الكتاب: آكام المرجان في ذكر المدائن المشهورة في كل مكان المؤلف: إسحاق بن الحسين المنجم (المتوفى: ق 4هـ) الناشر: عالم الكتب، بيروت الطبعة: الأولى، 1408 هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- آكام المرجان فى ذكر المدائن المشهورة فى كل مكان إسحاق بن الحسين المنجم الكتاب: آكام المرجان في ذكر المدائن المشهورة في كل مكان المؤلف: إسحاق بن الحسين المنجم (المتوفى: ق 4هـ) الناشر: عالم الكتب، بيروت الطبعة: الأولى، 1408 هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] إسحاق بن الحسين المنجم شبه مجهول، لا يعرف عنه سوى اسمه. لقد قام جماعة من المستشرقين ببعض التحريات حول المؤلف، ومنهم مينورسكي وأرمنياكوف وبروكلمان، دون الوصول إلى نتيجة حاسمة. وخلاصة هذه التحريات، أن المؤلف عاش في القرن الثالث للهجرة، ورأي آخر يقول إنه عاش في حدود 340 هـ، ورأي ثالث أنه عاش في فترة لا تتعدى 454 هـ، العام الذي أسست فيه مدينة مراكش، التي لم يرد ذكرها لديه. وهناك من قال بأن المؤلف أندلسي، بدليل وجود صدى لهجة الأندلس في كتابه آكام المرجان. مقدّمة التحقيق بسم الله الرّحمن الرّحيم منذ عشرينات هذا القرن، لا يزال كتاب (آكام المرجان) موضع بحث نظرا لما يحيط به ومؤلفه من غموض. فالمؤلف إسحاق بن الحسين المنجم، شبه مجهول، لا يعرف عنه سوى اسمه. إلّا أننا بالتأكيد نعرف أن المخطوط يماني، كتبه ناسخه «أحسن بن علي بن عبيد الله الأنسي الكوكباني» ، مما «خدم به أمير المؤمنين القاسم بن الحسين» أحد أئمة اليمن، والذي تولى السلطة منذ العام 1128 هـ حتى وفاته في العام 1139 هـ. وذيّل المخطوط بإتمام نسخه في شهر شعبان 1129 هـ. وقد قامت السيدة أنجيلا كوداتزي بوصف مخطوطة الأمبروزيانا، وقالت إنه يتألف من 33 ورقة بقياس 1، 20* 2، 15 سم في 12 سطرا لكل صفحة. وخالطت المخطوط بعض البقع في الورقتين 5- 6 و 30- 31، وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 مكتوب بالخط النسخي اليمني، ويشوبه الكثير من الأخطاء، فيما كتب ظهر الورقة الأولى ووجه الورقة الثانية بخط ثلثي جميل «1» . نشر الكتاب بجهود السيدة كوداتزي، إلّا أنه بقي كثير الأخطاء، سواء من كلمات غير منقوطة، أو من كلمات رسمت خطأ. غير أن الأخطاء الكبرى التي شابت هذا العمل، هي ما سقط من النسخ حتى ليبلغ فقرات أحيانا. أو سقوط التعريف بمدن ومقاطعات بكاملها. وقد حاولت بعملي استدراك ما سقط، وتقديم هذا المصنف بشكل يصحح معظم الأخطاء التي وردت فيه. لقد قام جماعة من المستشرقين ببعض التحريات حول المؤلف، ومنهم مينورسكي وأرمنياكوف وبروكلمان، دون الوصول إلى نتيجة حاسمة. وخلاصة هذه التحريات، أن المؤلف عاش في القرن الثالث للجهرة، ورأي آخر يقول إنه عاش في حدود 340 هـ، ورأي ثالث أنه عاش في فترة لا تتعدى 454 هـ، العام الذي أسست فيه مدينة مراكش، التي لم يرد ذكرها لديه. وهناك من قال بأن المؤلف أندلسي، بدليل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 وجود صدى لهجة الأندلس في كتابه «2» . ويزيد الأمر إرباكا إغفاله للمؤلفين أو الرواة الذين أخذ عنهم، باستثناء ورود اسم قتيبة في حديثه عن إصفهان. وإذ توقعت أن يكون هناك خطأ في الاسم، فقد قمت بمراجعة ما كتبه ابن قتيبة في (الأخبار الطوال) عن فتوح المشرق، فلم أجد شيئا. وعدت أستقرىء المصادر الأندلسية، فألفيت ابن خلدون يصرّح بمصادره بأنه «يحاذي» في معلوماته الجغرافية «ما وقع في كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق الذي ألفه العلوي الأندلسي المحمودي لملك صقلية من الافرنج وهو رجار [Roger] عندما كان نازلا عليه بصقلية بعد خروج صقلية من إمارة مالقة. وكان تأليفه للكتاب في منتصف المائة السادسة، وجمع له كتبا جمة للمسعودي وابن خرداذبة والحوقلي والقردي وابن إسحاق المنجم وبطليموس وغيرهم» «3» . أما الإدريسي، المولود في مدينة سبتة في العام 493 هـ فقد صرح في «نزهة المشتاق» بمصادره «بطلب ما في الكتب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 المؤلفة في هذا الفن من علم كذلك كله. مثل العجائب للمسعودي، وكتاب أبي نصر سعيد الجيهاني، وكتاب أبي القاسم محمد الحوقلي البغدادي، وكتاب جاناخ بن خاقان الكيماكي وكتاب موسى بن قاسم القردي، وكتاب أحمد بن يعقوب المعروف باليعقوبي وكتاب إسحاق بن الحسين المنجم، وكتاب بطليموس الإقلودي ... » «4» . وينتمي كاتبنا إلى مدرسة الجغرافية الرياضية، التي أرسى قواعدها بطليموس. وتتلخص قواعد هذه المدرسة بتقسيم العالم إلى سبعة أقاليم، واعتماد خطوط الطول والعرض لتحديد المدن والقرى. وأوضح إسحاق بن الحسين اعتماده «خط أول الأرض وهو خط المغرب، وخط الاستواء وهو خط وسط الأرض» . ومع أن «الآكام» تبدو كمعجم جغرافي، إلّا أن المؤلف اتبع نهجا خاصا مزج فيه بين تقديم أهمية المدينة ومدن الإقليم الواحد، متخليا عن مراعاة الأبجدية. فهو يعرض المدن الإسلامية المقدسة أولا، ثم يعود إلى بغداد «لأنها أصل المدائن» ، ثم إلى سرّ من رأى، وهي العاصمة الثانية لبني العباس، ثم إلى الكوفة والبصرة وواسط، أوائل الأمصار التي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 شادها العرب. ثم ينتقل إلى جنوب شبه الجزيرة العربية فيذكر مدينة صنعاء «حرسها الله تعالى» ، ثم عدن وعمان وسبأ ومأرب وحضرموت وسقطرة والبحرين وهجر ثم الطائف واليمامة. ثم يتابع المؤلف توجهه نحو بلاد الشام، ومنها إلى بلدان المشرق الإسلامي، إلى أذربيجان وهمذان ونهاوند، ثم أصبهان والري، حتى يبلغ كرمان وخوارزم وبلخ وبخارى وسمرقند. وما نلاحظه حول ما كتبه في هذا القسم من جغرافيته: أ- إعجاب المؤلف بكل من بغداد وصنعاء. وهو في الأولى متأثر بما قرأه أو اقتبسه من مؤلفات الجغرافيين، حيث تبدو ملامح اليعقوبي وابن رستة وابن خرداذبة وابن الفقيه والإصطخري، حتى أن مقاطع بكاملها تتفق مع ما ورد في تلك المصادر. وفي الثانية، يبدو ظاهر الولاء لموطنه، وإذا كان هناك افتراض أولي يقول بأصل المؤلف الأندلسي، فإن هذا لا يمنع تعاطفه مع اليمن، وهو كذلك يقدم معلومات مفصلة عن جنوبي شبه الجزيرة. ب- في حديث المؤلف عن بلاد الشام، نراه يتحدث عن أنطاكية أثناء حديثه عن حلب. ومع ذلك فهو يعتبرها عاصمة للثغور الإسلامية، وهو ما كانت عليه أنطاكية قبل العام 358 هـ/ 959 عام سقوطها بأيدي قادة الإمبراطور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 نقفور فوكاس البيزنطي. ويتحدث في مكان آخر عن الحروب المتوالية بين العرب والبيزنطيين في (بلاد الشامات) . ج- إلى جانب ذلك، يقدم إسحاق بن الحسين معلومات جديدة لم يسبق أن عرضها غيره من قبل. فهو المصدر العربي الأول الذي ذكر نهر إيلي أثناء حديثه عن مدينة جرجان، ويكاد يكون الوحيد الذي أشار إلى أن خوارزم عرفت بالجرجانية. إلى هذا، يقدم مؤلفنا معلومات عن خراج بلدان المشرق، وأصول سكانها، وبعض صناعاتها التي اشتهرت بها، وذلك بإيجاز تام، وهو هنا قريب من الجغرافية الاقتصادية. في القسم الثاني من جغرافيته، ينتقل مؤلفنا إلى الحديث عن أقاليم إفريقيا. فيبدأ بالإسكندرية ودمياط وتنيس ومصر (القاهرة) ثم ينتقل إلى مدين ويعود إلى عين شمس والسويس (القلزم) . ثم ينتقل إلى الشمال الإفريقي، فيبدأ بطرابلس ثم إلى سرت وأجدابية، ثم يعود إلى خليج العقبة (أيلة) ، وينتقل مجددا إلى إفريقية فيذكر القيروان ثم إلى تاهرت، وقبل أن يختم هذا القسم، يقف المؤلف معتذرا بأنه سوف يذكر المواضع على الجملة والعموم، طلبا للإيجاز والاختصار. بعدها يتابع إلى بلاد البربر فيذكر تنس، ثم ينتقل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 إلى قسطيلية، وفاس وقرطبة ومليلة وتلمسان وناكور وسبته وطنجة واغمات وسجلماسة «آخر بلاد البربر» . بعدها ينتقل المؤلف إلى بلاد السودان، وهو يقصد الزنج. فيذكر بعضا من الأراضي في الحبشة ومالي والنوبة. وقبل أن ننتقل مع المؤلف إلى أوروبا، نتوقف لنسجل الملاحظات التالية: أ- أن المدن أو الأماكن التي ذكرها المؤلف تتصف بأنها مدن عريقة في التاريخ، أو أن بعضها محطة تاريخية (الإسكندرية، مصر، مدين، قرطجنة، القيروان، تنيس) . ب- إن معظم الأماكن تتصف بأنها مواني بحرية ومراكز لنشاط التجارة البحرية، أو أنها محطات تجارية برية، وهو هنا يلامس الجغرافية التاريخية للعالم الإسلامي. وإذا كنا نلمس ورود هذا الأمر دون تصريح من المؤلف، فإن أبا عبيد البكري الأندلسي، كان واضحا في هذا الشأن. ففي أحاديثه عن إفريقية الشمالية كان دائما يشير إلى المرافئ وما يقابلها من مرافئ على شواطىء الأندلس الشرقية وهو كان أيضا يصرّ على إبراز العلاقة الوطيدة بين مرافئ كل من الشاطئين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 ج- لم يتعرض المؤلف إلى ذكر القاهرة التي أسسها جوهر في العام 359 هـ والتي انتقل إليها المعز الفاطمي في العام 362 هـ، وهو حادث مهم دون شك، سواء على الصعيد السياسي، من وصول النفوذ الفاطمي إلى مصر وتهديده بلاد الشام، أو على الصعيد الفكري الذي قضى بإنشاء الجامع الأزهر، مركزا لتخريج الدعاة الفاطميين ونشر عقيدتهم. ثم ينتقل المؤلف إلى الحديث عن الأندلس. وهنا نراه واسع المعرفة ودقيق الملاحظة. فهو يتحدث عن وحداتها الإدارية الساحلية، ثم ينتقل إلى الداخل، ويضع منطقة الثغو بما يقابلها من أسبانيا المسيحية. مشفوعة بعرض يضم معلومات تاريخية حول فتح الأندلس. ولكنه يستوقفنا بما قدمه من معلومات عن أوضاع معاصرة له. فأثناء الحديث عن بلنسية قال إسحاق بن الحسين: «وهي على قرب البحر، وقاعدتها اليوم: المرّية، وهي على البحر الشامي» . ثم يذكر مدينة (ابراره؟؟) ويقول: «وقاعدتها اليوم دانية» . والقسم الثاني من هذا الحديث يناقض القسم الأول فيه، فالمنحدر على الشاطئ الشرقي من الشمال إلى الجنوب يمر بدانية قبل أن يمرّ بالمريّة. وعلى أي حال، فلنتوقف عند المرّية لأنها ثابتة تاريخيا. فمن المعروف أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 مدينة بجانه كانت قاعدة إقليم بلنسية. وبجانة مدينة أنشأها جماعة من التجار وأهل البحر الأندلسيين الذين كانوا يعملون بين شواطىء الأندلس والمغرب فرأوا أن نشاطهم بحاجة إلى الدعم والحماية، وكونوا اتحادا من التجار ذكر منهم أبو عبيد: الكركبي وأبا عائشة والصقر وصهيب، وبنوا مدينة صغيرة إلى جانب تنس على شاطىء الجزائر وسموها «تنس الحديثة» «5» في العام 262 هـ/ 875. وبعد بضع سنوات نزلت جماعة من التجار في مرفأ وهران وجعلته ميناء بحريا هاما في العام 290/902، ونقلت هذه الجماعة نشاطها إلى الشاطئ المغربي، فأنشأت عدة موانئ، مثل بجاية، وبونة (عنابة) ومرسى الدجاج «6» . وعندما رغب التجار في نقل تجارتهم إلى وطنهم الأصلي في الأندلس، اختاروا الخليج الذي تقع عليه بلدة بجانة «7» ، ثم عرف باسم المريّة. لقد كانت هذه الناحية اقطاعا بيد جماعة من العرب اليمانية، تركته لهم إمارة قرطبة، على أن يقوموا بحماية السواحل من غزاة البحر، حتى عرفت باسم «أرش اليمن» . ثم حصل التجار على الحق بإنشاء مدينة مسوّرة. وبلغ ازدهار بجانة أوجه في عهد الناصر (توفي 355 هـ/ 961) . حيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 أعجب بالمرية، فنقل إليها قاعدة الكورة في العام 344/955 وأنشأ فيها عمائر ومنشآت كبيرة، حتى غدت من كبريات موانئ الأندلس. وفي حديث المؤلف عن مدن الثغر الأعلى المقابلة للبلاد المسيحية الأسبانية، فإنا لا نراه يلمح التغير السياسي الذي يمكن أن يكون طرأ عليها. فهو يعتبرها من بلاد المسلمين التي عليها مواجهة البلاد المسيحية. ويمكننا أن نقرر أن ذلك كان في أيام الحكم القوي، أي في عهد الناصر وخليفته الحكم الثاني. لقد امتد النفوذ الإسلامي إلى المناطق الجبلية التي كان المسيحيون قد تراجعوا إليها إبان الفتح، وهو ما يذكره المؤلف في ختام حديثه عند جزيرة الأندلس. ويعتبر عصر عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم الثاني العصر الذهبي للأندلس، حيث خضع مسيحيو إسبانيا، وأقاموا علاقات طيبة مع المسلمين، حتى باتت قرطبة مقصد الأسبان المسيحيين يطلبون تحكيمها في خلافاتهم. وبدا أن حركة إعادة الغزو المسيحي قد كبح جماحها إلى غير رجعة. وتستوقفنا ملاحظة أخرى، وهي أن المؤلف لم يتحدث عن الزهراء بل هو لم يذكرها، والمعروف أن بناءها ابتدأ في العام 350 هـ وانتهى في العام 365 هـ، مما يحمل على الظن بأن المؤلف وضع مصنفه قبل إنشائها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 وبعد أن ينتهي المؤلف من شبه جزيرة الأندلس، ينتقل إلى ذكر البلاد المسيحية، بدليل أنه ترك الحديث عن آسيا الصغرى فيما سبق وجعله ضمن هذا القسم الأخير المخصص لأوروبا، ثم يلحق به بلاد الخزر والشاش والأتراك غير المسلمين. ويبدأ ابن الحسين المنجم حديثه عن إيطاليا وفرنسا وبلاد الصقالبة (السلاف) ويعكس هنا القلق الذي ساد أوروبا مع غزوات النورمانديين والهونغاريين. ومعلوماته هنا وثيقة الصلة بمعلومات الجغرافيين المشرقيين، ويبدو ذلك واضحا في الاقتباس عن القسطنطينية، وهو أمر يدعو للخيبة. فبعد أن غاب عن حديثه اثر الفاطميين على التطورات السياسية في شمال إفريقية، نراه من جديد يهمل العلاقات الأندلسية البيزنطية التي نشطت في القرن الرابع للهجرة، اللهمّ إلّا ملامسة شبه خفية لطرف الموضوع. أثناء الحديث عن البيزنطيين فيقول: «ومملكتهم عظيمة، وهم أهل بأس ونجدة، وهم يحاربون الصقالبة والإفرنج، ويحاربهم المسلمون أيضا في بلاد الشامات» . أما في الحديث عن بلاد الخزر والبلغار فإنه يقدم معلومات جديدة إلى حدّ ما، حيث نراه أقرب إلى ما ذكره ابن فضلان في سفارته 309 هـ. والآن، وفي ضوء ما قدمناه من غياب بعض المدن الرئيسية عن هذا المعجم، من مراكش (454 هـ) والقاهرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 (359 هـ) والزهراء (350- 365 هـ) ، نستطيع أن نقرر أن المؤلف وضع مصنفه قبل 350 هـ، وبعد 344 هـ، أي قبل بناء الزهراء وبعد اعتماد الناصر المريّة قاعدة للكورة. أما المخطوط، فمن الثابت أنه يماني ولقد سبق أن أشرنا إلى العلاقة بين اليمانية والأندلس، حيث نزل اليمانيون على شواطىء الأندلس الشرقية، وقد أتيح لهم أن يكونوا في آن واحد مقاتلين وزراعا وتجارا. وما يشوب المخطوط من بعض التشويش في المعلومات، فلا تقع مسئوليته على المؤلف. أما المعلومات المنسقة التي تتناول المشرق الإسلامي، فمردها إلى اعتماد المؤلف على الاقتباس من المؤلفات الجغرافية السابقة، فيما كانت معلوماته عن إفريقيا وشبه جزيرة الأندلس أكثر غزارة وتفصيلا، بالرغم من ميل المؤلف الواضح إلى الاختصار في مجمل عمله. ولذا، فنحن نميل إلى القول بأن إسحاق بن الحسين المنجم أندلسي الأصل،. أي أنه عاش في شبه الجزيرة الأندلسية أو في المستعمرات التجارية الأندلسية على الشواطىء الإفريقية، وفي احتمال أخير، قد يكون أحد اليمنيين الذين عاشوا في الأندلس ثم عادوا إلى اليمن، هذا مع وجود احتمال بأن يكون أحد اليمانيين قد قام بنقل هذا المخطوط إلى اليمن. أخيرا، وفي ختام هذه العجالة، أشير إلى أني لم أشأ تفصيل العلاقة بين إسحاق بن الحسين ومن سبقه، أو بمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 لحقه، وقد أشرت في الهوامش إلى الأماكن التي يلتقي فيها معهم أو يقتبس منهم، أما من اقتبس منه فقد أشرنا في مطلع هذا البحث إلى الإدريسي وابن خلدون، أما العلاقة بين مؤلفنا وأبي عبيد البكري، فموضعها في غير هذا المكان، وغير هذه المناسبة. والله ولي التوفيق بيروت فهمي سعد كانون الثاني/ يناير 1988 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 كتاب آكام المرجان في ذكر المدائن المشهورة في كل مكان تأليف الشيخ اسحاق بن الحسين المنجم اسكنه الله رياض الجنان بحق محمد وآله وصلى الله على النبي وآله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 ذكر مدينة مكة المشرّفة بسم الله الرّحمن الرّحيم قال اسحاق بن الحسين رحمه الله تعالى: إنما ذكرنا مكة قبل البلاد، لأنها بيت الله الحرام، وأول بيت وضع في الأرض. وبعدها عن خط أول الأرض، تسع وستون درجة. والدرجة ستة وثلاثون ميلا وثلثا ميل، وكذا في كل درجة نذكرها في غيرها من المدائن. وكذلك «1» إذا ذكرنا البعد من خط المغرب، فإنما نريد أول الأرض، وكذلك البعد عن خط الاستواء، إنما نريد البعد عن خط وسط الأرض، على الحقيقة، على جهة المعمور من الأرض، لأن المعمور من الأرض، قليل جدا. وعلى ما ذكر من جهة أبعاد المدائن عن خط المغرب وخط الاستواء، يعرف بعضها من بعض، وما بينهما من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 المسافات، من جهة الحساب، ومعرفة ذلك علم عظيم. فبعد مكة عن خط المغرب سبع وستون درجة، وذلك من الأميال، أربعة آلاف وأربعمائة واثنان وعشرون ميلا. [وبعدها ثلاث وعشرون درجة وقيل: إحدى وعشرون] «2» عن خط الاستواء في جهة الشمال. واكثر المدائن مما سنذكرها بعد ذلك، إنما هي [في] الجهة الشمالية، لأن المعمور من الأرض، إنما هو الربع الشمالي الذي يلي القطب الشمالي وبنات نعش. ومكة في بطن واد «3» بين جبال وأودية. ومن جبالها العظام: أبو قبيس، والمحصّب، وثبير. وهي كانت دار آدم عليه السلام. ولم يزل بها [الحجر الأسود] «4» حتى نزل الطوفان. ثم أمر الله تعالى إبراهيم الخليل ببنائها. وقد زاد في بنيان بيت الكعبة [ابو جعفر] المنصور «5» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 [وكان ابتداء عمله في المحرّم سنة سبع وثلاثين ومائة، والفراغ منه في ذي الحجة سنة أربعين. ثم وسعه ابنه المهدي في سنة] «6» أربع وستين ومائة. وطول المسجد اربعمائة ذراع، وعرضه ثلاثمائة «7» . وله ثلاثة وعشرون بابا. ومن الصفا إلى المروة، أربعمائة وأربعون ذراعا، وارتفاع البيت، ثمانية وعشرون ذراعا «8» . وهي القبلة لجميع البلدان. فقبلة أهل الكوفة، وبغداد وما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 كان معها، على خط واحد، الركن الشاميّ الذي بين الباب والحجر. وقبلة أهل البصرة وما حاذاها من المدائن، باب الكعبة. وقبلة أهل اليمن، الركن اليماني. وقبلة أهل الهند والسند، الحجر الأسود. وقبلة أهل الشام، باب الكعبة. وأهل الحجاز كذلك، إلّا أنه أحرف قليلا. وأهل اليمن، يتوجهون بوجوههم على أهل أرمينية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 مدينة النبيّ، صلّى الله عليه وآله وسلّم وهي مهاجر «1» رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، ومكان مستقره. وفيها قبره صلّى الله عليه وسلّم، وقبور أصحابه. وسمّاها طيبة، لأن من نحوها تجد رائحة الطيب من جهتها على أميال كثيرة. وبعدها عن خط المغرب مائة وستون درجة، وذلك من الأميال [سبعة آلاف وخمسمائة وستة وخمسون] «2» وبعدها عن خط الاستواء، خمس وعشرون درجة، وذلك من الاميال، ألف وستمائة وخمسون ميلا. والمدينة في مستوى الأرض، شريفة تربتها جليلة. ولها جبلان: أحدهما أحد، والجبل الآخر رضوى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 وأهلها من المهاجرين والأنصار والتابعين وقبائل العرب. ولها أربعة أودية «3» يأتي ماؤها في وقت الأمطار، وأعظمها؛ وادي العقيق. واكثر أموالها النخل، وهي معاش أهلها «4» . والبحر العظيم على مسافة ثلاثة أيام [منها] «5» . وفيها مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومنبره وقبره صلى الله عليه وآله وسلّم. والمسجد طوله ثلاثمائة ذراع، وعرضه مائتا ذراع «6» . وأساطينه ثلاثمائة اسطوانة «7» . واما المنبر الشريف، فزاد [فيه] معاوية بن أبي سفيان ست مراق «8» ، وهي الروضة، التي هي من رياض الجنة «9» ، بين القبر والمنبر الرفيعين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 ذكر بيت المقدس ايلياء «1» وهي من المدائن العظيمة القديمة، وبها قبور الأنبياء، صلوات الله عليهم، وآثارهم «2» . وبعدها عن خط المغرب ست وخمسون درجة، وذلك من الأميال ثلاثة آلاف وستمائة وستة وتسعون ميلا. وبعدها عن خط الاستواء في جهة الشمال، اثنتان وثلاثون درجة، وذلك من الأميال، الفان ومائة واثنا عشر ميلا. وهي جليلة، وماؤها من الأمطار. وخارجها بساتين وكروم ومزارع وأشجار وزيتون «3» . وبها نخلة مريم التي ولدت عيسى [عليه السلام] تحتها «4» . وبها محراب داود عليه السلام «5» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 وبها الصخرة المعلقة. وبها جبل عظيم، منه رفع عيسى [عليه السلام] إلى السماء. وبها مسجد عظيم جدا، وهو أعظم مساجد الدنيا، وفيه باب الرحمة. وكل أمة تحج إليه وتعظمه، وفيه محاريب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 ذكر مدينة بغداد وإنما رجعنا إلى ذكر مدينة بغداد، بعد تقديم ما وجب تقديمه، لأنها أصل المدائن، وأحسنها بنيانا، وأطيبها هواء. وهي في وسط الإقليم الرابع، الذي هو أعز الأقاليم، وأهلها أعظم الناس في ضروب اللبّ والفهم. بناها أبو جعفر المنصور، من بني العباس، وابتدأ بذلك في الأول، سنة إحدى وأربعين ومائة «1» . ونقل إليها البناة والحذّاق والصنّاع من جميع البلدان، وجعلها مدورة، ووسّع رياضها «2» وأزقّتها. وكان الذي تولى ذلك من أهل الحساب والمهندسين، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 الحجاج بن أرطاة الحاسب «3» والطبري وإبراهيم الفزاري. ولها دروب «4» بأبواب، في دورها عشرون ذراعا. ولها أربعة أبواب، ما بين كل باب خمسة آلاف ذراع: باب الكوفة، وباب البصرة، وباب خراسان، وباب الشام. وعلى كل باب تلبيس من الحديد، لا يغلقها إلّا جماعة من الرجال. ولكل باب منها دهليز، وعلى كل باب منها قبة عظيمة مزينة بالذهب. وحول القصر دور الأولاد من بني العباس، وأهل الخدمة. والقصر في وسط المدينة، وإلى جانبه المسجد الأعظم. وهي بين نهر الدجلة والفرات، وكان بها في القديم ألف مسجد وعشرون ألف حمام «5» . وبعدها عن خط المغرب سبعون درجة، وذلك من الأميال أربعة آلاف وستمائة وعشرون ميلا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 وبعدها عن خط الاستواء في الشمال ثلاث وثلاثون درجة، وذلك من الأميال، ألفان ومائة وثمانية وسبعون ميلا. وكان المنصور قد نقل إليها النخل والأشجار، فأنبتت ونمت في مدة يسيرة، وذلك لطيب مائها واعتدال هوائها. وكذلك نقل إليها الرخام والأساطين والصناع من كل بلد. وأمر أهل الخدمة أن يقطع كل واحد منهم ويبني، فأقطعوا «6» وأكثروا البناء، وقامت في أقل مدة. وبساتينها تسقى بماء الدجلة والفرات في قنوات. وكان سكنى المنصور قبل ذلك في مدينة الأنبار، التي «7» نزلها السفاح، أول خلفاء بني العباس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 ذكر مدينة سرّ من رأى واما مدينة سرّ من رأى، فبناها المعتصم بن هارون الرشيد «1» . وكانت قبل ذلك صحراء، لا عمارة فيها. وكان بها في القديم دير للنصارى. وكان سبب بنيانها، أن المعتصم كان كثيرا ما يتخذ الأتراك، فلما افضت «2» اليه [الخلافة ألحّ في طلبهم. وكان أولئك الأتراك إذا ركبوا الدواب ركضوا، فيصدمون الناس، فيثب عليهم الغوغاء فيقتلون بعضا، ويضربون بعضا، وفثقل ذلك على المعتصم، وخرج من بغداد وطلب موضعا يحفر فيه نهرا، حتى وصل إلى القاطول. فابتدأ البناء واقطع القواد والكتاب والناس، فبنوا على القاطول ودجلة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 ثم صار إلى موضع سر من رأى، فاشترى الدير، وكتب في إشخاص الفعلة والبنائين وأهل المهن وسائر الصناعات. ثم اقطع القطائع للقواد والكتّاب والناس، وأفرد قطائع الأتراك عن قطائع الناس جميعا. وأمر ببناء المساجد والأسواق. واشترى للأتراك الجواري فزوجهّم منهن، ومنعهم أن يتزوجوا ويصاهروا إلى أحد من المولّدين، وأجرى للجواري ارزاقا قائمة. ولما فرغ من البناء حفر الأنهار من دجلة، وحمل النخل من بغداد والبصرة وسائر السواد والجزيرة والشام وسائر البلدان. وبنى المعتصم العمارات قصورا، وصيّر في كل بستان قصرا، فيه مجالس وبرك وميادين. ومات المعتصم بالله سنة سبع وعشرين ومائتين، وبنى فيها هارون الواثق بن المعتصم القصر الهاروني. وولي المتوكل بن المعتصم فنزل الهاروني وانزل ابنه محمدا المنتصر بالجوسق، وأنزل ابنه إبراهيم المؤيد بالمطيرة، وأنزل ابنه المعتز ببلكوارا وبنى المتوكل الجعفرية، والمسجد الجامع] «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 [ذكر مدينة الكوفة] «1» [هي في الإقليم الثالث. وبعدها عن خط المغرب تسع وستون درجة ونصف. وعن خط الاستواء إحدى وثلاثون درجة وثلثان. وهي على الفرات، وهواؤها صحيح وماؤها عذب. والكوفة مدينة العراق الكبرى، وقبة الإسلام، ودار هجرة المسلمين، وهي خطط لقبائل العرب. وبالكوفة قبر أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه. مصّرها سعد بن أبي وقاص] «2» في خلافة ابن الخطاب وهي أول مدينة اختطها المسلمون بعد البصرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 ذكر مدينة البصرة وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب أربع وستون درجة، وذلك من الأميال، أربعة آلاف وثمانمائة وأربعة وثمانون ميلا. والبصرة مدينة الدنيا، وقاعدة العراق، وموسم التجار. مستطيلة طول فرسخين في عرض فرسخ. اختطها، في خلافة عمر بن الخطاب، سنة أربع عشرة من الهجرة، عتبة بن غزوان «1» ، من المهاجرين الأول. وهو افتتح الأبلّة «2» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 ومنها في ناحية الشمال، نهر يأتي من البطيحة، على مسافة ثلاثة فراسخ. وهو عذب الماء «3» . ومدينتا «4» الكوفة والبصرة على خط واحد، وبينهما بحر من مسيرة سبعة أيام. وفي نصف المسافة منها مدينة واسط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ذكر مدينة واسط وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط الاستواء، كمثل بعد مدينتي «1» البصرة والكوفة. وبعدها عن خط المغرب، إحدى وسبعون درجة، وذلك من الأميال، أربعة آلاف وستمائة وستة وثلاثون ميلا. وإنما سميت واسط، لأنها وسط بين الكوفة والبصرة. [وهي] ليست قديمة، بناها الحجاج بن يوسف، عامل عبد الملك بن مروان «2» . وكان سبب بنائها، أن عبد الملك أرسل جنودا من أهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 الشام إلى الحجاج بن يوسف، ليكونوا عونا له على الحروب، فضاقت منهم أهل العراق، لأنهم كانوا ينزلون عليهم في الدور، ويتطاولون إلى نسائهم فشكوا ذلك إلى عبد الملك بن مروان، فأمر الحجاج أن يبني لأهل الشام مدينة ينقلهم إليها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 ذكر مدينة عبّادان في الأهواز. وهي في الإقليم الرابع «1» . وبعدها عن خط المغرب، خمس وسبعون درجة، وذلك من الأميال أربعة آلاف وتسعمائة وخمسون ميلا. وبعدها عن خط الاستواء، إحدى وثلاثون درجة، وذلك من الأميال، ألفان ومائتان وستة وثلاثون ميلا. وهي على ساحل بحر العراق، متصلة بالبحر العظيم الأخضر وهي عامرة بأهلها، وبها المرابطون والزهاد «2» . وبها تعمل الحصر العبّادانية «3» . وبقربها يقع الفرات في البحر الاعظم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 ذكر مدينة سيراف وهي في الإقليم الثالث. وبعدها عن خط المغرب، تسع وسبعون درجة، وذلك من الأميال [خمسة] آلاف ومائتين وأربعة وعشرون ميلا «1» . وهي على ساحل بحر العراق، من كور فارس. وهي مدينة جليلة، طيبة البقعة، ينزلها الولاة. ولها سعة في دورها، وبساتين عجيبة، فيها الرياحين وضروب الأشجار «2» . ويشرب أهلها من عيون تأتي من جبل «3» . واكثر أهلها عجم أشراف من الفرس. افتتح كورها عبد الله «4» بن عامر بن كريز، في خلافة عثمان بن عفان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 ذكر مدينة صنعاء حرسها الله تعالى. وهي مدينة باليمن، وقاعدتها، وليس فيها أعظم منها. وهي جبلية برية، معتدلة الهواء، طيبة الماء «1» ، تثمر عندهم الأشجار، فيدركون الزرع في العام مرتين «2» ، لأن لهم شتاءين وصيفين، وذلك [شأن] كل بلد بعدها عن خط الاستواء أقل من أربع عشرة درجة، وهي في الإقليم الأول. ودورها مدهّنة بالأحمر والأخضر، وبسطها مفروشة، لانتظار الأمطار في أوقات معلومة لا تختلف. [فهم] يمطرون شهرا واحدا في الصيف، وشهرا في الشتاء «3» ، واكثر ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 يكون بالعشيّ، فهم يستعجلون بالانصراف إلى منازلهم، ويخرج السيل جميع ما فيها من الأوساخ، لأنها مفروشة، ويأتي إلى مزارعهم في قنوات «4» . ولها سور وشارع على واد. في جامعها قبر نبيّ من الأنبياء «5» . وعندهم فواكه كثيرة. وعندهم تعمل الثياب الرفيعة، والآنية العجيبة. وهم صنّاع الفصوص، وثقب اللؤلؤ «6» . ويجتمعون في المسجد لقراءة العلوم والكتاب العزيز، نفع الله به، آمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 ذكر مدينة عدن وهي في الإقليم الأول. وبعدها عن خط المغرب، خمس وستون درجة، وذلك من الأميال، ثمانمائة وعشرون ميلا. ولها صيفان وشتاءان. وهي شديدة الحر، لمسامتة الشمس رؤوسهم مرتين في العام. وذلك [شأن] جميع البلدان التي «1» في الإقليم الأول «2» . وعدن على ساحل البحر الأعظم. وفيها صيادون، ويخرجون الجوهر من البحر. وفيها برك وأنهار. وأهلها يشبهون العرب. ولا يدخل إليها إلّا من جانب واحد «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 وهي كبيرة معمورة. وليس فيها أشجار ولا زرع. ومعاشهم من السمك «4» . وبها تعمل الثياب الرفيعة «5» ، والآنية العجيبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 مدينة عمان وهي في الإقليم الثاني. وبعدها عن خط المغرب أربع وثمانون درجة، وذلك من الأميال خمسة آلاف وخمسماية وأربعون ميلا. وبعدها عن خط الاستواء، ثلاثون درجة، وذلك من الأميال ألف وسبعمائة وثمانون ميلا. وهي على ساحل البحر «1» . وهي حصينة لها أبواب حديد. وبها مياه جارية، وأسواق عامرة، وبساتين ونخيل وموز وسائر الفواكه «2» ، وفيها الحنطة والشعير والأرز. وبلادها عظيمة، ثمانون فرسخا في مثلها «3» ، سهول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 وجبال. وبها قصب السّكر. وفي رؤوس أهلها الجمم «4» ، وفي رؤوس الأشراف القلانس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 مدينة سبأ وهي في الإقليم الثاني. وبعدها عن خط المغرب، خمس وستون درجة، وذلك من الأميال، أربعة آلاف ومائتان وتسعون ميلا. وبعدها عن خط الاستواء، سبع عشرة درجة، وذلك من الأميال، ألف وثمانون ميلا. وبها معادن الذهب «1» . وهي مدينة بلقيس، وبها كان عرشها «2» ، وآثارها باقية من الأساطين التي كانت عليها، حتى اقتطعت في زمان سليمان بن داود عليهما السلام. وبقربها مدينة مأرب، وكانت كثيرة النعم والأشجار، وكانت المرأة تخرج بمكتلها «3» على رأسها، ومغزلها بيدها، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 فتمشي بين الأشجار، وهي متصلة ممدودة، فلا ترجع إلّا وقد امتلأ [المكتل] من الفواكه ساقطة دون قطف ولا جنى «4» . وكفروا، فأرسل الله عليهم سيل العرم، فكان يهدم السدّ ليلا، ما كانوا يصلحونه نهارا «5» . وهي التي ذكرها الله في كتابه العزيز: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 حضر موت وهي في الإقليم الأول. وبعدها عن خط المغرب، إحدى وسبعون درجة، وذلك من الأميال، أربعة آلاف وستمائة وثمانون. وبعدها عن خط الاستواء، اثنتا عشرة درجة، وذلك من الأميال، سبعمائة «1» واثنان وتسعون ميلا. وهي من بلاد اليمن. وبلاد حضر موت كثيرة متصلة، ذات نخيل وأشجار ومزارع. وأهلها قبائل كثيرة، وهم يحكمون بأحكام أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب، وفاطمة بنت رسول الله عليهما السلام، ويقولون: في كل ملة، لا حكم إلّا حكم الله ورسوله «2» . وبين عدن وحضر موت قفار وجبال عظام، ولها أشجار، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 وبها قردة يصبرون بالكروم والأشجار «3» ، وهم يصيدونها بالكلاب. واكثر أشجارهم النخل. والشب يصير نهرا من عيون تجري، فتجمد وتصير حجارة «4» . وبقرب عمان مدينة اسقطرى وبها العنبر السقطري «5» . وأهل اليمن قوم ذوو فطنة وعقل. قال الله عزّ وجلّ: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 مدينة البحرين وهي في الإقليم الثاني. وهي في أول اليمن. وهي مدينة جليلة. والماء فيها قريب يحفر باليد. وبها نخيل ورمّان وأترنج وتين. ولا يمشون إلّا في الغداة والعشي، لحر الأرض. وبها جبال عظيمة من رمال، تسوقها الرياح، وربما علت على بلدانهم. وكان بين البحرين وعمان فيما تقدم، طريق قطعته جبال الرمال، فلا يتوصل من البحرين إلى عمان إلّا على البحر «1» . وبها جبلان عظيمان «2» ، وبين البحر وبينهما مسيرة عشرة أيام. وهجر هي قاعدة البحرين، واهلها عرب، وهم الذين وفدوا على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلّم «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 الطائف واليمامة وهما «1» في الإقليم الثاني مع مكة في خط واحد. وبعدهما «2» عن خط الاستواء سواء. والطائف أقرب إلى مكة من اليمامة. ومن مكة إلى الطائف مسيرة يومين، وكذلك بين الطائف واليمامة «3» . وأهلهما من العرب. والقاعدة حجر اليمامة، وهي كثيرة الخصب والخير، واكثر شجرها، النخل «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 مدينة دمشق وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط الاستواء ثلاث وثلاثون درجة، وبعدها عن خط المغرب، ستون درجة. وهي مدينة قديمة، ليس في أرض الإسلام وفي أرض الروم مثلها. لها سور من حجارة، ودورها اثنا عشر ميلا. افتتحها أبو عبيدة بن الجراح صلحا، وعندهم كتاب الصلح «1» . وبها قبر يحيى بن زكريا «2» في كنيسة يقال لها القسقار. وبها نهر الأرنط «3» ، عليه العمارات والضياع والبساتين، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 وبها عيون كثيرة، تأتي من قنوات الجبال، فتدخل إلى كل جهة. وأهلها قوم من العجم. وبها أيضا، قوم من العرب. ومسجدها من عجائب الدنيا، حسنا وإتقانا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 ذكر مدينة حلب أيضا، هي في الإقليم الرابع، قريبا من أنطاكية، وبها ينزل ولاة العواصم «1» . وهي عامرة من أهلها، وبها منازل بني هاشم. بعدها عن خط المغرب، ثلاث وستون درجة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 ذكر مدينة طبرية وبعدها عن خط المغرب، ثمان وخمسون درجة، وعن خط الاستواء اثنتان وثلاثون درجة. وهي مدينة الأردن. وهي أسفل جبال على بحيرة عظيمة، يخرج منها نهر، وفيها حمّة تخرج منها قنوات إلى الحمّامات «1» ، لا يحتاجون إلى تسخينها «2» . افتتحها عمرو بن العاص سنة اربع عشرة «3» . وفيها جبّ يوسف عليه السلام «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 مدينة عسقلان وهي في الإقليم الرابع، وبعدها عن خط الاستواء ثلاث وثلاثون درجة وهي على ساحل البحر الشامي «1» . وهي مفروشة بالرخام، ولها أسواق كثيرة. ولها نخيل، وماؤها من عيون. فكان إبراهيم عليه السلام فيها، وفيها آثار عجيبة لنمرود بن كنعان. وهي بين حدود مصر والشام «2» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 مدينة طرسوس وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب، ثمان وخمسون درجة. وعن خط الاستواء ست وثلاثون درجة. بناها الرشيد سنة سبعين ومائة «1» . وبها نهر جار «2» يأتي من بلاد الروم، ويشق في وسطها. وأهلها أخلاط من الناس. وخراج دمشق وكورها يبلغ ستمائة ألف دينار «3» ، وخراج طرسوس، ثلاثمائة ألف دينار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 مدينة الموصل وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب تسع وستون درجة. وهي في الإقليم الغربي من الدجلة. بناها محمد بن مروان بن الحكم «1» ، إذ ولي الجزيرة في خلافة أخيه عبد الملك بن مروان، ونقل الناس إليها. ولها أنهار «2» كثيرة، وهي شريفة عظيمة. وخراج الموصل «3» يبلغ ستة آلاف ألف، وأكثر أهلها من همذان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 والطريق من الموصل إلى أذربيجان شهر. وأذربيجان «4» مدينة عظيمة، لها كور وأعمال، وبها بيت نار قد عمر للمجوس، لعنهم الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 مدينة همذان وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب، ثلاث وسبعون درجة، وعن خط الاستواء، ست وثلاثون درجة. وهمذان بلاد واسعة، كثيرة الأقاليم والكور «1» . افتتحت سنة ثلاث وعشرين، وبقي مالها ببيت مال البصرة» . وشرب أهلها من عيون وأودية تجري شتاء وصيفا. ومن همذان إلى نهاوند مرحلتان، وهي مدينة جليلة، كان فيها اجتماع الفرس «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 مدينة أصبهان وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب، خمس وسبعون درجة. وهي مدينة جليلة، وأهلها اخلاط من الناس، وأكثرهم عجم «1» . ولها مياه من أودية وعيون «2» . قال قتيبة «3» : افتتح أصبهان أبو موسى الأشعري عنوة، في زمان عمر بن الخطاب، افتتحت سنة ثلاث وعشرين «4» . ومبلغ خراجها عشرة آلاف ألف درهم «5» . وبها ولد أنو شروان، ملك الفرس «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 مدينة الرّيّ وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب، أربع وسبعون درجة. ومن خط الاستواء، أربع وثلاثون درجة. وهي مدينة جليلة. وأهلها أخلاط من الناس، من الفرس والعرب والأتراك «1» . واسمها المهدية «2» ، لأن المهدي نزلها في خلافة المنصور، وبها ولد الرشيد. وافتتحها قرظة بن كعب الأنصاري، في خلافة عمر بن الخطاب، سنة أربع وعشرين «3» . ويشرب أهلها من عيون وأنهار عظام تأتي من بلاد الديلم. وهي كثيرة الأشجار «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 ذكر مدينة حلوان وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط الاستواء، أربع وثلاثون درجة. وعن خط المغرب اثنتان وسبعون درجة. وهي مدينة جليلة. وأهلها اخلاط من العرب والفرس والأكراد «1» . افتتحت في أيام عمر بن الخطاب، وبها آثار ملوك الفرس، وبها أنهار، وبعضها فوق بعض. وبين حلوان وبغداد، مدينة طبرستان «2» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 مدينة طبرستان «1» وهي في أعمال خراسان، مملكة عظيمة، وهي بلاد كثيرة الحصون، منيعة بالأودية «2» . وأهلها اشراف العجم، وأبناء ملوكهم. وهم أحسن الناس وجوها «3» . وذكر أن يزدجرد، خلّف بها جواريه وبناته، في حين التغلب على الفرس، فتزوجهن أهل طبرستان «4» . افتتحها صلحا، سعيد بن العاص، زمان عثمان. وافتتحها عمر بن العلاء «5» سنة سبع وخمسين [ومائة] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 ذكر مدينة جرجان وهي في الإقليم الخامس. وبعدها عن خط المغرب، ثمانون درجة، وعن خط الاستواء تسع وثلاثون درجة. وهي من مدائن خراسان إلى نهر الأيلي «1» . افتتحت في خلافة معاوية بن أبي سفيان «2» ، ثم ارتدّ أهلها عن الإسلام، حتى افتتحها يزيد بن المهلب في خلافة سليمان بن عبد الملك. وهي عظيمة وخراجها يبلغ عشرة آلاف ألف دينار «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وفيها يعمل جيد الخشب من الخلنج «4» وغيره، وأصناف ثياب الحرير. وبها الإبل البخاتي «5» العظام، وبها نخل كثير. وبينها وبين الرّي، تسع مراحل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 ذكر مدينة نيسابور وهي في الإقليم الخامس. وبعدها عن خط المغرب، اثنتان وثمانون درجة، وعن خط الاستواء، تسع وثلاثون درجة. ونيسابور، بلد واسع كثير الأكوار «1» . افتتحها عبد الله بن عامر بن كريز، في خلافة عثمان بن عفان [رضي الله] عنه، في سنة ثلاثين. وأهلها اخلاط من العرب والعجم «2» . ومشربها من الأودية والعيون، وخراجها خمسة آلاف ألف درهم «3» . وهي من أعمال خراسان، وبها تعمل الثياب الرفيعة من الحرير والقطن «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 [طوس] وبين كورها «1» مدينة طوس، بها قوم من العرب، وأكثر أهلها عجم «2» . وبها توفي أمير المؤمنين الرشيد، وفيها قبره «3» . وبعدها عن خط المغرب، ثلاث وثمانون درجة، وعن خط الاستواء، تسع وثلاثون درجة. وخراجها يدخل في خراج نيسابور «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 ذكر مدينة مرو وهي في الإقليم الخامس. وبعدها عن خط المغرب، خمس وثمانون درجة، وعن خط الاستواء ثمان وثلاثون درجة. وهي «1» من أجلّ كور خراسان. افتتحها حاتم بن النعمان الباهلي، في خلافة عثمان سنة إحدى وثلاثين «2» . وأهلها أشراف من العجم، وبها قوم من العرب من الأزد «3» . وبها ينزل ولاة خراسان «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 ويشرب أهلها من عيون أودية «5» . وبها تعمل الثياب المروية من القطن. ومن مدينة مرو إلى مدينة سرخس، ثلاث مراحل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 مدينة سرخس وهي في الإقليم الخامس. وبعدها عن خط المغرب، أربع وثمانون درجة. وعن خط الاستواء، ثمان وثلاثون درجة. وهي بلد جليل، ومدينة جليلة عظيمة، وهي برّية وجبال ورمال «1» . وفيها اخلاط من الناس. افتتحها عبد الله بن حاتم السّلمي «2» ، في خلافة عثمان. وشرب أهلها من الآبار، وليس فيها نهر ولا عين «3» . وخراجها ألف ألف درهم، وهي من كور خراسان «4» . ومن نيسابور الى هراة عشر مراحل، كل مرحلة بريدا كاملا «5» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 مدينة هراة وهي في الإقليم الخامس. وهي من أكبر بلاد خراسان «1» . وهي عامرة، وأهلها من أحسن الناس وجوها. افتتحها الأحنف بن قيس في خلافة عثمان بن عفان. وأهلها أشراف من العجم، وبها قوم من العرب. وشرب أهلها من العيون والأودية. وخراجها داخل في خراج خراسان «2» . ومن هراة إلى سجستان، ثلاث مراحل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 مدينة كرمان «1» وهي في الإقليم الثالث. وبعدها عن خط المغرب، تسعون درجة. وعن خط الاستواء ثلاثون درجة. وهي عظيمة جليلة، ولها كور وأقاليم، ومياهها قليلة «2» . افتتحها عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب، فصالح أهلها على ألفي ألف درهم «3» في خلافة عثمان. وأحسن أعمالها مدينة كرمان مما يلي السند. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 مدينة خوارزم «1» وهي في الإقليم السادس. وبعدها عن خط المغرب، إحدى وتسعون درجة. وعن خط الاستواء اثنتان وأربعون درجة. وهي من مدائن خراسان. وهي عظيمة. كان يحيط بها وبأعمالها سدّ عظيم، فتهدّم أكثره «2» . وهي في وسط صحراء ورمال. وبينها وبين سجستان مرحلة. وهي تعرف بجرجان «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 مدينة سجستان «1» وهي في الإقليم الرابع: وبعدها عن خط المغرب، أربع وستون درجة، وعن خط الاستواء اثنتان وثلاثون درجة. وهي بلد جليل، له أكوار كثيرة، تضاهي في الكور، كور خراسان «2» . وهي منقطعة متصلة ببلاد السند «3» ، والطريق إليها في صحارى وقفار. وأول ما نزلها من الولاة، معن بن زائدة الشيباني «4» . ثم نافقت مرات كثيرة. افتتحها في خلافة عثمان بن عفان أولا، وكان في أيامه كلها يدوم ملكها على جهة الصلح. فلما ولي الخلافة أبو جعفر المنصور من بني العباس، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 صرفها على عمل خراسان، وولاها معن بن زائدة الشيباني. وخراسان، خراجها عشرة آلاف ألف «5» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 مدينة بلخ وهي في الإقليم الخامس. وبعدها عن خط المغرب ثمان وثمانون درجة. وعن خط الاستواء، سبع وثلاثون درجة. وبها مدائن كثيرة وكور، ولها تسع وأربعون مقبرة «1» . وهي قاعدة خراسان العظمى. وهي عظيمة جليلة القدر، وعليها سور، ولها اثنا عشر بابا «2» . وهي وسط بلاد خراسان، بها قصور ومنازل للبرامكة «3» ، لطول ولايتهم لأعمال خراسان، في خلافة بني العباس. وفي الجانب الشرقي من بلخ نهر عظيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 مدينة بخارا وهي في الإقليم الخامس. وبعدها عن خط المغرب، سبع وثمانون درجة. وهي بلد واسع، لم يزل شديد المنعة والحصانة «1» . افتتحها سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية بن أبي سفيان، ثم نافقت وافتتحت في خلافة يزيد بن معاوية «2» ثم امتنعت حتى صار إليها «3» قتيبة بن مسلم في زمان الوليد بن عبد الملك بن مروان، فافتتحها «4» . وخراجها ألف ألف درهم «5» . ومن بخارا إلى «6» بلاد الهند سبع مراحل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 مدينة سمرقند وهي في الإقليم الخامس. وبعدها عن خط المغرب، تسع وثمانون درجة، وعن خط الاستواء ست وثلاثون درجة. وهي من أجلّ البلدان وأعظمها، وأشدها امتناعا وأكثرها رجالا «1» . وهي في نحر «2» بلاد الترك. نافقت بعد أن افتتحت، ثم افتتحها قتيبة بن مسلم، في زمن الوليد، وصالح ملكها. [لها] نهر عظيم يأتي في بلاد الترك يقال له اسف «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 مدينة الإسكندرية وهي في المغرب من أرض مصر. وبعدها عن خط المغرب إحدى وخمسون درجة، وعن خط الاستواء، ثلاثون درجة. وهي من عجائب البلدان. وفيها بنيان عجيب «1» ، ذكر أنها بنيت في ثلاثمائة سنة، وأن أهلها مكثوا سبعين سنة لا يمشون فيها بالنهار إلّا بخرق سود على وجوههم، خوفا على أبصارهم من شدة بياضها «2» . وعلى منازلها سرطان من رخام، والمنار على أربعة أساطين، وطوله ثلاثمائة ذراع «3» . وحيطان المدينة من رخام وسورها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وفيها قبة كانت لفرعون «4» ، وبها قصر سليمان بن داود عليه السلام، قد تهدم وبقيت آثاره «5» . وبها أسطوانة تستدير الدهر كله. وبها رباطات على ساحل البحر ينزلها العباد والغرباء. وكان في القديم على منارها مرآة كبيرة صنعها الحكماء، ويطلع بها على القسطنطينية وبلاد الروم «6» حتى احتيل في إنزالها، فلم يستطع أحد على صرفها بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 مدينة دمياط وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب ثلاث وخمسون درجة. وهي على ساحل البحر الشامي. وأهلها أغنياء، ولا عمل لهم «1» إلّا من عمل الثياب الرفيعة التي لا تعمل مثلها في غيرها من البلدان «2» ، وذلك للطيف هوائها. لأن البحر يحيط بها من جهة الشمال، وخلجان النيل تفترق عليها. ومن دمياط يركب إلى بلاد الروم. وتقاربها في البحر جزيرة قبرس وجزيرة إقريطس «3» . ومنها يحمل الدقيق والفواكه إلى مرسى دمياط. ويقرب مدينة دمياط على البحر، مدينة تنيس ، وهي معها على خط واحد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 مدينة تنيس وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب، أربع وخمسون درجة، وعن خط الاستواء، إحدى وثلاثون درجة. وهي كبيرة، وأكثر أهلها نصارى، وهم يعملون طراز السلطان، فيها ضروب الثياب الرفيعة «1» . والبحر يحيط بها، ولا سبيل إليها إلّا على المراكب، وعليها سور من حجارة، تضرب فيه أمواج البحر. وماؤها مالح ستة أشهر من العام، فإذا فاض «2» النيل عذبت مياهها «3» ، لبلوغ فيض النيل في الخلجان. وأهلها أغنياء، والسمك بها كثير، يخرج إلى الساحل من غير أن يصاد «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 مدينة مصر «1» وهي في الإقليم الثالث. وبعدها عن خط المغرب أربع وخمسون درجة، وعن خط الاستواء تسع وعشرون درجة. وهي عظيمة، طولها على النيل فراسخ. ولها ضياع كثيرة على الصعيد الأعلى، مقابل بلاد النوبة. وبها الهرمان، ارتفاعهما «2» مائة ذراع. وهما من صخرة، وبهما «3» كان يجمع الطعام في أيام يوسف عليه السلام. وفي بعض حمّاماتها جارية من رخام، يجري الماء على قبلها، يقال: إنها جارية من جواري فرعون «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 وعلى النيل، رجل مبنيّ من صخرة، فيه علامات خروج في زيادته ونقصانه. وقد وكل به قوم يتعاهدونه، فإذا خرج، سقى جميع ضياعهم ومزارعهم «5» . والنيل يأتي من بلاد السودان، مخرجه من جبل القمر، خلف خط الاستواء، ولا يكاد يتوصل إليه أحد. وبمصر نخيل وموز وقصب. وبقرب جبل المقطم مقبرتهم «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 مدينة مدين وهي في الإقليم الثالث. وبعدها عن خط المغرب، إحدى وستون درجة، وعن خط الاستواء، تسع وعشرون درجة، وهي بين حدود الشام وحدود مصر «1» . وهي مدينة شعيب عليه السلام. وفيها كهفه الذي كان يأوي إليه بغنمه «2» . وفيها جبال كثيرة، وفيها كهوف ومغارات تحت الأرض، فيها عظام بالية، عليها رواسخ مبنية. وهم قوم شعيب، إذ «3» أهلكهم الله تعالى فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ «4» ، فدخلوا في المغارات تحت الأرض لئلا يسمعوا الصيحة، فماتوا جميعهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 وفي مدين، البئر التي استقى «5» فيها موسى عليه السلام، و [عليها] قبر مبني «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 عين الشمس وهي في الإقليم الثالث. وبعدها عن خط الاستواء ثلاثون درجة، وعن خط المغرب أربع وخمسون درجة. وهي كانت مدينة فرعون، وموضع ملكه. وفيها آثار عجيبة، وأبنية، وفيها أساطين «1» وتماثيل ونقوش. ونهر منصوب في صخرة، حواليها كرسيّ من رخام، كان يجلس عليه [الفرعون] مع جواريه. وكان يجري النهر بالشراب والعسل «2» . وفيها صورة من رخام، ذكر أنها كانت ماشطة امرأة فرعون [وهي] صورة ممسوخة «3» . وفيها صنمان من حجارة، أحدهما يبكي، والآخر يضحك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 مدينة القلزم وهي السويس وهي في الإقليم الثالث. وبعدها عن خط المغرب ست وخمسون درجة، وعن خط الاستواء ثمان وعشرون درجة. وهي على بحر القلزم، ومنها يجاز من البحر [إلى] مكة والحجاز من هنالك بمدينة جدّة «1» . وبين مصر ومدينة القلزم، مسير ثلاثة أيام في قفار، ولا عمارة فيها ولا مال. وهو أرض «2» التيه الذي تاه فيه بنو إسرائيل في هذا المكان. وبحر القلزم هو الذي شق الله تعالى لموسى بن عمران عليه السلام، في حين جوازه ببني إسرائيل في البحر، وفيه اثره. وذلك الموضع [مخوف فلا يسلك] «3» . قلّبما «4» تسلم فيه المراكب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وفيه جسر «5» . ومنامات للرهبان. ثم يصعد الجبل على ستة آلاف وخمسمائة مرقى، في أعلاه كنيسة وآثار عجيبة. وهو الذي «جَعَلَهُ دَكًّا» إذ «6» تجلى عز وجلّ لموسى بن عمران. ومدينة القلزم معدن التجار، وفيها مرسى «7» المراكب من بلاد الهند. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 مدينة طرابلس «1» وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب ست وثلاثون درجة، وعن خط الاستواء أربع وثلاثون درجة. وهي على البحر الشامي، وفيها مرسى عظيم، فيه ألف مركب. وأهلها من قريش، نقلهم إليها معاوية بن أبي سفيان وبها أشجار تين وزيتون «2» . وبها قرى كثيرة، وبينها وبين القيروان، مسيرة ستة أيام، وبينها وبين سرت في المشرق، رمال وصحارى لا ماء فيها. ومدينة سرت «3» كبيرة، وبها مسجد جامع ونهر صغير جار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 ونخيل. وهي قرب البحر الشامي. وبينها وبين أجدابية مسيرة ثلاثة أيام. وأجدابية «4» ، في رمال لا أشجار فيها إلّا الأراك. وهذه المدائن في المجاز الأول بين القيروان ومصر. ومدينة أيلة «5» ، فيها قوم من اليهود، بأيديهم عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، بخط علي بن أبي طالب رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 مدينة القيروان وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب، إحدى وثلاثون درجة، وهي قاعدة إفريقية وحصنها. وهي كبيرة جليلة، ليست قديمة بنيت في خلافة معاوية بن أبي سفيان «1» . وذلك أنه لما وليّ معاوية عقبة بن نافع العصوني القرشي أرض مصر وافريقية، اختط مدينة القيروان. وكانت قبل ذلك غيضة وشعارا «2» لا يرام، ولا تدخل من كثرة السباع والأسد والحيات. ودعا الله عليها فلم يبق «3» منها شيء إلّا خرج هاربا عنها، حتى كانت السباع والأسد تحمل أولادها في أفواهها وبأيديها، فسمّي بأبي الربيع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 ويقرب باب المدينة بركة عظيمة تجري فيها السفن، وفيها مسجد جامع. وفيها اسطوانتان ترشحان «4» بالماء في كل يوم جمعة قبل طلوع الشمس. وكان ملك الروم قد أرسل فيهما ليأخذهما، وبذل فيهما أموالا، فلم يقبل منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 مدينة تاهرت وهي في الإقليم الرابع. وبعدها عن خط المغرب اثنتان وعشرون درجة، وعن خط الاستواء، ثلاث وثلاثون درجة. قاعدة أهلها البربر، وهي بقرب البحر الشامي، وفيها مسجد جامع، ولها ثلاثة أبواب «1» . وهي من أجلّ بلاد البربر، وما حواليها رمال وصحارى، وعمارات، وسكنى البربر في خيام، وينتقلون من مكان إلى مكان، على نحو فعلة العرب. وهم قوم أهل جفاء وجهل، يحاربون بعضهم بعضا. قال إسحاق بن الحسين مصنف الكتاب: قد ذكرنا المدائن المشهورة على الخصوص لكل مدينة فلنذكر الآن المواضع على الجملة والعموم، طلبا للاختصار والإيجاز «2» . والله الموفق للصواب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 بلاد البربر وذكرها وهي في الإقليم الرابع. وهي واسعة، آخذة [في] الشمال والجنوب في عرض الإقليم الرابع والثالث إلى أول حدود بلاد السودان في الجنوب، وإلى البحر الشامي في الشمال، وإلى البحر المغربي المحيط الأعظم في الغرب عند طنجة، وإلى بلاد افريقية في الشرق. فمن مدائنها مدينة تنس «1» ، وهي على البحر الشامي وهي مرسى لمن جاز من بحر الأندلس، ودخل مدينة بجّانة «2» وهي مدينة حسنة كثيرة الخيرات، وفيها جامع، وأهلها يأكلون الكلاب، وبها جزارون يقطعون لحومها. وبين قسطيلية «3» وتاهرت مسيرة عشرة أيام، وفاس خمسة عشر يوما، في صحارى ورمال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 ومدينة فاس كثيرة الخيرات، وبها مسجد جامع، وبها مياه جارية وأشجار وأنهار «4» . وعلى البحر الشامي، فيما يقابل جزيرة الأندلس مدائن كثيرة منها: مدينة قرطجنة، ومدينة مليلة، وتلمسان، ومدينة ناكورة «5» إلى مدينة طنجة، وهي بقرب مدينة سبتة، وهي المرسى والمجاز إلى جزيرة الأندلس وما فوق طنجة، آخذة في جهة الجنوب مدينة اغمات «6» وغيرها من المدائن، إلى مدينة سجلماسة «7» ، وهي آخر بلاد البربر مما يلي السودان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 بلاد السودان وهي كبيرة واسعة، آخذة في الطول من بحر المغرب «1» إلى بحر القلزم. وهي عظيمة جليلة. وبين مدينة غانة «2» وبلاد النوبة، بلاد كثيرة الصحارى، ورمال، وبلاد النوبة شديدة الحر، قليلة الأمطار والأنهار والنبات والأشجار. وأهلها يمشون عراة لشدة الحر عندهم، والمرأة تستر فرجها لا غير. ويربون أولادهم في حفر يصنعونها في الرمال. وهي بلاد كثيرة الأسد والوحوش والدواب الهائلة العظيمة. وبلادهم كثيرة الذهب، وهم يفضلون الصفر على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 الذهب، يصنعون منه الحلى للنساء في الخواصر. وبلاد النوبة [على شرقي النيل وقاعدتهم دنقلة] ، «3» وهم يتخذون جلود البغال ويلبسونها أعواما، لا تتمزّق لصلابتها. وقاعدة بلاد الحبشة وهي مدينة جرمي «4» ، وهي دار مملكة الحبشة، وهي للنجاشي، وبها يبتاع تبر الذهب بالنحاس، وأهلها لا يفهمون. فإذا أراد التاجر أن يتجر مع أحدهم جعل [ما يرغب أن] «5» يعطيه في الأرض، فإن رضيه أخذه، وإن لم يرض أخذ ذهبه ومضى. ومن مدائنهم، مدينة زغاوة «6» ، وهي حدود بلاد النوبة على النيل، ومدينة كوس، ومدينة كوكو «7» ومدينة علوة في بلاد النوبة على النيل «8» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وبلاد النوبة على الخليج الذي بين النيل والنهر الذي يأتي من تحت خط الاستواء، وما خلف هذه البلدان في الجنوب فغير مسكونة لشدة الحرّ فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 جزيرة الأندلس وهي كبيرة، قد أحاطت بها البحار، وهي آخذة من البحر المغربي في الطول عند مدينة أخشنبة «1» إلى منفرج البحر الجنوبي والمحيط، عند جبل هيكل الزهرة «2» ، فيما يجاوره، ومدينة تركونة «3» ومدينة برشلونة، وهناك باب الأندلس. وهي آخذة في عرض الإقليم الخامس والسادس من البحر الشامي في الجنوب إلى البحر المحيط في الشمال. وقاعدة الأندلس، مدينة قرطبة «4» ، وهي دار السّنة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 ومجمع كل آية، وليس في الدنيا مثلها، فاغنى ذلك عن ذكرها. ومن مدائن الأندلس، مدينة إشبيلية «5» ، وهي في الغرب. وهي مدينة كثيرة الخيرات وشجر الزيتون. وهي على النهر العظيم الذي [يمر في] قرطبة «6» . ومن مدائنها: مدينة طليطلة «7» ، وهي جليلة قديمة. وهي كانت القاعدة «8» ودار المملكة للقوطيين، وهي حصينة. ومن مدائنها: مدينة سرقسطة «9» ، وهي عظيمة عجيبة كثيرة الأنهار والبساتين والأشجار على وادي شلون. وجلق «10» ، وهي تضاهي العراق، وتحكي السدير والخورنق، والثغر الأعلى فيما يجاور بلاد الشماكسة. ومن الثغر الشرقي وشقة «11» ، ويقابلها بلاد الإفرنج، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 وتطيلة «12» ، ويقابلها بلاد شلون، وقلعة أيوب «13» ومدينة سالم «14» ويقابلها أرغون، وبربشتر «15» ولاردة «16» ومسسون «17» وقلهّرة «18» ، ويقابلها بلاد قشتالة «19» . ومن مدائن الأندلس مدينة ماردة «20» ، وهي كانت قاعدة القوطيين، وما خلف بلاد جيلقية «21» ، آخذ في الشمال الى البحر المحيط الجنوبي. ومن مدائنها مدينة بلنسية «22» ، وهي على قرب البحر، وقاعدتها اليوم المريّة «23» ، وهي على البحر الشامي. وكذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 مدينة مالقة «24» ، وهي كثيرة الخير، ومدينة طرطوشة، وهي على البحر «25» الشامي مجاورة لبلاد الإفرنج، ومدينة ابرارة «26» ، وقاعدتها اليوم دانية، مقابلة لجزيرتي منورقة وميورقة «27» . وافتتحت جزيرة الأندلس في شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين «28» ، افتتحها طارق بن زياد النفزي «29» ، عامل موسى بن نصير، عامل الوليد بن عبد الملك على بلاد إفريقية. وكان ملك القوطيين بالأندلس يسمى غطيشة «30» ، وكان له أربع مدائن يتنقل إليها في فصول السنة الأربعة، وكان في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 فصل الشتاء بمدينة طليطلة وهي دار «31» مملكته. وكان في أيام الصيام بأشبيلية لأجل الحوت. إذ اللحم محرم عليهم في صيامهم. وكان في أيام الربيع بمدينة ماردة لكثرة الصيد بها والسمن والعسل. وكان بقرطبة في أيام العنصرة للفواكه والأشربة. فلما دخل اشبيلية [بعد حصارها أشهرا] «32» فضامها على نفسها فعزّ ذلك على أهل مملكته، فخرج العامل على الجزيرة وعمّر هناك. وأتى موسى بن نصير وأعلنه بخبر الأندلس وطيبها وأمره بالنهوض إليها لمحاربتها «33» ، فلم يعزم على ذلك حتى نهض إلى الوليد، وأعلمه بذلك، فمنعه الوليد وقال: ثغور المسلمين في البحر. فقال: يا أمير المؤمنين، أنا أرسل بجندي طارقا مع البرابرة، فإن أصابوا فلنا، وإن أصيبوا فليس علينا، فكأنهم أعداء، فأمره بالنهوض على ذلك. فلما عبر طارق البحر، خرج إلى الجبل المنسوب إليه، ثم قدم السودان للحرب. فلما رأى القوطيون صورا هائلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 أفزعهم ذلك، وكان السودان يأخذون الأسرى من القوطيين والنصارى ويذبحونهم، ويظهرون أنهم يأكلونهم. فكان ذلك زيادة في خوفهم وجزعهم. فكان طارق لا يمر بمدينة إلّا فرّ أهلها خوفا منه، حتى انتهى إلى طليطلة، وكان قد قتل الملك، واستخلف بعده لذريق مكانه، فقتله طارق أيضا. فانهزمت النصرانية من البلدان والسهول، حتى اعتصموا بالوعور والجبال. وبلغت الطاعة للمسلمين إلى جليقية، وافرنجة فصالح أهلها، فكانوا يؤدون الجراية حتى قلّت أموالهم، فافتقروا وامتنعوا من ذلك، فأخرج إليهم الجيوش، وأدخلهم في أقاصي البلدان فهم بها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 الروم والإفرنج «1» وهي بلاد كثيرة واسعة، آخذة في طول، من باب الأندلس مع البحر الشامي إلى مدينة القسطنطينية. وفي العرض، إلى بلاد الصقالبة «2» في عرض الإقليم السابع. وهم يحاربون الصقالبة ويسرقونهم. وهم في جزائر للبحر كثيرة، وبلادهم باردة، كثيرة الأمطار والأثمار والجبال والوعور. [ومن] ضمن مدائنهم: مدينة رومية الكبرى، وهي على البحر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 مدينة رومية وهي في الإقليم السادس. وبعدها عن خط المغرب خمس وثلاثون درجة، وعن خط الاستواء اثنتان وأربعون درجة. وهي مدينة عظيمة، دار مملكة الروم في القديم ليس في بلادهم [أجمل] منها ولا أعظم. وطولها ثمانية وعشرون ميلا. ولها سوران، وبينهما نهر عظيم، يأتي من البحر، عليه المنازل ودكاكين [بنيت بالصفر] «1» لأن ذلك النهر مفترش بالصفر صفا وعرما ... «2» على جميع أهل عمله. فاجتمع من الصفر شيء عظيم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 ففرش منه حافة النهر، فيما يقابل المدينة. فمن حينئذ تورخ النصارى من الصفر. وفي وسط المدينة الكنيسة العظمى «3» ، وطولها فرسخان، وفيها قبر شمعون الحواري، [من حواري عيسى بن مريم عليه السلام] . فإذا كان يوم العيد، جاء الملك ففتح باب القصر، ونزل فيه، وحلق رأسه، ثم خرج وأعطى كل واحد من الرجال من أهل مملكته شعرة، فهم يتبركون بها. وحيطان الكنيسة محلاة بالذهب، وفيها ألف صليب من ذهب، واثنا عشر صليبا على عدد الحواريين. وفي الكنيسة خمسة آلاف قسيس وشماس، وفيها ألف ومائتا كأس من ذهب، مرصعة بالجوهر، لشرب الخمر [و] للقربان. وفيها بيت طوله خمسون ذراعا، مفروش بالديباج، لجلوس الشمامسة، وعليهم ثياب الديباج. وفي الكنيسة عمود اسطوانة من ياقوتة حمراء يضيء منها البيت في الليل، ولا يحتاج معها إلى مصباح. وفي الكنيسة رجل مبنيّ بالنحاس، وفي أعلاه زرزور من نحاس، فإذا كان أيام الزيتون، لم يبق زرزور إلّا أخذ زيتونة في فمه «4» ، وألقاها على تلك الصورة، حتى تجتمع من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 الزيتون أمدادا كثيرة، فيعملون منه الزيت لمصابيح الكنائس خاصة. وفي المدينة كنائس كثيرة، نحو خمسة آلاف كنيسة، وحواليها منارات الرهبان، يسمرون بالليل. وفيها عشرة آلاف حمام «5» . ويقعد «6» أهل المدينة في الكنائس، من يوم السبت إلى آخر يوم الأحد، لا يشغلون بصناعة ولا تجارة. وفيها مجلس لأهل العلم والحساب والفلسفة والتنجيم والحكماء بالطب. وفيها [ستة آلاف] «7» آلاف مصحف من الإنجيل، مكتوبة بالذهب، وخزائن عظيمة، فيها الدواوين بالعلوم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 مدينة القسطنطينية وهي في الإقليم السادس. وبعدها عن خط المغرب، تسع وأربعون درجة، وعن خط الاستواء خمس وأربعون درجة. وهي مدينة عظيمة جليلة [لا] مثيل [لها، ولها] ثلاثة «1» أبواب وجوانب. جانبان إلى البحر وجانب إلى البر مما يلي الروم. ورومية الكبرى هي قد أحاطت بها أسوار عظيمة كثيرة، ومنها رومية، وهي أقدم منها. وكان الذي بنى القسطنطينية، قسطنطين ابن ملك الروم، وذلك أنه أول من دخل في دين النصارى وأظهره وآمن بعيسى [عليه السلام] فأنكر عليه ذلك أهل مملكته رومية، فرحل عنها وبنى القسطنطينية وسماها باسمه. ولم يزل يتنقل من الروم إليها، حتى صارت القاعدة ودار المملكة «2» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وبها كنائس عظام، ومساجد للمسلمين، وهم يحسنون إلى المسلمين الأسرى الذين عندهم، ويجرون عليهم الأرزاق. ومملكتهم مملكة عظيمة، وهم أهل بأس ونجدة، وهم يحاربون الصقالبة والإفرنج ويحاربهم «3» أيضا المسلمون من بلاد الشامات. وفيها طلسمات وآثار عجيبة للأوائل. وأهل رومية وأعمالها يحلقون لحاهم وأوساط رؤوسهم، تكفيرا لما صنعوا بحواريي عيسى بن مريم عليه السلام، أرسله الله إليهم، ففعلوا بهم كذلك «4» . ومما يلي القسطنطينية وما يقابلها خلف الخليج، بلاد عمورية والكهف والرقيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 ذكر الرقيم والكهف وهي في الإقليم الخامس، بين عمورية وأنقرة «1» . هم جبل عظيم، فيه كهف تحت الأرض، وهو محل الأساطين، وله باب من الحجارة، وفي داخله قوم أموات كأنهم أحياء، أعينهم مفتوحة في ظلمة عظيمة، لا تستبان وجوههم إلّا بالمصابيح، وعليهم مسوح شعر يتناثر بين اليد، وأجسامهم قد يبست وجلودهم لا صقة بالعظام، وشعورهم باقية لا يدخل عليهم أحد إلّا أخذته هيبة عظيمة. وفرغ من [القسطنطينية وانتقل إلى جزائر] «2» البحر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 الأعظم. وأعظم تلك الجزائر جزيرة سرنديب. ومن مدائن الهند، مدينة الزابج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 مدينة الزابج في الهند وهي مدينة عظيمة، وعليها سور ولها أربعة أبواب، وملكهم يعمر مدينة يقال لها ملجمان، وهي مدينة الزابج، على مسيرة عشرين يوما. وهم يحاربون الزبج ويعرف ببلاد الذهب، وبها جبال فيها معادن الذهب والرصاص «1» ، ومنها يحمل الرصاص إلى البلاد. ولهم دنانير يتعاملون بها، وعلى الدنانير صورة الملك، وأهلها يشبهون الترك، إلّا أنهم سمر طوال، وعندهم القرنفل والجوز وأنواع الصندل وشحم الطيب «2» . في أرض الهند، الفيلة، وهم يصطادونها «3» يحفرون لها في الأرض، يحيطونها بالحشيش ويقبلونها ويأخذون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 أنيابها ويحملونها إلى الصين، فيصنع منها أهل الصين الحلي لنسائهم. وأهل الهند فيهم أهل علم وتطير «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 بلاد الخزر والشاش وهي بلاد واسعة عظيمة في حدود السند. وملكهم الأعظم على دين اليهودية «1» ، وهم يحاربون الأتراك ويحاربهم «2» أهل السند، ولملكهم جيوش عظيمة. وفي بلادهم المزارع والبساتين والفواكه، ولها مدائن كثيرة «3» . فمن مدنهم: بلكار وهي في طاعة ملك الخزر «4» ، يخرج منها عشرة آلاف مقاتل. ولهم «5» مناظر وأجسام على هيئة الأتراك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 فإذا أدركت المرأة عندهم، تختار من أرادت من الرجال، وتخرج عن طاعة أبيها وأمها. وهي في سهل من الأرض، وأكثر شجرها الخلنج، ومنه يجلب إلى خراسان، وهو أكثر أموالهم، ولهم مزارع. وأكثرهم ينتحلون [النصرانية] «1» . ومن مدائنها، مدينة الطان ينو، وهي عظيمة جليلة على النهر الأعظم، الخارج من بحيرة الخزر إلى بحيرة خراسان. ولهم مقابر مثل مقابر المسلمين، وأكثرهم يحرقون موتاهم، تكفيرا لهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 بلاد التّرك وهي بلاد عظيمة واسعة. تتصل بالبحر الشامي «1» بالشمال، وبلاد التغزغز «2» في الشرق. وهم أهل بأس ونجدة، ولهم مناظر وأجسام. وهم أحذق الناس بعمل اللبود «3» ، لأنها ملابسهم، وعندهم الألبان، والصيد كثير. وبلادهم كثيرة البرد والثلج «4» . ولهم أسراب في الأرض، يدخلونها من شدة البرد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وهم عبدة الأوثان، قبحهم الله تعالى، وهم يحرقون موتاهم «5» . ويصلّون مرتين في النهار ويصومون يوما واحدا. ونهرها ينصب في بحر طبرستان، وفيه سمك يتعلق بالأرجل، ويجف في الصيف، ولا يشربون إلّا من بطائح. وفيها جبل عظيم، وفيه شجرة فيها آثار يدين ورجلين وركبة، كأنه [رجل] ساجد. فكل خاطر عليها منهم، يسجد لها. وفيها خيل ممتنعة وقد توحشت في القفار «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 خاتمة انتهى ذلك، والحمد لله كثيرا، وصلى الله على من أرسله بشيرا ونذيرا، وسراجا منيرا. مما خدم به مقام المولى السامي، بحر الجود الطامي، أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، المتوكل على الله رب العالمين، القاسم بن الحسين بن أمير المؤمنين، علم الحق وركن الشرع، وملاذ الأمة، والكاشف عن الإسلام كل غمة، أطال الله وجوده، وأدام جوده، وحفظه الله وأمدّ وجدد في كل أوان نصره وسعده، آمين اللهمّ آمين. تاريخ شهر شعبان الكريم سنة 1129. بقلم كاتبه الفقير إلى الله تعالى، أحسن بن علي بن عبيد الله الأنسي الكوكباني. غفر الله ولوالديه. أمين اللهمّ آمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 قائمة المصادر والمراجع - الأزرقي، محمد بن عبد الله بن أحمد. تاريخ مكة، باعتناء رشدي ملحس، دار الأندلس، بيروت. - الإصطخري، إبراهيم بن محمد. مسالك الممالك، باعتناء دي غويه، ليون 1927. - ابن أعثم الكوفي. كتاب الفتوح، حيدر أباد. - بزرك بن شهريار. عجائب الهند، باعتناء نقولا زيادة، بيروت، 1974. - البغدادي، الخطيب، احمد بن علي. تاريخ بغداد، دار الكتاب العربي، بيروت. - البكري، أبو عبيد أبو عبيد، عبد الله بن عبد العزيز. جغرافية الأندلس وأوروبا، باعتناء عبد الرحمن علي الحجي، دار الإرشاد، بيروت، 1967. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 المغرب في ذكر بلاد المغرب، باعتناء دي سلاين، الجزائر، 1857. - البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر. فتوح البلدان، باعتناء صلاح الدين المنجد، القاهرة 1956. - ابن جبير محمد بن أحمد. رحلة ابن جبير، دار صادر، بيروت. - ابن حوقل، محمد بن علي. صورة الأرض، دار مكتبة الحياة، بيروت. - ابن خرداذبة، عبيد الله بن عبد الله. السمالك والممالك، باعتناء دي غويه، ليدن 1889. - الدومنكي، الأب مرمجي. بلدانية فلسطين، عالم الكتب، بيروت، 1987. - الديار بكري، حسين بن محمد. تاريخ الخميس في أحوال انفس نفيس، بيروت (نسخة مصورة) . - ابن رسته، احمد بن عمر. الأعلاق النفيسة، باعتناء دي غويه، ليدن 1892. - ابن سعيد المغربي، علي بن موسى. كتاب الجغرافيا، باعتناء إسماعيل العربي، دار الآفاق العربية، بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 - السمهودي، علي بن عبد الله. وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، دار الكتاب العربي، بيروت. - السيرافي، أبو زيد. من أخبار الصين والهند، بعناية نقولا زيادة، بيروت 1974. - ابن شاهين الظاهري، عز الدين خليل. زبدة كشف الممالك، باعتناء بول رافيس، باريس. شيخ الربوة، محمد بن طالب الدمشقي. نخبة الدهر، بعناية مهرن، لا يبزغ. - ابن عبد الحكم، عبد الرحيم بن عبد الله. فتوح مصر وأخبارها، باعتناء شارل توراي، ليدن 1920. - الفاسي المكي، محمد بن أحمد. العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، مؤسسة الرسالة، بيروت 1986. - أبو الفداء، إسماعيل بن محمد بن عمر. تقويم البلدان، باعتناء دين سلاين، باريس 1840. - ابن فضلان، أحمد. - رسالة ابن فضلان: باعتناء سامي الدهان، دمشق 1977. - ابن الفقيه الهمداني، أحمد بن محمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 بغداد مدينة السلام، باعتناء صالح أحمد العلي، بغداد 1977. مختصر كتاب البلدان، باعتناء دي غويه، ليدن 1885. - ابن قتيبة الدينوري، عبد الله بن مسلم. المعارف، باعتناء محمد إسماعيل الصاوي، بيروت 1970. - قدامة بن جعفر، أبو الفرج. نبذ من كتاب الخراج، باعتناء دي غويه، ليدن 1899. - لسترنج، غي. بلدان الخلافة الشرقية، مؤسسة الرسالة، بيروت. - المقدسي البشاري محمد بن أحمد. أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم، باعتناء دي غويه، ليدن 1906. - مؤنس، حسين. ابن بطوطة ورحلاته، دار المعارف، القاهرة. - الهمداني، الحسن بن أحمد بن يعقوب. صفة جزيرة العرب، بعناية محمد بن علي الأكوع، دار اليمامة، الرياض، 1974. - اليعقوبي، أحمد بن يعقوب بن واضح. البلدان، باعتناء دي غويه، ليدن 1892. تاريخ اليعقوبي، دار صادر، بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 الكشاف العام 1- كشاف الآيات القرآنية الكريمة. 2- كشاف الأعلام والقبائل والأمم. 3- كشاف الأماكن والمواقع الجغرافية. 4- المحتويات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 1- كشاف الآيات القرآنية الكريمة الآية/ السورة/ رقم الآية/ الصفحة لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان/ سبأ/ 15/52 ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس/ البقرة/ 199/54 وأخذت الذين ظلموا الصيحة/ هود/ 94/91 جعله دكّا/ الأعراف/ 143/95 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 2- كشاف الأعلام والقبائل والأمم آدم (ع) 26 إبراهيم الخليل (ع) 26، 61. إبراهيم الفزاري 34 إبراهيم المؤيد العباسي 37 أتراك ترك أحسن بن علي (الناسخ) 126 الأحنف بن قيس 77 الأزد 74 إسحاق بن الحسن (المؤلف) 25، 100 بنو إسرائيل 94 الإفرنج 112، 117 الأكراد كرد أنو شروان 66 البرامكة 82 البربر 100، 110 بلقيس 51 الترك 36، 37، 67، 120، 122. التغزغز 124. أبو جعفر المنصور 9، 33، 35، 78. حاتم بن النعمان الباهلي 74 الحجاج بن أرطأة 34 الحجاج بن يوسف 41، 42. داود (ع) 31 رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) 55، 97 الروم 98، 112، 113 سعد بن أبي وقاص 38 سعيد بن العاص 69. سعيد بن عثمان بن عفان 83 السفاح أبو العباس 35. سليمان بن داود (ع) 57، 81 سليمان بن عبد الملك 70 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 السودان 110، 111 شعيب (ع) 91 شمعون الحواري 114 الصقالبة 117 طارق بن زياد 109، 110، 111 الطبري المنجم 33 بنو العباس 33، 34، 78، 82 عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب 80 عبد الله بن حاتم السلمي 76 عبد الله بن عامر بن كريز 44، 72 عبد الملك بن مروان 41، 42، 43 أبو عبيدة بن الجراح 57 عتبة بن غزران 39 عثمان بن عفان 44، 76، 77، 78، 80 العجم 69، 72، 73، 77 العرب 64، 68، 72، 77، عقبة بن نافع 98 علي بن أبي طالب 38، 53، 83 عمر بن العلاء 69. عمر بن الخطاب 38، 39، 66، 67، 68 عمرو بن العاص 60 عيسى (ع) 31، 32، 114، 116، 117. غطيشة 109. فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) 53 فرعون 86، 89، 93 الفرس 66، 68 الفرنجة الإفرنج القاسم بن الحسين 126 قتيبة 66 قتيبة بن مسلم 83، 84 قرظة بن كعب الأنصاري 67 قسطنطين (الامبراطور) 116 القوط (القوطيون) 109، 110، 111 كرد 67 لذريق 111 المتوكل 37 محمد بن مروان بن الحكم 63 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 محمد بن المنتصر (الخليفة) 37 المسلمون 123. معاوية بن أبي سفيان 30، 70، 83، 96، 98 المعتز 37 المعتصم بن هارون الرشيد 36، 37 معن زائدة 78، 79 المهدي بن المنصور 27. موسى (ع) 89، 94، 95. أبو موسى الأشعري 66 موسى بن نصير 109، 110 النجاشي 104 النصاري 123 نمرود بن كنعان 61 هارون الرشيد 62، 67، 68 بنو هاشم 59 الواثق 37 الوليد بن عبد الملك 83، 84 109، 110 يحيى بن زكريا (ع) 57 يزدجرد 69 يزيد بن معاوية 83 يزيد بن المهلب 70 اليهود 97، 122 يوسف (ع) 89 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 3- الأماكن والمواضع الجغرافية أبرارة 109 الأبلّة 39 أحد 29 أخشنبة 106 أذربيجان 64 الأردن 60 أرغون 108 أرمينية 28 اسقطرة سقطرة الإسكندرية 85 اشبيلية 107، 109 أغمات 101 الإفرنج 107، 109 إفريقية 98، 101، 109 الأنبار 35 اقريطش 87 الأندلس 101، 102، 106، 108، 109، 110، 112 أنطاكية 59 أنقرة 118 الأهواز 43 أياله 97 أيلي، نهر 60 أيلياء 31 باب البصرة 34 باب خراسان 34 باب الرحمة 32 باب الشام 34 باب الكوفة 34 البحر الشامي 61، 87، 96 97، 100، 101، 102، 108؛ 112، 124. بحر طبرستان 125 بحر العراق 43، 44 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 البحر الأعظم 43، 101 بحر القلزم 94، 103 البحر المغربي 101، 103 البحرين 55 بحيرة خراسان 123 بحيرة الخزر 123 بحيرة طبرية 60 بجانة 106 بخارا 83 بربشتر 108 برشلونة 106 البصرة 28، 37، 38، 39، 40، 41، 65 البطيحة 40 بغداد 27، 33، 36، 37، 68، بلخ 102 بلكار 122 بلكوارا 37 بلنسية 108 بنات نعش 30 بلاد البربر 100، 101، 102، بلاد الترك 84، 124 بلاد الروم 62، 86، 87 بلاد السودان 90، 101، 102، 103 بلاد الشامات 117 بلاد الشماكسة 107 بلاد الصقالبة 112 بلاد النوبة 89 بيت المقدس 31 تاهرت 100، 101 تركونة 106 تطيلة 108 تنس 101 تنيس 88، 97 التيه 94 الثغر الأعلى 107 الثغر الشرقي 107 جب يوسف (ع) 60 جبل طارق 110 جبل القمر 90 جبل المقطم 90 جرجان 70 الجرجانية 87 جرمي 104 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 الجزيرة 63 الجعفرية 37 جلق 107 جليقية 108، 109 الجوسق 37 الحبشة 104 الحجاز 28 الحجر الأسود 26، 28 حجر اليمامة 56 حضر موت 53 حلب 59 الحمة 60 حلوان 68 خراسان 69، 70، 72، 74، 76، 77، 78، 79، 81، 82، 123 الخزر 152 خوارزم 81 الخورنق 107 دانية 109 دجلة (نهر) 34، 35، 36، 37 دمشق 57، 62 دمياط 87 دنقلة 104 أبو الربيع 98 رضوى 29 الرقيم 117، 118 الركن اليماني 28 الروضة 30 رومية 112، 113، 116 الري 67، 71 الزابج 119، 120 زغاوة 104 سبأ 51 سبتة 101 سجستان 77، 78، 81 سجلماسة 101 السدير 107 سر من رأى 36، 37 سرت 96 سرجس 75، 76 سرقسطة 89 سرنديب 119 سقطرة 36 سمرقند 84 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 السند 28، 78، 80، 122 السواد 37 السويس 94 الشاش 122 الشام 28، 37، 41، 61، 91 شلون 107 الصخرة 32 الصعيد الأعلى 79 الصفا 27 صنعاء 45 الصين 121 الطائف 56 الطان ينو 123 طبرستان 68، 69 طبرية 60 طرابلس 96 طرسوس 62 طرطوشة 109 طليطلة 107، 110 طنجة 101 طوس 73 طيبة 29 عبادان 43 عدن 47، 53 عسقلان 61 العراق 38، 42، 107 علوة 104 عمان 49، 54، 55 عمورية 117، 118 العواصم 41 عين الشمس 93 غانة 103 فارس 44 فاس 102 الفرات 35، 38، 43 القاطول 36 قبرص 87 أبو قبيس 26 قرطبة 106، 110 قرطجنة 102 القسطنطينية 83، 103، 112، 116، 117، 118 قسطلية 101 قشتالة 108 القطب الشمالي 26 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 القلزم السويس قلعة أيوب 108 قلهرة 108 القيروان 96، 98 كرمان 80 الكعبة 28 كنيسة القسقار 57 الكهف 117، 118 كوس 104 الكوفة 27، 38، 40، 41 كوكو 104 لاردة 108 مأرب 51 ماردة 108، 110 مالقة 109 محراب داود (ع) 13 المحصب 8 مدين 91، 92 مدينة سالم 27 مدينة مصر 89، 97 مدينة النبي (صلى الله عليه وسلّم) 29 مرو 74، 75 المروة 27 المرية 108 مسجد النبي (صلى الله عليه وسلّم) 30 المسجد الأعظم (بغداد) 34) مسسون 108 مصر 61، 85، 98 مكة 25، 26، 56 ملحمان 120 مليلة 102 منورقة 109 المهدية 67 الموصل 63، 64، 65 ميورقة 109 ناكورة 102 نهاوند 65، 66 نهر الأرنط 101 نهر النيل 88، 90، 97، 103، 104، 105 النوبة 103، 104، 105، نيسابور 72، 73، 75 الهاروني (قصر) 37 هجر 63، 65 هراة 76، 77 الهرمان 89 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 همذان 63، 65 الهند 28، 83، 95، 119، 120 هيكل الزهرة 106 وادي العقيق 30 واسط 40، 41 وشقة 107 اليمامة 56 اليمن 28، 45، 53، 54، 55 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 المحتويات المقدمة 5 مكة المشرّفة 25 مدينة النبي (صلى الله عليه وسلّم) 29 بيت المقدس إيلياء 31 بغداد 33 سرّ من رأى 36 الكوفة 38 البصرة 39 واسط 41 عبادان 43 سيراف 44 صنعاء 45 عدن 47 عمان 49 سبأ 51 حضر موت 53 سقطرة 54 البحرين 55 هجر 55 الطائف واليمامة 56 دمشق 57 حلب 59 طبرية 60 عسقلان 61 طرسوس 62 الموصل 63 أذربيجان 64 همذان 65 نهاوند 65 أصبهان 66 الريّ 67 حلوان 68 طبرستان 69 جرجان 71 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 نيسابور 72 طوس 73 مرو 74 سرخس 76 هراة 77 سجستان 78 كرمان 80 خوارزم 81 بلخ 82 بخارا 83 سمرقند 84 الإسكندرية 85 دمياط 87 تنيس 88 مدين 91 عين الشمس 93 طرابلس 96 سرت 96 أجدابية 97 أيلة 97 القلزم أو السويس 94 أرض التيه 94 القيروان 98 تاهرت 100 بلاد البربر 101 بجانة 101 قسطيلية 101 بلاد السودان 103 غانة 103 التوبة 104 الحبشة 104 زغاوة 104 جزيرة الأندلس 106 الروم والإفرنج 112 مدينة رومية 113 مدينة القسطنطينية 116 الرقيم والكهف 118 الزابج في الهند 120 بلاد الخزر والشاش 122 بلاد الترك 124 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144