السجدة فيردد دعاءه ومناجاته إلى أن يصبح. وكان كريما، وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار. وكان يسكن بالمدينة فأقدمه المهدي بغداد، وحبسه. فرأى في النوم عليا عليه السلام وهو يقول: يا محمد فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض ... الآية. فأرسل إلى الربيع ليلا. وأطلقه، وأعطاه/ (49 ظ) م .... «1» . ..... «2» روى شهر بن حوشب أن معاوية سمع رجلا من أهل مصر يسب أهل الشام فأخرج وجهه من برنسة وقال: يا أهل مصر لا تسبوا أهل الشام فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: منهم الأبدال وبهم يرزقون، ويضرون. وقد قيل إن عوفا قال ذلك ومعاوية يسمع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 [ذكر القصور التي كانت لملوك حلب] «1» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 [ما بني بحلب ومعاملاتها من القصور] «1» وقد «2» كان الخلفاء والملوك يسكنون بمعاملات حلب لطيب الهواء وبنوا بالمعاملات قصورا. فمن القصور: " قصر مسلمة بالناعورة": «3» بناه سنة تسعين. وكان نازلا به لمّا كان متوليا حلب من قبل أخيه الوليد. ثم خرب وبني بحجارته باب قنسرين؛ كما قيل: وتنكرت صفة الغدير فلم يكن ... ذاك الغدير ولا النقا ذاك النقاء فممن نزل بها هشام بن عبد الملك بالناعورة «4» . ومنها: " قصر بناه سليمان بن عبد الملك في أيام ولايته": «5» وكان سليمان مقيما بدابق، وكان بناؤه في غاية الحسن والزخرفة وإليه ينسب الحاضر السليماني. وأمر السفاح بخرابه. ومنها: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 " قصر بناه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بخناصره من الحص": وكان كثيرا ما ينزل به. ومنها: " قصر بطياس" «1» كما تقدم. ومنها: " قصر بناه أولاد صالح يعرف بالدارين «2» خارج باب أنطاكية": في وسطه قنطرة على نهر قويق؛ وكان عبد الملك صالح بناه وبنى حوله ربطا ولم يتمه. فأتمه سيما الطويل لما وليّ حلب ورمم ما كان استهدم منه وصير على بابه حديدا أخذه من قصر لبعض الهاشميين بحلب يسمى قصر البنات. وكان بالدرب المعروف بدرب البنات بحلب، وهو الدرب الملاصق للمارستان الكاملي وبهذا الدرب خوانق وسيأتي ذكرها. وشرقي الدارين بستان يعرف ببستان الدار من شمالي باب قنسرين وهو الآن وقف المدرسة العصرونية «3» . وهو منسوب إلى إحدى الدارين؛ والدار الأخرى المشار إليها أنشأها سيما الطويل فلأجل ذلك يعرف هذه المرحلة بالدارين. ومنها: " قصر بناه مرتضى الدولة داخل باب الجنان": وهو أبو نصر منصور بن لؤلؤ أحد موالي بني حمدان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 هذا القصر تداعى للخراب، وبنى مكانه دور فلما كان أيام العزيز اشترى هذه الأماكن علم الدين قيصر الظاهري وهدمها وبنى قيسارية وصهاريج للزيت وحوانيت ثم انتقل ذلك إلى ورثته. ثم انتقل بعد ذلك إلى ملك بدر الدين الخازندار الطاهري في سنة اثنين وسبعين وسبعمائة. ومنها: " قصر بناه سيف الدولة بالحلبة": وسيأتي الكلام عليه في نهرها. ولم يزل أمراء حلب بمثل هذه القصور وتنزل بهذه الأماكن طلبا لصحة الهواء وحسن التربة، وطيبة الماء إذ حلب كما تقدم «1» قلب صدر هذا الإقليم، وإنسان عينه إلى أيام بني مرداس فإنهم أول من نزل بالقلعة وسكنها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 [الحمامات] «1» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 واعلم «1» أن حلب كانت كثيرة الخلق والدليل على ذلك كثرة مساجدها وحماماتها فقد ذكر ذلك ابن شداد وسنورد كلامه بحروفه ونزيد عليه: قال ابن شداد المذكور «2» : [ذكر ما بباطن حلب من الحمامات] فمما بباطنها من الحمامات: " الحمام الجديد": قلت: ولا أعرفه الآن. " حمام السلطان «3» بباب الأربعين": قلت وهي موجودة الآن. وبني على حافة الخندق. وهذه «4» الحمام تم بناؤها في سنة ثمان وستمائة، وعمرت بأمر الطانبي «5» وهي كانت في بستان على باب أربعين عند المشهد. " حمامان بالمعقلية": قلت: بالمعقلية الآن حمام يعرف بأزدمر. والأخرى دثرت لا أعرف اسمها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 " حمامان لمحبي الدين": " حمامان لابن العديم": قلت: هما داخل باب النصر بالسوق. ويعرفان الآن بالبنجاسي «1» كافل حلب. " حمامان للناصح": ولا أعرفهما. " حماما «2» الفوقاني": ولا أعرفهما. " حمامان أنشأهما القاضي جمال الدين": ولا أعرفهما. " حمام حسام الدين بباب الأربعين": ولا أعرفه. " حمام الواساني" «3» : قلت وفي كتاب وقف الشرفية سماها حمام واسانوا. ولم يذكر ابن شداد أن بها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 جرنا أسود يذكر أن الخليل عليه السلام اغتسل به. والآن هو مشهور أن الخليل اغتسل به. وبنى حمام مباركة يدخلها الناس للتبرك بآثار الخليل عليه السلام، ويحصل لهم الشفاء من أمراضهم خصوصا للنساء، وقد دخل إليها شخص ليلا وهو يظن أن الصبح قد خرج فوجدها مفتوحة فدخل واغتسل. وخرج فوجد رجلا جالسا فدفع له الأجرة. وخرج من الحمام فوجد المؤذن أول الثلث الأخير من الليل فاستشعر أن الذي أخذ منه الأجرة كان من الجان فمات بعد أيام. " حماما علي بالمدبغة": قلت أحدهما قد دثرت، وبالقرب من سويقة علي بالدرب الآخذ إلى حارة اليهود قد تعطلت الآن. وبعضها عامر. والحمام التي عامرة بالسويقة أرضها وقف على المدرسة العصرونية. " حماما الست": أحدهما قد تعطلت الآن. " حماما الحدادين": قلت قد ظهر في عصرنا حمام تجاه المدرسة الحدادية. فلعلها هي. " حمام القبة": قلت: وفي هذه إلى جانب حمام الزجاجين وقد دثرت، ودخلت في اصطبل ابن الشباني شمالي قاعة ابن الكلزي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 " حمام الزجاجين": إنشاء بني العجمي. " حماما السباعي": وبدرب السباعي حمام خراب آثارها باقية وسيأتي في درب السباعي. " حمام بدرب أتابك": ولا أعرفها. " حمام العفيف برأس الدلبة": وقال ابن أبي طي في ... «1» في هذه السنة ... «2» تمت الحمام التي عند الدلبة. والذي أنشأها عفيف المعروف بابن زريق قلت: وبرأس الدلبة الآن حمامان. " حماما الشريف": ولا أعرفها. " حمام الوزير": قلت: هي بال ... «3» ؟ وصارت الآن مسكنا. وسدسها وقف على بني الأغر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 " حمام الشماس": قلت:" هي بالجلوم بحضرة رحبة ابن القلندر الهاشمي". [الشماس] : والشماس وزير نصر بن صالح وهو أبو الفرج المؤفل «1» بن يوسف وكان نصرانيا حسن التدبير ومحبا لفعل الخير، وكان أخوه ناظرا في البلد فعمره، وعمر مسجد البرانية «2» وهذه الحمام المعروفة بالشماس تعرف أيضا بالمعلق، وثلثها وقف سيأتي في مدرسة الجبل. " حمام الوالي بالجلوم": قلت: ولا أعرفها، وبالجلوم الآن حمامات داثرة. وحمام عامر يقال له حمام طبال وسيأتي ذكرها. " حمام الصيفي بالعقبة": قلت: الآن تعرف بالبزدار والصيفي بن المنذر وهو ناظر «3» حلب في أيام الظاهر غازي. وكان ضابطا «4» حسن السيرة للرعايا. " حماما الحاجب": ولا أعرفهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 " حمام القاضي بهاء الدين بباب العراق": قلت: ولا أعرفها، وهناك الآن حمام تعرف بالذهب، وهي وقف على الفقراء وغيرهم. " حمام الوالي بباب العراق": ولا أعرفها أيضا. " حمام شمس الدين لولو": وهي معروفة عامرة. وهي جارية الآن في أوقاف المدرسة السفاحية. " حماما ابن عصرون «1» ": وهما بسويقة حاتم بالأبارين أحدهما تعطلت وصارتا الآن وقفا على رباط القدس وغزة. ووقفت على كتابة فيه أنها حمام النعيم. " حمام العوافي بباب الجنان": قلت: وهي وقف على المدرسة الشرفية، واستبدلت بحوانيت داخل باب النصر. ودثرت هذه الحمام وصارت جنينة. وبقربها/ (50 ط) م حمام قديم قد صار لدق الأرز. " حماما أبي حصين" «2» : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 قلت: وهما بحضرة جب السدلي. وقد صار الآن دورا لبني السيد وغيره ونصفهما وقف ست الهناء بنت صالح بن العجمي. " حمام حمدان": ولا أعرفها أيضا. " حمام البدر": ولا أعرفها. " حماما موغان": قلت: رأيت بخط الصاحب كمال الدين حماما أوزان، وسيأتي أن عيسى عليه السلام دخل أحدهما. " حمام الشحنة برأس التل": قلت: هي موجودة الآن. " حمام ابن خدوش «1» ": ولا أعرفها الآن. " حماما السرور": الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 قلت: وهما بالقرب من أدر شيخنا المذيل، وباعها بعض من العجم للحاج محمد الأعزازي فصيرها دورا ومنتزها. " حمام الكاملية" [و] " حماما ابن الخشاب": ولا أعرفهما. لكن مقابل التربة الخشابية أثر حمام تحت التراب. " حمام ابن العجمي ببا حسيتا": قلت: وهي وقف على المدرسة الشرفية ودخل بعضها الآن في دور ابن الشماع بآجاره. وسيتا داخل باب الفرج مسجد وبه قبر، والناس يزورنه ويقولون إنه قبر عبد صالح يعرف بسيتا. وإنه باح بالسر فنسب المحلة إليه وسيأتي في المزارات. " حمام ابن الملك المعظم": ولا أعرفها. " حمام الشريف عز الدين بدرب الخراف": ولا أعرفها. " حمام إنشاء ابن نصر الله": ولا أعرفها. " حمامان بدار بيت ذكا": وهما وقف على الزجاجية. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 " حمام العتيقة «1» ": وهي الآن خراب بالقرب من خندق القلعة من جهة الغرب. وهي وقف على العصرونية. " حمام الفصيصي": ولا أعرفها. " حمام العرائس": ولا أعرفها. " حمامان بالفرائين": ولا أعرفهما. " حمامان بالقلعة": قلت: إحداهما عامرة والأخرى هي دار الضرب الآن. " حماما ابن الأيسر" «2» : قلت: ولا أعرفهما. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 " حماما الشابو" ولا أعرفهما. " حمام برأس التل أيضا": ولا أعرفها. انتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 حمامات «1» الدور بحلب قال ابن شداد: " حمام بدار المعظم": " حمام بدار جمال الدولة": " حمام بدار شمس الدين لؤلؤ": " حمام بدار علاء الدين طاي بغا": " حمام بدار الأمير سعد الدين أبي الدرويش": " حمام في آدر بني الخشاب": " حمام بدار الشريف بقلعته": " حمام بدار ظفر بباب الأربعين": " حمام بدار علاء الدين بن الناصح بالتنانيرين": " حمام بدار سيف الدين أحمد بن الناصح برأس درب الخراف": " حمام بدار سيف الدين علي بن قليح": " حمام بدار عماد الدين أخيه": " حمام بدار بدر الدين الوالي": " حمام بدار الشريف الزجاج بقلعة الشريف": " حمام بدار نظام الدين الوزير في باب النصر": " حمام بدار أتابك": " حمام بدار جمال الدولة إقبال الظاهري": الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 " حمام بدار صارم الدين أزبك الظاهري": " حمام بدار حسام الدين علي بن بهاء الدين أيوب": " حمام بدار الصاحب جمال الدين بن الأكرم": " حمام بدار الرئيس صفي الدين طارق": " حمام بدار شهاب الدين بن علم الدين": " حمام بدار الملك الرشيد": " حمام بدار الأمير سيف الدين بكتوت العزيزي": " حمام بدار صاحب شيزر": " حمام بدار ابن بقا": " حمام بدار عز الدين حموي": " حمام بدار قصير في درب العدول": قلت: وهذه الحمامات لا تعرف الآن بعض بيوت أربابها/ (51 و) م وأجل حماما بدار صاحب الشرفية، وحماما بدار أخيه شمس الدين الموقوفة على والدي وكانت راكبة على قبو. ورأيت آبارها وبعض كيزانها. وقد جدد القاضي زين الدين عمر بن السفاح حماما داخل داره وكذلك الشيخ شمس الدين ابن الشماع جدد حماما بداره. وقد قيل إن أحدا لم يفعل ذلك إلا كانت وبالا عليه. انتهى. ثم عدد ابن شداد: الحمامات التي بظاهر حلب فذكر: الحمامات التي بالحاضر: - حماما السوق - حماما الركن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 - حمام الكاملية - حمام الإدريسي - حمام ابن الذرمش - حماما القاضي - حماما أسد الدين - حمام الكاملية- حماما بني عصرون - حماما ابن الذرمش بحارة الحوارنة - حمام الخان - حمام الشهاب داود - حمام ابن العسقلاني - حمام البدوية - حمام مدرسة بلدق - حمام إنشاء ابن سلاح دار - حمام الجوهري إنشاء سعد الدين بن الدرويش «1» - حمام قرب دار جندب «2» الكردي - حماما سوق التين «3» بالرابية - حمام الظاهرية - حمام طمان بالظاهرية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 - حمام البغراصي بالظاهرية - حمام جسر الانصاري قلت: واندثر الجميع ومحلاتها فلا يعرف أثرها. الحمامات التي كانت بالياروقية - حمام الملك الظافر - حمام عز الدين ميكائيل - حمام ابن سنقري الحمامات التي خارج باب أنطاكية - حمام الجسر: ولحقت أثرها تجاه مدرسة الحاج أبي بكر. - حماما قيصر - حمام الحايطي - حمام الزملكاني - حمام عريف الصاغة الحمامات التي كانت بالحلبة - حماما الشهاب العجمي - حمام فخر الدين إياس الحمامات التي بالبساتين - حمام تحت مشهد الدكة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 - حمام بستان ابن تليل الذهب - حمام بستان مشهد الحسين - حمام بستان شمس الدين خضر الوالي - حمام بستان الوزير بن حرب - حمام بستان المضيف تعرف بابن حسون - حمام بستان النقيب محمد بن صدقة بالخناقية أيضا - حمام بستان ابن عبد الرحيم - حمام بستان الأزرق - حمام بستان تاج الملوك المعروف بالناصح - حمام بستان الريس صفي الدين طارق - حمام بستان ابن حرب المنتقل إلى قرطاي - حمام بستان الوالي - حمام بستان جمال الدولة - حمام بستان شمس الدين لولو - حمام بستان الشريف - حمام بستان بكتاش والي القلعة - حمام بستان فخر الدين بن الخشاب - حمام بستان كافي اليهود «1» بالهزازة وهذه أعيدت في أيامنا. - حمامات ثلاثة «2» ببساتين السلطان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 الحمامات التي وقعت بالرمادة - حمام الملاح - حماما فخر الدين الوالي - حماما جمال الدولة - حماما بدر الدين «1» / [بن أبي الهيجاء] . - حمام بهاء الدين بن أبي الهيجاء - حمام فخر الدين أخي شمس الدين لؤلؤ -[حمامان ببانقوسا أحدهما لأبن الحصين. والأخرى تعرف بالمغارة.] - وبدار فخر الدين الوالي حمام الحمامات التي بالمقام - حمام شبل الدولة - حمام النقيب - حمام أمير جاندار - حمام الخادم - حمام الملك المعظم - حمام فخر الدين الوالي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 - حمام أمير حاجب - حمام قيصر - حسام الدين طرنطاي العزيزي - حمام العميد يوسف - حمام وقف المدرسة الظاهرية الحمامات التي خارج باب الجنان «1» - حمام المساطيح - حمام ابن السروجي - حمام الجسر - حمام المضيق - حمام الدربوش - حمامان بالهزازة [وهذه الحمامات التي ذكرها بحسب ما وصل إليه علمي. وفارقت عليه بلدي في سبعة وخمسين وستمائة. وهي على هذه الكثرة كانت لا تكفي لمن بحلب. ولقد بلغني أنها في العصر الذي وضعت فيه هذا الكتاب دون العشرة إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى «2» . وتذكره يتحقق بها القدرة على الفناء بعد الإنشاء] «3» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 فصل في ذكر بعض عشاق حلب وما يتعلق بذلك «1» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 واعلم أنا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت عشقا شهيد لكن أعلّه «1» ابن عدي والبيهقي والحاكم وهو أحد من أنكر على سويد بن سعيد حتى قال يحيى ابن معين:" لو كان لي سيف أو فرس أو ترس «2» لكنت أغزوه لذلك". وعده ابن الجوزي في الموضوعات. والصواب أنه كلام ابن عباس موقوفا عليه، فغلط سويد في رفعه. وقد أشار إلى الحديث الشيخ الصالح العلامة كمال الدين الدميري في منظومته فقال بعد أن أسنده ابن عباس رضي الله عنهما: وقد روى عنه سويد بن سعيد ... من مات عشقا فهو بالدفع شهيد في البيهقي وحاكم وابن عدي ... وابن معين رده فاعتمد [عشق محمد بن داود صاحب كتاب الزهرة] : وقال ابن السراج في كتابه مصارع العشاق عن نفطويه النحوي قال:" دخلت على محمد بن داود الأصفهاني «3» في مرضه الذي مات فيه. فقلت: كيف تجدك. قال: حب من تعلم أورثني ما ترى. فقلت له: ما منعك من الاستمتاع مع القدرة على ..... فقال الاستمتاع على وجهين: أحدهما: النظر المباح. والثاني اللذة المحظورة. فأما النظر المباح فأورثني ما ترى. وأما اللذة فإنه منعني ما حدثني به أبي، قال: ثنا سويد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 ابن سعيد ثنا علي بن مسهر «1» عن أبي يحيى القفال، عن مجاهد، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عشق وكتم وعف وصبر غفر الله له وأدخله الجنة عفه وكرمه. ثم أنشد: انظر إلى السحر يجري في لواحظه ... وانظر إلى دعج في طرفه الساج وانظر إلى شعرات فوق عارضه ... كأنها جمع نمل دب في عاج وأنشد أيضا رحمه الله: ما لهم أنكروا سوادا بخديه ... ولم ينكروا سواد العيون إن لم يكن عند خديه بدء الشعر ... فحسب العيون شعر الجفون فقلت: فقت الناس في الفقه وأتبعته في الشعر. فقال: غلبه الهوى وملكه النفوس دعوا إليه. ومات إلى رحمة الله تعالى وبسبب ذلك صنّف كتاب الزهرة «2» . قال ابن أبي حجلة: وقد اختلف الناس في قوله عليه السلام من عشق وكتم وعف أالحديث. فقال بعضهم: كتم عشقه عن الناس. وقال الحضرمي أحب فكتم ووصل فعف وهجر فمات فهو شهيد. وقال آخر: كتم اسم محبوب. وقال عماد بن زكريا المؤدب: احذروا أكذب الحديث عن سويد:" كتم محبوبه". وقال الشيخ العلامة الحافظ عبد الله بن مغلطاني في كتابه:" الواضح المبين.." الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 هذا حديث إسناده صحيح. وإن كان جماعة من العلماء أعلّه بما ليس .... «1» . وقال في كتابه المذكور: إن هذا الحديث سنده كالشمس لا تزيد في صحته ولا لبس. ولقد عدّ جماعة من الفقهاء ميت العشق من الشهداء أخذا بهذا الحديث؟ منهم: الإمام أبو القاسم الرافعي رحمه الله تعالى- قلت: وستأتي ترجمة الإمام الرافعي قريبا- قال: فبعضهم .... «2» اشترط الشروط المذكورة، وبعضهم أطلق كالنووي رحمه الله تعالى قال ابن أبي حجلة: وما أحسن قول ابن الأثير:" دمع العاشق ودم القتيل .... «3» ، وقال في التنبيه «4» :" إلا إن بينهما بونا لأنهما يختلفان لونا". وقال أبو الوليد النباجي: إذا مات المحب جوى وعشقا ... فتلك شهادة يا صاح حقا رواه لنا ثقات عن ثقات ... إلى الحبر ابن عباس ترقى وقال القشيري: إن المحب إذا توفي صابرا كانت منازله مع الشهداء نزول «5» أقوام في صدقهم. علماء وناهيكم بهذا الداء. وقال الحسن بن هانئ: ولقد كنا روينا ... عن سويد عن قتادة عن سعيد بن المسيب ... أن سعد بن عبادة قال من مات محبا ... كان من أهل الشهادة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 وقال ابن رواحة الحموي «1» : لاموا عليك وما دروا ... أن الهوى سبب السعادة إن كان وصلا فالمنى ... أو كان هجرا فالشهادة ثم إنه عكس هذا المعنى بقوله أيضا: يا قلب دع عنك الهوى واسترح ... ما أنت منه حائز «2» أمرا أضعت دنياي بهجر إنه ... إن نلت وصلا ضاع في الإجرا وقال آخر: خليلي هل أخبرتما أو سمعتما ... بأن قتيل الغانيات شهيد فقلت أنا كأني حاضر أخاطبه: نعم سمعنا أن من كتم الهوى ... وعف إلى أن مات وهو شهيد فخذ عني مقال أنت منه ... «3» ... فذلك ما قد كنت منه تحيد شتان الذين يرون ركب ... «4» ... به كل يوم سائق وشهيد يطوفون بالأحباب خلف «5» بيوتهم ... فمنهم قيام حولها وقعود يعومون في بحر المدامع عندما ... تميل بها سفن الهوى وتميد أبكي دون العام من عام .... «6» ... وقد جد جدا للبكاء لبيد انتهى كلامه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 قلت: ورأيت في الفروس:" العشق من غير ريبة كفارة للذنوب؛/ (52 ط) م رأيت الذي لاكله أنت قادر ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر وقال آخر: يا ناظر ما أقلعت لحظاته ... حتى لتشحط بينهن قتيلا وقال الحافظ العلاء ابن القيم الحنبلي قدس الله روحه: [لطيفة] : مات سبعة كل واحد له ست وثلاثون سنة فأعجب لقصر أعمارهم مع بلوغ كل غاية فيما كان فيه وانتهى إليه: - الإسكندر ذو القرنين - وأبو مسلم عبد الرحمن. صاحب الدعوة العباسية المتقدم ذكره «1» - وابن المقفع صاحب الخطابة والفصاحة. وترجمته في تعليقي على الشفا. وقد ترجمه ابن خلكان في ترجمة الحلاج. «2» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 - وسيبويه «1» : صاحب التصانيف والمتقدم في علم العربية. - وأبو تمام الطائي: وعلومه معرفة. - إبراهيم النظام للعمق في علم الكلام «2» . - وأحمد بن يحيى بن إسحاق بن الراوندي، وما انتهى إليه من التوغل في المخازي «3» . ومن شعره «4» : كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا أ هذا الذي ترك الأوهام حائرة ... وصير العالم النحرير زنديقا وقد اقتصر على هذين البيتين في أحوال المسند إليه القزويني وقبلهما: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 سبحان من وضع الأشياء موضعها ... وفرق العز والإذلال «1» تفريقا «2» وابن الراوندي أبوه كان يهوديا فأسلم، وكان بعض اليهود يقول للمسلمين: لا يفسد عليكم كتابكم كما أفسد أبوه علينا التوراة «3» . [وجاء] في الطبقات لابن السبكي في ترجمة الشيخ أبي إسحاق صاحب التنبيه ذكر بسنده إلى أبي الحسن على الإصطخري قال: أنشدنا أبو إسحاق ولم يسم قائلا:/ (48 و) م صبرت على بعض الأذى خوف كله ... وألزمت نفسي صبرها فاستقرت وجرعتها المكروه حتى تذرعت ... ولو حملته جملة لاشمأزت فيا رب عز جر للنفس ذلة ... ويا رب نفس بالتذلل عزت وما العز إلا خيفة الله وحده ... ومن خاف منه خافه ما أقلت سأصدق بعيني إن في الصدق حاجتي ... وأرمين بذلك وإن هي قلت وأهجر أبواب الملوك فإنني ... أرى الحرص جلابا لكل مذلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 إذا ما مددت الكف ألتمس الغنى ... إلى غير من أشكو إليه فشلت إذا طرقتني الحادثات بنكبة ... تذكرت ما عوفيت منه فقلت وما نكبة إلا ولله منة ... إذا قابلتها أدبرت واضمحلت تبارك رزاق البرية كلها ... على ما رآه لا على ما استحقت فكم عاقل لا يستبين وجاهل ... ترقت به أحواله وتعلت وكم من جليل لا يرام حجابه ... بداء غرور أدبرت وتولت تشوب القذى بالصفو والصفو بالقذى ... ولو أحسنت في كل حال لملت ثم قال ابن السبكي أ: قوله تبارك رزاق البرية أصدق من قول أبي العلاء المعري: كم عاقل/ ...... وأنشدها فالله أعلم. ومن شعر ابن الراوندي المذكور: محن الزمان كثيرة لا تنقضي ... وسرورها يأتيك كالأعياد [من أخبار أبو مسلم الخراساني] . قال أبو مسلم الخراساني المذكور:" ارتديت الصبر وأبرزت الكتمان وخالفت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 الأحزان والأشجان، وسامحت المقادير والأحكام حتى بلغت غاية المنى وأدركت نهاية نعيمي. ثم أنشد: قد نلت بالعزم والكمال ما عجزت ... عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا ما زلت أضربهم بالسيف فانتبهوا ... من رقدة لم ينلها قبلهم أحد طفقت أسعى عليهم في ديارهم ... والقوم في ملكهم بالشام قد رقدوا ومن رعى غنما في أرض مسبعة «1» ... ونام عنها تولى رعيها الأسد وقتل أبو مسلم حين ابتدأ الدعوة إلى أن بويع السفاح ستين ألفا صبرا بين يديه غير ما قتل جملة في خطبته بخراسان ثلاثين ألفا. وانقرض ملك بني أمية بقتل مروان الحمار فسبحان من لا يزول ملكه. وأنشد لسان الحال: ثم انقضت تلك السنون ب وأهلها ... فكأنها وكأنهم أحلام وقال الآخر: يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا ... إن القتيل بما ترمى فلا تصب وله أيضا: ما زلت تتبع نظرة في نظرة ... في إثر كل مليحة ومليح وتظن ذاك دواء جرحك وهو في ... التحقيق تجريح على تجريح قد طرفك باللحاظ وبالبكا ... فالقلب منك ذبيح أي ذبيح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 وقد قيل: " خلس «1» اللحظات ... أيسر من دوام الحسرات". وربما أدى العشق إلى الخروج عن الملة الإسلامية أعاذنا الله من ذلك كما تقدم وربما شغل والعياذ بالله عن الإتيان بكلمة التوحيد على الموت. كما قيل إن رجلا كان واقفا بإزاء داره وكان بابها .... «2» باب الحاكم فمرت به جارية لها فظهر «3» ، فقالت: أين الطريق إلى حمام منجاب فدخلت ودخل وراءها فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه قد خدعها أظهرت له البشر والفرج باجتماعها معه وقالت له: يصلح أن يكون معنا ما نطيب به عيشنا وتقربه عيوننا. فقال لها: الساعة آتيك بما تريدين وتشتهين وخرج وتركها في الدار، وما أغلقها فأخذ ما يصلح ورجع فوجدها قد خرجت وذهبت ولم تجبه في شيء فهام الرجل. وأكثر الذكر لها وجعل يمشي في الطريق والأزقة ويقول: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 يا رب قائلة وقد لقيت «1» ... كيف الطريق إلى حمام منجاب فبينا هو يوما يقول ذلك وإذا الجارية أجابته من طاق: هلا جعلت لها لما ظفرت بها ... حرزا على الدار أو قفلا على الباب فازداد هيمانه، واشتد هيجانه، ولم يزل على ذلك حتى كان هذا البيت آخر كلامه. ويروى أن رجلا علق شخصا فاشتد كلفه، وتمكن حبه من قلبه حتى وقع لما به ولزم الفراش بسببه، وتمنع ذلك الشخص عليه، واشتد نفاره عنه، ولم يزل وسائط الشر يمشون بينهما حتى وعده بأن يعوده. فأخبر بذلك الناس ففرح واشتد سروره، وانجلى غمه، وجعل ينتظره للميعاد الذي ضربه له. فبينما هو كذلك إذ جاءه الساعي بينهما، فقال إنه وصل معي إلى بعض الطريق ورجع فرغبت ... «2» وكلمته. فقال إنه ذكرني (وبرح في) «3» فلا أدخل مدخل الريب. ولا أعرض نفسي لمواقع التهم ففارقته فأبى وانصرف. فلما سمع البائس سقط في يده وعاد إلى أشد ما كان به، وبدت عليه علائم الموت. فجعل يقول في تلك الحال: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 أسلم يا راحة العليل ... ويا شفاء الدنف «1» النخيل رضاك أشهى إلى فؤادي ... من رحمة الخالق ..... «2» فقلت له: اتق الله. قال: قد كان. فقمت عنه فما تجاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت. [المؤذن وجارته النصرانية] : ويروى أنه كان بمصر رجل يلزم مسجدا للأذان والصلاة وعليه بهاء الطاعة وأنوار العبادة، فرقى يوما المنارة على عادته للأذان وكان ملاصق المنارة دار لنصراني فاطلع عليها فرأى أن صاحب الدار .... «3» بها، فترك الأذان [و] نزل إليها ودخل الدار عليها فقالت له: ما شأنك وما تريد، قال: أريدك. قالت: لماذا، قال: قد سبيت لبي وأخذت بمجامع قلبي. قالت: لا أجيبك إلى ريبة. قال أتزوجك. قالت: أنت مسلم وأنا نصرانية، وأبي لا يزوجني منك قال لها: أتنصر. قالت: إن فعلت أفعل. فتنصر الرجل ليتزوجها. فأقام معهم في الدار. فلما في أثناء ذلك اليوم. رقى إلى السطح كأن في الدار فسقط منه ومات، فلم يظفر بها، وفاته دينه. أسأل الله حسن الخاتمة. اللهم نعوذ بك من الحور بعد الكور. وقال هذا العاشق الخبيث: يترشفّن من فمي رشفات ... هنّ أحلى فيه من التوحيد» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 لعنة الله على قائل هذا الكلام. اللهم أمتنا على التوحيد. وأحسن لقائك: قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم ... العشق أعظم مما بالمجانين العشق لا يستفيق الدهر صاحبه ... وإنما يصرع المجنون في الحين ويعجبني قول الشاعر: خيالك في عيني وذكرك في فمي ... ومثواك في قلبي فأين تغيب وقول آخر: ومن عجب أني أحن إليهم ... وأسأل عنهم من كثب ومن معي وتطلبهم عيني وهم في سوادها ... ويشتاقهم «1» قلبي وهم بين أضلعي وهذا ألطف من قول آخر: إن قلت غبت بقلبي لا تصدقني ... إذ أنت فيه وكان السر لم تغب أو قلت ما غبت قال الطرف ذاك «2» ... فقد تحيرت بين الصدق والكذب/ (53 ظ) م [انتهى ما وجدناه من الأصل] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 فهرس «1» جزء الخطط وهو الأول في هذا المجلد 1- (الفصل الخامس في بعض عشاقها) وفيه نوادرهم. 9- (الفصل السادس في المنافع التي بداخلها وخارجها والطلاسم والمطالب والكتابة القديمة على الأحجار) . 11- ذكر جب الكلب. 16- جبل أهل الكهف قريب من عربسوس. 16- ثلاثة أبيات لمسلمة بن عبد الملك. آخر 16- اعتناء أهل الصدر الأول بحل الكتابات القديمة وجدها (أين هذا من رميهم بإحراق الكتب) «2» 19- (الفصل السابع في تراجم من دفن بها أو بأعمالها من الخلفاء والملوك) 19- الظاهر غازي بن صلاح، وفي آخرها إلمام بترجمة صلاح الدين يوسف ابن العزيز بن الظاهر غازي، وانظر 110- 111 19- ثلاثة أبيات للظاهر غازي المذكور. 20- آقسنقر والد عماد الزنكي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 21- محمد الملك الأشرف عز الدين بن صلاح الدين بن أيوب. 21- الملك الصالح بن نور الدين الشهيد. 21- مسعود المؤيد بن السلطان صلاح الدين. 22- الحافظ نور الدين العادل. 22- يعقوب الأعز، وإسحاق المعز. وعلي الأفضل أولاد صلاح الدين. 23- مقتطفات للأفضل بن صلاح الدين. 23- مسلمة بن عبد الملك بن مروان. 24- سليمان بن عبد الملك. 25- نوادر فيمن كان كثير الأكل. 25- هشام بن عبد الملك. 25- إحراق بني العباس جثث بني أمية كان انتقاما منهم لزيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم. 26- المحسن أحمد بن صلاح الدين وأخوه ذا وزن (كذا) 26- دقيانوس وقبره في طرسوس. 26- المأمون العباسي وقبره في طرسوس وذكر سقوطه بسلاحه إلى أن سقط 28- طغرل بك أتابك العزيز بن صلاح الدين. 29- العباس بن المأمون وموضع قبره. 31- (الفصل الثامن فيما ظهر فيها من العجائب ونتبعه حوادث وقعت بها) . 35- ذكر نوادر في وضع بعض النساء عدة أولاد في بطن واحد. 47- (الفصل التاسع في بعض وقائع الفرنج وما اتفق لهم بها) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 59- (الفصل العاشر في جوامعها وبعض مدارسها وخوانكها وزواياها وربطها وبيمارستاناتها) . 85- المدارس. 85- نظام الملك ليس أول من بنى المدارس في الإسلام وذكر المدارس التي بنيت قبله. 90- ترجمة ابن عصرون. 93- ترجمة ابن شداد. 94- الرسالة التي كتبها ابن خروف لابن شداد يستهديه فروة. 101- ترجمة الغضائري. 103- القلم المجوز. 103- العجول التي كانت تجلب الأحجار لبناء المدرسة الشرفية (هذا يدل على استعمالهم العجلات إذ لا يعقل أنها كانت تجرها على الأرض 106- ترجمة السائح الهروي. 110- ترجمة ضيفة خاتون ابنة العادل وسبب تسميتها بذلك. 111- الكلام على السمند أو السمندل الذي لا يحترق بالنار. 114- ترجمة ابن الزملكاني المتوفى سنة 727. 127- ترجمة المرتضى نقيب حلب. 136- الكلام في ماهية التصوف. 136- الخوانك والزوايا. 136- تعريف بلفظ خانكاه والفرق بين الرباط والزاوية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 140- اشتراط السيدة أم الصالح إسماعيل أن يكون القارئ في الخانكاه الذي بنته أعمى ليتيسر لها الحضور وقت القراءة بنفسها بغير حجاب. 140- ترجمة المظفر الذي كان يحتفل بالمولد النبوي 144- الخوانك التي للنساء. 145- الخوانك التي بظاهر حلب. 148- طائفة القلندرية الذين يحلقون وجوههم ورؤوسهم وتاريخ ظهورهم 151- ترجمة تغري ورمش أو برمش (معناه عطية الله والباء يستعملها بعض الأتراك مكان الواو) . --- الربط والتكايا. 155- الترب التي داخل حلب وخارجها. 156- ترجمة القفطي (صاحب تاريخ الحكماء) . 157- بيان للقفطي المذكور زعم أنهما لا يؤتي لهما بثالث وما نظمه ابن سعيد بعدهما. 160- مكاتب الأيتام 161- أبيات في الضارب بالشبابة ويعلم منها أنها كانت تتخذ من القصب 162- البيمارستانات. 162- ترجمة ابن بطلان الطبيب. 163- في الكلام على البيمارستان العتيق ذكر عبارة يفهم منها أن البيمارستانات كانت تقسم إلى قاعات للأمراض المختلفة. 164- (الفصل الحادي عشر خططها) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 164- الدروب. 166- ترجمة العارف بالله إبراهيم بن أدهم. 168- مسجد طغرل كان يعرف بمسجد النحاة نسبة لأبي جعفر الرعيني وصاحبه ابن جابرة وترجمتهما. 172- ترجمة شمس الدين الحكمي الأندلسي. 173+ 174- مقطوعان للسلطان المغرب والثاني لابن الأحمر. 177- ترجمة بدر الدين الباجباري المارديني. 181- ترجمة الخطيب هاشم بن أحمد بن عبد الواحد خطيب حلب. 185- (الفصل الثاني عشر في قلعتها ودار العدل وسورها وأبوابها ونحوها وكنائسها ودياراتها وجبلها، وبعض جبالها الآخر) . 186- القلعة 191- اشتراط الأفرنج في صلحهم تعليق جرس بقلعة حلب وصليب على جامعها الأعظم .... أو ذلك. 193- دار العدل 195- السور 197- أبواب حلب 198- الميادين 210- جبالها. 213- (الفصل الثالث عشر في ذكر التتار وتراجم بعض ملوكهم) 215- أخذ هولاكو ولد المستعصم المسمى بالمبارك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 (ما يتعلق بالعافية) 36- خركاوات (معنى الخيم جمع خركاوه) 39- (بالحاشية) استعمل لفظ شال بمعنى رفع 39- البشرة واللوزة والخيارة التي هي عوارض الطاعون الذي أصاب أهل حلب سنة 749 وفي 41: اللبة والخيارة وبيان في اللبة. أو سطر 7 استعماله الجملون وفي 72 وزرة الحائط. 74- افلوري. لنوع من النقود (هو الفرينو الذي كان بمصر وفي الشام يقال له فيروني وذلك من نحو قرن) . 80- استعماله الخواجا بمعنى التاجر. 86- تسميتهم المدفع بالمكحلة وذكر أنهم كانوا يرمون منها بالحجارة وانظر 76 و 151 وفي 190 أنها كانت تلقي بالنار. 87- أول سطر والثاني اللقن لشيئ تغسل فيه الثياب (هو الطست محرف عن التركية لجن) 94- كلمة بقيار (لشيء يشبه العمامة) تحقق. 97- شطر في أبيات معه (صاحب حماة) كما تقول العامة. 102- إطلاقه بوابة على الباب الكبير وانظر 120 و 150 و 180 و 160 103- القلم المجوز. 106- استعماله سقاطة بمعنى ثغرة في الحائط ترمى منها الأحجار. 107- إطلاقه بيت الماء على الخلاء وقد استعملها في عدة مواضع وفي 121 المرتفق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 108- خشخاشة للأموات 136- الفرق بين الخانكاه والزاوية والرباط وفي 142 استعماله خانكة بدل خانكاه. 152- فسخة صابون (بالحاشية) حققها. 161- أبيات قول على أن الشبابة لا تتخذ من القصب. 186- استعماله سقالة لخشبة يمر عليها من مكان لمكان. 188- (بالحاشية) فوارة يأتيها الماء من مقلب رخام. ومنها أيضا الساتورة. وانظرها أيضا في 190. فهرس الجزء الثاني وهو (جزء الحوادث) 3- أول قاض قضى بمذهب أبي حنيفة بمصر. 3- أول من درّس بالنظامية ببغداد. 3- المستعين أول من وسع الاكمام وصغّر القلانس 6- جعفر بن المعتضد أول من ولي الخلافة من الصبيان. 6- الحجاج أول من أخرج المحامل وكسى الكعبة الديباج ونقش على الدراهم القرآن. 10- طرفة أول من قال خلا لك الجو فبيضي واصفري. 13- عبد الملك بن جريج أول من صنف (أي في الإسلام) واختلافهم في ذلك 13- عتاب بن هرم أول من اتخذ الرادفة (والرديف هو جليس الملك) 13- عتبة بن مسعود أول من سمى المصحف مصحفا. 14- عدي بن مادة أول من اعتم في العرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 14- أول لحن سمع بالعراق هذه عصاتي. 15- فياخسرو بن ركن الدولة أول من خوطب بشاهنشاه في الإسلام. 15- القاسم بن عبيد الله وزير المكتفي أول من لقب بلقب مضاف إلى الدولة. 16- ثلاثة أبيات للإمام الشافعي رضي الله عنه. 17- محمد المعتصم أول من أضيف لقبه لاسم الله تعالى. 18- محمد بن مسروة أول من اتخذ قمطر لأوراق القضاء. 20- ترجمة مذيلة الأصل القاضي علي بن عبد الله الجبريني شيخ المؤلف. 21- يعقوب أبو يوسف القاضي أول من غير لباس العلماء. 21- يحيى بن يعمر أول من أحدث الضبط (أي الشكل) ( ........ الحوادث) الصفحة تكرر رقمها. 26- 27- ثلاثة أبيات لأبي حية النميري. 28- ترجمة قاضي القضاة محب الدين أحمد بن نصر الله البغدادي الحنبلي وفاته سنة 844. 28- وفاة أبي بكر علم الدين سليمان سبط المجد بن العجمي سنة 844. 29- ترجمة علاء الدين علي بن الصيرفي. 30- ترجمة سراج الدين عمر بن موسى الحمصي المخزومي (وفاته سنة 861) . 31- ترجمة القاضي جمال الدين يوسف بن أحمد الباعوني. 32- ترجمة القاضي هبة الله بن إسماعيل الحنبلي (وفاته سنة 845) . 39- ترجمة الإمام النحوي شمس الدين محمد الملطي الحنبلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 (وفاته سنة 854) كما يعلم مما بعده. 40- ترجمة الإمام ابن حجر العسقلاني. 42- اطلاقه مراد باك على السلطان مراد العثماني وانظر 48 وفي 63 عزت ابن الأمراء العثمانيين وفي 65 و 67 بجاني بك المحمودي وفي 68 كردي باك وفي 76 علي باي. وانساخ (كذا) . 48- ترجمة القاضي ولي الدين محمد أحمد السفطي الشافعي (وفاته سنة 855) . 49- ترجمة الشيخ عبد الرزاق بن محمد الشرواني (وفاته سنة 855) . 50- ترجمة إسماعيل الزيراج الشافعي أحد الشعراء (وفاته سنة 855) . 53- ترجمة أبي بكر البسطامي الحبشي (وفاته سنة 856) . 53- ترجمة بدر الدين الحسن بن سلامة الحنفي (وفاته سنة 855) . 53- ترجمة الشيخ المقرئ زين الدين عمر بن محمد بن عمر الساعي الجبريني (وفاته سنة 856) . 55- ترجمة الشيخ الزاهد محمد الخباز (وفاته سنة 856) . 55- ترجمة الشيخ عبد الرحمن بن تقي الحنبلي القادري (وفاته سنة 856) . 58- ترجمة غرس الدين خليل الظاهر (صاحب زبدة كشف الممالك) وفي 61 خبر القبض عليه. 60- ترجمة الحسن بن أحمد الحصوني الشافعي. 60- شعر مكسور لمحمد الحصوني يمدح به الإمام العيني، ونادرته في ذلك. 6- زجل لابن الزيرباج. 61- ترجمة أحمد بن جمال الدين بن إبراهيم بن العديم. ولم يكن ... في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 العلم. (وفاته سنة 847) الصفحة التالية. 63- ترجمة الشيخ برهان الدين إبراهيم بن محمد رضوان الشافعي. 63- ترجمة الشيخ شمس الدين محمد بن إسماعيل الوفائي الشافعي المصري. 64- ترجمة علاء الدين علي سبط الوردي. 64- ترجمة الشيخ علاء الدين علي بن مكتوم العشاري. 67- صلاة الخليفة بمصر على القاضي ابن يعقوب القاياتي بأمر السلطان. 70- ترجمة الشيخ محمد بن عمر العزازي الشهير بالدقيق (تصغير دقيق) . 70- ترجمة شمس الدين محمد بن الأشقر الحموي الشافعي. 71- بيان فيهما (فهو سوء وزيادة) . 73- ترجمة ابن قاضي شهبة. (صاحب مختصر نخب الدهر في عجائب البر والبحر) . ووفاته سنة 851. والترجمة إلى آخر ص 74. 77- 79- أرجوزتان إحداهما شهادة بقبض مرتب. 79- ترجمة شمس الدين محمد الغزولي. 80- ترجمة شيخ الطائفة محمد بن الضياء بن العجمي. 80- ترجمة القاضي ضياء الدين النصيي مختصر تاريخ ابن خلكان (وفاته سنة 857) . كما يفهم مما بعده. 82- ترجمة (سوني العبد الصالح وكان لا يأكل اللحم) . 83- ترجمة الشيخ محمد الغرباني اللخمي. 84- نسبة الغرباني المذكور المقريزي إلى الفاطميين، وشيء من أخبار المقريزي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 85- ذكر ماء السمرمر الذي جلبوه إلى حلب، وعلقوه في آنيه على مأذنة جامعها وما فعله الناس. 86- وصول السخاوي المؤرخ إلى حلب واجتماع المؤلف به. 87- ترجمة الشيخ محمد بن عز الدين الحاضري. 87- ترجمة الشيخ جمال الدين يوسف الكردي. 89- وفاة والدة المؤلف. وترجمتها. 89- هدية السلطان اينال للسلطان ابن عثمان وفيها حمارة في غاية الحسن منقشة خلقة (لعلها من الزبرا) . 90- صار الأشرفي خمسين درهما ثم مائة وكان أربعين في أيام الأشرف برسباي 91- ترجمة نقيب الأشراف عبد الله بن عز الدين الاسحاقي الحسيني. 91- ترجمة الشيخ محمد بن أبي بكر بن نبهان. 93- الشعاشعية نسبة لمحمد بن فلاح المعروف بالشعشاع وكان في الجزائر وحمل الناس على الرفض وترك الجماعات ونكاح المحارم وكتابه لابن الشماع بتبرئة نفسه 42 و 48 و 63 و 65 و 67 و 68 و 76 باك وبك وبابي 56- استعماله نفط زفر 60- فشار وقد ضبطت بالقلم بضم أولها. 60- ثقالة وندالة الخ في (زنعل) . 62- القبع وهو ما يلف عليه العمامة وانظر 86 76- بيان في رفرف الحائط. 76- استعماله طناطير بدل طراطير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 [ملحق] قصيدة الفراسة «1» (القصيدة الموعود بذكرها «2» ) الحمد لله على الهداية ... والعلم والتوفيق والدراية هذي قصيد الحدس والفراسة ... نافعة لصاحب السياسة يعرف منها كل مستسر ... في الناس من ذي صالح وشر وأي جنس فيهم النجابة ... والرأي والتحريف والإصابة وأيهم يرغب في السداد ... ويقتني للمهن الشداد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 وأيهم في طبعه شراسة ... وأيهم ليس له رياسة ومن يكون صالحا للخدمة ... ومن له عزيمة وهمة وعلم ما أثّرت البلاد ... في طبعهم وامله استفادوا فافهم مقالي فهو عين الرشد ... إن كنت تبغي بغيتي وقصدي ((ذكر العرب)) خير البرايا والأنام العرب ... كذلك قال العالم المجرب طابوا فروعا وزكوا أصولا ... لأنهم لم يلدوا مجهولا ونزلوا نجدا وأرض نجد ... سليمة من كل طبع مرد فسلموا من شره العراق ... وغلظة الشآم والرستاق ففيهم العزة والحمية ... والشيمة الطاهرة الزكية كراهة الغدر وبذل الجود ... والطعن بالمثقف الأملود وفيهم الخداع والعداوة ... والشر والإرهاب والقساوة وفيهم نجابة الأولاد ... وعندهم فضائل الأمجاد رعاية الجار وحق الضيف ... موجودة فيهم وضرب السيف وفيهم تراحم وعطف ... وفيهم عتب وفيهم عنف أمينهم ليس له مماثل ... كما الخؤون ماله معادل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 ((ذكر العجم)) والفارسيون لهم مكارم ... يعرفها من لهم يلائم لهم خلال ولهم رياسة ... وفيهم السداد والكياسة وعندهم بخل وفيهم كبر ... وعزة ومنعة وفخر والرحمات عندهم كثيرة ... والنغمات فيهم شهيرة وفيهم نجابة معروفة ... وهمة وعزمة موصوفة وعندهم رأي وفيهم علم ... وصنعة وحكمة وفهم ((ذكر الترك)) والترك فيهم قسوة وعظمة ... وجرأة ما أن لديها مرحمة لا يعرفون العفو والوفاء ... ولا يرون الجود والسخاء وفيهم النسيان والكفران ... وفيهم الأبطال والشجعان وفيهم الليوث يوم الحرب ... وفيهم كل مليح عذب لهم قدود ولهم خصور ... والوجنات الحمر والشعور وفيهم نجابة الأولاد ... لكن عروا من حكمة السداد ((ذكر الديلم)) والعقل في الديلم والسداد ... في حسنهم ليس له نفاد وفيهم شهامة وفضل ... وعفة ورتبة ونبل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 في نسلهم نجابة وقسوة ... وغلظة في طبعهم وجسوة وفيهم جبرية وظلم ... وفيهم قساوة وغشم وعندهم شطر من الآداب ... ومن رجوع العقل للصواب ((ذكر الأكراد)) والشر كل الشر في الأكراد ... لبعدهم عن منهج السداد وفيهم للحرب والقتال ... جلادة والطعن بالعوالي لكن جميل الخلق والصباحة ... ليست لهم كلا ولا السماحة ونسلهم يصلح للجلاد ... وللأمور الصعبة الشداد ((ذكر الروم)) والروم فيهم أدب وظرف ... وغلمة ونغمة ولطف وفيهم العقول والألباب ... وفيهم الآراء والصواب وفيهم فوارس الشجاعة ... والعلم والحكمة والصناعة وفيهم اللذة والتمتع ... لكنهم ما فيهم تصنع وفيهم البخل وذل النفس ... وفيهم الفهم وصدق الحدس لكل شيء يصلح الغلام ... منهم وهذا الشرف التمام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 ((ذكر الأرمن)) وليس في الأرمن خير فاعلم ... إن كنت يا صاح أخا تفهم للشغل الشاق من الأعمال ... براهم ذو العز والجلال وفيهم ضرب من الجمال ... لكنه يندر في الرجال وفيهم قذارة وخسة ... وذل نفس ليس فيه لبسة ((ذكر الفرنجة)) كذلك الفرنج شر الأمم ... في غلظ الطبع وخبث الشيم أبخل من براه رب الناس ... من سائر الضروب والأجناس لكنهم أبطال يوم الحرب ... وأعمل الخلق بحد القضب وعندهم سياسة قليلة ... وحكمة لكنها ضئيلة وفيهم رشاقة القدود ... وحمرة الوجنات والخدود ((ذكر اللان)) واللان جنس خلقوا للخدمة ... وللمعاناة وحفظ الحرمة فإن تردهم للنكاح والولد ... فأنت في ذاك على غير الرشد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 ((ذكر الهند)) والهند فيهم عفة وفسق ... وقسوة وباطل وحق لهم شعور ولهم قدود ... وهم اهيل وهم عبيد إن استرقوا يصلحوا للرق ... وللطرفان «1» وللأشق وللنتاج ثم للأولاد ... وللخصومات وللجلاد ((ذكر السند)) ألأم جنس الناس جنس السند ... فلا ترد منهم سلوك القصد لهم خصور ولهم شعور ... لكنما أذاهم كثير براهم الله الشديد الحول ... فاتبع سبيلي واستمع لقولي ((ذكر البربر)) أنجب أجناس الرقيق البربر ... لاسيما الجنس اللطيف الأصفر للوطء والأولاد والبيوت ... يخترن لا للكد والتعنيت نعم وفيهم للغناء طبع ... وللعلوم الرائقات جمع والكيس الظرف لهم شعار ... فاخترهم فجنسهم مختار وفيهم سوء وخبث دخله ... وعندهم بخل وفيهم خلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 ((ذكر الزرنج)) إن الزرنج في العبيد وسط ... وأمرهم أمر به تخلط يصلحن للنكاح لا للولد ... ثمت للخدمة والتودد ما فيهم عقل ولا رياسة ... كلا ولا عندهم سياسة ((ذكر أجناس السودان)) وفي الزنوج غلظ الطباع ... وفيهم ميل إلى البضاع ما فيهم لناكحيهم منية ... ولا لقانيهم غدا من بغية إلا لأهل الريف والرستاق ... وكل ذي أمر شديد شاق براهم لذاك رب الناس ... فلا تكن عليهم بالآسي ((ذكر صقع سر نديب)) من في سر نديب يكون مولده ... يطيب منه عيشه ويحمده ولا يزال ضاحكا مستبشرا ... كأنما يشرب صرفا مسكرا ((ذكر خراسان)) من في خراسان يكون شهما ... قاسي الفؤاد لا يراعي رحما له رواء حسن ومبسم ... لكنه عن خيره مجمجم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 ((ذكر نيسابور)) كذاك نيسابور فيها عجب ... وليدها فيه البذا والعجب «1» لا يعرف الفضل لرب الفضل ... لما عليه قد يرى من جهل وفيهم شراسة وخفة ... وغلظة ومسكة وكلفة ((ذكر أصفهان)) وجيء فيها شرة وخيرة ... لكنها شهرتها الشهيرة ليس لمن في أرض أصبهان ... خليقة غير أذى الجيران لهم رواء ولهم جمال ... وفيهم الحيلة والإدلال وفيهم تعصب في الطبع ... لغير دين ولغير شرع ((ذكر الري)) والري فيها الكيس والظرافة ... لكنها في طبعها كثافة لهم عقول ولهم آداب ... لكنما آراؤهم تصاب وفيهم شجاعة وقوة ... وعندهم في طبعهم عتوة وليدها يركب كل صعب ... ولا يخاف نازلات الخطب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 ((ذكر مرو)) ومرو في تربتها السلامة ... وفي بنيها النقص والفدامة ليس بها فضل ولا وسامة ... ولا لها في أهلها كرامة ((ذكر طوس)) تولد الجهل مع المولود ... وتسلب الرشد من الرشيد وليدها يعرف في الأقطار ... بأنه من جملة الأبقار وفيهم شراسة وحدة ... وعندهم لآمة وشدة والحسن في غلمانهم معروف ... لكنهم ليس بهم ظريف ((ذكر هراة)) وفي هراة كل أمر معجب ... من العلى والدين والتأدب وكل فضل من دقيق العلم ... في أهلها وكل أمر فخم وفيهم بسالة وقوة ... لكنهم ليس لهم مروّة وفي أناثيهم جمال ظاهر ... يعرفه المقيم والمسافر وفيهم بغض لاهل الحق ... فيا لهذا من لئيم الخلق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 ((ذكر همذان)) وإن ترد في همذان خيرا ... عز ولو أنك كنت طيرا مدينة في طبعها فظاظة ... وفي بنيها الشر والغلاظة الجهل فيهم شائع مشهور ... والعقل فيهم خامل محقور وفيهم دناءة ولوم ... وترف شيطانه رجيم قد سلبوا الغيرة والسدادا ... وألفوا الخصام والعنادا وفيهم تعاشر في الذنب ... فيا لهذا من قبيح الأدب وفيهم محاسن وظرف ... لكنها ليس عليها عطف ((ذكر مازندران)) مازندران في بنيها ظرف ... وعندهم رياسة ولطف لكنهم في خلقهم شراسة ... وحدة أزرت على الرياسة وفيهم تكرم وجود ... يعتاده الأحرار والعبيد ((ذكر البصرة)) وعند أهل البصرة الرداءة ... واللوم قد ضما إلى الدناءة في تربة الأرض وفي الهواء ... جبلة للفهم والذكاء وفيهم شر وفيهم لوم ... شعاره عليهم معلوم وفيهم سماحة الأخلاق ... قد جبلت بالرقع والشقاق وفيهم نتائج النفاق ... وكل ما يجمع في الفساق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 ((ذكر الكوفة)) والكوفة الحمراء في هوائها ... عجائب وتربها ومائها الغدر في ترابها مجبول ... والخير عن مياهها مشغول وما لهم عهد ولا وفاء ... لكن عليهم غلب المراء بالمبدعات عنهم سار المثل ... وطبق الأرض سهولا وجبل وعندهم غوص على العلوم ... منثورها والمحكم المنظوم وفيهم حسن الطلا معروف ... يعرف ذاك الفهم الظريف ((ذكر بغداد)) وعند بغداد اعتدال تام ... في أرضنا ليس له اكتتام مولودها أفهم كل ناطق ... بالعلم والآداب والخلائق وعندهم كيس وفضل شامل ... لكنه يشوبه مخامل وفيهم عجب وتيه وصلف ... ودين كل ما حووه من لطف وعندهم سوء وفسق زائد ... وفطنة لكنها مكائد وعندهم من المراء والرما «1» ... ما ليس يحصيه سوى رب السما قد جبلوا على السرور والطرب ... والسعي بين الناس بالأمر العجب ليس لهم عهد ولا ميثاق ... خص بهذا الخلق العراق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 ((ذكر بابل)) وبابل شر البلاد والقرى ... تكتسب طبع أهلها شر الأرا فيهم خلاف وبهم شقاق ... وعندهم في دينهم نفاق وفيهم دين ونسك شامل ... وفيهم الخداع والتحايل ((ذكر الموصل)) والموصل الحدباء خير منزل ... قليلة الأسواء والتعلل لهم خواص في الغناء والطرب ... وكلما يكون من شرط اللعب وعندهم سماحة وجود ... لكنها يفسدها التنكيد لأهلها تيه وعجب زائد ... أكثره لفضلهم معاند والدين في عرصتهم غريب ... والظلم والبغي لهم حبيب ((ذكر الجزيرة)) واسمع هديت صفة الجزيرة ... وما سرى عن أهلها من سيرة ترابها وماؤها المنساب ... ليس به علم ولا آداب لكنه أشيب بالجهالة ... والحمق المعجون بالرذالة ما فيهم عقل ولا صباحة ... وجلهم صنعته الفلاحة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 ((ذكر نصيبين)) صاب النصيبين عذاب الحمى ... وخص فيهم ضرها وعما فما ترى في ربعها صحيحا ... ولا فتى مهذبا مليحا دأبهم الخصام والمهاترة ... والشر والتكذيب والمكابرة ((ذكر سنجار)) وأرض سنجار فشر أرض ... لطلب العلم وباغي العرض أخلاقهم سيئة ردية ... وكلهم في قبحهم سوية لا يعرفون الجود والتكرما ... ولا الملذات ولا التنعما قد شغلوا بتعب الأشغال ... عن العلى وكرم الخلال ((ذكر حران)) وأهل حران فشر الناس ... في الوصف والتقدير والقياس البخل فيهم أظهر الأوصاف ... بلا مماراة ولا خلاف وفيهم من غلظ الأخلاق ... ما جل عن حكاية الحذاق تقاصروا عن شرف الفضائل ... وانهمكوا في أرذل الرذائل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 ((ذكر الرها وماردين وآمد)) وفي الرها آمد عجائب ... وماردين عندهم غرائب كل أهاليها لئام بكم ... عن العلى والمكرمات صم ليس لهم في الدين والعلوم ... حظ ولا في الشرف القديم فيهم جفاء وشرور ونزق ... وعندهم في الود والحب مذق وكل مولود من الغلمان ... في أرضهم يعيش كالحيران ومن تربى فيهم صغيرا ... لم يك في الرياسة كبيرا ((ذكر الرافقة)) لاسيما إن حل أرض الرافقة ... وحل في تربتها علائقه وكان من ماء البليخ مشربه ... ومن ثراها أكله ومشربه فابك على ذكائه وفطنته ... وكيسه وعلمه وحكمته كذا حكى الرواة عن هارون ... في وصفها ثم عن المأمون ((ذكر الشام)) والشام عين الأرض والبلاد ... وخير دار وأجل ناد يكسب من يحله جلادة ... وعزمة يعضدها نجادة وفيهم ميل إلى الولاة ... ومن له شأن من الكفاة وفيهم قناعة وصبر ... لاسيما إن حل يوما أمر لكنما الحدة فيهم عادة ... وغفلة نتاجها بلادة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 ((ذكر منبج)) فمنبج طيبة البراري ... لأهلها رغيدة القرار لكنها مفسدة للرائي ... مبيرة للفهم والذكاء فيها جمال ولها بهاء ... وفي بنيها منطق هراء طالعها ليس له سيادة ... ونجمها ما عنده إفادة وفي بنيها قوة وشدة ... لكنها ليس عليها عمدة ((ذكر حلب)) وحلب خزانة الذكاء ... وموطن العفة والحياء طالعها للغرباء سعد ... وهي لمن فيها شقا وكد لكنها تعطي دقيق العلم ... لأهلها من بعد لطف الفهم لكنها نتيجة التلاحي ... وموطن المراء والكفاح والعصبيات لديهم وافرة ... وعلقة الحذق عليهم ظاهرة ((ذكر حماة)) وفي حماة حمق وخفة ... وفيها للمكرمات كلفة لكنهم فيهم ذكاء ظاهر ... يعرفه من لهم يعاشر وفيهم غلاظة الطباع ... معروفة في سائر الأصقاع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 ((ذكر شيزر والمعرة)) في شيزر وأختها المعرة ... خلائق الجهل وطبع الشرة فشيزر جهل بلا مضرة ... والفهم والضر لدى المعرة ((ذكر حمص)) وعند حمص كل أمر معجب ... من نجدة وفطنة وأدب لكنها منزلة الرقاعة ... وموطن الخفة والفراغة وفيهم الحدة والبسالة ... وفيهم القوة والجهالة ((ذكر دمشق)) وفي دمشق منظر أنيق ... يعرفه العدو والصديق وفي بنيها منظر عجيب ... وخلق نتاجه غريب لهم رواء حسن وبر ... لكنه عن باطن يغر وفيهم شكاسة الأخلاق ... وغلظة تنبئ عن شقاق ودادهم أما شهدت وافي ... فان تغب فالود منهم خاف وفيهم نجابة وبأس ... لكنها ليس لها إيناس وفيهم غلاظة وحدة ... وفيهم على الغريب شدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 ((ذكر فلسطين)) وفي فلسطين وأرض الأردن ... والشام الأعلى كل طبع حسن هواؤه وماؤه والترب ... لأهله فيه معان عجب تكسب من حل به أو نزلا ... نجابة تدرأ عنه العللا تنتج حب الدين والعبادة ... لأهله والصبر والزهادة لكنه يغلظ الاكبادا ... ويعظم الفطنة والسدادا وفيه إمساك وبخل زائد ... وفطنة لكنها مكايد ((ذكر مصر)) وعند مصر كل أمر معجب ... تحار فيه فكرة المهذب طالعها باللعب والمزاح ... وخفة الأنفس والأرواح وقلة الغيرة والوفاء ... والحب للآراء والأهواء لكنها قرارة الفراعنة ... وخطة الراذل الصفاعنة وفيهم رياسة وهمة ... وشبق عند النسا وغلمة والعشق فيهم والبذاء فاشي ... ليس لهم عن قبحه تحاشي وفيهم علم وفهم وأدب ... وهمة إلى العلاء والرتب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 ((ذكر المغرب)) وعند أهل المغرب الجفاء ... وقوة ليس بها مراء وفيهم بخل شديد وقحة ... عند الجدال المرا مستقبحة وفيهم شجاعة عند اللقا ... خليقة ليست لهم تخلقا وعندهم علم وفهم وافر ... وهمة تعرفها العشائر والعصبيات لديهم جمة ... لكنهم آراؤهم ملتمة ((ذكر الحجاز)) في الحجاز العلم والذكاء ... واللطف والنجدة والعزاء وفيهم دماثة الأخلاق ... والبأس يوم الخلف والشقاق وفيهم الغصب وسلب المال ... والسوء والمكر على الرجال لهم وداد ولهم جمال ... وفيهم الإعطاء والإفصال وفيهم ميل إلى اللذات ... والعشق والغناء والفرحات ((ذكر اليمن)) وعند أهل اليمن القباحة ... موجودة وقلة الرجاحة وقلة العقل لديهم فاشية ... لكنما طباعهم مواتية وعنهم فصاحة وعلم ... وعزمة صادقة وفهم وفيهم السخاء والتكرم ... وفيهم غدر وشر يعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 فهذه نتائج البلاد ... وكنه ما يختص بالعباد نقلتها عن كل طب ندس ... رحب العلوم صادق التفرس ظاهرة الدليل والبرهان ... واضحة المنار والتبيان تنفع من يرغب في السياسة ... ويمتطي غوارب الرياسة ويعتني بخبرة الأنام ... من الأجلا ومن العوام وقد أتت من حسن التهذيب ... تلقح رأي الفطن اللبيب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 انتهى الجزء الثاني وملاحقه من الكتاب وبه تم. ويليه فصل فهارس وهي من إعداد المحققين. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 فهرس الموضوعات 1- الخطبة 5 2- [الأوائل] 6 3- فصل في ذكر نواب حلب 102 4- [الحوادث على السنين] 143 5- [حلب في أيام الخلفاء والأمراء المسلمين] 290 6- [ذكر القصور التي كانت لملوك حلب] 298 7- [الحمامات] 302 8- حمامات الدور 313 9- فصل في ذكر بعض عشاق حلب وما يتعلق بذلك 320 10- فهرس جزء الخطط [للاصل] 334 11- فهرس جزء الحوادث (الثاني) للاصل 340 12- ملحق: قصيدة الفراسة 345 13- الفهارس 365 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 فهرس الأعلام حرف الألف ابراهيم الخليل عليه السلام: 1/581- 2/6 ابراهيم البجلي المصيصي الشاعر: 1/182- 183 ابراهيم الدمياطي: 2/173 ابراهيم العاملي: 1/364 ابراهيم الكتبي: 2/213 ابراهيم النابلسي: 2/171 ابراهيم الوفائي: 1/82 ابراهيم بن أدهم: 1/79- 415- 570 ابراهيم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : 2/8 ابراهيم بن حسن البليغ: 1/192 ابراهيم بن حسن الرهاوي: 2/250 ابراهيم بن حمزة الجعفري: 2/186 ابراهيم بن عبد الله بن أمين الدولة: 1/345 ابراهيم بن عمر رضوان: 2/186 ابراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي: 2/11 ابراهيم بن غازي: 2/285 ابراهيم بن يزيد النحوي: 2/11 ابراهيم بن يوسف القفطي: 1/379 أحمد (الإمام رضي الله عنه) : 1/122- 137 أحمد بن الاسكافي: 1/487 أحمد الآمدي: 1/497 أحمد البابي: 2/250 الشيخ أحمد الجندي: 1/497 أحمد الحنفي العصر: 1/265 أحمد الرفاعي: 1/47 أحمد الزركشي: 1/368 أحمد بن المتوكل: 2/12 أحمد بن المرحل: 1/442 أحمد المستعين: 2/11 الملك أحمد المتولي: 1/621 أحمد العقيلي: 1/61 أحمد بن الزهري: 2/276 أحمد بن المؤيد: 1/209 أحمد بن إبراهيم بن العديم: 2/182 أحمد بن أبي المعالي: 1/435 أحمد بن أبي بكر بن الرسام: 2/262 أحمد بن أحمد بن اغلبك: 2/237 أحمد بن جمعة الأنصاري: 1/226 أحمد بن الحسن الهلالي: 1/422 أحمد بن حجي: 2/201 أحمد بن حمزة بن الموازيني: 1/128 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 أحمد بن رضوان: 2/42 أحمد بن سعيد ابن الأثير الحلبي: 1/548 أحمد بن سهل البلخي: 2/563 أحمد بن شهري: 2/128 أحمد بن عبد القادر السبكي: 2/246 أحمد بن عبد الله الخابوري: 1/504 أحمد بن عبد الله الشافعي: 1/488 أحمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين: 1/600 أحمد بن عز الدين الحاضري: 2/274 أحمد بن عشائر: 1/504 أحمد بن علي: 1/353 أحمد بن عمر: 2/11 أحمد بن عمر الحلبي: 2/151 أحمد بن عيسى الخراز: 2/12 أحمد بن غازي (شهاب الدين) : 1/108 أحمد بن محمد بن غالب: 1/124 أحمد بن فارس اللغوي: 1/100 أحمد بن محي الدين محمد بن أبي طالب بن العجي: 1/316 أحمد بن محمد بن أبي أسامة القاضي: 1/536 أحمد بن نصر الله البغدادي: 2/459 أحمد بن نصر بن المعن البازيار: 1/506 أحمد بن هلال (الشيخ) : 2/246- 247 أحمد بن يوسف اليوني: 2/267 أحمد بن يوسف البانياسي: 2/148 أحمد بن يوسف بن عبد الواحد الأنصاري: 1/446- 353 ابن أخت الجمال خليفة: 1/358 الأخطل (الشاعر) : 1/131 أخي الأبار: 1/46 أخي زيد الكيال: 1/315 ادريس عليه السلام: 2/4- 6 ابن أدشير: 2/40 آدم عليه السلام: 1/177- 2/6 الارتاحي: 1/115 اردشير: 2/9 أرسلان بن العادل: 1/114 أرغون: 1/565 أرغون الكاملي: 1/72- 448 اركماس الدودار: 1/118- 2/137 ارمانوس: 1/191 ازدمر: 1/615 ازدمر الخازندار: 2/15 ازدمر الناصري: 2/124- 127 اسحاق (عليه السلام) : 2/8 أبو اسحاق الشيرازي: 2/54 اسحاق العجي: 1/410 اسحاق بن ابراهيم: 1/134 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 اسحاق بن صلاح الدين: 1/116 اسرافيل: 2/9 ابن اسرائيل الشاعر: 1/413 أسعد الميهني: 1/267 أسعد الحميري: 1/13 أسعد بن زرارة: 2/54- 87 الاسعردي: 1/404- 405 اسقتمر: 1/493 أسلم بن كرب الشافعي: 1/212 ابن الاسكافي: 1/88- 587 اسماعيل بن الزير باج: 2/239 اسماعيل الملك الصالح بن نور الدين: 1/112 اسماعيل بن ابراهيم عليه السلام: 2/7- 8- 69 اسماعيل بردس: 2/183 أبو الفداء اسماعيل: 1/213 اسماعيل بن اسحاق المالكي: 2/13 اسماعيل بن عباد وزير مؤيد الدولة: 2/13 اسماعيل بن محمد بن محمد اللخمي: 2/14 اسماعيل بن نور الدين: 1/378- 391 أسود بن زريع: 2/13 أسود بن سريع: 2/56 آسية بنت علي: 2/293 الأشرف (السلطان) : 1/264 اشقتمر: 1/369 اسوار التركماني الياروقي: 1/358 الأصمعي: 2/59 الأصبع بن عبد العزيز: 2/40 الأعمش: 1/101 أغسطس: 2/15 أفريدون بن أثفيان: 2/14 الأفشين: 1/192 اكثم بن صيفي: 2/11 ابن الاكنجي: 1/520 الب أرسلان السلجوقي: 1/385- 564 الألواحي الصوفي: 1/316 أماران خاتون بنت داود بن الواني: 1/613 الآمر بأحكام الله: 1/174 ابن أمين الدولة: 1/351 أمين الدين أبو طالب الاسحاقي: 1/453 أمين الدين ظاهر الحنبلي: 2/170 الأمين (خليفة) : 1/130 الأمين بن الفصيصي: 1/511 أبو أمية المختط: 2/15 أمية بن الصلت: 2/13 إقبال الظاهري: 1/407- 547 إقبال الخاتوني: 1/107 أبو القاسم الكري الحميدي: 1/309 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 أبو القاسم بن الحسين الأسدي: 1/363 اقبغا التمرازي: 1/418 أقباي: 2/119 أقجا خازندار: 1/318- 370 أقبردي: 2/202- 176 اقبلاط الدمرداشي: 2/124 أقسنقر: 1/195- 219- 551 أقفهسي: 2/143 اقليدس: 2/16 أقوش: 1/454 أنس بن مالك: 1/170 أنوس (عليه السلام) : 2/9- 14 أوس بن الصامت: 2/15 ايبك الجمدار: 1/106 ايتمش: 1/72 ايدمر الظاهري: 1/437 ايدمر بن عبد الله الشماع: 1/257 ايلغازي بن ارتق: 1/194- 202- 204- 487 اينال الأزعرس: 2/128 اينال الأشرف: 2/254 اينال الأشقر: 1/561 اينال الجكمي: 1/417- 418 اينال الصصلاني: 1/547- 2/119 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 حرف الباء ابن البارزي: 2/215- 216- 217- 224 باشنقرد بن سراح الدين الحمصي: 2/185 ابن باطيش: 1/287 باكير الحنفي: 1/347 البحتري (الشاعر) : 1/497 البخاري رضي الله عنه: 2/80- 82 بختنصر: 1/17 بدر الخاتم عتيق شير كوه: 1/356 بدر الدين الخازندار الظاهري: 2/301 بدر الدين بن الداية: 1/378 بدر الدين عتيق عماد الدين الأيوبي: 1/315 بدر العيني: 2/123- 180 البدري القاضي: 1/156 البراء بن معروف: 2/17 ابن براقش: 2/280 برديك العجمي: 2/129 برسباي: 1/32- 417- 554- 561 2/112- 129- 183- 234 برسوما: 1/340 برقوق الظاهري: 1/372- 2/248 أبو البركات الأنصاري: 1/238 أبو البركات الغراف: 2/212 البرنس: 1/202 برهان الدين الباعوني: 2/164 البرهان الميلخي: 1/344 بربرة: 1/76 بشيرة بن سعد: 2/17 بشارة خادم سيف الدولة: 1/185 ابن بطلان الطبيب: 1/445- 556- 447 بطليموس: 2/18 بلال (مؤذن الرسول ص) : 2/48 بلال بن حمامة: 2/17 بلبان: 2/283 أبو الأشقر البسطامي الحيشي: 2/142 أبو بكر الحيشي: 2/170- 242 أبو بكر الصديق: 2/48 أبو بكر الطوسي الإمام: 1/144 أبو بكر الكردي: 2/215 أبو بكر المعوج: 1/63 أبو بكر بن ايليا: 1/213 أبو بكر بن البويضاتي: 2/264 أبو بكر بن الحلواني: 1/207 أبو بكر بن علي بن الحريري: 2/201 أبو بكر بن الفوز: 2/121 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 أبو بكر بن النصيي: 2/237 بنات أم ولد لعبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح: 1/486 ابن بنت الباريني: 1/293 بهاء الدين أحمد: 1/274 بهاء الدين بن حجة: 2/165 بهر المراقبي: 2/127 البوصيري: 1/128 بيبرس: 1/256 بيرم مولى ست حارم بنت اليعسباي: 1/401 بيغوث نائب حماة: 2/239 بيمند: 18193- 202 البيهقي: 1/54- 55 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 حرف التاء تاج الحسيني: 2/270 تاج الدين العجي: 1/306- 495 التاج الكركي: 1/287- 300- 390 تبع: 1/19 تتش: 1/11 تغربك: 1/106 تغري بردي: 1/217- 240- 2/115- 127- 128- 130- 131- 220- 230- 250- 253 تغري ورمش (برمش) : 2/117- 136- 139- 140- 141- 157- 171- 197- 230- 1/417- 418- 449- 539 تركمان بن دلغار: 2/138 التفتازاني (سعد الدين) : 1/497 تماضر بنت الأصبغ: 2/19 أبو تمام (الشاعر) : 2/326 تمراز: 1/418 تمربغا: 2/113 تمرلنك: 1/554 تميم الخزاعي: 2/7 تنبك: 2/129 تنم: 2/205- 211- 213 توبة بن الحمير: 1/56 توش بن جنكيزخان: 1/605 ابن التيزيني: 1/209 تيمور لنك: 2/101- 102 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 حرف الثاء ثابت بن شعويق: 1/208 ثابت بن قيس بن شماس: 2/20 ثمال بن أثال: 2/20 ثمال بن صالح بن مرداس: 1/550- 556 أبو الثناء القطب الشيرازي: 1/619 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 حرف الجيم ابن الجابي: 1/222 جابر بن عبد الله الأنصاري: 2/21 الجاحظ: 1/102 جار قطلوبغا: 2/132- 133- 134 جان بك المحمودي: 2/192 جانم: 1/418- 449- 548- 2/270- 283 جاني باك الصوفي: 2/162 جبريل (عليه السلام) : 2/8 ابن جبير: 1/580 جبير بن مطعم: 2/23 جزيمة الأبرش: 2/22- 23 جزيمة بن مالك: 2/21 جرديك النوري: 1/351 جركس القاسمي: 2/112 ابن جرير الطبري: 2/127 ابن الجزري: 1/202- 260 جعفر بن درهم: 2/21 جعفر البلخي: 1/342 أبو جعفر المنصوري: 1/98- 2/53- 294- 293- 295 جعفر بن أبي طالب: 2/23 جعفر بن شمس الخلافة: 1/320 جعفر بن المعتضد: 2/24 جعفر بن فلاح: 2/24- 56 جعفر بن محمد: 1/99 جعفر بن مزاحم: 1/452 جقمق: 1/214- 319- 540- 2/137- 162- 182- 191- 226- 232- 253 جلال الدين البلقيني: 1/497- 2/16- 149 جلبان: 1/418- 548- 2/124- 133- 137- 141- 157- 231- 270 أبو جلبك: 1/295- 296- 197- 298 ابن الجلي: 1/195 جكم: 2/111- 112- 113 جمال الدين الباغوني: 2/170- 237 جمال الدين التاذفي: 2/252 جمال الدين النحريري المالكي: 1/261 جمال الدين الملطي: 1/238- 370 جمال الدين بن خطيب المنصورية: 2/159 جندب بن جنادة: 2/21 جنكيز خان: 1/604 جنيد بن سيدي علي الاذبلي: 2/284 جهان كير بن قرايلوك: 2/202 أبو جهل: 2/24 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 ابن الجوزي: 2/5 ابن جوسلين: 1/210 الجويني: 1/103- 604- 1/615 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 حرف الحاء الحاج بلاط دوادر اينال: 1/415 ابن حاذور الحموي: 1/303 الحارث الرايش: 2/26 الحارث بن السليك: 2/26 الحارث بن معاوية بن ثور: 2/26 حارثة بن سراقة: 2/30 ابن الحازوق: 2/125 حاطب بن عمرو بن عبد شمس: 2/26- 49 حافظ لدين الله: 1/175 الحاكم: 1/54 الحاكم العبيدي: 1/137 حامد بن أبي العميد: 1/302 ابن حبيب: 1/135 حبيب العمري: 1/386 ابن الحثيثي: 1/487 الحاج بن يوسف الثقفي: 2/17 ابن حجر العسقلاني: 1/75- 427- 484 2/177- 278- 219- 222- 231- 273 ابن حجة: 2/259 حرب بن أمية: 2/17 حرملة بن سعد بن ذبيان: 2/30 حسام الدين البرغالي: 1/390 حسام الدين بن تمرتاش: 1/195 حسام الدين صاحب النجار: 1/497 حسام الدين محمود: 1/275 حسان بن بلال بن الحارث: 2/28 حسن (السلطان) : 1/220 الحسن البصري: 1/387 حسن الدامغاني: 1/401 حسن خادم الأنصاري: 2/251 حسن الطبري: 2/30 حسن بن ابراهيم بن الخشاب: 1/427 حسن بن أحمد الحصوني: 2/179 حسن بن أبي حصينة المعري: 1/191 حسن بن أحمد المهلبي: 1/563 الحسن بن أحمد صالح الهمداني السبيعي: 1/453 الحسن بن حبيب: 1/163 الحسن بن خشاب: 1/447 الحسن بن سلام الحنفي: 2/243 حسن بن عبد الله بن حجاج الكردي: 1/305 حسن بن عبد الله العدوي: 1/287 حسن بن عبد الله الطوسي (قوام الملك) : 1/268 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 حسن بن علي بن عنبر الحلوي: 1/574 حسن بن محمد بن الحنفية: 2/29 أبو الحسن بن منقذ: 1/538 الحسن بن هاني: 2/323 الحسن بن هبة الله الهاشمي: 1/487 الحسين الكرابيشي: 2/81 أبو الحسين بن المنادي: 1/564 الحسين بن بلبان: 1/258 الحسين بن ريان: 1/565 حسين بن شعيب السنجي: 2/30 حسين بن علي المغربي: 1/573 الحسين بن محمد الفقيه (النجم) : 1/345 العلامة السيد الحسيني: 1/300 الحضرمي: 1/70 حطط: 2/147 حليمة بنت السيد عز الدين: 2/281 أبو الحسن علي الاصطخري: 2/327 حماد بن زيد: 2/81 حماد بن سلمة: 2/60 حمدان بن عبد الرحيم بن حمدان الاتاربي: 1/602 حمزة الجعفري: 1/217 حمزة الحبيشي: 1/514 حمزة بن أوزران: 2/273 حميد الدين بن تاج الدين الفرغاني: 2/269 حميد بن زهير: 2/31 أبو حنيفة رضي الله عنه: 1/232- 2/91- 293 حواء (عليها السلام) : 2/6- 26 الحيسمان الخزاعي: 2/31 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 حرف الخاء خاتون بنت رضوان: 1/385 خالد بن الأعلم: 2/32 خالد بن سعيد بن العاص: 2/33 خالد بن عبد الله القسري: 2/32 خالد بن ملا: 2/33 الخالدي: 1/63 خباب بن الأرت: 2/32- 42 ابن الخباز: 1/317 خبيب بن عدي: 2/32 خجا سودون: 2/137- 14- 418 خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها) : 2/32 ابن الخراط: 1/239 ابن الخرزي (زين الدين) : 2/112- 174 185- 193- 226 ابن الخشاب القاضي: 1/542 خشقدم: 1/412- 534 ابن خشنام: 1/367 الخضر (عليه السلام) : 2/44- 288 خضر بن الطنبغا: 1/237 ابن خطيب الناصرية: 2/121- 275 خيار بن عدي بن نوفل: 2/33 أبو الخير المحضي: 1/386 ابن خروف الشاعر: 1/290 خلعان (خادم الرشيد) : 1/129 خليفة بن سليمان: 1/348- 354 الخليل (عليه السلام) : 2/305- 319 الخليل بن أحمد الفراهيدي: 2/33 خليل بن المنصور (الأشرف) : 1/538 خليل بن شاهين: 2/175- 182 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 حرف الدال الدارقطني: 1/123 داود بن العاضد: 1/431 داود بن علي (فقيه) : 1/341 داود بن محمد (المعتضد) : 2/265 داود بن نصيب الطائي: 1/386 ابن الداية: 1/335 دبيس بن صدقة: 1/195- 196- 202 الدجال: 2/288 ابن الدجال: 1/215 ابن الدربي: 1/509 ابن دقاق: 1/366 دقلطيانوس (الملك) : 1/95 دقيانوس: 1/128 دقماق: 2/109- 110- 411 ابن دقيق العيد: 1/102 ابن دلغار: 2/110 دمرداش: 2/108- 111- 114- 115- 117- 405- 526 دمستق: 1/181- 82- 84- 185- 153 الدميري: 1/54- 91 الدوقس: 1/171 الدولعي: 1/275- 276- 277 ديك الجن: 1/58 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 حرف الذال ذؤيب بن كليب: 2/36 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 حرف الراء أبو الرجا بن السرطان: 1/204 الرازي: 1/101 الراضي: 2/7 رافع بن مالك: 2/36 ابن الراوندي الملحد: 2/326- 327 ابن الرسام الحلبي: 1/351- 2/176 ابن رستة: 2/15 رشيق (خادم سيف الدولة) : 1/185 رضوان بن تتش: 1/88- 193- 385- 541 ابن الرفعة: 1/148 رقاش (أخت جذيمة ملك الحيرة) : 2/22 ابن رمضان درندار: 2/234 ابن رواحة الحموي: 1/304- 2/324 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 حرف الزاي ابن الزبراح: 2/221 الزبير العوام: 2/37 الزبير بن عبد المطلب: 2/37 ابن زرارة: 2/81 الزكي البرزالي: 1/115 الزقرق الحموي: 1/358 الزمخشري: 2/220 زمرد خاتون: 1/403 ابن الزملكاني: 1/79- 326- 1/443 زنكي: 1/110- 112- 198- 199- 200 ابن الزهري: 2/251- 252- 253 زياد بن أبي سفيان: 2/37 زيد بن حارثة: 2/32 زيد بن علي بن الحسين: 1/125 ابن الزير تاج: 2/198 زيتون: 1/173 زين الدين الكركي: 2/149 ابن زين الدين النصيي: 1/439 زينب بنت جحش: 2/37 زين الدين بن ابراهيم بن سليمان الرهاوي: 1/237 زين الدين الخرزي: 1/248- 293 زين الدين بن الوردي: 1/460 زين الدين كوجك:/ 394 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 حرف السين سابق بن محمود بن صالح المرداسي: 1/220 سابق الدين عثمان: 1/402 ساروغ بن أرغو: 2/39 سالم الحنبلي: 2/265 سالم بن قريش: 1/367 سالم بن مالك: 1/487 سبأ بن يشجب: 2/40 سبط بن العجمي (شرف الدين) : 1/240 سبط بن الوجيه: 2/229 سبط بن الوردي: 2/187 ست الهناء بنت صالح بن العجمي: 2/309 ابن سحلول: 2/160 السخومي: 2/514 سديد الدولة: 1/536 ابن السراج: 1/68 سراج الدين الأرموي: 1/610 سراج الدين البلقيني: 2/14- 159 سراج الدين الحمصي: 2/19 سراج الدين الغوي: 1/308- 498 سربحا (الشيخ) : 1/497 سرقوس: 1/526 سرور (خادم المأمون) : 1/131 السّري الرفاء (الشاعر) : 1/544 السري السقطي: 1/307- 386 ابن سريجا: 1/501 سعد الدين الآمدي: 2/227 سعد الدين التفتازاني: 2/144 سعد الدولة الحمداني: 1/529- 550 سعد الدين المحقق: 1/103 سعد الدين بن ابراهيم: 2/315 سعد بن ابراهيم الطائي: 2/220 سعد بن أبي وقاص: 2/39 سعد بن عمرو بن الهصيص: 2/35 أبو السعود الباذ بيني: 1/414 ابن سعيد المغربي (الشاعر) : 1/433 سعيد بن أبي عروبة: 2/60 سعيد بن الخطيب هاشم: 1/508 سعيد بن عبد الواحد (عم الخطيب) : 1/508 سعيد بن عثمان بن عفان: 2/42 السفاح (الخليفة) : 1/120- 122- 124 2/292- 294 ابن السفاح: 1/62- 2/161- 175- 2/230 سفيان الثوري: 1/365 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 سفيان بن أمية: 2/27 أبو سفيان بن حرب: 2/38 ابن سلار: 1/539- 2/146- 2/162- 175 ابن سلامة: 1/503 سلطان بن علي بن منتصر: 1/198 سلطان شاه بن رضوان: 1/195 سلمان الفارسي (رضي الله عنه) : 2/44 أبو سلمة بن عبد الله الأسدي: 2/41 سلمان بن جندر: 1/316 سلمان بن ربيعة: 2/13- 55 سليمان التميمي: 1/123 سليمان الياسوفي: 1/375 سليمان بن داود بن يعقوب: 1/474 سليمان بن صالح بن علي بن العباس: 1/354 سليمان بن عبد الجبار بن أرتق: 1/270- 1/271- 504 سليمان بن عبد الملك: 1/12- 122- 100 1/206- 505- 555- 132- 140 سليمان بن وهب بن سعيد (وزير المهدي) : 2/41 سليمان سبط المجد بن العجمي: 2/160 سكينة بنت الحسين: 2/40 سمرة بن جندب: 1/122 سمعان الديري: 1/194 سمية أم عمار بن ياسر: 2/40 سنان بن سليمان (صاحب الدعوة) : 1/596- 597- 1/521- 599- 598- 2/279 سنان الأسدي: 2/41 سنجر عبد الله التركي: 2/41 سنقر النوري: 1/400 ابن سنيير: 1/591 سهيل (خادم نور الدين الشهيد) : 1/180 السوبيني: 2/194- 195- 196- 199- 200 سودون: 2/116- 117- 132- 133- 231 سودون الدوار: 1/448- 585 سودة بنت زمعة: 2/39 سودي (كامل حلب) : 1/434- 566 السوسي (قاضي حلب) : 1/451 سويد بن سعيد: 1/54- 55- 68- 70 سيبويه: 2/326 سيدي باك بن أوزر: ابن سير: 2/280 سيف الاسلام (صاحب اليمن) : 1/47 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 سيف الدولة الحمداني: 1/181- 182- 1/184- 187- 197- 207- 221- 506- 566- 555- 595 سيف الدولة الآمدي: 2/153 ابن سينا: 1/58 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 حرف الشين شاذبخت الأتابكي: 1/345- 346 الشافعي (رضي الله عنه) : 2/80 شاه رخ: 2/136- 172- 207 شاهين الأرغون شاوي: 2/27 شاهين الايد كاري: 2/127 شاور: 1/352 ابن الشحنة (أثير الدين) : 2/250- 264 ابن الشحنة (محب الدين: 1/229- 264- 348- 216- 438- 497- 501- 2/155- 166- 235- 2/249- 250- 260 ابن شداد (بهاء الدين) : 1/289- 290- 317- 316- 401 شرباش قامسوا: 2/124- 127- 131 شرف الدين أبي طالب بن العجمي: 1/317- 318 شرف الدين الأنصاري: 1/169- 285- 1/304 شرف الدين بن علوي: 2/164 شريح بن الحارث الكندي: 2/25 ابن الشريش: 2/206 الشريف الحسيني: 1/284- 304 شعشاع (محمد بن ملاح) : 2/286 شعبة بن الحجاج: 2/43 الشعبي: 2/89 شعيب: 2/288 شعيب بن حسين الأندلسي: 1/308 الشقيرا: 1/404 أبو شكر (وزير العدل) : 1/32 الشماس: 2/307 شمس الدين بن السلامي: 2/282 شمس الدين بن الشماع: 1/486- 527 شمس الدين بن الصايغ: 1/289 شمس الدين بن الطرموسي: 1/389 شمس الدين بن المزلق: 2/234 شمس الدين بن المظفر حامد القزويني: 1/322 شمس الدين بن النشا: 2/155 شمس الدين بن أمير حاج حلبي: 1/355 شمس الدين بن أمين الدولة: 2/125 شمس الدين بن زهرة: 2/227 شمس الدين بن سلامة: 1/354 شمس الدين بن عبد الأحد (الشاعر) : 1/168 شمس الدين بن قمر: 1/423 شمس الدين بن محسن الشافعي: 2/284 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 شمس الدين بن ناصر الدين (الحافظ) : 1/315- 503- 2/248- 259 شمس الدين الأسيوطي: 2/285 شمس الدين الأطعاني: 1/376 شمس الدين البرقاوي: 2/187 شمس الدين البساطي المالكي: 1/428 شمس الدين البوادي: 1/180 شمس الدين الخابوري: 1/298 شمس الدين العراقي: 1/161 شمس الدين الغزي: 1/238- 399 شمس الدين الكرماني: 2/160 شمس الدين النابلسي: 2/249 شمس الدين التواجي: 2/260 ابن الشنقشي: 2/125 شهاب الدين الأنصاري: 1/227 شهاب الدين الباعوني: 2/169 شهاب الدين أحمد: 2/225 شهاب الدين الحجازي: 2/260 شهاب الدين الرهاوي: 1/440 شهاب الدين الكوراني: 2/269 شهاب الدين المرعشي: 2/192 شهاب الدين الملكاوي: 2/260 شهاب الدين النويري: 2/200 شهاب الدين بن أبي السعود: 2/260 شهاب الدين بن أبي السفاح: 1/264 شهاب الدين بن الخطيب العجمي: 1/111 شهاب الدين بن الزبيبة: 1/325 شهاب الدين بن الزهري: 1/258- 447 شهاب الدين بن الصاحب: 1/441 شهاب الدين بن زين الدين: 2/132 شهاب الدين بن هلال: 2/126 شهر بن حوشب: 2/297 شيث بن آدم (عليه السلام) : 2/43 شيخ (السلطان) : 2/14- 115 الشيزري: 1/60 شير كوه بن شادر: 1/199- 301- 546 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 حرف الصاد الصاحب بن عباد: 1/443 الصالح الجبرتي: 1/429 صالح بن علي بن العباس: 1/551 صالح بن شهاب الدين بن السفاح: 1/169 صالح بن المبارك: 2/81 صبيح (مولى حويطب بن عبد العزيز) : 2/44 صدر الدين بن الأدمي: 2/111- 112 صدقة بن عبيد الله: 1/123 صفوان بن عيسى: 1/173 صلاح الدين الأيوبي: 1/209- 211- 273- 232- 253- 273- 274- 447- 1/341- 352- 559- 559 ابن صوجي: 1/421 الصنوبري: 1/63- 64- 65- 564- 570- 571- 572 صيفي بن المنذر: 2/307 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 حرف الضاد ضبيان بن بدران: 1/257 ضحاك: 2/45 الضحاك بن قيس: 2/239 ابن ضياء: 1/223 الضياء بن الشهرزوري: 1/274- 275 ضياء الدين بن النصيي: 1/116- 2/417 ضيفة خاتون: 1/107- 108- 322- 403- 535- 541 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 حرف الطاء أبو طالب بن زيادة (الشاعر) : 1/118 طاهر بن الزاير: 1/204 طاهر بن حبيب: 2/29 طاهر بن نصر الله بن جهبل: 1/273- 276- 286 طرباي: 2/129 ابن الطرسوسي: 1/487 طرفة بن العبد: 2/46 ططر: 2/127- 143 طغرلبك السجلوقي: 2/46 طغربك: 1/132- 289- 294- 348- 401- 404- 252- 536 طقتمر: 1/369 طقزتمر: 2/47 طمان النوري: 1/354 الطنبغا: 1/228- 235- 213- 348- 2/250- 251- 257 الطنبغا الصغير: 2/124- 127 الطنبغا القرمشي: 2/124- 127 الطنبغا المرقبي: 2/124 طهموت: 2/47 طوخ (نائب طرابلس) : 2/117- 118- 119 طوغان: 2/129 طويس: 2/47 طولي بن جنكيزخان: 1/607- 609 ابن طومان: 1/237 الطيي: 1/205 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 حرف الظاء الظاهر (السلطان) : 1/275- 233 الظاهر بن الحاكم: 1/174 الظاهر بن صلاح الدين: 1/61 الظهير (متصوف) : 1/275 ظهير الدين بن العجمي: 1/378 الظهير الكازوني: 1/611 ابن ظهيرة: 2/244 الظاهر الغازي: 1/262- 282- 492- 521- 545- 547- 556- 557- 558- 559- 560- 561- 577- 582- 589- 591 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 حرف العين عائشة بنت صالح بن علي بن العباس: 1/454 عائشة بنت عبد الهادي: 2/149- 241 عالي بن ابراهيم بن اسماعيل الغزنوي: 1/349 أبو عامر الجرجاني: 1/192 عامر بن اسماعيل: 2/291 عامر بن الظرب: 2/57 عبادة بن علي الخزرجي: 2/43 ابن عباس: 1/55- 69 العباس بن عبد المطلب: 2/61 العباس بن كيغلغ: 1/66 العباس بن مأمون بن الرشيد: 1/126- 134- 135 عباس بن محمد بن عبد الله: 2/292 نجم الدين عبد الخالق سبط بن الوردي: 2/184 عبد الرحمن البغدادي: 2/143 عبد الرحمن الجولي: 1/354 عبد الرحمن الغزنوي: 1/210 عبد الرحمن الكردي: 1/338 عبد الرحمن بن أبي بكر بن داود القادري: 2/247 عبد الرحمن بن أبي بكر الشامي: 1/408- 409 عبد الرحمن بن أبي بكره: 2/53 عبد الرحمن بن أبي عمر: 2/58 عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الشافعي: 2/217 عبد الرحمن بن ادريس الخلاطي: 1/355- 369 عبد الرحمن بن البار القسطنطيني: 2/484 عبد الرحمن بن البلدي: 1/408 عبد الرحمن بن الطويل: 2/263- 264 عبد الرحمن العجمي: 1/270- 271- 272- 317- 318 عبد الرحمن بن زياد بن أنعم: 2/60 عبد الرحمن بن سمرة: 2/53 عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن العجمي: 1/312 عبد الرحمن بن محمد: 2/57 عبد الرحمن بن محمد الطويل (قاضي عنتاب) : 2/65 عبد الرحمن بن محمود بن جعفر الغزنوي: 1/342 عبد الرحمن بن يوسف بن الطحان: 2/183 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن العجمي: 1/318 عبد الرزاق الشرواني: 1/306 عبد الصمد بن الفضل بن خالد بن هلاد: 2/58 عبد الصمد بن علي: 2/58 عبد العزيز بن الحجاج: 2/291 عبد العزيز بن مروان: 2/7 عبد العزيز البغدادي: 2/269 عبد القادر بن الرسام: 2/170- 230 عبد القادر بن محمد بن ابراهيم المعافى: 1/424 أبو عبد الله الاسكافي: 1/56 عبد الله الأنصاري: 2/135 عبد الله البسطامي: 2/243 عبد الله الزموطي: 1/520 عبد الله الساوجي: 2/29 عبد الله العجمي الأدهمي: 1/410 عبد الله القصري: 1/276 عبد الله المعري الصابوني: 1/217 أبو عبد الله الناشئ: 1/118 عبد الله بن أبي سرج العامري: 2/54 عبد الله بن الزبير: 1/498- 499- 2/51- 238- 239 عبد الله بن العباس: 2/52 عبد الله بن المغفل: 1/123 عفيف الدين عبد الله بن النقيب الحسيني: 2/282 عبد الله بن بري: 2/115- 281 عبد الله بن جحش: 2/52 عبد الله بن جعفر (أول مولود في الاسلام في الحبشة) : 2/51 أبو عبد الله بن حسان المعري: 1/542 عبد الله بن ذكوان: 2/54 عبد الله بن سحلول (استدار) : 1/406 عبد الله بن عامر: 2/55 عبد الله بن عبد الرحمن الأسدي: 1/292- 295- 305- 319 عبد الله بن عبد المطلب (والد صلى الله عليه وآله وسلم) : 2/69 عبد الله بن علي بن أركان: 1/125 عبد الله بن علي بن عبد الله بن السفاح: 2/292 عبد الله بن عمر (والد جابر) : 2/52 عبد الله بن لهيعة: 2/54 عبد الله بن كليب (أحد بني عامر) : 2/56 عبد الله بن محمد الصليحي: 1/430- 431 عبد الله بن محمد بن حسان الخطيب: 1/116 عبد الله بن مرر بن عثمان الحيزاني: 2/193 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 عبد الله بن نوفل بن حارث: 2/13- 55 عبد اللطيف بن محمد الحسيني: 2/174 عبد المجيد بن الحسن بن العجمي: 1/493 عبد المحسن الصوري: 1/347 عبد المحسن بن محمد: 2/184 عبد المطلب بن الفضل: 1/343- 353 عبد المطلب (جد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) : 2/59- 92 عبد الملك المقدم: 1/353- 400- 2/32 عبد الملك بن جريح: 2/60 عبد الملك بن عبد الله العجمي: 1/287 عبد الملك بن مروان: 2/59- 92- 581 عبد المنعم الفراوي: 1/321 عبد الواحد الجوزجاني: 1/142 عبد الواحد الحراني: 2/273 عبد الوهاب بن أبي الفضل بن عبد السلام: 1/262 عبد الوهاب الحسيني: 2/158 عبد الودود بن عبد الملك: 1/74 عبد عمرو الفاسق: 2/60 عبد قصي: 2/72 عبيد الله الفاطمي: 2/56 عبيد الله بن أبي بكرة: 2/54 عبيد الله بن زياد: 2/56 عبيد المقرئ: 2/45 عبيد بن الحارث: 2/61 عبيد بن عمر الليثي: 2/56 عبيد شرية: 2/227 أبو عبيدة بن الجراح: 2/206- 170 عتاب بن هرم: 2/61 عتبة بن عبد الله الهمداني: 2/61 عتبة بن غزوان: 2/18 عتبة بن مسعود: 2/61 عثمان الرومي: 1/413 عثمان الصلاح: 2/63 عثمان بن أبي العاص: 2/62 عثمان بن أبي قحافة: 2/62 عثمان بن حقمق: 2/254 عثمان بن زكريا المؤدب: 1/70 عثمان بن طرغلي: 1/539 عثمان بن سعيد الأنماطي: 2/62 عثمان بن عفان (رض) : 2/87 عثمان قرايلوك: 2/126 عثمان بن مظعون: 2/62 عجل بن نعير: 2/118 ابن العجمي: 1/236 عدنان بن أود: 2/92 ابن عدي: 1/54- 55 عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث: 2/63 عدي بن مادة: 2/64 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 عدي بن نضلة: 2/64 ابن العديم: 1/79- 80- 91- 240- 100- 368 عز الدين الحاضري: 1/436- 344- 390 عز الدين بن عبد السلام: 2/58 أبو عزة الجمحي: 2/25 الملك العزيز: 1/289 عزيز الدولة: 1/538 العزيز الفاطمي: 1/563 ابن عشائر: 1/78- 309 ابن أبي عصرون: 1/279 عفان بن مسلم الحافظ: 2/64 عفيف بن زريق: 2/306 عفيف بن معدي كرب: 2/68 عقبة بن أبي معيط: 2/65 عقبة بن الأزرق: 2/65 علاء الدين البيري: 1/375 علاء الدين الجبرتي (الزاهد) : 1/350 علاء الدين الجبريني: 1/293 علاء الدين السيرافي: 1/497 علاء بن أبي الحسن علي الجبلي: 1/449 علاء الدين طاي بغا: 1/400 علاء الدين بن الحاضري: 1/259 العلاء بن الحضرمي: 2/65 علاء الدين بن الشيباني: 1/586 علاء الدين بن الوردي: 2/242- 293 علاء الدين بن عز الدين: 2/169 علاء الدين بن مكتوم: 2/187 علاء الدين بن يوسف الجبرتي: 1/388 علان: 2/202 علم الدين بن الكويز: 1/455 علم الدين البلقيني: 2/219 علم الدين الدوداري: 1/614 عكرمة بن عبد مناف: 2/35 عماد الدين زنكي: 1/110 عماد بن زكريا المؤدب: 2/322 عمار بن ياسر: 1/127 عمار بن الجعد: 2/68 عمرو بن الحضرمي: 2/66 عمرو بن الحمق: 2/67 عمرو بن حريث: 2/66 عمرو بن سعد: 2/35 عمرو بن عامر الخزاعي: 2/67 عمرو بن عبيد: 2/67 عمرو بن عدي بن نصر: 2/22- 23 عمير بن حمام: 2/30 عمير بن عدي: 2/66 عمير بن وهب الصحابي: 2/66 علي الحيدري: 1/410 علي الدقاق: 2/278 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 علي الكافجي: 2/183 علي الفاسي: 1/275 علي الفولاذي (شيخ) : 1/240 علي المتعيش: 1/398 علي النسيمي: 2/125 علي الهاشمي: 1/323 علي الوردي: 2/216 علي باك: 2/231 علي باك المؤبدي: 2/262 علي باك بن دلغار: 2/126 علي باك خليل دلغادر: 2/113 علي بن علي الحسن البلخي: 2/65 علي بن الرقيق: 2/277 علي بن الوجيه: 2/251 علي بن ابراهيم حسام الكردي الحلبي: 1/354 علي بن أبي بكر الهروي: 1/319 علي بن أبي بكر بن مفلح الراميني: 2/170 علي بن أحمد بن مكي الرازي الوردي: 1/343 علي بن الخشاب (أبو الحسن البناء) : 1/219 علاء الدين الشيباني: 1/272 علي بن الصيرفي: 2/162 علي بن أبي ثريا: 1/278 علي بن أبي الرجاء: 1/367 علي بن أبي طالب (رض) : 2/47- 50- 51- 100- 387 علي بن الحسن بن محمد بن أبي جعفر الإمام: 1/342 علي بن سبأ: 2/56 علي بن سليمان المرادي: 1/308 علي بن سليمان بن جندب: 1/262- 371 359- 358- 426 علي بن صلاح الدين: 1/116 علي بن ظافر (ابن أبي منصور) : 1/245- 277- 545 علي بن عبد الحميد الغضائري: 1/307- 308 علي بن عمر مجلي: 1/548 علي بن قلج (الأمير) : 1/96 علي بن محمد الفاسي: 1/133 علي بن محمد بن محمد النجاري: 2/144 علي بن محمد بن محمد بن أبي العشائر: 1/372 علي بن محمد بن زياد المارني: 1/431 علي بن مسهر: 1/68 علي بن معتوق الدنيسري: 1/266 علي بن منقذ: 1/89 علي بن يوسف الوزير القفطي: 1/132 عمار بن ياسر: 2/26 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 عمر الحموي: 1/368 عمر القلشاني: 1/484 عمر بن أبي صالح عبد الرحيم: 1/273 عمر بن أحمد بن هبة الله بن حرادة (ابن العديم) : 1/14- 147- 349 عمر بن اسماعيل الفارقي: 1/543 عمر بن الخطاب: 1/17- 2/47- 49- 55- 19- 2/89- 96- 7 عمر بن السفاح: 2/314- 251 عمر بن العجمي: 2/166 عمر بن العفيف: 1/361 عمر بن المبارك الخرزي: 2/145- 146- 147- 158 عمر بن النسفي: 1/318 عمر بن النصيي: 1/407 عمر بن حبيب: 1/300 عمر بن حفاظ بن خليفة بن عقاد: 1/355 عمر خشاب: 2/274 عمر بن زقزق الحموي: 1/352 عمر بن عبد العزيز (رض) : 1/132- 117- 212- 218- 1/227- 506- 2/52- 300 عمر بن علي بن محمد بن قشام: 1/351 عمر بن قشام: 1/349 عمر بن محمد السهروردي الزاهد: 1/389 عمر بن محمد الفرغاني: 2/68 عمر بن محمد بن السعي الجبريني: 2/145 عمر بن موسى الحمصي: 2/263 عمر سبط بن السفاح: 1/214 عمر سبط بن الشهري: 2/129- 131 ابن العواد: 1/364 عون بن ارميا: 1/97- 98 عيسى عليه السلام: 2/139 عيسى بن سعدان: 1/574- 596 عيسى الكردي الهكاري: 1/235 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 حرف الغين غازي (ابن صلاح الدين) : 1/105- 107 غازي سيف الدين: 1/201 الغرياني: 2/267 أبو غانم بن جرادة القاضي: 1/195 الغزالي: 1/276 غرس النعمة أبي الحسن: 1/560 الغضائري: 1/206 غلبك بن عبد الله الجاشنكير: 1/436 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 حرف الفاء فاطمة (عليها السلام) : 2/69 فاطمة المخزومية: 2/70 فاطمة بنت الأسد: 2/69 فاطمة بنت جلال البلقيني: 1/171 فاطمة بنت شرف الدين الأنصاري: 2/156 فاطمة بنت مر الخثعمية: 269 فاطمة خاتون بنت الملك المؤيد: 1/402 فاطمة (زوجة الكاساني) : 1/341 أبو الفتح الثقفي: 1/102 أبو الفتح بن مجد الدين: 1/274 فتح الدين المالكي: 2/125 فتح الدين بن الشهيد: 2/252 فخر الدين الخلاطي: 1/612 فخر الدين الرازي: 2/83 فخر الدين بن اغلبك: 2/285 أبو فراس بن أبي الفرج البزاعي: 1/118 فرح بن القاشاني: 2/250 فرعون: 2/70 ابن الفصيصي: 1/591 أبو الفضل بن خشاب: 2/196 أبو الفضل بن رضوان: 1/204 الفضل بن سهل: 2/70 الفضل بن عياض: 1/67 فطيس: 1/357 فنا خسرو بن ركن الدولة الحسن بن بويه: 2/71 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 حرف القاف قابيل: 2/40 القادر بالله: 2/142 أبو القاسم بن أبي الحديد: 1/576 أبو القاسم بن العقياني: 1/484 قاسم النسيمي: 2/168 القاسم بن عبد الله: 2/14 قاسم بن القشاشي: 2/280 القاسم بن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : 2/74 ابن القاضي الأبيض: 1/347 ابن قاضي شهبة: 2/150- 171- 20 قانباي: 1/547- 2/190- 253- 26 قانباي باك: 2/130- 131- 132 قانباي البهلوان: 1/547- 2/231 قانباي الجركسي: 2/254- 137- 142 قانباي الحزاوي: 2/200- 217- 218- 226- 232- 233- 263 قانباي اليوسفي: 2/182 قاتيباي: 1/215- 2/109 القائم لله: 1/143 ابن قتيبة: 1/170- 2/7 قجقار القردمي: 2/120 قحطان: 2/72 قارجا: 2/418 قراجا الحسيني: 2/137 قراجا الدوادار: 1/223 قراسنقر المنصوري: 1/211- 538 قرالوك عثمان: 2/121 قرا يوسف بن قرابلك: 2/121- 122- 123 قرباص: 1/202 قرط بن كعب: 2/74 قرعويه: 1/185 قرقماش: 1/418- 273- 2/115- 136 135- 2/292 ابن قرناص: 1/309- 560 أبو قرة الكندي: 2/13- 55 القزويني: 1/154 قس بن ساعدة: 2/73 قسطنطين: 2/72 قسيم الدولة: 1/110- 220 القشيري: 1/458 قصروه: 1/585- 2/132- 134 قصي: 2/72 قصي بن كلاب: 2/35 قطز: 1/608 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 قطلوبغا الأحمدي: 1/241 قلاوون: 1/211- 1/624 قليبص: 2/74 قليج: 1/437 القفطي: 1/107 القندري: 1/62 قيس بن عاصم: 2/74 قيصر الظاهري: 2/301 ابن القيم: 138- 90 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 حرف الكاف الكاملية زوجة علاء الدين بن الرجاء: 1/404 الكارزون بن اسحاق: 1/428 كردي باك بن بكيك: 2/196 ابن كردي الكيدري: 2/130 كرز بن علقمة: 2/7 كزل: 2/110- 132 كسرى أنو شروان: 1/527- 550 كسرى بن عبد الكريم السلمي: 1/229- 515 كعب بن الأشرف: 2/25 كعب بن سور: 2/13- 55 كعب بن لؤي: 2/57 كعب بن مالك: 2/57 الكلتاوي: 1/369- 520 كلثوم بن الهدم: 2/75 أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط: 2/76 ابن الكلزي: 1/587 كركر: 2/127- 128 ابن الكركي: 2/284 كمال الدين أبو أصبح: 1/424 كمال الدين أبو الفضل بن العجمي: 1/374 كمال الدين بن الحجاج: 2/197 كمال الدين بن الخرزي: 1/306 كمال الدين بن العجمي: 1/277- 278 كمال الدين بن النحاس: 1/62 الكمالي بن البارزي: 2/255 كمشبغا: 2/411 كمشتكين: 1/193- 396- 397 الكيا الهراسي: 1/276 ابن الكيزاني: 1/118 كيقباذ بن راع: 2/76 كيومرث: 2/76 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 حرف اللام لامك: 2/97 لحي بن الحارثة: 2/78 لقمان: 2/78 لمك (ولد نوح عليه السلام) : 2/78 لؤلؤ الاميني: 1/107 لؤلؤ الكبير: 1/191 لؤلؤ الخادم: 1/384 ليلى الأخيلية: 1/56- 57 ليلى بنت أبي حمنة: 2/78 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 حرف الميم محمد الأطعاني: 1/401- 409 محمد الاعزازي: 2/310 محمد البلاطنسي: 2/165 محمد الحراني: 1/517 محمد الحمصي: 1/257 محمد الريس بن علاء الدين بن عشائر: 1/373 محمد الزرنيخي: 1/358 محمد الزكي: 1/263 محمد الزهري: 2/84 محمد الساوجي (شيخ القلندرية) : 1/423 محمد الصناع الغرناطي: 1/484 محمد الصوفي: 2/230 محمد الكردي: 1/305 محمد الكردي الكاجلي: 1/486 محمد الكنجي: 1/366 محمد المخلع: 2/123 محمد الملطي الحنفي: 2/217 محمد المنتوري: 1/484 محمد المهدي: 2/82 ضياء الدين محمد النصيي: 2/176- 179 محمد خادم الشيخ يبرق: 1/412 محمد شيرين: 2/44 محمد قطيش: 2/251 محمد بن أبي بكر بن المعصراني: 2/11 محمد بن أبي بكر بن نبهان: 2/283 محمد بن الأستاذ: 1/317 محمد بن الأشقر: 2/199 محمد بن الباعوني: 2/277 محمد بن التنسي: 2/223 محمد بن الحسن الحصوني: 2/180- 277 محمد بن الحسين بن أسعد بن العجمي: 1/318 محمد بن الخباز: 2/246 محمد بن الخشاب: 1/489 محمد بن الخطيب: 1/76 محمد بن الداية: 1/404 محمد بن السيد حمزة كاتب بكلمش: 1/380 محمد بن الصاحب (الرئيس ناصر الدين) : 1/442 محمد بن الضياء بن العجمي: 2/259 محمد بن الطنبغا سمسم: 2/172 محمد بن عز الدين أبي البقاء الحاضر: 1/169 محمد بن العلاء عز الدين الحاضري: 1/173 محمد بن الكلزي: 2/251 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 محمد بن الكويك: 2/220 محمد بن المنصور بن القاسم الشهروزي: 1/286 محمد بن الناصر الصوفي: 2/204 محمد بن النويري: 2/23 محمد بن الهيثم: 1/148 محمد بن ابراهيم بن حسن بن خلكان: 1/303- 309 محمد بن ابراهيم بن محمد بن أبي نصر: 1/578 محمد بن أبي الثناء بن صدقة: 1/261 محمد بن أبي الكرم بن عبد الرحمن السنجاري: 1/360 محمد بن أبي بكر بن علي (ابن الخباز) : 1/317 محمد بن أحمد السقطي: 2/235 محمد بن أحمد الهراوي: 1/467 محمد بن أحمد بن خلد اللخمي: 2/267 محمد بن أحمد بن غنيم: 1/587 محمد بن أحمد بن محمد اللخمي الغرناطي: 2/266 محمد بن أحمد بن مقدم البساطي: 2/143 محمد بن أحمد بن يوسف السلاري: 1/358 محمد بن أحمد بن الحسيني: 1/167 محمد بن ادريس الاردبيلي: 2/285 محمد بن ادريس الشافعي: 2/79 محمد بن اسعد الملحم: 1/349 محمد بن اسماعيل بن محمد الونائي: 2/186 محمد بن حرب الشاعر: 1/575 محمد بن حاطب: 2/84 محمد بن حبيب الحلبي: 1/300 محمد بن حسان الزاهد المغربي: 1/542 محمد بن الحسن بن أسعد العجمي: 1/318 محمد بن حمادة الشافعي: 2/229 محمد بن خضر الحلبي: 1/575 محمد بن خليل بن الوجيه: 2/218 محمد بن خليفة المعصراني: 2/238 محمد بن داود (صاحب كتاب الزهرة) : 2/321 محمد بن رفاع: 1/452 محمد بن زنكي بن مودود: 1/113 محمد بن سفيان: 2/84 محمد بن سلمان: 2/84 محمد بن شمس الدين محمود بن قليج النوري: 1/356 محمد بن عبد الرحمن (ابن صلاح) : 1/302 محمد بن عبد الرحمن السخاوي: 2/273 محمد بن عبد الرحمن الشيزري: 1/61 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 محمد بن العجمي: 1/339 محمد بن عبد الرحمن بن علوان الأسدي: 1/305 محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي: 1/341 محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد بن أبي: جرادة: 1/356 محمد بن عجلان: 2/173 محمد بن عثمان: 1/368 محمد بن عثمان الحداد: 1/211 محمد بن عشائر: 2/185 محمد بن عمر الغزولي: 2/258 محمد بن عمر الفزاري: 2/198 محمد بن عمر النصيي: 2/260 محمد بن الواقفي: 1/376 محمد بن عمر بن حفاظ: 1/355 محمد بن عمر بن لاجين: 1/349 محمد بن عمر بن مكي بن الوكيل: 2/83 محمد بن علي القفال: 2/83 محمد بن علي الموصلي: 1/211 محمد بن علي بن محمد القاياني: 2/194 محمد بن عيسى: 1/189 محمد بن غازي (الملك الظاهر) : 1/207 محمد بن قراسنقر: 1/236 محمد بن قلاوون: 1/209 محمد بن محمد أبو المكارم: 1/292 محمد بن محمد الحكمي: 1/484 محمد بن محمد الخراز: 1/436 محمد بن محمد السرخسي: 1/343 محمد بن محمد بن ابراهيم الحلبي: 1/572 محمد بن محمد بن الأستاذ: 1/317 محمد بن محمد بن سراج الأندلسي: 1/484 محمد بن محمد بن عبد الرحمن: 1/404 محمد بن محمد بن عبد القادر النصيي: 1/283 محمد بن محمد بن الشيزري: 1/60 محمد بن محمد بن محمد بن الخزري: 2/249 محمد بن محمد بن محمد السنباطي: 2/273 محمد بن محمد بن يحيى الحكي الأندلسي: 1/484 محمد بن مصطفى المارداني: 2/361 محمد بن مسروق: 2/85 ابن مقلد: 1/444 محمد بن مكبوت: 1/62 محمد بن منجك: 2/132 محمد بن موسى: 1/187 محمد بن موسى الحوراني: 1/255- 505 محمد بن ناصر الدين بن البارزي: 2/245 محمد بن هانئ: 2/24 محمد بن هدية بن الأشنهي: 1/306 محمد بن يحيى بن الخشاب: 1/339 محمد بن الخشاب (بناء) : 1/219 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 محمد بن يحيى الغوري: 1/358 محمد بن يحيى بن مبارك الحمصي: 1/364 محمد بن يحيى بن محمد بن العديم: 1/353 محمد بن يعقوب بن ابراهيم بن النحاس: 1/352 محمد بن يوسف الدوري: 1/49 ماعز: 2/89 مالك بن أنس (رض) : 2/81 مالك بن دينار: 1/135- 2/100 مالوية بن نوير: 2/88 المأمون: 1/128- 129- 130- 134 متمم بن نويرة: 2/23 المتنبي الشاعر: 1/573- 574 متولي التركماني: 2/265 متولي بن كبك الأوشري: 2/130 المتوكل: 1/97 المجرد البسطامي: 1/424 مجد الدين الحسن: 1/357 مجد الدين العديمي: 1/508 أبو المحامد القوصي: 1/393 محمود بن المعري: 2/220 محمود بن النحاس: 1/349- 357 محمود بن زنكي: 1/582 محمود بن سبكتيكين: 1/433 محمود عبيد الله الاردبيلي: 2/186 محمود بن مسعود بن المصلح: 1/619 محي الدين بن الزاكي: 1/579 محي الدين عبد الله: 1/274 المختار بن حسن بن بطلان: 1/551 المختار بن عبيد: 2/85 مراد باك: 2/235 المرادي (الحافظ) : 1/275- 276 مراير بن مردة: 2/86 المرتضى بن أحمد النقيب الحسني: 1/362- 365 ابن المرحل: 2/149 ابن مرزوق: 1/484- 2/164 مروان الحمار: 2/329- 2/86 مروان بن الحكم: 2/85 المستضيء بالله: 1/219 المستكفي: 2/236 المسهل بن الكميت بن زيد: 1/212 مسراج (مولى تميم الداري) : 2/86 مسرق العابد: 1/232 مسعود بن صلاح الدين المؤيد: 1/113 مسعود بن عز الدين ايبك فطيس: 1/401 مسعود بن محمد الطراثيثي: 1/285 مسعود بن محمد كوكيري: 1/301 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 مسلم (الامام) : 2/123 أبو مسلم الخراساني: 2/31- 294- 325 329 مسلم بن حضر بن قيم الحموي: 1/198 مسلم بن سلامة (عم الدين) : 1/346 مسلم بن عقيل: 1/488 مسلمة بن عبد الملك: 1/132- 100- 119- 299 مسيلمة الكذاب: 2/86 مصعب بن عمير: 2/87 مضر (جد) : 2/88 المطيع لله: 1/140 المظفر (صاحب اليمن) : 2/28 مظفر الدين كوكبوري: 1/392- 482 المعافى (صاحب كتاب الاندلس) : 1/130 أبو المعالي بن سيف الدولة الحمداني: 1/207 معاوية بن أبي سفيان: 1/223- 498- 499- 2/87- 38- 7 معاوية بن عبد الله (وزير المهدي) : 2/88 معبد الجهني: 2/88 المعتز: 1/497 المعتصم: 1/129- 134- 2/51- 84 المعتضد: 1/138- 526 معروف الكرخي: 1/382- 386 ابن المعطي: 2/242 معمر بن المثنى: 2/91 معمر بن راشد: 2/90 معن بن أوس: 1/499 معين الدين بن المنصور بن القاسم الشهرزوي: 1/303 معين الدين بن شرف الدين: 2/181 معين الدين سبط بن العجمي: 2/218 مغلطاي: 1/55- 2/26 ابن مغلطاي: 2/22 مغيث الصحابي: 1/76 المغيرة بن شيبة: 2/89 ابن مفلح: 2/173- 189- 190- 231- 276 مقيل الدودار: 2/127- 131 المقداد: 2/89 ابن المقدم: 1/112 المقريزي: 2/230- 267- 268 ابن المقفع: 2/325 ابن الملقن: 2/172 الملك الأشرف: 1/133 الملك الأفضل: 1/117- 118- 133 الملك الزاهر: 1/127 الملك الظاهر غازي: 1/317- 233- 252 1/132 الملك العادل: 1/117- 1/256- 1/579 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 الملك العزيز: 1/117- 118- 320 الملك المحسن: 1/126 الملك المظفر (قطز) : 1/536 الملك الناصر: 1/325- 344- 211- 579 ملكشاه: 2/29 مكي بن قرناص: 1/204 منذر بن عامر الأشجع: 2/89 المنصور: 1/149 منصور بن تميم: 1/488 المنصور بن المعقل: 1/431 منغلي بغا: 2/110 منكوتمر بن هولاكو: 1/614 منكوكا: 1/607 منوشهر: 2/89 ابن منير الطرابلسي الشاعر: 1/201 مهجع: 2/90 المهدي (الخليفة) : 2/7- 9- 84- 295 مهلهل: 2/90 محمود بن ختلو: 1/355 ابن الموازيني: 1/241 موسى (عليه السلام) : 2/79 موسى التركماني: 2/244 موسى الصيرفي: 1/260 موسى الكاظم: 2/296- 297 موسى الهادي: 1/54- 2/90 موسى بن جعفر الصادق: 2/297 موسى بن عبد الله الناصري (شرف الدين) : 1/438 موسى بن محمد بن مختار المصري: 1/583 موفق الدين بن النحاس: 1/346 المؤيد: 1/169- 350- 391- 119- 554 مؤيد الدولة بن يوبه: 2/13 مؤيد الدين الطغرائي: 2/82 المؤيد العرضي: 1/610 ميخائيل: 1/526 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 حرف النون الناصر (صاحب حلب) : 1/433 الناصر الخليفة: 1/316 ناصر الدولة بن أحمد: 1/140 الملك الناصر يوسف بن محمد بن الظاهر: 1/266- 400 ناصر الدولة الحمداني: 1/181- 186 ناصر الدين الحجيج: 1/263 ناصر الحاجب: 1/204 ناصر الدين الشافعي: 2/151 ناصر الدين الطواشي: 1/440 ناصر الدين بن البرازي (القاضي) : 1/279 ناصر الدين بن تقي البابي: 1/338 ناصر الدين بن السفاح: 1/212- 216- 226 ناصر الدين فرج: 1/75 ابن نباتة (الخطيب) : 1/326- 327 نتيلة: 2/91 نجران بن زيد بن يشجب: 2/91 النجم السنجاري: 1/347 نجم الدين بن حجي: 2/207 النجم الوردي: 1/230 نجم الدين أيوب الملك الصالح: 1/283 نجم الدين بن حسام: 1/158 النحريري: 2/251- 254 ابن النحريري: 2/97 نصر بن سبكتكين: 1/269 أبو نصر بن البازيار: 1/496 نصير الدين الطوسي: 1/620 نضر بن شميل: 2/91 نصر بن كلاب: 2/91 نضر بن كنانة: 2/91 نضلة بنت عبد العزى: 2/91 نظام الملك: 2/28 النعمان بن بشير: 2/91 نفطويه: 1/135 ابن النفيس الكوفي: 2/9 نقفور: 1/19- 179- 528- 550 نمرو: 2/92 نوح (عليه السلام) : 1/86- 91- 177- 2/93- 288 نور الدين الشهير: 1/208- 209- 210- 279- 285- 1/280- 221- 222- 235 345- 343- 2/85 نور الدين بن المغربي: 1/434 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 نور الدين محمود بن زنكي: 1/277- 402 نوروز: 2/111- 115- 117- 118 النووي: 1/171 ابن النويري: 2/94- 215 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 حرف الهاء هاجر (عليها السلام) : 2/93 الهادي (الخليفة) : 1/72- 73- 2/195 هارون الرشيد: 1/73- 74- 2/53- 98- 295- 296 هاشم: 2/93 هاشم بن أحمد بن عبد الواحد الخطيب: 1/507 هالك بن عمرو بن أسد بن خزيمة: 2/93 هامان: 2/93 هبه الله بن اسماعيل الخلبي: 2/167 هرقل: 2/94 هرمس: 2/94 الهروي: 1/319- 387 هشام بن عبد الملك: 1/124- 126- 2/399 هلال بن أسعر: 2/123 هلال بن أمية: 2/94 هود (عليه السلام) : هولاكو: 1/529- 554- 553- 367- 691- 610- 611- 612- 613- 618- 615 أبو هيثم بن النبهان: 2/94 هيلانة: 1/581 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 حرف الواو واصل بن عطاء: 2/95 وحشي بن حرب: 2/96 الوداعي: 1/61 أم ورقة بن نوفل: 2/96 ابن الوردي الشاعر: 1/129- 377- 294- 180 وضاح الخياط: 1/160 أبو الوليد النباجي: 2/323 الوليد بن المغيرة: 2/25 الوليد بن عبد الملك: 1/207- 2/95- 120 وهب بن عبد الله الأسدي: 2/96 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 حرف الياء أبو يحيى الساجي: 1/172 أبو يحيى القتات: 1/68 يحيى ابن العطار: 2/224 يحيى بن أكثم: 1/131- 132 يحيى بن خالد برمك: 2/98 يحيى بن زكريا (عليه السلام) : 2/7 يحيى بن عبد الحميد الحماني: 2/97 يحيى بن معمر: 2/97 يحيى بن معين: 1/54- 285 يحيى بن نقيب الأشراف: 2/122 يزيد بن أبي سفيان: 1/170 يزيد بن خالد القسري: 2/291 يزيد بن عبد الملك: 1/126 يزيد بن معاوية: 2/87- 238 يشبك (نائب حلب) : 2/125 يشبك الدودار: 2/122- 130 يشبك الساجي: 2/128 يشبك المشد: 2/137- 418 يشبك اليوسفي: 2/120 يشبك بن ازدمر: 2/116 يعرب بن قحطان: 2/98 يعقوب بن يوسف: 2/98 يعقوب بن اسحاق النيسابوري: 2/99 يعقوب بن ابراهيم بن النحاس: 1/355 يعقوب بن الأعز: 1/115 يعلي بن أمية: 2/48- 99 يمن بن يعرب: 2/99 يونس (عليه السلام) : 1/177 يونس بن يوسف الشيباني: 1/414 يوسف الصديق: 2/17 يوسف التاذفي: 2/76 يوسف الظاهري: 1/363 يوسف الكردي: 1/284- 148- 274 يوسف المزي (جمال الدين) : 1/519 يوسف بن ابراهيم بن عبد الواحد القفطي: 1/430 يوسف بن أبي بكر السلماسي: 1/233 يوسف بن أحمد بن ناصر الباعوني: 2/165 يوسف بن أحمد المهمندار: 1/258 يوسف بن زين الدين القاضي: 1/305 يوسف بن يعقوب بن ماثان: 2/97 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 فهرس التراجم العارضة حرف الألف ابراهيم بن أدهم (رضي الله عنه) : 1/415 ابراهيم بن عيسى الحجة: 1/234 ابراهيم بن يوسف القفطي: 1/379 الشيخ أحمد الرفاعي المغربي: 1/407 أحمد بن أبي أسامة القاضي: 1/536 أحمد بن أبي المعالي: 1/435 اقبغا الهذباني: 2/247 اقجا خازندار يشبك: 1/371 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 حرف الباء بيت المهمندار: 1/259 البسطامية (طائفة) : 1/409 ابن بطلان الطبيب: 1/445 أبو بكر الشعيي: 1/609 أبو بكر بن محمد الخصييي: 1/490 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 حرف التاء تغري ورمش: 1/417 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 حرف الثاء أبو الثناء القطب الشيرازي: 1/619 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 حرف الجيم أبو جلنك الشاعر: 1/296 جمال الدين الملطي: 1/370 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 حرف الحاء ابن حاذور: 1/303 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 حرف الخاء ابن الخرزي القاضي: 2/158 الخطيب الهاشم: 1/507 أبو الخير الميهني الصوفي: 1/386 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 حرف الدال دبيس بن صدقة: 1/196 دقماق (نائب حلب) : 1/411 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 حرف الزاي زين الدين كوجك: 1/394 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 حرف السين سعد الدين كمشتكين الخادم: 1/396 أبو السعود الباذبيني: 1/414 سعيد بن الخطيب هاشم: 1/518 سعيد بن عبد الواحد عم الخطيب: 1/508 سنان (صاحب الدعوة النزارية) : 1/596 السهروردي: 1/389 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 حرف الشين شاذبخت الهندي: 1/346 ابن شداد بهاء الدين: 1/287 شعيب بن حسين الأندلسي: 1/308 الشماس: 2/307 شمس الدين الغزي: 1/399 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 حرف الصاد صلاح الدين يوسف بن السعد الدودار: 1/336 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 حرف الطاء طاهر بن جبهل المعروف بالمجد: 1/274 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 حرف العين عبد الرحمن بن أبي بكر الشامي: 1/408 العجل بن نعير: 2/118 ابن عصرون القاضي: 1/281 علاء الدين أبن أبي العشائر: 1/372 علي بن سليمان بن جندر: 1/309 علي بن عبد الحميد الغضائري: 1/307 عمر الرهاوي: 1/238 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 حرف الغين غلبك بن عبد الله الجاشنكير: 1/436 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 حرف القاف أبو القاسم بن الحسين الأسدي: 1/363 القاضي القفطي: 1/432 قطب الدين مسعود بن محمد الطراثيثي: 1/285 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 حرف الكاف كسرى بن عبد الكريم السلمي: 1/515 كلتاوي (الأمير) : 1/369 كمال الدين بن الزملكاني: 1/334 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 حرف اللام لولو الخادم (عتيق رضوان) : الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 حرف الميم محمد الريس بن علاء الدين أبي العشائر: 1/373 محمد الساوجي: 1/413 محمد بن أحمد بن عبد القاهر بن النصيي: 1/283 محمد بن أبي بكر الباجباري: 1/496 محمد حسان الزاهد المغربي: 1/542 محمد بن عبد القاهر بن النصييي: 1/283 محمد بن محمد الحكمي الأندلسي: 2/484 محمد بن هاشم الحلبي: 1/229 مجد الدين أحمد بن نصر الله البغدادي: 2/159 مجد الدين محمد بن الداية: 1/395 المرتضى بن أحمد أبو الفتح النقيب: 1/392 مظفر الدين كوكبوري: 1/392 موسى بن جعفر الصادق: 2/297 موسى بن عبد الله الناصري: 1/438 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 حرف النون ناصر الدين بن محمد بن الصاحب: 1/442 ابن نباتة الشاعر: 1/227 نجم الدين عبد اللطيف بن محمد الميهني: 1/386 نصير الدين الطوسي: 1/620 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 حرف الهاء الهروي: 1/319 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 حرف الواو ولي الدين بن شرف الدين الأنصاري: 1/169 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 حرف الياء يونس بن يوسف الشيباني: 1/414 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 فهرس الأماكن حرف الألف أتون حمام الشريف 1/588 الأسفريس: 1/589 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 حرف الباء باب الأربعين: 2/133- 332- 519- 532- 1/552- 557- 581- 582- 2/303 باب الجنان: 1/222- 267- 259- 263 515- 551- 410- 1/583- 2/300 باب الخوخة: 1/489 باب الرابية القبلي: 1/590 باب دار العدل: 1/556 باب السلامة: 1/560 باب الشعيبية: 1/585 باب الصغير: 1/556 باب العراق: 1/551- 556- 584- 589 باب الفرج: 1/261- 421- 503- 516 560 باب القطيعة: 1/589- 590 باب القناة: 2/221 باب المقام: 1/249- 317- 334- 366 416- 437- 438- 590- 2/116- 148- 174- 237- 274- 276 باب النصر: 1/82- 263- 441- 444- 518- 1/551- 583- 2/167- 186- 2/308 باب النيرب: 1/368- 369- 1/421- 424- 426- 2/233 باب انطاكية: 1/81- 82- 206- 289- 1/266- 267- 307- 315- 1/405- 410- 451- 585- 2/300 باب قنسرين: 1/426- 427- 489- 550- 1/551- 522- 255- 1/262- 582- 585- 586- 588- 2/231- 278- 299- 300 باحسيتا: 1/583- 2/264 باشورة صالح: 1/529 بانقوسا: 1/266- 2/114- 236- 265 برج الثعابين: 1/551- 552 برج شمس الدين محمد النوادي: 1/81 برج الغنم: 1/562- 588 برج المزنر: 1/562 بيت لاها الشرقي: 1/594 بستان الدار: 2/300 بستان بككرو: 1/440 البلاط: 1/583 البيمارستان الجديد: 2/448 البيمارستان العتيق: 1/445 البيمارستان الكاملي: 1/402 البيمارستان النوري: 1/402- 453 بيمارستان بني الدقاق: 1/448 بيمارستان على باب الجامع الكبير: 1/448 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 حرف التاء تربة ابن الصاحب: 1/435 تربة أرغون: 1/429 تربة اشتقتمر: 1/433 تربة الأفضل: 1/379 تربة البلقا: 1/435 تربة الجلالية: 1/433 تربة الخشابية: 1/427- 444 تربة الخطيب بن العجمي: 1/434 تربة الخليلي: 1/437 تربة الشهابية: 1/427 تربة الشيخ الأطعاني: 1/242 تربة الصفوية: 1/428 تربة الظاهر: 1/401 تربة العجمي: 1/428 تربة العلمية: 1/429 تربة الغزنوتية: 1/436 تربة القاضي الرئيسي نور الدين بن المعري: 1/434 تربة القطب بن العجمي: 1/439 تربة القفطي: 1/430 تربة القليجية: 1/437 تربة الكاملية: 1/437 تربة اللالا: 1/439 تربة الوالي: 1/437 تربة بني الخشاب: 1/588 تربة بني سوادة: 1/435 تربة بني النصيي: 1/412 تربة سودي: 1/434 تربة شمس الدين بن العجمي: 1/437 تربة عبد المحي: 1/437 تربة غلبك: 1/435 تربة لبني ايبك: 1/439 تربة موسى الحاجب: 1/438- 2/203 تربة محمد قراسنقر: 1/436 تكية انشاء أخي الأبار: 1/460 تل فيروز: 1/454- 523- 586 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 حرف الجيم جامع ابن غلبك: 1/251 جامع آخر طريق المتوجه إلى بابللي: 1/267 جامع ارغون الكاملي: 1/250 جامع أسد الدين: 1/590 جامع اقبغا: 2/110 جامع الأموي الكبير: 1/207- 208- 209- 210- 1/211- 212- 213- 214- 215- 216- 1/217- 218- وحتى صفحة 224- 1/232 وحتى صفحة 235- 1/455- 2/194- 237- 258- 268 جامع الأطروش (اقبغا الهذباني) : 2/246- 247 جامع البختي: 1/235- 266 جامع التوبة: 1/248- 249- 261 جامع الجديد ببانقوسا: 1/265 جامع الحاج أبي بكر: 1/267 جامع الحاضر السليماني: 1/249- 234 جامع الرومي بالدباغة: 1/260 جامع الزكي: 1/263- 264- 265- 266 جامع السدلة: 1/261 جامع السفاحية: 1/253- 254- 255 جامع السلطان: 1/262- 359 جامع الصروي: 1/250- 521 جامع الطنبغا: 1/235- 236- 237 جامع الطواشي: 1/416- 249 جامع العتيق: 1/266 جامع العديمية: 1/248 جامع الفردوس: 1/248 جامع القرناص: 1/251- 252 جامع القلعة: 1/235 جامع القصر: 1/259 جامع المهمندار: 1/258- 518- 204 جامع الناصري: 1/125- 135- 232- 252- 1/548 جامع ايدمر: 1/257 جامع باحسيتا: 1/262 جامع عبارة المشارقة: 1/267 جامع بالجلوم (ضبيان) : 1/256- 257 جامع بالكلاسة: 1/267 جامع خارج بانقوسا: 1/267 جامع خارج حلب وحارة التركمان: 1/263 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 جامع طوغان: 1/263 جامع عبيسي: 1/249 جامع غربي الجسر: 1/267 جامع قاقان: 2/261 جامع منغلي بغا: 1/240- 241- 422- 1/243- 244- 245- 246- 1/428 الجبل الأسود: 1/526 جبل جوشن: 1/168- 195 جبل سمعان: 1/594 جرن الأصفر: 1/427- 428- 489- 588 الجلوم: 1/489 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 حرف الحاء الحاضر السليماني: 1/360 حارة الأعاجم: 1/521 حارة اليهود: 2/251 حمام ابن الأيسر: 2/311 حمام ابن الذرمش: 2/315 حمام ابن الذرمش (بحارة الموارنة) : 2/315 حمام ابن السروجي: 2/319 حمام ابن العجمي: 2/310 حمام ابن العسقلاني: 2/315 حمام ابن الملك المعظم: 2/310 حمام ابن خدوش: 2/309 حمام ابن سلاح دار (انشاء) : 2/315 حمام ابن سنقري: 2/316 حمام ابن عصرون: 2/308 حمام ابن نصر الله: 2/310 حمام ازدمر: 2/303 حمام أسد الدين: 2/315 حمام اشقتمر: 1/369 حمام الادريسي: 2/315 حمام البدر: 2/309 حمام البدوية: 2/315 حمام البزدار: 1/492 حمام البغراصي بالظاهرية: 2/316 حمام البنات: 1/425 حمام البنجاسي: 2/304 حمام الجديد: 2/203 حمام الجسر: 2/316- 319 حمام الجوهري: 2/315 حمام الحاجب: 2/307 حمام الحدادين: 2/305 حمام الحايطي: 2/316 حمام الخادم: 2/318 حمام الخان: 2/315 حمام الخواجا: 1/492 حمام الدربوش: 2/319 حمام الدلبة: 1/441- 584 حمام الركن: 2/314 حمام الذهب: 1/521- 522 حمام الزجاجين: 2/306 حمام السباعي: 2/306 حمام الست: 1/523- 586- 2/305 حمام السرور: 1/512- 2/309 حمام السلطان: 2/303 حمام السوق بالحاضر: 2/314 حمام الشابو: 2/312 حمام الشحنة: 2/309 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 حمام الشريف: 1/306- 2/310 حمام الشماس: 2/307 حمام الشهاب العجمي: 2/316 حمام الشهاب داود: 2/315 حمام الشهاب بالعقبة: 2/307 حمام الظاهرية: 2/315 حمام العتيقة: 2/311 حمام العرائس: 2/311 حمام العفيف: 1/455- 2/306 حمام العميد يوسف: 2/319 حمام العوافي: 1/494 حمام الفردوس: 1/248 حمام الفصيصي: 2/311 حمام الفوقاني: 2/304 حمام القاضي: 1/590- 2/315 حمام القاضي ابن الخشاب: 1/590 حمام القاضي بهاء الدين بباب الفرج: 2/308 حمام القاضي جمال الدين: 2/304 حمام القبة: 2/305 حمام القصر: 1/537- 560 حمام القلعة: 1/534- 2/311 حمام الكاملية (بني عصرون) : 2/310- 315 حمام المساطيح: 2/319 حمام المضيق: 2/319 حمام الملاح: 2/318 حمام الملك الظافر: 2/316 حمام الملك المعظم: 2/318 حمام الناصح: 2/304 حمام النفري: 1/589 حمام النقيب: 2/318 حمام الهذباني: 1/78 حمام الواساني: 2/304 حمام الوالي بباب العراق: 2/308 حمام الوالي ببالجلوم: 2/317 حمام الوزير: 1/306 حمام أمير حجاب: 2/318- 319. حمام أوران: 1/583 حمام بانقوسا: 2/318 حمام بدار أتابك: 2/313 حمام بدار ابن بقا: 2/314 حمام بدار الأمير سيف الدين بكتوت: 2/314 حمام بدار الشريف: 2/313 حمام بدار الصاحب جمال الدين بن الأكرم: 2/314 حمام بدار الملك الرشد: 2/314 حمام بدار المعظم: 2/313 حمام بالهزازة: 2/319 حمام بدار بدر الدين الوالي: 2/313 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 حمام بدار جمال الدولة: 2/313 حمام بدار جمال الدولة اقبال الظاهري: 2/313 حمام بدار حسام الدين علي بن بهاء الدين أيوب: 2/314 حمام بدار سعد الدين: 2/313 حمام بدار سعد الدين أحمد بن الناصح: 2/313 حمام بدار سيف الدين علي بن قليج: 2/313 حمام بدار شمس الدين لؤلؤ: 2/313 حمام بدار شهاب الدين بن علم الدين: 2/314 حمام برأس التل: 2/312 حمام بدار صارم الدين اربك: 2/314 حمام برأس التل: 2/312 حمام بدار عز الدين حموي: 2/314 حمام بدار علاء الدين ابن الناصح: 2/313 حمام بدار علاء الدين طاي بغا: 2/313 حمام بدار عماد: 2/313 حمام بدار فخر الدين الوالي: 2/318 حمام بدار قصير في درب العدول: 2/114 حمام بدار نظام الدين الوزير: 2/313 حمام بالفرائين: 2/311 حمام بستان ابن تليل الذهب: 2/317 حمام بستان ابن حرب: 2/317 حمام بستان ابن عبد الرحيم: 2/317 حمام بستان الأزرق: 2/317 حمام بستان الريس صفي الدين طارق: 2/317 حمام بستان الشريف: 2/317 حمام بستان المضيف: 2/317 حمام بستان النقيب بالختامية: 2/317 حمام بستان الوالي: 2/317 حمام بستان الوزير بن حرب: 2/317 حمام بستان بكتاش والي القلعة: 2/317 حمام بستان تاج الملوك (الناصح) : 2/317 حمام بستان شمس الدين حضر الوالي: 2/317 حمام بستان جمال الدولة: 2/317 حمام بستان شمس الدين لولو: 2/317 حمام فخر الدين بن الخشاب: 2/317 حمام بستان كافي اليهود بالهزازة: 2/317 حمام بستان مشهد الحسين: 2/317 حمام بلبان: 1/440 حمام بهاء الدين بن أبي الهيجاء: 2/318 حمام تحت مشهد الدكة: 2/316 حمامات (ثلاثة ببساتين السلطان) : 2/316 حمام جسر الأنصاري: 2/316 حمام جمال الدولة (غير السابق) : 2/318 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 حمام حسام الدين: 2/304 حمام حمدان: 1/590- 2/309 حمام دار بيت ذكا: 2/310 حمام الزملكاني: 1/454 حمام سعد الدين بن درمش: 2/316 حمام سوق التبن بالرابية: 1/590 حمام شبل الدولة: 2/315 حمام شمس الدين لولو: 2/318 حمام طحان بالظاهرية: 1/494- 2/308 حمام عريف الصاغة: 2/315 حمام عز الدين ميكائيل: 2/316 حمام علي بالمدبغة: 2/305 حمام فخر الدين أخي شمس الدين لؤلؤ: 2/318 حمام فخر الدين الوالي: 2/318 حمام فخر الدين إياس: 2/316 حمام في ادر بني الخشاب: 2/313 حمام قرب دار جندب الكردي: 2/315 حمام قيصر: 2/316- 319 حمام المالحة: 1/522 حمام محي الدين: 2/304 حمام من انشاء علم الدين بن الكويز: 1/455 حمام موغان: 1/309- 339 حمام فيحان: 1/456 حمام ورشة بلدق: 2/315 حمام وقف المدرسة الظاهرية: 2/319 حي بانقوسا: 1/303- 2/211 حي البياضة: 2/114 حي الخناقية: 1/94 حي السهلية: 1/392 حي الكلاسة: 2/211 حي المعقلية: 1/518- 583 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 حرف الخاء خان ابن الجلي: 1/454 خان ابن السفاح: 2/232 خان الثلج: 1/428 خان الدقاقين: 1/260 خان الدهان: 1/454 خان القواسين: 1/455 خانكاه البلاط: 1/384 خانكاه البهائية: 1/404 خانكاه التنبيه: 1/399- 494 خانكاه الدامغانية: 1/401 خانكاه الدورية: 1/409 خانكاه دور بني العديم: 1/396 خانكاه الزينية: 1/496 خانكاه السحلولية: 1/404- 406- 2/160 خانكاه الشمسية: 2/265 خانكاه الصاحبة فاطمة خاتون: 1/402 خانكاه العادلية: 1/356- 514 خانكاه القصر: 1/391- 537 خانكاه القوامية: 1/403 خانكاه الكاملية: 1/304- 404- 437 خانكاه المجدية: 1/395 خانكاه أم الصالح اسماعيل بن العادل: 1/391 خانكاه انشأها الأمير شهاب الدين طغرل بك: 1/404 خانكاه انشاء بيرم مولى ست حارم: 1/401 خانكاه انشاء جمال الدولة اقبال الظاهري: 1/401 خانكاه انشاء سعد الدين فطيس: 1/401 خانكاه انشاء سنقر النوري: 1/400 خانكاه انشاء عبد الله بن المعتز: 1/400 خانكاه انشأها مجد الدين بن الداية: 1/404 خانكاه انشأتها الملكة ضيفة: 1/403 خانكاه انشأتها بنت والي قوص: 1/403 خانكاه بدرب البنات: 1/402 خانكاه بالقرب من البيمارستان النوري: 1/402 خانكاه طاي بغا: 1/400 خانكاه قديم تحت القلعة: 1/389 خانكاه نور الدين محمود بن زنكي: 1/402 خرابة خليج: 1/590 خندق الخاص الكبير: 1/590 خندق الروم: 1/94- 552- 582 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 حرف الدال دار ابن الداية: 1/378 دار ابن الصاحب: 1/376 دار ابن النفيس العجمي: 1/422 دار الذهب:/ 532 دار الصاحب مؤيد: 1/379 دار الصبغ: 1/584 دار العدل: 1/252- 400- 1/546- 547- 1/548- 459- 2/125- 127- 130- 135- 2/148- 166- 185- 191- 200- 215- 2/232- 233- 242- 252- 253- 2/258- 248 دار العز: 1/532 دار العواميد: 1/532 دار الملك رضوان: 1/532 دار بالسهلية: 1/380 دار ذوكا: 1/586 دار غرس الدين قليج: 1/588 دار كورة: 1/494 درب ابن بلديق: 1/587 درب ابن سلار: 1/400 درب ابن كزلك: 1/451 درب آخذ إلى منكلي بغا: 1/459 درب أسد الدين: 1/587 درب الأسفريس: 1/78- 79- 457 درب البازيار: 1/397- 398- 583 درب البذادرة: 1/81- 451 درب البنات: 1/486- 589- 2/300 درب البياضة: 1/521 درب باب النيرب: 1/521 درب الجبيل: 1/520 درب الحبيشي: 1/512 درب الحدادين: 1/456 درب الحديد: 1/590 درب الحرانين: 1/517 درب الحصادين: 1/454 درب الحطابين: 1/353- 452- 587 درب الخابوري: 2/504 درب الخراف: 1/452- 585 درب الخطيب هاشم: 1/506- 584 درب الدقصلارية: 1/514 درب الدلبة: 1/455 درب الدهانين: 1/454 درب الديلم: 1/505- 583 درب الرحبة: 1/487 درب الزجاجين: 1/488 درب الزيدية: 1/451 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 درب السبيعي: 1/453 درب السمانين: 1/495 درب الشحام: 1/493 درب الشيخ اسماعيل: 1/512 درب الصباغين: 1/585 درب الصبانة: 1/515 درب الطير: 1/494 درب الفرافرة: 1/513 درب العدل: 1/402- 2/112- 1/356 درب العدول: 1/584- 416- 1/345 درب الماسح: 1/588 درب المدابغ: 1/516 درب المبلط درب المرمي: 1/401- 521 درب المرمي: 1/521 درب مسجد الجورة: 1/493 درب مسجد المغاربة: 1/492 درب الميدان الأسود: 1/521 درب الناصرية: 1/79 درب اليهود: 1/517 درب بني الخشاب: 1/489 درب بني الريان: 1/514 درب بني سوادة: 1/262 درب بني كسرى: 1/514 درب بني شراحيل: 1/583 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 حرف الراء رأس الشعبين: 1/585 رأس الصاغة: 1/584 رأس المدبغة: 1/586 رباط أقامه عبد الولي البعلبكي: 1/426 رباط الخدام: 1/426 رباط بالرحبة الكبيرة: 1/426 الرحبة الصغيرة: 1/588 الرواحية: 2/256 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 حرف الزاي زاوية البهادري: 1/422 زاوية الجية: 1/416 زاوية الحاج بلاط: 1/415 زاوية الحكم: 1/424 زاوية العجم: 1/425 زاوية القادرية: 1/410- 411 زاوية القلندرية: 1/412 زاوية المغاربة: 1/412 زاوية بالجامع الكبير: 1/371- 377 زاوية بالجلوم: 1/425 زاوية بالفردوس: 1/378 زاوية تغرى درمش: 1/429 زاوية دقماق: 1/410 زاوية سيدي محمد الأطعاني البسطامي: 1/408 زاوية الشيخ خضر: 1/406- 2/262 زاوية الشيخ نبهان: 1/512 زاوية مظفر: 1/422 زاوية يبرق: 1/412 الزجاجين: 1/587 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 حرف السين الساتورة: 1/538 ساحة بزة: 1/521 السدلة: 1/583 سور حلب: 1/206- 288- 261- 332- 1/421- 422- 429- 439- 451- 1/487- 527- 528- 529- 1/547- 2/117- 223 سور قلعة حلب: 1/553 سوق الأعلى: 1/588 سوق البز الكبير: 1/524 سوق البلاط: 1/351- 584 سوق الحدادين: 1/348- 349- 350- 351 سوق الحرير القديم: 1/434 سوق الخليع: 1/524 سوق الخيل: 1/590 سوق السراجين: 1/524 سوق الشراشين سوق الكتانين: 1/523- 524 سوق الصاغة: 1/523 سوق الطير العتيق: 1/585 سوق الظاهري: 1/523 سوق العطارين: 1/524- 586 سوق العطر: 1/586 سوق القوى: 1/537 سوق النجاس: 1/434 سوق النشابة: 1/345 سوق النشابين: 1/402- 440 سوق النطاعين: 1/584 سوق الهدى: 1/585- 2/180 سوق مجد الدين: 1/524 سوق يشبك: 1/440 سويقة الحجارين: 1/516 سويقة اليهود: 1/584 سويقة حاتم: 1/304- 392- 429- 495 سويقة علي: 1/217- 338- 428- 512 2/305 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 حرف الطاء طريق الخشابين: 1/586 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 حرف العين العشائرية (دار للقرآن الكريم) : 1/372 العقبة: 1/82- 581 عقبة بني المنذر: 1/489- 495 عقبة الياسمين: 1/512 العوينة: 1/519 عين التل: 1/95 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 حرف الفاء الفيض: 439 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 حرف القاف قاعة الجوهري: 1/489 قصبة باب الجنان: 1/494 قصر أولاد صالح بالدارين: 2/300 قصر بطياس: 2/300 قصر سلمان بن عبد الملك: 2/299 قصر سيف الدولة بالحلبة: 2/301 قصر عمر عبد العزيز بالحص: 2/300 قصر مرتضى الدولة: 2/300 قصر مسلمة بالناعورة: 2/299 القطيعة: 1/584 قطيعة حمام أورات: 1/495 قلعة حلب: 1/106- 107- 111- 147 191- 1/191- 221- 294- 295- 345- 1/356- 385- 389- 416- 417- 1/420- 425- 429- 451- 487- 1/525 وحتى 1/549- 1/577- 2/114- 115- 121- 123- 128- 129- 2/131- 132- 133- 139- 147- 156- 2/182- 183- 188- 191- 192- 196- 2/201- 210- 250- 252- 253- 2/264- 276- 301 قلعة الشريف: 1/581- 589- 1/424- 487- 590 قناة الماء العظمى: 1/581 قناة حيلان: 1/448 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 حرف الكاف كتاب الأسود: 1/584 الكلاسين: 1/330 كنيسة اليهود: 1/583 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 حرف الميم المارستان الكاملي: 2/300 مدرسة ابن أبي عصرون: 1/583 مدرسة ابن التقي: 1/377 مدرسة قجا خازندار: 1/370 المدرسة الأتابكية: 1/348- 368 المدرسة الأسدية الشافعية: 1/301- 304 356- 357- 2/186 المدرسة الآشودية: 1/358 المدرسة الاشقتمرية: 1/369 المدرسة البدرية: 1/315 المدرسة البلدقية الشافعية: 1/330- 331 المدرسة البلدقية الحنفية: 1/361 المدرسة الجاولية: 1/339- 366 المدرسة الجرديكية: 1/351 المدرسة الجمالية: 1/366- 2/235 المدرسة الحدادية: 1/348- 2/305 المدرسة الحلوية: 1/95- 173- 209- 242- 1/217 339 وحتى 1/345- 1/448 المدرسة الحنفية: 1/589 المدرسة الحنفية (عند باب الأربعين) : 1/133 المدرسة الخشبية: 1/355 المدرسة الدقاقية: 1/366 المدرسة الرواحية: 1/304- 307- 2/134 المدرسة الزجاجية الشافعية: 1/270- 271 272- 273- 274- 275- 1/276- 277- 278 المدرسة الزجاجية: 1/110- 371- 2/260 المدرسة الزيدية الألواحية: 1/315- 316 المدرسة السحلولية: 1/374 المدرسة السفاحية: 1/337 المدرسة السلطانية: 2/259 المدرسة السلطانية الظاهرية: 1/294 وحتى 1/301 المدرسة الشاذبختية: 1/345- 400 المدرسة الشاذبختية (ظاهر حلب) : 1/357 المدرسة الشرفية: 2/166- 261- 273- 308 المدرسة الشرفية الشافعية: 1/310- 315 المدرسة الصاحبة: 2/262 المدرسة الصاحبة الشافعية: 1/287 وحتى 1/294 المدرسة الصلاحية: 1/255- 371- 514 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 المدرسة الطمانية: 1/78- 354 المدرسة الظاهرية: 2/260 المدرسة الظاهرية الشافعية: 1/317 وحتى 1/319 المدرسة العديمية: 2/368 المدرسة العشائرية: 1/338 المدرسة العصرونية: 2/134- 189- 300 المدرسة العصرونية الشافعية: 1/278- 279- 280- 282- 283 المدرسة العلائية: 1/367 المدرسة الفردوس: 1/322 وحتى 1/330 المدرسة الفطيسية: 1/357 المدرسة القاضي ابن شداد: 1/589 المدرسة القرناصية: 1/337 المدرسة القليجية: 1/356 المدرسة القيمرية: 1/331 المدرسة الكاملية: 1/370- 514 المدرسة الكلتاوية: 1/369- 2/174 المدرسة المقدمية: 1/253- 254 المدرسة الناصرية: 1/377- 427 المدرسة النظامية: 1/290 المدرسة النفرية (النورية الشافعية) : 1/185 وحتى 1/287 المدرسة المقدمية: 1/253- 254 المدرسة الهروية: 2/204 المدرسة الهروية الشافعية: 1/319 وحتى 1/322 مدرسة بالجبل: 1/331 مدرسة بالمقام: 1/333 مدرسة تغري ورمش: 2/269 مدرسة شاذبخت: 1/440 مدرسة ناصر الدين بن ذي القادر للحنيفة: 1/441 مسجد ابن الاسكافي: 1/587 مسجد ابن الزراد: 1/505 مسجد ابن الطرسوسي: 1/487 مسجد ابن مشكور: 1/489 مسجد الارتاحي: 1/591- 589 مسجد الاسفريس: 1/415 مسجد الاعزازي: 1/459 مسجد الجورة: 1/585 مسجد السراجين (الحلوية) : 1/340 مسجد السيدة: 1/548 مسجد الشجرة: 1/590 مسجد الشيخ سوار: 1/517 مسجد القادوس: 1/517 مسجد القصر: 1/584- 494 مسجد المحصب: 1/256- 426- 487- 591- 587 مسجد المزيبلة: 1/583 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 مسجد المعلف: 1/452 مسجد النحويين: 1/495 مسجد إنشاء الحاج عبد الله الزموطي: 1/520 مسجد إنشاء بني شنقش: 1/486 مسجد بدران: 1/515 مسجد خارج باب الجنان: 1/83 مسجد رأس الدلب: 1/585 مسجد صفي الدين بن طارق: 1/588 مسجد قاقان: 1/82- 490 مسجد منتخب الدين أحمد بن الاسكافي: 1/487 مسجد الطرسوسي: 1/588 مشهد العافية: 1/581 مشهد علي (درب الحدادين) : 1/457 مشهد قرنبيا: 1/110 المصبغة حلب: 1/427- 441 المصبغة: 1/589 المطهرة الصغيرة: 1/586 المطهرة الغربية: 1/585 المغاير: 1/437 مقام عبد الله الأنصاري: 2/242 مقبرة ابن الأطعاني: 1/400 مقبرة باب الصغير: 2/209 مكتب ايتام اشقتمر: 1/440 مكتب ايتام الأمير ناصر الدين بن ذي القادر: 1/441 مكتب ايتام الخواجا شهاب الدين الملطي: 1/414 مكتب ايتام الماس: 1/441 مكتب الناصري: 1/440 مكتب ايتام ابن الصاحب: 1/441 مكتب ايتام ابن مقلد: 1/444 مكتب ايتام بدرب العدول: 1/440 مكتب ايتام تغري بردي: 1/441 مكتب ايتام علم الدين بن الكويز: 1/441 مكتب ايتام على باب المدرسة الصلاحية: 1/440 مكتب عماد الدين بن الترجمان: 1/440 مكتب ايتام يشبك: 1/440 المهمازية تربة محمد بن قراسنقر: 1/436 الميدان الأخضر: 1/529- 561- 2/113 الميدان الأسود: 1/235 ميدان باب العراق: 1/561 ميدان باب قنسرين: 1/561 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 حرف النون ناحية الجلوم: 1/489 ناحية باحسيتا: 1/516 نهر الساجور: 1/566 نهر قويق: 1/203- 261- 363- 406- 409- 410- 428- 562- 563- 569- 573 حرف الهاء الهزّازة (حي) : 1/165- 439 حرف الواو الوتارة: 1/94 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 حرف الياء اليشبكية (تربة) : 2/427 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 فهرس أسماء الكتب الواردة في كتاب كنوز الذهب حرف الألف الإبانة: 1/313 الإحكام في الأحكام لابن حزم: 2/191 أخبار المضفين: 1/432 أخبار الملوك السلجوقية: 1/432 أخبار النحاة وما صنفوه للقفطي: 1/432 أدب المريد والمراد لأبي الفرج داود القادري: 2/249 الإرشاد لسراج الدين المخزومي: 2/264 اصلاح ما وقع في الصحاح للقفطي: 1/433 الأم للشافعي: 1/313 امتناع المحتاج لابن قاضي شهبة: 2/207 كتاب الأندلس: 1/130 الأندلسية في الفروض: 2/243 حرف التاء تاريخ ابن أبي طيء: 1/220 تاريخ ابن حبيب الحلبي: 1/153 تاريخ ابن خطيب الناصرية الدر المنتخب في تكملة تاريخ حلب: تاريخ ابن شرارة النصراني: 1/340 تاريخ ابن العديم: 1/88 تاريخ ابن منقذ: 1/277 تاريخ أبي غالب همام بن المهدي المعري: 1/129 تاريخ الإسلام للذهبي: 1/107 تاريخ الصفدي: 1/565 تاريخ آل مرداس: 1/433 تاريخ المؤيد المختصر وتاريخ البشر: 1/129 تاريخ اليمن للقفطي: 1/432 تاريخ بدر الدين العيني: 1/569 تاريخ قطب الدين اليونيني: 1/617 تاريخ محمود بن سبكتكين وأولاده: 1/433 تاريخ مصر إلى دولة صلاح الدين: 1/432 التحفة المنيفة في جميع الأحاديث الشريفة: 2/177 تحفة العباد بأدلة الأوراد لأبي بكر الشامي: 1/408 تحفة العباد وأدلة الأوراد لأبي الفرج الخيل: 2/247 التبصرة لابن الجوزي: 1/242 التتمة: 1/313 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 تسلية الواجم في الطاعون الهاجم لابن داود القادري: 2/228 تفسير الثعلبي: 1/313 تفسير القرطبي: 1/242 تصريف الغزي: 2/243 تفسير الفاتحة للباجباري: 1/502 التلويح: 2/293 التمهيد لابن عبد البر: 2/150 التمهيد للاسنوي: 2/154 التمييز: 2/187 التوضيح لابن هشام: 2/154 حرف الجيم جمع الجوامع: 1/153 جني النحل: 1/153 حرف الحاء الحافظ لأبي الحسين المنادي: 1/564 الحاوي الكبير: 1/313 الحلة المزيدية لدبيس بن صدقة: 1/196 حياة الحيوان لعبد الرحمن بن أبي بكر الشامي 1/408 حرف الدال الدر المنتخب في تاريخ حلب: 2/154 ديوان الصبابة: 1/56- 279 حرف الذال الذخائر: 1/313 الذخيرة لوقت الخيرة: 2/177 حرف الراء روضة القلوب: 1/60 روضة المحبين: 1/56 حرف الزال زبدة الحلب: 1/271 زبدة الفكرة: 1/615 الزهرة: 2/322 حرف السين الساغوجي في المنطق: 2/243 حرف الشين الشامل: 1/313 شرح ابن عقيل على الألفية: 2/218 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 شرح العبري على البيضاوي: 2/193 شرح العقائد: 2/237 شرح الفية الحديث للعراقي: 2/222 الشرح الكبير للرافعي: 1/153 الشفا: 2/193 حرف الصاد الصادح والباغم للشريف بن الهبارية: 1/197 صحيح البخاري: 1/268 صحيح مسلم: 1/268 حرف الضاد ضوء البصيرة في شرح حديث بريرة لابن خطيب الناصرية: 2/154 حرف الطاء طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: 2/208 طبقات النحاة واللغويين: 2/208 الطيب الرائحة في تفسير الفاتحة لابن خطيب الناصرية: 1/154 حرف العين عجائب المخلوقات للقزويني: 1/139 عمدة الأحكام: 2/114 عنوان البر: 1/385 عوارف المعارف للسهوردي: 1/389 حرف الغين الغاية القصوى: 2/193 الغيث الفائض: 2/359 حرف الفاء الفردوس: 1/56 حرف الكاف الكشاف: 1/497 كفاية المحتاج على المنهاج لابن قاضي شهبة: 2/207 الكلام على الموطأ للقفطي: 2/208 الكنز الأكبر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 2/248 كنز الدقائق للنسفي: 2/243 حرف اللام لغات المنهاج: 2/197 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 حرف الميم مجمع الأحباب: 1/112 مختصر ابن الحاجب الأصلي: 2/187 مختصر تاريخ ابن خلكان: 1/127 المسالك والممالك: 1/563 مسند الإمام الشافعي: 1/313 مصارع العشاق لابن السراج: 2/321 مصباح العيان: 1/122 المطول للتفتازاني: 1/497 معجم البلدان: 1/88 مقدمة العضد مع حاشيها لسعد الدين: 2/193 منار الأنوار للنسفي: 2/243 مناقب الشافعي: 2/208 مناقب عمر لابن أبي الدنيا: 1/176 المنتظم: 1/120 المنتقى من الأنساب لابن قاضي شهبه: 2/208 المنتقى من تاريخ دمشق: 2/208 المنتقى من تاريخ نيسابور للحاكم: 1/100 المنتقى من نخب في عجائب البر والبحر: 2/208 منهاج البيضاوي: 2/150 الموشى: 1/56 حرف النون نزهة النفوس والأفكار في خواص الحيوان والنبات والأحجار لزين الدين بن داود القادري: 2/247 نكت المنهاج الكبرى: 2/207 النهاية: 1/313 حرف الواو الواضح المبين: 1/70 حرف الياء الياسا لجنكيز خان: 1/604 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 فهرس المصادر والمراجع حرف الألف أبجد العلوم صديق بن حسن القتوجي تح: عبد الجبار زكار ط: دمشق- وزارة الثقافة- 1989 الآثار الإسلامية بحلب محمد طلس ط: دمشق- 1956 أحياء حلب محمد خير الدين الأسدي ط 1: وزارة الثقافة السورية أخبار الدول المنقطعة ابن ظافر الأزدي ط: دمشق- 1985 الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري تح: عامر وشيال ط: مصورة مكتبة قاسم رجب- بغداد الأربعون في شيوخ الصوفية (خ) لأبي سعد الماليني. ت 412 هـ. تح: فالح البكور قيد الطباعة- الشركة العالمية- بيروت أزهار الأفكار التيفاسي طبع وتحقيق ونشر مصر الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر الأندلسي ((على هامش الإصابة)) ط: دار الكتاب العربي- بيروت بلا تاريخ أسماء الكتب لرياضي زاده تح: د. محمد التونجي ط 1: دار الفكر- دمشق- 1983 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 الإشارات إلى معرفة الزيارات للسائح الهروي تحقيق: حانين سورديل- طومين ط 1: المعهد الفرنسي- دمشق 1953 الإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر العسقلاني ط: دار الكتاب العربي- بيروت د. ت إعانة المجدين في تراجم أعلام المحدثين من الشيوخ الحلبين الأستاذ أحمد سردار خ: في مكتبة المؤلف قاموس الأعلام خير الدين الزركلي ط: بيروت- 1979 أعلام النبلاء في تاريخ حلب الشهباء للشيخ محمد راغب الطباخ طبع بإشراف محمد كمال وصدر في حلب عام 1408 هـ الإعلام بوفيات الأعلام الذهبي تح: مراد وزكار طبع دار الفكر- دمشق 1412 هـ الإعلام والتبيين في خروج الافرنج الملاعين على بلاد المسلمين لأحمد بن علي الحريري تح: سهيل زكار ط: دار الملاح دمشق- 1401 هـ الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ط: مؤسسة جمال (مصورة عن طبعة دار الكتب) - بيروت د. ت الألفاظ الفارسية المعربة ادشير ط: المطبعة الكاثوليكية- بيروت 1908 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 حرف الباء البداية والنهاية ابن كثير ط: مرارا البدر الطالع السخاوي ط: دار المعرفة- بيروت- بلا تاريخ بغية الطلب في تاريخ حلب ابن العديم تح: د. سهيل زكار ط: دمشق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 حرف التاء تاريخ الأدب العربي برو كلمان ترجمة: جامعة الدول العربية طبعة مصر- 6 مجلدات- 1977 تاريخ الحكماء الشهرزوري تح: د. عبد الكريم أبو شويرب طبعة- ليبيا- 1988 تاريخ الخلفاء السيوطي. ت: 911 هـ ط: دار الكتب العلمية- بيروت- 1988 تاريخ الصحابة ابن حبان البستي تح: بوران ضناوي ط: دار الكتب العلمية- بيروت- 1988 التاريخ الطبيعي لحلب الأخوان رسل ط: (فصلة منه) - مجلة الضاد- حلب تاريخ فاتح العالم (جهانشكاي) الجويني تح: محمد التونجي ط 1: دار الملاح- دمشق- 1985 تاريخ العظيمي العظيمي تح: ابراهيم زعرور طبعة دمشق- 1984 تاريخ اليعقوبي اليعقوبي ط: بيروت- دار صادر- د. ت تاريخ بغداد الخطيب البغدادي ط 1: مطبعة السعادة- مصر- 1930 تاريخ دمشق ابن القلانسي تح: سهيل زكار طبعة دمشق- دار حسان- 1403 هـ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 تاريخ معرة النعمان لمحمد سليم الجندي تح: عمر رضا كحالة طبعة وزارة الثقافة السورية 1963 تتمة المختصر (تاريخ ابن الوردي) لابن الوردي طبع كملحق للمختصر لأبي الفداء تتمة ديوان الصنوبري الصنوبري تحف الأنباء في تاريخ حلب الشهباء تيودور بيشوف الجرماني تح: شوقي شعث وفالح البكور ط 2: دمشق عام 1410 هـ تحفة ذوي الألباب فيمن حكم بدمشق من النواب لابن ايبك الصفدي تح: خلوصي وصمصام ط 2: وزارة الثقافة السورية- 1991 ترويح القلوب في معرفة ملوك بني أيوب الزبيدي تح: صلاح الدين المنجد ط: دار الكتاب الجديد- بيروت- 1983 التعرف لمذهب أهل التصوف الكلابذي ط: بيروت- 1980 التقسيمات الادارية في سوريا وزارة التخطيط- دمشق- 1960 تهذيب سير أعلام النبلاء للذهبي احتصار: شعيب ارناؤوط وغيره ط: مؤسسة الرسالة- 1991 حلب في كتب البلدانيين العرب إعداد: شوقي شعث وفالح البكور ط 1: دمشق- 1995 حلب تاريخها ومعالمها التاريخية تأليف: شوقي شعث ط: جامعة حلب 1991 كتاب الحيوان الجاحظ تح: فوزي العطوي ط 2: دار صعب- بيروت- 1982 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 حرف الخاء خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي ط: بيروت مصور عن طبعة مصر- 1284 هـ خلاصة التذهيب الخزرجي ط: مصر عام 1322 هـ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 حرف الدال در الحبب في تاريخ حلب للحنبلي تح: فاخوري وعبارة طبعة وزارة الثقافة السورية- 1967 الدر المنتخب في تاريخ حلب المنسوب لابن الشحنة ط: دار الكتاب العربي- دمشق وحلب- 1404 هـ الدرة المضيئة في أخبار الدولة الظاهرية لابن صصري ط: أوروبة الدرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر الأندلسي تح: البغا ط 1: دمشق- 1984 الدول الاسلامية ستانلي لين بول ترجمة: دهمان وزميله ط 1: مطبعة الملاح- دمشق 1974 الديارات للشابشتي تح: كوركيس عواد طبعة بغداد ديوان الصنوبري للصنوبري الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 حرف الراء الرسالة القشيرية للإمام القشيري (رض) ط 1: عام 1367 هـ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 حرف الزاي زبدة الحلب في تاريخ حلب لابن العديم تح: سامي الدهان ط 1: المعهد الفرنسي- دمشق- 1951- 1968 زهد الثمانية من التابعين لابن أبي حاتم الرازي تح: فالح البكور قيد الطبع- بيروت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 حرف السين سفرنامة تح: يحيى الخشاب ط: دار الكتاب الجديد- بيروت- 1983 السلوك المقريزي ط: دار الكتب المصرية- القاهرة 1934- 1970 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 حرف الشين الشجرة النبوية في نسب خير البرية لابن المبرد الدمشقي خ: دمشق- الظاهرية (طبع مؤخرا) شذرات الذهب في أخبار من ذهب ابن العماد الحنبلي ط: دار الكتب العلمية- بيروت- بلا تاريخ شرح ديوان الحماسة للتبريزي تح: محمد محي الدين عبد الحميد ط: مطبعة الحجازي- القاهرة- د. ت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 حرف الصاد صبح الأعشى للقلقشندي ط: دار الكتب العلمية- بيروت 1407 هـ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 حرف الضاد الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع للسخاوي طبع ومنشورات دار مكتبة الحياة- بيروت. د. ت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 حرف الطاء طبقات الشافعية الكبرى للسبكي تح: الطناحي والحلو ط: عيسى البابي- القاهرة 1964- 1976 طبقات القراء للذهبي تح: ارناؤوط وغيره ط: مؤسسة الرسالة- بيروت- 1984 الطبقات الكبرى للشعراني ط: دار الفكر- بيروت- مصورة عن طبعة مصر- 1954 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 حرف العين عجالة المبتدئ وفضالة المنتهى للحازمي تح: عبد الله كنون ط 2: مجمع اللغة العربية بالقاهرة- 1973 العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب لليازجي ط: دار القلم- بيروت- 1887 عيون الروضتين لأبي شامة ط: وزارة الثقافة دمشق- 1991 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 حرف الفاء الفرق بين الفرق عبد القادر البغدادي ط: دار الآفاق الجديدة- بيروت- بلا تاريخ الفهرست لابن النديم ط: ايران وطبعة دار المعرفة بيروت- 1994 فهرس المخطوطات المصورة في معهد التراث بحلب ط: جامعة حلب- 1981 فهرس مخطوطات التاريخ في الظاهرية لخالد الريان ط 1: مجمع اللغة العربية- دمشق- 1973 فهرس مكتبة جامعة الموصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 حرف القاف القاموس المحيط للفيروز آبادي تح: محمد البقاعي ط: دار الفكر- بيروت- 1415 هـ قصص الأنبياء ابن كثير ط 3: مؤسسة أبي الطيب- بيروت- 1993 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 حرف الكاف الكامل والتاريخ لابن الأثير ط: دار الكتاب العربي- بيروت- بلا تاريخ كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون حاجي خليفة ط: مصورة عن طبعة استانبول الكنى والأسماء الإمام مسلم تح: مطاع طرابيشي ط 1: دار الفكر- دمشق- 1984 الكواكب السائرة للغزي تح: جبور ط 2: دار الآفاق الجديدة- بيروت- 1979 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 حرف الميم المحبر محمد بن حبيب تح: شتيتر ط: دار الآفاق الجديدة- بيروت مصورة عن طبعة الهند عام 1361 هـ المختصر في أخيار البشر لأبي الفداء اسماعيل الملك المؤيد ط: استانبول- 1969 مروج الذهب المسعودي تح: محمد محي الدين عبد الحميد ط: بيروت- 1403 هـ معالم وأعلام أحمد قدامة ط 1: المؤلف معجم الأعلام الجابي ط: دار الجفان والجابي- قبرص- 1407 هـ معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي محمد أحمد دهمان ط: دار الفكر- دمشق- 1990 معجم الأنساب والأسرات الحاكمة زامباو ط: مصر- 1951 معجم البلدان ياقوت الحموي ط: دار إحياء التراث العربي بيروت- 1399 هـ معجم الحيوان للمعلوف ط: دار الرائد العربي- بيروت- 1985 معادن الذهب في الأعيان المشرفة بهم حلب لأبي الوفاء العرضي تح: محمد التونجي ط 1: دمشق- دار الملاح- 1407 هـ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ط: دار إحياء التراث العربي بيروت- 1957 معجم دوزي ط: مكتبة لبنان- بيروت معرفة الرجال ليحيى بن معين (رض) تحقيق: قصار وحافظ وبدير ط: مجمع اللغة العربية- دمشق- 1985 المعمرون والوصايا للسجستاني تح: عبد المنعم عامر ط: مصر- 1961 المغرب المطرزي تح: فاخوري وغيره ط 1: حلب- 1979 مفتاح الراحة لأهل الفلاحة لمؤلف مجهول ط: الكويت 1984 مفرج الكروب في أخبار بني أيوب لابن واصل تح: شيال وربيع ط: مصر 1953- 1972 الموسوعة العربية الميسرة غربال وغيره موسوعة العمارة العربية الاسلامية في سورية عبد القادر الريحاوي- دمشق 1979 موسوعة حلب خير الدين الأسدي تحقيق: محمد كمال ط 1: معهد التراث العلمي- حلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 حرف النون والهاء والواو والياء النجوم الزاهرة ابن تغري بردي ط: مصر- مصورة عن طبعة دار الكتب 1930 نظم العقيان في أعيان الأعيان للسيوطي تح: فيليب حتي ط: المطبعة السورية والإمريكية- نيويورك 1927 نقد الطالب لزغل المناصب لابن طولون تح: محمد أحمد دهمان ط: دار الفكر المعاصر- بيروت- 1992 النقود العربية انستاس الكرملي ط: دون تاريخ نكت العميان في نكت العميان لابن ايبك الصفدي تح: أحمد زكي ط 1: مصر- 1911 نهر الذهب في تاريخ حلب للغزي ط 1: حلب عام 1926 ط 2: دار القلم العربي حلب- 1991 تصحيح وضبط: شوقي شعث ومحمود فاخوري هدية العارفين اسماعيل باشا البغدادي ط: مصورة عن طبعة استانبول وفيات الأعيان ابن خلكان تح: احسان عباس ط: دار صادر- بيروت- 1977 اليواقيت والضرب في تاريخ حلب المنسوب إلى أبي الفداء تح: محمد كمال وفالح البكور ط 1:- دار القلم العربي- حلب- 1408 هـ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 فهرس الموضوعات الجزء الأول 1- المقدمة 5 2- سلاسل التاريخ حول حلب 7 3- ترجمة المؤلف 26 4- مقدمة التحقيق 40 كنوز الذهب 5- الفصل الخامس في بعض عشاقها 53 6- الفصل السادس في: 77 - المنافع والطلاسم 78- المطالب 93- حل الكتابات القديمة 95 7- الفصل السابع في: - تراجم من دفن بها أو بمعاملتها من الخلفاء والملوك 104 8- الفصل الثامن: 136 فيما ظهر بها من العجائب 137- وحوادث وقعت بها 137- وعجائب ظهرت بغيرها 137- 178 9- الفصل التاسع في: بعض وقائع الفرنج وما اتفق بها وبمعاملاتها 178 10- الفصل العاشر في: 205- جوامعها 206- مدارسها 268- بعض آدر القرآن الكريم 372- ذكر آدر الحديث 377 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 ذكر الخوانق 382- خوانك النساء 402- الخوانك التي بظاهر حلب والزوايا 404- ذكر الربط والتكايا 426- ذكر الترب التي بداخل حلب 427- وخارجها 430- ذكر مكاتب الأيتام 440- ذكر المارستانات 445 11- الفصل العاشر في خططها: 450- القصبة العظمى وما يتشعب منها من دروب 451- أسواق حلب 523 12- الفصل الثاني عشر في: 525- قلعة حلب 526- ذكر دار العدل 546- ذكر السور 550- أبواب حلب 555- ذكر الميادين 561- ذكر نهر حلب 562- ما كتب عن حلب نثرا 579- ذكر القني المتفرعة عن القناة العظمى 581- كنائسها 592- بعض الديارات التي بها أو بمعاملتها 593- جبالها وجبال معاملتها 594- 595 - الفصل الثالث عشر في: ذكر التتار وتراجم بعض ملوكهم وتوابعهم 603 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 الجزء الثاني 14- المقدمة 5 15- حرف الألف 6 16- حرف الباء 17 17- حرف الجيم 21 18- حرف الحاء 26 19- حرف الخاء 32 20- حرف الدال 34 21- حرف الذال 36 22- حرف الراء 36 23- حرف الزاي 37 24- حرف السين 39 25- حرف الشين 43 26- حرف الصاد 44 27- حرف الضاد 45 28- حرف الطاء 46 29- حرف العين 48 30- حرف الفاء 69 31- حرف القاف 72 32- حرف الكاف 75 33- حرف اللام 78 34- حرف الميم 79 35- حرف النون 91 36- حرف الهاء 93 37- حرف الواو 95 38- حرف اللام المعنقة 97 39- حرف الياء 97 40- فصل في ذكر نواب حلب 102 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 41- الحوادث على السنين 143 5- سنة اثنين واربعين وثمانمائة 143 6- سنة ثلاث واربعين وثمانمائة 157 17- سنة اربع واربعين وثمانمائة 158 21- سنة خمس واربعين وثمانمائة 163 26- سنة ست واربعين وثمانمائة 168 32- سنة سبع واربعين وثمانمائة 174 34- سنة ثمان واربعين وثمانمائة 184 36- سنة خمسين وثمانمائة 193 36- سنة احدى وخمسين وثمانمائة 202 37- سنة اثنين وخمسين وثمانمائة 210 39- سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة 219 43- سنة اربع وخمسين وثمانمائة 226 44- سنة خمس وخمسين وثمانمائة 235 45- سنة ست وخمسين وثمانمائة 243 46- سنة سبع وخمسين وثمانمائة 250 48- سنة ثمان وخمسين وثمانمائة 263 69- سنة تسع وخمسين وثمانمائة 270 72- سنة ستين وخمسين وثمانمائة 276 75- سنة احدى وستين وثمانمائة 281 78 42- حلب في أيام الخلفاء والأمراء المسلمين 290 79 43- ذكر القصور التي كانت لملوك حلب 298 91 44- الحمامات 302 93 45- فصل في ذكر بعض عشاق حلب 320 95 46- فهرس جزء الخطط (المخطوط الأصل) 334 97 47- فهرس جزء الحوادث (المخطوط الأصل) 340 97 48- ملحق قصيدة الفراسة 345 102 49- نهاية الجزء الثاني 364 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 قسم الفهارس 50- فهرس الأعلام 51- فهرس التراجم العارضة 52- فهرس الأماكن 53- فهرس أسماء الكتب الواردة في كنوز الذهب 54- فهرس المصادر والمراجع 55- فهرس الموضوعات 56- جدول الخطأ والصواب 57- فهرس الفهارس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 فهرس الفهارس 1- فهرس الأعلام 366 2- فهرس التراجم العارضة 415 3- فهرس الأماكن 438 4- فهرس أسماء الكتب الواردة في كنوز الذهب 465 5- فهرس المصادر والمراجع 469 6- فهرس الموضوعات 490 7- جدول الخطأ والصواب 495 8- فهرس الفهارس 496 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 المحققان: شوقي شعث: دكتور في الآداب، يعمل منذ عام 1962 في المديرية العامة للآثار والمتاحف. يدرس بجامعة حلب منذ 1974: تاريخ الحضارة العربية والآثار الشرقية القديمة والتاريخ القديم. يشغل وظيفة الأمين الرئيس لمتحف حلب الوطني. نشر عددا من الكتب منها: حلب تاريخها ومعالمها التاريخية؛ قلعة حلب تاريخها ومعالمها الأثرية؛ القدس الشريف؛ فلسطين أرض الحضارات؛ متحف حلب الوطني (دليل) وغيرها. حقق مع زميله الكتب التالية: - تحف الأنباء في تاريخ حلب الشهباء (لتيودور بيشوف) . - كنوز الذهب في تاريخ حلب (لسبط بن العجمي في مجلدين) . ضبط وحرّر كتاب نهر الذهب في تاريخ حلب (ثلاثة مجلدات مع زميل) ووقائع الندوة الأولى للآثار الفلسطينية تحت عنوان دراسات في تاريخ وآثار فلسطين في ثلاثة مجلدات قامت على نشرها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وجامعة حلب ومركز التراث الفلسطيني/ 1983- 1985/. ترجم: - كتاب علم الآثار والكتاب المقدس. دار الجليل دمشق 199- القدس الاسلامية (مع آخرين) . - العموريون من هم ومن هو موطنهم. دار الأبجدية دمشق 199. راجع عددا من الكتب منها: - الفن التشكيلي في حوض البحر الأبيض المتوسط، للدكتور عطية قاجه طبع بدمشق. - استراتيجية الاستيطان الاسرائيلي، للدكتور طلال ناجي، طبع دمشق. - الالاخ (تل عطشانه) راجع الترجمة التي قام بها الأستاذ فهمي الدالاتي، طبع بدمشق- وزارة الثقافة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 كما نشر عددا من المقالات باللغتين العربية والانكليزية في مجلات متخصصة جاوزت الخمسين مقالا. عضو في كثير من المنظمات والهيئات العربية والدولية: عضو في اتحاد الكتاب العرب- دمشق. عضو في اتحاد المؤرخين العرب- بغداد. عضو في اتحاد المترجمين العرب- بغداد. عضو في مجلس المتاحف الدولي- باريس. عضو في الجمعية العالمية لحماية التراث الفلسطيني- باريس. عضو الجمعية العالمية لحماية التراث الحضاري الاسلامي- استانبول والرياض. عضو في مركز صيانة وترميم وتوثيق القدس الشريفة- تونس. عضو الجمعية العلمية السورية- حلب. مدير مركز الآثار والتراث الفلسطيني- دمشق. رئيس الجمعية الفلسطينية والآثار- دمشق. وغيرها. فالح البكور: مهندس مدني يعمل في مؤسسة الاسكان العسكرية، يعمل بالتراث، عضو الجمعية السورية لتاريخ العلوم عند العرب، تعاون مع الدكتور شوقي شعث ونشر بعض الكتب منها: - كنوز الذهب في تاريخ حلب (وهو الكتاب لذي بين أيدينا) . - وكتاب تحف الأنباء في تاريخ حلب الشهباء. - وكتاب حلب في كتب البلدانيين العرب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496