الكتاب: حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك المؤلف: أبو العرفان محمد بن علي الصبان الشافعي (المتوفى: 1206هـ) الناشر: دار الكتب العلمية بيروت-لبنان الطبعة: الأولى 1417 هـ -1997م عدد الأجزاء: 3   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك الصبان الكتاب: حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك المؤلف: أبو العرفان محمد بن علي الصبان الشافعي (المتوفى: 1206هـ) الناشر: دار الكتب العلمية بيروت-لبنان الطبعة: الأولى 1417 هـ -1997م عدد الأجزاء: 3   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] المجلد الأول المقدمات بسم الله الرحمن الرحيم ترجمة الصبان 1: هو أبو العرفان الشيخ محمد بن علي الصبان الشافعي، ولد بمصر وحفظ القرآن والمتون واجتهد في طلب العلم وحضر على أشياخ عصره وجهابذة مصر وشيوخه، ولم يزل الشيخ الصبان يخدم العلم ويدأب في تحصيله حتى تمهر في العلوم العقلية والنقلية وقرأ الكتب المعتبرة في حياة أشياخه، وربى التلاميذ واشتهر بالتحقيق والتدقيق والمناظرة والجدل وشاع ذكره وفضله بين العلماء بمصر والشام. ومن مؤلفاته: حاشيته على الأشموني التي سارت بها الركبان وشهد بدقتها أهل الفضائل والعرفان، وهو هذا الكتاب الذي بين أيدينا، وحاشية على شرح العصام على السمرقندية، وحاشية على شرح الملوي على السلم، ورسالة في علم البيان، ورسالة عظيمة في آل البيت، ومنظومة في علم العروض وشرحها، ونظم أسماء أهل بدر، وحاشية على آداب البحث، ومنظومة في مصطلح الحديث ستمائة بيت، ومثلثات في اللغة، ورسالة في الهيئة، وحاشية على السعد في المعاني والبيان، ورسالتان على البسملة صغرى وكبرى، ورسالة في مفعل، ومنظومة في ضبط رواة البخاري ومسلم. توفي الشيخ الصبان في جمادى الأولى سنة 1206هـ، بعد أن توعك بالسعال وقصبة الرئة، وصلي عليه بالأزهر في مشهد حافل ودفن بالبستان.   1 من تاريخ الجبرتي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 ترجمة الأشموني 1: هو علي بن محمد بن عيسى بن محمد الأشموني الأصل ثم القاهري الشافعي نور الدين أبو الحسن. فقيه، أصولي، مقرئ، نحوي، متكلم، ناظم. من تصانيفه: شرح ألفية ابن مالك، ونظم منهاج الدين للحليمي في شعب الإيمان، ونظم جمع الجوامع في الأصول، والينبوع في شرح المجموع في فروع الفقه، ونظم إيساغوجي في المنطق، وتعليقة على الأنوار لعمل الأبرار للأردبيلي في فروع الفقه الشافعي. اختلف في وفاته، فقيل نحو سنة 900هـ، وقيل: سنة 918هـ، وقيل: سنة 929هـ، وقيل غير ذلك.   1 انظر ترجمته في معجم المؤلفين "7/ 38، 184، 225" والأعلام "5/ 10" وشذرات الذهب "8/ 165" والكواكب السائرة "1/ 284" وهدية العارفين "1/ 739". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 مقدمة المؤلف : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمد لله على ما منح من أسباب البيان. وفتح من أبواب التبيان. والصلاة   بسم الله الرحمن الرحيم نحمدك اللهم على ما وجهت نحونا من سوابغ النعم. ونشكرك على ما أظهرت لنا من مبهمات الأسرار ومضمرات الحكم. ونشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك الفاعل لكل مبتدأ ومبتدع، ونشهد أن سيدنا محمدا عبدك ورسولك المفرد العلم والإمام المتبع. اللهمّ صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه ما رفعت منصب المنخفض لجلالك. وجبرت بالسكون إليك كسر الجازم بوحدتك في ذاتك وصفاتك وأفعالك. أما بعد فيقول راجي الغفران "محمد بن علي الصبان" غفر الله ذنوبه وستر في الدارين عيوبه. هذه حواش شريفة. وتقريرات جليلة منيفة. وتحقيقات فائقة. وتدقيقات رائقة. خدمت بها شرح العلامة نور الدين أبي الحسن "علي بن محمد الأشموني" الشافعي على ألفية الإمام "ابن مالك" كل الخدمة. وصرفت في تحرير مبانيها وتهذيب معانيها جميع الهمة. ملخصا فيها زبد ما كتبه عليه المشايخ الأعيان. منبها على كثير مما وقع لهم من أسقام الأفهام وأوهام الأذهان. ضاما إلى ذلك من نفائس المسطور ما ينشرح به الخاطر. مضيفا إليه من عرائس بنات فكري ما تقر به عين الناظر. وحيث أطلقت شيخنا فمرادي به شيخنا العلامة المدابغي. أو قلت شيخنا السيد فمرادي به شيخنا المحقق السيد البليدي. أو قلت البعض فمرادي به الفهامة الفاضل سيدي يوسف الحنفي رحمهم الله وجزاهم عنا خيرا. وما كان زائدا على ما في حواشيهم وليس معزوا لأحد فهو غالبا مما ظهر لي وربما نسبته إليّ صريحا. وعلى الله الاعتماد إنه ولي السداد. قوله: "أما بعد حمد الله إلخ" اعترض بأن هذه العبارة إنما تفيد سبق حمد وصلاة وسلام منه وهذه الإفادة لا يحصل بها المطلوب من الإتيان بالثلاثة في ابتداء التأليف. ويجاب أولا بأنا لا نسلم تلك الإفادة لأن القصد من قوله حمد الله إنشاء الحمد. وقوله حمد الله وإن لم يكن جملة في قوة الجملة فكأنه قال أما بعد قولي أحمد الله منشئا للحمد. وثانيا بأنا سلمنا تلك الإفادة لكن لا نسلم أن المطلوب لا يحصل بها لأن إفادة سبق الحمد منه تتضمن أن المحمود أهل لأن يحمد وهو وصف بالجميل فقد حصل الحمد ضمنا بهذه العبارة الواقعة في ابتداء التأليف ولا يضر عدم حصوله صريحا إذ المطلوب حصول الحمد مطلقا في الابتداء ومثل ذلك يقال في الصلاة والسلام بناء على أن المقصود بهما التعظيم وهو حاصل بإفادة سبقهما كما أفاده العلامة ابن قاسم في نكته عند قول المصنف: أحمد ربي الله خير مالك مصليا الخ وبه يعرف ما في كلام البعض وما أجاب به هو وشيخنا من أن الشارح أتى بالثلاثة لفظا لا يحسم مادة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والسلام على من رفع بماضي العزم قواعد الإيمان. وخفض بعامل الجزم كلمة البهتان.   الاعتراض لبقاء المؤاخذة بعدم كتابتها المطلوبة أيضا والجواب بحصول الحمد بالبسملة غير نافع في الصلاة والسلام. فإن قلت لا نسلم عدم حصول الحمد صريحا هنا لما تقرر من أن الإخبار عن الحمد حمد أي صريح. قلت ما تقرر إنما هو في الإخبار عن الحمد بثبوته لله بالجملة الاسمية أعني الحمد لله لأنه ثناء بجميل صراحة فهو حمد صريح بخلاف الإخبار عن الحمد بسبق وقوعه، ومثله الإخبار بأنه يقع كما في أحمد ربي الله على أنه خبر لفظا ومعنى فتنبه. قوله: "على ما منح من أسباب البيان" على تعليلية وما موصول اسمي أو نكرة موصوفة فمن بيانية والعائد محذوف. ويظهر لي عند عدم استدعاء المقام أحد الوجهين ترجح الثاني لأن النكرة هي الأصل ولأن شرط الموصول إذا لم يكن للتعظيم أو التحقير عهد الصلة وقد لا يحصل عهدها إلا بتكلف فاحفظه، أو موصول حرفي ويقوّي هذا أن الحمد يكون حينئذٍ على الفعل والحمد على الفعل أمكن من الحمد على أثره لأن الحمد على الفعل بلا واسطة وعلى أثره بواسطته. ومن زائدة على مذهب الأخفش وبعض الكوفيين أو تبعيضية نكتتها الإشارة إلى أنه تعالى يستحق الحمد على بعض نعمه كما يستحق الحمد على الكل بالأولى. والمنح الإعطاء وبابه قطع وضرب، والمنحة بالكسر العطية كذا في المختار. والبيان يطلق بمعنى الظهور وبمعنى الفصاحة وبمعنى المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير أي المنطوق به لا المعنى المصدري لأنه لا يوصف بالفصاحة حقيقة وهذا هو المراد هنا. والمراد بأسبابه جميع ما له دخل في حصوله كسلامة اللسان من العيّ والفهاهة وسلامة القلب من موانع الإدراك لا خصوص ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته لقصوره. قوله: "وفتح من أبواب التبيان" قياس ما كان على التفعال فتح التاء كالتكرار والتذكار وشذ كسر تاء التبيان والتلقاء بعكس الفعلال، وورد الفتح أيضا في التبيان كما في القاموس وإن كان كسره أكثر. والتبيان كما قاله الخطابي أبلغ من البيان لأنه بيان مع دليل وبرهان فهو جار على الأصل من زيادة المعنى لزيادة المبنى. والمراد بأبوابه كل ما له دخل في حصوله كالإدراكات القوية وجودة اللسان والقلب فالأبواب استعارة مصرحة والفتح ترشيح أو في التبيان استعارة بالكناية والأبواب تخييل والفتح ترشيح. وذكر المنح والأسباب في جانب البيان والفتح والأبواب في جانب التبيان لأن التبيان أبلغ كما مر فالوصول إليه أصعب يحتاج إلى فتح أبواب مغلقة. قوله: "والصلاة والسلام" مجروران عطفا على حمد الله. قوله: "على من رفع" متعلق بمحذوف صفة للصلاة والسلام أي الكائنين على من رفع، أو حال منهما. وقال شيخنا تبعا للمصرح متعلق بالسلام لقربه وهو مطلوب أيضا للصلاة من جهة المعنى على سبيل التنازع. ا. هـ. ومراده كما قاله الفاضل الروداني محشي التصريح التنازع المعنوي الذي هو مجرد الطلب في المعنى لا العملي بدليل كلامه فقوله متعلق بالسلام لقربه يعني مع حذف متعلق الصلاة فسقط ما اعترض به البعض من أن التنازع لا يكون إلا في فعلين متصرفين أو اسمين يشبهانهما كما سيأتي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "محمد" المنتخب من خلاصة معد ولباب عدنان. وعلى آله وأصحابه الذين أحرزوا   وما ذكر ليس كذلك أي لأن الصلاة والسلام اسما مصدرين جامدان على أنه سيأتي أن المراد اسمان يشبهانهما في العمل لا في التصرف بدليل تمثيلهم باسم الفعل والمصدر. وممن وافق على ذلك هذا البعض وحينئذٍ لا يدل ما سيأتي على عدم جريان التنازع الاصطلاحي بين اسمي المصدر بل على جريانه بينهما كالمصدرين فيتلاشى الاعتراض من أصله. والرفع الإعلاء والمراد به هنا الإظهار والإعزاز. قوله: "بماضي العزم" من إضافة الصفة إلى الموصوف أي العزم الماضي قال في المصباح: عزم على الشيء وعزمه عزما من باب ضرب عقد ضميره على فعله. ا. هـ. لكن سيذكر الشارح قبيل باب التنازع أن عزم لا يتعدّى بنفسه وإن قوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاح} [البقرة: 235] على تضمين معنى تنووا والماضي إما بمعنى النافذ يقال مضى الأمر أي نفذ، وإما بمعنى القاطع يقال سيف ماض أي قاطع فيكون قد شبه في النفس العزم بالسيف والماضي بمعنى القاطع تخييل. قوله: "قواعد الإيمان" يحتمل وهو الظاهر أن يراد بالإيمان التصديق القلبي فتكون إضافة القواعد إليه من إضافة المتعلق بفتح اللام إلى المتعلق بكسرها والمراد بالقواعد جميع ما وجب الإيمان به مما ينبني عليه غيره كعقائد التوحيد وضوابط الفقه المجمع عليهما، أو جميع ما وجب الإيمان به سواء بنى عليه غيره أو لا فيكون في التعبير بالقواعد تغليب، أو البراهين الدالة على حقيقة الإيمان، ويحتمل أن يراد به الإسلام لتلازم الإيمان والإسلام الكاملين فالإضافة من إضافة الأجزاء إلى الكل. والمراد بالقواعد الأركان الخمسة المذكورة في حديث: "بني الإسلام على خمس" وعليه ففي الكلام تلميح إلى هذا الحديث. قوله: "وخفض بعامل الجزم" الجزم القطع وعامله آلته كالسيف ووصفها بالعمل مجاز عقلي من وصف آلة عمل الشيء به. فإن قلت عامل الجزم لا يخفض في العربية فلا تتم التورية قلت التورية لا تتوقف على خفضه في العربية وإنما روي بخفضه الذي لا يقع في العربية للإشارة إلى أن ما وقع منه صلى الله عليه وسلّم أمر فوق ما ألفه البشر خارج عن طوقهم. قوله: "كلمة البهتان" البهتان الكذب والمراد به هنا الكفر أو مطلق الباطل والمراد بالكلمة الكلام وإضافتها إلى البهتان استغراقية. قوله: "محمد" بدل من أو عطف بيان وقوله المنتخب أي المختار نعت لمحمد لا لمن لئلا يلزم تقديم البدل أو عطف البيان على النعت مع أن النعت هو المقدم على بقية التوابع عند اجتماعها. قوله: "من خلاصة معد ولباب عدنان" خلاصة الشيء بضم الخاء وكسرها ما خلص منه وبمعناه اللباب ففي عبارته تفنن. ومعد بفتح الميم والعين ولد عدنان لصلبه قال الجوهري وهو أبو العرب. وعدنان آخر النسب الصحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلّم. وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، فعلم وجه ذكر معد وعدنان. ويحتمل أنه أراد بمعد وعدنان ذرية معد وذرية عدنان المسماتين باسمي أبويهما. وإنما أخر عدنان ذكرا مع تقدمه وجودا لأنه لو قدمه لم يكن لذكر معد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قصبات السبق في مضمار الإحسان. وأبرزوا ضمير القصة والشأن بسنان اللسان ولسان السنان. فهذا شرح لطيف بديع على ألفية ابن مالك. مهذب المقاصد واضح المسالك.   فائدة لأنه يلزم من كونه عليه الصلاة والسلام منتخبا من لباب عدنان كونه منتخبا من خلاصة معد ولا عكس. قوله: "أحرزوا" أي حازوا وقوله قصبات السبق الخ كان من عادة العرب أن تغرز قصبة في آخر ميدان تسابق الفرسان فمن أعدى فرسه إليها وأخذها عد سابقا ففي الكلام استعارة تمثيلية إن شبه حال الصحابة في غلبتهم لمن قاواهم في الإحسان بحال السابقين على الخيل في الميدان في سبقهم إلى قصبة السبق بجامع مطلق حوز ما به الشرف، أو استعارة مكنية إن شبه في النفس الإحسان بساحة ذات ميدان وجعل إثبات المضمار أي الميدان تخييلا وإحراز قصبات السبق ترشيحا، أو استعارة مصرحة إن شبهت مراتب العلو بقصبات السبق وجعل المضمار ترشيحا والإحسان تجريدا والمراد بالإحسان إما معناه الشرعي المبين في حديث جبريل بقوله عليه الصلاة والسلام: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" أو مطلق الطاعة وهذا أقرب. قوله: "وأبرزوا" أي أظهروا. وقوله ضمير القصة والشأن يحتمل أن المراد المضمر المستور الذي كان له قصة وشأن عظيمان وهو دين الإسلام فيكون تسميته مضمرا باعتبار ما كان. ويحتمل أن المراد ضمير القصة والشأن الاصطلاحي الواقع في قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّه} [محمد: 19] ففي الكلام حذف مضاف أي مفسر ضمير الخ لأن الذي أظهروه مفسره وهو لا إله إلا الله، أو مجاز مرسل علاقته المجاورة حيث سمي المفسر بكسر السين باسم المفسر بفتحها. قوله: "بسنان اللسان ولسان السنان" السنان نصل الرمح، والتركيبان إما من إضافة المشبه به إلى المشبه أي اللسان الذي كالسنان في التأثير والسنان الذي كاللسان في كثرة استعماله، أو من الاستعارة بأن يكون شبه في التركيب الأول كلام اللسان بالسنان في التأثير وشبه في النفس السنان في التركيب الثاني بالإنسان في صدور الفعل العظيم عن كل وأثبت له اللسان تخييلا، أو شبه طرف السنان الذي به الجرح باللسان في كثرة استعماله، وجعل شيخنا إطلاق لسان السنان على طرفه الجارح لا تجوز فيه ممنوع لأنه ليس من معاني اللسان الحقيقية كما يؤخذ من القاموس وغيره. وفي قوله بسنان الخ من أنواع البديع العكس وهو تقديم المؤخر وتأخير المقدم كقولهم عادات السادات سادات العادات. وقد اشتملت خطبته على أنواع أخر كبراعة الاستهلال والتورية في الفتح والرفع والماضي ونحوها. والطباق في الرفع والخفض والإيمان والبهتان والإفراط والتفريط. والجناس اللاحق في الأسد والجسد والتحقيق والتدقيق والمخل والممل، وكذا بين الأدراج والأبراج كما قاله شيخنا والبعض وإن جعل شيخنا السيد الجناس بينهما مضارعا لما سيأتي والجناس المضارع في خلا وعلا. والفرق بين الجناسين أن الاختلاف إن كان بحرف بعيد المخرج فاللاحق أو قريبه فالمضارع. ومعنى بعد المخرج أن يختلف الحرفان في جنس المخرج ومعنى قربه أن يتحدا في جنسه ويختلفا في شخصه. قوله: "فهذا" اسم الإشارة راجع إلى الألفاظ الذهنية المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة على أرجح الأوجه فهو مستعار مما وضع له، وهو المبصر الحاضر للمعقول لشبهه به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يمتزج بها امتزاج الروح بالجسد. ويحل منها محل الشجاعة من الأسد. تجد نشر التحقيق   في كمال إتقان المشير أو السامع إياه حتى كأنه مبصر عنده، وهل استعارة اسم الإشارة ونحوه أصلية أو تبعية خلاف بيناه في رسالتنا في المجازات. والفاء واقعة في جواب إما وجواب الشرط لا بد أن يكون مستقبلا وكون الألفاظ المشار إليها شرحا لطيفا بديعا غير مستقبل فلا بد من تقدير أقول بعد الفاء كما أفاده في التصريح، نعم إن كانت الخطبة قبل التأليف وجعل الشرح بالمعنى اللغوي على أنه مصدر بمعنى الشارح أي خارجا لم يحتج إلى التقدير لأن الشرح الخارجي المدلول على هذا الشرح الذي هو محط الجزاء مستقبل حينئذٍ بل قال الروداني في حواشيه على التصريح إنما يحتاج إلى التقدير لو أريد بالشرط الذي تضمنته أما التعليق مع أن المراد منه مجرد استلزام شيء لشيء، ولو سلم فالتعليق قد يكون في الاستقبال وقد يكون في الماضي كما في شرط لو فليكن هذا منه. ا. هـ. نعم قال يس: يندفع بتقدير القول إشكال آخر وهو أن كون هذه الألفاظ شرحا لطيفا بديعا ثابت حمد أو لم يحمد فما معنى كونه بعد الحمد، فإذا جعل الجزاء القول كان هو المقيد بالبعدية. ا. هـ. وهو مبني على أن الظرف من متعلقات الجزاء كما هو الأحسن مع أن هذا الإشكال الآخر يندفع بجعل شرح بمعنى شارح مرادا منه المعنى اللغوي لصحة تقييده بالبعدية على أنه يرد على تقدير القول أن حذف القول يوجب حذف الفاء معه كما سيصرح به الشارح، لكن في الهمع ما يدل على أن بعضهم يجوز حذف القول مع بقاء الفاء كما سيأتي بسطه في محله فتنبه. قوله: "لطيف" يعني لا يحجب ما وراءه من المعاني مجازا عما لا يحجب ما وراءه من المحسوسات. قوله: "بديع" فعيل بمعنى المفعول أي مبتدع أي مخترع لا على مثال سابق فإنه بهيئته المخصوصة لم يسبق له مثال والمراد أنه فائق في الحسن على غيره من الشروح ويجيء بديع بمعنى مبدع ومنه بديع السموات والأرض. قوله: "على ألفية ابن مالك" متعلق بمحذوف خاص دل عليه السياق أي دال على ألفية ابن مالك أي على معانيها، أو على بمعنى لام التقوية متعلقة بشرح بمعنى شارح أي كاشف كما قاله البعض، وفيه أنه يلزم على هذا نعت المصدر قبل استيفاء معموله أو بمعنى لام الاختصاص متعلقة بمحذوف صفة لشرح فيكون على استعارة تبعية أو شبه الشرح والمتن بجسم مستعل وجسم مستعلى عليه وذكر على تخييلا. قوله: "مهذب إلخ" التهذيب التنقية، والمقاصد المعاني، والمسالك الألفاظ، وهما مجروران بإضافة الوصف إليهما أو منصوبان على التشبيه بالمفعول به. قوله: "يمتزج بها إلخ" في الكلام مبالغة وإلا فالمزج الخلط بلا تمييز مع أن الشرح والمتن متمايزان، وأشار بهذه السجعة إلى ما في شرحه مما لا بد منه في بيان المتن وبالسجعة الثانية إلى ما زاد على ذلك والمقصود منهما وصف شرحه بجودة السبك وحسن التركيب مع ألفاظ المتن. قوله: "امتزاج الروح" أي امتزاجا كامتزاج الروح بالجسد. لا يقال عبارته تفهم أن شرحه للمتن كالروح للجسد وأن المتن بدونه كالجسد بدون الروح وفي هذا تنقيص لبقية الشروح لأنا نقول مقام المدح لا ينظر فيه إلى أمثال هذه المفاهيم. قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   من أدراج عبارته يعبق. وبدر التدقيق من أبراج إشاراته يشرق. خلا من الإفراط الممل.   "ويحل" بضم الحاء وكسرها لأن حل بمعنى نزل يجوز في حاء مضارعه الوجهان كما في القاموس وبهما قرئ في السبع قوله تعالى: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: 81] فاقتصار البعض كشيخنا على الضم تقصير. وأما حل ضد حرم فجاء مضارعه بالكسر فقط. وحل بمعنى فك فجاء مضارعه بالضم فقط. قوله: "منها" قال شيخنا السيد: حال أي كائنا منها لأن حل لا يتعدى بمن وكذا قوله من الأسد أي كائنة من الأسد. ولعل معنى كائنا منها وكائنة من الأسد منتسبا إليها ومنتسبة إلى الأسد ولا يبعد أن من في الموضعين بمعنى في. لا يقال الظرفية في الأول غير ظاهرة لأنا نقول لما امتزج بها كأنه حل فيها. وقوله محل الشجاعة أي حلولها فمحل مصدر ميمي أي حلولا كحلول الشجاعة والمراد بالشجاعة الجراءة لا الملكة المخصوصة لاختصاص الملكات بذوي العلم. قوله: "تجد نشر التحقيق إلخ" النشر الرائحة الطيبة. والتحقيق يطلق على ذكر الشيء على الوجه الحق ويطلق على إثبات المسألة بدليلها مع رد قوادحه. والأدراج بفتح الهمزة جمع درج بفتح الدال وسكون الراء أو فتحها ما يكتب فيه كما في القاموس ويعبق بفتح الباء مضارع عبق الطيب بكسرها عبقا بالتحريك من باب فرح ظهرت رائحته ولا يكون إلا للذكية كما في المصباح، ففي كلامه استعارة مكنية وتخييل وترشيح حيث شبه التحقيق في نفاسته بنحو المسك والنشر تخييل ويعبق ترشيح قال شيخنا السيد: وفي العبارة قلب أي من عبارات أدراجه. ا. هـ. ونكتة القلب الإشارة إلى قوة النشر حتى سرى من العبارات إلى محلها المكتوبة فيه. قوله: "وبدر التدقيق إلخ" البدر القمر ليلة كماله. والتدقيق يطلق على إثبات المسألة بدليلين أو أكثر وعلى إثبات دليل المسألة بدليل، وعلى ذكر الشيء على وجه فيه دقة. والأبراج جمع برج وهو أحد أقسام الفلك الإثني عشر المسماة بالبروج، وعبر بالأبراج وهو جمع قلة مع أنها اثنا عشر لمزاوجة أدراج. ويشرق بضم أوله وكسر ثالثه مضارع أشرق أي أضاء أو بفتح أوله وضم ثالثه مضارع شرق كطلع وزنا ومعنى، وعلى كل ففي كلامه عيب السناد وهو اختلاف حركة ما قبل الروي. وفي كلامه استعارة مكنية وتخييل وترشيحان حيث شبه التدقيق بالليلة المقمرة كمال الإقمار بجامع الكمال والبدر تخييل والإشراق والأبراج ترشيحان قاله شيخنا السيد. وجعل شيخنا التدقيق مشبها بالسماء في العلوّ. والمتانة ولك أن تجعل الأبراج استعارة مصرحة لعبارات الإشارات أي المعاني الدقيقة إن شبهت بالأبراج في أن كلا محل لما ينتفع به إذ العبارات محل للمعاني والأبراج محل للكواكب، أو تخييلا لاستعارة مكنية إن شبهت الإشارات بالسموات في الرفعة والمتانة ثم ذكر شيخنا السيد أن هنا أيضا قلبا أي من إشارات أبراجه ولا حاجة إليه كما لا يخفى. قوله: "خلا من الإفراط إلخ" الإفراط مجاوزة الحد، والتفريط التقصير أي خلا من الإفراط في التطويل وعلا عن التفريط في تأدية المعاني. وعبر في جانب الإفراط بخلا وفي جانب التفريط بعلا لأن التفريط أفحش فهو أحق بالتباعد عنه الذي هو المراد من علا. وأخر هاتين السجعتين مع أنهما من باب التخلية وما قبلهما من باب التحلية التفاتا إلى تقدم الإثبات على النفي وشرف الوجود على العدم. والممل والمخل وصفان لازمان لأن المراد الذي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وعلا من التفريط المخل. {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] وقد لقبته "بمنهج السالك إلى ألفية ابن مالك" ولم آل جهدًا في تنقيحه وتهذيبه وتوضيحه وتقريبه. والله أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم. وأن ينفع به من تلقاه بقلب سليم. إنه قريب مجيب. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.   شأنه الإملال والذي شأنه الإخلال. قوله: "وكان بين ذلك قواما" أي عدلا. وأفرد اسم الإشارة مع رجوعه إلى اثنين الإفراط والتفريط لتأوله بالمذكور والمرجح للإفراد حصول الاقتباس. قوله: "وقد لقبته" أي سميته وإنما آثر التعبير بالتلقيب لما في هذا الاسم من الإشعار بالمدح كاللقب. قوله: "ولم آل" مضارع مبدوء بهمزة تكلم تليها ألف منقلبة عن همزة ساكنة كما هو القاعدة عند اجتماع همزتين ثانيتهما ساكنة حذف منه الجازم لامه التي هي واو، وماضيه ألا كعلا، ومصدره إن كان بمعنى التقصير أو الترك أو الاستطاعة: ألو كدلو وألوّ كعلوّ كما في القاموس، وإن كان بمعنى المنع ألو كدلو كما في حاشية شيخنا السيد لكن في حاشية ابن قاسم على المختصر وحاشية خسرو على المطول أن المنع معنى مجازي مشهور للألو لا حقيقي ويصح هنا ما عدا الاستطاعة فعلى الأول قوله جهدا أي اجتهادا منصوب على التمييز محول عن الفاعل والتقدير لم يقصر اجتهادي على الإسناد المجازي، أو نزع الخافض أي في اجتهادي أو حال بمعنى مجتهدا، وعلى الثاني مفعول به وعلى الأخير مفعوله الثاني وحذف مفعول الأول لعدم تعلق الغرض بذكره والتقدير ولم أمنع أحدا جهدا. وعن أبي البقاء أن لم آل من الأفعال الناقصة بمعنى لم أزل، فجهدا خبر بمعنى جاهدا والذي يؤخذ من القاموس والمختار أن الجهد بمعنى الاجتهاد أو المشقة بفتح الجيم لا غير وبمعنى الطاقة بالفتح والضم. قوله: "وتهذيبه" عطف تفسير قاله شيخنا. قوله: "وتقريبه" عطف لازم. قوله: "والله أسأل إلخ" سأل إن كان بمعنى استعطى كما هنا تعدى لمفعولين بنفسه فالله مفعول قدم لإفادة الحصر أو للاهتمام لعظمته، وأن يجعله مفعول ثان. وإن كان بمعنى استفهم تعدى للأول بنفسه وللثاني بعن نحو {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَال} أو ما بمعناها نحو فاسأل به خبيرا أي عنه. قوله: "سليم" أي سالم من الحقد والحسد ونحوهما. قوله: "وما توفيقي إلا بالله" استقبح أهل اللسان نسبة الفعل إلى الفاعل بالباء لأنه يوهم الآلة فلا يحسن ضربي بزيد إذا كان زيد ضاربا والحسن ضربي من زيد. وفاعل التوفيق هو الله تعالى فالحسن وما توفيقي إلا من الله. وتوجيهه على ما يستفاد من الكشاف في تفسير سورة هود أنه على تقدير مضاف وأن التوفيق مصدر المبني للمجهول حيث قال أي وما كوني موفقا إلا بمعونته وتوفيقه أفاده ابن قاسم. قوله: "عليه توكلت" أي اعتمدت في جميع أموري كما يؤخذ من حذف المعمول أو في الأقدار على تأليف هذا الشرح كما يؤخذ من القيام. وتقديم الجار والمجرور لإفادة الحصر لأن الاعتماد في جميع الأمور والأقدار على تأليف هذا الشرح لا يكون إلا عليه تعالى وإن كان قد يعتمد في بعض الأمور على غيره. قوله: "أنيب" أي أرجع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 خطبة الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم قال محمد هو ابن مالك ... أحمد ربي الله خير مالك   بسم الله الرحمن الرحيم "قال محمد هو" الإمام العلامة أبو عبد الله جمال الدين بن عبد الله "ابن مالك"   قوله: "قال محمد" فيه التفات من التكلم إلى الغيبة إن روعي متعلق البسملة المقدر بنحو أؤلف أو تأليفي فإن لم يراع كان فيه التفات على مذهب السكاكي المكتفي بمخالفة التعبير مقتضى الظاهر. وأتى بجملة الحكاية ولم يتركها خوفا من الرياء لقصد الترغيب في كتابه بتعيين مؤلفه المشهور بالجلالة في العلم والإخلاص فيه وبالانتفاع بكتبه وهذا أرجح من مراعاة الحذر من الرياء خصوصا مع الأمن من ذلك كما هو حال المصنف، ولم يقدمها على البسملة أيضا ليحصل لها بركة البسملة ولئلا يفوت الابتداء الحقيقي بالبسملة ولم يؤخرها عن الحمدلة ليقع اسمه بين الجملتين الشريفتين فتحيط به بركتهما فاحفظه. قوله: "العلامة" معناه لغة كثير العلم جدا لأن الصيغة للمبالغة والتاء لزيادتها وكثرة العلم جدا تحصل بالتبحر في أنواع من الفنون فما اشتهر من أنه الجامع بين المعقولات والمنقولات لعله اصطلاح لبعضهم. قوله: "جمال الدين" هذا لقبه أي مجمل أهل الدين. فإن قيل كل من جمال الدين ومحمد يشعر بالمدح فجعل أحدهما اسما والآخر لقبا تحكم، قلت يؤخذ جواب ذلك مما بحثه بعض المتأخرين ونصه: والذي يظهر أن الاسم ما وضعه الأبوان ونحوهما ابتداء كائنا ما كان، وأن ما استعمل في ذلك المسمى بعد وضع الاسم فإن كان مشعرا بمدح كشمس الدين فيمن اسمه محمد أو ذمّ كأنف الناقة فيمن اسمه ذلك فلقب، أو كان مصدرا بأب كأبي عبد الله فيمن اسمه ذلك أو أمّ كأمّ عبد الله فيمن اسمها عائشة فكنية، وعلى هذا يصح ما حكاه ابن عرفة فيمن اعترض عليه أمير إفريقية في تكنيته بأبي القاسم مع النهي عنه فأجاب بأنه اسمه لا كنيته نقله شيخنا عن الشنواني. وحاصل الجواب أن اعتبار الأشعار والتصدير أما يكون بعد وضع الدال على الذات ابتداء. والظاهر أن الموضوع للذات ابتداء محمد فهو الاسم والموضوع ثانيا مشعرا جمال الدين فهو اللقب. قوله: "ابن عبد الله بن مالك" قد يتوهم من صنيع الشارح أنه جر ابن مالك صفة لعبد الله وليس كذلك لأنه يلزم عليه تغيير إعراب المتن وحذف ألف ابن مع أنها واجبة الثبوت في المتن بل هو باق على رفعه فيكون بالنظر إلى كلام الشارح خبرا آخر لهو فاعرفه. فإن قلت في قول المصنف هو ابن مالك الباس لإيهامه أن مالكا أبوه. قلت هذا الإلباس لا يضر هنا لأنه ليس المقصود هنا بيان نسبه بل تمييزه عمن شاركه في اسمه وهو إنما يتم بهذه الكنية لغلبتها عليه دون غيرها قاله سم، وأيضا فيها تفاؤل بملكه رقاب العلوم. والأكثر حذف ألف مالك العلم وإن كان رسمها أيضا جيدا ومنه رسمها في: {وَنَادَوْا يَا مَالِك} [الزخرف: 77] في المصحف العثماني ويجب رسم ألف مالك الصفة كالذي آخر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الطائي نسبًا، الشافعي مذهبًا، الجياني منشأ، الأندلسي إقليمًا، الدمشقي دارا ووفاة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان عام اثنتين وسبعين وستمائة وهو ابن خمس وسبعين سنة "أحمد ربي الله خير مالك" أي أثني عليه الثناء الجميل اللائق بجلال عظمته وجزيل نعمته التي   البيت. وأما رسم مالك يوم الدين بدونها فيه فلأن الخط العثماني لا يقاس عليه مع أنه لا يرد على قراءته بدون ألف. قوله: "الطائي نسبا" سيأتي في المتن أن قولهم الطائي من شواذ النسب. قوله: "الجياني منشأ" نسبة إلى جيان بلد من بلاد الأندلس فكان الأولى تأخيره عن قوله الأندلسي إقليما ليكون للمتأخر فائدة، وجواب شيخنا السيد بأنه قدم الجياني اهتماما بالأخص غير نافع وقد يجاب بأن الفائدة حاصلة على تأخير قوله الأندلسي إقليما لمن لا يعلم كون جيان من بلاد الأندلس. والأندلس بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الدال وضم اللام كذا في شرح ميارة على متن العاصمية في فصل المزارعة. ثم قال وهي جزيرة متصلة بالبر الطويل والبر الطويل متصل بالقسطنطينية. وإنما قيل للأندلس جزيرة لأن البحر محيط بها من جهاتها إلا الجهة الشمالية. وحكي أن أول من عمرها بعد الطوفان أندلس بن يافث بن نوح عليه السلام فسميت باسمه. ا. هـ. من مختصر ابن خلكان. ونقل صاحب المعيار عن القاضي عياض أن الأندلس كانت للنصارى دمرهم الله تعالى ثم أخذها المسلمون فمنها ما أخذ عنوة ومنها ما أخذ صلحا ثم أسلم بعض أولئك النصارى وسكنوها مع المسلمين. ا. هـ. ما قاله ميارة ببعض حذف، أي ثم بعد مدة طويلة أخذها النصارى ثانيا. هذا ونقل بعض الطلبة أنه رأى نصا بضم الهمزة والدال أيضا. قوله: "ووفاة" كذا في بعض النسخ وفي بعضها ووفاته والأولى أحسن لإفادتها محل الوفاة دون الثانية. وقبره بسفح قاسيون ظاهر يزار والتمييزات المذكورة من تمييز النسبة غير المحول بناء على ما ذهب إليه كثير كابن هشام أن تحويل تمييز النسبة أغلبي لا المحول عن الفاعل كما زعم لعدم صحته في الجميع ولا من تمييز المفرد وإن قاله شيخنا لأن تمييز المفرد عين مميزه في المعنى والأمر هنا ليس كذلك. قوله: "عام اثنين إلخ" أي عام تمام اثنين إلخ. قوله: "أحمد" بفتح الميم مضارع حمد بكسرها قال المعرب وتبعه شيخنا والبعض: كان مقتضى الظاهر أن يقول يحمد بياء الغيبة لكنه التفت من الغيبة إلى التكلم. ا. هـ. وهو غير صحيح لأن مقتضى الظاهر أن يعبر المتكلم عن فعله أو قوله بما للمتكلم، فلفظ أحمد هو المقول للمصنف فهو الذي يحكى بقال، وشرط الالتفات أن يكون التعبير الثاني خلاف مقتضى الظاهر كما في المطوّل والمختصر وغيرهما فلا التفات في نحو قال إني عبد الله ونحو أنا زيد فاعرفه ولا تكن أسير التقليد. قوله: "ربي الله خير مالك" ذكر في عبارة حمده الفعل والذات والصفة إشارة إلى أنه تعالى يستحق الحمد لفعله وذاته وصفته وإنما قدم الأول لأنه إنعام فالحمد عليه كما هو مقتضى تعليق الحكم بالمشتق يقع واجبا لكن هذا لا يناسب تفسير الشارح الرب بالمالك وإنما يناسب تفسيره بالمربي وهو أولى هنا لذلك ولأن المالكية مذكورة في قوله خير مالك، إلا أن يقال تفسيره بالمالك باعتبار الأشهر وقطع النظر عن خصوص كلام المصنف. وخير أفعل تفضيل حذفت همزته تخفيفا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   هذا النظم من آثارها واختار صيغة المضارع المثبت لما فيها من الأشعار بالاستمرار التجددي وقصد بذلك الموافقة بين الحمد والمحمود عليه أي كما أن آلاءه تعالى لا تزال   لكثرة الاستعمال كشر ويظهر لي أنه من الخير مصدر خار يخير أي تلبس بالخير أو من الخير بكسر الخاء وهو الكرم والشرف. وبين مالك الأول ومالك الثاني الجناس التام اللفظي لا الخطي إن رسم الأول بغير ألف كما هو الأكثر في مالك العلم فإن رسم بها كما هو أيضا جيد كان لفظيا خطيا فإطلاق البعض كونه لفظيا خطيا محمول على الحالة الثانية. قوله: "الجميل" صفة كاشفة أو مخصصة على الخلاف بين الجمهور القائلين باختصاص الثناء بالخير والعز بن عبد السلام القائل بعمومه للخير والشر. قوله: "بجلال عظمته" لا يبعد أنه إشارة إلى قوله خير مالك وأن قوله وجزيل نعمته إشارة إلى قوله ربي، لكن يعكر على هذا تفسيره فيما بعد الرب بالمالك إلا أن يقال ما تقدم. والجلال العظمة ولا يتعين كون إضافته إلى ما بعده من إضافة الصفة إلى الموصوف كما يوهمه كلام البعض بل ولا يترجح لأنه وإن اقتضته مشاكلة قوله وجزيل نعمته يحوج إلى تأويل الجلال بالجليل. قوله: "وجزيل نعمته" من إضافة الصفة للموصوف قال البعض وأشار إليه شيخنا المراد بالنعمة الإنعام بقرينة قوله التي هذا النظم أثر من آثارها لأنه ليس أثرا للنعمة بمعنى المنعم به بل هو فرد من أفراده. ا. هـ. ولا يتعين ذلك بل يصح أن تكون النعمة بمعنى المنعم به ويترتب عليها ذلك الأثر كنعمة العلم والفهم والقدرة على التأليف فإنه يترتب عليها هذا الأثر. قوله: "واختار صيغة المضارع" أي على الجملة الاسمية والماضوية. قوله: "المثبت" لا حاجة إليه بل هو لبيان الواقع إذ المنفي لا يتأتى هنا. قوله: "لما فيها من الأشعار" أي بواسطة غلبة الاستعمال. وقوله بالاستمرار التجددي أي الذي هو المناسب هنا كما بينه بعد بقوله وقصد إلخ وقوله التجددي أي الحاصل من تجدد الحمد مرة بعد أخرى وهكذا أو الموصوف به تجدده كذلك أي وكل من الاسمية والماضوية لا يفيد الاستمرار التجددي أصلا، فإن الأولى لا تفيد التجدد وإن كانت تفيد الاستمرار بواسطة العدول كما سيذكره الشارح تبعا لبعضهم أو بواسطة غلبة الاستعمال كما هو الأرجح، والثانية لا تفيد الاستمرار أصلا بل ولا التجدد بمعنى الحصول مرة بعد أخرى وهكذا وإن أفادت التجدد بمعنى الوجود بعد العدم. وقد اختلف هل الاسمية أبلغ أو المضارعية والتحقيق أن كلا أبلغ من الأخرى من بعض الوجوه، فالاسمية أبلغ من حيث تعيين الصفة المحمود بها فيها وهي ثبوت الحمد له تعالى إذ معنى الحمد لله الحمد ثابت لله والمعين أوقع في النفس، والمضارعية أبلغ من حيث صدق المحمود به فيها بجميع الصفات وببعضها الأعم من تلك الصفة لأن معنى أحمدك أثني عليك بالجميل وصفاته تعالى جميلة كلها وبعضها، فالمضارعية أكثر فائدة. قوله: "والمحمود عليه" يعني التربية المفهومة من قول ربي على ما تقدم فاندفع ما اعترض به البعض هنا بناء على ظاهر تفسير الشارح الرب بالمالك من أن كلام الشارح ربما يقتضي أن المصنف أوقع حمده في مقابلة نعمه مع أنه لم يذكر ذلك، ولا حاجة إلى اعتذاره بأنه يمكن أن يقال مراده المحمود عليه الذي يغلب وقوع الحمد في مقابلته. قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تتجدد في حقنا دائمًا كذلك نحمده بمحامد لا تزال تتجدد. وأيضًا فهو رجوع إلى الأصل إذ أصل الحمد لله أحمد أو حمدت الله فحذف الفعل اكتفاء بدلالة مصدره عليه. ثم عدل إلى الرفع لقصد الدلالة على الدوام والثبوت. ثم أدخلت عليه أل لقصد الاستغراق. والرب   "دائما" توكيد لقوله: لا تزال تتجدد. وقوله: كذلك تأكيد لقوله: كما. قوله: "نحمده بمحامد لا تزال تتجدد" اعترضه البعض كشيخنا بأنه سيصرح بأن الجملة إنشائية معنى، وعليه لا يظهر ما ذكره لأن الحمد الإنشائي ينقطع بانقطاع التلفظ به فأين التجدد وإنما يظهر ذلك على جعلها خبرية لفظا ومعنى. ويمكن دفعه بأن إشعارها بالتجدد باعتبار حالها الأصلي الثابت لها قبل نقلها إلى الإنشاء، وكأنه لم يقطع النظر بعد النقل عما كان قبله بقرينة مناسبة المقام، ولعل هذا مراد شيخنا من الاعتذار بأن ذلك الإشعار على سبيل التوهم والتخيل فافهم. قوله: "وأيضا" هو مصدر آض إذا رجع، وهو إما مفعول مطلق حذف عامله أو بمعنى اسم الفاعل حال حذف عاملها وصاحبها، فالتقدير هنا على الأول أرجع إلى التعليل رجوعا، وعلى الثاني أقول راجعا إلى التعليل، وإنما تستعمل مع شيئين بينهما توافق ويغني كل منهما عن الآخر فلا يجوز جاء زيد أيضا، ولا جاء زيد ومضى عمرو أيضا، ولا اختصم زيد وعمرو أيضا، قاله شيخ الإسلام زكريا. قوله: "فهو" الفاء للتعليل كما علم مما مر آنفا والضمير للاختيار المفهوم من قوله واختار لكن هذا التعليل إنما ينهض لاختيار المضارعية على الاسمية دون اختيارها على الماضوية بخلاف الأول ولهذا قدمه على هذا. قوله: "إلى الأصل" أي أصل الجملة الاسمية. قوله: "فحذف الفعل" أي وجوبا إن ذكر بعده وشكرا، وشرط بعضهم في الوجوب ذكر لا كفرا بعدهما وجوازا إن ذكر وحده كما سيأتي في باب المفعول المطلق، وإطلاق شيخنا الوجوب في غير محله. قوله: "ثم عدل إلى الرفع إلخ" هذا يقتضي أنه لو لم يعدل إلى الرفع لانتفت الدلالة على الدوام وهو كذلك كما صرح به الرضي في باب المبتدأ لأن بقاء النصب صريح في ملاحظة الفعل وتقديره وهو يدل على التجدد فلا يستفاد الدوام إلا بالعدول إلى الرفع، ولا يكفي في إفادته وجوب حذف العامل مع النصب وإن صرح به الرضي في باب المصدر، وحمل شيخنا السيد ما صرح به في باب المبتدأ على حالة جواز حذف العامل ليوافق كلامه في باب المصدر، لكن الأوجه إبقاؤه على إطلاقه كما يقتضيه التعليل السابق. لا يقال الاسمية هنا خبرها ظرف متعلق إما بفعل وإما باسم فاعل بمعنى الحدوث بقرينة عمله في الظرف فيكون في حكم الفعل، والاسمية التي خبرها فعل تفيد التجدد والحدوث لا الدوام، لأنا نقول: لا نسلم كون اسم الفاعل هنا للحدوث حتى يكون في حكم الفعل ويكفي لعمله في الظرف رائحة الفعل فيعمل فيه بمعنى الثبوت أيضا، ولئن سلمناه فمحل إفادة الاسمية التي خبرها فعل للتجدد إذا لم يوجد داع إلى الدوام، والعدول المذكور داع إليه ذكره الغزي. قوله: "لقصد الدلالة" أي لمقصود هو الدلالة ولو حذف قصد لكان أخصر، هذا أريد بمدخول اللام العلة الغائية، فإن أريد السبب المتقدم على المسبب فقصد على حقيقته ومحتاج إليه. قوله: "والثبوت" إن أراد به ثبوت المسند للمسند إليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المالك. والله علم على الذات الواجب الوجود أي لذاته المستحق لجميع المحامد ولم يسم به سواه قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] أي هل تعلم أحد تسمى الله غير الله. وهو عربي عند الأكثر، وعند المحققين أنه اسم الله الأعظم: وقد ذكر في القرآن. في ألفين وثلاثمائة وستين موضعًا واختار الإمام النووي تبعًا لجماعة أنه الحي القيوم قال: ولهذا لم يذكر في القرآن إلا في ثلاثة مواضع: في البقرة وآل عمران وطه والله أعلم. تنبيه: أوقع الماضي موقع المستقبل تنزيلًا لمقولة منزلة ما حصل إما اكتفاء   وهو المتبادر فهو حاصل قبل العدول فكان الواجب حذفه، وإن أراد به الاستمرار فهو مستغنى عنه بقوله الدوام فكان الأخصر حذفه. قوله: "لقصد الاستغراق" أي مثلا وإلا فقد يكون لقصد العهد أو الجنس. قوله: "والله علم" أي بالوضع لا بالغلبة التقديرية على التحقيق كما بيناه في رسالتنا الكبرى في البسملة. وسيأتي في المعرف بأداة التعريف الفرق بين الغلبة التحقيقية والتقديرية. قوله: "الواجب الوجود" وصف الذات بالواجب الوجود والمستحق لجميع المحامد لإيضاح الذات المسمى لا لاعتبارها فيه وإلا كان المسمى مجموع الذات والصفة مع أنه الذات المعينة فقط على الصحيح. وتخصيص هذين الوصفين بالذكر لأن وجوب الوجود للذات مبني كل كمال. واستحقاق جميع المحامد هو وجه حصر الحمد في كونه لله. قوله: "أي لذاته" يحتمل وجهين: الأول أنه تفسير لواجب الوجود والمعنى حينئذٍ أي الموجود لذاته. والثاني: أنه تقييد للوجوب أي الواجب الوجود لذاته أي ليس وجوب وجوده لغيره كما في الحوادث المتعلق علم الله بوجودها. قوله: "وهو عربي عند الأكثر" وقيل معرب وأصله بالسريانية. وقيل بالعبرانية لاها فعرّب بحذف ألفه الأخيرة وإدخال أل. قوله: "وقد ذكر إلخ" مسوق لتعليل كونه الاسم الأعظم، ووجه الدلالة أن من أحب شيئا أكثر من ذكره. قوله: "قال ولهذا لم يذكر في القرآن إلا في ثلاثة مواضع" اعترض الناس عليه بأن القلة لو كانت علة الأعظمية لكان اسمه المهيمن أولى بها لأنه لم يذكر إلا مرة واحدة، وفيه بحث لأنه لم يجعل القلة الأعظمية بل جعل الأعظمية علة الذكر في المواضع الثلاثة فقط لأنه لم يقل لأنه لم يذكر إلخ بل قال ولهذا لم يذكر إلخ، ولئن سلم أنه قال لأنه لم يذكر في القرآن إلا في ثلاثة مواضع قلنا ليس قصده التعليل بالذكر في المواضع الثلاثة فقط من حيث القلة بل من حيث ورود خبر بأنه في الثلاثة وهو ما روي عنه صلى الله عليه وسلّم أنه قال: "هو في ثلاث سور البقرة وآل عمران وطه" لكنه لا يرد على الجمهور القائلين بأعظمية اسم الجلالة لأنه متكلم فيه فاعرفه. قوله: "والله أعلم" أي بالاسم الأعظم أو بكل شيء. قوله: "تنبيه" الذي حققه العصام في شرح الرسالة الوضعية أن أسماء الكتب من علم الشخص وأنها من الوضع الشخصي الخاص بموضوع له خاص. قال إذ الكتاب الذي هو عبارة عن الألفاظ والعبارات المخصوصة لا يتعدد إلا بتعدد التلفظ وذلك التعدد تدقيق فلسفي لا يعتبره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بالحصول الذهني أو نظرًا إلى ما قوي عنده من تحقق الحصول وقربه نحو: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] وجملة هو ابن مالك معترضة بين قال ومقوله لا محل لها من   أرباب العربية، ألا ترى أنهم يجعلون وضع الضرب والقتل وضعا شخصيا لا نوعيا لجعل الموضوع أمرا متعينا لا متعددا. ا. هـ. ومثل أسماء الكتب أسماء التراجم بكسر الجيم كالخواتم والعوالم وكثير من الناس يضمها لحنا، بل وأسماء العلوم لأن مسمياتها وهي الأحكام المعقولة المخصوصة إنما تتعدد بتعدد التعقل. وهذا التعدد تدقيق فلسفي لا يعتبره أيضا أرباب العربية، هذا هو المتجه عندي وإن اشتهر الفرق فتأمل. والتنبيه لغة الإيقاظ، واصطلاحا جملة دالة على بحث يفهم إجمالا من البحث السابق قيل أو على بحث بديهي، فالترجمة به لما لم يفهم مما سبق ولم يكن بديهيا غير جارية على الاصطلاح كما هنا بل غالب تنبيهات الشارح من هذا القبيل فالمراد بها مطلق الإيقاظ الذي هو المعنى اللغوي. قوله: "أوقع الماضي موقع المستقبل" أي على سبيل المجاز. وقرينة هذا المجاز الخطبة على المقصود بدليل وأستعين الله. وكون المراد وأستعين الله على إظهار ألفية أو الانتفاع بها فلا ينافي تأخر الخطبة عن المقصود خلاف المتبادر وقوله تنزيلا لمقوله أي الذي سيحصل في الخارج منزلة ما حصل أي في الخارج. وعلل هذا التنزيل بعلتين ذكر الأولى بقوله أما اكتفاء أي في التنزيل بالحصول الذهني يعني أنه لما حصل في الذهن قوله نزله منزلة ما حصل في الخارج، فالجامع على هذه العلة مطلق الحصول، وذكر الثانية بقوله أو نظرا أي في التنزيل إلى ما قوي عنده إلخ يعني أنه لما قوي ما عنده من تحقق حصول قوله خارجا في المستقبل وقربه نزله منزلة الحاصل في الخارج فالجامع على هذه العلة تحقق الحصول، لكن لو قال الشارح في العلتين أما لحصول مقوله ذهنا أو لتحقق حصوله خارجا عنده لكان أخصر وأظهر. والذي أراه أن التنزيل في كلام النحاة بمعنى التشبيه في كلام البيانيين وأنه لا خلاف بينهما إلا في العبارة بل كثيرا ما يعبر البيانيون بالتنزيل والنحاة بالتشبيه، وأن التنزيل عند النحاة في مثل ما نحن بصدده لا يكفي عن التجوّز في اللفظ بل يقتضيه وإلا لزم أنهم يقولون بحقيقة كل لفظ استعمل في غير ما وضع له لتنزيله منزلة ما وضع له كالأسد في الرجل الشجاع المنزل منزلة الحيوان المفترس وهو في غاية البعد أو باطل. وبهذا مع ما قررنا به أولا كلام الشارح يبطل اعتراض البعض على الشارح بما حاصله: أن قوله أوقع إلخ لا يصح لا على طريقة النحاة لأن التجوز في مثل ذلك على طريقتهم إنما هو في التنزيل، ولا تجوز في الماضي فهو واقع موقعه لا موقع المستقبل، ولا على طريقة البيانيين لأنه لا تنزيل في مثل ذلك على طريقتهم بل فيه تشبيه أحد المصدرين بالآخر واستعارة الفعل، إلا أن يراد بالتنزيل التشبيه على المسامحة، واعتراضه بأن قول الشارح أما اكتفاء إلخ لا يصح أيضا لأن الاكتفاء المذكور لا يحتاج معه إلى التنزيل والعكس. قوله: "من تحقق الحصول" أي وجوده وثبوته، وليس المراد بالتحقق التيقن لأنه لا يناسب قوله ما قوي عنده فتأمل. قوله: "معترضة" بكسر الراء وبفتحها على الحذف والإيصال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 مصليا على النبي المصطفى ... وآله المستكملين الشرفا   الإعراب. ولفظ رب نصب تقديرًا على المفعولية، والباء في موضع الجر بالإضافة. والله نصب بدل من رب أو بيان وخير نصب أيضًا بدل أو حال على حد دعوت الله سميعا، وموضع الجملة نصب مفعول لقال ولفظها خبر ومعناها الإنشاء أي أنشئ الحمد "مصليًا"   والأصل معترض بها، وفائدة الاعتراض بها تمييز المصنف عن غيره ممن شاركه في اسمه، وتجويز جماعة كونها استئنافا بيانيا لا يخرجها عن كونها معترضة، وجوز بعضهم كونها نعتا لمحمد بتقدير تنكيره وهو بعيد، وبعضهم كونها حالا لازمة من محمد فمحلها على هذا نصب وعلى ما قبله رفع ولا محل لها على كونها معترضة. واندفع بكون الجملة معترضة غير مقصود بها قطع النعت أو نعتا أو حالا ما أورد على المصنف من أنها من قطع النعت وهو إنما يجوز إذا تعين المنعوت بدونه، ولو سلم أنها من قطع النعت نقول يكفي في جوازه تعين المنعوت ادعاء كما هنا. ولا يرد عليه وجوب حذف عامل النعت المقطوع لأن محله إذا كان النعت لمدح أو ذم أو ترحم. فائدة: يصح اقتران الجملة المعترضة بالواو والفاء لا بثم. قوله: "ولفظ رب نصب" أي منصوب ويصح قراءته بلفظ الماضي المجهول وكذا يقال فيما بعد. قوله: "تقديرا إلخ" فقد اجتمع في أحمد ربي الإعراب اللفظي في أحمد والتقديري في ربي والمحلي في الياء. والفرق بين التقديري والمحلي أن المانع في الأول من ظهور الإعراب قائم بآخر الكلمة وفي الثاني قائم بالكلمة بتمامها قاله الشيخ خالد. قوله: "بدل من رب" وكون المبدل منه في نية الطرح أغلبي كما قاله جماعة، أو بحسب العمل لا المعنى كما قاله آخرون، أو معناه كما قاله الدماميني، أنه مستقل بنفسه لا متمم لمتبوعه كالنعت والبيان. وقوله أو بيان أي لرب لأنه أوضح منه ورجح ابن قاسم كونه بدلا من جهة أن البدل على نية تكرار العامل فيكون حامدا في عبارته مرتين، ورجح المعرب الثاني من جهة أن المبدل منه توطئة للبدل وفي حكم الطرح غالبا. قوله: "بدل أو حال" كونه بدلا لا يخلو عن ضعف لأن بدلية المشتق قليلة بل مقتضى كلام ابن هشام الذي نقله عنه المعرب امتناعها مع ما في جعله بدلا من ربي أن جعل الله بدلا من مخالفة الجمهور المانعين تعدد البدل وما في جعله بدلا من الله أن جعل الله بدلا من مخالفتهم في منعهم الإبدال من البدل. وكونه حالا أي لازمة فيه كما قاله ابن قاسم إيهام تقييد الحمد ببعض الصفات فالأولى جعله منصوبا بنحو أمدح. قوله: "وموضع الجملة" أي جملة أحمد ربي الله خير مالك أي والجمل بعدها معطوفة عليها كما سيصرح به الشارح عند قوله: وأستعين الله في ألفية. وعبارة السندوبي وجملة أحمد ربي إلى آخر الكتاب في محل نصب لأنها محكية بالقول. ا. هـ. ويظهر لي حمل الأول على حالة ملاحظة العاطف من الحكاية وجعل كل جملة مقولا مستقلا، وحمل الثاني على حالة ملاحظة العاطف من المحكي واعتبار كون المقول مجموع الجمل وجعل كل جملة جزء المقول فاحفظه فإنه نفيس. وإنما لم يقل مفعول به ليجري على القولين كونه مفعولا به وكونه مفعولا مطلقا وإن كان الراجح الأول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي طالبًا من الله صلاته أي رحمته "على النبي" بتشديد الياء من النبوة أي الرفعة لرفعة رتبته على غيره من الخلق أو بالهمز من النبأ وهو الخير لأنه مخبر عن الله تعالى فعلى الأول هو فعيل بمعنى مفعول، وعلى الثاني بمعنى فاعل. ومصليًا حال من فاعل أحمد منوية لاشتغال مورد الصلاة بالحمد أي ناويًا الصلاة على النبي "المصطفى" مفتعال من الصفوة   قوله: "ومعناها الإنشاء" قد عرفت في الكلام على قول الشارح أما بعد حمد الله أنه يصح كونها خبرية معنى ويكون حامدا ضمنا. قوله: "مصليا" هذه الحال وإن كانت مفردة إلا أنها في قوة جملة إنشائية أو خبرية على ما مر عند قول الشارح أما بعد حمد الله إلخ أفاده ابن قاسم. ويلزم على الوجه الأول وقوع الإنشاء حالا وهو ممنوع فتأمل. وإنما لم يأت بجملة صريحة إشارة إلى الفرق بين ما يتعلق به تعالى وما يتعلق به صلى الله عليه وسلّم. ولم يذكر السلام جريا على عدم كراهة إفراد أحدهما عن الآخر بل إذا صلى في مجلس وسلم في مجلس ولو بعد مدة طويلة كان آتيا بالمطلوب وهذا هو المختار عندي وفاقا للحافظ ابن حجر وغيره. والآية لا تدل على طلب قرنهما لأن الواو لا تقتضي ذلك. قوله: "أي رحمته" أي اللائقة بمقامه فالإضافة للعهد. قوله: "بتشديد الياء من النبوة إلخ" هكذا اشتهر تخصيص المشدد بكونه من النبوة والمهموز بكونه من النبأ بالتحريك وهو الخبر. وأنا أقول يصح أن يكون المهموز من النبء بسكون الباء وهو الارتفاع على ما ذكره صاحب القاموس أنه يقال نبأ بالهمز كمنع أي ارتفع بل هذا أولى لكون الساكن مصدرا بخلاف المتحرك، وأن يكون المشدد مسهلا من المهموز فيكون من النبأ بفتح الباء أو سكونها فاعرف ذلك. وعلى كون النبي من النبوة يكون واوي اللام وأصله نبيو اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. قوله: "أي الرفعة" فيه مسامحة إذ النبوة المكان المرتفع وكأنه على حذف مضاف وموصوف أي المكان ذي الرفعة. قوله: "لأنه مخبر عن الله" أي ولو بكونه نبأه فلا يرد أن النبي على الأصح لا يشترط فيه أن يؤمر بتبليغ الشرع الموحى إليه. قوله: "فعلى الأول إلخ" يصح على كل من الأول والثاني أن يكون بمعنى اسم الفاعل وأن يكون بمعنى اسم المفعول ففي كلامه احتباك. قوله: "حال" اعترض بأن الحالية تقتضي تقييد حمده بهذه الحالة ويدفع بأنها إنما تقتضي تقييد حمده في هذا المتن بهذه الحالة لا تقييد مطلق حمده ولا ضرر في ذلك بل هو الواقع. قوله: "منوية" هي المقدرة ودفع بهذا الاعتراض بأن الصلاة غير ممكنة في حال الحمد لاشتغال موردها حينئذٍ بالحمد. وفيه أنه حينئذٍ لا يكون مصليا بالفعل لأن نية الصلاة ليست صلاة فالأولى أنها مقارنة والمقارنة في كل شيء بحسبه، فمقارنة لفظ للفظ وقوعه عقبه، فاندفع الاعتراض، ودفعه بعضهم بحمل الحمد بناء على خبرية جملته على العرفي لكن يرد عليه أن المأمور بالابتداء به الحمد اللغوي لا العرفي لحدوثه بعذر منه صلى الله عليه وسلّم: وتوجيه كونها مقارنة بأن المعنى أحمده بلساني وأصلي بقلبي يرد عليه أن الصلاة بالقلب من غير تلفظ لا ثواب فيها. قوله: "من الصفوة" كذا بالتاء في نسخ وعليها فتذكير الضمير في قوله بعد وهو الخلوص من الكدر لما قاله ابن الحاجب من أن كل لفظتين وضعتا لشيء واحد وإحداهما مؤنثة والأخرى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وهو الخلوص من الكدر قلبت تاؤه طاء لمجاورة الصاد ولامه ألفًا لانفتاح ما قبلها ومعناه المختار "وآله" أي أقاربه من بني هاشم والمطلب "المستكملين" باتباعه "الشرفا" أي العلو. تنبيه: أصل آل أهل قلبت الهاء همزة كما قلبت الهمزة هاء في هراق الأصل أراق،   مذكرة وتوسطهما ضمير جاز تأنيث الضمير وتذكيره. وفي نسخ من الصفو بلا تاء وتذكير الضمير بعد ظاهر عليها. قوله: "وهو الخلوص من الكدر" هذا يفيد أن معنى المصطفى في الأصل الخالص من الكدر فقوله ومعناه المختار أي معناه المراد هنا. قوله: "لمجاورة الصاد" أي لأنها من حروف الأطباق الأربعة الصاد والضاد والطاء والظاء والتاء إذا وقعت بعد أحدها تقلب طاء. قوله: "أي أقاربه" الأنسب هنا تفسيره بأتباعه في العمل الصالح وحينئذٍ يدخل الصحب فلا يلزم على المصنف إهمالهم بل يكون فيه من أنواع البديع التورية لا خصوص الأقارب ولا عموم الأتباع ولو في أصل الإيمان لعدم ملاءمته لقوله: "المستكملين الشرفا" وما اشتهر من أن اللائق في مقام الدعاء تفسير الآل بعموم الاتباع لست أقول بإطلاقه بل المتجه عندي التفصيل: فإن كان في العبارة المدعو بها ما يستدعي تفسير الآل بأهل بيته حمل عليهم نحو اللهم صل على محمد وعلى آل محمد الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا، أو ما يستدعي تفسير الآل بالأتقياء حمل عليهم نحو اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد الذين ملأت قلوبهم بأنوارك وكشفت لهم حجب أسرارك، فإن خلت مما ذكر حمل على الأتباع نحو اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، ونحو اللهم صل على محمد وعلى آل محمد سكان جنتك وأهل دار كرامتك. قوله: "المستكملين" صفة لازمة لآل. والسين والتاء إما للطلب والمطلوب كمال زائد على الكمال الحاصل عندهم فالشرف بفتح الشين مفعول المستكملين، أو زائدتان للتأكيد والمعنى الكاملين فهو منصوب على التشبيه بالمفعول به أو على نزع الخافض بناء على القول بأنه قياسي. ومما يدل على أن ثم قولا بقياسيته قول الشمس الشوبري في حواشيه على التحرير الفقهي: الراجح أن النصب بنزع الخافض سماعي. ا. هـ. أو يقال إن المصنفين نزلوه منزلة القياسي لكثرة ما سمع منه فاعرف ذلك. أو للصيرورة كاستحجر الطين أي الذين صاروا كاملين فهو كذلك. واستشكل كلامه بأنهم لم يبلغوا شرف الأنبياء فكيف تصح دعوى استكمالهم الشرف. وقد يقال المراد الشرف اللائق بهم، أو الكلام محمول على المبالغة إشارة إلى أنهم لعلوّ مراتبهم في الشرف كأنهم استكملوه. ومنهم من ضبطه بضم الشين فيكون جمع شريف صفة ثانية ويكون معمول المستكملين محذوفا أي كل شرف أو كل مجد مثلا. وجعل البعض هذا أولى بما في الحذف من الإيذان بالعموم الأنسب بمقام المدح وفيه نظر لأن ذكر المعمول هنا مساو لحذفه لأن المعمول المذكور الشرف بأل الاستغراقية فهو مساو للمحذوف مع أن ذكر الشرفا بالضم بعد المستكملين ليس فيه كبير فائدة لانفهام الثاني من الأول. قوله: "قلبت الهاء همزة" أي توصلا لقلبها ألفا فلا يرد أن الهمزة أثقل من الهاء مع أنها قلبت همزة باقية في ماء وشاء، ولعل وجهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 واستعين الله في ألفية ... مقاصد النحو بها محوية   ثم قلبت الهمزة ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها كما في آدم وآمن هذا مذهب سيبويه. وقال الكسائي: أصله أول كجمل من آل يئول تحركت الواو وانفتح ما قبلها ألفًا وقد صغروه على أهيل وهو يشهد للأول، وعلى أويل وهو يشهد للثاني ولا يضاف إلا إلى ذي شرف بخلاف أهل فلا يقال آل الأسكاف ولا ينتقض بآل فرعون فإن له شرفًا باعتبار الدنيا. واختلف في جواز إضافته إلى المضمر فمنعه الكسائي والنحاس، وزعم أبو بكر الزبيدي أنه من لحن العوام والصحيح جوازه قال عبد المطلب: 1- وانصر على آل الصليـ ... ــب وعابديه اليوم آلك وفي الحديث: "اللهم صل على محمد وآله" "وأستعين الله في" نظم قصيدة   أنهم قصدوا بقلب هائهما همزة جبر ضعفهما الحاصل بقلب عينهما ألفا لأن الهمزة أقوى من الهاء فتأمل. ولم تقلب الهاء ابتداء ألفا لعدم مجيئه في موضع آخر حتى يقاس عليه. قوله: "كما قلبت الهمزة هاء" أشار بهذا التنظير إلى أن الحرفين تعارضا. قوله: "كما في آدم وآمن" مثل بمثالين من الاسم والفعل. قوله: "وقد صغروه على أهيل" ضعف باحتمال أنه تصغير أهل لا آل فلا يشهد للأول، وأجيب بأن حسن الظن بالنقلة يقتضي أنهم لا يقدمون على التعيين إلا بدليل. قوله: "وهو يشهد للأول" إن قيل الاستدلال بالتصغير فيه دور لأن المصغر فرع المكبر فهو متوقف عليه وقد توقف العلم بأصل ذلك الحرف في المكبر على وجود الأصل في المصغر أجيب بأن توقف المصغر على المكبر توقف وجود وهو غير توقف العلم بالأصالة فجهة التوقف مختلفة فلا دور. قوله: "ولا يضاف إلا إلى ذي شرف" لا ينافي هذا تصغير آل المقتضي الحقارة لأن شرف المضاف إليه لا ينافي تصغير المضاف. ولو سلم أن شرف المضاف إليه يقتضي شرف المضاف نقول الشرف باعتبار يجامع الحقارة باعتبار آخر. وقوله إلى ذي شرف أي معرف مذكر ناطق. وسمع آل المدينة وآل البيت وآل الصليب وآل فلانة. قوله: "الإسكاف" بكسر الهمزة اسم جنس لمن يصلح النعال، والأسكوف لغة فيه والجمع، أساكفة. قوله: "فمنعه الكسائي والنحاس" لعل شبهتهم أن الآل إنما يضاف إلى الأشراف والمفصح عنهم هو الظاهر لا الضمير، والحجب منع الحصر لأن الضمير كمرجعه في الدلالة. ا. هـ. نجاري على المحلي. قوله: "أنه" أي المذكور من الإضافة. قوله: "قال عبد المطلب" أي حين قدم أبرهة بالفيل إلى مكة لتخريب الكعبة. قوله: "وانصر على آل الصليب" يدل بظاهره على جواز إضافته إلى غير الناطق فينافي ما تقدم، ويجاب بأنه بمنزلة الناطق عند أهله أو شاذ ارتكب للمشاكلة. قوله: "وأستعين الله" أي أطلب منه الإعانة. والمراد بالإعانة هنا الأقدار وسماه إعانة لأنه بصورة الإعانة من حيث كون المقدور بين قدرتين: قدرة العبد كسبا بلا تأثير وقدرة الله تعالى إيجادا وتأثيرا إذ لا يصدق على   1- البيت من مجزوء الكامل، وهو لعبد المطلب بن هاشم في الأشباه والنظائر 2/ 207؛ والدرر 5/ 31، وبلا نسبة في الممتع في التصريف 1/ 349، وهمع الهوامع 2/ 50. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "ألفية" أي عدة أبياتها ألف أو ألفان بناء على أنها من كامل الرجز أو مشطوره، ومحل هذه الجملة أيضًا نصب عطفًا على جملة أحمد، والظاهر أن في بمعنى على لأن الاستعانة   هذه الإعانة الإعانة الحقيقية التي هي المشاركة في الفعل ليسهل أفاده الشيخ يحيى في حواشيه على المرادي. وأصل أستعين أستعون بكسر الواو نقلت كسرتها إلى ما قبلها فقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. وإنما لم يقدم اسم الجلالة على أستعين ليفيد الحصر مع صحة الوزن على تقديمه أيضا للاهتمام بالاستعانة في نحو هذا المقام كما قالوه في: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك} [العلق: 1] ، على بعض التقادير. قوله: "في نظم قصيدة" قدر نظم لأن الاستعانة إنما تكون على الفعل، وقصيدة لتجري عليه الصفة أعني ألفية لكن في تسميته هذه الألفية قصيدة ما ستعرفه. قوله: "ألف" نقل شيخنا السيد أن بعضهم أخبر بأنها تنقص عن الألف ستة أبيات فلينظر فإن جماعة ممن أثق بهم أخبروني بعد التحري في عدها بأنها ألف. قوله: "أو ألفان" لا يخفى بعده ولا يرد عليه أنه كان عليه حينئذٍ أن يقول ألفينية لأن علامة التثنية والجمع يجب حذفها عند النسبة. قوله: "بناء على أنها إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله: "من كامل الرجز" وزنه مستفعلن ست مرات. والشطر حذف النصف بأن يكون البيت على مستفعلن ثلاث مرات فعلى أنها من كامله يكون مثلا: قال محمد هو ابن مالك ... أحمد ربي الله خير مالك بيتا مصرعا أعني مجعولة عروضه موافقة لضربه، ويكون كل بيت شعرا مستقلا. وعلى أنها من مشطوره يكون مثلا قال محمد هو ابن مالك بيتا، وأحمد ربي الله خير مالك بيتا ويكون كل بيتين شعرا مزدوجا مستقلا فعلى كل لا يسمى مثل هذه الأرجوزة قصيدة لأنهم لا يلتزمون بناء قوافيها على حرف واحد ولا على حركة واحدة، فلو جعلنا مجموع الأبيات قصيدة للزم وجود الأكفاء والاجازة والأقواء والأصراف في القصيدة الواحدة وتلك عيوب يجب اجتنابها، وهم لا يعدون ذلك في هذه الأراجيز عيبا ولا نجد نكيرا لذلك من العلماء كذا في الدماميني على الخزرجية. ومنه يعلم ما في قول الشارح قصيدة. ويمكن أن يقال سماها قصيدة من حيث مشابهتها للقصيدة في تعلق بعضها ببعض وفي كونها من بحر واحد فتدبر. قوله: "والظاهر أن في بمعنى على" فتكون لفظة في استعارة تبعية لمعنى على كما في: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْل} [طه: 71] ومقابل الظاهر قوله أو أنه ضمن إلخ فهو معطوف على قوله والظاهر. وإنما كان الأول ظاهرا لأن الاستخارة قبل الفعل للمتردد والمصنف جازم لشروعه في الفعل ولأن ارتكاب التجوّز في الحرف أخف منه في الفعل لا على قوله إن في بمعنى على إذ ليس ثم غير هذين الوجهين حتى يكون مقابل الظاهر. لا يقال المتبادر من كلامه التضمين النحوي وهو أشراب كلمة معنى أخرى بحيث تؤدي المعنيين فيكون مقابل الظاهر التضمين البياني وهو تقدير حال تناسب الحرف لأنا نمنع كون التضمين النحوي ظاهرا عن البياني للخلاف في كون النحوي قياسيا وإن كان الأكثرون على أنه قياسي كما في ارتشاف أبي حيان دون البياني فاعرفه. قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وما تصرف منها إنما جاءت متعدية بعلى قال تعالى: {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: 4] ، {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُون} [يوسف: 18] أو أنه ضمن أستعين معنى أستخير ونحوه مما يتعدى بفي أي وأستخير الله في ألفية "مقاصد النحو" أي أغراضه وجل مهماته "بها" أي فيها "محوية" أي محوزة   قوله: "لأن الاستعانة" أي أصل هذه المادة فلا يرد أن أعانه في الآية من تصاريف الإعانة لا الاستعانة. قوله: "إنما جاءت" لم يثن الضمير مراعاة لمعنى ما وهو المتصرفات بعد مراعاة لفظها في تصرف، أو الضمير للاستعانة وخبر ما محذوف لعلمه من هذا. وقوله متعدية أي إلى المستعان عليه لا المستعان لتعديها إليه بنفسها كما هنا وبالباء كما في قوله تعالى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّه} [الأعراف: 128] . قوله: "قال تعالى إلخ" استشهاد على التعدية بعلى لا استدلال على المدعي من الحصر المذكور لأن الآية لا تدل عليه. قوله: "معنى أستخير ونحوه" أحسن منه معنى أرجو ونحوه لما عرفت من أن الاستخارة قبل الفعل للمتردد. قوله: "أي أغراضه" هذا تفسير بحسب اللغة. وقوله وجل مهماته عطف تفسير للمراد أشار به إلى أن مراده بالمقاصد المهمات التي عبر بها في آخر الكتاب وأن في كلامه حذف. مضاف ودفع بذلك التنافي بين ما هنا وقوله آخر الكتاب: نظما على جل المهمات اشتمل وقد أجيب بأجوبة غير هذا: منها أن ما هنا في حيز الطلب وما يأتي إخبار بما تيسر له. وأما الجواب بأن المقاصد اسم كتاب للمصنف فباطل من وجوه ذكرها السيوطي في آخر نكته، وصرفوا ما هنا إلى ما يأتي دون العكس لأن ما يأتي هو المطابق للواقع لأنه ترك من المقاصد باب القسم وباب التقاء الساكنين وغيرهما. قوله: "بها أي فيها" من ظرفية المدلول في الدال لأن الألفية اسم للألفاظ المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة والمقاصد تلك المعاني. ويصح أن تكون الباء سببية وصلة محوية محذوفة أي محوية لمتعاطيها بسببها. قوله: "محوية" اسم مفعول أصله محووية اجتمعت الواو الثانية والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وكسرت الواو الأولى التي قبل الياء المدغمة للمناسبة. قوله: "النحو في الاصطلاح إلخ" تعريف الفن أحد الأمور التي يتوقف الشروع فيه على بصيرة عليها. ومنها موضوعه وغايته وفائدته: فموضوع هذا الفن الكلمات العربية من حيث عروض الأحوال لها حال أفرادها كالإعلال والإدغام والحذف والإبدال أو حال تركيبها كحركات الإعراب والبناء. وغايته الاستعانة على فهم كلام الله ورسوله والاحتراز عن الخطأ في الكلام. وفائدته معرفة صواب الكلم من خطئه كذا في شرح الخطيب على المتن. وفي كلام البعض جعل الاحتراز عن الخطأ هو الفائدة وله أيضا وجه. وفي الاصطلاح إما مستقر متعلق بمقدر معرف صفة للنحو أو منكر حال منه على تجويز بعض النحاة مجيء الحال من المبتدأ، وإما لغو متعلق بمعنى النسبة التي اشتملت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيه: النحو في الاصطلاح هو العلم المستخرج بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب الموصلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي ائتلف منها. قاله صاحب المقرب فعلم   عليها الجملة. قوله: "العلم" أي القواعد المعلومة أي التي من شأنها أن تعلم لا ما علم بالفعل لأن النحو له حقيقة في نفسه سواء علم أو لم يعلم فهو مجاز على مجاز بحسب اللغة، والعلاقة في الأول التعلق بين المصدر وما اشتق منه، وفي الثاني الأول، وإن كان مجازا فقط بحسب العرف علاقته الأول لأن إطلاقه على القواعد المعلومة بالفعل حقيقة عرفية كإطلاقه على الملكة أي الكيفية الراسخة في النفس التي يقتدر بها على استحضار ما كانت علمته واستحصال ما لم تعلمه. وأما إطلاقه على الإدراك فحقيقة لغة وعرفا. وأما إطلاقه على فروع القواعد أي المسائل الجزئية المستخرجة منها بجعل القاعدة كبرى لصغرى سهلة الحصول هكذا زيد من قام زيد فاعل وكل فاعل مرفوع فزيد من قام زيد مرفوع فمجاز عند الحكماء. حقيقة عرفية عند علماء الشريعة والأدب كما نقله البعض عن سري الدين. والمجاز على المجاز جائز عند البيانيين والأصوليين إلا الآمدي كما في البحر المحيط في الأصول للزركشي فنقل شيخنا السيد المنع عن الأصوليين فيه نظر. والباء في قوله بالمقاييس للتصوير. وما ذكرناه من أن العلم هنا بمعنى القواعد والباء للتصوير هو اللائق هنا لا الإدراك ولا الملكة سواء جعلنا الباء للسببية متعلقة بالمستخرج إذ لا يستخرجان بالمقاييس المذكورة، أو جعلناها للتصوير إذ لا يتصوران بها ولا الفروع وإن قال به البعض لأنه يلزم عليه كما قاله شيخنا أن لا تسمى تلك القواعد نحوا وفيه ما فيه بل الظاهر أنها هي النحو فتأمل. وخرج بالمستخرج العلم المنصوص في الكتاب أو السنة. قوله: "بالمقاييس" بغير همز لأصالة الياء الأولى كما في معايش جمع مقياس وهو ما يقاس عليه الشيء ويوافق به من القواعد الكلية. قوله: "من استقراء كلام العرب" من إضافة الصفة إلى الموصوف أي من كلام العرب المستقرأ أي من أحوال أجزائه ففي العبارة حذف مضافين وإن أوّلت الكلام بالكلمات كان فيها حذف مضاف واحد وخرج بهذا القيد المستخرج من الكتاب والسنة والطب ونحوه. قوله: "الموصلة" صفة للمقاييس وتوصيلها لمن بعد الصدر الأول كما أن استنباطها من الصدر الأول. فاندفع ما يقال: استنباط المقاييس من أحوال أجزاء كلامهم يقتضي سبق معرفة تلك الأحوال على استنباط المقاييس وتوصيلها إلى معرفة تلك الأحوال يقتضي تأخرها عنه وفي هذا تناقض وهو ظاهر ودور لتوقف المعرفة على المقاييس المتوقفة على المعرفة مع أن هذا إنما يرد إذا جعل الضمير في قوله أجزائه راجعا إلى عين كلام العرب، أما إذا جعل راجعا إلى جنس كلامهم لأن أحكام ما تكلموا به عرفت بنطقهم فلا تناقض ولا دور أصلا لأن السابق معرفة غير المتأخر معرفته حينئذٍ. وحاصل الدفع الأول اختلاف المعرفة باختلاف العارف. وحاصل الثاني اختلافها باختلاف المعروف وخرج بهذا القيد علم المعاني والبيان ونحوهما. قوله: "أحكام أجزائه" المراد بالأحكام ما يشمل الأحكام التصريفية والأحكام النحوية. قوله: "التي ائتلف منها" صفة للأجزاء والضمير في ائتلف يرجع إلى الكلام فالصلة جرت على غير ما هي له، ولم يبرز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أن المراد هنا بالنحو ما يرادف قولنا علم العربية لا قسيم الصرف، وهو مصدر أريد به اسم المفعول أي المنحو كالخلق بمعنى المخلوق، وخصته غلبة الاستعمال بهذا العلم وإن كان علم منحوا أي مقصودًا كما خصت الفقه بعلم الأحكام الشرعية الفرعية وإن كان كل علم فقها أي مفقوها أي مفهومًا. وجاء في اللغة لمعان خمسة: القصد يقال نحوت نحوك أي قصدت قصدك، والمثل نحو مررت برجل نحوك أي مثلك، والجهة نحو توجهت نحو البيت أي جهة البيت، والمقدار نحو له عندي نحو ألف أي مقدار ألف، والقسم نحو هذا على أربعة أنحاء أي أقسام. وسبب تسمية هذا العلم بذلك ما روي أن عليًّا رضي الله   الضمير جريا على مذهب الكوفيين من جواز عدم إبرازه عند أمن اللبس. وقال البعض نقل الراعي في باب المبتدأ والخبر كما أفاده البهوتي أن البصريين فصلوا في وجوب إبراز الضمير بين ما إذا كان المتحمل للضمير وصفا أو فعلا فأوجبوه في الأول دون الثاني. ا. هـ. وهو مخالف لما في الهمع والتصريح من أن الفعل كالوصف في الخلاف المذكور. قوله: "فعلم" أي من تعريف النحو بما يشمل التصريف. قوله: "ما يرادف قولنا علم العربية" أي المراد به ما يشمل النحو والصرف فقط لتخصيص غلبة الاستعمال علم العربية بهما وإن أطلق على ما يشمل اثني عشر علما: اللغة والصرف والاشتقاق والنحو والمعاني والبيان والعروض والقافية وقرض الشعر والخط وإنشاء الخطب والرسائل والمحاضرات ومنه التواريخ، وجعلوا البديع ذيلا لا قسما برأسه. وإضافة علم إلى العربية من إضافة العام إلى الخاص. قوله: "لا قسيم الصرف" هذا اصطلاح القدماء واصطلاح المتأخرين تخصيصه بفن الإعراب والبناء وجعله قسيم الصرف، وعليه فيعرّف بأنه علم يبحث فيه عن أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء وموضوعة الكلم العربية من حيث ما يعرض لها من الإعراب والبناء. قوله: "وهو مصدر إلخ" قال البهوتي انظر هل يجوز استعمال اسم المصدر بمعنى اسم المفعول كما استعملوا المصدر كذلك أولا. قال البعض لا مانع من الجواز فكان عليه أن يقول هل وقع استعماله كذلك أولا. ا. هـ. وأقول وقع في قوله تعالى: {هَذَا عَطَاؤُنَا} [ص: 39] كما يفيده كلام البيضاوي. قوله: "وخصته غلبة الاستعمال بهذا العلم" أي صار علما بالغلبة عليه والباء داخلة على المقصور عليه. قوله: "وجاء في اللغة لمعان خمسة" زاد شيخ الإسلام سادسا وهو البعض كأكلت نحو السمكة. وذكر أن أظهر معانيه وأكثرها تداولا القصد ولهذا صدر به الشارح، قيل لما كان اللغوي متعددا أخره عن الاصطلاحي وإن كان الأنسب تقديم اللغوي. قوله: "وسبب تسمية هذا العلم بذلك" أي سبب إطلاقه عليه بالغلبة لا بالوضع فلا ينافي ما مر. قوله: "الديلي" ضبطه بعضهم بكسر الدال وسكون التحتية وبعضهم بضم الدال وفتح الهمزة. واسمه ظالم بن عمرو. قال في التصريح: وقد تظافرت الروايات على أن أول من وضع النحو أبو الأسود وأنه أخذه أولا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان أبو الأسود كوفي الدار بصري المنشأ ومات وقد أسن. واتفقوا على أن أول من وضع التصريف معاذ بن مسلم الهراء بفتح الهاء وتشديد الراء نسبة إلى بيع الثياب الهروية. قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 تقرب الأقصى بلفظ موجز ... وتبسط البذل بوعد منجز   تعالى عنه لما أشار على أبي الأسود الديلي أن يضعه وعلمه الاسم والفعل، والحرف وشيئًا من الإعراب قال: انح هذا النحو يا أبا الأسود "تقرب" هذه الألفية للأفهام "الأقصى" أي الأبعد. من المعاني "بلفظ موجز" الباء بمعنى مع أي تفعل ذلك مع وجازة اللفظ أي اختصاره "وتبسط" أي توسع "البذل" بالمعجمة أي العطاء وهو إشارة إلى ما تمنحه لقارئها   "وشيئا من الإعراب" أي حيث قال الأشياء ظاهر ومضمر وغيرهما وهو الذي يتفاوت في معرفته. قال السيرافي يعني اسم الإشارة. قوله: "انح هذا النحو يا أبا الأسود" روي أن مما ذكره أبو الأسود حكم إن وأن وكأن وليت ولعل ولم يذكر لكنّ فأمره الإمام كرم الله وجهه أن يزيدها فزادها. قوله: "تقرب إلخ" إسناد التقريب إليها مجاز عقلي من باب الإسناد إلى الآلة إذ الفاعل في الحقيقة الله تعالى وفي الظاهر المصنف. قوله: "أي الأبعد من المعاني" تفسير بحسب ظاهر اللفظ فلا ينافي أن المناسب جعل أفعل التفضيل هنا على غير بابه ليشمل بالمطابقة الأبعد والبعيد لأن البعد مقول بالتشكيك. وما قيل من أنه على ظاهره وتقريب البعد يفهم بالأولى ضعف بأنه لا يلزم ذلك لأنها قد تهتم بالأبعد لشدة خفائه ولا تقرب البعد. قوله: "الباء بمعنى مع" لم يجعلها سببية لأن المعهود سببا للتقريب البسط لا الإيجاز. قال سم: ويصح كونها للسببية ويكون فيه غاية المدح للمصنف حيث اتصف بالقدرة على توضيح المعاني بالألفاظ الوجيزة التي من شأنها تبعيدها. ولا إشكال في كون الإيجاز قد يكون سببا للإيضاح إذا بولغ في تهذيب الوجيز وتنقيحه وترتيبه. ا. هـ. وقد يقال السبب حينئذٍ هذه المبالغة لا الإيجاز. قوله: "مع وجازة اللفظ" دفع بتقدير المضاف اتحاد المصاحب والمصاحب وعليه ففي الكلام وضع الظاهر موضع المضمر والأصل مع وجازتها. وأنت خبير بأن الاتحاد إنما يأتي إذا جعلت المعية حالا من فاعل تقرب ويصح أن تكون من الأقصى فيكون أحد المتصاحبين المعنى والآخر اللفظ فلا اتحاد. وما نقله البعض هنا عن ابن قاسم فيه ما فيه فانظره. قوله: "أي اختصاره" ظاهره ترادف الإيجاز والاختصار وهو ما عليه جماعة. وفي المصباح أن الإيجاز تقليل اللفظ مع عذوبته وسهولة معناه فهو أخص من الاختصار على هذا. قوله: "وتبسط البذل" فسره الشارح بتوسع العطاء أي الإعطاء يعني تكثر إفادة المعاني، ففيه استعارة إما تمثيلية بأن يكون شبه حال الألفية في كثرة إفادتها المعاني عند سماعها بحال الكريم في كثرة إعطائه ووفائه بما يعد، أو مصرحة حيث شبه إفادة المعاني ببذل المال والوعد ترشيح، أو مكنية حيث شبه الألفية بكريم والبذل تخييل والوعد ترشيح. قوله: "وهو" أي البذل إشارة إلى ما تمنحه أي إلى منح ما تمنحه ليوافق تفسيره أولا البذل بالعطاء أي الإعطاء. ويحتمل أن هذا إشارة إلى أن المراد بالبذل المبذول وأن تفسيره أولا بالعطاء بالنظر إلى معناه الأصلي. وقوله من كثرة الفوائد أي من الفوائد الكثيرة. قوله: "بوعد منجز" الباء بمعنى مع أو سببية. فإن قلت الإعطاء بدون وعد أبلغ في المدح فلم قيد بالوعد؟ قلت كأنه لأنه الواقع لأن فهم المعاني منها لا يحصل بمجرد وجودها بل لا بد من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وتقتضي رضا بغير سخط ... فائقة ألفية ابن معطي   من كثرة الفوائد "بوعد منجز" أي موفى سريعًا. تنبيه: قال الجوهري أوعد عند الإطلاق يكون للشر ووعد للخير وأنشد: 2- وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي "وتقتضي" أي تطلب لما اشتملت عليه من المحاسن "رضا" محضًا "بغير سخط" يشوبه "فائقة ألفية" الإمام العلامة أبي الحسن يحيى "ابن معطي" بن عبد النور الزواوي الحنفي الملقب زين الدين سكن دمشق طويلًا واشتغل عليه خلق كثير ثم سافر إلى مصر   الالتفات إليها وتصور ألفاظها فكأنها لتهيئها للفهم منها وتوقف الفهم منها على ذلك تعد وعدا ناجزا قاله سم. ويمكن أن يوجه أيضا التقييد بالوعد بأنه للإشارة إلى عزة معانيها لأن الموعود به تتشوف إليه النفس فتكون أحرص عليه ويكون هو أعز عليها. وبين موجز ومنجز الجناس اللاحق وإن قال بعضهم مضارع. قوله: "ووعد للخير" أي عند الإطلاق وحذفه اكتفاء. قوله: "لمخلف إيعادي إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله: "وتقتضي أي تطلب" أي من الله أو من قارئها أو منهما معا وإسناد الطلب إليها مجاز عقلي من الإسناد إلى السبب إذ الطالب في الحقيقة ناظمها. ويحتمل أنه شبه الألفية بعاقل تشبيها مضمرا في النفس على طريق الاستعارة المكنية وإثبات الطلب تخييل ويحتمل أنه أراد بالاقتضاء الاستلزام على التجوّز. قوله: "رضا" كسر رائه سماعي كضم سين سخط وسكون خائه والقياس الفتح لأن فعلهما كفرح يفرح. قوله: "محضا" كأنه زاد تمهيدا لقوله بغير سخط يشوبه ليقع قوله بغير سخط يشوبه تفسيرا لمحضا. وقوله يشوبه أي يتخلل بين أزمنة الرضا. أو المراد يشوبه من وجه آخر غير وجه الرضا. وعلى كل علم أن قوله وتقتضي رضا لا يغني عن قوله بغير سخط، والسخط تغير النفس وانقباضها لأخذ الثأر والمراد منه في حقه تعالى لازمه وهو إرادة الانتقام أو الانتقام. قوله: "فائقة" أي عالية في الشرف. وإنما فاقتها لأنها من بحر واحد وألفية ابن معطي من بحرين فإن بعضها من السريع وبعضها من الرجز، ولأنها أكثر أحكاما من ألفية ابن معطي. قوله: "الحنفي" في حواشي الشيخ يحيى أنه كان مالكيا وتفقه بالجزائر على أبي موسى الجزولي ثم تشفع كابن مالك وأبي حيان حين الخروج من الغرب. ا. هـ. ويمكن أنه تحنف بعد أن تشفع. قوله: "الملقب زين الدين" يؤخذ منه مع قوله في الديباجة وقد لقبته بمنهج السالك أن لقب يتعدى بنفسه وبالحرف كسمى. قوله: "بالجامع العتيق" هو جامع عمرو بن العاص. قوله: "لأقراء الأدب" اسم لما يشمل الاثني عشر علما المتقدمة فهو مرادف للعربية بالمعنى الشامل لها. قوله: "في سلخ" أي آخر. قوله: "على شفير الخندق" أي حرف الخليج الذي حفره عمرو بن العاص بأمر عمر بن الخطاب ليحمل على السفن فيه الغلال إلى   2- البيت من الطويل، وهو لعامر بن الطفيل في ديوانه ص58؛ ولسان العرب 3/ 464 "وعد"؛ وبلا نسبة في إنباه الرواة 4/ 139. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وهو بسبق حائز تفضيلًا ... مستوجب ثنائي الجميلا   وتصدر بالجامع العتيق لإقراء الأدب إلى أن توفي بالقاهرة في سلخ ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وستمائة ودفن من الغد على شفير الخندق وبقرب تربة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه ومولده سنة أربع وستين وخمسمائة. تنبيه: يجوز في فائقة النصب على الحال من فاعل تقتضي والرفع خبر المبتدأ محذوف والجر نعتًا لألفية على حد {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَك} في النعت بالمفرد بعد النعت بالجملة والغالب العكس وأوجبه بعضهم "وهو" أي ابن معطي "بسبق" الباء للسببية أي بسبب سبقه إياي "حائز تفضيلًا" على "مستوجب" على "ثنائي الجميلا" عليه لما يستحقه السلف من ثناء الخلف وثنائي مصدر مضاف إليه فاعله وهو الياء والجميل إما   الحرمين متصلا بالبحر المالح. قوله: "ومولده سنة" بنصب سنة على الظرفية متعلق بمحذوف إن جعل مولده مصدرا ميميا بمعنى الولادة أي كائن في سنة، وبرفعها على الخبرية إن جعل اسم زمان. قوله: "في فائقة" أي في هذا اللفظ بقطع النظر عن حركة آخره. قوله: "من فاعل تقتضي" لم يجعلها من ألفية لأنها وإن كانت نكرة تخصصت بالوصف، أو من فاعل تقرب أو تبسط لقرب تقتضي. قوله: "خبر المبتدأ محذوف" أي والجملة حالية أو استئنافية. قوله: "بالجملة" أي جنسها فيصدق بما زاد على واحدة كما في المتن. قوله: "وأوجبه بعضهم" قال شيخنا والبعض لعل القائل بالوجوب يجعل مبارك في الآية خبر مبتدأ محذوف. ا. هـ. وأحسن منه أن يجعل خبرا ثانيا لهذا. قوله: "بسبق" أي علي في الزمن والإفادة وفي تقديم المعمول إشارة إلى أنه لم يحز الفضل على المصنف إلا بالسبق، والجار والمجرور مرتبط بكل من حائز ومستوجب. قوله: "حائز تفضيلا" أي فضلا من إطلاق المسبب على السبب، أو هو مصدر المبني للمفعول فاندفع الاعتراض بأن التفضيل صفة المفضل بالكسر فكيف يحوزه المفضل بالفتح ويمكن أن يدفع أيضا بأن الحيازة في كل شيء بحسبه. فمعنى حيازة التفضيل تعلقه به على وجه التعظيم له. ولا يرد على الجواب الثاني والثالث أنه لا يلزم من التفضيل له على غيره أنه فاضل في نفسه عليه حتى يكون فيه كبير مدح لأن المراد التفضيل ممن يعتد بتفضيله. قوله: "مستوجب" قال سم أي مستحق. ا. هـ. ويحتمل أن السين والتاء للتصيير أي مصير الثناء واجبا عليّ. قوله: "لما يستحقه السلف إلخ" لا يظهر أنه علة لمستوجب لتقديم المصنف علته وهي السبق بناء على ارتباط قوله بسبق بقوله مستوجب أيضا بل هو علة للعلية أي لكون السبق علة للاستيجاب، لكن لا يظهر التعليل إلا بتقدير مضاف أي لوجوب ما يستحقه إلخ ولو قال لاستحقاق السلف ثناء الخلف لكان أخصر وأوضح. قوله: "مصدر" فيه مسامحة لأن الثناء اسم مصدر اثني، ويمكن أن يجعل كلامه على حذف المضاف. قوله: "أما صفة" أي لازمة أو مخصصة على القولين في الثناء وعلى الوصفية يحتاج إلى تعليق قول الشارح عليه بمحذوف حال من ثنائي أو بدل منه أي كائنا عليه أو ثنائي عليه، لا بثنائي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 والله يقضي بهبات وافره ... لي وله في درجات الآخرة   صفة للمصدر أو معمول له "والله يقضي" أي يحكم "بهبات" جمع هبة وهي العطية أي عطيات "وافره" أي تامة "لي وله في درجات الآخرة" الدرجات. قال في الصحاح: هي الطبقات من المراتب. وقال أبو عبيدة: الدرج إلى أعلى والدرك إلى أسفل والمراد مراتب السعادة في الدار الآخرة، ولفظ الجملة خبر ومعناها الطلب. تنبيه: وصف هبات وهو جمع بوافرة وهو مفرد لتأوله بجماعة وإن كان الأفصح وافرات لأن هبات جمع قلة والأفصح في جمع القلة مما لا يعقل وفي جمع العاقل مطلقًا   المذكور لاستلزامه وصف المصدر قبل تمام عمله. وقوله أو معمول له أي على أنه صفة لمفعول مطلق لهذا المصدر حذف وأنيب هو منابة أي ثنائي الثناء الجميل، أو على أنه مفعول به على التوسع بإسقاط الخافض والأول أولى لأن الثاني سماعي على الأصح. قوله: "أي يحكم" فسر القضاء في كلامه بالحكم كما هو معناه لغة لأن معناه عند الأشاعرة -كما في شرح المواقف- إرادته الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه فيما لا يزال وهذا لا يناسب الطلب. قال: وتقديره إيجاده إياها فيما لا يزال على ما هي عليه فيه. ا. هـ. والمراد بالحكم هنا التعلق التنجيزي فيرجع إلى التقدير. قوله: "أي عطيات" أتى به مع علمه من تفسير المفرد تحسينا لسبك قول المصنف وافرة مع ما قبله من كلام الشارح. قوله: "أي تامة" أفاد به أن وافرة اسم فاعل وفر اللازم لا المتعدي يقال وفر الشيء يفر وفورا أي تم، ووفرته أفره وفرا أي أتممته. قوله: "لي وله في درجات الآخرة" الظرفان صفتان لهبات. وخص درجات الآخرة بالذكر لأنها المهم عند العاقل ولأن الدعاء لابن معطي بعد موته إنما يتأتى بها دون درجات الدنيا. قوله: "قال في الصحاح" بفتح الصاد ومعناه في الأصل الصحيح ومنهم من يكسر على صيغة الجمع. قوله: "هي الطبقات من المراتب" أي علية أو دنية فهو أعم من تفسير أبي عبيدة قاله البعض ورد جعل بعضهم كلام أبي عبيدة بيانا لما في الصحاح. قوله: "والمراد" أي من درجات الآخرة وأشار بهذا إلى أن الإضافة في درجات الآخرة على معنى في. قوله: "وصف هبات إلخ" هذا تصحيح لوصف الجمع بالمفرد وحاصله أن المطابقة في الافراد حاصلة تأويلا فقوله لتأوله بجماعة أي وهو مفرد لفظا وإن كان جمعا معنى. قوله: "وإن كان الأفصح وافرات" أي محافظة على المطابقة اللفظية والواو للحال وإن زائدة ويظهر لي في الجواب عن المصنف أن الإفراد لاستعماله جمع القلة في الكثرة كما هو المناسب لمقام الدعاء فهو جمع كثرة بحسب المعنى فاحفظه فإنه نفيس. قوله: "لأن هبات جمع قلة" أي بناء على مذهب سيبويه أن جمعي السلامة للقلة. والذي ارتضاه السعد التفتازاني والدماميني أن جمعي القلة والكثرة مبدؤهما ثلاثة ومنتهى جمع القلة ولا منتهى لجمع الكثرة فهما مشتركان في المبدأ مختلفان في المنتهى. والمشهور أن مبدأ جمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 الكلام وما يتألف منه : كلامنا لفظ مفيد كاستقم ... واسم وفعل ثم حرف الكلم   المطابقة نحو الأجذاع انكسرت ومنكسرات والهندات والهنود انطلقن ومنطلقات والأفصح في جمع الكثرة مما لا يعقل الإفراد نحو الجذوع وانكسرت ومنكسرة. خاتمة: بدأ بنفسه لحديث "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دعا بدأ بنفسه" رواه أبو داود وقال تعالى حكاية عن نوح -عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نوح: 28] وعن موسى -عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي} [الأعراف: 151] وكان الأحسن أن يقول رحمه الله تعالى: والله يقضي بالرضا والرحمة ... دلي وله ولجميع الأمة لما عرفت ولأن التعميم مطلوب. الكلام وما يتألف منه: الأصل هذا باب شرح الكلام وشرح ما يتألف الكلام منه اختصر للوضوح   الكثرة أحد عشر فيكونان مختلفين في المبدأ والمنتهى. وعلى هذا يأتي استشكال القرافي الذي ذكر أن له عشرين سنة يطلب جوابه ولم يجده وهو أنه إذا قال عليّ دراهم كان إقرارا بثلاثة إجماعا وحقه بأحد عشر لأنه أقل جمع الكثرة فلم قدم المجاز مع إمكان الحقيقة. وإن أجيب عنه ببناء الأقارير على العرف وأما على ما مر عن السعد والدماميني فلا مجاز ولا استشكال. قوله: "والأفصح في جمع القلة إلخ" وجه ذلك بأن العاقل منظور إليه فاعتنى بشأنه في المطابقة بخلاف غيره. وطوبق جمع القلة لغير العاقل جبرا للقلة. وقال شيخنا السيد المطابقة في جمعي العاقل وجمع القلة لغيره على الأصل وعدمها في جمع الكثرة لغيره لأنه لانحطاطه عن العاقل في حكم المفرد بالنسبة إليه ولم يراع ذلك في جمع القلة جبرا للقلة. قوله: "مما لا يعقل" أي من جموع ما لا يعقل. قوله: "وقال تعالى إلخ" لما لم يصلح دليلا لكونه شرع من قبلنا وهو ليس شرعا لنا وإن ورد في شرعنا ما يقرره على ما رجحوه في مذهبنا معاشر الشافعية لم يقل وقوله عطفا على مجرور اللام وإنما ذكره استئناسا. قوله: "لما عرفت" أي من ارتكاب خلاف الأفصح. قوله: "ولأن التعميم مطلوب" قال سم: لعله عمم في اللفظ دون الكتابة ويبقى الكلام في أنه هل يطلب التعميم في الكتابة أيضا وهو محل نظر. ا. هـ. أقول الأقرب الطلب قياسا على طلب كتابة البسملة والحمدلة والصلاة والسلام فتأمل. الكلام وما يتألف منه: أي والكلم بمعنى الكلمات العربية الثلاث التي يتألف الكلام منها، وذكر الضمير مراعاة للفظ ما. قوله: "أي هذا باب شرح الكلام إلخ" لا شك أنه شرح الكلام وما يتألف منه على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "كلامنا" أيها النحاة "لفظ" أي صوت مشتمل على بعض الحروف تحقيقًا كزيد أو تقديرًا   هذا الترتيب. فشرح الكلام أولا بتعريفه والكلم الثلاث التي يتألف منها ثانيا بذكر أسمائها وعلاماتها فالشرح مختلف، وللإشارة إلى اختلافه صرح بلفظ شرح في المعطوف، على أنه كما قال الروداني تقدير معنى لا تقدير إعراب وإن أوهمه صنيع الشارح لأن شرح المضاف إلى المعطوف عليه متسلط على المعطوف أيضا عند عدم إعادته معه لأن الصحيح أن العامل في المعطوف نفس العامل في المعطوف عليه لا مقدر مثله. وما أشار إليه من أن الكلام خبر مبتدأ محذوف تبعا للموضح غير متعين إذ يجوز كما قاله الشنواني رفعه على أنه مبتدأ حذف خبره أي باب الكلام هذا الآتي، ونصبه على المفعولية بنحو خذ مقدرا لا هاك كما وقع لبعضهم لأن اسم الفعل لا يعمل محذوفا. وفي قوله ما يتألف الكلام إشارة إلى رجوع ضمير يتألف في كلام المصنف إلى الكلام فالصلة جارية على غير ما هي له ولم يبرز الضمير لأمن اللبس المجوز لعدم إبرازه عند الكوفيين. قوله: "اختصر للوضوح" قيل على التدريج لأنه أنسب بالقواعد وأوقع في النفس بأن حذف المبتدأ ثم خبره وأنيب عنه شرح، ثم شرح وأنيب عنه الكلام. وقيل دفعة واحدة لأنه أقل عملا وعليه يحتمل أن الكلام نائب عن الخبر فقط أو عن الخبر والمضاف إليه. ورفع لشرف الرفع على الجر لكونه حكم العمد فلم ينب الكلام عن المبتدأ على هذا القول أصلا كما لم ينب عنه على القول الأول، بل هو على القولين حال في مكانه مقدر ملحوظ فيه لم يقم مقامه شيء، فتجويز البعض نيابته عن المبتدأ على الثاني غير صحيح فتدبر. قوله: "كلامنا" أتى بالإضافة وإن كان مستغنى عنها بكون التأليف في النحو كما صرح به في الخطبة للإشارة إلى اختلاف الاصطلاحات في الكلام وللإشارة إلى أن المصنف من مجتهدي النحاة. قوله: "أيها النحاة" أي مبنية على الضم في محل نصب بأخص محذوفا. وها للتنبيه والنحاة نعت له على اللفظ. ويظهر لي أن معنى قولهم على اللفظ أنه ضم اتباعا لضم لفظ أي، فتكون ضمته ضمة اتباع ويكون منصوبا بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الاتباع ضرورة أن النعت موافق للمنعوت في إعرابه ثم رأيته عن بعض المحققين كما سيأتي في محله فاحفظه. قوله: "صوت" يستعمل مصدرا لصات يصوت فيكون معناه فعل الشخص الصائت، ويستعمل بمعنى الكيفية المسموعة الحاصلة من المصدر وهو المراد هنا أفاده يس. وهو قائم بالهواء وقيل الصوت الهواء المتكيف بالكيفية المسموعة. قوله: "مشتمل على بعض الحروف" من اشتمال الكل على جزئه المادي كما قاله البعض لكن هذا ظاهر إذا كان اللفظ حرفين أو أكثر فإن كان حرفا واحدا كواو العطف كان من اشتمال المطلق على المقيد أو العام على الخاص. قوله: "تحقيقا إلخ" تعميم في الصوت فالمنصوب مفعول مطلق لمحذوف أي محقق تحقيقا أو مقدر تقديرا أو بمعنى محققا أو مقدرا حال، ويعلم من هذا التعميم أن لماهية اللفظ أفرادا محققة وأفرادا مقدرة. قال الروداني: واستعماله في كل منهما حقيقة لا أنه في المقدرة مجاز. ا. هـ. ومن التحقيقي المحذوف على ما قاله البعض لتيسر النطق به صراحة وكذا كلامه تعالى اللفظي قبل التلفظ به لا كلامه القديم على قول جمهور أهل السنة أنه ليس بحرف ولا صوت، فالتحقيقي إما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كالضمير المستتر "مفيد" فائدة يحسن السكوت عليها "كاستقم" فإنه لفظ مفيد بالوضع فخرج باللفظ غيره من الدوال مما ينطلق عليه في اللغة كلام كالخط والرمز والإشارة. وبالمفيد المفرد نحو زيد، والمركب الإضافي نحو غلام زيد، والمركب الإسنادي المعلوم   منطوق به بالفعل أو بالقوة والتقديري ما لا يمكن النطق به فإن الضمير المستتر كما قاله الرضي لم يوضع له لفظ حتى ينطق به، قال وإنما عبروا عنه باستعارة لفظ المنفصل للتدريب. ا. هـ. فقول المعربين في استقم مثلا ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت أي تصوير معناه تقريبا وتدريبا أنت، قال البعض وحينئذٍ فليس في اضرب مثلا إلا الفاعل المعقول واكتفى بفهمه من غير لفظ عن اعتبار لفظ له فأقيم مقام اللفظ في جعله جزء الكلام الملفوظ كجعله جزء الكلام المعقول فهو ليس من مقولة معينة بل تارة يكون واجبا وتارة يكون ممكنا جسما أو عرضا وتارة يكون من مقولة الصوت إذا رجع الضمير إلى الصوت فقول بعضهم كالجامي ليس من مقولة الحرف أو الصوت أصلا ليس على ما ينبغي أفاده العصام. قوله: "المستتر" أي وجوبا وجوازا فيما يظهر. قوله: "مفيد" أي بالوضع فاندفع ما أورد على التعريف من أنه يشمل اللفظ المفيد عقلا أو طبعا مع أن المراد بالفائدة في تفسير المفيد بالدال على فائدة يحسن السكوت عليها النسبة بين الشيئين. قوله: "فائدة يحسن السكوت عليها" مراد الشارح بهذا بيان ما يطلق عليه المفيد عندهم لا ذكر قيد زائد على ما في المتن لئلا يلزم كون تعريف المتن غير مانع. واندفع بهذا البيان ما يقال المفيد يصدق بما يفهم معنى ما ولو مفردا والمراد بالسكوت سكوت المتكلم على الأصح، ويحسنه عدّ السامع إياه حسنا بأن لا يحتاج في استفادة المعنى من اللفظ إلى شيء آخر لكون اللفظ الصادر من المتكلم مشتملا على المحكوم عليه وبه. قوله: "بالوضع" الظاهر أن مراده الوضع العربي الذي هو قيد لا بد منه في تعريف الكلام كما قال الشاطبي وغيره ليخرج كلام الأعاجم، لا القصد لأنه أدرجه في الإفادة كما سيأتي لكن لا وجه لزيادته في بيان انطباق التعريف على المثال مع تركه في نفس التعريف، فكان الأولى زيادته في التعريف أيضا. ثم حمل الوضع على الوضع العربي مبني على أن المركبات موضوعة وهو الصحيح لكن وضعها نوعي فهو المراد في التعريف. قوله: "فخرج باللفظ" لما كان بينه وبين فصله العموم الوجهي أخرج به. قوله: "من الدوال مما ينطلق إلخ" من الأولى بيانية والثانية تبعيضية إذ ينطلق الكلام لغة على غير الدوال من كل قول. وقيد بقوله من الدوال مع أن اللفظ يخرج غيره دل أولا لأن الدال هو المتوهم دخوله لتسميته كلاما في اللغة وغيره يفهم خروجه بالأولى. قوله: "والرمز" بابه قتل وضرب وهو الإشارة بالحاجب أو الهدب أو الشفة كما في المصباح فعطف الإشارة عليه عطف عام على خاص. قوله: "وبالمفيد إلخ" أخرج به أمورا خمسة وكان الأحسن ذكر المركب التقييدي والمزجي مع الإضافي. قوله: "والمركب الإسنادي المعلوم إلخ" جرى في إخراج الضروري وغير المقصود من الكلام على ما ذهب إليه المصنف ونقله في شرح التسهيل عن سيبويه والراجح خلافه كما ذهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مدلوله ضرورة كالنار حارة، وغير المستقبل كجملة الشرط نحو إن قام زيد وغير المقصود كالصادر من الساهي والنائم. تنبيهات: الأول اللفظ مصدر أريد به اسم المفعول أي الملفوظ به كالخلق بمعنى المخلوق. الثاني يجوز في قوله كاستقم أن يكون تمثيلًا وهو الظاهر فإنه اقتصر في شرح الكافية على ذلك في حد الكلام، ولم يذكر التركيب والقصد نظرًا إلى أن الإفادة تستلزمها لكنه في التسهيل صرح بهما، وزاد فقال: الكلام ما تضمن من الكلم إسنادًا   إليه أبو حيان وغيره، فالمراد بإفادة اللفظ فائدة يحسن السكوت عليها دلالته على النسبة الإيجابية أو السلبية سواء كانت حاصلة عند السامع قبل أو لا. قصد بها المتكلم الكلام أولا، طابق كلامه الواقع أولا. قوله: "مصدر أريد به اسم المفعول" أي لا اسم جنس جمعي للفظة حتى يرد اعتراض أبي حيان على التعريف باستلزام أن الكلام المركب من كلمتين لا يسمى كلاما لأن مدلول اسم الجنس الجمعي ثلاثة فأكثر فيكون التعريف غير جامع، ولا باق على مصدريته حتى يرد أن اللفظ فعل اللافظ والكلام النحوي ليس فعلا. فإن قلت: إطلاق المصدر بمعنى اسم المفعول مجاز فلا يحسن دخوله في التعريف. قلت: صار حقيقة عرفية في الملفوظ به لهجر النحاة معناه الأصلي وهو الرمي مطلقا أو من الفم فلا إشكال، فتنظيره بالخلق بمعنى المخلوق الباقي على مجازيته لعدم هجر معناه الأصلي وهو الإيجاد إنما هو في مجرد إطلاق المصدر وإرادة المفعول. قوله: "أن يكون تمثيلا" أي فقط وعليه فهو خبر لمبتدأ محذوف أي وذلك كاستقم. قوله: "وهو الظاهر" أي من العبارة فلا ينافي أن كونه تمثيلا وتتميما كما أشار إليه ابن الناظم أولى. وإنما كان ظاهرها التمثيل فقط لما ذكره الشارح بقوله فإنه اقتصر إلخ ولأن عادتهم بعد إيراد تعريف الشيء إيراد الكاف ومجرورها لمجرد تمثيله. قوله: "فإنه اقتصر في شرح الكافية" أي والألفية خلاصة الكافية. قوله: "نظرا إلى أن الإفادة تستلزمهما" أي لأن المفيد الفائدة المذكورة لا يكون إلا مركبا، ولا ترد الأعداد المسرودة لما تقدم من أن المراد بالإفادة الدلالة على النسبة الإيجابية أو السلبية، وحسن سكوت المتكلم يستدعي أن يكون قاصدا لما تكلم به. قوله: "لكنه إلخ" استدراك على قوله فإنه اقتصر إلخ لدفع توهم اقتصاره على ذلك في بقية كتبه أيضا. قوله: "صرح بهما" أما تصريحه بالقصد فظاهر. وأما بالتركيب فلذكره بدله الإسناد المفسر كما في شروح التلخيص بضم كلمة أو ما يجري مجراها إلى أخرى أو ما يجري مجراها بحيث يفيد أن مفهوم إحداهما ثابت لمدلول الأخرى. وفسره شيخنا السيد تبعا لغيره بالنسبة بين الركنين، وأرجع بعضهم الأول إلى الثاني بتأويل الضم بالانضمام وتقدير مضاف أي لازم انضمام كلمة إلخ. ثم قال شيخنا السيد فهو شرط في تحقق الكلام لا جزء منه وإن اقتضاه كلام ابن الحاجب وصرّح به الرضي، فقد استشكله السيد الصفوي قاله الشيخ يس والشيخ يحيى. ووقع الخلاف أيضا في الفضلات هل هي خارجة عن الكلام أو داخلة فيه قولان والثالث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مفيدًا مقصودًا لذاته فزاد لذاته، قال: لإخراج نحو قام أبوه من قولك جاءني الذي قام أبوه وهذا الصنيع أولى لأن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام، ومن ثم جعل الشارح قوله كاستقم تتميمًا للحد. الثالث إنما بدأ بتعريف الكلام لأنه المقصود بالذات إذ به يقع التفاهم. الرابع   التفصيل فإن كان حذفها مضرا كنساؤه طوالق إلا هند أو عبيده أحرار إلا زيدا دخلت وإلا فلا. ا. هـ. وسيأتي لهذا مزيد بحث. قوله: "من الكلم" أي الكلمات ومن تبعيضية وهي ومجرورها في موضع الحال من ضمير تضمن. قوله: "فزاد لذاته" زاد بعضهم أيضا من ناطق واحد احترازا من أن يصطلح اثنان على أن يذكر أحدهما فعلا والآخر فاعلا، وأجيب بأن هذه الزيادة غير محتاج إليها لأن كل واحد من المصطلحين متكلم بكلام، وإنما اقتصر على التصريح بإحدى الكلمتين اتكالا على تصريح الآخر بالأخرى فهو مقدر ما صرح به الآخر فلا يتصوّر تركيب كلام واحد من متكلمين، ولو سلم قلنا اتحاد الناطق غير شرط في الكلام كما أن اتحاد الكاتب غير شرط في الخط أفاده في الهمع. قوله: "لإخراج نحو قام أبوه إلخ" أي لأن الإسناد فيه ليس مقصودا لذاته بل لتعيين الموصول وتوضيحه، ومثلها الجملة الخبرية والحالية والنعتية. قوله: "وهذا الصنيع" أي التصريح بأجزاء الماهية في الحد. قوله: "لأن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام" اعترضه شيخنا السيد بأن الظاهر أن التركيب والقصد داخلان في مفهوم المفيد فدلالته عليهما تضمنية لا التزامية والتضمنية غير مهجورة في الحدود، ولو سلم أنها التزامية فهجرها إنما هو في الحدود الحقيقية التي بالذاتيات ومثل هذا التعريف ليس منها بل من الرسوم، وقد ينازع فيها استظهره وفي قوله ومثل هذا التعريف ليس منها بل من الرسوم. فإن الأمور الاصطلاحية حصلت مفهوماتها ووضعت أسماؤها بإزائها فليس لها معان غير تلك المفهومات فتكون هي حدودا أفاده شيخ الإسلام في آخر مبحث الكليات من شرحه على إيساغوجي نقلا عن الإمام الرازي. قوله: "ومن ثم" أي هنا من أجل أن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام. قوله: "جعل الشارح" يعني ابن الناظم. قوله: "تتميما للحد" أي من جهة الدلالة به على أمرين يتضمنهما معتبرين في الكلام أي وتمثيلا أيضا من جهة الإيضاح به للمحدود لا تمثيلا فقط. ولا ينافي ذلك قول ابن الناظم في آخر كلامه فاكتفى عن تتميم الحد بالتمثيل لأن معناه أنه اكتفى عن تتميم الحد بذكر التركيب والقصد صريحا بتتميمه بالمثال المتضمن لهما، على أنه لو منع مانع كونه تتميما وتمثيلا وسلمنا له ذلك والتزمنا أن المراد تتميما للحد فقط فالمنافاة مدفوعة بحمل ما قاله في آخر كلامه على المعنى الذي ذكرناه، وأن تسمية قول المصنف كاستقم تمثيلا باعتبار الصورة، وعلى كلا الوجهين سقط ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من الاعتراض على الشارح بأن في آخر كلام ابن الناظم ما ينافي أما سنده إليه الشارح وإن كان في أول كلامه ما يشير إليه فتأمل. والظاهر على كونه تتميما للحد أن كاستقم ظرف مستقر نعت ثان للفظ. وقول البعض هو في موضع النعت لمفيد يلزم عليه نعت النعت مع وجود المنعوت من غير مقتض مع أنه يضاربه قوله بعد ذلك ومجرور الكاف محذوف والتقدير كفائدة استقم. ا. هـ. لأن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إنما قال: وما يتألف ولم يقل: وما يتركب لأن التأليف كما قيل أخص إذ هو تركيب وزيادة وهي وقوع الألفة بين الجزأين "واسم وفعل ثم حرف الكلم" الكلم مبتدأ خبره ما قبله أي الكلم الذي يتألف منه الكلام ينقسم باعتبار واحده إلى ثلاثة أنواع: نوع الاسم ونوع الفعل   مقتضى هذا أن يكون كاستقم نعتا لمفعول مفيد محذوفا والأصل مفيد فائدة كفائدة استقم، فعليك بالإنصاف. قوله: "إنما بدأ بتعريف الكلام إلخ" جواب عما يقال: لم بدأ بالكلام مع أن الكلمات أجزاؤه والجزء مقدم على الكل ولهذا بدأ كثير بالكلمة؟ وحاصل الجواب أنه راعى كون المقصود بالذات الكلام وأما قصد الكلمات فلتألف الكلام منها والنكات لا تتزاحم. قوله: "لأن التأليف إلخ" وقال السيد هما بمعنى واحد، قال البعض وهو معنى التأليف. قوله: "وقوع الألفة" المراد بها الارتباط بين الكلمتين بإسناد إحداهما إلى الأخرى، أو إضافتها إليها، أو وصفها بها أو نحو ذلك بخلاف ضمها إليها بدون شيء من ذلك كقام جاء قاله الشنواني أي وليس المراد بها تناسبهما في المعنى لئلا يخرج نحو الحجر مأكول. قوله: "الكلم مبتدأ إلخ" أي كما يقتضيه قولهم إذا اجتمعت معرفة ونكرة فالمعرفة مبتدأ والنكرة خبر. واعلم أن الشارح حمل الكلم في عبارة المصنف على الكلم الاصطلاحي كما يدل عليه كلامه الآتي في غير موضع، وإن كان قوله أي الكلم الذي يتألف منه الكلام يفيد حمل الكلم على الكلمات لأن تألف الكلام منها لا من الكلم الاصطلاحي فيؤول بتقدير مضاف ليوافق أكثر كلامه أي من أجزائه التي يتركب من مجموعها. وقوله باعتبار واحده يحتمل أن المراد بواحده مفرده الاصطلاحي الذي هو لفظ كلمة، ويحتمل أن المراد به جزؤه أي جزء ما صدق عليه. وعلى كل ففي عبارته حذف مضاف تقديره على الأول مفهوم واحده لأن الانقسام إلى الثلاثة باعتبار مفهوم كلمة لا لفظها. وتقديره على الثاني جنس واحده لأن جزأه فرد من أفراد الكلمة والانقسام إلى الثلاثة باعتبار جنس الكلمة لا فرد من أفرادها ثم انقسام الشيء باعتبار شيء آخر انقسام للآخر في الحقيقة فاتضح قول الشارح لأن المقسم وهو الكلمة إلخ. وبتقريرنا كلام الشارح على هذا الوجه تلتئم عبارته ويسقط ما اعترض به البعض وغيره عليه هنا وفيما يأتي فتنبه. ولك أن تستغني عن اعتبار واحد الكلم في تقسيم المصنف الكلم إلى اسم وفعل وحرف بأن تجعل الكلم في كلامه بمعنى الكلمات وترجع الضمير في واحده إلى الكلم بمعنى الكلم الاصطلاحي على الاستخدام لا بمعنى الكلمات وإلا لأنث الضمير فيصير المعنى واسم وفعل ثم حرف الكلمات أي الأنواع الثلاثة للكلمة، وواحد الكلم الاصطلاحي كلمة وهذا أولى لعدم إحواجه إلى تقدير. قوله: "لأن المقسم" أي محل القسمة يعني المقسوم. قوله: "صادق إلخ" قال يس: الصدق في المفردات بمعنى الحمل، ويستعمل بعلى فيقال: صدق الحيوان على الإنسان. وفي القضايا بمعنى التحقق ويستعمل بفي فيقال: هذه القضية صادقة في نفس الأمر أي متحققة. قوله: "من تقسيم الكل إلخ" تقسيم الكل إلى أجزائه تحليل المركب إلى أجزائه التي تركب منها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ونوع الحرف فهو من تقسيم الكلي إلى جزئياته لأن المقسم وهو الكلمة صادق على كل واحد من الأقسام الثلاثة أعني الاسم والفعل والحرف. وليس الكلم منقسمًا إليها باعتبار ذاته لأنه لا جائز حينئذ أن يكون من تقسيم الكل إلى أجزائه؛ لأن الكلم ليس مخصوصًا بهذه الثلاثة بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدًا، ولا من تقسيم الكلي إلى جزئياته وهو ظاهر. ودليل انحصار الكلمة في الثلاثة أن الكلمة إما أن تصلح ركنًا للإسناد أولًا الثاني الحرف، والأول إما أن يقبل الإسناد بطرفيه أو بطرف الأول الاسم والثاني   وتقسيم الكلي إلى جزئياته ضم قيود إلى أمر مشترك لتحصل أمور متعددة بعدد القيود. والتقسيم حقيقي إن تباينت أقسامه وإلا فاعتباري. قوله: "ليس مخصوصا بهذه الثلاثة" أي باجتماعها أي لتحققه بدون اجتماعها نحو زيد أبوه قائم والباء داخلة على المقصور عليه. وقوله بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدا أي وإن كانت من نوع الاسم فقط، أو من نوع الاسم والفعل فقط، أو الحرف فقط، والظاهر من كلامهم أن المراد بالكلمات في الكلم الكلمات الاصطلاحية فلا يطلق الكلم على ما تركب من ثلاثة ألفاظ مهملة كلها أو بعضها. ويمكن اختيار كونه من تقسيم الكل إلى أجزائه ويكون جعل الثلاثة أجزاءه باعتبار تركبه من مجموعها وإن لم يتركب من جميعها. قوله: "وهو ظاهر" للزوم تحقق الكلم في الاسم الواحد والفعل الواحد والحرف الواحد مع أنه باطل. قوله: "ودليل انحصار إلخ" أخذ الانحصار من تقديم الخبر في قوله واسم إلخ وإنما يتم هذا الدليل بمعونة الاستقراء وإلا فيمكن أن يقال: لا نسلم أن ما لا يصلح ركنا للإسناد هو الحرف فقط، وما يقبله بطرفيه هو الاسم فقط، وما يقبله بطرف هو الفعل فقط. قوله: "أن الكلمة" أظهر مع تقدم المرجع لئلا يتوهم عود الضمير إلى الثلاثة. قوله: "إما أن تصلح إلخ" إما حرف تفصيل وأن تصلح في تأويل مصدر خبر أن على تقدير مضاف أي ذات صلوح، أو تأويل المصدر باسم الفاعل أي صالحة لأن الكلمة ليست الصلوح. وهذا أحسن من تقدير مضاف قبل اسم إن أي حال الكلمة لأنه المناسب للمقام، إذ الكلام في تقسيم نفس الكلمة لا في تقسيم حالها، ولأنه في وقت الحاجة لا قبلها، ولأن التقدير قبل اسم أن يحتاج معه في صحة قوله الثاني الحرف إلى تقدير أي ذات الثاني الحرف أو الثاني حال الحرف ولأن الحصر لا يصح عليه لأن حال الكلمة لا ينحصر في الصلوح وعدمه. وفرق السيد بين صريح المصدر وأن والفعل حيث قال: من رجع إلى المعنى يعرف أن الأول لا يرتبط بالذات من غير تقدير أو تأويل بخلاف الثاني. قال شيخنا السيد: ويؤيده صحة عسى زيد أن يقوم دون عسى زيد قياما. وسيأتي لهذا مزيد بيان في آخر الموصول. قوله: "أو بطرف" ليس المراد الطرف الدائر الصادق بأن تكون الكلمة مسندة وبأن تكون مسندا إليها بل الطرف المعين وهو أن تكون الكلمة مسندة بقرينة قوله والثاني الفعل. قوله: "الأول الاسم" أورد عليه أن من الأسماء ما لا يقبله أصلا كالظروف التي لا تتصرف، وما لا يقع إلا مسندا كأسماء الأفعال، وما لا يقع إلا مسندا إليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الفعل. والنحويون مجمعون على هذا إلا من لا يعتد بخلافه. وقد أرشد بتعريفه إلى كيفية تألف الكلام من الكلم بأنه ضم كلمة إلى كلمة فأكثر على وجه تحصل معه الفائدة المذكورة لا مطلق الضم. وأقل ما يكون منه ذلك اسما نحو ذا زيد وهيهات نجد، أو فعل واسم نحو استقم وقام زيد بشهادة الاستقراء، ولا نقض بالنداء فإنه من الثاني.   كالضمائر المتصلة. وأجيب بأن الكلام باعتبار الغالب أفاده في الأشباه. قوله: "على هذا" أي انحصار الكلمة في الثلاثة. قوله: "إلا من لا يعتد بخلافه" هو أبو جعفر بن صابر فإنه زاد اسم الفعل مطلقا وسماه خالفة والحق أنه من أفراد الاسم. قوله: "إلى كيفية تألف" الإضافة للبيان أي كيفية وحالة هي تألف. وقوله بأنه في موضع الحال من التألف والباء للتصوير، والمراد بالضم الانضمام من إطلاق اسم الملزوم على اللازم. ووجه الإرشاد أنه ذكر في التعريف الإفادة المستلزمة للتركيب. فعلم أن التأليف يكون بالضم والإفادة. وقوله على وجه حال من الضم والمراد بهذا الوجه الحكم بإحدى الكلمتين على الأخرى وقوله الفائدة المذكورة أي التي يحسن السكوت عليها. قوله: "وأقل ما يكون منه ذلك" أي التألف. وظاهر أن الكلام يتركب من أكثر من اسمين أو اسم وفعل وهو ما اعتمده ابن هشام وفصله في شرح القطر مع الإشارة إلى ما دل عليه قول ابن الحاجب لأنه لا يتأتى إلا من اسمين أو اسم وفعل. ويوافقه قول الرضي وكان على المصنف يعني ابن الحاجب أن يقول كلمتين أو أكثر. ا. هـ. لكن قال السيد: قيل الإسناد نسبة فلا يقوم إلا بشيئين مسند ومسند إليه لا بأكثر. وهما إما كلمتان أو ما في حكمهما في قبول إسناده أو الإسناد إليه فلذلك اقتصر على كلمتين. ا. هـ. وقال في محل آخر: إن الكلام إنما يتحقق بالإسناد الذي يتحقق بالمسند إليه والمسند فقط، وهما إما كلمتان أو ما يجري مجراهما وما عداهما من الكلمات التي ذكرت في الكلام خارجة عن حقيقة الكلام عارضة لها. ا. هـ. نقله اسم. قوله: "اسمان" أي حقيقة كما مثل به أو حكما كزيد قائم فإن الضمير المستتر في الوصف كالعدم لأنه لا يبرز في تثنية ولا في جمع فلا يقال: زيد قائم ثلاثة أسماء لا اسمان فقط. قوله: "نحو ذا زيد" اعترض بأن الأولى نحو ذا أحمد لأن التنوين حرف معنى. ورد بمنع أنه حرف معنى لا سيما على مذهب من زاد في تعريف الكلمة قيد الاستقلال لإخراج مثل ألف المفاعلة وياء التصغير وياء النسب وحروف المضارعة وتاء التأنيث كالمصنف في تسهيله. والمراد بالمستقل ما يسوغ النطق به وحده بنفسه أو بمرادفه فلا ترد الضمائر المتصلة. قوله: "أو فعل واسم" قدم الفعل على الاسم لأن المؤلف من فعل واسم يلزم فيه تقديم الفعل فقدمه في الذكر. ا. هـ. يس. قوله: "وقام زيد" إنما مثل بالماضي وفاعله الظاهر لأن الماضي على تقدير أن فيه ضميرا لا يسمى كلاما على الأصح لأن شرط حصول الفائدة مع الفعل والضمير المنوي أن يكون الضمير واجب الاستتار أفاده في التصريح. وناقشه يس بأنه لا شك في أن قام في جواب هل قام زيد ونحوه كلام فكيف يشترط وجوب الاستتار ويمكن حمله على غير الواقع جواب سؤال. قوله: "ولا نقض بالنداء" أي الجملة الندائية فإنه أي عند الجمهور من الثاني أي المركب من فعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيه: ثم في قوله ثم حرف بمعنى الواو إذ لا معنى للتراخي بين الأقسام. ويكفي في الأشعار بانحطاط درجة الحرف عن قسيمية ترتيب الناظم لها في الذكر على حسب ترتيبها في الشرف ووقوعه طرفًا. واعلم أن الكلم اسم جنس على المختار. وقيل: جمع   واسم لأن يا نائية عن أدعو وهو فعل واسم وأما المنادى فهو فضلة زائدة على حقيقة الكلام لا منها حتى يقال إن يا زيد مركب من فعل واسمين لا من الثاني. فإن قلت قد أسلفت أن ظاهر قوله وأقل ما يكون إلخ أن الكلام يتركب من أكثر من اسمين أو اسم وفعل ومقتضاه عد المنادى من أجزاء حقيقة الكلام فيكون منافيا لقوله هنا فإنه من الثاني، قلت: لعله يشترط في الأكثر الذي يتألف منه الكلام أن تتوقف عليه الإفادة نحو زيد أبوه قائم وإن قام زيد قمت فلا يلزم عد المنادى من الأجزاء حتى ينافي ما سلف لعدم توقف إفادة أدعو على ذكر المدعو، ثم لا يلزم من نيابة لفظ عن لفظ أن يعطى جميع أحكامه حتى يرد أن النداء إنشاء وأدعو إخبار، على أنه لا مانع من أن يقال إنما نابت يا عن أدعو بعد نقله إلى الإنشاء فتأمل. وأورد أيضا ألا ماء لأنه كلام مركب من حرف واسم لأن ألا التي للتمني لا خبر لها لا ظاهرا ولا مقدرا، ويمكن دفعه بما قيل في يا زيد. قوله: "ثم في قوله ثم حرف بمعنى الواو" قال الدماميني في قول المغني الباب الثاني من الكتاب في تفسير الجملة وذكر أقسامها وأحكامها ما نصه: الباب مبتدأ والثاني صفة له وفي تفسير الجملة خبر، ومن الكتاب إما حال من الضمير المستكن في الخبر ولا يضر هنا تقديم الحال على عاملها المعنوي لأنها ظرف. وقد صرح ابن برهان بجوازه لتوسعهم في الظروف وإما حال من المبتدأ على حد ما أجاز سيبويه في قول الشاعر: لمية موحشا طلل إذ صاحب الحال عنده هو النكرة وهو عنده مرفوع بالابتداء وليس فاعلا للظرف كما يقول الأخفش والكوفيون والناصب للحال الاستقرار الذي تعلق به الظرف فكذا أما نحن فيه، وغاية ما يلزم كون العامل في الحال غير العامل في صاحبها وهذا ليس بمحذور عنده، وأما صفة للمبتدأ بأن يقدر متعلقه معرفة أي الباب الثاني الكائن من الكتاب على القول بجواز حذف الموصول مع بعض صلته. وقد اعتمد هذه الطريقة كثير من الأعاجم المتأخرين. ا. هـ. وما ذكره في قول المعنى من الكتاب يأتي مثله في قول الشارح في قوله ثم حرف. قوله: "إذ لا معنى للتراخي بين الأقسام" فيه أن هذا من حيث الانقسام لا من حيث ذواتها فإن بين الأقسام التراخي الرتبي من حيث ذواتها فتكون ثم للتراخي الرتبي بينها من حيث ذواتها. وقوله: يكفي في الأشعار إلخ فيه أن ثم أدل على ذلك لأن المتأخر ذكرا قد يكون أشرف كما في آية: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّة} [الحشر: 20] فالأولى إبقاء ثم على حالها وجعلها للتراخي الرتبي بين الأقسام من حيث ذواتها لا من حيث الانقسام. قوله: "أن الكلم اسم جنس على المختار" أي لدلالته وضعا على الماهية من حيث هي. وللبهوتي اعتراض بتنافي كلام الشارح نقله البعض وأقره، وقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقيل: اسم جمع، وعلى الأول فالمختار أنه اسم جنس جمعي لأنه لا يقال إلا على ثلاث كلمات فأكثر سواء اتحد نوعها أو لم يتحد أفادت أم لم تفد. وقيل: لا يقال إلا على ما فوق العشرة. وقيل: إفرادي أي يقال على الكثير والقليل كماء وتراب. وعلى الثاني فقيل: جمع كثرة وقيل: جمع قلة، ويجري هذا الخلاف في كل ما يفرق بينه وبين واحده بالتاء. وعلى المختار يجوز في ضميره التأنيث ملاحظة للجمعية والتذكير على الأصل وهو الأكثر   عرفت سقوطه مما قررناه سابقا عند قوله الكلم مبتدأ فلا تغفل. قوله: "وقيل جمع" رد بأن الغالب تذكيره والغالب على الجمع تأنيثه. وقوله: وقيل اسم جمع رد بأن له واحدا من لفظه والغالب على اسم الجمع خلافه. وقوله: فالمختار أنه اسم جنس جمعي الجمعي صفة لاسم لا لجنس على الصواب قاله يس. واعلم أن الجمع ما دل على آحاده دلالة تكرار الواحد بالعطف. واسم الجمع ما دل على آحاده دلالة الكل على أجزائه والغالب أن لا واحد له من لفظه كقوم ورهط وطائفة وجماعة وقد يكون كركب وصحب. واسم الجنس الإفرادي ما دل على الماهية لا بقيد قلة أو كثرة كماء وتراب والجمعي ما دل على أكثر من اثنين وفرق بينه وبين واحده بالتاء غالبا كتمر وكلم. قال اللقاني: اسم الجنس موضوع للماهية من حيث هي ولا يخفى أن ذلك مناف لكونه جميعا وجوابه ما في الرضي في باب الجمع من أنه وضع للماهية واستعمل في الجمع فهو اسم جنس وضعا جمعي استعمالا. قال الروداني لكن يلزم كونه مجازا دائما والظاهر أنه غير مجاز. وقد يقال أنه مستعمل في الجنس في ضمن أفراد كذا قيل. وفيه أنه لا يدفع التجوز لما قال المحققون من أن استعمال رجل في زيد إن كان من حيث الرجولية مع قطع النظر عن خصوص التشخص فحقيقة، وإن كان بملاحظة خصوصه فمجاز فالأولى التزام لزوم المجاز ولا ثلم فيه. ا. هـ. وأقول الأولى أن يقال إنه غلب استعماله في ثلاثة أفراد فأكثر حتى صار حقيقة عرفية في ذلك فاندفع التجوز من أصله. ولا يبعد حمل كلام الرضي على ما قلنا بأن يكون معنى قوله واستعمل في الجمع وغلب استعماله في الجمع بحيث صار حقيقة عرفية فيه فاحفظه. ثم أقول بقي أن تقسيم اسم الجنس إلى إفرادي وجمعي غير حاصر إذ منه ما ليس جمعيا ولا إفراديا كأسد ثم رأيت بعض المحققين زاده سماه أحاديا. قوله: "وقيل لا يقال" أي الكلم لأنه المحدث عنه لا مطلق اسم الجنس الجمعي. قوله: "أي يقال على الكثير والقليل" هذا بناء على أنه ما دل على الماهية من حيث هي وأما على أنه ما دل عليها بقيد الوحدة الشائعة فلا يستقيم إطلاقه على الكثير إلا من أل مثلا ولذا تدخل عليه مجردا عن الوحدة على هذا، قاله يس. قوله: "ويجوز في ضميره" أي الكلم لا مطلق اسم الجنس الجمعي لأن المحدث عنه الكلم ولأن من اسم الجنس الجمعي ما يجب تذكير ضميره كغنم وما يجب تأنيث ضميره كبط وما يجوز في ضميره الأمران كبقر وكلم وكذا اسم الجمع منه واجب التذكير كقوم ورهط وواجب التأنيث كإبل وخيل وجائز الأمرين كركب كذا قال أرباب الحواشي وفي غالبه خلاف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 واحده كلمة والقول عم ... وكلمة بها كلام قد يؤم   نحو: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10] ، {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 13] وقد أنثه ابن معطي في ألفيته فقال: واحدها كلمة. وذكر الناظم فقال "واحدة كلمة" ونظير كلم وكلمة من المصنوعات لبن ولبنة، ومن المخلوقات نبق ونبقة. فاسم الجنس الجمعي هو الذي يفرق بينه وبين واحده بالتباء غالبًا بأن يكون واحده بالتاء غالبًا والاحتراز بغالبًا عما جاء منه على العكس من ذلك أن يكون بالتاء دالا على الجمعية وإذا تجرد منها يكون للواحد نحو كمء، وكمأة. وقد يفرق بينه وبين واحده بالياء نحو روم ورومي وزنج وزنجي. وحد الكلمة قول مفرد وتطلق في الاصطلاح مجازًا على أحد   نذكره إن شاء الله تعالى في باب العدد. قوله: "واحده كلمة" قال سم: أي واحد معنى الكلم يسمى كلمة. ا. هـ. ومراده بواحد معناه جزء ما صدق عليه ويصح أن يكون مراد المصنف بواحده مفرده الاصطلاحي كما مر. قوله: "ومن المخلوقات" أي ما ليس للعبد دخل فيه وإلا فالعبد وصنعته مخلوقان لله تعالى. قوله: "فاسم الجنس الجمعي" قال البعض تفريع على قول المصنف واحده كلمة هـ وفيه أنه لا تعرض في كلام المصنف لكون الكلم اسم جنس جميعا حتى يتفرع عليه أن اسم الجنس الجمعي يفرق إلخ فالوجه أنه تفريع على قول الشارح سابقا فالمختار أنه اسم جنس جمعي مع قول المصنف واحده كلمة، لكن ما سيذكره من الغلبة غير داخل في التفريع. ولكن أن تجعل الفاء فصيحة أي إذا أردت معرفة اسم الجنس الجمعي فاسم إلخ والجمعي صفة لاسم كما مر. قوله: "هو الذي يفرق إلخ" أي ولم يغلب تأنيثه ليخرج نحو تخم مما فرق بينه وبين واحده بالتاء وهو جمع. واعلم أن فرق بالتضعيف والتخفيف في الأجرام والمعاني وما نقل عن القرافي من تخصيص المضعف بالأجرام والمخفف بالمعاني لعله أريد به الأولوية لأن الفرق لما كان أظهر في الأجرام ناسبه التضعيف عكس المعاني وإلا فأهل اللغة متواطئون على أن مثل كسرته وكسرته في المعاني والأجرام مطلقا أفاده الروداني. فإن قلت يرد على التخصيص وإن حمل على الأولوية قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم} [الأنعام: 159] {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْر} [البقرة: 50] ، قلت أريد في الآية الأولى إفادة التكثير وإنما يؤتى بالمخفف إذا لم ترد تلك الإفادة، وفي الثانية لما كان الماء جسما لطيفا شفافا فهو كالمعاني أتى فيه بالمخفف. قوله: "والاحتراز بغالبا" أي الثانية وأما محترز غالبا الأولى فقد ذكره بقوله وقد يفرق إلخ. قوله: "وزنج" بكسر الزاي وفتحها طائفة من السودان. قوله: "قول" خبر عن حد وتطابقهما ظاهر. وقول البعض لم يؤنث الخبر مع أن شروط التطابق موجودة لكونه في الأصل مصدرا لا يثنى ولا يجمع وإن أريد به هنا المقول لأن اعتبار الأصل جائز في مثله إنما يستقيم لو قال الشارح: والكلمة قول مفرد لكنه لم يقل ذلك فليس بمستقيم. والتاء في الكلمة للوحدة الراجعة لوحدة الافراد بحيث لا تطلق الكلمة على قولين مفردين معا لا تنافي كلية الجنس المدلول عليه بأل الداخلة على المحدود. وزاد في التسهيل في حد الكلمة قيد الاستقلال لتخرج ألف المفاعلة وأحرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   جزأي العلم المركب نحو امرئ القيس فمجموعهما كلمة حقيقة، وكل منهما كلمة مجازًا وفيها ثلاث لغات: كلمة على وزن نبقة وتجمع على كلم كنبق. وكلمة على وزن سدرة وتجمع على كلم كسدر. وكلمة على وزن تمرة وتجمع على كلم كتمر. وهذه اللغات في كل ما كان على وزن فعل ككبد وكتف. فإن كان وسطه حرف حلق جاز فيه رابعة وهي اتباع فائه لعينه في الكسر اسمًا كان نحو فخذ أو فعلا نحو شهد "والقول" وهو على الصحيح لفظ دال على معنى "عم" الكلام والكلم والكلمة عمومًا مطلقًا فكل   المضارعة وياء التصغير وياء النسب وتاء التأنيث. ونحو ذلك فإنها ليست بكلمات على مذهب المصنف، وذهب الرضي إلى أنها كلمات. قوله: "وتطلق في الاصطلاح مجازا" وكذا في اللغة. وخص الاصطلاح بالذكر لأنه أهم لأن وضع الكتاب لبيانه فسقط قول البعض الصواب إسقاط قوله في الاصطلاح لتوافق اللغة والاصطلاح في ذلك. والمجاز المذكور مرسل علاقته الكلية وما ذكره الشارح من أن هذا الإطلاق مجاز أحد قولين. والثاني أنه حقيقة عند النحاة وأن المفرد عندهم اللفظة الواحدة بدليل إعراب كل منهما بإعراب مستقل والإعراب إنما يكون على آخر الكلمة وأن تفسيره بما لا يدل جزؤه على جزء معناه اصطلاح المناطقة فذكره في العربية من خلط اصطلاح باصطلاح. قوله: "وتجمع" أي جمعا لغويا لا اصطلاحيا فلا ينافي ما سبق من اختياره أنه اسم جنس جمعي لا جمع. قوله: "كسدر" أي بسكون الدال وأما بفتحها كعنب فجمع لسدرة كقربة وقرب، وتجمع أيضا على سدور وسدرات بسكون الدال وكسرها للاتباع وفتحها للتخفيف كما في القاموس وغيره. قوله: "في كل ما كان على وزن فعل" أي من الأسماء فقط كما يشعر به التمثيل. وقوله فإن كان وسطه أي وسط ما كان على وزن فعل لا بقيد كونه من الأسماء فقط بدليل بقية كلامه. وقوله جاز فيه لغة رابعة أي زيادة على جواز الثلاثة فتجوز الأربعة فيما على وزن فعل ووسطه حرف حلق اسما كان أو فعلا، فتسمية اللغة الأخيرة رابعة ليست بالنسبة إلى الأسماء فقط وإن توهمه البعض، بل بالنسبة إلى الأفعال التي وسطها حرف حلق أيضا. قال السعد في شرح تصريف العزى في نحو نعم وشهد أربع لغات: كسر الفاء مع سكون العين، وكسرها وفتح الفاء مع سكون العين وكسرها وهذه اللغات جارية في كل اسم أو فعل على فعل مكسور العين وعينه حرف حلق. ا. هـ. ومثله للشارح في باب نعم وبئس فإن لم يكن وسط الفعل الذي على فعل حلقيا كعلم فليس فيه إلا فتح فائه وكسر عينه أو سكونها تخفيفا. قوله: "والقول" أي المقول. قوله: "على الصحيح" مقابله أربعة أقوال ذكر الشارح منها فيما يأتي قولين. والثالث أنه مرادف للكلمة. والرابع أنه مرادف للفظ حكاه السيوطي في جمع الجوامع. قوله: "لفظ دال" المراد باللفظ ما يشمل الحقيقي كالكلمات القرآنية لأنها ملفوظة بالفعل بالنسبة لغيره تعالى والحكمي كالضمير المستتر. والمراد بالدال ما يدل بالوضع الشخصي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كلام أو كلم أو كلمة قول ولا عكس. أما كونه أعم من الكلام فلانطلاقه على المفيد وغيره والكلام مختص بالمفيد. وأما كونه أعم من الكلم فلانطلاقه على المفرد وعلى المركب من كلمتين وعلى المركب من أكثر والكلام مختص بهذا الثالث. وأما كونه أعم من الكلمة فلانطلاقه على المركب والمفرد وهي مختصة بالمفرد. وقيل: القوم عبارة عن اللفظ المركب المفيد فيكون مرادفًا للكلام. وقيل هو عبارة عن المركب خاصة مفيدًا كان أو غير مفيد فيكون أعم مطلقًا من الكلام والكلم ومباينًا للكلمة. وقد بان لك أن الكلام والكلم بينهما عمومًا وخصوص من وجه فالكلاتم أعم من جهة التركيب وأخص من   كزيد ورجل أو النوعي كالمركبات والمجازات. ومن هذا يعلم سقوط تشكيك صاحب التصريح المذكور في تصريحه فانظره. قوله: "على معنى" أي واحد أو أكثر فدخل المشترك. والمعنى مصدر ميمي بمعنى المفعول أي المقصود من اللفظ. قوله: "عم الكلام والكلم والكلمة عموما مطلقا" أي عم كلا من الثلاثة عموما مطلقا يجتمع مع كل وينفرد عنه لوضعه للقدر المشترك الشامل لها ولنحو غلام زيد. وليس مراده عم مجموع الثلاثة بدليل قوله عاطفا بأو فكل كلام أو كلم أو كلمة إلخ وبدليل قوله أما كونه إلخ. وحمل الشارح عم على أنه فعل ماض لتبادره وعدم إحواجه إلى تكلف وقرره على وجه يستفاد منه ما يستفاد على جعل عم أفعل تفضيل حذفت همزته ضرورة من كونه عم كلا منها وزاد بشموله نحو غلام زيد لحمله العموم على العموم المطلق فلم يكن جعله أفعل تفضيل أكثر فائدة من جعله فعلا هكذا ينبغي تقرير عبارة الشارح، وبه يعلم ما في كلام البعض فانظره. ومثل جعله أفعل تفضيل في البعد بل أبعد جعله اسم فاعل حذفت ألفه ضرورة. واعلم أن عم كغيره من الألفاظ المشددة الموقوف عليها في الشعر يجب تخفيفه لئلا يفسد الوزن. قوله: "ولا عكس" أي بالمعنى اللغوي. قوله: "وقد بان لك" أي من تعريف المصنف الكلام وتعريف الشارح الكلم بقوله سابقا بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدا، وليس مراده بان لك من تكلم المصنف على الكلام والكلم إذ لا قرينة على هذه الإرادة. فسقط ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من اعتراضه بقوله هذا أي قول الشارح وقد بان لك إلخ ظاهر أن أعرب الكلم مبتدأ خبره ما بعده لأنه حينئذٍ مستعمل في معناه الاصطلاحي وهو المركب من ثلاث كلمات فصاعدا، فإن أعرب مبتدأ خبره ما قبله كما مشى عليه الشارح أشكل لأنه حينئذٍ بمعنى الكلمات النحوية وهي الاسم والفعل والحرف. ا. هـ. مع أن دعواه ظهور ذلك البيان على جعل الكلم في عبارة المصنف بمعناه الاصطلاحي غير مسلمة لأن كون الكلام والكلم بينهما العموم من وجه إنما يتبين بتعريفهما لا بتعريف الكلام ومجرد أن واحد الكلم كلمة. ومع أن دعواه كون الكلم بمعنى الكلمات النحوية على إعرابه مبتدأ خبره ما قبله كما مشى عليه الشارح غير مسلمة أيضا لجواز كونه على هذا الإعراب بمعناه الاصطلاحي كما بيناه سابقا فتنبه ولا تكن أسير التقليد. قوله: "بينهما عموم وخصوص من وجه" الجار والمجرور راجع لكل من عموم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   جهة الإفادة والكلم بالعكس، فيجتمعان في الصدق في نحو زيد أبوه قائم، وينفرد الكلم في نحو قام زيد، وينفرد الكلام في نحو إن قام زيد. تنبيه: قد عرفت أن القوم على الصحيح أخص من اللفظ مطلقًا فكان من حقه أن يأخذه جنسًا في تعريف الكلام كما فعل في الكافية لأنه أقرب من اللفظ، ولعله إنما عدل عنه لما شاع من استعماله في الرأي والاعتقاد حتى صار كأنه حقيقة عرفية واللفظ ليس كذلك "وكلمة بها كلام قد يؤم" أي يقصد كلمة مبتدأ خبره الجملة بعده، قال المكودي: وجاز الابتداء بكلمة للتنويع لأنه نوعها   وخصوص. فائدة: قال ابن جماعة: لا بد في اللذين بينهما عموم وجهي من معرفة أمور: معروضين وعارضين وثلاث ما صدقات ومادة ومتعلق. وبيان ذلك هنا ليقاس عليه غيره أن المعروضين الكلام والكلم، والعارضين العموم والخصوص، والماصدقات الثلاث ما صدقات اجتماعهما وانفراد كل، والمادة الاسم والفعل والحرف، والمتعلق الصورة الحاصلة من اجتماع كلمتين أو أكثر وفي عدم الاستغناء عن معرفة هذا المتعلق نظر إذ الظاهر أنه يستغني عن معرفته. قوله: "قد عرفت" أي من تعريف القول. قوله: "على الصحيح" احترز بقوله على الصحيح من بعض الأقوال المقابلة له وهو القول بمرادفته للفظ وإن لم يحكه الشارح سابقا فلا ينافي أنه أخص من اللفظ على بعض الأقوال غير الصحيحة أيضا كالقولين اللذين حكاهما الشارح سابقا في مقابلة الصحيح. والحاصل أن في مفهوم قوله على الصحيح تفصيلا فلا يعترض به فاعتراض البعض تبعا لشيخنا على قوله على الصحيح غير وجيه فافهم. قوله: "فكان من حقه" أي القول أي مما يستحقه، أو المصنف أي من الحق المطلوب منه أي على وجه الأولوية وإلا فأخذ البعيد في التعريف جائز. قوله: "أقرب من اللفظ" أي إلى الكلام لأنه أقل عموما من اللفظ. قوله: "حتى صار كأنه حقيقة عرفية" يفيد أنه لم يصر بالفعل وهو كذلك لعدم هجر المعنى الأصلي. وقال الفاكهيّ: يطلق على غير اللفظ من الرأي والاعتقاد بطريق الاشتراك لكن لا يعترض بهذا على من أخذ القول في التعريف لوضوح القرينة على المراد. قوله: "وكلمة بها كلام قد يؤم" مجموع هذا الكلام جملة كبرى لأن الخبر فيها جملة، وجملة قد يؤم صغرى لوقوعها خبرا، وجملة كلام قد يؤم كبرى وصغرى بالاعتبارين. قوله: "خبره الجملة بعده" أي جملة كلام قد يؤم التي هي اسمية مركبة من مبتدأ ثان وخبر وقد فصل بين المبتدأ الأول وخبره بمعمول خبر المبتدأ الثاني وهو بها للضروة. قوله: "للتنويع" قال سم: حمل الكلمة على التنويع يقتضي أنه أراد بها هنا معناها دون لفظها وهو غير صحيح لأن المراد بها هنا نفس اللفظ أي ولفظ كلمة إلى آخره، وحينئذٍ فما قاله المكودي لا يصح لأنه غير محتاج إليه فقط. ويمكن أن يجاب بأن لفظ كلمة فرد من أفراد مسمى كلمة إذ يصدق مسمى كلمة على لفظ كلمة كما يصدق على لفظ زيد وعمر مثلا، فكأنه قال وفرد من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إلى كونها إحدى الكلم وإلى كونها يقصد بها الكلام. ا. هـ. ولا حاجة إلى ذلك فإن المقصود اللفظ وهو معرفة أي هذا اللفظ وهو لفظ كلمة يطلق لغة على الجمل المفيدة، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: 100] إشارة {رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 99] وقال عليه الصلاة والسلام: "أصدق كلمة" قالها الشاعر كلمة لبيد: 3- ألا كل شيء ما خلا الله باطل   مسمى كلمة به كلام قد يؤم فصح ما قاله المكودي. ا. هـ. ببعض تصرف. قوله: "إحدى الكلم" لو قال واحد الكلم لكان أوفق. قوله: "وهو معرفة" أي بالعلمية لأن كل كلمة أريد بها لفظها فهي علم عليه بناء على مذهب السعد ومن تبعه أن الألفاظ موضوعة لأنفسها تبعا لوضعها لمعانيها لا قصدا حتى يصير به اللفظ مشتركا فتنوينها مع وجود العلمية والتأنيث للضرورة. وقال السيد: دلالة الألفاظ على أنفسها إن سلمت فليست بالوضع. ا. هـ. والظاهر أن العلمية المذكورة شخصية كما يعلم مما قررناه في أسماء الكتب عند قول الشارح تنبيه أوقع الماضي موقع المستقبل إلخ وإن قال شيخنا السيد علمية جنسية كما هو ظني. قوله: "يطلق لغة" أي إطلاقا مجازيا كما في التصريح وغيره ويشير إليه الشارح بذكر العلاقة بقوله وهو من باب إلخ، فما نقله البعض عن بعضهم من أن هذا الإطلاق حقيقة عند اللغويين فيه نظر. قوله: "على الجمل" أي جنسها الصادق بالجملة الواحدة والأكثر. قوله: "المفيدة" قال يس: ليس بقيد فإن العلاقة الآتية تفيد أن إطلاقها على الجمل لا يختص بالمفيدة وإن اشتهر في كلامهم التقييد بها. ا. هـ. وقد يقال كلامهم في الإطلاق بالفعل والذي تفيده العلاقة جواز إطلاقها على الجمل غير المفيدة لا إطلاقها بالفعل. قوله: "إنها" أي جملة أرجعون إلخ. قوله: "قالها الشاعر" أل للجنس. قوله: "كلمة لبيد" هو ابن ربيعة العامري الصحابي توفي في خلافة عثمان عن مائة وأربعين سنة. وقيل في أول خلافة معاوية عن مائة وسبع وخمسين سنة قيل إنه لم يقل شعرا منذ أسلم وهو الصحيح عند الإخباريين وقد عمر في الإسلام دهرا. وكان يقول: أبدلني الله بالشعر القرآن حتى   3- تمام البيت: وكل نعيم لا محالة زائل وهو من الطويل. وهو في ديوان لبيد ص256؛ وجواهر الأدب ص382؛ وخزانة الأدب 2/ 255-257؛ والدرر 1/ 71؛ وديوان المعاني 1/ 118؛ وسمط اللآلي ص253؛ وشرح التصريح 1/ 29؛ وشرح شذور الذهب ص339؛ وشرح شواهد المغني 1/ 150، 153، 154، 392؛ وشرح المفصل 2/ 78؛ والعقد الفريد 5/ 273؛ ولسان العرب 5/ 351 "رجز" والمقاصد النحوية 1/ 5، 291، ومغني اللبيب 1/ 133؛ وهمع الهوامع 1/ 3؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص211؛ وأوضح المسالك 2/ 289؛ والدرر 3/ 166؛ ورصف المباني ص269؛ وشرح شواهد المغني 2/ 531؛ وشرح عمدة الحافظ ص263؛ وشرح قطر الندى ص248؛ واللمع ص154؛ وهمع الهوامع 1/ 226. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وهو من باب تسمية الشيء باسم بعضه كتسميتهم ربيئة القوم عينًا والبيت من الشعر قافية. وقد يسمون القصيدة قافية لاشتمالها عليها وهو مجاز مهمل في عرف النحاة.   قال له عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في مدة خلافته: يا لبيد أنشدني شيئا من شعرك، فقال: ما كنت لأقول الشعر بعد أن علمني الله البقرة وآل عمران فزاده عمر في عطائه خمسمائة درهم وقيل: بل قال في الإسلام هذا البيت: ما عاتب المرء الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه القرين الصالح وقيل بل هذا البيت: الحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... حتى اكتسيت من الإسلام سربالا قوله: "ألا كل شيء ما خلا الله باطل" أي ذاهب فان. أي جائز عليه ذلك فلا يرد نحو الجنة والنار والأرواح. والظاهر من إيراد العلماء هذا الشطر فقط أنه الواقع في الحديث والخبر عن أصدق دون تمام البيت وهو: وكل نعيم لا محالة زائل واعترض بأن نعيم الجنة لا يزول، وأجيب بأنه قاله قبل إسلامه وكان يعتقد أن لا جنة أو لا دوام لها، وبأن المراد جائز عليه الزوال وبأن المراد هنا نعيم الدنيا لأن سياق القصيدة لذم الدنيا، وقوله: لا محالة -بفتح الميم- أي لا بد وقيل: لا حيلة. قوله: "وهو" أي الإطلاق المذكور من باب إلخ أي فيكون مجازا مرسلا من إطلاق اسم الجزء على الكل، واعترضه شيخنا السيد بأن السعد نص على أنه يجب أن يكون الجزء الذي يطلق اسمه على الكل له من بين الأجزاء مزيد اختصاص بالمعنى الذي قصد بالكل، فلا يجوّز إطلاق اليد أو الأصبع على الربيئة والأمر هنا ليس كذلك، قال: إلا أن يحمل كلام السعد على الجزء الخاص وما هنا جزء عام لأن الكلمة تعم سائر أجزاء الكلام هذا. ويصح أن يكون من باب الاستعارة لأن الكلام لما ارتبط بعضه ببعض وحصلت له بذلك وحدة أشبه الكلمة. قوله: "ربيئة القوم" كذا في بعض النسخ بالموحدة فتحتية ساكنة فهمز وفي بعضها بالهمز فالتحتية المشددة وهو من يجلس على مكان عال لينظر القوم. قوله: "والبيت من الشعر قافية" لأنها أشرف أجزائه. قوله: "وقد يسمون القصيدة إلخ" من ذلك قول معن بن أوس في ابن أخته: أعلمه الرماية كل يوم ... فلما استد ساعده رَماني وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافية هجاني واستد بالسين المهملة أي قوي كما في شيخ الإسلام، قوله: "وهو مجاز مهمل في عرف النحاة" أي أنهم لا يستعملون الكلمة بمعنى الكلام أصلا. ومن هنا اعترض على المصنف في ذكره حتى قيل إنه من أمراض الألفية التي لا دواء لها. وقد أطال سم في دفعه بما حاصله أن إهمال المعنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 بالجر والتنوين والندا وأل ... ومسند للاسم تمييز حصل   تنبيه: قد في قوله قد يؤم للتقليل ومراده التقليل النسبي، أي استعمال الكلمة في الجمل قليل بالنسبة إلى استعمالها في المفرد، لا قليل في نفسه فإنه كثير. وهذا شروع في العلامات التي يمتاز بها كل من الاسم والفعل والحرف عن أخويه. وبدأ بالاسم لشرفه فقال "بالجر" ويرادفه الخفض قال في شرح الكافية: وهو أولى من التعبير بحرف الجر لتناوله الجر بالحرف والإضافة "والتنوين" وهو في الأصل مصدر نونت أي أدخلت نونًا، ثم غلب حتى صار اسمًا لنون تلحق الآخر لفظًا لا خطا لغير توكيد. فقيد لا خطا فصل   المجازي في عرفهم بتقدير تسليم حصوله من جميعهم لا يمنع من ذكره بل يؤكده لأن إهماله يوهم انتفاءه فيتأكد التنبيه عليه، ويكون قد في عبارته للتوقع فإن استعمال اللفظ في المعنى المجازي بصدد أن تدعو حاجة إليه فيرتكب، أو أنه أراد بيان المعنى اللغوي المجازي لكثرته في نفسه وإن كان قليلا بالنسبة إلى المعنى الحقيقي. قوله: "وهذا" أي الشروع في الكلام الآتي ليصح الحمل ويصح رجوع الإشارة لنفس الكلام ويقدر مضاف في الخبر أي ذو شروع. قوله: "في العلامات" العلامة يجب اطرادها أي وجود المعلم عند وجودها ولا يجب انعكاسها أي انتفاؤه عند انتفائها بخلاف التعريف فإنه يجب اطراده وانعكاسه حدا كان أو رسما إلا عند من جوّز التعريف بالأعم أو الأخص. قوله: "لشرفه" أي لوقوعه محكوما عليه وبه ولأنه لا غنى لكلام عنه. قوله: "بالجر" هو على أن الإعراب لفظي الكسرة وما ناب عنها، وتعريفه بالكسرة التي يحدثها عامل الجر فيه قصور لعدم تناوله نائب الكسرة كالياء والفتحة، ودور لأخذ المعرف فيه وإن أجيب عن الثاني بأنه تعريف لفظي لمن عرف الطرفين وجهل النسبة بينهما، وبأن الجر ليس من أجزاء التعريف وإنما ذكر لتعيين العامل وعلى أنه معنوي تغيير مخصوص علامته الكسرة ومن ناب عنها. وتقديم الجار والمجرور للاهتمام لا للحصر فإن العلامات تزيد على ما ذكره المصنف. قوله: "وهو أولى" قد يقال لا أولوية لأن التعبيرين لم يتواردا على أمر واحد بل على علامتين مختلفتين. ويجاب بأن الأولوية بالنظر لمن أراد أن يقتصر على أحد التعبيرين. قوله: "من التعبير بحرف الجر" رجح التعبير به ابن هشام من جهة أن عن وعلى والكاف الاسميات ونحوها يستدل على اسميتها بحرف الجر لعدم ظهوره فيها. ولا يرد عليه نحو عجبت من أن تقوم ويوم ينفع لأن المدخول اسم تأويلا لتأويل أن تقوم بالقيام وينفع بالنفع. قوله: "والإضافة" أي المضاف ليجري على الصحيح أن عامل الجر هو المضاف. ولم يقل والتبعية لأن الصحيح أن التبعية ليست عاملة بل العامل في التابع هو العامل في المتبوع. ولم يقل والمجاورة والتوهم لندرتهما. قوله: "وهو في الأصل" أي اللغة. قوله: "أي أدخلت نونا" أي أو صوّت فالتنوين يطلق لغة على إدخال النون وعلى التصويت. قوله: "ثم غلب إلخ" في العبارة اختصار والتقدير ثم نقل إلى النون المدخلة مطلقا ثم غلب إلخ لأن العلم بالغلبة ما وضع لمعنى كلي وغلب استعماله في بعض جزئياته. والنون التي غلب استعمال التنوين فيها فرد من مطلق النون المدخلة لا من إدخال النون إذ هي مباينة له. وباعتبار النقل والغلبة اندفع اعتراض السهيلي بأن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مخرج للنون في نحو ضيفن اسم للطفيلي وهو الذي يجيء مع الضيف متطفلًا وللنون اللاحقة للقوافي المطلقة التي آخرها حرف مد عوضًا عن مدة الإطلاق في لغة تميم وقيس كقوله:   التنوين فعل المنوّن فلا يصح حمل النون عليه. قوله: "تلحق الآخر" لم يأخذ الشارح محترزه وسيأتيك عن الروداني. وقوله: لفظا قال يس: بيان للواقع لا للاحتراز. وقوله: لا خطأ أي لأن الكتابة مبنية على الابتداء والوقف وهو يسقط وقفا رفعا وجرا ولما ثبت عوضه وهو الألف في الوقف نصبا كتبت الألف والمراد باللحوق خطأ المنفي لحوقها بنفسها لا أو عوضها حتى يرد أن المنوّن المنصوب في الدرج لا يصدق عليه لفظا لا خطا لأن عوضها وهو الألف لاحق خطا وحتى يكون قوله لغير توكيد مستدركا لخروج نون لنسفعا حينئذٍ بقوله لا خطا، لكن يرد على طرده نون إذا على الصحيح من أنها تكتب ألفا ففي الدرج تلحق لفظا لا خطا وليست تنوينا. ولو زاد قيد الزيادة في التعريف كغيره لخرجت، ويجاب بأنها آخر الكلمة لا أنها لحقت الآخر فتخرج بقيد لحوق الآخر كذا في الروداني. قوله: "مخرج للنون" أي الأولى المتحركة المزيدة في آخر ضيف، وأخرجها الروداني بقيد تلحق الآخر نظرا إلى أنها آخر ضيفن لا أنها لحقت آخره. والشارح ومن وافقه نظروا إلى أنها آخر ضيفن لا أنها لحقت آخره للإلحاق بجعفر وأما الثانية فتنوين. قوله: "في نحو ضيفن" كرعشن للمرتعش اليد. قوله: "مع الضيف" الضيف يطلق على الواحد والواحدة والاثنين والجماعة. ويجوّز ضيف وضيفة وضيفان وأضياف والأول أفصح قال تعالى: {هَؤُلاءِ ضَيفِي فَلا تَفْضَحُون} [الحجر: 68] قاله الدنوشري. قوله: "للقوافي" جمع قافية وقد اختلف فيها العروضيون على اثني عشر قولا أشهرها قولان: قول الخليل بأنها من المتحرك قبل الساكنين إلى انتهاء البيت، وقول الأخفش بأنها الكلمة الأخيرة. واعترض قوله للقوافي المطلقة بأنه يلحق الأعاريض المصرعة أيضا وبأن المراد آخر القوافي وآخرها مدة والتنوين بدل منها لا أنه لحقها. وأجيب عن الأول بأن المراد بالقوافي ما يشمل الأعاريض المصرعة على الجمع بين الحقيقة والمجاز أو عموم المجاز. وعن الثاني بمنع أن المراد آخرها بل ما يصح حمل الكلام عليه وذلك روي القافية كذا في الروداني. ولا يرد عليه ما إذا وصل الروي بالهاء نحو مقامه لأن المراد لحوق التنوين رويّ القافية ولو مع فصل بينهما نعم. يرد ما إذا كان الروي مدة أصلية فإن الظاهر حينئذٍ حذفها والإتيان بالتنوين بدلها فليس التنوين لاحقا لروي القافية في هذه الصورة فتدبر. قوله: "عوضا" مفعول لأجله عامله اللاحقة وعليه فالعوض بمعنى التعويض أو حال من ضمير اللاحقة. قوله: "في لغة" متعلق باللاحقة وقوله تميم وقيس عبارة التصريح في لغة تميم أكثرهم أو جميعهم وكثير من قيس وأما في لغة الحجازيين فلا تلحق. قوله: "كقوله" أي الشاعر المفهوم من السياق وإن لم يفهم بخصوص اسمه كجرير هنا والنابغة فيما بعده. قوله: "عاذل" منادى مرخم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   4- أقلي اللوم عاذل والعتابن ... وقولي إن أصبت لقد أصابن الأصل العتابا وأصابا وقوله: 5- أفد الترحل غير أن ركابنا ... لما تزل برحالنا وكأن قدن الأصل قدى. ويسمى تنوين الترنيم على حذف مضاف أي قطع الترنم لأن الترنم مد الصوت بمدة تجانس الروي، ومخرج أيضًا للنون اللاحقة للقوافي المقيدة وهي التي رويها ساكن غير مد، كقوله:   وأصبت بضم التاء كما في التصريح وهو الأقرب وبكسرها كما في الشمني أي إن أردت النطق بالصواب بدل اللوم. وجملة لقد أصابن مقول القول وجواب الشرط محذوف يفسره قولي. قوله: "أفد" في رواية أزف وكلاهما بوزن فهم وبمعنى قرب. والركاب الإبل التي يسار عليها الواحدة راحلة ولا واحد لها من لفظها كما في الصحاح. ولما نافية وتزل مضارع زال التامة. والرحال جمع رحل وهو المسكن وكأن قدن أي كأن قد زالت وذهبت والاستثناء منقطع أي لكن رحالنا لم تزل بالفعل مع عزمنا على الترحل. قوله: "على حذف مضاف إلخ" وقيل لا حذف لأن الترنم يحصل بالنون نفسها لأنها حرف أغنّ نقله في التصريح عن ابن يعيش وغيره. وعليه لا يكون الترنم خصوص مد الصوت بمدة تجانس الروي. قوله: "تجانس الروي" أي حركة الروي. والروي الحرف الذي تنسب إليه القصيدة.   4- البيت من الوافر، وهو لجرير بن عطية الخطفي التميمي في ديوانه ص813؛ وخزانة الأدب 1/ 69، 338، 3/ 151؛ والخصائص 2/ 69، والدرر 5/ 176، 6/ 233، 309؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 349؛ وسر صناعة الإعراب ص471، 479، 480، 493، 501، 503، 513، 677، 726؛ وشرح شواهد المغني 2/ 762؛ وشرح المفصل 9/ 29؛ والكتاب 4/ 205، 208؛ والمقاصد النحوية 1/ 91؛ وهمع الهوامع 2/ 80، 212؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص655؛ وجواهر الأدب ص139، 141؛ وأوضح المسالك 1/ 16؛ وخزانة الأدب 7/ 432؛ ورصف المباني ص29، 3543؛ وشرح ابن عقيل ص17؛ وشرح عمدة الحافظ ص98؛ وشرح المفصل 4/ 15، 145، 7/ 9، ولسان العرب 14/ 244 "خنا"؛ والمنصف 1/ 224، 2/ 79؛ ونودر أبي زيد ص127. 5- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص89؛ والأزهية ص211؛ والأغاني 11/ 8؛ والجني الداني ص146، 260؛ وخزانة الأدب 7/ 179، 198، 10/ 107؛ والدرر اللوامع 8/ 148، 9/ 18، 52؛ وشرح التصريح 1/ 36؛ وشرح شواهد المغني ص490، 764؛ وشرح المفصل 8/ 148، 9/ 18، 52؛ ولسان العرب 3/ 346 "قدد"؛ ومغني اللبيب ص171؛ والمقاصد النحوية 1/ 80، 2/ 314، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 56، 356؛ وأمالي ابن الحاجب 1/ 455؛ وخزانة الأدب 9/ 8، 11/ 260؛ ورصف المباني ص72، 125، 448، وسر صناعة الأعرب ص334، 490، 777؛ وشرح ابن عقيل ص18، وشرح قطر الندى ص160؛ وشرح المفصل 10/ 110، ومغني اللبيب ص342؛ والمقتضب 1/ 42، وهمع الهوامع 1/ 143، 2/ 80. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   6- أحار بن عمرو كأني خمرن ... ويعدو على المرء ما يأتمرن الأصل خمر ويأتمر، وقوله: 7- وقاتم الأعماق خاوي المحترقن الأصل المخترق وقوله: 8- قالت بنات العم يا سلمى وإنن ... كان فقيرًا معدما قالت وإنن   قوله: "أحار إلخ" حار منادى مرخم حارث. وخمر بفتح فكسر أي مخمور أي مستور العقل مغلوبه. ويعدو يسطو والواو استئنافية أو تعليلية على مذهب مجوز ذلك ولا حاجة إلى زيادة البعض كونها زائدة على مذهب الأخفش والكوفيين. ما يأتمرن ما مصدرية أي ائتماره لآمر غير رشيد قال في التصريح والمشهور تحريك ما قبله أي ما قبل التنوين الغالي بالكسره كما في صه ويومئذٍ واختار ابن الحاجب الفتح حملا على فتح ما قبل نون التوكيد الخفيفة. قال الموضح: وسمعت بعض العصرين يسكن ما قبله ويقول الساكنان يجتمعان في الوقف وهذا خلاف ما أجمعوا عليه. ا. هـ. ويظهر لي جواز تحريكه بضمته الثابتة له قبل لحوق التنوين فيكون رجوعا إلى الأصل. قوله: "وقاتم" أي ورب مكان قاتم والقاتم المظلم والأعماق جمع عمق بفتح العين وضمها ما يعد من أطراف المفازة مستعار من عمق البئر والخاوي الخالي والمخترق الممر الواسع لأن المار يخترقه أي يقطعه وخبر مجرور رب محذوف أي قطعته. قوله: "قالت بنات العم إلخ"   6- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص154؛ وخزانة الأدب 1/ 374، 2/ 279، والدرر 5/ 179، ولسان العرب 4/ 30 "أمر" 4/ 254، 255 "خمر"، 6/ 239 "نفس"؛ والمقاصد النحوية 1/ 95، 4/ 264؛ وللنمر بن تولب في محلق ديوانه ص404، ولسان العرب 4/ 29 "أمر" وبلا نسبة في المقتضب 4/ 234. 7- الرجز لرؤبة في ديوانه ص104؛ والأشباه والنظائر 2/ 35؛ والأغاني 10/ 157؛ وجمهرة اللغة ص408، 614، 941؛ وخزانة الادب 10/ 25 والخصائص 2/ 228؛ والدرر 4/ 195؛ وشرح أبيات سيبويه 10/ 80 "خفف"؛ 10/ 271 "عمق"؛ 15/ 133 "غلا"، ومغني اللبيب 10/ 342، والمقاصد النحوية 1/ 38؛ والمنصف 2/ 3، 308، وهمع الهوامع 2/ 639؛ وشرح ابن عقيل ص372؛ وشرح المفصل 2/ 118؛ والعقد الفريد 5/ 506؛ والكتاب 4/ 110؛ ولسان العرب 1/ 748 "هرجس" 3/ 373 "قيد" 12/ 461 "قتم"، 13/ 559 "وجه" وهمع الهوامع 2/ 80. 8- الرجز لرؤبة في محلق ديوانه ص186؛ وخزانة الأدب 9/ 14، 16، 11/ 216؛ والدرر 5/ 88، وشرح التصريح 1/ 37؛ وشرح شواهد المغني 2/ 936؛ والمقاصد النحوية 1/ 104، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 18؛ والدرر 5/ 81، ورصف المباني ص106 وشرح التصريح 1/ 195؛ وشرح عمدة الحافظ ص370؛ ومغني اللبيب 2/ 649؛ والمقاصد النحوية 4/ 463؛ وهمع الهوامع 2/ 62، 80. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فإن هاتين النونين زيدتا في الوقف كما زيدت نون ضيفن في الوصل والوقف وليستا من أنواع التنوين حقيقة لثبوتهما مع أل وفي الفعل والحرف، وفي الخط والوقف، وحذفهما في الوصل. ويسمى التنوين الغالي زاده الاخفش، وسماه بذلك لأن الغلو الزيادة وهو زيادة على الوزن. وزعم ابن الحاجب أنه إنما سمي غالبًا لقلته وقد عرفت إن إطلاق اسم التنوين على هذين مجاز فلا يردان على الناظم. وقد لغير توكيد آخر مخرج لنون التوكيد الثابتة في اللفظ دون الخط نحو لنسفعا. وهذا التعريف منطبق على أنواع التنوين   ضمير كان يرجع إلى البعل أي الزوج، وجواب الشرط الأول محذوف تقديره ترضين به، والثاني حذف فعله وجوابه وتقديرهما وإن كان فقيرا رضيت به. قوله: "فإن هاتين النونين" أي اللاحقة للقوافي المطلقة واللاحقة للقوافي المقيدة. وقوله: فإن هاتين النونين إلخ إن جعل تعليلا لإخراج قيد لا خطا هاتين النونين وجعل قوله: كما زيدت إلخ تنظيرا في الثبوت وقفا في قوّة التعليل لإخراجه نون ضيفن اتجه عليه أنه كان الصواب حينئذٍ أن يقول فإن هاتين النونين لحقتا خطا كما لحقت نون ضيفن خطا، لأن القيد المذكور في التعريف المخرج به ما ذكر قولنا لا خطا لا قولنا لا وقفا، فالمناسب أن يكون تفريعا على الشواهد المتقدمة لما فيها من زيادة النونين وقفا، قصد به الشارح بيان حالة زيادتهما في القوافي، فيكون قوله: كما زيدت إلخ تنظيرا في مطلق المخالفة للتنوين الحقيقي هذا. وكان الأولى أن يؤخر هذه الجملة والتي بعدها أعني قوله: وليستا إلخ عن قوله: ويسمى التنوين الغالي إلخ كما فعل الموضح لتعلق ما ذكره ثانيا بالنون الثانية المتكلم فيها قبل قوله: فإن هاتين إلخ وتعلق ما ذكره أولا بالنونين معا. بقي أن الدماميني نقل عن الزمخشري أن تنوين الترنم لا يؤتى به وقفا. قوله: "وليستا من أنواع التنوين حقيقة" ذكره مع علمه من تعريف التنوين توطئة لذكر ما لم يعلم من التعريف وهو تعليل خروجهما بغير ثبوتهما في الخط لأن تعليل خروجهما بثبوتهما في الخط يعلم أيضا من التعريف. قوله: "وهو زيادة على الوزن" فهو في آخر البيت كالخزم بمعجمتين في أوله وهو زيادة أربعة أحرف فأقل أول البيت. قوله: "وزعم ابن الحاجب" لعل وجه تعبيره بالزعم أن ورود الغلو لغة بمعنى القلة غير معروف كما يشعر بذلك عدم ذكر صاحب القاموس له، أو أن التنوين الغالي ليس قليلا وإن أمكن دفع هذا بأن قلته بالنسبة لتركه. واختلف في فائدته فقيل الترنم فلا يصح أن يكون قسيما لتنوين الترنم وهذا إنما يتجه على القول الثاني الذي لم يجر عليه الشارح في قولهم: تنوين الترنم. وقيل: الإيذان بالوقف إذ لا يعلم في الشعر المسكن آخره للوزن أو أصل أنت أم واقف. قوله: "وقد عرفت" أي من خروجهما من تعريف التنوين. قوله: "مجاز" أي بالاستعارة علاقته المشاكلة التي هي المشابهة في الشكل والصورة كما بين في محله. ومن هذا يعلم ما في كلام شيخنا والبعض وشيخنا السيد من الخبط. قوله: "مخرج لنون التوكيد الثابتة في اللفظ دون الخط" وهي نون التوكيد الخفيفة التي قبلها فتحة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وهي أربعة: الأول تنوين الأمكنية ويقال: تنوين التمكن وتنوين التمكين كرجل وقاض، سمي   على مذهب الكوفيين من رسمها ألفًا لا نونًا. أما على مذهب البصريين من كتابتها نونًا فهي خارجة بقيد لا خطا كما خرج به التي قبلها ضمة أو كسرة فيستغني عن قيد لغير توكيد أفاده شيخ الإسلام. قوله: "وهي أربعة" أي المشهور منها الكثير الوقوع أربعة. فلا يرد أنه بقي من أنواع التنوين الحقيقي المختصة بالاسم تنوين الحكاية كتنوين عاقلة علم امرأة حكاية لما قبل العلمية. وتنوين الضرورة كتنوين ما لا ينصرف في قوله: ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة وكتنوين المنادى المضموم في قوله: سلام الله يا مطر عليها وتنوين الشذوذ حكى هؤلاء قومك بتنوين هؤلاء لتكثير اللفظ. وتنوين المناسبة كما في قراءة بعضهم سلاسلًا مع أن بعضهم أدخل الأولين في تنوين التمكين زاعمًا في القسم الأول أن تنوينه لما كان قبل العلمية تنوين صرف وحكي بعدها بقي على كونه تنوين صرف، ورده الدماميني بأنه ليس في لفظ الحكاية تنوين صرف قطعًا، وكيف يجامع تنوين الصرف ما فيه علتان مانعتان من الصرف ولا ينافي ذلك كونه في المحكي تنوين صرف، ألا ترى أن الحركة في مثل من زيدًا بالنصب حكاية لزيدًا في قول القائل: رأيت زيدًا حركة حكاية مع أنها في المحكي حركة إعراب، وزاعمًا في النوع الأول من القسم الثاني أن الضرورة أباحت الصرف. ورده الدماميني بأن تنوين الصرف هو التنوين الذي يدل على أمكنية الاسم وسلامته من شبه الحرف والفعل. والاسم الموجود فيه مقتضى منع الصرف قد ثبت شبهه بالفعل قطعًا كما ستعرفه. ودخول التنوين فيه عند الضرورة لا يرفع ما ثبت له من شبه الفعل غايته أن أثر العلتين قد تخلف للضرورة فالتحقيق أنه ليس تنوين صرف. ولا يرد قولهم يجوّز صرف غير المنصرف للضرورة لأنه منتقد. على أنهم قد يطلقون الصرف ويريدون به ما هو أعم من تنوين الأمكنية. وزاعمًا في النوع الثاني من القسم الثاني أن الضرورة لما أباحت التنوين أباحت الإعراب ويرد بأن سبب البناء قائم ولا ضرورة إلى الإعراب بل إلى مجرد التنوين فاعرف ذلك. قوله: "تنوين الأمكنية" من إضافة الدال إلى المدلول وكذا يقال فيما بعد. وتنوين الأمكنية هو اللاحق للاسم المعرب المنصرف. قوله: "ويقال تنوين إلخ" ويقال له تنوين الصرف أيضًا. قوله: "وتنوين التمكين" أي التنوين الدال على تمكين الواضع الاسم في باب الاسمية أو المراد بالتمكين التمكن. قوله: "كرجل وقاض" أي وزيد لأنه يدخل المعرفة والنكرة. وإنما مثل برجل ردًا على من زعم أن تنوين المنكر للتنكير، فقد رد بأنه لو كان كذلك لزال بزوال التنكير حيث سمي به واللازم باطل وقد منع بطلانه بأن تنوين التنكير زال وخلفه تنوين التمكين ولا يخفى تعسفه. وجوّز بعضهم كون تنوين المنكر للتمكين لكون الاسم منصرفًا، وللتنكير لكونه موضوعًا لشيء لا بعينه، ومثل بقاض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بذلك لأنه لحق الاسم ليدل على شدة تمكنه في باب الاسمية أي أنه لم يشبه الحرف فيبني ولا الفعل فيمنع من الصرف، والثاني تنوين التنكير وهو اللاحق لبعض المبنيات في حالة تنكيره ليدل على التنكير، تقول سيبويه بغير تنوين إذا أردت معينًا، وإيه بغير تنوين إذا استزدت مخاطبك من حديث معين فإذا أردت غير معين قلت سيبويه وإيه بالتنوين، والثالث   دفعًا لتوهم أن التنوين عوض عن الياء المحذوفة لفساده بثبوت التنوين مع الياء في النصب. قوله: "لأنه لحق إلخ" هذا التعليل أنسب بالاسم الأول. قوله: "أي أنه" بيان للشدة. قوله: "فيبني" منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد فاء السببية في جواب النفي. قوله: "لبعض المبنيات" يعني العلم المختوم بويه قياسًا واسم الصوت سماعًا كما في التصريح. ولم يعين البعض بصريح العبارة اتكالًا على ظهور المراد. فلم تدخل هؤلاء في البعض حتى يرد أن تنوينها ليس للتنكير. قوله: "تقول سيبويه بغير تنوين إذا أردت معينًا" أي فهو حينئذٍ معرفة بالعلمية. قوله: "وإيه بغير تنوين إذا استزدت مخاطبك من حديث معين" قال في التصريح فهو معرفة من قبيل المعرف بأل العهدية أي الحديث المعهود كذا قالوا، وهو مبني على أن مدلول اسم الفعل المصدر، وأما على القول بأن مدلوله الفعل فلا لأن جميع الأفعال نكرات. ا. هـ. وقوله: أي الحديث المعهود المناسب أي الزيادة المعهودة أي التي هي من حديث معين، وقوله: المصدر أي مدلوله وهو الحدث كما عبر به غيره. وقال محشيه الروداني قوله لأن جميع الأفعال نكرات فيه أنه اسم للفظ الفعل لا لمعناه الذي هو نكرة حتى يكون نكرة بل مسماه لفظ مخصوص فلا يشك في أنه علم له. ا. هـ. أي علم شخصي لما أسلفناه عن العصام أن اللفظ لا يتعدد بتعدد التلفظ، والتعدد بتعدده تدقيق فلسفي لا يعتبره أرباب العربية، وعبارة الشارح صالحة لحملها على هذا القول أيضًا. ولا يخفى أن ما ذكر من علمية اسم الفعل جار في المنوّن وغيره لأنه على كلا الحالين اسم للفظ المخصوص كما مر فكيف جعل المنوّن نكرة على القول بأنه اسم للفظ الفعل، ويظهر لي في التخلص عن ذلك أن المنوّن اسم للفظ الفعل المراد به أي فرد من أفراد حدثه، وغير المنوّن اسم للفظ الفعل المراد به فرد مخصوص من أفراد حدثه: فإيه مثلًا غير منوّن اسم للفظ زد المراد به طلب الزيادة من حديث معين، وإيه منوّنًا اسم للفظ زد المراد به طلب الزيادة من أي حديث، وأن معنى كون الثاني نكرة أنه في حكم النكرة ومشبه لها. وإنما لم يعتبروا التعريف والتنكير في الفعل بالطريق الذي اعتبروا به التعريف والتنكير في اسم الفعل لأنه لا ضرورة تدعو إلى مثل ذلك في الفعل بخلاف اسم الفعل فإنه من جملة الأسماء فأجروه مجراها. ويعتبر مثل ذلك في اسم الصوت فغاق بلا تنوين لحكاية صوت لغراب مخصوص وبالتنوين لحكاية صوت الغراب من غير ملاحظة خصوص. وفي كلام البعض هنا نظر يعلم وجهه مما ذكرناه فتأمل. قوله: "استزدت" السين والتاء للطلب. قوله: "بإضافة بيانية" لأن بين المتضايفين عمومًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنوين التعويض ويقال له: تنوين العوض بإضافة بيانية وبه عبر في المغني وهو أولى، وهو إما عوض عن حرف وذلك تنوين نحو جوار وغواش عوضا عن الياء المحذوفة في الرفع والجر هذا مذهب سيبويه والجمهور، وسيأتي الكلام على ذلك في باب ما لا ينصرف مبسوطًا إن شاء الله تعالى. وإما عوض عن جملة وهو التنتوين اللاحق لإذ في نحو يومئذ وحينئذ فإنه عوض عن الجملة التي تضاف إذ إليها الأصل يوم إذ كان كذا فحذفت   وجهيا. قوله: "وهو أولى" لعلة لأن البيانية أشهر من إضافة المسبب إلى السبب وقيل الأول أولى لأن الإضافة عليه حقيقية على معنى اللام. قوله: "نحو جوار وغواش" أي من كل اسم ممنوع الصرف منقوص كعواد وأعيم تصغير أعمى. قوله: "عوضًا عن الياء المحذوفة" أي لالتقاء الساكنين بناء على الراجح من حمل مذهب سيبويه. والجمهور على تقديم الإعلال على منع الصرف لتعلق الإعلال بجوهر الكلمة بخلاف منع الصرف فإنه حال للكلمة. فأصل جواز جواري بالضم والتنوين استثقلت الضمة على الباء فحذفت ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين ثم حذف التنوين لوجود صيغة منتهى الجموع تقديرًا لأن المحذوف لعلة كالثابت فخيف رجوع الياء لزوال الساكنين في غير المنصرف المستثقل لفظًا بكونه منقوصًا ومعنى بكونه فرعًا فعوّضوا التنوين من الياء لينقطع طمع رجوعها، أو للتخفيف بناء على حمل مذهبهم على تقديم منع الصرف على الإعلال: فأصله بعد منع صرفه جواري بإسقاط التنوين استثقلت الضمة على الياء فحذفت ثم حذفت الياء تخفيفًا وعوّض عنها التنوين لئلا يكون في اللفظ إخلال بالصيغة ومقابل مذهب سيبويه والجمهور ما قاله المبرد والزجاج أنه عوض عن حركة الياء ومنع الصرف مقدم على الإعلال فأصله بعد منع صرفه جواري بإسقاط التنوين استثقلت الضمة على الياء فحذفت وأتى بالتنوين عوضًا عنها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين وكذا يقال في حالة الجر على الأقوال الثلاثة. وإنما كانت الفتحة حال الجر على تقديم منع الصرف ثقيلة لنيابتها عن ثقيل وهو الكسرة. ومن العوض عن حرف تنوين جندل فإنه عوض عن ألف والأصل جنادل على ما قاله ابن مالك واختار في المغني أنه للصرف أفاده في التصريح ببعض زيادة. قوله: "لإذ في نحو يومئذٍ وحينئذٍ" قال المصنف: إضافة يوم إلى إذ من إضافة أحد المترادفين إلى الآخر. وقال الدماميني: للبيان كشجر أراك. وكأن الأول لم يعتبر تقييد إذ بما تضاف إليه والثاني اعتبره. وما ذكراه ظاهر إن كان المراد من اليوم مطلق الوقت كما هو أحد معانيه مع إطلاق إذ عن تقييدها بالزمن الماضي، أو كان المراد منه ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس مع كون الوقت المستعمل فيه إذ كذلك، فإن كان المراد من اليوم مطلق الوقت وكانت إذ باقية على تقيدها بالزمن الماضي فالإضافة للبيان مطلقًا لعموم المضاف وخصوص المضاف إليه مطلقًا. وإن كان المراد منه ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس وكان الوقت المستعمل فيه إذ أقصر من هذا القدر فمن إضافة الكل إلى الجزء. أو زائدًا عليه فمن إضافة الجزء إلى الكل وأما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الجملة وعوض عنها التنوين. وكسرت إذ لالتقاء الساكنين كما كسرت صه ومه عند تنوينهما. وزعم الأخفش أن إذ مجرورة بالإضافة، وأن كسرتها كسرة إعراب. ورد بملازمتها للبناء لشبهها بالحرف في الوضع وفي الافتقار دائمًا إلى الجملة وبأنها كسرت حيث لا شيء يقتضي الجر في قوله: 9- نهيتك عن طلابك أم عمرو ... بعافية وأنت إذ صحيح قيل: ومن تنوين العوض ما هو عوض عن كلمة وهو تنوين كل وبعض عوضًا عما   حينئذٍ فإضافته كإضافة يومئذٍ إذا أريد باليوم مطلق الوقت فافهم. ومثل إذ إذا على ما بحثه جماعة من المتأخرين من أنها تحذف الجملة بعدها ويعوض عنها التنوين نحو: {وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُم} [النساء: 67] {إِذًا لَأَمْسَكْتُم} [الإسراء: 100] . {وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِين} [الشعراء: 42] . وتقول لمن قال غدًا آتيك إذًا أكرمك بالرفع أي إذا أتيتني أكرمك فحذفت الجملة وعوض عنها التنوين وحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قالوا وليست إذا في هذه الأمثلة الناصبة للمضارع لأن تلك تختص به ولذا عملت فيه وهذه لا تختص به بل تدخل عليه وعلى الماضي وعلى الاسم. قوله: "فحذفت الجملة" أي جوازًا للاختصار. قوله: "وزعم الأخفش" قال بعضهم: حمله على ذلك أنه جعل بناءها ناشئًا عن إضافتها إلى الجملة فلما زالت من اللفظ صارت معربة. قوله: "ورد بملازمتها للبناء" أي على السكون وفيه أن ملازمتها للبناء هي دعوى مخالف الأخفش فكيف يرد عليه بهما؟ فكان الأولى أن يحذفها ويقول ورد بأنها تشبه الحرف، إلا أن يقدر مضاف أي باستحقاق ملازمتها للبناء. قوله: "في قوله نهيتك إلخ" أجاب عن هذا الأخفش بأن الأصل حينئذٍ فحذف المضاف وبقي الجر كما في قراءة بعضهم: {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَة} [الأنفال: 67] أي ثواب الآخرة أفاده في المغني ويضعفه أنه تقدير أمر مستغنى عنه وأن إبقاء المضاف إليه على جره بعد حذف المضاف شاذ. والطلاب بكسر الطاء بمعنى الطلب وبعافية حال من الكاف الأولى أو الثانية أي حال كونك متلبسًا بعافية، وكذا وأنت إذ صحيح وهو بمعنى بعافية قاله الدماميني. قال الشمني وهو بناء على أنه بالفاء وقد رأيناه بالقاف في صحاح الجوهري في باب الذال المعجمة وعليه فبعاقبة متعلق بنهيتك أي بذكر عاقبة هذا الطلب لك. قوله: "قيل ومن تنوين العوض إلخ" حكاه بقيل لما قاله   9- البيت من الوافر، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 6/ 539، 543، 455؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 171؛ وشرح شواهد المغني ص260؛ ولسان العرب 3/ 476، "أذذ" 11/ 363 "شلل". 15/ 462 "أذ"؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 301؛ وتذكرة النحاة ص379؛ والجني الدائم 187، 490؛ وجواهر الأدب ص138، والخصائص 2/ 376؛ ورصف المباني ص347 وسر صناعة الإعراب ص504، 505؛ وشرح المفصل 3/ 29، 9/ 31؛ ومغني اللبيب ص86؛ والمقاصد النحوية 2/ 61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يضافان إليه ذكره الناظم. والرابع تنوين المقابلة وهو اللاحق لنحو مسلمات مما جمع بألف وتاء، سمي بذلك لأنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم في نحو مسلمين. وليس بتنوين الأمكنية خلافًا للربعي لثبوته فيما لا ينصرف منه وهو ما سمي به مؤنث   المصرح من أن التحقيق أن تنوينهما تنوين تمكين قال بعضهم: ولا مخالفة بين القولين فتنوينهما عوض عن المضاف إليه بلا شك وللتمكين لأن مدخوله معرب منصرف ومثلهما أي. قوله: "تنوين المقابلة" من إضافة المسبب إلى السبب. قوله: "لأنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم" قال في التصريح: قال الرضي: معناه أنه قائم مقام التنوين الذي في الواحد في المعنى الجامع لأقسام التنوين فقط وهو كونه علامة لتمام الاسم كما أن النون قائمة مقام التنوين الذي في الواحد في ذلك. ا. هـ. وقوله: أولًا الذي في الواحد يرد عليه أن الجمع بالألف والتاء قد لا يكون في واحده تنوين كما في فاطمات إلا أن يجعل التنوين في كلامه شاملًا للفظي والتقديري. ثم إنه يؤخذ مما ذكر أن المراد بالمقابلة المناظرة ولا يلزم من القيام المذكور كونه في رتبتها بل هو أحط منها لسقوطه مع اللام وفي الوقف دون النون لأن النون أقوى وأجلد بسبب حركتها. وما نقله الإسقاطي عن البيضاوي في قوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَات} [البقرة: 198] من أن أل تدخل فيما فيه تنوين المقابلة زيفه حواشيه. قوله: "للربعي" بفتح الباء الموحدة نسبة إلى ربيعة كما في يحيى على المرادي. قوله: "هو ما سمي به مؤنث" لاجتماع مانعي الصرف فيه وهما العلمية والتأنيث وتنوين التمكين لا يجامع العلتين ولي فيه بحث لأن من ينون نحو عرفات ينظر إلى ما قبل العلمية فلا يعتبر الاجتماع المذكور كما أن من يمنعه التنوين ويجره بالفتحة ينظر إلى ما بعدها ومن يمنعه ويجره بالكسرة ينظر إلى الحالتين فافهم. قوله: "مردود بأن الكسر إلخ" وبأنه لو كان عوضًا عن الفتحة لم يوجد حالة الرفع والجر. فائدة: قال في المغني يحذف التنوين لزومًا لدخول وللإضافة ولشبهها نحو لا مال لزيد إذا قدر الجار والمجرور صفة والخبر محذوفًا، فإن قدر خبرًا فحذف التنوين للبناء، وإن قدرت اللام مقحمة والخبر محذوفًا فهو للإضافة ولمانع الصرف وللوقف في غير النصب أما فيه فيبدل ألفًا على اللغة المشهورة وللاتصال بالضمير نحو رضا بك فيمن قال إنه غير مضاف ولكن الاسم علمًا موصوفًا بما اتصل به وأضيف إلى علم من ابن أو ابنة اتفاقًا أو بنت عند قوم من العرب. فأما قوله: جارية من قيس بن ثعلبة فضرورة ويحذف لالتقاء الساكنين قليلًا كقوله: فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلا قليلا وإنما آثر ذلك على حذفه للإضافة ليتماثل المتعاطفات في تعين التنكير لاحتمال ذاكر المضي فتفيده إضافته التعريف وقرئ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] بترك تنوين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كأذرعات لقرية، ولا تنوين تنكير لثبوته مع المعربات. ولا تنوين عوض وهو ظاهر. وما قيل إنه عوض عن الفتحة نصبًا مردود بأن الكسرة قد عوضت عنها "والندا" وهو الدعاء بيا أو إحدى أخواتها فلا يرد نحو: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس: 26] . يا رب سار بات ما توسد ألا يا اسجدوا في قراءة الكسائي لتخلف الدعاء عن يا فإنها لمجرد التنبيه. وقيل إنها للنداء والمنادى محذوف تقديره يا هؤلاء وهو مقيس في الأمر كالآية وفي الدعاء   أحد لتتماثل الكلمات في ترك التنوين {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَار} [يس: 40] بترك تنوين سابق ونصب النهار ليماثل ما قبل العاطف في ترك التنوين وفي الحركة. ا. هـ. بإيضاح. والأصل في تحريكه لساكن يليه الكسر ومن العرب من يضمه إذا ولى الساكن ضم لازم نحو هذا زيد أخرج إليه فإن لم يكن لازمًا فليس إلا الكسر نحو زيد ابنك. همع. قوله: "والندا" قال في المصباح: النداء الدعاء وكسر النون أكثر من ضمها والمد فيهما أكثر من القصر. ا. هـ. فعلم أن لغاته أربع وأن القصر في عبارة المصنف ليس للضرورة بل على لغة، لكن المكسور الممدود مصدر قياسي وغيره سماعي لأن قياس مصدر فاعل كنادى الفاعل والمفاعلة ووجه الروداني لغة الضم والمد بأنه لما انتفت المشاركة في نادى كما لا يخفى كان في معنى فعل بلا ألف فمن ضم ومد لم يراع جهة اللفظ المقتضية للكسر والمد بل راعى جهة المعنى لأن المصدر المقيس لفعل الدال على الصوت فعال كصراخ ونباح وصرح كثير كالجوهري والمرادي بأن المضموم اسم لا مصدر. قوله: "وهو الدعاء إلخ" أي طلب إقبال مدخول الأداة بها. قوله: "فلا يرد" تفريع على تفسيره الندا بما ذكر لا بدخول حرف النداء الوارد عليه ما ذكر. قوله: "يا رب سار" أي عازم على السري لتحصيل غرضه بات ما توسدًا أي لم يضع رأسه على وسادة بل على نحو كفه لئلا يغلب عليه النوم فيفوت مقصوده. قوله: "فإنها لمجرد التنبيه" أي وحرف التنبيه لا يختص بالاسم. ولا ينافيه كونه يستدعي منبهًا والمنبه لا يكون إلا معنى اسم إذ يكفي في ذلك ملاحظة المنبه عقلًا من غير تقدير له في نظم الكلام لأنه لم يذكر بعد أداة التنبيه لفظًا أصلًا بخلاف النداء فاندفع ما اعترض به هنا. قوله: "تقديره يا هؤلاء" أي في الآيتين وأما في البيت فيقدر ما يناسب. قوله: "وهو مقيس" أي حذف المنادى مع كون حرف النداء يا خاصة. قوله: "ألا يا اسلمي" تقدير المنادى يا هذه. ومي قيل ترخيم مية للضرورة. وقيل مي اسم آخر لا ترخيم مية وعلى معنى من. قوله: "وأل" المراد لفظ أل فهو حينئذٍ اسم همزتها همزة قطع كهمزات الأسماء غير المستثناة كما في شرح الجامع. وهذا التعبير هو اللائق على القول بأن حرف التعريف ثنائي الوضع وهمزته قطع وصلت لكثرة الاستعمال. وإلا قيس على القول بأنه ثنائي وهمزته وصل زائدة معتد بها في الواضع كالاعتداد بهمزة نحو استمع حيث لا يعد رباعيًّا نظرًا إلى الاعتداد بالهمزة. ويجوز على الثاني التعبير بالألف واللام نظرًا إلى زيادة الهمزة. أما على القول بأن المعرف اللام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كقوله: ألا يا اسلمي يا دارمي على البلا "وأل" معرفة كانت كالفرس والغلام، أو زائدة كالحرث وطبت النفس. ويقال فيها أم في لغة طيء، ومنه ليس من امبر امصيام في امسفر. وسيأتي الكلام على الموصولة. وتستثنى الاستفهامية فإنها تدخل على الفعل نحو أل فعلت بمعنى هل فعلت حكاه قطرب، وإنما لم يستثنها لندرتها "ومسند" أي محكوم به من اسم أو فعل أو جملة نحو أنت قائم   وحدها فاللائق التعبير بالألف واللام أفاده المرادي. قوله: "ويقال فيها أم في لغة طيء" يمكن جعل في الأولى بدلية كالباء في: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَة} [البقرة: 86] . وفي الثانية ظرفية أي ويقال: بدل أل أم في لغة طيء فلم يلزم تعلق حرفي جر بلفظ واحد بمعنى واحد بعامل واحد. قوله: "ومنه ليس إلخ" محمول كما قاله السيوطي على صوم النفل فلا يخالف قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم} [البقرة: 184] والحديث ورد بلفظ أل ولفظ أم كلاهما بسند رجاله رجال الصحيح كما قاله المناوي. قوله: "وسيأتي الكلام على الموصولة" حاصله أن الجمهور على اختصاصها بالاسم وأن دخولها على الفعل ضرورة. والناظم جوز دخولها على المضارع اختيار اختيارًا فلا تختص بالاسم عنده. قوله: "تدخل على الفعل" أي الماضي كما في التصريح. قوله: "لندرتها" أي والنادر كالعدم. قوله: "ومسند أي محكوم به" فلا يسند إلا إلى الاسم لكن تارة يراد من الاسم المسند إليه معناه وهو الأكثر نحو زيد قائم، وتارة يراد منه لفظه الواقع في تركيب آخر غير هذا التركيب الذي وقع فيه الإسناد إلى اللفظ نحو زيد ثلاثي وضرب فعل ماض ومن حرف جر لأن الكلمة إذا أريد لفظها كانت اسمًا مسماها لفظها الواقع في التركيب المستعمل في معناه، وهو أعني مسماها المذكور هو المحكوم عليه في الأمثلة الثلاثة، وليس المحكوم عليه فيها اللفظ الواقع فيه حتى يعترض بأن جعل ضرب ومن في ضرب فعل ماض ومن حرف جر اسمين ينافي الإخبار عن الأول بفعل ماض وعن الثاني بحرف جر. ويصح تسمية الإسناد في نحو الأمثلة الثلاثة بالإسناد المعنوي، لأن المحكوم عليه فيها معنى اللفظ الواقع فيها لما مر عن السعد التفتازاني أن الألفاظ موضوعة لا نفسها تبعًا لوضعها لمعانيها كما صح تسميته بالإسناد اللفظي لأن المحكوم عليه فيها لفظ كما عرفت. هذا هو التحقيق وإن كان المشهور تسميته بالثاني. فائدة: إذا أسندت إلى الاسم مرادًا منه لفظه وكان لفظه مبنيًا جاز لك أن تعربه إعرابًا ظاهرًا بحسب العوامل كأن تقول ضرب بالرفع والتنوين ومن بالرفع والتنوين ما لم يمنع من الظهور مانع ككون آخر الاسم ألفًا كما في على حرف جر وإذا كان ثاني الكلمة الثنائية المراد لفظها حرف لين ضاعفته فتقول في لو لوّ، وفي في فيّ، وفي ما ماء، بقلب الألف الثانية الحادثة بالتضعيف همزة لامتناع اجتماع ألفين، وجاز لك أن تحكيه بحالة لفظه وهو الأكثر فيكون إعرابه مقدرًا منع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقمت و {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر: 9] . تنبيه: حمل الشارح لفظ مسند في النظم على إسناد فقال: ومسند أي إسناد إليه فأقام اسم المفعول مقام المصدر وحذف صلته اعتمادًا على التوقيف، ولا حاجة إلى هذا التكلف فإن تركه على ظاهره كاف، أي من علامات اسمية الكلمة أن يوجد معها مسند فتكون هي مسندًا إليها ولا يسند إلا إلى الاسم. وأما تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فتسمع منسبك مع أن المحذوفة بمصدر والأصل أن تسمع أي سماعك. فحذفت أن،   من ظهوره حركة الحكاية أو سكونها، ولا يبعد إذا كان لفظه حرفًا أن يبنى للشبه اللفظي بالحرف. وجعل الرضي وتبعه الدماميني التفصيل بين حرف اللين والحرف الصحيح فيما جعل من ذلك علمًا لغير اللفظ. أما ما جعل علمًا للفظ وقصد إعرابه فيضعف ثانيه مطلقًا صحيحًا كان أو حرف لين. وسيأتي مزيد كلام في هذا المقام في بابي الحكاية والنسب. قوله: "على إسناد" هو كما مر ضم كلمة إلى أخرى على وجه الإنشاء أو الإخبار فهو أعم من كل منهما. قوله: "فأقام اسم المفعول مقام المصدر" فيه أن صيغة مفعل كمسند تأتي مصدرًا ميميًّا لأفعل كأسند كما تأتي اسم مفعول واسم زمان واسم مكان، فهلا جعل مسندًا من أول الأمر مصدرًا واستغنى عن تكلف هذه الإقامة. قوله: "وحذف صلته" أي الجار والمجرور المتعلقين به وهما إليه واحتاج إلى تقديرها لأن الإسناد بقطع النظر عنها لا يختص بالاسم بل يشاركه فيه الفعل إذ كل منهما يكون مسندًا. قوله: "اعتمادًا على التوقيف" أي التعليم اعترضه المرادي بأن الاعتماد على التوقيف لا يحسن في مقام التعريف ورده زكريا بأن الاعتماد عليه في مثل ذلك لا يؤثر. قوله: "ولا حاجة إلى هذا التكلف" مثله جعل اللام في للاسم بمعنى إلى متعلقة بمسند للاحتياج مع ذلك إلى تقدير صلة التمييز. وقول البعض لا حذف في الكلام على هذا غير صحيح إلا أن يريد نفي حذف متعلق مسند فقط. قوله: "ولا يسند إلا إلى الاسم" أي على الصحيح. وقيل: يجوز الإسناد إلى الجملة مطلقًا. وقيل: يجوز بشرط كون المسند قلبيًا واقترانه بمعلق نحو ظهر لي أقام زيد وجعلوا منه قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} [يوسف: 35] وهو على الأول مؤول بأن في بدا ضميرًا يعود على البداء المفهوم من الفعل، وليسجننه معمول لقول محذوف أي قالوا ليسجننه، وقيل بشرط ذلك وكون المعلق استفهامًا ويأتي بسطه في باب الفاعل. قوله: "تسمع بالمعيدي" تصغير معدي منسوب إلى معد بن عدنان. وإنما خففت الدال استثقالًا للجمع بين التشديدين مع ياء التصغير وهو مثل للرجل الذي له صيت في الناس لكنه محتقر المنظر. قوله: "فحذفت أن" أي ورفع المثل. قال الشمني: وحذف أن مع رفع الفعل ليس قياسيًا على المختار. ا. هـ. وجزم الروداني بأنه قياسي وأما رواية نصبه فعلى إضمارها لأن المضمر في قوة المذكور بخلاف المحذوف لكن نصبه على إضمارها في مثل ذلك شاذ كما ستعرفه في باب إعراب الفعل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وحسن حذفها وجودها في أن تراه. وقد روي أن تسمع على الأصل وأما قولهم زعموا مطية الكذب فعلى إرادة اللفظ مثل من حرف جر وضرب فعل ماض، فكل من زعموا ومن وضرب اسم للفظ مبتدأ وما بعده خبر "للاسم تمييز" عن قسيميه "حصل" تمييز مبتدأ والجملة بعده صفة له وللاسم خبر وبالجر متعلق بحصل. وقدم معمول الصفة على الموصوف الممنوع اختيارًا للضرورة وسهلها كونه جارًّا ومجرورًا. وإنما ميزت هذه الخمسة الاسم لأنها خواص له. أما الجر فلأن المجرور مخبر عنه في المعنى ولا يخبر إلا عن الاسم. وأما التنوين فلأن معانية الأربعة لا تتأتى في غير الاسم. وأما النداء فلأن المنادى   قوله: "وأما قولهم إلخ" هذا وارد على قوله ولا يسند إلا إلى الاسم. قوله: "زعموا مطية الكذب" أي مطية الحاكي قول غيره إلى نسبة الكذب إلى القول الذي يحكيه على ما قاله شيخنا. ويحتمل أن المراد مطية الكاذب إلى حكاية القول الكذب الذي يحكيه أي كالمطية في التوصيل إلى المقصود. ويروي مظنة بالظاء المشالة والنون. قوله: "اسم للفظ" أي علم شخصي للفظ الواقع في غير هذا التركيب من التراكيب المستعمل فيها اللفظ في معناه كما في سرت من البصرة، وضرب زيد كما مر مفصلًا. قوله: "تمييز" أي تميز لأنه الثابت للاسم لا التمييز الذي هو فعل الفاعل فهو من إطلاق المصدر على الحاصل به. قوله: "تمييز مبتدأ والجملة بعده صفة إلخ" هذا أحد الأوجه في إعراب البيت والمعنى عليه التمييز الحاصل بالجر وما عطف عليه كائن للاسم. ومنها أن يكون الخبر الجملة وللاسم متعلق بتمييز وبالجر متعلق بحصل. ومنها أن يكون الخبر بالجر والجملة صفة لتمييز وللاسم متعلق بحصل. وأوصلها أرباب الحواشي إلى سبعين وجهًا أو أكثر وفي كثير منها نظر يعلم بالتأمل فيما كتبوه. قوله: "الممنوع" صفة لمعمول الصفة فنائب فاعله ضمير عائد عليه لا على قوله الموصوف وإن أوهمه كلام البعض على حذف مضاف أي الممنوع تقديمه لأن الصفة متأخرة في الرتبة عن الموصوف فكيف يقدم ما هو فرعها عليه. ويحتمل أن الممنوع صفة للموصوف فنائب فاعله ضمير عائد عليه على حذف ثلاث مضافات وجار ومجرور أي الممنوع تقديم معمول صفته عليه وفي هذا تكلف كثير. وفي الذي قبله الفصل بين المنعوت والنعت بأجنبي. وأحسن منهما جعل الممنوع صفة لمفعول مطلق محذوف أي التقديم الممنوع. قوله: "مخبر عنه في المعنى" فزيد في مررت بزيد أو جاء غلام زيد مخبر عنه في المعنى على الأول بأنه ممرور به وعلى الثاني بأن له غلامًا. وإنما لم يكتفوا عن التمييز بالجر بالتمييز بالإخبار عنه لوضوح الجر في المجرور بخلاف كونه مخبرًا عنه. قوله: "معانيه الأربعة" أي الحكم الأربع لأنواعه الأربعة: وهي دلالته على أمكنية الاسم، ودلالته على تنكيره، وكونه في جمع المؤنث السالم مقابلًا للنون في جمع المذكر السالم، وكونه عوضًا فالإضافة على تقدير مضاف أو هي لأدنى ملابسة. وإطلاق معنى الشيء على حكمته لأنها غرض مقصود منه كثير في كلامهم. قوله: "لا تتأتى في غير الاسم" أما الدلالة على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 بتا فعلت وأتت ويا افعلي ... ونون أقبلن فعل ينجلي   مفعول به والمفعول به لا يكون إلا اسمًا. وأما أل فلأن أصل معناه التعريف وهو لا يكون إلا للاسم. وأما المسند فلأن المسند إليه لا يكون إلا اسمًا. تنبيه: لا يشترط لتمييز هذه العلامات وجودها بالفعل بل يكفي أن يكون في الكلمة صلاحية لقبولها "بتا" الفاعل متكلما كان نحو "فعلت" بضم التاء أو مخاطبًا نحو   أمكنية الاسم والدلالة على تنكيره فظاهرتان وأما كونه في جمع المؤنث السالم مقابلًا لنون جمع المذكر السالم فلأن الفعل والحرف لا يجمعان جمع مذكر ولا جمع مؤنث حتى يتصور فيهما ذلك. وأما كونه عوضًا فلأن العوضية إن كانت عن جملة فالفعل والحرف لا يعقبهما جملة، أو عن مضاف إليه فالمضاف لا يكون إلا اسمًا، أو عن حرف فالحرف المعوّض عنه إنما هو آخر الاسم الممنوع من الصرف. قوله: "فلأن المنادى مفعول به" قال شيخنا السيد: ظاهره لفظًا ومعنى وهو مذهب سيبويه والجمهور قالوا: المنادى مفعول به لفعل واجب الحذف تقديره أنادي. وقال ابن كيسان وابن الطراوة: بل هو مفعول به معنى ولا تقدير. ا. هـ. وفي حاشية السيوطي على المغني أن بعضهم ذهب إلى أن أحرف النداء أسماء أفعال متحملة لضمير المتكلم. قوله: "والمفعول به لا يكون إلا اسمًا" أورد عليه أمران: الأول أنه كان ينبغي حينئذٍ التعريف بمطلق المفعولية لا بخصوص النداء وأجاب ابن هشام بأن تلك علامة خفية لا يدركها المبتدي بخلاف كون الكلمة مناداة. وبحث فيه سم بأنه إن أراد بكون الكلمة مناداة مجرد دخول حرف النداء عليها لم يصح علامة لدخوله على غير الاسم أو كون مدلولها مطلوبًا إقباله ففي إدراك المبتدي إياه دون المفعولية نظر ظاهر. الثاني: أن المفعول به قد يكون جملة نحو أظن زيدًا أبوه قائم ونحو قال زيد حسبي الله. وأجيب بأنها مفرد في المعنى لأن المعنى أظن زيدًا قائم الأب وقال زيد هذا اللفظ أو هذا المقول. ويدل لهذا ما سننقله أن التحقيق أن الخبر في نحو نطقي الله حسبي من قبيل الخبر المفرد، فاستبعاد البعض كون مفعول القول مفردًا في المعنى غير متجه. قوله: "وهو لا يكون إلا للاسم" لأن وضع الفعل على التنكير والإبهام والحرف غير مستقل. قوله: "بتا الفاعل" أشار الشارح بهذا إلى أنه ليس المقصود بقول المصنف بتا فعلت خصوص التاء المضمومة أو خصوص التاء المفتوحة مثلًا بل تاء الفعل مطلقًا من ذكر الملزوم وإرادة اللازم على طريق الكناية أو المجاز المرسل. ومثل ذلك يقال في قوله ويا افعلي ونون أقبلن. وقوله نحو إلخ يقتضي ضم التاء في عبارة المصنف مع أن الرواية الفتح ولعله آثر الأعرف وهو ضمير المتكلم والأشرف وهو الضم أو أشار إلى صحة غير المروي. ثم المراد بتاء الفاعل التاء الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل أو قام به أو نفى عنه ذلك كضربت ومت وما ضربت وما مت. وبهذا علم أنه ليس المراد الفاعل الاصطلاحي للزوم القصور عليه بخروج التاء اللاحقة لكان وأخواتها ولزوم الدور حيث عرّف الفعل هنا بقبول تاء الفاعل وعرف الفاعل في بابه بأنه الاسم المسند إليه فعل ولا الفاعل اللغوي وهو من حصل منه الفعل لخروج التاء في نحو ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تباركت يا الله بفتحها أو مخاطبة نحو قمت يا هند بكسرها "و" تاء التأنيث الساكنة أصالة نحو "أتت" هند والاحتراز بالأصالة عن الحركة العارضة نحو قالت أمة بنقل ضمة الهمزة إلى التاء، وقالت امرأة العزيز بكسر التاس لالتقاء الساكنين، وقالتا بفتحها لذلك. أما تاء   ضربت ومت. وعلم أيضًا سقوط اعتراض جماعة كالبعض بدخول التاء في نحو ما قام إلا أنت لأنها ليست دالة بالمطابقة على نفس الفاعل بل الدال عليه أن والتاء حرف خطاب فقط. لكن بقي أنه لم تدخل التاء اللاحقة لليس حتى ينهض ما سيأتي من رد زعم حرفيتها بلحاق تاء الفاعل إذ لا يصدق عليها أنها تاء من وجد منه الفعل أو قام به أو نفي عنه لعدم دلالة ليس على الحدث وإن دلت بقية أخواتها عليه، نص على ذلك المصنف في تسهيله، بل هي تاء من نفى عنه الخبر اللهم إلا أن يراد بالفعل ما يشمل مدلول الخبر. وأما دخول اللاحقة لعسى فظاهر إذ هي تاء من قام به الرجاء أو انتفى عنه. ويتعين القصر في قول الناظم بتا للوزن وإن كان في نحو الباء والتاء والثاء المد والقصر كما في الهمع. قوله: "وأتت" عطف على تا فعلت بتقدير مضاف أي وتاء أتت أو على فعلت مع جعل التاء في قوله بتاء من استعمال المشترك في معنييه كما أفاده سم فلا اعتراض بأن كلام المصنف يقتضي اتحاد تاء فعلت وتاء أتت مع أنهما نوعان متباينان. قوله: "التأنيث" أي تأنيث الفاعل فلا يرد تاء ربت وثمت على لغة سكونها نعم يرد أنه لم تدخل التاء اللاحقة لليس حتى ينهض ما سيأتي من رد زعم حرفيتها بلحاق تاء التأنيث، إذ ليست التاء في نحو ليست هند قائمة تاء تأنيث الفاعل بالمعنى المتقدم لما مر إلا أن يجاب بما مر. لكن الاعتراض بليس هنا وفيما مر آنفًا مبني على ما اشتهر أنها للنفي لا على ما يأتي عن السيد فتنبه. ويرد أيضًا أنه لم تدخل اللاحقة لعسى حتى ينهض ذلك إذ ليست التاء في نحو عست هند أن تقوم تاء المتصفة بالرجاء إذ المتصف به المتكلم، إلا أن يجاب بما مر أو بأن معنى عسى في الأصل قارب كما يأتي وهند مثلًا هي المتصفة بالمقاربة، وكذا تاء نعمت وبئست فإن معناهما إن كان أمدح وأذم ففاعلهما المتكلم والتاء ليست له، أو حسن وقبح فالفاعل الجنس وهو لا يتصف بذكورة ولا أنوثة. ويمكن اختيار الثاني. ويقال لما كان مدح الجنس لأجل تلك المؤنثة كان كأن الجنس مؤنث فتأمل. قوله: "الساكنة" هذا القيد للإخراج وقوله أصالة قيد لهذا القيد فيكون للإدخال. فقوله بعد والاحتراز بالأصالة عن الحركة العارضة أي عن خروج ذي الحركة العارضة. وإنما سكنت تاء الفعل للفرق بين تائه وتاء الاسم ولم يعكس لئلا ينضم ثقل الحركة إلى ثقل الفعل. قوله: "قالت أمة بنقل إلخ" هو رواية ورش عن نافع فهي سبعية. قوله: "لالتقاء الساكنين" أي للتخلص من التقائهما. قوله: "بفتحها لذلك" أي للتخلص من التقاء الساكنين واعلم أن لفتح التاء جهتين جهة عموم وهي جهة كونه حركة. وجهة خصوص وهي جهة كونه فتحًا: فعلة جهة العموم التخلص وعلة جهة الخصوص مناسبة الألف. والكلام هنا في فتح التاء من جهة العموم بدليل قوله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   التأنيث المتحركة أصالة فلا تختص بالفعل بل إن كانت حركتها إعرابًا اختصت بالاسم نحو فاطمة وقائمة وإن كانت غير إعراب فلا تختص بالفعل بل تكون في الاسم نحو لا حول ولا قوة إلا بالله، وفي الفعل نحو هند تقوم، وفي الحرف نحو رب وثمت. بهاتين العلامتين وهما تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة رد على من زعم من البصريين كالفارسي حرفية ليس، وعلى من زعم من الكوفيين حرفية عيسى، وبالثانية رد على من زعم من الكوفيين كالفراء اسمية نعم وبئس. تنبيه: اشترك التاءان في لحاق ليس وعسى، وانفردت الساكنة بنعم وبئس، وانفردات تاء الفاعل بتبارك، هكذا مشى عليه الناظم فإنه قال في شرح الكافية: وقد انفردت يعني تاء التأنيث بلحاقها نعم وبئس كما انفردت تاء الفاعل بلحاقها تبارك. وفي شرح الآجرومية للشهاب البجائي أن تبارك تقبل التاءين تقول: تباركت يا الله، وتباركت أسماء الله "ويا افعلي" يعني ياء المخاطبة ويشترك في لحاقها الأمر والمضارع نحو قومي يا هند، وأنت يا هند تقومين "ونون"   والاحتراز بالأصالة عن الحركة العارضة وقوله: أما تاء التأنيث المتحركة أصالة، فلهذا قال الشارح لذلك ولم يقل لمناسبة الألف فسقط ما اعترض به البعض وغيره على قوله لذلك فلا تكن من الغافلين. قوله: "وإن كانت غير إعراب" بأن كانت حركة بناء كما في قوة، أو حركة بنية كما في تقوم فلا اعتراض على تمثيله. قوله: "نحو ربت وثمت" أي على لغة تحريك تاءيهما وهما ولات ولعلت على لغة من ألحق لعل تاء ساكنة، وليس من الحروف ما أنث بالتاء إلا هي كما نقله شيخنا السيد عن الشيخ إبراهيم اللقاني. قوله: "رد على من زعم من البصريين إلخ" أجاب الفارسي بأن لحاق التاء لليس لشبهها بالفعل في كونه على ثلاثة أحرف، وبمعنى ما كان، ورافعًا، وناصبًا كذا في الدماميني ومثله يجري في عسى. قوله: "حرفية ليس" أي قياسًا على ما النافية. نقل الروداني أن السيد ذكر في العباب أن ليس عند من جعلها فعلًا معناها ثبت انتفاؤه أي انتفاء وصف ما أسندت إليه وعليه الجمهور. وأن القول بأنها للنفي قول بحرفيتها لأن النفي معنى في الإسناد. ا. هـ. قوله: "حرفية عسى" أي قياسًا على لعل نقل الروداني أن السيد ذكر في العباب أن عسى زيد أن يخرج معناه الأصلي قارب زيد الخروج ثم صار إنشاء للرجاء. ا. هـ. وما قاله إنما يظهر على أنها فعل كما هو الصحيح أما على كونها حرفًا فهي للترجي. قوله: "في لحاق" بفتح اللام مصدر لحق بكسر الحاء. قوله: "وتباركت أسماء الله" قال في التصريح هذا إن كان مسموعًا فذاك وإلا فاللغة لا تثبت بالقياس. ا. هـ. وردّ بأن هذا ليس من إثبات اللغة بالقياس لأنه وضع اسم معنى على معنى آخر لجامع بينهما وما هنا ليس كذلك لأن غاية ما فيه إدخال علامة في فعل يصلح لدخولها. قوله: "ويا افعلي" بقصر يا للوزن ولم يقل وياء الضمير أو وياء المتكلم للحوقهما الاسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   التوكيد ثقيلة كانت أو خفيفة نحو "أقبلن" ونحو لنسفعا. وقد اجتمعا حكاية في قوله: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} [يوسف: 32] وأما لحاقها اسم الفاعل في قوله: 10- أشاهرن بغدنا السيوفا وقوله: 11- أقائلن أحضروا الشهودا فشاذ.   والفعل والحرف نحو مرّ بي أخي فأكرمني. وبهذه العلامة رد على من قال كالزمخشري بأن هات بكسر التاء وتعالى بفتح اللام اسمًا فعلى أمر: فهات بمعنى ناول وتعالى بمعنى أقبل. والصحيح أنهما فعلا أمر مبنيان على حذف حرف العلة إن خوطب بهما مذكر وعلى حذف النون إن خوطب بهما مؤنث. قوله: "يعني ياء المخاطبة" أي لا خصوص اللاحقة للأمر وإن أوهمته العبارة. وانظر لم لم يقل كسابقه ولاحقه وياء المخاطبة في الأمر نحو افعلي والمضارع نحو أنت يا هند تقومين ولعله للتفنن. قوله: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} قيل أكدت في الأول بالثقيلة لقوة قصدها سجنه وشدة رغبتها فيه، وفي الثاني بالخفيفة لعدم قوة قصدها تحقيره وإهانته وعدم شدة رغبتها في ذلك لما عندها من المحبة له. قوله: "وأما لحاقها اسم الفاعل" وكذا الماضي في قوله: دا من سعدك إن رحمت متيمًا ... لولاك لم يك للصبابة جانحا قوله: "أشاهرن" هو جمع كما يفيده صدر البيت: يا ليت شعري منكم حنيفا أي يا ليتني أعلم حال كوني حنيفًا منكم جواب هذا الاستفهام. وأما جعل البعض تبعًا للعيني حنيفًا مفعول شعري فيلزم عليه عدم ارتباط قوله أشاهرن إلخ بما قبله، على أن الرضي قال: التزم حذف الخبر في ليت شعري مردفًا باستفهام نحو ليت شعري أتأتيني أم لا؟ فهذا الاستفهام   10- صدر البيت: يا ليت شعري منكم حنيفا والرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص179، وخزانة الأدب 11/ 42، 427، 428، والمقاصد النحوية 1/ 122؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص673؛ والجني الداني ص142؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 442؛ ولسان العرب 4/ 433 "شهر". 11- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173؛ وشرح التصريح 1/ 42، والمقاصد النحوية 1/ 118، 3/ 648، 4/ 443؛ ولرجل من هذيل في حاشية ياسين 1/ 42؛ وخزانة الأدب 6/ 5؛ والدرر 5/ 176؛ وشرح شواهد المغني 2/ 758، ولرؤبة أو لرجل من هذيل في خزانة الأدب 11/ 420، 442، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 242؛ وأوضح المسالك 1/ 24؛ والجني الداني ص141؛ والخصائص 1/ 136؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 447؛ والمحتسب 1/ 193؛ ومغني اللبيب 1/ 336؛ همع الهوامع 2/ 79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 سواهما الحزف كهل وفي ولم ... فعل مضارع يلي لم كيشم   "فعل ينجلي" مبتدأ. وخبر وسوغ الابتداء بفعل قصد الجنس مثل قولهم: تمرة خير من جرادة. وبتا متعلق بينجلي أي يتضح الفعل ويمتاز عن قسيميه بهذه العلامات لاختصاصها به فلا توجد مع غير إلا شذوذ كما تقدم. تنبيه: قولهم في علامات الاسم والفعل يعرف بكذا أو بكذا هو من باب الحكم بالجميع لا بالمجموع أي كل واحد علامة بمفرده لا جزء علامة "سواهما" أي سوى   مفعول شعري والخبر محذوف وجوبًا بلا ساد مسده لكثرة الاستعمال. ا. هـ. فأصله أشاهرون فأدخلت نون التوكيد فحذفت نون الجمع لتوالي الأمثال ثم الواو لالتقاء الساكنين وكذا أقائلن كما يفيده كلام العيني. وروي أقائلون الشهودا أي على أن الولد الذي حبلت به تلك المرأة من حليلها كما قاله السيوطي، فالاسم معرب بالواو ولو كان مفردًا لأعرب مع النون بالحركة ولم يبن معها كالمضارع لأن الأصل في الاسم الإعراب بخلاف الفعل. وبحث الدماميني في الاستشهاد بالأخير بأنه يجوز أن يكون الأصل أقائل أنا فحذفت همزة أنا اعتباطًا وأدغم التنوين في النون. وفي هذا الاحتمال من البعد والمخالفة لرواية أقائلون ما يصحح الاستشهاد المبني على الظاهر فتدبر. قوله: "فشاذ" وسهل شذوذه مشابهته للمضارع لفظًا ومعنى. قوله: "قصد الجنس" أي في ضمن أفراد بعض أنواعه من غير تعيين لهذا البعض قبل اعتبار خصوص علامة من العلامات الأربع ومع تعيينه بعد اعتبار خصوص العلامة التي يقبلها، فإن اعتبر خصوص تاء الفاعل أو تاء التأنيث الساكنة تعين هذا البعض بكونه الماضي، أو خصوص نون التوكيد تعين بكونه المضارع أو الأمر، أو خصوص ياء المخاطبة فكذلك. فسقط بقولنا في ضمن أفراد ما قيل من أن الجنس الماهية الذهنية وهي لا تلحقها العلامات لعدم حصولها في الخارج، وبقولنا: بعض أنواعه إلخ ما قيل إن الجنس يوجد في ضمن جميع أفراده وجنس الفعل في ضمن جميع أفراده لا ينجلي بواحدة من العلامات الأربع إذ لا شيء منها يلحق الأنواع الثلاثة جميعًا. وجعل المعرب المسوّغ كون فعل قسيم المعرفة أي الاسم والحرف. قوله: "وبتا متعلق بينجلي" إن قلت: يلزم عليه تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ وهو ممنوع قلت: هذا التقديم مغتفر هنا للضرورة أو لكون المعمول جارًّا ومجرورًا والظروف يتوسع فيها، مع أن منع هذا التقديم أحد مذهبين، وثانيهما جوازه وهو الأصح. قوله: "فلا توجد مع غيره" فيه إشارة إلى أن الباء في قوله لاختصاصها به داخلة على المقصور عليه. قوله: "من باب الحكم بالجميع" أي بكل فرد. قال شيخنا السيد: ولا حاجة لكون الباء بمعنى على لأن العلامات متعلقة بالمحكوم به لأن المعنى الفعل ينجلي بكل مما ذكر. وقوله: لا بالمجموع أي الأفراد معتبرًا فيها الهيئة الاجتماعية أي الحاصلة من اجتماع هذه العلامات. وقوله: أي كل واحد إلخ بيان لحاصل المعنى. ولو قال أي الفعل ينجلي بكل واحد مما ذكر لكان أوفق كما يعلم مما قدمناه عن شيخنا السيد. قوله: "سواهما" خبر مقدم والحرف مبتدأ مؤخر لأنه المحدث عنه فهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قابلي العلامات التسع المذكورة "الحرف" لما علم من انحصار أنواع الكلمة في الثلاثة، أي علامة الحرفية أن لا تقبل الكلمة شيئًا من علامات الأسماء ولا شيئًا من علامات الأفعال، ثم الحرف على ثلاثة أنواع: مشترك "كهل" فإنك تقول: هل زيد قائم وهل يقعد   المبتدأ وإن قلنا بتصرف سوى كما هو الراجح. قوله: "أي سوى قابلي العلامات" أشار بذلك إلى ما قاله ابن هشام من أن في كلام المصنف حذف مضافين والتقدير والحرف سوى قابلي علاماتهما، ولو لم يحصل على ذلك اختلّ فإنه قد علم من قوله: واسم وفعل ثم حرف الكلم أن كلا من الثلاثة غير الآخرين قطعًا. وأورد عليه سم في نكته أنه علم من قوله واسم إلخ أيضًا قطعًا أن الحرف سوى قابلي علامات الاسم والفعل للقطع بأن مقابل الشيء لا يقبل علاماته فما ذكره من التقدير مختل أيضًا، إلا أن يقال إن في هذا التقدير إشارة إلى أن علامة الحرف مجرد عدم قبول علاماتهما ولهذا قال الشارح بعد أي علامة الحرفية إلخ فهو بيان للمقصود من التقدير. ومنهم من جعل فائدة قوله سواهما الحرف التمهيد لتقسيمه إلى أقسامه الثلاثة. لا يقال هذا شامل للجملة لأنها لا تقبل شيئًا من علامات الاسم والفعل لأنا نقول جنس تعريفه الحرف بقوله سواهما الحرف كلمة مقدرة بقرينة أن الحرف من أقسام الكلمة والتقدير الحرف كلمة سواهما. قوله: "التسع المذكورة" هي وإن كان بعضها حروفًا في الواقع إلا أنها لم تجعل علامات بعنوان كونها حروفًا حتى يعترض بلزوم الدور في جعل عدم قبولها علامة الحرف بل بعنوان كونها ألفاظًا معينة بقطع النظر عن كونها حروفًا أولًا. وإنما قال الشارح التسع المذكورة لأنه لو عمم في العلامات وجعلها شاملة للعلامات التي لم تذكر هنا لكان في الكلام إحالة على مجهول. وأورد على كلامه أن من الأسماء ما لا يقبل شيئًا من هذه التسع كقط وعوض وحيث وبعض اسم الفعل. وأجيب بأن هذا تعريف بالأعم وهو جائز عند المتقدمين لإفادته التمييز في الجملة. وما قيل من أنه يؤدي إلى خطأ المبتدي إذ يعتقد حرفية بعض الأسماء دفع بأن التوقيف الذي لا يستغنى عنه المبتدي كاف في بيان اسمية ما انتفت عنه العلامات المذكورة. وقد يجاب عن أصل الإيراد بأنا لا نسلم أن ما ذكر لا يقبل الإسناد إليه لأن المراد بقبول الاسم ذلك ما هو أعم من أن يقبل بنفسه أو بمرادفه أو بمعنى معناه، وقط وعوض وحيث تقبله بمرادفها وهو الوقت الماضي والوقت المستقبل والمكان. واسم الفعل يقبله إما بمرادفه وهو المصدر بناء على أن مدلوله الحدث أو بمعنى معناه بناء على أن مدلوله لفظ الفعل، ونعني بمعنى معناه المعنى التضمني لمعناه فتنبه. قوله: "أي علامة الحرفية أن لا تقبل إلخ" أورد عليه أن عدم قبول ما ذكر لا يصلح علامة للحرف لتصريحهم بأن العدم لا يصلح علامة للوجودي. وأجيب بأن ذلك في العدم المطلق وما هنا عدم مقيد. قوله: "ثم الحرف على ثلاثة أنواع" إشارة إلى نكتة تعداد المصنف الأمثلة. ولك أن تجعل نكتته الإشارة إلى أن الحرف مهمل وعامل العمل الخاص بالأسماء وعامل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "و" مختص بالأسماء نحو "في و" مختص بالأفعال نحو "لم". تنبيهان: الأول إنما عدت هل من المشترك نظرًا إلى ما عرض لها في الاستعمال من دخولها على الجملتين نحو: {فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} [الأنبياء: 80] و: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} [المائدة: 112] لا نظرًا إلى أصلها من الاختصاص بالفعل، ألا ترى كيف وجب النصب وامتنع الرفع بالابتداء في نحو هل زيدًا أكرمته كما سيجيء في بابه، ووجب كون زيد فاعلًا لا مبتدأ في هل زيد قام التقدير هل قام زيد قام وذلك لأنها إذا لم تر الفعل في   العمل الخاص بالأفعال لكن يرد على هذا ترك العامل العمل المشترك. ومراد الشارح بالأنواع الأنواع اللغوية وهي الأصناف من الشيء لا المنطقية لأن الحرف نوع من جنس الكلمة والكليات المندرجة تحت النوع ليست أنواعًا بل هي أصناف. ثم الأنواع الثلاثة التي ذكرها الشارح بالبسط ثمانية لأن المشترك إما مهمل لا عمل له وهو الأصل فيه كهل وبل، أو عامل على خلاف الأصل كما ولا وإن المشبهات بليس. والمختص بالأسماء إما عامل العمل الخاص بها وهو الأصل كفى أو غير الخاص كإن وأخواتها أو مهمل كلام التعريف. والمختص بالأفعال كذلك كلم ولن وقد. وما جاء على الأصل لا يسأل عنه، وما جاء على خلافه يسأل عن حكمة مخالفته الأصل وسيذكر الشارح ذلك. قوله: "لا نظرًا إلى أصلها من الاختصاص بالفعل" إنما كان أصلها ما ذكر لأنها في الأصل بمعنى قد كما في: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَان} [الإنسان: 1] وقد مختصة بالفعل لكنها لما تطفلت على همزة الاستفهام انحطت رتبتها عن الاختصاص. قوله: "ألا ترى" استدلال على اختصاصها بحسب الأصل بالفعل والاستفهام للتقرير بالرؤية كهو في: {أَلَمْ نَشْرَح} ، لأن الاستفهام التقريري حمل المخاطب على الإقرار بالحكم الذي يعرفه من إثبات كما في: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1] {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه} [الزمر: 36] أو نفي كما في: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّه} [المائدة: 116] ، لا حمل المخاطب على الإقرار بما يلي الهمزة دائمًا وإلا ورد مثل هذه الآيات وإنما أولى الهمزة ضد المقرر به في مثل هذه الآيات لنكتة ككون إيراد الكلام على صورة ما يزعمه الخصم أبعث له على إصغائه إليه وإذعانه للحق الذي هو المقر به فاعرفه. وقال شيخنا السيد الاستفهام للإنكار أي لإنكار نفي الرؤية. قوله: "كيف وجب" الجملة في محل نصب لسدها مسد مفعولي ترى المعلق بالاستفهام وكيف في محل نصب على الحالية من فاعل وجب. قوله: "في نحو هل زيدًا أكرمته" هذا والمثال بعده يدلان على أن هل يجوز أن يليها لفظًا اسم بعده فعل اختيارًا مرفوعًا كان أو منصوبًا وأنه يكفي في هذه الصورة أن يليها تقديرًا فعل وهو مذهب الكسائي ومذهب سيبويه أن الفعل متى وجد في حيزها لا يجوز أن يليها لفظًا اسم في الاختيار وأنه لا يكفي حينئذٍ أن يليها تقديرًا فعل. قوله: "وذلك" أي المذكور من وجوب النصب على المفعولية لمحذوف في هل زيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حيزها تسلت عنها ذاهلة، وإن رأته في حيزها حنت إليه لسابق الألفة فلم ترض حينئذ إلا بمعانقته. الثاني حق الحرف المشترك الإهمال، وحق المختص يقبل أن يعمل العمل الخاص بذلك القبيل، وإنهما عملت ما ولا وإن النافيات مع عدم الاختصاص لعارض الحمل على ليس، على أن من العرب من يهملهن على الأصل كما سيأتي. وإنما لم تعمل ها التنبيه وأل المعرفة مع اختصاصهما بالأسماء، ولا قد والسين وسوف وأحرف المضارعة مع اختصاصهن بالأفعال لتنزيلهن منزلة الجزء من مدخولهن، وجزء الشيء لا يعمل فيه. وإنما لم تعمل إن وأخواتها وأحرف النداء الجر لما يذكر في موضعه. وإنما عملت لن النصب   أكرمته، ووجوب الرفع على الفاعلية لمحذوف في هل زيد قام ثابت لأنها إلخ هكذا ينبغي فهم العبارة وما قاله البعض في حلها غير ظاهر. قوله: "في حيزها" أي قرب حيزها لاشتغال حيزها بها أو المراد بحيزها تركيبها أي التركيب التي هي فيه. قوله: "ذاهلة" أي غافلة عنه تركًا له في مقابلة تركه لها. قوله: "حنت" بالتشديد والتخفيف. قوله: "لسابق الألفة" أي للألفة السابقة. قوله: "إلا بمعانقته" أي ولو تقديرًا على ما مشى عليه الشارح قيل من مذهب الكسائي أما على مذهب سيبويه فلا ترضى إلا بمعانقته لفظًا. قوله: "حق الحرف المشترك الإهمال" استظهر بعضهم أن حقه عدم العمل الخاص لا عدم العمل مطلقًا. قوله: "أن يعمل العمل الخاص" لتظهر مزية الاختصاص الدال على قوة تأثير الحرف في القبيل المختص به. قوله: "لعارض الحمل" أي لعارض هو الحمل فالإضافة للبيان أو للحمل على ليس العارض فالإضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف والحمل القياس والجامع فيه إفادة كل النفي. قوله: "ها التنبيه" بالقصر ولا يجوز المد لأنه علم على الكلمة المركبة من هاء وألف فنكر وأضيف إلى التنبيه إضافة الدال إلى المدلول ليتضح المراد به، ولو مدّ اقتضى أن لنا هاء مفردة تكون للتنبيه وليس كذلك أفاده يس. قوله: "وأل المعرفة" قيد بالمعرفة مراعاة لمذهب المصنف من عدم اختصاص الموصولة بالأسماء. ولا ترد الزائدة لأنها في الأصل المعرفة فهي داخلة في عبارته فاندفع ما اعترض به البعض. قوله: "لتنزيلهن" أي الستة. ووجه التنزيل في ها التنبيه وأل وأحرف المضارعة أن العامل يتخطاها ويعمل فيما بعدها. ووجهه في قد والسين وسوف أن قد تفيد قرب الفعل من الحال أو تحقيقه أو تقليله، ومقابليها يفيدان تأخره فمجموع الفعل وأحد الثلاثة بمنزلة كلمة دالة وضعًا على الحدث وقربه أو تحقيقه أو تقليله أو تأخره، لكن في كون أحرف المضارعة بمنزلة الجزء نظر فإنها أجزاء من المضارع حقيقة لا تنزيلًا. وقوله: لتنزيلهن إلخ أورد عليه بعضهم أن وكي المصدريتين لعملهما في المضارع مع كونهما بمنزلة الجزء لأنهما موصولتان. وعلل عدم عمل تلك الحروف بأنها مخصصة لمدخولها والمخصص للشيء كالوصف له والوصف لا يعمل في الموصوف فتأمله. قوله: "لما يذكر في موضعه" أي من شبه إن وأخواتها بالأفعال في المعنى فإن وأن يشبهان أؤكد، وليت أتمنى، ولعل أترجى، وكأن أشبه، ولكن استدرك ومن نيابة أحرف النداء عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وماضي الأفعال بالتاء مز وسم ... وبالنون فعل الأمر إن أمر فهم   دون الجزم حملًا على لا النافية للجنس لأنها بمعناها، على أن بعضهم جزم بها كما سيأتي. ولما كانت أنواع الفعل ثلاثة: مضارع وماض وأمر أخذ في تمييز كل منها عن أخويه مبتدئًا بالمضارع لشرفه بمضارعته الاسم أي بمشابهته كما سيأتي بيانه فقال: "فعل مضارع يلي" أي يتبع "لم "النافية أي ينفى بها "كيشم" بفتح الشين مضارع شممت الطيب ونحوه بالكسر من باب علم يعلم، هذه اللغة الفصحى. وجاء أيضًا من باب نصر ينصر، حكى هذه اللغة الفراء وابن الإعرابي ويعقوب وغيرهم؛ ولا عبرة بتخطئة ابن درستويه العامة في النطق بها "وماضي الأفعال بالتا" المذكورة أي تاء فعلت وأتت "مز" لاختصاص كل منهما به. ومز أمر من مازه يميزه. يقال: مزته فامتاز. وميزته فتميز "وسم" أي علم "بالنون" المذكورة أي نون التوكيد "فعل الأمر إن أمر" أي طلب "فهم" من اللفظ أي علامة فعل الأمر مجموع شيئين: إفهام الكلمة الأمر اللغوي وهو الطلب. وقبولها نون التوكيد فالدور منتف. فإن قبلت الكلمة النون ولم تفهم الأمر فهي مضارع نحو هل تفعلن.   أدعو. قوله: "وإنما عملت لن النصب إلخ" هذا سؤال يجري في أن وكي وإذن الناصبات للمضارع أيضًا دون الجواب فتدبر. قوله: "لأنها بمعناها" أي ملابسة لمعناها أي لجنس معناها وهو مطلق النفي فلا يرد أن لا لنفي الجنس ولن لمطلق النفي. قوله: "لشرفه" ولسبق الاستقبال على المضي فإن الغد المستقبل يصير ماضيًا، هذا إذا كان الزمن المتصف بالاستقبال والمضي واحدًا فإن كان متعددًا كأمس وغد فالماضي سابق؛ كذا قال الشمني وبه يجمع بين القولين. قوله: "بمضارعته الاسم" أي المصوغ للفاعل لفظًا لموافقته له في السكنات والحركات وعدد الحروف بقطع النظر عن خصوص الحركة والحرف ومعنى لدلالة كل منهما على الحال والاستقبال. قوله: "لم النافية" الصفة لازمة. قوله: "وماضي الأفعال" الإضافة على معنى من التبعيضية. قوله: "بالتاء المذكورة" أي فأل للعهد الذكرى والمعهود التاء المتقدمة بنوعيها على أنها من باب استعمال المشترك في معنييه كما مر. ولا يجوز أن تكون للجنس لدخول التاء الخاصة بالأسماء فيه كما قاله الراعي. قوله: "فهم من اللفظ" أي باعتبار وضعه فلا يرد الأمر المستعمل في غير الطلب مجازًا لأن عدم فهم الطلب منه باعتبار القرينة لا الوضع، على أن القرينة إنما تمنع إرادة المعنى الحقيقي لا فهمه أي تصوره عند سماع اللفظ. والمراد بقوله من اللفظ من صيغته فلا يرد المضارع المقرون بلام الأمر لأن انفهام الطلب ليس من صيغة المضارع بل من اللام. قوله: "وقبولها نون التوكيد" صريح في قبول هات وتعال على الصحيح من فعليتهما نون التوكيد وإن لم يسمعا بها قاله الروداني فيجوز هاتين وتعالين بإعادة اللام مفتوحة كما تقول أرمين وأخشين. قوله: "فالدور" أي الحاصل من أخذ الأمر في تعريف فعل الأمر منتف وهذا تفريع على تفسير الأمر في قوله إن أمر فهم بالأمر اللغوي الذي هو الطلب فالمعلم الأمر الاصطلاحي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 والأمر إن لم يك للنون محل ... فيه هو اسم نحو صه وحيهل   أو فعل تعجب نحو أحسنن بزيد. فإن أحسن لفظه لفظ الأمر وليس بأمر على الصحيح كما ستعرفه "والأمر" أي اللفظ الدال على الطلب "إن لم يك للنون محل فيه" فليس   والمعلم به اللغوي. قوله: "فإن قبلت الكلمة إلخ" لما لم يتكلم المصنف على مفهوم هذا القيد كما تكلم على مفهوم قبول النون تكلم الشارح على مفهومه بقوله: فإن قبلت الكلمة إلخ لكن كان الأنسب ذكره بعد قول المصنف الآتي والأمر إلخ. قوله: "أو فعل تعجب" فيه أن دخول النون على فعل التعجب شاذ والكلام في قبول الكلمة النون قياسًا، وإلا كان عليه ذكر اسم الفاعل والماضي لورود تأكيدهما بها شذوذًا فالمناسب ترك فعل التعجب. قوله: "كما ستعرفه" أي في بابه. قوله: "والأمر" مبتدأ خبره هو اسم وجواب الشرط محذوف دل عليه الخبر، وكأن قول الشارح فليس بفعل أمر إشارة إلى تقديره. ومن جعل هو اسم جزاء الشرط حذفت منه الفاء للضرورة سها عن قولهم متى اجتمع مبتدأ وشرط وكان المبتدأ مقدمًا فإن لم يقترن ما وقع بعد بالفاء ولم يصلح لمباشرة الأداة كان خبرًا والجزاء محذوف وإن اقترن بالفاء أو صلح لمباشرة الأداة كان جواب الشرط والخبر محذوف كذا قال البعض. ونقل شيخنا السيد عن شيخه ابن الفقيه أن الخبر في الحالة الثانية مجموع الشرط والجواب وهو المتجه عندي. ثم رأيت صاحب المغني في خاتمة الباب الخامس منه جزم بهذا وجوز ما جوزه البعض وما منعه في قول ابن معطي: اللفظ أن يفد هو الكلام فيحمل ما نقله البعض في الحالة الأولى على السعة. وبقي حالة ثالثة وهي أن يكون المبتدأ اسم الشرط وفي خبره حينئذٍ ثلاثة أقوال: قيل: فعل الشرط وقيل: جوابه وقيل: مجموعهما والأصح الأول، فيكون من الخبر المفيد بتابعه فافهم. قوله: "أي اللفظ الدال" أي بنفسه فخرج لام الأمر لأن دلالة الحرف بغيره. وفي كلامه إشارة إلى أن في كلام المصنف حذف مضاف أي دال الأمر وأن المراد بالأمر الأمر اللغوي لا الاصطلاحي فلا منافاة بين المبتدأ والخبر. وفي عبارته ميل إلى أن مدلول اسم الفعل معنى الفعل لا لفظه ويوافقه قوله بعد الدالة على معنى المضارع وقوله الدالة على معنى الماضي. وفي قوله الآتي فإن معناه اسكت وقوله معناه أقبل إلخ ميل إلى أن مدلوله لفظ الفعل وهو الراجح. قال سعد الدين في حاشيته على الكشاف: كل لفظ وضع بإزاء معنى اسمًا كان أو فعلًا أو حرفًا فله اسم علم هو نفس ذلك اللفظ من حيث دلالته على ذلك الاسم أو الفعل أو الحرف، كما تقول في قولنا خرج زيد من البصرة خرج فعل وزيد اسم ومن حرف جر فتجعل كلا من الثلاثة محكومًا عليه، لكن هذا وضع غير قصدي لا يصير به اللفظ مشتركًا ولا يفهم منه معنى مسماه، وقد اتفق لبعض الأفعال أن وضع لها أسماء أخر غير ألفاظها تطلق ويراد بها الأفعال من حيث دلالتها على معانيها وسموها أسماء الأفعال: فصه مثلًا اسم موضوع بإزاء لفظ اسكت لكن لا يطلق ويقصد به الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بفعل أمر بل "هو اسم" إما مصدر نحو "فند لا زريق المال" أي اندل. وأما اسم فعل أمر "نحو صه" فإن معناه اسكت "وحيهل". معناه. أقبل. أو قدم. أو عجل ولا محل للنون فيهما. تنبيهات: الأول كما ينتفي كون الكلمة الدالة على الطلب فعل أمر عند انتفاء قبول النون كذلك ينتفي كون الكلمة الدالة على معنى المضارع فعلًا مضارعًا عند انتفاء قبول لم. كأوه بمعنى أتوجع. وأف بمعنى أتضجر. وينتفي كون الكلمة الدالة على معنى الماضي فعلًا ماضيًا عند انتفاء قبول التاء كهيهات بمعنى بعد. وشتان بمعنى افترق. فهذه أيضًا أسماء أفعال فكان الأولى أن يقول: وما يرى كالفعل معنى وانخزل ... عن شرطه اسم نحو صه وحيهل ليشمل أسماء الأفعال الثلاثة ولعله إنما اقتصر في ذلك على فعل الأمر لكثرة مجيء اسم الفعل بمعنى الأمر وقلة مجيئه بمعنى الماضي والمضارع كما ستعرفه. الثاني إنما يكون   نفس اللفظ كما في الأعلام المذكورة بل ليقصد به اسكت الدال على طلب السكوت حتى يكون صه مع أنه اسم لأسكت كلامًا تامًا، بخلاف اسكت الذي هو اسم لأسكت الذي هو فعل أمر في قولك اسكت فعل أمر. ا. هـ. وبقي قولان آخران كون مدلوله الحدث وكون اسم الفعل فعلًا فالأقوال أربعة كما في الروداني. قوله: "محل" مصدر ميمي بمعنى حلول. قوله: "إما مصدر" فيه أن المصدر لم يدل على الأمر بل ناب مناب الدال عليه وهو فعل الأمر قاله الروداني ويمكن دفعه بأن يراد بالدلالة الدلالة ولو باعتبار النيابة عن الدال. قوله: "نحو صه وحيهل" لو مثل بنزال ودراك كما فعل صاحب التوضيح لكان أحسن لأن اسمية صه وحيهل علمت مما تقدم لقبولهما التنوين. وفي حيهل ثلاث لغات: سكون اللام وفتحها منونة وبلا تنوين، وكلام المصنف يحتمل الأولى والأخيرة وكذا الثانية بناء على اللغة القليلة من الوقف على المنصوب المنون بالسكون كالمرفوع والمجرور. ونقل شيخنا السيد لغة رابعة هي أبدال الحاء عينًا وانظر ضبط اللام على هذه اللغة. قوله: "معناه أقبل أو قدم أو عجل" يتعدى على الأول بعلى وعلى الثاني بنفسه وعلى الثالث بالباء. قوله: "ولا محل" أي حلول كما مر. قوله: "كذلك" تأكيد لقوله كما. قوله: "فكان الأولى أن يقول" قال ابن غازي ولو شاء التصريح بالثلاثة لقال: وما يكن منها لذي غير محلّ ... فاسم كهيهات ووي وحيهل أي وما يكن من الكلمات الدالة على معاني الأفعال الثلاثة غير محل لهذه العلامات المذكورة للفعل فهو اسم إلخ. قوله: "عن شرطه" أي علامته. قوله: "أسماء الأفعال الثلاثة" يصح جر الثلاثة ونصبها. قوله: "كما ستعرفه" أي من قول الناظم في باب اسم الفعل: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   انتفاء قبول التاء دالًّا على انتفاء الفعلية إذا كانت للذات فإن كان لعارض فلا وذلك كما في أفعل في التعجب. وما عدا وما خلا وحاشا في الاستثناء. وحبذا في المدح. فإنها لا تقبل إحدى التاءين مع أنها أفعال ماضية. لأن عدم قبولها التاء عارض نشأ من استعمالها في التعجب والاستثناء والمدح. بخلاف أسماء الأفعال فإنها غير قابلة للتاء لذاتها. الثالث إنما دل انتفاء قبول لم والتاء والنون على انتفاء الفعلية مع كون هذه الأحرف علامات والعلامة ملزومة لا لازمة فهي مطردة ولا يلزم انعكاسها. أي يلزم من وجودها الوجود ولا يلزم من عدمها العدم لكونها مساوية للازم فهي كالإنسان وقابل الكتابة يستلزم نفي كل منهما نفي الآخر. بخلاف الاسم وقبول النداء فإن قبول النداء علامة للاسم ملزومة له وهي أخص منه إذ يقال كل قابل للنداء اسم ولا عكس. وهذا هو الأصل في العلامة.   وما بمعنى افعل كآمين كثر ... وغيره كوى وهيهات نزر قوله: "إذا كان" أي هذا الانتفاء للذات أي ذات الكلمة. قوله: "وما عدا إلخ" أي وعدا وخلا من ما عدا وما خلا وحب من حبذا. قوله: "لأن عدم قبولها التاء عارض إلخ" أي كما عرض لسبحان ولبيك ونحوهما عدم قبول خواص الأسماء من التزام طريقة واحدة. قوله: "نشأ من استعمالها في التعجب إلخ" أي من استعمالها فيما ذكر استعمال الأمثال التي تلزم طريقة واحدة. قوله: "والعلامة ملزومة لا لازمة" أي الغالب فيها ذلك كما يعلم مما بعده أي وانتفاء الملزوم وهو العلامة لا يوجب انتفاء اللازم وهو المعلم لجواز كون اللازم أعم كالضوء للشمس والأعم ينفرد عن الأخص. قوله: "فهي مطردة إلخ" اطراد الشيء استلزام وجوده وجود شيء آخر وانعكاسه استلزام عدمه عدم شيء آخر، فقول الشارح أي يلزم من وجودها الوجود تفسير لقوله مطردة؛ وقوله ولا يلزم من عدمها العدم تفسير لقوله ولا يلزم انعكاسها على اللف والنشر المرتب لكن في قوله ولا يلزم انعكاسها حزازة ولو قال ولا ينعكس لكان مستقيمًا لما علمت من أن الانعكاس استلزام العدم للعدم. قوله: "لكونها" علة لقوله دل. قوله: "مساوية للازم" أي لازمها وهو المعلم: أي والملزوم المساوي للازمة مطرد منعكس، فقولهم العلامة غير منعكسة محله إذا لم تكن مساوية للمعلم. وأجاب ابن قاسم في نكته بأن قبول ذلك مع كونه علامة هو شرط لازم فلزم من عدم القبول العدم من جهة كونه شرطًا لازمًا لا من جهة كونه علامة إذ الشرط يلزم من عدمه العدم. قوله: "وهي أخص" لم يرد بالأخص ما هو المتبادر منه وهو ما يصح حمل الأعم عليه بل ما يلزم من وجوده وجود الأعم من غير عكس. قوله: "وهذا هو الأصل" أي الغالب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 المعرب والمبني : الاسم منه معرب ومبني ... لشبه من الحروف مدني   المعرب والمبني: المعرب والمبني اسما مفعول مشتقان من الإعراب والبناء. فوجب أن يقدم بيان الإعراب والبناء فالإعراب في اللغة مصدر أعرب أي أبان. أي أظهر. أو أجال. أو حسن. أو غير أو أزال عرب الشيء وهو فساده. أو تكلم بالعربية. أو أعطى العربون. أو ولد له ولد   المعرب والمبني: أي من الاسم والفعل لذكره هنا المعرب والمبني من الفعل أيضًا بقوله: وفعل أمر ومضى بنيا وأعربوا مضارعًا إلخ والقصر على الاسم وجعل ذكر الفعل هنا استطراديًّا تعسف لا حاجة إليه وإن سلكه شيخنا وتبعه البعض. قوله: "المعرب والمبني اسما مفعول إلخ" لم يضمر لأن الترجمة للمعرب والمبني المصطلح عليهما والاشتقاق لما يعم الاصطلاحي واللغوي ولأنهما في الترجمة بمعنى المعنى وفي قوله المعرب والمبني اسما مفعول بمعنى اللفظ. قوله: "فوجب أن يقدم إلخ" أي عكس ما فعل المصنف حيث أخر بيان الإعراب بقوله والرفع والنصب إلخ ففي كلامه تلميح إلى اعتراض ابن هشام على المصنف، وأجاب عنه سم بأنه ليس المراد هنا بيان المعرب والمبني من حيث اتصافهما بالإعراب والبناء بالفعل حتى يقال معرفة المشتق منه سابقة على معرفة المشتق بل، من حيث قبولهما الإعراب والبناء وبيان سبب القبول وضابطه وذلك لا يتوقف على بيان المشتق منه، وعلى هذا ففي تقديم بيان المعرب والمبني على بيان الإعراب والبناء توطئة لإجرائهما على الكلمة، لأن من عرف أولًا قابل الإعراب وغير قابله تأتي له إجراء الإعراب على قابله ونفيه من غير قابله لأن إجراء الإعراب على الكلمة وعدم إجرائه عليها فرعًا قبولها وعدم قبولها فلذا بين أولًا القابل وغير القابل ثم بين الإعراب، وقال سم فتأمله فإنه في غاية الدقة والنفاسة غفل عنه المعترض بما ذكر. وقيل إنما قدم المعرب على الإعراب نظرًا إلى تقدم المحل على الحال. وفي حواشي البعض أن كلام الشارح يوهم أن المصنف أغفل الكلام على الإعراب مع أنه سيأتي في قوله والرفع والنصب إلخ. ا. هـ. ودعواه الإيهام ممنوعة كما علم من صدر القولة. قوله: "أي أبان" هذا أنسب بالمعنى الاصطلاحي على أن الإعراب لفظي كما هو الصحيح ولهذا قدم معنى الإبانة، والأنسب به على أنه معنوي التغيير. قوله: "أي أظهر" أتى به لأن أبان يأتي بمعنى فصل ولازمًا بمعنى ظهر. قوله: "أو أجال" يقال أعرب زيد دابته أي أجالها ونقلها من مكان في مرعاها إلى آخر. قوله: "أو أزال عرب الشيء" بفتحتين يقال عرب يعرب عربًا من باب فرح أي فسد كذا في القاموس. قوله: "أو أعطى العربون" بفتحتين وبضم فسكون ويقال: عربان بضم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   عربي اللون. أو تكلم بالفحش. أو لم يلحن في الكلام. أو صار له خيل عراب. أو تحبب إلى غيره. ومنه العروب المتحببة إلى زوجها. وأما في الاصطلاح ففيه مذهبان: أحدهما أنه لفظي واختاره الناظم ونسبه إلى المحققين، وعرفه في التسهيل بقوله: ما جيء به لبيان مقتضى العامل من حركة أو حرف أو سكون أو حذف. والثاني أنه معنوي والحركات دلائل عليه، واختاره الأعلم وكثيرون؛ وهو ظاهر سيبويه؛ وعرفوه بأنه تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرًا. والمذهب الأول أقرب إلى الصواب   فإسكان وبإبدال العين همزة في الثلاثة ففيه ست لغات. قوله: "أو لم يلحن في الكلام" هذا لازم للتكلم بالعربية، إلا أن يراد بالتكلم بها التكلم بألفاظها بقطع النظر عن أحوال أواخرها. قوله: "ما جيء به" أي شيء نطق به وإن لم يكن طارئًا ليصدق على الواو من جاء أبوك لوجودها قبل دخول عامل الرفع أفاده الدنوشري. قوله: "لبيان مقتضى العامل" أي مطلوبه فالعامل كجاء ورأى والباء والمقتضى الفاعلية والمفعولية والإضافة العامة لما في الحرف، والإعراب الذي يبين هذا المقتضى الرفع والنصب والجر، لكن هذا التعريف يقتضي اطراد وجود الثلاثة أعني المقتضى والإعراب والعامل مع كل معرب، وليس كذلك بل هو أغلبي فقط لعدم تحقق المقتضى في نحو لم يضرب زيد وخرج بهذا القيد حركة البناء والنقل والاتباع والمناسبة والتخلص من التقاء الساكنين وسكون البناء وحرفه وحذفه وسكون الوقف والإدغام والتخفيف. ثم إن فسر العامل بما فسره به ابن الحاجب رحمه الله تعالى وهو ما به يتقوم المعنى المقتضي للإعراب لزم الدور كما قاله سم لأخذ الإعراب في تعريف العامل وأخذ العامل في تعريف الإعراب، قال: إلا أن يجعل التعريف لفظيًّا. ولزم القصور أيضًا لعدم دخول نحو لم إذ لم يتقوّم بها معنى يقتضي الجزم كما مر فإن فسر بالطالب لأثر مخصوص لم يلزم الدور ولا القصور. قوله: "من حركة" بيان لما. قوله: "أو سكون أو حذف" قال الروداني: كونهما لفظيين إنما هو من حيث إشعار اللفظ بهما لأن من سمعه بنقص حركة أو حرف علم بهما أو من حيث إن اللفظ متعلقهما ومحل لهما. قوله: "والحركات" أي وجودًا وعدمًا ليدخل السكون. وكان الأحسن أن يزيد والحروف أي وجودًا وعدمًا ليدخل الحذف. وتوجيه جماعة كشيخنا والبعض الاقتصار على الحركات بأنها الأصل أي في الجملة وإلا فقد تكون فرعًا كفتحة ما لا ينصرف وكسرة جمع المؤنث السالم لا يدفع أحسنية زيادة الحروف. قوله: "تغيير أواخر الكلم" أورد عليه أن التغيير فعل الفاعل فهو وصف له فلا يصح حمله على الإعراب الذي هو وصف للكلمة. وأجيب بأن المراد به المعنى الحاصل بالمصدر وهو التغير أو هو مصدر المبني للمفعول. واستشكل البعض قول المورد أن الإعراب وصف للكلمة وتأويل المجيب التغيير بما يصح وصف الكلمة به بأن الإعراب مصدر أعرب أي غير لغة واصطلاحًا فهو وصف للفاعل لا للكلمة، يدلك على هذا قول النحاة هذا اللفظ معرب بصيغة المفعول وقد صرحوا بأن الأصل في المعاني الاصطلاحية كونها أخص من اللغوية لا مباينة لها، فالذي ينبغي إبقاء المصدر على ظاهره وعدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لأن المذهب الثاني يقتضي أن التغيير الأول ليس إعرابًا لأن العوامل لم تختلف بعد وليس كذلك. والبناء في اللغة وضع شيء على شيء على صفة يراد بها الثبوت. وأما في الاصطلاح   ارتكاب التأويل فيه. وأنا أقول: يرد على هذا البعض قول النحاة: هذا اللفظ مبني بصيغة المفعول فإنهم اشتقوه من البناء وهو مفسر اصطلاحًا على القول بأنه معنوي بلزوم آخر الكلمة حالة واحدة الذي هو وصف للكلمة قطعًا لا بإلزام آخر الكلمة حالة واحدة فحيث لم يدل قولهم مبني على أن البناء وصف للفاعل لم يدل قولهم معرب على أن الإعراب وصف للفاعل. وحيث كان البناء اصطلاحًا وصفًا للكلمة بدليل تعريفهم له كان مقابله وهو الإعراب كذلك، وحينئذٍ يكون التغيير بمعنى التغيير ويكون الإعراب اصطلاحًا منقولًا من وصف الفاعل إلى وصف الكلمة بقرينة أن مقابله وهو البناء كذلك والجري على الأصل من أخصية المعاني الاصطلاحية إذا لم تقم قرينة على خلافه كما هنا، ويكون قولهم معرب ومبني باعتبار حال ما قبل النقل كما نقول بالنقل وباعتبارهم في قولهم معرب ومبني حال ما قبل النقل على القول بأن الإعراب والبناء لفظيان، ولذلك نظائر كقولهم هذه الكلمة منوّنة مع أن التنوين اصطلاحًا النون المخصوصة نعم إن أول اللزوم في تعريف البناء بالإلزام اندفع عن هذا البعض الإيراد وكان كل من الإعراب والبناء وصفًا للفاعل وكان قولهم معرب ومبني باعتبار ما بعد النقل أيضًا لكن يرجح ما قدّمناه تناسب القولين عليه وتواردهما على محل واحد أعني القول بأن الإعراب والبناء لفظيان والقول بأنهما معنويان لتوافقهما عليه على أن كلًا من الإعراب والبناء وصف للكلمة. نعم قد يطلق الإعراب على فعل الفاعل كما في قولك أعربت الكلمة لكن ليس هذا هو المعقود له الباب بقرينة اختلافهم في أنه معنوي أو لفظي إذ فعل الفاعل معنوي قطعًا هذا هو تحقيق المقام والسلام. ثم المراد بالتغيير الانتقال ولو من الوقف إلى الرفع أو غيره فلا يرد أن التعريف لا يشمل نحو سبحان اللازم النصب على المصدرية والإضافة في أواخر الكلم للجنس فاندفع الاعتراض بأن العبارة تقتضي توقف تحقق الإعراب على تغيير ثلاث أواخر مع أنه ليس كذلك. وفي العبارة مقابلة الجمع بالجمع المقتضية للقسمة آحادًا، فاندفع الاعتراض بأن العبارة تفيد أن لكل كلمة أواخر مع أن الكلمة الواحدة ليس لها إلا آخر واحد والمراد بالآخر الآخر حقيقة أو تنزيلًا لتدخل الأفعال الخمسة فإن إعرابها بالنون وحذفها وهي ليست الآخر حقيقة لأنها بعد الفاعل وهو إنما يأتي بعد الفعل، لكن لما كان الفاعل الضمير بمنزلة الجزء من الكلمة كانت النون بمنزلة الآخر، والمراد بتغيير الآخر ما يعم تغييره ذاتًا بأن يبدل حرف بحرف حقيقة كما في الأسماء الستة والمثنى المرفوع والمنصوب أو حكمًا كما في المثنى المنصوب والمجرور أو صفة بأن تبدل حركة بحركة حقيقة كما في جمع المؤنث السالم المرفوع والمنصوب أو حكمًا كما في جمعه المنصوب والمجرور. وإنما جعل الإعراب والبناء في الآخر لأنهما وصفان للكلمة والوصف متأخر عن الموصوف. قوله: "لاختلاف العوامل الداخلة عليها" المراد بالاختلاف لازمه وهو الوجود ليدخل المعرب في أول أحواله أفاده الشنواني ومنه يؤخذ جواب اعتراض الشارح الآتي. وأل في العوامل للجنس والمراد بدخول العامل على الكلمة طلبه إياها ليشمل العامل المعنوي كالابتداء والعامل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فقال في التسهيل: ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب وليس حكاية أو اتباعًا أو نقلًا أو تخلصًا من سكونين، فعلى هذا هو لفظي. وقيل: هو لزوم آخر الكلمة حركة أو سكونًا لغير عامل أو اعتلال؛ وعلى هذا هو معنوي؛ والمناسبة في التسمية على المذهبين فيهما ظاهرة   المتأخر. وخرج بقوله لاختلاف إلخ التغيير لاتباع أو نقل أو نحوهما. قوله: "لفظًا أو تقديرًا" الأولى أنهما راجعان إلى تغيير واختلاف العوامل ليدخل التغيير لفظًا كما في زيد وتقديرًا كما في الفتى ووجود العامل لفظًا كما في جاء زيد وتقديرًا كما في زيدًا ضربته. وجعل التغيير لفظيًا وتقديريًا باعتبار داله من الحركة ونحوها والأظهر من جهة المعنى أنهما منصوبان بنزع الخافض وإن ضعف من جهة اللفظ بسبب أن النصب به سماعي أي على الراجح. ويصح أن يكون مفعولًا مطلقًا على تقدير أي تغيير واختلاف لفظ أو تقدير. قوله: "أقرب إلى الصواب" يقتضي أنه ليس بصواب لأن الأقرب إلى الشيء غير ذلك الشيء. ويمكن دفعه بأن المغايرة هنا اعتبارية والمعنى أن الأول الذي هو الصواب باعتبار ظننًا أقرب إلى الصواب باعتبار نفس الأمر. ويقتضي أن الثاني قريب إلى الصواب وهو كذلك على تأويل الاختلاف بالوجود لاندفاع اعتراض الشارح عليه بهذا التأويل. فاعتراض الشارح عليه المقتضي فساد الثاني لأقربه إلى الصواب إنما هو باعتبار الظاهر وقطع النظر عن التأويل وللإشارة إلى إمكان الجواب عبر بأقرب فاندفع ما أشار إليه البعض من تنافي كلام الشارح ولا حاجة إلى دفعه بأن أفعل التفضيل ليس على بابه. فإن قلت: بعد التأويل السابق كانا متساويين لا أقربية لأحدهما على الآخر قلت: أقربية الأول حينئذٍ باعتبار عدم إحواجه إلى تأويل بخلاف الثاني. قوله: "لأن المذهب الثاني" أي لأن تعريف أهل المذهب الثاني أو المراد لأن المذهب الثاني يقتضي باعتبار التعريف عليه فافهم. قوله: "التغيير الأول" أي الانتقال من الوقف إلى الرفع. قوله: "لم تختلف بعد" أي الآن أي حين التغيير الأول أي لأن حقيقة اختلاف الأشياء أن يخلف كل منها الآخر. قوله: "على صفة" أي حال والجار والمجرور حال من وضع. واحترز بقوله على صفة إلخ عن الوضع لا على تلك الصفة فلا يسمى بناء لغة كوضع ثوب على ثوب. وقوله الثبوت أي مدة طويلة فأل للعهد ولم يعبر بالثبات المشهور استعماله في الدوام لإيهامه الدوام الحقيقي. فإن قلت التعبير بالثبوت يوهم أن المراد به ما يقابل الانتفاء قلت القرينة الظاهرة مانعة من ذلك وهي لزوم عدم الفائدة في قوله على صفة إلخ على فرض أن يراد من الثبوت ما قابل الانتفاء لانفهام الثبوت بمعنى مقابل الانتفاء من قوله وضع شيء على شيء، فاندفع ما اعترض به البعض. قوله: "لا لبيان إلخ" خرج به الإعراب. قوله: "من شبه الإعراب" بكسر فسكون أو بفتحتين أي مشابهه في كون كل حركة أو سكونًا أو حرفًا أو حذفًا ومن بيان لما. قوله: "وليس" أي ما جيء به. وقوله حكاية إلخ أي لأجل الحكاية كما في من زيدًا حكاية لمن قال رأيت زيدًا، أو الاتباع كما في الحمد لله بكسر الدال اتباعًا لكسر اللام، أو النقل كما في فمن أوتي بنقل ضمة الهمزة إلى النون أو التخلص من التقاء الساكنين كما في اضرب الرجل فهذه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "والاسم منه" أي بعضه "معرب" على الأصل فيه ويسمى متمكنًا "و" منه أي وبعضه الآخر "مبني" على خلاف الأصل فيه ويسمى غير متمكن ولا واسطة بينهما على الأصل الذي ذهب إليه الناظم ويعلم ذلك من قوله:   الحركات ليست إعرابًا ولا بناء بل الإعراب والبناء مقدران منع من ظهورهما هذه الحركات. ولا ينافي هذا ما سيأتي من عدم الاتباع والتخلص من أسباب البناء على حركة لأن ما هنا فيما إذا كان التابع والمتبوع والساكنان في كلمتين وما سيأتي فيما إذا كان ذلك في كلمة، وكان عليه أن يقول ولا مناسبة ولا وقفًا ولا تخفيفًا ولا إدغامًا، ولكن درج على التعريف بالأعم. قوله: "لزوم آخر الكلمة" كان الأولى إسقاط آخر لأن المبني قد يكون حرفًا واحدًا كتاء الفاعل. والمراد باللزوم عدم التغير لعامل فلا يرد أن في آخر حيث لغات: الضم والفتح والكسر. قوله: "حركة أو سكونًا" كان عليه أن يزيد أو حرفًا أو حذفًا، وأمثلة الأربعة: هؤلاء، كم، لا رجلين، ارم، فدخل في تعريف البناء بناء اسم لا والمنادى للزومهما حالة واحدة ما داما منادى واسم لا ويحتمل تخصيص التعريف بالبناء الأصلي فلا يردان لعروض بنائهما. قوله: "لغير عامل" متعلق بلزوم وخرج به نحو سبحان والظرف غير المتصرف كلدى بناء على إعرابها كما سيأتي في الإضافة والاسم الواقع بعد لولا الامتناعية فإن لزومها حالة واحدة للعامل وهو أسبح في الأول ومتعلق الظرف في الثاني والابتداء في الثالث. قوله: "أو اعتلال" خرج به نحو الفتى، وأورد عليه أن المراد اللزوم لفظًا وتقديرًا والفتى غير لازم تقديرًا بل هو متغير تقديرًا فهو خارج من قولنا لزوم فلا حاجة إلى قوله أو اعتلال في إخراج ما ذكر. ويمكن الاعتذار عنه بأنه لما كان لازمًا بحسب الظاهر وداخلًا بحسبه في اللزوم أتى بما يخرجه صريحًا. هذا وفي كلام الشارح لف ونشر مرتب فقوله لغير عامل راجع لقوله حركة وقوله أو اعتلال راجع لقوله سكونًا كما قاله شيخنا السيد عن الشيخ يحيى، والأولى رجوع قوله لغير عامل إلى الأمرين. قوله: "والمناسبة في التسمية" أي تسمية الإعراب والبناء باللفظي على المذهب الأول وتسميتها بالمعنوي على المذهب الثاني. قوله: "ظاهرة" لأن ما جيء به للبيان أولًا للبيان من الحركات أو غيرها أمر ملفوظ به والتغير واللزوم معنيان من المعاني المعقولة. قوله: "أي بعضه" تفسير من ببعض أقرب إلى مذهب الزمخشري الجاعل من التبعيضية اسمًا بمعنى بعض وعليه فمن مبتدأ ومعرب خبر وهذا أحسن في المعنى. وأما على مذهب الجمهور من حرفيتها فمعرب مبتدأ ثان مؤخر ومنه خبر مقدم ويكون تفسيره المذكور بيانًا لحاصل المعنى. قوله: "على الأصل" أي الراجح والغالب. قوله: "ويسمى متمكنًا" فإن كان متصرفًا يسمى متمكنًا أمكن. قوله: "ومنه أي وبعضه" دفع بتقدير ذلك ما يوهمه ظاهر العبارة من انصباب المعرب والمبني على شيء واحد ومن أن المعرب والمبني معًا بعض. وقوله الآخر أفاد به أن هذا التقسيم للحصر وإن لم تفده العبارة والدليل على ذلك ما سيذكره من أن علة البناء شبه الحرف شبهًا قويًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا ... والمعنوي في متى وفي هنا   ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف وبناؤه "لشبه من الحروف مدني" أي مقرب لقوته يعني أن علة بناء الاسم منحصرة في مشابهته الحرف شبهًا قويًّا يقربه منه. والاحتراز بذلك من الشبه الضعيف وهو الذي عارضه شيء من خواص الاسم "كالشبه الوضعي" وهو أن يكون الاسم   وأن المعرب ما سلم من هذا الشبه. قال السندوبي: وكما لا تقتضي عبارته الحصر لا تقتضي ثبوت الواسطة خلافًا لبعض الشراح. فإن قلت: ما تصنع في من التبعيضية فإنها تقتضي ذلك. قلت: هي هنا على حد قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَر} [البقرة: 253] ، وقولهم منا ظعن ومنا أقام إذ ليس في الآية والشاهد إلا قسمان فكذلك قول الناظم والاسم إلخ. ا. هـ. وحاصل الجواب أن من التبعيضية إنما تقتضي بعضية مدخولها وكل من المعرب والمبني على حدته مدخول لها لا مجموعها لما عرفت من أن التقدير منه معرب ومنه مبني فالذي تقتضيه العبارة أن كلًّا بعض من الاسم وهو صحيح. قوله: "ولا واسطة" كان المناسب التفريع إلا أنه راعى قوله على الأصح فقط فترك التفريع. قوله: "على الأصح" وقيل المضاف إلى ياء المتكلم لا معرب ولا مبني والصحيح أنه معرب. وذهب بعضهم إلى أن الأسماء قبل التركيب لا معربة ولا مبنية وسينقل الشارح هذا قبيل قوله ومعرب الأسماء. قوله: "ويعلم ذلك" أي عدم الواسطة. قوله: "من قوله ومعرب الأسماء إلخ" أي مع قوله هنا ومبني لشبه إلخ. قوله: "وبناؤه" أي الواجب فلا يرد على الناظم ما سيأتي في الإضافة أن من أسباب البناء الإضافة إلى مبني لأنها مجوزة. وإنما قدر الشارح ذلك مع أنه يصح تعلق قوله لشبه بقوله مبني ليتوافق قسمًا التقسيم في الإطلاق فيتناسبا، وليفيد انحصار البناء في كونه لشبه الحرف على حد الكرم في العرب لأن الإضافة تأتي لما تأتي له اللام ولهذا قال الشارح يعني أن علة بناء الاسم منحصرة إلخ. قوله: "لشبه من الحروف مدني" اعترض على التعليل بأنه يقتضي تقدم وضع الحرف على وضع الاسم وإلا لزم حمل الاسم الموجود على الحرف المعدوم ولا معنى لذلك مع أن اللائق تقدم وضع الاسم لشرفه. وأجيب بأنا لا نسلم ذلك الاقتضاء فإنه يمكن مع تقدم وضع الاسم إلحاقه بالحرف مع تأخر وضعه بأن يوضع الاسم أولًا من غير نظر إلى حكمه من إعراب أو بناء، ثم الحرف ثانيًا، ثم يحكم للاسم بحكم الحرف لوجود المشابهة، وأيضًا يجوز أن يكون بناء الاسم لشبه الحرف باعتبار تعقل الواضع وما رتبه في عقله بأن يكون تعقل أولًا الأنواع الثلاثة عند إرادة وضعها ولاحظ معانيها ومقتضاها وحكم باستحقاق بعضها الحمل على بعض فيما يقتضيه من الحكم. وإنما اكتفى في بناء الاسم بشبهه للحرف من وجه واحد ولم يكتف في منع الصرف بشبه الفعل إلا من جهتين جهة اللفظ وجهة المعنى لأن الشبه الواحد بالحرف يبعده عن الاسمية ويقربه من الحرف الذي ليس بينه وبينه مناسبة إلا في الجنس الأعم وهو الكلمة، والفعل ليس كالحرف في البعد عن الاسم لأن كلًا منهما له معنى في نفسه بخلاف الحرف. وإنما لم يعرب الحرف إذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   موضوعًا على صورة وضع الحروف. بأن يكون قد وضع على حرف أو حرفي هجاء كما "في اسمي" قولك "جئتنا" وهما التاء ونا؛ وإذ الأول على حرف والثاني على حرفين، فشابه الأول الحرف الأحادي كباء الجر، وشابه الثاني الحرف الثنائي كعن. والأصل في وضع الحروف أن تكون على حرف أو حرفي هجاء، وما وضع على أكثر فعلي خلاف الأصل. وأصل الاسم أن يوضع على ثلاثة فصاعدًا فما وضع على أقل منها فقد شابه الحرف في   أشبه الاسم كما بني الاسم إذا أشبه الحرف لعدم فائدة الإعراب في الحرف وهي تمييز المعاني المتواردة على اللفظ المفتقرة إلى الإعراب لأن الحرف لا تتوارد عليه تلك المعاني. قوله: "منحصرة في مشابهة الحرف إلخ" أي خلافًا لمن يجعل البناء بغير شبه الحرف أيضًا كشبه الفعل كما في نزال المشابه لأنزل، وشبه شبه الفعل كما في حذام المشابه لنزال المشابه لأنزل، والوقوع موقع الضمير كما في المنادى والتركيب كما في اسم لا وكل هذه في التحقيق ترجع لشبه الحرف. قوله: "وهو الذي عارضه إلخ" كما في أي فإنها سواء كانت موصولة أو شرطية أو استفهامية مشابهة للحرف، ولكن عارض شبهها للحرف لزومها الإضافة التي هي من خواص الأسماء. قوله: "كالشبه الوضعي" نسبة الشبه إلى الوضع نسبة له إلى وجهه. فإن قلت: قال سيبويه: إذا سميت بباء اضرب قلت: اب باجتلاب همزة الوصل وبالإعراب، وقال غيره قلت رب بالإتيان بما قبل الحرف وبالإعراب وهذا ينافي اقتضاء الشبه الوضعي للبناء. قلت: لا منافاة لأن شرط تأثير هذا الشبه كونه بأصل وضع اللغة بخلاف وضع التسمية فإنه عارض فضعف عن تأثير البناء ولما كان التعبير بالوضعي منبهًا على شرط تأثير هذا الشبه اختاره على التعبير باللفظي الأنسب في مقابلة المعنوي ولعل الإتيان بهمزة الوصل أو بما قبل الحرف لتكون الكلمة ثنائية فيكون لها نظير بحسب الظاهر في الإعراب بالحركات كيد ودم، فاندفع ما نقله البعض عن الطبلاوي وسكت عليه من استشكال الإتيان بالهمزة مع تحرك الآخر بحركات الإعراب وإنما قدم الوضعي مع إنكار كثيرين له تقديمًا للحسي أو اهتمامًا به لكونه في مظنة المنع. قوله: "على صورة وضع الحرف" المصدر بمعنى المفعول والإضافة بيانية أي موضوع هو الحرف قاله شيخنا السيد. قوله: "قد وضع على حرف إلخ" بالتنوين والإضافة على حد: قطع الله يد ورجل من قالها. قوله: "في اسمي جئتنا" الإضافة على معنى من واشتراط صحة الإخبار بالمضاف إليه عن المضاف في الإضافة التي على معنى من فيما إذا كان المضاف إليه جنسًا للمضاف أفاده الروداني. قوله: "قولك" ذكره لزيادة الإيضاح لا لما قيل من أنه لو لم يذكره لم يصح التمثيل لأن المراد حينئذٍ لفظ جئتنا والذي يراد لفظه علم كما سلف فتكون التاء ونا فيه كالزاي من زيد لا اسمين لأن المراد اسمي مسمى جئتنا التي نطق بها المصنف وهو جئتنا المستعمل في معناه كما في قولك جئتنا يا زيد والتاء ونا فيه اسمان لا نفس جئتنا التي نطق بها المصنف حتى يلزم ما ذكر على أن إرادة لفظ جئتنا ثقة مع تقدير القول أيضًا فلو تم ما قيل لم يخلص منه تقدير القول فتأمل. قوله: "كعن" هذا على مذهب غير الشاطبي ولو جرى عليه لقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وضعه واستحق البناء. وأعرب نحو يد ودم لأنهما ثلاثيان وضعًا. تنبيه: قال الشاطبي: نا في قوله جئتنا موضوعة على حرفين ثانيهما حرف لين وضعًا أوليًّا كما ولا، فإن شيئًا من الأسماء على هذا الوضع غير موجود نص عليه سيبويه والنحويون، بخلاف ما هو على حرفين وليس ثانيهما حرف لين فليس ذلك من وضع الحرف والمختص به؛ ثم قال: وبهذا بعينه اعترض ابن جني على من اعتل لبناء كم ومن بأنهما موضوعان على حرفين فأشبها هل وبل. ثم قال: فعلى الجملة وضع الحرف المختص به إنما هو إذا كان ثاني الحرفين حرف لين على حد ما مثل به الناظم، فما أشار إليه هو   كما ولا. قوله: "والأصل في وضع الحروف إلخ" أراد بالأصل الغالب فلا يرد قول الصرفيين الأصل في كل كلمة أن توضع على ثلاثة أحرف حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه وحرف يتوسط بينهما لأن مرادهم بالأصل الملائم للطبع. قوله: "أو حرفي هجاء" ظاهره ولو كان ثانيهما غير حرف لين وهو مذهب غير الشاطبي بكون الثاني حرف لين كما سيذكره الشارح. قوله: "وأعرب نحو يد ودم إلخ" جواب سؤال مقدر وارد على قوله فما وضع على أقل منها إلخ وحاصله أنهم أعربوا ذلك مراعاة لأصله كما راعوه في التصغير والنسب فأعادوا الياء مع قلبها واوًا في النسب على ما سيأتي فقالوا في التصغير يدية ودمي وفي النسب يدوي ودموي، وكذا راعوه في التثنية على شذوذ فقد جاء شذوذًا يديان ودميان ودموان قاله السيوطي في جمع الجوامع. قال البعض: قد يقال حكمة عدم مراعاتهم الأصل في التثنية أي على اللغة غير الشاذة أنه لما طالت الكلمة بحرفي التثنية لم تعد الياء لئلا يتزايد الثقل ولغة العرب مبنية على التخفيف ما أمكن. ا. هـ. وهذا غير صحيح لوجود الطول بحرفين في النسب إلى يد ودم لأن ياء النسب بحرفين وفي تصغير يد لأن المؤنث بلا تاء إذا صغر لحقته التاء كما سيأتي مع أنهم أعادوا الياء فيهما فلعل ترك إعادتها في التثنية على اللغة الكثيرة للتخفيف لأن استعمال تثنية يد ودم أكثر من استعمال تصغيرهما ونسبهما إليه فتنبه. قوله: "قال الشاطبي" هو أبو إسحق شارح المتن وأما القارئ صاحب حرز الأماني فهو أبو القاسم وما قاله الشاطبي قال يس هو الحق لكن رجح الشيخ يحيى في حواشيه على المرادي ما لغير الشاطبي. قوله: "وضعًا أوليًّا" احتراز عن نحو شربت ما بالقصر والوقف لأن وضعه على حرفين ثانوي عرض بالتغيير لا أولى فلا يعتد به. قوله: "فإن شيئًا" علة لمحذوف تقديره وهذا الوضع خاص بالحرف لأن شيئًا إلخ. قوله: "من الأسماء" أي المعربة لوجود أسماء مبنية على هذا الوضع كما الموصولة والشرطية والاستفهامية. وقال الدماميني: المراد الأسماء البحتة أي التي لا تؤدي مع المعنى الاسمي معنى الحرف فلا يرد نحو ما المذكورة. قوله: "فليس ذلك من وضع الحرف المختص به" لوجوده في الاسم معربًا نحو مع بناء على القول بأنها ثنائية وضعًا. وقيل ثلاثية وضعًا وأصلها معي ونحو قد الاسمية التي بمعنى حسب بناء على لغة إعرابها وإن كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   التحقيق؛ من أطلق الوضع على حرفين وأثبت به شبه الحرف ليس إطلاقه بشديد. ا. هـ. "و" كالشبه "المعنوي" وهو أن يكون الاسم قد تضمن معنى من معاني الحروف، لا بمعنى أنه حل محلًّا هو للحرف كتضمن الظرف معنى في والتمييز معنى من بل بمعنى أنه خلف حرفًا في معناه: أي أدى به معنى حقه أن يؤدى بالحرف لا بالاسم. سواء تضمن معنى حرف موجود كما "في متى" فإنها تستعمل للاستفهام نحو متى تقوم، وللشرط نحو متى تقم أقم، فهي مبنية لتضمنها معنى الهمزة في الأول ومعنى إن في الثاني، وكلاهما موجود أو غير موجود "و" ذلك كما "في هنا" أي أسماء الإشارة فإنها مبنية لأنها وتضمنت معنى   الغالب بناءها. قوله: "وبهذا بعينه" أي كون الوضع على حرفين المختص بالحرف أن يكون الثاني حرف لين. قوله: "على من اعتل إلخ" أي فالصحيح على ما ذكره الشاطبي أن علة بناء كم الشبه المعنوي لتضمنها معنى همزة الاستفهام إن كانت استفهامية ومعنى رب التكثيرية إن كانت خبرية. وعلة بناء من الشبه المعنوي إن كانت استفهامية أو شرطية، والافتقاري إن كانت موصولة، وحملت النكرة الموصوفة على الموصولة فلا إشكال. قوله: "فعلى الجملة" أي أقول قولًا مشتملًا على الجملة أي الإجمال أو جملة الأحوال وجميعها قال المنوفي وكان حكمة الاختصاص كون الحرف آلة للغير فخفف في وضعه. قوله: "قد تضمن معنى" أي زيادة على معناه الأصلي الموضوع له أو لا وبالذات ولكون وضعه له أولًا وبالذات ووضعه لمعنى الحرف ثانيًا وبالعرض جعل اسمًا ولم يجعل حرفًا، ولذا قال: تضمن ولم يقل: وضع لئلا يتوهم منه الوضع الأولى وإنما راعينا تضمنه معنى الحرف فبنيناه وفاء بحق العنى الثانوي أيضًا. والحاصل أنا راعينا ما وضع له أولًا فجعلناه اسمًا وما وضع له ثانيًا فبيناه وفاء بحق المعنيين. قوله: "من معاني الحروف" أي من المعاني التي حقها أن تؤدي بالحروف وهي النسب الجزئية الغير المستقلة بالمفهومية على ما اختاره العضد والسيد الجرجاني ونقله شيخنا السيد في باب النكرة والمعرفة عن الشاطبي عن جميع النحاة إلا أبا حيان من أن معاني الحروف جزئيات وضعًا واستعمالًا، فعلى هذا يكون المتبادر من عبارة الشارح أن المعنى الذي تضمنه الاسم المبني النسبة الجزئية. وقال الروداني: المراد بالمعنى هنا متعلق المعنى لا النسبة الجزئية التي حقق السيد أنها معنى الحرف. ا. هـ. والظاهر أن مراده بمتعلق المعنى كليه كما في فن البيان، ولعل وجه ما ذكره أنه المتبادر من مثل قولهم تضمنت من الاستفهامية الاستفهام والشرطية الشرط وغير ذلك. قوله: "لا بمعنى أنه حل محلًا هو للحرف" أي بحيث يكون الحرف منظورًا إليه جائز الذكر لكون الأصل في الموضع ظهوره وإنما نفى التضمن بهذا المعنى لأنه بهذا المعنى لا يقتضي البناء. قوله: "خلف حرفًا في معناه" أي في إفهام معناه أي بحيث صار الحرف مطروحًا غير منظور إليه وغير جائز الذكر مع الاسم. قوله: "سواء تضمن إلخ" تعميم في قوله أن يكون الاسم قد تضمن معنى إلخ. قوله: "أو غير موجود" معطوف على قوله موجود من قوله سواء تضمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 وكنيابة عن الفعل بلا ... تأثر وكافتقار أصلًا   حرف كان من حقهم أن يضعوه فما فعلوا؛ لأن الإشارة معنى حقه أن يؤدى بالحرف كالخطاب والتنبيه "وكنياية عن الفعل" في العمل "بلا تأثر"بالعوامل ويسمى الشبه الاستعمالي، وذلك موجود في أسماء الأفعال فإنها تعمل نيابة عن الأفعال، ولا يعمل غيرها   معنى حرف موجود. قوله: "فما فعلوا" قال يس: نوزع فيه بأنهم قد صرحوا بأن اللام العهدية يشار بها إلى معهود ذهنًا أو خارجًا وهي حرف فقد وضعوا للإشارة حرفًا. ا. هـ. وأجيب بأن المراد بالإشارة التي لم يضعوا لها حرفًا الإشارة الحسية وهي ما كانت بشيء من المحسوسات كاليد والرأس والإشارة بأل ليست كذلك، هذا وقد نقل ابن فلاح عن أبي علي كما في نكت السيوطي أن هنا بنيت لتضمنها معنى أل كأمس وعلى هذا فقد تضمنت معنى حرف موجود. قوله: "حقه أن يؤدي إلخ" لكونه نسبة مخصوصة بين المشير والمشار إليه، كما أن الخطاب مثلًا نسبة مخصوصة بين المخاطب والمخاطب، والتنبيه نسبة مخصوصة بين المنبه والمنبه. قوله: "وكنيابة" أي وكشبه نيابة أي شبه في نيابة كما يفيده عطفه على قوله كالشبه الوضعي ومثله يقال في قوله وكافتقار أصلًا. قوله: "في العمل" زاد في التصريح والمعنى. قوله: "بلا تأثر" التأثر قبول الأثر الذي هو الإعراب، فالمعنى يبنى الاسم لشبهه الحرف في مجموع شيئين: النيابة وعدم قبول الإعراب بحسب وضعه ومعناه بأن يأبى وضعه ومعناه الإعراب، وبقولنا بحسب وضعه ومعناه اندفع عن المصنف ما أوردوه عليه من أن التأثر قبول الأثر الذي هو الإعراب فكأنه قال: يبني الاسم لعدم قبوله الإعراب وهو غير مستقيم لما فيه من التهافت، ولأن عدم التأثر مسبب عن البناء فهو متأخر عنه، وجعل سببًا له يقتضي تقدمه وهذا تناف. وأجيب أيضًا بأن المراد بعدم التأثر سببه وهو عدم تسلط العامل عليه ونظر فيه بأن عدم تسلط العامل فرع البناء فهو متأخر عنه فلا يصلح سببًا له لتقدم السبب. ولك أن تمنع الفرعية فتأمل. فإن قلت: وجه الشبه ينبغي أن يكون في المشبه به أصلًا، وهل وجه الشبه هنا وهو مجموع النيابة عن الفعل وعدم التأثر بالعامل أصل في الحرف؟ قلت: لا شك أن عدم التأثر بالعامل أصل في الحرف دون الاسم لأن الأصل في الاسم الإعراب فبتسليم أن النيابة عن الفعل أصل في كل من الاسم والحرف لا في الحرف فقط تكون أصالة وجه الشبه بالمشبه به باعتبار أحد جزأي وجه الشبه وهو عدم التأثر هكذا ينبغي تقرير السؤال والجواب ومنه يعرف ما في صنيع البعض. فائدة: قال الشيخ خالد: بلا تأثر متعلق بمحذوف نعت لنيابة ولا هنا اسم بمعنى غير نقل إعرابها إلى ما بعدها لكونها على صورة الحرف وتأثر مصدر حذف متعلقه والتقدير وكنيابة كائنة بغير تأثير بعامل. ا. هـ. أقول: لم قيل بنقل إعراب لا إلى تأثر وتقدير إعراب تأثر مع أن ذلك خلاف الظاهر، ولم لم يقل بأن لا معربة محلًا أو تقديرًا وأنها مضافة إلى تأثر وأن جر تأثر إعراب له لا للا إلا أن يستأنس لما مر بالقياس على نقل إعراب إلا بمعنى غير إلى ما بعدها كما في: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] فتأمل. قوله: "ويسمى الشبه الاستعمالي" الضمير يعود إلى معلوم من السياق أي يسمى الشبه في النيابة بلا تأثر الشبه الاستعمالي ومثله يقال في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فيها بناء على الصحيح من أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب كما سيأتي، فأشبهت ليت ولعل مثلًا؛ ألا ترى أنهما نائبتان عن أتمنى وأترجى، ولا يدخل عليهما فاعل. والاحتراز بانتفاء التأثر عما ناب عن الفعل في العمل ولكنه يتأثر بالعوامل كالمصدر النائب عن فعله فإنه معرب لعدم كمال مشابهته للحرف "وكافتقار أصلًا" ويسمى الشبه الافتقاري وهو أن يفتقر الاسم إلى الجملة افتقارًا مؤصلًا أي لازما كالحرف، كما في إذ وإذا وحيث   قوله: ويسمى الشبه الافتقاري. قوله: "وذلك موجود في أسماء الأفعال" فكلها مبنية للشبه الاستعمالي وفتحة نحو وراءك فتحة حكاية لما قبل نقله من الظرفية إلى اسمية الفعل خلافًا لابن خروف في جعله معربًا بالفتحة منصوبًا بما ناب عنه كنصب المصدر. قوله: "ولا يعمل غيرها فيها" أي لعدم دخول عامل عليها، ولو قال: ولا يدخل عليها عامل لكان أوضح لإيهام ما عبر به أن العامل قد يدخل عليها ولا يعمل مع أن العامل لا يدخل عليها اتفاقًا، ولا يرد قول زهير: فلنعم حشو الدرع أنت إذا ... دعيت نزال ولج في الذعر لأنه من الإسناد إلى اللفظ. قوله: "بناء على الصحيح" مقابلة أنها مبتدأ أغنى فاعلها عن الخبر كما لجماعة أو مفعول مطلق لمحذوف وجوبًا موافق لها في المعنى بناء على أنها موضوعة للحدث كما لجماعة منهم المازني، وانظر ما علة البناء على هذين القولين. قوله: "نائبتان عن أتمنى وأترجى" لعل معنى نيابتهما عن الفعلين إفادتهما معناهما لا أن الأصل ذكر الفعلين فتركا وأقيم مقامهما الحرفان كما في نيابة حرف النداء عن ادعو. قوله: "كالمصدر النائب إلخ" مبني على أحد مذهبين ثانيهما أن المنصوب بعده معمول للفعل المحذوف لا له وعليه فهو نائب عن الفعل معنى لا عملًا. وإنما قيد بالنائب لأنه العامل لزومًا وغيره وإن كان أيضًا يتأثر بالعوامل تارة يعمل وتارة لا. قوله: "أصلًا" ألفه للإطلاق ولو جعلها ضمير تثنية عائدًا على نيابة وافتقار لصلح واستغنى عن قوله بلا تأثر المسوق لإخراج المصدر النائب عن فعله لأن نيابته عنه عارضة في بعض التراكيب بخلاف اسم الفعل فإن نيابته عنه متصلة حقيقة في المرتجل كآمين وتنزيلًا في المنقول كوراءك. قوله: "وهو" أي الشبه الافتقاري، أن يفتقر الاسم، أي ذو أن يفتقر الاسم، أو الضمير راجع إلى افتقار. قوله: "إلى الجملة" أي أو ما قام مقامها كالوصف في أل الموصولة أو عوض عنها كالتنوين في إذ. ا. هـ. دنوشري. ولعله أخذ التقييد بالجملة من جعل تنوين افتقار للتعظيم وهو أولى من جعل شيخنا إياه للتنويع لأن النوع كما يتحقق بالافتقار إلى الجملة يتحقق بغيره. ولا يرد على كلامه القول المقصود منه الحكاية لعدم افتقاره دائمًا إلى الجملة أو المفرد القائم مقامها كالقصيدة والشعر لأنه قد ينصب المفرد المراد به لفظه كقلت زيدًا أي قلت هذا اللفظ والمفرد الواقع على مفرد كقلت كلمة إذا كنت تلفظت بزيد مثلًا، وقد ينزل منزلة الفعل اللازم فلا ينصب شيئًا. هكذا ينبغي تقرير المقام ومنه يعلم ما في كلام البعض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والموصلات الاسمية. أما ما افتقر إلى مفرد كسبحان، أو إلى جملة لكن افتقارًا غير مؤصل أي غير لازم كافتقار المضاف في نحو: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: 119] إلى الجملة بعده فلا يبني لأن افتقار يوم إلى الجملة بعده ليس لذاته وإنما هو لعارض كونه مضافًا إليها، والمضاف من حيث هو مضاف مفتقر إلى المضاف إليه، ألا ترى أن يومًا في غير هذا التركيب لا يفتقر إليها نحو هذا يوم مبارك؛ ومثله النكرة الموصوفة بالجملة فإنها مفتقرة إليها لكن افتقارًا غير مؤصل لأنه ليس لذات النكرة وإنما هو لعارض كونها موصوفة لها، والموصوف من حيث هو موصوف مفتقر إلى صفته وعند زوال عارض الموصوفية يزول الافتقار. تنبيهات: الأول إنما أعربت أي الشرطية والاستفهامية والموصولة وذان وتان واللذان واللتان لضعف الشبه بما عارضه في أي من لزوم الإضافة. وفي البواقي من وجود التثنية   قوله: "أي لازمًا" تفسير مراد إذ المؤصل غير العارض لكن لما كان من شأنه اللزوم أطلق وأريد به اللازم فهو من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم بحسب الشأن. قوله: "كالحرف" إنما افتقر الحرف في إفادة معناه إلى الجملة لأنه وضع لتأدية معاني الأفعال أو شبه الأفعال إلى الأسماء. قوله: "كسبحان" أي على المشهور من مذهبين ثانيهما أنه يستعمل مضافًا وغير مضاف كقوله: سبحان من علقمة الفاخر أي براءة منه قال عبد الحكيم في حواشيه على شرح المواقف سبحان نصب على المصدر بمعنى التنزيه والتبعيد من السوء الأصل سبحت بتشديد الباء سبحانًا حذف الفعل وجوبًا لقصد الدوام وأقيم المصدر مقامه وأضيف إلى المفعول فهو مصدر من الثلاثي استعمل بمعنى مصدر الرباعي كما في أنبت الله نباتًا. ويجوز أن يكون مصدر سبح في الأرض والماء كمنع إذا ذهب وأبعد أي أبعد من السوء إبعادًا أو من إدراك العقول وإحاطتها فيكون مضافًا إلى الفاعل. ولا يجوز أن يكون من سبح سبحانًا كمنع أو سبح تسبيحًا إذا قال: سبحان الله فيهما للزوم الدور. ا. هـ. مع بعض إيضاح وزيادة من القاموس. وفي كونه علم جنس على التنزيه أو غير علم خلاف. قوله: "فلا يبني" جواب أما أي فلا يبنى وجوبًا أعم من أن لا يبنى أصلًا كما في سبحان أو يبنى جوازًا كما في يوم وببنائه على الفتح قرأ نافع. قوله: "وعند زوال عارض الموصوفية" كذا في نسخ وهو المناسب لقوله قبل لعارض كونها موصوفة وفي نسخ الوصفية وهو لا يناسب ما قبله إلا أن يجعل المصدر من المبني للمفعول فيكون بمعنى ما في النسخ الأولى. قوله: "إنما أعربت إلخ" جواب سؤال وارد بالنظر إلى أي الشرطية والاستفهامية وذان وتان على الشبه المعنوي، وبالنظر إلى أي الموصولة واللذان واللتان على الشبه الافتقاري. قوله: "من لزوم الإضافة" أي المفرد فخرج باللزوم كم فإنها قد تضاف إلى المفرد وقد لا تضاف أصلًا وبالمفرد إذ وإذا وحيث فإنها إنما تضاف إلى الجملة ولدن فإنها قد تضاف إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وهما من خواص الأسماء، وإنما بنيت أي الموصولة وهي مضاف لفظًا إذا كان مصدر صلتها ضميرًا محذوفًا نحو: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدّ} [مريم: 69] قرئ بضم أي بناء، وبنصبها لأنها لما حذفت صدر صلتها نزل ما هي مضافة إليه منزلته فصارت كأنها منقطعة عن الإضافة لفظًا ونية مع قيام موجب البناء، فمن لاحظ ذلك بنى ومن لاحظ الحقيقة أعرب. فلو حذف ما تضاف إليه أعربت أيضًا لقيام التنوين مقامه كما في كل. وزعم ابن الطراوة أن أيهم مقطوعة عن الإضافة فلذلك بنيت، وأن هم أشد مبتدأ وخبر. ورد برسم المصحف الضمير متصلًا، والإجماع على أنها إذا لم تضعف كانت معربة. وإنما بنى الذين وإن كان الجمع من خواص الأسماء لأنه لم يجر على سنن الجموع لأنه أخص من الذي   المفرد وقد، تضاف إلى الجملة فلم يوجد المعارض ولو سلم وجوده في لدن فإعراب لدن لغة والمعارض قد لا يمنع إلا تحتم البناء. وبهذا الأخير يجاب عن إيراد قد الاسمية لأن فيها أيضًا لغتي الإعراب والبناء. قوله: "من وجود صورة التثنية" اعترض بأن من قال بالإعراب حكم بأن التثنية حقيقية ومن قال بالبناء لاشتراطه في إعراب التثنية إعراب المفرد وقبوله التنكير وهو الأصح حكم بأنها صورية لأن مفرد ما ذكر مبني لا يقبل التنكير، والشارح لفق بين القولين فحكم أولًا بالإعراب وثانيًا بأن التثنية صورية والجواب منع التلفيق بل هو جار على القول بالإعراب ولا ينافيه التعبير بالصورة لأنه لما لم تجيء هذه التثنية على قياس التثنية لأن قياس تثنية ما كان كذا وتا والذي والتي ذيان وتيان واللذيان واللتيان كان كأنها غير حقيقة فلذلك قال صورة. قوله: "وهما" أي الإضافة والتثنية. قوله: "إنما بنيت أي الموصولة" دفع لما يرد على قوله لضعف الشبه بما عارضه إلخ وكذا قوله فيما يأتي وإنما بنى الذين إلخ. قوله: "وبنصبها" ذكره زيادة فائدة ولا دخل له في الإيراد وهذه القراءة شاذة. قوله: "كأنها منقطعة عن الإضافة لفظًا ونية" أما الأول فللتنزيل المذكور. وأما الثاني فلأنه لا معنى لتقدير المضاف إليه مع وجوده لفظًا، ومصب كأن مجموع قوله لفظًا ونية لا كل واحد على حدته حتى يرد أنها على هذا التنزيل منقطعة عن الإضافة نية تحقيقًا فتأمل. قوله: "مع قيام موجب البناء" وهو شبه الحرف في الافتقار اللازم إلى جملة. قوله: "فمن لاحظ ذلك" أي التنزيل المذكور مع قيام موجب البناء. قوله: "ومن لاحظ الحقيقة" أي وجود المعارض للشبه من الإضافة. قوله: "فلو حذف ما تضاف إليه" أي سواء ذكر صدر الصلة أو حذف أعربت أيضًا أي كما أعربت حال الإضافة وحذف صدر الصلة على لغة. قوله: "لقيام التنوين مقامه" أي مقام ما تضاف إليه، ولما لم يحسن تنزيل هذا التنوين منزلة صدر الصلة لتكون كأنها منقطعة عن الإضافة فتبنى اتفق على إعرابها. قوله: "وزعم ابن الطراوة" هذا مقابل لقوله سابقًا وهي مضافة لفظًا إذا كان صدر صلتها ضميرًا محذوفًا إلخ. وحاصل ما زعمه ابن الطراوة شيئان ردهما الشارح على طريق اللف والنشر المشوش. قوله: "وإن كان الجمع" أي اللغوي فلا ينافي أنه اسم جمع والواو للحال. قوله: "لأنه لم يجر على سنن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وشأن الجمع أن يكون أعم من مفرده ومن أعربه نظر إلى مجرد الصورة. وقيل هو على هذه اللغة مبني جيء به على صورة المعرب ذو وذات الطائيتين حملهما على ذي وذات بمعنى صاحب وصاحبة. الثاني عد في شرح الكافية من أنواع الشبه الشبه الإهمالي، ومثل له   الجموع" يرد عليه أن التثنية في ذان وتان واللذان واللتان لم تجر أيضًا على سنن التثنية لما مر. ويمكن دفعه بأن جهة عدم جريان التثنية فيما ذكر على سنن التثنية لفظية وجهة عدم جريان الجمع في الذين على سنن الجموع معنوية والجهة المعنوية أقوى فلهذا اعتبرت دون الجهة اللفظية. فاحفظه فإنه نفيس. قوله: "لأنه أخص من الذي" لأن الذي يستعمل في العاقل وغيره حقيقة والذين لا يستعمل حقيقة إلا في العاقل. قوله: "ومن أعربه" أي بالواو رفعًا بالياء نصبًا وجرًا نظر إلى مجرد الصورة أي إلى صورة الجمع المجردة عن النظر إلى المعنى من كونه أخص من مفرده. قوله: "على هذه اللغة" اسم الإشارة يرجع إلى لغة الإعراب لا بقيد كونه حقيقيًا فلا ينافي قوله بعد مني إلخ أو إلى لغة من ينطق بالواو في حال الرفع المعلومة من المقام. قوله: "ومن أعرب ذو وذات" جواب سؤال وارد على الشبه الافتقاري. قوله: "الشبه الإهمالي" أي شبه الاسم الحرف المهمل في إهماله عن العمل أي كونه لا عاملًا ولا معمولًا. قال في التصريح. وأدخله ابن مالك في الشبه المعنوي وأدخله غيره في الاستعمالي. ا. هـ. وإنما يظهر القولان اللذان ذكرهما إذ لم يرد بالمعنوي والاستعمالي خصوص معناهما السابق بل أريد الأعم الشامل للشبه الإهمالي. وعد بعضهم من أنواع الشبه الشبه الجمودي والأقرب إرجاعه إلى الشبه الاستعمالي بمعنى يشمله لا بخصوص معناه السابق، وبعضهم الشبه اللفظي فقد ذكر الناظم أن حاشا الاسمية بنيت لشبهها الحرفية في اللفظ وكذا يقال في على الاسمية وكلا بمعنى حقًا وقد الاسمية. ونقل شيخنا السيد أن الشبه اللفظي مجوز للبناء لا محتم له، فعليه يجوز أن يكون حاشا وعلى وكلا الاسميات معربة تقديرًا كالفتى. وقد الاسمية معربة لفظًا وقد مر هذا. قوله: "ومثل له" أي للمشتمل عليه بفواتح السور أي نحو ص وق والم وهذا مبني على أنها لا محل لها لكونها متشابهة لا يعرف معناها ولم يصحبها عامل. أما على أنها أسماء للسور مثلًا وأن محلها رفع بالابتداء أو الخبرية، أو نصب على المفعولية لمحذوف أي اقرأ، أو جر بحرف القسم المقدر فليست من هذا النوع بل كان منها مفردًا كص أو موازن مفرد كحم موازن قابيل جاز إعرابه لفظًا أو تقديرًا بأن يسكن حكاية لحاله قبل العلمية وما عدا ذلك كالم وكهيعص يتعين فيه الثاني كذا في تفسير البيضاوي وحواشيه. وفي الهمع أن المفرد إذا أعرب يصرف ويمنع من الصرف باعتبار تذكير المسمى وتأنيثه، وأن موازنه إذا أعرب يمنع لموازنته الاسم الأعجمي، وأن ما لم يكن مفردًا ولا موازنه وأمكن جعله مركبًا مزجيًا كطسم يجوز فيه الحكاية وبناء الجزأين على الفتح كخمسة عشر والإعراب على الميم مع فتح النون أو على النون مع إضافة أول الجزأين لثانيهما وعلى هذا في ميم الصرف وعدمه بناء على تذكير الحرف وتأنيثه. ا. هـ. بتصرف وبقولنا ولم يصحبها عامل سقط ما للبعض من الاعتراض على التعليل بكونها متشابهة بأن كونها متشابهة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 ومعرب الأسماء ما قد سلما ... من شبه الحرف كأرض وسما   بفواتح السور والمراد الأسماء مطلقًا قبل التركيب فإنها مبنية لشبهها بالحروف المهملة في كونها لا عاملة ولا معمولة. وذهب بعضهم إلى أنها موقوفة أي لا معربة. ولا مبنية، وبعضهم إلى أنها معربة حكمًا ولأجل سكوته عن هذا النوع أشار إلى عدم الحصر فيما ذكره بكاف التشبيه: "ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف" الشبه المذكور. وهذا على قسمين   لا يقتضي عدم المحل وعدم الإعراب لثبوت ذلك في غيرها من المتشابه. قوله: "والمراد" أي بما بني للشبه الإهمالي. وقوله: الأسماء أي التي لم تكن مبنية قبل التركيب وبعده لا كمتى وأين. وقوله: مطلقًا أي فواتح السور أولًا. والمراد بالتركيب كما قاله الغنيمي ما يشمل الإسنادي والإضافي. قوله: "وبعضهم إلى أنها معربة حكمًا" أي قابلة للإعراب فالخلاف بينه وبين ما قبله لفظي لأن الأول لا ينفي قبولها للإعراب والثاني لا ينفي كونها غير معربة ولا مبنية بالفعل فالخلاف بينهما إنما هو في التسمية وعدمها كذا قال البعض وهو يدل على أن القولين متفقان على أنها معربة بالمعنى المصطلح عليه في المعرب وهو ما سلم من شبه الحرف فرجع الخلاف إلى قولين فقط: كونها مبنية لشبهها بالحرف، وكونها معربة لسلامتها من شبهه. وقال في شرح الجامع وعلى أنها معربة حكمًا فللمعرب معنيان: أحدهما المتصف بالاختلاف بالفعل والثاني مقابل المبني فبين المبني والمعرب بالمعنى الثاني تقابل العدم والملكة، وبين المبني والمعرب بالمعنى الأول تقابل التضاد ولذا جاز ارتفاعهما. ا. هـ. ببعض تلخيص. وقال الجامي في شرح قول ابن الحاجب في كافيته: فالمعرب أي من الأسماء المركب الذي لم يشبه مبني الأصل أي المبني الذي هو أصل في البناء ما نصه: اعلم أن صاحب الكشاف جعل الاسماء المعدودة العارية عن المشابهة المذكورة معربة وليس النزاع في المعرب الذي هو اسم مفعول من قولك أعربت فإن ذلك لا يحصل إلا بإجراء الإعراب على آخر الكلمة بعد التركيب بل في المعرب اصطلاحًا، فاعتبر العلامة مجرد الصلاحية لاستحقاق الإعراب بعد التركيب وهو الظاهر من كلام الإمام عبد القاهر، واعتبر المصنف مع الصلاحية حصول الاستحقاق بالفعل ولهذا أخذ التركيب في تعريفه. وأما وجود الإعراب بالفعل في كون الاسم معربًا فلم يعتبره أحد ولذلك يقال لم يعرب الكلمة وهي معربة. ا. هـ. وهو حسن ينبغي أن يحمل عليه موهم خلافه. قوله: "ولأجل سكوته عن هذا النوع" أي وعن غيره كالشبه الجمودي وإن أوهم تقديمه الظرف خلافه. قوله: "بكاف التشبيه" الأولى بكاف التمثيل. قوله: "ومعرب الأسماء" قال يس: الإضافة على معنى من وضابطها موجود وهو أن يكون بين المضاف والمضاف إليه عموم وخصوص من وجه. ا. هـ. واعتراض البعض عليه بأن شرط هذه الإضافة صحة حمل الثاني على الأول كخاتم حديد مدفوع بما مر عن الروداني من أن صحة الحمل أغلبي لا شرط لازم. وإنما صرح المصنف بتعريف معرب الأسماء مع انفهامه من قوله: ومبني لشبه من الحروف مدني. توطئة لتقسيمه إلى ظاهر الإعراب ومقدره. قوله: "ما قد سلما من شبه الحرف" ما واقعة على اسم فاندفع الاعتراض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وفعل أمر ومضي بنيا ... وأعربوا مضارعًا إن عريا   صحيح يظهر إعرابه "كأرض و" معتل يقدر إعرابه نحو "سما" بالقصر لغة في الاسم. وفيه عشر لغات منقولة عن العرب: اسم وسم وسمًا مثلثة، والعاشرة سماة. وقد جمعتها في قولي: لغات الاسم قد حواها الحصر ... في بيت سمر وهو هذا الشعر اسم وحذف همزة والقصر ... مثلثان مع سماة عشر تنبيه: بدأ في الذكر بالمعرب لشرفه، وفي التعليل بالمبني لكونه علته وجودية وعلة المعرب عدمية، والاهتمام بالوجودي أولى من الاهتمام بالعدمي، وأيضًا فلأن أفراد معلول علة البناء محصورة بخلاف علة الإعراب، فقدم علية البناء ليبين أفراد معلولها "وفعل أمر و"   بأن التعريف صادق على الحرف إذ الشيء لا يشبه نفسه. قوله: "الشبه المذكور" أشار به إلى أن الإضافة في شبه الحرف للعهد الذكرى والمعهود شبه الحرف المتقدم أعني المدني أي الذي لم يعارضه معارض. وبجعل الإضافة عهدية دخلت أي ونحوها من المعربات التي أشبهت الحرف شبهًا ضعيفًا فلا يقال التعريف غير جامع لخروج أي ونحوها لأن فيها شبهًا ضعيفًا فلا يقال غير جامع لخروج أي ونحوها لأن فيها شبهًا بالحرف. قوله: "يظهر إعرابه" أي إن لم يمنع من ظهوره مانع كوقف وإدغام وحكاية وتخفيف واتباع. قوله: "وفيه عشر لغات" بل ثمانية عشر جمعت في هذا البيت: سم سمة اسم سماة كذا سما ... سماء بتثليث لأوّل كلها قوله: "في الذكر" أي ذكر قسمي الاسم ولو قال في التقسيم لكان أوضح إذ الذكر لا يخص التقسيم. قوله: "وفي التعليل" المراد بالتعليل ما يشمل الصريح كما في المبني والضمني كما في المعرب؛ لأن قوله ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف يتضمن تعليل الإعراب بسلامة الاسم من شبه الحرف لأن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بالعلية فلا يرد أن المصنف لم يعلل إعراب الاسم. والمراد أيضًا ما يشمل التعليل بعلة تامة كما في المبني والتعليل بعلة ناقصة كما في المعرب، فلا يرد أن علة إعراب الاسم ليست السلامة فقط بل توارد المعاني التركيبية المختلفة عليه مع السلامة. قوله: "فلأن" الفاء زائدة وهذا تعليل ثان لتقديم المبني في التعليل. قوله: "أفراد معلول علة البناء" أي أفراد موصوف معلول علة البناء لأن علة البناء شبه الحرف ومعلولها البناء وموصوفه المبني وأفراده النوعية محصورة لأنها المضمرات وأسماء الشرط وأسماء الاستفهام وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة وأسماء الأفعال وأسماء الأصوات وكذا المنادى واسم لا إن جعل الكلام فيما يشمل البناء الأصلي والعارض ويصح أن يراد أفراده الشخصية فيتعين جعل الكلام في البناء الأصلي وإلا ورد أن أفراد المنادى واسم لا الشخصية غير محصورة. قوله: "بخلاف علة الإعراب" أي أفراد معلول علة الإعراب أي أفراد موصوف معلولها. قوله: "فقدم علة البناء ليبين أفراد معلولها" أي فيما يأتي وكان الأولى حذفه لأن تبيين أفراد معلول علة البناء لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فعل "مضي بنيا" على الأصل في الأفعال الأولى على ما يجزم به مضارعه من سكون أو حذف. والثاني على الفتح كضرب أو تقديرًا كرمي. وبني على الحركة لمشابهته المضارع في وقوعه صفة وصلة وخبرًا وحالًا وشرطًا، وبني على الفتح لخفته. وأما نحو ضربت وانطلقنا واستبقن فالسكون فيه عارض أوجبه كراهتهم توالي أربع متحركات فيما هو   يصلح علة لتقديم علة البناء مع أنه أسلف تعليل تقديم علة البناء فتأمل. قوله: "وفعل مضيّ" فيه إشارة إلى جرّ مضى وتقدير حذفه المصنف لمماثلته المعطوف عليه وأبقى المضاف إليه بحاله، وأن قوله بنيا الرافع لضمير التثنية خبر عن المذكور والمحذوف فلا يلزم الإخبار عن مفرد بمتحمل ضمير التثنية. ويحتمل كلام المصنف رفع مضى عطفًا على فعل على أنه أقيم مقام المضاف عند حذفه أو على أنه بمعنى ماض. ويحتمل أن ألف بنيا للإطلاق وأن ضميره يرجع إلى فعل مرادًا به الجنس في ضمن نوعيه: فعل الأمر وفعل المضي. وأصل مضى مضوي قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون، وقلبت ضمة الضاد كسرة للمناسبة. قوله: "الأول على ما يجزم به مضارعه" تبع فيه التوضيح وأورد عليه أن أمر الإناث مبني على السكون صحيحًا كاضربن أو معتلًا كاخشين مع أن مضارعه ليس مجزومًا لبنائه باتصال نون الإناث والأمر المؤكد بالنون مبني على سكون مقدر مع أن مضارعه ليس مجزومًا لبنائه باتصال نون التوكيد والأمر الذي لا مضارع له كهات وتعال مبني مع أنه لا مضارع له حتى يكون مجزومًا. وأجاب بعضهم عن الأولين بأن المضارع الذي اتصلت به نون الإناث أو نون التوكيد في محل جزم واستبعد لكن يأتي قريبًا ما يؤيده. وبعضهم بأن المراد ما يجزم به مضارعه بقطع النظر عن اللواحق ويرد عليه أمر الإناث المعتل فإنه مبني على السكون ومضارعه المجرد من نون الإناث مجزوم بحذفي آخره، وبعضهم عن الأخير بأن المراد لو كان له مضارع ولك أن تستغني عن هذه التكلفات بجعل كلامه أغلبيًا. وقال شيخنا السيد: التحقيق أن هات له مضارع يقال: هاتي يهاتي مهاتاة كناجي يناجي مناجاة. ا. هـ. قوله: "من سكون" أي ظاهر أو مقدر كمر بزيد وقوله أو حذف أي حذف حرف علة أو نون وقد لا يبقى منه إلا حركة كما في قل أصله قل أأي عد نقلت حركة الهمزة إلى اللام وحذفت. قوله: "لمشابهته المضارع" أي والمضارع معرب والأصل في الإعراب الحركة. قوله: "في وقوعه صفة إلخ" لا يخفى أن الواقع صفة وصلة وخبر أو حالًا هو الجملة لا الفعل وحده لكن لما كان المقصود بالذات من الجملة الفعل اعتبروه أو المراد وقوعه كذلك صورة قاله يس. قوله: "وأما نحو ضربت إلخ" أشار بالأمثلة الثلاثة إلى الصور الثلاث التي يعرض فيها سكون آخر الماضي وهي اتصاله بتاء الضمير أو نا التي للفاعل أو نون النسوة. قوله: "كراهتهم توالي أربع متحركات" أي في الثلاثي وبعض الخماسي كانطلقت وحمل الرباعي والسداسي وبعض الخماسي كتعظمت عليه إجراء للباب على وتيرة واحدة. وإنما حمل الأكثر على الأقل لأن في حمله على الأقل دفع المحذور بخلاف العكس. ولا يرد على كراهتهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كالكلمة الواحدة لأن الفاعل كالجزء من فعله، وكذلك ضمة ضربوا عارضة أوجبها مناسبة الواو. تنبيه: بناء الماضي مجمع عليه وأما الأمر فذهب الكوفيون إلى أنه معرب مجزوم بلام الأمر مقدرة. وهو عندهم مقتطع من المضارع، فأصل قم لتقم فحذفت اللام للتخفيف، وتبعها حرف المضارعة. قال في المغني وبقولهم أن قول، لا الأمر معنى فحقه أن يؤدى بالحرف، ولأنه أخو النهي وقد دل عليه بالحرف. ا. هـ "وأعربوا مضارعًا" بطريق   ذلك علبط وجندل لأنهما مزالان عن أصلهما وهو علابط وجنادل، ولا نحو شجرة لأن تاء التأنيث على تقدير الانفصال. ويرد عليه أن نحو قلنسوة يدل على اعتبارها وعدم تقدير انفصالها وإلا وجب قلب الواو ياء والضمة كسرة لرفضهم الواو المتطرفة المضموم ما قبلها وأيضًا جعل الفعل مع تاء الفاعل كالكلمة الواحدة وعدم جعل الكلمة مع تاء تأنيثها كالكلمة الواحدة تحكم. ومن ثم اختار بعضهم أن الموجب لسكون آخر الفعل فيما مر تمييز الفاعل من المفعول في نحو أكرمنا بالسكون وأكرمنا بالفتح وحملت التاء ونون النسوة على نا للمساواة في الرفع والاتصال. قوله: "فيما هو إلخ" ظرف للتوالي لا لأربع متحركات لئلا يلزم ظرفية الشيء في نفسه في نحو ضربت لا في نحو انطلقت بل ظرفية الأربع فيه من ظرفية الجزء في الكل. قوله: "لأن الفاعل إلخ" علة للتشبيه. قوله: "وكذلك ضمة ضربوا إلخ" ليس من هذا القبيل على الأوجه فتحة ضربًا بل هي أصلية لا لمناسبة الألف والأصلية ذهبت كما قيل بمثل ذلك في مررت بغلامي. والفرق أن كسرة الإعراب غير سابقة على ياء المتكلم حتى تستصحب بعد الإضافة إليها لوجود ياء المتكلم قبل دخول عامل الجرّ فتكون الكسرة كسرة مناسبة فتستصحب بعد دخول عامل الجر بخلاف فتحة بناء الفعل فإنها سابقة على الألف فتستصحب بعدها هكذا ينبغي تقرير الفرق. قوله: "أوجبها مناسبة الواو" لا يرد عليه نحو غزوا وقضوا حيث لم يضم ما قبل الواو لوجود الضم قبلها تقديرًا إذ الأصل غزووا وقضيوا قلبت الواو في الأول والياء في الثاني ألفًا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "فذهب الكوفيون" قال شيخنا السيد أي والأخفش. ومما ضعف به مذهبهم أن حذف الجازم وإبقاء عمله ضعيف كحذف الجار. ولهم منع ذلك في لام الأمر. قوله: "وتبعها حرف المضارعة" أي دفعا للبس بالمضارع الخبري الصحيح العين واللام في الوقف وحمل المعتل العين أو اللام كقم وارم والصحيح في الوصل عليه. قوله: "لأن الأمر معنى" أي نسبي بين الآمر والمأمور فلا يستقل بالمفهومية وإنما حذف النعت لأخذه من قوله فحقه إلخ فاتضح قوله فحقه إلخ واندفع الاعتراض بأنه ليس كل معنى يؤدى بالحرف فإن المضي معنى والاستقبال معنى وقد أديا بغير الحرف. قوله: "ولأنه أخو النهي" أي نظيره في مطلق الطلب وإن كان الأمر طلب فعل والنهي طلب ترك على كلام بين في محله. وبحث شيخنا السيد في هذا التعليل فقال: قد يقال الأمر الذي هو أخو النهي ما كان معنى غير مستقل كما هو معنى الحرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الحمل على الاسم لمشابهته إياه في الإبهام والتخصيص، وقبول لام الابتداء، والجريان على لفظ اسم الفاعل في الحركات والسكنات وعدد الحروف وتعيين الحروف الأصول والزوائد. وقال الناظم في التسهيل بجواز شبه ما وجب له، يعني من قبوله بصيغة واحدة   وأما الأمر الذي هو مدلول فعل الأمر فمعنى مستقل لكونه مع الحدث. قوله: "وأعربوا" أي العرب بمعنى نطقوا به معربًا أو النحاة بمعنى حكموا بإعرابه. قوله: "على الاسم" أي مطلق الاسم لا خصوص اسم الفاعل كما يؤخذ من قوله والجريان على لفظ اسم الفاعل حيث لم يقل والجريان عليه. قوله: "في الإبهام إلخ" ذكر لشبه المضارع بالاسم أربعة وجوه: أما الأول والثاني فلاحتمال المضارع الحال والاستقبال وتخصيصه بأحدهما بالقرينة كالآن وغدًا ومثل رجل فإنه مبهم ويتخصص بقرينة كالوصف وأل. وأما الثالث والرابع فظاهران. فإن قلت ذكروا في باب الإضافة أن المضاف لا يكون إلا اسمًا لأنه يستفيد من المضاف إليه تعريفًا أو تخصيصًا وهما لا يكونان إلا في الاسم فيشكل على قولهم هنا الفعل المضارع يشبه الاسم في التخصيص. قلت المراد بالتخصيص المذكور في باب الإضافة التخصيص الحاصل بالحرف المقدر كاللام أو من، وتقديره لا يكون في الفعل، أو يقال ما هناك بالنظر للأمرين معًا أي التعريف والتخصيص لا يكونان معًا إلا في الاسم، أو المراد أن ذلك لا يكون بالأصالة إلا فيه. ثم ظاهر ما مر من احتمال المضارع الحال والاستقبال أنه مشترك بينهما وهو أحد الأقوال، ثانيها أنه حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال واعتمده جماعة كالدماميني والسيوطي لترجح كونه للحال عند التجرد عن القرائن كما هو شأن الحقيقة وللأول أن يقول قد يكثر استعمال المشترك في أحد معنييه بحيث يتبادر منه عند الإطلاق فيترجح الحمل عليه ولأن المناسب أن يكون للحال صيغة تخصه كما أن للماضي صيغة الفعل الماضي وللمستقبل صيغة فعل الأمر، ثالثها عكسه وليس المراد بالحال عند أهل العربية الآن وهو الزمان الفاصل بين الزمان الماضي والمستقبل بل أجزاء من أواخر الماضي وأوائل المستقبل مع ما بينهما من الآن ولهذا تسمعهم يقولون يصلي من قول القائل زيد يصلي حال مع أن بعض أفعال صلاته ماض وبعضها باق فجعلوا الصلاة الواقعة في الآناث المتتالية واقعة في الحال قاله الدماميني وما ذكرنا من أن زمن فعل الأمر مستقبل هو باعتبار الحدث المأمور به أما باعتبار الأمر والطلب فحال. قوله: "والجريان" أي ولو باعتبار الأصل ليدخل يقوم فإنه جار على لفظ قائم باعتبار الأصل لأن أصله يقؤم نقلت حركة الواو إلى ما قبلها للثقل. قوله: "في الحركات" أي مطلقها من غير نظر إلى خصوص الحركة. قوله: "وتعيين الحروف الأصول والزوائد" أي تعيين مقدار كل منهما وإن اختلف محل الزائد أو شخصه كما في يضرب وضارب وينطلق ومنطلق. قوله: "وقال الناظم في التسهيل" أي لعدم ارتضائه التعليل السابق فقد رده في شرحه بأن الوجه الأول والثاني يأتيان في الماضي فإن زمانه يحتمل القرب والبعد فإذا دخلت عليه قد تخصص بالقرب، والثالث أيضًا يأتي في الماضي فإنه يقبل اللام إذا كان جوابًا للو. والرابع ليس بمطرد فقد لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   معاني مختلفة لولا الإعراب لالتبست. وأشار بقوله بجواز إلى أن سبب الإعراب واجب للاسم وجائز للمضارع؛ لأن الاسم ليس له ما يغنيه عن الإعراب لأن معانيه مقصورة عليه   يجري المضارع على اسم الفاعل في جميع ما ذكر ولو سلم فالماضي قد يجري على الاسم كفرح فهو فرح وأشر فهو أشر، وغلب غلبًا وأجلب جلبًا فالأوجه الأربعة ليست تامة في نفسها وبتقدير تمامها لا تفيد لأنها ليست علة حكم الأصل وهو الاسم حتى يترتب على ثبوتها في الفرع وهو المضارع حكم الأصل مع أن شرط القياس ذلك. وأجيب عن قوله وبتقدير تمامها لا تفيد إلخ بأن وجود علة حكم الأصل في الفرع إنما يشترط في قياس العلة. ويصح أن يكون ما هنا من قياس الشبه وقد صرحوا بأنه يصح الإلحاق فيه بسبب المشابهة ولو في غير علة الحكم لكن يرد عليه أن قياس الشبه لا يصار إليه مع إمكان قياس العلة وهو ممكن هنا بأن يقاس المضارع على الاسم في الإعراب بجامع توارد المعاني التركيبية التي يميزها الإعراب على كل وإن أمكن تمييزها في الفرع بغير الإعراب كما سيأتي. ودعوى أن قياس العلة متعذر هنا لأن علة إعراب الاسم توارد المعاني التي لا يميزها إلا الإعراب لا مطلقًا وهذا غير موجود في المضارع لا يسلمها المصنف. قوله: "بجواز شبه" أي مشابه والباء سببية متعلقة بشابه في كلام التسهيل حيث قال: شابه الاسم بجواز إلخ أي بسبب جواز قبول المضارع المعاني المختلفة المشابه لما وجب للاسم من قبوله المعاني المختلفة. ومعنى كون قبوله واجبًا أن معانيه الواردة عليه التي يقبلها كالفاعلية والمفعولية والإضافة في نحو ما أحسن زيدًا مقصورة عليه لا تتعدى إلى غيره. ومعنى كون قبول المضارع جائزًا أن معانيه الواردة عليه التي يقبلها كالنهي عن كل من الفعلين في المثالين اللذين ذكرهما الشارح والنهي عن المصاحبة والنهي عن الأول وإباحة الثاني غير مقصورة عليه بل تستفاد بوضع اسم مكانه. وإنما قال شبه لاختلاف القبولين كما عرفت باعتبار الصفة لأن أحدهما واجب والآخر جائز وباعتبار المعاني المقبولة أيضًا فسقط اعتراض الدماميني على ذكر شبه بأنه فاسد، وسقط ما قد يقال المتصف بالوجوب والجواز الإعراب لا قبول المعاني. نعم يرد على المصنف أن الماضي أيضًا قابل للمعاني التركيبية المختلفة نحو ما صام واعتكف فإنه يحتمل كون المعنى ما صام وما اعتكف، وما صام معتكفًا، وما صام ولكن اعتكف. وأجيب بأنه نادر فلا يعتبر وفيه بحث تأمل. قوله: "لالتبست" أي في بعض الأحيان وإنما قيدنا ببعض الأحيان لأن الإعراب قد يدخل فيما لا إلباس فيه نحو يشرب زيد الماء حملًا على ما فيه الإلباس ليجري الباب على سنن واحد. ا. هـ. دماميني. بقي له بحث وهو أن اللازم على فرض عدم الإعراب وهو الإجمال لا الإلباس لاحتمال المعاني حينئذٍ على السواء من غير تبادر خلاف المراد وقد قالوا: الإجمال من مقاصد البلغاء. وجوابه أنه ليس من مقاصدهم في مقام البيان كمقام بيان الفاعلية والمفعولية والإضافة بل يتحاشون عنه فيه فاعرفه. قوله: "لأن معانيه" أي المعاني المتواردة عليه كالفاعلية والمفعولية والإضافة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 من نون توكيد مباشر ومن ... نون إناث كيرعن من فتن   والمضارع يغنيه عن الإعراب وضع اسم مكانه كما في نحو: لا تعن بالجفاء وتمدح عمرًا، فإنه يحتمل المعاني الثلاثة في لا تأكل السمك وتشرب اللبن. يغني عن الإعراب في ذلك وضع الاسم مكان كل من المجزوم والمنصوب والمرفوع:؛ فيقال: لا تعن بالجفاء ومدح عمرو، ولا تعن بالجفاء مادحًا عمرًا، ولا تعن بالجفاء ولك مدح عمرو؛ ومن ثم كان الاسم اصلًا والمضارع فرعًا خلافًا للكوفيين فإنهم ذهبوا إلى أن الإعراب أصل في الأفعال كما هو أصل في الأسماء؛ قالوا لأن اللبس الذي أوجب الإعراب في نحو الأسماء موجود في الأفعال في بعض المواضع كما في نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن كما تقدم. واجيب بأن اللبس في المضارع كان يمكن أزالته بغير الإعراب كما تقدم. وإنما يعرب المضارع "إن عريا. من نون توكيد مباشر" له نحو ليسجنن وليكونا "ومن نون إناث كيرعن" من قولك النسوة يرعن أي يخفن "من فتن" فإن لم يغر منهما لم يعرب لمعارضة   قوله: "مقصورة عليه" أي لا تحصل إلا بلفظه فتعين إعرابه طريقًا لبيانها. قوله: "لا تعن" بصيغة المجهول على المشهور لأنه بمعنى تهتم بخلاف الذي بمعنى تقصد فمبني للفاعل. قوله: "فيقال لا تعن بالجفاء ومدح عمرو إلخ" ومثل ذلك يقال في لا تأكل السمك وتشرب اللبن. قوله: "ومن ثم" أي من أجل أن الاسم ليس له ما يغنيه عن الإعراب بخلاف الفعل. قوله: "كان الاسم" أي إعرابه أصلًا والمضارع أي إعرابه فرعًا. قوله: "خلافًا للكوفيين" أي ولمن ذهب إلى أن الإعراب أصل في الفعل فرع في الاسم لوجوده في الفعل من غير سبب فهو لذاته بخلاف الاسم وهو باطل لما علمت من أن سبب الإعراب فيهما توارد المعاني. قوله: "إن عريا" بكسر الراء ماضي يعرى كرضي يرضى أي خلا، وأما عرا يعرو كعلا يعلو فبمعنى عرض. قوله: "مباشر" أي ولو تقديرًا كقوله: لا تهين الفقير علك أن تركع ... يومًا والدهر قد رفعه أصله تهينن بنون التوكيد الخفيفة حذفت لالتقاء الساكنين أفاده يس وغيره. قوله: "ومن نون إناث" أي نون موضوعة للإناث وإن استعملت مجازًا في الذكور كما في قوله: يمرون بالدهنا خفافًا عيابهم ... ويرجعن من دارين بجر الحقائب قوله: "لم يعرب" أي لفظًا وهو معرب محلًا إن دخل عليه ناصب أو جازم كما في يس. وسكت عن محلية الرفع بالتجرد والقياس أنها كذلك، إلا أن يقال التجرد ضعيف لأنه عامل معنوي كذا قال شيخنا السيد. ثم رأيت شيخنا في باب إعراب الفعل نقل عن سم أن له محل رفع في حال التجرد من الناصب والجازم ونظر فيه. وجزم بأنه ليس له في حال التجرد محل رفع ناقلًا ذلك عن القليوبي وغيره. قوله: "لمعارضة إلخ" فيه أن عدم إعرابه هو الأصل فلا يحتاج إلى التعليل ويجاب بأن المضارع لما أشبه الاسم في الأمور المتقدمة كان كأن الإعراب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   شبه الاسم بما هو من خصائص الأفعال فرجع إلى أصله من البناء فيبنى مع الأولى على الفتح لتركيبه معها تركيب خمسة عشر، ومع الثانية على السكون حملًا على الماضي المتصل بها لأنهما مستويان في أصالة السكون وعروض الحركة كما قاله في شرح الكافية والاحتراز بالمباشر عن غير المباشر وهو الذي فصل بين الفعل وبينه فاصل: ملفوظ به كألف الاثنين، أو مقدر كواو الجماعة وياء المخاطبة، نحو هل تضربان يا زيدان، وهل تضربن يا زيدون، وهل تضربن يا هند، والأصل تضربانن وتضربون وتضربين، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، ولم تحذف نون التوكيد لفوات المقصود منها بحذفها، ثم حذفت   متأصل فيه فإذا خرج عنه فكأنه خرج عن الأصل فلهذا ذكر وجه البناء. قوله: "بما هو من خصائص الأفعال" أي القوى بتنزيله منزلة الجزء الخاتم للكلمة فاندفع الاعتراض بلزوم بناء المضارع المقرون بلم أو قد أو حرف التنفيس أو ياء الفاعلة لمعارضة الشبه فيه بما هو من خصائص الأفعال. لكن هذا الاندفاع لا يظهر بالنسبة لياء الفاعلة لاتصالها بالآخر وتنزلها منزلة الجزء من الفعل إلا أن يقال تنزل نون التوكيد أقوى وأتم. قوله: "لتركيبه معها إلخ" تعليل لكون البناء على الفتح كما قاله غير واحد لا لأصل البناء لأنه ذكره لا لأن التركيب لا يصلح علة للبناء بدليل بعلبك كما قيل لأن المراد هنا خصوص التركيب العددي كما يصرح به قول الشارح تركيب خمسة عشر لا مطلق التركيب المزجي. والتركيب العددي يصلح علة للبناء كما ستعرفه في بابه وإنما اقتضى التركيب الفتح لأنه يحصل به ثقل فيحتاج معه إلى التخفيف بالفتح. وقال شيخنا السيد ما ذكره الشارح علة لكون البناء على الفتح مع نون التوكيد وعلى السكون مع نون الإناث عازيًا لشرح الكافية إنما ذكره المصنف في شرح الكافية علة لأصل البناء لا لكونه على الفتح أو السكون ففي عزوه إلى شرح الكافية نظر. قوله: "حملًا على الماضي المتصل بها" أي في كون كل ساكن الآخر لفظًا لا في البناء على السكون لئلا ينافي ما سبق من كون الماضي المتصل بنون الإناث مبنيًا على فتح مقدر وإن درج شيخنا على المنافاة أخذًا بظاهر العبارة. وإنما علل سكونه مع أن الأصل في المبني السكون لأنه لما استحق الإعراب الذي أصله الحركة وبني مع نون التوكيد على حركة دل على أن المنظور إليه فيه هو الحركة فاحتيج في خروجه عنها مع نون الإناث إلى وجه. قوله: "لأنهما" أي الماضي والمضارع وهذا تعليل للحمل على الماضي في كون الآخر لفظًا لا في البناء على السكون لما عرفت. قوله: "مستويان في أصالة السكون وعروض الحركة" لما مر من أن الأصل الأصيل في الأفعال البناء وفي المبني السكون، فإن قلت: إذا كان الماضي والمضارع مستويين في أصالة السكون فلا معنى لحمل المضارع على الماضي. قلت: المراد بالاستواء الاشتراك ولو مع التفاوت في القوة. ولما خرج المضارع عن أصله وأعرب ضعفت أصالة السكون فيه فحمل على الماضي الذي لم يخرج فلم تضعف أصالة السكون فيه. قوله: "لتوالي الأمثال" أي الممنوع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الواو والياء لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة والكسرة دليلًا على المحذوف، ولم تحذف الألف لئلا يلتبس بفعل الواحد وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه مستوفى فهذا ونحوه معرب. والضابط أن ما كان رفعه بالضمة إذا أكد بالنون بني لتركبه معها. وما كان رفعه بالنون إذا اكد بالنون لم يبن لعدم تركبه معها لأن العرب لم تركب ثلاثة أشياء. تنبيه: ما ذكرناه من التفرقة بين المباشرة وغيرها هو المشهور والمنصور. وذهب الأخفش وطائفة إلى البناء مطلقًا، وطائفة إلى الإعراب مطلقًا. وأما نون الإناث فقال في شرح التسهيل: إن المتصل بها مبني بلا خلاف، وليس كما قال، فقد ذهب قوم منهم ابن درستويه وابن طلحة والسهيلي إلى أنه معرب بإعراب مقدر منع من ظهوره ما عرض فيه   وذلك إذا كانت كلها زوائد فلا يرد نحو النسوة جننّ لأن الزائد المثل الأخير فقط. قوله: "لفوات المقصود منها بحذفها" أي لعدم ما يدل عليها بخلاف نون الرفع فإنها وإن أتى بها لمعنى مقصود لكن لا يفوت بحذفها لوجود الدليل عليها وهو أن الفعل معرب لم يدخل عليه ناصب ولا جازم للعلم حينئذٍ بأن نون الرفع مقدرة. قوله: "لالتقاء الساكنين" أي لدفعه وفيه أن التقاء الساكنين هنا على حده فهو جائز فلا حاجة إلى حذف الواو والياء للتخلص منه. ويمكن دفعه بأنه وإن كان جائزًا لا يخلو عن ثقل ما فالحذف للتخلص من الثقل الحاصل به. قوله: "لئلا يلتبس بفعل الواحد" لا يقال: كسر النون يدفع اللبس لأنا نقول: لو حذفت لم تكسر النون لأن سبب الكسر وقوعها بعد ألف تشبه ألف المثنى على أن اللبس حاصل حال الوقف. قوله: "بني لتركبه معها" علل الشارح هنا أصل البناء بالتركيب مخالفًا لما أسلفه وقد أسلفنا أن هذا ما درج عليه الناظم في شرح الكافية فيكون الشارح هنا موافقًا له فافهم. قوله: "لم تركب ثلاثة أشياء" اعترض بأنهم ركبوها في قولهم لا ماء بارد ببناء الوصف معها على الفتح كما سيأتي في باب لا. وأجيب هناك بأن لا إنما دخلت بعد تركيب الموصوف والوصف وجعلهما كالشيء الواحد ولا يقاس على باب لا غيره، فلا يدعي هنا تركيب الفعل مع الفاعل ثم إدخال نون التوكيد. قوله: "بين المباشرة" أي بين نون التوكيد المباشرة لأن نون الإناث لا تكون إلا مباشرة ولذا لم يقيدها الناظم بالمباشرة. قوله: "إلى البناء" أي على الفتح حتى في المسند إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة لكنه فيه مقدر منع من ظهوره حركة المناسبة هذا هو الأقرب وإن توقف فيه البعض. قوله: "إلى الإعراب مطلقًا" لكنه في المباشرة مقدر منع من ظهوره حركة التمييز بين المسند للواحد والمسند للجماعة والمسند للواحدة. قوله: "ما" أي سكون، ومن في قوله من الشبه بالماضي تعليلية وجعل السكون هنا عارضًا للمضارع باعتبار ما صار كالمتأصل فيه من الإعراب فلا ينافي ما أسلفه الشارح من استواء المضارع والماضي في أصالة السكون لأنه باعتبار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وكل حرف مستحق للبنا ... والأصل في المبني أن يسكنا ومنه ذو فتح وذو كسر وضم ... كأين أمس حيث والساكن كم   من الشبه بالماضي "وكل حرف مستحق للبنا" الذي به الإجماع إذ ليس فيه مقتضى الإعراب لأنه لا يتعوره من المعاني ما يحتاج إلا الإعراب "والأصل في المبني" اسما كان أو فعلًا أو حرفًا "أن يسكنا" أي السكون لخفته وثقل الحركة، والمبني ثقيل فلو حرك اجتمع ثقيلان "ومنه" أي من المبني ما حرك لعارض اقتضى تحريكه. والمحرك "ذو   الأصل الأصيل فتنبه. قوله: "الذي به" أشار به إلى الجواب عن الاعتراض بأن كلام المصنف لا يفيد بناء الحروف بالفعل إذ لا يلزم من الاستحقاق الحصول. وحاصل ما أشار إليه من الجواب أن أل في البناء للعهد الحضوري أي البناء الحاضر في الحرف فيكون كلام المصنف مفيدًا لبناء كل حرف واستحقاقه بناءه الحاصل له. ويجاب أيضًا بأن حصول البناء للحرف علم من قوله: لشبه من الحروف مدني والقصد الآن بيان استحقاق الحرف بناءه الحاصل له. قوله: "لا يعتوره" أي لا يتوارد عليه. قوله: "ما يحتاج" أي معان تركيبية يحتاج التمييز بينها إلى الإعراب. وأما المعاني الإفرادية كالابتداء والتبعيض والبيان بالنسبة إلى من فتعتور الحرف لكن لا يميز بينهما بالإعراب. قوله: "والأصل في المبني" أي الراجح فيه أو المستصحب لا الغالب إذ ليس غالب المبنيات ساكنًا. قوله: "أي السكون" فسر أن يسكن بالسكون لأنه عبارة النحاة لا لتأوله بالتسكين والتسكين فعل الفاعل فهو وصف له لا للكلمة وإن توهمه شيخنا والبعض لأن المصدر المؤول به أن يسكن مبني للمفعول قطعًا أي كونه مسكنًا وهو وصف للكلمة قطعًا فلا تغفل. بقي شيء آخر أورده السيوطي في نكته وهو أن المصنف لم يذكر أن غير السكون والفتح والكسر والضم ينوب عنها كما ذكر نظير ذلك في الإعراب فربما توهم عدم ذلك هنا، وليس كذلك فينوب عن السكون الحذف في الأمر المعتل والأمر لاثنين أو جماعة أو مخاطبة، وعن الفتح الكسر في نحو لا مسلمات لك، والياء في نحو لا مسلمين ولا مسلمين لك، والألف في نحو "لا وتران في ليلة" وعن الكسر الفتح في نحو سحر على رأي من يقول ببنائه، وعن الضم الواو والألف في نحو يا زيدون ويا زيدان. ا. هـ. وفيما ذكره من نيابة الفتح عن الكسر في نحو سحر نظر فتأمل. قوله: "والمبني ثقيل" للزومه حالة واحدة ولافتقار الحرف إلى ضميمة وتركب معنى الفعل ومشابهة الاسم المبني الحرف الثقيل. وأما تعليل ثقله بكون مدلوله مركبًا لتضمنه معنى الحرف زيادة على معناه الأصلي كما اقتصر عليه البعض فقاصر كما قاله شيخنا على المبني من الأسماء للشبه المعنوي كمتى. قوله: "ومنه" أشار به إلى عدم الانحصار فيما ذكره لأن من المبني ما بني على حرف كيا زيدان ويا زيدون ولا رجلين، وما بني على حذف كاغز واخش وارم واضربا واضربوا واضربي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فتح وذو كسر و" ذو "ضم" فذو الفتح "كأين" وضرب ورب. وذو الكسرة نحو "أمس" وجير. وذو الضم نحو "حيث" ومنذ "والساكن" نحو "كم" واضرب وهل. فالبناء على السكون يكون في الاسم والفعل والحرف لكونه الأصل. وكذلك الفتح لكونه أخف الحركات وأقربها إلى السكون. وأما الضم والكسر فيكونان في الاسم والحرف لا الفعل لثقلهما وثقل الفعل، وبني أين لشبهه بالحرف في المعنى وهو الهمزة إن كان استفهاما وإن كان شرطًا وبني أمس عند الحجازيين لتضمنه معنى حرف التعريف لأنه معرفة بغير أداة ظاهرة. وبني حيث للافقتار اللازم إلى جملة. وبني كم للشبه الوضعي أو لتضمن   قوله: "ذو فتح" قدمه لأن الفتح أخف الحركات ويليه الكسر. قوله: "وذو الضم نحو حيث" فإن قلت: من أين يعلم أن الناظم أتى بها مثالًا للضم مع أن فيها الفتح والكسر أيضًا. قلت: لأن أين تعينت مثالًا للفتح وأمس تعينت مثالًا للكسر فيكون حيث مثالًا للضم وأيضًا الضم أشهروا الحمل على الأشهر أرجح. قوله: "لا الفعل" وأما نحو ضربوا فمبني على فتح مقدر والضمة للمناسبة كما مر. وأما رد بضم الدال فمبني على سكون مقدر وضمته للاتباع. وأما نحو ع وق فمبني على الحذف والكسرة بنية. وأما رد بكسر الدال فمبني على سكون مقدر والكسرة للتخلص من التقاء الساكنين. قوله: "لثقلهما وثقل الفعل" أما الأول فلأن الضم إنما يحصل بإعمال العضلتين معًا والكسر بإعمال العضلة السفلى بخلاف الفتح فإنه يحصل بمجرد فتح الفم. وأما الثاني فلتركب معناه من حدث وزمان قيل ونسبة على ما بين في محله. قوله: "وهو الهمزة" الضمير يرجع إلى الحرف. قوله: "وبني أمس عند الحجازيين" أي بشروط خمسة ذكرها الشارح في باب ما لا ينصرف: أن يراد به معين، وأن لا يضاف، ولا يصغر، ولا يكسر، ولا يعرف بأل. وأما التميميون فبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف في الأحوال الثلاثة للعلمية والعدل عن الأمس وأكثرهم يخص ذلك بحالة الرفع ويبنيه على الكسر في غيرها فإن فقد شرط من الشروط المتقدمة فلا خلاف في إعرابه وصرفه. قوله: "لتضمنه معنى حرف التعريف" معناه التعيين. وبيان ذلك أنه اسم لمعين وهو اليوم الذي يليه يومك. وأما المقرون بأل العهدية فهو لليوم الماضي المعهود بين المتخاطبين وليه يومك أم لا وإذا نوّن كان صادقًا على كل أمس. وفيها ألغز ابن عبد السلام بقوله. ما كلمة إذا عرفت نكرت وإذا نكرت عرفت، ومراده بالأول حالة اقترانه بأل وبالثاني حالة بنائه فاعرفه. فإن قلت: العلة التي ذكرها الشارح موجودة في جميع المعارف لتضمنها التعيين فيلزم بناؤها قلت: التعيين الذي هو معنى أل نسبة جزئية غير مستقلة بالمفهومية كما هو شأن معنى الحرف بخلاف التعيين الاسمي الموجود في العلم مثلًا فافهم. قال الشنواني والفرق بين العدل والتضمين أن العدل يجوز معه إظهار أل بخلاف التضمين. ا. هـ. فعلى بنائه لتضمنه معنى أل تكون أمس مؤدية معنى أل مع طرحها وعدم النظر إليها وامتناع ذكرها، وعلى إعرابه إعراب ما لا ينصرف للعلمية والعدل يكون أمس حالًا محل الأمس مع النظر إلى أل وجواز ذكرها. قوله: "لأنه معرفة بغير أداة ظاهرة" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الاستفامية معنى الهمزة والخبرية معنى رب التي للتكثير. تنبيه: ما بني من الأسماء على السكون فيه سؤال واحد لم بني؟ وما بني منها على الحركة فيه ثلاث أسئلة: لم بني ولم حرك ولم كانت الحركة كذا وما بني من الأفعال أو الحروف على السكون لا يسأل عنه. وما بني منهما على حركة فيه سؤالان: لم حرك؟ ولم كانت الحركة كذا؟ وأسباب البناء على الحركة خمسة: التقاء الساكنين كأين، وكون الكلمة على حرف واحد كبعض المضمرات، أو عرضة لأن يبتدأ بها كباء الجر، أو لها   بدليل وصفه بالمعرفة في نحو قولهم أمس الدابر لا يعود. وكان ينبغي حذف قوله ظاهرة لإيهامه أن الأداة مقدرة مع أن من يعلل البناء بالتضمين المذكور يقول بتأدية أمس معنى حرف التعريف مع طرح الحرف وقطع النظر عنه وبعد ذلك فالعلة ناقصة، ولو قال لأنه معرفة وليس من أنواع المعرفة الآتية لتم التعليل فافهم. قوله: "وبني كم للشبه الوضعي" أي على مذهب غير الشاطبي وقوله أو لتضمن إلخ أي على مذهب الشاطبي أيضًا. قوله: "وما بني من الأفعال" أي غير المضارع لأن المضارع لما استحق الإعراب بسبب المشابهة السابقة حتى كأنه أصل فيه استحق أن يسأل عنه إذا بني على السكون سؤالان: لم بني؟ ولم سكن؟ كما يدل على ذلك قول الشارح سابقًا لمعارضة شبه الاسم إلخ وقوله ومع الثانية على السكون حملا على الماضي المتصل بها قاله البعض. أقول: يؤخذ منه أن قول الشارح وما بني منهما على حركة إلخ محله أيضًا في غير المضارع وأن سؤالي المضارع المبني على حركة لم بني ولم كانت الحركة كذا وأنه لا يسأل عن تحريكه لموافقته ما يستحقه المضارع من الإعراب الذي الأصل فيه الحركة، ويرد على ما ذكر أنه لا يسأل عن سكون المبني من الأسماء ويسأل عن تحريكه مع أنها أشد أصالة من المضارع في الإعراب الذي الأصل فيه الحركة. اللهم إلا أن يقال لما ضعفت أصالة المضارع في الإعراب لكون الأصل الأصيل فيه البناء فربما توهم عدم تأصله في الإعراب بالكلية احتيج إلى دفع هذا التوهم بالسؤال عند سكونه عن سبب سكونه وعدم السؤال عند تحريكه عن سبب تحريكه لإشعار ذلك بأن له أصالة ما في الإعراب الذي الأصل فيه الحركة بخلاف أصالة الاسم في الإعراب فإنها قوية غير محتاجة إلى ذلك فتأمل. قوله: "وأسباب البناء على الحركة" المقصود بالذات قوله على الحركة لا قوله البناء، ولو قال وأسباب تحرك المبني لكان أوضح. ونظير ذلك يقال في قوله وأسباب البناء على الفتح وما بعده. قوله: "التقاء الساكنين" أي دفعه. وأورد هنا أيرادًا أسلفناه مع جوابه عند الكلام على تعريف البناء على أنه لفظي. قوله: "وكون الكلمة على حرف واحد" يرد عليه أن السبب ما يلزم من وجوده الوجود والكون المذكور ليس كذلك فقد يوجد ولا توجد الحركة كما في تاء التأنيث الساكنة وبعض الضمائر كواو الجماعة وألف الاثنين وياء المخاطبة ويجاب بأن المراد بالسبب هنا أعم من ذلك. قوله: "أو عرضة لأن يبتدأ بها" اعترض بأنه يغني عنه ما قبله لأنه من أفراد ما قبله ويجاب بأنه بصدد التنصيص على ما يصلح سببًا للبناء على حركة وكون الكلمة عرضة لأن يبتدأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أصل في التمكن كأول، أو شابهت المعرب كالماضي فإنه أشبه المضارع في وقوعه صفة وصلة وحالًا وخبرًا كما تقدم. وأسباب البناء على الفتح: طلب الخفة كأين، ومجاورة الألف كأيان، وكونها حركة الأصل نحو يا مضار ترخيم مضارر اسم مفعول. والفرق بين معنيين بأداة واحدة نحو يا لزيد لعمرو، والاتباع نحو كيف بنيت على الفتح اتباعًا لحركة الكاف؛ لأن الياء بينهما ساكنة والساكن حاجز غير حصين. وأسباب البناء على الكسر: التقاء الساكنين كأمس. ومجانسة العمل كباء الجر، والحمل على المقابل كلام الأمر   بها يصلح سببًا باعثًا له ولو مع الذهول عن كون الكلمة على حرف واحد كما أن كون الكلمة على حرف واحد يصلح سببًا لبنائها على حركة وإن لم تكن عرضة لأن يبتدأ بها كتاء الفاعل، هكذا ينبغي تقرير الاعتراض والجواب. قوله: "أولها أصل في التمكن" أي حالة في التمكن أي أنها تعرب في بعض الأحوال وليس المراد أنها متمكنة أصالة حتى يعترض بمنافاته حكمهم بأن المبني غير متمكن. قوله: "كأول" أي إذا حذف ما تضاف إليه ونوى معناه كابدأ بذا من أول بالضم. قوله: "أو شابهت المعرب كالماضي" لأن بناءها على الحركة أقرب إلى الإعراب من بنائها على السكون. قوله: "يا مضار" أي على لغة من ينتظر. ونظر فيه الشنواني بأن هذه الفتحة ليست فتحة البناء التي الكلام فيها بل هي فتحة بنية. وحركة البناء على هذه اللغة إنما هي الضمة على الحرف المحذوف للترخيم وكذا يقال في الموضعين الآتيين. قوله: "والفرق بين معنيين" أي كالمستغاث به والمستغاث له في المثال المذكور. وقوله بأداة واحدة متعلق بمحذوف صفة لمعنيين أي منبه عليهما بأداة واحدة لا ظرف لغو متعلق بالفرق لأن الفرق باختلاف الحركة لا بالأداة الواحدة. قوله: "نحو يا لزيد لعمرو" بفتح لام المستغاث به للفرق بينها وبين لام المستغاث له. وأورد عليه أن الفرق يحصل بالعكس. وأجيب بأن المراد الفرق المصحوب بالمناسبة وهي هنا أن المستغاث منادى والمنادى كضمير المخاطب واللام الداخلة عليه مفتوحة. قوله: "نحو كيف" إن قلت لم مثل للفتح اتباعًا بكيف وللفتح تخفيفًا بأين مع أنه يصح العكس وكون الفتح في كل للأمرين معًا لأن الأسباب قد تتعدد. أجيب بأن وجه ما صنعه أن الهمزة لما كانت ثقيلة ناسب أن يمثل بأين لطلب الخفة بخلاف الكاف فإنها خفيفة فناسب أن يمثل بكيف للاتباع. قوله: "التقاء الساكنين" فيه أن التقاء الساكنين إنما هو سبب البناء على حركة والمعدود من أسباب الكسر كونه الأصل في التخلص من التقاء الساكنين لأن الكسرة لا تلتبس. بحركة الإعراب إذ لا تكون حركة إعراب إلا مع التنوين أو أل أو الإضافة قاله يس. وعبارة الدماميني على المغني قالوا وإنما كان الأصل في ذلك الكسر لأن الجزم في الأفعال عوض عن الجر في الأسماء وأصل الجزم السكون فلما ثبت بينهما التعارض وامتنع السكون في بعض المواضع جعلوا الكسر عوضًا عنه. ا. هـ. فائدة: الساكنان يلتقيان في الوقف مطلقًا سواء كان الأول حرف لين أم لا، ولا يلتقيان في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كسرت حملًا على لام الجر، فإنها في الفعل نظيرتها في الاسم، والإشعار بالتأنيث نحو أنت، وكونها حركة الأصل نحو يا مضار ترخيم مضارر اسم فاعل، والفرق بين أداتين كلام الجر كسرت فرقًا بينها وبين لام الابتداء في نحو لموسى عبد، والاتباع نحو ذه وته بالكسر في الإشارة للمؤنثة. وأسباب البناء على الضم أن لا يكون للكلمة حال الإعراب نحو {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 3] بالضم، ومشابهته الغايات نحو يا زيد فإنه أشبه قبل وبعد، قيل: من جهة أنه يكون متمكنًا في حالة أحرى، وقيل: من جهة أنه لا تكون له   الوصل إلا وأولهما حرف لين. وثانيهما مدغم متصل كدابة ودويبة فلو لم يكن الأول حرف لين حرك. كما في اضرب الرجل بكسر الباء أو حذف كما في اضرب الرجل بفتحها تريد اضربن بنون التوكيد الخفيفة. ولو لم يكن الثاني مدغمًا حرك كغلاماي ومن سكنه من القراء في ومحياي فللوصل بنية الوقف، ولو لم يكن الثاني متصلًا حذف الأول نحو: {دَعَوُا اللَّه} [يوسف: 22] ، {يَقُولُوا الَّتِي} [الإسراء: 53] {أَفِي اللَّهِ شَك} [إبراهيم: 10] وربما ثبت كقراءة: {عَنْهُ تَلَهَّى} [عبس: 10] ، بإشباع الهاء وتشديد التاء {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُون} [الصافات: 25] بإثبات ألف ولا وتشديد التاء وربما فرّ من التقائهما في المتصل بإبدال الألف همزة مفتوحة قرىء {وَلَا جَان} [الرحمن: 39] {وَلا الضَّالِّين} [الفاتحة: 7] بالهمزة. قال أبو حيان ولا ينقاس شيء من ذلك إلا في الضرورة على كثرة ما جاء منه. همع بتلخيص وزيادة. قوله: "ومجانسة العمل" نقض بكاف التشبيه وواو القسم وتائه إلا أن يقال المراد أخذا من كلام الشاطبي ومجانسة الحرف اللازم للحرفية عمله اللازم له، فخرج بلزوم الحرفية كاف التشبيه، وبلزوم العمل واو القسم وتاؤه لأن الواو والتاء لا يلزمهما الجر لانفكاكه عنهما إذا كانتا للعطف والخطاب. قوله: "حملًا على لام الجر" أي الداخلة على ظاهر غير مستغاث به. قوله: "فإنها" أي لام الأمر حالة كونها في الفعل نظيرتها أي لام الجر حالة كونها في الاسم أي في أن كلا عمل العمل الخاص بمدخوله. قوله: "والإشعار بالتأنيث" أي لأن الكسر المعنوي يناسب المؤنث فيكون في الكسر اللفظي إشعار به. قوله: "والفرق بين أداتين" قال هنا بين أداتين وفي يا لزيد لعمرو جعل الأداة واحدة لاختلاف النوع هنا واتحاده هناك فإن لام الابتداء نوع غير لام الجر بخلاف اللامين هناك فإنهما من نوع حرف الجر. قوله: "كسرت فرقًا بينها إلخ" ولم يعكس لتناسب حركة لام الجر عملها واعترض كلامه بأن الفرق لا يظهر مع الضمير نحو الزيدون لهم عبيد إلا أن يقال الكلام باعتبار الأغلب. قوله: "نحو لموسى عبد" الأنسب كسر اللام ليكون مثالًا للام الجر المحدّث عنها. قوله: "ومشابهة الغايات" هي الظروف المنقطعة عن الإضافة كقبل وبعد سميت بذلك لصيرورتها بعد حذف المضاف إليه غاية في النطق. ا. هـ. فاكهي وإنما لم يسم كل وبعض بذلك لوجود ما هو عوض عن المضاف إليه وهو التنوين. قوله: "نحو يا زيد" أي فضمة زيد لمشابهته للغايات وأما أصل بنائه فلتضمنه معنى الخطاب الذي هو من معاني الحروف وأما كونه على حركة فلأن له أصلًا في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الضمة حالة الإعراب. وقال السيرافي: من جهة أنه إذا نكر أو أضيف أعرب. ومن هذا حيث فإنها إنما ضما لشبهها بقبل وبعد من جهة أنها كانت مستحقة للإضافة إلى المفرد كسائر أخواتها فمنعت ذلك كما منعت قبل وبعد الإضافة، وكونها حركة الأصل نحو يا تحاج ترخيم تحاجج مصدر إذا سمى به، وكونها في الكلمة كالواو في نظيرتها كنحن ونطيرتها همو، وكونه في الكلمة مثله في نظيرتها نحو اخشوا القوم، ونظيرتها قل ادعوا. والاتباع كمنذ. وقد بان لك أن ألقاب البناء ضم وفتح وكسر وسكون، ويسمى أيضًا وقفًا. وهذا   التمكن أي حالة في الإعراب. قوله: "وقيل من جهة إلخ" لا يخفى مغايرته لما قبله المتحد مع قول السيرافي معنى فقول شيخنا أنه بمعنى قول السيرافي غير صحيح. قوله: "لا تكون له الضمة حالة الإعراب" أي وهو منادى وأما الفتح والكسر فيوجدان فيه وهو منادى معرب أما الأول فظاهر وأما الثاني ففي حالة الاستغاثة به باللام. قوله: "وقال السيرافي" هذا عين القول الأول. قوله: "ومن هذا حيث" أي مما ضم لمشابهته الغايات حيث على لغة ضمها ولما كان شبهها بالغايات ليس من الجهات السابقة بين الشارح وجه الشبه بقوله فإنها إنما ضمت إلخ. قوله: "كالواو" أي في كون كل يكون علامة رفع ومن واد واحد. قوله: "كنحن إلخ" حاصله أن نحن ضمير لجماعة الحاضرين وهمو ضمير لجماعة الغائبين فهما نظيرتان فلما بنوا نحن على حركة لالتقاء الساكنين اختاروا الضمة لتناسب الواو في نظيرتها ولما كانت نحن لعدد أقله اثنان وهمو لعدد أقله ثلاثة كانت همو أقوى فاستحقت واوها أن تكون أصلًا يحمل عليه الضم عند فقد سبب آخر له وكون علة الضم ما ذكر أحد أقوال. قوله: "نحو اخشوا القوم إلخ" حاصله أنهم ضموا آخر قل عند وصله بنحو ادعوا اتباعًا لثالث ما اتصل به لا نقلًا لأن الهمزة همزة وصل فلما أرادوا تحريك واو اخشوا التي هي لكونها فاعلًا بمنزلة الجزء الأخير من الفعل عند اتصال نحو القوم به اختاروا الضمة حملًا للشيء على نظيره، فوجه الشبه بين الضمتين كون كل في آخر الفعل أعم من أن يكون آخرًا حقيقة أو تنزيلًا. وأورد على الشارح أن ضمة الواو لمناسبتها لها كما قالوا في لتبلونّ فهي ضمة مناسبة لا ضمة بناء، وضمة قل لاتباع ثالث ما بعده فهي ضمة اتباع لا ضمة بناء. وأصل تحريكهما للتخلص من التقاء الساكنين وكلامنا في أسباب ضم البناء فكان الأولى إسقاط هذا الأخير. فائدة: ضم واو الجمع المفتوح ما قبلها الساكن ما بعدها هو المشهور، وسمع كسرها وفتحها، كما سمع الضم في غير واو الجمع نحو لو انطلقنا كذا في الهمع. قوله: "وقد بان لك" أي من قوله والأصل في المبني أن يسكنا ومنه إلخ. قوله: "أن ألقاب البناء" أي ألقاب أنواع البناء الأصلية فاندفع بأنواع الاعتراض بأن هذه الألقاب ليست للبناء الذي هو جنس كلي لأن حق ألقاب الشيء اتحادها معنى، والأمر هنا ليس كذلك بل لأنواعه المخصوصة بمعنى أن كل نوع منها له لقب من هذه الألفاظ، ويجري الاعتراض والجواب في قولهم ألقاب الإعراب أيضًا، وبالأصلية الاعتراض بأن أنواع البناء لا تنحصر في الأربعة فإن منه البناء على حرف كما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 والرفع والنصب واجعلن إعرابًا ... لاسم وفعل نحو لن أهابا والاسم قد خصص بالجر كما ... قد خصص الفعل بأن ينجزما   شروع في ذكر ألقاب الإعراب وهي أيضًا أربعة: رفع ونصب وجر وجزم وعن المازني أن الجزم ليس بإعراب. فمن هذه الأربعة ما هو مشترك بين الأسماء والأفعال. وما هو مختص بقبيل منهما. وقد أشار إلى الأول بقوله: "والرفع والنصب اجعلن إعرابًا لاسم وفعل" فالاسم نحو أن زيدًا قائم والفعل "نحو" أقوم و"لن أهابا" إلى الثاني أشار بقوله "والاسم قد خصص بالجر" أي فلا يوجد في الفعل. قال في التسهيل: لأن عاملة لا يستقل فيحمل غيره عليه بخلاف الرفع والنصب "كما قد خصص الفعل بأن ينجزما" أي بالجزم لكونه   في يا زيدان ويا زيدون ولا رجلين والبناء على حذف كما في اغز واخش وارم، واضربا واضربوا واضربي واعلم أن أنواع البناء وأنواع الإعراب وإن اتحدتا في الصورة مختلفتان في الحقيقة كما اختلفتا في الأسماء، فإن الأولى لازمة غير مجتلبة لعامل، والثانية متغيرة مجتلبة لعامل. واصطلحوا على تسمية الضمة والفتحة والكسرة والسكون في الإعراب رفعًا ونصبًا وجرًا أو خفضًا وجزمًا. وفي البناء ضمًا وفتحًا وكسرًا وسكونًا فلا يطلق اسم نوع من أنواع أحدهما على نوع من أنواع الآخر. وهل حركات البناء أصل لعدم تغيرها؟ أو حركات الإعراب لدلالتها على المعاني كالفاعلية والمفعولية والإضافة وتغيرها إنما هو لمعان؟ أو كل أصل أقوال. قوله: "رفع إلخ" بدأ بالرفع لأنه أشرف إذ هو إعراب العمد ولا يخلو منه كلام، وثني بالنصب لأنه أوسع مجالًا فإن أنواعه أكثر. قال أبو حيان ولو بدأ بالجر لأنه مختص بالاسم الذي الإعراب فيه أصل لاتجه أيضًا. ا. هـ. دماميني. قوله: "وعن المازني أن الجزم ليس بإعراب" وجهه أن الجزم ليس في الاسم حتى يحمل عليه المضارع قاله الشيخ يحيى. قوله: "والرفع والنصب اجعلن إعرابًا" اعترضه السيوطي بأن الفعل المؤكد بالنون لا يتقدم معموله عليه والناظم مشى على ذلك في عدة مواضع كقوله: والفاعل المعنى انصبن بأفعلا وقوله: وبه الكاف صلا، وعلله بعض شراح الجزولية بأن تأكيد الفعل يقتضي اهتمامًا به فيقدم أفاده الشيخ يحيى. وينبغي حمل امتناع التقدم إن سلم على حالة الاختيار دون الضرورة كما هنا، وحينئذٍ يندفع الاعتراض. قوله: "والاسم قد خصص بالجر" الباء داخلة على المقصور كما هو الأكثر. لا يقال هذا تكرار مع قوله سابقًا بالجر والتنوين إلخ لأنا نقول: ذكر الجر هناك لبيان علامة الاسم وهنا لبيان أنه نوع من أنواع الإعراب خاص بالاسم. قوله: "لأن عامله" أي عامل الجر أصالة وهو الحرف لا يستقل لافتقاره إلى ما يتعلق به. وقوله فيحمل بالنصب لوقوعه بعد فاء جواب النفي بإضماران. وقوله غيره عليه أن غير الجر في الاسم وهو الجر في الفعل لو كان على الجر في الاسم. وقوله بخلاف الرفع والنصب أي في الاسم فإنهما لقوة عاملهما أصالة بالاستقلال يقبلان أن يحمل عليهما رفع المضارع ونصبه. قوله: "كما قد خصص إلخ" الكاف قد تأتي لمجرد التنظير من غير اعتبار كون المشبه به أقوى كما هنا. قوله: "أي بالجزم" فسر أن ينجزم بالجزم لأنه الواقع في عبارة النحاة لمناسبته الرفع والنصب والخفض فيكون المصنف أطلق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 فارفع بضم وانصبن فتحا وجر ... كسرا كذكر الله عبده يسر واجزم بتسكين وغير ما ذكر ... ينوب نحو جا أخو بني نمر   فيه حينئذ كالعوض من الجر قاله في التسهيل. واعلم أن الأصل في كل معرب أن يكون إعرابه بالحركات أو السكون. والأصل في كل معرب بالحركات أن يكون رفعه بالضمة ونصبه بالفتحة وجره بالكسرة، وإلى ذلك الإشارة بقوله: فارفع بضم وانصبن فتحا وجر ... كسرا كذكر الله عبده يسر تنبيه: لا منافاة بين جعل هذه الأشياء إعرابًا وجعلها علامات إعراب؛ إذ هي إعراب   اللازم وأراد الملزوم باعتبار المعنى الأصلي للجزم. قوله: "لكونه فيه حينئذٍ" أي حين إذ خص الاسم بالجر والفعل بالجزم كالعوض من الجر ليحصل لكل من الاسم والفعل ثلاثة أوجه من الإعراب: اثنان مشتركان وواحد مختص ولا يخفى أن عامل الجزم أصالة الحرف فهو كالجر في عدم استقلال العامل أصالة لأن الحرف غير مستقل جارًا كان أو جازمًا أو غيرهما، فلا شرف للجزم على الجر باستقلال عامله، أصالة حتى يرد ما ذكره البعض من لزوم اختصاص الإشراف وهو الاسم بالمرجوح وهو الجر لعدم استقلال عامله، فيجاب بأن له جهة رجحان وهو كونه ثبوتيًا فتعاد لا فالسؤال من أصله باطل وإن اغتر به المذكور. فإن قلت: كان القياس خفض المضارع إذا أضيف إليه اسماء الزمان نحو: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم} [المائدة: 119] لاقتضاء الإضافة جر المضاف إليه وجزم الاسم الذي لا ينصرف لشبه الفعل، فلم لم يخفض المضارع المذكور ولم يجزم الاسم المذكور؟. قلت: أما الأول فلأن الإضافة في المعنى للمصدر المفهوم من الفعل لا الفعل. وأما الثاني فلما يلزم من الإجحاف لو حذفت الحركة أيضًا بعد حذف التنوين إذ ليس في كلامهم حذف شيئين من جهة واحدة. قوله: "واعلم أن الأصل إلخ" توطئة للمتن. قوله: "فارفع بضم" الباء للتصوير من تصوير النوع بصنفه ليوافق مذهب الناظم من أن الإعراب لفظي وسيأتي للشارح كلام آخر. قوله: "وانصبن فتحًا وجر كسرًا" الأقرب أن فتحًا وكسرًا منصوبان بنزع الخافض ليتوافقا مع قوله بضم. وقوله بتسكين وإن كان النصب به سماعيًا على الراجح لأنه لا يبعد عندي أن محل كونه سماعيًا على هذا القول إذا لم يصرح بالخافض في نظير المنصوب بحذفه. قوله: "تنبيه لا منافاة إلخ" قصده الجواب عن منافاة ظاهر قول المصنف فارفع بضم إلخ من كون الإعراب معنويًا لما هو مذهبه من كونه لفظيًا. قوله: "لا منافاة بين جعل هذه الأشياء" يعني الضم وأخواته إعرابًا كما هو مذهب المصنف لا كما هو مقتضى قوله اجعلن إعرابًا لأن جعل الرفع والنصب إعرابًا جار على المذهبين. والخلاف إنما يظهر في الضمة وأخواتها؛ فعلى أنه لفظي هي نفس الإعراب، وعلى أنه معنوي علامات إعراب. وقوله وبين جعلها علامات إعراب أي كما هو ظاهر قوله فارفع بضم إلخ لأن المتبادر منه أن الضم وأخواته علامات إعراب والمعنى فارفع معلمًا بضم إلخ وإن احتمل أن تكون الباء للتصوير فتندفع المنافاة من أصلها كما مر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   من حيث عموم كونها أثرًا جلبه العامل، وعلامات إعراب من حيث الخصوص "وغير ما ذكر" من الإعراب بالحركات والسكون مما سيأتي فرع عما ذكر "ينوب" عنه: فينوب عن الضمة الواو والألف والنون. وعن الفتحة الألف والياء والكسرة وحذف النون. وعن الكسرة الفتحة والياء. وعن السكون حذف الحرف. فللرفع أربع علامات واللنصب خمس علامات، وللجر ثلاث علامات، وللجزم علامتان، فهذه أربع عشرة علامة: منها أربعة أصول وعشرة فروع لها تنوب عنها. فالإعراب بالفرع النائب "نحو جا أخو بني نمر" فأخو فاعل والواو فيه نائبة عن الضمة، وبني مضاف إليه والياء فيه نائبة عن الكسرة وعلى هذا الحذو. واعلم أن النائب في الاسم إما حرف وإما حركة، وفي الفعل إما حرف وإما حذف؛ فنيابة الحرف عن الحركة في الاسم تكون في ثلاثة مواضع: الأسماء الستة والمثنى والمجموع على حده، فبدأ بالأسماء الستة لأنها أسماء مفردة، والمفرد سابق المثنى والمجموع، ولأن   وكلامه يقتضي أن القائل بأن الإعراب لفظي يجوّز جعل هذه الأشياء علامات من حيث خصوصها بمعنى أن وجودها علامة على وجود الإعراب من تعليم وجود الكلي بوجود جزئيه ولا مانع من ذلك. وإن كان المشهور أن القائل بأن الإعراب لفظي يقول مرفوع ورفعه كذا. والقائل بأنه معنوي يقول مرفوع وعلامة رفعه كذا. بقي شيء آخر وهو أنه تقدم أن الضم وأخواته أنواع البناء فكيف جعلت إعرابًا أو علامات إعراب ويمكن أن يقال في عبارة المصنف ومن عبر مثل تعبيره مسامحة والأصل فارفع بضمة وانصب بفتحة واجرر بكسرة فتكون الضمة والفتحة والكسرة مشتركة بين الإعراب والبناء وكذا السكون. وقال شيخنا السيد: البصريون يطلقون ألقاب البناء على علامات الإعراب فاحفظه. قوله: "من الإعراب بالحركات والسكون" بيان لما وقوله مما سيأتي بيان لغير. قوله: "فرع عما ذكر إلخ" أي على طريق التوزيع فالواو والألف والنون فروع الضمة، والألف والياء والكسرة وحذف النون فروع الفتحة وهكذا. وليس المعنى أن كل واحد من غير ما ذكر فرع عن كل واحد مما ذكر. وليس هذا حل إعراب بل هو دخول على قول المصنف ينوب مناسب له أتى به الشارح لأنه مقابل صريحًا لقوله سابقًا والأصل في كل معرب أن يكون إعرابه إلى قوله رفعه بالضمة إلخ وبتقريرنا قول الشارح فرع عما ذكر على هذا الوجه يسقط ما نقله البعض عن البهوتي وسكت عليه من الاعتراض. قوله: "نحو جا أخو بني نمر" بقصر جا لا للضرورة بل لكثرة حذف إحدى الهمزتين من كلمتين إذا اجتمعتا. ونمر بفتح فكسر أبو قبيلة من العرب. قوله: "والياء فيه نائبة عن الكسرة" لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. قوله: "وعلى هذا الحذو" يعني القياس من حذاه يحذوه إذا تبعه وهو مرفوع بالابتداء خبره الظرف قبله أو مجرور بدلًا من اسم الإشارة ومتعلق الظرف محذوف أي واجر على هذا الحذو، أو منصوب مفعولًا لمحذوف أي احذ هذا الحذو. قوله: "والمجموع على حده" أي حد المثنى وطريقه من الإعراب بالحروف. واحترز به عن جمع التكسير فإن إعرابه بالحركات. قوله: "فبدأ" أي إذا علمت ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وارفع بواو وانصبن بالألف ... واجرر بياء ما من الأسما أصف ممن ذاك ذو إن صحبة أبانا ... والفم حيث الميم منه بانا   إعرابها على الأصل في الإعراب بالفرع من كل وجه فقال: "وارفع بواو وانصبن بالألف واجرر بياء" أي نيابة عن الحركات الثلاث "ما" أي الذي "من الأسما أصف" لك بعد "من ذاك" أي من الذي أصفه لك "ذو إن صحبة أبانا" أي أظهر لا ذو الموصولة الطائية فإن الأشهر فيها البناء عند طيء "والفم حيث الميم منه بانا" أي انفصل، فإن لم ينفصل   فبدأ والأولى الواو قاله شيخنا أي لعدم احتياجها إلى تقدير بخلاف الفاء الفصيحة. قوله: "ولأن إعرابها على الأصل إلخ" أي لأن الأصل في المعرب بالفرع وهو الحرف أن يكون رفعه بالواو ونصبه بالألف وجره بالياء ليجانس الفرع الأصل، ويؤخذ من هذه العلة الثانية وجه تقديم ما ناب فيه حرف عن حركة على ما ناب فيه حركة عن حركة لأنه لم يجر على الأصل ولا من بعض الوجوه بخلاف ما ناب فيه حرف عن حركة فإن بعضه جاء على الأصل في الإعراب بالفرع من كل وجه كالأسماء الستة وبعضه جاء على الأصل من بعض الوجوه كالمثنى والجمع على حده فإن الأول جاء على الأصل في الجر والثاني جاء عليه في الرفع والجر. قوله: "وارفع بواو" المناسب الفاء لأن هذا تفصيل لقوله وغير ما ذكر ينوب إلخ والواو توهم أنه أجنبي منه. قوله: "نيابة عن الحركات الثلاث" مفعول مطلق لمحذوف أي تنوب هذه الأحرف نيابة ولا يصح أن يكون مفعولًا لأجله تنازعه العوامل الثلاثة لعدم صحة انفراد أحدها بالعمل فيه نظرًا إلى متعلقه أعني قوله عن الحركات الثلاث إلا أن تجعل أل للجنس. قوله: "ما من الأسما أصف" تنازعه العوامل الثلاثة فأعملنا الأخير وأضمرنا فيما قبله ضميره وحذفناه لكونه فضلة ولا يجوّز كون العامل غير الأخير لوجوب إبراز الضمير حينئذٍ فيما بعد وإن كان فضلة. قوله: "ذو" مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة لأن إعرابها بالحروف إذا كانت مستعملة في معناها وهي هنا المراد بها اللفظ. قوله: "إن صحبة أبانا" صحبة مفعول لمحذوف يفسره المذكور من باب الاشتغال لا مفعول مقدم لأبانا لأن أداة الشرط لا يليها إلا فعل ظاهر أو مقدر واشتراط كون الشاغل ضميرًا أكثريّ لا كلي أو الضمير مقدر قاله يس. وقد يقال إذا جعل صحبة مفعولًا مقدمًا لأبانا فقد ولى أن الفعل الظاهر تقديرًا. قوله: "لا ذو الموصولة" احترز عنها مع أن الكلام في المعرب وهي مبنية دفعًا لتوهم المبتدىء الذي لا يعرف أنها مبنية دخولها في قوله ذو. قوله: "والفم حيث الميم منه بانا" استعمل حيث في الزمان على رأي الأخفش أو في المكان الاعتباري أعني التركيب واعترض كلامه بأنه يوهم أن الأصل فم بالميم فالذي ينبغي وفوه إن لم يبدل من واوه ميم وقد يقال لا نسلم أن الأصل الواو قال الناظم: الصحيح أن للفم أربع مواد ف م ي، ف م و، ف م م، ف وهـ. كذا في الروداني وبأن الفم إذا فارقته الميم هو الفاء وحدها ولا تعرب أصلًا والمعرب هو فوك وهو غير الفم بنقص الميم ففي عبارته حكم على ما لم يثبت له الحكم مع ترك الحكم على ما ثبت له الحكم. وأجيب بأن المراد بالفم العضو المخصوص لا اللفظ على تقدير مضاف أي ودال الفم حيث الميم من داله بان والدال يعم ما معه ميم وما معه غيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 أب آخ حم كذاك وهن ... والنقص في هذا الأخير أحسن   منه أعرب بالحركات أعني الظاهرة عليها. وفيه حينئذ عشر لغات: نقصه وقصره وتضعيفه مثلث الفاء فيهن، والعاشرة اتباع فائه لميمه، وفصحاهن فتح فائه منقوصًا و"أب" و"أخ" و"حم كذاك" مما أصف "وهن" وهي كلمة يكنى بها عن أسماء الأجناس، وقيل: عما يستقبح ذكره وقيل: عن الفرج خاصة. فهذه الأسماء الستة تعرب بالواو رفعًا وبالألف نصبًا وبالياء جرًّا. وهذا الإعراب متعين في الأول منها وهو ذو ولهذا بدأ به، وفي الثاني منها وهو الفم في حالة عدم الميم ولهذا ثني به، وغير متعين في الثلاثة التي تليهما: وهي أب أخ وحم لكنه الأشهر والأحسن فيها "والنقص في هذا الأخير" وهو من "أحسن" من الإتمام وهو الإعراب بالأحرف الثلاثة ولذلك أخره. والنقص أن تحذف لامه ويعرب بالحركات الظاهرة على العين وهي النون. وفي الحديث "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه   قوله: "الظاهرة عليها" كان الأولى إسقاطه لتدخل الحركات المقدرة في لغة القصر. قوله: "وفيه حينئذٍ" أي حين إذ لم ينفصل منه الميم وقوله: عشر لغات قال شيخ الإسلام في شرحه على الشذور ما نصه: الفم بالميم يعرب بالحركات مع تضعيف ميمه وبدونه ومنقوصًا كقاض ومقصورًا كعصا بتثليث فائه فيها فهذه مع لغة حذف الميم ثلاث عشرة لغة، واقتصر في التسهيل على عشرة وأفصحها فتح فائه منقوصًا. ا. هـ. فأنت تراه ذكر في الفم بالميم اثنتي عشرة لغة بزيادة ثلاث لغات على ما ذكره الشارح وهي إعرابه على الياء كقاض مثلث الفاء وإسقاط لغة اتباع فائه لميمه فإذا ضمت إلى الاثنتي عشرة كانت لغات الفم بالميم ثلاث عشرة فما نقله البعض وسكت عليه من أنها عشرون وأن شيخ الإسلام ذكرها في شرحه على الشذور لا أصل له. وبقي لغات ثلاث نقلها الدماميني وغيره وهي فاه وفوه وفيه قال: وجمع الثلاثة أفواه ثم وجه ذلك فراجعه. قوله: "نقصه" مراده بالنقص حذف اللام وجعل الإعراب على الميم. قوله: "وقصره" أي إعرابه بالحركات مقدرة على الألف كما في فتى. قوله: "اتباع فائه لميمه" أي في حالة نقصه قيل: وهذه اللغة أضعف اللغات ذكره شيخنا. قوله: "وأب" مبتدأ لأنه معرفة لأن المراد لفظه وأخ وحم معطوفان عليه وكذاك خبر أي كما ذكر من ذو والفم في كون كل مما أصف فقول الشارح مما أصف بيان لحاصل معنى قوله كذاك. والحم أقارب الزوج وقد يطلق على أقارب الزوجة. قوله: "وهن" مبتدأ محذوف الخبر أي كذاك. قوله: "عن أسماء الأجناس" كان ينبغي حذف أسماء لأن ما ذكر كناية عن الأجناس نفسها قال الجوهري: الهن كناية ومعناه شيء تقول: هذا هنك أي شيئك، ويمكن جعل عن متعلقة بمحذوف لا بيكنى أي بدلًا على أسماء الأجناس فصح كلام الشارح. قوله: "عما يستقبح ذكره" أي فرجًا كان أو غيره. قوله: "ولهذا ثني به" أي لكونه متعين الإعراب بالحروف لا مطلقًا بل في حالة عدم الميم. قوله: "أحسن" أي أكثر استعمالًا يس. قوله: "من تعزى إلخ" قال الموضح في شرح شواهد ابن الناظم: تعزى بمثناة مفتوحة فعين مهملة فزاي مشددة أي من انتسب وانتمى، وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وفي أب وتالييه يندر ... وقصرها من نقصهن أشهر   بهن أبيه ولا تكنوا" ولقلة الإتمام في هن أنكر الفراء جوازه وهو محجوج بحكاية سيبويه الإتمام عند العرب. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ "وفي أب وتالييه" وهما أخ وحم "يندر" أي يقل النقص. ومنه قوله: 12- بأبه اقتدى عدي في الكرم ... ومن يشابه أبه فما ظلم "وقصرها" أي قصر أب وأخ وحم "من نقصهن أشهر" قصرها مبتدأ، وأشهر خبره، ومن نقصهن متعلق بأشهر وهو من تقديم من على أفعل التفضيل وهو قليل كما ستعرفه. والمراد استغمال أب وأخ وحم مقصورة أي بالألف مطلقًا أكثر وأشهر من استعمالها   الذي يقول يا لفلان ليخرج الناس معه في القتال إلى الباطل، فأعضوه بهمزة مفتوحة فعين مهملة مكسورة فضاد معجمة مشددة، أي قولوا له: عض على هن أبيك أي على ذكر أبيك استهزاء به، ولا تجيبوه إلى القتال الذي أراده أي تمسك بذكر أبيك الذي انتسبت إليه عساه أن ينفعك فأما نحن فلا نجيبك. ولا تكنوا بفتح التاء وسكون الكاف بعدها نون مضمومة مخففة أي لا تذكروا كناية الذكر وهي الهن بل اذكروا له صريح اسمه وهو الأير بفتح الهمزة وسكون التحتية. ا. هـ. وقوله أي تمسك بذكر أبيك الذي انتسبت إليه إلخ. يحتمل أيضًا أن معنى عض على هن أبيك عض على ذكر أبيك حيث لم يلد من يعضدك على الباطل من إخوتك. فائدة: قال يس: الحديث المذكور في الجامع الصغير عن الإمام أحمد والنسائي لكن بلفظ "إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه" إلخ وقد اقتصر ابن الأثير في النهاية على ما في الشرح. ا. هـ. قوله: "فما ظلم" أي ما حصل منه ظلم في المشابهة لأنه لم يشابه أجنبيًّا فالفعل منزل منزلة اللازم أو ما ظلم أحدًا في الصفة المشابه فيها لكونها صفة أبيه، فالمفعول محذوف إيذانًا بالعموم، أو ما ظلم أباه بتضييع صفته، أو ما ظلم أمه باتهامها فيه إذا لم يشابه أباه. قوله: "وقصرها من نقصهن" عبر بضمير الإفراد ثم بضمير الجمع إشارة إلى جواز الأمرين وإن كان الأفصح في الثلاث إلى العشر هن وفيما فوق العشر ها كما يشير إليه الإفراد أولًا والجمع ثانيًا في قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُور} [التوبة: 36] ، الآية. ذكره السيوطي في كتابه المسمى بالشماريخ في علم التاريخ: فما في حاشية شيخنا السيد من أن العشر كما فوقها ليس على ما ينبغي. قوله: "أشهر" يفيد أن النقص شهير وهو كذلك ولا ينافيه قوله وفي أب وتاليه يندر أي النقص لأن الشهرة ضد الخفاء فلا تنافي الندرة التي هي قلة الاستعمال. وأشهر أفعل تفضيل شاذ   12- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص182؛ والدرر 1/ 106 وشرح التصريح 1/ 64، والمقاصد النحوية 1/ 129؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 44؛ وتخليص الشواهد ص75، وشرح ابن عقيل ص32؛ وهمع الهوامع 1/ 39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   منقوصة أي محذوفة اللامات معربة على الأحرف الصحيحة بالحركات الظاهرة. ومن القصر قوله: 12- إن أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها وفي المثل: مكره أخاك لا بطل. وحاصل ما ذكره أن في أب وأخ وحم ثلاث لغات أشهرها الإعراب بالأحرف الثلاثة، والثانية أن تكون بالألف مطلقًا، والثالثة أن تحذف منها الأحرف الثلاثة وهذا نادر. وأن في هن لغتين: النقص وهو الأشهر، والإتمام وهو قليل؛ وزاد في التسهيل في أب التشديد فيكون فيه أربع لغات، وفي أخ التشديد وأخو بإسكان الحاء فيكون فيه خمس لغات، وفي حم حمو كقرو، وحمء كقرء وحمأ كخطأ، فيكون   لأنه إما من شهر المبني للمجهول أو أشهر الزائد على الثلاثي. قوله: "والمراد إلخ" إنما قال والمراد لأن المتن لم يصرح بالأكثرية وكأن الشارح يشير إلى أن كلام المتن حذفًا. قوله: "أكثر وأشهر إلخ" مقتضاه أن النقص فيهن كثير وهو مناف لتصريح المصنف بندرته فيهن. إلا أن يقال الندرة في كلام المصنف بالنسبة إلى القصر والإتمام فلا تنافي كثرته في نفسه. قوله: "إن أباها إلخ" الشاهد في الثالث صراحة وفي الأولين بقرينة الثالث إذ يبعد كل البعد التلفيق بين لغتين فمن قال: الشاهد في الثالث فقط أراد الشاهد صراحة. وقوله: غايتاها على لغة من يلزم المثنى الألف والضمير إلى المجد وأنثه باعتبار الصفة أو الرتبة. والمراد بالغايتين المبدأ والمنتهى كما قيل. أو غاية المجد في النسب وغاية المجد في الحسب. وقيل: الألف بعد التاء الفوقية للإشباع لا للتثنية. قوله: "مكره أخاك" خبر مقدم ومبتدأ مؤخر أو مكره مبتدأ وأخاك نائب فاعل سد مسد الخبر على قول الكوفيين والأخفش من أنه لا يشترط في الوصف اعتماده على نفي أو شبهه. قال في التصريح: قيل أول من قاله عمرو بن العاص حين حمله معاوية على مبارزة عليّ فلما التقيا قال له عمرو ذلك فأعرض عنه عليّ رضي الله تعالى عنهم. وذكر الأخ للاستعطاف. قوله: "وأن في هن لغتين" زاد في الهمع ثالثة دونهما وهي تشديد النون. قوله: "وزاد في التسهيل إلخ" ذكر الروداني أنه يجوّز في الأب والأخ المشددين إعرابهما بالحروف فيقال: هذا أبوك وأخوك مثلًا بالتشديد والإعراب بالحروف. قوله: "كقرو" القرو بفتح القاف وسكون الراء وبالواو يطلق على   13- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص168؛ وله أو لأبي النجم في الدرر 1/ 106؛ وشرح التصريح 1/ 65، وشرح شواهد المغني 1/ 127؛ والمقاصد النحوية 1/ 133، 3/ 636؛ وله أو لرجل من بني الحارث في خزانة الأدب 7/ 455؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص46، والإنصاف ص18؛ وأوضح المسالك 1/ 46؛ وتخليص الشواهد ص58؛ وخزانة الأدب 4/ 105، 7/ 453، ورصف المباني ص24، 236، وسر صناعة الإعراب 2/ 705؛ وشرح شذور الذهب ص62؛ وشرح شواهد المغني 2/ 585، وشرح ابن عقيل ص33، وشرح المفصل 1/ 53، ومغني اللبيب 1/ 38؛ وهمع الهوامع 1/ 39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فيه ست لغات. تنبيه: مذهب سيبويه أن ذو بمعنى صاحب وزنها فعل بالتحريك ولامها ياء. ومذهب الخليل أن وزنها فعل بالإسكان ولامها واو فهي من باب قوة: وأصله ذوو وقال ابن كيسان: تحتمل الوزنين جميعًا. وفوك وزنه عند الخليل وسيبويه فعل بفتح الفاء وسكون العين، وأصله فوه لامه هاء وذهب الفراء إلى أن وزنه فعل بضم الفاء؛ واب وأخ وحم وهن وزنها عند البصريين فعل بالتحريك ولاماتها واوات بدليل تثنيتها بالواو. وذهب بعضهم إلى أن لام حم ياء من الحماية لأن أحماء المرأة يحمونها، وهو ومردود بقولهم في التثنية حمو إن وفي إحدى لغاته حمو، وذهب الفراء إلى أن وزن أب وأخ وحم فعل بالإسكان، ورد بسماع قصرها وبجمعها على أفعال وأما هن فاستدل الشارح على أن أصله التحريك بقولهم   القصد والتتبع وقدح من خشب. قوله: "كقرء" القرء بفتح القاف وسكون الراء وبالهمز يطلق على الجمع والحيض والطهر وقد تضم قافه كما في القاموس. قوله: "وزنها فعل بالتحريك ولامها ياء" أما الأول فلانقلاب لامها ألفًا في نحو ذواتًا وقيل ذاتًا أيضًا بلا رد اللام كما في التسهيل وأما الثاني فلأن يأتي اللام أكثر من واويه والحمل على الأكثر أرجح فأصلها ذوي حذفت الياء اعتباطًا ونقلت حركة الإعراب إلى الواو وحركت الذال بحركة الواو اتباعًا لها، ثم في حال الرفع حذفت ضمة الواو للثقل وفي النصب قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، في حال الجر حذفت كسرة الواو للثقل فوقعت الواو متطرفة إثر كسرة فقلبت ياء. فإن قلت: لا وجه للنقل والاتباع في حال النصب لفتح الواو والذال فتحًا أصليًّا. قلت: يقدر ذهاب فتحهما الأصلي وفتح الواو بفتحة الإعراب التي كانت على اللام المحذوفة وفتح الذال بفتحة الاتباع لتكون حالة النصف كحالتي الرفع والجر على قياس ما سيأتي للشارح ترجيحه في أب قبيل التنبيه الآتي، ولك أن لا تتكلف ذلك على مقياس مقابله الآتي. قوله: "فعل بالإسكان" أي مع فتح الفاء واستدل بأن الحركة زيادة فلا يقدم عليها إلا مثبت. وأجيب عن حجة سيبويه بأن الاسم إذا حذفت لامه ثم ثني لا ترد عينه إلى سكونها قاله يس أي فالمقتضى لقلب اللام ألفًا موجود. قوله: "ولامها واو" انظر ما دليله على أن لامها واو. ثم رأيت الاستدلال بأن أول أحواله واو ولام أخواته غير فوك واو فأجرى الباب على سنن واحد. قوله: "من باب قوة" أي من باب ما عينه ولامه واو بقطع النظر عن حركة الفاء. قوله: "وأصله ذوو" حذفت الواو الثانية اعتباطًا ونقلت حركة الإعراب إلى الواو الأولى وفعل بالكلمة ما تقدم. قوله: "بفتح الفاء وسكون العين" لأن حركة العين زيادة فلا تثبت إلا بمثبت ولا يرد جمعه على أفعال لأن ما على فعل الساكنة العين يجمع على أفعال إذا كان معتل العين كثوب وسيف. قوله: "وأصله فوه" حذفت الهاء، اعتباطًا لشبهها بحرف العلة في الخفاء وقربها منه في المخرج ثم تارة يعوض عن واوه الميم لأنها من مخرجها وأخف من الياء وتارة لا فتنقل حركة الإعراب إلى الواو ويفعل بالكلمة ما تقدم. قوله: "لامه هاء" بدليل قولهم في الجمع أفواه وفي التصغير فويه. قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا ... لليا كجا أخو أبيك ذا اعتلا   هنة وهنوات. وقد استدل بذلك بعض شراح الجزولية، واعترضه ابن إياز بأن فتحه النون في هنة يحتمل أن تكون لهاء التأنيث، وفي هنوات لكونه مثل جفنات فتح لأجل جمعه بالألف والتاء وإن كانت العين ساكنة في الواحدة؛ وقد حكى بعضهم في جمعه أهناء فبه يستدل على أن وزنه بالتحريك "وشرط ذا الإعراب" بالأحرف الثلاثة في الكلمات   "بسماع قصرها" لأن قصرها يوجب فتح العين إذ لا مقتضى لقلب اللام ألفًا إلا تحركها مع انفتاح ما قبلها. قوله: "ويجمعها على أفعال" أي لأن ما على فعل الصحيح العين الساكنة لا يجمع على أفعال بل على أفعل كما سيأتي في قول الناظم: لفعل اسمًا صح عينًا افعل لكن هذا لا ينهض على القراء إلا في حم لا في أب وأخ لأن مذهبه أن ما على فعل بالسكون وفاؤه همزة يجوّز جمعه على أفعال وأفعل ومفاد كلام الشارح جواز جمع أخ على آخاء وتوقف شيخنا في سماعه. قوله: "فبه يستدل" أي لا بما ذكره الشارح كما يفيده تقديم المعمول لما علمت من رده. قوله: "وشرط ذا الإعراب بالأحرف الثلاثة" أخذه الشارح من كون المقام مقام الإعراب بالنائب ومن المثال ويكفي هذان في صرف اسم الإشارة عن رجوعه إلى أقرب مذكور فلا اعتراض على المصنف. قوله: "أن يضفن" أي ولو نية في فانصبا كما في التسهيل وجمع الجوامع للسيوطي كقول العجاج: خالط من سلمى خياشيم وفا أي خياشيمها وفاها قال في الهمع: خص البصريون ذلك بالضرورة، وجوّزه الأخفش والكوفيون وتابعهم ابن مالك في الاختيار تخريجًا على أنه حذف المضاف إليه ونوى ثبوته فأبقى المضاف على حاله. ورأيت بخط الشنواني عن سم أنه لا يقاس على ذلك عند المصنف أيضًا غير فا من فو وفي وبقية الأسماء الستة وأورد عليه أن هذا الاشتراط في ذو والفم بلا ميم تحصيل الحاصل لأنهما ملازمان للإضافة. وأجيب بأن الشرط ينصرف إلى ما هو محتاج إليه بدلالة العقل والمحتاج إليه هنا هو ما عداهما، فقول الشارح في الكلمات الست فيه. ما فيه ولا يرد على اشتراط الإضافة لا أبا لك لأنه مضاف إلى الضمير واللام مقحمة على مذهب الجمهور فالشرط موجود فيه في الحقيقة، نعم انجرار ما بعد اللام بها لا بالمضاف كما قاله في المغني وعلله بأن اللام أقرب وبأن الجار لا يعلق فيكون مستثنى من عمل المضاف في المضاف إليه. فإن قلت لو كان مضافًا إلى الضمير لكان معرفة فيجب الرفع وتكرار لا كما سيأتي في باب لا النافية للجنس. قلت تركوا الرفع والتكرار نظرًا إلى عدم الإضافة بحسب الظاهر والحاصل أنا راعينا الحقيقة تارة فأعربنا ما بعد لا بالحرف والظاهر تارة فأعملنا لا فيه ولم نكررها. أقول: بقي أن يقال لم أعربنا لا أبالي بالحرف مع إضافته في الحقيقة للياء وعدم إضافته أصلًا في الظاهر؟ والقاطع للإشكال من أصله ما ذكره بعضهم من حمل ما ذكر على لغة القصر وإنما ترك التنوين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الست "أن يضفن لا لليا" مع ما هن عليه من الإفراد "كجا أخو أبيك ذا اعتلا" فكل واحد من هذه الأسماء مفرد مكبر مضاف وإضافته لغير الياء. وقد احتوت هذه الأمثلة على أنواع غير الياء، فإن غير الياء إما ظاهر أو مضمر، والظاهر إما معرفة أو نكرة. واحترز بالإضافة عما إذا لم تضف فإنها تكون منقوصة معربة بالحركات الظاهرة نحو جاء أب ورأيت أخا ومررت بحم. وكلها تفرد إلا ذو فإنها ملازمة للإضافة وإذا أفرد فوك عوض من عينه وهي الواو وميم وقد تثبت الميم مع الإضافة كقوله: 14- يصبح ظمآن وفي البحر فمه   للبناء وسيأتي بسط ذلك في باب لا. قوله: "لا لليا" معطوف على متعلق يضفن المحذوف والتقدير أن يضفن لأي اسم لا للياء ولم يقيد الياء بياء المتكلم لأن الإضافة لا تكون لياء المخاطبة أصلًا لاختصاصها بالفعل. قوله: "مع ما هن عليه إلخ" أشار به إلى دفع اعتراض على المصنف في سكوته عن الشرطين المذكورين وحاصل الدفع أنه استغنى عن التصريح بهما بكونه ذكرها كذلك. قوله: "ذا اعتلا" حال من المضاف لا من المضاف إليه لعدم شرطه. والاعتلاء العلوّ. قوله: "أنواع غير الياء" أي أنواع المضاف إليه المغاير للياء. قوله: "عما إذا لم تضف" أي تلك الأسماء أي القابل منها لعدم الإضافة فلا يرد أن ذوو الفم بلا ميم ملازمان للإضافة. قوله: "فإنها تكون منقوصة معربة بالحركات الظاهرة" يظهر لي أنه ليس بقيد بالنسبة إلى أب وأخ وحم لإطلاقهم جواز قصرها مثلًا فتفطن ولا يرد عليه قوله: خَالَطَ مِنْ سَلْمَى خَيَاشِيمَ وَفَا لأن لفظ المضاف إليه منوي الثبوت فهو كالمذكور صراحة أي خياشيمها وفاها. ولا يرد عليه أيضًا أن من لغات الفم الفمى كالفتى وهو مقصور معرب بالحركات المقدرة مع الإضافة وعدمها لأن الكلام ليس في الفم بالميم بل ليس في ذي والفم مطلقًا لما ذكرناه عند قول المصنف أن يضفن وما ذكرناه عند قول الشارح عما إذا لم تضف فافهم. قوله: "عوض من عينه وهي الواو ميم" وجه التعويض أن الإضافة إذا زالت يأتي التنوين فيدخل على واو هي ساكن فتحذف للساكنين فعوضوا الميم عنها لتبقى، وعند الإضافة لا يحتاج إلى الميم للأمن من ذلك لفقد التنوين أفاده الدماميني، وتقدم وجه إيثار الميم دون غيرها. قوله: "وقد تثبت" أي على قلة، إجراء لحال الإضافة مجرى حال عدمها. قوله: "يصبح" أي الحوت المذكور قبل. وجملة وفي البحر فمه حالية. قوله: "لخلوف فم الصائم" بضم الخاء وقد تفتح لكن الفتح لغة شاذة كما في تحفة ابن حجر بل قيل خطأ: أي   14- الرجز لرؤبة في ديوانه ص159؛ والحيوان 3/ 265؛ وخزانة الأدب 4/ 451، 454، 460، والدرر 1/ 114؛ وشرح شواهد المغني 1/ 467؛ والمقاصد النحوية 1/ 139؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 64؛ وهمع الهوامع 1/ 40. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ولا يختص بالضرورة خلافًا لأبي علي، لقوله -صلى الله عليه وسلم: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" والاحتراز بقوله لا لليا عما إذا أضيفت للياء فإنها تعرب بحركات مقدرة كسائر الأسماء المضافة للياء وكلها تضاف للياء إلا ذو فإنها لا تضاف لمضمر وإنما تضاف لاسم جنس ظاهر غير صفة وما خالف ذلك فهو نادر وبكونها مفردة عما إذا كانت مثناة أو مجموعة سلامة فإنها تعرب إعرابهما. وإن جمعت جمع تكسير أعربت بالحركات الظاهرة. وبكونها مكبرة عما إذا صغرت فإنها تعرب أيضًا بالحركات الظاهرة. وأعلم أن ما ذكره الناظم من أن إعراب هذه الأسماء بالأحرف هو مذهب طائفة من النحويين منهم الزجاجي وقطرب والزبادي من البصريين، وهشام من الكوفيين في أحد قوليه. قال في شرح   تغير رائحته بعد الزوال. ومعنى أطيبيته عند الله حقيته بثناء الله على صاحبه ورضاه به. ولا تختص أطيبيته بيوم القيامة على المعتمد وذكره في رواية مسلم لكونه وقت الجزاء. قوله: "فإنها تعرب بحركات مقدرة" أي على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها كسرة المناسبة في أبي وأخي وحمى وهنى بلا رد للاماتها المحذوفة كما هو الشائع، أو منع من ظهورها سكون ما قبل الياء للإدغام في الأربعة برد لاماتها وقلبها ياء وإدغامها في ياء المتكلم وفي فيّ فيجب قلب عين في ياء وإدغامها في ياء المتكلم معربًا بحركات مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها سكونه للإدغام كما صرّح به الرضي. قوله: "لاسم جنس ظاهر" أراد باسم الجنس ما وضع لمعنى كلي معرفًا أو منكرًا: وأراد بالصفة المشتق للدلالة على معنى وذات لا المعنى القائم بالموصوف. وخرج بقوله اسم جنس العلم والجملة فلا يقال: أنت ذو محمد أو ذو تقوم. وبقوله ظاهر الضمير الراجع إلى بعض الأجناس فلا يقال: الفضل ذوه أنت وبقوله غير صفة الصفة فلا يقال: أنت ذو فاضل هكذا ينبغي تقرير عبارة الشارح. ووجه ما ذكره الشارح من الحصر أن ذو صلة للوصف والضمير، والعلم لا يوصف بهما. والمشتق غني عنها لصلاحيته بنفسه للوصف وكذا الجملة. قوله: "وما خالف ذلك فهو نادر" كإضافته إلى العلم في نحو: أنا الله ذو بكة، وإلى الجملة في نحو اذهب بذي تسلم: أي اذهب في وقت صاحب سلامة. وفي نكت السيوطي أن إضافته إلى العلم قليلة وإلى الجملة شاذة. وفي يس أنه أضيف إلى الضمير شذوذًا. قوله: "أو مجموعة جمع سلامة" أي بالواو والنون أو الياء والنون إن أريد بها من يعقل أو بالألف والتاء إن أريد بها ما لا يعقل كأن يقال: أبوات وأخوات وقد سمع جمع أب وأخ وذي جمع مذكر سالمًا قيل: وهن وحم وفم بلا ميم أيضًا. قوله: "وأبعدها عن التكلف" بخلاف مذهب سيبويه فإن فيه تكلف حركات مقدرة مع الاستغناء عنها بنفس الحروف لحصول فائدة الإعراب بها وهي بيان مقتضى العامل. ولا محذور في جعل الإعراب حرفًا من نفس الكلمة إذا صلح له كما جعلوه في المثنى والمجموع على حده من نفسها. قوله: "وأتبع فيها ما قبل الآخر للآخر" إن قلت: لم أتبعوا في هذه الأسماء دون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   التسهيل: وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف. ومذهب سيبويه والفارسي وجمهور البصريين أنها معربة بحركات مقدرة على الحروف وأتبع فيها ما قبل الآخر للآخر، فإذا قلت: قام أبو زيد فأصله أبو زيد ثم أتبعت حركة الباء لحركة الواو فصار أبو زيد فاستثقلت الضمة على الواو فحذفت. وإذا قلت رأيت أبا زيد فأصله أبو زيد فقيل: تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا. وقيل: ذهبت حركة الباء ثم حركت اتباعًا لحركة الواو ثم انقلبت الواو ألفًا، قيل: وهذا أولى ليتوافق النصب مع الرفع والجر في الاتباع، وإذا قلت: مررت بأبي زيد فأصله بأبو زيد فأتبعت حركة الباء لحركة الواو فصار بأبو زيد فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت كما حذفت الضمة ثم قلبت الواو ياء لكونها بعد كسرة كما في نحو ميزان وذكر في التسهيل أن هذا المذهب أصح وهذان المذهبان من جملة عشرة مذاهب في إعراب هذه الأسماء وهما أقواها. تنبيه: إنما أعربت هذه الأسماء بالأحرف توطئة لإعراب المثنى والمجموع على حده بها، وذلك أنهم أرادوا أن يعربوا المثنى والمجموع بالأحرف للفرق بينهما وبين المفرد،   نظائرها من الأسماء المعتلة نحو عصاك ورحاك. قلت الفرق أن للاتباع في هذه الأسماء فائدة وهي الإشعار بأن ما قبل الآخر كان في غير حالة الإضافة حرف إعراب نحو: {إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا} [يوسف: 78] {فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَه} [يوسف: 77] ، بخلاف النظائر. ومن المقرر أن الشيء إذا لزم شيئًا من باب أجرى جميع الباب على وتيرته فلا يرد فوك وذو مال. قوله: "ثم انقلبت الواو ألفًا" أي لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "وهذا أولى" أورد عليه أن حركة الياء على هذا عارضة للاتباع فلا تصلح موجبًا لقلب الواو المتحركة ألفًا لما سيأتي في محله من أنه يشترط أصالة الفتح. وأجيب بأن حركتها في الحقيقة غير عارضة. والحكم بذهاب حركتها الأصلية والإتيان بحركة أخرى للاتباع أمر تقديري ارتكبناه إجراء للباب على وتيرة واحدة. وعلى تسليم عروضها في الحقيقة يقال لما حلت محل الأصلية ونابت عنها واتحدت معها نوعًا أعطيت حكمها أفاده الدماميني. قوله: "وذكر في التسهيل أن هذا المذهب أصح" أي لأن الأصل في الإعراب أن يكون بالحركات ظاهرة أو مقدرة فمتى أمكن تقديرها لم يعدل عنه، ولا يمكن تمشية كلام المصنف هنا عليه لأنه في الإعراب بالنيابة كما قال سابقًا وغير ما ذكر ينوب إلخ. قوله: "من جملة عشرة مذاهب" بل من جملة اثني عشر مذهبًا ساقها السيوطي في همع الهوامع فراجعه. قوله: "إنما أعربت هذه الأسماء بالأحرف" الأولى والمناسب لقوله في السؤال الثاني وإنما اختيرت هذه الأسماء أن يقول هنا إنما أعرب بعض المفردات بالأحرف إلخ ثم يقول: وكان ذلك البعض الأسماء الستة لأنها تشبه المثنى إلخ وتصحيح كلام الشارح أن يقال: المنظور إليه في السؤال الأول جهة عموم الأسماء الستة وهي كونها بعضًا من الأسماء المفردة لا جهة خصوصها وهي كونها هذه الأسماء بأشخاصها. قوله: "للفرق بينهما إلخ" ولم يعكس ليكون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 بالألف ارفع المثنى وكلا ... إذا بمضمر مضافا وصلا   فأعربوا بعض المفردات بها ليأنس بها الطبع. فإذا انتقل الإعراب بها إلى المثنى والمجموع لم ينفر منه لسابق الألفة وإنما اختيرت هذه الأسماء لأنها تشبه المثنى لفظًا ومعنى أما لفظا فلأنها لا تستعمل كذلك إلا مضافة والمضاف مع المضاف إليه اثنان. وأما معنى فلاستلزام كل واحد منها آخر: فالأب يستلزم ابنا والأخ يستلزم أخًا وكذا البواقي وإنما اختيرت هذه الأحرف لما بينها وبين الحركات الثلاث من المناسبة الظاهرة "بالألف ارفع المثنى" نيابة عن الضمة. والمثنى اسم ناب عن اثنين اتفقا في الوزن والحروف بزيادة أغنت عن العاطف والمعطوف: فاسم ناب عن اثنين يشمل المثنى الحقيقي كالزيدين وغيره   الأصل للأصل والفرع للفرع. قوله: "وكذا البواقي" فالحم لكونه أقارب الزوج أو الزوجة يستلزم واحدًا منهما، وذو لكونه بمعنى الصاحب يستلزم مصحوبًا، والفم يستلزم صاحبه وكذا الهن. قوله: "ارفع المثنى" سيأتي شروط المثنى. قوله: "والمثنى" أي اصطلاحًا أما لغة فهو المعطوف كثيرًا. قوله: "اسم" أي معرب بدليل أن الكلام في المعرف فلا يرد على التعريف أنتما. قوله: "ناب عن اثنين" أي اسمين اثنين أعم من أن يكونا مذكرين أو مؤنثين مفردين كالزيدين أو جمعي تكسير كالجمالين أو اسمي جمع كالركبين، أو اسمي جنس كالغنمين. والمراد ناب عنهما في الحالة الراهنة لأن معنى الفعل غير معتبر في التعاريف فلا يرد أن التعريف غير مانع لدخول المثنى المسمى به والمراد النيابة عنهما بطريق الوضع فلا يرد أن التعريف غير جامع لخروج نحو {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْن} [الملك: 4] مما استعمل في الكثرة لأن نيابته عن أكثر من اثنين ليست بطريق الوضع، على أن منهم من جعله ملحقًا بالمثنى لا مثنى حقيقة. قوله: "في الوزن والحروف" لم يقل والمعنى مراعاة لمذهب الناظم الذي يجوز تثنية المشترك مرادًا بها معنياه المختلفان وجمعه كذلك عند أمن اللبس بتثنيته مرادًا بها فردان لأحد معنييه. نحو عندي عينان: منقودة ومورودة وبجمعه كذلك. ويجوز تثنية اللفظ مرادًا بها حقيقته ومجازه وجمعه كذلك عند ذلك معللًا ذلك بأن الأصل في التثنية والجمع العطف وهو في المتفقين والمختلفين جائز بالاتفاق والعدول عنه اختصار فإذا جاز في أحدهما فليجز في الآخر قياسًا. قال في شرح الجامع وبعضهم بنى المسألة على جواز استعمال المشترك في معنييه أي واللفظ في حقيقته ومجازه. فإن قلنا به جاز وإلا فلا. ا. هـ. وهو ظاهر. قوله: "بزيادة" الباء سببية متعلقة بناب. قوله: "أغنت عن العاطف والمعطوف" فلا يقال جاء زيد وزيد مثلًا في غير ضرورة أو شذوذ إلا لنكتة كقصد تكثير نحو أعطيتك مائة ومائة، وكفصل ظاهر نحو جاء رجل طويل ورجل قصير أو مقدر نحو قول الحجاج: إنا لله محمد ومحمد في يوم. أي محمد ابني ومحمد أخي وأل في العاطف للعهد والمعهود الواو خاصة ففي كتاب العسكري لا يجوز في قام زيد فزيد قام الزيدان بخلاف قام زيد وزيد. قال: ولهذا لا يجوز قام زيد فزيد الظريفان لأن النعت كالمنعوت فكما لا يجتمع المنعوتان في لفظ واحد كذلك نعتاهما كذا في الدماميني. وعلى هذا لا يجوز بالطريق الأولى جاء زيد فعمرو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كالقمرين، واثنين واثنتين، وكلا وكلتا، والألفاظ الموضوعة للاثنين كزوج وشفع فخرج   الظريفان وعندي أنه يجوز جاء زيد فزيد الظريفان وجاء زيد فعمرو الظريفان لانتفاء اللبس المانع من جواز جاء الزيدان في جاء زيد فزيد أو فعمرو ولأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع فعليك بالإنصاف. وأل في المعطوف أيضًا للعهد والمعهود المعطوف من لفظ المثنى فلا يرد أن التعريف يدخل فيه اثنان لنيابته عن رجل ورجل واثنتان لنيابته عن امرأة وامرأة لأن المعطوف ليس من لفظ المثنى. قوله: "فاسم ناب عن اثنين يشمل إلخ" يتبادر من هذا مع سكوته عن إخراج قوله ناب عن اثنين لما دل على أقل من اثنين كرجلان أي ماش. ولما دل على أكثر كصنوان جمع صنو، ولما أعرب كالمثنى والمراد به مفرد اسم جنس ككلبتي الحداد أو علم كالبحرين لمكان. وجعله اتفقا في الوزن قيد أول أنه جعل مجموع قوله اسم ناب عن اثنين جنسًا وهو خلاف المألوف والموافق للمألوف جعل اسم جنسًا وناب عن اثنين فصلًا أول مخرجًا لما مر. قوله: "كالقمرين" للشمس والقمر تغليبًا للمذكر. ولم يغلبوا المؤنث إلا في مسألتين: قولهم ضبعان بفتح فضم في تثنية ضبع للمؤنث، وضبعان بكسر فسكون للمذكر. ونحو قولك كتبته لثلاث بين يوم وليلة وضابطه أن يكون معك عدد مميز بمذكر ومؤنث كلاهما مما لا يعقل وفصلًا من العدد ببين كذا في المغني. قال الدماميني ومن أمثلة المسألة الثانية اشتريت عشرًا بين جمل وناقة. ثم قال ووقع تغليب المؤنث في غير تينك المسألتين ففي التنزيل: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] والمراد عشرة أيام بلياليهن لكن أنث العدد لتغليب الليالي وقوله تعالى: {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} [طه: 104] بعد قوله: {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} [طه: 103] مشعر بأن المراد بالعشر الأيام فأنث تغليبًا لليالي. وزعم زاعم أنه عليه الصَّلاة والسَّلام غلب المؤنث في قوله: "حبب إليّ من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت قرّة عيني في الصلاة" اهتمامًا بالنساء. وهذا الحديث رواه النسائي عن أنس وليس فيه ذكر الثلاث ولا أعلمها ثابتة من طريق صحيح. ا. هـ. أقول عد في آخر المغني من أمثلة التغليب قولهم المروتين في الصفا والمروة وهذا من تغليب المؤنث. فائدة: أذكرني ذكر القمرين قول القائل: رأت قمر السماء فأذكرتني ... ليالي وصلها بالرقمتين كلانا ناظر قمرًا ولكن ... رأيت بعينها ورأت بعيني قال الدماميني: هذا من المبالغة حيث ادعى أن القمر الحقيقي هو وجهها وأن قمر السماء قمر مجازي لمشابهته وجهها. وقوله: رأيت بعينها ورأت بعيني يرشد إليه. ا. هـ. أي لأن معنى رأيت بعينها إلخ إني رأيت القمر الحقيقي وهي رأت القمر المجازي لأني رأيت وجهها وهو القمر الحقيقي وهي رأت قمر السماء وهو القمر المجازي قال الصلاح الصفدي: وهذا أحسن ما يقال في معنى البيتين. وذهب بعضهم إلى أن نحو القمرين مثنى حقيقة وأن التثنية إنما حصلت بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بالقيد الأول نحو العمرين في عمرو وعمر وبالثاني نحو العمرين في أبي بكر وعمر، وبالثالث كلا وكلتا واثنان واثنتان وثنتان؛ إذ لم يسمع كل ولا كلت، ولا اثن ولا اثنة ولا   تسمية المغلب عليه باسم المغلب مجازًا وهو مبني على جواز تثنية اللفظ مرادًا بها حقيقته ومجازه. قوله: "كزوج وشفع" فيه أنهما لم يوضعا لاثنين خاصة بل لأعم من اثنين وهو ما انقسم بمتساويين ومثلهما زكا يقال: خسا أو زكا أي فردًا أو زوجًا قاله الروداني. قوله: "فخرج بالقيد الأول نحو العمرين" يصح ضبطه بالفتح فالإسكان تغليبًا للأخف وبالضم فالفتح إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلّم: "اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين إليك" يعني عمر بن الخطاب وعمرو بن هشام الذي هو أبو جهل تغليبًا للأشرف الذي سبقت له السعادة فيكون في الحديث رمز إلى أنه الذي يسلم. قال الدماميني يغلب الأخف لفظًا ما لم يكن غير الأخف مذكرًا. أقول أو اقتضى تغليبه سبب غير التذكير كما قررناه في العمرين بالضم فالفتح. وما نقلناه عن الدماميني نقله الشمني عن التفتازاني. ثم نقل الدماميني عن ابن الحاجب أن شرط التغليب تغليب الأدنى على الأعلى وضعفه، وعن غيره أن شرطه تغليب الأعلى على الأدنى وضعفه. قوله: "وبالثاني نحو العمرين" كان الأولى أن يقول نحو الزيدين في زيد وعمرو لأن المثال الذي ذكره خارج بالقيد الأول لاختلاف الوزن أيضًا فيه. قوله: "وبالثالث كلا وكلتا" قال شيخنا أي خرج بالثالث ما لا زيادة فيه أغنت عن العاطف والمعطوف بأن لا يكون فيه زيادة أصلًا أو يكون فيه زيادة لا تغني عن العاطف والمعطوف بأن لا يكون له مفرد من لفظه. ا. هـ. فالأول نحو كلا وزوج وشفع والثاني نحو كلتا واثنان واثنتان وثنتان إذ لم يسمع كلت واثن واثنة وثنت، ومن هذا يعلم أنه كان ينبغي للشارح ذكر زوج وشفع مع الألفاظ الخمسة لخروجهما أيضًا بالقيد الثالث إلا أن يقال تركهما للمقايسة وأنه كان ينبغي له تعليل خروج كلا بعدم الزيادة فيها أصلًا لا بعدم سماع مفرد لها لإيهامه أن فيها زيادة لكن لا تغني عن العاطف والمعطوف لعدم سماع مفرد لها فتأمل. واعلم أن إخراج زوج وشفع بالقيد الثالث إنما هو على التنزل مع الشارح في دخول شفع وزوج في قولنا اسم ناب عن اثنين وتقدم ما فيه. فائدة: قال في التصريح ويشترط في كل ما يثنى عند الأكثرين ثمانية شروط: أحدها الإفراد فلا يثنى المثنى ولا المجموع على حده ولا الجمع الذي لا نظير له في الآحاد ولا جمع المؤنث السالم وإن ثنى غير ذلك من جمع التكسير واسم الجمع واسم الجنس كما مر. الثاني الإعراب فلا يثنى المبني وأما ذان وتان واللذان واللتان فصيغ موضوعة للاثنين وليس من المثنى حقيقة على الأصل عند جمهور البصريين، وأما قولهم منان ومنين فليست الزيادة فيهما للتثنية بل للحكاية بدليل حذفها وصلًا ولا يرد نحو يا زيدان ولا رجلين لأن البناء وارد على المثنى فهما من بناء التثنية لا من تثنية المبني. الثالث عدم التركيب فلا يثنى المركب تركيبًا إسناديًّا باتفاق ولا مزجيًا على الأصح فإن أريد الدلالة على اثنين أو اثنتين مما سمى بهما أضيف إليهما ذوا أو ذوا تاو المجوزون تثنية المزجي قال بعضهم: يقال معديكربان وسيبويهان. وقال بعضهم: يحذف عجز المختوم بويه ويثنى صدره، ويقال: سيبان. وأما العلم الإضافي فإنما يثنى جزؤه الأول على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ثنت وأما قوله: 15- في كلت رجليها سلامى واحدة فإنما أراد كلتا فحذف الألف للضرورة. فهذه المخرجات ملحقات بالمثنى في إعرابه   الصحيح وانظر حكم المركب التقييدي العلم. الرابع التنكير فلا يثنى العلم باقيًا على علميته بل ينكر ثم يثنى مقرونًا بأل أو ما يفيد فائدتها ليكون كالعوض من العلمية فيقال جاء الزيدان ويا زيدان مثلًا ولهذا لا تثنى كنايات الإعلام كفلان وفلانة لأنها لا تقبل التنكير. الخامس اتفاق اللفظ وأما نحو الأبوين للأب والأم فتغليب وتقدم بيانه. السادس اتفاق المعنى فلا يثنى اللفظ مرادًا به حقيقته ومجازه أو مرادًا به معنياه المختلفان المشترك هو بينهما عند الجمهور. وأما قولهم القلم أحد اللسانين فشاذ وأورد عليهم جواز تثنية العلم إذ نسبة العلم المشترك إلى مسمياته كنسبة المشترك إلى مسمياته. وأجاب ابن الحاجب بوجهين أقواهما أنه لا يلزم من جواز تثنية العلم المشترك جواز تثنية المشترك لأن تثنية المشترك باعتبار معنييه تلتبس تثنيته باعتبار فردي أحد معنييه وهذا مفقود في تثنية العلم إذ ليس شيء من معانيه جنسًا وقد مر أن المصنف يشترط أمن اللبس فلا يرد عليه ما ذكر. السابع أن لا يستغنى عن تثنيته بتثنية غيره نحو سواء فإنهم استغنوا عن تثنيته بتثنية سي فقالوا: سيان لا سواءان أي قياسًا فلا ينافي أنه شذ سواءان وبعض فإنهم استغنوا عن تثنيته بتثنية جزء أو بملحق بالمثنى نحو أجمع وجمعاء فإنهم استغنوا عن تثنيتهما بكلا وكلتا أو بغير ذلك نحو ثلاثة وأربعة فإنهم استغنوا عن تثنيتهما بستة وثمانية. الثامن أن يكون له ثان في الوجود فلا يثنى الشمس والقمر، وأما قولهم القمران فتغليب وقد مر بيانه. ا. هـ. مع زيادة من الهمع وغيره ويظهر أن المركب التقييدي العلم كالمزجي. وزاد بعضهم كالسيوطي في الهمع أن يكون لتثنيته فائدة فلا يثنى كل وأحد وعريب وديار لإفادة الجميع العموم ورد زيادته بأنه يغني عنه الاتفاق في المعنى غير ظاهر وأن لا يشبه الفعل فلا يثنى أفعل من ورد بعضهم زيادة هذا بأن مانع التثنية في افعل من عرض من التركيب أي مع من فلا يعتد به إذ هو في حد ذاته يصح أن يثنى. قوله: "سلامى" هي بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم العظم بين المفصلين من مفاصل أصابع اليد أو الرجل قاله العيني. قوله: "وكلا" هذا شروع في ذكر بعض ما حمل على المثنى. وألف كلا قيل: بدل عن واو وقيل: عن ياء وألف كلتا للتأنيث والتاء بدل عن واو وقيل: عن ياء. وقيل: الألف أصلية لام الكلمة والتاء زائدة للإلحاق وقيل: للتأنيث. فإن قلت: إذا كانت ألف كلا أصلية وألف كلتا للتأنيث أو أصلية فالألف فيهما غير مجتلبة لعامل فكيف تكون إعرابًا. أجيب بأن الإعراب قد يكون حرفًا من نفس الكلمة كما في الأسماء الستة والمثنى   15- تمامه: كلتاهما مقرونة بزائدة، والرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص288؛ والإنصاف 2/ 439؛ وخزانة الأدب 1/ 129، 133؛ والدرر 1/ 120، ولسان العرب 15/ 229 "كلا"؛ واللمع في العربية ص172؛ والمقاصد النحوية 1/ 159؛ وهمع الهوامع 1/ 41. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 كلتا كذاك اثنان واثنتان ... كابنين وابنتين يجريان   وليست منه "وكلا إذا بمضمر مضافا وصلا" الألف للإطلاق أي وارفع بالألف كلا إذا وصل بمضمر حال كونه مضافًا إلى ذلك المضمر حملًا على المثنى الحقيقي و"كلتا كذاك" أي ككلا في ذلك: تقول جاءني الرجلان كلاهما والمرأتان كلتاهما، فإن أضيفا إلى ظاهر أعربا بحركات مقدرة على الألف رفعًا ونصبًا وجرًّا. وبعضهم يعربهما إعراب المثنى في هذه الحالة أيضًا. وبعضهم يعربهما إعراب المقصور مطلقًا ومنه قوله: 16- نعم الفتى عمدت إليه مطيتي ... في حين جدبنا المسسير كلانا تنبيه: كلا وكلتا اسمان ملازمان للإضافة ولفظهما مفرد ومعناهما مثنى، ولذلك أجيز في ضميرهما اعتبار المعنى فيثنى واعتبار اللفظ فيفرد، وقد اجتمعا في قوله: 17- كلاهما حين جد الجري بينهما ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي   والجمع على حده لكن ذلك الحرف قبل دخول العامل ليس إعرابًا بل هو دال على التثنية أو الجمع أو غير دال على شيء كما في الأسماء الستة وبعد دخوله إعراب فقد تغير الآخر بدخول العامل عما كان عليه قبل دخوله تغير صفة فتدبر. قوله: "بمضمر" متعلق بوصل مقدره لدلالة وصل المذكورة لأن أداة الشرط لا يليها إلا فعل ظاهر أو مقدر كذا قيل وفيه ما مر. وقوله مضافًا حال من الضمير المستتر في وصل العائد إلى كلا مؤسسة احترز به عما إذا اتصلت بالضمير غير مضافة إليه نحو زيد وعمرو هما كلا الرجلين لأن الاتصال يشمل القبلي والبعدي فعلم ما في كلام شيخنا. قوله: "أي وارفع إلخ" أشار إلى أن كلا معطوف على المثنى وأن مضافًا حال من نائب فاعل وصل وأن متعلق مضافًا محذوف لدلالة الكلام عليه. قوله: "كلتا كذاك" مبتدأ وخبر هذا هو الظاهر. قوله: "في هذه الحالة" أي حالة الإضافة إلى ظاهر. قوله: "مطلقًا" أي سواء أضيفا إلى مضمر أو ظاهر. قوله: "عمدت" أي قصدت وبابه ضرب كما في المختار والإسناد في جدبنا المسير مجاز عقلي والأصل جددنا في المسير. قوله: "ملازمان للإضافة" أي إلى المعرب الذي يدل على اثنين بلا تفرق ولو كان بحسب اللفظ مفردًا أو جمعًا كما سيأتي في الإضافة. قوله: "كلاهما" أي الفرسين وقوله: جد الجري مجاز عقلي والأصل جدا في الجري وقوله: قد أقلعا أي كفا عن الجري وقوله: رابي أي منتفخ والشاهد في أقلعا ورابي. قوله: "وبه جاء   16- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني. 17- البيت في البسيط، وهو للفرزدق في أسرار العربية ص287؛ وتخليص الشواهد ص66؛ وخزانة الأدب 4/ 299؛ والخصائص 3/ 314؛ والدرر 1/ 122؛ وشرح التصريح 2/ 43؛ وشرح شواهد المغني ص552؛ ونوادر أبي زيد ص162؛ ولم أقع عليه في ديوانه، وهو للفرزدق أو لجرير في لسان العرب 9/ 156 "سكف"؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص447؛ والخزانة 1/ 131؛ والخصائص 2/ 421؛ وشرح شواهد الإيضاح ص171؛ وشرح المفصل 1/ 54؛ ومغني اللبيب ص204، وهمع الهوامع 1/ 41. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وتخلف اليا في جميعها الألف ... جرا ونصبا بعد فتح قد ألف   إلا أن اعتبار اللفظ أكثر، وبه جاء القرآن قال تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33] ولم يقل: آتتا فلما كان لكلا وكلتا حظ من الإفراد وحظ من التثنية أجريا في إعرابهما مجرى المفرد تارة ومجرى المثنى تارة، وخص إجراؤهما مجرى المثنى بحالة الإضافة إلى المضمر لأن الإعراب بالحروف فرع الإعراب بالحركات. والإضافة إلى المضمر فرع الإضافة إلى الظاهر لأن الظاهر أصل المضمر فجعل الفرع من الفرع والأصل مع الأصل مراعاة للمناسبة "اثنان واثنتان" بالمثلثة اسمان من أسماء التثنية وليسا بمثنيين حقيقة كما سبق "كابنين وابنتين" بالموحدة اللذين هما مثنان حقيقة "يجريان" مطلقًا   القرآن" أي نصًّا وأما اعتبار المعنى فلم يجىء فيه نصًّا لأن الضمير في قوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا} [الكهف: 33] لا يتعين رجوعه إلى كلتا من قوله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33] بل يحتمل رجوعه إلى الجنتين وإن كان رجوع الضمير إلى المضاف أكثر من رجوعه إلى المضاف إليه ولهذا مشى في شرح الجامع على رجوع الضمير إلى كلتا قال الدماميني: ويتعين الإفراد مراعاة للفظ في نحو: كلانا غني عن أخيه وضابطه أن ينسب إلى كل منهما حكم الآخر بالنسبة إليه لا بالنسبة إلى ثالث إذ المراد كل واحد منا غني عن أخيه. قال في المغني: وقد سئلت قديمًا عن قول القائل زيد وعمرو كلاهما قائم وكلاهما قائمان أيهما الصواب فكتبت أن قدر كلاهما توكيدًا قيل قائمان لأنه خبر عن زيد وعمرو وإن قدر مبتدأ فالوجهان والمختار الإفراد وعلى هذا فإذا قيل: إن زيدًا وعمرًا فإن قيل: كليهما قيل: قائمان أو كلاهما فالوجهان. ا. هـ. قوله: "اثنان واثنتان" تجوز إضافتهما إلى ما يدل على اثنين لكن لا بد أن يكون الاثنان الواقع عليهما المضاف غير الاثنين الواقع عليهما المضاف إليه لئلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه لا فرق في ذلك بين الظاهر والضمير على المرضي عندي. ويؤيده تصريح بعضهم كما في الروداني بجواز اثنا كما إذا أريد بالاثنين أمران غير المخاطبين مضافان إليهما كعبدين لهما. وأما ما نقله في التصريح عن الموضح في شرح اللمحة وتبعه البعض من امتناع إضافة اثنين واثنتين إلى ضمير تثنية لأنها إضافة الشيء إلى نفسه فغير ظاهر على إطلاقه. قوله: "من أسماء التثنية" أي من الأسماء الدالة وضعًا على اثنين. قوله: "كابنين وابنتين إلخ" قال بعضهم: لما لم يتزن له أن يقول مثل المثنى أتى بمثالين منه وأقام ذلك مقام قوله كالمثنى. وقال آخر: كان يمكنه أن يقول مثل المثنى فيه يجريان أي في الرفع بالألف إفاده في النكت. قوله: "مطلقًا" أي سواء أفردا كقوله تعالى: {حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَان} [المائدة: 106] أي شهادة اثنين ليصح الإخبار به عن شهادة بينكم أو ركبًا نحو: {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: 60] أو ضيفًا نحو اثناكم واثنتاكم. قوله: "وتخلف اليا" أي تقوم مقامها في بيان مقتضى العامل لا في النوع الخاص بالألف وهو الرفع والمراد الخلف ولو تقديرًا ليدخل نحو لبيك مما لم يستعمل مرفوعًا. قوله: "في هذه الألفاظ جميعها" جعل الشارح جميعًا تأكيدًا لمحذوف وهو ممنوع عند غير الخليل إلا أن يقال: هو حلّ معنى لا حلّ إعراب. قوله: "بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 وارفع بواو وبيا اجرر وانصب ... سالم جمع عامر ومذنب   يرفعان بالألف ومثل اثنتين ثنتان في لغة تميم "وتخلف اليا في" هذه الألفاظ "جميعها" أي المثنى وما ألحق به "الألف جرا ونصبا بعد فتح قد ألف" اليا فاعل تخلف قصره للضرورة والألف مفعول به وجرًّا ونصبًا نصب على الحال من المجرور بقي أي مجرورة ومنصوبة، وسبب فتح ما قبل الياء الإشعار بأنها خلف عن الألف، والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا. وحاصل ما قاله أن المثنى وما أحلق به يرفع بالألف ويجر وينصب بالياء المفتوح ما قبلها. تنبيهان: الأول في المثنى وما ألحق به لغة أخرى وهي لزوم الألف رفعًا ونصبًا وجرًّا وهي لغة بني الحرث بن كعب وقبائل أخر، وأنكرها المبرد وهو محجوج بنقل الأئمة. قال الشاعر: 18- فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى ... مساغًا لنا باه الشجاع لصمما   فتح قد ألف" ذكره وإن كان يؤخذ الفتح من السكوت على ما قبل الألف الذي هو مفتوح لأن التصريح أقوى في البيان ولإفادة علة فتح ما قبل ياء المثنى وهي ألفة الفتح مع الألف كما في نكت السيوطي فقوله قد ألف في معنى التعليل. قوله: "للضرورة" فيه أن قصر ذي الألف من أسماء حروف التهجي لغة لا ضرورة إلا أن يقال: المراد أن القصر هنا متعين لضرورة الوزن. قوله: "نصب على الحال" فيه أن مجيء المصدر حالًا وإن كان كثيرًا مقصور على السماع فالأولى كونه منصوبًا على الظرفية بتقدير مضاف حذف وأقيم المضاف إليه مقامه والأصل وقت جر ونصب كما في آتيك طلوع الشمس. قوله: "أي مجرورة ومنصوبة" لم يقل أي مجرورًا ومنصوبًا مع أن المجرور بفي وهو لفظ جمع مذكر لأن الغالب مراعاة ما أضيف إليه كل وجميع لا لمجرد اكتساب التأنيث من المضاف إليه وإن اقتضاه كلام شيخنا والبعض. قوله: "وسبب فتح" أي إبقاء فتح والسبب الذي ذكره غير السبب المستفاد من كلام المصنف كما مر. قوله: "خلف عن الألف" إنما كانت الألف أصلًا لأن الرفع أول أحوال الإعراب ومثلها الواو في الجمع. قوله: "والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا" في معنى التعليل للإشعار. قوله: "لزوم الألف" أي والإعراب بحركات مقدرة عليها كالمقصور وبعض من يلزمه الألف يعربه بحركات ظاهرة على النون كالمفرد الصحيح فيقول جاء الزيدان بضم النون ورأيت الزيدان بفتحها ومررت بالزيدان بكسرها وهي لغة قليلة جدًا كذا في الدماميني وغيره والظاهر على هذه اللغة منع صرف المثنى إذا انضم إلى زيادة الألف والنون علة أخرى كالوصفية في نحو صالحان فتأمل. قوله:   18- البيت من الطويل، وهو للمتلمس في ديوانه ص34؛ والحيوان 4/ 263؛ وخزانة الأدب 7/ 487؛ والمؤتلف والمختلف ص71؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص757؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 704؛ وشرح المفصل 3/ 128. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وشبه ذين وبه عشرونا ... وبابه ألحق والأهلونا   وجعل منه أن هذان لساحران ولا وتران في ليلة. الثاني لو سمي بالمثنى في إعرابه وجهان: أحدهما إعرابه قبل التسمية والثاني يجعل كعمران فيلزم الألف ويمنع الصرف وقيده في التسهيل بأن لا يجاوز سبعة أحرف فإن جاوزها كاشهيبابين لم يجز إعرابه بالحركات "وارفع بواو" نيابة عن الضمة "وبيا اجرر وانصب" نيابة عن الكسرة والفتحة "سالم جمع   "لصمما" أي عض ونيب. قوله: "وجعل منه إن هذان لساحران" وقيل: اسم إن ضمير الشأن وهذان مبتدأ وساحران خبر مبتدأ محذوف دخلت عليه لام الابتداء أي لهما ساحران والجملة خبر هذان والجملة خبر إن. واعترض بأن حذف ضمير الشأن شاذ إلا مع أن المفتوحة المخففة وكأن المخففة فإنهم استسهلوه معهما لكونه في كلام بني على التخفيف فحذفه تبع لحذف النون. ورب شيء يحذف تبعًا ولا يحذف استقلالًا كالفاعل يحذف مع الفعل ولا يحذف وحده وإنما كان مع غيرهما شاذًّا لأن فائدة ضمير الشأن تمكين ما يعقبه في ذهن السامع لأنه موضوع لمبهم يفسره ما بعده فإذا لم يتعين للسامع منه معنى انتظر ما بعده ولهذا اشترط أن يكون مضمون الجملة مهما وهذه الفائدة مفقودة عند حذفه وبأن حذف المبتدأ ينافي التأكيد لأن تأكيد الشيء يقتضي الاعتناء به وحذفه يقتضي خلافه. وأجيب عن هذا بمنع تنافيهما لعدم تواردهما على محل واحد لأن التأكيد للنسبة والحذف للمبتدأ ولأن المحذوف لدليل كالثابت وقد صرح الخليل وسيبويه بجواز حذف المؤكد وبقاء التأكيد في نحو مررت بزيد وجاءني أخوه أنفسهما بالرفع على تقديرهما صاحباي أنفسهما وبالنصب على تقدير أعينهما أنفسهما قاله الدماميني. وقيل هذان مبني لتضمنه معنى الإشارة كمفرده وجمعه وكذا هذين لما ذكر لكن هذان أقيس لأن الأصل في المبني أن لا تختلف صيغه لاختلاف العامل مع أن فيه مناسبة لألف ساحران وإنما قال لأكثر هذين جرا ونصا نظرًا لصورة التثنية. قوله: "ويمنع الصرف" للعلمية وزيادة الألف والنون. قوله: "كإشهيبابين" تثنية اشهيباب وهي السنة المجدبة التي لا مطر فيها. قوله: "وارفع بواو" أي ظاهرة كما في الزيدون أو مقدرة كما في صالحو القوم أو منقلبة إلى الياء كما في مسلميّ على التحقيق. قوله: "وبيا اجرر وانصب" ليس المجرور متنازعًا فيه لاجرر وانصب على الأصح لتأخر العاملين فلا يصح عمل المتأخر المعطوف فيما قبل المعطوف عليه للفصل به بل يقدر له معمول آخر وعلى القول الثاني يصح كونه من باب التنازع لطلب المعمول في الجملة قاله الشيخ يحيى. وبه يعرف ما في كلام البعض وعلى هذا القول فالذي أعملناه هو الثاني إذ لو كان الأول لوجب الإضمار في الثاني بلا حذف للضمير وقصر يا مع حذف تنوينه للضرورة كما قاله الشنواني. قوله: "نيابة عن الكسرة والفتحة" يحتمل أن يكون مفعولًا مطلقًا لمحذوف وجوبًا أي نابت الياء فيما ذكر نيابة. ويحتمل أن يكون قوله نيابة عن الكسرة مفعولًا لأجله لقوله اجرر وقوله: والفتحة أي ونيابة عن الفتحة مفعولًا لأجله لقوله وانصب فيكون كلامه على التوزيع والحذف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   عامر و" جمع "مذنب" وهما عامرون ومذنبون ويسمى هذا الجمع جمع المذكر السالم لسلامة بناء واحده. ويقال له جمع السلامة لمذكر، والجمع على حد المثنى لأن كلا منهما يعرب بحرف علة بعده نون تسقط للإضافة. وأشار بقوله "وشبه دين" إلى أن الذي يجمع هذا الجمع اسم وصفة فالاسم ما كان كعامر علما لمذكر عاقل خاليًا من تاء   من الثاني لدلالة الأول. قوله: "سالم" تنازعه العوامل الثلاثة قبله وأعمل الأخير وأضمر في الأولين ضميره وحذفه. وإضافته إلى جمع من إضافة الصفة إلى الموصوف والصفة لبيان الواقع بالنسبة لعامر ومذنب إذ لا جمع لهما غير سالم ومخصصة بالنسبة لشبه ذين. ويشترط في هذا الجمع زيادة على ما يأتي شروط التثنية كما قاله الروداني وغيره. وسيأتي الكلام على جمع التكسير في بابه. قوله: "وجمع مذنب" دفع بتقدير جمع هنا إيهام كلام المصنف اشتراك عامر ومذنب في جمع واحد وإنما لم يبال المصنف بهذا الإيهام لضعفه جدا بوضوح انتفاء الاشتراك فلا لبس والمضاف إلى متعدد إنما تجب فيه المطابقة إذا خيف اللبس. قوله: "جمع المذكر السالم" أي المذكر باعتبار معناه لا لفظه فدخل نحو زينب وحبلى لمذكرين فإنهما يقال فيهما زينبون وحبلون. وخرج زيد وعمرو علمين لمؤنثين فلا يجمعان هذا الجمع ويصح نصب السالم نعتًا لجمع وجره نعتًا للمذكر والأرجح الثاني لأن السلامة في الحقيقة للمذكر عند جمعه كما يفهم من قوله لسلامة بناء واحده نقله شيخنا السيد عن الشنواني. قوله: "لسلامة بناء واحده" أي بنيته أي لغير إعلال فدخل في جمع السلامة نحو قاضون ومصطفون. قوله: "اسم وصفة" جمع الوصف بالواو لتكون الواو فيه كواو الجماعة في الفعل بجامع الدلالة على الجمعية وكانت واو الفعل أصلًا لأنها اسم وواو الوصف حرف والعلم لتأويله بالمسمى كان وصفًا نقله الشيخ يحيى عن السهيلي. قوله: "علمًا" أي شخصيًّا فلا يجمع العلم الجنسي بالواو والنون أو الياء والنون إلا ما كان علمًا على الشمول التوكيدي نحو أجمع فإنه يقال فيه أجمعون وأجمعين لأنه صفة في أصله لأنه أفعل تفضيل أصالة قاله الروداني. ثم اشتراط العلمية للإقدام على الجمعية واشتراط عدمها المصرح به في قولهم: لا يثنى العلم ولا يجمع إلا بعد قصد تنكيره لتحقق الجمعية بالفعل فلا منافاة بين الاشتراطين أو يقال العلمية من الشروط المعدة بكسر العين أي المهيئة لقبول الجمعية وهي لا توجد مع المشروط وبهذين الجوابين ينحل لغز الدماميني المشهور الذي ذكره شيخنا والبعض. قوله: "لمذكر عاقل" أي مذكر باعتبار المعنى لا اللفظ فدخل زينب وسعدى علمين لمذكرين وخرج زيد وعمرو علمين لمؤنثين. وإنما لم يعتبروا المعنى في طلحة واعتبروا اللفظ حيث لم يجمعوه بالواو والنون أو الياء والنون بل جمعوه بالألف والتاء لوجود المانع من مراعاة المعنى وهو تاء التأنيث كذا نقل عن الغزي والمراد مذكر عاقل ولو تنزيلًا ومنه في الصفة قوله تعالى: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين} [فصلت: 11] {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين} [يوسف: 4] والمراد ما شأن جنسه العقل فدخل الصبي غير المميز والمجنون هذا. وقد ذكر في التسهيل أنه يكفي ذكورة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   التأنيث ومن التركيب ومن الإعراب بحرفين فلا يجمع هذا الجمع ما كان من الأسماء غير علم كرجل أو علمًا لمؤنث كزينب، أو لغير عاقل كلاحق علم فرس، أو فيه تاء التأنيث كطلحة، أو التركيب المزجي كمعدي كرب وأجازه بعضهم، أو الإسنادي كبرق نحره بالاتفاق أو الإعراب بحرفين كالزيدين أو الزيدين علمًا. والصفة ما كان كمذنب صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث ليست من باب أفعل فعلاء، ولا من باب فعلان فعلى   بعض أفراد المثنى والمجموع وعقله مع اتحاد المادة أي لا مع اختلافها فلا يقال: رجلان في رجل وامرأة ولا عالمون في عالم وقائمتين. قال سم: وقضية عبارته اشتراط العقل والتذكير في التثنية أيضًا فليحرر. ا. هـ. أقول في الدماميني على التسهيل أن إدخال المثنى في هذا الحكم سهو وأنه لا حاجة إلى اشتراط اتحاد المادة هنا لأن الاتفاق في اللفظ مأخوذ في تعريف كل من التثنية والجمع وتقدم الكلام على التغليب. قوله: "خاليًا من تاء التأنيث" ما لم تكن عوض فاء أو لام كما سيذكره الشارح. أما ألف التأنيث فلا يشترط الخلو منها مقصورة أو ممدودة فلو سمي مذكر بسلمى أو صحراء جمع هذا الجمع بحذف المقصورة وقلب همزة الممدودة واوًا. وإنما اشترط الخلو من تاء التأنيث لأنها إن حذفت في الجمع التبس بجمع ما لا تاء فيه وإن أبقيت لزم الجمع بين علامتين متضادتين بحسب الظاهر ووقوع تاء التأنيث حشو وإنما اغتفروا وقوعها حشوًا في التثنية لأنه ليس لتثنية ذي التاء صيغة تخصها فلو حذفوا التاء من تثنيته لالتبست بتثنية ما لا تاء فيه بخلاف جمعه. قوله: "ومن التركيب ومن الإعراب بحرفين" قال البعض: الأولى حذفهما لأنهما شرطان لمطلق الجمع مصححًا أو مكسرًا وكلامنا في شروط جمع السلامة بخصوصه. ا. هـ. ولك أن تقول لا دليل على أن كلامنا في شروط جمع السلامة بخصوصه بل الظاهر أن كلامنا في شروطه أعم من أن تخصه أولًا لكن يعكر عليه أنه لم يستوف مطلق شروطه. قوله: "بحرفين" فيه مسامحة إذ الإعراب بحرف فقط ولا دخل للنون فيه لكن لما كانت النون قرينة حرف الإعراب قال ذلك تسمحًا، أو يقال: أراد بالحرفين الواو والياء على سبيل التوزيع أي الواو في حال الرفع والياء في حالي النصب والجر. قوله: "وأجازه بعضهم" أي مطلقًا وقيل: إن ختم بويه جاز وإلا فلا وعلى الجواز في المختوم بويه قيل: تلحق العلامة بآخره فيقال: سيبويهون وقيل: تلحق بالجزء الأول ويحذف الثاني فيقال: سيبون. قوله: "أو الإسنادي" فإذا أريد الدلالة على اثنين أو أكثر مما سمي بأحد هذين المركبين قيل ذوا كذا وذوو كذا من إضافة المسمى إلى الاسم كذات مرة وذات يوم. وسكت عن الإضافي لأنه يثنى ويجمع جزؤه الأول وجوز الكوفيون تثنية الجزأين وجمعهما قال الروداني: لا أظن أن أحدًا يجترئ على مثل ذلك فيما فيه الإضافة إلى الله تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِد} [النساء: 171] . ا. هـ. قوله: "كالزيدين أو الزيدان علمًا" أي أعربا إعرابهما قبل التسمية لاستلزامه اجتماع إعرابين في كلمة واحدة فإن أعربا بالحركات جاز جمعهما. قوله: "صفة لمذكر عاقل" لا يرد عليه الجمع المطلق عليه تعالى كما في: {وَإِنَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ولا مما يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث، فلا يجمع هذا الجمع ما كان من الصفات لمؤنث، كحائض، أو لمذكر غير عاقل كسابق صفة فرس أو فيه تاء التأنيث كعلامة ونسابة أو كان من باب أفعل فعلاء كأحمر وشذ قوله: 19- فما وجدت نساء بني تميم ... حلائل أسودين وأحمرينا أو من باب فعلان فعلى كسكران فإن مؤنثة سكرى أو يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث كصبورة جريح فإنه يقال فيه: رجل صبور وجرير وامرأة صبور وجريح. تنبيهات: الأول أجاز الكوفيون أن يجمع نحو طلحة هذا الجمع. الثاني يستثنى مما فيه التاء ما جعل علمًا من الثلاثي المعوض من فائه تاء التأنيث نحو عدة أو من لامه   لَمُوسِعُون} [الذاريات: 47] {فَنِعْمَ الْمَاهِدُون} [الذاريات: 48] ، {وَنَحْنُ الْوَارِثُون} [الحجر: 23] . لأنه سماعي لأن أسماءه تعالى توقيفية والكلام في الجمع المقيس قال الدماميني: معنى الجمعية في أسماء الله تعالى ممتنع وما ورد منها بلفظ الجمع فهو للتعظيم يقتصر فيه على محل وروده ولا يتعدى فلا يقال: الله رحيمون قياسًا على ما ورد كوارثون. ا. هـ. قوله: "خالية من تاء التأنيث" أي من التاء الموضوعة له وإن استعملت في غيره ليصح إخراج علامة فإن تاءه لتأكيد المبالغة لا للتأنيث. قوله: "أفعل فعلاء" بالإضافة التي لأدنى ملابسة أي ليست من باب أفعل الذي له مؤنث على فعلاء وكذا يقال في نظيره وعبارته صادقة بأن لا يكون من باب أفعل أصلًا كقائم وبأن يكون من باب أفعل الذي ليس له مؤنث أصلًا كأكمر لكبير كمرة الذكر وبأن يكون له مؤنث على غير فعلاء كفعلى بالضم نحو الأفضل فهذان القسمان يجمعان هذا الجمع كالقسم الأول وكذا قوله ولا من باب فعلان فعلى صادق بأن لا يكون من باب فعلان أصلًا كقائم وبأن يكون من باب فعلان الذي ليس له مؤنث أصلًا كلحيان لطويل اللحية وبأن يكون له مؤنث على غير فعلى كفعلانة نحو ندمان وندمانة من المنادمة لا من الندم. وقوله: ليست من باب أفعل فعلاء ولا من باب فعلان فعلى ولا مما إلخ هو بمعنى قول الموضح قابلة للتاء أو تدل على التفضيل وإنما اعتبر في الصفة قبول التاء لأن قبولها يدل على شبه الفعل لأنه يقبلها وجمع الصفة هذا الجمع إنما هو لتكون الواو فيها كالواو في الفعل الذي هو أخوها في الاشتقاق في الدلالة على الجمعية كما مر وإنما جمع الأفضل لالتزام التعريف فيه عند جمعه فأشبه الفعل اللازم للتنكير. قوله: "كصبور وجريح" على استواء المذكر والمؤنث باطراد في فعول إذا كان بمعنى فاعل وأجرى على موصوف مذكور وفي فعيل إذا كان بمعنى مفعول وأجرى على موصوف مذكور فإن جعل نحو صبور وجريح علمًا جمع هذا الجمع. قوله: "يستثنى مما فيه التاء ما جعل علمًا إلخ" لا   19- البيت من الوافر، وهو للكميت بن زيد في ديوانه 2/ 116؛ والمقرب 2/ 50؛ وللحكيم الأعور بن عياش الكلبي في خزانة الأدب 1/ 178؛ والدرر 1/ 132؛ وشرح شواهد الشافية ص143؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 8/ 18؛ وشرح شافية بن الحاجب 2/ 171؛ وشرح المفصل 5/ 60، وهمع الهوامع 1/ 45. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 أولو وعالمون عليونا ... وأرضون شذ والسنونا   نحو ثبة. فإنه يجوز جمعه هذا الجمع. الثالث يقوم مقام الصفة التصغير فنحو رجيل يقال فيه: رجليون. الرابع لم يشترط الكوفيون الشرط الأخير مستدلين بقوله. 20- منا الذي هو ما إن طر شاربه ... والعانسون ومنا المرد والشيب فالعانس من الصفات المشتركة التي لا تقبل التاء عند قصد التأنيث لأنها تقع للمذكر والمؤنث بلفظ واحد ولا حجة لهم في البيت لشذوذه "وبه" أي وبالجمع السالم المذكر "عشرونا. وبابه" إلى التسعين "ألحق" في الإعراب بالحرفين وليس بجمع وإلإ لزم صحة انطلاق ثلاثين مثلًا على تسعة وعشرين، على ثلاثين وهو باطل "و" ألحق به أيضًا   يخفى أن هذا لا ينافيه ما سيأتي من عد جمع الثلاثي المذكور من الملحقات بجمع السلامة لا أنه جمع سلامة حقيقة لأن ما هنا فيما إذا جعل علمًا وما سيأتي فيما إذا لم يجعل علمًا. قوله: "فإنه يجوز جمعه هذا الجمع" أي عند الجمهور ومنعه المبرد وأوجب جمعه على نحو عدات. قوله: "التصغير" لدلالته على التحقير ونحوه مما يناسب المقام. قوله: "الشرط الأخير" يعني أن لا يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث هذا هو الذي يقتضيه صنيع الشارح بعد وإن خالف الكوفيون في اشتراط أن لا يكون من باب أفعل فعلاء أو فعلان فعلى أيضًا كما في الهمع. قوله: "ما إن طرّ" ما نافية وإن زائدة وطر بفتح الطاء من باب مر أي نبت وتضم بهذا المعنى أيضًا وبمعنى قطع. والعانس من بلغ أوان التزوج ولم يتزوج ذكرًا كان أو أنثى والأمرد من لم يبلغ أوان الإنبات وليس مكررًا مع قوله ما إن طر شاربه لأن المراد لم ينبت شاربه مع بلوغه أوان الإنبات وتخلص ابن السكيت من التكرار بجعله ما بمعنى حين زيدت بعدها إن لشبهها في اللفظ بما النافية انتهى عيني بتلخيص وزيادة ويرد على البيت بعد ذلك أن العانس صادق على الشائب فلا يكون قسيمًا له ودفعه الدماميني بتقدير صفة للشيب أي والشيب غير العانسين. قوله: "وبه عشرونًا إلخ" شروع في ذكر ما ألحق بالجمع وهو أربعة أنواع: أسماء جموع كعشرين وأولى، وجموع لم تستوف شروط الجمع كأهلين وعالمين، وجموع سمي بها كعليين، وجموع تكسير كأرضين وسنين. قوله: "وبابه" أي نظيره وقوله إلى التسعين الغاية داخلة. قوله: "ألحق" أفرد ولم يثن على إرادة المذكور. قوله: "بالحرفين" أي الواو والياء على التوزيع أو المراد الواو والنون أو الياء والنون على المسامحة السابقة. قوله: "وليس بجمع" بل هو اسم جمع لا واحد له من لفظه ولا من معناه كما قاله الدنوشري والروداني. قوله: "وعشرين" أي وانطلاق عشرين. قوله: "وهو" أي اللازم باطل أي فكذا الملزوم. قوله: "وإن كان جمعًا" أي غير مستوف لشروط الجمع.   20- البيت من البسيط، وهو لأبي قيس بن رفاعة الأنصاري في إصطلاح المنطق ص341؛ ولسان العرب 6/ 149 "عنس"؛ ولأبي قيس بن رفاعة أو لأبي قيس بن الأسلت في الدرر 1/ 131؛ وشرح شواهد المغني ص716؛ والمقاصد النخوية 1/ 167؛ وبلا نسبة في الأزهية ص97، وأمالي القالي 2/ 72؛ وسر صناعة الإعراب ص683، ومغني اللبيب ص304؛ وهمع الهوامع 1/ 45. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 وبابه ومثل حين قد يرد ... ذا الباب وهو عند قوم يطرد   "الأهلونا" لأنه وإن كان جمعًا لأهل فأهل ليس بعلم ولا صفة وألحق به "أولو" لأنه اسم جمع لا جمع "و" ألحق به أيضًا "عالمونا" لأنه إما أن لا يكون جمعًا لعالم لأنه أخص منه إذ لا يقال إلا على العقلاء والعالم يقال على كل ما سوى الله ويجب كون الجمع أعم من مفرده أو يكون جمعًا له باعتبار تغليب من يعقل فهو جمع لغير علم ولا صفة   قوله: "فأهل ليس بعلم ولا صفة" بل هو اسم جنس جامد للقريب بمعنى ذي القرابة. وأورد عليه الوصف به في قولهم الحمد لله أهل الحمد. وأجيب بأن الكلام في الأهل بمعنى القريب لا المستحق فإن هذا وصف وجمعه على أهلين حقيقي لا ملحق كذا قالوا. ولي فيه بحث لأنه إن كان المعتبر اللفظ فهو جامد مطلقًا أو المعنى فهو في معنى المشتق مطلقًا فما الفارق الداعي إلى كون الذي بمعنى القريب غير صفة، والذي بمعنى المستحق صفة، إلا أن يختار الثاني، ويقال القريب بمعنى ذي القرابة ملحق بالجامد لغلبة الاسمية عليه فتأمل. ثم رأيت الروداني ذكر أن أهلا الوصف لم يستوف جمعه الشروط لأنه لا يقبل التاء ولا يدل على التفضيل. قوله: "لأنه اسم جمع" أي لذي ويكتب بالواو بعد الهمزة للفرق بينه وبين إلى الجارة في الرسم نصبًا وجرًا وحمل عليهما الرفع. قوله: "إما أن لا يكون جمعًا لعالم" أي بل يكون اسم جمع له. قوله: "على كل ما سوى الله" أي على مجموع ما سوى الله تعالى وهذا أحد إطلاقيه والإطلاق الثاني إطلاقه على كل صنف من أصناف المخلوقات على حدته. قوله: "ويجب كون الجمع إلخ" من تمام العلة والمتجه عندي أن هذا كلي لا أغلبي وأنه لا يجوز أن يكون مساويًا لمفرده وإن ذكره شيخنا والبعض إذ لو جاز كونه مساويًا له لم يكن في الجمع فائدة ولم يتم قولهم أقل مراتب الجمع أن يشمل ثلاثة من مفرده أو اثنين على الخلاف لأنهما إذا تساويا فأين الشمول وما استند إليه من حصول المساواة على الاحتمال الثاني في كلام الشارح سيظهر لك رده فتنبه وانصف. قوله: "أو يكون جمعًا له" أي غير مستوف للشروط كما يفيده قوله فهو جمع لغير علم ولا صفة. قوله: "باعتبار تغليب من يعقل" اندفع باعتبار التغليب الاعتراض بأن الجمع بالواو والنون أو الياء والنون من خواص العقلاء وكان عليه أن يزيد وباعتبار إطلاق العالم على كل صنف من أصناف الخلق على حدته ليندفع بهذا الاعتبار لزوم عدم كون الجمع أعم من مفرده لأنا إذا جعلنا على هذا الاحتمال الثاني مفرد العالمين عالمًا بمعنى صنف من الأصناف على حدته لم يلزم كون المفرد أعم ولا مساويًا لأن مدلول المفرد حينئذٍ صنف من أصناف العوالم ومدلول الجمع جميع تلك الأصناف فلم يكن المفرد أعم ولا مساويًا بل الأعم الجمع فما ذكره شيخنا والبعض من لزوم كون المفرد مساويًا لجمعه على الاحتمال الثاني وأنه لا محذور في ذلك لأن كون الجمع أعم أغلبي غير مسلم كما انكشف لك. لا يقال المساواة من حيث صدق عالم المفرد على أي عالم كان وصدق الجمع على أي عالم كان لأنا نقول: فرق بين الصدقين لأن صدق عالم المفرد عموم بدلي وصدق الجمع عموم شمولي والمعتبر هنا العموم الشمولي وإلا لزم أن غالب الجموع وهو كل جمع لغير علم كالرجال والصالحين مساوية لمفردها فيبطل قولهما: إن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وألحق به "عليونا" لأنه ليس بجمع وإنما هو اسم لأعلى الجنة "وأرضون" بفتح الراء جمع أرض بسكونها "شذ" قياسًا لأنه جمع تكسير ومفرده مؤنث بدليل أريضة وغير عاقل "و" كذلك "السنونا" بكسر السين جمع سنة بفتحها "وبابه" كذلك شذ قياسًا. والمراد بيا به كل كلمة ثلاثية حذفت لامها عوضت منها هاء التأنيث ولم تكسر. فهذا الباب اطراد فيه   كون الجمع أعم أغلبي هذا تحقيق المقام فاحتفظ عليه والسلام. قوله: "لغير علم ولا صفة" بل اسم جنس لكل صنف من أصناف المخلوقات أي فهو جمع لم يستوف شروط جمع السلامة لمذكر. وقال الرضي العالم الذي يعلم منه ذات موجده تعالى ويكون دليلًا عليه فهو بمعنى الدال. ا. هـ. وبالنظر إلى هذا يكون صفة فيكون جمعه مستوفيًا للشروط كما قاله شيخنا. قوله: "لأنه ليس بجمع" أي في هذه الحالة فلا ينافي ما قيل أنه في الأصل جمع عليّ كسكيت من العلوّ ثم سمي به أعلى الجنة أو الكتاب الموضوع فيه. قوله: "اسم لأعلى الجنة" وعلى هذا التفسير يحتاج إلى تقدير مضاف في قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُوم} [المطففين: 9، 20] أي محل كتاب. وفي الكشاف أنه اسم لديوان الخير الذي دوّن فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين وعلى هذا يكون كتاب في قوله: {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَار} [المطففين: 18] مصدرًا بمعنى كتابة مع تقدير مضاف أي كتابة أعمال الأبرار. قوله: "وأرضون" مبتدأ وشذ خبره وقوله والسنون مبتدأ خبره محذوف أي كذلك. هذا ما درج عليه الشارح. قوله: "بفتح الراء" وحكي إسكانها قاله الدماميني وقال شيخنا تسكينها ضرورة. قوله: "شذ قياسًا" أي لا استعمالًا أما كونه شذ قياسًا فلعدم استيفائه شروط جمع المذكر السالم وأما كونه لم يشذ استعمالًا فلكثرة استعماله والشاذ استعمالًا ما ندر وقوعه وإنما خص أرضين وباب سنين بالتنصيص على شذوذهما قياسًا مع أن جميع الملحقات شاذة قياسًا ولهذا كانت ملحقة بجمع المذكر السالم لا منه حقيقة لشدة شذوذهما لكونه من ثلاثة أوجه ذكرها الشارح لأن كلًا منهما جمع تكسير ومفرده مؤنث وغير عاقل بل أربعة لأن مفرد كل غير علم وغير صفة ويدل على ما ذكرناه قول المصنف في شرحه على العمدة ما ملخصه: إن عالمين وأهلين مستويان في الشذوذ وأن أرضين وسنين أشذ منهما. ا. هـ. وقولنا مع أن جميع الملحقات شاذة شامل لعليين وعلى شذوذه درج التسهيل ونازع فيه الدماميني بأنه إذا جعل اسمًا لأعلى الجنة كان علمًا منقولًا عن جمع والعلم المنقول عن جمع ولو كان المسمى به غير عاقل ولو كان مفرده في الأصل غير علم ولا صفة يستحق هذا الإعراب ألا ترى إلى قنسرين ونصيبين بل صرح المصنف بأنه إذا سمى بالجمع على سبيل النقل يعني عن الجمع أو على سبيل الارتجال يعني لصيغة تشبه صيغة الجمع ففيه تلك اللغات يعني التي سيذكرها الشارح في الجمع المسمى به. ثم قال الدماميني نعم لو قيل إن عليين غير علم بل هو جمع عليّ وصفت به الأماكن المرتفعة كان شاذًا لعدم العقل. قوله: "بدليل أريضة" وبدليل يا عبادي إن أرضي واسعة. قوله: "كذلك" أي مثل أرضين في الشذوذ قياسًا فقوله بعد شذ قياسًا بيان لوجه الشبه. قوله: "كل كلمة ثلاثية" ذكر ستة قيود: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الجمع بالواو والنون رفعًا وبالياء والنون جرًّا ونصبًا نحو عضة وعضين وعزة وعزين وارة وارين وثبة وثبين وقلة وقلين، قال الله تعالى: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: 112] {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37] وأصل سنة سنو أو سنه لقولهم في الجمع سنوات وسنهات، وفي الفعل سانيت وسانهت. وأصل سانيت قلبوا الواو ياء حين جاوزت متطرفة ثلاثة أحرف وأصل عضه عضو من العضو واحد الأعضاء، أي أن الكفار جعلوا القرآن أعضاء أي مفرقًا، يقال: عضيته وعضوته تعضية أي فرقته تفرقة. قال ذو الرمة: 21- وليس دين الله بالمعضى أي بالمفرق لأنهم فرقوا أقاويلهم فيه، أو عضه من العضة وهو البهتان، والعضه أيضًا   كون الكلمة ثلاثية والحذف منها وكون المحذوف اللام والتعويض عنها وكون العوض هاء التأنيث وعدم التكسير ولكن من تأمل كلام الشارح الآتي في أخذ المحترزات عرف أن الشارح ألغى القيد الأول فلم يخرج به وجعل ما يخرج به نحو إوزّون خارجًا بقيد الحذف وهذا يقتضي أنه جعل قوله ثلاثية لبيان الواقع لا للاحتراز وكل جائز. قوله: "ولم تكسر" أي تكسيرًا تعرب معه بالحركات وإلا فسنون جمع تكسير وإنما اشترط انتفاء التكسير لأنه إذا كسر ردت لامه المحذوفة والحامل على جمعه بالواو والياء والنون جبر حذف لامه. وشرط بعضهم شرطًا آخر وهو أن لا يكون له مذكر جمع بالواو أو الياء والنون ليخرج نحو هنة فإن مذكره وهو هن جمع به فلو جمع هو أيضًا به التبس المؤنث بالمذكر. قوله: "اطرد فيه الجمع" أي كثر وشاع استعمالًا فلا ينافي قوله آنفًا شذ قياسًا. قوله: "سنو أو سنه" أو للتخيير لا للشك كما زعمه شيخنا لثبوت أصالة كل منهما بدليل. قوله: "لقولهم في الجمع إلخ" اعترض بأن فيه دورًا لتوقف الجمع على المفرد لأنه فرع المفرد وتوقف الحكم بأصالة ذلك الحرف في الفرد على ثبوته في الجمع ودفع بأن توقف الجمع على المفرد توقف وجود وتوقف الحكم بأصالة الحرف في المفرد على الجمع توقف علم فلم تتحد جهة التوقف. قوله: "وفي الفعل سانيت" أي والفعل المسند إلى التاء يرد الأشياء إلى أصولها. قوله: "وأصل سانيت" جواب عما يقال ما ذكرت من الفعل يدل على أن الأصل الياء لا الواو. قوله: "عضو" بدليل ما يأتي وبدليل جمعه على عضوات. قوله: "أعضاء" أي كالأعضاء في التفرقة فقوله أي مفرقًا بيان لحاصل المعنى. قوله: "أي مفرقًا" أي مفرقًا فيه أي مفرقة أقوالهم في شأنه. قوله: "يقال عضيته وعضوته" الأول بالتشديد والثاني بالتخفيف إذ لو كان مشددًا لقلبت واوه لمجاوزتها متطرفة ثلاثة أحرف فقوله تعضية مصدر الأول ومصدر الثاني عضو بفتح فسكون. وقوله أي فرقته تفرقة تفسير لهما وإن كان بالأول أنسب. قوله: "لأنهم فرقوا   21- الرجز لرؤبة في ديوانه ص81؛ وشرح التصريح 1/ 73، وشرح شذور الذهب ص78؛ ولذي الرمة هنا في شرح الأشموني، وليس في ديوانه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   السحر في لغة قريش: قال الشاعر: 22- أعوذ بربي من النافثا ... ت في عقد العاضه العضة وأصل عزة -وهي الفرقة من الناس- عزو، وأصل أرة -وهي موضع النار- أرى، وأصل ثبة -وهي الجماعة- ثبو وقيل: ثبي من ثبيت أي جمعت والأول أقوى وعليه الأكثر لأن ما حذف من اللامات أكثره واو. وأصل قلة وهي عودان يلعب بها الصبيان قلو، ولا يجوز ذلك في نحو تمرة لعدم الحذف وشذ إضون جمع إضاة كقناة وهي الغدير، وحرون جمع حرة، وإحرون جمع أحرة، والأحرة الأرض ذات الحجارة السود، وأوزون جمع أوزة وهي البطة، ولا في نحو عدة وزنة لأن المحذوف الفاء، وشذ رقون في جمع رقة وهي الفضة، ولدون في جمع لدة وهي التراب، وحشون في جمع حشة وهي الأرض الموحشة. ولا في يد ودم لعدم التعويض وشذ أبون وأخون ولا في نحو اسم. وأخت لأن المعوض غير الهاء   أقاويلهم فيه" علة لقوله: جعلوا القرآن أعضاء أي فمنهم من قال: سحر ومنهم من قال: شعر ومنهم من قال: أساطير الأولين. قوله: "أو عضه" ويدل له تصغيره على عضيهة. قوله: "من النافثات" جمع نافثة من النفث وهو البصق اليسير والعاضه الساحر والعضه مبالغة العاضه والبيت يعطي أن النافثات غير السحرة إلا أن يكون من الإظهار في مقام الإضمار. قوله: "عزو" في التصريح عزي فلامه ياء. قوله: "وهي الجماعة" أي لا وسط الحوض لأن ثبة بمعنى وسط الحوض ليست مما نحن فيه على الصحيح لأنها محذوفة العين لا اللام من ثاب يثوب إذا رجع وقيل: بل هي أيضًا محذوفة اللام من ثبيت فعلى الأول لا تجمع بالواو والنون وعلى الثاني تجمع بهما. قوله: "ولا يجوز ذلك إلخ" شروع في محترزات ضابط باب سنة ولو عبر بالفاء لكان أحسن. قوله: "وشذ إضون" بكسر الهمزة أي شذ قياسًا واستعمالًا وكذا يقال فيما يأتي فلا اعتراض بأن الباب كله شاذ. قوله: "وإحرون" بكسر الهمزة وحكي فتحها وبفتح الحاء وتشديد الراء وقوله جمع إحرة بكسر الهمزة وفي التصريح أن إحرين أيضًا جمع حرة وأن أصل حرة إحرة حذفت همزته وأن هذا الأصل ترك وصار نسيًا منسيًا أي فالمستعمل حرة بلا همزة وعلى هذا يكون قول الشارح جمع إحرة بالنظر إلى الأصل لا المستعمل الآن. قوله: "ولا في نحو عدة إلخ" أصل عدة وزنة ورقة ولدة وحشة وعد ووزن ووراق وولد ووحش بكسر الواو في الكل فاستثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما بعدها وحذفت الواو وعوض عنها هاء التأنيث. قوله: "وهي الفضة" ظاهره مطلقًا وقيدها صاحب القاموس وغيره بالمضروبة. قوله: "وهي التراب" أي المساوي في السن. قوله: "لعدم التعويض" أي من لامهما المحذوفة وأصلهما يدي ودمي بسكون الدال والميم. ا. هـ. تصريح وحكي في المصباح قولًا بفتح الدال وقولًا بفتح الميم وقولًا بأن لام دم واو. قوله: "وشذ أبون وأخون" أي وهنون وحمون وذوون وفون على القول بسماع الكل كما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إذ هو في الأول الهمزة وفي الثاني التاء. وشذ بنون في جمع ابن وهو مثل اسم، ولا في نحو شاة وشفة لأنهما كسرًا على شياه وشفاء. وشذ ظبون في جمع ظبة وهي حد السهم والسيف فإنهم كسروه على ظبي بالضم وأظب ومع ذلك جمعوه على ظبين. تنبيه: ما كان من باب سنة مفتوح الفاء كسرت فاؤه في الجمع نحو سنين، وما   مر قال الدماميني: نحو أبون يحتمل وجهين الأول أن يكون الأصل أبوون أي برد اللام ثم أتبعوا كما أتبعوا في المفرد المضاف ثم استثقلوا ضمة اللام فحذفوها ثم حذفوا اللام للساكنين والثاني أنهم لم يردوا اللام بل استعملوه ناقصًا كما كان في حالة إفراده وعدم إضافته. قوله: "اسم وأخت" أصل الأول سمو بكسر السين أو ضمها وسكون الميم حذفت لامه تخفيفًا وعوض عنها الهمزة وسكنت السين وأصل أخت أخو بضم الهمزة وسكون الخاء كما استظهره الروداني حذفت اللام وعوض عنها تاء التأنيث لا هاؤه وكذا أصل بنت بنو بكسر فسكون كما استظهره الروداني فعل به ما مر. وقيل أصل الكلمتين بفتحتين كمذكريهما وهو مفاد كلام الشارح في النسب. قال في التصريح والفرق بين تاء التأنيث وهائه أن تاء التأنيث لا تبدل في الوقف هاء وتكتب مجرورة وهاء التأنيث يوقف عليها بالهاء وتكتب مربوطة. ا. هـ. قوله: "وشذ بنون في جمع ابن" قال في التصريح: وقياس جمعه جمع السلامة ابنون كما يقال في تثنيته ابنان ولكن خالف تصحيحه تثنيته لعلة تصريفية أدت إلى حذف الهمزة. ا. هـ. قال الروداني: هي أن أصل ابن بنو حذفت لامه تخفيفًا وعوض عنها الهمزة وتثنيته وجمعه بنوان وبنون لأنهما يردان الأشياء إلى أصولها فأرادوا مناسبتهما للمفرد كمناسبة هراو لهراوة ففعل بهما ما فعل بالمفرد من حذف اللام وتعويض الهمزة لكن استثقال الانتقال من كسرة الهمزة في الجمع إلى ضمة النون أوجب حذف الهمزة والفاصل بينهما لكونه حاجزًا غير حصين كلا فاصل. ثم إن جمع ابن هذا الجمع خاص بما إذا أريد به من يعقل قال في التسهيل: يقال في المراد به من يعقل من ابن وأب وأخ وهن وذي بنون وأبون وأخون وهنون وذوون. ا. هـ. أي وأما المراد به ما لا يعقل فيجمع بالألف والتاء. قوله: "شاة وشفة" أما شاة فأصلها شوهة قال في التصريح بسكون الواو فحذفت لامها وهي الهاء وقصد تعويض هاء التأنيث منها فلقيت الواو هاء التأنيث فلزم انفتاحها فقلبت ألفًا فصار شاة. ويرد عليه أن حركة الواو عارضة فلا توجب قلبها ألفًا وقال الروداني لو قيل أصله شوهة كرقبة لكان أقرب مسافة لأن إعلالًا واحدًا أولى من إعلالين ولكان كشفة إذ أصله شفهة. ا. هـ. وأما شفة فأصله شفهة بالتحريك كما يفيده كلام الروداني فحذفت لامها وهي الهاء وقصد تعويض هاء التأنيث منها. قوله: "على شياه" أصله شواه قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. قوله: "في جمع ظبة" بكسر الظاء كما في التصريح وبضمها كما في القاموس ولامها واو كما في التصريح قال لقولهم ظبوته إذا أصبته بالظبة. قوله: "وأظب" أصله أظبو كأرجل. قوله: "كسرت فاؤه في الجمع" أي ما لم يكن مضعف العين فيبقى فتحه كحرون في حرة أو يقال الكلام في المطرد وحرون ونحوه مما شذ على أن الكلم في باب سنة وجرة ليست من باب سنة كما علم من الضابط المتقدم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كان مكسور الفاء لم يغير في الجمع على الأفصح نحو مئين. وحكي مئون وسنون وعزون بالضم. وما كان مضموم الفاء ففيه وجهان الكسر والضم نحو ثبين وقلين "ومثل حين قد يرد ذا الباب" فيكون معربا بالحركات الظاهرة على النون مع لزوم الياء كقوله: 23- دعاني من نجد فإن سنينه ... لعبن بنا شينا وشيبننا مردا   قوله: "على الأفصح" راجع لكل من قوله: كسرت وقوله: لم يغير بدليل قوله: وحكي إلخ فيستفاد من كلام الشارح أن في جمع مفتوح الفاء مكسورها ومضمومها لغتين لكن الأفصح في الأولين الكسر وهل هما في الثالثة على حد سواء أو لا، والذي يؤخذ من عبارة جمع الجوامع للسيوطي أنهما سواء حيث قال وكثر فاء كسرت أو فتحت في مفرد أشهر من ضمها أو ساغًا إن ضمت. ا. هـ. وكذا يؤخذ من الشارح وأما عبارة التصريح فلفظها وما كان مضموم الفاء ففي جمعه وجهان الضم والكسر نحو ثبين بضم الثاء وكسرها وهو الأكثر. ا. هـ. وهي ليست نصًا في أكثرية كسر جمع المضموم مطلقًا لاحتمال أن حكمه بالأكثرية على الكسر في يبين فقط ففي نقل البهوتي عن شرح التوضيح أكثرية الكسر فيما مفرده مضموم تساهل وإن نقله عنه البعض وسكت عليه اللهم إلا أن يريد بشرح التوضيح شرحًا آخر غير التصريح وهو في غاية البعد والذي يتجه عندي رجحان الضم في حال الرفع لمناسبة الواو وللفرار من الانتقال من كسر إلى ضم ورجحان الكسر في حالي النصب والجر لمناسبة الياء وللفرار من الانتقال من ضم إلى كسر. قوله: "نحو مئين" قضيته أنه من باب سنين وبه صرح في النكت ولامها المحذوفة المعوض عنها هاء التأنيث ياء كما صرح به في المصباح فزال توقف البعض فيها. قوله: "ومثل حين" حال من ذا أو صفة لمحذوف أي ورودًا مثل ورود حين أي في الإعراب بالحركات الظاهرة على النون ولزوم الياء ولزوم النون فلا تسقط للإضافة لكن في باب سنين حينئذٍ لغتان التنوين وعدمه كما في التصريح وكأن تركه مراعاة لصورة الجمع ثم رأيت المرادي قال في شرحه على التسهيل علل المصنف ترك التنوين بأن وجوده مع هذه النون كوجود تنوينين في كلمة واحدة وظاهر كلامه أن من لم ينوّن يجر بالكسرة الظاهرة وظاهر كلام الفراء أنه يمنع الصرف فيجر بالفتحة. ا. هـ. وانظر ما علة منع الصرف. وبقي في باب سنين لغتان أخريان ذكرهما السيوطي في جمع الجوامع: إحداهما أن يلزم الواو وفتح النون والظاهر أن إعرابه على هذه اللغة بحركات مقدرة على الواو كما سيتضح قبيل الكلام على قوله وجر بالفتحة إلخ. ثانيهما أن يلزم الواو ويعرب على النون بالحركات. قوله: "دعاني" أي اتركاني وعادتهم يخاطبون الواحد بلفظ   23- البيت من الطويل، وهو للصمة بن عبد الله القشيري في تخليص الشواهد 71؛ وخزانة الأدب 8/ 58، 59، 61، 62، 76؛ وشرح التصريح 1/ 77؛ وشرح شواهد الإيضاح ص579؛ وشرح المفصل 5/ 11، 12؛ والمقاصد النحوية 1/ 169؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 75؛ وجواهر الأدب ص157؛ وشرح ابن عقيل ص39؛ ولسان العرب 3/ 413 "نجد"، 13/ 501 "سنة"؛ ومجالس ثعلب ص177، 320. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وفي الحديث "اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف" في إحدى الروايتين "وهو" أي مجيء الجمع مثل حين "عند قوم" من النحاة منهم الفراء "يطرد" في جمع المذكر السالم وما حمل عليه خرجوا عليه قوله: 24- رب حي عرندس ذي طلال ... لا يزالون ضاربين القباب وقوله: 25- وقد جاوزت حد الأربعين والصحيح أنه لا يطرد بل يقتصر فيه على السماع. تنبيهات: الأول قد عرفت أن إعراب المثنى والمجموع على حده مخالف للقياس من وجهين الأول من حيث الإعراب بالحروف والثاني من حيث إن رفع المثنى ليس بالواو   الاثنين تعظيمًا والشاهد في قوله: فإن سنينه لأنه لو كان معربًا بالحروف لحذفت النون للإضافة. قوله: "في إحدى الروايتين" والرواية الأخرى سنين كسني يوسف بإسكان الياء وحذف النون. قوله: "أي مجيء" لو قال أي ورود لكان أحسن لأنه المتقدم ضمنًا في قوله يرد إلا أن يقال أشار بذلك إلى أن الورود بمعنى المجيء وقوله الجمع يعني جمع سنة وبابه وإضافة مجيء إلى الجمع بمعنى اللام والمعنى المجيء مثل حين الثابت لسنين وبابه يطرد في جمع المذكر السالم فلا ركاكة في حل الشارح لأنها إنما تكون إذا أريد بالجمع في قوله أي مجيء جمع المذكر السالم القياسي. قوله: "عرندس" أي قويّ شديد والطلال بالفتح الحالة الحسنة وفي قوله لا يزالون مراعاة معنى الحي بعد مراعاة لفظه والقباب جمع قبة وهي التي تتخذ من الأديم والخشب واللبد ونحوها وقد تطلق على ما يتخذ من البناء والشاهد في ضاربين حيث أثبت النون ولم يحذفها للإضافة فعلم أنه معرب بالحركات وقيل الأصل ضاربين بين ضاربي القباب على الإبدال أو ضاربين للقباب فحذف المضاف أو اللام وأبقى القباب على جره. قوله: "مخالف للقياس" أي الأصل. قوله: "من حيث إن رفع المثنى" بكسر الهمزة أو بفتحها على أنها مع   24- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 59؛ وتخليص الشواهد ص75؛ وخزانة الأدب 8/ 61؛ والدرر 1/ 136؛ وشرح التصريح 1/ 77؛ ومغني اللبيب ص643؛ والمقاصد النحوية 1/ 176؛ وهمع الهوامع 1/ 47. 25- وقبله: وماذا تبتغي الشعراء مني. وهو لسحيم بن وثيل الرياحي في إصلاح المنطق ص156؛ وتخليص الشواهد ص74؛ وتذكرة النحاة ص480؛ وخزانة الأدب 8/ 61، 62، 65، 67، 68، وحماسة البحتري ص13، والدرر 1/ 140، وسر صناعة الإعراب 2/ 627؛ وشرح التصريح 1/ 77؛ وشرح ابن عقيل ص41؛ وشرح المفصل 5/ 11؛ ولسان العرب 3/ 513 "نجذ"، 8/ 99 "ربع"، 14/ 255 "دري"؛ والمقاصد النحوية 1/ 191؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 247؛ وأوضح المسالك 1/ 61؛ وجواهر الأدب ص155؛ والمقتضب 3/ 332؛ وهمع الهوامع 1/ 49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 ونون مجموع وما به التحق ... فافتح وقل من بكسره نطق   ونصبه ليس بالألف وكذا نصب المجموع أما العلة في مخالفتهما القياس في الوجه الأول فلأن المثنى والمجموع فرعان عن الآحاد، والإعراب بالحروف فرع عن الإعراب بالحركات فجعل الفرع للفرع طلبًا للمناسبة وأيضًا فقد أعرب بعض الآحاد وهي الأسماء التسعة بالحروف فلو لم يجعل إعرابهما بالحروف لزم أن يكون للفرع مزية على الأصل. ولأنهما لما كان في آخرهما حروف وهي علامة التثنية والجمع تصلح أن تكون إعرابًا بقلب بعضها إلى بعض فجعل إعرابهما بالحروف لأن الإعراب بها بغير حركة أخف منها مع الحركة. وأما العلة في مخالفتهما للقياس في الوجه الثاني فلأن حروف الإعراب ثلاثة والإعراب ستة ثلاثة للمثنى وثلاثة للمجموع فلو جعل إعرابهما بها على حد إعراب الأسماء الستة لالتبس المثنى بالمجموع في نحو رأيت زيداك، ولو جعل إعراب أحدهما كذلك دون الآخر بقي الآخر بلا إعراب فوزعت عليهما وأعطي المثنى الألف لكونها   معموليها في تأويل مبتدأ والخبر محذوف أي من حيث ذلك موجود هذا إن جرينا على مذهب الجمهور من اختصاص حيث بالجمل فإن جرينا على مذهب الكسائي من عدم الاختصاص جاز الفتح من غير تقدير خبر. قوله: "وأيضًا فقد أعرب بعض الآحاد" هذا التوجيه يقتضي أن سبب إعراب المثنى والمجموع على حده بالحروف إعراب بعض الآحاد بها لأنهما لو أعربا بالحركات لزم مزية الفرع على الأصل وقد سبق عنه أن سبب إعراب بعض الآحاد بها إرادة إعراب المثنى والمجموع بها ليكون توطئة لإعرابهما بها وفي هذا دور فافهم. قوله: "لزم أن يكون للفرع مزية على الأصل" اعترض بأن التثنية والجمع ليسا فرعين لكل مفرد بل لمفردهما وبأن هذا يقتضي إعراب كل جمع بالحروف لوجود الفرعية وليس كذلك. ويجاب عن الأول بأنهما فرعان عن المفرد في الجملة وبأن من جملة المثنى أبوان وأخوان ونحوهما ومن جملة الجمع أبون وأخون وحمون فلو أعربت بالحركات لزم مزيتها على مفرداتها المعربة بالحروف وعن الثاني بأن ما ذكر حكمة فلا يلزم اطرادها. قوله: "لما كان" أي وجد، جواب لما قوله فجعل والفاء زائدة في بعض النسخ بإسقاط لما وهي ظاهرة. قوله: "بقلب بعضها إلى بعض" أي خلف بعضها عن بعض. قوله: "بغير حركة" أي بغير اعتبار حركة للإعراب ظاهرة أو مقدرة وقوله أخف منها أي أخف من وجودها ملغاة وهي صالحة للإعراب بها وقوله مع الحركة أي مع اعتبار الحركة هكذا ينبغي تقدير هذا المحل. قوله: "فلأن حروف الإعراب" أي في الاسم فلا يرد النون في الأفعال الخمسة. قوله: "والإعراب ستة" أي رفع ونصب وجر في المثنى ومثلها في الجمع. قوله: "في نحو رأيت زيداك" أي من كل مثنى أو مجموع أضيف سواء كان مع الألف في حال النصب أو مع الواو في حال الرفع لا الياء لتميزهما معها بفتح ما قبلها في المثنى وكسره في الجمع فقول البعض أو الياء سهو. قوله: "بقي الآخر بلا إعراب" إن كان المراد بقي الآخر بلا إعراب أصلًا ورد عليه أن المقدم لا يستلزم التالي حينئذٍ لجواز إعراب الآخر بحرفين فقط وإن كان المراد بلا إعراب على حد إعراب الأسماء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 ونون ما ثني والملحق به ... بعكس ذاك استعملوه فانتبه   مدلولًا بها على التثنية مع الفعل اسمًا في نحو اضربا، وحرفًا في نحو ضربا أخواك وأعطي المجموع الواو لكونها مدلولا بها على الجمعية في الفعل اسمًا في نحو اضربوا وحرفًا في نحو أكلوني البراغيث، وجرًّا بالياء على الأصل وحمل النصب على الجر فيهما، ولم يحمل على الرفع لمناسبة النصب للجر دون الرفع لأن كلًّا منهما فضلة، ومن حيث المخرج لأن الفتح من أقصى الحلق والكسر من وسط الفم والضم من الشفتين. الثاني ما أفهمه النظم وصرح به في شرح التسهيل من أن إعراب المثنى والمجموع على حده بالحروف هو مذهب قطرب وطائفة من المتأخرين، ونسب إلى الزجاج والزجاجي. قيل: وهو مذهب الكوفيين وذهب سيبويه ومن وافقه إلى أن إعرابهما بحركات مقدرة على الألف "ونون مجموع وما به التحق" في إعرابه "فافتح" طلبًا للخفة من ثقل الجمع،   الستة ورد عليه أن لزوم هذا لا يضر فلا يتم التوجيه إذ لقائل أن يقول: هلا أعرب الآخر بغير إعراب الأسماء الستة بأن يعرب بحرفين وإن كان المراد بلا إعراب رافع للالتباس ولو أعرب الآخر بحرفين لزم التباس المثنى بالمجموع في الرفع والنصب ورد عليه أن لنا احتمالين لا التباس فيهما بأن يعرف المجموع بالأحرف الثلاثة والمثنى بالألف والياء والعكس اللهم إلا أن يقال المثنى سابق على المجموع فهو الأحق بأن يعطي الأحرف الثلاثة ويعطي المجموع حرفين والمناسب أن يكون أحدهما الواو رفعًا لدلالتها على الجمعية وحينئذٍ يحصل الالتباس ولا بد فيكون المراد بلا إعراب دافع للالتباس لائق لكن هذا يؤدي إلى أن المراد بأحدهما في كلام الشارح المثنى وبالآخر المجموع لا الأحد الدائر والآخر الدائر فتأمل. قوله: "اسمًا" حال من الضمير في بها العائد على الألف. قوله: "لأن كلًا منهما فضلة" أي إعراب فضلة أو التقدير لأن محل كل منهما فضلة. قوله: "ومن حيث المخرج" عطف على قوله: لأن كلًّا منهما فضلة فهو علة ثانية للمناسبة أي ولتقارب المخرج. قوله: "لأن الفتح إلخ" اعترضه البعض كشيخنا بأنه غير ظاهر لأن الحركة تابعة للحرف في المخرج فإن كان الحرف حلقيًا كالهمزة فحركته مطلقًا كذلك وقس على ذلك وهو مدفوع بأن الحركة في حد ذاتها إن كانت فتحة فلها ميل إلى أقصى الحلق وإن كانت كسرة فلها ميل إلى وسط الفم وإن كانت ضمة فلها ميل إلى الشفتين والحس شاهد صدق على ذلك فإنك إذا نطقت بالهمزة مفتوحة ورجعت إلى حسك وجدت لها ميلًا إلى أقصى الحلق أو مكسورة وجدت لها ميلًا إلى وسط الفم أو مضمومة وجدت لها ميلًا إلى الشفتين. قوله: "بحركات مقدرة" رده الناظم بلزوم ظهور النصب في الياء لخفته وبلزوم تثنية المنصوب بالألف لتحرك الياء وانفتاح ما قبلها وأجاب أبو حيان عن الأول بأنهم لما حملوا النصب على الجر جعلوا الحكم واحدًا فقدروا الفتحة كما قدروا الكسرة تحقيقًا للحمل وعن الثاني بأن المانع من قلبها قصد الفرق بين المثنى وغيره. قوله: "ونون مجموع" الأقرب نصبه على المفعولية لافتح والفاء زائدة لتزيين اللفظ ورفعه مبتدأ يحوج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وفرقا بينه وبين نون المثنى "وقل من بكسره نطق" من العرب. قال في شرح التسهيل: يجوز أن يكون كسر نون الجمع وما ألحق به لغة، وجزم به في شرح الكافية، ومما ورد منه قوله: 26- عرفنا جعفرًا وبني أبيه ... وأنكرنا زعانف آخرين وقوله: 27- وقد جاوزت حد الأربعين "ونون ما ثني والملحق به" وهو اثنان واثنتان وثنتان "بعكس ذاك" النون   إلى تقدير الرابط في الخبر. فائدة: تحذف نون الجمع ونون المثنى للإضافة وللضرورة ولتقصير الصلة نحو: خليليّ ما إن أنتما الصادقا هوى ... إذا خفتما فيه عذولا وواشيا ونحو قراءة الحسن والمقيمي الصلاة بنصب الصلاة. وقد تحذف نون الجمع اختيارًا قبل لام ساكنة كقراءة بعضهم غير معجزي الله بنصب الله. وقراءة بعضهم: "إنكم لذائقوا العذابَ" [الصافات: 38] بنصب العذاب وهو أكثر من حذفها لا قبل لام ساكنة كقراءة الحسن: "وما هم بضارين به من أحد" [البقرة: 102] كذا في التسهيل وشرحه للدماميني. وفي المغني يحذف النونان لشبه الإضافة نحو لا غلامي لزيد ولا مكرمي لعمرو. وإذا قدر الجار والمجرور صفة والخبر محذوفًا وسيأتي بسط إعرابهما في باب لا. قوله: "فافتح" أي ضامًا ما قبل الواو ولو تقديرًا في نحو: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْن} [آل عمران: 139] إذ أصله الأعلوون وكاسرًا ما قبل الياء ولو تقديرًا في نحو: {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْن} [ص: 47] إذ أصله المصطفوين. قوله: "من ثقل الجمع" من تعليلية متعلقة بطلبا. قوله: "وفرقا" أي وزيادة فرق إذ أصل الفرق حاصل في نحو المصطفين بحذف ألف الجمع وقلب ألف المثنى ياء وفي غيره بحركة ما قبل الياء. قوله: "وقل من بكسره نطق" أي مع الياء. قال في التصريح ولم تكسر النون بعد الواو في نثر ولا شعر لعدم التجانس. قوله: "لغة" أي لا ضرورة كما قيل به. قوله: "وجزم به" أي بكونه لغة وهذا هو الراجح. قوله: "زعانف" جمع زعنفة بكسر الزاي والنون وهو القصير وأراد بهم الأدعياء الذين ليس أصلهم واحدًا. قوله: "حد الأربعين" استشهد به هنا على أن كسر نون والملحق به لغة لبعض من يعربهما بالحروف وسابقًا على أن إعرابه بالحركة على النون لغة نظرًا إلى أن كلا محتمل ويرد عليه أن الشاهد لا يكفي فيه الاحتمال كما صرحوا به وإن زعم البعض خلافه ويمكن أن يجعل مثالًا. قوله: "وهو اثنان واثنتان وثنتان" الحصر بالنسبة لما ذكره المصنف من الملحقات   26- البيت من الوافر، وهو لجرير في ديوانه ص429، والاشتقاق ص538؛ وتخليص الشواهد ص72؛ وتذكرة النحاة ص480؛ وخزانة الأدب 8/ 956؛ والدرر 1/ 140؛ والمقاصد النحوية 1/ 187؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 67؛ وشرح ابن عقيل ص40. 27- راجع التخريج رقم 25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "استعملوه" فكسروه كثيرًا على الأصل في التقاء الساكنين، وفتحوه قليلًا بعد الياء "فانتبه" لذلك وهذه اللغة حكاها الكسائي والفراء كقوله: 28- على أحوذيين استقلت عشية ... فما هي إلا لمحة وتغيب وقيل: لا تختص هذه اللغة بالياء بل تكون مع الألف أيضًا وهو ظاهر كلام النظم، وبه صرح السيرافي كقوله: 29- أعرف منها الجيد والعينانا ... ومنخرين أشبها ظبيانا   المصحوبة بالنون وإن كان الملحق المصحوب بالنون لا ينحصر في الألفاظ الثلاثة لأن منه المذروين والثنايين وما سمي به من المثنى كالبحرين وباب التغليب كالقمرين على قول الجمهور فاندفع ما اعترض به شيخنا والبعض. قوله: "بعكس ذاك" أي بخلافه لأن الكثير هنا قليل هناك والقليل هنا كثير هناك فالعكس لغويّ قطعًا فما حكاه البعض من أنه لا لغويّ ولا منطقي غير صحيح. قوله: "على الأصل في التقاء الساكنين" قد يقال: هذا خلاف الأصل لأن قياس التقاء الساكنين إذا كان الأول حرف لين أن يحذف كما قال: إن ساكنان التقيا اكسر ما سبق ... وإن يكن لينًا فحذفه استحق ويجاب بأن محل الحذف ما لم يمنع مانع من حذفه ولو حذف هنا للزم فوات الإعراب والتثنية. ووجه كون النون ساكنة أنها عوض عما هو ساكن وهو التنوين أو أنها زائدة والزائد ينبغي فيه التخفيف والساكن أخف. قوله: "على أحوذيين" تثنية أحوذيّ وهو خفيف المشي لحذفه وأراد بهما جناحي قطاة يصفها بالخفة والضمير في استقلت أي ارتفعت يرجع إليها. وقوله فما هي إلا لمحة أي فما مسافة رؤيتها إلا مقدار لمحة. وقوله وتغيب أي بعد تلك اللمحة جملة فعلية عطفت على الجملة الاسمية قبلها. قوله: "أعرف منها" الضمير يرجع إلى سلمى في البيت قبله كما قاله العيني. والجيد العنق. وقوله ومنخرين إن كان بفتح النون الأخيرة فالأمر ظاهر أو بكسرها ففي البيت تلفيق من لغتين وفي البيت تلفيق آخر من لغتين لأنه جرى في قوله: والعينانا   28- البيت من الطويل، وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص55؛ وخزانة الأدب 7/ 458؛ والدرر 1/ 137؛ وشرح المفصل 4/ 141؛ والمقاصد النحوية 1/ 177؛ وبلا نسبة في أوضح المساك 1/ 63؛ وتخليص الشواهد ص79؛ وجواهر الأدب ص154؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 488؛ وشرح التصريح 1/ 78؛ وشرح ابن عقيل ص42؛ ولسان العرب 3/ 486؛ "حوذ" والمقرب 3/ 136؛ وهمع الهوامع 1/ 49. 29- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص187؛ ولرؤبة أو رجل من ضبة في الدرر 1/ 139؛ والمقاصد النحوية 1/ 184؛ ولرجل في نوادر أبي زيد ص15؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 64؛ وتخليص الشواهد ص80؛ وخزانة الأدب 7/ 452، 453، 456، 457، ورصف المباني ص24؛ وسر صناعة الإعراب 489؛ 705؛ وشرح التصريح 1/ 78؛ وشرح ابن عقيل ص42؛ وشرح المفصل 3/ 129، 4/ 64، 67، 143، وهمع الهوامع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 ومائتا وألف قد جمعا ... يكسر في الجر وفي النصب معا   وحكى الشيباني ضمها مع الألف كقول بعض العرب: هما خليلان وقوله: 30- يا أبتا أرقني القذان ... فالنوم لا تألفه العيان تنبيه: قيل: لحقت النون المثنى والمجموع عوضًا عما فاتهما من الإعراب بالحركات ومن دخول التنوين وحذفت مع الإضافة نظرًا إلى التعويض بها عن التنوين. ولم تحذف مع الألف واللام وإن كان التنوين يحذف معهما نظرًا إلى التعويض بها عن الحركة أيضًا. وقيل: لحقت لدفع توهم الإضافة في نحو جاءني خليلان موسى وعيسى، ومررت   على لغة من يلزم المثنى الألف وفي قوله: ومنخرين على لغة من ينصبه ويجره بالياء. وقال الدماميني: في قوله: ومنخرين بالياء دلالة على أن أصحاب تلك اللغة لا يوجبون الألف بل تارة يستعملون المثنى بالألف مطلقًا وتارة يستعملونه كالجماعة. ا. هـ. وعلى هذا ينتفي التلفيق الثاني. والمنخر بفتح الميم وكسر الخاء وبفتحهما وضمهما. وظبيان اسم رجل على ما صوّبه العيني رادًا على من جعله تثنية ظبي كالدماميني وعلى ما قاله العيني فانظر هل المراد أشبها منخري ظبيان في الكبر أو أشبها نفس الرجل في العظم أو القبح. قوله: "أرّقني" أي أسهرني والقذان بكسر القاف وتشديد الذال المعجمة جمع قذة بضم فتشديد أو قذذ كبطل والقذة والقذذ البرغوث مثلث الباء والضم أفصح. قوله: "عما فاتهما من الإعراب بالحركات إلخ" هذا مذهب سيبويه والصحيح الذي اختاره المحقق الرضي وغيره أن النون عوض عن التنوين في المفرد فقط لقيام الحروف مقام حركات الإعراب على الراجح ولأن سيبويه يقول: إن إعراب المثنى والمجموع بحركات مقدرة والمقدر كالثابت فلا يصح التعويض عنها، إلا أن يقال المراد أنها عوض عن ظهور الحركات. فإن قلت: إذا كانت النون عوضًا عن التنوين فقط فلم ثبتت مع أل مع أن المعوض عنه لا يثبت مع أل قلت: قال الرضي: إنما سقط التنوين مع لام التعريف لأنه يلزم عليه اجتماع حرف التعريف وحرف يكون في بعض المواضع علامة التنكير وفي ذلك قبح لا يخفى والنون لا تكون للتنكير أصلًا فلذلك ثبتت معها. ا. هـ. قوله: "ومن دخول التنوين" أي الظاهر أو المقدر كما في الممنوع من الصرف. قوله: "وحذفت مع الإضافة إلخ" حاصله أنه تارة رجح جانب التعويض بها عن التنوين فحذفت مع الإضافة كما يحذف التنوين معها تارة وتارة جانب التعويض بها عن الحركة فثبتت مع أل كما ثبتت الحركة معها ولم يعكس للزوم الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالنون والفصل بينهما ممتنع بغير الأمور الآتية في قول الناظم فصل مضاف إلخ. قوله: "نظرًا إلى التعويض بها عن الحركة أيضًا" لا وجه لقوله أيضًا لأن المنظور إليه في عدم الحذف مع أن أل هو كونها عوضًا عن الحركة فقط إلا أن يكون المراد كما نظر إلى التعويض بها عن التنوين في الحذف مع الإضافة.   30- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص186؛ وخزانة الأدب 1/ 92؛ وبلا نسبة في الدرر 1/ 142؛ وشرح التصريح 1/ 78، وهمع الهوامع 1/ 49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ببنين كرام، ودفع توهم الأفراد في نحو جاءني هذان ومررت بالمهتدين؛ وكسرت مع المثنى على الأصل في التقاء الساكنين لأنه قبل الجمع، ثم خولف بالحركة في الجمع طلبًا للفرق، وجعلت فتحة طلبًا للخفة وقد مر ذلك وإنما لم يكتف بحركة ما قبل الياء فارقًا لتخلفه في نحو المصطفين. ولما فرغ من بيان ما ناب فيه حرف عن حركة من الأسماء أخذ في بيان ما نابت فيه حركة عن حركة وهو شيئان: ما جمع بالألف وتاء وما لا ينصرف. وبدأ بالأول لأن فيه حمل النصب على غيره، والثاني فيه حمل الجر على غيره، والأول أكثر فقال: "وما بتا وألف قد جمعا" الباء متعلقة بجمع أي ما كان جمعا بسبب   قوله: "وقيل لدفع إلخ" هذا هو الذي اختاره الناظم. قوله: "لدفع توهم الإضافة" أي وحمل ما لا توهم فيه على ما فيه توهم وكذا يقال فيما بعده. قوله: "ودفع توهم الإفراد" أورد عليه أنه لو اعتبر دفع هذا التوهم لامتنعت إضافة جمع المنقوص جرًا نحو مررت بقاضيك لالتباسه بالمفرد حينئذٍ. وأجيب بالفرق بأنه في الجمع المذكور يمكن دفع الإلتباس بالوقف على المضاف لعود النون حينئذٍ ولا كذلك ما نحن فيه على تقدير عدم النون واقتصرنا في الإيراد على الجر لأنه لا التباس حال النصب لأن ياء المفرد تفتح نصبًا وياء الجمع تسكن، فما نقله شيخنا عن سم وأقره هو والبعض من زيادة النصب سهو. قوله: "في نحو جاءني هذان" مبني على أنه مثنى حقيقة والراجح خلافه أو يراد بالمثنى في أول التنبيه هو وما ألحق به. قوله: "طلبًا للفرق" أي بين نوني المثنى والجمع وكلامه هذا يقتضي أن طلب الفرق علة اختلاف الحركة وهو مخالف لما قدمه من جعل الفرق علة للفتح إلا أن يحمل ما مر على تعليل الفتح من جهة عمومه وهو كونه حركة غير كسرة لا من جهة خصوصه. وحاصل ما استفيد من كلامه هنا أن تحريك النون فيهما للتخلص من التقاء الساكنين وأن الكسر في المثنى لكونه الأصل في التخلص وأن مخالفة حركة نون الجمع لحركة نون المثنى للفرق وأن خصوص فتحها لطلب الخفة فافهم. قوله: "وقد مر ذلك" أي مر أن علة الفتح طلب الخفة. قوله: "لتخلفه في نحو المصطفين" فيه كما قال سم أن هذا التخلف لا يضر لحصول الفرق بحذف الألف في الجمع وقلبها ياء في التثنية كما مر على أنه لو كان الفرق بحركة النون للتخلف المذكور لورد عليه أن النون الحاصل بحركتها الفرق تسقط في حال إضافة نحو المصطفين ولو قال وإنما لم يكتف بحركة ما قبل الياء فارقًا مبالغة في الفرق لكان أتم. قوله: "من الأسماء" بيان لما مشوب بتبعيض. قوله: "ما نابت فيه حركة عن حركة" لم يقل من الأسماء لعدم الاحتياج إلى التقييد به هنا لأن ما ناب فيه حركة عن حركة لا يكون إلا من الأسماء بخلاف ما ناب فيه حرف عن حركة. قوله: "والأول أكثر" لأنه أفراد ثلاثة أنواع هي المثنى والمجموع على حده والجمع بالألف والتاء. وأما الثاني فأفراد نوع واحد هو ما لاينصرف. قوله: "وما" أي جمع قوله قد جمعا أي تحققت وحصلت جمعيته فاندفع ما قيل يلزم تحصيل الحاصل إن أوقعت ما على جمع وإعراب المفرد في حالتي النصب والجر بالكسر مع أن المعرب به الجمع إن أوقعت ما على مفرد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ملابسته للألف والتاء أي كان لهما مدخل في الدلالة على جمعيته "يكسر في الجر وفي النصب معًا" كسر إعراب خلافًا للأخفش في زعمه أنه مبني في حالة النصب، وهو فاسد إذ لا موجب لبنائه، وإنما نصب بالكسرة مع تأتي الفتحة ليجري عل سنن أصله، وهو   واعلم أن الجمع بالألف والتاء يطرد في خمسة أنواع ما فيه تاء التأنيث مطلقًا وما فيه ألف التأنيث مطلقًا ومصغر مذكر ما لا يعقل كدريهم وعلم مؤنث لا علامة فيه كزينب ووصف مذكر عاقل كأيام معدودات ونظمها الشاطبي فقال: وقسه في ذي التا ونحو ذكرى ... ودرهم مصغر وصحرا وزينب ووصف غير العاقل ... وغير ذا مسلم للناقل فيقتصر فيما عدا الخمسة على السماع كسموات وأرضات وسجلات وحمامات وثيبات وشمالات وأمهات. ويستثنى من الأول خمسة ألفاظ لا تجمع بالألف والتاء: امرأة وأمة وشاة وشفة وقلة، زاد الروداني وأمة بالضم والتشديد وملة وقيل تجمع شفة على شفهات أو شفوات وأمة على أموات أو أميات. ومن الثاني فعلاء أفعل وفعلى فعلان غير منقولين إلى العلمية لما لم يجمع مذكرهما بالواو والنون لم يجمع مؤنثهما بالألف والتاء واختلف في فعلاء الذي لا أفعل له كعجزاء ورتقاء فقال ابن مالك: يجمع بألف وتاء لأن المنع في حمراء تابع لمنع جمع التصحيح وهو مفقود هنا ومنعه غيره. ويستثنى من الرابع باب حزام في لغة من بناه قاله الروداني وغيره. قوله: "بتا" بالتنوين لأنه مقصور للضرورة على ما مر والمقصور إذا لم تدخل عليه أل ولم يضف ولم يوقف عليه ينوّن فإعرابه مقدر على الألف المحذوفة لا على الهمزة المحذوفة لأن حذف الألف لعلة تصريفية والمحذوف لعلة تصريفية كالثابت بخلاف الهمزة، فهي أحق من الهمزة بجعلها حرف الإعراب ويجوز ترك تنوينه للوصل بنية الوقف. قوله: "بسبب ملابسته" أشار بقوله بسبب إلى أن الباء سببية وبقوله ملابسته إلى أن في عبارة المصنف تقدير مضاف لأن السبب ليس وجود الألف والتاء ولو من غير ملابستهما للكلمة بل السبب ملابستهما لها وبهذا يستغنى عما أطال به البهوتي هنا من التعسف وبجعل الباء سببية يستغنى عن تقييد الألف والتاء بالزيادة لأنهما إنما يكونان سببًا في الجمعية إذا كانتا مزيدتين. قوله: "في الجر" إنما ذكره مع أنه جاء على الأصل والكلام في النيابة ولهذا لم يذكر الرفع للإشارة إلى أن النصب حمل على الجر. قوله: "معًا" منصوب على الحال وهي بمعنى جميعًا عند الناظم فلا تقتضي اتحاد الوقت فلا إشكال على مذهبه أما عند ثعلب وابن خالويه فتقتضي اتحاد الوقت بخلاف جميعًا وعلى هذا تكون معًا هنا مجازًا في مطلق الاجتماع بقرينة استحالة اجتماع النصب والجر في وقت واحد. قوله: "ليجري على سنن أصله" ولأنه لو لم يحمل نصبه على جره لزم مزية الفرع على الأصل. فإن قلت: قد تحملت مزية كون جمع المؤنث معربًا بالحركات فهلا تحملت تلك المزية أيضًا. قلت: تحملها ثم لغرض فقد هنا وهو دفع الثقل الناشئ من اجتماع الحرف والحركة ولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 كذا أولات والذي اسما قد جعل ... كأذرعات فيه ذا أيضًا قبل   جمع المذكر السالم في حمل نصبه على جره. وجوز الكوفيون نصبه بالفتحة مطلقًا، وهشام فيما حذفت لامه، ومنه قول بعض العرب: سمعت لغاتهم. ومحل هذا القول ما لم يرد إليه المحذوف فإن رد إليه نصب بالكسرة كسنوات وعضوات. تنبيه: إنما لم يعبر بجمع المؤنث السالم كما عبر به غيره ليتناول ما كان منه لمذكر كحمامات وسرادقات، وما لم يسلم فيه بناء الواحد نحو بنات وأخوات، ولا يرد عليه نحو أبيات وقضاة لأن الألف والتاء فيهما لا دخل لهما في الدلالة على الجمعية "كذ أولات" وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه يعرب هذا الإعراب إلحاقًا له بالجمع   يلزم من تحمل المحذور لغرض تحمله لا لغرض قاله شيخ الإسلام. وقوله: من اجتماع الحرف والحركة أي في جمع المذكر السالم لو أعرب بحركة على الواو والياء. قوله: "مطلقًا" أي حذفت لامه أولًا. قوله: "وهشام فيما حذفت لامه" لمشابهته المفرد حيث لم يجر على سنن الجموع في رد الأشياء إلى أصولها وجبر الحذف لامه. قوله: "سمعت لغاتهم" أي بفتح التاء وهو جمع لغة أصلها لغو أو لغى حذفت اللام وعوض هنا هاء التأنيث. قوله: "فإن رد إليه نصب بالكسرة" لانتفاء العلتين المذكورتين. قوله: "إنما لم يعبر بجمع المؤنث السالم إلخ" أجيب عمن عبر به بأنه صار علمًا في اصطلاحهم على ما جمع بألف وتاء مزيدتين. قوله: "وسرادقات" جمع سرادق وهو ما يمد فوق صحن البيت كما في القاموس. قوله: "نحو بنات وأخوات" لم ترد اللام في بنات وردت في أخوات حملًا لكل على جمع مذكره وهو أبناء وأخوة لعدم الرد في أبناء والرد في أخوة قاله البعض وفيه نظر لأنهم ردوا اللام في أبناء أيضًا لكنهم قلبوها همزة كما هو شأن الواو بعد الألف الزائدة كما في كساء إلا أن يقال لما غيرت عن أصلها كان كأنها لم ترد. قوله: "لا دخل لهما في الدلالة على الجمعية" بل الدلالة على الجمعية فيهما بالصيغة. قوله: "كذا أولات" أي مثل ما جمع بألف وتاء في إعرابه السابق أولات فقول الشارح يعرب هذا الإعراب بيان لوجه الشبه ولا يخفى أن المقصود لفظ أولات فيكون معرفة بالعلمية فإن اعتبرت مؤنثة لتأولها بالكلمة أو اللفظة منعت الصرف لاجتماع العلمية والتأنيث المعنوي وإن اعتبرت مذكرة لتأولها باللفظ أو الاسم صرفت وإنما لم تكن مؤنثة لفظًا لأن ما فيها تاء التأنيث والمانع للصرف هو هاء التأنيث كما سننقله عن شيخنا وبهذا يعرف ما في كلام البعض. وأصل أولات ألى بضم الهمزة وفتح اللام قلبت الياء ألفًا ثم حذفت لاجتماعها مع الألف والتاء المزيدتين فوزنه فعات قاله في التصريح، قال الروداني فيه إنه يلزم من زيادتهما أن يكون جمعًا حقيقيًا لا ملحقًا به وهو خلاف المفروض فالصواب أن وزنه فعلت بلا حذف اللام وما قيل لا يلزم من زيادتهما أن يكون جمعًا يدفعه أنا لم نجد زيادتهما في غير المفرد معنى إلا وهو جمع بخلاف المفرد نحو أرطاة وسعلاة وبهماة فلو كانتا زائدتين لكان جمعًا. ا. هـ. قوله: "لا واحد له من لفظه" بل من معناه وهو ذات فهو في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المذكور. قال تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْل} [الطلاق: 6] "والذي اسما قد جعل" من هذا الجمع "كأذرعات" اسم قرية بالشام. وذاله معجمة أصله جمع أذرعة التي هي جمع ذراع "فيه ذا" الإعراب "أيضًا قبل" على اللغة الفصحى ومن العرب من يمنعه التنوين ويجره وينصبه بالكسرة، ومنهم من يجعله كأرطاة علمًا فلا ينونه ويجره وينصبه بالفتحة. وإذا وقف عليه قلب التاء هاء. وقد روي بالأوجه الثلاثة قوله: 31- تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عالي   المؤنث نظير أولى في المذكر إلا أن أولى مختص بالعاقلين بخلاف أولات. قوله: "وإن كن" أصله كون بفتح الواو ثم نقل إلى فعل بالضم توصلًا لما يأتي ثم نقلت ضمة الواو إلى الكاف فسكنت الواو فاجتمع ساكنان فحذفت الواو لالتقاء الساكنين. قوله: "والذي اسمًا" أي علمًا لمذكر أو مؤنث كما في شرح التسهيل لابن عقيل لكن محل جواز منعه التنوين كما في اللغتين الأخريين إذا سمي به مؤنث فإن سمي به مذكر لم يمتنع التنوين لفقد التأنيث كما في التصريح وغيره. قال شيخنا: وإنما لم يجعل من التأنيث اللفظي لأن ما فيه تاء التأنيث والمانع من الصرف هو هاء التأنيث كما سيأتي. قوله: "كأذرعات" بكسر الراء وقد تفتح "قاموس". قوله: "أيضًا" أي كما قيل في أولات كذا قيل. ويبعده عدم وقوعه عقب قوله فيه مع أن حمله على هذا المعنى يؤدي إلى عدم فائدة له والمفيد الذي يقتضيه وقوعه عقب قوله ذا حمله على أن المعنى كما قيل فيه غير هذا الإعراب من الوجهين اللذين سيذكرهما الشارح. قوله: "قبل" أراد القبول القياسي لأنه إنما يتكلم في الأصول القياسية. ا. هـ. يس. قوله: "على اللغة الفصحى" المراعى فيها الحالة الأصلية فقط. وقال المرادي: إنما بقي تنوينه مع أن حقه منع الصرف للتأنيث والعلمية أي إذا كان علمًا على مؤنث لأن تنوينه ليس للصرف بل للمقابلة. ا. هـ. أي وتنوين المقابلة يجامع علتي منع الصرف. قوله: "من يمنعه التنوين" أي مراعاة للحالة الراهنة المقتضية منع تنوينه لاجتماع العلمية والتأنيث المعنوي وإن لم يكن تنوينه تنوين صرف بل مقابلة كما مر لأنه مشبه لتنوين الصرف في الصورة كما قاله شيخنا وغيره وبه يوجه ترك التنوين في الوجه الثالث وقوله: ويجره وينصبه بالكسرة أي مراعاة للحالة الأصلية. ففي هذه اللغة مراعاة الحالتين ومن كون المراعى في جره ونصبه بالكسرة الحالة الأصلية يعلم أن الكسرة في حال النصب نائبة عن الفتحة لا في حال الجر وإن ذكره شيخنا والبعض تبعًا للتصريح. قوله: "ومنهم من يجعله كأرطأة" والمراعى في هذه اللغة الحالة الراهنة فقط. قوله: "وإذا وقف عليه قلب التاء هاء" يعني فلا يرد أن المنع إنما هو مع هاء التأنيث لا مع تائه على أن التأنيث المعنوي موجود أيضًا. قوله: "تنورتها" أي نظرت بقلبي لا بعيني إلى نارها لشدة شوقي إليها وجملة وأهلها بيثرب   31- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص31؛ وخزانة الأدب 1/ 56؛ والدرر 1/ 82؛ ورصف المباني ص345؛ وسر صناعة الأعراب ص497؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 219؛ وشرح التصريح 1/ 83؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1359؛ وشرح المفصل 1/ 47؛ والكتاب 3/ 233؛ والمقاصد النحوية 1/ 169؛ والمقتضب 3/ 333؛ 4/ 38؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 69؛ وشرح ابن عقيل ص44؛ وشرح المفصل 9/ 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والوجه الثالث ممنوع عند البصريين جائز عند الكوفيين. تنبيه: قد تقدم بيان حكم إعراب المثنى إذا سمي به وأما المجموع على حده ففيه خمسة أوجه: الأول كإعرابه قبل التسمية به. والثاني أن يكون كغسلين في لزوم الياء والإعراب بالحركات الثلاث على النون منونة. والثالث أن يجري مجرى عربون في لزوم الواو والإعراب بالحركات على النون منونة. والرابع أن يجري مجرى هرون في لزوم الواو والإعراب على النون غير مصروف للعلمية وشبه المعجمة. والخامس أن تلزمه الواو وفتح   حالية وكذا جملة أدنى دارها إلخ ويثرب اسم لمدينة النبي صلى الله عليه وسلّم سميت باسم من نزلها من العماليق وقد ورد النهي عن تسميتها بيثرب ولأنه من التثريب وهو الحرج وأما قوله تعالى: {يَا أَهْلَ يَثْرِب} [الأحزاب: 13] فحكاية عمن قاله من المنافقين. وأدنى دارها مبتدأ ونظر عالي خبر والكلام على حذف مضاف إما من المبتدأ أي نظر أدنى دارها أو الخبر أي ذو نظر عالي. والمعنى أن نظر الأقرب من دارها إلى نظر عظيم فكيف بنظري نفس دارها. قوله: "جائز عند الكوفيين" هو الحق لوجود العلتين فيه وورود السماع به فلا وجه لمنعه. قوله: "قد تقدم" أي في الشرح أي وتقدم حكم إعراب المسمى بما جمع بألف وتاء في المتن وأورد عليه أنه تقدم في المتن حكم إعراب المسمى بجمع المذكر السالم حيث قال عليون ومقتضى كلام الشارح أنه لم يتقدم والجواب أن مراده أنه لم يتقدم بسائر أوجهه بل بوجه واحد وهو إعرابه كإعرابه قبل التسمية به. قوله: "كغسلين" هو ما يسيل من جلود أهل النار وشبه بغسلين دون حين لشبه الجمع بغسلين في كونه ذا زيادتين الياء والنون. قوله: "منونة" أي إن لم يكن أعجميًّا فإن كان أعجميًّا امتنع التنوين وأعرب إعراب ما لا ينصرف نحو قنسرين. ا. هـ. تصريح قال شيخنا: ومثله يقال فيما بعده والعجمة ليست بقيد بل مدار عدم التنوين على أن ينضم إلى العلمية مانع آخر كالعجمة والتأنيث المعنوي أفاده البعض وقد كتب الروداني على قول المصرح فإن كان أعجميًا إلخ ما نصه: هذا كلام ظاهري فإن ضمير كان عائد إلى ما سمي به من الجمع وما ألحق به وقنسرون وسائر الأعجميات ليس واحدًا منها بل هي أسماء مرتجلات لمسمياتها فلا بد من زيادة نوع من أنواع الملحقات بالجمع تركه الموضح وزاده الدماميني في شرح التسهيل وهو كل اسم وافق لفظه لفظ الجمع نكرة كان كياسمين أو علمًا كصفين ونصيبين وقنسرين وفلسطين فإنه يعرب إعراب الجمع للمشابهة اللفظية كما منعوا سراويل من الصرف لتلك المشابهة والأولى جعل عليين من هذا النوع. ا. هـ. ببعض تغيير وهو حسن جدًا طالما كان يلوح ببالي. قوله: "وشبه العجمة" لأن وجود الواو والنون في الأسماء المفردة من خواص الأسماء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 وجر بالفتحة ما لا ينصرف ... ما لم يضف أو يك بعد أل ردف   النون ذكره السيرافي. وهذه الأوجه مترتبة كل واحد منها دون ما قبله. وشرط جعله كغسلين وما بعده أن لا يتجاوز سبعة أحرف، فإن تجاوزها كاشهيبايين تعين الوجه الأول. قاله في التسهيل "وجر بالفتحة" نيابة عن الكسرة "ما لا ينصرف" وهو ما فيه علتان من علل تسع كأحسن، أو واحدة منها تقوم مقامهما كمساجد وصحراء كما سيأتي في بابه؛ لأنه شابه الفعل فثقل فلم يدخله التنوين لأنه علامة الأخف عليهم والأمكن عندهم، فامتنع الجر بالكسرة لمنع التنوين لتآخيهما في اختصاصهما بالأسماء ولتعاقبهما على معنى واحد   الأعجمية وقد نص بعضهم على أن نحو حمدون وسحنون يجوز فيه الصرف والمنع للعلمية وشبه العجمة كما في الشيخ يحيى. قوله: "أن تلزمه الواو وفتح النون" والإعراب بحركات مقدرة على الواو لا النون كما يفيده كلام التصريح حيث قاسه على المثنى عند من يلزمه الألف ويكسر نونه ويقدر الإعراب على الألف لا النون ويؤيده أنه لا معنى لتقدير الحركات على النون مع سهولة ظهورها عليها وما اعترض به من أنه يلزم تقدير الإعراب في وسط الكلمة يمكن دفعه بأن النون لما كانت في الأصل أعني في حالة الجمعية قبل التسمية عوضًا عن التنوين وهو إنما يلحق الآخر استصحب ذلك بعد التسمية فتكون الواو آخر الكلمة. قوله: "وجر" يحتمل كونه فعل أمر ناصبًا ما لا ينصرف على المفعولية فيكون مثلث الآخر وكونه ماضيًا مجهولًا رافعًا له بالنيابة عن الفاعل فيكون مفتوح الآخر يؤيد الأول لاحقه والثاني سابقه والمراد بالفتحة ما يشمل الظاهرة كأحمد والمقدرة كموسى وأورد اللفاني على قوله وجر بالفتحة إلخ أنه منقوض بما سمي به مؤنث من الجمع بألف وتاء والملحق به بناء على أنه معرب بإعراب أصله ويمكن دفعه بأنه علم استثناؤه من قوله سابقًا والذي اسمًا قد جعل إلخ فافهم. قوله: "وهو ما فيه علتان" العلة اصطلاحًا ما يترتب عليه الحكم والحكم هنا وهو منع الصرف إنما يترتب على اثنتين من التسع أو واحدة منها تقوم مقام اثنتين فالعلة في الحقيقة على الأول مجموع الاثنتين فتسمية كل منهما علة من تسمية الجزء باسم الكل أو أراد بالعلة ما يشمل العلة الناقصة. قوله: "لأنه شابه الفعل" أي في اجتماع علتين فرعيتين إحداهما لفظية والأخرى معنوية كما سيأتي بسط ذلك وهذا تعليل لقول المصنف: وجر إلخ ومحط التعليل قوله فامتنع الجر بالكسرة لمنع التنوين. قوله: "فامتنع الجر بالكسرة لمنع التنوين" فإذا نوّن للضرورة عاد الجر بالكسرة لأنه إنما امتنع تبعًا له وقد عاد فيعود وهذا ظاهر على القول بأن تنوين الضرورة تنوين صرف أما على القول بأنه تنوين آخر أتى به لمجرد الضرورة وهو الراجح فقيل: لا يجر بالكسرة بل بالفتحة مع التنوين الضروري وقيل يجر بالكسرة نظرًا إلى أنه بصورة تنوين الصرف. قوله: "ولتعاقبهما" أي تناوبهما على معنى واحد هو مطلق التمييز أعم من أن يكون نصًا أو احتمالًا وذلك أنك إذا قلت: عندي راقود خلا كان القصد المظروف نصًا لأن التمييز المنصوب على معنى من نصًا وإذا قلت: عندي راقود خل احتمل أن يكون خل تمييزًا على معنى من فيكون القصد المظروف وأن تكون إضافة راقود إليه على معنى اللام فيكون القصد الظرف ووجه تعاقبهما أن راقودًا إن نوّن لم يجر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   في باب راقود خلا وراقود خل، فلما منعوه الكسرة عوضوه منها الفتحة نحو: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: 86] وهذا "ما لم يضف أو يك بعد أل ردف" أي تبع فإن أضيف أو تبع أل ضعف شبه الفعل فرجع إلى أصله من الجر بالكسرة نحو: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} [التين: 4] {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] ، ولا فرق في أل بين المعرفة كما مثل والموصولة نحو: "كالأعمى والأصم" وقوله: 32- وما أنت باليقظان ناظره إذا ... نسيت بمن تهواه ذكر العواقب بناء على أن أل توصل بالصفة المشبهة وفيه ما سيأتي. والزائدة كقوله: 33- رأيت الوليد بن اليزيد مباركا   خلّ بل ينصب تمييزًا وإلا جر بإضافة راقود إليه إضافة المميز إلى التمييز والراقود دنّ طويل يطلى داخله بالقار وهو معرب كما في زكريا. قوله: "نحو فحيوا بأحسن منها" تمثيل للجر بالفتحة وقوله سابقًا كأحسن وكمساجد صحراء تمثيل لذي العلتين وذي العلة. قوله: "ما لم يضف إلخ" أي مدة عدم الإضافة والردف لأل لأن النفي مع العطف بأو يفيد نفي كل نحو: {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة} [البقرة: 236] ، قاله سم فهو من عموم السلب. قوله: "ردف" ليس حشوًا لأن البعدية لا تقتضي الاتصال. ا. هـ. يس. قوله: "فإن أضيف" أي إلى ظاهر نحو مررت بأفضلكم أو مقدر نحو: ابدأ بذا من أول في رواية الكسر بلا تنوين على نية لفظ المضاف إليه شنواني. قوله: "ضعف شبه الفعل" أي لمصاحبته خاصة الاسم المؤثرة في معناه وهي أل أو الإضافة لاختصاصهما بالاسم وتأثيرهما في معناه التعريف أي في الجملة فلا ترد أل الزائد والإضافة اللفظية وبقولنا المؤثرة في معناه يندفع الاعتراض بأن مقتضى التعليل جر ما لا ينصرف بالكسرة إذا صحب حرف الجر لأنه من خصائص الاسم. قوله: "وما أنت" في بعض النسخ ما أنت فيكون في البيت الخرم بخاء معجمة فراء وهو حذف أول البيت والناظر يطلق كثيرًا على إنسان العين والمراد به هنا القلب بدليل الشرط. قوله: "بناء" بالنصب مفعول لأجله لمحذوف أي ومثلنا بالأعمى والأصم واليقظان لأنا   32- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 1/ 215. 33- تمام البيت: شديدًا بأحناء الخلافة كاهله وهو من الطويل، وهو لابن ميادة في ديوانه ص192؛ وخزانة الأدب 2/ 226؛ والدرر 1/ 87؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 451؛ وشرح شواهد الشافية ص12؛ وشرح شواهد المغني 1/ 164؛ ولسان العرب 3/ 200 "يد"؛ والمقاصد النحوية 1/ 218، 509؛ ولجرير في لسان العرب 8/ 393 "وسع"؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 322؛ والأشباه والنظائر 1/ 23، 8/ 306؛ والإنصاف 1/ 317؛ وأوضح المسالك 1/ 73؛ وخزانة الأدب 7/ 247؛ 9/ 442؛ وشرح التصريح 1/ 153؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 36؛ وشرح قطر الندى ص53؛ ومغني اللبيب 1/ 52؛ وهمع الهوامع 1/ 24. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ومثل أل إذا في لغة طيئ كقوله: 34- أإن شمت من نجد بريقا تألقا ... تبيت بليل أم أرمد اعتاد أو لقا تنبيهان: الأول ما الأولى موصولة والثانية حرفية، وهي ظرفية مصدرية أي مدة كونه غير مضاف ولا تابع لأل الثاني ظاهر كلامه أن ما لا ينصرف إذا أضيف أو تبع أل يكون باقيًا على منعه من الصرف هو اختيار جماعة. وذهب جماعة منهم المبرد والسيرافي وابن السراج إلى أنه يكون منصرفًا مطلقًا وهو الأقوى. واختار الناظم في نكته على مقدمة ابن الحاجب أنه إذا زالت منه علة فمنصرف نحو بأحمدكم، وإن بقيت العلتان فلا نحو   بنينا على إلخ أو مفعول مطلق لمحذوف أي والتمثيل به بني بناء أو الرفع خبر محذوف أي والتمثيل به بناء على إلخ أي مبني. قوله: "أإن شمت إلخ" يحتمل أن تكون أن مصدرية حذفت قبلها لام التعليل وأن تكون شرطية أتى بجوابها مرفوعًا لأن فعل الشرط ماضٍ والاستفهام للتقرير وشمت بكسر الشين المعجمة أي نظرت. وبريقًا تصغير برق وتألق لمع والأولق الجنون وجملة اعتاد أو لقا حال من المضاف إليه أو نعت له لأنه نكرة في المعنى كما في: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] كذا قال العيني وتبعه غيره وفي الحالية نظر لعدم شرط مجيء الحال من المضاف إليه. قوله: "ظاهر كلامه" إنما كان ظاهر كلامه البقاء على المنع لأن الضمير في يضف وما بعده يرجع إلى ما لا ينصرف ومفهومه أنه إذا أضيف ما لا ينصرف أو تبع أل جر بالكسرة ولا شك أن المحكوم عليه في هذا المفهوم ما لا ينصرف. قوله: "وهو اختيار جماعة" هو مبني على أن الصرف هو التنوين فقط وهو مفقود مع أل والإضافة وإنما جر بالكسرة لأمن دخول التنوين فيه قاله في الهمع وظاهر صنيع الشارح أن هؤلاء يقولون بالمنع وإن زالت منه علة ولا وجه له إلا الاستصحاب. قوله: "وذهب جماعة إلخ" يحتمل أن القائل بهذا المذهب يقول الصرف هو التنوين ولم يظهر لوجود أل أو الإضافة ويحتمل أن يقول هو الجر بالكسرة فقول شيخنا والبعض إنه مبني على أن الصرف هو الجر بالكسرة إن كان مستنده أن الواقع أن هؤلاء يقولون إن الصرف هو الجر بالكسرة فمسلم وإن كان استنباطًا فلا. قوله: "مطلقًا" أي وزالت منه علة أو لا. قوله: "وهو الأقوى" التحقيق تفصيل الناظم. قوله: "إذا زالت منه علة" أي بأن كانت إحدى علتيه العلمية لأن العلم لا يضاف ولا تدخل عليه أل حتى ينكر. قوله: "فمنصرف" أي ولم يظهر   34- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 3/ 92، 96، والخصائص 2/ 396؛ والدرر 3/ 88؛ ولسان العرب 7/ 426 "وسط"، 12/ 103 "جلم" ونوادر أبي زيد ص163؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 201. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 واجعل لنحو يفعلان النونا ... رفعا وتدعين وتسألونا   بأحسنكم. ولما فرغ من مواضع في الاسم شرع في مواضعهما في الفعل فقال "واجعل لنحو يفعلان" أي من كل فعل مضارع اتصل به ألف اثنين اسمًا أو حرفًا "النونا رفعا" الأصل علامة رفع فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، يدل على ذلك ما   التنوين لوجود أل أو الإضافة. قوله: "واجعل لنحو يفعلان إلخ" إنما أعربت هذه الأمثلة بالحرف لمشابهة فعل الاثنين مثنى الاسم وفعل الجماعة مجموعه فأجريا مجراهما في الإعراب بالحرف وحمل على الفعلين فعل المخاطبة لمشابهته لهما ولأنها لو أعربت بالحركات لكانت إما مقدرة على الضمائر أو على ما قبلها ولا سبيل إلى الأول لأن الضمائر كلمات في ذاتها ولا يقدر إعراب كلمة على كلمة أخرى ولا إلى الثاني لأن ضمائر الرفع المتصلة شديدة الاتصال بالأفعال فكأن ما قبلها حشو والإعراب لا يقع حشوا ولمن يعربها بحركات مقدرة على ما قبل الضمائر أن يقول إن سلم أن ما قبلها كالحشو لا يسلم أن الإعراب لا يكون على ما هو كالحشو وبدليل أن البناء الذي هو نظير الإعراب يكون على ما هو كالحشو نحو ضربت وضربوا فافهم ولم يكن حرف إعرابها الألف والواو والياء الموجودات لأنها أسماء والأسماء لا تكون حروف إعراب وأيضًا لو كانت إعرابًا لأذهبها الجازم كما في سائر حروف العلة ولا حرف علة آخر لوجوب حذفه لالتقائه ساكنًا مع الضمائر الساكنة وكان حرف إعرابها النون لمشابهتها حروف العلة لأنها تدغم في الواو نحو من وأل وفي الياء نحو ومن يقنت وتبدل ألفًا في الوقف على المنصوب المنون في اللغة المشهورة وفي الوقف على المؤكد بنون التوكيد الخفيفة التالية فتحًا وفي الوقف على إذن وجاز وقوع علامة الإعراب بعد الفاعل لأنه هنا ضمير رفع متصل وهو كالجزء وقد تحذف هذه النون في حالة الرفع وجوبًا فتقدر كما في نحو هل تضربان هل تضربن يا زيدون وهل تضربن يا هند وجوازًا بكثرة في الفعل المتصل بنون الوقاية نحو تأمروني بناء على الصحيح من أن المحذوف نون الرفع لا نون الوقاية وإذا لم تحذف جاز الفك والإدغام وبالأوجه الثلاثة قرئ تأمروني وبقلة في غير ذلك نحو: أبيت أسرى وتبيتي تدلكي ... وجهك بالعنبر والمسك الذكي وفي الحديث "والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا" الأصل لا تدخلون ولا تؤمنون وقرئ: {قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا} [القصص: 48] أي يتظاهران فأدغم التاء في الظاء وحذف النون كذا في التصريح وغيره لكن قال الدماميني وشارح الجامع إنه شاذ وقال في الهمع لا يقاس عليه في الاختيار. قوله: "ألف اثنين" أي شخصين سواء كانا مخاطبين أو مخاطبتين أو غائبين أو غائبتين. قوله: "اسمًا" بأن كانت ضميرًا فاعلًا نحو الزيدان يفعلان وقوله أو حرفًا أي دالًّا على التثنية نحو فعلان الزيدان على لغة أكلوني البراغيث. قوله: "الأصل علامة رفع" دفع بتقدير المضاف عدم تناسب كلامي المصنف لأنه جعل أوّلًا النون إعرابًا وثانيًا الحذف علامة إعراب والمناسب جعلهما معًا إعرابًا أو علامة إعراب وأرجع ما هنا إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 وحذفها للجزم والنصب سمه ... كلم تكوني لترومي مظلمه   بعده؛ والتقديد اجعل النون علامة الرفع لنحو يفعلان "و" لنحو "تدعين" من كل مضارع اتصل به ياء المخاطبة "وتسألونا" من كل مضارع اتصل به واو الجمع اسمًا أو حرفًا. فالأمثلة خمسة على اللغتين وهي يفعلان وتفعلان وتفعلون ويفعلون وتفعلين، فهذه الأمثلة رفعها بثبات النون نيابة عن الضمة "وحذفها" أي النون "للجزم والنصب سمه" أي علامة   ما سيأتي من قوله: وحذفها إلخ ولم يعكس مع أن في العكس التأويل وقت الحاجة لا قبلها لبعد التأويل في الثاني بحمل الجزم والنصب على المعنى المصدري الذي هو فعل الفاعل لأنهما لا يطلقان اصطلاحًا بهذا المعنى دون التأويل في الأول ولا ينافي التأويل في الأول مذهب المصنف من كون الإعراب لفظيًّا كما قيل لما قدمه الشارح من أنه لا منافاة بين جعل الشيء إعرابًا وجعله علامة إعراب لأن جعله إعرابًا من حيث عموم كونه أثرًا جلبه عامل وجعله علامة إعراب من حيث خصوصه فاندفع ما أطال به البعض. قوله: "اتصل به ياء المخاطبة" ترك التعميم هنا لأنها لا تكون إلا اسمًا. قوله: "واو الجمع" المراد الجمع بالمعنى اللغوي وهو الجماعة ليدخل نحو زيد وعمرو وبكر يفعلون وفي نسخ واو الجماعة وهي ظاهرة. قوله: "فالأمثلة خمسة" تفريع على ما يفيده تعميم الشارح في الفعل حيث قال من كل فعل إلخ ويشعر به بدء المصنف الفعل تارة بالياء وتارة بالتاء من ثبوت الأمرين لا على تعميمه في ألف الاثنين وواو الجماعة بقوله اسمًا أو حرفًا لأن المعروف أن عدّها خمسة باعتبار بدء يفعلان تارة بالياء وتارة بالتاء لا باعتبار اسمية الألف والواو وحرفيتهما ويدل على ما ذكرناه قوله وهي يفعلان وتفعلان إلخ فقوله: خمسة على اللغتين أي جارية على كل من اللغتين وإن كان الاختلاف بين اللغتين في غير تفعلون بالفوقية وتفعلين ومراده باللغتين لغة من يجرد الفعل المسند إلى اثنين أو جماعة من العلامة ولغة من يلحقها به. وهذه الخمسة بالتفصيل عشرة باعتبار أن تضربان بالفوقية يصلح للمخاطبين والمخاطبتين والغائبتين والألف في الأولين اسم فقط وفي الثالث تكون اسمًا وحرفًا ويضربان بالتحتية للغائبين فقط اسمًا أو حرفًا فهذه ستة ويضربون بالتحتية للغائبين اسمًا أو حرفًا وتضربون بالفوقية للمخاطبين اسمًا فقط والعاشرة تضربين وإن نظر إلى تغليب المذكر على المؤنث أو الحاضر على الغائب والعكس وإلى كون المؤنث حقيقي التأنيث أو مجازيه زاد العدد وسمى يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين أمثلة لأنه ليس المقصود هي بخصوصها بل هي وما ماثلها في اتصال الألف أو الواو أو الياء. فائدة: إذا قلت: هما تفعلان تعني امرأتين فهل يفتتح الفعل بتاء فوقية حملًا للمضمر على المظهر ورعيًا للمعنى أو بياء تحتية رعيًا للفظ فإن هذا اللفظ يكون للمذكرين الأول قول ابن أبي العافية تلميذ الأعلم وهو الراجح الذي ورد به السماع والثاني قول ابن الباذش قاله الدماميني. قوله: "بثبات النون" أي بثبوتها أي بالنون الثابتة لكن عبر بذلك لتكون المقابلة بقوله وحذفها إلخ أتم وهذه النون تكسر مع الألف وتفتح مع الواو والياء تشبيهًا بنون المثنى والجمع وقد تفتح مع الألف أيضًا قرئ: {أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَج} [الأحقاف: 17] ، بفتحها وذكر ابن فلاح في المعنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 وسم معتلا من الأسماء ما ... كالمصطفى والمرتقى مكارما   نيابة عن السكون في الأول وعن الفتحة في الثاني "كلم تكوني لترومي مظلمه" الأصل تكونين وترومين، فحذفت النون للجازم في الأول وهو لم، وللناصب في الثاني وهو أن المضمرة بعد لام الجحود. تنبيهان: الأول قدم الحذف للجزم لأنه الأصل والحذف للنصب محمول عليه، وهذا مذهب الجمهور. وذهب بعضهم إلى أن إعراب هذه الأمثلة بحركات مقدرة على لام الفعل. الثاني إنما ثبتت النون مع الناصب في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237] لأنه ليس من هذه الأمثلة إذ الواو فيه لام الفعل والنون ضمير النسوة والفعل معها مبني مثل يتربصن ووزنه يفعلن بخلاف الرجال يفعون فإنه من هذه الأمثلة، وإذ واوه ضمير الفاعل ونونه علامة الرفع تخذف للجازم والناصب نحو: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237] ووزنه تفعوا، وأصله تعفووا. ولما فرغ من بيان إعراب الصحيح من القبيلين شرع في بيان إعراب المعتل منهما وبدأ بالاسم فقال: "وسم معتلا من الأسماء ما" أي   أنها تضم أيضًا قرىء شاذًّا: {لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِه} [يوسف: 37] بضمها قاله الروداني. قوله: "وحذفها للجزم إلخ" وقد تحذف حيث لا ناصب ولا جازم كما مر. قوله: "مظلمه" بفتح اللام على القياس وكسرها على الكثير. قوله: "لأنه الأصل" أي الحذف للجزم أصل للحذف للنصب وإنما كان أصلًا لمناسبة الحذف للسكون الذي هو الأصل الأصيل في الجزم ووجه المناسبة كون كل عدم شيء فالسكون عدم الحركة والحذف عدم الحرف تأمل. قوله: "والحذف للنصب محمول عليه" كما حمل النصب على الجر في المثنى والجمع على حده لأن الجزم نظير الجر في الاختصاص. قوله: "وهذا" أي إعراب تلك الأمثلة بثبوت النون رفعًا وحذفها جزمًا ونصبًا مذهب الجمهور إلخ ولو قدمه الشارح على التنبيه لكان أليق. قوله: "بحركات مقدرة على لام الفعل" منع من ظهورها حركة المناسبة أي وثبوت النون أو حذفها دليل على ذلك المقدر. ا. هـ. دماميني فالحذف عند الجازم فرقا بين صورتي المجزوم والمرفوع لا به والجازم إنما حذف الحركة المقدرة وكالجازم الناصب والمراد الحركات وجودًا أو عدمًا ليدخل السكون. قوله: "بخلاف الرجال يعفون" أي في الأمور الأربعة المذكورة لكن لم يصرح بكون الفعل في هذا معربًا اكتفاء بدلالة قوله علامة الرفع على الإعراب. قوله: "تعفووا" أي بواوين الأولى لام الفعل والثانية ضمير الفاعل استثقلت الضمة على الأولى فحذفت ثم الأولى لالتقاء الساكنين وخصت بالحذف لكونها جزء كلمة بخلاف الثانية فكلمة عمدة. قوله: "وبدأ بالاسم" لكن في ابتدائه بالاسم فصل بين النظائر وهي أبواب النيابة ولهذا قدم الموضح الفعل المعتل. قوله: "معتلًا" مفعول ثان وما مفعول أول والمعتل عند النحاة ما آخره حرف علة وعند الصرفيين ما فيه حرف علة أولًا أو وسطًا أو آخرًا كالوعد ووعد وكالبيع وباع وكالفتى والرمي ويغزو ويسمى الأول مثالًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الاسم المعرب الذي حرف إعرابه ألف لينة لازمة "كالمصطفى" وموسى والعصا، أو ياء لازمة قبلها كسرة كالداعي "والمرتقي مكارما". تنبيه: إنما سمي كل من هذين الاسمين معتلًا لأن آخره حرف علة، أو لأن الأول يعل آخره بالقلب إما عن ياء نحو الفتى، أو عن واو نحو المصطفى. والثاني يعل آخره بالحذف، فخرج بالمعرب نحو متى والذي، وبذكر الألف في الأول والمنقوص نحو   لمماثلته الصحيح في عدم إعلال الماضي واسمي الفاعل والمفعول والثاني أجوف وذا الثلاثة لأنه في الحكاية عن النفس بالماضي على ثلاثة أحرف كقلت وبعت والثالث ناقصًا ومنقوصًا لنقص حرفه الأخير وقفًا وجزمًا من بعض أفراده كأغز ولم يغز ونقص الإعراب كلا أو بعضًا من بعض آخر كالفتى ويغزو وذا الأربعة لأنه في الحكاية على أربعة كدعوت والمعتل بالفاء والعين ولا يكون في الفعل أو بالعين واللام لفيف مقرون أو بالفاء واللام لفيف مفروق ومعتل الثلاثة نادر كالواو والصحيح إن سلم من التضعيف والهمز فسالم وإلا فلا فكل سالم صحيح ولا عكس. قوله: "الذي حرف إعرابه ألف إلخ" دخل فيه المثنى على لغة من يلزمه الألف. قوله: "لينة" لم يكتف بكون الألف عند الإطلاق تنصرف إلى اللينة لأن توهم الشمول قائم والمطلوب في التعاريف الإيضاح. قوله: "لازمة" أي في الأحوال الثلاثة لفظًا أو تقديرًا كما في المقصور المنون واعترض بأنه لا يشمل الألف المنقلبة عن الهمزة كالمقرإ اسم مفعول من أقرأه الكتاب لعدم لزومها إذ يجوز النطق بدلها بالهمزة أي التي هي الأصل. وأجيب بأن إبدال الهمزة المتحركة من جنس حركة ما قبلها شاذ والشاذ لا يعترض به ومثل هذا الاعتراض والجواب يجري في قوله ياء لازمة. قوله: "كالمصطفى وموسى والعصا" أشار بتعداد الأمثلة أنه لا فرق بين العربي والعجمي ولا بين العاقل وغيره. قوله: "كالداعي والمرتقي" أشار بزيادة الداعي إلى أنه لا فرق بين الثلاثي والمزيد أو إلى أنه لا فرق بين ما ياؤه أصلية كالمرتقي أو منقلبة عن واو كالداعي ولم يذكر المصنف في معتل الأسماء ما آخره واو كما ذكره في معتل الأفعال لأنه لا يوجد اسم معرب عربي آخره أصالة واو لازمة فلا يرد الاسم المبني كذو الطائية والأعجمي قال في الهمع: كهندو ورأيت بخط ابن هشام السمندو. ا. هـ. وما واوه عارضة التطرف نحو يأثمو مرخم ثمود أو غير لازمة كالأسماء الستة حالة الرفع. قوله: "مكارمًا" منصوب على المفعولية أو التمييز المحول عن الفاعل أو الظرفية المجازية. قوله: "يعل" أي بغير آخره بالقلب أي دائمًا فلا يرد أن الثاني قد يعل آخره بالقلب كما في الداعي فإن ياءه منقلبة عن واو كما مر. قوله: "والثاني يعل آخره بالحذف" أي حذف يائه للتنوين وفيه أن الأول يعل آخره بحذف الألف للتنوين أيضًا. قوله: "فخرج بالمعرب" لم يخرج من معتل الأسماء بالاسم الفعل والحرف كيخشى وعلى ويرمي وفي نظرًا إلى أن شأن الجنس أن لا يخرج به وبعضهم أخرجهما به نظرًا إلى أن الجنس إذا كان بينه وبين فصله عموم وجهي كما هنا قد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 فالأول الإعراب فيه قدرا ... جميعه وهو الذي قد قصرا والثان منقوص ونصبه ظهر ... ورفعه ينوى كذا أيضًا يجر   المرتقي، وبذكر اللينة المهموز نحو الخطأ، وبذكر الياء في الثاني المقصور نحو الفتى، وبذكر اللزوم فيهما نحو رأيت أخاك وجاء الزيدان في الأول، ومررت بأخيك وغلاميك وبنيك في الثاني، وباشتراط الكسرة قبل الياء نحو ظبي وكرسي "فالأول" وهو ما كان كالمصطفى "الإعراب فيه قدرا جميعه" على الألف لتعذر تحريكها "وهو الذي قد قصرا" أي سمي مقصورًا، والقصر الحبس، ومنه: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72] أي محبوسات على بعولتهن، وسمي بذلك لأنه محبوس عن المد أو عن ظهور الإعراب "والثان" وهو ما كان كالمرتقي "منقوص" سمي بذلك لحذف لامه للتنوين، أو لأنه نقص منه ظهور بعض الحركات "ونصبه ظهر" على الياء لخفته نحو رأيت المرتقي   يخرج بكل ما دخل في الآخر وفيه أن الحرف لم يدخل في المعرب كما لم يدخل في الاسم. قوله: "وغلاميك" لا يقرأ بصيغة الجمع للاستغناء به حينئذٍ عما بعده ولأن الغلام ليس علمًا ولا صفة بل بصيغة التثنية واعتراض شيخنا والبعض عليه بأن المثنى خارج باشتراط الكسرة يرده أن اشتراط الكسرة متأخر عن اشتراط اللزوم وإنما الإخراج بالسابق. قوله: "نحو ظبي وكرسي" مما آخره ياء قبلها ساكن صحيح أو معتل. قوله: "جميعه" إما تأكيد للضمير في قدرًا العائد إلى الإعراب أو نائب فاعل قدرًا وتأكيد للإعراب ولا يضر الفصل بما توسط بينهما لكونه معمولًا للمؤكد فهو على حد: {وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُن} [الأحزاب: 51] لكن الفاصل في الآية معمول لعامل المؤكد ويستثنى من تقدير الكسرة حال الجر ما لا ينصرف حال الجر فإنه إنما يقدر فيه الفتحة خلافًا لابن فلاح معللًا بأنه لا ثقل مع التقدير كما قاله سم. قوله: "على الألف" موجودة كالفتى ومقدرة كفتى. قوله: "والقصر" أي في اللغة. قوله: "لأنه محبوس عن المد" أي الفرعي وهو الزائد على المد الطبيعي ووجه التسمية لا يوجبها فلا يعترض على هذا التعليل بوجوده في نحو يخشى ولا على الثاني بوجوده في نحو غلامي على أنه قد يقال: المراد الحبس الذاتي عن ظهور الحركات والحبس عنه في نحو غلامي ليس ذاتيًا. قوله: "لحذف لامه" لا يرد عليه حذف لام المقصور للتنوين ولا على الثاني نحو يدعو ويرمي كما مر. قوله: "ونصبه ظهر على الياء" ما لم تكن الياء آخر الجزء الأول من مركب مزجي أعرب إعراب المتضايفين نحو معه بكرب وقالي قلا فتسكن ولا تظهر عليها الفتحة قال في همع الهوامع بلا خلاف استصحابًا لحكمها حالة البناء وحالة منع الصرف ووجه ذلك الرضي بأن هذه الإضافة ليست حقيقية بل شبهت الكلمتان بالمتضايفين من حيث إن أحدهما عقب الأخرى لكن في حواشي شيخنا عن سم أن الدماميني نقل عن البسيط وشرح الصفار جواز فتح الياء وإسكانها. قوله: "لخفته" لكونه فتحًا غير لازم للياء بخلاف الفتح في نحو يبيع ورمي فإنه للزومه الياء لو أبقى استثقل فقلبت الياء ألفًا فاندفع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 وأي فعل آخر منه ألف ... أو واو أو ياء فمعتلا عرف   ومرتقياه: {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الاحقاف: 31] {دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} [الأحزاب: 46] "ورفعه ينوى" على الياء ولا يظهر نحو: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} [القمر: 6] {لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الياء الموجودة أو المحذوفة و"كذا أيضًا يجر" بكسر منوي نحو: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاع} [البقرة: 186] و {أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ} . وإنما لم يظهر الرفع والجر استثقالا لا تعذرًا لإمكانهما. قال جرير: 35- فيوما يوافين الهوى غير ماضي وقال الآخر: 36- لعمرك ما تدري متى أنت جائي ... ولكن أقصى مدة العمر عاجل تنبيه: من العرب من يسكن الياء في النصب أيضًا. قال الشاعر: 37- ولو أن واش باليمامة داره ... وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا قال أبو العباس المبرد وهو من أحسن ضرورات الشعر؛ لأنه حمل حالة النصب على حالتي الرفع والجر "وأي فعل" كان "آخر منه ألف" نحو يخشى "أو واو" نحو يدعو "أو   استشكال الفرق فتأمل. قوله: "ورفعه ينوي" عبر هنا بالنية وسابقًا بالتقدير للتفنن. قوله: "ولا يظهر" فائدته بعد قوله ينوي دفع توهم أن المراد ينوي جوازًا. قوله: "بكسر منويّ" أي إذا كان منصرفًا وإلا قدرت الفتحة حال الجر. قوله: "غير ماضي" أي وفاء غير نافذ بل مقطوع. قوله: "ولو أن واش إلخ" واش اسم أن منصوب بفتحة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين منع من ظهورها السكون العارض من إجراء المنصوب مجرى المرفوع والمجرور. قوله: "وهو من أحسن ضرورات الشعر" الأصح جوازه في السعة بدليل قراءة جعفر الصادق من أوسط ما تطعمون أهاليكم بسكون الياء. قوله: "وأي فعل" أي مضارع ولم يقيد به   35- تمام البيت: ويومًا ترى منهن غولا تغول من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص140؛ وخزانة الأدب 8/ 358؛ والخصائص 3/ 159؛ وشرح المفصل 10/ 101؛ والكتاب 3/ 314؛ ولسان العرب 11/ 507 "غول"، 15/ 283 "مض"؛ والمقاصد النحوية 1/ 227؛ والمقتضب 1/ 144؛ والمنصف 2/ 114؛ ونوادر أبي زيد ص203؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 10/ 104؛ والمقتضب 3/ 354؛ والممتع في التصريف 2/ 556؛ والمنصف ص637. 36- البيت في الطويل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 729؛ وتذكرة النحاة ص637. 37- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص233؛ وخزانة الأدب 10/ 484؛ وشرح شواهد الشافية ص71، 4105؛ وشرح شواهد المغني 2/ 698؛ وبلا نسبة في بغية الوعاة 1/ 289؛ والدرر 1/ 166؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 177، 183؛ وشرح المفصل 6/ 51؛ ومغني اللبيب 1/ 289؛ وهمع الهوامع 1/ 53. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 فالألف انو فيه غير الجزم ... وأبد نصب ما كيدعو يرمي   ياء" نحو يرمي "فمعتلا عرف" أي شرط، وهو مبتدأ مضاف وفعل مضاف إليه، وكان بعده مقدرة، وهي إما شانية وآخر منه ألف جملة من مبتدأ وخبر خبرها مفسرة للضمير المستتر فيها، أو ناقصة وآخر اسمها وألف خبرها ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة، وعرب جواب الشرط وفيه ضمير مستكن نائب عن الفاعل على فعل وخبر المبتدأ جملة الشرط وقيل: هي وجملة الجواب معًا، وقيل: جملة الجواب فقط. ومعتلا حال منه مقدم على عامله. والمعنى أي فعل كان آخره حرفًا من الأحرف المذكورة فإنه يسمى معتلا "فالألف انو فيه غير الجزم" وهو الرفع والنصب نحو زيد يسعى ولن يخشى لتعذر الحركة على الألف، والألف نصب بفعل مضمر يفسره الفعل الذي بعده "وأبد" أي أظهر نصب ما" آخره، واو "كيدعو" أو ياء نحو "يرمي" لخفة النصب. وأما قوله: 38- أبي الله أن أسمو بأم ولا أب   لأن الكلام في المعرب. قوله: "وكان بعده مقدرة" جواب عما يقال أداة الشرط لا تدخل على الجملة الإسمية لكن اعترض بأن الفعل لا يحذف بعد أداة الشرط غير أن ولو إلا إن كان مفسرًا بفعل بعده كما نص عليه ابن هشام في شرح بانت سعاد اللهم إلا أن يكون ذلك في غير الضرورة. قوله: "إما شأنية" أي إما ناقصة شأنية أي اسمها ضمير الشأن وقوله: أو ناقصة أي غير شانية ففي عبارته شبه احتباك فاندفع الاعتراض بأن الشأنية من الناقصة على الأصح فلا تحسن مقابلتها بها وفي بعض النسخ أو غير شأنية والأمر عليها ظاهر. قوله: "جملة من مبتدأ وخبر خبرها" فهي في محل نصب وقولهم الجملة المفسرة لا محل لها في مفسرة العامل لا ضمير الشأن. قوله: "وألف خبرها" وعلى هذا فقوله أو واو أو ياء خبر مبتدأ محذوف أي أو هو واو أو ياء فلا إشكال في رفعه. قوله: "وخبر المبتدأ جملة الشرط" هذا هو الراجح وتوقف الفائدة على الجواب من حيث التعليق لا من حيث الخبرية قاله في المغني. قوله: "حال منه" أي من الضمير المستكن في عرف وهذا على المتبادر من عدم جعل عرف بمعنى علم فإن جعل بمعنى علم فهو مفعوله الثاني وهذا أولى لأن القصد علم كونه معتلًا لا معرفة ذات مقيدة به. قوله: "والمعنى إلخ" لا يخفى أنه حل معنى لا حل إعراب فلا يقال مقتضى حله أن كان غير شأنية وأن معتلًا مفعول عرف بمعنى سمى. قوله: "والألف نصب إلخ" ويجوز رفعه لكنه خلاف المختار كما سيعلم من باب الاشتغال. قوله: "يفسره" أي معنى لا لفظًا والتقدير أقصد الألف أو أعتبر أو   38- صدر البيت: فما سودتني عامر في وراثة وهو من الطويل. وهو لعامر بن الطفيل في الحيوان 2/ 95، وخزانة الأدب 8/ 343، 345، 348؛ وشرح شواهد الشافية ص404؛ وشرح المغني ص953؛ وشرح المفصل 10/ 101؛ والشعر والشعراء ص343، ولسان العرب 11/ 593 "كلل" والمقاصد النحوية 1/ 242؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 185؛ والخصائص 2/ 342؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 183؛ والمحتسب 1/ 127؛ ومغني اللبيب ص677. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 والرفع فيهما انو واحدف جازما ... ثلاثهن تقض حكما لازما   وقوله: 39- ما أقدر الله أن يدني على شحط ... من داره الحزن ممن داره صول فضرورة "والرفع فيهما" أي الواوي واليائي "انو" لثقله عليهما "واحدف جازمًا ثلاثهن" وأبق الحركة التي قبل المحذوف دالة عليه "تقض حكما لازمًا" نحو لم يخش   لابس. قوله: "أبى الله إلخ" يعني أن علوه وسيادته من نفسه لاتصافه بالأوصاف الحميدة لا أنها وراثة من آبائه. قوله: "ما أقدر الله أن يدني على شحط من داره الحزن ممن داره صول" ما تعجبية وعلى بمعنى مع والشحط بشين معجمة فحاء مهملة مفتوحتين البعد. والحزن بفتح المهملة فسكون الزاي موضع ببلاد العرب وصول بضم الصاد المهملة ضيعة من ضياع جرجان كذا في شرح الشواهد للعيني والذي في القاموس أنه قرية بصعيد مصر وهذا الشاهد ساقط في كثير من النسخ. قوله: "ثلاثهن" من إضافة الصفة إلى الموصوف وإنما جاز حذف الآخر في الجزم وليس علامة الرفع قال الرضي: لأن شأن الجازم عندهم حذف الرفع الذي في الآخر والرفع الذي فيه محذوف للاستثقال أو التعذر قبل دخول الجازم فلما دخل لم يجد في الآخر إلا حرف العلة مشابها للحركة فحذفه. ومذهب سيبويه أن الجازم حذف الحركة المقدرة وحرف العلة حذف عند الجازم لا به فرقًا بين صورة المجزوم والمرفوع وكلام المصنف محتمل لهذا المذهب أيضًا وإنما لم يلحق النصب بالجزم في الفعل المعتل كما ألحق به في الأفعال الخمسة لأنه إنما ألحق به ثم لتعذر الإعراب بالحركة بخلافه هنا فأعرب نصبًا بالحركة على الأصل وقولنا بخلافه هنا هو باعتبار الغالب فلا ينافي أن ما آخره ألف من المعتل متعذر الحركة فتأمل. وقال بعضهم: إنما ثبتت ألف نحو يخشى نصبًا لا جزمًا لأن الجزم ذهاب الحركات وإذا ذهبت فلا فائدة لثبوت حرفها الذي هو الألف بخلاف النصب فإن الحركة فيه موجودة إلا أنها تغيرت من ضمة إلى فتحة فلو حذفت الألف بقيت الحركة التي هي الفتحة بلا حرف. واعلم أنه لا يحذف حرف العلة إلا إذا كان متأصلًا فإن كان بدلًا من همزة كيقرا ويقري ويوضو فإن كان الإبدال بعد دخول الجازم فهو قياسي لسكون الهمزة ويمتنع الحذف لأن العامل أخذ مقتضاه وإن كان قبله فهو شاذ والأكثر حينئذٍ عدم الحذف بناء على عدم الاعتداد بالعارض.   39- البيت من البسيط، وهو لحندج بن حندج المري في الجرر 6/ 266؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1831؛ ومعجم البلدان 3/ 435 "صول"؛ والمقاصد النحوية 1/ 381؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 164؛ والإنصاف 1/ 128؛ وهمع الهوامع 2/ 167. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ولم يغز ولم يرم. فالرفع نصب المفعولية، لأنو، وفيهما متعلق به، وأحذف عطف على انو، وفي كل منهما ضمير مستتر وهو فاعله، وجاز ما حال من فاعل احذف، وثلاثهن مفعول به إما لا حذف والضمير في ثلاثهن لأحرف العلة الثلاثة، ومعمول الحال محذوف وهي الأفعال الثلاثة المعتلة والتقدير احذف أحرف العلة ثلاثهن حال كونك جازمًا الأفعال الثلاثة المذكورة، أو يكون معمولًا للحال والضمير للأفغال ومعمول الفعل محذوف وهو الأحرف الثلاثة. والتقدير احذف أحرف العلة حال كونك جازمًا الأفعال ثلاثهن. وتقض مجزوم جواب احذف، وحكمًا مفعول به إن كان تقض بمعنى تؤد ومفعول مطلق إن كان بمعنى تحكم. خاتمة: قد ثبت حرف العلة مع الجازم في قوله: 40- وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم ترى قبلي أسيرًا يمانيا   قوله: "أو يكون معمولًا للحال" لو قال أو للحال لكان أخصر وأنسب بالعطف على قوله إما لا حذف. قوله: "إن كان تقض بمعنى إلخ" والحكم على هذا بمعنى المحكوم به. واعلم أنه لا ينحصر تقدير الإعراب في الاسم المعتل والفعل إذ منه في الاسم ما سكن آخره للإدغام نحو: {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} [البقرة: 251] بإدغام الدال في الجيم أو للوقف أو للتخفيف والمحكي نحو من زيدًا لمن قال: ضربت زيدًا ومنه ما جعل علمًا من المركب الإسنادي على مختار السيد وسيأتي في العلم والمشتغل آخره بحركة الاتباع والمضاف لياء المتكلم لفظًا أو تقديرًا وكالياء بدلها نحو يا غلامًا ويا أبتا ويا أمتا ومنه في الفعل ما سكن للإدغام نحو زيد يضرب بكرًا أو للوقف أو للتخفيف نحو يأمركم بسكون الراء ولا يختص ذلك بالشعر بل يجوز في النثر على الصحيح وما حرك لالتقاء الساكنين: كـ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1] وما أدغم في آخره كلم يشد وما حرك من القوافي في نحو: وأنك مهما تأمري القلب يفعل وكما تقدر الحركات تقدر الحروف كما في الأسماء الستة أو المثنى أو الجمع إذا أضيف إلى كلمة أولها ساكن. قوله: "قد ثبت حرف العلة" أي وجد وليس المراد خصوص حرف العلة الموجود قبل دخول الجازم الذي هو لام الكلمة بل الأعم منه ومن المزيد للإشباع فظهر قول الشارح بعد فقيل: ضرورة وقيل: بل حذف إلخ أي فقيل: حرف العلة الموجود هو الأصلي وثبت مع الجازم للضرورة وقيل: ليس هو الأصلي بل الأصلي حذف ثم أشبعت الفتحة إلخ فلا حاجة إلى ما تكلفه البعض. هذا وفي الهمع أن ثبوت حرف العلة مع الجازم لغة فيكون أهل هذه اللغة قد اكتفوا عند دخول الجازم بحذف الحركة المقدرة. قوله: "في قوله وتضحك إلخ" وأما قراءة   40- البيت من الطويل، وهو لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في الأغاني 16/ 258؛ وخزانة الأدب 2/ 196، 202؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 76؛ وشرح اختيارات المفصل ص768؛ وشرح شواهد الإيضاح ص 414؛ وشرح شواهد المغني 2/ 675؛ ولسان العرب 3/ 517 "هذذ"، 5/ 75 "قدر" 6/ 115 "شمس"؛ ومغني اللبيب 1/ 277؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 15؛ وشرح المفصل 5/ 79، 10/ 107؛ والمحتسب 1/ 69. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 41- ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد وقوله: 42- هجوت زبان ثم جئت معتذرًا ... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع   قنبل: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقيِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: 90] ، بإثبات الياء وتسكين الراء فقيل: من موصولة وتسكين يصبر للتخفيف أو الوصل بنية الوقف وقيل: شرطية والياء إشباع أو لإجراء المعتل مجرى الصحيح فجزم بحذف الحركة المقدرة. قوله: "شيخة عبشمية" أي عجوز منسوبة إلى عبد شمس ويمانيا أصله يمنيا حذفت إحدى ياءي النسب وعوض عنها الألف. قوله: "والأنباء تنمي" بفتح الفوقية أي الاخبار تزداد وتنتشر يقال: نما الشيء ينمو وينمي ازداد. ونمى الحديث ينمي ارتفع ونماه بالتخفيف ينميه رفعه كذا في القاموس. قال العيني: والجملة معترضة بين الفعل والفاعل وهو ما لاقت والباء زائدة ويحتمل أنه تنازع يأتي وتنمي في ما لاقت وأعمل الثاني وأضمر الفاعل في الأول وحينئذٍ فلا اعتراض ولا زيادة والباء على هذا للتعدية قال في المغني: والمعنى على الأول يعني زيادة الباء واعتراض الجملة أوجه إذ الأنباء من شأنها أن تنمي بهذا وبغيره وقوله: لبون هي الناقة ذات اللبن ويروى قلوص بفتح القاف وضم اللام وهي الناقة الشابة. قوله: "هجوت زبان" اسم رجل والقصد الإنكار عليه في الهجو ثم الاعتذار حيث لم يثبت على حالة واحدة. قوله: "فقيل ضرورة" وعليه   41- البيت من الوافر، وهو لقيس بن زهير في الأغاني 17/ 131؛ وخزانة الأدب 8/ 359، 361، 362، والدرر 1/ 162؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 340؛ وشرح شواهد الشافية ص408؛ وشرح شواهد المغني ص328، 808؛ والمقاصد النحوية 1/ 320، ولسان العرب 14/ 14 "أتى"، وبلا نسبة في أسرار العربية ص103، والأشباه والنظائر 5/ 208؛ والإنصاف 1/ 30؛ وأوضح المسالك 1/ 76؛ والجني الداني ص50؛ وجواهر الأدب ص50؛ وخزانة الأدب 9/ 524، والخصائص 1/ 333، 337؛ ورصف المباني ص149؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 87، 2/ 631، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 184؛ وشرح المفصل 8/ 24، 10/ 104؛ والكتاب 3/ 316؛ ولسان العرب 5/ 75 "قدر" 14/ 324 "رضي"، 14/ 434 "شظي"، 15/ 492 "يا"؛ والمحتسب 1/ 67، 215، ومغني اللبيب 1/ 108، 2/ 387؛ والمقرب 1/ 50، 203؛ والممتع في التصريف 2/ 537؛ والمنصف 2/ 81، 114، 115، وهمع الهوامع 1/ 52. 42- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الإنصاف 1/ 24؛ وخزانة الأدب 8/ 359؛ والدرر 1/ 162؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 630؛ وشرح التصريح 1/ 87؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 184؛ وشرح شواهد الشافية ص406؛ وشرح المفصل 10/ 104؛ ولسان العرب 15/ 492 "يا"؛ والمقاصد النحوية 1/ 243؛ والممتع في التصريف 2/ 537؛ والمنصف 2/ 115ح وهمع الهوامع 1/ 52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 النكرة والمعرفة : نكرة قابل أل مؤثرا ... أو واقع موقع ما قد ذكرا   فقيل: ضرورة وقيل: بل حذف حرف العلة ثم أشبعت الفتحة في تر فنشأت ألف، والكسرة في ياتك فنشأت ياء، والضمة في تهج فنشأت واو. وأما: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} [الأعلى: 6] فلا نافية لا ناهية أي فلست تنسى. النكرة والمعرفة: "نكرة قابل أل مؤثرا" فيه التعريف كرجل وفرس وشمس وقمر "أو واقع موقع ما   فجزم الفعل بإسقاط الضمة المقدرة. النكرة والمعرفة: هما في الأصل اسما مصدرين لنكر وعرف ثم جعلا اسمي جنس للاسم المنكر والاسم المعرف لا علمين وإن وقع في كلام شيخنا. قيل تقسيم الاسم إلى النكرة والمعرفة على سبيل منع الخلو لا منع الجمع لأن المعرف بلام الجنس نكرة معنى والتحقيق أنه معرفة معنى أيضًا لأنه الماهية المشخصة بقيد ظهورها في فرد ما فالشيوع إنما جاء من انتشار الفرد وهذا لا يقدح في كون الاسم معرفة معنى لتعين الموضوع له وهو الماهية غاية الأمر أن انتشار الفرد جعله كالنكرة أفاده الروداني. فائدة: الجملة وشبهها من الظرف والجار والمجرور بعد النكرة المحضة صفتان نحو رأيت طائرًا يصيح أو فوق غصن أو على غصن وبعد المعرفة المحضة حالان نحو رأيت الهلال يضيء أو بين السحاب أو في الأفق وبعد النكرة التي كالمعرفة أو المعرفة التي كالنكرة محتملان للوصفية والحالية نحو هذا ثمر يانع يعجب الناظر أو فوق أغصانه أو على أغصانه لأن النكرة الموصوفة كالمعرفة ونحو يعجبني الزهر يفوح نشره أو فوق أغصانه أو على أغصانه لأن المعرف الجنسي كالنكرة فقول المعربين: الجمل وشبهها بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال ليس على إطلاقه كذا في المغني. وأسلفنا عن الدماميني جواز كون الظرف بعد المعرفة المحضة صفة بتقدير متعلقة معرفة. فائدة ثانية: قال في المغني: قالوا إن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى وإن أعيدت معرفة أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كانت نفس الأولى وحملوا على ذلك ما روي: "لن يغلب عسر يسرين" ثم نقض الأحكام الأربعة بتخلفها ثم دفع النقض بحمل كلامهم على الإطلاق وعدم القرينة فأما مع القرينة فالتعويل عليها ووجه حمل لن يغلب عسر يسرين على ذلك أن قوله إن مع العسر يسرًا وإن احتمل التأكيد فيكون أخذ اليسرين من جعل تنوين يسرًا للتكثير لكن جعله تأسيسًا خير فيكون في الكلام عسر واحد ويسران والمراد بالعسر عسر الدنيا الذي كانوا فيه وباليسرين ما تيسر لهم من الفتوح في زمنه عليه الصَّلاة والسَّلام وما تيسر في أيام الخلفاء أو يسر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قد ذكرا" أي ما يقبل أل، وذلك كذي بمعنى صاحب، ومن وما في الشرط والاستفهام   الدنيا ويسر الآخرة. وقال التفتازاني في تلويحه المذكور أولًا إما نكرة أو معرفة وعلى كل إما أن يعاد نكرة أو معرفة فالأقسام أربعة وحكمها أن الثاني إن كان نكرة فهو مغاير للأول وإلا كان المناسب التعريف لكونه معهودًا سابقًا في الذكر وإن كان معرفة فهو الأول حملًا له على المعهود الذي هو الأصل في اللام والإضافة. ا. هـ. وكلامه مخالفًا لكلام المغني في صورة إعادة المعرفة نكرة وقد حكى البهاء بن السبكي فيها قولين كما في الشمني فكل منهما مشى على قول. ثم قال التفتازاني: واعلم أن المراد أن هذا هو الأصل عند الإطلاق وخلو المقام من القرائن وإلا فقد تعاد النكرة نكرة مع عدم المغايرة نحو: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَه} [الزخرف: 84] وقد تعاد النكرة معرفة مع المغايرة نحو: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92] إلى قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْن} [الأنعام: 156] وقد تعاد المعرفة معرفة مع المغايرة نحو: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 48] وقد تعاد المعرفة نكرة مع عدم المغايرة نحو: {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد} [الأنبياء: 108] . ا. هـ. ومثال تخلف الحكم الرابع على ما مشى عليه المغني: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا} [النساء: 153] . قوله: "نكرة قابل أل إلخ" أورد عليه أنه غير جامع لخروج الأسماء المتوغلة في الإبهام كأحد الملازم للنفي وهو ما همزته أصلية وبمعنى إنسان لا ما يقع في الإثبات والنفي وهو ما همزته بدل من واو شذوذًا وبمعنى واحد فالفرق بينهما من جهة الاستعمال وجهة اللفظ وجهة المعنى وكعريب وديار وغير وشبه لأنها لا تقبل أل وخروج أسماء الفاعلين والمفعولين لأن أل الداخلة عليها موصولة وخروج الحال والتمييز واسم لا التبرئة ومجرور ربّ وأفعل من لأنها لا تقبل أل وغير مانع لدخول ضمير الغائب العائد إلى نكرة كجاءني رجل فأكرمته لوقوعه موقع ما يقبل أل وهو رجل ودخول يهود ومجوس فإنهما يقبلان أل مع أنهما معرفتان إذ منعا الصرف للعلمية والتأنيث والجواب عن الأول بمنع الخروج لأن كلًّا من المتوغلة وأسماء الفاعلين والمفعولين واقع موقع ما يقبل أل كإنسان وكذات ثبت لها الضرب أو وقع عليها الضرب مثلًا والحال وما بعدها قابلة لأل في حالة الافراد ولا يضر عدم قبولها أل في تلك التراكيب وعن الثاني بمنع وقوع الضمير المذكور موقع ما يقبل أل لأن معناه الرجل المتقدم ذكره فليس واقعًا موقع رجل بل موقع الرجل والرجل لا يقبل أل أفاده سم. ومنع أن يهود ومجوس يقبلان أل حال كونهما معرفتين بالعلمية على القبيلتين وإنما يقبلان أل حال كونهما جمعين ليهودي ومجوسي كروم ورومي وهما حينئذٍ نكرتان. قوله: "كرجل وفرس إلخ" لا يخفى على النبيه حكمة تعداد الأمثلة. قوله: "أو واقع إلخ" أو للتنويع أي لتنويع مفهوم النكرة إلى نوعين فهي موضوعة لقدر مشترك بين النوعين وهو ما دل على شائع في جنسه كما قاله ابن هشام. قوله: "كذي بمعنى صاحب" أورد عليه أن صاحبًا الذي يقع موقعه ذو صفة من باب اسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   خلافًا لابن كيسان في الاستفهاميتين فإنهما عنده معرفتان، فهذه لا تقبل أل لكنها تقع موقع ما يقبلها؛ إذ الأولى تقع موقع صاحب، ومن وما يقعان موقع إنسان وشيء، ولا يؤثر خلوهما من تضمن معنى الشرط والاستفهام، فإن ذلك طارئ على من وما إذ لم يوضعا في الأصل له، ومن ذلك أيضًا من وما نكرتين موصوفتين كما في مررت بمن معجب لك وبما معجب لك، فإنهما لا يقبلان أل لكنهما واقعان موقع إنسان وشيء وكلاهما يقبل أل. وكذلك صه ومه بالتنوين لا يقبلان أل لكنهم يقعان موقع ما يقبلها وهو سكوتًا وانكفافًا وما أشبه ذلك، ونكرة مبتدأ والمسوغ قصد الجنس، وقابل أل خبر، ومؤثرًا حال من   الفاعل وإن كان صاحب يستعمل كثيرًا استعمال الأسماء الجامدة وأل الداخلة على الصفة التي من باب اسم الفاعل موصولة لا معرفة. وأجيب بأن المراد واقع موقع ما يقبل أل ولو في الجملة وصاحب يقبل أل المعرفة باعتبار معناه الاسمي وإن لم يكن معناه عند وقوع ذي موقعه قاله سم أو يقال صاحب الذي هو معنى ذو واقع موقع ذات ثبت لها الصحبة فذو واقع موقع ما يقبل أل بواسطة وقال الروداني تحرير هذا المحل أن ذو اسم فيه معنى الوصف وضع لأن يوصف به كما يوصف بالصفات المشبهة وهو متحمل للضمير كالصفة وأن صاحب لا يشك في أنه يجوز أن يستعمل مرادًا به الحدوث من صحبه فهو صاحب أي مصاحب وعليه يقال مررت برجل صاحب أخوه عمرًا وإنكار ذلك مكابرة للواضح ويجوز أن يستعمل صفة مشبهة بأن يراد به الثبوت والدوام وهو بهذا المعنى مرادف لذو فتكون أل الداخلة عليه معرفة لا موصولة فلا يتجه التزام كون أل في الصاحب الواقع موقعه ذو موصولة والجواب بما مر. ا. هـ. ملخصًا وهو حسن. قوله: "فإنهما عنده معرفتان" لأن جوابهما معرفة نحو زيد ولقاؤك في جواب من عندك وما دعاك إلى كذا. وشرط الجواب مطابقة السؤال. وردّ بجواز أن يقال في الجواب رجل من بني فلان وأمر مهمّ كذا في شرح الجامع. قوله: "ولا يؤثر خلوّهما" جواب عن إيراد على قوله ومن وما يقعان إلخ. قوله: "موصوفتين" أي بمفرد كما مثل أو بجملة كمررت بمن قام وسررت بما رأيت أي بإنسان قام وبشيء رأيت وإنما مثل بما وصف بالمفرد لعدم احتماله كون من وما وموصولتين لأن الصلة لا تكون مفردًا. قوله: "وهو سكوتًا وانكفافًا" أي النائبين عن اسكت وانكفف أي اسكت سكوتًا ما وانكفف انكفافًا ما وبجعل المراد المصدرين النائبين عن الفعلين المراد بهما طلب سكوت ما وانكفاف ما كانا دالين على الطلب والتنكير كصه ومه فاندفع اعتراض اللقاني بأنه إن أريد المصدر النائب عن فعله فات التنكير لأن اسكت إنما يدل على طلب السكوت من حيث هو أو غير النائب فات الطلب على أن قولهم الفعل من قبيل النكرات يقتضي دلالة اسكت على طلب سكوت ما لكن قيل ما ذكره الشارح مبني على أن مدلول اسم الفعل هو المصدر والذي عليه الجمهور أن مدلوله الفعل. قال الروداني: والذي نفهمه أنه يصح كلامه على المذهبين فيكون صه واقعًا موقع سكوتًا بواسطة وقوعه موقع اسكت عند الجمهور وبلا واسطة عند غيرهم. قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المضاف إليه وهو أل. وشرط جواز ذلك موجود وهو اقتضاء المضاف العمل في الحال وصاحبها. واحترز بمؤثرًا عما يدخله أل من الإعلام لضرورة أو لمح وصف على ما سيأتي بيانه فإنها لا تؤثر فيه تعريفًا فليس بنكرة. تنبيه: قدم النكرة لأنها الأصل إذ لا يوجد معرفة إلا وله اسم نكرة ويوجد كثير من النكرات لا معرفة له، والمستقبل أولى بالأصالة، وأيضًا فالشيء أول وجوده تلزمه الأسماء العامة، ثم يعرض له بعد ذلك الأسماء الخاصة كالآدمي إذا ولد فإنه يسمى إنسانًا أو مولودًا أو موجودًا، ثم بعد ذلك يوضع له الاسم العلم واللقب والكنية. وأنكر النكرات مذكور، ثم محدث، ثم جوهر، ثم جسم، ثم نان، ثم حيوان، ثم إنسان، ثم رجل، ثم عالم، فكل   "ونكرة مبتدأ" منع البعض فيما يأتي كون نكرة مبتدأ حتى يحتاج إلى مسوّغ وعلل ذلك بأن التعريف غير محمول على المعرف لا حمل مواطأة ولا حمل اشتقاق بل هو تصوّر ساذج أي لا حكم معه كما صرح به الميزانيون. وفيه نظر لا يخفى إذ التصوّر الساذج مجرد التعريف لا مجموع القضية المركبة من المعرف والتعريف إذ لا تخلو قضية عن الحكم ودعوى أن التعريف غير محمول على المعرف أصلًا ينبغي حملها على معنى أن المقصود من التعريف تصوّر ماهية المعرف لا حمله عليه وإن كان حمله عليه حمل مواطأة لازمًا فتأمل. قوله: "قصد الجنس" أي في ضمن الأفراد إذ الحقيقة المحضة لا تتصف بقبول أل ولا الوقوع موقع ما يقبلها وقيل: المسوّغ الوقوع في معرض التقسيم وقيل غير ذلك. قوله: "وقابل أل خبر" ولا يعترض بتذكير الخبر وتأنيث المبتدأ لأن قابل صفة لمحذوف أي اسم قابل والاسم يقع على المذكر والمؤنث ويحتمل أن يكون قابل مبتدأ مؤخرًا ونكرة خبرًا مقدّمًا وهو أنسب بقول المصنف وغيره معرفة لكن يضعفه أن المحدث عنه النكرة فهي الأولى بالابتداء. قوله: "أو لمح وصف" لو قال أو لمح أصل لكان أولى ليدخل نحو النعمان فإنه في الأصل اسم عين لدم. قوله: "لأنها الأصل" أي الغالب والسابق، يدل على الغلبة العلة الأولى وعلى السبق العلة الثانية ولا يرد أن المعرفة أشرف لأن النكات لا تتزاحم ولأن الأنسب اعتبار كون الأسبق في الوجود هو الأسبق في المذكر. قوله: "إلا وله" أي لمدلوله. قوله: "ويوجد كثير من النكرات" كأحد وعريب وديار وقول البعض: وحائط وحصير وحصاة يرده أن الثلاثة لها معرفة بأل. قوله: "والمستقل إلخ" من تمام علة الأصالة ومراده بالمستقل ما ينفرد في بعض الصور ويلزمه الأكثرية ولو عبر بدله بالأكثر لكان أوضح. قوله: "الاسم العلم واللقب والكنية" العلم عطف بيان على الاسم لدفع توهم أن المراد بالاسم ما قابل الفعل والحرف وقوله واللقب والكنية معطوفان على الاسم لكن قد يقال: دفع التوهم حاصل بعطف الكنية واللقب فكان الأولى تقديم العلم على الاسم ليكون لذكر المتأخر كبير فائدة وليكون ما بعد العلم تفصيلًا بعد إجمال. قوله: "مذكور ثم موجود إلخ" ليس القصد من هذا الحصر بل التقريب إذا ما شابه هذه الأشياء كهي فكمذكور أي ما شأنه أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وغيره معرفة كهم وذي ... وهند وابني والغلام والذي   واحد من هذه أعم مما تحته وأخص مما فوقه: فتقول: كل عالم رجل ولا عكس، وهكذا كل رجل إنسان إلى آخره "وغيره" أي غير ما يقبل أل المذكورة أو يقع موقع ما يقبلها "معرفة" إذ لا واسطة. واستغنى بحد النكرة عن حد المعرفة. قال في شرح التسهيل: من تعرض لحد المعرفة عجز عن الوصول إليه دون استدراك عليه. وأنواع المعرفة على ما ذكره هنا ستة: المضمر "كهم و" اسم الإشارة نحو "ذي و" العلم نحو "هند و" المضاف إلى معرفة نحو "ابني و" المحلي بأل نحو "الغلام و" الموصول نحو "الذي" وزاد في شرح الكافية المنادي المقصود كيا رجل. واختار في التسهيل أن تعريفه بالإشارة إليه   يذكر معلوم أن ما شأنه أن يعلم وكموجود معدوم وكحيوان شجر وكإنسان فرس وكرجل امرأة وكعالم جاهل بقي النظر في الشيئين اللذين بينهما العموم والخصوص الوجهي والظاهر أنهما في مرتبة واحدة لسقوط عموم كل بخصوصه. قوله: "ثم نام ثم حيوان" كذا في بعض النسخ وفي بعضها إسقاط ثم نام والأولى أولى. قوله: "ثم عالم" أورد عليه أن عالمًا يطلق على الله تعالى وعلى الملك والجني فهو أعم من رجل من هذا الوجه وأجيب بأن المراد ثم عالم من بني آدم وفيه ما فيه. قوله: "وأخص مما فوقه" هذا باعتبار غالب ما ذكره إذ الطرف الأعلى ليس فوقه شيء فتأمل. قوله: "وغيره معرفة" في الأخبار قلب كما يقتضيه صنيع نظيره السابق وجعلهم المحدث عنه هو المبتدأ وإنما أفرد الضمير مع أن المرجع اثنان لتأوّله بالمذكور وقول البعض: لكون العطف بأو سهو عن المنصوص عليه من أن إفراد الضمير إنما هو بعد أو التي للشك ونحوها مما يكون الحكم معها لأحد الأمرين أو الأمور لا التي للتنويع لأنها بمنزلة الواو. قوله: "إذ لا واسطة" وأثبتها بعضهم في المجرد من أل والتنوين كمن وما ومتى وأين وكيف. قوله: "بحد النكرة" أي تعريفها الصادق بالرسم فاندفع ما يقال إن ما ذكره رسم لأحد على أنا قدّمنا رده في بحث الكلام وقوله عن حد المعرفة اعترض بأن قوله وغيره معرفة في قوة قولك المعرفة ما لا يقبل أل ولا يقع موقع ما يقبلها فقد ذكر لها حدًّا. وأجيب بأن المراد عن حدها مصرحًا به فلا ينافي أنه يفهم من كلامه ضمنًا. قوله: "دون استدراك" أي اعتراض عليه الضمير إلى من أو حدّ. ومن جملة ما علل به المصنف أن من الأسماء ما هو معرفة معنى نكرة لفظًا كما في قولك كان ذلك عامًا أول وعكسه كأسامة قال الدماميني وهو كلام ظاهري خال عن التحقيق أي لأن الأول في الأصل مبهم وتعينه عارض من الوصف فهو نكرة لفظًا ومعنى بحسب الأصل والثاني مدلوله عند غير الناظم معين وهو الماهية فهو معرفة معنى ولفظًا وقد عرّف غير واحد المعرفة بما وضع لشيء بعينه ولا استدراك. قوله: "والمضاف إلى معرفة" أي إضافة محضة كما يشير إليه المثال. قوله: "المنادى المقصود" أي المنكر المقصود نداؤه بعينه وإنما سكت عنه هنا لذكره له في باب النداء كما سكت عن اسم الفعل غير المنون وأجمع ونحوه من ألفاظ التوكيد وسحر المراد به سحر يوم بعينه وأمس المراد به يوم بعينه لذكره الأول في بابه والثاني في باب التوكيد والثالث والرابع فيما لا ينصرف على أن منهم من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والمواجهة، ونقله في شرحه عن نص سيبويه وذهب قوم إلى أنه معرفة بأل مقدرة وزاد ابن كيسان من وما الاستفهاميتين كما تقدم ولما فات على الناظم ترتيب المعارف في الذكر على حسب ترتيبها في المعرفة لضيق النظم رتبه في التبويب على ما ستراه فأعرفها المضمر على الأصح، ثم العلم ثم اسم الإشارة ثم الموصول، ثم المحلى وقيل: هما في مرتبة واحدة وقيل: المحلى أعرف من الموصول وأما المضاف فإنه ما أضيف إليه   يرد الأربعة إلى الستة أما المنكر غير المقصود نداؤه بعينه فهو باق على تنكيره وأما المعرف قبل النداء فالصحيح بقاؤه على تعريفه وإنما زاده النداء وضوحًا وقيل تعرف بالنداء بعد زوال تعريف العلمية. قوله: "واختار إلخ" بيان لوجه زيادته وأنه ليس من المعارف الستة. قوله: "والمواجهة" يظهر أن العطف تفسيري. قوله: "بأل" أي الحضورية وناب حرف النداء منابها. قوله: "فات على الناظم" كان عليه حذف على لأن فات يتعدى بنفسه ويمكن أنه ضمنه معنى عسر. قوله: "فأعرفها" فيه صوغ أفعل التفضيل من الرباعي المجهول وهو شاذ من وجهين والسالم التعبير بأعلاها أو أرفعها من رفع ككرم رفعة بكسر الراء شرف وعلا قدره كما في القاموس. واعلم أنه قد يعرض للمفوق ما يجعله مساويًا لفائقه كالموصول والعلم في سلام على من أنزل عليه الكتاب أو فائقًا عليه كالعلم والضمير في جواب طارق الباب للقائل من بالباب نبه عليه الشارح في شرحه على التوضيح. قوله: "على الأصح" وقيل أعرفها العلم وقيل اسم الإشارة وقيل المحلي والخلاف في غير اسم الله تعالى فهو أعرف المعارف إجماعًا قال الشنواني ويليه ضميره. قوله: "ثم العلم" وأعرفه علم المكان ثم علم الآدمي ثم علم غيره من الحيوانات وقيد المصنف في بعض نسخ التسهيل العلم بالخاص قال شارح الجامع: ولا بد منه كما قاله أبو حيان ليخرج بذلك نحو أسامة. ا. هـ. يعني فليس بعد العلم وقيل اسم الإشارة وانظر ما رتبته فتأمل. قوله: "ثم اسم الإشارة" وأعرفه ما للقريب ثم ما للمتوسط ثم ما للبعيد. قوله: "ثم الموصول" قيل: أعرفه ما كان مختصًّا ثم ما كان مشتركًا ويظهر أن أعرف كل منهما ما كان معهودًا معينًا ثم ما للاستغراق ثم ما للجنس لمجيء الموصول للثلاثة كأل والإضافة. قوله: "ثم المحلي" وأعرفه ما للعهد ثم ما للاستغراق ثم ما للجنس. فإن قلت: مدار التعريف والتنكير على المعنى وقد شاع أن المعرف بلام الجنس نكرة معنى وإن كان معرفة لفظًا. قلت: التحقيق أنه معرفة معنى أيضًا كما مر عن الروداني في أول الباب. قوله: "وقيل هما في مرتبة واحدة" اختاره الناظم وعلله بأن تعريف كل منهما بالعهد وهو يقتضي أن الذي في مرتبة الموصول عنده هو المحلي بأل العهدية كما أشار إليه الدماميني. قوله: "وقيل المحلى أعرف من الموصول" قائله ابن كيسان واستدل بقوله تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام: 91] إذ الصفة لا تكون أعرف من الموصوف. وأجاب المصنف بأن الذي بدل أو مقطوع أو الكتاب علم بالغلبة على التوراة عند المقصودين بالمخاطب وهم بنو إسرائيل ولك أن تجيب أيضًا بأن الآية على تقدير وصفية الذي إنما تمنع أعرفية الموصول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 فما لذي عيبة أو حضور ... كأنت وهو سم بالضمير   مطلقًا عند الناظم وعند الأكثر أن المضاف إلى المضمر في رتبة العلم وأعرف الضمائر ضمير المتكلم ثم المخاطب ثم الغائب السالم عن الإبهام وجعل الناظم هذا في التسهيل دون العلم "فما وضع "لذي غيبة" تقدم ذكره لفظًا أو معنى أو حكمًا على ما سيأتي في   من المحلى لا تساويهما الذي ذهب إليه المصنف وحينئذٍ فلا تدل الآية على أعرفية المحلى فافهم. قوله: "في رتبة العلم" أي لا الضمير لأنه يقع صفة للعلم في نحو مررت بزيد صاحبك على أن اسم الفاعل للمضي والصفة لا تكون أعرف بل مساوية أو دون كذا قالوا والأظهر عندي أن المضاف دون المضاف إليه مطلقًا كما ذهب إليه المبرد لاكتسابه التعريف منه وأن قولهم في علة استثناء الضمير أن الصفة لا تكون أعرف ممنوع لأنه إذا كان المقصود من الصفة أيضاح الموصوف فأي مانع من كونها أعرف لا يقال المانع أن التابع لا يفضل عن المتبوع لأنا نقول هذا منقوض بجواز إبدال المعرفة من النكرة ويقوّي ذلك المنع أنه يقال الرجل الذي قام أبوه والظاهر أن الموصول فيه نعت ثم رأيت الفارضي في باب النعت نقل عن ابن هشام جواز كون النعت أعرف من المنعوت وذكر أن اشتراط كونه دونه أو مساويه مذهب الأكثر ورأيت الشارح أيضًا في باب النعت نقل جواز ذلك عن الفراء والشلوبين وأن الناظم رجحه وبما ذكر يعلم عدم اتجاه رد القول بأن المضاف دون المضاف إليه مطلقًا بنحو: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَن} [طه: 80] لأن النعت لا يكون أعرف فتأمل منصفًا. قوله: "ثم الغائب السالم عن الإبهام" فسرفي التصريح السلامة من الإبهام بأن يتقدم اسم واحد معرفة أو نكرة فمثال غير السالم جاءني زيد وعمرو فأكرمته فهذا الضمير ناقص الاختصاص باحتمال عوده للأول والثاني لعدم ما يعين رجوعه إلى أحدهما بخصوصه وإن كان عوده للثاني راجحًا فاندفع ما نقله شيخنا والبعض عن الدماميني من النظر ويحتمل تفسيرها بأن يرجع إلى معرفة أو نكرة معينة بالصفة فتأمل أما الذي لم يسلم منه فقيل: مؤخر عن رتبة العلم وقيل: في رتبته هذا. وقد اختلف في ضمير الغائب العائد إلى النكرة فالجمهور على أنه معرفة مطلقًا وقيل إن خصصت قبل بحكم نحو جاءني رجل فأكرمته بخلاف ربه رجلًا ويا لها قصة ورب رجل وأخيه واختاره الدماميني وعلله بأن في الضمير في الأول من التعيين والإشارة إلى المرجع ما ليس في المظهر النكرة ألا ترى أنك إذا أردت تفسير الضمير في جاءني رجل فأكرمته قلت: هذا الرجل لا رجلًا وقيل إن لم يجب تنكيرها بخلاف واجبته كالحال والتمييز وقيل: ليس معرفة بالكلية. قوله: "وجعل الناظم هذا" أي السالم عن الإبهام فغير السالم بالأول وهذا من جملة مقابل الأصح المتقدم. قوله: "فما وضع" قدر متعلق الجار والمجرور خاصًا لدلالة المقام عليه وما واقعه على جامد وقوله: لذي غيبة أو حضور أي مع اعتبار دلالته على الغيبة أو الحضور فخرج بما التي أوقعناها على جامد لفظ غائب وحاضر ومتكلم ومخاطب وبقوله لذي غيبة أو حضور ضمير الفصل وياء الغيبة لأنهما حرفان وضع أولهما للغيبة أو الحضور لا لذي الغيبة أو ذي الحضور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   آخر باب الفاعل "أو" لذي "حضور" متكلم أو مخاطب "كأنت" وأنا "وهو" وفروعها "سم"   وثانيهما للغيبة لا لذي الغيبة وكاف الخطاب وتاؤه الحرفيان لأنهما وضعا للخطاب لا لذي الخطاب ونون تكلم المتكلم مصاحبًا لغيره أو معظمًا نفسه لأنها وضعت للتكلم لا لذي التكلم وكذا همزة التكلم وبقولنا مع اعتبار دلالته على الغيبة أو الحضور الأسماء الظاهرة المستعملة في غائب أو حاضر هكذا ينبغي تقرير هذا المحل وبه تندفع الإيرادات هذا وكلام المصنف يحتمل جريانه على مذهب السعد والجمهور من أن المضمرات ونحوها كليات وضعًا جزئيات استعمالًا. والمعنى فما وضع لمفهوم ذي غيبة أو حضور وعلى مذهب العضد والسيد من أنها جزئيات وضعًا واستعمالًا. والمعنى فما وضع لكل فرد ذي غيبة أو حضور على حدته بواسطة استحضار أمر عام لتلك الأفراد ثم المراد الغيبة والحضور حقيقة أو تنزيلًا. قوله: "تقدم ذكره إلخ" بيان لما يجب لضمير الغائب وتقدم الذكر لفظًا أن يتقدم المرجع صريحًا نحو جاءني رجل فأكرمته وضرب زيدًا غلامه وتقدمه معنى أن يكون المرجع في قوة المتقدم صريحًا لتقدمه رتبة نحو ضرب غلامه زيد أو لتضمن الكلام السابق إياه نحو {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] فإن الفعل متضمن لمرجع الضمير أو لاستلزام الكلام إياه استلزامًا قريبًا نحو {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُس} [النساء: 11] أي الميت بقرينة ذكر الإرث أو بعيدًا نحو {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَاب} [ص: 32] أي الشمس على قول بقرينة ذكر العشي وتقدمه حكمًا أن يلحق بالمتقدم لحكم الواضع بتقدم المرجع وإن خولف لنكتة الإجمال ثم التفصيل وهذا في المسائل الست التي يعود فيها الضمير على متأخر لفظًا ورتبة نحو نعم رجلًا زيد كذا في الخطابي وحفيد السعد وخرج بذلك نحو ضربته زيدًا فإن المرجع لم يتقدم فيه لا لفظًا ولا معنى ولا حكمًا أما الأولان فظاهران وأما الثالث فلأنه لم يلحق بما تقدم فيه المرجع إذ ليس من المسائل الست وبتقرير المقام على هذا الوجه يسقط ما ذكره البعض هنا فتدبر وتلك المسائل الست رفع الضمير بنعم وبابه ورفعه بأول المتنازعين وجره برب وإبدال المفسر منه نحو اللهم صل عليه الرؤوف الرحيم وضمير الشأن ولإخبار عن الضمير بالمفسر نحو هي النفس تحمل ما حملت وهي العرب تقول: ما شاءت وقيل: الضمير فيه للقصة وقيل: ما بعده بدل مفسر له ونحو إن هي إلا حياتنا الدنيا وجوّز الزمخشري تفسير الضمير بالتمييز بعده في غير بأبي نهم ورب نحو {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} جوّز كون سبع تمييزًا مفسرًا للضمير وقولنا وإن خولف لنكتة الإجمال ثم التفصيل إيضاحه أنهم إنما خالفوا في المسائل الست وضع الضمير بتأخير مفسره لأنهم قصدوا التفخيم بذكر الشيء أولًا مبهمًا ثم تفسيره لتضمن ذلك تشوق النفس إلى التفسير فيكون أوقع فيها والذكر مرتين بالإجمال والتفصيل فيكون آكد وفي الهمع أن الضمير قد يرجع إلى نظير السابق نحو وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره أي عمر معمر، آخر: قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد أي نصف حمام، آخر بقدره عندي درهم ونصفه أي نصف درهم آخر. ا. هـ. قال الدماميني كذا قال ابن مالك وجماعة قال ابن الصانع: وهو خطأ إذ المراد ومثل نصفه فالضمير عائد على نفس ما قبله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 وذو اتصال منه ما لا يبتدا ... ولا يلي إلا اختيارا أبدًا   في اصطلاح البصريين "بالضمير" والمضمر. وسماه الكوفيون كناية ومكنيا. تنبيه: رفع إبهام دخول اسم الإشارة في ذي الحضور بالتمثيل "وذو اتصال منه ما لا يبتدا" به "ولا يلي إلا" الاستثنائية "اختيارا أبدًا" وقد يليها اضطرارًا كقوله: 43- وما نبالي إذا ما كنت جارتنا ألا ... يجاورنا إلاك ديار   فائدة: قال في التسهيل: ولا يكون أي مفسر ضمير الغائب غير الأقرب إلا بدليل. ا. هـ. قال الدماميني: وينبغي أن يكون المراد بالأقرب غير المضاف إليه أما إذا كان الأقرب مضافًا إليه فلا يكون الضمير له إلا بدليل. ثم قال: فإن قلت: هذا أي ما ذكره المصنف إذا لم يمكن عود الضمير إلا إلى أحدهما أي الشيئين المتقدمين كما في قولك: جاءني زيد وعمرو وأكرمته، وأما إذا أمكن عوده إلى أحدهما وعوده إليهما معًا كما في قولك: جاء الزيدون والعمرون وأكرمتهم فهل الحكم كذلك. قلت: لم أر فيه بخصوصه نصًا وينبغي أن يجري على مسألة ما إذا تعقب الاستثناء أو الصفة مثلًا أشياء معدودة فمن قال هناك بالعود إلى الأخير يقول هنا كذلك ومن قال عناك بالعود إلى الجميع وهو الصحيح يقول هنا الضمير عائد لكل ما تقدم لا إلى الأقرب فقط فتأمله. قوله: "كأنت وهو" ليس من جر الكاف للضمير المنفصل على حد ما أنا كأنت لأن المراد هنا اللفظ لا معنى الضمير يس. قوله: "بالضمير" فعيل من الضمور وهو الهزال. وقوله: والمضمر مفعل من الإضمار وهو الإخفاء فإطلاق الأول على كثير الحروف كنحن، والثاني على البارز بتغليب غيرهما عليهما. قوله: "رفع إيهام إلخ" أي رفع قوته وأضعفه وإلا فالتمثيل ليس نصًا في الرفع. قوله: "ما لا يبتدأ به ولا يلي إلا" أي ما لا يؤتى به في افتتاح النطق ولا يقع بعد إلا بحسب قانون اللغة العربية وإن أمكن ذلك عقلًا كما قاله حفيد الموضح وإنما لم يبتدأ به ولم يل إلا لأن وضعه على أن يلي عامله نعم كان القياس أن يلي إلا على القول بأنها عاملة لكنه رفض والمراد لا يبتدأ به ولا يلي إلا باقيًا على حالته التي كان عليها قبل الابتداء، وتلو إلا فاندفع ما أورده اللقاني من أن الضمير في ضربتهما وضربتهم وضربتهن متصل ويبتدأ به ويقع بعد إلا نحو هما ضربا وهم ضربوا وهن ضربن وما ضرب إلا هما أو هم أو هن لصيرورته مبتدأ أو فاعلًا بعد أن كان مفعولًا وإنما يرد لو صح أن يقال هما ضربت مثلًا على أن هما مفعول به لضربت وأما ما أجاب به هو نقلًا عن الرضي وغيره من أن الضمير حال الاتصال الهاء فقط وحال الانفصال المجموع فلا يأتي على مذهب من يجعله الهاء فقط حال الانفصال أيضًا مع أن فيه اعترافًا بالانفصال حال الابتداء أو تلو إلا. قوله: "الاستثنائية" قيل: هو بيان للواقع وقيل: احتراز عن إلا   43- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 129؛ وأمالي ابن الحاجب ص385؛ وأوضح المسالك 1/ 83؛ وتخليص الشواهد ص100؛ وخزانة الأدب 5/ 278، 279، 325، والخصائص 1/ 307، 2/ 195؛ والدرر 1/ 176؛ وشرح شواهد المغني ص844؛ وشرح ابن عقيل ص52؛ وشرح المفصل 3/ 101؛ ومغني اللبيب 2/ 441؛ والمقاصد النحوية 1/ 253؛ وهمع الهوامع 1/ 75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 كالياء والكاف من ابني أكرمك ... والياء والها من سليه ما ملك   وذلك "كالياء والكاف من" قولك "ابني أكرمك والياء والهاء من" قولك "سليه ما ملك" فالأول وهو الياء ضمير متكلم مجرور والثاني وهو الكاف ضمير مخاطب منصوب. والثالث وهو الياء ضمير المخاطبة مرفوع. والرابع وهو الهاء ضمير الغائب   الوصفية التي بمعنى غير في نحو مررت برجل إلاك أي غيرك لكن في شرح الجامع ما نصه: وربما اقتضى كلامه أي ابن هشام في متن الجامع أن إلا إذا كانت لغير الاستثناء كالموصوف بها يجوز معها الاتصال وليس مرادًا. ا. هـ. قوله: "إلاك" الكاف في محل نصب على الاستثناء لتقدمه على المستثنى منه وهو ديار. قوله: "كالياء والكاف إلخ" أشار بتعداد الأمثلة إلى أنواع الضمير الثلاثة المتكلم والمخاطب والغائب ومحاله الثلاثة الرفع والنصب والجر والمقصود بذكر ياء وهاء سليه التمثيل للمرفوع وللغائب لا المخاطب والمنصوب لحصولهما بالكاف من أكرمك ومن المتصل المرفوع تاء تضم للمتكلم وتفتح للمخاطب وتكسر للمخاطبة للفرق وخصوا المتكلم بالضمة لتقدم مرتبته فأعطى أشرف الحركات والمخاطب المذكر بالفتح لأن خطابه أكثر من خطاب المؤنث فالتخفيف به أولى وأيضًا هو مقدم على المؤنث فأعطى التخفيف فلم يبق للمؤنث إلا الكسر وحكى بعضهم أن وصل فتحة تاء الضمير وكافه بألف وكسرتهما بياء لغة رديئة لربيعة فيجوز عليها قمتا ورأيتكا وقمتي ورأيتكي وتوصل التاء المذكورة مضمومة بميم وألف للمخاطبين والمخاطبتين. وإنما ضمت التاء إجراء للميم مجرى الواو لتقاربهما في المخرج وبميم ساكنة للمخاطبين ويجوز ضم الميم موصولة بواو بل هو أكثر من التسكين إذا ولى الميم ضمير متصل كضربتموه وشذ ضمها بلا وصل وهو المسمى اختلاسًا وبنون مشددة للمخاطبات دماميني ملخصًا. قال الرضي زيد للأناث نون مشددة لتكون بإزاء الميم والواو في الذكور واختاروا النون لمشابهتها بسبب الغنة الميم. ا. هـ. ولم تحذف النون الثانية كما تحذف الواو ولأنها غير مدة. قوله: "والهاء" تضم هذه الهاء إلا أن وليت كسرة أو ياء ساكنة فيكسرها غير الحجازيين أما هم فيضمونها وبلغتهم قرأ حفص وما أنسانيه وبما عاهد عليه الله وحمزة لأهله امكثوا، وتشبع حركتها بعد متحرك ويختار الاختلاس بعد ساكن مطلقًا عند المبرد والناظم وبقيد كونه حرف علة نحو عليه ورموه عند غيرهما والراجح الأول وقد تسكن أو تختلس حركتها بعد متحرك عند بني عقيل وبني كلاب اختيارًا فيقولون له بالإسكان والاختلاس وعند غيرهم اضطرارًا وإن فصل في الأصل الهاء المتحركة ساكن حذف جزمًا نحو لا يؤدّه إليك ونصله جهنم أو بناء نحو فألقه جازت الأوجه الثلاثة. وكسر ميم الجمع بعد الهاء المكسورة باختلاس قبل ساكن نحو بهم الأسباب وبإشباع دونه نحو فيهم إحسان أسهل من ضمها وإن كان الضم أقيس لأنه حركة واو الجماعة وضمها قبل ساكن وإسكانها قبل متحرك أشهر فقد قرأ الأكثر بهم الأسباب بضم الميم وأنعمت عليهم بسكونها دماميني ملخصًا. قوله: "مجرور" أي في محل جر وكذا يقال في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 وكل مضمر له البنا يجب ... ولفظ ما جر كلفظ ما نصب   منصوب. وهي ضمائر متصلة لا تتأتى البداءة بها ولا تقع بعد إلا "وكل مضمر" متصلًا كان أو منفصلًا "له البنا يجب" باتفاق النحاة. واختلف في سبب بنائه: فقيل لمشابهته الحرف في المعنى لأن كل مضمر مضمن معنى التكلم أو الخطاب أو الغيبة وهي من معاني الحروف. وذكر في التسهيل لبنائها أربعة أسباب: الأول مشابهة الحرف في الوضع لأن أكثرها على حرف أو حرفين وحمل الباقي على الأكثر. والثاني مشابهته في الافتقار لأن المضمر لا تتم دلالته على مسماه إلا بضميمة من مشاهدة أو غيرها. والثالث مشابهته له في الجمود فلا يتصرف في لفظه بوجه من الوجوه حتى بالتصغير ولا بأن يوصف أو يوصف به. الرابع الاستغناء عن الإعراب باختلاف صيغه لاختلاف المعاني. قال الشارح   نظائره. قوله: "وكل مضمر إلخ" كان الأولى تقديمه على تقسيم الضمير إلى المتصل وغيره بالكلية أو تأخيره عنه بالكلية ولا يخفى أنه لا يستفاد بناء الضمائر جميعها من قوله سابقًا كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا وإن زعمه البعض حتى تلتمس فائدة لذكر هذا بعد قوله كالشبه إلخ إذ المستفاد من قوله: كالشبه إلخ بناء التاء ونا فقط. قوله: "يجب" أي يلزم فاندفع ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من أنه لا يلزم من الوجوب الحصول بالفعل وحينئذٍ لا يستفاد من كلامه أنها مبنية بالفعل نظير ما قيل في قوله: وكل حرف مستحق للبنا قوله: "وهي من معاني الحروف" أي من المعاني النسبية التي حقها أن تؤدي بالحروف قال ابن غازي وقد أديت بالفعل بأحرف المضارعة وباللواحق في نحو إياي إيانا إياك إياه بناء على أنها حروف لا ضمائر ومقتضى هذا أن مثل أحرف المضارعة كلمات اصطلاحية وهو قول الرضي كما قدمنا. قوله: "مشابهته في الافتقار" اعترض بأن الافتقار لا يوجب البناء إلا إذا كان إلى جملة. قوله: "في الجمود" أي عدم التصرف كما يدل عليه قوله فلا يتصرف إلخ. قوله: "فلا يتصرف في لفظه" فلا يثنى ولا يجمع وأما هما وهم ونحن فأسماء للاثنين والجماعة دماميني. قوله: "الاستغناء عن الإعراب" أي مشابهة الحرف في الاستغناء إلخ قال سم: فيه بحث إذ مقتضى كون البناء للاستغناء أن لا يكون لها محل من الإعراب فإنه إذا كان مستغنى عنه فلا معنى لإثباته في المحل ولا فائدة لذلك. ا. هـ. وقد يجاب بإن إثباته في المحل لطرد أبواب الفاعل والمفعول والمضاف إليه ونحوها على وتيرة واحدة فتأمل. قوله: "باختلاف صيغه" الباء سببية متعلقة بالاستغناء واللام في قوله لاختلاف المعاني لتعليل اختلاف الصيغ قال البعض: المراد باختلاف صيغه اختلاف ألفاظه أعم من أن يكون اختلاف مادة كما بين هو ونحن وبين أنت وإياه أو هيئة كما بين تاء المتكلم وتاء المخاطب وتاء المخاطبة والمراد باختلاف المعاني اختلافها حقيقة كأنا للمتكلم وأنت للمخاطب وهو للغائب أو باختلاف محالها من الإعراب كالمتكلم له في الرفع تاء مضمومة وفي النصب والجر ياء والمخاطب له في الرفع مع التذكير تاء مفتوحة ومع التأنيث تاء مكسورة وفي النصب والجر مع التذكير كاف مفتوحة ومع التأنيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 للرفع والنصب وجر نا صلح ... كاعرف بنا فإننا نلنا المنح   ولعل هذا هو المعتبر عند الشيح في بناء المضمرات. ولذلك عقبه بتقسيمها بحسب الإعراب كأنه قصد بذلك إظهار علة البناء فقال: "ولفظ ما جر كلفظ ما نصب" نحو أنه وله، ورأيتك ومررت بك "للرفع والنصب وجر نا" الدال على المتكلم المشارك أو المعظم   كاف مكسورة فأغنى ذلك عن إعراب الضمير لأن المقصود من الإعراب الامتياز وهو حاصل. ا. هـ. بإيضاح ولا يخفى أنه لا دخل لاختلاف بعض المواد كهو ونحن واختلاف الهيئة واختلاف المعاني حقيقة في سبب الاستغناء عن الإعراب فالأنسب حمل اختلاف الألفاظ على اختلاف بعض موادها كأنت وإياه ونحن وإياك وحمل المعاني على المعاني التي تقتضيها العوامل كالفاعلية والمفعولية لأن ما ذكر هو الذي له دخل في استغناء الضمير عن الإعراب فتأمل. هذا ولا يضر في كون اختلاف الصيغ لاختلاف المعاني سببًا في استغناء الضمير عن الإعراب اشتباه صيغ المنصوب بصيغ المجرور ولا صلاحية نا للأحوال الثلاثة كما لم يضر اشتباه النصب بالجر في جمع المؤنث السالم وما لا ينصرف وغاية ذلك أن يكون اختلاف الصيغ لاختلاف المعاني أغلبيا. قوله: "ولعل هذا إلخ" قال الشنواني: يعارضه قوله السابق كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا. قوله: "عقبه بتقسيمها" أي إلى صيغ مختلفة وقوله بحسب الإعراب أي المحلي فلا اعتراض بأن المضر مبني وبأن تقسيمها بحسب الإعراب يقتضي أنها معربة فكيف بتضمن علة البناء نعم يرد على ابن الناظم أنه إنما عقبها بصلاحية ضمير الجر المتصل للنصب وصلاحية نا للأحوال الثلاثة وصلاحية الألف والواو والنون للغائب والمخاطب وليس هذا سببًا للبناء بل ينبغي أن يكون سببًا للإعراب إلا أن يقال محط التعقيب قوله وذو ارتفاع إلخ. قوله: "كأنه قصد بذلك إظهار علة البناء" لأنه إذا ذكر أن صيغة الضمير الذي يقع في محل رفع غير صيغة الضمير الذي يقع في محل نصب وهكذا علم أنها تتميز باختلاف الصيغ فتستغنى عن الإعراب فتبنى. قوله: "ولفظ ما جر" الإضافة للبيان والمراد الجر محلًّا والنصب محلًّا والرفع محلًّا فلا يرد أن المضمرات واجبة البناء والجر والنصب والرفع أنواع للإعراب وإنما قال: ولفظ ما جر كلفظ ما نصب ولم يقل: ولفظ ما نصب كلفظ ما جر لينبه من أول وهلة على أن كلامه في المتصل إذ المجرور من خواصه فالمعنى ولفظ ما جر من الضمائر المتصلة كلفظ ما نصب منها فاندفع اعتراض ابن هشام بأن مشابهة ضمير الجر لضمير النصب خاصة بالمتصل فكيف يطلق. قوله: "كلفظ ما نصب" ولو مع اختلاف الحركة نحو به وضربته. قوله: "نحو أنه وله" ونحو بي وإني. قوله: "للرفع" متعلق بصلح وقدم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ لجواز تقدمه عند البصريين إذا كان الخبر الفعلي متصرفًا كما هنا وإن لم يجز تقدم عامله الذي هو الخبر الفعلي وقولهم: جواز تقدم المعمول يؤذن بجواز تقدم العامل أغلبي. قوله: "وجر" عطف النكرة على المعرفة كما عطف المعرفة على النكرة في قوله بعد وألف والواو إلخ إشارة إلى جواز ذلك ولقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 والف والواو والنون لما ... غاب وغيره كقاما واعلما   نفسه "صلح" مع اتحاد المعنى والاتصال "كاعرف بنا فإننا نلنا المنح" فنافى بنا في موضع جر بالياء، وفي فإننا في موضع نصب بأن وفي نلنا في موضع رفع بالفاعلية، وأما الياء وهم فإنهما يستعملان للرفع والنصب والجر لكان لا يشبهان نا من كل وجه، فإن الياء وإن استعملت للثلاثة وكانت ضميرًا متصلًا فيها إلا أنها ليست فيها بمعنى واحد؛ لأنها في حالة الرفع للمخاطبة نحو اضربي، وفي حالة الجر والنصب للمتكلم نحو لي وإني. وهم تستعمل للثلاثة وتكون فيها بمعنى واحد إلا أنها في حالة الرفع ضمير منفصل، وفي الجر والنصب ضمير متصل "وألف والواو والنون" ضمائر رفع بارزة متصلة "لما غاب وغيره" أي المخاطب فالغائب "كقاما" وقاموا وقمن "و" المخاطب نحو "اعلما" واعلموا واعلمن. تنبيه: رفع توهم شمول قوله وغيره المتكلم بالتمثيل ولما كان الضمير المتصل على   أحسن المصنف حيث اكتفى بهذه الإشارة هنا عن التصريح بالمسألة في باب العطف. قوله: "أو المعظم نفسه" ظاهر عبارة الشارح وغيره إن استعمال نا ونون المضارعة في المعظم نفسه حقيقة وفي الدماميني أن بعضهم قال: إنما يستعمل المعظم لنفسه نون المضارعة في نفسه وحدها حيث ينزل نفسه منزلة الجماعة مجازًا. ا. هـ. ومثلها نا. قوله: "صلح" بفتح اللام وضمها والفتح أوفق بالقافية لعدم اختلاف ما قبل الروي عليه. قوله: "كاعرف بنا" أي اعترف بقدر نا. قوله: "بالفاعلية" أي بسبب الفاعلية أو الباء بمعنى على ولو قال بالفعل لكان أوضح. قوله: "وأما الياء وهم إلخ" جواب عن سؤال تقديره لم خص المصنف نا بذكر الصلاحية للأحوال الثلاثة مع أن الياء وهم أيضًا صالحان لها. قوله: "لكن لا يشبهان نا من كل وجه إلخ" اعترض بأن هذا ظاهر بالنسبة لما مثل به ونحوه لا مطلقًا لأن الياء تكون بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة في نحو أعجبني كوني مسافرًا إلى أبي فإنها في الجميع للمتكلم ومحلها نصب في الأول ورفع في الثاني وجر في الثالث وهم يكون ضميرًا متصلًا في الأحوال الثلاثة في نحو أعجبهم كونهم مسافرين إلى آبائهم فإنها ضمير متصل في الجميع ومحلها نصب في الأول ورفع في الثاني وجر في الثالث والجواب أن وقوع الياء وهم فيما ذكر في محل رفع عارض نشأ من كون المضاف كالفعل يطلب مرفوعًا والكلام فيما هو مشترك بين الثلاثة بطريق الأصالة. قوله: "والواو" ندر حذفها والاستغناء عنها بالضمة قبلها كقوله: فلو أن الأطبا كان حولي ... وكان من الأطباء الأساة وكقراءة طلحة: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون} [المؤمنون: 1] ، بضم الحاء والجري على لغة أكلوني البراغيث كما في الكشاف وبهذه القراءة يرد على قول أبي حيان أن ذلك ضرورة وسمع ذلك مع الأمر أيضًا أفاده الدماميني. قوله: "ضمائر رفع بارزة" أي إذا اتصلت بالأفعال كما في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 ومن ضمير الرفع ما يستتر ... كافعل أوافق نعتبط إذ تشكر   نوعين بارز وهو ما له وجود في اللفظ ومستتر وهو ما ليس كذلك وقدم الكلام على الأول شرع في بيان الثاني بقوله: "ومن ضمير الرفع" أي لا النصب ولا الجر "ما يستتر" وجوبًا أو جوازًا فالأول هو الذي لا يخلفه ظاهر ولا ضمير منفصل، وهو المرفوع بأمر الواحد المخاطب. "كافعل" يا زيد، أو بمضارع مبدوء بهمزة المتكلم مثل "أوافق" أو بنون المتكلم المشارك أو المعظم نفسه مثل "نغتبط" أو بتاء المخاطب نحو "إذ تشكر" أو بفعل استثناء كخلا وعدا ولا يكون في نحو قاموا ما خلا زيدًا وما عدا عمرًا ولا يكون بكرًا، أو بأفعل التعجب نحو ما أحسن الزيدين، أو بأفعل التفضيل نحوهم أحسن أثاثًا، أو باسم فعل ليس بمعنى المضي كنزال ومه وأف وأوه. والثاني هو الذي يخلفه الظاهر أو   مثاله فالألف والواو في نحو الضاربان والضاربون حرفان والفاعل مستتر. قوله: "ما له وجود في اللفظ" أي ولو بالقوة فيدخل الضمير المحذوف فإن له وجودًا في اللفظ بالقوة لا مكان النطق به بخلاف المستتر فإنه لا وجود له في اللفظ لا بالفعل ولا بالقوة لعدم إمكان النطق به بل هو أمر عقلي فحصل الفرق بين المستتر والمحذوف: قال اللقاني: فإن قلت فالمحذوف أحسن حالًا من المستتر والأمر بالعكس ولذا اختص المستتر بالعمدة. قلت: المستتر متصف بدلالة العقل واللفظ والمحذوف زالت عنه دلالتهما ولذا احتاج إلى قرينة ودلالتها أضعف من دلالتهما. ا. هـ. ومن ثم كان المستتر في حكم الموجود بخلاف المحذوف ولهذا إذا سمي بيضرب ممن زيد يضرب حكى كما تحكي الجمل وإذا سمي بقائم من أيهم قائم بحذف صدر الصلة أعرب ولا يحكى إذ ليس جملة كما قاله الروداني. قوله: "ومستتر" تصريح بأن المستتر قسم من المتصل وهو أصح أقوال ثلاثة ثانيها منفصل ثالثها واسطة. قوله: "أي لا النصب ولا الجر" أخذه من تقديم الخبر وقوله وجوبًا أو جوازًا أي استتارًا ذا وجوب أو ذا جواز. قوله: "لا يخلفه ظاهر" أي لا يحل محله بأن لا يرتفع بعامله. قوله: "بأمر الواحد" خرج أمر الواحدة والاثنين والجمع فالضمير فيها بارز. وقوله المخاطب بيان للواقع وأما نهي الواحد المخاطب فهو داخل في الفعل المبدوء بتاء الخطاب وبهذا يعرف ما في كلام البعض. قوله: "أو بمضارع" أي مذكور لأنه إذا حذف المضارع برز الضمير منفصلًا كما سيأتي. قوله: "أو بتاء المخاطب نحو إذ تشكر" لا يخفى أنه يحتمل أن تكون التاء في مثال المتن للتأنيث كهند تشكر بل هو أولى ليكون الناظم ممثلًا للمستتر جوازًا أيضًا وخرج بإضافة تاء إلى المخاطب الضمائر المرفوع بمضارع مبدوء بتاء المخاطبة والمخاطبين والمخاطبتين والمخاطبين والمخاطبات فإنها بارزة. قوله: "أو بفعل استثناء" لأنه لكثرة استعماله أجروه مجرى الأمثال التي تلزم طريقة واحدة. قوله: "أو بأفعل التفضيل" أي في غير مسألة الكحل وبدون ندور فلا يرد أن أفعل التفضيل يرفع الظاهر باطراد في مسألة الكحل وبندور في غيرها نحو مررت برجل أفضل منه أبوه. قوله: "أو باسم فعل" زاد بعضهم الصفة الجارية على من هي له فعلًا أو غيره لأن بروزه يوهم جريانها على غير من هي له وزاد في التصريح المرفوع بالمصدر النائب عن فعله نحو {فَضَرْبَ الرِّقَاب} [محمد: 4] وأما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الضمير المنفصل وهو المرفوع بفعل الغائب أو الغائبة أو الصفات المحضة قال في التوضيح: هذا تقسيم ابن مالك وابن يعيش وغيرهما، وفيه نظرًا إذ الاستتار في نحو زيد قام واجب فإنه لا يقال قام هو على الفاعلية، وأما زيد قام أبوه أو قام إلا هو فتركيب آخر.   زيادة فاعل نعم وبئس إذا كان ضميرًا فغير صحيحة كما يعلم من ضابطي واجب الاستتار وجائزه. قوله: "ليس بمعنى المضي" أما الذي بمعناه فمرفوعه جائز الاستتار لأنه يخلفه الظاهر ويجمع رفعه الظاهر والضمير قولك هيهات العقيق هيهات على أنه من تأكيد الجمل. قوله: "كنزال ومه" فالضمير فيهما مستتر وجوبًا سواء كانا لمفرد مذكر أو غيره، نحو نزال يا زيد ويا زيدان ويا زيدون ويا هند ويا هندان ويا هندات، وكذا كل اسم فعل أمر. قوله: "يخلفه الظاهر" أي يحل محله بأن يرتفع بعامله. قوله: "بفعل الغائب أو الغائبة" أي غير ما تقدم من فعلي الاستثناء والتعجب. قوله: "المحضة" أي التي لم يغلب عليها الاسمية ومثلها الظرف والجار والمجرور أما غير المحضة كالأبطح والأجرع فغير متحملة للضمير أصلًا وكان عليه أن يقول أو باسم فعل ماض نحو هيهات العقيق هيهات بناء على أنه من تأكيد الجمل كما مر وأما تمثيل المصرح بزيد هيهات فإنما يصح على القول بأن اسم الفعل يتأثر بالعامل وهو خلاف المشهور على ما قاله الروداني وفيه نظر لأن الاختلاف إنما هو في تأثر اسم الفعل نفسه أما تأثر الجملة المركبة منه ومن فاعله محلًا فما أظن أحدًا يمنعه فتأمل. ولعل الشارح لم يزده لنقصانه عن فعل الغيبة والصفات المحضة بعدم رفعه الضمير البارز والظاهر المحصور كما نقله شارح الجامع عن ارتشاف أبي حيان. قوله: "وفيه نظر" قال سم حيث فسر المستتر جوازًا بما يخلفه الظاهر أو الضمير المنفصل في الرفع بعامله لم يرد هذا الاعتراض وإنما يرد لو فسر بما يجوز إبرازه على الفاعلية ولا مشاحة في الاصطلاح فمعنى وجوب الاستتار وجوازه عندهم وجوب كون المرفوع بالعامل ضميرًا مستترًا وعدم وجوب ذلك لا وجوب استتار الضمير المستتر بأن لا يجوز بروزه وعدم وجوبه بأن يجوز بروزه إذ ليس لنا ضمير مستتر يجوز بروزه فقول الموضح إذ الاستتار إلخ إن أراد وجوب الاستتار بمعناه عندهم منع وإن أراد بمعناه عنده كان مشاحة في الاصطلاح على أن تقسيم الاستتار بالمعنى الذي بيناه هو عين التقسيم الذي جعله التحقيق لا فرق بينهما إلا باعتبار أن المقسم في تقسيمهم هو الضمير المستتر باعتبار العامل وفي تقسيمه عكسه. ا. هـ. مع بعض تلخيص. قوله: "فإنه لا يقال قام هو على الفاعلية" أي حتى يلزم بروز الضمير المستتر فيكون استتاره جائزًا وبحث في هذا النفي بأن سيبويه أجاز في قوله تعالى: {أَنْ يُمِلَّ هُو} [البقرة: 282] وقولك مررت برجل مكرمك وهو كون الضمير فاعلًا وكونه تأكيدًا وإن استشكل بأن القاعدة أن لا فصل مع إمكان الوصل إلا فيما استثنى وليس هذا منه فعلى قياس ما ذكره سيبويه يجوز أن يقال قام هو على الفاعلية. قوله: "فتركيب آخر" فيه أن هذا لا يضرهم أصلًا إذ لم يشترطوا في الخلفية اتحاد التركيب وكلامهم في الضابط لا يدل على اشتراطه أصلًا وبتحقيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وذو ارتفاع وانفصال أنا هو ... وأنت والفروع لا تشتبه وذو انتصاب في انفصال جعلا ... وإياي، والتفريع ليس مشكلا   والتحقيق أن يقال: ينقسم العامل إلى ما لا يرفع إلا الضمير، كأقوم، وإلى ما يرفعهما كقام. ا. هـ. تنبيه: إنما خص ضمير الرفع بالاستتار لأنه عمدة يجب ذكره، فإن وجد في اللفظ فذاك وإلا فهو موجود في النية والتقدير، بخلاف ضميري النصب والجر فإنهما فضلة ولا داعي إلى تقدير وجودهما إذا عدما من اللفظ "وذو ارتفاع وانفصال أنا" للمتكلم و"هو" للغائب "وأنت" للمخاطب "والفروع" عليها واضحة "لا تشتبه" عليك "وذو انتصاب في انفصال جعلا. إياي" وفروعه "والتفريع ليس مشكلًا" فتلخص أن الضمير على خمسة   المقام على هذا الوجه يعلم ما في تأييد البعض النظر من النظر. قوله: "إلى ما لا يرفع إلا الضمير" أي المستتر كما يؤخذ من المقام أي بطريق الأصالة فلا يرد أن أقوم مثلًا يرفع البارز المؤكد للمستتر بناء على أن العامل في التابع هو العامل في المتبوع لأنه بطريق التبعية للمستتر. قوله: "وإلى ما يرفعهما" أي الضمير والظاهر وعبارة التوضيح وإلى ما يرفعه وغيره ولو أتى بها لكان أحسن. قوله: "يجب ذكره" أي لفظًا أو تقديرًا أو المراد بذكره اعتباره. قوله: "والتقدير" قال شيخنا عطف تفسير. قوله: "ولا داعي إلى تقدير وجودهما" أي غالبًا فلا يعترض بأنه قد يكون هناك داع إلى تقديرهما كربط الصفة أو الصلة أو الخبر أو الحال بهما. قوله: "وذو ارتفاع" أي محلًا وكذا يقال فيما بعد. قال الروداني: ينبغي تقييد ما ذكره المصنف بكونه على وجه الكثرة والأصالة والإطراد حتى لا ينتقض بنحو أنا كأنت فإنه قليل ولا بما أكد به المنصوب أو المجرور كما يأتي في باب التوكيد فإنه بطريق النيابة ولا بنحو يا أنت لأنه في محل نصب فإن ذلك شاذ لا مطرد. ا. هـ. قوله: "أنا إلخ" وقد تنوب الثلاثة عن ضمير الجر فتجر بالكاف نحو أنا كأنت وأنت كأنا وأنت كهو. قوله: "هو" قال في التسهيل: وتسكين هاء هو وهي بعد الواو والفاء واللام وثم جائز وقد تسكن بعد همزة الاستفهام وكاف الجر اضطرارًا وقد تحذف الواو والياء اضطرارًا وتسكنهما قيس وأسد وتشددهما همدان. ا. هـ. بزيادة كلمة من الدماميني. قوله: "والفروع عليها" أي المتفرعة عليها. قوله: "في انفصال" أي مع انفصال والظاهر أن قوله هنا في انفصال وقوله قبل وانفصال للتفنن. قوله: "إياي" قال الغزي في شرحه اقتصر الناظم هنا على المتكلم فقط ولم يذكر المخاطب وهو إياك والغائب وهو إياه كما فعل في المرفوع أي مع أن الثلاثة أصول في الموضعين لأن جميع المراتب الثلاث هنا اللفظ فيها واحد وإنما اختلف بتكلم أو خطاب أو غيبة في آخره فلذلك قال والتفريع أي على إياي ليس مشكلًا. ا. هـ. ولا بعد في جعل الأصلين فرعين لإياي قال في الهمع وفي أيا سبع لغات قرئ بها تشديد الياء وتخفيفها مع الهمزة وإبدالها هاء مسكورتين ومفتوحتين فهذه ثمانية يسقط منها فتح الهاء مع التشديد وأشهرها كسر الهمزة مع التشديد وبها قرأ الجمهور. قوله: "والتفريع" لما ذكر هنا أصلًا واحدًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أنواع: مرفوع متصل، ومرفوع منفصل، ومنصوب متصل، ومنصوب منفصل، ومجرور ولا يكون إلا متصلًا. تنبيه: مذهب البصريين أن ألف زائدة والاسم هو الهمزة والنون. ومذهب الكوفيين واختاره الناظم أن الاسم مجموع الأحرف الثلاثة، وفيه خمس لغات ذكرها في التسهيل: فصحاهن إثبات ألفه وقفًا وحذفها وصلًا. والثانية إثباتها وصلًا ووقفًا وهي لغة تميم. والثالثة هنا بإبدال همزة هاء. والرابعة آن بمدة بعد الهمزة. قال الناظم: من قال آن فإنه قلب أنا كما قال بعض العرب راء في رأي. والخامسة أن كعن حكاها قطرب. وأما هو فمذهب البصريين أنه بجملته ضمير وكذلك هي. وأما وهم وهن فكذلك عند أبي علي وهو   وذكر فيما قبله أصولًا ثلاثة عبر هنا بالتفريع وعبر فيما قبله بالفروع ليكون الواحد مع الواحد والجماعة مع الجماعة. قوله: "فتلخص" أي من جموع كلامه حيث أشار إلى المرفوع المتصل بقوله: وألف إلخ وقوله: ومن ضمير إلخ وإلى المرفوع المنفصل بقوله: وذو ارتفاع إلخ وإلى المنصوب والمجرور المتصلين بقوله: كالياء والكاف إلخ. وقوله: ولفظ ما جر كلفظ إلخ. وإلى المنصوب المنفصل بقوله: وذو انتصاب إلخ وإلى المتصل المرفوع والمنصوب والمجرور بقوله: للرفع والنصب إلخ. قوله: "على خمسة أنواع" تحت النوع الأول الذي هو المرفوع المتصل ستة عشر ضربت ضربنا ضربت ضربت ضربتما ضربتم ضربتن ضرب ضربت ضربا ضربوا ضربن أضرب نضرب تضرب اضربي وأما اضربا وضربتا فهما وضربا قسم واحد لاتحاد لفط الضمير فيها وكذا ضربوا واضربن مع ضربوا وضربن وكذا تضربين مع اضربي وكذا اضرب مع تضرب والاثنا عشر الأول تجري نظائرها في الأنواع الأربعة الباقية فجملة الضمائر أربعة وستون وبما ذكرنا يعرف ما في كلام البعض وغيره من القصور. قوله: "مذهب البصريين إلخ" تظهر فائدة الخلاف فيما إذا سمينا به فعلى أن الضمير مجموع الحروف يعرب لأن سبب البناء قد زال وعلى أنه أن يحكى لكونه مركبًا من اسم وحرف نقله يس. قوله: "هو الهمزة والنون" أي وزيدت الألف وقفًا لبيان الحركة فهي كهاء السكت. قوله: "والثالثة هنا" انظر هل يوافق أهل هذه اللغة أهل اللغة الأولى في الألف الأخيرة أو أهل اللغة الثانية لم أر من صرّح بذلك والأقرب الأول. قوله: "فإنه قلب أنا" أي قلبًا مكانيًا وهو تقديم الحرف عن مكانه أو تأخيره عنه واستشكل الدماميني كونه قلبًا بأن الحرف وشبهه بريء من الصرف والقلب نوع منه. قوله: "حكاها" أي اللغة الخامسة. قوله: "وأما هما وهم وهنّ" أي المنفصلات. قوله: "وقيل غير ذلك" هو ما ذهب إليه الكوفيون من أن الهاء من هو وهي الضمير والواو والياء إشباع وهو ضعيف وما ذهب إليه جمهور البصريين من أن الميم والألف في هما والميم في هم والنون في هن حروف زائدة والضمير الهاء فقط. قوله: "فالضمير عند البصريين أن إلخ" وذهب الفرّاء إلى أن الضمير مجموع أن والتاء وذهب ابن كيسان إلى أن الضمير التاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 وفي اختيار لا يجيء المنفصل ... إذا تأتي أن يجيء المتصل   ظاهر كلام الناظم هنا وفي التسهيل. وقيل غير ذلك. وأما أنت فالضمير عند البصريين أن، والتاء حرف خطاب كالاسم لفظا وتصرفًا. وأما إياي فذهب سيبويه إلى أن أيا هو الضمير، ولواحقه وهي الياء من إياي والكاف من إياك والهاء من إياه حروف تدل على المراد به من تكلم أو خطاب أو غيبة. وذهب الخليل إلى أنها ضمائر واختاره الناظم "وفي اخيتار لا يجيء" الضمير "المنفصل إذا تأتي أن يجيء" الضمير "المتصل" لأن الغرض من وضع المضمرات إنما هو الاختصار، والمتصل أخصر من المنفصل فلا عدول عنه إلا حيث لم   فقط وكثرت بأن، همع. قوله: "والتاء حرف خطاب" أي حرف جعل له الواضع مدخلًا في الدلالة على الخطاب بمعنى أنه شرط في دلالة الضمير على الخطاب لحاق التاء له قاله الشنواني وبه يندفع ما أورد من أن الضمير هو ما دل على متكلم أو مخاطب أو غائب والدال على الخطاب التاء لا أن كما يفيده ظاهر كلام الشارح ومثل الإيراد والجواب المذكورين يجري في إياي. وأجيب أيضًا عن الإيراد فيها بأن إيا مشتركة بين المتكلم والمخاطب والغائب فيحتاج في فهم المراد منها إلى قرينة تعينه وهي اللواحق فالتكلم والخطاب والغيبة مدلولات لا يا لكن المعين المعين للمراد منها حال استعمالها تلك اللواحق وفي قول الشارح تدل على المراد به إلخ إشارة إلى هذا الجواب. قوله: "كالاسم" أي كالتاء الواقعة اسمًا في نحو ضربت وقوله وتصرفًا أي في الجملة إذ تاء أنت لا تضم ويحتمل أن مراده كتاء الخطاب الواقعة اسمًا وحينئذٍ لا يحتاج إلى قولنا في الجملة. قوله: "وذهب الخليل إلخ" وقيل الضمير هو اللواحق وإيا عماد أي حرف زائد تعتمد عليه اللواحق ليتميز الضمير المنفصل من الضمير المتصل وقيل الضمير اللواحق وإيا اسم ظاهر أضيف إليها. قوله: "إلى أنها ضمائر" أي وإيا مضافة إليها بدليل ظهور الإضافة في قوله فإياه وإيا الشواب إضافة العام للخاص لأن إيا مشتركة كما مر ورد بأنه لو صرح ذلك لوجب إعرابها لأن المبني إذا لزم الإضافة أعرب وما استدل به شاذ والشاذ لا تقوم به حجة. قوله: "واختاره الناظم" وجعل إضافته مع أنه معرفة لزيادة الوضوح كما في: علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم قوله: "وفي اختيار" مفهومه أنه في حال الضرورة يجيء المنفصل مع إمكان المتصل وهو صحيح على قول الجمهور أن الضرورة ما وقع في الشعر وإن كان للشاعر عنه مندوحة أما على قول الناظم أنهما ما ليس للشاعر عنه مندوحة فمشكل إلا أن يراد بإمكان الاتصال عدم المانع الصناعي غير الوزن أو أنه لا مفهوم لقوله وفي اختيار ويدل على هذا صنيع الشارح فإنه لم يأخذ له مفهومًا وجعل الضرورة من أسباب عدم تأتي الاتصال حيث قال: لم يتأت الاتصال لضرورة نظم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يتأت الاتصال لضرورة نظم كقوله: 44- وما أصاحب من قوم فأذكرهم ... إلا يزيدهم حبا إليَّ هم وقوله: 45- بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت ... إياهم الأرض في دهر الدهارير   إلخ. قوله: "لضرورة نظم إلخ" ذكر من أسباب عدم تأتي الاتصال خمسة وبقي عليه أسباب أخر ذكرها في التصريح، منها أن يرفع الضمير بمصدر مضاف إلى منصوب نحو بنصركم نحن كنتم ظافرين أو يرفع بصفة جارية على غير من هي له مطلقًا عند البصريين وبشرط خوف اللبس عند الكوفيين نحو زيد عمرو ضاربه هو وأن يكون عامله حرف نفي نحو ما هنّ أمهاتهم وأن يفصله متبوع نحو يخرجون الرسول وإياكم وأن يلي واو المصاحبة كقوله: فآليت لا أنفك أحذو قصيدة ... تكون وإياها بها مثلًا بعدي وأن يلي إما المكسورة نحو إما أنا وإما أنت ومن الأسباب التي عدها في التصريح أن ينصب بمصدر مضاف إلى المرفوع نحو عجبت من ضرب الأمير إياك ورده الدماميني بجواز اتصاله فاصلًا بين المتضايفين كأن يقال عجبت من ضربك الأمير بجر الأمير. قوله: "فأذكرهم" بالنصب جوابًا للنفي وبالرفع عطفًا على أصاحب والضمير يرجع إلى قومه لا إلى القوم الذين صاحبهم وكذا ضمير يزيدهم بخلاف الضمير المنفصل آخر البيت والمعنى وما أصاحب قومًا فأذكر لهم قومي إلا يزيدون قومي حبًا إليّ لكثرة ثنائهم على قومي والشاهد في هم الأخير الذي هو فاعل يزيد كذا في المغني واستقرب الدماميني أن الذكر قلبي بمعنى التذكر وأن زيادتهم قومه حبًّا إليه لكونه يراهم منحطين رتبة عن قومه وجوز الشمني أن يكون فاعل يزيد ضميرًا يرجع إلى الذكر القلبي المفهوم من فأذكرهم والضمير المنفصل تأكيدًا للمتصل لأنه يؤكد بضمير الرفع المنفصل كل ضمير متصل ولا شاهد على هذا. قوله: "بالباعث" الباء متعلقة بحلفت في بيت   44- البيت من البسيط، وهو لزياد بن منقذ في خزانة الأدب 5/ 250، 255، وسر صناعة الإعراب 1/ 271؛ وشرح التصريح 1/ 104؛ وشرح ديوان الحماسية للمرزوقي ص1392؛ وشرح شواهد المغني 1/ 135، 137، 428؛ وشرح المفصل 7/ 26؛ والشعر والشعراء 2/ 701؛ ومعجم الشعراء ص409؛ والمقاصد النحوية 1/ 256؛ ولبدر بن سعيد أخي زياد "أو المرار" في الأغاني 10/ 330؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 90؛ وتخليص الشواهد ص83؛ ومغني اللبيب 1/ 146. 45- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 214؛ وخزانة الأدب 5/ 288؛ 290؛ والدرر 1/ 195؛ وشرح التصريح 1/ 104؛ والمقاصد النحوية 1/ 274؛ ولأمية بن أبي الصلت في الخصائص 1/ 307، 2/ 195؛ ولم أقع عليه في ديوانه؛ ولأمية أو للفرزدق في تخليص الشواهد ص87؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 129؛ والإنصاف 2/ 698؛ وأوضح المسالك 1/ 92؛ وتذكرة النحاة ص43، وشرح ابن عقيل ص56، 60؛ وهمع الهوامع 1/ 62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 وصل أو افصل هاء سلنيه وما ... أشبهه في كنته الخلف انتمى   الأصل ألا يزيدونهم، وقد ضمنتهم. أو تقدم الضمير على عامله نحو إياك نعبد: أو كونه محصورًا بألا أو إنما نحو {أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف: 40] ونحو قوله: 46- أنا الذائد الحامي الذمار وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي لأن المعنى لا يدافع إلا أنا أو كون العامل محذوفًا أو معنويًّا نحو إياك والشر، وأنا زيد، لتعذر الاتصال بالمحذوف والمعنوي "وصل أو افصل هاء سلنيه وما أشبهه" أي وما أشبه هاء سلنيه من كل ثاني ضميرين أولهما أخص وغير مرفوع والعامل فيهما غير ناسخ   قبله. والباعث هو الذي يبعث الأموات ويحييهم. والوارث هو الذي ترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك والأموات إما مجرور بإضافة الباعث أو الوارث إليه على حد قوله: بين ذراعي وجبهة الأسد أو منصوب بالوارث على أن الوصفين تنازعاه وأعمل الثاني. وضمنت بمعنى تضمنت أي اشتملت عليهم أو بمعنى تكفلت بأبدانهم والدهارير قال في التصريح: بمعنى الشدائد. ا. هـ. وتبعه شيخنا والبعض والذي في القاموس الدهارير أول الدهر في الزمن الماضي بلا واحد والسالف. ودهور دهارير مختلفة. ا. هـ. وقال العيني: وقولهم: دهر دهارير أي شديد كليلة ليلاء ويوم أيوم وساعة سوعاء والإضافة فيه مثل جرد قطيفة. ا. هـ. والموافق لصدر عبارته أن يقول والإضافة فيه مثل مسجد الجامع فافهم. قوله: "أو كونه محصورًا" أي فيه قد يقال ما قبله محصور فيه أيضًا. وأجاب شيخ الإسلام بأن هذه مصطلح علماء المعاني أما النحاة فإنما يكون الحصر عندهم بإنما أو ما وإلا. قوله: "أنا الذائد" بالذال المعجمة أي المانع والحامي من الحماية وهي الوقاية والذمار ما لزم الشخص حفظه مما يتعلق به والحسب الفعل الحسن للشخص ولآبائه مأخوذ من الحساب لأنهم يحسبونه ويعدونه عند المفاخرة. قال السعد التفتازاني لما كان غرضه أن يخص المدافع لا المدافع عنه فصل الضمير وأخره إذ لو قال: وإنما أدافع عن أحسابهم لصار المعنى إنما أدافع عن أحسابهم لا عن أحساب غيرهم وهو ليس بمقصود. قوله: "إياك والشر" أصله احذر تلاقيك والشر. قوله: "وصل أو افصِل إلخ" استثنى هذه الأبواب الثلاثة من القاعدة المتقدمة في قوله: وفي اختيار إلخ وقوله: أو افصل أي ائت بالضمير المنفصل بدلها لأن هاء سلنيه لا يمكن فصلها لأنها لا وجود لها مع الانفصال والهاء الموجودة معه حرف غيبة وقدم الوصل إشارة إلى رجحانه مع الفعل الذي صرح به في عبارته. قوله: "أولهما أخص" أي أعرف فلو لم يكن أعرف وجب الوصل في نحو ضربونا والفصل في نحو أعطاه إياك وإياه وأعطاك إياي أو إياك كما ستعرفه. قوله: "وغير مرفوع" أي فقط فلا يرد   46- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 153؛ وتذكرة النحاة ص85، والجني الداني ص397؛ وخزانة الأدب 4/ 465؛ والدرر 1/ 196؛ وشرح شواهد المغني 2/ 718؛ ولسان العرب 15/ 200 "قلا"، والمحتسب 2/ 195؛ ومعاهد التنصيص 1/ 260؛ ومغني اللبيب 1/ 309؛ والمقاصد النحوية 1/ 277؛ ولأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص48؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 11، 114، 7/ 242؛ وأوضح المسالك 1/ 95؛ ولسان العرب 3/ 311 "أنن"؛ وهمع الهوامع 1/ 62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   للابتداء سواء كان فعلًا نحو سلنيه وسلني إياه، والدرهم أعطيتكه وأعطيتك إياه، والاتصال حينئذ أرجح، قال تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّه} [البقرة: 137] ، {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} [هود: 28] {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا} [محمد: 37] ، {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} [الانفال: 43] ، ومن الفصل أن الله ملككم إياهم. ولو شاء لملكهم إياكم. أو اسمًا نحو: الدرهم أنا معطيكه ومعطيك إياه، والانفصال حينئذ أرجح. ومن الاتصال قوله: 47- لئن كان حبيك لي كاذبًا ... لقد كان حبيك حقًّا يقينا   نحو حبيك في البيت الآتي لأنه وإن كان في محل رفع هو في محل جر أيضًا بالإضافة فلو كان مرفوعًا وجب الوصل إن كان العامل فعلًا نحو ضربته أما إذا كان اسمًا ولا يكون حينئذٍ الضمير الأول المرفوع إلا مستترًا فيجوز اتصال الثاني وانفصاله نحو أنا الضاربك والضارب إياك عند من يعرب الضمير مفعولًا لا مضافًا إليه. أما عند من يعربه مضافًا إليه فيتعين الوصل إذ الضمير المنفصل لا يكون مجرورًا. قوله: "أنلزمكموها إن يسألكموها" الواو فيهما تولدت من إشباع الضمة. ا. هـ. شنواني. قوله: "إذ يريكهم الله إلخ" هذا التمثيل لا يناسب هنا لأن الكلام فيما إذا كان العامل في الضميرين غير ناسخ للابتداء. ويرى في الآية حلمية وهي من نواسخ الابتداء فكان ينبغي ذكرها في أمثلة باب خلتنيه. وأجيب بأن النسخ في الآية إنما هو للمفعول الثاني والثالث لا للأول والثاني إذ الأول فاعل في الأصل فالنسخ ليس للضميرين معًا بل لثانيهما فقط فالآية داخلة فيما نحن فيه لأن المراد بالنسخ المنفي في قولنا غير ناسخ للابتداء نسخ المفعولين معًا فتأمل. وفي الهمع إذا وردت مفاعيل أعلم الثلاثة ضمائر فحكم الأول والثاني حكم باب أعطيت وإن كان بعضها ظاهرًا فإن كان المضمر واحدًا وجب اتصاله أو اثنين أول وثان أو ثالث فكأعطيت أو ثان وثالث فكظننت. قوله: "إن الله ملككم إياهم إلخ" ساقه في التصريح حديثًا والشاهد في هذه الجملة فقط وضمير الغيبة للإرقاء. قوله: "والانفصال حينئذٍ أرجح" لأن عمل الاسم لمشابهته الفعل لا لذاته فهو نازل الدرجة عنه في اتصال الضمير به. قوله: "لئن كان إلخ" لام لئن موطئة للقسم كما قاله العيني والشيخ خالد زاد العيني وتسمى المؤذنة أيضًا لأنها تؤذن بأن الجواب بعد أداة الشرط التي دخلت عليها مبني على قسم قبلها لا على الشرط. ا. هـ. وبذلك يعلم بطلان ما ذكره البعض في البيت الآتي أعني قول للشاعر: لئن كان إياه إلخ من أن الموطئة هي لام لقد فتنبه ولام لقد جواب القسم كما قاله الشيخ خالد. وقول العيني إنه جواب الشرط واللام للتأكيد مردود كما يعلم من صدر عبارته وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه والشاهد في الشطر الثاني فقط وقول العيني الشاهد فيه وفي   47- البيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 97، وشرح التصريح 1/ 107؛ والمقاصد النحوية 1/ 283. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 كذاك خلتنيه واتصالا ... وأختار غيري اختار الانفصالا   وقوله: 48- ومنعكها بشيء يستطاع "وفي" هاء "كنته" وبابه "الخلف" الآتي ذكره "انتمى" أي انتسب، و"كذاك" في هاء "خلتننيه" وما أشبه من كل ثاني ضميرين أولهما أخص وغير مرفوع، والعامل فيهما ناسخ للابتداء "واتصالا أختار" في البابين لأنه الأصل ومن الاتصال في باب كان قوله صلى الله عليه وسلم في ابن صياد: "إن يكنه فلن تسلط عليه، وألا يكنه فلا خير لك في قتله" وقول الشاعر:   الأول لا يلتفت إليه كما نبه الشيخ خالد عليه. قوله: "ومنعكها" مصدر مضاف لفاعله كما قاله العيني وغيره لا لمفعوله الأول بعد حذف الفاعل وها مفعول ثان أي ومنعيكها لأنه لا يناسب سياق القصيدة وضمير الغيبة راجع إلى فرس تسمى سكاب مذكورة في الأبيات قبله كان طلبها بعض الملوك من الشاعر فاستعطفه ليرجع عن طلبه إياها؛ والباء إما صلة المنع ويستطاع خبر منع أي منعك إياها مني بأي شيء أردت مستطاع لك هين عليك فلا ينبغي أن توجه همتك العلية إليها وإما زائدة في خبر منع ويستطاع صفته وصدر البيت: فلا تطمع أبيت اللعن فيها وأبيت اللعن كانت تحية الملوك في الجاهلية أي أبيت أسباب لعن الناس لك والواو في ومنعكها للحال من فاعل تطمع أو مجرور في لا للعطف لما يلزم عليه من عطف الخبر على الإنشاء من شرح شواهد المغني للسيوطي وشرح الشواهد للعيني وغيرهما. قوله: "وبابه" أي أخوات كان سواء كان الاسم ضميرًا كالمثال أم لا نحو الصديق كأنه زيد ومحل جواز الوجهين في كان وأخواتها في غير الاستثناء أما فيه فيجب الفصل نحو زيد قام القوم ليس إياه ولا يكون إياه فلا يجوز ليسه ولا يكونه كما لا يجوز إلاه فكما لا يقع المتصل بعد إلا لا يقع بعد ما هو بمعناها والظاهر أن كاد وأخواتها لا تدخل في باب كان لأن خبرها يجب كونه فعلًا مضارعًا إلا في ندور وجزم في شرح التسهيل بأن ذلك خاص بكان وأن الفصل متعين في أخواتها وأن قولهم ليسى وليسك شاذ. قوله: "الخلف" أي في الراجح من الوجهين كما يشير إليه قول الشارح الآتي ذكره فلا خلاف في جوازهما. قوله: قوله صلى الله عليه وسلّم أي لعمر بن الخطاب حين أراد قتل ابن صياد ظنًّا منه أنه الدجال ولعل هذا الترديد منه عليه الصَّلاة والسَّلام قبل أن يعرف تفصيل حال   48- صدر البيت: فلا تطمع أبيت اللعن فيها وهو من الوافر، وهو لعبيدة بن ربيعة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص211، ولرجل من تميم في تخليص الشواهد ص89، وله أو لعبيدة بن ربيعة في خزانة الأدب 5/ 267، 299؛ ولرجل من تميم أو لقحيف العجلي في شرح شواهد المغني 1/ 338؛ والمقاصد النحوية 1/ 302؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص55؛ ورصف المباني ص150؛ ومغني اللبيب 1/ 110. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   49- فإن لا يكنها أو تكنه فإنه ... أخوها غذته أمه بلبانها وأما الاتصال في باب خال فلمشابهة خلتنيه وظننتكه بسألتنيه وأعطيتكه وهو ظاهر ومنه قوله: 50- بلغت صنع امرئ بر إخالكه ... إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتدرا وأما "غيري" سيبويه والأكثر فإنه "اختار الانفصالا" فيهما؛ لأن الضمير في البابين خبر في الأصل وحق الخبر الانفصال وكلاهما مسموع. فمن الأول قوله: 51- لئن كان إياه حال بعدنا ... عن العهد والإنسان قد يتغير ومن الثاني قوله: 52- أخي حسبتك إياه وقد ملئت ... أرجاء صدرك بالأضغان والإحن   الدجال. قوله: "فإن لا يكنها إلخ" قبله: دع الخمر يشربها الغواة فإنني ... رأيت أخاها مغنيًا بمكانها يخاطب غلامًا له ينهاه عن الخمر دون نبيذ الزبيب وهو المراد بأخيها واللبان بالكسر اللبن والضمير المستتر في يكنها يرجع إلى أخيها والبارز إليها وقوله: أو تكنه بالعكس والمراد بأمه شجرة الكرم. قوله: "وأما الاتصال إلخ" لا موقع لأما هنا ولو قال عطفًا على قوله لأنه الأصل ولمشابهة خلتنيه إلخ لكان حسنًا. قوله: "وهو ظاهر" أي ما ذكر من المشابهة لأن كلًا من الضميرين في البابين منصوب وأولهما أخص. قوله: "بلغت" الظاهر أنه بتاء المتكلم أي أخبرت بصنع امرئ بر بفتح الباء أي محسن أخالكه بكسر الهمزة على الأفصح وفتحها على القياس. قوله: "لأن الضمير إلخ" رده الناظم في شرح الكافية بأنه يقتضي جواز انفصال الضمير الأول بل رجحانه لأنه مبتدأ في الأصل وهو ممتنع بالإجماع وأجاب الرضى بأن قرب الأول من الفعل منع من رعاية الأصل. قوله: "وكلاهما" أي البابين أي فصليهما مسموع. قوله: "لئن كان إياه" انظر مرجع الضمير وقوله:   49- البيت من الطويل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص162، 306؛ وأدب الكاتب ص407؛ وإصلاح المنطق ص297؛ وتخليص الشواهد ص92؛ وخزانة الأدب 5/ 327، 331؛ والرد على النحاة ص100؛ وشرح المفصل 3/ 107؛ والكتاب 1/ 46؛ ولسان العرب 13/ 371 "كنن"؛ 374 "لبن"؛ والمقاصد النحوية 1/ 310؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 823؛ والمقتضب 3/ 89؛ والمعرب 1/ 96. 50- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 100؛ وشرح التصريح 1/ 108؛ والمقاصد النحوية 1/ 278. 51- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص94؛ وتخليص الشواهد ص93؛ وخزانة الأدب 5/ 312، 313؛ وشرح التصريح 1/ 108؛ وشرح المفصل 3/ 107؛ والمقاصد النحوية 1/ 314؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 102؛ والمقرب 1/ 95. 52- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 99؛ وشرح التصريح 1/ 107، والمقاصد النحوية 1/ 286. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 وقدم الأخص في اتصال ... وقدمن ما شئت في انفصال   تنبيه: وافق الناظم في التسهيل سيبويه على اختيار الانفصال في باب خلتنيه قال: لأنه خبر مبتدأ في الأصل وقد حجزه عن الفعل منصوب آخر، بخلاف هاء كنته فإنه خبر مبتدأ في الأصل، ولكنه شبيه بهاء ضربته في أنه لم يحجزه إلا ضمير مرفوع والمرفوع كجزء من الفعل وما اختار الناظم هنا هو مختار الرماني وابن الطرواة "وقدم الأخص" من الضمريرين في الابواب الثلاثة على غير الاخص منهما وجوبًا "في" حال "اتصال" فقدم ضمير المتكلم على ضمير المخاطب وضمير المخابط على ضمير الغائب كما في سلنيه واعطيتكه وكنته وخلتنيه وظننتكه وحسبتنيك. ولا يجوز تقديم الهاء على الكاف ولا الهاء ولا الكاف على الياء في الاتصال "وقدمن ما شئت" من الاخص وغير الأخص "في انفصال" نحو سلني إياه وسله إياي والدرهم أعطيتك إياه وأعطيته إياك، والصديق كنت إياه وكان إياي، وهكذا إلى آخره: ومنه أن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم. تنبيه: حاصل ما ذكره أن الضمير الذي يجوز اتصاله وانفصاله هو ما كان خبرًا لكان أو إحدى أخواتها، أو ثاني ضميرين أولهما أخص وغير مرفوع، فخرج مثل الكاف من   حال أي تحول. قوله: "أخي حسبتك إياه" الظاهر أن أخي مبتدأ وحسبتك إياه خبر أو أن الكلام من باب الاشتغال لا أن أخي منادى حذف منه حرف النداء كما زعمه العيني ثم رأيت الدنوشري قال ما قلته وقوله: وقد ملئت إلخ جملة حالية والأرجاء جمع رجا بالقصر وهو الناحية والأضغان والأحن جمعا ضغن وإحنة بكسر أولهما وهما الحقد. قوله: "والمرفوع كجزء من الفعل" أي الفصل به كلا فصل. قوله: "وقدم الأخص إلخ" من فوائده التنصيص على تقييد جواز الأمرين في باب سلنيه بتقديم الأخص وأنه إذا قدم غير الأخص تعين الانفصال وأما مجرد قوله وما أشبهه فلا يفيده صريحًا لجواز أن لا يعتبر في الشبه تقديم الأعرف أفاده سم وإنما وجب تقديم الأخص في حال الاتصال كراهة تقديم الناقص على القوي فيما هو كالكلمة الواحدة وإنما قدموه على القوي في نحو ضربتني لتقويه بتوغله في الجزئية بكونه فاعلًا بخلاف ما نحن فيه من الضميرين اللذين ليس أولهما مرفوعًا. قوله: "في الأبواب الثلاثة" فلا يجب تقديم الأخص في غيرهما كضربونا. قوله: "وحسبتنيك" كذا في بعض النسخ بياء المتكلم قبل الكاف وفي بعضها وحسبتكه بلا ياء متكلم بل بكاف بعدها هاء والأول المناسب لقول الشارح بعد ولا الكاف على الياء وأما على الثاني فيكون ولا الكاف على الياء أي في مثال آخر غيرها تقدم فتأمل. قوله: "ولا يجوز تقديم الهاء على الكاف إلخ" أي إلا ما ندر من قول عثمان أراهمني الباطل شيطانًا وقاسه المبرد وكثير من القدماء ولكن الانفصال عندهم أرجح كذا في زكريا. قوله: "وقدمن ما شئت في انفصال" أي في حال انفصال ثاني الضميرين وشرط ذلك أمن اللبس فإن خيف وجب تقديم الفاعل منهما في المعنى نحو زيد أعطيتك إياه ومن هذا تعلم أن الحديث الذي ذكره الشارح ليس من باب التخيير بل تقديم الأخص في الجملة الأولى منه واجب وتقديم غيره في الجملة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 وفي اتحاد الرتبة الزم فصلا ... وقد يبيح الغيب فيه وصلا   نحو أكرمتك ودخل مثل الهاء من نحو قوله: 53- ومنعكها بشيء يستطاع فإن الهاء ثاني ضميرين أولهما وهو الكاف أخص وغير مرفوع لأنه مجرور بإضافة المصدر إليه "وفي اتحاد الرتبة" وهو أن لا يكون فيهما أخص بأن يكونا معًا ضميري تكلم أو خطاب أو غيبة "الرم فصلًا" نحو سلني إياي وأعطيتك إياك وخلته إياه ولا يجوز سلنيني ولا أعطيتكك ولا خلتهه "وقد يبيح الغيب" أي كونهما للغيبة "فيه" أي في الاتحاد "وصلا" من ذلك ما رواه الكسائي من قول بعض العرب: هم أحسن الناس وجوهًا وانضرهموها. وقوله: 54- لوجهك في الاحسان بسط وبهجة أنا ... لهماه قفو أكرم والد وقوله: 55- وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة ... لضغمهما يقرع العظم نابها   الأخيرة منه واجب فافهم. قوله: "أو ثاني ضميرين إلخ" أي سواء كان العامل فيهما ناسخًا أو لا فدخل بابًا سأل وخال. قوله: "وفي اتحاد الرتبة" متعلق بباب سلنيه وخلتنيه لأن من قيودهما كون أحد الضميرين أعرف فذكر في هذا البيت مفهوم هذا القيد أفاده سم. قوله: "الزم فصلًا" أي على الصحيح كما يصرح به قول المرادي أجاز بعضهم الاتصال مع اتحاد الضميرين في التكلم أو الخطاب أو الغيبة مطلقًا وهو ضعيف. ا. هـ. وقوله: مطلقًا أي سواء اختلف ضمير الغيبة فيما يأتي أو اتفقا. قوله: "وخلته إياه" وانعقاد المبتدأ والخبر من مفعولي خال هنا على حد شعري شعري كما قاله زكريا. قوله: "أي كونهما للغيبة" كان الظاهر أن يقول أي وجود ضمير غيبة ليكون لقول المصنف فيه فائدة إذ على تفسير الشارح يصير ضائعًا لعلم اتحاد الرتبة من كونهما ضميري غيبة. قوله: "وأنضرهموهما" الضمير الثاني للوجوه وهي تمييز فيلزم وقوع الضمير فإما أن يجري على القول بأن الضمير العائد على النكرة نكرة أو على المذهب الكوفي أنه لا يشترط في التمييز أن يكون نكرة. قوله: "لوجهك في الإحسان" أي في وقت الإحسان. والبسط البشاشة، والبهجة الحسن، والقفو الاتباع والمراد أن ذلك وراثة من آبائه وليس عارضًا فيه. قوله: "وقد جعلت نفسي إلخ" هذا البيت من قصيدة يرثي بها الشاعر أخاه ويشتكي   53- راجع التخريج رقم 48. 54- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 105؛ وتخليص الشواهد ص9؛ وتذكرة النحاة ص50؛ والدرر 1/ 203؛ وشرح التصريح 1/ 109؛ والمقاصد النحوية 1/ 342؛ وهمع الهوامع 1/ 63. 55- البيت من الطويل، وهو لمغلس بن لقيط في تلخيص الشواهد ص94؛ وخزانة الأدب 5/ 301، 303، 305؛ وشرح شواهد الإيضاح ص75، والمقاصد النحوية 1/ 333؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص381؛ والكتاب 2/ 364؛ ولسان العرب 12/ 357 "ضغم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 وقبل يا النفس مع الفعل التزم ... نون وقاية وليسي قد نظم   وشرط الناظم لجواز ذلك أن يختلف لفظاهما كما في هذه الشواهد. قال: فإن اتفقا في الغيبة، وفي التذكير أو التأنيث، وفي الإفراد أو التثنية أو الجمع ولم يكن الأول مرفوعًا وجب كون الثاني بلفظ الانفصال، نحو فأعطاه إياه ولو قال: فأعطاهوه بالاتصال لم يجز لما في ذلك من استثقال توالي المثلين مع إيهام كون الثاني تأكيدًا للأول. وكذا لو اتفقا في الإفراد والتأنيث نحو أعطاها إياها، أو في التثنية أو الجمع أعطاهما إياهما، أو أعطاهم إياهم. أو أعطاهن إياهن، فالاتصال في هذا وأمثاله ممتنع. هذه عبارته في بعض كتبه. ثم قال: فإن اختلفا وتقاربت الهاء آن نحو أعطاهوها وأعطاها ازداد الانفصال حسنًا وجودة؛ لأن فيه تخلصًا من قرب الهاء من الهاء؛ إذ ليس بينهما فصل إلا بالواو في نحو أعطاهوها وبالألف في نحو أعطاهاه بخلاف انضرهموها وأنا لهماه وشبهه. تنبيه: وقد اعتذر الشارح عن الناظم في عدم ذكره الشرط المذكور بأن قوله وصلًا بلفظ التنكير على معنى نوع من الوصل تعريض بأنه لا يستباح الاتصال مع الاتحاد في الغيبة مطلقًا، بل يقيد وهو الاختلاف في اللفظ "وقبل يا النفس" دون غيرها من المضمرات "مع الفعل" مطلقًا "التزم نون وقاية" مكسورة نحو دعاني، ويكرمني، وأعطني،   من قريبين له يؤذيانه. والضغمة العضة يكنى بها عن الشدة لعض الإنسان عندها على يده. واللام في لضغمة بمعنى الباء وفي لضغمهماها للتعليل والضميران مفعولان لضغم: الأول مفعول به والثاني مفعول مطلق فهو مصدر حذف فاعله أي لأجل ضغم الدهر القريبين إياها أي مثل الضغمة التي ضغمت بها. ويقرع العظم نابها صفة لضغمة أفاده زكريا. والإضافة في نابها لأدنى ملابسة. قوله: "يختلف لفظاهما" بأن يكون أحدهما مذكرًا والآخر مؤنثًا، أو مفردًا والآخر مثنى أو جمعًا، أو مثنى والآخر جمعًا كما يفيده ما بعد. قوله: "ولم يكن الأول مرفوعًا" احترز به عن نحو الدرهم زيد أعطاه، والزيدون العمرون أعطوهم، فلا يجب الفصل هنا لأن استتار الضمير الأول في الأول ومخالفته للثاني لفظًا في الثاني مانع من توالي المثلين المستثقل واختلاف المحل مانع من إيهام التأكيد. ومن مثل كالبعض بنحو زيد ضربه عمرو فقد أخطأ من وجهين لأنه خروج عما الكلام فيه وهو باب سلنيه وخلتنيه ولأنه ليس في هذا المثال إلا ضمير واحد. قوله: "لم يجز" في كلام سيبويه ما يدل على الجواز حيث قال والكثير في كلامهم أعطاه إياه وينبغي أن جواز ذلك عند الفصل بين الهاءين بواو الإشباع كما في عبارة الشارح وأنه إذا لم يؤت بها تعين الانفصال. قوله: "وكذا" أي كاتفاقهما في الافراد والتذكير في نحو أعطاه إياه. قوله: "وتقاربت الهاءان" وبالأولى إذا توالتا نحو أعطاهما. قوله: "ازداد الانفصال إلخ" يقتضي أن الانفصال عند تباعد الهاءين حال الاتحاد حسن وجيد، وهو كذلك كما يستفاد من كلام الناظم. قوله: "على معنى نوع إلخ" أي ووكل بيان ذلك النوع إلى الموقف. قوله: "مطلقًا" أي ماضيًا أو مضارعًا أو أمرًا متصرفًا أو جامدًا كما مثل. قوله: "نون وقاية" نقل يس عن بعضهم أنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقام القوم ما خلاني، وما عداني وحاشاني، إن قدرتهن أفعالًا؛ وما أحسنني إن اتقيت الله، وعليه رجلًا ليسنى، وندر ليسى بغير نون كما أشار إليه بقوله: "وليسي قد نظم" أي في قوله: 56- إذ ذهب القوم الكرام ليسي وجوز الكوفيون ما أحسني بناء على ما عندهم من أنه اسم لا فعل. وأما نحو تأمروني فالصحيح أن المحذوفة نون الرفع.   عدها في حروف المعاني وأن المعنى الموضوعة له. الوقاية واستشكله الروداني بأن الوقاية ليست مدلول النون بل حاصلة به كما تحصل بأي حرف لو فرض الحجزر به. وقال الدنوشري: الظاهر أنها حرف مبني وذكر المغني لها في أوجه النون المفردة يفيد أنها حرف معنى. قوله: "مكسورة" أي مناسبة لياء المتكلم. قوله: "إن قدرتهن أفعالًا" فإن قدرتهن حروفًا أسقطت نون الوقاية وفيه أن تقدير الحرف لا يظهر في ما خلا وما عدا لوجود ما المصدرية التي لا توصل إلا بالفعل ولا يظهر جعل ما زائدة. فقوله: إن قدرتهن أفعالًا لا يظهر إلا في حاشا كذا في يس عن اللقاني، ولهذا قال في المغني وحاشا إن قدرت فعلًا. ويمكن دفعه بجعل المفهوم بالنسبة لغير حاشا باعتبار غير هذا التركيب مما ليس فيه ما فتأمل. قوله: "وعليه رجلًا ليسني" في المغني أنه قاله بعضهم وقد بلغه أن إنسانًا تهدده أي ليلزم رجلًا غيري. ا. هـ. فمدلول اسم الفعل هنا ليس فعلًا موضوعًا للأمر بل فعل مضارع مقرون بلام الأمر وهذا شاذ لأن الفعل والحرف مختلفا الجنس فينبغي أن لا ينوب عنهما الاسم. قوله: "وندر ليس بغير نون" وإنما جاز حذف النون فيها لأنها لا تتصرف فأشبهت الحروف الآتي بيانها. زكريا. قوله: "إذ ذهب إلخ" صدره: عددت قومي كعديد الطيس بفتح الطاء أي الرمل الكثير. وفي قوله ليس شذوذ آخر من جهة الوصل لما تقدم من وجوب الفصل مع فعل الاستثناء. قوله: "نحو تأمروني" بنون واحدة مخففة. قوله: "فالصحيح أن المحذوفة إلخ" لأنها نائبة عن الضمة وقد حذفت تخفيفًا في قراءة السوسي "وما يشعركم"   56- صدر الرجز: عددت قومي كعديد الطيس وهو لرؤبة في ملحق ديوانه ص175، وخزانة الأدب 5/ 324، 325، والدرر 1/ 204؛ وشرح التصريح 1/ 110؛ وشرح شواهد المغني 2/ 488؛ 769؛ ولسان العرب 6/ 128 "طيس"؛ والمقاصد النحوية 1/ 344؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 108؛ وتخليص الشواهد ص99؛ والجني الداني ص150؛ وجواهر الأدب ص15؛ وخزانة الأدب 5/ 396، 9/ 266؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 32؛ وشرح ابن عقيل ص60، وشرح المفصل 3/ 108، ولسان العرب 6/ 211 "ليس"، ومغني اللبيب 1/ 171، 2/ 344؛ وهمع الهوامع 1/ 64، 233. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 وليتني فشا وليتي ندرا ... ومع لعل اعكس وكن مخيرا   تنبيه: مذهب الجمهور أنها إنما سميت نون الوقاية لأنها تقي الفعل الكسر. وقال: الناظم بل لأنها تقي الفعل اللبس في أكرمني في الأمر فلولا النون لالتبست ياء المتكلم بياء المخاطبة، وأمر المذكر بأمر المؤنثة، ففعل الأمر أحق بها من غيره، ثم حمل الماضي والمضارع على الأمر "وليتني" بثبوت نون الوقاية "فشا" حملًا على الفعل لمشابهتها له مع عدم المعارض "وليتني" بحذفها "ندرا" ومنه قوله: 57- كمنية جابر إذ قال ليتي وهو ضرورة. وقال الفراء: يجوز ليتي وليتني. وظاهره الجواز في الاختيار "ومع لعل   بسكون الراء فحذف النائبة عنها للتخفيف أولى وللاحتجاج إلى تغيير حركة النون بالكسر لو كانت الباقية نون الرفع بخلاف ما إذا كانت نون الوقاية. وقيل: نون الوقاية لأنها منشأ الثقل فهي أولى بالحذف ولأنها لأمر استحساني ولا دلالة لها على شيء بخلاف نون الرفع، وعليه يستثنى هذا الموضع من وجوب لحاق نون الوقاية الفعل. بقي ما إذا اجتمع نون الوقاية ونون الإناث فالمحذوف نون الوقاية قال في البسيط: إجماعًا. وقال المصنف في شرح التسهيل على الصحيح: لأن نون الإناث فاعل والفاعل لا يجوز حذفه أفاده الدماميني. قوله: "لأنها تقي الفعل الكسر" أي الذي يدخل مثله في الاسم وهو الكسر بسبب ياء المتكلم أي والكسر أخو الجر فصين عنه الفعل كما صين عن الجر. أما الكسر الذي ليس بهذه المثابة فلا حاجة إلى صونه عنه كالكسر قبل ياء المخاطبة والكسر للتخلص من التقاء الساكنين كذا في شرح الجامع. قال زكريا: والتعليل المذكور ظاهر في غير المعتل. أما فيه نحو دعا ورمى فلا فكان ينبغي أن يزاد وألحق المعتل بغيره طردًا للباب. ا. هـ. وكان ينبغي أن يزاد أيضًا وتقي ما تتصل به غير الفعل من تغير آخره ليشمل التعليل نون الوقاية في غير الفعل. قوله: "ثم حمل الماضي إلخ" قال البعض: ظاهره أنه لا لبس مع الماضي وليس كذلك لوجوده في نحو ضربني إذ لولا النون لالتبس الماضي بالاسم فإن الضرب نوع من الفعل. ا. هـ. وفيه أنه إنما يتجه إذا كان مراده مطلق اللبس أما إذا أريد خصوص التباس فعل أمر الواحد بفعل أمر الواحدة كما يؤخذ من قوله في نحو أكرمني إلخ فلا فتدبر. قوله: "لمشابهتها له" أي في المعنى والعمل. وقوله مع عدم المعارض هو الجر وتوالي الأمثال فأل للجنس. قوله: "وهو ضرورة" يفيد ظاهره أن قول الناظم   57- تمام البيت: أصادفه وأفقد بعض مالي وهو من الوافر، وهو لزيد الخيل في ديوانه ص87؛ وتخليص الشواهد ص100؛ وخزانة الأدب 5/ 375، 377؛ والدرر 1/ 205؛ شرح أبيات سيبويه 2/ 79؛ وشرح المفصل 3/ 123؛ والكتاب 2/ 370، ولسان العرب 2/ 87 "بيت" والمقاصد النحوية 1/ 346؛ ونوادر أبي زيد ص68؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص153؛ ورصف المباني ص300، 361؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 550؛ وشرح ابن عقيل ص61، ومجالس ثعلب ص129؛ والمقتضب 1/ 250، وهمع الهوامع 1/ 64. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 في الباقيات واضطرارا خففا ... مني وعني بعض من قد سلفا   اعكس" هذا الحكم. فالأكثر لعلي بلا نون، والأقل لعلني. ومنه قوله: 58- فقلت أعيراني القدوم لعلني ... أخط بها قبرًا لأبيض ماجد ومع قلته هو أكثر من ليتي؛ نبه على ذلك في الكافية، وإنما ضعفت لعل عن أخواتها لأنها تستعمل جارة نحو: 59- لعل أبي المغوار منك قريب وفي بعض لغاتها لعن بالنون فيجتمع ثلاث نونات "وكن مخيرًا في" أخوات ليت ولعل "الباقيات" على السواء فتقول إني وأنني، وكأني، وكأنني، ولكني ولكنني؛ فثبوتها لوجود المشابهة المذكورة، وحذفها لكراهة توالي الأمثال "واضطرارًا خففا مني وعني   ندر معناه وقع ضرورة والمناسب حمله على المتبادر أنه قليل فيصدق بوقوعه نثرًا كما هو أحد قولي الناظم وإن كان قوله الثاني أنه ضرورة وإنما قلنا ظاهره لاحتمال أن يكون الشارح أشار بقوله: وهو ضرورة إلى قول آخر مقابل لما في المتن ثم أشار إلى ما في المتن مؤيدًا له بموافقة القراء. فقال: وقال الفراء إلخ بل هذا الاحتمال هو المناسب لتفسير الشارح العكس مع لعل بقوله فالأكثر لعلي بلا نون والأقل لعلني ولو جرى على ما يوافق ذلك الظاهر لقال فالكثير لعلي بلا نون والضرورة لعلني. ويمكن تطبيق قوله: فالأكثر إلخ. على ذلك الظاهر بأن يراد بالأقل الضرورة لكن قد يتوقف في كون لعلني ضرورة. ثم رأيت ابن الناظم صرّح بأنه ضرورة لكن رده الموضح وغيره فتأمل. قوله: "فالأكثر لعلي بلا نون والأقل لعلني" أفعل التفضيل في الموضعين على غير بابه. قوله: "فقلت أعيراني إلخ" القدوم آلة النحت، وأخط أنحت والقبر الغلاف والأبيض السيف، والماجد العظيم. قوله: "لأنها تستعمل إلخ" ولتعدد المعارض فيها قوي على المشابهة بخلاف أخواتها الآتية فإن المعارض فيها توالي الأمثال فقط. قوله: "وحذفها لكراهة توالي الأمثال" مبني على أن المحذوفة في أني نون الوقاية لأنها منشأ الثقل. وقيل الأولى المدغمة لأنها ساكنة والساكن يسرع إليه الإعلال. وقيل الوسطى المدغم فيها لأنها في محل اللامات   58- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص105، والدرر 1/ 212؛ وشرح ابن عقيل ص621؛ وهمع الهوامع 1/ 64. 59- صدر البيت: فقلت ادع أخرى ... وأرفع الصوت داعيا وهو من الطويل، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص96، وخزانة الأدب 10/ 426، 428، 430، 436؛ والدرر 4/ 174؛ وسر صناعة الإعراب ص407؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 269؛ وشرح شواهد المغني ص691؛ ولسان العرب 1/ 283 "جوب"، 11/ 4743 "علل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 247؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص375؛ وشرح ابن عقيل ص350؛ وشرح التصريح 1/ 213 وكتاب اللامات ص136؛ ولسان العرب 12/ 550 "لمم"، ومغني اللبيب ص286، 441؛ وهمع الهوامع 2/ 33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وفي لدني لدني قل وفي ... قدني وقطني الحذف أيضًا قد يفي   بعض من قد سلفا" من العرب فقال: 60- أيها السائل عنهم وعني ... لست من قيس ولا قيس مني وهو في غاية الندرة، والكثير مني وعني بثبوت نون الوقاية، وإنما لحقت نون الوقاية من وعن لحفظ البناء على السكون "وفي لدني" بالتشديد "لدني" بالتخفيف "قل" أي لدني بغير نون الوقاية قل في لدني بثبوتها، ومنه قراءة نافع "قد بلغت من لدني عذرًا" بتخفيف النون وضم الدال، وقرأ الجمهور بالتشديد "وفي قدني وقطني" بمعنى حسبي "الحذف" للنون "أيضًا قد يفي" قليلًا ومنه قوله -جامعًا بين اللغتين في قدني: 61- قدني من نصر الخبيبين قدي   التي يلحقها التغيير وبعض هذا الخلاف يجري في أنا فقيل: المحذوفة الأولى وقيل: الثانية، ولم يقل أحد يعتد به إنها الثالثة لأنها اسم كذا في الروداني. قوله: "لست من قيس إلخ" يجوز في قيس الصرف على إرادة أبي القبيلة والمنع على إرادتها نفسها ومنع الثاني أوفق بالقافية. قوله: "لحفظ البناء على السكون" إنما حافظوا عليه دون غيره كالبناء على الفتح والضم لأنه الأصل ولهذا قال سيبويه: يقال في لد بالضم لدى بغير نون وفي لد بالسكون لدني بالنون. قوله: "ومنه قراءة نافع" قيل: يجوز أن تكون المذكورة نون الوقاية لأن حذف نون لدن لغة. وأجيب بأن المحذوفة النون المتحركة الآخر لا تلحقها نون الوقاية كما مر في كلام سيبويه لأنها إنما يؤتى بها في مثل ذلك لتقي الآخر من الحركة والمحذوفة النون الساكنة الآخر التي تلحقها النون للمحافظة على سكون البناء الأصلي لا يحتملها ما في الآية لضم دال ما فيها وأما ما ذكره البعض تبعًا للدماميني من الجواب بأن نون لدن إنما تحذف إذا كان المضاف إليه ظاهرًا لا ضميرًا فيرده ما مر في كلام سيبويه من أنه يقال في لد بالضم لدى بغير نون لصراحته في أنه يضاف إلى ياء المتكلم فتأمل. قوله: "بمعنى حسبي" راجع للأمرين قبله. احترز به عن قد الحرفية وقط الظرفية فإن ياء المتكلم لا تتصل بهما وعن قد وقط اسمي فعل بمعنى يكفي على ما يأتي، فإن نون الوقاية تلزمهما عند اتصال الياء بهما. ا. هـ. زكريا قال الروداني: والغالب عليهما إذا كانا بمعنى حسب البناء على السكون وقد يبنيان على الكسر وقد يعربان. قوله: "قد يفي" أي يأتي. وأشار بقد إلى قلة الحذف لكنه ليس من الضرورات على الصحيح. قوله: "قدني من نصر الخبيبين   60- البيت من المديد، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 90، وأوضح المسالك 1/ 118؛ وتخليص الشواهد ص106؛ والجني الداني ص151؛ وجواهر الأدب ص152؛ وخزانة الأدب 5/ 308، 381؛ ورصف المباني ص361؛ والدرر 1/ 310؛ وشرح التصريح 1/ 112؛ وشرح ابن عقيل ص63؛ وشرح المفصل 3/ 125؛ والمقاصد النحوية 1/ 352؛ وهمع الهوامع 1/ 64. 61- الرجز لحميد بن مالك الأرقط في خزانة الأدب 5/ 382، 383، 385، 391، 392؛ والدرر 1/ 207؛ وشرح شواهد المغني 1/ 487؛ ولسان العرب 1/ 344 "خبب"؛ والمقاصد النحوية 1/ 357؛ ولحميد بن ثور في لسان العرب 3/ 389 "لحد" وليس في ديوانه؛ ولأبي بجدلة في شرح المفصل 3/ 124؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 241؛ وأوضح المسالك 1/ 120؛ وتخليص الشواهد ص108؛ والجني الداني ص253؛ وخزانة الأدب 6/ 246، 7/ 431؛ ورصف المباني ص362؛ وشرح ابن عقيل ص64؛ والكتاب 2/ 371؛ ومغني اللبيب 1/ 170؛ ونوادر أبي زيد ص205. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وفي الحديث: "قط قط بعزتك" يروى بسكون الطاء وبكسرها مع الياء ودونها. ويروى قطني قطني بنون الوقاية قط بالتنوين، والنون أشهر. ومنه قوله: 62- امتلأ الحوض وقال قطني ... مهلًا رويدً قد ملأت بطني وكون قد وقط بمعنى حسب في اللغتين هو مذهب الخليل وسيبويه، وذهب الكوفيون إلى أن من جعلهما بمعنى حسب قال: قدي وقطي بغير نون كما تقول: حسبي. ومن جعلهما اسم فعل بمعنى اكتفى قال: قدني وقطني بالنون كغيرهما من أسماء الأفعال.   قدي" قيل: أراد بهما عبد الله بن الزبير وأخاه مصعبًا على التغليب لأن عبد الله كان يكنى أبا خبيب. وقيل: خبيب بن عبد الله بن الزبير وأباه عبد الله قيل: على التغليب أيضًا وفيه نظر. ويروى الخبيبين بصيغة الجمع على إرادة خبيب بن عبد الله وأبيه وعمه مصعب بن الزبير. وقيل: على إرادة أبي خبيب عبد الله ومن كان على رأيه. واعترض الاستشهاد على حذف النون بجواز أن الأصل قد بالسكون وحركت بالكسر لأجل الروي فتكون الياء للإشباع لا للمتكلم. قال الروداني: أو أن الشاعر جرى فيه على لغة من يبنيه على الكسر والياء للإشباع. ا. هـ. وقد يقال: مشاكلة اللاحق للسابق ترجح احتمال الإضافة لياء المتكلم. قوله: "وفي الحديث قط قط" في صحيح البخاري مرفوعًا "لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة قدمه فيها فتقول: قط قط وعزتك ويزوي بعضها إلى بعض". قوله: "والنون أشهر" راجع إلى قول المصنف وفي قدني وقطني إلخ. قوله: "مهلًا" اسم مصدر أمهل، ورويدًا مصغر إروادًا بمعنى إمهالًا تصغير الترخيم كما سيذكره الشارح في باب أسماء الأفعال والأصوات فهو تأكيد لمهلًا لا صفته كما زعمه العيني وتبعه غيره كشيخنا والبعض. وملأت بفتح التاء كما قاله شيخنا السيد وشيخنا والضم الذي جوّزه البعض يحوج إلى تجوز. قوله: "بمعنى أكتفى" كان الصواب بمعنى يكفي كما في المغني أو كفي كما في الجني الداني لابن أم قاسم واستقر به الدماميني لأن مجيء اسم الفعل بمعنى المضارع فيه خلاف وفي كلام التفتازاني مجيء قط بمعنى انته فيكون اسم فعل أمر وإنما قلنا الصواب ذلك ليكون متعديًا. قوله: "كغيرهما من أسماء الأفعال" أي التي تتصل بها ياء المتكلم وهي المتعدية لكون   62- الرجز بلا نسبة في إصلاح المنطق ص75، 342؛ والإنصاف ص130؛ وأمالي المرتضى 2/ 309؛ وتخليص الشواهد ص111؛ وجواهر الأدب ص151؛ والخصائص 1/ 23؛ ورصف المباني ص361؛ وسمط اللآلي ص475؛ وشرح المفصل 1/ 82؛ 2/ 131، 3/ 125؛ وكتاب اللامات ص1410؛ ولسان العرب 7/ 382؛ "قطط"، 13/ 344 "قطن"، ومجالس ثعلب ص189؛ والمقاصد النحوية 1/ 361. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   خاتمة: وقعت نون الوقاية قبل ياء النفس مع الاسم المعرب في قوله -صلى الله عليه وسلم لليهود: $"فهل أنتم صادقوني؟ " وقول الشاعر: 63- وليس بمعييني وفي الناس ممتع ... صديق إذا أعيا علي صديق وقوله: 64- وليس الموافيني ليرفد خائبًا ... فإن له أضعاف ما كان أملا للتنبيه على أصل متروك، وذلك لأن الأصل أن تصحب نون الوقاية الأسماء المعربة المضافة إلى ياء المتكلم لتقيها خفاء الإعراب فلما منعوها ذلك نبهوا عليه في بعض الأسماء المعربة المشابهة للفعل. ومما لحقته هذه النون من الأسماء المعربة المشابهة للفعل أفعل التفضيل في قوله -صلى الله عليه وسلم: "غير الدجال أخوفني عليكم" لمشابهة أفعل التفضيل لفعل التعجب، نحو ما أحسنني إن اتقيت الله والله أعلم.   مدلولاتها أفعالًا متعدية كدراكني وعليكني وسمع الفراء مكانكني: أي انتظرني وإنما اتصلت بها نون الوقاية حملًا لها على مدلولاتها وهي الأفعال المتعدية وما ذكره الشارح من وجوب لحاق نون الوقاية أسماء الأفعال هو ما صرح به في التوضيح واقتضاه صنيع التسهيل لكن عبارة سبك المنظوم تشعر بقلة لحاقها فإنه قال: وربما لحقت اسم الفاعل اختيارًا واسم الفاعل اضطرارًا. ا. هـ. قال شيخنا: وصريح كلام الرضي أن لحاقها اسم الفعل جائز لا واجب وفي المغني وشرحه للدماميني أن أجل يأتي حرفًا بمعنى نعم واسم فعل بمعنى يكفي فتلزمه نون الوقاية وهو نادر واسمًا مرادفًا لحسب فلا تلحقه نون الوقاية إلا قليلًا. قوله: "وقعت نون الوقاية" أي شذوذًا. قوله: "ليرفد" بالبناء للمجهول أي يعطي. قوله: "للتنبيه على أصل متروك" اعترض بأنه لو كان للتنبيه لأدخلوها على ما لم يشابه الفعل من نحو غلامي فالأولى أنه لمشابهة الفعل كدخول نون التوكيد في اسم الفاعل ولك أن تقول: الدخول للتنبيه وتخصيص اسم الفاعل ونحوه لمشابهة الفعل فتأمل. قوله: "فلما منعوها" أي للزوم الفصل بالنون بين المضاف والمضاف إليه. قوله: "غير الدجال أخوفني عليكم" روي بحذف النون أيضًا أي أخوف مخوفاتي عليكم فاندفع ما يقال الحديث يقتضي أن الدجال وغيره خائفان لا مخوف منهما لأن حق أفعل التفضيل أن يصاغ من الثلاثي وهو هنا خاف لا أخاف وأن غير الدجال الواقع عليه أخوف بعض النبي -صلى الله عليه وسلّم- لأن أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه نعم يبقى صوغ أفعل من المبني للمجهول وهو شاذ عند الجمهور. فائدة: حيث قيل بالجواز والامتناع في أحكام العربية فإنما يعني بالنسبة إلى اللغة ولا يلزم   63- البيت من الطويل وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 15. 64- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 15؛ والدرر 1/ 213 ومغني اللبيب 2/ 345؛ والمقاصد النحوية 1/ 387؛ وهمع الهوامع 1/ 65. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 العلم : اسم يعين المسمى مطلقًا ... علمه كجعفر وخرنقا   العلم: "اسم يعين المسمى" به "مطلقًا علمه" أي علم ذلك المسمى. فاسم مبتدأ. ويعين المسمى جملة في موضع رفع صفة له. ومطلقًا حال من فاعل يعين وهو الضمير المستتر، وعلمه خبر. ويجوز أن يكون علمه مبتدأ مؤخرًا، واسم يعين المسمى خبرًا مقدمًا، وهو حينئذ مما تقدم فيه الخبر وجوبًا لكون المبتدأ ملتبسًا بضميره. والتقدير علم المسمى اسم يعين المسمى مطلقًا: أي مجردًا عن القرائن الخارجية. فخرج بقوله يعين المسمى النكرات،   من التكلم بما لا يجوز لغة الإثم الشرعي فمن لحن في غير التنزيل والحديث كأن نصب الفاعل ورفع المفعول لا نقول إنه يأثم إلا أن يقصد إيقاع السامع في غلط يؤدي إلى نوع ضرر فعليه حينئذٍ إثم هذا القصد المحرم. قاله الشيخ بهاء الدين السبكي في شرح المختصر. العلم: يطلق على الجبل والراية والعلامة والظاهر أن النقل إلى المعنى الاصطلاحي من الثالث بدليل قولهم لأنه علامة على مسماة. قوله: "يعين المسمى" أي خارجًا كعلم الشخص الخارجي أو ذهنًا كعلم الجنس بناء على التحقيق الآتي. أما على مذهب المصنف فعلم الجنس غير داخل في هذا التعريف لخروجه بقوله يعين فيكون خاصا بعلم الشخص وكعلم الشخص الذهني أعني الموضوع لمعين ذهنًا متوهم وجوده خارجًا كالعلم الذي يضعه الوالد لابنه المتوهم وجوده خارجًا في المستقبل وكعلم القبيلة فإنه موضوع لمجموع أبناء الأب الموجودين حين الوضع وغير الموجودين حينه فإن المجموع لا وجود له إلا في ذهن الواضع فقولهم تشخص العلم الشخصي خارجي أغلبي أفاده يس. والمراد بقوله: يعين المسمى أنه يدل على مسمى معين لا أنه يحصل له التعيين لأنه معين في نفسه فيلزم تحصيل الحاصل. قوله: "حال" أو صفة مفعول مطلق محذوف أي يعين تعيينًا مطلقًا. قوله: "ويجوز أن يكون إلخ" هذا أولى بل متعين لأن المعرف هو الذي يجعل مبتدأ والتعريف هو الذي يجعل خبرًا ولأن علمه معرفة ولا يخبر بالمعرفة عن النكرة على ما سيأتي. قوله: "بضميره" أي ضمير ملابسه كما يدل عليه قوله: والتقدير علم المسمى إلخ. قوله: "مجردًا عن القرائن الخارجية" أي الخارجية عن ذات الاسم كما سيصرح به والمراد غير الوضع إذ لا بد منه وهو من القرائن كما في الروداني. قوله: "النكرات" كرجل وفرس فإنهما لا تعيين فيهما أصلًا وكشمس وقمر فإنهما وإن عينا فردين لكن ذلك التعيين لأمر عرض بعد الوضع وهو عدم وجود غيرهما من أفراد المسمى. وأما بحسب الوضع فلا تعيين فيهما. ودخل نحو زيد مسمى به جماعة فإنه باعتبار كل وضع يعين مسماه والشيوع إنما جاء من تعدد الأوضاع وهو أمر عارض. ولا يخرج بقوله مطلقًا لأنه وإن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وقرن وعدن ولاحق ... وشدقم وهيلة وواشق واسما أتى وكنية ولقبا ... وأخرن ذا إن سواه صحبا   وبقوله: مطلقا بقية المعارف فإنها إنما تعين مسماها بواسطة قرينة خارجة عن ذات الاسم. إما لفظية كأل والصلة، أو معنوية كالحضور والغيبة. ثم العلم على نوعين: جنسي وسيأتي، وشخصي ومسماه العاقل وغيره مما يؤلف من الحيوان وغيره "كجعفر" لرجل "وخرنقا" لامرأة، وهي أخت طرفة بن العبد لأمه "وقرن" لقبيلة ينسب إليها أويس القرني "وعدن" لبلد "ولاحق" لفرس "وشذقم" لجمل "وهيلة" لشاة "وواشق" لكلب "واسما أتى" العلم، والمراد به هنا ما ليس بكنية ولا بلقب "و" أتى "كنية" وهي ما صدر بأب أو أم، كأبي   احتاج في تعيين مسماه إلى قرينة من وصف أو إضافة أو نحوهما لكن ذلك الاحتياج لا بالنسبة إلى أصل الوضع كبقية المعارف. قوله: "كأل" ولو للعهد الذهني لأن المراد بمدخولها الحقيقة وهي معينة وكونها مرادة في ضمن فرد مبهم لا يخرجها عن التعيين. قوله: "كالحضور" أي في ضميري المتكلم والمخاطب. وقوله: والغيبة أي ومرجع الغيبة يعني أن تعين معنى ضمير الغيبة بواسطة مرجعه. أما إذا كان المرجع معرفة فالتعيين ظاهر وأما إذا كان نكرة فلأن معناه الشيء المتقدم فتعين معناه من حيث أن المراد به الشيء المتقدم بعينه وإن كانت عين ذلك الشيء مبهمة فسقط ما للبعض هنا. وكان عليه أن يقول: أو حسية كالإشارة الحسية في اسم الإشارة لأنها القرينة التي بها تعين مدلول اسم الإشارة لا مجرد الحضور كما زعمه البعض مدخلًا لقرينة اسم الإشارة في قوله أو الحضور. ويمكن أن يقال: أراد الشارح بالمعنوية ما قابل اللفظية فشمل الحسية فافهم. قوله: "لرجل" أي مخصوص وكذا يقال فيما بعد وهو منقول عن اسم النهر الصغير. قوله: "وخرنقًا" هو منقول عن اسم ولد الأرنب. قوله: "أخت طرفة" بفتح الراء كما في القاموس. قوله: "وعدن لبلد" أي بساحل اليمن تصريح. قوله: "ولاحق لفرس" أي لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما تصريح. قوله: "وشذقم" ضبطه بعضهم بالذال المعجمة وبعضهم بالمهملة وهو الذي يقتضيه صنيع القاموس وذكر شيخنا فيه الوجهين. وقوله: الجمل أي للنعمان بن المنذر. قوله: "وواشق لكلب" قال في التصريح ذكر في النظم سبعة أعلام وثامنها علم الكلب وفي ذلك موازاة لقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُم} [الكهف: 22] . قوله: "والمراد به هنا" أي بخلافه في تعريف العلم فإن المراد به ما قابل الفعل والحرف. ويطلق أيضًا الاسم ويراد به ما قابل الصفة وقوله: ما ليس أي علم ليس إلخ. قوله: "وكنية" من كنيت أي سترت. واعلم أنه قد يقصد بالكنية التعظيم والفرق بينها حينئذٍ اللقب المقصود به التعظيم أن التعظيم في اللقب بمعناه وفي الكنية لا بمعناها بل بعدم التصريح بالاسم لأن بعض النفوس تأنف أن تخاطب باسمها وقد يقصد بها التفاؤل كتكنية الصغير تفاؤلًا بأن يعيش حتى يصير له ولد أفاده الروداني. قوله: "وهي ما صدّر" أي علم مركب تركيبًا إضافيًا صدر فلا انتقاض بنحو أبو زيد قائم وأب لزيد قائم مسمى بهما لأن المركب الإضافي في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بكر وأم هانئ "و" أتى "ولقما" وهو ما أشعر برفعة مسماه أوضعته كزين العابدين وبطة "وأخرن ذا" أي أخر اللقب "إن سواه" يعني الاسم "صحبا" تقول: جاء زيد زين العابدين، ولا يجوز جاء زين العابدين زيد لأن اللقب في الأغلب منقول من غير الإنسان كبطة، فلو   الأول جزء العلم لا هو والثاني لا إضافة فيه أفاده الشنواني. قوله: "بأب أو أم" أو ابن أو بنت أو أخ أو أخت أو عم أو عمة أو خال أو خالة كما ذكره سم. قوله: "وهو ما أشعر" أي بحسب وضعه الأصلي لا العلمي إذ بحسب وضعه العلمي لا إشعار له إلا بالذات كذا قال جمع من أرباب الخواشي والمتجه عندي أنه يشعر بحسبه أيضًا وإن كان المقصود بالذات الدلالة على الذات إذ الإشعار الدلالة الخفية وهي لا تنافي كون المقصود بالذات ما ذكر، ولا مانع من قصد الواضع ذلك تبعًا. ثم رأيت في التصريح عن بعضهم وفي كلام السيد ما يؤيده. وأورد على تعريف اللقب أنه يشمل بعض الأسماء نحو محمد ومرة وبعض الكنى نحو أبي الخير وأبي جهل. وأجيب بأن ما وضع للذات أولًا فهو الاسم أشعر ولم يشعر صدر أو لم يصدر، ثم ما وضع ثانيًا وصدر فهو الكنية أشعر أو لم يشعر، ثم ما وضع ثالثًا وأشعر فهو اللقب. فالإشعار وعدمه والتصدير وعدمه غير منظور إليه في الموضع أولًا والإشعار وعدمه غير منظور إليه في الموضوع ثانيًا كذا نقل عن سم والأقرب عندي من هذا وجهان: الأول أن الاسم هو الموضوع أولًا للذات واللقب الموضوع لا أولالها مشعرًا بالرفعة أو الضعة فبينهما التباين وأن الكنية ما صدرت بأب أو أم سواء وضعت أولًا أشعرت أولًا فتجامع كلًا منهما وتنفرد فيما وضع لا أولًا ولم أشعر وإنما كان هذا أقرب من ذاك لشمول اللقب عليه ما وضع ثانيًا وأشعر وشمول الكنية عليه ما وضع ثالثًا وصدر وعدم شمولها على ذاك ما ذكر فيلزم عليه كون ما ذكر واسطة وهو خلاف المقرر، ولأن اشتراط كون وضع الكنية ثانيًا واللقب ثالثًا مع كونه لا وجه له مخالف لكلام المحدثين وغيرهم حيث جعلوا بعض الكنى من الأسماء كما في أم كلثوم فقد قالوا اسمها كنيتها. الثاني ما قيل أنه يصح اجتماع الثلاثة والفرق بينها بالحيثية وإنما كان هذا أيضًا أقرب من ذاك لما مر وفي الروداني أن المفهوم من كلام الأقدمين أن الاسم ما وضع أول مرة كائنًا ما كان والكنية ما وضع بعد ذلك وصدر بأب أو أم دل على المدح أو الذم أولًا، واللقب ما وضع بعد ذلك أيضًا أي بعد الاسم وأشعر بمدح أو ذم ولم يصدر بأب أو أم فهي متباينة. ا. هـ. ويرد عليه أيضًا أنه مخالف لما نقلناه عن المحدثين وغيرهم فتأمل. قوله: "أوضعته" بفتح الضاد أو كسرها أي خسته وهاؤه عوض عن الواو. قوله: "يعني الاسم" تفسير للسوي وأبقاه كثير على عمومه مرجحين وجوب تأخيره عن الكنية أيضًا ويؤيده تعليله الآتي بقوله لأن اللقب في الأغلب إلخ لاقتضائه وجوب تأخيره عن الكنية أيضًا لجريانه فيها ولا يدل على التخصيص قول المصنف وإن يكونا مفردين كما سيأتي للشارح لما يأتي عن سم ومحل وجوب تأخير اللقب عن الاسم إذا لم يكن اجتماعهما على سبيل إسناد أحدهما إلى الآخر وإلا أخر منهما ما قصد المتكلم الحكم به. قوله: "لأن اللقب إلخ" وقيل: لأنه لو قدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قدم لأوهم إرادة مسماه الأول وذلك مأمون بتأخيره. وقد ندر تقديمه في قوله: 65- أنا ابن مزيقيا عمرو وجدي ... أبوه منذر ماء السماء وقوله: 66- بأن ذا الكلب عمرا خيرهم حسبًا ... ببطن شريان يعوي حوله الذيب تنبيه: لا ترتيب بين الكنية وغيرها فمن تقديمها على الاسم قوله: 67- أقسم بالله أبو حفص عمر ... ما مسها من نقب ولا دبر   ضاعت فائدة الاسم لأنه يفيد فائدة الاسم وزيادة ولأنه يشبه الصفة وهي متأخرة عن الموصوف وقوله: في الأغلب احتراز عن نحو زين العابدين. قوله: "فلو قدم لأوهم" يؤخذ منه أنه إذا انتفى ذلك الإيهام لاشتهار المسمى باللقب جاز تقديمه وهو كذلك كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَم} [النساء: 171] ، أفاده يس. قوله: "أنا ابن إلخ" الشاهد في مزيقيًا حيث قدم اللقب على الاسم. وقصر مزيقيًا للضرورة كما قاله الروداني. وإنما لقب به لأنه كان يلبس كل يوم حلتين فإذا أمسى مزقهما كراهة أن يلبسهما ثانيًا وأن يلبسهما غيره. وعمرو هذا من أجداد أوس ابن الصامت قائل هذا البيت أخي عبادة بن الصامت. وقوله: وجدي أي من جهة الأم. وإنما لقب منذر بماء السماء لحسن وجهه وقيل: هو في الأصل لقب أمه ثم استعمل فيه. ومراد الشاعر أنه نسيب الطرفين. قوله: "بأن ذا الكلب" أي صاحب الكلب والباء متعلقة بأبلغ في البيت قبله وهو: أبلغ هذيلًا وأبلغ من يبلغها ... عني حديثًا وبعض القول تكذيب قالتهما أخت عمرو المذكور من قصيدة ترثيه بها أولها: كل امرئ بمحال الدهر مكروب ... وكل من غالب الأيام مغلوب وقوله ببطن شريان بكسر الشين المعجمة وفتحها اسم موضع دفن فيه عمرو. والشريان شجر يتخذ منه القسي، وببطن خبر أن إذا نصب خبر على النعتية لعمرو وخبر ثان إذا رفع على الخبرية لأن. قوله: "وغيرها" أي اسمًا أو لقبًا كما سيذكره. قوله: "أقسم بالله أبو حفص عمر إلخ" بعده:   65- البيت من الوافر، وهو لأوس بن الصامت في شرح التصريح 1/ 121؛ والمقاصد النحوية 1/ 391؛ ولبعض الأنصار في خزانة الأدب 4/ 365؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 127؛ وتخليص الشواهد ص118؛ ولسان العرب 10/ 343 "مزق"، 13/ 545 "موه" 15/ 208 "قوا". 66- البيت من البسيط، وهو لجندب أخت عمرو ذي كلب في تخليص الشواهد ص118؛ والدرر 1/ 225؛ ولسان العرب 14/ 431 "شري"؛ ومعجم ما استعجم ص739؛ والمقاصد النحوية 1/ 395؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص66؛ وهمع الهوامع 1/ 71. 67- الرجز لرؤبة في شرح المفصل 3/ 71؛ وليس في ديوانه، ولا يمكن أن رؤبة هو قائله، ذلك أنه رؤبة غير معدود من التابعين، وليس هو من هذه الطبقة، وقد مات سنة 145هـ؛ وهو لعبد الله بن كيسبة أو لأعرابي في خزانة الأدب 5/ 154، 156، ولأعرابي في شرح التصريح 1/ 121؛ والمقاصد النحوية 4/ 115؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 128، وشرح شذور الذهب ص561؛ وشرح ابن عقيل ص489؛ ولسان العرب 1/ 766 "نقب"، 5/ 48 "فجر"؛ ومعاهد التنصيص 1/ 279. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وإن يكونا مفردين فأضف ... حتما وإلا أتبع أي ردف   ومن تقديم الاسم عليها قوله: 68- وما اهتز عرش الله من أجل هالك ... سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو وكذلك يفعل بها مع اللقب. ا. هـ وقد رفع توهم دخول الكنية في قوله: سواء بقوله: "وإن يكونا" أي الاسم واللقب "مفردين فأضف" الاسم إلى اللقب "حتمًا" إن لم يمنع من الإضافة مانع على ما سيأتي بيانه. هذا ما ذهب إليه جمهور البصريين، نحو هذا سعيد كرز يتأولون الأول بالمسمى والثاني بالاسم، وذهب الكوفيون إلى جواز اتباع للأول على   فاغفر له اللهم إن كان فجر أنشده بعض العرب حين قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن ناقتي قد نقبت فاحملني، فقال له: كذبت وحلف على ذلك. والنقب والدبر رقة الخف. وفجر حنث في يمينه كذا في التصريح. قوله: "هالك" أي ميت. وسعد أبو عمرو هو سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله تعالى عنه. قوله: "وكذلك يفعل بها مع اللقب" ذهب قوم كابن الصائغ والمرادي إلى تأخير اللقب عن الكنية وأبقوا قوله سواه على ظاهر من العموم. قوله: "وقد رفع إلخ" قال سم الرفع ممنوع لصدق قوله وإن يكونا مفردين مع عموم قوله سواه: أي وإن يكن اللقب وسواه مفردين كما في الاسم واللقب: ولا يمنع ذلك كون بعض أفراد سواه لا يكون إلا مركبًا كالكنية. قوله: "مفردين" المراد بالمفرد هنا ما قابل المركب، كما أن المراد به في باب الإعراب ما قابل المثنى والمجموع والملحق بهما والأسماء الستة وفي باب المبتدأ ما قابل الجملة وفي باب لا والمنادى ما قابل المضاف والمشبه به. وأما إطلاقه على ما لا يدل جزؤه على جزء معناه فاصطلاح منطقي. قوله: "فأضف حتمًا" لا يخفى أن الإضافة بالتأويل الآتي في الشرح تخرج عن إضافة الاسم إلى اسم اتحد به في المعنى لأنها على التأويل الآتي تكون من إضافة المسمى إلى الاسم فمعنى الاسم الأول الذات دون الثاني لأن المقصود منه لفظه، فمعناه اللفظ الواقع في التركيب المستعمل في الذات فلا تنافي بين قوله هنا فأضف حتمًا وقوله فيما سيأتي: ولا يضاف اسم لما به اتحد معنى. وإن ذكره شيخنا والبعض. قوله: "كرز" هو في الأصل خرج الراعي ويطلق على اللئيم والحاذق. قوله: "يتأولون الأول بالمسمى إلخ" أي غالبًا وإلا فقد يعكسون كما في كتبت سعيد كرز ونحوه من كل تركيب لا يناسب الحكم فيه إلا ذلك. قوله: "وذهب الكوفيون" أي   68- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في أوضح المسالك 1/ 129؛ وشرح التصريح 1/ 121؛ والمقاصد النحوية 1/ 393؛ ولم أقع عليه في ديوانه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 ومنه منقول كفضل وأسد ... وذو ارتجال كسعاد وأدد   أنه بدل منه أو عطف بيان نحو هذا سعيد كرز، ورأيت سعيدًا كرزًا ومررت بسعيد كرز. والقطع إلى النصب بإضمار فعل، وإلى الرفع بإضمار مبتدأ نحو مررت بسعيد كرزًا وكرز، أي أعني كرزًا وهو كرز "وإلا" أي وإن لم يكونا مفردين: بأن كانا مركبين نحو عبد الله أنف الناقة، أو الاسم نحو عبد الله بطة، أو اللقب نحو زيد أنف الناقة امتنعت الإضافة للطول؛ وحينئذ "أتبع الذي ردف" وهو اللقب للاسم في الإعراب بيانًا أو بدلًا، ولك القطع على ما تقدم؛ وكذا إن كانا مفردين ومنع من الإضافة مانع كأل نحو الحارث كرز "ومنه" أي بعض العلم "منقول" عن شيء سبق استعماله فيه قبل العلمية، وذلك المنقول   وبعض البصريين كما يدل عليه ما قبله وهذا المذهب هو الحق وجرى عليه في التسهيل. قوله: "على أنه بدل منه" أي بدل كل من كل وجوّز الدنوشري وجهًا ثالثًا وهو أن يكون تأكيدًا بالمرادف. قوله: "والقطع" يفيد أن البدل والبيان يقطعان وهو كذلك كما يفيده كلام الشنواني، ونقله يس عن بعضهم، وصرح به الروداني. وقال بعضهم: لا يقطعان إلا شذوذًا. قوله: "بإضمار فعل" أي جوازًا وكذا قوله بإضمار مبتدإ فيجوز إظهارهما صرح به في التصريح. قوله: "وإلا إلخ" ظاهره وصريح كلام الشارح امتناع الإضافة إذا كان الأول مفردًا والثاني مركبًا والوجه خلافه كما صرح به الرضي لجواز كون المضاف إليه مركبًا كغلام عبد الله بخلاف المضاف. قوله: "أتبع الذي ردف" أي تبع الاتباع، الأول اصطلاحي والثاني لغوي فليس في كلامه طلب تحصيل الحاصل الذي هو عبث. وهذا الأمر كناية عن منع الإضافة فلا ينافي ما صرح به الشارح من جواز القطع. وأتبع جواب إن الشرطية المدغمة في لا، وحذف الفاء للضرورة. قوله: "بيانا" وهذا أنسب شعر بكون اللقب أوضح. قوله: "كأل" وككون اللقب وصفًا في الأصل مقرونًا بأل كهارون الرشيد ومحمد المهدي قاله في التصريح. قوله: "عن شيء" أي معنى، وضمير سبق استعماله راجع إلى بعض العلم، وضمير فيه راجع إلى شيء، فالمنقول عنه معنى لا لفظ، هذا مفاد هذه العبارة. وقوله وذلك المنقول عنه مصدر كفضل واسم عين مثل أسد إلخ يفيد أن المنقول عنه لفظ ويمكن إرجاع عبارته الثانية إلى الأولى بتقدير مضاف في الثانية أي معنى مصدر إلخ والعكس بتقدير مضاف في الأولى أي عن لفظ شيء إلخ ولا يرد على هذا اتحاد المنقول والمنقول عنه لاختلافهما صفة، فإن لفظ مثلًا متصف قبل العلمية بالمصدرية وبعدها بالعلمية وهذا الاختلاف كاف. بقي أنه يرد على الشارح أنه خالف ظاهر المتن بلا حاجة حيث جعل قوله كفضل إلخ تمثيلًا للمنقول عنه، وظاهر المتن أنه تمثيل للمنقول فتدبر. ا. هـ. قوله: "سبق استعماله فيه" الأولى سبق وضعه له ليدخل في المنقول ما وضع لشيء ولم يستعمل فيه ثم نقل لغيره فإنه من المنقول كما يفيده كلام الجامع وصرح به شارحه. قوله: "قبل العلمية" أل للعهد الحضوري أي قبل النوع الحاضر من العلمية، فيتناول الحد ما استعمل قبل نوع العلمية الحاضرة في نوع آخر من العلمية كأسامة علما لشخص فهو من المنقول كما قاله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   عنه مصدر "كفضل و" اسم عين مثل "أسد" واسم فاعل كحرث. واسم مفعول كمسعود، وصفة مشبهة كسعيد، وفعل ماض كشمر علم فرس. قال الشاعر: 69- أبوك حباب سارق الضيف برده ... وجدي يا حجاج فارس شمرا وفعل مضارع كيشكر قال الشاعر: 70- ويشكر الله لا يشكره وجملة وسيأتي "و" بعضه الآخر "ذو ارتجال" إذ لا واسطة على المشهور. وذهب بعضهم إلى أن الذي علميته بالغلبة لا منقول ولا مرتجل. وعن سيبويه أن الأعلام كلها منقولة. وعن الزجاج كلها مرتجلة. والمرتجل هو ما استعمل من أول الأمر علمًا "كسعاد"   الشنواني وغيره وباعتبارنا النوع دون الشخص يندفع ما قاله الروداني من أن جعل أل للعهد الحضوري يقتضي أن سعاد مسمى به امرأة غير الأولى منقول وهو باطل فافهم. قوله: "أبوك حباب" أي جبان على ما قيل، ولم أجده في القاموس ولا غيره. وفي القاموس أنهم سموا بمضموم الحاء ناسًا وشيطانًا، ويطلقونه على الحية، وسموا بمفتوحها ومكسورها ناسًا وذكر للثلاثة معاني أخر لا تناسب هنا. وسارق الضيف من إضافة الوصف لفاعله وبرده مفعول له. وقد يقال: لا شاهد في البيت لاحتمال أن يكون منقولًا من جملة فعلية فاعلها ضمير مستتر إلا أن يقال النقل من الجملة خلاف الغالب، والشيء يحمل على الغالب ما لم يصرفه عنه صارف، وكذا يقال في الشاهد بعده. قوله: "وذو ارتجال" من ارتجل الخطبة والشعر أي ابتدأهما من غير تهيؤ لهما قبل. فمعنى كون العلم مرتجلًا أنه ابتدىء بالتسمية به من غير سبق استعماله من غير علم قاله الدماميني. قوله: "إذ لا واسطة إلخ" علة المقدر أي وزدت لفظ الآخر المفيد للحصر مع أن عبارة الناظم لا تؤديه لأنه لا واسطة. قوله: "لا منقول ولا مرتجل" أما الأول فلأن النقل يستدعي الوضع للمعنى الثاني ولا وضع فيه له، وأما الثاني فلأنه سبق له استعمال في غير العلمية والتحقيق أنه منقول بوضع تنزيلي لأن غلبة استعمال المستعملين بمنزلة الوضع منهم كما ذكره سم في الآيات البينات. قوله: "كلها منقولة" أي لأن الأصل في الأسماء التنكير ولا يضر جعل المعنى الأصلي للاسم الذي يتوهم أنه مرتجل. قوله: "كلها مرتجلة" مبني على قوله: إن المرتجل ما لم يتحقق عند وضعه قصد نقله من معنى أول وهذا القصد غير متحقق وموافقة بعض الأعلام نكرة أو وصفًا أو غيرهما أمر اتفاقي لا بالقصد. قوله: "ما استعمل من أول الأمر علمًا" أورد عليه أنه غير جامع لعدم صدقه على ما وضع للذات ابتداء ولم يستعمل فيه مع أنه علم مرتجل، إذ لا يشترط في العلمية الاستعمال كما هو   69- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص80، والعقد الفريد 5/ 299؛ وبلا نسبة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص315، ولسان العرب 4/ 429 "شمر"، 12/ 53 "بقم". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 وجملة وما بمزج ركبًا ... ذا إن بغير ويه ثم أعربا   علم امرأة "وأدد" علم رجل "و" عن المنقول ما أصله الذي نقل عنه "جملة" فعلية والفاعل ظاهر كبرق نحوه وشاب قرناها، أو ضمير بارز كأطرقا، علم مفازة. قال الشاعر: 71- على أطرقا باليات الخيام أو مستتر كيزيد في قوله: 72- نبئت أخوالي بني يزيد ... ظلما علينا لهم فديد ومنه إصمت علم مفازة قال الشاعر:   ظاهر قول التفتازاني: العلم ما وضع لمسمى بمشخصاته وغير مانع لصدقه على علم الشخص المنقول من علم الجنس كأسامة علمًا لشخص. ويمكن دفع هذا بأن المراد العلمية الحاضرة كما مر. قال البعض: فكان الأولى أن يقول ما وضع لشيء لم يسبق وضعه لغيره. ا. هـ. وفيه أنه يخرج عن هذا العلم المرتجل المسمى به شخص بعد تسمية آخر به فيكون هذا أيضًا غير جامع فتأمل. قوله: "وأدد" نوزع بأنه جمع أدة بمعنى المرة من الودّ فالهمزة بدل من واو كما في أقتت فهو منقول من جمع لا مرتجل. قوله: "ومن المنقول إلخ" أشار بذلك لدفع ما يوهمه ظاهر المتن من عطفه على ما قبله المقتضى كونه قسيمًا للمنقول والمرتجل. وإنما تكلم على المنقول من جملة، والمنقول من مركب مزجي، والمنقول من متضايقين دون المنقول من بقية المركبات كالمركب التقييدي لكونها المسموعة عن العرب دون غيرها. قاله يس. قوله: "قرناها" أي ذؤابتاها. قوله: "على أطرقا باليات الخيام" يحتمل أنه خبر مقدم ومبتدأ مؤخر، ويحتمل أن الجار والمجرور متعلق بقوله عرفت الديار في البيت السابق. وباليات الخيام منصوب على الحال من الديار. وسميت تلك المفازة بأطرقًا لأن السالك فيها يقول لصاحبيه أطرقا أي اسكتا مخافة ومهابة. قاله العيني. قوله: "نبئت" أي أخبرت يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل: الأول التاء التي نابت عن الفاعل. الثاني أخوالي، وبني يزيد بدل أو بيان لأخوالي. الثالث جملة لهم فديد أي صياح، وظلمًا   71- تمام البيت: إلا الثمام وإلا العصي وهو من المتقارب، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 2/ 317، 7/ 372، وشرح أشعار الهذليين 1/ 100؛ وشرح المفصل 1/ 31؛ ولسان العرب 10/ 224 "طرق"؛ ومعجم ما استعجم 1/ 167؛ والمقاصد النحوية 1/ 397؛ وللهذلي في خزانة الأدب 7/ 326؛ وشرح المفصل 1/ 29؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص333. 72- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ وخزانة الأدب 1/ 270؛ وشرح التصريح 1/ 117؛ والمقاصد النحوية 1/ 388، 4/ 370؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 124؛ وشرح المفصل 1/ 28؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد " 329 "قدد"؛ ومجالس ثعلب ص212؛ ومغني اللبيب 2/ 626. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   73- أشلى سلوقية باتت وبات بها ... بوحش إصمت في أصلابها أود تنبيه: حكم العلم المركب تركيب إسناد وهو المنقول من جملة أن يحكي أصله،   مفعول لأجله ناصبه محذوف تقديره يصيحون، وعلينا متعلق بهذا المحذوف لا بفديد لأن صلة المصدر لا تتقدم عليه، ولم يقل: عليهم لأن المتكلم يغلب على غيره في إعادة الضمير تقول: أنا وزيد فعلنا ولا تقول: فعلا كذا في التصريح. وأنت خبير بأنه حيث كان العامل في ظلمًا وعلينا محذوفًا تقديره يصيحون كان هو الجدير بجعله المفعول الثالث فيكون جملة لهم فديد حالًا مؤكدة. والشاهد في يزيد فإنه علم منقول عن الجملة بدليل ضمة الدال. والمشهور في يزيد في البيت أنه بالياء التحتية. وتصويب ابن يعيش أنه بالتاء الفوقية أبو قبيلة من العرب تنسب إليه البرود التزيدية رده ابن الحاجب كما في زكريا بأن الرواية إنما صحت بالتحتية. وبأن تزيد بالفوقية لم يسمع إلا مفردًا لا جملة ونظير يزيد في هذا البيت جلا في قوله: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا على القول بأنه علم محكي منقول من نحو زيد جلا، فيكون جملة لا من نحو جلا زيد وإلا كان مفردًا منصرفًا لأن هذا الوزن لا يؤثر منع الصرف عند الجمهور. وقيل: الموصوف محذوف أي أنا ابن رجل جلا الأمور وكشفها كذا في المغني والدماميني. قوله: "ومنه إصمت" بهمزة قطع وميم مكسورتين. وإن كان الأمر من الصمت بهمزة وصل وميم مضمومتين على أنه من صمت بفتح الميم، وبهمزة وصل مكسورة وميم مفتوحة على أنه من صمت بكسرها لأن الأعلام كثيرًا ما يغير لفظها عند النقل كما في التصريح. قوله: "أشلى" أي أغرى الصائد سلوقية أي كلابًا سلوقية نسبة إلى سلوق قرية باليمن. والباء في بها بمعنى مع. وقوله: بوحش صلة أشلى. وقوله في أصلابها أود أي عوج جملة في محل نصب صفة لسلوقية. وعندي وقفة في الاستشهاد بهذا البيت على النقل من جملة فعل الأمر وفاعله المستتر لأن إصمت في البيت مجرور بالفتحة كما هو شأن المنقول من الفعل وحده، ولو كان منقولًا من الجملة لوجب بقاء سكون الفعل كما وجب بقاء ضمة يزيد في البيت السابق وكون التحريك للضرورة بعيد. ثم رأيت بعضهم نقل عن بعض شرّاح التسهيل الاستشهاد به على النقل من الفعل وحده، ورأيت صاحب التصريح عد أصمت مما نقل من الفعل وحده كشمر ويشكر وهو يؤيد ما قلنا فاحفظه. قوله: "حكم العلم المركب تركيب إسناد" مثله المركب العددي فإنه يحكى وكذا المركب من حرفين كأنما أو حرف وفعل كقد قام أو حرف واسم كيازيد فكل ذلك يحكى، ولم ينص الشارح على ما ذكر لأنه شبيه بالمركب الإسنادي فكأنه داخل فيه. ويستثنى من المركب من حرف واسم المركب   73- البيت من البسيط، وهو للراعي النميري في ديوانه ص69؛ وخزانة الأدب 7/ 324، 327، 336، 341؛ وشرح المفصل 1/ 29؛ 30؛ ولسان العرب 2/ 55 "صمت"؛ والمعاني الكبير 1/ 220؛ ومعجم البلدان 1/ 212 "إصمت"؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص306، 341. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ولم يرد عن العرب علم منقول من مبتدأ وخبر، لكنه بمقتضى القياس جائز. ا. هـ. "و" من العلم "ما بمزج ركبًا" وهو كل اسمين جعلا اسمًا واحدًا منزلًا ثانيهما من الأول منزلة تاء التأنيث مما قبلها، نحو بعلبك. وحضرموت، ومعديكرب، وسيبويه و"ذا" المركب تركيب مزج "إن بغير ويه تم" أي ختم "أعربًا" إعراب ما لا ينصرف على الجزء الثاني، والجزء الأول يبنى على الفتح ما لم يكن آخره ياء كمعديكرب فمبني على السكون. وقد يبنى ما تم بغير ويه على الفتح تشبيها بخمسة عشر. وقد يضاف صدره إلى عجزه والأول   من جار فوق حرف مجرور فإن الأجود فيه إعراب الجار مضافًا لمجروره معطى ما له لو سمي به وحده بأن يضعف آخره إن كان لينًا كفي ولا يضعف بل يجعل كيد ودم إن كان صحيحًا كمن ويجوز حكايته. وقيل: يجب الإعراب والإضافة في ثلاثي أو ثنائي صحيح كربّ ومن، والحكاية في ثنائي معتل كفي فإن كان الجار حرفًا أحاديًا وجبت الحكاية عند الجمهور. وأجاز المبرد والزجاج إعرابهما مكملًا أولهما بتضعيف حرف لين يجانس حركته كما لو سمي به وحده فيقال في زيد جاءني زيد كذا في الهمع. وأما المركب من تابع ومتبوع فكالمفرد كما صرح به شيخ الإسلام فيعرب بحسب العوامل. وأما نحو قائم أبوه فيعرب قائم بحسب العوامل ويبقى مرفوعه بحاله ومثله شارب زيدًا. قوله: "أن يحكي أصله" أي ويكون معربًا تقديرًا كما نقله يس عن السيد واللباب. وقيل مبني لا محكي. وذكر في التسهيل أنه ربما أضيف صدر ذي الإسناد إلى عجزه إن كان ظاهرًا نحو جاء برق نحره. واحترز من المضمر نحو برقت وخرجت مسمى بهما فلا يجوز فيهما إلا الحكاية وأجاز بعضهم إعرابه تقول هذا قمت ورأيت قمتا ومررت بقمت أفاده الدماميني. قوله: "ولم يرد عن العرب إلخ" بيان لمفهوم قوله سابقًا وجملة فعلية. قوله: "ومن العلم" الأولى ومن المنقول. قوله: "بمزج" أي مع مزج. قوله: "منزلًا ثانيهما" حال من ضمير جعلا الراجع إلى الاسمين. وقوله منزلة تاء التأنيث مما قبلها أي في فتح ما قبلها وجريان حركات الإعراب عليها. واعترض اللقائي هذا الحد بأنه لا يشمل نحو معديكرب ولا نحو سيبويه، ومنشؤه جعل وجه التنزيل فتح ما قبلها وجريان حركات الإعراب غير المحلي عليها ولو جعل وجهه لزوم ما قبلها حالة واحدة في أحوال الإعراب الثلاثة وجريان حركات الإعراب ولو محلًا لم يتجه هذا الاعتراض. وقد يؤيد ما قلنا التعبير بتاء التأنيث التي قد يكون ما قبلها ساكنًا كما في بنت وأخت دون هاء التأنيث فتأمل. قوله: "ومعديكرب" بكسر الدال شذوذًا والقياس فتحها كمرمى ومسعى قاله المصرح هنا، لكن قال في باب النداء: معنى معديكرب عداه الكرب أي تجاوزه. ا. هـ. وقضيته أنه اسم مفعول أعلّ إعلال مرمى فلا شذوذ في كسر داله لا مفعل فإنه خلاف المعنى المذكور قاله الروداني، ويبعد كونه اسم مفعول تخفيف يائه إذ القياس تشديدها كما في مرميّ. قوله: "يبنى على الفتح إلخ" كان الأولى والأخصر يبقى على ما كان عليه من فتح أو سكون لأنهما ليسا للبناء. قوله: "تشبهًا بخمسة عشر" أي تشبيهًا بصنف آخر من المزجي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 وشاع في الأعلام ذو الإضافة ... كعبد شمس وأبي قحافة ووضعوا لبعض الأجناس علم ... كعلم الأشخاص لفظًا وهو عم   هو الأشهر. أما المركب المزجي المختوم بويه كسيبويه وعمرويه فإنه مبني على الكسر لما سلف. وقد يعرب غير منصرف كالمختوم بغير ويه "وشاع في الأعلام ذو الإضافة" وهو كل اسمين جعلا اسمًا واحدًا منزلًا ثانيهما من الأول منزلة التنوين. وهو على ضربين: غير كنية "كعبد شمس و" كنية مثل "أبي قحافة" وإعرابه إعراب غيره من المتضايفين "ووضعوا لبعض الأجناس" التي لا تؤلف غالبًا كالسباع والوحوش والأجناس "علم" عوضًا عما فاتها من وضع الإعلام لأشخاصها لعدم الداعي إليه. وهذا هو النوع الثاني من نوعي   والمركب العددي فلا يقتضي كلامه أن العددي ليس من المزجي كما زعمه البعض تبعًا لغيره. ولا ينافيه تعريفه السابق لأن المراد بالإعراب فيه ما يشمل الإعراب المحلي كما مر، لكن قال يس: إذا كان العددي من المزجي ورد أنه إذا سمي به يحكي كما صرح به اللقاني، والناظم لم يذكر الحكاية في المزجي. ا. هـ. وهو مدفوع بأنه لا مانع من اختصاص صنف من نوع بحكم وأن المصنف لم يذكر الحكاية في المزجي لأن كلامه في المزجي غير العددي. قوله: "وقد يضاف صدره إلى عجزه" فيخفض العجز ويعطى ما يستحقه لو انفرد من صرف وغيره نحو هذا رام هرمز. ويجري الأول بوجوه الإعراب إلا أن الفتحة لا تظهر في المعتل نحو معديكرب وقد يمنع العجز من الصرف مطلقًا مع جريان الأول بوجوه الإعراب. ا. هـ. دماميني بإيضاح وزيادة من الهمع. قوله: "لما سلف" علة لكون البناء على الكسر لأن مراده بما سلف كون الكسر الأصل في التخلص من التقاء الساكنين. وأما أصل البناء فلأن ويه اسم صوت وهو مبني بما سيأتي في بابه فيبني سيبويه تغليبًا لجانب الصوت لأنه الآخر. قوله: "وقد يعرب غير منصرف إلخ" وقد يبنى على الفتح كخمسة عشر قاله في الهمع. قوله: "وهو على ضربين إلخ" نبه على حكمة تعداد المثال ويحتمل أن تكون حكمته الإشارة إلى أنه لا فرق في الجزء الأول بين أن يكون معربًا بالحركات أو الحروف وفي الثاني بين أن يكون منصرفًا أو غير منصرف. قوله: "وإعرابه إعراب غيره من المتضايقين" أي لأنهم أجروا على كلمتيه أحكامهما قبل العلمية فأعربوا الجزأين وأعطوا جزءه الأخير حكم العلم فمنعوا صرف أوبر وهريرة في بنات أوبر وأبي هريرة، وقالوا: جاء أبو بكر بن زيد بترك تنوين بكر مع أن الموصوف بابن مجموع المركب قاله ابن هشام وغيره. قوله: "ووضعوا" أي العرب وإسناد الوضع إليهم مجاز لكونه ظهر على ألسنتهم وإلا فالواضع على الأصح هو الله تعالى. وفي كلامه إشارة إلى أن علم الجنس سماعي فلا يقاس على ما ورد منه. قوله: "غالبًا" وقد يوضع العلم الجنسي لجنس يؤلف كما سيذكره الشارح في الخاتمة. قوله: "والوحوش" عطف عام لشموله ما لا يعدو بنابه. وقوله: والأحناش بحاء مهملة ثم شين معجمة آخره عطف مغاير لأن الحنش كما في القاموس الذباب والحية وكل ما يصطاد من الطير والهوام وحشرات الأرض وهي صغار دوابها. قوله: "لعدم الداعي" علة للفوات والداعي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   العلم وهو "كعلم الأشخاص لفظًا" فلا يضاف، ولا يدخل عليه حرف التعريف؛ ولا ينعت بالنكرة ويبتدأ به، وتنصب النكرة بعده على الحال، ويمنع من الصرف مع سبب آخر غير العلمية كالتأنيث في أسامة وثعالة ووزن الفعل في بنات أوبر وابن آوى، والزيادة في سبحان علم التسبيح، وكيسان علم على الغدر، وعلم مفعول بوضعوا، ووقف عليه بالسكون على   هو الألفة. قوله: "وهو كعلم الأشخاص" ظاهره أن كعلم خبر مبتدأ محذوف والأولى أنه نعت لعلم. قوله: "فلا يضاف" أي ما دامت علميته فإن نكر جازت إضافته وكذا يقال فيما بعده. فائدة: قد ثنوا وجمعوا علم الجنس أيضًا فقالوا الأسامتان والأسامات. وينبغي أن يكون ذلك كما في الارتشاف بالنظر إلى الشخص الخارجي لا الكلي الذهني لاستحالة ذلك فيه. ا. هـ. شرح الجامع وتقدم في مبحث جمع المذكر السالم أنه لا يجمع منه بالواو أو الياء والنون إلا علم الشمول التوكيدي كأجمع فيقال أجمعون. قوله: "ويبتدأ به" أي لا مسوغ وكذا يقال فيما بعده. قوله: "بعده" إنما قيد به لأن تقدم الحال مسوّغ لمجيئها من النكرة. قوله: "في بنات أوبر" علم على ضرب رديء من الكمأة. قوله: "وابن آوى" علم على حيوان كريه الرائحة فوق الثعلب ودون الكلب فيه شبه من الذئب وشبه من الثعلب طويل الأظفار يشبه صياحه صياح الصبيان قاله الكمال الدميري. ا. هـ. تصريح. قوله: "علم التسبيح" أي عند قطعه عن الإضافة كما عليه البيضاوي أو مطلقًا عليه كما عليه غيره، وإضافته للإيضاح كحاتم طيئ وفرعون موسى فلا تبطل العلمية لأن المبطلة لها ما للتعريف أو التخصيص ومنع كثير علميته. قال الرضي: لا دليل على علميته لأن أكثر ما يستعمل مضافًا فلا يكون علمًا وإذا قطع فقد جاء منونًا في الشعر كقوله: سبحانه ثم سبحانًا نعوذ به وقد جاء باللام كقوله: سبحانك اللهم ذا السبحان قالوا دليل علميته قوله: سبحان من علقمة الفاخر ولا منع من أن يقال حذف المضاف إليه ونوى وبقي المضاف على حالة مراعاة لأغلب أحواله أعني التجرد عن التنوين كقوله: خالط من سلمى خياشم وفا هذا وقول الشارح علم التسبيح كذا في بعض النسخ. وفي بعضها علم على التسبيح وهو المناسب لقوله وكيسان علم على الغدر ويتعين عليه رفع علم بالخبرية لمحذوف أي وهو علم إلخ ولا يصح جر علم على النعتية لسبحان لأن المقصود لفظه فيكون معرفة فلا يصح وصفه بالنكرة، وهكذا قوله علم على الغدر. قوله: "عمّ" فعل ماض كما أشار إليه الشارح بالعطف لا أفعل تفضيل حذفت همزته ضرورة لاقتضائه العموم في المفضل عليه وهو علم الشخص وليس كذلك. قوله: "في أمته" أي جماعته وأفراده. قوله: "وأنه في الشياع كأسد" أي الذي هو اسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لغة ربيعة. ولفظًا تمييز: أي العلم الجنسي كالعلم الشخصي من حيث اللفظ "وهو" من جهة المعنى "عم" وشاع في أمته فلا يختص به واحد دون آخر، ولا كذلك علم الشخص لما عرفت. وهذا معنى ما ذكره الناظم في باب النكرة والمعرفة من شرح التسهيل من أن أسامة ونحوه نكرة معنى معرفة لفظًا، وأنه في الشياع كأسد، وهو مذهب قوم من النحاة لكن تفرقة الواضع بين اسم الجنس وعلم الجنس في الأحكام اللفظية تؤذن بالفرق بينهما في المعنى أيضًا. وفي كلام سيبويه الإشارة إلى الفرق، فإن كلامه في هذا حاصله أن هذه   جنس نكرة وهو من ذكر اللازم بعد الملزوم. قوله: "بين اسم الجنس" أي الذي هو النكرة كما للآمدي وابن الحاجب وجماعة. وكما هو الظاهر من عبارات كثير من النحاة وسيصرح به الشارح نقلًا عن بعضهم. وأما ما في حواشي شيخنا السيد أن النحاة على أن اسم الجنس وضع للماهية بلا قيد الاستحضار ففيه ما فيه. قوله: "تؤذن بالفرق إلخ" إذ لو لم يكن بينهما فرق من جهة المعنى لزم التحكم. قوله: "الإشارة إلى الفرق" أي بين علم الجنس واسم الجنس الذي هو النكرة على ما مر. ولما لم يبين سيبويه معنى اسم الجنس اتكالًا على ظهوره عندهم عبر بالإشارة. واشتهر عن كثير من العلماء الفرق بين الثلاثة بما حاصله أن علم الجنس موضوع للحقيقة المعينة ذهنًا باعتبار حضورها فيه بمعنى أن الحضور جزء مفهومه أو شرط على القولين، والصحيح عندي منهما الثاني وإن اقتصر البعض على الأول لأن التعين سواء كان شخصيًّا كما في علم الشخص أو ذهنيًّا كما في علم الجنس أمر اعتباري كما صرحوا به، فلو كان جزءًا داخلًا في مفهوم العلم لزم أن يكون مدلول العلم شخصيًّا أو جنسيًّا أمرًا اعتباريًّا لأن المجموع المركب من الوجودي والاعتباري اعتباري، وأن دلالة لفظ زيد مثلًا على مجرد الذات تضمن لا مطابقة، وكل من اللازمين في غاية البعد إن لم يكن باطلًا، واسم الجنس موضوع للحقيقة المعينة ذهنًا لا بهذا الاعتبار والنكرة موضوعة للفرد المنتشر. قال البعض ولي فيه وقفة لأن اسم الجنس على تقدير كونه موضوعًا للحقيقة يلزم أن يكون معرفة لأن الحقيقة من حيث هي متحدة ذهنًا وعدم اعتبار قيد الحضور معها لا يخرجها عن التعين وحينئذٍ فالفرق المذكور من جهة المعنى لا يجدي نفعًا في إجراء أحكام المعارف على علم الجنس دون اسمه ويؤيد ذلك حكمهم على مدخول أل الجنسية في قولك: الرجل خير من المرأة بأنه معرفة مع أن المراد بمدخولها الحقيقة من حيث هي مع أن جعل اسم الجنس قسيمًا للنكرة ينافي حصر الجمهور الاسم في المعرفة والنكرة، ومنهم القائلون بهذا الفرق فالذي يختاره العقل ويميل إليه أن اسم الجنس كالنكرة موضوع للفرد المنتشر كما سيذكره الشارح هذا كلامه. وأنا أقول: قال العلامة سم في الآيات البينات عند قوله ابن السبكي العلم ما وضع لمعين إلخ ما نصه: فيه أي في تعريف العلم بما ذكر أن النكرة وضع لمعين أيضًا إذ الواضع إنما يضع لمعين فقوله أي المحلي خرج النكرة ممنوع. ويجاب بأن المراد أنه وضع لمعين باعتبار تعينه فخرج النكرة فإنه وإن وضع لمعين لم يعتبر تعينه. ا. هـ. وقد عرّف غير واحد من المحققين المعرفة بما وضع لمعين باعتبار تعينه. فتبين أن تعين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأسماء موضوعة للحقائق المتحدة في الذهن، ومثله بالمعهود بينه وبين مخاطبه، فكما   الموضوع له حاصل في النكرة أيضًا وأن الفرق بين النكرة والمعرفة اعتبار التعين في المعرفة وعدم اعتباره في النكرة، فوجود التعين المراد من الحضور في عبارة من عبر به في اسم الجنس من غير اعتباره لا يقتضي كونه معرفة واستناده إلى حكمهم على مدخول أل الجنسية بأنه معرفة مع أن المراد بمدخولها الحقيقة من حيث هي من باب الاشتباه لأن المراد بقولهم من حيث هي في كلامهم على مدخول أل الجنسية عدم اعتبار الفرد معها بالكلية لا عدم اعتبار التعين لأنه معتبر في مدخولها كما صرح به السعد في مطوله ومختصره في الكلام على تعريف المسند إليه بأل، وكذا سائر المعارف كما علمت. ومن ثم فرقوا بين علم الجنس ومدخول أل الجنسية بأن دلالة الأول على اعتبار التعين بجوهره والثاني بقرينة أل. والمراد بقولهم من حيث هي في تعريف اسم الجنس عدم اعتبار التعين فيه وتشبثه بأن جعل اسم الجنس قسيمًا للنكرة ينافي حصر الجمهور الاسم في المعرفة والنكرة، ومنهم القائلون بهذا الفرق لا ينهض لأن النكرة تطلق اطلاقين خاصًا وعامًا كما قاله يس وغيره: فتطلق تارة ويراد بها ما قابل المعرفة فتعم اسم الجنس، وتطلق تارة ويراد بها ما قابل اسم الجنس فتخص. إذا أشرقت في سماء بصيرتك شمس أنوار هذا التحقيق عرفت انحلال وقفته بحذافيرها والله ولي التوفيق. وكثيرًا ما يخطر ببالي فرق آخر بين علم الجنس واسمه قريب من الفرق السابق وهو أن الحقيقة الذهنية لها جهتان: جهة تعينها ذهنًا وجهة صدقها على كثيرين، فعلم الجنس هو ما وضع للحقيقة من حيث تعينها ذهنًا بمعنى أن تعينها ذهنًا هو المعتبر الملحوظ في وضعه دون الصدق، فيكون الصدق حاصلًا غير مقصود في وضعه ولهذا كان معرفة، واسم الجنس ما وضع لها من حيث صدقها على كثيرين، بمعنى أن الصدق هو المعتبر الملحوظ في وضعه دون التعين فيكون التعين حاصلًا غير مقصود في وضعه ولهذا كان نكرة عند تجرده من أل والإضافة وهو فرق نفيس، وفي ظني أني رأيت ما يؤيده في كلام بعضهم والذي استوجهه الشيخ الغنيمي وتلميذه الشبراملسي أن الفرق بين اسم الجنس والنكرة بأن اسم الجنس للحقيقة بلا قيد والنكرة للفرد اعتباري وأن كلًا من رجل وأسد يصح أن يكون نكرة واسم جنس بالاعتبارين المذكورين ويمكن مثله في فرقنا أيضًا هذا. وفي حواشي شيخنا السيد أن المراد بالذهن في هذا المقام ذهن المخاطب لأن المعتبر في جميع المعارف تعينها وعهدها في ذهن المخاطب، وكان رحمه الله تعالى يقرر ذلك في دروسه، ويعكر عليه أن بعض أصحاب الفرق الأول وهو المحقق الخسروشاهي شيخ القرافي صرح بأنه ذهن الواضع فاعرف ذلك. قوله: "أن هذه الأسماء" أي أعلام الأجناس. قوله: "للحقائق المتحدة في الذهن" أي المتوحدة فيه، وانظر هل يقول سيبويه بأن اسم الجنس للحقيقة المتحدة ذهنًا فيكون الفرق بين علم الجنس واسمه عنده اعتبار التعين في علم الجنس دون اسمه كما هو المشهور. أو بأنه للفرد المنتشر فيكون الفرق عنده ظاهرًا ولعل هذا أقرب إلى كلامه. قوله: "ومثله" أي نظيره وشبهه في اعتبار التعين فقط فلا يرد أن الممثل ماهية والممثل به فرد والضمير يرجع إلى الحقائق المتحدة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   صح أن يعرف ذلك المعهود باللام فلا يبعد أن يوضع له علم. قال بعضهم: والفرق بين أسد وأسامة أن أسدًا موضوع للواحد من آحاد الجنس لا بعينه في أصل وضعه، وأسامة موضوع للحقيقة المتحدة في الذهن. فإذا أطلقت أسدًا على واحد أطلقته على أصل وضعه وإذا أطلقت أسامة على واحد فإنما أردت الحقيقة. ولزم من إطلاقه على الحقيقة باعتبار   في الذهن، وذكره للتأول بالمذكور أو مدلول هذه الأسماء أي وتماثلهما يقتضي أن ما ثبت لأحدهما يثبت هو أو نظيره للآخر فلذلك قال: فكما صح أن يعرف ذلك المعهود باللام أي التي هي أحد طرق التعريف فلا يبعد أن يوضع له أن للمذكور من تلك الحقائق علم لأن العلمية أحد طرق التعريف أيضًا نظير أل. قوله: "قال بعضهم" هذا تأييد وإيضاح لما قاله سيبويه في علم الجنس وتصريح بما سكت عنه من بيان اسم الجنس. قوله: "لا بعينه" أي حالة كون الواحد غير ملتبس بتعينه في أصل وضعه. قوله: "أطلقته على أصل وضعه" أي إطلاقًا جاريًا على أصل هو وضعه، أو المراد بالوضع الموضوع له والظرف حينئذٍ لغو متعلق بأطلقته والإضافة على كل للبيان وهذا على ما قدمه من أنه موضوع للواحد لا بعينه. وأما على أنه موضوع للحقيقة فإذا أطلق على الفرد المبهم أو المعين من حيث وجودها فيه وصدقها عليه كان إطلاقًا حقيقيًّا وإلا كان مجازًا، وكذا يقال في علم الجنس إذا أطلق على الفرد المبهم أو المعين كما قاله الفاكهي. وما ذكر من التفصيل هو الذي قاله السعد في مطوّله. والذي قاله الكمال بن الهمام ونقله عن المتقدمين أن إطلاق اسم الحقيقة على أفرادها حقيقة مطلقًا. قوله: "وإذا أطلقت أسامة على واحد" أي معين كما في هذا أسامة مقبلًا أو مبهم كما في إن رأيت أسامة ففر منه. قوله: "فإنما أردت الحقيقة" أي لاحظت حال إطلاقه على الفرد ما تضمنه من الحقيقة فالذي استعمل فيه اللفظ وأطلق عليه حقيقة هو الحقيقة الموجودة في الفرد. ويرد عليه أنه يجوز أن يريد بأسامة الفرد من غير ملاحظة الحقيقة فما ذكره من الحصر ممنوع ويمكن دفعه بأن كلامه في الإطلاق الحقيقي أي وإذا أطلقت إسامة على واحد إطلاقًا حقيقيًّا فيتم الحصر. قوله: "باعتبار الوجود" أي وجودها في ضمن الأفراد المستعمل فيها اللفظ وقوله: فجاء التعدد أي تعدد معنى أسامة تعددًا بدليًا ضمنًا أي لزومًا من الإطلاق والاستعمال، إذ يلزم من إطلاقه على الحقيقة التي توجد في ضمن أفراد متعددة التعدد. وقوله باعتبار أصل الوضع عطف على محذوف أي باعتبار الاطلاق والاستعمال لا باعتبار أصل الوضع فاندفع قول البعض كان المناسب لقوله لا باعتبار أصل الوضع أن يقول فجاء التعدد باعتبار الاستعمال. قوله: "وهي" أي مسألة الفرق. قوله: "للفجره" لم يقل للفجور لأن فعال من أعلام المؤنث. قوله: "بمعنى الفجور" أي لا بمعنى المرة من الفجور فالتاء لتأنيث الحقيقة لا للوحدة. قوله: "أنا اقتسمنا" بفتح همزة أنا لوقوعها مفعولًا لعلمت في البيت قبله والخطة بالضم الخصلة. وأما بالكسرة فالأرض التي يخط عليها لتحاز وتبنى. قوله: "دعوا" بالبناء للمفعول كيسان أي إلى كيسان. قوله: "يكون للذوات والمعاني" هذا التقسيم على مذهب غير المصنف باعتبار الماصدق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 من ذاك أم عريط للعقرب ... وهكذا ثعالة للثعلب ومثله برة للمبرة ... كذا فجار علم للفجرة   الوجود التعدد، فجاء التعدد ضمنًا لا باعتبار أصل الوضع. قال الأندلسي شارح الجزولية: وهي مسألة مشكلة "من ذاك" الموضوع علما للجنس "أم عريط" وشبوة "للعقرب وهكذا ثعالة" وأبو الحصين "للثعلب" وأسامة وأبو الحرث للأسد، وذؤالة وأبو جعدة للذئب "ومثله برة" علم "للمبره" بمعنى البرو "كذا فجار" بكسر كحذام "علم للفجرة" بمعنى الفجور وهو الميل عن الحق. وقد جمعهما الشاعر في قوله: 74- أنا اقتسمنا خطتينا بيننا ... فحملت برة واحتملت فجار ومثله كيسان علم على الغدر. ومنه قوله: 75- إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم ... إلى الغدر أدنى من شبابهم المرد وكذا أم قشعم للموت، وأم صبور للأمر الشديد. فقد عرفت أن العلم الجنسي يكون للذوات والمعاني ويكون اسمًا وكنية. وخاتمة: قد جاء علم الجنس لما يؤلف كقولهم للمجهول العين والنسب: هيان بن بيان، وللفرس: أبو المضاء، وللأحمق أبو الدغفاء وهو قليل.   لا المفهوم الذي هو دائمًا الماهية الذهنية وكونه للذوات أكثر من كونه للمعاني. قوله: "قد جاء علم الجنس لما يؤلف" هو ما احترز عنه بقوله فيما مر غالبًا. قوله: "كقولهم للمجهول إلخ" وكقولهم للبغل أبو الأثقال، وللجمل أبو أيوب، وللحمار أبو صابر، وللدجاجة أم جعفر، وللشاة أم الأشعث، وللنعجة أم الأموال. قوله: "هيان بن بيان" هو من أسماء الأضداد لأن المجهولات مستصعبة خفية، لا هينة بينة. قوله: "وهو قليل" لأن الأشياء المألوفة توضع الأعلام لآحادها لا لأجناسها.   74- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص55؛ وإصلاح المنطق ص336، وخزانة الأدب 6/ 327، 330، 333، والدرر 1/ 97؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 216؛ وشرح التصريح 1/ 125؛ وشرح المفصل 4/ 53؛ والكتاب 3/ 274؛ ولسان العرب 5/ 42 "برر"، 5/ 48 "فجر"، 11/ 174 "حمل"؛ والمقاصد النحوية 1/ 405؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 349؛ وجمهرة اللغة ص463؛ وخزانة الأدب 6/ 284؛ والخصائص 2/ 198، 3/ 261، 265؛ وشرح عمدة الحافظ ص141؛ وشرح المفصل 1/ 38؛ ولسان العرب 13/ 37 "أنن"، ومجالس ثعلب 2/ 464؛ وهمع الهوامع 2/ 29. 75- البيت من الطويل، وهو للنمر بن تولب في ملحق ديوانه ص399؛ والأغاني 14/ 28؛ وله أو لضمرة بن ضمرة في شرح المفصل 1/ 37، 38؛ ولسان العرب 6/ 201 "كيس"؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 215. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 اسم الإشارة : بذا لمفرد مذكر أشر ... بذي وذة تي تا على الأنثى اقتصر   اسم الإشارة: اسم الإشارة: ما وضع لمشار إليه، وترك الناظم تعريفه بالحد اكتفاء بحصر أفراده   اسم الإشارة: أي اسم تصحبه الإشارة الحسية وهي التي بأحد الأعضاء. قوله: "لمشار إليه" أي إشارة حسية، ولم يصرّح بذلك لأن الإشارة حقيقة في الحسية دون الذهنية والمطلق يحمل على حقيقته، فلا يرد ضمير الغائب وأل ونحوهما لأن الإشارة بذلك ذهنية، ولا دور في التعريف لأن أخذ جزء المعرف في التعريف لا يوجبه لجواز أن يكون معرفة ذلك الجزء ضرورية أو مكتسبة بشيء آخر، صرح بجميع ذلك الدماميني. وأما الجواب بأن الإشارة في التعريف لغوية وفي المعرف اصطلاحية ففيه أن المراد بالمعرف اسم تصحبه الإشارة الحسية فالإشارة فيه لغوية كالتعريف، وكون الإشارة حسية يستلزم كون المشار إليه محسوسًا بالبصر حاضرًا فاستعماله في غيره مجاز بالاستعارة التصريحية الأصلية أو التبعية على خلاف في ذلك بيناه في رسالتنا في الاستعارات. وما يقتضيه كلام ابن الناظم من أن استعماله في المنزل منزلة المحسوس الحاضر حقيقة خلاف المعروف. قوله: "بحصر أفراده" أي أفراد اسم الإشارة وهي سبعة عشر: ثلاثة للمفرد المذكر، وعشرة للمفردة المؤنثة، وذان وتان وأولى بالمد والقصر، فقوله وهي ستة غير ظاهر إلا أن يقال جعله أفراد اسم الإشارة ستة باعتبار المشار إليه وإن كانت في نفسها أكثر من ستة، وباعتبار المشار إليه يندفع ما يقال كيف عد اسم إشارة الجمع المذكر والمؤنث فردين مع اتحاد اللفظ. قوله: "بذا" تقديم الجار والمجرور للحصر الإضافي أي بالنسبة إلى الصيغ المذكورة في المتن. فالمعنى بذا لا بغيره من الصيغ الآتية، فلا ينافي أنه يشار إلى المفرد المذكر بغير ذا مما ذكره الشارح. وزاد في التسهيل للبعيد آلك بهمزة ممدودة فلام. قال الدماميني وينبغي أن يكون كل من الذال والهمزة أصلًا ليس أحدهما بدلًا من الآخر لتباعد مخرجيهما ويسأل عن هذا في باب النداء عند ذكر آفي حروف نداء البعيد فيقال في أي موضع يكون آاسمًا. ا. هـ. باختصار. واعلم أن مذهب البصريين أنه ثلاثي الأصل لا ثنائي، وألفه زائدة لبيان حركة الذال كما يقوله الكوفيون، ولا ثنائي وألفه أصلية مثل ما كما يقول السيرافي لغلبة أحكام الثلاثي عليه من الوصفية والموصوفية والتثنية والتصغير ولا شيء من الثنائي كذلك. وأصله ذيي بالتحريك بدليل الانقلاب ألفًا حذفت لامه اعتباطًا وقلبت عينه ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وقيل: ذوي لأن باب طويت أكثر من باب حييت. وقيل: ذيي بإسكان العين والمحذوف العين والمقلوب ألفًا اللام لأن حذف الساكن أهون من حذف المتحرك. وردّ الأول بحكاية سيبويه إمالة ألفه ولا سبب لها هنا إلا انقلابها عن الياء مع كون الحذف أليق بالآخر فلا يقال: يحتمل أن المحذوف الواو والمقلوب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وذان تان للمثنى المرتفع ... وفي سواه ذين تين اذكر تطع وبأولى أشر لجمع مطلقًا ... والمد أولى ولدى البعد انطقا   بالعد وهي ستة لأنه إما مذكر أو مؤنث، وكل منهما إما مفرد أو مثنى أو مجموع "بذا" مقصورًا "لمفرد مذكر أشر" وقد يقال: ذاء بهمزة مكسورة بعد الألف، وذائه بهاء مكسورة بعد الهمزة "بذي وذه" وته بسكون الهاء وبكسرها أيضا بإشباع وباختلاس فيهما و"تي" وتا" وذات "على الأنثى" المفردة "اقتصر" فلا يشار بهذه العشرة لغيرها كما حكاها في التسهيل "وذان" و"تان للمثنى المرتفع" الأول لذكره والثاني لمؤنثه "وفي سواه" أي سوى المرتفع وهو المجرور والمنتصب "ذين" و"تين" بالياء "اذكر تطع" وأما {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: 63] فمؤول "وبأولى أشر لجمع مطلقًا" أي مذكرًا كان أو مؤنثا "والمد أولى" فيه   الياء، والثاني بأن الحذف أليق بالآخر. قوله: "لمفرد" قيل: اللام بمعنى إلى ومقتضاه أن الإشارة لا تتعدى باللام وهو ما يفيده صنيع القاموس، والمراد المفرد حقيقة أو حكمًا كالجمع والفريق. قال في متن الجامع وقد يستعار لغير المفرد ماله نحو عوان بين ذلك أي الفارض والبكر. ولك أن تقول المرجع ما ذكر فهو مفرد حكمًا. قوله: "مذكر" أي حقيقة أو حكمًا نحو: "فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي" وقيل: التذكير لأن الله تعالى حكى قول إبراهيم ولا فرق في لغته بين المذكر والمؤنث لأن الفرق بينهما خاص بالعرب. قوله: "بعد الهمزة" أي المكسورة أيضًا. وروي ضمهما معًا أيضًا كما في التصريح. قوله: "بذي" بقلب ألف ذا ياء، وذه بقلب ياء ذي هاء، وتي بقلب الذال تاء والألف ياء. وعلى هذا قياس البقية نقله الروداني. قوله: "وذات" بالبناء على الضم وهي أغربها واسم الإشارة ذا والتاء للتأنيث شنواني. قوله: "على الأنثى" أي حقيقة أو حكمًا كالمذكر المنزل منزلة الأنثى وقوله المفردة: أي حقيقة أو حكمًا كالفرقة والجماعة. قوله: "فلا يشار بهذه العشرة إلخ" أشار إلى أن الباء داخلة على المقصور لا على المقصور عليه وهذا إذا لوحظ كل واحد من العشرة على حدته فإن لوحظ المجموع جاز الأمران. قوله: "للمثنى المرتفع" اعترض بأنه إن أريد بالمثنى اللفظ الذي هو صيغة التثنية ورد عليه أنه نفس ذان وتان وحينئذٍ يختل الكلام. وإن أريد به المعنى الذي هو الاثنان ورد عليه أن الارتفاع وصف اللفظ لا المعنى ويجاب باختيار الشق الثاني وتقدير مضاف عقب المرتفع: أي المرتفع داله، أو الأول وتقدير المضاف قبل المثنى أي المدلول المثنى المرتفع وهو الاثنان أولًا تقدير والنسبة المستفادة من اللام من نسبة الجزئي لكليه. والمراد المثنى صورة المرتفع محلًّا فلا يقال: اسم الإشارة مبني فلا يثنى ولا يرفع. هذا هو الأصح. والظاهر أن الاسمين مبنيان على الألف والياء كما في يا رجلان ولا رجلين. واعلم أنه لا يثنى من أسماء الإشارة إلا ذا وتا. قوله: "الأول لمذكره والثاني لمؤنثه" أورد عليه فذانك برهانان لأن المرجع اليد والعصا وهما مؤنثان. وأجيب بأن التذكير لمراعاة الخبر ذكره في المغني. قوله: "وفي سواه" أي في حال إرادة سواه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 بالكاف حرفا دون لام أو معه ... واللام إن قدمت ها ممتنعه   من القصر لأنه لغة الحجاز، وبه جاء التنزيل، قال الله تعالى: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ} [آل عمران: 119] ، والقصر لغة تميم. تنبيه: استعمال أولاء في غير العاقل قليل. ومنه قوله: 76- ذم المنازل بعد منزلة اللوى ... والعيش بعد أولئك الأيام وما تقدم هو فيما إذا كان المشار إليه قريبًا "ولدى البعد" وهي المرتبة الثانية من مرتبتي المشار إليه على رأي الناظم "انطقا" مع اسم الإشارة "بالكاف حرفًا" ألف انطقا مبدلة من نون التوكيد الخفيفة، وحرفًا حال من الكاف: أي انطقن بالكاف محكومًا عليه بالحرفية، وهو اتفاق. ونبه عليه لئلا يتوهم أنه ضمير كما هو في غلامك، ولحق الكاف   قوله: "فمؤول" من تأويلاته أنه على لغة من يلزم المثنى الألف. قوله: "مطلقًا" حال من جمع وهو نكرة بلا مسوغ من المسوغات الآتية في باب الحال فيكون مجيء الحال منه من القليل. قوله: "والمدّ أولى فيه من القصر" فيه أن المد والقصر من خواص المعرب عند النحاة وأولى مبني. والجواب أنه جرى على عرف اللغويين والقراء الذين لا يخصونهما بالمعرب. ووزن الممدود فعال وقيل فعل كهدى زيد في آخره ألف فانقلبت الثانية همزة ووزن المقصور فعل اتفاقًا وألفها أصل لعدم التمكن وقيل منقلبة عن ياء لإمالتها وتنوين الممدود لغة. قال ابن مالك: والجيد أن يقال إن صاحب هذه اللغة زاد نونًا كنون ضيفن وبناء آخره على الضم لغة وكذا إشباع الهمزة أوله وإبدال أوله هاء مضمومة وإبداله هاء مفتوحة تليها واو وساكنة كذا في التسهيل وشرحه وتكتب مقصورة وممدودة بواو قبل اللام لئلا يلتبس باليك جارًا ومجرورًا وتكتب ألف المقصورة ياء. قوله: "قليل" ومنه في القرآن: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: 36] . قوله: "ذم" بفتح آخره تخفيفًا وكسره على الأصل وضمه اتباعًا وهي على هذا الترتيب في الحسن على ما يظهر لي. والمراد بالعيش المعيشة. قوله: "قريبًا" أي حقيقة أو حكمًا وكذا في البعد. قوله: "ولدى البعد" أي بعد المشار إليه قليلًا أو كثيرًا على رأي الناظم أنه له مرتبتين كما سيأتي. قوله: "على رأي الناظم" أي تبعًا لبعض النحاة، وعزى لسيبويه وهو الراجح لأنه سيأتي أن ترك اللام لغة التميميين والإتيان بها لغة الحجازيين، فلو كانت المراتب ثلاثة كما عليه الجمهور للزم أن التميميين لا يشيرون إلى البعيد والحجازيين لا يشيرون إلى المتوسط. قوله: "محكومًا عليه بالحرفية" أشار إلى أن هذه الحال وإن كانت جامدة لفظًا هي   76- البيت من الكامل، وهو لجرير في ديوانه ص990 وفي "الأقوام" مكان "الأيام"؛ وتخليص الشواهد ص123، وخزانة الأدب 5/ 430؛ وشرح التصريح 1/ 128؛ وشرح شواهد الشافية ص167؛ وشرح المفصل 9/ 129؛ ولسان العرب 5/ 437 "أولي"، والمقاصد النحوية 1/ 408؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 134؛ وشرح ابن عقيل ص72؛ والمقتضب 1/ 185. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   للدلالة على الخطاب، وعلى حال المخاطب من كونه مذكرًا أو مؤنثًا. مفردًا أو مثنى أو مجموعًا فهذه ستة أحوال تضرب في أحوال المشار إليه وهي ستة كما تقدم فذلك ستة وثلاثون يجمعها هذان الجدولان وطريقة هذين الجدولين المشار إليهما أنك تنظر لأحوال   مشتقة تأويلًا. قوله: "للدلالة على الخطاب" أي بالمادة وقوله: وعلى حال المخاطب أي بهيئته أو ما يلحقه. وأما دلالتها على البعد فعارض نشأ من استعمالهم إياها عند البعد. فائدة: تتصل هذه الكاف الحرفية بأرأيت بمعنى أخبرني لا بمعنى أعلمت مغنيًا لحاق علامات الفروع بها عن لحاقها بالتاء، والتاء حينئذٍ اسم مجرد عن الخطاب ملتزم فيه الأفراد والتذكير هو الفاعل. وعكس الفراء فجعل التاء حرف خطاب والكاف فاعلًا. وقال الكسائي: التاء فاعل والكاف مفعول. والصحيح الأول قال ابن هشام: وأرأيت هذه منقولة من أرأيت بمعنى أعلمت لا من أرأيت بمعنى أأبصرت، ألا ترى أنها تتعدى إلى مفعولين، وهذا من الإنشاء المنقول إلى إنشاء آخر، يعني أن هذا الكلام كان أولًا لإنشاء هو الأمر إذ هو بمعنى أخبر. وقال الرضي: أرأيت بمعنى أخبر منقول من أرأيت بمعنى أأبصرت أو أعرفت ولا يستعمل إلا في الاستخبار عن حالة عجيبة. وقد يؤتى بعده بالمنصوب الذي كان مفعولًا به نحو أرأيت زيدًا ما صنع، وقد يحذف نحو: {أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّه} [الأنعام: 40] ، الآية وكم ليس بمفعول بل حرف خطاب ولا بد سواء أتيت بذلك المنصوب أولًا من استفهام ظاهر أو مقدر يبين الحال المستخبر عنها، فالظاهر نحو أرأيت زيدًا ما صنع وأرأيتكم إن أتاكم عذاب الله الآية، والمقدر نحو: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَن} [الإسراء: 62] أي أرأيتك هذا المكرم لم كرمته عليّ. وقوله: لئن أخرتن كلام مستأنف ولا محل لجملة الاستفهام لأنها مستأنفة لبيان الحال المستخبر عنها كأن المخاطب قال لما قلت: أرأيت زيدًا عن أي شيء من حالة تستخبر فقلت: ما صنع فهو بمعنى قولك أخبرني عنه ما صنع، وليست الجملة المذكورة مفعولًا ثانيًا لأرأيت كما ظنه بعضهم. ا. هـ. بحذف وفيه مخالفة لكلام ابن هشام من وجهين: أحدهما جعله أرأيت منقولًا من أرأيت بمعنى أأبصرت أو أعرفت، والثاني أنها ليست متعدية إلى مفعولين وأن الجملة المذكورة بعدها لا مفعول ثان ولم يبين وجه نصب زيد في مثل أرأيت زيدًا ما صنع فإنه لا يصح أن يكون منصوبًا على إسقاط الخافض أي أخبرني عن زيد وإن كان في كلامه ما يشير إلى هذا الوجه وذلك لأن النصب على إسقاط الخافض ليس بقياس في مثل هذا ولا مفعولًا به لأرأيت لأن معنى الرؤية قد انسلخ عن هذا اللفظ ونقل إلى طلب الإخبار، والذي يظهر لي أنه على حذف مضاف أي خبر زيد. ا. هـ. دماميني ملخصًا. وقد يختار ما أشار إليه الرضي ويجعل النصب بنزع الخافض هنا من موارد السماع. ومفاد ما مر عن ابن هشام أن زيدًا مفعول به أول وجملة الاستفهام في موضع المفعول الثاني وبه صرح غيره، ويشكل عليه الانسلاخ المذكور اللهم إلا أن ينظر إلى المنقول عنه فتأمل. قوله: "فذلك ستة وثلاثون" هذا العدد ملحوظ فيه المعنى لا اللفظ وإلا فمن ستة المشار إليه حالتان مشتركتان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المخاطب الستة، فتأخذ كل حال منها مع أحوال المشار إليه الستة مبتدئًا منها بالمفرد بقسميه، ثم بالمثنى كذلك، ثم بالمجموع كذلك، وابتدئ بالمخاطب المذكر المفرد ثم المثنى ثم المجموع. ثم المخاطبة المؤنثة المفردة ثم المثنى ثم المجموع. وإنما قضى على هذه الكاف بالحرفية على اختلاف مواقعها؛ لأنها لو كانت اسمًا لكان اسم الإشارة مضافًا واللازم باطل؛ لأن اسم الإشارة لا يقبل التنكير بحال. وتلحق هذه الكاف اسم الإشارة "دون لام" كما رأيت، وهي لغة تميم "أو معه" وهي لغة الحجاز. ولا تدخل اللام   في اللفظ وهما الجمع المذكر والجمع المؤنث ومن ستة المخاطب حالتان كذلك وهما المثنى المذكر والمثنى المؤنث، فبالنظر إلى اللفظ يكون المضروب خمسة والمضروب فيه خمسة بخمسة وعشرين كما قاله شيخنا ومن هنا يظهر لك ما في كلام البعض من السهو. واعلم أنك إذا ضربت الستة والثلاثين في مرتبتي القرب والبعد كان الحاصل اثنين وسبعين وعلى اعتبار التوسط يكون المجموع مائة وثمانية المتعذر منها ثلاثون، ولأن إشارات القريب التي هي ستة باعتبار أحوال المشار إليه لا تتعدد بحسب أحوال المخاطب إذ لا يلحقها كاف الخطاب فيسقط ثلاثون والممتنع منها اثنى عشر وهي ما اجتمع فيها الكاف واللام، والجائز منها ست وستون، فمن جدولها منهم كالشارح لم يستوعب أقسامها الجائزة، ومن لم يجدولها كصاحب التصريح بل اكتفى بالتصوير العقلي لم يبين المتعذر منها والجائز والممتنع. وهذا جدول كافل بجميع ذلك. والصفر الموضوع في الأسطر الستة علامة على أنه ليس لذلك الاسم علامة تدل على المخاطب بالإشارة، وذلك في جميع صور القريب. قوله: "مبتدئًا منها" أي من أحوال المشار إليه قوله: "بالمفرد بقسميه" المذكر والمؤنث وعلى هذا يقرأ السطر الأول من الجدول الأيمن ثم السطر المقابل له من الجدول الأيسر ثم السطر الثاني من الأيمن ثم المقابل له من الأيسر وهكذا. قوله: "وابتدئ" أي من أحوال المخاطب فترتيب أحواله على خلاف ترتيب أحوال المشار إليه. قوله: "على اختلاف إلخ" أي مع اختلاف مواقعها كالاسمية قال في التصريح هذه الكاف وإن كانت حرفية تتصرف تصرف الكاف الاسمية في غالب اللغات فتفتح للمخاطب وتكسر للمخاطبة وتلحقها علامة التثنية والجمعين، ودون هذا أن تفتح في التذكير وتكسر في التأنيث ولا تلحقها علامة تثنية ولا جمع، ودون هذا أن تفتح مطلقًا ولا تلحقها علامة تثنية ولا جمع. قوله: "لأن اسم الإشارة إلخ" ولقولهم ذانك وذينك ولو كان مضافًا لحذفت النون. قوله: "لا يقبل التنكير بحال" لأنه لمصاحبته الإشارة الحسية لا يقبل شياعًا أصلًا. قوله: "وتلحق هذه الكاف اسم الإشارة" ظاهره مطلقًا وفي الدماميني والهمع وغيرها أنها لا تلحق من إشارات المؤنث إلا تي وتا وكذا ذي على خلاف قالوا تيك وتلك وتيلك بكسر التاء في الثلاثة، وتيك وتلك بفتح التاء فيهما، وتالك وذيك وأنكر الأخيرة ثعلب وجعلها الجوهري خطأ ولا يقتضي جواز فتح تيك جواز تي بفتح التاء للقريب إذ لا بعد في اختصاص فتح التاء بالمتوسط والبعيد كاختصاص ذلك بالبعيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   على الكاف مع جميع أسماء الإشارة مع المفرد مطلقًا، نحو ذلك، وتلك. ومع أولى مقصورًا نحو أولاك وأولى لك. وأما المثنى مطلقا وأولاء الممدود فلا تدخل معهما اللام. "واللام إن قدمت ها" التنبيه فيه "ممتنعه" عند الكل، فلا يجوز اتفاقًا هذلك، ولا هاتلك ولا هؤلاء لك كراهة كثرة الزوائد. تنبيه: أفهم كلامه أن ها التنبيه تدخل على المجرد من الكاف، نحو هذا هذه وهذان وهاتان وهؤلاء وعلى المصاحب لها وحدها نحو هذاك وهاتيك وهاذانك وهاتانك وهؤلاتك، لكن هذا الثاني قليل. ومنه قوله طرفة:   قوله: "وهي لغة تميم" فلا يأتون باللام مطلقًا لا في مفرد ولا في مثنى ولا في جمع كما في التوضيح وشرحه للشيخ خالد فقول الشارح ومع أولى مقصورًا أي عند غير بني تميم ممن يوافقهم في القصر كقيس وأسد وربيعة كما في التصريح فلا يقال لغة بني تميم وهم لا يأتون باللام وفي شرح التوضيح للشارح أن بني تميم يأتون باللام مع الجمع مقصورًا وهو مخالف لما مر فتدبر. قوله: "أو معه" أو للتخيير بالنسبة إلى المفرد وأولى المقصور ولتنويع اسم الإشارة بالنسبة إلى المثنى وأولاء الممدود مع غيرهما، وظاهر عبارة الشارح أنها لتنويع خلاف العرب فافهم. قوله: "بل مع المفرد مطلقًا" أي مذكرًا أو مؤنثًا على ما علم مما مر وهذه اللام لتأكيد بعد المشار إليه على ما يناسب مذهب المصنف وقيل: لبعد المشار إليه وقيل: لبعد المخاطب حكى الثلاثة يس. وأصلها السكون وكسرت للتخلص من التقاء الساكنين أو للفرق بينها وبين لام الجر في نحو ذلك لكن تارة يبقى سكونها وتحذف الياء أو الألف قبلها للتخلص من التقاء الساكنين كما في تلك بكسر التاء وتلك بفتحها. وتارة تبقى الياء أو الألف قبلها وتحرك هي بالكسر كما مر في تيلك وتالك وذلك. قوله: "واللام" مبتدأ خبره ممتنعة وجواب الشرط محذوف لدلالة خبر المبتدأ عليه. وما أشار إليه الشارح تبعًا للمكودي من أن ممتنعة خبر مبتدأ محذوف مع الفاء والجملة جواب الشرط وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ ممنوع كما تقدم بيانه في قول المصنف: والأمر إن لم يك للنون محل إلخ كذا قال البعض، وهو مبني على ما ذكره هناك من الضابط وقد أسلفنا هناك أن صاحب المغني جوز الوجهين في قول ابن معطي: اللفظ أن يفد هو الكلام وأن ذلك الضابط محمول على السعة فاعرفه. قوله: "وهاذانك وهاتانك وهؤلائك" أي على الأصح عند أبي حيان وغيره. وقيل: لا يجمع بين الكاف وها التنبيه في مثنى أو جمع وعليه المصنف في شرح التسهيل والقولان ذكرهما في الهمع فسقط اعتراض البعض كغيره على تمثيل الشارح بالأمثلة الثلاثة الأخيرة. قوله: "لكن هذا الثاني قليل" أي لأن المخاطب ربما لا يبصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 وبهنا أو ههنا أشر إلى ... داني المكان وبه الكاف صلا في البعد أو بثم فه أو هنا ... أو بهنالك انطقن أو هنا   77- رأيت بني غبراء لا ينكرونني ... ولا أهل هذاك الطراف الممدد "وبهنا" المجردة من ها التنبيه "أو ههنا" المسبوقة بها "أشر إلى داني المكان" أي قريبه نحو: {إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] "وبه الكاف صلا في البعد" نحو هناك وههناك "أو بثم فيه" أي انطق في البعد بثم، نحو: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ} [الشعراء: 64] "أو هنا" بالفتح والتشديد "أو بهنالك" أي بزيادة اللام مع الكاف "انطقن" على لغة الحجاز كما تقول ذلك نحو: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} [الأحزاب: 11] ، ولا يجوز   المتوسط أو البعيد فلا يصح أن ينبه عليه إذ لا ينبه أحد ليرى ما ليس بمرئي له، ولهذا لا يجامع اللام التي لأقصى البعد قاله في شرح الجامع. قوله: "بني غبراء" قيل: أراد بهم اللصوص وقيل: الفقراء والصعاليك، وقيل: الأضياف وقيل: أهل الأرض لأن الغبراء اسم للأرض وأهل عطف على الضمير المرفوع في لا ينكرونني. وقد وقع الفصل بالمفعول. والطراف بكسر الطاء المهملة البيت من الأدم. وأراد بأهل الطراف الأغنياء قاله العيني. قوله: "وبهنا إلخ" تقديم المعمول المفيد لحصر الإشارة إلى المكان في هذه الألفاظ إنما هو من حيث كونه ظرفًا للفعل فإنه من هذه الحيثية لا يشار إليه إلا بها فلا ينافي صلاحية أسماء الإشارة المتقدمة لكل مشار إليه ولو مكانًا وقع غير ظرف أفاده يس. واعلم أن هنا ملازمة للظرفية أو شبهها لكن شبه الظرفية فيها ليس خصوص الجر بمن كما في عند ولدن وقبل وبعد بل الجر بمن أو إلى كما في أين قاله الدماميني. ومثل هنا ثم كما في شرح الجامع. قال: ولذا غلط من زعم أن ثم في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْت} [الإنسان: 20] ، مفعول لرأيت بل مفعوله محذوف إما اختصارًا أي وإذا رأيت ثم الموعود به، أو اقتصارًا أي وإذا حصلت رؤيتك في ذلك المكان. قوله: "وبه الكاف صلا" ظاهره مساواة هذه الكاف لكاف ذلك في التصرف وليس كذلك بل هذه تلزم الفتح والإفراد كما نقله سم عن أبي حيان وابن هشام وغيرهما. قوله: "أو بثم" وقد تلحقها وقفًا هاء السكت، وقد يجري الوصل مجرى الوقف، وقد تلحقها تاء التأنيث كربت كذا رأيته في غير موضع ومقتضى التشبيه بربت جواز فح التاء إسكانها. قوله: "وأزلفنا ثم" أي في المسلك الذي سلكه موسى وقومه وهو ما بين الماءين وسط البحر. الآخرين: أي فرعون وقومه قرّبناهم من بني إسرائيل وأدنينا بعضهم من بعض حتى لا ينجو منهم أحد. قوله: "أو هنا" هي والمكسورة تصحبها ها والكاف كما في همع الهوامع. قوله: "هنالك ابتلي المؤمنون" أي على   77- البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص31، وتخليص الشواهد ص125، وجمهرة اللغة ص754؛ والجني الداني ص347؛ والدرر اللوامع 1/ 236، ولسان العرب 5/ 5 "غبر"؛ 14/ 92 "بني"؛ والمقاصد النحوية 1/ 410؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص214؛ وشرح ابن عقيل ص73؛ وهمع الهوامع 1/ 76. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ههنالك كما لا يجوز هذالك على اللغتين "أو هنا" بالكسر والتشديد قال الشاعر: 78- هنا وهنا ومن هنا لهن بها ... ذات الشمائل والأيمان هينوم تروى الأولى بالفتح الثانية بالكسر والثالثة بالضم بتشديد النون في الثلاث، وكلها بمعنى، وهو الإشارة إلى المكان، لكن الأوليان للبعيد، والأخيرة للقريب، وربما جاءت للزمان ومنه قوله: 79- حنت نوار ولات هنا حنت ... وبدا الذي كانت نوار أجنت خاتمة: يفصل بين ها التنبيه وبين اسم الإشارة بضمير المشار إليه نحو ها أنا ذا،   أنها في الآية للمكان كما عليه أبو حيان. وذهب ابن مالك إلى أنها في الآية للزمان المذكور قبل في قوله: {إِذْ جَاءُوكُم} [الأحزاب: 10] الآية. قوله: "هنا وهنا ومن هنا" روي البيت بفتح الثلاثة وبفتح الأول وكسر الثاني وضم الثالث فاستفيد منه لغة الضم مع التشديد قاله الروداني والضمير في لهن للجن وفي بها أي فيها للأرجاء في البيت قبله، وذات نصب على الظرفية بالعامل في بها المقدر، والشمائل جمع شمال على غير قياس، والأيمان جمع يمين والهينوم الصوت الخفي. قوله: "وربما جاءت" ظاهره رجوع الضمير للأخيرة وأرجعه بعضهم إلى الثلاثة وعبارة الجامع وقد يستعار غير ثم للزمان. قوله: "حنت نوار" بكسرة البناء كحذام وضمة الإعراب قاله شيخنا. وقوله ولات هنا حنت لات ههنا مهملة هنا خبر مقدم وحنت مبتدأ مؤخر على تقدير حرف السبك كما عند الفارسي أي وليس في هذا الوقت حنين. وقوله أجنت بالجيم أي سترت والمراد بالذي أجنته محبتها وشوقها. قوله: "بين اسم الإشارة" ظاهره مطلقًا وقيده في التسهيل بالمجرد من الكاف. قال الدماميني وإنما امتنع ها إنا ذاك مع أن ها التنبيه تدخل على ذاك لأن لحاق ها له قليل فلم يحتمل التوسع. ا. هـ. وأفهم كلام الشارح منع إدخال ها التنبيه على الضمير المنفصل الذي ليس خبره اسم الإشارة وبه صرّح الدماميني نقلًا عن ابن هشام فإنه قال في حاشيته على المغني: وقع   78- البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في ديوانه ص409، وتخليص الشواهد ص133، وجمهرة اللغة ص1204؛ وشرح شواهد الإيضاح ص435؛ وشرح التصريح 1/ 129؛ وشرح المفصل 3/ 137؛ ولسان العرب 15/ 484 "هنا"؛ والمقاصد النحوية 1/ 412؛ وبلا نسبة في الخصائص 3/ 38. 79- البيت من الكامل، وهو لشبيب بن جعيل في الدرر 1/ 244، 2/ 119؛ وشرح شواهد المغني ص919؛ والمؤتلف والمختلف ص84؛ والمقاصد النحوية 1/ 418؛ ولحجل بن نضلة في الشعر والشعراء ص102؛ ولهما معًا في خزانة الأدب 4/ 195؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص130؛ وتذكرة النحاة ص734؛ والجني الداني ص489؛ وجواهر الأدب ص249؛ وخزانة الأدب 5/ 463؛ ومغني اللبيب ص592؛ وهمع الهوامع 1/ 78، 126. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 الموصول : موصول الأسماء الذي الأنثى التي ... واليا إذا ما ثنيا لا تثبت   وها نحن ذان، وها نحن أولاء، وها أنا ذي، وها نحن تان؛ وها نحن أولاء، وها أنت ذا، وها أنتما ذان، وها أنتم أولاء، وها أنت ذه، وهما أنتما تان، ها أنتن أولاء، وها هو ذا، وها هما ذان، وها هم أولاء، ها هي تا، وها هما تان، وها هن أولاء، وبغيره قليلًا نحو: ها إن ذي عذرة وقد تعاد بعد الفصل توكيدًا نحو: ها أنتم هؤلاء والله أعلم. الموصول: "موصول الأسماء" ما افتقر أبدا إلى عائد أو خلفه، وجملة صريحة ومؤولة كذا حده في التسهيل، فخرج بقيد الأسماء الموصول الحرفي وسيأتي ذكر آخر الباب. وبقوله   للمصنف إدخال ها التنبيه على ضمير الرفع المنفصل مع أن خبره ليس اسم إشارة كقوله في ديباجة الكتاب وها أنا بائح بما أسررته. وقد صرح المصنف في حاشيته على التسهيل بشذوذ ذلك مشيرًا إلى أن قول صاحب التسهيل وأكثر استعمال ها مع ضمير رفع منفصل أو اسم إشارة معترض بأن ظاهره أن الاخبار عن الضمير المذكور باسم الإشارة غير شرط وليس كذلك فإن تخلفه إنما يقع شاذًّا. ا. هـ. كلام الدماميني. قوله: "نحو ها أنا ذا" ها للتنبيه وأنا مبتدأ وذا خبر كما هو صريح الدماميني. وحاصل ما ذكره الشارح ثمانية عشر مثالًا لأن ضمير المشار إليه إما ضمير متكلم أو مخاطب أو غائب وكل إما مذكر أو مؤنث وكل إما مفرد أو مثنى أو جمع. قوله: "وبغيره" أي غير الضمير المذكور قليلًا، ويستثنى من الغير كاف التشبيه نحو هكذا واسم الله تعالى في القسم عند حذف الجار نحوها الله ذا بقطع الهمزة ووصلها مع إثبات ألف ها وحذفها قاله الدماميني. قوله: "ها إن ذي عذرة" بكسر العين أي معذرة، وأما بالضم فالبكارة. وهو صدر شطر بيت من كلام النابغة. قوله: "توكيدًا" أي لتوكيد التنبيه. الموصول: أي الاسميّ بقرينة عدم ذكره الحرفي إلا الأعم لئلا يلزم الترجمة لشيء والنقص عنه، ولأن الكلام في المعارف. وأل فيه معرفة لا موصولة لانسلاخ مدخولها عن الوصفية. قوله: "موصول الأسماء" مبتدأ والذي مبتدأ ثان حذف خبره تقديره منه والجملة خبر المبتدأ الأول. قوله: "إلى عائد" هو الضمير وخلفه هو الاسم الظاهر على ما سيأتي تفصيله ومن اقتصر على العائد أراد مطلق الرابط. قوله: "أو مؤولة" من باب الحذف والإيصال أي مؤول بها غيرها والمراد بتأويل الغير بها كونه في معناها كما في صلة أل أو تقديرها قبله كما في الظرف والجار والمجرور. قوله: "فخرج بقيد الأسماء" اعترضه سم وغيره بأنه في حيز المعرّف لا التعريف حتى يخرج به، فالمناسب إخراج الحرفي بقوله إلى عائد أو ما الواقعة على اسم لأنها وإن كانت جنسًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أبدًا النكرة الموصوفة بجملة فإنها إنما تفتقر إليها حال وصفها بها فقط. وبقوله إلى عائد حيث وإذ وإذا فإنها تفتقر أبدًا إلى جملة لكن لا تفتقر إلى عائد. قوله أو خلفه لإدخال نحو قوله: 80- سعاد التي أضناك حب سعادا وقوله: 81- وأنت الذي في رحمة الله أطمع مما ورد فيه الربط بالظاهر. وأراد بالمؤولة الظرف، والمجرور، والصفة الصريحة على ما سيأتي بيانه. وهذا الموصول على نوعين: نص ومشترك فالنص ثمانية "الذي"   فبينها وبين الفصل عموم وجهي فيصح الإخراج بها. وأجيب بأن مراده الأسماء التي هي مصدوق ما لا الواقعة في حيز المعرف وسماها قيدًا مع أنها جنس لأنها من حيث الخصوص فصل، ولذا صح الإخراج به. وهو مع بعده يرد عليه أن ما واقعة على اسم كما قدمنا لا على أسماء لأن المعهود في التعاريف الافراد لا الجمع ولأنها خبر عن موصولة الأسماء الذي هو مفرد فتدبر. قوله: "حيث وإذ وإذا" أي وضمير الشأن. قوله: "في رحمة الله" والقياس في رحمته وإن كان يجوز في رحمتك كما سيأتي. قوله: "مما ورد" أشار إلى أن الربط بالظاهر سماعي ولا مقيس. قوله: "وأراد بالمؤولة إلخ" قال البعض أورد عليه أن كلًّا من الثلاثة ليس جملة أوّلت بشيء آخر فالصواب أن يقول: وجملة ملفوظ بها أو مقدرة أو مفرد مؤول بالجملة. ا. هـ. وقد علمت سقوطه بما كتبناه على قوله أو مؤولة فتنبه. قوله: "نص" أي مختص بمعنى وضع له كأن يختص بالمفرد المذكر أو المفردة المؤنثة أو المثنى المذكر وهلمّ جرًّا. قوله: "الذي" يكتب الذي والتي بلام واحدة لكثرة كتابتهما وإن كان الأصل كتابتهما بلامين كما هو القياس في كتابة اللفظ المبدوء بلام المحلي بأل كاللبن ويكتب الذين جمعا بلام واحدة لتلك الكثرة وللفرق بين رسمه ورسم اللذين مثنى في الجر والنصب لا الرفع لحصول الفرق فيه بالألف في المثنى دون الجمع ولم يعكس لسبق المثنى فيكون أحق بالأصل من اجتماع اللامين فافهم. هذا وقيد الفنزي في حواشي المطّول كتابة الذين جمعا بلام   80- عجزه: وإعراضها عنك استمر وزادا والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 67؛ وشرح التصريح 1/ 140، وشرح شذور الذهب ص184. 81- البيت من الطويل، وهو للمجنون في الدرر 1/ 286؛ وشرح شواهد المغني 2/ 559؛ والمقاصد النحوية 1/ 497، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 140؛ ومغني اللبيب 1/ 210؛ وهمع الهوامع 1/ 78. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 بل ما تليه أوله العلامة ... والنون إن تشدد فلا ملامة   للمفرد المذكر عاقلًا كان أو غيره "والأنثى" المفردة لها "التي" عاقلة كانت أو غيرها. وفيهما ست لغات: إثبات الياء، وحذفها مع بقاء الكسرة وحذفها مع إسكان الذال أو التاء، وتشديدها مكسورة مضمومة. والسادسة حذف الألف واللام وتخفيف الياء ساكنة "واليا" منهما "إذا ما ثنيا لا تثبت بل ما تليه" الياء وهو الذال من الذي والتاء من التي "أوله العلامة" الدالة على التثنية وهي الألف في حالة الرفع والياء في حالتي الجر والنصب، تقول: اللذان واللتان، واللذين، واللتين، وكان القياس اللذيان واللتيان واللذين واللتيين بإثبات   واحدة بلغة لزوم الياء مطلقًا دون لغة من ينطق به بالواو رفعًا، ووجه ذلك بأن لزوم حالة واحدة يوجب الثقل فخفف بحذف إحدى اللامين. قوله: "للمفرد" أي حقيقة أو حكمًا كالفريق. وقوله المذكر أي حقيقة أو حكمًا كالفرقة، وكذا يقال فيما بعد. ولم يقل المصنف الذي للمذكر اكتفاء بعلمه من قوله الأنثى التي. قوله: "عاقلًا كان" الأولى عالمًا لإطلاقه عليه تعالى بخلاف العاقل. قال الروداني: والعجب كيف لا يتحاشون عن لفظ المذكر أيضًا وقول بعضهم: إنهم أرادوا بالمذكر ما ليس بمؤنث لا يدفع البشاعة اللفظية فهو كقول القائل: المراد بالعاقل العالم مجازًا لعلاقة اللزوم. قوله: "لها التي" مقتضاه أن التي مبتدأ ثان خبره محذوف والجملة خبر المبتدأ الأول الذي هو الأنثى وهو غير متعين لجواز أن يكون التي خبر الأنثى. والمعنى الأنثى للذي التي أي مؤنث الذي التي فتأمل. قوله: "وحذفها" أي بالياء. قوله: "وتشديدها" أي الياء مكسورة كسر بناء ومضمومة ضم بناء وقيل يجوز على لغة التشديد إعرابها بوجوه الإعراب وهو مشكل لقيام موجب البناء بلا معارض. قوله: "إذا ما ثنيا" وكذا إذا جمع ولم يذكره لمجيئه في قوله جمع الذي الألى الذين ولأن سقوط الياء إذا جمع على قياس جمع المنقوص كالقاضين فلا حاجة لذكره. قيل: كان عليه أن يقول في غير تصغير لأنك تقول في التصغير اللذيان واللتيان بإثبات الياء. والجواب أنه إنما حكم على لفظ الذي والتي المكبرين. قوله: "لا تثبت" بضم التاء الأولى على أنه مسند لضمير المخاطب ولا ناهية والياء مفعول مقدم وهو المناسب لقوله أوله العلامة، ولا يلزم عليه تقديم معمول جواب الشرط على الشرط إذ ليس في كلامه ما يقتضي أن إذا شرطية، وأما جعله بفتح التاء على أنه مسند إلى ضمير الياء والياء مبتدأ ففيه أنه مع عدم مناسبته كان الواجب حينئذٍ رفع تثبت لتجرده عن الناصب والجازم ولا ضرورة خصوصًا عند الناظم. ا. هـ. يس مع زيادة والمراد لا تجز ثبوتها فلا يقتضي كلامه امتناع حذف الياء في حالة الافراد. قوله: "بل ما تليه" تصريح بما علم مما قبله وبل للانتقال لا للإضراب وما واقعة على ما قبل الياء وهو الذال والتاء، والضمير المستتر في تليه عائد على الياء كما أشار إليه الشارح بقوله الياء فهو بدل أو بيان لهذا الضمير لا على ما فالصلة جارية على غير ما هي له ولم برز لأمن اللبس. وأما الضمير البارز في تليه فعائد على ما. قوله: "وكان القياس اللذيان إلخ" ظاهر قول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 والنون من ذين وتين شددا ... أيضًا وتعويض بذاك قصدا   الياء كما يقال: الشجيان والشجيين في تثنية الشجي وما أشبهه، إلا أن الذي والتي لم يكن ليائهما حظ في التحريك لبنائهما، فاجتمعت ساكنة مع العلامة فحذفت لالتقاء الساكنين "والنون" من مثنى الذي والتي "إن تشدد فلا ملامة" على مشددها وهو في الرفع متفق على جوازه وقد قرئ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: 16] وأما في النصب فمنعه البصري وأجازه الكوفي وهو الصحيح، فقد قرئ في السبع: {رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا} [فصلت: 29] ، "والنون من ذين وتين" تثنية ذا وتا "شددا أيضا" مع الألف باتفاق، ومع الياء على الصحيح. وقد قرئ: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ} [القصص: 32] ، {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27] ، بالتشديد فيهما "وتعويض بذاك" التشديد من المحذوف   المصنف ثنيا وقول الشارح: وكان القياس أي قياس التثنية أنها تثنية حقيقية وإليه ذهب بعضهم غير مشترط في التثنية الحقيقة الإعراب. وذهب بعضهم إلى أنهما صيغتان مستأنفتان للدلالة على اثنين وليس وضعهما مبنيًا على واحدهما. ويمكن إجراء كلامهما على هذا بأن يكون معنى قول المصنف إذا ما ثنيا إذا أتى بهما على صورة المثنى. ومعنى قول الشارح وكان القياس أي قياس صورة المثنى. والأصح أنهما مبنيان. والظاهر أن بناءهما على الألف أو الياء. قوله: "فحذفت لالتقاء الساكنين" ولقصد الفرق بين تثنية المعرب وتثنية المبني سم. قوله: "والنون إن تشدد فلا ملامه" والنون المزيدة قال الفارسي: هي الثانية لئلا يلزم الفصل بين ألف التثنية ونونها. وقال أبو حيان: هي الأولى لئلا يكثر العمل بإسكان الأولى وإدغامها. قال في التوضيح وشرحه: وبلحارث وبعض ربيعة يحذفون نون اللذان واللتان في حالة الرفع تقصيرًا للموصول لطوله بالصلة لكونهما كالشيء الواحد. قال الفرزدق: أبني كليب إنّ عمي اللذا ... قتلا الملوك وفككا الأغلالا الهمزة للنداء وبني منادى، والغلّ بالضم حديد يجعل في العنق. ا. هـ. مع حذف. وبلحارث أصله بنو الحرث وبعضهم يستعمله هكذا ثم نحت من الكلمتين كلمة واحدة كما نحت من عبد القيس عبقسي في النسب. وشاهد حذف نون اللتان قوله: هما اللتا لو ولدت تميم ... لقيل فخر لهم صميم وفيهما لغة رابعة لذان ولتان بحذف أل. قوله: "وقد قرئ واللذان" هي قراءة سبعية وكذا فذانك. قوله: "وأما في النصب" أي والجر وترك ذكره لعلمه بالمقايسة. قوله: "ربنا أرنا اللذين" ضبطه البعض بسكون الراء لأن من يشدد النون يسكن راء أرنا وهذا مستحسن لا واجب لأن التلفيق من قراءتين جائز إذا لم يختل المعنى والإعراب كما هنا. قوله: "وتعويض" مبتدأ خبره قصد. وسوغ الابتداء به ما في الجملة من معنى الحصر لأن المعنى ما قصد بذاك إلا التعويض فهو على حد شيء جاء بك أي ما جاء بك إلا شيء، وفائدة هذا الحصر الرد على القول الضعيف. قال سم: ينبغي على أن التشديد للتعويض أن لا يجوز التشديد في المصغر لعدم الحذف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 جمع الذي الألى اللذين مطلقا ... وبعضهم بالواو رفعا نطقا   وهو الياء من الذي والتي، والألف من ذا وتا "قصدًا" على الأصح. وهذا التشديد المذكور لغة تميم وقيس. وألف شددا وقصدا للإطلاق. انتهى حكم تثنية الذي والتي. وأما "جمع الذي" فشيئان: الأول "الألى" مقصورًا وقد يمد قال الشاعر: 82- وتبلي الألى يستلئمون على الألى ... تراهن يوم الروع كالحدإ القبل وقال الآخر: 83- أبى الله للشم الألاء كأنهم ... سيوف أجاد القين يومًا صقالها والكثير استعماله في جمع من يعقل، ويستعمل في غيره قليلًا، وقد يستعمل أيضًا جمعًا للتي كما في قوله في البيت الأول على الألى تراهن وقوله: 84- محا حبها حب الألى كن قبلها   منه فلا تعويض. ا. هـ. وإنما لم يعوضوا في يدين ودمين لأن الحذف فيهما ليس للتثنية بخلاف ما نحن فيه فحصل الفرق. قوله: "على الأصح" من جملة مقابله أن التشديد لتأكيد الفرق بين تثنية المعرب وتثنية المبني. قوله: "الألى" يلزمه أل فلا يشتبه بإلى الجارة ولهذا يكتب بغير واو كما في التصريح عن ابن هشام بخلاف أولى الإشارية فتكتب بواو بعد الهمزة لعدم أل فيها فتشتبه بإلى الجارة. قوله: "وتبلي" الضمير راجع إلى النون في البيت قبله وهو الموت. ويستلئون يلبسون اللأمة وهي الدرع وعلى الألى حال أي حالة كونهم على الخيول الألى إلخ. والروع بالفتح الفزع والمراد الحرب والحدأ كعنب جمع حدأة كعنبة وهي الطائر المعروف. والقبل بضم فسكون جمع قبلاء كحمراء وهي التي في عينها قبل بفتحتين أي حول. قاله العيني. قوله: "للشم" قال العيني: في محل نصب على المفعولية جمع أشم من الشمم وهو ارتفاع قصبة الأنف مع استواء أعلاه. والقين الحداد، والصقال الجلاء. ا. هـ. وكأنه يشير إلى أن الشم مفعول به دخلت عليه اللام الزائدة وحينئذٍ ففي الكلام حذف أي أبى الله ضرر الشم إلخ. وبحث   82- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في تخليص الشواهد ص139، وخزانة الأدب 11/ 249؛ والدرر 1/ 261؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 92؛ وشرح شواهد المغني 2/ 672؛ والمقاصد النحوية 1/ 459؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص78؛ وهمع الهوامع 1/ 83. 83- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص87؛ والدرر 1/ 262؛ والمقاصد النحوي 1/ 459؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 132؛ وشرح شذور الذهب ص159؛ وهمع الهوامع 1/ 83. 84- تمام البيت: وحلت مكانا لم يكن حل من قبل وهو من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص170؛ وشرح التصريح 1/ 133؛ والمقاصد النحوية 1/ 430؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 144. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والثاني "الذين" بالياء "مطلقًا" أي رفعًا ونصبًا وجرًّا "وبعضهم" وهم هذيل أو عقيل "بالواو رفعًا نطقًا" قال: 85- نحن الذون صبحوا الصباحا ... يوم النخيل غارة ملحاحا تنبيه: من المعلوم أن الألى اسم جمع لا جمع، فإطلاق الجمع عليه مجازًا، وأما الذين فإنه خاص بالعقلاء، والذي عام في العاقل وغيره، فهما كالعالم والعالمين. ا. هـ.   الروداني في الاستشهاد بالبيت على أن المدلغة باحتمال أنه ضرورة. وقد يقال: الأصل عدم الضرورة. قوله: "أو عقيل" كذا بالشك في التصريح أيضًا وعقيل بالتصغير. قوله: "بالواو رفعًا نطقا" وهل هو حينئذٍ معرب أو مبني جيء به على صورة المعرب قولان الصحيح الثاني إذ هذا الجمع ليس حقيقيًا حتى يعارض شبه الحرف لاختصاص الذين بالعقلاء وعموم الذي للعاقل وغيره، ولأن الذي ليس علمًا ولا صفة ولهذا لم تتفق العرب على إجرائه مجرى المعرب بخلاف التثنية، ولعل وجه الأول أنه على صورة الجمع الذي هو خصائص الأسماء فيعارض. قوله: "صبحوا الصباحا" أي صبحوهم أي أتوهم في الصباح، وذكر الصباح تأكيد لانفهامه من صبحوا، والنخيل بالتصغير موضع بالشام والغارة اسم مصدر من الإغارة على العدو مفعول له أو بمعنى مغيرين حال. والملحاح بكسر الميم الشديد الدائم. هذا ملخص ما في التصريح والعيني. ويكتب الذون على هذه اللغة بلامين لمشابهته المعرب الذي تظهر معه أل كما في يس وقد مرت المسألة عن الفنري بتعليل آخر قريبًا. قوله: "مجاز" أي بالحذف والتقدير اسم جمع الذي أو بالاستعارة لعلاقة المشابهة بالجمع الحقيقي في إفادة كل التعدد. ولك أن تجعل الجمع بمعناه اللغوي وحينئذٍ لا تجوز. قوله: "فإنه خاص بالعقلاء إلخ" كذا في ابن الناظم، ورد بأن عموم الذي لا يمنع جرى جمعه على سنن الجموع بل إن كان للعاقل جمع على الذين وإن كان لغيره منع كسائر الأوصاف من نحو قائم وداخل وخارج فإنها عامة للعاقل وغيره وتجمع إن كانت للعاقل وإلا فلا، ويكون جمعها على سنن الجموع قطعًا. والحق أن الجمع غير جار على سنن الجموع لكن لا من الحيثية التي ذكرها الشارح بل من حيث إن الذي ليس علمًا ولا صفة، والتثنية جارية على ما حقه أن يكون على سنن تثنية المبنيات فإن المبني لاحظ له من الحركة فياؤه ساكنة وحقها الحذف لالتقاء الساكنين   85- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ ولليلى الأخيلية في ديوانها ص61؛ ولرؤبة أو ليللى أو لأبي حرب الأعلم في الدرر 1/ 259؛ وشرح شواهد المغني 2/ 832؛ والمقاصد النحوية 1/ 462؛ ولأبي حرب الأعلم أو لليلي في خزانة الأدب 6/ 23؛ والدرر 1/ 187؛ ولأبي حرب الأعلم في نوادر أبي زيد ص47؛ وللعقيلي في مغني اللبيب 2/ 410؛ وبلا نسبة في الأزهية ص298؛ وأوضح المسالك 1/ 143؛ وتخليص الشواهد ص135؛ وشرح التصريح 1/ 133؛ وشرح ابن عقيل ص79؛ وهمع الهوامع 1/ 60، 83. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 باللات واللاء التي قد جمعا ... واللاء كالذين نزرا وقعا   "باللات واللاء" بإثبات الياء وحذفها فيهما "التي قد جمعا" التي مبتدأ، وقد جمع خبره وباللات متعلق بجمع، أي التي قد جمع باللاتي واللائي نحو: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15] ، {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: 40] ، وقد تقدم أنها تجمع على الألى وتجمع أيضًا على اللواتي بإثبات الياء وحذفها، وعلى اللواء ممدودًا ومقصورًا، وعلى اللا بالقصر واللاءات مبنيًّا على الكسرة أي معربًا بإعراب أولات، وليست هذه بجموع حقيقة وإنما هي أسماء جموع "واللاء كالذين نزرًا وقعا" واللاء مبتدأ، ووقع خبره، وكالذين متعلق به، ونزرًا أي قليلًا حال من فاعل وقع، وهو الضمير المستتر فيه والألف للإطلاق والمعنى أن اللاء جمعًا للذي قليلًا، كما وقع الألى جمعًا للتي كما   كما تقدم. وإثبات الياء حق المعربات لا حق المبنيات كذا في الروداني. ولك منع الرد بأن الذي ليس صفة كما اعترف به بعد فكيف يقاس على سائر الأوصاف فتأمل. وإنما اختص الذين بالعقلاء لأنه على صورة ما يختص بهم كالزيدين والعمرين. والمراد بالعقلاء العقلاء حقيقة أو تنزيلًا كما في شرح الجامع. ومثل الثاني بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُم} [الأعراف: 194] ، بتنزيل المشركين الأصنام منزلة من يعقل. قوله: "فهما كالعالم والعالمين" أي في اختصاص الجمع بالعقلاء وعموم المفرد لهم ولغيرهم أي فيكون الذين اسم جمع كالعالمين وهو مبني على خلاف التحقيق كما مر بيانه. قوله: "باللات" الباء بمعنى على أوللآلة. قوله: "أي التي قد جمع باللاتي" لم يقل كالنظم باللات بلا ياء إشارة إلى أن إثبات الياء هو الأصل ويشير إلى ذنك أيضًا تقديمه إثباتها على حذفها في قوله بإثبات إلخ. قوله: "على الألى" أي فتكون الألى مشتركة بين جمع الذي وجمع التي. ا. هـ. دماميني. قوله: "وتجمع أيضًا على اللواتي" هذا عطف على قوله وقد تقدم إلخ قال الروداني والصحيح أن اللوائي واللواتي جمعان للائي واللاتي كالهادي والهوادي. واللاءات جمع اللائي. ا. هـ. ويؤخذ من مجموع كلامه وكلام الشارح أنه يقال اللوائي بالمد وإثبات الياء واللواء بالمد وحذف الياء واللوا بالقصر وحذف الياء واللاءات بألفين بينهما همزة. قوله: "واللاء كالذين" قال شيخنا يحتمل أن يريد أن اللاء وقع موضع الذين ويحتمل أن يريد أنه كالذين في أنه يزاد فيه الياء والنون فيقال: اللائين كما قال الشاعر: وأنا من اللائين إن قدروا عفوا ... وإن أتربوا جادوا وإن تربوا عفوا وسمع اللاءون رفعًا كما سمع اللذون رفعا. ا. هـ. ولتبادر الأول جرى عليه الشارح. قوله: "وكالذين متعلق به" ظاهره أنه ظرف لغو متعلق بوقع وهو غير ظاهر وعبارة المعرب متعلق بحال محذوفة من فاعل وقع ونزرًا حال أخرى منه. ا. هـ. وهذا هو الظاهر ويمكن إرجاع كلام الشارح إليه ومن هنا يعرف ما في كلام البعض فتأمل. قوله: "والمعنى أن اللاء إلخ" قال شيخنا: فيكون اللاء مشتركًا بين جمع الذي والتي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 ومن وما وأل تساوي ما ذكر ... وهكذا ذو عند طيئ شهر   تقدم، ومن هذا قوله: 86- فما آباؤنا بأمن منه ... علينا اللاء قد مهدوا الحجورا والمشترك ستة: من وما وأل وذو وأي على ما سيأتي شرحه، وقد أشار إليه بقوله: "ومن وما وأل تساوي" أي في الموصولية "ما ذكر" من الموصولات "وهكذا ذو عند طيئ شهر" بهذا فأما من فالأصل استعمالها في العالم وتستعمل في غيره لعارض تشبيه به كقوله: 87- أسرب القطا هل من يعير جناحه ... لعلي إلى من قد هويت أطير   كالألى. ا. هـ. وقد يدعي أن استعمال اللاء بمعنى الذين ويفرق بينه وبين استعمال الألى بمعنى اللائي بقلته التي صرّح بها المصنف، ويؤيده تقديمهم احتمال المجاز على احتمال الاشتراك فتأمل. قوله: "وقع جمعًا" أي اسم جمع وكذا يقال فيما بعد. قوله: "بأمن منه" أي من هذا الممدوح واللاء إلخ صفة لآباؤنا وفيه الفصل بين النعت والمنعوت بأجنبي وتجويزه قول. قوله: "وأل" نقل عن السعد وغيره أن الخلاف الجاري في أل المعرفة من أنها أل بجملتها أو اللام فقط يجري في الموصولة. قوله: "تساوي ما ذكر" أي تساوي كلًا مما ذكر سابقًا أي تستعمل فيما يستعمل فيه كل مما ذكر. قوله: "في الموصولية" ولو قال في الاستعمال أي استعمالها في المذكر والمؤنث والمفرد وقسيميه لكان أولى، إذ ليس الغرض مساواة هذه لما ذكر في مجرد كون كل موصولة لأنه لا يفيد لاشتراك الذي هو المقصود. قوله: "وهكذا إلخ" هكذا أي هكذا حال من الضمير في شهر وذو مبتدأ وشهر خبره أي ذو شهر حالة كونه كمن وما وأل وإفراد اسم الإشارة بتأول المذكور. قوله: "بهذا" أي بالمساواة التي تضمنها تساوي تضمن الفعل حدثه الذي هو معنى مصدره. وتذكير اسم الإشارة باعتبار المذكور أو بالتساوي اللازم لتساوي فافهم. قوله: "وتستعمل في غيره" أي مجازًا بالاستعارة وإليه أشار بقوله لعارض تشبيه أو مرسلًا لعلاقة الجزئية وإليه أشار بقوله أو تغليبه عليه لأن التغليب مجاز مرسل علاقته الجزئية على ما قاله ابن كمال باشا، أو لعلاقة المجاورة وإليه أشار بقوله أو اقترانه إلخ هذا ما ظهر لي في تقرير عبارته. والضمير في تستعمل عائد على من لا بقيد كونها موصولة فصح تمثيله بقوله أسرب القطا إلخ مع أن من فيه نكرة لا موصولة. قوله: "أسرب القطا" الهمزة للنداء، والسرب القطيع من كل شيء، وهويت   86- البيت من الوافر، وهو لرجل من بني سليم في تخليص الشواهد ص137؛ والدرر 1/ 213؛ وشرح التصريح 1/ 133؛ والمقاصد النحوية 1/ 429؛ وبلا نسبة في الأزهية ص301؛ وأوضح المسالك 1/ 146؛ وشرح ابن عقيل ص79؛ وهمع الهوامع 1/ 83. 87- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص106، وللعباس بن الأحنف في ديوانه ص168؛ وتخليص الشواهد ص141؛ وللعباس أو للمجنون في الدرر 1/ 300؛ وشرح التصريح 1/ 133؛ والمقاصد النحوية 1/ 431؛ وبلا نسبة في شرح أوضح المسالك 1/ 147؛ وشرح ابن عقيل ص80، 81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 88- ألا عم صباحا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي أو تغليبه عليه في اختلاط نحو: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}   بسكر الواو من باب رضي وأما هوى يهوي كرمى يرمي فبمعنى سقط. فنداؤه السرب وطلب إعارة الجناح منه يقتضي تشبيهه بالعالم. قوله: "ألا عم صباحًا" قيل: أصل عم أنعم من نعم ينعم بكسر العين فيهما أي تنعم حذفت الهمزة والنون تخفيفًا على غير قياس، ويصح أن يكون أمرًا من وعم يعم كوعد يعد بمعنى نعم أي تنعم، وكذا يصح الوجهان في قوله يعمن. ويقال: عم بفتح العين من نعم ينعم كعلم يعلم أو من وعم يعم كوضع يضع. وصباحًا منصوب على الظرفية أو التمييز عن الفاعل. والطلل ما شخص من آثار الديار. والبالي المشرف على العدم والاستفهام إنكاري. والعصر بضمتين لغة في العصر بفتح فسكون كالعصر بضم فسكون. وعم صباحًا من تحية الجاهلية دماميني ببعض زيادة. قوله: "في اختلاط" أي في حال اختلاط العاقل بغيره. قال في المغني: يغلبون على الشيء غيره لتناسب بينهما كما في الأبوين للأب والأم والمشرقين والمغربين إلا أن يراد مشرقًا الصيف والشتاء ومغرباهما والخافقين للمشرق والمغرب وإنما الخافق المغرب ثم تسميته خافقًا مجاز لأنه مخفوق فيه أي مغروب فيه والقمرين للشمس والقمر ولاختلاط كما في تغليب المخاطبين على الغائبين في: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} بعد قوله: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُم} [البقرة: 21] ، لأن لعلكم مرتبط بخلقكم لا باعبدوا والمذكر على المؤنث حتى عدت منهم في وكانت من القانتين بناء على أن من تبعيضية. والملائكة على إبليس حتى استثني منهم في: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيس} [البقرة: 34] ، ولهذا عد جماعة الاستثناء متصلًا والذين آمنوا بشعيب عليه السلام في: {أو لتعودن في ملتنا} بعد قوله تعالى: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا} [الأعراف: 88] ، فإنه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يكن في ملتهم قط بخلاف الذين آمنوا معه والمخاطبين على الغيب والعقلاء على غيرهم في يذرؤكم فيه بعد قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: 72] من الأنعام أزواجًا، وإلا لقال يذرؤكم وإياها ومعنى يذرؤكم فيه يبثكم ويكثركم بهذا الجعل. ا. هـ. مع اختصار وبعض زيادة من الدماميني. قوله: "نحو ولله يسجد" أي يخضع فلا إشكال في وصف غير العاقل به. وما ذكره الشارح ليس لفظ الآية فلعله لم يرد التلاوة فلا اعتراض عليه قال في التوضيح: ونحو من يمشي على رجلين فإنه يشمل الآدمي والظائر. ا. هـ. قال   88- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص27، وجمهرة اللغة ص1319؛ وخزانة الأدب 1/ 60، 328، 332، 2/ 371، 10/ 44؛ والدرر 2/ 192؛ وشرح شواهد المغني 1/ 340؛ والكتاب 4/ 39؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 148؛ وخزانة الأدب 7/ 105؛ وشرح المغني 1/ 485؛ ومغني اللبيب 1/ 169؛ وهمع الهوامع 2/ 82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [الحج: 18] ، أو اقترانه به في عموم فصل بمن نحو: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور: 45] ، لاقترانه بالعاقل في كل دابة. وتكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث مفردًا كان أو مثنى أو مجموعًا، والأكثر في ضميرها اعتبار اللفظ نحو: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ} [يونس: 40] ، {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُن}   شيخنا ومنه يعلم أن ذكر الشارح له ليس للتمثيل به بل لنظم الآية لأنه ليس من الثاني بل من الأول يعني التغليب. قوله: "أو اقترانه" أي غير العاقل به أي العاقل ولم يعبر بالاختلاط بدل الاقتران تفننًا لتغيير المغني بالاختلاط في هذه الآية الثانية أيضًا أو لحمله العموم في صورة التغليب على الكل المجموعي وفي هذه الآية على الكل الافرادي فافهم. قوله: "فصل بمن" أي الجارة هذا هو الأوجه لأنها المتقدمة في الذكر والأقرب إلى عبارته لأنه لو كان مراده الموصولة لقال بها بالإضمار لأن الكلام فيها وفي التصريح بمن الموصولة. قوله: "نحو فمنهم من يمشي إلخ" فيه أنه يحتمل أن تكون من نكرة موصوفة إلا أن يقال هذا مثال والمثال لا يضره الاحتمال ويظهر أن من الوسطى للاقتران والتغليب معًا لشمولها الإنسان والطائر واقترانهما في العموم السابق. قوله: "والأكثر في ضميرها" أي من لا بقيد الموصولة بدليل التمثيل بقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُت} [الأحزاب: 31] ومحل كون الأكثر مراعاة اللفظ إذا لم يحصل من مراعاته لبس نحو أعط من سألتك لا من سألك أو قبح نحو من هي حمراء أمك فيجب مراعاة المعنى فلا يقال أعط من سألك ولا من هو حمراء أمك لقبح الإخبار بمؤنث عن مذكر كعكسه نحو من هي أحمر أمك ولا من هو أحمر أمك لأن الموصول وصلته كشيء واحد، فكأنك أخبرت عن مذكر بمؤنث لكن القبح في الصورتين الأوليين أشد، لأن تخالف الخبر والمخبر عنه فيهما في الصلة وفي الموصول وخبره، وفي الصورة الثالثة في الموصول وخبره فقط، وما لم يعضد المعنى سابق فيختار مراعاته كقوله: وإن من النسوان من هي روضة فأنث الضمير لتقدم ذكر النسوان كذا في التصريح مع زيادة من حاشية الروداني عليه، ومن الدماميني. ولي فيه بحث لأنه يلزم على مراعاة اللفظ في قوله من هي روضة أيضًا الاخبار بمؤنث عن مذكر، فمقتضى التعليل به لوجوب مراعاة المعنى في قوله من هي حمراء أمك وجوب مراعاة المعنى في قوله من هي روضة أيضًا، إذ لا فرق بين المؤنث بالتاء والمؤنث بالألف كما في الدماميني، ولا بين الصفات كحسنة وحمراء والأسماء كروضة وصحراء بدليل ما مر من استقباح من هو حمراء أمك فتدبر. فائدة: يعتبر المعنى بعد اعتبار اللفظ كثيرًا نحو: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِين} [البقرة: 8] ، وقد يعتبر اللفظ ثم المعنى ثم اللفظ نحو: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيث} [لقمان: 6] ، إلى قوله: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا} [الأنفال: 31] . وأما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [الأحزاب: 31] ويجوز اعتبار المعنى نحو: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [يونس: 42] ومنه قوله: 89- تعش فإن عاهدتني لا تخونني ... نكن مثل من يا ذئب يصطحبان وأما ما فإنها لغير العالم نحو: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} [النحل: 96] ، وتستعمل في غيره قليلًا إذا اختلط به نحو: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 1] ،   الاقتصار على اعتبار المعنى ثم اللفظ فممنوع كما نقله الفارسي عن النحويين وعللوه بأنه يكون الباسا بعد البيان بخلاف اعتبار اللفظ ثم المعنى فإنه يكون تفسيرًا، وأقره ابن هشام وغيره. ا. هـ. دماميني ملخصًا، لكن قال في الهمع وتجوز البداءة بالمعنى كقولك من قامت وقعد وشرط قوم لجوازه وقوع الفصل بين الجملتين نحو من يقومون في غير شيء وينظر في أمر ناقومك. ا. هـ. وفي الرضي ما نصه: وأما تقديم مراعاة المعنى على مراعاة اللفظ من أول الأمر فنقل أبو سعيد عن بعض الكوفيين منعه والأولى الجواز على ضعف إلا في اللام الموصولة فإنه يمنع ذلك فيها فلا يقال: الضاربة به جاء لخفاء موصوليتها. ا. هـ. قوله: "تعش" الخطاب لذئب وقوله لا تخونني أي على أن لا تخونني وقيل جواب القسم الذي تضمنه عاهدتني. قوله: "فإنها لغير العالم" أي موضوعة لغير العالم. قال في التلويح كون ما لغير العقلاء قول بعض أئمة اللغة والأكثرون على أنها للعقلاء وغيرهم. ا. هـ. قال في شرح الجامع: روي ذلك أي كونها لغير العقلاء عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- كما في كثير من كتب الأصول وغيرها أن ابن الزبعري لما سمع قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّم} [الأنبياء: 98] ، قال: لأخصمن محمدًا فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلّم- فقال: أليس قد عبدت الملائكة أليس قد عبد المسيح فيكون هؤلاء حطب جهنم فقال له النبي -صلى الله عليه وسلّم: "ما أجهلك بلغة قومك؟ ما لا يعقل". ا. هـ. وهذا إن صح كان نصًا في المسألة. قوله: "نحو ما عندكم ينفد" قيل أي ما عندكم من متاع الدنيا ومتاع الدنيا يشمل الرقيق وهو عاقل فيكون من الاستعمال في غير العالم للاختلاط. قوله: "وتستعمل في غيره" الضمير لغير العالم وغير غيره هو العالم واستعمالها فيه إما على طريق الاستعارة أو المجاز المرسل وإن لم يشر الشارح إلا إلى الثاني بقوله إذا اختلط به أي بأن غلب غير العالم على العالم.   89- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 329، وتخليص الشواهد ص142؛ والدرر 1/ 284؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 84؛ وشرح شواهد المغني 2/ 536؛ والكتاب 2/ 416؛ ومغني اللبيب 2/ 404؛ والمقاصد النحوية 1/ 461؛ وبلا نسبة في الخصائص 2/ 422؛ وشرح شواهد المغني 2/ 829؛ وشرح المفصل 2/ 132؛ 4/ 13؛ والصاحبي في فقه اللغة ص173؛ ولسان العرب 13/ 419 "منن"؛ والمحتسب 1/ 219؛ والمقتضب 2/ 295، 3/ 253. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وتستعمل أيضًا في صفات العالم نحو: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] ، وحكى أبو زيد سبحان ما يسبح الرعد بحمده، وسبحان ما سخركن لنا. وقيل: بل هي فيها لذوات من يعقل. وتستعمل في المبهم أمره كقولك. وقد رأيت شبحًا من بعد: انظر إلى ما أرى؛ وتكون بلفظ واحد كمن. تنبيه: تقع من وما موصولتين كما مر، واستفهاميتين نحو من عندك، وما عندك،   قوله: "في صفات العالم" أي في ذوات العالم ملحوظًا فيها الصفات غير المفهومة من الصلة كالبكارة والثيوبة في المثال الأول لأنه لما كان الملحوظ فيها الصفات وهي من غير العالم كان كأنها مستعملة في غير العالم وإنما قلنا أي في ذوات إلخ لأن ما في الأمثلة ليست واقعة على الصفات نفسها إذ النكاح في المثال الأول لا يتعلق إلا بالذات والتنزيه في المثالين الأخيرين للذات، وإنما قلنا غير المفهومة من الصلة لئلا يرد عليه أن كل موصول استعمل في العالم نحو جاءني من قام ملحوظ فيه الصفة المفهومة من صلته لوجوب ملاحظة الصلة. وعبارة الكشاف في تفسير قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاء} [النساء: 30] ، ما نصه وقيل ما ذهابا إلى الصفة ولأن الإناث من العقلاء يجرين مجرى غير العقلاء. ا. هـ. قال السعد في حواشيه عليه التفرقة أي بين من وما إذا أريد الذات أي لا مع ملاحظة الصفة أما إذا أريد الصفة أي لوحظت مع الذات نحو ما زيد أفاضل أم كريم وفي الموصولة نحو أكرم ما شئت من هؤلاء الرجال القائم والقاعد فما كمن يحكم الوضع على ما ذكره المصنف أي الزمخشري والسكاكي وغيرهما وإن أنكره البعض. والمعنى ههنا انكحوا الموصوفة بأي صفة أردتم من البكر والثيب إلى غير ذلك من الأوصاف. ا. هـ. ويوجد في بعض نسخ الشارح بعد فانكحوا ما طاب لكم من النساء أي الطيب، والمتبادر منه أن المراد الصفة المفهومة من الصلة وليس كذلك كما مر فالجيد سقوطه كما في غالب النسخ. قوله: "لذوات من يعقل" أي أعم من أن يلاحظ الصفات معها أولًا وكان الأولى يعلم بدل يعقل. قوله: "وتستعمل" أي حقيقة كما في يس. وقوله في المبهم أمره أي الذي لم يدرأ إنسان هو أو غير أنسان. قال المصنف: وكذا لو علمت إنسانيته ولم يدر أذكر هو أو أنثى كقوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] . قوله: "وتكون بلفظ واحد كمن" أي والأكثر في ضميرها اعتبار اللفظ ويجوز اعتبار المعنى. قوله: "تقع من وما إلخ" ذكر خمسة معان تشترك فيها من وما وتنفرد ما عن من بمعان أخر ككونها تعجبية ونافية وكافة وزائدة ومصدرية ظرفية وغير ظرفية ومهيئة كما في حيثما فإن ما هيئت حيث للشرطية أو مغيرة كما في لو ما ضربت زيدًا فإن ما غيرت لو من الشرطية إلى التحضيض. قال المصنف في التسهيل: ويوصف بها أي بما على رأى. ا. هـ. قال الدماميني: نحو لأمر ما جدع قصير أنفه أي لأمر أي أمر وهذه التي يعبر عنها بالإبهامية، ويتفرع على الإبهام الحقارة نحو أعطه شيئًا، والفخامة نحو: "لأمر ما جدع قصير أنفه"، والنوعية نحو اضربه ضربًا ما قال المصنف والمشهور أنها زائدة منبهة على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وشرطيتين نحو: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} [الإسراء: 97] ، {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} [البقرة: 272] ، ونكرتين موصوفتين كقوله: 90- ألا رب من تغتشه لك ناصح وقوله: 91- رب من أنضجت غيظا قلبه ... قد تمنى لي موتا لم يظع وقوله: 92- لما نافع يسعى فلا تكن ... بشيء بعيد نفعه الدهر ساعيا وقوله: 93- رب ما تكره النفوس من الأمر ... له فرجة كحل العقال   وصف لائق بالمحل وهو أولى لأن زيادتها عوضًا عن محذوف ثابتة في كلامهم نحو أما أنت منطلقًا انطلقت، فزادوها عوضًا من كان. وليس في كلامهم نكرة موصوف بها جامدة إلا وهي مردفة بمثل الموصوف نحو مررت برجل أي رجل، وطعمنا شاة كل شاة فالحكم على ما المذكورة بالاسمية واقتضاء الوصفية حكم بما لا نظير له فوجب اجتنابه. ا. هـ باختصار. قوله: "وما تفعلوا من خير يوف إليكم" المتجه أن الشارح لم يقصد لفظ التلاوة حتى يرد اعتراض البعض كغيره بأنه لفق من آيتين فكان الصواب أن يقول إما: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُم} [البقرة: 272] وإما: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّه} [البقرة: 197] ، بل قصد ذكر مثال من عنده. قوله: "رب ما تكره" يجب فصل رب من ما لأن الذي يوصل برب ما الكافة وما هنا نكرة موصوفة بالجملة بعدها والرابط ضمير محذوف أي تكرهه. وقوله: فرجة بالفتح أي انفراج. وقال   90- تمام البيت: وهو مؤتمن بالغيب غير أمين وهو من الطويل، وهو لعبد الله بن همام في حماسة البحتري ص175؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص452؛ والدرر 1/ 301، 4/ 132، 213؛ والكتاب 2/ 109؛ ولسان العرب 6/ 323 "غشش"؛ وهمع الهوامع 1/ 92، 2/ 28، 39. 91- البيت من الرمل، وهو لسويد، بن أبي كاهل في الأغاني 13/ 98؛ وخزانة الأدب 6/ 123؛ 125؛ والدرر 1/ 302؛ وشرح شذور الذهب ص170؛ وشرح المفصل 4/ 11؛ ومغني اللبيب 1/ 328. 92- البيت من الطويل وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 707؛ ومغني اللبيب 1/ 297. 93- البيت من الخفيف، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص50؛ والأزهية ص82، 95؛ وحماسة البحتري ص223؛ وخزانة الأدب 6/ 108، 113، 10/ 9؛ والدرر 1/ 77؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 3؛ والكتاب 2/ 109؛ ولسان العرب 2/ 340 "فرج"؛ وله أو لحنيف بن عمر أو لنهار ابن أخت مسيلمة الكذاب في شرح شواهد المغني 2/ 707، 708 والمقاصد النحوية 1/ 484؛ وله أو لأبي قيس صرمة بن أبي أنس أو لحنيف في خزانة الأدب 6/ 115؛ ولعبيد في ديوانه ص128؛ وبلا نسبة في إنباه الرواة 4/ 134؛ وأساس البلاغة ص327 "فرج"، والأشباه والنظائر 3/ 186؛ وأمالي المرتضى 1/ 486، والبيان والتبيين 3/ 260؛ وجمهرة اللغة ص463؛ وجواهر الأدب ص369؛ وشرح شذور الذهب ص171؛ وشرح المفصل 4/ 352، 8/ 30؛ ومغني اللبيب 2/ 297؛ والمقتضب 1/ 42؛ وهمع الهوامع 1/ 8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ومن ذلك فيهما قولهم: مررت بمن معجب لك، وبما معجب لك. ويكونان أيضًا نكرتين تامتين: أما من فعلى رأي أبي علي زعم أنها في قوله: 94- ونعم من هو في سر وإعلان تمييز والفاعل مستتر وهو هو المخصوص بالمدح. وقال غيره من موصول فاعل، وقوله هو مبتدأ خبره هو آخر محذوف على حد قوله شعري شعري. وأما ما فعلى رأي   النحاس الفرجة بالفتح في الأمر المعنوي وبالضم فيما يرى من الحائط ونحوه كذا في العيني. وفي القاموس أن الفرجة بمعنى الخلوص من الهم مثلثة وأن فرجة نحو الحائط بالضم. والعقال بالكسر الحبل الذي تشد به الدابة ليمنعها من القيام ووجه الشبه السهولة والسرعة. قال في المغني: ويجوز أن تكون ما كافة والمفعول المحذوف اسمًا ظاهرًا أي قد تكره النفوس من الأمر شيئًا أي وصفًا فيه، أو الأصل من الأمور أمرًا وفي هذا إنابة المفرد عن الجمع وفيه وفي الأول إنابة الصفة غير المفردة عن الموصوف إذ جملة له فرجة إلخ عليهما صفة لمحذوف. ا. هـ. وقوله: إنابة الصفة إلخ أي وهي لا تجوز اختيارًا إلا إذا كان الموصوف بعض اسم سابق مجرور بمن أو في نحو منا ظعن ومنا أقام وفينا ظعن وفينا أقام. قوله: "فعلى رأي أبي علي" متعلق بمحذوف أي فتكون نكرة تامة على رأي أبي علي. قوله: "والفاعل مستتر" أي يعود على التمييز كما سيأتي في قوله: ويرفعان مضمرًا يفسره ... مميز كنعم قومًا معشره وسيأتي أنه مما يغتفر عوده على متأخر لفظًا ورتبة. قوله: "وهو هو المخصوص" أي ولفظ هو هو المخصوص فهو إما مبتدأ خبره متعلق الجار والمجرور المحذوف والمعنى الممدوح مثلًا في سر وإعلان، أو الجملة قبله والجار والمجرور في محل نصب على الحال وإما خبر مبتدأ محذوف على ما يأتي. قوله: "خبره هو آخر" أي والجملة صلة الموصول والجار والمجرور   94- صدر البيت: ونعم مزكاء من ضاقت مذاهبة وهو من البسيط، وهو بلا نسبة في جمهرة اللغة ص1098، 1308؛ وخزانة الأدب 9/ 410، 411، 412، 414، والدرر 1/ 303، 5/ 215؛ وشرح شواهد المغني 2/ 741؛ وشرح عمدة الحافظ ص790؛ ولسان العرب 1/ 91 "زكا"، ومغني اللبيب 1/ 329، 435، 437، والمقاصد النحوية 1/ 487؛ وهمع الهوامع 1/ 92، 2/ 86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   البصريين إلا الأخفش في نحو ما أحسن زيدًا؛ إذ المعنى شيء حسن زيدًا على ما سيأتي بيانه في بابه. وفي باب نعم وبئس عند كثير من النحويين المتأخرين منهم الزمخشري نحو غسلته غسلًا نعمًا، أي نعم شيئًا فما نصب على التمييز. وأما أل فللعاقل وغيره. وما ذكره الناظم من أنها اسم موصول هو مذهب الجمهور. وذهب المازني إلى أنها حرف موصول، والأخفش إلى أنها حرف تعريف. والدليل على اسميتها أشياء: الأول عود الضمير   متعلق بهو المحذوف لما فيه من معنى الفعل أي ونعم من هو الموصوف بالفضائل في حالتي سر وإعلان. قال ابن هشام: ويحتاج إلى تقدير هو ثالث يكون مخصوصًا خبره الجملة قبله. قال الدماميني: ورابع على القول بأن المخصوص مبتدأ حذف خبره. ا. هـ. وفيه أنه لا يتعين تقدير الخبر هو لجواز تقديره الممدوح مثلًا. فإن قيل هلا جعل الجار والمجرور خبر هو المذكور؟ أجيب بأنه لو كان كذلك لكان متعلقًا بكون عام والمراد تعلقه بكون خاص هو معنى هو المحذوف إذ المراد ونعم من هو الموصوف بالفضائل في سر وإعلان. وفيه أنه يجوز تعلقه بخاص لقرينة المدح أي الممدوح في سر وإعلان كما جرينا عليه آنفًا. قوله: "على حد قوله شعري شعري" أي على طريقته في التأويل بما يخرجهما عن الاتحاد من كل وجه بأن يراد بهو المبتدأ الذات بقطع النظر عن صفتها وبهو الخبر الذات الموصوفة بالفضائل. قوله: "إلا الأخفش" اعترض بأنه لا يمنع ذلك بل يجوزه، ويجوز كون ما موصولة أو نكرة موصوفة والخبر عليهما محذوف وجوبًا تقديره شيء عظيم. قوله: "وفي باب نعم وبئس" عطف على قوله على رأي البصريين إلخ. وزاد بعضهم موضعًا ثالثًا وهو قولهم إذا أرادوا المبالغة في الإخبار عن أحد بالإكثار من فعل الكتابة مثلًا أن زيدًا مما أن يكتب أي من شيء كتابة فما بمعنى شيء وأن وصلتها في تأويل مصدر بدل من ما أو عطف بيان، والمعنى أنه ملازم للكتابة حتى كأنه خلق منها أفاده الدماميني. قوله: "فما نصب على التمييز" اعترض بأن ما مساوية للضمير في الإبهام فكيف تميزه. وأجيب بمنع المساواة لأن معناها شيء عظيم، وبهذا الاعتبار يحصل التمييز. ا. هـ. شمني ثم الفاعل على هذا ضمير مستتر في نعم يعود على التمييز والمخصوص محذوف تقديره هو، وما درج عليه الشارح أحد أقوال في ما هذه ستأتي في باب نعم وبئس، وقد درج عليه في المغني في موضع، ودرج في موضع آخر على قول آخر منها وهو أنها معرفة تامة فاعل ومثل بها للمعرفة التامة الخاصة أي المقدرة من لفظ اسم تقدمها هي وعاملها صفة له في المعنى فتقديرها في المثال نعم الغسل ومثل للتامة العامة أي المقدرة بالشيء وهي ما لم يتقدمها ذلك بنحو: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِي} [البقرة: 271] ، أي فنعم الشيء هي والأصل فنعم الشيء إبداؤها، لأن الكلام فيه فحذف المضاف وأنيب عنه المضاف إليه فانفصل وارتفع، والحاصل أن ما الاسمية كما تكون نكرة ناقصة وهي الموصوفة وتامة وهي غير الموصوفة تكون معرفة ناقصة وهي الموصولة وتامة كما مر. قوله: "هو مذهب الجمهور" محل الخلاف حيث لا عهد أي في الخارج وإلا فهي حرف تعريف اتفاقًا نحو جاء محسن فأكرمت المحسن قاله الرضي. قوله: "إلى أنها حرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   عليها في نحو قد أفلح المتقي ربه. وقال المازني: عائد على موصوف محذوف. ورد بأن لحذف الموصوف مظان لا يحذف في غيرها إلا لضرورة وليس هذا منها. الثاني استحسان خلو الصفة معها عن الموصوف، نحو جاء الكريم، فلولا أنها اسم موصولا قد اعتمدت الصفة عليه كما تعتمد على الموصوف لقبح خلوها عن الموصوف. الثالث إعمال اسم الفاعل معها بمعنى المضي فلولا أنها موصولة واسم الفاعل في تأويل الفعل لكان منع اسم الفاعل حينئذ معها أحق منه بدونها. الرابع دخولها على الفعل في نحو: 95- ما أنت بالحكم الترضى حكومته   موصول" رد بأنها لو كانت كذلك لأولت مع ما بعدها بمصدر. قوله: "إلى أنها حرف تعريف" رد بأنها لو كانت كذلك لمنعت من اعمال اسمي الفاعل والمفعول بمعنى الحال أو الاستقبال لإبعادها لهما عن شبه الفعل كالتصغير وبدخولها على الجملة. قوله: "عود الضمير عليها" أي والضمير لا يعود إلا على الأسماء. قوله: "بأن الحذف الموصوف مظان" أي مواقع وهي ثلاثة كون النعت صالحًا لمباشرة العامل، وكون المنعوت بعض اسم سابق مخفوض بمن أو في نحو: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات} [سبأ: 11] أي دروعًا ومنا ظعن ومنا أقام أي فريق، وفينا سلم وفينا هلك. قوله: "إلا لضرورة" كقوله: ترمي بكفي كان من أرمي البشر أي بكفي رجل. قوله: "وليس هذا منها" قد يقال: هو من الأول لأن النعت صالح لمباشرة العامل. قوله: "نحو جاء الكريم" فيه أن كريمًا صفة مشبهة وأل المتصلة بها حرف تعريف على الأصح فكان الأولى التمثيل بنحو جاء الضارب. قوله: "لكان منع اسم الفاعل" أي منع اسم الفاعل بمعنى المضي حينئذٍ أي حين إذ كانت غير موصولة بل حرف تعريف. وقوله: أحق منه أي من منع عمل اسم الفاعل بمعنى المضي بدونها أي والواقع أنه يعمل معها ويمتنع عمله بدونها ووجه الأحقية أن عمله بسبب شبه الفعل المضارع وهي مبعدة له عن شبهه ومقربة له من الجوامد لأنها حينئذٍ من خصائص الأسماء التي الأصل فيها الجمود لأن أصل وضعها للذوات والتزم الأخفش كون اسم الفاعل بمعنى المضي لا يعمل معها فلم ينهض عليه هذا الدليل. قوله: "على   95- تمام البيت: ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل وهو من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه، والإنصاف 2/ 521؛ وجواهر الأدب ص319؛ وخزانة الأدب 1/ 23؛ والدرر 1/ 274؛ وشرح التصريح 1/ 38، 142؛ وشرح شذور الذهب ص21؛ ولسان العرب 6/ 9 "أمس"، 12/ 565 "لوم"؛ والمقاصد النحوية 1/ 111؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 20؛ وتخليص الشواهد ص145؛ والجني الداني ص202؛ ورصف المباني ص75، 148؛ وشرح ابن عقيل ص85؛ وشرح عمدة الحافظ ص99؛ والمعرب 1/ 60؛ وهمع الهوامع 1/ 85. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والمعرفة مختصة بالاسم. واستدل على حرفيتها بأن العامل يتخطاها نحو مررت بالضارب، فالمجرور ضارب ولا موضع لأل؟ ولو كانت اسمًا لكان لها موضع من الإعراب. قال الشلوبين: الدليل على أن الألف واللام حرف قولك: جاء القائم، فلو كانت اسمًا لكان فاعلًا واستحق قائم البناء لأنه على هذا التقدير مهمل لأنه صلة والصلة لا يسلط عليها عامل الموصول. وأجاب في شرح التسهيل بأن مقتضى الدليل أن يظهر عمل عامل الموصول في آخر الصلة لأن نسبتها منه نسبة عجز المركب منه، لكن منع من ذلك كون الصلة جملة والجمل لا تتأثر بالعوامل، فلما كانت صلة الألف واللام في اللفظ غير جملة جيء بها على مقتضى الدليل لعدم المانع. ا. هـ. ويلزم في ضمير أل اعتبار المعنى نحو الضارب والضاربة والضاربين والضاربات, وأما ذو فإنها للعاقل وغيره قال الشاعر: 96- ذاك خليلي وذو يواصلني ... يرمي ورائي بامسهم وامسلمة   حرفيتها" أي في القولين الأخيرين. قوله: "لكان لها موضع من الإعراب" أي واستحق مدخولها عدم الإعراب لكون العامل أخذ مقتضاه كما يؤخذ مما بعده. قوله: "قال الشلوبين" تقوية وإيضاح لما قبله. قوله: "واستحق قائم البناء" يعني عدم الإعراب بدليل ما بعده. قوله: "مهمل" أي لا يتسلط عليه عامل. قوله: "ولا يتسلط عليها عامل الموصول" أي لأخذه مقتضاه من العمل في الموصول. قوله: "وأجاب" أي الناظم وقوله: بأن مقتضى الدليل أي القياس على جعل الإعراب على عجز المركب المزجي الشبيه بمجموع الموصولة وصلته أخذًا مما يأتي. قال الروداني: وإنما لم يمنع مجموع أل وصلتها من الصرف مع أنه شبيه بالمزجي لعدم العلمية. ا. هـ. وبحث الدماميني في الجواب بما حاصله الفرق بين الموصول والمركب المزجي بأن المقصود الموصول وإنما جيء بالصلة لتوضيحه فحق الإعراب أن يدور عليه بخلاف المركب المزجي، والدليل على ذلك ظهور الإعراب في أيّ الموصولة واللذين واللتين على القول بإعرابهما والذين واللائين على لغة، وأجاب الرضي عن الدليل بأن أل لما كانت على صورة الحرف نقل إعرابها إلى صلتها عارية كما في لا التي بمعنى غير. قوله: "لأن نسبتها منه نسبة عجز المركب منه" ولهذا لا يتبع الموصول ولا يخبر عنه ولا يستثنى منه قبل تمام الصلة. قوله: "ويلزم في ضمير أل إلخ" أي لخفاء موصوليتها وجوز أبو حيان مراعاة اللفظ إذا لم يقع خبرًا أو نعتًا نحو جاء الضارب. قوله: "وذو يواصلني"   96- البيت من المنسرح، وهو لبجير بن غنمة في الدرر 1/ 446؛ وشرح شواهد الشافية ص451، 452؛ وشرح شواهد المغني 1/ 159؛ ولسان العرب 12/ 192 "خندم"، 297 "سلم" 155/ 459 "ذو"؛ والمؤتلف والمختلف ص59؛ والمقاصد النحوية 1/ 464؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص143؛ والجني الداني ص140؛ وشرح عمدة الحافظ ص121؛ وشرح قطر الندى ص114؛ وشرح المفصل 9/ 17، 20؛ ولسان العرب 12/ 36 "أمم"؛ ومغني اللبيب 1/ 48؛ وهمع الهوامع 1/ 79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 وكالتي لديهم ذات ... وموضع اللاتي أتى ذوات   وقال الآخر: 97- فقولا لهذا المرء ذو جاء ساعيًا ... هلم فإن المشرفي الفرائض وقال الآخر: 98- فإما كرام موسرون لقيتهم ... فحسبي من ذو عندهم ما كفانيا وقال الآخر: 99- فإن الماء ماء أبي وجدي ... وبئري ذو حفرت وذو طويت والمشهور فيها البناء وأن تكون بلفظ واحد كما في الشواهد. وبعضهم يعربها إعراب ذي بمعنى صاحب، وقد روي بالوجهين قوله: 100- فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا "وكالتي أيضًا لديهم" أي عند طيئ "ذات" أي بعض طيئ ألحق بذو تاء التأنيث   عطف على خليلي وجملة يرمي إلخ خبر ثان لذاك وقوله وامسلمه بكسر اللام وهي الحجر. قوله: "ساعيًا" أي آخذًا لصدقات الأموال. والمشر في السيف المنسوب إلى مشارف موضع بأرض العرب، والفرائض الزكوات. قوله: "وبعضهم يعربها إلخ" استشكل الإعراب بقيام سبب البناء وعدم معارض له. قوله: "إعراب ذي بمعنى صاحب" أي بالواو رفعًا وبالألف نصبًا بالياء جرًا. وخص بعضهم الإعراب بحال الجر قال لأنه المسموع كما في التصريح. قوله: "ألحق بذو تاء التأنيث" أي بعد قلب الواو ألفًا ومفاد عبارته أن ذات ليست صيغة مستقلة بل أصلها ذو مفاد عبارة غيره كالغزي أنها   97- البيت من الطويل، وهو لقوال الطائي في خزانة الأدب 5/ 28، 6/ 410؛ وشرح ديوان الحماسية للمرزوقي ص640؛ وللطائي في الإنصاف 1/ 383. 98- البيت من الطويل، وهو لمنظور بن سحيم بن الدرر 1/ 268؛ وشرح التصريح 1/ 63، 137؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1158؛ وشرح شواهد المغني 2/ 830؛ وشرح المفصل 3/ 148؛ والمقرب 1/ 59؛ والمقاصد النحوية 1/ 127؛ وللطائي في مغني اللبيب 2/ 410؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 42؛ وتخليص الشواهد ص54، 14؛ وشرح ابن عقيل ص30/ 82؛ وشرح عمدة الحافظ ص122؛ وهمع الهوامع 1/ 84. 99- البيت من الوافر، وهو لسنان بن الفحل في الإنصاف ص384؛ وخزانة الأدب 6/ 34، 35؛ والدرر 1/ 267؛ وشرح التصريح 1/ 137؛ وشرح المفصل 3/ 147؛ 8/ 45؛ ولسان العرب 15/ 460 "ذوا" وهمع الهوامع 1/ 84. 100- راجع التخريج رقم 98. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مع بقاء البناء على الضم، حكى الفراء: بالفضل ذو فضلكم الله به، والكرامة ذات أكرمكم الله به "وموضع اللاتي أتى ذوات" جمعًا لذات. قال الراجز: 101- جمعتها من أينق موارق ... ذوات ينهضن بغير سائق تنبيه: ظاهر كلام الناظم أنه إذا أريد غير معنى التي واللاتي يقال: ذو على الأصل وأطلق ابن عصفور القول في تثنية ذو وذات وجمعهما. قال الناظم: وأظن أن الحامل له   صيغة مستقلة فتأمل. وقوله مع بقاء البناء على الضم ينبغي حذف لفظ بقاء لاقتضائه أن ذو مبنية على الضم مع أنها مبنية على السكون وفي التوضيح. وحكي إعراب ذات وذوات إعراب ذات ذوات بمعنى صاحبة وصاحبات أي مع التنوين لعدم الإضافة كما في التصريح. وحكي إعراب ذات إعراب جمع المؤنث السالم كما في الهمع وشرح ابن عقيل على النظم فيكون في ذات ثلاث لغات. قوله: "بالفضل إلخ" ليس بشعر كما توهم أي أسألكم بالفضل. وبه الأخيرة بفتح فسكون أصله بها نقلت حركة الهاء إلى الباء بعد سلب حركتها فسكنت الهاء وحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "جمعتها" أي النوق المتقدمة في البيت قبله والأينق جمع ناقة وأصلها نوقة قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وأصل أينق أنوق قدمت الواو لتسلم من الضم وقلبت ياء مبالغة في التخفيف. والموارق جمع مارقة أي سوابق. وقوله: ذوات ينهضن بدل أو نعت على مذهب الكوفيين المجوّزين تخالف النعت والمنعوت تعريفًا وتنكيرًا في المدح والذم أو خبر لمحذوف أي هن ذوات إلخ. ويجوز كون ذوات بمعنى صاحبات أضيف إلى الفعل بمعنى المصدر أي ذوات نهوض كقولهم اذهب بذي تسلم أي بوقت ذي سلامة. وقوله بغير سائق بالهمز من السوق. قوله: "إذا أريد" أي على لغة من يقول ذات وذوات، وقوله: غير معنى التي واللاتي بأن أريد المفرد المذكر أو المثنى مطلقًا أو جمع الذكور أي مع أن مثنى المؤنث يقال له على هذه اللغة ذات لا ذو. قال الرضي: في ذو الطائية أربع لغات أشهرها ما مر أعني عدم تصريفها أصلًا مع بنائها والثانية ذو للمفرد المذكر ومثناه ومجموعه في الأحوال الثلاثة وذات مضمومة للمفرد المؤنث ومثناه ومجموعه والثالث كالثانية إلا أنه يقال لجمع المؤنث ذوات مضمومة في الأحوال كلها. والرابعة تصريفها تصريف ذو بمعنى صاحب مع إعراب جميع تصريفاتها حملًا على التي بمعنى صاحب وكل هذه لغات طائية. ا. هـ. والمصنف ذكر الأولى وكذا الثالثة بنوع تأويل بأن يجعل في كلامه حذف والتقدير وكالتي واللتين لديهم إلخ. ولإمكان هذا التقدير قال الشارح: ظاهر كلام الناظم إلخ فافهم. قوله: "وأطلق ابن عصفور القول في تثنية إلخ" المتجه أن الجار والمجرور متعلق بالقول   101- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص180؛ والدرر 1/ 267؛ وبلا نسبة في الأزهية ص295؛ وأوضح المسالك 1/ 156؛ وتخليص الشواهد ص144؛ وهمع الهوامع 1/ 83. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 ومثل ماذا بعد ما استفهام ... أومن إذا لم تلغ في الكلام   على ذلك قولهم ذات وذوات بمعنى التي واللاتي فأضربت عنه لذلك، لكن نقل الهروي وابن السراج عن العرب ما نقله ابن عصفور "ومثل ما" الموصولة فيما تقدم من أنها تستعمل بمعنى الذي وفروعه بلفظ واحد "ذا" إذا وقعت "بعد ما استفهام" باتفاق "أو" بعد "من" استفهام على الأصح وهذا "إذا لم تلغ" ذا "في الكلام" والمراد بإلعائها أن تجعل مع ما أو من اسمًا واحدًا مستفهمًا به ويظهر أثر الأمرين في البدل من اسم الاستفهام وفي الجواب، فتقول عند جعلك ذا موصولًا: ماذا صنعت أخير أم شر بالرفع على البدلية من ما   ومعنى إطلاق القول فيه عدم تقييده ببعض طيئ بل أسنده إليهم فعلية مؤاخذة من هذه الجهة أيضًا نبه عليه الشاطبي وغيره لكن الشارح لم يتعرض لها بل إنما تعرض لمؤاخذة المصنف إياه من جهة إثبات غير ذو وذات وذوات وإنما لم يتعرض الشارح لتلك الجهة لأن في نقل هذا الإطلاق عن ابن عصفور نظرًا. قال ابن عصفور في المقرب: وذو وذات في لغة طيئ وتثنيتهما وجمعهما عند بعضهم. وقال السيوطي في النكت: لم يذكر ابن مالك في جميع كتبه تثنية ذو وجمعه فبان أن لا إطلاق في عبارة ابن عصفور لتصريحه بأن ذلك خاص ببعض طيئ وأن ابن مالك إنما نازع في الثبوت كذا في الروداني، وعلى هذا كان ينبغي للشارح أن يقول وحكى ابن عصفور تثنية إلخ. قوله: "على ذلك" أي على قوله بتثنية ذو وذات وجمعهما. قوله: "لذلك" أي لكونه قاله قياسًا على ما قالوه. قوله: "ومثل ماذا" لعل التشبيه بما دون من مثلًا لموازنتها ذا ولخفتها باختتامها بالألف فتدبر. قوله: "من أنها إلخ" إنما قصر وجه الشبه على ذلك لأن من جملة ما تقدم كون ما لغير العاقل مع أن ذا تكون للعاقل بعد من ولغيره بعد ما كما نقله ابن غازي. قوله: "من استفهام" ففي المتن حذف من الثاني لدلالة الأول لكن في صنيع الشارح تحريك من مع سكونها في المتن. قوله: "على الأصح" وقيل بعد ما الاستفهامية فقط ورد بالسماع في كليهما. قوله: "اسمًا واحدًا مستفهمًا به" أي أو مع ما اسمًا واحدًا موصولًا أو نكرة موصوفة، فصور التركيب ثلاثة ويقال له الإلغاء الحكمي وإلغاؤها الحقيقي جعل ذا زائدة وما استفهامية على رأي الناظم تبعًا للكوفيين المجوّزين زيادة الأسماء قالوا وذلك المجموع المجعول اسمًا واحدًا مستفهمًا به مخصوص بجواز عمل ما قبله فيه نحو أقول ماذا، ذكره الدماميني نقلًا عن المصنف وغيره وكذا في الروداني وغيره فمما ذكره البعض من عدم عمل ما قبله فيه توهمًا منه أنه كبقية أسماء الاستفهام غير صحيح. ويظهر أثر الإلغاءين في نحو سألته عما ذا فتثبت الألف مع الجار على تقدير الإلغاء الحكمي وتحذف معه على تقدير الحقيقي قاله الشيخ يحيى. قوله: "لأنه مبتدأ وذا وصلته خبر" قال شيخنا الظاهر إنه يجوز عكسه بل هو أولى لأن ذا معرفة حينئذٍ فتأمل. ا. هـ. وجاز هنا الإخبار بمعرفة عن نكرة لأن هذا التركيب من قبيل كم مالك وقد قال الناظم: لا يخبر بمعرفة عن نكرة وإن تخصصت إلا في نحو كم مالك وخيرمنك زيد عند سيبويه. وفي النسخ نحو فإن حسبك الله على أن ابن هشام اكتفى في الإخبار عن النكرة بالمعرفة بتخصيصها ثم الموافق للصناعة أن الخبر أو المبتدأ الموصول فقط لا مجموع الموصول والصلة كما صنع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لأنه مبتدأ وذا وصلته خبر، ومثله من ذا أكرمت أزيد أم عمرو قال الشاعر: 102- ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل وتقول عند جعلهما اسمًا واحدًا: ماذا صنعت أخيرًا أم شرًّا، ومن ذا أكرمت أزيدًا أم عمرًا بالنصب على البدلية من ماذا أو من ذا لأنه منصوب بالمفعولية مقدمًا وكذا تفعل في الجواب نحو: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] قرأ أبو عمرو برفع العفو على جعل ذا موصولًا، والباقون بالنصب على جعلها ملغاة كما في قوله تعالى: {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا} [النحل: 30] ، فإن لم يتقدم على ذا ما ومن الاستفهاميتان لم يجز أن تكون موصولة، وأجازه الكوفيون تمسكًا بقوله: 103- عدس ما لعباد عليك إمارة ... نجوت وهذا تحملين طليق   الشارح فتدبر. قوله: "قال الشاعر إلخ" قال الدماميني: يجوز في البيت كون ماذا اسمًا واحدًا مبتدأ خبره يحاول والرابط محذوف أي يحاوله لجواز مثل هذا في الشعر أو مفعولًا ليحاول ونحب خبر محذوف أي هو نحب. قوله: "يحاول" أي طلب. والنحب في الأصل المدة يقال: فلان قضى نحبه أي مدة حياته وأراد به هنا النذر والمعنى ألا تسألان المرء ماذا يطلبه باجتهاده في أمور الدنيا أنذر أو جبه على نفسه فهو يسعى في قضائه أم هو ضلال وباطل. قوله: "وتقول عند جعلهما اسمًا واحدًا" فيصح أيضًا في هذه الحالة تقدير ضمير منصوب بالفعل وجعل ماذا في موضع رفع مبتدأ خبره الجملة الفعلية والعائد الضمير المقدر أو في موضع نصب بمحذوف يفسره المذكور ولكن كل هذا تكلف مع أنه يرد على الأول أن حذف رابط جملة الخبر مخصوص بالشعر كما يفيده ما مر عن الدماميني وعلى الثاني أن حذف الضمير الشاغل قبيح كما سيأتي في باب الاشتغال. قوله: "وكذا تفعل في الجواب" أي استحسانًا لأن حق الجواب أن يطابق السؤال اسمية أو فعلية. قوله: "قل العفو" أي الزائد على قدر الحاجة. قوله: "وأجازه الكوفيون" أي كما أجازوا في بقية أسماء الإشارة أن تكون موصولة تمسكًا بقوله   102- البيت من الطويل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص254؛ والأزهية ص206؛ والجني الداني ص239؛ وخزانة الأدب 2/ 252، 253، 6/ 145، 147؛ وديوان المعاني 1/ 119؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 40؛ وشرح التصريح 1/ 139؛ وشرح شواهد المغني 1/ 150؛ 2/ 711؛ والكتاب 2/ 417؛ ولسان العرب 1/ 751 "نحب"، 11/ 187 "حول"، 15/ 459 "ذو"، والمعاني الكبير ص201؛ ومغني اللبيب ص300؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ص1/ 159؛ ورصف المباني ص188؛ وشرح المفصل 3/ 149، 150، 4/ 23؛ وكتاب اللامات ص64؛ ومجالس ثعلب ص530. 103- البيت من الطويل، وهو ليزيد بن مفرغ في ديوانه ص170؛ وأدب الكاتب ص417؛ والإنصاف 2/ 717؛ وتخليص الشواهد ص150؛ وتذكرة النحاة ص20؛ وجمهرة اللغة ص645؛ وخزانة الأدب 6/ 41، 42، 48 والدرر 1/ 269؛ وشرح التصريح 1/ 139، 381؛ وشرح شواهد المغني 2/ 859، وشرح المفصل 4/ 89؛ والشعر والشعراء 1/ 371؛ ولسان العرب 6/ 47؛ "حدس"، 6/ 133 "عدس " والمقاصد النحوية 1/ 442؛ 3/ 216؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص362، 447؛ وأوضح المسالك 1/ 162؛ وخزانة الأدب 4/ 333، 6/ 388؛ وشرح شذور الذهب ص190؛ وشرح قطر الندى ص106، وشرح المفصل 2/ 16، 4/ 23؛ ولسان العرب 15/ 460 "ذوا" والمحتسب 2/ 94؛ ومغني اللبيب 2/ 462؛ وهمع الهوامع 1/ 84. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وكلها يلزم بعده صله ... على ضمير لائق مشتمله   وخرج على أن هذا طليق جملة اسمية وتحملين حال أي وهذا طليق محمولًا. تنبيه: يشترط لاستعمال ذا موصولة مع ما سبق أن لا تكون مشارًا بها نحو ماذا التواني؟ وماذا الوقوف؟ وسكت عنه لوضوحه "وكلها" أي كل الموصولات "يلزم" أن تكون "بعده صله" تعرفه ويتم به معناه إما ملفوظة نحو جاء الذي أكرمته أو منوية كقوله: 104- نحن الآلى فاجمع جمو ... عك ثم وجههم إلينا أي نحن الألى عرفوا بالشجاعة بدلالة المقام. وأفهم بقوله بعده أنه لا يجوز تقديم   تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُون} [البقرة: 85ي، وقوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِك} [طه: 17] ، أي الذين تقتلون والتي بيمينك. وأجيب بجعل تقتلون وبيمينك حالًا قاله الدماميني. قوله: "عدس" اسم صوت يزجر به البغل وقد يسمى به البغل. والإمارة بالكسر الحكم. والبيت من قصيدة هجا بها الشاعر عباد بن زياد بن أبي سفيان وقد كتب هجوه على الحيطان فلما ظفر به ألزمه محوه بأظفاره ففسدت أنامله ثم أطال سجنه فكلموا فيه معاوية فوجه له بريدًا فأخرجه وقدمت له بغلة فنفرت فقال ذلك. عيني باختصار. قوله: "وتحملين حال" أي من ضمير طليق بناء على الأصح من جواز تقديم الحال على عاملها الصفة المشبهة كما في شرح الجامع. قوله: "أن لا تكون مشارًا بها" زاد البعض تبعًا لشيخنا شرطًا آخر وهو أن لا يكون بعدها اسم موصول نحو: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِه} [البقرة: 255] ولا حاجة إليه للاستغناء عنه بقوله إذا لم تلغ في الكلام لأنها في هذه الحالة ملغاة فتكون مع من مبتدأ والذي خبر. وفي الدماميني أن الإلغاء يترجح في هذه الحالة أيضًا ولا يتعين لأنه يحتمل أن تكون ذا موصولة والذي تأكيد له أو خبر لمبتدأ محذوف. ا. هـ. وفي البيضاوي أن من مبتدأ وذا خبر والذي بدل. ا. هـ. قوله: "وكلها يلزم بعده صلة" قال في التسهيل: وقد ترد صلة بعد موصولين أو أكثر مشتركًا فيها أو مدلولًا بها على ما حذف. ا. هـ. فالاشتراك فيما إذا ناسبت الصلة جميع ما قبلها من الموصولات والدلالة فيما إذا لم تناسب إلا واحدًا منها والقسم الأول داخل تحت قول الشارح   104- البيت من مجزوء الكامل، وهو لعبيد بن الأبرص ص142؛ وخزانة الأدب 2/ 289؛ والدرر 1/ 279؛ وشرح شواهد المغني 1/ 258؛ ولسان العرب 15/ 437 "أولى وألاء"؛ والمقاصد النحوية 1/ 490؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 542؛ وشرح التصريح 1/ 142؛ ومغني اللبيب 1/ 86؛ وهمع الهوامع 1/ 89. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الصلة ولا شيء منها على الموصول وأما نحو: {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20] ففيه متعلق بمحذوف دلت عليه صلة أل لا بصلتها والتقدير وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين ويشترط في الصلة أن تكون معهودة أو منزلة منزلة المعهود وإلا لم تصلح للتعريف   ملفوظة والثاني داخل تحت قوله أو منوية. قوله: "بعده" ويجوز الفصل بينه وبينها وبالجملة القسمية والندائية والاعتراضية كما في الهمع والدماميني. قوله: "تعرفه" اعترض بأن الموصول لو كان معرّفًا بصلته لتعرفت النكرة الموصوفة بصفتها. وأجيب بأن تعين الموصول بصلته وضعي لوضعه معرفة مشارًا به إلى المعهود بمضمون صلته بين المتكلم والمخاطب، فمعنى قولك لقيت من ضربته إذا كانت موصولة لقيت الإنسان المعهود بكونه مضروبًا لك، فهي موضوعة على أن تكون معرفة بصلتها. وأما إذا جعلتها موصوفة فالمعنى لقيت إنسانًا مضروبًا لك فالتخصيص بمضروبية المخاطب وإن حصل لقولك إنسانًا لكنه ليس تخصيصًا وضعيًّا بل هو عارض لأن إنسانًا موضوع لإنسان ما، بخلاف الذي ومن مثلًا فإنهما وضعًا لمخصوص بمضمون صلتهما فالفرق بين المعرفة والنكرة المخصصة أن تخصيص المعرفة وضعي وهو المراد بالتعريف عندهم، وليس المراد به مطلق التخصيص ألا ترى أنك قد تخصص النكرة بوصف لا يشاركها فيه شيء آخر مع أنها لا تسمى بذلك معرفة لكونه غير وضعي كقولك اعبد إلهًا خلق السماوات والأرض. ا. هـ. دماميني ببعض تلخيص وسيأتي قريبًا جواب آخر فتنبه. قوله: "ولا شيء منها" أي ولو ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا. قوله: "على الموصول" وأما تقديم بعض أجزاء الصلة على بعض فجائز نحو جاء الذي قائم أبوه. وقال في التسهيل: وقد يلي معمول الصلة الموصول إن لم يكن حرفًا أو أل. وعلل في الشرح المنع مع الحرف وأل بأن امتزاج الحرف بصلته أشد من امتزاج الاسم بصلته فتقديم معمولها كإيقاع كلمة بين جزأي مصدر وكذا اشتد امتزاج أل. قال المرادي: وفصل في الحرف قوم فأجازوا في غير العامل نحو عجبت مما زيدًا تضرب ومنعوا في العامل كأن. قوله: "ففيه متعلق إلخ" اختار قوم كابن الحاجب جواز تقديم معمول صلة أل إذا كان ظرفًا كما في الآية وعليه لا تقدير. قال ابن الحاجب: والفرق عندنا بين أل وغيرها أن أل على صورة الحرف المنزل جزءًا من الكلمة فكانت كغيرها من الأجزاء التي لا تمنع التقدم وفرقنا بينها وبين غيرها في ذلك كالفرق بينها وبين غيرها اتفاقًا في جعل صلتها اسم فاعل أو اسم مفعول لتكون مع أل كالاسم الواحد. واختار السيوطي ما نقله في الهمع عن الكوفيين من جواز تقديم الظرف المتعلق بصلة الموصول اسميًّا كان أو حرفيًّا. قوله: "بمحذوف" تقديره وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين وعلى هذا يكون من الزاهدين أما صفة مؤكدة نحو عالم من العلماء أو مؤسسة على معنى ممن بلغ بهم الزهد إلى أن يعدوا من الزاهدين أو خبر ثان لكان أفاده الدماميني. قوله: "دلت عليه صلة أل" لا يرد أن ما لا يعمل لا يفسر عاملًا لأن ذلك في باب الاشتغال قاله يس. قوله: "أن تكون معهودة" بأن يعلمها المخاطب ويعلم تعلقها بمعين أما صفة النكرة فالشرط فيها علم المخاطب بها فقط هذا هو الفرق بينهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فالمعهود نحو جاء الذي قام أبوه، والمنزلة منزلة المعهود هي الواقعة في معرض التهويل والتفخيم نحو {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: 78] ، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] ، وأن تكون "على ضمير لائق" بالموصول أي مطابق له في الإفراد والتذكير وفروعهما "مشتمله" ليحصل الربط بينهما وهذا الضمير هو العائد على الموصول وربما خلفه اسم ظاهر كقوله:   ومنه يعلم وجه تعرف الموصول بصلته دون النكرة بصفتها قيل محل اشتراط العهد إذا أريد بالموصول معهود فإن أريد به الجنس أو الاستغراق فالشرط كون صلته كذلك وفي الروداني بعد كلام والتحرير أن المراد بكون الصلة معهودة أن تكون معروفة للسامع سواء كان تعريفها العهد الخارجي نحو وإذ تقول للذي أنعم الله عليه أو تعريف الحقيقة: أي من حيث هي نحو المعطي خير من الآخذ أو تعريف الحقيقة في ضمن بعض الأفراد نحو كمثل الذي ينعق أو في ضمن جميع الأفراد نحو اقتلوا المشركين بناء على أن أل موصولة أو الذي يشرك أو الذين يشركون أو من يشرك أو نحو ذلك فالصلة في الجميع معهودة والعهد خارجي في الأول وذهني في غيره وأما نحو: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُم} [طه: 78] فالظاهر أنه من تعريف الحقيقة في ضمن كل فرد ويحتمل العهد الخارجي أي الذي يعرف في الخارج أنه غشيهم فإن المعهود خارجًا يجوز أن يكون مجملًا كما يكون مفصلًا فظهر أن العهد في الجميع وأن استثناء مقام إرادة الجنس أو الاستغراق أو التهويل غير صحيح. قوله: "أو منزلة منزلة المعهود" إجراء لدلالتها بقرينة المقام على عظمة موصولها مجرى العهد لتعيينها موصولها بهذا الاعتبار، فاندفع قول سم وأقرّه شيخنا والبعض. قد يقال إن عرفت الصلة مع الإبهام فلا معنى لاشتراط العهد مطلقًا على أنه قد يشكل الاكتفاء بالتنزيل في حصول التعريف فليتأمل. وعبارة التوضيح معهودة إلا في مقام التفخيم والتهويل فيحسن إبهامها. ا. هـ. وعلى هذا لا حاجة إلى التنزيل المذكور. قوله: "في معرض التهويل" أي التخويف والتفخيم أي التعظيم أي المجرد عن التخويف فلا يقال من لازم التهويل التفخيم وقوله: نحو فغشيهم إلخ مثال للتخويف وقوله: فأوحى إلخ مثال للتفخيم. قوله: "وأن تكون إلخ" يلزم على صنيعه تغيير إعراب قول المصنف مشتملة. قوله: "أي مطابق له إلخ" المراد المطابقة أعم من أن تكون لفظًا ومعنى كما في الموصولات الخاصة أو لفظًا فقط أو معنى فقط، كما في المشتركة غير أل على ما مر هذا. ويجوز مراعاة المعنى بعد مراعاة اللفظ كثيرًا وعكسه قليلًا بل قيل بمنعه. ومراعاة اللفظ ثم المعنى ثم اللفظ كما مر ذلك. قوله: "وربما خلفه اسم ظاهر" قال شيخنا الظاهر: إن بقية الروابط الآتية في الابتداء تأتي هنا إذ لا فرق ومن خلف الظاهر قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} [آل عمران: 81] ، فاللام الأولى للابتداء وما موصول بمعنى الذي مبتدأ وآتيتكم صلة عائدها محذوف أي آتيتكموه وثم جاءكم عطف على آتيتكم عائدها معكم لأنه اسم ظاهر خلف عن الضمير والأصل مصدق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 وجملة أو شبهها الذي وصل ... به كمن عندي الذي ابنه كفل   105- سعاد التي أضناك حب سعادا وقوله: 106- وأنت الذي في رحمة الله أطمع كما سبقت الإشارة إليه وهو شاذ فلا يقاس عليه. تنبيه: الموصول إن طابق لفظه معناه فلا إشكال في العائد، وإن خالف لفظه معناه فلك في العائد وجهان: مراعاة اللفظ وهو الأكثر، ومراعاة المعنى كما سبقت الإشارة إليه وهذا ما لم يلزم اللفظ فإن لزم لبس نحو أعط من سألتك لا من سألك وجبت مراعاة المعنى "وجملة أو شبهها" من ظرف ومجرور تأمين "الذي وصل به" الموصول "من عندي الذي ابنه كفل" فعندي ظرف تام صلة من وابنه كفل جملة اسمية صلة   له، ولتؤمنن به جواب قسم محذوف ومجموع القسم والجواب خبر المبتدأ وقيل غير ذلك. قوله: "في رحمة الله" لو أضمر لقال في رحمتك نظرًا إلى المبتدأ أو رحمته نظرًا إلى الخبر واعتبار الخبر أكثر وأقيس كما في التسهيل وشرحه للدماميني ولاحتمال الضمير هنا وتعينه في الشاهد قبله للغيبة عدد الشاهد. قوله: "فلا إشكال في العائد" أي في مطابقته لظهور حصول المطابقة لفظًا ومعنى. قوله: "وهو الأكثر" أي في غير أل على ما مر. قوله: "فإن لزم لبس إلخ" اعترض بأن اللازم في المثال إجمال لا لبس ولا محذور في الإجمال بل قد يكون من مقاصد البلغاء ويمكن دفعه بأن المراد باللبس هنا الإجمال في مقام البيان وهو معيب وكاللبس قبح الإخبار بمؤنث عن مذكر في نحو من هي حمراء أمك على ما تقدم بيانه فتنبه. قوله: "وجملة" خبر مقدم والذي مبتدأ مؤخر لأنه المعرفة وتجويز البعض كغيره العكس غير صحيح على ما ذكره الناظم كما مر. وفي وصل ضمير يعود إلى كلها هو نائب الفاعل وظاهر صنيع الشارح عوده إلى الموصول المعلوم من المقام أو المتقدم في قوله موصول الأسماء ومنهم من جعل نائب فاعل وصل الضمير المجرور بعده. قوله: "من ظرف ومجرور تامين" فيه أنهما هنا متعلقان بفعل فتكون الصلة حينئذٍ جملة فلا   105- تمام البيت: وإعراضها عنك استمر وزادا وهو الطويل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 1/ 140؛ وشرح شذور الذهب ص184. 106- صدر البيت: فيا رب ليلى أنت في كل موطن وهو من الطويل، وهو للمجنون في الدرر 1/ 286؛ وشرح شواهد المغني 2/ 559؛ والمقاصد النحوية 1/ 479؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 140؛ ومغني اللبيب 1/ 210؛ وهمع الهوامع 1/ 87. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الذي. وإنما كان الظرف والمجرور التامان شبيهين بالجملة لأنهما يعطيان معناها لوجوب كونهما هنا متعلقين بفعل مسند إلى ضمير الموصول تقديره الذي استقر عندك والذي استقر في الدار. وخرج عن ذلك ما لا يشبه الجملة منهما وهو الظرف والمجرور الناقصان نحو جاء الذي اليوم والذي بك، فإنه لا يجوز لعدم الفائدة. تنبيه: من شرط الجملة الموصول بها مع ما سبق أن تكون خبرية لفظًا ومعنى، فلا يجوز جاء الذي أضربه أو ليته قائم أو رحمه الله خلافًا للكسائي في الكل وللمازني في الأخيرة وأما قوله:   حاجة لقوله أو شبهها إلا أن يقال: مراده بالجملة في قوله وجملة الملفوظ بها وبشبهها الجملة المقدرة كما في الدماميني. والمراد بالتام ما يفهم عند ذكره متعلقه العام وكذا الخاص إذا دلت عليه قرينة كما قاله الدماميني ومثل له بأن يقال: اعتكف زيد في الجامع وعمرو في المسجد فتقول: بل زيد الذي في المسجد وعمرو الذي في الجامع. وبالناقص ما لا يفهم عند ذكره متعلقة الخاص لعدم القرينة عليه وبهذا التحقيق يعلم ما في كلام البعض. قوله: "يعطيان معناها" أي يدلان عليه لأنهما يدلان على نفس الجملة ويلزم من ذلك دلالتهما على معناها. قوله: "متعلقين بفعل" قال في المغني: قال ابن يعيش: وإنما لم يجز في الصلة أن يقال إن نحو جاء الذي في الدار بتقدير مستقر على أنه خبر لمحذوف على حد تمامًا على الذي أحسن بالرفع لقلة ذلك وإطراد هذا، ولي فيه بحث إذ مقتضى تعليله صحة تقدير مستقر على أنه خبر مبتدإ محذوف إذا طالت الصلة لفظًا نحو جاء الذي في الدار النفيسة لانتفاء العلة حينئذٍ وظاهر إطلاقهم يخالفه. ولعل هذا وجه عدول الدماميني عن تعليل المنع بما ذكره ابن يعيش إلى تعليله بأن شرط الحذف من الصلة أن لا يصلح الباقي للوصل وهو مفقود هنا لصلاحية الباقي وهو الجار والمجرور للوصل فليتأمل. قوله: "خبرية" اعترض بأن شرط الخبرية قصد نسبتها بالذات كما أفاده السيد في شرح المفتاح وجملة الصلة ليست كذلك وكذا جملة الصفة والحال والخبر. ويمكن أن يجاب بأن تسميتها خبرية باعتبار الأصل قبل جعلها صلة وبجواز عدم موافقة النحاة على هذا الشرط. ومن الخبرية الجملة القسمية عند من يسميها خبرية نظرًا إلى الجواب. وأما من يسميها إنشائية نظرًا إلى القسم فيستثنيها من عدم جواز الوصل بالإنشائية والشرطية كالقسمية في جواز الوصل بها إذا كان جوابها خبرًا وإلا فلا كذا في الروداني، وإنما اشترط كون جملة الصلة خبرية لأنه يجب أن يكون مضمونها معلوم الانتساب إلى الموصول للمخاطب قبل الخطاب والجمل الإنشائية ليست كذلك لأن مضمونها لا يعلم إلا بعد إيراد صيغها أفاده الدماميني ولم يكتف عن قيد الخبرية بقيد العهد إذ يلزم من كونها معهودة كونها خبرية قال الروداني دفعًا لتوهم أنها في مقام التهويل قد تكون غير خبرية. قوله: "جاء الذي أضربه إلخ" المثال الأول للإنشائية لفظًا ومعنى الطلبية صراحة والثاني للإنشائية لفظًا ومعنى الغير الطلبية صراحة، والثالث للإنشائية معنى لا لفظًا. قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   107- وإني لراج نظرة قبل التي ... لعلي وإن شطت نواها أزورها وقوله: 108- وماذا عسى الواشون أن يتحدثوا ... سوى أن يقولوا إنني لك عاشق فمخرج على إضمار قول في الأول أي قبل التي أقول فيها لعلي أزورها، وأن ماذا في الثاني اسم واحد وليست ذا موصولة لموافقة عسى لعل في المعنى وأن تكون غير   "شطت نواها" أي بعد بعدها وتأنيث الفعل لاكتساب الفاعل التأنيث من المضاف إليه وفسر الدماميني والشمني نواها بجهة قصدها من السفر. وعد في القاموس من معاني النوى الدار، والتأنيث على هذين الوجهين ظاهر. قوله: "وأن ماذا في الثاني إلخ" قال بعض المحققين: المشهور أن عسى إنشاء لكن دخول الاستفهام عليها نحو: "فهل عسيتم" ووقوعها خبرًا لأن نحو إني عسيت صائمًا دليل على أنه فعل خبري، وإذا ثبت كونها خبرًا فينبغي أن يجوز وقوعها صلة بلا خلاف. ا. هـ. قوله: "لموافقة عسى" علة لمحذوف تقديره وإنما كانت جملة عسى إنشائية لموافقة إلخ. قوله: "وإن كانت عندهم خبرية" أي بحسب الأصل لا بحسب الاستعمال فإنها بحسبه إنشائية اتفاقًا فحينئدٍ عدم استعمالها صلة لأنها في الاستعمال إنشائية لا خبرية كذا في الروداني وقيل لأن التعجب إنما يكون فيما خفي سببه ففيه إبهام مناف لما يقصد بالصلة من التبيين. قوله: "وأن لا تستدعي إلخ" بقي من الشروط أن لا تكون معلومة لكل أحد نحو جاء الذي حاجباه فوق عينيه قاله يس نقلًا عن المصنف ولعل وجه عدم تعيين مثل هذه الصلة للموصول لثبوتها لكل ذي حاجبيين وعينين وعلى هذا يتجه جواز نحو هذا المثال إذا قصد الاستغراق فاستفده فإنه نفيس. قوله: "وصفة إلخ" نقل يس عن الزمخشري في المفصل والسعد في المطوّل أن الوصف مع مرفوعه الواقع صلة أل جملة لا شبه جملة وجعله في التوضيح شبه جملة وهو الظاهر ولعل مراد القائل بأنه جملة أنه جملة في المعنى. قوله: "اسم الفاعل واسم المفعول" أي اللذان أريد بهما الحدوث فإن أريد بهما الثبوت كالمؤمن والصانع كانت أل الداخلة عليهما معرفة لأنها حينئذٍ صفة مشبهة. ا. هـ. يس. قوله: "وجه المنع" أي منع كونها صلة لأل ووجه الجواز شبه الفعل باعتبار رفعها الظاهر باطراد مطلقًا بخلاف أفعل التفضيل فإنه لا يرفع الظاهر باطراد إلا في مسألة الكحل.   107- البيت من الطويل، وهو لتوبة بن الحمير في شرح أبيات سيبويه 1/ 603؛ والكتاب 2/ 200؛ ونوادر أبي زيد ص72؛ وبلا نسبة في المقتضب 4/ 203. 108- البيت من الطويل وهو لجميل بثينة في ملحق ديوانه ص243؛ وخزانة الأدب 6/ 150، 153؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1383؛ ولسان العرب 10/ 385 "ومق"؛ وللمجنون في ديوانه ص160؛ والأغاني 2/ 50؛ ولسان العرب 10/ 27 "بنق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وصفة صريحة صلة أل ... وكونها بمعرب الأفعال قل   تعجبية، فلا يجوز جاء الذي ما أحسنه وإن كانت عندهم خبرية، وأجازه بعضهم وهو مذهب ابن خروف قياسا على جواز النعت بها، وأن لا تستدعي كلامًا سابقا فلا يجوز جاء الذي لكنه قائم "وصفة صريحة" أي خالصة الوصفية "صلة أل" الموصولة. والمراد بها هنا اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة، وفي الصفة المشبهة خلاف. وجه المنع أنها لا تؤول بالفعل لأنها للثبوت ومن ثم كانت أل الداخلة على اسم التفصيل ليست موصولة بالاتفاق، وخرج بالصريحة الصفة التي غلبت عليها الاسمية نحو أبطح وأجرع وصاحب، فأل في مثلها حرف تعريف لا موصولة. والصفة الصريحة مع أل اسم لفظًا فعل معنى ومن ثم حسن عطف الفعل عليها نحو: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 3، 4] {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد: 18] وإنما لم يؤت بها فعلًا كراهة أن يدخلوا على الفعل ما هو على صورة المعرفة الخاصة بالاسم فراعوا الحقين "وكونها" أي صلة أل "بمعرب الأفعال" وهو المضارع "قل" من ذلك قوله:   قوله: "لأنها للثبوت" أي والفعل للتجدد والحدوث. قوله: "ومن ثم" أي من أجل أن منع وصل أل بالصفة المشبهة من حيث أنه لا تؤول بالفعل وفيه أن هذا إنما ينتج أصل المنع لا المنع باتفاق إلا أن يجعل كلامه من باب ذكر جزء العلة وحذف جزئها الثاني وهو عدم رفع أفعل التفضيل الظاهر باطراد إلا في مسألة الكحل بخلاف الصفة فتدبر. قوله: "التي غلبت عليها الاسمية" أي بسبب كثرة استعمالها في الذات بقطع النظر عن الصفة. قوله: "نحو أبطح وأجرع وصاحب" أما أبطح فهو في الأصل وصف لكل مكان منبطح أي متسع من الوادي ثم صار اسمًا للأرض المتسعة. وأما أجرع فهو في الأصل وصف لكل مكان مستو ثم صار اسمًا للأرض المستوية ذات الرمل التي لا تنبت شيئًا. وأما الصاحب فهو في الأصل وصف للفاعل ثم صار اسمًا لصاحب الملك. قال الشاطبي: والدليل على أن هذه الأسماء انسلخ عنها الوصفية أنها لا تجري صفات على موصوف ولا تعمل عمل الصفات ولا تتحمل ضميرًا. قوله: "فالمغيرات صبحًا" أي فالخيول المغيرات في الصبح. والنقع الغبار. قوله: "فراعوا الحقين" أي حق الموصولية فأدخلوها على ما هو في معنى الجملة وحق المشابهة الصورية فأدخلوها على مفرد لفظًا. قوله: "وكونها" مصدر كان الناقصة وهو مبتدأ والضمير المضاف إليه اسمه في محل جر باعتبار الإضافة ومحل رفع باعتبار اسمية الكون والجار والمجرور خبره من حيث النقصان وقل خبره من حيث الابتداء. قوله: "أي صلة أل" على هذا الحل تكون الباء بمعنى من ويصح عود الضمير على أل فالباء على ظاهرها أي وكون أل موصولة بمعرب إلخ. قوله: "بمعرب الأفعال" بحث الدماميني أن أل إذا وصلت بجملة مضارعية أو غير مضارعية كان لها محل من الإعراب وكان محلها بحسب ما يتقضيه العامل في المفرد الذي يصح حلوله محلها من رفع أو نصب أو جر، وأن قولهم: جملة الصلة لا محل لها من الإعراب ليس على إطلاقه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   109- ماأنت بالحكم الترضى حكومته ... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل وهو مخصوص عند الجمهور بالضرورة، ومذهب الناظم جوازه اختيارًا وفاقًا لبعض الكوفيين، وقد سمع منه أبيات. تنبيه: شذ وصل أل بالجملة الاسمية كقوله:   ورأيت بخط الشنواني عازيًا لسم ما نصه: يمكن أن يرد هذا البحث بأن الجملة إنما يكون لها محل إن صح حلول المفرد محلها إذا كان ذلك المفرد مفردًا حقيقة. أما إذا كان مفردًا صورة جملة حقيقية فلا يكون للجملة التي يصح حلولها محلها. وقد بين الرضي أن صلة أل المفرد: اسم صورة، فعل حقيقة. ا. هـ. وكذا قال الشمني وزاد أو يقال محل ذلك إذا كان إعراب ذلك المفرد بالأصالة وإعراب الاسم بعد أل عارية منها كما مر. قوله: "الترضي" بإدغام اللام وتركه بخلاف لام أل الحرفية فإنه يجب إدغامها في التاء ونحوها تخفيفًا لكثرة الاستعمال قاله سم. قوله: "وهو مخصوص عند الجمهور بالضرورة" بناء على قولهم إنها ما وقع في الشعر مما لا يقع مثله في النثر. وما قاله ابن مالك بناء على قوله إنها ما اضطر إليه الشاعر ولم يجد عنه مندوحة. ولهذا قال لتمكنه من أن يقول المرضي لكن ضعف مذهبه بأنه ما من ضرورة إلا ويمكن إزالتها بنظم تركيب آخر. ورأيت بخط الشنواني عازيًا لسم ما نصه: قد يقال: مراد المصنف بما ليس عند مندوحة ما هو كذلك بحسب العبارات المتبادرة التي يسهل استحضارها في العادة فلا يرد عليه ما ردّ به عليه فليتأمل. ا. هـ. وهو جواب حسن كان يخطر كثيرًا ببالي. قوله: "وفاقًا لبعض الكوفيين" في التصريح أن ما عليه المصنف اختيار ثالث في المسألة لأن بعض الكوفيين يجيزونه اختيارًا والجمهور يخصونه بالضرورة فالقول بالجواز أي اختيار على قلة قول الثالث. ا. هـ. وتبعه على ذلك البعض فحمل قول الشارح وفاقًا لبعض الكوفيين على أن المراد وفاقًا لبعض الكوفيين في الجواز اختيارًا لا في القلة لعدم قولهم بها. والذي يظهر لي أن بعضهم المذكور يقول بالقلة أيضًا وإن لم يصرح بها إذ يبعد غاية البعد أن يقول بكثرته اختيارًا فيكون الخلاف على قولين فقط. ثم رأيت في كلام الروداني ما يؤيده. قوله: "على المعه" أي الكائن معه، فيجب تقدير المتعلق اسمًا لما تقدم من أن صلتها مفرد في معنى الفعل فيكون مستثنى من إطلاقهم أن الظرف إذا وقع صلة وجب تقدير متعلقه فعلًا أفاده الاسقاطي. وقوله حر أي حقيق. قوله: "تستعمل موصولة" مع قوله وتكون بلفظ واحد إشارة   109- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه، والإنصاف 2/ 521؛ وجواهر الأدب ص319؛ وخزانة الأدب 1/ 321؛ والدرر 1/ 247؛ وشرح التصريح 1/ 38، 142؛ وشرح شذور الذهب ص21؛ ولسان العرب 6/ 9 "أمس"، 12/ 656 "لوم"؛ والمقاصد النحوية 1/ 111؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 20؛ وتخليص الشواهد ص154؛ والجني الداني ص202؛ ورصف المباني ص75، 148؛ وشرح ابن عقيل ص85؛ وشرح الحافظ ص99؛ 1/ 60؛ وهمع الهوامع 1/ 85. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 أي كما وأعربت ما لم تضف ... وصدر وصلها ضمير انحذف   110- من القوم الرسول الله منهم ... لهم دانت رقاب بني معد وبالظرف كقوله: 111- من لا يزال شاكرا على المعه ... فهو حر بعيشة ذات سعه و"أي" تستعمل موصولة خلافًا لأحمد بن يحيى في قوله إنها لا تستعمل إلا شرطًا أو استفهامًا، وتكون بلفظ واحد في الإفراد والتذكير وفروعهما "كما" وقال أبو موسى: إذا أريد بها المؤنث لحقتها التاء، وحكى ابن كيسان أن أهل هذه اللغة يثنونها ويجمعونها "وأعربت" دون أخواتها "ما لم تضف وصدر وصلها ضمير انحذف" فإن أضيفت   إلى وجه الشبه في قوله كما وأنه ناقص لأن ما لغير العاقل وأيًا لهما وما مبنية دائمًا وأيًا مبنية في حالة فقط فعلم أن قوله وتكون إلخ ليس دخولًا على قول المصنف كما وأن زعمه البعض بل قوله كما مرتبط بكل من قوله تستعمل إلخ وقوله وتكون إلخ فافهم. قوله: "خلافًا لأحمد بن يحيى" هو ثعلب ورد عليه بقوله: فسلم على أيهم أفضل لأن الاستفهامية والشرطية لا يبنيان على الضم ولا يصلحان هنا. ا. هـ. تصريح بالمعنى. وبحث فيه باحتمال أن تكون أيّ في البيت استفهامية هي وخبرها مقول قول محذوف نعت لمجرور على محذوفًا أي على شخص مقول فيه أيهم أفضل كما قالوا مثل ذلك في: ما هي بنعم الولد، ما ليلى بنام صاحبه. وسيأتي جوابه قريبًا فتفطن. قوله: "إلا شرطًا أو استفهامًا" أي لا موصولة فالحصر إضافي إذ لا ينفى استعمالها نعتًا وحالًا ووصلة لنداء ما فيه أل. قوله: "يثنونها ويجمعونها" يقال أيان وأيتان وأيون وأيات بالإعراب في جميع الأحوال إعراب المثنى والجمع. ولك أن تصرح بالمضاف إليه كأن تقول أيتهن وأياهم وأيتاهن وأيوهم وأياتهن وعلى هذه اللغة لا تكون أي من المشترك. وفي صرف أية وأيات ومنع صرفهما للتأنيث والتعريف بنية الإضافة لمعرفة الذي هو شبه العلمية خلاف. قال الروداني: والجمهور على الصرف أي لأن التعريف بنية الإضافة ليس من علل منع الصرف عندهم. قوله: "ما لم تضف" أي مدة انتفاء إضافتها المقيدة أخذًا من واو الحال بحذف صدر   110- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الجني الداني ص201؛ وجواهر الأدب ص319؛ والدرر 1/ 276؛ ورصف المباني ص75؛ وشرح شواهد المغني 1/ 161؛ وشرح ابن عقيل ص86؛ واللامات ص54؛ ومغني اللبيب 1/ 49؛ والمقاصد النحوية 1/ 15، 477؛ وهمع الهوامع 1/ 85. 111- الرجز بلا نسبة في الجني الداني ص203؛ وجواهر الأدب ص321؛ وخزانة الأدب 1/ 32؛ والدرر 1/ 277؛ وشرح شواهد المغني 1/ 161؛ وشرح ابن عقيل ص86؛ ومغني اللبيب 1/ 49؛ والمقاصد النحوية 1/ 475؛ ومع الهوامع 1/ 85. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وبعضهم أعرب مطلقا وفي ... ذا الحذف أيا غير أي يقتفي   وحذف صدر صلتها بنيت على الضم نحو: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} [مريم: 69] ، التقدير أيهم هو أشد، وإن لم تضف أو لم يحذف نحو أي قائم وأي هو قائم وأيهم هو قائم أعربت، وقد سبق الكلام على سبب إعرابها في المبنيات "وبعضهم" أي بعض النحاة وهو الخليل ويونس ومن وافقهما "أعرب" أيا "مطلقًا" أي وإن أضيفت وحذف صدر صلتها، وتأولا الآية: أما الخليل فجعلها استفهامية محكية بقول مقدر والتقدير {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ} [مريم: 69] ، الذي يقال فيه أيهم أشد. وأما يونس فجعلها استفهامية أيضًا لكنه حكم بتعليق الفعل قبلها عن العمل؛ لأن التعليق عنده غير مخصوص بأفعال القلوب، واحتج عليهما بقوله: 112- إذا ما لقيت بني مالك ... فسلم على أيهم أفضل   صلتها بأن ينتفيا معًا نحو أيّ هو قائم أو تنتفي الإضافة دون الحذف نحو أي قائم، أو ينتفي الحذف دون الإضافة نحو أيهم هو قائم، فهذه الصور الثلاث منطوق عبارته على قاعدة أن النفي إذا توجه إلى مقيد بقيد صدق بانتفاء المقيد والقيد معًا وانتفاء المقيد فقط وانتفاء القيد فقط أما إذا أضيفت وحذف الصدر فتبنى وهذه صورة المفهوم والشارح قدم بيان المفهوم على بيان المنطوق لقلته. ووجه البناء في الأخيرة قيام موجبه وهو الشبه الافتقاري مع عدم المعارض لتنزيل المضاف إليه منزلة صدر الصلة فكأنه لا إضافة. ومن أعربها في هذه الصورة أيضًا لم يقل بهذا التنزيل. ووجه إعراب الثلاث الأول وجود المعارض من الإضافة اللفظية في الثالثة والتقديرية في الأوليين لقيام التنوين فيهما مقام المضاف إليه ولم ينزل التنوين في الثانية منزلة الصدر لضعفه عن ذلك ولأن قيام التنوين مقام المضاف إليه معهود كما في كل وبعض وحينئذٍ بخلاف قيامه مقام المبتدأ. قوله: "وصدر وصلها ضمير" ظاهره التقييد بالضمير. ويحتمل أن يقال إن الاسم الظاهر كذلك نحو جاء أيهم ضاربه أي جاء أيهم زيد ضاربه في مقام عهد فيه أن زيدًا ضرب واحدًا من الجماعة سم. ويؤخذ مما ذكر ما نقل عن أبي حيان أنها إذا وصلت بظرف أو مجرور أو جملة فعلية أعربت إجماعًا. قوله: "على الضم" للإشارة به لكونه أقوى الحركات إلى أن للكلمة حالة إعراب وأصل التحرك لالتقاء الساكنين. قوله: "وإن لم تضف" أي سواء ذكر صدر الصلة أو حذف بقرينة   112- البيت من المتقارب، وهو لغسان بن وعلة في الدرر 1/ 272؛ وشرح التصريح 1/ 135؛ والمقاصد النحوية 1/ 463؛ وله أو لرجل من غسان في شرح شواهد المغني 1/ 236؛ ولغسان في الإنصاف 2/ 715؛ ولغسان أو لرجل من غسان في خزانة الأدب 6/ 61؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 150؛ وتخليص الشواهد ص158؛ وجواهر الأدب ص210 ورصف المباني ص197؛ وشرح ابن عقيل ص87؛ وشرح المفصل 3/ 147، 4/ 21؛ 7/ 87؛ ولسان العرب 14/ 59 "أيا" ومغني اللبيب 1/ 78؛ وهمع الهوامع 1/ 84. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بضم أي لأن حروف الجر لا يضمر بينها وبين معمولها قول ولا تعلق. وبهذا يبطل قول من زعم أن شرط بنائها أن لا تكون مجرورة بل مرفوعة أو منصوبة، ذكر هذا الشرط ابن إياز وقال: نص عليه النقيب في الأمالي. ويحتمل أن يريد بقوله وبعضهم إلى آخره أن بعض العرب يعربها في الصور الأربع، وقد قرئ شاذًّا أيهم أشد بالنصب على هذه اللغة. تنبيهان: الأول لا تضاف أي لنكرة خلافًا لابن عصفور، ولا يعمل فيها إلا مستقبل   تمثيله. قوله: "وتأولًا الآية إلخ" فالمفعول على قول الخليل محذوف وأي مبتدأ فضمته إعراب وأشد خبر والجملة نائب فاعل يقال وأما على قول يونس فسدَّت جملة أيهم أشد مسد المفعول. وبقي رأي ثالث للأخفش والكسائي وهو جعلها استفهامية والمفعول كل شيعة ومن زائدة بناء على قولهما أنها تزاد في الإيجاب وجملة الاستفهام مستأنفة شرح الجامع. قوله: "فجعلها استفهامية أيضًا" اعترض عليه بأن الاستفهام لا يقع بعد الفعل إلا إذا كان من أفعال العلم أو القول على الحكاية فلا يجوز ضربت أزيد عندك أم عمرو وتنزع ليس منها. قوله: "الذي يقال فيه" أي الفريق الذي إلخ. ويلزم على هذا الحل حذف الموصول وبعض الصلة وهو ممتنع فلو قال فريقًا يقال فيه إلخ لكان أولى. قوله: "وبين معمولها" اعترض هذا بأنه على تقدير القول لا يكون معمولها اسم الاستفهام بل شيئًا آخر. وأجيب بأن المراد بالمعمول ما يليق أن يكون معمولًا وهو اسم الاستفهام المذكور، وبكون المراد بالعمول ما يليق أن يكون معمولًا للحرف يندفع اعتراض آخر وهو أن ما قاله الشارح بنافيه تقديرهم القول في قولهم ما هي بنعم الولد وقولهم على بئس العير. وحاصل الجواب أن ما بعد الحرف هنا يليق أن يكون معمولًا فلا ضرورة إلى تقدير القول بخلافه فيما ذكر لأن ما بعده فعل. وعبارة المغني في توجيه رد بيت الشاعر الأقوال الثلاثة السابقة نصها لأنه لا يجوز حذف المجرور ودخول الجار على معمول صلته وحرف الجر لا يعلق ولا يستأنف ما بعد الجار. ا. هـ. بتقديم وتأخير مراعاة لترتيب الأقوال كما سبق. قوله: "لا تضاف أي" أي الموصولة التي الكلام فيها أما الواقعة نعتًا أو حالًا فلا تضاف إلا إلى نكرة وأما الشرطية والاستفهامية فيضافان إلى النكرة وكذا إلى المعرفة الدالة على متعدد نحو أي الرجال أفضل أو المفردة المقدر قبلها دال على متعدد نحو أي زيد أحسن أي أي أجزائه أحسن وأي الدينار دينارك أي أيّ أفراده والمفردة المعطوف عليها مثلها بالواو كقول الشاعر: أيي وأيك فارس الأحزاب وهما مع النكرة بمنزلة كل فيراعى في الضمير المضاف إليه ومع المعرفة بمنزلة بعض فيراعى المضاف فيقال: أي غلامين أتيا أي غلمان أتوا أي الغلامين أتى أي الغلمان أتى كما تقول ذلك عند الإتيان بلفظ كل وبعض. إن قيل: الموصول معرفة بصلته فيلزم اجتماع معرفين على أي. أجيب بأن أيًا لوضعها على الإبهام محتاجة إلى تعريف جنس ما وقعت عليه وإلى تعريف عينه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   متقدم كما في الآية والبيت. وسأل الكسائي لم لا يحوز أعجبني أيهم قام فقال أي كذا خلقت. الثاني تكون أي موصولة كما عرف. وشرطًا نحو: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأسراء: 110] واستفهامًا نحو: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} [الأنعام: 81] ، ووصلة لنداء ما فيه أل، ونعتًا لنكرة. دالًّا عل الكمال نحو مررت برجل أي رجل، وتقع حالًا بعد المعرفة نحو هذا زيد أي، رجل ومنه قوله:   فالأول بالمضاف إليه والثاني بالصلة بخلاف غيرها فإنه محتاج إلى الثاني فقط فأي معرفة بالإضافة والصلة من جهتين كذا قالوا. ولي فيه بحث لأنه لا يتأتى فيما إذا كانت أي الموصولة للجنس لأن صلتها حينئذٍ لا تعرف العين، ويمكن دفعه بأن المراد بالعين التي تعرفها صلة أي ما يعم قسم الجنس المعرف بالإضافة. لا يقال تعريف العين بالصلة يستلزم تعريف الجنس لأنا نمنع ذلك فقد يتميز الشيء ببعض صفاته مع الجهل بجنسه هذا. وجوز الرضي اجتماع معرفين مختلفين وفرع عليه جواز إضافة العلم مع بقاء علميته. وإنما لم تجز إضافتها إلى النكرة مع أن بيان جنس ما وقعت عليه يحصل بها لأن الموصول مراد تعيينه وإضافته إلى النكرة تقتضي إبهامه فيحصل التدافع ظاهرًا. قوله: "ولا يعمل فيها إلخ" هذا مذهب الكوفيين وتبعهم الموضح. وقال الناظم في التسهيل تبعًا للبصريين: ولا يلزم استقبال عامله ولا تقديمه خلافًا للكوفيين. قوله: "والبيت" اعترض بأن أيًا لم يعمل فيها في البيت فعل فضلًا عن كونه مستقبلًا لأن العامل فيها حرف جر. وأجيب بأن الجار والمجرور متعلق بالفعل فهو عامل في المجرور محلًا. قوله: "وسأل الكسائي" أي في حلقة يونس. تصريح. قوله: "أي كذا خلقت" أي وضعت ووجه ابن السراج ذلك كما في التصريح بأن أيًا وضعت على الإبهام ولو قلت: أعجبني أيهم قام كان على التعيين وإيضاحه أن معنى أعجبني أيهم قام أعجبني الشخص الذي وقع منه القيام في الخارج فهو متعين في الخارج بوقوع القيام منه في الماضي بالفعل وإذا قلت يعجبني أيهم قوم فمعناه يعجبني الشخص الذي يقع منه القيام وهو مبهم لعدم تعينه بوقوع القيام منه خارجًا ومثله قولك اضرب أنت أيهم يقوم فعلم أن الإبهام في يعجبني أيهم يقوم ليس من جهة صلاحية المضارع للحال والاستقبال حتى يرد اعتراض شيخنا على التوجيه بأن الأمر يعمل فيها ولا إبهام فيه لأنه للاستقبال فقط نعم يرد أن مفاد التوجيه أن سبب التعيين وعدمه مضي الصلة واستقبالها لا مضي العامل واستقباله فافهم وإنما اشترط التقدم لتمتاز الموصولة عن الشرطية والاستفهامية لأنهما لا يعمل فيهما إلا متأخر. قوله: "وصلة لنداء ما فيه أل" قال الرضي: وذلك لأنهم استكرهوا اجتماع آلتي التعريف فحاولوا أن يفصلوا بينهما باسم مبهم يحتاج إلى ما يزيل إبهامه فيصير المنادى في الظاهر ذلك المبهم وفي الحقيقة ذلك المخصص الذي يزيل الإبهام ويعين الماهية فوجدوا ذلك الاسم أيًا إذا قطع عن الإضافة واسم الإشارة لوضعهما مبهمين مشروطًا إزالة إبهامهما إلا أن اسم الإشارة قد يزال إبهامه بالإشارة الحسية فلا حتاج إلى الوصف بخلاف أي فكانت أدخل في الإبهام فلهذا جاز يا هذا ولم يجز يا أي بل لزم أن يردفه ما يزيل إبهامه. ا. هـ. وبهذا أيضًا كان الفصل بأي أكثر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 إن يستطل وصل وإن لم يستطل ... فالحذف نزر وأبوا أن يختزل   113- فأوميت إيماء خفيفًا لحبتر ... فلله عينا حبتر أيما فتى "وفي ذا الحذف" المذكور في صلة أي وهو حذف العائد إذا كان مبتدأ "أيا غير أي" من الموصولات "يقتفي" غير أي مبتدأ، ويقتفي خبره، وأيا مفعول مقدم. وأصل التركيب غير أي من الموصولات يقتفي أيا أي يتبعها في جواز حذف صدر الصلة "إن يستطل وصل" نحو ما أنا بالذي قائل لك سوءًا أي بالذي هو قائل لك، ومنه: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَه} [الزخرف: 84] أي هو في السماء إله "وإن لم يستطل" الوصل "فالحذف نزر" لا يقاس عليه وأجازه الكوفيون. ومنه قراءة يحيى بن يعمر "تمام على الذي   من الفصل باسم الإشارة. قوله: "دالًا على الكمال" أي فيما أضيفت إليه مشتقًّا أو جامدًا والثناء على الموصوف في الأول باعتبار الوصف المدلول عليه بالمضاف إليه وفي الثاني باعتبار كل ما يمدح به الموصوف من أوصاف الكمال فيكون أبلغ كمررت بفارس أي فارس وبرجل أي رجل. قال الفارسي رجل الثاني غير الأول لأن الأول واحد، والثاني جنس لأن أيًّا بعض ما تضاف إله. قوله: "لحبتر" اسم رجل ويلزم في هذين الوجهين أي كونها نعتًا وكونها حالًا الإضافة إلى مماثل الموصوف لفظًا ومعنى أو معنى فقط نحو مررت برجل أي إنسان بخلاف مررت برجل أي عالم فلا يجوز كما في التسهيل والهمع. قوله: "حذف العائد إذا كان مبتدأ" أخذ كونه عائدًا من قوله ضمير وأخذ كونه مبتدأ من قوله وصدر وصلها. قوله: "إن يستطل" أي يعد طويلًا فالسين والتاء لعد الشيء كذا كاستحسنه أو يطل بالبناء للمجهول أي يطيلها المتكلم فهما زائدتان فزيادتهما لا تتوقف على بنائه للفاعل كما توهمه البعض ولم يشترط طول الصلة في أي لملازمتها للإضافة أو نية فالطول بالإضاف لازم لأي فكان مغنيًا عن اشتراط طول الصلة لكن يقبح يعجبني أي قائم وإن جاز لعدم الطول لفظًا نقله ابن خروف وغيره عن سيبويه. قوله: "ومنه وهو الذي في السماء إله" فإله خبر مبتدأ محذوف هو العائد وفي السماء متعلق بإله لأنه بمعنى معبود ولا يجوز تقدير إله مبتدأ مخبرًا عنه بالظرف أو فاعلًا بالظرف لخلو الصلة حينئذٍ من العائد على الموصول، ولا يحسن جعل الظرف متعلقًا بفعل هو صلة وإله الأول والثاني بدلين من الضمير المستتر فيه، وفي الأرض معطوف على في السماء لتضمنه الإبدال مرتين مع اتحاد المبدل منه وهو ضعيف بل قيل بامتناعه ولا يجوز على هذا الوجه أن يكون وفي الأرض إله مبتدأ وخبر لئلا يلزم فساد المعنى إن استؤنف وخلوّ الصلة من عائد إن عطف كذا في التصريح والروداني عليه والمغني. قوله: "فالحذف نزر" إلا في لا سيما   113- البيت من الطويل، وهو للراعي النميري في ديوانه ص3؛ وتذكرة النحاة ص617؛ وخزانة الأدب 9/ 370، 371؛ والدرر 1/ 307؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 442؛ والكتاب 2/ 180؛ ولسان العرب 1/ 246 "ثوب"، 4/ 162 "حبتر"، 14/ 59 "أيا"، والمقاصد النحوية 3/ 423؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص391. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 أن صلح الباقي لوصل مكمل ... والحذف عندهم كثير منجلي   أحسن" وقراءة مالك بن دينار وابن السماك ما بعوضه بالرفع. وقوله: 114- لا تنو إلا الذي خير فما شقيت ... إلا نفوس الألى للشر ناءونا وقوله: 115- من يعن بالحمد لا ينطق بما سفه ... ولا يحد عن سبيل المجد والكرم "وأبوا أن يختزل" العائد المذكور أي يقتطع ويحذف "إن صلح الباقي" بعد حذفه "لوصل مكمل" بأن كان ذلك الباقي بعد حذفه جملة أو شبهها لأنه والحالة هذه لا يدري أهناك محذوف أم لا لعدم ما يدل عليه، ولا فرق في ذلك بين صله أي وغيرها، فلا يجوز جاءني الذي يضرب أو أبوه قائم أو عندك أو في الدار على أن المراد هو يضرب أو هو   زيد فإنهم جوّزوا إذا رفع زيد أن تكون ما موصولة وزيد خبر مبتدأ محذوف وجوبًا باطراد لتنزيلهم لا سيما منزلة إلا استثنائية وهي لا يصرح بعدها بجملة فإذا قيل لا سيما زيد الصالح فلا استثناء لطول الصلة بالنعت ذكر ذلك في المغني. قوله: "وابن السماك" بالكاف على وزن العطار فإن صدر بأب فباللام كذا نقل عن الفراء. قوله: "بالرفع" أي في الآيتين. أما بنصب أحسن فالذي اسم موصول حذف عائده أي على العلم الذي أحسنه وجوز الكوفيون كونه موصولًا حرفيًا فلا يحتاج لعائد أي على إحسانه وكونه نكرة موصوفة فلا يحتاج لصلة ويكون أحسن حينئذٍ اسم تفضيل لا فعلًا ماضيًا وفتحته إعراب لا بناء وهي علامة الجر كذا في الروداني. وأما بنصب بعوضة فبعوضة بدل من مثلًا وما حرف زائد للتوكيد. وقيل ما نكرة موصوفة وبعوضة صفة لما يجوز على قراءة الرفع أن تكون ما حرفًا زائدًا ويضمر المبتدأ تقديره مثلًا هو بعوضة كذا في إعراب القرآن لأبي البقاء. قوله: "من يعن" بالبناء للمجهول على اللغة المشهورة أي من يعنيه ويهمه حمد الناس له لرغبته فيه، ويحد بفتح الياء التحتية وكسر الحاء المهملة من حاد إذا مال. قوله: "العائد المذكور" أي الذي هو صدر الصلة والأكثر فائدة جعل الضمير عائدًا على العائد مطلقًا سواء كان صدر صلة أو لا كما صنع ابن عقيل فلا يجوز حذف الهاء من ضربته في قولك جاء الذي ضربته في داره لأن الباقي بعد حذفه صالح للوصل. قوله: "ويحذف" عطف تفسير. قوله: "مكمل" أي للموصول وهو صفة لازمة. قوله: "جملة أو شبهها" أي مشتملة على العائد. قوله: "لأنه والحالة هذه إلخ" فيه أن غاية ذلك حصول الإجمال وهو ليس بعيب ولو قال لأن المبتادر حينئذٍ إلى فهم السامع عدم الحذف لاستقام التعليل. قوله: "على أن المراد هو يضرب إلخ"   114- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني. 115- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 168؛ وتخليص الشواهد ص160؛ والدرر 1/ 300؛ وشرح التصريح 1/ 144؛ والمقاصد النحوية 1/ 446؛ وهمع الهوامع 1/ 90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 في عائد متصل إن انتصب ... بفعل أو وصف كمن نرجو يهب   أبوه قائم أو هو عندك أو هو في الدار، ولا يعجبني أيهم يضرب أو أبوه قائم أو عندك أو في الدار كذلك، أما إذا كان الباقي غير صالح للوصل بأن كان مفردأ أو خاليًا عن العائد نحو أيهم أشد {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَه} [الزخرف: 84] جاز كما عرفت للعلم بالمحذوف. تنبيهان: الأول ذكر غير الناظم لحذف العائد المبتدأ شروطا أخر: أحدها أن لا يكون معطوفًا نحو جاء الذي زيد وهو فاضلان. ثانيها أن لا يكون معطوفًا عليه نحو جاء الذي هو وزيد قائمان، نقل اشتراط هذا الشرط عن البصريين، لكن أجاز الفراء وابن السراج في هذا المثال حذفه. ثالثها أن لا يكون بعد لولا نحو جاء الذي هو لأكرمتك. الثاني أفهم كلامه أن العائد إذا كان مرفوعًا غير مبتدأ لا يجوز حذفه فلا يجوز جاء اللذان قام ولا اللذان جن "والحذف عندهم" أي عند النحاة أو العرب "كثير منجلي في عائد متصل إن انتصب بفعل" تام "أو وصف" هو غير صلة أل فالفعل "كمن نرجو يهب" أي نرجوه،   أما على قطع النظر عن الضمير وجعل الباقي بعد حذفه صلة مستقلة فيجوز. قوله: "بأن كان مفردًا" أي اسمًا قوله: "نحو أيهم أشد إلخ" في كلامه لف ونشر مرتب. قوله: "أن لا يكون معطوفًا" اشترط هذا الشرط مع أن الكلام في حذف العائد المبتدأ لأن المعطوف في المبتدإ مبتدأ، واشترطوه لأن حذفه وحده يؤدي إلى بقاء العاطف بدون المعطوف ومع العاطف فيه صورة الإخبار عن مفرد بمثنى. قوله: "أن لا يكون معطوفًا عليه" لأنه يؤدي إلى وقوع حرف العطف صدرًا أو الإخبار عن مفرد بمثنى صورة. قوله: "أن لا يكون بعد لولا" لوجوب حذف الخبر بعدها بقيده الآتي فلو حذف العائد لأدى إلى الأجحاف، وبقي شرطان آخران أن لا يكون بعد حرف نفي نحو جاء الذي ما هو قائم وأن لا يكون بعد حصر نحو جاء الذي ما في الدار إلا هو وإنما في الدار هو، وأما اشتراط كونه غير منسوخ احترازًا عن نحو اللذان كانا قائمين فمعلوم من إطلاق لفظ المبتدأ لأن المنسوخ لا يسمى مبتدأ على الإطلاق. قوله: "أفهم كلامه" أي حيث أشار إلى حذف الصدر بقوله: وفي ذا الحذف. قوله: "فلا يجوز جاء اللذان قام إلخ" لأن الفاعل ونائبه لا يحذفان إلا في مواضع ليس هذا منها. قوله: "عندهم" متعلق بكثير وقوله كثير منجلي خبر أن للحذف. وقوله في عائد متعلق بكثير ومنجلي على سبيل التنازع هذا هو الظاهر. وفي كلامه من عيوب القافية التضمين وهو تعلقها بما بعدها إلا أن يخص بكون ما بعدها ركن الإسناد كما قاله بعضهم. قوله: "متصل" في مفهومه تفصيل فإن كان انفصال الضمير لمعنى يفوت بحذفه بأن كان للتقديم أو لكونه بعد أداة الحصر امتنع حذفه وإن لم يكن لذلك جاز نحو: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون} [البقرة: 3] ، بناء على تقدير العائد منفصلًا لأنه أرجح أي رزقناهم إياه على أنه سيأتي عن الروداني أن المراد بالمتصل هنا ما ليس واجب الانفصال وعليه يخرج القسم الأول ويدخل الثاني. قوله: "إن انتصب بفعل أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أو هذا الذي بعث الله رسولًا أي بعثه، ومما عملت أيدينا أي عملته، والوصف كقوله: 116- ما الله موليك فضل فأحمدنه به ... فما لدي غيره نفع ولا ضرر أي الذي الله موليكه فضل، وخرج عن ذلك نحو جاء الذي إياه أكرمت، وجاء   وصف" فإن قلت قد نصوا في قوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُون} [القصص: 62] ، أنه يجوز أن يكون التقدير يزعمونهم شركائي وهذا لا إشكال فيه، وأن يكون التقدير تزعمون أنهم شركائي وعلى هذا فقد صح حذف العائد المنصوب بغير فعل ولا وصف. قلت الذي اعتمد بالحذف المعمول المشتمل على الضمير ولم يعتمد الضمير بالحذف ورب شيء يجوز تبعًا لغيره ولا يجوز مستقلًا، مثاله حذف الفاعل في نحو زيدًا ضربته تبعًا للفعل وحذف الفاء في نحو: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم} [آل عمران: 106] ، تبعًا للقول. ا. هـ. دماميني. قوله: "أو وصف" أي تام أيضًا ليخرج نحو جاء الذي أنا كائنه. قوله: "غير صلة أل" أما منصوب صلة أل فلا يجوز حذفه إن عاد إليها لدلالتهم بذكر الضمير على اسميتها الخفية وعند حذفه يفوت الدليل فإن عاد إلى غيرها جاز حذفه نحو جاء الذي أنا الضارب أي الضاربه وبذلك يقيد إطلاقه الآتي أيضًا، أما جاء رجل أنا الضارب أي الضاربه فلا حاجة إلى الاحتراز عنه بالتقييد لأن المحذوف غير عائد الموصول والكلام في حذف عائده. قوله: "ومما عملت أيدينا" ونحو قوله تعالى: "وما عملت أيديهم" [يس: 35] ، في قراءة الكوفيين إلا حفصًا بالحذف أي عملته كما في قراءة الباقين. قال الأصفهاني شارح اللمع لم يأت في القرآن إثبات العائد اتفاقًا إلا في ثلاثة آيات: {الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس} [البقرة: 275] ، {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِين} "الأنعام: 71"، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاه} [الأعراف: 175] ، شرح الجامع. قوله: "أي الذي الله موليكه" قدر الضمير متصلًا مع أن الراجح انفصاله لأن الكلام في المتصل ومنه يعلم أن المراد بالمتصل هنا ما ليس واجب الانفصال قاله الروداني. قوله: "نحو جاء الذي إياه أكرمت" أي وجاء الذي لم أكرم إلا إياه فلا يجوز حذف العائد لأنه لو حذف في الأول لتبادر إلى الذهن تقديره مؤخرًا فيفوت الغرض من تقديره وهو الحصر أو الاهتمام، ولو حذف في الثاني لتبعه في الحذف إلا فيتوهم نفي الفعل عن المذكور والمراد نفيه عن غيره قاله ابن هشام في شرح بانت سعاد. ويؤخذ من العلة ما قدمناه من أن محل منع حذف المنفصل إذا كان انفصاله بسبب التقديم أو الحصر فلو كان لغرض لفظي جاز حذفه نحو فاكهين بما آتاهم ربهم أي آتاهم إياه. ولا يقدر متصلًا بما مر من أن انفصال ثاني الضميرين المتحدين غيبة المختلفين في الإفراد والتذكير وفروعهما مع الفصل بحرف أو حرفين أحسن من   116- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 169؛ وتخليص الشواهد ص161، وشرح التصريح 1/ 145؛ وشرح ابن عقيل ص90؛ والمقاصد النحوية 1/ 447. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الذي إنه فاضل، وجاء الذي كأنه زيد، والضاربها زيد هند، فلا يجوز حذف العائد في هذه الأمثلة، وشذ قوله: 117- ما المستفز الهوى محمود عاقبة ... ولو أتيح له صفو بلا كدر وقوله: 118- في المعقب البغي أهل البغي ما ... ينهى امرأ حازمًا إن يسأما 119- أخ مخلص واف صبور محافظ ... على الود والعهد الذي كان مالك أي كأنه مالك. تنبيهات: في عبارته أمور: الأول ظاهر أن حذف المنصوب بالوصف كثير كالمنصوب بالفعل وليس كذلك، ولعله إنما لم ينبه عليه للعلم بأصالة الفعل في ذلك وفرعية الوصف فيه مع إرشاده إلى ذلك بتقديم الفعل وتأخير الوصف. الثاني ظاهرها أيضًا التسوية بين الوصف الذي هو غير صلة أل والذي هو صلتها. ومذهب الجمهور أن منصوب صلة أل لا يجوز حذفه. وعبارة التسهيل وقد يحذف منصوب صلة الألف واللام.   اتصاله فالمناسب حمل القرآن عليه وبهذا تعرف ما في كلام البعض فتأمل. قوله: "ما المستفز" أي المستخف. والهوى فاعل المستفز والهاء المحذوفة مفعوله أي المستفزه. وأتيح بفوقية فتحتية فحاء مهملة أي قدر كذا في العيني. قوله: "في المعقب البغي إلخ" أي في الشيء الذي يعقبه البغي أهل البغي ما يمنع الرجل الضابط أن يسأم من سلوك طريق السداد. فالبغي فاعل وأهل مفعوله الأول مؤخر والهاء المحذوفة مفعوله الثاني مقدم أي المعقبه، كذا في العيني وإسناد النهي إلى مدلول الضمير الراجع إلى ما مجاز. قوله: "كان مالك" علم لرجل والضمير في كأنه إلى الأخ. قوله: "تنبيهات" وفي نسخ تنبيه وكل منهما غير مناسب أما الأولى فلأن المعدود الأمور لا التنبيهات ما عدا الخامس وأما الثانية فلأن الخامس ليس من الأمور الواردة على عبارة المصنف والمناسب تنبيهان بالتثنية الأول في عبارته أمور ثم يقول بدل قوله الخامس الثاني. قوله: "بأصالة الفعل في ذلك" أي في حذف المعمول الذي هو نوع من التصرف الذي الأصل فيه الفعل. قوله: "وعبارة التسهيل إلخ" مقابل لما قبله ويمكن حملها على منصوب صلة أل العائد إلى غيرها فلا ينافي كلام الجمهور ولا   117- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 171؛ وتخليص الشواهد ص161؛ والدرر 1/ 298؛ وشرح التصريح 1/ 146؛ والمقاصد النحوية 1/ 447؛ وهمع الهوامع 1/ 89. 118- البيت من مجزوء البسيط؛ وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص161؛ والمقاصد النحوية 1/ 470. 119- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 كذاك حذف ما بوصف خفضا ... كأنت قاض بعد أمر من قضى   الثالث شرط جواز حذف هذا العائد أن يكون متعينًا للربط قاله ابن عصفور، فإن لم يكن معينًا لم يجز حذفه نحو جاء الذي ضربته في داره. الرابع إنما لم يقيد الفعل بكونه تامًّا اكتفاء بالتمثيل كما هي عادته. الخامس إذا حذف العائد المنصوب بشرط ففي توكيده والعطف عله خلاف أجازه الأخفش والكسائي، ومنعه ابن السراج وأكثر المغاربة، واتفقوا على مجيء الحال منه إذا كانت متأخرة عنه نحو هذه التي عانقت مجردة: أي عانقتها مجردة، فإن كانت الحال متقدمة نحو هذه التي مجردة عانقت فأجازها ثعلب ومنعها هشام. وهذا شروع في حكم حذف العائد المجرور، وهو على نوعين: مجرور بالإضافة ومجرور بالحرف. وبدأ بالأول فقال: "كذاك" أي مثل حذف العائد المنصوب المذكور في جوازه وكثرته "حذف ما بوصف" عامل "خفضا كأنت قاض بعد" فعل "أمر من قضى" قال تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاض} [طه: 72] ، أي قاضيه. ومنه قوله: 120- ويصغر في عيني تلادي إذا انثنت ... يميني بإدراك الذي كنت طالبا   يعارضه التعبير بقد لأن التقليل نسبي فاندفع ما للبعض. قوله: "حذف هذا العائد" لو حذف لفظ هذا لكان أحسن لأن هذا الشرط عام كما سيأتي قاله سم. قوله: "لم يجز حذفه إلخ" لأن الضمير المجرور يغني عنه في الربط فيتبادر إلى ذهن السامع أن لا حذف وأن المجرور هو الرابط مع ملاحظة المتكلم المحذوف رابطًا ولأنه لا يدري أمدلول الموصول وهو المضروب أم غيره في داره مع أن المقصود افادة أنه المضروب فلو قطع النظر عن المحذوف ولوحظ المجرور رابطًا ولم يقصد افادة عين المضروب جاز الحذف. قوله: "إنما لم يقيد الفعل بكونه تامًا إلخ" فيه أن الناظم لا يراه كما صرح بذلك قاله يس. قوله: "ففي توكيده" نحو جاء الذي ضربت نفسه والعطف عليه نحو جاء الذي ضربت وعمرًا. قوله: "أجازه الأخفش" تبع في العزو للأخفش الشيخ المرادي والذي لغيره المنع عنه كما في المغني. والأخافشة ثلاثة لكن المراد عند الإطلاق أبو الحسن الأخفش شيخ سيبويه قاله الشيخ يحيى. قوله: "فأجازها ثعلب" هو الراجح. قوله: "ما يوصف عامل" أي ناصب للعائد محلًّا باعتبار أنه في المعنى مفعوله لاستيفائه شروط عمله وإن كان جارًا له محلًّا أيضًا باعتبار الإضافة والمراد بالوصف هنا خصوص اسم الفاعل فلا يجوز حذف العائد المخفوض باسم المفعول نحو جاء الذي أنت مضروبه قاله في التصريح، وظاهره ولو اسم مفعول المتعدي إلى اثنين نحو جاء الذي أنت معطاه والذي تميل إليه نفسي جواز حذف مخفوضه. لا يقال: إذا اشترط في الوصف الخافض   120- البيت من الطويل، وهو لسعد بن ناشب في تخليص الشواهد ص163؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص69؛ وخزانة الأدب 8/ 141/ 142؛ والشعر والشعراء ص700؛ والمقاصد النحوية 1/ 471. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 كذا الذي جر بما الموصول جر ... كمر بالذي مررت فهو بز   أي طالبه. أم المجرور بإضافة غير وصف نحو جاء وجهه حسن، أو بإضافة وصف غير عامل نحو جاء الذي أنا ضربه أمس فلا يجوز حذفه. تنبيه: إنما لم يقيد الوصف بكونه اكتفاء بإرشاد المثال إليه "وكذا" يجوز حذف العائد "الذي جر" وليس عمدة ولا محصورًا "بما الموصول جر" من الحروف مع اتحاد متعلقي الحرفين لفظًا ومعنى "كمر بالذي مررت فهو بر" أي مررت به ومنه، {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُون} [المؤمنون: 33] أي منه. وقوله: 121- لا تركنن إلى الأمر الذي ركنت ... أبناء يعصر حين اضطرها القدر أي ركنت إليه وقوله: 122- لقد كنت تُخفي حب سمراء حقبة ... فبح لان منها بالذي أنت بائح   كونه ناصبًا محلًّا كان هذا مكررًا مع قوله والحذف عندهم إلخ لأنا نقول المراد بالمنصوب فيما مر المنصوب فقط لا المنصوب والمجرور باعتبارين. قوله: "بعد أمر من قضى" أي بعد فعل أمر مشتق من قضى بقصر الممدود للضرورة على تقدير المصدرية أو من مادة قضى فعلًا ماضيًا على تقدير الفعلية قاله الشيخ خالد. قوله: "ويصغر في عيني تلادي" هو بكسر الفوقية ما ولد عندك من مالك كالتالد. والتلد بفتح التاء وضمها، والتلد بفتحتين والتليد والمتلد قاله في القاموس. وخصه بالذكر لأن النفس أضنّ به إذا انثنت أي انصرفت، أي يحقر في عيني أعز أموالي إذا ظفرت بإدراك ما كنت طالبه. قوله: "فلا يجوز حذفه" لأن الحذف إنما هو لكون المجرور منصوبًا محلًّا وهو فيما ذكر غير منصوب محلًّا. قوله: "يجوز حذف العائد" حل معنى أشار به إلى وجه الشبه لأحل إعراب وإلا فكذا خبر مقدم والذي مبتدأ مؤخر. قوله: "وليس عمدة إلخ" حاصله أن شروط حذف العائد المجرور بالحرف باطراد سبعة: ثلاثة تؤخذ من قول المصنف بما الموصول جر وهي جر الموصول بالحرف وأن يكون الجار له موافقًا لجار العائد لفظًا ومعنى كما يدل على ذلك كلام الشارح الآتي، وزاد الشارح أربعة تؤخذ من مثال المصنف وهي: أن لا يكون العائد عمدة ولا محصورًا وأن يتحد متعلقًا الحرفين لفظًا ومعنى أما حذفه في نحو ذلك الذي يبشر الله عباده أي به فسماعي. قوله: "لفظًا" أي مادة لا هيئة فلو كان أحدهما ماضيًا والآخر مضارعًا، أو فعلًا والآخر اسم فاعل لم يضر. قوله: "أي منه" لم يقدر العائد منصوبًا أي تشربونه لأن ما كان مشروبًا لهم لا ينقلب مشروبًا لغيرهم وتصحيحه   121- البيت من البسيط، وهو لكعب بن زهير في شرح التصريح 1/ 147، والمقاصد النحوية 1/ 449؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 174. 122- البيت من الطويل، وهو لعنترة في ديوانه ص298 والمقاصد النحوية 1/ 478؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 56، 5/ 67؛ وتذكرة النحاة ص31؛ والخصائص 3/ 35؛ وشرح التصريح 1/ 147؛ وشرح ابن عقيل ص92؛ ولسان العرب 13/ 42 "أين". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي بائح به. وخرج عن ذلك نحو جاء الذي مررت به، ومررت بالذي ما مررت إلا به، ورغبت في الذي رغبت عنه، وحللت في الذي حللت به، ومررت بالذي مررت به تعني بإحدى الباءين للسببية والأخرى الإلصاق، وزهدت في الذي رغبت فيه، وسررت بالذي فرحت به، ووقفت على الذي وقفت عليه تعني بأحد الفعلين الوقف والآخر الوقوف، فلا يجوز حذف العائد في هذه الأمثلة. وأما قول حاتم. 123- ومن حسد يجوز علي قومي ... وأي الدهر ذو لم يحسدوني أي فيه. وقول الآخر: 124- وإن لساني شهدة يشتفى بها ... وهو على من صبه الله علقم   بجعل المعنى مما تشربون جنسه تكلف. قوله: "إلى الأمر" أي الفرار من القتال كما قاله يس. ويعصر كينصر أبو قبيلة كما قاله العيني. قوله: "سمراء" اسم امرأة، حقبة بحاء مهملة مكسورة فقاف ساكنة فموحدة أي مدة طويلة، وضبطه بعضهم بخاء معجمة مضمومة ففاء فتحتية من خفي الشيء إذا لم يظهر والأول أصح. وقوله: فبح بضم الموحدة جواب شرط محذوف تقديره إذا كان كذلك فبح وقوله: لأن أصله الآن نقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها فالتقى ساكنان فحذفت الهمزة لالتقائهما. ا. هـ. عيني ببعض زيادة وحذف. قوله: "ورغبت في الذي رغبت فيه" ظاهر صنيعه أن المتعلقين في هذا المثال متحدان لفظًا ومعنى لأنه سيذكر أمثلة اختلافهما مع أنهما مختلفان معنى لأن معنى الأول المحبة والثاني الزهد. وأجاب شيخنا بأنهما متحدان معنى بقطع النظر عن الحرف قال وفيه بعد وأجاب غيره بأن اختلاف معنى المتعلق في هذا المثال حاصل غير مقصود. قوله: "وسررت بالذي فرحت به" استوجه شيخ الإسلام ما ذهب إليه بعضهم من جواز حذف العائد في هذه الصورة وخرّج عليه قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر} [الح 94] ، أي اؤمر بما تؤمر به، وقال الأول الحذف تدريجي فالمحذوف في الآية عائد منصوب لا مجرور، وله أن يقولجر:: التقدير تؤمره على لغة تعديته إلى الثاني بنفسه كقوله: أمرتك الخير أو ما موصول حرفي كما جوزه غير واحد كالبيضاوي واستظهره في المغني أي أجهر بأمرك. قوله: "ومن حسد" من تعليلية. قوله: "شهدة" أي كالشهدة وكذا قوله: علقم. وهو بتشديد الواو كما هو أحد اللغات   123- البيت من الوافر، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص276؛ وتخليص الشواهد ص164؛ وشرح التصريح 1/ 147؛ والمقاصد النحوية 1/ 451؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 175. 124- البيت من الطويل، وهو لرجل من همدان في شرح التصريح 1/ 148؛ والمقاصد النحوية 1/ 451؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 177؛ وتخليص الشواهد ص165؛ والجني الداني ص474؛ وخزانة الأدب 5/ 266؛ والدرر 1/ 193، 6/ 239؛ وشرح شواهد المغني 2/ 842؛ وشرح المفصل 3/ 96؛ ولسان العرب 15/ 478 "ها"، ومغني اللبيب 2/ 434؛ وهمع الهوامع 1/ 61، 2/ 175. 125- تمام البيت: أبناء يعصر حين اضطرها القدر وهو من البسيط، وهو لكعب بن زهير في شرح التصريح 1/ 147؛ والمقاصد النحوية 1/ 449؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 174. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي عليه فشاذان وحكم الموصوف بالموصول في ذلك حكم الموصول كما في قوله: 125- لا تركنن إلى الأمر الذي ركنت البيت. وقد أعطى الناظم ما أشرت إليه من القيود بالتمثيل. تنبيهات: الأول حذف العائد المنصوب هو الأصل، وحمل المجرور عليه لأن كلا منهما فضلة. واختلف في المحذوف من الجار والمجرور أولًا: فقال الكسائي: حذف الجار أولًا ثم حذف العائد. وقال غيره: حذفا معًا. وجوز سيبويه والأخفش الأمرين. ا. هـ. الثاني قد يحذف ما علم من موصول غير أل، ومن صلة غيرها: فالأول كقوله:   السابقة والشاهد في قوله على من صبه الله إذ فيه حذف العائد مع اختلاف متعلقي الحرفين إذ متعلق الأول متعلق الكاف الداخلة تقديرًا على علقم كما مر أو نفس علقم لتأوله بمعنى المشتق أي شاق ومتعلق الثاني صب فعلم ما في كلام البعض من التساهل. قوله: "فشاذان" رد بأن محل الشروط المتقدمة ما لم يتعين الحرف المحذوف كما في البيتين فلا شذوذ. قوله: "وحكم الموصوف بالموصول إلخ" مثل ذلك المضاف للموصول كمررت بغلام الذي مررت أي به كما قاله المرادي والدماميني كلاهما في شرح التسهيل والمضاف بالموصوف بالموصول كمررت بغلام الرجل الذي مررت أي به كما بحثه الشنواني وغيره. قوله: "واختلف في المحذوف إلخ" لا يخفى أن الخلاف ليس في المحذوف أولًا لأن القول الثاني إنما هو بحذفهما معًا فلا أولية فكان الأولى أن يقول واختلف في كيفية الحذف. قوله: "فقال الكسائي إلخ" تظهر فائدة الخلاف في نحو: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَه} [الشورى: 23] ، أي به فعلى رأي الكسائي الحذف قياسي لأن المحذوف عائد منصوب وعلى رأي غيره سماعي لعدم جر الموصول بل حذف كل عائد مجرور على قول الكسائي من حذف المنصوب بخلافه على قول غيره، ويلزم حينئذٍ أن الكسائي ينكر حذف العائد المجرور ولا يقول به، اللهم إلا أن تجعل تسميته مجرورًا على قوله باعتبار ما قبل الحذف فتأمل. قوله: "من موصول" أي اسمي لأن الكلام فيه أما الحرفي فلا يجوز حذفه إلا أن فيجوز حذفها باطراد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   126- أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء والثاني كقوله: 127- نحن الألى فاجمع جمو ... عك ثم وجههم إلينا وقد تقدم هذا الثاني. خاتمة: الموصول الحرفي كل حرف أول مع صلته بمصدر وذلك ستة: أنَّ وأنْ وما.   إجماعًا في نحو: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُم} [النساء: 26] ، وعلى خلاف في نحو: {وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْق} [الروم: 24] ، وتسمع بالمعيدي خير من أن تراه. ويجوز حذف صلة الحرفي إن بقي معمولها نحو أما أنت منطلقًا انطلقت أي لأن كنت منطلقًا انطلقت فحذفت كان وبقي معمولها، فإن لم يبق معمولها فلا كما في التسهيل. قوله: "كل حرف إلخ" اعترض هذا الضابط بشموله همزة التسوية. وأجيب بأن المؤوّل بالمصدر ما بعدها لا هو معها أو يدّعي عدها من الموصولات الحرفية وفي كل من الجوابين نظر وإن أقرهما البعض وغيره أما الأول فلأن المؤول بالمصدر في الموصولات الحرفية أيضًا ما بعدها لتصريحهم بأنها آلة في السبك والمسبوك ما بعدها وأما الثاني فتلاعب بارد والأقرب أن فيه حذفًا والتقدير كل حرف مصدري هذا. ومقتضى كلامه حرفية الذي المصدرية وهو أيضًا كلام التوضيح وهو الظاهر ونقل في التصريح عن الرضي أنه قال لا خلاف في اسمية الذي المصدرية على القول بمجيئها مصدرية. قوله: "أول" أي بالقوة والصلاحية وإن لم تؤول بالفعل. قوله: "مع صلته" أي ما اتصل به فالمراد الصلة اللغوية فلا يقال العلم بالصلة متأخر عن العلم بالموصول ففي التعريف دور أفاده اللقاني. قوله: "ستة" الراجح خمسة بإسقاط الذي وأما {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69] فأجيب عنه بأنه يحتمل أن الأصل كالذين حذفت النون على لغة أو أن الأصل كالخوض الذي خاضوه فحذف الموصوف والعائد أو أن الأصل كالجمع الذي خاضوا فأفرد أولًا باعتبار لفظ الجمع وجمع ثانيًا باعتبار معناه واستشكل اللقاني القول بأنها تكون موصولًا حرفيًا باقترانها بأل لأنها بجميع أقسامها من خواص الاسم وأقره شيخنا والبعض ولصاحب هذا القول دفع الإشكال بمنع أنها بجميع أقسامها من خواض الاسم بدليل أن أل   126- البيت من الوافر، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص76؛ وتذكر النحاة ص70؛ والدرر 1/ 296؛ ومغني اللبيب ص625؛ والمقتضب 2/ 137؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 88. 127- البيت من مجزوء الكامل، وهو لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص142؛ وخزانة الأدب 2/ 289؛ والدرر 1/ 297؛ وشرح شواهد المغني 1/ 258؛ ولسان العرب 15/ 437 "أول وألاء" والمقاصد النحوية 1/ 490؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 542؛ وشرح التصريح 1/ 142؛ ومغني اللبيب 1/ 86؛ وهمع الهوامع 1/ 89. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وكي. ولو. والذي. نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] ، {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ   الموصولة تدخل على غير الاسم فليكن مثلها في الذي فتأمل. قوله: "أن" أي المشددة وتوصل بمعموليها وتؤول بمصدر من خبرها مضاف إلى اسمها إن كان خبرها مشتقًا أو بالسكون المضاف إلى اسمها إن كان جامدًا ومثلها المخففة منها. قوله: "وأن" أي الناصبة للمضارع وتوصل بفعل متصرف ماض خلافًا لابن طاهر في دعواه أن الموصولة بالماضي غير الموصولة بالمضارع مستدلًا بأنها لو كانت الناصبة لحكم على موضعه بالنصب كما حكم على موضعه بالجزم بعد أن الشرطية ولا قائل به. وأجاب ابن هشام بأن الحكم على موضع الماضي بالجزم بعد أن الشرطية لأنها أثرت في معناه القلب إلى الاستقبال فأثرت الجزم في محله بخلاف أن المصدرية أو مضارعًا أو أمرًا على قول سيبويه في هذا وصحح، واستدل عليه بدخول حرف الجر في قولهم كتبت إليه بأن قم لأن حرف الجر ولو زائدًا لا يدخل إلا على اسم أو مؤوّل به. وقال أبو حيان لا يقوى عندي وصلها بالأمر لأمرين: أحدهما أنها إذا سبكت والفعل بمصدر فات معنى الأمر المطلوب. والثاني أنه لا يوجد في كلامهم يعجبني أن قم ولا يجوز ذلك ولو كانت توصل به لجاز. وأجاب ابن هشام عن الثاني بأن عدم الجواز إنما هو من عدم صحة تعلق الاعجاب ونحوه بالإنشاء وكان ينبغي له أن لا يسلم مصدرية كي لأنها تقع فاعلًا ولا مفعولًا وإنما تقع مخفوضة بلام التعليل، وعن الأول فإن فوات الأمر لا يضر كفوات المضي والاستقبال وبحث الدماميني في هذا الجواب عن الأول بأن فيه تسليم فوات الأمر عند السبك وهو قابل للمنع ففي الكشاف ما يفيد أن معناه عند السبك مصدر طلبي حيث قال في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَك} [نوح: 1] ، أي بالأمر بالإنذار فعلى هذا يقدر في نحو كتبت إليه بأن قم ولا تقعد كتب إليه بالأمر بالقيام والنهي عن القعود فلا يفوت معنى الطلب وعلى تقدير التسليم فلا نسلم أن فوات الأمر كفوات المضي والاستقبال لأن السبك مفوّت للأمر بالكلية لعدم دلالة اللفظ حينئذٍ عليه بوجه بخلافهما لدلالة المصدر على مطلق الزمان التزامًا، وفي الجواب عن الثاني بأنا إذا جعلنا أن الموصولة بالأمر مؤوّلة مع صلتها بمصدر طلبي كما مر لم يكن مانع من تعلق نحو الإعجاب به إذ التقدير أعجبني الأمر بالقيام. ثم قال: ويتجه أن يقال: لم يقم دليل للجماعة على أن أن الموصولة بالماضي والأمر هي الناصبة للمضارع لا سيما وسائر الحروف الناصبة لا تدخل على غير المضارع فادعاء خلاف ذلك في أن من بين أدوات النصب خروج عن النظائر ولا دليل لهم أيضًا على أن التي يذكر بعدها فعل الأمر والنهي موصول حرفي إذ كل موضع تقع فيه كذلك محتمل لأن تكون تفسيرية أو زائدة، فالأول نحو أرسلت إليه أن قم أو لا تقم. والثاني نحو كتبت إليه بأن قم أو لا تقم زيدت فيه أن كراهة دخول حرف الجر على الفعل في الظاهر والمعنى كتبت إليه بقم أو بلا تقم أي بهذا اللفظ فالباء إنما دخلت في الحقيقة على اسم فتأمل. فائدة: في حاشية السيوطي على المغني عن ابن القيم أن فائدة العدول عن المصدر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لَكُمْ} [البقرة: 184] ، {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَاب} [ص: 26] ، {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} [الأحزاب: 37] ، {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّر} [البقرة: 96] ، {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69] .   الصريح إلى أن والفعل ثلاثة أمور: دلالتهما على زمان الحدث: من مستقبل في نحو يعجبني أن تقوم، وماض في نحو أعجبني أن قمت، والدلالة على إمكان الفعل دون وجوبه واستحالته، والدلالة على تعلق الحكم بنفس الحدث تقول أعجبني أن قدمت أي نفس قدومك ولو قلت أعجبني قدومك لاحتمل أن إعجابه لحالة من أحواله كسرعته لا لذاته. ثم نقل عن ابن جني فرقين: أن والفعل لا يؤكد بهما الفعل فلا يقال: ضربت أن اضرب، ولا يوصفان فلا يقال: يعجبني أن تضرب الشديد بخلاف المصدر الصريح فيهما. ا. هـ. أقول: بقي أمران: أحدهما سد أن والفعل مسد الاسم والخبر في نحو عسى أن تكرهوا شيئًا بناء على نقصان عسى ومسد المفعولين في نحو {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2] . ثانيهما صحة الإخبار به عن الجنة بلا تأويل عند بعضهم في نحو زيد إما أن يقول كذا وإما أن يسكت لاشتماله على الفعل والفاعل والنسبة بينهما بخلاف المصدر الصريح. قوله: "وما" وما تكون زمانية أي يقدر الزمان قبلها وغير زمانية، وتوصل بالماضي والمضارع المتصرفين ولو تصرفا ناقصًا بدليل وصلها بدام وندر وصلها بجامد كخلا وعدا وتوصل أيضًا على الأصح بجملة اسمية، لم تصدر بحرف بخلاف المصدرة به نحو ما أن نجمًا في السماء فالتقدير ما ثبت أن نجمًا في السماء. قال في المغني: وعدلت عن قول كثير ظرفية إلى قولي زمانية لتشمل نحو: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيه} [البقرة: 20] ، فإن الزمان المقدر هنا مخفوض أي كل وقت إضاءة لهم والمخفوض لا يسمى ظرفًا وجعل الأخفش كما في المغني ما المصدرية موصولة اسمية واقعة على الحدث مقدرًا عائدها فمعنى أعجبني ما قمت أعجبني القيام الذي قمته. قوله: "وكي" أي الناصبة للمضارع وتقرن بلام التعليل لفظًا أو تقديرًا وتوصل بالمضارع خاصة. قوله: "ولو" وتوصل بالماضي والمضارع المتصرفين قال ابن هشام ولا يحفظ وصلها بجملة اسمية. قال الدماميني قلت قد جاء في قوله تعالى: {يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَاب} [الأحزاب: 20] ، فلو هذه مصدرية وقعت بعدها أن وصلتها كما وقع ذلك بعد لو الشرطية وقد ذهب كثير إلى أن ما بعدها رفع بالابتداء والخبر محذوف أي ثابت فمقتضى هذا القول جعل ما بعد لو المصدرية كذلك فتكون قد وصلت بالجملة الاسمية على هذا الرأي نعم. ينبغي أن تقيد الاسمية بهذا النوع ولا تؤخذ على الإطلاق فتأمله. ا. هـ. ملخصًا. والغالب وقوعها بعد مفهم التمني كودّ وأحب. ومن خلاف الغالب: مَا كَانَ ضرّكَ لَوْ مَنَنْت ورُبمَا ... من الفَتَى وهُو المغيظُ المُحَنق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 المعرف بأداة التعريف : أل حرف تعريف أو اللام فقط ... فنمط عرفت قل فيه النمط   المعرف بأداة التعريف: "أل" بجملتها "حرف تعريف" كما هو مذهب الخليل وسيبويه على ما نقله عنه في التسهيل وشرحه "أو اللام فقط" كما هو مذهب بعض النحاة ونقله في شرح الكافية عن سيبويه "فنمط عرفت قل فيه النمط" فالهمزة على الأول عند الأول همزة قطع أصلية وصلت لكثرة الاستعمال، وعند الثاني زائدة معتد بها في الوضع، وعلى الثاني همزة وصل زائدة لا مدخل لها في التعريف، وقول الأول أقرب لسلامته من دعوى الزيادة فما لا أهلية فيه للزيادة وهو الحرف، وللزوم فتح همزته، وهمزة الوصل مكسورة وإن فتحت فلعارض   المعرف بأداة التعريف: الأخصر والأنسب بتراجم بقية المعارف أن يقول ذو الأداة، والتعبير بأداة التعريف أولى من التعبير بأل لجريانه على جميع الأقوال وصدقه على أم في لغة حمير. قوله: "كما هو مذهب إلخ" أي كالقول الذي هو مذهب والمغايرة بين المشبه والمشبه به بالاعتبار لاعتبار النسبة إلى المصنف في المشبه والنسبة إلى سيبويه في المشبه به وجعل الكاف بمعنى على أي بناء على إلخ يوقع في إشكال آخر وهو اتحاد المبني والمبني عليه فتمحل شيخنا والبعض به لا يجدي. قوله: "أو اللام" أو لتنويع الخلاف وتفصيله إلى قولين لا للتخيير وخبر اللام محذوف أي حرف تعريف. قوله: "فقط" الفاء قيل زائدة لتزيين اللفظ وقط بمعنى حسب. وقيل في جواب شرط مقدر، وقط بمعنى انته فيكون اسم فعل أو حسب إذا عرفت ذلك فانته عن طلب غيره أو فهو حسب أي كافيك. قوله: "فنمط عرفت" أي أردت تعريفه. واعترض بأنه لا فائدة فيه لأنه في الوضوح غاية. وأجيب بأنه لما كان الباب معقودًا للمعرف بالأداة قبح أن يذكر الأداة ولا ينعطف على ذكر المعرب بها وبأنه قصد الإشارة إلى محل أداة التعريف وأنه مخالف لمحل أداة التنكير. والنمط يطلق على نوع من البسط وعلى الجماعة الذين أمرهم واحد، وعلى الطريقة وعلى غير ذلك، ونمط مبتدأ سوغ الابتداء به الوصف بالجملة بعده. وقوله قل فيه النمط خبر، والنمط مقول القول وصح نصبه بالقول مع أنه مفرد لأن المراد لفظه. قوله: "على الأول" أي كونها أل بجملتها. وقوله عند الأول أي الخليل. وقوله وعند الثاني أي سيبويه زائدة أي همزة وصل زائدة معتد بها في الوضع كما في الهمع وغيره وإن أوهم صنيع الشارح أنها عنده همزة قطع. ومعنى الاعتداد بها وضعًا أنها جزء أداة التعريف وإن كانت زائدة في أداته فهي كهمزة اضرب واللام الأولى في لعل فاندفع اعتراض اللقاني بأن الاعتداد بها وضعًا ينافي زيادتها وحاصل الدفع أن المنافي للاعتداد وضعًا الزيادة على الأداة لا فيها أفاده يس. قوله: "وعلى الثاني" أي من قولي المتن وهو كون الأداة اللام فقط وتظهر ثمرة الخلاف بين هذا والقولين قبله في نحو قام القوم، فعليه لا همزة هناك أصلًا لعدم الاحتياج إليها وعليهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كهمزة ايمن الله فإنها فتحت لئلا ينتقل من كسر إلى ضم دون حاجز حصين، وللوقف عليها في التذكر، وإعادتها بكمالها حيث اضطر إلى ذلك كقوله: 128- يا خليلي اربعا واستخبرا الـ ... ـمنزل الدارس عن حي حلال مثل سحق البرد عفى بعدك الـ ... ـقطر معناه وتأويب الشمال وكقوله: 129- دع ذا وعجل ذا وألحقنا بذال ... بالشحم إنا قد مللناه بجل ودليل الثاني شيئان: الأول هو أن المعرف يمتزج بالكلمة حتى يصير كأحد أجزائها،   حذفت الهمزة لتحرك ما قبلها كذا وفي الهمع. قال شارح الجامع: وقيل: الأداة الهمزة فقط وزيدت اللام الفرق بينها وبين همزة الاستفهام، فالأقوال أربعة: قولان ثنائيان وقولان أحاديان. قوله: "لا مدخل لها في التعريف" بدليل سقوطها في الدرج وقد يقال سقوطها لكثرة الاستعمال. قوله: "فيما لا أهلية فيه للزيادة" أي لأن يزاد فيه لأن الزيادة نوع من التصريف والحرف لا يقبله كما يأتي في قوله: حرف وشبهه من الصرف برى ولا يرد لعل فإنها حرف ولامها الأولى زائدة لأنها خارجة عن القياس فلا يقاس عليها أفاده سم. قوله: "وللزوم فتح إلخ" دليل لقوله همزة قطع وما عداه من الأدلة دليل لقوله أصلية. قوله: "وإن فتحت فلعارض" قد يقال فتحها هنا أيضًا لعارض وهو كثرة الاستعمال. ا. هـ. دماميني. قوله: "وللوقف عليها" أي ولا يوقف على أحادي. وقوله: في التذكر أي تذكر ما بعدها وللعرب في الوقف عليها فيه طريقان: سكون آخرها وإلحاق مدة تشعر باسترساله في الكلام فيقولون إلى وتعاد على كلا الطريقين كما يستفاد من الهمع وشرح التسهيل للمرادي وغيرهما ولهذا جعلوا البيتين الأولين من الوقف للضرورة لا للتذكر والبيت بعدهما للتذكر وبهذا يعرف ما في كلام الشارح، ولو قال وحيث اضطر إلى الوقف لاستقام كلامه. قوله: "يا خليلي اربعا" من ربع يربع بفتح الموحدة فيهما إذا وقف وانتظر، والدارس المندرس، وقوله: حلال بكسر الحاء أي حالين، ومثل بالنصب حال من المنزل وقول البعض تبعًا للعيني صفة لمنزل لا يصح على القول الصحيح من اشتراط مطابقة النعت للمنعوت تعريفًا وتنكيرًا لأن مثل لا تتعرف بالإضافة لتوغلها في الإبهام. وسحق البرد بفتح السين من إضافة الصفة إلى الموصوف أي البرد السحق أي البالي. وعفى بالتشديد أبلى والمغني بالغين المعجمة المنزل من غني كرضي أي أقام كما في القاموس والضمير فيه للحي. والشمال بفتح الشين ريح تهب من جهة القطب الشمال. وتأويها ترديد هبوبها بسرعة   128- البيتان من الرمل المرفل، وهما لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص120؛ وخزانة الأدب 7/ 198، 5/ 207؛ والخصائص 2/ 255؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 333؛ وشرح المفصل 9/ 17؛ والمقاصد النحوية 1/ 511؛ وبلا نسبة في المنصف 1/ 66. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ألا ترى أن العامل يتخطاه ولو أنه على حرفين لما تخطاه، وأن قولك رجل والرجل في قافيتين لا يعد إيطار ولو أنه ثنائي لقام بنفسه. الثاني أن التعريف ضد التنكير وعلم التنكير حرف أحادي وهو التنوين فيكن مقابله كذلك، وفيهما نظر وذلك لأن العامل يتخطى ها التنبيه في قولك مررت بهذا وهو على حرفين، وأيضًا فهو لا يقوم بنفسه. ولا الجنسية من علامات التنكير وهي على حرفين فهلا حمل المعرف عليهما. واعلم أن اسم الجنس الداخل عليه أداة التعريف قد يشار به إلى نفس حقيقته الحاضرة في الذهن من غير اعتبار لشيء مما صدق عليه من الأفراد، نحو الرجل خير من المرأة، فالأداة في هذا لتعريف   على ما في العيني أو هبوبها النهار كله على ما في القاموس. قوله: "مللناه" بكسر اللام من الملل وهو السآمة كذا أفاده العيني وغيره ولعل الهاء فيه عائدة على ذا في قوله: دع ذا والأقرب عندي أنه من قولهم: مللت اللحم بكسر اللام الأولى أي أدخلته في الملة بفتح الميم وتشديد اللام وهو الرماد الحار والجمر والهاء عليه عائدة على الشحم كما هو المتبادر. وقوله: بجل ضبطه بضم بفتح الباء والجيم بمعنى حسب وبعضهم بباء مكسورة جارة وخاء معجمة وهو الأقرب كما في الشواهد. قوله: "ودليل الثاني" أي القول الثاني من قولي المتن وهو أن المعرف اللام فقط. قوله: "أن المعرف يمتزح بالكلمة" أي ولا يمتزج إلا الحرف الأحادي واستدل على هذا الامتزاج بأمرين ذكرهما في قوله ألا ترى إلخ إلا أنه كان المناسب في الاستدلال عليه بهما أن يقول ألا ترى أن العامل يتخطاها ولو لم يمتزج لما تخطاه وأن قولك رجل والرجل في قافيتين لا يعد إيطاء ولو لم يمتزج لقام بنفسه فيعد إيطاء لكنه أقام كونه ثنائيًّا مقام عدم الامتزاج لاستلزامه عند المستدل عدم الامتزاج فافهم. قوله: "ولو أنه على حرفين" أي ولو ثبت أنه على حرفين. قوله: "وأن قولك" عطف على أن العالم. قوله: "ولو أنه ثنائي" أي ولو ثبت أنه ثنائي لقام بنفسه أي فيحصل الإيطاء وفيه أن قيام أل بنفسها لا يقتضي أن ما بعدها نكرة لأنه معرفة على كل حال والنكرة والمعرفة مختلفان معنى فالإيطاء مدفوع والاستدلال ممنوع ومعنى قيامه بنفسه كونه كلمة مستقلة بذاتها ترسم وحدها. قوله: "وعلم التنكير" أي علامته. قوله: "يتخطى ها التنبيه" وكذا لا نحو بلا مال وإن لا تفعل. قوله: "وهو على حرفين" أي فلا يقتضي التخطي الامتزاج المستلزم للأحادية كما يقول صاحب القول الثاني. قوله: "وأيضًا" أي ويبطل الثاني من دليلي الامتزاج أيضًا لأن ها التنبيه لا يقوم بنفسه فلا يلزم من عدم القيام بالنفس الامتزاج المستلزم للأحادية كما يقول صاحب القول الثاني. قوله: "ولا الجنسية" أي التي لنفي الجنس وهذا إبطال للشيء الثاني. قوله: "أن اسم   129- الرجز لغيلان بن حريث في الدرر 1/ 245؛ والكتاب 4/ 147؛ والمقاصد النحوية 1/ 510؛ ولحكيم بن معية في شرح أبيات سيبويه 2/ 369؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص41، 70، 153؛ والكتاب 3/ 325؛ واللامات ص41؛ ولسان العرب 15/ 6 "طرا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص121؛ والمتقضب 1/ 84، 2/ 94، والمنصف 1/ 66؛ وهمع الهوامع 1/ 79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الجنس، ومدخولها في معنى علم الجنس، وقد يشار به إلى حصة مما صدق عليه من الأفراد معينة في الخارج لتقدم ذكرها في اللفظ صريحًا أو كناية، نحو: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران: 36] ، فالذكر تقدم ذكره في اللفظ مكنيًّا عنه بما في قوله: {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] فإن ذلك كان خاصًّا بالذكور، والأنثى تقدم ذكرها صريحًا في   الجنس" أراد به ما يشمل الدال على الحقيقة والدال على الفرد وصريح كلامه أن أقسام أل أربعة: أولها للحقيقة والثلاثة للفرد وهو أحد احتمالات. ثانيها ورجحه السيد الصفوي وصرح به التفتازاني أن أل قسمان كما في التوضيح وغيره: الأول التي للعهد الخارجي بأقسامه الثلاثة الذكري والعلمي والحضوري، الثاني التي للجنس وتحتها أيضًا ثلاثة أقسام التي للحقيقة وهي ما قصد به الحقيقة من حيث هي والتي للعهد الذهني وهي ما قصد به الحقيقة في ضمن فرد مبهم والتي للاستغراق وهي ما قصد به الحقيقة في ضمن جميع الأفراد. ثالثها ورجحه العلامة القوشجي أنها موضوعة للحقيقة لا بشرط شيء لكن تقصد بدلالة القرينة، تارة من حيث هي، وتارة من حيث وجودها في ضمن فرد معين، وتارة من حيث وجودها في ضمن فرد مبهم وتارة من حيث وجودها في ضمن جميع الأفراد. قوله: "يشار به" أي بمصاحبه من الأداة إشارة عقلية أو المراد قد يراد به أفاده يس. قوله: "مما صدق عليه" الصلة جارية على غير من هي له ولم يبرز لأمن اللبس. قوله: "نحو الرجل إلخ" أي حقيقة الرجل خير من حقيقة المرأة وهذا لا ينافي خيرية بعض أفراد حقيقة المرأة لخصوصيات فيه من بعض أفراد حقيقة الرجل ومن هذا القسم أل الداخلة على المعرفات نحو الإنسان حيوان ناطق ومنه والله لا أتزوج النساء ولا ألبس الثياب فهي هنا لتعريف حقيقة مدخولها وهو هنا جمع وأقله ثلاث فلا بد في الحنث من أقله كما يقول الشافعية بناء على أن معنى الجمع باق مع أل الجنسية وليس مسلوبًا بها، ومنهم من حنث بواحدة اعتبارًا بالجنسية دون الجمعية بناء على زواله معها فليست أل في المثال للاستغراق وإلا لتوقف الحنث على تزوج نساء الدنيا ولبس ثيابها قال التفتازاني في تلويحه فإن نواه الحالف لم يحنث قط ويصدق ديانة وقضاء لأنه حقيقة كلامه وقيل ديانة فقط لأنه نوى حقيقة لا تثبت إلا بالنية فصار كأنه نوى المجاز. قوله: "فالأداة في هذا لتعريف الجنس" أي نفس الحقيقة من غير نظر إلى ما تصدق عليه من الأفراد وتسمى لام الحقيقة والماهية والطبيعة شرح الجامع. قوله: "ومدخولها في معنى إلخ" من ظرفية الدال في المدلول والفرق أن علم الجنس يدل على الحقيقة بجوهره والمعرف بأل بواسطة الأداة وكذا الفرق بين علم الشخص والمعهود خارجًا. ومعنى كونه في معناه أنه يدل على ما يدل عليه لا أنه في مرتبته تعريفًا، فلا ينافي أن العلم مطلقًا أعرف من المحلى بأل. قوله: "إلى حصة" أي بعض واحدًا أو أكثر وقوله مما صدق عليه ضمير صدق يرجع إلى اسم الجنس وضمير عليه إلى ما فالصلة جرت على غير من هي له ولم يبرز لأمن اللبس ومن الأفراد بيان لما وقوله لتقدم علة لمعينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قولها: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمران: 36] ، أو لحضور معناها في علم المخاطب نحو: {إِذْ هُمَا فِي الْغَار} [التوبة: 40] ، أو حثه نحو القرطاس لمن فوق سهمًا، فالأداة لتعريف العهد الخارجي ومدخولها في معنى علم الشخص، وقد يشار به إلى حصة غير معينة في الخارج بل في الذهن نحو قولك ادخل السوق حيث لا عهد بينك وبين مخاطبك في الخارج. ومنه: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْب} [يوسف: 13] ، والأداة فيه لتعريف العهد الذهني ومدخولها في معنى النكرة، ولهذا نعت بالجملة في قوله: 130- ولقد أمر على اللئيم يسبني وقد يشار به إلى جميع الأفراد على سبيل الشمول إما حقيقة نحو: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْر} [العصر: 2] ، أو مجازًا نحو أنت علمًا وأدبًا، فالأداة في الأول   قوله: "مكنيًّا عنه بما" أي باعتبار تقييدها بمحررًا وإلا فما عامة للذكر والأنثى وهي كناية اصطلاحية على قول صاحب التلخيص أن الكناية ذكر الملزوم وإرادة اللازم لأن ما باعتبار تقييدها بمحررًا ملزوم للذكر لأن المحرر لا يكون إلا ذكرًا فيكون ذكرها بذلك الاعتبار من ذكر الملزوم وإرادة اللازم وهو الذكر. قال الفنري: وهو من الكناية المطلوب بها غير صفة ولا نسبة بأن تختص صفة من الصفات بموصوف معين فتذكر تلك الصفة ليتوصل بها إلى الموصوف وهو هنا الذكر ولا يتأتى جريان الكناية الاصطلاحية على قول السكاكي أنها اللفظ المراد به ملزوم ما وضع له لأن التحرير ليس لازمًا للذكر حتى يقال أطلق ما باعتبار تقييدها بمحررًا وأريد الملزوم وهو الذكر. قوله: "محررًا" قال في الكشاف معتقًا لخدمة بيت المقدس لا يدلي عليه ولا أستخدمه ولا أشغله بشيء فكان هذا النوع من النذر مشروعًا عندهم. ا. هـ. قوله: "فإن ذلك" أي التحرير المفهوم من محررًا أو النذر المفهوم من نذرت. قوله: "أو لحضور معناها" أي الحصة أي معنى هو الحصة فالإضافة للبيان. قوله: "في علم المخاطب" أي الناشيء عن غير المشاهدة والذكر كما يؤخذ من المقابلة هذا وجعله أل في الحاضر معناه في علم المخاطب للعهد الخارجي تبع فيه أهل البيان وجعلها النحاة فيه للعهد الذهني قاله يس. قوله: "أو حسه" أي الإحساس به بالبصر أو اللمس أو سماع صوته وقصر البعض كشيخنا له على الإحساس به بالبصر قصور. قوله: "القرطاس" بالنصب: أي أصب القرطاس وقوله لمن فوّق سهمًا أي رفعه للرمي. قوله: "وقد يشار به إلى حصة غير معينة" جعل غيره أل في نحو ادخل السوق للحقيقة في ضمن فرد مبهم وهو اللائق بجعلهم المعرف بهذه اللام معرفة لتعين الحقيقة في نفسها ذهنًا وتقييدها بكونها في ضمن فرد مبهم لا يخرجها نفسها عن التعيين فيكون جعلهم هذا القسم في معنى النكرة بالنظر إلى الفرد المبهم الذي اعتبرت الحقيقة في ضمنه فتدبر. قوله: "بل في الذهن" أي باعتبار ما فيه من الحقيقة وإلا فنفس الحصة ليست معهودة لا خارجًا ولا ذهنًا. قوله: "ولهذا نعت بالجملة إلخ" أي بناء على جعلها نعتًا ويصح جعلها حالًا أي حالة كونه يسبني وجعلها حالًا لا يقتضي تقييد السب بحال المرور كما يوهمه كلام يس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لاستغراق أفراد الجنس ولهذا صح الاستثناء منه، وفي الثاني لاستغراق خصائصه مبالغة. ومدخول الأداة في ذلك في معنى نكرة دخل عليها كل "وقد تزاد" أل كما يزاد غيرها من الحروف فتصحب معرفًا بغيرها وباقيًا على تنكيره، وتزاد "لازما" وغير لازم، فاللازم في   الذي ذكره شيخنا والبعض وأقراه بل تقييد المرور بحال السب نعم رجح جماعة جعلها نعتًا بأنه يشعر بأن السب دأبه بخلاف جعلها حالًا لأن الغالب كون الحال مفارقة ورجح ابن يعقوب جعلها حالًا بأنه المناسب لقوله ثمت قلت لا يعنيني لأن المتبادر منه لا يعنيني بالسب الذي سمعته منه لما مررت عليه مع أن الحال إذا جعلت لازمة أفادت الدوام. قوله: "وقد يشار به إلى جميع الأفراد" وعند عدم قرينة البعضية تحمل أل على الاستغراق سواء وجدت قرينة الكلية أو لا. قوله: "على سبيل الشمول" تأكيد لقوله إلى جميع الأفراد. وقوله أما حقيقة إلخ راجع لقوله إلى جميع الأفراد. قوله: "أو مجازًا" أي بالاستعارة بأن شبهت جميع الخصائص بجميع الرجال بجامع الشمول في كل واستعمل اللفظ الموضوع لجميع الرجال وهو الرجل بأل الاستغراقية في جميع الخصائص ويدل لهذا قوله وفي الثاني لاستغراق خصائصه لكن مقتضاه في المفرد أن معنى أنت الرجل أنت كل خصيصة. وحينئذٍ فالحمل إما على المبالغة أو على تقدير مضاف أي جامع كل خصيصة ولو جعل التجوّز باستعارة اللفظ الموضوع لجميع الرجال للرجل الواحد لمشابهته جميعهم في استجماع الخصائص لكان أقرب ثم رأيت اللقاني كتب على قول التوضيح فهي لشمول خصائص الجنس ما نصه: هذا بيان لحاصل المعنى المراد في قولك أنت الرجل لا لمدلول اللفظ إذ مدلوله أنت كل رجل مبالغة والمراد منه أنت الجامع لخصائص كل رجل. ا. هـ. فاحفظه. قوله: "أنت الرجل علمًا وأدبًا" أي كل رجل من جهة العلم والأدب وفيه أن هذا ليس مستغرقًا لخصائص الرجال بل للوصفين المذكورين فقط ويجاب بأن المراد بالخصائص عند   130- تمام البيت: مضيت قمت قلت لا يعنيني وهو من الكامل وهو لرجل من سلول في الدرر 1/ 78؛ وشرح التصريح 2/ 11؛ وشرح شواهد المغني 1/ 310؛ والكتاب 3/ 24؛ والمقاصد النحوية 4/ 58؛ ولشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات ص126؛ ولعميرة بن جابر الحنفي في حماسة البحتري ص171؛ وبلا نسبة في الأزهية ص263؛ والأشباه والنظائر 3/ 90؛ والأضداد ص132؛ وأمالي ابن الحاجب ص631؛ وأوضح المسالك 3/ 206؛ وجواهر الأدب ص307؛ وخزانة الأدب 1/ 357، 358، 3/ 201، 4/ 207، 208، 5/ 23، 503، 7/ 197 9/ 119، 383؛ والخصائص 2/ 338، 3/ 330؛ والدرر 6/ 154؛ وشرح شواهد الإيضاح ص221؛ وشرح شواهد المغني 2/ 841؛ وشرح ابن عقيل 475؛ وشرح ابن عقيل ص475؛ والصاحبي في فقه اللغة ص219؛ ولسان العرب 12/ 81 "ثم" 15/ 296 "منن" ومغني اللبيب 1/ 102، 2/ 429، 465؛ وهمع الهوامع 1/ 9/ 2/ 140. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وقد تزاد لازما كاللات ... والآن والذين ثم اللات   ألفاظ محفوظة وهي الأعلام التي قارنت أل وضعها "كاللات" والعزى على صنمين، والسموءل علمي رجلين "و" والإشارة محو "الآن" للزمن الحاضر بناء على أنه معرف بما تعرفت به أسماء الإشارة لتضمنه معناها، فإنه جعل في التسهيل ذلك علة بنائه وهو قول الزجاج، أو أنه متضمن معنى أداة التعريف، ولذلك بني لكنه رده في شرح التسهيل أما على القول بأن الأداة فيه لتعريف الحضور فلا تكون زائدة "والذين ثم اللاتي" وبقية   التقييد بصفة خصائص تلك الصفة أي جميع أحوالها وأصنافها وعند الإطلاق خصائص جميع الأوصاف فهو أبلغ. قوله: "لاستغراق أفراد الجنس" أي آحاده ولو كان مدخول أل جمعًا على ما حققه التفتازاني في شرحي التلخيص. قوله: "ولهذا صح الاستثناء منه" ظاهر تخصيص هذا القسم بصحة الاستثناء أن الثاني ليس كذلك والظاهر أنه كذلك إذ لا مانع من أن يقال زيد الرجل إلا في الشجاعة كما لا يمتنع زيد الكامل إلا في ذلك ذكره الدماميني. قوله: "وقد تزاد أل" فيه إشارة إلى أن ضمير تزاد راجع إلى لفظة أل في قول المصنف أل حرف إلخ ومن زعم كالبعض أن هنا استخدامًا ما فقد سها لأن المراد بأل وضميرها واحد وهو لفظ أل، وعدم اعتبارنا في الضمير الحكم على المرجع بأنه حرف تعريف لا يقتضي الاستخدام فلا تغفل. والمراد بزيادتها كما قاله الناصر اللقاني كونها غير معرفة لاصلاحيتها للسقوط إذ اللازم لا يصلح له وبهذا يندفع اعتراض الدماميني على القول بزيادة أل في السموءل واليسع بأن العلم مجموع أل وما بعدها فهي جزء من العلم كالجيم من جعفر ومثل هذا لا يقال بأنه زائد. قوله: "معرفًا بغيرها" كالعلم والموصول وقوله وباقيًا على تنكيره كالتمييز. قوله: "لازمًا" حال من ضمير تزاد غير أنه ذكر بعدما أنث إشارة إلى جواز الأمرين فالتأنيث باعتبار الكلمة أو الأداة والتذكير باعتبار الحرف أو اللفظ وكذا سائر الحروف ويصح جعله صفة لمفعول مطلق محذوف: أي زيدًا لازمًا مصدر زاد زيدًا وزيادة. قوله: "لازمًا وغير لازم" تعميم المعرف فقط أما المنكر فغير لازم فقط. قوله: "وضعها" أي للعلمية فدخل ما قارنت أل نقله للعلمية كالنضر، وما قارنت أل ارتجاله كالسمؤال أفاده المصرح. قوله: "علمي صنمين" وقيل العزى اسم لشجرة كانت لغطفان، والقولان حكاهما الخازن. قوله: "علمي رجلين" الأول علم شاعر يهودي والثاني علم نبي، قيل هو يوشع بن نون فتى موسى عليهما الصَّلاة والسَّلام. واختلف فيه فقيل هو أعجمي وأل قارنت ارتجاله وقيل عربي وأل قارنت نقله من مضارع وسع، واستشكل الثاني بأنهم نصوا على أن لا عربي من أسماء الأنبياء إلا شعيبًا وهودًا وصالحًا ومحمدًا. وأجيب بأن المراد العربي المصروف لا العربي مطلقًا، وبأن المراد العربي المتفق على عربيته واستشكل الأول بأن أل كلمة عربية فكيف تقارن الوضع العجمي. وأجيب بأن الواضع الله تعالى ولا مانع من أنه تعالى يضم العربي إلى العجمي. وأورد عليه أن الأعلام خارجة من محل الخلاف فإن الواضع لها الأبوان اتفاقًا، ولك أن تقول إنما ذلك فيما لا يمكن فيه الوحي، أما أسماء أولاد الأنبياء وأصحابهم فيمكن أن يكون واضعها الله تعالى بالوحي إلى ذلك النبي نحو: {اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: 7] ، {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاق} [الصافات: 112] ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الموصولات مما فيه أل بناء على أن الموصول يتعرف بصلته. وذهب قوم إلى أن تعريف الموصول بأل إن كانت فيه نحو الذي وإلا فبنيتها نحو من وما إلا أيا فإنها تتعرف بالإضافة، فعلى هذا لا تكون أل زائدة، وغير اللازم على ضربين اضطراري وغيره وقد أشار إلى الأول بقوله: "ولاضطرار" أي في الشعر "كبنات الأوبر" في قوله: 131- ولقد جنيتك أكمؤًا وعساقلًا ... ولقد نهيتك عن بنات الأوبر   {اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَم} [آل عمران: 45] ، واليسع من هذا القبيل كذا في الروداني مع بعض زيادة وهو صريح في أن اليسع غير مصروف وبه يعرف ما في قول البعض أنه مصروف لوجود أل وإن كانت زائدة، وضعف سم استشكال الأول بما مر بأنه يتوقف في أن أل ليست في لغة العجم. قوله: "والإشارة" اعلم أنه اختلف في الآن فالجمهور على أنه علم جنس للزمان الحاضر ثم اختلفوا في سبب بنائه فقال الزجاج تضمنه معنى الإشارة فإنه بمعنى هذا الوقت، وقيل شبه الحرف في ملازمة لفظ واحد لأنه لا يثنى ولا يجمع ولا يصغر بخلاف حين ووقت وزمان ونحوها، وقيل وغير ذلك الجمهور على أنه اسم إشارة حقيقة للزمان، كما أن هناك اسم إشارة حقيقة للمكان وعليه الموضح أفاده الروداني. إذا عرفت هذا فقول الشارح والإشارة إن حمل على مذهب الجمهور بجعل المعنى وشبيه الإشارة أي شبيه اسم الإشارة في الدلالة على الحضور في كل نافاه قوله معرف بما تعرفت به أسماء الإشارة لأن تعريفه على مذهبهم بالعلمية. وإن حمل على مقابل قولهم بجعل المعنى واسم الإشارة حقيقة نافاه قوله وهو قول الزجاج إذ هو من الجمهور القائلين بأنه علم جنس للزمان الحاضر، وإنما اختلافهم في سبب البناء. ويمكن اختيار الثاني وجعل الضمير في قوله وهو قول الزجاج إلى جعل تضمن معنى الإشارة علة بنائه فقط وبهذا يعرف ما في كلام البعض. قوله: "نحو الآن" لو قال وهي الآن لكان مستقيمًا. قوله: "بما تعرفت به أسماء الإشارة" قيل هو الحضور وفيه أن المعروف أنها تعرفت بالإشارة الحسية. قوله: "معناها" أي معنى الإشارة والإضافة للبيان. قوله: "فإن جعل في التسهيل ذلك" أي التضمن المذكور لأن الإشارة من المعاني التي حقها أن تؤدي بالحرف كما مر، فيكون التضمن المذكور أكسبها التعريف والبناء وكذا تضمن معنى أداة التعريف على القول الثاني. قوله: "متضمن معنى إلخ" أي لأن أل الموجودة زائدة ولا يخفى ما فيه من الغرابة للحكم فيه بتضمن الكلمة معنى حرف موجود فيها لفظه وإلغاء هذا الحرف الموجود لفظه. قوله: "أما على القول إلخ" هذا هو المختار والكلمة عليه معربة كما في نكت السيوطي. قوله: "والذين" المناسب لما أسلفه الشارح في نظيريه أن يقول والموصولات كالذين إلخ وحكمه بلزوم أل في الذين واللاتي ونحو هما مبني على لغة أكثر العرب وإلا فقد قال في التسهيل: وقد يقال لذي ولذان ولذين ولتي ولتان ولاتي. ا. هـ. قوله: "وإلا فبنيتها" ظاهره شمول ذلك لأل الموصولة فتكون معرفة بنية أل المعرفة ولا مانع منه. قوله: "ولاضطرار" أي وغير لازم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 ولاضطرار كبنات الأوبر ... كذا وطبت النفس يا قيس السري   أراد بنات أوبر لأنه علم على ضرب من الكمأة رديء كما نص عليه سيبويه، وزعم المبرد أن بنات أوبر ليس بعلم، فأل عنده غير زائدة بل معرفة و"كذا" من الاضطراري زيادتها في التمييز نحو: "وطبت النفس يا قيس السري" في قوله: 132- رأيتك لما أن عرفت وجوهنا ... صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو أراد طبت نفسًا لأن التمييز واجب التنكير خلافًا للكوفيين، وأشار إلى الثاني بقوله: "وبعض الأعلام" أي المنقولة "عليه دخلا للمح ما قد كان" ذلك البعض "عنه نقلًا" مما   لاضطرار فحذف المقابل اكتفاء بدليله سم. قوله: "كبنات الأوبر" التمثيل به مبني على أن بنات أوبر علم كما في الشرح لا على أنه جمع ابن أوبر كبنات عرس جمع ابن عرس أو بنت عرس تفرقة بين جمع العاقل وغيره لأنه إذا كان جمعًا دخلته أل المعرفة لأنه حينئذٍ نكرة فحكم البعض على بنات الأوبر في كلام المصنف بأنه جمع ابن أوبر غير سديد إلا أن يكون كلامه باعتبار ما قبل العلمية. قوله: "ولقد جنيتك" أي جنيت لك فهو على الحذف والإيصال وحسنه موازنة نهيتك والأكمؤ جمع كمء واحد الكمأة فهو على خلاف الغالب من كون التاء في الواحد والعساقل جمع عسقول كعصفور نوع من الكمأة، وأصل عساقل عساقيل كعصافير فحذفت المدة للضرورة قاله العيني وزكريا وفي شرح الدماميني للمغني أن العساقل الكمأة الكبار البيض وأن بنات أوبر كمأة صغار مزغبة على لون التراب. قوله: "لأنه علم" أي والعلم لا تدخله أل المعرفة. قوله: "ليس بعلم" أي بل نكرة وعليه فمنعه من الصرف إذا جرد من أل للوزن والوصفية الأصلية لأن أوبر في الأصل وصف بمعنى كثير الوبر وطرو الاسمية على الوصفية الأصلية لا يخرجها عن منعها الصرف كأسود للحية وأدهم للقيد. ومنعه على الأول للوزن والعلمية لأن جزء العلم في حكمه. قوله: "كذا" خبر عن قوله وطبت وقول الشارح من الاضطراري إلخ حل معنى بين به وجه الشبه لا حل إعراب. والواو في وطبت من المحكي والسري الشريف. قوله: "من الاضطراري زيادتهما في التمييز" ويلحق بذلك ما زيد شذوذًا في الأحوال نحو ادخلوا الأول فالأول وجاءوا الجماء الغفير أي ادخلوا   131- البيت من الكامل. وهو بلا نسبة في الاشتقاق ص402؛ والإنصاف 1/ 319؛ وأوضح المسالك 1/ 180؛ وتخليص الشواهد ص167؛ وجمهرة اللغة ص331؛ والخصائص 3/ 58؛ ورصف المباني ص78؛ وسر صناعة الإعراب ص366؛ وشرح التصريح 1/ 151؛ وشرح شواهد المغني 1/ 166؛ وشرح ابن عقيل ص96؛ ولسان العرب 2/ 21 "جوت"، 4/ 170 "حجر"، 4/ 385 "سور"، 4/ 622 "عير"، 5/ 271 "وبر"، 6/ 271 "حجش"، 11/ 7 "أبل"، 11/ 159 "حفل"، 11/ 448 "عقل" 12/ 18 "اسم"، 14/ 155 "جني"، 15/ 309 "نجا"؛ والمحتسب 2/ 224؛ ومغني اللبيب 1/ 52، 220، المقاصد النحوية 1/ 498؛ والمقتضب 4/ 48؛ والمنصف 3/ 134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 وبعض الأعلام عليه دخلا ... للمح ما قد كان عنه نقلًا كالفصل والحارث والنعمان ... فذكر ذا وحذفه سيان   يقبل أل من مصدر "كالفضل و" صفة مثل "الحارث و" اسم عين مثل "النعمان" وهو في الأصل اسم من أسماء الدم. وأفهم قوله: وبعض الأعلام أن جميع الأعلام المنقولة مما يقبل أل لا يثبت له ذلك وهو كذلك، فلا تدخل على نحو محمد وصالح ومعروف إذ الباب سماعي. وخرج عن ذلك غير المنقول كسعاد، وأدد والمنقول عما لا يقبل أل كيزيد ويشكر فأما قوله:   واحدًا فواحدًا وجاءوا جميعًا سندو بي. قوله: "وجوهنا" أي أكابرنا أو ذواتنا وضمن طبت معنى تسليت فعداه بعن أي طبت عن عمرو المقتول وكان صديق قيس ويحتمل أن عن متعلقة بصددت. قوله: "أراد طبت نفسًا إلخ" قيل لا يتعين ذلك لجواز أن تكون النفس في البيت مفعول صددت وتمييز طبت محذوف أو لا تمييز له. قوله: "عليه دخلا" الضمير لأل، وذكر باعتبار أنها لفظ أو حرف وهذا أحسن من جعل الألف للتثنية عائدة على الألف واللام المفهومين من أل. قوله: "للمح" أي ملاحظة ما أي المعنى الذي قد كان هو أي ذلك البعض كما ذكر الشارح فالصلة جارية على غير من هي له، وضمير عنه يرجع إلى ما. قوله: "مما يقبل أل" بيان لما على تقدير مضاف أي مدلول اللفظ الذي يقبل أل فصح ما قاله شيخنا واندفع اعتراض البعض عليه بأن ما واقعة على المعنى والقابل اللفظ الدال عليه، فلا يصح أن يكون مما يقبل أل بيانًا لما مع أنه يمكن إيقاع ما على اللفظ بأن يراد بما نقل عنه العلم أصله قبل العلمية من المصدر أو الصفة أو اسم العين ويقدر مضاف في كلام الناظم أي للمح معنى ما كان إلخ وعلى هذا يصح أن يكون قوله كالفضل إلخ تمثيلًا لبعض الأعلام وهو المتبادر أو لما وعلى الأول يتعين الأول فافهم. وقوله: من مصدر بيان لما يقبل أل. قوله: "والنعمان" أي الذي لم يقارن أل وضعه للمعلمية أما هذا وهو اسم النعمان بن المنذر ملك العرب كما في الشمني فليس مما للمح ولهذا لم يسمع بدونها وعليه يحمل تمثيل المصنف في شرح التسهيل لما قارنت أل وضعه بالنعمان. وأما قوله: أيا جبلي نعمان بالله خليا ... نسيم الصبا يخلص إليّ نسيمها فليس مما نحن فيه بالكلية لأن نعمان فيه بالفتح كما في يس عن الشمني. وفي القاموس والصحاح وغيرهما ما يؤيده اسم لواد في طريق الطائف يخرج إلى عرفات ويقال له نعمان الأراك. وبه يعرف ما في كلام المصرح الذي تبعه شيخنا والبعض من الخلل. والضمير في نسيمها يرجع   132- البيت من الطويل وهو لرشيد بن شهاب في الدر 1/ 249، وشرح اختيارات المفضل ص1325؛ وشرح التصريح 1/ 151؛ 394؛ والمقاصد النحوية 1/ 502، 3/ 2125؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 181؛ وتخليص الشواهد ص168؛ والجني الداني ص198؛ وجواهر الأدب 319؛ وشرح ابن عقيل ص96؛ وشرح عمدة الحافظ ص153، 4879؛ وهمع الهوامع 1/ 80، 252. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   133- رأيت الوليد بن اليزيد مباركا فضرورة سهلها تقدم ذكر الوليد. ثم قوله: للمح إن أراد أن جواز دخول أل على هذه الأعلام مسبب عن لمح الأصل أي ينتقل النظر من العلمية إلى الأصل فيدخل أل "فذكر" أل "ذا" حينئذ "وحذفه سيان" إذ لا فائدة مترتبة على ذكره، وإن أراد أن دخول   إلى محبوبة الشاعر وهو مجنون ليلى أو إلى النسيم الأول مرادًا به الريح وبالنسيم الثاني نفسها الضعيف، ويؤيد هذا رواية طريق الصبا إذ الضمير عليها يرجع إلى الصبا وبعد هذا البيت: فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت ... على نفس مهموم تجلت همومها فائدة: الصبا ريح مهبها المستوى من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار. قال الصفدي الظاهر أنها يختلف مزاجها وتأثيرها باختلاف البقاع التي تمر عليها والفصول لأنا نشاهدها بدمشق وما قاربها يابسة المزاج تجفف الرطوبات وتنحل الأجسام وتحرق الثمار والزروع، وهي في الديار المصرية أشد منها في الشامية مع أن أشعار العرب مملوءة من الاسترواح بها ووصفها باللطف وتنفيس الكرب، فلعلها في الحجاز وما أشبهه بهذه الصفة. وعن الواحدي صاحب التفسير أنها استأذنت ربها أن تأتي يعقوب بريح يوسف عليهما السلام قبل أن يأتيه البشير بالقميص فأذن لها فأتته بذلك فلذلك يتروح بها كل محزون. من شرح شواهد المغني للسيوطي. قوله: "على نحو محمد إلخ" أي من الأعلام التي لم يسمع دخول أل عليها للمح فاندفع اعتراض شيخنا تبعًا للشارح في شرح الأوضح بأن الوجه حذف نحو. قوله: "إذ الباب سماعي" أي باب إدخال أل للمح الأصل فما سمع من العرب إدخالها عليه كان لك إدخالها عليه ولو في غير مسماهم وما لا فلا فالقيود المتقدمة ليست شروطًا لجواز إدخال أل للمح بل بيان لمورد السماع وبهذا يندفع ما قاله سم حيث كان الباب سماعيًا فلا كبير حاجة إلى التقييد بالمنقول عما يقبل أل والاحتراز عن غيره. قوله: "رأيت الوليد إلخ" لقد كذب الشاعر فإن الوليد هذا كان فاسقًا متهتكًا مولعًا بالشرب والغناء جبارًا عنيدًا، تفاءل يومًا في المصحف فخرج له: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيد} [إبراهيم: 15] ، فمزق المصحف وأنشد: تهدد كل جبار عنيد ... فها أنا ذاك جبار عنيد   133- تمام البيت: شديدا بأعباء الخلافة كاهله وهو من الطويل وهو لابن ميادة في ديوانه ص192؛ وخزانة الأدب 2/ 226؛ والدرر 1/ 87؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 451؛ وشرح شواهد المغني 1/ 164؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد"؛ والمقاصد النحوية 1/ 218، 509؛ ولجرير في لسان العرب 8/ 393 "وسع"؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 322؛ والأشباه والنظائر 1/ 23، 8/ 306؛ والإنصاف 1/ 317، وأوضح المسالك 1/ 73؛ وخزانة الأدب 7/ 247، 9/ 442؛ وشرح التصريح 1/ 153؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 36؛ وشرح قطر الندى ص53؛ ومغني اللبيب 1/ 52؛ وهمع الهوامع 1/ 24. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 وقد يصير علمًا بالغلبة ... مضاف أو مصحوب أل كالعقبه   أل سبب للمح الأصل فليسا بسيين لما يترتب على ذكره من الفائدة وهو لمح الأصل. نعم هما سيان من حيث عدم إفادة التعريف فليحمل كلامه عليه. قال الخليل: دخلت أل في الحارث والقاسم والعباس والضحاك والحسن والحسين الشيء بعينه. تنبيه: في تمثيله بالنعمان نظرا لأنه مثل به في شرح التسهيل لما قارنت الأداة فيه نقله، وعلى هذا فالأداة فيه لازمة والتي للمح الأصل ليست لازمة "وقد يصير علمًا" على بعض مسمياته "بالغلبة" عليه "مضاف" كابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن مسعود فإنه غلب على العبادلة حتى صار علمًا عليهم دون من عداهم من إخوتهم "أو مصحوب أل" العهدية "كالعقبة" والمدينة والكتاب والصعق والنجم لعقبة أيلي، ومدينة طيبة، وكتاب سيبويه، وخويلد من نفيل، والثريا "وحذف أل ذي" الأخيرة "إن تناد" مدخولها "أو تضف   إذا ما جئت ربك يوم حشر ... فقل يا رب مزقني الوليد فلم يلبث إلا أيامًا حتى ذبح وعلق رأسه على قصره ثم على سور بلده. نسأل الله السلامة من شرور أنفسنا. قوله: "فضرورة" وقيل نكر يزيد ثم دخلت عليه أل للتعريف. قال المصرح: وعندي فيه نظر لأنه وإن نكر لا يقبل أل نظرًا إلى أصله وهو الفعل والفعل لا يقبل بخلاف زيد إذا نكر. قوله: "سهلها تقدم ذكر الوليد" أي فيكون دخولها للمشاكلة وأل في الوليد للمح. قوله: "ثم قوله للمح إلخ" هذا الترديد متفرع على كون اللام للعلة الباعثة أو للعلة الغائية فالشق الأول مبني على الأول والثاني على الثاني واللامح على الأول المتكلم وعلى الثاني السامع. قال شيخنا: وقدم الشق الأول لأنه الظاهر. قوله: "فيدخل" أي النظر على المجاز العقلي أو الوضع المفهوم من السياق. قوله: "إذ لا فائدة إلخ" اعترض بأن ذكر أل دليل للسامع على لمح مدخل أل الأصل وعند حذفها لا دليل على ذلك فكيف يكونان سيين. قوله: "قال الخليل إلخ" دليل على أن الدخول سبب للمح. وقوله لتجعله الشيء بعينه أي لتجعل المذكور من الأعلام أي لتجعل مسماه الشيء نفسه أي المعنى المنقول عنه نفسه في ذهن السامع فأل في الحرث تجعل مسماه ذاتًا يحصل منها حرث. وفي العباس ذاتًا يحصل منها عبوس كثير في وجوه الأعداء وهكذا. قوله: "وقد يصير إلخ" قال ابن هشام: ذكره في باب العلم أحسن فيقال: العلم ضربان علم بالوضع وعلم بالغلبة لأن النوعين المضاف وذا أل يكونان حينئذٍ مذكورين في مركزهما بخلاف ذكر المضاف هنا فإنه استطراد. قوله: "بالغلبة عليه" هي أن يغلب اللفظ على بعض أفراد ما وضع له وهي تحقيقية أن استعمل بالفعل في غير ما غلب عليه وإلا فتقديرية. قوله: "وابن مسعود" قيل: الصواب أن يذكر بدله عبد الله عمرو بن العاصي لموت ابن مسعود قبل إطلاق اسم العبادلة على الأربعة وليس بشيء لأنه إنما يرد لو قال الشارح غلب اسم العبادلة على فلان وفلان وفلان وابن مسعود بعد أن كان جمع عبد الله أيًا كان وهو إنما قال: غلبت هذه الأعلام الأربعة على العبادلة أي الأشخاص الأربعة الذين سمي كل منهم بعبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وحذف أل ذي إن تناد أو تضف ... أوجب وفي غيرهما قد تنحذف   أوجب" لأن أصلها المعرفة فلم تكن بمنزلة الحرف الأصلي اللازم أبدًا كما هي في نحو اليسع كما تقدم، فتقول: يا صعق ويا أخطل وهذه عقبة أيلي ومدينة طيبة. ومنه: 134- أحقا أن أخطلكم هجاني والأخطل من يهجو ويفحش. وغلب على الشاعر المعروف حتى صار علمًا عليه دون غيره. وتقول: أعشى تغلب، ونابغة ذبيان "وفي غيرهما" أي في غير النداء والإضافة   بحيث صارت لا تطلق إلا عليهم دون من عداهم من أخوتهم، فابن مسعود مثلًا صار علمًا بالغلبة على عبد الله بن مسعود دون من عداه من أخوته غاية الأمر أن الشارح استعمل لفظ العبادلة في كلامه بالمعنى الوضعي لا الغلبي ولا محذور فيه. قوله: "من أخوتهم" الأحسن أن المراد بأخوتهم نظراؤهم في اسم الأب لا خصوص الأخوة في النسب. قوله: "العهدية" أي بحسب الأصل وإلا فهي الآن زائدة، ولا يخفى أن أل العهدية تدخل على كل فرد عهد بين المتخاطبين على البدل فمصحوبها كل فرد عهد بينهما كذلك مثلًا لفظ العقبة المعرف بأل العهدية وضع في الأصل لأن يستعمل في كل فرد عهد بينهما على البدل فخصصته الغلبة بعقبة أيلة، فسقط بهذا التحقيق ما اعترض به الناصر وسكتوا عليه من أن اللفظ الذي يستحقه كل فرد من الأفراد بالوضع هو المجرد من أل لا المقرون بها، لأن المستحق له الفرد المعهود بين المتخاطبين دون من عداه. فافهم ذلك والله تعالى الموفق. قوله: "لعقبة أيلي" بالقصر والذي في التصريح والقاموس وغيرهما أيلة بالتاء فلعل ما في الشرح سهو. والعقبة في الأصل اسم للطريق الصاعد في الجبل. قوله: "وخويلد بن نفيل" كان رجلًا يطعم الناس بتهامة فهبت ريح فسفت في جفانه أي أوعية طعامه التراب فسبها، فرمي بصاعقة فسمي الصعق بكسر العين فعل بمعنى مفعول، والصعق في الأصل اسم لمن رمي بصاعقة. قوله: "والثريا" تصغير ثروي من الثروة وهي الكثرة لكثرة كواكبها لأنها سبعة وقيل أكثر، وأصله ثريوي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء. قوله: "وحذف أل ذي إلخ" اعترض تخصيص حذف أل للنداء والإضافة بهذه بأن أل لا تجامع الإضافة وكذا النداء إلا ضرورة كما سيذكره المصنف بقوله: وباضطرار خص جمع يا وأل وأجيب بأنه ليس مراده أن أل هذه لا تباشر حرف النداء حتى يرد أن أل مطلقًا لا تباشره، بل مراده أن أل هذه لا تثبت مع حرف النداء أصلًا حتى لا يتوصل لنداء ما هي فيه بأي أو ذا كما يتوصل لنداء ما أل غيرها فيه بذلك فلا تقول يا أيها النابغة ولا يا ذا النابغة كما تقول يا أيها ويا ذا الرجل، لكن هذا الجواب إنما ينفع بالنسبة إلى النداء دون الإضافة كما لا يخفى. وقد يقال إنما خص هذه لدفع توهم أنها لكونها في الحالة الراهنة زائدة تجامع النداء والإضافة. قوله: "لأن أصلها المعرفة" وصارت الآن زائدة. قوله: "كما هي في نحو اليسع" المتبادر من سياقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "قد تنحذف" سمع هذا عيوق طالعًا، وهذا يوم اثنين مباركًا فيه. تنبيهان: الأول المضاف في أعلام الغلبة كابن عباس لا ينزع عن الإضافة بنداء ولا غيره؛ إذ لا يعرض في استعماله ما يدعو إلى ذلك. الثاني كما يعرض في العلم بالغلبة   أنه متعلق بالمنفي وهو تكن لا بالنفي، وأن أل في نحوه تبقى مع النداء والإضافة بل قوله كما تقدم أي كون أل في نحو اليسع لازمة قد يعين أن مراده ذلك وجزم بهذا شيخنا تبعًا لما مشى عليه الفارضي من البقاء المذكور واستدل بقوله في الكافية: وقد تقارن الأداة التسمية ... فتستدام كأصول الأبنية وتبعه على الجزم به البعض وزاد أن الهمزة تقطع وهو خلاف ما في الهمع والتسهيل وشرحه لابن عقيل وغيره وحاشية الروداني على التصريح. قال في الهمع: أل فيما غلب بها لازمه ويجب حذفها في النداء والإضافة وقلّ حذفها في غيرهما، وأما ما غلب بالإضافة فلا يفصل منها بحال. ولو قارنت اللام نقل علم كالنضر والنعمان أو ارتجاله كاليسع والسموأل فحكمها حكم ما غلب بها من اللزوم إلا في النداء والإضافة. قال ابن مالك: هذا النوع أحق بعدم التجرد لأن الأداة فيه مقصودة في التسمية قصد همزة: أحمد وياء يشكر وتاء تغلب بخلافها في الأعشى ونحوه فإنها مزيدة للتعريف ثم عرض بعد زيادتها شهرة وغلبة اغتنى بها، إلا أن الغلبة مسبوقة بوجودها فلم تنزع. ا. هـ. مع حذف. وقال في التسهيل: ومثله ما قارنت الأداة نقله أو ارتجاله. ا. هـ. قال ابن عقيل في شرحه عليه: أي مثل الذي فيه أل من العلم بالغلبة في نزع أل منه حيث تنزع أل من العلم بالغلبة كالنداء. ا. هـ. وسنذكر كلام الروداني. ومن الحذف للنداء فيما قارنت الأداة نقله قول خالد بن الوليد: يا عز كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك فإن عز مرخم عزى. نعم قد يقال أل المقارنة لوضع العلم جزء منه كالجيم من جعفر كما مر عن الدماميني وهذا يمنع من تجويز حذفها عند النداء والإضافة إلا أن يقال كونها في صورة المعرفة التي لا تجامع النداء والإضافة اقتضى حذفها عندهما فاعرفه. ولولا قول الشارح كما تقدم لجعلنا قوله كما هي في نحو اليسع متعلقًا بالنفي فتأمل. قوله: "أحقًا" الاستفهام للتوبيخ أي أفي الحق أي أفي الأمر الثابت أن أخطلكم هجاني. قوله: "أعشى تغلب" أصله الأعشى فحذفت منه أل وأضيف إلى تغلب بفتح الفوقية وسكون الغين المعجمة وكسر اللام اسم   134- صدر البيت: ألا أبلغ بني خلف رسولًا وهو من الوافر، وهو للنابغة الجعدي ص164؛ وتخليص الشواهد ص176؛ وخزانة الأدب 10/ 273، 277؛ والدرر 1/ 227؛ والكتاب 3/ 137؛ والمقاصد النحوية 1/ 504, وبلا نسبة في جواهر الأدب ص353؛ وهمع الهوامع 1/ 72. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الاشتراك فيضاف طلبًا للتخصيص كما سبق، كذلك يعرض في العلم الأصلي. ومنه قوله: 135- علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم ... بأبيض ماضي الشفرتين يماني وقوله: 136- بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ... ليلاي منكن أم ليلى من البشر خاتمة: عادة النحويين أنهم يذكرون هنا تعريف العدد، فإذا كان العدد مضافًا وأردت تعريفه عرفت الآخر، وهو المضاف إليه، فيصير الأول مضافًا إليه إلى معرفة، فتقول: ثلاثة الأثواب، ومائة الدرهم، وألف الدينار، ومنه قوله:   قبيلة سميت باسم أبيها. وكذا يقال فيما بعده. والأعشى في الأصل اسم لكل من لا يبصر ليلًا ثم غلب على أعشى تغلب. قوله: "ونابغة ذبيان" بضم الذال المعجمة وكسرها كما في القاموس. والنابغة في الأصل اسم لكل من ظهر الشعر وأجاده والتاء فيه للمبالغة ثم غلب على نابغة ذبيان. قوله: "عبوق" فيعول بمعنى فاعل كقيوم وضع لكل عائق أي حاجز، ثم غلب على النجم المعروف لعوقه الدبران عن الثريا لكونه بينهما. قوله: "يوم اثنين" أصله يوم الاثنين وهو من إضافة المسمى إلى الاسم وبحث في التمثيل به بأن اثنين في الأصل اسم لمجموع شيئين لا للفرد التأخر منهما فقط وحينئذٍ فعلميته على اليوم المعين بالنقل لا بالغلبة. وذكر الروداني أن الصحيح أن أسماء الأسبوع أعلام جنسية منقولة من الأعداد دخلت عليها أل للمح المعنى العددي، وأل فيها مقارنة للنقل فلا ينبغي التمثيل بها لذي غلبة حذفت منه أل، بل لما حذفت منه أل المقارنة للوضع فإنه أيضًا كذي الغلبة يحذف منه أل في النداء والإضافة وجوبًا وقد يحذف في غيرهما. قوله: "ما يدعو إلى ذلك" أي إلى نزعه عن الإضافة لأنه ينادى ويضاف معها فيقال يا ابن عباس وهو ابن عباسنا كذا قيل وفيه أن المضاف إن كان تمام العلم ناقص ما تقدم في باب العلم عند قول المصنف:   135- البيت من الطويل، وهو لرجل من طيئ في شرح شواهد المغني 1/ 165؛ والمقاصد النحوية 3/ 371؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 189، 191؛ وجواهر الادب ص315؛ وخزانة الأدب 2/ 224؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 452، 456؛ وشرح التصريح 1/ 153؛ وشرح المفصل 1/ 44؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد"؛ ومغني اللبيب 1/ 52. 136- البيت من البسيط، وهو للمجنون في ديوانه ص130؛ وللعرجي في شرح التصريح 2/ 298؛ والمقاصد النحوية 1/ 416؛ 4/ 518؛ وللكامل الثقفي أو للعرجي في شرح شواهد المغني 2/ 962؛ وذكر مؤلف خزانة الأدب 1/ 97، ومؤلف معاهد التنصيص 3/ 167 أن البيت اختلف في نسبته، فنسب للمجنون ولذي الرمة، وللعرجي، وللحسين بن عبد الله، ولبدوي اسمه كامل الثقفي؛ وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 482، وأوضح المسالك 4/ 303؛ وتذكرة النحاة ص318. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   137- ما زال مذ عقدت يداه إزاره ... فسما فأدرك خمسة الأشبار وقوله: 138- وهل يرجع التسليم أو يكشف العنا ... ثلاث الأثافي والديار البلاقع وأجاز الكوفيون الثلاثة الأثواب تشبيهًا بالحسن الوجه. قال الزمخشري: وذلك بمعزل عند أصحابنا عن القياس واستعمال الفصحاء، وإذا كان العدد مركبًا ألحقت حرف التعريف   وأن يكونا مفردين فأضف إلخ من أن العلم الإضافي لا يضاف، وإن كان المضاف إليه فقط ورد أمران: الأول أن المضاف لا بد أن يكون كلمة مستقلة وهو هنا جزء كلمة لأن العلم مجموع المتضايفين فكل منهما كالزاي من زيد، ويمكن الجواب عن هذا برعاية الأصل. الثاني أن القصد ليس توضيح مسمى المضاف إليه فقط بالإضافة بل توضيح مسمى العلم بتمامه بها ويمكن الجواب عن هذا أيضًا بأن إضافة المضاف إليه يحصل بها المقصود من توضيح مسمى العلم فتدبر منصفًا. قوله: "طلبًا للتخصيص" كان المناسب أن يقول للإيضاح لأن التخصيص في النكرات والإيضاح في المعارف. قوله: "كما سبق" من نحو أعشى تغلب ونابغة ذبيان. قوله: "خاتمة" نظم العلامة الأجهوري حاصلها فقال: وعددا تريد أن تعرّفا ... فأل بجزأيه صلن إن عطفا وإن يكن مركبًا فالأول ... وفي المضاف عكس هذا يفعل وخالف الكوفي في الأخير ... فعرف الجزأين يا سميري والمراد بالأخير غير الأول فيشمل الثاني وهو المركب لأن الكوفي خالف فيه أيضًا كما سيأتي وكان الأحسن أن يقول بدل الأخير: وخالف الكوفي في هذين ... ففيهما قد عرف الجزأين قوله: "عرفت الآخر" بكسر الخاء ولم يقل الثاني ليشمل ما فيه أكثر من إضافة نحو خمسمائة ألف دينار وفي كلام شيخنا أن منهم من لا يضيف بل يعرف الأول فقط فيقول هذه الخمسة أثوابًا وخذ المائة درهمًا ودع الألف دينارًا. قوله: "ما زال" اسم زال ضمير مستتر يعود   137- البيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 305؛ والأشباه والنظائر 5/ 123؛ والجني الداني ص504؛ وجواهر الأدب ص317؛ وخزانة الأدب 1/ 212؛ والدرر 3/ 140؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد الإيضاح ص310؛ وشرح شواهد المغني 2/ 755؛ وشرح المفصل 2/ 121، 6/ 33؛ والمقاصد النحوية 3/ 321؛ والمقتضب 2/ 176؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص303؛ وأوضح المسالك 3/ 61؛ والدرر 6/ 203؛ ولسان العرب 6/ 76 "خمس" ومغني اللبيب 1/ 336؛ وهمع الهوامع 1/ 216، 2/ 150. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بالأول تقول الأحد عشر درهمًا والاثنتا عشرة جارية ولم تلحقه بالثاني لأنه بمنزلة بعض الاسم، وأجاز ذلك الأخفش والكوفيون فقالوا الأحد العشر درهمًا، والاثنتا العشرة جارية لأنهما في الحقيقة اسمان والعطف مراد فيهما ولذلك بنيا، ويدل عليه إجازتهم ثلاثة عشر وأربعة عشر وتاء التأنيث لا تقع حشوًا، فلولا ملاحظة العطف لما جاز ذلك. ولا يجوز الأحد العشر الدرهم لأن التمييز واجب التنكير، نعم يجوز عند الكوفي، وقد استعمل ذلك بعض الكتاب. وإذا كان معطوفًا عرفت الاسمين معًا تقول: الأحد والعشرون درهمًا لأن   على يزيد في البيت قبله وخبرها يدني في بيت بعده. وقوله: فسما بالفاء العاطفة على عقدت. وأراد بخمسة الأشبار السيف. قوله: "وهل يرجع التسليم" بضم الياء مضارع أرجع أو بفتحها مضارع رجع لمجيئه متعديًا أيضًا والأثافي بالمثلثة ثم الفاء فالتحتية التي تشدد في غير هذا البيت وتخفف أحجار يوضع عليها القدر جمع أثفية بضم الهمزة وكسرها وتشديد التحتية وهي أحد تلك الأحجار كما في القاموس وإن أوهم كلام البعض أن الأثفية هي نفس تلك الأحجار. وقال الاسقاطي بالفوقية ثم النون أصله أتانين حذفت نونه الأخيرة ضرورة وهو جمع أتون كتنور وقد تخفف أخدود الخباز، وأقره البعض كشيخنا، وفيه نظر لأن جمع أتون المخفف أتن كعمود وعمد وجمع المشدد أتاتين بفوقية ثانية بعد الألف اللينة لا نون كما هو قياس جمع تنور ونحوه. وقد ورد الجمعان كما أفاده صاحب القاموس فلعل الفوقية تحرفت على الجماعة بنون والله تعالى أعلم. والبلاقع جمع بلقع وهي الأرض المقفرة. والمعنى وهل يرد التحية أو يزيل تعب المحبة مواضع طبخ الأحباب وديارهم الخالية. قوله: "تشبيهًا بالحسن الوجه" رد بأن الإضافة في ذلك لفظية لا تفيد تعريفًا بخلاف العدد. قوله: "عند أصحابنا" أي البصريين. قوله: "عن القياس واستعمال الفصحاء" أما الأول فلأن إدخال أل في كل من المتضايفين إنما يكون إذا كان الأول وصفًا نحو الضارب الرجل ولأن فائدة أل التعريف وتعريف المضاف حاصل بتعريف المضاف إليه، فيكون دخول أل على المضاف ضائعًا. وأما الثاني فلأن المسموع والمشهور دخول اللام على المضاف إليه دون المضاف. قوله: "ولذلك بنيا" أي في غير اثنى عشر واثنتي عشرة بقرينة ما مر أن إعراب اثنين واثنتين كإعراب المثنى وإن ركبا مع عشر وعشرة. وظاهر قوله بنيا أن فتحة آخر الجزء الأول بناء والظاهر أن البناء عند البصري على آخر الجزء الأخير فقط لأن محله آخر الكلمة وآخر الجزء   138- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1274؛ والأشباه والنظائر 5/ 122، 280؛ وإصلاح المنطق ص303؛ وجواهر الأدب ص317؛ وخزانة الأدب 1/ 213، والدرر 6/ 201؛ وشرح شواهد الإيضاح ص308؛ وشرح المفصل 2/ 122؛ ولسان العرب 6/ 76 "خمس"، ومجالس ثعلب ص275؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 358؛ وتذكرة النحاة ص344؛ والمقتضب 2/ 176، 4/ 144؛ والمنصف 1/ 64؛ وهمع الهوامع 2/ 150. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حرف العطف فصل بينهما. واعلم أن في تعريف المضاف قد يكون المعرف إلى جانب الأول كما تقدم. وقد يكون بينهما اسم واحد نحو خمسمائة الألف، وقد يكون بينهما اسمان نحو خمسمائة ألف دينار، وقد يكون بينهما ثلاثة أسماء نحو خمسمائة ألف دينار الرجل، وقد يكون بينهما أربعة أسماء نحو خمسمائة ألف دينار غلام الرجل، وعلى هذا. لو قلت عشرون ألف رجل امتنع تعريف المضاف إليه؛ لأن المضاف منصوب على التمييز، فلو عرف المضاف إليه صار المضاف معرفة بإضافته إليه والتمييز واجب التنكير نعم، يجوز ذلك عند الكوفيين، ولو قلت خمسة آلاف دينار جاز تعريف المضاف إليه نحو خمسة آلاف الدينار، وكذلك حكم المائة لأن مميزتها يجوز تعريفه كما عرفت، ولا تعرف الآلاف لإضافتها والله أعلم.   الأول صار حشوًا بالتركيب ففتحته ليست بناء بل بنية، ويمكن أن يقال المراد بني مجموعهما. قوله: "وتاء التأنيث إلخ" في معنى التعليل لقوله ويدل، ولو قال لأن تاء التأنيث إلخ لكان أوضح. قوله: "ولا يجوز الأحد العشر الدرهم" أي ولا الأحد عشر الدرهم ولا أحد عشر الدرهم. قوله: "عرفت الاسمين معًا" لم يذكر فيه خلافًا وفي الدماميني أن قومًا أجازوا ترك تعريف المعطوف واختاره الآمدي. قوله: "واعلم أن" اسم أن ضمير الشأن. قوله: "في تعريف المضاف" أي في حالة تعريف العدد المضاف. وقوله قد يكون المعرّف بفتح الراء أي المعرف بأل أو بكسرها أي المعرف للمضاف إليه وهو أل. وقوله إلى جانب الأول أي مضمومًا إلى جانب الأول. وقوله كما تقدم أي في ثلاثة الأثواب ومائة الدرهم وألف الدينار. قوله: "وعلى هذا" أي قس الفصل بينهما بأكثر من أربعة. قوله: "ولو قلت عشرون إلخ" تقييد لإطلاقه في أول الخاتمة تعريف المضاف إليه من العدد الإضافي. قوله: "كما عرفت" أي من التمثيل سابقًا بمائة الدرهم وألف الدينار. قوله: "لإضافتها" أي إلى ما بعدها سواء أضيفت لمعرفة أو نكرة لأن أل لا تدخل على المضاف في مثل ذلك. وأما ما وقع في صحيح البخاري في باب الكفالة في القرض والديون ثم قدم الذي كان أسفله وأتى بالألف دينار فأوله الدماميني بتقدير مضاف مبدل من المعرف أي بالألف ألف دينار قال ولا يقال أن أل زائدة لأن ذلك لا ينقاس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 الابتداء : مبتدأ زيد وعاذر خبر ... إن قلت زيد عاذر من اعتذر   الابتداء: المبتدأ هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية غير الزائدة مخبرًا عنه أو وصفًا رافعًا   الابتداء: هذا شروع في الأحكام التركيبية. والتركيب المفيد إما جملة أسمية ومنها اسم الفعل مع مرفوعه والوصف مع مرفوعه المغني عن الخبر. أو فعلية ومنها الجملة الندائية، ولم يقل المبتدأ والخبر لأن الابتداء يستدعي مبتدأ وهو يستدعي خبرًا أو ما يسد مسده غالبًا على ما ستعرفه فأطلق الابتداء وأراد ما يلزمه مباشرة أو بواسطة، ففي الترجمة به تأدية للمقصود مع الاختصار والإشارة إلى عدم تلازم المبتدأ والخبر فلا يقال: ترجم لشيء ولم يبينه وبين شيئًا ولم يترجمه. نعم قد يقال: هذه النكتة حاصلة لو قال المبتدأ فلم لم يترجم به ويمكن أن يجاب بأنه آثر التعبير بالابتداء على التعبير بالمتدأ للإشارة في الترجمة إلى أنه العامل فتأمل. وقدم باب المبتدأ على باب الفاعل لما قيل إنه أصل المرفوعات لأنه مبدوء به. وقيل: الفاعل لأن عامله لفظي. وقيل كل أصل. قال الدماميني: تظهر فائدة الخلاف في نحو زيد جوابًا لمن قام فعلى الأول يترجح كونه مبتدأ محذوف الخبر، وعلى الثاني يترجح كونه فاعلًا لفعل محذوف وعلى الثالث يستوي الوجهان، ثم اعترض بأن استحسان مطابقة الجواب للسؤال في الاسمية والفعلية يقتضي ترجح كونه مبتدأ محذوف الخبر مطلقًا. وأجاب بأن جملة من قام اسمية في الصورة فعلية في الحقيقة. وبيان ذلك أن قولك من قام أصله أقام زيد أم عمرو أم خالد إلى غير ذلك لا أزيد قام أم عمرو أم خالد لأن الاستفهام بالفعل أولى لكونه متغيرًا فيقع فيه الإبهام ولما أريد الاختصار وضعت كلمة من دالة إجمالًا على تلك الذوات المفصلة ومتضمنة لمعنى الاستفهام وبهذا التضمن وجب تقديمها على الفعل فصارت الجملة اسمية في الصورة لعروض تقدم ما يدل على الذات فعلية في الحقيقة، فإن أجبت بالفعلية نظرًا إلى جانب الحقيقة فالمطابقة حاصلة معنى وإن أجبت بالاسمية نظرًا إلى الصورة فالمطابقة حاصلة لفظًا فإذن لا ترجيح بمجرد المطابقة لوجودها في الصورتين فبقي الترجيح بأصالة الفاعل أو المبتدأ سالمًا فتدبر. ا. هـ. وفيه نظر لأن مقتضى قولهم همزة الاستفهام يليها المسئول عنه أن أصل من قام أزيد قائم أو عمرو أم خالد إذ المسؤول عنه بمن قام القائم لا القيام فاعرفه. قوله: "المبتدأ هو الاسم إلخ" لم يعرف الابتداء مع أنه المترجم به لقصد تعريفه عند قوله: ورفعوا مبتدأ بالابتدا وكأنه لم يعكس لعدم قصد الابتداء بالذات من الترجمة بل المقصود بالذات منها المبتدأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المستغنى به، فالاسم يشمل الصريح والمؤول نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم} [البقرة: 184] ، وتسمع بالمعيدي خير من أن تراه والعاري عن العوامل اللفظية مخرج لنحو الفاعل   ومرفوعه. قوله: "العاري إلخ" أورد على التقييد به أنه يخرج اسم إن ولا التبرئة مع أنه يجوز رفع صفته على المحل فهو مبتدأ وليس عاريًا. وأجيب بأنه باعتبار الرفع عار لأن الحرف كالعدم باعتباره وإنما يعتد به إذا اعتبر النصب كذا نقل شيخنا السؤال والجواب وأقرهما وتبعه البعض وفي الجواب تسليم أنه مبتدأ والذي يظهر لي منعه بدليل ما سيأتي في بابي إن ولا من أن رفع الصفة على المحل مبني على القول بأنه لا يشترط في مراعاة المحل بقاء المحرز أي الطالب لذلك المحل لعدم المحرز هنا وهو الابتداء وإذا عدم الابتداء عدم المبتدأ وحينئذٍ لا يرد الاعتراض من أصله فتأمل. قوله: "عن العوامل" أل الجنس، وقوله اللفظية نسبة إلى اللفظ نسبة المفعول إلى المصدر أن أريد باللفظ التلفظ. أو الجزئي إلى الكلي أن أريد الملفوظ. والمراد اللفظية تحقيقًا أو تقديرًا لتدخل العوامل المقدرة. وقوله غير الزائدة أي وشبهها كرب ولعل الجارة والقيدان للإدخال كما هو شأن قيد القيد. قوله: "مخبرًا عنه" أي محدثًا عنه فالإخبار لغوي لا مذكورًا بعده خبره الاصطلاحي للزوم الدور لأخذ الخبر حينئذٍ في تعريف المبتدأ وأخذ المبتدأ في التعريف الآتي للخبر، وجعله حالًا من الضمير في العاري أولى من جعله حالًا من الاسم وإن اقتصر عليه شيخنا والبعض لثبوت الخلاف في مجيء الحال من الخبر كالمبتدأ. قوله: "أو وصفًا إلخ" عطف على مخبرًا عنه المجعول حالًا من الضمير في العاري، وفي ذلك تصريح باشتراط العرو في الوصف أيضًا فيخرج نحو {لَاهِيَةً قُلُوبُهُم} [الأنبياء: 30] ، على أنا لا نسلم أنه رافع لمكتفى به كما قاله الروداني وهو ظاهر. والمراد الوصف ولو تأويلًا ليدخل لا نولك أن تفعل لأن نول وإن كان مصدرًا بمعنى التناول إلا أنه هنا بمعنى المفعول أي ليس متناولك هذا الفعل أي لا ينبغي لك تناوله، فنولك مبتدأ وأن تفعل نائب فاعله. وقول المصرح ومن تبعه كالبعض أن تفعل فاعله غير صحيح كما في الروداني وقال أبو حيان نولك مبتدأ وأن تفعل خبره وأورد على التعريف أنه غير جامع إذ لا يشمل أقل رجل يقول ذلك فإن أقل مبتدأ وليس مخبرًا عنه ولا وصفًا رافعًا، ولا غير قائم الزيدان فإن غير مبتدأ وليس مخبرًا عنه ولا وصفًا رافعًا، وأجيب عن الأول بأن المعرف المبتدأ الاطرادي وهذا سماعي لا يقاس عليه، وإنما لم يخبروا عنه لأنه ليس في المعنى مبتدأ إذ المعنى قلّ رجل يقول ذلك. وقيل لأن صفة النكرة بعده أغنت عن الخبر في الإفادة على أن بعضهم أجاز جعل الجملة خبرًا عن أقل، وعن الثاني بأن المبتدأ مضاف للوصف الرافع والمضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، وبأن الوصف وإن خفض لفظًا في قوّة المرفوع بالابتداء وكأنه قيل ما قائم الزيدان. قوله: "والمؤول" قد يدعي أنه اسم حقيقة فلا اعتراض على إرادته في التعريف بلزوم الجمع بين الحقيقة والمجاز فيه، أو يقال: النحاة لا يبالون بمثل ذلك أفاده سم. قوله: "وتسمع إلخ" أي لأنه على تقدير أن وقيل الفعل إذا أريد به مجردًا لحدث صح أن يسند إليه ويضاف إليه ويكون اسمًا حكمًا كما في: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُم} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   واسم كان، وغير الزائدة لإدخال بحسبك درهم وهل من خالق غير الله، ومخبرًا عنه أو وصفًا إلى آخره مخرج لأسماء الأفعال والأسماء قبل التركيب، ورافعًا لمستغني به يشمل الفاعل نحو أقائم الزيدان ونائبه نحو أمضروب العبدان، وخرج به نحو أقائم من قولك أقائم أبوه زيد فإن مرفوعه مستغنى به. وأو في التعريف للتنويع لا للترديد أي المبتدأ نوعان: مبتدأ له خبر ومبتدأ له مرفوع أغنى عن الخبر، وقد أشار إلى الأول بقوله: "مبتدأ زيد   [البقرة: 6] ، {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم} [المائدة: 119] ، فيكون المراد بالاسم ما يعم الحقيقي والحكمي أفاده سم. قوله: "نحو بحسبك درهم" أي مما يلي حسبك فيه نكرة فإن وليها معرفة نحو بحسبك زيد فالمعرفة هي المبتدأ وحسبك الخبر لأنه نكرة لا يتعرف بالإضافة. وإن تخصص بها. قال الناظم: ولا يخبر بمعرفة عن نكرة وإن تخصصت إلا في نحو كم مالك وخير منك زيد عند سيبويه، وفي النسخ نحو: {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّه} [الأنفال: 62] ، وأيده سم وغيره واكتفى ابن هشام في الإخبار بمعرفة عن المبتدأ النكرة بتخصيصه وجعل حسب مبتدأ سواء وقع بعده نكرة أو معرفة لأن الباء لا تزاد في الخبر في الإيجاب. والذي عليه الجمهور كما في المغني أنه لا يخبر عن النكرة بالمعرفة وإن تخصصت مطلقًا، وهل المجرور بحرف الجر الزائد أو شبهه مرفوع تقديرًا ولا محذور في اجتماع إعرابين لفظي وتقديري من جهتين مختلفتين، أو محلًّا ولا يختص المحلى بالمبنيات قولان. واعلم أن زيادة الباء في نحو بحسبك سماعية بخلاف زيادة من في نحو الآية الآتية فقياسية. قوله: "غير الله" إما نعت لخالق لرفعه تقديرًا أو محلًّا على الخلاف والخبر محذوف أي لكم، أو هو الخبر ولا يصح أن يكون غير الله فاعلًا لخالق أغنى عن الخبر لأن الوصف الذي له فاعل أغنى عن الخبر بمنزلة الفعل والفعل لا تدخل عليه من الزائدة فكذا ما هو بمنزلته كذا في يس والروداني، ولا كون يرزقكم هو الخبر لأن هل تدخل على مبتدأ خبره فعل إلا شذوذًا عند سيبويه. قوله: "مخرج لأسماء الأفعال" أي بعد التركيب. قوله: "ورافعًا لمستغنى به يشمل إلخ" الأولى ومستغنى به يشمل إلخ لأن الفاعل ونائبه من أفراد المستغنى به لا الرافع. قوله: "غير مستغنى به" لاحتياج الضمير إلى مفسر يسبقه فيكون زيد مبتدأ وقائم خبرًا مقدمًا وأبوه فاعلًا، أو أبوه مبتدأ ثانيًا وقائم خيرًا عنه مقدمًا والجملة خبر زيد. وجوّز بعضهم كون قائم مبتدأ ثانيًا وأبوه فاعلًا أغنى عن الخبر والجملة خبر زيد بناء على أن المراد باستغناء الوصف بمرفوعه استغناؤه عن الخبر لا مطلقًا. وبحث فيه بعدم اعتماد الوصف لأن الاستفهام في المثال داخل في الحقيقة على زيد لا عليه وقد يمنع فتأمل. نعم يظهر لي أن محل المنع إذا لم يعلم المرجع أما إذا علم كأن جرى ذكر زيد فقيل أقائم أبوه فلا منع لأن التركيب حينئذٍ بمنزلة أقائم أبو زيد ويشعر بهذا تعليلهم. واعلم أن قولهم الوصف مع مرفوعه ولو اسمًا ظاهرًا من قبيل المفرد يستثنى منه الوصف مبتدأ استغنى بمرفوعه عن الخبر، وكذا الوصف الواقع صلة لأل الموصولة على قول كما مر لأنه في قوّة الفعل في الصورتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 وأول مبتدأ والثاني ... فاعل اغنى في أسار ذان وقس وكاستفهام النفي وقد ... يجوز نحو فائز أولو الرشد   وعاذر خبر" أي له "إن قلت زيد عاذر من اعتذر" وإلى الثاني بقوله: "وأول" أي من الجزأين "مبتدأ والثاني" منهما "فاعل اعنى" عن الخبر "في" نحو "أسار ذان" الرجلان. ومنه قوله: 139- أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا وقوله: 140- أمنجز أنتمو وعدا وثقت به ... أم اقتفيتم جميعًا نهج عرقوب   قوله: "وأول" سوّغ الابتداء به قصد التقسيم أو كونه قريبًا للثاني المعرف. قوله: "والثاني فاعل أغنى عن الخبر" قال في التسهيل: لشدة شبهه بالفعل ولذا لا يصغر ولا يوصف ولا يعرف ولا يثنى ولا يجمع إلا على لغة يتعاقبون فيكم ملائكة. ا. هـ. قوله: "أغنى عن الخبر" أي عن أن يكون له خبر فلا اعتراض باقتضاء كلامه أن له خبرًا أغنى عنه المرفوع مع أنه لا خبر له أصلًا لأنه بمعنى الفعل والفعل لا خبر له. قوله: "أقاطن" أي مقيم، والظعن الرحيل، والعيش المعيشة والحياة. قوله: "نهج عرقوب" أي طريقته وهو رجل يضرب به المثل في إخلاف الوعد. قوله: "وقس على هذا" أي الوصف المذكور في المثال ولو قال على هذين المبتدأين كما فعل المكودي والمرادي لكان أكثر فائدة. قوله: "من كل وصف" لا فرق بين أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال أولًا بخلاف عمله النصب كما يأتي، ولا بين أن يكون ملفوظًا أو مقدرًا نحو أفي الدار زيد وأعندك عمرو على أحد احتمالات، إذ يحتمل كون المرفوع مبتدأ مؤخرًا أو فاعلًا لمبتدأ محذوف تقديره كائن مثلًا أغنى هذا الفاعل عن الخبر فالجملة اسمية أو فاعلًا لاستقر مثلًا محذوف فهي فعلية أو فاعلًا للظرف فهي ظرفية كذا في المغني. قوله: "أو صفة مشبهة" أو اسم تفضيل أو منسوبًا نحو هل أحسن في عين زيد الكحل منه في عين غيره وما قرشي الزيدان والظاهر عندي أن مثل ذلك نحو أذو مال العمران لأنه في معنى المشتق، ثم رأيت في كلام الشارح عند قول المصنف: . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .وإن ... يشتق فهو ذو ضمير مستكن   139- تمام البيت: إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا وهو من البيسط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 190؛ وتخليص الشواهد ص181؛ وجواهر الأدب ص295؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ وشرح شذور الذهب ص223؛ وشرح قطر الندى ص122؛ والمقاصد النحوية 1/ 512. 140- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "وقس" على هذا ما أشبهه من كل وصف اعتمد على استفهام ورفع مستغنى به، ثم لا فرق في الوصف بين أن يكون اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة مشبهة، ولا في الاستفهام بين أن يكون بالهمزة أو بهل أو كيف أو من أو ما. ولا في المرفوع بين أن يكون ظاهرًا أو ضميرًا منفصلًا "وكاستفهام" في ذلك "النفي" الصالح لمباشرة الاسم حرفًا   ما يؤيده. قوله: "أو كيف أو من أو ما" نحو كيف جالس العمران، وما راكب البكران، ومن ضارب الزيدان وكيف في الأول في محل نصب على الحال، وما ومن في الأخيرين في محل نصب على المفعولية. وكالأدوات المذكورة بقية أدوات الاستفهام كأين ومتى. قوله: "أو ضميرًا منفصلًا" فلا يسد المستتر مسد الخبر، فإذا قلت: أقائم زيد أم قاعد فليس قاعد مبتدأ والضمير المستتر فيه فاعلًا سد مسد الخبر، بل قاعد خبر مبتدأ محذوف أي هو قاعد. وإذا قلت: أقائم الزيدان وأردت العطف وجب إفراد الوصف المعطوف وإبراز الضمير منفصلًا فتقول: أم قاعد هما، وحكي أم قاعدان على المطابقة واتصال الضمير، وعليه فقال ابن هشام قاعدان مبتدأ لأنه عطف بأم المتصلة على المبتدأ وليس له خبر ولا فاعل منفصل. وإنما جاز ذلك لأنهم يتوسعون في الثواني. ا. هـ. فأشار إلى فاعلية الضمير المستتر وإغنائه عن الخبر لأنه يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل ومثله يجري في المثال الأول وجوّز غيره كون قاعدان خبر مبتدأ محذوف أي أم هما قاعدان، فتكون أم منقطعة والعطف من عطف الجمل وهذا قياس ما سبق في أقائم زيد أم قاعد فتأمل. قوله: "وكاستفهام النفي" أي ولو معنى نحو إنما قائم الزيدان لأنه في قوّة قولك: ما قائم إلا الزيدان كذا في التصريح ومنه يعلم أن النفي المنقوض يكفي في الاعتماد وأفهم تقييدهم الاعتماد بالنفي والاستفهام أن مطلق الاعتماد غير كاف هنا فلا يجوز في زيد قائم أبواه كون قائم مبتدأ وإن اعتمد على المخبر عنه كما في المغني. قال في التصريح: وهل تقدم النفي أو الاستفهام شرط في العمل أو في الاكتفاء بالمرفوع من الخبر قولان أرجحهما الثاني كما في المغني. قوله: "الصالح إلخ" حمل الشارح الاستفهام والنفي في عبارة المصنف على اللفظ المستفهم به واللفظ المنفي به فوصف النفي بالصالح إلخ وقسمه إلى حرف وغيره لأن هذا شأن اللفظ لا المعنى المصدري ولا عيب فيما صنع وإن عابه البعض تبعًا لشيخنا، ولو أبقى الشارح المصدر على ظاهره وقال: النفي بلفظ صالح إلخ لصح أيضًا واحترز بالصالح عما لا يصلح مما يختص بالفعل كان ولم ولما. قوله: "على أنه اسمها" وإدخاله فيما نحن فيه باعتبار كونه مبتدأ في الأصل وكذا يقال في اسم ما الحجازية. وقوله يغني عن خبرها وإدخال الفاعل فيما نحن فيه باعتبار كونه مغنيًا عن خبر مبتدأ في الأصل وكذا يقال في خبر ما الحجازية ثم في إغناء الفاعل عن خبر ليس أو ما إغناء مرفوع عن منصوب ولا ضرر في ذلك. ويظهر أنه لا يقال هذا الفاعل في محل نصب باعتبار إغنائه عن خبر ليس أو ما، لأنه ليس لليس أو ما في هذه الحالة خبر محل الفاعل بل الذي تستحقه بعد اسمها فاعل اسمها فتدبر. قوله: "وبعد غير يجر بالإضافة" وإدخاله فيما نحن فيه باعتبار أن ما أضيف إليه أي إلى هذا الوصف مبتدأ والمضاف والمضاف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كان وهو ما ولا وإن، أو اسمًا وهو غير، أو فعلًا وهو ليس إلا أن الوصف بعد ليس يرتفع على أنه اسمها، أو الفاعل يغني عن خبرها: وكذا ما الحجازية، وبعد غير يجر بالإضافة وغير هي المبتدأ وفاعل الوصف أغنى عن الخبر، ومن النفي بما قوله: 141- خليلي ما واف بعهدي أنتما ... إذا لم تكونا لي على من أقاطع ومن النفي بغير قوله: 142- عير لاه عداك فاطرح اللهـ ... ـو ولا تغترر بعارض سلم وقوله: 143- غير مأسوف على زمن ... ينقضي بالهم والحزن "وقد يجوز" الابتداء بالوصف المذكور من غير اعتماد على نفي أو استفهام "نحو   إليه كالشيء الواحد أو باعتبار أنه في قوة المرفوع بالابتداء كما مر. قوله: "فاطرح اللهو" بتشديد الطاء وكسر الراء، والسلم بالكسر والفتح الصلح أي بسلم عارض. قوله: "على زمن" نائب فاعل الوصف أغنى عن خبر غير. قوله: "وقد يجوز إلخ" اعلم أن المذاهب ثلاثة كما في الهمع: مذهب البصريين وهو منع الابتداء بالوصف المذكور من غير اعتماد، ومذهب المصنف وهو الجواز بقبح كما صرح به في التسهيل وأشار إليه هنا بقد لأن تقليل الجواز كناية عن قبحه، وأشار إليه الشارح أيضًا بقوله وهو قليل جدًّا، ومذهب الكوفيين والأخفش وهو الجواز بلا قبح، فقول الشارح خلافًا للأخفش والكوفيين أي في قولهم بالجواز بلا قبح، وفي كلامه حذف أي وللبصريين في قولهم بالمنع بالكلية. وقوله: ولا حجة أي للمصنف والأخفش والكوفيين على أصل الجواز في قوله إلخ فهو تورك من الشارح على بعض أدلتهم على أصل الجواز بعد موافقته إياهم في المستدل عليه فاندفع بتقريرنا عبارة الشارح على هذا الوجه ما ادعاه البعض من منافاتها لعبارة المتن فافهم. قوله: "من غير اعتماد إلخ" ويكون المسوّغ للابتداء به مع أنه نكرة عمله في المرفوع بعده لاعتماده على المسند إليه وهو المرفوع وأما تعليل المصرح وتبعه شيخنا والبعض بأن الأخفش أي والكوفيين لا   141- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 189؛ وتخليص الشواهد ص181، والدرر 2/ 5؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ وشرح شذور الذهب ص232؛ وشرح شواهد المغني 2/ 898؛ وشرح قطر الندى ص121؛ ومغني اللبيب 2/ 556؛ والمقاصد النحوية 1/ 516؛ وهمع الهوامع 1/ 94. 142- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص366؛ وشرح ابن عقيل ص101؛ ومغني اللبيب 2/ 676. 143- البيت من المديد، وهو لأبي النواس في الدرر 2/ 6، وأمالي ابن الحاجب ص637؛ وخزانة الأدب 1/ 345، ومغني اللبيب 1/ 15، 2/ 676؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 94، 5/ 289، 6/ 133، 7/ 25، وتذكر النحاة 171، 366، 405؛ وخزانة الأدب 9/ 547؛ وشرح ابن عقيل ص101؛ والمقاصد النحوية 1/ 513؛ وهمع الهوامع 1/ 94. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 والثان مبتدا وذا الوصف خبر ... إن في سوى الإفراد طبقا استقر   فائز أولو الرشد" وهو قليل جدًّا خلافًا للأخفش والكوفيين، ولا حجة في قوله: 144- خبير بنو لهب فلا تك ملغيا ... مقالة لهبي إذا الطير مرت لجواز كون الوصف خبرًا مقدمًا على حد: {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] ، قوله: 145- هن صديق للذي لم يشب "والثاني مبتدا" مؤخر "وذا الوصف" المذكور "خبر" عنه مقدم "إن في سوى الإفراد" وهو التثنية والجمع "طبقا استقر" أي استقر الوصف مطابقًا للمرفوع بعده، نحو   يشترطون في عمله الاعتماد فمقتضاه عدم الاعتماد هنا وليس كذلك كما عرفت ولئن سلم فالتعليل بعدم اشتراط الاعتماد لا يأتي على مذهب المصنف لأنه مع كونه يجوز ابتدائية الوصف من غير اعتماد على نفي أو استفهام يشترط في علمه الاعتماد الأعم كما سيأتي في باب إعمال اسم الفاعل فتأمل. قوله: "خبير بنو لهب إلخ" المعنى أن بني لهب عالمون بالرجز والعيافة فلا تلغ مقالة رجل لهي إذا زجر وعاف حين يمر عليه الطير وزجر الطير بالزاي فالجيم فالراء عيافته، وهي كما في القاموس أن تعتبر بأسمائها ومساقطها وأنوائها فتسعد أو تتشاءم. قوله: "على حد إلخ" جواب عما يقال كيف أخبر عن الجمع بالمفرد. وحاصله أنه على طريقه الآية وتوجيهها أن ظهير على وزن المصدر كصهيل ونهيق والمصدر يخبر به عن المفرد والمثنى والجمع فكذا ما يوازنه كذا قالوا. وفيه أنه يقتضي استواء المذكر والمؤنث في فعيل سواء كان بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول فينافي ما قالوه من أن محل استوائهما فيه إذا كان بمعنى مفعول. ويمكن التوفيق بأن هذا شرط لقياسية الاستواء فلا ينافي سماعه في فعيل بمعنى فاعل لكونه على وزن المصدر فتكون موازنة نكتة السماع لا علامة الجواز باطراد، فاحفظه فإنه نفيس. قوله: "والثاني مبتدأ" بإبدال الهمزة ألفًا ثم حذفها لالتقاء الساكنين. قوله: "وهو التثنية والجمع" أي سواء كان جمع تصحيح أو جمع تكسير وقيل: جمع التكسير كالمفرد. قوله: "مطابقًا" أشار به إلى أن الطبق بمعنى المطابق كالمثل والشبه بمعنى المماثل والمشابه، وأنه حال من فاعل استقر وليس الطبق مصدرًا بمعنى المطابقة حتى يرد أن حالية المصدر سماعية وحتى يقال الأولى جعله تمييزًا محولًا عن فاعل استقر أي استقر طبقه أي مطابقته، فما ذكره البعض تبعًا للمعرب غير صحيح فلا تغفل. قوله: "فإن تطابقا في الإفراد" مثل ذلك ما إذا كان الوصف يستوي فيه المفرد وغيره نحو أجنب زيد أو الزيدان أو الزيدون.   144- البيت من الطويل، وهو لرجل من الطائيين في تخليص الشواهد ص182؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ والمقاصد النحوية 1/ 518؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 191؛ والدرر 2/ 7؛ وشرح ابن عقيل ص103؛ وشرح عمدة الحافظ ص157؛ وشرح قطر الندى ص272؛ وهمع الهوامع 1/ 94. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 ورفعوا مبتدأ بالابتدا ... كذاك رفع خبر بالمبتدأ   أقائمان الزيدان، وأقائمون الزيدون، ولا يجوز أن يكون الوصف في هذه الحالة مبتدأ وما بعده فاعلًا أغيى عن الخبر إلا على لغة أكلوني البراغيث، فإن تطابقا في الإفراد جاز الأمران نحو أقائم زيد وما ذاهبة هند "ورفعوا" أي العرب "مبتدأ بالابتدا" وهو الاهتمام بالاسم   قوله: "جاز الأمران" لكن الأرجح الأول وهو كون الوصف مبتدأ وما بعده فاعلًا، لأن الوصف عدم التقديم والتأخير بل يتعين في صورتين لمانع فيهما من الثاني وهما: أحاضر القاضي امرأة ونحو: {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيم} [مريم: 46] ، بناء على الظاهر من عدم تقدير متعلق للجار والمجرور، والمانع من الثاني في الصورة الأولى لزوم عدم تطابق المبتدأ والخبر، وفي الثانية لزوم الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي وهو أنت، وقد يتعين الابتداء لمانع من الفاعلية نحو أفي داره زيد إذ يلزم على الفاعلية عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة. وأما أفي داره قيام زيد فمنعه الكوفيون مطلقًا: أما على الفاعلية فلما مر، وأما على الابتداء فلأن الضمير لم يعد على المبتدأ بل على ما أضيف إليه المبتدأ والمستحق للتقديم هو المبتدأ. وأجازه البصريون على الابتداء للسماع، ولأن ما هو من تمام مستحق التقديم مستحق للتقديم، ثم جواز الوجهين في نحو أقائم أنت مذهب البصريين. وأوجب الكوفيون ابتدائية الضمير ووافقهم ابن الحاجب، واحتجوا بأن الضمير المرتفع بالفعل لا ينفصل عنه لا يقال قام أنا، ويجاب بأنه إنما انفصل مع الوصف لئلا يجهل معناه لأنه يكون معه مستترًا بخلافه مع الفعل فإنه يكون بارزًا كقمت وقمت ولأن طلب الوصف لمعموله دون طلب الفعل فاحتمل معه الفصل، ولأن مرفوع الوصف سد في اللفظ مسد واجب الفصل وهو الخبر بخلاف فاعل الفعل كذا في المغني. واعلم أن صور المطابقة وعدمها تسع بالفوقية: ثلاثة في المطابقة وهي أقائم زيد، أقائمان الزيدان، أقائمون الزيدون، وحكم الأولى جواز الأمرين وحكم الأخيرتين تعين كون الوصف خبرًا مقدمًا: وست في عدمها، أقائم الزيدان، أقائم الزيدون، أقائمان زيد، أقائمون زيد أقائمان الزيدون أقائمون الزيدان. وحكم الأوليين من الست تعين كون الوصف مبتدأ وما بعده فاعلًا. وحكم الأربع الأخيرة الفساد. وإذا فصلت الجمع إلى صحيح ومكسر كانت الصور اثنتي عشرة صورة إذا علمت ما تلوناه عليك ظهر لك أن قول شيخنا والبعض حاصل الصور سبعة بالموحدة قصور. بقي شيء آخر وهو أنه أورد على تجويز كون الثاني مبتدأ مؤخرًا أن تأخيره يلبس بالفاعل وقد منعوا تأخيره في زيد قام لذلك. وأجيب بأن اللازم على تأخير المبتدأ في أقائم زيد إجمال لا إلباس بخلاف اللازم على التأخير في زيد قام، ولئن سلم أنه إلباس فليس فيه كبير ضرر لأن الجملة اسمية على كل حال بخلافه في زيد قام فافهم. قوله: "أي العرب" لو قال أي سيبويه وموافقوه لكان أحسن لعدم حكم العرب بأن رفع المبتدأ بالابتداء ذكره البعض. ولك أن تقول ليس في عبارته ما يقتضي أنهم حكموا بأن رفع المبتدأ بالابتداء إذ غاية مفادها أن العرب رفعوا المبتدأ وأن رفعهم إياه حاصل بالابتداء أي بحسب ما فهم سيبويه وموافقوه ونظير عبارته قولك رفع العرب الفاعل بالفعل فافهم. قوله: "وهو الاهتمام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وجعله مقدمًا ليسند إليه فهو أمر معنوي "كذاك رفع خبر بالمبتدا" وحده. قال سيبويه: فأما الذي بنى عليه شيء هو هو فإن المبني عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء. وقيل: رافع الجزأين هو الابتدا لأنه اقتضاهما ونظير ذلك أن معنى التشبيه في كأن لما اقتضى مشبهًا ومشبهًا به كانت عاملة فيهما. وضعف بأن أقوى العوامل لا يعمل رفعين بدون   بالاسم" اعلم أن الابتداء في اللغة الافتتاح، وفي الاصطلاح قيل: كون الاسم معرى عن العوامل اللفظية، وقيل: جعل الاسم أولًا ليخبر عنه، فقول الشارح الاهتمام بالاسم من باب ذكر لازم المعنى معه إذ يلزم معنى الابتداء بالاسم في اللغة وفي الاصطلاح الاهتمام به فعلم أن جعل البعض الاهتمام معنى لغويًا للابتداء تخليط. ثم قيل: إن الاهتمام والجعل من أوصاف الشخص المهتم والجاعل لا الكلمة والابتداء وصف لها لأن معناه كونها مبتدأ بها ويمكن أن يجاب بأن الاهتمام والجعل في كلامه مصدران للمبني للمجهول. قوله: "ليسند إليه" لا يشمل ابتداء الوصف المستغنى بمرفوعه عن الخبر لعدم إسناد شيء إليه لأنه مسند فلو قال للإسناد لكان أولى. قوله: "كذاك" أي كرفع المبتدأ بالابتداء رفع الخبر بالمبتدأ في الانتساب إليهم، فكذلك خبر مقدم ورفع مبتدأ مؤخر بالمبتدأ ظرف لغو متعلق برفع، ويحتمل أن كذاك حال وما بعده مبتدأ وخبر والأول أقرب. قوله: "فأما الذي إلخ" أي المبتدأ الذي والضمير المنفصل الأول للشيء والثاني للذي وأشار به إلى أن الخبر عين المبتدأ في المعنى أي بحسب الماصدق لا المفهوم على ما سيأتي تفصيله. وقوله فإن المبني عليه أي فإن الشيء المبني عليه أي على ذلك الذي بني عليه شيء، وقوله كما ارتفع هو أي ذلك الذي بني عليه شيء. واعترض القول برفع المبتدأ للخبر بأن المبتدأ عين الخبر في المعنى فيلزم رفع الشيء نفسه وبأن المبتدأ قد يرفع الفاعل نحو القائم أبوه ضاحك فيلزم رفع العامل الواحد معمولين بغير اتباع ولا نظير له وبأنه قد يكون جامدًا كزيد، والعامل إذا كان غير متصرف لا يجوز تقديم معموله عليه، والمبتدأ ولو جامدًا يجوز تقديم خبره عليه. وأجيب عن الأول بأن الخبر عين المبتدأ في الماصدق فقط أما في المفهوم فمختلفان على أن اختلاف اللفظ يكفي. وعن الثاني بأن جهة طلبه للفاعل مخالفة لجهة طلبه للخبر. وعن الثالث. بأن ما ذكر فيه إنما في العامل المحمول على الفعل والمبتدأ ليس عمله في الخبر بالحمل على الفعل بل بالأصالة. قوله: "لأنه اقتضاهما" أي استلزمهما لأن الابتداء يستلزم مبتدأ والمبتدأ يستلزم خبرًا أو ما يسد مسده. قوله: "ونظير ذلك إلخ" في التنظير نظر إذ العامل في النظير لفظ كأن لا التشبيه المقتضى لما ذكر بخلاف ما نحن فيه، وأيضًا العملان في النظير مختلفان وفيما نحن فيه متحدان. قوله: "وضعف إلخ" اعترض بأن من العوامل اللفظية ما يعمل رفعين بدون اتباع وهو المبتدأ المتعدد الخبر. وأجيب بأن الخبر المتعدد في المعنى متحد وهو لا يظهر في نحو زيد عالم شجاع، إلا أن يقال: هو في تأويل زيد متصف بالعلم والشجاعة. قوله: "بأن أقوى العوامل" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 والخبر الجزء المتم الفائدة ... كالله بر والأيادي شاهده   اتباع، فما ليس أقوى أولى أن لا يعمل ذلك. وذهب المبرد إلى أن الابتداء رافع للمبتدأ وهما رافعان للخبر وهو قول بما لا نظير له. وذهب الكوفيون إلى أنهما مترافعان وهذا الخلاف لفظي "والخبر الجزء المتم الفائدة" مع مبتدأ غير الوصف المذكور بدلالة   هو الفعل. قوله: "وهو قول بما لا نظير له" أي من اجتماع عاملين على معمول واحد. وأجيب بأن العامل عنده مجموع الأمرين لا كل منهما فالعامل واحد قاله الدماميني. قوله: "مترافعان" أي رفع كل منهما الآخر. لطلب كل منهما صاحبه قياسًا على عمل كل من اسم الشرط والفعل المجزوم به في صاحبه نحو: {أَيًّا مَا تَدْعُو} [الإسراء: 110] ، وقد يفرق باتحاد العمل في المقيس واختلافه في المقيس عليه. قوله: "لفظي" أي لا يترتب عليه فائدة ومنعه بعضهم بأنك إذا قلت زيد قائم وعمرو جالس وأردت جعله من عطف المفردات يكون صحيحًا عن القول بأن العامل في الجزأين الابتداء بخلافه على بقية الأقوال للزوم العطف على معمولي عاملين مختلفين. قوله: "والخبر إلخ" لم يكتف بالإشارة بقوله وعاذر خبر إلى تعريفه كما اكتفى بالإشارة في المبتدأ اهتمامًا بمحط الفائدة وتوطئة إلى تقسيمه إلى مفرد وجملة سم. قوله: "المتم الفائدة" أي المحصل لها فلا اعتراض باقتضاء كلامه حصولها قبله بالمسند والمسند إليه وإنما هو متم لها أي زيادة فيها فلا يصدق الحد إلا بالفضلة والمراد المتم الفائدة ولو بواسطة شيء يتعلق به فدخل نحو: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون} [النمل: 55] ، وأورد أن التعريف غير جامع لخروج خبر المبتدأ الثاني في نحو قولك: زيد أبوه قائم إذ لا يحصل به مع مبتدئه فائدة إذ الجملة الواقعة خبرًا غير مقصود إسنادها بالذات، ولذلك قالوا: إن النسبة فيها من قبيل النسبة التقييدية لا التامة، فمعنى زيد أبوه قائم زيد قائم الأب، وأيضًا لا بد في إفادة هذه الجملة من تقدم المرجع وغير مانع لشموله نحو يضرب في قولك زيد يضرب أبوه لحصول الفائدة به مع مبتدئه مع كونه ليس خبرًا بل جزء خبر. وأجيب عن الأول بأن المراد المتم الفائدة ولو بحسب الأصل. والجملة الواقعة خبرًا خبرها قبل جعلها خبرًا كذلك، ومن حيث نفس الإسناد وتوقف الإفادة على المرجع من حيث الضمير. وعن الثاني بأن المراد الفائدة المطلوبة والفائدة التي أفادها يضرب وحده غير الفائدة المطلوبة التي يفيدها جملة يضرب أبوه. واعلم أنه استشكل وقوع الاستدراك خبرًا في نحو زيد وإن كثر ماله لكنه بخيل مع وقوعه في كلامهم، وخرجه بعضهم على أن الاستدراك خبر عن المبتدأ مقيدًا بالغاية، وبعضهم جعل الخبر محذوفًا والاستدراك منه كذا في الشهاب على البيضاوي. قوله: "مع مبتدأ" خرج به فاعل الفعل ونائبه وقوله: "غير الوصف المذكور" خرج به فاعل الوصف المذكور ونائبه، فقول الشارح بعد: فلا يرد الفاعل أي فاعل الفعل وفاعل الوصف على التوزيع وما قاله البعض من أنه لو قيل بدل قولهم خرج الفاعل نائبه وخرج الفعل لكان حسنًا لأنه الذي يلتبس بالخبر من جهة كون كل حديثًا عن غيره مدفوع بأن الفاعل يلتبس أيضًا بالخبر من جهة كون كل اسمًا ملازم الرفع متأخرًا عن صاحبه من مبتدأ أو فعل. قوله: "بدلالة المقام" راجع لكل من قوله مع مبتدأ وقوله غير الوصف المذكور أما في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 ومفردًا يأتي ويأتي جمله ... حاوية معنى الذي سيقت له   المقام والتمثيل بقوله: "كالله بر والأيادي شاهده" فلا يرد الفاعل ونحوه "ومفردًا يأتي" الخبر وهو الأصل. والمراد بالمفرد هنا ما ليس بجملة كبر وشاهدة "ويأتي جمله" وهي فعل مع فاعله، نحو زيد قام وزيد قام أبوه، أو مبتدأ مع خبره نحو زيد أبوه قائم. ويشترط في الجملة أن تكون "حاوية معنى" المبتدأ "الذي سيقت" خبرًا "له" ليحصل الربط، وذلك بأن يكون فيها ضميره لفظًا كما مثل، أو نية السمن منوان بدرهم أي منوان منه، أو خلف   الأول فلدلالة قوله: مبتدأ زيد إلخ على أن الخبر لا يصاحب إلا المبتدأ وأما في الثاني فدلالة قوله أغنى على أن الوصف لا خبر له. قوله: "كالله بر" أي محسن والأيادي جمع أيد جمع يد بمعنى النعمة مجازًا. قوله: "فلا يرد الفاعل ونحوه" يعني نائب الفاعل. قوله: "ومفردًا" حال من فاعل يأتي. قوله: "وهو الأصل" أي الغالب أو السابق لأنه جزء الجملة والجزء سابق على الكل. قوله: "ويأتي جملة" لم يقل وظرفًا وجارًا ومجرورًا لما سيفيده كلامه من أنهما لا يخرجان عن المفرد والجملة. واعلم أن الجملة أعم من الكلام لأنه لا يشترط أن يكون إسنادها مقصودًا لذاته بخلاف الكلام وقيل: ترادفه. قوله: "وهي فعل مع فاعله" لو قال كالفعل مع فاعله إلخ لكان أحسن ليدخل اسم الفعل مع فاعله نحو العقيق هيهات، والفعل مع نائب الفاعل نحو زيد ضرب، وكان مع اسمها وخبرها وإن كذلك، ولا فرق في الجملة بين أن تكون خبرية أو إنشائية على الصحيح بخلاف النعت فلا يصح بالانشائية. والفرق أن الغرض من النعت تمييز المنعوت للمخاطب ولا يميز له إلا بما هو معلوم عنده قبل الخطاب والانشائية ليست كذلك لأن مدلولها لا يحصل إلا بها لكن إذا وقعت الجملة الانشائية خبرًا طلبًا كانت أو غيره لم تكن خبريتها عن المبتدأ باعتبار نفس معناها القيامة بالطالب والمنشئ لا بالمبتدأ بل باعتبار تعلق معناها بالمبتدأ فإذا قلت: زيد اضربه فطلب الضرب صفة قائمة بالمتكلم وليس حالًا من أحوال زيد إلا باعتبار تعلقه به، وبهذا الاعتبار كانت الجملة خبرًا عنه فكأنه قيل زيد مطلوب ضربه أو مستحق لأن يطلب ضربه، وبه أيضًا صح احتمال الكلام للصدق والكذب. هذا خلاصة ما نقله الدماميني عن بعض المتأخرين وقال: هو في غاية الحسن. قوله: "وزيد قام أبوه" قال الدماميني بعض المحققين على أنه لا إسناد للجملة من حيث هي جملة إلى زيد بل القيام في نفسه مسند إلى الأب ومع تقييده مسند إلى زيد وأما المجموع المركب من الأب والقيام والنسبة الحكمية بينهما فلم يسند إلى زيد ولذلك يؤوّلون زيد قام أبوه بأنه قائم الأب، وقولهم الخبر الجملة بأسرها توسع. ا. هـ. قوله: "حاوية معنى الذي إلخ" أي مشتملة على ما يدل على معنى المبتدأ. قوله: "وذلك" أي احتواؤها على معنى المبتدأ. قوله: "بأن يكون فيها ضميره" يشمل ضميره الذي عطف هو أو ملابسه على شيء في الجملة بالواو خاصة لأنها لمطلق الجمع، فالاسمان معها أو الأسماء كمثنى أو جمع فيه ضمير نحو زيد قام عمرو وهو أو وأبوه والذي في نعت أو بيان شيء فيها نحو زيد ضربت رجلًا يحبه أو ضربت عمرًا أخاه فإن قدرت أخاه بدلًا امتنعت المسألة بناء على المشهور أن عامل البدل ليس عامل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   عن ضميره كقوله: زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب، قيل: أل عوض عن الضمير، والأصل مسه مس أرنب وريحه ريح زرنب، كذا قوله الكوفيون وجماعة من البصريين وجعلوا منه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40] ، أي مأواه والصحيح أن الضمير محذوف أي المس له أو منه، وهي المأوى له، وإلا لزم جواز نحو زيد الأب قائم وهو فاسد، أو كان فيها إشارة إليه   المبدل منه بل مقدر فكان الضمير من جملة أخرى، ومن ثم امتنع حسن الجارية الجارية أعجبتني هو لأن هو بدل اشتمال. فائدة: قد يكون الضمير الذي في الجملة لغير المبتدأ ويحصل به الربط لقيامه قيام ظاهر مضاف لضمير المبتدأ كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْن} [البقرة: 234] بناء على قول الناظم كالكسائي الأصل يتربص أزواجهم فجيء بالنون مكان الأزواج لتقدم ذكرهن فامتنع ذكر الضمير لأن النون لا تضاف كسائر الضمائر، وحصل الربط بالضمير القائم مقام الظاهر المضاف إلى ضمير المبتدأ. وقيل: يقدر أزواج. قبل الذين وقيل يقدر أزواجهم قبل يتربصن. وقيل يقدر بعدهم بعد يتربصن كذا في المغني. قوله: "نحو السمن إلخ" وكقراءة ابن عامر في سورة الحديد: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10] ، وهي تشكل على ما نقله الدماميني من منع البصريين حذف الضمير العائد على لفظ كل إذا كان مبتدأ. قال ونص ابن عصفور على شذوذ قراءة ابن عامر. وسلك الأدب ابن أبي الربيع فقال جاء في الشعر وفي قليل من الكلام كقراءة ابن عامر. وحكى الصفار عن الكسائي والفراء إجازة ذلك. ا. هـ. قال في المغني: ولم يقرأ ابن عامر برفع كل في سورة النساء بل بنصبه كالجماعة مناسبة للفعلية قبله والفعلية بعده. قوله: "منوان" تثنية منا كعصا مكيال أو ميزان، وتقلب ألفه ياء أيضًا في التثنية كذا في القاموس، وهو مبتدأ ثان، وسوّغ الابتداء به الوصف المقدر أي منوان منه. قوله: "زوجي إلخ" ليس بيت شعر كما توهم، وكنت بذلك عن لين بشرته وطيب رائحته والزرنب نوع من الطيب، وقيل: نبات طيب الرائحة. وقيل: الزعفران. قوله: "وإلا لزم جواز نحو زيد الأب قائم" قال سم: جواز ذلك لازم على الصحيح أيضًا. لا يقال: أهل المذهب الصحيح لا يجوزون مثل هذا التركيب ومحل ما ذهبوا إليه من تقدير له أو منه إذا لم يلزم اللبس وإلا وجب التصريح به لأنا نقول للكوفيين أيضًا أن يقولوا بنظير ذلك. قوله: "وهو فاسد" لإيهامه أن الأب نعت لزيد وأن زيدًا القائم مع أنه ابن والقائم أبوه. قوله: "أو كان فيها إشارة إلخ" عطف على مدخول أن في قوله بأن يكون فيها ضميره إلخ، ولو قال أو إشارة إليه إلخ لكان أخصر وأنسب. قوله: "ولباس التقوى" أي على قراءة من رفع لباس وأن ذلك مبتدأ إما على قراءة النصب عطفًا على لباسًا وهي سبعية أيضًا أو الرفع على أنه بدل أو عطف بيان أو نعت كما جوزه الفارسي وتبعه أبو البقاء وجماعة بناء على أن النعت قد يكون أعرف من المنعوت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   نحو: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر} [الأعراف: 26] ، أو إعادته بلفظه نحو: {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1، 2] ، قال أبو الحسن: أو بمعناه نحو زيد جاءني أبو عبد الله إذا كان أبو عبد الله كنية له، أو كان فيها عموم يشمله نحو زيد نعم الرجل. وقوله: 146- فأما القتال لا قتال لديكم كذا قالوه. وفيه نظر لاستلزامه جواز زيد مات الناس وخالد لا رجل في الدار، وهو غير جائز فالأولى، أن يخرج المثال على ما قاله أبو الحسن بناء على صحته، وعلى أن أل في فاعل نعم للعهد لا للجنس، أو وقع جملة مشتملة على ضميره بشرط كونها إما   فالخبر مفرد. قوله: "أو إعادته بلفظه" ولا يختص ذلك بمواقع التفخيم وإن كان فيها أكثر لأن وضع الظاهر موضع المضمر قياسي وإن لم يكن باللفظ الأول ذكره البعض. قوله: "ما الحاقة" ما للاستفهام التفخيمي مبتدأ ثان خبره ما بعده وسوّغ الابتداء بها عمومها على أنها معرفة عند ابن كيسان كما تقدم. قوله: "بمعناه" أي حال كون الإعادة ملتبسة بمعناه لا بلفظه الأول. قوله: "نحو زيد نعم الرجل" أي بناء على الأصح أن أل للجنس المستغرق لا للعهد ومثله نعم الرجل زيد على القول بأن زيد مبتدأ خبره الجملة قبله وأن أل للجنس المستغرق لا للعهد. قوله: "وهو غير جائز" قد يقال لا مانع من التزام جوازه أخذًا من هذا الكلام. اللهم إلا أن يكونوا صرحوا بامتناعه أفاده سم. قوله: "أن يخرّج المثال" أي زيد نعم الرجل هذا هو الظاهر أي ويخرّج البيت على أنه من إعادة المبتدأ بلفظه بناء على إرادة الجنس في المبتدأ واسم لا. قوله: "بناء على صحته" أي صحة ما قاله أبو الحسن وإنما قال ذلك لمخالفة الجمهور له. قوله: "وعلى أن أل" أي وبناء على أن أل. قوله: "لا للجنس" أو للجنس ويراد بالجنس زيد مبالغة. قوله: "أو وقع بعدها إلخ" زاد في المغني عكس ذلك وهو أن تعطف على جملة مشتملة على ضمير المبتدأ جملة أخرى خالية منه بالفاء نحو: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّة} [الحج: 63] . قوله: "أما معطوفة إلخ" التحقيق أن الخبر مجموع الجملتين المتعاطفتين بالفاء أو الواو لا المعطوف عليها فقط فالرابط حينئذٍ الضمير. وانظر هل   146- تمام البيت: ولكن سيرًا في عراض المواكب وهو من الطويل، وهو للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص45؛ وخزانة الأدب 1/ 425؛ والدرر 5/ 110؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص106؛ والأشباه والنظائر 2/ 153؛ وأوضح المسالك 4/ 234؛ والجني الدني ص524؛ وسر صناعة الإعراب ص597؛ وشرح شواهد الإيضاح ص107؛ وشرح شواهد المغني ص177؛ وشرح ابن عقيل ص597؛ وشرح المفصل 7/ 134، 9/ 412؛ والمنصف 3/ 188؛ ومغني اللبيب ص56؛ والمقاصد النحوية 1/ 577؛ 4/ 474؛ والمقتضب 2/ 71؛ وهمع الهوامع 2/ 67. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وإن تكن إياه معنى اكتفى ... بها كنطقي الله حسبي وكفى   معطوفة بالفاء نحو زيد مات عمرو فورثه، وقوله: 147- وإنسان عيني يحسر الماء تارة ... فيبدو وتارات يجم فيعرق قال هشام: أو الواو نحو زيد ماتت هند وورثها. وأما شرطًا مدلولًا على جوابه بالخبر نحو زيد يقوم عمرو إن قام "وإن تكن" الجملة الواقعة خبرًا عن المتبدأ "إياه معنى اكتفى   يقال مثل ذلك في نحو زيد يقوم عمرو إن قام الظاهر نعم. قوله: "يحسر" بضم السين أي ينكشف ويأتي متعديًا أيضًا فيقال حسره أي كشفه. ويجم بضم الجيم وكسرها أي يكثر ويتراكم. شمني. قوله: "أو الواو" أي بناء على أن الواو للجمع في الجمل أيضًا. ورده في المغني بجواز هذان قائم وقاعد دون يقوم ويقعد. وفي كلام الرضي أو ثم فإنه قال الجملة التي يلزمها الضمير كخبر المبتدأ والصفة والصلة إذا عطفت جملة أخرى متعلقة بها معنى يكون مضمونها بعد مضمون الأولى بتراخ أو تعقب أو مقارنًا جاز تجريد إحدى الجملتين عن الضمير الرابط اكتفاء بما في أختها التي هي كجزئها سواء كان مضمون الأولى سببًا لمضمون الثانية كما في مثال الذباب أو لا كما تقول: الذي جاء فغربت الشمس زيد، لأن المعنى الذي بعقب مجيئه غروب الشمس زيد، وتقول: الذي جاء ثم غربت الشمس زيد لأن المعنى الذي تراخى عن مجيئه غروب الشمس زيد. وتقول: الذي تزول الجبال ولا يزول أنا إذ المعنى الذي يقترن عدم زواله بزوال الجبال أنا، فههنا تتساوى الواو والفاء وثم من جهة التعلق المعنوي وهو البعدية والاقتران المعلوم من قرينة الحال. بخلاف قولك الذي قام وقعدت هند أنا فإنه لا يجوز لعدم التعلق المعنوي وهو الاقتران إذ لا دليل عليه ولو وجد الدليل لجاز كما تقول الذي قام وقعدت هند في تلك الحال أنا. ا. هـ. وأقرّه الدماميني إلا أنه نظر في قصر التعلق المعنوي في الواو على الاقتران إذ قد تقوم القرينة فيها على التعقيب أو التراخي كما تقول الذي قام وقعدت هند يعقب تلك الحال أو بتراخ عنها أنا. قوله: "وان تكن إياه معنى إلخ" قال يس: قال الناظم في شرح التسهيل: الجملة المتحدة بالمبتدأ معنى كل جملة مخبر بها عن مفرد يدل على جملة كحديث وكلام ومنه ضمير الشأن. ا. هـ. وبه يسقط الاعتراض المشهور بأنه إن أريد بكون الجملة نفس المبتدأ الاتحاد في الماصدق ولو باعتبار قصد المتكلم دون الوضع فكل مبتدأ وخبر كذلك أو في المفهوم فباطل لأنه يؤدي إلى إلغاء الحمل. ا. هـ. وهذا يدل على أن المراد بالشأن القصة والحديث وأن المراد بخبره لفظ الجملة كما في منطوقي الله حسبي لا أن المراد بالشأن الحالة والصفة، وبخبره مضمون الجملة وإن نقله البعض   147- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص460، وخزانة الأدب 2/ 192؛ والدرر 2/ 17، والمقاصد النحوية 1/ 578؛ 4/ 449؛ ولكثير في المحتسب 1/ 150؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 103، 7/ 257؛ وأوضح المسالك 3/ 362؛ وتذكرة النحاة 866؛ ومجالس ثعلب ص612؛ ومغني اللبيب 2/ 501؛ والمقرب 1/ 83؛ وهمع الهوامع 1/ 98. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 والمفرد الجامد فارغ وإن ... يشتق فهو ذو ضمير مستكن   بها" عن الرابط "كنطقي الله حسبي وكفى" فنطقي مبتدأ وجملة الله حسبي خبر عنه، ولا رابط فيها لأنها نفس المبتدأ في المعنى. والمراد بالنطق المنطوق، ومنه وقوله تعالى: {وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10] ، وقوله عليه الصلاة والسلام: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله" "و" الخبر "والمفرد الجامد" منه "فارغ"   عن البهوتي وأقره. ومما يؤيد ذلك قولهم خبر ضمير الشأن لا يكون إلا جملة إذ لو لم يكن المراد بالشأن القصة والحديث بل الحالة والصفة لصح الإخبار عنه بالمفرد بأن يقال: هو الأحدية مثلًا فتنبه. قوله: "اكتفى" أي المبتدأ بها والمعنى أنه لا ضمير فيها لا أنه مستغنى عنه مع إمكان الإتيان به. قوله: "كنطقي الله حسبي" الحكم على الخبر في هذا المثال ونحوه بأنه جملة إنما هو بحسب الظاهر أما في الحقيقة فمفرد كما قاله المرادي لأن المقصود بالجملة لفظها، فالمعنى منطوقي هذا اللفظ. والمراد بالنطق المنطوق والإضافة في نطقي للعهد. قوله: "وكفى" فاعله ضمير مستتر وهو من باب الحذف والإيصال والأصل وكفى به حسيبًا لأن الأكثر في فاعل كفى أن يجر بالباء الزائدة. ا. هـ. خالد مع زيادة. قوله: "وآخر دعواهم" أي دعائهم قال البعض كغيره أن مخففة من الثقيلة. ا. هـ. وهو غير مناسب لجعل الشارح الآية من الإخبار بجملة هي عين المبتدأ في المعنى لأن الخبر حينئذٍ مفرد لتأولها مع معموليها بمصدر وجعلها تفسيرية يمنعه أن التفسيرية يشترط كونها بعد جملة فيها معنى القول دون حروفه لأنها هنا بعد مفرد فتأمل. قوله: "منه" قدره للإشارة إلى أن الجامد مبتدأ ثان خبره فارغ والجملة خبر المفرد والرابط محذوف تقديره منه، وإنما فعل ذلك لئلا يعود الضمير في قوله وأن يشتق للموصوف بدون صفته على تقدير جعل الجامد صفة لأنه خلاف المتبادر وإن كان جائزًا عند القرينة وهي هنا استحالة كون الجامد مشتقًّا. وفيه أن جعل الجامد مبتدأ ثانيًا بتقدير الرابط خلاف المبتادر أيضًا إلا أن يقال تقدير الرابط كثير بخلاف إرجاع الضمير إلى الموصوف بدون صفته بل جعله الشاطبي خطأ مستدلًا بقول سيبويه وغيره من النحاة: الموصوف والصفة بمنزلة الاسم الواحد وإن نوزع في التخطئة. قوله: "فارغ" أي على الصحيح خلافًا للكوفيين في قولهم بتحمله الضمير ومحل الخلاف الجامد الذي ليس في تأويل المشتق أما هو كأسد بمعنى شجاع فمتحمل اتفاقًا والمناطقة يوجبون تأويل الجامد المحض بالمشتق في نحو هذا زيد لأن الجزئي الحقيقي لا يكون محمولًا عندهم أصلًا، فلا بد من تأويله بمعنى كلي وإن كان في الواقع منحصرًا في شخص، فيؤول زيد في نحو هذا زيد بصاحب هذا الاسم حتى عند من لا يشترط في الخبر أن يكون مشتقًا كذا في شرح الجامع. وقوله والمناطقة أي جمهورهم وإلا فمنهم من لا يوجب ذلك لتجويزه حمل الجزئي الحقيقي. قوله: "بمعنى يصاغ من المصدر إلخ" هذا هو المشتق بالمعنى الأخص وهو المراد هنا أما المشتق بالمعنى الأعم فهو ما أخذ من المصدر للدلالة على ذات وحدث وهو بهذا المعنى يتناول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   من ضمير المبتدأ خلافًا للكوفيين "وإن يشتق" المفرد بمعنى يصاغ من المصدر ليدل على متصف به كما صرح به في شرح التسهيل "فهو ذو ضمير مستكن" فيه يرجع إلى المبتدأ   أسماء الزمان والمكان والآلة فلا تصح إرادته هنا لخلو الثلاثة المذكورة من الضمير. والمراد بالمصدر ما يشمل المستعمل والمقدر ليدخل نحو ربعة من الصفات التي أهملت مصادرها. واستظهر بعضهم أن نحو ربعة ليس مشتقًا أصلًا بل أجري مجرى المشتق لكونه بمعناه كما قاله المصنف في نحو شمردل بمعنى طويل. قوله: "فهو ذو ضمير" أي واحد. نعم إن تعدد المشتق وجعل الخبر المجموع نحو الرمان حلو حامض ففيه خلاف: قيل: إنه واحد تحمله معنى المجموع المجعول خبرًا وهو مز لأنه لا يجوز خلو الخبرين من الضمير لئلا تنتقض قاعدة المشتق ولا انفراد أحدهما به لأنه ليس أولى من الآخر، ولا أن يكون فيهما ضمير واحد لأن عاملين لا يعملان في معمول واحد، ولا أن يكون فيهما ضميران لأنه يصير التقدير كله حلو وكله حامض وهو خلاف الغرض وقيل: واحد مستتر في الأول لأنه الخبر في الحقيقة والثاني كالصفة والتقدير الرمان حلو فيه حموضة. وقال الفارسي: واحد مستتر في الثاني لأن الأول بمنزلة الجزء من الثاني، والثاني هو تمام الخبر. وقال أبو حيان: اثنان تحملهما جزءا الخبر ولا يلزم أن يكون كل منهما خبرًا على حدته لأن المعنى أنه ذو طعم بين الحلاوة والحموضة الصرفتين. قال أبو حيان: وتظهر ثمرة الخلاف إذا جاء بعدهما اسم ظاهر نحو هذا البستان حلو حامض رمانه. فإن قلنا لا يتحمل إلا أحدهما تعين أن يكون الرمان مرفوعًا به، وإن قلنا: يتحمل كل كان من باب التنازع كذا في الهمع، ومحل كون الخبر المشتق ذا ضمير إذا لم يرفع الظاهر وإلا كان فارغًا لأنه لا يرفع فاعلين نحو زيد قائم أبوه. قوله: "مستكن" أي وجوبًا إلا لعارض يقتضي البروز كالحصر في نحو زيد ما قائم إلا هو، والجريان على غير من هو له في نحو زيد عمرو ضاربه هو، ومذهب سيبويه جواز الإبراز كما يؤخذ من تجويزه في نحو مررت برجل مكرمك هو أن يكون فاعلًا وتوكيدًا للضمير المستتر. قوله: "يرجع إلى المبتدأ" الظاهر أن المراد إلى مبتدأ ذلك الخبر. وأورد عليه أنه قد يرجع إلى غيره في نحو زيد عمرو ضاربه هو، وأجيب بأن كلامه جرى على الغالب. وسينبه على خلاف الغالب بقوله: وأبرزته إلخ. وأجاب شيخنا بأن فرض كلام الناظم في المستكن فلهذا قال الشارح: يرجع إلى المبتدأ والضمير في المثال المذكور بارز، وهذا جواب وجيه كما لا يخفى على نبيه فالبعض الذي شنع عليه هو الأحق بالتشنيع والأجدر باللوم والتقريع. لا يقال جوابه وإن دفع إيراد المثال المذكور لا يدفع إيراد نحو زيد هند ضاربها لأن الضمير في الخبر مستتر مع رجوعه إلى غير مبتدئه لأنا نقول المتن جار على مذهب البصريين من وجوب إبراز الضمير إذا جرى الخبر على غير من هو له مطلقًا، وحينئذٍ لا يصح هذا المثال فلا يرد أصلًا فافهم. قوله: "ففي هذه الأخبار ضمير المبتدأ" ويرتفع بها الظاهر إذا جرت على غير من هي له كما يرتفع بالمشتقات نحو زيد أسد أبوه قاله الفارضي. قوله: "وأبرزنه" يوهم كلامه أن وجوب الإبراز خاص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وأبرزنه مطلقًا حيث تلا ... ما ليس معناه له محصلا   والمشتق بالمعنى المذكور هو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل. وأما أسماء الآلة والزمان والمكان فليست مشتقة بالمعنى المذكور من الجوامد وهو اصطلاح. تنبيهان: الأول في معنى المشتق ما أول به نحو زيد أسد أي شجاع، وعمرو تميمي أي منتسب إلى تميم، وبكر ذو مال أي صاحب مال. ففي هذه الأخبار ضمير المبتدأ. الثاني يتعين في الضمير المرفوع بالوصف أن يكون مستترًا أو منفصلًا ولا يجوز أن يكون بارزًا متصلًا، فألف قائمان وواو قائمون من قولك: الزيدان قائمان والزيدون قائمون ليستا بضميرين كما هما في يقومان ويقومون، بل حرفا تثنية وجمع وعلامتا إعراب "وأبرزنه" أي الضمير المذكور "مطلقًا" أي وإن أمن اللبس "حيث تلا" الخبر "ما" أي مبتدأ "ليس معناه" أي معنى الخبر "له" أي لذلك المبتدأ "محصلًا" مثاله عند خوف اللبس أن تقول عند إرادة الأخبار بضاربية زيد ومضروبية عمرو زيد عمرو ضاربه هو، فضاربه خبر عن عمرو ومعناه هو الضاربية لزيد، وبإبراز المضير علم ذلك ولو استتر آذن التركيب بعكس المعنى. ومثال ما أمن فيه اللبس زيد هند ضاربها هو وهند زيد ضاربته هي فيجب الإبراز أيضا لجريان الخبر على غير من هو له. وقال الكوفيون: لا يجب الإبراز حيئنذ ووافقهم الناظم   بضمير الخبر المفرد مع أنه يجب في الجملة أيضًا نحو زيد عمرو ضربه هو لوجود المحذور فيها أيضًا، وكذا ما احتمل أن يكون مفردًا أو جملة من الظرف والجار والمجرور نحو زيد عمرو في داره هو أو عنده هو، وهل يجوز وضع الظاهر موضعه عند الإيهام؟ قال أبو حيان: نعم، وخالفه المرادي. قوله: "حيث تلا الخبر" مثله الحال والنعت والصلة كركب عمرو الفرس طارده هو، ومر زيد برجل ضاربه هو، وبكر الفرس الراكبه هو وكذا إذا وقعت الثلاثة جملة فعلية فالفعل كالوصف المفرد في الثلاثة والخبر حكمًا وخلافًا كما في الهمع. قوله: "مثاله" أي الإبراز عند خوف اللبس والضمير في صورة الخوف فاعل عند الكل إلا الرضي فإنه قال تأكيد للضمير المستتر، وفي صورة الأمن فاعل عند البصريين. وجوز الكوفيون كونه فاعلًا وكونه تأكيدًا، وتظهر فائدة ذلك في التثنية والجمع فيقال على تقدير. فاعلية الضمير الهندان الزيدان ضاربتهما هما وعلى تقدير كونه تأكيدًا ضاربتاهما هما، ومثل ذلك الجمع المسموع من العرب إفراد الوصف في مثل ذلك إلا في لغة أكلوني البراغيث قال الدماميني. قوله: "ومثال ما أمن فيه اللبس" قال اللقاني: ينبغي أن يخص بظهوره إذا لم يلبس استتاره عموم قوله: وفي اختيار لا يجيء المنفصل ... إلخ قوله: "واستدلوا لذلك إلخ" وجه التمسك به أن قومي مبتدأ أول وذرى المجد مبتدأ ثان وبانوها جمع بأن من بتي يبتي خبر الثاني والجملة خبر الأول والهاء عائدة على ذرى المجد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 وأخبروا بظرف أو بحرف جر ... ناوين معنى كائن أو استقر   في غير هذا الكتاب واستدلوا لذلك بقوله: 148- قومي ذرى المجد نانوها وقد علمت ... بكنه ذلك عدنان وقحطان تنبيهان: الأول من الصور التي يتلو الخبر فيها ما ليس معناه له أن يرفع ظاهرًا نحو زيد قائم أبوه، فالهاء في أبوه هو الضمير الذي كان مستكنًا في قائم، ولا ضمير فيه حينئذ لامتناع أن يرفع شيئين ظاهرًا ومضمرًا. الثاني قد عرفت أنه لا يجب الإبراز في زيد هند ضاربته، ولا هند زيد ضاربها، ولا زيد عمرو ضاربه تريد الإخبار بضاربية عمرو لجريان الخبر على من هو له، بل يتعين الاستتار في هذ الأخير لما يلزم على الإبراز من إيهام ضاربية زيد "وأخبروا بظرف" نحو زيد عندك "أو بحرف جر" مع مجروره نحو زيد في   والعائد على المبتدأ الأول مستتر في بانوها فقد جرى الخبر على غير من هو له، ولم يبرز الضمير لكون اللبس مأمونًا للعلم بأن الذرى مبنية لا بانية، ولو أبرز لقيل على اللغة الفصحى بانيهاهم لأن الوصف كالفعل إذا أسند إلى ظاهر أو ضمير منفصل مثنى أو جمع وجب تجريده من علامتهما وعلى غير الفصحى بانوهاهم. وأجاب البصريون باحتمال أن يكون ذرى المجد معمولًا لوصف محذوف يفسره المذكور والأصل بانون ذرى المجد بانوها. وفيه أن اسم الفاعل هنا بمعنى المضي ومجرد من أل فلا عمل له فلا يفسر عاملًا. وأجيب بأنه لا مانع من أن يراد بالوصف الدوام والاستمرار فيكون بمنزلة الحال في صحة العمل فيفسر عاملًا كما قاله الناصر. فائدة: تكتب ذرى بالألف عند البصريين لانقلاب ألفه عن واو، وياء عند الكوفيين لضم أوله. قوله: "قد عرفت" أي من مفهوم قوله: ما ليس معناه له محصلا قوله: "بظرف" أي تام يحصل بالإخبار به فائدة أخذًا من تعريف الخبر السابق. والمراد بالظرف ما يعم المكاني والزماني الواقع خبرًا عن غير جثة أو عنها مع الفائدة وقصره على المكاني كما فعل البعض قصور. قوله: "مع مجروره" لو قال ومجروره لكان أولى لاقتضاء عبارته أن المجرور قيد للخبر الذي هو حرف الجر كما هو شأن الحال والنعت لا جزء منه. هذا وقد حقق الرضي أن المحل أي محل النصب بالمتعلق المحذوف بناء على أنه الخبر أو بالمتعلق الملفوظ به في نحو زيد جالس في الدار وذهبت بزيد. أو الرفع بالمبني للمجهول في نحو مر بزيد إنما هو للمجرور فقط لأن الجار لتوصيل معاني الأفعال وما في حكمها إلى الأسماء كالهمزة والتضعيف في أذهبت زيدًا وفرحته، لكن هذا الذي حققه لا يقتضي أن الإخبار في الظاهر الذي أراده المصنف بالمجرور فقط، فتفريع البهوتي عن كلام الرضي أن الخبر المجرور فقط وأن   148- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 196، وتخليص الشواهد ص186؛ والدرر 2/ 9؛ وشرح التصريح 1/ 162؛ وشرح ابن عقيل ص109؛ وهمع الهوامع 1/ 96. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الدار "ناوين" متعلقهما إذ هو الخبر حقيقة حذف وجوبًا انتقل الضمير الذي كان فيه في   المصنف أطلق الجار وأراد المجرور مجازًا لعلاقة المجاورة غلط، وإن نقله البعض وأقره. وقال السيد في حواشي الكشاف المحل لمجموع الجار والمجرور في المستقر وللمجرور فقط في اللغو نحو: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم} [الفاتحة: 7] ، ومر بزيد. ا. هـ. ومراده بالمحل الذي للمجموع في الخبر الظرفي محل الرفع بناء على أن الجار والمجرور هو الخبر فلا ينافي ما للرضي فتنبه. والحاصل أن محل المجموع في المستقر تارة يكون رفعًا إذا كان خبرًا وتارة يكون نصبًا إذا كان حالًا مثلًا، وتارة يكون جرًا إذا كان صفة لموصوف مجرور، ومحل المجرور في اللغو تارة يكون رفعًا كما في مر بزيد بالبناء للمجهول، وتارة يكون نصبًا كما في مررت بزيد ولا يكون جرًّا فاحفظ ذلك. قوله: "إذا هو الخبر حقيقة" وقيل: الظرف أو الجار والمجرور وقيل: المجموع واختاره الرضي وابن الهمام. والقائل بالأول نظر إلى أن العامل هو الأصل وأن معموله قيد له، والقائل بالثاني نظر إلى الظاهر، والقائل بالثالث نظر إلى توقف مقصود المخبر على كل منهما. قال الروداني حاول بعضهم جعل الخلاف لفظيًّا، ومن تأمله حق التأمل علم أنه حقيقي، ثم الخلاف في المتعلق بالكون العام أما المتعلق بالكون الخاص فالخبر ذلك الخاص ذكر أو حذف لدليل اتفاقًا. واعلم أن كلًّا من الظرف والجار والمجرور قسمان: لغو ومستقر بفتح القاف فاللغو ما ذكر عامله ولا يكون إلا خاصًّا والمستقر ما حذف عامله عامًا كان ولا يكون إلا واجب الحذف أو خاصًا واجب الحذف نحو يوم الجمعة صمت فيه أو جائزه نحو زيد على الفرس أي راكب. وقيل: المستقر ما متعلقه عام واللغو ما متعلقه خاص وعليه اقتصر الدماميني وهو مقتضى قول المغني لا ينتقل الضمير من المحذوف إذا كان خاصًّا إلى الظرف والجار والمجرور. ا. هـ. وسمي اللغو لغوًا لخلوه من الضمير في المتعلق، والمستقر مستقرًّا أي مستقرًّا فيه لاستقرار الضمير فيه. قوله: "حذف وجوبًا" إنما قال وجوبًا لأن كلام المصنف في المتعلق العام، فاندفع اعتراض سم وأقره شيخنا والبعض بأن هذا يقتضي أن المحذوف كون عام إذ الخاص لا يجب حذفه في هذا المقام مع أن المحذوف قد يكون خاصًا كما أوضحه السيد في بحث الحمد لله من حاشية الكشاف هذا. وجوّز ابن جني إظهار المتعلق العام. قوله: "وانتقل الضمير إلخ" في كلامه تلفيق من مذهبين فإن القائلين بالانتقال هم القائلون بأن الخبر الظرف أو الجار والمجرور وهم جمهور البصريين. وأما القائلون بأنه المتعلق فالضمير عندهم باق في المتعلق لم ينتقل كما يفيده كلام الهمع. وغيره وعبارة الهمع بعد ذكره القولين في أن الخبر الظرف أو متعلقه المقدر وأن التحقيق الثاني نصها والوجهان جاريان في عمله الرفع هل هو له حقيقة أو للمقدر وفي تحمله الضمير هل هو فيه حقيقة أو في المقدر والأكثرون في المسائل الثلاث على أن الحكم للظرف حقيقة. ا. هـ. ولهذا قال الروداني: هذا يعني قول الشاعر فإن يك جثماني إلخ دليل على ضعف أن الخبر المتعلق أو منعه، ودليل على ترجيح أنه الظرف لأن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الظرف والجار والمجرور، وزعم السيرافي أنه حذف معه ولا ضمير في واحد منهما، وهو مردود بقوله: 149- فإن يك جثماين بأرض سواكم ... فإن فؤادي عندك الدهر أجمع والمتعلق المنوي إما من قبيل المفرد وهو ما في "معنى كائن" نحو ثابت ومستقر   الضمير إنما يستكن في الخبر. ا. هـ. فاحفظ ذلك فقد غفل عنه. وأرجح الاحتمالات كما قاله ابن قاسم أن الانتقال مع الحذف لا قبله ولا بعده لأنه لا يلزم عليه شيء بخلاف الثاني فإنه يلزم عليه تفريغ العامل من الضمير وهو ممتنع، وأن أجيب بمنع امتناعه بدليل أنه بعد الحذف فارغ منه فقد يفرق بأنه بعد الحذف ناب عنه الظرف في تحمل الضمير فلم يضر فراغه منه بخلافه قبل الحذف وبخلاف الثالث فإنه يلزم عليه حذف العامل في الضمير المتصل مع بقائه وهو غير ممكن وإن أجيب بأن البعدية أمر اعتباري تقديري فإنه لا يخلو من ضعف فتأمل. قوله: "إلى الظرف والجار والمجرور" فيرتفع بهما على الفاعلية كارتفاعه بالمنتقل عنه وكذا يرتفع بهما السببي إن جاء بعدهما كزيد خلفك أبوه. شرح الجامع. قوله: "في واحد منهما" أي الظرف والجار والمجرور. قوله: "وهو مردود بقوله فإن يك إلخ" وجهه أن أجمع لا يصح كونه تأكيدًا لفؤادي ولا للدهر لنصبهما ولا للضمير المحذوف مع المتعلق لامتناع حذف المؤكد على الراجح لمنافاة الحذف للتوكيد ولا لفؤادي باعتبار محله قبل دخول الناسخ لزوال الطالب للمحل بدخوله فتعين كونه تأكيدًا للضمير في الظرف. ولا يشكل عليه الفصل بالأجنبي وهو الدهر لجوازه ضرورة قاله في التصريح. أقول سبق في باب المعرب والمبني أن الخليل وسيبويه يجيزان حذف المؤكد، وسيأتي في باب إن أن مذهب الناظم تبعًا للكوفيين وبعض البصريين عدم اشتراط بقاء الطالب للمحل وأنه يجوز مراعاة حال المنسوخ وإن زال الابتداء بدخول الناسخ وعليه لا ينهض الرد على السيرافي. وقول الشاعر سواكم على حذف مضاف أي سوى أرضكم قاله السيوطي في شرح شواهد المغني وهو يفيد أن بأرض سواكم تركيب توصيفي لا إضافي وإلا لم يحتج لتقدير المضاف وقوله عندك ضبطه البغدادي بكسر الكاف قال: لأنه خطاب لامرأة وإنما قال: سواكم لأن المرأة قد تخاطب بخطاب جماعة الذكور مبالغة في سترها. قوله: "ناوين معنى إلخ" أي ناوين كائنًا أو استقر أو ما في معناهما لا خصوص هذا اللفظ قاله سم. قوله: "ما في معنى كائن" من ظرفية الدال في المدلول والمراد كائن. وما في معناه من كل وصف عام المعنى ولو بمعنى الماضي لأن الوصف بمعنى الماضي يعمل في الجار والمجرور   149- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص111؛ وخزانة الأدب 1/ 359؛ والدرر 2/ 19؛ وسمط اللآلي ص505؛ وشرح التصريح 1/ 166؛ وشرح شواهد المغني 2/ 846؛ والمقاصد النحوية 1/ 525؛ ولكثير عزة في ديوانه ص404؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 201، ومغني اللبيب 2/ 442. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "أو" الجملة وهو ما في معنى "استقر" وثبت والمختار عند الناظم الأول. قال في شرح الكافية: وكونه اسم فاعل أولى لوجهين: أحدهما أن تقدير اسم الفاعل لا يحوج إلى تقدير آخر لأنه واف بما يحتاج إليه المحل من تقدير خبر مرفوع. وتقدير الفعل يحوج إلى تقدير اسم فاعل إذ لا بد من الحكم بالرفع على محل الفعل إذا ظهر في موضع الخبر، والرفع المحكوم عليه به لا يظهر إلا في اسم الفاعل. الثاني أن كل موضع كان فيه الظرف خبرًا   اتفاقًا وفي الظرف على الأصح. وكائن المقدر من كان التامة لا الناقصة وإلا كان الظرف أو الجار والمجرور في موضع الخبر لها فيقدر له متعلق آخر وهكذا إلى ما لا نهاية له نقله الشمني عن السعد. واعلم أن الأصل تقدير المتعلق مقدمًا على الظرف والجار والمجرور كسائر العوامل مع معمولتها وقد يعرض ما يقتضي تقديره مؤخرًا نحو إن في الدار زيدًا لأن إن لا يليها مرفوعها ونحو في الدار زيد على تقديره فعلًا لأن الخبر الفعلي لا يتقدم على المبتدأ أما على تقديره وصفًا فيستوي الوجهان لأن رجحان تقديره مؤخرًا بكونه في الحقيقة الخبر والأصل في الخبر أن يتأخر عن المبتدأ يعارضه أن المتعلق عامل والأصل في العامل أن يتقدم على المعمول. هذا ما انحط عليه كلام ابن هشام في المغني. قوله: "أو الجملة" فيه أن المتعلق المنوي ليس الجملة بل الفعل وحده فكان ينبغي أن يقول والمتعلق المنوي إما من قبيل الاسم وهو ما في معنى كائن إلخ أو الفعل وهو ما في معنى استقر. ويمكن أن يجاب بأن تعبيره بالجملة للإشارة إلى أن الخبر الذي هو ظرف أو جار ومجرور لا يخرج عن أحد القسمين المارين في قوله: ومفردًا يأتي ويأتي جمله وإنما أفرده المصنف نظرًا إلى الظاهر أو إلى أنه لا يتعين فيه واحد فافهم. قوله: "والمختار عند الناظم الأول" ولهذا قدمه هنا واختار بعضهم الثاني وذهب ابن هشام إلى تساويهما ما لم يقتض المقام أحدهما فإذا كان المعنى على الحال قدر الاسم، أو المضارع أو على الاستقبال قدر المضارع، أو على المضي قدر الماضي، قال: فإن جهلت المعنى فقدر الوصف لأنه صالح للأزمنة كلها وإن كان حقيقة في الحال. ا. هـ. قال الدماميني: كيف يقدر مع الجهل ما هو ظاهر في الحال فالمخرج من العهدة أن لا يقدم على تقدير شيء معين بل يردد الأمر ويقال: إن أريد الماضي قدر كذا وإن أريد الحال قدر كذا وإن أريد المستقبل قدر كذا. قوله: "إلى تقدير آخر" بالتنوين وبالإضافة أي تقدير اسم فاعل آخر. قوله: "وتقدير الفعل يحوج إلخ" بحث فيه الدماميني بأن كون الجملة ذات محل من الإعراب لا يقتضي كونها مقدرة بمفرد مأخوذ منها بل يكفي في ذلك وقوعها موقع مفرد ما. قوله: "إلى تقدير اسم فاعل" أي إلى تقدير الفعل باسم فاعل. قوله: "إذا ظهر" أي الفعل. قوله: "والرفع المحكوم عليه به" أي على محل الفعل بالرفع وقوله لا يظهر إلا في اسم الفاعل أي فلا بد من تقدير الفعل به ثانيًا ليظهر الرفع، وفيه أن هذا يقتضي أن كل ما لم يظهر فيه الإعراب ولو مفردًا لا بد من تقديره بما يظهر فيه ولم يذهب أحد إلى ذلك ولا فارق، فالحق أن تقدير الفعل لا يحوج إلى تقدير شيء آخر كما تقدم. قوله: "وبعد أما إلخ" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقدر تعلقه بفعل أمكن تعلقه باسم الفاعل. وبعد أما وإذا الفجائية يتعين التعلق باسم الفاعل نحو أما عندك فريد، وخرجعت فإذا في الباب زيد لأن أما وإذا الفجائية لا يليهما فعل ظاهر ولا مقدر، وإذا تعين تقدير اسم الفاعل في بعض المواضع ولم يتعين تقدير الفعل في بعض المواضع وجب رد المحتمل إلى ما لا احتمال فيه ليجري الباب على سنن واحد. ثم قال: وهذا الذي دللت على أولويته هو مذهب سيبويه، والآخر مذهب الأخفش هذا كلامه. ولك أن تقول ما ذكره من الوجهين لا دلالة فيه لأن ما ذكره في الأول معارض بأن أصل العمل للفعل، وأما الثاني فوجوب كون المتعلق اسم فاعل بعد أما وإذا إنما هو لخصوص المحل كما إن وجوب كونه فعلًا في نحو جاء الذي في الدار وكل رجل في الدار فله درهم   في قوة التعليل المقدر أي ولا عكس لأنه بعد أما إلخ. قوله: "وإذا الفجائية" في بعض النسح وإذا المفاجأة بإضافة الدال إلى المدلول. قوله: "يتعين التعلق باسم الفاعل" أما في أما فلأنها مقدرة بأداة الشرط وفعله أي أعني مهما يكن والجواب ما بعد الفاء فتعذر إيلاؤها الفعل لأن أداة الشرط لا يليها من الأفعال إلا فعل الشرط ثم جوابه. وأما في إذا فلأنها لا يليها إلا الاسم على الأصح فرقًا بينها وبين إذا الشرطية. قوله: "ولم يتعين تقدير الفعل في بعض المواضع" أي مواضع الخبر كما نبه عليه سابقًا بقوله: كان الظرف فيه خبرًا فلا ترد الصلة وصفة النكرة الواقعة مبتدأ وفي خبرها الفاء. قوله: "وجب رد المحتمل" أي ترجح لأن الخلاف إنما هو في الراجح. قوله: "لا دلالة" أي معمولًا بها فلا يرد أن المعارضة تمنع العمل بالمعارض بفتح الراء لا الدلالة. قوله: "معارض بأن إلخ" قد يقال: يتقوى الأول بأن الأصل في الخبر الإفراد. قوله: "إنما هو لخصوص المحل" أي لعارض اقتضاه خصوص المحل لا لوقوع الظرف أو الجار والمجرور وقد يقال: ما تعين تقديره في بعض مواضع الخبر لخصوص المحل أرجح مما لم يتعين في بعضها لخصوص المحل. قوله: "كما أن إلخ" تنظير في كون التعين لأمر عارض، وقوله: كذلك أي لخصوص المحل فليس قصد الشارح منع ما اقتضاه كلام المصنف في شرح الكافية من اختصاص التعين باسم الفاعل حتى يعترض على الشارح بأن كلام المصنف في الخبر لا في الصلة والصفة، لأنه لو كان قصده ذلك لقال وأما الثاني فممنوع بوجوب تقدير الفعل في نحو جاء الذي إلخ. قوله: "في نحو جاء الذي في الدار" قال ابن يعيش: إنما لم يجز في الصلة تقدير المفرد على أنه خبر لمحذوف على حد قراءة بعضهم تمامًا على الذي أحسن بالرفع لقلة ذلك واطراد هذا. ا. هـ. مغني. ولنا فيه بحث أسلفناه في الموصول. قوله: "وصفة النكرة إلخ" وأما قوله: كل أمر مباعد أو مداني ... فمنوط بحكمة المتعالي فنادر. ا. هـ. مغني. قوله: "الواقعة مبتدأ" أي أو مضافًا إليها المبتدأ كما في المثال. قوله: "على أن ابن جني إلخ" هذا رد لقول المصنف في دليله الثاني وبعد أما وإذا الفجائية إلخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كذلك لوجوب كون الصلة وصفة النكرة الواقعة مبتدأ في خبرها الفاء جملة، على أن ابن جني سأل أبا الفتح الزعفراني هل يجوز إذا زيدًا ضربته فقال: نعم فقال ابن جني: يلزمك إيلاء إذا الفجائية الفعل ولا يليها إلا الأسماء، فقال: لا يلزم ذلك لأن الفعل ملتزم الحذف، ويقال مثله في أما فالمحذور ظهور الفعل بعدهما لا تقديره بعدهما لأنهم يغتفرون في المقدرات ما لا يغتفرون في الملفوظات. سلمنا أنه لا يليهما الفعل ظاهرًا ولا مقدرًا لكن لا نسلم أنه وليهما فيما نحن فيه إذ لا يجوز تقديره بعد المبتدأ فيكون التقدير أما في الدار فزيد استقر، وخرجت فإذا في الباب زيد حصل. لا يقال: إن الفعل وإن قدر متأخرًا فهو في نية التقديم إذ رتبة العامل قبل المعمول لأنا نقول: هذا المعمول ليس في مركزه لكونه خبرًا مقدمًا وكون المتعلق فعلًا هو مذهب أكثر البصريين ونسب لسيبويه أيضًا. تنبيه: إنما يجب حذف المتعلق المذكور حيث كان استقرارًا عامًّا كما تقدم، فإن   أورده بعد تسليم امتناع تقدير الفعل بعد أما وإذا الفجائية واللائق العكس كما هو مقرر في آداب البحث. قوله: "لا يلزم ذلك" أي لزومًا مضرًا وإلا فتقدير الفعل بعد إذا في مثاله لا بد منه. قوله: "إذ يجوز تقديره بعد المبتدأ" كان ينبغي أن يقول إذ يجب لما سيأتي أنه يجب تأخير الخبر إذا كان فعلًا ظاهرًا أو مقدرًا عن المبتدأ. فإن قلت علة امتناع تقديم الخبر الفعلي على المبتدأ خوف التباس الجملة الاسمية بالفعلية وهذا إنما يكون في الملفوظ لا المقدر. قلت أعطوا المقدر حكم الملفوظ وإن كانت العلة لا توجد في المقدر إجراء للباب على سنن واحد قاله الشمني. قوله: "ليس في مركزه" أي محله الأصلي بل مقدم فمتعلقه الذي هو ذلك العامل كذلك فالوالي لأما في الحقيقة والرتبة هو المبتدأ. قوله: "لكونه خبرًا" أي بحسب الظاهر أو على أحد الأقوال الثلاثة. قوله: "وكون إلخ" يظهر أنه وجه آخر لضعف ما ذهب إليه المصنف. قوله: "إنما يجب حذف المتعلق المذكور" أي في قول المصنف: ناوين معنى كائن أو استقر لكن لا بقيد عمومه المفهوم من هذه العبارة ليكون لقول الشارح حيث كان عامًّا فائدة. واعترض البعض تبعًا لشيخنا على الحصر بأنه قد يجب حذف المتعلق الخاص نحو يوم الجمعة صمت فيه والأمثال نحو الكلاب على البقر أي أرسل، وهو سهو عن كون موضوع الكلام متعلق الخبر الظرف أو الجار والمجرور كما يصرح به قوله المذكور. قوله: "وجب ذكره" أي إن لم يدل عليه دليل كما يؤخذ من التعليل فإن دل عليه دليل جاز حذفه نحو زيد على الفرس أي راكب، ومن لي بفلان أي من يتكفل لي به لكن لا ينتقل الضمير من الخاص إلى الظرف ولا يسمى معه الظرف خبرًا ولا يكون محله رفعًا ذكره الدماميني. قوله: "ولا يكون اسم زمان خبرًا عن جثة" أي ذات والتقييد باسم الزمان والجثة نظرًا للغالب من أن اسم الزمان إنما يفيد الإخبار به عن المعنى لا عن الجثة، وأن ظرف المكان يفيد الإخبار به عن كليهما، فإن لم يفد الإخبار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 ولا يكون اسم زمان خبرا ... عن جثة وإن يفد فأخبرا   كان استقرارًّا خاصًّا نحو زيد جالس عندك أو نائم في الدار وجب ذكره لعدم دلالتهما عليه عند الحذف حينئذ "ولا يكون اسم زمان خبرا عن جثة" فلا يقال: زيد اليوم لعدم الفائدة "وإن يفد" ذلك بواسطة تقدير مضاف هو معنى "فأخبرا" كما في قولهم الهلال الليلة والرطب شهري ربيع، واليوم خمر وغدًا امر، وقوله: أكل عام نعم تحوونه، اي طلوع   بالزمان عن المعنى نحو القتال زمانًا أو حينًا وبالمكان عن الجثة أو المعنى نحو زيد أو القتال مكانًا امتنع. هذا محصل ما ذكره الشاطبي قال سم: وهو حسن جدًّا ومن المعنى الزمان نحو الجمعة اليوم ومثل الخبر الحال والصفة والصلة. وما ذكره المصنف مبني كما استظهره سم على مذهب من يشترط تجدد الفائدة، أما على مذهب من لا يشترط تجددها فيجوز. واعلم أن الزمان إذا أخبر به عن المعنى يرفع غالبًا إن استغرق المعنى جميع الزمان أو أكثره وكان الزمان نكرة نحو الصوم يوم والسير شهر أي زمن الصوم يوم إلخ وقد ينصب ويجر بفي، فإن لم يستغرق الجميع أو الأكثر أو كان الزمان معرفة نصب أو جر بفي غالبًا نحو الخروج يومًا أو في يوم والصوم اليوم أو في اليوم، وقد يرفع ومنه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَات} [البقرة: 197] ، وأن ظرف المكان المتصرف إذا أخبر به عن اسم عين ترجح رفعه على نصبه إن كان المكان نكرة نحو المسلمون جانب والمشركون جانب، ويجوز جانبًا، فإن كان معرفة ترجح نصبه على رفعه نحو زيد أمامك وداري خلف دارك بالنصب، ويجوز الرفع ولا يختص رفع المعرفة بكونها بعد اسم مكان كما علمت من التمثيل خلافًا للكوفيين ويجب نصب غير المتصرف كفوق. ثم اعلم أنه يجوز رفع اليوم ونصبه إذا أخبر به عن اسم زمان تضمن عملًا كاليوم الجمعة أو السبت أو العيد لتضمنها معنى الجمع والقطع والعود، ومنه اليوم يومك لتضمنه معنى شأنك الذي تذكر به، ويتعين الرفع إذا لم يتضمن كالأحد إلى الخميس وأجاز الفراء وهشام النصب. ويتعين رفع أسماء الشهور في نحو أول السنة المحرم، والوقت الطيب المحرم أفاده في الهمع. وقوله وأن ظرف المكان المتصرف إذا أخبر به عن اسم عين إلخ الظاهر أن اسم المعنى كاسم العين في ذلك فتدبر. قوله: "بواسطة تقدير مضاف" اعلم أن الفائدة تحصل بأحد أمور ثلاثة: الأول أن يتخصص الزمان بوصف أو إضافة مع جره بفي كنحن في يوم طيب أو شهر كذا. الثاني أن تكون الذات مشبهة للمعنى في تجددها وقتًا فوقتًا نحو الرطب شهري ربيع. الثالث تقدير مضاف هو معنى نحو اليوم خمر. إذا علمت ذلك ظهر لك أن اقتصار الشارح على الثالث ليس في محله وأن نحو الرطب شهري ربيع لا يحتاج إلى تقدير المضاف لمشابهته للمعنى فيما ذكر كما قاله الناظم في تسهيله، لكن يدفع عنه الاعتراض قوله هذا مذهب جمهور البصريين. قوله: "وغد أمر" من تتمة المثال ولا شاهد فيه لأن الإخبار فيه عن معنى. وهذا الكلام قاله امرؤ القيس حين أخبر بقتل والده. قوله: "هذا مذهب جمهور البصريين" الإشارة إلى تقدير المضاف الذي به حصلت الفائدة بدليل المقابلة بقوله وذهب قوم إلخ. قوله: "نظرًا إلى أن هذه الأشياء تشبه المعنى إلخ" الشبه المذكور غير ظاهر بالنسبة لقولهم: اليوم خمر وقوله: أكل عام إلخ والتقصير من الشارح لأن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 ولا يجوز الابتدا بالنكرة ... ما لم تفد كعند زيد نمره   الهلال ووجود الرطب وشرب خمر وإحراز نعم، فالإخبار حينئذ باسم الزمان إنما هو عن معنى لا جثة. هذا مذهب جمهور البصريين، وذهب قوم منهم الناظم في تسهيله إلى عدم تقدير مضاف نظرًا إلى أن هذه الأشياء تشبه المعنى لحدوثها وقتًا بعد وقت وهذا الذي يقتضيه إطلاقه "ولا يجوز الابتدا بالنكرة ما لم تفد" كما هو الغالب فإن أفادت جاز الابتداء بها ولم يشترط سيبويه والمتقدمون لجواز الابتداء بالنكرة إلى حصول الفائدة. ورأى المتأخرون أنه ليس كل أحد يهتدي إلى مواضع الفائدة فتتبعوها، فمن مقل مخل ومن مكثر مورد ما لا يصح، أو معدد لأمور متداخلة، والذي يظهر انحصار مقصود ما ذكروه   المصنف لم ينظر إلى ذلك في هذه الأشياء كلها كما يعلم بالوقوف على التسهيل. قوله: "ولا يجوز الابتداء بالنكرة" لأن معناها غير معين والإخبار عن غير المعين لا يفيد ما لم يقارنه ما يحصل به نوع فائدة كالمسوّغات الآتية. ولا يرد مجيء الفاعل نكرة مع أنه مخبر عنه في المعنى لتخصصه قبل ذكره بالحكم المتقدم عليه كذا قالوا. ومقتضاه جواز الابتداء بالنكرة إذا تقدم خبرها أي خبر كان نحو قائم رجل ولم يقولوا بذلك مع أنه مبحوث فيه بأن اختصاص الفاعل بالحكم أثر الحكم، فيكون الحكم على غير مختص ولذا اختار الرضي أن الفاعل كالمبتدأ فتأمل. والكلام في النكرة المخبر عنها كما يرشد إليه التعليل السابق لا التي لها فاعل أغنى عن الخبر لصحة الابتداء بها وإن كانت نكرة محضة كما سيأتي عن الدماميني. ثم ما ذكره مبني على اشتراط تجده الفائدة أما من لا يشترطها فيجوز عنده الابتداء بها مطلقًا. ويمكن أن يقال منعه هنا من الابتداء بالنكرة وسابقًا من الاخبار باسم الذات عن الجثة باعتبار الكلام المعتد به عند البلغاء لا مطلق الكلام فيكون كلامه جاريًا على القولين. قوله: "كما هو" أي عدم الإفادة والأحسن أن الكاف بمعنى لام التعليل لمقدر أي وتخصيص النكرة بالذكر مع أن الإفادة شرط في الكلام مطلقًا لأن الغالب عدم إفادة الابتداء بالنكرة. قوله: "ولم يشترط سيبويه والمتقدمون إلخ" يعني أنهم لم يعتنوا بتعديد الأماكن التي يسوغ الابتداء فيها بالنكرة، وإنما ذكروا ضابطًا كليًا وهو أنه متى حصلت الفائدة جاز الإخبار عن النكرة. دماميني. قوله: "إلى حصول الفائدة" أي علم حصولها إذ نفس الحصول متأخر عن الابتداء والشرط مقارن. قاله الناصر وهو إنما يظهر إذا أريد الحصول بالفعل لا الحصول بالشأن فافهم. وفي يس لنا نكرة لا تحتاج إلى مسوغ مذ ومنذ. قوله: "فمن مقلّ مخلّ" فيه أوجه: من أظهرها أن من تبعيضية والجار والمجرور خبر مبتدأ محذوف والمجرور صفة لمحذوف والتقدير فبعضهم من فريق مقل مخل. قوله: "انحصار مقصود ما ذكروه إلخ" قد يتوقف في اندراج بعض ما ذكروه فيما سيذكر ككون النكرة محصورة بإنما في نحو إنما رجل قائم أفاده الدماميني. قوله: "أن يكون الخبر مختصًا" المراد بالاختصاص هنا أن يكون المجرور في الخبر الجار والمجرور والمضاف إليه في الظرف والمسند إليه في الجملة صالحًا للإخبار عنه قاله الشمني. قوله: "كعند زيد نمرة" هي اسم لبردة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 وهل فتى فيكم فما حل لنا ... ورحل من الكرام عندنا   في الذي سيذكر، وذلك خمسة عشر أمرًا: الأول أن يكون الخبر مختصًّا ظرفًا أو مجرورًا أو جملة ويتقدم عليها "كعند زيد نمره" وفي الدار رجل، وقصدك غلامه إنسان، قيل: ولا دخل للتقديم في التسويع وإنما هو لما في التأخير من توهم الوصف. فإن قلت: الاختصاص نحو عند رجل مال، ولإنسان ثوب امتنع لعدم الفائدة. الثاني أن تكون عامة إما بنفسها كأسماء الشرط والاستفهام نحو من يقم أكرمه وما تفعل أفعل، ونحو من عندك وما عندك، أو بغيرها وهي الواقعة في سياق استفهام أو نفي نحو: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه} [النمل: 60] "وهل فتى فيكم فما خل لنا" وما أحد أغير من الله. الثالث أن تخصص بوصف إما لفظًا نحو:   من صوف تلبسها الأعراب. غزي. قوله: "قيل ولا دخل إلخ" قائله ابن هشام في المغني ووجه تمريض هذا القول أن المبتدأ يتخصص بتقديم الخبر كما قيل بذلك في الفاعل لأنه إذا قيل في الدار علم أن ما يذكره بعد وهو رجل مثلًا موصوف بالاستقرار في الدار فهو في قوة التخصيص بالصفة كما في الجامي وأقره شيخنا والبعض. وقد يقال كان ينبغي حينئذٍ الاكتفاء بالتقديم في التسويغ وإن لم يكن الخبر ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا أو جملة مع أنه يرد عليه أن اختصاص المبتدأ المؤخر بالحكم أثر الحكم فيكون الحكم على غير مختص كما مر نظيره في الفرق بين المبتدأ والفاعل. ولذا قال غير واحد الحق ما قاله ابن هشام فتدبر. قوله: "فإن فات الاختصاص إلخ" لم يمثل لفوات الاختصاص في الجملة فيوهم كلامه أنها لا تكون إلا مختصة مع أنها قد تكون غير مختصة كما في ولد له ولد رجل كذا ينبغي أن يمثل. وأما تمثيل البهوتي بمات في يوم رجل فغير صحيح وإن أقره البعض لفساده على تقدير اختصاصه أيضًا لأن فيه تقديم الخبر الفعلي الرافع لضمير المبتدأ على المبتدأ. قوله: "وما تفعل أفعل" التمثيل به مبني على أن ما مبتدأ والعائد محذوف أي ما تفعله أفعله لا على أن ما مفعول مقدم لتفعل. قوله: "في سياق استفهام" اعترض بأن الكلام في العموم الشمولي والنكرة في سياق الاستفهام إنما يكون عمومها شموليًّا إذا كان إنكاريًا كما في الآية التي مثل بها الشارح لأنه في معنى النفي لا إذا كان غير إنكاري كما في مثال المصنف. نعم قد تكون في غير المنفي وما في معناه والنهي للعموم الشمولي مجازًا فينزل عليه مثال المصنف، على أنه لا مانع من جعل الاستفهام في مثاله أيضًا إنكاريًّا فلا يكون ثم إشكال فتدبر. قوله: "وما أحد أغير من الله" الأنسب بالمقام جعل ما تميمية لأن الكلام في المبتدأ في الحال. قوله: "أن تخصص بوصف" مقتضاه جواز حيوان ناطق في الدار وامتناع إنسان في الدار لوصف المبتدأ في الأول وعدمه في الثاني مع أن المعنى متحد فيهما. ويمكن الفرق بأن في الأول نكتة الإجمال ثم التفصيل بخلاف الثاني. ثم رأيت سم نقل بهامش الدماميني عن شيخه السيد الصفوي ما نصه: تحقيق المقام أن العرب اعتبروا التخصيص لنكتة توجد في بعض المواضع وحكموا باطراد الحكم لتلك النكتة وإن لم يظهر أثرها في بعض المواضع. وعلى هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 ورغبة في الخير وعمل ... بر يزين وليقس ما لم يقل   {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: 221] ، "ورجل من الكرام عندنا" أو تقديرًا نحو: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154] ، أي وطائفة من غيركم بدليل ما قبله، وقولهم: السمن منوان بدرهم أي منه. ومنه قولهم: شر أهر ذا ناب أي شر عظيم، أو معنى نحو رجيل عندنا لأنه في معنى رجل صغير، ومنه ما أحسن زيدًا لأن معناه شيء عظيم حسن زيدًا، فإن كان الوصف غير محخصص لم يجز نحو رجل من الناس جاءني لعدم الفائدة. الرابع أن تكون عاملة إما رفعًا نحو قائم الزيدان إذا جوزناه أونصبًا نحو أمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة "ورغبة في الخير خير" وأفضل منك عندنا؛ إذ المجرور فيها منصوب المحل بالمصدر والوصف، أو جرًّا نحو خمس صلوات كتبهن الله "وعمل بر يزين" ومثلك لا يبخل، وغيرك لا يجود. الخامس العطف بشرط أن يكون أحد   اندفع الإيراد لأن الحكم بعدم إنسان وصحة حيوان ناطق لا لأمر معنوي فيهما بل لقاعدة حكموا بها لنكتة يظهر أثرها في موضع آخر طرد اللباب فافهمه ينفعك في مواضع. ا. هـ. قوله: "نحو ولعبد مؤمن" وقيل: المسوغ معنى العموم. وقيل: لام الابتداء. قوله: "وطائفة قد أهمتهم أنفسهم" الواو للحال فهي مسوغ آخر. وقوله من غيركم المراد بالغير المنافقون. قوله: "شرّ أهر ذا ناب" أي جعل الكلب هارًا أي مصوتًا مثل يضرب عند ظهور أمارات الشر. قوله: "أو معنى" الفرق بين الموصوف تقديرًا والموصوف معنى أن استفادة الوصف في الأول من مقدر وفي الثاني من النكرة المذكورة بقرينة لفظية كياء التصغير أو حالية كما في التعجب. وقد يصح في المعنوي التصريح بالوصف كما في صورة التصغير فما ذكره شيخنا والبعض هنا من الفرق بأن الأول يصح التصريح معه بالوصف بخلاف الثاني فيه نظر. قوله: "نحو قائم الزيدان إذا جوزناه" أي حكمنا بجوازه على رأي من لا يشترط اعتماد الوصف على نفي أو استفهام وتعقبه الدماميني بأن الكلام في المبتدأ المخبر عنه أما الوصف الرافع لمغن عن الخبر فشرطه التنكير كما نصوا عليه فكان الصواب التمثيل بنحو ضرب الزيدان حسن، ويؤيد تعقبه أن تعليلهم امتناع الابتداء بالنكرة بأنها مجهولة والحكم على المجهول لا يفيد لا يجري فيه لأن المبتدأ هنا محكوم به لا محكوم عليه. قوله: "خمس صلوات" مبتدأ وجعلة كتبهن الله أي أوجبهن نعت. وقوله في اليوم والليلة، خبر أو جملة كتبهن خبر وقوله في اليوم والليلة خبر بعد خبر. ولا يظهر جعله ظرفًا لغوًا متعلقًا بكتب لاستلزامه كون الكتب في كل يوم وليلة مع أن الكتب في ليلة الإسراء إظهار وفي الأزل قضاء. قوله: "ومثلك لا يبخل وغيرك لا يجود" لا يقال: المبتدأ فيهما معرفة لإضافته إلى الضمير لتوغل مثل وغير في الإبهام فلا تفيدهما الإضافة تعريفًا. قوله: "العطف بشرط إلخ" إنما كان العطف بهذا الشرط مسوغًا لأن حرف العطف مشرك فهو يصير المتعاطفين كالشيء الواحد فالمسوّغ في أحدهما مسوّغ في الآخر. قوله: "يجوز الابتداء به" بأن يكون معرفة أو نكرة مسوغة فتحته أربع صور لكن الشارح اقتصر في التمثيل على صورتي التنكير لعلم صورتي التعريف بالأولى. قوله: "طاعة وقول معروف" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المتعاطفين يجوز الابتداء به نحو: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محمد: 21] ، أي أمثل من غيرهما، ونحو: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263] ، السادس أن يراد بها الحقيقة نحو رجل من امرأة. ومنه تمرة خير من جرادة. السابع أن تكون في معنى الفعل وهذا شامل لما يراد بها الدعاء نحو: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 130] ، {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] ، ولما يراد بها التعجب نحو عجب لزيد. وقوله: 150- عجب لتلك قضية وإقامتي ... فيكم على تلك القضية أعجب ونحو قائم الزيدان عند من جوزه فيكون فيه مسوغًا كما في نحو: {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ   مثال من غير القرآن. أما طاعة وقول معروف الذي في قوله تعالى: {فَأَوْلَى لَهُمْ، طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محمد: 21] ، فليس خبره مقدرًا بل مذكور قبله وهو أولى أو هو خبر وأولى مبتدأ. قوله: "أن يراد بها الحقيقة" أي الماهية من حيث هي وقال في شرح الجامع باعتبار وجودها في فرد غير معين فتعم حينئذٍ جميع الأفراد إذ ليس بعض أولى بالحمل عليه من بعض آخر ولهذا عبر ابن مالك عن هذا المسوغ بأن يراد بالنكرة العموم. ا. هـ. وأراد بقوله فتعم حينئذٍ إلخ العموم الشمولي لأنه المسوغ. وفي تفريعه على إرادة الحقيقة في ضمن فرد ما نظر علم مما أسلفناه. وأما تعبير ابن مالك عن هذا المسوغ بأن يراد بالنكرة العموم فينبغي حمله على إرادة الحقيقة في ضمن كل فرد وكأنه قيل كل رجل خير من كل امرأة أي باعتبار حقيقته فلا ينافي أن بعض أفراد المرأة خير باعتبار ما اشتمل عليه من الخصوصيات. قوله: "لما يراد بها الدعاء" أي لشخص أو عليه. قوله: "عجب" مبتدأ ولتلك خبر وقضية بالنصب على الحال أو تمييز المفرد والجر على البدلية من تلك والرفع على الخبرية لمحذوف. قيل الوجه نصب عجبًا بالفعل المحذوف وجوبًا كما في حمدًا وشكرًا لعدم اطراد الرفع في مثل ذلك على ما يقتضيه كلام سيبويه وهو لا يرد على البيت لأن الرفع فيه مسموع بل على المثال. قوله: "فيكون فيه مسوغان" هما كونه في معنى الفعل وعمله الرفع فيما بعده. وقوله: كما في نحو إلخ أي كالمسوغين في نحو إلخ وهما الوصف وكون الخبر مجرورًا مختصًا مقدمًا. قوله: "إن منعه" أي قائم الزيدان. قوله: "وقوع ذلك" أي معنى الخبر كالتكلم في المثال. قوله: "في أول الجملة الحالية" أي لحصول الفائدة بجعل نسبة هذه الجملة قيدًا لما قبلها وعلل في المغني إفادة الابتداء بالنكرة في أول الجملة الحالية وبعد إذا الفجائية بأن العادة لا توجب مقارنة   150- البيت من الكامل، وهو لضمرة بن جابر في الدرر 3/ 72؛ ولهني بن أحمر في الكتاب 1/ 319؛ ولسان العرب 6/ 61 "حيس"؛ ولهمام بن مرة في الحماسة الشجرية 1/ 256؛ ولرؤبة في شرح المفصل 1/ 114؛ وبلا نسبة في سمط اللآلي ص288؛ وشرح التصريح 2/ 87؛ وشرح قطر الندى ص321؛ وهمع الهوامع 1/ 191. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حَفِيظٌ} [ق: 4] فقد بان أن منعه عند الجمهور ليس لعدم المسوغ بل لعدم شرط الاكتفاء بمرفوعه وهو الاعتماد. الثامن أن يكون وقوع ذلك للنكرة من خوارق العادة نحو بقرة تكلمت. التاسع أن تقع في أول الجملة الحالية ذات الواو وذات الضمير كقوله: 151- صرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا ... محياك أخفى ضوءه كل شارق وكقوله: 152- الذئب يطرقها في الدهر واحدة ... وكل يوم تراني مدية بيدي العاشر أن تقع إذا المفاجأة نحو خرجت فإذا أسد بالباب. وقوله:   معنى العامل لمعنى الجملة الحالية ولا مفاجأة الأسد مثلًا عند الخروج وبه يتضح التعليل الأول. قوله: "محياك" أي وجهك وقوله: كل شارق أي كل كوكب طالع من شرق يشرق شروقًا كطلع يطلع طلوعًا لفظًا ومعنى. قوله: "الذئب يطرقها إلخ" قبله: تركت ضأني تود الذئب راعيها ... وأنها لا تراني آخر الأبد والشاهد في قوله مدية بيدي فإنها جملة حالية من ياء المتكلم مبتدؤها نكرة والرابط الضمير في بيدي وروي نصب مدية على أنه مفعول لحال محذوفة أي ممسكًا كما في المغني أو على أنه بدل اشتمال من الياء كما ارتضاه الدماميني وناقشه الشمني بأن بدل الاشتمال ما اشتمل المبدل منه عليه من حيث إشعاره به إجمالًا وتقاضيه له بوجه ما، وليست المدية مع ضمير المتكلم كذلك. والطروق والطرق المجيء ليلًا، وضمير يطرقها بضم الراء كما في المصباح وغيره للضأن. وقوله: واحدة أي مرة واحدة والمدية السكين وتفرقة الشاعر بينه وبين الذئب بما ذكره بقوله الذئب يطرقها إلخ غير ظاهرة فتأمل. قوله: "حسبتك في الوغى إلخ" الوغى الحرب، وبردى تثنية برد على ما قاله البعض، وضبطه شيخنا السيد بفتحات على وزن جمزي قال: وهو البحر وجبل بالحجاز، والخور بفتح الخاء المعجمة والواو الجبن، وهو مبتدأ خبره الظرف بعده، وسحقًا بضم السين كما في القاموس أي بعدًا.   151- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 98؛ وتخليص الشواهد ص193؛ والدرر 2/ 23؛ وشرح شواهد المغني 2/ 863؛ وشرح ابن عقيل ص114؛ ومغني اللبيب؛ والمقاصد النحوية 1/ 546؛ وهمع الهوامع 1/ 1014. 152- البيت من البسيط، وهو للحماسي في تخليص الشواهد ص196؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 98؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1570، وشرح شواهد المغني 2/ 864؛ ومغني اللبيب 2/ 471. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   153- حسبتك في الوغى بردي حروب ... إذا خور لديك فقلت سحقا بناء على أن إذا حرف كما يقول الناظم تبعًا للأخفش، لا ظرف مكان كما يقول ابن عصفور تبعًا للمبرد، ولا زمان كما يقول الزمخشري تبعًا للزجاج. الحادي عشر أن تقع بعد لولا كقوله: 154- لولا اصطبار لأودى كل ذي مقة الثاني عشر أن تقع بعد لام الابتداء نحو لرجل قائم. الثالث عشر أن تقع جوابًا نحو رجل في جواب من عندك التقدير رجل عندي. الرابع عشر أن تقع بعد كم الخبرية كقوله: 155- كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت علي عشاري   قوله: "لا ظرف مكان" وعلى هذين القولين تكون هي الخبر والمسوغ وصفه في المثال بقوله بالباب، وفي البيت بقوله لديك كذا قيل وهو ظاهر في البيت على القولين لكون المبتدأ فيه اسم معنى، وأما في المثال فلا يظهر على القول بأنه ظرف زمان لكون المبتدأ فيه اسم عين إلا أن يقدر مضاف هو معنى أي رؤية أسد أو وجود أسد. قوله: "أن تقع بعد لولا" إنما كان هذا مسوغًا لحصول الفائدة بتعليق الجواب على الجملة المبتدأ فيها بالنكرة. قوله: "لأودي كل ذي مقة" بكسر الميم أي هلك كل ذي محبة والهاء عوض من الواو يقال ومقه يمقه بالكسر فيهما أي أحبه فهو وامق. قوله: "أن تقع بعد لام الابتداء" أي لتخصيص مدخولها بالتأكيد بها. قوله: "التقدير رجل عندي" وليس التقدير عندي رجل إلا على ضعف لأن الجواب يسلك به سبيل السؤال قاله المصنف في شرح التسهيل. قال سم: هذا الدليل يقتضي أنه لا فرق بين المعرفة والنكرة في السلوك بالجواب سبيل السؤال ويؤيده كلام غيره. قوله: "كقوله كم عمة إلخ" أي بناء على أن كم خبرية أو للاستفهام التهكمي في محل نصب على الظرفية أو المصدرية مميزها محذوف أي كم وقت أو كم حلبة بجر التمييز إن كانت خبرية ونصبه إن كانت استفهامية، وناصبها حلبت، وعمة مرفوع بالابتداء ولك صفة عمة، وفدعاء صفة خالة، والخبر قد حلبت فيكون فيه مسوغان. أما على أن كم استفهامية وعمة بالنصب تمييز لها أو خبرية وعمة بالجر تمييز   153- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني. 154- تمام البيت. لما استقلت مطاياهن للظعن وهو من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 112؛ وأوضح المسالك 1/ 204؛ والدرر 2/ 23؛ وشرح التصريح 1/ 170؛ وشرح ابن عقيل ص115؛ والمقاصد النحوية 1/ 532؛ وهمع الهوامع 1/ 101. 155- البيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 361؛ والأشباه والنظائر 8/ 123؛ وأوضح المسالك 4/ 271؛ وخزانة الأدب 6/ 458، 489، 492، 493، 495، 498؛ والدرر 4/ 45؛ وشرح التصريح 2/ 280؛ وشرح شواهد المغني 1/ 11ذ؛ وشرح عمدة الحافظ ص536؛ وشرح المفصل 4/ 133؛ والكتاب 2/ 72؛ 162، 166؛ ولسان العرب 4/ 573 "عشر"؛ واللمع ص228؛ ومغني اللبيب 1/ 185؛ والمقاصد النحوية 4/ 489؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 331؛ وشرح ابن عقيل ص116؛ ولسان العرب 12/ 528 "كمم"؛ والمقتضب 3/ 85؛ والمقرب 1/ 312؛ وهمع الهوامع 1/ 254. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 والأصل في الأخبار أن تؤخرا ... وجوزوا التقديم إذ لا ضررا   الخامس عشر أن تكون مبهمة كقوله: 156- مرسعة بين أرساغه ... به عسم يبتغي أرنبا "وليقس" على ما قيل "ما لم يقل" والضابط حصول الفائدة "والأصل في الأخبار   لها فلا شاهد في البيت لأن كم نفسها على هذين الوجهين هي المبتدأ في محل رفع خبرها قد حلبت لا أن المبتدأ ما بعد كم. والفدعاء بفاء ودال وعين مهملتين المرأة التي اعوجت أصابعها من كثرة الحلب. ولم يقل: فدعاوين قد حلبتا لأنه حذف مع كل من الموصوفين ما أثبته للآخر. وحذف خبر أحدهما لدلالة خبر الآخر. والعشار جمع عشراء كالنفاس جمع نفساء والعشراء التي أتى عليها من زمن حلبها عشرة أشهر. وأشار بعلى إلى أنه كان نكرها على أن يحلب عشاره أمثال عمة جرير وخالته لأنهما عنده أدنى من ذلك. قوله: "أن تكون مبهمة" أي مقصودًا إبهامها لأن البليغ قد يقصده فلا يرد أن إبهام النكرة هو المانع من صحة الابتداء بها فكيف يكون مسوغًا. قوله: "مرسعة" بالسين والعين المهملتين على زنة اسم المفعول: تميمة تعلق على الرسغ مخافة البلاء أو الموت. وفي القاموس رسع الصبي كمنع شد في يده أو رجله خرزًا لدفع العين. ا. هـ. وهو مبتدأ وبين أرساغه خبره، وهو جمع عظم بين الكوع والكرسوع. وفي قوله: أرساغه تغليب الرسغ على غيره. والعسم بفتح العين والسين المهملتين يبس في مفصل الرسغ تعوج منه اليد. ويبتغي أي يطلب. والأرنب حيوان معروف. وفي الكلام حذف مضاف أي كعب أرنب لأنهم كانوا يعلقون كعب الأرنب حفظًا من العين والسحر، لأن الجن تمتطي الثعالب والظباء والقنافذ وتجتنب الأرانب لحيضها ومرجع هذه الضمائر في بيت قبله. عيني مع زيادة وحذف. قوله: "وليقس" أي على ما أشير إليه سابقًا من الأمور المسوغة ما لم يقل من بقية المسوغات. والإشارة بالكاف في قوله كعند زيد نمرة إلى بقية أمثلة تلك الأمور فلا تكرار أفاده سم. قوله: "والأصل في الأخبار أن تؤخرا" اعلم أن للخبر في نفسه حالتين التقدم والتأخر، والأصل منهما التأخر بقطع النظر عن كونه واجبًا أو جائزًا، ولهما ثلاثة أحكام: وجوب التأخر وامتناع التقدم والعكس وجواز التأخر والتقدم وهذا هو الأصل من الثلاثة إذ الأصل   156- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص128؛ وإنباه الرواة 4/ 147؛ وشرح ابن عقيل ص115؛ ولسان العرب 12/ 401 "عسم" 8/ 123، 124 "رسع"، 8/ 318 "لسع"؛ ومجالس ثعلب 102؛ والمعاني الكبير ص211؛ وهو لامرئ القيس بن مالك الحمير الحميري في المؤتلف والمختلف ص12؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص73؛ وشرح المفصل 1/ 36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 فامنعه حين يستوى الجزءان ... عرفا وونكرًا عادمي بيان   أن تؤخرا" عن المبتدآت لأن الخبر يشبه الصفة من حيث إنه موافقة في الإعراب لما هو دال على الحقيقة أو على شيء من سببية ولما لم يبلغ درجتها في وجوب التأخير توسعوا فيه "وجوزوا التقديم إذ لا ضررا" في ذلك نحو تميمي أنا، ومشنوء من يشنؤك، فإن حصل في التقديم ضرر فلعارض كما ستعرفه. إذا تقرر ذلك "فامنعه" أي تقديم الخبر "حين يستوى الجزءان" يعني المبتدأ والخبر "عرفًا ونكرًا" أي في التعريف والتنكير "عادمي بيان" أي   عدم الموجب والمانع قاله اللقاني. قوله: "من حيث إنه إلخ" حيثية تعليل أو تقييد. وقوله: لما أي للمبتدأ الذي هو أي الخبر له أي خبر له. وقوله: دال خبر بعد خبر. وقوله: على الحقيقة أي الذات أي ذات المبتدأ كزيد قائم فقائم يدل على ذات هي ذات زيد. وقوله: أو على شيء من سببيه أي على ذات من الذوات التي تتعلق بزيد كزيد قائم أبوه ومبنية داره، فكل من قائم ومبنية يدل على ذات تتعلق بزيد وهي ذات أبيه في الأول وذات داره في الثاني. والمراد بالذات ما يشمل الصفة فيما إذا كان السببي صفة كزيد غزير علمه. وبهذا التحقيق يعلم أنه لا حاجة إلى ما تكلفه شيخنا والبعض في تقرير عبارة الشارح. قوله: "ولما لم يبلغ درجتها في وجوب" أي حالتها المتسببة في وجوب إلخ أي التي هي سبب في وجوب تأخير الصفة، وتلك الدرجة والحالة هي ما حوته الصفة من وجوب مطابقة الموصوف تعريفًا وتنكيرًا ومتابعته في إعرابه المتجدد أيضًا فهي تابعة للموصوف من كل وجه فلما لم يحو الخبر هذه الدرجة توسعوا فيه وجوزوا تقديمه، وبتقرير عبارة الشارح على هذا الوجه سقط قول البعض كان الصواب حذف قوله في وجوب التأخير لاقتضائه أن كلًا منهما واجب التأخير لكن درجة الخبر في ذلك أحط وأنزل وذلك غير صحيح في نفسه وغير ملائم لما بعده. قوله: "وجوزوا التقديم" أي لم يمنعوه وليس المراد بالجواز استواء الطرفين لما علمت من أن التأخير هو الأصل الراجح وهذ ذكر لأول أحوال الخبر الثلاثة: جواز التقديم والتأخير ومنع التقديم ووجوبه وسيأتيان، وبدأ بالأول لأنه الأصل من الثلاثة كما مر عن اللقاني، ثم بالثاني لأنه على الأصل من جهة التأخير ومخالفته له من جهة الوجوب ثم بالثالث لمخالفته الأصل من كل وجه. قوله: "إذ لا ضرر"الأحسن والأنسب بقول المصنف فامنعه حين إلخ أن إذ ظرفية لا تعليلية. قوله: "ومشنوء" أي مبغوض. قوله: "فإن حصل في التقديم ضرر فلعارض" هذا الكلام منه مبني على أن إذ تعليلية وهو خلاف ما رجحناه، واللائق على كونها ظرفية أن يقول فإن حصل في التقديم ضرر امتنع. قوله: "فامنعه حين يستوي الجزءان إلخ" أي على مذهب الجمهور، فقد نقل الدماميني عن قوم منهم ابن السيد أنهم أجازوا في نحو صديقي زيد كون زيد مبتدأ وكونه خبرًا ولم يبالوا بحصول اللبس نظرًا إلى حصول المعنى، فعلم أن في تقديم الخبر على المبتدأ هنا خلافًا كتقديم المفعول على الفاعل في نحو ضرب موسى عيسى، فحصل الجواب عما ذكره شيخنا والبعض من التوقف في ذلك فاحفظه. قوله: "أي في التعريف والتنكير" أشار إلى أنهما اسما مصدرين للتعريف والتنكير وأنهما منصوبان بنزع الخافض لأن المعنى عليه وإن كان مقصورًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قرينة تبين المراد نحو صديقي زيد، وأفضل منك أفضل مني، لأجل خوف اللبس، فإن لم   على السماع أوضح من جعلهما تمييزين محولين عن فاعل يستوي، والمراد الاستواء في جنس التعريف بأن يكون كل منهما معرفة وإن كان أحدهما أعرف من الآخر قيل هذا ما عليه النحاة، وذهب أهل المعاني إلى تعين الأعرف للابتداء ولعل المراد بالنحاة جمهورهم لما مر قريبًا عن الدماميني ولقول المغني يجب الحكم بابتدائية المقدم من معرفتين متساويتين أو متفاوتتين هذا هو المشهور وقيل يجوز تقدير كل منهما مبتدأ وخبرًا مطلقًا، وقيل المشتق خبر وإن تقدم. والتحقيق أن المبتدأ هو الأعرف عند علم المخاطب بهما أو جهله لهما أو لغير الأعرف فقط والمعلوم له غير الأعرف عند جهله بالأعرف والمعلوم له عند تساويهما تعريفًا. ا. هـ. بإيضاح من الشمني. ثم قال المغني: فإن علمهما وجهل النسبة يعني واستويا تعريفًا فالمقدم المبتدأ يعني وتقدم أيهما شئت. ثم قال: ويستثنى من المتفاوتتين اسم الإشارة المقرون بالتنبيه مع معرفة أخرى فيتعين للابتداء لمكان التنبيه إلا مع الضمير فإن الأفصح جعله المبتدأ وإدخال التنبيه عليه فتقول ها أنا ذا وسمع قليلًا هذا أنا، وما حكاه من أن المشتق خبر وإن تقدم هو رأي الفجر الرازي قال لأنه الدال على المعنى المسند إلى الذات والذات هي المسند إليها فيكون الدال عليها هو المبتدأ. فإذا قلت: زيد المنطلق أو المنطلق زيد فزيد مبتدأ والمنطلق خبره فيهما، قال صاحب التلخيص: ورد بأن المعنى الشخص الذي له الصفة صاحب الاسم فالصفة جعلت دالة على الذات ومسند إليها، والاسم جعل دالًا على أمر نسبي ومسندًا. قال بهاء الدين السبكي: وقد يقال الدال على الوصفية إنما هو منطلق أما المنطلق فأل فيه موصول بمعنى الذي فهو في الجمود والدلالة على الذات كزيد. ا. هـ. وقد يعكر على النقل السابق عن أهل المعاني قول المطول والمختصر الذي يقدم ويجعل مبتدأ هو ما يعلم المخاطب اتصاف الذات به، والذي يؤخر ويجعل خبرًا هو ما يجهل المخاطب اتصاف الذات به فإذا عرف المخاطب زيدًا بعينه واسمه وجهل اتصافه بأنه أخوك قلت زيد أخي، وإذا عرف أن لك أخًا وجهل عينه واسمه قلت أخي زيد. قال: ويتضح هذا في قولنا رأيت أسودًا غابها الرماح ولا يصح رماحها الغاب. ا. هـ. أي لأن الأسود لا بد لها من الغاب فيكون معلومًا فاعرف ذلك. والاستواء في نوع التنكير بأن يكون كل منهما نكرة محضة أو نكرة مسوغة وإن اختلف المسوغ فلا يؤثر الاستواء في جنس التنكير مع كون أحدهما فقط نكرة مسوغة هذا ما يدل عليه كلام الشارح وقيل: المراد الاستواء في جنس التنكير كالتعريف فنحو رجل صالح حاضر خارج بقوله عادمي بيان لأن الصفة قرينة لفظية مبينة وهذا أحسن. قوله: "عادمي بيان" حال من فاعل يستوي والبيان بمعنى المبين بدليل قول الشارح أي قرينة إلخ. قوله: "نحو صديقي زيد" فالمجهول للسامع هو الذي يجعل خبرًا في مثل ذلك على ما مر. قوله: "وأفضل منك أفضل مني" أي لكوني دونك أو مساويك. قوله: "لأجل خوف اللبس" علة لا منعه. قوله: "للعلم بخبرية المقدم" أما في نحو حاضر رجل صالح فلتعين المبتدأ والخبر من عدم الاستواء وأما في نحو أبو حنيفة أبو يوسف فللقرينة المعنوية الدالة على تشبيه أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 كذا إذا ما الفعل كان الخبرا ... أو قصد استعماله منحصرا   يستويا نحو رجل صالح حاضر، أو استويا وأجدى بيان أي قرينة تبين المراد نحو أبو يوسف أبو حنيفة جاز التقديم، فتقول حاضر رجل صالح، وأبو حنيفة أبو يوسف، للعم بخبرية المقدم. ومنه قوله: 157- بنونا بنوا أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجل الأباعد أي بنوا أبنائنا مثل بنينا و"كذا" يمتنع التقديم "إذا ما الفعل" من حيث الصورة المحسوسة، وهو الذي فاعله ليس محسوسًا بل مستترًا "كان الخبرا" لإيهام تقديمه والحالة هذه فاعلية المبتدأ، فلا يقال في نحو زيد قام قام زيد، على أن زيدًا مبتدأ بل فاعل، فإن كان الخبر ليس فعلًا في الحس بأن يكون له فاعل محسوس من ضمير بارز أو اسم ظاهر   يوسف بأبي حنيفة لا العكس وكونه من التشبيه المقلوب نادر فلا التفات إلى احتماله قال في المغني اللهم إلا أن يقتضي المقام المبالغة. قوله: "إذا ما الفعل" قال الروداني: مثله اسم الفعل فلا يتقدم في نحو هيهات. ا. هـ. قيل: ومثله الوصف المسبوق بنفي أو استفهام نحو ما زيد قائم وأزيد قائم لوجود التباس المبتدأ بالفاعل لو قدم الخبر وقيل: لا يمتنع، والفرق أن ضرر اللبس في الفعل أشد لأنه يخرج الجملة من الاسمية إلى الفعلية لو قدم بخلاف الوصف وعدم الامتناع هو ما يدل عليه قول الشارح سابقًا فإن تطابقا في الافراد جاز الأمران نحو أقائم زيد وما ذاهبة هند. قوله: "من حيث الصورة المحسوسة" دفع به ما يقال الواقع خبرًا هو الجملة من الفعل والفاعل لا الفعل وحده. قوله: "لإيهام تقديمه والحالة هذه" أي كون الخبر فعلًا في الصورة فاعلية المبتدأ أي فيفوت غرضان تفيدهما الجملة الاسمية الدوام وتقوي الحكم بتكرار الإسناد لكن حقق السيد كما في الدماميني أن الجملة الاسمية التي خبرها فعل تفيد التجدد لا الدوام وعليه فلا يفوت إلا التقوى والمراد بإيهام الفاعلية جعلها المتبادرة إلى الوهم أي الذهن لا مجرد تطرق الاحتمال فلا يرد أن من كلامهم مختارًا وعميرًا، والأول يحتمل اسم الفاعل واسم المفعول والثاني يحتمل تصغير عمرو تصغير عمر ويؤخذ من تعليل امتناع تقديم الخبر الفعلي بالعلة المذكورة جواز تقديم معموله على المبتدأ لانتفاء العلة فيجوز عمرًا زيد ضرب. قوله: "فاعلية المبتدأ" أي أو نائبية الفاعل في نحو زيد ضرب. قوله: "فتقول فأما الزيدان" فيه أن الألف تحذف لفظًا لالتقاء الساكنين فاللبس حاصل لفظًا. وأجيب بأنه يمكن دفعه بالوقف على قاما أو الوصل بنية الوقف، نعم لا لبس بحال في نحو قاما أخواك ودعوا الزيدان فلا   157- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 1/ 444، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 66؛ وأوضح المسالك 1/ 106؛ وتخليص الشواهد ص198؛ والحيوان 1/ 346؛ والدرر 2/ 24؛ وشرح التصريح 1/ 173؛ وشرح شواهد المغني 2/ 48؛ وشرح ابن عقيل ص119؛ وشرح المفصل 1/ 99، 9/ 132؛ ومغني اللبيب 2/ 452؛ وهمع الهوامع 1/ 102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   نحو الزيدان قاما، والزيدون قاموا، وزيد قام أبوه جاز التقديم، فتقول: قام الزيدان وقاموا الزيدون وقام أبوه زيد للأمن من المحذور المذكور، إلا على لغة أكلوني البراغيث، وليس ذلك مانعًا من تقديم الخبر لأن تقديم الخبر أكثر من هذه اللغة، والحمل على الأكثر راجح، قاله في شرح التسهيل. وأصل التركيب كذا إذا ما الخبر كان فعلًا؛ لأن الخبر هو المحدث عنه، فلا يحسن جعله حديثًا لكنه قلب العبارة لضرورة النظم وليعود الضمير على أقرب مذكور في قوله "أو قصد استعماله منحصرًا" أي وكذا يمتنع تقديم الخبر إذا استعمل منحصرًا نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144] ، {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر} [الرعد: 7] ؛ إذ لو قدم الخبر والحالة هذه لانعكس المعنى المقصود، ولأشعر التركيب حينئذ بانحصار المبتدأ. فإن قلت: المحذور منتف إذا تقدم الخبر المحصور بإلا مع إلا. قلت: هو كذلك إلا أنهم ألزموه التأخير حملًا بإنما. وأما قوله: 158- وهل إلا عليك المعول فشاذ وكذا يمتنع تقديم الخبر إذا كانت لام الابتداء داخلة على المبتدأ نحو لزيد   إشكال في جوازه. قوله: "إلا على لغة إلخ" راجع لقوله للأمن من المحذور المذكور بالنسبة للمثالين الأولين وقوله وليس ذلك أي وجود المحذور المذكور على هذه اللغة. قوله: "أكثر من هذه اللغة" أي ومن كون الظاهر بدلًا من الضمير لأنه خلاف الظاهر ولهذا قالوا في قوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُم} [المائدة: 71] ، وقوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] ، إن كثير والذين مبتدآن مؤخران لا بد لأن. قوله: "منحصرًا" يروى بكسر الصاد وأورد عليه أن المنحصر فيما نحن فيه هو المبتدأ وأما الخبر فمحصور فيه ويمكن دفعه بتقدير مضاف أي منحصرًا مبتدؤه، فيه وما أجاب به بعضهم وارتضاه البعض من أن المراد بالمنحصر المقرون بأداة الحصر فلا يظهر في الحصر بإنما. ويروى بفتحها أي منحصرًا فيه على الحذف والإيصال وهو أقرب من الكسر إلى المقصود وإن ضعف بأن الحذف والإيصال سماعي فقد يمنع كونه سماعيًا. قوله: "وما محمد إلا رسول" الحصر إضافي وكذا في إنما أنت منذر. قوله: "ولأشعر إلخ" العطف للتفسير. قوله: "بانحصار المبتدأ" أي بالانحصار فيه أي بانحصار الخبر فيه: قوله: "وأما قوله وهل إلخ" وارد على قوله ألزموه التأخير. قوله: "وهل إلا عليك المعوّل" صدره: فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى ولم يأت به لاحتمال أن يكون بك هو الخبر ويرتجى حال، وعليه ففيه الشاهد أيضًا وأن   158- صدر البيت: فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى عليهم وهو من الطويل، وهو للكميت في تخليص الشواهد ص192؛ والدرر 2/ 26؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 139؛ وشرح التصريح 1/ 173؛ والمقاصد النحوية 1/ 534؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 209؛ وشرح ابن عقيل ص121؛ وهمع الهوامع 1/ 102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 أو كان مسندًا لذي لام ابتدا ... أو لازم الصدر كمن لي منجدًا   قائم كما أشار إليه بقوله "أو كان" أي الخبر "مسندًا لذي لام ابتدا" لاستحقاق لام الابتداء الصدر. وأما قوله: 159- خالي لأنت ومن جرير خاله ... ينل العلاء ويكرم الأخوالا فشاذ أو مؤول. وقيل: اللام زائدة وقيل: اللام داخلة على مبتدأ محذوف أي لهو أنت. وقيل: أصله لخالي أنت أخرت اللام للضرورة "أم" مسندًا "لازم الصدر" كاسم الاستفهام والشرط والتعجب وكم الخبرية "كمن لي منجدًا" ومن يقم أحسن إليه، وما أحسن زيدًا، وكم عبيد لزيد. ومنه قوله:   يكون يرتجى هو الخبر، وبك متعلق به وعليه فلا شاهد فيه لأن المتقدم المحصور فيه معمول الخبر لا الخبر، إلا أن يقال ما ثبت لمعمول الخبر يثبت للخبر، وفيه ما لا يخفى، وأول العجز عليهم. والاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله: "فشاذ" ولا يجوز أن يكون المعول فاعلًا للجار والمجرور لاعتماده على الاستفهام لأن إلا مانعة من ذلك لأنه حينئذٍ كالفعل ويمتنع هل إلا قام زيد. قوله: "ينل العلاء ويكرم الأخوالا" خبر من، وجزمهما وإن كانت من موصولة إجراء لها مجرى الشرطية وحركهما بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين ويجوز في يكرم الرفع أي وهو يكرم والعلاء بالفتح والمد العلوّ، وبالضم والقصر جمع عليًا بالضم والقصر والأخوالا مفعول يكرم إن بني للفاعل ومنصوب بنزع الخافض إن بني للمجهول أي للأخوال هذا ما ظهر. قوله: "أي لهو أنت" ضعف بأن الحذف ينافي التأكيد باللام لاستدعائه الطول وفيه ما مر. قوله: "لمبتدأ لازم الصدر" ومنه ضمير الشأن وما أشبهه نحو كلامي زيد منطلق كما في التسهيل. قوله: "كاسم الاستفهام والشرط إلخ" إنما وجب تقديمها لأنها تدل على نوع الكلام والحكمة تقتضي تقديم ما يدل على نوع من أنواع الكلام ليعلمه السامع من أول الأمر وينتفي عنه التحير الذي يحصل له لو قدم غيره لاحتمال الكلام حينئذٍ كل نوع من أنواع الكلام. فإن قيل: فيلزم أن يقدم كل من زيد أو ضربت إذا قيل زيدًا ضربت لأنه إذا قدم زيدًا تحير السامع فيما بعده أضربت أو أكرمت مثلًا، وإذا قدم ضربت تحير السامع فيما بعده أزيدًا أو عمرًا مثلًا. قلت: أجاب ابن الحاجب في أماليه بوجوه منها أن هذا لا يمكن أن يكون إلا كذلك لأنه لا بد من تقديم جزء على جزء فمهما قدم أحد الجزأين احتمل الآخر كل ما يصلح. ومنها أن هذا التباس في آحاد   159- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 323؛ وسر صناعة الإعراب ص378؛ وشرح التصريح 1/ 174؛ وشرح ابن عقيل ص121؛ ولسان العرب 1/ 105 "شهرب"، والمقاصد النحوية 1/ 556. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 ونحو عندي درهم ولي وطر ... ملتزم فيه تقدم الخبر   160- كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت علي عشاري وفي معنى اسم الاستفهام والشرط أما أضيف إليهما، نحو غلام من عندك وغلام من يقم أقم معه، فهذه خمس مسائل يمتنع فيها تقديم الخبر. تنبيه: يجب أيضًا تأخير الخبر المقرون بالفاء نحو الذي يأتيني فله درهم قاله في شرح الكافية. وهذا مشروع في المسائل التي يجب فيها تقديم الخبر "ونحو عندي درهم ولي وطر" وقصدك غلامه رجل "ملتزم فيه تقدم الخبر" رفعًا لإيهام كونه نعتا في مقام   أجزاء الكلام وذلك التباس في أنواع الكلام فكان أهم. قوله: "ومنه قوله كم عمة إلخ" أي على رواية جر عمة على أن كم خبرية لأنه على رواية النصب تكون كم استفهامية وعلى رواية الرفع تكون خبرية أو استفهامية في محل نصب على الظرفية أو المصدرية فلا يكون مما نحن فيه. قوله: "ما أضيف إليهما" أي لأنه استحق التصدير لاكتسابه الاستفهام والشرط بالإضافة إلى اسم الاستفهام واسم الشرط، فالشرط والجواب حينئذٍ للمضاف لا للمضاف إليه كما قاله الناصر، وعليه فمن مجردة في هذه الحالة عن الاستفهام والشرط لخلعها ذلك على المضاف، وظاهره أن الجازم المضاف لا من لكن، قال الروداني: الظاهر أن الجزم بمن لا بغلام. ا. هـ. ومثل ما أضيف إليهما ما أضيف إلى كم الخبرية نحو مال كم رجل عندك كما في التوضيح. قوله: "يجب أيضًا تأخير الخبر المقرون بالفاء" أي لأن الفاء إنما دخلت في الخبر المذكور لشبهه بالجزاء والجزاء لا يتقدم على الشرط وبقيت أشياء منها ما إذا كان الخبر جملة طلبية أو مقرونًا بالباء الزائدة نحو ما زيد بقائم على لغة الإهمال أو كان المبتدأ مذ أو منذ نحو ما رأيته مذ أو منذ يومان عند من أعربهما مبتدأين. قوله: "وهذا شروع في المسائل إلخ" أل للجنس فإنه لم يستوفها كما ستعرفه. قوله: "ونحو عندي درهم" اعترض بأن هذا معلوم من قوله سابقًا كعند زيد نمرة، وأجيب بأن ذكره هناك من حيث توقف الابتداء بالنكرة عليه وهنا من حيث توقف دفع اللبس عليه. قوله: "ولي وطر" أي حاجة. قوله: "في مقام الاحتمال" أي احتمال كونه نعتًا أي احتمالًا راجحًا لأن الاحتمال على الاستواء إجمال ولا محذور في الإجمال. قوله: "لأنه نكرة محضة" علة لمحذوف أي وكونه نعتًا أقرب لأنه إلخ.   160- اليبت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 361؛ والأشباه والنظائر 8/ 123، وأوضح المسالك 4/ 271؛ وخزانة الأدب 6/ 458، 489، 492، 493، 495، 498؛ والدرر 4/ 45؛ وشرح التصريح 2/ 280؛ وشرح شواهد المغني 1/ 511؛ وشرح عمدة الحافظ ص536؛ وشرح المفصل 4/ 133؛ والكتاب 2/ 72، 162، 166؛ ولسان العرب 4/ 573 "عشر"، واللمع ص228؛ ومغني اللبيب 1/ 185؛ 2/ 72، 162، 166؛ والمقاصد النحوية 4/ 489؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 331؛ وشرح ابن عقيل ص116؛ ولسان العرب 2/ 528 "كمم"، والمقتضب 3/ 85؛ والمقرب 1/ 312، وهمع الهوامع 1/ 254. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 كذا إذا عاد عليه مضمر ... مما به عنه مبينا يخبر كذا إذا يستوجب التصديرا ... كأين من علمته نصيرا   الاحتمال؛ إذ لو قلت: درهم عندي، ووطر لي، ورجل قصدك غلامه احتمل أن يكون التابع خبرًا للمبتدأ وأن يكون نعتًا له لأنه نكرة محضة، وحاجة النكرة إلى التخصيص ليفيد الإخبار عنها فائدة يعتد بمثلها آكد من حاجتها إلى الخبر. ولهذا لو كانت النكرة مختصة جاز تقديمها نحو {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَه} [الأنعام: 2] و"كذا" يلتزم تقدم الخبر "إذا عاد عليه مضمر مما" أي من المبتدأ الذي "به" أي بالخبر "عنه" أي عن ذلك المبتدأ "مبينا يخبر" والمعنى أنه يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه ضمير من المبتدأ نحو على التمرة مثلها زبدًا. وقوله: 161- أهابك إجلالًا وما بك قدرة ... علي ولكن ملء عين حبيبها فلا يجوز مثلها زبدًا على التمرة، ولا حبيبها ملء عين لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، وقد عرفت أن قوله: عاد عليه هو على حذف مضاف أي عاد على ملابسه. و"كذا" يلتزم تقدم الخبر "إذا يستوجب التصديرا" بأن يكون اسم استفهام أو   قوله: "ليفيد الإخبار" علة لحاجة لأنها بمعنى احتياج. قوله: "ولهذا" أي لكون وجوب التقديم لدفع إيهام الصفة التي تحتاج النكرة إليها. قوله: "كذا" أي مثل التزام تقدم الخبر فيما مر يلتزم تقدمه إذا عاد عليه مضمر من المبتدأ الذي بذلك الخبر عنه حال كون الخبر مبينًا أي مفسرًا للضمير العائد إليه من المبتدأ فمبينًا حال من الضمير في به لبيان الواقع فصل بينها وبين صاحبها بأجنبي للضرورة. قال ابن غازي هذا البيت مع ما فيه من التعقيد كان يغني عنه وعما بعده أن يقول: كذا إذا عاد عليه مضمر ... من مبتدأ وما به يصدر قوله: "زيدًا" تمييز مفرد أو حال ويجوز رفعه بدلًا أو بيانًا أو مبتدأ أو فاعلًا بالظرف عند من لا يشترط الاعتماد على النفي أو الاستفهام وعلى هذين فمثل منصوب على الحال من النكرة المؤخرة وفتحته إعراب أو بناء. وبحث الدماميني في تمثيلهم بقولهم على التمرة مثلها زبدًا بأن الخبر الكون المطلق المحذوف وهو يصح تقديره مؤخرًا على الأصل كما تذكره مؤخرًا لو كان كونًا خاصًا مثل على الله عبده متوكل ويمكن أن يجاب بأن التمثيل بذلك مبني على أن الظرف هو الخبر فتدبر. قوله: "أهابك" بكسر الكاف. قوله: "لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة" أي وهو غير جائز هنا اتفاقًا بخلافه في نحو ضرب غلامه زيدًا فإن فيه خلافًا. والفرق أن ما عاد عليه الضمير وما اتصل بهالضمير اشتركا في العامل في الثاني دون الأول. قوله: "وقد عرفت" أي من التمثيل. قوله: "هو على حذف مضاف" أي عاد على ملابسه يستثنى من ذلك ما   161- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص85؛ ولنصيب بن رباح في ديوانه ص68؛ وتخليص الشواهد ص201؛ وسمط اللآلي ص401؛ وشرح التصريح 1/ 176؛ والمقاصد النحوية 1/ 537؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 251؛ وشرح ابن عقيل ص123؛ وشرح عمدة الحافظ ص173. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 وخبر المحصور قدم أبدا ... كما لنا إلا اتباع أحمدا وحذف ما يعمل جائز كما ... تقول زيد بعد من عندكما   مضافًا إليه "كأن من علمته نصيرًا" وصبيحة أي يوم سفرك "وخبر" المبتدأ "المحصور" فيه بإلا أو بإنما "قدم أبدًا" على المبتدأ "كما لنا إلا اتباع أحمدا" وإنما عندك زيد لما سلف. تنبيه: كذلك يجب تقديم الخبر إذا كان المبتدأ أن وصلتها نحو عندي أنك فاضل؛ إذ لو قدم المبتدأ لالتبست أن المفتوحة بالمكسورة، وأن المؤكدة بالتي هي لغة في لعل، ولهذا يجوز ذلك بعد أما كقوله: 162- عندي اصطبار وأما أنني جزع ... يوم النوى فلوجد كاد يبريني لأن إن المكسورة ولعل لا يدخلان هنا. ا. هـ. "وحذف ما يعلم" من الجزأين بالقرينة   إذا أمكن تقديم المفسر وحده المبتدأ فإن أمكن صح تأخير الخبر جوازًا نحو عمرًا علمه نافع أو وجوبًا نحو عمرًا علمه نفع عند البصريين وبعض الكوفيين ومنع أكثرهم تقديم المفسر وحده في الصورتين كما في التسهيل والهمع. وأما قول البعض الأولى إبقاء المتن على ظاهره إلى آخر ما قال فغير مستقيم فتأمله. قوله: "يستوجب" أي يستحق التصدير أي في جملته فلا يرد نحو زيد أين مسكنه. قوله: "صبيحة أي يوم سفرك" أي ابتداء سفرك لأنه المظروف في الصبيحة ولا ريب أنه لا يستغرق الصبيحة ولا أكثرها فيكون صبيحة بالنصب ويقل فيها الرفع كما علم مما أسلفناه، وبهذا يعرف ما في كلام البعض من الخلل. قوله: "وخبر المحصور" أي المحصور فيه كما صرح به الشارح فهو على الحذف والإيصال. قوله: "لما سلف" الذي سلف هو تعليل امتناع تقديم الخبر بأنه لو قدم لانعكس المعنى المقصود والمطلوب هنا تعليل وجوب تقديمه بأنه لو أخر لانعكس المعنى المقصود فلا بد من تقدير مضاف أي لنظير ما سلف. قوله: "كذلك يجب تقديم الخبر إلخ" ومن مواضع وجوب التقديم ما لو قرن المبتدأ بفاء الجزاء نحو أما عندك فزيد، أو كان تأخيره يخل بفهم المقصود نحو لله درك فإنه لو أخر لم يفهم منه التعجب أو كان الخبر اسم إشارة مكان نحو ثم أو هنا زيد. قوله: "لالتبست" أي خطً فقط في التباس أن المفتوحة بالمكسورة ولفظًا وخطا في التباسها بأن التي هي لغة في لعل. قوله: "ولهذا" أي لكون علة وجوب التقديم خوف الالتباس المذكور. قوله: "كاد يبريني" بفتح ياء المضارعة من بريت القلم أي نحته. قوله: "لا يدخلان هنا" لأن أما لا يفصل بينها وبين الفاء بجملة وإن المكسورة مع معمولها جملة وكذا أن بمعنى لعل. قوله: "ما يعلم" أي بعينه فلا يكفي علمه إجمالًا بأن يعلم أن في الكلام حذفًا.   162- البيت من البيسط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 213؛ والدرر 2/ 26؛ وشرح التصريح 1/ 175؛ وشرح شواهد المغني 2/ 661؛ ومغني اللبيب 1/ 270؛ والمقاصد النحوية 1/ 536؛ وهمع الهوامع 1/ 103. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وفي جواب كيف زيد قل دنف ... فزيد استغني عنه إذ عرف   "جائز كما تقول زيد" من غير ذكر الخبر "بعد" ما يقال لك "من عندكما" والتقدير زيد عندنا. وإن شئت صرحت به. ولو كان المجاب به نكرة نحو رجل قدر الخبر أيضًا بعده. قال في شرح التسهيل: ولا يجوز أن يكون التقدير عندي رجل إلا على ضعف "وفي جواب كيف زيد قل دنف" بغير ذكر المبتدأ "فزيد" المبتدأ "استغني عنه" لفظًا "إذ" قد "عرف" بقرينة السؤال والتقدير هو دنف وإن شئت صرحت به. وقد يحذف الجزءان معًا إذا خلا محل مفرد كقوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] ، أي فعدتهن ثلاثة أشهر   قوله: "من الجزأين" أي المبتدأ والخبر كما هو موضوع المقام أما المبتدأ الرافع لمستغنى به فلا يحذف هو ولا مرفوعه كما نقله يس عن الشاطبي. وخرج أيضًا فاعل الفعل ونائب الفاعل فلا يحذفان وإن علما. واختلفا فيما إذا دار الأمر بين جعل المحذوف المبتدأ أو الخبر، فقيل: الأحسن حذف الخبر لأن الحذف تصرف وتوسع والأحق بذلك الخبر فإنه يقع مفردًا مشتقًا وجامدًا وجملة اسمية وفعلية وظرفية ولأن الحذف أليق بالإعجاز، وقيل الأحسن حذف المبتدأ لأن الخبر محط الفائدة. قوله: "جائز" أي غير ممتنع فيصدق بوجوب حذف المبتدأ وحذف الخبر كما سيأتي تفصيله. قوله: "كما تقول إلخ" لم يقل تقولان ليوافق عندكما لاحتمال أن المجيب أحد المسئولين فقط. قوله: "لك" كان ينبغي لكما لأن المخاطب اثنان وإن كان المجيب واحدًا. قوله: "قدر الخبر أيضًا بعده" والمسوغ وقوعه في الجواب سم. قوله: "ولا يجوز" أي جوازًا مستوى الطرفين بل هو خلاف الأولى لأنه يلزم عليه عدم مطابقة الجواب للسؤال في ترتيب أجزاء الجملة. فقوله الأعلى ضعف أي خلاف الأولى كما أفاده سم، وإلا بمعنى لكن. قوله: "قل دنف" أي مريض من العشق أو غيره مرضًا ملازمًا كما في القاموس وهو مبني على أن كيف اسم غير ظرف وأنها محل رفع، أما على قول سيبويه أنها ظرف كأين وأن المعنى في أي حال فيكون الجواب في صحة مثلًا قاله يس. وعبارة الدماميني اعلم أن في كيف ثلاث عبارات: إحداها أنها ظرف يستفهم به عن الأحوال فمعناها في أي حال على أن الظرفية مجازية كما في زيد في حالة حسنة، وهذه عبارة سيبويه، فموضعها عنده نصب دائمًا. الثانية أنها اسم يستفهم به عن الأحوال فمعناها على أي حال، وهذه عبارة السيرافي والأخفش، فموضعها عندهما رفع مع المبتدأ ونصب مع غيره. الثالثة أنها سؤال عن وصف ما يذكر بعدها فمعناها ما نعت زيد، وهذه عبارة ابن المصنف والمراد بالوصف عليها اللفظ الدال على ذات باعتبار معنى هو المقصود لا هذا المعنى وإلا اتحد هذا بالقول الثاني. ثم اعترض القول الأول والثاني بأمور ثم قال: وأما القول الثالث فلا إشكال عليه ألبتة. ثم ذكر أن كيف قد تسلب معنى الاستفهام وتخلص لمعنى الحال كما في قول بعضهم انظر إلى كيف يصنع زيد أي إلى الحال التي يصنعها ولولا ذلك لم يعمل فيها ما قبلها. ا. هـ. ملخصًا. قوله: "هو دنف" قدره ضميرًا تبعًا للنحاة لئلا يتوهم المغايرة، وظاهر قول المصنف فزيد إلخ أنه يقدر اسمًا ظاهرًا وهو صحيح. قوله: "قوله إذا خلا محل مفرد" ليس بقيد بدليل صحة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 وبعد لولا غالبا حذف الخبر ... حتم وفي نص يمين ذا استقر   فحذفت هذه الجملة لوقوعها موقع مفرد، وهو كذلك لدلالة الجملة التي قبلها وهي فعدتهن ثلاثة أشهر عليها. واعلم أن حذف المبتدأ والخبر منه ما سبيله الجواز كما سلف، ومنه ما سبيله الوجوب وهذا شروع في بيانه "وبعد لولا" الامتناعية "غالبا" أي في غالب أحوالها وهو كون الامتناع معلقًا بها على وجود المبتدأ الوجود المطلق "حذف الخبر حتم" نحو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251] ، أي   قولك: نعم لمن قال: أزيد قائم كذا في يس عن ابن هشام، وهو لا يظهر إلا على القول بأن الجملة مقدرة بعد نعم لا على القول بأنها مفهومة من نعم بلا تقديرها، ولعل كلام الشارح مبني على هذا فتأمل. قوله: "كقوله تعالى {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْن} " إنما لم يجعل اللائي معطوفًا على اللائي قبله وما بينهما خبر الاقتران الخبر بالفاء وتقدم أن الخبر المقرون بها يجب تأخيره لتنزله من المبتدأ منزلة الجواب من الشرط، وأيضًا لو جاز ذلك لاستدعى جواز زيد قائمان وعمرو مع أنه لا يجوز للقبح اللفظي بخلاف زيد في الدار وعمرو نقله يس عن ابن هشام. وفي استدعاء جواز ذلك جواز زيد قائمان وعمرو نظر للفرق بحصول المطابقة بين المعطوف عليه والخبر في الآية دون المثال المذكور فليس فيها قبح لفظي بخلافه، على أن الذي في المغني صحة عدم تقدير شيء في الآية بالجعل السابق. ولا يرد عندي اقتران الخبر بالفاء لأن المتقدم عليه تابع المبتدأ ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع. ثم ما درج عليه الشارح من تقدير الخبر فعدتهن ثلاثة أشهر قول الفارسي ومن تبعه ليكون المقدر من لفظ الخبر المذكور قال في المغني: والأولى أن يكون الأصل واللائي لم يحضن كذلك لأنه ينبغي تقليل المحذوف ما أمكن ولأن أصل الخبر الافراد ولأنه لو صرح بالخبر لم يحسن إعادة ذلك المتقدم تقليلًا للتكرار. قوله: "لدلالة الجملة إلخ" علة لحذفت بعد تعليله بالعلة الأولى فاندفع الاعتراض بلزوم تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد لاختلاف العامل بالإطلاق والتقييد على ما قيل في نظائره. قوله: "وبعد لولا" متعلق بحذف أو حتم، وتقديم معمول المصدر عليه إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا جائز على ما قال التفتازاني أنه الحق. وقال ابن هشام في شرح بانت سعاد: إن كان المصدر ينحل بأن والفعل امتنع مطلقًا وإلا جاز. قوله: "الامتناعية" خرج التحضيضية إذ لا يقع بعدها المبتدأ كما صرح به الناظم في قوله وأولينها الفعلا. قوله: "أي في غالب أحوالها وهو إلخ" أشار بذلك إلى دفع الاستشكال بأن الوجوب ينافي الغلبة. وحاصله أن الوجوب منصب على الحذف والغلبة منصبة على بعض معين من أحوال لولا وهو كون الامتناع معلقًا بها على وجود المبتدأ الوجود المطلق وبتعين محل الغلبة يتعين محل الوجوب. قوله: "للعلم به" علة لأصل الحذف وقوله وسد إلخ علة لوجوبه وكذا يقال فيما يأتي ويكون العلم بالمحذوف علة لأصل الحذف لا لوجويه. لا يرد ما قيل أن العلة التي هي العلم موجودة إذا كان الخبر وجودًا مقيدًا ودلت القرينة الخارجية عليه مع أن الحذف حينئذٍ غير واجب حتى يحتاج إلى الجواب عنه بأن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ولولا دفع الله الناس موجود، حذف موجود وجوبًا للعلم به، وسد جوابها مسده، أما إذا كان الامتناع معلقًا على الوجود المقيد وهو غير الغالب عليها، فإن لم يدل على المقيد دليل وجوب ذكره نحو لولا زيد سالمًا ما سلم وجعل منه قوله عليه الصلاة والسلام: "لولا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم" وإن دل عليه دليل جاز إثباته وحذفه نحو لولا أنصار زيد حموه ما سلم، وجعل منه قول المعري: 163- يذيب الرعب منه كل عضب ... فلولا الغمد يمسكه لسالا   المراد علم ذلك بمقتضى لولا إذ هي دالة على امتناع الجواب لوجود المبتدأ لا بقرينة خارجية لأنهم لاعتنائهم بالخبر لكونه ركن الإسناد ومحط الفائدة لا يكتفون في وجوب حذفه بالقرينة الخارجية وإن مشى على وروده، والجواب عنه بهذا البعض مع أن في الجواب بحثًا لأنه إن أراد الخارجية عن كلام لولا ورد عليه أن القرينة مع المقيد قد تكون من نفس الكلام وإن كانت غير نفس لولا كما في لولا أنصار زيد حموه ما سلم ولولا الغمد يمسكه لسالا، لدلالة الأنصار على الحماية والغمد على الإمساك، وإن أراد الخارجية عن لولا وإن كانت من الكلام وهذا هو المتبادر من عبارته ورد عليه أن اعتبار دلالة لولا في وجوب الحذف دون دلالة غيرها من أجزاء الكلام تحكم، ولهذا قال سم في الجواب ما نصه: كأنهم اعتبروا في وجوب الحذف أن يكون الخبر مدلولًا عليه من الكلام لا من قرينة خارجية عن الكلام اعتناء بالخبر. ا. هـ. وإن ورد عليه ما ذكرناه في الشق الأول فتدبره نعم قد يقال: سد الجواب مسد الخبرالمحذوف إذا كان وجودًا مقيدًا أيضًا مع أن حذفه غير واجب. اللهم إلا أن يمنع السد حينئذٍ فتأمل. قوله: "وسد جوابها مسده" أي فهو عوض عنه ولا يجمع بين العوض والمعوض، ولا فرق في ذلك بين الجواب المذكور والمقدر نحو: {لَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُون} [الفتح: 25] أي لأذن لكم في الفتح وإن لزم في الثاني حذف العوض والمعوض معًا لأن القرينة تجعله في قوة المذكور والمراد بسد الجواب مسده قيامه مقامه وحلوله محله كما يؤخذ من التصريح. قوله: "على الوجود المقيد" أي بقيد زائد على أصل الوجود كالمسألة. قوله: "لولا قومك حديثو عهد" أي قريبو زمن والخطاب لعائشة وممن روى هذه الرواية البخاري في كتاب العلم من صحيحه فما نقل عن ابن أبي الربيع من أنه لم يقف على ورودها من طريق صحيح فيه ما فيه. قوله: "وإن دل عليه دليل" أي سواء كان من أجزاء كلام لولا كما مثل أو من غيرها كقولك في جواب هل زيد محسن إليك لولا زيد أي محسن إليّ لهلكت. قوله: "لولا أنصار إلخ" الدليل قوله أنصار لأن شأن الناصر الحماية. قوله: "وجعل منه قول المعري إلخ" لأن شأن الغمد إمساك السيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   واعلم أن ما ذكره الناظم هو مذهب الرماني وابن الشجري والشلوبين، وذهب الجمهور إلى أن الخبر بعد لولا واجب الحذف مطلقًا بناء على أنه لا يكون إلا كونًا ملطقًا، وإذا أريد الكون المقيد جعل مبتدأ فتقول: لولا مسالمة زيدًا إيانا ما سلم، أي موجودة، وأما الحديث فمروي بالمعنى ولحنوا المعري "وفي نص يمين ذا" الحكم، وهو حذف الخبر وجوبًا. "استقر" نحو لعمرك لأفعلن، وايمن الله لأقومن، أي لعمرك قسمي،   قوله: "كل عضب" هو السيف القاطع والغمد غلاف السيف. فإن قلت: عجز البيت يناقض صدره إذ العجز يقتضي عدم السيلان لأن جواب لولا منتف والصدر يقتضي وجوده لأن الإذابة الإسالة وهي إيجاد السيلان، وإنما عبر بالمضارع لاستحضار الصورة العجيبة أو لقصد الاستمرار. قلت: المراد لولا إمساك الغمد له لسال منه فالمنفي سيلان خاص قاله الدماميني. قوله: "هو مذهب الرماني إلخ" هذا هو الحق. قوله: "مطلقًا" أَي في كل تركيب. قوله: "فتقول لولا مسالمة إلخ" أي وأما نحو لولا زيد سالمًا ما سلم فتركيب فاسد. قوله: "فمروي بالمعنى" والمشهور في الروايات لولا حدثان قومك لولا حداثة قومك لولا أن قومك حديثو عهد، ورد بأنه يؤدي إلى رفع الوثوق عن جميع الأحاديث أو غالبها على أنه إنما يتم لو لم يكن رواة الحديث عربًا أما إذا كانوا عربًا وهو الظاهر فلا لقيام الحجة بلسانهم. ا. هـ. سم وفي حاشية المغني للدماميني: أسقط أبو حيان الاستدلال على الأحكام النحوية بالأحاديث النبوية باحتمال رواية من لا يوثق بعربيته إياها بالمعنى وكثيرًا ما يعترض بذلك على الإمام بن مالك في استدلاله بها ورده شيخنا ابن خلدون بأنها على تسليم أنها لا تفيد القطع بالأحكام النحوية تفيد غلبة الظن بها لأن الأصل عدم التبديل لا سيما والتشديد في ضبط ألفاظها والتحري في نقلها بأعيانها مما شاع بين الرواة. والقائلون منهم بجواز الرواية بالمعنى معترفون بأنها خلاف الأولى وغلبة الظن كافية في مثل تلك الأحكام بل في الأحكام الشرعية فلا يؤثر فيها الاحتمال المخالف للظاهر وبأن الخلاف في جواز النقل بالمعنى في غير ما لم يدون في كتب أما ما دون فلا يجوز تبديل ألفاظه بلا خلاف كما قاله ابن الصلاح وتدوين الأحاديث وقع في الصدر الأول قبل فساد اللغة العربية وحين كان كلام أولئك المبدلين على تقدير تبديلهم يسوغ الاحتجاج به وغايته يومئذٍ تبديل لفظ يحتج به بآخر كذلك ثم دون ذلك البدل ومنع من تغييره ونقله بالمعنى فبقي حجة في بابه صحيحة ولا يضر توهم ذلك الاحتمال السابق في استدلالهم المتأخر. ا. هـ. باختصار. قوله: "ولحنوا المعري" أي خطأوه ورد تلحينه بورود مثله في الشعر الموثوق به كقول الشاعر: لولا زهير جفاني كنت معتذرًا وكان يغني الجمهور عن تلحينه جعل يمسكه بدل اشتمال من الغمد أن الأصل أن يمسكه فحذفت أن وارتفع حينئذٍ الفعل كما أفاده الدماميني. قوله: "وفي نص يمين" من إضافة الصفة إلى الموصوف. قوله: "استقر" إظهاره الكون العام ضرورة أو مراده بالاستقرار الثبات وعدم التزلزل فيكون خاصًا على حد ما قيل في قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَه} [النمل: 40] . قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 وبعد واو عيت مفهوم مع ... كمثل كل صانع وما صنع   وايمن الله يميني فحذف الخبر وجوبًا للعلم به، وسد جواب القسم مسده فإن كان المبتدأ غير نص في اليمين جاز إثبات الخبر وحذفه نحو عهد الله لأفعلن وعهد الله علي لأفعلن. تنبيه: اقصتر في شرح الكافية على المثال الأول، وزاد ولده المثال الثاني وتبعه عليه في التوضيح، وفيه نظر إذ لا يتعين كون المحذوف فيه الخبر لجواز كون المبتدأ هو المحذوف والتقدير قسمي ايمن الله بخلاف المثال الأول لمكان لام الابتداء "و" كذا يجب حذف الخبر الواقع "بعد" مدخول "واو عيت مفهوم مع" وهي الواو المسماة بواو المصاحبة "كمثل" قولك "كل صانع وما صنع" وكل رجل وضيعته تقديره مقرونان إلا أنه   "لعمرك" أي حياتك التزموا فتح عينه في القسم تخفيفًا لكثرة استعماله فيه وإن صح في غيره الفتح والضم أفاده الدماميني. قوله: "وايمن الله" أي بركته. قوله: "للعلم به" أي من كون ما ذكر نصًا في اليمين. قوله: "نحو عهد الله" إنما لم يكن نصًا في اليمين لعدم ملازمته فقد يستعمل في غيره نحو عهد الله يجب الوفاء به ولا يفهم منه القسم إلا بذكر المقسم عليه قاله المصرّح وأقره شيخنا والبعض وفيه أن قولهم لعمرك كذلك نحو لعمرك طويل أو مبارك فيه والأقرب عندي أن المراد بالنص الظاهر لغلبة استعمال لعمرك في اليمين بخلاف عهد الله، وبحمل إثبات أهل العربية صراحة العمر في القسم على ظهوره فيه ونفي الفقهاء صراحة عمر الله وعهده على نفي كونه يمينًا معتدًا به شرعًا على الإطلاق يجمع بين كلام أهل العربية وقول الفقهاء: عمر الله وعهد الله كل منهما كناية لا ينعقد به اليمين إلا إذا نوى بالعمر البقاء أو الحياة وبالعهد استحقاقه لإيجاب ما أوجبه علينا بخلاف ما إذا أطلق أو نوى بهما ما تعبدنا به لأنهما يطلقان على هذا كما رأيته بخط الشنواني نقلًا عن سم. قوله: "على المثال الأول" يعني لعمرك لأفعلن. وقوله: المثال الثاني يعني ايمن الله لأقومن. قوله: "وفيه نظر إذ لا يتعين إلخ" أجاب سم بأنهم لو يدعوا التعين والمثال يكفيه الاحتمال. قوله: "هو المحذوف" قال سم: ولعل الحذف حينئذٍ أي حين إذ كان المحذوف المبتدأ غير واجب إذ لم يسد الجواب مسده. ا. هـ. أي لعدم حلوله محل المبتدأ لكن قال الروداني: لا يتوقف وجوب حذف المبتدأ على أن يسد شيء مسده بخلاف الخبر، والفرق أن الخبر محط الفائدة فاعتنى بشأنه فشرط في وجوب حذفه ذلك. قوله: "لمكان لام الابتداء" أي كونها أي وجودها فمكان مصدر ميمي من كان التامة، واعترض بأنه يجوز كون اللام داخلة على مبتدأ مقدر كما قيل في قوله خالي لأنت فوجودها لا ينافي كون مدخولها في اللفظ خبرًا. وأجيب بأن دخول اللام على شيء واحد لفظًا وتقديرًا أولى من دخولها لفظًا على شيء وتقديرًا على آخر، فالحمل على الأول أرجح مع أن حذف المبتدأ بنافية لام الابتداء كما مر مع ما فيه ثم رأيت صاحب المغني نقل عن ابن عصفور تجويز الوجهين في المثالين وعن غيره الجزم بأنهما من حذف الخبر. قوله: "عينت مفهوم مع" أي كانت ظاهرة فيه إذ الواو فيما ذكره تحتمل غير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وقبل حال لا يكون خبرا ... عن الذي خبره قد أضمرا   لا يذكر للعلم به، وسد العطف مسده، فإن لم تكن الواو للمصاحبة نصًّا كما في نحو زيد وعمرو مجتمعان لم يجب الحذف. قال الشاعر: 164- تمنوا الموت الذي يشعب الفتى ... وكل امرئ والموت يلتقيان وزعم الكوفيون والأخفش أن نحو كل رجل وضيعته مستغن عن تقدير خبر لأن معناه مع ضيعته، فكما أنك لو جئت بمع موضع الواو إلى مزيد عليها وعلى ما يليها في حصول الفائدة، كذلك لا تحتاج إليه مع الواو ومصحوبها "وقبل حال لا يكون خبرا" أي ويجب حذف الخبر إذا وقع قبل حال لا تصلح خبرًا "عن" المبتدأ "الذي خبره   المعية كأن يقال: كل صانع وما صنع مخلوقان أفاده سم. قوله: "وما صنع" الأظهر أن ما مصدرية لأن الصنعة هي الملازمة للصانع لا المصنوع. قوله: "وضيعته" أي حرفته، وسميت ضيعة لأن صاحبها يضيع بتركها أو لأنها تضيع بتركها. فإن قلت: الضمير في ضيعته لا يصح عوده إلى كل إذ المعنى عليه كل رجل وضيعة كل رجل مقترنان وهو فاسد ولا إلى رجل إذ المعنى عليه كل رجل وضيعة رجل مقترنان وهو أيضًا فاسد. قلت: لما كانت كل نائبة عن أسماء كثيرة كان ضميرها أو ضمير مدخولها أيضًا كذلك ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحادًا فكأنه قيل زيد وضيعته مقترنان وعمر وضيعته مقترنان وهكذا. قوله: "وسد العطف" اعترض بأن تقدير الخبر مقرونان فهو مثنى فهو خبر عن مجموع المتعاطفين فمحله بعد المعطوف فكيف يسد المعطوف مسده ولهذا قال الرضي: الظاهر أن الحذف غالب لا واجب. وأجاب سم بأن الخبر من حيث هو خبر المعطوف عليه محله قبل المعطوف فسد المعطوف مسد الخبر منن حيث هو خبر المعطوف عليه فوجب حذفه من هذه الجهة وإن لم يسد مسده من حيث هو خبره إذ لا يشترط لوجوب الحذف سد الشيء مسد المحذوف من كل وجه. قوله: "فإن لم تكن الواو للمصاحبة نصًا" أي ظهورًا بأن لم تكن للمصاحبة بالكلية بل لمجرد التشريك في الحكم نحو زيد وعمرو متباعدان أو للمصاحبة لا نصًا أي ظهورًا كما في بيت الشارح ومثاله، لأن ظهور المعية فيهما إنما جاء من مادة الخبر وأما الواو فتحتمل التشريك والمعية بدون ظهور المعية لأن الظاهرة فيها يصح الاكتفاء بها في إفادة المعية كما قاله الشنواني. قال ولو قيل كل امرىء والموت أي معه لم يكن كافيًا وبذلك التحقيق يعلم ما في كلام البعض فافهم. قوله: "لم يجب الحذف" بل يجوز إن دل دليل عليه. قوله: "يشعب" كيذهب أي يفرق. قوله: "مستغن عن تقدير خبر إلخ" رد بأن كون الواو بمعنى مع لا يستلزم كونها بمنزلتها لأن مع ظرف يصلح للإخبار به بخلاف الواو. زكريا. قوله: "وقبل حال" أي   164- البيت من الطويل، وهو لفرزدق في شرح التصريح 1/ 180؛ والمقاصد النحوية 1/ 543؛ وليس في ديوانه وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 224؛ وتخليص الشواهد ص211؛ وخزانة الأدب 6/ 283. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 كضربي العبد مسيئًا وأتم ... تبييني الحق منوطًا بالحكم   قد أضمرا" وذلك فيما إذا كان المبتدأ مصدرًا عاملًا في اسم مفسر لضمير ذي حال بعده لا تصلح لأن تكون خبرًا عن ذلك المبتدأ، أو اسم تفضيل مضافًا إلى المصدر المذكور أو إلى مؤول به فالأول. "كضربي العبد مسيئًَا و" الثاني مثل "أتم تبييني الحق منوطًا بالحكم" إذا جعل منوطًا جاريًا على الحق لا على المبتدأ. والثالث نحو أخطب ما يكون   مفردة أو جملة أو ظرف مثال الثالث ضربي زيدًا مع عصيانه على جعله حالًا من ضمير زيد. قوله: "لا تصلح خبرًا" أي بحسب ذاتها كالمثال الأول أو قصد المتكلم كالمثال الثاني ولهذا قال الشارح إذا جعل منوطًا جاريًا على الحق لا على المبتدأ، فاندفع الاعتراض بأن المثال الثاني تصلح الحال فيه للخبرية، واعترض الراعي المثال الأول بأنه يصح الإخبار عن الضرب بكونه مسيئًا على وجه المجاز. وأجيب بأن المراد لا تصلح على وجه الحقيقة، وقد يقال لا حجر في المجاز حتى يجب إضمار الخبر، ويمتنع رفع الحال على الخبرية المجازية إلا أن يقال لا تصلح على وجه المجاز بحسب قصد المتكلم. والحاصل أن المثال الأول لا تصلح الحال فيه للخبرية حقيقة بحسب ذاتها ولا مجازًا بحسب قصد المتكلم فاعرف ذلك. قوله: "عن الذي خبره قد أضمرا" أي وإن صلحت أن تكون خبرًا عن غيره فليس الشرط أن لا تصلح للخبرية أصلًا فلهذا قال عن الذي إلخ فالقصد منه الإشارة إلى ما ذكر لا إلى كون الخبر مضمرًا لأنه معلوم من قوله وقبل حال، لأن المعنى ويحذف الخبر وجوبًا قبل حال. وقوله: قد أضمرا أي قدر. قوله: "مصدرًا" أي صريحًا لا مؤولًا عند جمهور البصريين ومذهب قوم أنه لا فرق نحو أن ضربت زيدًا قائمًا. قوله: "في اسم" أي ظاهر كالعبد والحق في المثالين، أو مضمر كإياه في قولك: العبد ضربي إياه مسيئًا. وظاهر عبارته عدم اشتراط إضافة المصدر نحو ضرب عمرًا قائمًا. وظاهر كلام الرضي اشتراطها حيث قال: ويكون المصدر مضافًا للفاعل أو للمفعول أولهما إلا أن يقال قصده التعميم في الإضافة لاشتراطها. وقوله: أولهما أي كما في تضاربنا أو مضاربتنا، ففي بعض حواشي الجامي أن نا في محل رفع ونصب باعتبار الفاعل والمفعول، وفي محل جر باعتبار الإضافة والجمهور على أنه لا يجوز اتباع المصدر المذكور فلا يقال ضربي زيدًا الشديد قائمًا ولا شربي السويق كله ملتوتًا لغلبة معنى الفعل عليه مع عدم السماع وأجازه الكسائي ووافقه المصنف في تسهيله اتباعًا للقياس. قوله: "لضمير" بالتنوين وهو الضمير في إذ كان أو إذا كان، ويصح ترك التنوين على أن الإضافة للبيان إن أريد ذو الحال الاصطلاحي الذي هو لفظ الضمير أو حقيقة إن أريد ذو الحال المعنوي الذي هو مدلول الضمير. قوله: "بعده" نعت لحال أي بعد الضمير أو المفسر. قوله: "إذا جعل منوطًا جاريًا على الحق" أي جعل حالًا من ضميره وقيد بذلك ليكون المثال مما نحن فيه، لأنه لو جعل جاريًا على المبتدأ بأن قصد إيقاعه على معنى المبتدأ وأرجع الضمير في الخبر المقدر إلى المبتدأ وجعل منوطًا حالًا من ذلك الضمير لم يكن مما نحن فيه لعدم إضافة اسم التفضيل إلى مصدر عامل في اسم مفسر لضمير ذي حال؛ إذ ليس المفسر حينئذٍ معمول المصدر بل يكون مما يصلح فيه الحال للخبرية بحسب الذات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأمير قائمًا، والتقدير إذ كان أو إذا كان مسيئًا ومنوطًا وقائمًا، نصب على الحال من الضمير في كان، وحذفت جملة كان التي هي الخبر للعلم بها وسد الحال مسدها، وقد عرفت أن هذه الحال لا تصلح خبرًا لمباينتها المبتدأ إذ الضرب مثلًا لا يصح أن يخبر عنه بالإساءة. فإن قلت: جعل هذا المنصوب حالًا مبني على أن كان تامة، فلم لا جعلت ناقصة والمنصوب خبرها؛ لأن حذف الناقصة أكبر: فالجواب أنه منع من ذلك أمران: أحدهما أنا لم نر العرب استعملت في هذا الموضع إلا أسماء منكورة مشتقة من المصادر فحكمنا بأنها أحوال إذ لو كانت أخبارًا لكان المضمرة لجاز أن تكون معارف ونكرات ومشتقة وغير مشتقة. الثاني وقوع الجملة الاسمية مقرونة بالواو موقعه، كقوله عليه الصلاة والسلام: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" وقول الشاعر:   وقصد المتكلم فيجب رفعه على الخبرية. قوله: "أخطب ما يكون" أي أخطب كون بمعنى أكوان، ومن أول بالجمع ابتداء فقد تسمح، وأخطب من الخطب وهو الشدة أي أشد أحواله قاله بعضهم. قوله: "والتقدير" أي تقدير ما زاد على متعلق الظرف من المحذوف من هذه المثل، ولم يتعرض لتقدير المتعلق الذي هو حاصل أو حصل مثلًا لوضوحه. قوله: "إذا كان" أي عند إرادة المضي أو إذا كان أي عند إرادة الاستقبال. قاله الدماميني والسيوطي وغيرهما. وفي الرضي أن إذا هنا للاستمرار كما في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْض} [البقرة: 11] ، وقال الروداني: بقي أنه قد يراد الحال أو الاستمرار ولو قال: يقدر وقت كان أو حين كان لكان أشمل لسائر الأزمنة بلفظ واحد. ا. هـ. ورأيت بخط الشنواني أنه إذا أريد الاستمرار يؤتى بإذا لأنها تأتي للاستمرار. قوله: "وحذفت جملة كان" أي مع الظرف المضاف إليها. وقوله: التي هي الخبر، فيه مسامحة إذ الخبر إما متعلق الظرف كما هو الأصح أو نفس الظرف المضاف إلى تلك الجملة. قوله: "للعلم بها" أي مع الظرف أي من كون المراد الإخبار عن المصدر أو ما أضيف إليه بالكون مقيدًا بحال من أحوال من تعلق به المصدر أو ما أضيف إليه، وقوله: وسد الحال مسدها أي مع الظرف. والحاصل أن الحال قامت مقام إذ كان لأن في الحال معنى الظرفية إذ معنى لقيت زيدًا راكبًا لقيته في وقت الركوب، وإذ كان سد مسد المتعلق الذي هو الخبر في الحقيقة كسداد بقية الظروف مسد متعلقاتها العامة فالحال سدت مسد الخبر في الظاهر مباشرة والخبر في الحقيقة بواسطة. قوله: "لمباينتها" أي بالذات أو باعتبار قصد المتكلم. قوله: "إلا أسماء منكورة مشتقة" الحصر إضافي أي لا معارف ولا جوامد فلا ينافي مجيء الحال جملة كما سيأتي. قوله: "لجاز" أي جوازًا وقوعيًا أن تكون معارف إلخ وكون مجيئها منكور مشتقة أمرًا اتفاقيًا لا لكون المنصوب حالًا بعيد، لأن الظاهر أن التزامهم التنكير والاشتقاق لا يكون إلا لنكتة وأن النكتة كونها أحوالًا. قوله: "مقرونة بالواو" ويجوز أيضًا وقوع الاسمية موقعه بلا واو على ما قاله الكسائي وارتضاه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   165- غير اقتراني من المولى حليف رضا ... وشر بعدي عنه وهو غضبان فإن قلت: فما المحوج إلى إضمار كان لتكون عاملة في الحال وما المانع أن يعمل فيها المصدر، فالجواب أنه لو كان العامل في الحال هو المصدر لكانت من صلته فلا تسد مسد خبره فيفتقر الأمر إلى تقدير خبر ليصح عمل المصدر في الحال فيكون التقدير ضربي العبد مسيئًا موجود وهو رأي كوفي. وذهب الأخفش إلى أن الخبر المحذوف مصدر مضاف إلى ضمير ذي الحال والتقدير ضربي العبد مسيئًا. واختاره في التسهيل، وفي منع الفراء وقوع هذه الحال فعلًا مضارًعا وأجازه سيبويه، ومنه قوله:   المصنف ونقل عن البصريين أيضًا فيجوز ضربي زيدًا هو قائم. قوله: "موقعه" أي موقع المنصوب. قوله: "حليف رضا" أي إذا كنت أو إذا وجدت حليف رضا قاله العيني، وبه يعرف أنه لا يتعين لفظ كان بل مثلها ما في معناها وأن الضمير الذي يفسره معمول المصدر قد يكون بارزًا عند تقدير الخبر وأن معمول المصدر صادق بما أضيف إليه المصدر ولو ضميرًا وإن لزم عليه كون المفسر والمفسر ضميرين لكن الظاهر عندي أنه يصح أن يكون التقدير إذ كان حليف رضا أي مصاحبًا للرضا بل هذا أنسب بقوله وهو غضبان لتعلق كل من الحالين حينئذٍ بالمولى فافهم، وحليف الرضا المحالف المعاقد على الرضا. قوله: "وهو غضبان" هذا هو الشاهد. قوله: "أن يعمل فيها المصدر" وذلك بأن تجعل حالًا من منصوب المصدر لأن العامل في صاحب الحال عامل فيها. قوله: "لكانت من صلته" أي متعلقاته فمحلها قبل الخبر فلا تسد مسده لما علمت من أن الشيء لا يسد مسد غيره إلا إذا كان في محله أفاده سم. قوله: "إلى تقدير خبر" أي بعد الحال، إذ لو قدر قبلها لم يصح عمل المصدر فيها للفصل بين المصدر ومعموله حينئذٍ كذا قيل، وفيه أن الفصل ليس بأجنبي لأن الخبر معمول للمبتدأ إلا أن يجعل كالأجنبي للخلاف في كونه معموله والمراد تقديره مع عدم ما يسد مسده وإلا فالخبر مقدر على كل حال. قوله: "وهو رأي كوفي" أي إعمال المصدر في الحال وتقدير الخبر بعده رأي كوفي وهو معترض بفوات المعنى المقصود عليه من الحصر أي حصر الضرب مثلًا في كونه حال الإساءة، ولعل وجه إفادة نحو ضربي العبد مسيئًا للحصر مشابهة المصدر بإضافته المعرف بلام الجنس، والمعرف بلام الجنس منحصر في الخبر فكذا ما شابهه، وعلى كلامهم يكون الحذف جائزًا لا واجبًا لعدم سد شيء مسده. قوله: "إلى ضمير ذي الحال" الإضافة للبيان أن أريد ذو الحال الاصطلاحي الذي هو لفظ الضمير لأن صاحب الحال هنا اصطلاحًا الضمير وحقيقية أن أريد ذو الحال المعنوي الذي هو مدلول الضمير. قوله: "ضربه مسيئًا" بالحال حصل التغاير بين المبتدأ والخبر. قوله: "واختاره في التسهيل" وكذا ابن هشام في المغني لقلة المقدر عليه؛ لأن المقدر   165- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص650؛ والدرر 2/ 30؛ والمقاصد النحوية 1/ 579؛ وهمع الهوامع 1/ 107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   166- ورأي عيني الفتى أباكا ... يعطي الجزيل فعليك ذاكا أما إذا صلح الحال لأن يكون خبر العدم مباينته للمبتدأ فإنه يتعين رفعه خبرًا فلا يجوز ضربني زيدًا شديدًا، وشذ قولهم: حكمك مسمطًا أي حكمك لك مثبتًا، كما شذ زيد قائمًا وخرجت فإذا زيد جالسًا فيما حكاه الأخفش، أي ثبت قائمًا وجالسًا. ولا يجوز أن يكون الخبر المحذوف إذ كان أو إذا كان لما عرفت من أنه لا يجوز الإخبار بالزمان عن الجثة. تنبيه: لم يتعرض هنا لمواضع وجوب حذف المبتدأ وعدها في غير هذا الكتاب أربعة: الأول ما أخبر عنه بنعت مقطوع للرفع في معرض مدح أو ذم أو ترحم الثاني ما   عليه شيئان والمقدر على الأول خمسة أشياء ولأن التقدير من اللفظ مع صحة المعنى أولى، ولأن تقدير إذ مع الجملة المضاف إليها لم يثبت في غير هذا الموضع، نعم يلزم عليه حذف المصدر وإبقاء معموله والجمهور على منعه. قوله: "ورأي عيني إلخ" رأي مصدر مضاف لفاعله والفتى مفعوله وأباك بدل أو بيان وقوله: يعطي الجزيل حال سد مسد خبر رأي، وقوله: فعليك ذاكا أي الزم الإعطاء الذي كان عليه أبوك. قوله: "فإنه يتعين رفعه" أي عند عدم قصد المتكلم جعله حالًا من ضمير معمول المصدر المستتر في الخبر فإن قصد ذلك وجب النصب وذكر الخبر بأن يقال: ضربي زيدًا إذ كان شديدًا أو ضربه شديدًا كما نقله شيخنا. قوله: "فلا يجوز ضربي زيدًا شديدًا" بل يجب الرفع عند قصد الخبرية والنصب وذكر الخبر عند قصد الحالية كما مر إذ لو لم يذكر الخبر لربما وقف على المنصوب بالسكون على لغة ربيعة فيتوهم الخبرية والقصد الحالية كذا قيل، وفيه أن هذه العلة تأتي في نحو أتم تبييني إلخ مع أنهم لم يوجبوا فيه ذكر الخبر فتأمل. قوله: "وشذ قولهم" أي لرجل حكموه عليهم، وشذوذه من وجهين النصب مع صلاحية الحال للخبرية، وكون الحال ليست من ضمير معمول المصدر بل من ضمير المصدر المستتر في الخبر قاله المصرح. قوله: "مسمطًا" بضم الميم الأولى وفتح السين المهملة وتشديد الميم الثانية مفتوحة. قوله: "مثبتًا" يعني نافذًا. قوله: "أي ثبت قائمًا وجالسًا" التقدير في فإذا زيد جالسًا على غير القول بأن إذا الفجائية ظرف مكان أما عليه فلا حذف بل هي الخبر. قوله: "أن يكون الخبر المحذوف" أي في زيد قائمًا وخرجت فإذا زيد جالسًا. قوله: "أربعة" بقيت أشياء في الهمع وغيره منها المبتدأ المخبر عنه باسم واقع بعد لا سيما في لا سيما زيد برفع زيد، ومنها المبتدأ المخبر عنه بجار ومجرور مبين   166- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص181؛ والدرر 2/ 28؛ والكتاب 1/ 191؛ والمقاصد النحوية 1/ 572؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص212؛ والدرر 5/ 249؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 398؛ وهمع الهوامع 1/ 107، 2/ 93. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أخبر عنه بمخصوص نعم وبئس المؤخر، نحو نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو إذا قدر المخصوص خبرًا، فإن كان مقدمًا نحو زيد نعم الرجل فهو مبتدأ لا غير، وقد ذكر الناظم هذين في موضعهما من هذا الكتاب. الثالث ما حكاه الفارسي من قولهم: في ذمتي لأفعلن التقدير في ذمتي عهد أو ميثاق الرابع ما أخبر عنه بمصدر مرفوع جيء به بدلًا من اللفظ بفعله نحو سمع وطاعة، أي أمري سمع وطاعة. ومنه قوله: 167- وقالت حنان ما أتى بك ههنا ... أذو نسب أم أنت بالحي عارف   لفاعل أو مفعول المصدر قبله البدل عن الفعل نحو سقيا لك ورعيا لك فلك خبر مبتدأ محذوف وجوبًا ليلي الفاعل أو المفعول في المعنى المصدر كما كان يلي الفعل، أي وهذا الدعاء لك نقل هذا الثاني الدنوشري عن الرضي وعندي أنه إنما يحتاج إليه إذا كان المجرور ضمير المخاطب كما في التمثيل لعدم صحة الجمع بين الخطاب بفعل أمر أو بدله لشخص، والخطاب بغيره لشخص في جملة واحدة. أما نحو سقيا لزيد ورعيا لعمرو فالظاهر أن اللام لتقوية العامل ومدخولها معمول للمصدر فاحفظ هذا التحقيق. قوله: "ما أخبر عنه بنعت مقطوع إلخ" قال أبو علي: إنما التزموا في النعت المقطوع في المدح والذم والترحم حذف الفعل أو المبتدأ في النصب أو الرفع للتنبيه على شدة الاتصال بالمنعوت، وقيل: للإشعار بإنشاء المدح أو الذم أو الترحم كما فعلوا في النداء دماميني بتصرف، وتسمية المقطوع نعتًا باعتبار ما كان. قوله: "في معرض مدح إلخ" خرج بذلك ما إذا كان النعت للتخصيص أو للإيضاح فإنه يجوز ذكر المبتدأ وحذفه كما في التصريح وغيره. قوله: "ما أخبر عنه بمخصوص إلخ" إنما وجب حذفه لصيرورة الكلام لإنشاء المدح أو الذم فجرى مجرى الجملة الواحدة. قوله: "المؤخر" بيان للواقع إذ لا يكون المخصوص خبرًا إلا إذا أخر قوله: "من قولهم في ذمتي إلخ" لدلالة الجواب عليه وسد مسده وحلوله محله لأن المبتدأ هنا واجب التأخير. قوله: "في ذمتي عهد" أي متعلق عهد أو ميثاق وهو مضمون الجواب لأنه الذي يستقر في الذمة، دنوشري. قوله: "بدلًا من اللفظ بفعله" أي بواسطة لأن الأصل أسمع سمعًا وأطيع طاعة، حذف الفعل اكتفاء بدلالة مصدره عليه ثم عدل إلى الرفع لإفادة الدوام، وأوجبوا حذف المبتدأ إعطاء للحال الفرعية حكم الحالة الأصلية التي هي حالة النصب إذ يجب فيها حذف الفعل أفاده زكريا. قوله: "وقالت حنان" أي رحمة وأكثر النسخ بإسقاط الواو فيكون فيه الثلم.   167- البيت من الطويل، وهو لمنذر بن درهم الكلبي في خزانة الأدب 2/ 112، وشرح أبيات سيبويه 1/ 235؛ وبلا نسبة في أمالي الزجاجي ص131؛ وأوضح المسالك 1/ 217؛ والدرر اللوامع 3/ 66؛ وشرح التصريح 1/ 177؛ وشرح عمدة الحافظ ص190؛ وشرح المفصل 1/ 188؛ والصاحبي في فقه اللغة ص255؛ والكتاب 1/ 320؛ ولسان العرب 13/ 129 "حنن"، والمقاصد النحوية 1/ 539؛ والمقتضب 3/ 225؛ وهمع الهوامع 1/ 189. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 وأخبروا باثنين أو بأكثرا ... عن واحد كهم سراة شعرا   أي أمري حنان أي رحمة. وقول الراجز: 168- شكا إلي جملي طول السرى ... صبر جميل فكلانا مبتلى أي أمرنا جميل "وأخبروا باثنين أو بأكثرا عن" مبتدأ "واحد" لأن الخبر حكم، ويجوز أن يحكم على الشيء الواحد بحكمين فأكثر. ثم تعدد الخبر على ضربين الأول تعدد في اللفظ والمعنى "كهم سراة شعرًا" ونحو: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: 14] ، وقوله: 169- من يك ذا بت فهذا بتي ... مقيظ مصيف مشتي   وقوله: أذو نسب إلخ أي ذو قرابة هنا جئت لهم أم لك معرفة بالحي. وإنما قالت ذلك خوفًا عليه من إنكار الحي إياه قاله العيني، فلقنته الحجة موهمة أنها لا تعرفه. قوله: "وأخبروا باثنين أي بأكثرا" أي مع كون كل مفردًا أو جملة أو شبه جملة أو مع الاختلاف. وفي المغني زعم الفارسي أن الخبر لا يتعدد مختلفًا بالافراد والجملة فيتعين عنده في نحو زيد عالم يفعل الخير كون الجملة الفعلية صفة للخبر، ومثله عنده وعند غيره نحو زيد رجل صالح أو يفعل الخبر لعدم إفادة الإخبار بالأول وحده، ويجوز عنده وعند غيره في نحو زيد كاتب شاعر كون شاعر خبرًا ثانيًا وكونه صفة لكاتب. ا. هـ. بتصرف، ثم قال: وأجب الفارسي في: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِين} [البقرة: 65] ، كون خاسئين خبرًا ثانيًا لأن جمع المذكور السالم لا يكون صفة لما لا يعقل. ا. هـ. وأما نحو زيد يقرأ يكتب فمن تعدد الخبر لا غير. قوله: "لأن الخبر حكم" أي محكوم به. قوله: "في اللفظ والمعنى" علامة ذلك صحة الاقتصار على كل من الخبرين أو الإخبار كما في الدماميني. قوله: "سراة" بفتح السين وقد تضم أصلها سرية جمع سرى على غير قياس، إذ قياس جمع فعيل المعتل اللام أفعلاء كنبي وأنبياء وتقي وأتقياء وزكي وأزكياء. وأما قول شيخنا وشيخنا السيد والبعض كغيرهم لأن قياس جمع فعيل فعلاء كشريف وشرفاء فغير مستقيم لأن ما قالوه في فعيل الصحيح اللام وما نحن بصدده من فعيل معتلها وقيل اسم جمع. قوله: "من يك ذا بت" البت الكساء الغليظ المربع، ومن شرطية لا موصولة وإن زعمها البعض تبعًا لصدر كلام العيني المتناقض بدليل يك. والمعنى من يك ذا بت فأنا مثله لأن هذا   168- الرجز للملبد بن حرملة في شرح أبيات سيبويه 1/ 317؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 107؛ والكتاب 1/ 321؛ ولسان العرب 14/ 440 "شكا". 169- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص189؛ وجمهرة اللغة ص162؛ والدرر 2/ 32؛ والمقاصد النحوية 561؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 725؛ وتخليص الشواهد ص214؛ والدرر 5/ 109؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 33؛ وشرح ابن عقيل ص132؛ وشرح المفصل 1/ 99؛ والكتاب 2/ 84؛ ولسان العرب 2/ 8 "بتت"، 7/ 456 "قيظ" 9/ 201 "صرف" 14/ 421 "شتا"، وهمع الهوامع 1/ 108، 2/ 67. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 170- ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ... بأخرى الأعادي فهو يقظان نائم وهذا الضرب يجوز فيه العطف وتركه. والثاني تعدد في اللفظ دون المعنى، وضابطه أن لا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ نحو هذا حلو حامض أي مز، وهذا أعسر أيسر: أي أضبط. وهذا الضرب لا يجوز فيه العطف خلافًا لأبي علي هكذا اقتصر الناظم على هذين النوعين في شرح الكافية، وزاد ولده في شرحه نوعًا ثالثًا يجب في العطف وهو أن يتعدد الخبر لتعدد ما هو له إما حقيقة نحو بنوك كاتب وصائغ وفقيه. وقوله:   البت بتي فحذف المسبب وأقام السبب مقامه، وقوله: مقيظ إلخ أي كاف لي قيظًا وصيفًا وشتاء، والقيظ شدة الحر. قوله: "ينام إلخ" الضمير للذنب والذي وقع في الشارح يقظان نائم لكن المروي الذي يدل عليه بقية القوافي من القصيدة يقظان هاجع أي نائم. والشاهد في قوله فهو يقظان نائم فإن الخبر فيه تعدد لفظًا ومعنى على ما قاله الشارح وغيره وهو مبني على أن المراد يقظان من وجه نائم من وجه، ولك أن تجعله مما تعدد فيه الخبر لفظًا فقط بناء على أن المراد بين اليقظان والنائم أي جامع بين طرف من اليقظة وطرف من النوم. قوله: "يجوز فيه العطف" أي بالواو وغيرها بخلاف النوع الثالث فالعطف فيه لا يكون إلا بالواو أفاده شيخنا السيد. قوله: "وضابطه إلخ" هذا صادق بنحو هذا أبيض أسود للأبلق مع أن الرضي سرح بجواز العطف فيه إلا أن يراد عن المبتدأ كلًا أو بعضًا فيخرج نحو هذا المثال. قوله: "أن لا يصدق الأخبار إلخ" ولهذا قال بعضهم إطلاق الخبر على كل واحد مجاز من إطلاق ما للكل على الجزء. قوله: "أي مز" يعني أن الموجود في الرمان هو المزازة، وهي كيفية متوسطة بين الحلاوة والحموضة الصرفتين وليس فيه طعم الحلاوة وطعم الحموضة إذ هما ضدان لا يجتمعان فليس المعنى هنا كالمعنى في زيد كاتب شاعر من أنه جامع للصفتين إذ كل من الصفتين الصرفتين موجودة في زيد قاله الناصر اللقاني. قوله: "أي أضبط" أي في العمل لكونه يعمل بكلتا يديه وكان عمر بن الخطاب كذلك، ولا يقال أعسر أيسر كما في الصحاح. قوله: "لا يجوز فيه العطف" أي نظرًا للمعنى لأن الخبرين في المعنى شيء واحد والعطف يقتضي خلاف ذلك. قوله: "خلافًا لأبي علي" فإنه أجاز العطف نظرًا إلى تغاير اللفظ. قوله: "وزاد ولده" أي على ما في شرح الكافية فلا ينافي أنه تابع في هذه الزيادة لأبيه في شرح التسهيل. قوله: "لتعدد ما هو له" بهذا التعليل حصل الفرق بين هذا النوع ونحوهم سراة شعرًا لأن تعدد الخبر فيه ليس لتعدد المبتدأ لأن كلًّا من أفراد المبتدأ فيه متصف بأنه سرى شاعر بخلاف نحو بنوك إلخ فإنه   170- البيت من الطويل، وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص105، وأمالي المرتضى 2/ 213؛ وخزانة الأدب 4/ 292؛ والشعر والشعراء 1/ 398؛ والمقاصد النحوية 1/ 562؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص214؛ وشرح ابن عقيل ص132. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   171- يداك يد خيرها يرتجى ... وأخرى لأعدائها غائظة وإما حكمًا كقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الحديد: 20] ، واعترضه في التوضيح فمنع أن يكون النوع الثاني والثالث من باب تعدد الخبر بما حاصله أن قولهم: حلو حامض في معنى الخبر الواحد بدليل امتناع العطف وأن يتوسط بينهما مبتدأ، وأن نحو قوله: 172- يداك يد خيرها يرتجى وأخرى لأعدائها غائظة في قوة مبتدأين لكل منهما خبر، وأن نحو: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الحديد: 20] ، الثاني تابع لا خبر. قلت: وفي الاعتراض نظر أما ما قاله في الأول فليس بشيء إذ لم يصادم كلام الشارح بل هو عينه لأنه إنما جعله متعددًا في اللفظ دون المعنى وذكر له ضابطًا بأن لا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ كما قدمته فكيف يتجه الاعتراض عليه بما ذكر. وأما الثاني فهو أن كون يداك ونحوه في قوة مبتدأين لا ينافي كونه بحسب اللفظ مبتدأ واحدًا إذ النظر إلى كون المبتدأ واحدًا أو متعددًا إنما هو إلى لفظه لا إلى معناه وهو واضح لا خفاء فيه. وأما قوله في الثالث أن الثاني يكون تابعًا   لم يتصف كل من البنين بالأوصاف الثلاثة بل اختص كل بوصف فتعدد الخبر لتعدد المبتدأ. قوله: "يداك يدٌ إلخ" يد خبر المبتدأ وأخرى معطوف عليه وما بعد كل صفة له. قوله: "وأما حكمًا إلخ" إنما كان التعدد حكميًا في الآية لكون المبتدأ المفرد ذا أقسام فجعل في حكم الجمع الدال على الافراد. قوله: "إنما الحياة" أي حالها. قوله: "واعترضه" أي ما ذكر من النوعين الثاني والثالث والمفهوم من اعتراض الموضح قصر تعدد الخبر على تعدده لفظًا ومعنى مع اتحاد المبتدأ لفظًا ومعنى، وابن الناظم لا يقصره على ذلك. قوله: "وأن يتوسط بينهما مبتدأ" كما يمتنع توسط المبتدأ بينهما يمتنع تأخر المبتدأ عنهما فلا يجوز حلو حامض الرمان نقله صاحب البديع عن الأكثر كما في الهمع فقول البعض بعد عزوه إلى بعضهم ولا وجه له لا يسمع. قوله: "في قوة مبتدأين إلخ" إنما رد بهذا مع إمكان الرد بأن الثاني تابع كما فعل في الآية لأن هذا الذي ذكره يرفع تعدد الخبر معنى واصطلاحًا، بخلاف كونه تابعًا فإنه يرفع التعدد اصطلاحًا فقط أفاده الناصر. قوله: "الثاني تابع" أي الثاني منه تابع فالرابط محذوف وإنما لم يرد بكون المبتدأ في قوة مبتدآت لتعدده حكمًا كما فعل فيما قبله مع أنه أقوى في رفع تعدد الخبر كما مر لأن تعدد   171- البيت من المتقارب، وهو لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص155؛ وشرح التصريح 1/ 182؛ والمقاصد النحوية 1/ 752؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 17، 18؛ وأوضح المسالك 1/ 228؛ وتخليص الشواهد ص212؛ وخزانة الأدب 1/ 133؛ ولسان العرب 7/ 454 "غيظ". 172- راجع التخريج رقم 171. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لا خبرًا، فإنا نقول: لا منافاة أيضا بين كونه تابعًا وكونه خبرًا؛ إذ هو تابع من حيث توسط الحرف بينه وبين متبوعه، خير من حيث عطفه على خبر إذ المعطوف على الخبر خبر، كما أن المعطوف على الصلة صلة، والمعطوف على المبتدأ مبتدأ، وغير ذلك وهو أيضًا ظاهر. خاتمة: حق خبر المبتدأ أن لا تدخل عليه فاء لأن نسبته من المبتدأ نسبة الفعل من الفاعل ونسبة الصفة من الموصوف، إلا أن بعض المبتدآت يشبه أدوات الشرط فيقترن خبره بالفاء إما وجوبًا وذلك بعد أما نحو {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُم} [فصلت: 17] . وأما قوله:   المبتدأ في الآية خفي لكونه حكميًّا فلم يعرج عليه في الرد لذلك فافهم. قوله: "وفي هذا الاعتراض" أي الاعتراض المذكور على النوعين. قوله: "وأما الثاني" أي دفع ما قاله في الثاني. فائدة: في البحر المحيط للزركشي: قال بعض الفضلاء: الصفات المذكورة في الحدود لا يجوز أن تعرب أخبارًا ثواني بل يتعين إعرابها صفة لما يلزم على الأول من استقلال كل جزء بالحد ومن هنا منع جماعة أن يكون حلو حامض خبرين، وأوجب الأخفش أن يكون حامض صفة والجمهور القائلون إن كلًا منهما خبر لا يلزمهم القول بمثله في نحو الإنسان حيوان ناطق لأن حلو حامض ضدان، فالعقل يصرف عن توهم قصد كل منهما استقلالًا بخلاف الإنسان حيوان ناطق. ا. هـ. ولم يتعرض الشارح كالناظم لتعدد المبتدأ وهو قسمان: أحدهما أن يجرد كل من المبتدآت عن إضافته لضمير ما قبله ويؤتى بعد خبر المبتدأ الأخير بالروابط نحو زيد عمرو هند ضاربته في داره من أجله، والمعنى هند ضاربته عمرو في داره من أجل زيد. الثاني أن يضاف كل من المبتدآت غير الأول لضمير ما قبله نحو زيد عمه خاله أخوه قائم، والمعنى أخو خال عم زيد قائم. قوله: "لأن نسبته" أي الخبر من المبتدأ أي إلى المبتدأ نسبة الفعل من الفاعل أي كنسبة الفعل إلى الفاعل، يعني أن الخبر بالنسبة إلى المبتدأ كالفعل بالنسبة إلى الفاعل ووجه الشبه كون كل منهما محكومًا به وبسبب هذه المشابهة منع الخبر من الفاء كما منع منها الفعل إلا لمقتض كإفادة التسبب في نحو قام زيد فدخل عمرو، فاندفع الاعتراض بأن الفعل يقترن بالفاء كما في هذا المثال. هذا ملخص ما قاله البعض والأقرب عندي في تقرير عبارة الشارح ودفع الاعتراض عنها أن يبقى كلام الشارح على ظاهره من أن التشبيه النسبتين لا بين الخبر والفعل، وأن يجعل المعنى أن نسبة الخبر إلى المبتدأ كنسبة الفعل إلى الفاعل في أن كلًّا نسبة محكوم به إلى محكوم عليه، فكما لا يفصل بين الفعل وفاعله بالفاء لا يفصل بين الخبر ومبتدئه بالفاء. فإن قلت: هذا التقرير يؤدي إلى جواز فقائم زيد لعدم الفصل بين المبتدأ والخبر. قلت: رتبة المبتدأ التقديم فالفصل حاصل تقديرًا، فافهمه فإنه نفيس. قوله: "يشبه أدوات الشرط" أي أسماءه أي في العموم. قوله: "فيقترن خبره بالفاء" أي أن تأخر عن المبتدأ فإن سبقه تحوله له درهم الذي يأتيني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   173- أما القتال لا قتال لديكم فضرورة، وإما جوازًا وذلك إما موصولة بفعل لا حرف شرط معه، أو بظرف وإما موصوف بهما أو مضاف إلى أحدهما، وإما موصوف بالموصول المذكور بشرط قصد العموم واستقبال معنى الصلة أو الصفة، نحو الذي يأتيني أو في الدار فله درهم، ورجل   وجب ترك الفاء لأن الجواب إنما يقترن بالفاء إذا تأخر. قوله: "إما وجوبًا وذلك بعد أما" كان ينبغي إسقاط هذا القسم لأن اقتران الخبر فيه بالفاء لأجل أما المتضمنة معنى الشرط لا لشبه المبتدأ بأداة الشرط. قوله: "وذلك" أي المبتدأ الذي يقترن خبره بالفاء جوازًا إما موصول إلخ وجملة صوره خمس عشرة صورة: موصول بفعل لا حرف شرط معه، موصول بظرف موصول بجار ومجرور، موصوف بأحد هذه الثلاثة، فهذه ست صور. مضاف إلى الموصول أو الموصوف المذكورين وتحته ست صور موصوف بالموصول المذكور وتحته ثلاث صور وقد تدخل الفاء على خبر كل مضافًا إلى غير موصوف نحو كل نعمة فمن الله، أو موصوف بغير ما ذكر نحو: كل أمر مباعد أو مداني ... فمنوط بحكمة المتعالي قيل: ومنه حديث كل أمر ذي بال إلخ وفيه بحث أبديته في رسالتي الكبرى في البسملة. قوله: "لا حرف شرط معه" فلو كان معه حرف شرط نحو الذي أن يأتني أكرمه مكرم امتنعت الفاء لأنها إنما دخلت في الخبر لشبه المبتدأ بالشرط وهو هنا منتف إذ لا يدخل شرط على شرط وأجاز بعضهم دخولها في هذا أيضًا، وخرج بقوله بفعل أو ظرف الموصول بغيرهما فلا يجوز الذي أبوه محسن فمكرم خلافًا لابن السراج، ولا القائم فزيد أو فاضربه خلافًا للناظم في تسهيله فإنه صرح فيه بجوازه ومثل له في شرحه بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، وجعل الجمهور الخبر محذوفًا أي مما يتلى عليكم حكم السارق، وكان على الشارح أن يزيد وأن لا يكون مصدرًا بعلم استقبال ولا بقد ولا بما النافية أو بقول موصول بفعل صالح للشرطية كما في التسهيل ليفيد اشتراط ما ذكر. قوله: "أو بظرف" المراد به ما يشمل الجار والمجرور كما يدل عليه تمثيله بالجار والمجرور. قوله: "وإما موصوف" أي اسم منكر موصوف. وقوله: بهما أي بواحد من الفعل والظرف. قوله: "أو مضاف إلى أحدهما" أي الموصول والموصوف المذكورين بأقسامهما. واعلم أن المضاف إلى الموصول بما ذكر لا يشترط أن يكون لفظ كل وما بمعناها كجميع فيجوز غلام الذي عندك فلا درهم معه. وأما المضاف إلى النكرة الموصوفة بما ذكر فيشترط أن يكون لفظ كل وما بمعناها فقول الشارح وكل الذي تفعل إلخ ذكر كل فيه ليس قيدًا، وقوله كل رجل يتقي الله ذكر كل فيه قيد معتبر قاله شيخنا السيد. قوله: "بشرط قصد العموم" قيد في جميع ما قبله ولو حذف لفظ كما في قوله فلو عدم العموم وكما في قول التسهيل عام لكان أخصر لعدم الحاجة لذكره، بل لا حاجة كما قاله الدماميني إلى اشتراط العموم من أصله بعد كونه موضوع المسألة المبتدأ المشبه لاسم الشرط في العموم. قوله: "واستقبال معنى الصلة" يفهم أنه لا يشترط استقبال لفظها وهو كذلك فشمل نحو وما أصابكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يسألني أو في المسجد فله بر، وكل الذي تفعل فلك أو عليك، وكل رجل يتقي الله فسعيد، والسعي الذي تسعاه فستلقاه. فلو عدم العموم لم تدخل الفاء لانتفاء شبه الشرط وكذا لو عدم الاستقبال أو وجد مع الصلة أو الصفة حرف شرط، وإذا دخل شيء من نواسخ الابتداء على المبتدأ الذي اقترن خبره بالفاء أزال الفاء إن لم يكن إن أو أن أو لكن بإجماع المحققين، فإن كان الناسخ إن وأن ولكن جاز بقاء الفاء، نص على ذلك في إن وأن سيبويه وهو الصحيح الذي ورد نص القرآن المجيد به كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ} [الاحقاف: 13] ، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الاحقاف: 13] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} [آل عمران: 91] ، {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] ، {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [ألانفال: 41] ، {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} [الجمعة: 8] ، ومثال ذلك مع لكن قوله الشاعر: 174- بكل داهية ألقى العداء وقد ... يظن أني في مكري بهم فزع   من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويدل على أن ما موصولة سقوط الفاء في قراءة نافع وابن عامر. همع. قوله: "فلو عدم العموم" وعدمه إما بتقييد الصلة أو الصفة كالسعي الذي تسعاه في الخير ستلقاه، وكل رجل يأتيني في المسجد له كذا، وإما بتقييد الموصوف نحو كل رجل كريم يأتيني له كذا هذا ما قالوه وفيه بحث لأن ما ذكر من الأمثلة لم يعدم فيه العموم بل قلّ. فإن قيل المراد بعدم العموم قلته لا عدمه رأسًا، قلت لا وجه لإرادة ذلك لأن قلة العموم لا تخرج المبتدأ عن شبه اسم الشرط لأنها توجد فيه نحو من يقم في المسجد فله درهم فتأمل. قوله: "وكذا لو عدم الاستقبال" نحو الذي زارنا أمس له كذا وأجاز بعضهم دخول الفاء هنا أيضًا تمسكًا بقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّه} [آل عمران: 166] ، وأول على معنى وما يتبين إصابته إياكم قاله الدماميني. قوله: "الذي اقترن خبره بالفاء" أي الذي يجوز اقتران خبره بالفاء وقوله أزال الفاء أي أزال جواز دخولها، وليس المراد أن النواسخ دخلت على تركيب فيه الفاء فأزالتها كما نبه عليه الدماميني، لكن هذا التأويل مع كونه غير ضروري يأباه قول الشارح بعد جاز بقاء الفاء، وكون المراد جاز بقاء الفاء لا يخفى ما فيه، وإنما أزال الناسخ جواز الفاء لزوال شبه المبتدأ بالشرط بدخول الناسخ لأن اسم الشرط لازم التصدير فلا يعمل فيه ما قبله، وهنا تقدم على المبتدأ الناسخ وعمل فيه. قوله: "جاز بقاء الفاء" أي لأنها ضعيفة العمل إذ لم يتغير بدخولها المعنى الذي كان مع الابتداء ولهذا جاز العطف معها بالرفع على الاسم مراعاة لمحل الابتداء بخلاف بقية أخوات إن فإنها قوية في العمل لتغييرها المعنى. قوله: "قل إن   174- البيتان من البسيط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 كان وأخواتها : مدخل ترفع كان المبتدا اسما والخبر ... تنصبه ككان سيدا عمر   كلا ولكن ما أبديه من فرق ... فكي يغروا فيغريهم بي الطمع وقال الآخر: 175- فوالله ما فارقتكم قاليًا لكم ... ولكن ما يُقضى فسوف يكون وروي عن الأخفش أنه منع دخول الفاء بعد أن، وهذا عجيب لأن زيادة الفاء في الخبر على رأيه جائزة وإن لم يكن المبتدأ يشبه أداة الشرط نحو زيد فقائم، فإذا دخلت إن على اسم يشبه إداة الشرط فوجود الفاء في الخبر أحسن وأسهل من وجودها في خبر زيد وشبهه، وثبوت هذا عن الأخفش مستبعد. والله أعلم. كان وأخوتها: "ترفع كان المبتدأ" إذا دخلت عليه ويسمى "اسمًا لها. وقال الكوفيون: هو باق   الموت إلخ" كان الأنسب تقديمه على ما قبله لتتصل أمثلة أن المكسورة بعضها ببعض، وقد يوجه تأخيره بأنه من الموصوف بالموصول وهو آخر الأقسام في كلامه سابقًا. قوله: "من فرق" أي خوف وبابه فرح. قوله: "فوجود الفاء في الخبر" أي خبر المبتدأ المشبه لاسم الشرط وقوله أحسن وأسهل لعل الأحسنية من جهة المعنى والأسهلية من جهة اللفظ. والله تعالى أعلم. كان وأخواتها: أي نظائرها في العمل ففيه استعارة مصرحة أصلية وأفرد كان بالذكر إشارة إلى أنها أم الباب ولذا اختصت بزيادة أحكام. وإنما كانت أم الباب لأن الكون يعم جميع مدلولات أخواتها. ووزنها فعل بفتح العين لا بضمها لمجيء الوصف على فاعل لا فعيل ولا بكسرها لمجيء المضارع على يفعل بالضم لا الفتح. قوله: "ترفع كان المبتدأ" أي تجدد له رفعًا غير الأول الذي عامله معنوي وهو الابتداء وتسميته مبتدأ باعتبار حاله قبل دخول الناسخ وأل في المبتدأ للجنس فإن منه ما لا تدخل عليه كلازم التصدير إلا ضمير الشأن ولازم الحذف كالمخبر عنه بنعت مقطوع وما لا يتصرف بأن يلزم الابتداء كطوبى للمؤمن كذا في الهمع والتصريح وغيرهما. قوله: "ويسمى اسمًا لها" تسمية المرفوع اسمها والمنصوب خبرها تسمية اصطلاحية خالية عن المناسبة لأن زيدًا في كان زيد قائمًا اسم للذات لا لكان والأفعال لا يخبر عنها إلا أن يقال الإضافة لأدنى ملابسة، والمعنى اسم مدلول مدخولها وخبرها أي الخبر عنه وقد يسمى   175- البيت من الطويل، وهو للأفوه الأودي في الدرر 2/ 40؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 969؛ وأوضح المسالك 1/ 348؛ وشرح التصريح 1/ 225؛ وشرح قطر الندى ص149؛ ومعجم البلدان 2/ 220 "الحجاز" والمقاصد النحوية 2/ 321، وهمع الهوامع 1/ 110. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   على رفعه الأول "والخبر تنصبه" باتفاق ويسمى خبرها "ككان سيدًا عمر" فعمر اسم كان   المرفوع فاعلًا والمنصوب مفعولًا مجازًا. قوله: "وقال الكوفيون" أي ما عدا الفراء فإنه موافق للبصريين، ورد مذهبهم بأنه يلزم عليه أن الفعل ناصب غير رافع ولا نظير له، وأما الرد عليهم بأن العامل اللفظي أقوى من المعنوي فلا ينهض عليهم وإن أقره البعض واقتصر عليه لأن العامل في المبتدأ عندهم ليس معنويًّا بل هو لفظي وهو الخبر، وتظهر ثمرة الخلاف في كان زيد قائمًا وعمرو جالسًا فعلى مذهب الكوفيين لا يجوز للزوم العطف على معمولي عاملين مختلفين، وعلى مذهب البصريين يجوز لأن العامل واحد، هكذا ظهر لي فاحفظه. قوله: "باق على رفعه الأول" فهو مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخولها. قوله: "والخبر تنصبه" أل فيه أيضًا للجنس فإن منه ما لا تدخل عليه كالخبر الطلبي فلا يقال: كان زيد أضربه والإنشائي فلا يقال: كان عبدي بعتكه على قصد الإنشاء لأن هذه الأفعال إن كانت خبرية فهي صفات لمصادر أخبارها في الحقيقة إذ معنى كان زيد قائمًا لزيد قيام له حصول في الزمن الماضي، ومعنى أصبح زيد قائمًا لزيد قيام له حصول في الزمن الماضي وقت الصبح، وقس على هذا سائرها وكون الخبر طلبيًّا أو إنشائيًّا ينافي حصوله في الماضي فيناقض آخر الكلام أوله وإن كانت غير خبرية فإن توافق طلبها وطلب أخبارها اكتفي بطلبها عن طلب أخبارها إذ الطلب فيها طلب في أخبارها تقول كن قائمًا أي قم وهل تكون قائمًا أي هل تقوم ولا تقول كن قم ولا هل تكون هل تقوم أما قوله: وكوني بالمكارم ذكريني فذكريني فيه بمعنى تذكريني. وإن اختلف الطلبان كأن يكون أحدهما أمرًا والآخر استفهامًا نحو كوني هل ضربت اجتمع طلبان مختلفان على مصدر الخبر في حالة واحدة وهو محال أفاده الرضي. وكالخبر الفعلي الماضوي في صار وما بمعناها ودام وزال وأخواتها لدلالتها على اتصال الخبر بزمن الإخبار والماضي على انقطاعه فيتنافيان وهذا متفق عليه وكالخبر المفرد المضمن معنى الاستفهام في دام وليس والمنفي بما على الأصح، فلا يقال لا أكلمك كيف ما دام زيد، ولا أين ما زال زيد، ولا أين ما يكون زيد، ولا أين ليس زيد، وجوزه الكوفيون بخلاف المنفي بغير ما وغير المنفي نحو أين لا يزال زيد وأين كان زيد كذا في الهمع وغيره قال الدماميني نقلًا عن غيره: ينبغي أن تكون أن كذلك لأن لها الصدر بدليل أنها تعلق نحو: {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 52] ، ثم ذكر أن لا في جواب القسم كذلك وسيأتي إيضاحه في باب ظن وأخواتها، وعلة المنع كما في الدماميني ازدحام اثنين على طلب الصدرية في المنفي بما ولزوم تأخير ما له الصدر أو تقدم معمول الصلة في دام ولزوم تقديم خبر ليس عليها في ليس والصحيح منعه، قال الدماميني: ويوافق نقل الجواز عن الكوفيين نقل المصنف عنهم أن ما النافية لا تلزم الصدر. قوله: "باتفاق" أي وإن اختلفوا في نفس المنصوب فقال الفراء: هو شبيه بالحال وبقية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 ككان ظل بات أضحى أصبحا ... أمسى وصار ليس زال برحا   وسيدًا خبرها و"ككان" في ذلك "ظل" ومعناها اتصاف المخبر عنه بالخبر نهارًا "وبات" ومعناها اتصافه به ليلًا، و"أضحى" ومعناها اتصافه به في الضحى و"أصبحا" ومعناها اتصافه به في الصباح و"أمسى" ومعناها اتصافه به في المساء "وصار" ومعناها التحول من صفة إلى صفة "وليس" ومعناها النفي وهي عند الإطلاق لنفي الحال وعند التقييد بزمن   الكوفيين حال حقيقة وعلى مذهبهم أين خبر المرفوع وهل يقال: سدت الحال مسده والبصريون شبيه بالمفعول وهو الصحيح لوروده باطراد معرفة وجامدًا. وأما اعتراض الكوفيين عليهم بأنه لو كان مشبهًا بالمفعول لم يقع جملة ولا ظرفًا ولا جارًا ومجرورًا. فأجيب عنه بأن المفعول قد يكون جملة وذلك بعد القول وفي التعليق وأما الظرف وشبهه فليسا الخبر على الأصح إنما الخبر متعلقهما المحذوف وهو اسم مفرد قاله الدماميني. قوله: "وككان في ذلك" أي في العمل المذكور لا في المعنى. ومعنى كان اتصاف المخبر عنه بخبرها أي بمدلول خبرها التضمني وهو الحدث في زمان صيغتها. قوله: "ومعناها" أي مع معموليها لأن معناها وحدها مطلق حدث في زمان ماض نهاري. وقوله بالخبر أي بمدلوله التضمني. وقوله نهارًا أي ماضيًا، ومثل ذلك كله يقال فيما بعده. قوله: "ومعناها التحول إلخ" أي فهي موضوعة له وأما استفادة التحول من غيرها لدلالة الفعل على التجدد والحدوث فبطريق اللزوم لموضوعها فحصل الفرق أفاده سم. قوله: "وليس" أصلها عند الجمهور ليس بكسر العين فخفف بالسكون لثقل الكثرة على الياء ولم تقلب الياء ألفًا لأنه جامد فكرهوا فيه القلب دون التخفيف لأنه أسهل من القلب، ولو كانت بالفتح لم تسكن لخفة الفتح بل كان يلزم القلب، ولو كانت بالضم لقيل فيها لست بضم اللام وعلى ما حكاه أبو حيان من قولهم لست بضم اللام تكون قد جاءت من البابين. وحكى الفراء لست بكسر اللام كذا في الهمع مع زيادة من الدماميني. فائدة: ذكر في التسهيل أن ليس تختص بجواز الاقتصار على اسمها وحذف خبرها قال الدماميني. حكى سيبويه أحد أي هنا. ا. هـ. وقد بسط المسألة صاحب الهمع فقال قال أبو حيان نص أصحابنا على أنه لا يجوز حذف اسم كان وأخواتها ولا حذف خبرها لا اختصارًا ولا اقتصارًا أما الاسم فلأنه يشبه الفاعل وأما الخبر فكان قياسه جواز الحذف لأنه إن روعي أصله وهو خبر المبتدأ جاز حذفه أو ما آل إليه من شبهه بالمفعول فكذلك لكنه صار عندهم عوضًا من المصدر لأنه في معناه إذ القيام مثلًا كون من أكوان زيد والأعواض لا يجوز حذفها فالواو قد يحذف في الضرورة ومن النحويين من أجاز حذفه لقرينة اختيارًا وفصل ابن مالك فمنعه في الجميع إلا ليس فأجاز حذف خبرها اختيارًا ولو بلا قرينة إذا كان اسمها نكرة عامة تشبيهًا بلا وإلى هذا ذهب الفراء أيضًا. ا. هـ. وكتب سم على قوله ولا حذف خبرها انظر هذا يخالف ما يأتي في نحو إن خير فخير من أن خير الأول اسم كان المحذوفة مع خبرها فقد جوزوا حذف الخبر هناك أو هذا مخصوص بذاك أو بحذف الخبر وحده فليحرر. ا. هـ. قوله: "وهي عند الإطلاق" خرج نحو ليس خلق الله مثله فهي في هذا للماضي واسمها ضمير الشأن ونحو: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 فتئ وانفك وهذي الأربعة ... لشبه نفي أو لنفي متبعه   بحسبه "زال" ما مضى يزال و"برحا" و"فتئ وانفك" ومعنى الأربعة ملازمة المخبر عنه على ما يقتضيه الحال نحو ما زال زيد ضاحكًا، وما برح عمرو أزرق العينين، وكل هذه الأفعال ما عدا الأربعة الأخيرة بلا شرط "وهذي الأربعة" الأخيرة لا تعمل إلا بشرط كونها "لشبه نفي" والمراد به النهي والدعاء "أو لنفي متبعه" سواء كان النفي لفظًا نحو ما زال زيد قائمًا {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118] ، {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} [طه: 91] ، وقوله: 176- ليس ينفك ذا غنى واعتزاز ... كل ذي عفة مقل قنوع أو تقديرًا نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] ، وقوله:   مَصْرُوفًا عَنْهُم} [هود: 8] ، فهي في هذا للمستقبل. قوله: "لنفي الحال" أي لانتفاء الحدث في الحال ويرد عليه أنه فعل ماض وزمن الفعل الماضي ماض ويمكن أن يجاب بأن مخالفتها لسائر الأفعال في الدلالة على المضي عارض نشأ من شبهها الحرف في الجمود وفي المعنى. قوله: "ماضي يزال" احتراز عن زال ماضي يزيل بفتح أوله فإنه تام متعد بمعنى ماز، وعن زال ماضي يزول فإنه تام قاصر بمعنى انتقل وذهب، ومصدر الأول الزيل ومصدر الثاني الزوال ولا مصدر للناقصة ووزن الناقصة فعل بكسر العين ووزن غيرها فعل بفتحها كما في التصريح وغيره. قوله: "وفتيء" بتثليث التاء وأفتأ. همع. قوله: "ومعنى الأربعة" أي مع النفي. قوله: "على ما يقتضيه الحال" أي ملازمة جارية على ما يقتضيه الحال من الملازمة مدة قبول المخبر عنه للخبر سواء دام بدوامه نحو ما زال زيد أزرق العينين ما زال الله محسنًا أولًا نحو ما زال زيد ضاحكًا. قوله: "وهذي الأربعة" أي موادها، فاندفع ما قيل إن هذه الأربعة أفعال ماضية والنهي لا يدخل على الماضي. قوله: "إلا بشرط إلخ" لأن المقصود من الجملة الإثبات والأربعة متضمنة للنفي ونفي النفي إثبات. قوله: "والمراد به النهي والدعاء" ظاهر إطلاقه الدعاء عدم تقييده بلا وهو المتجه عندي وإن نقل المصرح عن الارتشاف تقييده بلا فيدخل صدر قول الشاعر: لن تزالوا كذلكم ثم لازلـ ... ـت لكم خالدًا خلود الجبال بناء على ورود لن للدعاء كما في البيت ووجه الشبه عدم تحقق حصول الفعل في كل قيل ومثلهما الاستفهام الإنكاري. قوله: "ليس ينفك إلخ" ليس إما مهملة وإما عاملة اسمها ضمير الشأن وجملة ينفك إلخ خبرها وكل اسم ينفك وذا غنى خبرها مقدمًا كما قاله زكريا وغيره ولا يصح أن يكون كل اسم ليس مؤخرًا لأن الكلام عليه من باب سلب العموم والقصد عموم السلب   176- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص230، والدرر 2/ 43؛ وشرح التصريح 1/ 185، والمقاصد النحوية 2/ 73، وهمع الهوامع 1/ 111. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   177- فقلت يمين الله أبرح قاعدًا ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي ولا يحذف النافي معها قياسًا إلا في القسم كما رأيت، وشذ قوله: 178- وأبرح ما أدام الله قومي ... بحمد الله منتطقا مجيدا أي لا أبرح. ومثال النهي قوله: 179- صاح شمر ولا تزل ذاكر المو ... ت فنسيانه ضلال مبين ومثال الدعاء قوله: 180- ألا يا اسلمي يا دارمي على البلى ... ولا زال منهلًا بجرعائك القطر   فتأمل. قوله: "يمين الله" خبر لمبتدأ محذوف أي قسمي أو هو المبتدأ والمحذوف الخبر والأوصال جمع وصل وهو العضو. قوله: "معها" أي مع الأفعال الأربعة. قوله: "إلا في القسم" أي بشرط كون الفعل مضارعًا والنافي لا كما في التصريح وغيره. قوله: "منتطقًا مجيدًا" صاحب نطاق وجواد وهما خبران لأبرح بناء على الراجح من جواز تعدد الخبر في هذا الباب أو الثاني نعت للأول بناء على مقابله. قوله: "ميّ" قال في التصريح: هم اسم امرأة وليس ترخيم مية كما قد   177- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص32، وخزانة الأدب 9/ 238، 239، 10/ 43، 44، 45، والخصائص 2/ 284؛ والدرر 4/ 12، وشرح أبيات سيبويه 2/ 220؛ وشرح التصريح 1/ 185، وشرح شواهد المغني 1/ 341؛ وشرح المفصل 7/ 110، 8/ 37، 9/ 104؛ والكتاب 3/ 504؛ ولسان العرب 13/ 463 "يمن"؛ واللمع ص135، والمقاصد النحوية 2/ 13؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 232، وخزانة الأدب 10/ 93، 94؛ ومغني اللبيب 2/ 637؛ والمقتضب 2/ 362؛ وهمع الهوامع 2/ 38. 178- البيت من الوافر، وهو لخدش بن زهير في لسان العرب 10/ 354، 355 "نطق"، والمقاصد النحوية 2/ 64، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص619؛ وجمهرة اللغة ص275؛ وخزانة الأدب 9/ 243؛ والدرر 2/ 46، وشرح ابن عقيل ص135؛ والمقرب 1/ 94، وهمع الهوامع 1/ 111. 179- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 234؛ وتخليص الشواهد ص230؛ والدرر 2/ 44؛ وشرح التصريح 1/ 185؛ وشرح ابن عقيل ص136؛ وشرح عمدة الحافظ ص199؛ وشرح قطر الندى ص127؛ والمقاصد النحوية 2/ 14، وهمع الهوامع 1/ 111. 180- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص559؛ والإنصاف 1/ 100، وتخليص الشواهد ص231، 232 والخصائص 2/ 278؛ والدرر 2/ 44، 4/ 61، وشرح التصريح 1/ 185؛ وشرح شواهد المغني 2/ 617؛ والصاحبي في فقه اللغة ص232؛ واللامات ص37، ولسان العرب 15/ 494 "يا"، ومجالس ثعلب 1/ 42، والمقاصد النحوية 2/ 6، 4/ 285، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 235، وجواهر الأدب ص290؛ والدرر 5/ 117؛ وشرح ابن عقيل ص136؛ وشرح عمدة الحافظ ص199؛ وشرح قطر الندى ص128، ولسان العرب 15/ 434 "ألا"؛ ومغني اللبيب 1/ 243؛ وهمع الهوامع 1/ 111، 2/ 4، 70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 ومثل كان دام مسبوقا بما ... كأعط ما دمت مصيبا درهما   "ومثل كان" في العمل المذكور "دام مسبوقًا بما" المصدرية الظرفية "كأعط ما دمت مصيبًا درهما" أي مدة دوامك مصيبًا. تنبيه: مثل صار في العمل ما وافقها في المعنى من الأفعال، وذلك عشرة وهي آض ورجع وعاد واستحال وقعد وحار وارتد وتحول وغدا وراح كقوله: 181- وبالمخض حتى آض جعدًا عنطنطا ... إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه وفي الحديث: "لا ترجعوا بعدي كفارًا" وقوله: 182- وكان مضلي من هديت برشده فلله مغو عاد بالرشد آمرًا وفي الحديث: "فاستحالت غربًا" ومن كلام العرب. أرهف شفرته حتى قعدت   يتوهم. ا. هـ. وكأنه قصد الرد على العيني في قوله ومي ترخيم مية. ا. هـ. ومن تتبع كلام ذي الرمة نظمًا ونثرًا وجده يسمي محبوبته بهما وقوله: على البلى أي منه وهو بكسر الباء من بلى الثوب كرضي إذا صار خلقًا والجرعاء أرض ذات رمل مستوية لا تنبت شيئًا والقطر المطر والمنهل المنسكب والمراد الإنهلال الغير المضر بقرينة الدعاء لها فلا اعتراض. قوله: "دام" أي الناقصة أما التامة كما في ما دامت السماوات والأرض فلا تعمل العمل المذكور. قوله: "الظرفية" أما لو كانت مصدرية فقط فلا تعمل العمل المذكور نحو يعجبني ما دمت صحيحًا أي دوامك صحيحًا، فدام تامة بمعنى بقي وصحيحًا حال ولا توجد الظرفية بدون المصدرية. قوله: "كأعط إلخ" أي كأعط المحتاج درهمًا ما دمت مصيبًا له ففي الكلام تقديم وتأخير وحذف. قوله: "ما دمت" أصله دومت بضم الواو لنقله من باب فعل المفتوح العين إلى مضمومها عند إرادة اتصال ضمير الرفع المتحرك به فنقلت ضمة الواو إلى الدال بعد سلب حركتها وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. قوله: "مثل صار في العمل" أي على خلاف في ذلك. قوله: "وبالمخض" أي وربيته أي ذلك البعير بالمخض، وهو بالمعجمتين اللبن، الخالص، والجعد يطلق على معان منها الكريم والبخيل وكثير الوبر والغليظ كما في القاموس، وأنسبها هنا الأخيران فعلم ما في قول البعض الجعد الكريم كما في القاموس والمراد به في البيت الغليظ. ا. هـ. من المؤاخذات. والعنطنط بالعين المهملة المفتوحة والنونين المفتوحتين والطاءين المهملتين كما في القاموس: الطويل. والغارب بالغين المعجمة والراء الكاهل. قوله: "غربًا" أي دلوا عظيمة. قوله: "أرهف شفرته" بفتح الشين المعجمة أي سن سكينه. وذكر ابن الحاجب أنه لا يطرد عمل قعد هذا العمل إلا إذا كان الخبر مصدرًا بكأن، واستحسنه الرضي فلا يقال: قعد زيد كاتبًا بمعنى صار وطرده كثير مطلقًا وجعلوا منه   181- البيت من الطويل، وهو لفرعان التميمي في لسان العرب 3/ 122؛ والمقاصد النحوية 2/ 398. 182- البيت من الطويل، وهو لسواد بن قارب في الدر 2/ 50، 72، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 112، 119. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كأنها حربة. وقال بعضهم: 183- وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رمادًا بعد إذ هو ساطع وقال الله تعالى: {أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} [يوسف: 96] ، وقال امرؤ القيس: 184- وبدلت قرحا داميا بعد صحة ... فيا لك من نعمى تحولن أبؤسا وفي الحديث: "لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا " وحكى سيبويه عن بعضهم ما جاءت حاجتك بالنصب والرفع بمعنى ما صارت، فالنصب على أن ما استفهامية مبتدأ، وفي جاءت ضمير يعود إلى ما، وأدخل التأنيث على ما لأنها هي   قعد لا يسأل حاجة إلا قضاها، وجعل منه الزمخشري قوله تعالى: {فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: 22] . قوله: "وبدلت" بالبناء للمجهول، قرحًا بفتح القاف وضمها أي جرحًا داميًا أي سائل الدم. والنعمى مثل النعمة وهي بضم النون مع القصر وبفتحها مع المد وجمع النعمة نعم كعنب وأنعم كأفلس وجمع النعماء أنعم أيضًا مثل البأساء والأبؤس كذا في المصباح. ومثله في القاموس. وزاد جمعين للنعماء بالفتح والمد وهما نعم ونعمات بكسرتين وقد تفتح العين. إذا تقرر ذلك عرفت أن النعمى في البيت بالضم لأنها فيه بالقصر ودعوى أن القصر للضرورة غير مسموعة، وعرفت أن النعمى بوجهيها مفردة لا جمع فعود ضمير الجماعة عليها في قوله تحوّلن أبؤسًا باعتبار الخبر أو باعتبار أن هذه النعمة التي هي الصحة بمنزلة نعم عديدة لأنها أم النعم. فقول البعض النعمى بفتح النون جمع نعمة فاسد. والأبؤس كأفلس جمع بأس قاله البعض كشيخنا وقد استفيد مما مر عن المصباح أنه يصح أن يكون جمع بأساء. قوله: "تغدو خماصًا إلخ" في التمثيل به نظر لأن الظاهر أن الفعلين تامان بمعنى تذهب في الغدوة وترجع في الرواح أي المساء فانتصاب ما بعدهما على الحال. قوله: "وحكى سيبويه" غير الأسلوب لأنه نادر كما في التسهيل. قوله: "ما جاءت حاجتك" ذكر الدماميني أن الأندلسي قال: جاء لا تستعمل بمعنى صار إلا في خصوص هذا التركيب فلا يقال: جاء زيد قائمًا بمعنى صار وأن ابن الحاجب طرده في غيره وجعل منه جاء البر قفيزين ونقل هذا السيوطي في الهمع عن قوم. قوله: "وأدخل التأنيث على ما" أي أوقعه على ضمير ما أنث ضمير ما أو المراد أدخل علامة التأنيث على الفعل المسند إلى ضمير ما.   183- البيت من الطويل، وهو للبيد في ديوانه ص169؛ وحماسة البحتري ص84، والدرر 2/ 53؛ ولسان العرب 4/ 217 "حور". 184- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص107؛ وخزانة الأدب 1/ 331؛ والدرر 2/ 54؛ وشرح شواهد المغني 2/ 695، ولسان العرب 11/ 474 "علل"، وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 288؛ وهمع الهوامع 1/ 112. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الحاجة، وذلك الضمير هو اسم جاءت، وحاجتك خبر، والتقدير أية حاجة صارت حاجتك؟ وعلى الرفع حاجتك اسم جاءت وما خبرها. وقد استعمل كان وظل وأضحى وأصبح وأمسى بمعنى صار كثيرًا، ونحو: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا، وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} [النبأ: 20] ، وقوله: 185- بتيهاء قفر والمطي كأنها ... قطا الحزن قد كانت فراخًا بيوضها ونحو: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58] ، وقوله: 186- ثم أضحوا كأنهم ورق جفـ ... ـف فألوت به الصبا والدبور وقوله: 187- فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر وقوله:   قوله: "بتيهاء" أي أرض يتيه فيها السائر قفر أي خالية. والمطيّ الواو للحال وهو اسم جنس جمعي للمطية سميت مطية لأنها تمطو في سيرها أي تسرع كأنها أي في سرعة السير قطا الحزن أي القطا في الحزن بفتح الحاء ما غلظ وصعب من الأرض. وفائدة هذه الإضافة أن الحزن لا تألفه القطا لأن الغالب عليه قلة الماء والعشب فتكون أسرع سيرًا فيه وجملة قد كانت إلخ حال من قطا الحزن، وفائدتها التنبيه على شدة سرعة سيرها لأن إسراعها إلى فرخها غالبًا أشد من إسراعها إلى البيض. قوله: "فألوت" أي طارت والصبا والدبور ريحان متقابلتان. قوله: "فأصبحوا إلخ" في الاستشهاد به نظر لما تقدم من اشتراط أن لا يكون خبر صار وما بمعناها ماضيًا. قوله:   185- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن أحمر في ديوانه ص119؛ والحيوان 5/ 575؛ وخزانة الأدب 9/ 201؛ ولسان العرب 7/ 186 "عرض"، 13/ 367 "كون"؛ وله أو لابن كنزة في شرح شواهد الإيضاح ص525؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص137؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص68؛ وشرح المفصل 7/ 102؛ والمعاني الكبير 1/ 313. 186- البيت من الخفيف، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص90، والدرر 2/ 75؛ وشرح شواهد المغني 1/ 470؛ وشرح المفصل 7/ 104؛ والشعر والشعراء 1/ 232؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص211. 187- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 185؛ والأشباه والنظائر 2/ 209، 3/ 122؛ وتخليص الشواهد ص281، والجني الداني ص189، 324، 446؛ وخزانة الأدب 4/ 133، 138؛ والدرر 2/ 103، 3/ 105؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 162؛ وشرح التصريح 1/ 198، وشرح شواهد المغني 1/ 237، 2/ 782؛ والكتاب 1/ 60، ومغني اللبيب ص363، 517، 600، والمقاصد النحوية 2/ 96؛ والمقتضب 4/ 191، وهمع الهوامع 1/ 124؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 280، ورصف المباني ص312؛ ومغني الليب ص82، والمقرب 1/ 102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 وغير ماض مثله قد عملا ... إن كان غير الماض منه استعملا   188- أمست خلاء وأمسى أهلها واحتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبد قال في شرح الكافية: وزعم الزمخشري أن بات ترد أيضًا بمعنى صار، ولا حجة له على ذلك ولا لمن وافقه "وغير ماض" وهو المضارع والأمر واسم الفاعل والمصدر "مثله" أي مثل الماضي "قد عملا" العمل المذكور "إن كان غير الماض منه استعملا" يعني أن ما تصرف من هذه الأفعال يعمل غير الماضي منه عمال الماضي. وهي في ذلك على ثلاثة أقسام قسم لا يتصرف بحال وهو ليس باتفاق ودام على الصحيح، وقسم يتصرف تصرفًا ناقصًا وهو زال وأخوتها، فإنه لا يستعمل منها الأمر ولا المصدر، وقسم يتصرف تصرفًا تامًّا وهو باقيا فالمضارع نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم: 20] ، والأمر نحو: {قُلْ كُونُوا   "أمست خلاء" الشاهد في هذا فقط لا في الثاني لكون الخبر فيه ماضيًا وصار وما بمعناها لا يكون خبرهما ماضيًا كما مر، وأخنى عليها أهلكها، ولبد كعنب نسر عمر طويلًا. قوله: "وهو المضارع إلخ" يشعر بأنه لا يجيء منها اسم مفعول وهو كذلك على الصحيح. وأما قول سيبويه مكوّن فيه فقال في شرح اللمحة أن أبا الفتح سأل أبا علي عنه فقال: ما كل داء يعالجه الطبيب. قوله: "مثله" حال من فاعل عمل مقدّمة على عامله لتصرفه أو نعت لمفعول مطلق محذوف أي عملًا مثل عمل الماضي ويشكل على كل منهما ما ذكره بعضهم من منع تقدم معمول الفعل المقرون بقد عليه فلعله غير متفق عليه. قوله: "وهي" أي هذه الأفعال في ذلك أي التصرف ثبوتًا مع التمام أو النقصان والانتقاء. قوله: "ودام على الصحيح" مقابله ما قاله الأقدمون وقليل من المتأخرين أن لها مضارعًا وهو يدوم فهي متصرفة عندهم تصرفًا ناقصًا ذكره في التوضيح وشرحه، قالوا: ولا يرد على القول الصحيح يدوم ودم ودائم ودوام لأنها من تصرفات دوام التامة. ولي بالأقدمين ومن وافقهم أسوة لعدم ظهور الفرق بين قولك: لا أكلمك ما دمت عاصيًا وقولك: لا أكلمك ما تدوم عاصيًا، بل الصحيح عندي أن لها مصدرًا أيضًا بدليل أنهم شرطوا سبق ما المصدرية الظرفية عليها ومن المعلوم أن ما المصدرية تؤوّل مع ما بعدها بمصدر وأن هذا المصدر مصدرها، وقد وقع هذا المصدر في عبارات كثيرين كالشارح عند قول المصنف كأعط إلخ فلا يقال: إنها مع ما بعدها في تأويل مصدر مقدر لا موجود. والحكم عليهم بأن ذلك منهم اختراع لما لم يرد عن العرب جور وسوء ظن. فإذا قلت أحبك مدة دوامك صالحًا كان دوام مصدر الناقصة وصالحًا خبره مثل أحبك ما دمت صالحًا والفرق تحكم محض فتدبر. قوله: "تصرفًا تامًّا" المراد التمام النسبي إذا لم يجىء لها اسم مفعول. قوله: "ولم أك بغيًا" أصل أك أكون حذفت ضمته للجازم وواوه لالتقاء الساكنين ونونه   188- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص16، وجمهرة اللغة ص1057، وخزانة الأدب 4/ 5، والدرر 2/ 75؛ ولسان العرب 3/ 386 "لبد"؛ 14/ 245 "ضنا"، بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص210؛ وشرح قطر الندى ص134، وهمع الهوامع 1/ 114. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: 50] ، والمصدر كقوله: 189- ببذل وحلم ساد في قومه الفتى ... وكونك إياه عليك يسير واسم الفاعل كقوله: 190- وما كل من يبدي البشاشة كائنًا ... أخاك إذا لم تلفه لك منجدا وقوله:   للتخفيف فلم يبق من أصول الكلمة إلا فاؤها. وأصل بغيًا بغويًا اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وكسرت الغين لمناسبتها وأدغمت الياء في الياء كذا في التصريح. ولعل وجه جعله من باب فعول لا من باب فعيل أن فعيلًا لا يستوي فيه المذكر والمؤنث باطراد إلا إذا كان بمعنى مفعول والظاهر أن بغيا هنا بمعنى فاعل. وأما فعول فيستوي فيه المذكر والمؤنث باطراد إذا كان بمعنى فاعل. قوله: "قل كونوا حجارة أو حديدًا" أصل كونوا قبل اتصال واو الجماعة به كون حذفت الواو لالتقاء الساكنين فصاركن فلما اتصل به واو الجماعة حركت النون بالضم لمناسبة الواو فرجعت الواو المحذوفة لزوال التقاء الساكنين قاله في التصريح. قال الروداني إن قيل: لم لم ترجع الواو لزوال التقاء الساكنين في نحو ولم أك بغيًا بحذف النون؟ قلنا: لما كان المقتضى لحذف النون ليس واجبًا بل هو أمر جائز وهو مجرد التخفيف صارت كأنها غير محذوفة بل هي ثابتة في التقدير، فموجب حذف الواو من التقاء الساكنين قائم بعينه بخلافه هنا فإنه لما وجب تحريك النون لأجل واو الجماعة زال سكونها لفظًا وتقديرًا فزال موجب حذف الواو لفظًا وتقديرًا، فلو حذفت لكان حذفها بلا مقتض. قوله: "والمصدر" فمصدر كان الكون والكينونة ومصدر أضحى وأصبح وأمسى الاضحاء والاصباح والامساء، ومصدر الصير والصيرورة، ومصدر بات البيات والبيتوتة، ومصدر ظل الظلول. قوله: "وكونك إياه" أي الفتى المذكور وخبر الكون من حيث النقصان إياه ومن حيث الابتداء يسير. قوله: "إذا لم تلفه" أي تجده. واعلم أنه إذا قيل ما منفك عمرو قائمًا كان منفك مبتدأ ناقصًا معتمدًا على نفي فيحتاج إلى اسم وخبر من حيث النقصان وهما عمرو وقائمًا وإلى مرفوع يسد عن خبره من حيث الابتداء فهل هو مجموع الاسم والخبر أو الاسم فقط أو الخبر فقط ويرد على الأول أن فيه إقامة مرفوع ومنصوب مقام مرفوع وعلى الثاني أن المبتدأ لا يكتفي بهذا   189- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 239؛ وتخليص الشواهد ص233؛ والدرر 1/ 56؛ شورح التصريح 1/ 187؛ وشرح ابن عقيل ص138؛ والمقاصد النحوية 2/ 15؛ وهمع الهوامع 1/ 114. 190- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 239، وتخليص الشواهد ص234؛ والدرر 2/ 85، وشرح التصريح 1/ 1847؛ وشرح ابن عقيل ص138؛ والمقاصد النحوية 2/ 17؛ وهمع الهوامع 1/ 114. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 وفي جميعها توسط الخبر ... أجز وكل سبقه دام حظر   191- قضى الله يا أسماء أن لست زائلًا ... أحبك حتى يغمض الجفن مغمض "وفي جميعها" أي جميع هذه الأفعال حتى ليس وما دام "توسط الخبر" بينها وبين الاسم "اجز" إجماعًا نحو: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47] ، وقراءة حمزة وحفص {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا} [البقرة: 177] ، بنصب البر وقوله: 192- سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم ... فليس سواء عالم وجهول وقوله: 193- لا طيب للعيش ما دامت منغصة ... لذاته بادكار الموت والهرم تنبيهان: الأول: منع ابن معطي توسط خبر ما دام وهو وهم إذ لم يقل به غيره.   المرفوع لعدم حصول الفائدة بدون الخبر وعلى الثالث أن المغني عن الخبر هو المرفوع والخبر منصوب. واختار الحلبي على شرح الأزهرية أنه الخبر فيكون قائمًا في المثال مع كونه خبر منفك من حيث النقصان سد مسد خبر منفك من حيث الابتداء لأن به تمام الفائدة قال: ولا يضر كونه منصوبًا لأنه ليس خبرًا حقيقة وإنما هو سادّ مسده وربما ينازع فيه قولهم ويغني عن الخبر مرفوع وصف إلا أن يقال إنه أغلبي والأقرب عندي أنه الاسم لأنه مرفوع الوصف ولا يرد عدم الاكتفاء به لأن العارض نقصان المبتدأ فافهم. قوله: "أن لست" أن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وجملة لست زائلًا أحبك خبرها وزائلًا خبر ليس واسم زائلًا ضمير مستتر فيها وأحبك خبرها. قوله: "أجز إجماعًا" لم يكترث بالمخالف في دام وليس لغلظه في هذه المخالفة كما سيذكره الشارح فلهذا حكي الإجماع والشارح أبقى الجواز في كلام المصنف على ظاهره من استواء الطرفين لقوله بعد محل جواز توسط الخبر ما لم يعرض ما يوجب ذلك أو يمنعه ويصح أن يراد به ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب كما في ليس في تلك الدار صاحبها. قوله: "لا طيب للعيش" أي الحياة وبحث شيخ الإسلام في الاستشهاد بالبيت باحتمال أنه من التنازع وأعمل الثاني وهو منغصة وأضمر في الأول وهو دامت بل يلزم على الإعراب الأول الفصل بين العامل وهو منغصة والمعمول وهو بادكار بأجنبي وهو لذاته. قوله: "منع ابن معطي   191- البيت من الطويل، وهو للحسين بن مطير في ديوانه ص170؛ والدرر 2/ 60؛ وشرح التصريح 1/ 187؛ ولسان العرب 7/ 199 "غمض"، ومجالس ثعلب 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 18؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 240؛ وتخليص الشواهد ص234، وشرح عمدة الحافظ ص197؛ وهمع الهوامع 1/ 114. 192- البيت من الطويل، وهو للسموءل في ديوانه ص92، وخزانة الأدب 10/ 331؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص123؛ وله أو للجلاج الحارثي في تخليص الشواهد ص237؛ والمقاصد النحوية 2/ 76؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص140؛ وشرح عمدة الحافظ ص204؛ وشرح قطر الندى ص130. 193- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 242؛ وتخليص الشواهد ص241، والدرر 2/ 69؛ وشرح التصريح 1/ 187؛ وشرح ابن عقيل ص140، وشرح الحافظ ص204؛ وشرح قطر الندى ص 131؛ والمقاصد النحوية 2/ 20، وهمع الهوامع 1/ 177. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ونقل صاحب الإرشاد خلافًا على جواز توسط خبر ليس، والصواب ما ذكرته. الثاني محل جواز توسط الخبر ما لم يعرض ما يوجب ذلك أو يمنعه، فمن الموجب أن يكون الاسم مضافًا إلى ضمير يعود على شيء في الخبر نحو كان غلام هند بعلها، وليس في تلك الديار أهلها، لما عرفت. ومن المانع خوف اللبس نحو كان صاحبي عدوي، واقتران الخبر بإلا نحو: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاء} [الأنفال: 35] ، وأن يكون في الخبر ضمير يعود على شيء في الاسم نحو كان غلام هند مبغضها لما عرفت أيضًا "وكل" أي كل العرب أو النحاة "سبقه" أي سبق الخبر "دام حظر" أي منع، سبق مصدر نصب بحظر مضاف إلى فاعله. ودام في موضع النصب بالمفعولية، والمراد أنهم أجمعوا على منع تقديم خبر دام عليها، وهذا تحته صورتان: الأولى أن يتقدم على ما، ودعوى الإجماع على منعها مسلمة، والأخرى أن يتقدم على دام وحدها ويتأخر عن ما وفي دعوى الإجماع على منعها   إلخ" لعله يرى وجوب ترتيب أجزاء صلة الحرف المصدري. قوله: "والصواب ما ذكرته" إن كان المراد من نفي الخلاف كما قد يتبادر ورد أن المثبت مقدم على النافي إلا أن يقال: المخالفة الشاذة وجودها كالعدم فلا ينبغي اعتبارها. قوله: "نحو كان غلام هند بعلها" في هذا المثال الأول نظر لعدم وجوب توسط الخبر فيه لجواز تقديم خبر غير دام وليس على الناسخ فالصواب التمثيل بنحو يعجبني أن يكون في الدار صاحبها فإن الحرف المصدري مانع من التقديم والضمير مانع من التأخير فوجب التوسط. وأجاب سم بأن مراد الشارح بوجوب التوسط امتناع التأخير. قوله: "لما عرفت" أي في شرح قول الناظم: كذا عاد عليه مضمر من لزوم عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة لو أخر الخبر. قوله: "واقتران الخبر بإلا" يأتي هنا سؤال الشارح وجوابه اللذان ذكرهما في شرح قوله أو قصد استعماله منحصرًا. قوله: "إلا مكاء" أي صغيرًا والتصدية التصفيق. قوله: "وأن يكون في الخبر إلخ" الصواب الجواز في مثل هذا لعود الضمير على متقدم رتبة وإن تأخر لفظًا. والحاصل أن للخبر أحوالًا ستة: وجوب التأخير نحو ما كان زيد إلا قائمًا وكان صاحبي عدوّي، وجوب التوسط نحو يعجبني أن يكون في الدار صاحبها، وجوب التقديم على الفعل نحو أين كان زيد، وجوب التأخير أو التوسط أو التقديم نحو كان غلام هند بعلها، ونحو ما كان قائمًا إلا زيد لجواز تقديم الخبر على كان مؤخرًا عن ما كما قاله سم، جواز الثلاثة نحو كان زيد قائمًا. قوله: "أي سبق الخبر" وأما الاسم فقال ابن هشام في الحواشي: إن مرفوع هذه الأفعال مشبه بالفاعل وهو لا يتقدم على الفعل فكذلك ما أشبهه. قوله: "وهذا" أي تقديم خبر دام عليها كما يفيده ما بعده. قوله: "مسلمة" للزوم تقدم بعض الصلة على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 كذاك سبق خبر ما النافية ... فجيء بها متلوة لا تالية   نظر لأن المنع معلل بعلتين: إحداهما عدم تصرفها وهذا بعد تسليمه لا ينهض مانعًا باتفاق بدليل اختلافهم في ليس مع الإجماع على عدم تصرفها، والأخرى أن ما موصول حرفي ولا يفصل بينه وبين صلته، وهذا أيضًا مختلف فيه وقد أجاز كثير الفصل بين الموصول الحرفي وصلته إذا كان غير عامل كما المصدرية، لكن الصورة الأولى أقرب إلى كلامه، أشعر بذلك قوله "كذاك سبق خبر ما النافية" أي كما منعوا أن يسبق الخبر ما المصدرية كذلك منعوا أن يسبق ما النافية "فجيء بها متلوة لا تالية" أي متبوعة لا تابعة لأن لها الصدر، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ما دخلت عليه يشترط في عمله تقدم النفي كزال أو لا ككان، فلا تقول: قائمًا ما كان زيد ولا قاعدًا ما زال عمرو. قال في شرح الكافية: وكلاهما جائز عند الكوفيين لأن ما عندهم لا يلزم تصديرها. ووافق ابن كيسان البصريين في ما كان ونحوه وخالفهم في ما زال ونحوه لأن نفيها إيجاب.   الموصول الحرفي وهو ممنوع، ولزوم عمل ما بعد الحرف المصدري فيما قبله وهو أيضًا ممنوع. قوله: "وفي دعوى الإجماع إلخ" ما اعترض به على دعوى الإجماع لا يبطلها لأنه قدح في علة المنع بأنها لا تفيد الاتفاق عليه، ولا يلزم من ذلك عدم الاتفاق لجواز أن يكونوا أجمعوا على هذا الحكم ولو كانت العلة قاصرة فكان الأولى القدح بنقل الخلاف وقد نقل الخلاف ابن قاسم الغزي في شرحه. ويمكن الجواب عن منع دعوى الإجماع فيها بثبوت الخلاف بحمل الإجماع فيها على إجماع البصريين كما في يحيى. وعن قدح الشارح في التعليل بأن علة المنع مجموع الأمرين لا كل واحد على حدته. قوله: "بدليل اختلافهم في ليس" أي في امتناع تقديم خبرها عليها. قال سم: قد يقال اختلافهم في ليس مع الإجماع على عدم تصرفها لا ينافي الاتفاق في دام لمدرك يخصها. قال المبعض: إذا كان هناك مدرك يخصها يكون هو علة المنع لا ما ذكر من عدم التصرف والكلام فيه على أن ما ذكر لا يتم إلا ببيان المدرك وإلا كان شاهد زور لا لك ولا عليك. ا. هـ. وهو كلام حسن. قوله: "وقد أجاز" الأولى الفاء. قوله: "إذا كان غير عامل" بخلاف العامل كأن. والفرق أن العامل أشد اتصالًا بصلته من غير العامل لطلبه إياها من جهة العمل والموصولية بخلاف غير العامل لأن طلبه إياها من جهة الموصولية فقط. قوله: "لكن الصورة الأولى" استدراك على قوله وهذا تحته صورتان. وقوله أقرب إلى كلامه باعتبار قوله كذاك سبق إلخ ولهذا وضح الأقربية بقوله أشعر بذلك قوله إلخ وإلا فالأقرب إلى قوله دام بقطع النظر عن قوله كذاك إلخ الصورة الثانية. ولعل وجه الإشعار كما يشير إليه كلامه بعد حصول التناسب بين المشبه والمشبه به من حيث أن المسبوق في كل منهما ما. قوله: "ما النافية" مثلها همزة الاستفهام وكذا إن النافية عند الرضي وجعل السيوطي إن كلا. قوله: "كذلك" تأكيد لقوله كما منعوا. قوله: "فجيء بها إلخ" هذا الشطر توكيد لما قبله. قوله: "ولا فرق في ذلك" أي في امتناع تقديم الخبر على ما النافية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهات: الأول أفهم كلامه أنه إذا كان النفي بغير ما يجوز التقديم نحو قائمًا لم يزل زيد، وقاعدًا لم يكن عمرو. قال في شرح الكافية عند الجميع، واستدل له بقول الشاعر: 194- ورج الفتى للخير ما إن رأيته ... على السن خيرًا لا يزال يزيد أراد لا يزال يزيد على السن خيرًا، فقدم معمول الخبر وهو خيرًا على الخبر، وهو يزيد مع النفي بلا، وتقديم المعمول يؤذن بجواز تقديم العامل غالبًا، لكنه حكى في التسيهل الخلاف عن الفراء. قلت: ومن شواهده الصريحة قوله: 195- مه عاذلي فهائما لن أبرحا ... بمثل أو أحسن من شمس الضحى   قوله: "لأن نفيها إيجاب" أي الكلام بدخولها صار إيجابًا لأن مدخولها للنفي وهي للنفي ونفي النفي إيجاب فكأنه لم يكن هناك ما النافية المستحقة للتصدير. وأجاب ابن هشام عن دليل ابن كيسان بأن نحو ما زال زيد قائمًا نفي باعتبار اللفظ إيجاب باعتبار المعنى فمنعوا التقديم نظرًا إلى اللفظ والاستثناء المفرغ نظرًا إلى المعنى. ولما كان التقديم أمرًا رجعا إلى اللفظ نظر فيه إلى اللفظ والاستثناء أمرًا رجعا إلى المعنى لأنه إخراج من معنى الأول نظر فيه إلى المعنى. قوله: "ورجّ الفتى" أي الشاب، للخير أي لفعل الخير، وما زائدة، على السن أي على زيادته أي كلما ازداد عمره. قوله: "وهو خيرًا" اقتصر عليه مع أن قوله على السن معموله أيضًا لأنه ظرف متوسع فيه فلا ينهض دليلًا. قوله: "على الخبر إلخ" كذا في بعض النسخ وفي بعضها على النفي بلا وهو أخصر وأولى لأن الكلام في التقدم على النفي لا في التقدم على الخبر. قوله: "غالبًا" احترز به عن نحو إن في الدار زيدًا جالس، وزيدًا لن أضرب أو لم أضرب وعن نحو عمرًا زيد ضرب على رأي البصريين المجيزين تقديم المعمول فيه على المبتدأ، وعن نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَر} [الضحى: 9] . قوله: "لكنه إلخ" استدراك على قول المصنف في شرح الكافية عند الجميع. قوله: "الخلاف عن الفراء" أي أنه يمنع التقديم في جميع حروف النفي. قوله: "ومن شواهده" أي جواز التقديم على النفي بغير ما. قوله: "بمثل أو أحسن" أي بمثل شمس الضحى فحذف من الأول   194- البيت من الطويل، وهو للمعلوط القريعي في شرح التصريح 1/ 189؛ وشرح شواهد المغني ص85، 716؛ ولسان العرب 13/ 35 "أنن"؛ والمقاصد النحوية 2/ 22؛ وبلا نسبة في الأزهية ص52، 96؛ والأشباه والنظائر 2/ 187؛ وأوضح المسالك 1/ 246؛ والجني الداني ص211؛ وجواهر الأدب ص208؛ وخزانة الأدب 8/ 443؛ والخصائص 1/ 110؛ والدرر 2/ 110؛ وسر صناعة الأعراب 1/ 378؛ وشرح المفصل 8/ 130؛ والكتاب 4/ 222؛ ومغني اللبيب 1/ 25؛ والمقرب 1/ 97؛ وهمع الهوامع 1/ 125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 ومنع سبق خبر ليس اصطفى ... وذو تمام ما برفع يكتفي   الثاني أفهم أيضًا جواز توسط الخبر بين ما والمنفي بها نحو ما قائمًا كان زيد، وما قاعدًا زال عمرو، ومنعه بعضهم والصحيح الجواز. الثالث قوله: كذاك يوهم أن هذا المنع مجمع عليه لأنه شبهه بالمجمع عليه وإنما أراد التشبيه في أصل المنع دون وصفه لما عرفت من الخلاف "ومنع خبر ليس اصطفي" منع مصدر رفع بالابتداء مضاف إلى مفعوله وهو سبق، والفاعل محذوف، وسبق مصدر جر بالإضافة مضاف إلى فاعله وهو خبر، وليس في محل نصب بالمفعولية، واصطفي جملة في موضوع رفع خبر المبتدأ. والتقدير منعه من منع أن يسبق الخبر ليس اصطفى أي اختير، وهو رأي الكوفيين والمبرد والسيرافي والزجاج وابن السراج والجرجاني وأبي علي في الحلبيات وأكثر المتأخرين، لضعفها بعدم التصرف وشببهها بما النافية، وحجة من أجاز قوله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8] ، لما علم من أن تقديم المعمول يؤذن بجواز تقديم العامل.   لدلالة الثاني، والأحسن أن أو بمعنى بل. قوله: "بين ما والمنفي بها" سيصرح الشارح في الخاتمة بأنه إذا دخل على غير زال وأخواتها من أفعال هذا الباب ناف كان المنفي هو الخبر، وحينئذٍ لا تستقيم عبارته فكان الأولى أن يقول: بين ما والفعل. وقد يجاب بأن المنفي في الظاهر الفعل فهو مراد الشارح بالمنفي. قوله: "وإنما أراد إلخ" أي وليس هذا مراده وإنما أراد إلخ. قوله: "لما عرفت من الخلاف" من قوله سابقًا وكلاهما جائز عند الكوفيين. قوله: "ومنع سبق خبر إلخ" الخلاف في غير ليس الاستثنائية إذ لا يتقدم عليها الخبر إجماعًا ومثلها لا يكون في الاستثناء وأفهم كلام المصنف جواز تقدم الخبر على غير دام وليس والمنفي بما وهو كذلك فتقول: قائمًا كان زيد. نعم إن رفع الخبر اسمًا ظاهرًا نحو كان زيد كريمًا أبوه امتنع تقديمه بدون مرفوعه لئلا يلزم الفصل بينه وبين معموله بأجنبي كما في الفارضي وغيره فإن قدم مرفوعه فالظاهر الجواز. قال الرضي: فإن كان معمول الخبر منصوبًا وقدم الخبر دون منصوبه جاز على قبح نحو ضاربًا كان زيد عمرًا لأن منصوبه ليس كجزئه، وإن كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا جاز بلا قبح نحو ضاربًا كان زيد اليوم أو في الدار إذ الظروف يتوسع فيها. ا. هـ. ثم رأيت المسألة بتفاصيلها الثلاثة في التسهيل. ووقع الخلاف إذا كان الخبر جملة اسمية نحو كان زيد أبوه فاضل أو فعلية نحو كان زيد يقوم أبوه والأصح جواز تقدمه كما في التسهيل. قوله: "في الحلبيات" هي مسائل أملاها بحلب. قوله: "لضعفها بعدم التصرف" هذه العلة من طرف جميع المانعين. وقوله: وشبهها بما النافية من طرف المانعين من غير الكوفيين لما تقدم من تجويز الكوفيين تقدم الخبر على ما النافية لمنعهم وجوب تصديرها. قوله: "ألا يوم يأتيهم" أي العذاب. قوله: "من أن تقديم المعمول إلخ" أي غالبًا فلا يرد نحو زيدًا لن أضرب. وإنما امتنع تقديم أضرب لضعف عامله بخلاف زيدًا قاله زكريا. قوله: "وأجيب إلخ" أجيب أيضًا بأن يوم يأتيهم معمول لمحذوف أي ألا يعرفون يوم يأتيهم وجملة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وأجيب بأن معمول الخبر هنا ظرف والظروف يتوسع فيها أيضًا فإن عسى لا يتقدم خبرها إجماعًا لعدم تصرفها مع عدم الاختلاف في فعليتها، فليس أولى بذلك لمساواتها لها في عدم التصرف مع الاختلاف في فعليتها. تنبيه: خبر في كلامه منون ليس مضافًا إلى ليس كما عرفت، وإلا توالى خمس حركات وذلك ممنوع. "وذو تمام" من أفعال هذا الباب أي التام منها "ما برفع يكتفي"   ليس مصروفًا عنهم حال مؤسسة وإن زعم البعض كشيخنا أنها مؤكدة وبأن يوم في محل رفع بالابتداء وفتحته بناء لإضافته إلى الجملة، وليس مصروفًا عنهم خبره وضمير ليس على هذا لليوم وبأن يوم متعلق بليس بناء على الصحيح من جواز تعلق الظرف والجار والمجرور بكان وأخواتها لدلالتها على الأحداث كما سيأتي. قوله: "بأن معمول الخبر هنا ظرف إلخ" قال الروداني فيه: إنه يلزم الجمهور حينئذٍ القول بجواز تقديم خبر ليس إذا كان ظرفًا أو عديله وليس كذلك لإطلاقهم المنع. ا. هـ. وقد يقال: لا لزوم لأن معمول المعمول للناسخ دون المعمول للناسخ، ولا يلزم من تجويز انتقال الضعيف عن رتبته انتقال القوي عن رتبته فافهم. قوله: "وأيضًا فإن عسى إلخ" ليس جوابًا ثانيًا كما يوهمه ظاهر العبارة بل هو تعليل ثالث لامتناع تقدم خبر ليس عليها فكان الأولى تقديمه على قوله وحجة إلخ ويمكن أن يقال: هو معارضة لدليلهم بعد إبطاله. قوله: "مع عدم الاختلاف في فعليتها" يرده ما تقدم في شرح قوله بتاء فعلت من أن بعض الكوفيين زعم حرفية عسى ودفعه شيخنا السيد بأن المراد بالاختلاف المعدوم في عسى والاختلاف الموجود في ليس اختلاف البصريين لاتفاقهم على فعلية عسى وقول بعضهم كالفارسي بحرفية ليس. قوله: "كما عرفت" أي من قوله وليس في محل نصب بالمفعولية إذ لو كان خبرًا مضافًا إلى ليس لقال: في محل جر بالإضافة. قوله: "وذلك ممنوع" أي في الشعر. قوله: "وذو تمام إلخ" فيه إشارة إلى أن التمام الاكتفاء بالمرفوع والنقصان الافتقار إلى المنصوب أيضًا فتسمية هذه الأفعال ناقصة لنقصانها عن بقية الأفعال بالافتقار إلى شيئين وقيل لنقصانها عنها بتجردها من الحدث. قال المحققون كالرضى أي من الحدث المقيد لأن الدال عليه هو الخبر أما هي فتدل على حدث مطلق يقيده الخبر حتى ليس وحدثها الانتفاء. فإذا قلت: كان زيد قائمًا أو ليس قائمًا فكأنك قلت في الأول حصل شيء لزيد حصل القيام. وفي الثاني انتفى شيء عن زيد انتفى القيام فيكون في الكلام إجمال ثم تفصيل وعليه فتعمل في الظرف وقيل لا تدل على الحدث أصلًا بل هي لنسبة الحدث الدال عليه خبرها إلى مرفوعها وزمانه وممن قال به المحقق الشريف وهو الموافق لقول كثير من علماء المعاني المسند في باب كان هو الخبر وكان قيد له، ولقول المنطقيين إن كان رابطه يربط بها المحمول بالموضوع فلا تعمل في الظرف وهو مشكل عندي فيما له مصدر إذ لا معنى للمصدر إلا الحدث اللهم إلا أن يكون أصحاب هذا القول ينكرون مجيء مصدر لشيء منها، ثم رأيته مسطورًا، لكن يرد الإنكار: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 وما سواه ناقص والنقص في ... فتئ ليس زال دائمًا قفي   أي يستغني بمرفوعه عن منصوبه كما هو الأصل في الأفعال. وهذا المرفوع فاعل صريح "وما سواه" أي ما سوى المكتفي بمرفوعه "ناقص" لافتقاره إلى المنصوب "والنقص في فتئ" و"ليس" و"زال" ماضي يزال التي هي من أفعال الباب "دائمًا قفي" فلا تستعمل هذه الثلاثة تامة بحال. وما سواها من أفعال الباب يستعمل ناقصًا وتامًّا نحو ما شاء الله كان أي حدث {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] ، أي حضر. وتأتي كان بمعنى كفل وبمعنى غزل، يقال: كان فلان الصبي إذا كفله. وكان الصوف إذا غزله. نحو: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] ، أي حين تدخلون في المساء وحيت تدخلون في الصباح {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 107] ، أي ما بقيت. وكقوله: 196- وبات وباتت له ليلة ... كليلة ذي العائر الأرمد   وكونك إياه عليك يسير إلا أن يدعي أنه مصدر التامة وأن التقدير وكونك تفعله أي المذكور قبل من البذل والحلم، على أن الجملة حال فلما حذف الفعل انفصل الضمير وشمل تعريفه التام كان بمعنى كفل أو غزل لعدم توقف الفعل المتعدي على المفعول. واعلم أن أقرب ما قيل في لأضربنه كائنًا ما كان أن ما نكرة خبر كائنًا واسمها الضمير المستتر فيها وكان تامة صفة لما أي لأضربنه حالة كونه كائنًا شيئًا كان أي كائنًا أي شيء وجد. قوله: "بمرفوعه" فيه إشارة إلى أن الرفع بمعنى المرفوع كما هو الأقرب. قوله: "في فتئ" أي لا بفتح التاء أما مفتوحها فيجيء تامًّا بمعنى كسر وأطفأ يقال: فتأته عن الأمر كسرته، والنار فتأتها أطفأتها حكاه المصنف في شرح التسهيل عن الفراء، وذكره صاحب القاموس ثم قال عن ابن مالك في كتابه جمع اللغات المشكلة وعزاه للفراء وهو صحيح وغلط أبو حيان وغيره في تغليطه. ا. هـ. قوله: "بحال" أي في حال. قوله: "أي حدث" تفسير كان في المثال الأول بحدث وفي الثاني بحضر من تفسير الشيء بجزئيات معناه مراعاة للأنسبية والأوضحية فلا ينافي أن كان التامة التي ليست بمعنى كفل أو غزل معناها ثبت. هذا. وقال الراغب كان في الآية ناقصة أي وإن كان ذو عسرة غريمًا لكم فحذف الخبر لدلالة السياق عليه. واعلم أن الكون مصدر لكان مطلقًا إلا التي بمعنى كفل فمصدرها الكيانة كالحراسة قاله الدماميني. قوله: "أي ما بقيت" وتأتي دام التامة بمعنى سكن ومنه الحديث: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم" أي الساكن. قوله: "وبات وباتت إلخ" الشاهد في بات الأولى لأنها التامة أما الثانية فناقصة بمعنى صار اسمها ليلة وخبرها له بناء على مذهب الزمخشري أن بات تأتي بمعنى صار   196- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص185؛ وتخليص الشواهد ص243؛ وشرح قطر الندى ص136؛ وله أو لامرئ القيس بن عانس في شرح التصريح 1/ 191؛ ولعمرو بن معدي كرب في ديوانه ص200؛ ولعمرو أو لامرئ القيس في سمط اللآلي ص531؛ ولامرئ القيس بن عانس في المقاصد النحوية 2/ 30؛ وله أو لامرئ القيس الكندي أو لعمرو بن معدي كرب في شروح شواهد المغني 2/ 732؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 245؛ وجمهرة اللغة ص775. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقالوا: بات بالقوم أي نزل بهم ليلًا ونحو ظل اليوم أي دام ظله وأضحينا أي دخلنا في الضحى ومنه قوله: 197- إذا الليلة الشهباء أضحى جليدها أي بقي جليدها حتى أضحى. أي دخل في الضحى. ويقال: صار فلان الشيء بمعنى ضمه إليه، وصرت إلى زيد تحولت إليه. قالوا: برح الخفاء وانفك الشيء بمعنى انفصل وبمعنى خلص. تنبيهان: الأول إنما قيدت زال بماضي يزال للاحتراز عن ماضي يزيل فإنه فعل تام   والعائر: بالعين المهملة والراء اسم جامد يطلق على القذى الذي تدمع له العين وعلى الرمد وعلى بثر في الجفن الأسفل وعلى كل ما أعلّ العين كما في القاموس، فالأرمد على الثاني صفة لذي العائر مؤكدة وعلى ما عداه مؤسسة وليس العائر في البيت اسم فاعل من العور بسكون الواو، لأن معناه كما في القاموس وغيره الأخذ والاذهاب والذهاب فلا والإتلاف ولا يناسب هنا شيء من هذه المعاني. إذا فهمت ما ذكرناه في البيت علمت ما في كلام غير واحد كالبعض من الوهم فلا تكن أسير التقليد. قوله: "بات القوم" وكذا يقال: بات القوم متعديًا بنفسه أي أتاهم ليلًا. قوله: "ظل اليوم أي دام ظله" في التسهيل أن ظل التامة بمعنى دام وبمعنى طال، ومثل الدماميني الأول بنحو لو ظلّ الظلم هلك الناس، والثاني بنحو ظل الليل وظل النبت. قوله: "إذا الليلة الشهباء" أي التي لا غيم فيها، والجليد البرد الشديد وصدر البيت: ومن فعلاتي أنني حسن القرى قوله: "بمعنى ضمه إليه" أي أو قطعه كما في التسهيل. قال شارحه الدماميني نقلًا عن المصنف: يقال: صاره يصيره ويصوره أي ضمه أو قطعه. ا. هـ. ومنه بمعنى الضم فضرهن إليك، وفي الهمع أنها تأتي بمعنى رجع أيضًا ومنه: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُور} [الشورى: 53] . قوله: "برح الخفاء" أي ذهب وتأتي بمعنى ظهر أيضًا. وقوله بمعنى انفصل وبمعنى خلص معنيان لانفك كما في شرح الجامع والهمع متقاربان. قوله: "للاحتراز عن ماضي يزيل" مبني على المشهور من أن   197- صدر البيت: ومن فعلاتي أنني حسن القرى وهو من الطويل، وهو لعبد الواسع بن أسامة في شرح المفصل 7/ 103؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص295؛ والدرر 2/ 61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 ولا يلي العامل معمول الخبر ... إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جر   متعد معناه ماز، يقولون: زل ضأنك عن معزك أي مز بعضها من بعض، ومصدره الزيل، ومن ماضي يزول فإنه فعل تام قاصر معناه الانتقال، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41] ، ومصدره الزوال. الثاني إذا قلت: كان زيد قائمًا جاز أن تكون كان ناقصة فقائما خبرها، وأن تكون تامة فيكون حالا من فاعلها وإذا قلت كان زيد أخاك وجب أن تكون ناقصة لامتناع وقوع الحال معرفة "ولا يلي العامل" أي كان وأخوتها "معمول الخبر" مطلقًا عند جمهور البصريين سواء تقدم الخبر على الاسم نحو كان طعامك آكلًا زيد خلافًا لابن السراج والفارسي وابن عصفور، أم لم يتقدم نحو كان طعامك زيد آكلًا، وأجازه الكوفيون مطلقًا تمسكا بقوله: 198- قنافذ هداجون حول بيوتهم ... بما كان إياهم عطية عودا   يزيل لم يرد مضارعًا لزال الناقصة أما على ما حكاه الكسائي والفراء من وروده مضارعًا لها وأنهم يقولون لا أزيل أفعل كذا فينبغي أن يقال: زال لا بمعنى ماز ولا بمعنى انتقل قاله الدماميني. قوله: "وجب أن تكون ناقصة" أي ما لم تكن بمعنى كفل. قوله: "ولا يلي العامل إلخ" للفصل بين العامل ومعموله بمعمول غيره. قاله في التصريح قال سم: ويفهم منه جواز نحو زيد كان طعامك آكلًا وبه صرح الدماميني لأن الاسم مستتر وهو سابق على معمول الخير فلا فصل. ا. هـ. واعلم أن مثل هذا التقديم ممنوع في غير هذا الباب كمنعه فيه فلو قيل جاء عمرًا يضرب زيد لم يجز لأن سبب المنع إيلاء الفعل معمول غيره فلا يختص بفعل دون فعل، نقله يس عن المصنف. وزيد في مثاله فاعل جاء وفاعل يضرب ضمير مستتر فيه يرجع إلى زيد. قوله: "سواء تقدم الخبر على الاسم" أي وتقدم المعمول أيضًا على الخبر كما مثل أما إذا تقدم الخبر عليه فإنه يجوز إجماعًا نحو كان آكلًا طعامك زيد وكذا يجوز تقدمه على العامل نحو: {وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُون} [الأعراف: 177] ، واعلم أن نحو زيد آكلًا طعامك يتحصل فيه أربع وعشرون صورة حاصلة من ضرب ستة في أربعة، لأن التركيب مشتمل على أربعة ألفاظ، وفي تقدم كل واحد منها ستة أوجه حاصلة من التخالف في الألفاظ الثلاثة بعده: مثلًا إذا تقدمت كان فإن ذكر بعده زيد فإما أن يتقدم الخبر أو معموله، وإن ذكر بعده آكلًا فإما أن يتقدم الاسم أو المعمول، وإن ذكر بعده طعامك فإما أن يتقدم الاسم أو الخبر وقس على ذلك، وكلها جائزة عند البصريين إلا كان طعامك زيد آكلًا وكان طعامك آكلًا زيد وآكلًا كان طعامك زيد كما يؤخذ من كلام الناظم. قوله: "قنافذ إلخ" قاله الفرزدق يهجو رهط جرير بالفجور والخيانة   198- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 181؛ وتخليص الشواهد ص245؛ وخزانة الأدب 9/ 268، 269؛ والدرر 2/ 71؛ وشرح التصريح 1/ 190؛ والمقاصد النحوية 2/ 24؛ والمقتضب 4/ 101؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 248؛ وشرح ابن عقيل ص144؛ ومغني اللبيب 2/ 610؛ وهمع الهوامع 1/ 118. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وخرج على زيادة كان أو إضمار اسم مراد به الشأن، أو راجع إلى ما وعليهن فعطية مبتدأ وقيل: ضرورة وهذا التأويل متعين في قوله: 199- باتت فؤادي ذات الخال سالبة ... فالعيش إن حم لي عيش من العجب وقوله: 200- لئن كان سلمى الشيب بالصد مغريًا ... لقد هون السلون عنها التحلم لظهور نصب الخبر. وأصل تركيب النظم ولا يلي معمول الخبر العامل فقدم المفعول وهو العامل وأخر الفاعل وهو معمول الخبر لمراعاة النظم وليعود الضمير إلى أقرب مذكور من قوله "إلا إذا ظرفا أتى" أي معمول الخبر "أو حرف جر" مع مجرور فإنه   ويشبههم بالقنافذ في مشيهم ليلًا، فقوله تشبيه بليغ أو استعارة مصرحة وهو جمع قنفذ بقاف مضمومة ثم فاء مضمومة أو مفتوحة فذال معجمة كما في التصريح، والهداجون من الهدجان وهي مشية الشيخ والباء في بما سببية وعطية قيل هو أبو جرير والشاهد في إيلائه كان معمول عود الذي هو خبرها. وما مر من أن هذا البيت من كلام الفرزدق هو ما في التصريح وشواهد العيني فقول البعض هو من كلام جرير غير صحيح. قوله: "أو إضمار اسم" أي لكان وقوله مراد به الشأن أي وحينئذٍ فعائد الموصول محذوف أي عودهم به ولا تحتاج جملة الخبر إلى رابط لأن الاسم ضمير الشأن. قوله: "أو راجع إلى ما" وعليه فعائد الموصول الضمير المستتر في كان ورابط جملة الخبر بالمبتدأ المنسوخ محذوف أي عودهم به. قوله: "فعطية مبتدأ" ولا يضر تقدم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ لجوازه عند البصريين كما في سم عن الشيخ خالد. قوله: "وهذا التأويل" أي جعله ضرورة متعين أي بالنسبة لبقية التآويل المذكورة، فلا ينافي احتمال فؤادي في البيت الأول وسلمى في الثاني للنداء ومعمول سالبة ومغريًا محذوف أي لك. ولا يعارضه في الثاني قوله فيه عنها حيث لم يقل عنك لاحتمال الإلتفات فاندفع الاعتراض على الشارح في دعواه التعين. قوله: "إن حم" بالبناء للمجهول أي قدر. قوله: "التحلم" أي تكلف الحلم والصبر عنها أو المراد رؤيتها في الحلم بالضم أي المنام والأول أحسن. قوله: "لظهور نصب الخبر" أي فلا يمكن زيادة كان وبات ولا إضمار ضمير الشأن. قوله: "إلى أقرب مذكور من قوله إلخ" فيه أن أقرب مذكور من قوله إلا إذا إلخ الخبر وليس الضمير عائدًا إليه، إلا أن يقال: المراد مذكور مقصود بالذات والمضاف إليه مذكور   199- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 251؛ وتخليص الشواهد ص248؛ وخزانة الأدب 9/ 269؛ وشرح التصريح 1/ 190؛ والمقاصد النحوية 2/ 28. 200- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 ومضمر الشان اسما انو إن وقع ... موهم ما استبان أنه امتنع   حينئذ يلي العامل اتفاقًا نحو كان عندك أو في الدار زيد جالسًا أو جالسًا زيد للتوسع في الظرف والمجرور "ومضمر الشأن اسما انو" في العامل "إن وقع" شيء من كلامهم "موهم" جواز "ما استبان" لك "أنه امتنع" كما تقدم بيانه في قوله: قنافذ هداجون البيت. وقوله: 201- فأصبحوا والنوى عالي معرسهم ... وليس كل النوى يلقي المساكين   لتقييد المضاف فافهم. قوله: "أو حرف جر" أو مانعة خلوّ فتجوز الجمع إذ يجوز أن يقال: كان عندك في الدار زيد جالسًا أو جالسًا زيد. قوله: "ومضمر الشأن" مفعول مقدم لانو وهو من إضافة الدال إلى المدلول وقوله: اسمًا حال من مضمر أي حالة كونه محكومًا باسميته لكان فيفيد أن كان الثانية ناقصة وهو الأصح لأنه لم يثبت في كلامهم ضمير الشأن إلا مبتدأ في الحال أو في الأصل نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [الإخلاص: 1] ، ونحو أشهد أن لا إله إلا الله وقيل: تامة فاعلها الضمير والجملة مفسرة له وقيل: واسطة. فائدة: قال في المغني: ضمير الشأن مخالف للقياس من خمسة أوجه: أحدها عوده على ما بعده لزومًا فلا يجوز تقدم الجملة المفسرة له ولا شيء منها عليه. ثانيها أن مفسره لا يكون إلا جملة مصرحًا بجزأيها عند جمهور البصريين. ثالثها أنه لا يتبع بتابع فلا يؤكد ولا يعطف عليه ولا يبدل منه. رابعها أنه لا يعمل فيه إلا الابتداء أو أحد نواسخه. خامسها أنه ملازم للافراد فلا يثنى ولا يجمع وإن فسر بحديثين أو أحاديث ويذكر باعتبار الشأن مثلًا ويؤنث باعتبار القصة إن كان في مفسره مؤنث عمدة وتأنيثه حينئذٍ أولى ولمخالفة القياس من الأوجه الخمسة لا يحسن الحمل عليه إذا أمكن غيره، ومن ثم ضعف قول الزمخشري في إنه يراكم أن اسم إن ضمير الشأن فالأولى كونه ضمير الشيطان، ويؤيده قراءة وقبيله بالنصب إذ ضمير الشأن لا يعطف عليه، واحتمال كونه مفعولًا معه مرجوح هنا فلا ينبغي تخريج التنزيل عليه وضعف قول كثير من النحاة أن اسم أن المفتوحة المخففة ضمير الشأن فالأولى أن يعاد على غيره إذا أمكن ويؤيده قول سيبويه في أن يا إبراهيم أن تقديره أنك، وفي كتبت إليه أن لا تفعل أنه يجزم على النهي وينصب على معنى لئلا ويرفع على أنك. ا. هـ. بتلخيص وبعض زيادة، وأن على الجزم تفسيرية وعلى النصب مصدرية وعلى الرفع مخففة. قوله: "كما تقدم بيانه" أي كموهم الجواز الذي تقدم بيانه وهو قوله في البيت بما كان إياهم إلخ. قوله: "وقوله عطف على ما" أي وكالموهم في قوله. قوله: "معرسهم" على صيغة   201- البيت من الطويل، وهو لحميد بن ثور في الأزمنة، والأمكنة، 3/ 317؛ والأشباه والنظائر 6/ 78، 7/ 179 وأمالي ابن الحاجب ص656؛ وتخليص الشواهد ص187؛ والكتاب 1/ 70، 147؛ والمقاصد النحوية 2/ 82؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 179؛ وخزانة الأدب 9/ 270؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 175؛ وشرح ابن عقيل ص145؛ وشرح المفصل 7/ 104؛ والمقتضب 4/ 100. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 وقد تزاد كان في حشو كما ... كان أصح علم من تقدما   في رواية تلقي بالتاء من فوق، وبه احتج من أجاز ذلك مع تقدم الخبر. وقال الجمهور: التقدير ليس هو أي الشأن، وقد عرفت أنه إنما يقدر ضمير الشأن حيث أمكنت تقديره. ومن الدليل على صحة تقدير ضمير الشأن في كان قوله: 202- إذا مت كان الناس صنفان شامت ... وآخر مثن بالذي كنت أصنع "وقد تزاد كان في حشو" أي بين شيئين، وأكثر ما يكون ذلك بين ما وفعل   المفعول وهو محل النزول آخر الليل لكن المراد به محل نزولهم ليلًا. قوله: "في رواية تلقى بالتاء المثناة من فوق" قيد بذلك لأنه لا يكون موهمًا لجواز ما استبان امتناعه وحجة بحسب الظاهر لجواز إيلاء العامل معمول الخبر عند تقدم الخبر على الاسم إلا على هذه الرواية ليصح كون المساكين اسم ليس وتلقى خبرها لأنه على رواية يلقي بالتحتية وهي الأصح يتعين أن يكون المساكين فاعل يلقي وإلا لقال: يلقون ليطابق المساكين في الجمعية. وأما على رواية الفوقية فيغني عن المطابقة في الجمعية تاء التأنيث بتأويل المساكين بالجملة أو الجماعة. وقصد الشاعر وصفهم بكثرة الأكل من التمر الذي قدمه لهم حين نزلوا به وكان أحد البخلاء المشهورين. قوله: "ليس هو أي الشأن" فاسمها ضمير الشأن وكل النوى مفعول تلقى والمساكين فاعل تلقى والجملة خبر ليس. قوله: "وقد عرفت" أي من قوله وهذا التأويل متعين إلخ والقصد من هذا الكلام تقييد قول المصنف ومضمر الشأن إلخ. قوله: "حيث أمكن تقديره" بأن كان مفسر ضمير الشأن جملة مصرحًا بجزأيها اسمية أو فعلية. قوله: "إذا مت إلخ" لا يقال: يحتمل أنه جاء على لغة من يلزم المثنى الألف لأنا نقول يمنعه قوله شامت ومثن بالرفع وتقدير مبتدأ خلاف الظاهر. قوله: "وقد تزاد كان" أي لا تعمل الرفع والنصب بل لا تعمل شيئًا أصلًا كما هو مذهب الفارسي والمحققين، ونسب إلى الجمهور وهو الأصح، وذهب جماعة إلى أنها تعمل الرفع فقط ومرفوعها ضمير يرجع إلى مصدرها وهو الكون إن لم يكن ظاهرًا أو ضميرًا بارزًا، ومعنى زيادتها على هذا عدم اختلال المعنى بسقوطها فكان زائدة على المذهب الأول لا تامة ولا ناقصة، وعلى الثاني تامة. فقول المصنف وقد تزاد كان أي لا بقيد التمام أو النقصان فاعرفه. ثم هي باقية على دلالتها على الزمان الماضي على المشهور ولهذا كثر زيادتها بين ما التعجبية وفعل التعجب لكونه سلب الدلالة على المضي. وقال الرضي: لا بل هي لمحض التأكيد فالدالة على الزمن الماضي كما في نحو ما كان أحسن زيدًا كالزائدة لا زائدة حقيقة، وتبعه حفيد الموضح، وبنى على ذلك أن الحكم بزيادتها بين ما وفعل التعجب فيه تجوز وفي كلام شيخنا السيد أنها قد تزاد   202- البيت من الطويل، وهو للعجير السلولي في الأزهية، ص190؛ وتخليص الشواهد ص246؛ وخزانة الأدب 9/ 72، 73 والدرر 1/ 223؛ 2/ 41؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 144؛ والكتاب 1/ 71؛ والمقاصد النحوية 2/ 85؛ ونوادر أبي زيد ص156؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص136؛ واللمع في العربية ص122؛ وهمع الهوامع 1/ 67، 111. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   التعجب "كما كان أصح علم من تقدمًا" وما كان أحسن زيدًا. وزيدت بين الصفة والموصوف في قوله: 203- في غرف الجنة العليا التي وجبت ... لهم هناك بسعي كان مشكور وجعل منه سيبويه قول الفرزدق: 204- فكيف إذا مررت بدار قوم ... وجيران لنا كانوا كرام   مجردة عن الزمان لمحض التأكيد وقد تزاد دالة على الزمان الماضي كما كان أصح إلخ، ولا تدل على الحدث اتفاقًا على ما أفاده البعض وهو عندي مشكل لأن مقتضى القول السابق أن لها مرفوعًا بل صريحه دلالتها على الحدث إذ لا يسند في الحقيقة من الأفعال إلا الأحداث، فالوجه أن عدم دلالتها على الحدث عند من يقول بأنها لا فاعل لها فقط فلا تكن من الغافلين. واعلم أن زيادة كان كثيرة في نفسها فالتقليل المستفاد من قول الناظم وقد تزاد بالنسبة إلى عدم زيادتها أفاده يس. فائدة: قال في المغني يجوز في كان من نحو إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب نقصانها وتمامها وزيادتها وهي أضعفها، والظرف متعلق بها على التمام وباستقرار محذوف مرفوع على زيادة ومنصوب على النقصان إلا إن قدرت الناقصة شأنية فالاستقرار مرفوع لأنه خبر المبتدأ. وكان في: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِم} [النمل: 51] ، تحتمل الأوجه الثلاثة لكنها على النقصان لا تكون شأنية لأجل الاستفهام وتقديم الخبر لأن خبر ضمير الشأن لا يكون إلا جملة خبرية متأخرة بجميع أجزائها، وكيف حال على التمام، وخبر لكان على النقصان وللمبتدأ على الزيادة. ا. هـ. مع زيادة من الشمني. قوله: "العليا" بضم العين مع القصر وأما بفتحها فمع المد فلا يناسب البيت لوجوب القصر فيه وجعل القصر فيه للضرورة لا ضرورة إليه والأظهر أنه صفة للغرف. قوله: "وجعل منه سيبويه إلخ" المتجه في البيت ما ذكره الدماميني وفاقًا للمبرد وكثير أنها ناقصة والضمير اسمها ولنا خبرها فليست زائدة، وعلى أنها زائدة فعلى إعمالها هي تامة والضمير فاعلها، وعلى إهمالها قيل الأصل هم لنا ثم قدم الخبر ووصل الضمير بكان الزائدة إصلاحًا للفظ لئلا يقع الضمير المرفوع المنفصل بجانب الفعل، وقيل الضمير توكيد للمستتر في   203- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 210. 204- البيت من الوافر، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 290؛ والأزهية ص188؛ وتخليص الشواهد ص252؛ وخزانة الأدب 9/ 217، 221، 222، وشرح التصريح 1/ 192؛ وشرح شواهد المغني 2/ 693؛ والكتاب 2/ 153؛ ولسان العرب 13/ 370 "كنن"؛ والمقاصد النحوية 2/ 42؛ والمقتضب 4/ 116؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص136؛ والأشباه والنظائر 1/ 165؛ وأوضح المسالك 1/ 258؛ وشرح ابن عقيل ص146؛ والصاحبي في فقه اللغة ص161؛ ولسان العرب 13/ 367 "كون"، ومغني اللبيب 1/ 278. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ورد ذلك عليه لكونها رافعة للضمير، وليس ذلك مانعًا من زيادتها، كما لم يمنع من إلغاء ظن عند توسطها أو تأخرها إسنادها إلى الفاعل. وبين العاطف والمعطوف عليه كقوله: 205- في لجة غمرت أباك بحورها ... في الجاهلية كان والإسلام وبين نعم وفاعلها كقوله: 206- ولبست سربال الشباب أزورها ... ولنعم كان شبيبة المختال ومن زيادتها بين جزأي الجملة قول بعض العرب: ولدت فاطمة بنت الخرشب الكملة من بني عبس لم يوجد كان مثلهم. نعم شذت زيادتها بين الجار والمجرور كقوله:   لنا على أن لنا صفة لجيران ثم وصل لما ذكر، فتحصل في كان في البيت أربعة أقوال أفاده المصرح وعلى القولين الأخيرين يكون هذا الضمير مستثنى من قاعدة أن الضمير لا يتصل إلا بعامله. قوله: "وردّ ذلك إلخ" الرد مبني على أن معنى زيادتها أنها لا تعمل أصلًا. قوله: "وليس ذلك" أي رفع كان للضمير وهذا رد للرد وهو مبني على أن معنى زيادتها صحة سقوطها وإن عملت عند ذكرها، وقد يمنع قياسه بأن الإلغاء ليس كالزيادة فتأمل. قوله: "في لجة" أي شدة ففيه استعارة تصريحية، وغمرت بحورها ترشيح. قوله: "ولبست سربال الشباب" أي تلبست بالأحوال الدالة على الشباب ففيه استعارة تصريحية تبعية في لبست أو أصلية في سربال. والشبيبة الشباب. قوله: "بنت الخرشب" بخاء معجمة مضمومة فراء ساكنة فشين معجمة مضمومة، فموحدة والكملة جمع كامل. قال الزمخشري في المستصفي. فاطمة بنت الخرشب الأنمارية ولدت لزياد العبسي الكملة: ربيعًا الكامل، وقيسًا الحافظ، وعمارة الوهاب، وأنس الفوارس. وقيل لها: أي بنيك أفضل فقالت: ربيع بل عمارة بل قيس بل أنس ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل؟ والله إنهم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها. قوله: "نعم شذت إلخ" استدراك على إطلاق قوله في حشو فإنه يوهم أنها تزاد قياسًا حتى بين الجار والمجرور واستفيد منه أن زيادتها فيما سبق قياسية وهو الذي أيده سم. وفي شرح ابن عقيل على النظم أنها سماعية فيما عدا التعجب وهو المفهوم من قول الدماميني وزيادتها بعد ما التعجبية مقيس. ا. هـ. وبهذا علم أن نقل شيخنا السيد والبعض عن الدماميني قياسيتها فيما سبق فيه نظر بالنسبة إلى ما عدا التعجب. اللهم إلا أن يكون   205- اليبت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه ص2/ 305؛ وخزانة الأدب 5/ 463، 437، 9/ 210، 211، 212. 206- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   207- سراة بني أبي بكر تسامي ... على كان المسومة العراب تنبيهات: الأول أفهم كلامه أنها لا تزاد بلفظ المضارع، وهو كذلك إلا ما ندر من قوله أم عقيل: 208- أن تكون ماجد نبيل ... إذا تهب شمأل بليل الثاني أفهم قوله في حشو أنها لا تزاد في عيره، وهو كذلك خلافًا للفراء في إجازته زيادتها آخرًا. الثالث أفهم أيضًا تخصيص الحكم بها أن غيرها من أخواتها لا يزاد، وهو كذلك إلا ما شذ من قولهم: ما أصبح أبردها وما أمسى أدفاها. روى ذلك الكوفيون. وأجاز أبو علي زيادة أصبح وأمسى في قوله: 209- عدو عينيك وسانيهما ... أصبح مشغول بمشغول   له قولان. قوله: "سراة" بفتح السين المهملة جمع سرى أي سيد على غير قياس، تسامى أي تتسامى، والمسوّمة الخيل المجعول عليها سومة بضم السين أي علامة للترك في المرعى، والعراب العربية ويروى المطهمة الصلاب، والمطهمة المتناسقة الأعضاء والصلاب الشداد. قوله: "من قول أم عقيل" أي وهي تلاعب ولدها عقيل بن أبي طالب. قوله: "نبيل" من النبل بالضم أو بالنبالة وهما الفضل، وشمأل كجعفر كما هو أحد لغاته ريح تهب من ناحية القطب الشمالي. ثانيها شأمل كجعفر مقلوب شمأل. ثالثها شمال كسحاب. رابعها شمل بسكون الميم. خامسها شمل بتحريكها، وبليل بمعنى فاعلة أو مفعولة أي بالة أو مبلولة لما فيها من الندى، والمراد أنها رطبة وكنت بقولها إذا تهب إلخ عن الدوام. قوله: "لا تزاد في غيره" أي الأول والآخر للاعتناء بهما. قوله: "أبردها إلخ" الضميران للدنيا كما قاله زكريا. قوله: "وشأنيهما" أي باغضهما والقصد بقوله مشغول بمشغول الدعاء عليه بعشق شخص   207- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأزهية ص187؛ وأسرار العربية ص136؛ والأشباه والنظائر 4/ 303؛ وأوضح المسالك 1/ 257؛ وتخليص الشواهد ص252؛ وخزانة الأدب 9/ 207، 210، 10/ 187؛ والدرر 2/ 79؛ ورصف المباني ص140، 141، 217، 255، وشرح التصريح 1/ 192؛ وشرح ابن عقيل ص1474؛ وشرح المفصل 7/ 98؛ ولسان العرب 13/ 370 "كون"، واللمع في العربية ص122؛ والمقاصد النحوية 2/ 41؛ وهمع الهوامع 1/ 120. 208- الرجز لأم عقيل بن أبي طالب في أوضح المسالك 1/ 255؛ وتخليص الشواهد ص252؛ وخزانة الأدب 9/ 225، 226؛ والدرر 2/ 78؛ وشرح التصريح 1/ 191؛ وشرح ابن عقيل ص147؛ والمقاصد النحوية 2/ 39؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 120. 209- البيت من السريع، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص252؛ والدرر 2/ 80؛ وهمع الهوامع 1/ 120. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 ويحذفونها ويبقون الخبر ... وبعد إن ولو كثيرًا ذا اشتهر   وقوله: 210- أعاذل قولي ما هويت فأوبي ... كثيرًا أرى أمسى لديك ذنوبي وأجاز بعضهم زيادة سائر أفعال الباب إذا لم ينقص المعنى "ويحذفونها" أي كان إما وحدها أو مع الاسم وهو الأكثر "ويبقون الخبر" على حاله "وبعد إن ولو" الشرطيتين "كثير ذا" الحكم "اشتهر" من ذلك: المرء مجزي بعمله إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر. وقوله: 211- قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا   مشغول عنه بعشق غيره، أو المراد مشغول بمشغول به لأن المحب لا يرضى الشركة في حبيبه. قوله: "أعاذل إلخ" الهمزة للنداء، وعاذل منادى مرخم، وأوّبي من التأويب وهو الترجيع وكثيرًا مفعول ثان لأرى. قوله: "أي كان" أي هذه المادة لا بقيد الزيادة ولا بقيد الصيغة الماضوية لما سيأتي عن سيبويه في ولو تمر في تقدير يكون. قوله: "إما وحدها" فالاقتصار على الخبر في قوله ويبقون الخبر لبقائه على الحالتين فلا ينافي هذا الاقتصار قول الشارح إما وحدها وإن أورده سم. وأقره شيخنا والبعض. قوله: "وهو الأكثر" أي لأن الفعل ومرفوعه كالشيء الواحد. قوله: "وبعد إن" الظرف متعلق باشتهر وكثيرًا الأحسن أنه حال من فاعل اشتهر ولا تكرار في الجمع بين الكثرة والشهرة لأنه لا يلزم من إحداهما الأخرى. قال في التصريح والغالب في أن هذه أن تكون تنويعية. قوله: "ولو" أي المندرج ما بعدها فيما قبلها فلا يجوز الأحشف ولو تمرًا وإنما كثر حذفها بعدهما لأن إن أم أدوات الشرط العاملة ولو أم غير العاملة كما أن أم بابها وهم يتوسعون في الأمهات ما لم يتوسعوا في غيرها في التصريح. قوله: "المرء إلخ" قال شيخنا والبعض لفظ الحديث "الناس مجزيون بأعمالهم" إلخ. ا. هـ. وقال شيخنا السيد: المرء مجزي بعمله ليس حديثًا وإن صح معناه قاله القليوبي، ولذلك حكاه الحافظ في الهمع بلفظ قيل وكذا غيره. ا. هـ. وهذا قد يفيد أنه لم يرد مطلقًا ويؤيده تعبير صاحب التوضيح بقوله: وقولهم الناس مجزيون بأعمالهم إلخ وكذا في همع السيوطي فيما رأيته من نسخه وعلى تسليم ورود الناس مجزيون بأعمالهم إلخ   210- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص252؛ والدرر 2/ 81؛ وهمع الهوامع 1/ 120. 211- تمام البيت: فما اعتذارك من قول إذا قيل وهو من البيسط، وهو للنعمان بن المنذر في الأغاني 15/ 295؛ وأمالي المرتضى 1/ 193؛ وخزانة الأدب 4/ 10، 9/ 552؛ والدرر 2/ 82؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 352؛ وشرح شواهد المغني 1/ 188؛ والكتاب 1/ 260؛ والمقاصد النحوية 2/ 66؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص148؛ وشرح المفصل 2/ 97؛ ومغني اللبيب 1/ 61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 212- حدبت علي بطون ضبة كلها ... إن ظالمًا فيهم وإن مظلوما وفي الحديث "التمس ولو خاتمًا من حديد" وقال الشاعر: 213- لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكًا ... جنوده ضاق عنها السهل والجبل تنبيهان: الأول قد تحذف كان مع خبرها ويبقى الاسم، من ذلك: مع أن المرء مجزى بعمله إن خير فخير وإن شر فشر برفعهما أي إن كان في عمله خير فجزاؤه خير، وإن كان في عمله شر جزاؤه شر. وفي هذه المسألة أربعة أوجه مشهورة هذان والثالث نصبهما على تقدير إن كان عمله خيرًا فهو يجزى خيرًا. والرابع عكس الأول أي رفع الأول ونصب الثاني. وهذا الرابع أضعفها والأول أرجحها، وما بينهما متوسطان. ومنه مع لو ألا   يكون الشارح رواه بالمعنى. قوله: "بعمله" أي بجنس عمله لأن العمل ليس مجزيًا به بل عليه قاله الناصر أو الباء بمعنى على. قوله: "حدبت إلخ" حدب بحاء ودال مهملتين كفرح عطف ورقّ. وضبة بفتح الضاد المعجمة وتشديد الموحدة، ويروى بكسر الضاد وتشديد النون، ومدلولًا العلمين متغايران. قوله: "إن كان في عمله خير" لم يقدر كان التامة مع الاستغناء معها عن تقدير المنصوب لتوافق حالة النصب ولأن الناقصة أكثر استعمالًا من التامة. قوله: "أربعة أوجه مشهورة" نص في التسهيل على أنه ربما جر المقرون بأن أو إن لا إذا عاد اسم كان إلى مجرور بحرف قال الدماميني: نحو المرء مقتول بما قتل به إن سيف فسيف أي إن كان قتل بسيف فقتله أيضًا بسيف. وحكى يونس مررت برجل صالح إن لا صالح فطالح أي إن لا يكن المرور بصالح فالمرور بطالح، وذلك لقوة الدلالة على الجار بتقدم ذكره لكن هذا مما يسهل الحذف لا مما يوجب الاطراد فلا يقال منه إلا ما سمع، هذا مذهب سيبويه ونص المصنف على اطراده. ا. هـ. ببعض حذف. قوله: "وهذا الرابع أضعفها" أفعل التفضيل ليس على بابه بالنسبة إلى الأول كما أن قوله أرجحها ليس على بابه بالنسبة إلى الرابع. وإنما كان أضعف لأن فيه حذف كان وخبرها وحذف فعل ناصب بعد فاء الجزاء وكلاهما نادر. ومن هذا يعلم أن أرجحية الأول لسلامته منهما واشتماله على شيئين مطردين وما إضمار كان واسمها بعد إن وإضمار المبتدأ بعد فاء الجزاء وإن   212- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص103، وتخليص الشواهد ص259؛ والدرر 2/ 83؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 36؛ والكتاب 1/ 262؛ والمقاصد النحوية 2/ 87؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 260؛ وهمع الهوامع 1/ 121. 213- البيت من البسيط، وهو للعين المنقري في خزانة الأدب 1/ 257؛ والدرر 2/ 85؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 262؛ وتخليص الشواهد ص260؛ وشرح التصريح 1/ 193؛ وشرح شواهد المغني 2/ 658؛ وشرح قطر الندى ص142؛ ومغني اللبيب 1/ 268؛ والمقاصد النحوية 2/ 50. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب كمثل أما أنت برا فاقترب   طعام ولو تمر، جوز فيه رفع تمر على تقديره ولو يكون عندنا تمر. الثاني قل حذف كان مع غير إن ولو كقوله: 214- من لد شولا فإلى إتلائها قديره سيبويه من لد أن كانت شولا "وبعد أن" المصدرية "تعويض ما عنها" أي عن كان "ارتكب" فتحذف كان لذلك وجوبًا إذ لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض "كمثل   توسط الثاني والثالث لسلامة كل من أحدهما واشتماله على أحد المطردين ومقتضى هذا أنهما متساويان وبه قال الشلوبين وقال ابن عصفور: رفعهما أحسن من نصبهما ووجه بأن الحذف في الرفع أقل منه في النصب وقال الدماميني: الرفع ضعيف من جهة المعنى لأن معنى إن كان في عملهم خبر غير مقصود لأن مراد المتكلم إن كان نفس عملهم خيرًا لا إن كان لهم أعمال منها خير وقد يدفع بأنه على التجريد مثل: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْد} [فصلت: 28] ، قاله سم. قوله: "على تقدير ولو يكون عندنا تمر" المناسب عندكم إلا أن يكون استفهام المتكلم من أهل بيته واستفيد منه أن الحذف ليس خاصًّا بلفظ الماضي بخلاف الزيادة. قوله: "من لد شولا" بفتح الشين وسكون الواو مع التنوين جمع شائلة على غير قياس إذ قياس جمعها شوائل والشائلة الناقة التي خف لبنها وارتفع ضرعها وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية. والشائل بلا هاء الناقة التي تشول بذنبها للقاح أي ترفعه لأجله ولا لبن بها أصلًا وجمعها شول بضم الشين وتشديد الواو كراكع وركع والفاء زائدة. والإتلاء بالكسر مصدر أتلت الناقة إذا تلاها ولدها أي تبعها أي من زمن كونها شولًا إلى زمن تبعية أولادها لها كذا في التصريح وغيره. قوله: "قدره سيبويه من لد أن كانت شولا" أتى في التقدير بأن لقلة إضافة لدن إلى الجمل واعترض بأنه يلزمه حذف الموصول الحرفي وصلته وإبقاء معمولها وهو ممنوع وإن جاز حذف إن وحدها خلافًا لما يوهمه كلام البعض. وأجيب بأنه حل معنى لا حل إعراب وحل الإعراب من لد كانت وإن كانت إضافة لد إلى الجملة قليلة وقدره بعضهم من لد شالت شولا فجعل شولا مصدرًا لا جمعًا وهو أقل كلفة من تقدير سيبويه. قوله: "ارتكب" يوهم خروجه عن القياس وليس كذلك لأنهم عوضوا الحرف عن الجملة في نحو يومئذٍ قياسًا فهذا أولى. قوله: "فتحذف كان" أي وحدها إذ لا يجوز حذف الاسم معها كما صرح به الفارضي. قوله: "وجوبًا" أي عند الجمهور وأجاز المبرد أما كنت منطلقًا انطلقت، ولم يسمع هذا العمل إلا في ضمير المخاطب، وأجاز   214- الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 361، 8/ 248؛ وأوضح المسالك 1/ 263؛ وتخليص الشواهد ص260؛ وخزانة الأدب 4/ 24، 9/ 318؛ والدرر 2/ 87؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 546؛ وشرح التصريح 1/ 194؛ وشرح شواهد المغني 2/ 863؛ وشرح ابن عقيل ص149؛ وشرح المفصل 4/ 101، 8/ 35؛ والكتاب 1/ 264؛ ولسان العرب 13/ 384 "لدن" ومغني اللبيب 2/ 422؛ والمقاصد النحوية 2/ 51؛ وهمع الهوامع 1/ 122. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أما أنت برا فاقترب" فإن مصدرية وما عوض عن كان وأنت اسمها وبرًّا خبرها، والأصل لأن كنت برًّا، فحذفت لام التعليل لأن حذفها مع أن مطرد، ثم حذفت كان فانفصل الضمير المتصل بها، ثم عوض عنها ما وأدغمت فيها النون، ومنه قوله: 215- أبا خراشة أما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع تنبيه: حذفت كان مع معموليها بعد أن في قولهم افعل هذا أما لا، أي إن كنت لا   سيبويه أما زيد ذاهبًا ذهبت. قوله: "إذ لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض" كما لا يجوز حذفهما معًا فلا يقال إن أنت برًّا قاله الفارضي. قوله: "فاقترب" الفاء زائدة دخلت تشبيهًا بفاء الجواب لأن الأول سبب والثاني مسبب. قوله: "فإن مصدرية" أي عند البصريين وذهب الكوفيون إلى أنها شرطية بدليل الفاء لأنهم يجيزون فتح همزة إن الشرطية ونقل البعض في بعض نسخ حاشيته الأول عن غير البصريين والثاني عن البصريين سبق قلم قال الفارضي وأن المصدرية حينئذٍ في محل نصب أو جر على الخلاف في محلها بعد حذف حرف الجر معها. ا. هـ. قوله: "وأنت اسمها" أي اسم كان وقيل العامل نفس ما لنيابتها عن كان فالاسم والخبر لها. قوله: "والأصل لأن كنت برًّا" أي الأصل الثاني والأصل الأول اقترب لأن كنت برًّا فقدمت العلة على المعلول ثم حذفت اللام إلخ ما قال الشارح وزيدت الفاء لما مر. قوله: "ثم حذفت كان" أي وصلة الموصول الحرفي قد تحذف نحو ما أن حراء مكانه أي ما ثبت أفاده يس. قوله: "أبا خراشة" بضم الخاء المعجمة صحابي وهو منادى حذف منه حرف النداء وقوله أما أنت إلخ. حذف معلولي العلتين لدلالة المقام والأصل لأن كنت ذا نفرٍ افتخرت عليّ لا تفتخر عليّ فإن قومي إلخ. والضبع حيوان معروف شبه به السنة المجدبة على طريق الاستعارة التصريحية والأكل ترشيح. وقيل: الضبع حقيقة فيها أيضًا. ويحتمل أن المراد به الحيوان المعروف فيكون الكلام كناية عن عدم ضعف قومه لأن القوم إذا ضعفوا عاثت فيهم الضباع قاله السيوطي في شرح شواهد المغني   215- البيت من البسيط، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص128؛ والأشباه والنظائر 2/ 113؛ والاشتقاق ص313؛ وخزانة الأدب 4/ 13؛ 14، 17؛ 200، 5/ 445؛ 6/ 532؛ 11/ 62؛ والدرر 2/ 91؛ وشرح شذور الذهب ص242؛ وشرح شواهد الإيضاح ص479؛ وشرح شواهد المغني 1/ 116، 179؛ وشرح قطر الندى ص140؛ ولجرير في ديوانه ص1/ 349؛ والخصائص 2/ 381؛ وشرح المفصل 2/ 99، 8/ 132؛ والشعر والشعراء 1/ 341؛ والكتاب 1/ 293؛ ولسان العرب 6/ 294 "خرش" 8/ 217 "ضبع"؛ والمقاصد النحوية 2/ 55؛ وبلا نسبة في الأزهية ص147؛ وأمالي ابن الحاجب 1/ 411، 442، والإنصاف 1/ 71؛ وأوضح المسالك 1/ 265؛ وتخليص الشواهد ص260؛ والجني الداني ص528؛ وجواهر الأدب ص198، 416، 421، ورصف المباني ص99، 101؛ وشرح ابن عقيل ص149؛ ولسان العرب 14/ 47 "أما"؛ ومغني اللبيب 1/ 35؛ والمنصف 3/ 116؛ وهمع الهوامع 1/ 123. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 ومن مضارع لكان منجزم ... تحذف نونه وهو حذف ما التزم   تفعل غيره، فما عوض عن كان، ولا نافية للخبر ومنه قوله: 216- أمرعت الأرض لو أن ما لا ... لو أن نوقا لك أو جمالًا أو ثلة من غنم إما لا التقدير إن كنت لا تجدين غيرها "ومن مضارع لكان" ناقصة كانت أو تامة "منجزم" بالسكون لم يتصل به ضمير نصب وقد وليه متحرك "تحذف نون" هي لام الفعل تخفيفًا "وهو حذف" جائزة "ما التزم" نحو: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً} [النساء: 40] ، في القراءتين بخلاف نحو: {مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} [القصص: 37] ، {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء} [يونس: 78] ، {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِين} [يوسف: 9] ، "إن يكنه فلن تسلط عليه" {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 168] ، وخالف في هذا أخيرًا يونس فأجاز الحذف حينئذ تمسكًا بقوله: 217- فإن لم تك المرآة أبدت وسامة ... فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم   قوله: "حذفت كان" أي وجوبًا وقوله مع معموليها جعله المصنف من حذفها مع اسمها فقط لأن لا من الخبر فكأنه لم يحذف بعضه. قوله: "بعد إن في قولهم إلخ" نقل في التصريح عن الكوفيين جواز حذف الثلاثة بلا عوض فإذا قيل لك لا تأت الأمير فإنه جائر جاز أن تقول أنا آتيه وإن ومنه قالت وإنن. قوله: "فما عوض عن كان" قضيته أنها ليست عوضًا عن اسمها وخبرها أيضًا فيكونان حذفًا بلا تعويض. قوله: "ولا نافية للخبر" الظاهر أن لا جزء من الخبر أي وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. هذا. وجعل اللقاني ما زائدة لتأكيد إن الشرطية من غير تقدير لكان كما في: {فَإِمَّا تَرَيِن} [مريم: 26] ، ولا داخلة على فعل الشرط واستحسن هذا غير واحد لأنه أقل تكلفًا وضعفه الروداني بأن ما لا تزاد قبل الشرط المنفي بلا وبأن الجواب لا يحذف إلا إن كان الشرط ماضيًا لفظًا أو معنى والشرط على زعمه مستقبل وجواب الشرط على كل محذوف لدلالة افعل قبله عليه، والتقدير فافعل هذا. قوله: "أمرعت" أي أخصبت والثلة بضم المثلثة وقد تفتح القطعة من الشيء والظاهر أن لو في الموضعين للتمني كما في: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّة} [البقرة: 167] ، وخبر أن في الموضع الأول محذوف تقديره لك. قوله: "ومن مضارع إلخ" متعلق بتحذف. والحاصل أن نون مضارع كان تحذف بخمسة شروط ذكر المصنف والشارح منها أربعة والخامس أن يكون وصلًا لا وقفًا. قوله: "تحذف نون" أي لكثرة الاستعمال وشبهها بحروف العلة. قوله: "في القراءتين" أي قراءة الرفع على التمام والنصب على النقصان.   216- الرجز بلا نسبة في تخليص الشواهد ص381؛ والدرر 2/ 94؛ وهمع الهوامع 1/ 122. 217- البيت من الطويل، هو للخنجر بن صخر الأسدي في خزانة الأدب 9/ 304، والدرر 2/ 96؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 542؛ وشرح التصريح 1/ 196؛ ولسان العرب 13/ 364 "كون" والمقاصد النحوية 2/ 63؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 269؛ وتخليص الشواهد ص268؛ ولسان العرب 1/ 122. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وحمل على الضرورة، قال الناظم: وبقوله أقول؛ إذ لا ضرورة لإمكان أن يقال فإن تكن المرآة أخفت وسامة، وقد قرئ شاذًّا "لم يكن الذين كفروا". خاتمة: إذا دخل على غير زال وأخواتها من أفعال هذا الباب ناف فالمنفي هو الخبر نحو ما كان زيد عالمًا فإن قصد الإيجاب قرن الخبر بإلا نحو ما كان زيد عالمًا فإن كان الخبر من الكلمات الملازمة للنفي نحو يعيج لم يجز أن يقترن بإلا، فلا يقال في ما كان زيد يعيج بالدواء: ما كان زيدًا لا يعيج. ومعنى يعيج ينتفع، وحكم ليس حكم ما   قوله: "بخلاف نحو من تكون إلخ" خرج هو وما بعده بالجزم وقوله: وتكونوا إلخ بالسكون وقوله: إن يكنه إلخ بقوله: لم يتصل وقوله: لم يك إلخ بقوله: وقد وليه متحرك. قوله: "فإن لم تك المرآة إلخ" كأنه نظر وجهه فلم يره حسنًا فتسلى بأنه يشبه وجه الضيغم وهو الأسد من الضغم وهو العض. قوله: "إذ لا ضرورة إلخ" مبني على مذهبه في الضرورة وقد مر ما فيه وقوله لا مكان أن يقال فإن تكن المرآة أخفت وسامة فيه أن هذا أخص من كلام الشاعر لأن الشرط على هذا إخفاء الوسامة المقتضي ثبوتها في نفسها والشرط على كلام الشاعر عدم إبداء الوسامة الصادق بانتفائها في نفسها فتأمل. قوله: "نحو يعيج" أي التي بمعنى ينتفع كما سيذكره الشارح أما عاج التي بمعنى أقام أو وقف أو رجع أو أمال فلا يختص بالنفي، ونحو يعيج أحد وديار وعريب، فلا يقال: ما كان مثلك إلا أحدًا. قوله: "في كل ما ذكر" أي في أن المنفي هو الخبر وفي أنه إذا قصد الإيجاب قرن الخبر بإلا وفي أنه إذا كان الخبر ملازمًا للنفي لم يجز أن يقترن بإلا. بقي أن ليس وما كان يشتركان في شيء آخر نبه عليه في التسهيل. وعبارته مع زيادة من الدماميني عليه: وتختص ليس بجواز اقتران خبرها بواو وإن كان جملة موجبة بإلا كقوله: ليس شيء إلا وفيه إذا ما ... قابلته عين البصير اعتبار ومنع بعضهم ذلك وتأول البيت إما على حذف الخبر والجملة حال أو على زيادة الواو ويشاركها في ذلك كان بعد نفي كقوله: ما كان من بشر إلا وميتته ... محتومة لكن الآجال تختلف وربما شبهت الجملة المخبر بها في هذا الباب بالحالية فوليت الواو مطلقًا كقوله: وكانوا أناسًا ينفحون فأصبحوا ... وأكثر ما يعطونك النظر الشزر وقوله: فظلوا ومنهم سابق دمعه له ... وآخر يثني دمعة العين بالمهل وهذا إنما أجازه الأخفش دون غيره من البصريين ولا حجة في البيتين لاحتمال أصبح وظل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كان في كل ما ذكر. وأما زال وأخواتها فنفيها إيجاب فلا يقترن خبرها بإلا كما لا يقترن بها خبر كان الخالية من نفي لتساويهما في اقتضاء ثبوت الخبر وما أوهم خلاف ذلك فمؤول كقوله: 218- حراجيج لا تنفك إلا مناخة ... على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا أي ما تنفصل عن الأتعاب في حال إناختها على الخسف إلى أن نرمي بها بلدًا   فيهما للتمام وجعل الجملة حالية، أو يقال: هما ناقصان والخبر محذوف. ا. هـ. وقال في التسهيل: ورفع ما بعد إلا في نحو ليس الطيب إلا المسك لغة تميم. ا. هـ. أي حملا لها عند انتقاض نفيها على ما في الإهمال كما في المغني. قال الدماميني: حكى ذلك عنهم أبو عمرو بن العلاء ثم نقل في رد نحو هذا التركيب إلى اللغة المشهورة تأويلات منها أن الطيب اسمها وإلا المسك نعت للاسم لأن تعريفه تعريف الجنس والخبر محذوف أي ليس طيب غير المسك موجودًا، وأورد عليه أن فيه التزام حذف الخبر بلا ساد مسده ثم قال ابن هشام: وما تقدم من نقل أبي عمرو أن ذلك لغة تميم يرد هذه التأويلات. ا. هـ. وقوله موجودًا عبارة المغني طيبًا. قوله: "فنفيها إيجاب" أي باعتبار مآل المعنى لما مر من أنها للنفي ونفي النفي إيجاب. قوله: "فلا يقترن خبرها بإلا" أي لأن الاستثناء المفرغ لا يكون في الموجب إلا في الفضلات على قلة والخبر ليس فضلة فلا يجوز ما زال زيد إلا قائمًا لاستحالة استمرار زيد على جميع الصفات إلا القيام. قوله: "فمؤوّل" أي بوجهين أولهما أحسنهما للاعتراض على ثانيهما بأن عامل الحال إن جعل تنفك ففيه أن ما قبل إلا لا يعمل فيما بعد المستثنى إلا في تابعه أو في المستثنى منه وعلى الخسف ليس واحدًا منهما، وإن جعل الظرف لزم تقدم المستثنى في الاستثناء المفرغ على عامله وقد منعه البصريون وتقدم الحال على عاملها الظرف وهو نادر وبأن الاستثناء المفرغ في الفضلات قليل في الإيجاب. وخرج ابن جني البيت على أن تنفك ناقصة وإلا زائدة كما جوزه الواحدي في قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاء} [البقرة: 171] . قوله: "حراجيج" جمع حرجوج بحا مهملة فراء فجيمين بينهما واو كعصفور وهي الناقة السمينة أو الشديدة أو الضامرة والمراد بالخسف حبسها عن المرعى يعني أنها تناخ معدة للسير فلا ترسل من أجل ذلك إلى المرعى، وأو بمعنى إلى أن كما صنع الشارح تبعًا للمرادي فتسكين الياء للضرورة على رواية نرمي بالنون. قال الدماميني: وأحسن منه جعلها عاطفة على مناخة ونائب فاعل يرمي على روايته بالتحتية   218- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص419؛ وتخليص الشواهد ص270؛ وخزانة الأدب 9/ 247، 248، 250، 255؛ وشرح شواهد المغني 1/ 219؛ والكتاب 3/ 48؛ ولسان العرب 10/ 477 "فكك"؛ والمحتسب 1/ 329؛ وهمع الهوامع 1/ 120؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص142؛ والأشباه والنظائر 5/ 173؛ والإنصاف 1/ 156؛ والجني الداني ص521؛ ومغني اللبيب 1/ 73؛ وهمع الهوامع 1/ 230. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 فصل: في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس إعمال ليس أعملت ما دون إن ... مع بقا النفي وترتيب زكن   قفرًا، فتنفك هنا تامة، ويجوز أن تكون ناقصة وخبرها على الخسف، ومناخة منصوب على الحال أي لا تنفك على الخسف إلا في حال إناختها والله أعلم. فصل: في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس إنما شبهت هذه بليس في العمل لمشابهتها إياها في المعنى. وإنما أفردت عن باب كان لأنها حروف وتلك أفعال "إعمال ليس أعملت ما" النافية نحو {مَا هَذَا بَشَرًا} و {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِم} ، وهذه لغة الحجازيين وأهملها بنو تميم وهو القياس لعدم اختصاصهم بالأسماء. ولإعمالها عند الحجازيين شروط أشار إليها بقوله: "دون إن مع بقا النفي وترتيب زكن"   قوله بها. قوله: "إلا في حال إناختها إلخ" أي فهي تنتقل من مشقة إلى مشقة. وقوله: على الخسف أي على وجه الخسف. فصل: في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس أي في العمل كما أشار إليه الشارح قوله: "لمشابهتها إياها في المعنى" وهو النفي. والمثبت لاعمالها عمل ليس هو الاستقراء وتلك المشابهة علة إعمال العرب إياها عمل ليس لا أن المثبت قياسنا إياها على ليس وتلك المشابهة جامع القياس إذ لا قياس مع النص، فالاعتراض بأن هذا قياس في اللغة وهو ممتنع ساقط جدًا نعم قال سم. إنما يظهر التعليل بمشابهتها ليس في المعنى لو كان عمل ليس لما فيها من النفي وليس كذلك بدليل عملها مع انتقاض نفيها. قوله: "لأنها حروف" إن قلت: الفعل أقوى من الحرف فهلا قدم عليها أفعال المقاربة . قلت: لأنها أظهر شبهًا بباب كان من حيث ظهور عملها الرفع والنصب كثيرًا لكثرة مجيء خبرها مفردًا بخلاف أفعال المقاربة ومن حيث موافقتها لبعض باب كان معنى وعملًا بخلاف أفعال المقاربة. قوله: "أعملت ما" أي عند البصريين وجعل الكوفيون المرفوع مبتدأ والمنصوب خبره على نزع الخافض وهي وإن عند الإطلاق لنفي الحال كليس كما في الهمع. قوله: "وأهملها بنو تميم" بلغتهم قرأ ابن مسعود ما هذا بشر بالرفع ونقل عن عاصم ما هن أمهاتهم بالرفع. قوله: "شروط" أي أربعة ذكر الناظم منها ثلاثة صراحة وواحدًا ضمنًا في قوله: وسبق حرف جر إلخ فإنه تضمن أن شرط عملها لا يتقدم معمول خبرها وهو غير ظرف على اسمها. وزاد قوم شرطين آخرين أن لا تتكرر ما نحو زيد قائم وأن لا يبدل من خبرها موجب بإلا نحو ما زيد شيء إلا شيء لا يعبأ به، وتركهما المصنف لأن الأول إن كان المراد منه أن لا تتكرر على أن الثانية نافية مؤسسة فهو داخل في شرط بقاء النفي لأن نفي النفي إزالة للنفي، وإن كان المراد منه أن لا تتكرر على أن الثانية نافية مؤكدة فهو ضعيف كما ستعرفه. والثاني له داخل في شرط بقاء النفي لأن إيجاب البدل إيجاب للمبدل منه مع أن ابن عقيل رجح في شرحه على النظم أن إبدال موجب من خبرها لا يبطل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي علم. فإن فقد شرط من هذه الشروط بطل عملها نحو ما إن زيد قائم فما حرف نفي مهمل وإن زائدة وزيد مبتدأ وقائم خبره. ومنه قوله: 219- بني غدانة ما إن أنتم ذهب ... ولا صريف ولكن أنتم الخرف وأما رواية يعقوب بن السكيت ذهبًا بالنصب فمخرجة على أن إن مؤكدة لما لا زائدة وكذا إذا انتقض النفي بإلا نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُول} [آل عمران: 144] ، فأما قوله:   عملها وعليه مشى الشارح في الاستثناء جاعلًا رفع البدل على محل الخبر. وعبارة المغني إذا قلت ليس زيد شيئًا إلا شيئًا لا يعبأ به جاز كون النصب على الاستثناء أو البدل فإن جئت بما مكان ليس بطلت البدلية لأن ما لا تعمل في الموجب. ا. هـ. قال الشاطبي: لا تعمل ما إلا بهذه الشروط بخلاف ليس فإنها تعمل دون شرط منها وأورد عليه سم أن إن لا تلي ليس كما اعترف به بعد ذلك يعني ومقتضى عموم قوله دون شرط منها أن ليس تعمل وإن وليها إن مع أنها لا تلي ليس أصلًا هذا مراد سم ولم يفهم البعض مراده فقال ما قال. قوله: "دون إن" أي المزيدة لا النافية المؤكد بها كما يستفاد من قول الشارح فمخرجه على أن إن نافية إلخ وبالأولى تأكيد ما النافية بما نافية أخرى فلا يبطل عملها كما يصرح به كلام المصنف في شرح التسهيل واعتمده الدماميني والمرادي وإن خالف في ذلك بعضهم كما مر، وقد يتبادر من هذا الكلام أن تعقيب ما النافية بما أخرى زائدة لا نافية مبطل للعمل فلينظر. وإنما لم تعمل مع أن لبعدها عن شبه ليس بوقوع إن بعدها وقيل لضعفها عن تخطي إن وكذا يقال في زيادة ما بعدها إن قلنا بإبطالها العمل. قوله: "مع بقا النفي" أي نفي الخبر فلا يضر انتقاض نفي معمول خبرها نحو ما زيد ضاربًا إلا عمرًا سم. قوله: "أي علم" أي من باب المبتدأ والخبر فإنه علم منه أن حق المبتدأ التقدم والخبر التأخر. قوله: "بني غدانة" بضم الغين المعجمة. والصريف الفضة. والخزف الفخار. قوله: "لا زائدة" أي كما هي على رواية الإهمال فالتأكيد بإن على أنها نافية لفظي لأنه بمنزلة تكرير ما وعلى أنها زائدة معنوي كالتأكيد بسائر الحروف الزائدة وكذا في حاشية السيوطي على المغني. قوله: "وكذا" أي كوجود إن إذا انتفض إلخ وهذه الجملة معطوفة على محذوف قبل قوله نحو ما إن زيد قائم تقديره فيبطل عملها إذا وجدت أن نحو إلخ والمعطوف والمعطوف عليه تفصيل لقوله فإن فقد شرط إلخ فانتظمت عبارة الشارح.   219- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 340؛ وأوضح المسالك 1/ 247؛ وتخليص الشواهد ص277؛ والجني الداني ص328؛ وجواهر الأدب ص207، 208؛ وخزانة الأدب 4/ 119؛ والدرر 2/ 101؛ وشرح التصريح 1/ 197؛ وشرح شذور الذهب ص252؛ وشرح شواهد المغني 1/ 84؛ وشرح عمدة الحافظ ص214؛ وشرح قطر الندى ص143؛ ولسان العرب 9/ 190 "صرف"، ومغني اللبيب 1/ 25؛ والمقاصد النحوية 2/ 91؛ وهمع الهوامع 1/ 123. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   220- وما الدهر إلا منجنونا بأهله ... وما صاحب الحاجات إلا معذبا فشاذ أو مؤول. وكذا يبطل عملها إذا تقدم خبرها على اسمها نحو ما قام زيد. ومنه قوله: 221- وما خذل قومي فأخضع للعدا ... ولكن إذا أدعوهم فهم هم وأما قول الفرزدق: 222- فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر فشاذ وقيل: غلط سببه أنه تميمي وأراد أن يتكلم بلغة الحجاز، ولم يدر أن من   قوله: "بإلا" خرج الانتقاض بغير فلا يبطل العمل عند البصريين نحو ما زيد غير قائم. قوله: "وما الدهر" قال الناصر: المراد به نفس الفلك مجازًا لا حركته فيكون اسم عين فصح أنه من باب ما زيد إلا سيرًا والمنجون الدولاب الذي يسقى عليه الماء وضم داله أكثر من فتحها. قوله: "أو مؤوّل" بجعله من باب ما زيد إلا سيرًا. والأصل وما الدهر إلا يدور دوران منجنون وما صاحب الحاجات إلا يعذب معذبًا أي تعذيبًا فهما منصوبان على المفعولية المطلقة لفعلين محذوفين مختلفين بتقدير مضاف في الأول وجعل معذبًا مصدرًا ميميًّا بمعنى تعذيبًا أو مؤوّل بجعلهما مفعولين لفعلين محذوفين متحدين أي يشبه منجنونًا ويشبه معذبًا وهذا أقل كلفة. قوله: "نحو ما قائم زيد" أي على جعل قائم خبرًا أما على جعله مبتدأ رافعًا لمكتفي به عن الخبر فلا إشكال في بقاء العمل لبقاء التركيب والمرفوع بالمبتدأ في هذه الحالة فاعل بالوصف أغنى عن خبر ما على ما تقدم قاله شيخنا السيد. قوله: "وقيل غلط" أي لحن وفيه أن المعروف أن العربي لا يقدر   220- البيت من الطويل، وهو لأحد بني سعد في شرح شواهد المغني ص219؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 276؛ وتخليص الشواهد ص271؛ والجني الداني ص325؛ وخزانة الأدب 4/ 130، 9/ 249، 250؛ والدرر 2/ 98، 3/ 171؛ ورصف المباني ص311؛ وشرح التصريح 1/ 197؛ وشرح المفصل 8/ 75؛ ومغني اللبيب ص73؛ والمقاصد النحوية 2/ 92؛ وهمع الهوامع 1/ 123، 230. 221- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 179؛ وشرح التصريح 1/ 198؛ والمقاصد النحوية 2/ 94. 222- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 185؛ والأشباه والنظائر 2/ 209، 3/ 122؛ وتخليص الشواهد ص218؛ والجني الداني ص189، 324، 446؛ وخزانة الأدب 4/ 133، 138؛ والدرر 2/ 103، 3/ 150؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 162؛ وشرح التصريح 1/ 198؛ وشرح شواهد المغني 1/ 237، 2/ 782؛ والكتاب 1/ 60؛ ومغني اللبيب ص363، 517، 600؛ والمقاصد النحوية 2/ 96؛ والمقتضب 4/ 191؛ والهمع 1/ 124؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 280؛ ورصف المباني ص312؛ ومغني اللبيب ص82؛ والمقرب 1/ 102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 وسبق حرف جر أو ظرف كما ... بي أنت معنيا أجاز العلما   شروط النصب عندهم بقاء الترتيب بين الاسم والخبر وقيل: مؤول. تنيهان: الأول قال في التسهيل: وقد تعمل متوسطًا خبرها وموجبًا بإلا وفاقًا لسيبويه في الأول وليونس في الثاني. الثاني اقتضى إطلاقه منع العمل عند توسط الخبر ولو كان ظرفًا أو مجرورًا. قال في شرح الكافية: من النحويين من يرى عمل ما إذا تقدم خبرها وكان ظرفًا أم مجرورًا وهو اختيار أبي الحسن بن عصفور "وسبق حرف جر" مع مجروره   أن يلحن كما أنه لا يقدر أن ينطق بغير لغته كذا في الروداني. ثم قال: والذي ينبغي أن لا يشك فيه أن ذلك إذا ترك العربي وسليقته أما لو أراد النطق بالخطأ أو بلغة غيره فلا يشك في أنه لا يعجز عن ذلك. وقد تكلمت العرب بلغة الحبش والفرس واللغة العبرانية وغيرها وأبو الأسود عربي، وقد حكي قول بنته لأمير المؤمنين عليّ ما أشد الحر بالرفع، فقول سيبويه في قصته مع الكسائي في مسألة كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي مرهم يا أمير المؤمنين أن ينطقوا بذلك لا بد من تأويله كأن يقال: المراد مر من لم يسمع مقالة الكسائي ولم يدر القصة أو نحو ذلك مما يقتضي نطقهم على سليقتهم الذي هو المعيار. ا. هـ. وهو كلام في غاية النفاسة طالما جرى في نفسي. قوله: "وقيل مؤول" أي بأن فتحته بناء لإضافته إلى مبني فهو في محل رفع بالابتداء أو بأن الخبر محذوف أي موجود ومثلهم حال من الضمير في الخبر وإنما قدرنا الخبر مرفوعًا لما علم من أن الشاعر تميمي. قوله: "وفاقًا لسيبويه في الأول" رد بأن المنصوص عن سيبويه المنع والمجوز إنما هو الجرمي والفراء. قوله: "اقتضى إطلاقه" لا يقال قوله وسبق إلخ يقيد هذا الإطلاق لشموله نفس الخبر ومعموله والتمثيل بالمعمول في قوله كما بي إلخ لا يخصص والقاعدة حمل المطلق على المقيد لأنا نقول عادته إعطاء الحكم بالمثال مع أن التعميم مبني على مذهب ابن عصفور المخالف للجمهور ومنهم المصنف. قوله: "وهو اختيار أبي الحسن بن عصفور" وتأييده بقياسه على معمول الخبر يمنع بالفرق بأنه يتوسع في الفضلة ما لا يتوسع في العمدة. فإن قيل: قد اغتفروا تقدم خبر إن وأخواتها على اسمها إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا. أجيب بأن هذه الحروف ضعيفة لأنها فرع الفرع لأنها محمولة على ليس وليس محمولة على كان على ما قيل بخلاف إن وأخواتها. قوله: "وسبق إلخ" أشار به كما تقدم إلى شرط رابع وهو أن لا يتقدم معمول خبرها على اسمها إذا كان غير ظرف أو جار ومجرور لأن هذه الأحرف ضعيفة العمل فلا تقوى على أن يتصرف معها، ويؤخذ من العلة منع تقديم معمول الخبر على الخبر نفسه ومنع تقديم معمول الاسم عليه فلا يقال: ما زيد طعامك آكلًا ولا ما زيدًا ضارب قائمًا للزوم الفصل بينها وبين معمولها بأجنبي وإن تردد فيهما سم. كذا في يس واستظهر البعض عدم بطلان العمل بتقدم معمول الخبر على الخبر. وللنفس ميل إليه لأن الفصل فيه ليس بين ما ومعموليها معًا بخلاف تقدم معمول الاسم عليه. وانظر هل يجوز تقدم معمول الاسم عليه إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا للتوسع فيهما أولا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 ورفع معطوف بلكن أو ببل ... من بعد منصوب بما الزم حيث حل   "أو ظرف" مدخولي ما مع بقاء العمل "كما بي أنت معنيًّا" وما عندك زيد قائمًا "أجاز العلما" سبق مصدر نصب بالمفعولية لأجاز مضاف إلى فاعله، والمراد أنه يجوز تقديم معمول خبر ما على اسمها إذا كان ظرفًا أو مجرورًا كما مثل. ومنه قوله: 223- بأهبة حزم لذ وإن كنت آمنا ... فما كل حين من توالي مواليا فإن كان غير ظرف أو مجرور بطل العمل نحو ما طعامك زيد آكل. ومنه قوله: 224- وقالوا تعرفها المنازل من منى ... وما كل من وافى منى أنا عارف وأجاز ابن كيسان بقاء العمل والحالة هذه "ورفع معطوف بلكن أو ببل من بعد" خبر "منصوب بما" الحجازية "الزم حيث حل" رفع مصدر نصب بالمفعولية لا لزم مضاف إلى مفعوله، والفاعل محذوف، والتقدير الزم رفعك معطوفًا بلكن أو ببل إلى آخره. وإنما وجب الرفع لكونه خبر مبتدأ مقدر. ولا يجوز نصبه عطفًا على خبر ما لأنه موجب وهي لا   قوله: "أو ظرف" لا يبعد أن أو مانعة خلو تجوز الجمع. قوله: "مدخولي ما" مفعول سبق دفع به توهم أن المراد سبق ذلك على ما لامتناعه لأن ما لها الصدارة. قوله: "والمراد إلخ" عبر بالمراد لإيهام العبارة شمول نفس الخبر أيضًا. قوله: "بأهبة حزم" الأهبة كما في القاموس العدة بالضم. قوله: "وإن كنت آمنًا" عطف على محذوف أي إن لم تكن آمنًا وإن كنت آمنًا، أو الواو للحال وإن وصلية فيكون خلاف هذه الحالة مفهومًا بالأولى والشاهد في تقدم كل حين لأن كل بحسب ما بعدها وما بعدها ظرف فتكون هي ظرفًا. قوله: "تعرفها المنازل" أي اطلب معرفتها في المنازل. والشاهد في قوله وما كل إلخ حيث أهمل ما عند تقدم معمول خبرها الذي ليس ظرفًا ولا مجرورًا، هذا على رواية نصب كل، أما على رواية رفعه فكل اسمها وجملة أنا عارف في محل نصب خبرها والعائد محذوف أي عارفه. ولا شاهد فيه حينئذٍ. قوله: "من بعد منصوب" أي أو مجرور بالباء الزائدة ولا يجوز جره سم. قوله: "ولا يجوز نصبه" أي على رأي الجمهور أما على رأي يونس المتقدم من عدم اشتراط بقاء النفي فالنصب جائز. قوله: "لأنه موجب" أي على مذهب الجمهور وأجاز المبرد كون بل ناقلة النفي إلى ما بعدها فعليه يجوز ما زيد قائمًا بل قاعد   223- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 283؛ وشرح التصريح 1/ 199؛ والمقاصد النحوية 2/ 101. 224- البيت من الطويل، وهو لمزاحم بن الحارث العقيلي في خزانة الأدب 6/ 228؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 43؛ وشرح التصريح 1/ 198؛ وشرح شواهد الإيضاح ص154؛ وشرح شواهد المغني 2/ 970؛ والكتاب 1/ 72، 146، ولسان العرب 9/ 270" غطرف"، والمقاصد النحوية 2/ 98؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 233؛ أوضح المسالك 1/ 2825؛ والخصائص 2/ 354، 376؛ ولسان العرب 9/ 237 "عرف" ومغني اللبيب 2/ 694. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 وبعد ما وليس جر البا الخبر ... وبعد لا ونفي كان قد يجر   تعمل في الموجب، تقول ما زيد قائمًا بل قاعد، وما عمرو شجاعًا لكن كريم، أي بل هو قاعد ولكن هو كريم. فإن كان العطف بحرف لا يوجب كالواو والفاء جاز الرفع والنصب نحو ما زيد قائمًا ولا قاعد ولا قاعدًا. والأرجح النصب. تنبيه: قد عرفت أن تسمية ما بعد بل ولكن معطوفًا مجاز إذ ليس بمعطوف، وإنما هو خبر مبتدأ مقدر، وبل ولكن حرفا ابتداء "وبعد ما" النافية "وليس جر البا" الزائدة   بالنصب أي بل ما هو قاعدًا أفاده اللقاني وفيه إشكال لأن نقل النفي إلى ما بعد العاطف صير ما قبله غير منفي فما وجه نصبه وجوابه أن النفي إنما انتقل بعد تمام العمل فالنصب متجه. قوله: "جاز الرفع" أي على إضمار مبتدأ أو اتباعًا لمحل الخبر قبل دخول الناسخ بناء على مذهب من لا يشترط بقاء المحرز أي وجود الطالب للمحل. قوله: "ولا قاعدًا" لا زائدة للتأكيد. قوله: "قد عرفت" أي من قوله لكونه خبر مبتدأ مقدر. قوله: "مجاز" أي بالاستعارة التصريحية لعلاقة المشابهة الصورية. قوله: "وبعد ما" أي عاملة أو مهملة ما لم يكن إهمالها لانتقاض النفي فإن كان له لم تدخل الباء لأن الكلام حينئذٍ إيجاب. قوله: "وليس" أي غير الاستثنائية لأنها بمعنى إلا ومصحوب ألا لا يقترن بالباء كذا في التصريح وسيأتي عن ابن هشام ما يوافقه. قوله: "جر البا الخبر" بشرط عدم نقض نفيه بإلا كما تقدم فلا يجوز ما زيد إلا بقائم وقبوله الإيجاب فلا يجوز ما مثلك بأحد وأن لا يكون في الاستثناء فلا يجوز قام القوم ليس بزيد أو لا يكون بزيد نقله يس عن ابن هشام. وكالخبر الاسم إذا وقع في موضع الخبر على قلة كقراءة بعضهم {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة: 177] بنصب البر وهذه الباء لتأكيد النفي على مذهب الكوفيين وهو الصحيح. وقال البصريون: لدفع توهم الإثبات لأن السامع قد لا يسمع أول الكلام. وقيل: إنما زيد الحرف سواء كان الباء أو غيرها لاتساع دائرة الكلام إذ ربما لا يتمكن المتكلم من نظمه أو سجعه إلا بزيادة الحرف ومحل المجرور بها نصب على الأعمال وعليه يحمل ما ورد في القرآن لأن خبر ما لم يقع في القرآن مجردًا من الباء إلا منصوبًا ورفع على الإهمال. فائدة: قال في التسهيل: وقد يجر المعطوف على الخبر الصالح للباء مع سقوطها. قال الدماميني: وهذا هو المعروف عندهم بالعطف على التوهم والذي عليه جمهور النحاة أنه غير مقيس. ثم قال في التسهيل: ويندر ذلك أي جر المعطوف على الخبر المذكور في غير ليس وما ثم قال: وإن ولي العاطف بعد خبر ليس أو ما وصف يتلوه سببي نحو ليس أو ما زيد قائمًا ولا ذاهبًا أخوه أعطى الوصف ما له مفردًا فينصب أو يجر على التوهم ورفع به السببي وهو أخوه في المثال أو جعلا مبتدأ وخبرًا فترفعهما ويتطابق الوصف حينئذٍ والمبتدأ فتقول ولا ذاهبان أخواه ولا ذاهبون أخوته. ولك أن تجعل الوصف مبتدأ والسببي فاعلًا به أغنى عن الخبر لاعتماده على النفي وإن تلاه أجنبي عطف بعد ليس على اسمها والوصف على خبرها فتقول: ليس زيد قائمًا ولا ذاهبًا عمرو، وإن جر بالباء جاز على الأصح جر الوصف المذكور وليس ذلك من العطف على معمولي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "الخبر" كثيرًا نحو: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ} [فصلت: 46] ، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه} [الزمر: 36] "وبعد لا" النافية "ونفي كان" وبقية النواسخ "قد يجر" قليلًا. من ذلك قوله: 225- فكن لي شفيعًا يوم لا ذو شفاعة ... بمغن فتيلا عن سواد بن قارب وقوله: 226- وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ... بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل وقوله: 227- دعاني أخي والخيل بيني وبينه ... فلما دعاني لم يجدني بقعدد   عاملين مختلفين لأن جر المعطوف بباء مقدرة مدلول عليها بالمتقدمة ويتعين رفع الوصف المعطوف مع ما سواء نصبت خبرها أو جررته بالباء لأن خبرها لا يتقدم على اسمها فكذا خبر ما عطف على اسمها فيرجع العطف حينئذٍ إلى عطف الجمل. ا. هـ. مع زيادة من شرحه الدماميني. قوله: "وبعد لا" أي عاملة عمل إن أو عمل ليس. قوله: "ونفي كان" أي وكان المنفية أي غير الاستثنائية كما مر. قوله: "وبقية النواسخ" عطف على كان فنفى مسلط عليها والمراد النواسخ غير إن وأخواتها وغير كاد وأخواتها. قوله: "قليلًا" أتى به دفعًا لتوهم أن قد ليست للتقليل. قوله: "فكن" الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلّم، والفتيل الخيط الذي في شق النواة وهو منصوب على النيابة عن المفعول المطلق أي إغناء ما، وقوله عن سواد بن قارب من وضع الظاهر موضع المضمر. قوله: "إذ أجشع" من الجشع وهو شدة الحرص على الأكل، وأعجل بمعنى عجل كما في التصريح ولإبقاء أعجل على ظاهره وجه. قوله: "والخيل" يعني الفرسان، والقعدد بضم   225- البيت من الطويل، وهو لسواد بن قارب في الجني الداني ص54؛ والدرر 2/ 126؛ 3/ 148؛ وشرح التصريح 1/ 201؛ 2/ 41؛ وشرح عمدة الحافظ ص215؛ والمقاصد النحوية 2/ 114، 3/ 417؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 125؛ وأوضح المسالك 1/ 249؛ وشرح شواهد المغني ص835؛ وشرح ابن عقيل ص156؛ ومغني اللبيب ص419؛ وهمع الهوامع ص1/ 127، 218. 226- البيت من الطويل، وهو للشنفرى في ديوانه ص59؛ وتخليص الشواهد ص285؛ وخزانة الأدب 3/ 340؛ والدرر 2/ 124؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ وشرح شواهد المغني 2/ 899؛ والمقاصد النحوية 2/ 117، 4/ 51؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 124؛ وأوضح المسالك 1/ 295؛ والجني الداني ص54؛ وجواهر الأدب ص54؛ وشرح ابن عقيل. ص157؛ وشرح قطر الندى ص188؛ ومغني اللبيب 2/ 560؛ وهمع الهوامع 1/ 127. 227- البيت من الطويل وهو لدريد بن الصمة في ديوانه ص48؛ وتخليص الشواهد ص286؛ وجمهرة أشعار العرب 1/ 590؛ والدرر 2/ 125؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ ولسان العرب 3/ 362 "قغد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 121؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 299؛ وجواهر الأدب ص55؛ وهمع الهوامع 1/ 127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وربما أجروا الاستفهام مجرى النفي لشبهه أياه كقوله: 228- يقول إذا أقلولى عليها وأقردت ... ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم وندر في غير ذلك كخبر إن ولكن وليت في قوله: 229- فإن تنا عنها حقبة لا تلاقها ... فإنك مما أحدثت بالمجرب وقوله: 230- ولكن أجرا لو فعلت بهين ... وهل ينكر المعروف في الناس والأجر   القاف فسكون المهملة فضم الدال وفتحها الضعيف المتأخر قاله العيني. قوله: "أجروا الاستفهام" ظاهره ولو غير إبطالي. وفي التصريح أن هل في البيت للجحد. قوله: "لشبهه إياه" أي في عدم تحقق مدخول كل. قوله: "يقول إلخ" هو هجو من الفرزدق لجرير بأن قومه كليبًا يأتون الأتن فالضمير في يقول إلى الكلبي، إذا أقلولى أي ارتفع على الأتان. وأقردت الأتان بالقاف أي لصقت بالأرض وسكنت ألا هل مقول القول. واعترض البعض الاستشهاد بهذا بأنه خروج عما نحن فيه إذ الكلام في زيادة الباء بعد الناسخ وهو مدفوع بأن قول الشارح: وربما أجروا الاستفهام غير مقيد بأن يكون الاستفهام داخلًا على ناسخ وإن أوهمته عبارته بل هو أعم والمعنى ربما أجروا الاستفهام الموجود في الكلام مجرى النفي الداخل على الناسخ فالاستشهاد بالبيت في محله. قوله: "وندر" أي قلّ جدًا. قوله: "كخبر إن إلخ" وكالحال في ما جاءني زيد براكب. قوله: "فإن تنأ" أي تبعد عنها أي عن أم جندب المذكورة في قوله أو القصيد: خليلي مرا بي على أم جندب ... لنقضي حاجات الفؤاد المعذب   228- البيبت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه ص863؛ والأزهية ص210؛ وتخليص الشواهد ص686؛ وجمهرة الأدب 4/ 142؛ والدرر 2/ 126؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ وشرح شواهد المغني 2/ 772؛ ولسان العرب 15/ 142؛ والدرر 2/ 126؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ وشرح شواهد المغني 2/ 772؛ ولسان العرب 15/ 200 "قلد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 135، 149؛ وبلا نسبة في أساس البلاغة ص361 "قرد"؛ والأشباه والنظائر 3/ 126؛ وأوضح المسالك 1/ 29؛ والجني الداني ص55؛ وجواهر الأدب ص52 وخزانة الأدب 5/ 14؛ والدرر 5/ 139؛ ولسان العرب 3/ 350 "قرد"؛ 11/ 707 "هلل"؛ والمنصف 3/ 67؛ وهمع الهوامع 1/ 127، 2/ 77. 229- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص42؛ وتخليص الشواهد ص286؛ والدرر 1/ 293، 2/ 128؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ والصاحبي في فقه اللغة ص107؛ والمقاصد النحوية 2/ 126؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ص257؛ وهمع الهوامع 1/ 88، 127. 230- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 126؛ وأوضح المسالك 1/ 289؛ وخزانة الأدب 9/ 523؛ والدرر 2/ 127؛ وسر صناعة الأعراب 1/ 142؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ وشرح المفصل 8/ 23، 139؛ ولسان العرب 15/ 226 "كفي"؛ والمقاصد النحوية 2/ 134؛ وهمع الهوامع 1/ 127. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 231- ألا ليت ذا العيش اللذيذ بدائم على إحدى الروايتين. وإنما دخلت في خبر إن في قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ} [الأحقاف: 33] ، لأنه في معنى أو ليس الله بقادر. تنبيهات: الأول لا فرق في دخول الباء في خبر ما بين أن تكون حجازية أو تميمية كما اقتضاه إطلاقه وصرح به في غير هذا الكتاب. وزعم أبو علي أن دخول الباء مخصوص بالحجازية وتبعه على ذلك الزمخشري وهو مردود، فقد نقل سيبويه ذلك عن تميم وهو موجود في أشعارهم فلا التفات إلى من منع ذلك. الثاني اقتضى إطلاقه أيضًا أنه لا فرق في ذلك بين العاملة والتي بطل عملها بدخول إن، وقد صرح بذلك في غير هذا الكتاب. ومنه قوله: 232- لعمرك ما إن أبو مالك ... بواه ولا بضعيف قواه   حقبة أي مدة، لا تلاقها بدل من تنأ لأن عدم الملاقاة هو النأي كما قاله زكريا. قوله: "لو فعلت" معترض بين اسم لكن وخبرها وجواب لو محذوف أي لو فعلته لأصبت أو هي للتمني. قوله: "وإنما دخلت إلخ" جواب عما يرد على قوله وندر. وحاصله كيف تدعي ندور ما ذكر مع وقوعه في القرآن المنزه عن وقوع النادر استعمالًا. وحاصل الجواب أن دخولها في الآية لأن مدخولها يؤول بحسب المعنى إلى خبر ليس. قوله: "لأنه في معنى إلخ" بدليل التصريح به في قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ} [يس: 81] ، أو يقال لأن أن ومعمولها سدا مسد مفعولي يروا العلمية وهي من النواسخ فمدخولها جزء من معمولي الناسخ فكأنه معموله وقد أجاز الزجاج القياس على ما في الآية أجاز ما ظننت أن أحدًا بقائم. قوله: "في خبر ما" الإضافة لأدنى ملابسة بالنسبة للتميمية لأنها لا خبر لها أي الخبر الواقع في حيزها. قوله: "وتبعه على ذلك الزمخشري" بناء منهما على أن المقتضي لزيادة الباء نصب الخبر وليس كذلك فإن المقتضي نفيه. ا. هـ. دماميني أي بدليل دخولها في نحو لم أكن بقائم وامتناعها في كنت قائمًا.   231- راجع التخريج ر قم 228. 232- البيت من المتقارب، وهو للمتنخل الهذلي في الأغاني 23/ 265؛ وأمالي المرتضى 1/ 306؛ وخزانة الأدب 4/ 146؛ والدرر 2/ 123؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 127؛ والشعر والشعراء 2/ 66؛ ولذي الإصبع العدواني في خزانة الأدب 4/ 150 برواية. ما إن أسيد أبو مالك ... وبوان ولا بضعيف قواه وبلا نسبة في جواهر الأدب ص53؛ وخزانة الأدب 4/ 142؛ وهمع الهوامع 1/ 227. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 في النكرات أعملن كليس لا ... وقد تلي لات وإن ذا العملا   الثالث اقتضى إطلاقه أيضًا أنه لا فرق بين العاملة عمل ليس كما تقدم والعاملة عمل إن، نحو قولهم: لا خير بخير بعده النار أي لا خير خير "في النكرات أعملت كليس لا" النافية بشرط بقاء النفي والترتيب على ما مر، وهو أيضًا خاص بلغة الحجاز دون تميم. ومنه قوله: 233- تعز فلا شيء على الارض باقيا ... ولا وزر مما قضى الله واقيا   قوله: "في أشعارهم" كقول الفرزدق: لعمرك ما معن بتارك حقه قوله: "بدخول أن" أي أو بعدم الترتيب لا بانتقاض النفي بإلا فالمفهوم فيه تفصيل فلا اعتراض. قوله: "لا خير بخير" بحث فيه باحتمال كون الباء ظرفية لا زائدة والخبر الجار والمجرور. وأجاب غير واحد كالبعض بأن هذا الاحتمال خلاف الظاهر وإن ادعى الدماميني ظهوره. وأنا أقول: لا بد من التزام هذا الاحتمال أو التزام كون الكلام على زيادة الباء مقلوبًا لأن المعنى المقصود من هذا الكلام نفي كينونة الخير في الخير الذي بعده النار أي نفي وجود شيء من الخير في الخير الذي بعده النار وهذا إنما يفيده الكلام إذا جعل مقلوبًا والأصل لا خير بعده النار خير، وليس المقصود نفي الخيرية التي بعدها النار عن الخير كما يفيده جعل الباء زائدة من غير التزام القلب لأن معنى كون لا لنفي الجنس أنها لنفي الخبر عن الجنس. فإن قلت: يغني عن التزام القلب جعل بعده النار صفة لاسم لا. قلت: يلزم حينئذٍ الفصل بين الصفة والموصوف بأجنبي وهو خير وحيث كانت دعوى الزيادة محوجة إلى ارتكاب القلب الذي هو خلاف الأصل كان احتمال الظرفية هو الظاهر وفاقًا للدماميني فتدبره في غاية الحسن والمتانة. قوله: "في النكرات" إنما اختص عمل لا بالنكرات لأنها عند الإطلاق لنفي الجنس برجحان والوحدة بمرجوحية وكلاهما بالنكرات أنسب. ا. هـ. سم أما التي لنفي الجنس نصًا فعاملة عمل إن وأورد على تخصيص عمل لا بالنكرات أنه وقع في أمثلة سيبويه ما زيد ذاهبًا ولا أخوه قاعدًا. وأجيب بأنه لا عمل للإبل هي زائدة والاسمان تابعان لمعمولي ما قاله المصرح. قوله: "كليس" حال من لا أو مفعول مطلق على معنى عملًا كعمل ليس. قوله: "بشرط بقاء النفي والترتيب" أي بين اسمها وخبرها ولم يقل وعدم الاقتران بأن لأنها لا تقترن بها أصلًا فلا يحتاج إلى اشتراطه وبقي شرطان عدم تقدم معمول خبرها على اسمها   233- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 289؛ وتخليص الشواهد ص294؛ والجني الداني ص292، وجواهر الأدب ص238؛ والدرر 2/ 111؛ وشرح التصريح 1/ 199؛ وشرح شذور الذهب ص256؛ وشرح شواهد المغني 2/ 612؛ وشرح ابن عقيل ص158؛ وشرح عمدة الحافظ ص216؛ وشرح قطر الندى ص114؛ ومغني اللبيب 1/ 239؛ والمقاصد النحوية 2/ 102؛ وهمع الهوامع 1/ 125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهات: الأول ذكر ابن الشجري أنها أعملت في معرفة، وأنشد للنابغة الجعدي: 234- وحلت سواد القلب لا أنا باغيا ... سواها ولا عن حبها متراخيا وتردد رأي الناظم في هذا البيت، فأجاز في شرح التسهيل القياس عليه، وتأوله في شرح الكافية فقال: يمكن عندي أن يجعل أنا مرفوع فعل مضمر ناصب باغيًا على الحال تقديره لا أرى باغيًا، فلما أضمر الفعل برز الضمير وانفصل. ويجوز أن يجعل أنا مبتدأ والفعل المقدر بعده خبرًا ناصبًا باغيًا على الحال. ويكون هذا من باب الاستغناء بالمعمول عن العامل لدلالته عليه ونظائره كثيرة منها قولهم: حكمك مسمطًا، أي حكمك لك مسمطًا أي مثبتًا، فجعل مسمطًا وهو حال مغنيًا عن عامله مع كونه غير فعل، فأن يعامل باغيًا   وهو غير ظرف أو جار ومجرور وأن لا تكون لنفي الجنس نصًّا ولا يرد البيت الآتي أعني تعز إلخ لأن التنصيص على نفي الجنس فيه من القرينة الخارجية لا من نفس لا. قوله: "على ما مر" أي من البيان قيل ومن الخلاف. قوله: "تعز" أي تصبر وتسل والوزر الملجأ، والشاهد في الشطرين وقيل لا شاهد في الشطر الأول لاحتمال أن باقيًا حال من الضمير في على الأرض وعلى الأرض خبر فيكون محتملًا للرفع والنصب. وفيه أنا لو سلمنا أن على الأرض خبر لكان نصب الخبر في الشطر الثاني قرينة على نصبه في الأول وإلا كان تلفيفًا بين لغتين فيكون الاستشهاد بالشطرين غاية الأمر أنه بقرينة الثاني. قوله: "سواد القلب" أي حبته السوداء وباغيًا طالبًا. قوله: "مرفوع فعل" أي على أنه نائب فاعل. قوله: "لا أرى" أي لا أبصر إذ لو كانت علمية لكان المنصوب مفعولًا ثانيًا لا حالًا ولعله لم يجعلها علمية والمنصوب مفعولًا مع أنه أنسب بالمعنى لأن حذف غير القلبي أكثر من حذف القلبي. قوله: "والفعل المقدر بعده" إنما قدر بعده لما مر من وجوب تأخير الخبر الفعلي الرافع لضمير المبتدأ. قوله: "هذا" أي الوجه الثاني من باب الاستغناء بالمعمول إلخ أي من باب سد الحال مسد الخبر العامل فيها كما يؤخذ مما بعده أي قوله: ونظائره إلخ فلا اعتراض بأن الوجه الأول فيه أيضًا الاستغناء بالمعمول وهو أنا عن العامل وهو فعله المحذوف قاله شيخنا والبعض. ولك أن ترجع اسم الإشارة إلى التأويل بوجهيه ويكون التنظير على وجهه الأول بنحو حكمك مسمطًا في الاستغناء بمطلق معمول عن مطلق عامل وإن لم يكن المعمول حالًا والعامل خبرًا وحينئذٍ فلا اعتراض ولا جواب. قوله: "حكمك مسمطًا" تقدم أن هذا شاذ فلا يناسب التنظير به. قوله:   234- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص171؛ والأشباه والنظائر 8/ 110؛ وتخليص الشواهد ص294؛ والجني الداني ص2983؛ وخزانة الأدب 3/ 337؛ والدرر 2/ 114؛ وشرح التصريح 1/ 199؛ وشرح شواهد المغني 2/ 613؛ ومغني اللبيب 1/ 240؛ والمقاصد النحوية 2/ 141؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص247؛ وشرح ابن عقيل ص159؛ وهمع الهوامع 1/ 125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بذلك وعامله فعل أحق وأولى، هذا لفظه. الثاني اقتضى كلامه مساواة لا لليس في كثرة العمل وليس كذلك، بل عملها عمل ليس قليل حتى منعه الفراء ومن وافقه، وقد نبه عليه في غير هذا الكتاب. الثالث على خبر لا أن يكون محذوفًا حتى قيل إن ذلك لازم كقوله: 235- من صد عن نيرانها ... فأنا ابن قيس لا براح أي لا براح لي. والصحيح جوازه ذكره كما تقدم "وقد تلي لات وإن ذا العملا"   "اقتضى كلامه" حيث شبه لإبليس ثم قال: وقد تلى لات فأفاد أن إعمال لا كليس كثير ولعل مراد الشارح باقتضاء كلام المصنف المساواة في الكثرة اقتضاؤه المساواة في أصل الكثرة فلا يمنع كلام الشارح بأن الغالب ضعف المشبه عن المشبه به. قوله: "قليل" بل قيده في شرح القطر بالشعر وجعله ابن الحاجب سماعيًا وتبعه الجامي وعللت القلة بنقصان شبهها بليس لأنها للنفي مطلقًا وليس لنفي الحال وما اقتضاه كلامه هنا صرح به في تسهيله حيث قال ويلحق بها أن النافية قليلًا ولا كثيرًا. ا. هـ. قال السيوطي: قال ابن مالك: عمل لا أكثر من عمل إن، وقال أبو حيان: الصواب عكسه لأنه إن قد عملت نظمًا ونثرًا ولا إعمالها قليل جدًّا بل لم يرد منه صريحًا سوى البيت السابق. ا. هـ. قوله: "عن نيرانها" أي الحرب وقوله: فأنا ابن قيس إلخ علة للجواب المحذوف أي فأنا لا أصد لأني ابن قيس والقافية مطلقة لا مقيدة بدليل بقية القوافي فلا يقال: يحتمل أن لا عاملة عمل إن لأن ظهور الضم يمنع هذا الاحتمال قاله الروداني. قوله: "وقد تلي" من ولي الشيء يليه ولاية إذا تولاه ويشترط لاعمال لات وإن عمل ليس ما اشترط في ما إلا الشرط الأول لأن إن لا تزاد بعدهما فلا معنى لاشتراط عدم زيادتها بعدهما ويظهر قياسًا على ما سبق في ما أن تأكيد إن النافية بأن نافية أخرى لا يبطل عملها وتزيد لات باشتراط أن يكون معمولاها اسمي زمان وقد للتحقيق بالنسبة للات وللتقليل النسبي بالنسبة لأن بناء على جواز استعمال المشترك في معنييه فلا ينافي قول صاحب التوضيح وعملها أي لات إجماع من العرب وعلى تسليم أن قد للتقليل بالنسبة إلى لات أيضًا يقال الإجماع على الجواز فلا ينافي قلة الوقوع. فإن قلت: إذا أجمعت العرب على إعمالها فكيف منعه بعض النحاة كالأخفش؟ قلت: معنى إجماع العرب على إعمالها كما في الروداني أنه وجد في لغة الحجازيين والتميميين بعدها مرفوع   235- البيت من مجزوء الكامل، وهو لسعد بن مالك في الأشباه والنظائر 8/ 109؛ 130؛ وخزانة الأدب 1/ 467؛ والدرر 2/ 112؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 8؛ وشرح التصريح 1/ 199؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص509؛ وشرح شواهد المغني ص582، 612؛ وشرح شواهد المفصل 1/ 109؛ والكتاب 1/ 85؛ ولسان العرب 2/ 409 "برح"؛ والمؤتلف والمختلف ص135؛ والمقاصد النحوية 2/ 150؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص326؛ والإنصاف ص367؛ وأوضح المسالك 1/ 285؛ وتخليص الشواهد ص293؛ ورصف المباني ص266؛ وشرح المفصل 1/ 108؛ وكتاب اللامات ص105؛ ومغني اللبيب ص239، 631؛ والمقتضب 4/ 360. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المذكور أما لات فأثبت سيبويه والجمهور عملها، ونقل منعه عن الأخفش. وأما إن فأجاز إعمالها الكسائي وأكثر الكوفيين وطائفة من البصريين، ومنعه جمهور البصريين. واختلف النفل عن سيبويه والمبرد، والصحيح الإعمال فقد سمع ثنرًا ونظمًا، فمن النثر قولهم: إن أحد خيرًا من أحد إلا بالعافية. وجعل منه ابن جني قراءة سعيد بن جبير: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراب: 194] ، على أن إن نافية رفعت الذين ونصبت عبادًا أمثالكم خبرًا ونعتًا. والمعنى ليس الأصنام الذين تدعون من دون الله عبادًا أمثالكم في الاتصاف بالعقل، فلو كانوا أمثالكم وعبدتموهم لكنتم بذلك مخطئين ضالين، فكيف حالكم في عبادة من هو دونكم بعدم الحياة والإدراك؟ ومن النظم قوله: 236- إن هو مستوليا على أحد ... إلا على أضعف المجانين   وحده ومنصوب وحده فهذا مراده بالعمل المجمع عليه وهذا لا ينافي اختلاف النحاة في ذلك الموجود هل هو معمول لها أولا. قوله: "ذا العملا" اسم الإشارة راجع إلى عمل ليس في قوله أعمال ليس لا إلى عمل لا في قوله في النكرات إلخ كما ظنه سم لكونه أقرب فاعترض وتبعه البعض بإشعار كلامه باشتراط التنكير مع لات وإن وهو غير مسلم في أن لأنها تعمل في المعارف والنكرات بل قيل: باشتراط المعرفة. قوله: "ونقل منعه عن الأخفش" وعليه فالمرفوع الذي يليها مبتدأ حذف خبره والمنصوب الذي يليها مفعول لفعل محذوف تقديره أرى مثلًا أفاده في التصريح. قوله: "ومنعه جمهور البصريين" ومما يتخرج عليه قول بعضهم إن قائم بتشديد النون أصله إن أنا قائم حذفت همزة أنا اعتباطًا وأدغمت النون في النون وحذفت ألفها للوصل، ومثل هذا في {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38] فأصله لكن أنا ففعل فيه ما مر وسمع إن قائمًا على الإعمال أفاده المغني. قال الدماميني قرأ ابن عامر لكنا بإثبات ألف أنا وصلا ووقفا تعويضًا بالألف عن الهمزة المحذوفة وغيره بإثباتها وقفًا فقط على الأصل. ا. هـ. وانظر لم لم ترسم إن قائم بألف عقب النون مع أنه القياس لثبوتها وقفًا ولعله لدفع التباس إن خطأ بأنا التي هي ضمير رفع منفصل وإعراب. {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38] ، لكن حرف استدراك أنا مبتدأ أول خبره الجملة بعده ورابطها ياء المتكلم وهو ضمير الشأن مبتدأ ثان خبره الجملة بعده ولا تحتاج لرابط لأنها عين المبتدأ والله مبتدأ ثالث خبره ربي. وهذه الآية مما اجتمع فيه الجملة الكبرى فقط والصغرى فقط والكبرى والصغرى باعتبارين. قوله: "قراءة سعيد إلخ" خرجها بعضهم على أن إن مخففة من الثقيلة ناصبة للجزأين لتتوافق القراءتان إثباتًا وهو تخريج على شاذ لأن نصبها الجزأين شاذ. قوله: "خبرًا ونعتًا" على   236- البيت من المنسرح، وهو بلا نسبة في الأزهية ص46؛ وأوضح المسالك 1/ 291؛ وتخليص الشواهد ص306؛ والجني الداني ص2098؛ وجواهر الأدب ص206؛ وخزانة الأدب 4/ 1656؛ والدرر 2/ 108؛ ورصف المباني ص108؛ وشرح التصريح 1/ 201؛ وشرح شذور الذهب ص360؛ وشرح ابن عقيل ص160؛ وشرح عمدة الحافظ ص216؛ والمقاصد النحوية 2/ 113؛ والمقرب 1/ 105؛ وهمع الهوامع 1/ 125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 وما للات في سوى حين عمل ... وحذف ذي الرفع فشا والعكس قل   وقوله: 237- إن المرء ميتا بانقضاء حياته ... ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا وقد عرفت أنه لا يشترط في معموليها أن يكونا نكرتين "وما للات في سوى" اسم "حين" أي زمان "عمل" بل لا تعمل إلا في أسماء الأحيان نحو حين وساعة وأوان. قال تعالى: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاص} [ص: 3] . وقال الشاعر: 238- ندم البغاة ولات ساعة مندم وقال الآخر: 239- طلبوا صلحنا ولات أوان ... فأجبنا أن ليس حين بقاء   اللف والنشر المرتب. قوله: "والمعنى إلخ" أشار به إلى دفع التنافي بين القراءة المشهورة المثبتة للمثلية ومقابلها النافية لها. وحاصل الدفع أن النفي والإثبات لم يتواردا على مثلية واحدة فالمثبتة المماثلة في العبودية والمنفية المماثلة في الإنسانية وأحوالها كالعقل. قوله: "إلا على أضعف المجانين" يعلم منه أن انتقاض النفي بالنسبة إلى معمول الخبر لا يبطل عمل إن كما. قوله: "وقد عرفت" أي من الأمثلة. قوله: "في سوى اسم حين" قدر اسم لدفع توهم أن المراد لفظ حين فقط كما قيل بذلك. قوله: "مناص" أي فرار. قوله: "ولات ساعة مندم" الواو للحال والمندم الندامة. قوله: "أن ليس" أن تفسيرية واسم ليس ضمير مستتر عائد إلى الأوان. وقوله: حين بقاء أي   237- البيت من الطويل، هو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص307؛ والجني الداني ص210؛ والدرر اللوامع 2/ 109؛ وشرح ابن عقيل ص160؛ وشرح عمدة الحافظ ص217؛ والمقاصد النحوية 2/ 145؛ وهمع الهوامع 1/ 125. 238- صدر البيت: فلما علمت أنني قد قتلته وهو من الطويل، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص734؛ ورصف المباني ص263؛ وخزانة الأدب 4/ 168، 169، 174، 187. 239- البيت من الخفيف، وهو لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص30؛ والإنصاف ص109؛ وتخليص الشواهد ص295؛ وتذكرة النحاة ص734؛ وخزانة الأدب 4/ 183، 185، 190؛ والدرر 2/ 119؛ وشرح شواهد المغني ص640، 960؛ والمقاصد النحوية 2/ 156؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص249؛ وخزانة الأدب 4/ 169؛ 6/ 539، 545؛ والخصائص 2/ 370؛ ورصف المباني ص169؛ 262؛ وسر صناعة الإعراب ص509؛ وشرح المفصل 9/ 32؛ ولسان العرب 13/ 40 "أون"، 15/ 466 "لا"، 15/ 468 "لات"؛ ومغني اللبيب ص255؛ وهمع الهوامع 1/ 126. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي وليس الأوان أوان صلح، فحذف المضاف إليه أوان منوي الثبوت، وبني كما فعل بقبل وبعد، إلا أن أوانًا لشبهه بنزول وزنًا بني على الكسر ونون اضطرارًا. وأما قوله: 240- لهفي عليك للهفة من خائف ... يبغي جوارك حين لات مجير فارتفاع مجير على الابتداء أو الفاعلية، أي لأت يحصل مجير أو لات له مجير. ولات مهملة لعدم دخولها على الزمان. تنبيه: للنحويين في لات الواقع بعدها هنا كقوله: 241- حنت نوار ولات هنا حنت   بقاء للصلح. قوله: "أي وليس إلخ" تفسير لقوله: ولات أوان. قوله: "منويّ الثبوت" أي معنى ليصح البناء. قوله: "وبنى" أي عند الجمهور وذهب الفراء إلى أنها قد يجر بها الزمان كما في البيت وقراءة بعضهم ولات حين مناص بالجر. وأجيب بأن الجر في الآية على تقدير من الاستغراقية ويجوز ذلك في البيت أيضًا. قوله: "لشبهه بنزال إلخ" قد يستفاد منه جواز بناء أمام في الحالة المذكورة على الكسر لشبهها بنزال فتأمل. قوله: "بني على الكسر" قال البعض: ويحتمل أن يكون مبنيًا على السكون وكسر على أصل التقاء الساكنين ونون للضرورة. ا. هـ. وهو فاسد لأن التقاء الساكنين يمنع البناء على السكون. قوله: "لهفي" بفتح الهاء من باب فرح كما في القاموس أي حزني مبتدأ خبره عليك. أو للهفة أي لأجل لهفة أي أتحزن عليك لأجل تحزن الخائف الذي يطلب جوارك أي أغاثتك. قوله: "فارتفاع مجير على الابتداء". والمسوّغ وقوعه بعد النفي أو تقدم الخبر وإلى هذا أشار بقوله أو لات له مجير. قوله: "أو الفاعلية" أي بفعل محذوف. قوله: "أي لات إلخ" لف ونشر مشوّش. قوله: "هنا" أي بضم الهاء وتشديد النون ومثلها   240- البيت من الكامل، وهو للشمردل بن عبد الله الليثي في شرح التصريح 1/ 200؛ وشرح شواهد المغني 2/ 927؛ والمقاصد النحوية 1/ 103؛ وللتميمي الحماسي في الدرر 2/ 63؛ وللتميمي في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص590؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 82؛ وأوضح المسالك 1/ 287؛ وجواهر الأدب ص205؛ ومغني اللبيب 2/ 631؛ وهمع الهوامع 1/ 116. 241- تمام البيت: وبدا الذي كانت نوار أحنت وهو من الكامل، وهو لشبيب بن جعبل في الدرر 1/ 244، 2/ 119؛ وشرح شواهد المغني ص919؛ والمؤتلف والمختلف ص84؛ والمقاصد النحوية 1/ 4198؛ ولحجل بن نضلة في الشعر والشعراء ص102؛ ولهما معًا في خزانة الأدب 4/ 195؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص130؛ وتذكرة النحاة ص734؛ والجني الداني ص489؛ وجواهر الأدب ص249؛ وخزانة الأدب 5/ 463؛ ومغني اللبيب ص592؛ وهمع الهوامع 1/ 78، 126. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مذهبان. أحدهما أن لات مهملة لا اسم لها ولا خبر. وهنا في موضع نصب على الظرفية لأنه إشارة إلى المكان. وحنت مع أن مقدرة قبلها في موضع رفع بالابتداء، والتقدير حنت نوار ولات هنالك حنين وهذا توجيه الفارسي. والثاني أن تكون هنا اسم لات وحنت خبرها على حذف مضاف، والتقدير وليس الوقت وقت حنين. وهذا الوجه ضعيف لأنه فيه إخراج هنا عن الظرفية وهي من الظروف التي لا تتصرف، وفيه أيضًا إعمال لات في معرفة وإنما تعمل في نكرة. واختصت لات بأنها لا يذكر معها معمولاها معًا، بل لا بد من حذف أحدهما "وحذف ذي الرفع" منهما وهو الاسم "فشا" فتقدير ولات حين مناص ولات الحين حين مناص، أي وليس الوقت وقت فرار، فحذف الاسم وبقي الخبر "والعكس قل" جدًّا قرأ بعضهم شذوذًا {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] ، برفع حين على أنه اسمها والخبر محذوف، والتقدير ولات حين مناص لهم، أي كائنًا لهم. خاتمة: أصل لات لا النافية زيدت عليها تبا التأنيث كما في ربت وثمت، قيل: ليقوى شبهها بالفعل، وقيل: للمبالغة في النفي كما في نحو علامة ونسابة للمبالغة.   مكسورتها ومفتوحتها لما مر أن الثلاثة جاءت للزمان. قوله: "ولات هنا" بضم الهاء كما في الدماميني. قوله: "وهنا في موضع إلخ" أي خبر مقدم. قوله: "على حذف مضاف" أي والفعل إذا أضيف إليه كان لمجرد الحدث فهو اسم حكمًا كما ذهب إليه بعضهم ومر بيانه. قوله: "والتقدير وليس الوقت إلخ" جرى على القليل من استعمال هنا للزمان ولم يجر على الكثير من استعمالها للمكان فرارًا من عمل لات في غير الزمان. قوله: "وفيه أيضًا إلخ" وفيه أيضًا الجمع بين معمولي لات وحذف المضاف إلى جملة. قوله: "إعمال لات في معرفة" أي ظاهرة كما في المغني. وقوله: وإنما تعمل في نكرة أي عملًا ظاهرًا فلا ينافي أن المقدر لا بد أن يكون معرفة كما قاله المصنف، وأشار إليه الشارح بقوله سابقًا فليس الأوان أوان صلح، وبقوله بعد ولات الحين حين مناص. قال المصنف: لأن المراد نفي كون الحين الخاص حينًا ينوصون فيه لا نفي كون جنس الحين. ا. هـ. ولعل هذا إذا كان المقدر الاسم بدليل تقديرهم الخبر نكرة في قراءة من رفع حين مناص. قوله: "فشا" أي كثر، لأن الخبر محط الفائدة. قوله: "أي كائنًا لهم" ظاهره جعل كائنًا خبر لات وهو لا يصح لأن من شروط عملها كون معموليها اسمي زمان فيجب أن يقدر ولات حين مناص حينًا كائنًا لهم، فيكون كائنًا صفة للخبر لا خبرًا. قوله: "كما في ربت وثمت" أي فالتأنيث المستفاد من تاء لات للفظ. قال في التصريح زيادة التاء في لات أحسن من زيادتها في ربت وثمت لأن لات محمولة على ليس وليس تتصل بها التاء ومن ثم لم تتصل بلا المحمولة على إن. قوله: "بالفعل" يعني ليس، إذ بلحاق التاء لها صارت بوزن ليس وعدد حروفها. قوله: "وقيل للمبالغة" يرد عليه وقفهم عليها بالتاء غالبًا كما في الدماميني. قوله: "كما هو نحو علامة ونسابة" التشبيه في مطلق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 أفعال المقاربة : ككان كاد وعسى لكن ندر ... غير مضارع لهذين خبر   وحركت فرقًا بين لحاقها الحرف ولحاقها الفعل، وليس لالتقاء الساكنين بدليل ربت وثمت فإنها فيهما متحركة مع تحريك ما قبلها. وقيل: أصلها ليس قلبت الياء ألفًا والسين تاء، وهو ضعيف لوجهين: الأول أنه فيه جمعًا بين إعلالين وهو مرفوض في كلامهم لم يجيء منه إلا ماء وشاء، ألا ترى أنهم لم يدغموا في يطد ويتد فرارًا من حذف الواو التي هي الفاء وقلب العين إلى جنس اللام. والثاني أن قلب الياء الساكنة ألفًا وقلب السين تاء شاذان لا يقدم عليهما إلا بدليل ولا دليل والله أعلم. أفعال المقاربة: اعلم أن هذا الباب يشتمل على ثلاثة أنواع من الفعل: أفعال المقارنة وهي ثلاثة:   المبالغة فلا ينافي أن التاء في لات لأصل المبالغة في النفي وفي علامة ونسابة لزيادة المبالغة في الإثبات. قوله: "وحركت إلخ" متعلق بالقول بأن التاء للتأنيث فكان الأوضح تقديمه على قوله وقيل للمبالغة. قوله: "أصلها ليس" أي بكسر الياء كما في المغني والتصريح وإن صرح الشارح بعد بأنها ساكنة فهي حينئذٍ فعل ماض. وقيل: هي ماضي يليت أي ينقص يقال: لات يليت وألت يألت وبهما قرئ قوله تعالى: {لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} [الحجرات: 14] . قوله: "والسين تاء" كما قيل أصل ست سدس قلبت السين تاء وكذا الدال وأدغمت. قوله: "بين إعلالين" أي قلب الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها وقلب السين تاء. قوله: "وهو مرفوض إلخ" قال بعضهم: الحق عدم الرفض بدليل باب قه وعه، بل قد يجتمع أكثر من اعلالين كما في باب قضايا وخطايا فتدبر. قوله: "الإماء وشاء" أصلهما موه وشوه قلبت الواو ألفًا والهاء همزة. قوله: "في يطد ويتد" مضارعا وطد الشيء وطدًا وطدة أثبته، ووتده وتدًا وتدة ثبته وأصلهما يوطد ويوتد حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها الياء والكسرة. قوله: "وقلب العين إلخ" أي ليتأتى الإدغام. قوله: "الياء الساكنة" فيه أنها عند هذا القائل متحركة كما مر. أفعال المقاربة: لم يقل كاد وأخواتها على قياس ما سبق لأن هذه العبارة تدل على أن كاد أم بابها ولا دليل عليه بخلاف أمية كان لأن أحداث أخوات كان داخلة تحت حدثها ولأن لها من التصرفات ما ليس لغيرها والمقاربة مفاعلة على غير بابها والمراد أصل القرب لأن الفعل هنا من واحد كسافر لا من اثنين كقاتل أفاده سم وتبعه البعض وغيره. ولك أن تجعلها على بابها لقرب كل من معنى الاسم ومعنى الخبر من الآخر وإن كانت دلالتها على قرب الخبر بالوضع وعلى قرب الاسم باللزوم. وهل عين كاد ياء أو واو قولان، واستدل لكونها واوًا بحكاية سيبويه كدت بضم الكاف أكاد، وكان قياس مضارع هذه اللغة أكود لكنهم شذوا فقالوا: أكاد، وجعله ابن مالك من تداخل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كاد وكرب وأوشك، للدلالة على قرب الخبر. وأفعال الرجاء وهي أيضًا ثلاثة: عسى وحرى وأخلولق. وضعت للدلالة على رجاء الخبر. وبقية أفعال الباب للدلالة على الشروع في الخبر وهي أنشأ وطفق وأخذ وجعل وعلق، فتسمية الكل أفعال مقاربة من باب التغليب "ككان" في العمل "كاد وعسى لكن ندر غير" جملة فعل "مضارع لهذين"   اللغتين فاستغنوا بمضارع كدت المكسورة الكاف عن مضارع مضمومها. قوله: "وضعت للدلالة إلخ" اللام تعليلية لا صلة الوضع فلا ينافي أن الموضوع له نفس قرب الخبر لا الدلالة عليه وكذا يقال فيما بعد. قوله: "على قرب الخبر" أي قرب معناه من مسمى الاسم وقربه منه لا يستلزم وقوعه بل قد يستحيل عادة كما في يكاد زيتها يضيء. قوله: "على رجاء الخبر" يعني الطمع في الخبر محبوبًا والإشفاق أي الخوف منه مكروهًا ففي كلامه إطلاق الرجاء على الطمع والإشفاق وهو تغليب كما قاله يس. وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا} [البقرة: 216] ، الآية كما في المغني. قال الدماميني: فالأولى للترجي والثانية للإشفاق بحسب ما في نفس الأمر أي ما كرهتموه من الغزو ينبغي أن يترجى لأنه خير لأن فيه إما الظفر والغنيمة أو الشهادة والجنة وما أحببتموه من القعود عن الغزو ينبغي أن يكره لأن فيه الذل وحرمان الغنيمة والأجر. وقال الشمني: الأولى لإشفاق المخاطبين نظرًا إلى ما عندهم من الكراهة. والثاني لترجيهم نظرًا إلى ما عندهم من المحبة. قوله: "على الشروع" أي التلبس بأول أجزاء الفعل. قوله: "من باب التغليب" أي تغليب بعض أنواع الباب لشهرة غالبه وكثرة وقوعه في الكلام على بقية الأنواع فلا ترد شهرة عسى لأنها المشهورة فقط من نوعها وهو أفعال الرجاء. وما قاله الشارح أولى من قول صاحب التوضيح من باب تسمية الكل باسم جزئه لقول الناصر اللقاني تسمية الكل باسم جزئه عبارة عن إطلاق اسم الجزء على ما تركب منه ومن غيره كتسمية المركب كلمة. وأما تسمية الأشياء المجتمعة من غير تركيب منها فتغليب كالعمرين والقمرين. هذا وقد قيل: إن في أفعال الرجاء وأفعال الشروع أيضًا مقاربة. وممن أفاد ذلك النيلي حيث قال: المقاربة تختلف فتارة تكون لمقاربة الفعل من الرجاء كعسى لأن رجاء الفعل دنو لتقدير نيله، وتارة تكون للأخذ فيه لأن الشروع في الفعل يلزمه القرب منه. ا. هـ. وعلى هذا لا تغليب أيضًا لأن الكل عليه أفعال مقاربة ولو بطريق الاستلزام أفاده الروداني. قوله: "في العمل" أي لا في كل أحكامها فإن الخبر لا يتقدم هنا ويجوز حذفه إن علم بخلافه في باب كان في المسألتين على كلام في الثانية مرّ وسنذكره. وأما توسط الخبر فجائز فاتفاق إذا لم يقترن بأن وعلى أحد القولين إذا اقترن بأن وصححه ابن عصفور كذا في الهمع والدماميني. ولما كانت عبارة المصنف توهم عمل كاد في كل ما تعمل فيه كان دفع ذلك بالاستدراك. قوله: "كاد وعسى" أي وأخواتهما الآتية. قوله: "لكن ندر إلخ" قال الدماميني نقلًا عن المصنف: وقع الخبر في هذا الباب غير مضارع تنبيهًا على أصل متروك وذلك أن سائر أفعال هذا الباب مثل كان في الدخول على مبتدأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وأخواتهما من أفعال الباب "خبر" فلذلك افترقا ببابين، وغير جملة المضارع المفرد كقوله: 242- فأبت إلى فهم وما كدت آبيا وقوله: 343- لا تكثرن أني عسيت صائمًا وأما: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ} [ص: 33] فالخبر محذوف أي يمسح مسحًا.   وخبر فالأصل أن يكون خبرها كخبر كان في وقوعه مفردًا وجملة اسمية وفعلية وظرفًا فترك الأصل والتزم كون الخبر مضارعًا. ثم نبه على الأصل شذوذًا في مواضع. قوله: "غير جملة إلخ" قدر جملة لأن الخبر ليس الفعل فقط لكن يرد أن خبرهما إذا اقترن بأن خرج من باب الجملة إلى باب المفرد إلا أن يراد الجملة ولو بحسب الصورة الظاهرة. قوله: "وأخواتهما" زاده دفعًا لما يقال غير المضارع يصدق بالجملة الاسمية والماضوية وهما لم يخبر بهما عن كاد وعسى بالكلية وظاهر النظم يوهم ورودهما خبرًا عنهما. وحاصل الدفع أن في المتن حذف الواو مع ما عطفت أي لهذين وأخواتهما والمعنى على التوزيع. ويجاب أيضًا بأن غير نكرة في سياق الإثبات فلا عموم لها. قوله: "فلذلك افترقا" لاختصاص خبرها بما ذكر وهذا أيضًا حكمة تأخيرها عما حمل على ليس مع أنها حروف وهذه أفعال. قوله: "فأبت" أي رجعت إلى فهم. قبيلة. قوله: "لا تكثرن" أي من العذل. قوله: "أي يمسح مسحًا" قيل فيه حذف عامل المصدر المؤكد وهو ممنوع عند الناظم. وأجيب بأنه ليس بمؤكد بل نوعي لتعلق ما   242- تمام البيت: وكم مثلها فارقتها وهي تصفر وهو من الطويل، وهو لتأبط شرًّا في ديوانه ص91؛ والأغاني 21/ 159؛ وتخليص الشواهد ص309؛ وخزانة الأدب 8/ 374، 375، 376؛ والخصائص 1/ 391؛ والدرر 2/ 150؛ وشرح التصريح 1/ 203؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص83؛ وشرح شواهد الإيضاح ص629؛ ولسان العرب 3/ 383 "كيد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 165؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 544؛ وأوضح المسالك 1/ 303؛ وخزانة الأدب 9/ 347؛ ورصف المباني ص190؛ وشرح ابن عقيل ص164؛ وشرح عمدة الحافظ ص822؛ وشرح المفصل 7/ 13؛ وهمع الهوامع 1/ 130. 243- صدر الرجز: أكثرت في العذل ملحًا ذائمًا وهو لرؤبة في ملحق ديوانه ص185، وخزانة الأدب 9/ 316، 322؛ والخصائص 1/ 83؛ والدرر 2/ 149؛ وشرح ديون الحماسة للمرزوقي ص83؛ والمقاصد النحوية 2/ 161؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 175؛ وتخليص الشواهد ص309؛ والخزانة 8/ 374، 376؛ والجني الداني ص463؛ وشرح شواهد المغني ص444، وشرح ابن عقيل ص164؛ وشرح عمدة الحافظ ص822؛ وشرح المفصل 7/ 14؛ ومغني اللبيب 1/ 152؛ والمقرب 1/ 100؛ وهمع الهوامع 1/ 130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 وكونه بدون أن بعد عسى ... نزر وكاد الأمر فيه عكسا   والجملة الاسمية كقوله: 244- وقد جعلت قلوص بني زياد ... من الأكوار مرتعها قريب وجملة الماضي كقول ابن عباس رضي الله عنهما: فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا "وكونه" أي كون المضارع الواقع خبرًا "بدون أن" المصدرية "بعد عسى نزر" أي قليل ومنه قوله: 245- عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب   بعده به وهو بالسوق أي فطفق يمسح السيف مسحًا كائنًا بسوق الخيل وأعناقها. قوله: "وقد جعلت إلخ" القلوص الناقة الشابة. والأكوار جمع كور بفتح الكاف وهو الرحل أي المنزل والمرتع المرعى ومن الأكوار متعلق بقريب. والمعنى طفقت تقرب مرتعها من الأكوار لما بها من الأعياء. قوله: "فجعل الرجل إلخ" الاستشهاد به مبني على أن إذا ظرف لأرسل غير شرط. فإن جعلت شرطية فخبر جعل الجملة الشرطية وجملة أرسل جواب الشرط ولا شاهد فيه حينئذٍ. هذا ما قاله البعض تبعًا لشيخنا وفي التصريح ما يرده، ويصحح الاستشهاد به على أن إذا شرطية حيث قال بعد ذكر كلام ابن عباس ما نصه فأرسل خبر جعل وهو فعل ماض. قال الموضح في شرح الشواهد: وهذا لم أر من يحسن تقريره. ووجه أن إذا منصوبة بجوابها على الصحيح والمعمول مؤخر في التقدير عن عامله فأول الجملة في الحقيقة أرسل فافهموه. ا. هـ. قوله: "بعد عسى نزر" لأن المترجي مستقبل فناسبه أن. وقيل تجردها من أن خاص بالشعر وإنما ساغ الأخبار بأن يقوم مثلًا مع أنه في تأويل مصدر ولا يخبر عن الذات بالمعنى لأنه على تقدير مضاف أي عسى حال زيد أن يقوم أو عسى زيد ذا أن يقوم أو على سبيل المبالغة وقيل المصدر المؤول قد يصح حمله على الاسم من غير تأويل. وقيل: يقدر أن الأخبار إنما وقع أولًا بالفعل ثم جيء بأن لتؤذن بالتراخي لا لقصد السبك وبهذا الجواب الأخير يندفع الاعتراض المتقدم على تقدير الشارح جملة. وقيل المقرون بأن مفعول به على تضمين الفعل معنى قارب أو على إسقاط الخافض على تضمينه معنى   244- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص320؛ وخزانة الأدب 5/ 120، 9/ 352؛ والدرر 2/ 152؛ وشرح التصريح 1/ 204؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص310؛ وشرح شواهد المغني ص606؛ ومغني اللبيب ص235؛ والمقاصد النحوية 2/ 170؛ وهمع الهوامع 1/ 130. 245- البيت من الوافر، وهو لهدبة بن خشرم في خزانة الأدب 9/ 328، 330، وشرح أبيات سيبويه 1/ 142؛ والدرر 2/ 145، وشرح التصريح 1/ 206؛ وشرح شواهد الإيضاح ص97؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 142؛ والدرر 2/ 145؛ وشرح التصريح 1/ 206؛ وشرح شواهد الإيضاح ص97؛ وشرح شواهد المغني ص443؛ والكتاب 3/ 159؛ واللمع ص225؛ والمقاصد النحوية 2/ 184؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص128؛ وأضح المسالك 1/ 312؛ وتخليص الشواهد ص326؛ وخزانة الشواهد ص326؛ وخزانة الأدب 9/ 316؛ والجني الداني ص462؛ وشرح ابن عقيل ص165؛ وشرح عمدة الحافظ ص816؛ والمقرب 1/ 98؛ وشرح المفصل 7/ 117، 121؛ ومغني اللبيب ص152؛ والمقتضب 3/ 70؛ وهمع الهوامع 1/ 130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "وكاد الأمر فيه عكسًا" فاقترانه بأن بعدها قليل كقوله: 246- كادت النفس أن تفيظ عليه   قرب. وقيل: بدل اشتمال من الفاعل على تضمينه معنى قرب. وعسى على هذين القولين تامة. وقيل: بدل اشتمال من المرفوع وسد هذا البدل مسد الجزأين كما سد مسدّ المفعولين في قراءة حمزة: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: 178] ، بالتاء الفوقية وفتح السين ولا محذور في لزوم البدل لأنه المقصود بالحكم ولا ينافيه كونه تابعًا فرب تابع يلزم كتابع مجرور رب الظاهر عند الأكثر ولم يجعل المبدل منه اسم عسى وأول مفعولي تحسب لأن المبدل منه في حكم المطروح. وعسى على هذا القول ناقصة كقول الجمهور كذا في المغني وحواشيه ولك أن تقول نص الزمخشري وغيره على أنه ليس معنى كون المبدل منه في حكم المطروح أنه مهدر بل أن البدل مستقل بنفسه لا متمم لمتبوعه كالنعت والبيان وحينئذٍ لا مانع من جعل المبدل منه اسم عسى وأول مفعولي تحسب كما أن الفاعل في نحو نفعني زيد علمه هو المبدل منه لا بدل الاشتمال فتأمل. فائدة: قال الشيخ اللقاني: عسى موضوعة للزمن الماضي ولم تستعمل فيه فلا تكون حقيقة فهي في كلام الخلق للرجاء المجرد عن الزمان وفي كلامه تعالى للعلم المجرد فهما معنيان مجازيان بدون معنى حقيقي فقول العلامة المحلي لم يثبت مثل هذا في كلامهم ممنوع. وأجاب سم بأن مراده لم يعلم ثبوته وما ذكره في عسى غير معلوم إذ كونها موضوعة للزمان غير معلوم وإن كان جائزًا إذ المفهوم كما قاله السيد الصفوي من شرح المفصل للشيخ ابن الحاجب عدم وضع عسى للزمان لكنها لما وجد فيها خواص الفعل قدر ذلك إدراجًا لها في نظم أخواتها ومنه يتحقق أن المراد الوضع التحقيقي أو التقديري. ا. هـ. ومن المعلوم أن الوضع التقديري لا يكفي في كونه اللفظ مجازًا وكونها في كلامه تعالى للعلم المجرد أمر غير ثابت وإن قاله جماعة لاحتمال كونها في كلامه تعالى للرجاء باعتبار المخاطبين كما هو نص سيبويه في لعل. وقال الرضي إنه الحق كذا في يس؟ وقول اللقاني عسى موضوعة للزمن الماضي أي للرجاء مع الزمن الماضي، وقول الصفوي ومنه يتحقق أن المراد أي بالوضع في قولهم الفعل الماضي موضوع للزمان الماضي. قوله: "الذي أمسيت فيه" روي بفتح التاء وضمها. وقوله يكون إلخ قال الدماميني: ينبغي أن يجعل فرج مبتدأ خبره وراءه والجملة في محل نصب خبر يكون واسمها ضمير فيها يعود إلى الكرب لما يلزم على جعل فرج اسم يكون، وراءه خبرها من رفع الفعل من الخبر أجنبيًّا عن الاسم وهو ممنوع كما يأتي. قوله: "عكسًا" لدلالة كاد على قرب الخبر فكأنه في الحال. قوله:   246- تمام البيت: إذ غدا حشو ربطة وبرود وهو من الخفيف، وهو بلا نسبة في أدب الكاتب ص406؛ وأوضح المسالك 1/ 315؛ وخزانة الأدب 9/ 348؛ وشرح شواهد المغني 2/ 948؛ وشرح شذور الذهب ص354؛ وشرح ابن عقيل ص167؛ ولسان العرب 6/ 234 "نفس"، 7/ 454 "فيظ"؛ ومغني اللبيب 2/ 662. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 وكعسى حرى ولكن جعلًا ... خبرها حتما بأن متصلا وألزموا اخلوق أن مثل حرى ... وبعد أوشك انتفا أن نزرا   وقوله: 247- أبيتم قبول السلم منا فكدتمو ... لدى الحرب أن تغنو السيوف عن السل وأنشد سيبويه: 248- فلم أر مثلها خباسة واحد ... فنهنهت نفسي بعدما كدت أفعله وقال: أراد بعدما كدت أن أفعله، فحذف أن وأبقى عملها. وفيه إشعار باطراد اقتران خبر كاد بأن؛ لأن العامل لا يحذف ويبقى عمله إلا إذا اطرد ثبوته "وكعسى" في العمل والدلالة على الرجاء "حرى ولكن جعلا خبرها حتما بأن متصلًا" نحو حرى زيد أن يقوم، ولا يجوز حرى زيد يقوم "وألزموا اخلولق، أن مثل حرى" فقالوا: اخلولقت السماء أن تمطر، ولم يقولوا: اخلولقت تمطر "وبعد أوشك انتفا أن نزرا" أي قل، والكثير الاقتران بها   "أن تفيض عليه" بالفاء والضاد المعجمة أي تخرج. قوله: "فلم أر مثلها" أي مثل تلك الأموال من الإبل والغنم وغيرهما التي كان أراد نهبها. وقوله: خباسة بضم الخاء المعجمة أي مغنم، ونهنهت زجرت، وكدت بكسر الكاف وضمها. قوله: "أراد بعدما كدت أن أفعله" وقيل: الأصل بعدما كدت أفعلها أي تلك الفعلة ففعل به ما فعل بقولهم والكرامة ذات أكرمكم الله به بفتح الباء، ورجحه في المغني بكون الخبر عليه من الكثير. قوله: "وفيه إشعار باطراد إلخ" دفع لما قد يقال يحتمل أن إثبات أن في البيتين السابقين شاذ لا قليل فقط. قوله: "وألزموا اخلولق أن مثل حرى" للإشعار بأنهما للرجاء ولما كانت عسى شهيرة فيه لم تلزمها أن وإن اشتركت الثلاثة في الرجاء المختص بالمستقبل. قوله: "وبعد أوشك انتفا أن نزرا" قال اللقاني: لأن القرب المرجح للتجرد من أن أمر عارض فيها دون أختيها كاد وكرب لأنها موضوعة للإسراع المفضي إلى القرب بخلاف كاد وكرب فللقرب فلهذا اختصت عنهما بغلبة الاقتران بأن وضبط شيخنا السيد نقلًا عن البهوتي أوشك في قوله وبعد أوشك بسكون الكاف لئلا ينتقل من الرجز إلى الكامل   247- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص330؛ والمقاصد النحوية 2/ 208. 248- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص471؛ وله أو لعمرو بن جؤين في لسان العرب 6/ 62؛ "خبس"؛ ولعامر بن جؤين في الأغاني 9/ 93؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 337؛ والكتاب 1/ 307؛ والمقاصد النحوية 4/ 401؛ ولعامر بن جؤين أو لبعض الطائيين في شرح شواهد المغني 2/ 931؛ ولعامر بن الطفيل في الإنصاف 2/ 561؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص148؛ وجمهرة اللغة ص289؛ والدرر 1/ 177؛ ورصف المباني ص113؛ ومغني اللبيب 2/ 640؛ والمقرب 1/ 270؛ وهمع الهوامع 1/ 58. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 ومثل كاد في الأصح كربا ... وترك أن مع ذي الشروع وجبا   وكقوله: 249- ولو سئل الناس التراب لأوشكوا ... إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا ومن التجرد قوله: 250- يوشك من فرد من منيته ... في بعض غراته يوافقها "ومثل كاد في الأصح كربًا" بفتح الراء ونقل كسرها أيضًا، يعني أن إثبات أن بعدها قليل ومنه قوله: 251- قد برت أو كربت أن تبورا ... لما رأيت بيهسا مثبورا وقوله: 252- سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظما ... وقد كربت أعناقها أن تقطعا   سهو ظاهر لأن هذا إنما هو في أوشك في قوله بعد عسى اخلولق أوشك.. قوله: "غراته" بكسر الغين أي غفلاته. قوله: "ومثل كاد إلخ" أي في أنها للمقاربة وفي أن الكثير تجردها من أن وإن اقتضى كلام الشارح أن التشبيه في الثاني فقط. قوله: "في الأصح" مقابله شيئان مقتضى كلام سيبويه حيث لم يذكر فيها إلا التجرد. ومذهب ابن الحاجب حيث جعلها من أفعال الشروع وسيذكر الشارح الأول واقتصار شيخنا والبعض على كونه أشار بقوله في الأصح إلى خلاف ابن الحاجب قصور. قوله: "قد برت" بضم الموحدة أي هلكت. وبيهس اسم رجل، والمثبور الهالك. قوله: "سقاها" الضمير إلى العروق المتقدمة في قوله:   249- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 311؛ وتخليص الشواهد ص322؛ والدرر 2/ 144؛ وشرح التصريح 1/ 206؛ وشرح شذور الذهب ص350؛ وشرح ابن عقيل ص168، 171؛ وشرح عمدة الحافظ ص817؛ ولسان العرب 10/ 513 "وشك"؛ والمقاصد النحوية 2/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 130. 250- اليبت من المنسرح، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص42؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 167؛ وشرح التصريح 1/ 207؛ وشرح المفصل 7/ 126؛ والعقد الفريد 3/ 187؛ والكتاب 3/ 161؛ ولسان العرب 6/ 32 "بيس"؛ 188 "كأس"؛ والمقاصد النحوية 2/ 187؛ ولعمران بن حطان في ديوانه ص123؛ ولأمية أو لرجل من الخوارج في تخليص الشواهد ص323؛ والدرر 2/ 136؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 313؛ وشرح شذور الذهب ص352؛ وشرح ابن عقيل ص168؛ وشرح عمدة الحافظ ص818؛ والمقرب 1/ 98؛ وهمع الهوامع 1/ 129؛ 130. 251- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 286؛ والمقاصد النحوية 2/ 210؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص330. 252- البيت من الطويل، وهو لأبي زيد الأسلمي في تخليص الشواهد ص330؛ والدرر 2/ 143؛ وشرح التصريح 1/ 207؛ وشرح عمدة الحافظ ص815؛ والمقاصد النحوية 2/ 193؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 316؛ وشرح شذور الذهب ص355؛ وشرح ابن عقيل ص196؛ والمقرب 1/ 99؛ وهمع الهوامع 1/ 130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 كأنشا الساشق يحدو وطفق ... كذا جعلت وأخذت وعلق   والكثير التجرد ولم يذكر سيبويه غيره. ومنه قوله: 253- كرب القلب من جواه يذوب ... حين قال الوشاه هند غضوب "وترك أن مع ذي الشروع وجبا" لما بينهما من المنافاة لأن أفعال الشروع للحال وأن للاستقبال "كأنشا السائق يحدو وطفق" زيد يعدو بكسر الفاء وفتحها، وطبق بالباء أيضًا و"كذا جعلت" أتكلم "وأخذت" أقرأ "وعلق" زيد يسمع. ومنه قوله: 254- أراك علقت تظلم من أجرنا ... وظلم الجار إذلال المجير تنبيهات: الأول عد الناظم في غير هذا الكتاب من أفعال الشروع هب وقام، نحو هب زيد يفعل، وقام بكر ينشد. الثاني إذا دل دليل على خبر هذا الباب جاز حذفه ومنه   مدحت عروقًا للندى مصت الثرى قيل المقصود بالعروق جماعة أراد الشاعر هجوهم بأنهم حديثون في الغنى والعطاء وأن أصلهم الفاقة وعدم العطاء قاله العيني في شواهده الكبرى، وهو يفيد أن العروق بضم العين جمع عرق ويؤيده الجمع في قوله أعناقها فتفسير البعض العروق في البيت بالفرس الخفيفة لحم اللحيين بانيًا ذلك على أنها بفتح العين ليس في محله. والأحلام العقول والسجل بالفتح قال في القاموس الدلو العظيمة مملوءة. ا. هـ. ونقل شيخنا عن الشارح في شرحه للتوضيح أنه الدلو التي فيها ماء قل أو جلّ. وتقطعًا أصله تتقطع. قوله: "من جواه" أي شدة وجده. قوله: "وترك أن إلخ" تحصل من كلام المصنف أن خبر أفعال هذا الباب بالنسبة إلى اقترانه بأن وتجرده منها أربعة أقسام ما يجب اقترانه وهو حرى واخلولق وما يجب تجرده وهو أفعال الشروع وما يغلب اقترانه وهو عسى وأوشك وما يغلب تجرده وهو كاد وكرب. قوله: "وطبق بالياء" أي المكسورة كما في التصريح. قوله: "هب وقام" أقول يجب أن يعد منها شرع في نحو شرع زيد يأكل. قوله: "ينشد" إما مضارع الثلاثي نشد الضالة ينشدها من باب نصر أو مضارع الرباعي أنشد الشعر. قوله: "على خبر هذا الباب" أي بخلاف باب كان   253- البيت من الخفيف، وهو لكحلبة اليربوعي أو لرجل من طيئ في الدرر 2/ 141؛ وشرح التصريح 1/ 207؛ والمقاصد النحوية 2/ 189؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 314؛ وتخليص الشواهد ص330؛ وشرح شذور الذهب ص353؛ ورح ابن عقيل ص169؛ وشرح عمدة الحافظ 814؛ وهمع الهوامع 1/ 130. 254- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الدرر 2/ 134؛ وشرح شذور الذهب ص357؛ وشرح عمدة الحافظ ص810؛ وهمع الهوامع 1/ 128. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الحديث "من تأنى أصاب أو كاد ومن عجل أخطأ أو كاد". الثالث يجب في المضارع الواقع خبرًا لأفعال هذا الباب غير عسى أن يكون رافعًا لضمير الاسم وأما قوله: 255- وأسقيه حتى كاد مما أبثه ... تكلمني أحجاره وملاعبه وقوله: 256- وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ... ثوبي فأنهض نهض الشارب الثمل فأحجاره وثوبي بدلان من اسمي كاد وجعل. وأما عسى فإنه يجوز في المضارع   فقد قال السيوطي في الهمع. قال أبو حيان: نص أصحابنا على أنه لا يجوز حذف اسم كان وأخواتها ولا حذف خبرها لا اختصارًا ولا اقتصارًا. ا. هـ. قال سم: ولينظر ذلك مع ما ذكروه في نحو إن خير فخير من أن خير الأول اسم كان المحذوفة مع خبرها اللهم إلا أن يخص المنع بغير ذلك. ا. هـ. ثم نقل في الهمع قولين آخرين في حذف خبر كان وأخواتها وقد مرا في بابها. قوله: "أن يكون رافعًا لضمير الاسم" لوضعها على ارتباط الفعل المقرب أو المرجى أو المشروع فيه بنفس مرفوعها. وجوز في التسهيل رفعه السببي على قلة ومثل له الدماميني بقول الشاعر وقد جعلت إذا إلخ. قوله: "وأما قوله إلخ" مثله قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 117] ، فيؤول بأن قلوب بدل من الضمير في كاد الراجع إلى القوم وفاعل تزيغ ضمير راجع إلى القلوب لتقدمها رتبة وسيتضح ذلك لكن هذا إنما يتأتى على قراءة من قرأ تزيغ بالتاء الفوقية أما على قراءة من قرأه بياء الغيبة فلا لوجوب تأنيث الفعل إذا أسند إلى ضمير المؤنث وكذا لا يتأتى أن يكون في الكلام تنازع لما ذكرنا وإنما هو على إضمار ضمير الشأن كذا قال الدماميني في كونه على إضمار ضمير الشأن نظر ظاهر وإذا أرجع إلى الضمير في يزيغ بياء الغيبة إلى القلوب باعتبار الجمع كان ضمير مذكر. قوله: "وأسقيه" أي ربع فيه بدمعي وشكواي مما أبثه أظهره، وما موصول اسمي. وملاعبه مواضع اللعب. قوله: "الثمل" أي السكران. قوله: "بدلان من اسمي كاد وجعل" أي الأول بدل بعض إن كانت الأحجار والملاعب   255- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص821؛ وأدب الكاتب ص462؛ والدرر 2/ 155؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 364؛ وشرح التصريح 1/ 204؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 91، 92؛ وشرح شواهد الإيضاح ص583؛ وشرح شواهد الشافية ص41؛ والكتاب 4/ 59؛ ولسان العرب 14/ 391 "سقى" 14/ 44 "شكا"؛ والمقاصد النحوية 2/ 176؛ والممتع في التصريف ص187 وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 307، والصاحبي في فقه اللغة ص226؛ وهمع الهوامع 1/ 131. 256- البيت من البسيط، وهو لعمرو بن أحمر في ملحق ديوانه ص182؛ وخزانة الأدب 9/ 359، 362؛ ولأبي حية النمري في الحيوان 6/ 483؛ وشرح التصريح 1/ 204؛ وشرح شواهد الإيضاح ص74؛ والمقاصد النحوية 2/ 173؛ ولابن أحمر أو لأبي حية النمري في الدرر 2/ 133؛ ولأبي حية أو للحكم بن عبدل في شرح شواهد المغني 2/ 911؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 305؛ وشرح التصريح 1/ 206؛ ومغني اللبيب 2/ 579؛ والمقرب 1/ 101. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 واستعملوا مضارعًا لأوشكا ... وكاد لا غير وزادوا موشكا   بعدها خاصة أن يرفع السببي كقوله: 257- وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده ... إذا نحن جاوزنا حفير زياد روي بنصب جهده ورفعه، ولا يجوز أن يرفع ظاهرًا غير سببي وأما قوله: 258- عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب فإن في يكون ضمير الاسم والجملة بعد خبر كان "واستعملوا مضارعًا لأوشكا" كما رأيت وهو أكثر استعمالًا من ماضيها "وكاد لا غير" أي دون غيرهما من أفعال الباب،   من أجزاء الربع وهو ظاهر وإلا فبدل اشتمال كالثاني أي لا فاعلان ليثقلني وتكلمني والتقدير جعل ثوبي يثقلني وكادت أحجاره تكلمني فعاد الضمير على البدل لأنه المقصود بالحكم مع تقدمه رتبة وصار يثقلني وتكلمني خبرين لعامل البدل المقدر فأغنى ذلك عن عود الضمير إلى المبدل منه وعن خبري عامل المبدل منه فلم يرفع الخبر إلا ضمير الاسم لا خبرين لكاد وجعل المذكورين لأن الفعل حينئذٍ رافع لغير ضمير الاسم فلا يتم الجواب. قاله الناصر. قوله: "أن يرفع السببي" أي الاسم الظاهر المتصل بضمير يعود إلى الاسم. قوله: "وماذا" مبتدأ وذا ملغاة أو اسم موصول وعسى إلخ على إضمار القول صلة لأن الإنشاء لا يقع صلة أي ما الذي يقال فيه عسى إلخ. والمعنى ما الذي يرجى للحجاج أن يناله مني أحبسي أو قتلي؟ أي لا يرجى له شيء من ذلك. والجهد بالضم الوسع والطاقة والبيت من كلام الفرزدق حين توعده الحجاج الثقفي فهرب من العراق. وحفير زياد موضع بين الشام والعراق وزياد هو أخو معاوية بن أبي سفيان كان أميرًا بالعراق نيابة عن معاوية تصريح. قوله: "روي بنصب جهده" أي على المفعولية ليبلغ ولا شاهد فيه حينئذٍ لرفعه ضمير الاسم وعائد الموصول محذوف أي يبلغ به وقوله ورفعه أي على الفاعلية والمفعول ضمير محذوف في يبلغ يعود على الموصول هو العائد. قوله: "خبر كان" أي مضارع كان ولو قال خبر يكون لكان أحسن. قوله: "كما رأيت" أي من قوله يوشك من فر إلخ.   257- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 160؛ والدرر 2/ 154؛ وشرح التصريح 1/ 205؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص677؛ ومعجم ما استعجم ص459؛ والمقاصد النحوية 2/ 180؛ ولمالك بن الريب في ملحق ديوانه ص51؛ وخزانة الأدب 2/ 211؛ والشعر والشعراء 1/ 361؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 308؛ وهمع الهوامع 1/ 131. 258- البيت من الوافر، وهو لهدبة بن خشر في خزانة الأدب 9/ 328، 330؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 142؛ والدرر 2/ 145؛ وشرح التصريح 1/ 206؛ وشرح شواهد الإيضاح ص97؛ وشرح شواهد المغني ص443؛ والكتاب 3/ 159؛ واللمع ص225؛ والمقاصد النحوية 2/ 184؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص128؛ وأوضح المسالك 1/ 312؛ وتخليص الشواهد ص326؛ وخزانة الأدب 9/ 316؛ والجني الداني ص462؛ وشرح ابن عقيل ص165، وشرح عمدة الحافظ ص816؛ المقرب 1/ 98؛ وشرح المفصل 7/ 117، 121، ومغني اللبيب ص152؛ والمقتضب 3/ 70؛ وهمع الهوامع 1/ 130. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فإنه ملازم لصيغة الماضي "وزادوا موشكا" اسم فاعل من أوشك معملًا عمله كقوله: 259- فموشكة أرضنا أن تعودا ... خلاف الأنيس وحوشا يبابا وقوله: 260- فإنك موشك ألا تراها ... وتعدو دون غاضرة العوادي وهو نادر: تنبيهات: الأول أثبت جماعة اسم الفاعل من كاد وكرب، وأنشدوا على الأول قوله: 261- أموت أسى يوم الرجام وإنني ... يقينا لرهن بالذي أنا كائد وعلى الثاني قوله:   قوله: "فموشكة أرضنا إلخ" موشكة خبر مقدم وأرضنا مبتدأ مؤخر وفي موشكة ضمير هو اسمها وأن تعود خبرها. خلاف الأنيس أي بعد الأنيس كقوله تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّه} [التوبة: 81] ، وحوشا بفتح الواو أي متوحشة وبضمها أي ذات وحوش يبابا أي خرابا خبر تعود بمعنى تصير. قوله: "وتغدو دون غاضرة" بالغين والضاد المعجمتين أي تعوق دون هذه الجارية العوائق، وهو من وضع الظاهر موضع المضمر. قوله: "قوله" أي قول كبير بالباء الموحدة والتكبير ابن عبد الرحمن كما في التصريح، ولا ينافيه قول الشارح بعد في شرح ديوان كثير أي بالمثلثة والتصغير لاحتمال أن تكلمه على هذا البيت استطرادي لا لكونه في الديوان لكن نقل شيخنا عن شرح التوضيح للشارح أنه قول كثير عزة. وكان كثير بالمثلثة والتصغير رافضيًا سيئ الاعتقاد. وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه يقول: إني لأعرف صالح بني هاشم ببغضه لكثير وفاسدهم بحبه له. قوله: "أموت أسى" أي حزنًا. والرجام بكسر الراء وبالجيم اسم موضع وقعت به وقعة. لرهن أي مرهون بالذي أنا كائد أي كائد آتيه فالخبر محذوف. قوله:   259- البيت من المتقارب، وهو لأبي سهم الهذلي في تخليص الشواهد ص336، والدرر 2/ 137 والمقاصد النحوية 2/ 211؛ ولأسامة بن الحارث في شرح أشعار الهذليين ص1293؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص171؛ وشرح عمدة الحافظ ص823؛ وهمع الهوامع 1/ 129. 260- البيت من الوافر، وهو لكثير عزة في ديوانه ص220؛ والدرر 2/ 138؛ وشرح التصريح 1/ 208؛ وشرح عمدة الحافظ ص823؛ والمقاصد النحوية 2/ 205؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 321؛ وتخليص الشواهد ص336؛ وهمع الهوامع 1/ 129. 261- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص320؛ وتخليص الشواهد ص336؛ وشرح التصريح 1/ 208؛ وشرح عمدة الحافظ 824؛ والمقاصد النحوية 2/ 198؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 318؛ وشرح ابن عقيل ص171. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد ... غنى بأن يفعل عن ثان فقد   262- أبني إن أباك كارب يومه ... فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل والصواب أن الذي في البيت الأول كابد بالباء الموحدة كما جزم به ابن السكيت في شرح ديوان كثير، اسم فاعل من المكابدة غير جار على فعله إذ القياس مكابد. قال ابن سيده: كابده مكابدة وكبادًا قاساه، والاسم كابد كالكاهل والغارب، وإن كاربا في البيت الثاني اسم فاعل من كرب التامة نحو قولهم: كرب الشتاء أي قرب كما جزم به الجوهري وغيره. الثاني حكى الأخفش طفق يطفق كضرب يضرب، وطفق يطفق كعلم يعلم. وسمع أيضًا: أن البعير ليهرم حتى يجعل إذا شرب الماء مجه "بعد عسى" و"اخلولق" و"أوشك قد يرد غنى بأن يفعل" أي يستغني بأن والمضارع "عن ثان" من معموليها "فقد" وتسمى حينئذ تامة نحو: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا} [البقرة: 216] ، واخلوق أن يأتي، وأوشك أن يفعل، فأن والمضارع في تاويل اسم مرفوع بالفاعلية مستغنى به عن المنصوب   "كارب يومه" أي كارب في يومه يموت فالخبر محذوف. قوله: "اسم فاعل من كرب التامة" وأصله كارب يوم برفع يوم أي قريب يوم وفاته. قوله: "كضرب وقوله كعلم" الأحسن كجلس وكفرح ليفيد زنة المصدر أيضًا فإن مصدر المفتوح طفوق كجلوس ومصدر المكسور طفق كفرح قاله الناصر. قوله: "حتى يجعل" بالرفع لأن حتى ابتدائية وفي هذا المسموع ما تقدم في قول ابن عباس فجعل الرجل إلخ. قوله: "بعد عسى إلخ" أي لا بعد غير هذه الثلاثة وكأنه لعدم السماع. قوله: "غني بأن يفعل إلخ" اعلم أن مذهب الجمهور أنها في هذه الحالة أفعال تامة وأن يفعل فاعلها ولا خبر لها ومذهب الناظم أنها ناقصة وأن يفعل سد مسد معموليها كما سد مسد المفعولين في نحو: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2] ، وكلام الناظم محتمل لها ومعناه على مذهب الجمهور غني بأن يفعل عن أن يكون لها ثان لتمامها وعلى مذهبه غني بأن يفعل عن أول وثان لكن لم يذكر الأول لظهور أغناء أن يفعل عنه لوقوعه في محله بخلاف الثاني. والشارح رحمه الله تعالى حمل كلامه على غير مذهبه والمناسب خلافه ويلزم على مذهب الناظم أن أن يفعل في محل رفع ونصب ولا مانع منه لوجود محلين مختلفين لشيء واحد باعتبارين في نحو أعجبني كونك مسافرًا. قوله: "مستغنى به عن المنصوب" أي عن أن يكون له منصوب فاندفع الاعتراض بأن   262- البيت من الكامل، وهو لعبد قيس بن خفاف في الأصمعيات ص229، والحماسة الشجرية 1/ 469؛ وسمط اللآلي ص937؛ وشرح اختيارات المفضل ص1555؛ وشرح التصريح 1/ 208؛ وشرح شواهد المغني 1/ 271؛ ولسان العرب 1/ 712 "كرب"؛ والمقاصد النحوية 2/ 202؛ ونوادر أبي زيد ص114؛ ولعبد الله بن خفاف في تخليص الشواهد ص336؛ وجمهرة اللغة ص328. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 وجردن عسى أو ارفع مضمرا ... بها إذا اسم قبلها قد ذكرا   الذي هو الخبر. وهذا إذا لم يكن بعد أن والمضارع اسم ظاهر فإن كان نحو عسى أن يقوم زيد فذهب الشلوبين إلى أنه يجب أن يكون الاسم الظاهر مرفوعًا بيقوم وأن ويقوم فاعل عسى وهي تامة لا خبر لها، وذهب المبرد والسيرافي والفارسي إلى تجويز ذلك، وتجويز وجه آخر وهو أن يكون الاسم الظاهر مرفوعًا بعسى اسمًا لها، وأن والمضارع في موضع نصب خبرًا لها متقدما على الاسم، وفاعل المضارع ضمير يعود على الاسم الظاهر، وجاز عوده عليه متأخر التقدمة في النية، وتظهر فائدة الخلاف في التثنية والجمع والثأنيث فتقول على رأيه عسى أن يقوم الزيدان، وعسى أن تقوم الهندات، وعسى أن تطلع الشمس، بتأنيث تطلع وتذكيره وعلى رأيهم يجوز عسى أن يقوما الزيدان وعسى أن يقوموا الزيدون وعسى أن يقمن الهندات وعسى أن تطلع الشمس بتأنيث تطلع فقط وهكذا أوشك واخلولق. تنبيه: يتعين الوجه الأول في نحو عسى أن يضرب زيدًا عمرًا فلا يجوز أن يكون زيد اسم عسى لئلا يلزم الفصل بين صلة أو ومعمولها وهو عمرًا بأجنبي وهو زيد، ونظيره قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] ، "وجردن عسى" وأختيها اخلولق وأوشك من الضمير واجعلها مسندة إلى أن يفعل كما مر "أو ارفع مضمرًا بها" يكون اسمها وأن يفعل خبرها "إذا اسم قبلها قد ذكرا" ويظهر أثر ذلك في التثنية   الشارح ماش على مذهب الجمهور ولا منصوب لها عندهم حتى يقال: إن أن والفعل أغنى عنه. قوله: "وتجويز وجه آخر" أورد على هذا المذهب لزوم التباس اسم عسى المبتدأ في الأصل بفاعل الفعل بعدها، وقد منعوا في باب المبتدأ تقديم الخبر الفعلي الرافع لضمير المبتدأ خوفًا من التباس المبتدأ بالفاعل. وقد يجاب بأن هذا اللبس لا محذور فيه هنا لأنه لا يخرج الجملة عن كونها فعلية لابتدائها بفعل أبدأ وهو عسى بخلافه هناك فإنه يخرج الجملة من الاسمية إلى الفعلية وقد يدفع هذا الجواب تجويز تقدير الاسم الظاهر مبتدأ مؤخرًا كما ذكره الشارح في شرحه على التوضيح أفاده سم. وإنما منع الشلوبين هذا الوجه لضعف هذه الأفعال عن توسط الخبر بينها وبين الاسم كما في الأوضح. قوله: "أن يكون الاسم الظاهر مرفوعًا بعسى" قال سم: هل يجوز ذلك الوجه إذا لم يقترن الفعل بأن نحو عسى يقوم زيد. ا. هـ. قال البعض: الظاهر جوازه إذ لا فرق تأمل. ا. هـ. وأقول: بل يجب إذا لم يجعل الفعل على تقدير أن لعدم ما يصلح لمرفوعية عسى غيره. قوله: "بتأنيث تطلع وتذكيره" أي لجوازهما في المسند إلى ظاهر مجازي التأنيث. قوله: "بتأنيث تطلع فقط" لوجوب تأنيث المسند إلى ضمير المؤنث ولو كان مجازي التأنيث. قوله: "ونظيره قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] أي إن جعل نصب مقامًا بالفعل المذكور على أنه ظرف أو غير ذلك فإن جعل نصبه بمحذوف على المصدرية أي فتقوم مقامًا جاز أن تكون عسى تامة وأن تكون ناقصة على التقديم والتأخير قاله الفارضي. قوله: "إذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والجمع والتأنيث فتقول على الأول الزيدان عسى أن يقوما والزيدون عسى أن يقوموا، وهند عسى أن تقوم، والهندات عسى أن يقوما، والهندات عسى أن يقمن. وهكذا اخلولق وأوشك هذه لغة الحجاز. وتقول على الثاني الزيدان عسيا، والزيدون عسوا، وهند عست، والهندات عستا، والهندات عسين. وهكذا اخلولق وأوشك. وهذه لغة تميم. تنبيهان: الأول ما سوى عسى وأخلولق وأوشك من أفعال الباب يجب فيه الإضمار تقول: الزيدان أخذا يكتبان وطفقا يخصفان، ولا يجوز أخذ يكتبان وطفق يخصفان. الثاني اختلف فيما يتصل بعسى من الكاف وأخواتها نحو عساك وعساه فذهب سيبويه إلى أنه في موضع نصب حملًا على لعل كما حملت لعل على عسى في اقتران خبرها بأن كما في الحديث "فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض" وذهب المبرد والفارسي إلى أن عسى على ما كانت عليه من رفع الاسم ونصب والذي كان خبرًا جعل الخبر، لكن   اسم قبلها قد ذكرا" أي لفظًا كما مثل أو رتبة كما في عسى أن يقوم زيد على جعل زيد مبتدأ مؤخرًا فيجوز حينئذٍ في عسى الوجهان رفعها المضمر وتجريدها منه. قاله الشارح في شرح التوضيح قال سم: ويشكل على تجويزه جعل زيد مبتدأ مؤخرًا أنه يلزم التباس المبتدأ بالفاعل وقد تحرزوا منه كما مر في المبتدأ. قوله: "لغة الحجاز" وعليها قوله تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْم} [الحجرات: 11] ، الآية. قوله: "يجب فيه الإضمار" أما فيما لا يقترن خبره بأن فلعدم جواز إسناد الفعل إلى الفعل وأما فيما يقترن بأن كحرى فلعدم السماع. قوله: "وأخواتها" كالهاء والياء التحتية في عساه وعساني. قوله: "في موضع نصب" أي اسمًا لها فمذهبه إبقاء طرفي الإسناد بحالهما والمنعكس إنما هو العمل ويدل له: فقلت عساها نار كأس وعلها برفع نار. قوله: "حملًا على لعل" أي في العمل بجامع الترجي أو الإشفاق في كل قال في التوضيح وشرحه التصريح ما نصه وهي حينئذٍ أي حين إذ نصبت الاسم ورفعت الخبر حرف كلعل لئلا يلزم حمل الفعل على الحرف وفاقًا للسيرافي ونقله أي نقل السيرافي القول بحرفيته عن سيبويه وخلافًا للجمهور في إطلاق القول بفعليته. ولابن السراج وثعلب في إطلاق القول بحرفيته. فالحاصل في عسى ثلاثة أقوال فعل مطلقًا حرف مطلقًا التفصيل إن عمل عمل لعل فحرف وإلا ففعل ومحل الخلاف في عسى الجامدة. أما عسى المتصرفة فإنها فعل باتفاق ومعناها اشتد. ا. هـ. ببعض حذف. قوله: "ألحن" أي أفصح. قوله: "لكن الذي كان اسمًا" أي كان حقه أن يجعل اسمًا لعسى لكونه المخبر عنه وهو المبتدأ في الأصل وهو الضمير جعل خبرًا أي مقدمًا والذي كان خبرًا أي كان حقه أن يجعل خبرًا لها وهو خبر المبتدأ في الأصل جعل اسمًا أي مؤخرًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الذي كان اسمًا جعل خبرًا اسمًا. وذهب الأخفش إلى أن عسى على ما كانت عليه إلا أن ضمير النصب ناب عن ضمير الرفع كما ناب عنه في قوله: 263- يابن الزبير طالما عصيكا ... وطالما عنيتنا إليكا وكما ناب ضمير الرفع عن ضمير النصب وضمير الجر في التوكيد نحو رأيتك أنت، ومررت بك أنت، وهذا ما اختاره الناظم قال: ولو كان الضمير المشار إليه في موضع نصب كما يقول سيبويه والمبرد لم يقتصر عليه في مثل: 264- يا أبتا علك أو عساكا   فمذهب المبرد إقرار العمل والمنعكس إنما هو طرفا الإسناد ويلزم عليه جعل خبر عسى اسمًا صريحًا وهو نادر كما تقدم. قوله: "وذهب الأخفش إلى أن عسى على ما كانت عليه" أي من رفع الاسم ونصب الخبر مع بقاء طرفي الإسناد بحالهما فاللازم على مذهبه إنما هو التجوز في الضمير بجعل ضمير النصب مكان ضمير الرفع. قوله: "وهذا ما اختاره الناظم" ردّ بأمرين: الأول أن إنابة ضمير عن ضمير إنما ثبتت في المنفصل نحو ما أنا كأنت وأما: يابن الزبير طالما عصيكا فالكاف بدل من التاء بدلًا تصريفيًّا لا من باب إنابة ضمير عن ضمير. الثاني ظهور الخبر مرفوعًا في قوله: فقلت عساها نار كأس وعلها قاله الدماميني. قوله: "كما يقول سيبويه والمبرد" لأنهما اتفقا على أنه في محل نصب وإن افترقا في أن سيبويه يقول: هو اسم والمبرد يقول: هو خبر مقدم. قوله: "لم يقتصر عليه إلخ" قد يقال: إن علك في البيت الذي أنشده قد اقتصر فيه على ما هو في موضع نصب فلو كان   263- الرجز لرجل من حمير في خزانة الأدب 4/ 428، 430؛ وشرح شواهد الشافية ص425؛ وشرح شواهد المغني 446؛ ولسان العرب 15/ 445 "تا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 591؛ ونوادر أبي زيد ص105؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص468؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 280؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 202؛ ولسان العرب 15/ 193 "قفا" ومغني اللبيب 1/ 153؛ والممتع في التصريف 1/ 414. 264- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص181؛ وخزانة الأدب 5/ 362، 367، 368؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 164؛ وشرح شواهد المغني 1/ 433؛ وشرح المفصل 7/ 123؛ والكتاب 2/ 375؛ والمقاصد النحوية 4/ 252؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336؛ والإنصاف 1/ 222؛ والجني الداني ص446، 470؛ والخصائص 2/ 96؛ والدرر 2/ 159؛ ورصف المباني ص29، 249، 35؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 406، 3/ 493؛ وشرح المفصل 2/ 12، 3/ 118، 120، 8/ 87، 9/ 33؛ واللامات ص135؛ ولسان العرب 14/ 349 "روي" وما ينصرف وما لا ينصرف ص130؛ والمقتضب 3/ 71؛ ومغني اللبيب 1/ 151، 2/ 699، وهمع الهوامع 1/ 132. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 والفتح والكسر أجز في السين من ... نحو عسيت وانتقا الفتح زكن   لأنه بمنزلة المفعول، والجزء الثاني بمنزلة الفاعل، والفاعل لا يحذف، وكذا ما أشبهه. ا. هـ. وفيه نظر "والفتح والكسر أجز في السين من" عسى إذا اتصل بها تاء الضمير أو نوناه كما في "نحو عسيت" وعسينا وعسين "وانتقا الفتح زكن" انتقا بالقاف مصدر انتقى الشيء أي اختاره وزكن علم أي اختيار الفتح علم لأنه الأصل وعليه أكثر القراء في قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} [محمد: 22] وقرأ نافع بالكسر. خاتمة: قال في شرح الكافية: قد اشتهر القول بأن كاد إثباتها نفي ونفيها إثبات حتى جعل هذا المعنى لغزًا: أنحوي هذا العصر ما هي لفظة ... جرت في لساني جرهم وثمود إذا استعملت في صورة الجحد أثبتت ... وإن أثبتت قامت مقام جحود   الاقتصار في عساك على الكاف يمنع كونه في موضع نصب لمنع الاقتصار في علك على الكاف كونه في موضع نصب ولا قائل به للاتفاق على أنه في موضع نصب اسم علّ ويدفع بأن عسى فعل وجنس الفعل يرفع الفاعل وينصب المفعول ولعلّ حرف وجنس الحرف لا يرفع الفاعل ولا ينصب المفعول فالذي يشبه الفاعل والذي يشبه المفعول هو مرفوع عسى ومنصوبها لا مرفوع لعلّ ومنصوبها. قوله: "والجزء الثاني" أي من معمولي عسى وهو الخبر. قوله: "وفيه نظر" لأنه لا يلزم من كون شيء بمنزلة شيء أن يعطي سائر أحكامه على أنه ورد حذف المرفوع في قولهم إن مالًا وإن ولدًا بل عهد حذف الفاعل في مواضع يمكن قياس ما هنا عليها. قوله: "والكسر" لأن كسر سين عسى بوزن رضى لغة فاحفظه. قوله: "أو نوناه" فيه تغليب نون الإناث على نا. قوله: "لأنه الأصل" أي الغالب. قوله: "فهل عسيتم" استدل به بعضهم على أن عسى خبر لأن الاستفهام لا يدخل على الإنشاء والجواب أنه محمول على المعنى كما قال الزمخشري والمعنى هل قاربتم أن تفسدوا في الأرض بمعنى أتوقع إفسادكم فأدخل هل مستفهمًا عما هو متوقع عنده والاستفهام للتقرير وإثبات أن المتوقع كائن وأنه صائب في توقعه كذا في يس. وحاصله أن المراد من عسى مجرد المقاربة فهي في معنى الخبر. قوله: "بأن كاد إثباتها نفي إلخ" اعلم أن ظاهر هذا المشهور أن كاد إثباتها نفي لها نفسها ونفيها إثبات لها نفسها. والرد الآتي مبني على حمله على هذا الظاهر وحمله كثير على أن اذ إثباتها للخبر ونفيها إثبات للخبر ورده على هذا الحمل بأن الخبر بمقتضى كاد منفي على كل حال فالشق الأول مسلم والثاني غير مسلم. قوله: "أنحوي هذا العصر إلخ" قائله المعري، وجرهم وثمود قبيلتان من العرب وأراد باللسان اللغة وقد أجابه الشهاب الحجازي بقوله: لقد كاد هذا اللغز يصدي فكرتي ... وما كدت منه أشتفي بورود فهذا جواب يرتضيه أولو النهي ... وممتنع عن فهم كل بليد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ومراد هذا القائل كاد. ومن زعم هذا فليس بمصيب بل حكم كاد حكم سائر الأفعال، وأن معناها منفي إذا صحبها حرف نفي وثابت إذا لم يصحبها. فإذا قال قائل: كاد زيد يبكي فمعناه قارب زيد البكاء، فمقاربة البكاء ثابتة ونفس البكاء منتف، وإذا قال: لم يكد يبكي فمعناه لم يقارب البكاء، فمقاربة البكاء منتفية، ونفس البكاء منتف انتفاء أبعد من انتفائه عند ثبوت المقاربة، ولهذا كان قوله ذي الرمة: 265- إذا غير النأي المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح صحيحًا بليغًا لأن معناه إذا تغير حب كل محب لم يقارب حبي التغير، وإذا لم يقاربه فهو بعيد منه، فهذا أبلغ من أن يقول: لم يبرح لأنه قد يكون غير بارح وهو قريب من البراح بخلاف المخبر عنه بنفي مقاربة البراح. وكذا قوله تعالى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور: 40] ، هو أبلغ في نفي الرؤبة من أن يقال: لم يرها لأن من لم ير قد يقارب الرؤبة بخلاف من لم يقارب. وأما قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] ، فكلام تضمن كلامين مضمون كل واحد منهما في وقت غير وقت الآخر. والتقدير   قوله: "ونفس البكاء إلخ" أي لأن القرب من الفعل يستلزم انتفاءه إذ لو حصل لكان الموصوف متلبسًا به لا قريبًا منه كذا قيل وقد يمنع الاستلزام وعبارة المغني لأن الأخبار بقرب الشيء يقتضي عرفًا عدم حصوله وإلا كان الاخبار حينئذٍ بحصوله لا بمقاربته إذ لا يحسن عرفًا أن يقال لمن صلى قارب الصلاة وإن كان ما صلى حتى قارب الصلاة. ا. هـ. ويمكن حمل الأول على هذا. قوله: "قول ذي الرمة" بضم الراء وتشديد الميم قطعة الحبل البالية واسمه غيلان قيل: لقب ذا الرمة لأنه أتى مية صاحبته وعلى كتفه قطعة حبل بالية فاستسقاها فقالت له: اشرب يا ذا الرمة فلقب به وقيل غير ذلك. قوله: "النأي" أي البعد. والرسيس يطلق على أول الشيء وعلى الشيء الثابت كما في القاموس. ومن بيانية لرسيس الهوى أو للهوى ويشير إلى الأول قول الشارح لم يقارب حبي ولو جرى على الثاني لقال: لم يقارب رسيس حبي ويبرح يذهب. قوله: "وأما قوله تعالى إلخ" جواب عما يقال لو كان خبر كاد المنفية منفيًّا بالأولى لكان قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا} [البقرة: 71] ، الآية متناقضًا ويوضح جوابه قول الرضي: قد يكون مع كاد المنفية قرينة تدل على ثبوت مضمون الخبر بعد انتفائه وانتفاء قربه فتكون تلك القرينة هي الدالة على ثبوت مضمونه في وقت بعد وقت انتفائه وانتفاء قربه لا لفظ كاد، ولا تنافي بين انتفاء الشيء في وقت ثبوته في وقت آخر وذلك كما في: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] . قوله: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} ضمير يفعلون عائد لضمير كادوا كما هو القاعدة من رجوع ضمير من الخبر إلى الاسم. قال يس: ولا مانع من كون مرجع الضمير ضميرًا. قوله: "فكلام إلخ"   265- البيت من الطويل، وهو في ديوان ذي الرمة ص1192؛ وخزانة الأدب 9/ 309-312؛ وشرح المفصل 7/ 124، ولسان العرب 6/ 97 "رسس". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 إن وأخواتها : لإن أن ليت لكن لعل ... كأن عكس ما لكان من عمل كإن زيدًا عالم بأني ... كفء ولكن ابنه ذو ضغن   فذبحوها بعد أن كانوا بعداء من ذبحها غير مقاربين له. وهذا واضح والله أعلم. إن وأخواتها: "لإن" و"أن" و"ليت" و"لعل" و"كأن عكس ما لكان" الناقصة "من عمل" فتنصب المبتدأ اسمًا لها وترفع الخبر خبرًا لها "كإن زيدا عالم بأني كفء ولكن ابنه ذو ضغن" أي حقد. وقس الباقي هذه اللغة المشهور. وحكى قوم منهم ابن سيده أن قومًا من   كلامًا واحدًا لأن قوله وما كادوا يفعلون حال من فاعل فذبحوها فيكون المجموع جملة واحدة. قوله: "كل واحد منهما إلخ" أي ولا تناقض بين انتفاء الشيء في وقت وثبوته في وقت آخر. إن وأخواتها: قوله: "فتنصب المبتدأ" أل في المبتدأ والخبر للجنس فإن من المبتدأ ما لا تنصبه كلازم التصدير إلا ضمير الشأن وكواجب الابتداء نحو طوبى للمؤمن ومن الخبر ما لا ترفعه كالطلبي والإنشائي. قال الدماميني: ومن هنا يعلم أن جملتي نعم وبئس خبريتان لا إنشائيتان لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه} [النساء: 58] ، ولقوله تعالى: {إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} [التوبة: 9] ، وسيأتي في ذلك كلام في باب نعم وبئس إن شاء الله تعالى. ا. هـ. أشار بقوله: وسيأتي إلخ إلى ما ذكره هناك وسنذكره إن شاء الله تعالى من قول جماعة كابن الحاجب إن نعم وبئس لإنشاء المدح والذم واعتراض الدماميني عليه بما هو متجه ولمن يجعلهما للإنشاء تأويل الآيتين بإضمار القول كما قيل به في قول الشاعر: إن الذين قتلتم أمس سيدهم ... لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما أو جعلهما واردين على الاستعمال الثاني في نعم وبئس وشبههما وهو استعمالهما أخبارًا كما سيأتي في باب نعم وبئس. قال في المغني: ينبغي أن يستثنى من منع الأخبار هنا بالطلب خبر أن المفتوحة المخففة فإنه يجوز أن يكون جملة دعائية كما في قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} [النور: 9] ، على القراءة بتخفيف النون بعدها جملة فعلية. وقولهم أما أن جزاك الله خيرًا على فتح الهمزة. ا. هـ. وحذف أحدهما لقرينة جائز على قلة إلا الاسم الذي هو ضمير الشأن فإن حذفه كثير وعليه خرج المصنف حديث: "إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون". والتزم حذف الخبر في ليت شعري مردفًا باستفهام نحو ليت شعري هل قام زيد أي ليت شعري جواب أو بجواب هذا الاستفهام حاصل. وقيل: جملة الاستفهام هي الخبر على تقدير مضاف أي ليت مشعوري جواب هذا الاستفهام. وتختص ليت أيضًا بجواز اتصال ومعموليها بها سادة مسد معموليها نحو ليت أنك قائم وقيل: الخبر محذوف تقديره حاصل مثلًا وقاس الأخفش لعل على ليت فجوز لعل أن زيدًا قائم. قوله: "وحكى قوم إلخ" ظاهره أن ذلك لغة وبه صرح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   العرب تنصب بها الجزأين معًا من ذلك قوله: 266- إذا اسود جنح الليل فلتأت ولتكن ... خطاك خفافًا إن حراسنا أسدا 267- يا ليت أيام الصبا رواجعا وقوله: 268- كأن أذنيه إذا تشوفا ... قادمة أو قلما محرفا تنبيهات: الأول لم يذكر الناظم في تسهيله أن المفتوحة نظرًا إلى كونها فرع   بعضهم ومنع الجمهور ذلك وأولوا ما ثبت منه بأن الجزء الثاني حال والخبر محذوف والتقدير في أن حراسنا أسدًا تلقاهم أسدًا، وفي يا ليت ألخ أقبلت رواجعًا، وفي كأن أذنيه إلخ يحكيان قادمة بل التأويل في الثالث متعين لئلا يلزم الاخبار بالمفرد عن المثنى. قوله: "جنح الليل" بالضم والكسر طائفة منه، والخطاء بالكسر والمد لكن قصره الشاعر للوزن جمع خطوة بالفتح كركوة وركاء كما في الصحاح. وهي نقل القدم. وجعلها بالضم جمع خطوة بالضم ما بين القدمين كما زعمه الشمني فتبعه شيخنا والبعض غير مناسب في البيت. قوله: "كأن أذنيه" أي الحمار والتشوف التطلع، والعامل في إذا معنى التشبيه في كأن، والقادمة واحدة قوادم الطير وهي مقادم ريشه وهي عشر في كل جناح. ا. هـ. شمني. قوله: "نظرًا إلى كونها إلخ" وإنما ذكر كأن مع أن أصلها إن المكسورة أدخلت عليها الكاف التشبيهية ففتحت الهمزة لانتساخ هذا الأصل بإدخال الكاف وجعل المجموع كلمة واحدة بدليل عدم احتياج الكاف إلى متعلق وعدم كون مدخولها في موضع جر عند الجمهور بخلاف أن المفتوحة   266- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في الجني الداني ص394؛ والدرر 2/ 167؛ وشرح شواهد المغني ص122؛ ولم أقع عليه في ديوانه، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 4/ 167، 10/ 242؛ ومغني اللبيب ص37. 267- الرجز لرؤبة في شرح المفصل 1/ 104؛ وليس في ديوانه، وللعجاج في ملحق ديوانه 2/ 306؛ وشرح شواهد المغني 2/ 690؛ وبلا نسبه في الأشباه والنظائر 4/ 262؛ والجني الداني ص492؛ وجواهر الأدب ص358؛ وخزانة الأدب 10/ 234، 235؛ والدرر 2/ 170؛ ورصف المباني ص298؛ وشرح عمدة الحافظ ص434؛ وشرح المفصل 1/ 104؛ والكتاب 2/ 142؛ ومغني اللبيب 1/ 285؛ وهمع الهوامع 1/ 134. 268- الرجز لمحمد بن ذؤيب في خزانة الأدب 10/ 237، 240؛ والدرر 2/ 168؛ وللعماني في سمط اللآلي ص876؛ وشرح شواهد المغني ص515؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص173؛ والخصائص 2/ 430؛ وديوان المعاني 1/ 36؛ ومغني اللبيب 1/ 193؛ وهمع الهوامع 1/ 134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المكسورة، وهو صنيع سيبويه حيث قال: هذا باب الحروف الخمسة. الثاني أشار بقوله عكس ما لكان إلى ما لهذه الأحرف من الشبه بكان في لزوم المبتدأ والخبر والاستغناء بهما، فعملت عملها معكوسًا ليكونا معهن كمفعول قدم وفاعل أخر تنبيهًا على الفرعية، ولأن معانيها في الأخبار فكانت كالعمد والأسماء كالفضلات فأعطيا إعرابيهما. الثالث معنى إن وأن التوكيد، ولكن الاستدراك والتوكيد، وليست مركبة على الأصح. وقال الفراء:   فليس أصلها منسوخًا بدليل جواز العطف بعدها على معنى الابتداء كما يعطف بعد المكسورة قاله في الهمع. قوله: "في لزوم المبتدأ والخبر" بيان لوجه الشبه، واحترز باللزوم عن ألا وأما الاستفتاحيتين لدخولهما على الجملتين، وقوله: والاستغناء بهما إلخ احتراز عن لولا الامتناعية لاحتياجهما معها إلى جواب وإذا الفجائية لاحتياجها معهما إلى سبق كلام. قوله: "معكوسًا" ليس من جملة المفرع إذ المشابهة لا تنتج العكس ولذلك احتاج إلى تعليله بقوله ليكونا إلخ فينبغي جعله معمولًا لمحذوف أي وعملت عملًا معكوسًا ليكونا إلخ. قوله: "تنبيهًا على الفرعية" أي بإعطائها الفرع الذي هو تقدم شبه المفعول وتأخر شبه الفاعل ولم يحتج لذلك في ما وأخواتها المحمولة على ليس لعدم احتياج فرعيتها إلى تنبيه لعدم اتفاق العرب على إعمالها واشتراط شروط في عملها يبطل بفقدان واحد منها. قوله: "ولأن معانيها في الأخبار" قال سم: وقد يقال: وكان وأخواتها كذلك. ا. هـ. قال الأسقاطي: هو كذلك لكن هذا الوجه عارضه في كأن وأخواتها أصالتها فأعطيت الأصل وهو تقديم المرفوع على المنصوب بخلافه في إن وأخواتها. ا. هـ. بقي أن الدماميني اعترض على العلتين بجريانهما في ما الحجازية وأخواتها مع منصوبها لم يقدم على مرفوعها وقد أسلفنا قريبًا دفعه عن العلة الأولى فتأمل. قوله: "فأعطيا" أي الأخبار والأسماء. وقوله إعرابيهما أي العمد والفضلات. وفي الكلام توزيع. قوله: "التوكيد" أي تقوية النسبة وتقريرها في ذهن السامع إيجابية أو سلبية على الصحيح، وتوكيد النسبة تارة يكون لدفع الشك فيها وتارة يكون لدفع انكارها وتارة يكون لا ولا، فالأول مستحسن والثاني واجب والثالث لا ولا، قاله في التصريح فالثالث عربي إلا أنه غير بليغ ولذا لم يذكره أهل المعاني قاله الروداني. قال سم: ولا ينافي كون المفتوحة للتوكيد أنها بمعنى المصدر وهو لا يفيد التوكيد لأن كون الشيء بمعنى الشيء لا يلزم أن يساويه في كل ما يفيده فاندفع ما لأبي حيان. قوله: "الاستدراك" هو تعقيب الكلام بنفي ما يتوهم منه ثبوته أو إثبات ما يتوهم منه نفيه هذا هو التعريف السالم من التكلف المحتاج إليه في تصحيح تعريفه بقولهم تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه وهو جعل نفيه بالجر عطفًا على ضمير ثبوته هذا. وذكر شيخنا السيد عن الدماميني ويس أن رفع التوهم ليس لازمًا للكن بل هو أغلبي فقط لأنها قد لا تكون لرفع التوهم نحو زيد قائم لكنه ضاحك فالتعريفان المذكوران مبنيان على الغالب، وفسر بعضهم الاستدراك كما في الروداني بمخالفة حكم ما بعد لكن لحكم ما قبلها مع التوهم أولًا وهذا أعم. قوله: "والتوكيد" أي على قلة نحو لم جاء زيد لأكرمته لكنه لم يجىء إذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أصلها لكن أن فطرحت الهمزة للتخفيف ونون لكن للساكنين. كقوله: 269- ولست بآتيه ولا أستطعه ... ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل وقال الكوفيون: مركبة من لا وإن الكاف الزائدة لا التشبيهية وحذفت الهمزة تخفيفًا. ومعنى ليت التمني في الممكن والمستحيل لا في الواجب فلا يقال: ليت غدًا يجيء. وأما قوله تعالى: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْت} [البقرة: 94، الجمعة: 6] مع أنه واجب فالمراد تمنيه قبل وقته وهو الأكثر. ولعل الترجي في المحبوب نحو: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] ، والإشفاق في المكروه نحو: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} [هود: 12] ، وقد اقتصر على هذين في شرح الكافية وزاد في التسهيل أنها تكون للتعليل والاستفهام فالتعليل نحو: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} [طه: 44] والاستفهام نحو: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّه   عدم المجيء معلوم من لو. قوله: "لكن أن" بفتح الهمزة كما في الهمع وسم. قوله: "ونون لكن للساكنين إلخ" أنشد البيت ليدفع بما دل عليه من عهد حذف نون لكن للساكنين ما يقال هلا كان المحذوف النون الأولى من أن لأن الضرر حصل بها ويدفع أيضًا بلزوم الاجحاف حينئذٍ فافهم. قوله: "ولست بآتيه إلخ" هذا حكاية لكلام ذئب دعاه المخاطب ليرافقه ويؤاخيه. فقوله: ولست بآبيه أي ما دعوتني إليه والفضل الزيادة. قوله: "من لا وإن" أي المكسورة الهمزة كما هو صريح كلام يس وشخينا السيد. قوله: "والكاف الزائدة" أي المفتوحة أصالة لكن كسرت اتباعًا للهمزة كما قاله يس وقال شيخنا السيد: كسرتها كسرة نقل من الهمزة. قوله: "لا التشبيهية" لأن المعنى على الاستدراك لا التشبيه. قوله: "وحذفت الهمزة" أي بعد نقل حركتها إلى الكاف على ما قاله شيخنا السيد وقد مر. قوله: "وليت" ويقال لت بإبدال الياء تاء وإدغامها في التاء. همع. قوله: "في الممكن" أي غير المتوقع أي المنتظر وقوعه بخلاف الممكن في الترجي فمنتظر وقوعه. قوله: "وهو الأكثر" أي التمني في المستحيل. قوله: "والإشفاق" وهو توقع المخوف. قوله: "فلعلك تارك إلخ" أورد أن ترك بعض ما يوحى إليه غير ممكن لعصمته. وأجيب بأن المراد بالممكن في قوله وتختص لعل بالممكن الممكن عقلًا وإن استحال عادة أو شرعًا كذا في حاشية البعض. وفيه نظر لأن ترك النبي بعض ما يوحى إليه مستحيل عقلًا لأن دليل استحالته   269- البيت من الطويل، وهو للنجاشي الحارثي في ديوانه ص111، والأزهية ص296؛ وخزانة الأدب 10/ 418، 419، وشرح أبيات سيبويه 1/ 195؛ وشرح التصريح 1/ 196؛ وشرح شواهد المغني 2/ 701؛ والكتاب 1/ 27؛ والمنصف 2/ 229؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 132، 261؛ والإنصاف 2/ 684؛ وأوضح المسالك 1/ 671؛ وتخليص الشواهد ص269؛ والجني الداني ص592؛ وخزانة الأدب 5/ 265؛ ورصف المباني ص277، 360؛ وسر صناعة الأعراب 2/ 440؛ وشرح المفصل 9/ 142؛ واللامات ص159؛ ولسان العرب 13/ 391 "لكن"؛ ومغني اللبيب 1/ 291؛ وهمع الهوامع 2/ 156. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يَزَّكَّى} [عبس: 3] ، وتابع في الأول الأخفش وفي الثاني الكوفيين وتختص لعل بالممكن وليست مركبة على الأصح، وفيها عشر لغات مشهور، وكأن التشبيه وهي مركبة على   عقلي كما قرر في فن الكلام. قوله: "لعله يزكى" أي يزكى أي ما يدريك جواب هذا السؤال. قوله: "وتختص لعل إلخ" لا يرد قول فرعون لعلي أطلع إلى إله موسى لأنه في زعمه الباطل ممكن هذا. وقد اختلف في لعل الواقعة في كلامه تعالى لاستحالة ترقب غير الموثوق بحصوله في حقه تعالى فقيل: إنها باعتبار حال المخاطبين، فالرجاء والإشفاق متعلق بهم كما أن الشك في أو كذلك. وفي شرح المناوي على الجامع الصغير إن لعل في كلام الله تعالى وكلام رسوله للوقوع. ا. هـ. وفيه نظر ظاهر وكلعل عسى ويؤخذ من التصريح كما قال الروداني أن معنى عسى ولعل في القرآن أمر بالترجي أو الإشفاق. وفي حاشية الكشاف للتفتازاني لعل موضوعة لتوقع محبوب وهو الترجي أو مكروه وهو الإشفاق والتوقع بوجهيه قد يكون من المتكلم وقد يكون من المخاطب وقد يكون من غيرهما كما تشهد به موارد الاستعمال وقد وردت في القرآن للاطماع مع تحقق حصول المطمع فيه لكن عدل عن طريق التحقيق إلى طريق الاطماع دلالة على أنه لا خلف في اطماع الكريم وأنه كجزمه بالحصول. ولما كان ما بعد لعل الاطماعية محقق الحصول وصالحًا لكونه غرضًا مما قبلها زعم ابن الأنباري وجماعة أن لعل قد تكون بمعنى كي ورده المصنف يعني الزمخشري بأن عدم صلوحها لمجرد معنى العلية يأباه، ألا تراك تقول دخلت على المريض كي أعوده ولا يصح لعل وقد لا تصلح لعل لشيء من هذه المعاني كما في قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [البقرة: 21 وغيرها] ، أما كونها ليست للإشفاق فظاهر أو لترجي الله فلاستحالته أو لترجي المخلوقين فلأنهم لم يكونوا حال الخلق عالمين بالتقوى حتى يرجوها، أو للإطماع فلأنه إنما يكون فيما يتوقعه المخاطب ويرغب فيه من جهة المتكلم والتقوى ليست كذلك بل هي مستعارة لحالة شبيهة بالترجي لتردد حال العباد بين التقوى وعدمها كتردد المترجي بين حصول المرجو وعدمه أو مجاز في الطلب. نعم إن قلنا بأن لعل قد تأتي للتعليل صح حملها في الآية عليه عند من لا يمنع تعليل فعله تعالى بالغرض العائد إلى العباد فإن منعه بعيد جدًا لمخالفته كثيرًا من النصوص. ا. هـ. باختصار. قوله: "وفيها عشر لغات" قال في التسهيل: وقد يقال في لعل عل ولعن وعن ولأن وأن ورعن ورغن ولغن أي بغين معجمة في هذين ولعلت. قال شيخنا: وزاد بعضهم لغتين وغلّ وغن بالمعجمة فيهما، وفي الهمع زيادة لونّ ولعا ورعل بمهملة. ونقل البعض زيادة على وأل بفتح اللام في هذين، فإن أراد فتح اللام مشددة لزمه التكرار لتقدم عل المشددة اللام في كلامه وإن أراد فتحها مخففة ورد عليه قول الشارح في آخر الباب. خاتمة لا يجوز تخفيف لعل على اختلاف لغاتها. ا. هـ. فإن هذا الكلام وإن قاله الشارح في مقام تخفيف حروف الباب بالسكون يفيد ظاهره ثبوت التشديد في جميع لغات لعل. وبالجملة فزيادة هذين محتاجة إلى تحرير ونقل صريح ولم أقف عليه ومجموع اللغات بهما سبع عشرة. قوله: "وكأن التشبيه" أي المؤكد. وقيد البطليوسي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 وراع ذا الترتيب إلا في الذي ... كليت فيها أو هنا غير البذي   الصحيح، وقيل بإجماع. من كاف التشبيه وأن، فأصل كأن زيدًا أسد إن زيدًا كأسد، فقدم حرف التشبية اهتمامًا به ففتحت همزة أن لدخول الجار "وراع ذا الترتيب" وهو تقديم اسمها وتأخير خبرها وجوبًا "إلا في" الموضع "الذي يكون الخبر فيه ظرفًا أو مجرورًا "كليت فيها أو هنا غير البذي" للتوسع في الظروف والمجرورات. قال في العمدة: ويجب أن يقدر العامل في الظرف بعد الاسم كما يقدر الخبر وهو غير ظرف. تنبيهان: الأول حكم معمول خبرها حكم خبرها فلا يجوز تقديمه إلا إذا كان ظرفًا   كونها للتشبيه بما إذا كان خبرها اسمًا أرفع من اسمها أو أحط وليس صفة من صفاته نحو كأن زيدًا ملك وكأن زيدًا حمار فإن كان خبرها فعلًا أو ظرفًا أو جارًا ومجروًا أو صفة من صفات اسمها كانت للظن نحو كأن زيدًا قام أو قائم أو عندك أو في الدار لأن زيدًا نفس القائم ونفس المستقر والشيء لا يشبه بنفسه. فائدة: قال الرضي أولى ما قيل في كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل أن التقدير كأنك تبصر بالدنيا أي تشاهدها كما في قوله تعالى: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُب} [القصص: 11] ، والجملة بعد المجرور بالباء حال بدليل رواية ولم تكن ولم تزل. وقولهم كأني بالليل وقد أقبل وكأني بزيد وهو ملك وأما قولهم كأنك بالشتاء مقبل وكأنك بالفرج آت فالأولى فيه أن ما بعد المجرور هو الخبر والمجرور متعلق به. قوله: "لدخول الجار" أو تخفيفًا لثقل الكلمة بالتركيب. قوله: "وراع ذا الترتيب" أي المعلوم من الأمثلة السابقة لضعف العمل بالحرفية. قوله: "إلا في الذي إلخ" إن قلت حيث توسع في الظرف والمجرور فهلا جاز تقديم خبرها عليها نفسها إذا كان ظرفًا أو مجرورًا. قلت لم يجز لأن لها الصدر كما في الحاجبية قالوا ليعلم من أول الأمر اشتمال الكلام على التأكيد أو التشبيه أو الاستدراك أو التمني أو الترجي سوى أن المفتوحة فليس لها الصدر. فإن قلت: فحينئذٍ لم لم يجر تقدم خبرها عليها. قلت: يوجه بالحمل على المكسورة فإنها فرعها. فإن قلت: فلم أمتنع خبر ما الحجازية على اسمها وإن كان ظرفًا أو مجرورًا كما تقدم. قلت: يوجه بأن هذا أقوى لأنها تشبه الأفعال لفظًا من حيث كونها على ثلاثة أحرف فصاعدًا ومبنية على الفتح ومعنى لأنها بمعنى أكدت وشبهت وتمنيت إلخ ولأنها مشبهة بفعل متصرف وهو كان وما مشبهة بفعل جامد وهو ليس والفعل المتصرف أقوى سم باختصار ووجه استثناء أن المفتوحة من لزوم الصدر أنها تستدعي سبق بعض كلامها فلا ترد لكن لأنها تستدعي سبق كلام تام فلا ينافي صدارتها في كلامها فاعرفه. قوله: "غير البذي" أي فاحش اللسان. قوله: "بعد الاسم" هذا يؤدي إلى أن المتقدم على الاسم معمول الخبر لا الخبر بناء على أن الخبر هو العامل مع أن كلامه في تقديم الخبر إلا أن يقال جعل المثالين من تقديم الخبر باعتبار الظاهر وقطع النظر عن المتعلق المحذوف. قوله: "وهو غير ظرف" كما في قولهم إن مالًا وإن ولدًا. قوله: "فلا يجوز تقديمه" أي على الاسم ويجوز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 وهمز إن افتح لسد مصدر ... مسدها وفي سوى ذاك اكسر   أو جارًّا ومجرورًا، نحو إن عندك زيدًا مقيم وإن فيك عمرًا راغب، ومنه قوله: 270- فلا تلحني فيها فإن بحبها ... أخاك مصاب القلب جم بلابلة وقد صرح به في غير هذا الكتاب ومنعه بعضهم الثاني محل جواز تقديم الخبر إذا كان ظرفًا أو مجرورًا في غير نحو إن عند زيد أخاه وليت في الدار صاحبها لما سلف "وهمز إن افتح" وجوبًا "لسد مصدر مسدها" مع معموليها لزومًا بأن وقعت في محل فاعل نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] ، أو مفعول غير محكي بالقول نحو:   تقديمه مطلقًا على الخبر كما يأتي في قوله: وتصحب الواسط معمول الخبر ويفرق بأن في تقديمه على الاسم فعلًا لها من معموليهما معًا. قوله: "فلا تلحني" أي تلمني، جم كثير بلا بله وساوسه وهمومه. قوله: "ومنعه بعضهم" الوجه خلافه لأنه يجوز تقديمه في ما وهذه أقوى بدليل جواز تقديم الخبر إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا هنا وامتناعه هناك أفاده سم. وما علل به المنع من أن تقديم المعمول يؤذن بجواز تقديم العامل والعامل هنا لا يتقدم نظر فيه شيخنا بأنه أغلبي كما مر لا كلي. قوله: "محل جواز تقديم الخبر إلخ" إذا حمل الجواز على مقابل الامتناع صدق بالوجوب فلا يحتاج إلى التقييد. قوله: "في غير نحو إلخ" أي من كل تركيب لابس فيه الاسم ضميرًا يعود على شيء في الخبر فيجب التقديم فرارًا من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة. وقد يمتنع نحو إن زيدًا لفي الدار لامتناع تقديم الخبر المصحوب باللام. وأما التمثيل لممتنع التقديم بنحو إن صاحب الدار فيها فنوقش بأن امتناع التقديم فيه مذهب الكوفيين وأما البصريون فأجازوه لأن الاسم وإن تأخر لفظًا متقدم رتبة فكذا ما أضيف هو إليه. قوله: "وجوبًا" أبقى الشارح الأمر هنا على ظاهره لأن التأويل في الثاني أعني قوله وفي سوى ذاك أكسر بجعله شاملًا للكسر الواجب والجائز على طريق استعمال صيغة الأمر في حقيقتها ومجازها أولى من التأويل هنا وإبقاء الثاني على ظاهره. قوله: "لسد مصدر" هو مصدر خبرها إن كان مشتقًا والكون إن كان جامدًا. قوله: "لزومًا" متعلق بسد. قوله: "في محل فاعل" أي ولو لفعل مقدر نحو: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} [الحجرات: 5] ، أي ثبت أنهم صبروا على قول الكوفيين أن المرفوع بعد لو فاعل ثبت مقدرًا واختاره المحققون. وقال أكثر البصريين هي مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا ونحو اجلس ما إن زيدًا جالس أي ما ثبت بناء على أن ما المصدرية لا توصل بالجملة الاسمية وهو الأصح. فقول البعض: إن ما المصدرية لا تدخل إلا على الفعل إجماعًا فأن ومعمولاها بعدها فاعل لمقدر إجماعًا غير صحيح. قوله: "مفعول" أي به أوله نحو جئت أني أجلك أو معه نحو يعجبني جلوسك وأنك تحدثنا وتقع   270- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 231؛ وخزانة الأدب 8/ 453، 455؛ والدرر 2/ 172؛ وشرح شواهد المغني 2/ 969؛ وشرح ابن عقيل ص178؛ والكتاب 2/ 133؛ ومغني اللبيب 2/ 693؛ والمقاصد النحوية 2/ 309؛ والمقرب 1/ 108؛ وهمع الهوامع 1/ 135. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   {وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم} [الأنعام: 81] ، أو نائب عن الفاعل نحو: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ} [الجن: 1] ، أو مبتدأ نحو: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً} [فصلت: 39] ، أو خبر عن اسم معني غير قول ولا صادق عليه خبرها نحو اعتقادي أنك فاضل، بخلاف قولي إنك فاضل، واعتقاد زيد أنه حق، أو مجرور بالحرف نحو: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَق} [الحج: 62] أو الإضافة نحو {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 23] ، أو معطوف على شيء من ذلك نحو: {الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} [البقرة: 47] ، أو مبدل منه نحو: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: 7] .   مستثنى نحو يعجبني أمورك إلا أنك تشتم الناس، لا مفعولًا فيه ولا مفعولًا مطلقًا ولا حالًا ولا تمييزًا كذا في الدماميني وغيره. قوله: "غير محكي" أي بالقول وكان عليه أن يزيد وغير خبر في الأصل ليخرج نحو ظننت زيدًا أنه قائم إلا أن يقال تركه لاستفادته من التنبيه الآتي قريبًا. قوله: "أو مبتدأ" أي في الحال كما في الآية أو في الأصل نحو كان عندي أنك فاضل. قوله: "نحو ومن آياته إلخ" هذا مذهب الخليل ونقل المطرزي عن سيبويه أن اسم الحدث المرفوع بعد الظرف فاعل له وإن لم يعتمد الظرف على شيء قال ومنه: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْض} [فصلت: 39] ، أفاده في التصريح. قوله: "أو خبر عن اسم معنى إلخ" حاصله أن المخبر عنه إذا كان اسم معنى فإما أن يكون قولًا أو غيره وعلى كل إما أن يكون خبر إن صادقًا على اسم المعنى أي يصح حمله عليه أو لا. وتكلم الشارح على ثلاثة وسكت عما إذا كان قولًا وخبر إن صادقًا عليه نحو قولي إنه حق لعلم وجوب كسرها بالأولى لأنها إذا كانت تكسر مع واحد من كون اسم المعنى قولًا وصدق خبر إن عليه فمعهما أولى. نعم في صورة كون اسم المعنى قولًا إذا كان خبر إن قولًا واتحد قائل القولين جاز الفتح والكسر نحو قولي إني أحمد الله كما سيأتي فإن اختلف القائل وجب الكسر نحو قولي إن زيدًا يحمد الله. قوله: "عليه خبرها" أي على المعنى خبر إن. قوله: "اعتقادي أنك فاضل" أي معتقدي فضلك ولم يجز الكسر على أن تكون مع معموليها جملة مخبرًا بها عن المبتدأ لعدم الرابط. قوله: "واعتقاد زيد أنه حق" لم يصح الفتح على معنى اعتقاد زيد كون اعتقاده حقًّا لاختلاف الضمير ومرجعه لأن الاعتقاد الواقع عليه الضمير في قولنا اعتقاد زيد أنه حق غير الاعتقاد المجعول مبتدأ الراجع إليه الضمير بحسب الظاهر لأن هذا هو المتعلق بكون ذلك حقًّا فاستفده. قوله: "ذلك بأن الله هو الحق" أي متلبس بحقية الله. قوله: "أو الإضافة" أي إن كان المضاف إليها مما لا يضاف إلا إلى المفرد بدليل ما سيأتي، فاندفع اعتراض سم. وغيره بأن الفتح لا يجب عند كل إضافة لوجوب الكسر إذا كان المضاف إلى أن مما لا يضاف إلا إلى الجملة كحيث، وجواز الفتح والكسر إذا كان مما يضاف إلى المفرد والجملة. قوله: "مثل ما أنكم" ما زائدة. قوله: "وأني فضلتكم" عطف خاص على عام. قوله: "أنها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 فاكسر في الابتدا وفي بدء صلة ... وحيث إن ليمين مكملة   تنبيه: إنما قال: لسد مصدر ولم يقل: لسد مفرد لأنه قد يسد المفرد مسدها. ويجب الكسر نحو ظننت زيدًا إنه قائم "وفي سوى ذاك اكسر" على الأصل "فاكسر في الابتدا" أما حقيقة نحو: {إِنَّا فَتَحْنَا لَك} [الفتح: 1] ، أو حكمًا كالواقعة بعد ألا الاستفاحية نحو: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّه} [يونس: 62] ، الواقعة بعد حيث نحو اجلس حيث إن زيدًا جالس والواقعة خبرًا عن اسم الذات نحو زيد إنه قائم، والواقعة بعد إذ نحو جئتك إذ إن زيدًا غائب "وفي بدء صلة" نحو: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ} [القصص: 76] ، بخلاف   لكم" أي استقرارها لكم وهو بدل اشتمال من إحدى الطائفتين. قوله: "نحو ظننت زيدًا إنه قائم" فإن فيه واجبة الكسر لعدم سد المصدر مسدها إذ لا يصح ظننت زيدًا قيامه. قوله: "اكسر" أي أدم الكسر. قوله: "في الابتدا" أي ابتداء جملتها إما حقيقة بأن لا يسبقها شيء له تعلق بتلك الجملة أو حكمًا بأن يسبقها ذلك، ومن القسم الأول الواقعة بعد كلا بناء على قول الجمهور إنها حرف ردع وزجر لا غير حتى أجازوا أبدًا الوقف عليها والابتداء بما بعدها، وحتى قال جماعة منهم حتى سمعت كلا في سورة فاحكم بأنها مكية لأن أكثرها ما نزل التهديد والوعيد بمكة لأن أكثر العتو كان بها. وقال أبو حاتم تكون بمعنى ألا الاستفتاحية ووافقه على ذلك الزجاج وغيره وعليه تكون من القسم الثاني. وقال النضر بن شميل: تكون حرف تصديق كأن. وقال الكسائي تكون بمعنى حقًّا وضعف بأنه لم يسمع فتح أن بعدها وهو واجب بعد حقًا وما بمعناه قال مكي وهي حينئذٍ اسم كمرادفها ولتنوينها في قراءة بعضهم "كلا سيكفرون بعبادتهم" وقال غيره: اشتراك اللفظ بين الاسمية والحرفية قليل مخالف للأصل ومحوج لتكلف علة لبنائها وخرج التنوين في الآية على أنه بدل من حرف الإطلاق المزيد في رؤوس الآي ثم وصل بنية الوقف أفاده في الهمع. قوله: "بعد ألا الاستفتاحية" أي التي يستفتح بها الكلام لتنبيه المخاطب على ذلك الكلام لتأكد مضمونه عند المتكلم. ا. هـ. دماميني وفي المغني ألا تكون للتنبيه فتدل على تحقق ما بعدها ويقول المعربون فيها حرف استفتاح فيبينون مكانها ويهملون معناها. ا. هـ. ويقال فيها هلا بإبدال الهمزة هاء. ا. هـ. همع. وهل هي بسيطة أو مركبة من همزة الاستفهام ولا النافية قولان. قوله: "والواقعة بعد حيث" أي عقب حيث فخرج نحو جلست حيث اعتقاد زيد أنه مكان حسن فإن هذه واجبة الفتح كما علم مما مر. هذا والصحيح جواز الفتح عقب حيث. أما على القول بجواز إضافتها إلى المفرد فظاهر. وأما على المشهور من وجوب إضافتها إلى الجملة فلأنه يقدر تمام الجملة من خير أو فعل وقيل يكتفي بإضافتها إلى صورة الجملة وإذ مثل حيث في جواز الفتح فيما يظهر. قوله: "والواقعة خبرًا عن اسم الذات" لم يصح الفتح لتأول المفتوحة بمصدر ولا يخبر به عن اسم الذات إلا بتأويل وهو ممتنع مع أن على ما ذكره المصرح وإن كان للبحث فيه مجال. وما نقل عن السيد من جواز الاخبار بالمصدر المؤول عن اسم الذات من غير تأويل الظاهر أنه مفروض في بعض التراكيب نحو عسى زيد أن يقوم وعمرو إما أنه قائم أو قاعد، فقول البعض: الظاهر على كلام السيد جواز الفتح غير ظاهر فتأمل. قوله: "وفي بدء صلة" أي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 أو حكيت بالقول أو حلت محل ... حال كزرته وإني ذو أمل   حشو الصلة نحو جاء الذي عندي أنه فاضل، ولا أفعله ما أن في السماء نجمًا؛ إذ التقدير ما ثبت أن في السماء نجمًا "وحيث إن ليمين مكمله" يعني وقعت جوابًا له سواء مع اللام أو دونها نحو: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 1، 2] {حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [الدخان: 1-3] ، "أو حكيت بالقول" نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّه} [مريم: 30] ، فإن لم تحك بل أجرى القول مجرى الظن وجب الفتح، ومن ثم روي بالوجهين قوله: 271- أتقول إنك بالحياة ممتع   لموصول اسمي أو حرفي وقد مثل الشارح لهما ومثل الصلة الصفة نحو مررت برجل إنه فاضل. قوله: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوء} أي تثقل والاستشهاد مبني على أن ما موصولة ويصح كونها نكرة موصوفة. قوله: "بخلاف حشو الصلة" أي بحسب اللفظ فلا ينافي كونها في الصدر باعتبار الرتبة في جاء الذي عندي أنه فاضل والمراد باللفظ ما يشمل المقدر ليدخل في الحشو لا أفعله ما أن في السماء نجمًا. قوله: "سواء مع اللام" أي ولا فرق معها بين وجود فعل القسم أو لا. وقوله: أو دونها أي مع حذف فعل القسم فلا يعارض. هذا ما يأتي من جواز الوجهين عند عدم اللام وذكر فعل القسم، على أن من فتح في هذه الصورة الآتية لم يجعلها جواب القسم كما سيذكره الشارح وكلامنا هنا فيما إذا كانت جوابًا. فبان لك أن كلام المصنف والشارح شامل لثلاث صور وإن لم يمثل الشارح إلا لصورتين، وأن قول البعض الكلام هنا في قسم لم يصرح بفعله بقرينة قول الشارح فيما يأتي أو فعل قسم ظاهر غير ظاهر لأنه يلزم عليه عدم تعرض المصنف هنا وفينا يأتي لحكم صورة ذكر فعل القسم مع ذكر اللام وما استند إليه من القرينة لا يشهد له كما لا يخفى ولا يشهد له أيضًا قول الشارح فيما يأتي والتقييد إلخ لما ستعرفه. هذا وفي التصريح أن ابن كيسان حكى عن الكوفيين جواز الوجهين إذا حذف الفعل ولم تذكر اللام نحو والله إن زيدًا قائم وأنهم يفضلون الفتح في هذا المثال على الكسر وأن أبا عبد الله الطوال منهم يوجبه ولم يثبت لهم سماع بذلك. ا. هـ. وفي شرح الجامع أن القول بجواز الفتح في نحو هذا المثال لم يؤيده سماع وليس له وجه بل هو غلط وأطال في بيان ذلك كما نقله شيخنا ولعدم سماع الفتح حكي في التوضيح إجماع العرب على تعين الكسر في الصور الثلاث. قوله: "أو حكيت بالقول" الباء للآلة. قوله: "فإن لم تحك بل أجرى القول مجرى الظن" أي بالفعل بأن عمل عمله وجعل بمعناه بالفعل فلا منافاة بين إيجاب الشارح الفتح في هذه   271- تمام البيت: وقد استبحت دم امرئ مستسلم وهو من الكامل، وهو للفرزدق في المقاصد النحوية 2/ 314؛ وليست في ديوانه؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص229. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 وكسروا من بعد فعل علقا ... باللام كاعلم إنه لذو تقى بعد إذا فجاءة أو قسم ... لا لام بعده بوجهين نمي   "أو حلت محل حال" أما مع الواو "كزرته وإني ذو أمل" {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] وقوله: 272- ما أعطياني ولا سألتهما ... إلا وإني لحاجزي كرمي أو بدونه نحو: {إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَام} [الفرقان: 20] ، "وكسروا" أيضًا "من بعد فعل" قلبي "علقا" عنها "باللام كاعلم إنه لذو تقى" {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} [المنافقون: 1] ، وأنشد سيبويه: 273- ألم تر إني وابن أسود ليلة ... لنسري إلى نارين يعلو سناهما "وبعد إذا فجاءة أو" فعل "قسم" ظاهر "لا لام بعده بوجهين نمي" أي نسب نظرًا لموجب كل منهما صلاحية المقام لهما على سبيل البدل، فمن الأول قوله:   الحالة وبين تجويز المرادي الفتح والكسر عند صلاحية القول للحكاية به ولإجرائه مجرى الظن قبل اختيار أحدهما وارتكابه بالفعل قال لأن الحكاية بالقول مع استيفائه شروط إجرائه مجرى الظن جائزة. قوله: "أو حلت محل حال" لم تفتح حينئذٍ لأن وقوع المصدر حالًا وإن كثر سماعي، على أن السماع إنما ورد في المصدر الصريح لا المؤوّل، ولأن المصدر المنسبك من أن المفتوحة الناصبة لمعرفة معرفة والحال نكرة ولا بد من كون إن في ابتداء الحال ليخرج نحو خرج زيد وعندي أنه فاضل. قوله: "كما أخرجك" ما مصدرية. قوله: "إلا أنهم" أي المرسلين ولكسر إن في الآية سبب آخر وهو قوع اللام في خبرها. قوله: "علقا عنها باللام" أي لام الابتداء واحترز عن غير اللام من المعلقات الآتية. قوله: "ليلة" ظرف لتسري وقوله سناهما أي ضوءهما. قوله: "بعد إذا" حال من الضمير في نمى الراجع إلى همز إن. قوله: "ظاهر" أي حقيقة أو حكمًا بأن كان مقدرًا جائز الذكر بأن كان حرف القسم الباء الموحدة دون الواو والتاء الفوقية. قوله: "نمى" أي همز إن بقطع النظر عن كونه مفتوحًا أو مكسورًا. قوله: "نظرًا لموجب كل منهما" موجب الكسر مع إذا اعتبار إن ومعموليها جملة بلا احتياج إلى تقدير خبر، ومع فعل القسم اعتبار ذلك جملة جواب القسم، وموجب الفتح مع إذا اعتبار ذلك مفردًا مبتدأ مع تقدير الخبر ومع فعل   272- البيت من المنسرح، وهو لكثير عزة في ديوانه ص273؛ وتخليص الشواهد ص344؛ والكتاب 3/ 145؛ والمقاصد النحوية 2/ 308؛ وبلا نسبة في الدرر 134؛ وشرح ابن عقيل ص180؛ وشرح عمدة الحافظ ص227، والمقتضب 2/ 346؛ وهمع الهوامع 1/ 246. 273- البيت من الطويل، وهو للشمردل بن شريك اليربوعي في شرح أبيات سيبويه 2/ 141؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص373؛ والكتاب 3/ 149؛ ولسان العرب 14/ 403 "سنا"؛ والمقاصد النحوية 2/ 222. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   274- وكنت أرى زيدًا كما قيل سيدًا ... إذا إنه عبد القفا واللهازم يروى بالكسر على معنى فإذا هو عبد القفا، وبالفتح على معنى فإذا العبودية أي حاصلة، كما تقول: خرجت فإذا الأسد. قال الناظم: والكسر أولى لأنه لا يحوج إلى تقدير. لكن ذهب قوم إلى أن إذا هي الخبر، والتقدير فإذا العبودية، أي ففي الحضرة العبودية وعلى هذا فلا تقدير في الفتح أيضًأ فيستوي الوجهان. ومن الثاني قوله: 275- أو تحلفي بربك العلي ... أني أبو ذيالك الصبي   القسم اعتبار تقدير الخافض كما سيبينه الشارح، وقوله لصلاحية علة النظر وضمير لهما إلى الموجبين. قوله: "وكنت أرى" بضم الهمزة بمعنى أظن لغلبة استعماله بالضم في معنى أظن كما قاله يس وإن جاز في الذي بمعنى أظن الفتح أيضًا وتتعدى إلى مفعولين سواء فتحت أو ضمت، فزيدًا مفعوله الأول وسيدًا مفعوله الثاني كما قاله المصرح والعيني ووجه تعدية المضموم إلى مفعولين مع أنه مضارع أرى المتعدي إلى ثلاثة استعماله بمعنى أظن المتعدي إلى اثنين من باب الاستعمال في اللازم كما قاله الغزي، إذ معنى أراني زيد عمرًا فاضلًا جعلني زيد ظانًا عمرًا فاضلًا، ويلزم هذا المعنى ظن المتكلم عمرًا فاضلًا لكن في شرح المتن للمرادي أن من الأفعال المتعدية إلى ثلاثة أرى بالبناء للمفعول مضارع أريت بمعنى أظننت كذلك وكذا في شرحه للتسهيل وزاد فيه عن سيبويه وغيره أن أريت بمعنى أظننت لم ينطق له بمبني للفاعل كما لم ينطق بأظننت التي أريت بمعناها قال ولا يكون المفعول الأول لأريت هذه ومضارعها إلا ضمير متكلم كأريت وأرى ونرى، وقد يكون ضمير مخاطب كقراءة من قرأ: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الحج: 2] ، بضم التاء ونصب الناس اهـ يس، والقفا مؤخر العنق واللهازم جمع لهزمة بالكسر طرف الحلقوم وخصهما بالذكر لأن القفا موضع الصفع واللهازم موضع اللكز. وقوله كما قيل أي ظنًا موافقًا لما يقوله الناس من أنه سيد. قوله: "لكن ذهب قوم إلخ" يحتمل أنه من كلام الناظم وأنه من كلام الشارح وعلى كل ليس المقصود به منازعة قول الناظم والكسر أولى إلخ حتى يرد عليه اعتراض غير واحد كالبعض بأنه لا ينهض على المصنف لأن مذهبه أن إذا حرف بل دفع ما يتوهم من أن أولوية الكسر متفق عليها. قوله: "هي الخبر" أي لكونها ظرف مكان بقرينة قوله أي ففي الحضرة العبودية وإن ذهب بعضهم إلى أنها ظرف زمان وأنها خبر أي ففي الوقت العبودية. قوله: "أو تحلفي" أو بمعنى إلى   274- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 338؛ وتخليص الشواهد ص348؛ والجني الداني ص378، 411؛ وجواهر الأدب ص352، وخزانة الأدب 10/ 265؛ والخصائص 2/ 399؛ والدرر 2/ 180؛ وشرح التصريح 1/ 218؛ وشرح شذور الذهب ص269؛ وشرح ابن عقيل ص181؛ وشرح عمدة الحافظ ص828؛ وشرح المفصل 4/ 97/ 8/ 61؛ والكتاب 3/ 144؛ والمقاصد النحوية 2/ 224؛ والمقتضب 2/ 351؛ وهمع الهوامع 1/ 138. 275- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص188؛ وشرح التصريح 1/ 219؛ والمقاصد النحوية 2/ 2321؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 340؛ وتلخيص الشواهد ص348؛ والجني الداني ص413؛ وشرح ابن عقيل ص 182؛ وشرح عمدة الحافظ ص 231؛ ولسان العرب 15/ 450 "ذا"، واللمع في العربية ص 304. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 مع تلوفا الجزا وذا يطرد ... في نحو خير القول إني أحمد   ويروى بالكسر على جعلها جوابًا للقسم، وبالفتح على جعلها مفعولًا بواسطة نزع الخافض أي على أني. والتقييد بكون القسم بفعل ظاهر للاحتراز عما مر قريبًا في المكسورة. وبقوله لا لام بعده عما بعده اللام من ذلك حيث يتعين فيه الكسر نحو: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُم} [التوبة: 56] ، و: {أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} [المائدة: 53] ، وقد اتضح لك أن من فتح إن لم يجعلها جواب القسم؛ لأن الفتح متوقف على كون المحل مغنيًا فيه المصدر على أن وصلتها، وجواب القسم لا يكون كذلك، فإنه لا يكون إلا جملة، ويجوز الوجهان أيضًا "مع تلوفا الجزا" نحو: {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيم} "الأنعام: 54] ، جواب: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} [الأنعام: 54] ، قرئ بالكسر على جعل ما بعد الفاء جملة تامة أي فهو غفور رحيم، وبالفتح على تقديرها بمصدر هو خبر مبتدأ محذوف أي فجزاؤه الغفران، أو مبتدأ خبره محذوف أي فالغفران جزاؤه، والكسر أحسن في القياس. قال الناظم: ولذلك لم يجئ الفتح في القرآن إلا مسبوقًا بأن المفتوحخة "وذا"   أو إلا وذيالك تصغير ذلك على غير قياس. قوله: "على جعلها مفعولًا إلخ" أي سادًا مسد الجواب. قوله: "للاحتراز عما مر" أي بعض ما مر وهو الصورتان اللتان مثل لهما عند قول المصنف: وحيث إن ليمين مكمله وهما صورة عدم ذكر فعل القسم مع عدم ذكر اللام وصورة عدم ذكر فعل القسم مع ذكر اللام لوجوب الكسر حينئذٍ. قوله: "عما بعده اللام" أي عن فعل القسم الظاهر الذي بعده اللام وقوله من ذلك أي مما مر أي حالة كونه بعض ما مر من الصور الثلاث الداخلة تحت قول المصنف سابقًا: وحيث إن ليمين مكمله كما قدمناه. قوله: "وقد اتضح لك" أي من قوله يروى بالكسر إلخ. قوله: "لم يجعلها جواب القسم" أي بل مفعولًا كما تقدم ولا يضر عدم الجواب لأن الجار والمجرور يقوم مقامه ويؤدي مؤاده. قوله: "ويجوز الوجهان أيضًا" أشار بذلك إلى أن الظرف معطوف على بعد إذا بحذف حرف العطف. قوله: "مع تلو فالجزا" مثل فاء الجزاء ما يشبهها كما في قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَه} [الأنفال: 41] . قوله: "هو خبر مبتدأ محذوف" هو أولى مما بعده لأن نظائره أكثر نحو: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوس} [فصلت: 49] ، أي فهو يئوس. قوله: "أحسن في القياس" لعدم إحواجه إلى تقدير. قوله: "إلا مسبوقًا بأن المفتوحة" أي كقوله: {أَلَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الحكم أيضًا "يطرد في" كل موضع وقعت أن فيه خبر قول وكان خبرها قولًا والقائل واحد كما في "نحو خير القول إني أحمد" الله، فالفتح على معنى خير القول حمد الله، والكسر على الأخبار بالجملة لقصد الحكاية، كأنك قلت: خير القول هذا اللفظ، أما إذا انتفى القول الأول فالفتح متعين، نحو عملي أني أحمد الله، أو القول الثاني أو لم يتحد القائم فالكسر، نحو قولي إني مؤمن وقولي إن زيدًا يحمد الله. تنبيه: سكت الناظم عن مواضع يجوز فيها الوجهان: الأول أن تقع بعد واو مسبوقة   يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّم} [التوبة: 63] ، وقوله: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّه} [الحج: 4] ، بخلاف ما لم تسبق بأن المفتوحة فواجبة الكسر نحو: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ} [طه: 74] ، {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين} [يوسف: 90] ، ولذلك لم يفتح: {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيم} [الأنعام: 54] ، إلا من فتح: {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} [الأنعام: 54] ، ونافع ممن فتح أنه من عمل وكسر فإنه غفور رحيم كذا في البيضاوي. قوله: "وذا الحكم" أي جواز الوجهين. قوله: "خبر قول" أي ما بمعنى القول سواء كان من مادة القول أو الكلام أو نحوهما وكذا يقال في قوله وكان خبرها قولًا. قوله: "خبر القول" إنما كان المخبر عنه هنا قولان لأن أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه. قوله: "فالفتح" إذا فتحت فالقول على حقيقته من المصدرية وإذا كسرت فهو بمعنى المقول. قاله في التصريح ولا بد في كل حال من جعل أل للعهد أي قولي أو القول مني لئلا يلزم الاخبار بخاص عن عام. قوله: "قول حمد الله" أي اللغوي بأي عبارة كانت. قوله: "على الإخبار بالجملة" ولم تحتج إلى رابط لأنها عين المبتدأ قال الشارح في شرح التوضيح ومثل سيبويه هذه المسألة بقوله أول ما أقول إني أحمد الله، وخرج الكسر على أنه من باب الإخبار بالجملة وعليه جرى أكثر النحويين وقيل الكسر على أن الجملة مقول القول محكية به والخبر محذوف كأنك قلت أول قولي هذا اللفظ ثابت وليس بمرضي، ثم أطال في بيان ذلك وعلل في شرح الجامع رده بأن مفهوم الكلام عليه أن غير أول القول من بقيته غير ثابت وليس مرادًا اللهم إلا أن يدعي زيادة أول والبصريون لا يجيزونها. قوله: "لقصد الحكاية" أي حكاية لفظ الجملة أي الإتيان بها بلفظها وليس المراد أنها مقول القول كما اتضح مما نقلناه عن شرح التوضيح للشارح وإن زعم شارح الجامع أنها مقول القول. قوله: "نحو عملي أني أحمد الله" محل وجوب الفتح في هذا المثال إذا لم يرد بالعمل المعمول اللساني وهو المنطوق وتجعل الإضافة للعهد فإن كان كذلك جاز الكسر وكان هذا التركيب مثل قولي إني أحمد الله في جواز الوجهين وفاقًا لحفيد الموضح وابن قاسم الغزي. وقال في شرح الجامع مؤيدًا وجوب الفتح أن البصريين يمنعون حكاية الجمل بما يرادف القول كالكلام فما لا يرادفه مما أريد به معناه كما في هذا المثال على الوجه المذكور أولى بالمنع فعلى قواعدهم يجب الفتح في المثال حينئذٍ. ا. هـ. وأقره شيخنا والبعض وفيه نظر إذ ليس الكلام على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بمفرد صالح للعطف عليه نحو: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى، وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: 119] ، قرأ نافع وأبو بكر بالكسر إما على الاستئناف أو العطف على جملة أن الأولى والباقون بالفتح عطفًا على أن لا تجوع. الثاني أن تقع بعد حتى فتكسر بعد الابتدائية نحو مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه، وتفتح بعد الجارة والعاطفة نحو عرفت أمورك حتى أنك فاضل. الثالث أن تقع بعد أما نحو أنك فاضل فتكسر إن كانت أما استفتاحية بمنزلة ألا، وتفتح إن كانت بمعنى حقًّا كما تقول حقًّا أنك ذاهب ومنه قوله: 276- أحقًّا أن جيرتنا استقلوا   الكسر من حكاية الجمل حتى يتجه ما ذكر بل من الأخبار بالجملة فاعرفه. قوله: "سكت الناظم" أي لم يصرح بذلك وإلا فهي داخلة في كلامه. قوله: "بعد واو" ليست الواو قيدًا. قوله: "صالح للعطف عليه" احتراز عن نحو إن لي مالًا وإن عمرًا فاضل فما لا غير صالح لعطف إن الثانية عليه لصيرورة المعنى أن لي مالًا وفضل عمرو. قوله: "فتكسر بعد الابتدائية" أي التي تبتدأ بها الجمل وتستأنف وهي بمعنى فاء السببية. وبحث البعض في عد هذا من مواضع جواز الوجهين بأن المراد جوازهما في تركيب واحد، والتركيب هنا مختلف. وهو بحث قوي وإن كان يمكن دفعه بأن اتحاد ما قبل إن في التركيبين هنا كاف. هذا وما ذكره الشارح من وجوب الكسر بعد الابتدائية قال شيخنا السيد مخالف لما لابن الحاجب حيث قال إذا وقعت إن بعد حتى الابتدائية فإن قلنا لا يجوز في المبتدأ الواقع بعدها أن يحذف خبره وجب كسرها وإن قلنا يجوز حذفه وإثباته جاز الكسر والفتح. قوله: "حتى أنك فاضل" الأظهر أنها فيه عاطفة، ومثال الجارة أصاحبك حتى إنك تعصى. قوله: "فتكسر" قدم الكسر لأنه الكثير. قوله: "أما استفتاحية" أي حرف استفتاح على ما مر قريبًا في ألا بسيطًا. وقيل مركب من همزة الاستفهام وما النافية، وفي الهمع أن همزتها تبدل هاء وعينًا وأن ألفها تحذف في الأحوال الثلاثة وأن همزتها تحذف مع ثبوت الألف. ا. هـ. قال الدماميني: وأجاز المصنف الفتح على أن المصدر المؤول مبتدأ خبره محذوف كأنه قيل أما معلوم أنك فاضل. ا. هـ. وهو يستلزم جواز الفتح بعد ألا الاستفتاحية ونقل عن بعضهم. قوله: "بمعنى حقًّا" الذي   276- تمام البيت: فنيتنا ونيتهم فريق وهو من الوافر، وهو للمفضل النكري في الأصمعيات ص200؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 208؛ وله أو لعامر بن أسحم بن عدي في الدرر 5/ 120؛ وشرح شواهد المغني 1/ 170؛ ولرجل من عبد القيس أو للمفضل بن معشر البكري في تخليص الشواهد ص351؛ والمقاصد النحوية 2/ 235؛ وللعبدي في خزانة الأدب 10/ 277؛ والكتاب 3/ 136؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص391؛ ولسان العرب 10/ 301 "فرق" ومغني اللبيب 1/ 54، 68؛ وهمع الهوامع 2/ 71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 وبعد ذات الكسر تصحب الخبر ... لام ابتداء نحو إني لوزر   أي أفي حق هذا الأمر؟ الرابع أن تقع بعد لا جرم نحو: {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} [النحل: 23] فالفتح عند سيبويه على أن جرم فعل وأن وصلتها فاعل، أي وجب أن الله يعلم ولا صلة، وعند الفراء على أن لا جرم بمنزلة لا رجل ومعناه لا بد، ومن بعدها مقدرة والكسر على ما حكاه الفراء من أن بعضهم ينزلها اليمين فيقول: لا جرم لآتينك "وبعد ذات الكسر تصحب الخبر" جوازًا "لام ابتداء نحو إني لوزر" أي ملجأ، وكان حق   صوبه في المغني أنها بمعنى أحقًّا وأنها كلمتان همزة الاستفهام وما التامة بمعنى شيء وذلك الشيء هو الحق وموضع ما على هذا نصب على الظرفية الاعتبارية كما نصب حقًّا عليها في البيت الآتي على قول سيبويه. وقال المبرد: حقًّا مصدر لحق محذوفًا وأن وصلتها فاعل. وقال ابن خروف: أما هذه حرف بسيط وهي مع أن ومعموليها كلام تركب من حرف واسم كما قال الفارسي في يا زيد كذا في شرح التوضيح للشارح. وفي المغني عن بعضهم أنها اسم وأنها عند هذا البعض وابن خروف بمعنى حقًّا. قوله: "واستقلوا" أي نهضوا مرتحلين. قوله: "ولا صلة" الذي في الدماميني عن سيبويه أن لا نافية رد على الكفرة، ثم رأيت الوجهين في المغني. قوله: "من أن بعضهم" أي العرب. قوله: "فيقول لا جرم لآتينك" فأجيبت باللام كما يجاب بها القسم قال شيخنا: وهو صريح في أن لآتينك جواب لا جرم وهو أظهر من جعل البعض لآتيتك جواب قسم محذوف قام مقامه لا جرم، وانظر ما اعرابها على ما حكاه الفراء هل هو كما يقول سيبويه فيكون الجواب مغنيًا عن الفاعل، أو كما يقول الفراء فيكون الجواب مغنيًا عن خبر لا الأقرب الثاني لكون الحاكي هو الفراء، وزاد في الأوضح في مواضع جواز الوجهين أن تقع في موضع التعليل نحو: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيم} [الطور: 28] ، قرىء بالفتح على تقدير لام العلة وبالكسر على أنه تعليل مستأنف مثل: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُم} [التوبة: 103] . قوله: "وبعد ذات الكسر" الظرف متعلق بتصحب قدم لإفادة الحصري أي لا بعد ذات الفتح ولا غيرها من أخوات المكسورة ونحوهن فالحصر إضافي فلا ينافي أنها تصحب المبتدأ وكذا خبره المقدم نحو لقائم زيد على الأصح قيل والفعل نحو ليقوم زيد: {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} [المائدة: 62] ، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُم} [التوبة: 128] ، والمشهور أنها في ذلك لام القسم وأنها لا تدخل على الجملة الفعلية إلا في باب إن. قاله في المغني. قوله: "تصحب الخبر لام ابتداء" بشروط أربعة: تأخره عن الاسم، وكونه مثبتًا، وغير ماض متصرف، وغير جملة شرطية بأن كان مفردًا أو مضارعًا ولو مقرونًا بحرف تنفيس خلافًا للكوفيين أو ماضيًا غير متصرف أو ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا أو جملة اسمية وأول جزأيها أولى باللام، فقولك أن زيدًا لوجهه حسن أولى من أن زيدًا وجهه لحسن بل في البسيط أنه شاذ لا عدم تقدم معمول الخبر عليه خلافًا لابن الناظم بدليل: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِير} [العاديات: 11] ، وسميت لام الابتداء لدخولها على المبتدأ أو على غيره بعد إن المكسورة العاملة فيما أصله المبتدأ. قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   هذه اللام أن تدخل على أول الكلام لأن لها الصدر، لكن لما كانت للتأكيد وإن للتأكيد كرهوا الجمع بين حرفين لمعنى واحد فزحلقوا اللام إلى الخبر. تنبيه: اقتضى كلامه أنها لا تصحب خير غير إن المكسورة وهو كذلك، وما ورد من ذلك يحكم فيه بزيادتها، فمن ذلك قراءة بعض السلف: {إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الفرقان: 20] ، بفتح الهمزة وأجازه المبرد، وما حكاه الكوفيون من قوله:   "وكان حق هذه اللام إلخ" أي كما أن حق إن وأخواتها ذلك لأن لها أيضًا الصدارة إلا أن هذا لم يكن مانعًا من تقدم لام الابتداء بحسب الأصل لجواز أن يكون تقدمها كتقدم حرب العطف وألا الاستفتاحية لا يفوت صدارة ما بعدها فاندفع اعتراض البعض على قوله لأن لها الصدر بأنه قد يعارض بأن إن وأخواتها لها أيضًا الصدر. قوله: "بين حرفين لمعنى واحد" أورد عليه أمران: الأول هلا جمع بينهما على طريق التأكيد اللفظي وأجاب سم بأن التأكيد اللفظي إعادة اللفظ بعينه أو مرادفه وذلك مفقود هنا وفيه نظر وإن أقره شيخنا والبعض وغيرهما لوجود الترادف لاتحاد المعنى كما صرح به الشارح وقد عدوا من التوكيد اللفظي بالمرادف في الحروف قول الشاعر: وقلن على الفردوس أول مشرب ... نعم جير إن كانت أبيحت دعائره وسيأتي هذا للشارح في باب التوكيد فافهم. الثاني أنهم جمعوا بينهما في لهنك قائم بإبدال الهمزة هاء سواء قيل إن اللام للقسم أو للابتداء. لأن كلًا منهما لتأكيد النسبة كان وهن وأيضًا اجتمع حرفا تأكيد في لقد قام زيد فإن قد لتحقيق النسبة وهو التأكيد وحرفا تنبيه في ألا يا ليتك تقوم، وقد يدفع إيراد لهنك بأن الاجتماع سهله زوال صورة ما له الصدر بإبدال همزته هاء كما في الروداني. قوله: "فزحلقوا اللام" بالقاف والفاء، أي أخروا ولم يزحلقوا إن لأنها قويت بالعمل وحق العامل التقدم، وإنما ادعى أن الأصل في إن زيدًا لقائم لأن زيدًا قائم ولم يدع أن الأصل إن لزيدًا قائم لئلا يفصل بين إن ومعموليها معًا بما له صدر الكلام، ولنطقهم باللام مقدمة على أن في قولهم لهنك ولأن صدارتها بالنسبة لما قبل إن دون ما بعدها، دليل الأول أنها تمنع من تسلط فعل القلب على إن ومعموليها ولهذا كسرت في نحو: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُه} [المنافقون: 1] ، ودليل الثاني أن عمل أن يتخطاها تقول إن في الدار لزيدًا وإن زيدًا لقائم وأن عمل العامل بعدها يتخطاها تقول إن زيدًا طعامك لآكل كذا في المغني. قوله: "اقتضى كلامه" لتقديمه الظرف. قوله: "لا تصحب خبر غير إن المكسورة" إنما لم تدخل اللام على خبر غيرها لأنها تدخل على الجملة ولا تغير معناها ولا حكمها بخلاف أخواتها فليت تحدث في الخبر التمني ولعل الترجي وكأن التشبيه ولكن تصير الجملة لا تستعمل إلا بعد كلام وأن المفتوحة تصير جملة في تأويل المصدر قاله يس. قوله: "بزيادتها" أي مع كونها مفيدة للتأكيد فالمنسلخ عنها كونها لام الابتداء فقط. قوله: "بفتح الهمزة" أي شذوذًا فلا يشكل بما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   277- ولكنني من حبها لعميد ومنه قوله: 278- أم الحليس لعجوز شهربه ... ترضى من اللحم بعظم الرقبة 279- فقال من سئلوا أمسى لمجهودا   تقدم من وجوب كسر إن في صدر الحال. قوله: "لعميد" من عمده العشق بكسر الميم أي هده. قوله: "ومنه قوله" أعاد من لاختلاف النوع ولدفع توهم أنه مما حكاه الكوفيون. وقيل إن اللام داخلة على مبتدأ مقدر أي لهي عجوز فلا تكون من الداخلة على خبر غير إن المكسورة. قوله: "شهربه" أي فانية ومن تبعيضية إن قدر مضاف أي بلحم عظم الرقبة وبمعنى بدل إن لم يقدر. قوله: "فقال من سألوا" بالبناء للفاعل والعائد محذوف أي من سألوه أو للمفعول وهذا أقرب لمساعدة الرسم له لأن الهمزة مكتوبة بصورة الياء ولو كان مبنيًّا للفاعل لكتبت بصورة الألف ولعدم إحواجه إلى تقدير وإن كان في الأول مراعاة لفظ من وهو أكثر من مراعاة معناها فادعاء   277- صدر البيت: يلومونني في حب ليلى عواذلي وهو من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 38؛ والإنصاف 1/ 209؛ وتخليص الشواهد ص357؛ والجني الداني ص132، 618؛ وجواهر الأدب ص87؛ وخزانة الأدب 1/ 16، 10/ 361، 363، والدرر 2/ 185؛ ورصف المباني ص235، 279؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 380؛ وشرح شواهد المغني 2/ 605؛ وشرح ابن عقيل ص184؛ وشرح المفصل 8/ 62، 64؛ وكتاب اللامات ص158؛ ولسان العرب 13/ 391 "لكن"؛ ومغني اللبيب 1/ 233، 292؛ والمقاصد النحوية 2/ 247؛ وهمع الهوامع 1/ 140. 278- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص170؛ وشرح التصريح 1/ 174؛ وشرح المفصل 3/ 130، 8/ 23؛ وله أو لعنتره بن عروس في خزانة الأدب 10/ 323، والدرر 2/ 187؛ وشرح شواهد المغني 2/ 604؛ والمقاصد النحوية 1/ 535، 2/ 251؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 210؛ وتخليص الشواهد ص358؛ وجمهرة اللغة ص1121؛ والجني الداني ص128؛ ورصف المباني ص336؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 378؛ 381؛ وشرح ابن عقيل ص185؛ وشرح المفصل 7/ 75؛ ولسان العرب 1/ 510 "شهرب"؛ ومغني اللبيب 1/ 230؛ 323؛ وهمع الهوامع 1/ 140. 279- صدر البيت: مروا عجالًا فقالوا كيف صاحبكم وهو من البسيط وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص429؛ وجواهر الأدب ص87؛ وخزانة الأدب 10/ 327، 11/ 332؛ والخصائص 1/ 316، 2/ 382؛ والدرر 2/ 188؛ ورصف المباني ص238؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 379؛ وشرح ابن عقيل ص185؛ وشرح المفصل 8/ 64، 87؛ ومجالس ثعلب ص155؛ والمقاصد النحوية 2/ 310؛ وهمع الهوامع 1/ 141. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 ولا يلي ذي اللام ما قد نفيا ... ولا من الأفعال ما كرضيا   وقوله: 280- وما زلت من ليلى لدن أن عرفتها ... لكالهائم المقصى بكل مراد وقوله: 281- أمسى أبان دليل بعد عزته ... وما أبان لمن أعلاج سودان "ولا يلي ذي اللام ما قد نفيا" ذي إشارة واللام نصب بالمفعولية وما من قوله ما قد نفيا في موضع رفع بالفاعلية، أي لا تدخل هذه اللام على منفي إلا ما ندر من قوله: 282- وأعلم أن تسليما وتركا ... للامتشابهان ولا سواء   البعض أولوية الأول غير مسلم وصدر البيت: مروا عجالى فقالوا كيف سيدكم قوله: "من ليلى" أي من أجل حبها والهائم الذاهب لا يدري أين يتوجه والمقصي بضم الميم وفتح الصاد المهملة المبعد والمراد بفتح الميم المذهب. قوله: "أبان" بالصرف نظرًا إلى أن وزنه فعال وبمنعه نظرًا إلى أن وزنه أفعل منقول من أبان ماضي يبين وهو الأصح والأعلاج جمع علج بكسر العين الرجل الغليظ من كفار العجم. وسودان جمع أسود. وذهب الكوفيون كما في شرح الجامع إلى أن اللام بمعنى إلا فلا شاهد فيه وهذا المعنى هو المناسب هنا لأن المقام للذم وللبصريين أن يجعلوا التنوين في سودان للتعظيم والنفي منصبًا على القيد فيناسب الذم. قوله: "ولا يلي" ليس المراد بالولي التبعية من غير فاضل وإلا اقتضى جواز التبعية مع الفصل بين اللام وما نفي بأداة النفي مع أنه ممتنع، وإنما لم يلها لأن غالب أدواة النفي مبدوءة باللام فلو وليتها لزم توالي لامين وهو مكروه وحمل الباقي، وللتنافي بين اللام التي هي لتأكيد الإثبات وبين حرف النفي. قوله: "ذي إشارة إلخ" كان الأولى بل الصواب أن يقول ذي اسم إشارة في محل نصب على المفعولية واللام بدل أو عطف بيان أو صفة. قوله: "وأعلم إن" بالكسر تسليمًا أي على   280- البيت من الطويل وهو لكثير عزة في ديوانه ص443؛ وتذكرة النحاة ص429؛ وجواهر الأدب ص87؛ وخزانة الأدب 10/ 328؛ والدرر 2/ 188؛ وشرح شواهد المغني 2/ 605؛ والمقاصد النحوية 2/ 249؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص357؛ ومغني اللبيب 1/ 223؛ وهمع الهوامع 1/ 141. 281- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في جواهر الأدب ص88؛ والدرر 2/ 189؛ وشرح شواهد المغني 2/ 604؛ ومغني اللبيب 1/ 232، 233؛ وهمع الهوامع 1/ 141. 282- البيت من الوافر، وهو لأبي حزام العكلي في خزانة الأدب 10/ 330، 331، والدرر 2/ 184؛ وسر صناعة الإعراب ص377؛ وشرح التصريح 1/ 222؛ والمقاصد النحوية 2/ 244؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 345؛ وجواهر الأدب ص85؛ وتخليص الشواهد ص356؛ وشرح ابن عقيل ص186؛ والمحتسب 1/ 143؛ وهمع الهوامع 1/ 140. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 وقد يليها مع قد كإن ذا ... لقد سما على العدا مستحوذا   "ولا" يليها أيضًا "من الأفعال ما كرضيا" ماض متصرف غير مقرون بقد، فلا يقال: إن زيدًا لرضي، وأجازه الكسائي وهشام، فإن كان الفعل مضارعًا دخلت عليه: متصرفًا كان نحو إن زيدًا ليرضى، أو غير متصرف نحو إن زيدًا ليذر الشر. وظاهر كلامه جواز دخول اللام على الماضي إذا كان غير متصرف نحو إن زيدًا لنعم الرجل، أو لعسى أن يقوم، وهو مذهب الأخفش والفراء؛ لأن الفعل الجامد كالاسم، والمنقول عن سيبويه أنه لا يجيز ذلك، فإن اقتران الماضي المتصرف بقد جاز دخول اللام عليه كما أشار إليه بقوله: "وقد يليها مع قد كإن ذا لقد سما على العدا مستحوذا" لأن قد تقرب الماضي من الحال فأشبه حينئذ المضارع، وليس جواز ذلك مخصوصًا بتقدير اللام للقسم خلافًا لصاحب الترشيح وقد تقدم أن الكسائي وهشامًا يحيزان أن زيدًا لرضي، وليس ذلك عندهما إلا   الناس وقيل: المراد تسليم الأمر وتركًا أي للتسليم للامتشابهان أي متقاربان ولا سواء أي ولا متساويان وكان حقه أن يقول لا سواء ولا متشابهان لكنه اضطر فقدم وأخر وسواء اسم مصدر بمعنى الاستواء فلذلك صح وقوعه خبرًا عن اثنين فقول البعض سواء في الأصل مصدر فيه مسامحة قال في التصريح وتبعه غير واحد. وفيه أي في البيت شذوذ من وجهين دخول اللام على الخبر المنفي وتعليق الفعل عن العمل حيث كسرت إن وكان القياس أن لا يعلق لأن الخبر المنفي ليس صالحًا للام وسوغ ذلك كما قيل إنه شبه لا بغير فأدخل عليها اللام. ا. هـ. وقد يقال: كيف يحكم بشذوذ التعليق وكسر إن مع وجود موجبهما وهو لام الابتداء وإن كان وجوده هنا شاذًّا إلا أن يقال جعل ذلك شاذًّا من حيث ترتبه على الشاذ. قوله: "من الأفعال" بيان لما تقدم عليه مشوب بتبعيض، وقوله: ماض إلخ بدل أو عطف بيان لقوله ما كرضيا وأشار به إلى وجه الشبه. قوله: "فلا يقال إن زيدًا لرضي" أي على أن اللام للابتداء فيقال على أنها للقسم. قوله: "وأجازه الكسائي وهشام" أي على إضمار قد كما في المغني وسيأتي في الشرح وفي الأوضح بدل الكسائي الأخفش ويمكن الجمع. قوله: "دخلت" عليه أن لشبهه بالاسم كما تقدم. قوله: "أو غير متصرف" أي تصرفًا تامًا وإلا فقد جاء ليذر أمر نحو: {فَذَرْهُم} الآية. قوله: "إذا كان غير متصرف" دخل في ظاهر عمومه ليس مع أنه يمتنع دخول اللام عليها. قال الشاطبي: ولعله لم يحترز عنها اتكالًا على علة امتناع دخول اللام على أدوات النفي. وقال ابن غازي وتبعه البعض بل على أنه داخل في قوله ما قد نفيا وفيه نظر ظاهر إذ ليست ليس مما قد نفي لأنها للنفي. قوله: "كالاسم" أي الجامد في عدم التصرف. قوله: "مستحوذًا" أي غالبًا. قوله: "فأشبه حينئذٍ المضارع" أي المشبه للاسم ومشبه المشبه مشبه. قوله: "وليس جواز ذلك" أي دخول اللام على قد بقطع النظر عن كونها لام الابتداء لئلا يعارضه قوله بتقدير اللام للقسم. قوله: "خلافًا لصاحب الترشيح" خطاب بن يوسف الماردي حيث ذهب إلى أن لام الابتداء لا تدخل على الماضي المقترن بقد وإذا سمع دخول اللام عليه قدرت لام جواب القسم فالتقدير في إن زيدًا لقد قام إن زيد والله لقد قام. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 وتصحب الواسط معمول الخبر ... والفصل واسما حل قبله الخبر   لإضمار قد، واللام عندهما لام الابتداء، أما إذا قدرت اللام للقسم فإنه يجوز بلا شرط. ولو دخل على أن والحالة هذه ما يقتضي فتحهخا فتحت مع هذه اللام نحو علمت أن زيدًا لرضي "وتحصب" هذه اللام أعني لام الابتداء أيضًا "الواسط" بين اسم إن وخبرها "معمول الخبر" بشرط كون الخبر صالحًا لها نحو إن زيدًا لعمرًا ضارب، فإن لم يكن الخبر صالحا لم يجز دخولها على معموله المتوسط، نحو إن زيدًا عمرًا ضرب؛ لأن دخولها على المعمول فرع دخولها على الخبر، وبشرط أن لا يكون ذلك المعمول حالًا، فإن كان   قوله: "وقد تقدم أن الكسائي إلخ" قيل هو رد لكلام صاحب الترشيح. وحاصله أن الكسائي وهشامًا ذهبا إلى أن قد المضمرة مجوزة لدخول لام الابتداء فقد الظاهرة بالأولى. وأنت خبير بأن هذا معارضة مذهب بمذهب وهي لا تصلح ردًّا، فالأولى جعله تذكيرًا بمخالفتهما صاحب الترشيح. قوله: "واللام عندهما إلخ" جملة حالية وقوله أما إذا قدرت مقابل قوله واللام عندهما إلخ. وقوله بلا شرط أي بلا شرط إضمار قد لأن لام القسم تدخل على الماضي مطلقًا. قوله: "والحالة هذه" أي تقدير اللام للقسم وقوله فتحت مع هذه اللام أي لما مر من أن كسر إن إنما يكون بعد الفعل المعلق بلام الابتداء لا بغيرها من بقية المعلقات كلام القسم. قوله: "الواسط" أي المتوسط من وسط الشيء كوعد أي توسطه. وقوله بين اسم إن وخبرها جرى على ظاهر المتن ولو حمل الواسط على المتوسط بين الألفاظ الواقعة بعد إن لكان أولى ليدخل نحو إن عندك لفي الدار زيدًا جالس مما وقع فيه المعمول المقرون باللام بعد معمول آخر قبل الاسم والخبر وقوله معمول الخبر بدل أو عطف بيان أو حال. والمراد بمعمول الخبر عند المصنف ما يشمل المفعول به والمفعول المطلق نحو إن زيدًا لضربا ضارب، والمفعول له نحو إن زيدًا لا جلالًا قادم ونازع أبو حيان في الأخيرين. قوله: "بشرط إلخ" الشروط أربعة: واحد في المتن وهو التوسط وذكر الشارح شرطين يمكن أخد أولهما من المتن بجعل أل في الخبر للعهد أي الخبر الذي سبق أنه يصح اقترانه باللام. والشرط الرابع أن لا تدخل اللام على الخبر فلا يجوز أن زيدًا لعمر الضارب وأجازه بعضهم قاله الشارح على الأوضح كذا ذكره شيخنا. قال البعض وظاهره أن الرابع لم يذكره الشارح وليس كذلك بل صرح به بقوله تنبيه إذا دخلت اللام إلخ. ا. هـ. وهو غفلة عجيبة فإن الشارح لم يتعرض في التنبيه المذكور لامتناع دخول اللام على الخبر ومعموله معًا أصلًا كما ستعرفه. قوله: "لم يجز دخولها على معموله إلخ" جوزه الأخفش والفراء محتجين بأن المانع قام بالخبر لكونه فعلًا ماضيًا والمعمول ليس كذلك، ورجحه الموضح قال بدليل إجازة البصريين تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ مع حكمهم بامتناع تقديم نفس الخبر لأن المانع من تقديمه الإلباس وذلك لا يوجد في المعمول. قوله: "فرع دخولها على الخبر" أي وهي لا تدخل عليه فكذا معموله. قوله: "حالًا" مثله التمييز والفرق بينهما وبين المفعول أنه ينوب عن الفاعل فيصير عمدة وإذا قدم صار مبتدأ واللام تدخل عليه بخلافهما أفاده المصرح وسم. قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حالًا لم يجز دخولها عليه، فلا يجوز أن زيدًا لراكبًا منطلق. واقتضى كلامه أنها لا تصحب المعمول المتأخر، فلا يجوز أن زيدًا ضارب لعمرًا "و" تصحب أيضًا "الفصل" وهو الضمير المسمى عمادًا نحو: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} [آل عمران: 62] ، إذا لم يعرب هو مبتدأ "و" تحصب "اسمًا" لأن "حل قبله الخبر" نحو إن عندك لبرًّا، وإن لك لأجرًا، وفي معنى تقدم الخبر تقدم معموله نحو إن في الدار لزيدًا قائم.   "لا تصحب المعمول المتأخر" أي لأن المعمول من تمام الخبر فإذا دخلت عليه مع تقدمه كان كدخولها على الخبر لكونه في موضعه بخلافه مع التأخر وكالمتأخر المتقدم على الاسم فلا يقال إن لعندك زيدًا جالس. قوله: "وتصحب الفصل" قيل هو حرف لا محل له من الإعراب وعليه أكثر النحاة كما في الروداني فتسميته ضميرًا مجاز علاقته المشابهة في الصورة. وسمي ضمير الفصل لفصله بين الخبر والصفة في نحو زيد هو القائم، وعمادًا لاعتماد المتكلم عليه في رفع الاشتباه بين الخبر والصفة. وقيل: هو اسم لا محل له من الإعراب كما أن اسم الفعل كذلك. وقيل محله محل ما قبله. وقيل محل ما بعده ففي نحو زيد هو القائم محله رفع باتفاق القولين الأخيرين وفي نحو كان زيد هو القائم محله رفع على أولهما ونصب على ثانيهما، وفي نحو إن زيدًا هو القائم بالعكس وإنما يكون على صيغة ضمير الرفع مطابقًا لما قبله غيبة وحضورًا وغيرهما بين مبتدأ وخبر في الحال أو في الأصل معرفتين أو ثانيهما كالمعرفة في عدم قبول أل كأفعل من، وفي بعض هذه الشروط خلاف بسطه في المغني، وفائدته الاعلام من أول الأمر بأن ما بعده لا صفة وتأكيد الحكم لما فيه من زيادة الربط وقصر المسند على المسند إليه. قال التفتازاني في حاشية الكشاف وهذا إنما يتأتى فيما الخبر فيه نكرة وإلا فتعريف الخبر بلام الجنس يفيد قصره على المبتدأ وإن لم يكن معه ضمير فصل مثل زيد الأمير وعمرو الشجاع وتعريف المبتدأ بلام الجنس يفيد قصره على الخبر وإن كان معه ضمير الفصل نحو الكرم هو التقوى. وقال في المطول التحقيق أنه قد يكون للتخصيص أي قصر المسند على المسند إليه نحو زيد هو أفضل من عمرو وزيد هو يقاوم الأسد. وقد يكون لمجرد التأكيد إذا كان في الكلام ما يفيد قصر المسند على المسند إليه نحو: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاق} [الذاريات: 58] أي لا رزاق إلا هو أو قصر المسند إليه على المسند نحو الكرم هو التقوى أي لا كرم إلا التقوى. ا. هـ. قال الناظم وجاز دخول لام الابتداء عليه لأنه مقو للخبر لرفعه توهم السامع كون الخبر تابعًا فنزل منزلة الجزء الأول من الخبر أي إذا كان الخبر جملة اسمية. قوله: "إذا لم يعرب هو مبتدأ" فإن أعرب مبتدأ كان جزءًا من الخبر فتكون داخلة عليه وكان غير ضمير فصل كما في التصريح. قوله: "حل قبله الخبر" في هذا البيت إيطاء لكن في بعض النسخ تنكير خبر الثاني وهو دافع للإيطاء على الأصح. قوله: "وفي معنى تقدم الخبر تقدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 ووصل ما بذي الحروف مبطل ... إعمالها وقد يبقى العمل   تنبيه: إذا دخلت اللام على الفصل أو على الاسم المتأخر لم تدخل على الخبر، فلا يجوز أن زيدًا لهو القائم، ولا إن لفي الدار لزيدًا، ولا إن في الدار لزيدًا لجالس "ووصل ما" الزائدة "بذي الحروف مبطل إعمالها" لأنها تزيل اختصاصها بالأسماء وتهيئها للدخول على الفعل فوجب إهمالها لذلك، نحو إنما زيد قائم، وكأنما خالد أسد، ولكنما عمرو جبان، ولعلما بكر عالم "وقد ينقى العمل" وتجعل ما ملغاة وذلك مسموع في ليت لبقاء اختصاصها كقوله:   معموله" مثله تقدم معمول الاسم نحو إن في الدار لساكنًا رجل. قوله: "أو على الاسم المتأخر" أي عن الخبر أو عن معموله كما يفيده التمثيل. قوله: "ووصل ما الزائدة" فخرجت الموصولة والموصوفة والمصدرية نحو إن ما عندك حسن وإن ما فعلت حسن وتكتب مفصولة من أن بخلاف ما الزائدة. واعلم أن إنما وأنما يفيدان الحصر وقد اجتمعا في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد} [الأنبياء: 108] ، أي ما يوحى إليّ إلا قصر الإله على الوحدة فالحصر الأول من قصر الصفة على الموصوف قصر قلب نزل المخاطبون المشركون منزلة من اعتقد إيحاء الإشراك إلى نبينا صلى الله عليه وسلّم حيث أصروا عليه والثاني من قصر الموصوف على الصفة قلب أيضًا والإتيان به مبالغة في الرد وإلا فمجرد ثبوت الوحدة ناف للتعدد والاعتراض على إفادة إنما لحصر بفواته عند التأويل بالمصدر مدفوع بأن الحصر من اللفظ المصرح به ولا يضر فواته بالتأويل كفوات التأكيد لأنه أمر تقديري. ثم قيل: الحصر من اجتماع إن وهي للإثبات وما وهي للنفي فصرف الإثبات للمذكور والنفي لغيره. وقيل: لاجتماع مؤكدين إن وما الزائدة واعترض هذا بأن اجتماع مؤكدين لا يستلزم الحصر وإلا لوجد في إن زيدًا لقائم مثلًا والأول بأنه ينافي ما قدمنا من أن ما الملحقة بأن وإن زائدة. وقد يجاب عن اعتراض الثاني بأن اجتماع مؤكدين على وجه تركبهما أقوى لشدة التلاصق فيه وعن اعتراض الأول بأن ما هذه نافية أصالة لكن انسلخ عنها النفي بعد التركيب فصارت زائدة بدليل عدم ذكر منفيها هذا ما ظهر لي فاعرفه واعترض في المغني الأول أيضًا بأن إن ليست للإثبات بل لتوكيد الكلام إثباتًا نحو إن زيدًا قائم أو نفيًا نحو إن زيدًا ليس بقائم. قال الشمني: فيه بحث لأن إن لتوكيد النسبة التي بين اسمها وخبرها وهي لا تكون إلا ثبوتًا وإن كان نفس خبرها نفيًا. قوله: "مبطل إعمالها" أي وجوب إعمالها فلا ترد ليت. قوله: "تزيل اختصاصها بالأسماء" أي ما عدا ليت كما سيأتي. قوله: "فوجب إهمالها" أي ما عدا ليت ووجوب الإهمال هو مذهب سيبويه والجمهور كما يؤخذ مما يأتي في الشرح وقوله لذلك يغني عنه التفريع. قوله: "وقد يبقي العمل" قد للتقليل بالنسة لغير ليت وللتحقيق بالنسبة لليت لأن إعمالها كثير بل أوجبه بعضهم كما سيأتي ففي كلامه استعمال المشترك في معنييه. قوله: "ملغاة" أي عن الكف. قوله: "قالت" أي زرقاء اليمامة ولفظ مقولها: ليت الحمام ليه إلى حمامتيه أو نصف قديه تم الحمام ميه. وقصتها أنها كانت لها قطاة ومر بها سرب من القطا بين جبلين فقالت ما ذكر. ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   283- قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد يروى بنصب الحمام على الأعمال ورفعه على الإهمال. وأما البواقي فذهب الزجاج وابن السراج إلى جوازه فيها قياسًا، ووافقهم الناظم ولذلك أطلق في قوله: وقد يبقى العمل، ومذهب سيبويه المنع لما سبق من أن ما أزالت اختصاصها بالأسماء وهيأتها للدخول على الفعل نحو: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد} [الأنبياء: 108] ، {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} [الأنفال: 6] ، وقوله: 284- فوالله ما فاقتكم قاليا لكم ... ولكن ما يقضى فسوف يكون وقوله:   إن القطا وقع في شبكة صياد فعد فإذا هو ستة وستون فإذا ضم إليها نصفها مع قطاتها كانت مائة. قوله: "أو نصفه" أو بمعنى الواو. قوله: "قياسًا" قال الدماميني: ظاهر كلام الزجاجي في الجمل أنه مسموع من العرب وذلك أنه قال في باب حروف الابتداء: ومن العرب من يقول إنما زيدًا قائم ولعلما بكرًا قائم فيلغي ما وينصب بأن وكذلك أخواتها هذا كلامه. ا. هـ. قوله: "ومذهب سيبويه" أي والجمهور وصححه ابن الحاجب كما في النكت. قوله: "لما سبق إلخ" للمصنف ومن وافقه أن يقول يكفي في صحة الأعمال الاختصاص بحسب الأصل ولا يضر عروض زواله، ولذلك نظائر كثيرة كجواز إعمال إن المخففة من الثقيلة على قلة مع تعليلهم إعمالها بكثرة بزوال اختصاصها بالأسماء كما في وإن كانت لكبيرة أفاده سم. قوله: "ولكن ما يقضى إلخ" الصواب التمثيل بدله بقول امرء القيس: ولكنما أسعى لمجد مؤثل لأن ما في البيت الذي ذكره موصول اسمي بدليل عود الضمير في يقضي عليها.   283- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص24، والأزهية ص89، 114؛ والأغاني 11/ 31؛ والإنصاف 2/ 479؛ وتخليص الشواهد ص362؛ وتذكرة النحاة ص353؛ وخزانة الأدب 10/ 252، 253؛ والخصائص 2/ 460؛ والدرر 1/ 216، 2/ 204؛ ورصف المباني ص299، 316، 318؛ وشرح التصريح 1/ 225؛ وشرح شذور الذهب ص362؛ وشرح شواهد المغني 1/ 75، 200، 2/ 690؛ وشرح عمدة الحافظ ص233؛ وشرح المفصل 8/ 85؛ والكتاب 2/ 137؛ واللمع ص320 ومغني اللبيب 1/ 63، 286، 308؛ والمقاصد النحوية 2/ 254؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 349؛ وخزانة الأدب 6/ 157؛ وشرح قطر الندى ص151؛ ولسان العرب 3/ 347 "قدد" والمقرب 1/ 110؛ وهمع الهوامع 1/ 65. 284- البيت من الطويل، وهو للأفوه الأودي في الدرر 2/ 40؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمالي 1/ 99؛ وأوضح المسالك 1/ 348؛ وشرح التصريح 1/ 225؛ وشرح قطر الندى ص149؛ ومعجم البلدان 2/ 220 "الحجاز" والمقاصد النحوية 2/ 315؛ وهمع الهوامع 1/ 110. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 وجائز رفعك معطوفًا على ... منصوب إن بعد أن تستكملا   285- أعد نظرا يا عبد قيس لعلما ... أضاءت لك الناء الحمار المقيدا بخلاف ليت فإنها باقية على اختصاصها بالأسماء، ولذلك ذهب بعض النحويين إلى وجوب الأعمال في ليتما، وهو يشكل على قوله في شرح التسيهل: يجوز إعمالها وإهمالها بإجماع "وجائز" بالإجماع "رفعك معطوفًا على منصوب إن" المكسورة "بعد أن تستكملا" خبرها نحو إن زيدًا آكل طعامك وعمرو، ومنه: 286- فمن يك لم ينجب أبوه وأمه ... فإن لنا الأم النجيبة والأب وليس معطوفًا حينئذ على محل الاسم مثل ما جاءني من رجل وامرأة بالرفع؛ لأن   قوله: "أعد إلخ" غرض الشاعر هجو عبد قيس بأنه يفعل بالحمار الفاحشة. وأضاء قد يستعمل متعديًا كما في البيت. قوله: "ولذلك" أي لبقائها على اختصاصها بالأسماء. قوله: "وهو يشكل إلخ" قد يقال لم ينظر المصنف إلى هذا الخلاف لكونه واهيًا فحكى الإجماع. قوله: "معطوفًا على منصوب إن" ظاهره أن المعطوف عليه هو اسم إن فيكون الرفع باعتبار محله قبل إن بناء على القول بعدم اشتراط وجود الطالب للمحل ونسب إلى الكوفيين وبعض البصريين وهو الأقرب إلى عبارة المصنف وسيأتي بقبة الأوجه. ولو قال: رفعك تالي عاطف لكان جاريًا على سائر الأوجه الآتية. وفي التسهيل أن النعت والتوكيد وعطف البيان كعطف النسق عند الجرمي والزجاج والفراء تقول إن زيدًا قائم الفاضل أو أبو عبد الله أو نفسه بالنصب والرفع. قال سم فيما كتبه بهامش شرح التسهيل للدماميني هو ظاهر إن قلنا إن الرفع على العطف على محل اسم إن فإن قلنا على الابتداء وإنه من عطف الجمل فالقياس امتناع ما عدا النسق فليتأمل. وقاس الرضي البدل ومثل له بقوله إن الزيدين قد استحسنتهما شمائلهما بالرفع. وقيل: الرفع مخصوص بعطف النسق. قال في الهمع وهو الأصح. قال في شرح الجامع: ولم يقيد العطف بالواو لأن لا كذلك تقول: إن زيدًا قائم لا عمرًا أو لا عمرو. ا. هـ. والظاهر أن الفاء وثم واو وحتى كذلك. قوله: "بعد أن تستكملا" متعلق برفعك أو معطوفًا لا بجائز خلافًا للمكودي لما فيه من الفصل بالمبتدأ وهو أجنبي من الخبر. قوله: "لم ينجب" أي يلد ولدًا ناجيًا. وقوله النجيبة من وضع فعيل موضع مفعل أي المنجبة، أو الأصل النجيبة أبناؤها فحذف المضاف واتصل الضمير. قوله: "وليس معطوفًا إلخ" أي كما هو ظاهر كلام المصنف. ويمكن أن تسميته معطوفًا عليه   285- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 180؛ والأزهية ص88؛ والدرر 2/ 208؛ وشرح شواهد الإيضاح ص116؛ وشرح شواهد المغني ص693؛ وشرح المفصل 8/ 75؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص319؛ وشرح شذور الذهب ص361؛ وشرح قطر الندى ص151؛ وشرح المفصل 8/ 54؛ ومغني اللبيب ص287؛ 288؛ وهمع الهوامع 1/ 143. 286- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 353؛ وتخليص الشواهد ص370؛ والدرر 6/ 179؛ وشرح التصريح 1/ 227؛ والمقاصد النحوية 2/ 265؛ وهمع الهوامع 2/ 144. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الرفع في مسألتنا الابتداء، وقد زال بدخول الناسخ، بل إما مبتدأ محذوف والجملة ابتدائية عطف على محل ما قبلها من الابتداء أو مفرد معطوف على الضمير في الخبر إن كان فاصل كما في المثال والبيت، فإن لم يكن فاصل نحو إن زيدًا قائم وعمرو تعين الوجه الأول. وقد أشعر قوله وجائز أن النصب هو الأصل والأرجح، أما إذا عطف على المنصوب المذكور قبل استكمال إن خبرها تعين النصب وأجاز الكسائي الرفع مطلقًا تمسكًا بظاهر   مجاز علاقته المشابهة الصورية. قوله: "مثل ما جاءني إلخ" ظاهره أن رجلًا إعرابه محلي وهو القول الأصح لعدم لزوم اجتماع حركتي إعراب وقيل: تقديري ويلزم عليه ما ذكر لكن مر في أول الابتداء دفعه. قوله: "وقد زال بدخول إلخ" لم يشترط بعض البصريين بقاء الطالب لذلك المحل ونسب إلى الكوفيين أيضًا كما مر وعليه لا إشكال في العطف على محل اسم إلا من جهة لزوم الفصل بين التابع والمتبوع بأجنبي وهو الخبر وذلك ممنوع كما في الروداني. قوله: "ابتدائية" أي استئنافية. قوله: "على محل ما قبلها من الابتداء" من باب لما على تقدير مضاف أي ذات الابتداء أي الجملة الابتدائية أي المستأنفة. وفي عبارته أمران: الأول كان ينبغي حذف محل لأن الابتدائية لا محل لها. الثاني القصور لعدم شمولها البيت لأن الجملة فيه جواب الشرط الجازم فهي في محل جزم لا ابتدائية، وكذا ما عطف عليها. قوله: "تعين الوجه الأول" أي كونه من عطف الجمل أي عند الجمهور وإلا فبعضهم يجيز العطف على الضمير المستتر بلا فصل بقلة فعلية يجوز الوجه الثاني. قوله: "تعين النصب" أي لما يلزم على الرفع من العطف قبل تمام المعطوف عليه إن جعل من عطف الجمل ومن تقدم المعطوف على المعطوف عليه إن عطف المرفوع على الضمير في الخبر. قال سم: لم لا يجوز الرفع قبل الاستكمال على أنه مبتدأ حذف خبره ويكون من قبيل الاعتراض بين اسم إن وخبرها لا العطف. وأقول مقتضى التعليل بما ذكر جواز الرفع بالعطف على محل اسم إن بناء على عدم اشتراط بقاء طالب المحل. وقال الرضي: إنما منعوا رفع المعطوف قبل الاستكمال لأن العامل في خبر المبتدأ هو المبتدأ وفي خبر إن هو إن فيكون قائمان من قولك إن زيدًا وعمرو قائمان خبرًا عن إن وعمرو معًا فيعمل عاملان مستقلان في معمول واحد ولا يجوز ذلك. ا. هـ. ومقتضى هذا التعليل تخصيص المنع بما إذا كان الخبر للاسمين معًا وبه صرح ابن هشام في شرح بانت سعاد كما سيأتي قريبًا ومقتضى إطلاق الموضح وغيره والتعليل السابق وبحث سم فيه شمول المنع لغير ذلك نحو إن زيدًا وعمرو قائم وهو الذي حققه الروداني. وصنيع الشارح فيما يأتي أقرب إلى هذا فتدبر. قوله: "وأجاز الكسائي إلخ" موضع الخلاف حيث يتعين جعل الخبر للاسمين جميعًا نحو إن زيدًا وعمرو ذاهبان، فإن لم يتعين ذلك نحو إن زيدًا وعمرو في الدار اتفاقًا، قاله الموضح في شرح بانت سعاد وهو مخالف لما أطلقه هنا كذا في التصريح ومثل إن زيدًا وعمرو في الداران زيدًا وعمر وقائم وقد رد الفاضل الروداني كلام الموضح في شرح بانت سعاد وحقق أن نحو إن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} [المائدة: 69] ، وقراءة بعضهم: "إن الله وملائكتُه يصلون" [الأحزاب: 65] ، برفع ملائكته. وقوله: 287- فمن يك أمسى بالمدينة رحلة ... فإني وقيار بها لغريب وخرج ذلك على التقديم والتأخير أو حذف الخبر من الأول كقوله: 288- خليلي هل طب فإني وأنتما ... وإن لم تبوحا بالهوى دنفان ويتعين الأول في قوله: فإني وقيار بها لغريب   زيدًا وعمرو في الدار أو قائم من محل الخلاف فتنبه. قوله: "مطلقًا" أي سواء قبل الاستكمال وبعده وسواء ظهر إعراب المعطوف عليه أو خفي فالإطلاق في مقابلة التقييد السابق والتقييد اللاحق وإن جعله البعض في مقابلة اللاحق فقط. قوله: "رحله" أي منزله. وقيار اسم فرس الشاعر وقيل اسم جمل. وقوله: فإني إلخ دليل الجواب أي فأنا لا يمسى فيها رحلي لأني إلخ. قوله: "على التقديم والتأخير" أي تقديم المعطوف وتأخير الخبر والقصد العكس والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن إلخ والصابئون والنصارى كذلك ومن آمن في محل رفع بالابتداء وخبره فلا خوف إلخ والجملة خبر إن وخبر الصابئون محذوف أي كذلك كما علم. ويجوز أن يكون من آمن إلخ خبر الصابئون وخبر إن محذوف لدلالة خبر الصابئون عليه فالحذف على هذا من الأول لدلالة الثاني وعلى الأول من الثاني لدلالة الأول وهو الكثير كما في المغني والعائد على كل محذوف أي من آمن منهم. وأورد بعضهم على التخريج على التقديم والتأخير أنه يستلزم العطف قبل تمام المعطوف عليه ومجرد ملاحظة التقديم والتأخير لا يدفع ذلك وقد يقال: بل يدفعه التقدم المعطوف عليه بتمامه حينئذٍ في النية هذا. وقال الروداني: اعتبار التقديم والتأخير وأمثاله إنما يرجع إليه في التخريج المسموع ولا يجوز لأحد اليوم أن يتكلم بمثل ذلك ويدعي أنه نوى التقديم والتأخير. قوله: "هل طب" مثلث الطاء كما في القاموس.   287- البيت من الطويل، وهو لضابئي بن الحارث بن البرجمي في الأصمعيات ص184؛ والإنصاف ص94 وتخليص الشواهد ص385؛ وخزانة الأدب 9/ 326، 312، 313، 320؛ والدرر 6/ 182؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 369؛ وشرح التصريح 1/ 228؛ وشرح شواهد المغني ص867؛ وشرح المفصل 8/ 86؛ والشعر والشعراء ص358؛ والكتاب 1/ 75؛ ولسان العرب 5/ 125 "قير"؛ ومعاهد التنصيص 1/ 186؛ والمقاصد النحوية 2/ 318؛ ونوادر أبي زيد ص20؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 103؛ وأوضح المسالك 1/ 358؛ ورصف المباني ص267؛ وسر صناعة الإعراب ص372؛ ومجالس ثعلب ص316، 598؛ وهمع الهوامع 2/ 144. 288- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 361؛ وتخليص الشواهد ص374؛ وشرح التصريح 1/ 229؛ وشرح شواهد المغني 2/ 866؛ ومغني اللبيب 2/ 475؛ والمقاصد النحوية 2/ 274. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 وألحقت بإن لكن وأن ... من دون ليت ولعل وكأن   لأجل اللام في الخبر، والثاني في ملائكته لأجل الواو في يصلون إلا أن قدرت للتعظيم مثلها في {رَبِّ ارْجِعُون} [المؤمنون: 99] ووافق الفراء الكسائي فيما خفي فيه إعراب المعطوف عليه نحو إنك وزيد ذاهبان، وإن هذا وعمرو عالمان تمسكًا ببعض ما سبق قال سيبويه: وأعلم أن ناسًا من العرب يغلطون فيقولون إنهم أجمعون ذاهبون وإنك وزيد ذاهبان "وألحقت بإن" المكسورة فيما تقدم من جواز العطف بالرفع بعد الاستكمال "لكن" باتفاق كقوله: 289- وما قصرت بي في التسامي خؤلة ... ولكن عمي الطيب الأصل والخال "وأن" المفتوحة على الصحيح إذا كان موضعها موضع الجملة بأن تقدمها علم أو   قوله: "ويتعين الأول إلخ" نظر فيه سم بجواز أن تقدم اللام داخلة على مبتدأ محذوف أي لهو غريب وقد يقال الأصل والظاهر عدم التقدير وكلام الشارح مبني عليه. قوله: "إلا إن قدرت للتعظيم" بحث فيه بأنه لم يسمع إنا قائمون على التعظيم بل لا بد من المطابقة اللفظية على حد: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُون} [الحجر: 23] ، كما في المغني. قوله: "فيما خفي" أي في تركيب خفي إلخ أي لكونه مبنيًّا أو مقصورًا مثلًا. قال سم: انظر لو خفي إعراب المعطوف دون المعطوف عليه. ويحتمل أنه عنده كذلك. وقال الروداني: قضية التعليل بالاحتراز من تنافر اللفظ أن خفاء إعراب المعطوف كذلك فيجوز عنده العطف بالرفع في أن زيدًا والفتى ذاهبان. ا. هـ. قوله: "وأعلم" بهمزة المتكلم والقصد بنقل ما ذكره الرد به على الفراء والكسائي ولا يخفى أنه من باب رد دعوى بدعوى. وقوله يغلطون من باب فرح. واعترض بأنه كيف يسند الغلط إلى العرب. وأجيب بأنه لا مانع من ذلك لما سبق من أن الحق قدرة العربي على الخطأ إذا قصد الخروج عن لغته والنطق بالخطأ. وقيل مراد سيبويه بالغلط مجرد توهم أن ليس في الكلام إن وهذا هو ما يدل عليه بقية كلامه كما بسطه في المغني. ويحتمل أن مراده بالغلط شدة الشذوذ. قوله: "باتفاق" ولهذا قدم المصنف لكن على أن. قوله: "في التسامي" أي العلو والعراقة في النسب، خؤولة أي ولا عمومة بدليل ما بعده. قال العيني هي إما مصدر أو جمع خال كالعمومة وفيه ما فيه. قوله: "وأن المفتوحة على الصحيح" اختلف فيه إن ولكن لعدم نقلهما الجملة إلى باب المفرد فأشبها الحروف الزائدة للتأكيد بخلافها. قوله: "إذا كان موضعها موضع الجملة" لأنها حينئذٍ بمنزلة المكسورة وذلك بأن وقعت في محل الجملة بحسب الأصل لسدها ومعموليها بعد العلم مسد مفعوليه وهما أصلهما المبتدأ والخبر وخرج بذلك نحو أعجبني إن زيدًا قائم وعمرًا فيتعين النصب لأنها ليست في   289- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 355؛ وتخليص الشواهد ص370؛ والدرر 6/ 186؛ وشرح التصريح 1/ 227؛ والمقاصد النحوية 2/ 316؛ وهمع الهوامع 2/ 144. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 وخففت أن فقل العمل ... وتلزم اللام إذا ما تهمل   معناه نحو: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3] ، "من دون ليت ولعل وكأن" حيث لا يحوز في المعطوف مع هذه الثلاث إلا النصب تقدم المعطوف أو تأخر لزوال معنى الابتداء معها وأجاز الفراء الرفع معها أيضًا متقدمًا ومتأخرًا بشرطه السابق وهو خفاء الإعراب "وخففت إن" المكسورة "فقل العمل" وكثر الإهمال لزوال اختصاصها حينئذ نحو: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: 32] ، وجاز إعمالها استصحابًا للأصل نحو: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ}   موضع الجملة ولذلك جاز دخول لام الابتداء وكسر إن في نحو علمت إن زيدًا لقائم وامتنع ذلك في نحو أعجبني إن زيدًا قائم كما قاله الدماميني نقلًا عن ابن الحاجب. قوله: "أو معناه" أي دال معناه كأذان في الآية الشريفة أي إعلام. قوله: "ورسوله" أي بالرفع وقرئ شاذًّا ورسوله بالنصب عطفًا على لفظ اسم إن كما في الفارضي. قوله: "لزوال معنى الابتداء" أي معنى الجملة ذات الابتداء لأن الكلام قبل هذه الثلاثة للاخبار عن المسند إليه بالمسند وبعدها لتمني المسند للمسند إليه أو ترجيه أو تشبيهه به. وقيل لأن هذه الثلاثة تغير معنى الجملة بنقلها من الخبر إلى الإنشاء فيلزم عليه عطف الخبر على الإنشاء لكن هذا التعليل لا يتم على القول بجواز عطف الخبر على الإنشاء ولا على أن العطف على الضمير في خبر إن ولهذا قال في متن الجامع: يرفع مطلقًا تالي العاطف إن نسق على ضمير الخبر وبعد إن وأن ولكنَّ إن قدر مبتدأ إلخ، وكذا لا يتم على أن العطف على محل الاسم، هذا وقد لزم مما تقرر أن الكلام مع كأن إنشاء لا خبر وقد يتوقف فيه فتأمل. ثم رأيت صاحب المغني صرح بأن كان للأخبار ورأيت الدماميني نقل قولًا آخر عن بعضهم أنها لإنشاء التشبيه. قوله: "بشرطه السابق" راجع إلى قوله متقدمًا فقط كما هو صريح قول الهمع وأجازه أي الرفع الفراء في ليت وأختيها بعد الخبر مطلقًا وقبله بشرطه المذكور عنه. قوله: "وخففت إن" أي بشرط أن لا يكون اسمها ضميرًا وأن يكون خبرها صالحًا لدخول اللام ويستثنى الخبر المنفي لأنه وإن لم تدخل عليه اللام لا يتوهم معه أن إن نافية نقله يس عن ابن هشام. قوله: "فقل العمل" إنما قل هنا وبطل فيما إذا كفت بما على مذهب سيبويه مع أن العلة في الموضعين زوال الاختصاص بالأسماء لأن المزيل هناك أقوى لأنه لفظ أجنبي زيد وهو ما بخلافه هنا فإنه نقصان بعض الكلمة، ومحل ما ذكر إن وليها اسم فإن وليها فعل كما في الأمثلة الآتية وجب الإهمال ولا يدعي الاعمال وإن اسمها ضمير الشأن والجملة الفعلية خبرها. قاله زكريا. قوله: "نحو وإن كل لما إلخ" أي على قراءة تخفيف الميم أما على قراءة التشديد فلا شاهد فيه لأن إن عليها نافية ولما بمعنى إلا. واعرابه على التخفيف كل مبتدأ واللام لام الابتداء وما زائدة وجميع خبر ومحضرون نعته وجمع على المعنى ولدينا متعلق به أو جميع مبتدأ ثان ومحضرون خبره والجملة خبر الأول وهذا أولى لما يلزم على الأول من دخول لام الابتداء على خبر المبتدأ، والمسوّغ للابتداء بجميع العموم أو الإضافة تقديرًا والرابط على جعل جميع مبتدأ ثانيًا إعادة المبتدأ بمعناه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 وربما استغني عنها إن بدا ... ما ناطق أراده معتمدًا   [هود: 111] "وتلزم اللام إذا ما تهمل" لتفرق بينها وبين أن النافية ولهذا تسمى اللام الفارقة، وقد عرفت أنها لا تلزم عند الأعمال لعدم اللبس. تنبيه: مذهب سيبويه أن هذه اللام هي لام الابتداء. وذهب الفارسي إلى أنها غيرها اجتلبت للفرق، ويظهر أثر الخلاف في نحو قوله عليه الصلاة والسلام: "قد علمنا إن كنت لمؤمنًا "، فعلى الأول يجب كسر إن، وعلى الثاني يجب فتحها "وربما استغني عنها" أي   لأنه على هذا بمعنى كل وعلى الأول بمعنى مجموع. قوله: "وإن كلا لما إلخ" أي على قراءة تخفيف الميم أما على قراءة التشديد فلا شاهد فيه لما مر ولعل نصب كلا حينئذٍ بمحذوف تقديره أرى ثم رأيته في المغني. واعرابه على التخفيف كلا اسم إن واللام الأولى لام الابتداء وما زائدة للفصل بين اللامين أو موصولة خبر إن وليوفينهم جواب قسم محذوف وجملة القسم وجوابه صلة ما والتقدير وإن كلا للذين والله ليوفينهم. قال في المغني: لكن الصلة في المعنى جملة الجواب فقط وإنما جملة القسم مسوقة لمجرد التأكيد فلا يقال: جملة القسم إنشائية والصلة لا تكون إلا خبرية. ا. هـ. وقيل ما نكرة موصوفة بقول مقدر حذف وأقيم معموله وهو جملة القسم مقامه أي وإن كلا لخلق مقول فيهم والله ليوفينهم ولا حاجة لتقدير القول كما علم مما مر عن المغني وكذا الإعراب على التخفيف مع تشديد النون. وأما على تشديد النون والميم معًا فقال ابن الحاجب: أحسن ما قيل فيه أن لما هي الجازمة حذف فعلها تقديره لما يهملوا، واعترضه في المغني بأن لما تفيد توقع منفيها وإهمال الكفار غير متوقع. وأجاب الدماميني بأن توقع منفيها غالب لا لازم ولو سلم فالكفار يتوقعون الإهمال ولا يشترط في التوقع أن يكون من المتكلم. ثم قال في المغني: والأولى عندي أن يقدر لما يوافوا أعمالهم لدلالة ليوفينهم إلخ عليه ولتوقع التوفية. قوله: "وتلزم اللام" أي عند عدم القرينة على المراد بدليل ما يأتي فلا تنافي بين قوله وتلزم اللام وقوله وربما استغنى إلخ وينبغي كما بحثه الروداني أن محل لزوم اللام إذا قصد البيان وأنه إذا قصد الإجمال لم تلزم لأن الإجمال من مقاصد البلغاء. قوله: "إذا ما تهمل" أي أو تعمل مع حصول اللبس بأن كان إعراب الاسم خفيًّا نحو إن هذا أو الفتى لقائم كما يؤخذ من قول الشارح لعدم اللبس وصرح به الدماميني. قوله: "وذهب الفارسي إلخ" قال الدماميني: حجته دخولها على الماضي المتصرف نحو إن زيد لقام وعلى منصوب الفعل المؤخر عن ناصبه نحو: {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِين} [الأعراف: 102] ، وكلاهما لا يجوز مع المشددة. ا. هـ. وقد يجاب بأن المخففة ضعفت بالتخفيف فتوسع معها ما لم يتوسع مع غيرها فتأمل. قوله: "يجب فتحها" أي لطلب العامل ولا معلق لأن اللام الفارقة على الثاني ليست من المعلقات وظاهر هذا الكلام دخول اللام الفارقة على خبر أن المفتوحة المخففة مع أنها لا تلتبس بأن النافية حتى يحتاج للفرق. وقد يقال إنها دخلت بعد إن المكسورة للفرق فلما دخل الفعل فتحت الهمزة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 والفعل إن لم يك ناسخًا فلا ... تلفيه غالبا بإن ذي موصلًا   عن اللام "إن بدا" أي ظهر "ما ناطق أرادة معتمدًا" على قرينة إما لفظية كقوله: 290- إن الحق لا يخفى على ذي بصيرة أو معنوية كقوله: 291- أنا ابن أباة الضيم من آل مالك ... وإن مالك كانت كرام المعادن "والفعل إن لم يك ناسخًا" للابتداء وهو كان وكاد وظن وأخواتها "فلا تلفيه" أي لا تجده "غالبًا بأن ذي" المخففة من الثقلية "موصلًا" وإن كان ناسخًا وجدته موصلًا بها   وأبقيت اللام، فالكسر وقصد الفرق سابقان على دخول الطالب لفتح الهمزة أو يقال: لام الفرق قد تدخل مع عدم الاحتياج إلى الفرق كما تدخل بعد المكسورة عند قيام القرينة والاستغناء عن اللام. قوله: "وربما استغني عنها" ليس المراد بالاستغناء عدم الاحتياج إلى اللام حتى يعترض بأن التعبير بربما يقتضي أن اللام قد لا يستغنى عنها مع القرينة بل المراد به ترك اللام ولا شك أنه مع القرينة يجوز ترك اللام وذكرها. قوله: "إن الحق إلخ" القرينة اللفظية فيه لفظ لا فإنه يبعد معها أن يراد بأن النفي إذ لو أريد ما ذكر لجيء بالإثبات بدلًا عن نفي النفي الصائر إلى الإثبات، وفيه أيضًا قرينة معنوية وهي أنه لو أريد بأن النفي ونفي النفي إثبات لكان المعنى الحق يخفى على ذي بصيرة وفساده ظاهر. وينبغي أن تكون القرينة المعتمد عليها هذه القرينة المعنوية لأن لا مبعدة للنفي لا مانعة منه فتأمل. قوله: "أنا ابن أباة إلخ" القرينة هنا دلالة مقام المدح على أن الكلام إثبات فلأجلها لم يقل كانت لكرام، وأما عدم قوله لكانت كرام فلما مر من امتناع أن يلي اللام فعل متصرف خال من قد وما قيل من أن هذا الامتناع مخصوص بأن العاملة دون المهملة يرده تصريح أبي حيان في ارتشافه باستوائهما في ذلك وبأن اللام لو دخلت في هذا البيت لدخلت على كرام فاعرف ذلك. والأباة جمع آب كقضاة وقاض من أبي إذا امتنع. والضيم الظلم. ومالك اسم قبيلة. ولهذا قال كانت، وصرفها مراعاة للحي قاله المصرح. قوله: "غالبًا" ظرف زمان أو مكان متعلق بالنفي والمعنى انتفى في غالب الأزمنة أو في غالب التراكيب وجود الفعل موصلًا بأن إذا لم يكن ناسخًا، ومفهوم ذلك أن وجود الفعل الناسخ موصلًا بأن لم ينتف في الغالب   290- عجزه: وإن هو لم يعدم خلاف معاند والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شواهد المغني 2/ 604؛ ومغني اللبيب 1/ 232. 291- البيت من الطويل، وهو للطرماح واسمه الحكم بن حكيم، في ديوانه ص512؛ والدرر 2/ 193؛ والمقاصد النحوية 2/ 276؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 367؛ وتخليص الشواهد ص378؛ وتذكرة النحاة ص43؛ والجني الداني ص134؛ وشرح ابن عقيل ص191؛ وشرح عمدة الحافظ ص237؛ وشرح قطر الندى ص165؛ وهمع الهوامع 1/ 141. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كثيرًا نحو: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} [القلم: 51] ، {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء: 186] ، وأكثر منه كونه ماضيًا نحو: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً} [البقرة: 143] ، {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} [الصافات: 56] ، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102] ، ومن النادر قوله: 292- شلت يمينك إن قتلت لمسلما ولا يقاس عليه، نحو إن قام لأنا وإن قعد لزيد خلافًا للأخفش والكوفيين، وأندر منه   فيصدق بالكثرة ولو جعل متعلقًا بالمنفي لكان المفهوم أن وجود الفعل الناسخ موصلًا بأن غالبي مع أن القوم إنما ذكروا الكثرة لا الغلبة أفاده سم. قوله: "موصلًا" اسم مفعول من أوصل الرباعي المتعدي وثلاثيه اللازم وصل بمعنى اتصل وإن كان وصل يستعمل متعديًا أيضًا، فقول البعض تبعًا لما نقله شيخنا عن الغزي اسم مفعول من أوصل بمعنى اتصل فاسد. قوله: "وجدته موصلًا إلخ" بشرط كونه غير ناف ليخرج ليس وغير منفي ليخرج زال وأخواتها وغير صلة ليخرج دام ودخول اللام مع الفعل الناسخ على ما كان خبرًا في الأصل نحو: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَة} [البقرة: 143] ، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِين} [الأعراف: 102] ، ومع غير الناسخ على معموله فاعلًا كان أو مفعولًا ظاهرًا أو ضميرًا منفصلًا فالفاعل بقسميه نحو: إن يزينك لنفسك وأن يشينك لهبه. والمفعول الظاهر نحو إن قتلت لمسلمًا وأما المفعول الضمير فكما لو عطف على قولك إن قتلت لمسلمًا قولك وإن أهنت لإياه لكن إنما تدخل على المفعول دون الفاعل إذا كان الفاعل ضميرًا متصلًا كما رأيت أو مستترًا نحو زيد إن ضرب لعمرًا. قوله: "وأكثر منه" أي من كون مدخولها مضارعًا المفهوم من الأمثلة أو من نحو وأن يكاد إلخ. والحاصل أن الأقسام أربعة كثير وأكثر ويقاس عليهما اتفاقًا، ونادر وفي القياس عليه خلاف، وأندر ولا يقاس عليه اتفاقًا. وسبب ذلك أن إن المشددة مختصة بالمبتدأ والخبر فلما ضعفت بالتخفيف وزال اختصاصها بهما عوضوها كثرة الدخول على فعل يختص بهما وهو الناسخ مراعاة لحقها الأصلي في الجملة وكان الماضي أكثر لشبهها بعض الماضي كقيل في عدد الحروف والهيئة والبناء على الفتح ولما انتفى في الثالث اختصاص مدخولها بالمبتدأ والخبر كان نادرًا، ولما انتفى الاختصاص والشبه في الأخير كان أندر. قوله: "شلت" بفتح الشين من باب فرح والضم لغة رديئة. قوله: "خلافًا للأخفش والكوفيين" تبع في هذا العزو التوضيح والتسهيل، والذي في الهمع والمغني أن الكوفيين لا يجيزون تخفيف إن المكسورة ويؤولون ما ورد مما يوهم ذلك بأن إن نافية واللام إيجابية بمعنى إلا ولذلك رد عليهم بقوله تعالى: {وَإِنَّْ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} [هود: 111] في قراءة من خفف إن   292- البيت من الكامل، وهو لعاتكة بنت زيد العدوية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 وإن تخفف أن فاسمها استكن ... والخبر اجعل جملة من بعد أن   كونه لا ناسخًا ولا ماضيًا، كقولهم: إن يزينك لنفسك وإن يشينك لهيه "وإن تخفف أن" المفتوحة "فاسمها" الذي هو ضمير الشأن "استكن" بمعنى حذف من اللفظ وجوبًا ونوى وجوده لا أنها تحملته لأنها حرف، وأيضًا فهو ضمير نصب وضمائر النصب لا تستكن. وأما بروز اسمها وهو غير ضمير الشأن في قوله: 293- فلو أنك في يوم الرخاء سألتني ... طلاقك لم أبخل وأنت صديق وقوله:   ولما وإن أجيب عنهم بأن لهم أن يجعلوا نصب كلا بأرى محذوفًا واللام بمعنى إلا كما هو رأيهم في مثلها وما مزيدة للفصل بين اللامين أو موصولة أو نكرة على ما مر، ويمكن الاعتذار بأن ذكر الكوفيين مع الأخفش نظرًا إلى موافقتهم له صورة لقياسهم أيضًا على إن قتلت لمسلمًا وإن كان قياسهم عليه على وجه أن إن نافية واللام بمعنى إلا، وقياس الأخفش عليه على وجه أن إن مخففة واللام لام الابتداء فمراد الشارح خلافًا لمن ذكروا في مطلق القياس على إن قتلت لمسلمًا. قوله: "الذي هو ضمير الشأن" أي فقط عند ابن الحاجب وهو أو غيره عند المصنف والجمهور فكان المناسب حذف القيد ليجري في حل كلام المصنف على مذهبه. ومما يتعين فيه تقدير ضمير الشأن قول الشاعر: في فتية كسيوف الهند قد علموا ... أن هالك كل من يحفى وينتعل قال ابن الحاجب في شرح المفصل ولولا أن ضمير الشأن مقدر لم يستقم تقديم الخبر هنا فالذي سوّغ التقديم كون الجملة واقعة خبرًا لا كون إن بطل عملها فصار ما بعدها مبتدأ وخبرًا لأنهم يعتبرون مع التخفيف ما يعتبرونه مع التشديد من امتناع تقديم خبرها. ا. هـ. باختصار. قوله: "وأما بروز إلخ" وارد على قوله فاسمها الذي هو ضمير الشأن استكن. وحاصل الإيراد أنه وجد في كلامهم اسم أن المخففة غير ضمير الشأن وغير مستكن. قوله: "فلو أنك إلخ" يصف هذا الشاعر نفسه بكثرة الجود حتى لو سأله الحبيب الفراق لأجابه كراهة رد السائل. وخص يوم الرخاء بالذكر لأن الإنسان ربما يفارق الأحباب في الشدة. وجملة وأنت صديق حالية قيد بها لأن الإنسان لا يعز عليه فراق عدوه. وصديق فعيل بمعنى اسم المفعول أي مصادقة بفتح الدال أو من إجراء فعيل بمعنى فاعل مجرى فعيل بمعنى مفعول. وفي المصباح يقال: امرأة صديق وصديقة. قوله:   293- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأزهية ص62؛ والأشباه والنظائر 5/ 238، 262؛ والإنصاف 1/ 205؛ والجني الداني ص218؛ وخزانة الأدب 5/ 426، 427، 10/ 381، 382؛ والدرر 2/ 198؛ ورصف المباني ص115، وشرح شواهد المغني 1/ 105؛ وشرح ابن عقيل ص193؛ وشرح المفصل 8/ 71؛ ولسان العرب 4/ 81؛ وشرح شواهد المغني 1/ 105؛ وشرح ابن عقيل ص193؛ وشرح المفصل 8/ 71؛ ولسان العرب 4/ 81 "حرر"، 10/ 194 "صدق"، 13/ 30 "أنن"؛ ومغني اللبيب 1/ 31؛ والمقاصد النحوية 2/ 31؛ والمنصف 3/ 128؛ وهمع الهوامع 1/ 143. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   294- بأنك ربيع وغيث مريع ... وأنك هناك تكون الثمالا فضرورة "والخبر اجعل جملة من بعد أن" نحو علمت أن زيد قائم، فأن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف وزيد قائم جملة في موضع رفع خبرها. تنبيه: أن المفتوحة أشبه بالفعل من المكسورة لأن لفظها كلفظ عض مقصودًا به الماضي أو الأمر. والمكسورة لا تشبه إلا الأمر كجد فلذلك أو ثرت أن المفتوحة المخففة ببقاء عملها على وجه يبين فيه الضعف وذلك بأن جعل اسمها محذوفًا لتكون بذلك عاملة كلا عاملة. ومما يوجب مزيتها على المكسورة أن طلبها لما تعمل فيه من جهة الاختصاص ومن جهة وصليتها بمعمولها ولا تطلب المكسورة ما تعمل فيه إلا من جهة   "مريع" بفتح الميم أي كثير العشب من مرع الوادي بتثليث الراء أي كثر عشبه كأمرع فوصف الغيث به من وصف الحال بوصف المحل، وبضمها من أراع الشيء أي نما وكثر كراع يريع ريعًا أفاده في القاموس. والثمال بكسر المثلثة الغياث. قوله: "فضرورة" أي من وجهين عند ابن الحاجب كون اسمها غير ضمير الشأن وكونه مذكورًا. ومن الوجه الثاني فقط عند الناظم. قوله: "والخبر اجعل جملة" أي إن حذف الاسم سواء كان ضمير شأن أو لا على مذهب المصنف فإن ذكر الاسم جاز كون الخبر جملة وكونه مفردًا وقد اجتمعا في قوله بأنك ربيع إلخ. قوله: "من بعد أن" من وضع الظاهر موضع المضمر للضرورة. قوله: "تنبيه أن المفتوحة إلخ" هذا جواب عما قيل لماذا أعملوا أن المفتوحة وأهملوا المكسورة غالبًا وكان اللائق التسوية أو العكس لئلا يلزم مزية الفرع عن الأصل. وحاصل الجواب أن الفرع قد يميز على الأصل لمعنى فيه لا يوجد في الأصل. قوله: "لا تشبه إلا الأمر" قد يقال: بل تشبه نحو قيل وبيع أيضًا إلا أن يقال صيغة المجهول محولة عن صيغة المعلوم لا أصلية. قوله: "فلذلك" أي لكونها أشبه بالفعل إلخ أوثرت أي خصت، وقوله على وجه إلخ ليس من جملة التفريع إذ لا ينتجه ما قبل التفريع فهو متعلق بمحذوف دل عليه السياق أي وعملت على وجه إلخ أي لئلا يظهر بالكلية مزية الفرع على أصله، وبه يجاب عما قيل لم أعملوا المفتوحة في محذوف غالبًا والمكسورة في مذكور، وأجاب بعضهم بأن ذلك إعطاء للأصل الأصل والفرع الفرع بوذها أيضًا يجاب عما قيل لم أعملوا المفتوحة في ضمير والمكسورة في ظاهر. قوله: "من   294- البيت من المتقارب، وهو لكعب بن زهير في الأزهية ص62؛ وتخليص الشواهد ص380؛ وليس في ديوانه؛ وهو لجندب بنت عجلان في الحماسة الشجرية 1/ 309؛ وخزانة الأدب 10/ 384؛ وشرح أشعار الهذليين 2/ 585؛ وشرح التصريح 1/ 232؛ والمقاصد النحوية 2/ 282؛ ولعمرة بنت عجلان أو لجنوب بنت عجلان في شرح شواهد المغني 1/ 106؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 207؛ وأوضح المسالك 1/ 370؛ وخزانة الأدب 5/ 427؛ وشرح قطر الندى ص156؛ وشرح المفصل 8/ 75؛ ولسان العرب 13/ 30 "أنن"، ومغني اللبيب 1/ 31. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 وإن يكن فعلًا ولم يكن دعا ... ولم يكن تصريفه ممتنعا فالأحسن الفصل بقدر أو نفي أو ... تنفيس أو لو وقليل ذكر لو   الاختصاص فضعفت بالتخفيف وبطل عملها بخلاف المفتوحة "وإن يكن" صدر الجملة الواقعة خبر أن المفتوحة المخففة "فعلًا ولم يكن" ذلك الفعل "دعا ولم يكن تصريفه ممتنعًا فالأحسن" حينئذ "الفصل" بين أن وبينه "بقد" نحو: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} [المائدة: 113] وقوله: 295- شهدت بأن قد خط ما هو كائن ... وأنك تمحو ما تشاء وتثبت "أو نفي" بلا أو لن أو لم نحو: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] ، {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} [البلدة: 5] ، {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد: 7] ، "أو" حرف "تنفيس" نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُون} [المزمل: 20] ، وقوله: 296- واعلم فعلم المرء ينفعه ... أن سوف يأتي كل ما قدرا "أو لو" نحو: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} [الجن: 16] ، "وقليل" في كتب   جهة الاختصاص" أي بالأسماء وقوله وصليتها أي كونها حرفًا موصولًا بمعمولها. قوله: "وبطل عملها" أي في الغالب كما سبق. قوله: "صدر الجملة إلخ" أشار به إلى أن الضمير في يكن إلى الخبر بتقدير مضاف أي صدر الخبر ولو عبر الشارح بذلك لكان أحسن وإن كان المآل واحدًا أو دفع بذلك ما يوهمه ظاهر عبارته أن الخبر نفس الفعل. فإن قلت: الظاهر أن الحرف الفاصل بين أن والفعل جزء من الخبر فهو الصدر لا الفعل. قلت المراد صدر ما بعد هذا الحرف من التركيب الإسنادي. قوله: "دعا" أي ذا دعاء قصد به الدعاء. قوله: "فالأحسن حينئذٍ الفصل" أي للفرق بين المخففة والمصدرية التي تنصب المضارع. ولما كانت المصدرية لا تقع قبل الاسمية ولا الفعلية التي فعلها جامد أو دعاء لم يحتج لفاصل معها. وأفعل التفضيل ليس على بابه كما يدل عليه تعبير الموضح بالوجوب فعدم الفصل قبيح لكن ينبغي أن يكون محل قبحه إذا لم يكن هناك فارق بين المخففة والمصدرية غير الفصل كوقوع أن بعد العلم وإلا لم يقبح كما في الروداني، ويظهر أن ترك الفصل عند وجود فارق آخر خلاف الأولى وأن من الفارق غير الفصل ظهور رفع المضارع كما في أن تهبطين. قوله: "وبينه" أي الفعل. قوله: "بلا" أي مع الماضي والمضارع وكذا لو. واستشكل الفصل   295- البيت من الطويل. 296- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 30؛ وشرح شواهد المغني 2/ 828؛ وشرح ابن عقيل ص195؛ ومعاهد التنصيص 1/ 377؛ ومغني اللبيب 2/ 398؛ والمقاصد النحوية 2/ 313؛ وهمع الهوامع 1/ 248. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 وخففت كأن أيضًا فنوي ... منصوبها وثابتا أيضًا روي   النحاة "ذكر لو" وإن كان كثيرًا في لسان العرب. وأشار بقوله فالأحسن الفصل إلى أنه قد يرد والحالة هذه بدون فاصل كقوله: 297- علموا أن يؤملون فجادوا ... قبل أن يسألوا بأعظم سؤال وقوله: 298- إني زعيم يا نويـ ... ـقة إن أمنت من الرزاح ونجوت من عرض المنو ... ن من العشي إلى الصباح إن تهبطين بلاد قو ... م يرتعون من الطلاح أما إذا كانت جملة الخبر اسمية أو فعلية فعلها جامد أو دعاء فلا تحتاج إلى فاصل كما هو مفهوم الشرط من كلامه نحو: {وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10] ، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] "والخامسة أنْ غضب الله عليها" [النور: 9] ، "وخففت كأن أيضًا" حملًا على أن المفتوحة "فنوي منصوبها" وهو ضمير   بلا بأنه لا فائدة فيه لأن أن المخففة لا تحتاج بعد العلم إلى تمييزها عن المصدرية لأن المصدرية لا تقع بعد العلم وأما بعد الظن فيقعان لكن لا تميز لا بينهما لوقوعها بعد كل منهما فلا يتم تعليل الفصل بالفرق بين المخففة والمصدرية وكذا استشكل الفصل بعد العلم بغير لا كقد والسين بأنه لا فائدة فيه لعدم وقوع المصدرية بعد العلم. والجواب أن كون الفصل للتفرقة المذكورة باعتبار الغالب وفي شرح الجامع أن الفصل بالمذكورات إما لئلا تلتبس بالمصدرية أو ليكون كالعوض من تخفيفها ولا إشكال عليه. قوله: "أن لا تكون" أي على قراءة تكون بالرفع على أن أن مخففة. قوله: "زعيم" أي كفيل والرزاح بضم الراء وكسرها الهزال والمنون الموت، وإضافة عرض إليه من إضافة الصفة للموصوف أي المنون العرض أي العارض. والطلاح بالكسر جمع طلحة بالفتح شجرة من شجر الغضي. قوله: "فلا يحتاج إلى فاصل" أن لما علمت من أن هذه الجمل لا تقع بعد أن الناصبة للمضارع. قوله: "أن غضب الله" أي في قراءة نافع أن بسكون النون وغضب بصيغة الماضي مقصودًا به الدعاء فهي قراءة سبعية وما في التصريح مما يخالف ذلك سبق قلم. قوله: "فنوى منصوبها   297- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 372؛ وتخليص الشواهد ص383؛ والجني الداني ص219؛ والدرر 2/ 197؛ وشرح التصريح 1/ 233؛ وشرح ابن عقيل ص196؛ وقطر الندى ص155؛ والمقاصد النحوية 2/ 294؛ وهمع الهوامع 1/ 143. 298- الأبيات من مجزوء الكامل، وهي للقاسم بن معن في المقاصد النحوية 2/ 279؛ وبلا نسبة في الأزهية ص65؛ وخزانة الأدب 8/ 42؛ ورصف المباني ص113؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 448؛ وشرح المفصل 7/ 9؛ ولسان العرب 2/ 532 "طلح"، 9/ 198 "صلف" 13/ 136 "أنن". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الشأن كثيرًا "وثابتا أيضا روي" وهو غير ضمير الشأن قليلًا كمنصوب أن. فمن الأول قوله: 299- وصدر مشرق النحر ... كأن ثدياه حقان وقوله: 300- ويومًا توافينا بوجه مقسم ... كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم   إلخ" أي حذف وعلم من ذلك أنها واجبة الإعمال لأنه أثبت لها منصوبًا منويًّا تارة وثابتًا أخرى قاله يس لكن جوز الدماميني في قوله: كأن ظبية إلخ على رواية رفع ظبية أن يكون الرفع لإهمال كأن بتخفيفها. قوله: "كثيرًا" راجع لكل من قوله فنوى وقوله وهو ضمير الشأن فيفيد أن منصوبها قد يثبت وذكر هذا المصنف بقوله وثابتًا إلخ وأنه قد ينوي وهو غير ضمير الشأن وسيمثل له الشارح بالشاهد الثاني هذا هو المناسب لما عليه المصنف من أن اسم كأن المخففة المحذوف قد يكون ضمير الشأن وقد يكون غيره ولما سيذكره الشارح أن الخبر في الشاهد الثاني مفرد إذ لو وجب كون الاسم المحذوف ضمير الشأن لم يجز أن يكون الخبر عند حذف الاسم مفردًا لأن ضمير الشأن لا يخبر عنه بمفرد بخلاف ما لو أرجح كثيرًا لقوله فنوى فقط فإن مفاد كلام الشارح على هذا أن اسمها المنوي لا يكون إلا ضمير الشأن وهذا خلاف مذهب المصنف ومناف لقول الشارح بعد وأن يكون مفردًا كما في الثاني فافهم. قوله: "قليلًا" راجع لقوله وثابتًا إلخ. قوله: "كمنصوب أن" التشبيه في مطلق الثبوت والذكر فلا ينافي أن ثبوت منصوب أن ضرورة كما مر بخلاف ثبوت منصوب كأن فإنه ليس بضرورة. قوله: "فمن الأول" أي المحذوف لا بقيد كونه ضمير الشأن بدليل الشاهد الثاني فإن المحذوف فيه غير ضمير الشأن كما سيصرح به بل ضمير المرأة على أن الدماميني قال لا يظهر لي تعين كون الاسم في الشاهد الأول ضمير الشأن إذ يجوز أن يكون ضميرًا عائدًا إلى المتقدم الذكر أي كأن النحر ثدياه حقان. قوله: "مشرق النحر" أي مضيء العنق ثدياه أي الصدر أي الثديان فيه حقان أي في الاستدارة. ويجوز أن يكون ثدياه اسم كأن على لغة من يلزم المثنى الألف وحقان خبرها ولا شاهد فيه حينئذٍ. قوله: "توافينا" أي تقابلنا، والمقسم الحسن من القسام وهو الحسن، تعطو أي   299- البيت من الهزج، وهو بلا نسبة في الإنصاف 1/ 197؛ وأوضح المسالك 1/ 378؛ وتخليص الشواهد ص389؛ والجني الداني ص575؛ وخزانة الأدب 10/ 392، 394، 398، 399، 400، 440، والدرر 2/ 99؛ وشرح التصريح 1/ 134؛ وشرح شذور الذهب ص369؛ وشرح ابن عقيل ص197؛ وشرح قطر الندى ص158؛ وشرح المفصل 8/ 82؛ والكتاب 2/ 135، 140؛ ولسان العرب 13/ 30، 32 "أنن"؛ والمقاصد النحوية 2/ 305؛ والمنصف 3/ 128؛ وهمع الهوامع 1/ 143. 300- البيت من الطويل، وهو لعلباء بن أرقم في الأصمعيات ص157؛ والدرر 2/ 200؛ وشرح التصريح 1/ 234؛ والمقاصد النحوية 4/ 384؛ ولأرقم بن علباء في شرح أبيات سبيويه 1/ 525؛ ولزيد بن أرقم في= الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   على رواية من رفع فيهما وعلى رواية النصب هما من الثاني. وقد عرفت أنه لا يلزم في خبرها عند حذف الاسم أن يكون جملة كما في أن، بل يجوز جملة في البيت الأول وأن يكون مفردًا كما في الثاني. تنبيه: إذا كان خبر كأن المخففة جملة اسمية لم يحتج إلى فاصل كما في البيت الأول، وإن كانت فعلية فصلت بقدم أو لم نحو: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} [يونس: 24] وكقوله: 301- لا يهولنك اصطلاء لظى الحر ... ب فمحذورها كأن قد ألما   تأخذ وعداه بإلى وإن كان يتعدى بنفسه لتضمنه معنى الميل. وقال الدماميني: أي تتطاول إلى الشجر لتتناول منه كذا في القاموس. ا. هـ. والجملة صفة لظبية، إلى وارق السلم أي مورق هذا الشجر، يقال: ورق يرق وأورق يورق أي صار ذا ورق. قوله: "هما من الثاني" وعليه فالخبر في البيت الثاني محذوف أي هذه المرأة على عكس التشبيه للمبالغة ويروى ظبية بالجر أيضاً على أن الأصل كظبية وزيدت أن بين الكاف ومجرورها. قوله: "وقد عرفت" أي من التمثيل بالبيت الثاني وقوله كما في أن راجع للمنفي لا للنفي. قوله: "وأن يكون مفرداً كما في الثاني" لكون الاسم فيه غير ضمير الشأن إذ التقدير كأنها أي المرأة ظبية، وبما قررناه لك يندفع ما أورد هنا مما هو ناشىء عن عدم التأمل في أطراف كلام الشارح. قوله: "وإن كانت فعلية" أي فعلها غير جامد وغير دعاء قياساً على ما مر. قوله: "فصلت بقد أو لم" للفرق بين كأن المخففة وأن الناصبة للمضارع الداخلة عليها كاف الجر. قوله: "لا يهولنك" أي لا يفزعنك. واللظى النار فهي إما استعارة لمشقات الحرب أو إضافتها إلى الحرب من إضافة المشبه به للمشبه واصطلاء النار التدفي بها فهو ترشيح للاستعارة أو التشبيه والمراد باصطلاء الحرب تعاطيها والتلبس بها ومحذورها هو الموت، كأن قد ألما أي نزل أي فالموت لا   = الإنصاف 1/ 202؛ ولكعب بن أرقم في لسان العرب 12/ 482 "قسم"؛ ولباغث بن صريم اليشكري في تخليص الشواهد ص390؛ وشرح المفصل 8/ 83؛ والكتاب 2/ 134؛ وله أو لعلباء بن أرقم في المقاصد النحوية 2/ 301؛ ولأحدهما أو لأرقم بن علباء في شرح شواهد المغني 1/ 111؛ ولأحدهما أو لرشد بن شهاب اليشكري أو لابن أصرم اليشكري في خزانة الأدب 10/ 411؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 377؛ وجواهر الأدب ص197؛ والجني الداني ص222، 522، ورصف المباني ص117، 211؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 683؛ وسمط اللآلي ص829؛ وشرح عمدة الحافظ ص241، / 331؛ وشرح قطر الندى ص157؛ والكتاب 3/ 165؛ والمحتسب 1/ 308؛ ومغني اللبيب 1/ 33؛ والمقرب 1/ 111، 2/ 204؛ والمنصف 3/ 128؛ وهمع الهوامع 1/ 143. 301- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 379؛ وسر صناعة الإعراب ص419؛ وشرح التصريح 1/ 235؛ وشرح شذور الذهب ص369؛ والمقاصد النحوية 2/ 306. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   خاتمة: لا يجوز تخفيف لعل على اختلاف لغاتها. وأما لكن فتخفف فتهمل وجوبًا نحو: "ولكنْ الله قتلهم" [الانفال: 17] ، وأجاز يونس والأخفش إعمالها حينئذ قياسًا. وحكي عن يونس أنه حكاه عن العرب.   بد منه قوله: "فتهمل وجوبًا" لزوال اختصاصها بالأسماء لدخول المخففة على الجملتين. تم الجزء الأول، ويليه الجزء الثاني وأوله: لا التي لنفي الجنس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 الفهرس : 3 مقدمة المؤلف 11 خطبة الكتاب 29 الكلام وما يتألف منه 71 المعرب والمبني 154 النكرة والمعرفة 186 العلم 202 اسم الإشارة 212 الموصول 257 المعرف بأداة التعريف 275 الابتداء بأداة التعريف 331 كان وأخواتها 363 فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس 379 أفعال المقاربة 396 إن وأخواتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 المجلد الثاني بسم الله الرحمن الرحيم لا التي لنفي الجنس : عمل إن اجعل للا في نكرة ... مفردة جائتك أو مكررة   بسم الله الرحمن الرحيم لا التي لنفي الجنس: اعلم أنه إذا قصد بلا نفي الجنس على سبيل الاستغراق اختصت بالاسم لأن قصد الاستغراق على سبيل التنصيص يستلزم وجود من لفظًا أو معنى ولا يليق ذلك إلا بالأسماء النكرات فوجب للا عند ذلك القصد عمل فيما يليها وذلك العمل إما رفع وإما نصب وإما جر فلم يكن جرًا لئلا يعتقد أنه بمن المنوية فإنها في حكم الموجودة لظهورها في بعض   لا التي لنفي الجنس: أي لنفي الخبر عن الجنس الواقع بعدها نصا. ونفيه عن الجنس يستلزم نفيه عن جميع أفراده، وتسمى لا التبرئة بإضافة الدال إلى المدلول لتبرئة المتكلم وتنزيهه الجنس عن الخبر، والمراد بكونها لنفي الجنس نصا كونها له في الجملة لأن لا العاملة عمل إن إنما تكون نصا في نفي الجنس إذا كان اسمها مفردا فإن كان مثنى نحو لا رجلين أو جمعا نحو لا رجال كانت محتملة لنفي الجنس ولنفي قيد الاثنينية أو الجمعة كما أوضحه السعد في مطوله. وأما لا العاملة عمل ليس فإنها عند إفراد اسمها لنفي الجنس ظهورا لعموم النكرة مطلقا في سياق النفي ولنفي وحدة مدخولها المفرد بمرجوحية فتحتاج إلى قرينة، ولهذا يجوز بعدها أن تقول بل رجلان أو رجال، فإن ثني اسمها أو جمع كانت في الاحتمال مثل لا العاملة عمل إن إذا ثني اسمها أو جمع، فالاختلاف بين العاملة عمل إن والعاملة عمل ليس إنما هو عند إفراد الاسم. فاحفظ هذا التحقيق ولا تلتفت إلى ما وقع في كلام البعض وغيره يخالفه. والمهملة كالعاملة عمل ليس. ولا يرد على كون العاملة عمل ليس ليست لنفي الجنس نصا عند إفراد اسمها أن الجنس منفي نصاً في: تعز فلا شيء على الأرض باقيا مع عملها عمل ليس لأن التنصيص فيه لقرينة خارجية. قوله: "على سبيل الاستغراق" أي نصا وقوله: اختصت بالاسم أي النكرة بدليل قوله: ولا يليق ذلك إلخ. قوله: "لأن قصد الاستغراق على سبيل التنصيص يستلزم وجود من" وذلك لأن الموضوع لنفي الجنس نصا على سبيل الاستغراق لفظة لا متضمنة معنى من قاله سم. قوله: "وجود من" أي الاستغراقية كما في التصريح وهو الموافق لقول الشارح ولا يليق ذلك إلخ ويعبر عنها بالزائدة. وفي سم أنها البيانية. قال شيخنا وهذا إن صح فوجهه أن أصل لا رجل لا شيء من رجل. قوله: "ولا يليق ذلك" أي وجود من لفظا أو معنى وقوله إلا بالأسماء النكرات أي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأحيان كقوله: 302- فقام يذود الناس عنها بسيفه ... وقال ألا لا من سبيل إلى هند ولم يكن رفعًا لئلا يعتقد أنه بالابتداء فتعين النصب ولأن في ذلك إلحاقًا للا بأن خففت في تضمن بعده ساكن فلما ناسبتها حملت عليها في العمل. وقد أشار إلى عملها على وجه يؤذن بذلك فقال: "عمل إن اجعل للا في نكرة مفردة جاءتك" نحو لا غلام رجل قائم "أو مكررة" نحو لا حول ولا قوة إلا بالله، وهو مع المفردة على سبيل الوجوب ومع المكررة على سبيل الجواز كما ستراه. تنبيه: شروط إعمال لا العمل المذكور على ما أفهمه كلامه تصريحًا وتلويحًا سبعة:   لأنها التي تدخل عليها من المذكورة. قوله: "فوجب إلخ" تفريع على قوله اختصت بالاسم وإنما وجب ذلك لأن حق المختص بقبيل أن يعمل فيه. قوله: "بمن المنوية" أي تضمنا لا تقديرا كما يفهم من الدماميني وذكره يس. قوله: "لظهورها في بعض الأحيان" أي ضرورة كما في حاشية شيخنا السيد. قوله: "يذود" أي يطرد. قوله: "لئلا يعتقد أنه بالابتداء" يرد عليه أنه يخشى من هذا الاعتقاد في العاملة عمل ليس أيضا ولم يراعوه إلا أن يقال اعتناؤهم بالعاملة عمل ليس أقل من اعتنائهم بالعاملة عمل إن لأن العاملة عمل إن أقوى عملا من العامل عمل ليس للإجماع على إعمالها دون إعمال العاملة عمل ليس. قوله: "ولأن في ذلك إلخ" عطف على مقدر مفهوم مما سبق والتقدير فتعين النصب لدفع الاعتقادين المذكورين ولأن إلخ أو لسلامته مما ذكر ولأن إلخ. قوله: "لتأكيد النفي" يعني للنفي المؤكد بمعنى أنها تفيد نفيا أكيدا قويا وهذا لا يقتضي وجود النفي أولا بغيرها فلا اعتراض عليه. قوله: "وإن لتأكيد الإثبات" أي إثبات المنسوب للمنسوب إليه ولو كان المنسوب نفيا كما في القضية المعدولة المحمول نحو إن زيدا ليس في الدار فاندفع الاعتراض بأنها لتوكيد النسبة مطلقا إثباتا أو نفيا. قوله: "حملت عليها في العمل" ولذلك كانت منحطة عنها فلم تعمل إلا بالشروط الآتية ولم تقدم خبرها على اسمها ظرفا أو مجرورا. قوله: "يؤذن بذلك" أي بالحمل. قوله: "شروط إعمال لا إلخ" شمل الإعمال في عبارته إعمال النصب في المضاف والشبيه به، وحينئذٍ فعده من الشروط كون النفي للجنس وكونه نصا صريحا في أن لا لنفي الجنس نصا سواء بني اسمها أو نصب وهو كذلك خلافا للتاج السبكي   302- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 13؛ وتخليص الشواهد ص396؛ والجني الداني ص292 والدرر 2/ 221؛ وشرح التصريح 1/ 229؛ وشرح ابن عقيل ص255؛ ولسان العرب 15/ 434 "ألا" 15/ 468 "لا" ومجالس ثعلب ص176؛ والمقاصد النحوية 2/ 322؛ وهمع الهوامع 1/ 146. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أن تكون نافية، وأن يكون منفيها الجنس، وأن يكون نفيه نصًا، وأن لا يدخل عليها جار، وأن يكون اسمها نكرة وأن يتصل بها، وأن يكون خبرها أيضًا نكرة فإن كانت غير نافية لم تعمل. وشذ إعمال الزائدة في قوله: 303- لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها ... إذن للأم ذوو أخسابها عمرا   حيث خص إفادتها ذلك بما إذا بني اسمها. ولابن الهمام حيث ذهب إلى أن المبنية أيضا ليست نصا في العموم وأنه يجوز لا رجل بل رجلان كما جاز ذلك في رافعة الاسم، وكما جاز لا رجال بل رجلان اتفاقا. فإن قيل تقدم عن سم أن الموضوع لنفي الجنس نصاً على سبيل الاستغراق لا المضمنة معنى من وتضمنها مفقود عند عملها في المضاف وشبهه وإلا لبنيا، قلت لا نسلم الفقد كما صرح به غير واحد كالروداني وإنما أعربا لمعارضة الإضافة وشبهها شبه الحرف. قوله: "سبعة" الثلاثة الأول فهمت من الترجمة: أما الأولان ففهمهما منها ظاهر. وأما الثالث فلأنه متى أطلق نفي الجنس انصرف إلى نفيه نصاً قاله سم وعدم دخول جار عليها من قوله عمل إن اجعل للا لأن عملها عمل إن إنما هو مع عدم دخول الجار لما هو معلوم أن الجار إنما يتعلق بالأسماء فإذا دخل على لا لم يكن متعلقا بها بل بالاسم بعدها فيكون الاسم بعدها معمولا للجار لا لها فلا عمل لها حينئذٍ. وتنكير الاسم والخبر من قوله في نكرة والاتصال من قوله الآتي وبعد ذاك الخبر اذكر لإفادته عدم جواز الفصل بينها وبين اسمها بالخبر، وبالأولى عدم جوازه بغيره قاله بعضهم. وبحث فيه بأنه إنما يفيد قوله وبعد ذاك الخبر اذكر عدم تقدم الخبر على الاسم. وهذا لا يستلزم امتناع الفصل بينها وبين الاسم لجواز أن يكون امتناع تقدم الخبر على الاسم لوجوب الترتيب لا لامتناع الفصل. قوله: "وأن يكون نفيه نصا" أي أن يقصد المتكلم نفيه نصا ولا شك في سبق هذا القصد على المشروط الذي هو عملها عمل إن فلا يرد أن يكون النفي نصا فرع عن العمل المذكور لأن السامع إنما يفهمه من هذا العمل فلا يكون شرطا لسبق الشرط على المشروط. قوله: "وشذ إعمال الزائدة" أي لعدم اختصاصها فحقها الإهمال. قوله: "لو لم تكن إلخ" وجه كونها زائدة أن معنى البيت لو لم يكن لغطفان ذنوب للاموا عمر أي امتنع لومهم عمر بن هبيرة الفزاري الذي كان يهجو قبيلة غطفان لثبوت الذنوب لها المستفاد من النفي المأخوذ من لو المسلط على النفي المأخوذ من لم لأن نفي النفي إثبات فلم يستفد من لا نفي أصلا فتعين أن تكون زائدة. وإنما أفاد البيت امتناع لومهم لأن لو تدل على امتناع جوابها كشرطها على ما هو المشهور. وقال الروداني الصواب جعلها نافية والمعنى لو كان لغطفان ذنوب للاموا عمر لأن ذنوبهم كلا ذنوب بالنسبة إلى ذنوبه فما بالك بأنهم يلومونه حين   303- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 230؛ وخزانة الأدب 4/ 30، 32، 50؛ والدر 2/ 226؛ وشرح التصريح 1/ 227؛ والمقاصد النحوية 2/ 322؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 3؛ والخصائص 2/ 26؛ ولسان العرب 9/ 269 "غطف" وهمع الهوامع 1/ 147. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وإن كان لنفي الوحدة أو لنفي الجنس لا على سبيل التنصيص علمت عمل ليس كما مر، وإن دخل عليها جاز خفض النكرة نحو جئت بلا زاد وغضبت من لا شيء، وشذ جئت بلا شيء بالفتح، وإن كان الاسم معرفة أو منفصلًا أهملت ووجب تكرارها نحو لا زيد في الدار ولا عمرو، ولا في الدار رجل ولا امرأة، وأما نحو: قضية ولا أبا حسن لها و: 304- لا هيثم الليلة للمطي وقوله: 305- يكدن ولا أمية في البلاد   لم يذنبوا يعني أنهم يلومونه على كل حال كان لها ذنوب أو لا مثل لو لم يخف الله لم يضعه. ا. هـ. وما ذكره محتمل لا متعين فالتصويب في غير محله. قوله: "أو لنفي الجنس" أي مطلقا عن قيد الوحدة وإلا فالتي لنفي الوحدة لنفي الجنس أيضا لكن في ضمن الفرد المقيد بالوحدة على ما أفاده البعض. ولك أن تقول إنها لنفي الفرد بقيد الوحدة فتدبر. قوله: "عملت عمل ليس" أي أو أهملت وكررت. قوله: "خفض النكرة" أي ولا ملغاة معترضة بين الجار ومجروره وعن الكوفيين أن لا حينئذٍ اسم بمعنى غير مجرور بالحرف وما بعده مجرور بإضافة لا إليه. قوله: "بلا شيء بالفتح" وجه بأن الجار دخل بعد التركيب فأجرى المركب مجرى الاسم الواحد فمحله جر بالباء ولا خبر للا حينئذٍ لصيرورتها فضلة قاله في التصريح. قوله: "وإن كان الاسم معرفة" سكت عن محترز تنكير الخبر لعلمه من محترز تنكير الاسم بالمقايسة. قوله: "ووجب تكرارها" أي عند الجمهور أما في المعرفة فجبرا لما فاتها من نفي الجنس، وأما في الانفصال فتنبيها بالتكرير على كونها لنفي الجنس لأن نفي الجنس تكرار للنفي في الحقيقة أفاده الدماميني، ومنه يعلم أن إلغاءها لا يخرجها عن كونها لنفي الجنس في النكرات وأجاز المبرد وابن كيسان عدم التكرار في الموضعين. قوله: "قضية ولا أبا حسن لها" أي هذه قضية ولا أبا حسن قاض لها وهو نثر من كلام عمر في حق علي رضي الله تعالى عنهما كما في شرح الجامع لا شطر بيت ولهذا لم يذكره العيني في شواهده وصار مثلا يضرب عند الأمر العسير، فقول البعض هو من كلام علي وهو من الكامل ودخله الوقص في جزئيه الأول والثاني خبط فاحش. قوله: "ولا هيثم" كلام آخر لقائل آخر والواو عاطفة من كلام الشارح، وهيثم   304- الرجز لبعض بني دبير في الدرر 2/ 213؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص250؛ والأشباه والنظائر 3/ 82، 8/ 98؛ وتخليص الشواهد 179؛ وخزانة الأدب 4/ 57، 59؛ ورصف المباني ص260؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 59؛ وشرح شواهد الإيضاح ص105؛ وشرح المفصل 2/ 102؛ 4/ 123؛ والكتاب 2/ 296؛ والمقتضب 4/ 362؛ وهمع الهوامع 1/ 145. 305- صدره: أرى الحاجات عند أبي حبيب والبيت من الوافر، وهو لعبد الله بن زبير في ملحق ديوانه ص147، وخزانة الأدب 4/ 61، 62؛ والدرر 2/ 211؛ وشرح المفضل 2/ 102، 104؛ والكتاب 2/ 297 ولفاضلة بن شريك في الأغاني 12/ 66؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 569؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص261؛ وشرح شذور الذهب ص273؛ والمقتضب 4/ 362؛ والمقرب 1/ 189. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فمؤول، وعدم التكرار في قوله: 306- أشاء ما شئت حتى لا أزال لما ... لا أنت شائية من شأننا شاني ضرورة. ا. هـ. واعلم أن اسم لا على ثلاثة أضرب: مضاف، ومشبه بالمضاف وهو ما بعده شيء من تمام معناهم ويسم مطولا وممطولا أي ممدودا، ومفرد وهو ما سواهما   بالمثلثة اسم سارق أو راع أو حاد أقوال. وهذا شطر بيت من الرجز. قوله: "فمؤول" أي بأنه على تقدير مضاف لا يتعرف بالإضافة كلفظ مثل أو بجعله اسم جنس لكل من اتصف بالمعنى المشهور به مسمى ذلك العلم، والمعنى قضية ولا فيصل لها كما قالوا لكل فرعون موسى بتنوين العلمين على معنى لكل جبار قهار قاله الرضي، والثاني أولى من الأول لأنه معترض بأن العرب التزمت تجرد الاسم المستعمل هذا الاستعمال من أل فلم يقولوا ولا أبا الحسن مثلا ولو كانت إضافة مثل منوية لم يحتج إلى ذلك الالتزام لعدم منافاة أل حينئذٍ تنكير اسم لا في الحقيقة، وبأن العرب أخبروا عن الاسم المذكور بمثل كما في قوله: يبكي على زيد ولا زيد مثله ولو كانت إضافة مثل منوية لكان التقدير ولا مثل زيد مثله وهو فاسد وإن كان يجاب عن الأول بأن أل في أبي الحسن وإن كانت للمح إلا أن الأصل فيها أن تكون علامة لفظية للتعريف وتعريف العلمية وإن كان أقوى منها إلا أنه معنوي فلو وجدت أل مع علامة التنكير وهي لا للزم القبح ظاهرا وعن الثاني بأن الفساد في موضع لمقتض لا يستلزم الفساد في موضع ليس فيه ذلك المقتضى، نعم ذلك يستلزم عدم الاطراد فتأمل. وأما التأويل بإرادة مسمى هذا الاسم فغير مناسب إذ ليس كل مسمى بهدا الاسم بتلك المزية لأنها ليست للاسم حتى تلزم مسماه. قوله: "حتى لا أزال" الأظهر أن حتى ابتدائية بمعنى فاء السببية فالفعل بعدها مرفوع وإن اقتصر شيخنا والبعض تبعا للتصريح على كونها غائية بمعنى إلى والفعل بعدها منصوب. وقوله شاني أي باغضا خبر لا أزال وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ولما متعلق به وما موصولة أو موصوفة والرابط محذوف أي شائيته. ومن شأننا متعلق بشائية على ما في الشواهد الكبرى والظاهر أنه حال من ما أو صفة. قوله: "ومشبه بالمضاف" من حيث إن كلا منهما اتصل به شيء من تمام معناه. قوله: "وهو ما بعده شيء من تمام معناه" أي بعمل غير الجر أو عطف فلا اعتراض بشموله المضاف والمنعوت مع أنه قسم من المفرد، على أن سم نقل عن الرضي في النداء أن الموصوف بالجملة من الشبيه بالمضاف، بل صرح صاحب الهمع في النداء بأن الموصوف بمفرد أو جملة أو ظرف من شبه   306- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 7؛ والدرر 2/ 224؛ وشرح التضريح 1/ 227؛ والمقاصد النحوية 2/ 325؛ وهمع الهوامع 1/ 148. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 فانصب بها مضافًا أو مضارعه ... وبعد ذاك الخبر اذكر رافعة   "فانصب بها مضافًا" نحو لا صاحب بر ممقوت "أو مضارعه" أي مشابهه نحو لا طالعًا جبلًا ظاهر "وبعد ذاك" المنصوب "الخبر اذكر" حال كونك "رافعه" حتمًا. وأما الرافع فقال الشلوبين لا خلاف في أن لا هي الرافعة له عند عدم تركيبيها، فإن ركبت مع الاسم المفرد فمذهب الأخفش أنها أيضًا هي الرافعة له. وقال في التسهيل إنه الأصح، ومذهب سيبويه أنه مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخولها ولم تعمل إلا في الاسم.   المضاف، والمراد بالتمام المتمم. قوله: "فانصب بها مضافاً" قال سم إنما لم يبن لتعذر التركيب فيما فوق اثنين وإنما بنى ظريف في لا رجل ظريف لأن الصفة وموصوفها واحد في المعنى. ا. هـ. وهذا ظاهر على القول بأن بناء اسمها المفرد لتركبه معها، أما على القول بأنه لتضمنه معنى من فإعراب المضاف لمعارضة الإضافة التي هي من خصائص الأسماء شبه الحرف وحمل المشبه به عليه. ودخل في المضاف ما فصل باللام الزائدة من المضاف إليه نحو لا أباً لك ولا أخاً لك ولا غلامي لك ولا يدي لك بناه على مذهب سيبويه والجمهور أن مدخول لا مضاف حقيقة إلى المجرور باللام الزائدة لئلا تدخل لا على ما ظاهره التعريف والخبر محذوف والإضافة غير محضة فهي مثل مثلك لأنه لم يقصد نفي أب معين مثلاً بل هو دعاء بعدم الأب وكل من يشبهه أي لا ناصر لك والإضافة غير المحضة ليست محصورة في إضافة الوصف العامل إلى معموله فلم تعمل لا في معرفة، ولو سلم أن الاسم معرفة فهو نكرة صورة، ويؤيد مذهبهم وروده بصريح الإضافة عن العرب شذوذاً، وأوله جماعة كالفارسي وابن الطراوة واختاره السيوطي بأن مدخول لا مفرد لكن جاء أباك وأخاك على لغة القصر وحذف تنوينه للبناء وحذفت نون غلامي ويدي للتخفيف شذوذاً واللام ومجرورها خبر. وفيه أن المنصوص عليه أن الجار هنا لا يكون غير اللام وعلى القصر لا بد من التزام جواز كونه غير اللام إذ لا وجه لمنع لا أبا فيها أو عليها على لغة القصر ومنهم من جعل اللام ومجرورها صفة وجعل الاسم شبيها بالمضاف لأن الصفة من تمام الموصوف وجعل حذف التنوين والنون للشبه به. قوله: "أو مضارعه" جوز البغداديون ترك تنوينه حملا له في هذا على المضاف كما حمل عليه في الإعراب وخرج ابن هشام على قولهم حديث: "لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت". قال الدماميني ويمكن تخريجه على مذهب البصريين الموجبين تنوينه أيضا بجعل مانع اسم لا مفردا مبنيا والخبر محذوف أي لا مانع مانع لما أعطيت واللام للتقوية وكذا القول في ولا معطي لما منعت. قوله: "وأما الرافع له" معادلها محذوف أي أما الرافع فلا خلاف فيه وأما الرافع إلخ. قوله: "لا خلاف" أي بين البصريين إذ الكوفيون لا يقولون برفع إن للخبر فلا أولى بذلك أفاده الدماميني. قوله: "فمذهب الأخفش إلخ" دليله أن ما استحقت به العمل باق والتركيب لا يبطله. قوله: "ومذهب سيبويه أنه مرفوع إلخ" مقتضاه أنه مرفوع بالمبتدأ قبل دخول الناسخ وهو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 وركب المفرد فاتحا كلا ... حول ولا قوة والثان اجعلا   تنبيه: أفهم قوله وبعد ذاك الخبر اذكر أنه لا يجوز تقديم خبرها على اسمها وهو ظاهر "وركب" الاسم "المفرد" وهو ما ليس مضافًا لا مشبهًا به مع لا تركيب خمسة عشر "فاتحًا" له من غير تنوين وهذه الفتحة فتحة بناء على الصحيح وإنما بني والحالة هذه لتضمنه حرف الحر لأن قولنا: لا رجل في الدار مبني على جواب سؤال سائل محقق   الاسم بعد دخول الناسخ. وفي التصريح أن العامل فيه الرفع لا مع اسمها لأن موضعهما رفع بالابتداء عند سيبويه والذي يتجه كما أشار إليه ابن قاسم حمل عبارة التصريح ونحوها على التسمح وأن العامل في الحقيقة هو النكرة فقط التي هي المبتدأ قبل دخول الناسخ لكن لما كانت لا كجزء منها نسبوا ذلك إلى المجموع تسمحاً وبه يندفع الاستشكال بأنه لو كانت لا مع اسمها في محل رفع مبتدأ لزم أن المخبر عنه مجموعهما فلا يكون للنفي تسلط على الخبر فيكون معنى لا رجل قائم غير الرجل قائم ولي مراداً. وورد أن المبتدأ لا يكون مجموع اسم وحرف غير سابك. فإن قلت كون النكرة مبتدأ زال بدخول الناسخ فهي الآن ليست مبتدأ فلا ترفع الخبر. قلت يجاب بما ذكره المصنف في شرح تسهيله وشرح كافيته أن لا عامل ضعيف فلم تنسخ عمل الابتداء لفظاً وتقديراً بل هو باق تقديراً قال ولهذا أتبعنا اسمها رفعاً باعتبار محله ولم نفعل ذلك في اسم إن لقوتها ونسخها عمل الابتداء لفظاً ومحلاً. فتلخص أن ما في الشارح هو التحقيق وأن ما يخالفه ينب غي إرجاعه إليه بالتأويل هذا. وقد وجه سيبويه عدم عمل لا في الخبر بضعف شبهها بأن حالة التركيب لأنها صارت كجزء كلمة وإنما عملت في الاسم لقربه. وقال في المغني الذي عندي أن سيبويه يرى أن المركبة لا تعمل في الاسم أيضاً لأن جزء الشيء لا يعمل وأما لا رجل ظريفاً بالنصب فإنه عنده مثل يا زيد الفاضل بالرفع. ا. هـ. أي أن النصب بالتبعية على اللفظ كما أن الرفع في الفاضل كذلك. قال في شرح الجامع ويظهر أثر الخلاف بين الأخفش وسيبويه في نحو لا رجل ولا امرأة قائمان فعلى قول الأخفش يمتنع لما فيه من اعمال عاملين لا الأولى ولا الثانية في معمول واحد وعلى قول سيبويه يجوز لأن العامل واحد. ا. هـ. بإيضاح وسيأتي عند كلامنا على قول الناظم أو مركباً ما يرده. قوله: "تقديم خبرها" ولو ظرفاً أو جاراً أو مجروراً وكذا معمول خبرها وهل يتقدم معمول الخبر على نفس الخبر الأقرب عندي نعم ويرشحه قوله: تعز فلا إلفين بالعيش متعا قوله: "فاتحاً له" فتحاً ظاهراً أو مقدراً كما في المبني ولو على الفتح قبل دخول لا نحو لا خمسة عشر عندنا وفي قوله فاتحاً قصور سيشير الشارح إليه لعدم شموله المثنى والمجموع على حده لأنهما يبنيان على الياء وجمع المؤنث السالم لأنه يبنى على الكسر كالفتح ويمكن أن يكون اقتصاره على الفتح لكونه الأصل أو مراعاة لمذهب المبرد الآتي قريباً وفي المثنى والجمع على حده ومذهب ابن عصفور الآتي قريباً في جمع المؤنث السالم. قوله: "على الصحيح" وقيل فتحة إعراب وحذف التنوين تخفيفاً. قوله: "لتضمنه حرف الجر" اعترض بأن المتضمن ذلك إنما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أو مقدر سأل فقال هل من رجل في الدار، وكان من الواجب أن يقال لا من رجل في الدار ليكون الجواب مطابقًا للسؤال، إلا أنه لما جرى ذكر من في السؤال استغنى عنه في الجواب فحذف فقيل: لا رجل في الدار فتضمن من فبني لذلك، وبني على الحركة إيذانًا بعروض البناء، وعلى الفتح لخفته. هذا إذا كان المفرد بالمعنى المذكور غير مثنى أو مجموع جمع سلامة وهو المفرد "كلا حول ولا قوة" إلا بالله. وجمع التكسير مثل لا غلمان لك. أما المثنى والمجموع جمع سلامة لمذكر فيبنيان على ما ينصبان به وهو الباء   هو لا نفسها، ورده الروداني بأنه دعوى بلا دليل ولا نظير إذ ليس في العربية حرف دال على معناه متضمن معنى حرف آخر والتضمن إنما عهد في الأسماء فالصواب أن المتضمن معنى من إنما هو النكرة وهو وجيه فينبغي حمل من قال بتضمن لا معنى من على التسمح فافهم. قوله: "مبني" أي مرتب على جواب سؤال وكان الصواب إسقاط جواب لأن لا رجل إلخ مرتب على السؤال لا الجواب لأنه نفس الجواب كذا قال البعض ويمكن دفعه بأن المراد موضوع ومذكور لأجل إجابة سؤال إلخ. قوله: "أو مقدر" أي مفروض وإنما فرض لأن الكلام بعد السؤال أوقع في النفس. قوله: "من الواجب" أي المستحسن. قوله: "فتضمن من فبني لذلك" كلامه يوهم أن تضمن معنى من مختص بالمبني وليس كذلك كما أسلفناه وحينئذٍ فإعراب المضاف وشبهه لمعارضة الإضافة وشبهها شبه الحرف كما مر. وقول البعض كلامه كالصريح في أن تضمن معنى من ليس مختصا بالمبني غير مسلم واعترض على تعليل البناء بذلك بأن تضمن معنى الحرف هنا عارض بدخول لا والتضمن المقتضى للبناء يشترط فيه أن يكون بأصل الوضع ولهذا علل سيبويه وكثير البناء بتركيب الاسم مع لا تركيب خمسة عشر وأشار إليه الناظم بقوله وركب إلخ وإن نقل يس عن ابن هشام أن التركيب أيضا لا يصلح علة لأصل البناء بل للفتح لاقتضائه التخفيف وبأن هذا التضمن أشبه بالتضمن الذي لا يقتضي البناء كتضمن الحال معنى في والتمييز معنى من بدليل ورود التصريح بمن في قوله فقام يذود الناس إلخ. ويجاب عن الأول بأن اشتراط كون التضمن بأصل الوضع إنما هو في البناء الأصلي لا العارض والحاصل أن البناء على ثلاثة أنواع: أصلي وهو المشروط فيه ذلك وهو الذي حصر ابن مالك سببه في شبه الحرف. وعارض واجب ومن أسبابه التضمن العارض والتركيب وتوارد أسباب موانع الصرف. وعارض جائز ومن أسبابه إضافة المبهم إلى المبنى وإضافة الظرف إلى الجملة المصدرة بماض. فاحفظ هذا التحقيق ينفعك في مواطن كثيرة وعن الثاني بأن التصريح بمن ضرورة كما مر فلا يعتبر فليس هذا التضمن كتضمن الحال معنى في والتمييز معنى من. قوله: "لخفته" ولأنه إعراب هذا النوع نصبا. قوله: "وهو المفرد" أي في باب الإعراب والضمير للغير. قوله: "فيبنيان إلخ" لم يعارض التثنية والجمع هنا سبب البناء مع معارضتهما إياه في اللذين والذين على القول بإعرابهما لأن سبب البناء وارد هنا على التثنية والجمع والوارد له قوة وهناك بالعكس ولا يخفى أن القائل بإعراب اللذين والذين يقول بأن تثنية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كقوله: 307- تعز فلا إلفين بالعيش متعا ... ولكن لوراد المنون تتابع وقوله: 308- يحشر الناس لا بنين ولا آ ... باء إلا وقد عنتهم شئون   اللذين وجمع الذين حقيقيان فقول البعض إنهما غير حقيقيين إنما يأتي على مذهب القائل ببنائهما وليس الكلام فيه. قوله: "تعز" أي تسل وتصبر. قوله: "وقد عنتهم" أي أهمتهم والشؤون جمع شأن وهو الخطب. قال في التصريح والجملة أي جملة وقد عنتهم شؤون في موضع رفع خبر لا ولا يضر اقترانه بالواو لأن خبر الناسخ يجوز اقترانه بالواو كقول الحماسي: فأمسى وهو عريان، وقولهم ما أحد إلا وله نفس أمارة، وليست حالاً خلافاً للعيني لأن واو الحال لا تدخل على الماضي التالي إلا كما قاله الموضح في باب الحال. ا. هـ. قال الروداني قوله لأن خبر الناسخ إلخ فيه أن هذا غير مسلم على إطلاقه. وحاصل ما في التسهيل والهمع أن الخبران كان جملة بعد إلا لم يقترن بالواو إلا بعد ليس وكان المنفية دون غيرهما من النواسخ وبغير إلا يقترن بالواو بعد كان وجميع أخواتها لا بعد جميع النواسخ هذا عند الأخفش وابن مالك وغيرهما لا يجيز اقتران الخبر بالواو أصلاً، وحملوا ما ورد من ذلك على أنه حال والفعل تام لا ناقص أو محذوف الخبر ضرورة فظهر أن جملة وقد عنتهم شؤون لا يصح أن تكون خبر لا وأيضاً هذه الجملة بعد إلا الإيجابية وسيأتي في باب الاستثناء أن لا النافية للجنس لا تعمل في موجب وصرح في المغنى بأن من شروط عملها أي لا يبطل نفيها. كما الحجازية فالصواب أن الجملة حال كما قال العيني. وقد نقل الشارح في باب الحال جواز اقتران الماضي التالي إلا بالواو وخبر لا محذوف قبل إلا فلم يبطل نفيها إلا بعد استيفاء عملها نحو ما زيد قائماً إلا في الدار. ا. هـ. وكتب على قوله وقولهم ما أحد إلخ ما نصه فيه أن ما لإبطال نفيها بإلا ليست ناسخاً ولو سلم أنه جاء على مذهب يونس الذي لا يشترط عدم إبطاله بإلا فخبر هذا الناسخ لا يقترن بالواو لما تقدم فأحد مبدأ محذوف الخبر والجملة بعد إلا حال لا أنه اسم ما وخبرها محذوف قبل إلا كما مر في لا بنين لأن خبر ما لا يجوز حذفه. ا. هـ. وقال الشارح في شرحه على التوضيح الجملة صفة للنكرة عند الزمخشري. قال في قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4] ،   307- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 10؛ وتخليص الشواهد ص395؛ والدرر 2/ 222؛ وشرح التصريح 1/ 229؛ وشرح شذور الذهب ص109؛ والمقاصد النحوية 2/ 333؛ وهمع الهوامع 1/ 146. 308- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 11؛ وتخليص الشواهد ص296؛ والدرر 2/ 223؛ وشرح التصريح 1/ 239؛ وشرح شذور الذهب ص110؛ والمقاصد النحوية 2/ 334؛ وهمع الهوامع 1/ 146. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 مرفوعًا أو منصوبًا أو مركبًا ... وإن رفعت أولا لا تنصبا   وذهب المبرد إلى أنهما معربان. وأما السلامة لمؤنث فيبنى على ما ينصب به وهو الكسر، ويجوز أيضًا فتحه، وأوجبه ابن عصفور، وقال الناظم: الفتح أولى وقد روي بالوجهين قوله: 309- إن الشباب الذي مجد عواقبه ... فيه تلذ ولا لذات للشيب وقوله: 310- لا سابغات ولا جأواء باسلة ... تقي المنون لدى استيفاء آجال "والثان" وهو المعطوف مع تكرر لا كقوة من لا حول ولا قوة إلا بالله "اجعلا مرفوعًا" كقوله: 311- لا أم إن كان ذاك ولا أب   أن ولها إلخ جملة وقعت صفة للنكرة وتوسط الواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف وتابعه على ذلك أبو البقاء وهو عند غيرهما حال. قوله: "وذهب المبرد إلى أنهما معربان" لبعدهما بالتثنية والجمع عن مشابهة الحرف ولو صح هذا لأعرب يا زيدان ويا زيدون ولا قائل به قاله الشارح في شرحه على التوضيح ومثله في التصريح وتظهر ثمرة الخلاف في نحو لا بنين كراما لكم فعنده لا يجوز بناء الصفة على الفتح وعند الجمهور يجوز. قوله: "وهو الكسر" أي بلا تنوين لأن تنوينه وإن كان للمقابلة لا للتمكن مشبه لتنوين التمكن وجوز بعضهم تنوينه قياسا لا سماعا نظرا إلى أن التنوين للمقابلة وهو منقوض بنحو يا مسلمات بلا تنوين قاله الرضى. قوله: "وقد روي بالوجهين" ثبوتهما عن العرب يبطل تعيين أحدهما. قوله: "للشيب" بفتح الشين على ما يتبادر من صنيع العيني فهو على حذف مضاف أي لذي الشيب، وضبطه الشارح على الأوضح بالكسر جمع أشيب وهو أنسب ببقية القوافي. قوله: "لا سابغات" أي دروعا سابغات أي واسعة. والجأواء كحمراء فاؤها جيم وعينها همزة الجماعة التي يعلوها الجأو أي السواد لكثرة الدروع. وباسلة نعت لجأواء من البسالة وهي الشجاعة. قوله: "والثاني" مفعول أول لا جعل لكن سكن الياء ضرورة وحذفها للساكنين. قوله:   309- البيت من البسيط، وهو لسلامة بن جندل في ديوانه ص91؛ وتخليص الشواهد ص400، وخزانة الأدب 4/ 27 والدرر 2/ 224؛ وشرح التصريح 1/ 228؛ والشعر والشعراء ص278؛ والمقاصد النحوية 2/ 326؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 9؛ وشرح شذور الذهب ص111؛ وشرح ابن عقيل ص201؛ وهمع الهوامع 1/ 146. 310- البيت من البسيط وهو في تخليص الشواهد ص396؛ والدرر 2/ 226؛ وشرح قطر الندى ص167، وهمع الهوامع 1/ 146. 311- صدره: هذا العمر كم الصغار بعينه = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "أو منصوبًا" كقوله: 312- لا نسب اليوم ولا خلة "أو مركبًا" كالأول نحو: {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: 254] ، في   "أو منصوبا" هذا أضعف الأوجه بل قيل ضرورة كما في التوضيح. قوله: "اليوم" خبر لا الأولى وخبر الثاني محذوف لدلالة خبر الأولى أي ولا خلة اليوم تمام قيل: اتسع الخرق على الراقع ... تسع الفتق على الراتق وعلى هذا القالي وابن الوردي وغيرهما بل قيل هو الصواب لأن القافية قافية. قوله: "أو مركبا" يجوز على هذا عند سيبويه أن يقدر بعدهما خبر واحد لهما معا أي لا حول ولا قوة موجودان لنا لأن لا حول عنده في موضع رفع مبتدأ ولا قوة في محل رفع معطوف على المبتدأ   = والبيت من الكامل وهو من أكثر الشواهد النحوية المختلف عليها، فهو لرجل من مذحج في الكتاب 2/ 292؛ وهو لضمرة بن جابر في خزانة الأدب 2/ 38، 40؛ وهو لرجل من مذحج أو لضمرة بن ضمرة، أو لهمام أخي جساس ابني مرة في تخليص الشواهد ص405، وهو لرجل من بني عبد مناف، أو لابن أحمر، أو لضمرة بن ضمرة أو لرجل من مذحج أو لهمام بن مرة، أو لرجل من بني عبد مناة في الدرر 6/ 175، وهو لهني بن أحمر أو لزرافة الباهلي في لسان العرب 6/ 16 "حيس"؛ وهو لرجل من مذحج أو لهمام بن مرة أو لرجل من بني عبد مناة أو لابن أحمر أو لضمرة بن ضمرة في شرح التصريح 1/ 241؛ ولابن أحمر في المؤتلف والمختلف ص38؛ والمقاصد النحوية 2/ 339؛ ولرجل من مذحج أو لهمام أخي حسان بن مرة أو لضمرة بن ضمرة أو لابن أحمر في شرح شواهد المغني ص921؛ ولهمام بن مرة في الحماسة الشجرية 1/ 256؛ ولعامر بن جوين الطائي أو منقذ بن مرة الكناني في حماسة البحتري ص78؛ ولرجل من بني عبد مناة بن كنانة في سمط اللآلي ص288؛ وبلا نسبة جواهر الأدب ص241، 245؛ والأشباه والنظائر 4/ 162؛ وأمالي ابن الحاجب ص593، 847؛ وأوضح المسالك 2/ 16؛ ورصف المباني ص267، وشرح ابن عقيل ص202؛ وشرح المفصل 2/ 292؛ وكتاب اللامات ص106، واللمع في العربية ص129، ومعني اللبيب ص593؛ والمقتضب 4/ 370. 312- عجزه: اتسع الخرق على الراقع والبيت من السريع، وهو لأنس بن العباس بن مرداس في تخليص الشواهد ص405، والدرر 6/ 175، 313، وشرح التصريح 1/ 241؛ وشرح شواهد المغني 2/ 601؛ والكتاب 2/ 285، 309؛ ولسان العرب 5/ 115 "قمر" 10/ 238 "عتق"؛ والمقاصد النحوية 2/ 351؛ وله أو لسلامان بن قضاعة في شرح أبيات سيبويه 1/ 583، 587؛ ولأبي عامر جد العباس بن مرداس في ذيل سمط الآلي ص37، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 412، وأوضح المسالك 2/ 20؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص75، 967؛ وشرح شذور الذهب ص112؛ وشرح ابن عقيل ص202؛ وشرح المفصل 2/ 101، 135، 9/ 967، واللمع في العربية ص128، ومغني اللبيب 1/ 226؛ وهمع الهوامع 2/ 144، 211. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قراءة أبي عمرو وابن كثير. فأما الرفع فإنه على أحد ثلاثة أوجه: العطف على محل لا مع اسمها فإن محلهما رفع بالابتداء عند سيبويه، وحينئذ تكون لا الثانية زائدة بين العاطف   فالمقدر خبر عن مجموعهما نحو زيد وعمرو قائمان فيكون الكلام جملة واحدة ويجوز أن يقدر لكل خبر على حدته أي لا حول موجود لنا ولا قوة موجودة لنا فيكون الكلام جملتين وكذا يجوز عند غيره أن يقدر لهما معاً خبر واحد مرفوع بلا الأولى والثانية لأنهما وإن كانتا عاملتين إلا أنهما متماثلتان فيجوز أن يعملا في اسم واحد عملاً واحداً كما في إن زيداً وإن عمراً قائمان، وأن يقدر لكل خبر على حدته كذا في التصريح والدماميني وكتب عليه سم قوله فالمقدر خبر عن مجموعهما ظاهره أنه خبر عن مجموع المبتدأين اللذين كل منهما مجموع لا واسمها، وفيه أن الاخبار عن مجموع لا واسمها يستلزم عدم تسلط النفي على الخبر وذلك مناف لكون لا لنفي الجنس بمعنى نفي الخبر عن جنس الاسم فلا بد من تأويل هذا الكلام كأن يراد أن الخبر للاسمين المتصلين بلا لا لهما مع لا. ا. هـ. ببعض تصرف. وكتب الروداني قوله متماثلتان أي لفظاً ومعنى فلا يرد أن زيد من جلس وقعد زيد ليس فاعلاً بهما بل بأحدهما لعدم تماثل الفعلين لفظاً هذا والحق المتجه أن رفع الخبر في ذلك وفي نحو إن زيداً وإن عمراً قائمان إنما هو بمجموع الحرفين لا بكل إذ لا يعقل معمول لعاملين لا متماثلين ولا مختلفين لاستحالة أثر بين مؤثرين مطلقاً، ولأن قائمان لكونه مثنى لا يخبر به عن كل من الاسمين لكونه مفرداً بل عن مجموعهما فلزم كونه معمولاً لمجموع الحرفين وكذا نحو زيد أو وعمرو قائمان، فالرافع للخبر مجموع الاسمين مثل الزيدان قائمان، ولا فرق إلا أن التثنية في الأول بحرف العطف. وفي الثاني بالصيغة ولا أثر له. ا. هـ. واقتصر في المغني على تقدير خبرين عند غير سيبويه. قوله: "فأما الرفع" أي رفع الثاني مع فتح الأول. قوله: "على محل لا مع اسمها إلخ" فالعطف من عطف المفردات والخبر المحذوف مثنى خبر عنهما معا. وفي عبارة الشارح هنا وفيما يأتي التسمح المتقدم بيانه، والمحل في الحقيقة للاسم فقط باعتباره قبل دخول لا فلا تغفل. قوله: "فإن محلهما إلخ" نقل سم عن الدماميني أن الأمر كذلك عند سيبويه في المضاف وشبهه وهذا أيضا فيه التسمح المتقدم، وفيه بعد نظر عندي لأنه يلزم عليه عدم عمل هذا المبتدأ في شيء عند سيبويه لأن رفع الخبر بلا عنده كغيره إذا كان اسمها مضافا أو شبهه كما مر إلا أن يقال النافي والمنفي كالشيء الواحد فعمل أحدهما كأنه عمل الآخر ونظيره غير قائم الزيدان فتأمل. قوله: "زائدة بين إلخ" فيه أن لا على هذا الوجه من جملة المعطوف عليه فلا تسلط لها على المعطوف فكيف تكون لا الثانية زائدة؟ والجواب أن في الكلام تسمحا كما مر إيضاحه والمحل للاسم فقط باعتباره قبل دخول لا والعطف عليه فقط بهذا الاعتبار ومن أحاط بما قدمناه لم يشكل عليه هذا الجواب وإن أشكل على البعض. قال الروداني والفرق بين لا الزائدة ولا الملغاة أن الزائدة هي التي لا عمل لها أصالة والملغاة هي التي لها عمل أصالة لكن أهملت. ا. هـ. وظاهره أن الزائدة باقية على كونها للنفي وينافيه قولهم الحرف الزائد هو الذي لا معنى له ولا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والمعطوف لتأكيد النفي، أو بالابتداء وليس للا عمل فيه، أو أن لا الثانية عاملة عمل ليس. وأما النصب فبالعطف على محل اسم لا، وتكون لا الثانية زائدة بين العاطف والمعطوف كما مر "وإن رفعت أولا" إما الابتداء أو على إعمال لا عمل ليس، فالثاني وهو المعطوف   يختل الكلام بسقوطه إلا أن يكون أغلبيا. والأوجه الفرق بأن الزائدة يسغنى الكلام عنها بخلاف الملغاة فتأمل. قوله: "أو بالابتداء وليس للا عمل فيه" أي بل هي ملغاة عن العمل في الاسم وإن كانت نافية للجنس لوجود شرط جواز إلغائها وهو تكرير لا قاله الدماميني. وظاهر صنيع الشارح حيث جعل الرفع على هذا الوجه بالابتداء دون العطف كما في الوجه الذي قبله أن يكون المرفوع مبتدأ مستقلا ليس معطوفا على مبتدأ تقدم فيكون العطف الجمل. ويجب على هذا أن يقدر لكل خبر لئلا يلزم توارد عاملين وهما لا والمبتدأ عند غير سيبويه والمبتدأ الأول والمبتدأ الثاني المستقل عند سيبويه على معمول واحد هو الخبر، هذا ما ظهر لي. قوله: "أو أن لا الثانية إلخ" وعليه يقدر لكل من لا الأولى ولا الثانية خبر والعطف من عطف الجمل، ولا يصح أن يكون المقدر واحدا خبرا عنهما لامتناع توارد عاملين على معمول واحد ولزوم كون الخبر مرفوعا منصوبا. قوله: "وأما النصب فبالعطف إلخ" وعلى هذا يجب عند سيبويه أن يقدر لكل خبر على حدته فيكون الكلام جملتين ويمتنع عنده أن يقدر لهما خبر واحد لأن الخبر بعد لا الأولى مرفوع عنده بما كان مرفوعا به قبل دخول لا والخبر بعد الثانية مرفوع بلا الأولى لأن لا الأولى ناصبة لما بعد لا الثانية ولا الناصبة عاملة في الخبر عنده كغيره فيلزم ارتفاع الخبر بعاملين مختلفين وهو لا يجوز. وأما عند غيره فيقدر لهما خبر واحد لأن العامل واحد وهو لا الأولى كذا في شرح الجامع بإيضاح. ومثله في التصريح وفيه عندي نظر أما أولا فلأن مقتضى جعل النصب بالعطف على محل الاسم ولا الثانية زائدة أن العطف من عطف المفردات والكلام جملة واحدة والمقدر خبر واحد مرفوع بما كان مرفوعا به قبل لا عند سيبويه وبلا الأولى عند غيره. وأما ثانيا فلأنه يبعد رفع ما بعد الثانية بالأولى مع عدم رفعها ما بعدها وتعليل ذلك بأن الأولى ناصبة للاسم بعد الثانية أي لفظا فتكون عاملة في الخبر بعد الثانية يرده إناطة عمل لا في الخبر وعدمه بالتركيب وعدمه كما في عبارة الشارح السابقة وعبارة الهمع وغيرهما. ولا في مبحثنا مركبة فلا عمل لها في الخبر عند سيبويه مطلقا مع أن المتبادر من الناصبة الناصبة لاسمها بأن كان مضافا أو شبهه لا مطلق الناصبة ولو للمعطوف على اسمها فاعرف ذلك. وزاد في التصريح أنه يجوز أن يقدر لكل خبر عند غير سيبويه وفي هذه الزيادة من النظر ما فيها فتأمل. قوله: "على محل اسم لا" أي أو على لفظه وإن كان مبينا لمشابهة حركته حركة الإعراب في العروض ومثل ذلك جائز مطلقا عند سيبويه وفي الضرورة عند الأخفش كما في شرح التوضيح للشارح لكن الحركة على هذا اتباعية والإعراب مقدر رفعا أو نصبا فتدبر. قوله: "أما رفعه" وعليه بالخبر واحد إن قدرت لا الثانية زائدة وما بعدها معطوفا سواء جعلت لا الأولى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "لا تنصبا" لأن نصبه إنما يكون بالعطف على منصوب لفظًا أو محلًا، وهو حينئذ مفقود، بل يتعين أما رفعه، كقوله: 313- فما هجرتك حتى قلت معلنة ... لا ناقة لي في هذا ولا جمل وإما بناؤه على الفتح كقوله: 314- فلا لغو ولا تأثيم فيها ... وما فاهوا به أبدا مقيم   مهملة أو عاملة عمل ليس ويجب خبر إن إن قدرت لا الأولى مهملة والثانية عاملة عمل ليس أو بالعكس ولا يصح على هذا بقسميه أن يكون الخبر واحدا لئلا يلزم كون الخبر الواحد مرفوعا ومنصوبا وتوارد عاملين على معمول واحد، فإن جعلتهما معا عاملتين عمل ليس جاز لك تقدير خبرين وكذا تقدير خبر واحد ولا ضرر على ما مر في حالة بنائهما معا على الفتح فتنبه. واقتصر في المغني على تقدير خبرين عند جعلهما عاملتين عمل ليس. قوله: "واما بناؤه على الفتح" وعلى هذا يتعين خبر إن عند الجميع إن جعلت الأولى عاملة عمل ليس لئلا يلزم المحذور إن السابقان وكذا إن جعلت مهملة عند غير سيبويه لذلك وأما عند سيبويه فيجوز خبر إن، وكذا يجوز خبر واحد عن مجموع المبتدأين إن كان سيبويه لا يوجب كون لا مع اسمها مبتدأ مستقلا غير معطوف على مبتدأ قبله، فإن كان يوجب ذلك وجب خبر إن، هكذا ظهر لي، ثم رأيت في كلام الدماميني ما ظاهره وجوب خبرين مطلقا حيث قال الخامس لا حول ولا قوة برفع الأول على إلغاء لا أو إعمالها عمل ليس وفتح الثاني للتركيب والكلام جملتان. ا. هـ. قوله: "فلا لغو إلخ" اللغو القول الباطل والتأثيم قولك لآخر أثمت والضمير للجنة. قوله: "في نحو لا حول إلخ" أي من كل تركيب تكررت فيه لا وسبق الثانية عطف وكان كل من الاسمين مفردا صالحا لعمل لا فإن لم تتكرر لا فسيأتي حكمه في قول المصنف والعطف إن لم تتكرر لا إلخ أو لم يسبق الثانية عطف فالكلام جملتان مستقلتان، أو كان أحد الاسمين غير مفرد فإن كان الأول ففيه أيضا خمسة أوجه بإبدال فتح الأول بنصبه نحو لا غلام رجل ولا امرأة فيها، وهذا ما في التنبيه الأول   313- البيت من البسيط، وهو للراعي النميري في ديوانه ص198، وتخليص الشواهد ص405؛ وشرح التصريح 1/ 241؛ وشرح المفصل 2/ 111، 113؛ والكتاب 2/ 295؛ ولسان العرب15/ 254 "لقا"؛ ومجلس ثعلب ص35، والمقاصد النحوية 2/ 336؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 15؛ واللمع ص128. 314- البيت من الوافر، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص54؛ وتخليص الشواهد ص406، 411؛ والدرر 6/ 178، وشرح التصريح 1/ 241؛ ولسان العرب 12/ 6 "أثم"؛ والمقاصد النحوية 2/ 346؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 19؛ وجواهر الأدب ص93، 245؛ وخزانة الأدب 4/ 494؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 415؛ وشرح الذهب ص115؛ وشرح ابن عقيل ص203؛ ولسان العرب 13/ 526 "فوه" اللمع ص129؛ وهمع الهوامع 2/ 144. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 ومفردا نعتا لمبني يلي ... فافتح أو انصبن أو ارفع تعديل   فحاصل ما يجوز في نحو لا حول ولا قوة إلا بالله خمسة أوجه: فتحهما، وفتح الأول مع نصب الثاني، وفتح الأول مع رفع الثاني ورفعهما، ورفع الأول مع فتح الثاني. تنبيهان: الأول أفهم كلامه أمه إذا الأول منصوبًا جاز في المعطوف أيضًا الأوجه الثلاثة: الفتح، والنصب، والرفع، نحو لا غلام رجل ولا امرأةَ ولا امرأةً ولا امرأةٌ. الثاني محل جواز الأوجه الثلاثة في المعطوف إذا كان صالحًا لعمل لا، فإن لم يكن صالحًا تعين رفعه نحو لا امرأة فيها ولا زيد، ولا غلام رجل فيها ولا عمرو "ومفردًا نعتًا   وإن كان الثاني تعين رفعه أو نصبه نحو لا امرأة ولا غلام رجل فيها، وإن كان غير صالح لعمل لا تعين الرفع وهذا ما في التنبيه الثاني. قوله: "خمسة أوجه" أي إجمالا وثلاثة عشر تفصيلا لأن ما بعد الأولى إما مبني على الفتح أو مرفوع بالابتداء أو على إعمال لا عمل ليس وما بعد الثانية كذلك أو مرفوع بالعطف على محل لا مع اسمها فهذه اثنا عشر، والثالث عشر بناء ما بعد الأولى على الفتح ونصب ما بعد الثانية وهي بالقسمة العقلية عشرون حاصلة من ضرب أربعة ما بعد الأولى الفتح والنصب والرفع بوجهيه في خمسة ما بعد الثانية هذه الأربعة والرفع بالعطف على محل لا مع اسمها يسقط منها نصب ما بعد الأولى مضروبا في خمسة ما بعد الثانية ورفع ما بعد الأولى بوجهيه مع نصب ما بعد الثانية. إذا سمعت ما تلوناه عليك عرفت أن قول شيخنا والبعض تبعا للتصريح واثنا عشر تفصيلا لم يوافق القسمة الواقعية ولا العقلية. قوله: "أفهم كلامه" يعني قوله: وإن رفعت أولا لا تنصبا لأنه علق منع النصب على رفع الأول فأفهم أنه إذا كان مفتوحا أو منصوبا بأن كان مضافا أو شبهه جاز فيه الأوجه الثلاثة. قوله: "صالحا لعمل لا" بأن كان نكرة. قوله: "تعين رفعه" أي بالابتداء أو بالعطف على محل لا مع اسمها لا باعمال لا عمل ليس لأن العاملة عمل ليس تختص أيضا بالنكرات. قوله: "ومفردا" مفعول مقدم لا فتح لأن فاءه زائدة للتحسين فلا تمنع من عمل ما بعدها فيما قبلها فقوله أجز فيه إلخ حل معنى لا حل إعراب ونعتا عطف بيان أو بدل ولمبني صفة نعتا ويلي صفة ثانية. هذا ومن النعت المذكور قولهم لا ماء ماء باردا عندنا فماء الثاني نعت للأول فيجوز فيه الثلاثة لأنه يوصف بالاسم الجامد إذا وصف بمشتق نحو مررت برجل رجل صالح ويسمى نعتا موطئا ولا بد من تنوين باردا لأن العرب لا تركب أربعة أشياء، ولا يصح أن يكون ماء الثاني توكيدا لفظيا ولا بدلا لأنه مقيد بالوصف والأول مطلق فليس مرادفا حتى يكون توكيدا ولا مساويا حتى يكون بدلا كما في التوضيح وشرحه قاله شيخنا وقيل هو تأكيد لفظي وقد جوزوا التأكيد مع الوصف كقوله تعالى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} [العلق: 16] ، وقال في النكت يجوز كونه عطف بيان أو بدلا لجواز كونهما أوضح من المتبوع ووجه الروداني جواز كونه توكيدا أو بدلا بأنه لا مانع من اعتبار كون وصف الثاني طارئا بعد التوكيد أو الإبدال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 وغير ما يلي وغير المفرد ... لا تبن وانصبه أو الرفع اقصد   لمبني يلي" منعوته أجز فيه الأوجه الثلاثة "فافتح" على نية تركيب الصفة مع الموصوف قبل دخول لا مثل خمسة عشر، نحو لا رجل ظريف فيها "أو انصبن" مراعاة لمحل اسم لا نحو لا رجل ظريفًا فيها "أو ارفع تعدل" مراعاة لمحل لا مع المنعوت، نحو لا رجل ظريف فيها "وغير ما يلي" منعوته "وغير المفرد" وهو المضاف والمشبه به "لا تبن" لتعذر موجب البناء بالطول "وانصبه" نحو لا رجل فيها ظريفًا ولا رجل صاحب بر فيها ولا رجل طالعًا جبلًا ظاهر "أو الرفع اقصد" نحو رجل فيها ظريف ولا رجل صاحب بر فيها ولا رجل طالعًا جبلًا ظاهر. وكذا يمتنع البناء ويجوز الأمران الآخران إذا كان المنعوت غير مفرد نحو لا غلام سفر ماهرًا أو ماهر فيها وقد يتناوله وقوله وغير المفرد   أو يكون وصف الأول محذوفا لدلالة وصف الثاني عليه وفيه بحث لأن ما ذكره من الوجهين إنما يصلح توجيها للتوكيد لا الإبدال لأن حاصل الوجه الأول اتحاد اللفظين إطلاقا وحاصل الثاني اتحادهما تقييدا ومثل جاءني رجل رجل أو رجل عاقل رجل عاقل إنما هو من التوكيد اللفظي لا من الإبدال. قوله: "فافتح" جرى على الغالب وإلا فقد يكون مبنيا على غير الفتح كالياء في النعت المثنى أو المجموع على حده وهل يقال عند بناء النعت إن مجموع النعت والمنعوت في محل نصب أو يحكم بالمحل على كل اختار يس على التصريح الثاني واستظهره بعضهم وفارقت صفة لا صفة المنادى المبني حيث لم تبن لأن الصفة هنا هي المنفية في المعنى بخلاف صفة المنادى فإنها ليست المنادى في المعنى كما قاله سم. قوله: "على نية" أي لنية تركيب الصفة مع الموصوف. فيه أن هذا خلاف ما مشى عليه سابقا من أن بناء الاسم لتضمنه معنى من إلا أن يقال ما تقدم في أصل البناء وما هنا في كونه على الفتح فلا مخالفة لكن يمنع من هذا قوله بعد التعذر موجب البناء لأن المراد به التركيب فالأولى أن يقال مشى في كل من الموضعين على قول من القولين في علة البناء إشارة إلى الخلاف فيها هذا. وجوز بعضهم أن تكون فتحة الصفة إعرابية باعتبار المحل لكن حذف تنوينها للتشاكل وعلى قياس ما مر وما يأتي أن تكون اتباعية. قوله: "قبل دخول لا" أي لئلا يلزم تركيب ثلاثة أشياء. قوله: "أو انصبن" مفعوله محذوف وكذا ارفع ولا تنازع لأن الناظم لا يرى التنازع في المتقدم. قوله: "مراعاة لمحل اسم لا" أو اتباعا للحركة البنائية. قوله: "وغير المفرد إلخ" وفارق صفة المنادى المضافة حيث يتعين فيها النصب لتعينه ولو باشرتها يا وعدم تعينه لو باشرت النعت هنا لا لجواز رفعه عند التكرار. قوله: "لتعذر موجب البناء" أي مقتضيه وهو التركيب وقوله بالطول غير ظاهر بالنسبة إلى غير ما يلي لأن الفاصل لاحظ له في البناء حتى يكون المانع لبناء المجموع الذي هو منه الطول لأنه خبر والخبر لا يينى في هذا الباب وكان ينبغي أن يزيد أو بالفصل أفاده سم. قوله: "وكذا يمتنع البناءإلخ" هذا مفهوم قول المصنف لمبنيّ. قوله: "أو ماهر فيها" بالرفع على القطع قيل أو بالعطف على محل لا مع اسمها لأن موضعهما رفع بالابتداء عند سيبويه في غير البناء أيضا كما تقدم وقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 والعطف إن لم تتكرر لا احكما ... له بما للنعت ذي الفضل انتمى   "والعطف إن لم تتكرر لا" معه "احكما له بما للنعت ذي الفضل انتمى" من جواز النصب والرفع دون البناء كقوله: 315- فلا أب وابنا مثل مروان وابنه بنصب ابن ويجوز رفعه ويمتنع بناؤه على الفتح. وأما ما حكاه الأخفش من نحو لا رجل وامرأة بالفتح فشاذ، وما ذكره في معطوف يصلح لعمل لا فإن لم يصلح تعين رفعه نحو لا رجل وهند فيها. تنبيه: حكم البدل الصالح لعمل لا حكم النعت المفصول نحو لا أحد رجلًا وامرأة فيها، ولا أحد رجل وامرأة فيها. فإن لم يصلح له تعين الرفع نحو لا أحد زيد وعمرو فيها   وقد أسلفنا ما فيه فتنبه. قوله: "وقد يتناوله قوله وغير المفرد" أي بأن يراد وغير المفرد من نعت أو منعوت وفيه أنه يمنعه قوله أو الرفع اقصد إلا أن يراد برفع المنعوت غير المفرد رفعه على اعمال لا عمل ليس أو إلغائها. قوله: "دون البناء" أي لوجود الفصل بحرف العطف. قوله: "مثل مروان" إما صفة والخبر محذوف فمثل مرفوع أو منصوب أو خبر فهو مرفوع فقط. قوله: "بالفتح" أي فتح البناء. قوله: "فشاذ" وخرجه بعضهم على أن الأصل ولا امرأة فحذفت لا وأبقى البناء بحاله على نية لا. قوله: "حكم البدل إلخ" مثل عطف البيان وأما التوكيد فقال الرضي إن كان لفظيا فالأولى كونه على لفظ المؤكد مجردا عن التنوين وجاز الرفع والنصب. ا. هـ. أي وأما المعنوي فلا يجوز تأكيد المنفي المبني به أي لأنه نكرة وألفاظ التوكيد المعنوي معارف وفي تأكيد النكرة بالمعرفة قولان وعلى الجواز يتعين الرفع إذ لا تعمل لا في معرفة فاحفظه وجوز الأندلسي بناء البدل إذا كان مفردا نكرة نحو لا رجل صاحب لي قال الرضي وقوله أقرب إذا لم يفصل عن المنفي المبني لأنه لا يقصر عن النعت الذي يبنى جوازا بل يربو عليه من حيث كونه المقصود وتعليل امتناع بنائه بأنه على نية تكرار العامل فهناك فاصل مقدر يقتضي جوازه لا امتناعه لأن العامل المقدر هو لا وهي تقتضي الفتح. قوله: "رجلا" أي منه أي من الأحد فوجه الضمير المشترط في بدل البعض والنصب إما   315- عجزه: إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا والبيت من الطويل، وهو للربيع بن ضبع الفزاري في شرح شواهد المغني ص413، 414، وخزانة الأدب 4/ 67، 68؛ وشرح التصريح 1/ 243؛ وشرح شواهد الإيضاح ص207؛ والمقاصد النحوية 2/ 355؛ وللفرزدق أو لرجل من عبد مناة في الدرر 6/ 172؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 419، 2/ 593، 847، وأوضح المسالك 2/ 22، وجواهر الأدب ص241، وشرح قطر الندى ص168؛ وشرح المفصل 2/ 101، 110؛ والكتاب 2/ 285؛ واللامات ص105؛ واللمع ص130؛ والمقتضب 4/ 372؛ وهمع الهوامع 2/ 143. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 وأعط لا مع همزة استفهام ... ما تستحق دون الاستفهام   "وأغط لا" هذه "مع همزة استفهام ما تستحق" من الأحكام "دون الاستفهام" على ما سبق بيانه. وأكثر ما يكون ذلك إذا قصد بالاستفهام معها التوبيخ والإنكار، كقوله: 316- ألا طغان ألا فرسان عادية ... إلا تجشؤكم حول التنانير وقوله: 317- لا ازعواء لمن ولت شبيبته ... وآذنت بمشيب بعده هرم   اتباع للمحل أو للفظ. قوله: "رجل" بالرفع بدل من محل لا مع اسمها. قوله: "تعين الرفع" أي على الإبدال من محل لا مع اسمها فالعامل فيه الابتداء. قوله: "نحو لا أحد زيد" منه بدلا البعض والاشتمال المضافان إلى ضمير المبدل منه فإن لم يضافا إلى ضميره بل جر ضميره بعدهما بالحرف كانا من الصالح. قوله: "هذه" الأولى حذفه لشمول الإعطاء للعاملة عمل ليس أيضا. قوله: "مع همزة استفهام" هذا باعتبار ما كان وهي الآن همزة توبيخ وإنكار كذا في الشيخ يحيى والروداني وكلامهما بالنسبة لغير صورة الاستفهام عن النفي واستعمال الهمزة في غير الاستفهام الحقيقي مجاز كما سنوضحه في باب العطف. قوله: "من الأحكام" كالإعمال عمل إن وجواز الإلغاء إذا تكررت وجواز رفع المعطوف ونصبه بلا تكرار لا وجواز تثليث النعت والمعطوف بعد لا الثانية بالشروط السابقة. قوله: "وأكثر ما يكون ذلك" أي الإعطاء المذكور. قوله: "التوبيخ" أي على الفعل الماضي والإنكار أي على الحال ويصح جعل كليهما على كليهما والمراد بالإنكار عده منكرا قبيحا لا الجحد والنفي. قوله: "ألا طعان" أي موجد وألا فرسان أي موجودون على رواية من نصب عادية نعتا لفرسان، أما على رواية من رفعها فهي خبر لا الثانية، والفرسان بضم الفاء جمع فارس وعادية يروى بالعين المهملة من العدو وهو إسراع السير أو العدوان وهو الظلم كناية عن القوة والشجاعة بالمعجمة من الغدو ضد الرواح. وقوله إلا تجشؤكم أي الناشئ من كثرة الأكل والاستثناء منقطع والتنور ما يخبر فيه. من شرح شواهد المغني للسيوطي مع زيادة. قوله: "ألا ارعواء" أي انكفاف والشبيبة وهو لغة حداثة السن. وعند الأطباء كون الحيوان في زمان تكون حرارته الغريزية قوية قالوا وهو سن الوقوف ويكون من نحو   316- البيت من البسيط، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص179 "الحاشية"، وتخليص الشواهد ص414، والجني الداني ص384؛ وخزانة الأدب 4/ 69، 77، 79؛ وشرح شواهد المغني 1/ 210؛ والكتاب 2/ 306؛ والمقاصد النحوية 2/ 362؛ ولخداش بن زهير في شرح أبيات سيبويه 1/ 588؛ ولحسان أو لخداش في الدرر 2/ 230؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص80؛ وشرح عمدة الحافظ ص318؛ ومغني اللبيب 1/ 68، 2/ 350؛ وهمع الهوامع 1/ 147. 317- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 25؛ وتخليص الشواهد ص414؛ والدرر 2/ 232؛ وشرح التصريح 1/ 245؛ وشرح شواهد المغني 1/ 212؛ وشرح ابن عقيل ص206؛ وشرح عمدة الحافظ ص319؛ ومغني اللبيب 1/ 68؛ والمقاصد النحوية 2/ 360؛ وهمع الهوامع 1/ 147. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ويقل ذلك إذا كان مجرد استفهام عن النفي حتى توهم الشلوبين أنه غير واقع، كقوله: 318- لا اصطبار لسلمى أم لها جلد ... إذا ألاقي الذي لا قاه أمثالي أما إذا قصد بالاستفهام التمني وهو كثير كقوله: 319- ألا عمر ولى مستطاع رجوعه ... فيرأب ما أثأت يد الغفلات فعند الخيل وسيبويه أن ألا هذه بمنزلة أتمنى فلا خبر لها، وبمنزلة ليت فلا يجوز   ثلاثين إلى نحو خمس وثلاثين أو أربعين سنة. والمشيب قيل الشيب وقيل دخول الرجل في حد الشيب والشيب بياض الشعر والهرم كبر السن. شمني مع زيادة. قال الدماميني وآذنت إن كان حالا على تقدير قد فلا إشكال أو عطفا على الصلة فارتباط الصلة المعطوفة بعود الضمير منها على الشبيبة المضافة إلى ضمير الموصول مع أنه يمكن جعل الصلة مجموع الجملتين فيكفي ضمير شبيبته في الربط لأن مجموعهما حينئذٍ كجملة واحدة اهـ. باختصار. قوله: "ويقل ذلك" أي الإعطاء المذكور وقوله عن النفي متعلق باستفهام وتجرده خلوّه من التوبيخ والإنكار. وقرر البعض العبارة بما لا ينبغي فاحذره. قوله: "لسلمى" هي زوجته. وقوله الذي لاقاه أمثالي يعني الموت وأم تحتمل الاتصال فيكون المطلوب بها وبالهمزة التعيين والانقطاع فتكون إضرابا عن الاستفهام عن عدم الصبر إلى الاستفهام عن الصبر. دماميني. قوله: "أما إذا قصد بالاستفهام" أي مع لا إذ المجموع هو الدال على التمني على المذهبين الآتيين. وقوله بالاستفهام أي بالهمزة التي للاستفهام باعتبار ما كان وإلا فالآن قد انسلخ عنها الاستفهام كما انسلخ النفي عن لا أفاده الروداني. قوله: "فيرأب" أي يصلح منصوب في جواب التمني أثأث أخربت. قوله: "بمنزلة أتمنى فلا خبر لها" أي لا لفظا ولا تقديرا كما قاله الدماميني كما أن أتمنى كذلك إذ لا خبر للفعل وبحث فيه الروداني بأن كونها بمنزلة أتمنى إن أوجب أن لا يكون لها خبر أوجب أيضا أن لا يكون لها اسم فإن أتمنى كما لا خبر له لا اسم له وذلك باطل. قال والحق   318- البيت من البسيط، وهو لقيس بن الملوح في ديوانه ص178؛ وجواهر الأدب ص245؛ والدرر 2/ 229؛ وشرح التصريح 1/ 244؛ وشرح شواهد المغني 1/ 42، 213؛ والمقاصد النحوية 2/ 358؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 24؛ وتخليص الشواهد ص415، والجني الداني ص384؛ وخزانة الأدب 4/ 70؛ وشرح ابن عقيل ص207؛ وشر عمدة الحافظ ص320، 384؛ ومغني اللبيب 1/ 15؛ وهمع الهوامع 1/ 147. 319- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 26؛ وتخليص الشواهد ص415؛ والجني الداني ص384؛ وخزانة الأدب 4/ 70، وشرح التصريح 1/ 245؛ وشرح شواهد المغني ص800؛ وشرح ابن عقيل ص208؛ وشرح عمدة الحافظ ص318؛ ومغني اللبيب ص69، 381؛ والمقاصد النحوية 2/ 361. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مراعاة محلها مع اسمها، ولا إلغاؤها إذا تكررت، وخالفهما المازني والمبرد، ولا حجة لهما في البيت؛ إذ لا يتعين كون مستطاع خبرًا أو صفة ورجوعه فاعلًا، بل يجوز كون مستطاع خبرًا مقدمًا ورجوعه مبتدأ مؤخرًا والجملة صفة ثانية ولا خبر هناك. تنبيه: تأتي ألا لمجرد التنبيه وهي الاستفتاحية، فتدخل على الجملتين نحو: {أَلَا   أنهما إن أراد بأنه لا خبر لها أنه يحذف ولا يذكر فمسلم وإلا فتسليط التمني على مجرد الاسم دون معنى فيه لا يعقل والمعقول إنما هو تمني المعنى في الاسم فيلزم كون ذلك المعنى خبرا. ا. هـ. وقد يقال كما حصلت الفائدة المطلوبة بقوله أتمنى ماء حصلت بما هو بمنزلته فلم يحتج إلى خبر فلا يرد قوله وإلا فتسليط إلخ. والحاصل أن ألا ماء كلام تام حملا على معناه وهو أتمنى ماء كما قاله الدماميني والاسم هنا بمنزلة المفعول به وأتمنى له مفعول به فلا يرد قوله إن أوجب كونها بمنزلة أتمنى إلخ. قوله: "وخالفهما المازني والمبرد" فجعلاها كالمجردة من الهمزة واستدلا بالبيت لأن مستطاع إما خبر للا أو صفة لاسمها ورفع مراعاة لمحل لا مع اسمها والخبر على هذا محذوف أي راجع، وعلى كل فرجوعه نائب فاعل مستطاع وأيا كان يبطل المذهب الأول. قال في الهمع والفرق بين المذهبين من جهة المعنى أن التمني واقع على الاسم على الأول وعلى الخبر على الثاني. قوله: "ولا حجة لهما" أي للمازني والمبرد. قوله: "خبرا" أي حتى يمنع قول الخليل وسيبويه لا خبر لها، وقوله أو صفة أو حتى يمنع قولهما لا تجوز مراعاة محلها مع اسمها ففي كلامه لف ونشر مرتب. قوله: "ورجوعه" أي على الوجهين فاعلا أي نائب فاعل. قوله: "والجملة صفة ثانية" أي في محل نصب اتباعا لمحل اسم لا المفرد أو للفظه لمشابهة حركته البنائية حركة الإعراب في عروضها بعروض لا وزوالها بزوالها فكأنها عاملة لها قاله الشمني. وما ذكر من كون الجملة صفة ثانية يشكل عليه ما صرح به الرضي في المنادى أن الموصوف بالجملة من الشبيه بالمضاف وحينئذٍ فلو كان من الموصوف بالجملة لوجب نصبه إلا أن يخرج على ما أجازه المصنف من ترك تنوين الشبيه بالمضاف مع إعرابه. ا. هـ. سم أو يقال هو من وصف المنفي لا من نفي الموصوف فيكون الوصف متأخرا عن البناء كما يقال في صورة النداء من وصف المنادى لا من نداء الموصوف، وهذا الإشكال وارد على كلام المازني والمبرد أيضا لأن جملة ولي صفة لعمر كما نبه عليه الشارح بقوله صفة ثانية، وسيأتي في باب النداء جواز جعل نحو يا حليما لا يعجل من المفرد وجعله من الشبيه بالمضاف. وبحث الروداني في كون مستطاع رجوعه صفة ثانية بأنه كمكابرة مقتضى العقل إذ لا يشك عاقل تأمل في أن المتمني إنما هو استطاعة رجوع عمر ولي، فيكون مستطاع خبرا ولا يعقل أن المتمني هو العمر المدبر المستطاع رجوعه. قوله: "لمجرد التنبيه" أي فتدل على تحقق ما بعدها وتقويه لتركبها في الأصل من همزة الإنكار الإبطالي ولا النافية ونفي النفي يستلزم الثبوت فهو كدعوى الشيء ببينة كذا في المغني والدماميني عليه. قال الشمني قال التفتازاني لكن بعد التركيب صارت كلمة تنبيه تدخل على ما لا تدخل عليه لا مثل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} [يونس: 62] ، {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8] ، وللعرض والتحضيض فتختص بالفعلية نحو: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] ، {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} [التوبة: 13] ، وقوله: 320- ألا رجلا جزاه الله خيرًا ... يدل على محصلة تبيت   ألا إن زيدا قائم وكذا الكلام في أما والأكثر على أنهما حرفان موضوعان لا تركيب فيهما. ا. هـ. قوله: "ألا يوم يأتيهم" مثال لدخولها على الفعلية لأن ألا داخلة في الحقيقة على ليس. قوله: "وللعرض" أي الطلب برفق والتحضيض أي الطلب بإزعاج وقد مثل لهما على اللف والنشر المرتب. قوله: "فتختص بالفعلية" أي ولو تقديرا كما في البيت، ويشترط في الجملة أن تكون خبرية فعلها مضارع أو مؤول به كما سيأتي. قوله: "ألا رجلا إلخ" بعده: ترجل لمتى وتقم بيتي ... وأعطيها الأتاوة إن رضيت قال الأزهري هما لأعرابي أراد أن يتزوج امرأة بمتعة، ورجلا منصوب بمحذوف أي ألا ترونني رجلا أو هو منصوب بما يفسره جزاه قاله البعض تبعا لغيره وفيه أن نصبه بما يفسره جزاه يخرج ألا عن كونها للعرض أو للتحضيض لكون الفعل انشائيا فلا يطلب ويصيرها استفتاحية فلا يكون البيت شاهدا لمدعى الشارح. ثم رأيته في الدماميني على المغني. ثم رأيت صاحب المغني اعترض أيضا جعله من الاشتغال بأن طلب رجل هذه صفته أهم من الدعاء له فالحمل عليه أولى وبأن شرط منصوب الاشتغال أن يقبل الرفع بالابتداء ورجلا نكرة. وأجيب بأن النكرة هنا موصوفة بقوله يدل على محصلة تبيت وباستلزامه الفصل بين الموصوف وصفته بالجملة المفسرة. وأجيب بأن ذلك جائز كقوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 176] ، وبقي وجه ثالث وهو قول يونس ألا للتمني ونون الاسم ضرورة ويروى بالجر على تقدير من وبالرفع على الابتداء. والمحصلة المرأة التي تحصل تراب المعدن واختارها لتكون عونا له على استخراج الذهب من تراب معدنه. وقوله تبيت بفتح التاء من بات يفعل كذا إذا فعله ليلا واسمه الضمير الذي فيه وخبره قوله في البيت الثاني ترجل لمتي إلخ. وقيل بضم التاء من أبات أي تبيتني عندها. وقيل معناه تكون لي بيتا أي امرأة بنكاح وقوله ترجل لمتى أي تسرح شعر رأسي. واللمة بكسر اللام هي في الأصل الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن فإذا بلغ المنكبين فهو جمة   320- البيت من الوافر، وهو لعمرو بن قعاس "أو قنعاس" المرادي في خزانة الأدب 3/ 51، 53؛ والطرائف الأدبية ص73؛ وشرح شواهد المغني ص214، 215؛ وبلا نسبة في الأزهية ص164؛ وإصلاح المنطق ص431؛ وأمالي ابن الحاجب ص167، 412؛ وتخليص الشواهد ص415؛ وتذكرة النحاة ص43؛ والجني الداني ص382؛ وجواهر الأدب ص337؛ وتخليص الشواهد 4/ 89؛ 183، 195، 268، 11/ 193؛ ورصف المباني ص79؛ شرح شواهد المغني ص641؛ وشرح عمدة الحافظ ص317، وشرح المفصل 2/ 101؛ والكتاب 2/ 308؛ ولسان العرب 11/ 155 "حصل"؛ ومغني اللبيب ص69، 255، 600؛ والمقاصد النحوية 2/ 366، 3/ 352؛ ونوادر أبي زيد ص56. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر ... إذا المراد مع سقوطه ظهر   وليست الأولى مركبة على الأظهر، وفي الأخيرتين خلاف، وكلامه في الكافية يشعر بالتركيب "وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر" جوازًا عند الحجازيين ولزومًا عند التميميين والطائيين "إذا المراد مع سقوطه ظهر" بقرينة نحو: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ} [سبأ: 51] {قَالُوا لَا ضَيْرَ} [الشعراء: 50] ، فإن خفي المراد وجب ذكره عند الجميع ولا فرق بين الظرف وغيره. قال حاتم: 321- ورد جازرهم حرفًا مصرمة ... ولا كريم من الولدان مصبوح   بضم الجيم. وقوله وتقم بيتي بضم القاف أي تكنسه. والإتاوة بكسر الهمزة وبالفوقية الخراج كما قاله العيني ولعل المراد به هنا المهر. قوله: "وليست الأولى" أي الاستفتاحية مركبة أي من همزة الاستفهام ولا النافية. قوله: "على الأظهر" أي من الخلاف بدليل تعبير التصريح بالأصح فما يوهمه قوله وفي الأخيرتين خلاف من أنه لا خلاف في تركيب الأولى غير مراد. ولعل وجه صنيعه أنه لم يظهر له ترجيح في الأخيرتين بخلاف الأولى لكن في التصريح أن الأصح البساطة في الثلاث. قوله: "يشعر بالتركيب" إلا أنهما انسلخا عن المعنى الأصلي. قوله: "إسقاط الخبر" ومنه لا سيما ولا إله إلا الله فلفظ الجلالة بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف وهو موجود لا خبر لا لوجوب تنكيره ولأن خبرها خبر في الأصل لاسمها ولا يصح أن يكون لفظ الجلالة خبر إله لتعريفه وتنكير إله، ولما قال ابن الحاجب من أن المستثنى من مذكور لا يكون خبرا عن المستثنى منه لأنه لم يذكر إلا لبيان ما قصد بالمستثنى منه واحترز بقوله من مذكور من نحو وما محمد إلا رسول الله. وقيل بدل من محل لا مع اسمها وقيل من محل اسمها قبل دخولها وسنتكلم على القولين في الاستثناء. فإن قلت البدل هو المقصود بالنسبة وهي بالنظر إلى المبدل منه سلبية فيفيد التركيب ضد المطلوب. قلت النسبة إنما وقعت للبدل بعد نقض النفي بإلا فالبدل هو المقصود بالنفي المعتبر في المبدل منه لكن بعد نقضه ونفي النفي إثبات أفاده الدماميني. قوله: "إذا المراد" بإذا الشرطية أو إذا التعليلية والشرط أولى لإيهام التعليل ظهور المراد في كل تركيب وقعت فيه لا وليس كذلك. قوله: "فلا فوت" أي لهم بدليل وأخذوا من مكان قريب قالوا لا ضير أي علينا بدليل وأنا إلى ربنا لمنقلبون. قوله: "قال حاتم" نوزع في نسبته إلى حاتم. والحرف الناقة المهزولة وقيل المسنة. والمصرمة بفتح الراء المشددة التي يعالج ضرعها لينقطع لبنها ليكون   321- البيت من البسيط، وهو لحاتم بن عبد الله الطائي في ملحق ديوانه ص294؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 573؛ ولأبي ذؤيب الهذلي في ملحق شرح أشعار الهذلين ص1307؛ وشرح شواهد الإيضاح ص205؛ وشرح المفصل 1/ 107؛ ولرجل جاهلي من بني النبيت في المقاصد النحوية 2/ 368، 369؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص422؛ ورصف المباني ص266، 267؛ وشرح ابن عقيل ص 209؛ والكتاب 2/ 299؛ ولسان العرب 4/ 452 "صرر"؛ والمقتضب 4/ 370. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيه: ندرس من هذا الباب حذف الاسم وإبقاء الخبر، من ذلك قولهم: لا عليك، يريدون لا بأس عليك. ا. هـ. خاتمة: إذا اتصل بلا خبر أو نعت أو حال وجب تكراراها نحو: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47] ، {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35] ، وجاء زيد لا خائفًا ولا آسفًا. وأما قوله: 322- وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا ... حياتك لا نفع ومؤتك فاجع وقوله: 323- بكت جزعًا واسترجعت ثم آذنت ... ركائبها أن لا إلينا رجوعها وقوله: 324- قهرت العدا لا مستعينًا بعصبة ... ولكن بأنواع الخدائع والمكر فضرورة والله أعلم.   أقوى لها. والولدان جمع وليد من صبي وعبد. والمصبوح اسم مفعول من صبحته أي سقيته الصبوح وهو الشراب صباحا. وقد لفق الشارح عجز بيت إلى صدر بيت آخر كما بينه العيني. قوله: "ندر في هذا الباب إلخ" كما ندر حذفهما معا في قولك لا في جواب القائل أعلى بأس. قوله: "إذا اتصل بلا خبرإلخ" وتكون حينئذٍ مهملة. قوله: "وجب تكرارها" ما لم يكن الخبر أو النعت أو الحال جملة فعلية نحو زيد لا يقوم ومررت برجل لا يكرم أخاه وجاء زيد لا يركب فرسا. قوله: "نفع" أي لا نافية ويحتمل أنها عاملة عمل ليس والخبر محذوف أي لا نفع فيها فلا شاهد فيه.   322- البيت من الطويل، وهو للضحاك بن هنام في الاشتقاق ص350؛ وخزانة الأدب 4/ 38؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 521؛ ولأبي زيد الطائي في حماسة البحتري ص116؛ ولرجل من سلول في الكتاب 2/ 305؛ وبلا نسبة في الأزهية ص162؛ والدرر 2/ 235؛ وشرح المفصل 2/ 112؛ والمقتضب 4/ 360؛ وهمع الهوامع 1/ 148. 323- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 4/ 34؛ والدر 2/ 233؛ ورصف المباني ص261؛ وشرح المفصل 2/ 112؛ والكتاب 2/ 298؛ والمقتضب 4/ 361؛ والمقرب 1/ 189؛ وهمع الهوامع 1/ 148. 324- البيت من الطويل. وهو بلا نسبة في الجني الداني ص299؛ والدرر 2/ 235، 4/ 11؛ وهمع الهوامع 1/ 48، 245. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 ظن وأخواتها انصب بفعل القلب جزأي ابتدا ... أعني رأى خال علمت وجدا   الأول بقوله: "انصب بفعل القلب جزأي ابتدا" يعني المبتدأ والخبر "أعني" بفعل القلب "رأى" بمعنى علم وهو الكثير كقوله: 325- رأيت الله أكبر كل شيء ... محاولة وأكثرهم جنودًا وبمعنى ظن وهو قليل. وقد اجتمعتا في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 6] ، أي يظنون ونعلمه، فإن كانت بصرية أو من الرأي أو بمعنى أصاب رئته تعدت إلى واحد. وأما الحلمية فستأتي و"خال" بمعنى ظن كقوله:   أعطى ويبطل الثاني لأنها لا يجوز الغاؤها وباب ظن يجوز فيه الإلغاء. ا. هـ. همع. وللأخفش ومن وافقه اختيار الثاني ودفع هذا الإبطال بأن من باب ظن ما لا يجوز الغاؤه كهب وتعلم وأفعال التصيير كما يأتي فلتكن سمع مثل ما ذكر فتدبر. قوله: "لقيام معانيها" أي التضمنية. قوله: "جزأي ابتدا" أي جزأي جملة ذات ابتداء وعبارته توهم جواز كون المفعول الثاني جملة انشائية وليس كذلك ولهذا قال في تسهيله ولهما أي للمفعولين من التقديم والتأخير ما لهما مجردين أي عن هذه الأفعال ولثانيهما من الأقسام والأحوال ما لخبر كان. ا. هـ. قال الدماميني فمن الأحوال أنه لا يكون جملة طلبية ولهذا قال ما لخبر كان ولم يقل ما لخبر المبتدأ وأما قول أبي الدرداء وجدت الناس أخبر تقله، فعلى إضمار القول أي وجدت الناس مقولا في حق كل واحد منهم أخبر تقله كما أول قول الشاعر: وكوني بالمكارم ذكريني بأنه خبر معنى أي تذكرينني. قوله: "رأى بمعنى علم إلخ" يستثنى منه أرى المبني للمفعول فإنه استعمل بمعنى أظن ولم يستعمل بمعنى أعلم وإن استعمل في الأكثر أريت بمعنى أعلمت نقله اللقاني عن الرضي. قوله: "يرونه" أي يظنون البعث ممتنعا ونعلمه واقعا لأن العرب تستعمل البعد في الانتفاء والقرب في الحصول. قال الشيخ يحيى لا يخفى أنهم جازمون بالبعد فحمله على الظن مشكل إلا أن يحمل الظن على ما يشمل الاعتقاد الجازم المخالف للواقع. قوله: "أو من الرأي" بمعنى الاعتقاد الناشىء عن اجتهاد يقال رأى أبو حنيفة حل كذا أي اعتقد حله فيتعدى إلى واحد ولا يرد رأى أبو حنيفة كذا حلالا لجواز أن يكون بمعنى ظن أو علم لكن صرح بعضهم كما في الدماميني بأن رأى الاعتقادية متعدية إلى اثنين. وقال الرضي لا دلالة في قولك رأى أبو حنيفة حل كذا على أن رأى التي من الرأي متعدية إلى واحد دائما لجواز أن تتعدى تارة إلى مفعولين كرأى أبو حنيفة كذا حلالا وتارة إلى واحد هو مصدر ثاني هذين المفعولين مضافا إلى أولهما كرأى أبو حنيفة حل كذا كما قد تستعمل علم المتعدية لاثنين هذا   325- البيت من الوافر، وهو لخداش بن زهير في المقاصد النحوية 2/ 371؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص425؛ وشرح ابن عقيل ص210؛ وشرح قطر الندى ص170؛ والمقتضب 4/ 97. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   326- إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى ... يسومك ما لا يستطاع من الوجد وبمعنى علم وهو قليل كقوله: 327- دعاني الغواني عمهن وخلتني ... لي اسم فلا أدعى به وهو أول فإن كان بمعنى تكبر أو ظلع هي لازمة و"علمت" بمعنى تيقنت كقوله: 328- علمتك الباذل المعروف فانبعثت ... إليك بي واجفات الشوق والأمل وقوله: 329- علمتك منانًا فلست بآمل ... نداك ولو ظمآن غرثان عاريا   الاستعمال. ا. هـ. وهذا صريح في جواز استعمال أفعال هذا الباب متعدية إلى واحد هو مصدر ثاني الجزأين مضافا إلى أولهما من غير تقدير مفعول ثان لأن هذا المصدر هو المفعول به في الحقيقة كما صرح به الرضي غير مرة فليجز الاقتصار عليه في العبارة. وفي الدماميني ما يخالف ذلك وعلله بأن المضاف إليه غير مقصود لذاته بل لغيره وهذه الأفعال مستدعية في المعنى لشيئين ينعقد منهما المعنى المراد فشرطوا استقلال كل منهما بنفسه فلا يكون أحدهما كالتتمة للآخر وهو قابل للبحث وما قدمناه عن الرضي أوجه فتأمل. قوله: "أصاب رئته" بالهمز عضو ذو شعبتين في القلب. قوله: "إخالك" بكسر الهمزة على غير قياس وقد تفتح وذا هوى مفعوله الثاني، تغضض الطرف أي تكفه، يسومك أي يكلفك والضمير المستتر للهوى. قوله: "دعاني" أي سماني الغواني جمع غانية وهي المرأة المستغنية بجمالها عن الحلي والحلل، وخلتني الياء مفعول أول وجملة لي اسم مفعوله الثاني. وقوله فلا أدعى يظهر أنه على تقدير همزة الاستفهام الإنكاري أي أفلا أدعى به وهو اسم لي وجملة وهو أول حال وقد عمل خال هنا في ضميرين لشيء واحد وهو خاص بأفعال القلوب فلا يقال ضربتني كما سنبسطه. قوله: "أو ظلع" من باب نفع كما في المصباح أي عرج. قوله: "المعروف" بالنصب مفعول الباذل أو الجر بإضافة الباذل إليه فانبعثت أي انطلقت واجفات   326- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 45؛ والدرر 2/ 248؛ وشرح التصريح 1/ 249؛ وهمع الهوامع 1/ 150. 327- البيت من الطويل، وهو للنمر بن تولب في ديوانه ص370؛ وتخليص الشواهد ص437؛ والدرر 2/ 247، 266؛ وشرح شواهد المغني 2/ 629؛ والمقاصد النحوية 2/ 395؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص213؛ وهمع الهوامع 1/ 150. 328- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص211؛ والمقاصد النحوية 2/ 419. 329- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 2/ 86؛ وهمع الهوامع 1/ 121. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 ظن حسبت وزعمت مع عد ... حجا درى وجعل اللذ كاعتقد   وبمعنى ظننت وهو قليل نحو: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 60] ، فإن كانت من قولهم علم الرجل إذا انشقت شفته العليا فهو أعلم فهي لازمة. وأما التي بمعنى عرف فستأتي و"وجدا" بمعنى علم نحو: {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102] ، ومصدرها الوجود، فإن كانت بمعنى أصاب تعدت إلى واحد ومصدرها الوجدان. وإن كانت بمعنى استغنى أو حزن أو حقد فهي لازمة. و"ظن" بمعنى الرجحان كقوله: 330- ظننتك إن شبت لظى الحرب صاليًا ... فعردت فيمن كان عنها معردا وبمعنى اليقين وهو قليل نحو: {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] ، وأما التي بمعنى اتهم فستأتي و"حسبت" بمعنى ظننت كقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273] ، {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: 18] ، وبمعنى تيقنت وهو قليل كقوله: 331- حسبت التقى والجود خير تجارة ... رباحًا إذا ما المرء أصبح ثاقلًا وفي مضارعها لغتان: فتح السين وهو القياس وكسرها وهو الأكثر في الاستعمال،   الشوق أي دواعيه وأسبابه. قوله: "منانا" أي معددا للنعم. والندى الجود. والغرثان بفتح الغين المعجمة فسكون الراء بعدها ثاء مثلثة الجائع. قوله: "علم الرجل" بالفتح فالكسر وأما علمه بفتحتين فمتعد إلى واحد بمعنى شق شفته العليا كذا في القاموس. قوله: "شفته العليا" أما مشقوق السفلى فأفلح. قوله: "ومصدرها الوجود" وقيل الوجدان. قوله: "ومصدرها الوجدان" بكسر الواو كما في القاموس قيل والوجود أيضا. قوله: "فهي لازمة" ومصدر الأولى وجد بتثليث الواو، ومصدر الثانية وجد بفتحها ومصدر الثالثة موجدة. ا. هـ. سم أي بفتح الميم وكسر الجيم. قوله: "إن شبت" بفتح الشين وضمها كما في القاموس أي اتقدت، صاليا هو اسم فاعل من صلى النار كرضى قاسى حرها، فعردت بالعين المهملة فالراء المشددة أي انهزمت. قوله: "وظنوا أنهم ملاقوا ربهم" التلاوة: {الَّذِينَ يَظُنُّون أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] ، ولعله لم يرد نظم القرآن. قوله: "ثاقلا" أي ميتا. قوله: "وفي مضارعها لغتان" بخلاف التي بمعنى عد فهي بفتح السين ومضارعها بالضم ومصدرها   330- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 42؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ والمقاصد النحوية 2/ 381. 331- البيت من الطويل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص246؛ وأساس البلاغة ص46 "ثقل"، والدرر 2/ 247؛ وشرح التصريح 1/ 249؛ ولسان العرب 11/ 88؛ والمقاصد النحوية 2/ 284؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 44؛ وتخليص الشواهد ص435؛ وشراح ابن عقيل ص213؛ وشرح قطر الندى ص247؛ وهمع الهوامع 1/ 149. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ومصدرها الحسبان بكسر الحاء والمحسبة، فإن كان بمعنى صار أحسب -أي ذا شقرة أو حمرة أو بياض كالبرص- فهي لازمة "وزعمت مع عد" بمعنى الرجحان، فالأول كقوله: 332- زعمتني شيخًا ولست بشيخ ... إنما الشيخ من يدب دبيبًا ومصدرها الزعم. قال السيرافي هو قول مقرون باعتقاد صح أم لا. وقال الجرجاني هو قول مع علم. وقال ابن الأنباري إنه يستعمل في القول من غير صحة، ويقوي هذا قولهم زعم مطية الكذب أي هذه اللفظة مركب الكذب، فإن كانت بمعنى تكفل أو رأس   حسب بالفتح وحسبان بالضم والكسر وحساب وحسبة وحسابة بكسرهن كذا في القاموس، فقول البعض مصدرها الحسبان فيه قصور. قوله: "والمحسبة والمحسبة" أي بفتح السين وكسرها. قوله: "مع عد" حال من مفعول أعني. قوله: "يدب" بكسر الدال أي يمشي متمهلا. قوله: "ومصدرها الزعم" بتثليث الزاي كما في القاموس. قوله: "قال السيرافي إلخ" ساق كلام السيرافي دليلا لقوله للرجحان لكن قد يقال الاعتقاد هو الحكم الجازم فالدليل مناف للمدلول إلا أن يجاب بأن المراد بالاعتقاد الظن كهو في قول المصنف وجعل اللذ كاعتقد أو بالرجحان ما عدا اليقين فيشمل الجزم لا عن دليل المسمى اعتقادا وساق كلام الجرجاني وكلان ابن الأنباري ليقابل بكل منهما القول الأول أما مقابلته بكلام الجرجاني فلاشتراط الجرجاني في الزعم العلم المستلزم للصحة والجزم والدليل، وأما مقابلته بكلام ابن الأنباري فلاشتراط ابن الأنباري عدم الصحة وإطلاقه القول عن قيد اقترانه بالاعتقاد، فلعم أن بين القول الأول وقول الجرجاني التباين بناء على أن المراد بالاعتقاد في الأول الظن أو بالرجحان ما قابل اليقين كما مر وأن بين الأول وقول ابن الأنباري العموم والخصوص من وجه نعم إن حمل كلام ابن الأنباري على أن الزعم يستعمل في القول من غير صحة غالبا كما في كلام كثير فلا ينافي أنه قد يستعمل في القول الصحيح كما في قول أبي طالب يخاطبه صلى الله عليه وسلّم: ودعوتني وزعمت أنك ناصح ... ولقد صدقت وكنت ثم أمينا كان بينه وبين كلام السيرافي العموم والخصوص المطلق. وأما بين قول الجرجاني وقول ابن الأنباري فالتباين لاشتراط الصحة في أولهما لأن المعلوم لا بد أن يكون صحيحا كما عرفت واشتراط عدمها في ثانيهما على ما مر والمراد الصحة وعدمها في الواقع وإن خالفه الاعتقاد. وتقرير البعض كلام الشارح على غير هذا الوجه ناشىء عن عدم التأمل. قوله: "فإن كانت بمعنى   332- البيت من الخفيف، وهو لأبي أمية أوس الحنفي في الدرر 1/ 214 "سقط من الطبعة، وهو في الفهرس بقم 575" وشرح التصريح 1/ 248؛ وشرح شواهد المغني ص922؛ والمقاصد النحوية 2/ 297؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 38؛ وتخليص الشواهد ص428، وشرح شذوذ الذهب ص464؛ وشرح قطر الندى ص172؛ ومغني اللبيب ص594. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تعدت لواحد تارة بنفسها وتارة بالحرف، وإن كانت بمعنى سمن أو هزل فهي لازمة. تنبيه: الأكثر تعدي زعم أن وصلتها نحو: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: 7] ، وقوله: 333- وقد زعمت أني تغيرت بعدها ... ومن ذا الذي يا عز لا يتغير والثاني كقوله: 334- فلا تعدد المولى شريكك في الغنى ... ولكنما المولى شريكك في العدم فإن كانت بمعنى حسب تعدت لواحد و"حجا" بمعنى ظن، كقوله: 335- قد كنت أحجوا ابا عمرو أخا ثقة ... حتى ألمت بنا يومًا ملمات فإن كانت بمعنى غلب في المحاجاة أو قصد أو رد تعددت إلى واحد، وإن كانت   تكفل إلخ" عبارة الهمع فإن كانت بمعنى كفل تعدت إلى واحد والمصدر الزعامة أو بمعنى رأس تعدت تارة إلى واحد وأخرى بحرف الجر. ا. هـ. وفي القاموس الزعم الكفيل وقد زعم به زعما وزعامة ثم قال والزعامة الشرف والرياسة. قوله: "وتارة بالحرف" أي الباء في الأولى وعلى في الثانية. قوله: "هزل" هو بمعنى أصابه الهزال مما لزم البناء للمجهول وأما هزل المبني للفاعل فضد الجد كما في الصحاح. قوله: "إلى أن" أي المشددة والمخففة منها بدليل الأمثلة، وكزعم في أكثرية التعدي إلى أن وصلتها تعلم كما سيذكره الشارح وبعكسهما هب فإن تعديه إلى أن وصلتها قليل حتى منعه الجوهري والحريري كذا في المغني والدماميني. قوله: "والثاني" أي عد. قوله: "المولى" أي الصاحب مفعول ثان وشريكك مفعول أول أي مخالطك في حال الغنى. والعدم كقفل: الفقر. قوله: "بمعنى حسب" أي بفتح السين. قوله: "ثقة" بالنصب صفة أخا فمعنى ثقة موثوقا به أو الخفض بإضافته إليه فمعنى ثقة وثوق والملمات الحوادث النازلة بالشخص. قوله: "في المحاجاة" في القاموس حاجيته محاجاة وحجاء فحجوته فاطنته فغلبته. قوله: "أو رد" أي أو   333- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص328؛ والأغاني 9/ 26؛ وتخليص الشواهد ص428؛ وخزانة الأدب 5/ 222؛ 314؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ المقاصد النحوية 2/ 380؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 40؛ وشرح شذور الذهب ص465. 334- البيت من الطويل، وهو للنعمان بن بشير ي ديوانه ص29؛ وتخليص الشواهد ص431؛ والدرر 2/ 238؛ وشرح النصريح 1/ 248؛ والمقاصد النحوية 2/ 377؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 36؛ وخزانة الأدب 3/ 57؛ وشراح ابن عقيل ص214؛ وهمع الهوامع 1/ 148. 335- البيت من البسيط، وهو لتميم بن مقبل في تخليص الشواهد ص440؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ والمقاصد النحوية 2/ 376؛ ولم أقع عليه في ديوانه، وله أو لأبي شبل الأعرابي في الدرر 2/ 237؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 35؛ وشرح شذور الذهب ص463؛ وشرح ابن عقيل ص215؛ ولسان العرب 2/ 315 "ضربج"، 14/ 167 "حجا"؛ وهمع الهوامع 1/ 148. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 وهب تعلم والتي كصيرا ... أيضًا بها انصب مبتدا وخبرا   بمعنى أقام أو بخل فهي لازمة و"درى" بمعنى علم كقوله: 336- دريت الوفي العهد يا عرو فاعتبط ... فإن اغتباطًا بالوفاء حميد والأكثر فيه أن يتعدى إلى واحد بالباء تقول دريت بكذا، فإن دخلت عليه همزة النقل تعدى إلى واحد نفسه وإلى آخر بالباء نحو: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} [يونس: 16] ، وتكون بمعنى ختل أي خدع فتتعدى لواحد نحو دريت الصيد أي ختلته "وجعل اللذ كاعتقد" في المعنى نحو: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19] ، فإن كانت بمعنى أوجد أو وجب تعدت إلى واحد نحو: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: 1] ، وتقول جعلت للعامل كذا والتي بمعنى أنشأ قد مضى الكلام عليها في بابها وأما التي بمعنى صير فستأتي "وهب" بلفظ الأمر بمعنى ظن،   ساق أو حفظ أو كتم كما في التسهيل. قوله: "دريت" التاء المفتوحة كما في شرح التوضيح للشارح نائب فاعل وهو المفعول الأول والوفي مفعول ثان مضاف للعهد أو ناصب له أو رافع له والنصب أرجحها والرفع أضعفها وعرو منادى مرخم عروة فاغتبط أي دم على الاغتباط وهو تمني مثل حال المغبوط من غير أن يزول عنه. قوله: "والأكثر فيه إلخ" عطف على مقدر أي هذا الاستعمال قليل والأكثر إلخ أي الكثير إذ لا كثرة في الاستعمال الأول. قوله: "فإن دخلت عليه همزة النقل إلخ" محله إذا لم يدخل على الفعل استفهام فإن دخل عليه تعدى إلى ثلاثة مفاعيل نحو قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: 3] ، فالكاف مفعول أول والجملة بعدها سدت مسد المفعولين قاله شيخ الإسلام. ولا يبعد عندي منع التقييد وجعل الجملة سادة مسد الثاني المتعدي إليه بالحرف لما في الهمع والمغني أنها تسد مسد المفعول المتعدي إليه بالحرف فتكون في محل نصب بإسقاط الجار كما في فكرت أهذا صحيح أم لا. قوله: "كاعتقد" أي ظن كما يدل عليه عد الشارح وغيره له مما يدل على الرجحان كما سيأتي إلا أن يراد بالرجحان ما عدا اليقين فيشمل الجزم لا عن دليل كما قد يراد بالظن ذلك كما في الأطول. ثم قضية المتن أن اعتقد يتعدى إلى اثنين وقد نقل في الهمع عن السكاكي زيادة أفعال منها اعتقد وتوهم. قوله: "وجعلوا الملائكة" قال الناظم في شرح الكافية أي اعتقدوا. قال ابن الناظم. أي ظنوا. وقال الزمخشري أي صيروا كذا في شرح الغزى فالتمثيل بالآية مبني على غير ما ذكره الزمخشري. قوله: "تعدت إلى واحد" أي بنفسها فلا ينافي أن جعل بمعنى أوجب يتعدى إلى ثان بحرف الجر كما في المثال.   336- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في 2/ 33؛ الدرر 2/ 245؛ وشرح التصريح 1/ 247؛ وشرح شذور الذهب ص466؛ وشرح ابن عقيل ص212، 218؛ وشرح قطر الندى ص171؛ والمقاصد النحوية 2/ 372؛ وهمع الهوامع 1/ 149. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كقوله: 337- فقلت أجرني أبا خالد ... وإلا فهبني امرأ هالكا أي اعتقدني و"تعلمْ" بمعنى اعلمْ، كقوله: 338- تعلم شفاء النفس قهر عدوها ... فبالغ بلطف في التحيل والمكر والكثير المشهور استعمالها في أن وصلتها كقوله: 339- فقلت تعلم أن للصيد غرة ... وإلا تضيعها فأنك قتله وقوله: تعلم رسول الله أنك مدركي وفي حديث الدجال "تعلموا أن ربكم ليس بأعور" أي اعلموا فإن كانت بمعنى تعلم الحساب ونحوه تعدت لواحد. فقد بان لك أن أفعال القلوب المذكورة على أربعة أنواع: الأول ما يفيد في الخبر يقينًا وهو ثلاثة: وجد وتعلم ودرى. والثاني ما يفيد فيه رجحانًا وهو خمسة: جعل وحجا وعد وزعم وهب. والثالث ما يرد للأمرين والغالب كونه لليقين   قوله: "بمعنى ظن" احتراز عن هب أمرا من الهبة وهب أمرا من الهيبة. قوله: "أي اعتقدني" بمعنى ظنني كما عبر به في الهمع أو أراد بالظن في قوله سابقا بمعنى ظن ما قابل اليقين فلا منافاة في كلامه. قوله: "غرة" أي غفلة وقوله وإلا تضيعها أي هذه الوصية فإنك قاتله أي مدركه ومصيبه. قوله: "بمعنى تعلم الحساب" أي حصل علمه في المستقبل بتعاطي أسبابه بخلاف التي بمعنى اعلم فهي أمر بتحصيل العلم في الحال بما يذكر من المتعلق بالالتفات إلى سماع المتكلم فحصل الفرق واندفع الاعتراض بأن معنى اعلم موجود في نحو تعلم الحساب لأنه أمر بالعلم فأي   337- البيت من المتقارب، وهو لعبد الله بن همام السلولي في تخليص الشواهد ص442؛ وخزانة الأدب 9/ 36؛ والدرر 2/ 243؛ وشرح التصريح 1/ 248؛ وشرح شواهد المغني 2/ 923؛ ولسان العرب 1/ 804 "وهب"؛ ومعاهد التنصيص 1/ 285؛ والمقاصد النحوية 2/ 378؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 37؛ وشرح شذور الذهب ص467؛ وشرح ابن عقيل ص216؛ ومغني اللبيب 2/ 594؛ وهمع الهوامع 1/ 149. 338- البيت من الطويل وهو لزياد بن سيار في خزانة الأدب 9/ 129؛ والدرر 2/ 246؛ وشرح التصريح 1/ 247؛ وشرح شواهد المغني 2/ 923؛ والمقاصد النحوية 2/ 274؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 31؛ وشرح شذر الذهب ص468؛ وشرح ابن عقيل ص212؛ وهمع الهوامع 1/ 149. 339- البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص134؛ وشرح التصريح 1/ 247؛ ولسان العرب 13/ 13 "أذن"؛ والمقاصد النحوية 2/ 374؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 32. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وهو اثنان رأى وعلم. والرابع ما يرد لهما والغالب كونه للرجحان وهو ثلاثة: ظن وخال وحسب. تنبيه: إنما قال أعني رأى إلى آخره إيذانًا بأن أفعال القلوب ليست كلها تنصب مفعولين إذ منها ما لا ينصب إلا مفعولًا واحدًا نحو عرف وفهم، ومنها لازم نحو جبن وحزن. وهذا شروع في النوع الثاني من أفعال الباب وهي أفعال التصيير "والتي كصيرا" من الأفعال في الدلالة على التحويل نحو جعل واتخذ وتخذ ووهب وترك ورد "أيضًا بها انصب" بعد أن تستوفي فاعلها "مبتدا وخبرا" نحو: 340- فصيروا مثل كعصف مأكول   فرق أفاده سم. قوله: "في الخبر" أي في ثبوته للمخبر عنه سم. قوله: "كصيرا" تضعيف صار أخت كان وربما أتى بالهمزة بدل التضعيف فقيل أصار كما في التسهيل. وأما صير بمعنى نقل تضعيف صار اللازم بمعنى انتقل فليست من أفعال هذا الباب. قوله: "نحو جعل إلخ" إنما قال نحو لإدخال ما زاده كثير من حذاق النحاة كما في الغزى وهو ضرب العامل في المثل نحو: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً} [النحل: 112] {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} [يس: 13] ، لكن الذي اختاره المصنف في تسهيله عدم عده من أفعال هذا الباب وعليه فهو بمعنى ذكر متعد لواحد والمنصوب الآخر بيان أو بدل وما زاده بعضهم من نبذ في نحو: {نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [البقرة: 101] ، فكتاب الله مفعول أول ووراء مفعول ثان ولا يصح أن يكون ظرفا لنبذ لأن الظرف لا بد أن يكون حاويا لفاعل العامل فيه وذلك متعذر هنا كذا نقله غير واحد كالبعض عن ابن هشام وأقره، وهو يقتضي أن ما كان بمعنى نبذ كرمى وطرح مثلها في ذلك، وأن الظرفية للعامل لا تصح في نحو خلفت زيدا ورائي وأجلست عمرا أمامي وهو بعيد جدا، ثم رأيت الفاضل الروداني قال ينبغي أن لا يشك في بطلان هذه الدعوى إذ لا شك في صحة أبصرت الهلال في السماء وبين السحاب مع عدم احتواء الظرف على الفاعل. فالحق أن الظرف تارة يحوي الفاعل كدعوت الله في المسجد، وتارة يحوي المفعول كالذي مر، وتارة يحويهما معا كضربت زيدا في السوق فلا نسلم الحاق نبذ بأفعال التصيير. قوله: "ووهب" وهو بهذا المعنى لازم المضي. قوله: "فصيروا مثل كعصف مأكول" هو عجز بيت من السريع الموقوف، فلام مأكول ساكنة وكاف كعصف قيل زائدة ومثل مضاف إلى   340- الرجز لرؤية في ملحق ديوانه ص181؛ وخزانة الأدب 10/ 168، 175، 184، 189؛ وشرح التصريح 1/ 252؛ وشرح شواهد المغني 1/ 503؛ والمقاصد النحوية 2/ 402؛ ولحميد الأرقط في الدرر 2/ 250؛ والكتاب 1/ 408؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 52؛ والجني الداني ص90؛ وخزانة الأدب 7/ 73؛ ورصف المباني ص201؛ وسر صناعة الإعراب ص296؛ ولسان العرب 9/ 247 "عصف"؛ ومغني اللبيب 1/ 180؛ والمقتضب 4/ 141، 350؛ وهمع الهوامع 1/ 150. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ونحو: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23] ، ونحو: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] ، وكقوله: 341- تخذت غراز إثرهم دليلًا وما حكاه ابن الأعرابي من قولهم وهبني الله فداءك ونحو: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99] ، وقوله: 342- وربيته حتى إذا ما تركته ... أخا القوم واستغنى عن المشح شاربه ونحو: {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} [البقرة: 109] ، وقوله: 343- فرد شعورهن السود بيضا ... ورد وجوههن البيض سودا   عصف وفيه قطع الجار عن العمل بلا كاف فالأولى أنها اسم بمعنى مثل تأكيد لمثل الأولى أو مضافة إلى عصف ومضاف إليها مثل. وأجيب كما في الروداني بأنه نظير لا أبا لك حيث جر الضمير بالمضاف وزيدت اللام عند الجمهور. والعصف زرع أكل حبه وبقي تبنه وقيل ورق الزرع. قوله: "غراز" بضم الغين المعجمة وفتح الراء ثم زاي اسم واد ومنع من الصرف لقصد البقعة، أثرهم أي عقب رحيلهم ودليلا بالدال المهلمة. قوله: "فداءك" بالمد والقصر وقد يفتح المقصور كذا في القاموس. قوله: "فرد" الضمير يرجع إلى الحدثان في البيت قبله وهو قوله: رمى الحدثان نسوة آل حرب ... بمقدار سمدن له سمودا والحدثان بالكسر كما في القاموس، وحدثان الأمر ابتداؤه، وحدثان الدهر كما هنا تجدد مصائبه. وفي العيني ما يقتضي أنه محرك مثنى لأنه فسره بالليل والنهار، وعليه فالضمير في فرد للمقدار. وسمدن بفتح الميم كما يستفاد من القاموس أي حزن. وقال العيني بالبناء للمفعول، ثم قال والسامد الساكت والحزين الخاشع. ا. هـ. ففي كلامه تناف لأن فاعلا إنما يصاغ من المبني   341- عجزه: وفروا في الحجاز ليعجزوني والبيت من الوافر، وهو لأبي جندب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 354؛ وشرح التصريح 1/ 252؛ ولسان العرب 5/ 370 "عجز"، والمقاصد النحوية 2/ 200؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 51. 342- البيت من الطويل، وهو لفرعان بن الأعرف في الدرر 2/ 251؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1445؛ ولسان العرب 3/ 122 "جعد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 398؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص217؛ وهمع الهوامع 1/ 150. 343- البيت من الوافر، وهو لعبد الله بن الزبير في ملحق ديوانه ص143، 144؛ وتخليص الشواهد ص443؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص941؛ والمقاصد النحوية 2/ 417؛ ولأيمن بن خريم في ديوانه ص126؛ ولفضالة بن شريك في عيون الأخبار 3/ 76؛ ومعجم الشعراء ص309؛ وللكميت بن معروف في ديل الأمالي ص115؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص217. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 وخص بالتعليق والإلغاء ما ... من قبل هب والأمر هب قد ألزما   "وخص بالتعليق" وهو إبطال العمل لفظا لا محلا "والإلغاء" وهو إبطال لفظا ومحلا "ما" ذكر "من قبل هب" من أفعال القلوب وهو أحد عشر فعلا وذلك لأن هذه الأفعال لا تؤثر فيما دخلت عليه تأثير الفعل في المفعول لأن متناولها في الحقيقة ليس   للفاعل. قوله: "وخص بالتعليق إلخ" المناسب لما قبله من قوله: والتي كصيرا أيضا انصب مبتدأ وخبرا أن يكون خص فعل أمر ولما بعده من قوله والأمر هب قد ألزما أن يكون خص ماضيا مبنيا للمجهول ويرجح الأول قوله اجعل كل ماله زكن. وقوله وانو ضمير الشأن، وقوله وجوز الإلغاء وقوله والتزم التعليق بناء على أن الرواية في هذين بصيغة الأمر كما هو المشهور. ثم التخصيص إضافي أي بالنسبة لهب وما بعده فلايرد جريان التعليق في نحو فكر وأبصر أو التخصيص بالنظر إلى مجموع الإلغاء والتعليق والباء داخلة على المقصور. ومما خص به الأفعال القلبية المتصرفة أيضا جواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متصلين متحدين معنى نحو: {أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 7] ، وظننتني داخلا، وظننتك داخلا وهل يجوز وضع نفس مكان الضمير الثاني نحو ظننت نفسي عالما. قال ابن كيسان نعم والأكثرون لا وألحق بها في ذلك رأي البصرية والحلمية بكثرة، وعدم وفقد ووجد بقلة ولا يجوز ذلك في بقية الأفعال فلا يجوز ضربتني مثلا بالاتفاق وعلله سيبويه بالاستغناء عنه بالنفس نحو: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [النحل: 44، القصص: 16] ، وقيل لئلا يكون الفاعل مفعولا وقيل لئلا يجتمع ضميران. أحدهما مرفوع والآخر منصوب وهما لشيء واحد وقيل لأن الغالب في غير أفعال القلوب تغاير الفاعل والمفعول، فلو قالوا ضربتني مثلا لربما سبق إلى الفهم ما هو الغالب من التغاير ولم تقو حركة المضمر على دفع ذلك، وأما أفعال القلوب فمفعولها ليس المنصوب الأول في الحقيقة بل مصدر الثاني مضافا إلى الأول فجاز فيها ذلك، وأيضا ليس الغالب فيها المغايرة لأن علم الإنسان بصفات نفسه وظنه إياها أكثر فإن كان أحد الضميرين منفصلا جاز في كل فعل نحو ما ضربت إلا إياك ويمتنع الاتحاد في هذا الباب وفي غيره إن أضمر الفاعل متصلا مستترا مفسرا بالمفعول فلا يجوز زيدا ظن قائما ولا زيدا ضرب تريد ظن نفسه وضرب نفسه، أما مع الانفصال والبروز فجائز نحو ما ظن زيدا قائما إلا هو وما ضرب عمرا إلا هو هذا حاصل ما في الهمع مع زيادة من الدماميني. وفي المغني وغيره أنه يجب فيما أوهم كون الفاعل والمفعول ضميرين متصلين متحدين معنى تقدير نفس نحو: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 25] ، {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [القصص: 32] ، {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37] ، أي إلى نفسك وقس. قوله: "وذلك" أي تخصيص ما ذكر من قبل هب بالتعليق والإلغاء ثابت لأن إلخ. قوله: "تأثير الفعل" أي تأثيرا كتأثير الفعل غيرها في المفعول وذلك لأنك إذا قلت ضربت زيدا كان متعلق الضرب الذات لا الحدث بخلاف أفعال هذا الباب فإن متعلقها الأحداث كقيام زيد في قولك علمت زيدا قائما فمراده بمتناولها متعلقها. وقيل وجه التخصيص أن أفعال القلوب ضعيفة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 كذا تعلم ولغير الماض من ... سواهما اجعل كل ما له زكن وجوز الإلغاء لا في الابتدا ... وانو ضمير الشان أو لام ابتدا   هو الأشخاص وإنما متناولها الأحداث التي تدل عليها أسامي الفاعلين والمفعولين، فهي ضعيفة العمل بخلاف أفعال التصيير، وإنما لم يدخل التعليق والإلغاء هب وتعلم وإن كانا قلبيين لضعف شبههما بأفعال القلوب من حيث لزوم صيغة الأمر كما أشار إليه بقوله: "والأمر هب قد ألزما كذا تعلم" ألزما ماض مجهول فيه ضمير مستتر يعود على هب نائب عن الفاعل والألف للإطلاق، والأمر نصب بالمفعولين، والجملة خبر المبتدأ وهو هب "ولغير الماض" وهو المضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والمصدر "من سواهما" أي سوى هب وتعلم من أفعال الباب "اجعل كل ما له" أي للماضي "زكن" أي علم من الأحكام من نصب مفعولين هما في الأصل مبتدأ وخبر، نحو ظن زيدًا قائمًا، ويا هذا ظن زيدًا قائمًا، وأنا ظان زيدًا قائمًا، ومررت برجل مظنون أبوه قائمًا، وأعجبني ظنك زيدًا قائمًا، ومن جواز الإلغاء في القلبي وتعليقه على ما ستراه "وجوز الإلغاء لا في" حال "الابتدا"   من حيث خفاء معانيها لكونها باطنية. قوله: "التي تدل" أي دلالة تضمنية. قوله: "أسامي" أي الواقعة مفاعيل ثانية غالبا. قوله: "بخلاف أفعال التصيير" فإن متناولها الذات فهي قوية في العمل. قوله: "لضعف شبههما بأفعال القلوب" أي غيرهما أي فلا يضم إليه وإلى ضعفهما الحاصل لغيرهما أيضا من أفعال القلوب وهو ما ذكره الشارح آنفا ضعف آخر وهو دخول الإلغاء والتعليق لئلا يجتمع على الكلمة ثلاث مضعفات، فلا يقال إن تعليل الشارح يقتضي ثبوت التعليق والإلغاء فيهما بالأولى. قوله: "كذا تعلم" قال الدماميني هذا مذهب الأعلم وذهب غيره إلى أنها تتصرف وهو الصحيح حكى ابن السكيت تعلمت أن فلانا خارج قال سم وقياس تصرفها أن يدخلها الإلغاء والتعليق. قوله: "ألزما ماض مجهول إلخ" يلزم على هذا الإعراب تقديم معمول الخبر الفعلي وفيه خلاف والبصريون يجيزونه ولو رفع الأمر على أنه مبتدأ أول وهب مبتدأ ثان وقد ألزما خبر المبتدأ الثاني والرابط محذوف تقديره ألزمه لسلم من ذلك. قوله: "ولغير الماض" مفعول ثان لأجعل ومن سواهما حال لازمة من غير أتى به لبيان الواقع أي اجعل كل الأحكام التي علمت للماضي ثابتة لغير الماضي حالة كونه جائيا من سوى هب وتعلم. قوله: "وهو المضارع إلخ" نبه بالحصر على أن دخول الصفة المشبهة وأفعل التفضيل وفعل التعجب غير مراد لأن الأولى لا تصاغ إلا من لازم والأخيرين لا ينصبان مفعولين وما نقله البعض عن البهوتي وأقره من التعليل بأنهما لا يصاغان من فعل قلبي لا يخفى بطلانه إذ لا يمنع أحد زيد أعلم من عمرو وما أعلم زيدا. قوله: "ومن جواز الإلغاء" أي في غير المصدر أما فيه فيجب الإلغاء إذا تقدم عليه مفعولاه أو أحدهما لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه كما سيأتي أو المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب. قوله: "في القلبي" قيد به لإخراج أفعال التصيير الداخلة في قوله سابقا من أفعال الباب. قوله: "وتعليقه" إن عطف على جواز فلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بالفعل بل في حال توسطه أو تأخره، وصدق ذلك بثلاث صور: الأولى أن يتوسط الفعل بين المفعولين، والإلغاء والإعمال حينئذ سواء كقوله: 344- شجاك أظن ربع الظاعنين   إشكال أو على الإلغاء فالمراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب فلا ينافي ما سيأتي من أن التعليق لازم عند وجود المعلق لا جائز أو المراد بجوازه جواز الإتيان بسببه وهو المعلق. قوله: "بل في حال توسطه أو تأخره" لكن يقبح الإلغاء إذا أكد الفعل بمصدر لمنافاة تأكيده لإلغائه ويقل إذا أكد باسم إشارة أو ضمير عائدين إلى المصدر المفهوم منه نحو زيد ظننت ذاك أي الظن منطلق وزيد ظننته أي الظن منطلق، ورأيت بخط الشنواني على هامش شرح التسهيل للدماميني نقلا عن سم ما نصه ذكر المرادي أن لجواز الإلغاء هنا قيدين أهملهما المصنف: أحدهما أن لا تدخل لام الابتداء على الاسم فإن دخلت نحو لزيد قائم ظننت وجب الإلغاء. الثاني أن لا ينفى الفعل فإن نفى امتنع فيمتنع نحو زيد قائم لم أظن لبناء الكلام على النفي، ولم يتعرض المصنف ولا غيره من أتباعه لهذا الذي ذكره المرادي وهو محل نظر إذ قد يدفع الأول بأنه لا حاجة لاستدراكه لأنه من باب التعليق إذ الظاهر أن تأخير الفعل مع وجود المعلق لا يمنع من التعليق ويدفع الثاني بمنعه وقد يؤيد. ا. هـ. أي يؤيد منعه بعدم منافاة بناء الكلام على النفي للإلغاء وبقول الشاعر: وما إخال لدينا منك تنويل على ما فيه وما نقله المرادي نقله السيوطي في نكته عن أبي حيان شيخ المرادي. قال سم وينبغي أن يكون كاللام غيرها من المعلقات. ا. هـ. وقد تصرف البعض في عبارة السيوطي بلا فهم صحيح فوقع في الخلل حيث قال عقب الشرط الأول فلا يجوز لزيد قائم ظننت ولا لزيد ظننت قائم. قوله: "وصدق ذلك" أي قول المصنف لا في الابتدا لأن المراد بالابتداء أن لا يسبق على الفعل شيء كما هو صريح صنيع الشارح بعد. قوله: "سواء" أي لأن العامل اللفظي لما ضعف بالتوسط قاومه العامل المعنوي الذي هو الابتداء وقيل الأعمال أقوى لأن اللفظي أقوى وإن توسط ورجحه في التوضيح وكل من التعليلين لا يجري في نحو قول الشاعر شجاك إلخ على تقرير الشارح الآتي إذ ليس فيه على تقريره عامل معنوي كما ستعرفه وإنما يجريان في نحو زيد ظننت قائم. قوله: "شجاك" أي أحزنك ربع الظاعنين أي منزل الراحلين. قوله: "يروى برفع ربع إلخ" مفاد كلام الشارح تعين الإلغاء على رفع ربع وتعين الأعمال على نصبه وأن جوازهما عند عدم   344- عجزه: ولم تعبأ بعذل العاذلينا والبيت من الوافر، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص446؛ والدرر 2/ 261؛ وشرح شواهد المغني 2/ 806؛ ومغني اللبيب 1/ 378؛ والمقاصد النحوية 2/ 419؛ وهمع الهوامع 1/ 153. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يروى برفع ربع على أنه فاعل شجاك أي أحزنك، وأظن لغو وبنصبه على أنه مفعول أول لأظن، وشجاك المفعول الثاني مقدم. الثانية أن يتأخر عنهما والإلغاء حينئذ أرجح كقوله: 345- آت الموت تعلمون فلا ير ... هبكم من لظى الحروب اضطرام الثالثة أن يتقدم عليهما ولا يبتدأ به بل يتقدم عليه شيء نحو متى ظننت زيدًا قائمًا والأعمال حينئذ أرجح. وقيل واجب. ولا يجوز إلغاء المتقدم خلافًا للكوفيين والأخفش   التزام واحد بعينه من الرفع والنصب وهو كلام صحيح لا ينبغي أن يقع فيه خلاف بين بصري وكوفي. وأما قول المصنف في تسهيله وإلغاء ما بين الفعل ومرفوعه جائز لا واجب خلافا للكوفيين فالظاهر عندي أن مراده بمرفوع الفعل ما يصلح مرفوعا له لا المرفوع له بالفعل، وكيف يدّعي أحد جواز الإلغاء مع فرض ما قبل العامل فعلا وما بعده مرفوعا به على الفاعلية. وبما ذكرناه يعلم ما في كلام البعض فافهم ولا تغفل. قوله: "وأظن لغو" فهو مع فاعله جملة معترضة كما في المغني والجملة المعترضة تقع بين الفعل وفاعله والمبتدأ وخبره فاعتراض البعض بأنه يلزم على الإلغاء المذكور الفصل بين الفعل ومرفوعه بأجنبي مدفوع. قوله: "وشجاك المفعول الثاني" أي جملة في محل نصب مفعول ثان وجعل الدماميني وغيره شجا في البيت اسما مضافا إلى الكاف لا فعلا ماضيا، والشجا الحزن. والمعنى أن سبب حزنك ربع الأحبة الظاعنين أي المرتحلين باعتبار ما تثيره عندك رؤيته خاليا منهم من لوعة الفراق وتذكر أوقات الأنس الفائتة. قوله: "أن يتأخر عنهما" وجملته حينئذٍ استئنافية كما في المغني. قوله: "فلا يرهبكم" بفتح الياء والهاء أو بضم الياء وكسر الهاء أي يخفكم اضطرام أي اشتعال. قوله: "بل يتقدم عليه شيء" أي سواء صلح لأن يكون معمول الخبر كمتى في المثال أو لم يصلح كأني في البيت الآتي كما يدل عليه قول الشارح الآتي نعم يجوز إلخ. وإنما جوّز تقدم ذلك الإلغاء لتنزيله منزلة تقدم معمول الفعل وفي كلام شيخنا وغيره تقييد الشيء المتقدم بأن لا يكون معمولا للفعل فإن كان معمولا له كمتى في المثال إن جعل معمولا للفعل لا للخبر امتنع الإلغاء عند البصريين لأن المتقدم على ظن حينئذٍ معمولها فهي في الحقيقة في الابتداء بخلاف معمول الخبر لأنه أجنبي من الفعل إذ معمول المعمول ليس بمعمول. قوله: "وقيل واجب" لأن العبرة في الابتداء بالفعل بوقوعه قبل المفعولين وإن سبقه شيء غيرهما. قوله: "ولا يجوز إلغاء المتقدم" هذا بيان لمفهوم قوله لا في الابتداء ودخول على المتن، والمراد المتقدم على المفعولين وغيرهما بأن لا يتقدم عليه شيء كما يدل عليه كلامه قبل لكن ينافيه تمثيله بعد لموهم إلغاء المتقدم بالبيتين الآتيين لأن الفعل فيهما مسبوق بشيء وإنما يكون هذا التمثيل مناسبا   345- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص445؛ والمقاصد النحوية 2/ 402. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 في موهم إلغاء ما تقدما ... والتزم التعليق قبل نفي ما   "وانو ضمير الشأن" ليكون هم المفعول الأول، والجزءان جملة في موضع المفعول الثاني "أو" انو "لام ابتدا" لتكون المسألة من باب التعليق "في موهم إلغاء ما تقدما" كقوله: 346- أرجو وآمل أن تدنو مودتها ... وما إخال لدينا منك تنويل وقوله: 347- كذاك أدبت حتى صار من خلقي ... أني رأيت ملاك الشيمة الأدب فعلى الأول التقدير إخاله ورأيته أي الشأن، وعلى الثاني لملاك وللدينا. فالفعل عامل على التقديرين. نعم يجوز أن يكون ما في البيتين من باب الإلغاء لتقدم ما في الأول وإني في الثاني على الفعل، ولكن الأرجح خلافه كما عرفت، فالحمل على ما سبق أولى "والتزم التعليق" عن العمل في اللفظ إذا وقع الفعل قبل شيء له الصدر كما إذا وقع "قبل نفي   لو حمل تقدم الفعل على تقدمه على المفعولين وإن سبق بشيء غيرهما مما يتعلق بالجملة ويمكن أن يعمم في قول المصنف وانو إلخ بأن يراد انو وجوبا وذلك إذا لم يسبق الفعل بشيء وباعتبار هذا القسم اتجه الدخول على المتن بقوله ولا يجوز إلخ، أو استحسانا وذلك إذا سبق بشيء غير مفعوليه وإن اقتصر الشارح في التمثيل على القسم الثاني وقد يؤيد هذا قوله نعم يجوز إلخ فتأمل. قوله: "وآمل" من عطف المرادف ولا يكون إلا بالواو كما قاله زكريا وغيره. قوله: "تنويل" أي إعطاء. قوله: "كذاك" أي مثل الأدب المذكور. وقوله ملاك الشيمة بكسر اليم وفتحها ما يقوم به. والشيمة بالكسر الخلق. قوله: "فالفعل عامل على التقديرين" لكنه على تقدير ضمير الشأن عامل في محل كل من المفعولين على حدته أعني ضمير الشأن المقدر والجملة بعده وعلى تقدير لام الابتداء عامل في محل الجملة السادة مسد المفعولين. قوله: "نعم يجوز إلخ" استدراك على ما يوهمه التمثيل بالبيتين من أنه لا يصح أن يكون من باب الإلغاء. قوله: "كما عرفت" أي من قوله والإعمال حينئذٍ أرجح وقيل واجب. قوله: "فالحمل على ما سبق" أي حمل البيتين على نية ضمير الشأن أو لام الابتداء. قوله: "نفي ما" أي ما النافية فلا حاجة لقول الشارح النافية. قوله: "لقد علمت ما هؤلاء ينطقون" جملة هؤلاء ينطقون لفظها واحد قبل التعليق وبعده وإنما   346- البيت من البسيط، وهو لكعب بن زهير في ديوانه ص62، وخزانة الأدب 11/ 311؛ والدرر 1/ 172، 2/ 259؛ وشرح التصريح 1/ 258؛ وشرح عمدة الحافظ ص258؛ والمقاصد النحوية 2/ 412؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 67؛ وشرح ابن عقيل ص220؛ وهمع الهوامع 1/ 53، 153. 347- البيت من البسيط وهو لبعض الفزاريين في خزانة الأدب 9/ 139، 143، 10/ 335؛ والدرر 2/ 257؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 133؛ وأوضح المسالك 2/ 65؛ وتخليص الشواهد ص449؛ وشرح التصريح 1/ 258؛ وشرح ديوان الحماسة للمزروقي ص1146؛ وشرح عمدة الحافظ ص249؛ وشرح ابن عقيل ص221؛ والمقاصد النحوية 2/ 411، 3/ 89؛ والمقرب 1/ 117؛ وهمع الهوامع 1/ 153. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 وإن لا لام ابتداء أو قسم ... كذا والاستفهام ذا له انحتم   ما" النافية نحو: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 65] ، "وإن ولا" النافيتين في جواب قسم ملفوظ أو مقدر نحو علمت والله أن زيد قائم، وعلمت أن زيد قائم، وعلمت والله لا زيد في الدار ولا عمرو، وعلمت لا زيد في الدار ولا عمرو ,"لام ابتداء أو" لام جواب "قسم كذا" نحو: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [البقرة: 102] ، وكقوله: 348- ولقد علمت لتأتين منيتي ... إن المنايا لا تطيش سهامها   الفرق بينهما أن المحل للجملة السادة مسد المفعولين بعد التعليق ولكل من جزأيها قبله قاله يس. قوله: "وإن" أي سواء كانت عاملة أو مهملة وإن لم يمثل الشارح إلا للمهملة. قوله: "ولا" أي سواء كانت عاملة عمل إن أو عمل ليس أو مهملة وإن اقتصر الشارح في التمثيل على المهملة وقيدها شارح اللباب بالنافية للجنس. قوله: "في جواب قسم" قيل الصحيح أنه ليس بقيد لكن في المغني ما يظهر به وجه التقييد حيث نقل فيه أن الذي اعتمده سيبويه أن لا النافية إنما يكون لها الصدارة حيث وقعت في صدر جواب القسم. وقال في محل آخر لا النافية في جواب القسم لها الصدر لحلولها محل ذوات الصدر كلام الابتداء وما النافية. ا. هـ. وإن كلا. قوله: "علمت والله إن زيد قائم" جواب القسم مع الفعل المقدر وهو أقسم في محل نصب سد مسد المفعولين. وقولهم جواب القسم لا محل له إذا لم يضم إلى غيره كما هنا ولا يضر وقوع المعلق بالكسر في غير صدر الجملة المعلقة، أما على القول بعدم اشتراط ذلك فظاهر وأما على الاشتراط فلأن المقصود بالقسم تأكيد الجواب فهو معه كالشيء الواحد فالمتقدم عليه كالمتقدم على القسم هذا ما قالوه. ولقائل أن يقول العلم إنما تعلق بمضمون جملة الجواب فقط فهي التي في محل نصب سدت مسد المفعولين ولا يرد أن جملة الجواب لا محل لها لجواز أن يكون لها محل باعتبار التعليق ولا يكون لها باعتبار الجواب كما جوز المصرح في قول الناظم في باب إعراب الفعل وستره حتم نصب أن الجملة حالية معترضة ولها محل من حيث إنها حالية ولا محل لها من حيث أنها معترضة ولا منافاة أو يخصص قولهم جملة الجواب لا محل لها بما إذا لم يتسلط عليها عامل فاعرفه. قوله: "لام ابتداء" مبتدأ خبره كذا أي كنفي ما وإن ولا. قوله: "نحو ولقد علموا إلخ" اللام الأولى لام القسم ولا شاهد فيها والثانية لام الابتداء وفيها الشاهد، ومن مبتدأ أول وخلاق   348- البيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص308؛ وتخليص الشواهد ص453؛ وخزانة الأدب 9/ 159، 161؛ والدرر 2/ 263؛ وشرح شواهد المغني 2/ 828؛ والكتاب 3/ 110؛ والمقاصد النحوية 2/ 405؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 61؛ وخزانة الأدب 10/ 334؛ وسر صناعة الإعراب ص400؛ وشرح شذور الذهب ص471؛ وشر قطر الندى ص176؛ ومغني اللبيب 2/ 401، 407؛ وهمع الهوامع 1/ 154. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "والاستفهام ذا" الحكم "له انحتم" سواء كان بالحرف نحو: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109] ، أم بالاسم سواء كان الاسم مبتدأ نحو: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} [الكهف: 12] ، {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا} [طه: 71] ، أم خبرًا نحو علمت متى السفر، أم مضافًا إليه المبتدأ نحو علمت أبو من زيد أم فضلة نحو: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] ، فأي نصب على المصدر بما بعده أي ينقلبون منقلبًا أي انقلاب، وليس منصوبًا بما قبله لأن الاستفهام له الصدر فلا يعمل فيه ما قبله. تنبيهات: الأول إذا كان الواقع بين المعلق والمعلق غير مضاف نحو علمت زيدًا   مبتدأ ثان مجرور بمن الزائدة وله خبره والجملة خبر من، وجملة من اشتراه إلخ في محل نصب سدت مسد المفعولين. قوله: "ولقد علمت لتأتين إلخ" اللام الأولى للتأكيد والثانية لام جواب القسم كما قاله العيني وجملة القسم المقدرة وجوابه في محل نصب سدت مسد المفعولين على ما قيل وفيه ما مر ولك جعل اللام الأولى لام جواب قسم آخر بأن يكون أقسم على العلم وأقسم على الإتيان. قوله: "والاستفهام" أي ولو بهل على الصحيح كما بسطه الدماميني. قوله: "ذا الحكم" أي التعليق لالتزامه لقوله انحتم. قوله: "وإن أدري إلخ" أي ما أدري جواب هذا السؤال، وما توعدون مبتدأ خبره ما قبله أو فاعل بقريب لاعتماده على استفهام أو ببعيد على التنازع والجملة على كل في محل نصب بأدري. قوله: "أحصى" فعل ماض وقيل اسم تفضيل على غير قياس لأنه من رباعي. ورده في المغني بأن الأمد ليس محصيا بل محصى وشرط التمييز المنصوب بعد أفعل كونه فاعلا في المعنى كزيد أكثر مالا واللام على الأول زائدة وعلى الثاني للتعدية. قوله: "أم مضافا إليه المبتدأ" أي أو الخبر نحو علمت صبيحة أي يوم سفرك. قوله: "أبو من" أبو اسم استفهام مبتدأ مضاف إلى من فقول الشارح أو مضافا إليه المبتدأ هو بالنظر للأصل وإلا فاسم الاستفهام بعد الإضافة هو أبو كما مر. لا يقال ما له الصدر لا يعمل فيه ما قبله فكيف عمل أبو في من لأنا نقول محل ذلك إذا لم يكن العامل جارا. قوله: "فأي نصب على المصدر إلخ" عبارة الفارضي فأي اسم استفهام مفعول مطلق منصوب بينقلبون وهو مقدم من تأخير لأن الأصل ينقلبون أي منقلب يعني أي انقلاب فقدم لأن له صدر الكلام. قوله: "منقلبا أي انقلاب" يوهم أن أيا صفة لمصدر محذوف وهو ينافي ما أسلفه من كونها استفهامية لأن الاستفهامية لا تكون صفة كما أن الصفة لا تكون استفهامية كما نص عليه الشمني. قوله: "فلا يعمل فيه ما قبله" ما لم يكن حرف جر نحو ممن أخذت وبم جئت وعم تسأل وعلى أي حال أتيت أو مضافا نحو غلام من أنت. قوله: "جاز نصبه" أي على أنه مفعول أول والجملة بعده مفعول ثان وهذه الصورة مستثناة من كون التعليق واجبا وليس من ذلك أرأيت زيدا أبو من هو بمعنى أخبرني عن زيد لأن زيدا منصوب بنزع الخافض وجوبا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   من هو جاز نصبه وهو الأجود لكونه غير مستفهم به ولا مضاف إلى مستفهم به، وجاز أيضًا رفعه لأنه المستفهم عنه في المعنى، وهذا شبيه بقولهم أن أحدًا لا يقول ذلك، فأحدًا هذا لا يستعمل إلا بعد نفي وهنا قد وقع قبل النفي لأنه والضمير في لا يقول شيء واحد في المعنى، الثاني من المعلقات أيضًا لعل نحو: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} [الأنبياء: 111] ، ذكر ذلك أبو علي في التذكرة. ولو الشرطية كقوله: 349- وقد علم الأقوام لو أن حاتمًا ... أراد ثراء المال كان له وفر وإن التي في خبرها اللام نحو علمت أن زيدًا لقائم، ذكر ذلك جماعة من المغاربة، والظاهر أن المعلق إنما هو اللام لا إن، إلا أن ابن الخباز حكى في بعض كتبه إنه يجوز   والجملة بعده مستأنفة ولا تعليق، فإن وقع بعد التاء كاف فهي حرف خطاب. قال الشهاب في حواشي البيضاوي: استعمال أرأيت بمعنى أخبرني مجاز ووجه المجاز أنه لما كان العلم بالشيء وابصاره سببا للإخبار عنه استعمل رأي التي بمعنى علم أو أبصر في الإخبار والهمزة التي للاستفهام عن الرؤية في طلب الاخبار لاشتراكهما في مطلق الطلب ففيه مجازان. ا. هـ. باختصار. قوله: "وهو الأجود" وعليه فالتعليق ليس إلا عن المفعول الثاني، وقد نقل الدماميني عن صاحب الانتصاف أنه قال التعليق عن أحد المفعولين فيه خلاف وعن صاحب التقريب أنه استشكل وقوع الجملة الاستفهامية مفعولا ثانيا بأنه لا معنى لقولك علمت زيدا جواب هذا الاستفهام ويمكن دفعه بتقدير متعلق بدل جواب. قوله: "أيضا" لعل أيضا مقدمة من تأخير ويختص تعليقها بدرى فلا تعلق غيره كما في الجامع وشرحه. ومنها كم الخبرية أيضا كما قاله الزمخشري وأيده صاحب المغني في الجملة السادسة من الباب الخامس، بل قال الدماميني إنما سكت عنها النحويون استغناء بتصريحهم بأن لها الصدر كالاستفهامية إذ كل ما له الصدر يعلق، نعم لا تعلق على ما حكاه الأخفش عن بعض العرب من عدم التزام صدارتها وقال إنه لغة رديئة. قوله: "لو أن حاتما" أي ومعمولاها فاعل ثبت محذوفا وثراء المال بالفتح والمد كثرته والوفر الكثير. قوله: "في خبرها" أو اسمها المتأخر نحو علمت. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} [آل عمران: 13] ، أو معمول خبرها نحو علمت أن زيدا لفي الدار قائم. قوله: "والظاهر أن المعلق إنما هو اللام" يفيد أن المعلق لا يشترط أن يكون في صدر الجملة المعلق عنها وقد يقال أن اللام حقها في الأصل صدر الجملة لكن زحلقت عنه كراهة توالي حرفي توكيد كما مر فهي مصدرة حكما نقله شيخنا.   349- البيت من الطويل، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص202؛ والأغاني 17/ 276، 295؛ وأمالي الزجاجي ص209؛ وخزانة الأدب 4/ 213؛ والدرر 2/ 264؛ والشعر والشعراء 1/ 253؛ ولسان العرب 4/ 548 "عذر" 4/ 110 "ثرا"؛ وهمع الهوامع 1/ 154؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص789؛ وشرح شذور الذهب ص473. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   علمت أن زيدًا قائم بالكسر مع عدم اللام وأن ذلك مذهب سيبويه، فعلى هذا المعلق إن، الثالث قد عرفت أن الإلغاء سبيله عند وجود سببه الجواز، والتعليق سببه الوجوب، وأن الملغي لا عمل له ألبته والمعلق عامل في المحل حتى يجوز العطف بالنصب على المحل كقوله: 350- وما كنت أدري قبل عزة ما البكا ... ولا موجعات القلب حتى تولت يروى بنصب موجعات بالكسر عطفًا محل قوله ما البكا. ووجه تسميته تعليقا أن العامل ملغى في اللفظ عامل في المحل فهو عامل لا عامل فسمي معلقًا أخذًا من   قوله: "فعلى هذا المعلق إن" أي ولا يحتاج إلى ما سبق من اشتراط وجود اللام في خبرها لأن إن أيضا لها الصدارة قال سم. لعل التعليق هنا جائز لا واجب فيستثنى من وجوب التعليق ونقل عن غيره أنه واجب فلا استثناء ولك أن تقول معنى تجويز سم التعليق هنا أنه لا يتعين كسر إن وتعليق الفعل بها بل يجوز الفتح وجعل الفعل غير معلق. ومعنى إيجاب غيره التعليق أنه يتعين ما دام كسر إن فلا خلاف في الحقيقة. قوله: "الجواز" أي في غير المصدر أما إذا كان الملغى مصدرا متوسطا أو متأخرا فالغاؤه واجب لأن المصدر لا يعمل في متقدم نحو زيد قائم ظني غالب وزيد ظني غالب قائم، وفي غير اقتران المفعول الأول المقدم على عامله بلام الابتداء فالإلغاء حينئذٍ واجب على ما مر. قوله: "والمعلق عامل في المحل" أي في محل الجملة بعد أن كان عاملا في لفظ كل من الجزأين أو في محله. قوله: "حتى يجوز إلخ" حتى ابتدائية تفريعية فالفعل بعدها واجب الرفع. ويستفاد من جواز العطف بالنصب على المحل أن المعلق إنما يمنع العمل بالنسبة للجملة التي اتصل بها لا بالنسبة لتوابعها وأن العطف على المحل جائز لا واجب. قوله: "كقوله وما كنت إلخ" قال الدماميني ليس بقاطع لاحتمال أن تكون ما زائدة والبكاء مفعول به أو أن الأصل ولا أدري موجعات القلب فيكون من عطف الجمل. ا. هـ. ولا يخفى كفاية الظواهر في أمثال هذه المقامات. قوله: "ولا موجعات" عطف على محل ما البكا، ولا بد من تقدير ما هي بعد موجعات القلب أو اعتبار أن موجعات القلب في معنى الجملة أي ولا موجعات لقلبي وإلا لزم عمل أدري في مفعول واحد وهو لا يجوز على ما مر فيشترط على المشهور في المعطوف على المحل أن يكون جملة في الأصل لفظا نحو علمت لزيد قائم وبكرا قاعدا أو تقديرا نحو الذي مرّ على الوجه الأول فيه أو معنى نحو علمت لزيد قائم وغير ذلك من أموره لأنه بمعنى وزيدا متصفا بغير   350- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص95؛ وخزانة الأدب 9/ 144؛ وشرح التصريح 1/ 257؛ وشرح شذور الذهب ص475؛ وشرح شواهد المغني ص813، 824؛ وشرح قطر الندى ص178؛ ومغني اللبيب ص419؛ والمقاصد النحوية 2/ 408؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 64. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المرأة المعلقة التي لا مزوجة ولا مطلقة. ولهذا قال ابن الخشاب لقد أجاد أهل هذه الصناعة في هذا اللقب لهذا المعنى. الرابع قد ألحق بأفعال القلوب في التعليق أفعال غيرها نحو: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} [الكهف: 19] {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ، بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 6] ، {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} [الأعراف: 184] ، {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [الذاريات: 12] ، {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ} [يونس: 53] ، ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم: أما ترى   ذلك ونحو الذي مر على الوجه الثاني فيه فلا يجوز علمت لزيد قائم وعمرا بدون تقدير. وبهذا التحقيق يعلم ما في كلام البعض. قوله: "من المرأة المعلقة" أي المفقود زوجها فقوله لا مزوجة أي بحسب الصورة. قوله: "ولهذا" أي لشبه المعلق بالمرأة المذكورة. قوله: "بأفعال القلوب" أي الناصبة للمفعولين، وقوله أفعال غيرها أي غير أفعال القلوب الناصبة لهما بأن كان فعلا غير قلبي كما في الأمثلة غير أو لم يتفكروا إلخ أو فعلا قلبيا غير ناصب لهما بل لواحد فقط كنسى وعرف ولم يمثل له الشارح أولا لشيء أصلا أصلا كما في أو لم يتفكروا ويختص التعليق في القسم الأول أعني غير القلبي بالاستفهام بخلاف القلبي هذا هو المناسب لتمثيل الشارح والمغني بقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} [الأعراف: 184] ، بناء على الظاهر كما قاله الشمني أن ما فيه لكن في التسهيل والهمع تخصيص تعليق هذه الأفعال الملحقة بالاستفهام وعليه يكون الوقف على قوله أو لم يتفكروا وما بعده استئناف. قال الشمني وقيل ما استفهامية بمعنى النفي أي أي شيء بصاحبكم من الجنون أي ليس به شيء منه. ا. هـ. وعليه لا مخالفة فتأمل. فائدة: الجملة بعد المعلق سادة مسد المفعولين إن كان يتعدى إليهما ولم ينصب الأول فإن نصبه سدت مسد الثاني نحو علمت زيدا أبو من هو وإن لم يتعد إليها فإن كان يتعدى بحرف الجر فهي في موضع نصب بإسقاط الجار نحو فكرت أهذا صحيح أم لا وإن كان يتعدى إلى واحد سدت مسده نحو عرفت أيهم زيد فإن كان مفعوله مذكورا نحو عرفت زيدا أبو من هو فقال جماعة الجملة حال. ورد بأن الجملة الإنشائية لا تكون حالا. وقال آخرون بدل فقيل بدل كل بتقدير مضاف أي عرفت شأن زيد، وقيل بدل اشتمال ولا حاجة إلى تقدير. وقال الفارسي مفعول ثان لعرفت بتضمينه معنى علمت واختاره أبو حيان كذا في الهمع ومثله في المغني وزاد أن القول الأخير رد بأن التضمين لا ينقاس، وهذا التركيب مقيس ورجح في محل آخر القول بالبدلية قال وعلى تضمين عرف معنى علم هل يقال الفعل معلق أم لا؟ قال جماعة من المغاربة إذا قلت علمت زيد لا أبوه قائم أو ما أبوه قائم فالعامل معلق عن الجملة عامل في محلها النصب على أنه مفعول ثان وخالف بعضهم لأن حكم الجملة في مثل هذا أن تكون في موضع نصب وأن لا يؤثر العامل في لفظها وإن لم يوجد معلق نحو علمت زيد أبوه قائم. قوله: "أو لم يتكفروا إلخ" ما نافية على ما مر والجنة الجنون وتفكر لازم علق بما عن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 لعلم عرفان وظن تهمه ... تعدية لواحد ملتزمه ولرأى الرؤيا انم ما لعلما ... طالب مفعولين من قبل انتمى   أي برق ههنا "لعلم عرفان وظن تهمه تعدية لواحد ملتزمه" نحو: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78] ، أي لا تعرفون. وتقول سرق مالي وظننت زيدًا: أي اتهمته. واسم المفعول منه مظنون وظنين، قال الله تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] أي بمتهم. وقد نبهت على استعمال بقية أفعال القلوب في غير ما يتعدى فيه إلى مفعولين كما رأيت. وإنما خص هو علم وظن بالتنبيه؛ لأنهما الاصل إذ غيرهما لا ينصب المفعولين إلا إذا كان بمعناهما. وأيضًا فغيرهما عند عدم نصب المفعولين يخرج عن القلبية غالبًا بخلافهما "ولرأي" التي مصدرها "الرؤيا" وهي الحلمية "انم" أي انسب "ما لعلما طالب مفعولين من قبل انتمى" أي انتسب. ما موصول صلته انتمى في موضع مفعول لا نم، وطالب حال من علم ولرأي متعلق بانم، ولعلما متعلق بانتمى، وكذلك من قبل، والتقدير أنسب لرأي التي مصدرها الرؤيا الذي انتسب لعلم متعدية إلى مفعولين   المجرور إذ الأصل أو لم يتفكروا فيما ذكر. قوله: "لعلم عرفان" من إضافة الدال للمدلول أي لهذه المادة الدالة على العرفان بأي صيغة كانت وكذا يقال فيما بعده، والجار والمجرور خبر تعدية، وملتزمة نعت تعدية، أو ملتزمة الخبر والجار والمجرور متعلق به. قوله: "تعدية لواحد ملتزمه" للفرق في المعنى بين علم العرفانية وعلم المتعدية إلى اثنين بأن الأولى تتعلق بنفس الشيء وذاته كعلمت زيدا أي عرفت ذاته، والثانية باتصاف الشيء بصفة كعلمت زيدا قائما أي عرفت اتصاف زيد بالقيام كالفرق بين عرف وعلم، فمعنى علمت أن زيدا قائم علمت اتصاف زيد بالقيام لا علمت حقيقة القيام المضاف إلى زيد في نفسه، ومعنى عرفت أن زيدا قائم عرفت القيام في نفسه لا اتصاف زيد به وبين المعنيين فرق ظاهر. هذا ما ذهب إليه ابن الحاجب وغيره. وقال الرضي: لا فرق بينهما في المعنى. والفرق في العمل إنما هو باختيار العرب ولا مانع من تخصيصهم أحد المتساويين معنى بحكم لفظي. قوله: "واسم المفعول منه" أما اسم المفعول من ظن التي للرجحان فمظنون فقط وأراد اسم المفعول في المعنى فلا يرد أن ظنينا ليس على وزن اسم المفعول. قوله: "في غير ما" أي التركيب أو ما واقعة على المعنى وفي في فيه سببية. قوله: "بالتنبيه" أي على استعمالهما في غير ما يتعديان فيه إلى المفعولين. قوله: "غالبا" احتراز من نحو وجد بمعنى حزن وحقد وحجا بمعنى بخل. قوله: "بخلافهما" أي عند نصبهما مفعولا واحدا الذي نبه عليه المتن وإن عم ظاهر الشرح لزومهما أيضا فلا يرد علم إذا انشقت شفته العليا فإنه لازم. قوله: "التي مصدرها الرؤيا" حل معنى لا حل إعراب وما يلزمه من تغيير إعراب المتن مغتفر لأنه غير ظاهر. قوله: "وهي الحلمية" بضم الحاء نسبة إلى الحلم بضم فسكون وبضمتين كما في القاموس مصدر حلم بفتح اللام أي رأى في منامه. قوله: "من قبل" أي قبل ذكر علم العرفانية، وهو ظرف لغو متعلق بانتمى كما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   من الأحكام، وذلك لأنها مثلها من حيث الإدراك بالحس الباطن. قال الشاعر: 351- أبو حنش يؤرقني وطلق ... وعمار وآونه ثالا أراهم رفقتي حتى إذا ما ... تجافى الليل وانخزل انخزالا إذا أنا كالذي يجري لورد ... إلى آل فلم يدرك بلالا فهم من أراهم مفعول أول، ورفقتي مفعول ثانٍ. وإنما قيد بقوله طالب مفعولين من قبل لئلا يعتقد أنه أحال على علم العرفانية. فإن قلت ليس في قوله الرؤيا نص على المراد إذ الرؤيا تستعمل مصدر الرأي مطلقًا حلمية كانت أو يقظية. قلت الغالب والمشهور كونها   سيذكره الشارح أتى به لمجرد الإيضاح ويصح كونه مستقرا حالا من علم. قوله: "من الأحكام" أي إلا التعليق والإلغاء خلافا للشاطبي كما في التصريح وغيره. قوله: "أبو حنش يؤرقني إلخ" أبو حنش وطلق وعمار وأثالة أشخاص فقوله، أثالا مرخم في غير النداء للضرورة. يؤرقني أي يسهرني وآونة جمع أوان وهو الحين أي الزمن كذا في القاموس. وقول البعض وأوان جمع آن مخالف للمنصوص مع كونه يرده أن فعالا ليس من صيغ الجموع وهو منصوب على الظرفية فصل به بين العاطف والمعطوف أعني أثالا. وإذا الأولى ظرفية شرطية والثانية فجائية، والليل الزمن المعروف ويجوز أن يكون أراد به النوم ومعنى تجافى زال وكذا معنى انخزل، واللام في لورد تعليلية والورد بالكسر المنهل أي الماء الذي يورد، والآل بالمد قال في المصباح هو الذي يشبه السراب. ا. هـ. والصراف كما في القاموس ما تراه نصف النهار كأنه ماء. وقال في القاموس الآل السراب أو خاص بما في أول النهار. ا. هـ. والبلال بالكسر ما يبل به الحلق من ماء وغيره وأراد به هنا الماء. وبحث الدماميني في الاستشهاد بذلك بأن القصد أنه رأي ذواتهم لا كونهم رفقته لأنه محقق ليس الكلام فيه، وجعل رفقتي حالا وضعف بأن رفقتي معرفة والحال لا يكون معرفة. وأجيب بأن الرفقة بمعنى المرافقين فهو بمعنى اسم الفاعل وإضافته غير محضة. ولك أن تقول المحقق كونهم رفقته في اليقظة لا كونهم رفقته في المنام الذي كلام الشاعر فيه فلا يرد البحث. قوله: "وإنما قيد بقوله إلخ" ظاهر صنيعه أن من قبل ظرف مستقر حال وهو يخالف ما قدمه من أنه لغو متعلق بانتمى. قوله: "أو يقظية" في تعبيره باليقظة دون البصرية إشعار بأن الرؤيا قد تكون مصدرا لرأي العلمية والبصرية. هذا ومذهب الحريري والمصنف أن الرؤيا لا تكون إلا مصدر الحلمية وعليه لا إشكال. قوله: "الغالب إلخ" أي وأما الرؤية بالتاء فالغالب كونها مصدر   351- البيت من الوافر، وهو لابن أحمر في ديوانه ص129؛ والحماسة البصرية 1/ 262؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 487؛ والكتاب 2/ 270؛ ولسان العرب 6/ 289 "حنش"؛ والمقاصد النحوية 2/ 421؛ وبلا نسبة في الأزمنة والأمكنة 1/ 240؛ والإنصاف 1/ 354؛ وتخليص الشواهد ص455؛ والخصائص 2/ 278؛ وشراح ابن عقيل ص223. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 ولا تجز هنا بلا دليل ... سقوط مفعولين أو مفعول   مصدر للحلمية "ولا تجز هنا" في هذا الباب "بلا دليل سقوط مفعولين أو مفعول" ويسمى اقتصارًا. أما الثاني فبالإجماع وفي الأول وهو حذفهما معًا اقتصارًا خلاف: فعن سيبويه والأخفش المنع مطلقًا كما هو ظاهر إطلاق النظم. وعن الأكثرين الجواز مطلقًا تمسكًا بنحو: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} [النجم: 35] ، أي يعلم: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} [الفتح: 12] وقولهم من يسمع يخل، وعن الأعلم الجواز في أفعال الظن دون   رأي البصرية ورأي العلمية. قال في القاموس الرؤية النظر بالعين وبالقلب. قوله: "في هذا الباب" لانعدام الفائدة بانعدامهما أو انعدام أحدهما أما في الثاني فظاهر وأما في الأول فلأن الشخص لا يخلو عن ظن أو علم بخلاف المفعول في غيره فيجوز حذفه بدليل وبلا دليل لحصول الفائدة مطلقا وينبغي أن محل امتناع الحذف إذا أريد الاخبار بحصول مطلق ظن أو علم، أما إذا أريد ظننت ظنا عجيبا أو عظيما أو نحو ذلك أو أريد إعلام السامع بتجدد الظن أو العلم أو إبهام المظنون أو المعلوم لنكتة فينبغي الجواز أفاده الروداني. ومما يجوز الحذف أيضا تقييد الفعل بظرف أو جار ومجرور نحو ظننت في الدار أو ظننت لك لحصول الفائدة حينئذٍ نص عليه في التسهيل. قوله: "ويسمى اقتصارا" أي يسمى الحذف بلا دليل اقتصارا للاقتصار على نسبة الفعل إلى الفاعل بتنزيله منزلة اللازم في صورة حذف المفعولين وعلى أحد المفعولين لتنزيله منزلة المتعدي إلى واحد في صورة حذف أحدهما. فعلم أن الاقتصار للتنزيل المذكور ولا ينافي ذلك نص البيانيين على أن المنزل منزلة اللازم لا مفعول له لأن نظرهم إلى المعاني الحاصلة في الحال ونظر النحاة إلى الألفاظ بحسب الوضع تعديا ولزوما ووافق في المعنى البيانيين، ويحتمل أن الاقتصار لا للتنزيل بل مع ملاحظة المفعولين من غير إقامة دليل عليهما والمتجه عندي ضعف القول بالمنع على احتمال التنزيل وضعف القول بالجواز على احتمال الملاحظة وأن الأولى الجمع بين القولين بتوزيعهما على الاحتمالين فاحفظه. قوله: "أما الثاني فبالإجماع" إنما أجمع هنا واختلف فيما بعده لأن المفعول حقيقة مضمون المفعولين كقيام زيد في ظننت زيدا قائما فحذف أحدهما كحذف جزء الكلمة وحذف الكلمة بتمامها كثير بخلاف حذف جزئها. ومثله يقال في الحذف لدليل. وإنما أجمع على منع حذف أحدهما اقتصارا. واختلف في حذف أحدهما اختصارا لأن المحذوف لدليل كالمذكور ولهذا أجمع على جواز حذفهما اختصارا واختلف في حذفهما اقتصارا. قوله: "مطلقا" أي في أفعال العلم وأفعال الظن فهو في مقابلة تفصيل الأعلم الآتي. قوله: "فهو يرى" أي ما يعتقده حقا وقد يقال كما في الروداني أن قوله تعالى: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ} [النجم: 35] ، يشعر بالمفعولين فحذفهما لدليل. قوله: "وظننتم ظن السوء" أي ظننتم انقلاب الرسول والمؤمنين إلى أهلهم منتفيا أبدا، وظن السوء مفعول مطلق. ولي في كون الحذف هنا لغير دليل نظر لأن قوله تعالى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أفعال العلم. أما حذفهما لدليل ويسمى اختصارًا فجائز إجماعًا نحو: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 22] وقوله: 352- بأي كتاب أم بأية سنة ... ترى حبهم عارًا علي وتحسب وفي حذف أحدهما اختصارًا خلاف: فمنعه ابن ملكون وأجازه الجمهور من ذلك، والمحذوف الأول قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} [آل عمران: 180] ، في قراءة يحسبن بالياء آخر الحروف، أي ولا يحسبن الذي يبخلون ما يبخلون به هو خيرًا. ومنه -والمحذوف الثاني- قوله: 353- ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني منزلة المحب المكرم   ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ} [الفتح: 12] ، يشعر بالمفعولين أو بما سد مسدهما وهو أن لن ينقلب إلخ. قوله: "من يسمع يخل" أي مسموعه حقا وجعله جماعة كالرضي من الحذف لدليل. قال الروداني وينبغي أن لا يختلف في أنه الحق لظهور أن يسمع دليل على المفعول الأول وحال التخاطب دليل على الثاني. وما قيل لا دلالة فيه على الثاني قطعا مكابرة لمقتضى الذوق السليم. ا. هـ. ومنهم من تخلص عن ذلك بحمل جعله من الحذف لغير دليل على أن المعنى من يسمع خبرا يحصل له خيلة أي ظن بتنزيله منزلة اللازم. قوله: "وعن الأعلم الجواز في أفعال الظن" لكثرة فيها. ا. هـ. تصريح. قوله: "تزعمون" التقدير تزعمونهم شركائي أو تزعمون أنهم شركائي جريا على الأكثر من تعدي زعم إلى أن وصلتها، ولا يرد أن الكلام في حذف المفعولين لا في حذف ما يسد مسدهما لأن ما يسد مسدهما بمنزلتهما. قوله: "وتحسب" جعل الواو بمعنى أو أبلغ في المعنى قاله الروداني. قوله: "ابن ملكون" ضبطه بعضهم بضم الميم فحرره. قوله: "هو خيرا" هو ضمير فصل والمفعول الأول محذوف قدره الشارح فيما يأتي ما يبخلون به ويصح تقديره بخلهم. قوله: "بالياء آخر الحروف" أما على قراءة الفوقية فالفعل استوفى مفعوليه مع تقدير مضاف أي ولا تحسبن بخل الذين يبخلون إلخ. قوله: "ولقد نزلت إلخ" كون البيت منه مبني على أن مني   352- البيت من الطويل، وهو للكميت في خزانة الأدب 9/ 137؛ والدرر 2/ 253؛ وشرح التصريح 1/ 259؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص692؛ والمحتسب 1/ 183؛ والمقاصد النحوية 2/ 413، 3/ 112؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 69؛ وشرح ابن عقيل ص225؛ وهمع الهوامع 1/ 152. 353- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص191؛ وأدب الكاتب ص613؛ والأشباه والنظائر 2/ 405؛ والاشتقاق ص38؛ والأغاني 9/ 212؛ وجمهرة اللغة ص591؛ وخزانة الأدب 3/ 227، 9/ 136؛ والخصائص 2/ 216؛ والدرر 2/ 254؛ وشرح شذور الذهب ص486؛ وشرح شواهد المغني 1/ 480؛ ولسان العرب 1/ 289 "حبب"؛ والمقاصد النحوية 2/ 414؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 70؛ وشرح ابن عقيل ص225؛ والمقرب 1/ 117؛ وهمع الهوامع 1/ 152. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 وكتظن اجعل تقول إن ولي ... مستفهمًا به ولم ينفصل بغير ظرف أو كظرف أو عمل ... وإن ببعض ذي فصلت يحتمل   أي فلا تظني غيره واقعًا مني "وكتظن" عملًا ومعنى "اجعل" جوازًا "تقول" مضارع قال المبدوء بتاء الخطاب، فانصب به مفعولين "إن ولي مستفهمًا به" من حرف أو اسم "ولم ينفصل" عنه "بغير ظرف أو كظرف" وهو الجار والمجرور "أو عمل" أي معمول "وإن ببعض ذي" المذكورات "فصلت يحتمل" فمن ذلك حيث لا فصل قوله: 354- علام تقول الرمح يثقل عاتقي ... إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت   متعلق بنزلت وهو الظاهر، أما على أنه مفعول ثان لتظن أي فلا تظني غيره كائنا مني فليس منه فقول الشارح أي لا تظني غيره واقعا مني موهم خلاف المراد والتاء مكسورة كما في التصريح ولعل ضمير غيره للنزول المفهوم من نزلت. والمحب المكرم بوزن اسم المفعول فيهما كما في التصريح. قوله: "وكتظن" مفعول ثان لا جعل ومفعوله الأول تقول. قوله: "عملا ومعنى" أي عند الجمهور وقيل عملا فقط وتظهر ثمرة الخلاف كما بحثه صاحب التصريح في الإلغاء والتعليق فيجريان فيه على الأول دون الثاني. قوله: "جوازا" فلذا تجوز الحكاية مع استيفاء الشروط الآتية لكن إذا حكي به كان بمعنى التلفظ كما في الروداني. قوله: "مضارع قال" وألحق به السيرافي. قلت بالخطاب والكوفيون قل بالأمر كما في التصريح. قوله: "بتاء الخطاب" أي لا بقيد الإفراد والتذكير. دماميني. قوله: "مستفهما به" أي عن الفعل أو عن غيره مما يتعلق به كما في الدماميني وغيره وإن اقتضى كلام بعضهم كالمصرح اشتراط كون الاستفهام عن الفعل فالثاني نحو علام تقول البيت فإن الاستفهام عن سبب القول لا عن القول ونحو: متى تقول القلص الرواسما البيت فإن متى ظرف ليدنين. قوله: "أي معمول"المراد به ما يعم المفعولين معا نحو أزيدا قائما تقول ومعمول المعمول نحو أهندا تقول زيدا ضاربا، والمعمول غير المفعول كالحال نحو أراكبا تقول زيدا آتيا أفاده سم. قوله: "وإن ببعض ذي" أي منفردا أو مجتمعا مع أحد أخويه أو معهما فالفصل بكلها كالفصل ببعضها على ما بحثه سم، قال لأن الأصل في ضم الجائز إلى الجائز الجواز، قال يس والأقرب أنه احتراز عن الفصل بكلها، قال ويشهد له النهي عن تتبع الرخص في الشرعيات وعلى هذا يندفع أن قوله وإن ببعض ذي إلخ حشو لأنه لم يفد زيادة على ما قبله. قوله: "علام تقول إلخ" ما استفهامية حذفت ألفها لدخول الجار عليها وأطعن بضم العين وفتحها يدل عليه قول القاموس طعنه بالرمح كمنعه ونصره طعنا ضربه ووخزه. ا. هـ. قيل والطعن في   354- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص72؛ وخزانة الأدب 2/ 436؛ والدرر 2/ 274؛ وشرح التصريح 1/ 263؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص159؛ وشرح شواهد المغني ص418؛ ولسان العرب 11/ 575 "قول"؛ والمقاصد النحوية 2/ 436؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 76؛ ومغني اللبيب ص143؛ وهمع الهوامع 1/ 157. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 355- متى تقول القلص الرواسما ... يدنين أم قاسم وقاسما ومنه -مع الفصل بالظرف- قوله: 356- أبعد بعد تقول الدار جامعة ... شملي بهم أم تقول البعد محتومًا ومنه -مع الفصل بالعمول- قوله: 357- أجهالًا تقول بني لؤي ... لعمر أبيك أم متجاهلينا فإن فقد شرط من هذه الأربعة تعين رفع الجزأين على الحكاية نحو قال زيد عمرو   السن من باب منع وفي المصباح طعنه بالرمح ضربه وطعن في المفازة ذهب وفي السن كبر وفي الأمر أخذ فيه ودخل وطعن فيه بالقول وعليه طعنا وطعانا قدح وعاب وباب الكل نصر، وجاء الأخير من باب منع في لغة وأجاز الفراء فتح عين المضارع في الكل لمكان حرف الحلق. ا. هـ. بالمعنى، وإذا الأولى ظرف ليثقل والثانية ظرف للم أطعن والمعنى بأي حجة أحمل السلاح إذا لم أقاتل عند كر الخيل. قوله: "القلص" بضمتين جمع قلوص الناقة الشابة، الرواسم جمع راسمة من الرسم وهو التأثير في الأرض لشدة الوطء كذا في القاموس. قوله: "أبعد بعد إلخ" هذا مثال الفصل بالظرف الزماني ومثال الفصل بالظرف المكاني أعندي تقول زيدا جالسا. قوله: "شملي" مصدر شملهم الأمر كفرح ونصر شملا وشملا وشمولا إذا عمهم كما في القاموس. وفي شواهد العيني هو الاجتماع. وفي المصباح جمع الله شملهم أي ما تفرق من أمرهم، وفرق شملهم أي ما اجتمع   355- الرجز لهدبة بن خشرم في ديوانه ص130؛ وتخليص الشواهد ص456؛ وخزانة الأدب 9/ 336؛ والدرر 2/ 273؛ والشعر والشعراء 2/ 695؛ ولسان العرب 11/ 575 "قول"، 12/ 456 "فغم"؛ والمقاصد النحوية 2/ 427؛ وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص488؛ وشرح ابن عقيل 227؛ وهمع الهوامع 1/ 157. 356- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 232؛ وأوضح المسالك 2/ 77؛ وتخليص الشواهد ص457؛ والدرر 2/ 275؛ وشرح التصريح 1/ 263؛ وشرح شذور الذهب ص489؛ وشرح شواهد المغني 2/ 969؛ ومغني اللبيب 2/ 692؛ والمقاصد النحوية 2/ 438؛ وهمع الهوامع 1/ 157. 357- البيت من الوافر، وهو للكميت بن زيد في خزانة الأدب 9/ 183، 184؛ والدرر 2/ 276؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 132؛ وشرح التصريح 1/ 263؛ وشرح المفصل 7/ 78، 79؛ والكتاب 1/ 123؛ والمقاصد النحوية 2/ 429؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 363؛ وأوضح المسالك 2/ 78؛ وتخليص الشواهد ص457؛ وخزانة الأدب 2/ 439؛ وشرح شذور الذهب ص490؛ وشرح ابن عقيل ص228؛ والمقتضب 2/ 349؛ وهمع الهوامع 1/ 157. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 وأجري القول كظن مطلقا ... عند سليم نحو قل ذا مشفقا   منطلق، ويقول زيد عمرو منطلق، وأنت تقول زيد منطلق، وأأنت تقول زيد منطلق. تنبيه: زاد السهيلي شرطًا آخر وهو أن لا يتعدى باللام نحو أتقول لزيد عمرو منطلق، وزاد في التسهيل أن يكون حاضرًا. وفي شرحه أن يكون مقصودًا به الحال. هذا كله في غير لغة سليم "وأجرى القول كظن مطلقا" أي ولو مع فقد الشروط المذكورة "عند سليم نحو قل ذا مشفقا" وقوله: 358- قالت وكنت رجلا فطينًا ... هذا لعمر الله إسرائينا   من أمرهم. قوله: "وأأنت تقول زيد منطلق" إنما يتعين فيه الرفع إذا جعل فاعل محذوف يفسره المذكور جاز العمل اتفاقا لتوفر الشروط كذا في التوضيح. واستشكله في التصريح بما نقله عن الموضح في الحواشي من أن الحكم إنما هو للمذكور وأما المضمر فلا عمل له إلا في المشتغل عنه خاصة والعمل فيما عداه لهذا الظاهر وهو لم يتصل بالاستفهام لكن هذا غير متفق عليه فقد صرح بعضهم بأن الحكم للمضمر وذكر الظاهر لمجرد التفسير. قوله: "باللام" لأنها تبعده من الظن. قوله: "أن يكون حاضرا" وعليه فيشترط في الاستفهام أن لا يكون بهل لأنها تخصص المضارع بالاستقبال والذي عليه الأكثر عدم اشتراط الحضور فالاستفهام على إطلاقه، واستدل لما عليه الأكثر بنحو قوله: فمتى تقول الدار تجمعنا بنصب الدار على أنه المفعول الأول وتجمعنا في موضع الثاني فقد عمل تقول مع استقباله لأن متى ظرف مستقبل متعلق به. وبحث فيه الموضح والدماميني وغيرهما بأنا لا نسلم تعلق متى بتقول بل هي متعلقة بتجمعنا فالمستقبل هو الجمع وأما الظن فحال وكون الاستفهام عن القول غير شرط كما مر حتى يتوجه نظر الشيخ خالد بأن الفعل على هذا البحث ليس هو المسؤول عنه. قال الدماميني: فإن قيل المسؤول عنه هو ما يلي أداة الاستفهام فالجواب أن ذلك في الهمزة وأم وهل على ما فيه لأنها أحرف لا موضع لها من الإعراب فأما الأسماء فإنها ترتبط بعواملها أو معمولاتها فذلك هو المسؤول عنه. قوله: "وفي شرحه أن يكون إلخ" ظاهر العبارة أن هذا شرط آخر غير ما ذكره في التسهيل وليس كذلك بل هو تفسير له فيؤول كلام الشارح بأن المعنى وفسره في شرحه بأن يكون إلخ. قوله: "وأجري القول كظن مطلقا عند سليم" وهو يعملونه باقيا على معناه أو لا يعملونه حتى يضمنوه معنى الظن؟ قولان اختار ثانيهما ابن جني، وعلى الأول الأعلم وابن خروف وصاحب البسيط، واستدلوا بقوله قالت وكنت إلخ. ا. هـ. سم، ووجه الاستدلال   358- الرجز لأعرابي في المقاصد النحوية 2/ 425؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص456؛ والدرر 2/ 272؛ وسمط الآلي ص681؛ وشرح التصريح 1/ 264؛ وشرح ابن عقيل ص229؛ ولسان العرب 13/ 323 "فطن"، 459، 460 "يمن"؛ والمعاني الكبير ص646؛ وهمع الهوامع 1/ 157. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيه: على هذه اللغة تفتح أي بعد قلت وشبهه. ومنه قوله: 359- إذا قلت أني آيب أهل بلدة ... وضعت بها عنه الولية بالهجر خاتمة: قد عرفت أن القول إنما ينصب المفعولين حيث تضمن معنى الظن، وإلا فهو وفروعه مما يتعدى إلى واحد، ومفعوله إما مفرد وهو على نوعين: مفرد في معنى الجملة نحو قلت شعرًا وخطبة وحديثًا، ومفرد يراد به اللفظ نحو: {يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60] ، أي يطلق عليه هذا الاسم، ولو كان مبنيا للفاعل لنصب إبراهيم خلافًا لمن منع هذا النوع. وممن أجازه ابن خروف والزمخشري. وإما جملة فتحكى به فتكون في   أنه ليس المعنى على الظن لأن هذه المرأة رأت عند هذا الشاعر ضبا فقالت هذا إسرائين لأنها تعتقد في الضباب أنها من مسخ بني اسرائيل قال ابن عصفور ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون هذا مبتدأ وإسرائين على تقدير مضاف أي مسخ بني إسرائين فحذف المضاف الذي هو الخبر وبقي المضاف إليه على جره بالفتحة لأنه غير منصرف للعلمية والعجمة لأنه لغة في إسرائيل. ا. هـ. تصريح. قوله: "هذا" إشارة إلى ضب صاده الأعرابي قائل هذا البيت والضمير في قالت إلى امرأته إسرائينا أي من ممسوخ بني إسرائين لغة في إسرائيل ومعناه عبد الله. قوله: "على هذه اللغة" مقتضاه عدم الفتح على غير لغة سليم وإن أجرى القول مجرى الظن وهو المنقول عن الكوفيين لقوة إجرائه مجرى الظن عند سليم دون غيرهم، والمنقول عن البصريين الفتح إذا أجرى مجرى الظن على لغة سليم وغيرها. قوله: "تفتح أن" أي جواز لما مر أن الحكاية جائزة حتى مع استيفاء الشروط، وقوله وشبهه أي من بقية تصرفات القول. قوله: "آيب أهل بلدة" أي إلى أهل بلدة اسم فاعل من أبت إلى بني فلان أتيتهم ليلا كذا في شواهد العيني. وفي القاموس أنه بمعنى رجع وضمير عنه يعود إلى الجمل، والولية بفتح الواو وكسر اللام وتشديد التحتية البرذعة. والهجر بفتح الهاء وسكون الجيم ضرورة والأصل فتحها نصف النهار عند اشتداد الحر كما في التصريح وغيره. قوله: "حيث تضمن معنى الظن" المناسب لقوله سابقا وكتظن عملا ومعنى أن يقول حيث كان بمعنى الظن لإيهام عبارته أن القول في هذه الحالة مستعمل في معناه الأصلي أيضا. قوله: "وهو على نوعين" بقي ثالث وهو المفرد الذي مدلوله لفظ نحو قلت كلمة إذا كنت تلفظت بلفظة زيد مثلا صرح به الرضي. قوله: "لمن منع هذا النوع" وجعل إبراهيم في الآية منادى أو خبرا لمبتدأ محذوف. قوله: "وإما جملة" أي ملفوظ بجميع أجزائها أولا كما في: {قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} [الذاريات: 25] ، أي سلمنا سلاما وعليكم سلام. قوله: "فتحكي به" يقتضي اعتبار كونها متلفظا بها قبل هذا   359- البيت من الطويل، وهو للحطيئة في ديوانه ص225؛ وتخليص الشواهد ص459؛ وخزانة الأدب 2/ 440؛ وشرح التصريح 1/ 262؛ والمقاصد النحوية 2/ 432؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 72. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 أعلم وأرى: إلى ثلاثة رأى وعلما ... عدوا إذا صارا أرى وأعلما   موضع مفعوله. والله أعلم. أعلم وأرى: "إلى ثلاثة" من المفاعيل "رأى وعلما" المتعديين إلى مفعولين "عدو إذا" دخلت عليهما همزة النقل و"صار أرى وأعلما" لأن هذه الهمزة تدخل على الفعل الثلاثي فيتعدى بها إلى مفعول كان فاعلًا قبل، فيصير متعديًا إن كان لازمًا، نحو جلس زيد وأجلست زيدًا، ويزاد مفعولًا إن كان متعديًا: نحو لبس زيد جبة، وألبست زيدًا جبة،   الكلام وإلا لم يكن القول حكاية لها وهو كذلك وأما الحكاية به لما لم يتلفظ به قبل وكقول المصنف قال محمد إلخ فعلى طريق المجاز كما مر. واعلم أن الأصل في الحكاية بالقول أن يحكى لفظ الجملة كما سمع وتجوز على المعنى بإجماع، فإذا قال زيد: عمرو منطلق فلك أن تقول: قال زيد عمرو منطلق أو المنطلق عمرو كذا في الهمع. وقال الرضي: فلك أن تقول حكاية عمن قال زيد قائم قال فلان قام زيد وإذا قال زيد: أنا قائم وقلت لعمرو: أنت بخيل فلك أن تقول: قال زيد أنا قائم وقلت لعمرو أنت بخيل رعاية للفظ المحكي وأن تقول: قال زيد هو قائم وقلت لعمرو هو بخيل بالمعنى اعتبار بحال الحكاية فإن زيدا وعمرا فيه غائبان. ا. هـ. وصريح صدر عبارته جواز تغيير الاسمية بالفعلية وهو ما رأيته بخط الشنواني. والظاهر أن العكس كذلك قال في الهمع وتحكى الجملة الملحونة بالمعنى فتقول في قول زيد عمرو قائم بالجر قال زيد عمرو قائم بالرفع وهل تجوز حكايتها باللفظ قولان صح ابن عصفور المنع قال لأنهم إذا جوزوا المعنى في المعربة فينبغي أن يلتزموه في الملحونة. ا. هـ. والوجه عند الجواز إذا كان قصد الحاكي حكاية اللحن. قوله: "في موضع مفعوله" أي المفعول به عند الجمهور والمفعول المطلق النوعي عند غيرهم. أعلم وأرى: كذا في نسخ وفي نسخ أخرى أرى وأعلم ووجهت هذه بأن فيها موافقة الترجمة لما بعدها في الترتيب ووجهت الأولى بأن المخالفة ليتعادل كل من أرى وأعلم إذ لا مزية لإحداهما على الأخرى فليست إحداهما تابعة في العمل للأخرى فليست إحدى النسختين أحسن كما زعمه يس وتبعه البعض. وأصل أرى أرأى قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت الهمزة بعد نقل حركتها إلى الساكن قبلها. قوله: "رأى" ولو حلمية نحو: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} [الأنفال: 43] . قوله: "على الفعل الثلاثي" قيد بذلك لأن غير الثلاثي لا تدخل عليه همزة النقل. قوله: "إن كان متعديا" أي لواحد أو اثنين بقرينة التمثيل. قوله: "وما حقق" قدر المتعلق حقق دون كان أو استقر مثلا لأنه الذي يشعر به قول المصنف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 وما لمفعولي علمت مطلقا ... للثان والثالث أيضًا حققا وإن تعديا لواحد بلا ... همز فلاثنين به توصلا   ورأيت الحق غالبًا، وأراني الله الحق غالبًا، وعلمت الصدق نافعًا، وأعلمني الله الصدق نافعًا "وما" حقق "لمفعولي علمت" ورأيت من الأحكام "مطلقًا للثان والثالث" من مفاعيل أعلم وأرى "أيضًا حققا" فيجو حذفهما معًا اختصارًا إجماعًا، وفي حذف أحدهما اختصارًا ما سبق. ويمتنع حذف أحدهما اقتصارًا إجماعًا، وفي حذفهما معًا اقتصارًا الخلف السابق. ويجوز إلغاء العامل بالنسبة إليهما نحو عمرو أعلمت زيدًا قائم ومنه البركة أعلمنا الله مع الأكابر. وقوله: 360- وأنت أراني الله أمنع عاصم ... وأرأف مستكفى وأسمح واهب وكذلك يعلق بالفعل عنهما نحو: أعلمت زيدًا لعمرو قائم، وأريت خالدًا لبكر منطلق. وأما المفعول الأول فلا يجوز تعليق الفعل عنه ولا إلغاؤه. ويجوز حذفه اختصارًا واقتصارًا "وإن تعديا" أي رأى وعلم "لواحد بلا همز" بأن كانت رأى بصرية وعلم عرفانية   للثان والثالث أيضا حققا. قوله: "مطلقا" حال من ضمير حقق متعلق قوله بمفعولي أو حققا متعلق قوله للثان والثالث، أو صفة لمفعول مطلق أي تحقيقا مطلقا أي عن التقييد بحكم بخصوصه من الأحكام المتقدمة ويحتمل على جعله مرتبطا بحققا متعلق قوله للثان والثالث أن الإطلاق عن التقييد ببعض الأحوال كبناء أعلم ونحوه للمجهول ردا على من اشترطه لجواز الإلغاء والتعليق في هذا الباب ليكون بمنزلة ظننت لفظا في طلب مفعولين. قوله: "للثان والثالث" أي لأن أصلهما المبتدأ والخبر كمفعولي علمت ورأيت. قوله: "فيجوز حذفهما معا" أي مع ذكر الأول أو حذفه بل يجوز حذف الثلاثة ولو اقتصارا ففي التصريح أما حذف الثلاثة فالصواب كما قال الناظم جواز مطلقا لحصول الفائدة إذ الاعلام قد يخلو عنه الشخص فلا يكون كحذف مفعولي ظننت وحينئذٍ فالمتن مخصوص بغير الحذف. قوله: "وفي حذف أحدهما اختصارا ما سبق" أي من الخلاف ووجه القول بالمنع ما في حذف أحدهما من الاقتصار على ما هو كجزء الكلمة كما أوضحناه في الباب السابق. قوله: "وفي حذفهما معا إلخ" قال سم قضيته أن المانع هناك مانع هنا وهو غير لازم لحصول الفائدة هنا بذكر الأول بخلافه هناك على أن الفائدة تحصل بدون ذكر الأول أيضا كما علمت مما مر عن ابن مالك. قوله: "وأنت أراني الله إلخ" الأصل أراني الله إياك أمنع عاصم فلما قدم المفعول الثاني أبدل بضمير الرفع وجعل مبتدأ، والعاصم الحافظ. قوله: "مستكفي" بفتح الفاء كما في العيني أي مطلوبا منه الكفاية. قوله: "ويجوز حذفه" أي مع حذفهما أو ذكرهما وكذا مع حذف   360- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 80؛ والدرر 2/ 277؛ وشرح التصريح 1/ 266؛ وشرح شواهد المغني ص679؛ والمقاصد النحوية 2/ 446؛ وهمع الهوامع 1/ 158. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 والثان منهما كثاني اثني كسا ... فهو به في كل حكم ذو ائتسا وكأرى السابق نبا أخبرا ... حدث أنبأ كذاك خبرا   "فلاثنين به" أي بالهمز "توصلا" لما عرفت، فتقول: أريت زيدًا الهلال، وأعلمته الخبر "والثان منهما" أي من هذين المفعولين "كثاني اثني" مفعولي "كسا" وبابه من كل فعل يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر نحو كسوت زيدًا جبة وأعطيته درهمًا "فهو" أي الثاني من هذين المفعولين "به" أي بالثاني من مفعولي باب كسا "في كل حكم ذو ائتسا" أي ذو اقتداء، فيمتنع أن يخبر به عن الأول، ويجوز الاقتصار عليه وعلى الأول ويمتنع الإلغاء. نعم يستثنى من إطلاقه التعليق، فإن أعلم وأرى هذين يعلقان عن الثاني لأن أعلم قلبية وأرى إن كانت بصرية هي ملحقة بالقلبية في ذلك ومن تعليق أرى عن الثاني قوله تعالى: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: 260] ، "وكأرى السابق"   أحدهما فقط اختصارا على الخلاف. قوله: "فلاثنين به توصلا" اعترض بأن المسموع تعدية علم بمعنى عرف إلى اثنين بالتضعيف نحو: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] ، لا بالهمزة. وأجيب بأن في كلام الشاطبي دلالة على سماع تعديتها بالهمزة إلى اثنين، ولو سلم عدم السماع فالقياس على نحو ألبست زيدا جبة جائز. وتوصلا إما ماض مبني للمجهول أو فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف ويرجح هذا وجود الفاء بدون احتياج إلى تقدير قد عقبها بخلاف الأول. قوله: "لما عرفت" أي في أول الباب. قوله: "اثني مفعولي" الإضافة بيانية. قوله: "فهو به إلخ" أتى به دفعا لما قد يتوهم من أن التشبيه في بعض الأحكام فقط لكن لو قال بدل هذا الشطر: ومن يعلق ههنا فما أسا لكان أحسن كما ستعرفه. قوله: "في كل حكم ذو ائتسا" منه عدم صحة كونه جملة كالمشبه به وكأن هذا حكمة اقتصار الناظم على الثاني لأنه لو شبه المفعولين لمفعولي كسا لتوهم أنه من تشبيه المجموع بالجميع وأنه في غير امتناع كون الثاني جملة بدليل أن الأول لا يكون جملة قاله سم. قوله: "ويجوز الاقتصار عليه وعلى الأول" ويجوز حذفهما معا كما في التصريح وغيره. قوله: "ويمتنع الإلغاء" تقول زيدا الهلال أريت وزيدا الكتابة أعلمت بالاعمال وجوبا، كما تقول: زيدا درهما أعطيت. وإنما امتنع الإلغاء لامتناع الأخبار بالثاني عن الأول. قوله: "ومن تعليق أرى عن الثاني" أي بناء على أن الرؤية هنا بصرية وهو الظاهر، وقيل علمية فلا شاهد فيها لما نحن بصدده وفي التمثيل بالآية لتعليق الفعل بحث لاحتمال أن تكون كيف بمعنى الكيفية لأن كيف تستعمل اسما معربا مجردا عن الاستفهام بمعنى كيفية كما قيل به في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ} [الفجر: 6] ، ويكون مضافا إلى الفعل بعده بتأويله بالمصدر كما في يوم ينفع فالمعنى أرني كيفية إحيائك الموتى، فظهر أن أرني كيفية إحيائك تفسير لكيف برديفه لا تأويله بالمصدر وإن سبك جملة تحيي بإحياء لكونها مضافا إليها أفاده الروداني وتقرير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل فيما عرفت من الأحكام "نبا" وأخبرا" و "حدث" و"أنبأ" و"كذاك خبرا" لتضمنها معناه كقوله: 361- نبت زرعة والشفاهة كاسمها ... يهدي إلي غرائب الأشعار وكقوله: 362- وما عليك إذا أخبرتني دنفا ... وغاب بعلك يومًا أن تعوديني   المصرح وتبعه غير واحد كالبعض البحث بأن جملة كيف تحيي الموتى يحتمل كونها في تأويل مصدر مفعول أرني أي أرني كيفية إحيائك الموتى كما قال الكوفيون وابن مالك في قوله تعالى: {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} [ابراهيم: 45] ، أن التقدير كيفية فعلنا بهم فليست الآية من باب التعليق يرد عليه أن الكيفية ليست مصدرا. قوله: "نبا وأخبرا إلخ" قال شيخ الإسلام اعلم أن نبأ وأنبأ وحدث وأخبر وخبر لم تقع تعديتها إلى ثلاثة مفاعيل في كلام العرب إلا وهي مبنية للمفعول. ا. هـ. وقد وقع في القرآن تعدية نبأ مبنية للفاعل إليها واحد صريح واثنين سد مسدهما أن المكسورة المعلقة باللام ومعمولاها في قوله تعالى: {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ} [سبأ: 7] ، الآية، إلا أن يقال مراد شيخ الإسلام ثلاثة مفاعيل صريحة، وفي الدماميني من ألحق هذه الأفعال بأعلم ليس قائلا بأن الهمزة والتضعيف فيها للنقل إذ لم يثبت في لسانهم ما ينقل عنه ما ذكر وإنما هو من باب التضمين أي تضمينها معنى أعلم، وفي قول الشارح لتضمنها معناه إشارة إلى ذلك، وفي التصريح عن الناظم أن أولى من اعتبار التضمين حمل الثاني منها على نزع الخافض والثالث على الحال وعندي فيه نظر إذ الحال قيد في عاملها على معنى في فيكون التقدير أخبرت زيدا بعمرو في حال كونه قائما فيعطى الكلام تقييد الأخبار بحال قيام عمرو ولا يعطى ما المخبر به من أحوال عمرو مع أن هذا هو المطلوب دون ذاك وانظر ما المانع من كون الهمزة والتضعيف للنقل عن فعل مقدر فإن له نظائر كثيرة فاعرفه. قوله: "نبئت زرعة إلخ" التاء نائب فاعل وهي المفعول الأول وزرعة مفعول ثان وجملة يهدي إلى إلخ مفعول ثالث وجملة والسفاهة كاسمها أي قبيحة اعتراضية عرض الشاعر فيها بذم زرعة الذي كان يسفه عليه في أشعاره. قوله: "وما عليك إلخ" ما للاستفهام الإنكاري أي أي شيء عليك وقوله أن تعوديني أي في أن تعوديني متعلق بما تعلق به عليك. وقول البعض أن   361- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص54؛ وتخليص الشواهد ص467؛ وخزانة الأدب 6/ 315، 333، 334؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 439؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص222؛ وشرح عمدة الحافظ ص252. 362- البيت من البسيط، وهو لرجل من بني كلاب في الدرر 2/ 279؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 443؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص468؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1423؛ وشرح ابن عقيل ص223. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وكقوله: 363- أو منعتم ما تسألون فمن حد ... دثتموه له علينا الولاء؟ وكقوله: 364- وأنبئت قيسًا ولم أبله ... كما زعموا خير أهل اليمن وكقوله: 365- وخبرت سوداء الغميم مريضة ... فأقبلت من أهلي بمصر أعودها تنبيه: دخول همزة النقل وصوغ الفعل للمفعول متقابلان بالنسبة إلى ما ينشأ عنهما، فدخول الهمزة على الفعل يجعله متعديًا إلى مفعول لم يكن متعديًا إليه بدونها، وصوغه للمفعول يجعله قاصرًا عن مفعول كان متعديًا إليه قبل الصوغ، فالذي لا يتعدى إن دخلته همزة النقل تعدى إلى واحد، والمتعدي إلى ثلاثة إذا صغته للمفعول صار متعديًا إلى اثنين، وذو الاثنين يصير متعديًا إلى واحد، وذو الواحد يصير غير متعد، فإن كان المصوغ   تعوديني مفعول لعليك فاسد. قوله: "ما تسألون" بالبناء للمجهول كما قاله شيخنا. قوله: "ولم أبله" أي أجر به كما زعموا أي بلوا كالبلو الذي زعموه. قوله: "سوداء الغميم" سوداء لقب امرأة كانت تنزل بموضع من بلاد غطفان يسمى الغميم بفتح الغين المعجمة واسمها ليلى. وقوله بمصر صفة لأهلي أي الكائنين بمصر وجملة أعودها حال من تاء فأقبلت. قوله: "فالذي لا يتعدى إلخ" تفريع على قوله فدخول الهمزة إلخ ولم يقل والذي يتعدى إلى واحد إن دخلته همزة النقل تعدى إلى اثنين والذي يتعدى إلى اثنين إن دخلته همزة النقل تعدى إلى ثلاثة لتقدم ذلك أول الباب   363- البيت من الخفيف، وهو للحارث بن حلزة في ديوانه ص27؛ وتخليص الشواهد ص468؛ والدرر 2/ 280؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ وشرح القصائد السبع ص469؛ وشرح القصائد العشر ص387؛ وشرح المعلقات السبع ص225؛ وشرح المعلقات العشر ص122؛ وشرح المفصل 7/ 66؛ والمعاني الكبير 2/ 1011؛ والمقاصد النحوية 2/ 445؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص686؛ وشرح ابن عقيل ص223؛ وشرح عمدة الحافظ ص253؛ وهمع الهوامع 1/ 159. 364- البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص75؛ وتخليص الشواهد ص467؛ والدرر 2/ 278؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ ومجالس ثعلب 2/ 414؛ والمقاصد النحوية 2/ 440؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص234؛ وشرح عمدة الحافظ ص251؛ وهمع الهوامع 1/ 159. 365- البيت من الطويل، وهو للعوام بن عقبة "أو عتبة" في الدرر 2/ 278؛ وشرح التصريح 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 442؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص467؛ وخزانة الأدب 11/ 369؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1414؛ وشرح ابن عقيل ص335؛ وشرح عمدة الحافظ ص252؛ وهمع الهوامع 1/ 159. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 الفاعل : الفاعل الذي كمرفوعي أتى ... زيد منيرًا وجهه نعم الفتى   للمفعول من باب أعلم لحق بباب ظن، وإن كان من باب ظن لحق بباب كان، وكالمصوغ للمفعول في ذلك المطاوع. ا. هـ. خاتمة: أجاز الأخفش أن يعامل غير علم ورأى من أخواتهما القلبية الثنائية معاملتهما في النقل إلى ثلاثة بالهمزة، فيقال على مذهبه أظننت زيدًا عمرًا فاضلًا؟ وكذلك أحسبت وأخلت وأزعمت. ومذهبه في ذلك ضعيف لأن المتعدي بالهمزة فرع من المتعدي بالتجرد وليس في الأفعال متعد بالتجرد إلى ثلاثة فيحمل عليه متعد بالهمزة وكان مقتضي هذا أن لا ينقل علم ورأى إلى ثلاثة لكن ورد السماع بنقلهما فقبل، ووجب أن لا يقاس عليهما ولا يستعمل استعمالهما إلا ما سمع، ولو ساغ القياس على علم أو رأى لجاز أن يقال ألبست زيدًا عمرًا ثوبًا، وهذا لا يجوز إجماعًا، والله أعلم. الفاعل: "الفاعل" في عرف النحاة هو الاسم "الذي" أسند إليه فعل تام أصلي الصيغة أو   وإنما ذكر القسم الأول مع تقدمه هناك أيضا توطئة لقوله والمتعدي إلى ثلاثة إلخ. قوله: "لحق بباب ظن" أي في التعدي إلى اثنين لا في سائر الأحكام كما هو ظاهر فلا يقال المفعولان في باب ظن لا يجوز حذفهما اقتصارا لعدم الفائدة كما تقدم بخلافه هنا. قوله: "المطاوع" هو الدال على أثر فاعل فعل آخر ككسرته فانكسر فمطاوع المتعدي إلى ثلاثة متعد إلى اثنين كأعلمته الصدق نافعا فعلمه نافعا، ومطاوع المتعدي إلى اثنين متعد إلى واحد كعلمته الحساب فتعلمه، ومطاوع المتعدي إلى واحد لازم ككسرته فانكسر. قوله: "الثنائية" أي التعدية إلى اثنين أما غير الثنائية من القلبية كفهم وحزن فلا يعامل معاملة علم ورأى في النقل إلى ثلاثة بالهمزة اتفاقا وإن كان منه ما ينقل بها إلى اثنين كفهم وإلى واحد كحزن. قوله: "بالتجرد" أي من الهمزة والتضعيف. قوله: "فيحمل" أي يقاس بالنصب في جواب النفي. قوله: "ووجب أن لا يقاس عليهما" لأن الخارج عن القياس لا يقاس عليه. قوله: "لجاز أن يقال ألبست إلخ" فيه أن نحو ما ذكر لا يجوز ولو جوزنا القياس على أعلم وأرى لأن ليس متعد لواحد فالهمزة إنما تعديه إلى الثاني فقط فكان الأولى أن يقول لجاز أن يقال أكسوت زيدا عمرا جبة. الفاعل: قوله: "في عرف النحاة" وأما في اللغة فمن أوجد الفعل. قوله: "أسند إليه فعل" أي على وجه الإثبات أو النفي أو التعليق أو الإنشاء فدخل الفاعل في لم يضرب وإن ضرب زيد وهل قام زيد والمتبادر من الإسناد الإسناد أصالة فخرج من التوابع البدل والمعطوف بالحرف لأن الإسناد فيهما تبعي قال يس على أنا لا نسلم الإسناد في البدل بناء على أن عامله مقدر من جنس الأول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مؤول به "كمرفوعي" الفعل والصفة من قولك "أتى زيد منيرًا وجهه نعم الفتى" فكل من زيد والفتى فاعل لأنه أسند إليه فعل تام أصلي الصيغة، إلا أن الأول متصرف والثاني جامد، ووجهه فاعل لأنه أسند إليه مؤول بالفعل المذكور وهو منيرًا: فالذي أسند إليه فعل يشمل الاسم الصريح كما مثل والمؤول به نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51]   قال شيخنا أي فالمذكور لم يسند إليه أصلا وكلامنا فيه لا في المقدر. ا. هـ. وأما بقية التوابع فلا إسناد فيها والمراد الإسناد ولو غير تام فيدخل فاعل المصدر وفاعل اسم الفاعل. قوله: "تام" قال الشرح في شرحه على التوضيح لا حاجة إلى هذا القيد لأن المخرج به وهو اسم كان خرج بقيد أسند إليه فعل لأن اسم كان لم يسند إليه كان لأن معناه ليس منسوبا إليه وإنما هو منسوب إلى مضمون الجملة. ا. هـ. وفيه نظر يعلم مما قدمناه في باب كان وأخواتها. قوله: "أصلي الصيغة" المراد بأصالتها عدم تحويلها إلى صيغة ما لم يسم فاعله لا عدم التصرف فيها مطلقا حتى يعترض بخروج فاعل نعم وفاعل شهد بفتح فسكون أو بكسر أو بكسرتين لأن الفعل فيهما ليس أصلي الصيغة لأن الصيغة الأصلية بفتح فكسر، نعم لو قال على طريقة فعل لكان أوضح والصيغة كما قال اللقاني كيفية تعرض لحروف الكلمة باعتبار حركاتها وسكناتها وتقدم بعضها على بعض. قوله: "أو مؤول به" أي الفعل كما مشى عليه الشارح فيما يأتي ومعنى كونه مؤولا بالفعل كونه بمعناه وحالا محله فدخل اسم الفعل. قوله: "كمرفوعي أتى" فاعلي أتى ونعم واحدا كما أشار إليه الشارح لأن الرافع في كل فعل. قوله: "الصريح" المراد به ما قابل المؤول بقرينة المقابلة فدخل فيه الضمير في نحو قاما وقم. قوله: "والمؤول به" أي لوجود سابك ولو تقديرا وهو هنا أن المفتوحة وأن الناصبة للفعل وما دون كي ولو فلا يؤول الفاعل بالاسم من غير سابك عند البصريين وإنما يقدر منه أن الساكنة النون لعدم ثبوت تقدير غيرها كذا في التصريح واستثنى الدماميني باب التسوية إن جعلنا سواء في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 6] ، خبرا وما بعده فاعلا وظاهر كلام الشارح أن الفاعل لا يكون جملة وهو كذلك على مذهب البصريين المختار. وقيل تقع فاعلا مطلقا نحو يعجبني يقوم زيد وظهر لي أقام زيد بدليل. {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} [يوسف: 35] ، {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} [إبراهيم: 45] ، ولا حجة فيهما أما الأول فلاحتمال أن يكون فاعل بدا ضميرا مستترا فيه راجعا إلى المصدر المفهوم منه والتقدير ثم بدا لهم بداء كما جاء مصرحا به في قوله: بدا لي من تلك القلوص بداء وجملة ليسجننه جواب قسم محذوف ومجموع القسم وجوابه مفسر لذلك البداء ولا يمنع من هذا كون القسم إنشاء لأن المفسر هنا في الحقيقة المعنى المتحصل من الجواب الذي هو خبر وهذا المعنى هو سجنه عليه الصَّلاة والسَّلام فهذا هو البداء الذي بدا لهم كذا في المغني. وأما الثاني فلما يأتي. وقيل تقع إن علق عنها فعل قلبي بمعلق. وقال الدماميني تبعا للمغني إن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والتقييد بالفعل يخرج المبتدأ، وبالتام نحو اسم كان، وبأصلي الصيغة النائب عن الفاعل، وذكر أو مؤول به لإدخال الفاعل المسند إليه صفة كما مثل أو مصدر أو اسم فعل أو ظرف أو شبهه. تنبيه: للفاعل أحكام أعطى الناظم منها بالتمثيل البعض وسيذكر الباقي: الأول الرفع وقد يجر لفظه بإضافة المصدر نحو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ} [البقرة: 251] ، أو اسمه نحو: "من قبلة الرجل امرأته الوضوء"، أو بمن أو الباء الزائدتين نحو: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} [المائدة: 19] ، ونحو: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79] ،   كان التعليق بالاستفهام كالمثال الثاني والآية الثانية لأن الإسناد حينئذٍ في الحقيقة إلى مضاف محذوف لا إلى الجملة إذ المعنى ظهر لي جواب أقام زيد وهذا التقدير لا بد منه دفعا للتناقض إذ ظهور الشيء مناف للاستفهام عنه. ا. هـ. فالأقوال أربعة وصرح بعضهم بأن إسناد الفعل إى الجملة عند من جوزه إنما هو باعتبار مضمونها. قوله: "يخرج المبتدأ" أورد عليه أنه يدخل في قوله أو مؤول به فإن زيد من زيد قائم أسند إليه مؤول بالفعل. وأجاب سم بأن المتبادر من قوله أسند إليه فعل أو مؤول به ما يكون المسند فيه ما ذكر فقط ولا كذلك زيد قائم فإن المسند اسم الفاعل مع الضمير المستتر فيه. قوله: "وبأصلي الصيغة النائب عن الفاعل" ومن يسميه فاعلا بحذف هذا القيد كما أن من يسمى اسم كان فاعلا يحذف قيد التمام وكلام الشارح مبني على الصحيح أن صيغة المجهول فرع صيغة المعلوم أما على القول بأنها صيغة أصلية فيحتاج إلى إبدال قولنا أصلي الصيغة بقولنا على طريقة فعل. قوله: "صفة" المراد بها ما يشمل اسم الفاعل واسم التفضيل وأمثلة المبالغة والصفة المشبهة ومن الصفة الجامد المؤول بالمشتق كأسد بمعنى شجاع. قوله: "أو مصدر" لعله أراد به ما يشمل اسم المصدر، فالمصدر نحو أعجبني ضرب زيد الأمير واسمه نحو أعجبني عطاء المال عمرو، واسم الفعل نحو هيهات نجد، والظرف نحو أعندك زيد، وشبهه هو الجار والمجرور نحو: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} [إبراهيم: 10] ، وهذا إن بحسب الظاهر وإلا ففي الحقيقة العامل في الفاعل متعلق الظرف وشبهه. قوله: "أحكام" أي سبعة بحسب ما ذكره المصنف والشارح لكن من أحكامه ما لم يذكراه كوحدته فلا يتعدد فالفاعل في نحو اختصم زيد وعمرو المجموع إذ هو المسند إليه فلا تعدد إلا في أجزائه لكن لما لم يقبل المجموع من حيث هو مجموع الإعراب جعل في أجزائه. وأما قوله: فتلقفها رجل رجل فالأصل فتلقفها الناس رجلا رجلا أي متناوبين فحذف الفاعل وأقيم الحال مقامه. قوله: "بإضافة المصدر" أي بالمصدر المضاف أو الباء سببيه ليجري كلامه على الأصح من أن العامل المضاف وما ذكره الشارح من تسمية المجرور بالمصدر أو الحرف الزائد فاعلا هو المشهور. وذهب بعضهم إلى أن المجرور بالمصدر وبالحرف الزائد أو شبهه لايسمى فاعلا اصطلاحا. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 366- ألم يأتيك والأنباء تنمى ... بما لاقت لبون بني زياد ويقضي حنيئذ بالرفع على محله حتى يجوز في تابعه الجر حملًا على اللفظ والرفع حملًا على المحل نحو ما جاءني من رجل كريم وكريم. وما جاءني من رجل ولا امرأة ولا امرأة، فإن كان المعطوف معرفة تعين رفعه نحو ما جاءني من عبد ولا زيد لأن شرط   "بمن أو الباء الزائدتين" مثلهما اللام الزائدة نحو: "هيهات هيهات لما توعدون". قوله: "بما لاقت" فالباء زائدة وما فاعل يأتيك وجملة الأنباء تنمى أي تشيع حالية. قوله: "على محله" جرى على أحد القولين مبني على عدم اختصاص المحلي بالمبنيات والجمل. وأيد بعدم لزوم اجتماع حركتي إعراب في آخر الكلمة وهذا قول الأكثر والثاني أنه تقديري لا محلي بناء على اختصاص المحلي بهما. وأيد بقول الرضي معنى كون الكلمة معربة بكذا محلا أنها في موضع لو كان فيه اسم معرب كان إعرابه كذا لاقتضائه أن المحلي لا يكون في المعرب. كما هنا وفرقهم بين المحلي والتقديري بأن المانع في المحلي قائم بجملة الكلمة وفي التقديري بالحرف الأخير منها لقيام المانع هنا بالحرف الأخير. ويمكن إجراء كلام الشارح على هذا القول بأن يراد بالمحلي ما قابل اللفظي. قوله: "حتى يجوز" حتى ابتدائية فالفعل مرفوع بعدها لكن جواز رفع التابع مخصوص بالفاعل المجرور بالحرف الزائد دون المجرور بالمصدر قاله البعض، ثم فرق بفرق أحسن منه أن يقال الفرق ضعف الجار في الأول لكونه حرفا زائدا وقوته في الثاني، لكن في حاشية شيخنا أن ما أضيف إليه المصدر أو اسمه يجوز في تابعه الرفع والجر ولو كان معرفة. ا. هـ. وهذا هو الذي سيصرح به المصنف في باب المصدر بقوله: وجر ما يتبع ما جرّ ومن ... راعى في الاتباع المحل فحسن فانظر من أين أتى للبعض ما قاله. قوله: "فإن كان المعطوف" أي على المجرور بمن وكذا إذا كان المعطوف نكرة والعطف ببل أو لكن لأنهما بعد النفي والنهي لإثبات الحكم لما بعدهما   366- البيت من الوافر، وهو لقيس بن زهير في الأغاني 17/ 131؛ وخزانة الأدب 8/ 359، 361، 362، والدرر 1/ 162؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 340؛ وشرح شواهد الشافية ص408؛ وشرح شواهد المغني ص328، 808؛ والمقاصد النحوية 1/ 230؛ ولسان العرب 14/ 14 "أتى"؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص103؛ والأشباه والنظائر 5/ 280؛ والإنصاف 1/ 30؛ وأوضح المسالك 1/ 76؛ والجني الداني ص50؛ وجوهر الأدب ص50؛ وخزانة الأدب 9/ 524؛ والخصائص 1/ 333، 337؛ ورصف المباني ص149؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 87، 2/ 631؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 184؛ وشرح المفصل 8/ 24، 10/ 104؛ والكتاب 3/ 316؛ ولسان العرب 5/ 75 "قدر" 14/ 324 "رضي" 14/ 434 "شظي"، 15/ 492 "يا"؛ والمحتسب 1/ 67، 215؛ ومغني اللبيب 1/ 108، 2/ 387؛ والمقرب 1/ 50، 203؛ والممتع في التصريف 2/ 537؛ والمنصف 2/ 81، 114، 115؛ وهمع الهوامع 1/ 52. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   جر الفاعل بمن أن يكون نكرة بعد نفي أو شبهه. الثاني كونه عمدة لا يجوز حذفه لأن الفعل وفاعله كجزأي كلمة لا يستغنى بأحدهما عن الآخر، وأجاز الكسائي حذفه تمسكًا بنحو قوله: 367- فإن كان لا يرضيك حتى تردني ... إلى قطري لا إخالك راضيا   نعم إن قصد ببل نقل النفي لما بعدها كما جوزه المبرد وعبد الوارث جاز الجر فيما يظهر. قوله: "جر الفاعل بمن" بخلاف الباء واللام الزائدتين. قوله: "كونه عمدة لا يجوز حذفه" عد الشارح هنا كونه عمدة وكونه لا يجوز حذفه حكما واحدا وعدهما في باب النائب عن الفاعل حكمين وهو ظاهر ولعل وجه ما هنا أن العمدية لازمة لعدم جواز الحذف غالبا فتأمل. قوله: "لا يجوز حذفه" أي بدون رافعه أما معه فيجوز لدليل كما في التسهيل. ويستثنى من عدم جواز حذفه خمسة أبواب: بناء الفعل للمجهول نحو ضرب عمرو، والمصدر نحو ضربا زيدا أو اطعام في يوم بناء على ما ذكروه من عدم تحمله الضمير لجموده، وذهب السيوطي إلى أنه في مثل ذلك يتحمل لأن الجامد إذا أول بمشتق تحمل، وضربا زيدا في معنى اضرب وإطعام في معنى أن يطعم وهذا تأويل بمشتق والفعل المؤكد بالنون في نحو: {وَلَا يَصُدُّنَّكَ} [القصص: 78] ، وكون الفاعل فيه محذوفا لعلة فهو كالثابت لا يمنع كونه محذوفا بل يقرره فلا معنى لاعتراض البعض بذلك والتعجب نحو: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: 38] ، أي بهم فحذف فاعل الثاني، والاستثناء المفرغ نحو ما قام إلا زيد الأصل ما قام أحد إلا زيد وفي استثناء هذين نظر أما التعجب فلاحتمال أن الفاعل ضمير استتر حين حذفت الباء لا محذوف، ولو سلم أنه محذوف فهو فضلة لفظا فكان المحذوف غير فاعل، ثم رأيت شيخنا السيد نقل في باب التنازع عن الدماميني ما نصه على مذهب سيبويه والبصريين يجوز أحسن وأجمل بزيد على أن يكون الأصل أحسن به ثم حذفت الباء لدلالة الثانية عليها ثم اتصل الضمير واستتر كما استتر الثاني في قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: 38] . ا. هـ. وهو نص فيما قلناه أولا فللَّه الحمد. وأما الاستثناء المفرغ فلأن الفاعل اصطلاحا هو ما بعد إلا وهو مذكور كون الأصل ما قام أحد الا زيد هو بالنظر إلى المعنى ونظر النحاة إلى الألفاظ. قال يس وبقي سادس وهو ما قام وقعد إلا زيد لأنه من الحذف لا من التنازع لأن الإضمار في أحدهما يفسد المعنى لاقتضائه نفي الفعل عنه وإنما هو منفي عن غيره مثبت له. ا. هـ. وقد يقال يضمر في أحدهما مع الإتيان بإلا أخرى فلا يرد ما قاله فتأمل. قوله: "لأن الفعل وفاعله إلخ" مقتضاه أنه لا يجوز حذف الفعل مع أنه يجوز لقرينة، فالأولى أن يعلل بأن مدلول الفعل عرض قائم بمدلول الفاعل فلو حذف لزم شبه قيام العرض   367- البيت من الطويل، وهو لسوار بن المضرب في شرح التصريح 1/ 272؛ والمقاصد النحوية 2/ 451؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 90؛ وخزانة الأدب 10/ 479؛ والخصائص 2/ 433؛ وشرح المفصل 1/ 80، والمحتسب 2/ 192. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 وبعد فعل فاعل فإن ظهر ... فهو وإلا فضمير استتر   وأوله الجمهور على أن التقدير فإن كان هو أي ما نحن عليه من السلامة. الثالث وجوب تأخيره عن رافعه، فإن وجد ما ظاهره تقدم الفاعل وجب تقدير الفاعل ضميرًا مستترًا، وكون المقدم إما مبتدأ كما في نحو زيد قام وإما فاعلًا محذوف الفعل كما في نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] ، ويجوز الأمران في نحو: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: 6] ، و {أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} [الواقعة: 59] ، والأرجح الفاعلية لما سيأتي في باب الاشتغال، وإلى هذا الثالث الإشارة بقوله: "وبعد فعل" أي وشبهه "فاعل" فاعل   بنفسه. هكذا ينبغي تقرير هذا التعليل لا كما قرره البعض. قوله: "تمسكا بنحو قوله فإن كان إلخ" أي حيث حذف اسم كان كان وهو فاعل مجازا وفاعل يرضيك أيضا وإن لم يتعرض له الشارح في التأويل اكتفاء بالتعرض لاسم كان. وحتى للغاية بمعنى إلى كما في العيني. وقطري بفتح القاف والطاء رجل خارجي. قوله: "على أن التقدير فإن كان هو" أي فالفاعل ضمير مستتر عائد على معلوم من المقام لا محذوف. قوله: "وجوب تأخيره" أي عند البصريين دون الكوفيين ولهذا يجيزون فاعلية زيد في زيد قام كما سيذكره الشارح. قوله: "كما في نحو وإن أحد إلخ" أي على الأصح من أن جملة الشرط لا تكون إلا فعلية وجوّز الكوفيون كونها اسمية فأجازوا كون أحد مبتدأ مخبرا عنه بالفعل بعده وسوغ الابتداء به وقوعه بعد الشرط ونعته بالجار والمجرور بعده. قوله: "لما سيأتي" من أن الأصل في الاستفهام أن يكون عما يتجدد والمفيد لذلك أصالة الفعل فالغائب دخول الاستفهام على الجملة الفعلية واعترض ترجيح الفاعلية في الآية الثانية بأن مرجح الفعلية فيها وهو الاستفهام عارضه مرجح الاسمية وهو عطف أم نحن الخالقون لاقتضائه اسمية المعطوف عليه ليتناسب المتعاطفان فتساقطا. ودفعه الروداني بأن مرجح الفعلية أقوى لأنه أمر معنوي كما عرفت بخلاف مرجح الاسمية فإنها مجرد مناسبة لفظية فلا تعارض لأنه لا يكون إلا بين متساويين. قوله: "وبعد فعل فاعل" أي بعد كل فعل فاعل فالنكرة للعموم كما في علمت نفس ويستثنى الفعل المكفوف بما كقلما وكثر ما وطالما كذا قالوا. قال الشاطبي وهو غير متعين في قلما لأنها تستعمل للنفي المحض فيمكن أن تكون حرفا نافيا كما فلا تطلب فاعلا وقوله تستعمل للنفي المحض أي غالبا وقد تستعمل لإثبات الشيء القليل كما قاله الرضي وعندي أن ما مصدرية هي وما بعدها في تأويل مصدر فاعل ثم رأيته في المغني عن بعضهم وذكر فيه أن الفعل المكفوف بما لا يليه إلا جملة فعلية صرح بفعلها وأن إيلاؤها فعلا مقدرا يفسره المذكور في قول الشاعر: صددت فأطولت الصدود وقلما ... وصال على طول الصدود يدوم ضرورة. وقيل هو من تقديم الفاعل على فعله للضرورة. ويستثنى أيضا الفعل المؤكد كما في "أتاك أتاك اللاحقون" وكان الزائدة على الصحيح قاله ابن هشام. قوله: "أي وشبهه" وإنما خص الفعل بالذكر لأنه الأصل ويحتمل أن المراد الفعل اللغوي أي وبعد مفهوم فعل إلخ فلا اقتصار في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مبتدأ خبره في الظرف قبله، أي يجب أن يكون الفاعل بعد الفعل "فإن ظهر" في اللفظ نحو قام زيد والزيدان قاما "فهو" ذاك "وإلا" أي وإن لم يظهر في اللفظ "فضمير" أي فهو ضمير "استتر" نحو قم وزيد قام وهند قامت لما مر من أن الفعل وفاعله كجزأي كلمة، ولا يجوز تقديم عجز الكلمة على صدرها، وأجاز الكوفيون تقدم الفاعل مع بقاء فاعليته تمسكًا بقول الزباء: 368- ما للجمال مشيها وئيدا ... أجندلًا يحملن أم حديدا   كلامه. قوله: "فاعل مبتدأ" والمسوغ للابتداء بالنكرة وقوع الخبر ظرفا مختصا إذ المراد باختصاصه كما مر في محله عن الشمني أن يكون ما أضيف إليه الظرف صالحا لأن يبتدأ به وهو هنا كذلك، لأن المراد كما أسلفناه وبعد كل فعل وكل فعل صالح لأن يبتدأ به فهو مختص بالمعنى المذكور وإن كان عاما فلا تغفل. قوله: "فإن ظهر" أي الفاعل في المعنى أي داله والمراد بالفاعل في المعنى المحكوم عليه بالفعل فهو ذاك أي الفاعل في الاصطلاح فلا اتحاد بين الشرط والجزاء معنى كذا قال المرادي. وفيه أن مرجع الضمير الفاعل في قوله وبعد فعل فاعل والمراد به الاصطلاحي إذ هو المتكلم عليه هنا ولأنه الواجب التأخير عن الفعل. اللهم إلا أن يرتكب الاستخدام ثم التقسيم إلى ظاهر وضمير فيما عدا مواضع حذف الفاعل فلا اعتراض على قوله وإلا فضمير استتر بأنه لا يلزم من عدم ظهوره استتاره لجواز أنه محذوف فاعرفه فإنه أحسن مما ارتكبه غير واحد هنا. قوله: "لما مر إلخ" علة لقوله أي يجب أن يكون الفاعل إلخ. قوله: "وأجاز الكوفيون تقدم الفاعل إلخ" فلا يضر عندهم عدم تميز المبتدأ من الفاعل في نحو زيد قام. وتظهر ثمرة الخلاف في التثنية والجمع فنحو الزيدان قام والزيدون قام جائز عند الكوفيين ممتنع عند البصريين وفي كلام الدماميني ما يفيد أن من المانعين للتقدم من يخص منعه بالاختيار حيث قال نص الأعلم وابن عصفور في قول الشاعر: صددت فأطولت الصدود وقلما ... وصال على طول الصدود يدوم على رفع وصال بيدوم وقدم للضرورة وهو ظاهر كلام سيبويه فقد تحقق تقديم الفاعل على رافعه في الجملة. ا. هـ. وكذا في التصريح. قوله: "تمسكا بقول الزباء" ملكة الجزيرة حيث رفع مشيها فاعلا للحال أعني وئيدا ولا يجوز كونه مبتدأ لعدم وجود خبر له وما للجمال مبتدأ وخبر والوئيد صفة مشبهة من التؤدة وهي التأني والجندل الحجر وإنما لم يجعل مشبها فاعلا للجار   368- الرجز للزباء في أدب الكاتب ص200، والأغاني 15/ 256؛ وأوضح المسالك 2/ 86؛ وجمهرة اللغة ص724، 1237؛ وخزانة الأدب 7/ 295؛ والدرر 2/ 281؛ وشرح التصريح 1/ 371؛ وشرح شواهد المغني 2/ 912؛ وشرح عمدة الحافظ ص179؛ ولسان العرب 3/ 443 "وأد"؛ ومغني اللبيب 2/ 581؛ وللزباء أو الخنساء في المقاصد النحوية 2/ 448؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 159. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 وجرد الفعل إذا ما أسندا ... لاثنين أو جمع كفاز الشهدا وقد يقال سعدا وسعدوا ... والفعل للظاهر بعد مسند   وأوله البصريون على أن مشيها مبتدأ محذوف الخبر والتقدير مشيهًا يكون أو يوجد وئيدًا. وقيل ضرورة وقد روي مثلثًا: الرفع على ما ذكرنا، والنصب على المصدر أي تمشي مشيها، والخفض بدل اشتمال من الجمال "وجرد الفعل" من علامة التثنية والجمع "إذا ما أسندا لاثنين" كفاز الشهيدان ويفوز الشهيدان "أو جمع كفاز الشهدا" ويفوز الشهداء وفازت الهندات وتفوز الهندات. هذه اللغة المشهورة "وقد يقال" على لغة قليلة "سعدا" الزيدان ويسعدان الزيدان "وسعدوا" العمرون ويسعدون العمرون. وسعدن الهندات ويسعدن الهندات. ومن ذلك قوله: 369- تولى قتال المارقين بنفسه ... وقد أسلماه مبعد وحميم   والمجرور لاعتماده على الاستفهام لأن الجار والمجرور على هذا التقدير رافع للاسم الظاهر فلا ضمير فيه يرجع إلى ما فتخلو الجملة الخبرية عن رابط والتقدير تكلف. قوله: "محذوف الخبر" أي وجوبا لسد الحال مسده وأورد عليه المغني أنه تخريج على شاذ لعدم استكمال شروط حذف الخبر وسد الحال مسده لأن هذه الحال تصلح خبرا عن المبتدأ. قوله: "وقيل ضرورة" قائل ذلك وهو بعض البصريين لا يطلق منع تقديم الفاعل بل يخصه بالسعة كما مر فلا يقال هذا القول لا يظهر لأن البصريين يمنعون مطلقا والكوفيون يجيزون مطلقا. قوله: "على ما ذكرنا" أي من الوجهين. قوله: "وجرد الفعل" هذا هو الحكم الرابع ومثل الفعل الوصف كما قاله ابن هشام ففي قوله الفعل ما تقدم في قوله وبعد فعل. قوله: "لاثنين" أي لدال اثنين أو جمع أي دال جمع ولو بطريق العطف فيهما على الصحيح نحو ما قاما زيد وعمرو، وقاموا زيد وعمرو وبكر. ومنع أبو حيان أن يقال على هذه اللغة جاءوني من جاءك لأنها لم تسمع في ذلك، وضعفه في المغني بأنه إذا كان سبب لحاق الواو بيان جمعية الفاعل كان لحاقها هنا أولى لخفاء الجمعية قال وقد جوز الزمخشري في: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: 87] ، كون من فاعلا والواو علامة. قوله: "على لغة قليلة" في الدماميني ينبغي على هذه اللغة ترك العلامة جوازا في قولك قام اليوم أخواك ووجوبا في قولك ما قام إلا أخوك كما يفعل في علامة التأنيث أي على أحد القولين في الفصل بإلا كما يأتي وإنه إذا قيل قاما وقعدا أخواك فإنه يتصل بكل من الفعلين ألف إلا أنها في المهمل ضمير وفي المعمل علامة، وجوز في المغني في قوله تعالى:   369- البيت من الطويل، وهو لعبد الله بن قيس الرقيات في ديوانه ص196؛ وتخليص الشواهد ص473؛ والدرر 2/ 282؛ وشرح التصريح 1/ 277؛ وشرح شواهد المغني 2/ 784، 790؛ والمقاصد النحوية 2/ 461؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 106؛ والجني الداني ص175؛ وجواهر الأدب ص109؛ وشرح شذور الذهب ص227؛ وشرح ابن عقيل ص239؛ ومغني اللبيب 2/ 367، 371؛ وهمع الهوامع 1/ 160. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 370- نسيا حاتم وأوس لدن فا ... ضت عطاياك يابن عبد العزيز وقوله: 371- نصروك قومي فاززت بنصرهم ... ولو أنهم خذلوك كنت ذليلا وقوله: 372- يلومونني في اشتراء النخـ ... ـيل أهلي فكلهم يعذل وقوله: 373- رأين الغواني الشيب لاح بعارضي ... فأعرضن عني بالخدود النواضر ويعبر عن هذه اللغة بلغة أكلوني البراغيث، وعليها حمل الناظم قوله عليه الصلاة   {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا} كثير منهم تنازع العاملين في الظاهر وجعل الواو فيهما علامة وتقدير ضمير مستتر في المهمل. قال وهذا أعني وجوب استتار الضمير في فعل الغائبين من غرائب العربية. ا. هـ. قيل مما جاء على هذه اللغة قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: ُ"أَوَمخرجي هم" والمناسب أن يكون هم مبتدأ مؤخرا ومخرجي خبرا مقدما فيكون على اللغة الفصحى التي هي لغته صلى الله عليه وسلّم وقد قال الناظم سابقا: والثان مبتدأ وذا الوصف خبر ... إن في سوى الإفراد طبقا استقر قوله: "تولى" أي مصعب بن الزبير. والمارقين الخارجين. أسلماه أي خذلاه وأسلماه إلى عدوه. والمبعد قال في التصريح اسم مفعول من الإبعاد والمراد به الأجنبي من للنسب. ا. هـ. والظاهر أنه يصح كونه اسم فاعل من أبعد بمعنى تباعد مرادا به غير الصاحب والحميم القريب كما في التصريح أو الصاحب الذي يهتم بصاحبه كما في غيره والبيت رثاء فيه بعد موته. قوله: "أكلوني البراغيث" عبر بأكلوني مع أن حقها أكلتني أو أكلنني لأن الواو للعقلاء سواء كانت ضميرا أو علامة جمع تشبيها لها بهم من حيث فعلها فعلهم من الجور والتعدي المعبر عنه   370- البيت من الخفيف. 371- البيت من الكامل. 372- البيت من المتقارب، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص48؛ والدرر 2/ 283؛ وشرح التصريح 1/ 276؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 363؛ وأوضح المسالك 2/ 100؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 629؛ وشرح شواهد المغني 2/ 783؛ وشرح ابن عقيل ص239؛ وشرح المفصل 3/ 87، 7/ 7؛ ومغني اللبيب 2/ 365؛ والمقاصد النحوية 2/ 460؛ وهمع الهوامع 1/ 160. 373- البيت من الطويل، وهو لمحمد بن عبد الله العتبي في الأغاني 14/ 191؛ وتخليص الشواهد ص474؛ والمقاصد النحوية 2/ 473؛ ولمحمد بن أمية في العقد الفريد 3/ 43؛ وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص229؛ وشرح ابن عقيل ص240. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والسلام: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار" أخرجه مالك في الموطأ. ثم قال لكنني أقول في حديث مالك أن الواو فيه علامة إضمار لأنه حديث مختصر. رواه البزار مطولًا مجردًا فقال: "إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم" وحكى بعض النحويين أنها لغة طيئ، وبعضهم أنها لغة أزدشنوءة "والفعل" على هذه اللغة ليس مسندًا لهذه الأحرف بل هو "الظاهر بعد مسند" وهذه أحرف دالة على تثنية الفاعل وجمعه كما دلت التاء في قامت هند على تأنيث الفاعل. ومن النحويين من يحمل ما ورد من ذلك على أنه خبر مقدم ومبتدأ مؤخر. ومنهم من يحمله على إبدال الظاهر من المضمر وكلا الحملين غير ممتنع فيما سمع من غير أصحاب هذه اللغة. ولا يجوز حمل جميع ما جاء من ذلك على الإبدال أو التقديم والتأخير؛ لأن الأئمة المأخوذ عنهم هذا الشأن اتفقوا على أن قومًا من العرب يجعلون هذه الأحرف علامات للتثنية والجمع، وذلك بناء منهم على أن من العرب من يلتزم مع تأخير الاسم الظاهر الألف في فعل الاثنين، والواو في جمع المذكر، والنون في فعل جمع المؤنث، فوجب أن تكون عند هؤلاء حروفًا وقد لزمت للدلالة على التثنية   بالأكل مجازا كذا في شرح الجامع والمغني. قوله: "يتعاقبون" أي تأتي طائفة عقب طائفة. قوله: "ثم قال لكنني أقول إلخ" تبع فيه المرادي. قال الشيخ يحيى هذا كلام السهيلي وأما الناظم فاستدل به على تلك اللغة فالشارح خلط الكلامين. قوله: "لأنه حديث مختصر" أي من الراوي يعني أن الراوي اختصر اللفظ النبوي الذي هو الحديث المطول بحذف صدره واللفظ النبوي: "إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار" فالواو في يتعاقبون ضمير يرجع إلى ملائكة السابق، وقوله ملائكة بالليل إلخ بيان لما أجمل في ملائكة السابق وهكذا الحال بعد الاختصار فالواو في المتختصر عائدة على ملائكة الأولى المحذوفة قاله البهوتي دافعا به بحث سم بأن اللفظ المختصر يتعين كون الواو فيه حرفا لإسناد الفعل إلى الظاهر أي فلا يتم الجواب بالاختصار ولا يخفى ما في كلام البهوتي من البعد فتأمل. قوله: "رواه البزار" ومثل ما رواه البزار في صحيح البخاري. قوله: "مجردا" أي من علامة الجمع الموجودة مع الاسم الظاهر لعدم إسناده إلى الظاهر بل إلى الضمير. قوله: "فقال إن لله ملائكة إلخ" لم يذكر تمام الحديث لأخذه مما سبق. قوله: "أزدشنوءة" حي من اليمن ويقال أيضا أسد شنوءة بالسين المهملة بدل الزاي، وقد وجد هكذا في بعض نسخ الشارح. قوله: "للظاهر" أو الضمير المنفصل في نحو ما قاما إلا هما وإنما قاما هما. قوله: "حمل جميع ما جاء إلخ" أي ما سمع من أصحاب هذه اللغة وما سمع من غيرهم. قوله: "كما لزمت التاء إلخ" الفرق بينها وبين علامتي التثنية والجمع على مذهب جمهور العرب أنهما قد يتوهم فاعليتهما لوجود الفاعل على صورتهما بخلافها وأيضا الاحتياج إلى تاء التأنيث أتم لأن الفاعل قد لا يعلم منه التأنيث إذ اللفظ قد يكون بصورة المذكر والمراد منه مؤنث وبالعكس بخلاف لفظ التثنية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 ويرفع الفاعل فعل أضمرا ... كمثل زيد في جواب من قرا   والجمع كما لزمت التاء للدلالة على التأنيث؛ لأنها لو كانت أسماء للزم إما وجوب الإبدال أو التقديم والتأخير، وإما إسناد الفعل مرتين واللازم باطل اتفاقًا "ويرفع الفاعل فعل أضمرا" أي حذف من اللفظ أما جوازًا كما إذا أجيب به استفهام محقق "كمثل زيد في جواب من قرا" إذا جعل التقدير قرأ زيد. ومنه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 27] ، أي خلقهن الله أو مقدر كقراءة ابن عامر وشعبة {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ} [النور: 36] ، وقراءة ابن كثير: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ} [الشورى: 3] ، وقراءة بعضهم: {زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: 137] وقوله: 374- لِيُبك يزيد ضارع لخصومه ... ومختبط مما تطيح الطوائح   والجمع فإنه لا احتمال فيه ولا إبهام قاله سم. قوله: "للزم" أي عند هؤلاء الأقوام المخصوصين. قوله: "وأما إسناد الفعل مرتين" أي إن جعل كل من الضمير والظاهر فاعلا. قوله: "واللازم باطل اتفاقا" لقائل أن يقول لا نسلم هذه الدعوى وأي مانع من القول بأحد هذه اللوازم عند أصحاب هذه اللغة فلو قال وهو بعيد لكان أولى. فإن قلت كيف يتصور إسناد الفعل الواحد إلى فاعلين. قلت لا مانع من ذلك عقلا إذا اتحد الفاعلان في المعنى كما هنا لأن مدلول الضمير والاسم الظاهر واحد. قوله: "ويرفع الفاعل فعل" هذا هو الحكم الخامس. قوله: "استفهام محقق" أي ملفوظ بداله وإن كان في حيز شرط لم يوجد مدلوله في الخارج كما في: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وقوله أو مقدر أي غير ملفوظ بداله. قوله: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ} له: نائب فاعل والآصال: جمع أصل بضمتين جمع أصيل وهو المساء ويجمع آصال على أصائل. قوله: "وقراءة بعضهم" هذه القراءة شاذة بخلاف ما قبلها ولذلك أبهم القارئ. قوله: "مضارع" أي مسكين لخصومة علة للفعل المحذوف ومختبط أي محتاج وما مصدرية أي من أجل إطاحة الأشياء المطيحة أي المهلكة وكان القياس أن يقول المطيحات لكنه وضع فاعل   374- البيت من الطويل، وهو للحارث بن نهيك في خزانة الأدب 1/ 303؛ وشرح شواهد الإيضاح ص94؛ وشرح المفصل 1/ 80؛ والكتاب 1/ 288؛ وللبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص362؛ ولنهشل بن حري في خزانة الأدب 1/ 303؛ ولضرار بن نهشل في الدرر 2/ 286؛ ومعاهد التنصيص 1/ 202؛ وللحارث بن ضرار في شرح أبيات سيبويه 1/ 110؛ ولنهشل أو للحارث، أو لضرار أو لمزرد بن ضرار أو للمهلهل في المقاصد النحوية 2/ 454؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 345؛ 7/ 24، وأمالي ابن الحاجب ص447، 789؛ وأوضح المسالك 2/ 93؛ وتخليص الشواهد ص478؛ وخزانة الأدب 8/ 139؛ والخصائص 2/ 353، 424؛ وشرح المفصل 1/ 80؛ والشعر والشعراء ص105، 106؛ والكتاب 1/ 366، 389، ولسان العرب 2/ 536 "طوح"، والمحتسب 1/ 230؛ ومغني اللبيب ص620؛ والمقتضب 3/ 282؛ وهمع الهوامع 1/ 160. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ببناء الأفعال للمفعول، والأسماء المذكورة رفع بالفاعلية لأفعال محذوفة، كأنه قيل: من يسبح؟ ومن يوحي؟ ومن زينه؟ ومن يبكيه؟ فقيل: يسبح رجال، ويوحي الله، وزينه شركاؤهم، ويبكيه ضارع. وهذا أولى من تقدير هذه المرفوعات أخبار مبتدآت محذوفة لاعتضاد التقدير الأول بما رجحه، أما الآية الأولى فلثبوته فيما يشبهها وهو: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: 9] ، وفيما هو على طريقتها وهو: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79] ، {قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3] وأما البواقي فبالرواية   موضع مفعل اضطرارا. قوله: "لأفعال محذوفة" أي قياسا على الأصح إلا إذا توهم كون المذكور نائب فاعل فلا يجوز يوعظ في المسجد رجل على أن رجل فاعل فعل محذوف. قوله: "لاعتضاد التقدير الأول" لا يقال يعارض هذا كون جملة الاستفهام اسمية لاقتضاء ذلك كون الجواب كذلك للتناسب لأنا نقول قال السيد جملة السؤال فعلية حقيقة وإن كانت اسمية صورة لأن قولك من قام أصله أقام زيد أم عمرو أم بكر إلخ لا أزيد قائم أم عمرو أم بكر إلخ لأن الاستفهام للفعل أولى فاختصر وأتى بلفظ من الدالة إجمالا على تلك الذوات المفصلة ولتضمنها معنى الاستفهام وجب تقديمها على الفعل فصارت الجملة اسمية في الصورة فنبه بإيراد الجواب جملة فعلية على أصل السؤال فالمطابقة حاصلة باعتبار الحقيقة ولم يترك هذا التنبيه إلا لمانع هنا منه كما في آية: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 63] ، فإن قصد الاختصاص هنا أوجب تقديم المسند إليه. ا. هـ. وفيه كما قال الروداني تبعا لحفيد السعد أن المسؤول عنه بالهمزة ما يليها ففي أخلق الله المشكوك فيه إنما هو صدور الخلق من خالقه أو أن الفعل المحقق صدوره من الله هل هو خلق أو غيره فعلى الأول يقال أخلق الله أم لم يخلق وعلى الثاني أخلق الله أم أرسل، وتقول أقام زيد أم لم يقم وأقام زيد أم ضرب ويقال إذا سئل عن الفاعل آلله خالق أم غيره وأزيد قائم أو عمرو فلا نسلم أن من خلق بمعنى أخلق لأنهم لا يشكون في صدور الخلق ولا في أن الفعل الصادر هو الخلق لا غيره وإنما السؤال عن الخالق أهو الله أم غيره فمن خلق حينئذٍ في معنى آلله خلق أم غيره فهو جملة اسمية لفظا ومعنى قال في الأطول ونكتة ترك المطابقة على هذا أن في رعايتها بإيراد الجواب جملة اسمية إيهام قصد التقوية وهو لا يليق بالمقام. ا. هـ. أي لأن التقوية شأن ما يشك فيه أو ينكر واعتبار ذلك هنا غير مناسب للمقام. قوله: "فلثبوته فيما يشبهها" وجه الشبه أن كلا سؤال عن خلق السموات والأرض. فإن قلت هذا معارض بالمثل فيقال الدليل على أنه مبتدأ وقوعه كذلك كقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 63] ، {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا} [الأنعام: 64] . قلت وقوعه فاعلا أكثر والقليل لا يعارض الكثير. قوله: "وفيما هو على طريقتها" من حيث أن كلا سؤال عن شيء ولكون التناسب بين الآية الأولى والآية التي شبهها بها أتم منه بين الأولى وآية قال من يحيي العظام عبر في الأول بالشبه دون الثاني. قوله: "وأما البواقي" أي وأما اعتضاد التقدير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 وتاء تأنيث تلي الماضي إذا ... كان لأنثى كأبت هند الأذى   الأخرى وهي رواية البناء للفاعل. نعم في غير ما ذكر يكون الحمل على الثاني أولى لأن المبتدأ عين الخبر، فالمحذوف عين الثابت فيكون الحذف كلا حذف، بخلاف الفعل فإنه غير الفاعل أو أجيب به نفي كقوله: 375- تجلدت حتى قيل لم يعر قلبه ... من الوجد شيء قلت بل أعظم الوجد أي بل عراه أعظم الوجد، أو استلزمه فعل قبله كقوله: 376- أسقى الإله عدوات الوادي ... وجوفه كل ملث غادي كل أجش خالك السواد أي سقاها كل أجش. وإما وجوبًا كما إذا فسر بما بعد الفاعل من فعل مسند إلى ضميره أو ملابسه نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] وهلا زيد قام أبوه، أي وإن استجارك أحد استجارك، وهلا لابس زيد قام أبوه إلا أنه لا يتكلم به لأن الفعل الظاهر كالبدل من اللفظ بالفعل المضمر فلا يجمع بينهما "وتاء تأنيث تلي   الأول في البواقي إلخ. قوله: "فبالرواية الأخرى" أي بالحمل عليها. قوله: "نعم في غير ما ذكر" أي في غير ما أجيب به استفهام محقق أو مقدر وقد عضد تقدير كونه فاعلا مرجح وغير ما ذكر كزيد في جواب من القائم فجعله خبرا أولى من جعله فاعلا وأما تمثيل البعض بدنف في جواب كيف زيد فغير ظاهر لتعين كونه خبرا لا رجحانه فقط. قوله: "أو أجيب به نفي" عطف على قوله أجيب به استفهام والظاهر أن المراد النفي بالجملة الفعلية كما في الشاهد فإن كان بالجملة الاسمية فلا يترجح كون المرفوع فاعلا كما لو قيل: تجلدت حتى قيل لا وجد عنده ... فقلت مجيب القول بل أعظم الوجد فالأرجح أن التقدير عندي أعظم الوجد هذا ما ظهر لي. قوله: "أسقى الإله إلخ" العدوات بضمتين جمع عدوة العين وكسرها مع سكون الدال فيهما جانب الوادي والملث بالمثلثة من ألث المطر دام أياما، والغادي الآتي في الغداة، والأجش بالجيم والشين المعجمة السحاب الذي معه رعد شديد. وحالك السواد شديده والشاهد في قوله كل أجش فإنه فاعل فعل محذوف استلزمه أسقى تقديره سقى ما ذكر كل إلخ على الإسناد المجازي لأن إسقاء الله عدوات الوادي وجوفه الماء يستلزم سقي الماء عدوات الوادي وجوفه ولا يقدح في ذلك استعمال أسقى بمعنى سقى أيضا هكذا ينبغي تقرير هذا المحل لا كتقرير البعض له بما لا يناسب. قوله: "وإما وجوبا" عطل على قوله إما جوازا. قوله: "أو ملابسة" أي الضمير عطف على قوله ضميره وقد مثل للأمرين على   375- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 92؛ وتخليص الشواهد ص478؛ وشرح التصريح 1/ 273؛ والمقاصد النحوية 2/ 453. 376- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173؛ والمقاصد النحوية 2/ 475؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص477؛ والخصائص 2/ 425؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 384؛ والكتاب 1/ 289؛ والمحتسب 1/ 117. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 وإنما تلزم فعل مضمر ... متصل أو مفهم ذات حر   الماضي إذا كان لأنثى" لتدل على تأنيث الفاعل وكان حقها أن لا تلحقه لأن معناها في الفاعل إلا أن الفاعل لما كان كجزء من الفعل جاز أن يدل ما اتصل بالفعل على معنى في الفاعل، كما جاز أن يتصل بالفاعل علامة رفع الفعل في الأفعال الخمسة وسواء في ذلك التأنيث الحقيقي "كأبت هند الأذى" والمجازي كطلعت الشمس "وإنما تلزم" هذه التاء من الأفعال "فعل" فاعل "مضمر متصل" سواء عاد على مؤنث حقيقي كهند قامت والهندان قامتا، أو مجازي كالشمس طلعت والعينات نظرتا "أو" فعل فاعل ظاهر متصل "مفهم ذات حر" أي فرج، وهو المؤنث الحقيقي، كقامت هند وقامت الهندان وقامت   اللف والنشر المرتب. قوله: "وتاء تأنيث إلخ" هذا هو الحكم السادس والإضافة من إضافة الدال للمدلول. قوله: "تلي الماضي" أي وجوبا أو جوازا على التفصيل الآتي وكالماضي الوصف نحو أقائمة هند. وقوله لأنثى أي مسندا لأنثى والمراد بالأنثى المؤنث حقيقة أو مجازا أو تأويلا كالكتاب مرادا به الصحيفة أو حكما كالمضاف إلى المؤنث. قوله: "لتدل على تأنيث الفاعل" أي من أول الأمر فلا يقال الدلالة حاصلة بتاء التأنيث التي في الفاعل على أنه قد يخلو الفاعل المؤنث من التاء كهند وقد تلحق المذكر كطلحة. وأيضا في عدم الاكتفاء بتاء الاسم إجراء الباب على وتيرة واحدة. قوله: "تأنيث الفاعل" لو قال تأنيث مرفوع الفعل ليدخل في ذلك نائب الفاعل واسم كان لكان أحسن إلا أن يقال قيد بالفاعل لكون الكلام فيه. قوله: "لما كان كجزء إلخ" فإن قلت يلزم لحاق التاء لما هو كحشو الكلمة فهلا ألحقت بالفاعل لأنه الآخر. قلت لما كان بعض أفراد الفاعل تأنيثه لفظي كفاطمة لحقت التاء الفعل لئلا يلزم اجتماع علامتي تأنيث في كلمة واحدة ولم يكتف في هذا البعض بتائه لما ذكرناه قريبا. قوله: "وسواء في ذلك" أي في تلو تاء التأنيث الماضي. قوله: "التأنيث الحقيقي" معنى حقيقية التأنيث حقيقية إطلاق المؤنث على الشيء. ومعنى مجازيته مجازية إطلاق المؤنث عليه. قوله: "فعل مضمر" أي فعل فاعل مضمر مستترا كان أو بارزا كما يؤخذ من تمثيل الشارح. ويستثنى من كلامه نحو قمت وقمن فإن تاء التأنيث لا تلحق فيما ذكر فضلا عن لزومها لعدم الحاجة إليها، ونحو نعمت امرأة هند لأن الفاعل وإن كان ضمير مؤنث متصلا يعود على التمييز كما في الدماميني وغيره لكن لا تلزم التاء في فعله بل تجوز لما ستعرفه في قول المصنف والحذف في نعم الفتاة إلخ وإنما لزمت مع المضمر لخفاء حاله. ثم هذا اللزوم باق إذا عطف عليه مذكر نحو هند قامت هي وزيد كما يلزم في نحو قامت هند وزيد، وكما يلزم التذكير في عكسه نحو قام زيد وهند وقولهم يغلب المذكر على المؤنث عند الاجتماع خاص بنحو هند وزيد قائمان. قوله: "أو فعل فاعل ظاهر إلخ" يستثنى منه كفى المجرور فاعله بالباء نحو كفى بهند لأنه في صورة الفضلة وهي لا يؤنث لها الفعل. قوله: "ظاهر متصل" أي بفعله فيكون المصنف حذف قيد الاتصال من الثاني لدلالة الأول عليه. قوله: "حر" بكسر الحاء أصله حرح بدليل تصغيره على حريح وجمعه على أحراح حذفت لامه اعتباطا وجعل كيد ودم. وقد يعوض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 وقدح يبيح الفصل ترك التاء في ... نحو أتى القاضي بنت الواقف   الهندات، فيمتنع هند قام، والهندان قاما، والشمس طلع، والعينات نظرا، وقام هند، وقام الهندان، وقام الهندات. وقد أفهم أن التاء لا تلزم في غير هذين الموضعين فلا تلزم في المضمر المنفصل نحو هند ما قام إلا هي وما قام إلا أنت، ولا في الظاهر المجازي التأنيث نحو طلع الشمس ولا في الجمع غير ما ذكر على ما سيأتي بيانه. تنبيهان: الأول يضعف إثبات التاء مع المضمر المنفصل. الثاني تساوي هذه التاء في اللزوم وعدمه تاء مضارع الغائبة والغائبتين "وقد يبيح الفصل" بين الفعل وفاعله الظاهر   منها راء ويدغم فيها عين الكلمة. قوله: "أي فرج" المراد به كما في يس المحل المعد للوطء فيه ولو دبرا فقط كما في الطير، وبه يجاب عن إيراد أن الحر خاص بفرج المرأة مع أن الحكم عام لذات الفرج مطلقا. نعم قال في النكت يرد عليه اسم الجنس الذي واحده بالتاء كشاة وبقرة وحمامة فإن التاء تلحق المسند إليه لزوما سواء كان ذكرا أو أنثى بلا خلاف. قال ابن عصفور وهذا بخلاف الإخبار عنه فإنه بحسب ما يراد من المعنى. ا. هـ. قوله: "وهو المؤنث الحقيقي" أي تأنيثا معنويا فقط كزينب أو معنويا ولفظيا كفاطمة ويسثتنى من ذلك المجرد من التاء الذي لا يتميز مذكره عن مؤنثه كبرغوث فإنه لا يؤنث وإن أريد به مؤنث كما أن المؤنث بالتاء الذي لا يتميز مذكره عن مؤنثه كنملة يؤنث وإن أريد به مذكر قاله أبو حيان. والحاصل أن يراعى اللفظ لعدم معرفة حال المعنى في الواقع. قوله: "فلا تلزم في المضمر المنفصل" أي بل تجوز مع ضعف كما سيذكره المصنف والشارح وهذا محترز قوله مضمر متصل أما محترز الاتصال مع الظاهر فذكره المصنف بقوله وقد يبيح الفصل إلخ وقول الشارح ولا في الظاهر المجازي التأنيث أي بل تجوز مع رجحان محترز قوله مفهم ذات حر. قوله: "ولا في الجمع غير ما ذكر" نحو قام الهنود وذكر هذا في حيز التفريع يدل على أن قوله فلا تلزم في المضمر إلخ تفريع على كلام المصنف وعلى اقتصار الشارح في التمثيل على جمع المؤنث السالم لا تفريع على كلام المصنف وحده ولا تفصيل لقوله وقد أفهم أن التاء لا تلزم في غير هذين الموضعين لأن عبارة المصنف لا تفهم عدم اللزوم في غير الجمع المذكور. قوله: "تنبيهان الأول إلخ" قيل لا حاجة إلى ذكر هذا الأول لعلمه من قول المصنف: والحذف مع فصل بالأفضلا وهو ممنوع لأن من أفراد الضمير المنفصل ما لم يعلم ضعف لحاق التاء لفعله من قول المصنف والحذف إلخ نحو إنما قام أنت وإنما قام هي. قوله: "في اللزوم" أي بأحد السببين المتقدمين وقوله وعدمه أي بسبب أحد الأمور الآتية فيستفاد من كلامه مساواة تاء المضارع لتاء التأنيث فيما سيأتي أيضا فلا قصور فيه كما توهمه البهوتي وتبعه البعض. قوله: "الغائبة والغائبتين" لا المخاطبة والمخاطبتين لأن تاءهما للخطاب لا للتأنيث والظاهر أن تاء الغائبات كتاء الغائبة والغائبتين فكان عليه أن يزيد ذلك. قوله: "وقد يبيح الفصل" أي بغير إلا بدليل ما يأتي وفي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 والحذف مع فصل بإلا فضلا ... كما زكا إلا فتاة ابن العلا   الحقيقي التأنيث "تزك التاء" كما "في نحو أتى القاضي بنت الواقف" وقوله: 377- لقد ولد الأخيطل أم سوء وقوله: 378- إن امرء غره منكن واحدة ... بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور والأجود الإثبات "والحذف مع فصل بإلا فضلا" على الإثبات "كما زكا إلا فتاة ابن العلا" إذ معناه ما زكا أحد إلا فتاة ابن العلا، ويجوز ما زكت نظرًا إلى اللفظ، وخصه الجمهور بالشعر كقوله: 379- ما برئت من ريية وذم ... في حرنا إلا بنات العم   التعبير بقد والإباحة إشعار بأن الإثبات أجود. قوله: "كما في نحو" أي كالفصل الذي في نحو أو كالترك الذي في نحو وإنما أتى الشارح بقوله كما دفعا لتوهم كون الظرف قيدا. قوله: "والأجود الإثبات" بل قيل واجب وفرض كلامه فيما إذا كان المسند إليه حقيقي التأنيث وهل الحكم كذلك إذا كان المسند إليه مجازي التأنيث أو الأجود الحذف نقل الدماميني عنهم الثاني قال إظهارا لفضل الحقيقي على غيره ثم قال والذي يظهر لي خلاف ذلك فإن الكتاب العزيز قد كثر فيه الإتيان بالعلامة عند الإسناد إلى ظاهر غير حقيقي كثرة فاشية فقد وقع فيه من ذلك ما ينيف على مائتي موضع ووقع فيه مما تركت فيه العلامة في الصورة المذكورة نحو خمسين موضعا، وأكثرية أحد الاستعمالين دليل أرجحيته فينبغي أن إثبات العلامة أحسن ونازعه سم بأن كثرة الإثبات في القرآن يحتمل أن تكون لاقتضاء المقام إياها. قوله: "مع فصل بالأفضلا" وقيل واجب ومثل إلا سوى وغير وإن كان مذكرا لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه ويدل على أنهما مثل إلا قوله إذ معناه إلخ قاله سم. قوله: "إذ معناه ما زكا أحد" أي   377- عجزه: على باب استها صلب وشام والبيت من الوافر، وهو لجرير في ديوانه ص283؛ وشرح شواهد الإيضاح ص338، 405؛ وشرح التصريح 1/ 279؛ وشرح المفصل 5/ 92؛ ولسان العرب 1/ 259 "صلب"؛ وشرح شواهد الإيضاح ص338؛ والمقاصد النحوية 2/ 468؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 175؛ وأوضح المسالك 2/ 112؛ وجواهر الأدب ص113؛ والخصائص 2/ 414؛ والمقتضب 2/ 148؛ 3/ 349؛ والممتع في التصريف 1/ 218. 378- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الإنصاف 1/ 174؛ وتخليص الشواهد ص481؛ والخصائص 2/ 414؛ والدرر 6/ 271؛ وشرح شذور الذهب ص224؛ وشرح المفصل 5/ 93؛ ولسان العرب 5/ 11 "غرر"؛ واللمع ص116؛ والمقاصد النحوية 2/ 476؛ وهمع الهوامع 2/ 171. 379- الوجز بلا نسبة في الدرر 6/ 272؛ وشرح التصريح 1/ 279؛ وشرح شذور الذهب ص226؛ والمقاصد النحوية 2/ 471؛ وهمع الهوامع 2/ 171. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 والحذف قد يأتي بلا فصل ومع ... ضمير ذي المجاز في شعر وقع   وقوله: 380- فما بقيت إلا الضلوع الجراشع قال الناظم والصحيح جوازه في النثر أيضًا، وقد قرئ: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: 25] ، {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} [يس: 29] ، "والحذف قد يأتي" مع الظاهر الحقيقي التأنيث "بلا فصل" شذوذًا، حكى سيبويه قال فلانة "ومع ضمير ذي" التأنيث "المجاز" الحذف "في شعر وقع" أيضًا كقوله: 381- فإما تريني ولي لمة ... فإن الحوادث أودى بها   فالمسند إليه بالنظر إلى المعنى الذي هو أولى من النظر إلى اللفظ مذكر. قوله: "الجراشع" كقنافذ جمع جرشع كقنفذ أي الضلوع المنتفخة الغليظة فتكون الخفيفة قد ذهبت. والجمع في هذا البيت وفي آية: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: 25] ، وإن كان للتكسير إلا أن جواز الإثبات معه يفيد جوازه مع واجب الإثبات عند عدم الفصل بالأولى فاندفع ما اعترض به البعض. قوله: "وقد قرىء إلخ" القراءتان المذكورتان في الآيتين ليستا سبعيتين. قوله: "مع الظاهر الحقيقي التأنيث" لعله لم يقل ومع ضميره لأنه لم يسمع. قوله: "بلا فصل" أي لا بإلا ولا بغيرها. قوله: "ذي التأنيث المجاز" التأنيث بمعنى إطلاق لفظ المؤنث فالمعنى ومع ضمير الفاعل ذي الإطلاق المجاز أي الذي يطلق عليه المؤنث مجازا. ولا يخفى أن الإطلاق يوصف بالمجاز حقيقة لما تقرر في محله من أن المجاز يطلق بالاشتراك على اللفظ المخصوص وعلى إطلاقه، فقول البعض التأنيث لا يوصف بالمجاز كما هو ظاهر، فلو قال ومع ضمير المؤنث ذي المجاز لكان أولى ممنوع. قوله: "فإما تريني" إن شرطية أدغمت في ما الزائدة وجملة ولي لمة حالية واللمة بكسر اللام شعر الرأس دون الجمة. أودى بها أي أهلكها ولم يقل أودت بها لأجل التأسيس وهو ألف قبل الروي بحرف متحرك كما في عالم لوجوب توافق القوافي في التأسيس كذا قال العيني وتبعه غيره، وهو إنما يتم لو كان الروي هاء الضمير وهم يأبون كونه رويا كما قرر في محله فينبغي أن يقال لأجل الردف وهو حرف لين يتلوه الروي وهو هنا   380- صدره: طوى النحز والإجراز ما في غروضها والبيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1296؛ وتخليص الشواهد ص482؛ وتذكرة النحاة ص113؛ وشرح المفصل 2/ 87؛ والمحتسب 2/ 207؛ والمقاصد النحوية 2/ 477؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص243. 381- البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص221 "مع تغيير فيه"؛ وخزانة الأدب 11/ 430، 431، 432، 433، وشرح أبيات سيبويه 1/ 477، وشرح شواهد الإيضاح ص346؛ وشرح المفصل 5/ 95، 9/ 41؛ والكتاب 2/ 46؛ ولسان العرب 2/ 132 "حدث" 15/ 385 "ودي" والمقاصد النحوية 2/ 466؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص764؛ وأوضح المسالك 2/ 110؛ ورصف المباني ص103، 316؛ وشرح المفصل 9/ 6. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 والتاء مع جمع سوى السالم من ... مذكر كالتاء مع إحدى اللبن   وقوله: 382- فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها "والتاء مع جمع سوى السالم من مذكر" والسالم مؤنث كما مر "كالتاء مع" المؤنث المجازي وهو ما ليس له فرج حقيقي مثل "إحدى اللبن" أعني لبنة، فكما تقول سقطت اللبنة وسقط اللبنة تقول قامت الرجال وقام الرجال، وقامت الهنود وقام الهنود،   الباء لوجوب توافق القوافي في الردف أيضا. قوله: "فلا مزنة" هي السحابة البيضاء. ودقت ودقها أي أمطرت كإمطارها. وأبقل إبقالها أي أنبتت البقل كإنباتها. وقيل التذكير أبقل على اعتبار المكان والتأنيث في إبقالها على اعتبار البقعة، ولا مانع من إعادة ضميرين على جائز التذكير والتأنيث: أحدهما باعتبار تذكيره والآخر باعتبار تأنيثه، وممن نص على أن البيت من هذا القبيل البهاء السبكي في عروس الأفراح فقول التصريح التذكير في أبقل باعتبار المكان يأباه الهاء في إبقالها غير مسلم ونص الدماميني في حاشية المغني على أنه لا يجوز تذكير ضمير حقيقي التأنيث باعتبار التأويل، وأنه لا يقال هند قام مثلا على تأويل هند بشخص. قوله: "والتاء مع جمع" أشار به إلى أن اللزوم السابق مختص بغير الجمع المذكور والمراد بالجمع ما دل على جماعة، فدخل اسم الجمع كالنساء واسم الجنس الجمعي كالبقر فإن حكمهما كذلك قاله سم. قال ابن جني إذا أنثت الجمع أعدت الضمير إليه مؤنثا وإن ذكرته أعدت الضمير مذكرا، فتقول ذهبت الرجال إلى إخوتها، وذهب الرجال إلى إخوتهم كذا في يس. والظاهر أن هذا على سبيل الأولوية لا الوجوب كما يعلم مما مر في القولة السابقة. قوله: "سوى السالم إلخ" قال شيخنا قال الشاطبي ما حاصله: إن الجمع السالم إذا لزم فيه تغيير الواحد أو غلب أو جاء على شكل السالم وليس في شروطه كأرضين جاز فيه الوجهان، وكذلك ما جاء من هذا النحو بالألف والتاء نحو لذات حكم التاء معه التخيير. ا. هـ. وفي كلام الشارح في التنبيه الآتي ما يؤيده. قوله: "والسالم من مؤنث" أي من جمع مؤنث حقيقي التأنيث فخرج نحو طلحات وتمرات فيجوز الوجهان في نحوهما كما قاله المصنف في تسهيله في الأول والشاطبي في الثاني. قوله: "حقيقي" لا حاجة إليه إذ الفرج لا ينقسم إلى حقيقي ومجازي.   382- البيت من المتقارب، وهو لعامر بن جوين في تخليص الشواهد ص483؛ وخزانة الأدب 1/ 45، 49، 50؛ والدرر 6/ 268؛ وشرح التصريح 1/ 278؛ وشرح شواهد الإيضاح ص339؛ 460؛ وشرح شواهد المغني 2/ 943؛ والكتاب 2/ 46؛ ولسان العرب 7/ 111 "رأض"، 11/ 60 "بقل"؛ والمقاصد النحوية 2/ 464؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 352؛ وأوضح المسالك 2/ 108؛ وجواهر الأدب ص113؛ والخصائص 2/ 411؛ والرد على النحاة ص91؛ ورصف المباني ص166؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 557؛ وشرح ابن عقيل ص244؛ وشرح المفصل 5/ 94؛ ولسان العرب 1/ 357 "خضب" والمحتسب 2/ 112؛ ومغني اللبيب 2/ 656؛ والمقرب 1/ 303؛ وهمع الهوامع 2/ 171. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقامت الطلحات وقام الطلحات. فإثبات التاء لتأوله بالجماعة، وحذفها لتأوله بالجمع وكذا تفعل باسم الجمع كنسوة، ومنه: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} [يوسف: 30] . تنبيه: حق كل جمع أن يجوز فيه الوجهان إلا أن سلامة نظم الواحد في جمعي التصحيح أوجبت التذكير في نحو قام الزيدون، والتأنيث في نحو قامت الهندات. وخالف الكوفيون فجوزوا فيهما الوجهين، ووافقهم في الثاني أبو علي الفارسي، واحتجوا بقوله: {آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90] ، {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة: 12] ، وقوله: 383- فبكى بناتي شجوهن وزوجتي ... والظاعنون إلي ثم تصدعوا وأجيب بأن البنين لم يسلم فيهما نظم الواحد، وبأن التذكير في جاءك   قوله: "تقول قامت الرجال إلخ" لكن حذف التاء أجود فيما ذكر من جمع التكسير مطلقا والجمع بالألف والتاء لمذكر واسم الجمع واسم الجنس الجمعي على ما للدماميني. والذي للسيوطي استواء الأمرين في الأربعة وتقدم رجحان الإثبات في المجازي وحينئذٍ فقول الناظم كالتاء مع إحدى اللبن أي في أصل الجواز فلا يرد اختلافهما في الرجحان. قوله: "وقام الهنود" إنما لم يعتبر التأنيث الحقيقي الذي كان في المفرد لأن المجازي الطارىء أزال الحقيقي كما أزال التذكير الحقيقي في رجال قاله الدماميني. قوله: "لتأوله بالجماعة" أي وهي مؤنث مجازي قال في شرح الشذور وليس لك أن تقول التأنيث في نحو النساء والهنود حقيقي لأن الحقيقي الذي له فرج والفرج لآحاد الجمع لا للجمع وإنما أسندت الفعل إلى الجمع لا إلى الآحاد. ا. هـ. وفيه عندي نظر لما تقرر من أن الحكم على الجمع من باب الكلية وحينئذٍ فالفعل مسند في الحقيقة إلى آحاد الجمع إلا أن يكون كلامه باعتبار الظاهر فاعرفه. قوله: "وكذا تفعل باسم الجمع" قيده في التصريح بالمعرب وقال إن المبني نحو الذين لا يقال فيه قالت الذين وإن قيل إنه جمع الذي. ا. هـ. أي اسم جمع الذي. وكاسم الجمع اسم الجنس الجمعي كبقر ونخل كما مر. قوله: "أن يجوز فيه الوجهان" أي لتأتي التأويلين المتقدمين فيه. قوله: "أوجبت التذكير إلخ" أي لأن الواحد كالمذكور حينئذٍ وعند الإسناد إلى الواحد يجب ما ذكر. قوله: "وخالف الكوفيون" وعليه يحمل قول بعضهم وقيل إنه الزمخشري: إن قومي تجمعوا وبقتلي تحدثوا ... لا أبالي بجمعهم كل جمع مؤنث أي وجوبا أو جوازا. قوله: "شجوهن" أي لشجوهن أي حزنهن. وتصدعوا تفرقوا. قوله: "لم يسلم فيهما نظم الواحد" أي لأنه تغير شكله وحذفت لامه واعترض على هذا الجواب بأن   383- البيت من الكامل، وهو لعبدة بن الطبيب في ديوانه ص50؛ وشرح اختيارات المفصل ص701؛ نوادر أبي زيد ص 23؛ ولأبي ذؤيب في المقاصد النحوية 2/ 472؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 116؛ والخصائص 3/ 295؛ وشرح التصريح 1/ 280. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 والحذف في نعم الفتاة استحسنوا ... لأن قصد الجنس فيه بين والأصل في الفاعل أن يتصلا ... والأصل في المفعول أن ينفصلا وقد يجاء بخلاف الأصل ... وقد يجي المفعول قبل الفعل   للفصل، أو لأن الأصل النساء المؤمنات أو لأن أل مقدرة باللاتي وهو اسم جمع "والحذف في نعم الفتاة" وبئس الفتاة "استحسنوا" أي رأوه حسنًا "لأن قصد الجنس فيه بين" فالمسند إليه الجنس، وأل في الفتاة جنسية خلافًا لمن زعم أنها عهدية، ومع كون الحذف حسنًا الإثبات أحسن منه "والأصل في الفاعل أن يتصلا"، بالفعل لأنه كجزء منه، ألا ترى أن علامة الرفع تتأخر عنه في الأفعال الخمسة "والأصل في المفعول أن ينفصلا" عنه بالفاعل لأنه فضلة "وقد يجاء بخلاف الأصل" فيتقدم المفعول على   قضيته جواز التذكير في نحو جاءت الحبليات ودفع بظهور أن التغيير المشترط في التكسير هو الاعتباطي كما في بنات لا التصريفي فإنه لكونه عن علة كلا تغيير. قوله: "وبأن التذكير في جاءك إلخ" اعترض على الأجوبة الثلاثة عن التذكير في جاءك أما الأول فلما تقدم من أن الراجح في الفصل بغير إلا الإثبات وقد أجمعت السبعة على الحذف فيلزم إجماع السبعة على مرجوح. وأما الثاني فلما يلزم عليه من حذف الفاعل وهو غير جائز عند البصريين. وأما الثالث فلأن أل في نحو المؤمن والكافر معرفة لكون الوصف للثبات والدوام لا للتجدد فهو صفة مشبهة ويمكن دفعه عن الأول بأنه مشترك الإلزام إذ الظاهر أن الكوفيين أيضا يرجحون الإثبات على أن بعضهم التزم أن السبعة قد تجمع على الوجه المرجوح وعن الثاني بقيام الصفة مقام الموصوف وعن الثالث بأن الصفة هنا لا يبعد أن يراد بها التجدد كما يشعر به قصة الآية. قوله: "في نعم الفتاة" قال السيوطي مثله نعم فتاة هند. قوله: "لأن قصد إلخ" مقتضاه جواز الوجهين في نحو صارت المرأة خيرا من الرجل لما ذكر وهو كذلك وليس من ذلك ما قامت امرأة لأن المرأة هنا لم يرد بها الجنس بل المراد واحدة، والعموم لأفراد الجنس إنما جاء من النافي بخلاف ما قامت من امرأة فبالخيار لأن دخول من أفاد معنى الجنس قاله الشاطبي. ونقل ابن هشام أن الأكثر في المؤنث المقرون بمن الزائدة أن لا تلحقه علامة التأنيث كذا في يس. قوله: "والأصل" أي الغالب والراجح وهذا شروع في الحكم السابع. قوله: "والأصل في المفعول أن ينفصلا" تصريح بما علم من الجملة الأولى. وقال سم وكل هذا لا يغني عنه ما قبله لاحتمال أن يكون الأصل في كل منهما الاتصال كما نقل عن الأخفش. ا. هـ. ونوقش بأنه لا يتأتى اتصالهما معا حتى يكون الأصل في كل منهما الاتصال ويمكن دفعه بأن معنى كون الأصل في كل منهما الاتصال أن الأصل اتصال أحدهما أيا كان منهما لا اتصال الفاعل بعينه واتصال المفعول بعينه فتدبر. والمراد بالمفعول المفعول به أو مطلق المفعول. ولا يقدح في ذلك امتناع مجيء المفعول معه بخلاف الأصل لأن الأصل قد يلزم. وقوله وقد يجاء بخلاف الأصل لا يفيد أن المجيء بخلاف الأصل في كلها. قوله: "وقد يجاء إلخ" أفاد بقد أمرين: أن ذلك قليل وأنه قد لا يجيء المفعول قبل الفاعل، وعدم مجيئه قبله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 وأخر المفعول إن لبس حذر ... أو أضمر الفاعل غير منحصر   الفاعل إما جوازًا وإما وجوبًا، وقد يمتنع ذلك كما سيأتي "وقد يجي المفعول قبل الفعل" وفاعله وهو أيضًا على ثلاثة أوجه: جائز نحو: {فَرِيقًا هَدَى} [الأعراف: 30] ، وواجب نحو من أكرمت، وممتنع ويمنعه ما أوجب تأخره أو توسطه على ما سيأتي بيانه "وأخر المفعول" عن الفاعل وجوبًا "إن لبس حذر خفاء الإعراب وعدم القرينة إذ لا يعلم الفاعل من المفعول والحالة هذه إلا بالرتبة كما في نحو ضرب موسى عيسى وأكرم ابني أخي، فإن أمن اللبس لوجود جاز التقديم نحو ضرب موسى سلمى، وأضنت سعدى الحمى. تنبيه: ما ذكره الناظم هو ما ذهب إليه ابن السراج وغيره وتظافر عليه نصوص   إما للاقتصار على أحد الجائزين أو لكونه ممتنعا كما في أكرمتك. فقول الشارح وقد يمتنع ذلك أي تقدم المفعول على الفاعل ليس من زيادته على المتن، والحاصل أن ارتكاب الأصل قد يكون واجبا نحو أكرمتك، وقد يكون جائزا نحو ضرب زيد عمرا، وقد يكون ممتنعا نحو ضربني زيد ومخالفة الأصل في الأول ممتنعة وفي الثاني جائزة وفي الثالث واجبة. قوله: "وقد يجي" قصره على لغة من يقول جايجي وشايشي بالقصر. قوله: "وواجب" في مسألتين: أن يكون المفعول مما له الصدر نحو من أكرمت؟ أيا ما تدعوا، وغلام من أكرمت وغلام أي رجل تضرب أضرب، وأن يقع عامله بعد الفاء وليس له منصوب غيره مقدم عليها نحو: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] ، {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9] ، بخلاف نحو أما اليوم فاضرب زيدا كذا في التوضيح. قوله: "ما أوجب تأخره" كالحصر فيه نحو إنما ضرب زيد عمرا، والتباسه نحو ضرب موسى عيسى، أو توسطه ككونه ضميرا متصلا والفاعل اسم ظاهر نحو ضربني زيد، ويمنع أيضا تقدم المفعول على العامل كون المفعول أن المشددة ومعموليها إلا أن يسبقها أما نحو أما أنك فاضل فعرفت وكونه أن المخففة ومعموليها، وكونه معمول فعل تعجبي أو واقع صلة حرف مصدري ناصب بخلاف غير الناصب فيجوز عجبت مما زيدا تضرب. ومنهم من أطلق في المنع ولم يقيد بالناصب، أو مجزوم إلا إذا قدم على الجازم أيضا فيمتنع لم زيدا أضرب، ويجوز زيدا لم أضرب وكذا المنصوب بلن أما المنصوب بأن أو كي فمن الواقع صلة حرف مصدري ناصب وهو لا يجوز تقدم معموله عليه مطلقا وأما المنصوب بإذن فالراجح منع تقدم معموله عليه وحده وأما تقدمه عليه وعلى إذن معا: فقال أبو حيان لا أحفظ فيه نصا للبصريين ومقتضى قواعدهم المنع وجوزه الكسائي أو مقرون بلام ابتداء غير مسبوقة بأن بخلاف المسبوقة بها فيمتنع عمرا ليرضى زيدا ويجوز إن زيدا عمرا ليرضى أو لام قسم أو قد أو سوف أو قلما أو ربما أو نون توكيد هذا ما في الهمع مع زيادة من الدماميني. قوله: "وإن لبس حذر" أي إن خيف لبس المفعول بالفاعل. قوله: "بسبب خفاء الإعراب" بأن كان تقديريا أو محليا وتحت كل منهما أقسام كثيرة. قوله: "وعدم القرينة" عطف عام. قوله: "لوجود قرينة" أي لفظية كالمثال الأول أو معنوية كالمثال الثاني. قوله: "وتظافر" هكذا اشتهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المتأخرين، ونازع في ذلك ابن الحاج في نقده على ابن عصفور، فأجاز تقديم المفعول والحالة هذه محتجًا بأن العرب تجيز تصغير عمر وعمرو على عمير، وبأن الإجمال من مقاصد العقلاء، وبأنه يجوز ضرب أحدهما الآخر، وبأن تأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز عقلًا وشرعًا، وبأنه قد نقل الزجاج أنه لا اختلاف في أنه يجوز في نحو: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} [الأنبياء: 15] أن تكون تلك اسم زال ودعواهم الخبر والعكس. قلت وما قاله ابن الحاج ضعيف لأنه لو قدم المفعول وأخر الفاعل والحالة هذ لقضى اللفظ بحسب الظاهر بفاعلية المفعول ومفعولية الفاعل فيعظم الضرر ويشتد الخطر، بخلاف ما احتج به فإن الأمر فيه لا يؤدي إلى مثل ذلك وهو ظاهر "أو أضمر الفاعل" أي وأخر المفعول عن   بالظاء المشالة والصواب تضافر بالضاد المعجمة يقال تضافر القوم أي تعاونوا كما في كتب اللغة. قوله: "محتجا بأن العرب" لو قال محتجا بأن العرب تجيز الإجمال وتقصده كتصغير عمر وعمرو على عمير ونحو ضرب أحدهما الآخر لكان أحسن وأخصر. قوله: "وبأن الإجمال إلخ" مبني على أن لا فرق بين اللبس والإجمال والحق الفرق وأن الأول تبادر فهم غير المراد والثاني احتمال اللفظ للمراد وغيره من غير تبادر لأحدهما وأن الأول مضر دون الثاني وتصغير عمر وعمرو على عمير وضرب أحدهما الآخر من الثاني. قوله: "وبأن تأخير البيان إلخ" هذا في المجمل لا في الملتبس. قوله: "يجوز في نحو فما زالت إلخ" أي فلم يبالوا بالتباس الاسم بالخبر فكذلك التباس الفاعل بالمفعول. قوله: "قلت إلخ" حاصله بالنسبة لغير الوجه الأخير أن ما استدل به ابن الحاج من باب الإجمال وما نحن فيه من باب الالتباس. والثاني ضار لتبادر غير المراد فيه دون الأول لعدم تبادر شيء فيه قال سم قال يس وهذا الجواب لا يجدي الناظم نفعا لما سيأتي له في باب التعدي واللزوم من أن الحذف مع إن وأن يطرد مع أمن اللبس. واحترز بأمن اللبس من نحو رغبت في أن تفعل أو عن أن تفعل فلا يحذف الجار للالتباس فسمى ما لا يتبادر منه شيء التباسا. ا. هـ. وقد يقال لا يلزم من شمول اللبس للإجمال عند المصنف في بعض الأبواب شموله له عنده في بقية الأبواب لكن ينظر ما الفارق. ثم قال سم وأما بالنسبة للوجه الأخير فهو أنه لا يلزم من إيراد الزجاج الوجهين في الآية جواز مثل ذلك في نحو ضرب موسى عيسى لأن التباس الفاعل بالمفعول ليس كالتباس اسم زال بخبرها. ا. هـ. وكأن وجهه أن الاسم والخبر أصلهما المبتدأ والخبر والمبتدأ عين الخبر في المعنى بخلاف الفاعل والمفعول. ورد شيخنا ذلك بأن الناظم لا يفرق بين الاسم والخبر وبين الفاعل المفعول، قال ويظهر أن المصنف لا يسلم للزجاج ما نقله ويؤيد منعه أن النحويين منعوا تقديم الخبر على المبتدأ في غير النسخ إذا خيف الالتباس أي فلتكن حالة النسخ كحالة عدم النسخ. قوله: "لا يؤدي إلى مثل ذلك" أي لأن اللازم عليه إما الإجمال وهو لا يضر أو الإلباس الغير الضار. قوله: "أي وأخر المفعول إلخ" المراد بوجوب تأخيره عن الفاعل عدم جواز توسطه بينه وبين الفعل فيصدق بوجوب تأخره عنهما كالمثال الأول وجواز تقدمه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 وما بإلا أو بإنما انحصر ... أخر وقد يشبق إن قصد ظهر   الفاعل أيضًا: وجوبًا إن وقع الفاعل ضميرًا "غير منحصر" نحو أكرمتك وأهنت زيدًا "وما بإلا أو بإنما انحصر" من فاعل أو مفعول ظاهرًا كان أو مضمرًا "أخر" عن غير المحصور منهما: فالفاعل المحصور نحو ما ضرب عمرًا إلا زيد أو إلا أنا، وإنما ضرب عمرًا زيد أو أنا؛ والمفعول المحصور نحو ما ضرب زيد إلا عمرًا، وما ضربت إلا عمرًا وإنما ضرب زيد عمرًا وإما ضربت عمرًا "وقد يسبق" المحصور فاعلًا كان أو مفعولًا غير المحصور "إن قصد ظهر" بأن كان الحصر بإلا وتقدمت مع المحصور بها نحو ما ضرب إلا زيد عمرًا، وما ضرب إلا عمرًا زيد؛ ومن الأول قوله: 384- فلم يدر إلا الله ما هيجت لنا ... عشية إناء الديار وشامها   عليهما كالمثال الثاني وهذا حكمة تعداد المثال فالوجوب إضافي بالنسبة إلى التوسط. قوله: "إن وقع الفاعل ضميرا" أي متصلا إذ لو أخر لزم أن لا يكون متصلا والفرض أنه متصل. قوله: "غير منحصر" على صيغة اسم الفاعل أي منحصرا فيه غيره كما يدل عليه قوله انحصر. قوله: "انحصر" أي فيه وقوله عن غير المحصور أي فيه وكذا يقال فيما بعد وما ذكر من قصر الصفة على الموصوف إلا أنه إذا كان المحصور فيه الفاعل فالصفة المقصورة مضروبية المفعول وإذا كان المفعول فالصفة المقصورة ضاربية الفاعل، فقولك ما ضرب عمرا إلا زيد لقصر مضروبية عمرو على زيد أي أنه لم يحصلها لعمرو إلا زيد وقولك ما ضرب زيد إلا عمرا لقصر ضاربية زيد على عمرو أي أنه لم يتعد أثرها إلا إلى عمرو. قوله: "وما ضربت إلا عمرا" كان الأولى بل الصواب أن يقول وما ضرب زيد إلا إياك لأن العموم السابق في قوله ظاهرا كان أو مضمرا في المحصور فيه وكذا يقال في إنما ضربت عمرا وفي نسخ إسقاط قوله وما ضربت إلا عمرا. قوله: "وقد يسبق إلخ" قد يقال لم أجيز هنا تقديم المحصور فيه مع إلا ومنع في باب المبتدأ والخبر حتى حكموا بشذوذ قوله: وهل إلا عليك المعول وأجاب شيخنا السيد بأن الفرق أن الفعل أقوى في العمل فاحتمل معه تقديم المحصور وبأن اللازم فيه تقديم أحد المعمولين على الآخر لا تقدم المعمول على العامل ولا كذلك المبتدأ والخبر. قوله: "عشية إلخ" منصوب على الظرفية والآناء كالإبعاد وزنا ومعنى. والوشام بكسر الواو جمع وشيمة وهي الكلام الشر والعداوة ووشامها فاعل هيجت.   384- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص999؛ والدرر 2/ 289؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 131؛ وتخليص الشواهد ص478؛ وشرح ابن عقيل ص248؛ والمقاصد النحوية 2/ 493؛ والمقرب 1/ 55؛ وهمع الهوامع 1/ 161. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   385- ما عاب إلا لئيم فعل ذي كرم ... ولا جفا قط إلا جبأ بطلا ومن الثاني قوله: 386- تزودت من ليلى بتكليم ساعة ... فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها وقوله: 387- ولما أبى إلا جماعا فؤاده ... ولم يشل عن ليلى بمال ولا أهل فإن لم يظهر القصد بأن كان الحصر بإنما أو بإلا ولم تتقدم مع المحصور امتنع تقديمه لانعكاس المعنى حينئذ وذلك أوضح. تنبيه: الذي أجاز تقديم المحصور بإلا مطلقا هو الكسائي محتجًا بما سبق. وذهب بعض البصريين إلى منع تقديم المحصور مطلقًا. واختاره الجوزلي والشلوبين حملًا لإلا   قوله: "جبأ" بضم الجيم وتشديد الموحدة والهمزة: الجبان "ولما أبى إلا جماحا" أي إسراعا وجواب لما في بيت بعده. قوله: "الذي أجاز" أي قبل المصنف وعبارته توهم أنه تقدمت إشارة إلى أن هناك قائلا بالجواز مطلقا غير المصنف والقصد الآن تعيينه مع أنه لم يتقدم إشارة إلى ذلك فكان الظاهر إسقاط لفظ الذي ويكون التنبيه بمعناه اللغوي. قوله: "مطلقا" أي فاعلا كان أو مفعولا. قوله: "وذهب بعض البصريين إلخ" قال الفاكهي هو الأصح. ا. هـ. وعليه فما تقدم من الأبيات شاذ أو مؤول بتقدير عامل للمنصوب والمرفوع غير المحصورين كأن يقدر قبل ما هيجت درى، وقبل كلامها زاد وقوله إلى منع تقديم المحصور أي بإلا مطلقا أي فاعلا كان أو مفعولا، ووجه الدماميني هذا المذهب بأنه إذا قدم المحصور فيه بإلا كأن قيل ما ضرب إلا زيد عمرا فإن أريد أن زيدا وعمرا مستثنيان معا والتقدير ما ضرب أحد أحدا إلا زيد عمرا أفاد أن الضرب إنما   385- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 129؛ وتخليص الشواهد ص487؛ وتذكرة النحاة ص335؛ والدرر 2/ 290؛ وشرح التصريح 1/ 284؛ والمقاصد النحوية 2/ 490؛ وهمع الهوامع 1/ 161. 386- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص194؛ والدرر 2/ 287؛ وشرح التصريح 1/ 282؛ والمقاصد النحوية 2/ 481؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 122؛ وتخليص الشواهد ص486؛ والدرر 3/ 172؛ وشرح ابن عقيل ص248؛ وهمع الهوامع 1/ 161، 230. 387- البيت من الطويل، وهو لدعبل بن علي الخزاعي في ملحق ديوانه ص349؛ والدرر 2/ 281؛ وشرح التصريح 1/ 282؛ والمقاصد النحوية 2/ 480؛ وللحسين بن مطيرفي ديوانه ص182؛ وسمط الآلي ص502؛ ولابن الدمينة في ديوانه ص194؛ وللمجنون في ديوانه ص181؛ وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 223؛ وأوضح المسالك 2/ 121؛ وتذكرة النحاة ص334؛ والحماسة البصرية 2/ 173؛ والزهرة ص87؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1392؛ وهمع الهوامع 1/ 161. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 وشاع نحو خاف ربه عمر ... وشد نحو زان نوره الشجر   على إنما. وذهب الجمهور من البصريين والفراء وابن الأنباري إلى منع تقديم الفاعل المحصور. وأجازوا تقديم المفعول المصحور لأنه في نية التأخير "وشاع" في لسان العرب تقديم المفعول الملتبس بضمير الفاعل عليه "نحو خاف ربه عمر" وقوله: 388- جاء الخلافة أو كانت له قدرا ... كما أتى ربه موسى على قدر لأن الضمير فيه وإن عاد على متأخر في اللفظ إلا أنه متقدم في الرتبة "وشذ" في كلامهم تقديم الفاعل الملتبس بضمير المفعول عليه "نحو زان نوره الشجر" لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة. قال الناظم: والنحويون إلا أبا الفتح يحكمون بمنع هذا، والصحيح جوازه؛ واستدل على ذلك بالسماع. وأنشد على ذلك أبياتًا منها قوله: 389- ولو أن مجدًا أخلد الدهر واحدًا ... من الناس أبقى مجده الدهر مطعما وقوله: 390- وما نفت أعماله المرء راجيًا ... جزاء عليها من سوى من له الأمر وقوله:   وقع من زيد لعمرو ولم يحصل من غيره لغيره وهذا غير ما يفيده تأخير المحصور فيه لأن مفاده أن ضرب عمرو محصور في زيد وهذا لا ينافي أن الضرب حصل من غير زيد لغير عمرو، ولزم محذور آخر وهو استثناء شيئين بأداة واحدة بغير عطف وهو ممنوع مطلقا كما ستعرفه في باب الاستثناء وإن أريد أن عمرا مقدم معنى وليس مستثنى لم يلزم المحذوران المذكوران لكن يلزم عمل ما قبل إلا فيما بعدها مما لم يذكروا جواز عمل ما قبل إلا فيه في قولهم لا يعمل ما قبل إلا فيما بعدها إلا إن كان مستثنى نحو ما قام إلا زيد أو مستثنى منه نحو ما قام إلا زيدا أحد أو تابعا له نحو ما قام أحد إلا زيدا فاضل. ا. هـ. وللكسائي اختيار الشق الثاني وزيادة المحصور المقابل للمحصور فيه فيما جوزوا عمل ما قبل إلا فيه فتدبر. قوله: "في نية التأخير" أي فتقديمه كلا تقديم. قوله: "جاء الخلافة" الضمير يرجع إلى الممدوح وهو عمر بن عبد العزيز وقوله أو   388- البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص416؛ والأزهية ص114؛ وخزانة الأدب 11/ 69؛ والدرر 6/ 118؛ وشرح التصريح 1/ 283؛ وشرح شواهد المغني 1/ 196؛ ومغني اللبيب 1/ 62، 71؛ والمقاصد النحوية 2/ 485، 4/ 145؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 124؛ والجني الداني 230؛ وشرح ابن عقيل ص499؛ وشرح عمدة الحافظ ص627؛ وشرح قطر الندى ص184؛ وهمع الهوامع 2/ 134. 389- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص243؛ والاشتقاق ص88؛ وتخليص الشواهد ص489؛ وتذكرة النحاة ص 364؛ وشرح الشواهد المغني 2/ 875؛ ومغني اللبيب 2/ 492؛ والمقاصد النحوية 2/ 497؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص738، 796؛ وشرح ابن عقيل ص251. 390- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص364. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   391- جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر ... وحسن فعل كما يجزى سنمار وقوله: 392- كسا حلمه ذا الحلم أثواب سودد ... ورقى نداه ذا الندى في ذرى المجد وقوله: 393- جزى ربه عني عدي بن حاتم ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل وذكر لجوازه وجهًا من القياس. وممن أجاز ذلك قبله وقبل أبي الفتح الأخفش من   كانت يروى بأو بمعنى الواو وبإذ، وقوله قدرا أي مقدرة. قوله: "وشذ" أي على مذهب الجمهور لا على مذهبه لما ستعلمه. قوله: "والصحيح جوازه" أي نظما ونثرا. قوله: "أبا الغيلان" بكسر الغين المعجمة، وعن بمعنى بعد. وقوله كما يجزي أي جزي. وسنمار بكسر السن والنون وتشديد الميم اسم لرجل رومي بنى قصرا عظيما بظهر الكوفة للنعمان بن امرىء القيس ملك الحيرة، فلما فرغ من بنائه ألقاه من أعلاه لئلا يبني لغيره مثله، فضربت به العرب المثل في سوء المجازاة. قوله: "جزاء الكلاب العاويات" قيل هو الضرب والرمي بالحجارة. وقيل هو دعاء عليه بالأبنة لأن الكلاب إنما تتعاوى عند طلب السفاد، وعدي بن حاتم الطائي صحابي فلا يليق به هذا الهجو. قوله: "وجها من القياس" يعني أنه قاسه على المواضع التي يجوز فيها عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة وستأتي قريبا. وأجيب بأنها مخالفة للقياس فلا يقاس عليها أفاده في التصريح ونقل شيخنا عن الهمع أن هذا الوجه هو أن المفعول كثر تقدمه على الفاعل فجعل لكثرته كالأصل. وعبارة الشارح على التوضيح اكتفاء بتقديم المفعول في الشعور لأن الفعل المتعدي إشعارا به فعاد الضمير على متقدم شعورا ومن في كلام الشارح على   391- البيت من البسيط، وهو لسيط بن سعد في الأغاني 2/ 119؛ وخزانة الأدب 1/ 293، 294؛ والدرر 1/ 219؛ ومعجم ما استعجم ص516؛ والمقاصد النحوية 2/ 495؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص489؛ وتذكرة النحاة ص364؛ وخزانة الأدب 1/ 280؛ وشرح ابن عقيل ص252؛ وهمع الهوامع 1/ 66. 392- البيت من الطويل وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص490؛ وتذكرة النحاة ص364؛ والدرر 1/ 218؛ وشرح المغني 2/ 875؛ وشرح ابن عقيل ص251؛ ومغني اللبيب 2/ 492؛ والمقاصد النحوية 2/ 499؛ وهمع الهوامع 1/ 66. 393- البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص191؛ والخصائص 1/ 294؛ وله أو لأبي الأسود الدؤلي في خزانة الأدب 1/ 277، 278، 281، 287؛ والدرر 1/ 217؛ وللنابغة أو لأبي الأسود أو لعبد الله بن همارق في شرح التصريح 1/ 283؛ والمقاصد النحوية 2/ 487؛ ولأبي الأسود الدؤلي في ملحق ديوانه ص401؛ وتخليص الشواهد ص490؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 125؛ وشرح شذور الذهب ص178؛ وشرح ابن عقيل ص252؛ ولسان العرب 15/ 108؛ وهمع الهوامع 1/ 66. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   البصريين والطوال من الكوفيين. وتأول المانعون بعض هذه الأبيات بما هو خلاف ظاهرها. وقد أجاز النحاة ذلك في النثر وهو الحق والإنصاف لأن ذلك إنما ورد في الشعر. تنبيهات: الأول لو كان الضمير المتصل بالفاعل المتقدم عائدًا على ما اتصل بالمفعول المتأخر نحو ضرب أبوها غلام هند امتنعت المسألة إجماعًا، كما امتنع في الدار. وقيل فيه خلاف. واختلف في نحو ضرب أباها غلام هند فمنعه قوم وأجازه آخرون، وهو الصحيح لأنه لما عاد الضمير على ما اتصل بما رتبته التقديم كان كعوده على ما رتبته التقديم. الثاني كما يعود الضمير على متقدم رتبة دون لفظ ويسمى متقدمًا حكمًا كذلك يعود على متقدم معنى دون لفظ، وهو العائد على المصدر المفهوم من الفعل: نحو أدب ولدك في الصغر ينفعه في الكبر، أي التأديب؛ ومنه: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] ، أي العدل. الثالث يعود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة سوى ما تقدم في ستة مواضع: أحدها الضمير المرفوع بنعم وبئس: نحو نعم رجلًا زيد، وبئس رجلًا عمرو، بناء على أن المخصوص مبتدأ لخبر محذوف أو خبر لمبتدأ محذوف. الثاني أن يكون مرفوعًا بأول المتنازعين المعمل ثانيهما كقوله: 394- جفوني ولم أجف الأخلاء إنني ... لغير جميل من خليلي مهمل على ما سيأتي في بابه. الثالث أن يكون مخبرًا عنه فيفسره خبره نحو: {إِنْ هِيَ إِلَّا   الحل الأول بيانية والقياس عليه بمعناه المعروف وأما على الوجهين الأخيرين فمن تبعيضية والقياس بمعنى النظر أي من أوجه النظر والرأي. قوله: "وممن أجاز ذلك إلخ" اختار هذا المذهب أيضا الرضي. قوله: "والطوال" بضم الطاء وتخفيف الواو. قوله: "وتأول المانعون بعض إلخ" قالوا في قوله جزى إلخ الضمير عائد إلى الجزاء المفهوم من جزى أو لشخص غير عدي. قوله: "في الشعر" أي للضرورة. قوله: "امتنعت المسألة إجماعا" أجمع هنا واختلف في نحو زان نوره الشجر لاختلاف العامل هنا في مرجع الضمير وملابسه واتحاده في زان نوره الشجر فهو طالب للمرجع أيضا فكأنه متقدم رتبة وقوله كما امتنع إلخ أي لما مر من اختلاف العامل. قوله: "في نحو ضرب أباها غلام هند" أي من كل ما اتصل فيه المفعول المتقدم بضمير يعود على ما اتصل بالفاعل المتأخر. قوله: "بناء على أن المخصوص إلخ" أما على أنه   394- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 77، 5/ 282؛ وأوضح المسالك 2/ 200؛ وتخليص الشواهد ص515؛ وتذكرة النحاة ص359؛ والدرر 1/ 219، 5/ 318؛ وشرح التصريح 2/ 874؛ وشرح قطر الندى ص197؛ ومغني اللبيب 2/ 489؛ والمقاصد النحوية 3/ 14؛ وهمع الهوامع 1/ 66، 2/ 109. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} [الأنعام: 29؛ المؤمنون: 37] ، الرابع ضمير الشأن والقصة نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 97] . الخامس أن يجر برب وحكمه حكم ضمير نعم وبئس في وجوب كون مفسره تمييزًا وكونه مفردًا، كقوله: 395- ربه فتية دعوت إلى ما ... يورث المجد دائبًا فأجابوا ولكنه يلزم أيضًا التذكير فيقال ربه امرأة لا ربها، ويقال نعمت امرأة هند. السادس أن يكون مبدلًا منه الظاهر المفسر له: كضربته زيدًا. قال ابن عصفور: أجازه الأخفش ومنعه سيبويه. وقال ابن كيسان: هو جائز بإجماع. ا. هـ. خاتمة: قد يشتبه الفاعل بالمفعول وأكثر ما يكون ذلك إذا كان أحدهما اسمًا ناقصًا والآخر اسمًا تامًَّا، وطريق معرفة ذلك أن تجعل في موضع التام إن كان مرفوعًا ضمير   مبتدأ خبره الجملة قبله فهو مما عاد فيه الضمير على متقدم رتبة. قوله: "على ما سيأتي في بابه" أي من الخلاف فالبصريون يجيزونه والكوفيون يمنعونه. قوله: "أن يكون مخبرا عنه فيفسره خبره" كان الأولى أن يقول مخبرا عنه بخبر يفسره والمراد غير ضمير الشأن لئلا يتكرر مع ما بعده والأصح أن الضمير في الآية عائد على معلوم من السياق لا على الحياة الدنيا المخبر بها وإلا كان التقدير أن حياتنا الدنيا إلا حياتنا الدنيا وهو ممنوع إلا أن يجاب بأن الضمير راجع إلى الموصوف بقطع النظر عن صفته. قوله: "ضمير الشأن والقصة" المراد بالشأن والقصة الحديث كما تقدم في باب المبتدإ وهو ضمير غيبة يفسره جملة خبرية بعده مصرح بجزأيها ويؤتى به للدلالة على قصد المتكلم استعظام السامع حديثه ويذكر باعتبار الشأن ويؤنث باعتبار القصة. وإنما يؤنث إذا كان في الجملة بعده مؤنث عمدة وتأنيثه حينئذٍ أولى نحو إنها هند حسنة إنها قمر جاريتك، {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ} [الحج: 46] ، ولا يفسر بجملة فعلية إلا إذا دخل عليه ناسخ وبقية الكلام عليه سلفت في باب كان وأخواتها. قوله: "وكان مفردا إلخ" أجاز الكوفيون مطابقته للتمييز في التأنيث والتثنية والجمع وليس بمسموع. مغني. قوله: "دائبا" أي دائما. قوله: "ولكنه يلزم أيضا التذكير" أي فيخالف ضمير نعم من هذه الجهة. قوله: "قد يشتبه الفاعل" أي في الواقع بالمفعول أي في الواقع. قوله: "وأكثر ما يكون ذلك" أي الاشتباه. قوله: "اسما ناقصا" أراد به الاسم الموصول لعدم دلالته على معناه إلا بصلته وما أشبهه مما لا يتضح معناه إلا بضميمة كما الموصوفة وبالتام ما عداه وقيل أراد بالناقص خفي   395- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 19؛ والدرر 4/ 128؛ وشرح التصريح 2/ 4؛ وشرح شذور الذهب ص172؛ وشرح شواهد المغني ص874؛ ومغني اللبيب ص491؛ والمقاصد النحوية 3/ 259؛ وهمع الهوامع 2/ 27. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 النائب عن الفاعل : ينوب مفعول به عن فاعل ... فيما له كنيل خير نائل   المتكلم المرفوع، وإن كان منصوبًا ضميره المنصوب، وتبدل من الناقص اسمًا بمعناه في العقل وعدمه، فإن صحت المسألة بعد ذلك فهي صحيحة قبله وإلا فهي فاسدة، فلا يجوز أعجب زيد ما كره عمرو إن أوقعت ما على ما لا يعقل؛ لأنه لا يجوز أعجبت الثوب، ويجوز نصب زيد لأنه لا يجوز أعجبني الثوب، فإن أوقعت ما على أنواع من يعقل جاز رفعه؛ لأنه يجوز أعجبت النساء وتقول أمكن المسافرَ السفرُ بنصب المسافر لأنك تقول أمكنني السفر، ولا تقول أمكنت السفر والله أعلم. النائب عن الفاعل: "ينوب مفعول به عن فاعل" حذف لغرض: إما لفظي كالإيجاز وتصحيح النظم، أو معنوي كالعلم به والجهل والإبهام والتعظيم والتحقير والخوف منه أو عليه. وسيأتي أنه   الإعراب وبالتام ظاهره. قوله: "وطريق معرفة ذلك" أي الفاعل الصواب والمفعول الصواب. قوله: "إن كان مرفوعا" أي في عبارة المتكلم أعم من أن يكون رفعه صوابا أو خطأ. قوله: "اسما بمعناه" أي الناقص. وقوله في العقل إما أن تكون في بمعنى من بيانا للمعنى أو متعلقة بمحذوف صفة ثانية للاسم مفسرة للصفة الأولىءَ مماثلا له في العقل وعدمه. وإنما ذكره دفعا لتوهم أن المراد بكونه بمعناه ترادفهما. قوله: "ويجوز نصب زيد" المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب فلا اعتراض بأن نصب زيد واجب وقوله جاز رفعه أي ونصبه. قوله: "على أنواع من يعقل" أراد بالأنواع ما يشمل الأفراد. قوله: "وتقول أمكن إلخ" هذا من غير الأكثر لأن الفاعل والمفعول اسمان تامان. النائب عن الفاعل: هذه العبارة أولى وأخصر من قول كثير المفعول الذي لم يسم فاعله لصدقه على دينارا من أعطى زيد دينارا، وعدم صدقه على الظرف وغيره مما ينوب عن الفاعل وإن أجيب بأن المفعول الذي لم يسم فاعله صار كالعلم بالغلبة على ما ينوب مناب الفاعل من مفعول وغيره. قوله: "لغرض" المراد بالغرض هنا السبب الباعث لا الفائدة المترتبة على الفعل المقصودة منه لأنه لا يظهر في جميع ما ذكره من الأغراض. قوله: "كالعلم به" نحو: {وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] ، وقوله والجهل نظر فيه ابن هشام بأن الجهل إنما يقتضي أن لا يصرح باسمه الخاص به لا أن يحذف بالكلية ألا ترى أنك تقول سأل سائل وسام سائم. وقد يقال لا يشترط في الغرض من الشيء أن لا يحصل من غيره. فاعرفه قال شيخنا وتبعه البعض: جعل الشارح الجهل من الغرض المعنوي تبع فيه الناظم وهو غير ظاهر، والظاهر ما في التوضيح من جعله مقابلا للغرض اللفظي والمعنوي. ا. هـ. وعندي أن الظاهر ما مشى عليه الناظم والشارح فتأمل. وقوله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 فأول الفعل اضممن والمتصل ... بالآخر اكسر في مضي كوصل واجعله من مضارع منفتحا ... كينتحي المقول فيه ينتحى   ينوب عن الفاعل أشياء غير المفعول به لكن هو الأصل في النيابة عنه "فيما له" من الأحكام كالرفع والعمدية ووجوب التأخير وغير ذلك "كنيل خير نائل" فخير نائب عن الفاعل المحذوف إذ الأصل نال زيد خير نائل، نعم النيابة مشروطة بأن يغير الفعل عن صيغته الأصلية إلى صيغة تؤذن بالنيابة "فأول الفعل" الذي تبنيه للمفعول "اضممن" مطلقًا   والإبهام أي على السامع كقول مخفي صدقته تصدق اليوم على مسكين ويأتي فيه تنظير ابن هشام. وقوله والتعظيم أي تعظيم الفاعل بصون اسمه عن لسانك أو عن مقارنة المفعول نحو خلق الخنزير. وقوله والتحقير أي تحقير الفاعل نحو طعن عمر وقتل الحسين. ومن المعنوي كراهة السامع سماع لفظ الفاعل قال ابن هشام وهذا من تطفل النحويين على صناعة البيان. ا. هـ. وأراد بالبيان ما يشمل علم المعاني لأن ما ذكر من تعلقات علم المعاني. قوله: "وسيأتي أنه ينوب إلخ" إشارة إلى سؤال وجواب منشؤهما اقتصار المصنف هنا على المفعول به. قوله: "فيما له من الأحكام" لا يعترض بأن من جملتها أنه إذا قدم أعرب مبتدأ والنائب إذا كان ظرفا أو مجرورا وقدم لا يعرب مبتدأ وأنه يؤنث الفعل له، والنائب إذا كان أحدهما لا يؤنث الفعل له لأن كلامه هنا في النائب المفعول به لا مطلق النائب. قوله: "كالرفع إلخ" وكوجوب ذكره واستحقاقه الاتصال بالعامل وكونه كالجزء منه وتأنيث الفعل لتأنيثه على التفصيل السابق وإغنائه عن الخبر في نحو أمضروب العبدان وتجريد العامل من علامة التثنية والجمع على اللغة الفصحى. قوله: "ووجوب التأخير" صرح بالوجوب هنا فقط للخلاف فيه دون الأولين. وقول البعض للخلاف في الأولين سبق قلم. قوله: "نائل" اسم مصدر بمعنى النوال أي العطاء. نعم النيابة إلخ استدراك على قوله: ينوب مفعول به عن فاعل فيما له. دفع به توهم نيابته عنه من غير تغيير لصيغته مع أن نائب الفاعل لا يرتفع إلا بالفعل المغير أو اسم المفعول، وفي ارتفاعه بالمصدر المؤول بأن والفعل المبني للمجهول خلاف فقيل بالمنع مطلقا لأن ما يرفع الفاعل من فعل أو وصف لا يكون على صيغة ما يرفع المفعول والمصادر لا تختلف صيغها فلا تصلح لذلك ولأنه قد يلبس بالمصدر الرافع للفاعل. وقيل بالجواز مطلقا والأصح الجواز حيث لا لبس كعجبت من أكل الطعام بتنوين أكل ورفع الطعام بخلاف الملبس كعجبت من ضرب عمرو، وعلى جواز ذلك يجوز أيضا إضافة المصدر لنائب فاعله فيكون في محل رفع كما يجوز جعل ما أضيف إليه المصدر في محل نصب على المفعولية والفاعل حذف من غير نيابة شيء عنه وعلى المنع يتعين إضافة المصدر لما بعده على أنه في محل نصب على المفعولية أفاده في شرح الجامع. قوله: "عن صيغته الأصلية" هذا كالصريح في أن المبني للمفعول فرع المبني للفاعل وهو مذهب الجمهور وقيل كل أصل. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 والثاني التالي تا المطاوعه ... كالأول اجعله بلا منازعه وثالث الذي بهمز الوصل ... كأول اجعلنه كاستحلي واكسر أو اشمم فاثلاثي أعل ... عينًا وضم جا كبوع فاحتمل   "و" الحرف "المتصل" بالآخر" منه" اكسر في مضي كوصل" وخرج "واجعله" أي المتصل بالآخر "من مضارع منفتحًا كينتحي المقول فيه" عند البناء للمفعول "يُنتحى و" الحرف "الثاني التالي تا المطاوعة" وشبهها من كل تاء مزيده "كالأول اجعله بلا منازعه" تقول تدحرج الشيء وتغوفل عن الأمر باتباع الثاني للأول في الضم "وثالث" الفعل "الذي" بدئ "بهمز الوصل كالأول اجعلنه كاستخلي" الشراب، واستخرج المال فتتبع الثالث أيضًا للأول في الضم "واكسر أو اشمم فا" فعل "ثلاثي أعل عينًا" واويا أو يائيا   "اضممن" أي ولو تقديرا كنيل وقوله مطلقا أي ماضيا أو مضارعا. قوله: "اكسر" أي ولو تقديرا كرد وطلب كسره ظاهر إذا لم يكن مكسورا في الأصل، فإن كان مكسورا في الأصل فأما أن يقال يقدر أن الكسر الأصلي ذهب وأتى بكسر بدله، أو يقال المراد اكسر إذا لم يكن مكسورا في الأصل وكذلك يقال في قوله: واجعله من مضارع منفتحا والكسر هو الكثير في لسان العرب ومنهم من يسكنه ومنهم من يفتحه في المعتل اللام ويقلب الياء ألفا، فيقول في رؤى زيد رأى بفتح الهمزة وقلب الياء ألفا فتحصل في الماضي المعتل اللام ثلاث لغات قاله المصرح. قوله: "منفتحا" أي ولو تقديرا كيقال. قوله: "كينتحي" من الانتحاء وهو الاعتماد. وقيل الاعتراض والمقول بالجر نعت له أو بالضم على الاستئناف. قوله: "والثاني" أتى به ليفيد أن هذا في الماضي لأن تالي تاء الطاوعة لا يكون ثانيا في المضارع بل ثالثا فيه لزيادة حرف المضارعة قبلها فالتالي لتاء المطاوعة في المضارع باق على ما كان عليه في المبني للفاعل وسماها تاء المطاوعة مع أن التي للمطاوعة هي المبنية بنفسها لاختصاص تلك التاء بهذه البنية فسميت باسمها كذا في الشاطبي والمطاوعة حصول الأثر من الأول للثاني نحو علمته فتعلم وكسرته فتكسر. قوله: "من كل تاء مزيدة" أي زيادة معتادة لتخرج التاء من قولهم ترمس الشيء بمعنى رمسه أي دفنه فلا يضم ثاني الفعل معها إذا بني للمجهول كما في التصريح وإنما كانت غير معتادة لأن الأصل في التوصل إلى الساكن المصدر به الكلمة أن يكون بالهمزة. قوله: "تدحرج الشيء وتغوفل عن الأمر" فيه مع قوله تاء المطاوعة وشبهها لف ونشر مرتب. وفي التمثيل بالأول نظر لأنه لا يبني للمفعول به إلا المتعدي. قوله: "وثالث الفعل" أي الماضي الزائد على أربعة أحرف لأن همزة الوصل لا تلحق المضارع والماضي الثلاثي والرباعي. قوله: "كالأول" أي كالحرف الأول. قوله: "فتتبع" بالنصب في جواب الأمر. قوله: "أو اشمم" بنقل حركة الهمزة إلى الواو. قوله: "أعل عينا" أي غيرت عينه فخرج المعتل الذي لم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فقد قرئ وقيل: {يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ} [هود: 44] ، بهما والإشمام هو الإتيان على الفاء بحركة بين الضم والكسر، وقد يسمى روما "وضم جا" في بعض اللغات "كبوع" وحوك "فاحتمل" كقوله: 396- ليت وهل ينفع شيئًا ليت ... ليت شبابًا بوع فاشتريت وكقوله: 397- حوكت على نيرين إذ تحاك ... تختبط الشوك ولا تشاك تنبيه: أشار بقوله فاحتمل إلى ضعف هذه اللغة بالنسبة للغتين الأوليين، وتعزى لبني   تغير عينه نحو عور وصيد واعتور فإنه إذا بني للمفعول سلك به مسلك الصحيح وقوله واويا كان أي كقيل أو يائيا أي كغيض، وأصل قيل قول نقلت كسرة الواو لاستثقالها عليها إلى القاف بعد سلب حركتها فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها كما في ميزان وأصل غيض غيض نقلت كسرة الياء كذلك. قوله: "والإشمام" أي هنا ويطلق عند القراء على الإشارة بالشفتين إلى الرفع أو الضم عند الوقف على نحو نستعين ومن قبل وعلى الإنحاء بالكسرة نحو الضمة فتميل الياء الساكنة نحو الواو وعلى خلط الصاد بالزاي في الصراط وأصدق، وقوله بين الضم والكسر بأن يؤتى بجزء من الضمة قليل سابق وجزء من الكسرة كثير لاحق ومن ثم تمحضت الياء قاله العلوي فالبينية على وجه الإفراز لا الشيوع وفي الأشباه والنظائر للسيوطي عن صاحب البسيط وغيره أن الحركات ست الثلاث المشهورة وحركة بين الفتحة والكسرة وهي التي قبل الألف الممالة وحركة بين الفتحة والضمة وهي التي قبل الألف المفخمة في قراءة ورش نحو الصلاة والزكاة والحياة وحركة بين الكسر والضمة وهي حركة الإشمام في نحو قيل وغيض على قراءة الكسائي. قوله: "وضم" سوغ الابتداء به وقوعه في معرض التفصيل. قوله: "ليت إلخ" ليت الثانية مراد بها لفظها فاعل ينفع وليت الثالثة تأكيد للأولى التي لها الاسم والخبر، وشيئا مفعول مطلق لا مفعول به وفاقا للموضح وخلافا للعيني. قوله: "حوكت على نيرين" أي نسجت على طاقين   396- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص171؛ والدرر 4/ 26، 6/ 260؛ وشرح التصريح 1/ 295؛ وشرح شواهد المغني 2/ 819؛ والمقاصد النحوية 2/ 524؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص92؛ وأوضح المسالك 2/ 155؛ وتخليص الشواهد ص495؛ وشرح ابن عقيل ص256؛ ومغني اللبيب 2/ 632؛ وهمع الهوامع 1/ 248، 2/ 165. 397- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 156؛ وتخليص الشواهد ص495؛ والدرر 6/ 261؛ وشرح النصريح 295؛ وشرح ابن عقيل ص255؛ والمقاصد النحوية 2/ 526؛ والمنصف 1/ 250؛ وهمع الهوامع 2/ 165. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 وإن بشكل خيف لبس يجتنب ... وما لباع قد يُرى لنحو حب   فقعس وبني دبير "وإن بشكل" من هذه الأشكال "خيف ليس يجتنب" ذلك الشكل ويعدل إلى شكل آخر لا لبس فيه، فإذا أسند الفعل الثلاثي المعتل العين بعد بنائه للمفعول إلى ضمير متكلم أو مخاطب: فإن كان يائيا كباع من البيع اجتنب كسره وعدل إلى الضم أو الإشمام لئلا يلتبس بفعل الفاعل: نحو بعت العبد فإنه بالكسر ليس إلا وإن كان واويا كسام من السوم اجتنب ضمه وعدل إلى الكسر أو الإشمام لئلا يلتبس بفعل الفاعل: نحو سمت العبد فإنه بالضم ليس إلا. تنبيه: ما ذكره من وجوب اجتناب الشكل الملبس على ما هو ظاهر كلامه هنا وصرح به في شرح الكافية لم يتعرض له سيبويه، بل ظاهر كلامه جواز الأوجه الثلاثة مطلقًا، ولم يلتفت للالتباس لحصوله في نحو مختار وتضار. نعم الاجتناب أولى وأرجح "وما لباع" ونحوه من جواز الضم والكسر والإشمام "قد يرى لنحو حب" ورد من كل   لتقوى، والضمير للرداء وهو يذكر ويؤنث وقوله إذ تحاك أي إذ حيكت. قوله: "وبني دبير" بالتصغير. قوله: "من هذه الأشكال" ظاهره أن الإشمام شكل ولا مانع منه وإن منعه البعض لأن المراد بالشكل الكيفية الحاصلة للفظ لكن الإشمام لا يخاف به لبس فكان الأحسن أن يقول من شكلي الضم والكسر. قوله: "خيف لبس" أي بين الفعل المبني للفاعل والفعل المبني للمفعول. قوله: "يجتنب" أي حيث لا قرينة على المراد كما هو معلوم من نظائره فلا اعتراض على إطلاقه على أن اللبس إنما يتحقق عند عدم القرينة. قوله: "أو مخاطب" أو نون الإناث كما في شرح الجامع. قوله: "فإن كان يائيا" ينبغي أن يكون مثله الواوي الذي مضارعه بفتح العين نحو خفت فيضم أو يشم عند إرادة بنائه للمفعول لئلا يلتبس بالمبني للفاعل فإنه بالكسر ليس إلا. ثم رأيت في سم ما يؤيده. قوله: "نحو بعت العبد" مثال لفعل الفاعل وكذا قوله بعد نحو سمت العبد. قوله: "فإنه" أي فعل الفاعل بالكسر إلخ. قوله: "وإن كان واويا" أي مضارعه على غير يفعل بفتح العين كما علم مما مر. قوله: "على ما هو ظاهر كلامه" إنما قال ظاهر لاحتمال أن يراد يجتنب جوازا أو استحسانا. قوله: "لحصوله في نحو مختار وتضار" أي في الاسم والفعل إذ الأول يحتمل اسم الفاعل فتكون ألفه منقلبة عن ياء مكسورة واسم المفعول فتكون منقلبة عن ياء مفتوحة. والثاني يحتمل البناء للفاعل فتكون الراء الأولى قبل الإدغام مكسورة والبناء للمفعول فتكون مفتوحة، ورد بأنهما من باب الإجمال لا من باب اللبس الذي كلا منافيه. قوله: "وما لباع إلخ" قال سم وتبعه غيره هذا شامل لمسألة اللبس المتقدمة فيجتنب الشكل الملبس في المضاعف كالضم في رد لإلباسه بالأمر فيعدل إلى الكسر أو الإشمام وإنما لم يعدل إلى أحدهما في قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام: 28] ، لأن وقوعه بعد لو قرينة تدفع اللبس بالأمر لأنه لا يقع بعد أداة الشرط. ا. هـ. ولا يخفى ما في كون المترتب على الضم في رد إلباسا لأنه إجمال فافهم. بقي أن ظاهر كلامه يوهم أن الذي يكسر هناك يكسر هنا وكذلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 وما لفا باع لما العين تلي ... في اختار وانقاد وشبه ينجلي وقابل من ظرف أو من مصدر ... أو حرف جر بنيابة حري   فعل ثلاثي مضاعف مدغم، لكم الأفصح هنا الضم حتى قال بعضهم: لا يجوز غيره. والصحيح الجواز، فقد قرأ علقمة: "ردت إلينا" "ولو ردوا" "وما لفا باع" ونحو من جواز الأوجه الثلاثة ثابت "لما العين تلي في" كل فعل على وزن افتعل أو انفعل نحو "اختار وانقاد وشبه ينجلي" فتقول اختور وانقود، واختير وانقيد بضم التاء والقاف وكسرهما والإشمام وتحرك الهمزة بحركتهما "وقابل" للنيابة "ومن ظرف أو من مصدر أو" مجرور "حرف جر بنيابة حري" أي حقيق وما لأفلا: فالقابل للنيابة من الظروف والمصادر هو المتصرف المختص: نحو صيم رمضان، وجلس أمام الأمير: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} [الحاقة: 13] ، بخلاف اللازم منهما نحو عند وإذا وسبحان ومعاذ لامتناع الرفع، وأجاز الأخفش جلس عندك، وبخلاف المبهم نحو صيم رمضان   الإشمام والضم وليس كذلك إلا في الإشمام فمن يكسر هناك يضم هنا ومن يضم هناك يكسر هنا. ومن ثم كان الضم هنا أفصح اللغات فالإشمام فالكسر وكان الأمر في باع بالعكس أفاده الشاطبي. قوله: "لما العين تلي" أي للحرف الذي تليه العين. قوله: "على وزن افتعل أو نفعل" ولو مضاعفين كاشتد وانهل فإن اللغات الثلاث تجري في ذلك أيضا كما قاله الشاطبي وإن أوهم كلام المصنف خلافه حيث اقتصر على التمثيل بالمعتل. قوله: "وتحرك الهمزة بحركتهما" أي من ضم أو كسر أو اشمام وإن أوهم كلام المصنف لزوم الضم مطلقا لأنه أطلق أولا أن الفعل يضم أوله واقتصر هنا على جريان الأوجه الثلاثة فيما قبل العين قاله الشاطبي. قوله: "وقابل من ظرف إلخ" إسناد الفعل عند نيابة المفعول به حقيقة وعند نيابة غيره من الظرف والمجرور والمصدر مجاز عقلي كما عليه الدماميني وغيره. ونازع فيه السيد الصفوي وكذا الروداني فإنه حقق أن الإسناد في الثلاثة أيضا حقيقة. قوله: "أو من مصدر" مراده به ما يشمل اسم المصدر كما يؤخذ من تمثيل الشارح فيما يأتي بسبحان. قوله: "أو مجرور حرف جر" أجرى المتن على مذهب البصريين من أن نائب الفاعل المجرور فقط مع أن مذهب المصنف على مقتضى ظاهر كلامه في الكافية والتسهيل أنه مجموع الجار والمجرور ونقل ترجيحه عن ابن هشام فكان الأنسب إجراء كلامه هنا عليه، لكن في الروداني ما نصه وقول التسهيل أو جار ومجرور منتقد بأنه لم يذهب أحد إلى أن الجار والمجرور معا هو النائب. ا. هـ. وكذا في الهمع عن أبي حيان. قوله: "هو المتصرف المختص" المتصرف من الظروف ما يفارق النصب على الظرفية والجر بمن ومن المصادر ما يفارق النصب على المصدرية والمختص من الظروف ما خصص بشيء من أنواع الاختصاص كالإضافة والصفة والعلمية ومن المصادر ما كيون لغير مجرد التوكيد. قوله: "لامتناع الرفع" تعليل لقوله بخلاف اللازم منهما. قوله: "جلس عندك" أي بالنصب على الظرفية ويكون حينئذٍ في محل رفع فليست الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وجلس مكان وسير سير، لعدم الفائدة، فامتناع سير على إضمار السير أحق خلافًا لمن أجاز. فأما قوله: 398- وقالت متى يبخل عليك ويعلل ... يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب فمعناه ويعتلل هو أي الاعتلال المعهود، أو اعتلال عليك، فحذف عليك لدلالة عليك الأول عليه، كما هو شأن الصفات المخصصة وبذلك يوجه: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ} [سبأ:   الدال مضمومة كما توهم إذ الأخفش لا يقول بخروجه عن ملازمة الظرفية وإنما الخلاف في نيابته عن الفاعل وعدمها فالأخفش يجوز نيابة الظرف غير المتصرف مع بقائه على النصب صرح به الدماميني. قوله: "لعدم الفائدة" لدلالة الفعل على المبهم من المصدر والزمان وضعا وعلى المبهم من المكان التزاما. قوله: "فامتناع سير" أي بالبناء للمجهول على إضمار السير أي إضمار ضمير يعود على السير المبهم المفهوم من سير أحق أي بالمنع من سير سير لأن الضمير أكثر إبهاما من الظاهر أما على إضمار ضمير يعود على سير مخصوص مفهوم من غير العامل فجائز كما في بلى سير لمن قال ما سير سير شديد كما في الهمع، ويدل عليه كلام الشارح بعد. قوله: "خلافا لمن أجازه" يعني ابن درستويه ومن معه كما يأتي. قوله: "ويتعلل" أي يعتذر أو يتجنى لمجيء الاعتلال بالمعنيين، وقوله وأن يكشف غرامك أي حرارة غرامك بالوصال تدرب من باب فرح أي تعتد أي يصر لك ذلك عادة، والمراد أنها لا تقطع وصاله دائما عادة، والمراد أنها لا تقطع وصاله دائما فيحمله ذلك على اليأس والسلو، ولا تصله دائما فيتعود ذلك ويطلبه كل حين كذا قال العيني ومقتضاه أن تدرب بالدال المهملة. وضبطه الدماميني والشمني بالذال المعجمة أي يحتد لسانك. قوله: "أي الاعتلال المعهود" أي بين المتكلم والمخاطب لا المفهوم من الفعل لعدم إفادة النائب حينئذٍ ما لم يفده الفعل كذا قال الشمني: أي فالضمير الذي هو نائب فاعل عائد إلى مصدر مختص بأل العهدية مفهوم جنسه من الفعل لا مبهم. وقوله أو اعتلال عليك أي فالضمير الذي هو نائب فاعل عائد إلى مصدر مختص بصفة محذوفة لدلالة ما قبل مفهوم جنسه من الفعل لا مبهم، فالموصوف مرجع الضمير لا الضمير حتى يرد ما قيل إن الضمير لا يوصف فلا يتم قوله كما هو شأن الصفات المخصصة. قوله: "كما هو" أي الحذف جواز الدليل شأن الصفات المخصصة كما في قوله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: 105] ، أي نافعا بدليل: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأعراف: 9] . قوله: "وبذلك" أي بكون الضمير عائدا على مختص بالعهد أو الصفة فيكون التقدير وحيل   398- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص42، وشرح التصريح 1/ 289؛ وشرح شواهد المغني ص92، 883، ولعلقمة في ديوانه ص83 ولأحدهما في المقاصد النحوية 2/ 506؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 142؛ ومغني اللبيب ص516. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   54] وقوله: 399- فيا لك من ذي حاجة حيل دونها ... وما كل ما يهوى امرؤ هو نائله والقابل للنيابة من المجرورات هو الذي لم يلزم الجار له طريقة واحدة في الاستعمال، كمذ ومنذ ورب وحرف القسم والاستثناء، ونحو ذلك، ولا دل على تعليل كاللام والباء وعن إذا جاءت للتعليل. فأما قوله: 400- يغضي حياء ويغضي من مهابته ... فلا يكلم إلا حين يبتسم   هو أي الحول المعهود أو حول بينهم إلا أن الصفة هنا مذكورة. ومثل ذلك يقال في قول الشاعر حيل دونها فلا يكون فيهما دليل لمن أجاز نيابة ضمير المصدر المبهم المفهوم من الفعل لكن يحتاج إلى جعل المرجع الموصوف مقدما على الضمير وإن تأخرت الصفة، أو جعله المصدر المفهوم من الفعل لا بقيد كونه مبهما بقرينة صفته، أو جعل تقدم مفهم جنسه وهو الفعل كتقدمه، وإنما احتيج إلى ذلك لئلا يلزم عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة فتأمل. ولا يصح كون الظرف نائبا لأن بين ودون غير متصرفين كما في التصريح. نعم يتجه أن يكون بينهم ودونها نائب فاعل بناء على قول الأخفش بجواز إنابة غير المتصرف. قوله: "فيالك من ذي حاجة" يا للنداء واللام للاستغاثة ومن ذي حاجة متعلق بمحذوف أي أستغيثك من أجل ذي حاجة وجعل العيني اللام للاستغاثة ويا للتنبيه لا للنداء لا يخفى ما فيه. قوله: "كمذ ومنذ إلخ" مثال للمنفي فمذ ومنذ مختصان بجر الزمان ورب بالنكرات وحروف القسم بالمقسم به وحروف الاستثناء بالمستثنى. قوله: "ونحو ذلك" كحتى المختصة بالظاهر الذي هو غاية لما قبلها. قوله: "ولا دل على تعليل" لأنه مبني على سؤال مقدر فكأنه من جملة أخرى وبهذا يعلل منع نيابة المفعول لأجله والحال والتمييز. وأما علة منع نيابة المفعول معه والمستثنى فوجود الفاصل بينهما وبين الفعل وفي المقام بحث وهو أن كون المفعول له والحال مبنيين على سؤال مقدر دون المفعول به لم يتضح وجهه وإن شاع عندهم، لأنه كما يجوز أن يقدر كيف جئت ولم جئت في قولك جئت راكبا محبة يجوز أن يقدر من ضربت في قولك ضربت زيدا، ثم هو اعتبار ضعيف لا ينبغي جعله سببا لمنع نحو يقام لإجلال زيد ويهتز من اشتياقه مما هو كلام مفيد فتأمل. قوله: "إذا جاءت" أي الثلاثة للتعليل فإن لم تجىء له بأن كانت لغيره لم يمتنع إنابة مجرورها. قوله: "يغضي حياء" الضمير يرجع إلى زين العابدين علي بن الحسين رضي الله تعالى   399- البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص78؛ وشرح التصريح 1/ 290؛ والمقاصد النحوية 2/ 510؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 144. 400- البيت من البسيط، وهو للحزين الكناني "عمرو بن عبد وهيب" في الأغاني 15/ 263؛ ولسان العرب 13/ 114 "حزن"، والمؤتلف والمختلف ص89؛ وللفرزدق في ديوانه 2/ 179؛ وأمالي المرتضى 1/ 68؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1622؛ وشرح شواهد المغني 2/ 732؛ ومغني اللبيب 1/ 320؛ المقاصد النحوية 2/ 513، 3/ 273؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 146؛ وشرح المفصل 2/ 53. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فالنائب فيه ضمير المصدر كذلك على ما مر، لا قوله من مهابته. تنبيهات: الأول ذكر ابن إياز أن الباء الحالية في نحو خرج زيد بثيابه لا تقوم مقام الفاعل، كما أن الأصل الذي ينوب عنه كذلك وكذلك المميز إذا كان معه من، كقولك: طبت من نفس فإنه لا يقوم مقام الفاعل أيضًا، وفي هذا الثاني نظر، فقد نص ابن عصفور على أنه لا يجوز أن تدخل من على المميز المنتصب عن تمام الكلام. الثاني ذهب ابن درستويه والسهيلي وتلميذه الرندي إلى أن النائب في نحو مر بزيد ضمير المصدر، لا   عنهما. والإغضاء إدناء الجفون بعضها من بعض. واستقرب الروداني جعل النائب ضميرا عائدا على الطرف المفهوم التزاما من يغضي لأن الإغضاء خاص بالطرف. قوله: "كذلك" أي كالمذكور من الآية والبيتين. وقوله على ما مر أي على الوجه الذي مر في ويعتلل لكن الصفة هنا مذكورة. قوله: "لا تقوم" على حذف مضاف أي لا يقوم مدخولها وقوله كما أن الأصل يعني الحال التي تعلقت بها الباء. قوله: "إذا كان معه من" مقتضاه أنه إذا لم يكن معه من يقوم مقام الفاعل وهو قول والصحيح خلافه فليجعل التقييد لكون الكلام في المجرور بالحرف. قوله: "وفي هذا الثاني" أي في مثاله لأن مناقشته إنما هي في المثال أما الحكم وهو عدم نيابة التمييز المجرور بمن عن الفاعل فقد سلمه. قوله: "فقد نص ابن عصفور إلخ" بل سيأتي في قول الناظم: واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد ... والفاعل المعنى كطب نفسا تفد وغيرهما هو تمييز المفرد كقفيز بر ورطل زيت. قوله: "المنتصب عن تمام الكلام" أراد بتمام الكلام متممه الذي يحصل به فائدته وهو الفاعل وعن متعلقه بمحذوف أي المحول عن تمام الكلام أي الفاعل فاندفع قول شيخنا والبعض أن كل تمييز ينتصب عن تمام الكلام أي بعده فكان الظاهر أن يقول المحول عن الفاعل. قوله: "ذهب ابن درستويه إلخ" اعلم أنه لا خلاف في إنابة المجرور بحرف زائد وأنه في محل رفع كما في ما ضرب من أحد. فإن جر بغير زائد ففيه أقوال أربعة: أحدها وعليه الجمهور أن المجرور هو النائب في محل رفع. ثانيها وعليه ابن هشام أن النائب ضمير مبهم مستتر في الفعل وجعل مبهما ليحتمل ما يدل عليه الفعل من مصدر أو زمان أو مكان إذ لا دليل على تعيين أحدها. ثالثها وعليه الفراء أن النائب حرف الجر وحده في محل رفع كما يقول بأنه وحده بعد الفعل الله لمبني للفاعل في محل نصب نحو مررت بزيد. رابعها وعليه ابن درستويه والسهيلي والرندي أن النائب ضمير عائد على المصدر المفهوم من الفعل ويتفرع على هذا الخلاف جواز تقديم الجار والمجرور على الفعل وامتناعه. فعلى الأول والثالث يمتنع وعلى الثاني والرابع يجوز. ا. هـ. همع باختصار. ولا يبعد عندي جواز تقديمه حتى على الأول والثالث لأن علة المنع إلباس الجملة الفعلية بالاسمية وهي مفقودة هنا وكالمجرور الظرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المجرور؛ لأنه لا يتبع على المحل بالرفع، ولأنه يتقدم نحو: {كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: 36] ، ولأنه إذا تقدم لم يكن مبتدأ، وكل شيء ينوب عن الفاعل فإنه إذا تقدم كان مبتدأ، ولأن الفعل لا يؤنث له في نحو مر بهند. ولنا: سير بزيد سيرًا، وأنه إنما يراعى محل يظهر في الفصيح، نحو ليست بقائم ولا قاعدًا بالنصب، بخلاف مررت بزيد الفاضل بالنصب، ومر بزيد الفاضل بالرفع؛ لأنك تقول لست قائمًا ولا تقول في الفصيح مررت زيدًا، ولا مر زيد، على أن ابن جني أجاز أن يتبع على محله بالرفع والنائب في الآية ضمير راجع إلى ما رجع إليه اسم كان وهو المكلف، وامتناع الابتداء لعدم التجرد وقد أجازوا النيابة في نحو لم يضرب من أحد، مع امتناع من أحد لم يضرب. وقالوا في كفى بالله شهيدًا إن المجرور فاعل مع امتناع كفت بهند. الثالث مذهب البصريين أن النائب إنما   فاعرفه. قوله: "الرندي" بضم الراء وسكون النون نسبة إلى رندة قرية من قرى الأندلس. قوله: "ضمير المصدر" أي الضمير الراجع إلى المصدر المفهوم من الفعل المستتر فيه كذا في التصريح فنائب الفاعل عند ابن درستويه ومن معه ضمير مصدر مبهم لأنه المفهوم من الفعل ويؤيده الرد عليهم بسير بزيد سيرا فهؤلاء هم المراد بمن في قول الشارح سابقا، فامتناع سير على إضمار السير أحق خلافا لمن أجازه. ا. هـ. وبهذا يعرف ما في كلام البعض هنا من الخلل. قوله: "لأنه لا يتبع إلخ" فلا يقال مر بزيد الظريف ولا ذهب إلى زيد وعمرو برفع التابع فيهما مراعاة لمحل النائب كما في تابع الفاعل المجرور بحرف الجر الزائد وبالمصدر المضاف. قوله: "ولأنه يتقدم" أي على عامله ولو كان نائب فاعل لم يتقدم عليه كما أن أصله وهو الفاعل لا يتقدم على عامله. وفيه أنهم إن أرادوا أنه يتقدم مع كونه نائب فاعل منع وإن أرادوا لا مع كونه نائب فاعل لم يفد لأن الفاعل نفسه يتقدم لا مع كونه فاعلا ونائبه غير المجرور يتقدم لا مع كونه نائبه فكان الأولى أن يتركوا هذا التعليل فتأمله فإنه وجيه. قوله: "ولنا" أي المقوي لنا معشر الجمهور. وقوله سير بزيد سيرا رد لدعواهم من أصلها لأن العرب لم تنب المصدر الظاهر مع وجود المجرور فالأولى عدم إنابة ضميره. وقوله وإنه إنما يراعى إلخ رد أول للدليل الأول. وقوله على أن ابن جني رد ثان له، وقوله يظهر في الفصيح احتراز من نحو تمرون الديار. وقوله والنائب في الآية رد للدليل الثاني. وقوله ضمير إلخ أي لا عنه بل المجرور في محل نصب على المفعولية. وقوله وهو المكلف أي المعلوم من السياق أي لا كل كما هو مبنى كلام الثلاثة. وقوله وامتناع الابتداء لعدم التجرد أي من العوامل اللفظية الأصلية رد أول للدليل الثالث. وقوله وقد أجازوا أي هؤلاء رد ثان له وإنما أحازوا ذلك لأن من زائدة وهم إنما يمنعون نيابة المجرور بأصلي لكن هذا الرد لا يتجه عليهم لأنهم لم يدعوا أن كل نائب فاعل يصح تقديمه على أنه مبتدأ بل قالوا إذا تقدم أي صح أن يقدم يكون مبتدأ ويمكن جعله تنظيرا في عدم جواز التقدم على الابتداء لا ردا ثانيا حتى يرد ما ذكر. وقوله مع امتناع من أحد أي لأن من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 ولا ينوب بعض هذي إن وجد ... في اللفظ مفعول به وقد يرد   هو المجرور لا الحرف ولا المجموع، فكلام الناظم على حذف مضاف لكن ظاهر كلامه في الكافية والتسهيل أن النائب المجموع "ولا ينوب بعض هذي" المذكورات أعني الظرف والمصدر والمجرور "إن وجد في اللفظ مفعول به" بل يتعين إنابته. هذا مذهب سيبويه ومن تابعه، وذهب الكوفيون إلى جواز إنابة غيره مع وجوده مطلقًا "وقد يرد" ذلك كقراءة أبي جعفر: "ليجزي قوما بما كانوا يكسبون" [الجاثية: 14] ، وقوله: 401- لم يعن بالعلياء إلا سيدًا ... ولا ذا الغي إلا ذو هدى وقوله: 402- وإنما يرضي المنيب ربه ... ما دام معنيا بذكر قلبه ووافقهم الأخفش، لكن بشرط تقدم النائب كما في البيتين.   لا تزاد إلا بعد النفي لا لوقوع أحد في الإثبات لأن نفي ضميره مسوغ كقوله: إذا أحد لم يعنه شأن طارق نص عليه ابن مالك كما في التصريح. وقوله وقالوا في كفى بالله رد للدليل الرابع وإنما امتنع كفت بهند ومررت بهند لكون المسند إليه في صورة الفضلة وإنما قيل: "وما تسقط من ورقة. وما تحمل من أنثى" لأن جر الفاعل بمن كثير فضعف كونه في صورة الفضلة قاله سم. قوله: "لا الحرف" أي خلافا للفراء ومذهبه في غاية الغرابة إذ الحرف لاحظ له في الإعراب أصلا. قوله: "إن وجد في اللفظ" احتراز عما لو وجد في المعنى بأن كان الفعل يطلب المفعول له لكن لم يذكر في اللفظ فلا يمتنع إنابة غيره سم. قوله: "مفعول به" ولو منصوبا بإسقاط الجار فيمتنع إنابة غيره مع وجوده فلو اجتمع منصوب بنفس الفعل ومنصوب بإسقاط الجار نحو اخترت زيدا الرجال امتنع إنابة الثاني عند الجمهور وجوزها الفراء ووافقه في التسهيل. قوله: "مطلقا" أي تقدم النائب على المفعول به أو تأخر. قوله: "وقد يرد" أي ورد ضرورة أو شذوذا. قوله: "المنيب" من الإنابة وهي الرجوع إلى الله تعالى بفعل الطاعات وترك المعاصي. قوله: "كما في البيتين" ويؤول هو والجمهور الآية السابقة بأن النائب فيها ضمير مستتر يعود إلى الغفران المفهوم من يغفروا. وغاية ما فيه إنابة المفعول الثاني وهو جائز ويحمل الجمهور البيتين على الضرورة. قال في شرح الجامع والحق أنه إن كان الغير أهم في الكلام كان أولى بالنيابة من   401- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173؛ والدرر 2/ 292؛ وشرح التصريح 1/ 291؛ والمقاصد النحوية 2/ 521؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 50؛ وتخليص الشواهد ص497؛ وشرح ابن عقيل 1/ 259؛ وهمع الهوامع 1/ 162. 402- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 149؛ وشرح التصريح 1/ 291؛ وشرح قطر الندى ص189؛ والمقاصد النحوية 2/ 519. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 وباتفاق قد ينوب الثان من ... باب كسا فيما التباسه أمن   تنبيه: إذا فقد المفعول به جازت نيابة كل واحد من هذه الأشياء. قيل ولا أولوية لواحد منهما. وقيل المصدر أولى وقيل المجرور. وقال أبو حيان ظرف المكان "وباتفاق قد ينوب" المفعول "الثان من باب كسا فيما التباسه أمن" نحو كسى زيدًا جبة، وأعطى عمرًا درهم، بخلاف ما لم يؤمن التباسه نحو أعطيت زيدًا عمرًا، فلا يجوز اتفاقًا أن يقال فيه أعطى زيدًا عمرو، بل يتعين فيه إنابة الأول لأن كل منهما يصلح لأن يكون آخذًا. تنبيه: فما ذكره من الاتفاق نظر. فقد قيل بالمنع إذا كان نكرة والأول معرفة حكى ذلك عن الكوفيين. وقيل بالمنع مطلقًا. وقوله: وقد ينوب الإشارة بقدر إلى أن ذلك   المفعول به. مثلا إذا كان المقصود الأصلي وقوع الضرب أمام الأمير أقيم ظرف المكان مقام الفاعل مع وجود المفعول به كما أفاده السيد. قوله: "وقيل المصدر أولى" لأنه أشرف جزأي مدلول العامل. وقوله وقيل المجرور أي لأنه مفعول به بواسطة الجار. وقوله وقال أبو حيان إلخ أي لأن في إنابة المجرور خلافا ودلالة الفعل على المكان لا بالوضع بل بالالتزام كدلالته على المفعول به فهو أشبه بالمفعول به من المصدر وظرف الزمان لدلالة الفعل وضعا على الحدث والزمان كذا في الهمع. وبحث فيه سم بأن شرط إنابة المصدر وظرف الزمان اختصاصهما والفعل لا يدل على الحدث والزمان المختصين لكن هذا البحث لا يمنع أولوية ظرف المكان لأن غايته عدم دلالة الفعل أصلا على الحدث والزمان المختصين ودلالته التزاما على المكان فلم يخرج عن كونه أشبه بالمفعول به منهما. قوله: "من باب كسا" هو كل فعل نصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ولم ينصب أحدهما بإسقاط الجار فبالأول خرج باب ظن وبالثاني خرج نحو اخترت الرجال زيدا. قوله: "فيما التباسه أمن" أي في تركيب أمن فيه التباس. قال سم قد يتوهم أنه لو كان المفعول الثاني مؤنثا وأنيب مناب الفاعل وأنث الفعل لذلك أن اللبس يندفع وليس كذلك لأن غاية ما يدل عليه تأنيث الفعل أن المؤنث هو النائب ولا يلزم من كونه النائب أنه المفعول الثاني لجواز أنه الأول. قوله: "فلا يجوز اتفاقا" إن قيل هلا جاز ذلك ومنع من تقديمه ويكون ذلك دافعا للالتباس كما قيل بمثله في ضرب موسى عيسى وصديقي صديقك فإنهم احترزوا من اللبس بالرتبة. أجيب بأنه هنا يمكن الاحتراز بالكلية بإقامة غير الثاني بخلاف الموضعين المذكورين فإنه لا طريق إلى دفع اللبس إلا بحفظ الرتبة قاله سم وأقوى من جوابه أن يقال لما كانت إنابة الثاني توهم فاعليته معنى لكون الأصل إنابة ما هو فاعل معنى كان ذلك معارضا لتأخره لزوما فضعفت دلالته على كون المتأخر هو المأخوذ بخلاف الموضعين المذكورين لعدم المعارض فيهما. قوله: "فقد قيل بالمنع إذا كان إلخ" وجهه أن النائب عن الفاعل مسند إليه كالفاعل والمعرفة أحق بالإسناد إليها من النكرة لكن هذا إنما يقتضي أولوية إنابة المعرفة لا وجوبها. قوله: "وقيل بالمنع مطلقا" أي سواء كان الأول معرفة أو نكرة طرد اللباب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 في باب ظن وأرى المنع اشتهر ... ولا أرى منعًا إذا القصد ظهر   قليل بالنسبة إلى إنابة الأول. أو أنها للتحقيق. ا. هـ. "في باب ظن و" باب "أرى المنع" من إقامة المفعول الثاني "اشتهر" عن النحاة وإن أمن اللبس، فلا يجوز عندهم ظن زيدًا قائم، ولا أعلم زيدًا فرسك مسرجًا "ولا أرى منعًا" من ذلك "إذا القصد ظهر" كما في المثالثين، وفاقًا لابن طلحة وابن عصفور في الأول، ولقوم في الثاني، فإن لم يظهر القصد تعينت إنابة الأول اتفاقًا، فيقال في ظننت زيدًا عمرًا وأعلمت بكرًا خالدًا منطلقًا، ظن زيد عمرًا، وأعلم بكر خالدًا منطلقًا. ولا يجوز ظن زيدًا عمرو، ولا أعلم بكرًا خالد منطلقًا لما سلف. تنبيهات: الأول يشترط لإنابة المفعول الثاني مع ما ذكره أن لا يكون جملة. فإن كان جملة امتنعت إنابته اتفاقًا. الثاني أفهم كلامه أنه لا خلاف في جواز إنابة المفعول الأول في الأبواب الثلاثة. وقد صرح به في شرح الكافية. وأما الثالث في باب أرى، فنقل ابن أبي الربيع وابن هشام الخضراوي وابن الناظم الاتفاق على منع إنابته. والحق أن الخلاف موجود، فقد أجازه بعضهم حيث لا لبس وهو مقتضى كلام التسهيل: نحو أعلم زيدًا فرسك مسرج. الثالث احتج من منع إنابة الثاني في باب ظن مطلقًا بالإلباس فيما إذا   قوله: "لما سلف" أي لنظير ما سلف لأن السالف هو قوله لأن كلا منهما يصلح لأن يكون آخذا فيقال هنا لأن كلا منهما يصلح لأن يكون مظنونا أنه الآخر في باب ظن ولأن يكون معلما ومعلما به في باب أرى. قوله: "يشترط لإنابة المفعول الثاني" أي لظن لأنه الذي يتصور وقوعه جملة بخلاف ثاني كسا وأرى لعدم تصور ذلك فيه. وكباب ظن في امتناع إنابة الجملة غيره على الصحيح إلا إذا كانت محكية بالقول لأنها لكون المقصود لفظها في حكم المفرد نحو: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ} [البقرة: 11] أو مؤولة بالمفرد نحو فهم كيف قام زيد. وفي إنابة المفعول الثاني إذا كان ظرفا أو مجرورا مع وجود المفعول الأول المذاهب الثلاثة في إنابة غير المفعول مع وجوده. وعلى الجواز فالنائب المجرور دون متعلقه بل لا يتصور له متعلق حينئذٍ على ما ارتضاه سم قال وفي كلام الشاطبي ما يؤيده. ا. هـ. وفيه نظر والظاهر أن له متعلقا وأن هذا المتعلق هو النائب في الحقيقة كما أنه المفعول الثاني في الحقيقة على الأصح فتدبر. قوله: "مع ما ذكره" أي من أمن اللبس. قوله: "فافهم كلامه" قيل وجه الإفهام أنه حكى خلافا في إنابة الثاني في بابي ظن وأرى والاتفاق على إنابته في باب كسا وسكت عن الأول في الثلاثة فيعلم أنه لا خلاف في إنابته، وفيه أنه لا خلاف في إنابته، وفيه أنه سكت عن الثالث في باب أرى أيضا مع أنه لا اتفاق على إنابته إلا أن يقال لم يسكت عنه لأنه ثاني مفعولي ظن وقد ذكر حكمه. قوله: "وهو مقتضى كلام التسهيل" ظاهر كلامه أن المصنف أهمله هنا وهو ما قاله الموضح ورده المصرح بأنه ثاني مفعولي ظن وقد ذكر حكمه. قوله: "احتج من منع إلخ" لا ينهض هذا الاحتجاج على المصنف لشرطه عدم اللبس قاله سم. وقوله مطلقا أي من غير قيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كانا نكرتين أو معرفتين وبعود الضمير على متأخر لفظ ورتبة إن كان الثاني نكرة نحو ظن قائم زيدًا؛ لأن الغالب كونه مشتقا. واحتج من منع إنابته مطلقًا في باب أعلم، وهم قوم معهم الخضيراوي والأبدي وابن عصفور بأن الأول مفعول صريح، والآخران مبتدأ وخبر، شبهًا بمفعولي أعطي، وبأن السماع إنما جاء بإنابة الأول كقوله: 403- ونبئت عبد الله بالجو أصبحت ... كرامًا مواليها لئيما صميمها الرابع حكى ابن السراج أن قومًا يجيزون إنابة خبر كان المفرد، وهو فاسد لعدم الفائدة ولاستلزامه إخبارًا عن غير مذكور ولا مقدر؛ وأجاز الكسائي نيابة التمييز، فأجاز في   ومن غير شرط. وقوله فيما إذا كانا نكرتين أو معرفتين: مثال الأول ظننت أفضل منك أفضل من زيد، ومثال الثاني ظننت صديقك زيدا. قوله: "ويعود الضمير إلخ" وذلك لأن رتبة نائب الفاعل التقدم والاتصال بالفعل فإذا قلت ظن قائم زيدا لزم عود الضمير في قائم على زيد المتأخر لفظا وهو ظاهر ورتبة لأنه وإن كان مفعولا أول ورتبته التقديم لكن لما أنيب الثاني صار رتبة الأول التأخير وقد يقال هذه العلة تنتفي عند تأخير النائب وتقديم المفعول الأول، فهلا قال بالمنع عند تقديم النائب والجواز عند تأخيره مع أنه قد يقال المفعول الأول من حيث كونه مفعولا أول رتبته التقديم وهذا كاف في جواز عود الضمير عليه مع تأخره لفظا. وسكت عن القسم الرابع وهو ما إذا كان الثاني معرفة والأول نكرة لعدمه. قوله: "بأن الأول مفعول صريح" أي ليس أصله مبتدأ ولا خبرا بل هو مفعول به حقية واقع عليه الإعلام. وفي بعض النسخ صحيح وهو بمعنى صريح. وقوله والآخران مبتدأ وخبر أي في الأصل شبها أي في نصبهما بمفعولي أعطى أي فإطلاق المفعولية عليهما مجاز قاله في التصريح ورد سم هذه الحجة بأنها لا تقتضي المنع بل أولوية إنابة الأول وهذه الحجة والتي بعدها يفيدان أن امتناع إنابة الثالث أيضا قال الإسقاطي ولا تجرى هذه الحجة في باب ظن كما توهم لعدم المفعول الصريح. قوله: "ونبئت عبد الله" اسم قبيله وقوله بالجو متعلق بمحذوف صفة لعبد الله أي الكائنة بالجو والجو أرض اليمامة وجملة أصبحت مفعول ثالث ومواليها فاعل كراما والموالي العبيد والصميم الخالص والمراد رؤساء القبيلة وأعيانها كذا في التصريح. قوله: "إنابة خبر كان المفرد" نحو كين قائم وظاهر التقييد بالمفرد أن خبرها الجملة متفق على عدم إنابته وليس كذلك لثبوت الخلاف عن الفراء والكسائي كما في الهمع. قوله: "لعدم الفائدة" إذ معنى كين قائم حصل كون لقائم ومعلوم أن الدنيا لا تخلو عن حصول كون لقائم. قوله: "ولاستلزامه" عطف سبب على مسبب وقوله عن غير مذكور هو الاسم وقد يمنع الاستلزام بأن الخبر لما ناب عن الاسم انسلخ عن كونه خبرا وصار محدثا عنه بالفعل المجهول كما انسلخ عمرو في ضرب   403- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في شرح التصريح 1/ 293؛ والكتاب 1/ 39؛ والمقاصد النحوية 2/ 522؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 153؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 426. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 وما سوى النائب مما علقا ... بالرافع النصب له محققًا   امتلأت الدار رجالًا امتلئ رجال، وإلى ذلك أشار في الكافية بقوله: وقول قوم قد ينوب الخبر ... بباب كان مفردًا لا ينضر وناب تمييز لدى الكسائي ... لشاهد عن القياس نائي واعلم أنه كما لا يرفع رافع إلا فاعلًا واحدًا، كذلك لا يرفع رافع النائب عنه إلا نائبًا واحدًا "وما سوى" ذلك "النائب مما علقا بالرافع" له "النضب له محققا" إما لفظًا إن لم يكن جارا ومجرورا، أو محلا أن يكنه. تنبيه: قال في الكافية: ورفع مفعول به لا يلتبس ... مع نصب فاعل رووا فلا تقس أي قد حملهم ظهور المعنى على إعراب كل من الفاعل والمفعول به بإعراب الآخر، كقولهم خرق الثوب المسار. وقوله: 404- مثل القنافذ هداجون قد بلغت ... نجران أو بلغت سوآتهم هجر ولا يقاس على ذلك. ا. هـ.   عمر وعن كونه مفعولا وصار محدثا عنه بالفعل المجهول فتدبر. قوله: "وما سوى النائب" أي وتابعه مما علقا بالرافع أي تعلق به من حيث كونه معمولا له وقوله بالرافع له أي لذلك النائب وقوله النصب له أي لما سوى النائب مبتدأ وخبر ونصبه برافع النائب على الصحيح فيكون متجددا وقيل برافع الفاعل المحذوف فيكون مستصحبا وقيل بفعل مقدر تقديره في أعطى زيد درهما قبل أو أخذ. قوله: "إن لم يكن جارا ومجرورا إلخ" اعترض عليه غير واحد كالبعض بأنه كان الأولى أن يقول لفظا إن كان مما يظهر إعرابه أو محلا أو تقديرا إن لم يكن كذلك ليدخل المبني والمقدر. وأجاب الروداني بأن المراد باللفظي أن يتوصل إليه العامل بنفسه وبالمحل أن يتوصل إليه بواسطة حرف الجر كما قالوا بمثل ذلك في قول الناظم في باب الاشتغال بنصب لفظه أو المحل فدخل ما ذكر ومقابلة لفظا بمحلا ظاهرة في إرادة ذلك فافهم. قوله: "ورفع مفعول به إلخ" مقتضاه أن المنصوب فاعل والمرفوع مفعول فيكون فيه نقض للقاعدة وجعل الشاطبي المرفوع فاعلا والمنصوب مفعولا اصطلاحا وإن كان المعنى على خلافه هذا. ومن العرب من يرفعهما معا ومنهم من ينصبهما معا عند ظهور المراد. قوله: "تعين رفع   404- البيت من البسيط، وهو للأخطل في ديوانه ص178؛ وتخليص الشواهد ص247؛ والدرر 3/ 5؛ وشرح شواهد المغني 2/ 972؛ ولسان العرب 5/ 195 "نجر"؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 337؛ وأمالي المرتضى 1/ 466؛ ورصف المباني ص390؛ والمحتسب 2/ 118؛ ومغني اللبيب 2/ 699؛ وهمع الهوامع 1/ 165. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 اشتغال العامل عن المعمول: إن مضمر اسم سابق فعلا شغل ... عنه بنصب لفظه أو المحل   خاتمة: إذا قلت: زيد في رزق عمرو عشرون دينارًا تعين رفع عشرين على النيابة، فإن قدمت عمرًا فقلت: عمرو زيد في رزقه عشرون جاز رفع العشرين ونصبه، وعلى الرفع فالفعل خال من الضمير فيجب توحيده مع المثنى والمجموع، ويجب ذكر الجار والمجرور لأجل الضمير الراجع إلى المبتدأ. وعلى النصب فالفعل متحمل للضمير فيبرز في التثنية والجمع، ولا يجب ذكر الجار والمجرور. اشتغال العامل عن المعمول: "إن مضمر اسم سابق فعلًا شغل بنصب لفظه أو المحل" أي حقيقة باب   عشرين على النيابة" أي عند الجمهور المانعين إنابة غير المفعول مع وجوده. قوله: "جاز رفع العشرين" أي على النيابة والرابط للخبر المبتدأ الضمير المجرور وقوله ونصبه أي على المفعولية بالفعل ونائب الفاعل ضمير يعود على المبتدإ هو الرابط. قوله: "فيبرز في التثنية والجمع" فيقال العمران زيدا في رزقهما عشرين، والعمرون زيدوا في رزقهم عشرين وإن شئت حذفت المجرور. اشتغال العامل عن المعمول: المقصود بالذكر هو المشتغل عنه ووسطوا ذكره بين المرفوعات والمنصوبات لأن بعضه من المرفوعات وبعضه من المنصوبات وأركان الاشتغال ثلاثة: مشغول وهو العامل نصبا أو رفعا ويشترط فيه أن يصلح للعمل فيما قبله فيشمل الفعل المتصرف واسم الفاعل واسم المفعول دون الصفة المشبهة والمصدر واسم الفعل والحرف والفعل غير المتصرف كفعل التعجب لأنه لا يفسر في هذا الباب إلا ما يصلح للعمل فيما قبله نعم يجوز الاشتغال مع المصدر واسم الفعل على القول بجواز تقدم معمولهما عليهما ومع ليس على القول بجواز تقدم خبرها عليها كما سيأتي وأن لا يفصل بينه وبين الاسم السابق كما سيأتي. ومشغول عنه وهو الاسم السابق الذي شأنه أن يعمل فيه العامل أو مناسبه الرفع أو النصب لو سلط عليه ويشترط فيه أن يكون متقدما فليس من الاشتغال نحو ضربته زيدا بل الاسم إن نصب كان بدلا من الضمير أو رفع كان مبتدأ خبره الجملة قبله وأن يكون قابلا للإضمار فلا يصح الاشتغال عن حال وتمييز ومصدر مؤكد ومجرور بما لا يجر المضمر كحتى وأن يكون مفتقرا لما بعده فليس من الاشتغال نحو في الدار زيد فأكرمه وأن يكون مختصا لا نكرة محضة ليصح رفعه بابتداء وإن تعين نصبه لعارض كصور وجوب النصب فليس من الاشتغال قوله تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} [الحديد: 27] ، بل المنصوب معطوف على ما قبله بتقدير مضاف أي وحب رهبانية وابتدعوها صفة كما في المغني وأن يكون واحدا لا متعددا على ما فيه من الخلاف الآتي قريبا. قيل قد يكون الاسم المشغول عنه ضميرا منفصلا كقوله تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ، فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ، فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} ونحو لأن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الاشتغال أن يسبق اسم عاملًا مشتغلًا عنه بضميره أو ملابسه لو تفرغ له هو أو مناسبه لنصبه لفظًا أو محلًّا، فيضمر للاسم السابق عند نصبه عامل مناسب للعامل الظاهر مفسر به   الفعل اشتغل بعمله في الياء المحذوفة بعد نون الوقاية تخفيفا والتقدير وإياي ارهبو فارهبون ونقل عن السعد في حواشي الكشاف أنه ليس منه لمكان الفاء بل إياي منصوب بفعل مضمر يدل عليه فارهبون فهو من باب مطلق التفسير الذي هو أعم من الاشتغال وفي كلام الروداني تضعيف الاحتجاج بوجود الفاء حيث قال إضافة مضمر إلى اسم لأدنى ملابسة أي مضمر يلاقي اسما متقدما في ذات واحد فيدخل ما إذا كان الشاغل والمشغول عنه ضميرين لذات واحد نحو وإياي فارهبون فإن تقديره إن كنتم ترهبون أحدا فإياي ارهبوا ارهبون فالفاء الشرطية من حلقة عن الصدر فسقط ما قيل إن ما بعد الفاء الشرطية لا يعمل فيما قبلها وما لا يعمل لا يفسر عاملا. ا. هـ. أي لأن الفاء إنما تمنع إذا كانت في محلها. ومشغول به ويشترط أن يكون ضميرا معمولا للمشغول أو من تتمة معموله كزيدا ضربته أو مررت به أو ضربت غلامه أو مررت بغلامه. ويجوز حذف الضمير الشاغل بقبح لما فيه من القطع بعد التهيئة. قوله: "إن مضمر اسم" المتبادر من الاسم الاسم الواحد لأنه نكرة في سياق الإثبات ففيه تنبيه على أن شرط المشغول عنه أن يكون اسما واحدا فلا يجوز أن يقال زيدا درهما أعطيته إياه لأنه لم يسمع وأجازه الأخفش إذ أجاز أن يعمل الفعل المقدر في أكثر من واحد كما في المثال. وعن الرضي أنه يجوز أن يتوالى اسمان أو أكثر لعاملين مقدرين أو عوامل كزيد أخاه غلامه ضربته أي لابست زيدا أهنت أخاه ضربت غلامه ويرد على من اشترط كون الاسم واحدا أن من الاشتغال اتفاقا زيدا وعمرا وبكرا ضربتهم إلا أن يقال المعطوف تابع والاسم المتبوع واحد فاعرفه وقوله فعلا مثله اسم الفاعل واسم المفعول كما أشار إلى ذلك الشارح بقوله عاملا وسكت المصنف عنهما هنا لذكرهما بعد بقوله وسوِّ في ذا الباب إلخ وقوله شغل أي ذلك المضمر والمراد بشغل المضمر الفعل ما هو أعم من شغله إياه بنفسه أو بملابسه كما أشار إلى ذلك الشارح بقوله أو ملابسة أي ملابس ضمير الاسم. وقوله بنصب ظاهره وظاهر قول الشارح لنصبه أن العامل إذا اشتغل برفع ذلك المضمر نحو إن زيد قام يكرم لا يكون من باب الاشتغال وكلام الشارح في الخاتمة كالتوضيح يقتضي أنه منه وهو المنقول عن شرح التسهيل للمصنف وأبي حيان ويؤيده ما في شرح الجامع وهو المتجه وحينئذٍ ففي الضابط قصور فزيد في المثال مرفوع بفعل محذوف يفسره المذكور وإن كان لا يعمل قام في زيد لو فرضناه فارغا من الضمير لأن عدم عمله فيه لعارض تقدمه المانع من رفع الفعل المتأخر عند له على الفاعلية لا لذاته بدليل أنه لو تأخر عن الفعل لعمل فيه فلا يقال ما لا يعمل لا يفسر عاملا فافهم والجمهور على اشتراط اتحاد جهة نصب المشغول به والمشغول عنه. ونقل الأخفش عن العرب أزيدا جلست عنده وهو يقتضي عدم الاشتراط لأن زيدا مفعول به وعنده مفعول فيه وصححه الدماميني. قوله: "لو تفرغ له هو أو مناسبه" ظاهره يقتضي أن المناسب أيضا مشتغل وليس كذلك إلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 فالسابق انصبه بفعل أضمرا ... حتمًا موافق لما قد أظهرا   على ما سيأتي بيانه، فالضمير في عنه وفي لفظه للاسم السابق، والباء في بنصب بمعنى عن، وهو بدل اشتمال من ضمير عنه بإعادة العامل، والألف واللام في المحل بدل من الضمير، والتقدير إن شغل مضمر اسم سابق فعلًا عن نصب لفظ ذلك الاسم السابق: أي نحو زيدًا ضربته أو محله نحو هذا ضربته "فالسابق انصبه" إما وجوبًا وإما جوازًا راجحًا أو مرجوحًا أو مستويًا، لا أن يعرض ما يمنع النصب على ما سيأتي بيانه "بفعل أضمرا حتمًا" أي إضمارًا حتمًا أي واجبًا، أو هو خال من الضمير في أضمر أي محتومًا. وذلك لأن الفعل الظاهر كالبدل من اللفظ به فلا يجمع بينهما "موافق" ذلك الفعل المضمر "لما قد   أن يقال المراد بالتفرغ التسلط. قوله: "لنصبه" أي لصلح في حد ذاته لنصبه وإن لم يصلح باعتبار العارض فيشمل قسم وجوب الرفع لأن الراجح أنه من باب الاشتغال كما سيأتي فقول المصنف بنصب لفظه أو المحل يعني به النصب باعتبار حالته الذاتية وإن منع منه مانع عرض ويخرج ما امتنع عمله فيما قبله لذاته كفعل التعجب واسم التفضيل والصفة المشهبة واسم الفعل لا يقال يرد عليه قول المصنف الآتي في الوصف: إن لم يك مانع حصل ومثلوا للمانع بوقوع الوصف صلة مع امتناع عمل الصلة فيما قبلها لا لذاتها لأنا نقول اشتراط المصنف عدم المانع للنصب بما يفسره الوصف لا لعده من الاشتغال كما يعلم مما يأتي أفاده سم. قوله: "والباء في بنصب إلخ" ويحتمل أن تكون سببية متعلقة بشغل وضمير لفظه للمضمر والمراد بنصب لفظ الضمير تعدي الفعل إليه بلا واسطة حرف الجر كزيدا ضربته وبنصب محله تعديه إليه بواسطته كزيدا مررت به ولا يرد على هذا أنه يلزم التكرار في قوله الآتي: وفصل مشغول بحرف جر لأن ما يأتي أعم مما هنا لأنه يشمل ما لو كان حرف الجر داخلا على ضمير الاسم السابق وهو ما هنا وما لو كان داخلا على مضاف إلى الضمير ولو بواسطة ولا تكرار مع ذكر الأعم قاله سم. قوله: "بإعادة العامل" أي بمعناه لا بلفظه. قوله: "بدل من الضمير" أي على مذهب الكوفيين وإن اختار المصنف خلافه. قوله: "إما وجوبا إلخ" أشار بهذا التفصيل إلى أن الأمر في كلام الناظم للإباحة المقابلة للمنع الصادقة بالإيجاب. قوله: "ما يمنع النصب" كوقوع الاسم بعد إذا الفجائية وليتما. قوله: "أو هو حال" عطف على مقدر متصيد من الكلام السابق تقديره هو وصف المحذوف أو هو حال أي حال سببي أي محتوما إضماره لكن فيه حذف مرفوع السببي وهو غير جائز ولعل هذا مراد سم بقوله أي محتوما فيه شيء لا يخفى. قوله: "كالبدل" أي العوض فالمراد البدل اللغوي فلا اعتراض وقوله من اللفظ أي التلفظ. قوله: "فلا يجمع بينهما" أي لأن الجمع ينافي العوضية وأما قوله تعالى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] ، فليس من باب الاشتغال بل رأيت الثاني تأكيد للأول أو المفعول الثاني لرأيت الأول محذوف لدلالة ما بعده عليه والتقدير إني رأيت أحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أظهرا" إما لفظًا ومعنى كما في نحو زيدًا ضربته، إذ تقديره ضربت زيدًا ضربته، وإما معنى دون لفظ كما في نحو زيدًا مررت به، إذ تقديره جاوزت زيدًا مررت به.   عشر كوكبا ساجدين لي والشمس والقمر مفعول لمحذوف يفسره المذكور بعد والجمع على هذا في رأيتهم وساجدين للتعظيم. قوله: "لما قد أظهرا" ولا محل لجملة الظاهر على الصحيح لأنها مفسرة لكن كون المفسر ظاهر في اشتغال المنصوب الذي كلامنا الآن فيه وأما في اشتغال المرفوع فلا لأن المفسر الفعل وحده لا الجملة بدليل أن المفسر المحذوف فعل لا جملة فليكن مفسره كذلك. وقال الشلوبين جملة التفسير بحسب ما تفسره فهي في نحو زيدا ضربته لا محل لها وفي نحو: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الفتح: 29] في محل نصب إذ لو صرح بالموعود به المفسر بجملة لهم إلخ لكان منصوبا وفي نحو: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] ، ونحو زيد الخبز يأكله بنصب الخبز في محل رفع ولهذا يظهر الرفع إذا قلت آكله وقال: فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن بجزم نؤمنه موافقة للفعل المحذوف وضعف الاحتجاج بالبيت بأنه من تفسير الفعل بالفعل وكلامنا في تفسير الجملة بالجملة. قال ابن هشام وكأن الجملة المفسرة عنده عطف بيان أو بدل. ولم يثبت الجمهور وقوع البيان أو البدل جملة ولم يثبت جواز حذف المعطوف عليه عطف البيان. واختلف في المبدل منه وقال أبو علي الفعل المذكور والفعل المحذوف في نحو قوله: لا تجزعي إن منفسا أهلكته مجزومان محلا وجزم الثاني ليس على البدلية إذ لم يثبت حذف المبدل منه بل على تكريران: أي إن أهلكت منفسا إن أهلكته وساغ إضماران وإن لم يسغ إضمار لام الأمر إلا في ضرورة لاتساعهم فيها ولقوة الدلالة عليها بتقديم مثلها. واستغنى بجواب إن الأولى عن جواب الثانية كما استغنى في نحو أزيدا ظننته قائما بثاني مفعولي ظننت المذكورة عن ثاني مفعولي ظننت المقدرة انظر المغني وفي حاشية الدماميني عليه أنه لا يتعين كون قائما ثاني مفعولي ظننت المذكورة بل يجوز كونه ثاني مفعولي المقدرة بل هو الأولى لأن المقدرة هي المقصودة بالذات والثانية إنما أتى بها لضرورة التفسير. قوله: "وإما معنى" أي وإما موافقة له في المعنى. قال سم بقي أن لا يوافقه لفظا ولا معنى لكن يكون لازما للمذكور كزيدا ضربت أخاه فإن ضرب أخي زيد ملزوم أي عرفا لإهانة زيد. ا. هـ. ويمكن أن يراد بالموافقة في المعنى أن يدل الملفوظ به وضعا أو لزوما عرفيا على معنى المقدر فالأول كما في زيدا مررت به فالمقدر جاوزت والمجاوزة والمرور والمتعدي بالباء بمعنى واحد بخلاف المتعدي بعلى فإنه بمعنى المحاذاة. والثاني كما في زيد ضربت أخاه أي أهنت وزيدا ضرب عدوه أي أكرمت، وكما في زيدا مررت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 والنصب حتم إن تلا السابق ما ... يختص بالفعل كإن وحيثما   تنبيه: يشترط في الفعل المفسر أن لا يفصل بينه وبين الاسم السابق، فلو قلت زيدًا أنت تضربه لم يجز للفصل بأنت "والنصب حتم إن تلا" أي تبع الاسم "السابق ما" أي شيئًا "ويختص بالفعل" وذلك كأدوات الشرط "كإن وحيثما" وأدوات التخصيص، وأدوات الاستفهام غير الهمزة نحو إن زيدًا لقيته فأكرمه وحيثما عمرًا لقيته فأهنه، وهلا بكرًا ضربته،   بغلامه أي لابست. قوله: "في الفعل" أي دون الوصف وقوله: أن لا يفصل أي بغير الظرف لما سيذكره الشارح من أن الفصل بالظرف كلا فصل وأنه لا يضر فصل الوصف. قوله: "لم يجز" أي فيتعين الرفع وأجاز الكسائي النصب مع الفصل قياسا على الوصف وسيأتي الفرق. قوله: "يختص بالفعل" الباء داخلة على المقصور عليه. قوله: "وأدوات الاستفهام غير الهمزة" فجميعها إلا الهمزة يختص بالفعل إذا رأته في حيزها وإنما خصوا هل يذكر ذلك لأن الاستفهام أصل تضمني في وضع غيرها وطارىء عليها بالتطفل على الهمزة. أما الهمزة فتدخل على الاسم وإن كان الفعل في حيزها لكن الغالب دخولها على الفعل وإنما لم تختص كأخواتها لأنها أم الباب وهم يتوسعون في الأمهات، ولكونها أم الباب اختصت بجواز الحذف والدخول على النافي وواو العطف وفائه وثم والشرط وإن كما في الهمع. وأنا لا أرى بأسا بدخول هل أيضا على الشرط. وإنما كانت إما لأن دلالتها على الاستفهام بذاتها ودلالة غيرها عليه بالتضمين أو التطفل، ولأنها أعم موردا لأنها ترد لطلب التصديق نحو أقام زيد، ولطلب التصور نحو أزيد قائم أم عمرو، ونحو أقائم زيد أم قاعد، وهل لا تكون إلا لطلب التصديق وبقية الأدوات لا تكون إلا لطلب التصور، فإن قلت المسند إليه في نحو أزيد قائم أو عمرو، والمسند في نحو أقائم زيد أم قاعد متصوران للمتكلم قبل استفهامه، فكيف يطلب تصورهما وإنما المطلوب له في الأول التصديق بنسبة القيام إلى أحد الشخصين على التعيين وفي الثاني التصديق بنسبة أحد الوصفين على التعيين إلى زيد لأن هذين التصديقين غير حاصلين عند المتكلم إذ الحاصل عنده في الأول التصديق بنسبة القيام إلى أحد الشخصين لا بعينه وفي الثاني التصديق بنسبة أحد الوصفين لا بعينه إلى زيد. قلت لما كان الاختلاف بين التصديقين الأولين والأخيرين باعتبار تعيين المسند إليه أو المسند في الأولين وعدم التعيين في الأخيرين وكان أصل التصديق حاصلا توسعوا فحكموا بأن التصديق حاصل، وأن المطلوب صور المسند إليه أو المسند أو قيد من قيودهما نقله الدماميني على الله لمغني واستحسنه وذكر في محل آخر أن هل أتت لطلب التصور ندورا كما في قوله عليه الصَّلاة والسَّلام لجابر بن عبد الله: "هل تزوجت بكرا أم ثيبا" ثم أورد على قولهم بقية الأدوات لطلب التصور أم المنقطعة المقدرة ببل والهمزة أو الهمزة فقط فإنها لطلب التصديق وممن عد أم من أدوات الاستفهام السكاكي في المفتاح وأبو حيان وغيره من النحاة، ثم قال لكني أستشكل عدهم أم منها أم المتصلة فلأن مدخولها معطوف على مدخول الهمزة فمشاركته له في كونه مستفهما عنه بقضية العطف، ألا ترى أنك إذا أبدلت أم بأو كان ما بعد أو مستفهما عنه كما كان مع أم وإن كان المطلوب مع أم التعيين دون أو كما بسطه في المغني في بحث أم ولم يقل أحد بأن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وأين زيدًا وجدته. ولا يجوز رفع الاسم السابق على أنه مبتدأ لأنه لو رفع الحالة هذه لخرجت هذه الأدوات عما وضعت له من الاختصاص بالفعل نعم قد يجوز رفعه بالفاعلية لفعل مضمر مطاوع للظاهر كقوله: 405- لا تجزعي إن منفس أهلكته   أو من أدوات الاستفهام وأما المنقطعة فلا نسلم أن الاستفهام جزء معناها أو أحد معنييها. ا. هـ. ببعض إيضاح. قال الشمني لعلهم إنما عدوا أم من أدوات الاستفهام لأن المتصلة ملازمة للاستفهام الحقيقي أو المجازي سابقا عليها أو المنقطعة مصاحبة في الغالب له متأخرا عنها ولم يريدوا أنها موضوعة للاستفهام. ا. هـ. ولم يعدها منها الزمخشري في المفصل وابن الحاجب وشراح كلامهما ثم قال الدماميني. فإن قيل السائل بقوله من جاءك مثلا قد حصل التصديق بأن أحدا جاء المخاطب وهذا التصديق غير التصديق بأن زيدا مثلا جاء فهو بسؤاله يطلب التصديق الثاني فتكون من لطلب التصديق على قياس ما سبق في نحو أزيد قائم أو عمرو. قلت فرق بينهما لأن السائل بمن جاءك لم يتصور خصوص زيد أو غيره بهذا السؤال فإذا أجيب بزيد مثلا أفاده تصور خصوصه واختلف بحسبه التصديق أيضا بخلاف نحو أزيد قائم أو عمرو إذ لا يفيد جوابه تصور التصور السائل الشخصين قبله بل مجرد تصديق. ا. هـ. ببعض إيضاح وستأتيك بقية مباحث الاستفهام في باب العطف. قوله: "وحيثما عمرا إلخ" التمثيل بهذه الأمثلة مجاراة لما يقتضيه ظاهر إطلاق المتن من جواز دخول ما يختص بالفعل كالأدوات المذكورة على الاسم المنصوب المقدر قبله فعل في النثر والنظم وسيجيء أنه لا يليها في النثر إلا الفعل الصريح ما لم تكن أداة الشرط إذا مطلقا أوان والفعل ماض. قوله: "ولا يجوز رفع" كان الأولى فاء التفريع لتفرعه على قول المصنف والنصب حتم إلخ. قوله: "على أنه مبتدأ" ينبغي جواز الرفع بالابتداء عند من أجاز وقوع المبتدأ بعد أدوات الشرط والتخصيص والاستفهام. قوله: "والحالة هذه" أي كونه مبتدأ. قوله: "نعم قد يجوز إلخ" استدراك على قول المصنف والنصب حتم إلخ أفاد به تقييده بما إذا لم يقدر فعل برفع الاسم ولو قال فيجوز إلخ تفريعا على قوله ولا يجوز رفع الاسم السابق على أنه مبتدأ لكان أقرب. قال سم يمكن أن يستفاد ذلك أي جواز الرفع بالفاعلية من كلام المصنف بأن يقال المراد بتحتم النصب امتناع الرفع على الابتداء أخذا من قوله ما يختص بالفعل إذ يفهم منه أن وجوب النصب ليس إلا لتحصيل الفعل فلو حصل مع الرفع كفى لوجود المقصود. ا. هـ. قوله: "مطاوع" قيد به لأن كلامه فيما إذا كان العامل الظاهر ناصبا لضمير الاسم السابق. قوله: "لا تجزعي" أي لا تخافي الفقر إن منفس بضم الميم وكسر الفاء أي مال نفيس يصف الشاعر نفسه بالكرم ولما لامته امرأته على اتلاف ماله جزعا من الفقر قال لها لا تجزعي إلخ.   405- قاله النمر بن تولب من قصيدة من الكامل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 وإن تلا السابق ما بالابتدا ... يختص بالرفع التزمه أبدا   في رواية منفس بالرفع. وقوله: 406- فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب ... لعلك تهديك القرون الأوائل التقدير إن هلك منفس أهلكته، وإن لم تنتفع بعلمك لم ينفعك علمك. تنبيه: لا يقع الاشتغال بعد أدوات الشرط والاستفهام إلا في الشعر. وأما في الكلام فلا يليهما إلا صريح الفعل إلا إذا كانت أداة الشرط إذا مطلقًا أو إن والفعل ماض فيقع في الكلام فتسوية الناظم بين أن وحيثما مردودة "وإن تلا" الاسم "السابق ما بالابتدا يختص"   عيني. قوله: "فإن أنت إلخ" أي إن لم تتعظ بعلمك بموت صاحب لك فانتسب إلى أجدادك لتجدهم ماتوا جميعا فتقيس نفسك عليهم فتتعظ فلعل تعليلية أفاده السيوطي في شرح شواهد المغني. قوله: "وإن لم تنتفع بعلمك" أي فلما حذف الفعل برز الضمير وانفصل. قوله: "لا يقع الاشتغال إلخ" قال الروداني أي لا يقع وقوعا حسنا لأنه يقع بعدهما في النثر أيضا لكنه قبيح. قوله: "والاستفهام" أي غير الهمزة بقرينة ما تقدم إذ الاشتغال بعدها جائز نظما ونثرا. وسكت الشارح عن أدوات التخصيص مع أنها كأدوات الشرط والاستفهام لا تدخل في النثر إلا على الفعل الصريح فكان الأولى ذكرها. قوله: "وأما في الكلام" أي النثر وقوله فلا يليهما إلا صريح الفعل أي في باب الاشتغال كما فرضه الشارح فلا ينافي إيلائها الاسم اتفاقا إذا لم تر الفعل في حيزها نحو أين زيد. ويستثنى من كلامه أما فإن الاسم يليها ولو كان في حيزها فعل نحو: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت: 17] ، بنصب ثمود على الاشتغال بمقدر بعده أي وأما ثمود فهدينا هديناهم أو هو جار على القول بأنها ليست أداة شرط كما نقل عن أبي حيان أفاده سم ويس. قوله: "إلا إذا كانت أداة الشرط إذا" أي لأنها لا تجزم قال الروداني مثل إذا في ذلك كل شرط لا يحزم كلو نحو: "لو ذات سواء لطمتني" لو غيرك قالها يا أبا عبيدة. قوله: "مطلقا" أي سوار كان الفعل ماضيا أو مضارعا. قوله: "أو إن" لأنها أم أدوات الشرط وهم يتوسعون في الأمهات. قوله: "والفعل ماض" أي لفظا نحو إن زيدا لقيته فأكرمه أو معنى نحو إن زيد لم تلقه فانتظره، والفرق أنها لما جزمت المضارع لفظا قوي طلبها فلا يليها غيره بخلاف الماضي فإنها لم تجزمه لفظا إما لكونه ماضيا عرفا أو مضارعا مجزوما بغيرها فضعف طلبها له فيليها غيره ظاهرا قاله المصرح. قوله: "فتسوية الناظم إلخ" أجيب بأن التسوية بينهما في وجوب النصب وفي مطلق الاختصاص بالفعل وإن كان أحدهما أقوى من الآخر وعبارة الناظم لا تقتضي غير   406- البيت من الطويل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص255؛ وخزانة الأدب 3/ 34؛ والدرر 1/ 200؛ وشرح التصريح 1/ 105؛ وشرح شواهد المغني 1/ 151؛ والمعاني الكبير ص1211؛ والمقاصد النحوية 1/ 8، 291؛ وهمع الهوامع 2/ 114؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 105؛ وهمع الهوامع 1/ 63. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 كذا إذا الفعل تلا ما لم يرد ... ما قبل معمولا لما بعد وجد   كإذا الفجائية وليتما "فالرفع التزمه أبدا" على الابتداء، وتخرج المسألة عن هذا الباب إلى باب المبتدأ والخبر، نحو خرجت فإذا زيد يضربه عمرو وليتما بشر زرته، فلو نصبت زيدًا وبشرًا لم يجز لأن إذا المفاجأة وليت المقرونة بما لا يليهما فعل ولا معمول فعل. ومما يختص بالابتداء أيضًا واو الحال في نحو خرجت وزيدًا يضربه عمرو فلا يجوز وزيدًا يضربه عمرو بنصب زيد و"كذا" التزم رفع الاسم السابق "إذا الفعل" المشتغل عنه "تلا" أي تبع "ما" أي شيئًا "لم يرد ما قبل معمولا لما بعد وجد" كأدوات الشرط، والاستفهام، والتحضيض، ولام الابتداء، وما النافية، وكم الخبرية، والحروف الناسخة، والموصول،   ذلك. قوله: "ما بالابتدا" أي بذي الابتداء. قوله: "فالرفع التزمه أبدا" أي على الصحيح وللرد على المقابل أكيد بقوله أبدا. قوله: "وتخرج المسألة عن هذا الباب إلخ" أي لأنه يعتبر في الاشتغال أن يكون الاسم المتقدم بحيث لو تفرغ له العامل أو مناسبه لنصبه وما يجب رفعه ليس بهذه الحيثية وقد تبع الشارح في ذلك التوضيح والمتجه ما اقتضاه إطلاق كلام الناظم من عده منه لأن العامل صالح للعمل في الاسم السابق لذاته والمنع من عمله لعارض كما تقدم عن سم. قوله: "وليتما بشر زرته" فلا يجوز نصب بشر على الاشتغال لامتناع تقدير الفعل الناصب بناء على عدم إزالة ما اختصاص ليت بالجمل الاسمية وجوزه ابن أبي الربيع بناء على الإزالة. قال في المغني والصواب أن انتصابه بليت لأنه لم يسمع ليتما قام زيد مثلا. قوله: "إذا المفاجأة" من إضافة الدال للمدلول ولا يصح النصب على الوصفية إلا بتكليف. قوله: "لا يليهما فعل" أي ظاهر ولا معمول فعل أي مقدر فالمراد أنه لا يليهما فعل ظاهر ولا مقدر. قوله: "ومما يختص بالابتداء" فصله عما قبله لأن اختصاص واو الحال بالابتداء ليس في جميع الأحوال بل في حالة كون الواقع بعد الاسم مضارعا مثبتا. قوله: "في نحو خرجت إلخ" أي من كل فعل مضارع مثبت بعد اسم مصحوب بواو الحال وقوله فلا يجوز إلخ أي لما يأتي في الحال من أن الجملة المضارعية المثبتة الواقعة حالا يمتنع فيها الربط بالواو ومما يختص بالابتداء لام الابتداء أيضا إذا كان بعد الاسم مدخولها فعل ماض متصرف لم يقترن بقد نحو إني لزيد ضربته. قوله: "ما لم يرد إلخ" أي شيئا لم يرد ما قبله معمولا لما وجد بعده. قوله: "كأدوات الشرط إلخ" أي وكأدوات الاستثناء نحو ما زيد إلا يضربه عمرو برفع زيد لا غير كما في التسهيل وشروحه وكلا النافية في جواب القسم ولهذا قال سيبويه في قول الشاعر: آليت حب العراق الدهر أطعمه إن نصب حب بإسقاط على لا بالاشتغال وإن كان مقيسا دون إسقاط الخافض لأن أطعمه بتقدير لا أطعمه بخلاف حرف التنفيس على الرجح فيجوز النصب في نحو زيد سأضربه أو سوف أضربه كما في الهمع. قوله: "والتحضيض" مثله العرض. قوله: "وكم الخبرية" قيد بالخبرية لدخول الاستفهامية في قوله والاستفهام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 واختير نصب قبل فعل ذي طلب ... وبعد ما إيلاؤه الفعل غلب   والموصوف، تقول زيد إن زرته يكرمك، وهل رأيته، وهلا كلمته، وهكذا إلى آخرها بالرفع. ولا يجوز النصب لأن هذه الأشياء لا يعمل ما بعدها فيما قبلها فلا يفسر عاملًا فيه لأنه بدل من اللفظ به "واختير نصب" أي رجح على الرفع في ثلاثة أحوال: الأول أن يقع اسم الاشتغال "قبل فعل ذي طلب" وهو الأمر والنهي والدعاء نحو زيدًا اضربه، أو ليضربه عمرو، أو لا تهنه واللهم عبدك ارحمه، أو لا تؤاخذه، وبكرًا غفر الله له. وإنما وجب الرفع   فائدة: كم في قوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ} [البقرة: 211] ، استفهامية فإن جعلت كناية عن جماعة مثلا وحذف تمييزها لفهم المعنى ومن زائدة وآية مفعولا ثانيا فكم مبتدأ أو مفعول لآتينا مقدرا بعده لأن الاستفهام له الصدارة على طريقة الاشتغال وإن جعلت كم كناية عن آية ومن بيانية لم يجز واحد من الوجهين لعدم الراجع حينئذٍ إلى كم وتعين كونها مفعولا ثانيا مقدما وجوز الزمخشري كونها خبرية والجملة بيان لكثرة الآيات المسؤول عنها المحذوفة والأصل سل بني اسرائيل عن الآيات التي آتيناهم. لخصته من المغني والدماميني. قوله: "وهكذا إلى آخرها" نحو زيد لأنا ضاربه، وزيد ما ضربته، زيد كم ضربته، زيد إني ضربته، زيد الذي ضربته، زيد رجل ضربته. قوله: "ولا يجوز النصب" أي على وجه الاشتغال وقوله لا يعمل ما بعدها فيما قبلها لأن لها الصدر ولو عمل ما بعدها فيما قبلها لزم وقوعها حشوا وقوله فلا يفسر عاملا فيه أي على الوجه المعتبر في هذا الباب وهو كون المشغول عوضا عن العامل المقدر فلو نصبت بمقدر وقصدت الدلالة عليه بالملفوظ فقط دون التعويض جاز ولم تكن المسألة من باب الاشتغال فالمجعول دليلا دون تعويض لا يلزم صلاحيته للعمل فيما قبله ولهذا صرح المصنف بأن دلوي في: يأيها الماتح دلوي دونكما مفعول لفعل محذوف يفسره دونك مع أن اسم الفعل لا يعمل فيما قبله ويترتب على ذلك جواز إظهار المحذوف بخلاف الاشتغال سم إيضاح وزيادة. قوله: "لأنه بدل من اللفظ به" أي لأن ما بعدها من العامل المذكور بدل من اللفظ بالعامل المحذوف أي وشأن البدل موافقة المبدل منه فلا بد من جواز عمل المذكور فيما قبله كالمحذوف. قوله: "ذي طلب" أي بنفس الفعل أو بواسطة حرف طلب فعل كان أو طلب ترك باللفظ والمعنى كان الطلب أو بالمعنى فقط بدليل أمثلة الشارح ولا إشكال في الاشتغال في نحو زيدا لتضربه أو لا تضربه لما في الروداني عن شرح المقرب أن لام الأمر ولا يعمل ما بعدهما فيما قبلهما فيفسر العامل ولا يلزم من عدم تقديم الفعل عليهما كونهما مما يلزم الصدر كما لم يلزم ذلك في نحو لم ولن فما يفيده كلام التصريح ومن تبعه كالبعض مما يخالف ذلك غير سديد وإنما اختير النصب لأن وقوع هذه الأشياء إخبارا للمبتدأ قليل بل قيل بمنعه. قوله: "وإنما وجب الرفع إلخ" مقتضاه أن أحسن في التعجب دال على الطلب حتى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   في نحو زيد أحسن به لأن الضمير في محل رفع. وإنما اتفق السبعة عليه في نحو الزانية والزاني فاجلدوا لأن تقديره عند سيبويه مما يتلي عليكم حكم الزانية والزاني. ثم استؤنف الحكم، وذلك لأن الفاء لا تدخل عنده في الخبر في نحو هذا، ولذا قال في قوله: 407- وقائلة خولان فانكح فتاتهم إن التقدير هذه خولان. وقال المبرد الفاء لمعنى الشرط، ولا يعمل الجواب في   احتيج إلى الجواب عنه مع أن الصحيح أنه ماض جيء به على صورة الأمر ولا دلالة له على الطلب. وقد يقال الاحتياج إلى الجواب عنه باعتبار كونه على صورة الأمر وإنما أجاب الشارح بما ذكره لا بمنع دلالته على الطلب لاستلزام ما ذكره منع دلالته على الطلب ومن قال كالزمخشري إنه أمر حقيقة وفيه ضمير المخاطب والباء للتعدية فامتناع نصب زيد عنده لا لما ذكره الشارح بل لأن فعل التعجب لجموده لا يعمل فيما قبله فلا يفسر عاملا. قوله: "لأن الضمير" أي المجرور بالباء في محل رفع أي وإنما ينصب الاسم السابق إذا لم يكن ضميره في محل رفع. قوله: "وإنما اتفق السبعة إلخ" دفع للاعتراض بلزوم إجماع السبعة على الوجه المرجوح. وحاصل الدفع أن هذا ليس مما نحن فيه بل الاسم المرفوع عند سيبويه مبتدأ خبره محذوف والجملة بعده مستأنفة فالكلام جملتان وعند المبرد مبتدأ خبره الجملة بعده ودخلت الفاء لما في المبتدإ من معنى الشرط فلهذا لم يجز نصب الاسم إذ لا يعمل الجواب في الشرط فكذا ما أشبهه وما لا يعمل لا يفسر عاملا. وقال ابن السيد وابن بابشاذ مما نحن فيه والرفع يختار في العموم كالآية. قال البعض وذكر السعد أنه لا يمتنع إجماع السبعة على المرجوح كقوله تعالى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [القيامة: 9] ، لأن المختار جمعت لكون الفاعل مؤنثا غير حقيقي بلا فاصل. ا. هـ. أي ولا يمنع من اختيار التأنيث عطف مذكر على الفاعل كما تقدم. قوله: "ثم استؤنف" فيه إشارة إلى أن الفاء استئنافية لا عاطفة لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر. قوله: "لا تدخل عنده" وأجاز الأخفش وجماعة زيادتها في الخبر مطلقا وقيد الفراء وجماعة الجواز بكون الخبر أمرا أو نهيا تصريح. قوله: "في نحو هذا" أي من كل تركيب لم يكن المبتدأ فيه موصولا بفعل أو ظرف أو موصوفا بأحدهما على ما تقدم. قوله: "وقائلة" أي   407- عجزه: وأكرومة الحيين خلو كما هيا والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأزهية ص243؛ وأوضح المسالك 2/ 163؛ والجني الداني ص71؛ وخزانة الأدب 1/ 315، 455، 4/ 369، 8/ 19، 11/ 367؛ والدرر 2/ 36؛ والرد على النحاة ص104؛ ورصف المباني ص386، وشرح أبيات سيبويه 1/ 413؛ وشرح التصريح 1/ 299؛ وشرح شواهد الإيضاح ص86؛ وشرح شواهد المغني 1/ 468، 2/ 873؛ وشرح المفصل 1/ 100، 8/ 95؛ والكتاب 1/ 129، 143؛ ولسان العرب 14/ 239 "خلا" ومغني اللبيب 1/ 165؛ والمقاصد النحوية 2/ 529؛ وهمع الهوامع 1/ 110. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الشرط فكذلك ما أشبهه، وما لا يعمل لا يفسر عاملًا. وقال ابن السيد وابن بابشاذ: يختار الرفع في العموم كالآية، والنصب في الخصوص كزيدًا اضربه "و" الثاني أن يقع "بعد ما إيلاؤه الفعل غلب" أي بعد ما الغالب عليه أن يليه فعل فإيلاؤه مصدر مضاف إلى المفعول الثاني والفعل مفعول أول لأنه الفاعل في المعنى. والذي يليه الفعل غالبًا أشياء: منها همزة الاستفهام نحو: {أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} [القمر: 24] ، فإن فصلت الهمزة فالمختار الرفع نحو أأنت زيدًا تضربه، إلا في نحو أكل يوم زيدًا تضربه لأن الفصل بالظرف كلا فصل وقال ابن الطراوة: إن كان الاستفهام عن الاسم فالرفع نحو أزيد ضربته،   ورب قائلة وخولان بفتح الخاء المعجمة قبيلة باليمن. والفتاة الشابة. قوله: "لمعنى الشرط" أي لما في المبتدأ من معنى الشرط وهو التعليق أو العموم فالمعنى من زنت ومن زنى فاجلدوا إلخ. قوله: "ولا يعمل الجواب في الشرط" فهم الجماعة أن المراد في اسم الشرط. ولهذا قال اللقاني لعل الجمهور لا يوافقونه على ذلك لأن إذا من أسماء الشرط وهي منصوبة عندهم بجوابها ولم يفرقوا بين كونه بالفاء وعدمه. ا. هـ. ومثل إذا بقية أدوات الشرط التي هي ظروف فلا وجه لتخصيص الإيراد بإذا ويحتمل عندي أن المراد في فعل الشرط يعني أن الاسم المرفوع قام مقام كل من أداة الشرط وفعله فلم يجز أن يعمل فيه ما بعد الفاء المشبه لجواب الشرط لأن الجواب لا يعمل في فعل الشرط فكذا لا يعمل مشبه الجواب فيما قام مقام فعل الشرط فتأمل فإنه وجيه. وحاصل كلام الشارح أن المانع من الاشتغال عند سيبويه كونهما من جملتين وعند المبرد كون الاسم السابق في معنى الشرط وما بعده في معنى الجواب. قوله: "ابن السيد" بكسر السين وسكون الياء، وبابشاذ كلمة أعجمية مركبة يتضمن معناها الفرح والسرور قاله في التصريح. قوله: "في العموم" أي ذي العموم لشبهه بالشرط. قوله: "أن يليه فعل" فيه إشارة إلى أن في عبارة المصنف تأخير المفعول الذي هو فاعل في المعنى وتقديم المفعول الذي بخلافه ولهذا فرع عليه قوله فإيلاؤه إلخ. قوله: "لأنه الفاعل في المعنى" أي لأنه الذي يلي الأشياء الآتية. قوله: "منها همزة الاستفهام" بخلاف بقية أدوات الاستفهام فيجب النصب معها كما تقدم سم. قوله: "فإن فصلت إلخ" أي هذا إن اتصلت بالاسم المشتغل عنه فإن فصلت إلخ. وقوله فالمختار الرفع أي لأن الاستفهام حينئذٍ عن الضمير رفعت ما بعده أو نصبت فيترجح الرفع لأنه لا يحوج إلى تقدير، هذا إن لم تجعل الضمير فاعل فعل مقدر برز وانفصل حين حذف بل جعلته مبتدأ وإلا وجب النصب بالفعل المقدر كما صرح به الدماميني ونقله شيخنا السيد عن سم لأن الاستفهام حينئذٍ عن الفعل الواقع على ما بعد الضمير والرفع يفيد أنه عن مجرد الفعل فقول التصريح وأقره شيخنا والبعض المختار النصب إذا جعل فاعل فعل مقدر برز وانفصل فيه نظر ولا ترد صورة الفصل على الناظم لأن البعدية ظاهرة في الاتصال. قوله: "إلا في نحو إلخ" أي مما فصل فيه بظرف أو جار ومجرور. قوله: "فالرفع" أي واجب بدليل قوله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 وبعد عاطف بلا فصل على ... معمول فعل مستقر أولا   أم عمرو، وحكم بشذوذ النصب في قوله: 408- أثعلبة الفوارس أم رياحًا ... عدلت بهم طهية والخشابا ومنها النفي بما أولًا أو إن: نحو ما زيدًا رأيته، ولا عمرًا كلمته، وإن بكرًا ضربته. وقيل ظاهر كلام سيبويه اختيار الرفع ابن الباذش وابن خروف: يستويان. ومنها حيث المجردة من ما نحو اجلس حيث زيدًا ضربته "و" الثالث أن يقع "بعد عاطف بلا فصل   وحكم بشذوذ إلخ وإنما وجب لأن الاستفهام عن تعيين المفعول أما الفعل فمحقق فلا تعلق للهمزة به والحق عدم الوجوب لأن السؤال عن الاسم إنما يوجب دخول الهمزة عليه فقط لا مع رفعه مبتدأ بدليل أن السؤال في نحو أزيدا ضربت أم عمرا بلا ضمير إنما هو عن الاسم مع أنه واجب النصب إجماعا. قوله: "أثعلبة إلخ" ثعلبة ورياحا وطهية والخشاب قبائل، ومراده مدح الأولين وذم الآخرين. وثعلبة منصوب بفعل مقدر من معنى العامل المذكور تقديره أحقرت ثعلبة إلخ. والفوارس صفة لثعلبة ورياحا بالياء التحتية. وطهية بضم الطاء المهملة منصوب على المفعولية إن كان عدلت بمعنى ساويت وبنزع الخافض والباء بدلية إن كان بمعنى ملت أي ملت بدلهم إلى طهية. والخشابا بخاء معجمة مكسورة وشين معجمة وباء موحدة. قوله: "النفي بما إلخ" قيد بالثلاثة لأن لم ولما ولن لا يليها الاسم إلا ضرورة ويجب نصبه عند ذلك لاختصاصها بالفعل. قوله: "ولا عمرا كلمته" مقتطع من كلام أي لا زيدا رأيته ولا عمرا كلمته لأن لا الداخلة على الماضي غير الدعائية يجب تكرارها كذا نقله شيخنا عن الدنوشري وأقره هو والبعض وعندي أنه يقوم مقام تكرار لا الإتيان بدل الأولى بما النافية كما في المثال لأنها مثلها في الدلالة على النفي وفي الصورة إذ كل منهما لفظ ثنائي آخره ألف لينة فافهم. قوله: "اختيار الرفع" لعله لأن مرجح عدم التقدير أقوى عنده من مرجح غلبة الدخول على الفعل. وأما ما علل به البعض هنا من أن المذكورات تدخل على الأسماء والأفعال على السواء فيرجع إلى مرجح عدم الإضمار فغير صحيح لأنه يصادم جعل الشارح وغيره المذكورات مما يغلب دخولها على الفعل. قوله: "ابن الباذش" بكسر الذال المعجمة تصريح. قوله: "يستويان" لأن لكل مرجحا يساوي عنده مرجح الآخر. قوله: "وبعد عاطف" أي ولو غير الواو كما في الشاطبي. وقوله بلا فصل أي بينه وبين اسم الاشتغال صفة لعاطف. قوله:   408- البيت من الوافر، وهو لجرير في ديوانه ص814؛ والأزهية ص114؛ وأمالي المرتضى 2/ 57؛ وجمهرة اللغة ص290؛ وخزانة الأدب 11/ 69؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 288؛ وشرح التصريح 1/ 300؛ والكتاب 1/ 102، 3/ 183؛ ولسان العرب 1/ 355 "خشب"، 15/ 17 "طها" والمقاصد النحوية 2/ 532؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 166؛ والرد على النحاة ص105. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   على معمول فعل مستقر أولا" سواء كان ذلك المعمول منصوبًا نحو لقيت زيدًا وعمرًا كلمته، أو مرفوعًا نحو قام زيد وعمرًا أكرمته، وإنما رجح النصب طلبًا للمناسبة بين الجملتين؛ لأن من نصب فقد عطف فعلية على فعلية، ومن رفع فقد عطف اسمية على فعلية، وتناسب المتعاطفين أحسن من تخالفهما. واحترز بقوله بلا فصل من نحو قام زيد وأما عمرو فأكرمته، فإن الرفع فيه أجود لأن الكلام بعد أما مستأنف مقطوع عما قبله، وبقوله فعل مستقر أولًا من العطف على جملة ذات وجهين وستأتي. تنبيهان: الأول تجوز الناظم في قوله على معمول فعل إذ العطف حقيقة إنما هو على الجملة الفعلية كما عرفت. الثاني لترجيح النصب أسباب أخر لم يذكرها ههنا: أحدها أن يقع اسم الاشتغال بعد شبيه بالعاطف على الجملة الفعلية نحو أكرمت القوم   "نحو قام زيد وعمرا أكرمته" الفرق بينه وبين عكسه وهو عمرو أكرمته وقام زيد حيث ترجح الرفع مع أن طلب التناسب بين المتعاطفين يقتضي ترجح النصب فيه أيضا أن النصب فيه يأتي على صورة النصب الضعيف في زيدا ضربته إذا لم يأت بعدها شيء لعدم تقدم مرجحه فتأتي الفعلية بعد استقرار الضعف في الصورة ولا كذلك قام زيد وعمرا أكرمته لأن تقديم الفعلية تقديم لما يستدعي النصب ويمهد له هذا ما أفاد البعض أن ابن هشام استقر رأيه عليه بعد أن كان يقول باستواء الصورتين في ترجح النصب واقتصر الروداني على ما يخالفه فقال كما يترجح النصب لمشاكلة جملة سابقة يترجح لمشاكلة جملة لاحقة نحو زيدا ضربته وأكرمت عمرا. ا. هـ. وكذا في شرح الجامع عن ابن هشام وهو الذي رأيته في مغنيه ولو قيل بتساوي الرفع والنصب في هذه الصورة لكان له وجه فتدبر. قوله: "طلبا للمناسبة إلخ" ولم يعارضه أن الأصل عدم التقدير لضعفه بكثرة الحذف في العربية وقلة تخالف المتعاطفين جدا بل نقل في المغني عن الإمام الرازي أن التخالف قبيح. فاندفع ما قيل إن في الرفع تخلصا من تقدير العامل فلكل مرجح فينبغي التساوي ووجه اندفاعه أن اعتبار التخلص من التخالف أقوى من اعتبار التخلص من التقدير لأن التقدير خطبه سهل والتخالف قليل قبيح لكن محل ذلك ما لم يقتضي الحال تخالفهما كقصد إفادة التجدد في الفعلية والثبوت في الاسمية كقوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} [الأعراف: 193] . قوله: "فإن الرفع فيه أجود" ما لم يرجح النصب مرجح كوقوع الاسم قبل ذي طلب كأكرم زيدا وأما عمرا فأهنه. قال الرضي ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها إلا مع أما لكونها في غير محلها أو إذا كانت زائدة. قال الدماميني ويمتنع أن يقدر الفعل قبل الفاء لأنه لا يفصل بينها وبين أما بأكثر من جزء واحد. قوله: "مستأنف إلخ" يقال هذا حينئذٍ خارج بقوله بعد عاطف لأن الواو حينئذٍ ليست عاطفة فلا حاجة لقوله بلا فصل ويمكن دفعه بأنه أتى به دفعا لتوهم أن المراد عاطف ولو صورة فيكون الشارح إنما أخرج هذا بقوله بلا فصل لأنه أصرح في إخراجه. قوله: "تجوز الناظم" أي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حتى زيدًا أكرمته، وما قام بكر لكن عمرًا ضربته، فحتى ولكن حرفا ابتداء أشبها العاطفين، فلو قلت أكرمت خالدًا حتى زيد أكرمته، وقام بكر لكن عمرو ضربته تعين الرفع لعدم المشابهة؛ إذ لا تقع حتى العاطفة إلا بين كل وبعض، ولا تقع لكن إلا بعد نفي وشبه. ثانيها أن يجاب به استفهام منصوب كزيدًا ضربته جوابًا لمن قال: "يهم ضربت؟ أو من ضربت؟ "، ومثل المنصوب المضاف إليه نحو غلام زيد ضربته جوابًا لمن قال: غلام أيهم ضربت؟. ثالثها أن يكون رفعه يوهم وصفًا مخلًّا بالمقصود ويكون نصبه نصًّا في المقصود كما في: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] إذ النصب نص في عموم خلق   بتقدير المضاف أي على جملة معمول فعل. قوله: "بعد شبيه بالعاطف" إعطاء لشبه العاطف على الجملة الفعلية حكم العاطف عليها من ترجح النصب بعده طلبا للمناسبة بين المتعاطفين. قال الشارح في شرح التوضيح وإنما لم تكن حتى ولكن في المثالين الآتيين عاطفتين لدخولهما على الجمل والعاطف منهما إنما يدخل على المفردات ووجه الشبه بالعاطف في حتى أن ما بعدها بعض مما قبلها وفي لكن وقوعها بعد النفي ومثل لكن بل. قوله: "حتى زيدا أكرمته" محل كون زيدا منصوبا بفعل مقدر إذا لم يجعل معطوفا على القوم وأكرمته تأكيد أي لأكرمت زيدا الذي تضمنه أكرمت القوم لشمولهم زيدا لا لأكرمت القوم وإن أوهمه كلام بعضهم لاختلافهما مفعولا. قوله: "تعين الرفع" الحق أنه لا يتعين بل يترجح كما يفيده قول المصنف الآتي: والرفع في غير الذي مد رجح إذ لا وجه لتعينه غايته أنه حينئذٍ مثل زيد ضربته أفاده سم. قوله: "استفهام منصوب" أي مستفهم به إذ هو الموصوف بالنصب وإنما ترجح النصب ليطابق الجواب السؤال ولهذا لو رفع اسم الاستفهام كما لو قيل أيهم ضربته برفع أي ترجح الرفع في الجواب أفاده يس. قوله: "ومثل المنصوب المضاف إليه" أي إلى المنصوب وتسميته منصوبا باعتبار ما كان وإلا فهو بعد الإضافة مجرورة. قوله: "إذ النصب نص إلخ" اعترضه الرضي بأن المعنى على الوصف بالمخلوقية رفعت أو نصبت جعلت على الرفع خلقناه صفة أو خبرا إذ لا يصح أن يراد كل ما وقع عليه الشيء لأنه تعالى لم يخلق جميع الممكنات غير المتناهية لأن الخلق الإيجاد وغير المتناهي لا يدخل تحت الوجود فلا بد على كل حال من تقييد الشيء بكونه مخلوقا فالمعنى على النصب وعلى الرفع مع كون خلقناه خبرا كل شيء مخلوق خلقناه بقدر وعلى الرفع مع كون خلقناه صفة كل شيء خلقناه كائن بقدر والمعنيان متحدان. وأجاب السعد بأن الشيء اسم للموجود أو مقيد به فلا يرد أنه لم يخلق ما لا يتناهى مع وقوع لفظ الشيء عليه على أنه لو سلم التقييد بالمخلوق فلا نسلم اتحاد المعنيين لظهور الفرق بأن المعنى الأول يفيد أن كل شيء مخلوق مخلوق له تعالى بخلاف الثاني فإن مفاده أن كل شيء مخلوق له تعالى كائن بقدر والمحكوم عليه في الأول أعم منه في الثاني مفهوما بل وما صدقا عند المعتزلة كذا في شرح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 وإن تلا المعطوف فعلا مخبرا ... به عن اسم فاعطفن مخيرا   الأشياء خيرها وشرها بقدر وهو المقصود، وفي الرفع إيهام كون الفعل وصفًا مخصصًا وبقدر هو الخبر، وليس المقصود إيهامه وجود شيء لا يقدر لكونه غير مخلوق، ولم يعتبر سيبويه مثل هذا الإيهام مرجحًا للنصب، وقال النصب في الآية مثله في زيدًا ضربته قال: وهو عربي كثير، وقد قرئ بالرفع لكن على أن خلقناه في موضع الخبر للمبتدأ والجملة خبر إن وبقدر حال، وإنما كان النصب نصًّا في المقصود لأنه لا يمكن حينئذ جعل الفعل وصفًا لأن الوصف لا يعمل فيما قبله فلا يفسر عاملًا فيه ومن ثم وجب الرفع في قوله تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} [القمر: 52] ، "وإن تلا المعطوف" جملة ذات وجهين غير تعجبية بأن تلا "فعلا مخبرًا به" مع معموله "عن اسم" غير ما التعجبية "فاعطفن مخيرا" في الاسم الاشتغال بين الرفع والنصب على السواء بشرط أن يكون في   الجامع ببعض زيادة وحينئذٍ فجعل الجملة صفة غير مقصودة لإيهامه ما ذكره الشارح. قوله: "وفي الرفع إيهام كون الفعل إلخ" إنما قال إيهام لأن الكلام عند رفع كل كما يحتمل كون الفعل وصفا وبقدر خبرا يحتمل كون الفعل خبرا وبقدر حالا من الهاء كما سيذكره الشارح. قوله: "لكونه غير مخلوق" أي له تعالى وهذا مذهب المعتزلة في أفعال العباد الاختيارية والشر. قوله: "ولم يعتبر سيبويه مثل هذا الإيهام مرجحا للنصب" أي لأنه يدفعه المقام فلا ينظر إليه ويلزم عليه مرجوحية قراءة الأكثر والوجه اعتباره مرجحا وأورد الروداني أن إيهام الوصفية حاصل مع النصب أيضا لأنه يجوز كون خلقناه صفة وكل شيء منصوب بخلقناه مقدرا لا من باب الاشتغال والأصل خلقنا كل شيء خلقناه مثل وفعلت فعلتك التي فعلت ثم حذف العامل جواز الدلالة المتأخر عليه وحينئذٍ لا مرجح للنصب وقد يدفع بأن احتمال الوصفية على النصب ضعيف عن احتمالها على الرفع. قوله: "ومن ثم" أي من أجل أن الصفة لا تعمل فيما قبلها فلا تفسر عاملا وقوله وجب الرفع أي لتأتي الوصفية التي بها استقامة المعنى إذ النصب يقتضي أنهم فعلوا في الزبر أي صحف الأعمال كل شيء مع أنهم لم يفعلوا فيها شيئا إذ لم يوقعوا فيها فعلا بل الكرام الكاتبون أوقعوا فيها الكتابة. فإن قلت يستقيم المعنى على النصب إذا جعل الظرف نعتا لكل شيء لأن المعنى حينئذٍ فعلوا كل شيء مثبت في صحائف أعمالهم وهو معنى مستقيم. قلت هو وإن كان مستقيما خلاف المعنى المقصود حالة الرفع إذ المراد فيه أن كل ما فعلوه مثبت في صحائف أعمالهم بحيث لا يغادر صغيرة ولا كبيرة كما في آية: {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر: 53] . قوله: "وإن تلا المعطوف" أي غير المفصول بأما أما المفصول بها نحو زيد قام وأما عمرو فأكرمته فالمختار رفعه ما لم يرجح النصب مرجح كوقوع الاسم قبل الطلب نظير ما مر قاله شارح الجامع. قوله: "جملة ذات وجهين" يعني اسمية الصدر فعلية العجز كما في التسهيل لكن هذا خلاف المعنى المشهور لذات الوجهين وهو ما كانت صغرى باعتبار وكبرى باعتبار نحو أبوه غلامه منطلق في قولنا زيد أبوه غلامه منطلق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الثانية ضمير الاسم الأول، أو عطفت بالفاء نحو زيد قام وعمرو أكرمته في داره، أو فعمرًا أكرمته برفع عمرو ونصبه، فالرفع مراعاة للكبرى والنصب مراعاة للصغرى، ولا ترجيح لأن في كل منهما مشاكلة، بخلاف ما أحسن زيدًا وعمرو أكرمته عنده فإنه لا أثر للعطف فيه، فإن لم يكن في الثانية ضمير الاسم الأول ولم تعطف بالفاء فالأخفش والسيرافي يمنعان النصب، والفارسي وجماعة منهم الناظم يجيزونه. وقال هشام: الواو كالفاء وهو ما يقتضيه   قوله: "بشرط أن يكون في الثانية إلخ" هذا الشرط لجواز نصب الاسم المشغول عنه لأن جملته حينئذٍ تكون معطوفة على الخبر فلا بد فيها من رابط كالخبر. والتمثيل بما ذكر مبني على عود الضمير الثاني إلى الاسم الأول ولا يضر احتمال عوده إلى الثاني لأن المثال يكفي فيه الاحتمال فسقط ما للبعض كغيره هنا من المقال. قوله: "أو عطفت بالفاء" في هذا العطف حزازة ولو قال أو عطف بالفاء أو قال أو تكون الثانية معطوفة بالفاء لكان مستقيما وإنما قامت الفاء مقام الضمير لأنها لإفادتها السببية تربط إحدى الجملتين بالأخرى كالضمير. قوله: "لأن في كل منهما مشاكلة" ولأن سلامة الرفع من الحذف والتقدير عارضها ترتب النصب على أقرب المشاكلين. شرح الجامع. قوله: "مشاكلة" أي للمعطوف عليه. قوله: "عنده" لا حاجة إليه إن رجع الضمير لزيد لأنه ليس مبتدأ بل هو مفعول ولا معنى له إن رجع الضمير للمبتدأ أعني ما والحامل له على ذكره مراعاة قوله سابقا بشرط أن يكون في الثانية ضمير الاسم الأول إلخ. قوله: "فإنه لا أثر للعطف فيه" أي على الجملة الصغرى يعني أنه لا يصح العطف عليها لأنه يلزم عليه تسلط ما التعجبية على الجملة المعطوفة وهو لا يصح لعدم قصد التعجب بها فالراجح الرفع على العطف على مجموع الجملة الاسمية بناء على خبريتها أو جواز عطف الخبر على الإنشاء ويجوز النصب على العطف المذكور وإن لم يكن فيه تناسب المتعاطفين. قوله: "يمنعان النصب" أي بناء على أن العطف على الصغرى لعدم الرابط كما في التصريح فلا ينافي عزو المصنف في تسهيله إلى الأخفش ومن وافقه ترجيح الرفع لا وجوبه لأنه مبني على أن العطف على الكبرى لفوات التناسب في النصب حينئذٍ فاعرفه. قوله: "يجيزونه" أي مع كون العطف على الصغرى كما صرح به الدماميني وسم قال الإسقاطي فيكون مستثنى مما يحتاج إلى الرابط كما يدل عليه قول المصرح بعد ذكره أن هذا المذهب الثاني ظاهر كلام سيبويه ما نصه: ونقل ابن عصفور أن سيبويه وغيره لم يشترطوا ضميرا واستدل لذلك بإجماع القراء على نصب: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} [الرحمن: 7] ، وهي معطوفة على يسجدان من: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: 6] ، وليس فيها ضمير يعود على النجم والشجر. ا. هـ. ووجه الاستثناء أنهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرون في الأوائل. ا. هـ. كلام الإسقاطي وأقره شيخنا وغيره. فعلم أن الخلاف معنوي لا لفظي وأن بناء البعض الجواز في القول الثاني على أن العطف على الكبرى وإن فات التناسب فيكون الخلف لفظيا مصادم للمنقول وعزوه إلى التوضيح أن الخلف لفظي تقول باطل. بل قول الموضح عقب مذهب الأخفش والسيرافي وهو المختار يدل على أنه معنوي وظهر أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 والرفع في غير الذي مر رجح ... فما أبيح افعل ودع ما لم يبح   كلام الناظم. تنبيه: شبه العاطف في هذا أيضًا كالعاطف، وشبه الفعل كالفعل، فالأول نحو أنا ضربت القوم حتى عمرًا ضربته، والثاني نحو هذا ضارب زيدًا وعمرًا يكرمه برفع عمرو ونصبه على السواء فيهما "والرفع في غير الذي مر" أنه يجب معه النصب أو يمتنع أو يكون راجحًا أو مساويًا "رجح" على النصب، لسلامة الرفع من الإضمار الذي هو خلاف الأصل، فرفع زيد بالابتداء في قولك: زيد ضربته أرجح من نصبه بإضمار فعل، ونصبه عربي جيد خلافًا لمن منعه. وأنشد ابن الشجري على جوازه قوله: 409- فارسًا ما غادروه ملحمًا ... غير زميل ولا نكس وكل   قوله تفريعا على ما ذكره مما مر نصه فلا حاجة إلى استثناء مثل ذلك من اشتراط وجود الرابط ولا إلى بيان وجه استثنائه خلافا لسم باطل مبني على باطل نعوذ بالله من التساهل. قوله: "وقال هشام" هذا القول أخص من قول الفارسي ومن معه لشمول قولهم العطف بغير الفاء والواو كثم. قوله: "الواو كالفاء" رد بأن الواو إنما تكون للجمع في المفردات ولذا لم يجوزوا هذان يقوم ويقعد لكن ستعلم في باب العطف أن كونها للجمع في المفردات فقط أحد قولين. قوله: "وهو ما يقتضيه كلام الناظم" أي حيث أطلق في المعطوف بل إطلاقه يقتضي أن ثم مثلا كالفاء. قوله: "شبه العاطف" وهو حتى ولكن وبل الابتدائيات. قوله: "في هذا" أي في جواز الأمرين على السواء إذا سبقه جملة ذات وجهين ولا يأتي لصحة النصب هنا اشتراط الضمير أو الفاء إذ لا عطف هنا حتى يحتاج إلى الرابط. قوله: "أيضا" أي كما في الموضع الثالث من مواضع اختيار النصب. قوله: "وشبه الفعل" أي الوصف الناصب للمفعول بخلاف ما لم ينصبه فالرفع أرجح فقولك مثلا هذا قائم الأب وعمر ويكرمه هو أرجح من قولك هذا قائم الأب وعمرا يكرمه لأن مشابهة هذا الوصف للفعل غير تامة. قوله: "برفع عمرو ونصبه إلخ" في تساوي الرفع والنصب في المثال الثاني بحث لأنه إذا نصب عمرو أفاد الكلام أن عمرا مفعول به الإكرام وإذا رفع أفاد أنه فاعل الإكرام إلا إذا برز الضمير لجريان الخبر على غير من هو له وقيل هذا ضارب زيدا وعمرو يكرمه هو فعند عدم الإبراز كما في عبارة الشارح لا يتحد معنى الرفع والنصب حتى يتخير المتكلم بينهما بل يتعين عليه الوجه الذي يفيد مقصوده وحينئذٍ لا يكون الوصف في مثال الشارح كالفعل الذي خير المصنف فيه المتكلم بين الرفع والنصب لاتحاد المعنى ووجود التناسب على كل ولو نبه الشارح على الإبراز مع الرفع أو مثل بنحو هذا ضارب زيدا وعمرا أكرمته في داره لكان أولى.   409- البيت من الرمل، وهو لعلقمة الفحل في ديوانه ص133؛ وله ولامرأة من بني الحارث في شرح شواهد المغني 2/ 664؛ والمقاصد النحوية 2/ 539؛ ولامرأة من بني الحارث في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1107، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص501؛ وشرح ابن عقيل ص267؛ ومغني اللبيب 2/ 577. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 وفصل مشغول بحرف جر ... أو بإضافة كوصل يجري   ومنه قراءة بعضهم: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [الرعد: 23] ، بنصب جنات. ثم إذا عرفت ما أوردناه من القواعد "فما أبيح" لك فيما يرد عليك من الكلام أن ترده إليه وتخرجه عليه "افعل ودع ما لم يبح" لك فيه ذلك "وفضل مشغول" من ضمير الاسم السابق "بحرف جر" مطلقًا "أو بإضافة" وإن تتابعت أو بهما معًا "كوصل يجري" في جميع ما تقدم. فالأحكام الخمسة الجارية مع اتصال الضمير بالمشغول تجري مع انفصاله منه بما ذكر. فيجب النصب في نحو زيدًا مررت به أو بغلامه، أو حبست عليه أو على   قوله: "في غير" متعلق برجح على ما قال الشيخ خالد أنه الظاهر. قوله: "فارسا ما غادروه" أي تركوه وما زائدة، ملحما بالحاء المهملة المفتوحة أي غشيه الحرب فلم يجد له مخلصا غير زميل بضم الزاي وتشديد الميم أي غير جبان، ولا نكس بكسر النون وسكون الكاف أي ضعيف، وكل بفتح الواو وكسر الكاف من وكل أمره إلى غيره لعجزه ويحتمل أنه بفتح الكاف فعل. فإن قلت شرط الاسم المشتغل عنه أن يكون مختصا كما مر وفارسا نكرة محضة. أجيب بأن ما وإن كانت زائدة وهي قائمة مقام الوصف أي فارسا أي فارس. قوله: "فما أبيح إلخ" فائدته دفع توهم أن ما خالف المختار من الوجوه السابقة لا يقاس عليه بل يقتصر فيه على السماع نقله سم عن الشاطبي. قوله: "فيما يرد إلخ" حال من ما التي هي مفعول مقدم لا فعل وقول البعض حال من ما على رأي سيبويه أو من ضميره في الخبر على رأي غيره مبني على زعم أن ما مبتدأ وهو خروج عن الظاهر المستقيم إلى التعسف السقيم. وقوله أن ترده إليه نائب فاعل أبيح كما أشار إليه شيخنا وصرح به البعض لكن يلزم عليه حذف المتن نائب فاعل أبيح وهو لا يجوز فالذي ينبغي جعله بدل اشتمال من الضمير في أبيح وضمير ترده وتخرجه إلى ما أبيح وإليه وعليه ما أوردناه من القواعد والمعنى فافعل الحكم من رفع ونصب الذي أبيح لك رده إلى ما أوردناه عليك من القواعد وتخريجه عليه حالة كون ذلك الحكم كائنا فيما يرد على لسانك من الكلام ولو قال الشارح فما أبيح لك بمقتضى تلك القواعد افعل ودع ما لم يبح بمقتضاها لكان أخصر وأوضح وأولى. قوله: "وفصل مشغول" أي عامل مشغول وقوله من ضمير متعلق بفصل وقوله مطلقا أي غير مقيد بحرف بخصوصه وقوله أو بإضافة أي بمضاف أو ذي إضافة قوله أو بهما معا فيه إشارة إلى أن أو في كلام المصنف مانعة خلو فتجوز الجمع واعترض الشاطبي كلام المصنف بأن الفصل لا يتقيد بما ذكر إذ يجوز زيدا ضربت راغبا فيه وزيدا أكرمت من أكرمه. ا. هـ. وحينئذٍ فليست أو مانعة جمع ولا مانعة خلو. قوله: "في جميع ما تقدم" أي من الأحكام الخمسة فلا يرد أن المقدر في الوصل مقدر من لفظ المذكور وفي الفصل من معناه أو لازمه كما مر والمراد التشبيه في مطلق ثبوت الأحكام الخمسة فلا يرد أن النصب في الوصل أحسن منه في الفصل كما سيذكره. قوله: "أو حبست عليه إلخ" أتى بهذا إشارة إلى أنه لا فرق في حرف الجر بين الباء وغيرها فهو مراعاة لقوله السابق بحرف جر مطلقا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 وسو في ذا الباب وصفا ذا عمل ... بالفعل إن لم يك مانع حصل   غلامه، أو أكرمت أخاه، أو غلام أخيه أكرمك، كما يجب في نحو إن زيدًا أكرمته ويمتنع النصب ويتعين الرفع في نحو خرجت فإذا زيد مر به أو بغلامه، أو حبس عليه أو على غلامه، أو يضرب أخاه أو غلام أخيه عمرو، كما وجب الرفع في نحو فإذا زيد يضربه عمرو، وقس على ذلك بقية الأمثلة. تنبيه: النصب في نحو زيدًا ضربته أحسن منه في نحو زيدًا ضربت أخاه، وفي نحو زيدًا ضربت أخاه أحسن منه في نحو مررت بأخيه "وسو في ذا الباب وصفا ذا عمل" وهو اسم الفاعل والمفعول بمعنى الحال أو الاستقبال "بالفعل" في جواز تفسير ناصب الاسم السابق، نحو أزيدًا أنت ضاربه، أو مكرم أخاه، أو محبوس عليه، تريد   قوله: "بقية الأمثلة" الأولى بقية الأحكام إلا أن يكون اسم الإشارة راجعا إلى ما ذكر من أمثلة الحكمين فالمراد بقية أمثلة الأحكام أي ويختار النصب في نحو زيدا مر به أو بغلامه أو أكرم أخاه أو غلام أخيه كما يختار في زيدا اضربه ويستوي الأمران في نحو زيد قام وعمرو مررت به في داره كما يستويان في زيد قام وعمرو أكرمته في داره ويترجح الرفع في زيد مررت به كما يترجح في زيد ضربته. قوله: "أحسن منه في نحو زيدا ضربت أخاه" لأن المقدر في الأول من لفظ المذكور ومعناه. وفي الثاني من لازم معناه فقط ولعدم الفصل فيه بين العامل وضمير الاسم المشغول عنه بخلاف الثاني. وقول البعض بين العامل وشاغله سهو ولم يقل وأحسن منه في نحو زيدا مررت بأخيه لانفهامه بالأولى كما ستعرفه. قوله: "وفي نحو زيدا ضربت أخاه أحسن إلخ" لأن الفصل فيه أقل من الفصل في الثاني ولم يتعرض لزيدا مررت به مع زيدا ضربت أخاه، والمنقول عن أبي حيان أن النصب في الأول أحسن منه في الثاني لاتحاد الفعلين المذكور والمقدر في المعنى واتحاد متعلقهما وهما الظاهر والضمير في المعنى في الأول دون الثاني لاختلاف الفعلين معنى واختلاف متعلقهما معنى فيه. قوله: "وسوّ في ذا الباب وصفا" أي في الجملة إذ لا يتأتى وجوب النصب لأنه لا يكون إلا إذا وقع الاسم بعدما يختص بالفعل وإلى هذا الإشارة بقول الشارح في جواز إلخ ويرشد إليه كما قاله سم قول المصنف السابق والنصب حتم إلخ إذ المختص بالفعل لا يتصور في الاسم ولا فرق في الوصف بين المفرد والمثنى والمجموع جمع تصحيح كزيدا أنتما ضارباه أو أنتم ضاربوه أو أنتن ضارباته وكذا جمع التكسير عند بعضهم كزيدا أنتم ضرابه أو أنتم ضواربه. قوله: "ذا عمل" أي فيما قبله سم فتخرج الصفة المشبهة. قوله: "وهو اسم الفاعل" أراد به ما يشمل مثال المبالغة. قوله: "في نحو أزيدا أنت ضاربه" قال سم ينبغي أن يكون خبر المبتدأ الوصف المحذوف وحينئذٍ فرفع المذكور لكونه مفسرا للمحذوف المرفوع وقائم مقامه. ا. هـ. وقال الدماميني أجاز صاحب البسيط في المثال أن يكون نصب زيد بإضمار فعل وأن يكون بتقدير اسم الفاعل لصحة اعتماده وهو مبتدأ وأنت مرتفع به أو اسم الفاعل المقدر خبر لأنت مقدم وضاربه عل هذا التقدير خبر مبتدأ آخر. ا. هـ. يعني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الحال أو الاستقبال، كما تقول أزيدًا تضربه أو تكرم أخاه أو تمر به أو تحبس عليه. وإنما امتنع زيدًا أنت تضربه بخلاف أنت ضاربه لاحتياج الوصف إلى ما يعتمد عليه، بخلاف الفعل فإن كان الوصف غير عامل لم يجز أن يفسر عاملًا، فلا يجوز أزيدًا أنت ضاربه، أو محبوس عليه أمس وإنما يكون الوصف العامل كالفعل في التفسير "إن لم يك مانع حصل" يمنعه من ذلك كوقوعه صلة لأل لامتناع عمل الصلة فيما قبلها. وما لا يعمل لا   تقدير اسم الفاعل بوجهيه ولأجل أولهما جيء بالاستفهام. قوله: "أو محبوس عليه" نائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو إن نظر إلى الموصوف المحذوف أي شخص محبوس أي مقصور وأنت إن نظر إلى المبتدأ الذي هو أنت وليس نائب الفاعل الضمير المجرور بعلى وإلا لم لم يكن في محل نصب. قوله: "بخلاف أنت ضاربه" أي بخلاف زيدا أنت ضاربه بدون استفهام هذا هو المتبادر من عبارته وحينئذٍ لا يرد على قوله لاحتياج الوصف إلى ما يعتمد عليه قول سم. قد يقال يكفي الاعتماد على الاستفهام. ا. هـ. وإيضاح وجه عدم وروده أن مراد الشارح توجيه منع زيدا أنت تضربه وجواز زيدا أنت ضاربه بلا استفهام فيهما بقرينة قوله وإنما امتنع زيدا أنت تضربه ثم هذه المخالفة كما قاله سم لا تنافي قوله سوّ لأن المعنى أن الوصف العامل كالفعل العامل من غير نظر لمادة مخصوصة. بقي شيء آخر وهو أن الوصف لا يفصل من معموله بأجنبي كما صرحوا به في الكلام على قوله تعالى: {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي} [مريم: 46] ، حينئذٍ لو لم يشتغل الوصف بالضمير وسلط على الاسم المتقدم لم ينصبه للفصل فلم يصدق ضابط الاشتغال على ما نحن فيه. ويجاب بأن المراد كما مر أنه لو سلط عليه لصلح بذاته لأن يعمل وإن عرض ما يمنع العمل والفصل عارض أو يقال أخذا من كلامهم هنا وكلامهم على قوله تعالى: {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي} [مريم: 46] ، الفصل الممنوع وقوع الأجنبي بعد العامل مع تأخر المعمول عنهما كما في الآية بخلاف وقوعه قبل العامل مع تقدم المعمول عليهما كما في أزيدا أنت ضارب لأن المعمول وإن تقدم لفظا متأخر رتبة فكأنه لا فصل فتدبر. قوله: "إن لم يك مانع حصل" قد يقال هذا الشرط معلوم من تسوية المصنف الوصف بالفعل إذ الفعل لا يكون مفسرا لناصب الاسم السابق إلا إذا فقد المانع. وأجيب بأنه إنما صرح به اهتماما بجانب الاسم لأنه أضعف من الفعل في العمل ولئلا يتوهم من السكوت عنه مع تقييد الوصف بكونه ذا عمل أنه ليس بشرط وقد مر عن سم أن قول المصنف: إن لم يك مانع حصل شرط لنصب الاسم السابق بما يفسره الوصف لا لعده من الاشتغال حتى يقال قد تقدم أن مدار الاشتغال على صلاحية العامل في ذاته لأن ينصب الاسم السابق لو سلط عليه وإن عرض مانع من ذلك وصلة أل عاملة لذاتها وعدم عملها لعارض وقوعها صلة فلا موقع لهذا الشرط فعلم سقوط استشكال البعض بذلك وعدم الاحتياج إلى ما تكلفه من الجواب بأن الصلة متممة للموصول فهي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يفسر عاملًا. ومن ثم امتنع تفسير الصفة المشبهة. فلا يجوز زيدًا أنا الضاربه، ولا وجه الأب زيد حسنة. تنبيه: يتعين الرفع في زيد عليكه، أو زيد ضربا إياه لأنهما غير صفة. نعم يجوز النصب عند من يجوز تقديم معمول اسم الفعل وهو الكسائي، ومعموم المصدر الذي لا   كالجزء منه فكان منع العمل للذات. قوله: "ومن ثم" أي من أجل أن ما لا يعمل فيما قبله لا يفسر عاملا. قوله: "امتنع تفسير الصفة المشبهة" ظاهره ولو مع الظرف وإن جاز عملها فيه مع تقدمه ولا مانع من استثنائه ولا يرد على إخراجها من قول المصنف وصفا ذا عمل لأن الكلام في الاشتغال على العموم أو بالنظر للمفعول به الذي هو الأصل في الباب. ا. هـ. سم. قوله: "يتعين الرفع في نحو زيد عليكه" أي على أن زيد مبتدأ خبره الفعل النائب عنه اسم الفعل والمصدر قاله في التصريح قال شيخنا علم من قوله خبره الفعل النائب إلخ سقوط استشكال بعضهم رفع الاسم بأنه لا يصح أن يكون اسم الفعل أو المصدر خبره لأن اسم الفعل لا محل له على الراجح والمصدر منصوب. ا. هـ. وهو ظاهر بالنسبة إلى المصدر أما بالنسبة إلى اسم الفعل فالظاهر أنه هو ومعموله خبر ولا يرد عليه ما ذكره من أن اسم الفعل لا محل له لأن المحل على ما قلنا لمجموع اسم الفعل ومعموله والمنفي محلية اسم الفعل وحده فاعرفه ومراده بتعين الرفع امتناع النصب بمحذوف يفسره المذكور على طريق الاشتغال فلا ينافي جواز نصبه بمحذوف مدلول عليه بالمذكور لا على طريق الاشتغال إما فعل كالزم واضرب إذ لا يشترط توافق المفسر والمفسر اسمية وفعلية على ما قيل ويؤيده ما مر عن صاحب البسيط، واما اسم فعل ومصدر على مذهب من يجوز عمل اسم الفعل والمصدر محذوفين. قوله: "نعم يجوز النصب" أي على الاشتغال بفعل محذوف أو اسم فعل ومصدر محذوفين على ما مر ومحل جوز النصب إذا لم يمنع منه مانع كما هو ظاهر فيتعين في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ} [محمد: 8] ، كون الذين مبتدأ وتعسا مصدر لفعل محذوف هو الخبر أي تعسهم الله تعسا ودخلت الفاء في الخبر مع أن فعل الصلة ماض لجواز ذلك على قلة نحو: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} [البروج: 10] ، ولا يصح نصبه على الاشتغال بمحذوف يفسره تعسا لوجود المانع وهو الفاء لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها فلا يفسر في باب الاشتغال عاملا قاله الدماميني. وتعليله بوجود الفاء أولى من تعليل المغني بأن اللام متعلقة بمحذوف استؤنف للتبيين لا بالمصدر لأنه لا يتعدى باللام وليست التقوية لأنها لازمة ولام التقوية غير لازمة يعني فالضمير من جملة أخرى غير جملة التفسير فقد رد الدماميني دعوى لزومها بقول ابن الحاجب في شرح المفصل إنها تسقط فيقال سقيا زيدا ورعيا إياه فعلى كونها لام التقوية يجوز الاشتغال في نحو زيدا سقيا له كما عليه جماعة منهم أبو حيان وإن خالفهم في المغني بناء على تعليله السابق وكاسم الفعل والمصدر على هذا المذهب ليس على القول بجواز تقدم خبرها فيصح الاشتغال معها عليه نحو زيدا لست مثله أي باينت زيدا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 وعلقة حاصلة بتابع ... كعلقة بنفس الاسم الواقع   ينحل بحرف مصدري وهو المبرد والسيرافي "وعلقة" بين العامل الظاهر والاسم السابق "حاصلة بتابع" سببي له جار متبوع أجنبي منه، وهو الشاغل نعتًا أو عطف نسبق بالواو أو عطف بيان "كعلقة بنفس الاسم" السببي "الواقع" شاغلًا، فكما تقول زيدًا أكرمت أخاه أو محبه فتكون العلقة بين زيدًا وأكرمت عمله في سببه، كذلك تقول زيدًا أكرمت رجلًا يحبه، أو أكرمت عمرًا وأخاه أو عمرًا أخاه فتكون العلقة عمله في متبوع سببه المذكور، ويجوز أن يكون المراد بالعلقة الضمير الراجع إلى الاسم السابق فتكون الباء بمعنى في أي أن وجود الضمير في تابع الشاغل كاف في الربط كما يكفي وجوده في نفس الشاغل، وإن كان الأصل أن يكون متصلًا بالعامل منفصلًا عنه بحرف جر ونحو. تنبيه: لو جعلت أخاه من قولك زيدًا أكرمت عمرًا بدلًا امتنعت المسألة نصبت   قوله: "الذي لا ينحل إلخ" هو الواقع بدلا من اللفظ بفعله كضربا في المثال واحترز مما ينحل فإنه لا يجوز عمله فيما قبله اتفاقا لأن الصلة لا تعمل فيما قبل الموصول فلا تفسر عاملا قاله الشارح على التوضيح. قوله: "وعلقة بين العامل الظاهر إلخ" يعني أن ارتباط بينهما الذي لا بد منه في الاشتغال ليكون العامل متوجها للاسم السابق في المعنى كما يحصل بسبب نفس الشاغل للعامل لكونه ضمير الاسم السابق أو مضافا لضميره يحصل بتابع الشاغل الأجنبي لاشتمال ذلك التابع على ضمير الاسم السابق فالعلقة بمعنى الارتباط والباء في قوله بتابع وبالاسم سببية لأن كلا من التابع والاسم سبب باعتبار عمل العامل فيه أو في متبوعه في حصول الارتباط بين العامل والاسم السابق وسيذكر الشارح وجها آخر. قوله: "سببي له" أي للاسم السابق. قوله: "نعتا" أي لذلك المتبوع ومراده تقسيم التابع، وبقي البدل وسيذكر الشارح أنه لا يصح مجيئه هنا والتوكيد وهو أيضا لا يصح مجيئه هنا لأن الضمير المتصل به عائد على المؤكد أبدا فلا يكون رابطا للعامل بالاسم السابق والتوكيد بالمرادف لا ضمير فيه أصلا نعم يرد عليه أن العلقة تكون في غير ما ذكره كصلة الشاغل نحو هندا ضربت تبغضه أو يبغضها وصلة المعطوف على الشاغل نحو زيدا لقيت عمرا والذي يحبه أي يحب زيدا وصفة المعطوف على الشاغل نحو زيدا لقيت عمرا ورجلا يحبه وبيان المعطوف على الشاغل نحو زيدا ضربت رجلا وعمرا أخاه وحينئذٍ فالتقسيم غير مستوف ولو حمل التابع على التابع اللغوي لدخل ما ذكر. قوله: "أو عطف نسق بالواو" أي بشرط أن لا يعاد معه العامل كما في التسهيل وإلا لم يحصل به الربط لخروجه عن تبعية الشاغل بكونه من جملة أخرى. قوله: "بنفس الاسم السببي" كان الأحسن حذف السببي ليشمل الضمير في نحو زيد ضربته كما في سم. قوله: "فتكون العلقة بين زيدا وأكرمت عمله" أي مسبب عمله وفي كلامه إشارة إلى أن في كلام المصنف حذفا أي بالعمل في متبوع تابع سببي وبالعمل في نفس الاسم ولا حاجة إلى ذلك كما يعلم مما قدمناه في قوله وعلقة بين العامل الظاهر إلخ. قوله: "فتكون الباء بمعنى في" لو قال بمعنى مع لكان أولى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أو رفعت؛ لأن البدل في نية تكرير العامل فتخلو الأولى عن الرابط. نعم يجوز ذلك إن قلنا إن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه، وكذا تمتنع إذا كان العطف بغير الواو لإفادة الواو معنى الجمع، بخلاف غيرها من حروف العطف. خاتمة: إذا وقع فعل ضمير اسم سابق نحو أزيد قام أو غضب عليه، أو ملابسًا لضمير نحو أزيد قام أبوه فقد يكون ذلك الاسم السابق واجب الرفع بالابتداء كخرجت فإذا زيد قام، وليتما عمرو قعد إذا قدرت ما كافة، أو بالفاعلية نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] ، وهلا زيد قام. وقد يكون راجح الابتدائية على الفاعلية   قوله: "ونحوه" أي كالمضاف. قوله: "في نية تكرير العامل" يعني أن عامل البدل فعل مقدر فهو مع البدل جملة أخرى في الحقيقة وإن كانوا يسمون الكلام المشتمل على المبدل منه والبدل جملة واحدة اعتبارا بظاهر اللفظ. وقال الروداني عامل البدل وإن كان مقدرا لكنه غير مقصود بالإسناد حتى يكون جملة ونظيره قمت قمت في تأكيد الضمير فقط فإن الفعل غير مقصود بالإسناد وعزا الدماميني القول بأن البدل على نية تكرار العامل إلى الأخفش والرماني والفارسي وأكثر المتأخرين وعزا القول بأن عامله العامل في متبوعه إلى سيبويه والمبرد والسيرافي والزمخشري وابن الحاجب ومال إليه. قوله: "فتخلو الأولى عن الرابط" فلا يصح أن تكون خبرا إن رفعت لعدم الرابط بين المبتدأ والخبر ولا مفسرة لناصب الاسم السابق إن نصبت لعدم الرابط بين الاسم السابق والعامل. قوله: "معنى الجمع" أي معنى مطلق الجمع فالاسمان أو الأسماء معها بمنزلة اسم مثنى أو مجموع فيه ضمير. ا. هـ. دماميني. قوله: "إذا رفع فعل ضمير اسم" أي على الفاعلية أو النيابة عن الفاعل ولذا مثل بمثالين وقوله نحو أزيد قام أبوه كان عليه أن يزيد أو ضرب أبوه. قوله: "فقد يكون إلخ" كالصريح في أن ما ذكر من باب الاشتغال وبه صرح في التسهيل ويصرح به قول صاحب الهمع أيضا الاشتغال في الرفع كالنصب فيجب كون الرفع بإضمار فعل في نحو إن زيد قام ويترجح في نحو أزيد قام ويجب كونه بالابتداء إلخ. ا. هـ. بتصرف. لا يقال ضابط الاشتغال لا يصدق على ما ذكر لأن العامل لو فرغ عن الضمير لا يعمل في الاسم المتقدم لأن الفاعل ونائبه لا يجوز تقديمهما. لأنا نقول المنع من الله لعمل لعارض أن الفاعل ونائبه لا يتقدمان لا لذات العامل. قوله: "إذا قدرت ما كافة" أما إذا قدرتها زائدة غير كافة كان الرفع جائزا لا واجبا لجواز الإعمال والإلغاء حينئذٍ وكالكافة في وجوب الرفع المصدرية لكن الرفع بعد المصدرية بالفاعلية لفعل محذوف يفسره المذكور لأنه يجب أن يليها فعل ظاهر أو مقدر على المشهور. قوله: "أو بالفاعلية" لو قال أو بفعل لكان أحسن إذ الفاعلية ليست رافعة إلا أن تحمل الباء على السببية وأعم ليدخل نائب الفاعل في نحو إن زيد ضرب بالبناء للمفعول. قوله: "وإن أحد من المشركين استجارك" أورد عليه اللقاني أن أداة الشرط إنما تطلب فعلا رافعا أو ناصبا وكون استجارك تفسيرا لا يتعين لجواز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 تعدي الفعل ولزومه : غلامة الفعل المعدى أن تصل ... ها غير مصدر به نحو عمل   نحو زيد قام، وذلك عند المبرد وتابعيه وغيرهم يوجب ابتدائيته لعدم تقدم طلب الفعل، وقد يكون راجح الفاعلية على الابتدائية نحو زيد ليقم، ونحو قام زيد وعمرو وقعد، ونحو: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: 6] ، و {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَه} [الواقعة: 59] . وقد يستويان نحو زيد قام وعمرو قعد عنده، والله أعلم. تعدي الفعل ولزومه: "علامة الفعل المعدى" إلى مفعول به فأكثر، ويسمى أيضًا واقعًا لوقوعه على المفعول به، ومجاوزًا لمجاوزته الفاعل إلى المفعول به، أمران: الأول صحة "أن تصل ها"   أن يكون نعتا والتقدير إن وجدت أحدا. وأجاب يس بأن مراد الشارح بتعين الرفع على الفاعلية امتناع الرفع بالابتداء لا امتناع النصب بعامل مقدر وأجاب الروداني بأنه لا يمنع أحد مثل ذلك في غير الآية إذا لم يرد به الاشتغال. وأما ما نحن فيه من الآية ومن إرادة معنى الاشتغال في غيرها فيمتنع لأن التلاوة رفع أحد وفي غير القرآن لا يكون نصب أحد بوجدت من الاشتغال. قوله: "على الفاعلية" أي بفعل مقدر يفسره المذكور. قوله: "عند المبرد ومتابعيه" ينبغي أن يزاد الكوفيون فإنهم قائلون بجواز تقدم الفاعل على رافعه فيكون جواز الاشتغال في ذلك عندهم أقيس من جوازه عند من قال لا يتقدم قاله الدماميني. قوله: "وغيرهم" وهم جمهور البصريين. قوله: "لعدم تقدم طلب الفعل" أي من نفي أو استفهام. قوله: "نحو زيد ليقم" إنما ترجحت الفاعلية فيه فرارا من الإخبار بالجملة الطلبية المختلف فيها وفيه كما قال المصرح إن ذلك يستدعي حذف الفعل المقرون بلام الأمر وهو شاذ فكيف يكون راجحا وفي نحو قام زيد وعمرو قعد ترجحت الفاعلية طلبا للتناسب بين المتعاطفين وفي نحو: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: 6] ، لأن الغالب أن همزة الاستفهام يليها الفعل وكذا في: {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} [الواقعة: 59] ، لكن فيه كلام تقدم في باب الفاعل. قوله: "نحو زيد قام وعمرو قعد عنده" إنما استوى الأمران فيه لأن في كل منها مشاكلة المعطوف عليه فالرفع على الابتدائية مراعاة للكبرى وعلى الفاعلية مراعاة للصغرى والشرط المتقدم موجود وهو اشتمال الثانية على ضمير الاسم السابق. تعدي الفعل ولزومه: من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الفعل المتعدي أي بنفسه بحسب الوضع لأنه المراد عند الإطلاق لا المتعدي بحرف الجر ولا المتعدي بنفسه بواسطة إسقاط الخافض. والفعل اللازم وإنما جعلنا الإضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف لأن الذي سيذكره صراحة المتعدي واللازم. وفي هذا الباب ذكر المفعول به. قوله: "إلى مفعول به" أما بقية المفاعيل فيعمل فيها المتعدي واللازم. قوله: "أمران الأول إلخ" فيه تغيير اعراب المتن إلا أن يقال هو حل معنى لا حل إعراب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 فانصب به مفعوله إن لم ينب ... عن فاعل نحو تدبرت الكتب   ضمير راجع إلى "غير مصدر به" والثاني أن يصاغ منه اسم مفعول تام وذلك "نحو عمل" فإنك تقول منه: الخير عمله زيد فهو معمول، بخلاف نحو خرج فإنه لا يقال منه زيد خرجه عمرو، ولا هو مخروج بل هو مخروج به أو إليه فلا يتم إلا بالحرف. والاحتراز بهاء غير المصدر من هاء المصدر فإنها تتصل باللازم والمتعدي نحو الخروج خرجه زيد، والضرب ضربه عمرو. تنبيه: هذه الهاء تتصل بكان وأخواتها، والمعروف أنها واسطة أي لا متعدية ولا لازمة، ولعله جعلها من المتعدي نظرًا إلى شبهها به، وربما أطلق على خبرها المفعول "فانصب به مفعوله إن لم ينب" ذلك المفعول "عن فاعل نحو تدبرت الكتب" فإن ناب   لكن لا يخفى ما في تحميل الشارح كلام المصنف، الأمر الثاني من التكلف الذي لا حاجة إليه ولا دليل عليه. قوله: "أن تصل" أي ولو بحسب الأصل فلا يرد على عكس التعريف الأفعال اللازمة للبناء للمفعول لأنها صالحة لذلك بحسب الأصل فهي متعدية واستعمالها لازمة للبناء للمفعول عارض بعد الوضع قاله الروداني. والمراد أن تصل من غير توسع بحذف الجار كما هو المتبادر فلا يرد على طرد التعريف الليلة قمتها والنهار صمته والدار دخلتها. وأما إيراد الصديق كنته فسيذكر الشارح جوابه وأورد لزوم الدور لتوقف معرفة المتعدي على معرفة الصحة المذكورة والعكس. وأجيب بأن الصحة المذكورة تعرف بقبول النفس وصل الهاء إذ لا تقبل النفس قمته بإعادة الضمير إلى غير المصدر كما تقبل ضربته كذلك فلا تتوقف معرفة الصحة على معرفة المتعدي أفاده سم. قوله: "ها ضمير إلخ" الإضافة بيانية، وخرج بها هاء السكت فإنها تتصل بالقسمين. قوله: "أن يصاغ منه" أي صحة أن يصاغ من مصدره ليوافق مذهب البصريين. قوله: "تام" أي مستغن عن حرف الجر زاد في التسهيل باطراد لإخراج نحو تمرون الديار فإنه يصح أن يصاغ منه اسم مفعول فيقال الدار ممرورة لكن لا باطراد. قوله: "هذه الهاء" أي هاء غير المصدر. قوله: "والمعروف أنها" أي في حال نقصانها أما في حال تمامها فهي من قسم اللازم تارة والمتعدي تارة أخرى. قوله: "إلى شبهها به" أي في عمل الرفع والنصب والظاهر أن موضوع كلام المصنف الفعل التام بقرينة قوله فانصب به مفعوله وإلا لقال مفعوله أو خبره ولتقدم الكلام على الأفعال الناقصة فتكون أل في الفعل في عبارة المصنف فتدبر. قوله: "مفعوله" أي المفعول به لما مر. قوله: "إن لم ينب عن فاعل" أي ولم يضمن معنى فعل لازم وإلا كان لازما أو في حكم اللازم كما سيأتي في الخاتمة وكان الأولى التنبيه على هذا لأن ما ذكره من عدم نصب المفعول إذا ناب عن الفاعل علم من باب النائب عن الفاعل واعترض اللقاني كلام المصنف بأن مقتضاه أن فعل المجهول متعد وفيه نظر لأن التعدي إلى شيء نصبه إياه ومرفوعه ليس منصوبا لفظا ولا محلا وهو مدفوع بأنه متعد بحسب الأصل ومرفوعه منصوب بحسب الأصل بناء على الأصح أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 ولازم غير المعدى وحتم ... لزوم أفعال السجايا كنهم كذا افعلل والمضاهي اقعنسسا ... وما اقتضى نظافة أو دنسا   عنه رفعته به كما سلف "ولازم غير المعدى" غير المعدى مبتدأ ولازم خبره: أي ما سوى المعدى هو اللازم إذ لا واسطة، ويسمى قاصرًا أيضًا لقصوره على الفاعل، وغير واقع، وغير مجاوز لذلك "وحتم لزوم أفعال السجايا" وهي الطبائع. والمراد بأفعال السجايا ما دل على معنى قائم بالفاعل لازم له "كنهم" بكسر الهاء الرجل إذا كثر أكله، وشجع، وجبن، وحسن، وقبح، وطال، وقصر، وما أشبه ذلك و"كذا" ما وازن "افعلل" نحو اقشعر واشمأز، واطمأن، وما ألحق به وهو افوعل نحو اكوهد الفرخ إذا ارتعد "و" كذا المضاهي" أي   صيغة المجهول فرع صيغة المعلوم. قوله: "إذ لا واسطة" أي على ما يستفاد من كلامه هنا حيث قدم الخبر وإلا فالجمهور على أن كان وأخواتها واسطة كما تقدم والمصنف في التسهيل على أن ما يتعدى تارة بحرف الجر مع شيوع كل من اللغتين كشكرته وشكرت له ونصحته ونصحت له واسطة وهو الأصح من مذاهب ثلاثة فيه ثانيها متعد والحرف زائد. ثالثها لازم وحذف الحرف توسع ولا يرد ما تعدى ولزم مع اختلاف المعنى كفغر فاه بمعنى فتحه. وفغر فوه بمعنى انفتح وكزاد ونقص لأنه لا يخرج عن القسمين. قوله: "لذلك" أي للازم ذلك إذ عدم الوقوع على المفعول به وعدم المجاوزة إليه لازمان للقصور المذكور. قوله: "لازم له" أي غالبا أو بشرط عدم المانع فلا يرد أن كثرة الأكل والحسن يزولان عند المرض أفاده سم. قوله: "إذا كثر أكله" أي كان كثرة الأكل سجية له فلا يرد ما قاله ابن هشام كثرة الأكل عرض لا سجية لكن فسر الجوهري وابن سيده النهم باشتداد الشهوة للأكل وفي القاموس النهم محركة وسجابة إفراط الشهوة في الطعام وأن لا تمتلىء عين الآكل ولا يشبع. نهم كفرح وعنى فهو نهم ونهيم ومنهوم اهـ. فلعل قول الشارح أي كثر أكله قول آخر أو تفسير باللازم وفي التمثيل لأفعال السجايا بنهم المكسور العين ما يفيد أن أفعال السجايا لا يلزم أن تكون مضمومة العين وفي التصريح خلافه. بقي أن اللازم لا يصاغ منه اسم مفعول كما مر فكيف قيل منهوم اللهم إلا أن يقال هذا شاذ. قوله: "وطال" أصله طول بضم الواو كما نقله شيخنا عن الشارح. قوله: "واشمأز" نقل الروداني أنه جاء متعديا قالوا اشمأز الشيء أي كرهه. قوله: "وما ألحق به" أي وكذا ما وازن ألحق بافعلل في الزنة والإلحاق جعل مثال أنقص من آخر موازنا له ليصير مساويا له في عدد الحروف والحركات المعينة والسكنات وفي التكسير والتصغير وغيرهما من الأحكام وربما اختلف المعنى بالزيادة للإلحاق كما في حوقل وكوثر فإنهما مخالفان لمعنى حقل وكثر وقد لا يكون لأصل الملحق معنى في كلامهم كما في كوكب وزينب فإنه لا معنى لككب وزنب وإنما كان افوعل ملحقا بافعلل لزيادة حرف فيه غير الألف وهو الواو بخلاف افعلل. قوله: "وهو افوعل" لو قال كافوعل لكان شاملا لنحو ابيضض. قوله: "اكوهد" أصله كهد أي أسرع. ا. هـ. فارضي. قوله: "إذا ارتعد" يعني لأمه لتزقه. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المشابه في الوزن افعنلل نحو احرنجم، يقال احرنجمت الإبل أي اجتمعت، وما ألحق به وهو وزنًا افعنلل بزيادة إحدى اللامين نحو "اقعنسسا" يقال اقعنسس البعير إذا امتنع من الانقياد، وافعنلي نحو احرنبي الديك إذا انتفش للقتال، واستلقى الرجل إذا نام على ظهره. وقد جاء منه المتعدي نحو اسرندي واغرندي: أي علا وركب في قول الراجز: 410- قد جعل النعاس يسرنديني ... أدفعه عني ويغرنديني تنبيه: يجوز في اقعنسس أن يكون مفعولًا للمضاهي، والأولى أن يكون فاعلًا له والمفعو محذوف: أي والمضاهية اقعنسس لما عرفت أنه محلق باحزنجم "و" كذلك حتم أيضًا لزوم "ما اقتضى" من الأفعال "نظافة أو دنسًا" نحو نظف، وطهر، ووضوء،   "افعنلل" أي أصلي اللامين. وقوله وما ألحق به عطف على افعنلل فيكون المشبه به افعنلل أصل اللامين وافعنلل زائد إحداهما وهل الزائد الثانية أو الأولى قولان وافعنلى والمشبه الأفعال لهذه الصيغ في الوزن نحو احرنجم واقعنسس واحرنبى فاعتراض البعض بأن ظاهر الشارح أنه معطوف على افعنلل فيكون من المشبه به وحينئذٍ فأين المشبه فكان الظاهر أن يقول بدل قوله وما ألحق به والذي شابه افعنلل وزنان أو يحذف قوله وهو وتكون الجملة مستأنفة معقودة من مبتدأ وخبر لبيان المشبه والمضاهي في غاية السقوط إذ لا داعي إلى جعل المشبه والمضاهي بكسر الهاء ما ألحق بافعنلل أصلي اللامين من الوزنين الأخيرين بل تمثيل الشارح المضاهي افعنلل بنحو احرنجم والمضاهي افعنلل زائد إحدى اللامين بنحو اقعنسس والمضاهي افعنلل نحو احرنبي صريح فيما قلنا من أن المشبه والمضاهي بكسر الهاء الأفعال المشبهة للصيغ الثلاث في الوزن وإياك أن تتوهم أن كلام الشارح في التنبيه يأباه فإن كلامه إنما هو بالنظر لبعض تلك الأفعال مع بعض لا بالنظر لها مع تلك الصيغ فاحفظ ما تلوناه عليك. قوله: "وهو وزنان افعنلل" لو قال كافعنلل لكان شاملا لنحو احونصل. قوله: "وقد جاء منه المتعدي" أي شذوذا فلا يرد على المتن أفاده المصرح. قوله: "واغرندى" بالغين المعجمة مرادف اسرندى كما في المغني فقول الشارح أي علا وركب راجعان لكل منهما. قوله: "أن يكون مفعولا للمضاهي" أي على طريق عكس التشبيه. قوله: "والمفعول محذوف" أي على رأي المصنف من جواز حذف عائد أل الموصولة. قوله: "ما اقتضى" أي أفاد. قوله: "نحو نظف إلخ" أي بضم العين فيما عدا دنس فإنه بكسرها لا غير وورد فتح العين أيضا في طهر وكسرها وفتحها أيضا في نجس وقذر. هذا مجموع ما في القاموس والمصباح ومختار الصحاح وبه يعلم ما وقع للبعض من القصور والدعوى   410- الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص1215؛ والخصائص 2/ 258؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 690؛ وشرح التصريح 1/ 311؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 113؛ وشرح شواهد الشافية ص47؛ وشرح شواهد المغني 2/ 885؛ ولسان العرب 3/ 212 "سرد"؛ 3/ 325 "غرند"؛ ومغني اللبيب 2/ 520؛ والممتع في التصريف 1/ 185؛ والمنصف 1/ 86، 3/ 11. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 أو عرضًا أو طاوع المعدى ... لواحد كمده فامتدا   ودنس، ونجس، وقذر "أو عرضًا" وهو ما ليس حركة جسم من معنى قائم فاعل غير ثابت فيه، كمرض وكسل، ونشط، وفرح، وحزن، ونهم إذا شبع "أو طاوع المعدى لواحد كمده فامتدا" ودحرجت الشيء فتدحرج. أما مطاوع المتعدي لأكثر من واحد فإنه متعد   التي تحتاج إلى بينة. قوله: "أو عرضا" زاد في المغني أو لونا كأحمر وأخضر وأدم واحمارّ وأسوادّ أو حلية كدعج وكحل وشنب وسمن وهزل وزاد أيضا كون الفعل على فعل بالفتح أو فعل بالكسر ووصفهما ليس إلا على فعيل كذل وقوي وكونه على أفعل بمعنى صار كذا كأغدّ البعير أي صار ذا غدة وكونه على استفعل كذلك كاستحجر الطين أي صار حجرا. قوله: "ما ليس حركة جسم" أما ما هو حركته فمنه لازم كمشى ومتعد كمد. ويدخل في التعريف فهم وعلم من أنهما متعديان فإن أخرجتهما منه بجعلهما ثابتين أو منزلين منزلة الثابت أشكلا على تعريف أفعال السجايا أفاده الدنوشري أي لدخولهما فيها حينئذٍ مع أنهما متعديان. وذكر ما اقتضى عرضا بعد ذكر ما أقضى نظافة أو دنسا من ذكر العام بعد الخاص لأن النظافة والدنس من العرض وأفاد الشارح بتعريف العرض بما ذكره أنه ليس المراد بالعرض هنا العرض بالمعنى العام المقابل للجوهر حتى يرد أن الفعل من حيث هو عرض ولم يذكر في تعريف السجية السابق هذا القيد أعني ليس حركة جسم لظهوره ثم أفاده سم. قوله: "غير ثابت فيه" أي غير دائم فيه وبهذا القيد فارقت هذه الأفعال أفعال السجايا. قوله: "كمرض وكسل إلخ" وكلها بكسر العين قاله الشارح. قوله: "أو طاوع إلخ" المطاوعة قبول فاعل فعل أثر فاعل فعل آخر يلاقيه اشتقاقا، وإن شئت قلت حصول الأثر من الأول للثاني مع التلاقي اشتقاقا والقيد الأخير لإخراج نحو ضربته فثألم وقد يتخلف معنى الثاني عن معنى الأول لتوقفه على شيء من جانب فاعل الثاني لم يحصل كعلمته فيجوز أن يقال فما تعلم بخلاف نحو كسرته فلا يجوز أن يقال فما انكسر لعدم توقفه على شيء من جانب المنكسر كذا قالوا وهو مبني على ما زعموه من كون علمته موضوعا لما هو من جانب المعلم فقط وفيه بحث لأنه يلزم عليه أن لا يكون تعلم من قولك علمته فتعلم مطاوع علم لأنه حينئذٍ مثل أضجعته فنام مما يفضي فيه كثيرا الأول إلى الثاني بلا مطاوعة وكذا علمته فما تعلم يلزم أن يكون مثل أضجعته فما نام لأن الحقيقة المنفية ليست حينئذٍ لازمة للمثبتة ولا مستلزمة لها والإجماع على أن تعلم مطاوع علم إثباتا ونفيا فالوجه أن علم لما هو من جانب المعلم والمتعلم معا ولا يلزم التناقض في علمته فما تعلم لاحتمال التجوز بعلمته في عالجت تعليمه وأنه يجوز أن يقال كسرته فما انكسر على هذا التجوز ولا وجه لمنعه فلا فرق حينئذٍ بين علمته وكسرته في صحة المعنى المجازي في النفي دون المعنى الحقيقي فاحفظه وقضية كلام المصنف أن الفعل ومطاوعه لا يجوز أن يكونا لازمين معا أو متعديين معا إلى مفعول أو مفعولين وعليه الجمهور. وزعم أبو علي أنهما جاءا لازمين سمع في شعرهم منهوى ومنغوى من هوى وغوى وهما لازمان ورد بأنهما ضرورة وقيل مطاوعان لأهويته وأغويته وضعف بأن انفعل لأفعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 وعد لازمًا بحرف جر ... وإن حذف فالنصب للمنجز نقلًا وفي أنَّ وأنْ يطرد ... مع أمن لبس كعجبت أن يدوا   كما مر "وعد لازمًا بحرف جر" نحو ذهبت بزيد بمعنى أذهبته، وعجبت منه، وغضبت عليه "وإن حذف" حرف الجر "فانصب للمنجر" وجوبًا وشذ إبقاؤه على جره في قوله: 411- أشارت كليب بالأكف الأصابع أي إلى كليب. وحيث حذف الجار في غير أن وأن فإنما يحذف "نقلا" لا قياسًا   شاذ، وزعم ابن بري أنهما يقعان متعديين إلى اثنين نحو استعطيته درهماً فأعطاني درهماً وإلى واحد نحو استنصحته فنصحني ورد بأن هذا ليس من باب المطاوعة بل من باب الطلب والإجابة كما في المغني. قوله: "وعد لازماً" المراد باللازم ولو بالنسبة إلى ما يتعدى إليه بحرف الجر فيدخل المتعدي إلى المفعول الثاني بحرف الجر. قوله: "بمعنى أذهبته" فيه إشارة إلى أن الباء والهمزة على حد سواء وهو الراجح وقيل الباء تفيد مع التعدية المصاحبة بخلاف الهمزة واعترض بنحو: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] . وأجيب بأن المراد تفيد المصاحبة ما لم يمنع مانع منها كما في الآية فإن استحالة الذهاب عليه تعالى منع من المصاحبة ثم هذه التعدية التي تعاقب عليها الباء الهمزة وبها يصير الفاعل مفعولاً هي التعدية الخاصة بالباء، أما التعدية العامة التي هي إيصال معنى الفعل إلى الاسم فيشترك فيها جميع حروف الجر ففي تمثيل الشارح إشارة إلى أن المراد بالتعدية في المتن ما يشمل الخاصة والعامة. قوله: "فالنصب للمنجر" وناصبه عند البصريين الفعل وعند الكوفيين إسقاط الجار. يس. قوله: "وشذ إبقاؤه إلخ" ويطرد في رب نحو: وليل كموج البحر. قوله: "أشارت إلخ" صدره: إذا قيل أي الناس شر قبيلة أشارت إلخ والأصل أشارت إلى كليب الأكف بالأصابع فدخله الحذف والقلب وقيل الياء بمعنى مع فتكون الإشارة بالمجموع وروى كليب بالرفع على أنه خبر لمحذوف أي هي كليب فيكون جمع بين العبارة والإشارة وكليب قبيلة جرير والبيت للفرزدق من قصيدة يهجو بها جريراً. قوله: "فإنما يحذف نقلاً" جعل الشارح نقلاً متعلقاً بمحذوف من مادة حذف فيكون في المعنى راجعاً   411- صدره: إذا قيل أي الناس شر قبيلة والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 420؛ وتخليص الشواهد ص504؛ وخزانة الأدب 9/ 113، 115؛ والدرر 4/ 191؛ وشرح التصريح 1/ 312؛ وشرح شواهد المغني 1/ 12؛ ومغني اللبيب 2/ 542؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 178؛ وخزانة الأدب 10/ 41؛ والدرر 5/ 185؛ وشرح ابن عقيل ص374؛ ومغني اللبيب 1/ 61، 2/ 643؛ وهمع الهوامع 2/ 36، 81. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مطردًا، وذلك على نوعين: الأول وارد في السعة نحو سكرته، ونصحته، وذهبت الشام، والثاني مخصوص بالضرورة. كقوله: 412- آليت حب العراق الدهر أطعمه وقوله: 413- كما عسل الطريق الثعلب   لقوله حذف لا للنصب ولا لهما معا والمتجه عندي ما صنعه الشارح وإن قال شيخ الإسلام الوجه رجوعه إليهما معا بقرينة قوله وفي أن وأن يطرد إلخ ولأن الحذف هو اللائق بأن يوصف بكونه سماعيا لأنه متبوع النصب ولصحة ما يفيده هذا الوصف من أن نقيض الحذف وهو عدم الحذف قياسي بخلاف النصب فإنه تابع للحذف ولا يصح ما يفيده وصفه بكونه سماعيا من أن نقيض النصب عند الحذف وهو الجر قياسي فافهم. قوله: "مطردا" صفة لازمة. قوله: "الأول وارد في السعة" ظاهر تمثيله أن المراد الورود مع الفصاحة وعدم الندرة وحينئذٍ يبقى عليه نوعان الوارد في السعة مع الفصاحة والندرة كقوله تعالى: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: 16] ، أي على صراطك والوارد في السعة مع الضعف والندرة سمع مررت زيدا. قوله: "نحو شكرته ونصحته" مبني على القول بأنهما لازمان قال حفيد الموضح جعل الحذف مع أن وأن قياسا دون نصح وشكر غير ظاهر لأن المراد بقياسية الحذف معهما جواز حذف حرف الجر معهما من أي تركيب سمع شخصه أو لم يسمع وهذا بعينه في نصح وشكر. قوله: "وذهبت الشام" الحذف مع ذهب خاص بالشام فإن ذكر غير الشام لم يحذف حرف الجر اختيارا فلا يقال ذهبت المسجد أو الدار مثلا بخلاف دخل، ومثل ذهبت الشام توجهت مكة ومطرنا السهل والجبل وضربت فلانا الظهر والبطن قاله في شرح التسهيل وكلام الشارح يفيد أن الشام مفعول به وقيل إنه منصوب على الظرفية شذوذا لأن اطراد الظرفية المكانية في المكان المبهم وكذا الخلاف في المنصوب بدخلت. قوله: "مخصوص بالضرورة" فلا يجوز لنا استعماله نثرا ولو في منصوبه المسموع وقاله الروداني. قوله: "آليت" بفتح التاء أي أقسمت   412- البيت من البسيط، وهو للمتلمس جرير بن عبد المسيح. 413- البيت بتمامه: لدن بهز الكف يعسل متنه ... فيه كما عسل الطريق الثعلب وهو من الكامل، وهو لساعدة بن جؤية الهذلي في تخليص الشواهد ص503؛ وخزانة الأدب 3/ 83، 86؛ والدرر 3/ 76؛ وشرح أشعار الهذليين ص1120؛ وشرح التصريح 1/ 312؛ وشرح شواهد الإيضاح ص155؛ وشرح شواهد المغني ص885؛ والكتاب 1/ 36، 214؛ ولسان العرب 7/ 428 "وسط"، 11/ 446 "عسل"؛ والمقاصد النحوية 2/ 544؛ ونوادر أبي زيد ص15؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص180؛ وأوضح المسالك 2/ 179؛ وجمهرة اللغة ص842؛ والخصائص 3/ 319؛ ومغني اللبيب ص11؛ وهمع الهوامع 1/ 200. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي على حب العراق وفي الطريق "و" حذفه "في أنَّ وأنْ يطرد" قياسًا "مع أمن لبس كعجبت أن يدوا" {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 63، 69] ، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18] ، أي من أن يدوا أي يعطوا الدية، ومن أن جاءكم، وبأنه، فإن خيف اللبس امتنع الحذف كما في رغبت في أن تفعل أو عن أن تفعل لأشكال المراد بعد الحرف. وأما قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] ، فيجوز أن يكون الحذف فيه لقرينة كانت، أو أن الحذف لأجل الإبهام ليرتدع من يرغب   خطاب لملك هجاه الشاعر فحلف أن لا يأكل الشاعر حب العراق كناية عن عدم سكناه. وقوله أطعمه بفتح الهمزة والعين وحذف لا النافية أي لا آكله. قوله: "كما عسل" بالإهمال والفتحات أي اضطرب وصدر البيت: لَدِنٌ بهزِّ الكف يعسل متنه فيه كما سعل، يصف رمحا بأنه لدن أي لين والباء في بهز سببية وقوله يعسل متنه أي يضطرب ويهتز صدره. وقوله فيه أي مع هز الكف. قوله: "وحذفه في أنّ وأن" أي معهما وظاهره اختصاص اطراد الحذف بما ذكر وليس كذلك إذ منه كما في التسهيل نحو دخلت المسجد ونحو اعتكفت يوم الجمعة ونحو جئتك إكراما ونحو: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} [الكهف: 19] ، وليت شعري هل قام زيد مما علق فيه العامل عن الجملة والتقدير فلينظر في جواب أيها أزكى إلخ وليت شعري بجواب هل إلخ حاصل وفي كلام شيخنا والبعض أن الحذف في القسم الأخير واجب وتقدم فيه إعراب آخر ومنه أيضا كما سينبه عليه الشارح نحو جئت كي تكرمني على جعل كي مصدرية مقدرا قبلها لام التعليل لا تعليلية مقدرا بعدها أن. وفي الدماميني عن ابن عصفور أن الأخفش الأصغر وابن الطراوة ذهبا في الفعل المتعدي إلى اثنين أحدهما بنفسه والآخر بالجار أنه يجوز حذف الجار إن تعين الجار وتعين موضوعه لطول الفصل بالمفعولين فيجوز عندهما بريت القلم السكين وقبضت الدراهم زيدا ومنه: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} [الأعراف: 155] ، قال ابن عصفور ويحتمل أن قومه مفعول وسبعين بدل والمجرور محذوف أي من بني إسرائيل ويكون المراد بقومه نخبة قومه والذي في التسهيل عن الأخفش المذكور جواز حذف الجار متى تعين من غير اشتراط تعدي الفعل إلى مفعولين. قوله: "لإشكال المراد بعد الحذف" أي عدم فهمه فيكون إجمالا فهو مبني على مذهب المصنف من شمول اللبس للإجمال وأنه مانع كاللبس وكذا إيراد الآية مبني على هذا أيضا لأنها من الإجمال وقد مر غير مرة أن الحق أن بينهما فرقا وأن الإجمال ليس معيبا ما لم يكن المقصود التعيين ويمكن حمل مذهب المصنف على صورة قصد فتنبه. قوله: "فيجوز إلخ" حاصل الجواب الأول أنه لا إجمال في الآية لأن قرينة سبب النزول تدل على الحرف المحذوف ولا يرد عليه اختلاف العلماء في المقدر هل هو في أو عن لأنه لاختلافهم في سبب النزول فالخلاف في الحقيقة في القرينة قاله في المغني. وحاصل الثاني أن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فيهن لجمالهن، ومن يرغب عنهن لدمامتهن وفقرهن. وقد أجاب بعض المفسرين بالتقديرين. تنبيهان: الأول إنما اطرد حذف حرف الجر مع أن وأن لطولهما بالصلة. الثاني اختلفوا في محلهما بعد الحذف: فذهب الخليل والكسائي إلى أن محلهما جر تمسكًا بقوله: 414- وما زرت ليلى أن تكون حبيبة ... إلي ولا دين بها أنا طالبه   الإجمال مقصود في الآية لعموم الفائدة وإنما يمتنع الإجمال إذا لم يقصد لنكتة. قوله: "لقرينة كانت" أي حين النزول يفهم منها المراد وهو في عند القائلين أن سبب النزول يدل على معنى في فقط وعن عند القائلين أنه يدل على معنى عن فقط وقيل إن المقول في شأنهم كانوا فرقتين فرقة ترغب فيهن لما لهن وفرقة ترغب عنهن لدمامتهن وهذا لا ينافي وجود القرينة إذ لا مانع من قيام قرينة في حق كل تناسبه. قوله: "لأجل الإبهام" أي لأجل قصد المتكلم الإبهام على السامع والبلغاء تقصد الإبهام إذا ناسب المقام. قوله: "لدمامتهن" بالمهملة أي قبحهنّ ومنه ما وراء الخلق الدميم إلا الخلق الذميم. قوله: "وقد أجاب بعض المفسرين بالتقديرين" أي تقدير في وتقدير عن فكان المناسب أن يقول كما في المرادي وقد أجاز بعض المفسرين التقديرين إذ ليس هذا الجواب عن إيراد الآية كذا قال البعض ويمكن أن يكون مراد الشارح بالتقديرين الجوابين فلا إشكال في تعبيره بأجاب فافهم. قوله: "لطولهما بالصلة" أورد أن الموصول الاسمي طويل بالصلة ولا يحذف معه الجار وأجيب بأن العلة النحوية غير مطردة وبأنهم فروا في الموصول الحرفي من دخول الحرف على الحرف في الظاهر بخلاف الاسمي. قوله: "فذهب الخليل إلخ" كذا في البسيط والتسهيل لكن قال شيخنا وغيره الصواب ذكر سيبويه مكان الخليل والخليل مكان سيبويه كما في المغني والتصريح. ا. هـ. وعبارة المغني بعد نقل النصب عن سيبويه وأكثر النحويين وجوز سيبويه أن يكون المحل جرا فقال بعد ما حكى قول الخليل ولو قال إنسان إنه جر لكان قولا قويا. ا. هـ. فليس في كلام سيبويه تعيين الجر كما يوهمه جعله مذهبا له فافهم. قوله: "تمسكا بقوله إلخ" أي حيث جر المعطوف على أن تكون ومعنى البيت وما زرت ليلى لأن تكون حبيبة لي ولا لدين أنا طالبها به وإنما زرتها لضرورة نزلت بي ففي العبارة قلب ويحتمل أن الباء بمعنى على نحو: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: 75] ، أي دين عليها قاله الدماميني ويحتمل أنها بمعنى من متعلقة بطالب.   414- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 84؛ والإنصاف ص395؛ وتخليص الشواهد ص511؛ والدرر 5/ 183؛ وسمط اللآلي ص572؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 103؛ وشرح شواهد المغني ص885؛ والكتاب 3/ 29؛ ولسان العرب 1/ 336 "خطب"؛ والمقاصد النحوية 2/ 556؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص526؛ وهمع الهوامع 2/ 81. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 والأصل سبق فاعل معنى كمن ... من ألبسن من زاركم نسج اليمن ويلزم الأصل لموجب عرا ... وترك ذاك الأصل حتما قد يرى   بجر دين. وذهب سيبويه والفراء إلى أنهما في موضع نصب وهو الأقيس. ومثل إن وأن في حذف حرف الجر قياسًا كي المصدرة نحو جئتك كي تقوم أي لكي تقوم "والأصل" في ترتيب مفعولي الفعل المتعدي إلى اثنين ليس أصلهما المبتدأ والخبر "سبق فالع" أي أن سبق الفاعل "معني" منهما المفعول معنى "كمن من" قولك "البسن من زاركم نسج اليمن" فإن من هو اللابس فهو الفاعل في المعنى، ونسج اليمن هو الملبوس فهو المفعول في المعنى. ويجوز العدول عن هذا الأصل فيقدم ما هو مفعول في المعنى على ما هو فاعل في المعنى. فيقال ألبسن نسج اليمن من زاركم "و" قد "يلزم الأصل" المذكور "لموجب عرى" أي وجد، وذلك كخوف اللبس نحو أعطيت زيدًا عمرًا، وكون الثاني محصورًا كما أعطيت زيدًا إلا درهمًا، أو ظاهرًا والأول ضمير متصل نحو: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] ، "وترك ذاك الأصل" لمانع وجد "حتمًا قد يرى" أي قد يرى واجبًا، وذلك كما غذا كان الذي هو الفاعل في المعنى محصورًا نحو ما أعطيت   قوله: "وهو الأقيس" أي الأقوى قياسا لأن قائله قاس على ما إذا كان المجرور غير أنّ وأن فإنه ينتصب لضعف حرف الجر عن أن يعمل محذوفا، وقائل القول الأول قاس على مجرور رب مع أن من النحاة من يجعل الجر عند حذف رب بواو رب لا برب فأفعل التفضيل على بابه ولعل القائل بالنصب يجيب عن البيت بأن جرّ دين بالعطف على توهم اللام. قوله: "كي المصدرية" فيحذف معها ما يدخل عليها من حروف الجر وهو اللام فقط كما في المغني. قوله: "سبق فاعل معنى" أي وسبق ما لا يجر على ما قد يجر نحو اخترت زيدا الرجال فالأصل تقديم زيد لأن الفعل يتعدى إليه بنفسه بخلاف الرجال فإن الفعل قد يصل إليه بالحرف فنقول اخترت زيدا من الرجال قال المصنف في الشرح يعني ابن مالك في شرح التسهيل ولذا يقال اخترت قومه عمرا ولا يقال اخترت أحدهم القوم إلا على قول من أجاز ضرب غلامه زيدا دماميني. قوله: "من ألبسن" بضم السين أمرا للجماعة ليطابق من زاركم ويجوز فتحها على أن الميم للتعظيم أو أن المأمور بالإلباس واحد من الجماعة المزورين ونسج بمعنى منسوج. قوله: "وقد يلزم الأصل" التقليل بالنسبة إلى عدم اللزم. قوله: "نحو أعطيت زيدا عمرا" توقف سم في جواز تقديمهما مرتبين على الفعل وفي جواز تقديم الثاني على الفعل واستظهر البعض الجواز وعلله بعدم اللبس أي والحاصل في الصورة الثانية إجمال لا لبس وحينئذٍ فالمراد بلزوم الأصل تقديم الثاني على الأول متأخرين معا عن الفعل أو متقدمين معا عليه فتأمل. قوله: "محصورا" أي فيه. قوله: "أو ظاهرا والأول ضمير" اعترضه حفيد الموضح بأنه يجوز تقديم الثاني على الفعل. وأجيب بأن لزوم الأصل إضافي بالنسبة إلى امتناع تقديم الثاني على الأول لا مع الفعل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 وحذف فضلة أجز إن لم يضر ... كحذف ما سبق جوابًا أو حصر   الدرهم إلا زيدًا، أو ظاهرًا والثاني ضميرًا متصلًا نحو الدرهم أعطيته زيدًا، أو ملتبسًا بضمير الثاني نحو أسكنت الدار بانيها. فلو كان الثاني ملتبسًا بضمير الأول كما في نحو أعطيت زيدًا ما له جاز وجاز، على ما عرف في باب الفاعل. تنبيه: حكم المبتدأ مع خبره إذا وقعا مفعولين كحكم الفاعل في المعنى مع المفعول في المعنى في هذه الأمور الثلاثة: فجواز تقديمه في نحو ظننت زيدًا قائمًا، ووجوبه في نحو ظننت زيدًا عمرًا، وامتناعه في نحو ظننت في الدار صاحبها "وحذف فضلة" وهي المفعول من غير باب ظن "أجز" اختصارًا أو اقتصارًا "إن لم يضر" حذفها   قوله: "أي قد يرى واجبا" إشارة إلى أن حتما مفعول ثان ليرى مقدم ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنه حال من ضمير يرى مقدمة ويجوز أيضا أن يكون صفة مصدر محذوف أي تركا حتم أو حالا من ترك على مذهب سيبويه ويرى على هذه الثلاثة بمعنى يعتقد كما في رأى الشافعي حل كذا بناء على القول بأن رأى بمعنى اعتقد متعدية إلى واحد كما مر في محله. قوله: "كما إذا كان الذي هو الفاعل في المعنى محصورا" أي فيه قال سم ما ملخصه: انظر إذا تعارض خوف اللبس وكون الفاعل في المعنى محصورا فيه نحو ما أعطيت عمرا إلا زيدا إذا كان زيد هو الفاعل في المعنى فإنه إن قدم لخوف اللبس انعكس الحصر وإن قدم عمر لأجل الحصر في زيد حصل اللبس ويمكن أن يقال يراعى الحصر مع القرينة الدافعة للبس. ا. هـ. أي كأن يقال ما أعطيت عمرا عبدي إلا زيدا ويظهر لي أن من مراعاة الحصر مع دفع اللبس تقديم إلا مع المحصور فيه كأن يقال ما أعطيت إلا زيدا عمرا، بقي ما إذا تعارض خوف اللبس وعود الضمير إلى متأخر لفظا ورتبة كأعطيت المرأة زوجها وجها إذا كان زوجها هو الفاعل في المعنى والظاهر فيه أيضا مراعاة الضمير مع القرينة الدافعة للبس كأن يقال أعطيت المرأة الرقيقة زوجها وهذا أولى من قول الروداني الظاهر أنه يعدل عن التركيب المؤدي إلى ذلك فيقال في هذا زوج الجارية أعطيته إياها، وفيما قبله عمرو ما أعطيته إلا لزيد أو نحو ذلك مما يؤدي المراد بلا محذور. قوله: "جاز وجاز" أي جاز تقديم الثاني تأخيره لأنه عند تقديمه يعود الضمير على متقدم رتبة. قوله: "كحكم الفاعل إلخ" ولم يتعرض لهما الناظم لعلم حكمهما من باب المبتدأ والخبر. قوله: "وهي المفعول من غير باب ظن" لو قال وهي ما عدا مفعولي باب ظن مما ليس بعمدة لكان أعم وكان التخصيص بالمفعول لكون الكلام فيه أما مفعول ظن فيجوز حذفه اختصارا لا اقتصارا كما تقدم في قوله: ولا تجز هنا بلا دليل إلخ. قوله: "أجز" مراده بالجواز عدم الامتناع فيصدق بالوجوب نحو ضربت وضربني زيد سم. قوله: "أو اقتصارا" لا يقال هذا لا يأتي في المفعول به لأن الفعل المتعدي يدل عليه إجمالا فلا يكون حذفه إلا لدليل لأنا نقول المراد دليل يدل على خصوصه لا ما يدل عليه إجمالا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 ويحذف الناصبها إن علما ... وقد يكون حذفه ملتزما   كما هو الاصل، ويكون ذلك لغرض: إما لفظي كتناسب الفواصل نحو: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3] ، ونحو: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [طه: 3] ، وكالإيجاز في نحو: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24] ، وإما معنوي كاحتقاره في نحو: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} [المجادلة: 21] ، أي الكافرين، أو استهجانه كقول عائشة رضي الله عنها: ما رأيت منه ولا رأى مني، أي العورة. فإن ضر الحذف امتنع وذلك "كحذف ما سيق جوابًا" لسؤال سائل كضربت زيدًا لمن قال: من ضربت؟ "أو حصر" نحو ما ضربت إلا زيدًا. وإنما ضربت زيدًا، أو حذف عامله نحو إياك والأسد. تنبيه: قوله: يضر هو بكسر الضاد مضارع ضار يضير ضيرًا بمعنى ضر يضر ضرًّا قال الله تعالى: {لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120] أي لم يضركم "ويحذف   وبهذا يعلم ما في كلام الشاطبي هنا فافهم. ومن الحذف اقتصارا حذف مفعول الفعل المنزل منزلة اللازم على رأي النحاة، ورأي البيانيين ووافقهم في المغني أنه لا مفعول له أصلا. وعبارة المغني بعد ذكر رأي النحاة والتحقيق أن يقال إنه تارة يتعلق الغرض بالاعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه أو من أوقع عليه فيجاء بمصدره مسندا إليه فعل كون عام فيقال حصل حريق أو نهب، وتارة يتعلق بالاعلام بإيقاع الفاعل للفعل فيقتصر عليهما ولا يذكر المفعول ولا ينوى إذ المنوي كالثابت ولا يسمى محذوفا لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له ومنه: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: 258] ، وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله فيذكران وهذا النوع الذي إذا لم يذكر مفعوله قيل محذوف نحو: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3] ، {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: 41] . ا. هـ. باختصار. قوله: "لغرض" أي حكمة فلا يشكل في جانب الله تعالى. اسقاطي. قوله: "كتناسب الفواصل" جمع فاصلة وهي رأس الآية. تصريح. قوله: "لمن يخشى" الأصل يخشاه أي القرآن ويحتمل أن لا حذف وأن المفعول تنزيلا. قوله: "وكالإيجاز إلخ" أي وكتصحيح النظم وهو كثير. قوله: "فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا" أي الإتيان بسورة من مثله ودعاء شهدائكم بدليل ما قبل. قوله: "أو استهجانه" أي استقباح التصريح به أي وكالعلم به أو الجهل به أو تعظيمه أو الخوف منه وبالجملة يحذف المفعول لما يحذف له الفاعل من الأغراض اللفظية والمعنوية. قوله: "كحذف ما سيق" أي مفعول سيق مع الفعل والفاعل لكن لما كان محط الجواب المفعول اقتصر عليه أي وكحذف المفعول في الاشتغال نحو زيدا ضربته وفي التنازع نحو ضربني وضربته زيد وكحذف مفعول أكرمته في نحو جاء الذي أكرمته في داره لأن حذفه يوهم أن العائد الضمير في داره. قوله: "هو بكسر الضاد إلخ" قال يس نقلا عن ابن هشام ويجوز ضمها على أن الفعل أجوف واوي أو على أنه مضعف وقف عليه في القافية بالتخفيف لكن الكسر أنسب. ا. هـ. قوله: "أي لم يضركم" المناسب أي لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الناصبها" أي ناصب الفضلة "إن علما" بالقرينة، وإذا حذف فقد يكون حذفه جائزًا نحو قالوا خيرًا "وقد يكون حذفه ملتزمًا" كما في باب الاشتغال والنداء والتحذير والإغراء بشرطه، وما كان مثلًا: نحو الكلاب على البقر، أي ارسل الكلاب، أو أجرى مجرى المثل نحو: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} [النساء: 171] .   يضركم. قوله: "ويحذف الناصبها" وإذا حذف فالأصل تقديره في مكانه الأصلي إلا لمانع أو مقتض فالأول نحو أيهم رأيته إذ لا يعمل في الاستفهام ما قبله ونحو: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت: 17] ، فيمن نصب إذ لا يلي أما فعل ونحو في الدار زيد فيجب تأخير متعلق الظرف عن زيد أن قدرته فعلا لأن الخبر الفعلي لا يتقدم على المبتدأ في مثل هذا ونحو إن خلفك زيدا فيجب تأخير المتعلق قدرته اسما أو فعلا لأن مرفوع إن لا يسبق منصوبها بخلاف كان خلفك زيد فيجوز تقديم المتعلق ولو قدرته فعلا لأن خبر كان يجوز تقديمه مع كونه فعلا إذ لا تلتبس الجملة الاسمية بالفعلية. والثاني كتأخير متعلق باء البسملة الشريقة لإفادة الحصر كذا في المغني وناقش الدماميني التعليل بعدم الالتباس بأنك إذا قلت كان يقوم زيد فالالتباس حاصل فيما دخل عليه الناسخ لاحتمال كون زيد فاعل يقوم والجملة خبر ضمير الشأن دخلت عليه كان فاستتر فيها وكونه مبتدأ مؤخرا خبره يقوم وافتراق الجملتين بتقوّي الحكم وعدمه قبل دخول الناسخ لا يزيله دخوله، فالالتباس حاصل بعده أيضا، على أن ابن عصفور رجح منع التقدم في نحو كان زيد يقوم. قال لأن الذي استقر في باب كان أنك إذا حذفتها عاد اسمها وخبرها إلى المبتدأ والخبر ولو أسقطتها في المثال لم يرجعا إلى ذلك. وأجاب الشمني بأن احتمال كون اسم كان ضمير الشأن بعيد. وقد قال ابن هشام لا ينبغي الحمل على ضمير الشأن متى أمكن غيره ولا يخفى ما في قوله وكونه مبتدأ مؤخرا خبره يقوم فتأمل. قوله: "إن علما" اشترط في حذف الناصب علمه دون حذف الفضلة لأنه أحد ركني الإسناد وعمدتيه فلا يستغنى الإسناد عنه حتى يحذف بلا دليل بخلاف الفضلة. قوله: "قالوا خيرا" أي أنزل خيرا بدليل ماذا أنزل. قوله: "كما في باب الاشتغال والنداء" إذ لا يجمع بين العوض والمعوض. قوله: "بشرطه" أي بشرط كل من التحذير والإغراء فشرط التحذير أن يكون بإياك نحو إياك والأسد أو بالعطف نحو رأسك والسيف أو بالتكرار نحو الأسد الأسد وشرط الإغراء العطف نحو المروءة والنجدة أو التكرار نحو أخاك أخاك. قوله: "الكلاب على البقر" أي بقر الوحش كما في التصريح والمراد خل الناس جميعا خيرهم وشرهم واسلك طريق السلامة. وقيل المراد إذا أمكنتك الفرصة فاغتنمها. قوله: "أو أجري مجرى المثل" الفرق بينه وبين المثل كما أفاده الدنوشري أن المثل مستعمل في غير ما وضع له للمشابهة بين ما وضع له وغيره على طريق الاستعارة التمثيلية وما أجري مجراه مستعمل فيما وضع له لكن أشبه المثل في كثرة الاستعمال وحسن الاختصار فأعطى حكمه في عدم التغيير. قوله: "انتهوا خيرا لكم" أي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   خاتمة: يصير المتعدي لازمًا في حكم اللازم بخمسة أشياء: الأول التضمين لمعنى لازم. والتضمين إشراب اللفظ معنى لفظ آخر وإعطاؤه حكمه لتصير الكلمة تؤدي مؤدى كلمتين نحو: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] ، أي يخرجون: {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28] ، أي تنب أذاعوا به أي تحدثوا، {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} [الأحقاف: 15] ، أي بارك لي. ومنه قول الفرزدق:   انتهوا عن التثليث وائتوا خيرا لكم. قوله: "لازما" بأن ينسلخ عن التعدية بالكلية بحسب الظاهر وبحسب الحقيقة كما في الثاني والثالث. وقوله أو في حكم اللازم بأن يكون بحسب الظاهر لازما وأما باعتبار المعنى أو بعض المعنى فمتعد كما في الأول والرابع والخامس، فإن المضمن باعتبار دلالته على معنى الفعل المتعدي متعد، والضعيف عن العمل متعد في المعنى للمفعول وطالب له، وكذلك في الضرورة هذا ما ظهر. قوله: "لمعنى لازم" بالإضافة أي لمعنى فعل لازم. قوله: "معنى لفظ آخر" ظاهره وجوب تغاير المعنيين وهو غير ظاهر في نحو قوله تعالى: {أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} [يوسف: 100] ، فإن تعدية أحسن بالباء لتضمينه معنى لطف والإحسان هو اللطف فالأولى أن يقال التضمين إلحاق مادة بأخرى في التعدي أو الزوم لتناسب بينهما في المعنى أو اتحاد كذا قيل. قوله: "لتصير الكلمة إلخ" فيكون اللفظ مستعملا في مجموع المعنيين مرتبطا أحدهما بالآخر فيكون مجازا لا في كل منهما على حدته حتى يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز المختلف فيه نقله البعض عن ابن كمال باشا. وانظر ما علاقة المجاز على هذا، لا يقال العلاقة الجزئية لأنا نقول نقل الناصر اللقاني في حواشيه على المحل عن السعد التفتازاني أنه لا بد في اعتبار الجزئية من كون تركب الكل من الأجزاء حقيقيا لا اعتباريا كما هنا والأقرب عندي أنه مستعمل في كل من المعنيين على حدته وإن لزم عليه الجمع المذكور فتختلف العلاقة باختلاف المعنيين فتكون تارة المشابهة بينهما وتارة تكون غيرها. ويؤيده ما نقل عن ابن عبد السلام وجزم به الدماميني وغيره أنه مستعمل في حقيقته ومجازه. وهذا هو التضمين النحوي وفي كونه مقيسا خلاف. ونقل أبو حيان في ارتشافه عن الأكثرين أنه ينقاس. وأما البيان فهو تقدير حال يناسبها المعمول بعدها لكونها تتعدى إليه على الوجه الذي وقع عليه ذلك المعمول ولا تناسب العامل قبلها لكونه لا يتعدى إلى ذلك المعمول على الوجه المذكور وهو قياسي اتفاقا لكونه من حذف العامل لدليل هذا ما درج عليه السعد ومتابعوه. وقال ابن كمال باشا الحق أن التضمين البياني هو التضمين النحوي وإنما جاء الوهم للسعد من عبارة الكشاف حيث قدر خارجين عن أمره فتوهم أنه تقدير لعامل آخر وليس كذلك بل هو تفسير للفعل المضمن. قوله: "أي يخرجون" اقتصار على بيان المعنى الطارىء لأنه المحتاج للبيان وكذا ما بعده إلا قوله أي صرفه بالقتل فهو بيان للمعنيين. قوله: "أي تنب" أي تبعد. قوله: "وأصلح لي في ذريتي أي بارك" جعله ابن الحاجب من باب فلان يعطي ويمنع ويصل ويقطع، أي من تنزيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   415- كيف تراني قاليًا مجني ... قد قتل الله زيادًا عني أي صرفه بالقتل. ومنه قول الآخر: ضمنت برزق عيالنا أرماحنا أي تكفلت. وهو كثير جدًّا. الثاني التحويل إلى فعل بالضم لقصد المبالغة والتعجب، نحو ضرب الرجل وفهم، بمعنى ما أضربه وأفهمه: الثالث مطاوعته المتعدي لواحد كما مر. الرابع الضعف عن العمل إما بالتأخير نحو: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] ، {لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [الأعراف: 154] ، أو بكونه فرعًا في العمل نحو: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [آل عمران: 3] ، {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107، البروج:   المتعدي منزلة اللازم كأنه قيل يفعل الإعطاء والمنع والوصل والقطع وإذا قصد هذا المعنى ثم ذكر خصوص متعلقه أتى به مجرورا بفي كأنه محل له فالمعنى في الآية أوقع الصلاح في ذريتني. دماميني. قوله: "ومنه" أي من التضمين من حيث هو لا بقيد كون المضمن فعلا متعديا صار بالتضمين لازما، ولهذا فصله بمن فاندفع ما قاله شيخنا وأقره البعض أن البيت ليس مما نحن فيه لأن الفعل فيه متعد إلى واحد وصار بالتضمين متعديا إلى ثان بحرف الجر. قوله: "كيف تراني قاليا مجني" بكسر الميم وفتح الجيم أي في أي حالة تراني باغضا ترسي، ثم أجاب بقوله وقد قتل الله إلخ أي ذلك في حال قتل الله زيادا عني لأمني حينئذٍ. وقيل المراد بالمجن المحل فالمعنى في أي حالة تراني باغضا محلي لست قاليا له لأن الله قال زيادا عني، فالاستفهام على هذا إنكاري وأراد بزياد زياد بن أبيه الذي استلحقه معاوية بن أبي سفيان بنسبه واعترف بأنه أخوه لأبيه. قوله: "ومنه قول الآخر" فصله بمن مع أنه مما نحن فيه ليناسب ما قبله في الفصل بمن. قوله: "لقصد المبالغة والتعجب" خرج به التحويل إلى فعل بالضم لا لهذا القصد بل لنقل ضمة العين إلى الفاء في نحو قلته وطلته على قول سيبويه إن الأصل فعل بفتح العين فلما سكن آخره للضمير ولزم حذف عينه حوّل إلى فعل بالضم لتنتقل ضمته إلى فائه فيعلم أن عينه واو كما حوّلوا نحو باع إلى فعل بالكسر ليدل على أن عينه ياء فإن هذا التحويل لا يقضي باللزوم أما على قول ابن الحاجب أن الصحيح أن الضم لبيان بنات الواو لا للنقل فالقيد لبيان الواقع. قوله: "الضعف عن العمل إلخ" فالعامل فيما يذكر متعد في المعنى إلى ما بعد اللام الزائدة لكنه بحسب الظاهر لازم فهو مما في حكم اللازم كما قدمناه فزيادة اللام لا تنافي الفعل لازما بحسب الظاهر مع أن لام التقوية ليست زائدة محضة ولا معدية محضة كما في المغني   415- الرجز للفرزدق في الخصائص 2/ 310؛ والمحتسب 1/ 52؛ ومغني اللبيب 2/ 686؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 247، 2/ 109، 179؛ وشرح الشواهد المغني 2/ 962. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   16] ، الخامس الضرورة كقوله: 416- تبلت فؤادك في المنام خريدة ... تسقي الضجيع ببارد بسام ويصير اللازم متعديًا بسبعة أشياء: الأول همزة النقل كما أسلفته. الثاني تضعيف العين نحو فرح زيد وفرحت زيدًا. وقد اجتمعا في قوله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [آل عمران: 3] ، الثالث المفاعلة تقول في جلس زيد ومشى وصار جالست زيدًا وماشيته وسايرته. الرابع استفعل للطلب أو بالنسبة   فسقط اعتراض البعض. قوله: "تبلت" بالفوقية فالموحدة أي أصابت. ويقال أقبل بالهمزة، والخريدة المرأة الحسناء، والضجيع بمعنى المضاجع، ببارد أي بريق بارد بسام أي بسام محله والشاهد في قوله ببارد فإن الفعل يتعدى إليه بنفسه فجعله الشاعر لازما بالنسبة إليه للضرورة ويحتمل عندي أنه ضمنه معنى تشفي فعداه بالباء وجوز الدماميني أن يكون المراد تسقي الضجيع ريقها بفم بارد ريقه فيكون المفعول محذوفا والباء للاستعانة. قوله: "ويصير اللازم متعديا" كان عليه أن يقول أو في حكم المتعدي لأن السادس والسابع يصيرانه في حكم المتعدي لا متعديا. قوله: "همزة النقل" قال في المغني الحق أن دخولها قياسي في اللازم دون المتعدي. وقيل قياسي فيه وفي المتعدي إلى واحد. وقيل النقل بالهمزة كله سماعي. ا. هـ. قوله: "كما أسلفته" أي في باب أعلم وأرى ويحتمل أن المراد كهذا اللفظ. قوله: "تضعيف العين" ما لم تكن همزة نحو نأى فيمتنع تضعيفها لئلا يؤدي إلى إدغام الهمزة أو الإدغام فيها، وقلّ في غيرها من باقي حروف الحلق كدهنه وبعده كذا في التسهيل وشرحه. قال في المغني التضعيف سماعي في اللازم وفي المتعدي لواحد ولم يسمع في المتعدي لاثنين. وقيل قياسي في الأولين. ا. هـ. فائدة: قال الزمخشري والسهيلي وغيرهما التضعيف يقتضي التكرار والتمهل بخلاف الهمزة وقيل لا يقتضي ذلك بل هو كالهمزة: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: 32] ، والظاهر الأول وأن محله حيث لا قرينة وجملة واحدة قرينة فهو محل وفاق. ثم رأيت في الكشاف ما يصرح به حيث قال في تفسير هذه الآية نزل ههنا بمعنى أنزل لا غير كخبر بمعنى أخبر وإلا كان متدافعا. قوله: "الثالث المفاعلة" أي ألف المفاعلية كما عبر به في المعنى أو دلالته على المفاعلة أو اشتقاقه من المفاعلة وقول البعض أي المشتق منها سهو عن كون المعدود الأشياء التي يصير بها اللازم متعديا لا الأفعال المتعدية. قوله: "الرابع استفعل" أي كون الفعل على استفعل أو صوغه على استفعل كما عبر به في المغني والشارح في الخامس. قوله: "للطلب   416- البيت في الكامل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص107؛ والأغاني 4/ 137، 215؛ والجني الداني ص51؛ والدرر 3/ 7؛ وشرح شواهد المغني 1/ 332؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 109؛ وهمع الهوامع 1/ 167. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   للشيء كاستخرجت المال، واستحسنت زيدًا، واستقبحت الظلم، وقد ينقل ذا المفعول الواحد إلى اثنين نحو استكتبته، واستغفرت الله الذنب. ومنه قوله: استغفر الله ذنبًا لست أحصيه وإنما جاز استغفرت الله من الذنب لتضمنه معنى استتبت أي طلبت التوبة. الخامس صوغ الفعل على فعلت بالفتح أفعل بالضم لإفادة الغلبة تقول كرمت زيدًا أكرمه أي غلبته في الكرم السادس التضمين نحو: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: 235] ، أي لا تنووا لأن عزم لا يتعد إلا بعلى: تقول: عزمت على كذا لا عزمت كذا. ومنه رحبتكم الطاعة، وطلع بشر اليمن: أي وسعتكم وبلغ اليمن. السابع إسقاط الجار توسعًا نحو: {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 150] أي عن أمره {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: 5] أي عليه. وقوله:   أو النسبة" احترز عن استفعل للصيرورة فإنه لازم كاستحجر الطين. قوله: "كاستخرجت المال" مثال للطلب وما بعده مثالان للنسبة أي نسبة الحسن ونسبة القبح ونسبة القبح فأصل استحسنت زيدا واستقبحت الظلم حسن زيد وقبح الظلم وكلاهما لازم فصار بنقلهما إلى استفعل متعديين. قوله: "وقد ينقل" أي استفعل ذا المفعول الواحد أي الفعل صاحب المفعول الواحد أي وقد لا ينقل كاستفهمت الخبر أي طلبت فهمه. ومثل استفعل التضعيف فقد ينقل كما في علم وقد لا ينقل كما مني كسر وأما همزة النقل فتنقل كل ما دخلت عليه ولا يرد توافق نحو رتح الباب وأرتجه أي أغلقه لأن الهمزة ليست للنقل. قوله: "نحو استكتبته إلخ" الأصل كتب الكتاب وغفر الله الذنب فنقلتهما صيغة استفعل إلى التعدي لاثنين. قوله: "ومنه قوله أستغفر الله ذنبا" قال سم انظر هذا مع قولهم في باب لا: إن هذا على معنى من. ا. هـ وقد يقال يجوز أن تكون السين والتاء ناقلة للفعل من التعدي إلى واحد إلى التعدي إلى اثنين ويجوز أن لا تكونا إذ لا يلزم من وجودهما نقله إليه كما أشار إليه الشارح بقد فما هنا مبني على الأول وجعل أستغفر الله ذنبا بمعنى أطلب غفر الله وما في باب لا مبني على الثاني وجعل أستغفر الله بمعنى أستثيب كما يشير إليه قول الشارح وإنما جاز إلخ فلا تنافي فتأمل. ونقل الدماميني عن ابن الحاجب وغيره أن أستغفر يتعدى للثاني تارة بنفسه وتارة بمن. قوله: "السادس التضمين" قال في المغني ويختص التضمين عن بقية المعديات بأنه قد ينقل الفعل إلى أكثر من درجة ولذلك عدي ألوت بقصر الهمزة بمعنى قصرت إلى مفعولين بعد ما كان قاصرا وذلك في نحو قولهم لا آلوك نصحا لما تضمن معنى لا أمنعك. وعدى أخبر وخبر وحدّث وأنبأ ونبأ إلى ثلاثة لما تضمنت معنى أعلم وأرى بعد ما كانت متعدية إلى واحد بنفسها وإلى آخر بالجار نحو: "أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم، نبئوني بعلم". ا. هـ. قوله: "رحبتكم الطاعة وطلع بشر اليمن" بضم العين فيهما، قال في المغني ولا ثالث لهما أي ليس ثم فعل مضموم العين عدى بالتضمين إلى المفعول غير هذين. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 التنازع في العمل : إن عاملان اقتضيا في اسم عمل ... قبل فللواحد منهما العمل   417- كما عسل الطريق الثعلب أي من الطرق. وليس انتصابهما على الظرفية، خلافًا للفارسي في الأول، وابن الطراوة في الثاني لعدم الإبهام. والله أعلم. التنازع في العمل: "إن عاملان" فأكثر "اقتصيا" أي طلبا "في اسم عمل" متفقًا أو مختلفًا "قبل" أي   "كما عسل الطريق الثعلب" قال الفارضي في إسناد العسلان إلى الثعلب تجوز لاختصاصه بالذئب نص عليه السيوطي في المزهر. قوله: "لعدم الإبهام" أي الذي هو شرط في نصب اسم المكان على الظرفية كما سيأتي وإنما كان الإبهام معدوما لأن المرصد بالمكان الذي يرصد فيه والطريق اسم للمكان المستطرق. قاله في المغني. التنازع في العمل: التنازع لغة التجاذب واصطلاحا أن يتقدم عاملان على معمول كل منهما طالب له من جهة المعنى. غزي. قوله: "إن عاملان" أي مذكوران كما صرح به في التصريح فلا تنازع بين محذوفين نحو زيدا في جواب من ضربت وأكرمت ووجه الروداني كون زيدا في المثال ليس من التنازع بأن الجواب على سنن السؤال، وضربت وأكرمت لم يتنازعا من لتقدمها بل عمل فيها الأول وعمل الثاني في ضميرها محذوفا فهو مثل ضربت زيدا وأكرمت زيدا ولا تنازع في ذلك فحينئذٍ يكون الجواب كالسؤال التقدير ضربت زيدا وأكرمت زيدا فذكر مفعول أحد العاملين المقدرين وحذف مفعول الآخر من باب دلالة الأوائل على الأواخر أو العكس لا من باب التنازع فاعرفه ولا بين محذوف ومذكور كقولك في جواب هذا السؤال أكرمت زيدا، ولا بد أن يكون بين العاملين ارتباط بالعاطف مطلقا قال في المغني أو عمل أولهما في ثانيهما نحو: {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} [الجن: 7] . ا. هـ. وفيه تسمح لا يخفى أو كون ثانيهما جوابا للأول جواب السؤال أو الشرط نحو: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] ، {آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96] ، أو نحو ذلك من أوجه الارتباط كما في المغني فلا يجوز قام قعد أخوك. قوله: "اقتضيا" أي وجوبا على ما ذهب إليه جماعة من أنه يشترط في التنازع وجوب توجه العاملين فلا تنازع في نحو: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} [الجن: 4] ، لاحتمال عمل كان في ضمير الشأن فلا تكون متوجهة إلى سفيهنا ولم يشترط ذلك آخرون فجوزوا التنازع في المثال على تقدير عدم عملها في ضمير الشأن وهذا هو الأظهر وإن استظهر الدماميني الأول. نعم لا تنازع في قام أظن زيد. لا على الأول لعدم وجوب التوجه   417- راجع التخريج رقم 413. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حال كونهما قبل ذلك الاسم "فللواحد منهما العمل" اتفاقا والاحتراز بكونهما مقتضيين للعمل من نحو: 418- أتاك أتاك اللاحقون إذ الثاني توكيد، وإلا فسد اللفظ إذ حقه حينئذ أن يقول أتاك أتوك أو أتوك أتاك، ومن نحو:   لاحتمال أن تكون أظن ملغاة فلا توجه لها إلى زيد، ولا على الثاني لأنها إذا لم تقدر ملغاة وقدرت متوجهة إليه تعين إعمالها في ضميره وليس هناك ضمير أفاده الدماميني. قوله: "في اسم" أي ظاهر أو ضمير منفصل مرفوع أو منصوب أو متصل مجرور نحو زيد إنما قام وقعد هو، ونحو ما ضربت وأكرمت إلا إياك، ونحو وثقت وتقويت بك على خلاف في الأخيرين. وفي اسم متعلق بعمل قدم عليه مع أنه مصدر للضرورة هذا ما قال الشيخ خالد أنه الظاهر خلافا لقول المكودي متعلق باقتضيا. قوله: "اتفاقا" أي ممن لا يجوز عمل العاملين معا فلا يرد عليه أن الفراء يقول بعملهما معا إذا اتفقا في طلب المرفوع كما سيأتي. قوله: "أتاك أتاك اللاحقون" بفتح الكاف بقرينة تمام الشطر وهو احبس احبس لأن كتابتهما بلا ياء نص في أنهما خطاب لمذكر فيكون ما قبلهما كذلك ومفعول احبس محذوف احبس نفسك كما قاله العيني. قوله: "إذ الثاني توكيد" أي فهو بمنزلة حرف زيد للتوكيد فلا فاعل له أصلا قال المرادي في شرح التسهيل. ويحتمل قوله أتاك أتاك أن يكون من التنازع ويكون قد أضمر مفردا كما حكى سيبويه ضربني وضربت قومك بالنصب أي ضربني من ثمت، وقد أجاز أبو علي التنازع في قوله: فهيهات هيهات العقيق وأهله قال ارتفع العقيق بهيهات الثانية وأضمرت في الأولى أو بالأولى وأضمرت في الثانية. وأجاز ابن أبي الربيع في نحو قام قام زيد أن يكون زيد فاعلا بالثاني وأضمر في الأول وأن يكون فاعلا بالأول والثاني توكيد لا فاعل له، وأجاز المصنف فيه أن ينسب العمل لهما لكونهما شيئا واحدا في اللفظ والمعنى فكأن العامل واحد. ا. هـ. مع زيادة من الدماميني. قوله: "وإلا فسد اللفظ" أي من جهة الصناعة النحوية. قوله: "وإلا فسد المعنى" أي المعنى المراد إذ المعنى المراد كفاني إلخ ومعنى فساده إفادة الكلام خلافه فاندفع ما قيل تعليله لا ينتج مدعاه من فساد المعنى وعلل بعضهم الفساد بلزوم التناقض لأنه على التنازع يكون ولم   418- البيت بتمامه: فأين إلى أن النجاة ببغلة ... أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس وهو من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 267؛ وأوضح المسالك 2/ 194؛ وخزانة الأدب 5/ 158؛ والخصائص 3/ 103، 109؛ والدرر 5/ 323، 6/ 44؛ وشرح ابن عقيل ص487؛ وشرح قطر الندى ص290؛ والمقاصد النحوية 3/ 9؛ وهمع الهوامع 2/ 111، 125. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 والثان أولى عند أهل البصرة ... واختار عكسًا غيرهم ذا أسره   419- كفاني ولم أطلب قليل من المال فإن الثاني لم يطلب قليل، وإلا فسد المعنى إذ المراد كفاني قليل من المال ولم أطلب الملك، وبكونهما قبل من نحو زيد قام وقعد لأن كل واحد منهما أخذ مطلوبه أعني ضمير الاسم السابق فلا تنازع هكذا مثل الناظم وغيره وعللوا؛ وفي كل من المثال والتعليل نظر: أما المثال فظاهر، وأما التعليل فلقصور العلة لأن ذلك يقتضي أن لا يمتنع   أطلب معطوفا على كفاني ليحصل الربط المعتبر هنا فيلزم كونه مثبتا لطلب القليل لوقوع النفي في حيز لو المفيدة امتناع جوابها وما عطف عليه لامتناع شرطها ونفي النفي إثبات والحال أنه نفاه أولا بقوله: ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة لاقتضاء لو النفي كما عرف والسعي لأدنى معيشة هو نفس طلب القليل أو مستلزم له فعلم من ذلك أن تجويز بعض النحاة كون البيت من التنازع إذا جعلت الواو استئنافية غير مسلم لفوات الربظ المعتبر هنا إذا جعلت الواو استئنافية أفاده الفارضي وصاحب المغني. وقال الكوفيون والفارسي إن البيت من التنازع وإعمال الأول ووجهه جماعة منهم ابن الحاجب بأنه على تقدير الواو للحال وعليه الارتباط حاصل بلا تناقض فإنك لو قلت دعوته أجابني غير متوان أفادت لو انتفاء الدعاء والإجابة دون انتفاء عدم التواني حتى يلزم إثبات التواني ونظر فيه في المغني بما نوقش فيه نعم يرد أن النفي إذا دخل على كلام مقيد توجه إلى تقييده إلا أن يقال هذا أغلبي ولعل الشارح لاحظ ما ذكر فعلل عدم التنازع بمخالفة المراد دون التناقض. قوله: "ولم أطلب الملك" يدل على هذا المحذوف قوله: ولكنما أسعى لمجد مؤثل ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي هذا ولا يخفى أن ما ذكره الشارح في توجيه البيت إنما يخرجه عن فساد المعنى وأما فساد اللفظ فباق لما فيه من العطف قبل استكمال المعطوف عليه إلا أن يجوز ذلك في الشعر قاله يس. قوله: "أما المثال فظاهر" لأن كلا من الفعلين لم يطلب الاسم لأن يعمل فيه لأن الفعل لا يطلب الاسم المتقدم عليه بل ضميره فالمثال خارج بقوله اقتضينا في اسم عمل. قوله: "فلقصور   419- صدره: فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة والبيت من الطويل وهو لامرئ القيس في ديوانه ص39؛ والإنصاف 1/ 84؛ وتذكرة النحاة ص339؛ وخزانة الأدب 1/ 327، 462؛ والدرر 5/ 322؛ وشرح شذور الذهب ص296؛ وشرح شواهد المغني 1/ 342، 2/ 642؛ وشرح قطر الندى ص199؛ والكتاب 1/ 79؛ والمقاصد النحوية 3/ 35؛ وهمع الهوامع 2/ 110؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 880؛ ومغني اللبيب 1/ 256؛ والمقتضب 4/ 76؛ والمقرب 1/ 161. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تقديم مطلوبهما إذا طلبا نصبًا وعاملان في كلامه رفع بفعل مضمر يفسره اقتضيا، وعمل مفعول به وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. تنبيهات: الأول مراده بالعاملين فعلان متصرفان، أو اسمان يشبهانهما، أو اسم وفعل كذلك: فالأول نحو: {آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96] ، والثاني كقوله: 420- عهدت مغيثا من أجرته والثالث نحو: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] وقوله:   العلة" أي إفهامها ما لا يصح. وقوله أن لا يمتنع تقديم مطلوبهما أي على سبيل التنازع إذا طلبا نصبا كما في زيدا ضربت وأكرمت أي لعدم أخذ كل منهما مطلوبه يعني والحال أنه ممتنع على وجه التنازع لأخذ الأول المعمول بمجرد وقوعه عقبه فلا يكون للثاني طلبه كما قاله بعضهم، أو لأنه يلزم عليه تقدم ما في حيز حرف العطف عليه وهو ممتنع في غير الهمزة من نحو أفلم يسيروا كما قاله الدماميني فخرّج المثال على أن زيدا إنما طلبه أول العاملين وأما الثاني فطالب لضميره لكن حذف لكونه فضلة يجوز ذكره وحذفه وذهب جماعة منهم الرضي كما هو صريح عبارته لا ظاهرها وإن زعمه البعض إلى جواز التنازع في المتقدم المنصوب وأجازه الفارسي في المتوسط نحو شربت زيدا وأكرمت ودعوى البعض أن ثم قولا بجواز التنازع في المتقدم ولو مرفوعا مع كونها في غاية البعد تحتاج إلى سند فإن كان سنده فيها عبارة التوضيح لإيهامها ما ذكره قلنا من تأمل كلام شارحه علم أن الخلاف في المنصوب والله أعلم. قوله: "وعمل مفعول به" أي للفعل المقدر. قوله: "يشبهانهما" أي في العمل لا في التصرف بدليل التمثيل بهاؤم اقرأوا وقول الشاعر: لقيت ولم أنكل عن الضرب مسمعا وفي شرح التوضيح للشارح المراد بالاسم المشبه للفعل اسم الفاعل واسم المفعول واسم الفعل والمصدر. ا. هـ. ويظهر أن اسم المصدر كالمصدر. قوله: "أو اسم وفعل كذلك" أي اسم يشبه الفعل وفعل متصرف. قوله: "نحو آتوني أفرغ عليه قطرا" فأعمل الثاني ونوى الضمير في الأول وإنما حذفه لكونه فضلة يجب حذفه عند إهمال الأول كما سيأتي. قوله: "عهدت" بالبناء للمجهول وتاء الخطاب. قوله: "هاؤم اقرأوا كتابيه" هاء اسم فعل بمعنى خذ والميم علامة الجمع والأصل هاكم أبدلت الكاف واوا ثم الواو همزة وفي إعراب القرآن للسمين زعم القتيبي   420- عجز: فلم اتخذ إلا فناءك موئلا والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 189؛ وتخليص الشواهد ص513؛ وشرح التصريح 1/ 316؛ والمقاصد النحوية 3/ 2. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   421- لقيت ولم أنكل عن الضرب مسمعا ولا تنازع بين حرفين، ولا بين حرف وغيره، ولا بين جامدين، ولا جامد وغيره. وعن المبرد إجازته في فعلي التعجب نحو: ما أحسن وأجمل زيدًا، وأحسن به وأجمل   أن الهمزة بدل من الكاف فإن عنى أنها تحل محلها فصحيح وإن عنى البدل الصناعي فليس بصحيح. ا. هـ. قوله: "ولم أنكل" أي أعجز وبابه دخل وطرب مسمعا بكسر الميم الأولى اسم رجل. قوله: "ولا تنازع بين حرفين" لضعف الحرف ولفقد شرط صحة الإضمار في المتنازعين إذ الحروف لا يضمر فيها وعندي فيه نظر لأن المراد بالإضمار في هذا الباب ما يشمل اعتبار الضمير ولو مع حذفه كما في ضربت وضربني زيد وهذا يتأتى في الحروف كما في: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} [المزمل: 20] ، وقد نقل الدماميني عن شرح المفصل لابن الحاجب ما نصه وقالوا في لعل وعسى زيد أن يخرج أنه على إعمال الثاني لصحة عسى زيد أن يخرج وذلك يستلزم حذف معمولي لعل للقرينة. وقالوا لو أعمل الأول لقيل لعل وعسى زيدا خارج وليس بواضح إذ لا يقال عسى زيد خارجا وهذا أيضا يستلزم حذف منصوب عسى. ا. هـ. قال الدماميني وانظر من الذي قال هذا من النحاة فإن المعروف من كلامهم كون العاملين من الفعل وشبهه وكيف وجب إذا أعمل الأول أن يقال خارج مع أن خبر لعل يقترن بأن كثيرا، وانظر أيضا أي محذور يلزم في حذف منصوب عسى وقد قال الشاعر: يا أبتا علك أو عساكا وقد وقع في المسائل الدمشقيات الدائرة بين أبي علي الفارسي وأبي الفتح بن جني ما قد يشهد لأن التنازع قد يقع في الحروف. ا. هـ. قال يس وأما فإن لم تفعلوا فالعامل لم، ولم والفعل في محل جزم بأن. قوله: "ولا بين جامدين" أي فعلين جامدين. وقوله ولا جامد أي فعل جامد فلا يرد هاؤم اقرءوا كتابيه ولا البيت. قال الروداني ينبغي تقييده بما إذا تقدم الجامد لأنه حينئذٍ يلزم الفصل بين الجامد ومعموله أما لو تأخر فلا مانع إذ لا فصل سواء أعملت الأول أو الثاني نحو أعجبني ولست مثل زيد. قوله: "وعن المبرد إجازته في فعلي التعجب" أي سواء أعملت الثاني أو الأول ويغتفر الفصل بين فعل التعجب ومعموله لامتزاج الجملتين بحرف العطف واتحاد ما يقتضي العاملان، ورجح هذا القول الرضي. همع. قوله: "نحو ما أحسن إلخ" هذا في إعمال   421- صدره: لقد علمت أولى المغيرة أنني والبيت من الطويل، وهو للمرار الأسدي في ديوانه ص464؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 60؛ والكتاب 1/ 193؛ وللمرار الأسدي أو لزغبة بن مالك في شرح شواهد الإيضاح ص136؛ وشرح المفصل 6/ 64؛ والمقاصد النحوية 3/ 40، 501؛ ولمالك بن زغبة في خزانة الأدب 8/ 128، 129؛ والدرر 5/ 255؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص412؛ واللمع ص217؛ والمقتضب 1/ 14؛ وهمع الهوامع 2/ 93. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بعمرو، واختاره في التسهيل. الثاني قد يكون التنازع بين أكثر من عاملين. وقد يتعدد المتنازع فيه من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين" وقول الشاعر: 422- طلبت فلم أدرك بوجهي فليتني ... قعدت ولم أبغ الندى عند سائب الثالث اشترط في التسهيل في المتنازع فيه أن يكون غير سببي مرفوع فنحو زيد قام وقعد أخوه. وقوله: 423- وعزة ممطول معنى غريمها   الثاني وتقول على إعمال الأول ما أحسن وأجمله زيدا وأحسن وأجمل به بعمرو، وإنما جيء على إعمال الثاني مع الأول المهمل بالضمير المجرور بالباء بناء على الصحيح أنه عمدة لأنه فاعل ويجب تركه عند القائلين أنه فضلة. قوله: "واختاره في التسهيل" شرط في شرحه للجواز إعمال الثاني تخلصا من الفصل المذكور. دماميني. قوله: "من ذلك" أي ما تعدد فيه المتنازع وهي الأفعال الثلاثة والمتنازع فيه وهو الظرف أعني دبر والمفعول المطلق أعني ثلاثا وثلاثين وأعمل الأخير إذ لو أعمل الأول لأضمر عقب الثاني والثالث فيه إياها ولو أعمل الثاني لأضمر ذلك عقب الثالث وقد يدعى أنه أعمل غير الأخير بناء على جواز حذف الفضلة مطلقا كما اختاره في التسهيل قاله سم. قوله: "طلبت إلخ" المتنازع طلبت وأدرك وأبغ والمتنازع فيه الندى وعند. قوله: "أن يكون غير سببي مرفوع" أي للزوم إسناد أحدهما إلى السببي والآخر إلى ضميره فيلزم خلو رافع ضمير السببي من رابطه بالمبتدأ. واعترض بأنه يكفي في الربط رفعه لضمير السببي المضاف إلى ضمير المبتدأ كما اكتفى المصنف تبعا للأخفش والكسائي بضمير الأزواج المرتبطات بالمبتدأ في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 234] ، أي أزواجهم وبأن الفساد المتقدم حاصل في نحو قولك زيد ضربت وأهنت أخاه، مع أن المتنازع فيه سببي منصوب ولا فساد في نحو قولك زيد أكرمه وأحسن إليه أخوه مع أن المتنازع فيه سببي مرفوع فلا معنى لتقييد المنع بالمرفوع والجواز بالمنصوب بل مدار الجواز على وجود ضمير المبتدأ مع كل من العاملين سواء كان السببي مرفوعا أو منصوبا ومدار المنع على عدم وجوده مع كل منهما مرفوعا كان السببي أو منصوبا وكوجود ضمير المبتدأ مع كل العطف بالفاء نحو زيد يقوم فيقعد أبوه. قوله: "مبتدأ" أي ثان وقوله والعاملان أي مع ضميريهما لأن الخبر المجموع لا العامل   422- البيت من الطويل، وهو للحماسي في حاشية يس على التصريح 1/ 316؛ وبلا نسبة الأشباه والنظائر 7/ 270. 423- صدره: قضى كل ذي دين فوفى غريمه = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   محمول على أن السببي مبتدأ، والعاملان قبله خبران عنه أو غير ذلك مما يمكن بخلاف السببي المنصوب كما مر، ولم يذكر هذا الشرط أكثر النحويين، وأجاز بعضهم في البيت التنازع "والثان" من المتنازعين "أولى" بالعمل من الأول "عند أهل البصرة" لقربه "واختار عكسًا" من هذا وهو أن الأول أولى لسبقه "غيرهم ذا أسره" أي غير البصريين وهم الكوفيون، مع اتفاق الفريقين على جواز إعمال كل منهما.   وحده أي والجملة في المثال خبر المبتدأ الأول ويلزم على هذا الإعراب بالنسبة إلى المثال أي زيد إلخ تقدم الخبر الفعلي على المبتدأ والجمهور على منعه وقول البعض يلزم عليه تقديم معمول الخبر الفعلي سهو. قوله: "أو غير ذلك" عطف على أن السببي، ومن الغير كون ممطول خبرا ومعنى حال من غريمها وغريمها نائب فاعل ممطول. قوله: "بخلاف السببي المنصوب" نحو زيد ضربت وأكرمت أخاه ومنع الشاطبي التنازع فيه وعلله بأنك إذا أعملت الأول فلا بد من ضمير يعود على السببي وضمير السببي لا يتقدم عندهم عليه ولهذا قال في التصريح الوجه امتناع التنازع في السببي مطلقا. قوله: "كما مر" كان الأولى حذفه لأنه لم يتقدم له تمثيل السببي المنصوب. قوله: "والثان من المتنازعين أولى بالعمل من الأول عند أهل البصرة لقربه" قال يس ولو كان أضعف من الأول في العمل. ا. هـ. ثم كل مما قبله أولى من سابقه كما قاله سم للعلة المذكورة وعللت أيضا أولوية الثاني بسلامته من العطف قبل تمام المعطوف عليه ومن الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي وإن اغتفر ذلك هنا للضرورة. قوله: "وهو أن الأول أولى لسبقه" ثم كل مما يليه أولى من لاحقه للعلة المذكورة وهناك قول ثالث هما سواء، ومحل الخلاف ما لم يوجد مرجح لأحدهما ففي بل نحو ضربت بل أكرمت عمرا يجب إعمال الثاني وبالعكس في لا نحو ضربت لا أكرمت زيدا نقله في النكت عن صاحب البسيط واستحسنه وعللت أيضا أولوية الأول بسلامته من عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة إن أعمل الثاني وأضمر في الأول ضمير الرفع كما هو رأي البصريين، أو حذف الضمير من الأول إن أعمل الثاني وحذف من الأول ضمير الرفع كما هو رأي الكسائي. أو عمل العاملين في معمول واحد إن اتفق العاملان في طلب المرفوع، وتأخير ضمير الأول إن اختلفا كما هو رأي الفراء كما سيأتي في الشرح. قوله: "ذا أسره" ضبطه الشيخ خالد بفتح الهمزة وفسره الغزي بالجماعة القوية، لكن في القاموس الأسرة بالضم الدرع الحصينة، ومن الرجل الرهط الأدنون. قوله: "على جواز إعمال كل   = والبيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص143؛ وخزانة الأدب 5/ 223؛ والدرر 5/ 326؛ وشرح التصريح 1/ 318؛ وشرح شواهد الإيضاح ص90؛ وشرح المفصل 1/ 8؛ والمقاصد النحوية 3/ 3؛ وهمع الهوامع 2/ 111؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 282، 7/ 255؛ والإنصاف 1/ 90؛ وأوضح المسالك 2/ 195؛ وشرح شذور الذهب ص541؛ ولسان العرب 14/ 334 "ركا"؛ ومغني اللبيب 2/ 417. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 وأعمل المهمل في ضمير ما ... تنازعاه والتزم ما التزما كيخسنان ويسيء ابناكا ... وقد بغى واعتديا عبداكا   تنبيه: سكتوا عن الأوسط عند تنازع الثلاثة، وحكى بعضهم الإجماع على جواز إعمال كل منها. ومن إعمال الأول قوله: 424- كساك ولم تستكسه فاشكرن له ... أخ لك يعطيك الجزيل وناصر ومن إعمال الثالث قوله: 425- جئ ثم حالف وقف بالقوم إنهم ... لمن أجاروا ذوو عز بلا هون "وأعمل المهمل" منها وهو الذي لم يتسلط على الاسم الظاهر مع توجهه إليه في المعنى "في ضمير ما تنازعاه والتزم" في ذلك "ما التزما" من مطابقة الضمير للظاهر ومن امتناع حذف هذا الضمير حيث كان عمدة. وسواء في ذلك كان الأول هو المهمل "كيحسنان ويسيء ابناكا" أم الثاني "و" ذلك نحو "قد بغى واعتديا عبداكا" وهذا المثال الثاني متفق على جوازه، والأول منعه الكوفيون لأنهم يمنعون الإضمار قبل الذكر في هذا   منهما" أي إذا لم يستلزم إعمال الثاني أن يضمر في الأول ضمير رفع فإن الكوفيين يمنعونه كما سيأتي فلا منافاة بين ما هنا وبين ما يأتي فلا تغفل. قوله: "ومن إعمال الأول" أي بدليل الإضمار في الثاني والثالث. قوله: "ومن إعمال الثالث" أي بدليل تعدية الثالث بالحرف وحذف الضمير من الأولين ولم يمثل لاعمال الثاني لأنه لم يحفظ إعماله في كلام العرب كما قاله المرادي. قوله: "في ذلك" أي في حال إعمال المهمل في الضمير. قوله: "من مطابقة الضمير للظاهر" في التسهيل أن هذه المطابقة أغلبية لإجازة سيبويه ضربني وضربت قومك بالنصب أي ضربني من ذكر، وسيذكره الشارح لكن صرح الدماميني نقلا عن سيبويه بقبحه فيكون المراد التزام ذلك في الفصيح ومحل المطابقة ما لم يستوفيه المذكر والمؤنث وإلا أضمر مفردا مذكرا لا غير نحو أجريح وقتيل هذا أو الزيدان أو الزيدون. قوله: "كيحسنان إلخ" المثالان من تنازع الوصفين قولك أقائم هما وذاهب الزيدان، وأقائم وذاهب هما الزيدان، وأقائم أنتما، وذاهب أنتما وأقائم وذاهب أنتما أنتما، فأنتما الأول في المثال الأخير مضمر الثاني المهمل وأنتما الثان فاعل الأول المعمل وبعكسه المثال قبله كذا يؤخذ من الدماميني على المغني. قوله: "وهذا المثال الثاني متفق على جوازه" قال شيخنا هذا ينافي ما سيأتي عن الفراء من إعمالهما معافى الظاهر عند اتفاقهما في طلب المرفوع. ا. هـ. ويجاب بما قدمناه من أن المراد اتفاق من لا يجوز عمل العاملين معا فتدبر. قوله: "والأول منعه الكوفيون" أي من حيث اشتماله على إضمار ضمير الرفع في الأول   424- البيت من الطويل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص166، 309؛ وإنباه الرواة 1/ 58؛ ودرة الغواص ص157؛ وحماسة البحتري ص149؛ وسمط اللآلي ص166؛ وشرح التصريح 1/ 316. 425- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص338. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الباب فذهب الكسائي ومن وافقه إلى وجوب حذف الضمير من الأول والحالة هذه للدلالة عليه تمسكًا بظاهر قوله: 426- تعفق بالأرطى لها وأرادها ... رجال فبذت نبلهم وكليب وقال الفراء: إن اتفق العاملان في طلب المرفوع فالعمل لهما ولا إضمار، نحو يحسن ويسيء ابناكا، وإن اختلفا أضمرته مؤخرًا نحو ضربني وضربت زيدًا هو. والمعتمد ما عليه   قبل الذكر لا من حيث اشتماله على إعمال الثاني بدليل كلامه بعد، فلا ينافي هذا قوله سابقا مع اتفاق الفريقين على جواز إعمال كل منهما. قوله: "قبل الذكر" أي لفظا ورتبة. قوله: "فذهب الكسائي إلخ" تفصيل لمحذوف أي واختلفوا في كيفية إعمال الثاني مع طلب الأول الرفع. قيل ما وقع فيه أشنع مما فر منه لأن حذف الفاعل أشنع من الإضمار قبل الذكر وهذا هو المشهور عنه وفي شرح الإيضاح ما حكي عن الكسائي من أنه يحذف الفاعل في نحو ضربني وضربت الزيدين باطل بل هو عنده مستتر في الفعل مفرد في الأحوال كلها قاله يس. قوله: "تمسكا بظاهر قوله تعفق" أي استتر. وضبطه الشارح في شرحه على التوضيح بالغين المعجمة، وفي التصريح أنه بالعين المهملة بالأرطى شجر، لها أي للبقرة الوحشية، فبذت بتشديد الذال المعجمة أي غلبت، والنبل السهام، وكليب جمع كلب كعبيد جمع عبد، ووجه التمسك به أنه لم يضمر في واحد من تعفق وأراد فلم يقل تعفقوا على إعمال الثاني ولا أرادوها على إعمال الأول وإنما قال بظاهر لإمكان تأويله بما سيأتي في الشرح. قوله: "في طلب المرفوع" الظاهر أن مثله اتفاقهما في طلب المنصوب ويرشد إليه عبارة الهمع ونصها وقال الفراء كلاهما يعملان فيه إن اتفقا في الإعراب المطلوب. قوله: "فالعمل لهما" أورد عليه أن العوامل كالمؤثرات فلا يجوز اجتماع عاملين على معمول واحد إلا أن يريد أن العمل لمجموعهما كما في زيد وعمرو قائمان وفيه نظر للفرق بأن كلا من الفعلين يستقل برفع زيد وكل من الاسمين لا يستقل برفع هذا الخبر فليتأمل. قوله: "ولا إضمار" أي على أحد نقلين عنه، ونقل عنه أنه يجوز الإضمار مؤخرا في حال طلبهما المرفوع أيضا فتقول قام وقعد أخواك هما. قوله: "أضمرته مؤخرا" أي إن كان الأول هو الطالب المرفوع كما في المثال على ما هو قضية كلام التسهيل والتصريح فإن كان الأول هو الطالب للمنصوب فإن أعملته فمرفوع الثاني ضمير فيه وإن أهملته فلا إضمار فيه وما نقله الشارح عن الفراء إذا اختلفا هو ما نقله المصنف عنه والذي نقله الجمهور عنه وجوب إعمال الأول حينئذٍ كما في   426- البيت من الطويل، وهو لعلقمة الفحل في ديوانه ص38؛ والرد على النحاة ص95؛ وشرح التصريح 1/ 421؛ ولسان العرب 10/ 354، 14/ 353 "زبي"؛ والمقاصد النحوية 3/ 15؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 201؛ وتذكرة النحاة ص357؛ وجمهرة اللغة ص936؛ والمقرب 1/ 251. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   البصريون وهو ما سبق لأن العمدة يمتنع حذفها، ولأن الإضمار قبل الذكر قد جاء في غير هذا الباب نحو ربه رجلًا ونعم رجلًا، وقد سمع أيضًا في هذا الباب، من ذلك ما حكاه سيبويه من قول بعضهم: ضربوني وضربت قومك. ومنه قوله: 427- جفوني ولم أجف الأخلاء إنني ... لغير جميل من خليلي مهمل   الهمع. قوله: "نحو ضربني وضربت زيدا هو" فهو فاعل ضربني لا توكيد لمستتر في الفعل لأنه يمنع أن فيه ضميرا مستترا كما مر. قوله: "والمعتمد ما عليه البصريون" أي من وجوب إضمار ضمير الرفع في الأول عند إعمال الثاني. قوله: "لأن العمدة يمتنع حذفها" اعترض اللقاني هذا الدليل بأنه لا يفيد وجوب الإضمار بخصوصه بل هو أو الإظهار، ويمكن أن يجاب بأنه اقتصر على جزء العلة لكفايته في الرد على مجوّز الحذف وهو الكسائي والجزء الثاني لزوم التكرار عند الإظهار وقد يقال التكرار لا يقتضي منع الإظهار بل ضعفه فقط على أنه عهد حذف الفاعل في مواضع معروفة تقدم بيانها فافهم. قوله: "ولأن الإضمار" بهذا يرد على جميع الكوفيين بخلاف الدليل الذي قبله فيرد به على الكسائي ومن يقول بقوله فقط. قوله: "قد جاء في غير هذا الباب" أي فيقاس عليه هذا الباب وقد يعارض هذا الدليل بالمثل فيقال جاء حذف الفاعل في غير هذا الباب فيقاس عليه هذا الباب. وبحث فيه اللقاني أيضا بأن جواز الإضمار قبل الذكر في غير هذا الباب لغرض إيراد الشيء مجملا ثم مفصلا ليكون أوقع في النفس لا يفيد جوازه مطلقا ولك دفعه بأنه لا مانع من كون الغرض هنا أيضا الإجمال ثم التفصيل فتأمل. قوله: "وقد سمع" ترقّ من قياس الإضمار قبل الذكر في هذا الباب على الإضمار قبل الذكر في غيره إلى سماعه في هذا الباب فكأنه قال على أنه قد سمع إلخ أي سمع كثيرا نظما ونثرا وذلك علامة الاطراد فاندفع ما قيل للكسائي أن يقول سمع حذف الفاعل هنا أيضا كما في قوله تعفق إلخ على أن ما استدل به على حذف الفاعل هنا غير صريح كما ستعرفه أفاده يس. قوله: "وكمتا" أي ترى خيلا كمتا جمع أكمت من الكمتة وهي حمرة تضرب إلى سواد مدماة أي شديدة الحمرة مثل الدم متونها ظهورها استشعرت لون مذهب أي جعلته شعارا ولباسا لها. والمذهب بضم الميم المموه بالذهب ووجه الاستشهاد أنه أعمل الثاني وأضمر في الأول ضميره قبل الذكر، لكن هذا البيت لا يحتج به على الكسائي لأن الضمير في الأول وهو جري غير بارز فله أن يدعي خلوه منه ويحتج به على الفراء لاختلاف العاملين وعدم ذكر الضمير مؤخرا.   427- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 77، 5/ 282؛ وأوضح المسالك 2/ 200؛ وتخليص الشواهد ص515؛ وتذكرة النحاة ص3059؛ والدرر 1/ 219، 5/ 218؛ وشرح التصريح 2/ 872؛ وشرح قطر الندى ص197؛ ومغني اللبيب 2/ 489؛ والمقاصد النحوية 3/ 14؛ وهمع الهوامع 1/ 66، 109. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 ولا تجيء مع أول قد أهملا ... بمضمر لغير رفع أوهلا بل حذفه الزم إن يكن غير خبر ... وأخرنه إن يكن هو الخبر   وقوله: 428- هوينني وهويت الغانيات إلى ... أن شبت فانصرفت عنهن آمالي وقوله: 429- وكمتا مدماة كأن متونها ... جرى فوقها واستشعرت لون مذهب ولا حجة فيما تمسك به المانع لاحتمال أفراد ضمير الجمع. وقد أجاز ذلك البصريون في الأحوال كلها، تقول: ضربني وضربت الزيدين، كأنك قلت ضربني من، على ما لا يخفى "ولا تجيء مع أول قد أهملا بمضمر لغير رفع" وهو النصب لفظًا أو محلًّا "أوهلا" أي جعل أهلا "بل حذف الزم إن يكن غير خبر" في الأصل لأنه حينئذ فضلة فلا حاجة إلى إضمارها قبل الذكر فتقول: ضربت وضربني زيد، ومررت ومر بي عمرو. ولا   قوله: "لاحتمال إفراد ضمير الجمع" أي على تأوله بمن ذكر كما سيشير إليه أو تأوله بالجمع واعترض بأن الإفراد قبيح كما مر عن الدماميني فكيف ينفى عن الحجية ويمكن أن يقال احتمال البيت أمرا جائزا ولو مع قبح ينفي حجيته على ثبوت أمر آخر فتأمل، وقد روى كما في العيني تعفق بضم القاف على أنه مضارع حذفت منه إحدى التاءين مسندا إلى ضمير الرجال لأنهم في معنى الجماعة ولا شاهد فيه للكسائي حينئذٍ وقول العيني ومن تبعه كالبعض الضمير على هذه الرواية راجع إلى البقرة لا يلائم قوله لها إلا بتكلف. قوله: "وقد أجاز ذلك" أي الإفراد لا بقيد تعلقه بضمير الجمع لقوله في الأحوال كلها أي إسناد الفعل إلى الواحد والاثنين والجماعة لكن الإفراد في الاثنين والجماعة قبيح كما مر. قوله: "لفظا أو محلا" مراده بالمنصوب لفظا ما يصل إليه العامل بنفسه وبالمنصوب محلا ما يصل إليه بواسطة الحرف كما في التصريح فلا يرد أن إعراب المضمرات محليّ دائما لبنائها. قوله: "أو هلا" يقال أهلك الله للخير بتشديد الهاء وأوهلك أي جعلك أهلا له. قوله: "بل حذفه الزم" أي على ما اختاره المصنف هنا وكذا قوله وأخرنه إلخ كما سيتضح. قوله: "إن يكن غير خبر" حذف في الوصفين جواب إن التي فعلها مضارع وهو ضرورة قاله الشاطبي. قوله: "فلا حاجة إلى إضمارها" أي لفظا فلا ينافي أنها منوية   428- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 283؛ وتخليص الشواهد ص515؛ والمقاصد النحوية 3/ 31. 429- البيت من الطويل، وهو لطفيل الغنوي في ديوانه ص23؛ وأمالي ابن الحاجب ص443؛ والإنصاف 1/ 88؛ والرد على النحاة ص97؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 183؛ وشرح المفصل 1/ 78؛ والكتاب 1/ 77؛ ولسان العرب 2/ 81 "كمت"، 4/ 413 "شعر"، 14/ 270 "دمي"؛ والمقاصد النحوية 3/ 24؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص515؛ وتذكرة النحاة ص344؛ والمقتضب 4/ 75. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يجوز ضربته وضربني زيد، ولا مررت به ومر بي عمرو. وأما قوله: 430- إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب فضرورة "وأخرنه إن يكن هو الخبر" لأنه منصوب فلا يضمر قبل الذكر، وعمدة الأصل فلا يحذف، فتقول: كنت وكان زيد قائمًا، إياه وظنني وظننت زيدًا عالمًا إياه. أما امتناع الإضمار مقدمًا فادعى الشارح الاتفاق عليه وفي دعواه نظر فقد حكى ابن عصفور ثلاثة مذاهب: أحدها جوازه كالمرفوع. وفي كلام والده في الكافية وشرحها ميل إلى جواز إضمار المنصوب مطلقًا مقدمًا، واحتج له وهو أيضًا ظاهر كلام التسهيل. وأما الحذف فمنعه البصريون وأجازه الكوفيون لأنه مدلول عليه بالمفسر وهو أقوى المذاهب لسلامته من الإضمار قبل الذكر ومن الفصل.   وعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة إنما يهرب منه إذا كان الضمير ملفوظا به. قوله: "وأخرنه" أي اذكره مؤخرا فكلامه متضمن لشيئين، ولهذا علل الشارح الأمرين على اللف والنشر المشوش. قوله: "وعمدة في الأصل فلا يحذف" يرد عليه أن خبر كان ومفعولي ظن يجوز حذفها لدليل ولهذا كان مذهب الكوفيين الآتي أقوى. قوله: "ثلاثة مذاهب" هي في منصوب كان وظن وأخواتهما كما يدل عليه كلام التوضيح لا في الإضمار مقدما كما قد يتوهم من عبارة الشارح، وزاد في التوضيح رابعا وهو الإظهار. قوله: "أحدها جوازه" أي الإضمار للمنصوب مقدما كالمرفوع ثانيها وجوب تأخيره وهو ما في النظم، ثالثها جواز حذفه وعليه الكوفيون. قوله: "ميل إلى جواز إلخ" وقضيته تجويز إضماره مؤخرا بالأولى سم. قوله: "مطلقا" أي عمدة كان في الأصل أو فضلة. قوله: "واحتج له" أي بشواهد من لسان العرب. قوله: "وأجازه الكوفيون" نقل المصرح عن أبي حيان أن شرطه عندهم أن يكون المحذوف مثل المثبت إفرادا وتذكيرا وفروعهما وإلا لم يجز حذفه نحو علمني وعلمت الزيدين قائمين، فلا بد أن يقول إياه متقدما أو متأخرا ولا ينافي هذا ما سيأتي من وجوب الإظهار إذا لم يطابق الضمير المفسر وإن زعمه سم لأن ما سيأتي مذهب البصريين والكلام في مذهب الكوفيين وهم لا يقولون بوجوب الإظهار حينئذٍ. قوله: "لأنه مدلول عليه بالمفسر" أي وحذف المعمول لدليل جائز حتى في باب كان وظن. قوله: "لسلامته من الإضمار قبل الذكر" أي إذا أضمر مقدما كما مال إليه في شرح الكافية ومن الفصل أي بين العامل الأول المهمل ومعموله إذا أضمر مؤخرا كما   430- عجزه: جمادًا فكن في الغيب أحفظ للود والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 281؛ وأوضح المسالك 2/ 203؛ وتخليص الشواهد ص514؛ والدرر 5/ 319؛ وشرح التصريح 1/ 322؛ وشرح شذور الذهب ص543؛ وشرح شواهد المغني 2/ 745؛ وشرح ابن عقيل ص279؛ ومغني اللبيب 1/ 333؛ والمقاصد النحوية 3/ 21؛ وهمع الهوامع 2/ 110. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهات: الأول اقتضى كلامه أنه يجاء بضمير الفضلة مع الثاني المهمل نحو: ضربني وضربته زيد، ومر بي ومرت بهما أخواك لدخوله تحت قوله: وأعمل المهمل في ضمير ما تنازعاه. ولم يخرجه ومنه قوله: 431- إذا هي لم تستك بعود أراكة ... تنخل فاستاكت به عود إسحل وأنه يجوز حذفه لمفهوم قوله والتزم ما التزما، وهذا لم يلتزم ذكره لأنه فضلة. ومنه قوله: 432- بعكاظ يغشي الناظريـ ... ـن إذا هم لمحوا شعاعه   قال به هنا. قوله: "إذا هي" أي المرأة والأراكة واحدة الأراك تنحل بالبناء للمجهول، والحاء المهملة على ما ذكره شيخنا السيد أي اختير، لكن التنخل بالمعجمة هو المفسر في القاموس وغيره بالاختيار وهو جواب إذا، والإسحل بكسر الهمزة فسكون السين المهملة ففتح الحاء المهملة شجر دقيق الأغصان يشبه الأثل يتخذ منه أيضا السواك كذا في العيني. والذي في القاموس والصحاح الإسحل بالكسر شجر يستاك به وضبطت الحاء بالقلم في نسخ القاموس الصحيحة بالكسر وهو الأقرب إلى قولهما بالكسر. والشاهد في تنحل واستاكت حيث تنازعا عود إسحل فأعمل الأول وأضمر في الثاني ضمير عود إسحل وذكره. قوله: "بعكاظ" سوق كانت في الجاهلية تجتمع فيها قبائل العرب فيتبايعون ويتعاكظون أي يتفاخرون ويتناشدون الشعر. قال في الصحاح بناحية مكة شهرا، وقال في القاموس بصحراء بين نخلة والطائف وكان قيامها هلال ذي القعدة وتستمر عشرين يوما والباء في بعكاظ ظرفية وقوله يعشى بالعين المهملة كيعطى أي يسيء أبصارهم من العشا بالقصر وهو سوء البصر بالليل وقيل بالمعجمة كيرضى والضمير في شعاعه للسلاح. والشاهد في يعشى ولمحوا حيث تنازعا شعاعه   431- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ص498؛ والرد على النحاة ص97؛ وشرح المفصل 1/ 79؛ والكتاب 1/ 78؛ ولطفيل الغنوي في ديوانه ص65؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 188؛ ولعمر أو لطفيل أو للمقنع الكندي في المقاصد النحوية 3/ 32؛ ولعبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي أو لطفيل الغنوي في شرح شواهد الإيضاح ص89؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 444؛ والدرر 1/ 222؛ وهمع الهوامع 1/ 66. 432- البيت من مجزوء الكامل، وهو لعاتكة بنت عبد المطلب في الدرر 5/ 315؛ وشرح التصريح 1/ 320؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص743؛ والمقاصد النحوية 3/ 11؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 2847؛ وأوضح المسالك 2/ 199؛ وشرح شذور الذهب ص544؛ وشرح ابن عقيل ص280؛ ومغني اللبيب 2/ 611؛ والمقرب 1/ 251؛ وهمع الهوامع 2/ 109. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وخص بعضهم حذفه بالضرورة كالبيت لأن في حذفه تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه لغير معارض. الثاني كلامه هنا مخالف للتسهيل من وجهين: الأول بحذف الفضلة من الأول المهمل، والثاني جزمه بتأخير الخير، ولم يجزم بهما في التسهيل بل أجاز التقديم. الثالث يشترط لحذف الفضلة من الأول المهمل أمن اللبس، فإن خيف اللبس وجب التأخير نحو استعنت واستعان على زيد؛ لأنه مع الحذف لا يعلم هل المحذوف مستعان به أو عليه. الرابع قوله غير خبر يوهم أن ضمير المتنازع فيه إذا كان المفعول   فأعمل الأول وأضمر في الثاني ضميره وحذفه. قوله: "وخص بعضهم حذفه بالضرورة" مقتضى التوضيح ترجيح هذا وأنه مذهب الجمهور فإنه قال وبعضهم يجيز حذف غير المرفوع لأنه فصلة كقوله بعكاظ إلخ. ولنا أن في حذفه تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه والبيت ضرورة. ا. هـ. قوله: "تهيئة العامل" يعني لمحوا للعمل أي في الاسم الظاهر وقوله لغير معارض دفع لما يقال التهيئة والقطع لازمان على إعمال الثاني مع الحذف أيضا والمعارض عليه لزوم الإضمار قبل الذكر ومن جعل التهيئة عبارة عن إيلاء العامل ما هو معمول له معنى استغنى عن قوله لغير معارض لفصل العامل الأول من المعمول بالعامل الثاني في حال إعمال الثاني مع الحذف. قال سم وكأنهم أي المجوزين اختيارا حذفه عند إعمال الأول لا يعدون التهيئة والقطع مانعا أو يقال إعمال العامل الآخر في المذكور دافع لتهيئة هذا فتأمله فإنه حسن. قوله: "بل أجاز التقديم" أي ذكر الضمير مقدما عمدة في الأصل أو فضلة فليس الإضراب راجعا لقوله والثاني جزمه بتأخير الخبر فقط حتى يكون في كلامه قصور كما توهمه البعض. قوله: "لحذف الفضلة من الأول المهمل" وكذا يشترط لجواز حذفها من الثاني المهمل على ما يظهر فلو ألبس لم يجز حذفه نحو استعان واستعنت به على زيد. قوله: "أمن اللبس" ولم يذكره الناظم لعلمه بطريق المقايسة على الأبواب السابقة ومن قوله سابقا: وحذف فضلة أجز إن لم يضر قوله: "وجب التأخير" وعلى ما قدمه عن التسهيل والكافية وشرحها يجوز التقديم. قوله: "نحو استعنت واستعان عليّ زيد" وجه اللبس أن المتبادر أن المحذوف بعد استعنت عليه بقرينة معمول الفعل الثاني مع أن المراد استعنت بزيد أما إذا أريد استعنت على زيد فالحذف جائز لعدم اللبس لأن المتبادر هو المراد أفاده سم. قوله: "لأنه مع الحذف لا يعلم إلخ" لو علله بما أسلفناه لكان مناسبا لأن تعليليه إنما ينتج الإجمال لا اللبس لكن مرّ أنهم قد يطلقون اللبس على ما يعم الإجمال وإن كان الصواب الفرق بينهما معنى وحكما كما تقدم بيانه وقوله هل المحذوف إلخ أي هل مدلول الضمير المحذوف المجرور بالحرف شخص مستعان به فيكون اللفظ المحذوف لفظ به أو شخص مستعان عليه فيكون اللفظ المحذوف لفظ عليه وليس المراد هل اللفظ المحذوف كما توهمه البعض. فاعترض بأن الأولى حذف مستعان إذ هو ليس من المحذوف. قوله: "يوهم إلخ" لأن من الغير المفعول الأول لأنه مبتدأ في الأصل. قوله: "بل لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأول في باب ظن يجب حذفه، وليس كذلك، بل لا فرق بين المفعولين في امتناع الحذف ولزوم التأخير نحو: ظننت منطلقة وظننتني منطلقًا هند إياها، فإياها مفعول أول الظنت ولا يجوز تقديمه، وفي حذفه ما سبق ولذلك قال الشارح لو قال بدله: واحذفه إن لم يك مفعول حسب ... وإن يكن ذاك فأخره تصب لخلص من ذلك التوهم. لكن قال المرادي قوله مفعول حسب يوهم أن غير مفعول حسب يجب حذفه وإن كان خبرًا، وليس كذلك لأن خبر كان لا يحذف أيضا، بل يؤخر كمفعول حسب، نحو زيد كانت وكنت قائمًا إياه. وهذا مندرج تحت قوله المصنف غير خبر. ولو قال: بل حذفه إن كان فضلة حتم ... وغيرها تأخيره قد التزم لأجاد. قلت وعلى هذا أيضًا من المؤاخذة ما على بيت الأصل من عدم اشتراطه أمن اللبس كما أسلفته، فكان الأحسن أن يقول: واحذفه لا إن خيف لبس أو يرى ... لعمدة فجيء به مؤخرًا الخامس قاس المازني وجماعة المتعدي إلى ثلاثة على المتعدي إلى اثنين وعليه مشى في التسهيل: فتقول على هذا عند إعمال الأول، أعلمني وأعلمته إياه إياه زيد عمرًا قائمًا، ويختار إعمال الثاني نحو أعلمني زيدًا عمرًا قائمًا إياه إياه وأعلمت وأعلمني   فرق بين المفعولين إلخ" لأن كلا منهما عمدة في الأصل ويمكن الجواب عن المصنف بأنه عبر بالملزوم وهو الخبر وأراد اللازم وهو العمدة وبأن المبتدأ كما قال بعضهم مفهوم بالأولى لأشرفيته والاتفاق على عمديته فهو أولى بالذكر. قوله: "وفي حذفه ما سبق" أي من المنع عند البصريين والجواز عند الكوفيين وكان عليه أن يحذف قوله ولا يجوز تقديمه ويقول وفي حذفه وإضماره مقدما ما سبق لأن صنيعه يشعر بأنه لا خلاف في عدم جواز إضماره مقدما وليس كذلك لوجود الخلاف في إضماره مقدما أيضا. قوله: "ولذلك" أي لكونه لا فرق بين المفعولين. قوله: "لكن قال المرادي" استدراك على قوله لخلص من ذلك التوهم دفع به توهم أن هذه العبارة لا يرد عليها شيء أصلا. قوله: "أو يرى لعمدة" بكسر اللام أي منتسبا لعمدة أو بفتحها على أنها زائدة للضرورة وفي نسخ بالكاف. قوله: "قاس المازني إلخ" أي في أنه إذا أعمل الأول أضمر في الثاني ضمير المفعولين الثاني والثالث بجانبه لعودهما على متقدم في الرتبة وإذا أعمل الثاني أضمر في الأول ضميرها مؤخرا لما تقدم وأما المفعول الأول فهو فضلة محضة فلا يجاء بضميره مع الأول المهمل بل يجب حذفه ويجوز ذكره وحذفه مع الثاني المهمل كما سبق. قوله: "ويختار إعمال الثاني" أي عند البصريين لقربه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 وأظهر أن يكن ضمير خبرا ... لغير ما يطابق المفسرا نحو أظن ويظناني أخا ... زيدًا وعمرًا أخوين في الرخا   زيد عمرًا قائمًا إياه إياه "وأظهر أن يكن ضمير خبرا" أي في الأصل "لغير ما يطابق المفسرا" أي في الإفراد والتذكير وفروعها، لتعذر الحذف بكونه عمدة، والإضمار بعدم المطابقة فتعين الإظهار وتخرج المسألة من هذا الباب "نحو أظن ويظناني أخا زيدًا وعمرًا أخوين في الرخا" على إعمال الأول فزيدًا وعمرًا أخوين مفعولا لا أظن، وأخا ثاني مفعولي يظناني، وجيء به مظهرًا لتعذر إضماره؛ لأنه لو أضمر فإما أن يضمر مفردًا مراعاة للمخبر عنه في الأصل وهو الياء من يظناني، فيخالف مفسره وهو أخوين في التثنية وإما أن يثنى مراعاة للمفسر فيخالف المخبر عنه، وكلاهما ممتنع عند البصريين. وكذا الحكم لو أعملت الثاني نحو: يظناني وأظن الزيدين أخوين أخا. وأجاز الكوفيون الإضمار على وفق المخبر عنه نحو: أظن ويظناني إياه الزيدين أخوين، عند إعمال الأول وإهمال الثاني. وأجازوا أيضًا الحذف نحو أظن ويظناني الزيدين أخوين. تنبيه: وجه كون هذه المسألة من هذا الباب هو أن الأصل أظن ويظنني الزيدين   كما مر. قوله: "وأعلمت وأعلمني زيد عمرا قائما إياه إياه" لا يخفى أن إياه الأول ضمير المفعول الثاني وإياه الثاني ضمير المفعول الثالث ولم يذكر ضمير زيد الذي هو المفعول الأول لما تقدم. قوله: "وأظهر" أي ضمير المتنازع فيه أي ائت به اسما ظاهرا وقوله لغير ما يطابق المفسر أي لمبتدأ في الأصل غير مطابق للمفسر كالياء في يظناني في المثال المذكور. قوله: "بعدم المطابقة" أي للمخبر عنه إن أتى به مطابقا للمفسر وللمفسران أتى به مطابقا للمخبر عنه وتخرج المسألة من هذا الباب حينئذٍ بالنسبة إلى المفعول الثاني لا بالنسبة إلى المفعول الأول لتنازعهما فيه فأعملنا في مثالنا الأول وأضمرنا في الثاني ضميره وهو الألف في يظناني. قوله: "وكذا الحكم لو أعملت الثاني نحو إلخ" صوره في عكس المثال مع أنه يمكن فيه وهو باق على حاله بأن يقال أظن ويظنني زيد وعمرو وأخا إياهما أخوين لأن ما ذكره أشبه في العمل بمثال المتن وأقصر مسافة. قوله: "على وفق المخبر عنه" أي وإن خالف المفسر ويؤيده أن الرضي كما نقله الإسقاطي لم يوجب المطابقة بين الضمير ومرجعه إذا أمن اللبس واستدل له بقوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً} [النساء: 11] ، ثم قال: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً} [النساء: 11] ، مع أن الضمير فيها للأولاد لظهور المقصود. قوله: "عند إعمال الأول وإهمال الثاني" فإن أعملت الثاني وأهملت الأول. قلت على ما يظهر أظن ويظنني الزيدان أخا إياهما إياهما. قوله: "وأجازوا أيضا الحذف" يعكر عليه ما تقدم نقله عن أبي حيان. قوله: "وجه كون هذه المسألة من هذا الباب هو أن الأصل إلخ" ظاهره أن كونها من هذا الباب إنما هو بالنسبة إلى المفعول الأول لا الثاني وبه صرح الموضح، واستظهر سم وغيره أنها منه بالنسبة إلى الثاني أيضا باعتبار كونه مطلوبا لكل من العاملين على أنه مفعول ثان بقطع النظر عن كونه مثنى أو مفردا وأطال في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أخوين، فتنازع العاملان الزيدين فالأول يطلبه مفعولًا والثاني يطلبه فاعلًا، فأعملنا الأول فنصبنا به الاسمين، وأضمرنا في الثاني ضمير الزيدين وهو الألف، وبقي علينا المفعول الثاني يحتاج إلى إضماره، فرأيناه متعذرًا لما مر، فعدلنا به إلى الإظهار وقلنا أخا فوافق المخبر عنه، ولم تضره مخالفته لأخوين لأنه اسم ظاهر لا يحتاج إلى ما يفسره. خاتمة: لا يتأتى التنازع في التمييز وكذا الحال خلافًا لابن معطي، وكذا نحو ما قام   إيضاح ذلك. قوله: "فعدلنا به" أي الإضمار أي عنه. قوله: "لا يتأتى التنازع إلخ" لأن كلاً من الحال والتمييز لا يضمر لوجوب تنكيره. وقوله خلافاً لابن معطي حيث أجازه في الحال. قال الفارضي نحو زرني أزرك راغباً، على إعمال الثاني، وزرني أزرك في هذه الحالة راغباً، على إعمال الأول. ا. هـ. وفيه أن هذا مثل إعادة لفظ الحال ولا تنازع فيه. قوله: "وكذا نحو ما قام إلخ" لأنه إن أضمر في الفعل المهمل بدون إلا انعكس المعنى المراد من الإثبات على وجه الحصر إلى النفي وإن أضمر فيه مع إلا بأن يقال ما قام إلا هو وما قعد إلا زيد كما نقل عن ابن هشام فإن أراد مع حذف إلا هو ورد أن البصري لا يجيز حذف الفاعل هنا وهذا التركيب جائز عنده وإن أراد مع عدم حذفه فهو خلاف المسموع وصرح الرضي وغيره بأن هذا المنع خاص بالمرفوع أما المنصوب فلا يمتنع وقوع التنازع فيه نحو ما ضربت وأكرمت إلا زيداً. وفرق بأن المنصوب فضلة لا تتوقف صحة الكلام على تقدير ضميره بخلاف المرفوع. ولا يخفى أنه فرق غير نافع مع انعكاس المراد إن أضمر في الفعل المهمل بدون إلا ولزوم حذف الفضلة المحصور فيها إن أضمر مع إلا. وقد صرحوا بأن المحصور فيه لا يحذف ولو فضلة وأنه يقتضي الامتناع إذا كان المنصوب عمدة في الأصل نحو ما علمت وظننت إلا زيداً قائماً ولو سوى بين المرفوع والمنصوب في الامتناع أو الجواز لكان أحسن. ثم رأيت الله لروداني صحح تخريج التركيب على التنازع وسوى في جواز التنازع بين المرفوع والمنصوب وبين الحصر بإلا والحصر بإنما فقال الذي يفهمه المتأمل أن تخريج ذلك إنما هو على التنازع وبيانه أن القياس يقتضي أن يقال ما قام وقعد إلا زيد هو لأن العاملين فرغا لما بعد إلا فيعمل أحدهما في الظاهر والآخر في ضميره المنفصل لكن لما أمكن اتصال هذا الضمير بعامله الملغى مع ظهور معنى الحصر لوجود دليله حال اتصال الضمير تعين ذلك فاتصل بعامله ثم بسبب عوده إلى ما بعده لفظاً ورتبة يلزم أن يكون هو مقدماً لفظاً مؤخراً رتبة لأن رتبة الضمير وأصله أن يتأخر عن مرجعه ويلزم من كونه مؤخراً رتبة كونه موجباً محصوراً بإلا التي قبله بحسب رتبته وأصله فتأخيره الأصلي دليل على إيجابه وحصره وعروض تقديمه لأجل إصلاح اللفظ لا يعتد به مانعاً مما بالأصل من الحصر، وقولهم إذا قصد الحصر وجب انفصال الضمير إنما هو في الضمير الذي جاء على أصله وهو المتأخر لفظاً ورتبة ولم أقف على أحد يستشكل التنازع بعد إنما التي يجب انفصال الضمير بعدها أيضاً لإفادة الحصر مع أنها مثل إلا، قياس التنازع فيها أن يقال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 المفعول المطلق : المصدر اسم ما سوى الزمان من ... مدلولي الفعل كأمن من أمن   وقعد إلا زيد وما ورد مما ظاهره جواز ذلك مؤول. ويجوز فيما عدا ذلك من المعمولات. والله تعالى أعلم. المفعول المطلق: زاد في شرح الكافية في الترجمة: وهو المصدر، وذلك تفسير للشيء بما هو أعم منه مطلقًا، كتفسير الإنسان بأنه الحيوان إذ المصدر أعم مطلقًا من المفعول المطلق؛ لأن المصدر يكون مفعولًا لا مطلقًا، وفاعلًا ومفعولًا به وغير ذلك، والمفعول المطلق لا يكون إلا مصدرًا نظرًا إلى أن ما يقوم مقامه مما يدل عليه خلف عنه في ذلك وأنه الأصل.   إنما قام وقعد زيد هو والاستعمال على خلافه وجوابه كما تقدم أن الحصر مدلول التأخير الأصلي ولا يفوت بعروض اتصال الضمير بعامله. ا. هـ. باختصار. قوله: "وما ورد إلخ" كقوله: ما صاب قلبي وأضناه وتيمه ... إلا كواعب من ذهل بن شيبانا فيؤول بأنه من الحذف لدليل لكن يلزم عليه حذف الفاعل. وأجيب بأنه سوّغ ذلك وجوده معنى باعتبار المذكور وفيه ما فيه فتأمل. قوله: "ويجوز فيما عدا ذلك من المعمولات" استثنى منها المفعول له . قال بعضهم وقياس جوازه في المفعول فيه جوازه في المفعول له فكما يقدر الضمير في المفعول فيه مقرنا بفي يقدر في المفعول له مقترنا باللام، وفرق الروداني بتوسعهم في الظروف دون غيرها ألا ترى أنه لو لم يقدر في، وقيل صمت وسرت اليوم على أن التقدير صمته لصح هذا التقدير للتوسع بخلاف المفعول له فلا يقال قمت وسرت خوفا إذ لا يجوز قمته أي الخوف لعدم التوسع فيه والنفس إلى جواز التنازع فيه أميل فتنبه. المفعول المطلق: قوله: "زاد في شرح الكافية إلخ" يحتمل أن مراده التورك على الناظم بأنه كان ينبغي أن يزيد هنا ذلك لتظهر مطابقة الترجمة للمترجم لأنه لا تصريح فيما سيذكره بأن المفعول المطلق أي شيء هو وإن كان يؤخذ ذلك من قوله المصدر إلخ بمعونة ذكره بعد الترجمة المشعر بأن المفعول المطلق ما ذكر وكونه منصوبا مفيدا للتوكيد أو مبنيا للنوع أو العدد يؤخذ من قوله بمثله إلخ وقوله توكيدا إلخ ويحتمل أن مراده استحسان اقتصار المصنف هنا على قوله المفعول المطلق وتوركه على زيادته في شرح الكافية وهذا هو الظاهر وإن جزم البعض بالاحتمال الأول. قوله: "وذلك تفسير للشيء إلخ" جوّزه المتقدمون بناء على أن المقصود التمييز في الجملة. قوله: "لا يكون" أي أصالة بدليل ما بعد. قوله: "نظرا إلى أن ما يقوم مقامه" أي المصدر أي يحل محله ويوضع في مكانه مما يدل عليه كلفظ كل وبعض المضافين إلى المصدر وكالعدد خلف عنه في ذلك أي في المفعولية المطلقة وأنه أي المصدر الأصل أي والاعتبار ليس إلا بالأصل. أما إذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   واعلم أن المفاعيل خمسة: مفعول به وقد تقدم في باب تعدي الفعل ولزومه، ومفعول مطلق، ومفعول له، ومفعول فيه، ومفعول معه؛ وهذا أول الكلام على هذه الأربعة: فالمفعول المطلق ما ليس خبرًا من مصدر مفيد توكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده فما ليس خبرًا مخرج لنحو المصدر المبين للنوع في قوله: ضربك ضرب ألم، ومن مصدر مخرج لنحو الحال المؤكدة نحو: {وَلَّى مُدْبِرًا} [النمل: 1، القصص: 31] ، ومفيد توكيد عامله إلخ مخرج لنحو المصدر المؤكد في قولك: أمرك سير سير، وللمسوق مع عامله لغير المعاني الثلاثة نحو: عرفت قيامك، ومدخل لأنواع المفعول المطلق ما كان منها منصوبًا لكونه فضلة نحو: ضربت ضربًا، أو ضربًا شديدًا، أو ضربتين، ومرفوعًا لكونه   نظرنا إلى أن القائم مقامه يعطى حكمه ويعتبر اعتباره كان بينهما العموم والخصوص الوجهي. قوله: "ما" أي اسم وقوله من مصدر بيان لما والمراد المصدر الصريح فلا يقع المؤول مفعولا مطلقا ولم يقل منصوب نظرا إلى أنه قد يرفع نائبا عن الفاعل كما سيذكره وفيه ما سيأتي وإنما خص النفي بالخبر دون غيره كالمبتدأ والفاعل لأنه الذي قد يجيء مبينا لنوع عامله كما في ضربك ضرب أليم أو عدده كما في ضربك ضربتان. قوله: "مفيدا إلخ" مما خرج به كراهتي في قولك كرهت كراهتي على أن كراهتي مفعول به لكرهت إذ هو حينئذٍ لا يؤكد ولا يبين نوع عامله ولا عدده فالاعتراض بأن التعريف صادق عليه غير متوجه. قوله: "توكيد عامله" أي مصدر عامله الذي تضمنه ليتحد المؤكد والمؤكد إذ ذلك شرط في التأكيد اللفظي الذي هذا منه فمعنى قولك ضربت ضربا أحدثت ضربا ضربا هذا ما أفاده الدماميني والرضي. وبحث فيه بأنه يرفع التجوّز كالنفس والعين وردّ بأن التأكيد اللفظي قد يكون لرفع التجوّز ففي المختصر والمطول وأقره السيد أن نحو قطع اللص الأمير الأمير لرفع توهم التجوز فاعرفه. والمراد إفادته التوكيد من غير بيان نوع أو عدد وإلا فالتوكيد لازم للمفعول المطلق مطلقا وإن كان لا يقصد، وأوفى قوله أو بيان نوعه أو عدده لمنع الخلو لكن تجويزها الجمع بالنظر إلى القسمين الأخيرين كما في ضربت وضربني الأمير لا بالنظر إلى القسم الأول لتقييده بعدم بيان النوع والعدد فلا يجتمع مع واحد من القسمين الأخيرين وبهذا يعلم ما في كلام البعض. قوله: "فما ليس خبرا" لو قال فليس خبرا لكان أحسن إذ لا دخل لما في إخراج ما ذكر ولأن شأن الجنس أن لا يخرج به وقوله لنحو المصدر إلخ أي من كل ما هو خبر ولو غير مصدر. قوله: "لنحو الحال المؤكدة" يتبادر من نحو أن ثم شيئا آخر غير الحال المؤكدة لم يخرج إلا بقولنا من مصدر ولم نعثر عليه فلعله أشار بنحو إلى شيء آخر يخرج بقولنا من مصدر وإن خرج بما بعده أيضا كالجملة المحكية بالقول بناء على الصحيح أنها مفعول به فاعرفه. قوله: "المصدر المؤكد" هو المصدر الثاني المؤكد للخبر ووجه خروجه أنه لم يؤكد عامله بل مثله ولا بين نوعه لأن الذي بين نوع عامله هو المصدر الأول. قوله: "أو مرفوعا إلخ" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   نائبًا عن الفاعل نحو: غُضب غَضب شديد. وإنما سمي مفعولًا مطلقًا لأن حمل المفعول عليه لا يحوج إلى صلة؛ لأنه مفعول الفاعل حقيقة، بخلاف سائر المفعولات فإنها ليس بمفعول الفاعل. وتسمية كل منها مفعولًا إنما هو باعتبار إلصاق الفعل به أو وقوعه لأجله أو فيه أو معه. فلذلك احتاجت في حمل المفعول عليها إلى التقيد بحرف الجر بخلافه، وبهذا استحق أن يقدم عليها في الوضع وتقديم المفعول به لم يكن على سبيل القصد بل على سبيل الاستطراد والتبعية. ولما كان المفعول المطلق هو المصدر مع ضميمه شيء آخر كما عرفت بدأ بتعريف المصدر لأن معرفة المركب موقوفة على معرفة أجزائه فقال: "المصدر اسم ما سوى الزمان من مدلولي الفعل" أي اسم الحدث؛ لأن الفعل يدل   فيه أنه بعد رفعه لا يسمى اصطلاحا مفعولا مطلقا بل نائب فاعل. قوله: "لأن حمل المفعول عليه" أي اطلاق لفظ المفعول على جزئياته أو المراد الإخبار بالمفعول عن جزئياته. قوله: "لا يحوج إلى صلة" أي بالحرف أو الظرف أو المراد لا يحوج إلى ذلك لغة فلا ينافي أنه مقيد عند النحاة بالإطلاق ولهذا قال في المغني المفعول إذا أطلق في اصطلاح النحاة إنما ينصرف إلى المفعول به لأنه أكثر دورانا في الكلام ولا يصدق على المصدر المكذور إلا مقيدا بقيد الإطلاقي. قوله: "لأنه مفعول الفاعل حقيقة" أي الفعل الذي يصح إسناده إليه وليس المراد أنه موجد له حتى يرد مات موتا والمراد بالإسناد ما يعم ما على جهة الإيجاب أو السلب فلا يرد لم يضرب زيد ضربا. قوله: "فإنها ليست بمفعول الفاعل" أورد عليه المفعول لأجله وبعض أفراد المفعول به نحو كرهت قيامي ولك أن تقول المراد مفعول الفاعل من حيث أنه فاعل لذلك الفعل المذكور فيخرج ما ذكر فتأمل. قوله: "باعتبار إلصاق الفعل به" وإن لم يكن موجودا قبل ذلك الفعل نحو خلق الله السموات فالسموات مفعول به وإن كان وجودها بذلك الفعل لا قبله ومن جعلها مفعولا مطلقا كالشيخ عبد القاهر بناه على ما التزمه من أن المفعول به ما كان موجودا فأوجد الفاعل فيه شيئا آخر وغيرهم لا يلتزمون ذلك. قوله: "إلى التقييد بحرف الجر" أي أو الظرف كما في المفعول معه أو أراد بحرف الجر عامله مطلقا. قوله: "والتبعية" أي لبيان تعدي الفعل ولزومه وبعضهم قدمه على سبيل القصد لكثرته، والعطف قال شيخنا عطف سبب أو تفسير مراد. قوله: "مع ضميمة شيء آخر" أي كونه غير خبر ومفيد تأكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده كلما أشار إلى ذلك المصنف بقوله توكيدا إلخ. قوله: "المصدر إلخ" لا يقال يدخل في هذا التعريف اسم المصدر لأنا نقول اسم المصدر ليس مدلوله الحدث بل لفظ المصدر كما صرح به الشيخ خالد ونقله الدماميني عن ابن يعيش وغيره وأقره أفاده سم. وقيل مدلوله الحدث كالمصدر لكن دلالته عليه بطريق النيابة عن المصدر وعلى هذا يخرج اسم المصدر من تعريف المصدر بأن تقيد الدلالة على الحدث في تعريفه بالأصالة. قوله: "اسم ما سوى الزمان من مدلولي الفعل" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   على الحدث والزمان، فما سوى الزمان من المدلولين هو الحدث "كأمن من" مدلولي   صرح السيد والرضي بأن المفعول المطلق هو الأثر الناشىء عن تأثير فاعل الفعل المذكور أي إيقاعه الذي معناه أمر اعتباري وهو تعلق القدرة بالمقدور وذلك الأثر نفس الحركات والسكنات كما صرح به التفتازاني في شرح العقائد ويطلق المصدر على كل منهما. وأنت خبير بأن ما قالاه لا يظهر في نحو الحسن والقبح والموت مما ليس فيه تأثير فاعل الفعل المذكور وأنه يقتضي أن المصدر المستعمل في التأثير كأثرت تأثيرا وأوقعت إيقاعا لا يسمى مفعولا مطلقا والوجه خلافه. والحاصل أن المصدر يطلق بالاشتراك وقيل بالحقيقة والمجاز على ثلاثة: على التأثير وهو متعلق بالفاعل وعلى الأثر الحاصل عنه وهو متعلق بالفاعل باعتبار الصدور منه، وبالمفعول باعتبار الوقوع عليه، وعلى نحو الضاربية والمضروبية: أي الكون ضاربا والكون مضروبا، ويسمى نحو الضاربية بالمصدر المبني للفاعل ونحو المضروبية بالمصدر المبني للمفعول. والثاني أعني الأثر هو المختلف في كونه مخلوقا للعباد أولا بيننا وبين المعتزلة كما في شرح العقائد للتفتازاني وهو المكلف به على ما صرح به ابن أبي شريف في حواشي المحلي وابن قاسم في آياته. ولي فيه بحث وهو أن الثاني يتوقف حصوله على الأول فيكون أيضا مكلفا به لأن ما لا يتم المكلف به إلا به فهو مكلف به ويمكن دفعه بأن مراده أن المكلف به أولا وبالذات الفعل بالمعنى الحاصل بالمصدر فلا ينافي التكليف بالفعل بالمعنى المصدري ثانيا وبالتبع. وكونه أمرا اعتباريا لا وجود له خارجا لا يمنع التكليف به تبعا فتأمل. قوله: "من مدلولي الفعل" أورد أبو حيان أن من المصادر ما لا فعل له وبالعكس. وأجيب بأن ما لم يوضع يقدر. يس. قوله: "اسم الحدث" المراد بالحدث المعنى القائم بالغير. قوله: "لأن الفعل يدل على الحدث والزمان" أي على مجموعهما مطابقة بناء على مذهب الجمهور من عدم دخول النسبة في مفهوم الفعل بل الدال عليها جملة الكلام ويدل على أحدهما تضمنا وعلى الفاعل والمكان التزاما. وأما على مذهب آخرين كالسيد من أن النسبة إلى الفاعل المعين جزء مفهوم الفعل فدلالته على مجموع الحدث والزمان تضمن وفي المقام بحث أبداه الشاطبي فقال دلالة الفعل على الحدث بالمادة وعلى الزمان بالصيغة فتكون دلالته على أحدهما خارجة عن الدلالات الثلاث أما خروجها عن المطابقة فلأن مجموع الحروف والصيغة لم يوضع لواحد من المعنيين. وأما خروجها عن التضمن فلأن دلالة اللفظ على جزء مسماه مشروطة بأن تكون نسبة ذلك اللفظ إلى جميع أجزاء المعنى نسبة واحدة كلفظ العشرة بالنسبة إلى كل من الخمستين وليس ما نحن فيه كذلك لأن دلالته على الزمان ليست من الجهة التي يدل بها على الحدث لما علمت من أن دلالته على الأول بالصيغة وعلى الثاني بالمادة وأما خروجها عن الالتزام فلأن دلالة الالتزام هي الدلالة على الخارج والزمان والحدث لم يخرجا عنه. ا. هـ. وأنا أقول نختار أنها من دلالة التضمن ونمنع اشتراط ما ذكره في دلالة التضمن وسند المنع نحو الرجل فإن دلالته على الذات وتعينها ليست من جهة واحدة فتفطن. واعترض قولهم الفعل يدل بمادته على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 بمثله أو فعل أو وصف نصب ... وكونه أصلًا لهذين انتخب   "أمن" وضرب من مدلولي ضرب "بمثله" ولو معنى دون لفظ "أو فعل أو وصف نصب" نحو: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا} [الإسراء: 63] ، ويعجبني إيمانك تصديقًا: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] ، {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} [الذاريات: 1] ، "وكونه" أي المصدر "أصلًا" في الاشتقاق "لهذين" أي للفعل والوصف "انتخب" أي اختير، وهو مذهب البصريين وخالف بعضهم فجعل الوصف مشتقًّا من الفعل فهو فرع الفرع. وذهب الكوفيون إلى أن الفعل أصل لهما. وزعم ابن طلحة أن كلا من المصدر والفعل أصل   الحدث أو مادة الفعل تدل على الحدث بأنا لا نسلم أن مادته تدل على الحدث بقطع النظر عن صيغته وإلا لزم ضرب بكسر الضاد أو ضمها مع فتح الراء أو ربض أو برض مثلا على الحدث المخصوص ولا قائل به. والجواب أن المراد أنها تدل بشرط الصيغة مع أن صيغة الفعل ليست بخصوصها شرطا بل الشرط صيغته أو صيغة المصدر أو الوصف فاعرفه. قوله: "بمثله" أي المفعول المطلق أي بمصدر مثله في اللفظ والمعنى أو في المعنى فقط وقوله نصب أي المفعول المطلق أو ضمير بمثله للمصدر من حيث هو وضمير نصب للمصدر بقيد كونه مفعولا مطلقا ففيه على هذا استخدام. قال زكريا وشرط نصب مثل المصدر له إرادة الحدث كما يأتي. قوله: "ولو معنى دون لفظ" أي على الأصح عند المصنف لأن ما ذهب إليه الجمهور من أن العامل في المماثل معنى فقط عامل مقدر من لفظ المصدر لا يطرد في نحو حلفت يمينا وكان على المصنف أو الشارح أن ينبه على اشتراط المماثلة في جانب الفعل والوصف أيضا ولعله تركه للمقايسة، هذا وقال شيخ الإسلام التحقيق إبقاء المماثلة على المماثلة في اللفظ والمعنى وأما نحو يعجبني إيمانك تصديقا فمن باب النيابة وستأتي في قوله قد ينوب عنه إلخ. قوله: "أو فعل" أي متصرف فخرج فعل التعجب وغير ناقص فخرج كان وأخواتها وغير ملغى عن العمل فلا يقال زيد قائم ظننت ظنا. قوله: "أو وصف" أي متصرف اسم فاعل أو اسم مفعول أو بناء مبالغة لا اسم التفضيل ولا الصفة المشبهة وألحق ابن هشام الصفة المشبهة باسم الفاعل. قوله: "فإن جهنم إلخ" بحث في التمثيل بالآية بأن الجزاء بمعنى المجزى به بدليل حمله على جهنم فليس العامل مصدرا في الحقيقة، ولك أن تقول لا يتعين ذلك بل يصح إبقاء الجزاء على مصدريته بتقدير مضاف أي محل جزائكم أو بلا تقدير قصدا للمبالغة. قوله: "أصلا في الاشتقاق" معنى كونه أصلا فيه أن يكون هو المشتق منه والاشتقاق ردُّ لفظ إلى آخر لمناسبة بينهما في المعنى والحروف. قوله: "إلى أن الفعل" أي المضارع على الأصح بناء على ما هو التحقيق من أسبقيته زمانا لأن الماضي كان قبل وجوده مستقبلا وحين وجوده حالا وبعد وجوده ومضيه ماضيا وقيل الماضي لسبق زمانه على زمان المضارع بمضيه. وهذا القائل فرض زماني الفعلين في شيئين بخلاف الأول فإنه فرض الأزمنة في شيء واحد فهو أولى بالترجيح وأما الأمر فمقتطع عندهم من المضارع ويظهر على قول الكوفيين أن غير الأصل من المضارع والماضي مشتق من الأصل منهما. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 توكيدًا أو نوعًا يبين أو عدد ... كسرت سيرتين سير ذي رشد وقد ينوب عنه ما عليه دل ... كجد كل الجد وافرح الجدل   برأسه ليس أحدهما مشتقًّا من الآخر. والصحيح مذهب البصريين لأن من شأن الفرع أن يكون فيه ما في الأصل وزيادة، والفعل والوصف مع المصدر بهذه المثابة، إذ المصدر إنما يدل على مجرد الحدث، وكل منهما يدل على الحدث وزيادة "توكيدًا أو نوعًا يبين" المصدر المسوق مفعولًا مطلقًا "أو عدد" أي لا يخرج المفعول المطلق عن أن يكون لغرض من هذه الأغراض الثلاثة فالمؤكد "كسرت" سيرًا ويسمى المبهم ومبين العدد ويسمى المعدود، كسرت "سيرتين" و: {فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} [الحاقة: 14] ، ومبين النوع كسرت "سير ذي رشد" أو سيرًا شديدا أو السير الذي تعرفه، ويسمى المختص هكذا فسره بعضهم والظاهر أن المعدود من قبيل المختص كما فعل في التسهيل. فالمفعول المطلق على قسمين: مبهم ومختص، والمختص على قسمين: معدود وغير معدود "وقد ينوب عنه" أي عن المصدر في الانتصاب على المفعول المطلق "ما عليه" أي ما على المصدر "دل" وذلك ستة عشر شيئًا فينوب عن المصدر المبين "للنوع" ثلاثة عشر شيئًا:   "إن كلا إلخ" انظر على هذا المذهب ما أصل الوصف. قوله: "لأن من شأن الفرع أن يكون فيه ما في الأصل وزيادة" كالمفرد والمثنى والجمع. والزيادة في الفعل دلالته على الزمن وفي الوصف دلالته على الذات لا يقال يلزم مزية الفرع على أصله وهي ممنوعة لأنا نقول الفرع الممنوع مزيته على أصله هو ما كان أصله أعلى منه رتبة كجمع المؤنث بالنسبة لجمع المذكر وما هنا ليس كذلك أفاده الدنوشري. هذا وقد ناقش سم قولهم إن من شأن الفرع الزيادة على الأصل بأنه لا برهان يقتضي ذلك وأطال فراجعه. قوله: "يبين المصدر المسوق إلخ" أشار إلى رجوع ضمير يبين إلى المصدر بقيد كونه مفعولا مطلقا ويصح إعادته للمفعول المطلق في الترجمة. قوله: "أي لا يخرج إلخ" أخذ هذا الحصر من تقديم المعمول. قوله: "كسرت سير ذي رشد إلخ" ذهب بعضهم كالدماميني إلى أن المضاف من النيابة إذ يستحيل أن يفعل الإنسان فعل غيره، وإنما يفعل مثاله فالأصل سيرا مثل سير ذي رشد فحذف الموصوف ثم المضاف وهو حقيق بالقبول وإن رده البعض بما لا يسمع، غير أن هذا لا يرد على المصنف لأن مراده التمثيل للمصدر الواقع مفعولا مطلقا مبينا للنوع سواء كان أصليا أو نائبا والظاهر أن المعرف بأل العهدية كالمضاف في ذلك. قوله: "أن المعدود من قبيل المختص" لتخصصه بتحديده بالعدد المخصوص. قوله: "وقد ينوب إلخ" ظاهر كلامه أن المرادف منصوب بالفعل المذكور وهي مذهب المازني وعند الجمهور ناصبه فعل مقدر من لفظه تصريح. والأصح الأول لما مر. قوله: "أي عن المصدر" أي المتأصل في المفعولية المطلقة وهو ما كان من لفظ عامله لا مطلق المصدر حتى يرد أن المفعول المطلق في افرح الجذل مصدر. قوله: "ثلاثة عشر" يظهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأول كليته "كجد كل الجد" ومنه: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: 129] ، وقوله: 433- يظنان كل الظن أن لا تلاقيا الثاني بعضيته نحو ضربته بعض الضرب. الثالث نوعه نحو رجع القهقرى، وقعد القرفصا. الرابع صفته نحو سرت أحسن السير وأي سير. الخامس هيئته نحو يموت الكافر ميتة سوء، السادس مرادفه نحو قمت الوقوف "وافرح الجدل" ومنه قوله: 434- يعجبه السخون والبرود ... والتمر حبا ما له مزيد   لي زيدا ملاقيه في الاشتقاق نحو: "وأنبتها نباتا حسنا"، واسم المصدر غير العلم نحو توضأ وضوء العلماء. قوله: "كليته" أي دال كليته كلفظ كل وجميع وعامة، وكذا قوله أو بعضيته أي دال بعضيته كبعض ونصف وشطر. قوله: "كجد" أمر من جد يجد بكسر الجيم وضمها أي اجتهد كذا في القاموس، وبه يعلم أن الأمر أيضا بكسر الجيم وضمها. قوله: "القرفصا" بضم القاف والفاء ممدودا أو بكسرهما مقصورا، أن يجلس على ألييه ويلصق فخذيه ببطنه ويحتبي بيديه أو يجلس على ركبتيه منكبا ويلصق فخذيه ببطنه ويتأبط كفيه، وعد القهقرى والقرفصا من النائب عن المصدر مع أنهما مصدران لقهقر وقرفص لكونهما من غير العامل قاله سم وصحح الروداني أنهما إنما يكونان مصدرين إذا جريا على فعلهما نحو قهقر قهقرى وقرفص قرفصا أما بعد نحو رجع وقعد فهما اسمان لنوع مخصوص من الرجوع ونوع مخصوص من القعود. قوله: "نحو سرت أحسن السير إلخ" أي سرت السير أحسن السير وسرت سيرا أيّ سير. ومن نيابة الصفة كما قاله الدماميني ضربت ضرب الأمير وسرت سير ذي رشد على ما مر بيانه، ومنه سرت طويلا بناء على أن التقدير سيرا طويلا، ويحتمل الظرفية أي زمانا طويلا والحالية أي سرته أي السير حال كونه طويلا ومثله: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [الشعراء: 90] ، أي إزلافا غير بعيد أو زمنا غير بعيد وأزلفته الجنة أي الإزلاف حال كونه أي الإزلاف غير بعيد، إلا أن هذه الحال مؤكدة من الجنة والتذكير باعتبار تأويل الجنة بالبستان أو غير ذلك كذا في المعنى. قوله: "هيئته" أي دال هيئته كفعلة. قوله: "ومنه" أي من المرادف أي مقارب المرادف لأن الحب ليس مرادفا للإعجاب بل لازم له ولهذا فصله عما قبله. قوله: "يعجبه السخون" ما   433- صدره: وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما والبيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص243؛ وشرح التصريح 1/ 328؛ والمقاصد النحوية 3/ 42؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 213؛ والخصائص 2/ 448؛ ولسان العرب 2/ 48 "شتت". 434- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ والمقاصد النحوية 3/ 45؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 1/ 112؛ واللمع في العربية ص133. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   السابع ضميره نحو عبد الله أظنه جالسًا ومنه: {لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 115] . الثامن المشار به إليه نحو ضربته ذلك الضرب. التاسع وقته، كقوله: 435- ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا   سخن من المرق والبرود ما برد منه، والسين والباء مفتوحتان. قوله: "عبد الله أظنه جالسا" الضمير للظن المفهوم من أظن وعبد الله مفعول أول وجالسا مفعول ثان فإن أرجع إلى عبد الله منصوبا على الاشتغال أو مرفوعا على الابتداء لم يكن مما نحن فيه قال الروداني وكان الأولى التمثيل برفعهما على إلغاء العامل المتوسط لتعين مصدرية الضمير على رفعهما بخلاف نصبهما كما مر. ا. هـ. ويعارضه ما مر من اشتراط عدم إلغاء ناصب المفعول المطلق فتأمل. ويرد على الشارح أن كلامه الآن في النائب المبين للنوع وهذه الهاء ليست منه لأن مرجعها وهو المصدر المفهوم من الفعل مجرد عن الوصف وأل العهدية والإضافة فلا تكون نائبة عن مبين النوع ولهذا اختار ابن هشام أنها نائبة عن المصدر المؤكد نعم إن أرجع الضمير إلى مبين للنوع كظني أو الظن المعهود لدلالة المقام صح كون الهاء نائبة عن مبين النوع وعدلنا إلى قولنا لدلالة المقام عن قول البعض تبعا لغيره لأن الضمير معرفة فلا يقوم مقام النكرة لما يرد عليه من أن قيامه مقام المعرفة لا يقتضي كونه مبينا للنوع ألا ترى أنه يقوم مقام المعرف بأل الجنسية ولا بيان فيه للنوع فتأمل. قوله: "لا أعذبه" الضمير للعذاب بمعنى التعذيب فصح كونه ضمير المصدر والمراد عذابا عظيما فصح كون الهاء نائبة عن مبين النوع فسقط ما قيل هنا. بقي شيء آخر وهو أنه لا بد في الآية من تقدير والأصل لا أعذب تعذيبا مثل التعذيب المذكور لأن نفس التعذيب الواقع على مرجع ضمير أعذبه الأول يستحيل وقوعه على أحد من العالمين سواه حتى ينفي والذي يمكن وقوعه على سواه إنما هو مثله وحينئذٍ فهذا الضمير في الحقيقة ليس نائبا عن المصدر الذي هو المفعول المطلق أصالة بل عن المصدر النائب عن صفة المصدر الذي هو المفعول المطلق أصالة فتنبه. قوله: "المشار به" أي وإن لم يكن متبوعا بالمصدر عند الجمهور نحو ضربته ذلك، وذهب الناظم إلا أن الاتباع شرط وإنما يكون اسم الإشارة نائبا عن المصدر الذي هو المفعول المطلق أصالة في مثل ما إذا قيل ضرب اللص فتقول ضربت ذلك الضرب أما لو قيل ضرب زيد اللص فقلت ضربت ذلك الضرب فالإشارة غير نائبة عن المصدر المذكور لأن فعل زيد لا تفعله أنت بل عن المصدر النائب عن صفة المصدر المذكور والأصل ضربت ضربا مثل ذلك الضرب. قوله:   435- عجزه: فبت كما بات السليم مسهدا والبيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص185؛ وخزانة الأدب 6/ 163؛ والخصائص 3/ 322؛ والدرر 3/ 61؛ وشرح المفصل 10/ 102؛ وشرح شواهد المغني 2/ 576؛ والمحتسب 2/ 121؛ ومغني اللبيب 2/ 624؛ والمقاصد النحوية 3/ 8؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 188. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي اغتماض ليلة أرمد، وهو عكس فعلته طلوع الشمس إلا أنه قليل العاشر ما الاستفهامية نحو ما تضرب زيدًا. الحادي عشر ما الشرطة نحو ما شئت فاجلس. الثاني عشر آلته نحو ضربته سوطًا، وهو يطرد في آلة الفعل دون غيرها، فلا يجوز ضربته خشبة. الثالث عشر عدده نحو: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] ، وزاد بعض المتأخرين اسم المصدر العلم نحو: بر برة وفجر فجار. وفي شرح التسهيل أن اسم المصدر لا يستعمل مؤكدًا ولا مبينًا. وينوب عن المصدر المؤكد ثلاثة أشياء: الأول مرادفه نحو شنأته، بغضا وأحببته مقة، وفرحت جذلًا. الثاني ملاقيه في الاشتقاق نحو: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] ، {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [الزمل: 8] ، والأصل إنباتًا وتبتلًا. الثالث اسم.   "إلا أنه قليل" أي ما نحن فيه من إنابة الظرف عند المصدر أما عكسه فكثير كما يأتي. قوله: "نحو ما تضرب زيدا" أي أيّ ضرب تضربه وقوله نحو ما شئت فاجلس أي أيّ جلوس شئته فاجلس. قوله: "آلته" أي اسم آلته وقوله ضربته سوطا أي ضربة سوط. قوله: "في آلة الفعل" أي المعهودة له. قوله: "اسم المصدر العلم" يظهر لي أن الفرق بين اسم المصدر العلم وغير العلم أن الأول موضوع للفظ المصدر باعتبار تعينه ذهنا والثاني للفظه لا باعتبار التعين إن قلنا مدلول اسم المصدر لفظ المصدر أو الأول لحقيقة الحدث باعتبار تعينها ذهنا والثاني لها لا باعتبار التعين إن قلنا مدلول اسم المصدر الحدث كالمصدر وإنما الفرق بين المصدر واسمه اشتمال المصدر على حروف فعله ونقصان اسمه عن حروف فعله فتدبر. قوله: "برّ برّة وفجر فجار" يشكل على التمثيل فرقهم بين المصدر واسمه بأن الأول ما جمع حروف الفعل والثاني ما لم يجمعها لجمع كل من برّة وفجار حروف فعله إلا أن يدعى أن ذلك أغلبي أو أن مراد الشارح اسم المصدر ولو لغير الفعل المذكور كأبره وأفجره أي صيره بارّا وصيره فاجرا، لكن كان ينبغي على هذا أن يقول الشارح نحو أبرّ برّة وأفجر فجار فتأمل. قوله: "أن اسم المصدر" أي العلم كما في التصريح لا مطلقا لنصه في التسهيل على أن اسم المصدر غير العلم يقوم مقام المؤكد بل الظاهر أنه يقوم مقام المبين أيضا كما مر. وقوله لا يستعمل إلخ لا يرد عليه سبحان لأن مذهب المصنف عدم علميته. قوله: "ثلاثة أشياء" زاد الروداني الضمير واسم الإشارة. قوله: "شنأته بغضا" في القاموس شنأة كمنعه وسمعه شنأ ويثلث وشنأة ومشنأ ومشنأة وشنآنا أبغضه. قوله: "ملاقيه في الاشتقاق" أي المجتمع معه في الاشتقاق أي في أصول مادة الاشتقاق وهي الباء والتاء واللام أو النون والباء والتاء. فاندفع اعتراض شيخ الإسلام بأن الأولى مشاركه في المادة لأن المصدر ليس مشتقا على المشهور كما توهمه عبارته. قوله: "نباتا" فيه أنه اسم مصدر غير علم لأنبت مثل عطاء لأعطى فهلا ذكره بعد في اسم المصدر غير العلم وقد يقال جعله من الملاقى في الاشتقاق إشارة إلى كفاية ملاحظة الملاقاة المذكورة في النيابة أو نظرا إلى ما قاله الموضح من أنه اسم عين للنبات ناب عن المصدر أفاده سم. لكن نص غير واحد على أن النبات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 وما لتوكيد فوحد أبدا ... وثن واجمع غيره وأفردا وحذف عامل المؤكد امتنع ... وفي سواه لدليل متسع   مصدر غير علم نحو: توضأ وضوءًا، واغتسل غسلًا، وأعطى عطاء "وما" سيق من المصادر "لتوكيد فوحد أبدا" لأنه بمنزلة تكرير الفعل والفعل لا يثنى ولا يجمع "وثن واجمع غيره" أي غير المؤكد وهو المبين "وأفردا" لصلاحيته لذلك أما العددي فباتفاق نحو: ضربته ضربة، وضربتين، وضربات. واختلف في النوعي فالمشهور الجواز نظرًا إلى أنواعه نحو سرت سير زيد: الحسن والقبيح، وظاهر مذهب سيبويه المنع، واختاره الشلوبين "وحذف عامل" المصدر "المؤكد امتنع" لأنه إنما جيء به لتقوية عامله وتقرير معناه، والحذف ينافي   مصدر سمي به النابت كما سمي بالنبت. قوله: "غير علم" فلا يستعمل اسم المصدر العلم مؤكدا لأن معنى العلم زائد على معنى العامل قال المصنف ولأنه كاسم الفعل فلا يجمع بينه وبين الفعل دماميني. قوله: "نحو توضأ وضوءا إلخ" قال اللقاني لقائل أن يقول إن كان مراده باسم المصدر ما ليس جاريا على الفعل العامل فيه وإن كان جاريا على فعل آخر كما في: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8] ، فكان ينبغي أن يدخل فيه تبتيلا وإن كان مراده ما ليس جاريا على فعل أصلا فما مثل به ليس كذلك لجريان الغسل مثلا على غسل إلا أن يجاب بأن مراده بما ليس جاريا على فعله ما نقص فيه بعض حروف فعله. ا. هـ. وأجاب بعضهم بأن المراد الأول لكن مع كونه صيغ لغير الثلاثي بوزن ما للثلاثي كما عرفوه بذلك وهو بمعنى جواب اللقاني، وما أجيب به إنما ينفع في عدم إدخال تبتيلا في اسم المصدر غير العلم لا في عدم إدخال نباتا من قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] ، لصدق اسم المصدر بالمعنى المذكور عليه وقد مر آنفا الاعتذار عن عدم ذكره في أمثلة اسم المصدر فتنبه. قوله: "لأنه بمنزلة تكرير الفعل" كان الأولى أن يقول لأن المقصود به الجنس من حيث هو كما أن المؤكد وهو المصدر الذي تضمنه الفعل كذلك وهو يصدق بالقليل والكثير لما تقدم من أنه مؤكد لمصدر عامله الذي تضمنه لا للعامل بتمامه فلا يكون بمنزلة تكرير الفعل. قوله: "غيره" تنازعه العاملان قبله وأعمل الثاني وحذف مفعول أفرد لدلالة ما قبله. قوله: "وأفردا" دفع به ما يتوهم من ظاهر الأمر في قوله وثن إلخ ولا يغني عنه مفهوم فوحد أبدا لصدقه بكون السلب كليا أي لا يوجد غيره دائما، ويؤيد هذا الاحتمال ظاهر الأمر المذكور. ا. هـ. فلا اعتراض بأن جواز الإفراد ظاهر لأنه الأصل. قوله: "لصلاحيته" أي المبين لذلك أي المذكور من التثنية والجمع لأن الجنس الواحد يتعدد بتعدد أنواعه وآحاده. قوله: "فالمشهور الجواز" ودليله قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10] ، والألف زائدة تشبيها للفواصل بالقوافي. تصريح. قوله: "وحذف عامل المؤكد امتنع" وكذا يمتنع تأخيره عن مؤكده بخلاف عامل النوعي والعددي فلا يمتنع تأخيره عنهما قاله الروداني. قوله: "لتقوية عامله" أي تثبيت معناه في النفس لتكريره وقوله وتقرير معناه أي رفع توهم المجاز عنه لا يؤكد نقله الزركشي في البحر المحيط في الأصل ونقض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 والحذف حتم مع آت بدلا ... من فعله كندلا اللذ كاندلا   ذلك. ونازع في ذلك الشارح "وفي" حذف عامل "سواء لدليل متسع" عند الجميع كأن يقال: ما ضربت، فتقول: بلى ضربًا مؤلمًا، أو بلى ضربتين. وكقولك لمن قدم من سفر: قدومًا مباركًا، ولمن أراد الحج أو فرغ منه: حجًا مبرورًا، فحذف العامل في هذه الأمثلة وما أشبهها جائز لدلالة القرينة عليه وليس بواجب "والحذف حتم" أي واجب "مع"   بقوله تعالى: {وَمَكَرْنَا مَكْرًا} [النمل: 50] ، وقول الشاعر: وعجت عجيجاً من جذام المطارف وأجيب بأنه يرفع المجاز فيما يحتمل الحقيقة والمجاز كقتلت قتلاً لا فيما هو مجاز لا غير كذا في القسطلاني على البخاري فالمتعين للمجاز يؤكد كما في الآية والبيت، فقولهم المجاز لا يؤكد ليس على إطلاقه. قوله: "ونازع في ذلك الشارح" أي بما حاصله أن المؤكد قد لا يكون للتقوية والتقرير معاً بل قد يكون للتقرير فقط فلا ينافي الحذف لأنه إذا جاز أن يقرر معنى العامل المذكور جاز أن يقرر معنى المحذوف بالأولى وأن السماع ورد بحذف عامل المؤكد جوازا نحو أنت سيرا ووجوبا نحو سقيا ورعيا وأنت سيرا سيرا. ورد بأن الحذف مناف للتوكيد مطلقا لأن التوكيد يقتضي الاعتناء بالمؤكد والحذف ينافي ذلك فدعواه الأولوية مردودة، وما ذكره وإن كان من أمثلة المؤكد مستثنى من عموم قوله: وحذف عامل المؤكد امتنع لنكات تأتي كما يدل على ذلك قوله بعد والحذف حتم إلخ وفيه أن نحو أنت سيرا لا دليل على استثنائه لعدم تحتم حذف عامله فالجواب بالنسبة إليه لا ينهض مع أن الخليل وسيبويه يجيز أن الجمع بين الحذف والتأكيد كما مر. ورد ابن عقيل المنازعة بأن جميع الأمثلة التي ذكرها ليست من المؤكد بل المصدر فيها نائب مناب الفعل عوض منه دال على ما يدل عليه ويدل على ذلك أنه يمتنع الجمع بينهما ولا شيء من المؤكدات يمتنع الجمع بينه وبين المؤكد، وأنه لا خلاف في عدم عمل المصدر المؤكد واختلفوا في عمل المصدر الواقع موقع الفعل والصحيح أنه يعمل ولا يخفى أن دليله الأول لا يأتي في نحو أنت سيرا وأنه يلزم على كلامه زيادة أقسام المصدر على الثلاثة المذكورة في قوله توكيدا أو نوعا إلخ إلا أن يكون مراده أن تلك الأمثلة ليست من المؤكد الآن وإن كانت منه بحسب الأصل فتأمل. قوله: "متسع" أي اتساع مبتدأ خبره الجار والمجرور قبله هذا هو المناسب لحل الشارح، ويحتمل أن المعنى والحذف في سواه متسع فيكون بمعنى متسع فيه وإنما جاز حذف العامل فيما ذكر لدلالة المصدر على معنى زائد على معنى العامل فأشبه المفعول به فجاز حذف عامله. قوله: "ما ضربت" ما نافية لا استفهامية بدليل الجواب وبلى لإثبات المنفي قبلها. قوله: "حجا مبرورا" يقدر في الأول تحج وفي الثاني حججت. قوله: "والحذف حتم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مصدر "آت بدلا من فعله" لأنه لا يجوز الجمع بين البدل والمبدل منه، وهو على نوعين: واقع في الطلب. وواقع في الخبر، فالأول هو الواقع أمرًا أو نهيًا "كندلا اللذ كاندلا" في قوله: 436- على حين ألهى الناس جل أمورهم ... فندلا زريق المال ندل الثعالب فندلا بدل من اللفظ باندل. والأصل اندل يا زريق المال: أي اختطفته. يقال ندل الشيء إذا اختطفه ومنه: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] أي فاضربوا الرقاب. وتقول قيامًا   إلخ" في قوة الاستثناء من قوله وحذف عامل المؤكد امتنع. قوله: "بدلا من فعله" أي عوضا من اللفظ بفعله ولو المقدر في المصدر الذي لم يستعمل له فعل كويح وويل. وقال الدماميني والعامل المحذوف في هذا المصدر إما فعل مرادف لفعله المهمل على حد قعدت جلوسا عند الجمهور وإما فعله المهمل وإن لم يصح النطق به إذ لا يلزم من كونه عاملا محذوفا صحة النطق به وعلى الأول اقتصر الشارح في الخاتمة. قوله: "وواقع في الخبر" المراد بالخبر ما قابل الطلب فيشتمل الإنشاء الذي ليس من الطلب كحمدا وشكرا لا كفرا، وصبرا لا جزعا وعجبا، وطاعة وسمعا، نقله الدنوشري عن اللقاني وفي الهمع عن الشلوبين وابن مالك أن عجبا وحمدا وشكرا لا كفرا إنشاء وعن ابن عصفور أنها أخبار لفظا ومعنى. قوله: "فالأول هو الواقع" أي المصدر الواقع وإن لم يكن متعديا على ما يؤخذ من الأمثلة الآتية ومن تمثيل السيوطي في الهمع بخيبة خلافا لما وقع في كلام الشاطبي وتبعه البعض. وهذا النوع الأول مقيس على الصحيح بشرط أن يكون له فعل من لفظه وأن يكون مفردا منكرا بخلاف النوع الثاني الآتي فسماعي على الصحيح إلا ما سيذكره المصنف من الواقع تفصيلا ومكررا وذا حصر ومؤكدا للجملة وذات تشبيه فقياسي وكذا من السماعي ما كان من الأول لا فعل له من لفظه كويحه وويله أو لم يكن مفردا منكرا. قوله: "والأصل اندل يا زريق" يقتضي أن زريقا اسم رجل وفي العيني أنه اسم قبيلة وعليه فالأصل اندلي أو أندلوا. ويمكن جعل صنيع الشارح على تأويل القبيلة بالجمع أو الحزب مثلا والجمع بأن الرجل أبو القبيلة وأنها سميت باسم أبيها. قوله: "وتقول إلخ" لو قال وكقولهم قياما   426- قبله: يمرون بالدهنا خفافًا عيابهم ... ويرجعن من دارين بجر الحقائب البيتان من الطويل، وهما أو أحدهما لأعشى همدان في الحماسة البصرية 2/ 262، 263؛ ولشاعر من همدان في شرح أبيات سيبويه 1/ 371، 372؛ ولأعشى همدان أو للأحوص أو لجرير في المقاصد النحوية 3/ 46؛ وهما في ملحق ديوان الأحوص ص215؛ وملحق ديوان جرير ص1021؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص293؛ وأوضح المسالك 2/ 218؛ وجمهرة اللغة ص682؛ والخصائص 1/ 120؛ وسر صناعة الإعراب ص507؛ وشرح التصريح 1/ 331؛ وشرح ابن عقيل ص289؛ والكتاب 1/ 115؛ ولسان العرب 9/ 70 "خشف"، 11/ 653 "ندل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لا قعودًا: أي قم ولا تقعد كذا أطلق الناظم وخص ابن عصفور الوجوب بالتكرار كقوله: 437- فصبرا في مجال الموت صبرا أو دعاء نحو: سقيًا ورعيًا وجدعًا وكيًا أو مقرونًا باستفهام توبيخي نحو: أتوانيا وقد جد قرناؤك. وقوله:   لا قعودا لكان أنسب. قوله: "أي قم ولا تقعد" فيه أن حذف مجزوم لا الناهية ممنوع فالأولى أن يجعل قياما منصوبا بفعل محذوف ولا قعودا معطوفا عليه أي افعل قياما لا قعودا ولا يخفى أن التخلص بهذا من المحذور السابق أقرب من تخلص أبي حيان منه بأن لا نافية للجنس وقعودا اسمها ونوّن شذوذا مع أنه يحتاج معه كما قال الدماميني إلى أن يقال إنه خبر بمعنى النهي. قوله: "بالتكرار" ليقوم التكرار مقام العامل. قوله: "أو دعاء" عطف على أمرا أي دعاء له أو عليه وقد مثل لهما. قوله: "نحو سقيا ورعيا إلخ" اعلم أن من هذه المصادر نحوها ما سمع مضافا نحو ويحك وويلك وبعدك وسحقك والنصب واجب عند الإضافة ولا يجوز الرفع لأنه حينئذٍ يكون مبتدأ لا خبر له ويجوز عند الإفراد النصب والرفع على الابتداء كذا في الهمع وأطلق في التسهيل جواز الرفع ولم يقيده بعدم الإضافة وهو الأقرب ولا نسلم إنه حينئذٍ يكون مبتدأ لا خبر له إذ لا مانع من تقديره وعبارة التسهيل مع زيادة من الدماميني وقد يرفع مبتدأ أو خبرا المفيد طلبا كقوله: صبر جميل فكلانا مبتلى أي صبر جميل أجمل أو أمرى صبر جميل وخبرا المكرر نحو سير سير والمحصور نحو ما زيد الأسير والمؤكد نفسه نحو له عليّ ألف اعتراف أي هذا اعتراف والمؤكد لغيره نحو زيد قائم حق والمفيد خبرا إنشائيا كقوله: عجب لتلك قضية وقيل لبعض العرب كيف أصبحت قال حمد الله وثناء عليه أي أمري عجب وشأني حمد الله وثناء عليه وقيل عجب مبتدأ ولتلك خبر والمفيد خبرا غير إنشائي. ا. هـ. أي نحو أفعل ذلك وكرامة أي ولك كرامة. والظاهر أن ما لتفصيل العاقبة كذلك ثم قال الدماميني وظاهر كلام سيبويه أن الرفع غير مطرد لأنه قال وقد جاء بعض هذه رفعا. ا. هـ. وفيه نظر لأن جاء في كلامه بمعنى ورد وسماع البعض لا ينافي قياس غيره عليه فالأوجه الاطراد كما يفيده كلام ابن عصفور قال في الهمع ورفع المعرف بأل أحسن من نصبه نحو الويل والخيبة لكن إدخال أل ليس مطردا في جميعها وإنما هو سماع نص عليه سيبويه فلا يقال السقي لك والرعي وقال الفراء والجرمي بقياسه. ا. هـ. وبقولهما أقول والمجرور بعد نحو سقيا ورعيا معمول لمحذوف مسوق للتبيين أي لك أعني أو لزيد أعني أو الجار والمجرور خبر   437- عجزه: فما نيل الخلود بمستطاع والبيت من الهزج، وهو لقطري بن الفجاءة في تخليص الشواهد ص298؛ وشرح التصريح 1/ 331؛ والمقاصد النحوية 3/ 51؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 220. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   438- ألؤمًا لا أبا لك واغترابا والثاني ما دل على عامله قرينة وكثر استعماله، كقولهم عند تذكر النعمة: حمدًا وشكرًا لا كفرًا، وعند تذكر الشدة: صبرًا لا جزعًا، وعند ظهور معجب: عجبًا، وعند الأمتثال: سمعًا وطاعة، وعند خطاب مرضى عنه: أفعل ذلك وكرامة ومسرة، وعند خطاب   لمحذوف تقديره إرادتي أو دعائي وعلى كل فالكلام جملتان كذا قالوا وهو متجه إذا كان المجرور مخاطبا نحو سقيا لك أما إذا لم يكن مخاطبا نحو سقيا فالمتجه عندي أن يجعل معمولا للمصدر واللام للتقوية فالكلام جملة واحدة كما نقل عن الكوفيين إذ لا يلزم حينئذٍ المحذور من اجتماع خطابين لشخصين في جملة واحدة على أن المحذور إنما يلزم في سقيا لك إن جعل سقيا نائبا عن اسق فإن جعل نائبا عن سقى على أن الخبر بمعنى الطلب فلا. قوله: "وجدعا" بالدال المهملة يستعمل في قطع الأنف وفي قطع الأذن كما في يس. قوله: "أو مقرونا باستفهام توبيخي" في كلام غيره الاكتفاء في وجوب الحذف بالتوبيخ ولو مجردا عن الاستفهام ونوقش في جعل هذا الاستفهام من أقسام الطلب بأن الاستفهام مجازي لأنه خبر في المعنى وأجيب بأنه منها بحسب الصورة أو باعتبار استلزامه الطلب. قوله: "ألؤما إلخ" بضم اللام وسكون الهمزة أي أتلؤم لؤما وتغترب اغترابا وقوله. لا أبا لك جملة قصد بها الدعاء على المخاطب وقد تقدم إشباع الكلام فيها والاغتراب البعد عن الأوطان. قوله: "والثاني" أي الواقع في الخبر بالمعنى المتقدم وذلك خمسة أقسام كما في التوضيح الأول ما أشار إليه الشارح بقوله ما دل إلخ والأربعة ستأتي في المتن. قوله: "حمدا وشكرا لا كفرا" وجوب الحذف خاص باجتماع الثلاثة لجريان هذا التركيب مجرى الأمثال فلا اتجاه للاعتراض بأنه يقال حمدت الله حمدا وشكرته شكرا مع أن الكلام بذكر الفعل يكون خبرا لا إنشاء وكلامنا عند قصد الإنشاء وعنده يكون المصدر والفعل متعاقبين إذا ذكر أحدهما ترك الآخر كذا قال الدماميني نقلا عن الشلوبين. قوله: "وما سيق إلخ" المتبادر أن ما مبتدأ ويحذف إلخ خبره فيوهم أن هذا قسيم للآتي بدلا من فعله مع أنه قسم منه فإن الآتي بدلا من فعله إما واقع في الطلب كندلا وإما واقع في الخبر وهذا الثاني إما مسموع ولم يتعرض له وإما مقيس وهو الواقع تفصيلا لعاقبة جملة تقدمت   438- صدره: أعبدًا حل في شعبي غريبًا والبيت من الوافر وهو لجرير في ديوانه ص650؛ وإصلاح المنطق ص221؛ والأغاني 8/ 21؛ وجمهرة اللغة ص1181؛ وخزانة الأدب 2/ 183؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 98؛ وشرح التصريح 1/ 331، 2/ 171، 289؛ والكتاب 1/ 339، 344؛ ولسان العرب 1/ 503 "شعب"؛ ومعجم ما استعجم ص799، 861؛ والمقاصد النحوية 3/ 49، 4/ 506؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 221؛ ورصف المباني ص52. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 وما لتفصيل كإما منا ... عامله يحذف حيث عنا كذا مكرر وذو حصر ورد ... نائب فعل لاسم عين استند   مغضوب عليه: لا أفعل ذلك ولا كيدًا ولا همًّا، ولا فعلت ذلك ورغمًا وهو أنا "وما" سيق من المصادر "لتفصيل" أي لتفصيل عاقبة ما قبله "كإما منا" من قوله تعالى: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] ، "عامله يحذف حيث عنا" أي حيث عرض، لما ذكر من أنه بدل من اللفظ بعامله، والتقدير فإما تمنون وإما تفادون "كذا مكرر وذو حصر ورد" كل منهما "نائب فعل لاسم عين استند" نحو أنت سيرًا سيرًا، وإنما أنت سيرًا، ما أنت إلا سيرًا فالتكرار عوض من اللفظ بالفعل، والحصر ينوب مناب التكرير، فلو لم يكن مكررًا ولا محصورًا جاز الإضمار والإظهار، نحو أنت سيرًا وأنت تسير سيرًا. والاحتراز باسم العين عن اسم المعنى، نحو أمرك سير سير فيجب أن يرفع على الخبرية هنا لعدم الاحتياج إلى إضمار فعل هنا، بخلافه بعد اسم العين لأنه يؤمن معه اعتقاد الخبرية؛ إذ   أو مكررا إلخ فالأولى جعل قوله وما لتفصيل إلخ عطفا على ندلا فيكون مثالا ثانيا وعليه فقوله عامله يحذف تأكيد لما استفيد من التمثيل به للآتي بدلا المتحتم حذف عامله أفاده يس عن ابن هشام. قوله: "لتفصيل عاقبة ما قبله" أي لتفصيل المرتب على مضمون ما قبله وقيد ابن الحاجب ما قبله بكونه جملة فلا يجب الحذف فيما لتفصيل عاقبة مفرد نحو لزيد سفر فإما يصح صحة أو يغتنم اغتناما. قوله: "والتقدير فأما تمنون إلخ" وفي بعض النسخ فأما تمنوا إلخ بحذف نون الرفع لغير ناصب وجازم على لغة قليلة. قوله: "كذا" أي مثل ما سيق إلخ. قوله: "فالتكرار عوض من اللفظ بالفعل" فيه أن العوض نفس المصدر لا تكراره بدليل جعلهم المكرر من إفراد المصدر الآتي بدلا من فعله كما مر إلا أن يقال لما كانت بدلية المصدر المكرر من فعله مشروطة بتكراره جعل التكرار بدلا تسمحا. قوله: "جاز الإضمار إلخ" هذا ظاهر بالنسبة إلى المصدر المبين دون المؤكد لامتناع إضمار عامله عند الناظم كما قال قبل: وحذف عامل المؤكد امتنع وبهذا يعلم ما في تمثيل الشارح إلا أن يكون جرى على رأي ابن الناظم. قوله: "والإظهار" أي إن لم يكن مستفهما عنه ولا معطوفا عليه وإلا تعين الإضمار لقيام الاستفهام أو العطف مقام التكرار نحو أأنت سيرا وأنت أكلا وشربا قاله المصرح. قوله: "والاحتراز باسم العين إلخ" الذي يتجه عندي أن هذا القيد لبيان الواقع لا للاحتراز إذ المصدر في أمرك سير سير ليس نائب فعل استند إلى اسم معنى، بل المصدر نفسه استند إلى اسم المعنى فهو خارج بقوله نائب فعل. قوله: "فيجب أن يرفع إلخ" هذا بيان مراد وإن لم يفهم من النظم إذ مفهومه أنه لا يحذف عامله وجوبا، وهذا صادق بجواز الحذف ووجوب الذكر مرفوعا إن جعل العامل المبتدأ أو منصوبا إن جعل فعلا. قوله: "بخلافه" أي المصدر بعد اسم العين فإنه يحتاج إلى إضمار فعل لعدم صحة الخبرية، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 ومنه ما يدعونه مؤكدا ... لنفسه أو غيره فالمبتدا نحو له علي ألف عرفا ... والثان كابني أنت حقا صرفا   المعنى لا يخبر به عن العين إلا مجازًا كقوله: 439- فإنما هي إقبال وإدبار أي ذات إقبال وإدبار "ومنه" أي ومن الواجب حذف عامله لنفسه، وهو الوقاع بعد جملة هي نص في معناه. وسمي بذلك لأنه بمنزلة إعادة الجملة فكأنه نفسها "نحو له علي ألف عرفا" أي اعترفا، ألا ترى أنه له علي ألف هو نفس الاعتراف "والثان" وهو المؤكد لغيره، هو الواقع بعد جملة تحتمل غيره فتصبر به نصا. وسمي بذلك لأنه أثر في الجملة فكأنه غيرها لأن المؤثر غير المؤثر فيه "كابني أنت حقا صرفًا" فحقا رفع ما احتمله أنت ابني   وقوله لأنه يؤمن معه إلخ لمحذوف أي وإنما جاز حذف العامل بعد اسم العين لأنه يؤمن إلخ قال يس ومقتضى التعليل أن مثل اسم العين اسم المعنى الذي لا يصح وقوع المصدر خبرا عنه نحو أملك سيرا سيرا وحينئذٍ ففي مفهوم قوله لاسم عين تفصيل. قوله: "إلا مجازا" مقتضى قوله أي ذات إقبال وإدبار أنه مجاز بالحذف ولا يتعين بل يجوز أن يكون مجازا مرسلا علاقته التعلق. قوله: "ومنه ما يدعونه مؤكدا" لا يشكل على قوله سابقا: وحذف عامل المؤكد امتنع لأن الامتناع عنده في غير الصور المشار إليها بقوله والحذف حتم إلخ التي منها مؤكد الجملة لقيام الجملة مقام العامل فكأنه مذكور. قوله: "هو الواقع بعد جملة" الأصح كما في التسهيل منع تقديمه كالذي بعده على الجملة ومنع التوسط بين جزءيها. قال الدماميني لأنها دليل العامل فيه فلا يفهم منها إلا بعد تمامها. قوله: "هي نص في معناه" إن أراد لا تحتمل غيره حقيقة فما بعده وهو المؤكد لغيره كذلك وإن أراد ولو مجازا فممنوع سم أي لاحتمال أن تكون للتهكم مجازا. ويجاب باختيار الشق الثاني على معنى أنها لا تحتمل غيره ولو مجازا احتمالا قريبا. قوله: "فكأنه نفسها" الأنسب بالتسمية أن يقول فكأنها نفسه لكنه راعى قوله لأنه بمنزلة إعادة الجملة ولو جمع لكان أحسن. قوله: "ألا ترى أن له عليّ ألف هو نفس الاعتراف" فيه تسمح والمراد أن التكلم بهذه العبارة نفس الاعتراف ولو قال ألا ترى أن له عليّ ألف نص في الاعتراف لكان أسلم وأوفق بما قبل. قوله: "لأنه أثر في الجملة" أي برفع احتمال الغير. قوله: "كابني أنت   439- صدره: ترتع ما رتعت حنى إذا ادكرت والبيت من البسيط، وهو للخنساء في ديوانها ص383؛ والأشباه والنظائر 1/ 198؛ وخزانة الأدب 1/ 431، 2/ 34؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 282؛ والشعر والشعراء 1/ 354، والكتاب 1/ 337؛ ولسان العرب 7/ 305 "رهط"، 11/ 538 "قبل"، 14/ 410 "سوا"؛ والمقتضب 4/ 305؛ والمنصف 1/ 197؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 387، 4/ 68؛ وشرح المفصل 1/ 115؛ والمحتسب 2/ 43. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 كذاك ذو التشبيه بعد جمله ... كلي بكا بكاء ذات عضله   من إرادة المجاز و"كذاك" مما يلزم إضمار ناصبه المصدر المشعر بالحدوث "ذو التشبيه بعد جمله" حاوية معناه، وفاعله غير صالح ما اشتملت عليه للعمل فيه "كلي بكا   حقا" الذي يظهر لي أن حقا هنا بمعنى حقيقة ليكون رافعا لاحتمال المجاز، أما إذا كان حقا بمعنى ضد الباطل فهو غير رافع لصحة الإتيان به مع إرادة المجاز كأن يريد بنوّة العلم لكن هذا إنما يتجه على ما درج عليه الشارح من أن قولنا حقا لرفع احتمال المجازي. والذي في الرضي والدماميني أنه لرفع احتمال بطلان القضية أي عدم تحققها في الواقع. قال الرضي المؤكد لغيره في الحقيقة مؤكد لنفسه وإلا فليس بمؤكد لأن معنى التوكيد تقوية الثابت بأن تكرره وإذا لم يكن الشيء ثابتا فكيف يقوّى وإذا كان ثابتا فمكرره إنما يؤكد نفسه ثم قال معنى هذا المصدر تدل عليه الجملة السابقة نصا بحيث لا احتمال فيها لغيره من حيث مدلول اللفظ وجميع الأخبار من حيث اللفظ لا تدل إلا على الصدق وأما الكذب فليس بمدلول اللفظ بل هو نقيض مدلوله وأما قولهم الخبر يحتمل الصدق والكذب فليس مرادهم أن الكذب مدلول اللفظ الخبر كالصدق بل المعنى أنه يحتمل الكذب من حيث العقل أي لا يمتنع أن لا يكون مدلول اللفظ ثابتا. قال ويقوّي ذلك أنه لا يجوز لك أن تقول زيد قائم غير حق أو هو عبد الله قولا باطلا لأن اللفظ السابق لا يدل عليه. قال وإنما قيل لمثل هذا المصدر مؤكد لغيره مع أن اللفظ السابق دال عليه نصا لأنك إنما تؤكد بمثل هذا التوكيد إذا توهم المخاطب ثبوت نقيض الجملة السابقة في نفس الأمر وغلب في ذهنه كذب مدلولها فكأنك أكدت باللفظ النص محتملا لذلك المعنى ولنقيضه فلذلك قيل مؤكد لغيره وأما المؤكد لنفسه فلا يذكر لمثل هذا الغرض فسمي مؤكدا لنفسه. ا. هـ. وقال الدماميني بعد تمثيله للمؤكد لغيره بنحو زيد قائم حقا ما نصه فالجملة المذكورة قبل دخول المصدر كانت محتملة لأن يكون مضمونها ثابتا في الواقع فيكون حقا ولأن يكون مضمونها غير ثابت في الواقع فيكون غير حق فلما جاء المصدر المؤكد صارت به نصا في الواقع وسمي مؤكدا لغيره لأن الجملة غير هذا المصدر لفظا ومعنى. ا. هـ. فعلى ما قاله المراد بالحق ضد الباطل فاعرفه، ومثل أنت ابني حقا لا أفعله ألبتة أو أفعله التبة فالبتة مصدر حذف عامله وجوبا أي أبت البتة، والتاء للوحدة والبت القطع أي أقطع بذلك القطعة الواحدة أي لا أتردد بعد الجزم ثم أجزم مرة أخرى فيحصل قطعتان أو أكثر وكأن اللام للعهد أي القطعة المعلومة مني التي لا تردد معها فقولك لا أفعله محتمل لاستمرار النفي وانقطاعه ولفظ ألبتة محقق لاستمراره. وأل في البتة لازمة الذكر وقيل يجوز حذفها، ولم يسمع فيها إلا قطع الهمزة والقياس وصلها. قاله في التصريح. قوله: "صرفا" أي خالصا نعت لحقا. قوله: "مما يلزم إلخ" بيان لوجه الشبه ويجوز رفعه بدلا مما قبله أو صفة له على تقدير مثل وهل النصب أرجح من الرفع أو هما مستويان قولان. قوله: "المشعر بالحدوث" أي التجدد أي الدال على أمر يتجدد لا على أمر راسخ ثابت. دماميني. قوله: "وفاعله" أي فاعل معنى المصدر كالياء في مثال المصنف وإرجاع الضمير إلى معنى المصدر المحدث عنه الذي هو الثاني يرد عليه أن مثال المصنف ومثالي الشارح لم تشتمل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بكاء ذات عضله" أي ممنوعة من النكاح، ولزيد ضرب ضرب الملوك، وله صوت صوت حمار، فالمنصوب في هذه الأمثلة قد استوفى الشروط السبعة، بخلاف ما في نحو لزيد يد يد أسد لعدم كونه مصدرًا، ونحو له علم علم الحكماء، لعدم الإشعار بالحدوث، ونحو له صوت صوت حسن، لعدم التشبيه، ونحو صوت زيد صوت حمار لعدم تقدم جملة، ونحو له ضرب صوت حمار لعدم احتواء الجملة قبله على معناه، ونحو عليه نوح نوح الحمام لعدم احتوائها على صاحبه، فيجب رفعه في هذه الأمثلة ونحوها. وقد ينتصب في هذا الأخير لكن على الحال وبخلاف ما في نحو أنا أبكي بكاء ذات عضلة، وزيد يضرب ضرب الملوك حيث يتعين كون نصبه بالعامل المذكور في الجملة قبله لا بمحذوف لصلاحية المذكور للعمل فيه. وإنما لم يصلح المصدر المشتملة عليه الجملة في نحو لي   الجملة فيها على فاعل معنى المصدر الثاني لأن فاعل البكاء الثاني والضرب الثاني والصوت الثاني ذات العضلة والملوك والحمار، ولم تشتمل الجملة على شيء من الثلاثة. ويجاب بأن معنى بكاء ذات عضلة بكاء مثل بكاء ذات عضلة وفاعل هذا البكاء المثل قد اشتملت عليه الجملة وكذا يقال في مثالي الشارح أفاده سم. قوله: "كلي بكاء بكاء ذات عضلة" قصر بكاء الأول للضرورة فلا يقال إن البكا بالقصر إسالة الدموع وبالمد رفع الصوت فلم تشتمل الجملة على معنى المصدر وينبغي أن يكون قوله كلي إلخ صفة لجملة أي بعد جملة في هذا الكلام ليكون إشارة إلى بقية الشروط أفاده يس عن الشاطبي. قوله: "وله صوت صوت حمار" هو مصدر صات يصوت إذا صاح فهو بمعنى التصويت لا اسم مصدر نائب مناب المصدر كما زعمه البعض. قوله: "لعدم الإشعار بالحدوث" لأنه من قبيل الملكات. قال في الهمع لم ينصب ذكاء الحكماء في له ذكاء ذكاء الحكماء لأن نصب صوت وشبهه إنما كان لسكون ما قبله بمنزلة يفعل مسندا إلى فاعل التقدير في له صوت هو يصوت فاستقام نصب ما بعده لاستقامة تقدير الفعل في موضعه وذلك لا يمكن في له ذكاء فلم يستقم النصب. قوله: "لعدم احتوائها على صاحبه" أي لأن ضمير عليه للمنوح عليه لا للنائح فلم يكن في الجملة فاعل معنى المصدر بخلاف مثال المصنف فالفرق بينهما في غاية الظهور فدعوى البعض أن هذا المثال كمثال المصنف وأن الفرق بينهما تحكم في غاية العجب. قوله: "فيجب رفعه في هذه الأمثلة ونحوها" الذي يتجه له صحة النصب في نحو لزيد يد يد أسد أو علم علم الحكماء أو ضرب صوت حمار على الحال من الضمير المستتر في الخبر بتقدير مضاف أي مثل يد أسد إلخ أو على المفعولية لفعل محذوف أي تماثل يد أسد إلخ فتأمل. قوله: "لكن على الحال" أي بتقدير مثل فلا يرد أن نوح الحمام معرفة فلا يكون حالا وهو حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور في النكت والدماميني جواز نصبه على المصدرية على ضعف. قوله: "حيث يتعين" حيثية تعليل. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بكا، ولزيد ضرب العمل؛ لأن شرط إعمال المصدر أن يكون بدلًا من الفعل أو مقدرًا بالحرف المصدري والفعل، وهذا ليس واحدًا منهما. تنبيه: مثل له صوت صوت حمار قوله: 440- ما إن يمس الأرض إلا منكب ... منه وحرف الساق طي المحمل   "لأن شرط إلخ" ذهب الناظم في تسهيله إلى أنه لا يشترط ذلك في عمله بل هو غالب فقط فعليه يصح أن يكون النصب بالمصدر المذكور في الجملة، بل قال الدماميني بعد ذكره إن كون المصدر المذكور منصوبا بالفعل المقدر مذهب الأكثر ما نصه: قال الرضي: وظاهر كلام سيبويه أن المنصوب أي في له صوت صوت حمار منصوب بصوت لا بفعل مقدر قال، وإنما انتصب لأنك مررت به في حال تصويت ومعالجة. ا. هـ. ومنه يؤخذ ما مر أن المراد بالصوت التصويت أي إحداث ما يسمع إخراجه لا نفس ما يسمع وإن زعمه المرادي في شرح التسهيل وجعله الداعي للجمهور إلى تقدير الناصب وعدم جعله منصوبا بصوت لأنه بمعنى ما يسمع ليس مقدرا بالحرف المصدري والفعل ولا بدلا من فعله بخلافه بمعنى التصويت فقد رده الدماميني. قال البعض وإنما لم يكن مقدرا بالحرف المصدري لوقوعه مبتدأ والأصل فيه الاسم الصريح ولذلك يؤول الحرف المصدري والفعل به. ا. هـ. وفيه نظر لاقتضائه منع عمل كل مصدر وقع مبتدأ وهو ممنوع ومفاد ما مر عن المرادي في شرح التسهيل في له صوت صوت حمار أنه يقدر بالحرف المصدري والفعل. قوله: "ما أن يمس إلخ" ما نافية وإن زائدة وحرف الساق معطوف على منكب. والمحمل بكسر الميم الأولى وفتح الثانية علاقة السيف. والمعنى أن هذا الفرس مدمج الخلق كطي المحمل متجاف كتجافي المحمل وأنه بلغ في الضمور إلى أن لا يصل بطنه إلى الأرض إذا اضطجع وإنما يمس الأرض منكبه وحرف ساقه. والكلام مسوق للمدح فطي منصوب بمحذوف وجوبا على حد له صوت صوت حمار لكون الجملة بمنزلة له على كذا في التصريح وغيره. قوله: "تذر" أي السيوف. والجماجم جمع جمجمة بضم الجيمين عظم الرأي المشتمل على الدماغ وتطلق على الإنسان بتمامه مجازا وهو أليق بقوله هاماتها إذ هي جمع هامة وهي الرأس وضاحيا من ضحا يضحو إذا برز عن محله بله الأكف مصدر بمعنى ترك لفعل مهمل أقيم هو مقامه مضافا إلى المفعول على أحد الأوجه الآتية في بله، كأنها لم تخلق متعلق بضاحيا والضمير للهامات.   440- البيت من الكامل، وهو لأبي كبير الهذلي في خزانة الأدب 8/ 194؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 324؛ وشرح أشعار الهذليين 3/1073؛ وشرح التصريح 1/ 334؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص90؛ وشرح شواهد الإيضاح ص147؛ وشرح شواهد المغني 1/ 227؛ والشعر والشعراء 2/ 676؛ والكتاب 1/ 359؛ والمقاصد النحوية 3/ 54؛ وللهذلي في الخصائص 2/ 309؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 246؛ والإنصاف 1/ 230؛ وأوضح المسالك 2/ 224؛ والمقتضب 3/ 203، 232. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لأن ما قبله بمنزلة له طي قاله سيبويه: خاتمة: المصدر الآتي بدلًا من اللفظ بفعله على ضربين: الأول ما له فعل وهو ما مر والثاني ما لا فعل له اصلًا كبله إذا استعمل مضافًا كقوله: 441- تذر الجماجم ضاحيًا هاماتها ... بله الأكف كأنها لم تخلق في رواية خفض الأكف، فبله حينئذ منصوب نصب ضرب الرقاب. والعامل فيه فعل من معناه وهو اترك؛ لأن بله الشيء بمعنى ترك الشيء فهو على حد النصب في نحو شنأته بغضًا، وأحببته مقة. ويجوز أن ينصب ما بعد بله فيكون اسم فعل بمعنى اترك وهي إحدى الروايتين في البيت، وسيأتي في بابه. ومثل بله المضاف ويله، وويحه، وويسه، ووييه، وهي كنايات عن الويل، وويل كلمة تقال عند الشتم والتوبيخ، ثم كثرت حتى صارت كالتعجب يقولها الإنسان لمن يحب ولمن يبغض، ونصبها بتقدير ألزمه الله، وهو قليل، ولذلك لم يتعرض له هنا.   والمعنى أن هذه السيوف تترك القوم بارزة رؤوسهم عن محالها منفصلة كأنها لم تخلق على الأبدان فتركا لذكر الأكف لأنها سهلة القطع بالنسبة إلى الرؤوس. قوله: "فيكون اسم فعل إلخ" وعلى هذا ففتحته بنائية. وبقيت رواية ثالثة وهو رفع ما بعدها على الابتداء خبره بله بمعنى كيف لأنها تستعمل اسم استفهام بمعنى كيف وفتحته على هذا أيضا بنائية. والمعنى عليه كيف الأكف لا تترك ضاحية عن الأيدي مع أنها أسهل من الرؤوس فعلى هذا بله في البيت للاستفهام التعجبي. قوله: "ومثل بله إلخ" أي في وجوب حذف الناصب وكون ناصبه ليس من لفظه لا في النصب على المفعولية المطلقة لما سيذكره الشارح من أن تقدير عاملها ألزمه الله فتكون مفعولا به وفي كلام غيره أن نصبها بالمفعولية المطلقة وأن تقدير العامل احزن. قوله: "وهي كنايات عن الويل" أي عند بعض اللغويين وذكر الجوهري أن ويح كلمة رحمة وويل كلمة عذاب. وذكر شيخنا أن ويس كويح وويب كويل ومراد الشارح أنها كنايات عن الويل بالنظر لأصل الوضع فلا ينافي ما سيذكره الشارح من أنها صارت كالتعجب يقولها الإنسان لمن يحب ولمن يبغض. قوله: "تقال عند الشتم والتوبيخ" أي عند إرادتهما. قوله: "وهو قليل" أي هذا النوع الذي لا فعل له من لفظه.   441- البيت من الكامل، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص245 ص245؛ وخزانة الأدب 6/ 211، 214، 217، والدرر اللوامع 3/ 187؛ وشرح شواهد المغني ص353؛ ولسان العرب 3/ 478 "بله"؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 217؛ وتذكرة النحاة ص500؛ والجني الداني ص425؛ وخزانة الأدب 6/ 232؛ وشرح التصريح 2/ 199؛ وشرح شذور الذهب ص513؛ وشرح المفصل 4/ 48؛ ومغني اللبيب ص115؛ وهمع الهوامع 1/ 236. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 المفعول له : ينصب مفعولا له المصدر إن ... أبان تعليلًا كحد شكرًا ودن وهو بما يعمل فيه متجذ ... وقتًا وفاعلًا وإن شرط فقد   المفعول له: ويسمى المفعول لأجله ومن أجله. وقدمه على المفعول فيه لأنه أدخل منه في المفعولية، وأقرب إلى المفعول المطلق بكونه مصدرًا. كما أشار إلى ذلك بقوله "ينصب مفعولا له المصدر" أي القلبي "إن أبان تغليلًا" أي أفهم كونه علة للحدث ويشترط كونه من غير لفظ الفعل "كجد شكرًا" أي لأجل الشكر فلو كان من لفظ كحيل محيلًا كان انتصابه على المصدرية "ودن" طاعة "وهو" أي المفعول له "بما يعمل فيه متحد وقتًا   المفعول له: أل فيه موصولة بدليل عود الضمير إليها، ومانع موصولية أل يرجع الضمير إلى الموصوف المحذوف. قال المرادي في شرح التسهيل ولا يجوز تعدده منصوبا أو مجرورا إلا بإبدال أو عطف. قال في الهمع ولذا امتنع في قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: 231] ، تعلق الجار بالفعل إن جعل ضرارا مفعولا له وإنما يتعلق به إن جعل حالا. قوله: "لأنه أدخل منه إلخ" أي لكونه مفعول الفاعل حقيقة كما أسلفناه. فقوله وأقرب إلخ عطف علة على معلول ومن قدم المفعول فيه علله بأن احتياج الفعل إلى الزمان والمكان أشد من احتياجه إلى العلة. قوله: "وأقرب إلى المفعول المطلق" بل قال الزجاج والكوفيون إنه مفعول مطلق تصريح. قوله: "كما أشار إلى ذلك" أي إلى أقربيته بكونه مصدرا. قوله: "ينصب مفعولا له المصدر" أي بالفعل قبله على تقدير حرف العلة عند جمهور البصريين فعليه هو من المفعول به المنصوب بعد نزع الخافض. وقال الزجاج ناصبه فعل مقدر من لفظه والتقدير جئتك أكرمك إكراما وعليه فهو مفعول مطلق. وقال الكوفيون ناصبه الفعل المقدم عليه لأنه ملاق له في المعنى مثل قعدت جلوسا وعليه أيضا فهو مفعول مطلق، ولذا قال في التصريح: قال الزجاج والكوفيون إنه أي المفعول له مفعول مطلق. ا. هـ. قوله: "إن أبان تعليلا" ظاهر كلامه وكلام الشارح حيث قال فيما يأتي أي يشترط لنصب المفعول له إلخ أن هذه الشروط شروط لنصبه وأنه عند جره يسمى مفعولا له والجمهور على أنه حينئذٍ مفعول به وعليه فهذه الشروط لتحقق ماهية المفعول له ومعنى قوله أبان تعليلا أظهر علة الشيء أي الباعث على الفعل سواء كان غرضا نحو جئتك جبرا لخاطرك أو لا كقعدت عن الحرب جبنا. قوله: "ويشترط كونه من غير لفظ الفعل" أي وغير معناه ويغني عن هذا الشرط قول المصنف إن أبان تعليلا. قوله: "أي لأجل الشكر" أي لأجل أن تكون شاكرا سم. قوله: "كحيل محيلا" بفتح الميم وكسر الحاء وسكون الياء مصدر ميمي. قوله: "طاعة" أشار به إلى أن دن مثال ثان بمعنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وفاعلا" الجملة حالية. ووقتًا وفاعلًا نصب بنزع الخافض: أي يشترط لنصب المفعول له مع كونه مصدرًا قلبيًّا سيق للتعليل أن يتحد مع عامله في الوقت وفي الفاعل. فالشروط حينئذ خمسة: كونه مصدرًا فلا يجوز جئتك السمن والعسل. قاله الجمهور. وأجاز يونس أما العبيد فذو عبيد بمعنى مهما يذكر شخص لأجل العبيد فالمذكور ذو عبيد. وأنكره سيبويه. وكونه قلبيًّا: فلا يجوز جئتك قراءة للعمل، ولا قتلًا للكافر. وأجاز الفارسي جئتك ضرب زيد: أي لتضرب زيدًا. وكونه علة: فلا يجوز أحسنت إليك إحسانًا إليك لأن   أخضع حذف مفعوله، قال البعض لدلالة الأول عليه وفيه نظر ظاهر ولو جعل الشارح مفعوله المحذوف شكرا آخر لكان الحذف لدليل ثم كلام الشارح يقتضي أن المفعول له يجوز حذفه وهو ظاهر إذا دل عليه دليل. قوله: "بما يعمل" الباء بمعنى مع متعلقة بمتحد خالد. قوله: "نصب بنزع الخافض" كذا في بعض النسخ وفيه أن النصب به سماعي على الراجح وفي بعض النسخ نصب على التمييز أي المحول عن الفاعل وهي أولى. قوله: "أن يتحد مع عامله في الوقت" بأن يقع حدث الفعل في بعض زمان المصدر كجئتك طمعا أو يكون أول زمان الحدث آخر زمان المصدر كحبستك خوفا من فرارك أو بالعكس كجئتك اصلاحا لحالك قاله الرضي. قوله: "فالشروط حينئذٍ خمسة" بل ستة. سادسها ما ذكره الشارح سابقا بقوله ويشترط كونه من غير لفظ الفعل. قوله: "وأجاز يونس أما العبيد فذو عبيد" كان المناسب أن يقول وأجاز يونس كونه غير مصدر تمسكا بقولهم: أما العبيد فذو عبيد لأن هذا المثال ليس من عنديات يونس بل من كلام العرب. وقد يقال مراده وأجاز يونس كون أما العبيد إلخ من المفعول لأجله القياسي وجعله بعض النحاة مفعولا به لمحذوف أي مهما تذكر العبيد ولم يلتزم هذا البعض كيونس تقدير أما بمهما يكن من شيء بل قدره في كل مكان بما يليق به. وجعله الزجاج مفعولا له بتقدير مضاف أي مهما تذكره لأجل تملك العبيد. قوله: "وأنكره سيبويه" أي أنكر القياس عليه قائلا إن رواية النصب خبيثة رديئة فلا يجوز التخريج عليها. قوله: "وكونه قلبيا" قال في التصريح لأن العلة هي الحاملة على إيجاد الفعل والحامل على الشيء متقدم عليه وأفعال الجوارح ليست كذلك. ا. هـ. وعزا هذا الشرط السيوطي في الهمع إلى بعض المتأخرين وعزاه الرضي إلى بعضهم معللا بما مر، ثم رده فقال: إن أراد وجوب تقدم الحامل وجودا فممنوع وإن أراد وجوب تقدمه إما وجودا أو تصوّرا فمسلم ولا ينفعه وينتقض ما قاله بجواز جئتك إصلاحا لأمرك وضربته تأديبا اتفاقا، فإن قال هو بتقدير مضاف أي إرادة إصلاح وإرادة تأديب قلنا فجوّز أيضا جئتك إكرامك لي وجئتك اليوم إكراما لك غدا بل جوّز سمنا ولبنا فظهر أن المفعول له هو الظاهر لا مضاف مقدر وأن المفعول له على ضربين ما يتقدم وجوده على مضمون عامله نحو قعدت جبنا فيكون من أفعال القلوب وما يتقدم على الفعل تصوّرا أي يكون غرضا ولا يلزم كونه فعل القلب نحو ضربته تقويما وجئته إصلاحا. ا. هـ. قوله: "وأجاز الفارسي جئتك ضرب زيد" أي مع أن المصدر ليس قلبيا ولعله لا يقول باشتراط اتحاده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 فاجرره بالحرف وليس يمتنع ... مع الشروط كلزهد ذا قنع   الشيء لا يعلل بنفسه. وكونه متحدًا مع المعلل به في الوقت. فلا يجوز جئتك أمس طمعًا غدًا في معروفك، ولا يشترط تعيين الوقت في اللفظ بل يكفي عدم ظهور المنافاة، وفي الفاعل فلا يجوز جئتك إياي خلافًا لابن خروف. تنبيه: قد يكون الاتحاد في الفاعل تقديريا كقوله تعالى: {يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الرعد: 12] ؛ لأن معنى يريكم يجعلكم ترون. ا. هـ. "وإن شرط" من الشروط المذكورة ما عدا قصد التعليل "فقد فاجرروه بالحرف" الدال على التعليل وهو اللام أو ما يقوم مقامها، وفي بعض النسخ باللام أي أو ما يقوم مقامها، ففقد الأول كونه مصدرًا   مع العامل فاعلا أيضا حتى يجيز هذا المثال لعدم هذا الشرط أيضا فيه وربما يفهم ذلك قول الهمع شرط الأعلم والمتأخرون مشاركته لفعله في الوقت والفاعل نحو ضربت ابني تأديبا ثم قال ولم يشترط ذلك سيبويه ولا أحد من المتقدمين فجوزوا اختلافهما في الوقت واختلافهما في الفاعل. ا. هـ. وتقدم عن الرضي رد اشتراط كونه قلبيا. بقي أن التأديب هو الضرب كما صرح به الرضي فلا يصح أن يكون علة للضرب لأن الشيء لا يكون علة لنفسه لا يقال يندفع هذا بتقدير إرادة لأنا نقول يصير المعنى حينئذٍ أدبت ابني لإرادة التأديب أو ضربته لإرادة الضرب وفيه ركاكة لا تخفى لأن الباعث على الشيء ليس مجرد إرادته. والحاسم عندي لمادة الاعتراض مع قرب المسافة أن يحمل التأديب على التأدب الذي هو أثر التأديب بناء على عدم اشتراط الاتحاد وقتا وفاعلا أو على إرادة التأديب الذي هو هذا الأثر بناء على الاشتراط فاحفظه. قوله: "وكونه علة" أي كونه مفهما العلة وما قيل من أن العلية محل الشروط فكيف تكون شرطا ممنوع كما ذكره يس بل محل الشروط ماهية المفعول له أو نصبه على ما مر. قوله: "خلافا لابن خروف" فإنه لم يشترط الاتحاد في الفاعل تمسكا بقوله تعالى: {يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الرعد: 12] ، وسيذكر الشارح جوابه وجوّز ابن الضائع -بمعجمة ثم مهملة- تعدد الوقت بل قدمنا عن الهمع أن سيبويه والمتقدمين لم يشترطوا الاتحاد وقتا ولا الاتحاد فاعلا. قوله: "تقديريا" أي باعتبار التقدير والمعنى. قوله: "يجعلكم ترون" أي ففاعل الرؤية التي تضمنها يريكم وفاعل الطمع والخوف واحد وهو المخاطبون وفيه أن هذا خلاف الظاهر وأن العامل الذي تتعلق به الأحكام النحوية هو يريكم لا ترون وأنه لا يظهر كون الخوف والطمع علة للرؤية لأنهم لا يرون لأجل الخوف والطمع بل يريهم الله لأجل أن يخافوا ويطمعوا فاستدلال ابن خروف قوي جلي فإن كان ولا بد من التأويل فالأقرب أن يؤول الخوف والطمع بالإخافة والإطماع أو يجعلا حالين من المخاطبين على إضمار ذوي أو على التأويل باسمي فاعل. قوله: "ما عدا قصد التعليل" أي ما عدا كونه علة فأطلق السبب وأراد المسبب فلا يقال قصد التعليل ليس أحد الشروط المارة وإنما استثناه لأنه عند فقد التعليل لا يصلح للجر بحرف التعليل أيضا إذ لا تعليل. قوله: "أو ما يقوم مقامها" هو الباء وفي ومن. زاد الشاطبي الكاف نحو: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 وقل أن يصحبها المجرد ... والعكس في مصحوب أل وأنشدوا   نحو: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} [الرحمن: 10] . والثاني وهو كونه قلبيا نحو: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} [الأنعام: 151] ، بخلاف خشية إملاق. والثالث هو الاتحاد في الوقت نحو قوله: 442- فجئت وقد نضت لنوم ثيابها والرابع وهو الاتحاد في الفاعل نحو: 443- وإني لتعروني لذكراك هزة وقد انتفى الاتحادان في: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] ، "وليس يمتنع" جره باللام أو ما يقوم مقامها "مع" وجود "الشروط" المذكورة "كلزهد ذا قنع. وقل   هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] ، وفي شرح اللمحة لابن هشام أن حروف السبب سبعة هذه الخمسة وحتى نحو أسلم حتى تدخل الجنة وكي نحو جئتك كي تكرمني وأن الكاف وحتى وكي لا تدخل على المفعول له لأنها لا تكون للتعليل إلا مع الفعل المقرون بالحرف المصدري. ا. هـ. وينبغي زيادة على نحو: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 285، الحج: 37] . قوله: "وفي بعض النسخ باللام" واقتصر عليها لأنها الأصل. قوله: "وقد نضت" بتخفيف الضاد أي خلعت. قوله: "في نحو أقم الصلاة لدلوك الشمس" ففاعل الإقامة المخاطب وفاعل الدلوك أي الميل عن وسط السماء الشمس وزمنهما مختلف فزمن الإقامة متأخر عن زمن الدلوك وفيه مانع آخر وهو كون المصدر ليس قلبيا وفي المغني أن اللام في لدلوك بمعنى بعد وعليه فلا تعليل أيضا فلا تكون اللام لام التعليل. قوله: "كلزهد ذا قنع" فيه تقديم معمول الخبر الفعلي وهو جائز   442- عجزه: لدى الستر إلا لبسة المتفضل والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص14؛ والدرر 3/ 78؛ وشرح شذور الذهب ص297؛ وشرح عمدة الحافظ ص453؛ ولسان العرب 15/ 329 "نضا"؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 226؛ والدرر 4/ 18؛ ورصف المباني ص223؛ وشرح قطر الندى ص227؛ والمقرب 1/ 161؛ وهمع الهوامع 1/ 194، 247. 443- عجزه: كما انتفض العصفور بلله القطر والبيت من الطويل، وهو لأبي صخر الهذلي في الأغاني 5/ 169، 170؛ والإنصاف 1/ 253؛ وخزانة الأدب 3/ 254، 255، 257، 260؛ والدرر 3/ 79؛ وشرح الهذليين 2/ 957؛ وشرح التصريح 1/ 326؛ ولسان العرب 2/ 155 "رمث"؛ والمقاصد النحوية 3/ 67؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 29؛ وأمالي ابن الحاجب 2/ 646؛ 648؛ وأوضح المسالك 2/ 227؛ وشرح شذور الذهب ص298؛ وشرح ابن عقيل ص361؛ وشرح قطر الندى ص228؛ وشرح المفصل 2/ 67؛ والمقرب 1/ 162؛ وهمع الهوامع 1/ 194. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 "لا أقعد الجبن عن الهيجاء ... ولو توالت زمر الأعداء"   أن يصحبها" أي اللام "المجرد" من أل والإضافة كهذا المثال، حتى قال الجوزلي أنه ممنوع، والحقي جوازه، ومنه قوله: 444- من أمكم لرغبة فيكم جبر "والعكس في مصحوب أل" وهو أن جره باللام كثير ونصبه قليل "وأنشدوا" شاهدًا لجوازه قول الراجز: 445- "لا أقعد الجبن عن الهيجاء ... ولو توالت زمر الأعداء" تنبيهات: الأول أفهم كلامه أن المضاف يجوز فيه الأمران على السواء نحو: جئتك ابتغاء الخير، ولابتغاء الخير. الثاني أفهم أيضًا جواز تقديم المفعول له على عامله منصوبًا   عند الجمهور كما مر. قوله: "أي اللام" فيه أن النسخة التي شرح عليها بالحرف وحينئذٍ فكان المناسب أن يقول أي الحرف وتأنيث الضمير حينئذٍ باعتبار الكلمة. قوله: "أفهم كلامه أن المضاف إلخ" وجهه أنه لم يذكر فيه قلة ولا كثرة كما فعل في قسيميه، فدل على استواء الأمرين فيه. قوله: "منصوبا كان أو مجرورا" أما إفهامه جواز تقديم المجرور فظاهر، وأما إفهامه جواز تقديم المنصوب فلعله بطريق المقايسة. المفعول فيه وهو المسمى ظرفا: أي عند البصريين، واعترضهم الكوفيون بأن الظرف الوعاء المتناهي الأقطار، وليس اسم الزمان والمكان كذلك أفاده المصرح. وأجيب بأنهم تجوزوا في ذلك واصطلحوا عليه ولا مشاحة في الاصطلاح. قال المصرح وسماه الفراء محلا، والكسائي وأصحابه صفة. ا. هـ. ولعله باعتبار الكينونة فيه. قوله: "بكونه" أي المفعول المطلق أي معناه مستلزما له أي الظرف أي معناه في الواقع أي في نفس الأمر وإن لم يستلزم نفس المفعول المطلق نفس الظرف في الاصطلاح. قوله: "لا بواسطة حرف ملفوظ" أي ولا مقدر بل بواسطة نزع الخافض، والتقييد بالملفوظ ليفهم من مقابلته بالمفعول معه أن الفعل يتعدى إلى المفعول معه بواسطة حرف ملفوظ. إذ لو أسقط القيد لصدق قوله بخلافه بأن الفعل يتعدى إلى المفعول معه بواسطة حرف ملفوظ. قوله: "بخلافه" فإنه يصل إليه العامل بواسطة الواو. قوله: "وقت" أي ولو متخيلا كما في أمس قبل اليوم فإن التقدير أمس في الزمان قبل اليوم. ومعلوم أن الزمان ليس في زمان فكون أمس في زمان مجرد تخيل، وكما في الله قبل العالم،   444- عجزه: ومن تكونوا ناصريه ينتصر والرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 229؛ وشرح التصريح 1/ 336؛ وشرح عمدة الحافظ ص399؛ والمقاصد النحوية 3/ 70. 445- الرجز بلا نسبة في الدرر 3/ 79؛ وشرح التصريح 1/ 336؛ وشرح ابن عقيل ص294؛ وشرح عمدة الحافظ ص398؛ والمقاصد النحوية 3/ 67؛ وهمع الهوامع 1/ 195. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 المفعول فيه وهو المسمى ظرفًا: الظرف وقت أو مكان ضمنا ... في باطراد كهنا امكث أزمنا   كان أو مجرورًا كزهدًا ذا قنع ولزهد ذا قنع. خاتمة: إذا دخلت أل على المفعول له أو أضيف إلى معرفة تعرف بأل أو بالإضافة خلافا للرياشي والجرمي والمبرد في قولهم إنه لا يكون إلا نكرة، وإن أل فيه زائدة وإضافته غير محضة. المفعول فيه وهو المسمى ظرفًا: وتقديمه على المفعول معه لقربه من المفعول المطلق بكونه مستلزمًا له في الواقع؛ إذ لا يخلو الحدث عن زمان ومكان، ولأن العامل يصل إليه بنفسه لا بواسطة حرف ملفوظ بخلافه "الظرف" لغة الوعاء واصطلاحًا "وقت أو مكان" أي اسم وقت أو اسم مكان "ضمنا" معنى "في" دون لفظها "بإطراد كهنا امكث أزمنًا" فهنا اسم مكان، وأزمنا اسم زمان، وهما مضمنان معنى في لأنهما مذكوران للواقع فيهما وهو المكث. والاحتراز بقيد ضمنًا في من نحو: {يَخَافُونَ يَوْمًا} [النور: 37] ونحو: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}   فإن من العالم الزمان فوجود الله تعالى في زمان قبل العالم الذي منه الزمان مجرد تخيل فتأمل. قوله: "أي اسم وقت أو اسم مكان" قدر ذلك لأن المفعول فيه من صفات الألفاظ والمراد لفظ يدل على أحدهما ولو بالتأويل فيدخل ما عرضت دلالته على أحدهما أو جرى مجراه. فالأول نحو سرت عشرين يوما ثلاثين فرسخا. والثاني نحو أحقا أنك ذاهب كما في التوضيح. ودخل في التعريف ما استعمل تارة زمانا وتارة مكانا نحو أي وكل فإنهما بحسب ما يضافان إليه لأن المعنى أن الظرف لا يخرج عنهما لا أنه إما للزمان دائما وإما للمكان دائما قاله يس. وخرج ما ضمن معنى في باطراد وليس واحدا منهما نحو: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] ، أي في أن تنكحوهن على أحد التقديرين فإن النكاح ليس اسم زمان ولا مكان أفاده الشيخ خالد. قال البهوتي وأقره الإسقاطي وشيخنا والبعض. وقد يقال حيث ضمن هذا معنى في باطراد ينبغي أن يجعل ظرفا لأنه مكان اعتباري وأنا أقول: معنى كونه باطراد كما قاله شيخنا والبعض وغيرهما وسيأتي: أن يتعدى إليه سائر الأفعال والاطراد في نحو: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] ، ليس بهذا المعنى وحينئذٍ يكون خارجا بقيد الاطراد بمعناه المذكور فلا يتم كلام الشيخ خالد ولا كلام البهوتي. فتدبر. قوله: "ضمنا معنى في" هو الظرفية ومعنى تضمنه معناها إشارته إليه لكونه في قوة تقديرها وإن لم يصح التصريح بها في الظروف التي لا تتصرف كعند. قوله: "باطراد" بأن يتعدى إليه سائر الأفعال وأورد عليه أنه مخرج لأسماء المقادير فإنها إنما ينصبها أفعال السير، وما صيغ من الفعل فإنه إنما ينصبه ما اجتمع معه في مادته كما يأتي. وأجيب بأنهما مستثنيان من شرط الاطراد بدليل ما سيأتي. قوله: "لأنهما مذكوران للواقع" أي حالة كونهما ظرفين للواقع فيهما. قوله: "من نحو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [الأنعام: 124] ، فإنهما ليسا على معنى في، فانتصابهما على المفعول به وناصب حيث يعلم محذوفًا لأن اسم التفضيل لا ينصب المفعول به إجماعًا، وبمعنى في دون لفظها من نحو سرت في يوم الجمعة، وجلست في مكانك فإنه لا يسمى ظرفًا في الاصطلاح على الأرجح، وباطراد إذ من نحو دخلت البيت وسكنت الدار مما انتصب بالواقع فيه، هو اسم مكان مختص فإنه غير ظرف إذ لا يطرد نصبه مع سائر الأفعال، فلا يقال نمت البيت ولا قرأت الدار، فانتصابه على المفعول به بعد التوسع بإسقاط الخافض، هذا مذهب الفارسي والناظم، ونسبه لسيبويه، وقيل: منصوب على المفعول به حقيقة، وأن نحو دخل متعد بنفسه وهو مذهب الأخفش وقيل: على الظرفية تشبيهًا له بالمبهم، ونسبه الشلوبين   يخافون يوما" إذ المراد أنهم يخافون نفس اليوم لا أن الخوف واقع فيه. قوله: "ونحو الله أعلم إلخ" إذ المراد أنه تعالى يعلم المكان المستحق لوضع الرسالة فيه لا أن العلم واقع فيه. قوله: "فانتصابهما على المفعول به" أورد عليه أن في جعل حيث مفعولا به ضربا من التصرف. وفي التسهيل أن تصرفها نادر وحينئذٍ فلا ينبغي حمل التنزيل عليه، ولذا قال الدماميني: لو قيل إن المعنى يعلم الفضل الذي هو في محل الرسالة لم يبعد ولم يكن فيه إخراج حيث عن الظرفية. قوله: "وناصب حيث" أي محلا. قوله: "لا ينصب المفعول به" لا يقال ما لا يعمل لا يفسر عاملا لأنا نقول ذاك خاص بباب الاشتغال كما مر. قوله: "إجماعا" نوقش بوجود القول بعمل اسم التفضيل في المفعول به. فقد قال المصرح قال الموضح في الحواشي. قال محمد بن مسعود في كتابه البديع: غلط من قال إن اسم التفضيل لا يعمل في المفعول به لورود السماع بذلك كقوله تعالى: {هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} [الإسراء: 84] ، وليس تمييزا لأنه ليس فاعلا كما هو في زيد أحسن وجها، وقول العباس بن مرداس: واضرب منا بالسيوف القوانسا ا. هـ. وقال أبو حيان في الارتشاف: قال الدماميني بن مسعود أفعل التفضيل ينصب المفعول به قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} [النجم: 30] . ا. هـ. وأجيب بأنه لم يلتفت إليه لشدة ضعفه وفيه نظر. قوله: "من نحو سرت في يوم الجمعة" فإن هذا التركيب مضمن لفظ في بمعنى أنه مشتمل على لفظها ومصرح بلفظها فيه هذا هو المتبادر من تضمن لفظها وعليه جرى الشارح الأشموني فردّ على ابن الناظم كما سيأتي إيضاحه. قوله: "فلا يقال نمت البيت" قال ابن قاسم كما لا يقال ذلك لا يقال نمت فرسخا ولا قرأت مكانا فما الفرق. ا. هـ. ويظهر لي في الفرق أن الأفعال الداخلة على نحو الفرسخ والمكان كثيرة فنزل كثرتها منزلة الاطراد بخلاف الأفعال الداخلة على نحو البيت والمسجد فإنها قليلة دخل وسكن ونزل كما قاله الرضي. قوله: "بعد التوسع إلخ" أي فهو مفعول به مجازا كما في تمرون الديار. قوله: "وإن نحو دخل متعدّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 فانصبه بالواقع فيه مظهرا ... كان وإلا فانوه مقدرا   إلى الجمهور وعلى هذين لا يحتاج إلى قيد باطراد، وعلى الأول يحتاج إليه خلافًا للشارح. تنبيهان: الأول تضمن الاسم معنى الحرف على نوعين: الأول يقتضي البناء وهو أن يخلف الاسم الحرف على معناه ويطرح غير منظور إليه كما سبق في تضمن متى معنى الهمزة وإن الشرطية، والثاني لا يقتضي البناء هو أن يكون الحرف منظورًا إليه لكون الأصل في الوضع ظهوره، وهذا الباب من هذا الثاني. الثاني الألف في ضمنا يجوز أن تكون للإطلاق وأن تكون ضمير التثنية، بناء على أن أو على بابها وهو الأظهر، أو بمعنى الواو وهو الأحسن لأن كل واحد منهما ظرف لا أحدهما. ا. هـ. "فانصبه بالواقع فيه" من   بنفسه" أي يتعدى بنفسه من غير توسع بإسقاط الجار لأنه يتعدى كذلك مرة وبالحرف أخرى وكثرة الأمرين فيه تدل على أصالتهما. قوله: "وعلى هذين لا يحتاج إلى قيد باطراد" بل لا يصح على رأي الشلوبين لأنه داخل في الظرف حقيقة غاية الأمر أنه من المبهم تنزيلا وإنما لم يحتج إليه على رأي الأخفش لخروج نحو دخلت البيت بقولنا ضمن معنى في. قوله: "وعلى الأول" أي كونه مفعولا به بعد التوسع يحتاج إليه لأنه مع كونه غير ظرف مضمن معنى في بمعنى أنه مشير إلى معنى في لكونه في قوة تقديرها كما مر خلافا للشارح ابن الناظم في دعواه عدم الاحتياج إليه على الأول أيضا لخروجه بقوله ضمنا معنى في لأنه عليه مضمن لفظ في بناء منه على أن المراد بالتضمن اللفظي ما هو أعم من أن يكون لفظها في التركيب أو ملاحظا فيه بأن كان موجودا ثم حذف، وقد علمت أن المتبادر من التضمن اللفظي كون التركيب مشتملا على لفظها كما درج عليه الشارح الأشموني فقيد باطراد محتاج إليه على القول الأول، فرد البعض تبعا لغيره على الشارح وجعله الحق مع ابن الناظم ناشئ عن عدم التدبر. قوله: "أن يخلف الاسم الحرف على معناه" أي حالة كونه دالا على معناه بأن يصير الاسم مؤديا معنى الحرف بجوهره وقوله غير منظور إليه أي غير ملاحظ في نظم الكلام. قوله: "وهو أن يكون الحرف منظورا إليه" أي ملاحظا في نظم الكلام أي فلم يؤد الاسم معنى الحرف بل يشير إليه فقط، ومعناه باق فيه يؤديه هو محذوفه. قوله: "بناء على أن او على بابها إلخ" فيه لف ونشر مرتب. وفيه أن أو إذا كانت على بابها فهي للتنويع لا للشك فيجب فيها المطابقة فالألف للتثنية مطلقا. قوله: "وهو الأظهر" أي المتبادر إلى الذهن لأن الأصل بقاء أو على حالها. قوله: "بالواقع فيه" أي في جميعه إن استغرقه الواقع فيه أو في بعضه إن لم يستغرقه فالأول نحو صمت يوم الجمعة والثاني نحو صمت رمضان. وفي عبارة المصنف تسمح وسينبه عليه الشارح. فائدة: قال الدماميني: الزمان أربعة أقسام: مختص معدود كرمضان والمحرم والصيف والشتاء فيقع جوابا لكم ولمتى، ولا معدود ولا مختص فلا يقع جوابا لواحد منها كحين ووقت، ومعدود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فعل وشبهه "مظهرا كان" الواقع فيه نحو جلست يوم الجمعة أمامك، وأنا سائر غدًا خلف الركب "وإلا" أي وإن لم يكن ظاهرًا بل كان محذوفًا من اللفظ جوازًا أو وجوبًا "فانوه مقدرًا" فالجواز نحو يوم الجمعة لمن قال: متى قدمت وفرسخين لمن قال: كم سرت؛   غير مختص فيقع جوابا لكم فقط نحو يمين وثلاثة أيام وأسبوع وشهر وحول، ومختص غير معدود فيقع جوابا ولمتى فقط نحو يوم الخميس وشهر المضاف إلى أحد أسماء الشهور كشهر رمضان وشهر ربيع الأول، فالذي يصلح جوابا لكم فقط أولها لمتى معرفة كان أو نكرة يستغرقه الحدث الذي تضمنه ناصبه إن لم يكن الحدث مختصا ببعض أجزاء ذلك الزمان فإذا قيل كم سرت فقلت شهرا وجب أن يقع السير في جميع الشهر ليله ونهاره. إلا أن يقصد المبالغة والتجوز، وكذا إذا قلت في جوابه المحرم مثلا فإن كان حدث الناصب مختصا ببعض جزاء الزمان استغرق جميع ذلك البعض كما إذا قلت شهرا في جواب كم صمت أو كم سريت، فالأول يعم جميع أيامه دون لياليه، والثاني بالعكس وكذا الأبد والدهر والليل والنهار مقرونة بأل. وأما أبدا فلاستغراق ما يستقبل لا لاستغراق جميع الأزمنة، تقول صام زيد الأبد فيشمل كل زمن من أزمنة عمره القابلة، للصوم إلى حين وفاته، ولا تقول صام أبدا وتقول لأصومنّ أبدا وما سوى ذلك جائز فيه التعميم والتبعيض كاليوم والليل وأسماء أيام الأسبوع وأسماء الشهور مضافا إليها لفظ شهر كشهر رمضان، بخلاف صورة عدم إضافته إليها كما مر ووجه ذلك كما قاله الصفار أن أسماء الشهور كالمحرم وصفر من المعدود فكل منها اسم للثلاثين يوما، فمعنى سرت المحرم سرت ثلاثين يوما فيصلح جوابا لكم، وكذا لفظ شهر بدون إضافته إلى اسم شهر من الشهور. وأما شهر المحرم فمعناه وقت المحرم فخرج لفظ شهر بإضافته عن كونه معدودا اسما لثلاثين يوما لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه وصار شهر المحرم بمنزلة يوم الجمعة ولم يخالف في ذلك إلا الزجاج فذهب إلى أن المحرم كشهر المحرم فجوز كون الحدث في جميعه وفي بعضه ومقتضى ما ذكر جواز إضافة لفظ شهر إلى جميع أسماء الشهور وهو قول أكثر النحويين. وقيل يختص ذلك بربيع الأول وربيع الثاني ورمضان. ا. هـ. باختصار وفي الهمع أن ما صلح جوابا لكم أو متى يكون الفعل في جميعه تعميما أو تقسيطا فإذا قلت سرت يومين فالسير واقع في كل منهما من أوله إلى آخره وقد يكون في بعض كل ولا يجوز أن يكون في أحدهما فقط، وكذا يحتمل الأمرين قولك سرت المحرم. ثم نقل عن ابن السراج أنه أنكر ورود جواب كم معرفة. قوله: "من فعل وشبهه" من مصدر أو صفة ولو تأويلا نحو أنا زيد عند الشدائد وأنا عمرو عند القتال، فعند منصوب بزيد ويوم منصوب بعمرو لأنهما في تأويل المشهور أو المعروف قاله أبو حيان. قوله: "مظهرا كان" أي إن كان مظهرا فحذف الشرط لدلالة المقابلة والجواب لدلالة قوله فانصبه عليه. ويحتمل إن كان زائدة ومظهرا حال والأول أنسب بقوله وإلا إلخ. قوله: "مقدرا" حال مؤكدة. قوله: "نحو يوم الجمعة لمن قال متى إلخ" الفرق بين متى وكم أن متى يطلب بها تعيين الزمان خاصة وكم يطلب بها تعيين المعدود زمانا أو مكانا أو غيرهما فهي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 وكل وقت قابل ذاك وما ... يقبله المكان إلا مبهما   والوجوب فيما إذا وقع خبرًا نحو زيدًا عندك، أو صلة نحو رأيت الذي معك، أو حالًا نحو رأيت الهلال بين السحاب، أو صفة نحو رأيت طائرًا فوق غصن، أو مشتغلًا عنه نحو يوم الجمعة سرت فيه، أو مسموعًا بالحذف لا غير كقولهم حينئذ الآن: أي كان ذلك حينئذ واسمع الآن. تنبهان: الأول العامل المقدر في هذه المواضع سوى الصلة استقر أو مستقر، وأما الصلة فيتعين فيها تقدير استقر لأن الصلة لا تكون إلا جملة كما عرفت. الثاني الضمير في فانصبه للظرف وهو اسم الزمان أو المكان وفي فيه لمدلوله وهو نفس الزمان أو المكان. وأراد بالواقع دليله من فعل وشبهه لأن الواقع هو نفس الحدث وليس هو الناصب. والأصل فانصبه بدليل الواقع في مدلوله فتوسع بحذف المضاف من الأول والثاني لوضوح المقام. ا. هـ. "وكل" اسم "وقت قابل ذاك" والنصب على الظرفية: مبهمًا كان أو مختصًّا، والمراد   أعم منها وقوعا. قوله: "فيما إذا وقع خبرا إلخ" قال في التصريح لا يقع الظرف المقطوع عن الإضافة المبني على الضم صفة ولا صلة ولا حالا ولا خبرا. لا يقال مررت برجل أمام، ولا جاء الذي أمام، ولا رأيت الهلال أمام، ولا زيد أمام، لئلا يجتمع عليها ثلاثة أشياء: القطع والبناء والوقوع موقع شيء آخر. ا. هـ. يس محل المنع إذا لم يعلم المضاف إليه لعدم الفائدة حينئذٍ. قوله: "نحو يوم الجمعة سرت فيه" لم يقل سرته لأن ضمير الظرف لا ينصب على الظرفية بل يجب جره بفي قاله المصرح. وسيأتي عن الشاطبي أنه قد ينصب على التوسع. قوله: "كقولهم حينئذٍ الآن" هذا مثل يذكر لمن ذكر أمرا تقادم عهده أي كان ما تقوله واقعا حين إذا كان كذا واسمع الآن ما أقول لك فهما من جملتين والمقصود نهي المتكلم عن ذكر ما يقوله وأمره بسماع ما يقال له. قوله: "الثاني الضمير إلخ" أشار به إلى أن الكلام على حذف مضافين كما سيصرح به الشارح آخرا لا إلى أن فيه استخداما كما زعمه البعض اغترارا بظاهر أول عبارة الشارح وغفلة عن آخر كلامه. نعم كلام المتن في حد ذاته محتمل له بأن يكون أعاد الضمير أولا على الظرف بمعنى اللفظ وثانيا على الظرف بمعنى مدلول اللفظ. قوله: "وفي فيه لمدلوله" أي للظرف بتقدير مدلوله ليوافق صريح آخر عبارته. قوله: "وأراد بالواقع دليله" يوهم أن المجاز لغوي لا بحذف المضاف فينافي ما بعد، إلا أن يقال المعنى أراد بقوله الواقع إلخ. قوله: "وكل اسم وقت" أي اسم ظاهر فلا يرد أنه يصدق على ضمير الظرف مع أنه لا ينصب على الظرفية بل على التوسع كما قاله الشاطبي وشمل كلامه على ما صيغ على مفعل مرادا به الزمان من فعله الناصب له نحو قعدت مقعد زيد مرادا به زمان العقود فإنه ينصب ظرف زمان كما ينصب ظرف مكان إذا أريد به المكان. قوله: "تقول سرت حينا ومدة" فحينا ومدة تأكيد معنوي لزمن الفعل لأنه لا يزيد على ما دل عليه الفعل ومثله: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1] ؛ لأن الإسراء لا يكون إلا ليلا فالظرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 نحو الجهات والمقادير وما ... صنع من الفعل كمرمى من رمى   بالمبهم ما دل على زمن غير مقدر كحين ومدة ووقت، تقول: سرت حينًا ومدة ووقتًا. وبالمختص ما دل على مقدر معلومًا كان وهو المعروف بالعلمية كصمت رمضان واعتكفت يوم الجمعة، أو بأل كسرت اليوم وأقمت العام، أو بالإضافة كجئت زمن الشتاء ويوم قدوم زيد، أو غير معلوم هو النكرة نحو سرت يومًا أو يومين أو أسبوعًا أو وقتًا طويلًا "وما يقبله المكان إلا" في حالتين: الأولى أن يكون "مبهمًا" لا مختصًّا والمراد هنا بالمختص ما له صورة وحدود محصورة: نحو الدار والمسجد والبلد. وبالمبهم ما ليس كذلك "نحو الجهات" الست وهي أمام، ووراء، ويمين، وشمال، وفوق، وتحت، وما أشبهها في الشياع كناحية ومكان وجانب "و" نحو "المقادير" كفرسخ وبريد وغلوة، تقول: جلست أمامك،   يكون مؤكدا كالمفعول المطلق إلا أن تأكيد الظرف لزمن عامله وتأكيد المفعول المطلق لحدث عامله. قوله: "ما دل على مقدر" منه المعدود كسرت يومين كما سيذكره الشارح. قوله: "واعتكفت يوم الجمعة" يقتضي أن العلم مجموع يوم الجمعة والذي في كلام غيره أن العلم الجمعة فالإضافة من إضافة المسمى إلى الاسم. قوله: "أو بالإضافة" ولم تضف العرب لفظ شهر إلا إلى رمضان والربيعين مع جواز ترك الإضافة أيضا معها. والراجح جواز الإضافة إلى غير الثلاثة قياسا عليها. قوله: "أو وقتا طويلا" فيه أنه جعل المختص ما دل على مقدر وهذا ليس كذلك فينبغي جعله من المبهم. قوله: "وما يقبله المكان إلا مبهما" وجه ابن الحاجب في أماليه عدم نصب المختص من الأمكنة على الظرفية كما انتصب المبهم منه وظرف الزمان مطلقا بأمور: منها أنه لو فعل ذلك فيه لأدى إلى الإلباس بالمفعول به كثيرا، ألا ترى أنك تقول اشتريت يوم الجمعة وبعت يوم الجمعة وما أشبه ذلك ولا يلبس، ولو استعملت الدار ونحوها هذا الاستعمال لالتبس بالمفعول به. ومنها أن ظرف الزمان المبهم والمختص كثير في الاستعمال فحسن فيه الحذف للكثرة وظرف المكان إنما كثر منه في الاستعمال المبهم دون المختص فأجرى المبهم لكثرته مجرى ظرف الزمان وبقي ما لم يكثر في الاستعمال على أصله. قوله: "هنا" أي في ظرف المكان بخلافه في ظرف الزمان كما مرّ. قوله: "ما له صورة" أي هيئة وشكل يدرك بالحس الظاهر، وحدود أي نهايات من جهاته محصورة أي مضبوطة. قوله: "نحو الجهات الست" أي أسمائها وإنما كانت مبهمة لعدم لزومها مسمى بمخصوصه لأنها أمور اعتبارية أي باعتبار الكائن في المكان، فقد يكون خلفك أماما لغيرك وقد تتحوّل فينعكس الأمر لأنه ليس لها أمد معلوم فخلفك مثلا اسم لما وراء ظهرك إلى آخر الدنيا كذا في التصريح. قوله: "وما أشبهها في الشياع كناحية إلخ" ما مبتدأ وكناحية خبر والجملة مستأنفة لبيان نحو الجهات وما أفاده كلامه من صحة نصب ناحية ومكان وجانب ونحوها كجهة ووجه هو ما يفيده كلام الهمع ونقل الحفيد عن الرضي أنه قال يستثنى من المبهم جانب وما بمعناه من جهة ووجه وكنف وخارج الدار وداخلها وجوف البيت فلا ينتصب شيء منها على الظرفية بل يجب التصريح معه بالحرف. ا. هـ. قال الحفيد ومنه ظاهر وباطن ولذا يلحن من يقول ظاهر باب الفتوح. ا. هـ. والذي في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 وشرط كون ذا مقيسًا أن يقع ... ظرفًا لما في أصله معه اجتمع   وناحية المسجد وسرت فرسخًا "و" الثانية "ما صيغ من" مادة "الفعل" العامل فيه "كمرمى من" مادة "رمى" تقول: رميت مرمى زيد، وذهبت مذهب عمرو، وقعدت مقعد بكر، ومنه: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} [الجن: 9] ، "وشرط كون ذا" المصوغ من مادة الفعل "مقيسًا أن يقع ظرفًا لما في أصله معه اجتمع" أي لما اجتمع معه في أصل مادته   الدماميني نقلا عن المصنف عدم صحة نصب نحو داخل وخارج وظاهر وباطن وجوف، قال لأن فيها اختصاصا ما إذ لا تصلح لكل بقعة. ا. هـ. وهو يؤيد كلام الشارح فتدبر. قوله: "ونحو المقادير" جعلها من المبهم أحد مذاهب للنحاة والثاني أنها من المختص لأن الميل مثلا مقدار معلوم من المسافة وكذا الباقي، والثالث وصححه أبو حيان أنها شبيهة بالمبهم من حيث إنها ليست شيئا معينا في الواقع فإن الميل مثلا يختلف ابتداؤه وانتهاؤه وجهته بالاعتبار فهي مبهمة حكما ويحتمل أن المصنف جرى على هذا وأراد بالمبهم ما يشمل المبهم حكما وسيذكر الشارح هذه المذاهب الثلاثة على ما في بعض النسخ. وظاهر إعادة الشارح لفظ نحو قبل المقادير أن لها نحوا غير الجهات وما أشبهها وما صيغ من الفعل العامل فيه فلينظر ما هو، وكلام المصنف يكفي في صدقه وجود نحو بعض الأشياء التي ذكرها. قوله: "كفرسخ إلخ" الفرسخ ثلاثة أميال، والبريد أربعة فراسخ، والغلوة بفتح الغين المعجمة مائة باع، والميل قدر مد البصر وهو عشر غلوات فهو ألف باع نقله شيخنا عن الشارح. وفسر جماعة الغلوة بمقدار رمية السهم. قوله: "والثانية ما صيغ" أي أن يكون اسم المكان ظرفا صيغ فتناسب الحالتان، وجرى الشارح في حل النظم على خلاف ما يتبادر منه من كون ما صيغ معطوفا على الجهات فيكون من المبهم لأن الظاهر من كلامه في شرح الكافية ونص عليه غيره أنه من المختص كما سيأتي، وعليه فما صيغ معطوف على مبهما والتقدير إلا في حال كونه مبهما أو مصوغا من الفعل. قوله: "من مادة الفعل" أي حروفه قال سم مما يدل على أن المراد من مادة الفعل لا من نفسه قوله الآتي لما في أصله معه اجتمع. ا. هـ. وإنما قدر لفظ مادة دون مصدر كما قدره غيره ليجرى على القولين فيما اشتق منه غير الفعل والمصدر هل هو الفعل أو المصدر. قوله: "الفعل العامل فيه" جعل الشارح أل في الفعل للعهد والمعهود الفعل العامل فيه ويلزم على ذلك ضياع الشرط الذي ذكره المصنف بعد، إذ يلزم من صوغه من مادة الفعل العامل فيه اجتماعه معه في المادة ثم الفعل ليس بقيد إذ العامل فيه قد يكون وصفا نحو أنا جالس مجلس زيد أو مصدرا نحو أعجبني جلوسك مجلس زيد. قوله: "تقول رميت إلخ" قال شيخنا البعض عدد الأمثلة إشارة إلى أنه لا فرق في المصوغ المذكور بين الصحيح والمعتل والمفرد والجمع وهو لا ينهض حكمة لتعداده مثال المفرد الصحيح. قوله: "ظرفا" هذا زائد على المقصود اشتراطه وهو الاجتماع في المادة. وإنما أتى به ليعلق به قوله لما في أصله إلخ وإنما كان زائدا لأن الظرفية مفهومة من اسم الإشارة الراجع إلى ما صيغ الواقع على الظرف المصوغ بقرينة المقام، وبهذا يعلم ما في كلام البعض. قوله: "في أصل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كما مثل. وأما قولهم: هو مني مزجر الكلب ومناط الثريا، وعمرو مني مقعد القابلة ومعقد الإزار ونحوه فشاذ؛ إذ التقدير هو مني مستقر في مزجر الكلب فعامله الاستقرار، وليس مما اجتمع معه في أصله، ولو أعمل في المزجر زجر وفي المناط ناط وفي المقعد قعد لم يكن شاذًّا. تنبيهان: الأول ظاهر كلامه أن هذا النوع من قبيل المبهم، وظاهر كلامه في شرح الكافية أنه من المختص وهو ما نص عليه غيره. وأما النوع الذي قبله فظاهر كلام الفارسي أنه من المبهم كما هو ظاهر كلام النظام وصححه بعضهم. وقال الشلوبين: ليس داخلًا تحت المبهم وصحح بعضهم أنه شبيه بالمبهم لا مبهم. الثاني إنما استأثرت أسماء الزمان   مادته" الإضافة للبيان فالأصل في المتن بمعنى المادة لا المصدر حتى يرد عليه نحو سرني جلوسك مجلس زيد لأنه ظرف لأصله لا لما اجتمع معه في أصله وإنما لم يكتف في نصب هذا النوع على الظرفية بالتوافق المعنوي كما اكتفى به في المفعول المطلق نحو قعدت جلوسا لكون نصبه على الظرفية مخالفا للقياس لكونه مختصا فلم يتجاوز به السماع بخلاف نحو قعدت جلوسا. قاله في المغني. قوله: "هو مني مزجر الكلب ومناط الثريا" جعل الدماميني من متعلقه بمضاف محذوف تقديره في هذين المثالين بعده مني وفي المثالين الآتيين قربه مني، وهو لا يناسب ما هو فرض الكلام من كون مزجر وأخواته ظرفا والمناسب له ما في التصريح من أن من والظرف متعلقان باستقرار محذوف خبر عن هو أي هو مستقر مني في مزجر الكلب ومناط الثريا أي في مكان بعيد كبعد مزجر الكلب من زاجره وكبعد مناط الثريا أي مكان نوطها وتعلقها من الشخص، والأول ذم والثني مدح كما قاله الدماميني. قوله: "وعمرو مني مقعد القابلة ومعقد الإزار" أي في مكان قريب كقرب مكان القابلة أي المولدة من المولودة، وكقرب محل عقد الإزار من عاقده. قوله: "ولو أعمل إلخ" أي بأن قدر بعد المجرور زجر بالبناء للمفعول وناط وقعد، ويظهر على هذا أن من بمعنى إلى وأن خبر هو الفعل المقدر أي هوبالنسبة إلى زجر مزجر الكلب وناط مناط الثريا إلخ، بل جعل من بمعنى إلى محتاج إليه على غير هذا الاحتمال أيضا فيما يظهر وأما قول المصرح المعنى على هذا هو مستقر مني قعد مقعد القابلة وزجر إلخ فلا يظهر فتأمل. قوله: "ظاهر كلامه أن هذا النوع من قبيل المبهم" لأن المتبادر أن ما صيغ من الفعل معطوف على الجهات فيكون من أنواع المبهم وقد يوجه ظاهر النظم بأنه أراد بالمبهم ما يشمل المبهم حكما كما مر وهذا منه لأن مجلس زيد مثلا وإن تعين بالإضافة فهو مبهم من جهة اختلافه بالاعتبار وعدم كونه محدودا أفاده سم. قال شيخنا والذي في غالب النسخ: تنبيه إنما استأثرت إلخ وإسقاط التنبيه الأول. قوله: "النوع الذي قبله" وهو المقادير. قوله: "ليس داخلا تحت المبهم" أي لاختصاصه بقدر معلوم. قوله: "إنه شبيه بالمبهم" أي من حيث إنه ليس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 وما يرى ظرفًا وغير ظرف ... فذاك ذو تصرف في العرف   بصلاحية المبهم منها والمختص للظرفية عن أسماء المكان لأن أصل العوامل الفعل ودلالته على الزمان أقوى من دلالته على المكان؛ لأنه يدل على الزمان بصيغته، وبالالتزام، ويدل على المكان بالالتزام فقط، فلم يتعد إلى كل أسمائه بل يتعدى إلى المبهم منها لأن في الفعل دلالة عليه في الجملة، وإلى المختص الذي صيغ من مادة العامل لقوة الدلالة عليه حينئذ. ا. هـ. "وما يرى" من أسماء الزمان أو المكان "ظرفًا" تارة "وغير ظرف" أخرى "فذاك ذو تصرف في العرف" النحوي كيوم ومكان تقول: سرت يوم الجمعة، وجلست   شيئا معينا في الواقع فإن الميل مثلا يختلف ابتداؤه وانتهاؤه وجهته بالاعتبار فهي مبهمة حكما ويحتمل أن المصنف جرى على هذا وأراد بالمبهم ما يشمل حكما كما مر، ولاحتمال كلام المصنف هذا قال الشارح فيما تقدم كما هو ظاهر كلام الناظم ولم يقل كما هو صريح كلام الناظم. قوله: "بصيغته" أي بهيئته الموضوعة له مطابقة. وقوله وبالالتزام أي لأنه يدل على الحدث بمادته الموضوعة له مطابقة والحديث يستلزم الزمان فقد دل على الزمان ثانيا بواسطة دلالته على الحدث بخلاف المكان فإنه يدل عليه التزاما بواسطة دلالته على الحدث فقط. قوله: "فلم يتعدّ" أي بنفسه. قوله: "في الجملة" أي من بعض الوجوه وهو الالتزام لأنه لا بد لحدث الفعل من مكان ما. قوله: "وإلى المختص" هذا جرى منه على ما جرى عليه أولا في حل النظم من أن ما صيغ من الفعل من المختص كما سلف. قوله: "لقوة الدلالة عليه حينئذٍ" لدلالة الفعل بالالتزام على مكان حدثه والظرف المصوغ من مادة الفعل يدل على مكان حدث الفعل فقويت دلالة الفعل على مدلول الظرف بدلالة الظرف عليه ثانيا. قوله: "حينئذٍ" أي حين إذ صيغ من مادة العامل. قوله: "وغير ظرف" أي مما لا يشبه الظرف بدليل قوله وغير ذي التصرف إلخ. قوله: "فذاك ذو تصرف" أي ظرف ذو تصرف أي يسمى بذلك حالة كونه ظرفا لا مطلقا بدليل ما سبق، وكذا يقال فيما بعد. واعلم أن من المتصرف ما هو كثير التصرف كيوم وشهر ويمين وشمال وذات اليمين وذات الشمال وما هو متوسطه كغير الأربعة الأخيرة وغير فوق وتحت من أسماء الجهات بخلاف فوق وتحت فلا يستعملان غير ظرفين أصلا كما في التسهيل. قال الدماميني وأجاز بعض النحويين فيهما فتصرف في نحو فوقك رأسك وتحتك رجلاك برفعهما بخلاف ما فوق الرأس نحو فوقك قلنسوتك وما تحت الرجل نحو تحتك نعلاك تفرقة بينهما. والذي حكاه الأخفش عن العرب في فوقك رأسك وتحتك رجلاك هو النصب، لكن وقع لبعض رواة البخاري وفوقه عرش الرحمن برفع فوق، ويتوقد تحته نارا برفع تحت وإنما يخرّجان على التصرف فتأمله. ا. هـ. ببعض اختصار. وبين مجردة من التركيب وما والألف وما هو نادره كالآن وحيث ودون لا بمعنى رديء ووسط بسكون السين، فتصرف الأول كقوله عليه الصَّلاة والسَّلام حين سمع وجبة أي سقطة: "هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حين انتهى" فالآن مبتدأ خبره حين انتهى، وتصرف الثاني كقول الشاعر: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 وغير ذي التصرف الذي لزم ... ظرفية أو شبهها من الكلم   مكانك، فهما ظرفان. وتقول: اليوم مبارك ومكانك طاهر، وأعجبني اليوم ومكانك، وشهدت يوم الجمل، وأحببت مكان زيد، فهما في ذلك غير ظرفين لوقوع كل منهما في الأول مبتدأ وفي الثاني فاعلًا، وفي الثالث مفعولًا به، وكذا ما أشبهها "وغير ذي التصرف" منهما هو "الذي لزم ظرفية أو شبهها من الكلم" أي غير المتصرف وهو الملازم للظرفية على نوعين: ما لا يخرج عنها أصلًا كقط وعوض، تقول: ما فعلته قط ولا أفعله عوض وما يخرج   لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم وتصرف الثالث كقوله: ألم تريا أني حميت حقيبتي ... وباشرت حد الموت والموت دونُها برفع دون، وتصرف الرابع كقوله: وَسْطُهُ كَالْيَرَاعِ أَوْ سُرُجِ الْمَجْـ ... ـدَلِ طَوْرًا يَحْبُوْ وَطَوْرًا يُنِيرُ برفع وسط على الابتداء، ويروى بالنصب على الظرفية خبرا مقدما والكاف مبتدأ أما وسط بتحريك السين فظرف كثير التصرف ولهذا إذا صرح بفي فتحت السين كما نقله الصفار عن العرب، وقال الفراء إذا حسنت في موضعه بين كان ظرفا نحو قعدت وسط القوم وإن لم تحسن كان اسما نحو احتجم وسط رأسه ويجوز في كل منهما التسكين والتحريك، لكن السكون أحسن في الظرف، والتحريك أحسن في الاسم. وقال ثعلب يقال وسط بالسكون في متفرق الأجزاء نحو وسط القوم ووسط بالتحريك في غير متفرقها نحو وسط الرأي وقال جماعة الساكن ظرف والمتحرك اسم لا ظرف تقول جلست وسط الدار أي في داخلها وضربت وسطه أي منتصفه كذا في الهمع والدماميني. قوله: "في الأول" أي المقول الأول المشتمل على مثالي الزمان والمكان، وكذا يقال فيما بعد قاله سم. قوله: "وكذا ما أشبهها" أي الأمثلة السابقة وفي نسخ بضمير التثنية أي اليوم والمكان. قوله: "أي شبهها" معطوف على محذوف كما سيشير إليه الشارح أي أو لزم ظرفية أو شبهها، ولا يجوز عطفه على ظرفية في النظم لاقتضائه أن بعض الظروف يلزم شبه الظرفية إن جعلت أن تنويعية أو أن غير المتصرف هو ما يلزم أحد الأمرين الدائر فلا يكون فيه تعرض لما يلزم الظرفية بعينها إن جعلت أو للأحد الدائر واللزوم منصبا على الأحد الدائر. قوله: "وهو الملازم للظرفية" أي الحقيقية والمجازية بدليل تقسيمه إلى النوعين بعده. قوله: "كقط" ظرف يستغرق ما مضى من الزمان، وعوض ظرف يستغرق ما يستقبل منه ولا يستعملان إلا بعد نفي أو شبهه، والأفصح في قط فتح القاف وتشديد الطاء مضمومة واشتقاقها من قططته أي قطعته، فمعنى ما فعلته قط ما فعلته فيما انقطع ومضى من عمري، وبنيت لتضمنها معنى من وإلى إذ المعنى من يوم خلقت إلى الآن، وعلى حركة لئلا يلتقي ساكنان، وكانت ضمة تشبيها بالغايات، وقد يكسر على أصل التقاء الساكنين. وقد تتبع قافه طاءه في الضم وقد تخفف مع ضمها أو إسكانها وعوض معرب إن أضيف نحو لا أفعله عوض العائضين مبني إن لم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   عنها إلى شبهها وهو الجر بالحرف نحو: قبل وبعد ولدن وعند. فيقضي عليهن بعدم التصرف مع أن من تدخل عليهن؛ إذ لم يخرجن عن الظرفية إلا إلى ما يشبهها؛ لأن الظرف والجار والمجرور سيان في التعلق بالاستقرار والوقع خبرًا وصلة وحالًا وصفة. ثم الظرف المتصرف: منه منصرف نحو يوم وشهر وحول، ومنه غير منصرف وهو غدوة وبكرة علمين لهذين الوقتين قصد بهما التعيين أو لم يقصد. قال في شرح التسهيل: ولا   يضف على الضم أو الكسر أو الفتح، وسمى الزمان عوضا لأنه كلما مضى منه جزء جاء عوضه آخر أفاده في المغني. قوله: "وهو الجر بالحرف" أي من فقط لكثرة زيادتها في الظروف فلم يعتد بدخولها على ما لا يتصرف. وجر متى بإلى وحتى وأين بإلى مع عدم تصرفهما شاذ قياسا. قوله: "نحو قبل وبعد إلخ" سيأتي الكلام على قبل وبعد وشبههما ولدن وعند ولدى وحيث وإذا وإذ ولما ومع في باب الإضافة وعلى مذ ومنذ في باب حروف الجر وعلى سحر في باب ما لا ينصرف. قوله: "مع أن من تدخل عليهنّ" قال الرضي ومن الداخلة على الظروف غير المتصرفة أكثرها بمعنى في نحو جئت من قبلك ومن بعدك {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5] ، وأما جئت من عندك وهب لي من لدنك فلابتداء الغاية. ا. هـ. وفي التصريح عن الناظم أن من الداخلة على قبل وبعد وأخواتهما زائدة. قوله: "لأن الظرف والجار والمجرور إلخ" لا يخفى أن التعليل ينتج أعم من المدعي الذي هو جعل شبه الظرفية الجر بمن خاصة فكان الأولى التعليل بما قلناه آنفا. قوله: "ثم الظرف المتصرف منه متصرف إلخ" أي ومنه مبني على السكون كإذ عند إضافة اسم الزمان إليها نحو: {بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8] ، أو على غيره كأمس عند الحجازيين. قوله: "وهو غدوة وبكرة" الأولى من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس والثانية من طلوع الشمس إلى الضحوة. قوله: "علمين لهذين الوقتين" أي علمين جنسيين بمعنى أن الواضع وضعهما علمين جنسيين لهذين الوقتين أعم من أن يكونا من يوم بعينه أولا وهذا معنى قوله قصد بهما التعيين أو لم يقصد كما وضع لفظ أسامة علما للحقيقة الأسدية أعم من أن يقصد به واحد بعينه أولا فالتعيين المنفي قصده هو التعيين الشخصي لا النوعي إذ هو لا بد منه فلا اعتراض بأن عدم قصد التعيين يصيرهما نكرتين منصرفتين. ويؤيد ما ذكرناه قول الدماميني كما يقال عند قصد التعميم: أسامة شر السباع، وعند التعيين هذا أسامة فاحذره يقال عند قصد التعميم غدوة أو بكرة وقت نشاط وعند قصد التعيين لأسيرنّ الليلة إلى غدوة وبكرة. قال وقد يخلوان من العلمية فينصرفان ومنه: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 62] ، وحكى الخليل جئتك اليوم غدوة وجئتني أمس بكرة. والتعيين في هذا لا يقتضي العلمية حتى يمنع الصرف لأن التعيين أعم من العلمية فلا يلزم من استعمالهما في يوم معين أن يكونا علمين لجواز أن يشار بهما إلى معين مع بقائهما على كونهما من أسماء الأجناس النكرات بحسب الوضع، كما تقول رأيت رجلا وأنت تريد شخصا معينا فيحمل على ما أردته من المعين ولا يكون علما. ا. هـ. ببعض اختصار وقال في الهمع: ذكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ثالث لهما، لكن زاد في شرح الجمل لابن عصفور ضحوة فقال: إنها لا تنصرف للتأنيث والتعريف. والظرف غير المتصرف منه وغير منصرف فالمنصرف نحو سحر، وليل ونهار، وعشاء، وعتمة، ومساء، وعشية، غير مقصود بها كلها التعيين. وغير   بعضهم أن غدوة في الآية إنما نونت لمناسبة عشيا. ا. هـ. قوله: "والتعريف" أي بالعلمية الجنسية. قوله: "والظرف غير المتصرف منه منصرف وغير منصرف" أي ومنه مبني على السكون كمذ ولدن أو على غيره كمنذ وما ركب من أسماء الزمان أو المكان كصباح صباح ويوم يوم وصباح مساء، فإن فقد التركيب وأضيف أحدهما إلى الآخر أو عطف عليه أعرب وتصرف، والمعنى مع التركيب والإضافة والعطف واحد في الجميع عند الجمهور أي كل صباح وكل يوم، وكل صباح ومساء، وخالف الحريري في صباح مساء ففرق فيه بأن المعنى مع الإضافة أنه يأتي في الصباح وحده كما يختص الضرب في قولك ضربت غلام زيد بالغلام وحده دون زيد بخلافه مع التركيب والعطف، وكبين بين فإن فقد التركيب أعرب وتصرف، ومنه: {مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ} [العنكبوت: 25] ، {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] ، ومن قرأه منصوبا مرفوع المحل فحملا له على أغلب أحواله وهو كونه ظرفا منصوبا كما قيل بذلك في: {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} [الجن: 11] ، وقيل غير ذلك. ومن غير المتصرف بالتاء عند غير خثعم ذا وذات مضافين إلى زمان فيلتزمون نصبهما على الظرفية: نحو لقيته ذا صباح وذا مساء وذات يوم وذات ليلة أي وقتا ذا صباح ووقتا ذا مساء ومدة ذات يوم ومدة ذات ليلة أي وقتا صاحب هذا الاسم ومدة صاحبة هذا الاسم. وأما خثعم فيخرجونهما على الظرفية كما حكاه عنهم سيبويه فيقولون سير عليه ذو يوم وذات يوم بالرفع، وإنما منع غيرهم تصرفهما لقلة إضافة المسمى إلى الاسم واستقباح كل العرب تصرف صفات الأزمان القائمة مقام موصوفاتها إذا لم توصف، فيقبح عند الجميع سير عليه طويل أي زمن طويل دون سير عليه طويل من الدهر، ومن غير المتصرف بالتاء أيضا حوال وحوالي، وحول وحولي وأحوال وأحوالي وليس المراد حقيقة التثنية والجمع، ومنه بدل بمعنى مكان لا بمعنى بديل نحو خذ هذا بدل هذا أي مكانه، أما بمعنى بديل فاسم متصرف لا ظرف ومنه مكان بمعنى بدل فكل من لفظ مكان وبدل إذا استعمل في أصل معناه فهو متصرف وإن استعمل في معنى الآخر لزم طريقة واحدة قاله الدماميني وغيره. قال صاحب ديوان الأدب: ويستعمل حواليك مصدرا كلبيك لأن الحوال والحول كما يطلقان بمعنى جانب الشيء المحيط به يطلقان بمعنى القوة. قوله: "فالمنصرف نحو سحر إلخ" فيه أن سحرا وليلا ونهارا ونحوها متصرفة. ومن خروج سحر عن الظرفية وشبهها قوله تعالى: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: 34] ، فكيف جعلها من غير المتصرف. قوله: "غير مقصود بها كلها التعيين" فإن قصد بها التعيين فما وجد فيه علة أخرى كسحر وعتمة وعشية لم يصرف وإلا صرف ففي مفهومه تفصيل فلا اعتراض، والعلة الأخرى في سحر العدل عن السحر وفي عتمة وعشية التأنيث لكن منع صرف عتمة وعشية حينئذٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 وقد ينوب عن مكان مصدر ... وذاك في ظرف الزمان يكثر   المنصرف نحو سحر مقصودًا به التعيين ومن العرب من لا يصرف عشية في التعيين "وقد ينوب عن" ظرف "مكان مصدر" فينتصب انتصابه نحو جلست قرب زيد، أي مكان قربه. ولا يقاس على ذلك لقلته فلا يقال: آتيك جلوس زيد مكان جلوسه "وذاك في ظرف الزمان يكثر" فيقاس عليه. وشرطه إفهام تعيين وقت أو مقدار: نحو كان ذلك خفوق النجم وطلوع الشمس، وانتظرته نحو جزور ومقدار حلب ناقة، والأصل وقت خفوق النجم، ووقت طلوع الشمس ومقدار نحر جزور ومقدار حلب ناقة، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. تنبيه: قد يحذف أيضًا المصدر الذي كان الزمان مضافًا إليه فينوب ما كان هذا المصدر مضافًا إليه من اسم عين، نحو لا أكلمه القارظين، ولا آتيه الفرقدين، والأصل مدة غيبة القارظين ومدة بقاء الفرقدين. ا. هـ. خاتمة: مما ينوب عن الظرف أيضًا صفته وعدده، وكليته أو جزئيته، نحو جلست   إحدى لغتين كما يأتي. قوله: "وغير المنصرف نحو سحر" أي وعشية وعتمة وإنما لم يذكرهما لأن صرفهما مع التعيين هو الفصيح ومنعهما الصرف معه لغة قليلة كما قاله الدماميني. وأشار إليه الشارح في عشية بقوله ومن العرب إلخ قال الدماميني ولا يقدح في تنكيرها وصرفهما قصد أزمنة معينة منهما لما تقدم من أن التعيين أعم من العلمية. وقوله ومن العرب إلخ إشارة إلى مثال آخر لغير المتصرف من غير المنصرف وفصله عما قبله لضعفه عنه كما عرفت. وقوله عشية، أي وعتمة فيكونان كغدوة وبكرة السابقتين إذ لا فرق، وفي بعض النسخ ومنهم من يصرف بحذف لا فيكون إشارة إلى اختلاف العرب في بعض مفهوم قوله غير مقصود بها كلها التعيين فافهم. قوله: "فينتصب انتصابه" فهو مفعول فيه بطريق النيابة. قوله: "ولا يقاس على ذلك لقلته" قال سم لك أن تقول هذا من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه وذلك مقيس عند الناظم إذا كان المضاف إليه غير قابل لنسبة الحكم إليه كما هنا إذ لا يتصوّر كون الجلوس في القرب بالمعنى المصدري فلم حكم على هذا بأنه غير مقيس. قوله: "يكثر" أي لقوة دلالة الفعل على الزمن كما مر. قوله: "أو مقدار" أي من الزمن وإن لم يكن معينا. قوله: "خفوق النجم" أي غروب الثريا. وقوله وحلب ناقة بسكون اللام وتحرك: استخراج ما في الضرع من اللبن، مصدر حلب يحلب بضم لام المضارع وكسرها. والحلب بالتحريك اللبن المحلوب كذا في القاموس. قوله: "لا أكلمه القارظين" هما رجلان خرجا يجنيان القرظ فلم يرجعا فصارا مثلا. قوله: "وصفته وعدده إلخ" أي دوال هذه المذكورات. فائدة: هل يجوز عطف الزمان على المكان وعكسه؟ قال في المغني أجاز الفارسي في قوله تعالى: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} [هود: 60] ، أن يكون يوم القيامة عطفا على محل هذه. ا. هـ. قال الدماميني: إن أريد بالدنيا الأزمنة السابقة ليوم القيامة فلا إشكال في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 المفعول معه : ينصب تالي الواو مفعولًا معه ... في نحو سيري والطريق مسرعه   طويلًا من الدهر شرقي مكان وسرت عشرين يومًا ثلاثين بريدًا، ومشيت جميع اليوم البريد، أو كل اليوم كل البريد أو نصف اليوم نصف البريد، أو بعض اليوم بعض البريد. المفعول معه: "ينصب" الاسم الفضلة "تالي الواو" التي بمعنى مع التالية لجملة ذات فعل أو اسم   عطفه عليها لأن كلا منهما زمان، وإن أريد بها هذه الدار من حيث هي مكان ففيه عطف زمان على مكان. وفي الكشاف ما يقتضي منعه فإنه لما تكلم في تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} [التوبة: 25] ، قال فإن قلت: عطف الزمان على المكان وهو يوم حنين على المواطن؟ قلت معناه وموطن يوم حنين أو في أيام مواطن كثيرة، ويجوز أن يراد بالمواطن الوقت كمقتل الحسين. ا. هـ. ووجهه بعض الأفاضل بأن الفعل مقتض لظرف الزمان اقتضاءه لظرف المكان فلا يجوز جعل أحدهما تابعا للآخر، فلا يعطف عليه كما لا يعطف المفعول فيه على المفعول به ولا المفعول على الفاعل ولا المصدر على شيء من ذلك وبأن ظرف الزمان ينتصب على الظرفية مطلقا بخلاف ظرف المكان فإنه يشترط فيه الإبهام فلما اختلفا من هذه الجهة لم يجز عطف أحدهما على الآخر، وبعدم سماع عطف أحدهما على الآخر لكن جوّزه بعضهم لاشتراكهما في الظرفية تقول ضربت زيدا يوم الجمعة وفي المسجد أو في المسجد ويوم الجمعة، وعليه جرى جدي ابن المنير في الانتصاف مناقشا به صاحب الكشاف. ا. هـ. باختصار. المفعول معه: قوله: "الاسم الفضلة" قدر الموصوف معرفة وإن كان تالي الواو اسم فاعل مضافا إلى معموله فلا تفيده الإضافة تعريفا ولا تخصيصا كما سيأتي لأن المراد من اسم الفاعل هنا الثبوت لا الحدوث فتفيده الإضافة تعريفا لعدم عمله حينئذٍ فتكون إضافته معنوية أو الاستمرار الشامل للأزمنة الثلاثة فتفيده الإضافة تعريفا باعتبار دلالته على المضي لعدم علمه بهدا الاعتبار كما قرروا مثل ذلك في قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] ، ذكره يس في حواشي المختصر. قوله: "تالي الواو" فيه إشارة إلى عدم جواز الفصل بين الواو والمفعول معه ولو بالظرف وإن جاز الفصل به بين الواو والعاطفة ومعطوفها لتنزل الواو هنا والمفعول معه منزلة الجار والمجرور ذكره يس. ويجب ذكر هذه الواو إذ لم يثبت في العربية حذف واو المفعول معه كما في المغني. قوله: "التي بمعنى مع" أي التي للتنصيص على مصاحبة ما بعدها لمعمول العامل السابق أي مقارنته في الزمان سواء اشتركا في الحكم كجئت وزيدا أولا كاستوى الماء والخشبة وبذلك فارقت واو العطف فإنها تقتضي المشاركة في الحكم ولا تقتضي المقارنة في الزمان وإن وجدت في نحو كل رجل وضيعته ذكره شارح الجامع، فلو لم يمكن التنصيص بها على المصاحبة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يشبهه مما فيه معنى الفعل وحروفه "مفعولًا معه" كما "في نحو سيري والطريق مسرعه" وأنا سائر والنيل، وأعجبني سيرك والنيل، فالطريق والنيل نصب بالمفعول معه. وخرج بالاسم نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن، ونحو سرت والشمس طالعة، فإن تالي الواو في الأول فعل وفي الثاني جملة، وبالفضلة نحو اشترك زيد وعمرو، وبالواو نحو جئت مع   لنصب ما قبلها وصحة تسلط العامل على ما بعدها كما في ضربت زيدا وعمرا كانت للعطف اتفاقا كما قاله الدماميني. ومما خرج بالتي بمعنى مع بالمعنى السابق نحو أشركت زيدا وعمرا وخلطت البر والشعير فما بعد الواو في مثل هذا مفعول به لا مفعول معه لأن المعية في مثله مستفادة مما قبل الواو لا منها فإنها لمجرد العطف فتدبر. قوله: "ذات فعل" هذا مفهوم من قوله الآتي بما من الفعل إلخ سم. قوله: "أو اسم يشبهه" أي في العمل ومنه اسم الفعل بدليل تمثيله به فيما يأتي. واستثنوا الصفة المشبهة وأفعل التفضيل فلينظر وجهه. ثم رأيت في المغني ما يؤخذ منه وجهه حيث قال: وقد أجيز في حسبك وزيدا درهم كون زيدا مفعولا معه وكونه مفعولا به بإضمار يحسب وهو الصحيح لأنه لا يعمل في المفعول معه إلا ما كان من جنس ما يعمل في المفعول به. قوله: "مما فيه معنى الفعل وحروفه" يشكل عليه تمثيله فيما يأتي بقدني فتأمل. وقد أشار المصنف إلى هذه الشروط بالمثال. قوله: "كما في نحو" أي كالتالي للواو في نحو إلخ فزاد الشارح لفظة كما دفعا لتوهم تقييد تالي الواو بالطريق وأن الإشارة بنحو إلى غير سيري من بقية العوامل، وغفل البعض عن هذه الدقيقة وعن بقاء إعطاء القيود بالمثال مع زيادة كما فقال كان الأظهر عدم زيادة كما، ويكون الظرف وهو قوله في نحو قيدا لينصب بناء على طريقة المصنف من إعطائه القيود بالمثال فيكون مشيرا إلى بقية القيود التي ذكرها الشارح. قوله: "سيري والطريق" يفيد أنه لا يشترط في نصب الاسم على أنه مفعول معه جواز عطفه من حيث المعنى على مصاحبه وهو كذلك خلافا لابن جني. ا. هـ. سم ومما لا يصح فيه العطف استوى الماء والخشبة إن كان استوى بمعنى ارتفع فإن كان بمعنى تساوى أي تساوى الماء والخشبة في العلو فهو مما يصح فيه العطف. قوله: "بالمفعول معه" أي بسبب كونه مفعولا معه ولم يقل نصبا لأن المصدر يخبر به عن الواحد وغيره. قوله: "وتشرب اللبن" أي بنصب تشرب كما قيده بذلك ابن هشام وعليه فالمراد بالاسم في التعريف الاسم الصريح وقال حفيد الموضح ينبغي أن يكون ذلك في غير نصب تشرب وإلا فهو اسم تأويلا فينبغي أن يكون مفعولا معه وبه صرح بعضهم. ا. هـ. والأول ظاهر صنيع الشارح لأن ظاهره أن الواو في المثال بمعنى مع وهي إنما تكون بمعنى مع على النصب كما قاله شيخنا. قوله: "فإن تالي الواو في الأول فعل إلخ" فيه أن تالي الواو في الأول جملة أيضا وقد يقال لما كان أحد ركني الجملة في الأول غير ظاهر بل ضمير مستتر كان التالي بحسب الظاهر الفعل فقط وباعتبار الظاهر يندفع أيضا ما يقال إن مقدرة قبل الفعل فتالي الواو اسم في الحقيقة وبأن المراد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 بما من الفعل وشبهه سبق ذا ... النصب لا بالواو في القول الأحق   عمرو، وبكونها بمعنى مع نحو جاء زيد وعمرو قبله أو بعده، وبكونها تالية لجملة نحو كل رجل وضيعته، فلا يجوز فيه النصب خلافًا للصيمري، وبكون الجملة ذات فعل أو اسم يشبهه نحو هذا لك وأباك فلا يتكلم به خلافًا لأبي علي، وأما قولهم: ما أنت وزيدًا، وكيف أنت وقصعة من ثريد، وما أشبهه فسيأتي بيانه "بما من الفعل وشبهه سبق ذا النصب" ذا النصب رفع بالابتداء خبره في المجرور الأول وهو بما، وسبق صلة ما ومن الفعل متعلق بسبق: أي نصب المفعول معه إنما هو بما تقدم في الجملة قبله من فعل وشبهه "لا بالواو في القول الأحق" خلافًا للجرجاني في دعواه أن النصب بالواو؛ إذ لو كان الأمر كما ادعى لوجب اتصال الضمير بها فكان يقال جلست وك، كما يتصل بغيرها من الحروف العاملة نحو إنك ولك وذلك ممتنع باتفاق، وأيضًا فهي حينئذ حرف مختص   بالاسم في التعريف الاسم الصريح كما مر. قوله: "وفي الثاني جملة" أي وإن كانت الواو الحالية تفيد المقارنة. قوله: "نحو جاء زيد وعمرو قبله أو بعده" قال البعض تبعا للمصرح هذا خارج بقوله فضلة فلو قال بدل جاء رأيت لكان أولى. ا. هـ. ويرد بأن المراد بالفضلة كما هو أحد معنييها ما يتم الكلام بدونه ولو مرفوعا كالمعطوف في المثال بدليل أنه لو أريد بالفضلة غير المرفوع لدخل في التعريف نحو اشترك زيد وعمرا بالنصب مع أن المقصود خروجه لفساده فتدبر. قوله: "نحو كل رجل وضيعته" أي إذا قدر الخبر مثنى كأن قيل كل رجل وضيعته مقترنان، أما إذا قدر مفردا معطوفا على ضميره ما بعد الواو كأن قيل كل رجل موجود وضيعته لم يخرج لصحة كون ما بعد الواو حينئذٍ مفعولا معه. قوله: "فلا يجوز فيه النصب" أي في هذا المثال الأخير. قوله: "للصيمري" بفتح الميم وضمها. قوله: "فلا يتكلم به" أي لفساده لتعين أن يقال هذا لك ولأبيك على رأي الجمهور ويجوز وأبيك على مذهب المصنف كما سيأتي في محله. قوله: "خلافا لأبي علي" فإنه أجاز مثل ذلك بناء على مذهبه من الاكتفاء بما فيه معنى الفعل كالتنبيه والإشارة والظرف ولهذا أجاز في قوله: هذا ردائي مطويا وسربالا أن سربالا نصب على المعية بهذا والجمهور على أنه نصب بمطويا لا غير كما سيأتي. قوله: "فسيأتي بيانه" أي في قوله وبعدما استفهام إلخ. قوله: "ذا النصب رفع بالابتداء" فيه مسامحة إذ المرفوع بالابتداء ذا والنصب بدل أو عطف بيان. قوله: "متعلق بسبق إلخ" أي بمعمول سبق لتعلق من بحال محذوفة من ضمير سبق العائد على ما أي حال كونه كائنا من الفعل وشبهه والعامل في صاحب الحال عامل فيها. قوله: "إنما هو بما تقدم إلخ" أي بواسطة الواو فهي معدية العامل إلى المفعول معه دماميني. قوله: "لوجب اتصال" يعني لصح اتصال الضمير إذ اللازم على تقدير أن الناصب الواو الصحة لا الوجوب ألا ترى أن إن واللام مثلا يدخلان على الظاهر والضمير، ولا ترد إلا الاستثنائية لما سيذكره الشارح في أوائل الاستثناء. قوله: "فهي حينئذٍ" أي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بالاسم غير منزل منزلة الجزء فحقه أن لا يعمل إلا الجر كحروف الجر، ولا بالخلاف خلافًا للكوفيين. وإنما قيل غير منزلة الجزء للاحتراز من لام التعريف فإنها اختصت بالاسم، ولم تعمل فيه لكونها كالجزء منه بدليل تخطي العامل لها. وتناول إطلاق الفعل الظاهر كما مثل، والمقدر كقوله: 446- فما لك والتلدد حول نجد ... وقد ضاقت تهامة بالرجال أي ما تصنع والتلدد. ومن أعمال شبه الفعل قوله: 447- فحسبك والضحاك سيف مهند   حين إذ عملت. قوله: "ولا بالخلاف" أي مخالفة ما بعدها لما قبلها معطوف على قول المتن لا بالواو فهو قول ثالث للكوفيين. وكان الأولى تأخيره وذكره قبيل قوله وتناول لأن ما بعده مرتبط بما قبله ومما ردّ به قول الكوفيين أن الخلاف معنى من المعاني ولم يثبت النصب بالمعاني وإنما ثبت الرفع بها كالابتداء والتجرد، وأن الخلاف لو نصب لقيل ما قام زيد بل عمرا بالنصب وهو لا يقال اتفاقا. وبقي قول رابع وهو أن المفعول معه مفعول به لفعل محذوف أي سرت ولابست النيل. قوله: "خلافا للكوفيين" تبع في حكايته عنهم المصنف في التسهيل. قال الدماميني ما حكاه المصنف عن الكوفيين إنما هو قول بعضهم. وقال معظمهم والأخفش انتصابه على الظرف، وذلك أن الواو لما أقيمت مقام مع المنصوب على الظرفية والواو في الأصل حرف لا يحتمل النصب أعطى ما بعده إعرابه عارية كما أعطى ما يعد إلا التي بمعنى غير إعراب غير ولو كان الأمر كما قاله هؤلاء لجاز النصب في كل رجل وضيعته مطردا وليس كذلك. قوله: "وتناول إطلاق الفعل" وتناول أيضا الفعل المتعدي وهو الصحيح خلافا لمن شرط اللزوم لئلا يلتبس بالمفعول به والناقص ككان وهو الصحيح بناء على أنها مشتقة وأنها تدل على معنى سوى الزمان سم. قوله: "أي ما تصنع" يؤخذ منه أنه ليس المراد بالمقدر المحذوف بل ما يعمه والعامل الذي يؤول إليه معنى الكلام فإن تصنع لا يتأتى أن يكون محذوفا في هذا التركيب لأنه لا يتعلق به الجار المذكور ويحتمل أن التقدير ما ثبت لك أو ما كان لك فيكون العامل محذوفا وهذا ما ذكره   446- البيت من الوافر، وهو لمسكين الدارمي في ديوانه ص66؛ وشرح المفصل 2/ 50؛ والكتاب 1/ 308؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 3/ 142؛ ورصف المباني ص422. 447- صدره: إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا والبيت من الطويل، وهو لجرير في ذيل الأمالي ص140؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 581؛ وسمط اللآلي ص899؛ وشرح شواهد الإيضاح ص374؛ وشرح شواهد المغني 2/ 900؛ وشرح عمدة الحافظ ص407، 667؛ وشرح المفصل 2/ 51؛ ولسان العرب 1/ 312 "حسب"، 12/ 395 "ميج"، 15/ 66 "عصا"؛ ومغني اللبيب 2/ 563؛ والمقاصد النحوية 3/ 84. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 448- فقدني وإياهم فإن ألق بعضهم ... يكونوا كتعجيل السنام المسرهد وقوله: 449- لا تحبسنك أثوابي فقد جمعت ... هذا ردائي مطويًّا وسربالا فسربالا: نصب على المفعول معه والعامل فيه مطويا لا هذا، خلافًا لأبي علي في تجويزه الأمرين. تنبيه: أفهم بقوله سبق أن المفعول معه لا يتقدم على عامله وهو اتفاق. فلا يجوز والطريق سرت، وفي تقدمه على مصاحبه خلاف والصحيح المنع. وأجاز ذلك ابن جني تمسكًا بقوله:   المصنف في التسهيل ويمكن إجراء كلام الشارح عليه بأن يكون قوله أي ما تصنع بيانا لحاصل المعنى لا للفعل المقدر. فإن قلت: لم اكتفى بتقدير الفعل فيما ذكر ولم يكتف به في هذا لك وأباك حيث منع فيه النصب؟ أجيب بقوة الداعي للفعل فيما ذكر وهو تقدم الاستفهام الغالب دخوله على الفعل ووجود الجار والمجرور الذي الأصل في العمل فيه الفعل بخلاف ذاك فإن الداعي فيه وجود الجار والمجرور فقط ذكره الفاكهي. قوله: "فحسبك إلخ" أي بناء على أن حسب اسم فعل بمعنى يكفي والكاف مفعوله وسيف فاعله والجمهور على أنه صفة مشبهة بمعنى كما في مبتدأ وسيف خبره والضحاك مفعول به لمحذوف أي ويحسب الضحاك أي يكفيه من أحسب إذا كفى وفاعل يحسب ضمير يعود على سيف لتقدمه رتبة والواو عاطفة جملة على جملة لا مفعول معه لأن الصفة المشبهة لا تنصب المفعول معه كما مر فضمته على الأول بنائية وعلى الثاني اعرابية له. وروي كما في المغني جر الضحاك ورفعه أيضا فالجرّ قيل بإضمار حسب أخرى وقيل بالعطف والرفع على أن الأصل وحسب الضحاك فحذف حسب وخلفه المضاف إليه. قوله: "فقدني" أي يكفيني. كتعجيل خبر يكونوا أي كذوي تعجيل. والمسرهد السمين. قوله: "في تجويزه الأمرين" أي بناء على مذهبه السابق من الاكتفاء بالعامل المعنوي. قوله: "وهو اتفاق" أي محل اتفاق وفيه أن الرضي جوّز تقديمه على العامل مع تأخره عن   448- البيت من الطويل، وهو لأسيد بن أبي إياس الهذلي في شرح أشعار الهذليين 2/ 628؛ والمقاصد النحوية 3/ 84. 449- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 76؛ والدرر 3/ 154؛ وشرح التصريح 1/ 343؛ والمقاصد النحوية 3/ 86. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 وبعد ما استفهام أو كيف نصب ... بفعل كون مضمر بعض العرب   450- جمعت وفحشًا غيبة ونميمة ... ثلاث خصال لست عنها بمرعوي وقوله: 451- أكنيه حين أناديه لأكرمه ... ولا ألقبه والسوأة اللقبا على رواية من نصب السوأة واللقب. يعني أن المراد في الأول جمعت غيبة ونميمة مع فحش. وفي الثاني ولا ألقبه اللقب مع السوأة لأن من اللقب ما يكون لغير سوأة ولا حجة له فيهما لإمكان جعل الواو فيهما عاطفة قدمت هي ومعطوفها وذلك في البيت الأول ظاهر وأما في الثاني فعلى أن يكون أصله ولا ألقبه اللقب ولا أسوءه السوأة، ثم حذف ناصب السوأة "وبعد ما استفهام أو كيف نصب" الاسم على المعية "بفعل كون مضمر" وجوبًا "بعض العرب" فقالوا: ما أنت وزيدًا. ومنه قوله: 452- ما أنت والسير في متلف   المصاحب نحو إياك والنيل سرت. قوله: "أكنيه" بفتح الهمزة أي أدعوه بكنيته. قوله: "قدمت هي ومعطوفها" أي ضرورة كما سيأتي في باب العطف. قوله: "فعلى أن يكون إلخ" فتكون السوأة مفعولا مطلقا وعطفه من عطف الجمل. وأما اللقب فمفعول به ثان لألقب، تقول لقبته لقبا وبلقب كسميته اسما وباسم. ودعوى البعض أن هذا غير ظاهر وأن الظاهر كونه مفعولا مطلقا غير ظاهرة بل كونه مفعولا به أظهر لاحواج المفعولية المطلقة إلى تأويل اللقب بالتلقيب. قوله: "بفعل كون" أي بفعل مشتق من لفظ الكون لكن إذا صلح الكلام لتقدير غير فعل الكون كتصنع وتلابس جاز تقديره. فإن قلت لم أكتفى بتقدير الفعل في نحو ما أنت وزيدا ولم يكتف به في نحو هذا لك وأباك. أجيب بقوة الداعي للفعل في نحو ما أنت وزيدا لوجود مقتضيين له: تقدم الاستفهام الذي هو أولى بالفعل، والضمير المنفصل الذي كان متصلا به على أنه فاعله بخلاف نحو هذا لك وأباك فإن فيه مقتضيا للفعل واحدا كما بيناه قريبا. قوله: "وجوبا" صرح غيره بل هو أيضا في شرح التوضيح بأنه جوازا وهو الحق. قوله: "فقالوا ما أنت وزيدا" وقالوا ما شأنك وزيدا   450- البيت من الطويل، وهو ليزيد بن الحكم في خزانة الأدب 3/ 130، 134؛ والدرر 3/ 156؛ وشرح شواهد المغني 2/ 697؛ وشرح عمدة الحافظ ص637؛ والمقاصد النحوية 3/ 86، 262؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 141؛ والخصائص 2/ 383؛ وشرح التصريح 1/ 344، 2/ 137؛ وهمع الهوامع 1/ 220. 451- البيت من البسيط، وهو لبعض الفزارين في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1146؛ والمقاصد النحوية 2/ 411، 3/ 89؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 141. 452- عجزه: يبرح بالذكر الضابط والبيت من المتقارب، وهو لأسامة بن حبيب الهذلي في الدرر 3/ 157؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 128؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 1289؛ وشرح المفصل 2/ 52؛ والمقاصد النحوية 3/ 93؛ وللهذلي في لسان العرب= الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق ... والنصب مختار لدى ضعف النسق   وقالوا: كيف أنت وقصعة من ثريد، والأصل ما تكون وزيدًا، تكون وقصعة، فاسم كان مستكن وخبرها ما تقدم عليها من اسم استفهام، فلما حذف الفعل من اللفظ انفصل الضمير. تنبيهان: الأول من ذلك أيضًا قوله: 453- أزمان قومي والجماعة كالذي ... لزم الرحالة أن تميل مميلا فالجماعة نصب على المعية بفعل كون مضمر، والتقدير أزمان كان قومي والجماعة، كذا قدره سيبويه. الثاني في قوله بعض العرب إشارة إلى أن الأرجح في مثل ما ذكره الرفع بالعطف "والعطف إن يمكن بلا ضعف" من جهة المعنى أو من جهة اللفظ "أحق" وأرجح من النصب على المعية، كما في نحو جاء زيد وعمرو، وجئت أنا وزيد،   أي ما يكون شأنك. قوله: "ما أنت والسير في متلف" بفتح الميم اسم مكان أي طريق قفر يتلف فيه سالكه. وهو شطر بيت من المتقارب المثلوم وأنشده في الهمع وما أنت ولا ثلم عليه. قوله: "فاسم مكان مستكن" صريح في أنها ناقصة ولا يتعين بل يصح أن تكون تامة فكيف حال وما مفعول مطلق ذكره يس. قوله: "من ذلك" أي من إضمار ناصب المفعول معه ولما لم يكن هنا استفهام فصله عما قبله. قوله: "أزمان قومي" جمع زمن وقومي اسم كان المحذوفة أو فاعلها وكالذي خبرها أو حال أي كالراكب الذي. والرحالة بكسر الراء سرج من جلد لا خشب فيه كانوا يتخذونه للركض الشديد أن تميل أي بسبب أن تميل. والضمير للرحالة ولعل لا مقدرة أي بسبب أن لا تميل، ويحتمل أن التقدير خوف أن تميل على أنه تعليل لكان قومي فيكون الضمير للجماعة بل هذا أقرب. ومميلا مصدر بمعنى ميلا. ورأيت بخط الشنواني بهامش الدماميني أن المراد بالبيت وصف ما كان من استواء الأمور واستقامتها قبل قتل عثمان رضي الله تعالى عنه. ا. هـ. قوله: "والتقدير أزمان كان قومي" تقدير كان هنا متعين، وتحتمل النقصان والتمام كما مر وتعينها هنا يرجح تقديرها في باقي الأمثلة ولأنها أعم الأفعال. ا. هـ. دماميني. وفيه أنه لا مانع هنا من تقدير نحو ثبت ووجد فتأمل. قوله: "وأرجح من النصب" لعدم الخلاف في جوازه بخلاف النصب إذ القائل بأن   = 4/ 532 "عبر" وبلا نسبة في رصف المباني ص421؛ وشرح عمدة الحافظ ص404؛ والكتاب 1/ 203؛ وهمع الهوامع 3/ 93. 453- البيت من الكامل، وهو للراعي النميري في ديوانه ص134؛ والأزهية ص71؛ وخزانة الأدب 3/ 145، 148؛ والدرر 2/ 89؛ وشرح التصريح 1/ 195؛ والكتاب 1/ 305؛ والمقاصد النحوية 2/ 99؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 266؛ وشرح عمدة الحافظ ص405؛ والمقرب 1/ 160؛ وهمع الهوامع 1/ 122، 2/ 156. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35، الأعراف: 19] ، برفع ما بعد الواو على العطف لأنه الأصل، وقد أمكن بلا ضعف، ويجوز النصب على المعية في مثله "والنصب" على المعية "مختار لدى ضعف النسق" إما من جهة المعنى كما في نحو قولهم: لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها، فإن العطف فيه ممكن على تقدير لو تركت الناقة ترأم فصيلها وترك فصيلها يرضعها لرضعها، لكن فيه تكلف وتكثير عبارة فهو ضعيف، فالوجه النصب على معنى لو تركت الناقة مع فصيلها. ونحو قوله: 454- إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ ... فدعه وواكل أمره واللياليا وقوله: 455- فكونوا أنتم وبني أبيكم ... مكان الكليتين من الطحال   النصب سماعي كما سيأتي في الخاتمة لا يجيزه ولصيرورة العمدة في النصب وإن قصد عدم التنصيص عليها وبقاء الاحتمال تعين الرفع أفاده الدماميني. قوله: "وزوجك" عطف على المستتر في اسكن وعمل فعل الأمر في الاسم الظاهر إنما يمتنع إذا لم يكن تابعا أما إذا كان تابعا فلا لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع فلا حاجة لما قيل إنه فاعل لمحذوف أي وليسكن زوجك الجنة على أنه يلزم عليه حذف الفعل المقرون بلام الأمر وهو شاذ. قوله: "لأنه الأصل" أي الغالب في الواو. قوله: "ويجوز النصب على المعية" المحل لفاء التفريع. قوله: "على تقدير لو تركت إلخ" أي لأن مجرد تركهما لا يتسبب عنه الرضاع لاحتمال نفرتها من ولدها أو تباعدهما بخلاف تركها ترأم فصيلها من باب سمع أي تعطف عليه وتركه يرضعها أي يتمكن من رضاعها فإنه يتسبب عن ذلك رضاعه إياها بالفعل. قوله: "وتكثير عبارة" أي تكثير للعبارة المقدرة والعطف من عطف السبب على المسبب. قوله: "على معنى لو تركت الناقة مع فصيلها" أي معية في الحس والمعنى لئلا يرد احتمال كونه معها وهي نافرة منه فلا يرضعها فتفطن. قوله: "إذا أعجبتك" أي أوقعتك في عجب. ومعنى قوله وواكل أمره واللياليا على العطف اترك أمره لليالي واترك الليالي لأمره وهذا وجه التعسف الذي سيذكره. قوله: "مكان   454- البيت من الطويل، وهو لأفنون التغلبي في حماسة البحتري ص164؛ ولمويلك العبدي في حماسة البحتري ص215؛ وبلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 99. 455- البيت من الوافر، وهو لشعبة بن قمير في نوادر أبي زيد ص141؛ وهو للأقرع بن معاذ في سمط اللآلي ص914؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 243؛ والدرر 3/ 154، 158؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 126، 2/ 640؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 429؛ وشرح التصريح 1/ 345؛ وشرح قطر الندى ص233؛ وشرح المفصل 2/ 48؛ والكتاب 1/ 298؛ واللمع ص143؛ ومجالس ثعلب ص125؛ والمقاصد النحوية 3/ 102؛ وهمع الهوامع 1/ 220. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 والنصب إن لم يجز العطف يجب ... أو اعتقد إضمار عامل تصب   لأن في العطف تعسفًا في الأول وتوهينًا للمعنى في الثاني. وفي النصب على المعية سلامة منهما فكان أولى. وإما من جهة اللفظ كما في نحو جئت وزيدًا واذهب وعمرًا؛ لأن العطف على ضمير الرفع المتصل لا يحسن ولا يقوى إلا مع الفصل ولا فصل. فالوجه النصب لأن فيه سلامة من ارتكاب وجه ضعيف عنه مندوحة "والنصب" على المعية "إن لم يجز العطف" لمانع معنوي أو لفظي "يجب" فالمانع المعنوي كما في سرت والنيل، ومشيت والحائط، ومات زيد وطلوع الشمس، ما لا يصح مشاركة ما بعد الواو منه لما قبلها في حكمه، والمانع اللفظي كما في نحو ما لك وزيدًا وما شأنك وعمرًا   الكليتين" بضم الكاف ويقال الكلوتين بضم الكاف مع الواو لحمتان حمراوان لاصقتان بعظم الصلب والطحال بكسر الطاء دم متجمد. قوله: "تعسفا في الأول" تعبيره هنا بالتعسف وفيما مر بالتكلف تفنن. قوله: "وتوهينا" أي تضعيفا للمعنى في الثاني وجهه اقتضاء كون بني الأب مأمورين وهو خلاف المقصود لأن المقصود أمر المخاطبين بأن يكونوا مع بني أبيهم وبحث فيه بأنه ينتج التعين لا الرجحان فقط وإلى تعين النصب مال أبو البقاء وتبعه المصرح. قوله: "يجب" جواب الشرط والشرط وجوابه خبر المبتدأ وهذا أولى من جعل جواب الشرط محذوفا ويجب خبر المبتدأ لأن حذف الجواب مع كون الشرط مضارعا ضرورة كذا قال غير واحد. وفيه أن محل كونه ضرورة إذا لم يكن الشرط المضارع مجزوما بلم وإلا جاز حذف الجواب كما سيأتي لكونه ماضيا في المعنى. واعلم أن عبارة المصنف تحتمل أمرين. الأول كون أو للتخيير والمعنى إذا امتنع العطف كما في سرت والنيل وجب أحد أمرين: إما النصب على المعية وإما النصب بإضمار عامل. الثاني كون أو للتنويع والمعنى أن ما امتنع فيه العطف نوعان: نوع يجب فيه النصب على المعية نحو سرت والنيل ونوع لا يجوز فيه النصب على المعية بل ينصب بإضمار عامل نحو: علفتها تبنا وماء باردا وعلى هذا حل الشارح غير أنه زاد في النوع الثاني وجها وهو تأويل العامل بما يصلح للمعطوف والمعطوف عليه ويرد على الاحتمال الأول ما لا تصح فيه المعية نحو علفتها إلخ وعلى الثاني أن دعوى عدم صحة تقدير العامل في النوع الأول غير مسلمة لأنه يصح في نحو سرت والنيل أن التقدير سرت ولابست النيل. قوله: "مما لا يصح" أي من تركيب أو كلام لا يصح فيه ما ذكر ومنه: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} [يونس: 71] ، إذ لا يقال أجمع زيد الشركاء بل جمعهم، ويقال أجمع أمره وعلى أمره أي عزم، فنصب شركاءكم لكونه مفعولا معه أو بتقدير اجمعوا بوصل الهمزة ومنه: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9] ، إذ الإيمان لا يتبوّأ فنصبه لكونه مفعولا معه أو بتقدير أخلصوا مثلا أو بتأويل تبوءوا بلزموا. قوله: "كما في نحو ما لك وزيدا" أي بناء على غير مذهب المصنف أما على مذهبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لأن العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار ممتنع عند الجمهور، فيتعين النصب على المعية. هذا حيث أمكن النصب على المعية كما رأيت. فأما إذا امتنع مع امتناع العطف وهو رابع الأقسام وذلك كما في نحو قوله: 456- علفتها تبنًا وماء باردا وقوله: 457- إذا ما الغانيات برزن يومًا ... وزججن الحواجب والعيونا   فيصح العطف لأنه لا يقول بوجوب إعادة الجار في العطف على الضمير المجرور وإنما لم يمنعوا النصب كما منعوه في هذا لك وأباك لما أسلفناه وفي التسهيل وشرحه للدماميني ما نصه والنصب في هذين المثالين ونحوهما بكان مضمرة قبل الجار والتقدير ما كان لك وزيدا وما كان شأنك وزيدا، أو بمصدر لابس منويا بعد الواو فالتقدير ما لك وملابستك زيدا وكذا في المثال الآخر وهذان التوجيهان أجازهما سيبويه لكن على الثاني يخرج المنصوب عن كونه مفعولا معه إلى كونه مفعولا به. فإن قلت ويلزم عليه إعمال المصدر منويا. قلت قد اعتذر عن ذلك بأن المصدر هنا في قوة الملفوظ به لوضوح الدلالة عليه على أن المصنف صرح بجواز إعمال المصدر منويا وأطنب في الاستدلال عليه وذكر جملة من الشواهد عليه، وإذا قدر الناصب مصدرا منويا احتمل أن يكون معطوفا على الخبر الذي هو كائن المحذوف الذي يتعلق به لك، فالمعنى ما ملابستك زيدا إذ المعطوف على الخبر خبر وهو معنى صحيح. ا. هـ. مع حذف. ومنه يعلم أن في تعين نصب زيدا في المثال على المعية نظرا إلا أن يجاب بما يأتي قريبا. قوله: "وما شأنك وعمرا" بحث فيه الدماميني بأنه يجوز الجر على حذف المضاف وهو شأن وابقاء المضاف إليه على جره كما في قوله: أكل امرىء تحسبين امرأ ... ونار توقد بالليل نارا والرفع على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، فدعوى تعين النصب فيه على المعية ممنوعة ويجاب بأن تعين النصب فيه إضافي أي بالنسبة إلى الجر على العطف على الضمير. قوله: "ممتنع عند الجمهور" أي جمهور البصريين لا النحويين لأن الكوفيين وبعض البصريين لا يوجبون إعادة الجار كالناظم كذا قال البعض تبعا لغيره والذي في الدماميني أن أهل الأمصار انضموا في المنع إلى أكثر البصريين فصار المجموع أكثر من الكوفيين وبعض البصريين فصحت إرادة جمهور النحويين. قوله: "هذا" أي ما تقدم من الأقسام الثلاثة أو الإشارة للقسم   456- رجز لم يعلم قائله. 457- البيت من الوافر، وهو للراعي النميري في ديوانه ص269؛ والدرر 3/ 158؛ وشرح شواهد المغني 2/ 775؛ ولسان العرب 2/ 287 "زحج" والمقاصد النحوية 3/ 91؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 212، 7/ 233؛ والإنصاف 2/ 610؛ وأوضح المسالك 2/ 247؛ وتذكرة النحاة ص617؛ وحاشية يس 1/= الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فإن العطف ممتنع لانتقاء المشاركة والنصب على المعية ممتنع، لانتفاء المصاحبة في الأول، وانتفاء فائدة الإعلام بها في الثاني فأول العامل المذكور بعامل يصح انصبابه عليهما، فأول علفتها بأنلتها، وزججن بزين كما ذهب إليه الجرمي والمازني والمبرد وأبو عبيدة والأصمعي واليزيدي "أو اعتقد إضمار عامل" ملائم لما بعد الواو ناصب له "تصب" أي وسقيتها ماء وكحلن العيون. إلى هذا ذهب الفراء والفارسي ومن تبعهما. تنبيه: بقي من الأقسام قسم خامس وهو تعين العطف وامتناع النصب على المعية نحو كل رجل وضيعته، واشترك زيد وعمرو، وجاء زيد وعمرو قبله أو بعده. ا. هـ. خاتمة: ذهب أبو الحسن الأخفش إلى أن هذا الباب سماعي. وذهب غيره إلى أنه مقيس في كل اسم استكمل الشروط السابقة وهو ما اقتضاه إيراد الناظم وهو الصحيح. والله تعالى أعلم.   الأخير والأول أولى. قوله: "لانتفاء المشاركة" أي مشاركة الماء للتبن في العلف والعيون للحواجب في التزجيج الذي هو تدقيقها وتطويلها كما في التصريح وغيره. قوله: "وانتفاء فائدة الإعلام بها في الثاني" قال سم فيه نظر قال البعض كشيخنا تبعا لبعضهم: وجهه أن المقصود مصاحبة العيون للحواجب المزججة لا لمطلق الحواجب وفي الاعلام بها فائدة. ا. هـ. وأنت خبير بأن قوله والعيونا لم يقع إلا بعد إفادة تزجيج الحواجب فلا محصل له إلا مصاحبة العيون لتلك الحواجب المزججة وهذا معلوم مما قبله فلا فائدة للإعلام به. قوله: "فأول العامل إلخ" أي ويكون ذلك مجازا مرسلا لا من باب التضمين كما زعمه البعض. قوله: "أو اعتقد إلخ" عطف على يجب من عطف الإنشاء على الإخبار للضرورة أو جريا على القول بجوازه والرابط لجملة اعتقد إلخ بالمبتدأ على جعل يجب خبرا عن النصب محذوف تقديره عامل له. قوله: "نحو كل رجل إلخ" المراد بنحو ما ذكر كل تركيب فقد فيه قيد من القيود السابقة. قوله: "وهو ما اقتضاه إيراد الناظم" حيث بوّب له مع الأبواب القياسية ولم ينبه على كونه سماعيا. فائدة: قال الفارضي إذا اجتمعت المفاعيل قدم المفعول المطلق ثم المفعول به الذي تعدى إليه العامل بنفسه ثم الذي تعدى إليه بواسطة الحرف ثم المفعول فيه الزماني ثم المكاني ثم المفعول له ثم المفعول معه كضربت ضربا زيدا بسوط نهارا هنا تأديبا وطلوع الشمس. ا. هـ باختصار. والظاهر أن هذا الترتيب أولى لا واجب.   = 342؛ والخصائص 2/ 432؛ والدرر 6/ 180؛ وشرح التصريح 1/ 346؛ وشرح شذور الذهب ص313؛ وشرح ابن عقيل ص504؛ وشرح عمدة الحافظ ص635؛ وكتاب الصناعتين ص182؛ ولسان العرب 1/ 422 "رغب"؛ ومغني اللبيب 1/ 357؛ وهمع الهوامع 1/ 222، 2/ 130. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 الاستثناء : ما استثنت إلا مع تمام ينتصب ... وبعد نفي أو كنفي انتخب   الاستثناء: الاستثناء هو الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها لما كان داخلًا أو منزلًا منزلة الداخل، فالإخراج جنس. وبإلا إلى آخره يخرج التخصيص ونحوه. وما كان داخلًا يشمل الداخل حقيقة والداخل تقديرًا وهو المفرغ. والقيد الأخير لإدخال المنقطع على ما ستراه "ما استثنت إلا مع" كلام "تمام" أي غير مفرغ موجبًا كان أو غير موجب "ينتصب" إلا أن   الاستثناء: السين والتاء زائدتان وهو من المثنى بمعنى العطف لأن المستثنى معطوف عليه بإخراجه من حكم المستثنى منه أو بمعنى الصرف لأنه مصروف عن حكم المستثنى منه. قوله: "الاستثناء هو الإخراج إلخ" أظهر لأن الاستثناء في الترجمة بمعنى المستثنى بدليل ذكره في المنصوبات والاستثناء المعرف بالمعنى المصدري. قوله: "لما كان داخلا" أي في مفهوم اللفظ لغة وإن كان خارجا من أول الأمر في النية أو المراد بإخراج مكان داخلا إظهار خروج ما يتوهم دخوله فلا ينافي ما قالوه أنه يجب ملاحظة خروج المستثنى من أول الأمر بحيث يكون المستثنى منه مستعملا فيما عدا المستثنى والاستثناء قرينة على ذلك لئلا يلزم التناقض بإدخال الشيء ثم إخراجه، والكفر ثم الإيمان في لا إله إلا الله. قوله: "فالإخراج جنس" لشمول المعرف وغيره كالإخراج بالصفة وبدل البعض والشرط والغاية نحو: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] ، أكلت الرغيف ثلثه اقتل الذمي إن حارب و {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] قاله المصرح. قوله: "يخرج التخصيص" أراد به التخصيص بالوصف والإضافة لشيوعه فيهما وبنحوه التقييد بالغاية والشرط و الحال والبدل ونحوها فلا يقال إن الاستثناء من التخصيص. قوله: "يشمل الداخل حقيقة إلخ" قال سم الوجه أن يقال الداخل حقيقة لفظا أو تقديرا فإن المستثنى المفرغ داخل حقيقة إلا أن الدخول تقديري من حيث إن المستثنى منه الذي هو محل الدخول مقدر لا ملفوظ. قوله: "ما استثنت إلا" أي الاستثنائية أما الوصفية فستأتي في الشرح. فائدة: قال في الهمع الاستثناء في حكم جملة مستأنفة فلا يقدم معمول تالي إلا عليها فيمتنع ما أنا زيدا إلا ضارب ولا يؤخر معمول متلوها عنها فيمتنع ما ضرب إلا زيد عمرا، وما ضرب إلا عمرا زيد، وما مر إلا زيد بعمرو إلا على إضمار عامل يفسره ما قبله، ويستثنى من هذا المستثنى منه وصفته فيجوز تأخيرهما نحو ما قام إلا زيدا أحد، وما مررت بأحد إلا زيدا خير من عمرو، وأجاز الكسائي تأخير المعمول مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا، واستدل بقوله: فما زادني إلا غراما كلامها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الانتصاب مع الموجب متحتم اتفاقًا، سواء كان المستثنى متصلًا وهو ما كان بعضًا من   وما كف إلا ماجد ضرّ بائس وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا} [يوسف: 109، النحل: 43] ، إلى قوله: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} [آل عمران: 184، النحل: 44] ، ووافقه ابن الأنباري في المرفوع والأخفش في الظرف والمجرور والحال نحو ما جلس إلا زيد عندك، وما مر إلا عمرو بك، وما جاء إلا زيد راكبا واختاره أبو حيان. ا. هـ. باختصار وقوله ويستثنى من هذا المستثنى منه وصفته أي وما فرغ له العامل نحو ما ضرب إلا زيد. قوله: "مع تمام أي غير مفرغ" في تفسير الشارح إشارة إلى أن التمام بمعنى التام أي مع العامل التام ولا حاجة إلى ذلك إذ يصح إبقاء التمام على مصدريته أي مع ذكر المستثنى منه أي ولو بالضمير المستتر. قوله: "موجبا كان" أي العامل التام وعلى هذا التعميم يكون قوله الآتي وبعد نفي إلخ تفصيلا لما أجمل هنا ويجوز أن يقيد ما هنا بالإيجاب بقرينة ما يأتي فيكون مقابلا له وهو أظهر، والمراد بالانتصاب على الأول ما يعم الواجب والجائز، وعلى الثاني الواجب. قوله: "متحتم اتفاقا" فيه نظر فإن الاتباع جائز في لغة حكاها أبو حيان وخرّج عليها قراءة بعضهم شذوذا فشربوا منه إلا قليل منهم وسيأتي أنه في تأويل لم يكونوا مني بدليل: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة: 249] ، قال شيخنا الظاهر أن الوجوب إضافي بالنسبة لامتناع الاتباع فلا يرد أنه يجوز في الاسم بعد إلا في التام الموجب رفعه على أنه مبتدأ مذكور الخبر أو محذوفه ويكون المستثنى حينئذٍ الجملة كما قاله الفارضي وغيره. ا. هـ. وظاهر اطلاقه جريان ما ذكر في المتصل والمنقطع ولا بعد فيه بل يأتي ما يؤيده، وعبارة الدماميني: اعلم أن المستثنى المنقطع قد يكون مفردا كما تقدم وقد يكون جملة نحو: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ، فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} [الغاشية: 22-24] ، قال ابن خروف من بمتدأ ويعذبه الله الخبر والجملة في موضع نصب على الاستثناء المنقطع. قلت وأهمل الأكثرون عدّ هذه الجملة في الجمل التي لها محل من الإعراب وينبغي أن تعد على هذا. ا. هـ. أقول ممن عدها منها صاحب المغني فإنه قال والحق أنها تسع والذي أهملوه الجملة المستثناة والجملة المسند إليها ومثل الأولى بالآية ونقل كلام ابن خروف فيها وبقراءة بعضهم: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا} [البقرة: 229] ، على قول الفراء إن قليل مبتدأ حذف خبره أي لم يشربوا ثم قال وأما الثانية فنحو: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6، يس: 10] ، إذا أعرب سواء خبرا وأنذرتهم مبتدأ ونحو تسمع بالمعيدي خير من أن تراه إذا لم يقدر الأصل أن تسمع بل قدر تسمع قائما مقام السماع كما أن الجملة بعد الظرف في نحو: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} [الكهف: 47] ، وفي نحو: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] ، في تأويل المصدر وإن لم يكن معهما حرف سابك. ا. هـ. ومتى كان ما بعد إلا جملة فإلا بمعنى لكن ولو كان الاستثناء متصلا كما في الدماميني عن توضيح الناظم لكن إن نصب تالي إلا فهي كلكن المشددة وإن رفع فكالمخففة. قوله: "سواء كان المستثنى متصلا" هكذا في نسخ وعليه فتعريفاه للمتصل والمنقطع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المستثنى منه أو منقطعًا وهو ما لم يكن كذلك. وسواء كان متقدمًا على المستثنى منه أو متأخرًا عنه، تقول: قام القوم إلا زيدًا، وخرج القوم إلا بعيرًا، وقام إلا زيدًا القوم. وخرج إلا بعيرًا القوم. وهكذا تقول مع عامل النصب والجر. تنبيه: ناصب المستثنى هو إلا، لا ما قبلها بواسطتها، ولا مستقلا، ولا استثنى   ظاهران لا تحتاج صحتها إلى تقدير، لكن الأشهر جعل الاتصال والانقطاع وصفين للاستثناء لا المستثنى. وفي نسخ سواء كان الاستثناء متصلا وهو الموافق للأشهر، لكن عليه تحتاج صحة تعريفه للمتصل إلى تقدير أي وهو ذو ما كان بعضا أي وهو الاستثناء صاحب المستثنى الذي كان بعضا وكذا تعريفه المنقطع والصحيح أن الاستثناء حقيقة في المتصل مجاز في المنقطع لتبادر المتصل منه إلى الفهم عند التجرد عن القرائن وهذا شأن الحقيقة وقيل مشترك لفظي فيهما وقيل معنوي. قوله: "ما كان بعضا من المستثنى منه" أولى من قول غيره ما كان من جنس المستثنى منه لأنه يصدق على قام القوم إلا حمارا وجاء بنوك إلا ابن زيد مع أنهما من المنقطع. وتأويل الجنس بالنوع إنما يدفع ورود الأول لا الثاني ولأنه يخرج عنه نحو أحرقت زيدا إلا يده مما كان فيه المستثنى جزءا من المستثنى منه مع أنه من المتصل، ويعلم من هذا أن المراد بالبعض في التعريف ما يشمل الفرد والجزء. واعترض على تعريف المنقطع بما ذكر بأنه لا يشمل الاستثناء في قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] ، وقوله تعالى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [البقرة: 188] ، فإن المستثنى فيهما بعض من المستثنى منه ومن جنسه مع أن الاستثناء منقطع، فينبغي أن يقال إن الاستثناء المتصل أن يحكم على ما بعد إلا مثلا وهو بعض مما قبلها بنقيض ما حكم به على ما قبلها فإن فقد أحد القيدين كان منقطعا ففقد القيد الأول نحو قام القوم إلا حمارا وفقد الثاني نحو الآيتين فإنه لم يحكم على الموتة الأولى بذوقهم لها في الجنة الذي هو نقيض عدم ذوقهم لها فيها، ولا على التجارة عن التراضي بعدم منع أكلها بالباطل الذي هو نقيض منع أكلها بالباطل أفاده الشهاب القرافي، وأسهل منه أن يقال في تعريف المتصل إخراج شيء دخل فيما قبل إلا مثلا بها. قوله: "أو منقطعا" شرطه أن يناسب المستثنى منه فلا يجوز قام القوم إلا ثعبانا وأن لا يسبق ما هو نص في خروجه فلا يجوز صهلت الخيل إلا الإبل بخلاف صوتت الخيل إلا الإبل نقل شيخنا الأول عن الحلبي والثاني عن الشارح، وصرح به الدماميني. قوله: "لا ما قبلها بواسطتها" هذا رأي السيرافي وعزاه ابن عصفور وغيره إلى سيبويه والفارسي وجماعة من البصريين. وقال الشلوبين هو مذهب المحققين وعدل عن قوله في التسهيل لا بما قبلها معدي بها لأن التعدية إنما هي معروفة في الفعل وشبهه فلا تتناول عبارته بحسب الظاهر نحو قولك القوم إخوتك إلا زيدا كذا في الدماميني وإنما قال بحسب الظاهر لأنه إذا أول إخوتك المنتسبين لك بالأخوة كان من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مضمرًا، خلافًا لزاعمي ذلك على ما أشعر به كلامه وصرح باختياره في غير هذا الكتاب. وقال إنه مذهب سيبويه والمبرد والجرجاني، مشى عليه ولده لأنها حرف مختص بالأسماء غير منزل منها منزلة الجزء. وما كان كذلك فهو عامل فيجب في إلا أن تكون عاملة ما لم تتوسط بين عامل مفرغ ومعموله، فتغلى وجوبًا إن كان التفريغ محققًا نحو ما قام إلا زيد، وجوازًا إن كان مقدرًا نحو ما قام أحد إلا زيد فإنه في تقدير ما قام إلا زيد؛ لأن أحدًا مبدل منه والمبدل منه في حكم الطرح، وإنما لم تعمل الجر لأن عمل الجر بحروف   شبه الفعل. وقوله ولا مستقلا معطوف على محل بواسطتها وهو النصب على الحال. قوله: "على ما أشعر به كلامه" حيث قال ما استثنت إلا وسيقول وألغ إلا إلخ بناء على أن المراد إلغاؤها عن العمل، وظاهر كلامه أن الخلاف في عامل المنقطع أيضا ويؤخذ من كلام ابن الحاجب أن عامله إلا بالاتفاق فإنه قال بعد ذكر الأقوال وهذا كله في المتصل، وأما المنقطع فإن العامل فيه إلا وعملها فيه عمل لكن ولها خبر يقدر بحسب المعنى، ومنهم من يجيز إظهاره، ومنهم من يقول إنه حينئذٍ كلام مستأنف. ا. هـ. لكن قال الدماميني بعد نقله كلام ابن الحاجب هذا ما نصه: وقال الرضي أما المنقطع فمذهب سيبويه أنه أيضا منتصب بما قبل إلا من الكلام كما انتصب المتصل به فما بعد إلا عنده مفرد سواء كان متصلا أو منقطعا فهي وإن لم تكن حرف عطف إلا أنها كلكن العاطفة للمفرد على المفرد في وقوع المفرد بعدها فلهذا وجب فتح أن بعدها نحو زيد غني إلا أنه شقي. والمتأخرون لما رأوها بمعنى لكن قالوا إنها الناصبة بنفسها نصب لكن لاسمها وخبرها في الأغلب محذوف نحو جاءني القوم إلا حمارا أي لكن حمارا لم يجىء قالوا وقد يجيء خبرها ظاهرا نحو قوله تعالى: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ} [يونس: 98] ، وقال الكوفيون إلا في المنقطع بمعنى سوى وانتصاب المستثنى بعدها كانتصابه في المتصل وتأويل البصريين أولى لأن المستثنى المنقطع يلزم مخالفته لما قبله نفيا وإثباتا كما في لكن وفي سوى لا يلزم ذلك لأنك تقول لي عليك ديناران سوى الدينار الفلاني، وذلك إذا كان صفة وأيضا لكن للاستدراك وإلا في المنقطع كذلك لأنها ترفع توهم المخاطب دخول ما بعدها في حكم ما قبلها مع أنه ليس بداخل. ا. هـ. مع بعض حذف. قوله: "مختص بالأسماء" اعترض بأنها دخلت على الفعل في نحو نشدتك الله فعلت كذا. وأجيب بأنها داخلة على الاسم تأويلا، إذ المعنى لا أسألك إلا فعلك كذا. قوله: "فيجب في إلا إلخ" لو قال فهي عاملة لاتضحت نتيجة القياس الذي ركبه من الكل الأول التي أشار إليها بقوله فيجب في إلا إلخ. قوله: "ما لم تتوسط" أي لأن العامل حينئذٍ طالب لما بعدها وهو أقوى منها فقدم عليها سم. قوله: "إن كان التفريغ محققا" لعدم شيء في اللفظ يشتغل به العامل. قوله: "وجوازا إلخ" أي لأن ما يشتغل به العامل في نية الطرح كما سيأتي فالرفع باعتبار التفريغ المقدر والنصب باعتبار وجود ما يشتغل به لفظا ويرد عليه أنه لا يتأتى أن يكون العامل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع ... وعن تميم فيه إبدال وقع   تضيف معاني الأفعال إلى الأسماء، وتنسبها إليها وإلا ليست كذلك، فإنها لا تنسب إلى الاسم الذي بعدها شيئًا بل تخرجه من النسبة، فلما خالفت الحروف الجارة لم تعمل عملها. وإنما لم تجز اتصال الضمير بها لأن الانفصال ملتزم في التفريغ المحقق والمقدر، فالتزم مع عدم التفريغ ليجري الباب على سنن واحد. ا. هـ "وبعد نفي" ولو معنى دون لفظ "أو كنفي" وهو النهي والاستفهام المؤول بالنفي وهو الإنكاري "انتخب" أي اختير "إتباع   مفرغا إلا على القول بأن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه، والصحيح أن العامل فيه مقدر فلا تفريغ للعامل المذكور لا محقق ولا مقدر، وتفريغ العامل المقدر محقق ويمكن دفعه بأنه لما كان عامل البدل غير ظاهر وكان العامل المذكور طالبا في المعنى للبدل وكان المبدل منه في نية الطرح كان العامل المذكور باعتبار عدم ظهور عامل البدل وكون المبدل منه في نية الطرح مفرغا للبدل. قوله: "وتنسبها إليها" عطف تفسير على تضيف. قوله: "تخرجه من النسبة" أي نسبة الجملة قبله مثبتة أو منفية وهل يصير في حكم المسكوت عنه أو الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي قولان يحتمل كلام الشارح كلا منهما خلافا لبعضهم والصحيح الثاني وعليه فهل هو منطوق أو مفهوم قولان. قوله: "فلما خالفت الحروف الجارة إلخ" يرد عليه الجر بخلا وعدا فكان الأولى أن يقول ما في شرحه على التوضيح وإنما لم تعمل الجر لموافقتها الفعل معنى كما. قوله: "وإنما لم يجز اتصال الضمير بها إلخ" دفع لما يقال لو كانت إلا عاملة لجاز اتصال الضمير بها لأن الضمير يتصل بعامله. قوله: "لأن الانفصال ملتزم إلخ" أي لعدم عملها في حال التفريغ. قوله: "ولو معنى دون لفظ" تعرض الشارح للنفي لفظا ومعنى والنفي معنى فقط ولم يذكر النفي لفظا فقط نحو: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] ، لأنه نهي في المعنى ويمكن إدراجه في النهي بأن يراد به النهي ولو معنى فقط كما في الآية فإن النفي فيها بمعنى النهي وكما في قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} [الأنفال: 16] ، فإنه شرط في معنى النهي أي لا تولوا الأدبار إلا متحرفين فتأمل. ومن النفي معنى فقط {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] ، أي لا يريد الله إلا ذلك وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين أي لا تسهل إلا عليهم لكن هذه الأمثلة من التفريغ الذي ليس الكلام فيه الآن وقلّ رجل يقول ذلك إلا زيد أي لا رجل يقول ذلك إلا زيد. وأما لو فالنفي فيها ضمني لا قصدي فإذا قلت لو جاءني إخوتك إلا زيدا لأكرمتهم تعين النصب وأما {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ، فإلا بمعنى غير كما نقله يس عن ابن هشام وسيجيء في الشرح. قوله: "وهو الإنكاري" مراده به ما يشمل التوبيخي والفرق بينهما أن المستفهم عنه في الأول غير واقع ومدعيه كاذب، وفي الثاني واقع ومدعيه صادق وإن كان ملوما فالمراد بكون الثاني في معنى النفي أنه في معنى نفي الابتغاء واللياقة، ويقال للأول الإبطالي أيضا. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ما اتصل" لما قبل إلا في إعرابه فمثاله بعد النفي لفظًا ومعنى: ما قام أحد إلا زيد، وما رأيت أحدًا إلا زيدًا، وما مررت بأحد إلا زيد. ومثاله بعد النفي معنى دون لفظ قوله: 458- وبالصريمة منهم منزل خلق ... عاف تغير إلا النؤي والوتد فإن تغير بمعنى لم يبق على حاله. ومثال شبه النفي لا يقم أحد إلا زيد، وهل قام أحد إلا زيد، {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 135] . تنبيهات: الأول المستثنى عند البصريين والحالة هذه بدل بعض من المستثنى منه.   "انتخب اتباع ما اتصل" أي إن لم يطل الفصل بين التابع والمتبوع ولم يكن ردا لكلام تضمن استثناء ولم يتقدم المستثنى على المستثنى منه كما سيأتي في المتن، وإلا كان المختار النصب نحو ما جاءني أحد حين كنت جالسا هنا إلا زيدا لأن اختيار الاتباع ليتشاكل المستثنى والمستثنى منه ومع طول الفصل لا يتبين ذلك، ونحو ما قاموا إلا زيدا ردا لقول قائل قاموا إلا زيدا. ليتطابق الكلامان ودعوى بعضهم تعين النصب في هذه الصورة مردودة كما أفاده الدماميني بل نازع أبو حيان في اختيار النصب فيها وفي الصورة قبلها كما في الهمع ونحو ما قام إلا زيدا أحد. وإذا انتقض النفي أو النهي بإلا كانا في حكم الإثبات فينصب ما بعد إلا الثانية نحو ما شرب أحد إلا الماء إلا زيدا، ولا تأكلوا إلا اللحم إلا عمرا، وما مررت بأحد إلا قائما إلا بكرا، فهذا ونحوه بمنزلة ما لا نفي فيه ولا نهي إذا المعنى شربوا الماء إلا زيدا وكلوا اللحم إلا عمرا ومررت بهم قائمين إلا بكرا قاله الدماميني، وظاهر المتن والشرح اختيار الاتباع على البدلية في صورة نصب المستثنى منه أيضا نحو ما ضربت أحدا إلا زيدا وبه صرح في المغني قال الدماميني ومقتضى التعليل بتشاكل المستثنى والمستثنى منه تساوي البدلية والنصب على الاستثناء في هذه الصورة. قوله: "وبالصريمة" أي في الرملة المنصرمة من معظم الرمل. والخلق بفتحتين البالي، والعافي الدارس، والنؤى بنون مضمومة وهمزة ساكنة حفيرة حول الخباء تصنع لمنع دخول ماء المطر. والوتد معروف. قوله: "ومن يغفر الذنوب" أي أيّ موجود، أي ليس موجود يغفر الذنوب إلا الله فاندفع ما قيل إن الكلام في الاستثناء من كلام تام وما في الآية مفرغ. قوله: "الأول المستثنى" أي وحده على المشهور وقال غير واحد من المحققين المستثنى مع إلا لأن البدل يحل محل الأول فيقال ما قام إلا زيد ولا يقال ما قام زيد وحينئذٍ لا يرد الاعتراض الذي سيذكره الشارح ولا يخرج على هذا القول عن كونه بدل بعض لأن إلا زيد بمعنى غير زيد، وغير زيد بعض أحد لصدق أحد بزيد   458- البيت من البسيط، وهو للأخطل في ديوانه ص114؛ وشرح التصريح 1/ 349؛ وشرح شواهد المغني 2/ 670؛ وشرح عمدة الحافظ ص380؛ والمقاصد النحوية 3/ 103؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 255؛ ومغني اللبيب 1/ 276. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وعند الكوفيين عطف نسق قال أبو العباس ثعلب: كيف يكون بدلًا وهو موجب ومتبوعه منفي. وأجاب السيرافي بأنه بدل منه في عمل العامل فيه، وتخالفهما في النفي والإيجاب لا يمنع البدلية لأن سبيل البدل أن يجعل الأول كأنه لم يذكر والثاني في موضعه. وقد يخالف الموصوف والصفة نفيًا وإثباتًا نحو مررت برجل لا كريم ولا لبيب. الثاني إذا تعذر البدل على اللفظ أبدل على الموضوع نحو ما جاءني من أحد إلا زيد ولا أحد فيها إلا   وغيره هذا هو الأظهر ونقل شيخنا عن الشارح ما يفيد أنه على هذا بدل كل من كل وتوجيهه أن غير زيد نفس المنفي عنه القيام في الواقع وإن كان بعض مدلول لفظ أحد لغة. قوله: "بدل بعض" ولا يحتاج هنا إلى ضمير رابط لأن إلا قرينة على أن الثاني كان بعض ما يتناوله الأول لولاها قاله الدماميني. قوله: "عطف نسق" أي لأن إلا عندهم من حروف العطف في الاستثناء خاصة. ا. هـ. تصريح ورد الجمهور مذهبهم باطراد نحو ما قام إلا زيد وليس لنا حرف عطف يلي العامل باطراد. وأجاب ابن هشام بأنه ليس تاليها في التقدير إذ الأصل ما قام أحد إلا زيد قال الدماميني لكن يلزم عليه جواز حذف المعطوف عليه باطراد والفرض أنه غير مطرد. قوله: "قال أبو العباس إلخ" اعتراض على مذهب البصريين واعترض أيضا بأن بدل البعض لا بد فيه من ضمير يربطه بالمبدل منه وهو مفقود في نحو ما قام أحد إلا زيد وجوابه أن خصوص ربطه بالضمير غير واجب إنما الواجب مطلق ربطه وهو حاصل في المثال بإلا لدلالتها على إخراج الثاني من الأول وكونه بعضا منه كما مر عن الدماميني. قوله: "وهو موجب ومتبوعه منفي" أي ويجب تطابق البدل والمبدل منه إثباتا ونفيا ومحصل الجواب منع ذلك والسؤال والجواب مبنيان على القول بأن البدل هو المستثنى وحده دون القول بأنه هو مع إلا وهو المفهوم من قول الرضي كما جاز في نحو مررت برجل لا ظريف ولا كريم أن يجعل حرف النفي مع الاسم بعده صفة والإعراب على الاسم، كذلك يجوز في ما جاء القوم إلا زيد أن يجعل قولنا إلا زيد بدلا والإعراب على الاسم. ا. هـ. ونقله الدماميني عن بعض الفضلاء وأيده. قوله: "في عمل العامل" أي مماثل العامل لما عرفت أي بقطع النظر عن النفي والإثبات فقولهم هو المقصود بالنسبة أي نسبة مثل العامل بقطع النظر عن النفي والإثبات. قوله: "كأنه لم يذكر" أي ولا تعلق للنفي والإثبات بذلك. قوله: "وقد يتخالف الموصوف والصفة" الظاهر أنه تأييد لمنع وجوب توافق البدل والمبدل منه بأن لتخالفهما في ذلك نظيرا وهو تخالف الصفة والموصوف فسقط ما ذكره البعض ومثلهما المعطوف والمعطوف عليه نحو قام زيد لا عمرو. قوله: "إذا تعذر البدل على اللفظ إلخ" التمثيل بلا أحد فيها إلا زيد يدل على أنهم أرادوا باللفظ ما يشمل المحل المجدد بدخول العامل الموجود فإن المنفي في المثال التبعية للنصب محلا لا لفظا قاله سم. قوله: "أبدل على الموضع" قال البهوتي انظر ما الحكمة في ارتكاب هذا التكلف مع أن القاعدة أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ومثلوا له بنحو قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35، الأعراف: 19] ، كما مر بيانه أي فهلا جاز جرما بعد إلا في المثال الأول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   زيد، وما زيد شيئًا إلا شيء لا يعبأ به برفع ما بعد إلا فيهن، ونحو: ليس زيد بشيء إلا شيئًا بنصه لأن من والباء لا يزادان في الإيجاب، وما ولا لا يقدران عاملتين بعده كما   والأخير ونصبه في الثاني والثالث بناء على هذه القاعدة ويرده تصريح بعض المحققين بأن ذلك ليس قاعدة مطردة في كل محل بل معناه قد يغتفر إلخ. قوله: "ولا أحد فيها إلا زيد" برفع زيد مراعاة لمحل لا مع اسمها قبل دخول الناسخ أما الأول فمال إليه في المغني ووجهه بأنهما في موضع رفع بالابتداء عند سيبويه ويصح إحلال البدل محلهما فيقال زيد فيها واستشكله الدماميني، وأسلفنا في باب لا تأويل كلام سيبويه بما يرجعه إلى الثاني وأما الثاني فنقله في المغني عن الأكثرين واستشكل بعدم صحة إحلال البدل محل المبدل منه وأجاب الشلوبين بأن هذا الكلام على توهم ما فيها أحد إلا زيد وهذا يمكن فيه الإحلال بأن يقال ما فيها إلا زيد وهذا القول الثاني إنما يأتي على عدم اشتراط وجود طالب المحل وذهب كثير إلى أنه بدل من الضمير المستكن في الخبر والأقوال الثلاثة تأتي في رفع الاسم الشريف من كلمة التوحيد لكن على الأول يذكر الخبر عند الإحلال فيقال الله موجود كما في المغني وعلى الثاني يكون الإحلال لكون المعنى ما في الوجود إله إلا الله وهذا يمكن فيه الإحلال وقيل رفع الاسم الشريف على الخبرية وضعفه في المغني بما نقل الدماميني جوابه ومر في باب لا كلام في ذلك وقد ينصب على الاستثناء من الضمير المستكن في الخبر المقدر. فائدة: قال في المغني يجوز في نحو ما أحد يقول ذلك إلا زيد بدلا من أحد وهو المختار أو بدلا من ضميره ونصبه على الاستثناء فرفعه من وجهين ونصبه من وجه. ونحو ما رأيت أحدا يقول ذلك إلا زيدا نصبه من وجهين ورفعه من وجه ومن مجيئه مرفوعا قوله: في ليلة لا نرى بها أحدا ... يحكى علينا إلا كواكبها اهـ. وقوله وهو المختار أي لأن الإبدال من صاحب الضمير أرجح لأنه الأصل ولأنه لا يحوج إلى التأويل الذي في الإبدال من الضمير وهو أن صحة الإبدال من الضمير لشمول النفي للضمير معنى لأن معنى ما أحد يقول ذلك، ما يقول أحد ذلك، ولا بد من جعل رأي في مثاله الثاني علمية على تقييد سيبويه جواز الإبدال من الضمير يكون صاحبه مبتدأ في الحال أو في الأصل. وقال الرضي أنا لا أرى بأسا مع غير الابتداء ونواسخه أيضا بالإبدال من ضمير راجع إلى ما يصلح للإبدال منه إذا شمل النفي عامل ذلك الضمير نحو ما كلمت أحدا ينصفني إلا زيد لأن المعنى ما أنصفني أحد كلمته إلا زيد بخلاف لا أوذي أحدا يوحد الله إلا زيدا فلا يجوز الإبدال من ضمير يوحد لأن التوحيد ليس بمنفي بل الأذى فقط. ا. هـ. دماميني وشمني. قوله: "إلا شيء" بالرفع لمراعاة محل شيئا قبل دخول الناسخ بناء على عدم اشتراط وجود الطالب للمحل وعلى اشتراطه يجعل شيء خبر مبتدأ محذوف أي هو شيء لا يعبأ به وإلا حينئذٍ بمعنى لكنّ. قوله: "لا يزادان في الإيجاب" أي على غير مذهب الأخفش والمراد لا يزادان قياسا فلا يرد بحسبك درهم وكفى بالله لقصوره على السماع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تقدم في موضعه. الثالث أفهم قوله انتخب أن النصب جائز، وقد قرئ في السبع: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: 66] ، {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ} [هود: 81] ، بالنصب. ا. هـ. "وانصب" والحالة هذه أعني وقوع المستسنى بعد نفي أو شبهه "ما انقطع" تقول: ما قام أحد إلا حمارًا، ما مررت بأحد إلا حمارًا، هذه لغة جميع العرب سوى تميم، وعليها قراءة السبعة: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157] ، "وعن تميم فيه إبدال وقع" كالمتصل فيجيزون ما قام أحد إلا حمار، وما مررت بأحد إلا حمار. ومنه قوله:   قوله: "إلا امرأتك بالنصب" كلامه مبني على أن النصب على الاستثناء من أحد وفر الزمخشري من تخريج قراءة الأكثر على اللغة المرجوحة وإن جوّزه بعضهم فجعل النصب على الاستثناء من أهلك والرفع على الاستثناء من أحد فاعترض بلزوم تناقض لاقتضاء النصب كون المرأة غير مسري بها والرفع كونها مسري بها لأن الالتفات بعد الإسراء. وردّ بأن إخراجها من أحد لا يقتضي أنها مسرى بها بل إنها معهم فيجوز أن تكون سرت بنفسها وقد روي أنها تبعتهم أنها والتفتت فرأت العذاب فصاحت فأصابها حجر فقتلها وقال في المغني الذي أجزم به أن قراءة الأكثر لا تكون مرجوحة وأن الاستثناء من أهلك على القراءتين بدليل سقوط ولا يلتفت منكم أحد في قراءة ابن مسعود وأن الاستثناء منقطع لسقوطه في آية الحجر ولأن المراد بالأهل المؤمنون وإن لم يكونوا من أهل بيته ووجه الرفع أنه على الابتداء وما بعده الخبر كما في آية لست عليهم بمسيطر. قوله: "تقول ما قام أحد إلا حمارا" نقل عن القرافي أن أحدا إذا كان في سياق النفي لا يختص بمن يعقل وعليه فلا يظهر ما ذكر مثالا للمنقطع. واعلم أن إلا في المنقطع بمعنى لكن عند البصريين كما مر بيانه. قوله: "وعن تميم فيه إبدال وقع" وعلى لغتهم قرأ بعضهم ما لهم به من علم إلا اتباع الظن بالرفع وجعل منها الزمخشري {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ} [النمل: 65] ، فأعرب من فاعلا والله بدلا على لغة تميم في المستثنى المنقطع، واعترض بأنه تخريج لقراءة السبعة على لغة مرجوحة وجعل ابن مالك الاستثناء متصلا بتقدير متعلق الظرف يذكر لا استقر وجعل غيرهما من مفعولا والغيب بدل اشتمال منه والله فاعلا. قوله: "كالمتصل" التشبيه في مجرد جواز الإبدال وإن كان برجحان في المتصل ومرجوحية في المنقطع. قوله: "فيجيزون ما قام أحد إلا حمار" فحمار بدل غلط صرح به الرضي، وقال سم بدل كل بملاحظة معنى إلا، إذ معنى إلا حمار غير حمار وغير حمار يصدق على الأحد. ا. هـ. وفيه أنه كيف يكون الأعم بدل كل من كل نعم إن أريد من العام خاص كما يأتي نظيره صح فتدبر. قوله: "اليعافير" جمع يعفور وهو ولد البقرة الوحشية والعيس جمع عيساء وهي الإبل التي يخالط بياضها صفرة. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   459- وبلدة ليس بها أنيس ... إلا اليعافير وإلا العيس وقوله: 460- عشية لا تغني الرماح مكانها ... ولا النبل إلا المشرفي المصمم وقوله: 461- وبنت كرام قد نكحنا ولم يكن ... لنا خاطب إلا السنان وعامله تنبيه: شرط جواز الإبدال عندهم والحالة هذه أن يكون العامل يمكن تسلطه على المستثنى كما في الأمثلة والشواهد. فإن لم يمكن تسلطه وجب النصب اتفاقًا نحو ما زاد   "عشية" منصوب على الظرفية بأجاهد في البيت السابق مكانها أي مكان الحرب والمشرفي نسبة إلى مشارف وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف يقال: سيف مشرفي ولا يقال: مشارفي لأن الجمع لا ينسب إليه لا يقال: جعافري قاله العيني وفي المصباح مشارف الأرض أعاليها الواحد مشرف وزان جعفر. ا. هـ. فعلم أن المنسوب إليه جمع واقع على القرى المذكورة وأن القياس في النسبة إلى مشارف مشرفي لأن القياس في النسبة إلى الجمع أن تنسب إلى مفرده فقول البعض نسبة إلى مشارف على غير قياس فاسد. والمصمم اسم فاعل الماضي حده. قوله: "وعامله" أي السنان وهو ما يليه. قوله: "شرط جواز الإبدال إلخ" يشعر بهذا الشرط قوله فيه إبدال لأن من شأن البدل أن يصح وقوعه موقع المبدل منه من حيث هو مقصود بالحكم سم. قوله: "يمكن تسلطه على المستثنى" بحث فيه شيخنا بما حاصله إن كان المراد مع إلا بأن يقال ما قام إلا حمار وليس بها إلا اليعافير لم يوافق ظاهر قوله إذ لا يقال زاد النقص ولا نفع   459- الرجز لجران العود في ديوانه ص97؛ وخزانة الأدب 10/ 15، 18؛ والدرر 3/ 162؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 140؛ وشرح التصريح 1/ 353؛ وشرح المفصل 2/ 117، 3/ 37، 7/ 21؛ والمقاصد النحوية 3/ 107؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 91؛ والإنصاف 1/ 271؛ وأوضح المسالك 2/ 261؛ والجني الداني ص164؛ وجواهر الأدب ص165؛ وخزانة الأدب 4/ 121، 123، 124، 7/ 363، 9/ 258، 314؛ ورصف المباني ص417، وشرح شذور الذهب ص344؛ وشرح المفصل 2/ 80؛ والصاحبي في فقه اللغة ص136؛ والكتاب 1/ 263؛ 2/ 322؛ ولسان العرب 6/ 198 "كنس" 15/ 433 "ألا"؛ ومجالس ثعلب ص452؛ والمقتضب 2/ 319، 347، 414؛ وهمع الهوامع 1/ 225. 460- البيت من الطويل، وهو لضرار بن الأزور في تذكرة النحاة ص330؛ وخزانة الأدب 3/ 318؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 128؛ والمقاصد النحوية 3/ 109؛ وللحصين بن الحمام برواية "المصمما" مكان "المصمم" في شرح اختيارات المفصل 1/ 329؛ وبلا نسبة في الكتاب 2/ 325. 461- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في المقاصد النحوية 3/ 110. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 وغير نصب سابق في النفي قد ... يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد   هذا المال إلا ما نقص، وما نفع زيد إلا ما ضر؛ إذ لا يقال زاد النقص ولا نفع الضرر، وحيث وجد شرط الإبدال فالأرجح عندهم النصب. ا. هـ "وغير نصب" مستثنى "سابق" على المستثنى منه "في النفي قد يأتي" على قلة بأن يفرغ العامل له ويجعل المستثنى منه تابعًا له كقوله:   الضرر وإن كان المراد بدون إلا أشكل علينا البيت إذ لا يقال ليس بها اليعافير لفساد المعنى ويمكن دفعه باختيار الشق الثاني وأن المراد إمكان التسلط ولو في مادة أخرى فافهم. قوله: "وجب النصب" أي على الاستثناء المنقطع من المذكور قبل إلا كهذا المال وزيد لا على المفعولية والاستثناء مفرغ كما زعمه الشلوبين لأنه لا مناسبة بين النقصان والزيادة كذا قيل وبحث فيه الدماميني بأن مراتب النقص متفاوتة فإذا أخذ من المال مرة ثم مرة أخرى فهو في المرة الأخرى يزيد في النقص على المرة الأولى قال وماذا يفعلون في نحو مال زيد أنقص من مال عمرو وكيف يفهمون أن أنقص صيغة تفضيل مع أن اسم التفضيل ما اشتق من فعل الموصوف بزيادة على غيره. ا. هـ. أي فيجوز أن يكون هذا المال زاد نقص غير بسبب أخذه من هذا الغير مثلا بعد الأخذ منه أولا والمراد بوجوب النصب امتناع الإبدال فيجوز رفعه على الابتداء والخبر محذوف تقديره في المثال لكن النقص شأنه أو على الخبرية لمحذوف والتقدير لكن شأنه النقص فسقط اعتراض البعض على حكاية الشارح الاتفاق على وجوب النصب. قوله: "نحو ما زاد إلخ" ونحو: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود: 43] ، فمن رحم في محل نصب لأنك لو حذفت المستثنى منه وسلطت لا على المستثنى لم يصح كذا في الدماميني وهو مبني على أن الاستثناء في الآية منقطع أي لكن من رحمه الله يعصمه وقيل متصل أي إلا الراحم وهو الله تعالى أو لا مكان من رحمهم الله تعالى وهم المؤمنون وهو السفينة. قوله: "إلا ما نقص" ما مصدرية كما يؤخذ من كلام الشارح بعد. قوله: "إذ لا يقال زاد النقص" الظاهر أن انتفاء قول ذلك إذا كانت زاد متعدية وأنه يقال إذا كانت لازمة فتأمل. قوله: "وغير نصب سابق" أي نصبه على الاستثناء فيشمل الغير نصبه على الاتباع وهذا البيت تقييد لقوله: وبعد نفي أو كنفي انتخب اتباع ما اتصل. قوله: "مستثنى سابق إلخ" قال سم انظر ولو منقطعا نحو ما جاء إلا حمار أحد فيراد بأحد معنى يقع على الحمار لتصح البدلية ونحو ما جاء إلا حمار القوم فيراد بالقوم مركوب القوم وهو الحمار حرره. ا. هـ. بأدنى تغيير وجزم البعض بالتعميم ويضعفه بعد التكلف المتقدم. قوله: "على المستثنى منه" أي بدون عامله لامتناع تقديمه عليهما عند المصنف وأما قوله: خلا الله لا أرجو سواك وإيما ... أعد عيالي شعبة من عيالكا فضرورة بخلاف تقديمه على أحدهما فقط فجائز نحو جاء إلا زيدا القوم والقوم إلا زيدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   462- لأنهم يرجون منه شفاعة ... إذا لم يكن إلا النبيون شافع قال سيبويه: وحدثني يونس أن قومًا يوثق بعربيتهم يقولون: ما لي إلا أبوك ناصر. تنبيه: المستثنى منه حينئذ بدل كل من المستثنى، وقد كان المستثنى بدل بعض منه، ونظيره في أن المتبوع أخر فصار تابعًا ما مررت بمثلك أحد. ا. هـ. "ولكن نصبه" على الاسثناء "اختر إن ورد" لأنه الفصيح الشائع. ومنه قوله: 463- وما لي إلا آل أحمد شيعة ... وما لي إلا مذهب الحق مذهب بنصب آل ومذهب الأول. واحترز بقوله في النفي عن الإيجاب فإنه يتعين النصب كما تقدم. تنبيه: إذا تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه ففيه مذهبان: أحدهما لا يكترث بالصفة بل يكون البدل مختارًا كما يكون إذا لم تذكر الصفة وذلك كما في نحو ما فيها أحد إلا أبوك صالح كأنك لم تذكر صالحًا. وهذا رأي سيبويه. والثاني أن لا يكترث   ضربت نعم إن قدم عليهما وتوسط بين جزءي الكلام نحو القوم إلا زيدا جاءوا إذا جعل زيدا مستثنى من الضمير في جاءوا فقيل: يمنع مطلقا ويجوز مطلقا وقيل: إن كان العامل متصرفا وأجاز الكسائي تقديم المستثنى أول الكلام دماميني. قوله: "في النفي" أي أو شبه النفي ولم يصرح به اكتفاء بعلمه من قوله وبعد نفي أو كنفي إلخ. قوله: "قد يأتي على قلة" وهل يقاس على هذه اللغة أولا قولان وإلى القياس عليها الكوفيون والبغداديون وابن مالك كما قاله السيوطي. قوله: "بدل كل" أي من كل لأن العامل فرغ لما بعد إلا، والمؤخر عام أريد به خاص فصح إبداله من المستثنى. قوله: "إن ورد" أي السابق أي أردت وروده منك بالتكلم به أو المراد إن ورد من العرب. وحينئذٍ فمعنى اختيار نصبه الحكم بأن نصبه أرجح وإلا فما ورد عن العرب يتبع نصبا أو اتباعا. قوله: "بل يكون البدل مختارا" فيه أنه يلزم عليه تقديم البدل على النعت والواجب العكس إلا أن يكون مبنيا على مذهب من يرى عدم وجوب الترتيب بين التوابع قاله الدنوشري. قوله:   462- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص241؛ والدرر 3/ 162؛ وشرح التصريح 1/ 355؛ والمقاصد النحوية 3/ 114؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 268؛ وشرح ابن عقيل ص309؛ وهمع الهوامع 1/ 225. 463- البيت من الطويل، وهو للكميت في الإنصاف ص275؛ وتخليص الشواهد ص82؛ وخزانة الأدب 4/ 314، 319، 9/ 138؛ والدرر 3/ 161؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 135؛ وشرح التصريح 1/ 355؛ وشرح شذور الذهب ص341؛ وشرح قطر الندى ص246؛ ولسان العرب 1/ 502 "شعب"؛ واللمع في العربية ص152؛ والمقاصد النحوية 3/ 111؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 266؛ وشرح ابن عقيل ص308؛ ومجالس ثعلب ص62؛ والمقتضب 4/ 398. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 وإن يفرع سابق إلا لما ... بعد يكن كما لو إلا عدما   بتقديم الموصوف بل يقدر المستثنى مقدمًا بالكلية على المستثنى منه فيكون نصبه راجحًا وهو اختيار المبرد والمازني. قال في الكافية وشرحها: وعندي أن النصب والبدل مستويان لأن لكل مرجحًا فتكافأا. ا. هـ "وإن يفرغ سابق إلا" من ذكر المستثنى منه "لما يعد" أي لما بعد إلا وهو الاستثناء من غير التمام قسيم قوله أولًا ما استثنت إلا مع تمام "يكن كما لو إلا عدما" فأجر ما بعدها على حسب ما يقتضيه حال ما قبلها من إعراب، ولا يكون هذا الاستثناء المفرغ إلا بعد نفي أو شبهه. فالنفي نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144] ، {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [المائدة: 99] ، وشبه النفي نحو: {وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] ، {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ   "لأن لكل مرجحا" فمرجح البدل تقدم الموصوف ومرجح النصب على الاستثناء تأخر الصفة. قوله: "سابق" تنوينه متعين لاختلال الوزن بالإضافة فتجويز الشيخ خالد لها سهو وقوله إلا مفعول سابق وقوله من ذكر المستثنى منه متعلق بيفرغ وكذا قوله لما بعد ويرد على الشارح أن ذكر المستثنى منه ليس وصفا للسابق فكيف يفرغ منه فكان ينبغي أن يقول من ارتباطه بالمستثنى منه لفظا ويمكن الجواب بجعل كلامه من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم وقوله وهو أي تفريغ العامل السابق. قوله: "يكن" أي السابق أو ما بعد كما لو إلا عدما أي عند غير الكسائي أما هو فيجيز النصب في نحو ما قام إلا زيد بناء على مذهبه من جواز حذف الفاعل قاله سم عند الكلام على شرح قول المصنف واستثن مجرورا إلخ وما في قوله كما لو إلا عدما يجوز أن تكون مصدرية ولو زائدة ويجوز العكس أي يكن كعدم إلا أي كذي عدم إلا في الحكم. وقول البعض إن الكلا على تقدير مضاف أي كحكم عدم إلا ليس بشيء. قال الشيخ خالد وإلا مرفوع بفعل محذوف يفسره عدم. ا. هـ. وهو ظاهر على قراءة عدم بالبناء للمجهول أما على قراءته بالبناء للمعلوم والفاعل ضمير مستتر فيه يعود إلى السابق أو ما بعد فإلا منصوب على المفعولية لا مرفوع على نيابه الفاعل. قوله: "حال ما قبلها" أي حال اللفظ قبلها ولو غير عامل كالخبر في نحو: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [المائدة: 99] ، فحال هذا اللفظ وهي خبريته تقتضي رفع ما بعد إلا مبتدأ وكالفعل في نحو ما قام إلا زيد فحال هذا اللفظ وهي كونه فعلا لم يذكر له فاعل قبل إلا تقتضي رفع ما بعد إلا فاعلا وقس: وقوله من إعراب بيان لما يقتضيه ولو حذف حال لكان أخصر وأقرب. ثم لا تنافي بين كون تالي إلا في التفريغ مستثنى وكونه فاعلا أو مبتدأ مثلا في نحو ما قام إلا زيد وما زيد إلا قام لأن الأول بالنظر إلى المعنى لأن تالي إلا مستثنى من مقدر في المعنى إذ المعنى ما قام أحد إلا زيد شيء إلا قائم. والثاني بالنظر إلى اللفظ نقله الدماميني عن الشولبين. قوله: "وما على الرسول إلا البلاغ" الواو جزء من الآية الممثل بها فتكون واو العطف مقدرة هنا كما في نظائره الآتية لا من كلام الشارح لعطف مثال على مثال لأن الآية التي فيها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 وألغ إلا ذات توكيد كلا ... تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا   أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46] ، {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} [الأحقاف: 35] ، ولا يقع ذلك في إيجاب، فلا يجوز قام إلا زيد. وأما {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] فمحمول على المعنى أي لا يريد. تنبيهات: الأول الضمير في يكن يجوز أن يكون عائدًا على سابق: أي يكون السابق في طلبه لما بعد إلا كما لو عدم إلا، وأن يعود على ما من قوله لما بعد أي يكون ما بعد إلا في تسلط ما قبل إلا عليه كما لو عدم إلا. الثاني يصح التفريغ لجميع المعمولات إلا المصدر المؤكد، فلا يجوز ما ضربت إلا ضربًا. وأما {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} [الجاثية: 32] فمتأول. الثالث قوله سابق أحسن من قوله في التسهيل عامل لأن السابق يكون عاملًا وغير عامل كما في الأمثلة. ا. هـ. "وألغ إلا ذات توكيد" وهي التي يصح طرحها والاستغناء عنها لكون ما بعدها تابعًا لما بعد إلا قبلها بدلًا منه وذلك إن توافقا في   لفظ المبين بالواو بخلاف التي ليس فيها لفظ المبين فإنها بدون الواو لكن نسخ الشارح بلفظ المبين. قوله: "ولا يقع ذلك في إيجاب" جوزه ابن الحاجب فيه إذا كان فضلة وحصلت فائدة نحو قرأت إلا يوم كذا فإنه يجوز أن تقرأ في جميع الأيام إلا يوم كذا بخلاف ضربت إلا زيدا إذ من المحال أن تضرب جميع الناس إلا زيدا. قوله: "فلا يجوز قام إلا زيد" لأن المعنى قام جميع الناس إلا زيدا وهو بعيد ولا قرينة في الغالب على إرادة جماعة مخصوصة وقد يقال مثل ذلك قد يوجد في النفي نحو ما مات إلا زيد. وأجيب بأنه قليل فأجرى الحكم فيه طردا للباب. وقد يؤخذ من التعليل أنه يجوز إذا قامت قرينة على إرادة جماعة مخصوصة بأن يكون المعنى قام غير زيد من الجماعة المعهودة وقد يقال هو قليل فلا يلتفت إليه طردا للباب نظير ما مر. قوله: "لجميع المعمولات" أي المعمولات بالأصالة أما التوابع فلا تفريغ لها إلا البدل وأجازه الزمخشري وأبو البقاء والرضي في الصفات أيضا قاله سم. قوله: "إلا المصدر المؤكد" أي لأن فيه تناقضا بالنفي أولا والإثبات ثانيا ومثله الحال المؤكدة وكان عليه أن يستثني المفعول معه فلا يقال ما سرت إلا والنيل. قوله: "فمتأول" أي بكونه مصدرا نوعيا أي إلا ظنا ضعيفا فاختلف المثبت والمنفي فلا تناقض. قوله: "كما في الأمثلة" فإنه عامل فيما عدا، {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [المائدة: 99] ، وغير عامل في: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [المائدة: 99] ؛ لأن الخبر لا يعمل في المبتدأ على الراجح نعم إن جعل المستثنى فاعلا بالمجرور لاعتماده على النفي كان عاملا. قوله: "وألغ إلا إلخ" أطلق هنا فدل على أن هذا الحكم يكون في الإيجاب والنفي وشبهه. قوله: "والاستغناء عنها" عطف لازم على ملزوم. قوله: "بدلا منه" أي بدل كل من كل كمثال الناظم أو بعض من كل نحو ما أعجبني إلا زيدا لا وجهه أو اشتمال نحو ما أعجبني إلا زيد إلا علمه أو إضراب نحو ما أعجبني إلا زيد إلا عمرو أي بل عمرو أفاده في التصريح. فقول الشارح إن توافقا في المعنى قاصر لاختصاصه ببدل الكل مع أنه يجوز كونه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 وإن تكرر لا لتوكيد فمع ... تفريغ التأثير بالعامل دع   المعنى، ومعطوفًا عليه إن اختلفا فيه فالأول "كلا تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا" فالعلا بدل كل من الفتى، وإلا الثانية زائدة لمجرد التأكيد، والتقدير إلا الفتى العلا. والثاني نحو قام القوم إلا زيدًا وإلا عمرًا، فعمرًا عطف على زيد وإلا الثانية لغو، والتقدير قام القوم إلا زيدًا وعمرًا. ومن هذا قوله: 464- وما الدهر إلا ليلة ونهارها ... وإلا طلوع الشمس ثم غيارها أي وطلوع الشمس. وقد اجتمع البدل والعطف في قوله: 465- ما لك من شيخك إلا عمله ... إلا رسيمه وإلا رمله أي إلا عمله رسيمه ورمله. فرسيمه بدل ورمله معطوف، وإلا المقرونة بكل منهما مؤكدة "وإن تكرر لا لتوكيد" بل لقصد استثناء بعد استثناء فلا يخلو إما أن يكون ذلك   عطف بيان كما بينه الرضي. قوله: "ومعطوفا عليه" أي بالواو خاصة كما في التسهيل. قوله: "إن اختلفا فيه" إلا إذا كنت غالطا أو أردت الإضراب. ا. هـ. يس أي فلا عطف بل يجب الإبدال. قوله: "فالعلا بدل كل من الفتى" والفتى نصب على الاستثناء أو جر بدلا من الهاء بدل بعض وعليه فكون العلا بدلا من الفتى مبني على جواز الإبدال من البدل. واستشكل سم كون العلا بدلا إذا نصبنا الفتى على الاستثناء بأن الصحيح أن العامل في البدل نظير العامل في المبدل منه فلا تكون إلا مؤكدة للاحتياج إليها للعمل في البدل والفرض أنها مؤكدة، فينبغي أن يجعل العلا عطف بيان إذا نصبنا الفتى على الاستثناء ليندفع هذا الإشكال ويجوز جعل العلا عطف بيان إذا جررنا الفتى بدلا من الهاء وعليه يندفع الاعتراض بالبناء على الضعيف من جواز الإبدال من البدل. والحاصل أن جعل العلا عطف بيان يدفع الاعتراض على بدلية العلا المبني على جر الفتى بدلا من الضمير والاعتراض عليها المبني على نصب الفتى على الاستثناء. قوله: "والتقدير إلا الفتى العلا" صريح في أنه لو عبر بذلك لكان العلا بدلا فعلى أن العامل في البدل نظير العامل في المبدل منه يكون العامل في العلا حينئذٍ إلا مقدرة. فعلم أن إلا قد تعمل مقدرة أي حيث نصبنا الاسم على الاستثناء قاله سم وسنذكر في حذف إلا مزيد كلام. قوله: "ثم غيارها" بكسر الغين المعجمة أي غيابها من غارت الشمس أي غابت. قوله: "مالك من شيخك" أي جملك. والرسيم والرمل نوعان من السير. قوله: "فرسيمه بدل" أي بدل بعض لأن المراد بالعمل مطلق السير.   464- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 70؛ ولسان العرب 5/ 35 "غور" والمقاصد النحوية 3/ 115؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص310؛ وشرح المفصل 2/ 41. 465- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 272؛ والدرر 3/ 167؛ ورصف المباني ص89؛ وشرح التصريح 1/ 356؛ وشرح ابن عقيل ص311؛ والكتاب 2/ 341؛ والمقاصد النحوية 3/ 117؛ وهمع الهوامع 1/ 227. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 في واحد مما بإلا استثني ... وليس عن نصب سواه مغني   مع تفريغ أو لا. "فمع تفريغ التأثير بالعامل" المفرغ "دع" أي اتركه باقيًا "في واحد مما بإلا استثني وليس عن نصب سواه" أي سوى ذلك الواحد الذي أشغلت به العامل   قوله: "وإن تكرر إلخ" لم يتعرض المصنف والشارح لما إذا لم تكرر وتعدد المستثنى. قال الدماميني ما ملخصه مع الإيضاح: لا ينصب على الاستثناء بأداة واحدة دون عطف شيئان وموهم ذلك: إن كان في الإيجاب فالأول مستثنى والثاني معمول عامل مضمر، وإن كان في غيره فكذلك أو الأول بدل مثال الإيجاب أعطيت القوم الدراهم إلا زيدا الدنانير فزيد منصوب على الاستثناء والدنانير مفعول لمحذوف أي أعطيته الدنانير أو أخذ الدنانير، ومثال غيره ما أعطيت أحدا شيئا إلا زيدا درهما فزيدا مستثنى أو بدل ودرهما مفعول لمحذوف، وما ضرب أحد إلا بكر خالدا فبكران رفعته كان بدلا من أحد وإن نصبته كان مستثنى وخالدا مفعول لمحذوف فتعدد المستثنى قد يكون مع تعدد المستثنى منه وقد يكون مع اتحاده وجوّز ابن السراج كون الاسمين بدلين في نحو ما أعطيت أحدا أحدا إلا زيدا عمرا وما ضرب أحد أحدا إلا زيد بكرا ورده المصنف بأن البدل لم يعهد تكرره إلا في بدل البداء وبأن حق بدل البعض أن يقترن بالضمير وجعلوا في باب الاستثناء اقترانه بإلا مغنيا عن الضمير. والاسم الثاني غير مقترن بإلا لفظا ومن النحاة من لا يجيز هذه التراكيب مطلقا ويحكم بفسادها على كل وجه أما مع العطف فقد يمتنع أيضا كما في الأمثلة المتقدمة لأن العطف فيها يفسد المعنى وقد يجوز كما في ما جاءني أحد إلا زيد وعمرو فالعطف في هذا المثال هو المصحح له فيما يظهر ولا يظهر حمل الثاني على أنه معمول لمضمر أي وجاءني عمرو. ا. هـ. وفي حاشية المغني للدماميني أن جماعة أجازوا نصب شيئين بأداة واحدة دون عطف وعليه مشى صاحب الكشاف في مواضع منها: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} [الأحزاب: 53] ، الآية. فقال إن المستثنى الظرف والحال معا وأن الحصر في كل منهما مقصود أي لا تدخلوا في وقت من الأوقات على حال من الأحوال إلا في هذا الوقت على هذا الحال. ا. هـ. قوله: "لا لتوكيد" عطف على محذوف أي لتأسيس لا لتوكيد كما أشار إليه الشارح بالإضراب. قوله: "بالعامل المفرع" حمل العامل على ما قبل إلا تبعا للموضح وحمله المرادي على إلا أي اترك تأثير إلا النصب في واحد أي لا تجعلها مؤثرة في واحد ويؤيد الأول قوله مما بإلا إذ لو كان العامل هو إلا لكان القياس أن يقول مما به وإن أمكن أن يقال أظهر للضرورة ويؤيده أيضا أن المصنف عليه يكون ذاكرا هنا حكم الواحد بخلافه على الثاني فإنه يكون ساكتا هنا عن حكم الواحد المتروك تأثير إلا فيه وإن كان يعلم من قوله فيما مر وأن يفرع سابق إلا إلخ ويؤيد الثاني عدم إحواجه إلى تقدير في دع. قوله: "باقيا في واحد" دفع به إيهام المتن أن المراد اترك التأثير في واحد واجعله مؤثرا في البقية هذا إن أريد بالعامل ما قبل إلا كما مشى عليه الشارح فإن أريد به إلا كان الكلام على ظاهره أي اترك تأثير إلا النصب في واحد أي لا تجعلها مؤثرة النصب في واحد واجعلها مؤثرة النصب في البقبة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 ودون تفريغ مع التقدم ... نصب الجميع احكم به والتزم وانصب لتأخير وجئ بواحد ... منها كما لو كان دون زائد   "مغني" فتقول ما قام إلا زيد إلا عمرًا إلا بكرًا. وما ضربت إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا، وما مررت إلا بزيد إلا عمرًا إلا بكرًا، ولا يتعين لإشغال العالم واحد بعينه بل أيها أشغلته به جاز، والأول أولى "ودون تفريغ مع التقدم" على المستثنى منه "نصب الجميع" على الاستثناء "احكم به والتزم" نحو قام إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا القوم، وما قام إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا أحد "وانصب لتأخير" عنه، أما في الإيجاب فمطلقًا نحو قام القوم إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا، وأما في غير الإيجاب فكذلك "و" لكن "جيء بواحد منها" معربًا بما يقتضيه الحال "كما لو كان دون زائد" عليه. ففي الاتصال تبدل واحدًا على الراجح   قوله: "وليس عن نصب إلخ" مغنى اسم ليس والخبر محذوف أي موجودا أو الاسم ضمير مستتر يرجع إلى الواحد أو إلى التأثير ومغنى خبر وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة لا يقال ظاهر كلامه أنه لا يجوز رفع سوى الواحد وليس كذلك بل يجوز على قصد بدل البداء لأنا نقول إلا في هذه الحالة لمجرد التأكيد وليس الكلام الآن فيها. قوله: "والأول أولى" أي لقربه من العامل تصريح. قوله: "ودون تفريغ مع التقدم" قال جماعة كالبعض الظرفان تنازعهما الفعلان بعدهما. ا. هـ. وهو إنما يصح على مذهب من يجيز التنازع في المعمول المتقدم ونصب الجميع مفعول لمحذوف يفسره المذكور أي امض نصب الجميع ولا يصح نصبه بالتزم لأن ما بعد الواو لا يعمل فيما قبلها ولما كان ما ذكر لا يستلزم الوجوب قال والتزم. قوله: "وما قام إلا زيدا إلخ" لا يعارض هذا قوله فيما مر وغير نصب سابق إلخ لأن ما مر في غير تكرر المستثنى وبحث سم جواز إعراب واحد بما يقتضيه العامل وجعل المستثنى منه المؤخر بدلا من هذا الواحد نظير ما مر في ما لي إلا أبوك ناصر ونصب ما عدا هذا الواحد على الاستثناء. قال وحينئذٍ فقول المصنف نصب الجميع إلخ ينبغي أن يكون باعتبار الأغلب والأشهر واعترض بأنه يلزم عليه أمران الفصل بين التابع والمتبوع بأجنبي واستعمال اللغة الضعيفة في غير المحل الذي ثبتت فيه. قوله: "وانصب" أي الجميع وجوبا إذا كان الكلام موجبا وجوازا بمرجوحية في واحد ووجوبا في البقية إذا كان الكلام منفيا وكان الاستثناء متصلا وجوازا برجحان في واحد ووجوبا في البقية إذا الكلام منفيا وكان الاستثناء منقطعا هذا ما درج عليه الشارح في تقرير المتن. قوله: "أما في الإيجاب فمطلقا" أي في جميعها بقرينة ما بعد وقد جعل الشارح قول المصنف وانصب لتأخير شاملا لصورة الإيجاب وصورة النفي فيكون قوله: وجيء بواحد بيانا للراجح في بعض الصور الداخلة في قوله وانصب لتأخير ويجوز أن يخص بصورة الإيجاب فيكون قوله: وجيء بواحد مقابلا له تأمل. قوله: "بواحد" أي فقط وأجاز الأبدي اتباع الجميع بناء على جواز تعدد البدل بدون عطف. قوله: "كما لو كان" قال المكودي في موضع الحال من واحد لتخصيصه بالصفة أو هو صفة بعد صفة وما زائدة ولو مصدرية أو العكس وكان تامة ودون زائد حال من الضمير في كان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 كلم يفوا إلا امرؤ إلا علي ... وحكمها في القصد حكم الأول   وتنصب ما سواه "كلم يفوا إلا امرؤ إلا علي" إلا بكرًا فعلي بدل من الواو فإنه لا يتعين للإبدال واحد لكن الأولى أول، ويجوز أن يكون امرؤ هو البدل وعلي منصوب، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة، وفي الانقطاع ينصب الجميع على اللغة الفصحى نحو ما قام أحد إلا حمارًا إلا فرسًا إلا جملًا ويجوز الإبدال على لغة تميم "وحكمها" أي حكم هذه المستثنيات سوى الأول "في القصد حكم الأول" فإن كان مخرجًا لوروده على موجب فهي مخرجة، وإن كان مدخلًا لوروده على غير موجب فهي أيضًا مدخلة. تنبيه: محل ما ذكر إذا لم يمكن استثناء بعض المستثنيات من بعض كما رأيت. أما إذا أمكن ذلك كما في نحو له علي عشرة إلا أربعة إلا اثنين إلا واحدًا، فقيل الحكم كذلك، وأن الجميع مستثنى من أصل العدد. والصحيح أن كل عدد مستثنى متلوه فعلى   والكلام على تقدير مضاف أي وجيء بواحد كحال وجوده دون زائد عليه ويلزم على ما قاله المكودي تشبيه الواحد بحال وجوده دون زائد عليه وفيه تسمح فالأولى جعل الجار والمجرور خبر محذوف والجملة حال من واحد أو صفة له أي وجوده مثل وجوده دون زائد عليه أو صفة لمفعول مطلق محذوف أي مجيئا كوجوده إلخ ويمكن جعل ما اسما واقعا على الواحد ولو زائدة والجملة بعدها صلة أو صفة. قوله: "تبدل واحدا على الراجح" وأما على اللغة المرجوحة فتنصب الجميع. قوله: "كلم يفوا" الواو واو الجماعة فاعل وهو المستثنى منه والأصل يوفيون حذفت النون للجازم والواو لوقوعها بين عدوّتيها الياء والكسرة فصار يفيوا نقلت ضمة الياء إلى الفاء بعد سلب حركتها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين. قوله: "ويجوز الإبدال" أي في واحد فقط. قوله: "في القصد" أي المعنى المقصود من إدخال وإخراج كما بينه الشارح. فإن قلت مقتضى تعريف الاستثناء بالإخراج أنه دائما إخراج ومقتضى ما هنا أنه قد يكون إدخالا. قلت لا منافاة لأن كل استثناء إخراج مما قبله من الإثبات والنفي لكن إذا كان ما قبله نفيا كان هو مستلزما للإدخال في النسبة الثبوتية أي مستلزما لاتصال المستثنى بالنسبة الثبوتية والتفصيل إلى إخراج وإدخال باعتبار هذا اللازم فافهم. قوله: "محل ما ذكر" أي من أن حكمها في القصد حكم الأول هذا ما يفيده ظاهر صنيع الشارح وجعل المصنف في تسهيله عدم إمكان استثناء بعضها من بعض قيد فيما ذكر من التفصيل في إلا المتكررة لا للتوكيد. قوله: "والصحيح أن كل عدد مستثنى من متلوه" فلو لم يمكن استثناء تال من متلوه لكونه أكثر من متلوه نحو له عليّ عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة فمذهب السيرافي أن الأربعة كالثلاثة في الإخراج من العشرة فيكون المقرّ به ثلاثة. وزعم الفراء أن المقرّ به في هذه الصورة أحد عشر لأنك أخرجت من العشرة ثلاثة فبقي سبعة وزدت على السبعة أربعة بقولك بعد ذلك إلا أربعة جريا على قاعدة أن الاستثناء الأول إخراج والثاني إدخال. ورد بأن هذه القاعدة فيما إذا أمكن استثناء كل من متلوه لا مطلقا ولهذا قال بعضهم: إن قول الفراء هذا أعجوبة من الأعاجيب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأول يكون مقرًّا بثلاثة وعلى الثاني بسبعة، وعليه فطريق معرفة ذلك أن تجمع الأعداد الواقعة في المراتب الوترية وتخرج منها مجموع الأعداد الواقعة في المراتب الشفعية أو   ويمكن أن يتكلف له وجه بجعل الثاني مستثنى من مفهوم عشرة إلا ثلاثة وكأنه قيل له عليّ سبعة لا غيرها ألا أربعة فتأمل. قوله: "فطريق معرفة ذلك" أي كونه مقرا بسبعة في المثال. قوله: "في المراتب الوترية" كالأولى والثالثة فالمراد بها ما يشمل المستثنى منه والشفعية كالثانية والرابعة هذا ولم يتكلم المصنف والشارح على عكس المسألة المذكورة وهو تعدد ما يصلح للاستثناء منه مع اتحاد فنقول إذا ورد الاستثناء بعد جمل عطف بعضها على بعض ففيه مذاهب: أحدها وهو الأصح أنه يعود للكل إلا لدليل يخصصه بالبعض كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] ، الآية فقوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 160] ، عائد إلى فسقهم وعدم قبول شهادتهم معا دون الجلد لما قام عليه من الدليل سواء اختلف العامل الذي في الجمل أم لا بناء على أن العامل في المستثنى هو إلا لا الأفعال السابقة وسواء سيقت الجمل لغرض واحد أو لا كان عطفها بالواو أو بغيرها. ثانيها إن اتحد العامل فللكل أو اختلف فللأخيرة فقط إذ لا يمكن عمل العوامل المختلفة في مستثنى واحد وهو مبني على أن عامل المستثنى الأفعال السابقة دون إلا. ثالثها إن سيقت لغرض واحد نحو حبست داري على أعمامي ووقفت بستاني على أخوالي إلا أن يسافروا فللكل وإلا فللأخيرة فقط نحو أكرم العلماء وأعتق عبيدك إلا الفاسق منهم. رابعها إن عطفت بالواو فللكل أو بالفاء أو بثم فللأخيرة فقط. خامسها للأخيرة فقط واختاره أبو حيان وأما الوارد بعد مفردين وهو بحيث يصلح للكل منهما فإنه للثاني فقط كما جزم به ابن مالك نحو غلب مائة مؤمن من مائتي كافر إلا اثنين فإن تقدم الاستثناء على أحدهما تعين للأول نحو: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ} [المزمل: 3] ، فإلا قليلا صالح لكونه من الليل ومن نصفه فاختص بالليل لأن الأصل في الاستثناء التأخير وكذا لو تقدم عليهما معا ولم يكن أحدهما مرفوعا لفظا أو معنًى نحو استبدلت إلا زيدا أصحابنا بأصحابكم فإن كان أحدهما كذلك اختص به مطلقا أولا كان أو ثانيا نحو ضرب إلا زيدا أصحابنا أصحابكم وملكت إلا الأصاغر أبناءنا عبيدنا، وضرب إلا زيدا أصحابكم أصحابنا وملكت إلا الأصاغر عبيدنا أبناءنا فالأبناء في المثالين فاعل معنى لأنهم المالكون فإن لم يصلح إلا لأحدهما فقط تعين له نحو طلق نساءهم الزيدون إلا الحسنيات وأصبى الزيدون نساؤهم إلا ذوي النهى واستبدلت إلا زيدا إماءنا بعبيدنا. ا. هـ. همع ببعض تصرف. وقوله كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] ، الآية أي وكما في قوله تعالى: {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة: 249] ، فإنه استثناء من جملة: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة: 249] ، لا من جملة: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] ، لاقتضائه أي من اغترف غرفة بيده ليس منه وليس كذلك لإباحة الاغتراف باليد لهم والذي حرم عليهم الكرع في الماء والشرب بالفم وسهل الفصل بالجملة الثانية كونها مفهومة من الأولى فالفصل بها كلا فصل كذا في المغني والدماميني عليه وما ذكره في الوارد بعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 واستثن مجرورًا بغير معربًا ... بما لمستثنى بإلا نسبا   تسقط آخر الأعداد مما قبله، ثم ما بقي مما قبله وهكذا فما بقي فهو المراد. ا. هـ "واستثن   مفردين إذا لم يمكن تشريكهما وإلا عاد لهما معا ومثل له الدماميني بنحو اهجر بني زيد وبني عمرو إلا من صلح فمن صلح مستثنى من بني زيد وبني عمرو جميعا. فائدة: يقع تالي إلا خبرا لما قبلها نحو ما زيد إلا قائم أو يقوم أو أبوه قائم ويمتنع ما زيد إلا قام كما في الهمع والتسهيل أو حالا منه نحو ما جاءني زيد إلا ضاحكا أو يضحك أو قد ضحك أو يده على رأسه وجعل منه نحو: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الحجر: 11] ، وما أنعمت عليه إلا شكر قال الدماميني وهو لا ينطبق على المراد إذ الغرض من قولك ما أنعمت عليه إلا شكر أنك مهما أنعمت عليه شكر فهو كالشرط والجزاء في ترتب الثاني على الأول وليس المراد أنك لم تنعم عليه إلا في حال شكره أو في حال عزمه على الشكر حتى تكون حال مقارنة أو منتظرة ثم أجاب باختيار الثاني على أن المعنى ما أنعمت عليه إلا مقدرا شكره بعد ذلك من الله تعالى وإذا كان المقدر هو الله تعالى لزم وقوع المقدر فيفيد الكلام حينئذٍ ما أراده المتكلم من استعقاب انعامه شكر المنعم عليه وجوز الزمخشري أن يقع تاليها صفة لما قبلها نحو ما مررت برجل إلا قائم وما مررت بأحد إلا زيد خير منه أو يقوم. وجعله الأخفش وأبو علي والمصنف في الأول صفة بدل محذوف أي إلا رجل قائم وفي الثاني حالا قاله الدماميني ومما جعله الزمخشري من التفريغ في الصفات نحو: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] ، فجعل ليؤمنن به جواب قسم محذوف والجملة صفة موصوف محذوف مبتدأ خبره الجار والمجرور قبله تقديره وإن من أهل الكتاب أحد وجعل غيره تالي إلا خبرا لمحذوف موصوف بالجار والمجرور تقديره وإن أحد من أهل الكتاب. وأورد عليه أنه يلزمه حذف موصوف الظرف وهو مخصوص بالشعر كحذف موصوف الجملة. وأجاب الدماميني بأن الاختصاص إذا لم يكن المنعوت بعض مجرور بمن كما في الآية أو بفي ورده الشمني بأنه يشترط تقدم المجرور على المنعوت كما في التسهيل وغيره. قوله: "بغير" بمعنى غير بيد لكنها تخالفها من أربعة أوجه أنها لا تقع صفة ولا يستثنى بها إلا في الانقطاع ولا تضاف إلى غير أن وصلتها ولا تقطع عن الإضافة ويقال فيها ميد بالميم وظاهر كلامه في التسهيل أنها اسم لكنه قال في توضيحه المختار عندي إنه حرف استثناء بمعنى لكن ولا دليل على اسميتها قاله الدماميني. وبقي خامس وهو أنها لا تقع مرفوعة ولا مجرورة بل منصوبة كما في المغني تقول فلأن كثير المال بيد أنه بخيل وقيل تأتي بمعنى من أجل أيضا كما في حديث: "أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش واسترضعت في بني سعد بن بكر" وقال ابن مالك وغيره هي فيه بمعنى غير على حدّ قوله: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب كذا في المغني أي من تأكيد المدح بما يشبه الذم كما بسطه الدماميني. قال السيوطي هذا حديث غريب لا يعرف له سند فتأمل. وأجرى الشاطبي في غير التفاصيل السابقة في تكرار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مجرورًا بغير معربا بما لمستثنى بإلا نسبا" مجرورًا مفعول باستثن، وبغير متعلق باستثن، ومعربًا حال من غير، وبما متعلق بمعربًا، وما موصول صلته نسب، ولمستثنى متعلق بنسب، وبإلا متعلق بمستثنى. والمعنى أن غيرا يستثنى بها مجرور بإضافتها إليه وتكون هي معربة بما نسب للمستثنى بإلا من الإعراب فيما تقدم فيجب نصبها في نحو قام القوم غير زيد. وما نفع هذا المال غير الضرر عند الجميع، وفي نحو ما قام أحد غير حمار عند غير تميم، وفي نحو ما قام غير زيد أحد عند الأكثر. ويترجح في هذا المثال عند قوم وفي نحو ما قام أحد غير حمار عند تميم ويضعف في نحو ما قام أحد غير زيد، ويمتنع في نحو ما قام غير زيد. تنبيهات: الأول أصل غير أن يوصف بها إما نكرة نحو: {صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 36] ، أو شبهها نحو: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] ، فإن الذين   إلا لتوكيد أو لغيره لكن لا يظهر أن يقال في غير بالإلغاء إذا تكررت لتوكيد فإذا قلت قام القوم غير زيد وغير عمرو فعمرو مجرور بغير لا بالعطف فليست ملغاة قاله سم. قوله: "متعلق باستثن" الوجه أن يقال تنازعه استثن ومجرورا. ا. هـ. سم. قوله: "معربا" وقد تبنى على الفتح في الأحوال كلها عند إضافتها إلى مبني كما في التسهيل وأجاز الفراء بناءها على الفتح في نحو ما قام غير زيد لتضمنها معنى إلا قاله الفارضي. وفي التصريح تفارق غير إلا في خمس مسائل: إحداها أن إلا تقع بعدها الجمل دون غير. الثانية أنه يجوز أن يقال عندي درهم غير جيد على الصفة ويمتنع عندي درهم إلا جيد. الثالثة أنه يجوز أن يقال قام غير زيد ولا يجوز قام إلا زيد. الرابعة أنه يجوز أن يقال ما قام القوم غير زيد وعمرو بجر عمرو على لفظ زيد ورفعه حملا على المعنى لأن المعنى ما قام إلا زيد وعمرو ولا يجوز مع إلا مراعاة المعنى. الخامسة أنه يجوز ما جئتك إلا ابتغاء معروفك بالنصب ولا يجوز مع غير إلا بالجر نحو ما جئتكك لغير ابتغاء معروفك وما ذكره من منع مراعاة المعنى مع إلا هو مذهب الجمهور وجوّزها المصنف مع إلا أيضا كما سيأتي. قوله: "فيجب نصبها في نحو قام القوم غير زيد" أي على اللغة المشهورة أما على لغة جواز الاتباع مع الإيجاب والتمام كما تقدم فينبغي أن يجوز رفع غير قاله سم. قوله: "عند قوم" كما أسلفه المصنف حيث قال فيما تقدم وغير نصب سابق إلخ. قوله: "وفي نحو ما قام أحد غير حمار" معطوف على قوله في هذا المثال. قوله: "ويمتنع في نحو ما قام غير زيد" أي عند غير الكسائي فإنه أجاز في نحو ما قام إلا زيد النصب بناء على مذهبه من جواز حذف الفاعل كما مر عن سم. قوله: "أصل غير إلخ" أي وضعها الأصلي على أن يوصف بها لأنها في معنى اسم الفاعل فتفيد مغايرة مجرورها لموصوفها إما بالذات نحو مررت برجل غير زيد أو بالوصف نحو دخلت بوجه غير الذي خرجت به. قال الرضي: والأصل الأول والثاني مجاز. قوله: "أو شبهها" من المعرفة المراد بها الجنس كالموصول في المثال فإنه مبهم باعتبار عينه. قوله: "فإن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 ولسوى سوى سواء اجعلا ... على الأصح ما لغير جعلا   جنس لا قوم بأعيانهم، وأيضًا فهي إذا وقعت بين ضدين ضعف إبهامها، فلما ضمنت معنى إلا حملت عليها في الاستثناء، وقد تحمل إلا عليها فيوصف بها بشرط أن   الذين جنس إلخ" حاصله أن غير متوغلة في الإبهام فلا بد لوقوعها صفة لمعرفة في الآية من تأويل فأما أن يراعى أصلها من التوغل في الإبهام ويعتبر كون موصوفها كالنكرة في المعنى فيتطابق الصفة والموصوف في مطلق التنكير وهذا هو الذي أشار إليه الشارح بقوله فإن الذين إلخ وحاصله التأويل في الموصوف بتقريبه إلى النكرة وإما أن يراعى ضعف إبهامها في هذه الحالة لوقوعها بين ضدين ويعتبر كونها حينئذٍ كالمعرفة فيتطابق الصفة والموصوف في مطلق التعريف وهذا هو الذي أشار إليه الشارح بقوله وأيضا إلخ وحاصله التأويل في الصفة بتقربيها إلى المعرفة هذا هو المتبادر من كلام الشارح. وأما قول البعض مراده بقوله وأيضا فهي إذا وقعت إلخ أفاد أن غير إذا وقعت بين ضدين تتعرف بالإضافة فيصح أن تقع صفة للمعرفة أي ولو كانت تلك المعرفة مشبهة للنكرة فيبعده قوله ضعف إبهامها دون أن يقول زال إبهامها فافهم. بقي شيء آخر وهو أن في غير ثلاثة أقوال قيل لا تتعرف مطلقا. وقيل تتعرف مطلقا. وقيل تتعرف إذا وقعت بين ضدين كما في: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ} [الفاتحة: 7] ، الآية فعلى هذين القولين تكون في الآية صفة وعلى الأول تكون بدلا بدل نكرة من معرفة وحينئذٍ لا تحتاج إلى التأويل الذي ذكره الشارح إلا لو قيل إنها لا تتعرف مطلقا وأنها في الآية صفة ولم نعثر عليه. قوله: "فلما ضمنت معنى إلا" مرتبط بقوله أصل غير إلخ وأعربت حينئذٍ لمعارضة الشبه بالإضافة للمفرد على أن بعضهم يبنها حينئذٍ كما تقدم. وعبارة الرضي في توجيه حمل غير على إلا وحمل إلا على غير نصها: أصل غير أن تكون صفة مفيدة لمغايرة مجرورها لموصوفها ذاتا أو صفة وأصل إلا مغايرة ما بعدها لما قبلها نفيا أو إثباتا، فلما اجتمع ما بعد إلا وما بعد غير في معنى المغايرة حملت إلا على غير في الصفة فصار ما بعد إلا مغايرا لما قبلها ذاتا أو صفة من غير اعتبار مغايرته له نفيا أو إثباتا وحملت غير على إلا في الاستثناء فصار ما بعدها مغايرا لما قبلها نفيا أو إثباتا من غير اعتبار مغايرته له ذاتا أو صفة إلا أن حمل غير على إلا أكثر من حمل إلا على غير لأن غير اسم والتصرف في الأسماء أكثر منه في الحروف فلذلك تقع غير في جميع مواقع إلا انتهت وبها يتضح كلام الشارح. قوله: "فيوصف بها" أي مع بقائها على حرفيتها كما صرح به غير واحد بل حكى عليه السعد في حاشية الكشاف الإجماع كما قاله الدماميني قال ولو ذهب ذاهب إلى أنها تصير حينئذٍ اسما لكن لا يظهر اعرابها إلا فيما بعدها لكونها على صورة الحرف لم يبعد كما قيل في لا في نحو قولك زيد لا قائم ولا قاعد إنه بمعنى غير وجعل إعرابه على ما بعده بطريق العارية على ما صرح به السخاوي. ا. هـ. ونظير ذلك أيضا أل الموصولة فيعرب ما بعدها مضافا إليه مجرورا بكسرة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة إعراب إلا الظاهر فيه وينبني على ذلك كما قاله الدماميني أن الوصف بمجموع إلا وما بعدها على حرفيتها وبها وحدها على اسميتها فيكون ذكر ما بعدها لبيان ما تعلقت به المغايرة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يكون الموصوف جمعًا أو شبهه، وأن يكون نكرة أو شبهها، فالجمع نحو: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ، وشبه الجمع كقوله: 466- لو كان غيري سليمي الدهر غيره ... وقع الحوادث إلا الصارم الذكر فالصارم صفة لغير. ومثال شبه النكرة قوله: 467- أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة ... قليل بها الأصوات إلا بغامها فالأصوات شبيه بالنكرة لأن تعريفه بأل الجنسية، لكن تفارق إلا هذه غيرًا من   قوله: "بشرط أن يكون الموصوف جمعا إلخ" فلا يوصف بها مفرد محض ولا معرفة محضة والمراد بشبه الجمع ما كان مفردا في اللفظ دالا على متعدد في المعنى كغيري في المثال الآتي ويشبه النكرة ما أريد به الجنس كالمعرّف بأل الجنسية. وإنما اشترط كون الموصوف جمعا أو شبهه مراعاة لأصلها وهو الاستثناء وكونه نكرة أو شبهها مراعاة لمعنى غير المتوغلة في التنكير. قوله: "سليمى" أي يا سليمى والدهر نصب على الظرفية المستقرة خبرا للفعل قبله أو على المفعولية لمحذوف أي يقاسي هذا الدهر أي شدائده وجواب لو غيره والصارم السيف القاطع. والذكر والمذكر من السيوف ما كان ذا ماء ورونق كما قاله الشمني. قوله: "صفة لغيري" فيه تسمح إذ الصفة إلا لكن لما ظهر إعرابها فيما بعدها صار كأنه هي وفي النكت عن التسهيل أن الوصف إلا مع ما بعدها وقد أسلفنا قريبا تحقيق ذلك فتأمله. قوله: "أنيخت" أي الناقة والمراد بالبلدة الأولى صدرها وبالثانية الأرض التي أناخها فيها. والبغام بضم الموحدة وتخفيف الغين المعجمة حقيقة صوت الظبي فاستعاره لصوت الناقة. فإن قلت الصفة في البيت مخصصة مع أن ما بعد إلا مخالف لما قبلها إذ ما بعدها مفرد وما قبلها جمع وسيأتي عن المغني أن الصفة عند التخالف مؤكدة: قلت أجاب الدماميني بأن البغام هنا متعدد بحسب المعنى فلا تخالف. واعلم أنه دخل تحت كلام الشارح أربع صور: أن يكون الموصوف جمعا حقيقيا ونكرة حقيقية كما في الآية. وأن يكون شبيها بالجمع ونكرة حقيقية كما في البيت الأول والعكس كما في البيت الثاني وأن يكون شبيها بالجمع شبيها بالنكرة كالمفرد المعرف بأل الجنسية ولم يمثل له الشارح.   466- البيت من البسيط، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص62؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 44؛ وشرح شواهد المغني 1/ 218؛ والكتاب 2/ 333؛ ولسان العرب 15/ 432 "إلا"؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص296؛ ومغني اللبيب 1/ 72. 467- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص104؛ وخزانة الأدب 3/ 418، 420؛ والدرر 3/ 168؛ وشرح شواهد الإيضاح ص242؛ والكتاب 2/ 332؛ ولسان العرب 3/ 95 "بلد" 12/ 51 "بغم"؛ وبلا نسبة في شرحك شواهد المغني 1/ 218، 394، 2/ 729؛ ومغني اللبيب 1/ 72؛ والمقتضب 4/ 409؛ وهمع الهوامع 1/ 229. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وجهين: أحدهما أنه لا يجوز حذف موصوفها فلا يقال: جاءني إلا زيد، ويقال: جاءني غير زيد ونظيرها في ذلك الجمل والظروف فإنها تقع صفات ولا يجوز أن ينوب عن موصوفاتها. ثانيهما أنه لا يوصف بها إلا حيث يصح الاستثناء فيجوز عندي درهم إلا دانق يجوز لأنهم إلا دانقًا، ويمتنع إلا جيد لأنه يمتنع إلا جيدًا. ويجوز عندي درهم غير جيد، هكذا قال جماعات. وقد يقال إنه مخالف لقولهم في: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ   قوله: "لكن تفارق إلخ" استدراك على قوله وقد تحمل إلا عليها. قوله: "ولا يجوز حذف موصوفها" أي لأن الوصف بها خلاف الأصل بخلاف غير. قوله: "في ذلك" أي في عدم جواز حذف موصوفها. قوله: "ولا يجوز أن تنوب عن موصوفاتها" أي إلا فيما إذا كان الموصوف بعض اسم متقدم مجرور بمن أو في كقولهم منا ظعن ومنا أقام كما سيأتي في النعت. قوله: "إلا حيث يصح الاستثناء" قال سم يمكن أن يوجه بأن غيرا إنما حملت على إلا لتضمنها معنى الاستثناء فلا تحمل إلا عليها إلا حيث يصح الاستثناء. قوله: "إلا دانق" بكسر النون وفتحها ويقال أيضا داناق وهو سدس درهم وعلى الوصفية يكون مقرا بدرهم كامل وعلى الاستثناء يكون مقرا بدرهم إلا سدسا. ولما كان الدرهم يشبه الجمع من حيث اشتماله على الدوانق وصفه بإلا وبهذا يجاب أيضا عما يقال الوصف في هذا المثال مؤكد وسيأتي عن المغني أن الوصف عند مطابقة ما بعد إلا لما قبلها في الإفراد مثلا مخصص. قاله الدماميني. قوله: "لأنه يجوز إلا دانقا" أي بناء على جواز استثناء الجزء من الكلي وهو الراجح ومنعه ابن هشام ومن تبعه. قوله: "لأنه يمتنع إلا جيدا" أي لأن درهم نكرة في سياق الإثبات فعمومه للجيد وغيره بدلي والمستثنى منه لا يكفي شموله للمستثنى شمولا بدليا فلا يقال عندي رجل إلا زيدا وإن أجاز قوم الاستثناء من النكرة المثبتة إذا حصلت الفائدة. قوله: "وقد يقال إلخ" أشار بقد إلى إمكان دفعه وقد دفعه بعضهم بأن المراد بالاستثناء في قولهم لا يوصف بها إلا حيث يصح الاستثناء ما هو أعم من المتصل والمنقطع وإنما يمتنع في الآية والمثال المتصل لا المنقطع. قال الدماميني وهذا يقتضي إلغاء الشرط المذكور لكونه لم يحترز به عن شيء وهو كلام متين. وما أجيب به عنه من أن ذلك لا يضر لأن الأصل في القيود أن تكون لبيان الواقع لا يقاومه. قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} أي فإنه لا يجوز في إلا هذه أن تكون للاستثناء وما بعدها بدلا لا من جهة المعنى ولا من جهة اللفظ: أما الأول فلأن التقدير حينئذٍ لو كان فيهما آلهة أخرج منهم الذات العلية لفسدتا وهو يقتضي عدم الفساد عند عدم الإخراج وليس بمراد بل المراد ترتيب الفساد على مجرد التعدد، ولهذا كان إلا الله من الصفة المؤكدة الصالحة للإسقاط إذ المعنى لو كان فيهما من الآلهة متعدد غير الواحد، ومن المعلوم مغايرة المتعدد للواحد والقاعدة أنه إن طابق ما بعد إلا موصوفها فالوصف مخصص نحو لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا وإن خالفه بإفراد أو غيره فالوصف مؤكد كالآية ويؤخذ هذا من قول النحاة إذا قيل له الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ، ومن أمثلة سيبويه لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا. وشرط ابن الحاجب في وقوع إلا صفة تعذر الاستثناء. وجعل من الشاد قوله: 468- وكل أخ يفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان الثاني انتصاب غير في الاستثناء كانتصاب الاسم بعد إلا عند المغارة واختاره ابن   عندي عشرة إلا درهما فقد أقرّ له بتسعة وإن قال إلا درهم فقد أقر له بعشرة لأن المعنى عشرة مغايرة لدرهم وكل عشرة مغايرة للدرهم. وأما الثاني فلأن آلهة جمع منكر في الإثبات فلا عموم لها شموليا فلا يصح الاستثناء منها كذا في المغني، وبمثل هذا الثاني يوجه عدم صحة الاستثناء في المثال أعني لو كان معنا رجل إلخ كما قاله سم. فإن قلت لو للامتناع وامتناع الشيء انتفاؤه فتكون النكرة في الآية والمثال في سياق النفي فتعم. قلت قال الدماميني العرب لا تعتبر مثل هذا النفي بدليل أنهم لا يقولون لو جاءني ديار أكرمته ولا لو جاءني من أحد أحسنت إليه، ولو كانت بمنزلة النافي لجاز ذلك كما يجوز ما فيها ديار وما جاءني من أحد. فإن قلت جوّز الزمخشري في تفسير سورة الحجر في قوله تعالى: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، إِلَّا آَلَ لُوطٍ} [الذاريات: 32] ، أن آل لوط استثناء منقطع من قوم مجرمين وهو نكرة في الإثبات. قلت أجاب الدماميني بأن النكرة في الإثبات تعم إذا قامت قرينة العموم، والنكرة في هذه الآية كذلك بدليل آية لوط إنا أرسلنا إلى قوم لوط والقصة واحدة. قوله: "ومن أمثلة سيبويه" أي لإلا الوصفية فهو تأييد للاعتراض وكذا قوله وشرط ابن الحاجب إلخ لأن ما ذكره ابن الحاجب عكس ما ذكره تلك الجماعات. قال الشمني قال الرضي: مذهب سيبويه جواز وقوع إلا صفة مع صحة الاستثناء. قال ويجوز في قولك ما أتاني أحد إلا زيدا أن تقول إلا زيدا بدلا أو صفة وعليه أكثر المتأخرين تمسكا بقوله وكل أخ إلخ. قوله: "وجعل من الشاذ قوله وكل أخ إلخ" أي لصحة الاستثناء فيه وجوّز فيه بعضهم أن لا تكون إلا صفة بل للاستثناء. وأتى بالفرقدين بالألف جريا على لغة من يلزم المثنى الألف وفيه تخلص مما يلزم على وصفية إلا من المخالفة للكثير من وجهين آخرين وصف المضاف والمشهور وصف المضاف إليه إذ هو المقصود وكل لإفادة الشمول فقط والفصل بين الموصوف   468- البيت من الوافر، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص178؛ والكتاب 2/ 334؛ ولسان العرب 15/ 432 "ألا"؛ والممتع في التصريف 1/ 51؛ ولحضرمي بن عامر في تذكرة النحاة ص90؛ وحماسة البحتري ص151؛ والحماسة البصرية 2/ 418؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 46؛ والمؤتلف والمختلف ص85؛ ولعمرو أو لحضرمي في خزانة الأدب 3/ 421؛ والدرر 3/ 170؛ وشرح شواهد المغني 1/ 216؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 180؛ وأمالي المرتضى 2/ 88؛ والإنصاف 1/ 268؛ والجني الداني ص519؛ وخزانة الأدب 9/ 321، 322؛ ورصف المباني ص92؛ وشرح المفصل 2/ 89؛ والعقد الفريد 3/ 107، 133؛ وفصل المقال ص257؛ ومغني اللبيب 1/ 72؛ والمقتضب 4/ 409؛ وهمع الهوامع 1/ 229. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   عصفور، وعلى الحال عند الفارسي واختاره الناظم، وعلى التشبيه بظرف المكان عند جماعة واختاره ابن الباذش. الثالث يجوز في تابع المستثنى بها مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى، تقول قام القوم غير زيد وعمرو وعمرًا، فالجر على اللفظ والنصب على المعنى لأن معنى غير زيد إلا زيدًا وتقول ما قام أحد غير زيد وعمرو بالجر وبالرفع لأنه على معنى إلا زيد. وظاهر كلام سيبويه أنه من العطف على المحل. وذهب الشلوبين إلى أنه من باب التوهم "ولسوى" بالكسر و"سوى" بالضم مقصورتين و"سواء" بالفتح والمد "اجعلا على   والصفة بالخبر وهو قليل. قوله: "كانتصاب الاسم بعد إلا" أي في أن نصب كل منهما على الاستثناء وإن كان العامل فيما بعد إلا هو إلا على الصحيح وفي غير ما في الجملة قبله من فعل أو شبهه وإنما نصبت على الاستثناء مع أن المستثنى هو الاسم الواقع بعدها لأنه لما كان مشغولا بالجر لكونه مضافا إليه جعل ما كان يستحقه من الإعراب المخصوص لولا ذلك على غير سبيل العارية والدليل على أن الحركة لما بعدها حقيقة جواز العطف على محله كما يأتي قاله الدماميني. وانظر إذا لم يكن في الجملة قبله فعل أو شبهه ما العامل نحو ما أحد أخوك غير زيد هل هو أعنى مقدرا فتكونن غير مفعولا به أو الجملة بتمامها كما قيل به في محل ما بعد خلا وعدا إذا جرا كما سيأتي كل محتمل. قوله: "وعلى الحال عند الفارسي" فتؤول بمشتق أي قام القوم مغايرين لزيد في الفعل وأورد عليه أن مجرورها لا محل له حينئذٍ وقد نصبوا المعطوف عليه مراعاة لمحله. وقد يقال مذهب الفارسي والناظم أن ذلك من العطف على المعنى لا على المحل ومدار العطف على المعنى كون الكلام بمعنى كلام آخر فيه نصب ذلك الاسم وإن لم يكن له محل لا في الأصل ولا في الحال. قوله: "وعلى التشبيه بظرف المكان" بجامع الإبهام في كل. قوله: "ومراعاة المعنى" أي المؤدي بتركيب آخر مشتمل على إلا كما مر وهو بهذا المعنى لا يستلزم كون الاسم له محل. قوله: "ما قام أحد غير زيد" أي برفع غير بناء على اللغة الفصحى من الاتباع مع النفي والاتصال ولهذا اقتصر على الجر والرفع في عمرو وإن جاز فيه النصب أيضا نظرا إلى غير اللغة الفصحى من نصب المستثنى بإلا ونصب غير مع النفي والاتصال فتلخص أن في عمرو الجر والرفع على وجه الرجحان الذي نظر الشارح إليه فقط والنصب على وجه المرجوحية وحصل الجواب على اعتراض البعض كغيره على قوله بالجر والرفع بأنه كان عليه أن يقول بالنصب لما تقدم من جواز النصب بمرجوحية في نحو ذلك. قوله: "أنه من العطف على المحل" أي محل مجرور غير بحسب الأصل وما كان يستحقه بواسطة حمل غير على إلا لما تقدم من أن الأصل في مجرور غير. والذي كان يستحقه لولا اشتغاله بالجر بمقتضى الإضافة أن يجري عليه الإعراب المخصوص الذي يقتضيه حمل غير على إلا فسقط ما قاله البعض وعلم أن مدار العطف على المحل كون المحل يستحق ذلك الإعراب في الحال أو بحسب الأصل بخلاف مراعاة المعنى كما سبق فحصل الفرق بينهما. قوله: "إلى أنه من باب التوهم" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأصح ما لغير جعلا" من الأحكام فيما سبق لأنها مثلها لأمرين: أحدهما إجماع أهل اللغة على أن معنى قول القائل: قاموا سواك وقاموا غيرك واحد، وأنه لا أحد منهم يقول إن سوى عبارة عن مكان أو زمان. والثاني أن من حكم بظرفيتها حكم بلزوم ذلك وأنها لا تتصرف، والواقع في كلام العرب نثرًا ونظمًا خلاف ذلك فمن وقوعها مجرورة بالحرف قوله عليه الصلاة والسلام: "دعوت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوًّا من سوى أنفسها" وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما أنتم في سواكم إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود" وقول الشاعر: 469- ولا ينطق الفحشاء من كل منهم ... إذا جلسوا منا ولا من سوائنا وقوله: 470- وكل من ظن أن الموت مخطئه ... معلل بسواء الحق مكذوب   مداره على أن يكون ذلك الإعراب لذلك اللفظ مع لفظة أخرى فيعطى لذلك اللفظ مع غير تلك اللفظة على توهم أنه معها فتبين الفرق بين الثلاثة الذي هو ظاهر صنيع الشارح حيث قال أولا: ومراعاة المعنى، ثم قابله بقوله وظاهر إلخ هذا ما قاله سم. وقال الإسقاطي الذي يظهر من كلام الشارح أن العطف على المعنى عام يشمل العطف على المحل والعطف على التوهم وأن قوله وظاهر إلخ بيان للمراد من القسمين. ا. هـ. والإنصاف أن كلام الشارح محتمل لتقابل الثلاثة وللبيان بعد الإجمال. وفي الهمع أن العطف على المعنى هو العطف على التوهم إلا أنه إذا جاء في القرآن عبر عنه بالعطف على المعنى لا التوهم أدبا. واعلم أن تابع المستثنى بإلا كتابع المستثنى بغير في مراعاة المعنى على ما ذكره المصنف في التسهيل فيجوز جر تابع المستثنى بإلا مراعاة لكون إلا بمعنى غير والجمهور على منع ذلك في إلا. قوله: "من الأحكام" كوقوعها في الاستثناء المتصل والمنقطع وصفة لنكرة أو شبهها وقبولها تأثير العامل المفرغ قاله الدماميني. قوله: "وأنه لا أحد منهم إلخ" عطف على إجماع عطف لازم على ملزوم. قوله: "أن من حكم بظرفيتها" أي من النحاة فلا ينافي ما قبله والمراد الخليل وسيبويه وأتباعهما لا ما يشمل الرماني والعكبري إذ هما لا يقولان بلزومها الظرفية مع قولهما بظرفيتها. وقوله بظرفيتها أي بكونها ظرف مكان بمعنى مكان كما سيأتي. قوله: "خلاف ذلك" أي خلاف ما حكم به من اللزوم. قوله: "ولا ينطق الفحشاء" أي نطق المفحشاء أو بالفحشاء فهو مفعول مطلق على حذف مضاف   469- البيت من الطويل، وهو للمرار بن سلامة العجلي في خزانة الأدب 3/ 438؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 324؛ والكتاب 1/ 31؛ والمقاصد النحوية 3/ 126؛ ولرجل من الأنصار في الكتاب 1/ 408؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 294؛ وشرح ابن عقيل ص315؛ والمقتضب 4/ 350. 470- البيت من البسيط، وهو لأبي دؤاد الأيادي في ديوانه ص294؛ والإنصاف ص295؛ وخزانة الأدب 3/ 438؛ وشرح المفصل 2/ 84؛ وبلا نسبة في الدرر 3/ 93؛ وهمع الهوامع 1/ 202. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وبالإضافة قوله: 471- فإنني والذي يحج له النا ... س بجدوى سواك لم أثق ومن وقوعها مرفوعة بالابتداء قوله: 472- وإذا تباع كريمة أو تشترى ... فسواك بائعها وأنت المشتري ومرفوعه بالناسخ قوله: 473- أأترك ليلى ليس بيني وبينها ... سوى ليلة إني إذًا لصبور وبالفاعلية قوله: 474- ولم يبق سوى العدوا ... ن دناهم كما دانوا وحكى الفراء أتاني سواك. ومنصوبة بإن قوله:   أو منصوب بنزع الخافض ويحتمل أنه ضمن ينطق معنى يذكر فعداه بنفسه فالفحشاء مفعول به ومن في قوله مناولا من سوائنا بمعنى في متعلقة بينطق. قوله: "مرفوعة بالابتداء" يحتمل أن تكون في البيت خبرا مقدما. قوله: "كريمة" أي خصلة كريمة وأو بمعنى الواو كما في العيني. وقال بعضهم لا مانع من إبقاء أو على حالها وأن يكون قول الشاعر فسواك بائعها راجعا لقوله وإذا تباع وقوله وأنت المشتري راجعا لقوله أو تشتري. والمعنى إذا وجد بيع للكريمة فلا يوجد منك بل من سواك وإذا وجد شراء لها فلا يوجد من غيرك بل منك. قوله: "إني إذا" أي إذا تركتها في هذه الحالة فحذف الجملة المضاف إليها وعوض عنها التنوين وليست إذا الناصبة كما قد يتوهم أفاده يس. قوله: "دناهم كما دانوا" أي جزيناهم كجزائهم والجملة جواب فلما في البيت قبله. قوله:   471- البيت من المنسرح. 472- البيت من الكامل، وهو لابن المولى محمد بن عبد لله في الدرر 3/ 92؛ وشرح ديوان الحماسة ص1761؛ والمقاصد النحوية 3/ 125؛ وبلا نسبة في الأغاني 10/ 145؛ والحيوان 6/ 509؛ وشرح ابن عقيل ص315؛ وهمع الهوامع 1/ 202. 473- البيت من الطويل وهو لمجنون في ديوانه ص108؛ وجواهر الأدب ص282؛ والدرر 3/ 93؛ ومصارع العشاق 2/ 100؛ ولأبي دهبل في أمالي المرتضى 1/ 118؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 202. 474- البيت من الهزج، وهو للفند الزماني "شهل بن شيبان" في أمالي القالي 1/ 260؛ وحماسة البحتري ص56؛ وخزانة الأدب 3/ 431؛ والدرر 3/ 92؛ وسمط اللآلي ص940؛ وشرح التصريح 1/ 362؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص35؛ وشرح شواهد المغني 2/ 945؛ والمقاصد النحوية 3/ 122؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 281؛ وشرح ابن عقيل ص316؛ وهمع الهوامع 1/ 202. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   475- لديك كفيل بالمنى لمؤمل ... وإن سواك من يؤمله يشقى هذا تقدير ما ذهب إليه الناظم. وحاصل ما استدل به في شرح الكافية وغيره ومذهب الخليل وسيبويه وجمهور البصريين أن سوى من الظروف اللازمة لأنها يوصل بها الموصول نحو جاء الذي سواك. قالوا ولا تخرج عن الظرفية إلا في الشعر. وقال الرماني العكبري: تستعمل ظرفًا غالبًا، وكغير قليلًا، وهذا أعدل. ولا ينهض ما استدل به الناظم حجة لأن كثيرًا من ذلك أو بعضه لا يخرج الظرف عن اللزوم وهو الجر، وبعضه قابل للتأويل. ا. هـ.   "لديك كفيل" أي عندك وجود كفيل أو الكلام من باب التجريد. وقوله يشقى أي يخيب أمله. قوله: "أن سوى من الظروف" أي المكانية بمعنى مكان بمعنى عوض، فمعنى جاء الذي سواك في الأصل جاء الذي في مكانك أي حل فيه عوضك ثم توسعوا واستعملوا مكانك وسواك بمعنى عوضك وإن لم يكن ثم حلول فظرفيتها مجازية ولهذا لم يتصرفا أفاده في الهمع. قوله: "لأنها يوصل بها الموصول" فيه أنه لا يدل إلا على كونها تقع ظرفا لا على أنها ملازمة للظرفية وفيه أيضا أنه لا مانع أن تكون فيما ذكر خبر المحذوف والجملة صلة وإنما حذف صدر الصلة لطولها بالإضافة أو حالا معمولة لثبت مضمرا. قوله: "ولا تخرج عن الظرفية" المناسب لقول بعد لأن كثيرا من ذلك أو بعضه لا يخرج الظرف عن اللزوم وهو الجر أي بمن أن يكون المراد بالظرفية ما يشمل شبهها وهو الجر بمن لكن ينافي هذا قول السيوطي في نكته لا تكون إلا منصوبة على الظرفية وعليه فجرها بمن يرد عليهم فافهم. قوله: "إلا في الشعر" بهذا الاستثناء يندفع استدلال المصنف عليهم بالأبيات السابقة. قوله: "وهذا أعدل" أي لأنه لا يحوج إلى تكلف في موضع من المواضع. قوله: "لأن كثيرا من ذلك أو بعضه إلخ" الذي يظهر لي حل هذه العبارة أن أو بمعنى بل الإضرابية عن التعبير بكثير إلى التعبير ببعض لأن الذي لا يخرج الظرف عن اللزوم من ذلك وهو الجر بمن خاصة اثنان فقط مما تقدم وليسا بكثير ولعل الحامل له على التعبير أولا به أن بعضهم عبر به فأتى به ثم أضرب عنه إشارة إلى الاعتراض عليه فاحفظه. وأما قول البعض المراد كثرته في نفسه لأنه ذكر أربعة أدلة فيها الجر بالحرف فغفلة عن كون المراد الجر بمن خاصة لأنه الذي لا يخرج الظرف عن اللزوم. وأما قوله لعله أتى بقوله أو بعضه لعدم اطلاعه على ما استدل به المصنف واحتمال أن ما استدل به كثير جدا بحيث لا تعد الأدلة الأربعة كثيرة بالنسبة إليه فغفلة عن قول الشارح سابقا هذا تقرير ما ذهب إليه الناظم وحاصل ما استدل به في شرح الكافية وغيره فتدبر. قوله: "وبعضه قابل للتأويل" أي بكونه شاذا أو ضرورة.   475- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص316؛ والمقاصد النحوية 3/ 135. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهات: الأول حكى الفاسي في شرح الشاطبية في سوى لغة رابعة وهي المد مع الكسر. الثاني أفهم كلامه أنه يجوز في المعطوف على المستثنى بها اعتبار المعنى كما جاز في غير ويساعده قوله في التسهيل: تساويها مطلقًا سوى، بعد ذكره جواز اعتبار المعنى في العطف على مجرور غير. الثالث تفارق سوى غيرًا في أمرين: أحدهما أن   قوله: "حكى الفاسي" لا حاجة لإسناده للفاسي مع حكاية أبي حيان وابن هشام له سم. قوله: "أفهم كلامه" أي حيث أثبت لسوى ما ثبت لغير ومن جملة ما ثبت لغير جواز اعتبار المعنى في العطف على مجرورها وإن لم يذكره المصنف هنا. قوله: "أن المستثنى بغير" مثله المستثنى بإلا. قوله: "نحو ليس غير" أي في قولك مثلا قبضت عشرة ليس غير وفيه أن المستثنى به هو ليس لا غير بل هي مستثنى فالمحذوف ما أضيف إليه غير لا المستثنى إلا أن يراد بالمستثنى ما أفيدت مخالفته لشيء والمضاف إليه غير أفيدت مخالفته لغيره، هذا ملخص ما قاله البعض. وفي الدماميني ما يدفع السؤال من أصله حيث قال يحذف المستثنى بشرط فهم المعنى وكون أداة الاستثناء إلا أو غيرا وتقدم ليس عليهما. قال الأخفش والمصنف أو لا يكون تقول قبضت عشرة ليس إلا أو ليس غير أي ليس المقبوض شيئا إلا إياها أو غيرها فأضمر اسم ليس عائدا على المقبوض المفهوم من قبضت وحذف خبرها للتفريغ. ا. هـ. باختصار نعم هذا الدفع إنما يتم في غير على أن في ليس ضميرا هو اسمها كما ذكره لا على أن اسمها وهو غير وسيأتي ذلك. بقي حذف أداة الاستثناء وقد قال ابن الحاجب وابن مالك في نحو ما قام وقعد إلا زيد أنه من باب الحذف لا التنازع خلافا لبعضهم والتقدير ما قام إلا زيد. وما قعد إلا زيد وقال في المغني قال السهيلي في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23] ، الآية لا يتعلق الاستثناء بفاعل إذ لم ينه عن أن يصل {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 89] ، بقوله ذلك ولا بالنهي لأنك إذا قلت أنت منهي عن أن تقوم إلا أن يشاء الله فلست بمنهي فقد سلطته على أن يقوم ويقول شاء الله ذلك. وتأويل ذلك أن الأصل إلا قائلا إلا أن يشاء الله وحذف القول كثير. ا. هـ. فتضمن كلامه حذف أداة الاستثناء والمستثنى جميعا والمتجه أن الاستثناء مفرغ كما عليه تأويل السهيلي وأن المستثنى مصدر تقديره إلا قولا مصحوبا بأن يشاء الله أو حال تقديرها إلا ملتبسا بأن يشاء الله أي بذكر أن يشاء الله. وقد علم أن ذكره لا يكون إلا مع إلا فطوى ذكرها لذلك وعليهما فالباء محذوفة من أن. وقال بعضهم يجوز أن يكون إلا أن يشاء الله كلمة تأبيد أي لا تقولنه أبدا كما قيل في: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 89] ، لأن عودهم في ملتهم مما لا يشاؤه الله ويرده أنه يقتضي النهي عن قوله إني فاعل ذلك غدا قيده بالمشيئة أولا، وبهذا يرد أيضا قول من زعم أن الاستثناء منقطع وكذا تجويز الزمخشري رجوع الاستثناء إلى النهي على أن المعنى إلا أن يشاء الله أن تقوله بأن يأذن لك فيه مع أن من المعلوم أن كل أمر ونهي يستمر إلى إتيان نقيضه. ا. هـ. كلام المغني ببعض تصرف فعلي ما اختاره يكون المحذوف أداة الاستثناء وحدها كما قاله الشمني وجميع ما ذكره بعد كلام السهيلي سبقه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المستثنى بغير قد يحذف إذا فهم المعنى نحو ليس غير بالضم وبالفتح وبالتنوين بخلاف سوى. ثانيهما أن سوى تقع صلة الموصول في فصيح الكلام كما سلف بخلاف غير. الرابع تأتي سوا بمعنى وسط وبمعنى تام فتمد فيهما مع الفتح نحو: {فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 55] ، وهذا درهم سواء. وتأتي بمعنى مستو فتقصر مع الكسر نحو: {مَكَانًا سُوًى} [طه: 58] ، وتمد مع الفتح نحو مررت برجل سواء والعدم، ويخبر بها حينئذ عن   إليه ابن الحاجب لكن ليس في كلامه أن إلا محذوفة فإنه قال الوجه الاستثناء مفرغ على أن الأعم المحذوف حال أو مصدر إلى أن قال وحذفت الباء من أن يشاء الله والتقدير إلا بأن يشاء الله أي إلا بذكر المشيئة وقد علم أن ذكر المشيئة في الإخبار عن فعل مستقبل هو ذكرها مع حرف الشرط وما في معناه نحو إن شاء الله إلا أن يشاء الله بمشيئة الله. ا. هـ. وهذا أولى وأسهل. قوله: "بالضم" قال المبرد والمتأخرون هو ضم بناء لشبهها بالغايات كقبل وبعد فعلى هذا يحتمل أن تكون اسم ليس وأن تكون خبرها وقال الأخفش ضم إعراب لأنه ليس اسم زمان ولا اسم مكان بل هو ككل وبعض لكن حذف المضاف إليه ونوى لفظه قاله الدماميني. قوله: "وبالفتح" ظاهره أنه فتح بناء. ووجهه أن الأسماء المتوغلة في الإبهام كمثل وغير يجوز بناؤها على الفتح إذا إضيفت لمبني كالضمير، فعلى هذا تحتمل الاسمية والخبرية، ويصح جعله فتح اعراب لنية لفظ المضاف إليه المحذوف فعلى هذا تتعين للخبرية. قوله: "وبالتنوين" أي في شبهي الحالتين المذكورتين وشبهاهما الرفع والنصب والحركة عند التنوين اعرابية. قوله: "تقع صلة الموصول" أي في ظاهر اللفظ وإلا فهي في الحقيقة جزء صلة إن قدر قبلها مبتدأ ومعمول الصلة إن قدر قبلها ثبت كذا قال الدماميني. قوله: "كما سلف" فيه أنه لم يقيد فيما سلف بفصيح الكلام. قوله: "بخلاف غير" فيه نظر إذ الظاهر أن غيرا كسوى في الوقوع صلة على تقدير مبتدإ حذف لطول الصلة بالإضافة كذا قال بعضم. وقال الدماميني بعد أن ذكر أن سواك في جاء الذي سواك جزء الصلة إن قدر مبتدأ قبله ومعمول الصلة إن قدر ثبت قبله ما نصه: وعلى التقدير الأول أعني تقدير المبتدأ فلا اختصاص لسوى بذلك بل يجوز في غير مع أي بلا شرط نحو جاء أيهم غير جاهل ومع غير أي بشرط طول الصلة نحو جاء الذي غير ضارب أبوه عمرا ومع عدم الطول شاذا عند البصريين وقياسا عند الكوفيين. ا. هـ. وهو صريح في عدم الاكتفاء في طول الصلة بإضافتها ولكن أن تقول إن كان الفرق مبنيا على ظرفية سوى فظاهر وإلا فلا. قوله: "بمعنى وسط" اعترض بأنه ينافي ما قدمه عن أهل اللغة من أنه لا أحد منهم يقول إن سوى عبارة عن مكان أو زمان لأنها إذا كانت بمعنى وسط كانت عبارة عن مكان. وأجيب بأن محل ما قدمه عنهم إذا وقعت في تراكيب الاستثناء وما نحن فيه ليس كذلك وقد أسلفنا في باب الظرف الكلام على لفظ وسط. قوله: "فتقصر مع الكسر" أي أو الضم وبهما قرىء قوله تعالى: {لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى} [طه: 58] ، أي مستويا طريقنا إليه وطريقك إليه كما قاله المفسرون فتحقق التعدد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 واستثن ناصبًا بليس وخلا ... وبعدا وبيكون بعد لا   الواحد فما فوقه نحو: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: 113] ؛ لأنها في الأصل مصدر بمعنى الاستواء. ا. هـ. "واستثن ناصبًا" للمستثنى "بليس وخلا وبعدا وبيكون بعد لا" النافية نحو قاموا ليس زيدًا، وخلا عمرًا، وعدا بكرًا، ولا يكون خالدًا. أما ليس ولا يكون فالمستثنى بهما واجب النصب لأنه خبرهما، واسمهما ضمير مستتر وجوبًا يعود على البعض المدلول   الذي يقتضيه الاستواء. قوله: "سواء والعدم" بجر سواء صفة لرجل والمختار في العدم النصب على المعية لضعف العطف لفظا لعدم الفصل كذا قالوا ويشكل عليه عندي أن الاستواء يقتضي متعددا فيكون العطف واجبا كما في اشترك زيد وعمرو وأما قولهم استوى الماء والخشبة بالنصب فليس الاستواء فيه بمعنى التماثل بل بمعنى الارتفاع أو الاستقرار على ما يظهر فتأمل. قوله: "عن الواحد فما فوقه" أي ويعطف على ضميرها في الأول شيء يتحقق به التعدد إذ الاستواء لا يعقل إلا بين متعدد فاندفع ما اعترض به هنا. قوله: "مصدر" أي اسم مصدر. فائدة: أجيز في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: 6، يس: 10] ، كون سواء خبرا عما قبلها فما بعدها في تأويل المصدر فاعل لها لأن باب التسوية مما لا يحتاج إلى سابك أو خبرا عما بعدها فما بعدها في تأويل المصدر مبتدأ أو مبتدأ فما بعدها في تأويل المصدر خبر ولا يرد أن الاستفهام واجب التصدير فلا يكون فاعلا ولا مبتدأ مؤخرا ولا خبرا مؤخرا لأن هذه الهمزة سلخ عنها الاستفهام وجردت للتسوية. فإن قيل أم لأحد الأمرين وما يتعلق به سواء لا يكون إلا متعددا فالجواب أن أم هنا سلخ عنها الأحد وجردت للعطف والتشريك. فإن قيل يلزم على كون الهمزة للتسوية تكرارها مع سواء. فالجواب أن الاستواء المفهوم من الهمزة هو الاستواء الذي تضمنته حين كونها لحقيقة الاستفهام أي الاستواء في علم المستفهم والاستواء المستفاد من سواء هو الاستواء في الغرض المسوق له الكلام كأنه قيل المستويان في علمك مستويان في عدم النفع. وذهب الرضي إلى رأي آخر في المسألة وهو أن سواء خبر مبتدأ محذوف أي الأمران سواء وما بعد سواء بيان للأمرين والهمزة بمعنى إن الشرطية وأم بمعنى أو والجملة الاسمية دالة على الجزاء أي إن أنذرتهم أم لم تنذرهم. فالأمران سواء قال وإنما أفادت الهمزة فائدة إن لاستعمالها فيما لم يتيقن حصوله، وجعلت أم بمعنى أو لاستعمالهما في الأحد كذا في شرح الدماميني على المغني. قوله: "بليس وخلا إلخ" والاستثناء بما ذكر لا يكون إلا مع التمام والاتصال وخلا في الأصل لازم وقد يضمن معنى جاوز فيتعدى بنفسه كما في خلا الاستثنائية والتزم ذلك فيها ليكون ما بعدها في صورة المستثنى بإلا ولذلك التزموا إضمار فاعله أما عدا فهو في الأصل يتعدى بنفسه وبعن ومعناه جاوز وترك كما في القاموس والأولى أن يكون بليس تنازعه استثن وناصبا نظير ما مر. قوله: "ولا يكون خالدا" أي لا تعدّ ولا تحسب فيهم خالدا فلا منافاة بين استقباله ومضى قاموا سم. قوله: "مستتر وجوبا" ليكون ما بعدها في صورة المستثنى بإلا كما مر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   عليه بكله السابق، فتقدير قاموا ليس زيدًا هو أي بعضهم، فهو نظير، {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً} [النساء: 11] ، بعد {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] ، وقيل عائد على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق والتقدير ليس هو أي القائم. وقيل عائد على الفعل المفهوم من الكلام السابق والتقدير ليس هو: أي ليس فعلهم زيد، فحذف المضاف، ويضعف هذين عدم الاطراد لأنه قد لا يكون هناك فعل كما في نحو القوم أخوتك ليس زيدًا. وأما خلا وعدا ففعلان غير متصرفين لوقوعهما موقع إلا وانتصاب المستثنى بهما على المفعولية وفاعلهما ضمير مستتر، وفي مرجعه الخلاف المذكور.   وقيل لأنه لو برز للزم الفصل بين أداة الاستثناء والمستثنى. قوله: "فهو نظير فإن كنّ نساء إلخ" أي في كون الضمير عائدا على البعض المفهوم من كلامه السابق إذ النون عائد على الإناث وهنّ بعض الأولاد المتقدم ذكرهم ومحط الفائدة قوله فوق اثنتين وذكر نساء توطئة له فلا يقال لا فائدة في قولنا فإن كانت الإناث نساء. قاله المصرح وقيل الضمير للأولاد وأنثه باعتبار الخبر. قوله: "على اسم الفاعل" لو قال على الوصف لكان أحسن ليشمل اسم المفعول في نحو قولك أكرمت القوم ليس زيدا إذ المرجع فيه اسم مفعول. قوله: "على الفعل" أي اللغوي وهو الحدث بواسطة تقدير مضاف كما ذكره الشارح. قوله: "والتقدير ليس هو أي ليس فعلهم إلخ" عبارة الدماميني والتقدير في مثل قاموا ليس زيدا ليس قيامهم قيام زيد فحذف المضاف الذي هو الخبر وأقيم المضاف إليه مقامه ثم قال ومما يرد عليهم أن تقديرهم لا يؤدي المقصود من الاستثناء وهو إخراج زيد من القوم والحكم عليه بعدم القيام على ما هو المختار وجعلهم أن التقدير ليس قيامهم قيام زيد لا يفيد ذلك. قوله: "لأنه قد لا يكون إلخ" أجاب الدماميني بأن قائلي ذلك إنما خصوا الفعل بالذكر لأنهم إنما مثلوا بما اشتمل على الفعل تنبيها على كيفية التخريج في غيره فإذا لم يكن هناك فعل ملفوظ تصيد من الكلام ما يعود عليه الضمير ففي نحو القوم إخوتك ليس زيدا التقدير ليس هو أي المنتسب إليك بالأخوّة زيدا أو ليس انتسابهم انتساب زيد. قوله: "وأما خلا وعدا ففعلان غير متصرفين" لو قال فالمستثنى بهما جائز النصب وهما أيضا فعلان إلخ لحسنت المقابلة وسلم من إيهام أن ليس ولا يكون متصرفان. قوله: "على المفعولية" لأنهما متعلقان بمعنى جاوز. قوله: "ضمير مستتر" أي وجوبا. قوله: "وفي مرجعه الخلاف المذكور" والأصح منه أن مرجعه البعض المدلول عليه بكله السابق ونظر فيه الرضي بأنه لا يفيد المقصود لأن مجاوزة البعض لزيد في قولك قام القوم خلا زيدا لا يلزم منها مجاوزة الكل. وأجيب بأن البعض مبهم ومجاوزته إلا بمجاوزة الكل وبأن المراد بالبعض ما عدا المستثنى. ولي ههنا احتمال وهو أن يكون مرجع الضمير في خلا وعدا وحاشا نفس الاسم السابق، لكن التزم فيه التذكير والإفراد ليكون الاستثناء بها كالاستثناء بإلا ولجريان ذلك مجرى الأمثال التي لا تغير كما قالوه في حبذا زيد، حيث التزم تذكير اسم الإشارة وإفراده لذلك ولا يرد على هذا تنظير الرضى فاعرفه. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 واجرر بسابقي يكون إن ترد ... وبعد ما انصب وانجرار قد يرد   تنبيهان: الأول قيل موضوع جملة الاستثناء من هذه الأربع نصب على الحال. وقيل مستأنفة لا موضع لها، وصححه ابن عصفور. الثاني لا تستعمل يكون في الاستثناء مع غير لا من أدوات النفي. ا. هـ "واجرر بسابقي يكون" وهما خلا وعدا "إن ترد" الجر فإنه جائز وإن كان قليلًا، فمن الجر بخلا قوله: 476- خلا الله لا أرجو سواك وإنما ... أعد عيالي شعبة من عيالكا ومن الجر بعدا قوله: 477- أبحنا حيهم قتلًا وأسرًا ... عدا الشمطاء والطفل الصغير تنبيهان: الأول لم يحفظ سيبويه الجر بعدا، قيل ولا بخلا وليس كذلك، بل ذكر الجر بخلا. الثاني قيل يتعلقان حينئذ بما قبلهما من فعل أو شبهه على قاعدة حروف الجر. وقيل موضعهما نصب عن تمام الكلام وهو الصواب لعدم اطراد الأول، ولأنهما لا يعديان   "نصب على الحال" ولم تقترن بقد في ليس وخلا وعدا مع أن ذلك واجب إذا كانت جملة ماضوية لاستثناء أفعال الاستثناء، أو يقال محل ذلك الأفعال المتصرفة. قوله: "مستأنفة" أي غير متعلقة بما قبلها في الإعراب وإن تعلقت به في المعنى. قاله المصرح. قوله: "وصححه ابن عصفور" علله بعدم الربط للحال ثم قال: فإن قيل إذا عاد الضمير على البعض المضاف لضمير المستثنى منه حصل الربط في المعنى فالجواب أن ذلك غير منقاس. قوله: "لا تستعمل بكون إلخ" أي كما لا يستعمل فيه غير يكون من تصاريف الكون ككان. قوله: "شعبة" أي فرقة. قوله: "أبحنا حيهم إلخ" يحتمل أن حيهم نصب بنزع الخافض أي في حيهم وقتلا مفعول به، ويحتمل أن حبهم مفعول به وقتلا تمييز محوّل عنه. والشمطاء التي يخالط سواد شعرها بياض والمراد بها العجوز. قوله: "حينئذٍ" أي حين إذ جر بهما، وقوله مما قبلهما أي في الرتبة وإن تأخر في اللفظ كما في الشاهد الأول. قوله: "على قاعدة حروف الجر" فموضع مجرورهما نصب بالفعل أو شبهه. قوله: "موضعهما" أي موضع مجرورهما وقوله عن تمام الكلام أي نصبا ناشئا عن تمام الكلام أي عن تمام الجملة قبلهما فتكون هي الناصبة ونظير ذلك نصب   476- البيت من الطويل، وهو للأعشى في خزانة الأدب 3/ 314؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص382؛ وحاشية يس 1/ 355؛ والدرر 3/ 164؛ وشرح التصريح 1/ 363؛ وشرح ابن عقيل ص317؛ ولسان العرب 14/ 242 "خلا"؛ والمقاصد النحوية 3/ 137؛ وهمع الهوامع 1/ 226، 232. 477- قبله: تركنا في الحضيض بنات عوج ... عواكف قد خضعن إلى النسور والبيتان من الوافر، وهما بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 285؛ والدرر 3/ 178؛ وشرح التصريح 1/ 363؛ وشرح ابن عقيل ص318؛ والمقاصد النحوية 3/ 132؛ وهمع الهوامع 1/ 222. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأفعال إلى الأسماء: أي لا يوصلان معناها إليها، بل يزيلان معناها عنها، فأشبها في عدم التعدية الحروف الزائدة، ولأنهما بمنزلة إلا وهي غير متعلقة. ا. هـ "وبعد ما" المصدرية "انصب" حتمًا لأنهما تعينا بها للفعلية كقوله: 478- لا كل شيء ما خلا الله باطل وقوله: 479- تمل الندامى ما عداني فإنني ... بكل الذي يهوى نديمي مولع   الجملة تمييز النسبة كما في التصريح ولا متعلق للحرف على هذا. قوله: "لعدم اطراد الأول" لأنه لا يأتي في نحو القوم اخوتك خلا زيد وفيه ما مر عن الدماميني فاعرفه. قوله: "لا يعديان الأفعال إلخ" رده بعضهم بأنه لا يلزم أن يكون معنى التعدية إيصال الحرف معنى الفعل إلى الاسم على وجه الثبوت، بل يجوز أن يكون معناها جعل الاسم مفعولا لذلك الفعل وإيصال معنى الفعل إليه على الوجه الذي يقتضيه الحرف من ثبوت أو انتفاء، ألا ترى أن المفعول به في النفي نحو لم أضرب زيدا لم يخرجه انتفاء وقوع الفعل عليه عن كونه مفعولا. قوله: "ولأنهما بمنزلة إلا" أي في المعنى ورد بأن ذلك لا يقتضي مساواتهما لها في جميع الأحكام ألا ترى أنهما يجران بخلاف إلا. قوله: "المصدرية" فيه أن الحرف المصدري لا يوصل بفعل جامد إلا أن يقال هما في الأصل متصرفان والجمود عارض فلم يكن مانعا من الوصل، أو يقال هما مستثنيان. وعلى كل فالمصدر المنسبك ملاحظ فيه جانب المعنى كما يؤخذ من تعبير الشارح في حل المعنى بمادة المجاوزة. قوله: "حتما" فيه أن هذا مناف لقول المصنف بعد وانجرار قد يرد إلا أن يجعل جريا على مذهب من لا يجيز الجر بهما بعد ما لأنه الراجح عند الشارح كما سيشير إليه فتأمل. قوله: "تمل" بالبناء للمجهول من الملل وهو السآمة. والندامى جمع   478- عجزه: وكل نعيم لا محالة زائل والبيت من الطويل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص256؛ وجواهر الأدب ص382؛ وخزانة الأدب 2/ 255، 257؛ والدرر 1/ 71؛ وديوان المعاني 1/ 118؛ وسمط اللآلي ص253؛ وشرح التصريح 1/ 29؛ وشرح شذور الذهب ص329؛ وشرح شواهد المغني 1/ 150، 153، 154، 392؛ وشرح المفصل 2/ 78؛ والعقد الفريد 5/ 273؛ ولسان العرب 5/ 351 "رجز"؛ والمقاصد النحوية 1/ 5، 7، 291؛ ومغني اللبيب 1/ 133؛ وهمع الهوامع 1/ 3؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص211؛ وأوضح المسالك 2/ 289؛ والدرر 3/ 166؛ ورصف المباني ص269؛ وشرح شواهد المغني 2/ 531؛ وشرح عمدة الحافظ ص263؛ وشرح قطر الندى ص248؛ والهمع ص154؛ وهمع الهوامع 1/ 226. 479- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 107؛ والجني الداني ص566؛ وجواهر الأدب ص382؛ والدرر 3/ 179؛ وشرح التصريح 1/ 110، 364؛ وشرح شذور الذهب ص339؛ والمقاصد النحوية 1/ 363؛ وهمع الهوامع 1/ 233. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 وحيث جرا فهما حرفان ... كما هما إن نصبا فعلان وكخلا حاشا ولا تصحب ما ... وقيل حاش وحشا فاحفظهما   وموضع الموصول وصلته نصب بالاتفاق: فقال السيرافي على الحال وهذا مشكل لتصريحهم في غير هذا الموضع بأن المصدر المؤول لا يقع حالًا كما يقع المصدر الصريح في نحو أرسلها العراك، وقيل على الظرف، وما وقتية نابت هي وصلتها عن الوقت، فالمعنى على الأول قاموا مجاوزين زيدًا، وعلى الثاني قاموا وقت مجاوزتهم زيدًا. وقال ابن خروف على الاستثناء كانتصاب غير في: قاموا غير زيد "وانجرار" بهما حينئذ "قد يرد" أجاز ذلك الجرمي والربعي والكسائي والفارسي لكن على تقدير ما زائدة لا مصدرية، فإن قالوه بالقياس ففاسد لأن ما لا تزاد قبل الجار بل بعده نحو: عما قليل، فبما رحمة، وإن قالوه بالسماع فهو من الشذوذ بحيث لا يحتج به "وحيث جرا فهما حرفان" بالاتفاق "كما هما إن نصبا فعلان" فالاتفاق وسواء في الحالين اقترنا بما أو تجردا عنها "وكخلا" في جواز المستثنى بها ونصبه "حاشا" تقول قام القوم حاشا زيد وحاشا زيدًا،   نديم. قوله: "على الحال" بتأويلها باسم الفاعل وتلك الحال فيها معنى الاستثناء. تصريح. قوله: "لا يقع حالا" أي لتعرفه بالضمير المشتمل عليه فلا تقول جاء زيد أن يقوم لتأوله بمصدر مضاف للضمير والحال لا تكون معرفة. وأما تعرف نحو العراك في قولهم أرسلها العراك ففي معنى التنكير لأنه بأل الجنسية قاله الدماميني ثم رأيت في المغني ما يدفع الإيراد عن السيرافي فإنه عد من اللفظ المقدر بشيء مقدر بآخر ما خلا وما عدا، وعلى قول السيرافي ما مصدرية وهي وصلتها حال فيها معنى الاستثناء ثم قال: قال ابن مالك فوقعت الحال معرفة لتأولها بالنكرة. ا. هـ. والتأويل خالين عن زيد ومتجاوزين زيدا. ا. هـ. قوله: "كما يقع" راجع للمنفي. قوله: "وما وقتية" سميت وقتية لنيابتها هي وصلتها عن الوقت كما أشار إلى ذلك الشارح فالذي في محل النصب على الظرفية مجموع الموصول والصلة كما أفاده الشارح خلافا لمن قال هو ما فقط. قوله: "كانتصاب غير" أي على الاستثناء بناء على مذهبه. قوله: "حينئذٍ" أي حين إذ وقعا بعدما. قوله: "بالقياس" أي على زيادتها بعد بعض حروف الجر نحو فبما رحمة، وقد بين الفرق بين المقيس والمقيس عليه بقوله لأن ما إلخ، قوله: "بل بعده" أي بعد الجار. قوله: "فهو من الشذوذ بحيث إلخ" أي فهو من أمكنة الشذوذ في مكان لا يحتج به. قوله: "وحيث جرّا فهما حرفان" أجرى الظرف مجرى الشرط فأدخل الفاء كقوله تعالى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ} [الأحقاف: 11] . قوله: "وسواء في الحالين إلخ" التعميم مبني على مذهب من يجيز الجر بهما مع ما المشار إليه بقول المصنف وانجرار قد يرد. قوله: "وكخلا حاشا" إذا جررت بالثلاثة قلت خلاي وحاشاي وعداي بدون نون الوقاية. وإن نصبت فبنون الوقاية ويجوز في خلاك وخلاه وحاشاك وحاشاه وعداك وعداه كون الضمير منصوبا ومجرورا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فإذا جرت كانت حرف جر. وفيما تتعلق به ما سبق في خلا وإذا نصبت كانت فعلًا والخلاف في فاعلها وفي محل الجملة كما في خلا. تنبيهان: الأول الجر بحاشا هو الكثير الراجح، ولذلك التزم سيبويه وأكثر البصريين حرفيتها ولم يجيزوا النصب، لكن الصحيح جوازه فقد ثبت بنقل أبي زيد وأبي عمر والشيباني والأخفش وابن خروف، وأجازه المازي والمبرد والزجاج. ومنه قوله: 480- حاشا قريشًا فإن الله فضلهم ... على البرية بالإسلام والدين وقوله: اللهم اغفر لي ولمن يسمع ... حاشا الشيطان وأبا الأصبغ وقوله: 481- حاشا أبا ثوبان إن أبا ... ثوبان ليس ببكمة فدم   قوله: "وفيما تتعلق به" أي وجودا وعدما إذ ليس الخلاف السابق في العامل الذي تتعلق به بل في كونها لها متعلق أولا ولو قال وفي كونها تتعلق أوّلا ما سبق لكان أوضح. وقوله في فاعلها أي في مرجع فاعلها إذ لم يتقدم خلاف في نفس فاعلها. وقوله وفي محل الجملة أي وجودا وعدما إذ الخلاف السابق في جملة خلا قولان: أنها في محل نصب على الحال وأنها مستأنفة لا محل لها. قوله: "اللهم اغفر لي إلخ" هذا نثر وأبو الأصبغ بفتح الهمزة وإهمال الصاد وإعجام الغين اسم رجل كما في حاشية شيخنا السيد. قال في التصريح وجعله قرينا للشيطان تنبيها على التحاقه به في الخسة وقبح الفعل. فإن قلت سيأتي أن حاشا إنما يستثنى بها في مقام التنزيه، والغفران لا ينزه منه. قلت بولغ في قبح الشيطان وأبي الأصبغ وخستهما حتى كأن الغفران ينقص بمرتبتهما في القبح والخسة. قوله: "حاشا أبا ثوبان" قيل يحتمل أنه على لغة   480- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 215؛ والدرر 3/ 175؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص320؛ والمقاصد النحوية 3/ 137؛ وهمع الهوامع 1/ 232. 481- هذا هو أصل البيت فيها، وأكثر النحاة يركب صدر البيت على عجز بيت آخر منها فينشدونه هكذا: حاشا أبي ثوبان إن به ... ضنا عن الملحاة والشنم والبيت من الكامل، وهو للجميع الأسدي في الأصمعيات ص218؛ والجني الداني ص562؛ والدرر 3/ 176؛ وشرح اختيارات المفضل ص1508؛ وشرح شواهد المغني 1/ 368؛ وشرح المفصل 8/ 47؛ والمقاصد النحوية 3/ 129؛ وله وأو لسبرة بن عمرو والأسدي في لسان العرب 14/ 182 "حشا"؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 280؛ وخزانة الأدب 4/ 182؛ وشرح المفضل 2/ 84؛ ولسان العرب 14/ 181 "حشا" والمحتسب 1/ 341؛ ومغني اللبيب 1/ 122؛ وهمع الهوامع 1/ 232. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قال المرزوقي في رواية الضبي: حاشا أبا ثوبان بالنصب. الثاني الذي ذهب إليه الفراء أنها فعل لكن لا فاعل له. والنصب بعده إنما هو بالحمل عن الأول، ولم ينقل عنه ذلك في خلا وعدا، على أنه يمكن أن يقول فيهما مثل ذلك. ا. هـ. "ولا تصحب ما" فلا يجوز قام القوم ما حاشا زيدًا. وأما قوله: 482- رأيت الناس ما حاشا قريشًا ... فإنا نحن أفضلهم فعالًا فشاذ "وقيل" في حاش "حاش وحشا فاحفظهما" وهل هاتان اللغتان في حاشا الاستثنائية أو التنزيهية؟ الأول ظاهركلامه هنا وفي الكافية وشرحها، والثاني ظاهر كلامه في التسهيل وهو الأقرب. تنبيه: حاشا على ثلاثة أوجه: الأول تكون استثنائية وقد تقدم الكلام عليها. والثاني تكون تنزيهية نحو حاش الله وليست حرفًا. قال في التسهيل: بلا خلاف، بل هي عند   القصر فلا شاهد فيه لكن إن علم أن قائله ليس من أهل هذه اللغة صح الاستشهاد بل إذا لم يعلم أن قائله من أهلها صح لرجحان الحمل على الأشهر. والبكمة بالضم البكم وهو الخرس فالمراد بذي بكمة. والفدم بفتح الفاء وسكون الدال العي الثقيل. قوله: "لكن لا فاعل له" أي ولا مفعول كما قاله بعضهم وقوله بالحمل على إلا أي فيكون منصوبا على الاستثناء ومقتضى حمله على إلا أنه العامل للنصب فيما بعده. قوله: "على أنه يمكن" أي مع أنه يمكن. قوله: "ولا تصحب ما" أي مصدرية كانت أو زائدة لأنها فعل جامد وما المصدرية لا توصل بجامد، وحملت الزائدة على المصدرية. وأما خلا وعدا فخرجا عن القاعدة سم. قوله: "رأيت الناس" قال الدماميني الظاهر أن مفعول رأيت الثاني محذوف أي دوننا ويحتمل أن يكون هو الجملة الاسمية والفاء زائدة على رأي الأخفش في مثل زيد فقائم. وقوله فعالا بفتح الفاء في الخير وبكسرها في الشر قاله شيخنا السيد. وقال الدماميني وغيره الفعال بفتح الفاء الكرم وبكسرها جمع فعل. واقتصر العيني على ضبطه بفتح الفاء وفسره بالكرم قال ويروى فأما الناس. قوله: "وهو الأقرب" أي لاتفاقهم على نفي حرفيتها فتكون أقبل للتصرف من الاستثنائية المتفق على أنها تكون حرفا بل التزمه بعضهم. قوله: "تنزيهية" أي مدلولا بها على تنزيه ما بعدها من السوء قال الرضي وربما يريدون تبرئة شخص من سوء فيبتدئون بتنزيه الله تعالى ثم يبرئون من أرادوا تنزيهه على معنى أن الله تعالى منزه عن أن لا يطهر ذلك الشخص مما يعيبه. ا. هـ. فإن قلت إن معنى التنزيه موجود في حاشا الاستثنائية   482- البيت من الوافر، وهو للأخطل في خزانة الأدب 3/ 387؛ والدرر 3/ 180؛ وشرح التصريح 1/ 365؛ وشرح شواهد المغني 1/ 368؛ والمقاصد النحوية 3/ 136؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص565؛ وشرح ابن عقيل ص321؛ ومغني اللبيب 1/ 121؛ وهمع الهوامع 1/ 223. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المبرد وابن جني والكوفيين فعل. قالوا لتصرفهم فيها بالحذف، ولإدخالهم إياها على الحرف. وهذان الدليلان ينفيان الحرفية ولا يثبتان الفعلية. قالوا والمعنى في الآية جانب يوسف المعصية لأجل الله، ولا يتأتى مثل هذا التأويل في {حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا} [يوسف: 31] ، والصحيح أنها اسم مرادف للتنزيه منصوب انتصاب المصدر الواقع بدلًا من اللفظ بالفعل، بدليل قراءة ابن مسعود حاش الله بالإضافة، كمعاذ الله، وسبحان الله، وقراءة أبي السمال حاشًا لله   والمتصرفة أيضا فلم خصوا هذه باسم التنزيهية. قلت قال الشمني التنزيهية هي التي يراد بها معنى التنزيه وحده وبهذا خرج الوجهان الآخران لأنهما يراد فيهما مع التنزيه معنى آخر. ا. هـ. يعني الاستثناء ولوجود معنى التنزيه في الاستثنائية إنما يستثنى بها حيث يكون الاستثناء فيما ينزه عنها الاستثنائية، نحو ضربت القوم حاشا زيدا نقله الشمني عن الرضي وأقرّه وذكره الدماميني أيضا لكن قال عقب ما تقدم ولذلك لا يحسن صلى الناس حاشا زيدا لفوات معنى التنزيه كذا قال ابن الحاجب. ا. هـ. وظاهر قوله لا يحسن أن الشرط المتقدم شرط للحسن لا للجواز فتأمل. قوله: "بالحذف" أي حذف ألفها الأولى تارة والثانية أخرى. قوله: "على الحرف" وهو اللام في نحو حاش لله. قوله: "ينفيان الحرفية" أي لأن شأن الحرف عدم التصرف أي ما لم يقم دليل على الحرفية فلا ترد سوف وعدم الدخول على الحرف. قوله: "ولا يثبتان الفعلية" أي التي هي مدعاهم لاحتمال الاسمية فدليلاهم قاصران. قوله: "في الآية" يعني {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} [يوسف: 51] . قوله: "ولا يتأتى مثل هذا التأويل إلخ" إذ لا يصح أن يكون المعنى جانب يوسف البشرية لأجل الله بل المعنى على تنزيه الله عن العجز والتعجب من قدرته تعالى على خلق جميل مثله كما في الكشاف. قوله: "اسم مرادف للتنزيه" وهل هي مصدر لفعل لم ينطق به كما في بله وويح أو اسم مصدرا نظره ثم رأيت في الدماميني قال إذا قلنا بأنها اسم فهل هو مصدر أو اسم فعل صرح ابن الحاجب بالثاني قال ومعنى حاش لله برىء الله فاللام زائدة في الفاعل كما في: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36] ، وفسرها الزمخشري ببراءة الله فتكون مصدرا وهو خلاف الظاهر ثم بحث الدماميني في كونه خلاف الظاهر. وأيضا هي على تفسير الزمخشري يحتمل أن تكون اسم مصدر فتأمل. هذا وتنوين حاشا في قراءة من نونه تنوين تنكير إن قلنا أنه اسم فعل وتنوين تمكين إن قلنا إنه مصدر أو اسم مصدر قاله الدماميني في شرح المغني وكونه تنوين تمكين هو ما درج عليه الشارح. قوله: "منصوبة انتصاب المصدر إلخ" والعامل فيها فعل من معناها. قوله: "بدليل" راجع لقوله اسم أي وكل من الإضافة والتنوين يمتنع في الحرف والفعل. قوله: "بالإضافة" أي لا بسبب كونها حرف جر لاختصاص ذلك بالاستثنائية خلافا لابن عطية في زعمه أنها في قراءة ابن مسعود حرف جر قاله في المغني. ويظهر لي أن حاش على هذه القراءة معربة لمعارضة الإضافة موجب البناء وقد يؤخذ من قول الشارح كمعاذ الله وسبحان الله. قوله: "أبي السمال" باللام كشداد. قوله: "لفظا ومعنى" أما لفظا فظاهر وأما معنى فلأن معنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بالتنوين أي تنزيهًا لله، كما يقال رعيًا لزيد، والوجه في قراءة من ترك التنوين أن تكون مبنية لشبهها بحاشا الحرفية لفظًا ومعنى. الثالث أنها تكون فعلًا متعديًا متصرفًا، تقول: حاشيته بمعنى استثنيته. ومنه الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال: "أسامة أحب الناس إلي ما حاشا فاطمة" ما نافية، والمعنى أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يستثن فاطمة. وتوهم الشارح أنها المصدرية الاستثنائية بناء على أنه من كلامه -صلى الله عليه وسلم- فاستدل به على أنه قد يقال قام القوم ما حاشا زيدًا ويرده أن في معجم الطبراني ما حاشى فاطمة ولا غيرها. ودليل تصرفه قوله: 483- ولا أرى فاعلًا في الناس يشبهه ... ولا أحاشي من الأقوام من أحد وتوهم المبرد أن هذا مضارع حاشا الاستثنائية، وإنما تلك حرف أو فعل لتضمنه معنى الحرف كما مر. ا. هـ. خاتمة: جرت عادة النحويين أن يذكروا لا سيما من أدوات الاستثناء مع، أن الذي بعدها منبه على أولويته بما نسب لما قبلها، ويجوز في الاسم الذي بعدها الجر والرفع مطلقًا.   التنزيهية الإبعاد والحرفية الإخراج وهما متقاربان. قوله: "حاشيته إلخ" قال الدماميني يجوز أن يكون مأخوذا من لفظ حاشا حرفا أو اسما كقولهم: لوليت أي قلت لولا، ولا ليت أي قلت لا لا، وسوفت أي قلت سوف وسبحت وسبحلت أي قلت سبحان الله، ولبيت أي قلت لبيك، وهو كثير فيكون معنى حاشيت زيدا قلت حاشا زيدا. قوله: "والمعنى إلخ" مبني على أنه من كلام الراوي كما تدل عليه رواية الطبراني الآتية. قوله: "وتوهم الشارح أنها" أي ما حاشا التي في الحديث والتأنيث باعتبار أنها كلمة والمصدرية نعت لمحذوف أي ما المصدرية. وخبر إن مجموع المتعاطفين. ويحتمل عود الضمير على ما وعطف حاشا على الضمير. قوله: "بناء على أنه إلخ" وعلى هذا يكون المعنى أسامة أحب الناس إليّ إلا فاطمة فليس أحب إليّ منها فيحتمل أن تكون هي أحب إليه ويحتمل أن يتساويان في الحب. دماميني. قوله: "ويرده إلخ" وجه الرد أن لا في قوله ولا غيرها زائدة لتأكيد النفي فيتعين كون ما قبلها نافية وأن ذلك من كلام الراوي واحتمال أن لا نافية وغير مفعول لاستثنى محذوفا فيكون من كلام النبي بعيد لا يؤثر في الأدلة الظنية. قوله: "وإنما تلك إلخ" رد من الشارح لما توهمه المبرد. قوله: "لتضمنه معنى الحرف" أي الاستثنائي وهو إلا. قوله: "لا سيما" سي كمثل وزنا ومعنى وعينها واو قلبت ياء لاجتماعها ساكنة مع الياء قاله الدماميني.   483- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص20؛ وأسرار العربية ص208؛ والإنصاف 1/ 278؛ والجني الداني ص559؛ 563؛ وخزانة الأدب 3/ 403، 405؛ والدرر 3/ 181؛ وشرح شواهد المغني 1/ 368؛ وشرح المفصل 2/ 85، 8/ 48؛ ولسان العرب 14/ 181، 182 "حشا"، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص427؛ وشرح المفصل 8/ 49؛ ومغني اللبيب 1/ 121؛ وهمع الهوامع 1/ 223. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والنصب أيضًا إذا كان نكرة. وقد روى بهن قوله: 484- ولا سيما يوم بدارة جلجل والجر أرجحها، وهو على الإضافة، وما زائدة بينهما مثلها في أيما الأجلين، والرفع على أنه خبر لمضمر محذوف وما موصولة أو نكرة موصوفة بالجملة، والتقدير ولا مثل الذي هو يوم أو ولا مثل شيء هو يوم ويضعفه في نحو ولا سيما زيد، حذف العائد المرفوع مع عدم الطول وإطلاق ما على من يعقل، وعلى الوجهين ففتحة سيئ إعراب لأنه مضاف، والنصب على التمييز، كما يقع التمييز بعد مثل في نحو: {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}   قوله: "مع أن الذي بعدها منبه على أولويته" أي كونه أولى بما نسب لما قبلها أي وذلك مناف للاستثناء لأنه إخراج وما بعد لا سيما داخل بالأولى، وقد وجه ذكرها هنا بأنه لما كان ما بعدها مخالفا بالأولوية لما قبلها أشبهت أدوات الاستثناء المخالف ما بعدها لما قبلها. قوله: "مطلقا" أي نكرة أو معرفة. قوله: "يوم بدارة جلجل" هي غدير ماء ويومها يوم دخول امرىء القيس خدر عنيزة وعقره مطيته للعذارى حين وردن الغدير يغتسلن فقد على ثيابهنّ وحلف لا يعطي واحدة منهنّ ثوبها حتى تخرج مجردة فتأخذه فأبين ذلك حتى تعالى النهار، فخرجن وأخذن ثيابهنّ وقلن له قد حبستنا وأجعتنا فذبح لهن ناقته قاله الشمني. قوله: "وهو على الإضافة وما زائدة بينهما" وهل هي لازمة أو يجوز حذفها نحو لا سي زيد زعم ابن هشام الخضراوي الأول ونص سيبويه على الثاني كذا في الهمع ويجوز أن تكون ما نكرة تامة والمجرور بعدها بدل منها أو عطف بيان. قوله: "لمضمر محذوف" أي ضمير محذوف وجوبا لما تقدم من أن لا سيما بمنزلة إلا وهي لا تقع بعدها الجملة غالبا. قوله: "بالجملة" تنازعه كل من موصولة وموصوفة. دماميني. قوله: "في نحو ولا سيما زيد" بخلاف نحو ولا سيما زيد المتقدم على أقرانه لوجود الطول. قوله: "ففتحة سي اعراب" لأنه اسم لا التبرئة مضاف للاسم على زيادة ما ولما على الوجه الثاني باحتماله لكنه لا يتعرف بالإضافة لتوغله في الإبهام كمثل فلهذا صح عمل لا فيه وخبرها محذوف أي موجود. قوله: "كما يقع التمييز بعد مثل" أي الذي هو بمعناه فيكون تمييز مفرد. ومقتضى كلامه أن التمييز لشي. وفي كلام بعضهم أنه لما وأنها نكرة تامة بمعنى شيء مفسرة بالتمييز قاله سم.   484- صدره: ألا رب لك منهن صالح والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص10؛ والجني الداني ص334، 443؛ وخزانة الأدب 3/ 444، 451؛ والدرر 3/ 183؛ وشرح شواهد المغني 1/ 412، 2/ 558؛ وشرح المفصل 2/ 86؛ والصاحبي في فقه اللغة ص155؛ ولسان العرب 14/ 411 "سوا"؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص193؛ ومغني اللبيب ص140، 313، 421؛ وهمع الهوامع 1/ 234. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [الكهف: 109] ، وما كافة عن الإضافة، والفتحة بناء مثلها في لا رجل. وأما انتصاب المعرفة نحو ولا سيما زيدًا فمنعه الجمهور، وتشديد يائها ودخول لا عليها ودخول الواو على لا واجب. قال ثعلب: من استعمله على خلاف ما جاء في قوله ولا سيما يوم فهو مخطئ. وذكر غيره أنها قد تخفف وقد تحذف الواو كقوله: 485- فه بالعقود وبالأيمان لا سيما ... عقد وفاء به من أعظم القرب   وما نقله عن بعضهم رجح بأنه لو كان تمييزا لسي لكان معمولا لها فتكون شبيهة بالمضاف فتكون فتحته اعرابية وبأن الشيخ في قولنا مثلا أكرم العلماء وسيما شيخا لنا ليس نفس السي المنفي حتى يفسره بل هو غيره فتعين أنه تمييز ما وسي مضافة إليها. قوله: "وما كافة عن الإضافة" وعليه ففتحة سي بنائية وأما على قول غيره أنها نكرة تامة فإعرابية كما في الوجهين السابقين. قوله: "وأما انتصاب المعرفة إلخ" مقابل قوله سابقا والنصب أيضا إذا كان نكرة. قوله: "فمنعه الجمهور" وجوزه بعضهم موجها بأن ما كافة وأن لا سيما بمنزلة إلا الاستثنائية فما بعدها منصوب على الاستثناء المتصل لإخراجه عما قبل لا سيما من حيث عدم مساواة ما قبلها له وضعف بأن إلا لا تقترن بالواو. لا يقال جاء القوم وإلا زيدا ووجهه الدماميني بأن ما تامة بمعنى شيء والنصب بتقدير أعني أي ولا مثل شيء أعني زيدا. قوله: "ودخول الواو" أي الاعتراضية كما في الرضي. قوله: "من استعمله على خلاف ما جاء إلخ" اعلم أن لا سيما تستعمل أيضا بمعنى خصوصا فيؤتى بعدها بالحال مفردة أو جملة وبالجملة الشرطية كما نص عليه الرضي وتكون منصوبة المحل على أنها مفعول مطلق مع بقاء سي على كونه اسم لا ويظهر أنه لا خبر لها كما في نحو ألا ماء بمعنى أتمنى ماء كما مر في محله قال الدماميني وما على هذا كافة. ا. هـ. نحو أحب زيدا ولا سيما راكبا فراكبا حال من مفعول الفعل المقدر وهو أخصه أي أخصه بزيادة المحبة في هذه الحال ونحو أحبه ولا سيما وهو راكب أو ولا سيما إن ركب وجواب الشرط مدلول عليه بالفعل المقدر أي إن ركب بزيادة المحبة، ويجوز أن يجعل بمعنى المصدر اللازم أي اختصاصا فيكون معنى لا سيما راكبا يختص بزيادة محبتي راكبا. فقول المصنفين ولا سيما والأمر كذا تركيب عربي خلافا للمرادي. قال الدماميني ونظير جعل لا سيما الذي بمعنى خصوصا منصوب المحل على المفعولية المطلقة مع بقاء سي على كونه اسم لا التبرئة نقل أيها الرجل من النداء إلى الاختصاص مع بقائه على حالته في النداء من ضم أي ورفع الرجل. قوله: "قد تخفف" أي بحذف عينها وهي ياؤها الأولى على ما اختاره أبو حيان. وقال ابن   485- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 88؛ وخزانة الأدب 3/ 447؛ والدرر 3/ 176؛ وشرح شواهد المغني ص413؛ ومغني اللبيب ص140؛ وهمع الهوامع 1/ 235. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 الحال : الحال وصف فضلة منتصب ... مفهم في حال كفردا أذهب   وهي عند الفارسي نصب على الحال، وعند غيره اسم للا التبرئة وهو المختار. الله أعلم. الحال: "الحال" يذكر ويؤنث. ومن التأنيث قوله: 486- إذا أعجتك الدهر حال من امرئ ... فدعه وواكل أمره واللياليا وسيأتي الاستعمالان في النظم وهو اصطلاح النحاة "الحال وصف فضلة منتصب   جني المحذوف لامها وحركت العين بحركة اللام كذا في الهمع وفيه أيضا أن العرب أبدلت سينها تاء فوقية فقالوا لا تيما كما قرىء: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] ، ولامها كذلك فقالوا تاسيما. قوله: "وقد تحذف الواو" أما حذف لا فقال الدماميني حكى الرضي أنه يقال سيما بالتثقيل والتخفيف مع حذف لا ولم أقف عليه من غير جهته بل في كلام الشارح يعني المرادي أن سيما بحذف لا لم يوجد إلا في كلام من لا يحتج بكلامه. ا. هـ. باختصار. قوله: "فه" فعل أمر من وفي يفي، والهاء للسكت قال الدماميني والشمني فينطق بها وقفا ولا ينطق وتكتب بها وصلا. ا. هـ. وقد يقال هلا جاز النطق بها وصلا إجراء للوصل مجرى الوقف. قوله: "وهي عند الفارسي" أي إذا تجردت عن الواو وإلا وافق غيره لأن الحال المفردة لا تقترن بالواو قاله الدماميني. قوله: "نصب على الحال" أي ولا مهملة فمعنى قاموا لا سيما زيد قاموا غير مماثلين لزيد في القيام. والفارسي يكتفي بالتكرير المعنوي في لا المهملة الداخلة على الحال، وهو موجود هنا لأن معنى قاموا لا مساوين لزيد في القيام ولا أولى منه. فلا يقال إذا أهملت لا وجب تكرارها قاله الدماميني. الحال: يطلق لغة على الوقت الذي أنت فيه، وعلى ما عليه الشخص من خير أو شرّ. وألفها منقلبة عن واو لجمعها على أحوال وتصغيرها على حويلة. واشتقاقها من التحول. قوله: "يذكر ويؤنث" أي لفظه وضميره ووصفه وغيرها لكن الأرجح في الأول التذكير بأن يقال حال بلا تاء وفي غيره التأنيث. قوله: "وصف" أي صريح أو مؤول فدخلت الجملة وشبهها قاله المصرح. قوله: "منتصب" أي أصالة وقد يجر لفظه بالباء ومن بعد النفي لكن ليس ذلك مقيسا على الأصح، نحو:   486- البيت من الطويل وهو لأفنون التغلبي في حماسة البحتري ص164؛ ولمويلك العبدي في حماسة البحتري ص215؛ وبلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 99. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مفهم في حال كفردا أذهب" فالوصف جنس يشمل الحال وغيره، ويخرج نحو القهقرى في قولك: رجعت القهقرى، فإنه ليس بوصف إذ المراد بالوصف ما صيغ من المصدر ليدل على متصف، وذلك اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأمثلة المبالغة وأفعل التفضيل، وفضلة يخرج العمدة كالمبتدأ في نحو أقائم الزيدان، والخبر في نحو زيد قائم، ومنتصب يخرج النعت لأنه ليس بلازم النصب، ومفهم في حال كذا يخرج التمييز في نحو لله دره فارسًا.   فما رجعت بخائبة ركابٌ ... حكيمُ بن المسيب منتهاها ونحو قراءة زيد بن ثابت: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} [الفرقان: 18] ، بضم النون وفتح الخاء، فمن أولياء حال بزيادة من كذا في ابن عقيل على التسهيل وكذا في الدماميني عليه ثم قال: قال ابن هشام ويظهر لي فساده في المعنى لأنك إذا قلت ما كان لك أن تتخذ زيدا في حالة كونه خاذلا فأنت مثبت لخذلانه ناه عن اتخاذه وعلى هذا فيلزم أن الملائكة أثبتوا لأنفسهم الولاية فتأمله. ا. هـ. وفي تفسير البيضاوي وقرىء تتخذ بالبناء للمفعول من اتخذ الذي له مفعولان كقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] ، ومفعوله الثاني من أولياء ومن للتبعيض. ا. هـ. وإنما قال الذي له مفعولان لأنه قد يتعدى لواحد نحو: {أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ} [الأنبياء: 21] ، ولم يجعل من زائدة في المفعول الثاني لأنها لا تزاد فيه. قوله: "مفهم في حال" أي في حال كذا فهو على نية الإضافة فيقرأ بلا تنوين كذا في شرح السندوبي نقلا عن البصير. قوله: "ويخرج نحو القهقرى" لأنه اسم للرجوع إلى خلف لا وصف، وقد مشى في الإخراج به على مذهب من يجوز الخروج بالجنس إذا كان بينه وبين الفصل عموم وخصوص من وجه كابن عصفور والسعد والفاكهي أو يقال معنى الإخراج بالجنس الدلالة به على عدم إرادة نحو القهقرى مثلا. قوله: "ما صيغ من المصدر إلخ" أو مؤول بما صيغ منه لتدخل الجملة وشبهها والحال الجامدة لتأول كل بالمشتق حتى في المسائل الست الآتية في الشرح على ما هو ظاهر كلام المصنف في شرح الكافية وصرح به ولده. نعم لا تدخل بهذه الزيادة الحال الجامدة في المسائل الست على ما هو الراجح عند الشارح من عدم تأولها بالمشتق وكان الأولى كما أفاده سم. أن يقول هو ما دل على معنى في متبوعه. قوله: "يخرج النعت" أي لكون المتبادر منه والمراد منتصب وجوبا. قوله: "ويخرج التمييز" أي لأنه على معنى من لا في لأنه لبيان جنس المتعجب منه وقوله نحو لله دره فارسا أي من كل تمييز وقع وصفا مشتقا. قوله: "من حيث هو هو" الأقرب في هذه العبارة وإن لم يتنبه له البعض أن الضمير الأول لما والثاني تأكيد والخبر محذوف والمعنى من حيث اللفظ نفسه معتبر أي باعتبار نفس اللفظ وقطع النظر عما عرض له، أو الثاني راجع للحال خبر أي من حيث ذلك اللفظ حال لا من حيث توقف المعنى عليه ولو قال كبعضهم ما يستغنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 وكونه منتقلًا مشتقًّا ... يغلب لكن ليس مستحقًّا   تنبيهان: الأول المراد بالفضلة ما يستغنى عنه من حيث هو هو. وقد يجب ذكره لعارض كونه سادًّا مسد عمدة، كضربي العبد مسيئًا، أو لتوقف المعنى عليه كقوله: 487- إنما الميت من يعيش كئيبًا ... كاسفا باله قليل الرجاء الثاني الأولى أن يكون قوله كفردًا أذهب تتميمًا للتعريف لأن فيه خللين: الأول أن في قوله منتصب تعريفا للشيء بحكمه، والثاني أنه لم يقيد منتصب باللزوم وإن كان مراده ليخرج النعت المنصوب كرأيت رجلًا راكبًا، فإنه يفهم في حال ركوبه وإن كان ذلك بطريق اللوم لا بطريق القصد، فإن القصد إنما هو تقييد المنعوت "وكونه" أي الحال "منتقلا" عن صاحبه غير لازم له "مشتقًّا" من المصدر ليدل على متصف "يغلب لكن ليس" ذلك "مستحقًّا" له، فقد جاء غير منتقل كما في الحال المؤكد نحو زيد أبوك عطوفًا، {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 33] ، والمشعر عاملها بتجدد صاحبها نحو: {وَخُلِقَ   الكلام عنه من حيث هو كلام نحوي لكان أوضح. وإنما لم يقتصر على هو الأولى لأن قولك من حيث هو حيثية إطلاق ومن حيث هو هو حيثية تقييد بالنظر إلى الذات. قوله: "لأن فيه خللين" أي يزولان بجعله تتميما للتعريف هذا مقتضى كلامه. ولا يخفى أن الخلل الأول لا يزول بذلك لأنه لا ينفي كون منتصب جزما من التعريف فكان على الشارح أن يقول الأولى أن يكون منتصب خبر مبتدإ محذوف والجملة معترضة، وكفردا أذهب تتميما للتعريف لأن فيه خللين إلخ وإنما قال الأولى ولم يقل الصواب لإمكان دفع الأول وهو أن التعريف للشيء بحكمه يوجب الدور لأن الحكم فرع التصور والتصور موقوف على الحد بأنه يكفي الحكم التصور بوجه آخر غير الحدّ ودفع الثاني بما أشار إليه الشارح أولا من أن المراد منتصب وجوبا، وبأن المتبادر من قولنا مفهم في حال كذا كون الإفهام مقصودا واللفظ يحمل على المتبادر فيخرج النعت المذكور. قوله: "ليخرج إلخ" تعليل للمنفي وهو التقييد فيكون النفي منصبا عليه أيضا. قوله: "وإن كان ذلك" أي الإفهام. قوله: "لكن ليس مستحقا" دفع به توهم أن يكون الغالب واجبا في الفصيح كما قاله سم وضمير ليس إما للكون فمستحقا بفتح الحاء وإما للحال فمستحقا بكسرها كما قال خالد. قوله: "كما في الحال المؤكدة" أي لمضمون الجملة قبلها كالمثال الأول أو لعاملها كالثاني أو لصاحبها في نحو لآمن من في الأرض كلهم جميعا لا في نحو جاءني القوم جميعا لأن اجتماعهم في المجيء ينتقل. قوله: "بتجدد صاحبها" أي حدوثه بعد أن لم يكن   487- البيت من الخفيف، وهو لعدي بن الرعلاء الغساني في الأصمعيات ص152؛ والحماسة الشجرية 1/ 195؛ وخزانة الأدب 9/ 583؛ وسمط اللآلي ص8؛ 603؛ ولسان العرب 2/ 91 "موت"؛ ومعجم الشعراء ص252؛ ولصالح بن عبد القدوس في حماسة البحتري ص214؛ ومعجم الأدباء 12/ 9؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 936؛ وشرح قطر الندى ص234؛ ومغني اللبيب ص461. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 ويكثر الجمود في سعر وفي ... مبدي تأول بلا تكلف كبعه مدا بكذا يدا بيد ... وكر زيد أسدا أي كأسد   الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] ، وقولهم: خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها. وقوله: 488- وجاءت به سبط العظام كأنما ... عمامته بين الرجال لواء وغيرهما نحو دعوت الله سميعًا. قائمًا بالقسط. وجاء جامدًا "ويكثر الجمود في" الحال الدالة على "سعر" أو مفاعلة أو تشبيه أو ترتيب "وفي" كل "مبدي تأول بلا تكلف. كبعه" البر "مدا بكذا" أي مسعرًا، وبعه "يدًا بيد" أي مقايضة "وكر زيد أسدًا أي   ومأخذ لزومها أنها مقارنة للخلق أي الإيجاد فهي خلقية جبلية لا تتغير ولا يرد عليه خلق الإنسان طفلا لأن انتقاله من طور إلى طور بمنزلة خلق له متجدد فتكون الحال الأولى لازمة للخلق الأول والثانية لازمة للخلق المتجدد. قوله: "الزرافة" بفتح الزاي أفصح من ضمها ويديها بدل بعض وأطول حال. وبعضهم قال يداها أطول على المبتدأ والخبر فالحال الجملة. قوله: "وجاءت به" أي جاءت أم الممدوح به سبط العظام بفتح السين وسكون الموحدة وإن جاز في غير هذا البيت كسرها أي حسن القد، وقوله: كأنما عمامته بين الرجال لواء أي راية صغيرة أي في الارتفاع والعلو على الرؤوس والمراد مدحه بطوله وعظم جسمه. قوله: "وغيرهما" أي غير المؤكدة والمشعر عاملها بحدوث صاحبها ولا ضابط لذلك الغير بل مرجعه السماع. قوله: "قائما بالقسط" حال من فاعل شهد وهو الله ولا شك أن قيامه بالعدل لازم، وأفرده بالحال مع ذكر غيره معه لعدم الإلباس فلا يرد أنه لا يجوز جاء زيد وعمرو راكبا قاله الزمخشري، وسكت عن نكتة تأخيره عن المعطوفين قال التفتازاني كأنها الدلالة على علوّ مرتبتهما ويجوز إعرابه بالنصب على المدح وشهد بمعنى علم. قوله: "ويكثر الجمود إلخ" أي ويقل في غير المذكورات. قوله: "أو مفاعلة إلخ" كان الأولى أن يؤخر هذه الثلاثة عن قوله: "وفي مبدى تأول بلا تكلف" ويقول كالدال على مفاعلة إلخ. قوله: "مدا بكذا" مدا حال وبكذا صفة لمدا أكائنات بكذا هذا مقتضى قانون الإعراب وإن كان الحال المؤول بها هذا اللفظ مأخوذة من مجموع الموصوف والصفة وهكذا يقال في يدا بيد أي مع يد ويرد أن الشارح سيذكر الحال الموصوفة في الأحوال الجامدة غير المؤولة وهذا ينافي جعل المثال من الحال الجامدة المؤولة إلا أن يجعل مستثنى من الحال الموصوفة فتأمل. ا. هـ. ويجوز رفع مد على الابتداء وبكذا خبر والجملة حال بتقدير رابط أي مدمنه. قوله: "مسعرا"   488- البيت من الطويل، وهو لبعض بني العنبر في خزانة الأدب 9/ 488؛ ولرجل من بني الجناب في المقاصد النحوية 3/ 211؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 571؛ وشرح ابن عقيل ص323؛ ولسان العرب 7/ 309 "سبط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كأسد" أي مشبهًا لأسد. وأدخلوا رجلًا رجلًا: أي مترتبين. تنبيهان: الأول قد ظهر أن قوله: "وفي مبدي تأول بلا تكلف" من عطف العام على الخاص، إذ ما قبله من ذلك خلافًا لما في التوضيح. الثاني تقع الحال جامدة غير مؤولة بالمشتق في ست مسائل وهي: أن تكون موصوفة نحو: {قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] ، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] ، وتسمى حالًا موطئة أو دالة على عدد نحو: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] ، أو طور واقع فيه تفضيل نحو هذا بسرًا أطيب   بفتح العين حال من المفعول الذي هو الهاء الراجعة إلى البر بناء على رجوع الهاء إلى البر كما يدل له قول الشارح على ما في نسخ كبعه أي البر. ومن المفعول المحذوف الذي تقديره البر بناء على رجوع الهاء إلى المشتري المعلوم من السياق كما يدل له قول الشارح على ما في نسخ أخرى كبعه البر، وبالمكسر حال من الفاعل الذي هو الضمير المستتر. قوله: "أي مقايضة" بلفظ اسم الفاعل المضاف إلى الضمير الراجع إلى المشتري المعلوم من السياق، أو بلفظ المصدر كما في غالب النسخ على التأويل باسم الفاعل. قوله: "أي كأسد" على هذا يكون الأسد مستعملا في حقيقته والتجوّز إنما هو بالحذف، وعلى قول التوضيح كر زيد أسدا أي شجاعا يكون الأسد مستعملا في غير حقيقته وهو الشجاع فيكون التجوز لغويا بناء على ما اختاره السعد من تجويز الاستعارة فيما إذا وقع اسم المشبه به خبرا عن اسم المشبه أو حالا منه مثلا والأمران صحيحان. قوله: "وادخلوا رجلا رجلا" أي أو رجلين رجلين أو رجالا رجالا، وضابطه أن يأتي بعد ذكر المجموع تفصيل ببعضه مكررا والمختار أن كلا منهما منصوب بالعامل لأن مجموعهما هو الحال فهو نظير هذا حلو حامض. وقال ابن جني: الثاني صفة للأول بتقدير مضاف أي ذا رجل أو مفارق رجل أي متميزا عنه واستحسن بعضهم أن يكون نصب الثاني بعطفه على الأول بتقدير الفاء ولا يجوز توسط عاطف بينهما إلا الفاء قال الرضي: وثم، وجوز بعضهم الرفع على البدلية. قوله: "قد ظهر" أي من قوله: أي مسعرا فإنه تأويل للحال الدالة على سعر. قوله: "خلافا لما في التوضيح" من أن الحال الدالة على سعر من الجامد الذي لا يؤول، وعليه يكون المصنف تعرض للحال الجامدة المؤولة وغير المؤولة. قوله: "غير مؤولة بالمشتق" أي تأويلا بغير تكلف كما يدل عليه المقابلة. وقوله بعد وجعل الشارح هذا كله من المؤول بالمشتق إلى أن قال وفيه تكلف. قوله: "فتمثل لها بشرا سويا" إن كان معنى تمثل تشخص وظهر فالحالية ظاهرة أو تصور فينبغي جعل النصب بنزع الخافض وهو الباء إذ التصور ليس في حال البشرية بل في حال الملكية كما قاله اللقاني، قيل تمثل لها في صورة شاب أمرد سوي الخلق لتستأنس به وتهيج شهوتها فتنحدر نطفتها إلى رحمها كما في البيضاوي. قوله: "موطئة" بكسر الطاء أي ممهدة لما بعدها فهو المقصود بالذات. قوله: "طور" أي حال واقع فيه تفضيل بالضاد المعجمة أي تفضيل له أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 والحال إن عرف لفظًا فاعتقد ... تنكيره معنى كوحدك اجتهد   منه رطبًا، أو تكون نوعًا لصاحبها نحو هذا مالك ذهبًا، أو فرعًا له نحو هذا حديدك خاتمًا. {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا} [الأعراف: 174] ، أو أصلًا له نحو هذا خاتمك حديدًا. و {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} [الإسراء: 61] ، وجعل الشارح هذا كله من المؤول بالمشتق وهو ظاهر كلام والده في شرح الكافية وفيه تكلف. ا. هـ. "والحال إن عرف لفظًا فاعتقد تنكيره معنى كوحدك اجتهد" وكلمته فاه إلى فيّ. وأرسلها العراك، وجاءوا الجماء الغفير: فوحدك، وفاه، والعراك، والجماء: أحوال، وهي معرفة لفظًا لكنها مؤول بنكرة، والتقدير اجتهد منفردًا، وكلمته مشافهة، وأرسلها معتركة، وجاءوا جميعًا. وإنما التزم تنكيره لئلا يتوهم كونه نعتًا لأن الغالب كونه مشتقًّا وصاحبه معرفة. وأجاز يونس والبغداديون تعريفه   عليه. قوله: "طينا" حال من منصوب خلقت المحذوف لا من من، والأولى كما قاله اللقاني كونه منصوبا بنزع الخافض أي من طين لأن طينيته غير مقارنة لقوله بشرا. قوله: "من المؤول بالمشتق" أي مقروءا عربيا ومتصفا بصفات بشر سويّ ومعدودا ومطورا بطور البشر أو الرطب ومنوعا ومصنوعا ومتأصلا. قوله: "إن عرف لفظا" أي في لسان العرب فالإتيان بها معرفة لفظا مقصور على السماع كما قاله الشاطبي. قوله: "فاه إلى فيّ" ففاه حال كما ذكره الشارح لكن الحال المؤول بها هذا اللفظ مأخوذة من مجموع فاه إلى في. قال الدماميني وإلى في تبيين مثل لك بعد سقيا. ا. هـ. والأظهر عندي قياسا على ما مر في مدا بكذا أن إلى فيّ صفة لفاه أي الكائن إلى في أي الموجه إلى فيّ وما ذكره الشارح أحد أقوال: منها أن فاه معمول جاعلا ناب منابه في الحالية ويروى كلمته فوه إلى في فالحال جملة المبتدإ والخبر، قال الدماميني: ويجب الرفع إن قدمت الظرف لأن التبيين لا يتقدم. ا. هـ. ثم نقل عن سيبويه وأكثر البصريين جواز تقديم فاه إلى في على كلمته وعن الكوفيين، وبعض البصريين المنع، قال في التسهيل: ولا يقاس عليه خلافا لهشام. قال الدماميني: لخروجه عن القياس بالتعريف والجمود وعن الظاهر من الرفع بالابتداء وجعل الجملة حالا إذ الحال في الحقيقة مجموع فاه إلى فيّ وأجاز هشام أن يقال قياسا عليه جاورته منزله إلى منزلي وناضلته قوسه عن قوسي ونحو ذلك وينبغي لبقية الكوفيين أن يوافقوه لأنهم يرونه مفعولا لمحذوف اعتمادا على فهم المعنى وذلك مقيس. ا. هـ. باختصار. قوله: "وأرسلها" أي الإبل وقوله معتركة أي مزدحمة، ولو قال أي معاركة كما قال ابن الخباز لكان أحسن لأن اسم فاعل العراك معارك لا معترك. وقيل العراك مفعول مطلق لمحذوف هو الحال أي تعارك العراك أو معاركة العراك وقيل للمذكور على حذف مضاف أي إرسال العراك. قوله: "الجماء" أي الجماعة الجماء من الجموم وهو الكثرة، والغفير من الغفر وهو الستر أي ساترين لكثرتهم وجه الأرض وحذفت التاء من الغفير وإن كان بمعنى غافر حملا له على فعيل بمعنى مفعول، أو التذكير باعتبار معنى الجمع. قوله: "مشافهة" بلفظ اسم الفاعل المضاف إلى الضمير على أنه حال من تاء الفاعل أو بلفظ المصدر الذي بمعنى اسم الفاعل على أنه حال من التاء. قوله: "لئلا يتوهم كونه نعتا" أي ولو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 ومصدر منكر حالًا يقع ... بكثرة كبغتة زيد طلع   مطلقًا بلا تأويل فأجازوا جاء زيد الراكب. وفصل الكوفيون فقالوا: إن تضمنت الحال معنى الشرط صح تعريفها لفظًا نحو عبد الله المحسن أفضل منه المسيء، فالمحسن والمسيء حالان، وصح مجيئهما بلفظ المعرفة لتأولهما بالشرط؛ إذ التقدير عبد الله إذا أحسن أفضل منه إذا أساء، فإن لم تتضمن الحال معنى الشرط لم يصح مجيئها بلفظ المعرفة، فلا يجوز جاء زيد الراكب إذ لا يصح جاء إن ركب. تنبيه: إذا قلت رأيت زيدًا وحده، فمذهب سيبويه أن وحده حال من الفاعل. وأجاز المبرد أن يكون حالًا من المفعول. وقال ابن طلحة: يتعين كونه حالا من المفعول لأنه إذا أراد الفاعل يقول: رأيت زيدًا وحدي. وصحة مررت برجل وحده -وبه مثل سيبويه- تدل على أنه حال من الفاعل، وأيضًا فهو مصدر أو نائب المصدر، والمصادر في الغالب إنما تجيء أحوالًا من الفاعل. وذهب يونس إلى أنه منتصب على الظرفية لقول بعض العرب زيد وحده والتقدير زيد موضع التفرد "ومصدر منكر حالًا يقع بكثرة كبغتة زيد طلع" وجاء زيد ركضًا، وقتلته صبرًا. وهو عند سيبويه والجمهور على التأويل بالوصف. أي باغتًا   مقطوعا عند اختلاف الحركة فلا يقال هذا لا يظهر إلا عند اتحاد حركتي الحال وصاحبها، أو يقال حملت حالة الاختلاف في الحركة على حالة الاتفاق فيها طردا للباب. قوله: "فالمحسن والمسيء إلخ" جعل الجمهور نصبهما بتقدير إذ كان أو إذا كان. قوله: "إن وحده حال من الفاعل" أي حالة كوني موحده أي مفرده بالرؤية فهو اسم مصدر أو حد مؤوّل باسم الفاعل أو حالة كوني متوحده أي متوحدا به أي منفردا برؤيته. فهو مصدر وحد يحد وحدا بمعنى انفرد. فعلم أنه إذا كان حالا من الفاعل جاز كونه مصدرا أو اسم مصدر نائبا عن المصدر كما يدل له قول الشارح وأيضا إلخ وعلم ما في كلام البعض من التسمح والقصور فتنبه. قوله: "من المفعول" أي حالة كونه منفردا فهو مصدر وحد يحد وحدا بمعنى انفرد. قوله: "يقول رأيت زيدا وحدي" أي ليطابق ما قبله في التكلم ويدفع بعدم تعين ذلك لصحة الغيبة الراجع إلى المفعول في الحالية من الفاعل أيضا على أنه من إضافة اسم المصدر إلى مفعوله الحقيقي أو المصدر إلى مفعوله بعد التوسع بحذف باء الجر كما مرت الإشارة إليه كما أنه على الحالية من المفعول من إضافة المصدر إلى فاعله. قوله: "وبه مثل سيبويه" جملة معترضة. قوله: "تدل إلخ" أي لتعين كون الحال هنا من الفاعل لكون المجرور نكرة بلا مسوّغ من المسوّغات الآتية وبحث فيه الشنواني بأن مجيء الحال من النكرة المذكورة جائز بقلة كما سيأتي فمجرد الصحة لا تدل على ما ذكر. ويمكن دفعه بأن المراد الصحة الاطرادية عند الجميع وجواز مجيء الحال من النكرة المذكورة ليس مطردا عند الجميع لأن الخليل ويونس يقصرانه على السماع كما سيأتي. قوله: "أو نائب المصدر" أي اسم مصدر نائب مناب المصدر وقد فهمت وجه الاحتمالين. قوله: "على الظرفية" أي المكانية. قوله: "صبرا" هو أن يحبس ثم يرمى حتى يموت كما في القاموس. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وراكضًا ومصبورًا: أي محبوسًا. وذهب الأخفش والمبرد إلى أن ذلك منصوب على المصدرة، والعامل فيه محذوف، والتقدير طلع زيد يبغت بغتة، وجاء يركض ركضًا، وقتلته يصبر صبرًا، فالحال عندهما الجملة لا المصدر، وذهب الكوفيون إلى أنه منصوب على المصدرية كما ذهبا إليه، لكن الناصب عندهم الفعل المذكور لتأوله بفعل من لفظ المصدر، فطلع زيد بغتة عندهم في تأويل بغت زيد بغتة. وجاء ركضًا في تأويل ركض ركضًا. وقتلته صبرا في تأويل صبرته صبرًا. وقيل: هي مصادر على حذف مصادر، والتقدير طلع زيد طلوع بغتة، وجاء مجيء ركض وقتلته قتل صبر. وقيل: هي مصادر على حذف مضاف. والتقدير طلع ذا بغتة، وجاء ذا ركض، وقتلته ذا صبر. تنبيهان: الأول مع كون المصدر المنكر يقع حالًا بكثرة هو عندهم مقصور على السماع. وقاسه المبرد: فقيل مطلقًا، وقيل فيما هو نوع من عامله نحو جاء زيد سرعة وهو المشهور عنه. وقاسه الناظم وابنه في ثلاثة: الأول قولهم أنت الرجل علمًا فيجوز أنت   "وهو" أي المصدر المذكور عند سيبويه والجمهور على التأويل بالوصف أي حال على التأويل بالوصف ثم قابل الحالية بما عدا القول الأخير وقابل التأويل بالوصف بالقول الأخير. ومحصل ما ذكره المصنف والشارح من الأقوال في المصدر المنصوب في نحو زيد طلع بغتة خمسة لا أربعة كما زعمه البعض تبعا لشيخنا. قوله: "وذهب الأخفش والمبرد إلخ" رد بلزوم حذف عامل المؤكد. قوله: "على حذف مصادر" أي نابت المذكورات عنها في المفعولية المطلقة. قوله: "على حذف مضاف" أي غير مصدر، ذلك المضاف هو الحال في الأصل فلما حذف المضاف ناب عنه المضاف إليه في الحالية كما تفيده عبارة المرادي. ونصها وقيل هي أحوال على حذف مضاف أي أتيته ذا ركض إلخ. قوله: "مقصور على السماع" لأن الحال نعت في المعنى والنعت بالمصدر غير مطرد فكذا ما في معناه. وقد يتوقف في ذلك بأن غاية أمره أنه مجاز ويكفي في صحة المجاز ورود نوعه على الصحيح وقد ورد هنا النوع. نعم يظهر على القول باشتراط ورود شخص المجاز. قوله: "وقاسه المبرد" ظاهره أنه يقول بأنه منصوب على الحال وهو ينافي قوله قبل. وذهب الأخفش والمبرد إلخ فلعل له قولين أو المراد قاس وقوع المصدر في هذا الموضع وإن لم يكن نصبه على الحال عنده. قوله: "فقيل مطلقا إلخ" قال ابن هشام الذي يظهر أنه مطرد في النوعي وغيره كما يطرد وقوع المصدر خبرا فإن الحال بالخبر أشبه منه بالنعت ولكثرة ما ورد من ذلك. قال الدماميني إنما كان شبه الحال بالخبر أقوى لأن حكم الحال مع صاحبها حكم الخبر مع المخبر عنه أبدا فإنك إذا طرحت هو وجاء وضربت مثلا من قولك: هو الحق بينا، وجاء زيد راكبا، وضربت اللص مكتوفا، بقي الحق بين، وزيد راكب واللص مكتوف، ولا يمكن اعتبار مثل ذلك في الشبه النعتي. قوله: "فيما هو نوع من عامله" أي مدلول عامله. قوله: "قولهم أنت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الرجل أدبًا ونبلًا، والمعنى الكامل في حال علم وأدب ونبل. وفي الارتشاف يحتمل عندي أن يكون تمييزًا. الثاني نحو زيد زهير شعرًا. قال في الارتشاف: والأظهر أن يكون تمييزًا. الثالث نحو أما علما فعالم تقول ذلك لمن وصف عندك شخصًا بعلم وغيره منكرًا عليه وصفه بغير العلم. والناصب لهذه الحال هو فعل الشرط المحذوف. وصاحب الحال هو المرفوع به والتقدير مهما يذكر إنسان في حال علم فالمذكور عالم، ويجوز أن يكون ناصبها ما بعد الفاء وصاحبها الضمير المستكن فيه، وهي على هذا مؤكدة، والتقدير مهما يكن من شيء فالمذكور عالم في حال علم. فلو كان ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها نحو أما علما فهو ذو علم تعين الوجه الأول. فلو كان المصدر التالي لأما معرفًا بأل فهو عند سيبويه مفعول له. وذهب الأخفش إلى أن المنكر والمعرف كليهما بعد أما مفعول   الرجل علما" أي ونحوه مما قرن فيه الخبر بأل الدالة على الكمال فعلما بمعنى عالما حال من الضمير في الرجل لتأوله بالمشتق إذ معناه الكامل والعامل فيها الرجل لما ذكر أفاده المصرح. قوله: "ونبلا" بالضم الفضل كالنبالة. قوله: "يحتمل عندي أن يكون تمييزا" أي محولا عن الفاعل وهو ضمير الرجل بمعنى الكامل بل هو أظهر كما في الذي بعده، بل يحتمل في الثالث أيضا، ونقل الشارح في شرحه على التوضيح عن ثعلب أنه مصدر مؤكد بتأول الرجل باسم فاعل مما بعده أي أنت العالم علما. قوله: "نحو زيد زهير شعرا" أي من كل خبر مشبه به مبتدؤه، فشعرا بمعنى شاعرا حال والعامل فيه زهير لتأوله بمشتق إذ معناه مجيد، وصاحب الحال ضمير مستتر فيه قاله المصرح. قوله: "أن يكون تمييزا" أي محولا عن الفاعل وهو ضمير زهير بمعنى جيد. وقال في التصريح أي تمييزا لما انبهم في مثل المحذوفة وهي العاملة فيه وفيه نظر لأن تمييز المفرد عين مميزه ألا ترى أن المثل في قولك على التمرة مثلها زبدا نفس الزبد وليس المثل في المثال السابق نفس الشعر ثم رأيته في الدماميني. قوله: "نحو أما علما فعالم" أي من كل تركيب وقع فيه الحال بعد أما في مقام قصد فيه الرد على من وصف شخصا بوصفين وأنت تعتقد اتصافه بأحدهما دون الآخر. قوله: "ما بعد الفاء" اعترضه زكريا وتبعه شيخنا والبعض وغيرهما بأن ما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها وهو مدفوع بما مر عن الرضي وغيره من أن ذلك في غير الفاء الواقعة بعد أما لكونها مزحلقة عن مكانها فلا تغفل. قوله: "لا يعمل فيما قبلها" لجمود المضاف وعدم عمل المضاف إليه فيما قبل المضاف مع كونه أعني المضاف إليه مصدرا لا يتحمل ضميرا يكون صاحب الحال كذا قال سم. وقد يقال للشارح هلا جوزت عمل المضاف في هذا المثال فيما قبله لتأوله بالمشتق وهو صاحب. قوله: "مفعول له" أي والعامل فيه فعل الشرط كما مر أي مهما يذكر إنسان لأجل علم ولعل المعنى لأجل ذكر علم ليتحد الفاعل فتدبر. وظاهر كلامه أن سيبويه يوجب ذلك وقد حكى عنه كقول الأخفش فكان ينبغي أن يذكر عنه الوجهين. قاله الدماميني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 ولم ينكر غالبًا ذو الحال إن ... لم يتأخر أو يخصص أو يبن   مطلق. وذهب الكوفيون على ما نقله ابن هشام إلى أن القسمين مفعول به بفعل مقدر، والتقدير مهما تذكر علمًا أو العلم فالذي وصف عالم. قال في شرح التسهيل: وهذا القول عندي أولى بالصواب وأحق ما اعتمد عليه في الجواب. الثاني أشعر كلامه أن وقوع المصدر المعرف حالًا قليل وهو كذلك، وذلك ضربان: علم جنس نحو قولهم جاءت الخيل بداد، ومعرف بأل نحو أرسلها العراك. والصحيح أنه على التأويل بمتبددة ومعتركة كما مر "ولم ينكر غالبًا ذو الحال" لأنه كالمبتدأ في المعنى فحقه أن يكون معرفة "إن لم يتأخر" عن الحال فإن تأخر كان ذلك مسوغًا لمجيئه نكرة نحو: فيها قائمًا رجل وقوله: 489- لمية موحشًا طلل   قوله: "مفعول مطلق" أي منصوب بعالم أي مهما يذكر شيء فالمذكور عالم علما. وفيه أن المعرف لا يكون مؤكدا ودعوى زيادة أل مخالفة للأصل. قاله زكريا. قوله: "وهذا القول عندي أولى إلخ" وجه أولويته وأحقيته من القول بالحالية اطراده في التعريف والتنكير ومن القول بأنه مفعول له قلة نصب المحلى بأل مفعولا له. ومن القول بأنه مفعول مطلق كون المصدر المؤكد لا يعرف، ودعوى زيادة أل خلاف الأصل ومن هذين القولين مجيئه تارة غير مصدر نحو أما قريشا فأنا أفضلها. قوله: "بداد" علم جنس للتبديد بمعنى التفرق مبني على الكسر كحذام، ووقع حالا لتأوله بوصف نكرة أي متبددة هذا هو الصحيح كما سيذكره الشارح. قوله: "والصحيح أنه على التأويل إلخ" مقابله على ما أفاده أربعة أقوال: بقية الأقوال الخمسة المتقدمة في المصدر. قوله: "لأنه كالمبتدأ في المعنى" أي لكونه محكوما عليه معنى بالحال ولم يشبه بالفاعل فينكر كالفاعل مع أن الفاعل أيضا محكوم عليه لأن شبهه بالمبتدأ أقوى لتأخر المحكوم به مع كل بخلاف الفاعل. قوله: "كان ذلك مسوّغا لمجيئه نكرة" أي قياسا على المبتدأ إذا تأخر بناء على أن تأخيره للتسويغ، وتعليل بعضهم بعدم لبس الحال حينئذٍ بالوصف لأن الوصف لا يسبق الموصوف لا يناسب تعليل الشارح عدم تنكير صاحب الحال بأنه كالمبتدأ، ولا يناسب أيضا جعل الشارح تبعا للتوضيح تقديم حال النكرة عليها   489- عجزه: يلوح كأنه خلل والبيت من مجزوء الوافر، وهو لكثير عزة في ديوانه ص506؛ وخزانة الأدب 3/ 211؛ وشرح التصريح 1/ 375؛ وشرح شواهد المغني 1/ 249؛ والكتاب 2/ 123؛ ولسان العرب 6/ 368 "وحش"؛ والمقاصد النحوية 3/ 163؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص147؛ وأوضح المسالك 2/ 310؛ وخزانة الأدب 6/ 43؛ والخصائص 2/ 492؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1664، 1825؛ وشرح قطر الندى ص236؛ ولسان العرب 11/ 220 "خلل"؛ ومغني اللبيب 1/ 85، 2/ 436، 659. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 من بعد نفي أو مضاهيه كلا ... يبغ امرؤ على امرئ مستشهدين   وقوله: 490- وبالجسم مني بينًا لو علمته ... شحوب وإن تستشهدي العين تشهد "أو يخصص" إما يوصف كقراءة بعضهم {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ} [البقرة: 89] وقوله: 491- نجيت يا رب نوحًا واستجبت له ... في فلك ماخر في اليم مشحونا وإما بإضافة، نحو: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] ، وإما بمعمول. نحو عجبت في ضرب أخوك شديدًا "أو يبن" أي يظهر الحال "من بعد نفي أو مضاهيه"   مسوغا لمجيء الحال منها، وإنما يناسب ما في المغني والرضي من أن التقديم لدفع لبس الحال بالصفة إذا كان صاحبها منصوبا وطرد الباب في غير هذه الحالة. قال المصرح: وعلى هذا فالمسوّغ في المثال تقديم الخبر وفي البيت يعني لمية إلخ الوصف. ا. هـ. وقوله الوصف أي وتقديم الخبر وكالمثال البيت الثاني مع أنه يرد على هذا التعليل الموافق لما في المغني والرضي أنه يقتضي امتناع ما فيه لبس الحال بالوصف مع أنهم صرحوا بجواز الحال من النكرة المخصصة المقدمة ومنها رأيت غلام رجل قائما مع حصول اللبس فيه فتدبر. قوله: "لمية موحشا طلل" فيه أن صاحب الحال المبتدأ وهو مذهب سيبويه دون الجمهور فالأولى أن يجعل صاحب الحال الضمير في الخبر وحينئذٍ لا شاهد فيه، وكذا يقال في البيت بعده، وتمامه: يلوح كأنه خلل بالكسر جمع خلة بالكسر بطانة يغشى بها أجفان السيوف كما في التصريح والعيني: قال يس وعلى القول بجواز الحال من المبتدأ يكون عامل الحال غير عامل صاحبها إذ لا يصح أن يكون عاملها الابتداء لضعفه وعدم صلاحيته لأن تكون قيدا له. ا. هـ. ونقل حفيد السعد في حواشي المطول أن العامل في الحال من المبتدأ على هذا القول انتساب الخبر إلى المبتدأ لأنه معنى فعلي قابل للتقييد. قوله: "شحوب" مصدر شحب بالفتح يشحب بالضم أي تغير. وأما شحب بضم عين الماضي فمصدره شحوبة كما في شيخ الإسلام. وجملة لو علمته بكسر التاء معترضة وجواب لو محذوف أي لرحمتني. قوله: "كقراءة بعضهم" هي شاذة وقد يقال لا شاهد فيه ولا في البيت بعده لاحتمال أن يكون الحال من المستتر في الجار والمجرور. قوله: "ماخر" بالخاء المعجمة أي شاق للبحر. قوله: "أي يظهر الحال" كان عليه أن يقول أي يظهر ذو الحال لأن   490- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص326؛ وشرح عمدة الحافظ ص422؛ والكتاب 2/ 123؛ والمقاصد النحوية 3/ 147. 491- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 312؛ وشرح التصريح 1/ 386؛ وشرح ابن عقيل ص327؛ والمقاصد النحوية 3/ 149. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي مشابهه وهو النهي والاستفهام: فالنفي نحو: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4] ، وقوله: ما حم من موت حمى واقيًا والنهي "كلا يبغ امرؤ على امرئ مستسهلًا" وقوله: 492- لا يركنن أحد إلى الأحجام ... يوم الوغى متخوفًا لجمام والاستفهام كقوله: 493- يا صاح هل حم عيش باقيًا فترى ... لنفسك العذر في إبغادها الأملا واحترز بقوله غالبًا مما ورد فيه صاحب الحال نكرة من غير مسوغ، من ذلك   الكلام فيه وقد وجد كذلك في بعض النسخ. قوله: "والاستفهام" هل المراد الإنكاري أو الأعم قياسا على ما سبق في المبتدأ قيل وقيل. والأظهر الثاني. قوله: "نحو وما أهلكنا إلخ" فجملة: {وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4] ، حال من قرية الواقعة بعد النفي على المشهور. وفيه مسوغ آخر وهو اقتران الجملة الحالية بالواو كما سيأتي ولا ينافي ذلك قول المصرح إنما يحتاج إلى هذا المسوغ في الإيجاب نحو: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: 259 [، فعلم ما في كلام البعض. ومقابل المشهور قول الزمخشري أن الجملة في نحو الآيتين صفة والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف لأنها في أصلها للجمع المناسب للإلصاق وإن لم تكن الآن عاطفة. والاعتراض عليه بأن الواو فصلت بينهما فكيف أكدت التصاقهما دفع بأن المراد اللصوق المعنوي لا اللفظي. قوله: "ما حم" أي قدر، ومن موت متعلق بحمى أو واقيا، والحمى الشيء المحمي المحفوظ كما في القاموس وغيره وبه يعلم ما في قول البعض. والحمى ما به الحماية والحفظ، وواقيا حال من حمى وفيه مسوغ آخر وهو التخصيص بقوله من موت على جعله متعلقا بحمى. قوله: "الإحجام" أي التأخر. والوغى الحرب والحمام بالكسر الموت. قوله: "باقيا" حال من عيش. وقوله فترى جواب الاستفهام الإنكاري. قوله: "مما ورد فيه صاحب الحال إلخ" أي   492- البيت من الكامل، وهو لقطري بن الفجاءة في ديوانه ص171؛ وخزانة الأدب 10/ 163؛ والدرر 4/ 5؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص136؛ وشرح ابن عقيل ص330؛ وشرح عمدة الحافظ ص423؛ والمقاصد النحوية 3/ 150؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 314؛ وشرح التصريح 1/ 377؛ وهمع الهوامع 1/ 240. 493- البيت من البسيط، وهو لرجل من طيئ في الدرر اللوامع 4/ 6؛ وشرح التصرح 1/ 377؛ وشرح عمدة الحافظ ص423؛ والمقاصد النحوية 3/ 153؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 316؛ وشرح ابن عقيل ص329؛ وهمع الهوامع 1/ 240. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 وسبق حال ما بحرف جر قد ... أبوا ولا أمنعه فقد ورد   قولهم: مررت بماء قعدة رجل. وقولهم: عليه مائة بيضًا. وأجاز سيبويه: فيها رجل قائمًا. وفي الحديث "وصلى وراءه رجال قيامًا" وذلك قليل. تنبيه: زاد في التسهيل من المسوغات ثلاثة: أحدهما أن تكون الحال جملة مقرونة بالواو نحو: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: 259] ؛ لأن الواو ترفع توهم النعتية. ثانيها أن يكون الوصف بها على خلاف الأصل: نحو هذا خاتم حديدًا. ثالثها أن تشترك النكرة مع معرفة في الحال نحو هؤلاء ناس وعبد الله منطلقين "وسبق حال ما بحرف جر قد أبوا" سبق مفعول مقدم لأبوا، وهو مصدر مضاف إلى فاعله، والوصول في موضع النصب على المفعولية: أي منع أكثر النحويين تقدم الحال على صاحبها المجرور بالحرف، فلا يجيزون في نحو مررت بهند جالسة مررت جالسة بهند. وعللوا منع ذلك بأن تعلق العامل بالحال ثان لتعلقه بصاحبه فحقه إذا تعدى لصاحبه بواسطة أن يتعدى إليه بتلك الواسطة، لكن منع من ذلك أن الفعل لا يتعدى بحرف الجر إلى شيئين فجعلوا عوضًا من الاشتراك في الواسطة التزام التأخير. قال الناظم: "ولا أمنعه" أي بل أجيزه وفاقًا لأبي علي وابن كيسان وابن برهان لأن المجرور بالحرف مفعول به في المعنى. فلا يمتنع تقديم حاله عليه كما لا يمتنع تقديم حال المفعول به، وأيضًا "فقد ورد"   قياسا عند سيبويه وسماعا عند الخليل ويونس قاله المصرح. قوله: "قعدة رجل" بكسر القاف أي مقدار قعدته. قوله: "لأن الواو ترفع توهم النعتية" يقتضي أن التعريف أو ما يقوم مقامه لرفع التباس الحال بالوصف والذي قدمه أنه لشبهه بالمبتدأ. وأجيب بأنه أشار إلى صحة التعليل بكل من العلتين وفيه ما مر. قوله: "على خلاف الأصل" أي لجمودها فلا يتبادر الذهن إلى النعتية. قوله: "مع معرفة" أي أو نكرة مخصصة نحو هذا رجل صالح وامرأة مقبلين كما قاله الدماميني. قوله: "ما بحرف" أي غير زائد كما سيأتي. وفي مفهوم قوله بحرف تفصيل يأتي قريبا في الشرح حاصله أن الإضافة إن كانت محضة امتنع التقديم أو لفظية فلا وجعل الكوفيون المنصوب كالمجرور بالحرف فمنعوا تقديم الحال في نحو لقيت هندا راكبة لأن تقديمها يوهم كونها مفعولا وصاحبها بدلا. قوله: "في موضع النصب" أي إن نون حال وإلا كان في موضع جر بالإضافة وهذا أعم لشموله تقدم الحال على صاحبها وعلى عاملها أما على التنوين فلا يشمل إلا التقدم على الصاحب قاله يس. قوله: "أي منع أكثر النحويين" فيه صرف لقوله أبوا عن ظاهره من إرادة جميع النحاة، ويجاب عن تعبيره بذلك بأنه نزل الأكثر لقلة المخالف لهم منزلة الجميع سم. قوله: "بأن تعلق العامل بالحال" أي في المعنى والعمل ثان أي تابع لتعلقه بصاحبه في ذلك. قوله: "لا يتعدى بحرف الجر إلى شيئين" أي مع التصريح بالواسطة أو المراد لا يتعدى بدون اتباع اصطلاحي فلا يرد مررت برجل كريم. قوله: "التزام التأخير" أي ليكون الحال في حيز الجار. قوله: "وأيضا فقد ورد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   السماع به من ذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28] ، وقول الشاعر: 494- تسليت طرا عنكم بعد بينكم ... بذكراكم حتى كأنكم عندي وقوله: 495- لئن كان برد الماء هيمان صاديًا ... إلي حبيبًا إنها لحبيب وقوله: 496- غافلًا تعرض المنية للمر ... ء فيدعى ولات حين إباء   إلخ" أورد عليه أن ما استدل به من الآية والأبيات محتمل للتأويل، وأجيب بأنه يكفي في الظنيات ظواهر الأدلة ما لم يردها صريح لا سيما مع مساعدة القياس أفاده المرادي. قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} فكافة بمعنى جميعا حال من المجرور وهو الناس وقد تقدم عليه وأورد عليه أنه يلزم عليه تقديم الحال المحصور فيها وتعدى أرسل باللام والكثير تعديته بإلى. وأجيب عن الأول بأن تقديم الحال المحصور فيها مع إلا جائز لعدم اللبس قياسا على جواز تقديم الفاعل والمفعول المحصور فيهما مع إلا كما أشار إليه سابقا في قوله وقد يسبق أن قصد ظهر، على أنه يمكن أن يجعل المحصور إرساله والمحصور فيه كونه للناس كافة، وحينئذٍ فكل من المحصور والمحصور فيه في محله. وعن الثاني بأن التخريج على القليل إذا كان قياسا فصيحا كما هنا سائغ قاله سم بقي أن المصنف اعترف في تسهيله بضعف تقديم الحال المذكورة فكيف خرج الآية على الضعيف، ولهذا جعل الزمخشري كافة صفة مصدر محذوف أي إرساله كافة للناس، لكن اعترض بأن كافة مختص بمن يعقل وبالنصب على الحال كطرا وقاطبة. وأجيب بنقل السيد عبد الله في شرحه على اللباب عن عمر بن الخطاب أنه قال: قد جعلت لآل بني كاكلة على كافة بيت المسلمين لكل عام مائتي مثقال ذهبا إبريزا كتبه عمر بن الخطاب. ختمه كفى بالموت واعظا يا عمر. قال: وهذا الخط موجود في آل بني كاكلة إلى الآن. ا. هـ. وقد يقال هذا شاذ. قال التفتازاني: كافة في نحو جاء القوم كافة هو في الأصل اسم فاعل من كف بمعنى منع كأن الجماعة منعوا باجتماعهم أن يخرج منهم أحد. دماميني وشمني. قوله: "بعد بينكم" أي فراقكم وحتى ابتدائية. قوله: "هيمان صاديا" كلاهما بمعنى   494- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 321؛ وشرح التصريح 379؛ وشرح عمدة الحافظ ص426؛ والمقاصد النحوية 3/ 160. 495- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص49؛ وسمط اللآلي ص400؛ ولروة بن حزام في خزانة الأدب 3/ 212، 218؛ والشعر والشعراء ص627؛ وهو لكثير عزة في ديوانه ص522؛ والسمط ص400؛ والمقاصد النحوية 3/ 156؛ ولقيس بن ذريح في ديوانه ص62؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص330؛ وشرح عمدة الحافظ ص428. 496- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص428؛ وشرح قطر الندى ص25؛ والمقاصد النحوية 3/ 161. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 497- فإن تك أذواد أصبن ونسوة ... فلن يذهبوا فرغًا بقتل حبال وقوله: 498- مشغوفة بك قد شغفت وإنما ... حم الفراق فما إليك سبيل وقوله: 499- إذا المرء أعيته المروءة ناشئًا ... فمطلبها كهلًا عليه شديد والحق أن جواز ذلك مخصوص. وحمل الآية على أن كافة حال من الكف، والتاء للمبالغة لا للتأنيث، وقد ذكر ابن الأنباري الإجماع على المنع. تنبيهات: الأول فصل الكوفيون فقالوا: إن كان المجرور ضميرًا نحو مررت ضاحكة بها، أو كانت الحال فعلًا نحو تضحك مررت بهند جاز، وإلا امتنع. الثاني محل   عطشان وهما حالان من ياء المتكلم، أو الثاني حال من ضمير هيمان فهو من الحال المتداخلة على هذا والمترادفة على الأول. قوله: "فإن تك أذواد" جمع ذود وهو من الإبل ما بين الثلاثة والعشرة، وأصبن خبرتك، وحبال اسم ابن أخي طليحة قائل هذا البيت، وفرغا بكسر الفاء وفتحها كما في شيخ الإسلام وإن اقتصر العيني ومن تبعه على الكسر أي هدرا حال من قتل. قوله: "إذا المرء" بنصب المرء على تقدير إذا أعيت المروءة المرء، وبالرفع على تقدير إذا عيي المرء. وعلى كل هو من باب الاشتغال إلا أن العامل في المرء على النصب يقدر من لفظ العامل المذكور وعلى الرفع يقدر مطاوعا للمذكور على حدّ: لا تجزعي إن منفس أهلكته أي هلك منفس، وناشئا شابا. قوله: "وحمل الآية إلخ" لا يخفى ما فيه من التعسف كما قاله الرضي فلا يرد على المصنف لأن الاحتمال البعيد لا يقدح في الأدلة الظنية قاله سم ونقل في التصريح هذا الحمل عن الزجاج ثم نقل رده عن المصنف فانظره. قوله: "والتاء للمبالغة" والمعنى إلا شديد الكف للناس أي المنع لهم من الشرك ونحوه. وقال الزمخشري: إلا إرساله كافة فجعل كافة نعت مصدر محذوف. ويعارضه نقل ابن برهان أن كافة لا تستعمل إلا حالا. قاله   497- البيت من الطويل، وهو لطليحة بن خويلد في المقاصد النحوية 3/ 154؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص19؛ وشرح ابن عقيل ص331؛ وشرح عمدة الحافظ ص427. 498- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص428؛ والمقاصد النحوية 3/ 162. 499- البيت من الطويل، وهو للمخبل السعدي في ملحق ديوانه ص324؛ وله أو لرجل من بني قريع في خزانة الأدب 3/ 219، 221؛ ولرجل من بني قريع في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1148. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 ولا تجز حالًا من المضاف له ... إلا إذا اقتضى المضاف عمه   الخلاف إذا كان الحرف غير زائد، فإن كان زائدًا جاز التقديم اتفاقًا، نحو: ما جاء راكبًا من رجل. الثالث بقي من الأسباب الموجبة لتأخير الحال عن صاحبها أمران: الأول أن يكون مجرورًا بالإضافة نحو عرفت قيام زيد مسرعًا، وأعجبني وجه هند مسفرة، فلا يجوز بإجماع تقديم هذه الحال واقعة بعد المضاف، لئلا يلزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه، ولا قبله لأن المضاف إليه مع المضاف كالصلة مع الموصول، فكما لا يتقدم ما يتعلق بالصلة على الموصول كذلك لا يتقدم ما يتعلق بالمضاف إليه على المضاف وهذا في الإضافة المحضة كما رأيت، أما غير المحضة نحو هذا شارب السويق ملتوتًا الآن أو غدًا فيجوز، قاله في شرح التسهيل. لكن في كلام ولده وتابعه عليه صاحب التوضيح ما يقتضي التسوية في المنع. الأمر الثاني أن تكون الحال محصورة نحو ما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين. الرابع كما يعرض للحال وجوب التأخير عن صاحبها كما رأيت كذلك يعرض لها وجوب التقديم عليه، وذلك كما إذا كان محصورًا نحو ما جاء راكبًا إلا زيد "ولا تجز حالًا من المضاف له" لوجوب كون العامل في الحال هو العامل في   المصرح قال شيخنا: ولذلك غلط من يقول ولكافة المسلمين. قوله: "جاز" قال شيخنا والبعض لعله لعدم ظهور الإعراب في صاحبها في الأول وفيها في الثاني فلا حاجة حينئذٍ لتعويض لزوم التأخير عن تسلط العامل بالواسطة لضعفها بخفاء العمل. قوله: "فإن كان زائدا جاز التقديم" استثنى منه بعضهم الزائد الممتنع الحذف أو القليله نحو أحسن بزيد مقبلا وكفى بهند جالسة فلا يجوز تقديم الحال فيهما. قوله: "أمران" زاد بعضهم كون صاحبها منصوبا بكأن أو ليت أو لعل أو فعل تعجب أو ضميرا متصلا بصلة أل نحو القاصدك سائلا زيد أو بصلة الحرف المصدري نحو أعجبني أن ضربت زيدا مؤدبا. قوله: "الآن أو غدا" قيد بذلك لتكون الإضافة غير محضة. قوله: "فيجوز" لأن غير المحضة في نية الانفصال فالمضاف إليه فيها مفعول به وتقديم حاله عليه جائز. قال الدماميني وليس كل إضافة لا تعرف غير محضة بل غير المحضة هي التي في تقدير الانفصال وهو في نحو مثلك مفقود فاعتراض أبي حيان بامتناع التقديم في نحو هذا مثلك متكلما مع أن الإضافة فيه غير محضة سهو. قوله: "أن تكون الحال محصورة" أي محصورا فيها ويستثنى منه المحصور بإلا إذا تقدمت مع إلا كما مر. قوله: "كما إذا كان محصورا" أي فيه وكما إذا كان صاحب الحال مضافا إلى ضمير ما يلابسها نحو جاء زائر هند أخوها. قوله: "ولا تجز حالا إلخ" دخل عليه السندوبي بقوله وتقع الحال من الفاعل والمفعول والمجرور والخبر وكذا من المبتدإ على مذهب سيبويه ولا تأتي من المضاف إليه إلا في مسائل عند المصنف نبه عليها بقوله: ولا تجز حالا إلخ. قوله: "لوجوب كون العامل إلخ" أي لأن الحال وصاحبها كالنعت والمنعوت وعاملهما واحد وما ذكره من وجوب ذلك هو مذهب الجمهور وذهب سيبويه إلى عدم وجوب ذلك لأن الحال أشبه بالخبر وعامله غير عامل المبتدأ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 أو كان جزء ما له أضيفا ... أو مثل جزئه فلا تحيفا   صاحبها وذلك يأباه "إلا إذا اقتضى المضاف عمله" أي عمل الحال وهو نصبه نحو: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} [يونس: 4] ، وقوله: 500- تقول ابنتي إن انطلاقك واحدًا ... إلى الروع يومًا تاركي لا أباليا ونحو هذا شارب السويق ملتوتًا. وهذا اتفاق كما ذكره في شرحي التسهيل والكافية "أو كان" المضاف "جزء ما له أضيفا" نحو: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} [الحجر: 47] ، {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} "أو مثل جزئه لا تحيفا" والمراد بمثل جزئه ما يصح الاستغناء به عنه نحو: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123] ، وإنما جاز مجيء الحال من المضاف إليه في هذه المسائل الثلاث ونحوها لوجود الشرط المذكور، أما في الأولى فواضح، وأما في الأخيرتين فلأن   على الصحيح واختاره المصنف في تسهيله فقال وقد يعمل فيها غير عامل صاحبها خلافا لمن منع. قوله: "وذلك يأباه" أي الوجوب المذكور يأبى جواز مجيء الحال من المضاف إليه لأن المضاف من حيث إنه مضاف لا يعمل النصب. قوله: "أي عمل الحال" أي العمل فيه بأن كان ذلك المضاف عامل الحال وقيل المراد عمل المضاف إليه أي العمل فيه من حيث إنه كالفعل لا من حيث إنه مضاف بأن كان المضاف مما يعمل عمل الفعل وإلا فغلام مثلا من غلام زيد عامل في المضاف إليه لكن عمل الحرف المنوي لا عمل الفعل. وقيل المراد عمل المضاف بناء على أن اقتضاءه العمل إنما هو إذا دل على الحدث كالمصدر بناء على أن المتبادر من اقتضائه العمل اقتضاؤه ذلك لذاته ولا يمكن ذلك إلا فيما فيه معنى الحدث قاله سم ومآل الأوجه الثلاثة واحد. قوله: "إليه مرجعكم جميعا" مرجع مصدر ميمي بمعنى الرجوع والقياس فتح عينه كمذهب. قوله: "إلى الروع" بفتح الراء وهو الخوف والمراد سببه وهو الحرب. قوله: "وهذا اتفاق" أي مجيء الحال من المضاف إليه عند اقتضاء المضاف العمل المذكور. قوله: "فلا تحيفا" أي لا تمل عن ذلك إلى زيادة عليه أو نقص عنه. قوله: "ما يصح الاستغناء به عنه" إشارة لوجه الشبه المقتضى لصحة مجيء الحال من المضاف إليه. قوله: "ونحوها" قيل الصواب إسقاطه إذ لم يبق غير الثلاثة يجوز فيه مجيء الحال من المضاف إليه. وأجاب البهوتي بأنه تجوّز باسم المسألة عن المثال تسمية للجزئي باسم كليه ويرده وصف المسائل بالثلاث لأن الأمثلة السابقة أكثر من ثلاثة إلا أن يقال نزل الأمثلة التي ذكرها لكل مسألة منزلة مثال واحد لاتحادها نوعا وفيه بعد. قوله: "لوجود الشرط المذكور" أي في قوله لوجوب كون العامل في   500- البيت من الطويل، وهو لمالك بن الريب في ديوانه ص43؛ والمقاصد النحوية 3/ 165؛ ولسلامة بن جندل في ديوانه ص198؛ والشعر والشعراء 1/ 279؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص332؛ وعيون الأخبار 1/ 343. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 والحال إن ينصب بفعل صرفا ... أو صفة أشبهت المصرفا فجائز تقديمه كمشرعا ... ذا راحل ومخلصًا زيد دعا   العامل في الحال عام في صاحبها حكمًا؛ إذ المضاف والحالة هذه في قوة الساقط لصحة الاستغناء عنه بصاحب الحال وهو المضاف إليه. تنبيه: ادعى المصنف في شرح التسهيل الاتفاق على منع مجيء الحال من المضاف إليه فيما عدا المسائل الثلاث المستثناة، نحو: ضربت غلام هند جالسة وتابعه على ذلك ولده في شرحه. وفيما ادعياه نظر فإن مذهب الفارسي الجواز، وممن نقله عنه الشريف أبو السعادات ابن الشجري في أماليه "والحال" مع عامله على ثلاثة أوجه: واجب التقديم عليه، وواجب التأخير عنه، وجائزهما كما هو كذلك مع صاحبه على ما مر. فالحال "إن ينصب بفعل صرفا أو صفة أشبهت" الفعل "المصرفا" وهي ما تضمن معنى الفعل وحروفه وقبل علامات الفرعية، وذلك اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة "فجائز تقديمه" على ذلك الناصب له وهذا هو الأصل. فالصفة "كمسرعًا ذا راحل" ومجردًا زيد مضروب. وهذا تحملين طليق. فتحملين في موضع نصب على الحال، وعاملها طليق وهو صفة مشبهة "و" الفعل نحو: "مخلصًا زيد دعا" وخاشعًا أبصارهم يخرجون. وقولهم: شتى تؤوب الحلية والاحتراز بقوله صرفًا وأشبهت المصرفا مما كان العامل فيه فعلًا جامدًا ما أحسنه مقبلًا، أو صفة تشبه الجامد وهو اسم الفضيل نحو هو   الحال إلخ. قوله: "وفيما ادعياه نظر إلخ" يؤيد النظر تعليل المنع بوجوب كون العامل في الحال هو العامل في صاحبها لأن تعليله بذلك يقتضي أن من لم يقل بوجوب ما ذكر وهو غير الجمهور لا يقول بالمنع. قوله: "بفعل صرفا" أي إن لم يقع صلة لحرف مصدري ولا تاليا للام الابتداء أو القسم إلا امتنع التقديم كما سيأتي. قوله: "أو صفة" أي لم تقع صلة لأل أي أو مصدر نائب عن فعله فإنه يجوز تقديم حاله عليه أيضا. قوله: "وقبل علامات الفرعية" أي العلامات الدالة على الفرعية كالتثنية والجمع والتأنيث والمراد قبلها قبولا مطلقا فلا يرد أفعل التفضيل فإنه إنما يقبلها إذا عرّف بأل أو أضيف كما سيأتي لكن يرد فعيل كقتيل فإنه إنما يقبلها إذا لم يجر على موصوفه مع أنه يجوز تقديم الحال عليه فلعله مستثنى. قوله: "فجائز تقديمه" أي وإن كانت الحال جملة مصدرة بالواو خلافا لمن منع فيها. قوله: "وعاملها طليق" لا يقال معمول الصفة المشبهة يجب أن يكون سببيا مؤخرا لأنا نقول ذاك فيما عملها فيه بحق الشبه باسم الفاعل وعملها في الحال بسبب ما فيها من معنى الفعل قاله المصرح. قوله: "ومخلصا زيد دعا" فيه تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ جريا على القول بجوازه ورجحه الرضي. قوله: "شتى" جمع شتيت تؤوب الحلبة بالتحريك جمع حالب أي يرجعون متفرّقين. قوله: "نحو ما أحسنه مقبلا" فلا يجوز تقديم الحال على عاملها بل ولا على صاحبها ولو كان اسما ظاهرا كما في شرح العمدة. قوله: "تشبه الجامد" أي في عدم قبول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 وعامل ضمن معنى الفعل لا ... حروفه مؤخرًا لن يعملا كتلك ليت وكأن وندر ... نحو سعيد مستقرا في هجر   أفصح الناس خطيبًا، أو اسم فعل نحو نزال مسرعًا، أو عاملًا معنويًّا هو ما تضمن معنى الفعل دون حروفه كما أشار إليه بقوله: "وعامل ضمن معنى الفعل لا حروفه مؤخرًا لن يعملا كتلك" و"ليت وكأن" والظرف والمجرور المخبر بهما، تقول تلك هند مجردة، وليت زيدًا أميرًا أخوك. وكأن زيدًا راكبًا أسد وزيد عندك أو في الدار جالسًا. وهكذا جميع ما تضمن معنى الفعل دون حروفه كحرف التنبيه والترجي والاستفهام المقصود به   علامات الفرعية وفيه أن من الأفعال الجامدة ما يقبلها كنعم وبئس وعسى وليس إلا أن يكون مراده خصوص فعل التعجب وفعل الاستثناء. قوله: "خطيبا" هو حال من الضمير في أفصح. قوله: "أو اسم فعل" عطف على قوله فعلا جامدا، وظاهره أن هذا خارج بالقيد. وفيه أن اسم الفعل ليس فعلا ولا صفة فهو خارج من أصل الموضوع وكذا يقال في قوله أو عاملا معنويا. قوله: "وهو ما تضمن" أي لفظ تضمن فليس المراد بالعامل المعنوي نحو الابتداء والتجرد والعوامل المتضمنة ما ذكره عشرة ذكر المصنف والشارح منها تسعة وأسقطا النداء نحو: يا أيها الربع مَبكيا بساحته لما في مجيء الحال من المنادى من الخلاف فقد منعه بعضهم وإن كان الأصح كما في جامع ابن هشام الجواز وفي الهمع أن أبا حيان اختار أن اسم الإشارة وحرف التنبيه وليت ولعل وباقي الحروف لا تعمل في الحال ولا الظرف ولا يتعلق بها حرف إلا كأن وكاف التشبيه وأن بعضهم منع عمل كأن أيضا في الحال. وفي الأشباه والنظائر أن الأصح عدم عمل كان وأخواتها وعسى في الحال فتستثنى من العوامل اللفظية. قوله: "مؤخرا" أي ولا محذوفا كما صرح به في المغني غير مرة وإن استظهر الدماميني جواز زيد قائما جوابا لمن قال من في الدار أي زيد فيها قائما لقوة الدلالة على المحذوفة. قوله: "المخبر بهما" الظاهر أنه ليس بقيد بل الواقع نعتا مثلا كذلك نحو مررت برجل عندك قائما. قوله: "تلك هند مجردة" فمجردة حال من هند والعامل فيها اسم الإشارة لما فيه من معنى الفعل أعني أشير. قوله: "وليت زيدا أميرا أخوك" وسط الحال في هذا المثال وما بعده ليكون حالا من الاسم فيكون معمولا للناسخ على كلا المذهبين السابقين في إن وأخواتها إذ لو أخر لكان حالا من الخبر وهو على أحد المذهبين مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخول الناسخ لا به، وكليت وكأن لعل كما سيذكره الشارح، ويظهر أن إنّ وأنّ ولكن كذلك. قوله: "كحرف التنبيه" نحو: ها أنت زيد راكبا فراكبا حال من زيد أو من أنت على رأي سيبويه فالعامل في راكبا حرف التنبيه لتضمنه معنى أنبه ونحو هذا زيد قائما فالعامل في قائما حرف التنبيه لما مر. وقيل اسم الإشارة لتضمنه معنى أشير وقيل كلاهما لتنزلهما منزلة كلمة واحدة. فإن قلنا العامل حرف التنبيه جاز أن تقول ها قائما ذا زيد ولا يجوز على الوجهين الأخيرين كذا في يس عن ابن بابشاذ. وأورد على كلام الشارح أن الكلام في عامل ضمن معنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   التعظيم نحو: يا جارتا ما أنت جاره. وأما نحو أما علمًا فعالم فلا يجوز تقديم الحال على عاملها في شيء من ذلك. وهذا هو القسم الثاني "وندر" تقديمها على عاملها الظرف والمجرور المخبر بهما "نحو سعيد مستقرا" عندك أو "في هجر" فما ورد من ذلك مسموعًا يحفظ ولا يقاس عليه. هذا هو مذهب البصريين. وأجاز ذلك الفراء والأخفش   الفعل لا في مطلق ما تضمن ذلك. وأنت خبير بأن المراد العامل ولو في الحال فقط. وحرف التنبيه يعمل في الحال على ما ذكره الشارح فلا خروج عما الكلام فيه. نعم يرد على من جعل حرف التنبيه عاملا في الحال عدم اتحاد الحال وصاحبها عاملا ولعله لا يقول بوجوب الاتحاد كما ذهب بعضهم. وفي التصريح وشرح الجامع أن إسناد العمل إلى الأشياء العشرة ظاهري وأن العامل في الحقيقة الفعل المدلول عليه بها كأشير وأنبه وفعل الشرط في أما علما فعالم إذ التقدير مهما يذكر إنسان في حال علم، وحينئذٍ فيتحد العامل في الحال وصاحبها بلا إشكال. وفي المغني المشهور لزوم اتحاد عامل الحال وصاحبها، وليس بلازم عند سيبويه، ويشهد له نحو أعجبني وجه زيد متبسما وصوته قارئا فإن عامل الحال الفعل وعامل صاحبها المضاف وقوله: لمية موحشا طلل فإن عامل الحال الاستقرار الذي تعلق به الظرف، وعامل صاحبها وهو طلل الابتداء: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المؤمنون: 52] ، فإن عامل الحال حرف التنبيه أو اسم الإشارة وعامل صاحبها إن ومثله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: 153] ، وقوله: ها بينا ذا صريح النصح فاصغ له فعامل الحال ها التنبيه وليست عامل صاحبها، ولك أن تقول لا أسلم أن صاحب الحال طلل بل ضميره المستتر في الظرف لأن الحال حينئذٍ من المعرفة. وأما البواقي فاتحاد العامل فيها موجود تقديرا إذ المعنى أشير إلى أمتكم وإلى صراطي وتنبه لصريح النصح. وأما مثالا الإضافة فصلاحية المضاف فيهما للسقوط تجعل المضاف إليه كأنه معمول للفعل وعلى هذا فالشرط في المسألة اتحاد العامل تحقيقا أو تقديرا. ا. هـ. باختصار. وقال الرضي في باب المبتدأ التزامهم اتحاد العامل في الحال وصاحبها لا دليل لهم عليه ولا ضرورة ألجأتهم إليه والحق أنه يجوز اختلاف العاملين على ما ذهب إليه المالكي. ا. هـ. قوله: "وأما" معطوف على حرف التنبيه. قوله: "نحو أما علما فعالم" أسلف الشارح أنه حال من مرفوع فعل الشرط الذي نابت عنه أما فهو العامل حقيقة ونسبة العمل لأما باعتبار نيابتها عنه. قوله: "هو القسم الثاني" أي ما يجب فيه تأخير الحال عن العامل. قوله: "وندر" أي شذ بدليل قول الشارح فما ورد إلخ وقال الموضح قلّ. قوله: "مستقرا" قال سم حال مؤكدة وهو صريح في أن المراد به الاستقرار العام وقال غيره أي ثابتا غير متزلزل فهو خاص إذ لو كان عاما لم يظهر. قال بعض المتأخرين قد يقال محل عدم ظهوره إذا كان له معمول يقع بدلا عنه وإلا جاز ظهوره وعندي أن هذا متعين إذ لا يشك أحد في جواز هذا ثابت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مطلقًا. وأجازه الكوفيون فيما كانت الحال فيه من مضمر نحو أنت قائمًا في الدار. وقيل يجوز بقوة إن كان الحال ظرفًا. أو حرف جر. ويضعف إن كان غيرهما. وهو مذهبه في التسهيل. واستدل المجيز بقراءة من قرأ: "والسماوات مطوياتٍ بيمينه" [الزمر: 67] ، "ما في بطون هذه الأنعام خالصةً لذكورنا" [الأنعام: 139] ، بنصب مطويات وخالصة. وبقوله: 501- رهط ابن كور محقبي أدراعهم ... فيهم ورهط ربيعة ابن حذار وقوله: 502- بنا عاذ عوف وهو بادئ ذلة ... لديكم فلم يعدم ولاء ولا نصرا وتأول ذلك المانع.   هذا حاصل مثلا. قوله: "فيما كانت الحال فيه من مضمر" أي من مضمر مرجعه مضمر كما في المثال فإن قائما حال من الضمير المستكن في العامل الذي هو الجار والمجرور ومرجعه أنت وإن شئت جعلت كلام الشارح على حذف مضاف أي من مفسر مضمر بفتح السين والمآل واحد. ولعل وجه مذهبهم أنه لما كان مرجع صاحب الحال مماثلا له وكان متقدما كان كأن صاحب الحال متقدم فكأن العامل متقدم، بخلاف ما إذا لم يكن صاحب الحال ضميرا نحو أنت قائما في الدار أبوك، وما إذا لم يكن مرجعه ضميرا نحو زيد قائما في الدار فلا يجوزان عند الكوفيين. وقرر شيخنا عبارة الشارح بوجه آخر حيث قال فقائما حال من أنت عند الكوفيين القائلين بأن المبتدأ والخبر ترافعا فالعامل في الحال وصاحبها واحد متأخر عن الحال وهو الخبر. ا. هـ. وانظر ما وجه التخصيص بالضمير على هذا. قوله: "إن كان الحال ظرفا أو حرف جر" أي مع مجروره نحو زيد عندك أمامك أو في الدار أمامك إذا جعل عندك وفي الدار حالين من الضمير في الظرف بعدهما وقوله إن كان غيرهما كمثال المتن. قوله: "واستدل المجيز" أي مطلقا. قوله: "بقراءة من قرأ" أي شذوذا. قوله: "رهط ابن كوز" بضم الكاف وآخره زاي مبتدأ خبره فيهم. ومحقبي أدراعهم حال من الضمير المستكن فيه أي جاعلين أدراعهم في حقائبهم جمع درع. ورهط الثاني معطوف على رهط الأول. وحذار بضم المهملة وتخفيف الذال المعجمة. والرهط ما دون العشرة من الرجال. قوله: "بنا عاذ عوف إلخ" فقدم الحال وهو بادىء ذلة على صاحبها أعني الضمير المستكن في لديكم الذي هو خبر هو. قوله: "وتأوّل ذلك المانع" أي بأن البيتين ضرورة وأن السماوات عطف على الضمير المستتر   501- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص55؛ وجمهرة اللغة ص825؛ وشرح عمدة الحافظ ص437، 557؛ والمقاصد النحوية 3/ 170. 502- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 332؛ وشرح التصريح 1/ 385؛ والمقاصد النحوية 3/ 172. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 ونحو زيد مفردًا أنفع من ... عمرو معانًا مستجاز لن يهن   تنبيهات: الأول محل الخلاف في جواز تقديم الحال على عاملها الظرف إذا توسط كما رأيت. فإن تقدم على الجملة نحو قائمًا زيد في الدار امتنعت المسألة إجماعًا، قاله في شرح الكافية. لكن أجاز الأخفش في قولهم فداء لك أبي وأمي أن يكون فداء حالًا والعامل فيه لك، وهو يقتضي جواز التقديم على الجملة عنده إذا تقدم الخير، وأجازه ابن برهان فيما إذا كان الحال ظرفًا {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ} [الكهف: 44] ، فهنالك ظرف في موضع الحال والولاية مبتدأ ولله الخبر. الثاني أفهم كلامه جواز نحو في الدار قائمًا زيد وهو اتفاق. الثالث قد يعرض للعامل المتصرف ما يمنع تقديم الحال عليه ككونه مصدرًا مقدرًا بالحرف المصدري نحو سرني ذهابك غازيًا، أو فعلًا مقرونًا بلام الابتداء أو قسم نحو: لأصبر محتسبًا ولأقومن طائعًا أو صلة لأل، أو الحرف مصدري نحو أنت المصلي فذا ولك أن تتنفل قاعدًا قال الناظم وولده: أو نعتًا نحو مررت برجل ذاهبة فرسه مكسورًا سرجها. قال في المغني: هو وهم منهما فإنه يجوز أن يتقدم عليه فاصلًا بين النعت ومنعوته فتقول: مررت برجل مكسورًا سرجها ذاهبة فرسه. الرابع لم يتعرض هنا للقسم الثالث وهي الحال الواجبة التقديم وذلك نحو كيف جاء زيد "ونحو زيد مفردًا أنفع من عمرو معانًا" وبكر   في قبضته لأنها بمعنى مقبوضة ومطويات حال من السموات وبيمينه ظرف لغو متعلق بمطويات. والفصل المشروط للعطف على الضمير المستتر موجود هنا بقوله يوم القيامة. وأن خالصة حال من المستتر في صلة ما فهي العاملة في الحال وتأنيث خالصة باعتبار معنى ما لأنها واقعة على الأجنة. قوله: "لكن أجاز الأخفش" لما كان تقدم الحال على الجملة صادقا بتقدم الخبر وتأخره وبكون الحال ظرفا وغيره وكانت حكاية الإجماع غير مسلمة في تقدم الخبر وفي كونها ظرفا استدرك على حكاية الإجماع فقال لكن إلخ. قوله: "وهو اتفاق" لأن الحال متأخرة عن العامل حينئذٍ. قوله: "مقدرا بالحرف" أي مع الفعل واقتصر على الحرف لأنه المانع من تقديم الحال كما قاله الدماميني فإن كان المصدر غير مقدر بذلك جاز تقديم الحال عليه نحو قائما ضربا زيدا. قوله: "أو فعلا مقرونا بلام الابتداء" أي في غير باب إن لتصريحهم هناك بجواز نحو إن زيدا مخلصا ليعبد ربه. قاله الدماميني. قوله: "أو صلة لأل" بخلاف غير أل فيجوز من الذي خائفا جاء لجواز تقديم معمول الصلة عليها لا على الموصول. قوله: "أو لحرف مصدريّ" أي ولو غير عامل نحو سرني ما فعلت محسنا. قوله: "فإنه يجوز أن يتقدم عليه إلخ" مثل الحال من معمول النعت في جواز التقدم على النعت غيرها من معمولات النعت كالمفعول به والظرف والمجرور. قوله: "مكسورا سرجها ذاهبة فرسه" الضمير عائد على متأخر لفظا متقدم رتبة فبطل ما قيل تقديم الحال في المثال وإن لم يمتنع من جهة أن عاملها نعت لجواز تقديم معمول النعت عليه لا على المنعوت فهو ممتنع من جهة تقديم المضمر على ما يفسره فاعرف ذلك. قوله: "نحو كيف جاء زيد" أي في أي حال سواء قلنا إنه ظرف شبيه باسم المكان غير مفتقر إلى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قائمًا أحسن منه قاعدًا، مما وقع فيه اسم التفضيل متوسطًا بين حالين من اسمين، مختلفي المعنى أو متحديه، مفضل أحدهما في حالة على الآخر في أخرى "مستجاز لن يهن" على أن اسم التفضيل عامل في الحالين فيكون ذلك مستثنى مما تقدم من أنه لا يعمل في الحال المتقدمة عليه. وإنما جاز ذلك هنا لأن اسم التفضيل وإن انحط درجة عن اسم الفاعل والصفة المشبهة بعدم قبول علامات الفرعية، فله مزية على العامل الجامد لأن فيه ما في الجامد من معنى الفعل، ويفوقه يتضمن حروف الفعل ووزنه، فجعل موافقًا للعامل الجامد في امتناع تقديم الحال عليه إذا لم يتوسط بين حالين نحو هو أكفؤهم ناصرًا. وجعل موافقًا لاسم الفاعل في جواز التقديم عليه إذا توسط بين حالين. واعلم أن ما ذكره الناظم هو مذهب سيبويه والجمهور. وزعم السيرافي أن المنصوبين في ذلك ونحوه خبران لكان مضمرة مع إذ في المضي وإذا في الاستقبال. وفيه تكلف إضمار ستة أشياء. وبعد تسليمه يلزم إعمال أفعل في إذ وإذا فيكون واقعًا في مثل ما فر منه. تنبيه: لا يجوز تقديم هذين الحالين على أفعل ولا تأخيرهما عنه، فلا تقول: زيد   التعلق كما هو مذهب سيبويه أو اسم غير ظرف كما هو مذهب الأخفش لأن الحال مطلقا على معنى في. هذا ما ظهر لي وبه يعرف ما في كلام البعض هنا تبعا للتصريح فتدبر. قوله: "مفردا" حال من الضمير في أنفع ومعانا حال من عمرو والعامل فيهما أنفع. قوله: "مختلفي المعنى" أي كالمثال الأول وقوله أو متحديه أي كالمثال الثاني. قوله: "مستجاز" السين والتاء زائدتان أو للنسبة أي منسوب إلى الجواز ومعدود من الجائز. واعلم أن ما جاز بعد الامتناع يجب فلا يعترض عليه بأن اللائق التعبير بالوجوب بدل الاستجازة. قوله: "على العامل الجامد" يعني المعنوي كما يدل عليه ما بعده. قوله: "فجعل موافقا للعامل الجامد إلخ" لما كان شبهه بالجامد أقوى من شبهه باسم الفاعل خصت موافقته للجامد بما هو الغالب وهو حالة عدم توسطه. هذا ما قاله البعض وقد يمنع كون شبهه بالجامد أقوى. والأولى عندي أن يقال خصت موافقته للجامد بأغلب حاليه وهو عدم التوسط لأن ذلك أبلغ في إظهار انحطاط درجته عن اسم الفاعل والتحاقه بالجامد من العكس فتدبر. قوله: "خبران لكان مضمرة" صريح في أن كان ناقصة. والذي في التصريح وشرح الجامع عن السيرافي أنها تامة والمنصوبان حالان ونسب شارح الجامع القول بأنها ناقصة والمنصوبان خبران لها إلى بعض المغاربة. قوله: "إضمار ستة أشياء" هي إذ أو إذا وكان واسمها مع الأول والثاني. قوله: "فيكون واقعا في مثل ما فر منه" الذي فر منه هو عمل أفعل النصب في حال متقدمة عليه، وقد وقع في مثله وهو عمله في ظرف متقدم عليه. وقد يقال يتوسع في الظرف ما لا يتوسع في غيره. قوله: "لا يجوز تقديم إلخ" أي دفعا للبس. فإن قلت يندفع اللبس يجعل أحدهما تاليا لأفعل والآخر للضمير في منه. قلت يلزم الفصل بين أفعل ومن ولم يغتفروه إلا بالظرف والمجرور والتمييز لسماعه فيها ولم يسمع ذلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 والحال قد يجيء ذا تعدد ... لمفرد فاعلم وغير مفرد   قائمًا قاعدًا أحسن منه، ولا زيد أحسن منه قائمًا قاعدًا "والحال" لشبهها بالخبر والنعت "قد يجيء ذا تعدد لمفرد فاعلم وغير مفرد" فالأولى نحو جاء زيد راكبًا ضاحكًا وقوله: 503- علي إذا ما جئت ليلى بخفية ... زيارة بيت الله رجلان حافيا ومنع ابن عصفور هذا النوع ما لم يكن العامل فيه أفعل التفضيل. نحو هذا بسرًا أطيب منه رطبًا. ونقل المنع عن الفارسي وجماعة، فالثاني عندهم نعت للأول أو حال من   في الحال هكذا ينبغي الجواب. ونقل الدماميني عن بعضهم جواز ذلك فيجوز على هذا زيد أحسن قائما منه قاعدا. قال واختاره الرضي. قوله: "لشبهها بالخبر" أي في كونها محكوما بها في المعنى على صاحبها وإن كان الحكم في الخبر قصديا وفي الحال تبعيا والنعت أي في إفهام الاتصاف بصفة وإن كان قصديا في النعت وتبعيا في الحال إذ القصد بها تقييد الفعل وبيان كيفية وقوعه، وقدم شبهها بالخبر لأنه أشد من شبهها بالنعت. قال في المغني ومن ثم اختلف في تعددهما واتفق على تعدد النعت وعلل الدماميني الأشدية بأنك لو حذفت العامل من نحو جاء زيد راكبا انتظم من الحال وصاحبها مبتدأ وخبر تقول زيد راكب ولا ينتظم منهما منعوت ونعت. قوله: "قد يجيء ذا تعدد" أي جوازا ووجوبا، فالثاني بعد إما ولا نحو: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3] ، ونحو جاء زيد لا خائفا ولا آسفا. وجاء إفرادها بعد لا ضرورة كما في قوله: قهرت العدا لا مستعينا بعصبة ... ولكن بأنواع الخدائع والمكر والأول فيما عدا ذلك. قوله: "فاعلم" جملة اعتراضية أتى بها لرد قول ابن عصفور الآتي. شاطبي. قوله: "فالأولى" هي المتعددة لمفرد. وتكون بعطف نحو: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا} [آل عمران: 39] الآية، وبغير عطف كأمثلة الشارح. قوله: "رجلان" أي ماشيا حافيا أي غير منتعل، والحالان قال المصرح إما من فاعل الزيارة المحذوف والتقدير زيارتي بيت الله أو من ياء المتكلم المجرورة بعلى. ا. هـ. والأنسب الأول. قوله: "ومنع ابن عصفور هذا النوع" أي قياسا على الظرف قال ابن الناظم: وليس بشيء أي للفرق الظاهر بينهما لأن وقوع الفعل الواحد في زمانين ومكانين محال وأما تقييده بقيدين فلا بأس به. قوله: "ما لم يكن العامل فيه أفعل التفضيل" أي المتوسط بين حالين على ما يؤخذ من التمثيل ليخرج زيد أحسن من إخوته متكلما ضاحكا. وإنما جوز ابن عصفور تعدد الحال لمفرد في نحو هذا بسرا إلخ لأن صاحب الحال وإن كان واحدا في المعنى متعدد في اللفظ والتعدد اللفظي يكفي عنده هذا ما ظهر لي. قوله: "نحو هذا بسرا أطيب منه رطبا" وجه كونه من هذا   503- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص233؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 335؛ المغني 2/ 859؛ ولسان العرب 11/ 268 "رجل"؛ ومغني اللبيب 2/ 461. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الضمير فيه. والثانية قد يكون بجمع نحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: 33] ، ونحو: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} [الأعراف: 54] وقد يكون بتفريق نحو لقيت هندًا مصعدًا منحدرة وقوله: 504- لقي ابني أخويه خائفا ... منجديه فأصابوا مغنما فعند ظهور المعنى يرد كل حال إلى ما يليق به كما في المثال والبيت، وعند عدم الظهور بجعل أول الحالين لثاني الاسمين وثانيهما للأول، نحو لقيت زيدًا مصعدًا منحدرًا.   النوع كما قاله سم أن الحالين لمفرد في المعنى وإن تعدد في اللفظ والبسر مرتبة قبل الرطب وبعد البلح. قوله: "نعت للأول" أي بناء على الأصح من جواز نعت المشتق باعتبار دلالته على الذات. قوله: "أو حال من الضمير" أي ويكون حالا متداخلة. قوله: "بجمع" الباء بمعنى مع أو للملابسة والمراد بالجمع ما قابل التفريق فيشمل التثنية وذلك في صورة اتحاد الحال لفظا ومعنى لأن الجمع حينئذٍ أخصر سواء كان العامل واحدا وعمله في غير الحال كذلك نحو جاء زيد وعمرو راكبين أو عمله مختلف نحو ضرب زيد عمرا راكبين، أو كان العامل متعددا وعمله كذلك نحو جاء زيد وضربت عمرا راكبين أو العمل متحد نحو جاء زيد وذهب عمرو مسرعين، ويظهر أن العامل في الحال عند تعدد العامل مجموع العاملين أو العوامل لئلا يلزم اجتماع عاملين أو عوامل على معمول واحد ولذلك نظائر كثيرة تقدمت وهل الجمع في ذلك واجب أولا استظهر العلوي الوجوب ثم نقل عن الرضي أنه قال لا أمنع من التفريق كلقيت راكبا زيدا راكبا أو لقيت زيدا راكبا راكبا. قوله: "دائبين" أي دائمين بتغليب المذكر. قوله: "وقد يكون بتفريق" أي مع إيلاء كل حال صاحبها نحو لقيت مصعدا زيدا منحدرا أو تأخير الأحوال كما مثله الشارح. قوله: "يجعل أول الحالين لثاني الاسمين" أي ليكون أول الحالين غير مفصول من صاحبه وهذا مذهب الجمهور. وذهب قوم إلى عكسه واختاره السيوطي مراعاة للترتيب. قال الدماميني وقياسا على ما هو أحسن عند أهل المعاني وهو اللف والنشر المرتب. ا. هـ. أي عند محققيهم لانسياق الذهن إلى الرتيب. ونقل الدماميني عن ابن هشام في حواشي التسهيل أنه فرّق بين النشر وتعدد الحال بأن النشر إنما يجوز عند الوثوق بفهم المعنى وردّ السامع ما لكل واحد من الأمور المتعددة إليه وليس هذا شرطا في تعدد الحال فوجب الحمل على الأقرب إلا عند قيام قرينة غيره ولم يتعرض الشارح لكون الجعل الذي ذكره واجبا أو أولى والذي في المغني وجوبه. قال الشمني أي بالنسبة إلى عكسه فلا ينافي ما في الرضي أنه ضعيف أي بالنسبة إلى جعل كل حال بجنب صاحبها. ا. هـ. باختصار. والأجود عدم العطف هنا لأنه ربما يوهم كون الأحوال لواحد   504- البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص337؛ وشرح عمدة الحافظ ص462؛ والمقاصد النحوية 3/ 215. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 وعامل الحال بها قد أكدا ... في نحو لا تعث في الأرض مفسدا وإن تؤكد جملة فمضمر ... عاملها ولفظها يؤخر   فمصعدًا حال من زيد، ومنحدرًا حال من التاء. تنبيه: الظاهر أن قد في قوله قد يجيء للتحقيق لا للتقليل "وعامل الحال بها قد أكدا" أي الحال على ضربين: مؤسسة وتسمى مبنية وهي التي لا يستفاد معناها بدونها كجاء زيد راكبًا. ومؤكدة وهي التي يستفاد معناها بدونها وهي على ثلاثة أضرب: إما مؤكدة لعاملها وهي كل وصف وافق عامله إما معنى دون لفظ "في نحو لا تعث في الأرض مفسدًا" {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25] أو معنى ولفظًا نحو: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [النساء: 79] وقوله: 505- أصح مصيخا لمن أبدى نصيحته ومؤكدة لصاحبها نحو لآمن من في الأرض كلهم جميعًا. ومؤكدة لمضمون جملة وقد أشار إليها بقوله: "وإن تؤكد جملة فمضمر عاملها" أي عامل الحال وجوبًا "ولفظها   في وقتين أو أوقات. ومن العطف بلا إيهام قول عمرو بن كلثوم: وإنا سوف تدركنا المنايا ... مقدرة لنا ومقدرينا أي لها. بقي ما إذا كانت الحال مفردة مع تعدد ما تصلح له نحو لقيت زيدا راكبا فالأقرب كونها للأقرب كما أشار إليه في التسهيل ومنع بعضهم هذه الصورة. قوله: "الظاهر أن قد إلخ" مقابله أن قد للتقليل النسبي. قوله: "أي الحال على ضربين مؤسسة" تفسير للنظم بما يفيده منطوقه ومفهومه فلا يقال المؤسسة لم تذكر في كلامه. قوله: "أما معنى دون لفظ" قدمه على قسيمه لكثرته وقلة الثاني ولذا لم يمثل له الناظم. قوله: "في نحو لا تعث" يقال عثا يعثو عثوا أو عثى يعثي عثى. وعلى الثاني جاءت الآية وأما مثال الناظم فيحتمل الضبطين قاله الشاطبي. قوله: "في الأرض" بحذف الياء لفظا ونقل فتحة الهمزة إلى اللام. قوله: "أصخ" أي استمع. قوله: "ومؤكدة لمضمون جملة" هو معنى المصدر المأخوذ من مسندها مضافا إلى المسند إليه فيها إن كان المسند مشتقا كقيام زيد في زيد قائم وقام زيد والكون المضاف إلى المسند إليه مخبرا عنه بالمسند إن كان المسند جامدا. وهذا هو الممكن هنا لما سيأتي من اشتراط جمود جزأي الجملة ككون زيد أخا في زيد أخوك عطوفا والتأكيد في الحقيقة للازم الكون أخا كما قاله الشنواني وهو العطف والحنو ففي عبارته حذف مضاف أي للازم مضمون جملة. قوله: "فمضمر عاملها" أي   505- عجزه: والزم توقي خلط الجد باللعب والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 342؛ وشرح التصريح 1/ 387؛ وشرح عمدة الحافظ ص440؛ والمقاصد النحوية 3/ 185. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يؤخر" عن الجملة وجوبًا أيضًا. ويشترط في الجملة أن تكون معقودة من اسمين معرفتين جامدين نحو زيد أخوك عطوفًا. وقوله: 506- أنا ابن دارة معروفًا بها نسبي ... وهل بدارة يا للناس من عار والتقدير أحقه عطوفًا وأحق معروفًا. تنبيه: قد يؤخذ من كلامه ما ذكر من الشروط تعريف جزأي الجملة من تسميتها مؤكدة لأنه لا يؤكد ما قد عرف، وجمودهما من كون الحال مؤكدة للجملة لأنه إذا كان أحد الجزأين مشتقًا أو في حكمه كان عاملًا في الحال فكانت مؤكدة لعاملها لا للجملة، ولذلك جعل في شرح التسهيل قولهم: زيد أبوك عطوفًا، وهو الحق بينا، من قبيل المؤكدة لعاملها وهي موافقة له معنى دون لفظ لأن الأب والحق صالحان للعمل، ووجوب   وصاحبها. قوله: "وجوبا" لأن الجملة كالعوض من العامل ولا يجمع بين العوض والمعوض. قوله: "يؤخر عن الجملة وجوبا" أي لضعف العامل بوجوب الحذف فيجب تأخيرها عما هو كالعوض منه وهو الجملة. قوله: "جامدين" أي جمودا محضا ليخرج الجامد الذي في حكم المشتق كما في أنا الأسد مقداما وزيد أبوك عطوفا كما سينبه عليه الشارح. قوله: "أنا ابن دارة" هي اسم أمه ويا للاستغاثة. قوله: "والتقدير أحقه" بفتح الهمزة وضمها من حققت الأمر أو أحققته بمعنى تحققته أو أثبته، أو بمعنى أثبته. ومحل تقدير ما ذكر إن لم يكن المبتدأ أنا وإلا قدر نحو حقني أمرا أو أحق مبنيا للمفعول قاله يس. قوله: "قد يؤخذ من كلامه ما ذكر من الشروط إلخ" لم يتعرض الشارح لمأخذ اسمية الجزءين ولعله كون عامله مضمرا أو كون الحال مؤكدة للجملة لأنه إذا كان أحد الجزءين فعلا كان عاملا في الحال فلا يكون عاملها مضمرا ولا تكون الحال مؤكدة للجملة على قياس ما سيذكره في الجمود فتدبر. قوله: "لأنه لا يؤكد إلا ما قد عرف" أي على مذهب البصريين، وما قيل من أن المؤكد مضمون الجملة وهو لا يوصف بتعريف ولا تنكير رد بأن مضمون الجملة كما مر معنى المصدر المأخوذ إلخ وهو يوصف بالتعريف والتنكير بحسب تعريف المسند إليه وتنكيره. قوله: "فكانت مؤكدة لعاملها" أورد عليه أن مجرد كون العامل مشتقا حقيقة أو حكما لا يستلزم كون الحال مؤكدة له وإنما يستلزمه اشتمال العامل على معنى الحال فكان الأولى أن يقول فكانت غير مؤكدة لمضمون الجملة ليكون شاملا للمؤسسة وللمؤكدة لعاملها أو صاحبها. قوله: "ولذلك" أي لكون أحد الجزءين إذا كان مشتقا أو في حكم المشتق كان عاملا   506- البيت من البسيط، وهو لسالم بن دارة في خزانة الأدب 1/ 468، 2/ 145، 3/ 265، 266؛ والخصائص 2/ 268، 317، 340، 3/ 60؛ والدرر 4/ 11؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 547؛ وشرح المفصل 2/ 64؛ والكتاب 2/ 79؛ والمقاصد النحوية 3/ 186؛ وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص320؛ وشرح ابن عقيل ص338؛ وهمع الهوامع 1/ 245. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 وموضع الحال تجيء جمله ... كجاء زيد وهو ناوٍ رحله   تأخير الحال من كونها تأكيدًا، ووجوب إضمار عاملها من جزمه بالإضمار "وموضع الحال تجيء جمله" كما تجيء موضع الخبر والنعت وإن كان الأصل فيها الإفراد، ولذلك ثلاثة شروط: أحدهما أن تكون خبرية. وغلط من قال في قوله: 507- اطلب ولا تضجر من مطلب   جعل في شرح التسهيل إلخ. قوله: "من قبيل المؤكدة لعاملها" هو في المثال الأول أبوك المتأول بالعاطف وفي الثاني الحق المتأول بالبين. قوله: "لأن الأب والحق صالحان للعمل" لتأول الأول بالعاطف وكون الثاني صفة فتأول الثاني بالبين لتكون الحال مؤكدة لا لصحة العمل، ولم يجعل الأخ كالأب لضعف دلالته على العطف والحنو بالنسبة إلى الأب. قوله: "ووجوب تأخير الحال" يقتضي صنيعه أن هذا من الشروط وليس كذلك بل من الأحكام وكذا يقال في قوله ووجوب إضمار عاملها. قوله: "من كونها تأكيدا" رد بأن المؤكدة لعاملها تأكيد ولا يجب تأخيرها. قوله: "وموضع الحال" أي المفردة فلا ينافي أن الجملة حال حقيقة بدليل تقسيمهم الحال إلى مفرد وجملة كالخبر والنعت. فائدة: يجوز في قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ} [آل عمران: 146] ، أن يكون ربيون نائب فاعل قاتل وأن يكون ربيون فاعلا بالظرف لاعتماده على ذي الحال وهو ضمير النبي المستتر في قاتل والظرف حال وأن يكون مبتدأ خبره الظرف والجملة حال. ويختلف المعنى على الأول والأخيرين قيل وإذا قرئ قتل بالتشديد وجب ارتفاع ربيون بالفعل لأن قتل الواحد لا تكثير فيه ويرد بأن النبي هنا متعدد لا واحد بدليل كأين وإنما أفرد الضمير بحسب لفظها كذا في المعنى. قوله: "أن تكون خبرية" تغليبا لشبهه بالنعت في كونه قيدا مخصصا على شبهه بالخبر في كونه محكوما به لأن الغرض من الإتيان بها تقييد عاملها بحيث يتخصص وقوع مضمونه بوقت وقوع مضمونها والإنشائية إما طلبية أو إيقاعية كبعث واشتريت فالطلبية لا يتيقن حصول مضمونها فكيف يخصص بوقته حصول مضمون العامل والإيقاعية غير منظور فيها إلى وقت يحصل فيه مضمونها والمقصود بها إنما هو مجرد الإيقاع وهو مناف لقصد وقت الوقوع كذا في الدماميني نقلا عن الرضي نعم إن جعلت الإنشائية مقولا لقول مقدر هو الحال صح كالنعت إذ ليست الإنشائية حالا حينئذٍ نقله الشمني عن السيد وغيره. قال أبو حيان ويستثنى من الخبرية التعجبية إن قلنا إن التعجب خبر فلا تقع حالا فلا يقال مررت بزيد ما أحسنه. قوله: "اطلب ولا تضجر من مطلب" أي طلب وبعده: وآفةُ الطالبِ أن يَضّجَرَا أما ترَى الحبلَ بِتِكْرَارِه فِي الصَّخْرَة الْصماء قَد أَثَّرَا   507- عجزه: فآفة الطالب أن يضجرا والبيت من السريع، وهو لبعض المولدين في الدرر 4/ 12؛ وشرح التصريح 1/ 389؛ المقاصد النحوية 3/ 217؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 347؛ ومغني اللبيب 2/ 398؛ وهمع الهوامع 1/ 246. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 وذات بدء بمضارع ثبت ... حوت ضميرًا ومن الواو خلت   أن لا ناهية والواو للحال. والصواب أنها عاطفة، مثل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] ، الثاني أن تكون غير مصدرة بعلم استقبال. وغلط من أعرب سيهدين من قوله تعالى: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99] حالًا. الثالث أن تكون مرتبطة بصاحبها على ما سياتي "كجاء زيد وهو ناوٍ رحله" مثال لما استكملت الشروط "وذات بدء بمضارع ثبت حوت ضميرًا" يربطها "ومن الواو خلت" وجوبًا لشدة شبهه باسم الفاعل، تقول: جاء زيد يضحك، وقدم الأمير تقاد الجنائب بين يديه. ولا يجوز جاء   قوله: "إن لا ناهية" ليس هذا محل الغلط بل قوله والواو للحال ولو اقتصر عليه لكان أولى، فتضجر على هذا الغلط مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المحذوفة تخفيفا، وكذا على أن لا ناهية والواو عاطفة جملة على جملة وهو ما استصوبه الشارح كما يفيده قوله عاطفة مثل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] ، وإن اقتضى كلام البعض خلافه، ويحتمل أن تكون لا نافية والواو عاطفة مصدر منسبك من أن والفعل أي عاطفة عدمه المفهوم من لا على مصدر متصيد من الأمر السابق أي ليكن منك طلب وعدم ضجر فالفتحة فتحة إعراب والعطف كالعطف في قولك ائتني ولا أجفوك بالنصب أفاده في التصريح. قوله: "بعلم استقبال" أي علامته كالسين ولن لأنها لو صدرت بعلم استقبال لفهم استقبالها بالنظر لعاملها فتفوت المقارنة وللتنافي بين الحال والاستقبال بحسب اللفظ وإن لم يكن هناك تناف بحسب المعنى لأن المنافي للاستقبال الحال الزمانية لا النحوية المرادة هنا. ويرد على التعليل الأول أن يقال هلا جوزتم تصديرها بعلم الاستقبال وجعلتم المصدرة به حالا منتظرة فتأمل. وقد ظهر باشتراط عدم تصدير الحال بعلم الاستقبال بطلان قول من قال إن الجملة الشرطية تقع حالا. قال المطرزي لا تقع جملة الشرط حالا لأنها مستقبلة فلا تقول جاء زيد إن يسأل يعط. فإن أردت صحة ذلك قلت وهو إن يسأل يعط فتكون الحال جملة اسمية وظهر أيضا وجه استشكال الناس قول سيبويه أن لا مختصة بنفي المستقبل مع قوله إن المضارع المنفي بلا يقع حالا. ا. هـ. دماميني باختصار وتصحيح بعضهم وقوع الشرط حالا في نحو: {كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف: 176] ، بانسلاخ الشرط حينئذٍ عن أصله إذ معنى الآية فمثله كمثل الكلب على كل حال يبعده وجود الجواب في الآية فتأمل. قوله: "مرتبطة بصاحبها" أي بالضمير أو بالواو أو بهما والأصل الضمير بدليل الربط به وحده في الحال المفردة والخبر والنعت قاله الدماميني. قوله: "وذات بدء بمضارع" فإن بدئت بمعمول المضارع جاز الربط بالواو ولذلك جوّز البيضاوي إعراب {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} حالا من فاعل نعبد. قوله: "لشدة شبهه باسم الفاعل" بخلاف الماضي فليس شبهه به شديدا لأنه وإن أشبهه في وقوعه صفة وصلة وحالا يزيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 وذات واو بعدها انو مبتدا ... له المضارع اجعلن مسندا   ويضحك، ولا قدم وتقاد "وذات واو بعدها انو مبتدا له المضارع اجعلن مسندا" أي إذا جاء من كلامهم ما ظاهره أن جملة الحال المصدرة بمضارع مثبت تلت الواو حمل على أن المضارع خبر مبتدأ محذوف، من ذلك قولهم: قمت وأصك عينه: أي وأنا أصك. وقوله: 508- فلما خشيت أظافيرهم ... نجوت وأرهنهم مالكا وقوله: 509- علقتها عرضًا وأقتل قومها أي وأنا أرهنهم مالكًا، وأنا أقتل قومها. وقيل: الواو عاطفة لا حالية والفعل بعدها مؤول بالماضي. تنبيهان: الأول: تمتنع الواو في سبع مسائل: الأولى ما سبق. الثانية الواقعة بعد عاطف نحو: {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 4] ، الثالثة المؤكدة لمضمون   المضارع بكونه على حركاته وسكناته وكالماضي الجملة الاسمية. قوله: "وذات واو" مبتدأ خبره جملة انو والرابط محذوف أي انو فيها. وأما الضمير في بعدها فعائد على الواو ويجوز نصب ذات على الاشتغال بعامل مقدر من معنى المذكور أي اقصد ذات واو إن جوزناه مع حذف الشاغل. قوله: "حمل على أن المضارع" أي جملة المضارع. قوله: "فلما خشيت إلخ" أي لما خفت سيوفهم نجوت وأبقيت في أيديهم مالكا. قوله: "علقتها" بالبناء للمجهول أي حبيت فيها عرضا أي تعليقا عرضا أي عارضا أي غير مقصود لي. قوله: "والفعل بعدها مؤول بالماضي" أي على سبيل الأولوية لمناسبة المتعاطفين فقط وإلا فيجوز عطف المضارع على الماضي من غير تأويل ولم يؤول الأول بالمضارع لأن تأويل الثاني في وقت الحاجة. قوله: "الواقعة بعد عاطف" أي الجملة الاسمية الواقعة إلخ أي فرارا من اجتماع حرفي عطف صورة قاله المصرح. قوله: "أو هم قائلون" من   508- البيت من المتقارب، وهو لعبد الله بن همام السلولي في إصلاح المنطق ص231، 249؛ وخزانة الأدب 9/ 36؛ والدرر 4/ 15؛ والشعر والشعراء 2/ 655؛ ولسان العرب 13/ 188؛ ومعاهد التنصيص 1/ 285؛ والمقاصد النحوية 3/ 190؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص164؛ ورصف المباني ص420؛ وشرح ابن عقيل ص340؛ والمقرب 1/ 155؛ وهمع الهوامع 1/ 246. 509- عجزه: زعمًا لعمر أبيك ليس بمزعم والبيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص191؛ وجمهرة اللغة ص816؛ وخزانة الأدب 6/ 131؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ ولسان العرب 12/ 267 "زعم"؛ والمقاصد النحوية 3/ 188؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 356؛ ومجالس ثعلب 1/ 241. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الجملة نحو: الحق لا شك فيه، {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] ، الرابعة الماضي التالي إلا، نحو ما تكلم زيد إلا قال خيرًا. ومنه: {إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الحجر: 11] ، الخامسة الماضي المتلو بأو نحو لأضربنه ذهب أو مكث. ومنه قوله: 510- كن للخليل نصيرًا جار أو عدلا ... ولا تشح عليه جاد أو بخلا السادسة المضارع المنفي بلا نحو: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [المائدة 84] ، {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: 20] ، وقوله: 511- ولو أن قومًا لارتفاع قبيلة ... دخلوا السماء دخلتا لا أحجب فإن ورد بالواو أول على إضمار مبتدأ على الأصح كقراءة ابن ذكوان {فَاسْتَقِيمَا وَلَا   القيلولة وهي نصف النهار. قوله: "المؤكدة لمضمون الجملة" أي لأن المؤكد عين المؤكد فلو قرن بالواو لزم عطف الشيء على نفسه صورة وقد يشعر صنيع الشارح هنا وفيما بعد بأن المؤكدة لمضمون الجملة لا تكون إلا اسمية والظاهر أنها تكون فعلية نحو هو الحق لا شك فيه. قوله: "لا ريب فيه" في كونه مؤكدا نظر إلا إذا جعلت أل في الكتاب للكمال. والمعنى ذلك الكتاب البالغ غاية الكمال فإن هذا يستلزم انتفاء كونه محلا للريب والشك كما في البيضاوي. قوله: "الماضي التالي إلا" أي لأن ما بعد إلا مفرد حكما كما مر وذهب بعضهم إلى جواز اقترانه بالواو تمسكا بقوله: نعم امرؤٌ لَمْ تَعْرُ نَائِبَةٌ ... إلا وَكَانَ لِمُرْتَاع بِهَا وَزَرَا وحكم الأول بشذوذه. قوله: "الماضي المتلو بأو" أي لأنه في تقدير فعل الشرط إذ المعنى إن ذهب وإن مكث وفعل الشرط لا يقترن بالواو فكذا المقدر به. قوله: "المضارع المنفي بلا" قال الدماميني وإنما امتنعت الواو في المضارع المنفي بما أولا لأنه في تأويل اسم الفاعل المخفوض بإضافة غير وهو لا تدخل عليه الواو وأورد عليه أن هذا التوجيه جار في المنفي بلم أو لما فما وجه صحة الواو فيهما دون لا وما. ويمكن دفعه بأن مضى المنفي بلم أو لما في المعنى قربه من الفعل الماضي الجائز الاقتران بالواو وأبعده من الشبه باسم الفاعل المذكور بخلاف المنفي بما أو لا فتدبره فإنه نفيس. قوله: "وما لنا لا نؤمن بالله" أي أيّ شيء ثبت لنا حالة كوننا غير مؤمنين. قوله: "أول على إضمار مبتدأ على الأصح" مقابله عدم التقدير وجعل الواو الحالية مباشرة للمضارع شذوذا وهذا قول ابن عصفور وجعل الواو للعطف وهذا قول الجرجاني ويرد على الأول وروده في التنزيل والثاني لزم عطف الخبر على الإنشاء حيث يكون السابق جملة طلبية نحو: {فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ} [يوسف: 89] ، بتخفيف النون قاله الدماميني   510- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 114؛ وشرح عمدة الحافظ ص449؛ والمقاصد النحوية 3/ 202؛ وهمع الهوامع 1/ 246. 511- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 191. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 وجملة الحال سوى ما قدما ... بواو أو بمضمر أو بهما   تَتَّبِعَانِّ} [يونس: 89] ، وقوله: 512- وكنت ولا ينهنهني الوعيد وقوله: 513- أكسبته الورق البيض أبا ... ولقد كان ولا يدعى لأب نص على ذلك في التسهيل وفي كلام خلافه. السابعة المضارع المنفي بما كقوله: 514- عهدتك ما تصبو وفيك شبيبة ... فما لك بعد الشيب صبا متيما الثاني تلزم الواو مع المضارع المثبت إذا اقترن بقد نحو: {وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الصف: 5] ، ذكره في التسهيل "وجملة الحال سوى ما قدما" يجوز ربطها "بواو" وتسمى هذه الواو واو الحال، وواو الابتداء، وقدرها سيبويه والأقدمون بإذ، ولا   وبه يعلم كلام ما في شيخنا والبعض من القصور. قوله: "ولا تتبعان" أي بتخفيف النون. قوله: "وكنت" أي وجدت وقوله ولا ينهنهني أي يزجرني. قوله: "أكسبته الورق إلخ" أي أظهرت الدراهم نسبه وقد كان وهو مجهول النسب وكان في البيت تامة. قوله: "المضارع المنفي بما" كذا في التوضيح وغيره وجزم به في التسهيل وجوز بعضهم فيه الاقتران. قال أبو حيان: والقياس كون إن بمنزلة ما قاله الدماميني. قوله: "عهدتك ما تصبو" أي تميل إلى الجهل، والمتيم من تيمه الحب أي استعبده وأذله. قوله: "تلزم الواو مع المضارع إلخ" تقييد لإطلاق المتن وإنما تلزم مع ذلك قيل لأن قد أضعفت شبهه باسم الفاعل لعدم دخولها عليه وهذا التوجيه إنما ينتج الجواز كما أفاده سم ونازع السعد فيما ذكره الشارح فقال التقدير في الآية وأنتم قد تعلمون ومثل ما ذكر في لزوم الواو الجملة الفاقدة للضمير نحو جاء زيد وما طلعت الشمس. قوله: "يجوز ربطها بواو إلخ" الجواز منصب على التقييد بالواو أو بالضمير أو بهما فلا ينافي كون مطلق الربط واجبا قال الدماميني هذه الواو مستعارة من العطف لربط جملة الحال بعاملها كاستعار الفاء من العطف لربط الجزاء بالشرط وإنما خصت الواو   512- صدره: تفاني مصعب وبنو أبيه والبيت من الوافر، وهو لمالك بن رقية في شرح التصريح 1/ 392؛ والمقاصد النحوية. 513- البيت من الرمل، وهو لمسكين الدارمي في ديوانه ص22؛ وسمط اللآلي ص352؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ والمقاصد النحوي 3/ 193. 514- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 354؛ والدرر 4/ 14؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ وهمع الهوامع 1/ 246. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يريدون أنها بمعناها إذ لا يرادف الحرف الاسم بل إنها وما بعدها قيد للعامل السابق "أو بمصمر" يرجع إلى صاحب الحال "أو بهما" معًا وسوى ما قدم هو الجملة الاسمية وجملة الماضي مثبتتين كانتا أو منفيتين وجملة المضارع المنفي، ويستثنى من ذلك ما تقدم التنبيه عليه وهو الاسمية الواقعة بعد عاطف والمؤكدة، وجملة الماضي التالي إلا، والمتلو بأو والمضارع المنفي بلا أو بما على ما مر، فلم يبق من أنواع المضارع المنفي سوى المنفي بلم أو لما. وأما المنفي بلن فلا يمكن هنا وأمثلة ذلك الجملة الاسمية غير ما تقدم: جاء زيد والشمس طالعة، ومنه: {لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 14] ، جاء زيد يده على رأسه. ومنه: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 38] ، أي متعادين. وقوله: 515- ثم راحوا عبق المسك بهم   لأنها للجمع والغرض اجتماع جملة الحال مع العامل. قوله: "واو الابتدا" لأنها تدخل كثيرا على المبتدإ وإن لم تلزمه أو لوقوعها في ابتداء الحال. قوله: "بل إنها إلخ" أي فالمراد تشبيه واو الحال بإذ فيما ذكر لا بيان معناها. قوله: "على ما مر" أي من الخلاف في امتناع اقتران المنفي بلا بالواو والخلاف موجود في المنفي بما أيضا كما أسلفناه لكنه لم يبينه سابقا فيه. قوله: "سوى المنفي بلم أو لما" الفرق بينه وبين المنفي بلا أو ما أنه ماض في المعنى لأن كلا من لم ولما يقلبه إلى الماضي فساغ ربطه بالواو كالماضي لفظا. قوله: "فلا يمكن هنا" أي لما تقدم من أن شرط الجملة الحالية أن لا تصدر بعلم استقبال. قوله: "وأمثلة ذلك" أي الربط بالواو أو بالضمير أو بهما معا. قوله: "غير ما تقدم" أي الجملة الاسمية الواقعة بعد عاطف والمؤكدة لمضمون جملة. قوله: "والشمس طالعة" فإن قلت الحال وصف لصاحبها وهذا لا يظهر في المثال. قلت التقدير موافقا طلوع الشمس مثلا. قوله: "ونحن عصبة" حال من الذئب أو من ضمير يوسف مرتبطة بالواو فقط لأن الضمير فيها أعني نحن لا يصلح لصاحب الحال وهو الذئب أو ضمير يوسف. قوله: "ومنه قلنا اهبطوا إلخ" قيل الخطاب لآدم وحوّاء وإبليس والحية والأمر عليه ظاهر. وقيل لآدم وحوّاء فقط بدليل آية قلنا اهبطا وصححه الزمخشري، وعليه فالجمع والتعادي باعتبار ما فيهما من الذرية التي كالذر كذا قيل، وفيه أن تعادي الذرية ليس مقارنا للهبوط حتى تكون الحال مقارنة ولا هما مقدران التعادي ولا ذريتهما مقدرون التعادي حتى تكون الحال مقدرة وهو مبني على ما ذكره البعض من أن المقدر للحال   515- عجزه: يلحفون الأرض هداب الأزر والبيت من الرمل، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص55؛ وجمهرة اللغة ص555؛ ولسان العرب 9/ 314 "لحق"، 10/ 234 "عبق"؛ والمقاصد النحوية 3/ 208؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص456. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 516- ولولا جنان الليل ما آب عامر ... إلى جعفر سرباله لم يمزق وجاء زيد ويده على رأسه. ومنه: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22] ، وهكذا النفي وأمثلته مع جملة الماضي غير ما تقدم: جاء زيد وقد طلعت الشمس، ومنه قوله: 517- نجوت وقد بل المرادي سيفه جاء زيد قد علته سكينة، ومنه {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] ، {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ، قَالُوا} [آل عمران: 168] ، وهكذا النفي، وأمثلته مع المضارع المنفي بلم أو لما: جاء زيد ولم يقم عمرو. ومنه قوله:   المقدرة هو حال صاحبها وقد أسلفنا في باب الاستثناء عن الدماميني ما هو صريح في عدم وجوب ذلك وجواز كون المقدر هو الله تعالى، وعليه يصح كون الحال هنا مقدرة بلا إشكال أي اهبطوا حال كونكم مقدرا تعاديكم من الله تعالى فتأمل. قوله: "عبق" مصدر عبق به الطيب يعبق من باب فرح أي لصق به. قوله: "جنان الليل" بفتح الجيم أي ظلامه، وآب رجع. قوله: "وأمثلته" أي الربط بأقسامه الثلاثة. قوله: "غير ما تقدم" أي الماضي التالي إلا والمتلوّ بأو. قوله: "نجوت وقد بل المرادي سيفه" تمامه: من ابن أبي شيخ الأباطح طالب والمراد بضم الميم نسبة إلى مراد قبيلة كما قاله يس في آخر باب الإضافة وهو عبد الرحمن بن ملجم قاتل عليّ رضي الله تعالى عنه وكرّم الله وجهه. قوله: "بربع الدار" الربع المنزل فالإضافة للبيان ومعارفها ما يعرف منها عامرا آهلا، والساريات عطف على البلى وهو السحب التي تسري ليلا، والهواطل المتتابعة المطر وأتت الحال من المضاف إليه لأن المضاف كجزء المضاف إليه في صحة الإسقاط. قوله: "المنفي بلم أو لما" كان المناسب إسقاط قوله أو لما   516- البيت من الطويل، وهو لسلامة بن جندل في ديوانه ص176؛ والأصمعيات ص135؛ ولسان العرب 13/ 92 "جنن"؛ والمقاصد النحوية 3/ 210؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 22. 517- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص115؛ وشرح عمدة الحافظ من 452؛ والمقاصد النحوية 3/ 203. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   518- ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن ... للحرب دائرة على ابني ضمضم جاء زيد لم يضحك. ومنه قوله: 519- كأن فتات العهن في كل منزل ... نزلن به حب الفنا لم يحطم جاء زيد ولم يضحك. ومنه: {أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} [الأنعام: 93] . تنبيهات: الأول مذهب البصريين -إلا الأخفش- لزوم قد مع الماضي المثبت مطلقًا ظاهرة أو مقدرة، والمختار وفاقًا للكوفيين والأخفش لزومها مع المرتبط بالواو فقط. وجواز   اكتفاء بقوله الآتي وهكذا المنفي بلما قيل ولعل الحامل له على لك أنه أخذ المضارع المنفي بلم أو لما فيما سبق قسما واحدا مقابلا لبقية الأقسام فجمع بينهما هنا. قوله: "بأن أموت" الباء زائدة وقول العيني الباء للسببية غير ظاهر. قوله: "كأن فتات العهن" بضم الفاء أي ما تفتت وتناثر من القطن أو الصوف الذي علق بهوادج نسوتهم، وحب الفنا بفتح الفاء والقصر عنب الذئب والضمير في نزلن لنسوتهم. لم يحطم أي لم يكسر ووجه الشبه الحمرة وقيد بقوله لم يحطم لأنه إذا حطم ظهر لون غير الحمرة. قوله: "سقط النصيف" هو الخمار. قوله: "لزوم قد مع الماضي المثبت" أي لأنها تقربه إلى الزمن الحاضر فتشعر بمقارنة زمن الحال لزمن عاملها ولولاها لتوهم مضي زمن الحال بالنسبة إلى زمن عاملها فتفوت المقارنة هذا ملخص ما قاله الدماميني. وقد ينازع في ذلك الإشعار إذ لا يلزم من تقريبه إلى الزمن الحاضر مقارنته لزمن العامل ثم رأيته في حاشيته على المغني ناقش بمثل ذلك ثم قال وإنما المفهم للمقارنة جعله قيدا للعامل فلا فرق بين وجود قد وعدمها كما ذهب إليه الكوفيون وخرج بالمثبت المنفي فلا يقترن بقد فيما يظهر. قوله: "مطلقا" أي سواء ربط بالواو   518- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص221؛ والأغاني 10/ 303؛ وحماسة البحتري ص43؛ وخزانة الأدب 1/ 129؛ والشعر والشعراء 1/ 259؛ والمقاصد النحوية 3/ 198. 519- البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص12؛ ولسان العرب 2/ 65 "فتت" 15/ 165 "فنى"؛ والمقاصد النحوية 3/ 194. 520- عجزه: فتناولته واتقتنا باليد والبيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص93؛ والشعر والشعراء 1/ 176؛ والمقاصد النحوية 3/ 201. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إثباتها وحذفها في المرتبط بالضمير وحده أو بهما معًا تمسكًا بظاهر ما سبق الأصل عدم التقدير لا سيما مع الكثرة. نعم في ذلك أربع صور مرتبة في الكثرة هي: جاء زيد وقد قام أبوه، ثم جاء زيد قد قام أبوه، ثم جاء زيد وقام أبوه، ثم جاء زيد قام أبوه، وجعل الشارح الثالثة أقل من الرابعة وهو خلاف ما في التسهيل. الثاني تمتنع قد مع الماضي الممتنع ربطه بالواو وهو تالي إلا والمتلو بأو. وندر قوله: 521- متى يأت هذا الموت لم يلف حاجة ... لنفسي إلا قد قضيت قضاءها الثالث قد يحذف الرابط لفظًا فينوي نحو مررت بالبر قفيز بدرهم: أي منه. وقوله: نصف النهار الماء غامرة أي والماء غامره. الرابع الأكثر في الاسمية الجائز فيها الأوجه الثلاثة: الربط بالواو والضمير معًا، ثم الواو وحدها، ثم الضمير وحده، وليس انفراد الضمير مع قلته بنادر خلافًا للفراء والزمخشري لما تقدم، ومثل هذه الاسمية في ذلك على ما يظهر جملة المضارع   أو بالضمير أو بهما. قوله: "بظاهر ما سبق" أي من قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] ، {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ، قَالُوا} [يوسف: 16] ، {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا} [آل عمران: 168] . قوله: "نعم في ذلك إلخ" استدراك على قوله وجواز إثباتها وحذفها إلخ لدفع توهم مساواة الصور في الكثرة واسم الإشارة يرجع إلى الماضي المثبت الواقع حالا. قوله: "وجعل الشارح الثالثة أقل من الرابعة" قال ابن هشام هو الصواب ولعل وجهه احتمال العطف في الثالثة احتمالا قريبا. قوله: "الثاني تمتنع قد إلخ" في الرضي أنهما قد يجتمعان بعد إلا نحو ما لقيته إلا وقد أكرمني. قوله: "لم يلف" أي لم يجد وقضاءها بالمد. قوله: "نصف النهار" أي انتصف، الماء غامره الضمير يرجع إلى غائص لطلب اللؤلؤ انتصف النهار وهو غائص وصاحبه لا يدري حاله، ولما لم يكن الضمير لصاحب الحال الذي هو النهار لم يصلح رابطا. قوله: "أي والماء غامره" الذي يظهر لي أن تقدير الواو هنا والضمير فيما قبله إشارة إلى جواز تقدير كل، إذ يجوز تقدير الرابط هنا ضميرا أي غامره فيه وتقديره فيما قبله واوا أي وقفيز بدرهم، ويظهر لي أيضا أن تقدير الواو أرجح حملا على الكثير في ربط الجملة الاسمية وهو الربط بالواو فاعرف ذلك. ثم رأيت ما يؤيد ما ظهر لي أولا للدماميني وما يؤيد ما ظهر لي ثانيا للشمني. قوله: "الجائز فيها إلخ" هي ما عدا الواقعة بعد عاطف والمؤكدة لمضمون الجملة. قوله: "ثم الضمير وحده" قال سم هلا كان الربط بالضمير أقوى لإيهام العطف. قوله: "مع قلته" أي بالنسبة للربط بالواو وللربط بالواو   521- البيت من الطويل، وهو لقيس بن الخطيم في ديوانه ص49؛ وخزانة الأدب 7/ 35؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي 1/ 186؛ والمقاصد النحوية 3/ 222. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 والحال قد يحذف ما فيها عمل ... وبعض ما يحذف ذكره حظل   المنفي الجائز فيها الأوجه الثلاثة. الخامس كما يقع الحال جملة يقع أيضًا ظرفًا نحو رأيت الهلال بين السحاب وجارًّا ومجرورًا نحو: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ} [مريم: 11] في زينته ويتعلقان باستقرار محذوف وجوبًا، وأما: {فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} [النمل: 40] ، فليس مستقرًّا فيه هو المتعلق لأنه كون خاص إذ معناه عدم التحرك وذلك مطلق الوجود "والحال قد يحذف ما فيها عمل وبعض ما يحذف ذكره حظل" أي منع، يعني أنه قد يحذف عامل الحال جوازًا لدليل حالي نحو: راشدًا للقاصد سفرًا، ومأجورًا للقادم من حج. أو مقالي نحو: {بَلَى قَادِرِينَ} [القيامة: 4] {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] ، أي تسافر: ورجعت، ونجمعها، وصلوا. ووجوبًا قياسًا في أربع صور: نحو ضربي زيدًا قائمًا. ونحو زيد أبوك عطوفًا وقد مضتا، والتي بين فيها ازدياد أو نقص بتدريج نحو تصدق بدرهم فصاعدًا، واشتر بدينار فسافلًا، وما ذكر لتوبيخ نحو أقائمًا وقد قعد الناس، وأتميميًّا   والضمير. وقوله بنادر أي بقليل جدا في نفسه. قوله: "لما تقدم" أي من قوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا} [البقرة: 38] ، الآية والبيتين بعده. قوله: "جملة المضارع المنفي الجائز إلخ" هو المضارع المنفي بلم أو لما. قوله: "يقع ظرفا" أي تاما وكذا الجار والمجرور. قوله: "ويتعلقان إلخ" قال سم حاصله أن المتعلق كون عام فيجب حذفه ويتجه جواز كونه خاصا وحينئذٍ لا يجب حذفه إذا وجدت قرينة وهذا قياس ما حررنا في الخبر. قوله: "فليس مستقرا فيه هو المتعلق" أي متعلق الظرف الواقع حالا عند الحذف وإلا فهو متعلق الظرف في هذا التركيب. قوله: "وذلك" أي المتعلق. قوله: "والحال قد يحذف إلخ" قيل منه قيما في قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، قَيِّمًا} [الكهف: 1] ، والتقدير أنزله قيما فجملة النفي معطوفة على: {أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: 1] ، وقيل: حال من الكتاب فجملة النفي معترضة أو حال أوّلي بناء على جواز تعدّد الحال وإن اختلفت جملة وإفرادا لا معطوفة لئلا يلزم العطف على الصلة قبل كمالها وقيل: حال من الضمير المجرور باللام العائد إلى الكتاب. وقيل: المنفية حال وقيما بدل منها عكس عرفت زيدا أبو من هو. ومن العجائب ما حكاه بعضهم أنه سمع شيخا يعرب لتلميذه قيما صفة لعوجا، ونظيره اعراب أحوى صفة لغثاء على تفسير الأحوى بالأسود من شدة الخضرة لكثرة الري كما فسر: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] ، وإنما هو على هذا حال من المرعى وأخر لتناسب الفواصل، أما على تفسيره بالأسود من الجفاف واليبس فهو صفة لغثاء كذا في المغني. والغثاء بتخفيف المثلثة وتشديدها ما يقذف به السيل على جانب الوادي من الحشيش ونحوه. شمني. قوله: "وبعض ما يحذف إلخ" وقد يمتنع حذف عاملها كما إذا كان معنويا لضعفه كاسم الإشارة والظرف. قوله: "وقد مضتا" الأولى في باب المبتدأ والثانية في هذا الباب. قوله: "فصاعدا" اقتران الحال بالفاء أو ثم هنا لازم كما في التسهيل والمشهور أنها عاطفة جملة إخبارية على جملة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مرة وقيسيا أخرى، أي أتوجد؟ وأتتحول؟ وسماعًا في غير ذلك نحو هنيئًا لك: أي ثبت لك الخير هنيئًا أو هناك هنيئًا. تنبيه: قد تحذف الحال للقرينة، وأكثر ما يكون ذلك إذا كانت قولًا أغنى عنه المقول نحو: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: 23] ، أي قائلين ذلك: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} [البقرة: 127] ، أي قائلين ذلك. خاتمة: تنقسم الحال باعتبارات: الأول باعتبار انتقالها عن صاحبها ولزومها له إلى المنتقلة وهو الغالب والملازمة، والثاني باعتبار قصدها لذاتها وعدمه إلى المقصود وهو الغالب، والموطئة وهي الجامدة الموصوفة. والثالث باعتبار التبيين والتوكيد إلى المبينة وهو الغالب وتسمى المؤسسة والمؤكدة وهي التي يستفاد معناها بدونها. وقد تقدمت هذه الأقسام. والرابع باعتبار جريانها على من هي له وغيره إلى الحقيقة وهو الغالب، والسببية نحو مررت بالدار قائمًا سكانها. والخامس باعتبار الزمان إلى مقارنة لعاملها وهو الغالب ومقدرة وهي المستقبلة نحو مررت برجل معه صقر صائدًا به غدا: أي مقدرًا ذلك. ومنه:   إنشائية أي فذهب العدد صاعدا مع أن فيه الخلاف. ويحتمل عندي أن المقدر إنشاء أي فاذهب بالعدد صاعدا فتكون عاطفة إنشائية على إنشائية. قوله: "وما ذكر لتوبيخ" أي مع استفهام كما مثل الشارح أولا. وصريح كلامه لا ظاهره فقط وإن زعمه البعض أن ذلك مقيس وهو مذهب سيبويه وقيل سماعي. قوله: "وأتتحوّل" راجع لقوله أتميميا إلخ ونظر فيه بأنه ليس المراد أنه يتحوّل حالة كونه تميميا إلخ بل إنه يتخلق تارة بأخلاق التميمي وأخرى بأخلاق القيسي، فالأولى تقدير عامل الحال توجد. واستظهر جماعة كونه مفعولا مطلقا على حذف مضاف والأصل أتتخلق تخلق تميمي مرة إلخ. قوله: "هنيئا" من هنئ بكسر النون وضمها يهنأ بتثليث النون هناء وهناءة أي ساغ. كذا في القاموس. قوله: "أي ثبت لك الخير هنيئا" على هذا تكون حالا مؤسسة وقوله أو هناك بفتح النون وعليه فهي مؤكدة. قوله: "قد تحذف الحال للقرينة" وقد يمتنع حذفها لنيابتها عن غيرها أو توقف المراد عليها كما مر وكما قد تحذف الحال قد يحذف صاحبها نحو: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: 41] ، أي بعثه. قوله: "إلى المبينة إلخ" وقد تكون محتملة لهما كما في هنيئا ولما لم تخرج عنهما لم يتعرض لها فاندفع اعتراض البعض. قوله: "وهي المستقبلة" قال في شرح الجامع علامتها أن يصح تقديرها بالفعل ولام العلة ومن ثم اعترض بعضهم على التمثيل لها بمحلقين ومقصرين في الآية لأنك لو قدرت الفعل واللام لكان خطأ لأن دخولهم البيت ليس ليحلقوا ويقصروا. ا. هـ. ولمن مثل بذلك التخلص بأن العلامة لا يجب انعكاسها. قوله: "أي مقدرا ذلك" أنت خبير بأنه إذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 التمييز : اسم بمعنى من مبين نكرة ... ينصب تمييزًا بما قد فسره   {فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73] ، {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] ، أي ناوين ذلك قيل وماضية ومثل لها في المغني بجاء زيد أمس راكبًا وسماها محكية وفيه نظر. التمييز: يقال تمييز ومميز، وتبيين ومبين، وتفسير ومفسر. وهو في الاصطلاح "اسم بمعنى من   نظر إلى أن معنى صائدا به غدا مقدر ذلك كانت الحال مقارنة لمقارنة التقدير المرور فجعلها مستقبلة إنما هو بالنظر إلى الصيد نفسه لا إلى تقديره، وهل يلزم أن يكون المقدر للحال هو صاحبها أو لا؟ جرى على الأول صاحب المغني واحتج له الشمني بما فيه نظر وعلى الثاني الدماميني. قوله: "ومنه ادخلوها خالدين" التلاوة فادخلوها لكن حذف مثل هذه الفاء في مثل هذه الحالة جائز كما نقله الدماميني عن المغني مبسوطا. قوله: "لتدخلن إلخ" محل الاستشهاد محلقين ومقصرين، لأن الحلق والتقصير بعد الدخول لا مقارنان له، لا آمنين إذ هي مقارنة للدخول. قوله: "وفيه نظر" أي في إثبات هذا القسم والتمثيل له بما ذكر لأن العبرة بمقارنة الحال لزمن العامل وهي موجودة لا لزمن التكلم غاية ما هناك أنه عبر باسم الفاعل الذي هو حقيقة في الحال عن الماضي حكاية للحال الماضية مجازا. التمييز: قوله: "اسم" أي صريح. قوله: "بمعنى من" أي معناها الشائع استعمالها فيه كالبيان والابتداء والتبعيض كما يتبادر من إضافة المعنى إليها فلا يرد أنها تكون بمعنى في فلا تخرج الحال بهذا القيد بل بقوله مبين والمراد بكونه بمعنى من أنه يفيد معناها لا أنها مقدرة في نظم الكلام إذ قد لا يصلح لتقديرها فعلم مما مر أنه لا تحمل من في قوله بمعنى من على خصوص من البيانية ليكون قوله مبين هو المخرج لاسم لا التبرئة ونحو ذنبا كما صنع الشارح ويجوز بقطع النظر عما صنعه الشارح حمل من على خصوص البيانية بقرينة قوله مبين فيكون لقوله مبين فائدة على هذا أيضا وإن لم تكن للإخراج هكذا ينبغي تقرير المقام. قوله: "مبين" نعت لاسم أي مزيل لإبهام اسم قبله مجمل الحقيقة أو إبهام نسبة في جملة أو شبهها. ا. هـ. توضيح وشرحه للشارح. والأوفق بما يأتي عن ابن الحاجب أن يقال أي مزيل لإبهام ما قبله بإيضاح جنسه ولو بالتأويل كما في تمييز النسبة فإنه يبين جنس ما المقصود نسبة العامل إليه، مثلا طاب زيد نفسا مؤول بطاب شيء زيد أي شيء يتعلق بزيد، وهذا الشيء مبهم يفسره نفسا واستفيد منه أن التمييز لا يكون مؤكدا وهو رأي سيبويه وأما شهرا من قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36] ، فهو وإن كان مؤكدا لما استفيد من قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ} [التوبة: 36] ، مبين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مبين نكرة" فاسم جنس وبمعنى من مخرج لما ليس بمعنى من كالحال فإنه بمعنى في ومبين مخرج لاسم لا التبرئة، ونحو ذنبًا من قوله: 522- أستغفر الله ذنبًا لست محصيه ونكرة مخرج لنحو الحسن وجهه. ثم ما استكمل هذه القيود "ينصب تمييزًا بما قد فسره" من المبهمات والمبهم المفتقر للتمييز نوعان: جملة ومفرد دال على مقدار، فتمييز الجملة: رفع إبهام ما تضمنته. من نسبة عامل، فعلًا كان أو ما جرى مجراه: من مصدر أو   لعامله وهو اثنا عشر قاله في المغني. قوله: "مخرج الاسم لا التبرئة ونحو ذنبا إلخ" فإنهما وإن كانا على معنى من لكنها في الأول للاستغراق. وفي الثاني للابتداء أي استغفارا مبتدأ من أول الذنوب إلى ما لا يتناهى قاله في التصريح. ولك أن تجعلها في الثاني تعليلية بل هو أظهر فتدبر وإنما عدّي بمن لتضمنه معنى استتيب وإلا فقد عدت السين والتاء من المعديات فيصح كون ذنبا مفعولا به كما مر بيان ذلك. قوله: "مخرج لنحو الحسن وجهه" أي بالنصب على التشبيه بالمفعول به لا على التمييز لعدم تنكيره وهذا رأي البصريين، ولا يرد وطبت النفس لأن أل فيه زائدة للضرورة فهو نكرة. قوله: "قد فسره" صلة أو صفة جرت على غير ما هي له ولم يبرز لأمن اللبس بناء على مذهب الكوفيين وهو الصحيح. قوله: "جملة" كان الأولى أن يقول نسبة ليشمل تمييز النسبة في غير الجملة كالتي في عجبت من طيب زيد نفسا إلا أن يراد بالجملة ما يشمل الجملة تأويلا كما يقتضيه كلامه بعد ولأن المقابل في الاصطلاح لتمييز المفرد تمييز النسبة، وجعل ابن الحاجب التمييز مطلقا مفسر الإبهام الذات، غاية الأمر أن الذات إما مذكورة أو مقدرة. وإنما عبروا عن الثاني بتمييز النسبة نظرا للظاهر. قال الدماميني لأن النسبة في الحقيقة لا إبهام فيها إذ تعلق الطيب بزيد أمر معلوم إنما الإبهام في المتعلق الذي ينسب إليه الطيب في الحقيقة إذ يحتمل أن يكون دارا أو علما أو غيرهما فالتمييز في الحقيقة إنما هو لأمر مقدر يتعلق بزيد كما تقدم بيانه. قوله: "دال على مقدار" أي أو شبهه مما حمل عليه نحو ذنوب ماء ونحو لنا مثلها إبلا وغيرها شاء، ونحو خاتم حديدا كما سيأتي فلا قصور. قوله: "فتمييز الجملة إلخ" قال الدماميني تجب مطابقة تمييز الجملة للاسم السابق إن كان الثاني عين الأول نحو كرم زيد رجلا وكرم الزيدان رجلين وكرم الزيدون رجالا، وكذا إن   522- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أدب الكاتب ص524؛ والأشباه والنظائر 4/ 16؛ وأوضح المسالك 2/ 283؛ وتخليص الشواهد ص405 وخزانة الأدب 3/ 111، 9/ 124؛ والدرر 5/ 186، وشرح أبيات سيبويه 1/ 420؛ وشرح التصريح 1/ 394؛ وشرح شذور الذهب ص479؛ وشرح المفصل 7/ 63، 8/ 51؛ والصاحبي في فقه اللغة ص181؛ والكتاب 1/ 37؛ ولسان العرب 5/ 26 "غفر"؛ والمقاصد النحوية 3/ 226؛ والمقتضب 2/ 321؛ وهمع الهوامع 2/ 82. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وصف أو اسم فعل إلى معموله: من فاعل أو مفعول، نحو طاب زيد نفسًا {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: 4] ، والتمييز في مثله محول عن الفاعل. والأصل طابت نفس زيد، واشتعل شيب الرأس، ونحو غرست الأرض شجرًا {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: 12] ، والتمييز فيه محول عن المفعول والأصل غرست شجر الأرض وفجرنا عيون الأرض. وتقول عجبت من طيب زيد نفسًا وزيد طيب نفسًا، وسرعان ذا إهالة وناصب التمييز في هذا النوع عند سيبويه والمبرد والمازني ومن وافقهم هو العامل الذي تضمنته الجملة لا نفس الجملة، وهو الذي يقتضيه كلام الناظم في آخر الباب ونص عليه في غير هذا الكتاب. وذهب قوم إلى   كان غيره وهو مصدر قصد اختلاف أنواعه لاختلاف محاله بعد جمع نحو خسر الأشقياء أعمالا، أو غير مصدر وتعدد وخيف اللبس نحو كرم الزيدون آباء إذا كان لكل منهم أب ويجب تركها إن كان معنى التمييز في الواقع واحدا والاسم السابق متعددا نحو كرم الزيدون أبا إذا كان أبوهم واحدا أو بالعكس وخيف اللبس نحو نظف زيد أثوابا وكرم أباه، أو كان التمييز مصدرا لم يقصد اختلاف أنواعه نحو الأتقياء جادوا سعيا. وتترجح في نحو حسن زيد عينا ولميت هند شفة ويترجح تركها في نحو حسن الزيدان أو الزيدون وجها. ا. هـ. بتصرف وزيادة. قوله: "من نسبة" بيان لما وقوله إلى معموله متلق بنسبة وقوله من فاعل بيان للمعمول وكلامه يقتضي أن المراد بالجملة ما يشمل الجملة تأويلا. قوله: "والتمييز في مثل محوّل عن الفاعل" التحويل في تمييز النسبة ليس بلازم فقد يكون غير محول نحو امتلأ الإناء ماء ولله دره فارسا بناء على أن الثاني من تمييز النسبة وسيأتي الكلام عليه وأما تمييز المفرد فلا تحويل فيه أصلا. قوله: "والأصل إلخ" وإنما عدل عن هذا الأصل ليكون فيه إجمال ثم تفصيل فيكون أوقع في النفس لأن الآتي بعد الطلب أعز من المنساق بلا طلب. قوله: "والتمييز فيه" أي في مثله فهو من الحذف من الثاني لدلالة الأول. قوله: "وتقول" غير الأسلوب لأن هذا مما أجري مجرى الفعل. قوله: "عجبت من طيب زيد نفسا" أي من طيب نفس زيد فهو محول عن المضاف إليه الذي هو في الحقيقة فاعل المصدر وفيما بعده عن فاعل طيب أي زيد طيبة نفسه هذا هو الأوفق بما يأتي للشارح عند قول المصنف والفاعل المعنى وإن جاز أن يكون محوّلا عن المبتدأ وعليه اقتصر البعض تبعا لشيخنا. قوله: "وسرعان ذا إهالة" سرعان بتثليث السين والبناء على الفتح اسم فعل ماض أي سرع وذا فاعله وإهالة تمييز محوّل عن الفاعل أي إخافة وإفزاعا. ويجوز جعله بمعنى اسم الفاعل حالا. قال في القاموس وأصله أن رجلا كانت له نعجة عجفاء ورغامها يسيل من منخريها لهزالها فقيل له ما هذا؟ فقال ودكها فقال السائل ذلك ونصب إهالة على الحال أي سرع هذا الرغام حال كونه إهالة. أو تمييز كقولهم تصبب زيد عرقا وهو مثل يضرب لمن يخبر بكينونة الشيء قبل وقته. ا. هـ. قوله: "وهو الذي يقتضيه إلخ" أي حيث قال: وعامل التمييز قدم مطلقا ... والفعل ذو التصريف نزرا سبقا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 كشبر أرضًا وقفيز برا ... ومنوين عسلًا وتمرا   أن الناصب له نفس الجملة واختاره ابن عصفور ونسبه للمحققين. ويصح تخريج كلامه هنا على المذهبين فلا اعتراض لأنه يصح أن يقال إنه فسر العامل لأنه رفع إبهام نسبته إلى معموله، وأنه فسر الجملة لأنه رفع إبهام ما تضمنته من النسبة. وأما تمييز المفرد فإنه رفع إبهام ما دل عليه من مقدار مساحي أو كيلي أو وزني "كشبر أرضًا وفقيز برا ومنوين عسلًا وتمرا" وناصب التمييز في هذا النوع مميزه بلا خلاف   قوله: "فلا اعتراض إلخ" تفريع على قوله ويصح إلخ لكن كان الأوضح تأخيره عن قوله لأنه إلخ وفي نسخ بالواو وهي واضحة والمراد اعتراض ابن هشام بما حاصله أن مفسر تمييز النسبة هو النسبة وليست العامل بل العامل الفعل أو شبهه على قول والجملة على قول. وحاصل جواب الشارح أنه يصح جعل المميز نفس العامل لصحة وصفه بالإبهام من حيث نسبته لتعلقها بطرفيها فتوصف بوصفها فيحمل كلام المصنف على العامل أو الجملة، فعلم أن قول البعض أن قول الشارح وأنه فسر الجملة إلخ تتميم للفائدة ولا دخل له في دفع الاعتراض ناشئ عن قلة تدبر المقام. قوله: "إبهام ما دل عليه" ضمير دل يرجع إلى المفرد وضمير عليه إلى ما ومن مقدار بيان لما والصلة أو الصفة جرت على غير ما هي له لأمن اللبس وفي قوله من مقدار حذف مضاف أي من مقدر مقدار إذ التمييز له لا للمقدار الذي هو ما يكال أو يوزن أو يمسح به فاندفع الاعتراض بأن المجمل الذي بينه التمييز في الحقيقة هو المقدر بالمقدار لا نفس المقدار فكان الأولى أن يقول لأنه رفع إبهام ما دل عليه المفرد من مقدر به وفيه اكتفاء أيضا أي من مقدار أو شبهه مما حمل عليه فلا قصور. قوله: "مساحي" نسبة إلى المساحة بكسر الميم وهي الذرع كذا في القاموس. قوله: "وقفيز" من المكيل ثمانية مكاكيك والمكوك مكيال يسع صاعا، ومن الأرض مائة وأربعة وأربعون ذراعا وليس مرادا هنا، جمعه أقفزة وقفزان. قوله: "ومنوين" تثنية منا كعصا ويقال فيه منّ وهو رطلان. قوله: "مميزه بلا خلاف" وإنما عمل مع جموده لشبه اسم الفاعل في الطلب المعنوي لمعموله وقيل لشبهه أفعل من ورجحه المصرح. فائدة: إذا كان المقدار مخلوطا من حنين فقال الفراء: لا يجوز عطف أحدهما على الآخر بل يقال عندي رطل سمنا عسلا على حد الرمان حلو حامض، وقال غيره: يعطف بالواو لأنها للجمع الصادق بالخلط وجوّز بعض المغاربة الأمرين كذا في الهمع. قوله: "وبعد ذي المقدرات" يعني المقدر بالمقدار المساحي والمقدر بالمقدار الكيلي والمقدر بالمقدار الوزني الممثل لتلك المقدرات بشبر وقفيز ومنوين، والمتبادر من المتن أن المشار إليه الأمثلة الثلاثة التي هي جزئيات فيكون المراد بنحوها غيرها سواء كان مقدرا بأحد المقادير الثلاثة أو لا. وظاهر صنيع الشارح إرجاع الإشارة إلى أنواع المقدرات الثلاث كما قررناه وحمل نحوها على غير تلك الأنواع وكأنه حمل كلام المصنف على الاستخدام بذكره المقدرات الثلاثة أولا مرادا بها الجزئيات وإرجاع الإشارة إليها مرادا بها الكليات فتأمل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 وبعد ذي وشبهها إذا ... أضفتها كمد حنطة غذا   "وبعد ذي" المقدرات الثلاث "ونحوها" مما أجرته العرب مجراها في الافتقار إلى مميز، وهي الأوعية المراد بها المقدار كذنوب ماء، وحب عسلًا، ونحي سمنا، وراقود خلا، وما حمل على ذلك من نحو لنا مثلها إبلًا، وغيرها شاء، وما كان فرعًا للتمييز نحو خاتم حديدًا، وباب ساجًا، وجبة خزًا "اجرره إذا أضفتها" إليه "كمد حنطة غذا" وشر أرض، ومنوا تمر، وذنوب ماء، وحب عسل. وخاتم حديد، وباب ساج.   قوله: "مما أجرته العرب مجراها" إنما أجرته مجراها لشبهه بالمقدر بالمقادير الكيلية وإنما لم تكن مقدرة بمقدار كيلي حقيقة لأن هذه الأوعية لا تختص بقدر معين. قوله: "وهي الأوعية" أي أسماء الأوعية. قوله: "المراد بها المقدار" أي مقدر المقدار أي المقدر بذلك المقدار الذي هو الوعاء والذنوب الدلو أو التي فيها ماء أو الممتلئة ماء أو القريبة من الامتلاء كذا في القاموس، والحب بضم الحاء المهملة الخابية، والنحي بكسر النون وسكون الحاء المهملة الزق أو زق السمن خاصة كالنحي بفتح فسكون والنحى كفتى كذا في القاموس. والراقود دن كبير يطلى داخله بالقار. قوله: "وما حمل على ذلك" أي على ما أجرته العرب مجرى المقادير وجامع الحمل أن كلاً مجمل الحقيقة مرفوع إجماله بما بعده. قوله: "من نحو لنا مثلها إبلا وغيرها شاء" اعترضه سم بأن هذين المثالين مما وجد فيهما شرط وجوب النصب الآتي فذكرهما هنا ليس بظاهر لعدم تأتي الجر وقد يعتذر بجعل ذكرهما من حيث إنهما نحو المقدرات في أن المنصوب بعدهما تمييز فتأمل. قوله: "وما كان فرعا" معطوف على نحو لنا إلخ. قوله: "نحو خاتم حديدا إلخ" اعلم أن جر نحو خاتم حديدا أرجح من نصبه كما سيأتي وإذا نصب فقال المبرد والمصنف كون نصبه على التمييز أرجح من كونه على الحالية لجمود هذا المنصوب ولزومه وتنكير صاحبه والغالب على الحال الاشتقاق والانتقال وتعريف صاحبها. وقال سيبويه وأتباعه تتعين الحالية لأنه ليس بعد مقدار ولا شبهة واستظهر ابن هشام رجحانيتها فقط أما نحو هذا خاتمك حديدا بتعريف الاسم فتتعين فيه الحالية كما قاله المصنف أفاده الدماميني. قوله: "اجرره" أي جوازا، نعم إن أريد نفس الآلة التي يقدر بها وجب الجر لكن ليس هذا مما نحن فيه لأن الإضافة فيه على معنى اللام لا من حتى يكون تمييزا ولهذا لم يتعرض له المصنف والشارح وظاهر كلام المصنف والشارح وغيرهما أن المجرور المذكور يسمى تمييزا وقال ابن هشام لا يسمى تمييزا. قوله: "إذا أضفتها" إنما قيد لأنه لو أطلق توهم بقاء تنوينها ونونها وإن جره بمن مقدرة كما في تمييزكم أو ظاهرة كما يأتي في قوله واجرر بمن إلخ فيفوت المعنى الذي أراده سم. قوله: "كمد حنطة غذا" مد مبتدأ وغذا خبر. هذا ما قاله المكودي وهو أقرب من جعل غذا بدلا أو حالا والخبر محذوف أي عندي وقول الشارح وشبر أرض برفع شبر كما يرشد إليه ومنوا تمر والظاهر على إعراب المكودي أنه مبتدأ عطف عليه ما بعد والخبر محذوف أي كالمد في جواز الجر بالإضافة ويجوز تقديره عندي. وأما على الإعراب الثاني فهو معطوف على مد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 والنصب بعدك ما أضيف وجبا ... إن كان مثل ملء الأرض ذهبا   تنبيهان: الأول النص في نحو ذنوب ماء وحب عسلًا أولى من الجر؛ لأن النصب يدل على أن المتكلم أراد أن عنده ما يملأ الوعاء المذكور من الجنس المذكور. وأما الجر فيحتمل أن يكون مراده ذلك، وأن يكون مراده بيان أن عنده الوعاء الصالح لذلك. الثاني إنما لم يذكر تمييز العدد مع تمييز هذه المقدرات لأن له بابًا يذكره فيه، ولانفراد تمييزها بأحكام منها جواز الوجهين المذكورين. وتمييز العدد إما واجب النصب كعشرين درهمًا، أو واجب الجر بالإضافة كمائتي درهم ومنها جواز الجر بمن كما سيأتي. ومنها أنه يميز تمييز العدد إذا وقعت هذه المقدرات تمييزًا له نحو عشرين مدا برا، وثلاثين رطلًا عسلًا، وأربعين شبرًا أرضًا "والنصب" للتمييز "بعد ما أضيف" من هذه المقدرات لغير التمييز "وجبا إن كان" المضاف لا يصح إغناؤه عن المضاف إليه "مثل" {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ} [آل عمران: 91] ، "ملء الأرض ذهبًا" "ما في السماء قدر راحة سحابا" إذ لا يصح ملء ذهب، ولا قدر سحاب، فإن صح إغناء المضاف عن المضاف إليه جاز نصب   حنطة. قوله: "في نحو ذنوب ماء" أي من المقدرات وما أجري مجراها مما يتوهم عند جر تمييزه خلاف المقصود بخلاف نحو خاتم حديد فإن جره أكثر كما صرح به الرضي وغيره لأن في جره تخفيفاً بحذف التنوين مع عدم توهم خلاف المقصود وبخلاف نحو شبر أرض فإن الأظهر عدم أكثرية نصبه لعدم توهم خلاف المقصود حال الجر بل قد يقال جره أكثر لما مر تأمل. قوله: "لأن النصب يدل" أي فهو نص في المقصود بخلاف الجر. قوله: "الوعاء الصالح لذلك" أي أو الصنجة الموزون بها أو المكيال الذي يكال به أو الشيء الذي يمسح به. قوله: "إنما لم يذكر تمييز العدد" أي مع أنه من تمييز المفرد. قوله: "ومنها أنه" أي تمييز هذه المقدرات يميز بالبناء للفاعل وتمييز العدد مفعول به لا مفعول مطلق وقوله تمييزا له أي العدد فبرا وعسلا وأرضا تمييزات لتمييز العدد وهو مدا ورطلا وشبرا. قوله: "والنصب إلخ" هذا البيت تقييد لسابقه فمعنى اجرره إذا أضفتها أي إلى التمييز كما قاله الشارح سابقا بخلاف ما إذا كانت مضافة إلى غيره والمراد الإضافة ولو تقديرا فدخل نحو الكوز ممتلئ ماء وزيد متفقىء شحما إذ التقدير ممتلئ الأقطار ماء ومتفقئ الأعضاء شحما فلا يجوز ممتلىء ماء ولا متفقئ شحم. قوله: "من هذه المقدرات" يشكل على هذا التقييد محترز قوله إن كان إلخ وهو قوله أشجع الناس رجلا إذ المضاف هنا ليس من المقدرات فهو خارج بهذا التقيد لا بقوله إن كان إلخ وأيضا فملء وقدر من الشبيه بمقدرات لأنهما كالمقدر المساحي لا منها فالوجه التعميم كما فعل المرادي. قوله: "لا يصح إغناؤه إلخ" إشارة إلى وجه الشبه في قوله إن كان مثل إلخ. قوله: "ملء الأرض" برفع ملء على الحكاية كما أشار إليه الشارح. قوله: "الأرض" بنقل حركة الهمزة إلى اللام. قوله: "فإن صح إغناء المضاف إلخ" قد يقال الذي يغني عن المضاف إليه هو التمييز لأنه الذي يقع في محله لا المضاف ويدل له قول الهمع ولا يحذف عند جر التمييز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 والفاعل المعنى انصبن بأفعلا ... مفضلا كأنت أعلى منزلا   التمييز وجاز جره بالإضافة بعد حذف المضاف إليه، نحو: هو أشجع الناس رجلًا، وهو أشجع رجل. تنبيه: محل ما ذكره من وجوب نصب هذا التمييز هو إذا لم يرد جره بمن كما يذكره بعد، وقد أعطى ذلك أيضًا بالمثال. ا. هـ. "والفاعل المعنى انصبن" على التمييز "بأفعلا مفضلًا" له على غيره. والفاعل في المعنى هو السببي، وعلامته أن يصلح للفاعلية عند جعل أفعل فعلًا "كأنت أعلى منزلا" وأكثر مالا إذ يصح أن يقال: أنت علا منزلك وكثر مالك، أما ما ليس فاعلًا في المعنى وهو ما أفعل التفضيل بعضه، وعلامته أن يصح أو يوضع موضع أفعل بعض ويضاف إلى جمع قائم مقامه نحو زيد أفضل فقيه، فإنه يصح   بالإضافة شيء غير التنوين أو النون إلا مضاف إليه صالح لقيام التمييز مقامه نحو زيد أشجع الناس رجلا فيقال: أشجع رجل بخلاف نحو لله دره رجلا وويحه رجلا فلا يقال در رجل ولا ويح رجل. ا. هـ. قوله: "وجاز جره بالإضافة إلخ" ناقش فيه بعضهم بأنه بعد الإضافة لم يبق تمييزا بدليل صحة قولك: هو أشجع رجل قلبا فتميزه، وقد يمنع عدم بقائه تمييزا وتمييزه لا ينافي كونه تمييزا لما مر في كلام الشارح أن تمييز المقدرات يميز تمييز الأعداد. قوله: "محل ما ذكره إلخ" قد يقال الوجوب إضافي والمقصود بوجوب النصب امتناع الجر بالإضافة فلا ينافي جواز جره بمن. سم. قوله: "والفاعل المعنى" بنصب الفاعل بانصبن ونصب المعنى بإسقاط الخافض. ا. هـ. سندوبي. والظاهر أنه يصح جر المعنى بإضافة الفاعل إليه ومعنى كونه فاعل المعنى أنه المتصف بالمعنى في الحقيقة إذ المتصف بالأحسنية في الحقيقة هو الوجه في قولك مثلا زيد أحسن وجها وفي آخر ما سننقله عن نكت السيوطي إشارة إلى هذا فتنبه. قوله: "هو السببي" أي المتصف في المعنى بالشيء الجاري في اللفظ على غيره أي غير ذلك المتصف فإن المنزل مثلا هو المتصف في المعنى بالعلو والعلو جار في اللفظ على المخاطب. قوله: "إذ يصح أن يقال أنت علا منزلك وكثر مالك" أي ولا يضر فوات التفضيل إذ لا يجب بقاؤه في الفعل الموضوع موضع أفعل التفضيل أو يقال: المراد علا علوا زائدا وكثر كثرة زائدة فلم يفت التفضيل فصح كون هذا التمييز محولا عن الفاعل كما يتبادر من كلام الشارح وسيصرح به بعد وقال السيوطي في نكته نقلا عن ابن هشام: التحقيق أن التمييز في هذا النوع محول عن مبتدأ مضاف وأصل أنت أحسن وجها وجهك أحسن، فجعل المضاف تمييزا والمضاف إليه مبتدأ فانفصل وارتفع ولا يريد المصنف بقوله الفاعل المعنى أن هذا النوع محول عن الفاعل كما فهم بعضهم لأنك إذا قلت حسن وجهك لم يستفد التفضيل فكيف يكون أنت أحسن وجها محولا عن حسن وجهك وإنما يريد أن هذا التمييز هو المنسوب إليه ذلك المعنى. ا. هـ. ملخصا وقد علمت الجواب. قوله: "أما ما ليس فاعلا في المعنى إلخ" والضابط أن تمييز أفعل التفضيل إذا كان من جنس ما قبله جر نحو زيد أفضل رجل وإن لم يكن من جنس ما قبله نصب نحو زيد أكثر مالا. قوله: "قائم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 وبعد كل ما اقتضى تعجبا ... ميز كأكرم بأبي بكر أبا واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد ... والفاعل المغنى كطب نفسا تفد   فيه أن يقال زيد بعض الفقهاء فهذا النوع يجب جره بالإضافة إلا أن يكون أفعل التفضيل مضافًا إلى غيره فينصب نحو زيد أكرم الناس رجلًا "وبعد كل ما اقتضى تعجبًا ميز كأكرم بأبي بكر" رضي الله تعالى عنه "أبا" وما أكرمه أبا؟ ولله دره فارسًا، وحسبك به كافلًا، وكفى بالله عالمًا. ويا جارتا ما أنت جارة "واجرر بمن" لفظًا كل تمييز صالح لمباشرتها "إن شئت" لأنها فيه معنى كما أن كل ظرف فيه معنى في وبعضه صالح لمباشرتها، وكل تمييز فإنه صالح لمباشرة من "غير ذي العدد والفاعل" في "المعنى"   مقامه" أي مقام التمييز. قوله: "وبعد كل ما اقتضى تعجبا" إما وضعا وهو ما أفعله وأفعل به أولا نحو لله دره فارسا وما بعده. فإن قلت لا فائدة في هذا البيت لأن الإتيان بالتمييز بعد دال التعجب جائز لا واجب كالتمييز بعد غير دال التعجب فلا خصوصية لداله. أجيب بأن المقصود إفادة وجوب نصب التمييز بعد داله ومنع جره نا لإضافة كما يشعر به المثال. قوله: "ولله دره فارسا" يقال در اللبن يدر ويدر درا ودرورا كثر ويسمى اللبن نفسه درا والأقرب أن المراد هنا اللبن الذي ارتضعه من ثدي أمه وأضيف إلى الله تعالى تشريفا يعني أن اللبن الذي تغذى به مما يليق أن يضاف وينسب إلى الله تعالى لشرفه وعظمه حيث كان غذاء لهذا الرجل الكامل في الفروسية. والمقصود التعجب كأنه قيل ما أفرس هذا الرجل، ونقل سم عن شرح التسهيل أن التمييز بعد الضمير نحو لله دره فارسا ويا لها قصة من تمييز النسبة إن كان الضمير معلوم المرجع نحو لقيت زيدا فللَّهِ دره فارسا وجاءني زيد فيا له رجلا، وزيد حسبك به ناصرا، ولله درك عالما، وكذا بعد الاسم الظاهر نحو لله در زيد رجلا ويا لزيد رجلا، ومن تمييز المفرد إن كان مجهوله. ثم رأيته في الرضي أيضا ثم قال ما ملخصه فتمييز النسبة قد يكون نفس المنسوب إليه كما في نحو لله در زيد رجلا وكفى بزيد رجلا إذ المعنى لله در رجل هو زيد وكفى رجل هو زيد وقد يكون متعلقه كما في نحو طاب زيد علما. قوله: "لفظا" حال من من أي حالة كون من ملفوظة وليس متعلقا بقوله اجرر لأن الجر قد يكون تقديرا. قوله: "وكل تمييز إلخ" فيه تغيير وجه نصب غير في كلام المتن لاقتضائه نصب غير على الاستثناء مع أنه في كلام المتن منصوب على المفعولية لا جرر. قوله: "غير ذي العدد" أي الصريح فلا يرد أن تمييز كم الاستفهامية يجوز جره بمن مع أنه تمييز عدد وإنما امتنع دخول من في المسائل المستثناة لأن وضع من البيانية أن يفسر بها وبما بعدها اسم جنس قبلها صالح لحمل ما بعدها نحو: {أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [الكهف: 31] ، وفي العدد لا يصح الحمل لكونه متعددا والتمييز مفرد وفي المحول عن الفاعل والمفعول كذلك لأن ما بعد من وهو التمييز مباين لما قبلها وهو الفاعل والمفعول كذا في التصريح. وعندي في هذا التعليل نظر: أما أولا فلأنه لا يتم على جميع الأقوال الآتية في من هذه بل على أنها بيانية كما لا يخفى. وأما ثانيا فلأنه يقتضي امتناع من في نحو امتلأ الإناء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المحول عن الفاعل في الصناعة "كطب نفسًا تفد" إذ أصله لتطب نفسك. فهذان لا يصلحان لمباشرتها، فلا يقال: عندي عشرون من عبد، ولا طاب زيد من نفس. ومنه نحو أنت أعلى منزلًا. ويجوز فيما سواهما نحو عندي قفيز من بر، وشبر من أرض ومنوان من عسل، وما أحسنه من رجل. تنبيهات: الأول كان ينبغي أن يستثنى مع ما استثناه المحول عن المفعول نحو غرست الأرض شجرًا {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: 12] ، وما أحسن زيدًا أدبًا، فإنه يمتنع فيه الجر بمن. الثاني تقييد الفاعل في المعنى بكونه محولًا عن الفاعل في الصناعة   ماء لعدم صحة حمل الماء على الإناء ومقتضى المتن الصحة لأن التمييز في نحوه ليس فاعلا في المعنى ولا مفعولا وقد يدفع بأن الكلام في من المعهودة في جر التمييز وهي البيانية على أصح الأقوال كما سيأتي ومن في المثال ليست منها لأنها إما ابتدائية أو سببية ويؤخذ منه أن جر التمييز الفاعل في المعنى بمن غير المعهودة في جر التمييز كالابتدائية والسببية جائز ولا بعد فيه فتدبر. قوله: "عن الفاعل في الصناعة" دخل فيه نحو زيد أطيب نفسا لأن التمييز فيه محول عن فاعل أفعل التفضيل صناعة والأصل زيد أطيب نفسه وإن كان رفعه الظاهر قليلا أو عن فاعل الفعل والأصل زيد طابت نفسه على ما أسلفه الشارح وقدمنا ما فيه فلا حاجة لزيادة غيره، أو عن المبتدأ. قوله: "ومنه" أي من الفاعل في المعنى المحول عن الفاعل في الصناعة أنت أعلى منزلا فمنزلا محول عن فاعل أفعل التفضيل صناعة والأصل أنت أعلى منزلك وإن كان رفعه الظاهر قليلا أو عن فاعل الفعل والأصل أنت علا منزلك كما أسلفه الشارح أي علوا زائدا على علو منزل غيرك فلا يرد أنه إذا قيل علا منزلك فات التفضيل مع أنه قد يمنع ضرر فواته كما قدمناه وفي التوضيح أنه محول عن المبتدأ والأصل منزلك أعلى فجعل المضاف تمييزا والمضاف إليه مبتدأ فارتفع وانفصل بعد أن كان متصلا مجرورا وهو أيضا صحيح وقد أسلفناه. قال شارح الجامع لا منافاة بين كونه فاعلا في المعنى ومحولا عن المبتدأ في الصناعة لأن ما صلح لأن يخبر بالتفضيل عنه صلح لأن يكون فاعلا في المعنى. قوله: "وأبرحت جارا" أي أعجبت. ويصح في التاء الكسر على خطاب المؤنث والفتح على خطاب المذكر ولا يتعين أن يكون مراد الشارح أبرحت جارا في قول الأعشى: أقول لها حين جدّ الرحي ... ل أبرحت ربا وأبرحت جارا حين يتعين الكسر كما قيل. نعم الأولى أن يكون مراده ذلك ليكون جارا في المثال متعينا لعدم التحويل لأن قصد الشاعر بقرينة سياقه مدحها بأنها نفسها جارة معجبة لا بأن جارها معجب حتى يكون محولا عن الفاعل ولم لم يكن مراد الشارح ذلك لاحتيج إلى أن يقال تمثيله بهذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لإخراج نحو لله دره فارسًا، وأبرحت جارًا، فإنهما وإن كانا فاعلين معنى إذ المعنى عظمت فارسًا وعظمت جارًا إلا أنهما غير محولين فيجوز دخول من عليهما، ومن ذلك نعم رجلًا زيد يجوز فيه نعم من رجل. ومنه قوله: 523- فنعم المرء من رجل تهامي الثالث أشار بقوله إن شئت إلى أن ذلك جائز لا واجب. الرابع اختلف في معنى من هذه. فقيل للتبعيض وقال الشلوبين: يجوز أن تكون بعد المقادير وما أشبهها زائدة عند سيبويه، كما زيدت في نحو ما جاءني من رجل، قال: إلا أن المشهور من مذاهب النحاة   المثال لغير المحول مبني على أحد احتماليه والمثال يكفيه الاحتمال. ونظيره كرم زيد ضيفا. قال في المغني إن قدر أن الضيف غير زيد فهو تمييز محول عن الفاعل يمتنع أن تدخل عليه من وإن قدر نفسه احتمل الحال والتمييز وعند قصد التمييز فالأحسن إدخال من. ا. هـ. أي للتنصيص على المقصود والتمييز على التقدير. الثاني من تمييز الجملة غير المحول قاله الدماميني. قوله: "إذ المعنى عظمت فارسا إلخ" ففارسا واقع على مدلول التاء التي هي الفاعل فيلزم أن يكون فاعلا في المعنى. قوله: "ومن ذلك" أي من الفاعل في المعنى غير المحول عن الفاعل في الصناعة. قوله: "نعم رجلا زيد" مثله حبذا رجلا زيد. قال الشاعر: يا حبذا جبل الريان من جبل دماميني. قوله: "تهامي" بكسر التاء إن كان تخفيف ياء النسبة لأجل الروي وبفتحها إن كان لأجل تعويض الفتحة عن التشديد على أحد مذهبين فيكون كيمان نسبة إلى تهامة بالكسر تطلق على مكة وعلى أرض معروفة لا بلد وإن وهم فيه الجوهري، هذا ما يفيده كلام القاموس والمصباح وقد نقل الدماميني فيه الضبطين وبه يعرف ما في كلام البعض. وتمييز باب نعم من تمييز المفرد على ما صرح به الرضي وغيره. وأيده الدماميني بأن الضمير في نحو نعم رجلا زيد وزيد نعم رجلا لا يعود على زيد تأخر أو تقدم وإنما يعود على مبهم عام والرابط بين المبتدأ والخبر العموم. ا. هـ. أي وتمييز العائد على مبهم تمييز مفرد كما مر في نحو لله دره فارسا، والمبهم العام هو رجلا كما يصرح به جعلهم ضمير نعم مما يعود على متأخر لفظا ورتبة ومن تمييز الجملة على ما نقله الدماميني عن المصنف. قوله: "فقيل للتبعيض إلخ" بقي قول ثالث وهو أنها لبيان الجنس صرح به الشاطبي في باب حروف الجر ونقله المصرح عن الموضح في الحواشي وقال   523- صدره: تخيره فلم يعدل سواه والبيت من الوافر، وهو لأبي بكر بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي في الدرر 5/ 211؛ وشرح التصريح 1/ 399، 2/ 96؛ وشرح المفصل 7/ 133؛ والمقاصد النحوية 3/ 227، 4/ 14؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 369؛ وخزانة الأدب 9/ 395؛ والمقرب 1/ 69؛ وهمع الهوامع 2/ 86. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 وعامل التمييز قدم مطلقا ... والفعل ذو التصريف نزرا سبقا   ما عدا الأخفش أنها لا تزاد إلا في غير الإيجاب. قال في الارتشاف: ويدل لذلك يعني الزيادة العطف بالنصب على موضعها. قال الحطيئة: 524- طافت أمامة بالركبان آونة ... يا حشنه من قوام ما ومنتقبا بنصب منتقبًا على محل قوام. الخامس إذا قلت: عندي عشرون من الرجال لا يكون ذلك من جر تمييز العدد بمن، بل هو تركيب آخر لأن تمييز العدد شرطه الإفراد، وأيضًا فهو معروف. ا. هـ. "وعامل التمييز قدم مطلقًا" أي ولو فعلًا متصرفًا وفاقًا لسيبويه والفراء وأكثر البصريين والكوفيين لأن الغالب في التمييز المنصوب بفعل متصرف كونه فاعلًا في الأصل. وقد حول الإسناد عنه إلى غيره لقصد المبالغة، فلا يغير عما كان يستحقه من   هو ظاهر. قوله: "وما أشبهها" أي مما أجرى مجراها وما حمل عليه. قوله: "ويدل لذلك" أي الزيادة وفيه أن ما ذكره لا ينهض دليلا للزيادة لأنه يصح مراعاة محل المجرور بغير الزائد إذا كان يظهر في الفصيح فلا مانع هنا من كونها غير زائدة والعطف على محل مجرورها الثابت له بحسب الأصل لظهوره في الفصيح عند حذفها فتأمل. قوله: "آونة" بمد الهمزة جمع أوان. من قوام بفتح القاف أي قامة وما زائدة. ومنتقبا بفتح القاف موضع النقاب. قوله: "لا يكون ذلك من جر إلخ" أي بل قوله من الرجال صفة لعشرون. قوله: "لأن تمييز العدد" أي المنصوب بقرينة أن الكلام في جواز جر التمييز المنصوب بمن فلا يرد أن تمييز العشرة إلى الثلاثة جمع. قوله: "شرطه الإفراد" ولذلك قالوا في قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} [الأعراف: 16] ، أن أسباطا بدل مما قبله والتمييز محذوف أي فرقة. قوله: "وعامل التمييز قدم" وأما توسط التمييز بين العامل ومعموله نحو طاب نفسا زيد فنقل بعضهم الإجماع على جوازه. قوله: "كونه فاعلا في الأصل" أي وأعطى غير الفاعل في الأصل حكم الفاعل اجراء للباب على وتيرة واحدة. قوله: "لقصد المبالغة" أي في إسناد الطيب لزيد فإنه يفيد قبل التخصيص بالتمييز أنه طاب من جميع الوجوه فالمبالغة من حيث أول الكلام. وقيل لقصد الإجمال ثم التفصيل ويشكل عليه ما مر من جواز التوسط لفوات الإجمال ثم التفصيل بالتوسط كذا قال شيخنا والبعض وقد يقال كما يشكل على هذا يشكل على تعليل الشارح أيضا. على أن النظر إلى الأصل والغالب فلا إشكال. قوله: "فلا يغير عما كان يستحقه إلخ" لا يقال قد يخرج الشيء عن أصله كنائب الفاعل فإنه كان جائز التقديم على العامل وصار بالنيابة ممتنعه، فأي مانع من إعطاء التمييز بصيرورته فضلة حكم المفعول من جواز التقديم لأنا   524- البيت من البسيط، وهو للحطيئة في ديوانه ص11؛ وخزانة الأدب 3/ 270، 289؛ والدرر 4/ 34؛ وشرح التصريح 1/ 398؛ والمقاصد النحوية 3/ 242؛ وبلا نسبة في الخصائص 2/ 432؛ وهمع الهوامع 1/ 251. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وجوب التأخير لما فيه من الإخلال بالأصل. أما غير المتصرف فبالإجماع. وأما قوله: 525- ونارنا لم يُرَ نارًا مثلها فضرورة. وقيل الرؤية قلبية ونارًا مفعول ثان "والفعل ذو التصريف نزرًا سبق" هو مبني للمفعول، ونزرًا حال من الضمير المستتر فيه النائب عن الفاعل أي مجيء عامل التمييز الذي هو فعل متصرف مسبوقًا بالتمييز نزر أي قليل. من ذلك قوله: 526- أنفسًا تطيب بنيل المنى ... وداعي المنون ينادي جهارا وقوله: 527- وما كان نفسًا بالفراق تطيب وقوله:   نقول الأصل عدم الخروج عن الأصل. قوله: "ونارنا إلخ" فنارا تمييز وهو مقدم على عامله وهو مثلها لأنه تمييز مفرد. قوله: "ونزرا حال إلخ" قال سم فيه نظر والوجه كونه مفعولا مطلقا أي سبقا نزرا. ا. هـ. ووجه النظر أن جعله حالا من ضمير سبق يقتضي أن النظر وصف للفعل مع أنه وصف للتقديم عليه هذا ما ظهر لي وهو أدق من توجيه شيخنا النظر بأن وقوع المصدر حالا سماعي. قوله: "وما كان نفسا" كان زائدة وضمير تطيب يرجع إلى ليلى في صدر البيت وهو: أتهجر ليلى بالفراق حبيبها   525- عجزه: قد علمت ذاك معد كلها والرجز بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 239. 526- البيت من المتقارب، وهو لرجل من طيئ في شرح التصريح 1/ 400؛ وشرح عمدة الحافظ ص477؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 372؛ وشرح شواهد المغني 2/ 862؛ ومغني اللبيب 2/ 462؛ والمقاصد النحوية 3/ 241. 527- صدره: أتهجر ليلى بالفراق حبيبها والبيت من الطويل، وهو للمخبل السعدي في ديوانه ص290؛ والخصائص 2/ 384؛ ولسان العرب 1/ 290 "حبب"؛ وللمخبل السعدي أو لأعشى همدان أو لقيس بن الملوح في الدرر 4/ 36؛ والمقاصد النحوية 3/ 235؛ وللمخبل السعدي أو لقيس بن معاذ في شرح شواهد الإيضاح ص188؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص197؛ والإنصاف ص828؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1330؛ وشرح ابن عقبل ص348؛ وشرح المفصل 2/ 74؛ والمقتضب 3/ 36، 37؛ وهمع الهوامع 1/ 252. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   528- ضيعت حزمي في إبعادي الأملا ... وما ارعويت وشيبًا رأسي اشتعلا وأجاز الكسائي والمازني والمبرد والجرمي القياس عليه محتجين بما ذكر، وقياسًا على غيره من الفضلات المنصوة بفعل متصرف. ووافقهم الناظم في غير هذا الكتاب. تنبيهان: الأول مما استدل به الناظم على الجواز قوله: 529- رددت بمثل السيد نهد مقلص ... كميش إذا عطفاه ماء تحلبا وقوله: 530- إذا المرء عينا قر بالعيش مثريًا ... ولم يعن بالإحسان كان مذمما وهو سهو منه؛ لأن عطفاه والمرء مرفوعان بمحذوف يفسره المذكور، والناصب للتمييز هو المحذوف. الثاني أجمعوا على منع التقديم في نحو كفى بزيد رجلًا؛ لأن كفى وإن كان فعلًا متصرفًا إلا أنه في معنى غير المتصرف، وهو فعل التعجب؛ لأن معناه ما   قوله: "ضيعت حزمي إلخ" الحزم ضبط الأمور وإتقانها والاروعاء الانزجار. قوله: "بما ذكر" أي من الأبيات. وأجيب بأنه ضرورة. قوله: "وقياسا على غيره من الفضلات" أجيب بالفرق فإن تقديم التمييز مخلّ بالغرض السابق من التأخير بخلاف غيره من الفضلات قاله الدماميني، ويرد عليه أن توسط التمييز أيضا مخل بالعرض مع أنه جائز فتدبر. قوله: "رددت بمثل السيد" أي بفرس مثل السيد بكسر السين أي الذئب. نهد بفتح النون أي ضخم مقلص بكسر اللام المشددة أي طويل القوائم، كميش بكاف مفتوحة فميم مكسورة فتحتية ساكنة فشين معجمة أي سريع العدو والثلاثة صفات لمثل. والشاهد في ماء حيث قدمه على عامله، وهو تحلبا أي سال. قوله: "عينا قر" قال في القاموس: قرت عينه تقر بالكسر والفتح قرة وقد تضم وقرورًا: بردت وانقطع بكاؤها، أو رأت ما كانت متشوّقة إليه. ا. هـ. ومثريا حال أي كثير المال كما في القاموس وتفسير البعض له بمعطيًا لا يوافق اللغة ولا يناسب البيت. قوله: "وهو سهو منه إلخ"، نظر فيه سم بأن عطفاه والمرء عند الناظم مبتدآن ففي التسهيل: وقد تغنى ابتدائية اسم بعد إذا عن تقدير فعل. ا. هـ. فكان الأولى أن يقول بدل قوله وهو سهو ولا يصلحان للاستدلال لاحتمال أن يكون عطفاه، والمرء مرفوعين بفعل محذوف وقد يدفع النظر بأن التعبير بالسهو نظرًا إلى قوله في الخلاصة:   528- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 861؛ وشرح ابن عقيل ص348؛ وشرح عمدة الحافظ ص478؛ ومغني اللبيب 2/ 462؛ والمقاصد النحوية 3/ 24. 529- البيت من الطويل، وهو لربيعة بن مقروم في شرح شواهد المغني ص860؛ وشرح عمدة الحافظ ص477؛ والمقاصد النحوية 3/ 229؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص462. 530- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 462. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أكفاه رجلًا. خاتمة: يتفق الحال والتمييز في خمسة أمور، ويفترقان في سبعة أمور فأما أمور الاتفاق فإنهما: اسمان نكرتان فضلتان منصوبتان رافعتان للإبهام. وأما أمور الافتراق فالأول: أن الحال تجيء جملة وظرفًا ومجرورًا كما مر والتمييز لا يكون إلا اسمًا. الثاني أن الحال قد يتوقف معنى الكلام عليها كما عرفت في أول باب الحال، ولا كذلك التمييز. الثالث في الحال مبينة للهيئات والتمييز مبين للذوات. الرابع أن الحال تتعدد كما عرفت بخلاف التمييز. الخامس أن الحال تتقدم على عاملها إذا كان فعلًا أو وصفًا يشبهه، ولا يجوز ذلك في التمييز على الصحيح. السادس أن حق الحال الاشتقاق وحق التمييز الجمود، وقد يتعاكسان، فتأتي الحال جامدة كهذا مالك ذهبًا، ويأتي التمييز مشتقًا نحو لله دره فارسًا، وقد مر السابع الحال تأتي مؤكدة لعاملها بخلاف التمييز، فأما قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36] ، فشهرًا مؤكد لما فهم إن عدة الشهور، وأما بالنسبة إلى عامله وهو اثنا عشر فمبين، وأما إجازة المبرد ومن وافقه نعم الرجل رجلًا زيد فمردودة. وأما قوله: 531- تزود مثل زاد أبيك فينا ... فنعم الزاد زاد أبيك زادا فالصحيح أن زادًا معمول لتزود: إما مفعول مطلق أن أريد به التزود، أو مفعول به إن   وألزوا إذا إضافة إلى جمل الأفعال. قوله: "ولا كذلك التمييز" ممنوع فقد يتوقف معنى الكلام على التمييز نحو ما طاب زيد إلا نفسًا. شمني. قوله: "مبينة للهيآت" ليس المراد بالهيئة الصورة المحسوسة كما يتبادر منها، وإلا خرج نحو تكلم صادقًا، ولا يرد جاء زيد والشمس طالعة؛ لأنه في معنى جاء مقارنًا لطلوعها فالحال فيه بحسب التأويل مبينة للصفة. قاله الدماميني. قوله: "مبين للذوات" أي أو النسب ليوافق ما مشى عليه سابقًا، وإن التزم ابن الحاجب أن تمييز النسبة أيضًا في الحقيقة تمييز لذات مقدرة كما مر بيانه. قوله: "بخلاف التمييز" أي فإنه لا يتعدد أي بدون عطف أما بالعطف فيجوز أن يتعدد. قوله: "لعامله" أي مع قطع النظر عما أخبر عنه بهذا العامل. قوله: "فمردودة"؛ لأن الإبهام قد ارتفع بظهور الفاعل فلا حاجة للتمييز. قوله: "إما مفعول مطلق إلخ"   531- البيت من الوافر، وهو لجرير في خزانة الأدب 9/ 394، 399؛ والخصائص 1/ 83، 396؛ والدرر 5/ 210؛ وشرح شواهد الإيضاح ص109؛ وشرح شواهد المغني ص57؛ وشرح المفصل 7/ 132؛ ولسان العرب 3/ 198 "زود"؛ والمقاصد النحوية 4/ 30؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ص862؛ وشرح ابن عقيل ص456؛ ومغني اللبيب ص462؛ والمقتضب 2/ 150. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 حروف الجر: هاك حروف الجر وهي من إلى ... حتى خلا حاشا عدا في عن على   أريد به الشيء الذي يتزود به من أفعال البر، وعليهما فمثل نعت له تقدم فصار حالًا. وأما قوله: 532- نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت ... رد التحية نطقًا أو بإيماء ففتاة حال مؤكدة، والله أعلم. حروف الجر: "هاك حروف الجر وهي" عشرون حرفًا "من" و"إلى" و"حتى" و"خلا"   الظاهر أنه يصح أن يكون حالًا مؤكدة من الزاد على قياس ما فعله في قول الشاعر نعم الفتاة إلخ. قوله: "نعت له" أي بحسب ما كان بدليل بقية كلامه. قوله: "فصار حالًا" أي كما هو شأن صفة النكرة إذا تقدمت نحو: لمية موحشًا طلل حروف الجر: قدمها على الإضافة لما قيل إن العمل فيها للحرف المقدر. وإنما سميت حروف الجر إما؛ لأنها تجر معاني الأفعال إلى الأسماء أي توصلها إليها فيكون المراد من الجر المعنى المصدري، ومن ثم سماها الكوفيون حروف الإضافة؛ لأنها تضيف معاني الأفعال أي توصلها إلى الأسماء. وإما؛ لأنها تعمل الجر فيكون المراد بالجر الإعراب المخصوص كما في قولهم حروف النصب وحروف الجزم، ولا يرد على الأول أن مقتضاه أن لا يكون خلا وعدا وحاشا في الاستثناء أحرف جر؛ لأنهن لتنحية معنى الفعل عن مدخولهن لا لإيصاله إليه؛ لأن المراد بإيصال حرف الجر معنى الفعل إلى الاسم ربطه به على الوجه الذي يقتضيه الحرف من ثبوته له، أو انتفائه عنه قاله الدماميني. قوله: "هاك حروف الجر" ها بالقصر هنا وقد تمد كما في: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] ، اسم فعل بمعنى خذ والكاف حرف خطاب تتصرف تصرف الكاف الاسمية بحسب حال المخاطب من تذكير وتأنيث، وإفراد وتثنية وجمع كالكاف في رويدك ومع اسم الإشارة، وأرأيتك بمعنى أخبرني ونحو إياك. قاله يس وغيره. قوله: "وهي من إلخ" الخبر مجموع المتعاطفات فالعطف ملحوظ قبل الإخبار ويقال في من منا كإلى، بل قيل: إنها الأصل فخففت لكثرة الاستعمال بحذف الألف وسكون النون. قوله: "ورب" ويقال: رب بفتح الراء ورب بضم   532- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 277؛ وخزانة الأدب 9/ 398؛ والدرر 5/ 209؛ وشرح التصريح 2/ 95؛ وشرح شواهد المغني ص862؛ ومغني اللبيب ص464؛ والمقاصد النحوية 4/ 32؛ وهمع الهوامع 2/ 86. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 مذ منذ رب اللام كي واو وتا ... والكاف والبا ولعل ومتى   "حاشا" و"عدا" و"في" و"عن" و"على" و"مذ" و"منذ" و"رب" و"اللام" و"كي" و"واو وتا والكاف والبا ولعل ومتى" كلها مشتركة في جر الاسم على التفصيل الآتي. وقد تقدم الكلام على خلا وحاشا وعدا في الاستثناء. وقل من ذكر كي ولعل ومتى في حروف الجر لغرابة الجر بهن. أما كي فتجر ثلاثة أشياء: الأول ما الاستفهامة المستفهم بها عن علة الشيء نحو كيمه بمعنى لمه. والثاني ما المصدرة مع صلتها كقوله: 533- يراد الفتى كيما يضر وينفع   الراء والباء، وربت بضم الراء وفتح الباء والتاء، وربت بضم الراء وفتح الباء وسكون التاء، وربت بفتح الثلاثة، وربت بفتح الأولين وسكون التاء، وبتخفيف الباء من هذه السبعة، وربتا بالضم وفتح الباء المشددة، ورب بالضم فالسكون، ورب بالفتح فالسكون، فهذه سبع عشرة لغة. ا. هـ. همع. فائدة: ما مشى عليه المصنف من حرفية رب هو مذهب البصريين، وذهب الأخفش والكوفيون إلى اسميتها وأيده الرضي بأنها في التقليل أو التكثير مثل كم الخبرية في التكثير؛ إذ معنى رب رجل قليل أو كثير من هذا الجنس، كما أن معنى كم رجل كثير من هذا الجنس، ولا خلاف في اسمية كم. ثم استشكل حرفية رب بأمور فراجعه. وجنح إليه الدماميني أيضًا. قال: ويمكن أن يكون سبب بنائها مع اسميتها ما قيل في كم من تضمنها معنى الإنشاء الذي حقه أن يؤدى بالحرف أو مشابهتها الحرف وضعا في بعض لغاتها، وهو تخفيف الباء وحمل التشديد عليه. قوله: "على التفصيل الآتي" أي من اختصاص بعضها بالوقت وبعضها بالنكرات، وبعضها بالظاهر إلى غير ذلك. قوله: "وقد تقدم الكلام إلخ" اعتذار عن سكوت الناظم عن الستة التفصيل الآتي. قوله: "كيمه" أصلها كيما فحذفت ألف ما وجوبًا لدخول حرف الجر عليها، وجيء بهاء السكت وقفًا حفظًا للفتحة الدالة على الألف المحذوفة، وهكذا يفعل مع سائر حروف الجر الداخلة على ما الاستفهامية قاله المصرح وغيره. قوله: "ما المصدرية مع صلتها" كان الأولى أن يقول المصدر المنسبك من صلة ما وكذا يقال فيما بعده، يدل على ذلك قوله بعد في تأويل المصدر مجرور بها كذا قال البعض، والأوجه أن مجموع الحرف وصلته مجرور محلًّا بالحرف   533- صدره: إذا أنت لم تنفع فضر فإنما والبيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص246؛ وله أو للنابغة الذبياني في شرح شواهد المغني 1/ 507؛ وللنابغة الجعدي أو للنابغة الذبياني، أو لقيس بن الخطيم في خزانة الأدب 8/ 498؛ والمقاصد النحوية 4/ 245؛ ولقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص235، وكتاب الصناعتين ص315؛ وللنابغة الذبياني في شرح التصريح 2/ 3؛ والمقاصد النحوية 4/ 379؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 10؛ وتذكرة النحة ص609؛ والجني الداني ص262؛ والحيوان 3/ 76؛ وخزانة الأدب 7/ 105؛ وشرح عمدة الحافظ 266؛ ومغني اللبيب 1/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 5، 31. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي للضر والنفع قاله الأخفش. وقيل ما كافة الثالث أن المصدرية وصلتها نحو جئت كي أكرم زيدًا إذا قدرت أن بعدها، فأن والفعل في تأويل مصدر مجرور بها، ويدل على أن تضمر بعدها ظهورها في الضرورة كقوله: 534- فقالت أكل الناس أصبحت مانحًا ... لسانك كيما أن تغر وتخدعا والأولى أن تقدم كي مصدرة، فتقدر اللام قبلها بدليل كثرة ظهورها معها نحو: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] ، وأما لعل فالجر بها لغة عقيل ثابتة الأول ومحذوفته مفتوحة الآخر ومكسورته. ومنه قوله: 535- لعل الله فضلكم علينا ... بشيء إن أمكم شريم وقوله: 536- لعل أبي المغوار منك قريب   لأنه الذي تسلط عليه الحرف، ودلالة قول الشارح في تأويل مصدر مجرور بها إنما يظهر إذا قرىء مجرور بالجر، فإن قرىء بالرفع خبر ثان لقوله فإن والفعل فلا، ولم يقل على هذا مجروران؛ لأن المراد مجموع أن والفعل فتأمل. قوله: "للضر والنفع" أي ضر من يستحق الضر ونفع من يستحق النفع. قوله: "وقيل ما كافة" أي لكي عن عملها الجر مثلها في ربما. قوله: "فقالت أكل الناس إلخ" كل مفعول أول لمانحًا ولسانك أي حلاوة لسانك المفعول الثاني كما في التصريح وغيره، وإن عكس البعض وعطف تخدع تفسيري والخدع إرادة المكر بالغير من حيث لا يعلم. قوله: "والأولى" أي في الموضع الثالث. قوله: "ثابتة الأول إلخ" حال من الضمير المجرور بالباء، فهذه أربع لغات يجوز الجر فيها، ولا يجوز في غيرها من بقية لغات لعل كما قاله المصرح. قوله: "لعل الله"، فالله مرفوع تقديرًا بالابتداء منع من ظهوره حركة حرف الجر الشبيه   534- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص108؛ وخزانة الأدب 8/ 481، 482، 483، 488؛ والدرر 4/ 67؛ وشرح التصريح 2/ 3، 231؛ وشرح المفصل 9/ 14، 16؛ وله أو لحسان بن ثابت في شرح شواهد المغني 1/ 508؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 11؛ وخزانة الأدب ص125؛ وجواهر الأدب ص125؛ والجني الداني ص262؛ ورصف المباني ص217؛ وشرح التصريح 2/ 30؛ وشرح شذور الذهب ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص267؛ ومغني اللبيب 10/ 183؛ وهمع الهوامع 2/ 5. 535- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 7؛ والجني الداني ص584؛ وجواهر الأدب ص403؛ وخزانة الأدب 7/ 422، 423، 430؛ ورصف المباني ص375؛ وشرح التصريح 2/ 2؛ وشرح ابن عقيل ص351؛ وشرح قطر الندى ص249؛ والمقاصد النحوية 3/ 247؛ والمقرب 1/ 193. 536- صدره: فقلت ادع وارفع الصوت داعيًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وأما متى فالجر بها لغة هذيل وهي بمعنى من الابتدائية. سمع من كلامهم أخرجها متى كمه أي من كمه. وقوله: 537- شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج وأما الأربعة عشر الباقية فسيأتي الكلام عليها. تنبيهان: الأول إنما بدأ بمن؛ لأنها أقوى حروف الجر ولذلك دخلت على ما لم يدخل عليه غيرها نحو من عندك. الثاني عد بعضهم من حروف الجر ها التنبيه وهمزة   بالزائد، وفضلكم خبر وإن أمكم شريم أي مفضاة بدل من شيء. قوله: "وهو بمعنى من الابتدائية" قال في الهمع، وتأتي اسمًا بمعنى وسط. حكى وضعها متى كمه: أي وسطه. قوله: "شربن" أي السحب وضمن شربن معنى روين فعداه بالباء أو هي بمعنى من وقوله لهن نئيج أي صوت حال من النون في شربن، وهذا على قول العرب والحكماء: إن السحاب يأخذ الماء من البحر ثم يمطره. قال في التصريح يقال: إن السحاب في بعض المواضع تدنو من البحر الملح، فتمتد منها خراطيم عظيمة تشرب من مائه فيكون لها صوت عظيم مزعج، ثم تذهب صاعدة إلى الجو، فيلطف ذلك الماء ويعذب بإذن الله تعالى في زمن صعودها، وترفعها ثم تمطر حيث يشاء الله تعالى. ا. هـ. قوله: "لأنها أقوى حروف الجر"؛ ولأن من معانيها الابتداء فناسب الابتداء بها. قوله: "نحو من عندك" أي من كل ظرف ملازم النصب على الظرفية. قوله: "ها التنبيه" أي صورة لا معنى إذ هي حرف قسم وكذا يقال في قوله، وهمزة الاستفهام كما في سم، وقوله إذا جعلت أي   = والبيت من الطويل، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص96؛ وخزانة الأدب 10/ 426، 428، 430، 436؛ والدرر 4/ 174؛ وسر صناعة الإعراب ص407؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 269؛ وشرح شواهد المغني ص691؛ ولسان العرب 1/ 283 "جوب" 11/ 473 "علل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 247؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص375؛ وشرح ابن عقيل ص350؛ وشرح التصريح 1/ 213؛ وكتاب اللامات ص136؛ ولسان العرب 12/ 550 "لمم"؛ ومغني اللبيب ص286، 441؛ وهمع الهوامع 2/ 33. 537- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في الأزهية ص201؛ والأشباه والنظائر 4/ 287؛ وجواهر الأدب ص99؛ وخزانة الأدب 7/ 97، 99؛ والخصائص 2/ 85؛ والدرر 4/ 179؛ وسر صناعة الإعراب ص135، 424؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 129؛ وشرح شواهد المغني ص218؛ ولسان العرب 1/ 487 "شرب"، 5/ 162 "محز"، 15/ 474 "متى"؛ والمحتسب 2/ 114؛ والمقاصد النحوية 3/ 249؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص515؛ والأزهية ص284؛ وأوضح المسالك 3/ 6؛ والجني الداني ص43، 505؛ وجواهر الأدب ص47، 378؛ ورصف المباني ص151؛ وشرح ابن عقيل ص352؛ وشرح عمدة الحافظ ص268؛ وشرح قطر الندى ص250؛ والصاحبي في فقه اللغة ص175؛ ومغني اللبيب ص105؛ وهمع الهوامع 2/ 34. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الاستفهام إذا جعلت عوضًا من حرف الجر في القسم. قال في التسهيل: وليس الجر في التعويض بالعوض خلافًا للأخفش ومن وافقه. وذهب الزجاج والرماني إلى أن أيمن في القسم حرف جر وشذا في ذلك. وعد بعضهم منها الميم مثلثة في القسم نحو م الله. وجعله في التسهيل بقية أيمن قال: وليست بدلًا من الواو ولا أصلها من خلافًا لمن زعم ذلك. وذكر الفراء أن لات قد تجر الزمان، وقرئ: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] ، وزعم الأخفش أن بله حرف جر بمعنى من والصحيح أنها اسم. وذهب سيبويه إلى أن لولا   كلتاهما. قوله: "في التعويض" أي أصورة تعويض ها التنبيه، وهمزة الاستفهام عن باء القسم يقال: ها الله بقطع الهمزة ووصلها مدًا وقصرًا فاللغات أربع وآلله بالمد مع الوصل، وألله بالقطع بلا تعويض شيء عن الباء كذا في الهمع. قال الدماميني: وأضعف اللغات الأربع في ها الله حذف ألف ها مع قطع همزة الله بل أنكر هذه اللغة ابن هشام، لكن نقلها غير واحد عن الجرمي. قوله: "بالعوض" أي بل بالمعوض عنه المحذوف وهو الباء؛ لأنها أصل حروف القسم. قوله: "خلافًا للأخفش ومن وافقه" أي حيث ذهبوا إلى أن الجر بالعوض، وهو المتجه عندي بدليل أن الجر بواو القسم وتائه مع أن الواو عوض من الباء والتاء عوض من الواو وقياس ها التنبيه، وهمزة الاستفهام على فاء السببية وواو المعية حيث لم يكن النصب بهما بل بأن المضمرة قياس مع الفارق؛ لأن الفاء والواو ليستا في الحقيقة عوضين عن أن بدليل إضمارها بعدهما بخلاف ها التنبيه والهمزة فافهم. قوله: "إلى أن أيمن" بفتح الهمزة وضم الميم هذا هو الأفصح، وبالكسر فالضم، وبالكسر فالفتح، وبفتحتين. ويقال: إيم بكسر فضم، وأيم بفتح فضم، وإيم بكسرتين، وهيم بفتح الهاء المبدلة من الهمزة فضم: قال أبو حيان وهي أغرب لغاتها. وإم بكسرتين، وأم بفتحتين، وأم بفتح فضم، وأم بفتح فكسر، وأم بكسر فضم، وأم بكسر ففتح ومن بفتح الحرفين وكسرهما وضمهما، وم مثلثًا، فهذه عشرون لغة كذا في الهمع. قوله: "وشذا في ذلك"؛ لأنها اسم بمعنى البركة. قوله: "نحو م الله" هو على هذا القول مبني على إحدى الحركات؛ لأنه حرف جر وبهذا يعرف ما في كلام البعض فانظره. وأما على غيره فالحركة حركة بنية حركة الإعراب على النون المحذوفة تخفيفًا. قوله: "وليست بدلًا من الواو" رد لقول بعضهم السابق ووجهه أنها لو كانت بدلًا لوجب فتحها كما في التاء قاله الدماميني. وفيه أن الواو بدل من الباء، ولم توافقها في الحركة إلا أن يقال خالفتها للتخفيف. قوله: "ولا أصلها من"، أي التي هي حرف قسم على رأي جماعة مشى عليه المصنف في تسهيله في مبحث من الجارة مختص برب مضافًا إلى الياء نحو من ربي لأفعلن بضم الميم وكسرها مع سكون النون فيهما، وإنما لم يكن الأصل من هذه فحذفت نونها؛ لأن الأشهر في من هذه الاختصاص بربي وأما رواية الأخفش من الله فشاذة بخلاف م. وأما من التي هي لغة في أيمن فمثلثة الحرفين كما مر قاله الدماميني بعضه في مبحث من الجارة، وبعضه في مبحث أيمن. قوله: "والصحيح أنها اسم" أي مصدر أو اسم فعل، أو بمعنى كيف كما تقدم في المفعول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حرف جر إذا وليها ضمير متصل نحو لولاي ولولاك ولولاه، فالضمائر مجرورة بها عند سيبويه. وزعم الأخفش أنها في موضع رفع بالابتداء، ووضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع، ولا عمل للولا فيها كما لا تعمل لولا في الظاهر. وزعم المبرد أن هذا التركيب فاسد لم يرد من لسان العرب، وهو محجوج بثبوت ذلك عنهم كقوله: 538- أتطمع فينا من أراق دماءنا ... ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن وقوله: 539- وكم موطن لولاي طحت كما هوى ... بأجرامه من قنة النيق منهوي   المطلق. قوله: "أن لولا حرف جر" أي لا يتعلق بشيء كرب ولعل الجارة تنزيلًا للثلاثة منزلة الجار الزائد كذا في المغني، وفيه نظر للفرق باختلال أصل المعنى بحذف لولا دون رب ولعل، ولهذا ضعف الرضي مذهب سيبويه هذا بأن حرف الجر الأصلي لا بد له من متعلق ولا متعلق للولا. فافهم. والضمير بعدها في موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف، فيكون للضمير محلان على رأي سيبويه، فقول الشارح وزعم الأخفش أنها في موضع رفع أي فقط. قوله: "ووضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع" أي، وإن كان غالب نيابة الضمائر في الضمائر المنفصلة، فقد وجدت في المتصلة كما في عساه وعساك وعساني على قول تقدم في أفعال المقاربة. وانظر هل وضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع لازم على مذهب سيبويه، من حيث إن الضمير في محل رفع بالابتداء، أو غير لازم الظاهر الثاني لما مر من أن معنى كون الكاف، والهاء والياء ليست ضمائر رفع أنها لا تكون في محل رفع فقط، فلا ينافي أنها تكون في محل رفع وجر كما في عجبت من ضربك زيدًا. واعلم أنك إذا عطفت على مدخول لولا اسمًا ظاهرًا تعين رفعه إجماعًا؛ لأنها لا تجر الظاهر نبه عليه الدماميني. قوله: "حسن" قال العيني: أراد به الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، ويروى عبس بسكون الموحدة اسم قبيلة. ويروى جبن. قوله: "وكم موطن" كم خبرية بمعنى كثير في محل نصب بطحت، أو رفع بالابتداء خبره جملة لولاي طحت والرابط محذوف   538- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 693؛ وجواهر الأدب ص397؛ وشرح ابن عقيل ص353؛ وشرح المفصل 3/ 120؛ ولسان العرب 15/ 470 "أمالا". 539- البيت الطويل، وهو ليزيد بن الحكم في الأزهية ص171؛ وخزانة الأدب 5/ 336، 337، 342؛ والدرر 4/ 175؛ وسر صناعة الإعراب ص395، وشرح أبيات سيبويه 2/ 202، وشرح المفصل 3/ 118، 9/ 23، والكتاب 2/ 374، ولسان العرب 12/ 92 "جرم" 15/ 370 "هوا"؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 691؛ والجني الداني ص603؛ وجواهر الأدب ص397؛ وخزانة الأدب 10/ 333؛ ورصف المباني ص295؛ وشرح ابن عقيل ص353؛ ولسان العرب 15/ 470 "إمالا" والممتع في التصريف 1/ 191؛ والمنصف 1/ 72. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 بالظاهر اخصص منذ مذ وحتى ... والكاف والواو ورب والتا واخصص بمذ ومنذ وقتا وبرب ... منكرا والتاء لله ورب   انتهى "بالظاهر اخصص منذ" و"مد وحتى والكاف والواو ورب والتا"، وكي ولعل ومتى وقد سبق الكلام على هذه الثلاثة، وما عدا ذلك فيجر الظاهر والمضمر على ما سيأتي بيانه "واخصص بمذ ومنذ وقتًا" وأما قولهم. ما رأيته منذ أن الله خلقه فتقديره منذ زمن من الله خلقه أي منذ زمن خلق الله إياه. تنبيه: ويشترط في مجرورهما مع كونه وقتًا أن يكون معينًا لا مبهمًا، ماضيًا أو حاضرًا لا مستقبلًا؛ تقول: ما رأيته مذ يوم الجمعة أو مذ يومنا، ولا تقول مذ يوم، ولا أراه مذ غد وكذا في منذ. ا. هـ "و" اخصص "برب منكرا" نحو رب رجل، ولا يجوز رب الرجل   أي طحت فيه. وطحت بفتح التاء مع كسر الطاء أو ضمها من طاح يطيح ويطوح أي هلك. وقوله كما هوى ما مصدرية وهوى بفتح الواو سقط، وفاعله منهوي أي ساقط. والأجرام جمع جرم بالكسر وهو الجثة. والقنة بضم القاف وتشديد النون أعلى الجبل، وكذا النيق بكسر النون وبالقاف آخره، فالإضافة من إضافة المسمى إلى الاسم. قوله: "بالظاهر اخصص" الباء داخله على المقصور عليه على عكس قوله الآتي واخصص بمذ ومنذ، وإنما اختصت المذكورات بالظاهر لضعف غالبها باختصاص بعضه بالوقت وبعضه بالمنكر، وبعضه بالآخر أو المتصل بالآخر وكون بعضها عوضًا عن باء القسم لا أصلًا فيه، وغرابة الجر ببعضها ولتأدية إدخال الكاف على الضمير إلى اجتماع كافين في نحو كك وطردنا المنع. قوله: "واخصص بمذ ومنذ وقتًا" قال ابن عصفور: ما يسأل به عن الوقت كالوقت بشرط أن يكون مما يستعمل ظرفًا، فتقول: منذ كم ومذ متى ومذ أي وقت، ولا تقول: مذ ما؛ لأن ما لا تكون ظرفًا. فإن قلت: سينص على دخولهما على الأفعال، فكيف يصح دعوى الاختصاص بالوقت. أجيب بأنهما حينئذٍ ليساحر في جر باتفاق والكلام. فيما إذا كانا جارين. ا. هـ. يس على أن منهم من يرى أنهما حينئذٍ داخلان على زمان مقدر مضاف للجملة وعليه لا إشكال. قوله: "منذ أن الله خلقه" أي على رواية فتح الهمزة أما على رواية الكسر، فمند اسم لدخولها على الجملة. قوله: "ويشترط في مجرورهما"، وكذا في مرفوعهما وبقي شرط رابع، وهو أن يكون متصرفًا فلا يجوز منذ سحر تريد سحر يوم بعينه، ويشترط في عاملهما أن يكون فعلًا ماضيًا منفيًا نحو ما رأيته منذ يوم الجمعة، أو متطاولًا نحو سرت منذ يوم الخميس، ولا يجوز قتلته منذ يوم الخميس قاله يس. قوله: "واخصص برب منكرًا" أي في الكثير فلا يرد قوله الآتي، وما رووا إلخ على أن مذهب جماعة كابن عصفور والزمخشري أن مثل هذا الضمير نكرة؛ لأنه عائد على واجب التنكير وقال جماعة كالفارسي معرفة جار مجرى النكرة، وقد يعطف على مجرورها مضاف إلى ضميره نحو رب رجل وأخيه؛ لأنه نكرة تقديرًا إذ التقدير وأخ له، وإنما لم يجز رب أخي الرجل؛ لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع أما رب رجل وزيد مثلًا فلا يجوز. قال في التسهيل، ولا يلزم وصفه أي المنكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 وما رووا من نحو ربه فتى ... نزر كذا كها ونحوه أتى   "والتاء لله ورب" مضافًا للكعبة أو لياء المتكلم نحو: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] ، وترب الكعبة، وتربي لأفعلن، وندر تالرحمن وتحياتك "وما رووا من نحو ربه فتى"، وقوله: 540- وربه عطبًا أنقذت من عطبه "نزر" أي قليل. تنبيه: يلزم هذا الضمير المجرور بها الإفراد والتذكير والتفسير بتمييز بعده مطابق للمعنى، فيقال: ربه رجلًا وربه امرأة. قال الشاعر: 541- ربه فتية دعوت إلى ما ... يورث المجد دائبًا فأجابوا وقد سبق التنبيه عليه في آخر باب الفاعل "كذا كها ونحوه أتى" أي قد جرت الكاف ضمير الغيبة قليلًا كقوله:   المجرور بها خلافًا للمبرد ومن وافقه. قوله: "والتاء لله ورب" يوهم التسوية في الدخول عليهما، وليس كذلك فإن دخولها على رب قليل وقد يؤخذ عدم التسوية من تقديم لفظ الجلالة. قوله: "ربه فتى" قال الجامي: هذا الضمير عائد على مبهم في الذهن يعني قبل ذكره مؤخرًا تمييزًا، فلا ينافي عدهم هذا الضمير مما يعود على متأخر لفظًا ورتبة كما مر هذا ما ظهر. قوله: "وربه عطبًا" أي مشرفًا على العطب أي الهلاك قاله العيني، ولا ينافيه قوله: أنقذت من عطبه؛ لأن المراد أبعدته عن العطب، وإنما عبر بالإنقاذ المشعر بالوقوع مبالغة. قوله: "أي قليل" أي بالنسبة للظاهر، وقيل: معنى نزر شاذ من جهة القياس وإن كان كثيرًا مطردًا في الاستعمال. قوله: "الإفراد والتذكير" أي استغناء بمطابقة التمييز للمعنى المراد، وهذا مذهب البصريين وجوز الكوفيون مطابقة الضمير لفظًا نحو ربها امرأة، وربهما رجلين وهكذا واستندوا إلى السماع. قوله: "والتفسير بتمييز بعده" يؤخذ منه وجوب ذكره وهو كذلك بخلاف مميز نعم وبئس، ولعل الفرق قوة العامل في باب نعم وبئس، فاحتمل معه ترك التمييز بخلافه في ربه رجلًا، فإنه ضعيف وإشعار المخصوص بنوع التمييز في باب نعم وبئس، وعدم إشعار   540- صدره: واه رأيت وشيكًا صدع أعظمه والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 127؛ وشرح ابن عقيل ص356؛ وشرح عمدة الحافظ ص271؛ والمقاصد النحوية 3/ 257؛ وهمع الهوامع 1/ 66، 2/ 27. 541- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 19؛ والدرر 4/ 128؛ وشرح التصريح 2/ 4؛ وشرح شذور الذهب ص172؛ وشرح شواهد المغني ص874؛ ومغني اللبيب ص491؛ والمقاصد النحوية 3/ 259؛ وهمع الهوامع 2/ 27. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   542- وأم أو عال كها أو أقربا وقوله: 543- ولا ترى بعلا ولا حلائلا ... كه ولا كهن إلا حاظلا وهذا مختص بالضرورة. تنبيه: قوله ونحوة يحتمل ثلاثة أوجه: الأول أن يكون إشارة إلى بقية ضمائر الغيبة المتصلة كما في قوله: كه ولا كهن. الثاني أن يكون إشارة إلى بقية الضمائر مطلقًا، وقد شذ دخول الكاف على ضمير المتكلم والمخاطب، كقوله:   شيء به في رب فتنبه. قوله: "دائبًا" أي إرثًا دائبًا أي دائمًا. قوله: "وأم أو عال كها أو أقربا" صدره: خلى الذنابات شمالًا كثبا وضمير خلى لحمار وحشي والذنابات بفتح الذال المعجمة اسم موضع، وشمالًا ظرف أي ناحية شماله وكثبًا بفتح الكاف والمثلثة أي قريبًا منه، والمفعول الثاني لخلى إما شمالًا وكثبًا حال، أو بالعكس وأم أو عال اسم موضع مرتفع، وهو منصوب عطفًا على الذنابات، أو مرفوع بالابتداء خبره كها أي كالذنابات، وأقربا على الأول معطوف على محل الجار والمجرور وعلى الثاني معطوف على المجرور. قوله: "ولا ترى بعلًا" أي زوجًا ولا حلائلًا أي زوجات كه أي كالحمار الوحشي، ولا كهن أي الأتن إلا حاظلًا استثناء من بعلًا، والحاظل المانع من التزويج كالعاضل، وكانت عادة الجاهلية إذا طلقوا امرأة منعوها أن تتزوج بغيرهم إلا بإذنهم. قوله: "وهذا مختص بالضرورة" أي خلافًا لما توهمه عبارة المصنف من أن دخول الكاف على ضمائر الغيبة المتصلة قليل فقط، حيث شبهه بربه مع أنه قليل جدًا، وضرورة ويجاب بأن التشبيه في أصل القلة، قوله: "مطلقًا" أي سواء كانت ضمائر غيبة أو تكلم أو خطاب متصلة أو منفصلة. قوله: "وقد شذ إلخ" غرضه التورك على المتن إذا حملت عبارته على الاحتمال الثاني بإيهام عبارته أن دخول الكاف   542- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 269؛ وأوضح المسالك 3/ 16؛ وجمهرة اللغة ص61؛ وخزانة الأدب 10/ 195، 196؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 95؛ وشرح شواهد الشافية ص345؛ والكتاب 2/ 384؛ ومعجم ما استعجم ص212؛ والمقاصد النحوية 3/ 253؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص356؛ وشرح المفصل 8/ 16، 42، 44. 543- الرجز لرؤية في ديوانه ص128؛ وخزانة الأدب 10/ 195، 196؛ والدرر 5/ 268، 4/ 152؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 163؛ وشرح التصريح 2/ 4؛ والمقاصد النحوية 3/ 256؛ وللعجاج في الكتاب 2/ 384؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 18؛ وجواهر الأدب ص124؛ ورصف المباني ص204؛ وشرح ابن عقيل ص357؛ وشرح عمدة الحافظ ص269؛ وهمع الهوامع 2/ 30. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   544- وإذا الحرب شمرت لم تكن كي وكقول الحسن: أنا كك وأنت كي. وأما دخولها على ضمير الرفع نحو ما أنا كهو، وما أنا كأنت، وما أنت كأنا، وعلى ضمير النصب نحو ما أنا كإياك وما أنت كإياي، فجعله في التسهيل أقل من دخول على ضمير الغيبة المتصل. قال المرادي: وفيه نظر بل إن لم يكن أكثر فهو مساو. والثالث أن يكون إشارة إلى بقية ما يختص بالظاهر، أي أن بقية ما يختص بالظاهر دخوله على الضمير قليل كقوله: 545- فلا والله لا يلفي أناس ... فتى حتاك يا ابن أبي زياد وقوله:   على غير ضمائر الغيبة من بقية الضمائر كدخولها على ضمائر الغيبة مع أنه دون دخولها على ضمائر الغيبة؛ لأنه شاذ يحفظ ولا يقاس عليه بخلاف دخولها على ضمائر الغيبة فجائز ضرورة حتى لنا. قوله: "وإذا الحرب شمرت" أي نهضت وكي بكسر الكاف لمناسبة ياء المتكلم، كما في الدماميني عن سيبويه. قوله: "وأما دخولها" مقابل لمحذوف أي هذا دخولها على ضمير الجر وأما إلخ. قوله: "فجعله في التسهيل أقل" يتجه لي أن المراد الأقلية من حيث القياس، وحينئذٍ لا يرد عليه نظر المرادي الذي سيذكره الشارح، وأن وجه أقليته أنه شاذ من جهتين كون مدخول الكاف ضميرا، وكون ذلك الضمير ضمير رفع أو نصب بخلاف ما مر، فإن شذوذه من الجهة الأولى، فاعرفه فإنه في غاية النفاسة. قوله: "قال المرادي وفيه نظر إلخ" حاصله منع الأقلية بأنه إن لم يكن أكثر في لسان العرب كان مساويا. قوله: "كقوله" أي في حتى الجارة التي الكلام فيها أما حتى العاطفة، فتدخل على المضمر كضربتهم حتى إياك. وقال ابن هشام الخضراوي: لا تعطف إلا الظاهر كالجارة. ا. هـ. فارضي. قوله: "فلا والله إلخ" الفاء عاطفة ولا لتأكيد لا في جواب القسم على ما قاله العيني وغيره، وفيه أن الحقيق بكونه تأكيدا لا الثانية دون الأولى، فيكون القسم مقحما بين النافي والمنفي إلا أن يراد التوكيد اللغوي، ولا يلفى جوابه أي لا يجد وأناس فاعل وفتى مفعول، وقوله   544- عجزه: حين تدعو الكماة فيها نزال والبيت من الخفيف، وهو لبشار بن برد في ديوانه، والدرر 4/ 154؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 197، 198؛ والمقاصد النحوية 3/ 265؛ وهمع الهوامع 2/ 31. 545- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الجني الداني ص544؛ وجواهر الأدب ص408؛ وخزانة الأدب 9/ 474، 475؛ والدرر 4/ 111؛ ورصف المباني ص185؛ وشرح ابن عقيل ص355؛ والمقاصد النحوية 3/ 265؛ والمقر 1/ 194؛ وهمع الهوامع 2/ 23. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 بعض وبين وابتدئ في الأمكنة ... بمن وقد تأتي لبدء الأزمنة   546- أتت حتاك تقصد كل فج ... ترجي منك أنها لا تخيب ا. هـ. وهذا شروع في ذكر معاني هذه الحروف "بعض وبين وابتدئ في الأمكنة بمن" أي تأتي من لمعان، وجملتها عشرة اقتصر منها هنا على الخمسة الأولى الأول التبعيض   حتاك أي إليك أي إلى لقيك، والمعنى لا يجدون فتى إلى أن يلقوك فحينئذٍ يجدون الفتى هذا ما ظهر لي. قوله: "في ذكر معاني إلخ"، اعلم أن مذهب البصريين أن حروف الجر لا ينوب بعضها عن بعض قياسًا، كما لا تنوب حروف الجزم والنصب عن بعض، وما أوهم ذلك محمول على نحو تضمين الفعل معنى فعل يتعدى بذلك الحرف، أو على شذوذ النيابة، فالتجوز عندهم في غير الحرف أو في الحرف لكن على الشذوذ، وجوز الكوفيون واختاره بعض المتأخرين نيابة بعضها عن بعض قياسًا، كما في التصريح والمغني، وإن اقتضى كلام البعض خلافه، فالتجوز عندهم في الحرف قال في المغني: وهذا المذهب أقل تعسفًا. قوله: "بمن" قال في الهمع الغالب في نون من إذا وليها ساكن أن تكسر مع غير لام التعريف، وتفتح معها وحذفها مع لام لم تدغم فيما بعدها قال ابن مالك: قليل وابن عصفور: ضرورة وأبو حيان: كثير حسن، فإن كانت اللام مدغمة لم يجز حذف النون، فلا يقال في من الظالم ومن الليل: م الظالم وم الليل ونظيره حذف نون بني، فإنهم لا يحذفونها إلا إذا لم تدغم اللام بعدها، وأما نون عن، فالغالب فيها الكسر مطلقًا مع اللام وغيرها، وحكى الأخفش ضمها مع اللام قال أبو حيان: وليس له وجه من القياس. ا. هـ. باختصار. قوله: "أي تأتي من لمعان" أشار به إلى أن الأمر في كلام المصنف ليس على حقيقته، إذ المراد الإخبار عما نقل عن العرب لا طلب ذلك، وظاهر كلام الشارح أن المعاني العشرة حقائق، والظاهر خلافه وأن الزيادة وما عدا التعليل من الخمسة الأخيرة مجازية لعدم تبادرها الذي هو علامة الحقيقة. قوله: "على الخمسة الأولى"، قد ذكر الخامس بقوله ومن وباء يفهمان بدلًا. قوله: "التبعيض" إن أريد به التبعيض الملحوظ لغيره أي لكونه حالة بين المتعلق والمجرور، وآلة لربط أحدهما بالآخر فلا مسامحة في العبارة، وإن أريد به مطلق التبعيض كان في العبارة مسامحة؛ لأن معنى من ليس مطلق التبعيض بل التبعيض الملحوظ لغيره لما تقرر أن معنى الحرف في غيره، وقس على ذلك بقية المعاني الآتية للحروف قال في المطول والمختصر: قال صاحب المفتاح: المراد بمتعلقات معاني الحروف ما يعبر بها عنها عند تفسير معانيها مثل قولنا: من معناها ابتداء الغاية وفي معناها الظرفية، وكي معناها الغرض فهذه ليس معاني الحروف، وإلا لما كانت حروفًا بل أسماء؛ لأن الاسمية والحرفية إنما هما باعتبار المعنى، وإنما هي متعلقات لمعانيها أي إذا   546- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 111؛ وشرح التصريح 2/ 3؛ وشرح شواهد المغني ص370؛ ومغني اللبيب ص123؛ وهمع الهوامع 2/ 23. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   نحو: {حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] ، وعلامتها أن يصح أن يخلفها بعض، ولهذا قرئ بعض ما تحبون. الثاني بيان الجنس نحو: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: 30] ، وعلامتها أن يصح أن يخلفها اسم موصول. الثالث ابتداء الغاية في الأمكنة باتفاق نحو: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] ، "وقد تأتي لبدء الغاية في "الأزمنة" أيضًا خلافًا لأكثر البصريين نحو: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى   أفادت هذه الحروف معاني رجعت تلك المعاني إلى هذه بنوع استلزام. ا. هـ. وكتب سم على قوله معاني الحروف ما نصه كالابتداء المخصوص والظرفية المخصوصة، والغرض المخصوص وكتب على قوله بنوع استلزام ما نصه؛ لأن الخواص تستلزم العوام. ا. هـ. وبذلك يفهم أن قول الشارح أن يخلفها بعض أي في أصل المعنى لا من كل وجه، وأن مراده بقوله: الخامس أن تكون بمعنى بدل توافقهما في أصل المعنى، وكذا يقال في نظائر ذلك من العبارات المتسامح فيها، ولا خلاف في كون المعنى المستعمل فيه الحرف جزئيا ملحوظا للغير، وإنما اختلفوا في كون هذا الجزئي هو الموضوع له أولا، ذهب إلى الأول العضد والسيد، ومن وافقهما فقالوا: معاني الحروف جزئيات وضعا واستعمالا، فمن مثلًا موضوعة لكل فرد من الابتداآت الجزئية الملحوظة للغير مستحضرة بكلي يعمها. وذهب إلى الثاني الأوائل فقالوا: هي كليات وضعًا جزئيات استعمالًا. قال عبد الحكيم في حاشية المطول: ذهب الأوائل إلى أنها موضوعة للمعاني الكلية الملحوظة لغيرها، فلهذا شرط الواضع في دلالتها ذكر الغير معها، فمعنى من مثلًا هو الابتداء لكن من حيث إنه آلة لتعرّف حال غيره، فلهذا وجب ذكر الغير، وهذا ما اختاره الشارح في تصانيعه. ا. هـ. يعني التفتازاني. وما قيل: يلزم حينئذٍ أن لا تستعمل إلا في معان جزئية، فيلزم أن تكون مجازات لا حقائق لها، مع أنهم ترددوا في أن المجاز يستلزم الحقيقة أولًا مدفوع بأن هذا إنما يلزم لو كان استعمالها في الجزئيات من حيث خصوصياتها، أما إذا كان من حيث أنها أفرادها المعاني الكلية فلا. ا. هـ. باختصار. وبسط الكلام على ذلك في رسالتنا البيانية. قوله: "أن يخلفها اسم موصول" أي مع ضمير يعود على ما قبلها لكن هذا إن كان ما قبلها معرفة، فإن كان نكرة فعلامتها أن يخلفها الضمير فقط نحو: {مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [الكهف: 31] ، أي هي ذهب ولو قال: أن يصح الإخبار بما بعدها عما قبلها لكان أحسن. واعلم أن من البيانية مع مجرورها ظرف مستقر في محل نصب على الحالية، إن كان ما قبلها معرفة ونعت تابع لما قبلها في إعرابه إن كان نكرة. قوله: "ابتداء الغاية" يعني المسافة لا معناها الحقيقي الذي هو آخر الشيء، فهو من تسمية الكل باسم الجزء، وعلامتها أن يحسن في مقابلتها إلى أو ما يفيد فائدتها، نحو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن معنى أعوذ بالله ألتجىء إليه فالباء هنا أفادت معنى الانتهاء نقله الشمني عن الرضي. قوله: "في الأمكنة" الأول أن يراد بها ما عدا الأزمنة، فيشمل ما ليس زمانًا ولا مكانًا نحو: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ} [النمل: 30] . قوله: "نحو لمسجد أسس على التقوى من أول يوم" إن أريد بالتأسيس البناء، فالابتداء ظاهر أو مجرد وضع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 وزيد في نفي وشبهه فجر ... نكرة كما لباغ من مفر   مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: 108] ، وقوله: 547- تخيرن من أزمان يوم حليمة ... إلى اليوم قد جرين كل التجارب الرابع التخصيص على العموم أو تأكيد التنصيص عليه وهي الزائدة، لها شرطان: أن يسبقها نفي أو شبهه وهو النهي والاستفهام، وأن يكون مجرورها نكرة وإلى ذلك الإشارة بقوله: "وزيد في نفي وشبهه فجر نكرة"، ولا تكون هذه النكرة إلا مبتدأ "كما لبغ من مفر"، أو فاعلًا نحو لا يقم من أحد، أو مفعولًا به، نحو: {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك:   الأساس فمن يعني في كما قاله الرضي قال: ومن في الظروف كثيرًا ما تقع بمعنى في نحو جئت من قبل زيد ومن بعده، {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5] . قوله: "تخيرن" مبني للمجهول أي اصطفين، وضميره يرجع إلى السيوف، ويوم حليمة من أيام حروب العرب المشهورة وحليمة بنت الحرث بن أبي شمر ملك غسان، وجه أبوها جيشًا إلى المنذر بن ماء السماء، فأخرجت لهم طيبًا وطيبتهم فلما قدموا على المنذر، قالوا له: أتيناك من عند صاحبنا، وهو يدين لك، ويعطيك حاجتك فتباشر هو وأصحابه، وغفلوا بعض الغفلة، فحمل ذلك الجيش على المنذر وقتلوه. ويقال: إنه ارتفع في ذلك اليوم من العجاج ما غطى عين الشمس. والتجارب كمساجد جمع تجربة كذا في المصباح. قوله: "ولها شرطان" يؤخذ من الشرح شرط ثالث، وهو كون النكرة فاعلًا أو مفعولًا به، أو مبتدأ أي أو مفعولًا مطلقًا على ما جنح إليه ابن هشام ومثل له تبعًا لأبي البقاء بقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] ، أي من تفريط، فلا تزاد مع غير هذه الأربعة عند الجمهور وقيل: تزاد قبل الحال كقراءة من قرأ: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} [الفرقان: 18] ، ببناء نتخذ للمفعول، وتقدم في باب الحال عن ابن هشام رده بأنه يلزم على الحالية إثبات الملائكة لأنفسهم الولاية، وجعل ابن مالك من الداخلة على الظروف التي لا تتصرف زائدة كما مر في محله. قوله: "أن يسبقها نفي أو شبهه"، فلا تزاد في الإثبات ويستثنى منه تمييز كم الخبرية إذا فصل بينه وبين كم فعل متعد نحو: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ} [الدخان: 25] ، كما نقله التفتازاني عن القوم. قوله: "والاستفهام" أي بهل وكذا الهمزة على الأوجه، فلا تزاد مع غيرهما لعدم السماع؛ ولأن غيرهما لا يطلب به التصديق بل التصور بخلافهما، فإن هل لطلب التصديق فقط والهمزة له ولطلب التصور. قوله: "إلا مبتدأ" أي ولو في الأصل، فدخل فيه أول مفعولي ظن، وثاني مفاعيل أعلم كما قاله الدماميني. قوله: "أو مفعولًا به" أي حقيقة، فخرج   547- البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص45؛ وخزانة الأدب 3/ 331؛ وشرح التصريح 2/ 8؛ وشرح شواهد المغني ص349، 731؛ ولسان العرب 1/ 261 "جرب"، 12/ 149 "حلم"؛ ومغني اللبيب ص319؛ والمقاصد النحوية 3/ 270؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 22؛ وشرح ابن عقيل ص358. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   3] ، والتي لتنصيص العموم هي التي مع نكرة لا تختص بالنفي، والتي لتأكيده هي التي مع نكرة تختص به كأحد وديار. وذهب الكوفيون إلى عدم اشتراط النف وشبهه، وجعلوها زائدة نحو قولهم: قد كان من مطر. وذهب الأخفش إلى عدم اشتراط الشرطين معًا، فأجاز زيادتها في الإيجاب جارة لمعرفة وجعل من ذلك قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: 31] ، الخامس أن تكون بمعنى بدل نحو: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ} [التوبة: 38] ، وقوله: 548- أخذوا المخاض من الفصيل غلبة ... ظلمًا ويكتب لللأمير أفيلا   ثاني مفعولي ظن وثالث مفاعيل أعلم؛ لأنهما خبران في الأصل لا مفعولان حقيقة، والمفعول حقيقة ما يتضمنه ثانيهما مضافًا إلى أولهما، إذ المظنون في ظننت زيدًا قائمًا قيام زيد قاله الدماميني. قوله: "هي التي مع نكرة لا تختص بالنفي" أي؛ لأنها قبل دخول من تحتمل نفي الوحدة بمرجوحية ونفي الجنس على سبيل العموم براجحية، فدخولها منصص على الثاني، فيمتنع أن يقال: ما جاءني من رجل بل رجلان. فإن قلت: إذا أفادت التنصيص فكيف تكون زائدة؟ قلت: المراد بزيادتها وقوعها في موضع يطلبه العامل بدونها، فتكون مقحمة بين طالب ومطلوب، وإن كان سقوطها مخلًا بالمقصود قاله المصرح. قوله: "مع نكرة تختص به" أي بالنفي أو شبهه وإنما كانت لتأكيده؛ لأن النكرة الملازمة للنفي تدل على العموم نصًا، فزيادة من تأكيد لذلك. قوله: "وذهب الكوفيون" أي بعضهم أما الكسائي وهشام منهم، فيوافقان الأخفش في عدم اشتراط الشرطين معًا، واختاره في التسهيل كذا في الهمع. قوله: "وجعلوها زائدة إلخ" أجيب بأن من تبعيضية أو بيانية لمحذوف أي قد كان شيء من مطر. واعترض بأن حذف الموصوف وإقامة الجملة، أو الظرف مقامه قليل لا سيما إذا كان الموصوف فاعلًا. وأجيب أيضًا بأن الفاعل ضمير مستتر يعود إلى اسم فاعل تضمنه الفعل، والتقدير كان هو أي كائن من جنس المطر، والظرف مستقر حال من الضمير، وبأن زيادتها في ذلك حكاية كأنه سئل هل كان من مطر، فأجيب بذلك على سبيل حكاية السؤال كما قالوا: دعنا من تمرتان كذا في الدماميني. قوله: "وجعل من ذلك قوله تعالى إلخ"، أجيب بأن من للتبعيض ولا ينافيه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} ؛ لأن الذنوب في الأول ذنوب أمة نوح عليه عليه الصَّلاة والسَّلام. وفي الثاني ذنوب أمة نبينا عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام على أنه لا يناقض الموجبة الجزئية، إلا السالبة الكلية لا الموجبة الكلية. قوله: "أخذوا إلخ" أي عمال الزكاة والمخاض النوق الحوامل   548- البيت من الكامل، وهو للراعي النميري في ديوانه ص242؛ وتذكرة النحاة ص311؛ وشرح شواهد الإيضاح ص607؛ وشرح شواهد المغني 2/ 736؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص273؛ وشرح المفصل 6/ 44؛ ومغني اللبيب 1/ 320. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 للآنتها حتى ولام وإلى ... ومن وباء يفهمان بدلًا   السادس الظرفية نحو: {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} [الأحقاف: 4] ، {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] . السابع التعليل نحو: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: 25] وقوله: 549- يغضي حياء ويغضى من مهابته الثامن موافقة عن نحو: {يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [الأنبياء: 97] . التاسع موافقة الباء نحو: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45] . العاشر موافقة على نحو: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا} [الأنبياء: 77] ، "للآنتها حتى ولام وإلى" أي تكون هذه الثلاثة لانتهاء الغاية في الزمان والمكان، وإلى أمكن في ذلك من حتى؛ لأنك تقول   لا واحد لها من لفظها بل من معناها وهو خلفة، والفصيل ولد الناقة إذا فصل عنها، والغلبة بالغين المعجمة واللام المضمومتين وتشديد الموحدة الغلبة، والأفيل صغير الإبل لأفوله أي غيبته بينها، ونصبه بفعل محذوف أي أدّى فلان أفيلًا. قوله: "ماذا خلقوا من الأرض إلخ" كونها للظرفية، أو بمعنى عن. أو الباء. أو على مذهب الكوفيين، وللبصريين أن يجعلوها في هذه الآية لبيان الجنس، وفي: {يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [الأنبياء: 97] ، للابتداء لإفادة أن ما بعد ذلك من العذاب أشد. قال الدماميني قال ابن هشام: وعلى هذا تكون متعلقة بويل كما في: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: 27] ، لكن التعلق في آية: {يَا وَيْلَنَا} [الأنبياء: 14] ، معنوي لا صناعي للفصل. ا. هـ. ملخصًا وكذا، {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45] ، وفي: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا} [الأنبياء: 77] ، على تضمين نصر معنى نجى كما قيل بكل ذلك. وقال الدماميني والشمني: إن أريد كون الظرف آلة للنظر فمن بمعنى الباء أو مبدأ له، فهي للابتداء فهما معنيان متغايران موكولان إلى إرادة المستعمل، قوله: "موافقة عن" أي لازم موافقتها وهو المجاوزة وكذا يقال في نظائره الآتية، ومن التي للمجاوزة على أظهر أوجه في الهمع الداخلة على ثاني المتضادين نحو: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] ، {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] . قوله: "موافقة الباء" أي باء الاستعانة دماميني. قوله: "وإلى أمكن في ذلك" أي أقوى لاستعمالها فيما لم تستعمل فيه حتى بما بينه الشارح؛ ولأنه يجوز كتبت إلى زيد، وأنا إلى عمرو أي هو غايتي وسرت من البصرة إلى الكوفة ولا   549- عجزه: فما يكلم إلا حين يبتسم والبيت من البسيط، وهو للحزين الكناني "عمرو بن عبد وهيب" في الأغاني 15/ 263؛ ولسان العرب 13/ 114 "حزن"؛ والمؤتلف والمختلف ص89؛ وللفرزدق في ديوانه 2/ 179؛ وأمالي المرتضى 1/ 68؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1622؛ وشرح شواهد المغني 2/ 732؛ ومغني اللبيب 1/ 320؛ والمقاصد النحوية 2/ 513؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 146؛ وشرح المفصل 2/ 53. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   سرت البارحة إلى نصفها، ولا يجوز حتى نصفها؛ لأن مجرور حتى يلزم أن يكون آخرًا أو متصلًا بالآخر نحو: أكلت السمكة حتى رأسها ونحو: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5] ، واستعمال اللام للانتهاء قليل نحو: {كُلٌّ جْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} [الرعد: 2] ، وسيأتي الكلام على بقية معانيها في هذا الكتاب، وعلى بقية أحكام حتى في باب إعراب الفعل، وأما إلى فلها ثمانية معان: الأول انتهاء الغاية مطلقًا كما تقدم. الثاني المصاحبة نحو: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] ، الثالث التبيين وهي المبينة لفاعلية مجرورها بعد ما يفيد حبًا، أو بغضًا من فعل تعجب أو اسم تفضيل نحو: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} [يوسف: 33] : الرابع موافقة اللام نحو: {وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ} [النمل: 33] ، وقيل: لانتهاء أي منته إليك: الخامس موافقة في نحو: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [النساء:   يجوز حتى زيد وحتى عمرو لوضع حتى لإفادة تقضي الفعل قبلها شيئًا فشيئًا إلى الغاية، وليس ما قبل حتى في المثالين مقصودًا به التقضي، ولا حتى الكوفة لضعف حتى في الغاية، فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية ذكره في المغني، ولا ينافيه أن حتى قد تستعمل فيما لم يستعمل فيه إلى، وهو جر أن المضمرة والمضارع المنصوب بها نحو سرت حتى أدخلها؛ لأنه قد يلتزم أن ما انفردت به إلى أكثر مما انفردت به حتى، وظاهر كلام المصنف والشارح أن حتى الجارة للانتهاء دائمًا، ومحله ما لم تدخل على المضارع المنصوب بأن المضمرة، وإلا فقد تكون له، وقد تكون للتعليل وللاستثناء كما سيأتي قاله الدماميني. قوله: "لأن مجرور حتى إلخ"، خالفه في التسهيل، فقال: لا يلزم كونه آخر جزء ولا ملاقي آخر جزء خلافًا لزاعم ذلك. قوله: "أن يكون آخرًا إلخ" أي وأن يكون ظاهرًا لا ضميرًا إلا ما شذ كما سيأتي. قيل: لأنها لو دخلت على الضمير قلبت ألفها ياء كما في إلى وعلى ولدي، وهي فرع عن إلى، فيلزم مساواة الفرع لأصله بلا ضرورة، قوله: "نحو أكلت السمكة إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله: "ونحو سلام هي إلخ" نقل يس عن ابن هشام أن حتى متعلقة بتنزل لا بسلام، ويلزم عليه الفصل بين العامل والمعمول بجملة سلام هي. قوله: "انتهاء الغاية مطلقًا" أي في الزمان والمكان في الآخر، والمتصل بالآخر وغيرهما. قوله: "الثاني المصاحبة" قال بذلك الكوفيون وجماعة من البصريين، ومن أنكره جعلها في مثل الآية التي ذكرها الشارح للانتهاء والمعنى، ولا تأكلوا أموالهم مضمومة إلى أموالكم. دماميني. قوله: "نحو ولا تأكلوا إلخ" أي من كل تركيب اشتمل على ضم شيء إلى آخر في كونه محكومًا به على شيء، أو محكومًا عليه بشيء، أو متعلقًا بشيء سواء كان من جنسه أو لا، فلا يجوز إلى زيد مال بمعنى مع زيد مال إذ ليس فيه ضم شيء إلى آخر في شيء مما ذكرنا كذا في المغني والشمني. قوله: "من فعل تعجب أو اسم تفضيل"، أي مشتقين من لفظي الحب والبغض كذا قاله الشمني، وأقره شيخنا والبعض، ويظهر لي أن المشتق مما في معناهما كالمشتق منهما نحو ودّ وكره، ويشير إليه قول الشارح بعدما يفيد حبًا أو بغضًا فتدبر. ثم رأيت في الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   87، الأنعام: 12] ، وقوله: 550- فلا تتركني بالوعيد كأنني ... إلى الناس مطلي به القار أجرب السادس موافقة من كقوله: 551- تقول وقد عاليت بالكور فوقها ... أيسقى فلا يروى إلي ابن أحمرا السابع موافقة عند كقوله: 552- أم لا سبيل إلى الشباب وذكره ... أشهر إلي من الرحيق السلسل الثامن التوكيد وهي الزائدة، أثبت ذلك الفراء مستدلًا بقراءة بعضهم: {أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] ، بفتح الواو. وخرجت على تضمين تهوى معنى تميل.   الدماميني ما يؤيده وسيأتي. قوله: "موافقة اللام" أي الاختصاصية. قوله: "نحو ليجمعنكم إلخ"، وقيل: ضمن يجمع معنى يضم. قوله: "وقوله" أي النابغة الذبياني يخاطب النعمان بن المنذر. قوله: "مطليّ" أي جمل مطلي به القار أي الزفت فيه قلب نكتته الإشارة إلى كثرة القار التي تزيد في النفرة عنه، فافهم واعترض جعل إلى بمعنى في بأنه لو صح ذلك لساغ أن يقال: زيد إلى الكوفة بمعنى فيها، وهو لا يجوز فتجعل إلى متعلقة بمحذوف أي مضافًا إلى الناس، وفيه نظر إذ الظاهر جواز زيد إلى الكوفة بمعنى فيها على مذهب الكوفيين، الذي عد هذه المعاني عليه كما علم مما مر. قوله: "تقول" أي الناقة وقد عاليت أي علوت بالكور بكاف مضمومة، ثم راء الرحل والباء بمعنى على ويسقى مبني للمجهول، فلا يروى مضارع روى من باب رضى أي زال عطشه والسقي كناية عن الركوب، وعدم الارتواء كناية عن عدم السآمة من الركوب، وابن أحمر هو عمرو بن أحمر قائل البيت. وكل من إلى وابن أحمر معمول ليسقى أو تنازعهما الفعلان.   550- البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص73؛ وأدب الكاتي ص506؛ والأزهية ص273؛ والجني الداني ص387؛ وخزانة الأدب 9/ 465؛ والدرر 4/ 101؛ وشرح شواهد المغني ص 223؛ ولسان العرب 15/ 435؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص798؛ وجواهر الأد ص343؛ ورصف المباني ص83؛ ومغني اللبيب ص75؛ وهمع الهوامع 2/ 20. 551- البيت من الطويل، وهو لابن أحمر في ديوانه ص84؛ وأدب الكاتب ص511؛ والجني الداني ص388؛ والدرر 4/ 102؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 1/ 225؛ ومغني اللبيب 1/ 75؛ وهمع الهوامع 2/ 20. 552- البيت من الكامل، وهو لأبي كبير الهذلي في أدب الكاتب ص512؛ والجني الداني ص389؛ والدرر 4/ 102؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 1069؛ وشرح شواهد المغني 1/ 226؛ ولسان العرب 11/ 343 "سلسل"، والمقاصد النحوية 3/ 54؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 237؛ والاشتقاق ص479؛ ومغني اللبيب 1/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 20. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيه: إن دلت قرينة على دخول ما بعد إلى، وحتى نحو قرأت القرآن من أوله إلى آخره. ونحو قوله: 553- ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها أو على عدم دخوله نحو: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] ، ونحو قوله:   قوله: "وذكره إلخ" جملة حالية، والرحيق من أسماء الخمر والسلسل السهل الدخول في الحلق، ويظهر لي أنه لا مانع من جعل إلى في البيت للتبيين كهي في زيد أحب إليّ لوجود ضابطها تأمل، ثم رأيت الدماميني صرح به فللَّه الحمد، قوله: "نحو قرأت القرآن إلخ" قال: سم كأن القرينة هنا وقوع القرآن الظاهر في جميعه مفعولاً لقرآن. ا. هـ. وفيه إشارة إلى أن القرآن قد يستعمل في القدر المشترك الصادق بالقليل والكثير، وقيل: القرينة ظهور إرادة الاستيفاء. قوله: "ألقى الصحيفة" الضمير في ألقى يرجع إلى المتلمس كان هو وطرفة بن العبد هجوا عمرو بن هند، فبلغه ذلك فلم يظهر لهما شيئاً، ثم مدحاه فكتب لكل منهما كتابا إلى عامله بالحيرة، وأوهم أنه كتب لكل بصلة فلما وصلا الحيرة، قال المتلمس لطرفة: إنا هجوناه ولعله اطلع على ذلك ولو أراد أن يصلنا لأعطانا، فهلم ندفع الكتابين إلى من يقرؤهما، فإن كان خيرا، وإلا فررنا فامتنع طرفة ونظر المتلمس إلى غلام قد خرج من المكتب، فقال له أتحسن القراءة قال: نعم، فأعطاه الكتاب فقرأه فإذا فيه قتله، فألقاه في النهر وفر إلى الشام وأتى طرفة إلى عامل الحيرة بالكتاب فقتله. وقوله حتى نعله بالجر؛ لأن الكلام في حتى الجارة كما هو ظاهر، وإن روي أيضا بالنصب على الاشتغال، فحتى ابتدائية والهاء في ألقاها للنعل أو على العطف، فحتى عاطفة والهاء للنعل أو الصحيفة، أو الثلاثة وجملة ألقاها توكيد والرفع على الابتداء، فحتى ابتدائية والهاء للنعل، والقرينة على دخول النعل فيما قبل حتى قوله ألقاها بناء على الظاهر من عود الهاء إلى النعل، أو الثلاثة وأورد أن الذي قبل حتى الصحيفة، والزاد والنعل غير داخلة فيها قطعا. وأجيب بتأويلهما بالمثقل وهو يشمل النعل، فكأنه قال ألقى ما يثقله حتى نعله. ولما كانت النعل متصلة بالآخر، وهو القدم جرها بحتى. قوله: "ثم أتموا الصيام إلى الليل" القرينة نهى الشارع عن المواصلة، وكون الصيام شرعاً إنما هو الإمساك عن المفطر جميع النهار، وإلى متعلقة بالصيام لكونه مما يمتد لا بأتموا؛ لأن الإتمام فعل   553- البيت من الكالم، وهو للمتلمس في ديوانه ص327؛ وشرح شواهد المغني 1/ 370؛ ولأبي "أو لابن" مروان النحوي في خزانة الأدب 3/ 21، 24؛ والدرر 4/ 113؛ وشرح التصريح 2/ 141؛ والكتاب 1/ 97؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص269؛ وأوضح المسالك 3/ 365؛ والجني الداني ص547، 553؛ وخزانة الأدب 9/ 472؛ والدرر 6/ 140؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 411؛ وشرح عمدة الحافظ ص614؛ ورصف المباني ص182؛ وشرح قطر الندى ص304؛ وشرح المفصل 8/ 19؛ ومغني اللبيب 1/ 24؛ وهمع الهوامع 2/ 24، 36. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 واللام للملك وشبهه وفي ... تعدية أيضًا وتعليل قفي وزيد والظرفية استبن ببا ... وفي وقد يبينان السببا   554- سقى الحيا الأرض حتى أمكن عزيت ... لهم فلا زال عنها الخير محدودا عمل بها، وإلا فالصحيح في حتى الدخول، وفي إلى عدمه مطلقًا حملًا على الغالب فيهما عند القرينة، وزعم الشيخ شهاب الدين القرافي أنه لا خلاف في وجوب دخول ما بعد حتى، وليس كما ذكر بل الخلاف مشهور، وإنما الاتفاق في حتى العاطفة لا الخافضة. والفرق أن العاطفة بمنزلة الواو. انتهى "ومن يفهمان بدلا"، أي تأتي من والباء بمعنى بدل أما من، فقد سبق بيان ذلك فيها وأما الباء، فسيأتي الكلام عليا قريبًا إن شاء الله تعالى، "واللام للملك وشبهه وفي تعدية أيضًا، وتعليل قفي وزيد" أي تأتي اللام الجارة لمعان جملتها أحد وعشرون معنى: الأول انتهاء الغاية وقد مر. الثاني الملك نحو المال لزيد. الثالث شبه الملك نحو الجل للدابة، ويعبر عنها بلام الاستحقاق أيضًا، لكنه غاير بينهما في التسهيل، وجعلها في شرحه الواقعة بين معنى وذات نحو: الحمد لله، و {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] ، وقد يعبر عن الثلاث بلام الاختصاص. الرابع التعدية، ومثل له   الجزء الأخير، فلا يمتد والمغيا لا بد أن يكون ممتدًا. قوله: "سقى الحيا" بالقصر وقد يمد أي المطر والقرينة دعاء الشاعر على ما بعد حتى بانقطاع الخير عنه. وقوله: محدودًا بحاء ودالين مهملات أي ممنوعًا، أو بجيم ودالين مهملتين أو معجمتين أي مقطوعًا قال الدماميني: ولا أعلم الرواية. قوله: "مطلقًا" أي سواء كان ما بعدها من جنس ما قبلها أولا، وهو راجع إلى الدخول في حتى وعدمه في إلى، والمقابل في الأول القول بعدم الدخول مطلقًا، والقول بأن ما بعدها إن كان من جنس ما قبلها دخل نحو سرت بالنهار حتى وقت العصر، وإلا فلا نحو سرت بالنهار حتى الليل، والمقابل في الثاني القول بالدخول مطلقًا، والقول بالتفصيل فالأقوال الثلاثة في كل من إلى، وحتى على الصحيح خلافًا للقرافي هذا ما تفيده عبارة الفارضي، وانظر حكم اللام إذا كانت للغاية والأقرب أنها كإلى. قوله: "للملك"، وهي الواقعة بين ذاتين ومدخولها يملك. قوله: "نحو الجل للدابة" الجل بالضم والفتح ما تلبسه الدابة لتصان به. قاموس. قوله: "وجعلها" أي لام الاستحقاق، وعليه فلام شبه الملك هي الواقعة بين ذاتين، ومدخولها لا يملك، وقد تسمى لام الاختصاص أقول أو بين ذاتين ومصاحب مدخولها لا يملك نحو أنت لي، وأنا لك ولزيد ابن كما يؤخد من تمثيل الهمع للام الاختصاص بنحو: {إِنَّ لَهُ أَبًا} [يوسف: 78] ، {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: 11] فتدبر. قوله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} التمثيل به مبني على أن ويل اسم للعذاب لا على أنه اسم واد في جهنم؛ لأنه على هذا اسم ذات. قوله: "وقد يعبر عن الثلاث   554- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني 1/ 371؛ ومغني اللبيب 1/ 124. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   في شرح الكافية بقوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5] لكنه قال في شرح التسهيل: إن هذه اللام لشبه التمليك قال في المغني: والأولى عندي أن يمثل للتعدية بما أضرب لعمرو وما أحبه لبكر. الخامس التعليل نحولة حكم بين الناس وقوله: 555- وإني لتعروني لذكراك هزة السادس الزائدة، وهي إما لمجرد التوكيد كقوله: 556- وملكت ما بين العراق ويثرب ... ملكًا أجار لمسلم ومعاهد وإما لتقوية عامل ضعف بالتأخير، أو بكونه فرعًا عن غيره نحو: {لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ   إلخ"، وقد يعبر بلام الاختصاص عن الواقعة بين ذاتين، ومدخولها لا يملك نحو الجلّ للدابة أو بين ذاتين، ومصاحب مدخولها لا يملك نحو لزيد ابن كما مر. قوله: "بلام الاختصاص" الراجح أن المراد بالاختصاص هنا التعلق والارتباط لا القصر. قوله: "الرابع التعدية" أي المجردة، فلا ينافي أنها في بقية المواضع للتعدية لكن مع إفادة شيء آخر قاله الحفيد. قوله: "بما أضرب زيدًا لعمرو إلخ" أي؛ لأن ضرب وحب مثلًا متعديان في الأصل، وببنائهما للتعجب نقلًا إلى فعل بضم العين، فصارا قاصرين ثم عديا بالهمزة إلى زيد، وباللام إلى عمرو وبكر هذا مذهب البصريين، ومذهب الكوفيين أن الفعلين باقيان على تعديتهما إلى المفعول كعمرو وبكر، وأنهما لم ينقلا، فليست اللام للتعدية وإنما هي مقوية للعامل لضعفه باستعماله في التعجب، وهذا الخلاف مبني على الخلاف في فعل التعجب المصوغ من متعد، فمذهب الكوفيين أنه يبقى على تعديته ومذهب البصريين أنه لا يبقى كذا في التصريح، واعلم أنه سيأتي في باب التعجب أن هذه اللام للتبيين، فلا تكون للتعدية المجردة اللهم إلا أن يكون فيها خلاف، فما هنا قول وما سيأتي قول آخر تأمل. قوله: "السادس الزائدة" فيه أن الكلام في عد معاني اللام والزائدة ليست من معاني اللام، بل نفس اللام فكان الأولى أن يقول كما قال سابقًا ولاحقًا السادس التوكيد، وهي الزائدة وقول البعض كان الأولى أن يقول الزيادة غير مستقيم أيضًا، إذ الزيادة ليست من معاني اللام فافهم. قوله: "إما لمجرد التوكيد" هي الواقعة بين فعل ومفعوله، وبين المتضايفين نحو لا أبا لك على حد الأوجه فيه، وفائدتها تقوية المعنى دون العامل، فغايرت المزيدة لتقوية العامل. قوله: "وملكت" بتاء الخطاب. قاله الشاعر يمدح به عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان. تصريح. قوله: "وإما لتقوية إلخ"، ولما لم تكن اللام المقوية زائدة محضة نظرًا لجهة التقوية تعلقت   555- راجع التخريج رقم 443. 556- البيت من الكامل، وهو لابن ميادة في الأغاني 2/ 288؛ والدرر 4/ 170، 6/ 250؛ وشرح التصريح 2/ 11؛ وشرح شواهد المغني 2/ 580؛ والمقاصد النحوية 3/ 278؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 29؛ والجني الداني ص107؛ ومغني اللبيب 1/ 215؛ وهمع الهوامع 2/ 33، 157. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يَرْهَبُونَ} [الأعراف: 154] ، {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] ، ونحو: {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة: 91] ، {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] ، هذا ما ذكره الناظم في هذا الكتاب. السابع التملك نحو وهبت لزيد دينارًا. الثامن شبه التمليك نحو: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: 72] . التاسع النسب نحو لزيد أب ولعمرو عم. العاشر القسم والتعجب معًا كقوله: لله يبقى على الأيام ذو حيد   بالعامل الذي قوته عند الموضح بخلاف الزائدة المحضة، فلا تتعلق بشيء أفاده في التصريح. فائدة: قال في المغني قال ابن مالك: ولا تزاد لام التقوية مع عامل يتعدى لاثنين؛ لأنها إن زيدت في مفعوليه، فلا يتعدى فعل إلى اثنين بحرف واحد، وإن زيدت في أحدهما لزم الترجيح من غير مرجح، وهذا الأخير ممنوع؛ لأنه إذا تقدم أحدهما دون الآخر، وزيدت اللام في المقدم لم يلزم ذلك وقد قال الفارسي في قراءة من قرأ: "ولك وجهة هو موليها" بإضافة كل إنه من هذا وإن المعنى الله مولي كل ذي وجهة وجهته، فقدم المفعول الأول أو زيدت فيه لام التقوية، وحذف المضاف والمفعول الثاني. والضمير في موليها على هذا اللتولية المفهومة من مولى، وإنما لم يستغن عن تقدير المضاف، ويجعل الضمير للجهة لئلا يتعدى العامل إلى الظاهر وضميره معًا، ولهذا قالوا في الهاء من قوله: هذا سراقة للقرآن يدرسه إن الهاء مفعول مطلق لا ضمير القرآن. ا. هـ. بإيضاح وبعض تصرف وأجاب الدماميني عن ابن مالك بحمل كلامه على ما يذكر فيه المفعولان معًا مع كونهما متقدمين على العامل، أو متأخرين عنه، وأجاز التفتازاني في حاشية الكشاف الاستغناء عن تقدير المضاف، وجعل الضمير للجهة ودفع لزوم تعدي العامل إلى الظاهر، وضميره معًا بتقدير عامل للظاهر يفسره عامل الضمير أي لكل وجهة الله مول موليها، والمفعول الآخر على هذا محذوف أي أهلها نقله الشمني. قوله: "نحو وهبت لزيد دينارًا" فيه أن التمليك مستفاد من الفعل لا من اللام بدليل أنك لو أسقطت اللام، وقلت: وهبت زيدًا دينارًا كان الكلام صحيحًا دالًا على التمليك، ولو مثل بجعلت لزيد دينارًا لكان أحسن. قوله: "شبه التمليك إلخ" قد يقال: المفيد لشبه التمليك مجموع الكلام لا اللام وحدها، وكذا يقال في النسب بل، وفي التمليك على التمثيل له بجعلت لزيد دينارًا، كما هو التحقيق في التمثيل اللهم إلا أن يقال: لما توقف فهم شبه التمليك والنسب، والتمليك من التركيب على اللام نسبت إليها فتأمل. قوله: "نحو لزيد أب" جعل في الهمع من أمثلة لام الاختصاص: {إِنَّ لَهُ أَبًا} [يوسف: 78] ، {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: 11] . قوله: "القسم والتعجب معًا" قولهم في باب التعجب: إن المفيد للتعجب التركيب بتمامه يدل على أن نسبة الدلالة على التعجب هنا إلى اللام، كنسبتهم الطلب إلى السين، والتاء على ما حققه السيد من أنها مجاز من نسبة ما للكل إلى الجزء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ونحو: لله لا يؤخر الأجل. وتختص باسم الله تعالى. الحادي عشر التعجب المجرد عن القسم، ويستعمل في النداء كقولهم: يا للماء والعشب إذا تعجبوا من كثرتهما. وقوله: 557- فيا لك من ليل كأن نجومه ... بكل مغار الفتل شدت بيذبل وفي غيره كقولهم: لله دره فارسًا. ولله أنت. وقوله: 558- شباب وشيب وافتقار وثروة ... فلله هذا الدهر كيف ترددا الثاني عشر الضيرورة نحو: {فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص:   ا. هـ. دنوشري. قوله: "لله" بكسر اللام يبقى أي لا يبقى، والحيد بكسر المهملة ففتح التحتية جمع حيدة كبدرة وبدر العقدة في قرن الوعل وتمامه: بمشخر به الظيّان والآس بشين ثم خاء معجمتين الجبل العالي. والظيان بالظاء المشالة والتحتية المشددة ياسمين البر والآس شجر معروف. كذا في الشمني والدماميني. وقوله جمع حيدة أي بفتح فسكون كما يصرح به التنظير ببدرة وبدر، وإن كان المقيس جمعه على فعل فعلة بكسر، فسكون على ما يفيده قول المصنف في جمع التكسير ولفعلة فعل. والذي في القاموس أن اسم العقدة في قرن الوعل الحيد أي بفتح فسكون ثم قال: والجمع حيود وأحياد وحيد كعنب. ا. هـ فلعل في المفرد لغتين التأنيث بالتاء وتركه. والمعنى أن هذا الوعل لا يحتاج إلى الخروج إلى موضع يمكن أن يصاد فيه؛ لأن عنده المرعى المستلزم للماء غالبًا ومع هذا لا بد أن يفنى. قوله: "يا للماء والعشب" بفتح اللام على أنهما مستغاث بهما مجازًا لتشبيههما بمن يستغاث به حقيقة أي يا ماء، ويا عشب أقبلا فهذا وقتكما، واللام على هذا متعلقة بالفعل المحذوف بتضمينه هنا معنى أتعجب، وفي نحو يا لزيد لعمرو معنى ألتجىء على خلاف سيأتي، وبكسرها على أنهما مستغاث لأجلهما، والمستغاث به محذوف واللام متعلقة بالفعل المحذوف، والمعنى أدعو قومي للماء والعشب على خلاف أيضًا سيأتي. قوله: "فيا لك" الأظهر جعل ما بعدها مستغاثًا به مجازًا، والمغار اسم مفعول من أغرت الحبل فتلته، فإضافته إلى الفتل للمبالغة، وقوله: شدّت أي ربطت والباء في بيذبل بمعنى في ويذبل علم جبل لا ينصرف، وإنما جره لأجل الروي والمعنى كأن نجومه لطوله، وعدم غيبتها ربطت بالحبال المفتولة في يذبل، فلا تسير هذا ما ظهر لي. قوله: "وثروة" أي غنى. قوله: "الصيرورة" أنكرها البصريون، وجعلوا اللام في مثالها للتعليل   557- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص19؛ وخزانة الأدب 2/ 412، 3/ 269؛ والدرر 4/ 166؛ وشرح شواهد المغني 2/ 574؛ وشرح عمدة الحافظ ص303؛ والمقاصد النحوية 4/ 269؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص220؛ ومغني اللبيب 1/ 215؛ وهمع الهوامع 2/ 32. 558- البيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص185؛ وشرح شواهد المغني 2/ 575؛ والمقاصد النحوية 3/ 59؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص98؛ ومغني اللبيب 1/ 215. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   8] ، وتسمى لام العاقبة ولام المآل. الثالث عشر التبليغ، وهي الجارة لاسم السامع نحو قلت له كذا، وجعله الشارح مثالًا للام التعدية. الرابع عشر التبيين على ما سبق في إلى. الخامس عر موافقة على في الاستعلاء الحقيقي نحو: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} [الإسراء: 107، 109] ، وقوله: فخر صريعًا لليدين وللفم والمجاري نحو: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] ، واشترطي لهم الولا، وأنكره النحاس. السادس عشر موافقة بعد نحو: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] ، {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} [الأنبياء: 47] ، بكسر اللام وتخفيف الميم. الثامن عشر موافقة في نحو: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا   المجازي حيث شبه ترتب العداوة والحزن لكونه نتيجة التقاطهم بترتب المحبة، والتبني واستعيرت له اللام. قوله: "نحو قلت له كذا" وأذنت له، وفسرت له ومنه: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} [القصص: 51] ، دماميني. قوله: "التبيين على ما سبق في إلى" اعلم أن ما بعد إلى التبيينية فاعل وما قبلها مفعول واللام التبيينية بعكس ذلك، فإذا قلت: زيد أحب إليّ كنت أنت المحب وزيد المحبوب، وإذا قلت: زيد أحب لي كنت أنت المحبوب وزيد المحب إذا علمت ذلك علمت أن كلام الشارح يوهم خلاف المراد، ثم اعلم أنهم جعلوا من لام التبيين اللام في نحو تبًا لزيد، واللام في نحو سقيا لعمرو، وجعلوا الأولى لتبيين الفاعل، والثانية لتبيين المفعول قالوا: وهي ومجرورها خبر لمحذوف أي إرادتي لزيد، أو متعلق بمحذوف أي لزيد أعني فالكلام جملتان والأولى عندي جعل هذه اللام زائدة للتقوية متعلقة بالمصدر، فالكلام جملة واحدة فتأمل. ثم رأيت الدماميني نقل عن ابن الحاجب، وابن مالك ما يوافقه نعم يتعين ما قالوه في نحو سقيا لك إن جعل سقيًا نائب عن إسق، إذ لا يجتمع خطابان لشخصين في جملة واحدة، فإن جعل نائبًا عن سقى على أن الخبر بمعنى الطلب كان الأولى فيه أيضًا ما قلنا فتدبر. قوله: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} جمع ذقن بالتحريك مجتمع اللحيين من أسفلهما كما في القاموس، والمراد يسقطون على وجوههم، وإنما ذكر الذقن؛ لأنها أقرب ما يكون من الوجه إلى الأرض عند الهويّ للسجود. قوله: "وأنكره النحاس" انظر هل مرجع الضمير كونها للاستعلاء المجازي، أو كونها للاستعلاء مطلقًا الأظهر الثاني، وعبارة المغني ونحو قوله عليه الصَّلاة والسَّلام لعائشة اشترطي لهم الولاء. وقال النحاس المعنى من أجلهم قال: ولا يعرف في العربية لهم بمعنى عليهم. ا. هـ. قوله: "نحو كتبته لخمس خلون" الأظهر ما نقله الدماميني عن بعضهم أنها في المثال بمعنى بعد كما أنها في قولك: كتبته لليلة بقيت بمعنى قبل، وفي قولك كتبته لغرة كذا بمعنى في. قوله: "قراءة الجحدري" في القاموس الجحدر القصير ثم قال: وجحدر كجعفر رجل. قوله: "لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187] ، وقولهم: مضى لسبيله التاسع عشر موافقة من كقوله: 559- لنا الفضل في الدنيا وأنفك راغم ... ونحن لكم يوم القيامة أفضل المتمم عشرين موافقة عن نحو: {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا} [الأعراف: 38] ، وقوله: 560- كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسدًا وبغضًا إنه لدميم الحادي والعشرون موافقة مع كقوله:   يجليها لوقتها إلا هو" أي في وقتها إن قلت: الساعة وقت فيلزم ظرفية الشيء في نفسه. أجيب بأنه يصح أن يراد بالساعة زمن البعث من القبور، وبالوقت اليوم الآخر كله فتكون الظرفية من ظرفية الجزء في الكل، أو المراد لا يجلي ما فيها. قوله: "موافقة من" أي البيانية على خلاف يأتي في أفعل التفضيل. قوله: "راغم" أي لاصق بالرغام بفتح الراء، وهو التراب كناية عن الذلة والاحتقار. قوله: "موافقة عن" جعل ابن الحاجب من هذا المعنى قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11] ، ولولا ذلك لقيل: ما سبقتمونا يعني لو جعلت اللام للتبليغ لكن يندفع ما قال بأمور: أحدها أن يكون في الكلام التفات عن الخطاب إلى الغيبة الثاني أن يكون اسم المقول عنهم محذوفًا، أي: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا} [الأحقاف: 11] ، عن طائفة أخرى أسلمت: {لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11] ، الثالث أنه يجوز اعتبار اللفظ والمعنى في المحكي بالقول، فلك في حكاية من قال: أنا قائم أن تقول: قال زيد: أنا قائم رعاية للفظ المحكي، وأن تقول: قال زيد هو قائم رعاية للمعنى وحال الحكاية فإن زيدًا غائب حال الحكاية، وكذا إذا خاطبت شخصًا بأنت بخيل، وأردت الحكاية فلك أن تقول: قلت لعمرو أنت بخيل وقلت لعمرو: هو بخيل قاله الرضي. قوله: "نحو {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ} يحتمل أن المعنى في شأن أولاهم، وكذا فيما بعده فلا شاهد فيهما. قوله: "لدميم" بالدال المهملة من الدمامة وهي القبح، أو معناه مطلي بالدمام ككتاب وهو ما يطلى به الوجه لتحسينه. فائدة: كسر لام الجر مع الظاهر إلا المستغاث، وفتحها مع الضمير إلا الياء هو المشهور   559- البيت من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص143؛ والجني الداني ص102؛ وجواهر الأدب ص75؛ وخزانة الأدب 9/ 480؛ والدرر 4/ 169؛ وشرح شواهد المغني 1/ 377؛ ولسان العرب 2/ 24 "حتت"؛ ومغني اللبيب 1/ 213؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب من 75. 560- البيت من الكامل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص304؛ وخزانة الأدب 8/ 567؛ والدرر 4/ 170؛ وشرح شواهد المغني 2/ 570؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص360؛ والجني الداني ص 100؛ ولسان العرب 12/ 208 "دمم"؛ ومغني اللبيب 1/ 214؛ وهمع الهوامع 2/ 32. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 بالبا استعن وعد عوض ألصق ... ومثل مع ومن وعن بها انطق   561- فلما تفرقنا كأني ومالكًا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا "والظرفية استبن ببا وفي وقد يبينان السببا. بالبا استعن وعد عوض ألصق. ومثل مع ومن وعن بها أنطق" أي تأتي كل واحدة من الباء وفي لمعان، أما في فلها عشر معان ذكر منها هنا معنيين: الأول الظرفية حقيقة ومجازًا نحو زيد في المسجد، ونحو: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 189] ، الثاني السببية نحو: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال:   وفتحها بعض العرب مع الظاهر مطلقًا وكسرها خزاعة مع الضمير، وكسر الباء مطلقًا هو المشهور قال أبو حيان: وحكى أبو الفتح عن بعضهم فتحها مع الظاهر كذا في الهمع، قوله: "استبن" أي اطلب بيانها والدلالة عليها بما ذكر. قوله: "وقد يبينان السببا" قد للتحقيق بالنسبة إلى الباء، وللتقليل بالنسبة إلى في فهي من المشترك المستعمل في معنييه، أو هي للتحقيق فقط، فلا اعتراض بأن بيان السبب بالباء كثير لا قليل. قوله: "ومثل مع إلخ" حال من الضمير المجرور بالباء متقدمة عليه لجواز ذلك على مذهب المصنف كما مر، والمراد المثلية في أصل المصاحبة، فلا ينافي أن مدلول مع المصاحبة الكلية الملحوظة لذاتها، ومدلول الباء المصاحبة الجزئية الملحوظة لغيرها كما هو معنى الحرف على ما اشتهر عند المتأخرين وقد مر بيانه. قوله: "حقيقة" أي بأن يكون للظرف احتواء وللمظروف تحيز، فإن فقدا نحو في علمه نفع أو الاحتواء نحو زيد في سعة، أو التحيز نحو في صدر زيد علم، فمجاز ومنه الزمانية نحو زيد في يوم كذا أفاده يس. وقضية كلام المغني والهمع أن الزمانية حقيقة فتدبر. فإن قلت الظرفية في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: 45، الذاريات: 15] ، حقيقية بالنسبة إلى الجنات مجازية بالنسبة إلى العيون فيلزم استعمال كلمة في حقيقة، ومجازًا فما وجهه عند مانع ذلك. أجيب بأنه يجعل من عموم المجاز بجعل في مستعملة في ظرفية مجازية تناسبهما، وهي مطلق الملابسة ومن المكانية الحقيقية أدخلت الخاتم في أصبعي، والقلنسوة في رأسي إلا أن فيهما قلبًا؛ لأنه لما كان المناسب نقل المظروف للظرف والأمر هنا بالعكس قلبوا الكلام رعاية لهذا الاعتبار، ونظيرهما في القلب عرضت الناقة على الحوض؛ لأن المعروض ليس له اختيار، وإنما الاختيار للمعروض عليه فقد يقبل، وقد يرد لكن لما كان المناسب أن يؤتى بالمعروض عند المعروض عليه، والأمر هنا بالعكس قلبوا الكلام رعاية لهذا الاعتبار، وقيل: المقلوب عرضت الحوض على الناقة، وقيل: لا قلب في واحد منهما من الدماميني والشمني.   561- البيت من الطويل، وهو لمتمم بن نويرة في ديوانه ص122؛ وأدب الكاتب ص519؛ والأزهية 289؛ والأغاني 15/ 238؛ وجمهرة اللغة ص1316؛ وخزانة الأدب 8/ 272؛ والدرر 4/ 166؛ وشرح اختيارات المفضل ص1177؛ وشرح شواهد المغني 2/ 565؛ والشعر والشعراء 1/ 345؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص102؛ ورصف المباني ص223؛ وشرح التصريح 2/ 48؛ ولسان العرب 12/ 564 "لوم"؛ ومغني اللبيب 1/ 212؛ وهمع الهوامع 2/ 32. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   68] ، وفي الحديث: "دخلت امرأة النار في هرة حبستها"، وتسمى التعليلية أيضًا. الثالث المصاحبة نحو: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] الربع الاستعلاء نحو: {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] ، وقوله: بطل كأن ثيابه في سرحة الخامس المقايسة نحو: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: 38] . السادس موافقة إلى نحو: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} [إبراهيم: 9] ، السابع موافقة من كقوله: 562- ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي 563- وهل يعمن من كان أحدث عهده ... ثلاثين شهرًا في ثلاثة أحوال   قوله: "دخلت امرأة إلخ" المرأة من بني إسرائيل والمتبادر من كون دخولها النار بسبب الهرة أنها مؤمنة. قوله: {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} ، أي عليها فشبه الاستعلاء المطلق بالظرفية المطلقة، فسرى التشبيه لجزئيات كل، فاستعير بناء على هذا التشبيه الحاصل بالسراية لفظة في لمعنى على، وهو استعلاء جزئي هذا مذهب الكوفيين، وجعلها البصريون للظرفية بناء على تشبيه المصلوب، لتمكنه من الجذع بالحال فيه على طريق الاستعارة بالكناية، أو تشبيه الجذوع بالظروف بجامع التمكن في كل على طريق الاستعارة بالكناية أيضًا، وفي على الوجهين تخييل، وبهذا التحقيق يعرف ما في الحواشي من التساهل. قوله: "في سرحة" أي شجرة عظيمة، والمعنى أنه طويل كأن ثيابه على شجرة عظيمة. قوله: "المقايسة" أي كون ما قبلها ملحوظًا بالقياس إلى ما بعدها، وهي الواقعة بين مفضول سابق، وفاضل لاحق كما في المغني، ويظهر لي صحة العكس أيضًا. قوله: "موافقة من" أي التبعيضية وحملها الشمني على الابتدائية، فالمعنى في البيت ثلاثين شهرًا مبتدأة من انقضاء ثلاثة أحوال، فتكون المدة خمسة أعوام ونصفًا، وكذا عند من جعلها للمصاحبة وتقدم الكلام على البيت الأول في الموصول، قوله: "من كان أحدث عهده" لعل   562- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص27؛ وجمهرة اللغة ص1319؛ وخزانة الأدب 1/ 60، 328، 332، 2/ 371، 10/ 44؛ والدرر 5/ 192؛ وشرح شواهد المغني 1/ 340؛ والكتاب 4/ 39؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 148؛ وخزانة الأدب 7/ 105؛ وشرح شواهد المغني 1/ 485؛ ومغني اللبيب 1/ 169؛ وهمع الهوامع 2/ 83. 563- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص27؛ وأدب الكاتب ص518؛ وجمهرة اللغة ص1315؛ وخزانة الأدب 1/ 62؛ والجني الداني ص252؛ وجواهر الأدب ص230، والدرر 4/ 149؛ وشرح شواهد المغني 1/ 486؛ وبلا نسبة الخصائص 2/ 313؛ ورصف المباني ص391؛ ولسان العرب 15/ 168 "فيا"؛ ومغني اللبيب؛ وهمع الهوامع 2/ 30. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي من ثلاثة أحوال. الثامن موافقة الباء كقوله: 564- ويركب يوم الروع منا فوارس ... يصيرون في طن الأباهر والكلا التاسع العويض، وهي الزائدة عوضًا من أخرى محذوفة كقولك: ضربت فيمن رغبت تريد ضربت من رغبت فيه، أجاز ذلك الناظم قياسًا على قوله: 565- ولا يؤاتيك فيما ناب من حدث ... إلا أخو ثقة فانظر بمن تثق أي فانظر من تثق به. العاشر التوكيد وهي الزائدة لغير تعويض، أجاز ذلك الفارسي في مضرورة كقوله: 566- أنا أبو سعد إذا الليل دجا ... يخال في سواده يرندجا وأجاز بعضهم في قوله تعالى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ} [هود: 41] . وأما الباء فلها خمسة عشر معنى ذكر منها عشرة: الأول البدل نحو ما يسرني بها حمر النعم. وقوله:   المراد طلل كان أقل زمن مضى من تأنسه بأهله تلك المدة، واستعمل من في غير العاقل مجازًا. قوله: "موافقة الباء" أي التي للإلصاق حقيقة أو مجازًا شمني. قوله: "يوم الروع" بفتح الراء الفزع والفوارس جمع فارس على غير قياس، والأباهر جمع أبهر وهو عرق إذا انقطع مات صاحبه. قال الجوهري: وهما أبهران يخرجان من القلب. والكلا جمع كلية أو كلوة بضمهما. قوله: "قياسًا إلخ" أورد عليه أن المقيس عليه لا يتعين زيادة الباء فيه، لجواز أن تكون من استفهامية لا موصولة، وأن الكلام تم بقوله: فانظر ثم ابتدأ مستفهمًا استفهامًا إنكاريًا بقوله بمن تثق على أن زيادة الباء في مثل ذلك غير قياسي، فلا يقاس عليه غيره، وفي الهمع أن ابن مالك حكى الزيادة عوضًا في الباء، وعن وعلى وقاسها في إلى، وفي واللام ومن فيقال: عرفت ممن عجبت ولمن قلت وإلى من أويت، وفيمن رغبت وأن أبا حيان منعها في الجميع. قوله: "ولا يؤاتيك" مهموز الفاء ولك إبدال الهمزة واوًا كما قاله الدماميني أي يساعدك. قوله: "دجا" أي أظلم، يخال بالبناء للمجهول يرندجا بفتح الياء، والراء وسكون النون أي جلدًا أسود كذا قال البعض وعبارة القاموس الأرندج وبكسر أوله جلد أسود، ثم قال واليرندج السواد   565- البيت من البسيط، وهو لسالم بن وابصة في شرح شواهد المغني 2/ 419؛ والمؤتلف والمختلف ص197؛ ونوادر أبي زيد ص181؛ وبلا نسبة في الدرر 4/ 107؛ ومجالس ثعلب 1/ 300؛ ومغني اللبيب 1/ 144؛ وهمع الهوامع 2/ 22. 566- الرجز لسويد بن أبي كاهل اليشكري في خزانة الأدب 6/ 125؛ والدرر 4/ 150؛ وشرح شواهد المغني 1/ 486؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص230؛ ومغني اللبيب 1/ 170؛ وهمع الهوامع 2/ 30. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   567- فليت لي بهم قومًا إذا ركبوا ... شنوا الإغارة فرسانًا وركبانا الثاني الظرفية نحو: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: 123] ، و {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: 34] . الثالث السببية نحو: {فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت: 40] . الرابع التعليل نحو: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160] . الخامس الاستعانة نحو كتبت بالقلم، السادس التعدية تسمى باء النقل وهي المعاقبة   يسوّد به الخف أو هو الزاج. ا. هـ. ويحتمل أن تكون في سببية فلا شاهد فيه. قوله: "شنوا" أي فرقوا، والإغارة مفعول به أو المفعول به محذوف أي فرقوا الأعداء، والإغارة مفعول له والفرسان ركاب الخيل والركبان ركاب الإبل. قوله: "الظرفية" أي زمانية أو مكانية ولهذا مثل بمثالين. قوله: "الثالث السببية" منها الباء التجريدية نحو لقيت بزيد أسدًا أي بسبب لقاء زيد، فهو على حذف مضاف كما قاله الرضي، وقيل: إنها ظرفية وقيل: للمعية والتجريد أن ينتزع من ذي صفة آخر مثله مبالغة في كماله في تلك الصفة كذا في الدماميني والشمني. قوله: "الرابع التعليل" ينبغي إسقاطه كما في المغني وغيره؛ لأن التعليلية والسببية شيء واحد، كما قاله أبو حيان والسيوطي وغيرهما ويوافقه قوله في الكلام على في السببية، وتسمى التعليلية أيضًا. وفرق الشيخ يحيى بين العلة والسبب بأن العلة متأخرة في الوجود متقدمة في الذهن، وهي العلة الغائية والغرض، وأما السبب فهو متقدم ذهنًا، وخارجًا لكن يمنع من توجيه صنيع الشارح بهذا تمثيله للتعليل وبسبب متقدم، وكان الموافق له أن يمثله بنحو حفرت البئر بالماء. قوله: "الاستعانة" الفرق بينها وبين السببية أن باء السببية هي الداخلة على سبب الفعل نحو مات بالجوع، وباء الاستعانة هي الداخلة على آلة الفعل أي الواسطة بين الفاعل، ومفعوله نحو بريت القلم بالسكين قاله سم. قوله: "التعدية" أي الخاصة كما يفيده ما بعده. قوله: "وهي المعاقبة للهمزة" التعدية بهذا المعنى مختصة بالباء، وأما التعدية بمعنى إيصال معنى الفعل إلى الاسم، فمشتركة بين حروف الجر التي ليست بزائدة، ولا في حكم الزائدة. شمني ودماميني. قوله: "في تصيير الفاعل مفعولًا" لكن مفعوليته مع الباء بواسطتها ومع الهمزة بلا واسطة. قوله: "وأكثر ما تعدى" الرابط محذوف أي تعديه كما جزم به الدماميني، وقوله الفعل القاصر خبر أكثر وجعل البهوتي، وأقره البعض نصب الفعل على المفعولية لتعدي أولى بناء على أن ما مصدرية، وخبر أكثر محذوف أي ثابت ناشىء عن عدم التأمل. قال في المغني: ومن ورودها مع المتعدي دفع الله   567- البيت من البسيط، وهو لقريط بن أنيف في خزانة الأدب 6/ 253؛ والدرر 3/ 80؛ وشرح شواهد المغني 1/ 69؛ والمقاصد النحوية 3/ 72، 277؛ وللعنبري في لسان العرب 1/ 429 "ركب"؛ وللحماسي في همع الهوامع 2/ 21؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص40؛ وجواهر الأدب ص47؛ والدرر 4/ 103؛ وشرح شواهد المغني 1/ 316؛ وشرح ابن عقيل ص295، 361؛ ومغني اللبيب 1/ 104؛ وهمع الهوامع 1/ 195. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   للهمزة في تصيير الفاعل مفعولًا وأكثر تعدي الفعل القاصر نحو ذهبت بزيد بمعنى أذهبته. ومنه: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] ، وقرئ أذهب الله نورهم. السابع التعويض نحو بعت هذا بألف، وتسمى باء المقابلة أيضًا. الثامن الإلصاق حقيقة ومجازًا نحو أمسكت بزيد، ونحو مررت به. وهذا المعنى لا يفارقها، ولهذا اقتصر عليه سيبويه. التاسع المصاحبة نحو: {اهْبِطْ بِسَلَامٍ} [هود: 48] ، أي معه. العاشر التبعيض نحو: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ   بعض الناس ببعض، وصككت الحجر بالحجر، والأصل دفع بعض الناس بعضًا وصك الحجر الحجر قال الدماميني: ويرد عليه أنه إذا كان الأصل ذلك لم تكن الباء داخلة على ما كان فاعلًا بل على ما كان مفعولًا، فلا يشملها ضابط باء التعدية المتقدم، ولو جعل الأصل دفع بعض الناس بعض، وصك الحجر الحجر بتقديم المفعول لم يرد ذلك. ا. هـ. قوله: "بمعنى أذهبته" ولا فرق بينهما خلافًا لمن فرق باقتضاء ذهبت بزيد المصاحبة في الذهاب بخلاف أذهبت زيدًا، ومما يرده قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] ، وإن أجيب عن الآية بأنه يجوز أن يكون تعالى وصف نفسه بالذهاب على معنى يليق كما وصف نفسه تعالى بالمجيء في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] ؛ لأنه ظاهر البعد. نعم ممن فرق صاحب الكشاف حيث قال: والفرق بين أذهبه، وذهب به أن معنى أذهبه أزاله وجعله ذاهبًا ويقال: ذهب به إذا استصحبه ومضى معه، وذهب السلطان بماله أخذه، ثم قال: والمعنى أخذ الله نورهم وأمسكه. ا. هـ. قال الشمني: ولا يخفى ما في قول الزمخشري، والمعنى إلخ من الجواب عن الآية بحملها على معنى آخر لذهب مع الباء لا محذور في نسبته إلى الله تعالى أصلًا. قوله: "التعويض إلخ" المناسب لقوله باء البدل أن يقول باء العوض، والفرق بين باء التعويض، وباء البدل كما قاله سم أن في باء التعويض مقابلة شيء بشيء بأن يدفع شيء من أحد الجانبين. ويدفع من الجانب الآخر شيء في مقابلته، وفي باء البدل اختيار أحد الشيئين على الآخر فقط من غير مقابلة من الجانبين، وقيل: باء البدل أعم مطلقًا وهو ما استظهره في الهمع، فتكون هي الدالة على اختيار شيء على آخر أعم من أن يكون هناك مقابلة أولًا، والأول أشهر وأوفق بصنيع الشارح. قوله: "نحو أمسكت بزيد إلخ" فيه لف ونشر مرتب، فمعنى أمسكت بزيد قبضت على شيء من جسمه، أو ما يحسبه من ثوب أو نحوه، ولهذا كان أبلغ من أمسكت زيدًا؛ لأن معناه المنع من الانصراف بأي وجه كان، ومعنى مررت بزيد ألصقت مروري بمكان يقرب منه قاله في المغني، ونازع الدماميني في كون الإلصاق في صورة القبض على نحو الثوب حقيقي، واستظهر أنه مجاز بجعل إلصاق الإمساك بالثوب إلصاقًا بزيد لما بينهما من المجاورة، وقد يعدى المرور بعلى، فتكون للاستعلاء المجازي كأن المارّ بمجاوزته المرور به استعلى عليه. قوله: "وهذا المعنى لا يفارقها" التزامه يحوج في بعض الأماكن إلى تكلف، كما في: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} وبالله لأفعلن. قوله: "نحو اهبط بسلام" ونحو فسبح بحمد ربك بناء على أن المصدر مضاف لمفعوله أي مع حمدك ربك، وقيل: للاستعانة بناء على أنه مضاف لفاعله أي بما حمد الرب به نفسه قاله في المغني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   اللَّهِ} [الإنسان: 6] ، وقوله: 568- شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج الحادي عشر المجاوزة كعن نحو: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] ، بدليل {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} [الأحزاب: 20] ، وإلى هذه الثلاثة الإشارة بقوله:   قوله: "العاشر التبعيض" اختلف في الباء من قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ، فنقل صاحب الكشاف عن مالك أنها زائدة، فيجب مسح كل الرأس قال: وهو وإن كان عملًا بالمجاز لكنه أحوط، وقال بعض أتباعه: هي للإلصاق، فيجب أيضًا الاستيعاب إذ المعنى ألصقوا المسح بالرأس، وهو اسم لكله لا لبعضه وقال بعض من لم يوجب الاستيعاب كإمامنا الشافعي هي للتبعيض نحو: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] ، لما في صحيح مسلم من أنه صلى الله عليه وسلّم مسح بناصيته، وعلى عمامته، وما في سنن أبي داود وغيرها من أنه صلى الله عليه وسلّم مسح مقدم رأسه بدون ذكر مسح على العمامة، كما في فتح الباري، وقال بعضهم: للاستعانة نحو كتبت بالقلم لكن مسح يتعدى لمفعول بنفسه، وهو المزال عنه والآخر بالباء، وهو المزيل فحذف الأول، والأصل وامسحوا أيديكم برءوسكم، فلم يقع المسح المأمور به على الرأس حتى يجب استيعابه بل على اليد، وجعل الرأس آلة، فاستفادة التبعيض على هذا ليس من كون الباء موضوعة له، بل من كون مدخولها آلة لمسح اليد دماميني ملخصًا. قوله: "نحو عينًا إلخ"، وقيل: ضمن يشرب معنى يروى. وقال الزمخشري: المعنى يشرب بها الخمر كما تقول: شربت الماء بالعسل فجعلها للمصاحبة. قوله: "المجاوزة" قال بعضهم: يختص هذا المعنى بالسؤال، وقيل: لا يختص بدليل قوله تعالى: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12] ، {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان: 25] ، وأنكر البصريون مجيء الباء للمجاوزة، وحملوها مع السؤال على السببية، ورد بأن الكلام حينئذٍ لا يفيد أن المجرور هو المسؤول عنه مع أنه المقصود، وجعلها بعضهم في وبأيمانهم ظرفية أي ويكون في أيمانهم؛ لأن أصل النور فيها؛ لأن بها أخذ السعداء صحائفهم، وما بين أيديهم منبسط منه، وفي بالغمام للاستعانة؛ لأن الغمام كالآلة، وجعلها البيضاوي سببية بتقدير مضاف، فقال: بسبب طلوع الغمام منها، وهو الغمام المذكور في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ   568- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في الأزهية ص201؛ والأشباه والنظائر 4/ 287؛ وجواهر الأدب ص99؛ وخزانة الأدب 7/ 97، 99؛ والخصائص 2/ 85؛ والدرر 4/ 179؛ وسر صناعة الإعراب ص135، 424؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 129؛ وشرح شواهد المغني ص218؛ ولسان العرب 1/ 487 "شرب"، 5/ 162 "مخر"، 15/ 474 "متى"؛ والمحتسب 2/ 114؛ والمقاصد النحوية 3/ 249؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص515؛ والأزهية ص284؛ وأوضح المسالك 3/ 6؛ والجني الداني ص43، 505؛ وجواهر الأدب ص47، 378؛ ورصف المباني ص151؛ وشرح ابن عقيل ص352؛ وشرح عمدة الحافظ ص268؛ وشرح قطر الندى ص250؛ والصاحبي في فقه اللغة ص175؛ ومغني اللبيب ص105؛ وهمع الهوامع 2/ 34. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 على للاستعلا ومعنى في وعن ... بعن تجاوزًا عنى من قد فطن   ومثل مع ومن وعن بها انطق: هذا ما ذكره في هذا الباب. الثاني عشر موافقة على نحو: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: 75] ، بدليل: {هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 64] . الثالث عشر القسم، وهي أصل حروفه ولذلك خصت بذكر الفعل معها نحو أقسم بالله. والدخول على الضمير نحو بك لأفعلن. الرابع عشر موافقة إلى نحو: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} [يوسف: 100] ، أي إلى وقيل: ضمن أحسن معنى لطف. الخامس عشر التوكيد، وهي الزائدة نحو: {كَفَى بِاللهِ شَهِيْدًا} [الرعد: 43] ، {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] ، بحسبك درهم ليس زيد بقائم "على للاستعلا ومعنى في وعن" أي تجيء على الحرفية لمعان عشرة ذكر منها هنا ثلاثة: الأول الاستعلاء، وهو الأصل فيها،   الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [لبقرة: 220] . ا. هـ. قوله: "هذا ما ذكره في هذا الكتاب" اعترض بأن المصنف لم يذكر التعليل، ولهذا قال الشارح سابقًا وأما الباء فلها خمسة عشر معنى ذكر منها عشرة، وهذا مناف لقوله هذا ما ذكره إلخ لاقتضائه أن ما ذكره أحد عشر، فكان الصواب تأخيره بعد قوله هذا ما ذكره إلخ. ويمكن دفعه بأن المصنف ذكر التعليل بذكره السبب لاتحادهما معنى على ما مر، وإنما عد أولًا بما ذكره المصنف عشرة نظرًا لاتحادهما معنى، وثانيًا أحد عشر نظرًا إلى اختلافهما عبارة، قوله: "ولذلك خصت إلخ" بقي خاصة ثالثة، وهي استعمالها في القسم الاستعطافي، وهو ما جوابه إنشائي نحو بالله هل قام زيد، وزاد بعضهم رابعة وهي جرها في القسم وغيره ورد بأن اللام كذلك. ا. هـ. دماميني. ومنهم من لا يجعل الاستعطاف قسمًا، بل الباء فيه متعلقة بأسألك محذوفًا لا بأقسم. قوله: "نحو كفى بالله شهيدًا إلخ" عدد الأمثلة إشارة إلى أنها زيدت مع الفاعل، ومع المفعول ومع المبتدأ ومع خبر ليس، وزيدت مع غير ذلك كما مر في فصل في ما ولا إلخ، والزائدة مع الفاعل قد تكون لازمة، وهي المصاحبة لفاعل أفعل في التعجب على قول الجمهور، كما سيأتي في باب وجائزة في الاختيار، وهي المصاحبة لفاعل كفى، وواردة في الضرورة نحو: ألم يأتيك والأنباء تنمى ... بما لاقت لبون بني زياد والزائدة مع المفعول غير مقيسة، وإن كان مفعول كفى نحو كفى المرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع كذا في الجنى الداني، وقاسها الرضي في مفعول عرف وعلم الذي بمعناه وجهل، وسمع وأحسن، وكذا مع المبتدأ نحو كيف بك إذا كان كذا، وبحسبك درهم وكذا مع خبره نحو: ومنعكها بشيء يستطاع فلا قياس معهما. والزائدة مع خبر ليس وما النافية، وكان المنفية ومع التوكيد بالنفس والعين مقيسة. دماميني ملخصًا. قوله: "أن تجيء على الحرفية" قيد بالحرفية هنا دون الكاف وعن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ويكون حقيقة ومجازًا نحو: {عَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [المؤمنون: 22] ، ونحو: {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253] الثاني الظرفية كفي نحو: {عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} [القصص: 15] . الثالث المجاوزة كعن كقوله: 569- إذا رضيت علي بنو قشير الرابع التعليل كاللام نحو: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [الحج: 37] ، وقوله: علام تقول الرمح يثقل عاتقي الخامس المصاحبة كمع نحو: {وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177] ، {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: 6] . السادس موافقة من نحو: {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين: 2] . السابع موافقة الباء نحو: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ} [الأعراف: 105] وقد قرأ أبي بالباء. الثامن الزيادة للتعويض من أخرى محذوفة كقوله:   مع مجيء كل اسمًا لبعد تنبيه المصنف الآتي على الاسمية في على، وقربه في الكاف وعن. قوله: "ويكون حقيقة ومجازًا" قال الفارضي وأما نحو: توكلت على الله، فهو بمعنى الإضافة والإسناد أي أضفت توكلي، وأسندته إلى الله إذ لا يعلو على الله تعالى شيء لا حقيقة ولا مجازًا. ا. هـ. قوله: "ونحو فضلنا إلخ" جعل الدماميني الاستعلاء المجازي الاستعلاء على ما يقرب من المجرور نحو: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: 10] ، أي هاديًا وجعل الاستعلاء المعنوي على نفس المجرور نحو: {فَضَّلَنَا} إلخ، ونحو: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: 14] ، حقيقا. قوله: "كقوله إذا رضيت عليّ"، وقيل: ضمن رضى معنى عطف. قوله: "على حبه" أي مع حب المال وقيل: على تعليلية والضمير لله. قوله: "موافقة من" من ذلك قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: "بني الإسلام على خمس"، أي منها، وبه يندفع ما يقال هذه الخمس هي الإسلام، فكيف يكون مبنيًا   569- عجزه: لعمرو الله أعجبني رضاها والبيت من الوافر، وهو للقحيف العقيلي في أدب الكاتب ص507؛ والأزهية ص277؛ وخزانة الأدب 10/ 132، 133؛ والدرر 4/ 135؛ وشرح التصريح 2/ 14؛ وشرح شواهد المغني 1/ 416؛ ولسان العرب 14/ 323 "رضي"؛ والمقاصد النحوية 3/ 282؛ ونوادر أبي زيد ص176؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 118؛ والإنصاف 2/ 630؛ وأوضح المسالك 3/ 41؛ وجمهرة اللغة ص1314؛ والجني الداني ص477؛ والخصائص 3/ 311؛ و389؛ ورصف المباني ص372؛ وشرح شواهد المغني 2/ 954؛ وشرح ابن عقيل ص365؛ وشرح المفصل 1/ 120؛ ولسان العرب 15/ 444 "يا"؛ والمحتسب 1/ 52، 348؛ ومغني اللبيب 2/ 143؛ والمقتضب 2/ 320؛ وهمع الهوامع 2/ 28. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   570- إن الكريم وأبيك يعتمل ... إن لم يجد يومًا على من يتكل أي من يتكل عليه. التاسع الزيادة لغير تعويض، وهو قليل كقوله: 571- أبى الله إلا أن سرحة مالك ... على كل أفنان العضاه تروق وفيه نظر. العاشر الاستدراك والإضراب كقوله: 572- بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ... على أن قرب الدار خير من البعد   عليه وأجيب أيضًا بأنه من بناء الكل على أجزائه، والتغاير بالكلية والجزئية كاف. قوله: "يعتمل" أي يعمل بالأجرة وقيل: إن مفعول يجد محذوف أي إن لم يجد شيئًا، ثم استأنف مستفهمًا استفهامًا إنكاريًا فقال: على من يتكل. قوله: "أفنان العضاه" جمع فنن وهو الغصن والعضاه بكسر العين المهملة آخره هاء كما في الشمني، وغيره جمع عضه كعنب، أو عضهة كعنبة، أو عضاهة كرسالة كل شجرة ذات شوك، أو ما عظم منها كذا في القاموس. وتروق أي تعجب، وهو يتعدى بنفسه يقال: راقه أي أعجبه كما في القاموس، وإيقاع الإعجاب على الأفنان على طريق المجاز، وقيل: كنى الشاعر بالسرحة عن امرأة مالك، وبالأفنان عن بقية النسوة، وعليه فالإيقاع حقيقي. قوله: "وفيه نظر" وجهه أنه لا يتعين كون تروق بمعنى تعجب، حتى تكون على زائدة إذ يصح أن يكون بمعنى تزيد وتفضل، وهو بهذا المعنى يتعدى بعلى كما في القاموس هذا ما ظهر لي في وجه النظر، ولا يخفى حسنه على غيره مما قيل هنا. قوله: "والإضراب" أي عما توهمه الجملة قبلها، وهو من عطف اللازم، وهو إضراب إبطالي، فإن قوله على أن قرب الدار خير من البعد أبطل به ما يوهمه قوله: فلم يشف ما بنا من تساوي القرب والبعد من كل وجه، وقوله على أن قرب الدار ليس بنافع أبطل به ما توهمه الجملة قبله من أن القرب مطلقًا خير من البعد، وعلى التي بهذا المعنى يحتمل أن تكون غير متعلقة بشيء، لكونها بمنزلة حرف الاستدراك، والإضراب كما قيل   570- الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 292؛ والجنى الداني ص478؛ وخزانة الأدب 10/ 146؛ والخصائص 2/ 305؛ والدرر 4/ 108؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 205؛ وشرح التصريح 2/ 15؛ وشرح شواهد المغني ص419؛ والكتاب 3/ 81؛ ولسان العرب 11/ 475 "عمل"؛ والمحتسب 1/ 281؛ وهمع الهوامع 2/ 22. 571- البيت من الطويل وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص41؛ وأدب الكاتب ص523؛ وأساس البلاغة ص 185 "روق"؛ والجني الداني ص479؛ والدرر 4/ 137؛ وشرح التصريح 2/ 15؛ وشرح شواهد المغني 1/ 420؛ ولسان العرب 2/ 479 "سرح"؛ ومغني اللبيب 1/ 144؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص377؛ وخزانة الأدب 2/ 194، 10/ 144، 145. 572- البيتان من الطويل، وهما ليزيد من الطثرية في ديوانه ص72؛ وذيل الأمالي ص104؛ وللمجنون في ديوانه ص89؛ ولعبد الله بن الدمينة في ديوانه ص82؛ وشرح شواهد المغني 1/ 425؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 454؛ ومغني اللبيب 1/ 145. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 وقد تجي موضع بعد وعلى ... كما على موضع عن قد جعلا   على أن قرب الدار ليس بنافع ... إذا كان من تهواه ليس بذي ود "بعن تجاوزًا عنى من قد فطن. وقد تجي" عن "موضع بعد و" موضع "على كما على موضع عن قد جعلا" كما رأيت. وجملة معاني عن عشرة أيضًا اقتصر منها الناظم على هذه الثلاثة: الأول المجاوزة وهي الأصل فيها، ولم يذكر البصريون سواه، نحو سافرت عن البلد ورغبت عن كذا. الثاني البعدية وهو المشار إليه بقوله: وقد تجي موضع بعد، نحو: {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: 40] ، {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] ، أي حالًا بعد حال. الثالث الاستعلاء كعلى نحو: {فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد: 38] ، وقوله: 573- لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني ولا أنت دياني فتخزوني   بذلك في حاشا الجارة، ويحتمل أن الجار والمجرور خبر مبتدأ محذوف أي والتحقيق كائن على أن إلخ؛ لأن ما قبلها وقع لا على وجه التحقيق. قوله: "وقد تجيء عن موضع بعد"، قال أبو حيان يلزم أن تكون حينئذٍ ظرفا، ولا أعلم أحدًا قال: إنها اسم إلا إذا دخل عليها حرف الجر همع. قوله: "كما على إلخ" فيه وصل ما المصدرية بجملة اسمية، وهو جائز وإن كان قليلًا. قوله: "كما رأيت" أي في قوله: إذا رضيب عليّ بنو قشير قوله: "المجاوزة" هي بعد شيء مذكور، أو غير مذكور عما بعدها بسبب الحدث قبلها، فالأول نحو رميت السهم عن القوس أي جاوز السهم القوس بسبب الرمي. والثاني نحو رضي الله عنك أي جاوزتك المؤاخذة بسبب الرضا، ثم المجاوزة تارة تكون حقيقية كهذين المثالين، وتارة تكون مجازية نحو أخذت العلم عن عمرو، كأنه لما علمت ما يعلمه جاوزه العلم بسبب الأخذ هذا ملخص ما أفاده سم. ومن المجازية سألت زيدًا عن كذا، كأنه لما عرفك المسؤول بالمسؤول عنه جاوزه المسؤول عنه بسبب السؤال، وأنت خبير بأن هذا إنما يظهر إذا أفاد المسؤول المسؤول عنه لا إذا لم يفده، وأن المناسب لهذا المثال جعل البعد للمجرور عن الشيء، لا جعل البعد للشيء عن المجرور، فلا يلائم تعريفهم المجاوزة هذا المثال فاعرف ذلك. قوله: "ولم يذكر البصريون سواه"، وتكلفوا لها في المحال التي لا تظهر فيها المجاوزة معنى يصلح للمجاوزة، ولم يرتكبوا التضمين ولا غيره مما ارتكبوه في غيرها من الحروف، قوله: "أي حالًا بعد حال" من البعث والسؤال والموت، وقيل: من النطفة إلى ما بعدها، وقيل غير ذلك قال في شرح اللباب: والأولى أن عن باقية على ظاهرها، والمعنى طبقًا متجاوزًا في الشدة عن طبق آخر دونه. قوله: "لاه ابن   573- البيت من البسيط، وهو لذي الإصبع العدواني في أدب الكاتب ص513؛ والأزهية ص279؛ وإصلاح المنطق ص373؛ والأغاني 3/ 108؛ وأمالي المرتضى 1/ 252؛ وجمهرة اللغة ص596؛ وخزانة الأدب 7/ 173، 177، 184، 186؛ والدرر 4/ 143؛ وسمط اللآلي ص289؛ وشرح التصريح 2/ 15؛ وشرح = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الرابع التعليل نحو: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: 53] ، {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: 114] . الخامس الظرفية كقوله: 574- وآس سراة الحي حيث لقيتهم ... ولا تك عن حمل الرباعة وانيا السادس موافقة من نحو: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: 25] ، نحو: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} [الأحقاف: 16] . السابع موافقة الباء نحو: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] ، والظاهر أنها على حقيقتها وأن المعنى وما يصدر قوله عن الهوى. الثامن الاستعانة قاله الناظم، ومثل له بنحو رميت عن القوس؛ لأنهم يقولون: رميت بالقوس، وفيه رد على الحريري في إنكاره أن يقال ذلك، إلا إذا كانت القوس هي المرمية. التاسع البدل نحو: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}   عمك" أي لله در ابن عمك، فحذف لام الجر واللام الأولى من اسم الجلالة، ففيه شذوذ من وجهين وحذف المضاف، وأناب عنه المضاف إليه، ولك أن تستغني عن تقدير المضاف. أفضلت أي زدت. دياني أي مالكي. فتخزوني أي تسوسني وتقهرني، وهو بسكون الواو إما تخفيفًا من فتحة النصب مثل ما تأتينا، فتحدثنا بالنصب وإما رفعًا عطفًا على الجملة الاسمية المنفية قبله؛ لأن المعنى ما أنت دياني، فما أنت تخزوني. قوله: "نحو وما نحن إلخ"، ويحتمل أن المعنى تركا صادرًا عن قولك لا صادرًا عن موعدة. قوله: "وآس سراة الحي" من آساه بمد الهمزة أي واساه أي أعط أشرافهم. والرباعة بالكسر نجوم الحمالة أي أقساط ما يتحمل الإنسان من دية، أو غيرها فعن بمعنى في بدليل: {وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} [طه: 42] ، قال في المغني: والظاهر أن معنى وني عن كذا جاوزه ولم يدخل فيه، ووني فيه دخل فيه وفتر. ا. هـ. أي والمراد في البيت المعنى الأول، فكيف تجعل عن فيه ظرفية. قوله: "عن عباده"، ويحتمل أن المعنى الصادرة عن عباده. قوله: "بنحو رميت عن القوس" أي إن أريد جعل القوس آلة للرمي ومستعانًا بها فيه. قوله: "في إنكاره أن يقال ذلك إلخ" على   = شواهد المغني 1/ 430؛ ولسان العرب 11/ 525 "فضل"، 13/ 167، 170 "دين" 295، 296 "عنن"، 539 "لوه" 14/ 226 "خزا"؛ والمؤتلف والمختلف ص118؛ ومغني اللبيب 1/ 147؛ والمقاصد النحوية 3/ 286؛ ولكعب الغنوي في الأزهية ص97؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 263، 2/ 121، 302؛ والإنصاف 1/ 394؛ وأوضح المسالك 3/ 43؛ والجني الداني ص246؛ وجواهر الأدب ص323؛ وخزانة الأدب 10/ 124، 344؛ والخصائص 2/ 288؛ ورصف المباني ص254، 368؛ وشرح ابن عقيل ص364؛ وشرح المفصل 8/ 53؛ وهمع الهوامع 2/ 29. 574- البيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص379؛ والدرر 4/ 145؛ وشرح شواهد المغني 1/ 434؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص247؛ وجواهر الأدب ص324؛ ومغني اللبيب 1/ 148؛ وهمع الهوامع 2/ 30. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 شبه بكاف وبها التعليل قد ... يعنى وزائدًا لتوكيد ورد   [البقرة: 48] . وفي الحديث: "صومي عن أمك". العاشر الزيادة للتعويض من أخرى محذوفة كقوله: 575- أتجزع أن نفس أتاها حمامها ... فهلا التي عن بين جنبيك تدفع "شبه بكاف وبها التغليل قد يعنى وزائدًا لتوكيد ورد" أي تجيء الكاف لمعان، وجملتها أربعة اقتصر منها في النظم على ثلاثة: الأول التشبيه وهو الأصل فيها نحو زيد كالأسد. الثاني التعليل نحو: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] ، أي لهدايتكم. وعبارته هنا وفي التسهيل تقتضي أن ذلك قليل، لكنه قال في شرح الكافية: ودلالتها على التعليل كثيرة. الثالث التوكيد وهي الزائدة نحو: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] ، أي   هذا تكون الباء للتعدية، ويكون رمي متعديًا تارة بنفسه، وتارة بالباء كذا يظهر. قوله: "أتجزع إن نفس" يصح في أن فتح الهمزة على أنها مخففة من الثقيلة، وكسرها على أنها شرطية داخلة على فعل حذف لدلالة ما بعده عليه، وأبقى فاعله وهو نفس أي إن هلكت نفس والحمام الموت. وقوله: فهلا إلخ الأصل، فهلا تدفع عن التي بين جنبيك، فحذف الجار قبل الموصول وزيد بعده عوضًا عنه قال الدماميني ظاهر كلام المغني، والتسهيل أن شرط زيادتها التعويض، وفي تفسير الثعلبي أنهم اختلفوا في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1] ، فقيل: عن علمها، وقيل: عن صلة وعلى هذا قرأ ابن مسعود، وهذا الخلاف مبني على أن السؤال هل هو سؤال استخبار، أو سؤال استعطاء، فقد حكى قولًا بالزيادة ولا تعويض. قوله: "أربعة" زاد في المغني خامسًا وهو المبادرة، قال: وذلك إذا اتصلت بما في نحو سلم كما تدخل، وصل كما يدخل الوقت، ذكره ابن الخباز والسيرافي وغيرهما، وهو غريب جدًا. ا. هـ. ويمكن تخريجهما على زيادة الكاف، وجعل ما مصدرية وقتية أي سلم وقت دخولك، وصل وقت دخول الصلاة فتستفاد المبادرة. قوله: "الثاني التعليل" جعل قوم منه قوله تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [القصص: 82] ، أي أعجب لعدم فلاح الكافرين. قوله: "تقتضي أن ذلك قليل" أي بناء على المتبادر من قد الداخلة على المضارع، وقد يقال: التقليل بالنسبة إلى التشبيه، فلا ينافي كثرته في نفسه. قوله: "ليس كمثله شيء" أي بناء على رأي عزاه في المغني إلى الأكثرين، قالوا: إذ لو لم تكن زائدة لزم المحال، وهو إثبات المثل قال التفتازاني في حاشية العضد: لأن النفي يعود إلى الحكم لا إلى المتعلقات، فقولنا: ليس كابن زيد أحد يدل ظاهرًا على أن لزيد ابنًا، وإن كان يحتمل أن يكون نفي المثل له بناء على عدمه، وقد يجاب بمنع إثبات مثله تعالى كيف، وهو من قبيل الظاهر، ونقيضه وهو نفي مثله قطعي؟ ا. هـ. ومنع كثيرون زيادتها في الآية فبعض هؤلاء قالوا   575- البيت من الطويل، وهو لزيد بن رزين في جواهر الأدب ص325؛ وشرح شواهد المغني 1/ 436؛ وله أو لرجل من محارب في ذيل أمالي القالي ص105؛ وذيل سمط اللآلي ص49؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص248؛ وخزانة الأدب 10/ 144؛ والدرر 4/ 107؛ وشرح التصريح 2/ 16؛ والمحتسب 1/ = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 واستعمل اسمًا وكذا عن وعلى ... من أجل ذا عليهما من دخلا   ليس شيء مثله. وقوله: 576- لواحق الأقراب فيها كالمقق أي فيها المقق أي الطول. الرابع الاستعلاء، قيل: بعضهم كيف أصبحت؟ قال: كخير أي على خير وهو قليل، أشار إلى ذلك في التسهيل بقوله: وقد توافق على "واستعمل" الكاف "اسمًا" بمعنى مثل كما في قوله: 577- يضحكن عن كالبرد المنهم   المثل بمعنى الصفة وبعضهم قالوا المثل بمعنى الذات، والمحققون منهم قالوا الآية من باب الكناية للمبالغة في التنزيه، فهي باقية على حقيقتها من نفي مثله، لكن المراد لازم ذلك، وهو نفي مثله، وإنما كان لازمًا؛ لأنه لو كان له مثل لكان هو مثلًا لمثله، فلا يصح نفي مثله؛ ولأن مثل الشيء من يكون على أوصافه، فإذا نفوه عمن يماثله فقد نفوه عنه، ونظيره مثلك لا يبخل فإنهم نفوا البخل عن مثله والمراد نفيه عنه، فليس المراد بالذات من الآية حقيقتها من نفي مثل المثل حتى يلزم وجود المثل، وقد صرحوا بأنه لا يضر استحالة المعنى الحقيقي للكناية فضلًا عن استحالة لازمها؛ لأن المعنى الحقيقي لها غير مقصود منها بالذات فاعرفه. قوله: "لواحق الأقراب" قاله رؤبة يصف خيلًا، أي ضوامر الأقراب جمع قرب بضمتين، وبضم فسكون الخاصرة، أو من الشاكلة إلى مراق البطن كما في القاموس. والضمير في فيها يرجع إلى الخيل الموصوفة. والمقق الطول الفاحش مع رقة. قوله: "على خير" وقيل: الكاف بمعنى الباء أي بخير، وقد قيل في قولهم كن كما أنت أن المعنى كن على الحال الذي أنت عليه، وقيل: إن المعنى كن كالشخص الذي هو أنت، أي كن فيما يستقبل مماثلًا لنفسك فيما مضى. قوله: "واستعمل اسمًا"، فيكون فاعلًا ومكفعولًا وغيرهما، وزعهما ابن مضاء اسمًا دائمًا كما في الهمع. قوله: "عن كالبرد" أي عن مثل البرد أي عن سن مثل البرد، والمنهم بسكون النون، وتشديد الميم الثانية الذائب أي الذي ذاب منه شيء فصغر. وبحث سم في الاستشهاد بالبيت باحتمال أن   = 281؛ ومغني اللبيب 10/ 149؛ وهمع الهوامع 2/ 22. 576- الرجز لرؤية في ديوانه ص106؛ وجواهر الأدب ص129؛ وخزانة الأد 1/ 89؛ وسر صناعة الإعراب ص292، 295، 815؛ وسمط اللآلي ص322؛ وشرح شواهد المغني 2/ 764؛ وشرح ابن عقيل ص366؛ والمقاصد النحوية 3/ 290؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص264؛ والإنصاف 1/ 299؛ وجمهرة اللغة ص824؛ واللمع في العربية ص158؛ والمقتضب 4/ 418. 577- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 328؛ وخزانة الأدب 10/ 166، 168؛ والدرر 4/ 156؛ وشرح شواهد المغني 2/ 503؛ والمقاصد النحوية 3/ 294؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص258؛ وأوضح المسالك 3/ 54؛ والجني الداني ص79؛ وجواهر الأدب ص126؛ وشرح المفصل 8/ 42، 44؛ ومغني اللبيب 1/ 180؛ وهمع الهوامع 2/ 31. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي عن مثل البرد. وقوله: 578- بكا للقوة الشغواء جلت فلم أكن ... لأولع إلا بالكمي المقنع وهو مخصوص عند سيبويه، والمحققين بالضرورة، وأجازه كثيرون منهم الفارسي والناظم في الاختيار "وكذا عن وعلى" استعملا اسمين: الأول بمعنى جانب، والثاني بمعنى فوق "من أجل ذا عليهما من دخلا" في قوله: 579- ولقد أراني للرماح دريئة ... من عن يميني تارة وأمامي   الكاف حرف ومجرور عن محذوف وموصوف بقوله كالبرد، فلا شاهد فيه حينئذٍ، ويضعفه أن حذف موصوف الجملة، وشبهها لا يطرد في مثل هذا الموضع. قوله: "بكا للقوة" أي بفرس كاللقوة بفتح اللام وكسرها، وسكون القاف كما في القاموس وهي العقاب، والشغواء بمعجمتين المعوجة المنقار. وجلت من الجولان، والكمي الشجاع المتكمي بسلاحه أي المتغطي به. والمقنع المغطى رأسه بالبيضة قاله زكريا. قوله: "في الاختيار"، فأجازوا في زيد كالأسد أن تكون الكاف في موضع رفع، والأسد مخفوضًا بالإضافة. مغني. قوله: "استعملا اسمين" وهما حينئذٍ مبنيان لمشابهة الحرف في اللفظ. وأصل المعنى كما قاله ابن الحاجب وغيره ونقل أبو حيان عن بعض أشياخه أنهما معربان كذاب في الهمع، والقول بإعراب عن الاسمية مع التزام سكونها لا يظهر له وجه. وفي الهمع عن ابن الطراوة والفارسي، والشلوبين أن على اسم دائمًا معرب، واستعملت على فعلًا ماضيًا، تقول علا يعلو علوًّا، وعلى يعلى علاء كبقي يبقى بقاء. ولم يتعرض له لشهرته؛ ولأن علا الفعلية ليس رسمها كرسم على الحرفية؛ لأنها ترسم بالألف؛ لأن أصلها علو بخلاف الحرفية فترسم بالياء، ومقتضى هذا أن على الاسمية ترسم بالياء، وهو إنما بظهر إذا كانت من على يعلى أما إذا كانت من علا يعلو، فكتابتها بالألف؛ لأنها حينئذٍ واوية لكن يكفي في نكته ذكر على الاسمية دون الفعلية موافقة الاسمية الحرفية لفظًا، ورسمًا على أحد الوجهين بخلاف الفعلية، فإنها لا توافق الحرفية رسمًا في وجه أصلًا فاعرفه. ولم يتعرض المصنف لإلى مع أنها جاءت اسمًا بمعنى المنتهي، ولعل ذلك لقلته وجاءت منوية بمعنى النعمة. قوله: "من أجل ذا عليهما من دخلا" استشهاد على استعمالهما اسمين لا تقييد، ولذا خص من؛ لأنها المسموع دخولها عليهما كثيرًا، وسمع جر عن بعلى نادرًا، فعلم أن اسميتها لا تتقيد بدخول من، نعم تتعين اسميتها بدخولها، وكذا بدخول غيرها من حروف الجر، فإذا قلت: زيد على السطح، وسرت عن البلد احتملا الاسمية والحرفية، وعند دخول من تتعين اسميتهما. قوله: "دريئة"   578- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الجني الداني ص82؛ والدرر 4/ 158؛ والمقاصد النحوية 3/ 295؛ وهمع الهوامع 2/ 31. 579- البيت من الكامل، وهو لقطري بن الفجاءة في ديوانه ص171؛ وخزانة الأدب 10/ 158، 160؛ والدرر 2/ 269، 4/ 185؛ وشرح التصريح 2/ 10؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص136؛ وشرح = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 ومذ ومنذ اسمان حيث رفعا ... أو أوليا الفعل كجئت مذ دعا   وكقوله: 580- عدت من عليه بعد ما تم ظمؤها ... تصل وعن قيض بزيزاء مجهل "ومذ ومنذ" يستعملان أيضًا أسمين وحرفين فهما "اسمان حيث رفعا" اسمًا مفردًا "أوليا" جملة كما إذا أوليا "الفعل" مع فاعله وهو الغالب، ولهذا اقتصر على ذكره، أو المبتدأ مع خبره: فالأول نحو ما رأيته مذ يومان، أو منذ يوم الجمعة، وهما حيئنذ مبتدآن   بهمزة بعد تحتية ساكنة مفعول ثان لأرى، وهي الحلقة التي يتعلم عليها الرمي والطعن. قاله العيني والمصرح، وفي شرح شواهد المغني للسيوطي جواز ياء بدل الهمزة. قوله: "غدت" أي سارت القطاة من عليه أي الفرخ، والظمؤ بكسر الظاء المشالة، وسكون الميم بعدها همزة مدة صبرها عن الماء، وتصل بفتح الفوقية وكسر المهملة، أي تصوّت أحشاؤها من العطش، وقوله وعن قيض عطف على قوله من عليه، والقيض بفتح القاف وسكون التحتية بعدها ضاد معجمة. قال الدماميني القشر الأعلى من البيض، وزيزاء بزايين معجمتين مكسورة أولاهما، وتفتح كما قاله السيوطي أرض غليظة، مجهل بفتح الميم على قاعدة اسم المكان من مفعل أي محل لجهل السائر، وتوهانه قال في التصريح نقلًا عن ابن السيد، وهو مجرور بإضافة زيزاء إليه، ولا يجوز أن يكون نعتًا لزيزاء عند البصريين. ا. هـ. ولك أن تجعله بدلًا. قوله: "ومذ ومنذ"، وكسر ميمهما لغة همع. قوله: "اسمين وحرفين" قال الشاطبي: قد يحتملان الاسمية والحرفية كما في ما رأيته مذ، أو منذ أن الله خلقه بفتح الهمزة أما إن كسرت، فالاسمية متعينة. قوله: "كما إذا أوليا الفعل" جعل الشارح قول المصنف الفعل مثالًا لا قيدًا، والمراد الفعل الماضي، فلا يجوز مذ يقوم؛ لأن عاملهما لا يكون إلا ماضيًا، فلا يجتمع مع المستقبل، ولم يجيزوه على حكاية الحال لئلا يجتمع مجازان تأويل المضارع بالمصدر؛ لأنه مضاف إليه واستعماله في الماضي نقله يس عن ابن هشام، وينبغي جواز ذلك عند من جوز اجتماع مجازين في الكلمة فتدبر. قوله: "فالأول" أي ما   = شواهد المغني 1/ 438؛ والمقاصد النحوية 3/ 150، 305؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص255؛ والأشباه والنظائر 3/ 13؛ وأوضح المسالك 3/ 57؛ وجواهر الأدب ص322؛ وشرح ابن عقيل ص368؛ وشرح المفصل 8/ 40؛ ومغني اللبيب 1/ 149؛ وهمع الهوامع 1/ 156، 2/ 36. 580- البيت من الطويل، وهو لمزاحم العقيلي في أدب الكاتب ص504؛ والأزهية ص194؛ وخزانة الأدب 10/ 147، 150؛ والدرر 4/ 187؛ وشرح التصريح 2/ 19؛ وشرح شواهد الإيضاح ص230؛ وشرح شواهد المغني 1/ 425؛ وشرح المفصل 8/ 38؛ ولسان العرب 11/ 383 "صلل"، 15/ 88 "علا"؛ والمقاصد النحوية 3/ 301؛ ونوادر أبي زيد ص163؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص103؛ والأشباه والنظائر 3/ 12؛ وأوضح المسالك 3/ 58؛ وجمهرة اللغة ص1314؛ والجني الداني ص470؛ وجواهر الأدب ص375؛ وخزانة الأدب 6/ 535؛ ورصف المباني ص371؛ وشرح ابن عقيل ص367؛ والكتاب 4/ 231؛ ومجالس ثعلب ص304؛ ومغني اللبيب 1/ 146، 2/ 532؛ والمقتضب 3/ 53؛ والمقرب 1/ 196؛ وهمع الهوامع 2/ 36. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وما بعدهما خبر، والتقدير أمد انقطاع الرؤية يومان، وأول انقطاع الرؤية يوم الجمعة، وقد أشعر بذلك قوله حيث رقعا، وقيل بالعكس والمعنى بيني وبين الرؤية يومان. وقيل ظرفان   إذا رفعا اسمًا مفردًا. قوله: "وهما حينئذٍ مبتدآن" أي حين إذ رفعا ما بعدهما، وساغ الابتداء بهما؛ لأنهما معرفتان لفظًا ومعنى، أو معنى فقط على الخلاف إذ معناهما أمد انقطاع الرؤية، وأول أمد انقطاع الرؤية، وأورد على ابتدائيتهما أنه هلا جاز يومان مذ كما جاز يومان أمد ذلك، وأجيب بأنهما أجروهما رافعين مجراهما خافضين في أنهما لا يدخلان إلا على اسم الزمان، أفاد بعض ذلك سم وبعضه الدماميني. قوله: "والتقدير أمد إلخ" فيه لف ونشر مرتب، ومثل المعدود كما في المغني الحاضر نحو مذ يومنا بناء على تجويز بعض العرب رفعهما الحاضر، كما هو المفهوم من قول الشارح الآتي: أكثر العرب على وجوب جرهما للحاضر. قوله: "وأول انقطاع" أي أول أمد انقطاع، فوافق قول المغني، وإن كان أي الزمان ماضيًا، فمعناهما أول المدة، فاقتصار البعض على الاعتراض بأن ظاهر كلام الشارح يخالف ما في المغني تقصير. قوله: "وقد أشعر إلخ" أي؛ لأن المبتدأ هو الرافع للخبر من غير عكس على المختار. قوله: "وقيل بالعكس"، قال في التصريح: وهو مذهب الأخفش، وأبي إسحاق الزجاج، وأبي القاسم الزجاجي، ومعناهما بين وبين مضافين، فمعنى ما لقيته مذ يومان بيني وبين لقائه يومان. ا. هـ. قال ابن الحاجب: وهذا القول وهم؛ لأن المعنى واللفظ يأبياه: أما الأول؛ فلأنك تخبر عن جميع المدة بأنها يومان، وذلك غير محقق على هذا الإعراب. وأما الثاني؛ فلأن يومان نكرة لا مسوغ لها، وليس الظرف الواقع خبرًا ظرفًا للمبتدأ حتى يكون تقديمه مسوغًا، إذ لو كان ظرفًا لكان زائدًا عليه، وهو مناف للمراد إذ المراد أنه هو. ا. هـ. وأنا أقول في كل من توجيهه للأول، وتوجيهه للثاني نظر: أما النظر في توجيهه للأول؛ فلأن هذا التركيب على هذا الإعراب، وإن لم يفد أن جميع المدة يومان باعتبار أصل اللغة؛ لأن كينونة اليومين بينه، وبين لقائه لا تنافي كينونة غيرهما أيضًا لكن يفيده باعتبار العرف، إذ لا يقال مثلًا: بيني وبين لقائه يومان عرفًا إلا إذا لم يكن إلا اليومان فقط، وأما النظر في توجيهه للثاني، فيمنع قوله يومان نكرة لا مسوغ لها، بل المسوغ موجود وهو تقديم الظرف المختص، وتعليله عدم كون تقديمه مسوغًا بأن الظرف المجعول خبرًا ليس ظرفًا للمبتدإ، إذ لو كان ظرفًا إلخ مردود لبطلان الملازمة، إذ لا يجب كون ظرف الشيء زائدًا عليه، بل يجوز كونه مساويًا له بدليل صحة نحو في يوم الخميس صوم، وبين طلوع الفجر وطلوع الشمس وقت صلاة الصبح، وليت شعري، كيف يحكم على إعراب هؤلاء الجماعة بالوهم مع أن التركيب المعرب به كالمثال المجمع على إعرابه بهذا الإعراب؟، إذ معنى مذ يومان على كلامهم بيني، وبين لقائه يومان، أي كائن بيني وبين لقائه يومان، فهو كالمثال الثاني، فوجب أن يكون الحكم فيه كالحكم في المثال الثاني، وقد علم من هذا التحقيق أن جعلهم مذ ومنذ خبرين على التسامح الشائع في إعراب نحو زيد في الدار بقولهم زيد مبتدأ، وفي الدار خبر، وأن الخبر في الحقيقة متعلق مذ ومنذ على الراجح، وهذا المتعلق نكرة، وحينئذٍ لا يرد ما قيل إذا كان معنى مذ ومنذ على هذا القول بين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وما بعدهما فاعل بفعل محذوف، أي مذ كان أو مذ مضى يومان، وإليه ذهب أكثر الكوفيين، واختاره السهيلي والناظم في التسهيل والثاني: "كجئت مذ دعا" وقوله: 581- ما زال مذ عقدت يداه إزاره وقوله: 582- وما زلت أبغي الخير مذ أنا يافع   وبين مضافين إلى المعرفة كانا معرفتين فهما الحقيقان بالمبتدئية، فتدبر ما قلناه بإنصاف فإنه متين. قال الدماميني: واعترض على جعل مذ ومنذ خبرًا بأن المعنى عليه كما قالوه بيني وبين لقائه يومان، وبين زمانية هنا، فكيف يكون الشيء ظرفًا لنفسه؟، والجواب أن هذا يرد على قولك: بيني وبين لقائه يومان، وهو جائز فما كان جوابًا عن هذا فهو جواب عن ذلك. ا. هـ. وقد أسلفنا في أول باب المفعول فيه ما يؤخذ منه الجواب فاعرفه. قوله: "والمعنى بيني إلخ" أورد عليه عدم اطراده؛ لأنه لا يأتي في نحو قولك يوم الأحد ما رأيته مذ يوم الجمعة إلا أن يجعل على حذف العاطف، والمعطوف أي بيني وبين رؤيته يوم الجمعة، وما بعده إلى الآن وفيه تكلف. قوله: "وقيل: ظرفان إلخ" على هذا القول يكون التركيب كلامًا واحدًا مشتملًا على جملتين بخلافه على الأولين، فكلامان ثانيهما، وهو مذ كذا مستأنف استئنافيًّا بيانيًّا كما في الدماميني. قوله: "مذ كان" أي وقت وجد. قوله: "أو مذ مضى يومان" فيه أنا إذا قدرنا كان، أو مضى كان مفاد الكلام انتفاء الرؤية وقت وجود اليومين، ومضيهما فيصدق بالرؤية فيهما قبل تمامهما، والمقصود انتفاء الرؤية فيهما اللهم إلا أن يقدر مضاف، ويلاحظ استمرار الانتفاء إلى آن التكلم، والتقدير وقت وجود أول اليومين، ومضيه أي واستمر الانتفاء إلى الآن فتأمل. قوله: "والثاني" أي ما إذا أوليا الجملة الاسمية أو الفعلية. قوله: "يافع" أي ناهز الحلم أو عشرين   581- عجزه: ودنا فأدرك خمسة الأشبار والبيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 305؛ والأشباه والنظائر 5/ 123؛ والجني الداني ص504؛ وجواهر الأدب ص317؛ وخزانة الأدب 1/ 212؛ والدرر 3/ 140؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد الإيضاح ص310؛ وشرح شواهد المغني 2/ 755؛ وشرح المفصل 2/ 121، 6/ 33؛ والمقاصد النحوية 3/ 321؛ والمقتضب 2/ 176؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص303؛ وأوضح المسالك 2/ 61؛ والدرر 6/ 203؛ ولسان العرب 6/ 67 "خمس"، ومغني اللبيب 1/ 336؛ وهمع الهوامع 1/ 216، 2/ 150. 582- عجزه: وليدًا وكهلًا حيث شبت وأمردا والبيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص185؛ وتذكرة النحاة ص 589؛ 632؛ والدرر 3/ 139؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد المغني 2/ 577، 757؛ والمقاصد النحوية 3/ 60، 326؛ وبلا نسبة في وأضح المسالك 3/ 63؛ ومغني اللبيب 2/ 336؛ وهمع الهوامع 1/ 216. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 وإن يجرا في مضي فكمن ... هما وفي الحضور معنى في استبن   والمشهور أنهما حنيئذ ظرفان مضافان إلى الجملة، وقيل: إلى زمن مضاف إلى الجملة، وقيل: مبتدآن فيجب تقدير زمن مضاف إلى الجملة يكون هو الخبر "وإن يجرا"، فهما حرفا جر ثم إن كان ذلك "في مضي فكمن هما" في المعنى نحو ما رأيته مذ يوم الجمعة، ومنذ يوم الجمعة أي من يوم الجمعة، "وفي الحضور معنى في استبن" بهما نحو ما رأيته مذ يومنا، أو منذ يومن أي في يومنا هذا من المعرفة كما رأيت، فإن كان المجرور بهما نكرة، كانا بمعنى من وإلى معًا كما في المعدود، نحو ما رأيته مذ أو منذ يومين، وكونهما إذا جرا حرفي جر هو ما ذهب إليه الأكثرون، وقيل: هما ظرفان منصوبان بالفعل قبلهما. تنبيهات: الأول أكثر العرب على وجوب جرهما للحاضر، وعلى ترجيح جر منذ للماضي على رفعه كقوله: 583- وربع عفت آثاره منذ أزمان وعلى ترجيح رفع مذ للماضي على جره، فمن القليل فيها قوله: 584- لمن الديار بقنة الحجر ... أقوين مذ حجج ومذ دهر   سنة على الخلاف يقال: أيفع الغلام فهو يافع، ولا يقال: موفع وإن كان هو القياس. قوله: "وقيل إلى زمن مضاف إلى الجملة"، انظر ما الداعي لتقدير الزمن على هذا القول مع كونهما ظرفين. قوله: "وقيل مبتدآن" هذا القول مقابل المشهور، وليس معطوفًا على قيل الذي قبله شمني. قوله: "يكون هو الخبر"، أي لتوقف صحة الإخبار عليه حينئذٍ. قوله: "فكمن" أي الابتدائية. قوله: "معنى في استبن"، أي اطلب بيان معنى في وهو الظرفية، والدلالة عليه بهما. قوله: "نكرة" أي معدودة إذ لا يجوز مذ يوم، كما تقدم أول الباب، ولا ينافيه ما في البيت الآتي ومذ دهر؛ لأنه متعدد في المعنى، وبهذا يعلم أن الكاف في قول الشارح، كما في المعدود استقصائية وفي نسخ، فإن كان المجرور بهما نكرة معدودًا كانا بمعنى من وإلى معًا، نحو مذ يومين وهو واضح. قوله: "نحو ما رأيته مذ أو منذ يومين"، فالمعنى ما رأيته من ابتداء هذه المدة إلى انتهائها. قوله: "وربع عفت آثاره"، أي ومنزل اندرست علاماته. وقوله منذ أزمان قال سم: لعل هذا من العدد   583- صدره: قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص89؛ والدرر 3/ 142؛ وشرح التصريح 2/ 17؛ وشرح شواهد المغني 1/ 374، 2/ 750؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 49؛ ومغني اللبيب 1/ 335؛ وهمع الهومع 1/ 217. 584- البيت من الكامل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص86؛ والأزهية ص283؛ وأسرار العربية ص273؛ والأغاني 6/ 86؛ والإنصاف 1/ 371؛ وخزانة الأدب 9/ 439، 440؛ والدرر 3/ 142؛ وشرح = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الثاني أصل مذ منذ بدليل رجوعهم إلى ضم الذال من مذ عند ملاقاة الساكن نحو مذ اليوم، ولولا أن الأصل الضم لكسروا؛ ولأن بعضهم بقول مذ زمن طويل، فيضم مع عدم الساكن، وقال ابن ملكون: هما أصلان؛ لأن لا يتصرف في الحرف وشبهه، ويرده تخفيفهم إن وكأن ولكن ورب. وقال المالقي: إذا كانت مذ اسمًا، فأصلها منذ أو حرفًا فهي أصل. الثالث بقي من الحرف رب، وهي للتكثير كثيرًا وللتقليل قليلًا: فالأول كقوله -صلى الله عليه وسلم: "يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة"، وقول بعض العرب عند انقضاء رمضان: يا رب   فتكون بمعنى من وإلى معًا. قوله: "بقنة الحجر" القنة بضم القاف، وتشديد النون أعلى الجبل، والمراد بالحجر بكسر الحاء حجر ثمود. وأقوين أي خلون حال من الديار بتقدير قد، والحجج بالكسر السنون. قوله: "رجوعهم إلى ضم الذال"، أي على الأشهر وجاء كسرها عند ملاقاة الساكن لا يقال: يحتمل أن الضم لكراهة الكسر بعد الضم؛ لأنا نقول هذا الكسر عارض مثل: {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] ، فلا يكره نعم قد يقال الضم اتباع للميم لا رجوع إلى الأصل. قوله: "ولأن بعضهم يقول مذ إلخ"، قد يقال: الضم اتباع. قوله: "ملكون" قال شيخنا السيد: بضم الميم، وسكون اللام وضم الكاف. قوله: "في الحرف وشبهه"، قال الشارح عند قول المصنف: حرف وشبهه من الصرف برى ما نصه: المراد بشبه الحرف الأسماء المبنية، والأفعال الجامدة، وذلك عسى وليس ونحوهما، فإنها تشبه الحرف في الجمود. ا. هـ. قوله: "ويرده تخفيفهم أن إلخ" أي، وهذا التخفيف تصرف جرى في الحرف شذوذًا، كما سيذكره الشارح في أول باب التصريف، فليكن تخفيفهم منذ من هذا القبيل، قوله: "المالقي" نقل شيخنا السيد أنه بفتح اللام. قوله: "بقي من الحروف رب" أي بقي من معاني الحروف معنى رب، وأما نفس رب، فقد ذكرها المصنف، ولعل المصنف لم يذكر معناها لما فيه من الخلاف، فقيل التكثير دائمًا، وقيل: التقليل دائمًا وعزى إلى الأكثرين وقيل: التكثير كثيرًا والتقليل قليلًا، وقيل: العكس. قوله: "يا رب كاسية" أي مكتسية يقال: كسى بكسر السين يكسى بفتحها، فهو كاس ويا للتنبيه أو النداء، والمنادى محذوف وفي الدنيا ظرف لغو متعلق بكاسية، وعارية خبر المبتدأ الذي هو كاسية هذا هو الظاهر المتجه، وقول البعض كاسية مبتدأ، وفي الدنيا صفته وعارية خبره أو الظرف خبر وعارية خبر بعد خبر ركيك بوجهيه أما الأول؛ فلأن جعل في الدنيا ظرفًا مستقرًا صفة كاسية غير صريح في كون اكتسائها في الدنيا الذي هو المراد، وأما الثاني؛ فلأن المقصود من الحديث الإخبار عن الكاسية في الدنيا بأنها عارية يوم القيامة لا الإخبار عن الكاسية بأنها في الدنيا، كما لا يخفى على أحد، وجوّز البعض في عارية   = التصريح 2/ 17؛ وشرح شواهد المغني 2/ 750؛ وشرح عمدة الحافظ ص264؛ وشرح المفصل 4/ 93، 8/ 11؛ والشعر والشعراء 1/ 145؛ ولسان العرب 3/ 421 "منن"، 4/ 170 "هجر"؛ والمقاصد النحوية 3/ 312؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 48؛ وجواهر الأدب ص270؛ ورصف المباني ص320؛ ومغني اللبيب 1/ 335؛ وهمع الهوامع 1/ 217. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 وبعد من وعن وباء زيد ما ... فلم يعق عن عمل قد علما وزيد بعد رب والكاف فكف ... وقد يليهما وجر لم يكف   صائمه لن يصومه وقائمه لن يقومه. والثاني كقوله: 585- ألا رب مولود وليس له أب ... وذي ولد لم يلده أبوان "وبعد من وعن وباء زيد ما فلم يعق عن عمل قد علما"، لعدم إزالتها الاختصاص نحو: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: 25] ، {عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: 40] ، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمرن: 159] ، "وزيد بعد رب والكاف فكف"، عن الجر غالبًا وحيئنذ   الجر صفة لكاسية على اللفظ، والرفع صفة لها على المحل، والنصب على الحال المنتظرة من الضمير في كاسية، والخبر على الثلاثة محذوف أي ثابتة، وفي الأخير نظر؛ لأن صاحب الحال لا يقدر العري، فكيف تكون عارية حالًا منتظرة إلا أن يجعل المعنى مقدرًا عريها بزنة المفعول، لا مقدر عريها بزنة الفاعل. وإنما كانت ربّ في الحديث للتكثير؛ لأنه مسوق للتخويف والتقليل لا يناسبه، وكذا قول بعض العرب. قوله: "يا رب صائمه إلخ" استدل به الكسائي على إعمال اسم الفاعل ماضيًا، إذ لو لم يكن عاملًا النصب في ضمير رمضان، لكانت إضافته إليه محضة؛ لأنها إضافة وصف إلى غير معموله، فتفيد التعريف مع أن رب لا تجر المعرفة، وقد يجاب بأنه حكاية حال ماضية بلفظ حكايتها قبل مضيها، فاسم الفاعل غير ماض تنزيلًا، وقوله: لن يصومه، ولن يقومه عبر بلن الاستقبالية؛ لأن المراد لن يجوز ثواب صيامه، وقيامه يوم القيامة، أو لن يعيش إلى صيام مثله وقيامه. قوله: "ألا رب مولود، وليس له أب" هو عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام، وقوله: وذي ولد إلخ هو آدم عليه الصَّلاة والسَّلام، وضمير لم يلده إلى ذي ولد، وأصله لم يلده بكسر اللام، وسكون الدال فسكنت اللام تشبيهًا بتاء كتف فالتقى ساكنان، فحركت الدال بالفتح اتباعًا للياء أو بالضم اتباعًا للهاء كذا في التصريح وغيره، وعندي أنه يجوز التحريك بالكسر على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين، قوله: "فلم يعق إلخ" نقل في الهمع أن ما تكف بقلة الباء، ومن ويدخلان حينئذٍ على الفعل. قوله: "نحو مما خطاياهم إلخ"، فخطاياهم مجرورة بكسرة مقدرة بدليل ظهورها في القراءة الثانية خطيآتهم، ولو مثل بها لكان أظهر، ولا يقدح في هذا المثال، وما بعده احتمال ما للاسمية بمعنى شيء، فيكون ما بعدها بدلًا؛ لأن المثال يكفيه الاحتمال. قوله: "وزيد بعد رب   585- البيت من الطويل، وهو لرجل من أزد السراة في شرح التصريح 2/ 18؛ وشرح الإيضاح ص257؛ وشرح شواهد الشافية ص22؛ والكتاب 2/ 266، 4/ 115؛ وله أو لعمرو الجنبي في خزانة الأدب 2/ 381؛ والدرر 1/ 173، 174؛ وشرح شواهد المغني 1/ 398؛ والمقاصد النحوية 3/ 354؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 19؛ وأوضح المسالك 3/ 51؛ والجني الداني ص441؛ والخصائص 2/ 333؛ والدرر 4/ 119؛ ورصف المباني ص189؛ وشرح المفصل 4/ 48. 9/ 126؛ والمقرب 1/ 199؛ ومغني اللبيب 1/ 135؛ وهمع الهوامع 1/ 54، 2/ 26. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يدخلان على الجمل كقوله: 586- ربما الجامل المؤبل فيهم ... وعناجيج بيهن المهار وكقوله: 587- كما الحبطات شر بني تميم "وقد تليهما وجر لم يكف" كقوله: 588- ربما ضربة بسيف صقيل ... بين بصري وطعنة نجلاء وكقوله:   إلخ" قد يفرق بين رب والكاف، وبين الثلاثة قبلها بأن اختصاصها بالأسماء أقوى لجرها كل اسم بخلاف رب والكاف، فإنهما يجران بعض الأسماء فلضعفهما بما ذكر كفًا عن العمل بخلافهما سم. قوله: "فكف" أنكر أبو حيان كف الكاف بما، وأوّل ما يوهم ذلك بجعل ما مصدرية منسبكة مع الجملة بعدها بمصدر بناء على جواز وصلها بالاسمية همع. قوله: "ربما الجامل المؤبل" الجامل بالجيم القطيع من الإبل، والمؤبل بالموحدة المعدّ للقنية. والعناجيج بعين مهملة، وجيمين الخيل الجياد، والمهار بكسر الميم جمع مهر بضمها، وهو ولد الفرس والأنثى مهرة، وفيهم خبر الجامل، وحذف خبر عناجيج لعلمه من خبر الجامل، قوله: "كما الحبطات" جماعة من تميم سموا باسم أبيهم الحبط بفتح فكسر وبفتحتين، وهو الحرث بن مالك بن عمرو، وسمي بذلك لأكله نباتًا بالبادية يسمى الذرق، وهو الحندقوق فانتفخ بطنه وانتفاخ البطن من أكله يسمى الحبط   586- البيت من الخفيف، وهو لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه ص316؛ والأزهية ص94؛ 266؛ وخزانة الأدب 9/ 586، 588؛ والدرر 4/ 124؛ وشرح شواهد المغني 1/ 405؛ وشرح المفصل 8/ 29، 30؛ ومغني اللبيب 1/ 137؛ والمقاصد النحوية 3/ 328؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 71؛ والجني الداني ص448، 455؛ وجواهر الأدب ص368؛ والدرر 4/ 250؛ وشرح التصريح 2/ 22؛ وشرح ابن عقيل ص370؛ وهمع الهوامع 2/ 26. 587- صدره: فإن الخمر من شر المطايا والبيت من الوافر، وهو لزياد الأعجم في ديوانه ص97؛ والأزهية ص77؛ وخزانة الأدب 10/ 204، 206، 208، 211، 213؛ والمقاصد النحوية 3/ 346؛ وبلا نسبة في الحيوان 1/ 363؛ وشرح ابن عقيل ص370. 588- البيت من الخفيف، وهو لعدي بن الرعلاء في الأزهية ص82، 94؛ والاشتقاق ص486؛ والأصمعيات ص152؛ والحماسة الشجرية 1/ 194؛ وخزانة الأدب 9/ 582، 585؛ والدرر 4/ 205؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد المغني ص725؛ ومعجم الشعراء ص252؛ أوضح المسالك 3/ 65؛ والجني الداني ص456؛ ورصف المباني ص194، 316؛ ومغني اللبيب ص137؛ وهمع الهوامع 2/ 38. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   589- وننصر مولانا ونعلم أنه ... كما الناس مجروم عليه وجارم تنبيه: الغالب على رب المكفوف بما أن تدخل على فعل ماض كقوله: 590- ربما أوفيت في علم وقد تدخل على مضارع نزل منزلته لتحقق وقوعه نحو: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}   بفتحتين، والمنتفخ بطنه منه يسمى الحبط بفتح فكسر، فلهذا لقب بذلك. من القاموس والعيني. وبهذا يعلم ما في كلام البعض من الخطأ. قوله: "بين بصرى" أي بين جهاتها، فحصل التعدد الذي تقتضيه بين، وهي من أرض الشام، وقوله: وطعنة نجلاء أي واسعة عطف على ضربة. قوله: "وننصر مولانا" لعل المراد به مولى الموالاة، وقوله: مجروم عليه وجارم من الجرم بضم الجيم، وهو الذنب أي مذنب عليه، ومذنب ويروى مظلوم عليه وظالم. قوله: "الغالب على رب المكفوفة بما" مثلها غير المكفوفة، فإن الغالب في العامل بعدها كونه فعلًا ماضيًا كما في المغني، وقال في الهمع: والأصح أن رب تتعلق بالعامل الذي يكون خبرًا لمجرورها، أو عاملًا في موضعه أو مفسرًا له، ويجب كونه أي العامل الذي تتعلق به رب ماضيًا معنى قاله المبرد، والفارسي وابن عصفور. وقال أبو حيان: أنه المشهور عند الأكثرين. وقيل: يأتي حالًا أيضًا قاله ابن السراج قيل: ويأتي مستقبلًا أيضًا قاله ابن مالك. ا. هـ. مع حذف وترجيحه تعلق رب سيجري الشارح على خلافه، وقوله: أو مفسرًا له فيه نظر إذ الظاهر أن تعلقها في صورة الاشتغال بالعامل المحذوف لا بالمذكور المفسر له. قوله: "على فعل ماض" أي حقيقة لا تنزيلًا؛ لأن دخولها على الماضي تنزيلًا من جملة المقابل للغالب، كما سيصنع الشارح. قوله: "ربما أوفيت في علم" أي نزلت على جبل. قوله: "نزل منزلته إلخ" حاصل   589- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن براقة في أمالي القالي 2/ 122؛ والدرر 4/ 210؛ وسمط اللآلي ص749؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد المغني 1/ 202، 500، 2/ 725، 778؛ والمؤتلف والمختلف ص67؛ والمقاصد النحوية 3/ 332؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 97؛ والجني الداني ص166، 482؛ وجواهر الأدب ص133؛ وخزانة الأدب 10/ 207؛ والدرر 6/ 81؛ وشرح ابن عقيل ص371؛ ومغني اللبيب 1/ 65؛ وهمع الهوامع 2/ 38، 130. 590- عجزه: ترفعن ثوبي شمالات البيت من المديد، وهو لجذيمة الأبرش في الأزهية ص94، 265؛ والأغاني 15/ 257؛ وخزانة الأدب 11/ 404؛ والدرر 4/ 204؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 281؛ وشرح التصريح 2/ 22؛ وشرح شواهد الإيضاح ص219؛ وشرح شواهد المغني ص393؛ والكتاب 3/ 518؛ ولسان العرب 3/ 32 "شيخ" 11/ 366 "شمل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 344، 4/ 328؛ ونوادر أبي زيد ص210؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص293، 366، 368؛ وأوضح المسالك 3/ 70؛ والدرر 5/ 162؛ ورصف المباني ص235؛ وشرح التصريح 2/ 206؛ وشرح المفصل 9/ 40؛ وكتاب اللامات ص111؛ ومغني اللبيب ص135، 137، 309؛ والمقتضب 3/ 15؛ والمقرب 2/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 38، 78. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 وحذفت رب فجرت بعد بل ... والفا وبعد الواو شاع ذا العمل   [الحجر: 2] ، وندر دخولها على الجملة الاسمية كقوله: ربما الجامل المؤبل فيهم حتى قال الفارسي يجب أن تقدر ما اسمًا مجرورًا بمعنى شيء، والجامل خبر لضمير محذوف، والجملة صفة ما: أي رب شيء هو الحامل المؤبل: "وحذفت رب" لفظًا "فجرت" منوبة "بعد بل وألفا" لكن على قلة كقوله: 591- بل بلد ملء الفجاج قتمه ... لا يشتري كتانه وجهرمه وقوله: 592- بل بلد ذي صعد وأصباب   ما أشار إليه الشارح أن يود مستقبل حقيقة؛ لأنه في يوم القيامة لكن لما كان معلومًا لله تعالى نزل منزلة الماضي بجامع التحقق في كل، واعلم أن عبارة الشارح هي عبارته التوضيح بعينها، فزعم البعض أنه لم يعتدّ بقيد التنزيل في التوضيح باطل، ونقله عن التوضيح عبارة ليست عبارته تقوّل فاضح، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قوله: "حتى قال الفارسي" غاية لقوله وندر. قوله: "والجملة صفة ما"، وفيهم متعلق بحال محذوفة أي رب شيء هو الجامل المؤبل كائنًا فيهم، وإنما قدّر الفارسي ضميرًا محذوفًا، ولم يجعل الجملة على حالها صفة لما ليحصل الربط بين الصفة والموصوف. تصريح. قوله: "أي رب شيء إلخ"، وعلى هذا تكتب ما مفصولة من رب بخلاف ما الكافة، فإنها تكتب موصولة. قوله: "بعد بل والفا" قيل: وبعد ثم. همع. قوله: "ملء الفجاج" بكسر الفاء جمع فج، وهو الطريق الواسع. والقتم بفتحتين والقتم بفتح وسكون والقتام كسحاب الغبار. وقوله: لا يشتري كتانه وجهرمه أي جهرميه بحذف ياء النسب للضرورة، والمراد به البسط المنسوبة إلى جهرم بفتح الجيم قرية بفارس، وقيل: الجهرم البساط من الشعر، والجمع جهارم وجواب رب قطعت في بيت بعد. من شرح شواهد المغني للسيوطي. قوله: "ذو صعد" بضمتين جمع صعود بفتح الصاد العقبة، وأضباب جمع ضب وهو الحيوان المعروف، والباء الواقعة رويا في هذا البيت يجب إسكانها كما   591- الرجز لرؤية في ديوانه ص150؛ والدرر 1/ 114، 4/ 194؛ وشرح شواهد الإيضاح ص376، 431؛ 440؛ وشرح شواهد المغني 1/ 347؛ ولسان العرب 11/ 654 "ندل"، 12/ 111 "جهرم"؛ والمقاصد النحوية 3/ 335؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص225؛ وجواهر الأدب ص529؛ ورصف المباني ص 156؛ وشرح شذور الذهب ص417؛ وشرح ابن عقيل ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص273؛ وشرح المفصل 8/ 105؛ ومغني اللبيب 1/ 112؛ وهمع الهوامع 2/ 36. 592- الرجز لرؤية في ديوانه ص6؛ وخزانة الأدب 10/ 32، 33؛ ولسان العرب 1/ 517 "صبب"؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 1/ 403 "وفيه وآكام" مكان "وأسباب"؛ ومغني اللبيب 1/ 136 "وفيه وآكام" مكان "وأصباب". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 593- فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع وقوله: 594- فخور قد لهوت بهن عين "وبعد الوو شاع ذا العمل" بكثرة كقوله: 595- وليل كموج البحر أرخى سدوله تنبيهات: الأول قد يجر بها محذوفة بدون هذه الأحرف كقوله: 596- رسم دار وقفت في طلله ... كدت أقضي الحياة من جلله   لا يخفى على من له إلمام بفن العروض. قوله: "فمثلك حبلى" خص الحبلى والمرضع بالذكر؛ لأنهما أزهد النساء في الرجال. وقوله: قد طرقت أي أتيتها ليلًا. قوله: "فحور" جمع حوراء وهي شديدة سواد العين مع شدة بياضها، وعين جمع عيناء وهي الواسعة العين. قوله: "وليل كموج البحر" أي في كثافته وظلمته. والسدول الستور والابتلاء الاختبار. قوله: "رسم دار" أي رب رسم   593- عجزه: فألهيتها عن ذي تمائم مغيل والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص12؛ والأزهية ص244؛ والجني الداني ص75؛ وجواهر الأدب 63؛ وخزانة الأدب 1/ 334؛ والدرر 4/ 193؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 450؛ وشرح شذور الذهب ص416؛ وشرح شواهد المغني 1/ 402، 463؛ والكتاب 2/ 163؛ ولسان العرب 8/ 126، 127 "رضع" 11/ 511 "غيل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 336؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 73؛ ورصف المباني ص387؛ وشرح ابن عقيل ص372؛ ومغني اللبيب 1/ 136، 161؛ وهمع الهوامع 2/ 36. 594- عجزه: نواعم في المروط وفي الرياط والبيت من الوافر، هو للمتنخل الهذلي في شرح أشعار الهذليين 3/ 1267؛ وشرح شواهد الإيضاح ص385؛ وشرح عمدة الحافظ ص273؛ وللهذلي في الجني الداني ص75؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 380؛ وجمهرة اللغة ص761؛ وشرح المفصل 2/ 118. 8/ 53. 595- عجزه: علي بأنواع الهموم ليبتلي والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص18؛ وخزانة الأدب 2/ 326؛ 3/ 271؛ وشرح شواهد المغني 2/ 574؛ 272؛ وشرح عمدة الحافظ ص272؛ والمقاصد النحوية 3/ 338؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 75؛ وشرح شذور الذهب ص415. 596- البيت من الخفيف، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص189؛ والأغاني 8/ 94؛ وأمالي القالي 1/ 246؛ وخزانة الأدب 10/ 20؛ والدرر 4/ 48، 199؛ وسمط اللآلي ص557؛ وشرح التصريح 2/ 23؛ وشرح شواهد المغني 1/ 395، 403؛ ولسان العرب 11/ 120 "جلل"؛ ومغني اللبيب ص121؛ والمقاصد= الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 وقد يجر بسوى رب لدى ... حذف وبعضه يرى مطردًا   وهو نادر. وقال في التسهيل: تجر رب محذوف بعد الفاء كثيرًا، وبعد الواو أكثر وبعد بل قليلًا، ومع التجرد أقل. ومراده بالكثرة مع الفاء الكثرة النسبية أي كثير بالنسبة إلى بل. الثاني قال في التسهيل: وليس الجر بالفاء وبل باتفاق. وحكى ابن عصفور أيضًا الاتفاق، لكن في الارتشاف: وزعم بعض النحويين أن الجر هو بالفاء، وبل لنيابتهما مناب رب، وأما الواو، فذهب الكوفيون والمبرد إلى أن الجر بها، والصحيح أن الجر برب المضمرة، وهو مذهب البصريين "وقد يجر بسوى رب" من الحروف "لدى حذف"، وهذا بعضه يرى غير مطرد يقتصر فيه على السماع، وذلك كقول رؤبة، وقد قيل له: كيف أصبحت؟ قال خير عافاك الله. التقدير على خير وقوله: 597- أشارت كليب بالأكف الأصابع وقوله:   دار ورسم الدار ما كان من آثارها لاصقًا بالأرض، كالرماد والطلل ما شخص من آثارها كالوتد والأثافي، وقوله: من جلله بفتح الجيم واللام الأولى أي من أجله، أو من عظيم شأنه؛ لأن الجلل يطلق بمعنى أجلّ وعظيم، وحقير وأما جلل بالبناء على السكون، فحرف بمعنى نعم من المغني، وشرح شواهده للسيوطي. قوله: "وهو نادر" أي جدًا كما يدل عليه ما بعده. قوله: "كثير بالنسبة إلى بل"، أي وإن كان قليلًا بالنسبة إلى الواو، فلا ينافي قول الشارح سابقًا، لكن على قلة. قوله: "لكن في الارتشاف إلخ" يجاب بأن المصنف، وابن عصفور لم يعتدا بالمخالف لشذوذه فحكيا الاتفاق. قوله: "والصحيح أن الجر برب المضمرة"؛ لأنه لم يعهد الجر ببل والفاء أصلًا، ولا بالواو إلا في القسم. قوله: "وهذا" أي الجر بسوى رب لدى الحذف. قوله: "كقول رؤبة" بضم الراء، وسكون الهمزة ابن العجاج بن رؤبة كان من فصحاء العرب، قوله:   = النحوية 3/ 339؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 77؛ والإنصاف 1/ 378؛ والجني الداني ص454، 455؛ والخصائص 1/ 285/ 3/ 150؛ ورصف المباني ص156/ 191/ 254/ 528؛ وسر صناعة الإعراب ص1/ 133؛ وشرح ابن عقيل ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص274؛ وشرح المفصل 3/ 28، 79، 8/ 52؛ ومغني اللبيب ص136؛ وهمع الهوامع 2/ 37. 597- صدره: إذا قيل: أي الناس شر قبيلة والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 420؛ وتخليص الشواهد ص504؛ وخزانة الأدب 9/ 113، 115؛ والدرر 4/ 191؛ وشرح التصريح 1/ 312؛ وشرح شواهد المغني 1/ 12؛ والمقاصد النحوية 2/ 542؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 178؛ وخزانة الأدب 10/ 41؛ والدرر 5/ 185؛ وشرح ابن عقيل ص374؛ ومغني اللبيب 1/ 61، 2/ 643؛ وهمع الهوامع 2/ 36، 81. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   598- حتى تبذخ فارتقى الأعلام أي إلى كليب وإلى الأعلام "وبعضه يرى مطردًا" وذلك في ثلاثة عشر موضعًا الأول لفظ الجلالة في القسم دون عوض نحو الله لأفعلن. الثاني بعدكم الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر نحو بكم درهم اشتريت أي من درهم خلافًا للزجاج في تقديره الجر بالإضافة كما يأتي في بابها. الثالث في جواب ما تضمن مثل المحذوف نحو زيد في جواب بمن مررت. الرابع في المعطوف على ما تضمن مثل المحذوف بحرف متصل نحو: {وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ، وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الجاثية: 4] ، أي وفي اختلاف الليل. وقوله: 599- أخلق بدي الصبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجأ   "التقدير على خير" أي أو بخير كما في التصريح. قوله: "حتى تبذخ" أي تكبر والأعلام الجبال. قوله: "وذلك" أي البعض الذي يرى مطردا من الجر بسوى رب لدى الحذف. قوله: "دون عوض" أي من حرف القسم المحذوف وقيد بذلك ليكون من الجر بالمحذوف اتفاقا لأنه مع العوض قيل هو الجار كما مر ذلك. قوله: "في جواب ما" أي سؤال تضمن مثل المحذوف أي اشتمل على حرف مثل الحرف المحذوف. قوله: "بحرف متصل" متعلق بالمعطوف وليس الجر بالعطف على خلقكم حتى يقال الجر بفي المذكورة لا المحذوفة لما يلزم عليه من العطف على مفعولي عاملين مختلفين وهو ممنوع على الأصح. المعمولان خلق وآيات والعاملان في والابتداء فعلى ما ذكره الشارح يكون العطف من عطف الجمل. قوله: "أن يحظى" قال في القاموس الحظوة بالضم والكسر والحظة كعدة المكانة والحظ من الرزق والجمع حظا وحظاء. وحظي كل واحد من الزوجين عند صاحبه كرضي واحتظى وهي حظية كغنية. ا. هـ. ولم أجد فيه ولا في غيره حظي متعديا بالباء فلعله على تضمين معنى ظفر أو تنعم مثلا وقوله ومدمن أي مديم والولوج الدخول. قوله: "أي وبمد من" ولو لم يقدر الباء لزم العطف على معمولي عاملين مختلفين المعمولان ذي وأن يحظى والعاملان الباء وأخلق لكن قد يقال أن يحظى بدل اشتمال من ذي الصبر فالعامل واحد وهو الباء إلا أن يقال العامل في البدل باء أخرى مقدرة على ما رجحه أكثر المتأخرين فالمحذور موجود. قوله: "في المعطوف عليه"   598- صدره: وكريمة من آل قيس ألفته والبيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 192؛ وشرح ابن عقيل ص375؛ ولسان العرب 9/ 9 "ألف"؛ والمقاصد النحوية 3/ 341؛ وهمع الهوامع 2/ 36. 599- البيت من البسيط، وهو لمحمد بن يسير في الأغاني 4/ 40؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1175؛ والشعر والشعراء ص883؛ وبلا نسبة في العقد الفريد 1/ 70. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي وبمدمن. الخامس في المعطوف عليه بحرف منفصل بلا كقوله: 600- ما لمحب جلد أن يهجرا ... ولا حبيب رأفة فيجبرا السادس في المعطوف عليه بحرف منفصل بلو كقوله: 601- متى عذتم بنا ولو فئة منا ... كفيتم ولم تخشوا هوانًا ولا وهنا السابع في المقرون بالهمزة بعدما تضمن مثل المحذوف، نحو أزيد ابن عمرو استفهامًا لمن قال مررت بزيد. الثامن في المقرون بهلا بعده، نحو هلا دينار لمن قال: جئت بدرهم. التاسع في المقرون بأن بعده، نحو امرر بأيهم أفضل إن زيد وإن عمرو، وجعل سيبويه إضمار هذه الباء بعد أن أسهل من إضمار رب بعد الواو فعلم بذلك اطراده. العاشر في المقرون بفاء الجزاء بعده. حكى يونس مررت برجل صالح إلا صالح فطالح: أي إلا أمرر بصالح فقد مررت بطالح، والذي حكاه سيبويه إلا صالحًا فطالح، وإلا صالحًا فطالحًا، وقدره إلا يكن صالحًا فهو طالح، وإلا يكن صالحًا يكن طالحًا. الحادي عشر   أي على ما تضمن مثل المحذوف. قوله: "ما لمحب جلد أن يهجرا" أي قوة للهجر والشاهد في قوله ولا حبيب وقوله فيجبرا بالنصب على إضمار أن. قوله: "ولو فئة" أي ولو بفئة أي ولو عذتم بفئة وعدم صحة كون الجر هنا بالعطف على نا لأن لولا تدخل إلا على الجملة دون المفرد والغالب في مثل هذا النصب كقولهم ائتني بدابة ولو حمارا كما في الهمع. قوله: "بعده" أي بعد ما تضمن مثل المحذوف وكذا الضمير في نظائره الآتية. قوله: "أسهل من إضمار رب إلخ" أي فيكون عملها محذوفة بعد أن أكثر مما ذكر ووجهه كما في زكريا أن أن مختصة بالأفعال وهي قوية الطلب للجار. قوله: "مررت برجل صالح" أي في اعتقادي وقوله إلا صالح أي في نفس الأمر فطالح أي في نفس الأمر فلا تنافي، وليس لفظ صالح الأول في عبارة المرادي والأمر عليها ظاهر. قوله: "إلا صالح فطالح" الشاهد في فطالح وأما جر صالح فمن الموضع التاسع لأنه لم يقيد فيه المقرون بأن بالتكرار ولا بعدم الفصل أفاده شيخنا. قوله: "أي إلا أمرر بصالح فقد مررت بطالح" قال في التصريح هذا تقدير ابن مالك وقدره سيبويه إلا أكن مررت بصالح فبطالح قيل وتقدير سيبويه هو الصواب لأنك إذا قلت إلا أمرر نقضت أخبارك أولا بالمرور فيما مضى لأن إلا أمرر معناه إلا أمرر فيما يستقبل فلا بد من تقدير الكون أي إلا أكن فيما يستقبل موصوفا بكوني مررت فيما مضى بصالح فأنا قد مررت بطالح. ا. هـ. ملخصا ويمكن حمل تقدير ابن مالك على هذا بأن يجعل معنى إلا أمرر إلا أكن   600- الرجز بلا نسبة في الدرر 4/ 199؛ والمقاصد النحوية 3/ 353؛ وهمع الهومع 2/ 37. 601- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 200؛ وهمع الهوامع 2/ 37. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لام التعليل إذا جرت كي وصلتها ولهذا تسمع النحويين في نحو جئت كي تكرمني أن تكون كي تعليلية وأن مضمرة بعدها، وأن تكون مصدرية واللام مقدرة قبلها. الثاني عشر مع أن، وأن نحو عجبت أنك قائم وأن قمت على ما ذهب إليه الخليل والكسائي. وقد سبق في باب تعدي الفعل ولزومه. الثالث عشر المعطوف على خبر ليس وما الصالح لدخول الجار. أجاز سيبويه في قوله: 602- بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيئًا إذا كان جائيا الخفض في سابق على توهم وجود الباء في مدرك، ولم يجزه جماعة من النحاة. ومنه قوله: 603- أحقا عباد الله أن لست صاعدا ... ولا هابطًا إلا على رقيب ولا سالك وحدي ولا في جماعة ... من الناس إلا قيل أنت مريب وقوله: 604- مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعب إلا ببين غرابها   مررت. قوله: "على ما ذهب إليه الخليل والكسائي" أي من أن أن وصلتها أو أن وصلتها في موضع جر بالحرف المقدر أما على ما ذهب إليه سيبويه فموضعهما نصب بنزع الخافض. قوله: "الصالح لدخول الجار" أي بأن يكون اسما لم ينقض نفيه. قوله: "ولم يجزه جماعة من النحاة" وأما الجر بالمجاورة نحو هذا حجر ضب خرب فأثبته جمهور البصريين والكوفيين في نعت وتوكيد زاد بعضهم وعطف ورده أبو حيان بأنه ضعيف لأنه تابع بواسطة بخلافهما وأما الآية ففي المسح على الخف على قول، وزاد ابن هشام عطف البيان قياسا وسيأتي بسطه في أول النعت. قوله: "مريب" بفتح الميم اسم مفعول. قوله:   602- البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص278؛ وتخليص الشواهد ص512؛ وخزانة الأدب 8/ 492، 496، 552، 9/ 100، 102، 104، والدرر 6/ 163؛ وشرح شواهد المغني 1/ 282؛ وشرح المفصل 2/ 52، 7/ 56؛ والكتاب 1/ 65، 3/ 29، 51، 100، 4/ 160؛ ولسان العرب 6/ 160 "نمش"؛ ومغني اللبيب 1/ 96؛ والمقاصد النحوية 2/ 267، 3/ 351؛ وهمع الهوامع 2/ 141؛ ولصرمة الأنصاري في شرح أبيات سيبويه 1/ 72 والكتاب 1/ 306؛ ولصرمة أو لزهير في الإنصاف 1/ 191؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص154؛ والأشباه والنظائر 2/ 347؛ وجواهر الأدب ص52؛ وخزانة الأدب 1/ 120، 4/ 135، 10/ 293، 315؛ والخصائص 2/ 353، 424؛ وشرح المفصل 8/ 69؛ والكتاب 2/ 155. 603- البيتان من الطويل، وهما لابن الدمينة في ديوانه ص103؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص1364. 604- البيت من الطويل، وهو للأخوص "أو الأحوص" الرباحي في الإنصاف ص193؛ والحيوان 3/ 431؛ وخزانة الأدب 4/ 158، 160، 164؛ وشرح شواهد الإيضاح ص589؛ وشرح شواهد المغني ص871؛= الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 605- وما زرت ليلى أن تكون حبيبة ... إليَّ ولا دين بها أنا طالبه تنبيه: لا يجوز الفصل بين حرف الجر ومجروره في الاختيار، وقد يفصل بينهما في الاضطرار بظرف أو مجرور كقوله: إن عمرًا لا خير في اليوم عمرو وقوله: 606- وليس إلى منها النزول سبيل وندر الفصل بينهما في النثر بالقسم، نحو اشتريته بوالله درهم. خاتمة: يجب أن يكون للجار والظرف متعلق وهو فعل أو ما شبهه أو مؤول بما   "مشائيم" جمع مشئوم وناعب بالعين المهملة أي صائح وبابه ضرب ونفع كما في المصباح والبين البعد وقوله غرابها أي غراب تلك المشائيم. قوله: "وما زرت ليلى إلخ" ينبغي إسقاط هذا البيت إذ ليس فيه ليس ولا ما العاملة عملها بل الجر فيه ليس من جر التوهم أصلا بل الجر فيه بسبب العطف على أن تكون، لأن محله جر باللام المقدرة على ما ذهب إليه الخليل والكسائي، نعم هو من جر التوهم على المذهب الآخر فيمكن أنه مراد الشارح ويكون قوله سابقا ومنه قوله إلخ أي من الجر على التوهم أعم من أن يكون بعد ليس وما أولا فتنبه. قوله: "يجب أن يكون للجار والظرف متعلق" أي لأن الحرف موضوع لإيصال معنى الفعل إلى الاسم والظرف لا بد له من شيء يقع فيه فالموصل معناه والواقع هو المتعلق. والتحقيق أن ذلك المتعلق إنما يعمل في المجرور وأنه الذي في محل نصب بالمتعلق بمعنى أنه   = وشرح المفصل 2/ 52؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 74، 2/ 105؛ والكتاب 1/ 65، 306؛ ولسان العرب 12/ 314 "شأم" والمؤتلف والمختلف ص49؛ وهو للفرزدق في الكتاب 3/ 29؛ وبلا نسبة في أسرار العرب ص155؛ والأشباه والنظائر 2/ 347؛ 4/ 313؛ والخزانة 8/ 295، 554؛ والخصائص 2/ 354؛ وشرح المفصل 5/ 68، 7/ 57؛ ومغني اللبيب ص478؛ والممتع في التصريف ص50. 605- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 84؛ والإنصاف ص395؛ وتخليص الشواهد ص511؛ والدرر 5/ 183؛ وسمط اللآلي ص572؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 103؛ وشرح شواهد المغني ص885؛ والكتاب 3/ 29؛ ولسان العرب 1/ 336 "حنطب"؛ والمقاصد النحوية 2/ 556؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص526؛ وهمع الهوامع 2/ 81. 606- صدره: مخلفة لا يستطاع ارتقاؤها والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الخصائص 2/ 395، 3/ 107؛ ورصف المباني ص255؛ والمقرب 1/ 197. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يشبهه أو ما يشير إلى معناه نحو: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] ، {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3] ، أي وهو المسمى بهذا الاسم، {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2] ، أي انتفى ذلك بنعمة ربك، فإن لم يكن شيء من هذه الأربعة موجودًا في اللفظ قدر الكون المطلق متعلقًا كما تقدم في الخبر والصلة. ويستثنى من ذلك خمسة أحرف: الأول الزائد كالباء في نحو: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الرعد: 43] ، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [قاطر: 3] . الثاني لعل في لغة عقيل لأنها بمنزلة الزائد ألا ترى أن مجرورها في موضع رفع بالابتداء بدليل ارتفاع ما بعدها على الخبرية. الثالث لولا فيمن قال: لولاي ولولاك ولولاه على قول سيبويه إن لولا جارة فإنها أيضًا بمنزلة لعل في أن ما بعدها مرفوع المحل بالابتداء الرابع رب في نحو رجل صالح لقيت أو لقيته لأن مجرورها مفعول في الأول ومبتدأ في الثاني أو مفعول أيضًا على حد زيدًا ضربته. ويقدر الناصب بعد المجرور لا قبل الجار لأن رب لها الصدر من بين حروف   يقتضي نصبه لو كان متعديا إليه بنفسه فتعلق المجرور به تعلق عمل، وأما الجار فلا عمل للمتعلق فيه ونسبة التعلق إليه مسامحة أو مرادهم تعلق الإيصال لأن الحرف يوصل معاني الأفعال إلى الأسماء فعلم أن المحل للمجرور فقط هذا إذا لم يقعا عوضا عن العامل المحذوف وإلا حكم على محل مجموعهما بإعراب العامل رفعا نحو زيد في الدار أو نصبا نحو خرج زيد بثيابه أو جرا نحو مررت برجل من الكرام أفاده الدماميني وغيره. قوله: "أو ما يشبهه" أي في العمل وهو المشتق والمصدر واسمه وكذا اسم الفعل وإن لم يذكره غير واحد كالبعض. قوله: "أو ما أول بما يشبهه" كلفظ الجلالة فإنه مؤول بالمسمى بهذا الاسم أو بالمعبود. قوله: "أو ما يشير إلى معناه" أي معنى الفعل وسيأتي التمثيل له بما في قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2] ، وظاهره أن ما هي المتعلق وهو مبني على جواز التعلق بأحرف المعاني ومذهب الجمهور المنع فعلى مذهبهم المتعلق هو الفعل الذي يسير إليه النافي كما في المغني. قوله: "نحو أنعمت عليهم إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله: "أي انتفى ذلك" أي الكون مجنونا وهو تفسير لمعنى ما وليس مراده أن المتعلق الفعل الذي دل عليه النافي وإلا لنافي آخر كلامه أوله. قوله: "الأول الزائد" لأنه إنما أتى به للتأكيد لا لربط الفعل بالمفعول لعدم احتياجه إليه في الربط. نعم استثنى من الزائد اللام المقوية فإنه لا مانع من تعليقها بالعامل المقوي لأن زيادتها ليست محضة كما مر عن ابن هشام. قوله: "بدليل ارتفاع ما بعدها" أي بعد مجرورها ولو قال ما بعده أي بعد المجرور لكان أوضح. قوله: "لأن مجرورها مفعول" أي مفعول فعل يتعدى إليه بنفسه من غير احتياج إلى توسط الحرف وإلا فالمجرور بحرف يتعلق مفعول في المعنى فلا يتم التعليل أفاده سم. قوله: "لا قبل الجار إلخ" أي ولا بين الجار والمجرور لأن الفعل لا يقع بعد رب إلا مكفوفة بما كما مر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 حروف الجر . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   للهمزة في تصيير الفاعل مفعولًا وأكثر تعدي الفعل القاصر نحو ذهبت بزيد بمعنى أذهبته. ومنه: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] ، وقرئ أذهب الله نورهم. السابع التعويض نحو بعت هذا بألف، وتسمى باء المقابلة أيضًا. الثامن الإلصاق حقيقة ومجازًا نحو أمسكت بزيد، ونحو مررت به. وهذا المعنى لا يفارقها، ولهذا اقتصر عليه سيبويه. التاسع المصاحبة نحو: {اهْبِطْ بِسَلَامٍ} [هود: 48] ، أي معه. العاشر التبعيض نحو: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ   بعض الناس ببعض، وصككت الحجر بالحجر، والأصل دفع بعض الناس بعضًا وصك الحجر الحجر قال الدماميني: ويرد عليه أنه إذا كان الأصل ذلك لم تكن الباء داخلة على ما كان فاعلًا بل على ما كان مفعولًا، فلا يشملها ضابط باء التعدية المتقدم، ولو جعل الأصل دفع بعض الناس بعض، وصك الحجر الحجر بتقديم المفعول لم يرد ذلك. ا. هـ. قوله: "بمعنى أذهبته" ولا فرق بينهما خلافًا لمن فرق باقتضاء ذهبت بزيد المصاحبة في الذهاب بخلاف أذهبت زيدًا، ومما يرده قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] ، وإن أجيب عن الآية بأنه يجوز أن يكون تعالى وصف نفسه بالذهاب على معنى يليق كما وصف نفسه تعالى بالمجيء في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] ؛ لأنه ظاهر البعد. نعم ممن فرق صاحب الكشاف حيث قال: والفرق بين أذهبه، وذهب به أن معنى أذهبه أزاله وجعله ذاهبًا ويقال: ذهب به إذا استصحبه ومضى معه، وذهب السلطان بماله أخذه، ثم قال: والمعنى أخذ الله نورهم وأمسكه. ا. هـ. قال الشمني: ولا يخفى ما في قول الزمخشري، والمعنى إلخ من الجواب عن الآية بحملها على معنى آخر لذهب مع الباء لا محذور في نسبته إلى الله تعالى أصلًا. قوله: "التعويض إلخ" المناسب لقوله باء البدل أن يقول باء العوض، والفرق بين باء التعويض، وباء البدل كما قاله سم أن في باء التعويض مقابلة شيء بشيء بأن يدفع شيء من أحد الجانبين. ويدفع من الجانب الآخر شيء في مقابلته، وفي باء البدل اختيار أحد الشيئين على الآخر فقط من غير مقابلة من الجانبين، وقيل: باء البدل أعم مطلقًا وهو ما استظهره في الهمع، فتكون هي الدالة على اختيار شيء على آخر أعم من أن يكون هناك مقابلة أولًا، والأول أشهر وأوفق بصنيع الشارح. قوله: "نحو أمسكت بزيد إلخ" فيه لف ونشر مرتب، فمعنى أمسكت بزيد قبضت على شيء من جسمه، أو ما يحسبه من ثوب أو نحوه، ولهذا كان أبلغ من أمسكت زيدًا؛ لأن معناه المنع من الانصراف بأي وجه كان، ومعنى مررت بزيد ألصقت مروري بمكان يقرب منه قاله في المغني، ونازع الدماميني في كون الإلصاق في صورة القبض على نحو الثوب حقيقي، واستظهر أنه مجاز بجعل إلصاق الإمساك بالثوب إلصاقًا بزيد لما بينهما من المجاورة، وقد يعدى المرور بعلى، فتكون للاستعلاء المجازي كأن المارّ بمجاوزته المرور به استعلى عليه. قوله: "وهذا المعنى لا يفارقها" التزامه يحوج في بعض الأماكن إلى تكلف، كما في: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} وبالله لأفعلن. قوله: "نحو اهبط بسلام" ونحو فسبح بحمد ربك بناء على أن المصدر مضاف لمفعوله أي مع حمدك ربك، وقيل: للاستعانة بناء على أنه مضاف لفاعله أي بما حمد الرب به نفسه قاله في المغني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 الإضافة : نونًا تلي الإعراب أو تنونا ... مما تضيف احذف كطور سينا   الجر وإنما دخلت في المثالين لإفادة التكثير أو التقليل لا لتعدية عامل. هذا قول الرماني وابن طاهر. وقال الجمهور: هي فيهما حرف جر معد، فإن قالوا إنها عدت الفعل المذكور فخطأ لأنه يتعدى بنفسه ولاستيفائه مفعوله في المثال الثاني. وإن قالوا عدت محذوفًا تقديره حصل أو نحوه ففيه تقدير ما لا حاجة إليه ولم يلفظ به في وقت. الخامس حرف الاستثناء وهو خلا وعدا وحاشا إذا خفضن لما سبق في باب الاستثناء والله تعالى أعلم. الإضافة: "نونًا تلي الإعراب" وهي نون المثنى والمجموع على حده وما ألحق بهما "أو تنوينًا" ظاهرًا أو مقدرًا "مما تضيف احذف" كتبت يدا أبي لهب، فيه ثنتا حنظل، وكالمقيمي الصلاة وهذه عشر وزيد، "كطور سينا" ومفاتح الغيب. أما النون التي تليها   قوله: "لأن رب لها الصدر" أي صدر جملتها فلا ينافي جواز نحو زيد رب شجاع يغلبه كما أفاده الدماميني. قوله: "وإنما دخلت إلخ" دفع لما يوهمه كون مجرورها مفعولا من أنها معدية. قوله: "فإن قالوا إلخ" وأيضا فلو كان كما يقولون لم يعطف على محل مجرورها رفعا ونصبا في الفصيح، وقد جاء العطف تقول رب رجل وأخاه أكرمت، فيجعلون لها حكم الزائد في الإعراب وإن لم تكن زائدة، ولا يجوز في الفصيح بزيد وأخاء مرتت دماميني. قوله: "فخطأ لأنه يتعدى بنفسه" وأجاب سم بأن تعدي الفعل بنفسه لا يمنع تعديته بحرف الجر إذا قصد معنى لا يحصل بدون تعديه بذلك الحرف كما هنا فإنه لو عدى بنفسه لفات معنى التقليل والتكثير ونظيره أخذت من الدراهم فقد عدى الفعل بمن لإفادة التبعيض وإن كان متعديا بنفسه، على أن من الأفعال ما يتعدى تارة بنفسه وتارة بحرف الجر نحو نصح وشكر. قوله: "ولاستيفائه مفعوله في المثال الثاني" أجاب سم بأن ذلك لا يمنع كونه معمولا لمثله كما في زيدا ضربته. الإضافة: هي لغة الإسناد وعرفا نسبة تقييدية بين اسمين توجب لثانيهما الجر أبدا. قال يس وعينها ياء لأنها مشتقة من الضيف لاستناده إلى من ينزل عليه. وقال في شرح الجامع يكفي في إضافة الشيء إلى غيره أدنى ملابسة نحو قوله تعالى: {عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: 46] ، لما كانت العشية والضحى طرفي النهار صح إضافة أحدهما إلى الآخر. قوله: "نونا" أي نطق بها أو لم ينطق بها كما في لبيك وذوَي مال وذوِي مال. قوله: "تلى الإعراب" أي حرف الإعراب. قوله: "أو مقدرا" وذلك في الاسم الممنوع من الصرف والمانع من ظهوره مشابهة الفعل. قوله: "مما تضيف" أي تريد إضافته. قوله: "احذف" أي إن كان فيه ما ذكر وإلا فلا حذف كما في لدن زيد إلا أن يقدر فيه التنوين وإن كان مبنيا والحسن الوجه إلا أن يدعي أن الإضافة قبل دخول أل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 والثاني اجرر وانو من أو في إذا ... لم يصلح إلا ذاك واللام خذا   علامة الإعراب فإنها لا تحذف نحو بساتين زيد وشياطين الإنس. تنبيه: قد تحذف تاء التأنيث للإضافة عند أمن اللبس كقوله: 607- وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا أي عدة الأمر، وقراءة بعضهم: {لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة: 46] ، أي عدته وجعل الفراء منه، {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 3] أقام الصلاة بناء على أنه لا يقال دون إضافة في الإقامة أقام ولا في الغلبة غلب. ا. هـ. "والثاني" من المتضايفين وهو المضاف إليه "اجرر" بالمضاف وفاقًا لسيبويه لا بالحرف المنوي خلافًا للزجاج "وانو" معنى "من أو" معنى "في إذا لم يصلح" ثم "إلا ذاك" المعنى فانو معنى من فيما إذا   قاله زكريا. قوله: "التي تليها علامة الإعراب" قال البعض تبعا للمصرح هذا مبني على أن الإعراب متأخر عن آخر الكلمة والأصح أنه مقارن له. وقد يقال مراده بتلو علامة الإعراب للحرف تبعيتها له تبعية العارض للمعروض لا تبعيتها له في الوجود اللفظي فالتبعية رتبية لا زمانية فليس كلامه مبنيا على خلاف الأصح. قوله: "قد تحذف تاء التأنيث" أي جوازا فلا يرد على المصنف لأن كلامه في الحذف الواجب الكثير وحذف هذه التاء جائز على قلة حيث أمن اللبس وإلا لم يجز حذفها كما في تمرة وخمسة. ثم هو سماعي وقيل قياسي كذا في النكت ولا يرد على وجوب حذف النون المذكورة قول الشاعر: لا يزالون ضاربين القبابِ لما مر أول الكتاب. قوله: "وفاقا لسيبويه" أي والجمهور ومن أدلتهم اتصال الضمير بالمضاف والضمير إنما يتصل بعامله. قوله: "لا بالحرف المنوي" عبارة التصريح لا بمعنى اللام خلافا للزجاج ولا بالإضافة ولا بحرف مقدر ناب عنه المضاف. ا. هـ. وهي تقتضي أن العامل عند الزجاج معنى اللام لا الحرف المقدر ويمكن حمل عبارة الشارح على عبارة التصريح. قوله: "وانو معنى من" أي البيانية كما نقله الإسقاطي عن الجامي أي التي لبيان جنس المضاف ويوجد من كلام الشارح أن بيانها مشوب بتبعيض وهو صحيح وزاد لفظ معنى إشارة إلى أن المراد أن الإضافة على ملاحظة المعنى المذكور لا أن لفظ الحرف مقدر إذ قد لا يصلح الكلام لتقديره. واعلم أنه يصح في الإضافة التي على معنى من اتباع المضاف إليه للمضاف بدلا أو عطف بيان   607- صدره: إن الخليط أجدوا البين فانجردوا والبيت من البسيط وهو للفضل بن العباس في شرح الصحيح 2/ 396؛ وشرح شواهد الشافية ص64؛ ولسان العرب 1/ 651 "غلب" 7/ 293 "خلط"؛ والمقاصد النحوية 4/ 572؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 241؛ وأوضح المسالك 4/ 407؛ والخصائص 3/ 171؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 158؛ وشرح عمدة الحافظ ص486؛ ولسان العرب 3/ 462 "وعد"، 7/ 293 "خلط". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 لما سوى ذينك واخصص أو لا ... أو أعطه التعريف بالذي تلا   كان المضاف بعضًا من المضاف إليه مع صحة إطلاق اسمه عليه، كثوب خز، وخاتم فضة، التقدير ثوب من خز وخاتم من فضة، ألا ترى أن الثوب بعض الخز والخاتم بعض الفضة، وأنه يقال هذا الثوب خز وهذا الخاتم فضة، وانو معنى في إذا كان المضاف إليه ظرفًا للمضاف نحو مكر الليل أي في الليل "واللام خذا. لما سوى ذينك" إذ هي   ونصبه على الحال أو التمييز. قال يس: والاتباع أقل الأوجه وفي التي على معنى في نصب المضاف إليه على الظرفية. قوله: "إذا لم يصلح إلا ذاك" أي بحسب القصد بأن أريد بيان الظرفية أو الجنس فلا يرد أن التي على معنى من أوفى يصلح أن تكون على معنى لام الاختصاص لأن كلا من الظرف والبعض يصلح فيه معنى لام الاختصاص. وقوله لما سوى ذينك أي بأن لم يرد ما ذكر وبه يعلم أن مثل حصير المسجد يجوز أن يكون على معنى في إن أريد معنى الظرفية وأن يكون على معنى اللام الاختصاصية قاله يس. قوله: "فيما إذا كان" ما نكرة موصوفة أو اسم موصول وإذا زائدة والجملة بعدها صفة أو صلة والعائد محذوف. قوله: "بعضا" المراد بالبعض ما يعم الجزئي والجزء الخارج بقوله مع صحة إلخ وإنما عممنا لئلا يلزم استدراك قوله مع صحة إلخ قاله سم. قوله: "مع صحة إلخ" فإن فقد الشرطان كثوب زيد وحصير المسجد أو الأول فقط كيوم الخميس أو الثاني فقط كيد زيد فليس على معنى من بل هي في هذه الأمثلة على معنى لام الملك أو لام الاختصاص وبهذا تعلم حكمة تعداد الشارح الأمثلة في قوله نحو ثوب زيد إلخ ومثل بمثالين لما فقد فيه الشرطان ليفيد أن المراد باللام ما يعم لامي الملك والاختصاص ونقل في الهمع عن ابن كيسان والسيرافي أنهما لم يشترطا صحة الإخبار بل اكتفيا بكون المضاف بعضا. قوله: "ظرفا للمضاف" أي زمانيا أو مكانيا حقيقيا أو مجازيا نحو مكر الليل يا صاحبي السجن ألد الخصام قاله شارح الجامع. قوله: "واللام خذا" أي اجعل معنى اللام ملحوظا فيما سوى دينك وليس المراد أن اللام مقدرة في نظم الكلام إذ قد لا يصلح لتقديرها نحو كل رجل فإن معنى اللام ملحوظ فيه لأنه بمعنى أفراد الرجل ولا يصلح نظمه لأن تقدر فيه اللام، ففي الجامي لا يلزم صحة التصريح باللام بل تكفي إفادة مدلولها فقولك يوم الأحد وعلم الفقه وشجر الأراك بمعنى اللام الاختصاصية ولا يصح إظهارها فيه وبهذا الأصل يرتفع الإشكال عن كثير من مواد الإضافة اللامية ولا يحتاج فيه إلى التكلفات البعيدة. ا. هـ. قوله: "لما سوى ذينك" دخل في عمومه الإضافة اللفظية فقد صرح بعضهم كابن جني بأنها على معنى اللام لكن أورد عليه نحو زيد حسن الوجه إذ ليس حسن مضافا إلى الوجه على تقدير حرف بل هو هو كما قاله الدماميني ومن ثم صرح السيوطي في جمع الجوامع بأنها ليست على معنى حرف وحكى الأول بقيل وكونها ليست على معنى حرف هو قضية كلام ابن الحاجب وكلام ابن هشام في القطر أيضا وظهورها في نحو: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107، البروج: 16] ، لا يدل للأول وإن استدل به قائله لأن هذه اللام لام التقوية لا اللام التي الإضافة على معناها كما عرف. قوله: "إذ هي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأصل نحو ثوب زيد، وحصير المسجد، ويوم الخميس، ويد زيد. تنبيهان: الأول ذهب بعضهم إلى أن الإضافة ليست على تقدير حرف مما ذكر ولا نيته. وذهب بعضهم إلى أن الإضافة بمعنى اللام على كل حال. وذهب سيبويه والجمهور إلى أن الإضافة لا تعدو أن تكون بمعنى اللام أو من، وموهم الإضافة بمعنى في محمول على أنها فيه بمعنى اللام توسعا. الثاني اختلف في إضافة الأعداد إلى المعدودات، فمذهب الفارسي أنها بمعنى اللام، ومذهب ابن السراج أنها بمعنى من، واختاره في شرحي التسهيل والكافية فقال بعد ذكر المضاف فيه بعض المضاف إليه مع صحة إطلاق اسمه عليه: ومن هذا النوع إضافة الأعداد إلى المعدودات والمقادير إلى المقدرات، وقد اتفقا فيما إذا أضيف عدد إلى عدد نحو ثلاثمائة على أنها بمعنى من. ا. هـ. "واخصص أولا" من المتضايفين "أو أعطه التعريف بالذي تلا" يعني أن المضاف يتخصص بالثاني إن كان نكرة نحو غلام   الأصل" قال في الهمع ولهذا يحكم بها عند صحة تقديرها وتقدير غيرها نحو يد زيد يعني إذا لم تقم قرينة على تقدير غيرها وعند امتناع تقديرها وتقدير غيرها نحو عنده ومعه. ا. هـ. قوله: "ليست على تقدير حرف" شبهته أنه لو كان كذلك لزم مساواة غلام زيد لغلام لزيد في المعنى وليس كذلك إذ معنى المعرفة غير معنى النكرة. وأجيب بمنع لزوم المساواة لأن المراد بكون الإضافة على معنى اللام مثلا أنها ملحوظ فيها معنى اللام ولا يلزم منه مساواة غلام زيد لغلام لزيد في المعنى من كل وجه وقولهم غلام زيد بمعنى غلام لزيد أي من حيث ملاحظة معنى اللام في كل فقط فمرادهم به مجرد تفسير جهة الإضافة في المثال المذكور من الملك أو الاختصاص. قوله: "ولا نيته" عطف تفسير. قوله: "إلى أن الإضافة بمعنى اللام" علل ذلك بأن كلا من الظرف والبعض يصح فيه اعتبار معنى اللام الاختصاصية. قوله: "على كل حال" أي سواء كان المضاف ظرفا أو بعضا أو غيرهما. قوله: "لا تعدو" أي لا تتجاوز. قوله: "وموهم الإضافة بمعنى إلخ" قيل حيث اعتبر معنى اللام الاختصاصية فلا فرق بين التي بمعنى في والتي بمعنى من فلم اعتبر الحمل في الأولى دون الثانية وأجيب بأن التي بمعنى في قليلة فردت الإضافة بمعنى اللام تقليلا للأقسام بخلاف التي بمعنى من فكثيرة فاستحقت قسما مستقلا. قوله: "توسعا" لا حاجة إليه لأن معنى اللام الاختصاصية ظاهر في الظرف. قوله: "في إضافة الأعداد" أي كعشرة رجال وتسع نسوة. قوله: "أنها بمعنى اللام" أي الاختصاصية سم. قوله: "أنها بمعنى من" لا يخفى أنه أظهر، وجوز بعضهم الوجهين لصحة المعنيين أي بحسب القصد على ما مر. قوله: "والمقادير إلى المقدرات" أي كقفير بر ورطل زيت. قوله: "نحو ثلثمائة" واحتياج صحة إطلاق سم المضاف إليه على المضاف فيما ذكر إلى تأويل مائة بمئات لا يضر. قوله: "على أنها بمعنى من" قيل أي مانع من اعتبار معنى اللام الاختصاصية هنا أيضا. قوله: "واخصص أولا" أي احكم بخصوصه أي قلة اشتراكه فليس المراد بالتخصيص هنا ما يشمل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 وإن يشابه المضاف يفعل ... وصفًا فعن تنكيره لا يعزل   رجل، ويتعرف به إن كان معرفة نحو غلام زيد "وإن يشابه المضاف يفعل" أي الفعل المضارع بأن يكون "وصفًا" بمعنى الحال أو الاستقبال اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة   التعريف حتى يرد على المصنف أنه جعل قسم الشيء قسيما له. قوله: "أو أعطه التعريف" أو للتقسيم لا للتخيير ومن هذا القسم المضاف إلى الجملة على الصحيح كما قاله المرادي لأنها في تأويل مصدر مضاف إلى فاعلها أو مبتدئها وهو ظاهر إن كان الفاعل أو المبتدأ معرفة فإن كان نكرة فالظاهر أن المضاف من النوع الأول والمراد بالتعريف الكون معرفة. فإن قلت وقوع الجمل صفات للنكرات ينافي تعريف المضاف إليها قلت أجاب سم بأن وقوعها كذلك باعتبار ظاهرها وقطع النظر عن تأويلها بالمصدر لأن وقوعها كذلك لا يتوقف على تأويل بخلاف وقوعها مضافا إليها لأن المضاف إليه لا يكون إلا اسما على المختار فاحتيج إلى تأويلها بالمصدر وهو معرفة فتعرف المضاف إليها ويؤخذ من ذلك أن قولهم الجمل نكرات بقطع النظر عن التأويل. قوله: "يعني أن المضاف إلخ" لما لم يقيد المصنف حالة التخصيص بكون المضاف إليه نكرة وحالة التعريف بكونه معرفة قال يعني إلخ وإنما ترك المصنف القيدين لشهرتهما. قوله: "وأن يشابه المضاف يفعل" كنى بيفعل عن مطلق الفعل المضارع وخرج من كلامه المصدر واسمه وأفعل التفضيل. قوله: "وصفا" حال من المضاف فكلام الشارح حل معنى وهي حال لازمة لأن المضاف لا يشابه يفعل إلا إذا كان وصفا والمراد الوصف ولو باعتبار التأويل كضرب زيد بمعنى مضروبه. قوله: "بمعنى الحال أو الاستقبال" أي لا بمعنى الماضي أو مطلق الزمن فإن إضافته محضة ومثل كونه بمعنى الحال أو الاستقبال كونه بمعنى الاستمرار كما صرح به الرضي فيما سننقله عنه. ونقل شيخنا السيد عن بعضهم أن الوصف إذا أريد به الاستمرار جاز كونها معنوية نظرا للماضي وكونها لفظية نظرا للحال والاستقبال لأن الاستمرار صادق بالجميع فيجوز قصد أحد الاعتبارين بما يترتب عليه من تعريف التابع أو تنكيره، ثم رأيت الدماميني ذكره نقلا عن شرح الكشاف لليمنى حيث قال اسم الفاعل المضاف إذا كان بمعنى الماضي فقط كانت إضافته حقيقية لنقص مشابهته المضارع التي هي العلة في عمله وإذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال فقط كانت إضافته غير حقيقة لتمام المشابهة وأما إذا كان بمعنى الاستمرار ففي إضافته اعتبارن: اعتبار المضي فتكون محضة فيقع صفة للمعرفة ولا يعمل، واعتبار الحال والاستقبال فتكون غير محضة فيقع صفة للنكرة ويعمل فيما أضيف إليه. ا. هـ. باختصار، ورأيت الشمني ذكره نقلا عن شرح الكشاف للتفتازاني حيث قال: الاستمرار يحتوي على الأزمنة الماضي والحال والاستقبال فتارة يعتبر جانب الماضي فتجعل الإضافة حقيقية كما في: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] ، وتارة يعتبر جانب الأخيرين فتجعل الإضافة غير حقيقية كما في: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} [الأنعام: 96] ، لئلا يلزم مخالفة الظاهر بقطع مالك يوم الدين عن الوصفية إلى البدلية ويجعل سكنا منصوبا بفعل محذوف والتعويل على القرائن والمقامات هذا ما ذكره في توجيه التوفيق بين كلامي الزمخشري في الآيتين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 كرب راجينا عظيم الأمل ... مروع القلب قليل الحيل   مشبهة "فعن تنكيره لا يعزل" بالإضافة لأنه في قوة المنفصل "كرب راجينا عظيم الأمل   ا. هـ. باختصار. ثم نقل الشمني عن السيد الجرجاني أنه اختار في توجيه التوفيق أن الاستمرار في مالك يوم الدين ثبوتي وفي جاعل الليل سكنا تجددي بتعاقب أفراده فكان الثاني عاملا وإضافته لفظية لورود المضارع بمعناه دون الأول هذا وقوله بمعنى إلخ لا يناسب قوله الآتي أو صفة مشبهة إذ هي ليست بمعنى الحال أو الاستقبال بل للثبات والدوام نعم هي وإن كانت كذلك لا تتعرف بالإضافة أصلا كما في الرضي والتصريح لأنها تشبه المضارع في بعض أحواله وذلك إذا أفاد الاستمرار نحو زيد يعطي كذا علل واحد. ويرد عليه أن الاستمرار في الصفة المشبهة ثبوتي وفي المضارع تجددي كما مر في كلام السيد فلا تشبهه فإن اكتفوا بالمشابهة في أصل الاستمرار أشكل الفرق بينها وبين اسم الفاعل الذي للاستمرار الثبوتي على ما مر عن السيد أن إضافته معنوية وعلى إطلاق ما مر من غيره أن اسم الفاعل بمعنى الاستمرار فيه اعتبارن فالأولى التعليل بما يأتي عن الرضي أنها دائما عامله في محل المضاف إليه إما رفعا أو نصبا أو إضافة الوصف إلى معموله لفظية ثم قول صاحب التوضيح إن اسم الفاعل إذا أريد به الثبوت كان صفة مشبهة يشكل على ما مر عن السيد وعلى إطلاق ما مر من غيره فتأمل وعبارة الرضي كون إضافة الصفة المشبهة لفظية مبني على كونها عاملة في محل المضاف إليه إما رفعا أو نصبا فالصفة المشبهة جائزة العمل دائما فإضافتها لفظية دائما وأما اسما الفاعل والمفعول فعملهما في مرفوع جائز مطلقا لأن أدنى رائحة فعل يكفي في عمل الرفع لشدة اختصاص المرفوع بالفعل فإضافتهما إلى فاعلهما معنى لفظية دائما نحو ضامر بطنه ومسوّد وجهه وأما عملهما في المفعول به ونحوه فيحتاج إلى شرط كونهما بمعنى الحال أو الاستقبال أو الاستمرار لأنهما إذن يشبهان المضارع الصالح لهذه المعاني الثلاثة فإضافتهما إذن لفظية. قوله: "اسم فاعل" مراده به ما يشمل صيغة المبالغة. قوله: "فعن تنكيره" أشار بإضافة تنكير إلى ضمير المضاف إلى أن تنكيره حال الإضافة هو الذي كان قبلها فأفاد أن إضافته لا تفيده التخصيص كما لا تفيده التعريف قاله يس. قوله: "لأنه في قوة المنفصل" أي عن الإضافة بالضمير فاعل الوصف لأن ضارب زيد في قوة ضارب هو زيدا كما سيأتي. قوله: "كرب راجينا" قيل هذا المثال مشكل لأن رب تصرف ما بعدها إلى المضي فتكون إضافته محضة وفيه نظر فإن المذكور في همع الهوامع إنما هو أن الأكثرين يقولون بوجوب مضي ما تتعلق به رب بناء على أنها تتعلق لا أنهم يقولو بوجوب مضي مجرورها وأن ابن السراج يجوز كونه حالا وابن مالك يجوز كونه حالا أو مستقبلا، وقد قال في التسهيل ولا يلزم وصف مجرورها خلافا للمبرد ومن وافقه ولا مضيّ ما تتعلق به. قوله: "فأتت به" أي ولدته حوش الفؤاد بضم الحاء المهملة أي حديده، مبطنا بفتح الطاء المشددة كما في القاموس أي ضامر البطن وهو وصف محمود في الذكور. سهدا بضم السين المهملة والهاء أي قليل النوم. والهوجل بالجيم الأحمق وإسناد نام إلى ليل مجاز عقلي من إسناد الفعل إلى زمنه والأصل إذا نام الهوجل في الليل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مروع القلب قليل الحيل" فراجٍ اسم فاعل، ومروع اسم مفعول، وعظيم وقليل صفتان مشبهتان وكل منهما مضاف إلى معرفة ومع ذلك فهو باق على تنكيره بدليل دخول رب. ومثله قوله: 608- يا رب غابطنا لو كان يطلبكم ... لاقى مباعدة منكم وحرمانا ومن أدلة بقاء هذا المضاف على تنكيره نعت النكرة نحو {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] وانتصابه على الحال نحو ثاني عطفه. وقوله: 609- فأتت به حوش الفؤاد مبطنا ... سهدًا إذا ما نام ليل الهوجل والدليل على أنها لا تفيد تخصيصًا أن أصل قولك ضارب زيد ضارب زيدًا فالاختصاص موجود قبل الإضافة وإنما تفيد هذه الإضافة التخفيف أو رفع القبح أما التخفيف فحذف التنوين الظاهر كما في ضارب زيد وضارب عمرو وحسن الوجه، أو المقدر كما في ضوارب زيد، وحواج بيت الله، أو نون التثنية كما في ضاربًا زيد، والجمع كما في ضاربو زيد. وأما رفع القبح في حسن الوجه فإن في رفع الوجه قبح خلو الصفة عن ضمير الموصوف وفي نصبه قبح إجراء وصف القاصر مجرى وصف المتعدي وفي الجر تخلص منهما، ومن ثم امتنع الحسن وجهه أي بالجر لانتفاء قبح الرفع أي على   قوله: "التخفيف" أي في اللفظ بحذف التنوين أو النون كما سيذكره الشارح وقوله أو رفع القبح أي إزالة قبح التركيب عند الرفع أو النصب. قوله: "في حسن الوجه" أي من قولك مررت برجل حسن الوجه مثلا. واعلم أن ما سموه هنا قبيحا سموه في باب الصفة المشبهة ضعيفا فلا تنافي بين الموضعين. قوله: "خلو الصفة عن ضمير الموصوف" أي لأن الكلمة لا ترفع ظاهرا وضميرا معا. قوله: "إجراء وصف القاصر" أي الفعل القاصر مجرى المتعدي أي الفعل المتعدي أي في نصبه المعرفة على المفعولية. قوله: "وفي الجر تخلص منهما" أي من الإجراء والخلو   608- البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص163؛ والدرر 5/ 9؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 457؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 540؛ وشرح التصريح 2/ 28؛ وشرح شواهد المغني 2/ 712، 880؛ والكتاب 1/ 427؛ ولسان العرب 7/ 174 "عرض"؛ ومغني اللبيب 1/ 511؛ والمقاصد النحوية 3/ 364؛ والمقتضب 4/ 150؛ وهمع الهوامع 2/ 47؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 90؛ المقتضب 3/ 227، 4/ 289. 609- البيت من الكامل، وهو لأبي كبير الهذلي في جمهرة اللغة ص360؛ وخزانة الأدب 8/ 194، 203؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 1073؛ وشرح التصريح 2/ 28؛ وشرح ديوانه الحماسة للمرزوقي ص88؛ وشرح شواهد المغني 1/ 227؛ والشعر والشعراء 2/ 675؛ ولسان العرب 3/ 224 "سهد"، 6/ 290 "حوش"، 11/ 690 "هجل"، ومغني اللبيب 2/ 511؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 89؛ وجمهرة اللغة ص1186؛ وشرح شواهد المغني 2/ 880؛ ولسان العرب 14/ 214 "جيا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 وذي الإضافة اسمها لفظية ... وتلك محضة ومعنوية   الفاعل لوجود الضمير، ونحو الحسن وجه أي بالجر أيضًا لانتفاء قبح النصب لأن النكرة تنصب على التمييز "وذي الإضافة اسمها لفظية" وغير محضة ومجازية لأن فائدتها راجعة إلى اللفظ فقط بتخفيف أو تحسين وهي في تقدير الانفصال "وتلك" الإضافة الأولى اسمها "محضة ومعنوية" وحقيقية لأنها خالصة من تقدير الانفصال وفائدتها راجعة إلى المعنى كما رأيت وذلك هو الغرض الأصلي من الإضافة. تنبيهات: الأول ذهب ابن برهان وابن الطراوة إلى أن إضافة المصدر إلى مرفوعه أو منصوبه غير محضة، والصحيح أنها محضة لورود السماع بنعته بالمعرفة كقوله:   المذكورين فلا قبح. قوله: "ومن ثم" أي من أجل أن الإضافة فيما ذكر إنما هي لرفع قبح الرفع والنصب امتنع الحسن وجهه والحسن وجه بالجر فيهما. واعترض بأن الإضافة في الضارب الرجل لم تفد تخفيفا لعدم التنوين بوجود أل ولا رفع قبح لأن المضاف وصف متعد مضاف لمفعوله فلا قبح في نصبه. وأجيب بأن العرب شبهوا الضارب الرجل بالحسن الوجه في تجويز الجر لاشتراكهما في تعريف الجزأين بأل كما عكسوا في النصب وإن كان نصب المشبه في العكس قبيحا كما علم. قوله: "لأن النكرة تنصب على التمييز" أي والتمييز ينصبه المتعدي والقاصر. قوله: "وذي الإضافة" أي إضافة الوصف إلى معموله لا بقيد تنكير الوصف الذي هو موضوع كلامه السابق بقرينة قوله فعن تنكيره لا يعزل ليدخل في كلامه إضافة نحو الضارب الرجل فإنها لفظية كما يؤخذ من الاعتراض السابق قريبا وصرح به سم فيما كتبه بهامش الهمع. قوله: "لأن فائدتها إلخ" علة لتسميتها لفظية وقوله وهي في تقدير الانفصال علة لتسميتها غير محضة. وأما تسميتها مجازية فعللها في شرح التوضيح بكونها لغير الغرض الأصلي من الإضافة كذا قال شيخنا وغيره وقد يشير إليه تعليله هنا تسمية الأولى حقيقية بقوله وذلك هو الغرض الأصلي من الإضافة. وقال شيخنا السيد: اعلم أن تسمية اللفظية مجازية ليست بمعنى المجاز المتعارف حتى تحتاج لعلاقة وقرينة بل المراد أنها إضافة في الظاهر والصورة لا الحقيقة والمعنى. ا. هـ وعلى هذا يصح أن يكون الشارح علل هنا تسميتها مجازية بقوله وهي في تقدير الانفصال. قوله: "بتخفيف" أي بحذف التنوين الظاهر أو المقدر أو النون وقوله أو تحسين أي برفع قبح الرفع أو النصب كما مر. قوله: "وتلك" أي الإضافة المغايرة لإضافة الوصف إلى معموله. قوله: "لأنها خالصة إلخ" علة لتسميتها محضة وقوله وفائدتها إلخ علة لتسميتها معنوية وقوله وذلك هو الغرض إلخ علة لتسميتها حقيقية على ما يؤخذ مما أسلفناه عن شارح التوضيح أو قوله لأنها خالصة إلخ علة لتسميتها حقيقية أيضا على ما يؤخذ مما بحثناه سابقا بعد نقل كلام شيخنا السيد هكذا ينبغي تقرير العبارة وإن وقع البعض في خلافه فتدبر. وقوله كما رأيت أي من إفادتها التخصيص أو التعريف. قوله: "غير محضة" لا يظهر له وجه إلا حال إضافته لمنصوبه لأنها في تقدير الانفصال بفاعل المصدر بخلافه حال إضافته لمرفوعه. قوله: "بنعته بالمعرفة" أي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   610- إن وجدي بك الشديد أراني ... عاذرًا فيك من عهدت عذولا وذهب ابن السراج والفارسي إلى أن إضافة أفعل التفضيل غير محضة، والصحيح أنها محضة نص عليه سيبويه لأنه ينعت بالعرفة. الثاني ظاهر كلامه انحصار الإضافة في هذين النوعين وهو المعروف لكنه زاد في التسهيل نوعًا ثالثًا وهي المشبهة المحضة وحصر ذلك في سبع إضافات: الأولى إضافة الاسم إلى الصفة نحو مسجد الجامع، ومذهب الفارسي أنها غير محضة، وعند غيره أنها محضة. الثانية إضافة المسمى إلى الاسم نحو شهر   إذا أضيف إلى معرفة كما في الشاهد. قوله: "عاذراً" مفعول ثالث مقدم والأول الياء والثاني من عهدت والعائد محذوف أي عهدته وعذولاً حال من العائد المحذوف ولا يصح أن يكون عذولاً مفعول عهد لما يلزم عليه من خلو الموصول عن العائد فقول شيخنا السيد أنه مفعول عهد سهو. قوله: "أن إضافة أفعل التفضيل غير محضة" قال البعض لا وجه له لأنها ليست في تقدير الانفصال إذ أفعل التفضيل لا ينصب المفعول كما سيأتي. ا. هـ. وفيه عندي نظر لأنه لا يتوقف كون الإضافة في تقدير الانفصال على كون الوصف ينصب المفعول بدليل جعلهم إضافة اسم الفاعل القاصر كقائم الآن ومسود الوجه في تقدير الانفصال مع أنه لا ينصب المفعول وحينئذٍ يوجه كون إضافة أفعل غير محضة بأنها في تقدير الانفصال بالضمير فاعل أفعل أي أنها منفصلة به في الحقيقة والتقدير وقد نقل في التصريح هذا القول عن أبي البقاء والكوفيين وجماعة من المتأخرين كالجزولي وابن أبي الربيع وابن عصفور ونسبه إلى سيبويه وقال إنه الصحيح بدليل قولهم مررت برجل أفضل القوم ولو كانت إضافته محضة لزم وصف النكرة بالمعرفة فإن خرجه المخالف على البدل أبطلناه بأن البدل بالمشتق قليل اهـ. قوله: "لأنه ينعت بالمعرفة" أي إذا أضيف إلى معرفة. قوله: "لكنه زاد في التسهيل نوعاً ثالثاً" قال لأن للإضافة في هذا النوع الثالث اعتبارين اتصالاً من حيث أن الأول غير مفصول بضمير منوي وانفصالاً من حيث إن المعنى لا يصح إلا بتكلف خروجها عن ظاهرها كذا في الهمع والذي يظهر أنه ليس زائداً في الحقيقة على هذين النوعين بل هو قسم من غير المحضة بدليل تسميته مشبهاً بالمحضة وحينئذٍ لا يجوز تسميته مشبهاً بغير المحضة لاقتضائه أنه ليس من غير المحضة فتجويز البعض تبعاً لشيخنا تسميته مشبهاً بغير المحضة مبني على تباين الثلاثة المتبادر من تثليث القسمة وهو خلاف ما حققناه. قوله: "إضافة الاسم إلى الصفة" هو كعكسه غير مقيس كما سيأتي واعلم أنه سيأتي عند قول الناظم: ولا يضاف اسم لما به اتحد ... معنى وأول موهماً إذا ورد   610- البيت من الخفيف وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 9، 251؛ وشرح التصريح 2/ 27؛ وشرح قطر الندى ص264؛ والمقاصد النحوية 3/ 366؛ وهمع الهوامع 2/ 48، 93. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   رمضان. الثالثة إضافة الصفة إلى الموصوف نحو سحق عمامة. الرابعة إضافة الموصوف إلى القائم مقام الصفة كقوله: 611- علا زيدنا يوم النفي رأس زيدكم أي علا زيد صاحبنا رأس زيد صاحبكم، فحذف الصفتين وجعل الموصوف خلفًا عنهما في الإضافة. الخامسة إضافة المؤكد إلى المؤكد، وأكثر ما يكون ذلك في أسماء الزمان نحو يومئذ وحينئذ وعامئذ. وقد يكون في غيرها كقوله: 612- فقلت انحوا عنها نجا الجلد أنه ... سيرضيكما منها سنام وغاربه   أن هذا وعكسه ونحوهما يجب تأويلها وصرفها عن ظاهرها على ما سيأتي تفصيله وباعتبار التأويل تكون الإضافة محضة فلعل جعلها غير محضة بقطع النظر عن التأويل. قوله: "إنها غير محضة" لشبهه بحسن الوجه فكما أن أصل حسن الوجه حسن وجهه فأزيل عن الرفع. وأصل صلاة الأولى مثلا الصلاة الأولى عن النعت فأزيل عن حده. همع. قوله: "أنها محضة" اختاره أبو حيان لأنه لا يقع بعد رب ولا أل ولا ينعت بنكرة ولا ورد نكرة إذ لم يحفظ صلاة أولى مثلا همع. قوله: "إضافة المسمى إلى الاسم" كما يقال لها ذلك باعتبار قصد تسمية الأول بالثاني يقال لها الإضافة التي للبيان باعتبار قصد بيان الأول بالثاني وسماها قوم البيانية وفرق غيرهم بأن التي للبيان بين جزأيها عموم وخصوص مطلق والبيانية بين جزأيها عموم وخصوص من وجه. قوله: "كقوله علا زيدنا إلخ" المتجه أن البيت ونحوه من إضافة الشيء إلى ملابسه بعد تنكير العلم وإضافته إلى الضمير إضافة محضة من غير تأويل بما ذكر كما أفاده الدماميني. قوله: "في الإضافة" أي إلى الضمير وقوله سابقا القائم مقام الصفة أي في الاتصال بالموصوف فاندفع ما قيل بين طرفي كلامه تناف لاقتضاء أول كلامه أن خلف الصفة هو الضمير واقتضاء آخره أنه المصوف. قوله: "في أسماء الزمان" أي المبهمة. قوله: "نحو يومئذٍ إلخ" استظهر غير واحد أنه من إضافة العام إلى الخاص لتخصيص الظرف الثاني بالجملة المضاف إليها القائم مقامها التنوين وهو إنما يصح على إطلاقه إذا أريد باليوم زمن ما لا خصوص المدة   611- عجزه: بأبيض ماضي الشفرتين يمان والبيت من الطويل، وهو لرجل من طيئ في شرح شواهد المغني 1/ 165؛ والمقاصد النحوية 3/ 371؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 189، 191؛ وجواهر الأدب ص315؛ وخزانة الأدب 2/ 224؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 452، 456؛ وشرح التصريح 1/ 153؛ وشرح المفصل 1/ 44؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد"؛ ومغني اللبيب 1/ 52. 612- البيت من الطويل، وهو لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت أو لأبي الغمر الكلابي في خزانة الأدب 4/ 358، 359؛ ولأبي الجراح في المقاصد النحوية 3/ 373؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص94؛ وجمهرة اللغة ص497؛ ولسان العرب 15/ 307 "نجا". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   السادسة إضافة الملغي إلى المعتبر كقوله: 613- إلى الحول ثم اسم السلام عليكما السابعة إضافة المعتبر إلى الملغي نحو اضرب أيهم أساء. وقوله: 614- أقام ببغداد العراق وشوقه ... لأهل دمشق الشام شوق مبرح الثالث أهمل هنا مما لا يتعرف بالإضافة شيئين: أحدهما ما وقع موقع نكرة لا تقبل   المحدودة بطرفي النهار وإلا كان فيه تفصيل قدمناه أول الكتاب في الكلام على التنوين فراجعه. قوله: "فقلت انجوا" بالجيم يقال نجوت جلد البعير عنه وأنجيته أي سلخته. والضمير في عنها يرجع إلى الناقة التي ذبحها الشاعر لضيفين له فقالا أنها مهزولة فاعتذر لهما بهذا الشعر. والشاهد في نجا الجلد فإن النجا بالجيم مقصورا الجلد والسنام بالفتح معروف والغارب أعلى الظهر. قوله: "إضافة الملغى إلى المعتبر" معنى كونه ملغى أن المعنى يستقيم بدونه كالحرف الزائد قيل ومنه: {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام: 122] ، أي كمن هو في الظلمات، {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ} [محمد: 15] ، الآية أي الجنة التي وعد المتقون. قوله: "إلى الحول" أي ابكيا عليّ إلى الحول والخطاب لبنتيه. قوله: "نحو اضرب أيهم أساء" إنما كان المضاف إليه ملغى لأن تعرّف أيّ إنما هو بصلتها كغيرها من الموصولات فلو اعتد بالإضافة لزم اجتماع معرفين على معرف واحد كذا نقل الدماميني عن المصنف ويشكل على هذا ما مر في باب الموصول وسيأتي أيضا من أن لها إبهاما من جهة الجنس وإبهاما من جهة الشخص وأن إضافتها إلى المعرفة لتعيين الجنس والصلة لتعيين الشخص فإنه يقتضي اعتبار المضاف إليه إلا أن يقال إلغاء المضاف إليه من حيث تعيين الشخص فتأمل. قوله: "ببغداد العراق إلخ" الشاهد في بغداد العراق ودمشق الشام، وإنما لم يجعل الأول هو الملغي لوقوعه في مركزه. والمبرح بكسر الراء المشددة المؤلم وقد يقال الإضافة في البيت كالإضافة في نجا الجلد المتقدم فما وجه التفرقة. قوله: "أهمل هنا إلخ" قال سم قد يقال لا   613- عجزه: ومن يبك حولًا كاملًا فقد اعتذر والبيت من الطويل، وللبيد بن ربيعة في ديوانه ص214؛ والأشباه والنظائر 7/ 96؛ والأغاني 13/ 40، وبغية الوعاة 1/ 429؛ وخزانة الأدب 4/ 337، 340، 342؛ والخصائص 3/ 29؛ والدرر 5/ 15؛ وشرح المفصل 3/ 14؛ والعقد الفريد 2/ 78، 3/ 57؛ ولسان العرب 4/ 545 "غدر"؛ والمقاصد النحوية 3/ 375؛ والمنصف 3/ 135؛ وبلا نسبة في أمالي الزجاجي ص63؛ وشرح عمدة الحافظ ص507؛ والمقرب 1/ 213؛ وهمع الهوامع 2/ 49، 158. 614- البيت من الطويل، وهو لبعض الطائيين في الدرر 5/ 16؛ والمقاصد النحوية 3/ 378؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 307. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   التعريف نحو رب رجل وأخيه، وكم ناقة وفصيلها، وفعل ذلك جهده وطاقته؛ لأن رب وكم لا يجران المعارف والحال لا يكون معرفة. ثانيهما ما لا يقبل التعريف لشدة إبهامه كمثل وغير وشبه. قال في شرح الكافية: إضافة واحد من هذه وما أشبهها لا تزيل إبهامه إلا بأمر خارج عن الإضافة كوقوع غير بين ضدين كقول القائل: رأيت الصعب غير الهين، ومررت بالكريم غير البخيل وكقوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] ، وكقول أبي طالب: 615- يا رب إما تخرجن طالبي ... في مقنب من تلكم المقانب   إهمال لإمكان دخولهما في قوله واخصص أولا فإنه لم يضبط هذا النوع المفيد للتخصيص بضابط فيمكن تفسيره بما يشمل ذلك. قوله: "ما وقع موقع نكرة إلخ" لكن إضافته محضة مفيدة للتخصيص كما في الدماميني والتوضيح وشرحه واقتضاه ما مر قريبا عن سم. قوله: "وفعل ذلك جهده وطاقته" أي حالة كونه جاهدا ومطيقا. قوله: "لأن رب وكم إلخ" علة لمحذوف أي وإنما كان المعطوف في هذه الأمثلة واقعا موقع نكرة لا تقبل التعريف لأن إلخ وجعل بعضهم المعطوف في الأولين معرفة وقال إنه يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل. قوله: "كمثل وغير وشبه" إنما كانت شديدة الإبهام لأنها بمعنى اسم الفاعل الذي بمعنى الحال لأنها بمعنى مماثل ومغاير ومشابه فإضافتها للتخفيف نقله الدماميني عن سيبويه والمبرد. وهذا كصنيع الهمع يقتضي أن إضافته لفظية لا تفيد تخصيصا أيضا وهو خلاف ما في التوضيح وشرحه ومقتضى كلام سم السابق وقيل لأن غير زيد يشمل كل موجود سواه، ومثله وشبهه يشمل كل مماثل ومشابه فمدلوله شائع شيوعا غير مضبوط وفيه أن إضافة ما ذكر إن كانت عهدية فلا شمول فتكون كالضارب مرادا به العهد أو استغراقية أو جنسية فهو كالضارب مرادا به الاستغراق أو الجنس مع أن الضارب معرفة بكل حال والكاف في عبارة الشارح لإدخال خدن وترب بكسر أولهما وحسب وكافي ونحوهما. وأما شبيهك فمعرفة نقله شيخنا السيد وفيه نظر. وقال سم ينبغي أن هذه الكلمات كما لا تتعرف بالإضافة إلا فيما استثنى لا تتعرف بأل أيضا لأن المانع من تعريفها بالإضافة مانع من تعريفها بأل. ا. هـ. ونقل الشنواني عن السيد أنه صرح في حواشي الكشاف بأن غيرا لا تدخل عليها أل إلا في كلام المولدين. قوله: "لا تزيل إبهامه" أي إزالة تقتضي التعيين فلا ينافي أنه يتخصص بالإضافة وتسمى إضافته محضة ومعنوية كذا قال البعض ويوافقه ما مر عن التوضيح وشرحه وسم هو لا يأتي على ما مر عن سيبويه والمبرد أن إضافة نحو مثل للتخفيف. قوله: "يا رب أما تخرجن إلخ" إن شرطية وما زائدة وقوله فليكن أي الطالب جواب الشرط، والمقنب كمنبر المراد به هنا جماعة   615- هو من الرجز. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 ووصل أل بذا المضاف مغتفر ... إن وصلت بالثان كالجعد الشعر   فليكن المغلوب غير الغالب ... وليكن المسلوب غير السالب فبوقوع غير بين ضدين يرتفع إبهامه لأن جهة المغابرة تتعين بخلاف خلوها من ذلك كقولك مررت برجل غيرك، وكذا مثل إذا أضيف إلى معرفة دون قرينة تشعر بمماثلة خاصة فإن الإضافة لا تعرف ولا تزيل إبهامه فإن أضيف إلى معرفة وقارنه ما يشعر بمماثلة خاصة تعرف هذا كله. وقال أيضًا في شرح التسهيل: وقد يعني بغير ومثل مغايرة خاصة ومماثلة خاصة فيحكم بتعريفهما، وأكثر ما يكون ذلك في غير إذا وقع بين متضادين. وهذا الذي قاله في غير هو مذهب ابن السراج والسيرافي ويشكل عليه نحو: {صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [الأعراف: 53] ، فإنها وقعت بين ضدين ولم تتعرف بالإضافة لأنها وصف النكرة "ووصل أل بذا المضاف" أي المشابه يفعل "مغتفر إن وصلت بالثان كالجعد الشعر" وقوله: 616- وهن الشافيات الحوائم   الخيل كما قاله حفيد السيد، ويطلق على مخلب الأسد وعلى الذئب. قوله: "لأن جهة المغايرة" أي ما به المغايرة. قوله: "وقارنه ما يشعر بمماثلة خاصة" كقولك زيد مثل حاتم فإن القرينة وهي اشتهار حاتم بالجود تدل على أن المراد المماثلة في ذلك الوصف المخصوص. قوله: "وقال أيضا في شرح التسهيل" تقوية لما قبله. قوله: "هو مذهب ابن السراج والسيرافي" وذهب المبرد إلى أن غيرا لا تتعرف أبدا وذهب بعضهم إلى أنها لا تتعرف بالإضافة مطلقا كما تقدم حكاية ذلك في باب الاستثناء. قوله: "لأنها وصف النكرة" أجيب بمنع أنها وصف بل هي على هذا القول بدل لا وصف كما صرح به غير واحد كزكريا. قوله: "بذا المضاف أي المشابه يفعل" خرج المضاف إضافة محضة فلا تدخل عليه أل لأن المضاف فيها إلى معرفة تعرف بالإضافة فلا تدخل عليه أل لئلا يلزم اجتماع معرفين على معرف واحد والمضاف فيها إلى نكرة يتخصص بالإضافة ولو أدخلت عليه أل لزم إضافة المعرفة إلى النكرة وهي ممنوعة. قوله: "إن وصلت بالثان" قال يس إنما اشترطت أل في المضاف إليه مع الصفة المشبهة التي هي أصل المسألة لأن رفع قبح نصب على ما بعدها بالإضافة لا يحصل إلا حينئذٍ لعدم قبح نصب النكرة على التمييز بعد الصفة المشبهة وحمل اسم الفاعل عليها كما مر ذلك. ا. هـ. بإيضاح. وأيضا ليكون دخول أل على المضاف الذي هو خلاف الأصل كالمشاكلة. واختلف في تابع المضاف إليه فسيبويه يجوّز عدم وصله بأل نحو جاء الضارب الرجل وزيد وهذا   616- البيت بتمامه: أبانا بها قتلى وما في دمائهم ... شفاء وهن الشافيات الحوائم وهو من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 310؛ وخزانة الأدب 7/ 373؛ وشرح التصريح 2/ 29؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 921. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 أو بالذي له أضيف الثاني ... كزيد الضارب رأس الجاني وكونها في الوصف كاف إن وقع ... مثنى أو جمعا سبيله اتبع   "أو بالذي له أضيف الثاني كزيد الضارب رأس الجاني" وقوله: 617- لقد ظفر الزوار أقفية العدا أو بما أضيف إلى ضميره الثاني كقوله: 618- الود أنت المستحقة صفوه ومنع المبرد هذه "وكونها في الوصف كاف إن وقع مثنى أو جمعًا سبيله اتبع" أي وكون أل أي رجودها في الوصف المضاف كاف في اغتفاره وقوعه مثنى أو جمعًا   الضارب الرجل زيد على أن زيد عطف بيان والمبرد لا يجوّز ذلك بل يوجب أن يصح وقوع التابع موقع متبوعه ورجح الأول بأنه قد يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع قاله الرضي. قوله: "وهن" أي السيوف الشافيات الحوائم أي العطاش ولعل المراد بالعطش التشوف للقتل وإنما كانت السيوف شافيات لأنها آلة السفك. وأصل الحوائم العطاش التي تحوم حول الماء ثم سمي كل عطشان حائما كما في القاموس. قوله: "أو بالذي له أضيف الثاني" لقيام وجودها فيه مقام وجودها في الثاني لكون المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد ولذلك لا يجوز أن يكون بين الوصف وما فيه أل أكثر من مضاف واحد أفاده في التصريح فلا يجوز الضارب رأس عبد الجاني. قوله: "أقفية العدا" جمع قفا. قوله: "أو بما أضيف إلى ضميره" نائب فاعل أضيف قوله الثاني. قوله: "ومنع المبرد هذه" وأوجب النصب وهو محجوج بالسماع والأفصح في المسائل الثلاث النصب باسم الفاعل قاله الشارح في شرح التوضيح. قوله: "مثنى أو جمعا" أي أو ملحقا بهما. قوله: "أي وجودها" أشار به إلى أن كون مصدر كان التامة ويصح كونه مصدر كان الناقصة وفي الوصف خبره. قوله: "كاف إلخ" لأنه لما طال ناسبه التخفيف فلم يشترط وصل أل بالمضاف إليه. قوله: "في اغتفاره" قدره ليحصل الربط بين المبتدأ والخبر المشتق الخالي من   617- عجزه: ما جاوز الآمال ملأ سر والقتل والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 93؛ وشرح التصريح 2/ 29؛ والمقاصد النحوية 3/ 391. 618- عجزه: مني وإن لم أرج منك نوالا والبيت من الكامل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 95؛ والدرر 5/ 12؛ وشرح التصريح 2/ 29؛ والمقاصد النحوية 3/ 392؛ وهمع الهوامع 2/ 48. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   اتبع سبيل المثنى وهو جمع المذكر السالم كقوله: 619- إن يغنيا عني المستوطنا عدن ... فإنني لست يومًا عنهما بغني وقوله: الشاتمي عرضي ولم أشتمهما وكقوله: 620- والمستقلو كثير ما وهبوا فإن انتفت الشروط المذكور امتنع وصل أل بذا المضاف. وأجاز الفراء ذلك فيه مضافًا إلى المعارف مطلقًا نحو الضارب زيد والضارب هذا بخلاف الضارب رجل. وقال المبرد والرماني في الضاربك وضاربك موضع الضمير خفض. وقال الأخفش وهشام: نصب. وعند سيبويه الضمير كالظاهر فهو منصوب في الضاربك مخفوض في ضاربك ويجوز في   الضمير لرفعه الظاهر. قوله: "أن يغنيا" بفتح النون مضارع غني بكسرها أي استغنى وإثبات الألف مع أنه مسند إلى الظاهر على لغة أكلوني البراغيث وعدن اسم بلد باليمن. قوله: "الشاتمي عرضي" قد يبحث فيه باحتمال عدم الإضافة وأن النون حذفت للتخفيف كما يأتي. قوله: "فإن انتفت الشروط" أي وصل أل بالثاني أو بما أضيف إليه الثاني أو بما أضيف إلى ضميره الثاني أو وقوع الوصف مثنى أو جمعا على حده بأن لم يوجد واحد من الأحوال الخمسة وسماها شروطا باعتبار أنه لا بد من وجود واحد منها في دخول أل. قوله: "ذلك" أي وصل أل. قوله: "مضافا إلى المعارف" حال من الضمير المجرور بفي العائد إلى المضاف وهو داخل في حيز الإجازة بدليل قول التوضيح وجوّز الفراء إضافة الوصف المحلي بأل إلى المعارف كلها. ا. هـ. فهو لا يوجب كون الضمير في محل جر إذا أضيف الوصف المحلي بأل إلى الضمير نحو الضاربك بل يجوز كونه في محل نصب على المفعولية أيضا بخلاف المبرد والرماني كما يأتي وقوله مطلقا أي سواء كان المضاف إليه علما أو اسم إشارة أو ضميرا أو غيرها. قوله: "بخلاف الضارب رجل" أي فإنه لا يجوز لامتناع إضافة المعرفة إلى النكرة. قوله: "وقال المبرد والرماني إلخ" أي فيكونان موافقين للفراء في الضمير دون الظاهر لكنهما موجبان والفراء مجيز. قوله: "وعند سيبويه الضمير إلخ" هذا هو الموافق لكلام الناظم. قوله: "كالظاهر" أي غير المحلى بأل بدليل التفريع   619- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 96؛ والدرر 5/ 11؛ وشرح التصريح 2/ 29؛ والمقاصد النحوية 3/ 393؛ وهمع الهومع 2/ 48. 620- صدره: العارفو الحق للمدل به ... والبيت من المنسرح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الضارباك والضاربوك الوجهان لأنه يجوز الضاربا زيدًا والضاربو عمرًا. وتحذف النون في النصب كما تحذف في الإضافة ومنه قوله: 621- الحافظو عورةَ العشيرة لا ... يأتيهم من ورائهم وكف وقوله: 622- العارفو الحقَّ للمدل به ... والمستقلو كثير ما وهبوا في رواية من نصب الحق وكثير. نعم الأحسن عند حذف النون الجر بالإضافة لأنه المعهود والنصب ليس بضعيف لأن الوصف صلة فهو في قوة الفعل فطلب معه التخفيف   بعده. قوله: "فهو منصوب في الضاربك" أي لانتفاء شرط إضافة الوصف المحلى بأل. فائدة: قال في المغني مثل هذا الضمير في النصب قولهم لا عهد لي بألأم قفا منه ولا أوضعه بفتح العين فالهاء في موضع نصب كالهاء في الضاربه إلا أن ذاك مفعول وهذا مشبه بالمفعول لأن اسم التفضيل لا ينصب المفعول به إجماعا وليست مضافا إليها والأخفض أوضع بالكسرة وعلى هذا فإذا قلت مررت برجل أبيض الوجه لا أحمره فإن فتحت الراء فالهاء منصوبة المحل وإن كسرتها فهي مجرورته. ا. هـ. قوله: "مخفوض في ضاربك" أي محلا لعدم تنوين الوصف وعدم تحليته بأل. قوله: "الوجهان" أي الخفض بناء على أن النون حذفت للإضافة والنصب بناء على أنها حذفت للتخفيف للطول هذا مذهب سيبويه. وقال الجرمي والمازني والمبرد وجماعة هو في موضع جر فقط إذ الأصل سقوط التنوين للإضافة فلا يعدل عنه إلا إذا تعين غيره كما في قولك هذان الضاربا زيدا قاله الشارح في شرح التوضيح. قوله: "ومنه" أي من حذف النون للتخفيف لا للإضافة. قوله: "عورة العشيرة" هي كل ما يستحيا منه. والوكف كجبل الجور وكأنه لم يقل هنا في رواية من نصب عورة كما قال فيما بعده لاتفاق الرواة على نصب عورة وإن جوزت العربية الجر فتأمل. قوله: "للمدل به" قال شيخنا السيد بكسر الدال. ا. هـ. ولعله على هذا اسم فاعل من أدل لغة في دل كما في المصباح والباء بمعنى على. قوله: "نعم الأحسن   621- البيت من المنسرح، وهو لعمرو بن امرئ القيس في خزانة الأدب 4/ 272، 274، 276؛ والدرر 1/ 146؛ وشرح شواهد الإيضاح ص127؛ ولقيس بن الخطيم في ديوانه ص115؛ وملحق ديوانه ص238؛ ولعمرو بن امرئ القيس أو لقيس بين الحظيم في لسان العرب 9/ 363 "وكف"؛ ولشريح بن عمران أو لمالك بن العجلان في شرح أبيات سيبويه 1/ 205؛ ولرجل من الأنصار في خزانة الأدب 6/ 6؛ والكتاب 1/ 186؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص324؛ وإصلاح المنطق ص63؛ وجواهر الأدب ص 155؛ وخزانة الأدب 5/ 122، 469، 8/ 29، 209؛ ورصف المباني ص341؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 538؛ والكتاب 1/ 202، والمحتسب 2/ 80؛ والمقتضب 4/ 145؛ والمنصف 1/ 67؛ وهمع الهوامع 1/ 49. 622- راجع التخريج رقم 620. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 وربما أكسب ثان أولا ... تأنيثًا إن كان الحذف موهلًا   واحترز بقوله سبيله اتبع عن جمع التكسير وجمع المؤنث السالم. تنبيه: قوله أن وقع هو بفتح أن وموضعه رفع على أنه فاعل كافٍ على ما تبين أولًا. وقال الشارح هو مبتدأ ثان وكافٍ خبره والجملة خبر الأول يعني كونها. وقال المكودي: في موضع نصب على إسقاط لام التعليل والتقدير وجود أل في الوصف كافٍ لوقوعه مثنى أو مجموعًا على حده ويجوز في همز إن الكسر وقد جاء كذلك في بعض النسخ "وربما أكسب ثان" من المتضايفين وهو المضاف إليه "أولا" منهما وهو المضاف "تأنيثًا إن كان لحذف موهلًا" أي صالحًا للحذف والاستغناء عنه بالثاني فمن الأول:   إلخ" استدراك على قوله ويجوز في الضاربك لدفع توهم مساواة الوجهين. قوله: "عن جمع التكسير وجمع المؤنث السالم" فإن حكمهما حكم المفرد كما علم مما مر. قوله: "والجملة خبر الأول" أي والرابط محذوف تقديره في اغتفاره كما مر. قوله: "وقال المكودي في موضع نصب إلخ" فيه عندي نظر لأن وجود أل في المضاف ليس هو الكافي عن وجود أل في المضاف إليه وإنما الكافي عن ذلك وقوع المضاف مثنى أو مجموعا لأن وجود أل في المضاف خلاف حقه فيحتاج إلى مسوّغ له من وجود أل في المضاف إليه أو فيما أضيف إليه المضاف إليه أو كون المضاف مثنى أو جمعا أو نحو ذلك مما مر فتدبره. قوله: "ويجوز في همز إن الكسر" أي على أنها شرطية ووقع فعل الشرط والجواب محذوف لدلالة ما سبق عليه ويرد على الكسر ما أوردناه على كلام المكودي فافهم. قوله: "أو تذكيرا" ففي كلام المصنف اكتفاء. وخص التأنيث بالذكر لأنه الأغلب، ويكتسب المضاف من المضاف إليه غيرهما أيضا، كالأمور المتقدمة من التعريف والتخصيص والتخفيف ورفع القبح، وكالظرفية في نحو كل حين، والمصدرية في نحو كل الميل، ووجوب التصدير في نحو غلام من عندك، والإعراب في نحو هذه خمسة عشر زيد عند من أعربه، والبناء في نحو: {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 23] ، والتعظيم في نحو بيت الله. والتحقير في نحو بيت العنكبوت. والجمع في نحو: فما حبّ الديار شغفن قلبي ... ولكن حبّ من سكن الديارا كذا في يس ويرد على قوله والإعراب إلخ أن الإعراب في مثاله لمعارضة الإضافة سبب البناء لا لاكتساب الإعراب من المضاف إليه بدليل أن من يعرب هذه خمسة عشر زيد يعرب هذه خمسة عشرك كما قاله الدماميني. قوله: "أي صالحا للحذف" لما كان معنى الموهل المجعول أهلا وليس هو الشرط بل الشرط كونه في نفسه أهلا للحذف فسره تفسير مراد بقوله أي صالحا للحذف فهو من إطلاق المسبب وإرادة السبب. وزاد في التسهيل شرطا آخر وهو أن يكون المضاف بعض المضاف إليه كصدر القناة أو كبعضه كمر الرياح فإن لم يكن بعضا ولا كبعض فلا اكتساب وإن صلح للحذف فلا يجوز أعجبتني يوم العروبة لكن زيادة هذا الشرط لا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ} [آل عمران: 30] ، وقوله: 623- جادت عليه كل عين ثرة وقولهم قطعت بعض أصابعه. وقراءة بعضهم: {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ} [يوسف: 10] ، وقوله: 624- طول الليالي أسرعت في نقضي وقوله: 625- كما شرقت صدر القناة من الدم وقوله:   تناسب تمثيل الشارح بيوم تجد كل نفس و: جادت عليه كل عين ثرة ولهذا قال الدماميني بعد قول التسهيل، أو كان المضاف بعضه أو كبعضه ما نصه: وزاد الفارسي قسما آخر يجوز فيه التأنيث وهو أن يكون المضاف إلى المؤنث كله كقول عنترة: جادت عليه كل عين ثرة إلى أن قال: قال الشارح -يعني المرادي: والأفصح في هذا القسم التأنيث بخلاف ما سبق. قوله: "جادت عليه" أي النبت المذكور قبله كل عين ثرة بفتح المثلثة أي كثيرة الماء. قوله:   623- عجزه: فتركن كل حديقة كالدرهم والبيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص196؛ وجمهرة اللغة ص82، 97؛ والحيوان 3/ 312؛ والدرر 5/ 136؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 181؛ وشرح شواهد المغني 1/ 480، 2/ 541؛ ولسان العرب 4/ 101 "ثرر" 182 "حرر"، 10/ 39 "حدق"؛ ومغني اللبيب 1/ 198؛ والمقاصد النحوية 3/ 380؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص425؛ وهمع الهوامع 2/ 74. 624- الرجز للأغلب العجلي في الأغاني 21/ 30؛ وخزانة الأدب 4/ 224، 225، 226؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 366؛ وشرح التصريح 2/ 31؛ والمقاصد النحوية 3/ 395؛ وله أو للعجاج في شرح شواهد المغني 2/ 881، وللعجاج في الكتاب 1/ 53، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 106؛ وأوضح المسالك 3/ 103؛ والخصائص 2/ 418؛ والصاحبي في فقه اللغة ص252؛ ومغني اللبيب 2/ 512، والمقتضب 4/ 199، 200. 625- صدره: وتشرق بالقول الذي قد أذعته والبيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص173؛ والأزهية ص238؛ والأشباه والنظائر 5/ 255؛ وخزانة الأدب 5/ 106؛ والدرر 5/ 19؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 54؛ والكتاب 1/ 52؛ ولسان العرب 4/= الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   626- أتى الفواحش عندهم معروفة ... ولديهم ترك الجميل جميل وقوله: 627- مشين كما اهتزت رماح تسفهت ... أعاليها مر الرياح النواسم ومن الثاني قوله: 628- إنارة العقل مكسوف بطوع هوى ... وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا وقوله: 629- رؤية الفكر ما يؤول له الأمـ ... ـر معين على اجتناب التواني ويحتمله {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] ، ولا يجوز قامت   "كما شرقت" بكسر الراء أي غصت صدر القناة أي الرمح. قوله: "أتى الفواحش" بفتح الهمزة مصدر أتى بمعنى الإتيان. قوله: "مشين" أي النسوة كما اهتزت أي مشيا كاهتزاز رماح تسفهت أي أمالت أعاليها مرّ الرياح النواسم. قوله: "رؤية الفكر إلخ" قد يقال الأول هنا ليس صالحا للحذف فلم يوجد الشرط إلا أن يقال المراد حذفه مع متعلقاته وإذا حذف الأول هنا مع ما يتعلق به استقام الكلام إذ يصح أن يقال الفكر معين إلخ. قوله: "ويحتمله" أي اكتساب المضاف من المضاف إليه التذكير وعبر بالاحتمال لما في إطلاق المذكر على الله تعالى من سوء الأدب كذا قال البعض كغيره وفيه أن التذكير وصف للفظ الجلالة لأنه المضاف إليه لا لذاته تعالى حتى يلزم سوء الأدب فتأمل ولأنه يبعده التذكير حيث لا إضافة في لعل الساعة قريب ولأن فيه   = 446 "صدر" 10/ 178 "شرق" والمقاصد النحوية 3/ 378؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 105؛ والخصائص 2/ 417؛ ومغني اللبيب 2/ 513؛ والمقتضب 4/ 197، 199؛ وهمع الهوامع 2/ 49. 626- البيت من الكامل، وهو للفرزدق في المقاصد النحوية 3/ 368؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص505، ورواية العجز: ويرون فعل المكرمات حراما 627- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص754؛ وخزانة الأدب 4/ 225؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 58؛ والكتاب 1/ 52، 65؛ والمحتسب 1/ 237؛ والمقاصد النحوية 3/ 367؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 239؛ والخصائص 2/ 417؛ وشرح ابن عقيل ص380؛ وشرح عمدة الحافظ ص838؛ ولسان العرب 3/ 288 "عرد"، 4/ 446 "صدر": 11/ 536 "قبل"، 13/ 499 "سفه"؛ والمقتضب 4/ 197. 628- البيت من البسيط، وهو لبعض المولدين في المقاصد النحوية 3/ 396؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 263؛ وأوضح المسالك 3/ 105؛ وخزانة الأدب 4/ 227، 5/ 106؛ وشرح التصريح 2/ 32؛ ومغني اللبيب 2/ 512. 629- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 21؛ والمقاصد النحوية 3/ 369؛ وهمع الهوامع 2/ 49. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 ولا يضاف اسم لما به اتحد ... معنى وأول موهمًا إذا ورد   غلام هند ولا قام امرأة لانتفاء الشرط المذكور. تنبيه: أفهم قوله وربما أن ذلك قليل، ومراده التقليل النسبي أي قليل بالنسبة إلى ما ليس كذلك لا أنه قليل في نفسه فإن كثير كما صرح به في شرح الكافية نعم الثاني قليل "ولا يضاف اسم لما به اتحذ معنى" كالمرادف مع مرادفه والموصوف مع صفته لأن المضاف يتخصص أو يتعرف بالمضاف إليه فلا بد أن يكون غيره في المعنى، فلا يقال: قمح بر ولا رجل فاضل، ولا فاضل رجل "وأول موهمًا إذا ورد" أي إذا جاء من كلام العرب ما يوهم جواز ذلك وجب تأويله فما أوهم إضافة الشيء إلى مرادفه قولهم: جاءني   احتمالات أخرى منها أن قريب على وزن فعيل وهو وإن كان بمعنى فاعل قد يعطي ما بمعنى فاعل حكم ما بمعنى مفعول من استواء المذكر والمؤنث وقيل إنه بمعنى مفعول أي مقربة. ومنها أن التذكير على تأويل الرحمة بالغفران. ومنها ما ذكر الفراء أنهم التزموا التذكير في قريب إذا لم يرد قرب النسب قصدا للفرق. قوله: "أفهم قوله وربما إلخ" فيه أنها تحتمل أن تكون للتكثير فلا إفهام. قوله: "فإنه كثير" المتبادر أنه مطرد وبه صرح بعضهم. قوله: "نعم الثاني" أي اكتساب التذكير. قوله: "لما به اتحد معنى" أي بحسب المراد فلا يرد ابن الابن وأبو الأب فإنه صحيح وأراد بالاتحاد ما يشمل الترادف كما في الليث والأسد والتساوي كما في الإنسان والناطق سواء كان التساوي بحسب الوضع كالمثال أو بحسب المراد كما في الصفة والموصوف. ا. هـ. سم والترادف الاتحاد ما صدقا ومفهوما والتساوي الاتحاد ما صدقا فقط. ودخل فيما اتحد معنى ما اتحد لفظا ومعنى فلا يقال جاء زيد زيد بالإضافة بل بالاتباع على التوكيد ونقل يس عن الفارسي جواز الإضافة وخرج منه ما غاير معنى وإن اتحد لفظا فتجوز فيه الإضافة نحو عين العين. قوله: "والموصوف مع صفته" تقدمت الصفة أو تأخرت بقرينة التمثيل. قوله: "لأن المضاف يتخصف بالمضاف إليه" أي تخصص به على وجه نسبته إليه كونه بعضا أو مظروفا أو مملوكا أو مختصا كما استفيد مما سبق وهذا لا يتأتى إلا إذا تغاير المتضايفان معنى فلا يرد أن الموصوف يتخصص بصفته فهلا جاز إضافته إليها للتخصيص كما جاز نعته بها للتخصيص وعلل بعضهم منع إضافة الموصوف إلى الصفة بأن الصفة تابعة لموصوفها في الإعراب فلو أضيف إليها الموصوف لكانت مجرورة أبدا ولم تتصوّر التبعية المذكورة وعلل منع العكس بأن الصفة يجب أن تكون تابعة ومؤخرة وفي الإضافة لا يمكن ذلك وعلل منع إضافة أحد المترادفين أو المستاويين إلى الآخر بعدم الفائدة إذ المقصود حاصل من لفظ المضاف مع قطع النظر عن الإضافة فتكون لغوا لا يقال هي مفيدة للتخفيف بحذف التنوين فلا تكون لغوا لأنا نقول ترك الإضافة بالكلية أخف لأن فيها حذف كلمة تامة وهذا التعليل يقتضي امتناع ذكر المرادف الآخر أو المساوي الآخر على وجه الاتباع أيضا وليس كذلك أفاده سم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   سعيد كرز، وتأويله أن يراد بالأول المسمى وبالثاني الاسم أي جاءني مسمى هذا الاسم. ومما أوهم إضافة الموصوف إلى صفته قولهم: حبة الحمقاء، وصلاة الأولى. ومسجد الجامع. وتأويله أن يقدر موصوف أي حبة البقلة الحمقاء، وصلاة السعة لأولى، ومسجد المكان الجامع ومما أوهم إضافة الصفة إلى الموصوف قولهم: جرد قطيفة وسحق عمامة. وتأويله أن يقدر موصوف أيضًا وإضافة الصفة إلى جنسها أي شيء من جنس القطيفة وشيء سحق من جنس العمامة. تنبيه: أجاز الفراء إضافة الشيء إلى ما بمعناه لاختلاف اللفظين ووافقه ابن الطراوة وغيره ونقله في النهاية عن الكوفيين وجعلوا من ذلك نحو: {وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ} [يوسف:   قوله: "أن يراد بالأول إلخ" هذا إذا كان الحكم مناسبا للمسمى فإن كان مناسبا للاسم كان الأمر بالعكس نحو كتبت سعيد كرز. واعلم أن هذه الإضافة بهذا التأويل على معنى لام الاختصاص وكذا الإضافة في نحو مسجد الجامع بالتأويل الذي ذكره فيها أفاده سم وإنما أضيف سعيد إلى كرز ولم يضف أسد إلى سبع لأن الأعلام كثرت فجاز فيها من التخفيف ما لم يجز في غيرها نقله يس عن ابن الحاجب. قوله: "ومما أوهم إضافة الموصوف إلى صفته إلخ" قال الدماميني: واعلم أن إضافة الموصوف إلى صفته والصفة إلى موصوفها لا تنافس. ا. هـ. ومنه يعلم أن التأويل الذي ذكره الشارح لا يسوغ اعتباره ارتكابنا تلك الإضافة. وإنما هو تخريج للمسوغ على وجه جائز. قوله: "حبة الحمقاء" بالمد وهي المسماة بالرجلة وإنما وصفت بالحمق مجازا لأنها تنبت في مجاري السيول فتمرّ بها فتقطعها فتطؤها الأقدام وعندي فيما ذكره الشارح من أن هذا مما يوهم جواز إضافة الموصوف إلى صفته نظر لأنه إنما يظهر لو كانت الحبة تطلق على الرجلة ونحوها من القبول. أما إذا كانت واحدة الحب كما في القاموس كالبر وبرز الرجلة وسائر الحبوب والبزور فلا. والذي في القاموس بقلة الحمقاء والبقلة الحمقاء وإيهام الأول جواز ما ذكر ظاهر. قوله: "أن يقدر موصوف" أي يكون الأول مضافا إليه إضافة الشيء إلى جنسه كالمثال الأول أو زمنه كالمثال الثاني أو كله كالمثال الثالث وانظر ما المانع من جعل الإضافة في حبة الحمقاء من إضافة العام إلى الخاص كشجر أراك فلا يحتاج إلى التأويل. قوله: "وصلاة الساعة الأولى" أي من الزوال أو المراد أول ساعة أدّيت فيها الصلاة المفروضة. قوله: "ومسجد المكان الجامع" ويصح أن يكون التقدير ومسجد الوقت الجامع. قوله: "جرد قطيفة إلخ" جرد بمعنى مجرودة وسحق بمعنى بالية. قوله: "أن يقدر موصوف أيضا" أي كما يقدر فيما قبلها وإن اختلف المحل. قوله: "وإضافة الصفة إلى جنسها" أي جنس موصوفها أي فالإضافة حينئذٍ من إضافة الشيء إلى جنسه كخاتم فضة. قوله: "من جنس القطيفة" صرح بمن لبيان أن الإضافة على معنى من. قوله: "ولدار الآخرة" لعل تأويله عند الجمهور ولدار الحالة الآخرة أو الحياة الآخرة أو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 وبعض الأسماء يضاف أبدا ... وبعض ذا قد يأت لفظًا مفردًا   109] ، {حَقُّ الْيَقِينِ} [الواقعة: 95] ، {حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] ، {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: 9] ، وظاهر التسهيل وشرحه موافقته "وبعض الأسماء" تمتنع إضافته كالمضمرات والإشارات وكغير أي من الموصولات ومن أسماء الشروط ومن أسماء الاستفهام وبعضها "يضاف أبدًا" فلا يستعمل مفردًا بحال "وبعض ذا" الذي يضاف أبدًا "قد يأت لفظًا مفردًا" أي يأتي مفردًا في اللفظ فقط وهو مضاف في المعنى نحو كل وبعض وأي قال الله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: 33] ، {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253] ، {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110] . تنبيه: أشعر قوله وبعض الأسماء وقوله وبعض ذا قد يأت لفظًا مفردًا أن الأصل والغالب في الأسماء أن تكون صالحة للإضافة والإفراد وإن الأصل في كل ملازم للإضافة أن لا ينقطع عنها في اللفظ. واعلم أن اللازم للإضافة على نوعين ما يختص بالإضافة إلى   يقولون الإضافة من إضافة العام إلى الخاص ولعلهم يقولون الإضافة فيما بعده من إضافة العام إلى الخاص قال سم تمتنع إضافة الخاص إلى العام كأحد اليوم لعدم الفائدة بخلاف عكسه كيوم الأحد. قوله: "تمتنع إضافته" أي لأنه لا يعرض له ما يحوج إلى إضافته ولشبهه بالحرف والحرف لا يضاف. قوله: "وكغير أي إلخ" بخلاف أي فإنها ملازمة للإضافة لفظا أو تقديرا لضعف شبهها بالحرف بما عارضه من شدة افتقارها إلى ما تضاف إليه لتوغلها في الإبهام. قوله: "نحو كل" أي إذا لم يقع توكيدا أو نعتا وإلا تعينت الإضافة لفظا نحو جاء القوم كلهم وزيد الرجل كل الرجل كما قاله الدنوشري. واعلم أن كلا وبعضا عند قطعهما لفظا عن الإضافة إلى المعرفة معرفتان بنيتها عند سيبويه والجمهور ولهذا جاءت الحال منهما مؤخرة. وقال الفارسي نكرتان كذا في التصريح ولتعريفهما عند سيبويه والجمهور منعوا إدخال أل عليهما. قوله: "وأي" أي شرطية أو موصولة أو استفهامية أما الواقعة نعتا أو حالا فمتعينة الإضافة لفظا. قوله: "وكل في فلك يسبحون" أي كلهم فالتنوين عوض عن المضاف إليه والضمير للشموس والأقمار فإن اختلاف الأحوال يوجب تعددا ما في الذات أو للكواكب فإن ذكرهما مشعر بها قاله البيضاوي فليس الليل والنهار من مدلول الضمير كما يفيده كلام البعض لأنهما لا يوصفان بالسباحة في الفلك كما لا يخفى وجمعت جمع العاقل تشبيها لها به لفعلها فعله من السباحة والجري، وأفرد في فلك مراعاة لكل وجمع في يسبحون مراعاة للمضاف إليه المحذوف. فلا يقال الآية تقتضي تحاد فلك الشمس والقمر على الاحتمال الأول وفلك الكواكب على الثاني. قوله: "واعلم أن اللازم إلخ" غرضه الدخول على المتن وتتميم أقسام ما يضاف بذكر ما فاته المصنف وهو ما يختص بالظاهر. واعلم أن جملة أقسام الاسم باعتبار الإضافة وعدمها تسعة: ما تجوز إضافته، وما تمتنع، وما تجب إضافته لجملة فعلية فقط، وما تجب إضافته للجملة مطلقا، وما تجب إضافته لفظا أو نية للمفرد مطلقا، وما تجب إضافته لفظا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 وبعض ما يضاف حتمًا امتنع ... إيلاؤه اسمًا ظاهرًا حيث وقع كوحد لبى ودوالي سعدي ... وشذ إيلاء يدي للبي   الجمل وسيأتي وما يختص بالمفردات وهو ثلاثة أنواع ما يضاف للظاهر والمضمر وذلك نحو كلا وكلتا وعند ولدى وسوى قصارى الشيء وحماداه بمعنى غايته وما يختص بالظاهر وذلك نحو أولى وأولات وذي وذات وما يختص بالمضمر وإليه الإشارة بقوله: "وبعض ما يضاف حتمًا" أي وجوبًا "امتنع إيلاؤه اسمًا ظاهرًا حيث وقع" وهذا النوع على قسمين قسم يضاف إلى جميع الضمائر "كوحد" نحو جئت وحدي وجئت وحدك وجاء وحده، وقسم يختص بضمير المخاطب نحو: "لبى ودوالي" و"سعدي" وحناني وهذا ذي، تقول: لبيك بمعنى إقامة على إجابتك بعد إقامة، من ألب بالمكان إذا أقام به ودواليك   للمفرد أو للظاهر فقط أو للضمير مطلقا أو لضمير المخاطب. قوله: "كلا وكلتا" فإنهما يضافان للظاهر والمضمر لكن لا يضافان لكل مضمر بل للفظ هما وكما ونا خاصة. قوله: "قصارى الشيء" بضم القاف ويقال قصيري بضم القاف وفتح الصاد وسكون الياء. وقصار بحذف الألف الأخيرة مع فتح القاف أو ضمها وقصر بحذف الألفين مع فتح القاف وسكون الصاد كذا في القاموس وبه يعلم ما في كلام شيخنا والبعض من القصور. قوله: "وحماداه" بضم الحاء المهملة وقوله بمعنى غايته راجع لكليهما. قوله: "وذي وذات" أي وفروعهما وندر إنما يصطنع المعروف من الناس ذووه. قوله: "كوحد" قال في الهمع: هو لازم النصب على المصدرية بفعل من لفظه حكى الأصمعي وحد الرجل يحد إذا انفرد وقيل لم يلفظ بفعله كالأبوة والخؤولة وقيل محذوف الزوائد من إيحاد وقيل نصبه على الحال لتأوّله بموحد وقيل على حذف حرف الجر والأصل على وحده ولازم والإفراد والتذكير لأنه مصدر وقد يثنى شذوذا أو يجر بعلى، سمع جلسا على وحديهما، وقلنا ذلك وحدينا، وجلس على وحده أو إضافة نسيج وقريع على وزن كريم وجحيش وعبير مصغرين إليه ملحقات بالعلامات على الأصح يقال: هو نسيج وحده وقريع وحده إذا قصد قلة نظيره في الخير وأصله في الثوب لأنه إذا كان رفيعا لم ينسج على منواله. والقريع السيد وهو جحيش وحده عيير وحده إذا قصد قلة نظيره في الشر وهما مصغرا عير وهو الحمار وجحش وهو ولده يذم بهما المنفرد باتباع رأيه ويقال هما نسيجا وحدهما وهم نسيجو وحدهم وهي نسيجة وحدها وهكذا. وقيل: لا يتصل بنسيج وأخواته العلامات فيقال: هما نسيج وحدهما وهكذا وزاد الشاطبي رجيل وحده. ا. هـ. ببعض اختصار. قوله: "تقول لبيك" أصله ألب لك إلبابين أي أقيم لطاعتك إلبابا كثيرا لأن التثنية للتكرير نحو: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] ، فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه وحذفت زوائده وحذف الجار من المفعول وأضيف المصدر إليه كل ذلك ليسرع المجيب إلى التفرغ لاستماع الأمر والنهي ويجوز أن يكون من لب بمعنى ألب فلا يكون محذوف الزوائد قاله الرضي ومثله في حذف الزوائد الباقي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بمعنى تداولًا لك بعد تداول، وسعديك بمعنى إسعادًا لك بعد إسعاد، ولا يستعمل إلا بعد لبيك وحنانيك بمعنى تحننا عليك بعد تحنن. وهذا ذيك بذالين معجمتين بمعنى إسراعًا بعد إسراع "وشذ إيلاء يدي للبي" في قوله: 630- دعوت لما نابني مسورًا ... فلبى فلبى يدي مسور كما شذت إضافته إلى ضمير الغائب في قوله: 631- لقلت لبيه لمن يدعوني تنبيه: مذهب سيبويه أن لبيك وأخواته مصادر مثناة لفظًا ومعناها التكثير، وأنها تنصب على المصدرية بعوامل محذوفة من ألفاظها إلا هذا ذيك ولبيك فمن معناهما.   قوله: "بمعنى تداولا لك بعد تداول" وقال جماعة بمعنى مداولة لك بعد مداولة والأمران متقاربان وكلاهما أحسن من قول بعضهم بمعنى إدالة بعد إدالة لعدم ظهور مناسبة معاني الإدالة كالغلبة هنا، بخلاف التداول بمعنى التناوب والمداولة بمعنى المناوبة وفي الكلام حذف مضاف أي تداولا لطاعتك فاحفظه. قوله: "بمعنى تحننا عليك بعد تحنن" لو قال بمعنى حنانا عليك بعد حنان لكان أنسب بلفظ حنانيك. قوله: "دعوت إلخ" أي طلبت مسورا للأمر الذي أصابني وهو غرم دية لزمته فلبى أي قال: لبيك وقوله: فلبي يدي مسور أي إقامة على إجابته بعد إقامة إذا سألني في أمر نابه جزاء لصنعه. وخص اليدين لأن العطاء بهما ففيه إشعار بأن مسورا أجاب بالفعل كما أجاب بالقول وقيل ذكر اليدين مقحم والفاء الأولى تعقيبية والثانية سببية. قوله: "لقلت لبيه" كان مقتضى الظاهر لبيك لكنه التفت من الخطاب إلى الغيبة وحكى بالمعنى. قوله: "مصادر" قال شيخنا: والبعض أي حقيقة لا أسماء مصادر. ا. هـ وعليه فهي مصادر محذوفة الزوائد كما مر. قوله: "ومعناها التكثير" لأنهم لما قصدوا به التكثير جعلوا التثنية علما على ذلك لأنها أول تضعيف   630- البيت من المتقارب، وهو لرجل من بني أسد في الدرر 3/ 68؛ وشرح التصريح 2/ 38؛ وشرح شواهد المغني 2/ 610؛ ولسان العرب 15/ 239 "لبى"؛ والمقاصد النحوية 3/ 381؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 123؛ وخزانة الأدب 2/ 92، 93؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 247؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 379؛ وشرح ابن عقيل ص383، 385؛ والكتاب 1/ 352؛ ولسان العرب 1/ 731 "لبب"، 4/ 388 "سور"؛ والمحتسب 1/ 78، 2/ 23؛ ومغني اللبيب 2/ 578؛ وهمع الهوامع 1/ 190. 631- قبله: إنك لو دعوتني ودوني ... زوراء ذات مترع بيون والرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 122؛ وخزانة الأدب 2/ 93؛ والدرر 3/ 68؛ وشر صناعة الإعراب 2/ 746؛ وشرح التصريح 2/ 38؛ وشرح شواهد المغني 2/ 910؛ وشرح ابن عقيل ص383؛ ولسان العرب 1/ 731 "لبب"، 13/ 64 "بين" ومغني اللبيب 2/ 578؛ والمقاصد النحوية 3/ 383؛ وهمع الهوامع 1/ 190. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وجوز سيبويه في هذا ذيك في قوله: 632- ضربا هذا ذيك وطعنًا وخضا وفي دواليك في قوله: 633- إذا شق برد شق بالبرد مثله ... دواليك حتى كلنا غير لابس الحالية بتقدير نفعله مداولين وهاذين أي مسرعين وهو ضعيف للتعريف. ولأن المصدر الموضوع للتكثير لم يثبت فيه غير كونه مفعولًا مطلقًا وجوز الأعلم في هذا ذيك في البيت الوصفية وهو مردود بما ذكر ولأنه معرفة وضربًا نكرة. وذهب يونس إلى أن   العدد وتكثيره تصريح. قوله: "من ألفاظها" فيقدر في دواليك أداول، وفي سعديك أسعد مضارع أسعد رباعيا أي ساعد وأعان كما في القاموس. وفي حنانيك أتحنن على ما يقتضيه قول الشارح سابقا بمعنى تحننا إلخ أو أحن على ما هو الأنسب بلفظ حنانيك. قوله: "فمن معناهما" فيقدر أسرع وأقيم لأن فعلهما لم يستعمل ولا ينافيه قوله السابق من ألب بالمكان لأن أخذه مما ذكر باعتبار المناسبة في المعنى لا يقتضي أن ما ذكر فعله كذا قالوا وكان الحامل لهم على ذلك أن لبيك تثنية ثلاثي وألب رباعي فلا يكون فعلا له وهو فاسد لوجود مثل ذلك في سعديك مع فعله وهو أسعد على أنه يقال: لب ثلاثيا بمعنى أقام كما في القاموس وشرح الكافية للرضي كما مر فالمتجه عندي أنه منصوب بفعل من لفظه. نعم ذكر قوم أن معنى لبيك إجابة بعد إجابة وعليه فالناصب فعل من معناه إذ ليس لب وألب بمعنى أجاب فاحفظه. قوله: "وخضا" بخاء وضاد معجمتين أي مسرعا للقتل. قوله: "إذا شق برد إلخ" الباء في بالبرد بدلية. قال في التصريح: قال أبو عبيدة: كان الرجل إذا أراد توكيد المودة بينه وبين من يحبه شق كل منهما برد صاحبه يرى أن ذلك أبقى للمودة بينهما. قوله: "الحالية" أي على تأويله بالمشتق كما نبه عليه بعد. قوله: "مداولين" المناسب لتفسيره دواليك بتداولا لك بعد تداول أن يقول متداولين. قوله: "أي مسرعين" تفسير لهاذين فقط على الظاهر. قوله: "للتعريف" أي وحق الحال التنكير وقوله ولأن المصدر إلخ دفع بهذا التعليل ما   632- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 140؛ وجمهرة اللغة ص615؛ وخزانة الأدب 2/ 106؛ والدرر 3/ 66؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 315؛ وشرح التصريح 2/ 17؛ وشرح المفصل 1/ 119؛ والمحتسب 2/ 279؛ والمقاصد النحوية 3/ 399؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص158؛ وأوضح المسالك 3/ 117؛ والكتاب 1/ 350؛ ولسان العرب 3/ 517 "هذذ"؛ ومجالس ثعلب 1/ 157؛ وهمع الهوامع 1/ 189. 633- البيت من الطويل، وهو لسحيم عبد بني الحسحاس في ديوانه ص16؛ وجمهرة اللغة ص438؛ والدرر 3/ 65؛ وشرح التصريح 2/ 37؛ وشرح المفصل 1/ 119؛ والكتاب 1/ 350؛ ولسان العرب 3/ 517 "هذذ"، 11/ 253 "دول"؛ والمقاصد النحوية 3/ 401؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 118؛ وجمهرة اللغة ص1272؛ والخصائص 3/ 45؛ ورصف المباني ص181؛ ومجالس ثعلب 1/ 157؛ والمحتسب 2/ 279؛ وهمع الهوامع 1/ 189. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 وألزموا إضافة إلى الجمل ... حيث وإذ وإن ينون يحتمل   لبيك اسم مفرد مقصور أصله لبي قلبت ألفه ياء للإضافة إلى الضمير كما في على وإلى ولدى. ورد عليه سيبويه بأنه لو كان كذلك لما قبلت مع الظاهر في قوله: فلبى يدي مسور. وقول ابن الناظم: إن خلاف يونس في لبيك وأخواته وهم. وزعم الأعلم أن الكاف حرف خطاب لا موضع له من الإعراب مثلها في ذلك. ورد عليه بقولهم: لبيه ولبى يدي مسور، وبحذفهم النون لأجلها ولم يحذوفها في ذانك، وبأنها لاتلحق الأسماء التي لا تشبه الحرف. ا. هـ. النوع الثاني من اللام للإضافة وهو ما يختص بالجمل على قسمين: ما يختص بنوع من الجمل، وسيأتي، وما لا يختص وإليه الإشارة بقوله: "وألزموا إضافة إلى الجمل حيث وإذ" فشمل إطلاقه الجمل الجملة الاسمية والفعلية، فالاسمية نحو جلست   قد يقال: يحتمل أن هذه الحال مما جاء معرفا لفظا وإن كان منكرا معنى. قوله: "الوصفية" أي لضربا والمعنى اضرب ضربا مكررا كذا قال البعض تبعا لشيخنا: ويحتمل أن المعنى على الوصفية اضرب ضربا مسرعا مسرعا بل هذا أنسب بما مر في معنى هذاذيك. قوله: "بما ذكر" أي من أن المصدر الموضوع للتكثير لم يثبت فيه غير كونه مفعولا مطلقا. قوله: "ولأنه معرفة" في الرد بهذا على الأعلم بحث لأنه سيذكر الشارح عند أنه يقول بحرفية الكاف في لبيك وأخواته وحينئذٍ لا إضافة فلا تعريف على مذهبه وزاد بعضهم ردا ثالثا وهو أن ضربا مفرد وهذاذيك مثنى ولا يوصف المفرد بالمثنى. قوله: "أصله لبى" أي بوزن فعلى بسكون العين كما في التصريح. وقد يؤخذ منه أن الألف للتأنيث فتأمل. قوله: "كما في على إلخ" أشار به إلى أن الألف لا تبدل للإضافة ياء دائما بدليل فتاك وعصاك. قوله: "ورد عليه سيبويه إلخ" ليونس أن يجيب بأن قوله فلبى يدي مسور شاذا فلا يصلح للرد فتأمل. قوله: "وهم" أي بل خلافه في لبيك فقط. قوله: "مثلها في ذلك" أي في هذا اللفظ. قوله: "ورد عليه بقولهم إلخ" أي لأن قيام ضمير الغيبة والاسم الظاهر مقام الكاف يدل على اسميتها لأن الاسم إنما يقوم مقامه مثله. وأجاب في التصريح عن هذا بأن لبيه ولبى يدي مسور شاذان فلا يصلحان للرد. وعن الثاني بأن النون يجوز حذفها لشبه الإضافة كما صرح به الأعلم في نفس المسألة وكما في اثني عشر، وإنما لم يحذف من ذانك للإلباس. قوله: "لأجلها" أي لأجل كاف الخطاب وكذا الضمير في قوله وبأنها. قوله: "إلى الجمل" أي الخبرية الغير المشتملة على ضمير يرجع إلى المضاف دماميني. قوله: "حيث وإذ" الأول ظرف مكان تصرفه نادر وقد يراد به الزمان وثاؤها بالحركات الثلاث وقد تبدل ياؤه واوا بل قال ابن سيده: هي الأصل كما في الدماميني. وبنو فقعس يعربونها ولا يضاف إلى الجملة من أسماء المكان غيرها كما في المغني. والثاني ظرف زمان ماض لا يتصرف إلا إذا أضيف إليه ظرف زمان كيومئذٍ. قال جماعة منهم الناظم: أو وقع مفعولا به نحو: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا} [الأعراف: 86] ، أو بدلا منه نحو: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حيث زيد جالس: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ} [الأنفال: 26] ، والفعلية نحو جلست حيث   انْتَبَذَتْ} [مريم: 16] ، فإذ انتبذت بدل اشتمال من مريم ومنع ذلك الجمهور وأولوا كما سيأتي، وترد للتعليل فتكون حرفا وقيل ظرف والتعليل مستفاد من قوة الكلام وهذا القول لا يتأتى إذا اختلف زمنا العلة والمعلل نحو: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ} [الزخرف: 39] ، الآية أي لن ينفعكم يوم القيامة اشتراككم في العذاب لظلمكم في الدنيا. ولصاحب هذا القول أن يجعل إذ في الآية لمجرد الظرفية بدلا من اليوم على معنى إذ ثبت ظلمكم عندكم وعلى هذا الوجه يجوز أن تكون أن ومعمولاها تعليلا على حذف لام العلة وفاعل ينفع ضمير مستتر فيه راجع إلى قولهم: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} [الزخرف: 38] ، أو إلى القرين ويؤيدهما قراءة بعضهم بكسر إن على استئناف العلة كما في المغني. وللمفاجأة بعد بينا وبينما وهل هي حينئذٍ ظرف زمان أو مكان أو حرف مفاجأة أو حرف زائد أقوال. فإذا قلت بينا أو بينما أنا قائم إذ أقبل عمرو فعلى القول بزيادة إذ يكون الفعل بعدها هو العامل في بينا أو بينما كما يكون ذلك لو لم توجد إذ بعد بينا أو بينما وهو الأكثر، وعلى القول بأنها حرف مفاجأة فالعامل في بينا أو بينما فعل محذوف يفسره ما بعد إذ وعلى القول بالظرفية قال ابن جني وابن الباذش عاملها الفعل الذي بعدها لأنها غير مضافة إليه وعامل بينا أو بينما محذوف يفسره الفعل المذكور فمعنى المثال أقبل عمرو في زمن بين أوقات قيامي. وقال الشلوبين إذ مضافة للجملة فلا يعمل فيها الفعل ولا في بينا أو بينما لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف ولا فيما قبله بل عاملهما محذوف يدل عليه الكلام وإذ بدل منهما أي بين أوقات قيامي حين أقبل عمرو وافقت إقبال عمرو. واعلم أن أصل بين أن تكون مصدرا بمعنى الفراق فمعنى جلست بينكما جلست مكان فراقكما ومعنى أقبلت بين خروجك ودخولك أقبلت زمان فراق خروجك ودخولك فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فتبين أن بين المضافة إلى المفرد تستعمل في الزمان والمكان فلما قصدوا إضافتها إلى الجملة اسمية أو فعلية والإضافة إلى الجملة كلا إضافة زادوا عليها تارة ما الكافة لأنها تكف المقتضي عن اقتضائه وأشبعوا تارة أخرى الفتحة فتولدت ألف لتكون الألف دليل عدم اقتضائه للمضاف إليه لأنه حينئذٍ كالموقوف عليه لأن الألف قد يؤتى بها للوقف كما في أنا والظنونا وتعين حينئذٍ أن لا تكون إلا للزمان لما تقرر أنه لا يضاف إلى الجمل من المكان إلا حيث وإضافة بينما أو بينا في الحقيقة إلى زمان مضاف إلى الجملة فحذف الزمان المضاف والتقدير بين أوقات زيد قائم أي بين أوقات قيام زيد كذا قرره الرضي وقد يضاف بينا إلى مفرد مصدر دون بينما على الصحيح كذا في الدماميني والهمع وتقدير أوقات لأن بين إنما تضاف لمتعدد وناقش فيه أبو حيان بأن بينا قد تضاف للمصدر المتجزىء كالقيام مع أنهم لا يحذفون المضاف إلى الجملة في مثل هذا. قال في الهمع: وما ذكر من أن الجملة بعد بينا وبينما مضاف إليها قول الجمهور. وقيل: ما والألف كافتان فلا محل للجملة بعدهما وقيل ما كافة دون الألف بل هي مجرد إشباع. ا. هـ. وعلى عدم إضافتهما عاملهما ما في الجملة التي تليهما كما في المغني. قوله: "الجملة الاسمية والفعلية" لكن إضافة حيث إلى الفعلية أكثر ولهذا ترجح النصب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   جلست واجلس حيث أجلس، {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا} [الأنفال: 26] ، {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 30] ، ومعنى هذا المضارع المضي حينئذ. وأما نحو قوله: 634- ما ترى حيث سهيل طالعا وقوله:   في نحو جلست حيث زيدا أراه كذا في المغني. قال في الهمع: وتقبح إضافة إذ إلى اسمية عجزها فعل ماض نحو جئتك إذ زيد قام ووجه قبحه أن إذ لما مضى والفعل الماضي مناسب لها في الزمان وهما في جملة واحدة فلم يحسن الفصل بينهما بخلاف ما إذا كان مضارعا نحو إذ زيد يقوم فإنه حسن. ا. هـ. وقال في التصريح: شرط الاسمية بعد إذ أن لا يكون خبر المبتدأ فيها فعلا ماضيا نص على ذلك سيبويه وشرط الفعلية أن يكون فعلها ماضيا لفظا نحو: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا} [الأنفال: 26] أو معنى لا لفظا نحو: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [البقرة: 127] ، ثم قال: وشرط الاسمية بعد حيث أن لا يكون الخبر فيها فعلا نص على ذلك سيبويه. ا. هـ. ولعل معنى قوله شرط الاسمية بعد إذ شرط حسنها فلا ينافي كلام الهمع ولعل معنى قوله وشرط الاسمية بعد حيث شرط رجحانها فلا ينافي ما مر عن المغني أن النصب في نحو جلست حيث زيدا أراه أرجح فقط ومن كلام الهمع يعرف ما في كلام البعض وغيره من الخلل. قوله: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ} إذ فيها وفيما بعدها مفعول به عند جماعة وقال الجمهور: ظرف لمفعول محذوف أي: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 103] ، {وَإِذْ يَمْكُرُ} [الأنفال: 30] . ا. هـ. تصريح وقالوا في: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ} [مريم: 16] ، أن إذ انتبذت ظرف لمحذوف أي قصة مريم إذ انتبذت وعلى مذهبهم يتعين في {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ} كون إذ ظرفا لنعمة وعلى مذهب غيرهم يجوز ذلك وكونها بدل كل من نعمة. قوله: "ومعنى هذا المضارع" أي الواقع في الجملة المضاف إليها إذ بخلاف المضارع بعد حيث وقد يقال: لا حاجة إلى ذلك لتصريح ابن هشام في المغني بأن إذ قد تستعمل في المستقبل كما أن إذا قد تستعمل في الماضي. والجواب أن المحوج موافقة الواقع لأن نزول الآية بعد وقوع المكر مع أن الجمهور لا يثبتون مجيء إذ للاستقبال ويجعلون ما يوهمه من تنزيل المستقبل منزلة الماضي كما في المغني. قوله: "أما ترى" هي بصرية مفعولها طالعا وحيث ظرف   634- تمامه: نجمًا يضيء كالشهاب لامعا والرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 3؛ والدرر 3/ 124؛ وشرح شذور الذهب ص168؛ وشرح شواهد المغني 1/ 390؛ وشرح المفصل 4/ 90؛ وشرح ابن عقيل ص385؛ ومغني اللبيب 1/ 133؛ والمقاصد النحوية 3/ 384؛ وهمع الهوامع 1/ 212. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 إفراد إذ وما كإذ معنى كإذ ... أضف جوازًا نحو حين جا نبذ   635- حيث لي العمائم فشاذ لا يقاس عليه خلافًا للكسائي. تنبيه: قولهم إذ ذاك ليس من الإضافة إلى المفرد بل إلى الجملة الاسمية والتقدير إذ ذاك كذلك أو إذ كان ذاك "وإن ينون يحتمل إفراد إذ" أي وإن ينون إذ يحتمل إفرادها لفظًا. وأكثر ما يكون ذلك مع إضافة اسم الزمان إليها كما في نحو يومئذ وحينئذ. ويكون التنوين عوضًا من لفظ الجملة المضاف إليها كما تقدم بيانه في أول الكتاب. وأما نحو وأنت إذ صحيح فنادر "وما كإذ مغنى" في كونه ظرفًا مبهمًا ماضيًا نحو حين ووقت وزمان   مكان مبني. وقيل: إذا أضيف إلى مفرد يكون معربا كذا في العيني. وقيل: مفعولها حيث وطالعا حال من سهيل وقيل من حيث على معنى طالعا فيه. وقيل: علمية مفعولاها حيث وطالعا أي طالعا فيه. أقول: أو طالعا مفعول أول وحيث ظرف مستقر مفعول ثان قال زكريا. والشاهد في إضافة حيث إلى مفرد. وقيل: سهيل مرفوع فحيث مضافة إلى جملة فلا شاهد فيه والتقدير حيث سهيل مستقر طالعا. قوله: "حيث ليّ العمائم" قال شيخنا أي شد العمائم على الرءوس ويؤيده قول العيني أراد بمكان ليّ العمائم الرءوس. قوله: "إذ ذاك كذلك" أي أو ثابت أو نحو ذلك. قوله: "وأن ينون إلخ" ألحق الكافيجي بإذ في ذلك إذا فيجوز أن تقطع عن الإضافة ويعوض عنها التنوين كقوله تعالى: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} [المؤمنون: 34] . ا. هـ. نكت. قوله: "أي وإن ينون إذ إلخ" أشار إلى أن الضمير في ينون عائد إلى إذ وأن في قوله إفراد إذ إقامة الظاهر مقام المضمر دفعا لتوهم رجوع الضمير إلى غير إذ. قوله: "وأما نحو وأنت إذ صحيح فنادر" هذا مقابل قوله وأكثر ما يكون إلخ وبه يتبين أن أفعل التفضيل في أكثر على غير بابه وفي بعض النسخ إسقاط قوله وأما إلخ. قوله: "وما كإذ إلخ" الأقرب ما أشار إليه الشارح من أن ما مبتدأ وكإذ صلتها والخبر كإذ الثانية وأضف جوازا استئناف في موقع الاستدراك كما أشار إليه الشارح ويحتمل أن ما مفعول مقدم لأضف وعليه فقوله كإذ الثانية صفة مفعول مطلق لأضف أي إضافة كإضافة إذ في كونها إلى الجملة. قوله: "ظرفا مبهما" يعني بالظرف اسم الزمان سواء كان منصوبا على الظرفية أم لا كما في المغني وكما يرشد إليه تمثيل الشارح بعد بيوم هم بارزون، ويوم ينفع الصادقين صدقهم. إذ الأول بدل من المفعول به في: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} [غافر: 15] ، والثاني خبر والمراد بالمبهم   635- تمامه: ونطعنهم تحت الحنى بعد ضربهم ... بيض المواضي حيث لي العمائم والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في شرح شواهد المغني 1/ 389؛ والمقاصد النحوية 3/ 387؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 125؛ وخزانة الأدب 6/ 553، 557، 7/ 4؛ والدرر 3/ 123؛ وشرح التصريح 2/ 39؛ وشرح المفصل 4/ 92؛ ومغني اللبيب 1/ 132؛ وهمع الهوامع 1/ 212. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ويوم إذا أريد بها الماضي "كإذ" في الإضافة إلى ما تضاف إليه إذ، لكن "أضف" هذه "جوازًا" لما سبق أن إذا تضاف إليه وجوبًا "نحو حين جا نبذ" وجاء زيد يوم الحجاج أمير، ونحو حين مجيئك نبذ، وجاء زيد ويوم أمره الحجاج فتضاف للمفرد. فإن كان الظرف المبهم مستقبل المعنى لم يعامل إذ، بل يعامل معاملة إذا فلا يضاف إلى الجملة   ما ليس محدودا مما سيذكره الشارح مما لا اختصاص له أصلا كحين ومدة ووقت وزمن أوله اختصاص بوجه دون وجه كغداة وعشية وليلة ونهار وصباح ومساء بخلاف المحدود كأمس وغد وكأسبوع وشهر وحول وسنة وعام وكيومين كذا قالوا، وفيه أن نحو نهار من المحدود اللهم إلا أن يراد به مطلق وقت كما قالوه في يوم كما سيأتي لكن يكون حينئذٍ مما لا اختصاص له إلا أن يراد مطلق وقت، شمني. وفي شرح ابن غازي أن المحدود ما دل على عدد صراحة كيومين وأسبوع وشهر وسنة فتأمل. وممن ذكر عدم جواز الإضافة في السنة السيوطي وفي العام الدماميني فليحرر قول شيخنا السيد أجروا السنة مجرى العام في جواز الإضافة إلى الجملة. ثم رأيت في المغني شاهدا على إضافة العام فإنه قال: لا يعود ضمير من الجملة المضاف إليها إلى المضاف فأما قوله: مضت سنة لعام ولدت فيه فنادر وقد خفي هذا الحكم على أكثر النحاة. ا. هـ. وسبقه إلى ذلك الناظم وعلله بأن المضاف إلى الجملة مضاف في التقدير إلى مصدر منها فكما لا يعود ضمير من المصدر المضاف إليه إلى المضاف لا يعود منها. قال الدماميني: وقضيته امتناع العود لا ندوره ولا حجة فيما استشهد به لجواز تعلق الظرف بمحذوف فيكون الضمير من جملة أخرى. قوله: "ويوم" أي إذا أريد به مطلق الزمن لا المقدار المخصوص وإلا كان من المحدود أفاده سم. فائدة: إذا قلت أتيتك يوم لا حرّ ولا برد جاز لك رفع حرّ وبرد على أن لا ملغاة أو عاملة عمل ليس وفتحهما على أن لا عاملة عمل إن وجرهما على أن لا زائدة حكى الأخفش الأوجه الثلاثة كذا نقلوا. وفيه أن جعل لا زائدة لا يلائم المعنى إلا أن يراد بكونها زائدة كونها معترضة بين المتضايفين كلا المعترضة بين الجار والمجرور في جئت بلا زاد كما عبر بذلك الدماميني ولو جعل الجر على أن لا اسم بمعنى غير لكان أوضح فتأمل. قوله: "أضف هذه" أي الألفاظ المشبهة، إذ ولو قال هذا أي ما كإذ لكان أحسن. قوله: "لما سبق" اللام للتعدية متعلقة بأضف لا للتعليل. قوله: "ونحو حين مجيئك إلخ" ظاهر صنيعه أن هذا أيضا مثال لإضافة ما كإذ إلى ما سبق أن إذ تضاف إليه وجوبا وليس كذلك كما هو ظاهر فكان الأولى أن يقول: ومثال إضافة ما كإذ إلى المفرد نحو حين إلخ. قوله: "مستقل المعنى" بقي ما إذا كان حالا فانظره. قوله: "وأجاز ذلك الناظم على قلة" على هذا لا يكون مشبه إذا كإذا فيقال ما الفرق بينه وبين مشبه إذ حيث أعطى حكم إذ في الإضافة. قوله: "بظاهر ما سبق" أي من الآية والبيت. قوله: "فلا يضاف إلى جملة" لأنه حينئذٍ بعيد الشبه بإذ ولأنه لم يسمع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 وابن أو اعرب ما كإذ قد أجريا ... واختر بنا مثلو فعل بنيا   الاسمية بل إلى الفعلية كما سيأتي. وأما {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] ، وقوله: 636- فكن لي شفيعًا يوم ذو شفاعة ... بمغن قتيلًا عن سواد بن قارب فمما نزل المستقبل فيه كنزلة الماضي لتحقق وقوعه. وهذا مذهب سيبويه وأجاز ذلك الناظم على قلة تمسكًا بظاهر ما سبق. وأما غير المبهم وهو المحدود فلا يضاف إلى جملة وذلك نحو شهر وحول، بل لا يضاف إلا إلى المفرد نحو شهر كذا "وابن أو اعرب ما كإذ قد أجريا" مما سبق أنه يشاف إلى الجملة جوازًا، أما الإعراب فعلى الأصل، وأما البناء فحملًا على إذ "واختر بنا متلو فعل بنيا" أي أن الأرجح والمختار فيما تلاه فعل مبني البناء للتناسب كقوله: 637- على حين عاتبت المشيب على الصبا   قوله: "ما كإذ قد أجريا" تنازعه الفعلان قبله وقيد المصنف في كافيته جواز بناء ما ذكر بما إذا لم يثنّ وإلا وجب إعرابه ولا يتقيد جواز بناء ما ذكر بحال الإضافة إلى الجملة بل يجوز بناؤه إذا أضيف إلى مفرد مبني كيومئذٍ وحينئذٍ ومثله كل اسم ناقص الدلالة لإبهامه كغير ومثل ودون وبين. وذهب الناظم إلى أنه لا يبني مضاف إلى مبني بسبب إضافته إليه أصلا لا ظرف ولا غيره لأن الإضافة من خصائص الأسماء التي تكف سبب البناء وتلغيه فكيف تكون داعية إليه والفتحات فيما استشهدوا به حركات إعراب فمثل في: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 23] ، حال من ضمير لحق وبين ودون في: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] ، {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} [الجن: 11] ، منصوبان على الظرفية وفاعل تقطع ضمير مستتر راجع إلى مصدر الفعل وبينكم حال منه ومبتدأ منا محذوف ودون ذلك صفته أي قوم دون ذلك قال سم ويشكل على التعليل بناء يوم في يومئذٍ إلا أن يوجه بالحمل على شبهه وهو إذ. ا. هـ. وهل مشبه إذا كمشبه إذ في جواز البناء والإعراب إذا أضيف إلى الجملة على التفصيل المذكور. قال ابن هشام: لم أر من صرح به وقياسه عليه ظاهر. قال في النكت وقد صرح به الشاطبي جاز ما به. قوله: "فحملا على إذ" اعترض بأن شرط القياس وجود علة الحكم في الفرع وعلة بناء إذ مشابهتها الحرف في الافتقار إلى الجملة وهي غير موجودة في الفرع وقد يقال: إنما اشترط ذلك في القياس الموجب للحكم لا المجوز له فتأمل. قوله: "فيما تلاه فعل مبني" أي بناء أصليا أو عارضا   636- البيت من الطويل، وهو لسواد بن قارب في الجني الداني ص54؛ والدرر 2/ 126، 3/ 148؛ وشرح التصريح 1/ 201، 2/ 41؛ وشرح عمدة الحافظ ص215؛ والمقاصد النحوية 2/ 114، 3/ 417؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 125؛ وأوضح المسالك 1/ 294؛ وشرح شواهد المغني ص835؛ وشرح ابن عقيل ص156؛ ومغني اللبيب ص419؛ وهمع الهوامع 1/ 127، 128. 637- عجزه: وقلت ألما أصح والشيب وازع = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 وقبل فعل معرب أو مبتدا ... أعرب ومن بنى فلن يفندا   وقوله: 638- على حين يستصبين كل حليم "وقبل فعل معب أو مبتدا أعرب" نحو: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: 119] ، وكقوله: 639- ألم تعلمي يا عمرك الله أنني ... كريم على حين الكرام قليل   ولذا مثل بمثالين. قوله: "على حين عاتبت إلخ" أي في حين عاتبت على حد قوله تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} [القصص: 15] ، وكذا فيما يأتي. قوله: "على حين يستصبين" أي النسوة من استصبيت فلانا أي عددته صبيا كذا قيل، والأنسب أنه من استصباه أي طلب أن يصبوا إليه أي يميل. قوله: "وقيل فعل معرب" صريح في جواز وقوع المضارع بعد الظرف الذي بمعنى إذ وهو إنما يتم إذا جعل ذلك المضارع بمعنى الماضي ولو تنزيلا كما في إذ إذا وقع بعدها المضارع على ما ذكره الشارح سابقا، ولا يخفى أن الأقرب في الظرف قبل المضارع المجعول بمعنى الماضي تنزيلا أن يجعل بمعنى إذا ويستغني عن تكلف جعل المضارع بمعنى الماضي تنزيلا. قوله: "يا عمرك الله" يا للتنبيه أو للنداء والمنادى محذوف وعمر منصوب على المصدرية بمعنى التعمير ويرفع بالابتداء إذا دخلت عليه اللام فيكون بمعنى الحياة والله منصوب بنزع الخافض والأصل   = والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص32؛ والأضداد ص151؛ وجمهرة اللغة ص 1315؛ وخزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553؛ والدرر 3/ 144؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 506؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 53؛ وشرح التصريح 2/ 42؛ وشرح شواهد المغني 2/ 816، 883؛ والكتاب 2/ 330؛ ولسان العرب 8/ 390 "وزع"، 9/ 70 "خشف"، والمقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 111؛ والإنصاف 1/ 292؛ وأوضح المسالك 3/ 133؛ ورصف المباني من 349؛ وشرح شذور الذهب ص102؛ وشرح ابن عقيل ص387؛ وشرح المفصل 3/ 16، 4/ 591، 8/ 137؛ ومغني اللبيب ص571؛ والمقرب 1/ 290، 2/ 516؛ والمنصف 1/ 58؛ وهمع الهوامع 1/ 218. 638- صدره: لأجتذبن منهن قلبي تحلمًا والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 135؛ وخزانة الأدب 3/ 307؛ والدرر 3/ 145؛ وشرح التصريح 2/ 42؛ وشرح شواهد المغني 2/ 833؛ ومغني اللبيب 2/ 518؛ والمقاصد النحوية 3/ 410؛ وهمع الهوامع 1/ 218. 639- البيت من الطويل، وهو لمبشر بن هذيل في ديوان المعاني 1/ 89؛ ولموبال بن جهم المذحجي في شرح شواهد المغني 2/ 884؛ ولمبشر بن هذيل أو لموبال بن جهم في المقاصد النحوية 3/ 412؛ وبلا نسبة في الدرر 3/ 147؛ ومغني اللبيب 2/ 518؛ وهمع الهوامع 1/ 218. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 وألزموا إذا إضافة إلى ... جمل الأفعال كهن إذا اعتلى   ولم يجز البصريون حينئذ غير الإعراب. وأجاز الكوفيون البناء، وإليه مال الفارسي والناظم، ولذلك قال: "ومن بنى فلن يفندا" أي لن يغلط. واحتجوا لذلك بقراءة نافع "هذا يومَ ينفع" [المائدة: 119] بالفتح. وقد روى بهما قوله: 640- على حينَ الكرام قليل وقوله: 641- تذكر ما تذكر من سليمي ... على حينَ التواصل غير ذان "وألزموا إذا" الظرفية إلى جمل الأفعال" خاصة نظرًا إلى ما تضمنته من   عمرتك يا لله عمرا أي ذكرتك به تذكيرا يعمر قلبك وحكي رفعه على الفاعلية للمصدر. قوله: "واحتجوا بقراءة نافع" قال الرضي: لا دليل فيها لاحتمال أن يوم نصب على الظرفية خبر لهذا مشارا به للمذكور قبله لا لليوم وأورد عليه أنه يلزم مخالفة هذه القراءة حينئذٍ لقراءة الرفع والأصل عدمها. قوله: "ما تذكر من سليمى" أي الذي تذكره منها وأبهمه تعظيما له وتفخيما والداني القريب. قوله: "الظرفية" احترازا عن إذا الفجائية لأنها حرف على الأصح والحرف لا يضاف. ومن أحسن ما استدل به المصنف على حرفيتها أنها وردت رابطة لجواب الشرط نحو: {ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} [الروم: 25] ، فلو كانت ظرفا للزم اقتران الجملة الجوابية في مثل ذلك بالفاء لأنها اسمية وقال جماعة هي ظرف زمان والتقدير في خرجت فإذا زيد خرجت ففي الوقت زيد أي حضوره إذ لا يخبر بالزمان عن الجثة. هذا إن قدرت خبرا فإن قدرت متعلقة بخبر محذوف أي ففي الوقت زيد حاضر كما هي متعلقة بالخبر المذكور في خرجت فإذا زيد حاضر فلا إشكال في الإخبار ومقتضاه أن لا تكون إذا مضافة للجملة إذ لا يعمل شيء من المضاف إليه في المضاف وهو خلاف المقرر في إذا الظرفية. ولك أن تجعل التقدير فحضور زيد أو فزيد حاضر في زمن خرجت، فتكون الإضافة إلى جملة مقدرة. وقال جماعة: ظرف مكان والتقدير في فإذا زيد ففي المكان زيد أو ففي الحضرة زيد ومقتضاه كالقول قبله وجعل إذا على هذا القول مضافة لجملة مقدرة ينافيه أنه لا يضاف من ظروف المكان إلى الجملة إلا حيث كما مر ويجوز فإذا زيد جالسا بالنصب حالا والخبر إذا أو محذوف ولا يليها في المفاجأة إلا الجملة الاسمية دفعا لالتباسها بالشرطية، ومن ثم امتنع النصب في نحو خرجت فإذا زيد يضربه عمرو وجوزه كثير من النحويين. وجوز الأخفش أن يليها الفعل المقرون بقد دون المجرد منها. وقد تقع بعد بينا وبينما وتلزم الفاء إذا الفجائية وهل هي زائدة أو عاطفة الجملة بعدها على الجملة قبلها أو جزائية كهي في جواب الشرط أقوال. واعلم أن إذا غير الفجائية   640- راجع التخريج رقم 639. 641- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 136؛ والدرر 3/ 147؛ وشرح التصريح 2/ 42؛ وشرح شذور الذهب ص105؛ والمقاصد النحوية 3/ 411؛ وهمع الهوامع 1/ 218. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   معنى الشرط غالبًا "كهن إذا اعتلى" {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} [النصر: 1] ، فإذا ظرف فيه معنى الشرط مضاف إلى الجملة بعده والعامل فيه جوابه على المشهور وأما نحو: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الرحمن: 37] ، فمثل: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] ، وقوله: 642- إذا باهلي تحته حنظلية ... له ولد منها فذاك المذرع   ملازمة للظرفية عند الجمهور وقال المصنف قد تقع مفعولا به كقوله عليه الصَّلاة والسَّلام لعائشة رضي الله تعالى عنها: "إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عليّ غضبى" وأوله غيره بجعل إذا ظرفا لمحذوف هو المفعول أي لأعلم شأنك إذا كنت إلخ ومجرورة بحتى نحو: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا} [الزمر: 71، 73] ، الآية والغاية في الحقيقة ما ينسبك من الجواب مرتبا على فعل الشرط فالمعنى: وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا إلى أن تفتح أبوابها وقت مجيئهم فيقطع السوق وجعل الجمهور حتى في مثل ذلك ابتدائية ومبتدأ نحو إذا يقوم زيد إذا يقوم عمرو أي وقت قيام زيد وقت قيام عمرو ونقله الرضي عن بعضهم ثم قال ولم أعثر له على شاهد من كلام العرب كذا في الدماميني مع زيادة من الهمع. قوله: "إلى جمل الأفعال" بنقل حركة الهمزة إلى اللام أي الماضوية كثيرا والمضارعية قليلا وقد اجتمعا كثيرا في قوله: والنفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع قوله: "ما تضمنته إلخ" ولم تعمل لمخالفتها الشروط بتحقق وقوع تاليها قاله يس. وعبارة الهمع ولكون إذا خاصة بالمتيقن والمظنون بخلاف إن لم تجزم إلا في الضرورة. قوله: "غالبا" سيأتي مقابله في كلام الشارح. قوله: "كهن إذا اعتلى" أي كن متواضعا هينا إذا تكبر غيرك. قوله: "فإذا ظرف" أي للحدث المستقبل وقد تجيء للماضي نحو: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} [الجمعة: 11] ، الآية على ما ذكره جماعة وللحال في القسم نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] ، على ما ذكره جماعة لأن إذا متعلق بفعل القسم وهو إنشاء والإنشاء حال أو بكائنا حالا من الليل لأن عامل الحال عامل صاحبها وعامله فعل القسم بواسطة الحرف والأصل في الحال مقارنتها زمن عاملها ويلزمهما كون الأقسام في وقت غشيان الليل. قال الرضي وهو فاسد ولا يبعد تعلق الظرف بمضاف يدل عليه القسم إذ لا يقسم بشيء إلا لعظمته والتقدير وعظمة الليل إذا يغشى. ا. هـ. قوله: "على المشهور" مقابله أن العامل تاليه لا جوابه لاقتران جوابه بالفاء وإذا الفجائية وما بعدهما لا يعمل فيما قبلهما. وأجيب بأن الظرف الجائز التأخير يتوسع فيه بالتقديم فما ظنك بالممتنع التأخير وبأن قولهم بعاملية الجواب إذا لم يمنع منها مانع وإلا كان العامل محذوفا يدل عليه الجواب،   642- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 416؛ والدرر 3/ 103؛ وشرح التصريح 2/ 40؛ وشرح شواهد المغني ص270؛ والمقاصد النحوية 3/ 414؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 127؛ والجني الداني ص368؛ ولسان العرب 8/ 93 "ذرع"؛ ومغني اللبيب ص97؛ وهمع الهوامع 1/ 207. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فعلى إضمار كان الشانية كما أضمرت هي واسمها ضمير الشأن في قوله: 643- فهلا نفس ليلًا شفيعها هذا مذهب سيبويه. وأجاز الأخفش إضافتها إلى الجمل الاسمية تمسكًا بظاهر ما سبق. واختاره في شرح التسهيل. والاحتراز بقولي غالبًا من نحو: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 37] ، فإذا فيهما ظرف لخبر المبتدأ بعدها، ولا شرطية فيه وإلا لكان يجب اقتران الجملة الاسمية بالفاء.   ويلزم القائلين بالمقابل أن يقولوا لا إضافة لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف كما نقله عنهم في المغني وأن يفرقوا بين إذا وإذ وحيث بأن إذا تربط بكونها شرطاً كما في أين وأني وأما إذ وحيث فلولا الإضافة ما حصل ربط. يس بزيادة قوله: "إذا باهليّ إلخ" نسبة إلى باهلة أرذل قبيلة من قيس. وحنظلية نسبة إلى حنظلة أكرم قبيلة من تميم كما في القاموس وشيخ الإسلام والتصريح وغيرها. فقول البعض أرذل قبيلة من تميم خطأ. والمذرع بذال معجمة من أمه أشرف من أبيه. وقيل بالدال المهملة أي المتأهل للبس الدرع. قوله: "الشأنية" لا حاجة إليه لجواز أن تكون غير شأنية والاسم المرفوع وهو باهليّ اسمها والجملة بعدها خبرها. قوله: "كما أضمرت إلخ" أي لأن أداة التحضيض لا يليها إلا الفعل. قوله: "وأجاز الأخفش" أي تبعاً للكوفيين كما أجازوا دخول أداة الشرط على الجملة الاسمية. وفصل ابن أبي الربيع فأجاز وقوع الاسم بعدها إذا أخبر عنه بفعل ومنعه إذا أخبر عنه باسم. قوله: "لكان يجب إلخ" وقول بعضهم إنه على إضمار الفاء رد بأن الفاء لا تحذف إلا في ضرورة أو نادر من الكلام. وقول بعضهم: إن الضمير توكيد لا مبتدأ وإن ما بعده الجواب تعسف ومن ذلك إذا التي بعد القسم نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل: 1] ، {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم: 1] ، إذ لو كانت شرطية كان ما قبلها جواباً في المعنى فيلزم تعليق القسم الإنشائي وهو ممتنع. ا. هـ. مغني وقوله وقول بعضهم ذكر هذا الوجه الرضي فإنه جوّز في الآيتين   643- صدره: ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة والبيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص154، ولإبراهيم الصولي في ديوانه ص185؛ ولابن الدمينة في ملحق ديوانه ص206؛ وللمجنون أو لابن الدمينة أو للصمة بن عبد الله القشيري في شرح شواهد المغني 1/ 221؛ والمقاصد النحوية 3/ 416؛ ولأحد هؤلاء أو لإبراهيم الصولي في خزانة الأدب 3/ 60؛ وللمجنون أو للصمة القشيري في الدرر 5/ 106؛ وللمجنون أو لغيره في المقاصد النحوية 4/ 457؛ وبلا نسبة في الأغاني 11/ 314؛ وأوضح المسالك 3/ 129؛ وتخليص الشواهد ص320؛ وجواهر الأدب ص394؛ والجني الداني ص509، 613؛ وخزانة الأدب 8/ 13، 10/ 10/ 229، 11/ 245، 313؛ ورصف المباني ص408؛ والزهرة ص193؛ وشرح التصريح 2/ 41؛ وشرح ابن عقيل ص322؛ ومغني اللبيب 1/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 67. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 لمفهم اثنين معرف بلا ... تفرق أضيف كلتا وكلا   تنبيه: مثل إذا هذه لما الظرفية فلا تضاف إلى جملة اسمية. وتلزم الإضافة إلى الفعلية نحو: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [البقرة: 89] ، وأما قوله: 644- أقول لعبد الله لما سقاؤنا ... ونحن بوادي عبد شمس وهاشم فمثل: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] ؛ لأن وها في البيت فعل بمعنى سقط. وشم أمر من قولك شمته إذا نظرت إليه. والمعنى لما سقط سقاؤنا قلت لعبد الله شمه "لمفهم اثنين معرف بلا تفرق أضيف كلتا وكلا" أي مما يلزم الإضافة ولا كلتا امرأتين خلافًا للكوفيين في إجازتهم إضافتهما إلى النكرة المختصة نحو كلا رجلين   كون هم تأكيدا للواو في غضبوا وللضمير المنصوب في أصابعهم وكون جواب إذا جملة اسمية بغير فاء قال لعدم عراقة إذا في الشرطية. ا. هـ. وقوله تعسف أي لأن المقام لا يقتضي تأكيد المسند إليه بل اسمية الجملة هو الموافق للمراد من أن ذلك شأنهم الدائم. قوله: "لما الظرفية" جرى على القول بأنها اسم بمعنى حين وقيل بمعنى إذ واستحسنه في المغني لاختصاصها بالماضي وذهب سيبويه إلى أنها حرف وجود لوجود. قوله: "وتلزم الإضافة إلى الفعلية" أي الماضوية كما في التصريح ويكون جوابها ماضيا ومضارعا وجملة اسمية مقرونة بالفاء أو إذا الفجائية نحو: {فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} [الإسراء: 67] ، {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا} [هود: 74] ، {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} [لقمان: 32] ، {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65] ، وخالف كثير في الثاني والثالث وجعلوا الجواب في الآيتين محذوفا أي أقبل يجادلنا وانقسموا قسمين فمنهم إلخ وتبع الشارح في كون لما الظرفية مضافة إلى الجملة بعدها ابن هشام في شرح القطر ومنعه غيره وقد صرح في المغني في إذا بأنها على قول القائلين بأن العامل فيها شرطها غير مضافة كما يقول الجميع فيها إذا جزمت. قوله: "أقول لعبد الله إلخ" قد يلغز به فيقال أين فعل لما وحينئذٍ يكتب وهي بالألف لأجل الألغاز وإن كان حقه أن يكتب بالياء. قوله: "والمعنى لما سقط إلخ" يوهم أن جواب لما محذوف لتقدم دليله وأن تقديره قلت إلخ وهو ما صرح به في المغني. قال الدماميني إنما يحتاج إليه على القول بأن لما حرف شرط أما على القول بأنها ظرف بمعنى حين فلا بل تجعل متعلقة بأقول الملفوظ به لأن الظاهر أنها على هذا القول خالية عن معنى الشرط. ا. هـ. وقد يمنع. ويؤيد المنع أنه نقل بعد ذلك عن ابن مالك أنها ظرف بمعنى إذ فيه معنى الشرط. قوله: "لمفهم اثنين" متعلق بأضيف والمراد شيئين ليشمل المذكرين والمؤنثين وإلا لقال أو اثنتين قاله يس. قوله: "أي مما يلزم إلخ" فيه إشارة إلى أن قول المصنف أضيف أي لزوما بدليل أن الكلام في واجب الإضافة. قوله: "إلى النكرة   644- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 682؛ ومغني اللبيب 1/ 281. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   عندك قائمًا، وحكى كلتا جاريتين عندك مقطوعة يدها أي تاركة للغزل. الثاني الدلالة على اثنين إما بالنص نحو كلاهما وكلتا الجنتين، أو بالاشتراك كقوله: 645- كلانا غني عن أخيه حياته فإن كلمة نا مشتركة بين الاثنين والجمع، وإنما صح قوله: 646- إن للخير وللشر مدى ... وكلا ذلك وجه وقبل لأن ذا مثناة في المعنى مثلها في قوله تعالى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ}   المختصة" قال السيوطي بناء على جواز توكيدها وهو رأي الكوفيين وعليه مشى الناظم في التوكيد حيث قال: وأن يفد توكيد منكور قبل فاشتراط المصنف هنا التعريف مبني على غير مختاره قاله سم. قوله: "عندك" هو فيه وفيما بعده صفة للنكرة وراعى في الأولى المعنى فثنى الخبر وفي الثاني اللفظ فأفرده. قوله: "الدلالة على اثنين" أي بحسب الوضع أو بحسب القصد كما سيتضح. قوله: "أو بالاشتراك" بقي قسم ثالث وهو الدال على اثنين بحسب القصد كما في الجمع المراد به اثنان نحو كلا رءوس الكبشين والمفرد المراد به اثنين نحو: وكلا ذلك وجه وقبل وإلى هذا القسم أشار بقوله وإنما صح إلخ. قوله: "وكلا ذلك وجه قبل" الوجه والقبل بفتحتين الجهة أي وكلا ذلك ذو جهة يصرف إليها. قوله: "لأن ذا مثناة في المعنى" لأن العرب اتسعت في اسم الإشارة الموضوع للمفرد البعيد فاستعملته للمثنى كما ذكر وللجمع نحو وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا. شاطبي. قوله: "لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك" الفارض   645- عجزه: ونحن إذا متنا أشد تغانيا والبيت من الطويل، وهو للأبيرد الرياحي في الأغاني 13/ 127؛ ولعبد الله بن معاوية بن جعفر في الحماسة الشجرية 1/ 253؛ وللمغيرة بن جبناء التيمي في الدرر 5/ 24؛ ولسان العرب 15/ 137 "غنا"؛ ولعبد الله بن معاوية أو للأبيرد الرياحي في شرح شواهد المغني 2/ 555؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 31؛ وأوضح المسالك 3/ 138؛ وتخليص الشواهد ص65؛ ومغني اللبيب 1/ 204؛ وهمع الهوامع 2/ 50. 646- البيت من الرمل، وهو لعبد الله بن الزبعري في ديوانه ص41؛ والأغاني 15/ 136؛ والدرر 5/ 25؛ وشرح التصريح 2/ 43؛ وشرح شواهد المغني 2/ 549؛ وشرح المفصل 3/ 2، 3؛ والمقاصد النحوية 3/ 418؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 139؛ وشرح ابن عقيل ص389؛ ومغني اللبيب 1/ 203؛ والمقرب 1/ 211؛ وهمع الهوامع 2/ 50. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 ولا تضف لمفرد معرف ... أيا وإن كررتها فأضف أو تنو الأجزا واحصصن بالمعرفة ... موصولة أيا وبالعكس الصفة   [البقرة: 68] ، أي وكلا ما ذكر وبين ما ذكر. الثالث أن يكون كلمة واحدة كما أشار إليه بقوله بلا تفرق، فلا يجوز كلا زيد وعمرو. وأما قوله: 647- كلا أخي وخليلي واجدي عضدًا ... في النائبات وإلمام الملمات وقوله: 648- كلا الضيفن المشنوء الضيف نائل ... لدي المنى والأمن في العسر اليسر فمن الضرورات النادرة "ولا تضف لمفرد معرف أيا" المفردة مطلقًا لأنها بمعنى بعض "وإن كررتها" بالعطف "فأضف" إليه كقوله: 649- فلئن لقيتك خاليين لتغلمن ... أيي وأيك فارس الأحزاب وقوله: 650- ألا تسألون الناس أيي وأيكم ... غداة التقينا كان خيرًا وأكرما لأن المعنى حينئذ أينا "أو تنو" بالمفرد المعرف الجمع بأن تنوى "الأجزا" نحو أي   المسنة. والبكر الفتية. والعوان النصف. قوله: "فلا يجوز كلا زيد وعمرو" لأن كل موضوع لتأكيد المثنى كما نقله يس عن ابن الحاجب. قوله: "الضيفن المشنوء" أي الطفيلي المبغوض. قوله: "المفردة" أي غير المكررة وأخذ هذا القيد مما بعده. وقياس هذا أن يقول لمفرد معرف لم ينو به الأجزاء أخذا مما بعده أيضا. قوله: "مطلقا" أي سواء كانت موصولة أو شرطية أو استفهامية أو نعتا أو حالا. قوله: "لأنها بمعنى بعض" أي حيث أضيفت للمعرف أي والمفرد المعرف شيء واحد ليس له أبعاض بخلاف ما إذا أضيفت للمنكر فإنها حينئذٍ بمعنى كل كما قاله ابن الناظم. قوله: "وإن كررتها" أي سواء كان المجرور بها أولا ضمير المتكلم أو غيره وأوجب بعضهم إضافتها أولا إلى ضمير المتكلم وضمير كررتها يرجع إلى أي لا بالعموم السابق لأن التكرار لا يجيء في الوصفية والحالية. قوله: "بالعطف" أي بالواو كما في التسهيل. قوله: "فأضف" أي أجز إضافتها إلى ما ذكر. قوله: "لأن المعنى حينئذٍ أينا إلخ" أشار به   647- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 140؛ والدرر 3/ 112؛ وشرح التصريح 2/ 43؛ وشرح شواهد المغني ص552؛ وشرح ابن عقيل ص390؛ ومغني اللبيب ص203؛ والمقاصد النحوية 3/ 419؛ وهمع الهوامع 2/ 50. 648- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 421. 649- البيت من الكامل؛ وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 142؛ والدرر 5/ 32؛ وشرح التصريح 2/ 44، 138؛ والمحتسب 1/ 254؛ ومغني اللبيب ص141؛ والمقاصد النحوية 3/ 422؛ وهمع الهوامع 2/ 51. 650- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص391؛ والمقاصد النحوية 3/ 423. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 وإن تكن شرطًا أو استفهاما ... فمطلقًا كمل بها الكلاما   زيد أحسن يعني أي أجزائه أحسن "واخصصن بالمعرفة موصولة أيا" أيا مفعول باخصص وبالمعرفة متعلقة به وموصولة حال من أي متقدم عليها: أي تختص أي الموصولة بأنها لا تضاف إلا إلى معرفة غير ما سبق منعه وهو المفرد نحو امرر بأي الرجلين هو أكرم وأي الرجال هو أفضل وأيهم أشد ولا تضاف لنكرة خلافًا لابن عصفور "وبالعكس" من الموصولة "الصفة" وهي المنعوت بها والواقعة حالًا فلا تضاف إلا إلى نكرة كمررت بفارس أي فارس ويزيد فتى. ومنه قوله: 651- فلله عينًا حبتر أيما فتى "وإن تكن" أي "شرطًا أو استفهامًا فمطلقًا كمل بها الكلاما" أي تضاف إلى   إلى أن أيا الثانية مؤكدة للأولى زيدت لضرورة العطف على الضمير المجرور وأن الياء والكاف قائمان مقام نا الدالة على المتعدد. قوله: "أو تنو الأجزا" عطف على كررنها فلهذا حذف الياء للجزم والمعطوف عليه بمعنى المضارع لأنه شرط وهو لا يكون إلا مستقبلا فحصل تناسب المتعاطفين وفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بقوله فأضف لأنه جواب الشرط فليس بأجنبي. لا يقال المعطوف له حكم المعطوف عليه فيلزم تقديم الجزاء على الشرط لأنا نقول يغتفر كثيرا في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل قاله يس. قوله: "الجمع" أي أو الجنس نحو أي الدنيار دينارك، أو يعطف عليه بالواو نحو أي زيد وعمرو قام صرح به الدماميني وعليه لا يشترط تكرير أي كما قاله المصنف بل يكفي تكرير المفرد قوله: "وبالمعرفة" الباء داخلة على المقصور عليه. قوله: "وهو المفرد" لم يقل وهو المعرفة كما قاله في نظيره الآتي مع أن الذي سبق هو المعرفة استغناء هنا بكون المستثنى هو المعرفة. قوله: "وبالعكس من الموصولة الصفة" أي في المعنى فتدخل الحالية كما نبه عليه الشارح وكان الأولى أن يقول وبالضد الصفة لأن العكس لغة جعل آخر الشيء أوله وليس مرادا هنا. قاله الشاطبي. قوله: "فلا تضاف إلا إلى نكرة" لأن القصد من الوصفية الدلالة على الكمال والداخلة على المعرفة بمعنى بعض فلا تدل عليه. ويشترط في النكرة أن تكون مماثلة للموصوف لفظا ومعنى أو معنى فقط نحو مررت برجل أي رجل وبرجل أي إنسان. ولا يجوز برجل أي عالم وعكسه. قاله الدماميني وغيره. قوله: "فمطلقا" أي تكميلا مطلقا إلخ أو مطلقا حال من ضمير بها. وتذكيرا لحال باعتبار أنها لفظ لا من ضمير تكن لأن فاء الجواب لا تدخل على أجنبي منه. وقضيته جواز إضافة الشرطية للمفرد المعرف المنوي به الأجزاء نحو أي زيد أعجبك أعجبني وهو ما صرح به الدماميني بل قول المصنف أو تنو الأجزاء   651- صدره: فأومأت إيماء خفيا لحبتر والبيت من الطويل، وهو للراعي النميري في ديوانه ص3؛ وتذكرة النحاة ص617؛ وخزانة الأدب 9/ 370، 371؛ والدرر 1/ 307؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 442؛ والكتاب 2/ 180؛ ولسان العرب 1/ 246 "ثوب"، 4/ 162 "حبتر"، 14/ 59 "أيا" والمقاصد النحوية 3/ 423؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص391. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 وألزموا إضافة لدن فجر ... ونصب عدوة بها عنهم ندر   النكرة والمعرفة مطلقًا سوى ما سبق منعه وهو المفرد المعرفة نحو: أي رجل يأتني فله درهم {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} [القصص: 28] ، {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: 38] ، {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ} [الجاثية: 6] ، فظهر لأي ثلاثة أحوال. تنبيه: إذا كانت أي نعتًا أو حالًا وهي المراد بالصفة في كلامه فهي ملازمة للإضافة لفظًا ومعنى. وإن كان موصولة أو شرطًا أو استفهامًا فهي ملازمة لها معنى لا لفظًا وهو ظاهر "وألزموا إضافة لدن فجر" ما بعده بالإضافة لفظًا إن كان معربًا ومحلًّا إن كان مبنيًّا أو جملة، فالأول، فالأول نحو: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: 6] . وقوله: 652- تنتهض الرعدة في ظهيري ... من لدن الظهر إلى العصير والثاني نحو: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65] ، {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} [الكهف: 2] . والثالث كقوله:   يدل على الجواب في الشرطية والاستفهامية لأن كلامه هناك في أي مطلقا أي غير الحالية والوصفية فمنع ابن عقيل ذلك ممنوع أفاده سم ويؤخذ مما ذكره من أن كلام المصنف هناك في أي مطلقا جواز إضافة أي الموصولة والاستفهامية والشرطية إلى المفرد المعرف إذا كررت أو نوى به الأجزاء وحينئذٍ يكون استثناء الشارح المفرد المعرف مما تضاف إليه أي الموصولة والاستفهامية والشرطية محله بقرينة ما مر إذا لم تكرر أو تنو الأجزاء فتأمل.B قوله: "إلى النكرة والمعرفة" بيان للإطلاق في كلام المصنف الذي هو في مقابلة التقييد في الموضعين قبله وقول الشارح مطلقا أي سواء كان كل من النكرة والمعرفة مفردا أو مثنى أو مجموعا بدليل قوله سوى ما سبق إلخ. قوله: "ثلاثة أحوال" الأول الإضافة إلى النكرة والمعرفة وذلك في الشرطية والاستفهامية. الثاني لزوم الإضافة إلى النكرة وذلك في الوصفية والحالية. الثالث لزوم الإضافة إلى المعرفة وذلك في الموصولة. قوله: "إذا كانت أي إلخ" بقي قسم ثالث لا تجوز إضافته وهو أي المجعولة وصلة لنداء ما فيه أل نحو: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ} [الانفطار: 6، الانشطار: 6] ، ولم يذكره لأن المقام مقام ما يضاف. قوله: "لدن" بفتح اللام وضم الدال وفتحها وكسرها وضمهما وسكون النون ويقال فيه لدن كجير ولدن كخفن فعل أمر الإناث من الخوف، ولدن كقلت ماضي المخاطبة ولدن كقلن فعل أمر من القول، ولد كعل ولد كهل ولد كقم: ويقال فيها غير ذلك أيضا كما في الهمع والقاموس. وفي باب التقاء الساكنين من الهمع أن نون لدن تحذف لساكن وليها وشذ كسرها في قوله: من لدن الظهر إلى العصير. قوله: "فجر" فائدته بعد قوله إضافة بيان أن عامل الجر هو المضاف كما هو الصحيح وهذه الفائدة لم تستفد إلا من هذا،   652- الرجز لرجل من طيئ في المقاصد النحوية 3/ 429؛ وبلا نسبة في الخصائص 2/ 235؛ والدرر 3/ 136، 6/ 288؛ وشرح ابن عقيل ص393؛ ولسان العرب 7/ 245 "نهض". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وتذكر نعماه لدن أنت يافع وقوله: 653- صريع غوان راقهن ورقنه ... لدن شب حتى شاب سود الذوائب ولم يضف من ظروف المكان إلى الجملة إلا لدن وحيث. وقال ابن برهان حيث فقط هذا هو الأصل الشائع في لسان العرب "ونصب غدوة بها عنهم ندر" كما في قوله: 654- فما زال مهري مزجر الكلب منهم ... لدن غدوة حتى دنت لغروب   وقوله في إعمال المصدر: وبعد جره الذي أضيف له قاله سم وتبعه غيره. أقول ومن قوله في إعمال اسم الفاعل: وانصب بذي الأعمال تلوا واخفض ومن قوله في الصفة المشبهة باسم الفاعل: فارفع بها وانصب وجر مع أل فاحفظه. قوله: "وتذكر نعماه" بضم النون والقصر النعمة وكذا النعماء بالفتح والمد. واحتمال أنها في البيت بالفتح وقصرها للضرورة بعيد لا حاجة إليه. واليافع الشاب. قوله: "صريع غوان" أي مصروعهن. راقهن ورقنه أي أعجبهن وأعجبنه. وفي العيني تفسير رقنه بأصبنه لا حراك به أي لا حركة به. قوله: "إلا لدن وحيث" مقتضاه أن لدن عند إضافتها إلى الجملة ظرف مكان بل ظاهره أنها دائما ظرف مكان ويمنع الأمرين تصريح الرضي بأن لدن اسم لمبدأ غاية زمان أو مكان وعند إضافتها إلى الجملة مطلقا تتمحض للزمان فقوله وقال ابن برهان حيث فقط هو الحق. قوله: "هذا هو الأصل" الإشارة إلى قول الناظم وألزموا إلخ فهو دخول على قوله ونصب إلخ. قوله: "ونصب غدوة بها" هذا شامل للنصب على التمييز وللنصب على التشبيه بالمفعول به فإن جعلت الباء للمصاحبة شمل النصب بإضمار فعل أيضا سم. قوله: "مزجر الكلب" ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر زال فإن قدر من مادته كمزجورا كان نصبه على الظرفية قياسيا وإلا   653- البيت من الطويل، وهو للقطامي في ديوانه ص44؛ وخزانة الأدب 7/ 86؛ والدرر 3/ 137؛ وسمط اللآلي ص132؛ وشرح التصريح 2/ 46؛ وشرح شواهد المغني ص455؛ ومعاهد التنصيص 1/ 181؛ والمقاصد النحوية 3/ 427؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 47؛ وأوضح المسالك 3/ 145؛ وتخليص الشواهد ص263؛ ومغني اللبيب ص157؛ وهمع الهوامع 1/ 215. 654- البيت من الطويل، وهو لأبي سفيان بن حرب في الحيوان 1/ 318؛ والدرر 3/ 138؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص128؛ وشرح التصريح 2/ 46؛ وشرح ابن عقيل ص394؛ ولسان العرب 13/ 384 "لدن"، والمقاصد النحوية 3/ 429؛ وهمع الهوامع 1/ 215. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فلدن حينئذ منقطع عن الإضافة لفظًا ومعنى. وغدوة بعدها نصب على التمييز أو على التشبيه بالمفعول لشبه لدن باسم الفاعل في ثبوت نونها تارة وحذفها أخرى لكن يضعفه سماع النصب بها محذوفة النون أو خبرًا لكان محذوفة مع اسمها أي لدن كانت الساعة غدوة. ويجوز جر غدوة بالإضافة على الأصل فلو عطفت على غدوة المنصوبة جاز جر المعطوف مراعاة للأصل وجاز نصبه مراعاة للفظ ذكر ذلك الأخفش واستبعد الناظم نصب المعطوف وقال: إنه بعيد عن القياس وحكى الكوفيون رفع غدوة بعد لدن فقيل: هو بكان تامة محذوفة والتقدير لدن كانت غدوة. وقيل: خبر لمبتدأ محذوف والتقدير لدن وقت هو غدوة وقيل: على التشبيه بالفاعل. قال سيبويه: ولا ينتصب بعد لدن من الأسماء غير غدوة. تنبيه: لدن بمعنى عند إلا أنها تختص بستة أمور: أحدهما أنها ملازمة لمبدأ الغايات،   ككائنا كان سماعيا كما مر في محله. قوله: "نصب على التمييز" أي للدن فيكون من تمييز المفرد ووجهه أن لدن اسم لأول زمان مبهم ففسر بغدوة. قاله الدماميني. قوله: "لكن يضعفه" أي الشبه سماع إلخ وذلك لأنه لو كان المقتضى لنصبها ما ذكر لم تنصب عند حذف نون لدن لأن اسم الفاعل لا ينصب محذوف التنوين ولا يرد الضارب زيدا والضاربا عمرا والضاربو بكرا لأن أل كالعوض من التنوين في الأول والنون في الأخيرين. قوله: "أو خبرا" عطف على قوله على التمييز وعلى هذا تكون لدن مضافة إلى الجملة وعلى الأولين لا إضافة ولهذا استحسن الناظم هذا الوجه لما فيه من إبقاء لدن على ما ثبت لها من الإضافة. قوله: "مراعاة للأصل" أي الغالب في تالى لدن من الجر فهو نظير نصب المعطوف على مجرور غير في الاستثناء فالمقتضى للجر كون المعطوف عليه واقعا في مكان اسم مجرور غالبا لا كونه في محل جر حتى يرد اعتراض أبي حيان على من أجاز الجر بأن غدوة عند نصبه ليس في محل جر حتى يراعى هذا المحل. قوله: "وجاز نصبه" لا يقال يلزم نصب غير غدوة بعد لدن والنصب لم يحفظ إلا فيها لأنا نقول يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل. قوله: "واستبعد الناظم إلخ" أي للزوم نصب غير غدوة بعد لدن. قوله: "بعيد عن القياس" لأن القياس جر ما بعد لدن كغيرها من الظروف ونصب غدوة بعدها سمع على خلاف القياس فالقياس على غدوة بعيد عن القياس. قوله: "لدن وقت هو غدوة" يستفاد منه أن لدن على هذا الوجه مضافة إلى مفرد منوي وهذا هو الظاهر وإن استظهر البعض هنا قطعها عن الإضافة في هذه الحالة مع أنه جزم فيما بعد بما قلناه أما على الوجه الأول الذي قبله فمضافة إلى الجملة وأما على الوجه الثالث الآتي فغير مضافة أصلا. قوله: "على التشبيه بالفاعل" قال في التصريح: ظاهره أنها مرفوعة بلدن أي لشبهها باسم الفاعل فيما مر. قوله: "بمعنى عند" بكسر العين وفتحها وضمها كما في الهمع وهي للمكان كثيرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ومن ثم يتعاقبان في نحو جئت من عنده ومن لدنه. وفي التنزيل {آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65] ، بخلاف جلست عنده فلا يجوز جلست لدنه لعدم معنى الابتداء هنا. ثانيها أن الغالب استعمالها مجرورة بمن. ثالثها أنها مبنية إلا في لغة قيس وبلغتهم قرئ من لدنه. رابعها أنه يجوز إضافتها إلى الجمل كما سبق. خامسها جواز إفرادها قبل غدوة على ما مر. سادسها أنها لا تقع إلا فضلة تقول: السفر من عند البصرة ولا تقول من لدن البصرة. وأما لدي فهي مثل عند مطلقًا إلا أن جرها ممتنع بخلاف جر عند وأيضًا عند أمكن منها من وجهين: الأول أنها تكون ظرفًا للأعيان والمعاني تقول هذا القول   وللزمان قليلا ومنه كما في الدماميني عن المصنف إنما الصبر عند الصدمة الأولى ولا تخرج عن الظرفية إلا إلى الجر بمن. قوله: "لمبدأ الغايات" أي لأول المسافات فمسماها نفس أول الزمان أو المكان وبهذا فارقت من فإنها الابتداء الزمان أو المكان ومن ثم كانت حرفا ولدن اسما أفاده سم. قوله: "ومن ثم" أي من أجل أن لدن ملازمة لمبدأ الغايات وعند تكون لمبدأ الغايات وذلك إذا دخل عليها من الابتدائية يتعاقبان في نحو إلخ أي يعقب كل منهما الآخر أي يخلفه. قوله: "وعلمناه" أي الخضر. قوله: "لعدم معنى الابتداء هنا" بل المراد جلست في مكان قريب منه. قوله: "أن الغالب" ومن غير الغالب لدن شبّ ولدن أنت يافع. قوله: "إنها مبنية" أي على السكون في بعض لغاتها على ما علم مما مر وإنما بنيت لشبهها بالحرف في الجمود لملازمتها الظرفية أو شبهها وقيل لأن بعض لغاتها على وضع الحرف وأجرى البقية مجراه. قوله: "إلا في لغة قيس" قال المصرح أي فإنها معربة عندهم تشبيها بعند. ا. هـ. وخص في التسهيل والهمع إعرابها عندهم بلغتها المشهورة وهي لدن بفتح اللام وضم الدال وسكون النون. قوله: "وبلغتهم قرىء من لدنه" قال المصرح أي بإسكان الدال مع إشمامها الضم وكسر النون وهي قراءة أبي بكر عن عامص. وحكى ابن الشجري عن الفارسي أن الكسرة في هذه القراءة ليست إعرابا وإنما هي للتخلص من التقاء الساكنين. ا. هـ. وفيه منافاة لما في القولة السابقة عن التسهيل والهمع إلا أن يقال إسكان الدال في هذه القراءة عارض للتخفيف والأصل ضمها كما يرشد إليه إشمامها للضم في هذه القراءة تنبيها على أصلها. ثم رأيت في الهمع التصريح بما ذكر من أن الأصل على هذه القراءة ضم الدال. قوله: "جواز إفرادها" أي قطعها عن الإضافة لفظا ومعنى. قوله: "على ما مر" أي على التفصيل الذي مر من أنها مفردة على أن غدوة منصوبة على التمييز أو التشبيه بالمفعول به أو مرفوعة على التشبيه بالفاعل ومضافة على أن غدوة منصوبة خبرا لكان أو مرفوعة خبر المبتدأ محذوف أو فاعلا لفعل محذوف. قوله: "لا تقع إلا فضلة" أي بخلاف عند تقول السفر من عند البصرة فعند جزء سد مسد العمدة وهو المتعلق المحذوف فأعطى العمدية. قوله: "فهي مثل عند مطلقا" يقتضي أنها معربة وبه صرح في المغني لكن في شيخ الإسلام أن المصرح به خلافه وفي شرح المغني للدماميني حكاية القول ببنائها عن ابن الحاجب. قوله: "إلا أن جرها" أي جر الحرف إياها. قوله: "تقول هذا القول إلخ" اقتصر على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 وَمَعَ مَعْ فيها قليل ونقل ... فتح وكسر لسكون يتصل   عندي صواب وعند فلان علم به ويمتنع ذلك في لدي. قاله ابن الشجري في أماليه. الثاني أنك تقول: عندي مال وإن كان غائبًا عنك ولا تقول: لدي مال إلا إذا كان حاضرًا. قاله الحريري وأبو هلال العسكري وابن الشجري. وزعم المعري أنه لا فرق بين لدي وعند. وقول غيره أولى "و" ألزموا إضافة أيضًا "مع" وهي اسم لمكان الاصطحاب أو وقته، والمشهور فيها فتح العين وهو فتح إعراب و"مع" بالبناء على السكون "فيها قليل" كقوله: 655- فريشي منكم وهواي معكم ... وإن كانت زيارتكم لماما وزعم سيبويه أن تسكين العين ضرورة وليس كذلك بل هي لغة ربيعة وغنم فإنها مبنية عندهم على السكون. وزعم بعضهم أن الساكنة العين حرف، وادعى النحاس الإجماع عليه وهو فاسد والصحيح أنها باقية على اسميتها كما أشعر به كلام الناظم هذا حكمها إذا   التمثيل للمعاني لأنها محل الافتراق. قوله: "ويمتنع ذلك في لدى" استظهر البعض أنه نادر لا ممتنع وقد يوجه بأنهم كثيرا ما يعطون المعقول حكم المحسوس ومنه قول بعض المصنفين وأسأله الفوز لديه. ثم رأيت بعضهم رد المنع رد المنع بقوله تعالى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29] . قوله: "أنه لا فرق بين لدي وعند" انظر هل المراد أنه لا فرق بينهما في كلا الوجهين السابقين أو في الثاني فقط الأقرب الأول فتأمل. قوله: "وألزموا إضافة أيضا مع" أشار بذلك إلى أن مع معطوفة على لدن ليكون في كلام المصنف تصريح بلزومها الإضافة فمع الثانية مبتدأ خبرها قليل ولا ينافي اللزوم قوله الآتي تفرد مع إلخ لأن محل اللزوم إذا كانت ظرفا وهي في الإفراد حال على ما سيتضح. قوله: "لمكان الاصطحاب أو وقته" المراد بالاصطحاب ما يشمل القرب كما في: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6] . قوله: "وهو فتح إعراب" لشبهها بعند في وقوعها خبرا وحالا وصفة وصلة ودالا على حضور نحو: {نَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ} [الشعراء: 118] ، أو على قرب نحو: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6] ، نقله سم عن المصنف. قوله: "فريشي منكم" المراد بالريش اللباس الفاخر أو المال. لماما بكسر اللام أي وقتا بعد وقت. قوله: "وغنم" بفتح الغين المعجمة وسكون النون. قوله: "فإنها مبنية عندهم" قيل لجمودها للزومها الظرفية وقيل لتضمنها معنى المصاحبة وهو من المعاني التي حقها أن تؤدي بالحرف وإن لم يوضع لها حرف كالإشارة. قوله: "والصحيح أنها باقية على اسميتها" أي لأن المعنى في الحالين واحد والمعنى الواحد لا يكون مستقلا وغير مستقل. قوله: "هذا" أي بناء مع الساكنة العين على السكون أي   655- البيت من الوافر، وهو لجرير في ديوانه ص225؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 291؛ والمقاصد النحوية 3/ 432؛ وللراعي النميري في ملحق ديوانه ص331؛ والكتاب 2/ 287؛ ولأحدهما في شرح التصريح 2/ 48؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 149؛ والجني الداني ص306؛ ورصف المباني ص329؛ وشرح ابن عقيل ص395؛ ولسان العرب 8/ 341 "معع". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   اتصل بها متحرك "ونقل" فيها "فتح وكسر لسكون يتصل" بها نحو مع القوم فالفتح طلبًا للخفة والكسر على الأصل في التقاء الساكنين. تنبيه: تفرد مع مردودة اللام فتخرج عن الظرفية وتنصب على الحال بمعنى جميعًا نحو جاء الزيدان معًا وتستعمل للجمع كما تستعمل للاثنين كقوله: وأفنى رجالي فبادوا معا وقوله:   ظهور بنائها على السكون وإلا فبناؤها على السكون ثابت لها في حال اتصالها بساكن أيضا غاية الأمر أنه حينئذٍ مقدر لا ظاهر فالضمائر في كلام الشارح راجعة إلى مع الساكنة العين بقرينة قوله فالفتح طلبا للخفة والكسر على الأصل في التقاء الساكنين. ومن هذا يعلم أن الشارح جعل الوجهين اللذين ذكرهما المصنف في الساكنة العين وهو أقرب إلى كلام المصنف من جعل بعض الشراح كلامه على التوزيع فالفتح للمعربة والكسر للساكنة وذلك لأن الفتح لا يكون لأجل السكون المتصل إلا في الساكنة إلا أن يدعي بعض الشراح أن قول المصنف لسكون راجع لقوله وكسر فقط نعم في نسخ بدل قوله فالفتح طلبا للخفة إلخ ما نصه فمن أعربها فتح العين ومن بناها على السكون كسر لالتقاء الساكنين. ا. هـ. وهو ظاهر في جعل كلام المصنف على التوزيع وعليه يكون اسم الإشارة في قول الشارح هذا راجعا إلى ما قدمه المصنف من فتح عين مع في لغة وسكونها في لغة، وتكون الضمائر في كلام الشارح راجعة إلى مع من حيث هي ومعنى قوله فمن أعربها فتح العين أبقى فتح العين. هذا إيضاح المقام. قوله: "تفرد مع" أي عن الإضافة حالة كونها مردودة اللام لتتقوى باللام حال قطعها عن الإضافة جبرا لما فاتها من الإضافة فأصل معا من قولك جاء الزيدان معا معي ففعل به ما فعل بفتى ففتحة العين على هذا فتحة بنية والإعراب مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين هذا ما اختاره ابن مالك. وذهب الخليل إلى أن الفتحة فتحة إعراب وليس من باب المقصور واختاره أبو حيان فعلى الأول تكون ناقصة في الإضافة تامة في الإفراد عكس أب وأخ، وأما يد فناقصة فيهما وغالب الأسماء تامة فيهما فالأقسام أربعة. واستدل ابن مالك بقولهم الزيدان معا والزيدون معا كما يقال هم عدي ولو كان باقيا على النقص لقيل مع كما يقال هم يد واحدة على من سواهم. واعترض بأن معا ظرف في موضع الخبر فلا يلزم ما قاله وهو ظاهر قاله الدماميني. قوله: "وتنصب على الحال" أي دائما وقيل كثيرا وقد تكون ظرفا مخبرا به. قوله: "بمعنى جميعا" كذا قال المصنف ومال إليه في المغني وفرق ثعلب بينهما بأن جاء الزيدان معا يدل على اتحاد وقت مجيئهما بخلاف جاء الزيدان جميعا. قوله: "وأفنى" أي الدهر أو الموت كما قاله الشمني. وقوله: "فبادروا" أي هلكوا. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 واصمم بناء غيرا إن عدمت ما ... له أضيف ناويًا ما عدما   656- إذا حنت الأولى سجعن لها معا وقد ترادف عند فتجر بمن، حكى سيبويه ذهبت من معه ومنه قراءة بعضهم {هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ} [الأنبياء: 24] ، "واضمم بناء غيرًا إن عدمت ما له أضيف" لفظًا "ناويًا ما عدما" معنى: أي من الكلمات الملازمة للإضافة غير وهي اسم دال على مخالفة ما قبله حقيقة ما بعده: وإذا وقع بعد ليس وعلم المضاف إليه كقبضت عشرة ليس غيرها جاز حذفه لفظًا فيضم بغير تنوين. ثم اختلف حنيئذ فقال المبرد: ضمة بناء لأنها كقبل في الإبهام فهي اسم أو خبر وهذا ما اختاره الناظم على ما أفهمه كلامه. وقال الأخفش: إعراب   "الأولى" أي الحمامة الأولى وسجعن هدرن. شمني. قوله: "وقد ترادف" أي مع الملازمة للإضافة. قوله: "واضمم إلخ" هذا إشارة إلى أول الأحوال الأربعة في غير كقبل وبعد وسيذكر الشارح بقيتها كما يعلم باستقصاء كلامه. قوله: "ما له أضيف" أي الاسم الذي أضيف إليه لفظ غير فالصلة جرت على غير من هي له لأمن اللبس. قوله: "معنى" تمييز محوّل عن ما. قوله: "أي من الكلمات إلخ" أخذ الشارح ذلك من كون الكلام في واجب الإضافة نعم لو قال المصنف: وغير واضممها إذا عدمت ما لكان أصرح لاستفادة لزوم إضافتها صريحا من عطف غير على لدن. قوله: "الملازمة للإضافة" أي غالبا فلا يرد أنها تقطع عنها لفظا ومعنى كما سيأتي. قوله: "على مخالفة ما قبله لحقيقة ما بعده" أي معناه إما بالذات نحو مررت برجل غيرك أو بالصفة نحو دخلت بوجه غير الذي خرجت به وإتيانه بحقيقة قبل ما الثانية دون أن يأتي بها قبل ما الأولى أيضا أو يسقطها بالكلية مما لم يظهر له وجه. قوله: "بغير تنوين" أي لنية معنى المضاف إليه على البناء وللتخفيف على الإعراب. قوله: "ثم اختلف حينئذٍ" أي حين إذ ضم لفظ غير من غير تنوين. قوله: "ضمة بناء" خبر مبتدأ محذوف وهو ضمير عائد على الضمة المفهومة من يضم. قوله: "لأنها كقبل في الإبهام" أي لأن معناها غير مختص إذ مغايرة المخاطب في نحو رأيت رجلا غيرك لا تختص بذات دون أخرى كما أن معاني الغايات كقبل وبعد وفوق وتحت غير محدودة ولو علل الشارح بناء غير على الضم بعلة بناء قبل على الضم لوافق ما عليه المصنف من حصر سبب بناء الاسم في مشابهته الحرف، ولعله آثر ما علل به لأنه أخصر. قوله: "فهي اسم" أي لليس في محل رفع والتقدير ليس غيرها مقبوضا وقوله أو خبر أي لها في محل نصب والتقدير   656- صدره: يذكرن ذا البث الحزين ببثه والبيت من الطويل، وهو لمتمم بن نويرة في ديوانه ص117؛ وشرح التصريح 2/ 48؛ وشرح شواهد المغني 2/ 567، 474؛ والشعر والشعراء 1/ 345؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص74، 75؛ وشرح الأشموني 2/ 320؛ والمحتسب 1/ 151؛ ومغني اللبيب 1/ 334. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لأنها اسم ككل وبعض لا ظرف كقبل وبعد فهي اسم لا خبر وجوزهما ابن خروف. ويجوز قليلًا الفتح مع تنوين ودونه فهو خبر والحركة إعراب باتفاق كالضم مع التنوين. تنبيهان: الأول يجوز أيضًا على قلة الفتح بلا تنوين على نية ثبوت لفظ المضاف إليه. قال في التوضيح: فهي خبر والحركة إعراب باتفاق. وفيما قاله نظر لأن المضافة لفظًا تضم وتفتح فإن ضمت تعينت للاسمية وإن فتحت لا تتعين للخبرية لاحتمال أن تكون الفتحة بناء لإضافتها إلى المبنى. الثاني قالت طائفة كثيرة: لا يجوز الحذف بعد غير وليس من ألفاظ الجحد فلا يقال: قبضت عشرة لا غير وهم محجوجون. قال في القاموس: وقولهم لا غير لحن غير جيد؛ لأن لا غير مسموع في قول الشاعر: 657- جوابًا به تنجو اعتمد فوربنا ... لعن عمل أسلفت لا غير تسأل   ليس المقبوض غيرها. قوله: "على ما أفهمه كلامه" أي حيث قال بناء. قوله: "وقال الأخفش: إعراب" أي ضمة إعراب ليلائم ما قبله وحذف التنوين حينئذٍ قيل للتخفيف. وقال المصرح للإضافة تقديرا لأن المضاف إليه ثابت في التقدير. ا. هـ. ويرد عليه كما في المغني أن هذا التركيب مطرد ولا يحذف تنوين مضاف لغير مذكور باطراد إلا في نحو قطع الله يد ورجل من قالها. قوله: "لأنها اسم" مراده به ما عدا الظرف بدليل قوله بعد لا ظرف. قوله: "ككل وبعض" أي في جواز القطع عن الإضافة وإن كان المنظّر غير منوّن والمنظر به منوّنا. قوله: "وجوّزهما" أي الإعراب والبناء. قوله: "الفتح مع تنوين" أي لقطعها عن الإضافة لفظا ومعنى قوله ودونه أي لنية لفظ المضاف إليه. وفي نسخ إسقاط قوله ودونه وهو أولى لسلامته من تكرار قوله بعد يجوز أيضا على قلة الفتح بلا تنوين. قوله: "والحركة إعراب باتفاق" نقل البعض عن البهوتي عن السيوطي أنه يجوز كون الحركة حينئذٍ بناء أي لإضافته تقديرا إلى المبني قال: وعلى هذا فدعوى الاتفاق ممنوعة. ا. هـ. وتجويز ذلك بعيد مع التنوين لأن التنوين إما للتمكين أو للتعويض عن مفرد وكلاهما خاص بالمعرب ولعله لبعده لم يكترث به الشارح على أنه يحتمل أنه قائل بما سننقله عن شرح الأوضح له أو أن مراده اتفاق المبرد والأخفش المختلفين في الحركة عند الضم. قوله: "كالضم مع التنوين" أي في كون الحركة إعرابا وإلا فغير عند الضم والتنوين اسم ليس لا خبرها. قوله: "لأن المضافة لفظا تضم" أي ضمة إعراب بقرينة قوله تعينت للاسمية ولا يخفى أن ذكره حديث الضم غير محتاج إليه في توجيه النظر وكان يكفيه أن يقول لأن المضافة لفظا حيث فتحت لا تتعين إلخ. قوله: "لإضافتها إلى المبني" قال الشارح على الأوضح اللهم إلا أن تكون الإضافة إلى   657- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 3/ 116؛ وشرح التصريح 2/ 50؛ وهمع الهوامع 1/ 210. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 قبل كغير بعد حسب أول ... ودون والجهات أيضًا وعل   وقد احتج ابن مالك في باب القسم بن شرح التسهيل بهذا البيت. وكأن قولهم لحن مأخوذ من قول السيرافي الحذف إنما يستعمل إذا كانت غير بعد ليس، ولو كان مكان ليس غيرها من ألفاظ الجحد لم يجز الحذف ولا يتجاوز بذلك مورد السماع. ا. هـ كلامه، وقد سمع. انتهى كلام صاحب القاموس، والفتحة في لا غير فتحة بناء كالفتحة في لا رجل نقله في شرح اللباب عن الكوفيون، وبناء مصدر نصب على الحال، أي بانيا. وغير مفعول باضمم "قبل كغير" و"بعد" و"حسب" و"أول ودون والجهات" الست   المبني إنما تؤثر البناء إذا كان المضاف إليه ملفوظا به أي لا محذوفا لضعب سبب البناء بالحذف. قوله: "لا غير لحن" مقول قولهم وقوله: غير جيد خبر قولهم. قوله: "والفتحة في لا غير" أي إذا نطق مفتوحة فلا ينافي جواز ضمها لنية معنى المضاف إليه ولم يذكره لعلمه من قول المصنف واضمم بناء غير إلخ. قوله: "كالفتحة في لا رجل" مقتضاه أن غير ليست مضافة تقديرا بل هي مفردة والظاهر جواز كونها مضافة تقديرا والفتحة فتحة إعراب على نية المضاف إليه. ومقتضاه أيضا أن لا الواقعة بعدها غير إذا فتحت نافية للجنس وهو قضية قول الرضي لا يحذف منها أي من غير المضاف إليه إلا مع لا التبرئة وليس، بل قضيته أن لا الداخلة على غير المحذوف معها المضاف إليه نافية للجنس سواء فتحت أو ضمت، ولعل وجهه أن عمل لا عمل ليس قليل حتى منعه الفراء ومن وافقه وخصه ابن هشام في القطر بالشعر، لكن لا يبعد جواز كونها عند ضم غير عاملة عمل ليس وضمة غير حينئذٍ إعراب إذا نوّنت وقطعت عن الإضافة بالكلية أو لم تنوّن ونوى لفظ المضاف إليه، وبناء إذا لم تنوّن ونوى معنى المضاف إليه ولا جواز كونها عاطفة في نحو قبضت عشرة لا غير بالنصب بلا تنوين لنية لفظ المضاف إليه أو بتنوين للقطع عن الإضافة أو بالضم لنية معناه، ونحو جاءني عشرة لا غير بالرفع أو بالضم فاعرف. قوله: "وبناء مصدر إلخ" يحتمل أن يكون مفعولا مطلقا على تقدير مضاف أي ضم بناء بل هذا أولى لأن حالية المصدر سماعية. قوله: "قبل كغير إلخ" يجوز في قبل وغير وحسب الضم بغير تنوين حكاية لحال بنائها على الضم ورفع قبل وحسب وجر غير مع تنويه الثلاثة على مجرد إرادة اللفظ ويتعين الضم بلا تنوين فيما عدا الثلاثة لأن الوزن لا يستقيم إلا بذلك. وما وقع في كلام البعض تبعا للشيخ خالد مما يخالف ما قلنا فخطأ. قوله: "وحسب" أي المشربة معنى لا غير لأنها التي تقطع عن الإضافة لفظا كما سيأتي. قوله: "وأول" الصحيح أن أصله أو أل بهمزة بعد الواو بدليل جمعه على أوائل فقلبت هذه الهمزة واوا وأدغمت فيها الواو الأولى. وقيل: ووأل قلبت الهمزة واوا والواو الأولى همزة وإنما لم يجمع على ووائل لثقل اجتماع واوين أول الكلمة وهل يستلزم ثانيا أولا قال في الهمع: الصحيح لا فتقول: هذا أول ما في اكتسبته ثم قد تكتسب بعد شيئا وقد لا، وقيل: يستلزم فلو قال: إن كان أول ولد تلدينه ذكرا فأنت طالق فولدت ذكرا ولم تلد غيره وقع الطلاق على الأول دون الثاني. ا. هـ. ويستعمل اسما بمعنى مبدأ الشيء نحو ما له أول ولا آخر وبمعنى السابق نحو لقيته عاما أولا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "أيضًا وعل" في أنها ملازمة للإضافة وتقطع عنها لفظًا دون معنى فتبنى على الضم لشبهها حنيئذ بحروف الجواب في الاستثناء بها عما بعدما مع ما فيها من شبه الحرف في الجمود والافتقار نحو: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4] ، في قراءة الجماعة ونحو   فيصرف. وقد تلحقه تاء التأنيث، ووصفا بمعنى أسبق فيمتع الصرف للوصفية ووزن الفعل وتليه من فيقال: هذا أول من هذين فيكون أفعل تفضيل لا فعل له من لفظه أو جاريا مجراه على الخلاف، وظرفا نحو رأيت الهلال أول الناس أي قبلهم قال ابن هشام: وهذا هو الذي إذا قطع عن الإضافة بني على الضم قاله يس وغيره. قوله: "ودون" هو اسم للمكان الأدنى من مكان المضاف إليه كجلست دون زيد ثم توسع فيه باستعماله في الرتبة المفضولة تشبيها للمعقول بالمحسوس كزيد دون عمرو فضلا ثم توسع فيه باستعماله في مطلق تجاوز شيء إلى شيء كفعلت بزيد الإكرام دون الإهانة وأكرمت زيدا دون عمرو. قوله: "والجهات" أي أسماؤها وهي فوق وتحت وقدام وأمام ووراء وخلف وأسفل وكذا يمين وشمال على ما في الهمع وغيره. وخالف الرضي فلم يجوز قطعهما عن الإضافة لفظا مبنيين على الضم أو معربين بلا تنوين. قوله: "وعل" بمعنى فوق على ما سيأتي، ومثلها علو كما في الرضي وقوله في أنها ملازمة للإضافة أي غالبا فلا يرد أنها قد تقطع عنها لفظا ومعنى بل بعضها لا تجوز إضافته لفظا على الصحيح وهو عل كما سيأتي. لا يقال المصنف لم يذكر ملازمة غير للإضافة فكيف يجعلها الشارح وجه شبه لأنا نقول قد علمت سابقا أنها تؤخذ من سياقه. قوله: "لفظا دون معنى" أي فينوى معنى المضاف إليه. والذي يظهر لي أن معنى نية المضاف إليه أن يلاحظ معنى المضاف إليه، ومسماه معبرا عنه بأي عبارة كانت وأي لفظ كان فيكون خصوص اللفظ غير ملتفت إليه بخلاف نية لفظ المضاف إليه. وإنما لم تقتض الإضافة مع نية المعنى الإعراب لضعفها بخلافها عند نية اللفظ لقوتها بنية لفظ المضاف إليه. قوله: "فتبنى على الضم" هذا إشارة إلى أول الأحوال الأربعة وقوله: أما إذا نوى ثبوت لفظ المضاف إليه إشارة إلى ثانيها. وقوله: كما لو تلفظ به إشارة إلى ثالثها، وقوله: فإن قطعت إلخ إشارة إلى رابعها. قوله: "لشبهها إلخ" علة لأصل البناء وأما كونه على حركة فليعلم أن لها عراقة في الإعراب، وأما كونها ضمة فليكمل لها جميع الحركات ولتخالف حركة بنائها حركة إعرابها. قوله: "بحروف الجواب" كنعم وجير وبلى وإي. قوله: "في الجمود" أي لزومها استعمالا واحدا وهو الظرفية أو شبهها أو هو عدم التثنية والجمع كذا قالوا وكلاهما لا يظهر في يمين وشمال لتصرفهما كثيرا وتثنيتهما وجمعهما بل في الهمع أن تصرف قبل وبعد وأول وقدام وأمام وراء وخلف وأسفل متوسط فتدبر. قوله: "والافتقار" أي إلى المضاف إليه. فإن قلت الافتقار المقتضى للبناء هو الافتقار إلى الجملة كما مر قلت ذاك في المقتضى للبناء الأصلي أما المقتضى للبناء العارض فقد يكتفي فيه بالافتقار إلى المفرد هذا ما ظهر لي ولما كان وجود هذا الافتقار حال الإضافة لفظا معارضا بظهورها لم يؤثر البناء حالتها. وإنما بنيت حيث وإذ حال إضافتهما لفظا لأن الإضافة إلى الجمل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قبضت عشرة فحسب، أي فحسبي ذلك. وحكى أبو علي الفارسي: ابدأ بذا من أول بالضم. ومنه قوله: 658- على أينا تغدو المنية أول وتقول: سرت مع القوم ودون، أي ودونهم، وجاء القوم وزيد خلف أو أمام أي خلفهم أو أمامهم. ومنه قوله: 659- لعن الإله تعلة بن مسافر ... لعنًا يشن عليه من قدام وقوله: 660- أقب من تحت عريض من عل   كلا إضافة لأنها في الحقيقة إلى مصادر الجمل فكأن المضاف إليه محذوف ولما أبدل التنوين في كل وبعض عن المضاف إليه لم يبنيا لقيام البدل مقام المبدل منه وإنما اختاروا في هذه الظروف البناء دون التعويض لأنها غير متصرفة فناسبها البناء إذ هو عدم التصرف الإعرابي قاله الرضي. قوله: "في قراءة الجماعة" أي السبعة. قوله: "فحسب" الفاء زائدة لتزيين اللفظ وفي قول الشارح فحسبي ذلك إشارة إلى أن حسب مبتدأ محذوف الخبر أو بالعكس وهو أولى لأن حسب بمعنى اسم الفاعل أي كافي فلا يتعرف بالإضافة كما سيذكره الشارح فالأولى جعله خبرا عن المعرفة. وإنما جوّزناه كونه مبتدأ لتخصيصه بالإضافة أفاده المصرح. قوله: "من أول" أي من أول الأمر. قوله: "تعدو" بالعين المهملة أي تسطو ويروى بالمعجمة أي تصبح. قوله: "تعلة ابن مسافر" بفتح الفوقية وكسر العين الهملة وتشديد اللام. قوله: "يشن" أي يصبّ. قوله: "أقب من تحت" خبر لمحذوف كما يفيده كلام العيني أي هو أي الفرس على ما في المغني وشواهد العيني، لكن نقل السيوطي عن الزمخشري أن البيت في وصف بعير أقب من القبب وهو دقة الخصر   658- صدره: لعمرك ما أدري وإني لأوجل والبيت من الطويل، وهو لمعن بن أوس في ديوانه ص39؛ وخزانة الأدب 8/ 244، 245، 289، 294؛ وشرح التصريح 2/ 51؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1126؛ ولسان العرب 5/ 127 "كبر"، 11/ 722 "وجل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 493؛ وخزانة الأدب 6/ 505؛ وشرح شذور الذهب ص133؛ وشرح قطر الندى ص23؛ وشرح المفصل 4/ 87، 6/ 98؛ ولسان العرب 13/ 438 "هون"، 9/ 261 "عنف"؛ والمقتضب 3/ 246؛ والمنصف 3/ 35. 659- البيت من الكامل، وهو لرجل من بني تميم في الدرر 3/ 114؛ وشرح التصريح 2/ 51؛ والمقاصد النحوية 3/ 437؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 160؛ وتذكرة النحاة ص279؛ وهمع الهوامع 1/ 210. 660- الرجز لأبي النجم العجلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 وأعربوا نصبًا إذا ما نكرا ... قبلًا وما من بعده قد ذكرا   أما إذا نوى ثبوت لفظ لفظ المضاف إليه فإنها تعرب من غير تنوين كما لو تلفظ به كقوله: 661- ومن قبل نادى كل مولى قرابة أي ومن قبل ذلك. وقرئ: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4] ، بالجر من غير تنوين أي من قبل الغلب ومن بعده. وحكى أبو علي: ابدأ بذا من أول بالجر من غير تنوين أيضًا. فإن قطعت عن الإضافة لفظًا ومعنى أي لم ينو لفظ المضاف إليه ولا معناه أعربت منونة ونصبت ما لم يدخل عليها جار كما أشار إليه بقوله: "وأعربوا نصبًا إذا ما نكرا قبلًا وما بعده قد ذكرا" كقوله: 662- فساغ لي الشراب وكنت قبلًا ... أعاد أغص بالماء الفرات   وضمور البطن كما في القاموس والمراد ضامر البطن كما قاله العيني. وقوله عريض من عل أي واسع الظهر. وما جرى عليه الشارح من ضم عل في البيت تبع فيه المغني وقد قال السيوطي إنه مجرور لأن قوافي الأرجوزة كما علمت من الأبيات التي ذكرناها منها. قوله: "كل مولى" أي ابن عم وقرابة مفعول نادى على قراءته بالنصب أو مضاف إليه والمفعول محذوف تقديره أقاربه على قراءته بالجر. قوله: "نصبا" أي أو جرا بمن واقتصر على النصب لأنه الأصل في الظروف. قوله: "إذا ما نكرا" ما زائدة وضمير نكرا عائد إلى قبل، وما ذكره بعده لأنه وإن تأخر لفظا متقدم رتبة لأنه مفعول أعربوا فسقط ما اعترض به هنا. قوله: "وما من بعده قد ذكرا" اعترض بأن هذا يخرج غيرا لأنها لم تذكر بعد قبل مع أنها تعرب بالنصب كما تقدم. وأجيب بأن المراد وأعربوا نصبا على الظرفية وذلك لا يأتي فيها وهذا كله وإن أقره شيخنا والبعض إنما يتم على أن المراد بما ذكر بعد قبل ما عطف عليه. ولك أن تقول: المراد ما ذكر بعد قبل ولو على غير وجه العطف فتدخل غير لذكرها بعد قبل في قوله قبل كغير ويكون المراد بالنصب ما هو أعم من النصب على الظرفية ومع هذا فالأولى حمل كلام المصنف على   661- عجزه: فما عطفت مولى عليه العواطف والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 154؛ والدرر 3/ 112؛ وشرح التصريح 2/ 50؛ وشرح قطر الندى ص20 والمقاصد النحوية 3/ 434؛ وهمع الهوامع 1/ 210. 662- البيت من الوافر، وهو ليزيد بن الصعق في خزانة الأدب 1/ 426، 429؛ ولسان العرب 12/ 154 "حمم"؛ ولعبد الله بن يعرب في الدرر 3/ 112؛ والمقاصد النحوية 3/ 435؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 156؛ وتذكرة النحاة ص527؛ وخزانة الأدب 6/ 505، 510؛ وشرح التصريح 2/ 50؛ وشرح ابن عقيل ص397؛ وشرح قطر الندى ص21؛ وشرح المفصل 4/ 88؛ وهمع الهوامع 1/ 210، ويروى البيت "الحميم" مكان "الفرات". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وكقوله: 663- فما شربوا بعدًا على لذة خمرا وكقوله: 664- كجلمود صخر حطه السيل من عل وكقراءة بعضهم من قبل ومن بعد بالجر والتنوين. وحكى أبو علي: ابدأ بذا من أول بالنصب ممنوعًا من الصرف للوزن والوصف. تنبيهات: الأول اقتضى كلامه أن حسب مع الإضافة أي لفظًا أو نوى معناها أو   المجموع ليندفع اعتراض الشارح بعد على المصنف بحسب وعلى كما سيتضح. قوله: "أغص" بفتح الهمزة والغين المعجمة من باب فرح وجاء في لغة من باب قتل ويتعدى بالهمزة فيقال أغصصته كذا في المصباح. فعلى الثاني تضم الغين وعلى الثالث تضم الهمزة والفرات العذب. ويروى الحميم أي البارد من أسماء الأضداد. قوله: "كجلمود صخر" الجلمود بالضم كما في العيني وهو الحجر العظيم الصلب. والشاهد في من عل حيث جر بمن ونوّن لقطعه عن الإضافة لفظا ومعنى هذا ما اقتضاه كلام الشارح وصرح به أرباب الحواشي وعندي فيه نظر لأن قوله من عل آخر البيت، فليس منونا بالفعل حتى يستشهد به على قطع عل عن الإضافة لفظا ومعنى ولا دليل على أن ترك تنوينه لأجل وقف الروي فالحق أنه محتمل لأن يكون ترك تنوينه لنية لفظ المضاف إليه وأن يكون لأجل وقف الروي فلا يصلح شاهدا على القطع فاستفده. قوله: "بالنصب" ينبغي بالفتح لأنه مجرور بالفتحة وهذا ينافيه ما تقدم من أن الكلام هنا في أول التي هي ظرف بمعنى قبل فتدبر. قوله: "تنبيهات إلخ" اعترض الشارح على المصنف في   663- صدره: ونحن قتلنا الأسد أسد خفية والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في إصلاح المنطق ص146؛ وأوضح المسالك 3/ 158؛ وخزانة الأدب 6/ 501؛ والدرر 3/ 109؛ وشرح التصريح 2/ 50؛ وشرح شذور الذهب ص137؛ ولسان العرب 3/ 93 "بعد"، 14/ 237 "خفا"؛ والمقاصد النحوية 3/ 436؛ وهمع الهوامع 1/ 109، 210. 644- صدره: مكر مفر مقبل مدبر معا والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص19؛ وإصلاح المنطق ص25؛ وجمهرة اللغة ص126؛ وخزانة الأدب 2/ 397، 242، 243؛ والدرر 3/ 115؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 339؛ وشرح التصريح 2/ 54؛ وشرح شواهد المغني 1/ 45؛ والشعر والشعراء 1/ 116؛ والكتاب 4/ 228؛ والمقاصد النحوية 3/ 449؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 165؛ ورصف المباني ص328؛ وشرح شذور الذهب ص140؛ ومغني اللبيب 1/ 154؛ والمقرب 1/ 215؛ وهمع الهوامع 1/ 210. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لفظها معرفة ونكرة إذا قطعت عن الإضافة أي لفظًا ومعنى؛ إذ هي بمعنى كافيك اسم فاعل مرادًا به الحال، فتستعمل استعمال الصفات النكرة فتكون نعتًا لنكرة كمررت برجل حسبك من رجل، وحالًا لمعرفة كهذا عبد الله حسبك من رجل. وتستعمل استعمال الأسماء الجامدة نحو: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} [المجادلة: 8] ، {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} [الأنفال: 62] ، بحسبك درهم. وهذا يرد على من زعم أنها اسم فعل فإن العوامل اللفظية لا تدخل على أسماء الأفعال، وتقطع عن الإضافة فيتجدد لها إشرابها معنى دالًّا على النفي ويتجدد لها ملازمتها للوصفية أو الحالية أو الابتداء والبناء على الضم تقول: رأيت رجلًا حسب ورأيت زيدًا حسب قال الجوهري: كأنك قلت: حسبي أو حسبك فأضمرت ذلك ولم تنون. ا. هـ.   التنبيه الأول اعتراضين وفي الثاني اعتراضين. قوله: "اقتضى كلامه" أي منطوقا ومفهوما فإن كلامه يقتضي بمنطوقه تنكير حسب في حال قطعها عن زضافة رأسا كقبل وبعد وبمفهومه تعريفها في غير هذه الحالة كقبل وبعد والمسلم من ذلك مجرد التنكير دون القطع والتعريف كما سيشير إليه الشارح. قوله: "أن حسب إلخ" لم يمنع الشارح التعريف في غير حالة القطع إلا بالنسبة إلى حسب فيفيد أن تعريف ما عداها في غير حالة القطع مسلم وهو كذلك. قوله: "أو نوى معناها" لو قال أو نية لمعناها أو لفظها لكان حسنا. قوله: "إذ هي بمعنى كافيك" تعليل لمحذوف تقديره وليس كونها معرفة مسلما إذ هي إلخ وكان ينبغي التصريح به. قوله: "فتستعمل استعمال الصفات" أي نظرا إلى كونها بمعنى كافي، والاستعمال الثاني نظرا إلى لفظها الجامد. قوله: "من رجل" من باب جر التمييز بمن. قوله: "وتستعمل استعمال الأسماء الجامدة" فتقع مبتدأ وخبرا وحالا أو قبل دخول الناسخ بقرينة التمثيل وهذا مستأنف لا معطوف على تستعمل الأولى لاقتضاء العطف تفريع استعمال الأسماء الجامدة على كونها بمعنى اسم الفاعل وهو لا يصح. قوله: "حسبهم جهنم" حسبهم مبتدأ وجهنم خبره أو بالعكس وهو أولى لما مر. ويتعين في بحسبك درهم أن حسبك مبتدأ خبره درهم ولا يجوز العكس لعدم مسوغ الابتداء بدرهم قاله المصرح. قوله: "وهذا" أي ما ذكر من المثالين الأخيرين وكذا الأول إن جعل حسبهم خبرا لا أن جعل مبتدأ لعدم دخول عامل لفظي عليه حينئذٍ ويصح رجوع اسم الإشارة إلى ما يعم مثالي استعمال حسب استعمال الصفات. قوله: "فإن العوامل اللفظية لا تدخل إلخ" أي باتفاق وكذا المعنوية كالابتداء على الأصح من أقوال تأتي في بابها. قوله: "وتقطع عن الإضافة" أي مع استعمالها استعمال الصفات الوصفية والحالية واستعمال الأسماء الجامدة في الابتداء. قوله: "إشرابها معنى دالا على النفي" يعني معنى لا غير ولو قال معنى النفي لكان أخصر وأحسن. قوله: "والبناء على الضم" عطف على الوصفية أي وملازمتها للبناء على الضم أي فلا تنصب مقطوعة عن الإضافة رأسا خلافا لما يقتضيه كلام الناظم. قوله: "كأنك قلت حسبي أو حسبك" أي فيجوز تقدير المضاف إليه ضمير المتكلم أو ضمير المخاطب. قوله: "فأضمرت ذلك" أي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وتقول في الابتداء قبضت عشرة فحسب أي فحسبي ذلك. الثاني اقتضى كلامه أيضًا أن عل تجوز إضافتها وأنه يجوز أن تنصب على الظرفية أو الحالية، وتوافق فوق في معناها، وتخالفهما في أمرين: أنها لا تستعمل إلا مجرورة بمن وأنها لا تستعمل مضافة، فلا يقال: أخذته من عل السطح كما يقال: من علوه ومن فوقه. وقدوهم في هذا جماعة منهم الجوهري وابن مالك. وأما قوله: 665- يا رب يوم لي لا أظلله ... أرمض من تحت وأضحى من عله فالهاء فيه للسكت بدليل أنه مبني ولا وجه لبنائه لو كان مضافًا. ا. هـ. الثالث قال في شرح الكافية: وقد ذهب بعض العلماء إلى أن قبلًا في قوله وكنت قبلًا معرفة بنية   حذفته ونويت معناه. قوله: "اقتضى كلامه أيضا" أي منطوقا ومفهوما فاقتضاؤه الأمر الأول بقوله قبل كغير والثاني بقوله وأعربو نصبا إلخ. قوله: "على الظرفية أو الحالية" فيه أن كلام المصنف لا يقتضي إلا النصب وأما كونه على إحدى هاتين فلا. قوله: "وتوافق فوق إلخ" هذا استئناف وقبله حذف تقديره وليس كذلك ولو توافق إلخ لكان واضحا. قال شيخنا: والذي في النسخ الصحيحة التي منها نسخة الشيخ أبي بكر الشنواني التي بهوامشها خطه. تنبيه: قال في شرح الكافية إلخ وليس فيها هذان التنبيهان فهما والله أعلم ملحقان من غير الشارح بدليل ما فيهما من عدم التحرير كما لا يخفى على التحرير. ا. هـ. قوله: "وأنها لا تستعمل مضافة" أي لفظا بل إنما تستعمل مبنية على الضم لنية معنى المضاف إليه أو منونة لقطعها عن الإضافة رأسا وقد مر الاستشهاد في الشرح على هذين الوجهين فحصر البعض هنا استعمالها في البناء على الضم مناف لما أسلفه الشارح وقرره هو أيضا سابقا. وانظر هل تستعمل غير منونة لنية لفظ المضاف إليه الظاهر نعم ويحتمله قول الشاعر: كجلمود صخر حطه السيل من عل ما أسلفناه. قوله: "من علوه" بضم العين وكسرها وسكون اللام ضد السفل. قوله: "لا أظلله" أي لا أظلل فيه. أرمض مضارع رمض الرجل يرمض رمضا كفرح يفرح فرحا أي أصابه الرمضاء وهي الحجارة الحامية من حر الشمس، وأضحى من عله أي يصيبني حر الشمس من فوق من ضحى كرضى يرضى وسعى يسعى أي برز للشمس فأصابه حرها. قوله: "لو كان مضافا" لأن الإضافة من خواص الأسماء تقتضي الإعراب لا البناء. لا يقال الإضافة إلى المبني مما يجوز البناء لأنا نقلو البناء الجائز بالإضافة إلى المبنى هو البناء على الفتح والكلام في البناء على الضم.   665- الرجز لأبي مروان في شرح التصريح 2/ 346؛ ولأبي الهجنل في شواهد المغني 1/ 448؛ ومجالس ثعلب ص489؛ ولأبي ثروان في المقاصد النحوية 4/ 454؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 351؛ وجمهرة اللغة ص1318؛ وخزانة الأدب 2/ 397؛ والدرر 3/ 97، 6/ 305؛ وشرح عمدة الحافظ ص981؛ وشرح المفصل، 4/ 87؛ ومغني اللبيب 1/ 154؛ وهمع الهوامع 1/ 203، 2/ 310. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 وما يلي المضاف يأتي خلفا ... عنه في الإعراب إذا ما حذفا   الإضافة. إلا أنه أعرب لأنه جعل ما لحقه من التنوين عوضًا من اللفظ بالمضاف إليه فعومل قبل مع التنوين لكونه عوضًا من المضاف إليه بما يعامل به مع المضاف إليه كما فعل بكل حين قطع عن الإضافة لحقه التنوين عوضًا، وهذا القول عندي حسن "وما يلي المضاف" وهو المضاف إليه "يأتي خلفا عنه في الإعراب" غالبًا "إذا ما حذفا" لقيام قرينة تدل عليه نحو: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] ، أي أمر ربك {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] ، أي أهل القرية. تنبيهان: الأول كما قام المضاف إليه مقام المضاف في الإعراب يقوم مقامه في التذكير كقوله: 666- يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفق بالرحيق السلسل   قوله: "معرفة بنية الإضافة" أي نية معنى المضاف إليه بدليل الاعتذار عن إعرابها بقوله إلا أنه أعرب إلخ وهذا القول مقابل لما في النظم إلا أن يراد بالتنكير بحسب اللفظ فقط. قوله: "وهذا القول عندي حسن" لاقتضاء القياس على النظير المذكور إياه. قوله: "وهو المضاف إليه" أي الصالح لإعراب المضاف فلو كان المضاف إليه جملة لم يجز حذف المضاف لأنها لا تصلح فاعلا ولا مفعولا مثلا وكذا إذا كان محلى بأل والمضاف منادى فلا يصح يا الخليفة أي يا مثل الخليفة، والمراد المضاف إليه ولو بواسطة فيشمل ما إذا حذف اثنان كما يأتي في التنبيه الثاني على أن الأصح أن الحذف تدريجي كما يأتي وحينئذٍ لا حاجة إلى هذه الغاية. قوله: "غالبا" أخذه من البيت بعده. قوله: "إذا ما حذفا" اعلم أن المضاف إذا حذف للقرينة فتارة يكون مطروحا وتارة يكون ملتفتا إليه، ويعلم هذا بعود الضمير إليه وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 4] ، فأرجع الضمير أولا إلى القرية طرحا للمضاف وثانيا إلى المضاف التفاتا إليه قاله يس. ولا تناقض لاختلاف الوقت. قوله: "لقيام قرينة تدل عليه" فإن لم تكن قرينة امتنع الحذف ولا ينافيه ما قالوه في نحو جاء زيد نفسه من أن نفسه لدفع توهم نية المضاف وإن اعترض بذلك الدماميني لأن باب التوهم واسع لا يقتضي جواز ارتكاب المتوهم كما قاله سم ولأن عقل السامع ربما يجوّز وجود قرينة خفيت عليه. قوله: "نحو وجاء ربك إلخ" نحو: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] ، {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} [البقرة: 189] ، أي حج أشهر معلومات وبر من اتقى وهذا أولى من تقدير المضاف   666- البيت من الكامل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص122؛ وجمهرة اللغة ص312؛ وخزانة الأدب 4/ 381، 382، والدرر 5/ 38؛ وشرح المفصل 3/ 25؛ ولسان العرب 3/ 88 "برد"، 7/ 6 "برص"، 10/ 202 "صفق"؛ ومعجم ما استعجم ص240؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 451؛ وشرح المفصل 3/ 166؛ ولسان العرب 11/ 345 "مسلسل"، 14/ 478 "ضحا"؛ وهمع الهوامع 2/ 51. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بردى مؤنث فكان حقه أن يقول تصفق بالتاء، لكنه أراد ماء بردى. وفي التأنيث كقوله: 667- مرت بنا نسوة خولة ... والمسك من أردانها نافحه أي رائحة المسك. وفي حكمه نحو: "إن هذين حرام على ذكور أمتي" أي استعمال هذين: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ} [الكهف: 59] ، أي أهل القرى وفي الحالية نحو تفرقوا أيادي سبا أي مثل أيادي سبا لأن الحال لا تكون معرفة. الثاني قد يكون الأول   مع الجزء الأول كأن يقال مدة الحج أشهر معلومات ولكن ذا البر من اتقى لأن الحذف أليق بالأواخر ولأن التقدير مع الآخر في وقت الحاجة إليه. قوله: "كما قام المضاف إليه إلخ" قال سم وإنما اقتصر المصنف على الإعراب لأنه المقصود بالذات في هذا الفن. وقال يس لم يتعرض لغير الإعراب لأنه مبني على مراعاة المحذوف وهو خلاف الأكثر. قوله: "من ورد البريص" بالصاد المهملة اسم واد وبردى بفتحات نهر بدمشق وألفه للتأنيث كما في الهمع والرحيق الخمر والسلسل من الماء العذب أو البارد ومن الخمر اللينة كذا في القاموس وبه يعلم ما في كلام البعض. ويصفق حال من بردى وقوله بالرحيق السلسل تشبيه بليغ أي بماء كالرحيق السلسل في اللذة. قوله: "لكنه أراد ماء بردى" أي فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. قوله: "خولة" بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو كما نقل عن خط الشارح علم امرأة. والأردان جمع ردن بالضم وهو أصل الكم كما في القاموس. نافحة بالحاء المهملة أي فائحة. قوله: "وفي حكمه" أي الحكم عليه بشيء كالحرمة في المثال الأول والهلاك في المثال الثاني. قوله: "أي أهل القرى" كان الأحسن أي أهل تلك القرى لأن المضاف إليه تلك لا القرى لكن لما كانت تلك إشارة إلى القرى تسمح في التعبير قال في المغني وأما: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا} [الأعراف: 4] ، فقدر النحويون الأهل بعد من وأهلكنا وجاء وخالفهم الزمخشري في الأولين لأن القرية تهلك ووافقهم في فجاء لأجل: {أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 4] . ا. هـ. هذا وذهب كثير إلى أنه لا حذف فيما ذكر فقيل لأن القرية عبر بها عن أهلها مجازا وتأنيثها باعتبار لفظها وقيل اسم القرية مشترك بين المكان وأهله. قوله: "وفي الحالية" مثلها الصفة نحو مررت بقوم أيادي سبا ولو قال بدل الحالية التنكير كما في التسهيل لشملهما. ويؤخذ من كلام الشارح أن الحالية العارضة تجامع التعريف فقوله لأن الحال لا تكون معرفة أي الحال بالأصالة. قوله: "أيادي سبأ" أي أبناء سبأ فعبر بالجزء عن الكل أو شبه الأبناء بالأيادي بجامع المعاونة. قوله: "قد يكون الأول إلخ" وقد يحذف ثلاثة متضايفات نحو: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ} [النجم: 9] ، أي فكان مقدار مسافة قريبة مثل قاب فحذفت ثلاثة من اسم كان وواحد من خبرها   667- البيت من السريع، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 39؛ وهمع الهوامع 2/ 51. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 وربما جروا الذي أبقوا كما ... قد كان قبل حذف ما تقدما لكن بشرط أن يكون ما حذف ... مماثلًا لما عليه قد عطف   مضافًا إلى مضاف فيحذف الأول والثاني ويقام الثالث مقام الأول في الإعراب نحو: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82] ، أي وتجعلون بدل شكر رزقكم تكذيبكم و: {تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزاب: 19] ، أي كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت. ومنه قوله: 668- فأدرك إرقال العرادة ظلعها ... وقد جعلتني من حزيمة إصبعا أي ذا مسافة أصبع "وربما جروا الذي أبقوا" وهو المضاف إليه "كما قد كان قبل حذف ما تقدما" وهو المضاف "لكن بشرط أن يكون ما حذف مماثلًا لما عليه قد عطف" سواء اتصل العاطف بالمعطوف أو انفصل عنه بلا كقوله: 669- أكل امرئ تحسبين امرأ ... ونار توقد بالليل نارا   كذا قدر الزمخشري وهو ظاهر على تفسير القاب بالقدر فإن فسر بما بين مقبض القوس وطرفها احتيج في الخبر إلى تقدير مضاف ثان أي مثل قدر قاب وعليه قيل في الآية قلب والأصل قابى قوس. قوله: "فيحذف الأول والثاني" أي تدريجا على الراجح كما في الدماميني وإن كان قول الشارح ويقام الثالث مقام الأول يميل إلى أنه دفعي. قوله: "فأدرك إرقال إلخ" الإرقال بكسر الهمزة إسراع السير وهو مفعول مقدم والعرادة بكسر العين المهملة اسم فرس الشاعر. وظلعها بظاء مشالة مفتوحة ولام ساكنة وعين مهملة غمزها في مشيها وهو فاعل مؤخر. وجملة وقد جعلتني إلخ حال من العرادة. وحزيمة بفتح الحاء المهملة وكسر الزاي اسم رجل أغار على إبل الشاعر. والمعنى أنه لما تبع الشاعر حزيمة ولم يبق بينهما إلا قدر مسافة أصبع أدرك فرسه فتأخر عنه ففاته حزيمة. قوله: "وربما جروا" أي استداموا جرّ. قوله: "كما قد كان" أي كالجر الذي قد كان والمغايرة بين الشبه والمشبه به لا بالذات بل باعتبار اختلاف صورة التركيب أو على أن العرض لا يبقى زمانين. ووجه الشبه كون كل بالمضاف وفائدة قوله كما قد كان إلخ دفع توهم أن هذا جر جديد بجار آخر غير المضاف. قوله: "بشرط إلخ" أي ليكون المعطوف عليه دليلا على المحذوف. قوله: "مماثلا" أي لفظا ومعنى. قوله: "لما عليه قد عطف" الصلة جارية على غير من هي له. قوله: "توقد" مضارع أصله تتوقد. قوله: "مثل الخير" مفعول أول ويتركه الفتى مفعول   668- البيت من الطويل، وهو لكحلبة اليربوعي في خزانة الأدب 4/ 401؛ وشرح اختيارات المفضل ص146؛ ولسان العرب 12/ 127 "حرم"، 14/ 81 "بقي"؛ وللأسود بن يعفر في شرح المفصل 3/ 31؛ وللأسود أو لكحلبة في المقاصد النحوية 3/ 442؛ ولرؤبة في مغني اللبيب 2/ 624، وليس في ديوانه. 669- البيت من المتقارب، وهو لأبي دؤاد في ديوانه ص353؛ والأصمعيات ص191؛ وأمالي ابن الحاجب 1/ 134، 297؛ وخزانة الأدب 9/ 592. 10/ 481؛ والدرر 5/ 39؛ وشرح التصريح 2/ 56؛ وشرح شواهد = الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي وكل نار وقوله: 670- ولم أر مثل الخير يتركه الفتى ... ولا الشر يأته امرؤ وهو طائع أي ولا مثل الشر لئلا يلزم العطف على معمولي عاملين مختلفين، بأن تجعل قوله بالجر معطوفًا على امرئ والعامل فيه كل، ونار الثاني معطوفًا على امرأة والعامل فيه تحسبين. تنبيه: الجر والحالة هذه مقيس، وليس ذلك مشروطًا بتقدم نفي أو استفهام كما ظن بعضهم. والجر فيما خلا من الشروط محفوظ لا يقاس عليه كالجر بدون عطف في قوله: رأيت التيمي تيم عدي: أي أحد تيم عدي، ومع العاطف المفصول بغير لا كقراءة ابن جماز: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ} [الأنفال: 67] ، أي عرض الآخرة كذا قدره الناظم وجماعة. وقيل: التقدير ثواب الآخرة أو عمل الآخرة، وبه قدره ابن أبي الربيع في شرحه للإيضاح وعلى هذا فالمحذوف ليس مماثلًا لما عليه قد عطف بل مقابلًا له.   ثان. قوله: "لئلا يلزم إلخ" علة لمحذوف أي وإنما جعل المجرور مجرورا بالمضاف المحذوف لا معطوفا على امرىء أو الخير لئلا إلخ. قوله: "العطف على معمولي إلخ" أي وذلك ممنوع عند سيبويه ومن وافقه والعاملان في البيت الثاني أر ومثل والمعمولان الخير وجملة يتركه الفتى والمعطوف على الخير الشر وعلى يتركه الفتى يأتيه امرؤ. قوله: "من الشروط" أي العطف ومماثلة المحذوف للمعطوف عليه وعدم الانفصال إلا بلا. وبه يعلم أن الإضافة في قول المصنف بشرط إلخ للجنس. قوله: "كالجر بدون عطف" قاسه الكوفيون. قوله: "أي أحديتم عدى" الدليل على هذا المحذوف استحالة أن يكون التيمي نفس القبيلة إذ هو واحد منهم. قوله: "ومع العاطف المفصول بغير لا" نقل سم أنه مقيس عند الأكثرين. قوله: "كقراءة ابن جماز" قال في التوضيح هي مخالفة للقياس من وجه آخر وهو أن المضاف معطوفا بل المعطوف جملة فيها المضاف. قوله: "أي عرض الآخرة" المراد بالعرض بالنسبة إلى الآخرة ما عرض وحدث وإن كان باقيا وإيثار التعبير به للمشاكلة فيكون المذكور   = الإيضاح ص299؛ وشرح شواهد المغني 2/ 700؛ وشرح عمدة الحافظ ص500؛ وشرح المفصل 3/ 26؛ والكتاب 1/ 66؛ والمقاصد النحوية 3/ 445؛ ولعدي بن زيد في ملحق ديوانه ص199؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 49؛ والإنصاف 2/ 473؛ وأوضح المسالك 3/ 169؛ وخزانة الأدب 4/ 417، 7/ 180؛ ورصف المباني ص348؛ وشرح ابن عقيل ص399؛ وشرح المفصل 3/ 79، 142، 8/ 52، 9/ 105؛ والمحتسب 1/ 281؛ ومغني اللبيب 1/ 290؛ والمقرب 1/ 237؛ وهمع الهوامع 2/ 52. 670- البيت من الطويل، وهو لبشر القشيري في شرح العمدة الحافظ ص501؛ وبلا نسبة في الدرر 5/ 40؛ وهمع الهوامع 2/ 52. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 ويحذف الثاني فيبقى الأول ... كحاله إذا به يتصل بشرط عطف وإضافة إلى مثل ... الذي له أضفت الأولا   انتهى "ويحذف الثاني" وهو المضاف إليه وينوي ثبوت لفظه "فيبقى الأول" وهو المضاف "كحاله إذا به يتصل" فلا ينون، ولا ترد إليه النون إن كان مثنى أو مجموعًا، لكن لا يكون ذلك في الغالب إلا "بشرط عطف وإضافة إلى مثل الذي له أضفت الأولا" لأن بذلك يصير المحذوف في قوة المنطوق به، وذلك كقولهم: قطع الله يد ورجل من قالها، الأصل قطع الله يد من قالها، ورجل من قالها فحذف ما أضيف إليه يد وهو من قالها لدلالة ما أضيف إليه رجل عليه. وكقوله: 671- يا من رأى عارضًا أسر به بين ذراعي وجبهة الأسد. وقوله: 672- سقى الأرضين الغيث سهل وحزنها   دليل المحذوف. قوله: "فيبقى الأول" أي حال الأول وقوله كحاله في المغايرة بين المشبه والمشبه به ما مر ووجه الشبه كون كل بالمضاف. قوله: "إذا به يتصل" أي إذا يتصل الأول بالثاني أو العكس. قوله: "بشرط عطف" أي على ذلك الأول ولو بغير الواو وسنعرفك وجها آخر. قوله: "وإضافة" أي إضافة المعطوف ومثل الإضافة عمل المعطوف في مثل ما أضيف إليه الأول كقوله: بمثل أو أحسن من شمس الضحى قوله: "إلى مثل" أي لفظا ومعنى. قوله: "لأن بذلك" اسم أن ضمير الشأن. قوله: "يا من رأى" المنادى محذوف أي يا قوم ومن استفهامية. ويحتمل أن تكون موصولة وهي المنادى فلا حذف. ا. هـ. دماميني وقوله: عارضا أي سحابا معترضا. وقوله: أسرّ به أي لوثوقي بمطره وقوله بين ذراعي صفة ثانية لعارضا. والأسد مجموع كواكب على صورة الأسد. والذراع كوكبان نيران ينزلهما القمر. والجبهة أربعة أنجم ينزلها أيضا القمر. قال السيوطي: قال ابن يعيش يصف الشاعر سحابا اعترض بين نوء الذراع ونوء الجبهة وهما من أنواء الأسد وأنواؤه أحمد الأنواء. وذكر   671- البيت من المنسرح، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 2/ 319، 4/ 404، 5/ 289؛ وشرح شواهد المغني 2/ 799؛ وشرح المفصل 3/ 21؛ والكتاب 1/ 180؛ والمقاصد النحوية 3/ 451؛ والمقتضب 4/ 229؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 100، 2/ 264، 390؛ وتخليص الشواهد ص87؛ وخزانة الأدب 10/ 187؛ والخصائص 2/ 407؛ ورصف المباني ص341؛ وسر صناعة الإعراب ص297؛ وشرح عمدة الحافظ ص502؛ ولسان العرب 3/ 92 "بعد"، 15/ 492 "يا"؛ ومغني اللبيب 2/ 380، 621. 672- عجزه: فنيطت عزى الآمال بالزرع والضرع والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 483. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي سهلها وحزنها. وقد يكون ذلك بدون الشرط المذكور كما مر من نحو قوله: ومن قبل نادى كل مولى قرابة وقد قرئ شذوذًا {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 38، 62] ، أي فلا خوف شيء عليهم. تنبيهان: الأول ما ذكر الناظم هو مذهب المبرد. وذهب سيبويه إلى أن الأصل في   الذراعين والنوء للذراع المقبوضة لاشتراكهما في الأسد وفي التسمية كقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] ، وإنما يخرج من أحدهما. ا. هـ. ونقل الدماميني عن بعض شراح أبيات المفصل إن قصد وصف ممدوحه بالشجاعة حيث سماه أسدا وقلبه بالسماحة حيث سماه سحابا. قوله: "وحزنها" ضد السهل. قوله: "ومن قبل" أي من قبل ذلك وقيل الأصل ومن قبلي فحذفت الياء وأبقيت الكسرة دليلا عليها، وعليه فلا شاهد فيه لأن حذف ياء المتكلم المضاف إليها جائز كثيرا بدون الشروط المذكورة. قوله: "فلا خوف عليهم" أي بالضم من غير تنوين مع كسر الهاء فتكون لا عاملة عمل ليس أو مهملة وقرأ يعقوب بفتح الفاء من غير تنوين مع ضم الهاء فإن قدرت الفتحة فتحة إعراب ففيها شاهد أيضا أو فتحة بناء فلا وعلى قراءته تكون لا عاملة عمل إن. قوله: "هو مذهب المبرد" قال البعض تبعا للمصرح جعلها المبرد من باب التنازع فأعمل الثاني لقربه وحذف معمول الأول لأنه فضلة فهي جائزة قياسا. ا. هـ. وقد ينافيه قول الشارح سابقا الأصل قطع الله يد من قالها ورجل من قالها إذ جعلها من باب التنازع يقتضي أن الأصل قطع الله يده ورجل من قالها مع أنه يشترط في عاملي التنازع أن يكونا فعلين أو اسمين يشبهانهما والعاملان هنا ليسا كذلك فتدبر. قوله: "وذهب سيبويه إلخ" لعل الحامل له على ذلك أن الحذف أليق بالثواني لكنه مع ما فيه من التكلف يضعفه قول الشاعر: بنو وبناتنا كرام فمن نوى ... مصاهرة فلينأ إن لم يكن كفأ وقول الآخر: بمثل أو أحسن من شمس الضحى إذ لا يفصل بين المتضايفين إذا كان الثاني ضميرا ولأن مطلوب أحسن من ومجرورها ومطلوب مثل مضاف إليه كذا في الدماميني. وأما تضعيفه بأنه لزم عليه الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الأمور الثلاثة الآتية وذلك مختص بالضرورة ففيه أن سيبويه لا يسلم الحصر في الثلاثة. ولك أن تجعل كلام المصنف صالحا لمذهب سيبويه أيضا بأن تجعل معنى قوله وإضافة إلى مثل إلخ أي إلى مضاف إليه مذكور مماثل لمحذوف أضيف إليه المضاف الأول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 فضل مضاف شبه فعل ما نصب ... مفعولًا أو ظرفًا أجز ولم يعب   قطع الله يد ورجل من قالها: قطع الله يد من قالها ورجل من قالها، فحذف ما أضيف إليه رجل، فصار قطع الله يد من قالها ورجل، ثم أقحم رجل بين المضاف الذي هو يد والمضاف إليه الذي هو من قالها. قال بعض شراح الكتاب: وعند الفراء الاسمان مضافان إلى من قالها ولا حذف في الكلام. الثاني قد يفعل ما ذكر من الحذف مع مضاف معطوف على مضاف إلى مثل المحذوف وهو عكس الأول كقول أبي برزة الأسلمي -رضي الله تعالى عنه: "غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات وثماني" بفتح الياء دون تنوين، والأصل ثماني غزوات هكذا ضبطه الحافظ في صحيح البخاري. "فضل مضاف شبه فعل ما نصب مفعولًا أو ظرفًا أجز" فصل مفعول بأجز مقدم وهو مصدر مضاف إلى مفعول، وشبه فعل نعت لمضاف وما نصب موصول وصلته في موضع رفع بالفاعلية، وعائد الموصل محذوف أي نصبه ومفعولًا أو ظرفًا حالان من ما أو من الضمير المحذوف. وتقدير البيت أجز أن يفصل المضاف منصوبه حال كونه مفعولًا أو ظرفًا.   كما هو مذهب المبرد أو إلى مضاف إليه محذوف مماثل لمذكور أضيف إليه المضاف الأول كما هو مذهب سيبويه نعم المتبادر من كلامه هو الأول. قوله: "ثم أقحم إلخ" قال ابن الحاجب إنما اعترض بالمضاف الثاني بين المتضايفين ليبقى المضاف إليه المذكور في اللفظ عوضا مما ذهب. ا. هـ. مغني. وإنما احتيج إلى ذلك لأن تمام الاسم الذي ليس بأل بالتنوين أو الإضافة، ولعدم المحوج إلى الاعتراض بين المبتدأ والخبر في نحو زيد وعمرو قائم جعله سيبويه من باب الحذف من الأول؛ إذ لو كان قائم خبرا عنه لقدّم على العطف إذ لا حاجة إلى تأخيره لعدم القبح في زيد قائم وعمرو. قوله: "وعند الفراء الاسمان إلخ" خصه كما قال السيوطي بالمصطحبين كاليد والرجل والربع والنصف، وقبل وبعد لأنهما كالشيء الواحد فكأن المضاف العامل في المضاف إليه شيء واحد فلا يرد أنه لا يتوارد عاملان على معمول واحد بخلاف نحو دار وغلام. قوله: "وهو عكس الأول" أي على مذهب المبرد وتشمله عبارة النظم كما علم مما وجهنا به صلاحية النظم لمذهب سيبويه. قوله: "فصل مضاف" أي من المضاف إليه بشرط أن لا يكون ضميرا. ا. هـ. يس. قوله: "شبه فعل" أي مصدر أو اسم فاعل. قوله: "ما نصب" خرج المرفوع فإن الفصل به مختص بالضرورة كما سيأتي وذلك لأنه متمكن في موضعه بخلاف المنصوب فإنه في نية التأخير فالفصل به كلا فصل. قوله: "مفعولا إلخ" أي غير جملة فلا يجوز أعجبني قول عبد الله منطلق زيد للطول قال سم انظر هل يجوز الفصل بمجموع الأمور التي جاز الفصل بكل منها؟ قال البعض القياس على ما تقدم في قوله ولم ينفصل بغير ظرف أو كظرف أو عمل يقتضي جواز الفصل بالمجموع إلا أن يفرق. وأنا أقول مقتضى تعليلهم منع الفصل بالمفعول الجملة بالطول عدم الجواز. والفرق بين ما هنا وما قاس عليه غرابة الفصل بين المتضايفين لكونهما كالشيء الواحد بخلاف الفصل فيما قاس عليه فتنبه. قوله: "في موضع رفع" لو قدمه على الصلة لكان أولى لأن الموضع للموصول فقط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والإشارة بذلك إلى أن من الفصل بين المتضايفين ما هو جائز في السعة خلافًا للبصريين في تخصيصهم ذلك بالشعر مطلقًا. فالجائز في السعة ثلاث مسائل: الأولى أن يكون المضاف مصدرًا والمضاف إليه فاعله. والفاصل إما مفعول كقراءة ابن عامر: "قتل أولادهم شركائهم" [الأنعام: 137] ، وقول الشاعر: 673- فسقناهم سوق البغات الأجادل وقوله: 674- فداسهم دوس الحصيد الدائس وقوله: 675- فزججتها بمزجة ... زج القلوص أبي مزاده وأما ظرفه كقول بعضهم ترك يومًا نفسك وهواها سعي لها في رداها. الثانية أن   قوله: "خلافا للبصريين إلخ" ولما تبع الزمخشري مذهبهم رد قراءة ابن عامر الآتية ولا عبرة برده مع ثبوتها بالتواتر. قوله: "مطلقا" أي سواء كان ذلك بالأمور الثلاثة أو بغيرها. قوله: "مصدرا" أي مقدرا بأن والفعل. شاطبي. قوله: "والمضاف إليه فاعله" لو قال معموله لدخل المصدر المفصول بينه وبين مفعوله بالظرف. وجعل بعضهم منه ترك يوما نفسك وهواها أي تركك يوما نفسك، وجعله الشارح من المفصول بينه وبين فاعله والمعنى عليه ترك نفسك شأنها وهواها. قوله: "قتل أولادهم شركائهم" أي برفع قتل على أنه نائب فاعل زين ونصب أولادهم وجر شركائهم وجعل الشركاء فاعل القتل باعتبار أمرهم به. قوله: "سوق البغاث" بتثليث الموحدة وغين معجمة وثاء مثلثة طائر ضعيف يصاد ولا يصيد. والأجادل جمع أجدل وهو الصقر. قوله: "فزججتها" أي طعنتها. والمزجة بكسر الميم رمح قصير والقلوص الناقة   673- صدره: عتوا إذ اجبناهم إلى السلم رأفة والبيت من الطويل، وهو لبعض الطائيين في شرح عمدة ص491؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 180؛ وشرح التصريح 2/ 57؛ والمقاصد النحوية 3/ 465. 674- صدره: وخلق الماذي كالقوانس والرجز لعمرو بن كلثوم في المقاصد النحوية 3/ 461؛ وليس في ديوانه. 675 البيت من مجزوء الكامل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 427؛ وتخليص الشواهد ص82؛ وخزانة الأدب 4/ 415، 416، 418، 421، 422؛ والخصائص 2/ 406؛ وشرح المفصل 3/ 189؛ والكتاب 1/ 176؛ ومجالس ثعلب ص152؛ والمقاصد النحوية 3/ 468؛ والمقرب 1/ 54. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 فصل يمين واضطرارًا وجدا ... بأجنبي أو بنعت أو ندا   يكون المضاف وصفًا والمضاف إليه إما مفعول الأول والفاصل مفعوله الثاني كقراءة بعضهم {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} [إبراهيم: 47] ، وقول الشاعر: 676- وسواك مانع فضله المحتاج أو ظرفه كقوله عليه الصلاة والسلام: "هل أنتم تاركو لي صاحبي" وقوله: 677- كناحب يومًا سخرة بعسيل وقد شمل كلامه في البيت جميع ذلك. الثالث أن يكون الفاصل القسم. وقد أشار إليه بقوله: "ولم يعب فضل يمين" نحو هذا غلام والله زيد حكى ذلك الكسائي. وحكى أبو عبيدة: إن الشاة لتجتر فتسمع صوت والله ربها. تنبيه: زاد في الكافية الفصل بإما كقوله: 678- هما خطتا إما إسار ومنة ... وإما دم والقتل بالحر أجدر   الشابة. قوله: "وصفا" أي اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال ولم يذكروا اسم المفعول. قوله: "أما مفعوله الأول" الصواب تأخير أما بعد قوله الفاصل لأن التنويع إنما هو في الفاصل. قوله: "هل أنتم تاركو لي صاحبي" قال الدماميني يحتمل عدم الإضافة بأن تكون النون محذوفة كحذفها في قراءة الحسن وما هم بضاري به من أحد. قوله: "بعسيل" بعين وسين مهملتين على وزن أمير مكنسة العطار التي يجمع بها العطر بكسر الميم وفتح النون. قوله: "هما" أي الخطتان المعلومتان من السياق. والخطة بالضم الخصلة   676- صدره: ما زال يومين من يؤمك بالغنى والبيت من الكامل وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 182؛ وشرح التصريح 2/ 58؛ وشرح عمدة الحافظ ص493؛ والمقاصد النحوية 3/ 469. 677- صدره: فرشني بخير لا أكون ومدحي والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 184؛ والدرر 5/ 43؛ وشرح التصريح 2/ 58؛ وشرح عمدة الحافظ ص328؛ ولسان العرب 11/ 447 "عسل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 481؛ وهمع الهوامع 2/ 52. 678- البيت من الطويل، وهو لتأبط شرًّا في ديوانه ص89؛ وجواهر الأدب ص154؛ وخزانة الأدب 7/ 499، 500، 503؛ والدرر 1/ 143؛ وشرح التصريح 2/ 58؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص79؛ وشرح شواهد المغني 2/ 975؛ ولسان العرب 7/ 279؛ والمقاصد النحوية 3/ 486؛ وبلا نسبة في الخصائص 2/ 405؛ ورصف المباني ص342؛ ومغني اللبيب 2/ 643؛ والممتع في التصريف 2/ 526؛ وهمع الهوامع 1/ 49، 2/ 52. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ا. هـ. وما سوى ذلك فمختص بالشعر وقد أشار إلى ثلاث مسائل من ذلك بقوله "واضطرارًا وجدا" أي الفصل والألف للإطلاق "بأجنبي أو بنعت أو ندا" أي الأول من هذه الثلاث الفصل بأجنبي، والمراد به معمول غير المضاف فاعلًا كان كقوله: 679- أنجب أيام والداه به ... إذ نجلاه فنعم ما نجلا أي أنجب والداه به أيام إذا نجلاه. أو مفعولًا كقوله: 680- تسقى امتياحًا ندى المسواك ريقتها أي تسقى ندى ريقتها المسواك. أو ظرفًا كقوله: 681- كما خط الكتاب بكف يومًا ... يهود يقارب أو يزيل   والإسار بالكسر الأسر وعد الأسر والمنة بعده بالإطلاق خطة واحدة لتلازمهما في الجملة. قوله: "بأجنبي" متعلق بمحذوف حال من ضمير وجد أي وجد المضاف مفصولا بأجنبي ولا يصح رجوع الضمير للفصل وتعلق بأجنبي به على رأي من أجاز اعمال ضمير المصدر لأن ضميره الذي أجيز أعماله على هذا الرأي بارز وهذا مستتر أفاده الشاطبي. قوله: "معمول غير المضاف" يدخل في الأجنبي على هذا التفسير النعت والمنادى فيلزم عطف الخاص على العام بأو وهو لا يجوز ويمكن أن يقيد بما أشار إليه بقوله فاعلا كان إلخ سم. قوله: "فاعلا" أي لغير المضاف إذ فاعل المضاف ليس أجنبيا وإن كان الفصل به أيضا ضرورة كما سيذكره الشارح. قوله: "أنجب أيام والداه به" أي ولدا ولدا نجيبا. ونجلاه ولداه والفصل في هذا البيت بالفاعل وبالجار والمجرور أيضا لكنهم اكتفوا بالتنبيه على الفصل بالأشرف ويؤخذ منه جواز الفصل باثنين من المعمولات الأجنبية في الضرورة. قوله: "تسقى امتياحا" أي وقت امتياح أو ممتاحة والامتياح الاستياك. قوله: "كما خط" ما مصدرية يهودي يقارب أي بين حروف الكتابة أو يزيل بفتح أوله   679- البيت من المنسرح، وهو للأعشى في ديوانه ص285؛ والدرر 5/ 49؛ وشرح التصريح 2/ 85؛ ولسان العرب 11/ 646 "نجل"، والمحتسب 1/ 152؛ والمقاصد النحوية 3/ 477؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 186؛ وشرح عمدة الحافظ ص494؛ ولسان العرب 1/ 748 "نجب"؛ ومجالس ثعلب ص96؛ وهمع الهوامع 2/ 53. 680- عجزه: كما تضمن ماء المزنة الرصف والبيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه 1/ 171؛ والدرر 5/ 44؛ وشرح التصريح 2/ 58؛ والمقاصد النحوية 3/ 474؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 187؛ وهمع الهوامع 2/ 52. 681- البيت من الوافر، وهو لأبي حية النميري في الإنصاف 2/ 432؛ وخزانة الأدب 4/ 219؛ والدرر 5/ 45؛ وشرح التصريح 2/ 59؛ والكتاب 1/ 179؛ ولسان العرب 12/ 390 "عجم"؛ والمقاصد النحوية 3/ 470؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 189؛ والخصائص 2/ 405؛ ورصف المباني ص65؛ وشرح ابن عقيل= الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الثانية الفصل بنعت المضاف كقوله: 672- ولئن حلفت على يديك لأخلفن ... بيمين أصدق من يمينك مقسم أي بيمين مقسم أصدق من يمينك. وقوله: 683- من ابن أبي شيخ الأباطح طالب أي من ابن أبي طالب شيخ الأباطح. الثالثة الفصل بالنداء كقوله: 684- كأن برذون أبا عصام ... زيد حمار دق باللجام أي كأن برذون زيد يا أبا عصام. وقوله: 685- وفاق كعب بجير منقذ لك من ... تعجيل تهلكة والخلد في سقرا   أي يباعد بينها، والجملة صفة ليهودي كما في العيني والتصريح فالضمير في الفعلين له. وقول البعض الضمير فيهما للخط خطأ. وخص اليهودي لأنه من أهل الكتاب والمعنى أن رسم هذه الدار كخط الكتاب. قوله: "من ابن إلخ" صدره: نجوت وقد بل المرادي سيفه قاله معاوية حين اتفق ثلاثة من الخوارج على قتل معاوية وعمرو بن العاص وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم فسلم الأولان وقتل علي: قتله عبد الرحمن بن ملجم بكسر الجيم وفتحها المرادي بفتح الميم نسبة إلى مراد قبيلة قاله يس ويرد على الشارح أن الفاصل ليس نعتا للمضاف بل لمجموع المضاف والمضاف إليه وقد يقال لما كان المتأثر بالعوامل المختلفة الجزء الأول جعل النعت له. قوله: "كأن برذون إلخ" قال ابن هشام يحتمل أن أبا مضاف إليه على لغة القصر. وزيد بدل أو عطف بيان فلا شاهد فيه. قوله: "وفاق كعب بجير إلخ" بجير   = ص403؛ وشرح عمدة الحافظ ص495؛ وشرح المفصل 1/ 103؛ ولسان العرب 4/ 158 "حبر"؛ والمقتضب 4/ 377؛ وهمع الهوامع 2/ 52. 682- البيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 226؛ والمقاصد النحوية 3/ 484؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص404. 683- صدره: نجوت وقد بل المرادي سيفه والبيت من الطويل، وهو لمعاوية بن أبي سفيان في الدرر 5/ 46؛ وشرح التصريح 2/ 59؛ والمقاصد النحوية 3/ 478؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص404؛ وشرح عمدة الحافظ ص496؛ وهمع الهوامع 2/ 52. 684- الرجز بلا نسبة في الخصائص 2/ 404؛ والدرر 5/ 47؛ وشرح التصريح 2/ 60؛ وشرح ابن عقيل ص405؛ وشرح عمدة الحافظ ص495؛ والمقاصد النحوية 3/ 480؛ وهمع الهوامع 2/ 53. 685- البيت من البسيط، وهو لبجير بن زهير في الدرر 5/ 48؛ والمقاصد النحوية 3/ 489؛ وهمع الهوامع 2/ 53؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص405. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي وفاق بجير يا كعب. تنبيه: من المختص بالضرورة أيضًا الفصل بفاعل المضاف كقوله: 686- نرى أسهمًا للموت تضمي ولا تنمي ... ولا نرعوي عن نقض أهواؤنا العزم وقوله: 687- ما إن وجدنا للهوى من طب ... ولا عدمنا قهر وجد صب والأمر في هذا أسهل منه من الفاعل الأجنبي كما في قوله: أنجب أيام والداه به البيت. ويحتمل. أن يكون منه. وأن يكون من الفصل بالمفعول قوله: 688- فإن نكاحها مطر حرام بدليل أنه يروى أيضًا بنصب مطر ورفعه، والتقدير فإن نكاح مطر إياها أو هي. ومنه   أخو كعب بن زهير صاحب بانت سعاد أسلم بجير قبل أخيه كعب وصار يدعوه إلى الإسلام إلى أن أسلم. وكعب منادى حذف منه حرف النداء. قوله: "نرى" بالنون كما قاله الدماميني: تصمي من أصميته إذا رميته فقتلته بحيث تراه. ولا تنمي من أنميته إذا رميته فغاب عنك ثم مات. والمعنى نرى أسهما للموت تقتل ولا تبطئ والأرعواء الكف عن القبيح. قوله: "فإن نكاحها مطر حرام" أي في رواية خفض مطر بإضافة نكاح إليه والفصل بالهاء وهي محتملة للفاعلية والمفعولية لما ذكره الشارح فعلى الفاعلية يكون من إنابة ضمير غير الرفع مناب ضمير الرفع وإن لم تعهد النيابة إلا في الضمائر المنفصلة، وبهذا التقرير يعرف ما في كلام البعض ويعرف أيضا أن الهاء ليست في موضع جر بالإضافة حتى يتوجه استشكال صاحب التوضيح خفض مطر بالإضافة بأن المضاف لا يضاف لشيئين. ومطر اسم رجل كان من أقبح الناس وكانت زوجته من أجمل النساء وكانت تريد فراقه ولا يرضى بذلك. وصدر البيت: لئن كان النجاح أحل شيء   686- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 488. 687- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 190؛ والدرر 5/ 49؛ وشرح التصريح 2/ 67؛ وشرح عمدة الحافظ ص493؛ والمقاصد النحوية 3/ 483؛ وهمع الهوامع 2/ 53. 688- صدره: فإن يكن النكاح أحل شيء والبيت من الوافر، وهو للأحوص في ديوانه ص189؛ والأغاني 15/ 234؛ وأمالي الزجاجي ص81؛ وخزانة الأدب 2/ 151؛ وشرح شواهد المغني 2/ 767، 952؛ وشرح التصريح 2/ 59؛ والعقد الفريد 6/ 81؛ والمقاصد النحوية 1/ 109؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 192؛ ومغني اللبيب 2/ 972. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الفصل بالفعل الملغي كقوله: 689- بأي تراهم الأرضين حلوا أي بأي الأرضين زاده في التسهيل. وزاد غيره الفصل بالمفعول لأجله كقوله: 690- معاود جرأة وقت الهوادي ... أشم كأنه رجل عبوس أراد معاود وقت الهوادي جرأة. وحكى ابن الأنباري: هذا غلام إن شاء الله أخيك ففصل بإن شاء الله. ا. هـ. خاتمة: قال في شرح الكافية: المضاف إلى الشيء يتكمل بما أضيف إليه تكمل الموصول بصلته، والصلة لا تعمل في الموصول ولا فيما قبله، وكذا المضاف إليه لا يعمل في المضاف ولا فيما قبله، فلا يجوز في نحو أنا مثل ضارب زيدًا أن يتقدم زيدًا على مثل وإن كان المضاف غيرًا وقصد بها النفي جاز أن يتقدم عليها معمول ما أضيفت إليه كما يتقدم معمول المنفي بلا، فأجازوا أنا زيدًا غير ضارب كما يقال: أنا زيدًا لا   قوله: "بالفعل الملغى" أي الذي يستقيم المعنى المراد بدونه وليس المراد الملغى بالمعنى المصطلح لأن ترى في البيت عامل في المفعولين وهما الضمير وحلوا فاندفع اعتراض الدنوشري. قوله: "معاود جرأة وقت الهوادي" في شواهد العيني أن صدره: أشم كأنه رجل عبوس وكذا في الهمع. وفي بعض نسخ الشارح جعله عجزا. والأشم من الشمم وهو التكبر. يصف الشاعر رجلا بأنه يظهر الكبر ويعاود الحرب وقت ظهور الهوادي جمع هاد: أي أعناق الخيل لأجل جرأته في الحرب. والجرأة بضم الجيم. قوله: "فلا يجوز في نحو أنا مثل إلخ" أي عند الجمهور وكذا يمتنع التقديم عندهم إذا كان المضاف لفظ أول أو حق وجوزه مع كل من الثلاثة بعض فإن كان المضاف غير مثل وأول وحق وغير امتنع التقديم اتفاقا أفاده الدماميني. قوله: "وقصد بها النفي" بأن صح حلول حرف النفي والمضارع محل غير ومخفوضها. قوله: "معمول ما أضيفت إليه" ولو كان غير ظرف أو جار ومجرور كما يدل عليه التمثيل هذا مذهب   689- عجزه: الدبران أم عسفوا الكفارا والبيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 50؛ وشرح التصريح 2/ 60؛ والمقاصد النحوية 3/ 490؛ وهمع الهوامع 2/ 53. 690- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 492؛ والمقتضب 4/ 377؛ والبيت في هذين المرجعين هكذا: أشم كأنه رجل عبوس ... معاود جرأة وقت الهوادي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 المضاف إلى ياء المتكلم : آخر ما أضيف لليا اكسر إذا ... لم يك معتلا كرام وقذا أو يك كابنين وزيدين فذي ... جميعها اليا بعد فتحها احتذي   أضرب. ومنه قوله: 691- إن امرأ خصني عمدًا مودته ... على التنائي لعندي غير مكفور فقدم عندي وهو معمول مكفور مع إضافة غير إليه لأنها دالة على نفي، فكأنه قال: لعندي لا يكفر. ومنه قوله تعالى: {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} [المدثر: 10] ، فإن لم يقصد بغير نفي لم يتقدم عليها معمولي ما أضيفت إليه فلا يجوز في قولك: قاموا غير ضارب زيدًا قاموا زيدًا غير ضارب لعدم قصد النفي بغير. هذا كلامه. والله أعلم. المضاف إلى ياء المتكلم: إنما أفرده بالذكر لأن فيه أحكامًا ليست في الباب الذي قبله أشار إلى ذلك بقوله: "آخر ما أضيف لليا اكسر" أي وجوبًا "إذا لم يك معتلا" منقوصًا أو مقصورًا "كرام وقذا أو يك" مثنى أو مجموعًا على حده "كابنين وزيدين فذي" الأربعة "جميعها" آخرها واجب   السيرافي والزمخشري وابن مالك وقال ابن السراج: يمتنع تقدمه مطلقا وقيد بعضهم جواز تقدمه بكونه ظرفا أو جارا ومجرورا قاله الدماميني. قوله: "ومنه قوله تعالى إلخ" أي على أن على الكافرين متعلق بيسير ويصح تعلقه بعسير فلا يكون فيه شاهد. قوله: "غير ضارب زيدا" أي إلا شخصا ضرب زيدا. قوله: "لعدم قصد النفي بغير" أي لأنه لا يصح وضع حرف النفي والمضارع موضع غير ومجرورها فلا يقال: قاموا لا يضرب زيدا لعدم الرابط للجملة الحالية ويؤخذ منه أن المضات إليه غير لو كان جمعا نحو قاموا غير ضاربين زيدا جاز تقديم المعمول لصحة الحلول المذكور إذ يصح أن يقال: قاموا لا يضربون زيدا فجملة المضارع حال مرتبطة بالضمير كما كانت غير في المثال حالا. المضاف إلى ياء المتكلم: قوله: "لأن فيه أحكاما إلخ" وذلك ككسر آخره وجوبا إذا لم يكن معتلا ولا مثنى ولا جمعا على حده. قوله: "أشار إلى ذلك" أي إلى أن فيه أحكاما ليست في الباب الذي قبله. قوله: "إذا لم يك معتلا" أي بالاصطلاح النحوي وهو ما آخره حرف علة قبلها حركة مجانسة له فخرج نحو دلو وظبي كما أشار إليه الشارح بقوله منقوصا أو مقصورا. قوله: "أو يك" أي ولم يك. قوله: "فذي" مبتدأ   691- البيت من البسيط، وهو لأبي زبيد الطائي في الدرر 2/ 183، 5/ 18؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 375؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 432؛ وشرح شواهد المغني 2/ 953؛ والكتاب 2/ 134؛ ولسان العرب 7/ 24 "خصص"؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 404؛ ورصف المباني ص121، 234؛ وشرح عمدة الحافظ ص223؛ وشرح المفصل 8/ 65؛ ومغني اللبيب 2/ 676. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 وتدعم اليا والواو وإن ... ما قبل واو ضم فاكسره يهن   السكون و"اليا بعد" أي بعدها "فتحها احتذي" أي ابتع "وتدعم اليا" من المنقوص والمثنى والمجموع على حده في حالتي جرهما ونصبها "فيه" أي في الياء المذكور يعني ياء المتكلم "و" كذا "الواو" من المجموع حال رفعه فتقول: هذا رامي ورأيت رامي ومررت برامي، ورأيت ابني وزيدي ومررت بابني وزيدي وهؤلاء زيدي. والأصل في المثنى والمجموع المنصوبين أو المجرورين ابنين لي وزيدين لي فحذفت النون واللام للإضافة ثم أدغمت الياء في الياء. والأصل في الجمع المرفوع زيدوي فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ثم قلبت الضمة كسرة لتصح الياء ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "أومخرجي هم" وقول الشاعر: 692- أودى بني وأعقبوني حسرة ... عند الرقاد وعبرة لا تقلع هذا إذا كان ما قبل الواو مضمومًا كما رأيت وإليه أشار بقوله: "وإن ما قبل واو ضم فاكسره يهن" فإن لم ينضم بل انفتح بقي على فتحه نحو مصطفون فتقول: جاء مصطفى   وجميعها تأكيد واليا مبتدأ ثان وفتحها مبتدأ ثالث واحتذى خبر المبتدأ الثالث وقوله بعد أي بعدها أي الأربعة حال من الياء أو متعلق باحتذى ويجوز جعل جميعها مبتدأ ثانيا. قوله: "آخرها واجب السكون" إنما أتى الشارح به لأنه المقابل لقول المصنف اكسر ولم يذكره المصنف مع أن كلامه أولا في آخر المضاف اكتفاء بقوله وتدغم الياء فيه والواو وقوله وألفا سلم لاستلزام ذلك تسكين الآخر. قوله: "وكذا الواو إلخ" أي بعد قلبها ياء ولم يذكره المصنف اكتفاء بأخذه من قوله وإن ما قبل واو إلخ. قوله: "فتقول هذا رامي" فرامي مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون الواجب لأجل الإدغام لا الاستثقال كما هو حكمه في غير هذه الحالة كما قاله سم لعروض وجوب السكون في هذه الحالة بأقوى من الاستثقال وهو الإدغام. قوله: "فحذفت النون واللام للإضافة" هذا هو التحقيق عندي وإن اشتهر أن اللام إنما حذفت للتخفيف خلافا لمن جعل في كلام الشارح مسامحة كالبعض. قوله: "والأصل في الجمع" أي بعد الإضافة ولم يذكر أصله قبلها اكتفاء بعلمه مما قبله. قوله: "ثم قلبت الضمة كسرة" صريح في أن هذا بعد قلب الواو ياء وهو الراجح واختار ابن جني العكس. قوله: "لتصح الياء" أي المنقلبة إليها الواو وعلامة الرفع حينئذٍ الواو المنقلبة ياء للموجب. قوله: "أودى بنيّ" أي هلكوا والعبرة بفتح العين المهملة الدمع. قوله: "هذا" أي قلب الضمة كسرة. قوله: "يهن" بضم الهاء أي يسهل النطق بالكلمة قاله الشاطبي. قوله:   692- البيت من الكامل، وهو لأبي ذؤيب في خزانة الأدب 1/ 420؛ وشرح التصريح 2/ 61؛ وشرح شواهد المغني 1/ 262؛ ولسان العرب 1/ 613 "عقب"؛ والمقاصد النحوية 3/ 498؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 197. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 وألفا سلم وفي المقصور عن ... هذيل انقلابها ياء حسن   "وألفا سلم" من الانقلاب سواء كانت للتثنية نحو يداي أو للمحمول على التثنية نحو ثنتاي بالاتفاق، أو آخر المقصور نحو عصاي على المشهور "وفي المقصور عن هذيل انقلابها ياء حسن" نحو عصى. ومنه قوله: 693- سبقوا هوى وأعنقوا لهواهم ... فتحرموا ولكل جنب مصرح وحكى هذه اللغة عيسى بن عمر عن قريش، وقرأ الحسن يا بشرى. تنبيهان: الأول يستثنى مما تقدم ألف لدي وعلى الاسمية فإن الجميع اتفقوا على قلبها ياء، ولا يختص بياء المتكلم بل هو عام في كل ضمير نحو لديه وعليه ولدينا وعلينا الثاني يجوز إسكان الياء وفتحها مع المضاف الواجب كسر آخره وهو ما سوى   "انقلابها ياء" أي عوضا عما يستحقه ما قبل ياء المتكلم من الكسر فهو من نيابة حرف عن حركة في غير أبواب الإعراب ومثله لا رجلين ولا قائمين نقله يس عن ابن هشام. قوله: "سبقوا" الضمير يرجع إلى خمسة بنين للشاعر هلكوا جميعا في طاعون وهم المراد بالبنين في البيت السابق أعني أودى بنيّ إلخ. وقوله وأعنقوا لهواهم أي تبع بعضهم بعضا في الموت فتخرموا بالخاء المعجمة مبنيا للمجهول أي اخترمتهم المنية كذا في العيني فمراد الشاعر بالهوى الموت. قوله: "يستثنى مما تقدم" أي من إطلاق قوله وألفا سلم لاقتضائه سلامتها عند الجميع في غير المقصور حتى في هذه الأمور وليس كذلك. قوله: "الاسمية" قيد بذلك ليكون مما نحن فيه وهو المضاف للياء وإلا فالحرفية أيضا تقلب ألفها ياء ومثل على الاسمية إلى الاسمية على ما قاله أبو حيان سم. قوله: "اتفقوا على قلبها ياء" نظر فيه المصرح بأن بعض العرب لا يقلب كما قاله المرادي في شرح التسهيل. قوله: "وهو ما سوى الأربع المستثنيات" لا يرد عليه نحو في وأبي وأخي على لغة رد اللام وقلبها ياء وإدغامها في ياء المتكلم وإعرابها بحركة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها السكون الواجب للإدغام لأن الثلاثة صارت في هذه الحالة من المنقوص الذي هو أحد الأربع المذكورة. وقول البعض تبعا لسم إذا وقعت هذه الثلاثة مرفوعة كان رفعها بالواو المنقلبة ياء ينافيه كون شرط إعرابها لحروف إضافتها لغير ياء المتكلم. ودفع سم المنافاة بحمل الشرط المذكور على حالة عدم رد لام هذه الأسماء عند الإضافة فيه أن هذا الحمل لا داعي إليه ولا   693- البيت من الكامل، وهو لأبي ذؤيب في إنباه الرواة 1/ 52؛ والدرر 5/ 51؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 700؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 7؛ وشرح شواهد المغني 1/ 262؛ وشرح قطر الندى ص 191؛ وشرح المفصل 3/ 33؛ وكتاب اللامات ص98؛ ولسان العرب 15/ 372 "هوا"؛ والمحتسب 1/ 76؛ والمقاصد النحوية 3/ 493؛ وهمع الهوامع 2/ 53؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 199؛ وجواهر الأدب ص 177؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص52؛ وشرح ابن عقيل ص408؛ والمقرب 1/ 217. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأربع المستثنيات، وذلك أربعة أشياء: المفرد الصحيح نحو غلامي وفرسي، والمعل الجاري مجراه نحو ظبيي ودلولي، وجمع التكسير نحو رجالي وهنودي، وجمع السلامة لمؤنث نحو مسلماتي. واختلف في الأصل منها فقيل: الإسكان وقيل: الفتح. وجمع بينهما بأن الإسكان أصل أول إذ هو الأصل في كل مبنى، والفتح أصل ثان إذ هو الأصل فيما هو على حرف واحد، وقد تحذف هذه الياء وتبقى الكسرة دليلا عليها وقد يفتح ما وليته فتقلب ألفًا، وربما حذفت وبقيت الفتحة دليلًا عليها. فالأول كقوله: 694- خليلي أملك مني للذي كسبت ... يدي وما لي فيما يقتنى طمع والثاني كقوله: 695- أطوف ما أطوف ثم آوي ... إلى أما ويرويني النقيع أراد إلى أمي. والثالث كقوله: 696- ولست بمدرك ما فات مني ... بلهف ولا بليت ولا لو آني   دليل من كلامهم عليه ومن ادعى ذلك فعليه البيان. قوله: "والمعل الجاري إلخ" كذا في بعض النسخ ومراده بالمعل ما آخره حرف علة لا المغير عن أصله بالفعل وإن كان هذا مصطلحهم والذي في أكثر النسخ والمعتل وهو واضح. قوله: "وقد تحذف هذه الياء" أي إن لم تكن الإضافة للتخفيف كإضافة الوصف الحالي أو الاستقبالي وإلا فلا حذف ولا قلب لأنها على تقدير الانفصال فلم تكن الياء ممازحة لما اتصلت به. قوله: "فتقلب ألفا" أي لتحركها وانفتاح ما قبلها قال سم الظاهر أن هذه الألف اسم لأنها منقلبة عن اسم فهي مضاف إليه في موضع جرّ بل قد يدعى أنها ياء المتكلم غاية الأمر أن صفتها تغيرت. قوله: "بلهف" أي بقولي يا لهف إلخ فالأصل يا لهفا.   694- البيت من البسيط. 695- البيت من الوافر، وهو لنقيع بن جرموز في المؤتلف والمختلف ص195؛ ونوادر أبي زيد ص19؛ وبلا نسبة في الدرر 5/ 54؛ وشرح عمدة الحافظ ص512؛ ولسان العرب 8/ 360 "نقع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 247؛ والمقرب 1/ 217، 2/ 206؛ وهمع الهوامع 2/ 53. 696- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 63، 179؛ والإنصاف 1/ 390؛ وأوضح المسالك 4/ 37؛ وخزانة الأدب 1/ 131؛ والخصائص 3/ 135؛ ورصف المباني ص288؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 521، 2/ 728؛ وشرح عمدة الحافظ ص512؛ وشرح قطر الندى ص205؛ ولسان العرب 9/ 321 "لهف"؛ والمحتسب 1/ 277؛ والمقاصد النحوية 4/ 248؛ والمقرب 1/ 181، 2/ 201؛ والممتع في التصريف 2/ 622. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 إعمال المصدر : بفعله المصدر ألحق في العمل ... مضافًا أو مجردًا أو مع أل   وأما ياء المتكلم المدغم فيها فالفصيح الشائع فيها الفتح كما مر وكسرها لغة قليلة حكاها أبو عمرو بن العلاء والفراء وقطرب، وبها قرأ حمرة: {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم: 22] ، وكسر ياء عصاي الحسن وأبو عمرو في شاذ، وهو أضعف من الكسر مع التشديد. خاتمة: في المضاف إلى ياء المتكلم أربعة مذاهب: أحدها أنه معرب بحركات مقدرة في الأحوال الثلاثة وهو مذهب الجمهور. والثاني أنه معرب في الرفع والنصب بحركة مقدرة وفي الجر بكسرة ظاهرة واختاره في التسهيل. والثالث أنه مبني وإليه ذهب الجرجاني وابن الخشاب. والرابع أنه لا معرب ولا مبني وإليه ذهب ابن جني. وكلا هذين المذهبين بين الضعف. والله أعلم. إعمال المصدر: "بفعله المصدر ألحق في العمل" تعديًا ولزومًا، فإن كان فعله المشتق منه لازمًا   قوله: "وأما ياء المتكلم المدغم فيها" هذا مقابل قوله: يجوز إسكان الياء وفتحها مع المضاف الواجب كسره آخره. قوله: "وكسرها لغة قليلة" قيل الكسر لالتقاء الساكنين وسوغ الكسر مع ثقله على الياء أن الياء إذا سكن ما قبلها كانت بمنزلة الحرف الصحيح كدلو وظبي. قوله: "وهو أضعف من الكسر مع التشديد" لعل وجهه أن الكسرة في عصاي تالية للألف وهي لا تناسب الكسرة وفي مصرخي تالية للياء وهي تناسب الكسرة. قوله: "بكسرة ظاهرة" أي خلفت كسرة المناسبة وردّ بأن الأصل بقاء ما كان قاله الدماميني. قوله: "مبني" ردّ بأنه لا مقتضى للبناء والإضافة للمبني إنما تجوّز البناء إذا توغل المضاف في الإبهام قاله يس. قوله: "لا معرب ولا مبني" وعلى هذا إذا قلت: غلامي حاضر فغلام مبتدأ في محل رفع إذ ليس الإعراب المحلي مخصوصا بالمبني هذا هو الظاهر وإن توقف فيه البهوتي وسكت عليه البعض. إعمال المصدر: قوله: "بفعله المصدر ألحق في العمل" اعترض بأنه يقتضي أن عمل المصدر لشبهه بالفعل وليس كذلك بل لأنه أصل الفعل كما سيصرّح بذلك الشارح وقد يدفع بمنع الاقتضاء المذكور وإنما التعبير بالإلحاق لكون الأصل في العمل للفعل فهو من إلحاق الفرع في العمل بالأصل فيه لا من إلحاق المشبه بالمشبه به مع أن الدماميني صرح بأن عمل المصدر بسبب قوة مشابهته للفعل فتأمل. قوله: "فإن كان فعله المشتق منه لازما إلخ" هذه العبارة تقتضي أن بعض الأفعال لا يتعدى بنفسه ولا بحرف الجر فيكون لازما ومصدره كذلك ومثل له ابن الناظم بحدث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فهو لازم، وإن كان متعديًا فهو متعد إلى ما يتعدى إليه بنفسه أو بحرف جر. تنبيه: يخالف المصدر فعله في أمرين: الأول أن في رفعه النائب عن الفاعل خلافًا ومذهب البصريين جوازه، وإليه ذهب في التسهيل. الثاني أن فاعل المصدر يجوز حذفه بخلاف فاعل الفعل وإذا حذف لا يتحمل ضميره خلافًا لبعضهم. واعلم أنه لا فرق في إعمال المصدر عمل فعله بين كونه "مضافًا أو مجردًا أو مع أل" لكن إعمال الأول أكثر نحو {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} [البقرة: 251، الحج: 40] ، والثاني أقيس نحو: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا} [البلد: 14] ، وقوله: 697- بضرب بالسيوف رءوس قوم   وعرض وردّه شيخ الإسلام بأنه يقال حدث لفلان وعرض له كذا فالأولى التمثيل بنحو ظرف وشرف. ورد أيضا بأنه يقال: ظرف في أخلاقه وشرف في قومه وتقتضي أيضا أن المتعدي بحرف الجر يسمى متعديا بالإطلاق مع أن المتعدي بالإطلاق إنما ينصرف إلى المتعدي بنفسه فلا يشمل عند الإطلاق المتعدي بحرف الجر كما صرح به العصام وغيره وتقدم في باب تعدي الفعل ولزومه. قوله: "أن في رفعه النائب عن الفاعل خلافا" وجه المنع وهو مذهب الأخفش والشلوبين وغيرهما ما فيه من الإلباس لأنك إذا قلت مثلا: عجبت من ضرب عمرو تبادر إلى الذهن المبني للفاعل. وقال أبو حيان: يجوز إذا كان فله ملازما للبناء للمجهول كزكم لعدم الإلباس حينئذٍ فيجوز أعجبني زكام زيد فالأقوال ثلاثة حكاها في الهمع. زاد الدماميني قولا رابعا عن ابن خروف وهو الجواز إذا لم يقع لبس نحو أعجبني قراءة في الحمام القرآن وأكل الخبز وشرب الماء. ويضاف المصدر إليه على اعتقاد معنى الرفع ولذلك قال سيبويه في قولهم عجبت من إيقاع أنيابه بعضها فوق بعض أن التقدير من أن أوقعت أنيابه. قوله: "بخلاف فاعل الفعل" أي فإنه لا يجوز حذفه إلا في مسائل مرت في باب الفاعل. قوله: "وإذا حذف إلخ" استئناف مسألة لا أنه من جملة الفرق الثاني بين المصدر والفعل لأن الفعل أيضا إذا حذف فاعله لا يتحمل ضميره لأن ضمير الفاعل الذي يتحمله الفعل مستتر لا محذوف. قوله: "لا يتحمل ضميره" أي في غير المصدر النائب عن فعله أما هو كضربا زيدا فيتحمل الضمير لاستتاره فيه كما سيأتي. قوله: "أو مجردا" أي من أل والإضافة. قوله: "أقيس" أي أوفق بالقياس على الفعل في العمل لأنه لتنكيره أشبه بالفعل من المضاف والمحلي الموجود فيهما ما أبعد شبههما بالفعل وهو الإضافة وأل اللتان هما من خصائص الأسماء. قوله: "ذي مسغبة" أي مجاعة. قوله: "بضرب إلخ" تمامه كما في   697- عجزه: أزلنا هامهن عن المقيل والبيت من الوافر وهو للمراد بن منفذ التميمي في المقاصد النحوية 3/ 499؛ وبلا نسبة في شرح أبيات سيبويه 1/ 393؛ وشرح ابن عقيل ص411؛ وشرح المفصل 6/ 16؛ والكتاب 1/ 116، 190؛ واللمع= الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وإعمال الثالث قليل كقوله: 698- ضعيف النكاية أعداءه وقوله: 699- لقد علمت أولى المغيرة أنني ... كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا وقوله: 700- فإنك والتأبين عروة بعد ما ... دعاك وأيدينا إليه شوارع   بعض النسخ: أزلنا هامهن عن المقيل والهام جمع هامة وهي الرأس فإضافته إلى ضمير الرؤوس للتأكيد وتطلق الهامة على جمجمة الدماغ والإضافة عليه من إضافة الجزء إلى الكل وأراد بالمقيل العنق لأنها مقيل الرأس أي مستقرة. قوله: "أولى المغيرة" أي أوائل الخيل المغيرة أي ركابها أنكل أي أعجز بتثليث الكاف وماضيه بفتحها وكسرها ومصدره النكول كذا في القاموس. ومسمع كمنبر اسم رجل. قوله: "فإنك والتأبين" هو في نسخ الشارح بموحدة بعد الهمزة فتحتية فنون وفسره البعض تبعا لبعض نسخ شواهد العيني بالمراقبة وعد في القاموس من معانيه أن تعيب الإنسان في وجهه ولعله أنسب هنا من المراقبة. وفي بعض نسخ شواهد العيني رسمه بالنون بعد الهمزة فتحتية فموحدة وتفسيره بالتعنيف فليحرر. قال البعض: وهو منصوب على أنه مفعول معه وعروة مفعول التأبين وخيران في البيت اللاحق ويروى البيت:   = ص270؛ والمحتسب 1/ 219. 698- عجزه: يخال الفزار يراخي الأجل والبيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 208؛ وخزانة الأدب 8/ 127؛ والدرر 5/ 252؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 394؛ وشرح التصريح 2/ 63؛ وشرح شذور الذهب ص496؛ وشرح شواهد الإيضاح ص136؛ وشرح ابن عقيل ص411؛ وشرح المفصل 6/ 59، 64؛ والكتاب 1/ 192؛ والمقرب 1/ 131؛ والمنصف 3/ 71؛ وهمع الهوامع 2/ 93. 699- البيت من الطويل، وهو للمرار الأسدي في ديوانه ص464؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 60؛ والكتاب 1/ 193؛ وللمرار الأسدي أو لزغبة بن مالك في شرح شواهد الإيضاح ص136؛ وشرح المفصل 6/ 64؛ والمقاصد النحوية 3/ 40، 501؛ ولمالك بن زغبة في خزانة الأدب 8/ 128، 129؛ والدرر 5/ 255؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص412؛ واللمع ص271؛ والمقتضب 1/ 14؛ وهمع الهوامع 2/ 93. 700- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص412؛ وشرح عمدة الحافظ ص697؛ ولسان العرب 8/ 404 "وقع"؛ والمقاصد النحوية 3/ 524. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 إن كان فعل مع أن أو ما يحل ... محله ولاسم مصدر عمل   وقد أشار إلى ذلك في النظم بالترتيب. تنبيه: لا خلاف في إعمال المضاف، وفي كلام بعضهم ما يشعر بالخلاف. والثاني أجازه البصريون ومنعه الكوفيون، فإن وقع بعده مرفوعه أو منصوب فهو عندهم بفعل مضمر. وأما الثالث فأجازه سيبويه ومن وافقه ومنعه الكوفيون وبعض البصريين "إن كان فعل مع أن أو ما يحل محله" أي المصدر إنما يعمل في موضعين: الأول أن يكون بدلًا من اللفظ بفعله نحو ضربًا زيدًا. وقوله: 701- فندلًا زريق المال ندل الثعالب وقوله: 702- يا قابل التوب غفرانًا مآثم قد ... أسلفتها أنا منها خائف وجل   فما لك والتأنيب عروة بعد ما إلخ ويروى وعاك بالواو أي حفظك بدل دعاك. وشوارع ممتدة. قوله: "وقد أشار إلى ذلك" أي إلى كون الأول أكثر والثاني كثيرا والثالث قليلا لا إلى ذلك مع كون الثاني أقيس حتى يرد اعتراض البعض بأن كلام المصنف لا يشير إلى الأقيسة. قوله: "أي المصدر إنما يعمل إلخ" لا يخفى أن الأول خارج عن عبارة المصنف فلا وجه لذكره في حيز تفسيرها. قوله: "في موضعين" أي لا في غيرهما كالمصدر المؤكد والمبين للعدد أما المبين للنوع فيعمل كما علمت من الأمثلة لأن المضاف مبين للنوع فيجوز ضربت زيدا ضرب عمرو بكرا. قوله: "بدلا من اللفظ بفعله" اختلف فيه فقيل: لا ينقاس عمله وقيل: ينقاس في الأمر والدعاء والاستفهام فقط وقيل: والإنشاء نحو حمدا لله والوعد نحو: قالت نعم وبلوغا بغية ومني   701- قبله: يمرون بالدهنا خفافًا عيابهم ... ويرجعن من دارين بحر الحقائب على حين ألهى الناس جل أمورهم والبيتان من الطويل وهما أو أحدهما لأعشى همدان في الحماسة البصرية 2/ 262، 263؛ ولشاعر من همدان في شرح أبيات سيبويه 1/ 371، 372؛ ولأعشى همدان أو للأحوص أو لجرير في المقاصد النحوية 3/ 46؛ وهما في ملحق ديوان الأحوص ص215؛ وملحق ديوان جرير ص1021؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص293؛ وأوضح المسالك 2/ 218؛ وجمهرة اللغة ص682؛ والخصائص 1/ 120؛ وسر صناعة الإعراب ص507؛ وشرح التصريح 1/ 331؛ وشرح ابن عقيل ص 289؛ والكتاب 1/ 115؛ ولسان العرب 9/ 70 "خشف"، 11/ 653 "ندل". 702- البيت من البسيط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فزيدًا والمال ومآثم نصب بالمصدر لا بالفعل المحذوف على الأصح. والثاني أن يصح تقديره بالفعل مع الحرف المصدري بأن يكون مقدرًا بأن والفعل أو بما والفعل، وهو المراد هنا فيقدر بأن إذا أريد المضي أو الاستقبال نحو عجبت من ضربك زيدًا أمس أو غدًا، والتقدير من أن ضربت زيدًا أمس أو من أن تضربه غدًا. ويقدر بما إذا أريد الحال نحو عجبت من ضربك زيدًا الآن أي مما تضربه. تنبيهات: الأول ذكر في التسهيل مع هذين الحرفين أن المخففة نحو علمت ضربك زيدًا، فالتقدير علمت أن قد ضربت زيدًا فأن مخففة لأنها واقعة بعد علم، والموضع غير صالح للمصدرية. الثاني ظاهر قوله إن كان أن ذلك شرط لازم وقد جعله في التسهيل غالبًا. وقال في شرحه: وليس تقديره بأحد الثلاثة شرطًا في عمله، ولكن الغالب   والتوبيخ نحو: وفاقا بنى الأهواء والغي والهوى قوله: "وجل" أي خائف فهو توكيد لما قبله. قوله: "نصب بالمصدر" واختلف في ناصب المصدر ففي الإيضاح أنه مفعول به عند سيبويه أي ألزم ضربا وغيره يراه منصوبا باضرب. ا. هـ. دماميني ومنه يعلم أن كون هذا المصدر بدلا من اللفظ بفعله إنما يظهر على مذهب غير سيبويه. قوله: "ويقدر بما إلخ" إنما خص تقدير ما بإرادة الحال مع صحة تقديرها عند إرادة الماضي والاستقبال أيضا إيثارا للأدل على المضي مع الماضي وعلى الاستقبال مع المضارع وهو أن لأنها مع الماضي للمضي ومع المضارع للاستقبال بخلاف ما فإنها صالحة للأزمنة الثلاثة مطلقا كما أفاده شارح الجامع. فاندفع اعتراض الدماميني وتبعه البعض بأن مقتضى كلامهم أن ما لا تقدر مع الماضي والمستقبل وليس كذلك بل يجوز تقديرها مع كل من الثلاثة. قوله: "أن المخففة" قد يقال قول الناظم مع أن يشملها والذي دعاه في التسهيل لذكر أن المخففة جعله المصدرية قسيمة لها على أن تقدير ما سائغ بعد أفعال العلم. قوله: "نحو علمت ضربك زيدا" إما أن تكون علمت في المثال بمعنى عرفت فيكفيها مفعول واحد وإما أن تكون المتعدية إلى مفعولين فيكون الثاني محذوفا تقديره حاصلا مثلا أو يقال: المصدر المقدر بأن المخففة يسد مسد المفعولين كما أنها كذلك فتدبر. قوله: "والموضع غير صالح للمصدرية" أي لأنها لا تقع بعد العلم ولا تسد مسد مفعوليه. ا. هـ. سم. قوله: "وقد جعله في التسهيل غالبا" عبارته فيه والغالب إن لم يكن بدلا من اللفظ بالفعل تقديره به بعد أن المخففة والمصدرية أو ما أختها. ا. هـ. قوله: "وليس تقديره إلخ" أي بدليل عمله مع امتناع التقدير بذلك في نحو ضربي زيدا قائما وإن إكرامك زيدا حسن، وكان تعظيمك زيدا حسنا ولا إعراض عن أحد إلا أن يقال: التقدير سائغ في الأصل وإن امتنع لعارض وقوعه في هذه المواضع التي التزمت فيها العرب عدم وقوع الحرف المصدري والفعل لأنهم كما قاله الدماميني لا يقولون إن اضرب زيد قائما ولا يوقعون أن وصلتها بعد إن إلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أن يكون كذلك. ومن وقوعه غير مقدر بأحدها قول العرب: سمع أذني أخاك يقول ذلك الثالث لإعمال المصدر شروط ذكرها في غير هذا الكتاب. أحدها أن يكون مظهرًا فلو أضمر لم يعمل خلافًا للكوفيين وأجاز ابن جني في الخصائص والرماني إعماله في المجرور وقياسه في الظرف. ثانيها أن يكون مكبرًا فلو صغر لم يعمل. ثالثها أن يكون غير محدود فلو حد بالتاء لم يعمل. وأما قوله: 703- يحابي به الجلد الذي هو حازم ... بضربة كفيه الملا نفس راكب فشاذ. رابعها أن يكون غير منعوت قبل تمام عمله فلا يجوز أعجبني ضربك المبرح   مفصولة بالخبر ونحوه نحو: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} [طه: 118] ، ومثل إن كان ولا يوقعون الحرف المصدري وصلته بعد لا غير المكررة أو يقال اللفظ الذي يقدر به لفظ آخر لا يلزم صحة النطق به مكانه كما ذكره الدماميني وشارح الجامع. قوله: "سمع أذني أخاك يقول ذلك" حال كالحال في ضربي العبد مسيئا فالتقدير سمع أذني أخاك حاصل إذ كان أو إذا كان، فصاحب الحال ضمير الفعل المحذوف لا الأخ وإن زعمه البعض. وإنما لم يكن المصدر هنا مقدرا بما أو أن المخففة لاشتراط أن يسبقهما أو المصدر المقدر بهما شيء ولم يوجد، وإنما لم يكن مقدرا بأن المصدرية لأن المراد الإخبار بأن سمع أذنه قول أخيه حاصل وأن تقتضي أنه سيحصل لأنها تخلص المضارع للاستقبال كذا قال البعض، وفيه نظر إذ تقدير أن والماضي لا يقتضي أن السمع سيحصل فتدبر. قوله: "فلو أضمر لم يعمل" لضعفه بالإضمار بزوال حروف الفعل فلا يجوز على الأصح مروري بزيد حسن وهو بعمرو قبيح. وتوقف البهوتي هل هذا الخلاف في ضمير اسم الفاعل أيضا نحو مكرم زيدا عالم وهو بكرا جاهل أو يعمل اتفاقا أو لا يعمل اتفاقا. وقول الدماميني لم أرَ أحدا حكى إجازة إعمال اسم الفاعل مضمرا يمنع الاحتمال الثاني ويضعف الأول ويقوي الثالث. قوله: "فلو صغر لم يعمل" لخروجه بالتصغير عن الصيغة التي هي أصل الفعل وقيل يعمل مصغرا ويوافقه رويدا زيدا. قوله: "غير محدود" أي دال على المرة. قوله: "فلو حد بالتاء" أي تاء الوحدة لم يعمل لأن صيغته حينئذٍ ليست الصيغة التي هي أصل الفعل فلو كانت التاء في أصل بناء المصدر كرحمة ورغبة ورهبة عمل كما قاله الشاطبي لعدم الوحدة حينئذٍ فلا يكون محدودا. قوله: "يحابي" أي يحيى به أي بالماء والجلد بفتح الجيم وسكون اللام القوي فاعل، والحازم الضابط والملا مقصور هو التراب. والشاهد في نصبه بضربة ونفس مفعول يحابي يصف الشاعر مسافرا معه ماء فتيمم وأحيا بالماء نفس راكب كاد يموت عطشا. قوله: "أن يكون غير منعوت إلخ" أي لأن النعت من خصائص الأسماء المبعدة عن الفعل   703- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في حاشية يس 2/ 62؛ والدرر 5/ 243؛ وشرح قطر الندى ص263؛ والمقاصد النحوية 3/ 527. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   زيدًا لأن معمول المصدر بمنزلة الصلة من الموصول فلا يفصل بينهما، فإن ورد ما يوهم ذلك قدر فعل بعد النعت يتعلق به المعمول المتأخر. فلو نعت بعد تمامه لم يمنع. والأولى أن يقال: غير متبوع بدل غير منعوت لأن حكم سائر التوابع حكم النعت في ذلك. خامسها أن يكون مفردًا. وأما قوله: 704- قد جربوه فما زادت تجاربهم ... أبا قدامة إلا المجد والفنعا فشاذ. وليس من الشروط كونه بمعنى الحال أو الاستقبال لأن يعمل لا لشبهه بالفعل بل لأنه أصل الفعل، بخلاف اسم الفاعل فإنه يعمل لشبهه بالمضارع فاشترط كونه حالًا أو مستقبلًا لأنهما مدلولا المضارع "ولاسم مصدر عمل" واسم المصدر هو ما ساوى المصدر في الدلالة على معناه وخالفه بخلوه لفظًا وتقديرًا دون عوض من بعض ما في   وإنما لم يؤثر بعد تمام العمل لضعفه بتأخره عن استقرار العمل. قوله: "قبل تمام عمله" أي بذكر سائر متعلقاته. قوله: "بمنزلة الصلة من الموصول" إنما قال بمنزلة نظرا إلى حال التصريح بالمصدر لأن المعمول في حال التصريح به ليس صلة ولا جزء صلة وإن كان بعد تقدير المصدر بأن أوما والفعل جزء صلة فلا حاجة لما قيل هنا من التكلف نعم كان الأولى أن يقول بمنزلة جزء الصلة كما علم من تقريرنا. قوله: "فلا يفصل بينهما" أي بالنعت وكذا غيره من التوابع كما سيصرح به الشارح وبالأولى الأجنبي ولهذا لا يصح أن يكون يوم في قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ، يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 8، 9] ، معمولا لرجع للفضل بالخبر كما سيذكره الشارح في الخاتمة. قوله: "أن يكون مفردا" أي لأن تثنيته وجمعه يخرجانه عن صيغه الأصلية التي هي أصل الفعل. وجوز عمله مجموعا جماعة منهم ابن عصفور والناظم. وبقي من الشروط تقدمه على معموله فلا يجوز أعجبني زيدا ضرب عمرو. نعم جوز بعضهم تأخره عن معموله إذا كان بدلا من اللفظ بفعله نحو زيدا ضربا أو كان المعمول ظرفا وهو الراجح وبقي منها أيضا ذكره فلا يعمل محذوفا على الأصح كما في الهمع وغيره. قوله: "تجاربهم" بكسر الراء جمع تجربة. والفنع بالفاء والنون المفتوحتين والعين المهملة الخير والكرم والفضل والثناء. قوله: "ولاسم مصدر عمل" أي مضافا أو مجردا أو مع أل كما أفاده سم. قوله: "في الدلالة على معناه" أي معنى المصدر وهو الحدث وبهذا خرج نحو الدهن والكحل بضم أولهما فإن كلا منهما وإن اشتمل على حروف الفعل لم يدل على الحدث بل على ذات. ومقتضى عبارته أن موضوع اسم المصدر الحدث كالمصدر والذي يدل عليه قولنا اسم مصدر وجزم به ابن يعيش وأبو حيان وغيرهما وصوبه بعضهم أن مضوعوعه المصدر نفسه. قوله: "دون عوض"   704- البيت من البسيط، وهو للأعشى في ديوانه ص159؛ وتذكرة النحاة ص463؛ وشرح عمدة الحافظ ص694؛ ولسان العرب 1/ 261 "جرب"، 8/ 257 "فنع"؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 394؛ والخصائص 2/ 208. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فعله كذا عرفه في التسهيل، فخرج نحو قتال فإنه خلا من ألف قاتل لفظًا لا تقديرًا ولذلك نطق بها في بعض المواضع، نحو قاتل قيتالًا وضارب ضيرابًا، لكنها انقلبت ياء لانكسار ما قبلها، ونحو عدة فإنه خلا من واو وعد لفظًا وتقديرًا، ولكن عوض منها التاء فهما مصدران لا اسما مصدر بخلاف الوضوء، والكلام من قولك توضأ وضوءًا وتكلم كلامًا فإنهما اسما مصدر لا مصدران لخلوهما لفظًا وتقديرًا من بعض ما في فعلهما، وحق المصدر أن يتضمن حروف فعله بمساواة نحو توضأ توضؤا، وبزيادة نحو أعلم إعلامًا. ثم اعلم أن اسم المصدر على ثلاثة أنواع: علم نحو يسار وفجار وبرة وهذا لا يعمل اتفاقًا وذي ميم مزيدة لغير مفاعلة كالمضرب والمحمدة. وهذا كالمصدر اتفاقًا. ومنه قوله: 705- أظلوم إن مصابكم رجلًا ... أهدى السلام تحية ظلم   متعلق بخلوه. قوله: "ما في فعله" أي من الحروف أصلية أو زائدة كما يؤخذ مما بعده. قوله: "ونحو عدة إلخ" أي ونحو تعليما وتسليما فإن التاء عوض عن إحدى اللامين. وأما المدة التي قبل الآخر فليست للتعويض بدليل ثبوتها في المصدر حيث لا تعويض كالانطلاق والإكرام والاستخراج. فعلم من ذلك أن العوض قد يكون آخرا وقد يكون أولا. قوله: "لخولهما لفظا وتقديرا" أي من غير عوض كما يفهم مما قدمه. قوله: "من بعض ما في فعلهما" أي وهو التاء وأحد حرفي التضعيف والمدة فيهما ليست عوضا لما علمت. قوله: "بمساواة إلخ" فإن نقص عن فعله فإن عوض عن الناقص أو قدر فيه فمصدر وإلا فاسم مصدر كما علم. قوله: "علم" قال في الهمع: اسم المصدر العلم لا يضاف ولا يقبل أل ولا يقع موقع الفعل ولا يقصد به الشياع ولا يوصف. قوله: "نحو يسار وفجار وبرة" الأول علم لليسر مقابل العسر. والثاني علم للفجور. والثالث علم للبر. واعترض البعض جعل الأخيرين اسم مصدر بانطباق تعريف المصدر عليهما وهو إنما يتجه على أن فعلهما فجر وبر وهو الظاهر الذي يدل عليه قولهم بمعنى الفجور والبر. أما إذا كان فعلهما أفجره وأبره أي صيره ذا فجور وذا بر فلا. قوله: "وهذا لا يعمل اتفاقا" أي وإن كان ظاهر إطلاق المتن عمله، إلا أن يقال كلام الناظم مقيد بما قيد به المصدر من كونه يصلح في موضعه أن أو ما والفعل واسم المصدر العلم ليس كذلك. ويشكل عليه أن مصابكم رجلا لأن ما بعد أن لا يقدر بالحرف المصدري والفعل ويجاب بما تقدم من أن ذلك سائغ في الأصل وإن عرض منعه بوقوع المصدر اسم إن، أو أن اللفظ المقدر به لفظ آخر لا يلزم صحة النطق به كما مر بيانه. قوله: "وذي ميم مزيدة لغير مفاعلة" تبع فيه ابن الناظم والتوضيح. والذي في كلام غيرهم كابن هشام في شرح الشذور أنه   705- البيت من الكامل، وهو للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص91؛ والاشتقاق ص99، 151؛ والأغاني 9/ 225؛ وخزانة الأدب 1/ 454؛ والدرر 5/ 258؛ ومعجم ما استعجم ص504؛ وللعرجي في ديوانه ص193؛ ودرة الغواص ص96؛ ومغني اللبيب 2/ 538؛ وللحارث أو للعرجي في إنباه الرواة 1/= الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والاحتراز بغير مفاعلة من نحو مضاربة من قولك ضارب مضاربة فإنها مصدر، وغير هذين وهو مراد الناظم فيه خلاف، فمنعه البصريون وأجازه الكوفيون والبغداديون ومنه قوله: 706- أكفرا بعد رد الموت عني ... وبعد عطائك المائة الرتاعا وقوله: 707- بعشرتك الكرام تعد منهم وقوله: 708- قالوا كلامك هندًا وهي مصغية ... يشفيك قلت صحيح ذاك لو كانا   مصدر لا اسم مصدر بل سيأتي في كلامه أيضا في آخر أبنية المصادر أن نحو مصاب مما جاء فيه المصدر على صيغة اسم المفعول. وهذا مما يقتضيه التعريف السابق. قوله: "والمحمدة" بفتح الميم الأولى وكسر الثانية بمعنى الحمد قاله المصرح، وسيأتي في آخر أبنية المصادر أن في الميم الثانية الفتح وأنه القياس. قوله: "أظلوم" الهمزة للنداء ومصابكم مصدر ميمي بمعنى أصابتكم مضاف إلى فعله، ورجلا مفعوله وجملة أهدى السلام نعت له، وتحية مفعول مطلق على حد قعدت جلوسا، وظلم خبر إن. قوله: "وغير هذين" أي العلم وذي الميم المزيدة لغير مفاعلة. قوله: "وهو مراد الناظم" هذه دعوى بلا دليل، إذ الظاهر أن ذا الميم الزائدة لغير مفاعلة على كونه اسم مصدر كما درج عليه الشارح هنا داخل تحت كلام المصنف ومراد له فتدبر. قوله: "المائة الرتاعا"   = 284؛ وشرح التصريح 2/ 64؛ وشرح شواهد المغني 2/ 892؛ والمقاصد النحوية 3/ 502؛ ولأبي دهيل الجمحي في ديوانه ص66؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 226؛ وأوضح المسالك 3/ 210؛ وشرح شذور الذهب ص527؛ وشرح عمدة الحافظ ص731 ومجالس ثعلب ص270؛ ومراتب النحويين ص127؛ وهمع الهوامع 2/ 94. 706- البيت من الوافر، وهو للقطامي في ديوانه ص37؛ وتذكرة النحاة ص456؛ وخزانة الأدب 8/ 136، 137؛ والدرر 3/ 62؛ وشرح التصريح 2/ 64؛ وشرح شواهد المغني 2/ 849؛ وشرح عمدة الحافظ ص695؛ ولسان العرب 8/ 38 "عطا"، 9/ 141 "رهف"؛ ومعاهد التنصيص 1/ 179؛ والمقاصد النحوية 3/ 505؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 411؛ وأوضح المسالك 3/ 211؛ والدرر 5/ 262؛ وشرح شذور الذهب ص528؛ وشرح ابن عقيل ص414؛ ولسان العرب 8/ 163؛ "سمع"، 15/ 138 "غنا"؛ وهمع الهوامع 1/ 188، 2/ 95. 707- عجزه: فلا ترين لغيرهم الوفاء والبيت من الوافر، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 527. 708- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح شذور الذهب ص34. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 وبعد جره الذي أضيف له ... كمل بنصب أو برفع عمله   وقوله: 709- لأن ثواب الله كل موحد ... جنانًا من الفردوس فيها يخلد وقول عائشة -رضي الله عنها: من قبلة الرجل زوجته الوضوء. تنبيه: إعمال اسم المصدر قليل. وقال الصيمري: إعماله شاذ وقد أشار الناظم إلى قلته بتنكير عمل "وبعد جره الذي أضيف له كمل بنصب أو برفع عمله" اعلم أن للمصدر المضاف خمسة أحوال: الأول أن يضاف إلى فاعله ثم يأتي مفعوله نحو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} [البقرة: 251، الحج: 40] . الثاني عكسه نحو أعجبني شرب العسل زيد. ومنه قوله: 710- قرع القواقيز أفواه الأباريق   بكسر الراء أي الراتعة من الإبل. قوله: "جنانا" مفعول ثان لثواب. قوله: "قليل" أي وإن كان قياسيا كما يؤخذ من المقابلة. قوله: "كمل بنصب أو برفع عمله" أي إن أردت التكميل كما سيذكره الشارح فالأمر للإباحة لا للوجوب، ولا يرد وجوب التكميل بالمنصوب في باب ظن إذا لم يدل عليه دليل لظهور استثنائه بقرينة قول المصنف في باب ظن: ولا تجز هنا بلا دليل ... سقوط مفعولين أو مفعول فاندفع ما أطالوا به هنا. وأو مانعة خلوّ فتجوز الجمع فتدخل صورة إضافة المصدر للظرف وتكميله بالرفع والنصب معا. قوله: "خمسة أحوال" هذه الأحوال التي ذكرها ظاهرة في مصدر المتعدي لواحد أما مصدر المتعدي لاثنين أو ثلاثة فتجوز إضافته لكل من مفعوليه أو مفاعيله ولفاعله وللظرف المتسع فيه. وأما مصدر اللازم فتجوز إضافته لفاعله وللظرف وترك ذلك لعلمه بالمقايسة. قوله: "قرع القوافيز إلخ" صدره:   709- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص339؛ والدرر 5/ 263؛ وشرح عمدة الحافظ ص694؛ ولسان العرب 6/ 164 "فردوس"؛ وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص529؛ وهمع الهوامع 2/ 95. 710- صدره: أفنى بلادي وما جمعت من نشب والبيت من البسيط، وهو للأقيشر الأسدي في ديوانه ص60؛ والأغاني 11/ 259؛ وخزانة الأدب 4/ 491؛ والدرر 5/ 256؛ وشرح التصريح 2/ 64؛ وشرح شواهد المغني 2/ 891؛ والشعر والشعراء ص565؛ ولسان العرب 5/ 396 "ققز"؛ والمؤتلف والمختلف ص56؛ والمقاصد النحوية 3/ 508؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص338؛ والإنصاف 1/ 233؛ وأوضح المسالك 3/ 212؛ وشرح شذور الذهب ص493؛ واللمع ص271؛ ومغني اللبيب 2/ 536؛ والمقتضب 1/ 21؛ والمقرب 1/ 130؛ وهمع الهوامع 2/ 94. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 711- نفي الدراهيم تنقاد الصياريف وليس مخصوصًا بالضرورة خلافًا لبعضهم ففي الحديث "حج البيت من استطاع إليه سبيلا"، أي وأن يحج البيت المستطيع لكنه قليل. الثالث أن   أفنى تلادي وما جمعت من نشب التلاد بكسر الفوقية المبدلة من الواو. والتليد كأمير المال القديم وضده الطارف والطريف. والنشب بفتح النون والشين المعجمة المال الثابت كالدار. والقوافيز بقافين وزاي معجمة جمع قاقوزة وهي القدح التي يشرب فيها الخمر. وأفواه بالرفع فاعل قرع. قوله: "نفي الدراهيم" صدره: تنفى يداها الحصى في كل هاجرة الضمير للناقة والهاجرة وقت اشتداد الحر، وذلك منتصف النهار. ونفي مفعول مطلق والدراهيم جمع درهام لغة في الدرهم فالياء ليست للإشباع بل هي منقلبة عن ألف المفرد بخلاف ياء الصياريف جمع صيرف. وتنقاد مصدر على تفعال بفتح التاء بمعنى نقد وهو مرفوع فاعل نفي. قوله: "ففي الحديث إلخ" عدل عن الاستدلال بآية، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] ، لعدم تعين من استطاع فيها للفاعلية لاحتمال كونه بدلا من الناس بدل بعض من كل حذف رابطه لفهمه أي من استطاع منهم وإن أورد عليه لزوم الفصل بين البدل والمبدل منه بأجنبي وهو المبتدأ وأن يكون مبتدأ خبره محذوف أي فعليه أن يحج، أو شرطية جوابها محذوف أي فليحج ولما أورد على جعل من استطاع فاعلا للمصدر من فساد المعنى لأن المعنى حينئذٍ ولله على الناس مستطيعهم وغير مستطيعهم أن يحج البيت المستطيع فيلزم تأثيم جميع الناس بتخلف مستطيع عن الحج مع أن حج كل مستطيع ليس على غير نفسه قطعا. وأجيب عنه بأن الفساد مبني على كون أل في الناس للاستغراق وليس كذلك بل للعهد الذكرى لأن حج مبتدأ ورتبة المبتدأ مع متعلقاته التقديم، فالمعنى حج المستطيعين البيت   711- صدره: تنفي يداها الحصى في كل هاجرة والبيت من البسيط، وهو للفرزدق في الإنصاف 1/ 27؛ وخزانة الأدب 4/ 424، 426؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 25؛ وشرح التصريح 2/ 371؛ والكتاب 1/ 28؛ ولسان العرب 9/ 190 "صرف"؛ والمقاصد النحوية 3/ 521؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أسرار العربية ص45؛ والأشباه والنظائر 2/ 29؛ وأوضح المسالك 4/ 376؛ وتخليص الشواهد ص169؛ وجمهرة اللغة ص741؛ ورصف المباني ص12، 446؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 769؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1477؛ وشرح ابن عقيل ص416؛ وشرح قطر الندى ص268؛ ولسان العرب 1/ 683 "قطرب"، 2/ 295 "سحج"، 3/ 425 "نقد"، 8/ 211 "صنع"، 12/ 199 "درهم"، 15/ 338 "نفي"؛ والمقتضب 2/ 258؛ والممتع في التصريف 1/ 205. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 وجر ما يتبع ما جر ومن ... راعى في الاتباع المحل فحسن   يضاف إلى الفاعل ثم لا يذكر المفعول نحو: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ} [التوبة: 114] ، {رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40] ، الرابع نحو: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} [فصلت: 49] . الخامس أن يضاف إلى الظرف فيرفع وينصب كالمنون نحو أعجبني انتظار يوم الجمعة زيد عمرًا. تنبيه: قوله: كمل ينصب إلى آخره يعني إن أردت، لما عرفت من أنه لا غير لازم "وجر ما يتبع ما جر" مراعاة للفظه وهو الأحسن "ومن راعى في الاتباع المحل فحسن" فالمضاف إليه المصدر إن كان فاعلًا فمحله رفع وإن كان مفعولًا فمحله إن قدر بأن وفعل الفعل، ورفع إن قدر بأن وفعل المفعول، فتقول: عجبت من ضرب زيد الظريف بالرفع. ومنه قوله: 712- حتى تهجر في الرواح وهاجها ... طلب المعقب حقه المظلوم   وأجب لله على هؤلاء المستطيعين. من المغني والدماميني عليه. قوله: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ} أي ربه. قوله: {رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} أي إياك. قوله: "فيرفع وينصب" أي مع ذكر المرفوع والمنصوب أو أحدهما أو حذفهما. قوله: "لما عرفت" أي من بيان الأحوال الخمسة إذ في بعضها حذف المفعول وفي بعضها حذف الفاعل قال الدماميني لنا صورة يلزم فيها ذكر المرفوع بالمصدر وهي ما إذا كان اسما للكون ونحوه من مصادر الأفعال الناقصة لأن عدم ذكره يفضي إلى بقاء الخبر بلا مخبر عنه كما لو قلت يعجبني كون قائم بحذف المرفوع. ا. هـ. قوله: "وجر ما يتبع ما جر" أي جر تابع المجرور الذي هو ما أضيف إليه المصدر ومحل جر التابع ما لم يمنع منه مانع كما في التسهيل قال الدماميني: كما في أعجبني إكرامك وزيد فإن جر التابع يؤدي إلى العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض وهو ممنوع. ا. هـ. ولا يخفى أنه إنما يظهر على مذهب غير الناظم لا على مذهبه من جواز العطف بلا إعادة الخافض. قوله: "فحسن" أي فهو يعني ما ذكر من مراعاة المحل حسن أو فرأيه حسن أو نحو ذلك. قوله: "حتى تهجر إلخ" حتى غائية وتهجر سار في الهاجرة، وضميره للحمار الوحشي، والرواح ما بين الزوال والليل. وهاجها أثارها في طلب الماء والضمير لأتان كانت مرافقة لذلك الحمار الوحشي. وطلب   712- البيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص128؛ والإنصاف 1/ 223؛ وخزانة الأدب 2/ 242، 245، 8/ 134؛ والدرر 6/ 118؛ وشرح التصريح 2/ 65؛ وشرح شواهد الإيضاح ص133؛ وشرح المفصل 6/ 66؛ ولسان العرب 1/ 614؛ والمقاصد النحوية 3/ 512؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 214؛ وجمهرة اللغة ص364؛ وخزانة الأدب 8/ 134؛ وشرح ابن عقيل ص417؛ وشرح المفصل 2/ 42، 46؛ وهمع الهوامع 2/ 145. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فرفع المظلوم على الاتباع لمحل المعقب. وقوله: 713- السالك الثغرة اليقظان سالكها ... مشي الهلوك عليها الخيعل الفضل الفضل اللابسة ثوب الخلوة، وهو نعت للهلوك على الموضع لأنها فاعل المشي. وتقول: عجبت من أكل الخبز واللحم فالجر على اللفظ والنصب على المحل كقوله: 714- قد كنت داينت بها حسانًا ... مخافة الإفلاس والليانا ولو قلت: واللحم بالرفع جاز على معنى من أكل الخبز واللحم. تنبيه: ظاهر كلامه جواز الاتباع على المحل في جميع التوابع وهو مذهب الكوفيين   المعقب مفعول مطلق لهاج مضاف إلى فاعله وهو المعقب بكسر القاف الغريم الطالب من عقب في الأمر إذا طلبه مجددا. وحقه مفعول المصدر. والمظلوم بالرفع مصدر نعت للمعقب على محله. قوله: "السالك" خبر بعد خبر لأنت في بيت قبله. والثغرة بضم المثلثة وسكون الغين المعجمة الثنية المخوفة بالنصب على المفعوليه للسالك وبالجر على إضافة السالك واليقظان نعت سببي للثغرة ففيه أيضا الوجهان. ومشى الهلوك مفعول مطلق لمحذوف أي يمشي مشي الهلوك كما قاله العيني وتبعه البعض. ولك أن تجعله عامله السالك على حد قعدت جلوسا. والهلوك بفتح الهاء وضم اللام آخره كاف المرأة الفاجرة. وجملة عليها الخيعل حال. والخيعل بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية وفتح العين المهملة قميص لا كم له. وقيل قميص قصير. والفضل بضم الفاء والضاد المعجمة اللابسة ثوب الخلوة على ما في الشرح نعت للهلوك على محله. وفي شرح الهذليات أنه الخيعل لبس تحت إزار، قال العيني: هذا هو الصحيح وعليه هو صفة للخيعل فلا يكون فيه شاهد. قوله: "قد كنت داينت بها إلخ" الضمير للقنية أي أخذتها في دين لي على حسان. والليان بفتح اللام أكثر من كسرها المطل.   713- البيت من البسيط، وهو للمتنخل الهذلي في تذكرة النحاة ص346؛ وخزانة الأدب 5/ 11؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 1281؛ والشعر والشعراء 2/ 665؛ ولسان العرب 11/ 210 "حفل"، 11/ 526 "فضل"؛ والمعاني الكبير ص543؛ والمقاصد النحوية 3/ 516؛ وللهذلي في الخصائص 2/ 167؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 611؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 101، 103؛ والدرر 3/ 60، 6/ 189؛ وشرح عمدة الحافظ ص701؛ وهمع الهوامع 1/ 187، 2/ 145. 714- الرجز لرؤية في ملحق ديوانه ص187؛ والكتاب 1/ 191، 192؛ ولزيادة العنبري في شرح التصريح 2/ 65؛ وشرح المفصل 6/ 65؛ وله أو لرؤبة في الدرر 6/ 190؛ وشرح شواهد الإيضاح ص131؛ وشرح شواهد المغني 2/ 869؛ والمقاصد النحوية 3/ 520؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 215؛ وخزانة الأدب 5/ 102؛ وشرح ابن عقيل ص418؛ وشرح المفصل 6/ 69؛ ومغني اللبيب 2/ 476؛ وهمع الهوامع 2/ 145. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وطائفة من البصريين. وذهب سيبويه ومن وافقه من أهل البصرة إلى أنه لا يجوز الاتباع على المحل. وفصل أبو عمرو فأجاز في العطف والبدل ومنع في التوكيد والنعت، والظاهر الجواز لورود السماع، والتأويل خلاف الظاهر. خاتمة: قد تقدمت الإشارة إلى أن المصدر المقدر بالحرف المصدري والفعل مع معموله كالموصول مع صلته، فلا يتقدم ما يتعلق به عليه كما لا يتقدم شيء من الصلة على الموصول، ولا يفصل بينهما بأجنبي كما لا يفصل بين الموصول وصلته، وأنه إن ورد ما يوهم ذلك أول. فما يوهم التقدم قوله: 715- وبعض الحلم عند الجهل للذلة إذعان فليت اللام من قوله للذلة متعلق بإذعان المذكور بل بمحذوف قبلها يدل عليه المذكور. والتقدير وبعض الحلم عند الجهل إذعان للذلة إذعان. وهذا التقدير نظير ما في   قوله: "أنه لا يجوز الاتباع على المحل" أي اتباع مجرور المصدر ومثله الوصف كاسم الفاعل لاشتراط سيبويه ومن وافقه في مرعاة المحل وجود المحرز وهو مفقود هنا لأن الاسم المشبه للفعل لا يعمل في كلمة رفعا أو نصبا إلا إذا كان محلى بأل أو منوّنا أو مضافا إلى غير تلك الكلمة وغير متبوعها. قاله الشمني. قوله: "فأجاز في العطف والبدل إلخ" لعل وجه الفرق أن البدل على نية تكرار العامل والعاطف ثائم مقام إعادة فيكونان أقوى مما بعدهما. قوله: "والتأويل" أي بجعل المرفوع فاعلا لمحذوف والمنصوب مفعولا لمحذوف خلاف الظاهر لأن الأصل عدم الحذف. قوله: "المقدر بالحرف المصدري والفعل" سيأتي مقابله في آخر الباب أما المصدر الآتي بدلا من اللفظ بفعله. قوله: "فلا يتقدم ما يتعلق به عليه" قال الرضي: أنا لا أرى منعا من تقديم معموله عليه إذا كان ظرفا أو شبهه. قال الله تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ} [النور: 2] ، وقال: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصافات: 102] ، ومثله في كلامهم كثير والتأويل تكلف وليس كل مقدر بشيء حكمه حكم ما قدر به. ا. هـ. ومما أول به الآيتان جعل الظرف متعلقا بمحذوف حال من المصدر. قوله: "بأجنبي" هو ما ليس متعلقا بالمصدر ولا متمما له كالمبتدأ والخبر وفاعل غير المصدر ومفعوله وغير الأجنبي ما هو متعلق به ومتمم له كفاعل المصدر ومفعوله والظرف والمجرور المتعلقين به فلا يجوز ضربي حسن زيدا في الدار، ويجوز ضربي زيدا في الدار حسن كغير الأجنبي الجملة المعترضة فيجوز الفصل بها لأنهم أجروها مجرى غير الأجنبي.   715- البيت من الهزج، وهو للفند الزماني "شهل بن شيبان" في أمالي القالي 1/ 260؛ وحماسة البحتري ص56؛ وخزانة الأدب 3/ 431؛ والدرر 5/ 250؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص38؛ وشرح شواهد المغني 2/ 944؛ والمقاصد النحوية 3/ 122؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 147؛ وهمع الهوامع 2/ 93. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   نحو: {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20] ، ومما يوهم الفصل بأجنبي قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ، يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطلاق: 9] ، فليس يوم منصوبًا يرجعه كما زعم الزمخشري، وإلا لزم الفصل بأجنبي بين مصدر ومعموله والإخبار عن موصول قبل تمام صلته. والوجه الجيد أن يقدر ليوم ناصب والتقدير يرجعه {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطلاق: 9] ، ومنه أيضًا قوله: 716- المن للذم داع بالعطاء فلا ... تمنن فتلفى بلا حمد ولا مال فليست الباء الجارة للعطاء متعلقة بالمن ليكون التقدير المن بالعطاء داع للذم وإن كان المعنى عليه لفساد الإعراب لأنه يستلزم المحذورين المذكورين. فالمخلص من ذلك تعلق الباء بمحذوف. كأنه قيل المن للذم داع المن بالعطاء. فالمن الثاني بدل من المن الأول فحذف وأبقى ما يتعلق به دليلًا عليه. أما المصدر الآتي بدلًا من اللفظ بفعله. فالأصح أنه مساوٍ لاسم الفاعل في تحمل الضمير وجواز تقديم المنصوب به والمجرور بحرف يتعلق به عليه لأنه ليس بمنزلة موصوف ولا معموله بمنزلة صلته. والله أعلم.   قوله: "نظير ما في نحو إلخ" أي نظير التقدير الكائن في نحو إلخ إذ التقدير كما مر وكانوا زاهدين فيه. قوله: "أنه" أي الخالق المفهوم من خلق إذ من المعلوم أن لا خالق سواه. قوله: "على رجعه" في الهاء وجهان: أحدهما أنه ضمير الإنسان أي على بعثه بعد موته والثاني أنه ضمير الماء أي رجع المني في الإحليل أو الصلب. ا. هـ. شمني. قوله: "الفصل بأجنبي بين مصدر ومعموله" أجاب بعضهم كابن الحاجب بأن الفصل مغتفر إذا كان المعمول ظرفا كالآية لاتساعهم فيه. قوله: "والإخبار عن موصول إلخ" المراد الإخبار معنى لا لفظا فإن المعنى أن رجعه يوم تبلى السرائر يقدر الله عليه وقوله: عن موصول أي عن متضمن موصول وهو المصدر لأنه في تأويل أن والفعل وقوله: قبل تمام صلته أي بالظرف. قوله: "يرجعه" بفتح الياء لمناسبة المصدر من رجع المتعدي كما في قوله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 83] . قوله: "لفساد الإعراب" علة لقوله: فليست إلخ والمراد بالمحذورين المذكورين الفصل بالأجنبي والإخبار عن الموصول قبل تمام صلته. قوله: "في تحمل الضمير" أي على القول بأن العمل للمصدر لا للفعل المبدل منه أما على القول بأن العمل للفعل فالضمير فيه ولا ضمير في المصدر. قوله: "وجواز إلخ" اعلم أنه يجوز تقديم المنصوب سواء جرينا على القول بأن العمل للفعل المبدل منه ونيابة المصدر عنه في المعنى فقط أو على القول بأنه للمصدر كما هو صريح عبارة الشارح بناء على المشهور من أنه مفعول مطلق ناب عن الفعل معنى وعملا أما على مذهب سيبويه من أنه مفعول به فممتنع التقديم قال الدماميني: لأن ضربا حينئذٍ بمعنى أن تضرب.   716- البيت من البسيط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 إعمال اسم الفاعل: كفعله اسم فاعل في العمل ... إن كان عن مضيه بمعزل   إعمال اسم الفاعل: "كفعله فاعل في العمل" واسم الفاعل هو الصفة الدالة على فاعل جارية في التذكير والتأنيث على المضارع من أفعالها لمعناه أو معنى الماضي، كذا عرفه في التسهيل. فالصفة جنس. والدالة على فاعل لإخراج اسم المفعول وما بمعناه. وجارية في التذكير والتأنيث على المضارع من أفعالها لاخراج الجارية على الماضي نحو فرح. وغير الجارية نحو كريم. وفي التذكير والتأنيث لإخراج نحو أهيف فإنه لا يجري على المضارع إلا في التذكير. ولمعناه أو معنى لإخراج نحو ضامر الكشح من الصفة المشبهة   إعمال اسم الفاعل: قوله: "في العمل" أي عمل التعدي إن كان فعله متعديا وعمل اللزوم إن كان فعله لازما، وإنما قال في العمل لمخالفة اسم الفاعل الفعل في جواز إضافته لمعموله ودخول اللام على معموله المتأخر بخلاف الفعل فيهما وفي أنه يصح أن يقع هو ومعطوف عليه خبرا عن مثنى أو وصفا له فيمتنع تقديم معموله عليه نحو هذان ضارب زيدا ومكرمه، وجاء رجلان ضارب زيدا ومكرمه بخلاف الفعل والجار والمجرور متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الكاف أو بالكاف لما فيها من معنى التشبيه بناء على القول بجواز التعلق بالحرف الذي فيه معنى الفعل كما مر بيانه في باب حروف الجر. قوله: "على فاعل" أي فاعل حدث تلك الصفة. قوله: "جارية" أي في مطلق الحركات والسكنات ولو بحسب الأصل كما في يقوم وقائم حال من الصفة أو من ضميرها في الدالة وقوله في التذكير والتأنيث أي في حالتيهما. قوله: "لمعناه" أي مفيدة لمعنى المضارع من حال أو استقبال ومثلهما الاستمرار التجددي كما تقدم في باب الإضافة. قوله: "وما بمعناه" كفعيل بمعنى مفعول وكالمصدر الذي بمعنى مفعول نحو الدرهم ضرب الأمير أي مضروبه. والحكم على هذا بالخروج الذي هو فرع من الدخول لأنه صفة تأويلا فيكون داخلا في الجنس وكفعلة بضم الفاء وسكون العين كضحكة بسكون الحاء أي مضحوك عليه فإن فتحت العين كان بمعنى الفاعل كضحكة بفتح الحاء أي ضاحك على غيره وكذا همزة لمزة. قال الكرماني في شرحه على البخاري وهذه قاعدة كلية. قوله: "وغير الجارية" أي على شيء من الأفعال. قوله: "نحو كريم" أي ونحو ضراب وضروب ومضراب. قوله: "إلا في التذكير" أي لأن مؤنثه هيفاء. قوله: "لإخراج نحو ضامر الكشح إلخ" أي لأن الصفة المشبهة للاستمرار الدوامي. قوله: "من الصفة المشبهة" أي الجارية على المضارع في الحركات والسكنات وإلا ففرح وكريم وأهيف أيضا صفات مشبهة ولا تنافي بين ما هنا من إخراج نحو فرح وكريم وأهيف من اسم الفاعل وما سيأتي في أبنية أسماء الفاعلين من أنها أسماء فاعلين لأن ما هنا باعتبار اصطلاحهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 وولي استفهامًا أو حرف ندا ... أو نفيًا أو جا صفة أو مسندا   ويعمل اسم الفاعل عمل فعله في التعدي واللزوم "إن كان عن مضيه بمعزل" بأن كان بمعنى الحال أو الاستقبال لأنه إنما عمل حملًا على المضارع وهو كذلك "وولى" ما يقربه من الفعلية بأن ولى "استفهامًا" ملفوظًا به نحو أضارب زيد عمرًا. وقوله: أمنجز أنتمو وعدًا وثقت به أو مقدر نحو مهين زيد عمرًا أم مكرمه "أو حرف ندا" نحو يا طالعًا جبلًا. والصواب أن النداء ليس من ذلك والمسوغ إنما هو الاعتماد على الموصوف المقدر والتقدير يا رجلًا طالعًا جبلًا "أو نفيًا" نحو ما ضارب زيد عمرًا "أو جا صفة" إما مذكور نحو مررت برجل قائد بعيرًا، ومنه الحال نحو جاء زيد راكبًا فرسًا أو محذوف وسيأتي "أو مسندًا" لمبتدأ أو لما أصله المبتدأ نحو زيد مكرم عمرًا وإن زيدًا مكرم عمرًا، فإن تخلف شرط من هذين لم يعمل بأن كان بمعنى الماضي خلافًا للكسائي ولا حجة له في:   المشهور وما سيأتي باعتبار اصطلاح آخر لهم أيضا. قوله: "إن كان عن مضيه" أي مضي حدثه بمعزل أي في مكان عزل أي إبعاد والمكان هنا مجازي بمعنى التركيب ومن مضيه متعلق بمعزل لأنه وإن كان اسم مكان يصح تعلق الظرف به لأنه يكتفي بما فيه رائحة الفعل فهو كقولك: رأيت مدخلك إلى الدار فبطل منع البعض صحة تعلقه بمعزل واستغنى عما تكلفه فيه. قوله: "بأن كان بمعنى الحال أو الاستقبال" مثل ذلك ما إذا كان بمعنى الاستمرار التجددي كما تقدم وكلام الناظم شامل له. قوله: "وهو" أي المضارع كذلك أي بمعنى الحال أو الاستقبال. قوله: "نحو مهين" أي أمهين بدليل أم، وفي نسخ ترك ذكر الاستفهام المقدر نصها استفهاما نحو أضارب زيدا عمرا وقوله: أمنجز أنتم وعدا وثقت به أو حرف نداء. ا. هـ وهذا أولى لسلامته من التكرار مع التنبيه الآتي قبيل قول المصنف وإن يكن صلة أل إلخ. قوله: "والصواب أن النداء ليس من ذلك" أي من مسوغ عمل اسم الفاعل وذلك لأن حرف النداء مختص بالاسم فكيف يكون مقربا من الفعل. وأجيب بأن المصنف لم يدّع أنه مسوغ بل أن الوصف إذا ولى حرف النداء عمل وهذا لا ينافي كون المسوّغ الاعتماد على الموصوف المحذوف وإنما صرح بذلك حينئذٍ مع دخوله في قوله بعد وقد يكون نعت محذوف إلخ لدفع توهم أن اسم الفاعل لا يعمل إذا ولى حرف النداء لبعده عن الفعل. قوله: "أو نفيا" أي أداة نفي ولو تأويلا نحو إنما قائم الزيدان أي ما قام إلا الزيدان سم. قوله: "ومنه الحال" أي لأنه صفة في المعنى فليس المراد بالصفة النعت بل الأعم. قوله: "بأن كان بمعنى الماضي" فلا تقول: أنا ضارب زيدا أمس إذ لا يقال: أنا أضرب زيدا أمس حتى قال بعضهم: لا شيء علي من قال: أنا قاتل زيدا أمس لأنه لا ينصب ماضيا. ا. هـ. فارضي. ثم قال: ولا يقال إن الوصف عمل ماضيا في نحو كان زيد آكلا طعامك لأن الأصل زيد آكل طعامك فلما دخلت كان قصد حكاية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} [الكهف: 18] ، فإنه على حكاية الحال. والمعنى يبسط ذراعيه بدليل ما قبله وهو ونقلبهم ولم يقل: وقلبناهم. أو لم يعتمد على شيء مما سبق خلافًا للكوفيين والأخفش. فلا يجوز ضارب زيد أمس. تنبيهان: الأول هذا الخلاف في عمل الماضي دون أل بالنسبة إلى المفعول به. وأما رفعه الفاعل فذهب بعضهم إلى أنه لا يرفع الظاهر وبه قال ابن جني والشلوبين. وذهب قوم إلى أنه يرفعه وهوظاهر كلام سيبويه واختاره ابن عصفور. وأما المضمر فحكى ابن عصفور الاتفاق على أنه يرفعه. وحكى غيره عن ابن طاهر وابن خروف المنع وهو بعيد. الثاني من شروط أعمال اسم الفاعل المجرد أيضًا أن لا يكون مصغرًا ولا موضوعًا.   التركيب السابق ذكره ابن إياز. ا. هـ. وقوله قصد حكاية التركيب السابق أي فدخلت كان بعد العمل. قوله: "على حكاية الحال" في حكاية الحال الماضية طريقتان: الأولى وهي المشهورة أن يقدر الفعل الماضي واقعا في زمن المتكلم، الثانية وهي طريقة الأندلسي أن يقدر المتكلم نفسه موجودا في زمن وقوع الفعل والتعبير على كل بما للحال. قال بعضهم لا حاجة إلى تكلف الحكاية لأن حال أهل الكهف مستمر إلى الآن فيجوز أن يلاحظ في باسط الحال فيكون عاملا وفي كلامهم ما يؤيده. تنبيه: في النكت أن دلالة اسم الفاعل على التجدد أغلبية ومن غير الغالب نحو مستقر ودائم. قوله: "بدليل ما قبله" وبدليل أن الواو في وكلبهم حالية إذ يحسن جاء زيد وأبوه يضحك ولا يحسن وأبوه ضحك. قوله: "فلا يجوز ضارب زيدا أمس" أي لانتفاء الشرطين الاعتماد وكونه لغير الماضي فهو تفريع على قوله فإن تخلف شرط من هذين لم يعمل لأنه يعلم منه بالأولى عدم العمل إذا تخلف كلا الشرطين وفي نسخ إسقاط أمس فيكون عدم الجواز لتخلف الاعتماد فهو تفريع على القريب منه أعني قوله أو لم يعتمد على شيء مما سبق. وبما قررناه على زيادة أمس علم سقوط قول البعض: كان الأولى بل الصواب حذف أمس كما يظهر. ا. هـ. لأنه مبني على أن قوله: فلا يجوز ضارب زيدا أمس تفريع على قوله: أو لم يعتمد على شيء وقد علمت أن الأمر ليس كذلك فتفطن. وعبارة الهمع ضارب زيدا عندنا. قوله: "هذا الخلاف" أي الذي بين الجمهور والكسائي. قوله: "دون أل" حال من الماضي أما الماضي المقرون بأل فلا خلاف في عمله كما سيأتي في كلام الناظم. قوله: "إلى أنه يرفعه" قال السيوطي: وهو الأصح لكن بشرط اعتماده على نفي أو استفهام أو موصوف أو مسند إليه، وحينئذٍ فشرط عمل الرفع في الظاهر الاعتماد لا كونه بمعنى المضارع. وقول المغني: إن اشتراط الجمهور الاعتماد وكون الوصف بمعنى الحال أو الاستقبال إنما هو للعمل في المنصوب يعني به اشتراطهم مجموع الأمرين وإلا فالاعتماد شرط عند الجمهور للعمل في المرفوع أيضا كذا قال الدماميني والشمني. قوله: "وأما المضمر" أي البارز وأما المستتر فيرفعه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   خلافًا للكسائي فيهما لأنهما يختصان بالاسم فيبعدان الوصف عن الفعلية ولا حجة له في قول بعضهم: أظنني مرتحلًا، وسويرًا فرسخًا. لأن فرسخًا طرف يكتفي برائحة الفعل. وقال بعض المتأخرين: إن لم يحفظ له مكبر جاز كما في قوله: ترقرق في الأيدي كميت عصيرها حيث رفع عصيرها بكميت. ولا حجة له أيضًا على إعمال الموصوف في قوله: 717- إذا فاقد خطباء فرحين رجعت ... ذكرت سليمي في الخليط المزايل   بلا خلاف كما في التصريح. قوله: "المجرد" أي من أل أما المقرون بها فليس ما ذكر شرطا فيه. قوله: "ولا موصوفا" أي لا قبل العمل ولا بعده على ما هو ظاهر كلام ابن عصفور واختاره الناظم كما قاله الدماميني وسيذكر الشارح قولين آخرين. والصحيح كما في المغني التفصيل. قوله: "خلافا للكسائي فيهما" محل الخلاف إنما هو في عمله في المفعول به كما أفاده الدماميني فلا يصح استدلال المخالف بقوله كميت عصيرها لأنه ليس من عمله في المفعول به مع أن في كون كميت اسم فاعل مصغرا نظرا ظاهرا فاعرفه. ونسب في الهمع اعمال المصغر إلى الكوفيين إلا الفراء. وعبارته وقال الكوفيون إلا الفراء ووافقهم النحاس يعمل مصغرا بناء على مذهبهم أن المعتبر شبهه الفعل في المعنى لا الصورة. قال ابن مالك في التحفة: وهو قوي بدليل اعماله محوّلا للمبالغة اعتبارا بالمعنى لا للصورة وقاسه النحاس على التكسير. ا. هـ. قوله: "لأنهما يختصان بالاسم" عورض بأن التثنية والجمع من خصائص الأسماء مع أنهما لا يمنعان العمل وما أجيب به من أنهما جاءا بعد استقرار عمله مفردا بخلاف التصغير والنعت تحكم محض. قوله: "يكتفي برائحة الفعل" أي بما فيه معنى الفعل في الجملة بدليل عمل اسم الفاعل بمعنى الماضي فيه. قوله: "ترقرق في الأيدي إلخ" صدره: فما طعم راج في الزجاج مدامة الراح والمدامة من أسماء الخمر وجملة ترقرق أي تتلألأ في الأيدي صفة مدامة. وكميت بالجر صفة راح. وروي بالرفع كما ذكره شيخنا ولا شاهد في البيت عليه لأن كميت حينئذٍ خبر مقدم وعصيرها مبتدأ مؤخر. والكميت الذي يخالط حمرته سواد قاله العيني مع زيادة. ويلزم على جعله كميت صفة راح تقديم غير النعت من التوابع عليه مع أن تفرقته بين الصفتين تحكم. وترقرق بفتح التاء مضارع ترقرق الشيء أي تلألأ ولمع حذف منه إحدى التاءين. هذا هو الموافق لما في كتب اللغة وفي الاستشهاد ما مر. قوله: "إذا فاقد إلخ" فاقد فاعل لمحذوف يفسره المذكور أي إذا رجعت فاقد أي امرأة فاقد، خطباء بالمد أي بينة الخطب أي الكرب، فرخين أي   717- البيت من الطويل، وهو لبشر بن أبي خازم في المقاصد النحوية 3/ 560؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في لسان العرب 3/ 337 "فقد"؛ "وفيه "المباين" بدل "المزايل". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إذ فرخين نصب بفعل مضمر يفسره فاقد، والتقدير فقدت فرخين لأن فاقد ليس جاريًا على فعله في التأنيث فلا يعمل؛ إذ لا يقال: هذه امرأة مرضع ولدها لأنه بمعنى النسب. قال في شرح التسهيل: ووافق بعض أصحابنا الكسائي في إعمال الموصوف قبل الصفة لأن ضعفه يحصل بعدها لا قبلها ونقل غيرها أن مذهب البصريين والفراء هو هذا   ولدين مفعول لفاقد فصل بينهما بالنعت. ورجعت من الترجيع وهو أن يقال عند المصيبة: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] ، والخليط المخالط. والمزايل المباين. قوله: "إذ فرخين" علة للنفي في قوله: ولا حجة. قوله: "لأن فاقد ليس جاريا على فعله في التأنيث" علة لمحذوف تقديره لا بفاقد لأنه إلخ. قال شيخنا في شرح الجامع للعلوي في باب الصفة المشبهة: إن المراد بالجريان على الفعل كونه للتجدد والحدوث كالفعل وما كان بمعنى النسب ليس كذلك بل هو للثبوت فليس جاريا على الفعل بهذا المعنى وليس المراد بالجريان الموافقة في عدة الحروف والسكنات والحركات وإلا لما صح نفيه عن نحو فاقد ومرضع وحائض لكونها على عدة حروف الفعل وسكناته وحركاته. ومن ثم ذهب بعضهم إلى أن المشبهة لا تكون إلا غير جارية على المضارع لأنها بمعنى الثبوت. وقول الشارح في التأنيث لبيان الواقع لكونه لا يذكر. ا. هـ. فعلم ما في كلام البعض. وقوله: فلا يعمل إشارة إلى نتيجة القياس المحذوف كبراه. ونظم القياس هكذا فاقد ليس جاريا على فعله في التأنيث وما ليس جاريا على فعله في التأنيث لا يعمل ففاقد لا يعمل فهذا القياس المشار إليه دليل على عدم عمل فاقد وقوله: إذ لا يقال إلخ كان عليه أن يجعله نظيرا بأن يقول: كما لا يقال إلخ لاستدلاله على عدم عمل فاقد بما أشار إليه من القياس المنطقي لما بينا فعلم ما في كلام البعض. وقوله لأنه بمعنى النسب جعله البعض علة لعدم جريان فاقد على فعله في التأنيث وهو غير متعين لاحتمال أنه علة لقوله: لا يقال إلخ أي لأن مرضعا بمعنى النسب أي ذات رضيع كفاقد وحائض ومطفل أي ذات فقد وذات حيض وذات طفل. وما بمعنى النسب لا يعمل النصب لما مر ويحتمل أن المراد بعدم جريانه على فعله في التأنيث عدم موافقته إياه في لحوق تاء التأنيث لأنه بمعنى النسب وما دخله معنى النسب لا تدخله تاء التأنيث على ما قاله الشاطبي وعلله بأنه ليس على معنى الفعل العلاجي فهو كحائض وطامث وفيه نظر لكثرة ما أنث بالتاء وليس بعلاجى كخائفة وجميلة. ثم يظهر أن فاقدا ومرضعا يستعملان أيضا لا للنسب بل للاتصاف بالفقد والإرضاع فيؤنثان بالتاء ويعملان. فتأمل ولا يخفى أن الجريان بالمعنيين المذكورين غير الجريان بالمعنى الذي أراده الشارح في تعريف اسم الفاعل الذي هو الموافقة في الحركات والسكنات كما مر. قوله: "قبل الصفة" أي قبل ذكرها نحو هذا ضارب زيدا عاقل. ومما يؤيد هذا التفصيل القياس على ما مر في المصدر وشمل إطلاق قوله قبل الصفة تقدم معمول اسم الفاعل عليه وعلى صفته معا نحو هذا زيدا ضارب أي ضارب والذي في الهمع أن المخالف في منعه الكسائي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 وقد يكون نعت محذوف عرف ... فيستحق العمل الذي وصف وإن يكن صلة ففي المضي ... وغيره إعماله قد ارتضي   التفصيل وأن مذهب الكسائي وباقي الكوفيين إجازة ذلك مطلقًا "وقد يكون" اسم الفاعل "نعت محذوف عرف فيستحق العمل الذي وصف" مع المنعوت الملفوظ به نحو: {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} [النحل: 69، فاطر: 28] ، أي صنف مختلف ألوانه. وقوله: 718- كناطح صخرة يومًا ليوهنها أي كوعل ناطح. ومنه: ياطالعًا جبلًا. أي يا رجلًا طالعًا جبلًا. تنبيه: الاستفهام المقدر أيضًا كالملفوظ نحو مهين زيدًا عمرًا أم مكرمه أي أمهين "وإن يكن" اسم الفاعل "صلة أل ففي المضي وغيره إعماله قد ارتضي" قال في شرح الكافية: بل خلاف، وتبعه ولده لكنه حكى الخلاف في التسهيل فقال: وليس نصب ما بعد المقرون بأل مخصوصًا بالمضي خلافًا للمازني ومن وافقه ولا على التشبيه بالمفعول به خلافًا للأخفش ولا بفعل مضمر خلافًا لقوم على أن قوله قد ارتضي يشعر بذلك. والحاصل أربعة مذاهب المشهور أنه يعمل مطلقًا لوقوعه موقعًا يجب تأويله بالفعل   وهذا يعارض ما ذكره الشارح من نقل غير المصنف التفصيل عن البصريين والفراء بل قد يعارض نقل المصنف له عن بعض الأصحاب ويمكن أن يقال: المراد قبل الصفة وبعد الموصوف فلا معارضة أصلا. قوله: "وقد يكون نعت محذوف" المراد بالنعت مطلق الوصف فيشمل الحال. قوله: "عرف" أي بقرينة مقالية أو حالية. قوله: "أي كوعل ناطح" بقرينة تمام البيت أعني: فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل وهو ككتف وذهب التيس الجبلي. قوله: "إعماله قد ارتضي" أي من غير اشتراط اعتماد كما في التصريح ومن غير اشتراط كونه غير مصغر ولا موصوف كما صرح به ابن معطي في ألفيته. قوله: "وليس نصب ما بعد المقرون بأل" أي لا بقيد كونه ماضيا كما يفيده ما بعده فالأقوال الأربعة في مطلق اسم الفاعل فتأمل. قوله: "خلافا للمازني ومن وافقه" أي حيث خصوا النصب بالمضي أخذا بظاهر تقدير سيبويه اسم الفاعل المقرون بأل بالذي فعل كذا. وأجيب بأن عدم تعرض سيبويه للذي بمعنى المضارع لثبوت العمل له مجردا فيعمل مع أل بالأولى. قوله: "خلافا للأخفش" أي حيث ذهب إلى ما ذكر. قال الدماميني: واللام حينئذٍ حرف تعريف لا   718- عجزه: فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل والبيت من البسيط، وهو للأعشى في ديوانه ص111؛ وشرح التصريح 2/ 66؛ والمقاصد النحوية 3/ 529؛ وبلا نسبة في الأغاني 9/ 149؛ وأوضح المسالك 3/ 218؛ والرد على النحاة ص74؛ وشرح شذور الذهب ص501؛ وشرح ابن عقيل ص421. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 فعال أو مفعال أو فعول ... في كثرة عن فاعل بديل فيستحق ما له من عمل ... وفي فعيل قل ذا وفعل   "فعال أو مفعال أو فعول في كثرة عن فاعل بديل" أي كثيرًا ما يحول اسم الفاعل إلى هذه الأمثلة لقصد المبالغة والتكثير "فيستحق ما" كان "له من عمل" قبل التحويل بالشروط المذكورة كقوله: 719- أخا الحرب لباسًا إليها جلالها   موصول أما مع اعتقاد أنها موصول فالنصب على المفعولية. قوله: "في كثرة" أي في التنصيص على كثرة المعنى كما أو كيفا كما يؤخذ مما يأتي أما فاعل فمحتمل للقلة والكثرة. قوله: "عن فاعل" متعلق ببديل. قوله: "أي كثيرا ما يحوّل إلخ" أخذ الكثرة من قوله بديل لأنه صيغة مبالغة كما قاله البهوتي وأحسن منه أن يقال أخذها من قوله: وفي فعيل قل ذا وفعل وفي كلامه إشارة إلى أن الإبدال بمعنى التحويل وأن في بمعنى اللام متعلقة ببديل. قوله: "لقصد المبالغة والتكثير" أفاد أنها لا تستعمل إلا حيث يمكن التكثير فلا يقال موات ولا قتال زيدا بخلاف قتال الناس. وعطف التكثير على المبالغة تفسيري بين به المراد بالمبالغة هنا وأنها ليست المبالغة البيانية. قوله: "فيستحق ما له من عمل" يفيد أن جميع الأمثلة الخمسة تعمل قياسا وهو الأصح. ا. هـ. شاطبي. وفي التصريح إعمال أمثلة المبالغة قول سيبويه وأصحابه، وحجتهم في ذلك السماع والحمل على أصلها وهو اسم الفاعل لأنها متحولة عنه لقصد المبالغة ولم يجوز الكوفيون إعمال شيء منها لمخالفتها لأوزان المضارع ولمعناه وحملوا المنصوب بعدها على تقدير فعل ومنعوا تقديمه عليها. ويرد عليهم قول العرب: أما العسل فأنا شراب. ا. هـ. وقوله: ولمعناه أي لإفادتها المبالغة دون المضارع وعمل فعال أكثر من عمل الاثنين بعده وعمل فعيل أكثر من عمل فعل كذا في الهمع. وانظر هل هي مستوية في المعنى أو متفاوتة بأن تكون الكثرة المستفادة من فعال مثلا أشد من الكثرة المستفادة من فعول مثلا لم أرَ في ذلك نقلا. وقد يؤخذ من قولهم زيادة البناء تدل على زيادة المعنى أبلغية فعال ومفعال على فعول وفعيل، وأبلغيه هذين على فعل فتدبر. قوله: "بالشروط المذكورة" أي في اسم الفاعل. قوله: "أخا الحرب" كني به عن ملازمته الحرب. وإلى بمعنى اللام وأراد بجلالها دروعها   719- عجزه: وليس بولاج الخوالف أعقلا والبيت من الطويل، وهو للقلاح بن حزن في خزانة الأدب 8/ 157؛ والدرر 5/ 270؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 363؛ وشرح التصريح 2/ 68؛ وشرح المفصل 6/ 79، 80؛ والكتاب 1/ 111؛ ولسان العرب 11/ 83 "ثعل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 535؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 319؛ وأوضح المسالك 3/ 220؛ وشرح شذور الذهب ص504؛ وشرح ابن عقيل ص423؛ والمقتضب 2/ 113؛ وهمع الهوامع 2/ 96. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وحكى سيبويه: أما العسل فأنا شراب. وكقول بعض العرب: إنه لمنحار بوائكها. حكاه أيضًا سيبويه. وكقوله: 720- ضروب بنصل السيف سوق سمانها وكقوله: 721- عشية سعدى لو تراءت لراهب ... بدومه تجر دونه وحجيج قلى دينه واهتماج للشوق إنها ... على الشوق إخوان العزاء هيوج "وفي فعيل قل ذا وفعل" كقوله:   والإضافة لأدنى ملابسة. قوله: "بوائكها" جمع بائكة وهي الناقة الحسنة. قوله: "بنصل السيف" أي شفرته سوق سمانها الضمير للإبل والسوق جمع ساق ولعلهم كانوا يفعلون ذلك لإضعاف قوة الإبل ثم يذبحونها. قوله: "عشية" منصوب على الظرفية مضاف إلى الجملة بعده وبدومة صفة لراهب ودومة بضم الدال وفتحها موضع بين الشام والعراق وتسمى دومة الجندل. تجر جمع تاجر مبتدأ سوغ الابتداء به العطف عليه خبره دونه والجملة صفة ثانية لراهب. والذي في شواهد العيني عنده بدل دونه. وحجيج جمع حاج. قلى أي أبغض جواب الشرط. واهتاج أي ثار ونصب إخوان العزاء أي الصبر على المفعولية لهيوج قاله العيني. وما ذكره من أن تجرا وحجيجا جمعا تاجر وحاج وإن تبعه عليه البعض وغيره ليس على ظاهره بل هما اسما جمع لأن الصحيح أن فعلا وفعيلا ليسا من صيغ الجمع. وهيوج مبالغة هائج من هاج المتعدي يقال: هاج الشيء وهجته يتعدى ولا يتعدى قاله في المصباح. قوله: "وفي فعيل قل ذا" أي الإبدال عن فاعل للكثرة مع بقاء العمل فكلامه في فعيل وفعل المحولين، لا في نحو خبير وبصير ونحو فرح وأشر مما وضع من أول الأمر على فعيل وفعل ولم يكن محولا عن شيء فإنه من الصفة المشبهة. تنبيه: في الفارضي ما نصه: زاد ابن خروف إعمال فعيل كزيد شريب الخمر بالنصب وأجازه أيضا ابن ولاد حكاه أبو حيان. وشريب من المبالغة سماعا، ومثله كبار وعجاب بمعنى   720- عجزه: إذا عدموا زادًا فإنك عاقر والبيت من الطويل، وهو لأبي طالب بن عبد المطلب في خزانة الأدب 4/ 242، 245، 8/ 146، 147، 157؛ والدرر 5/ 271؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 70؛ وشرح التصريح 2/ 68؛ وشرح شذور الذهب ص505؛ وشرح المفصل 6/ 70؛ والكتاب 1/ 111؛ والمقاصد النحوية 3/ 539؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 221؛ وشرح قطر الندى ص275؛ والمقتضب 2/ 114؛ وهمع الهوامع 2/ 97. 721- البيتان من الطويل، وهما للراعي النميري في ديوانه ص29؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 15، 16؛ ولسان العرب 2/ 395 "هيج"، 14/ 20 "أخا"؛ ولأبي ذؤيب الهذلي في الكتاب 1/ 111؛ وله أو للراعي في المقاصد النحوية 3/ 536؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص423. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   722- فتاتان أما منهما فشبيهة ... هلالًا والأخرى منهما تشبه البدرا وكقوله: 723- أتاني أنهم مزقون عرضي وقوله: 724- حذر أمورًا لا تضير وآمن ... ما ليس منجيه من الأقدار أنشده سيبويه. والقدح فيه من وضع الحاسدين. ومما استدل به سيبويه أيضًا على إعمال فعل قول لبيد: 725- أو مسحل شنج عضادة سمحج ... بسراته ندب لها وكلوم   عجيب، وذكر بعضهم أن صفات الله تعالى التي هي على صيغة المبالغة مجاز لأن المبالغة تكون في صفات تقبل الزيادة والنقصان وصفات الله تعالى منزهة عن ذلك. وفي الكشاف المبالغة في التواب على كثرة من يتوب عليه. والجمهور أن الرحمن أبلغ من الرحيم قال السهيلي: لأنه على صيغة التثنية والتثنية تضعيف فكأن البناء تضاعفت فيه الصفة. وابن الأنباري أن الرحيم أبلغ لأنه جاء على صيغة الجمع كعبيد وذهب قطرب إلى أنهما سواء. ا. هـ. بحروفه. وقد أشبعنا الكلام على الرحمن والرحيم في رسالة البسملة الكبرى. قوله: "أما منهما" أي واحدة منهما. قوله: "وآمن ما ليس منجيه" لعل المعنى وآمن أمنا ليس منجيه من الأقدار بل موقع له في مصائبها كما هو شأن المفرط. قوله: "والقدح فيه من وضع الحاسدين" قال العيني: زعم أبو يحيى اللاحقي أن سيبويه سأله هل تعدى العرب فعلا بفتح الفاء وكسر العين؟ قال: فوضعت له هذا البيت ونسبته إلى العرب   722- البيت من الطويل، وهو لعبد الله بن قيس الرقيات في المقاصد النحوية 3/ 542؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 222؛ وشرح عمدة الحافظ ص680. 723- عجزه: جحاش الكرملين لها فديد والبيت من الوافر، وهو لزيد الخيل في ديوانه ص176؛ وخزانة الأدب 8/ 169؛ والدرر 5/ 272؛ وشرح التصريح 2/ 68؛ وشرح شذور الذهب ص507؛ وشرح عمدة الحافظ ص680؛ وشرح المفصل 6/ 73؛ والمقاصد النحوية 3/ 545؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 224؛ وشرح ابن عقيل ص425؛ وشرح قطر الندى ص275؛ والمقرب 1/ 128. 724- البيت من الكامل، وهو لأبان اللاحقي في خزانة الأدب 8/ 169؛ ولأبي يحيى اللاحقي في المقاصد النحوية 3/ 543؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 8/ 157؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 409؛ وشرح ابن عقيل ص424؛ وشرح المفصل 6/ 71، 73؛ والكتاب 1/ 113؛ ولسان العرب 4/ 176 "حذر"؛ والمقتضب 2/ 116. 725- البيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص125؛ وخزانة الأدب 8/ 169؛ وشرح أبيات سبيويه 1/ 24؛ وشرح المفصل 6/ 72؛ ولسان العرب 3/ 293 "عضد"، 11/ 475 "عمل"؛ والمقاصد= الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 وما سوى المفرد مثله جعل ... في الحكم والشروط حينما عمل   تنبيه: أفهم قوله عن فاعل بديل أن هذه الأمثلة لا تبنى من غير الثلاثي وهو كذلك إلا ما ندر. قال في التسهيل: وربما بنى فعال ومفعال وفعيل وفعول من أفعل، يشير إلى قولهم دراك وسآر من أدرك وأسأر إذا أبقى في الكأس بقية، ومعطاء ومهوان من أعطى وأهان، وسميع ونذير من أسمع وأنذر، وزهوق من أزهق. ا. هـ. "وما سوى المفرد" وهو المثنى والمجموع "مثله جعل" أي جعل مثل المفرد "في الحكم والشروط حينما عمل" فمن إعمال المثنى قوله: 726- الشاتمي عرضي ولم أشتمهما ... والناذرين إذا لم ألقهما دمي ومن إعمال المجموع قوله: 727- ثم زادوا أنهم في قومهم ... غفر ذنبهم غير فخر   وأثبته سيبويه في كتابه. ا. هـ. قوله: "أو مسحل" بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الحاء المهملة الحمار الوحشي. شنج بفتح الشين المعجمة وكسر النون وبالجيم أي منقبض مجتمع والمراد به هنا ملازم عضاده. قال في المصباح العضادة بالكسر جانب العتبة من الباب. ا. هـ. والمراد بها هنا الجانب. سمحج بسين مهملة مفتوحة فميم فحاء مهملة مفتوحة فجيم أي أتان طويلة الظهر ولا يقال للذكر. بسراته بفتح السين المهملة أي ظهره. ندب بفتح فسكون اسم جمع ندبة وهي كما في القاموس أثر الجرح الباقي على الجلد قال. والجمع ندب وأنداب وندوب. ا. هـ. وكلوم جمع كلم وهو الجرح. قوله: "لا تبنى من غير الثلاثي" لأن اسم فاعل غير الثلاثي لا يكون على فاعل سم. قوله: "إلا ما ندر" منه شبيهة في البيت السابق لأنه من أشبه. قوله: "وهو المثنى والمجموع" أي من اسم الفاعل وأمثلة المبالغة كما يعلم من الشواهد. وإنما لم يمنع تثنيته وجمعه عمله كالمصدر لأنه أقرب إلى الفعل من المصدر لدلالته على الحدث والزمان بخلاف المصدر فإنه لا يدل على الزمان إلا لزوما كذا قيل. وفيه نظر ظاهر لأن دلالة اسم الفاعل على الزمان أيضا لزومية كما صرحوا به في تعريفهم مطلق الاسم بأنه كلمة دلت على معنى في نفسه غير مقترن وضعا بزمان. وأما قولهم اسم الفاعل حقيقة في الحال فمعناه كما حققه السيد الصفوي أنه حقيقة في المتلبس بالحدث بالفعل ويلزم ذلك الحال. قوله: "والشاتمي عرضي إلخ" أراد بهما حصينا ومرة ابني   = النحوية 3/ 513؛ ولعمرو بن أحمر في الكتاب 1/ 112؛ وليس في ديوانه. 726- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص222؛ والأغاني 9/ 212؛ وشرح التصريح 2/ 69؛ والشعر والشعراء 1/ 259؛ والمقاصد النحوية 3/ 551؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 225. 727- البيت من الرمل، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص55؛ وخزانة الأدب 8/ 188؛ والدرر 5/ 274؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 68؛ وشرح التصريح 2/ 69؛ وشرح عمدة الحافظ ص682؛ وشرح المفصل 6/= الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 728- أوالفًا مكة من ورق الحمي وقوله: 729- ممن حملن به وهن عواقد ... حبك النطاق فشب غير مهبل   ضمضم كانا يشتمانه وينذران على أنفسهما قتله إذا لقياه يقولان ذلك في الخلاء فإذا لقياه أمسكا عن ذلك هيبة له. وشتم من بابي ضرب ونصر. ودمي مفعول الناذرين على تقدير مضاف أي سفك دمي. قوله: "غفر" بضم الغين المعجمة والفاء جمع غفور. وفخر بضم الفاء والخاء المعجمة جمع فخور أي غير مفاخرين أو بضم الفاء والجيم جمع فجور أي غير كاذبين. والإضافة في ذنبهم لأدنى ملابسة. قوله: "من ورق الحمي" الورق جمع ورقاء وهي التي يضرب بياض لونها إلى سواد. والحمي بفتح الحاء وكسر الميم أصله الحمام حذفت الميم الأخيرة ثم قلبت الألف ياء والفتحة كسرة للروي وقيل غير ذلك. قوله: "ممن حملن به" أي هو ممن حملت به النساء المعلومة من السياق وإن لم يتقدم ذكرهن. وضمن حمل معنى علق فعداه بالباء ولولا ذلك لعداه بنفسه مثل حملته أمه كرها. وحبك النطاق أطرافه جمع حباك جمع حبيكة. والنطاق كما في المصباح شبه إزار تلبسه المرأة وقيل ثوب تلبسه المرأة ثم تشد وسطها بحبل وترسل الأعلى على الأسفل. والمهبل بتشديد الموحدة المفتوحة المعتوه وقيل من هبله اللحم إذا كثر عليه. يعني أن الممدوح حملت به أمه وهي غير مستعدة للوطء بل مكرهة عليه. والعرب تزعم أن المرأة إذا وطئت مكرهة جاء الولد نجيبا ومن كلام بعضهم: إذا أردت أن تنجب المرأة أي تأتي بالولد نجيبا فأغضبها عند الجماع، وكأن السر فيه أن ذلك يسكر سورة شهوتها فلا يكون لها في الولد حظ كامل ويكون كمال الحظ لأبيه   = 74، 75؛ والكتاب 1/ 113؛ والمقاصد النحوية 3/ 548؛ ونوادر أبي زيد ص110؛ وبلا نسبة أمالي ابن الحاجب ص357؛ وأوضح المسالك 3/ 227؛ وشرح ابن عقيل ص426؛ وهمع الهوامع 2/ 97. 728- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 453؛ والدرر 3/ 49؛ وشرح ابن عقيل ص425؛ والكتاب 1/ 26، 110؛ ولسان العرب 15/ 293 "منى"؛ ما ينصرف وما لا ينصرف ص51؛ والمحتسب 1/ 78؛ والمقاصد النحوية 3/ 554، 4/ 285؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 294؛ والإنصاف 2/ 519؛ والخصائص 3/ 135؛ والدرر 6/ 244؛ ورصف الهوامع 1/ 181، 2/ 157. 729- البيت من الكامل، وهو لأبي كبير الهذلي في الإنصاف 2/ 489؛ وخزانة الأدب 8/ 192، 192، 194؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 1072؛ وشرح ديوان الماس للمرزوقي ص85؛ وشرح شواهد المغني 1/ 227، 2/ 963؛ وشرح المفصل 6/ 74؛ والشعر والشعراء 2/ 675؛ والكتاب 1/ 109؛ ولسان العرب 11/ 688 "هبل" والمقاصد النحوية 3/ 558؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص356؛ ومغني اللبيب 2/ 686. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 وانصب بذي الإعمال تلوًا واحفض ... وهو لنصب ما سواه مقتضي   ومنه: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: 35] ، {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} [الزفر: 38] ، "وانصب بذي الإعمال تلوًا واحفض" بالإضافة وقد قرئ بالوجهين: {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق: 3] ، {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} [الزمر: 38] ، "وهو لنصب ما سواه" أي ما سوى التلو "مقتضي" نحو: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} [الأنعام: 96] ، على تقدير حكاية الحال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] ، وهذا معطي زيد درهمًا ومعلم بكر عمرًا قائمًا. تنبيهات: الأول يتعين في تلو غير العامل الجر بالإضافة كما أفهمه كلامه. وأما غير التلو فلا بد من نصبه مطلقًا، نحو هذا معطي زيد أمس درهمًا، ومعلم بكر أمس خالدًا قائمًا. والناصب لغير التلو في هذين المثالين ونحوهما فعل مضمر. وأجاز السيرافي النصب   فيكون للولد تمام الرجولية. ا. هـ. دماميني مع بعض زيادة من العيني. فائدة: يجوز تقديم معمول اسم الفاعل عليه نحو هذا زيدا ضارب إلا أن جر بمضاف أو حرف غير زائدة فيمتنع نحو هذا زيدا غلام قاتل ومررت زيدا بضارب دون ليس زيدا عمرا بضارب. ومنع بعضهم الأخير. واستثنى قوم من المضاف لفظة غير ومثل وأول وحق كما مر في باب الإضافة. ويجوز تقديم معموله على مبتدئه نحو زيدا هذا ضارب. كذا في الهمع. قوله: "وانصب بذي الأعمال" أي بالوصف ذي عمل النصب. ويؤخذ منه أنه لا يضاف للفاعل وإنما يضاف للمفعول. وحكي إضافته للخبر في أنا كائن أخيك كما قاله ابن هشام. قوله: "واخفض" أي بذي الأعمال تلوا فحذف من الثاني لدلالة الأول. قوله: "بالإضافة" أي بسببها ليجري على الصحيح. قوله: "وقد قرىء بالوجهين" أي في السبع. قوله: "وهو لنصب ما سواه مقتضى" أي إن لم يكن فاعلا وإلا وجب رفعه كهذا ضارب زيدا أبوه ولم يكن التلو مما يجوز الفصل به بين المتضايفين وإلا جاز خفض ما سوى التلو كهذا معطي درهما زيد. ولم ينبه المصنف على ذلك كله لظهور من مواضعه. قوله: "ما سواه" أي وإن لم يكن التلو مضافا إليه ولهذا مثل الشارح بأني جاعل في الأرض خليفة. قوله: "على تقدير حكاية الحال" جواب عما يقال جاعل بمعنى الماضي فلا يعمل وبحث فيه بعضهم بأن الجعل مستمر فيجوز أن يلاحظ فيه الحال ولا يحتاج إلى تكلف الحكاية وفي التصريح ما يؤيده. قوله: "الجر بالإضافة" أي إن لم يكن فاعلا وإلا وجب رفعه عند الجمهور نحو هذا ضارب أبوه أمس فلا يجوز ضارب أبيه عندهم وسيذكر الشارح الخلاف قبيل الخاتمة. وقوله كما أفهمه كلامه أي حيث قال بذي الإهمال. قوله: "وأما غير التلو فلا بدّ من نصبه مطلقا" هذا مقابل التلو في قول الشارح يتعين في تلو غير العامل بقرينة التمثيل بغير العامل. فالمعنى وأما غير تلو غير العامل وحينئذٍ فالمراد بالإطلاق عدم تقييد غير التلو بأن يكون واحدا أو أكثر بقرينة التمثيل أيضا. قوله: "فعل مضمر" لا اسم الفاعل المذكور لعدم عمله ولا اسم فاعل مقدر كما قيل لأنه بمعنى المذكور وهو غير عامل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 واجرر أو انصب تابع الذي انخفض ... كمبتغي جاه ومالًا من نهض   باسم الفاعل لأنه اكتسب بالإضافة إلى الأول شبها بمصحوب الألف واللام وبالمنون. ويقوي ما ذهب إليه قولهم هو ظان زيد أمس قائمًا فقائمًا يتعين نصبه بظان لأن ذلك لو أضمر له ناصب لزم حذف أو مفعوليه وثاني مفعولي ظان وذلك ممتنع؛ إذ لا يجوز الاقتصار على أحد مفعولي ظن، وأيضًا فهو مقتض له فلا بد من عمله فيه قياسًا على غيره من المقتضيات. ولا يجوز أن يعمل فيه الجر لأن الإضافة إلى الأول منعت الإضافة إلى الثاني تعين النصب للضرورة. الثاني ما ذكره من جواز الوجهين هو في الظاهر، أما المضمر المتصل فيتعين جره بالإضافة نحو هذا مكرمك. وذهب الأخفش وهشام إلى أنه في محل نصب كالهاء من نحو الدرهم زيد معطيكه وقد سبق بيانه في باب الإضافة. الثالث فهم من تقديمه النصب أنه أولى وهو ظاهر كلام سيبويه لأنه الأصل. وقال الكسائي: هما سواء. وقيل: الإضافة أولى للخفة "واجرر أو انصب تابع الذي انخفض" بإضافة   قوله: "شبها بمصحوب الألف واللام" أي من حيث امتناع التنوين في كل أي ومصحوب الألف واللام يعمل ولو كان بمعنى الماضي. وقوله: وبالمنوّن أي من حيث إنه لا يضاف. وكان الصواب إسقاط هذا لأن اسم الفاعل المنون إذا كان بمعنى المضي لا ينصب المفعول بل تجب إزالة التنوين منه وإضافته إلى ما بعده فمشابهته لا تؤثر عمل النصب. قوله: "أول مفعوليه" أي مفعولي الناصب المضمر. قوله: "إذ لا يجوز الاقتصار إلخ" اعترض بأن الحذف هنا اختصاري لا اقتصاري لدلالة المذكور من مفعولي كل من الناصب المضمر وظان على المحذوف من مفعولي الآخر على أن ابن هشام صرح في نحو زيدا ظننته قائما بأنه لا يقدر مفعول ثان لظن المحذوفة نقله عنه يس. فعلى هذا لا يقدر مفعول ثان لظان فتدبر. قوله: "وأيضا فهو مقتض له" أي طالب له في المعنى وضعف بأن الاقتضاء لا يكفي إلا مع المشابهة القوية بالفعل الذي هو الأصل في العمل وهي غير موجودة فيما نحن فيه فبطل القياس قاله زكريا. قال سم: ولك دفعه بأنه إنما يكون الاقتضاء غير كاف بالنسبة للنصب على المفعولية أصالة والنصب هنا ضرورة لتعذر الجر فكان النصب عوضا من الجر لا بالأصالة. قوله: "فيتعين جره" أي كونه في محل جر بإضافة الوصف إليه وإن كان في محل نصب أيضا بسبب كونه مفعولا في المعنى، فالمراد بتعين الجر كونه ليس في محل نصب فقط وهذا مذهب سيبويه وأكثر المحققين، ويدل له حذف التنوين أو النون من الوصف. قوله: "كالهاء من نحو إلخ" يفرق بأن الهاء في المقيس عليه مفصولة بالكاف فلم يتأت الجر بخلاف الكاف في نحو مكرمك. قوله: "واجرر أو انصب إلخ" أي في غير نحو الضارب الرجل وزيدا فيتعين في نحو هذا نصب التابع لعدم صحة إضافة الوصف المحلي بأل إليه كما سبق. هذا ما مشى عليه في التسهيل ومذهب سيبويه الجواز، وأيد بأنه قد يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع كرب شاة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 وكل ما قرر لاسم فاعل ... يعطى اسم مفعول بلا تفاضل   الوصف العامل إليه "كمبتغي جاهٍ ومالًا" ومال "من نهض" فالجر مراعاة للفظ جاه، والنصب مراعاة لمحله. ومنه قوله: 730- هل أنت باعث دينار لحاجتنا ... أو عبد رب أخا عون بن مخراق فعبد نصب عطفًا على محل دينار وهو اسم رجل. قال الناظم: ولا حاجة إلى تقدير ناصب غير ناصب المعطوف عليه وإن كان التقدير قول سيبويه، وعلى قوله فهل يقدر فعل لأنه الأصل في العمل أو وصف منون لأجل المطابقة قولان. ولو جر عبد رب لجاز. فإن كان الوصف غير عامل يتعين إضمار فعل للمنصوب نحو: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [الأنعام: 96] ، إذا لم يرد حكاية الحال أي وجعل الشمس والقمر حسبانًا "وكل ما قرر لاسم فاعل" من الشروط "يعطى اسم مفعول" وهو ما دل على الحدث   وسخلتها، وخرج بتابع الذي انخفض تابع المنصوب فلا يجوز جره خلافا للبغداديين لأن شرط الاتباع على المحل أن يكون بالأصالة والأصل في الوصف المستوفي شروط العمل إعماله لا إضافته لإلحاقه بالفعل. والمراد بالتابع ما يشمل سائر التوابع والمثال لا يخصص وأشار بتقديم الجر إلى أرجحيته. قوله: "مراعاة للفظ جاه" المراد باللفظ ما يشمل المقدر في نحو مبتغى الفتى والفتاة بقرينة مقابلته بالمحل. وما قاله البعض لا يستقيم فانظره. قوله: "وإن كان التقدير قول سيبويه" لأن شرط العطف على المحل عنده وجود المحرز أي الطالب لذلك المحل وهو هنا غير موجود لأن اسم الفاعل إنما يعمل النصب حيث كان منونا أو بأل أو مضافا إلى أحد مفعوليه أو مفاعيله فنحو ضارب في قولك ضارب زيد وعمرا ليس طالبا لنصب زيد بل لجره. قوله: "لأجل المطابقة" أي مطابقة المحذوف للملفوظ ولأن حذف المفرد أقل كلفة من حذف الجملة. قوله: "قولان" أرجحهما الثاني كما قاله يس لما علمت. قوله: "لجاز" بل هو الأرجح. قوله: "إذا لم يرد حكاية الحال" فإن أريد جاز النصب بالعطف على محل المجرور لأن الوصف عامل حينئذٍ ولا يحتاج إلى إضمار ناصب إلا على قول سيبويه المتقدم. قوله: "أي وجعل الشمس إلخ" إنما سكت عن نصب سكنا لعلمه من قوله سابقا وأما غير التلو فلا بد من نصبه إلخ. ولك أن تقول تقدير ناصب سكنا يغني عن تقدير ناصب ما بعد سكنا لعطفه حينئذٍ على معمول ناصب سكنا المقدر والعامل في المعطوف هو العامل في المعطوف عليه. قوله: "وكل ما قرر إلخ" أي كل   730- البيت من البسيط وهو لجابر بن وألان أو لجرير أو لتأبط شرًّا أو هو مصنوع في خزانة الأدب 8/ 215؛ ولجرير بن الخطفي، أو لمجهول أو هو مصنوع في المقاصد النحوية 3/ 513؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 256؛ والدرر 6/ 192؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 395؛ وشرح ابن عقيل ص428؛ والكتاب 1/ 171؛ وهمع الهوامع 2/ 145. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 فهو كفعل صيغ للمفعول في ... معناه كالمعطى كفافًا يكتفي وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع ... معنى كمحمود المقاصد الورع   ومفعوله "بلا تفاضل" فإن كان بأل عمل مطلقًا وإلا اشترط الاعتماد وأن يكون للحال أو الاستقبال فإذا استوفى ذاك "فهو كفعل صيغ للمفعول في معناه" وعمله، فإن كان متعديًا لواحد رفعه بالنيابة، وإن كان متعديًا لاثنين أو ثلاثة رفع واحدًا بالنيابة ونصب ما سواه، فالأول نحو زيد مضروب أبوه فزيد مبتدأ ومضروب خبره وأبوه رفع النيابة. والثاني "كالمعطى كفافًا يكتفي" فالمعطى مبتدأ. وأل فيه موصول صلته معطى، وفيه ضمير يعود إلى أل مرفوع المحل بالنيابة وهو المفعول، الأول وكفافًا المفعول الثاني ويكتفي خبر المبتدأ. والثالث نحو زيد معلم أبوه عمرًا قائمًا، فزيد مبتدأ ومعلم خبره وأبوه رفع بالنيابة وهو المفعول الأول، وعمرًا المفعول الثاني، وقائمًا الثالث "وقد يضاف ذا" أي اسم   حكم قرر فقول الشارح من الشروط فيه قصور، ثم إن قرئ كل بالرفع على الابتداء جاز في قوله اسم مفعول الرفع على أنه نائب فاعل والرابط محذوف هو المفعول الثاني أي يعطاه والنصب على المفعولية ويكون نائب الفاعل ضميرا مستترا يعود على كل هو الرابط. ويرجح الأول أن النائب عليه المفعول الأول ويرجح الثاني عدم الحذف وإن قرئ كل بالنصب على أنه مفعول ثان مقدم تعين رفع اسم مفعول على أنه نائب فاعل وهذا أحسن من ذينك. وقول البعض اسم مفعول على هذا واجب النصب هو المفعول الأول سهو ظاهر. قوله: "بلا تفاضل" متعلق بيعطي وأفاد به أنه لا يشترط في عمل اسم المفعول أزيد من شروط عمل اسم الفاعل وهذا لا يفيده قوله وكل إلخ فليس توكيدا له كما زعم. قوله: "وإلا اشترط الاعتماد إلخ" اقتصر على هذين الشرطين لأنهما اللذان ذكرهما المصنف في اسم الفاعل وإلا فيشترط أيضا أن لا يصغر ولا يوصف كاسم الفاعل. قوله: "فهو كفعل إلخ" لا يظهر كون الفاء تفريعية على الكلية السابقة لأنها لا تفيد كون اسم المفعول كالفعل المسوغ للمفعول بل ربما تفيد خلافه إلا أن يقال: المفرع مطلق العمل وفيه ما فيه والأولى أنها فصيحة عن شرط مقدر كما يشير إلى ذلك قول الشارح فإذا استوفى ذلك إلخ والفاء في قول الشارح فإذا استوفى ذلك فصيحة أيضا عن شرط مقدر أي إذا أردت تفصيل حكم اسم المفعول فإذا إلخ فاعرفه. قوله: "في معناه" ليس المراد المعنى المطابقي لاختلافهما فيه فإن المعنى المطابقي لاسم المفعول حدث واقع على ذات وتلك الذات وللفعل المصوغ للمفعول حدث واقع على ذات وزمن ذلك الحدث بل المراد المعنى التضمني وهو الحدث الواقع على الذات. بقي أن الكلام في العمل لا في المعنى. وأجيب بأن الناظم تجوز بإطلاق السبب وإرادة المسبب لضيق النظم عليه فإن عمل اسم المفعول عمل فعله مسبب عن كونه بمعناه وعلى هذا فقول الشارح وعمله عطف تفسير لبيان المراد بالمعنى ويرمز إلى ذلك التفريع بقوله فإن كان إلخ وحينئذٍ فإرادتنا من معناه المعنى التضميني لا للذات بل للتوسل إلى إرادة العمل فتدبر. قوله: "كفافا" بفتح الكاف ما كف عن الناس وأغنى من الرزق كما في القاموس. قوله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المفعول "إلى اسم مرتفع" به "معنى" بعد تحويل الإسناد عنه إلى ضمير الموصوف ونصبه على التشبيه بالمفعول به "كمحمود المقاصد الورع" أصله الورع محمودة مقاصده، فمقاصده رفع بمحمودة على النيابة، فحول إلى الورع محمود المقاصد بالنصب على ما ذكر: ثم حول إلى محمود المقاصد بالجر. تنبيه: اقتضى كلامه شيئين: الأول انفراد اسم المفعول عن اسم الفاعل بجواز الإضافة إلى مرفوعه كما أشار إليه بقوله: وقد يضاف ذا وفي ذلك تفصيل: وهو أنه إذا كان اسم الفاعل غير متعد وقصد ثبوت معناه عومل معاملة الصفة المشبهة وساغت إضافته   "وقد يضاف ذا إلخ" أي إجراء له مجرى الصفة المشبهة وإنما خص الإضافة بالذكر مع أن الجاري مجرى الصفة المشهبة من اسم المفعول وغيره يجوز فيه مع ذلك النصب على التشبيه بالمفعول به أو على التمييز نحو هذا مضروب الأب أو أبا هذا قائم الأب أو أبا لأنها أكثر أو لكونهما متلازمين فحيث جاز أحدهما جاز الآخر أفاده الشاطبي قال في التصريح: إذا جرى اسم المفعول مجرى الصفة المشبهة ورفع السببي كان رفعه إياه على الفاعلية كما هو حال الصفة المشبهة مع مرفوعها لا على النيابة عن الفاعل كما هو حال اسم المفعول قاله الموضح في الحواشي ثم تعقبه فقال: هلا قيل بأن الرفع على ما يقتضيه حال اسم المفعول. ا. هـ. ويجاب بأن حال اسم المفعول إنما يراعى إذا أريد به معنى الحدوث أما إذا أريد به معنى الثبوت فإنه يرفع السببي على الفاعلية وينصبه على التشبيه بالمفعول إن كان معرفة وعلى التمييز إن كان نكرة ويجره بالإضافة. ا. هـ. ملخصا. قوله: "معنى" أي من جهة المعنى لكونه نائب فاعل قبل الإضافة. قوله: "بعد تحويل الإسناد عنه إلخ" أي لأن الوصف عين مرفوعه في المعنى فلو أضيف إليه من غير تحويل لزم إضافة الشيء إلى نفسه وهي غير صحيحة ولا يصح حذفه لعدم الاستغناء عنه فلا طريق إلى إضافته إلا بتحويل الإسناد عنه إلى ضمير يعود إلى الموصوف ثم ينصب لصيرورته فضلة حينئذٍ لاستغناء الوصف بالضمير ثم يجر بالإضافة فرارا من قبح إجراء وصف المتعدي لواحد مجرى وصف المتعدي لاثنين ذكره المصرح. تنبيه: قال الفارضي: تحويل الإسناد مجاز أي عقلي لأنه أسند الشيء إلى غير من هو له وفائدة المجاز المبالغة بجعله كله محمودا وكذا نحو زيد حسن الوجه. قوله: "وفي ذلك" أي فيما اقتضاه كلامه من الانفراد المذكور تفصيل أي وليس على إطلاقه. وحاصل التفصيل أن اسم الفاعل اللازم كاسم المفعول في جواز الإضافة إلى مرفوعه اتفاقا واسم الفاعل المتعدي لأكثر من واحد ليس كاسم المفعول في ذلك اتفاقا وفي اسم الفاعل المتعدي لواحد خلاف. قوله: "وقصد ثبوت معناه" أي لا حدوثه. قوله: "عومل معاملة الصفة المشبهة" اعترض بأن مقتضاه أنه ليس صفة مشبهة حقيقة وليس كذلك كما في التوضيح ويمكن أن يجاب بأن المراد عومل معاملة الصفة المشبهة التي ليست على وزن اسم الفاعل. قوله: "وساغت إضافته إلخ" أي بعد تحويل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إلى مرفوعه، فتقول: زيد قائم الأب برفع الأب ونصبه وجره على حد حسن الوجه، وإن كان متعديًا لواحد فكذلك عند الناظم بشرط أمن اللبس وفاقًا للفارسي، والجمهور على المنع. وفصل قوم فقالوا: إن حذف مفعوله اقتصارًا جاز وإلا فلا. وهو اختيار ابن عصفور وابن أبي الربيع، والسماع يوافقه كقوله: 731- ما الراحم القلب ظلامًا وإن ظلما ... ولا الكريم بمناع وإن حرما وإن كان متعديًا لأكثر لم يجز إلحاقه بالصفة المشبهة. قال بعضهم بلا خلاف. الثاني اختصاص ذلك باسم المفعول القاصر وهو المصوغ من المتعدي لواحد كما أشار إليه تمثيله وصرح به في غير هذا الكتاب. وفي المتعدي ما سبق في اسم الفاعل المتعدي.   الإسناد كما مر. قوله: "فكذلك" أي يقصد ثبوت معناه ويعامل إلخ. قوله: "بشرط أمن اللبس" أي التباس الإضافة للفاعل بالإضافة للمفعول فلو لم يؤمن لم تجز الإضافة فلو قلت زيد راحم الأبناء وظالم العبيد بمعنى أن أبناءه راحمون وعبيده ظالمون فإن كان المقام مقام مدح الأبناء وذم العبيد جاز لدلالة المقام على أن الإضافة للفاعل وإلا لم يجز وظاهر إطلاقه بل صريح مقابلته بالتفصيل بعده جواز الإضافة إلى المرفوع مع ذكر المنصوب كأن يقال: زيد راحم الأبناء الناس ولا ينافيه ما في سم أن منصوب الصفة المشبهة لا يزيد على واحد وإن زعمه شيخنا والبعض إذ المنصوب في المثال لم يزد على واحد كما لا يخفى وكأنهما فهما أن مراد سم بالمنصوب ما يعم المنصوب على التشبيه بالمفعول به قبل الإضافة ولا داعي إليه فتدبر. قوله: "جاز" لأنه يصير بذلك كاللازم. قوله: "والسماع يوافقه" مقتضى كون الضمير يرجع إلى أقرب مذكور رجوع الضمير إلى تفصيل قوم بين الحذف اقتصارا وغيره وفيه أنه كما يوافق هذا يوافق ما عليه الفارسي والناظم فالأولى رجوعه إلى الجواز على القولين. قوله: "لم يجز إلحاقه بالصفة المشبهة" أي لبعد المشابهة حينئذٍ لأن منصوبها لا يزيد على واحد كما مر. قوله: "قال بعضهم بلا خلاف" قال البهوتي: يستفاد من كلام الشاطبي أن فيه أيضا خلافا. قوله: "اختصاص ذلك باسم المفعول القاصر إلخ" ويتضمن ذلك اشتراط تناسي العلاج فيه فلا يقصد به إلا ثبوت الوصف لأنه إذا لم يطلب مفعولا لزم أن لا يقصد به العلاج ومتى طلبه كان معنى العلاج باقيا فيه ذكره الشاطبي. ثم قال: فإن قلت فأنت تقول على مذهبه أي المصنف هذا معطي الأب ومكسو الأخ وهما مما يتعدى إلى اثنين وكذلك معلم الأب وهو مما يتعدى إلى ثلاثة فالجواب أنا لا نسلم ذلك لأن المتعدي إلى أكثر طالب بمعناه للمنصوب فمعنى العلاج باق فيه وإن سلم فقد يقال: المراد بالمتعدي لواحد ما عمل في واحد خاصة مقتصرا عليه فرفع به عند بنائه للمجهول فلو كان عاملان في مفعول آخر لم يكن من هذا الباب   731- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 294؛ والمقاصد النحوية 3/ 618؛ وهمع الهوامع 2/ 101. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 أبنية المصادر : فعل قياس مصدر المعدى ... من ذي ثلاثة كرد ردا   خاتمة: إنما يجوز إلحاق اسم المفعول بالصفة المشبهة إذا كان على وزنه الأصلي، وهو أن يكون من الثلاثي على وزن مفعول، ومن غيره على وزن المضارع المبني للمفعول، فإن حول عن ذلك إلى فعيل ونحوه مما سيأتي بيانه لم يجز، فلا يقال: مررت برجل كحيل عينه ولا قتيل أبيه. وقد أجازه ابن عصفور ويحتاج إلى السماع. والله أعلم. أبنية المصادر: "فعل" بفتح الفاء وإسكان العين "قياس مصدر المعدى من ذي ثلاثة" سواء كان مفتوح العين "كرد ردا" وأكل أكلًا، وضرب ضربًا، أو مكسورها كفهم فهمًا، وأمن أمنا، وشرب شربًا، ولقم لقمًا، والمراد بقياس هنا أنه إذا ورد شيء، ولم يعلم كيف تكلموا بمصدره فإنك تقيسه على هذا، لا أنك تقيس مع وجود السماع. قال ذلك سيبويه والأخفش.   الذي أشار إليه فهو المحترز عنه. ا. هـ. وقوله: تناسي العلاج عبارة الهمع وغيره تناسي الحدوث فلعله المراد من العلاج. قوله: "إنما يجوز إلحاق اسم المفعول بالصفة إلخ" أي قياسه عليها فيما تقدم وفيه ما مر في قوله عومل معاملة الصفة المشبهة اعتراضا وجوابا. قوله: "لم يجز" أي لكراهة كثرة التغيرات. قوله: "فلا يقال مررت برجل كحيل عينه ولا قتيل أبيه" أي يمتنع ذلك ومقتضاه جواز مررت برجل مكحول عينه ومقتول أبيه وهو المتبادر لأن اسم المفعول المذكور يعامل معاملة الصفة المشبهة وهي يجوز فيها ذلك فتقول مررت برجل حسن وجهه بإضافة حسن إلى وجهه وإن كان ذلك مع ضعف كما سيأتي. أبنية المصادر: قوله: "فعل" أي موازن فعل وقوله المعدى أي الفعل المعدى وقوله: من ذي ثلاثة أي من فعل ذي ثلاثة حال من الضمير في المعدى ومن تبعيضية أي حال كونه بعض الأفعال الثلاثية وهذا أقرب من جعل البعض من ابتدائية والتقدير حالة كون الفعل المعدى مشتقا من مصدر فعل ذي ثلاثة قال شيخنا والبعض نقلا عن سم يستثنى منه ما دل على صناعة نحو عبر الرؤيا. ا. هـ. أي فإن مصدره فعالة بكسر الفاء على ما يؤخذ مما يأتي وفي كونه صناعة نظر والمثال الواضح حاك حياكة وخاط خياطة وحجم حجامة. قوله: "سواء كان مفتوح العين إلخ" أي وسواء كان مفتوح العين منه صحيحا كضرب أو معتل الفاء كوعد أو العين كباع أو اللام كرمى أو مضاعفا كرد أو مهموزا كأكل. قوله: "أو مكسورها" أي وسواء كان مكسورها صحيحا كأمثلة الشارح أو معتل الفاء كوطئ أو العين كخاف أو اللام كفني بفتح الفاء وكسر النون أي لزم خباءه أو مضاعفا كمس أو مهموزا كأمن وفي التصريح أن الغالب على فعل المفتوح العين التعدي وفعل المكسورها اللزوم وأما مضمومها فلا يكون إلا لازما كما سيأتي. قوله: "قال ذلك سيبويه والأخفش" وذهب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 وفعل اللازم بابه فعل ... كفرح وكجوى وكشلل وفعل اللازم مثل قعدا ... له فعول باطراد كغدا   تنبيه: اشترط في التسهيل لكون فعل قياسًا في مصدر فعل المكسور العين أن يفهم عملًا بالفم كالمثالين الأخيرين، ولم يشترط ذلك سيبويه الأخفش بل أطلقا كما هنا "وفَعِلَ" المكسور العين "اللازم بابه فَعَل" بفتح الفاء والعين قياسًا سواء كان صحيحًا أو معتلًا أو مضاعفًا "كفرح وكجوى وكشلل" مصادر فرح زيد، وجوى عمرو، وشلت يده، والأصل شللت. ويستثنى من ذلك ما دل على لون فإن الغالب على مصدره الفعلة نحو سمر سمرة، وشهب شهبة، وكهب كهبة، والكهبة لون بين الزرقة والحمرة واستثنى في التوضيح ما دل على حرفة أو ولاية قال: فقياسه الفعالة. ومثل للثاني فقال: كولى عليهم ولاية، ولم يمثل للأول. وفيما قاله نظر فإن ذلك إنما هو معروف في فعل المفتوح العين وأما ولى عليهم ولاية فنادر "وفعل" المفتوح العين "اللازم مثل قعدا له فعول باطراد" معتلًّا   الفراء إلى أنه يجوز القياس عليه وإن سمع غيره. ا. هـ. دماميني. وحكي في الهمع عن بعضهم أنه قال: لا تدرك مصادر الأفعال الثلاثية إلا بالسماع فلا يقاس على فعل ولو عدم السماع. قوله: "بابه فعل" أي قياس مصدره موازن فعل أو قاعدة مصدره موازن فعل وهو اللائق بقول الشارح قياسا. قوله: "أو معتلا" أي بأقسامه الثلاثة كوجع وعور وعمي. قوله: "وكجوى" هو الحرقة من عشق أو حزن. قوله: "فإن الغالب على مصدره الفعلة" أشار بالتعبير بالغالب إلى أن الغلبة أمارة القياس كما أن عدمها أمارة عدمه وهذا أولى مما نقله البعض عن البهوتي وأقره. قوله: "لون بين الزرقة والحمرة" فسرها في القاموس بالقهبة بضم القاف وهي بياض فيه كدرة وبالدهمة بضم الدال وهي السواد، وبالغبرة المشوبة سوادا والغبرة لون الغبار ولم يذكر ما ذكره الشارح في معنى الكهبة ونقل البعض عن التصريح أن الكهبة بياض فيه كدرة وهذا النقل إن صح كان ذكر التصريح ذلك في غير هذا الباب إذ لم يذكره فيه. قوله: "واستثنى في التوضيح إلخ" واستثنى ابن الحاج أيضا ما فيه ووصفه على فاعل فقياس مصدره فعول كقدم وصعد ولصق. قال: وهذا مقتضى قول سيبويه وقد غفل عنه أكثرهم. قوله: "فقياسه الفعالة" أي بكسر الفاء. قوله: "كولي عليهم ولاية" عداه بعلى ليصح التمثيل أما المتعدي بنفسه نحو ولي أمرهم فليس مما نحن فيه لأن الكلام في القاصر لا في المتعدي. قاله المصرح. قوله: "ولم يمثل للأول" أي لعدم سماع مثال يخصه أو استغناء بتمثيل الولاية فإن الولايات في معنى الحرف. قوله: "فإن ذلك" أي كون المصدر القياسي فيما دل على حرفة أو ولاية فعالة. وقول في فعل أي اللازم أو المتعدي بدليل تمثيل الهمع بكتب كتابة وخاط خياطة ونقب نقابة الأولين متعديان والأخير لازم كما يستفاد من قول القاموس عقب ذكره أن من معاني النقيب عريف القوم ما نصه وقد نقب عليهم نقابة بالكسر. قوله: "مثل قعدا" حال من الضمير في اللازم وقوله كغدا معطوف عليه بإسقاط العاطف إذ لا وجه لتعداد المثال بغير عطف وأشار به إلى أنه لا فرق بين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 ما لم يكن مستوجبًا فعالا ... أو فعلانًا فادر أو فعالا فأول لذي امتناع كأبي ... والثان للذي اقتضى تقلبا للدا فعال أو لوب وشمل ... سيرًا وصوتًا الفعيل كصهل   كان "كغدا" غدوًا وسما سموًّا، أو صحيحًا كقعد قعودًا وجلس جلوسًا "ما لم يكن مستوجبًا فعالا" بكسر الفاء "أو فعلانًا" بفتح الفاء والعين "فادر أو فعالا" بضم الفاء أو فعيلا "فأول" من هذه الأربعة وهو فعال بكسر الفاء "لذي امتناع" أي مقيس فيما دل على امتناع "كأبى" إباء، ونفر نفارًا، وجمح جماحًا، وشرد شرادًا، وأبق إباقًا "والثان" منها وهو فعلان بتحريك العين "للذي اقتضى تقلبًا" نحو جال جولانًا، وطاف طوفانًا وغلت القدر غليانًا "للدا فعال أو لصوت" أي يطرد الثالث وهو فعال بضم الفاء في نوعين: الأول ما دل على داء أي مرض نحو سعل سعالًا، وزكم زكامًا، ومشى بطنه مشاء. والثاني ما دل على صوت نحو صرخ سراخًا. ونبح نباحًا. وعوى عواء "وشمل سيرًا وصوتًا" الوزن الرابع وهو "الفعيل كهصل" صهيلًا، ونهق نهيقًا، ورحل رحيلًا، وذمل ذميلًا. تنبيهان: الأول قد يجتمع فعيل وفعال نحو نعب الغراب نعيبًا ونعابًا. ونعق الراعي   الصحيح والمعتل لكن الكثير في معتل العين الفعل أو الفعالة أو الفعال بكسر الفاء في الأخيرين كصام صوما وصياما وقام قياما وناح نياحة. وقال الفعول كغابت الشمس غيوبا. بخلاف معتل الفاء كوصل أو اللام كغدا والمضاعف كمر. وقوله باطراد حال من المستكن في له. قوله: "مستوجبا" أي مستحقا. قوله: "أو فعيلا" أخذه من قول الناظم: وشمل سيرا وصوتا الفعيل. قوله: "كأبى" أي اللازم وهو الذي بمعنى امتنع لا المتعدي وهو الذي بمعنى كره لأن الكلام في اللازم وإن جاء مصدر المتعدي أيضا على فعال ففي القاموس أبى الشيء يأباه ويأبيه إباء وإباءة بكسرهما كرهه. ا. هـ. قوله: "وجمح" أي شرد. قوله: "للذي اقتضى تقلبا" أي دل على التقلب وهو تحرك مخصوص لا مطلق تحرك فلا انتقاض بنحو قام قياما وقعد قعودا ومشى مشيا. قوله: "للدا" بالقصر للضرورة. قوله: "أو لصوت" هو مع قوله وشمل سيرا وصوتا الفعيل يفيد أن ما دل على الصوت ينقاس فيه كل من الفعال والفعيل فإذا ورد الفعل دالا على صوت كان كل منهما مصدرا قياسيا له وإن ورد أحدهما اقتصر عليه على ما ذهب إليه سيبويه والأخفش وإن لم يرد واحد منهما كنت مخيرا في مصدره بينهما فأيهما نطقت به جاز. ولا بعد في ذلك بل هو قياس الباب فاندفع ما نقله البعض عن سم وأقره. قوله: "وزكم" هو من الأفعال اللازمة لبناء المجهول فالتمثيل به لفعل بالفتح بالنظر إلى أصله المقدر قاله زكريا. ولا يرد أن أصله متعد وإلا لم يصح بناؤه للمفعول لأن المبني للمجهول قد يكون سماعا من اللازم نحو جن فيجعل هذا منه أفاده سم أو يقال لما لم ينطق بهذا الأصل كان في حكم اللازم وجعلوه بفتح العين مع أنه لم ينطق به حملا على النظائر وإيثارا للأخف لكن مفاد القاموس نطقهم بالأصل حيث قال: زكم كعنى وأزكمه فهو مزكوم. ا. هـ. وحينئذٍ لا يتم ما ذكره. قوله: "وشمل" بفتح الميم وكسرها والفتح هنا أنسب بصهل. قوله: "كصهل" من باب ضرب ومنع كما في القاموس. قوله: "وذمل ذميلا" أي سار سيرا بلين. قوله: "قد يجتمع فعيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 فعولة فعالة لفعلا ... كسهل الأمر وزيد جزلا وما أتى محالفًا لما مضى ... فبابه النقل كسخط ورضا   نعيقًا ونعاقًا. وأزت القدر أزيزًا وأزازًا. وقد ينفرد فعيل نحو صهل الفرس صهيلًا، وصخد الصرد صخيدًا، وقد ينفرد فعال نحو بغم الطبي بغامًا، وضبح الثعلب ضباحًا، كما انفرد الأول في السير والثاني في الداء. الثاني يستثنى أيضًا منه ما دل على حرفه أو ولاية فإن الغالب في مصدره فعالة نحو تجر تجارة، وخاط خياطة، وسفر سفارة، وأمر إمارة. وذكر ابن عصفور أنه مقيس في الولاية والصنائع "فعولة فعالة لفعلا" بضم العين قياسًا "كسهل الأمر" سهولة، وعذب الشيء عذوبة، وملح ملوحة "وزيد جزلا" جزالة، وفصح فصاحة، وظرف ظرافة "وما أتى" من أبنية مصادر الثلاثي "مخالفًا لما مضى فبابه النقل" لا القياس "كسخط ورضا" بضم السين وكسر الراء، وحزن وبخل بضم أولهما مما قياسه فعل بفتحتين. وكجحود، وشكور، وركوب بضمتين مما قياسه فعل بفتح الفاء وسكون العين. وكموت وفوز ومشى بفتح الفاء وسكون مما قياسه فعول بضمتين. وكعظم وكبر مما قياسه فعولة، وكحسن وقبح مما قياسه فعالة.   وفعال" أي فيما دل على صوت ومما اجتمعا فيه صرخ صراخا وصريخا خلافا فالزعم البعض أن مصدره على فعال فقط. قوله: "وصخد الصرد" هو طائر ضخم الرأس كما في القاموس. وصخد كالذي قبله وبعده بمعنى صوت. قوله: "يستثنى أيضا منه" أي من فعل المفتوح العين اللازم وحينئذٍ كان ينبغي إسقاط خاط خياطة لأنه متعد والكلام في اللازم. ويمكن إرجاع ضمير منه إلى فعل المفتوح العين الأعم من اللازم والمتعدي فيصح كلامه ويؤيد هذا ما قدمناه عن الهمع. قوله: "وسفر" أي أصلح. قوله: "وذكر ابن عصفور" تأييد لما قبله لما علمت من أن الغلبة أمارة القياس. قوله: "فعولة فعالة لفعلا" أي كل منهما مصدر قياسي لفعل مضموم العين فإذا وردا فذاك أو أحدهما اقتصر عليه أو لم يرد واحد منهما خير بينهما ولا بعد في ذلك كما مر فاندفع ما لسم هنا أيضا. قال المصرح: ولا يكون فعل مضموم العين إلا لازما ولا يتعدى إلا بتضمين أو تحويل. قوله: "وزيد جزلا" أي عظم. قوله: "لما مضى" أي من المصادر القياسية للفعل الثلاثي متعديا أو لازما فليس هذا في اللازم فقط كما لا يخفى حتى يرد ما نقله شيخنا والبعض وأقراه من استشكال سم تمثيل المصنف بسخط ورضى حيث قال ما نصه: انظر كيف عدهما من اللازم مع أنه يقال سخطه ورضيه وذلك على التوسع بإسقاط الجار والأصل سخط عليه ورضي عنه. ا. هـ. على أن تعدية الفعل بنفسه على التوسع لا تنافي اللزوم كما أسلفه الشارح. قوله: "فبابه النقل" أي طريقه النقل عن العرب. قوله: "مما قياسه فعول بضمتين" ظاهر في غير مشي إذ هو مما دل على سير فقياسه الفعيل فتأمل. قوله: "وكبر" أي مصدر كبر مضموم الباء وهو المستعمل في غير كبر السن من الكبر الحسي والكبر المعنوي، وأما مكسورها فيستعمل في كبر السن فقط تقول كبر زيد بالضم أي ضخم جسمه أو عظم أمره. وكبر بالكسر أي طعن في السن. قوله: "مما قياسه فعولة" أي أو فعالة. وقوله: مما قياسه فعالة أي أو فعولة ففي كلامه احتباك كما أفاده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 وغير ذي ثلاثة مقيس ... مصدره كقدس التقديس وزكه تزكية وأجملا ... إجمال من تجملًا تجملا واستعذ استعاذة ثم أقم ... إقامة وغالبًا ذا التا لزم وما يلي الآخر مد وافتحا ... مع كسر تلو الثان مما افتتحا   تنبيه: ذكر الزجاج وابن عصفور أن الفعل كالحسن قياس في مصدر فعل بضم العين كحسن وهو خلاف ما قاله سيبويه "وغير ذي ثلاثة مقيس مصدره" أي لا بد لكل فعل غير ثلاثي من مصدر مقيس، فقياس فعل بالتشديد إذا كان صحيح اللام التفعيل "كقدس التقديس" وتحذف ياؤه ويعوض عنها التاء فيصير وزنه تفعلة قليلًا في نحو جرب تجربة، وغالبًا فيما لامه همزة نحو جزأ تجزئة، ووطأ توطئة، ونبأ تنبئة. وجاء أيضًا على الأصل وجوبًا في المعتل نحو غطه تغطية "وزكه تزكية" وهي تنزي دلوها تنزية. وأما قوله: 732- باتت تنزي دلوها تنزيا فضرورة. وأشار بقوله: "وأجملا إجمال من تجملًا تجملا واستعذ استعاذ ثم أقم إقامة وغالبًا ذا التا لزم. وما يلي الآخر مد وافتحا مع كسر تلو الثان مما   شيخنا فوافق كلامه ما قدمه المصنف من قوله: فعولة فعالة لفعلا. واندفع توقف البعض. قوله: "وغير ذي ثلاثة" أي وكل غير فعل ذي ثلاثة وغير مبتدأ خبره مقيس ومصدره نائب فاعله أو هو مبتدأ خبره مقيس والجملة خبر غير. قوله: "كقدس التقديس" من إنابة المصدر مناب الفاعل فالتقديس نائب فاعل. قوله: "قليلا" أي في قليل من الاستعمال أو حذفا قليلا. قوله: "وغالبا إلخ" أي ومن غير الغالب تخطيئا وتهنيئا وتجزيئا وتنبيئا. قوله: "ووجوبا في المعتل" أي معتل اللام وظاهر صنيعه أن نحو التغطية أصل التفعيل وهذا لا يناسب تقييده آنفا بقوله إذا كان صحيح اللام فكان الأولى ترك التقييد ويراد التفعيل ولو بحسب الأصل أو جعل المعتل مقابلا لصحيح اللام بأن يقال فإن كان معتل اللام فقياس مصدره التفعلة فافهم. قال سم نقلا عن ابن الحاجب: الأولى أن يكون مصدر المعتل على زنة تفعلة من أول الأمر لا أنه تفعيل ثم غير لأن ذلك تعسف بلا ضرورة. ا. هـ. وقد يقال الحامل على ذلك رجوعهم إلى تفعيل عند الضرورة. قوله: "باتت تنزي" بنون مفتوحة فزاي مشددة أي تحرك. قوله: "من تجملا" بضم الميم مصدر مقدم على عامله الذي هو صلة من وذكره هنا مع دخوله تحت قوله الآتي وضم ما يربع إلخ من ذكر الخاص قبل العام ولو أسقطه لكان أخصر. قوله: "وغالبا ذا" أي نحو إقامة هذا هو   732- الرجز لا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 288؛ وأوضح المسالك 3/ 240؛ والخصائص 2/ 302؛ وشرح التصريح 2/ 76؛ وشرح شواهد الشافية ص67؛ وشرح ابن عقيل ص433، 435؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 165؛ وشرح المفصل 6/ 58؛ ولسان العرب 11/ 373 "شهل"، 15/ 320 "نزا"؛ والمقاصد النحوية 3/ 571؛ والمقرب 2/ 134؛ والمنصف 2/ 195. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 بهمز وصل كاصطفى وضم ما ... يربع في أمثال قد تلملما   افتتحا بهمز وصل كاصطفى" إلى أن قياس أفعل ذا كان صحيح العين الأفعال، نحو أجمل إجمالًا، وأكرم إكرامًا، وأحسن إحسانًا. وإن كان معتلها فكذلك ولكن تنقل حركتها إلى الفاء فتقلب ألفًا ثم تحذف الألف الثانية ويعوض عنها التاء، كما في أقام إقامة، وأعان إعانة، وأبان إبانة. والغالب لزوم هذه التاء كما أشار إليه بقوله: وغالبًا طا التا لزم. وقد تحذف نحو "وإقام الصلاة" ومنه ما حكاه الأخفش من قولهم أراء إراء، وأجاب إجابًا. وقياس ما أوله همزة وصل أن كسر تلو ثانية أي ثالثه، وأن يمد مفتوحًا ما   المتبادر من صنيع الشارح بعد حيث قال في الكلام على مصادر أفعل معتل العين نحو إقامة والغالب لزوم هذه التاء كما أشار إليه بقوله وغالبا ذا التا لزم ثم ذكر أن نحو استعاذة يفعل به ما يفعل بنحو إقامة ولم يذكر أنه أيضا مشار إليه بقوله وغالبا إلخ والأولى إرجاع اسم الإشارة إلى المذكور من استعاذة وإقامة ونحوهما ليكون التنبيه على لزوم التاء لنحو استعاذة غالبا نكتة ذكر نحو استعاذة مع أنه مما يدخل في قوله وما يلي الآخر إلخ كما سيشير إليه الشارح. قوله: "التا لزم" أي صحب فاندفع الاعتراض بأن اللزوم ينافي الغلبة. وأما الجواب الذي نقله شيخنا والبعض عن سم وأقراه فلا يخفى ما فيه على متأمليه. قوله: "وما يلي الآخر" برفع الآخر على أنه فاعل يلي أي والحرف الذي يليه الآخر كما بينه الشارح. قوله: "وافتحا" ذكر الفتح ليبين أن المدة ألف لا واو ولا ياء. قوله: "إلى أن قياس أفعل" أي قياس مصدره. قوله: "فكذلك" أي قياس مصدره الأفعال وقوله: حركتها أي العين. وقوله: فتقلب هي أي العين ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن. وقوله: ثم تحذف الألف الثانية أي لالتقائها مع الألف المنقلبة العين إليها. وكلامه صريح في أن قلب العين ألفا سابق على حذف الألف وهو ما في التوضيح أيضا وأورد عليه أن شرط قلبها ألفا تحرك التالي. وأجاب سم بأن هذا لشرط في غير أفعال واستفعال مما يستحق ذلك الإعلال لذاته. والإعلال في أفعال واستفعال للحمل على فعلهما وصريح كلام ابن الناظم أن حذف الألف سابق على إعلال العين وهو أيضا صحيح. فإن قلت: هلا قيل: إنهم لما نقلوا حذفوا لالتقاء الساكنين ولم يتكلفوا أن يقال: تحركت الواو إلخ قلت: ما زعمته تكلفا لا بد منه في الفعل ولا يمكن فيه ما قلته وأيضا فإن الراجح أن المحذوف الزائد وهو الألف الثانية لكونه زائدا ولقربه من الطرف وعلى قولك إنما حذف الأصل. قوله: "وقد تحذف" أي شذوذا كما صرح به المصنف آخر الكتاب. قوله: "أراء إراء" أصله ارآيا على وزن أفعال نقلت حركة عينه إلى فائه ثم حذفت العين لالتقاء الساكنين وقلبت اللام همزة لتطرفها بعد ألف زائدة كما سيأتي في قول الناظم: فأبدل الهمزة من واو ويا آخرا إثر ألف زيد. وجعل الشارح ذلك من المعتل العين مبني على القول بأن الهمزة من حروف العلة لكنه وإن جعل من معتل العين لم يعط حكم معتلها من كل وجه كما يعلم من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يليه الآخر أي ما قبل آخره كما أشار إليه بقوله: وما يلي إلخ أي وما يليه الآخر نحو اصطفى اصطفاء، وانطلق انطلاقًا، واستخرج استخراجًا. فإن كان استفعل معتل العين فعل به ما فعل بمصدر أفعل المعتل العين، نحو استعاذ استعاذة، واستقام استقامة، ويستثنى من المبدوء بهمزة الوصل ما كان أصله تفاعل أو تفعل نحو أطاير وأطير أصلهما تطاير وتطير، فإن مصدرهما لا يكسر ثالثه ولا يزاد قبل آخره ألف. وقياس ما كان على تفعل التفعل، نحو تجمل تجملًا، وتعلم تعلمًا، وتكرم تكرمًا "وضم ما يربع" أي يقع رابعًا "في أمثال قد تلملما" صحيح اللام مما في أوله تاء المطاوعة وشبهها، سواء كان من باب تفعل كما مر، أو من باب تفاعل نحو تقاتل تقاتلًا، وتخاصم تخاصمًا أو من باب تفعلل نحو تلملم تلمما، وتدحرج تدحرجًا. أو ملحقًا به نحو تبطير تبيطرًا، وتجلبب تجلببا. فإن لم يكن صحيح اللام وجب إبدال الضمة كسرة إذا كانت اللام ياء نحو   النظر في تصريفه وتصريف نحو إقامة بل من حيث وجود النقل والحذف ومطلق القلب واستحقاق التاء فتدبر. قوله: "وقياس" عطف على قياس السابق. قوله: "فإن كان" أي ما أوله همزة وصل قوله: معتل العين حال من استفعل. قوله: "فعل به ما فعل إلخ" أي من النقل والقلب والحذف والتعويض. وقد جاء بالتصحيح تنبيها على الأصل نحو استحوذ استحواذا وأغيمت السماء أغياما. قوله: "ويستثنى من المبدوء بهمزة الوصل إلخ" قد يقال: مراد الناظم ما افتتح بهمزة وصل أصالة والهمزة فيما ذكر مجتلبة لعارض فلا استثناء قاله الدماميني. قوله: "أصلهما تطاير وتطير" أي فأدغمت التاء في الطاء واجتلبت همزة الوصل توصلا إلى النطق بالساكن. قوله: "لا يكسر ثالثه إلخ" أي بل يضم ما يليه الآخر نظرا إلى الأصل فيقال: أطاير يطاير أطايرا. وأطير يطير أطيرا كما في التصريح، فهو داخل في قوله: وضم ما يربع إلخ. قوله: "ما يربع" من ربعت القوم صرت رابعهم وبابه منع. قوله: "في أمثال قد تلملما" أي في أمثال مصدر قد تلملم أي في الحركات والسكنات وعدد الحروف وإن لم يكن من بابه كما يظهر بالنظر في الأمثلة، وذلك عشرة أبنية ذكر الشارح منها خمسة: تفعل وتفاعل وتفعلل وتفعيل وتفعلى كتدلى. وبقي تمفعل كتمسكن، وتفوعل كتجورب، وتفعنل كتقلنس. وتفعول كترهوك، وتفعلت كتعفرت. قوله: "صحيح اللام" حال من أمثال على معنى الجنس أو من ما يربع على معنى صحيحا لامه أي اللام بعده فافهم. قوله: "وشبهها" كالتاء في نحو تكبر تكبرا وتجاهل تجاهلا. قوله: "سواء كان من باب تفعل كما مر" فيه إشارة إلى ما قاله الشاطبي من أن قول المصنف: تجمل تجملا حشو لدخوله تحت الضابط الذي ذكره هنا بقوله وضم ما يربع إلخ. وأجاب سم بأن المصنف لم يقصد بقوله تجمل بيان مصدر تفعل وإنما ذكره تتميما لمعنى أجملا إجمال، وأجاب يس بأن ذكره هناك من ذكر الخاص قبل العام. قوله: "أو ملحقا به" أي بتفعلل. قوله: "نحو تبيطر" من بيطر الدابة عالج داءها بالدواء. قوله: "وتجلبب" أي لبس الجلباب وهو ثوب أوسع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 فعلال أو فعللة لفعللا ... واجعل مقيسًا ثانيًا لا أولا   تدلى تدليًا، وتدانى تدانيًا، وتسلقى تسلقيا، "فعلال أو فعللة لفعللا" وما ألحق به نحو دحرج دحرجًا ودحرجة، وحوقل حيقالًا وحوقلة. ومعنى حوقل كبر وضعف عن الجماع "واجعل مقيسًا" من فعلال وفعللة "ثانيًا لا أولًا" وكلاهما عند بعضهم مقيس هو ظاهر كلام التسهيل. تنبيه: يجوز في المضاعف من فعلان نحو الزلزال والقلقال فتح أوله وكسره. وليس في العربية فعل بالفتح إلا في المضاعف والكسر هو الأصل. وإنما فتح تشبيهًا بالتفعال كما جاء في التفعال التبيان والتقاء بالكسر. والتفعال كله بالفتح إلا هذين، على أنهما عند   من الخمار ودون الرداء. قوله: "وجب إبدال الضمة كسرة" أي لمناسبة الياء. قوله: "إذا كانت اللام" أي الثانية ياء أي أصلية كما في الترامي، أو منقلبة عن واو كما في التساوي ولا حاجة إلى هذا الشرط لعلمه من قوله فإن لم يكن صحيح اللام إذ المصدر المعتل من ذلك لا تكون لامه إلا ياء. قوله: "تسلقى تسلقيا" أي استلقى على ظهره استلقاء مطاوع سلقيته قال في القاموس سلقيته سلقاء بالكسر ألقيته على ظهره. قوله: "فعلال" أي بكسر الفاء. قوله: "وما ألحق به" أي بفعلل كفوعل نحو حوقل، وفيعل نحو بيطر، ففي مثال الشارح نشر على ترتيب اللف. فعلم مما قررناه أن في قول شيخنا والبعض وهو فوعل قصورا. قوله: "نحو دحرج دحراجا" نقل في التصريح عن الصيمري وغيره أن دحراجا لم يسمع في دحرج وسمع سرهفت الصبي سرهافا إذا أحسنت غذاءه. قوله: "وكلاهما عند بعضهم مقيس" ظاهره في المضاعف وغيره. وصاحب التوضيح جعل الأول مقيسا في المضاعف كزلزال. قوله: "يجوز في المضاعف" هو ما فاؤه ولامه الأولى من جنس واحد، وعينه ولامه الثانية من جنس واحد. قوله: "فتح أوله وكسره" أي وإن كان الأكثر كما في التوضيح والدماميني أن يعني بالمفتوح اسم الفاعل نحو من شر الوسواس أي الموسوس والصلصال بمعنى المصلصل. وفي الأشباه والنظائر النحوية للسيوطي نقلا عن الناظم أن المطرد في المصدر من فعلال هو الكسر وأن الفتح ندر في قولهم: وسوس الشيطان وسواسا، ووعوع الكلب وعواعا، وغطغط السهم في مروره غطغاطا إذا التوى. وأن غير ذلك من المفتوح متعين للوصفية المقصود بها المبالغة وأن تجويز الزمخشري الفتح في المصدر الذي لم يسمع فتحه قياسا على ما سمع يرد بأن النادر لا يقاس عليه. قوله: "والتفعال كله بالفتح" الواو للحال. ومذهب البصريين أن التفعال بالفتح مصدر فعل المخفف جيء به كذلك للتكثير. وقال الفراء وجماعة من الكوفيين مصدر فعل المضعف العين ورجحه المصنف وغيره لكونه للتكثير وفعل المضعف كذلك ولكونه نظير التفعيل باعتبار الحركات والسكنات والزوائد ومواقعها وهل هو سماعي أو قياسي قولان. وأما التفعال بالكسر كالتبيان والتلقاء فليس بمصدر بل بمنزلة اسم المصدر. ا. هـ. دماميني باختصار. قوله: "على أنهما" أرجع شيخنا الضمير إلى المفتوح والمكسور من المضاعف فالظرف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 لفاعل الفعال والمفاعلة ... وغير ما مر السماع عادله   سيبويه اسمان وضع كل منهما موضع المصدر. وذهب الكسائي والفراء وصاحب الكشاف إلى أن الزلزال بالكسر المصدر وبالفتح الاسم. وكذلك القعقاع بالفتح الذي يتقعقع وبالكسر المصدر. والوسواس بالفتح اسم لما وسوس به الشيطان وبالكسر المصدر. وأجاز قوم أن يكون مصدرين "لفاعل الفعال والمفاعله" نحو خاصم خصامًا ومخاصمة، وعاقب عقابًا ومعاقبة، لكن يمتنع الفعال ويتعين المفاعلة فيما فاؤه ياء، نحو ياسر مياسرة، ويامن ميامنة. وشذ ياومه يواما لا مياومه "وغير ما مر السماع عاد له" أي كان له عديلًا فلا يقدم عليه إلا بسماع. نحو كذب كذابًا وهي تنزي دلوهًا تنزيًا. وأجاب إجابًا، وتحمل تحمالا، واطمأن طمأنينة، وتراموا رميًا، وقهقر قهقرى، وقرفص قرفصاء، وقاتل قيتالا. تنبيه: يجيء المصدر على زنة اسم المفعول في الثلاثي قليلًا نحو جلد جلدًا ومجلودًا. وقوله:   حال من قوله فتح أوله وكسره بمعنى مفتوح الأول ومكسوره على الاستخدام وأرجعه البعض إلى التبيان والتلقاء ويؤيد الأول السياق بعد. قوله: "بالفتح الاسم" أي الموضوع موضع المصدر هكذا قال البعض. ومقتضى التنظير بعده خلافه فإن التنظير بالقعقاع يقتضي أن الزلزال بالفتح اسم للفاعل والتنظير بالوسواس يقتضي أنه اسم للمزلزل به فتدبر. قوله: "اسم لما وسوس به الشيطان" مناف لما مر عن التوضيح والدماميني. قوله: "وأجاز قوم أن يكونا" أي المفتوح والمكسور مصدرين هو ما ذكره في أول التنبيه على ما سبق عن البعض وغيره على ما سبق عن شيخنا. قوله: "لفاعل الفعال والمفاعلة" قال الدماميني: والمطرد دائما عند سيبويه المفاعلة فقد يتركون الفعال ولا يتركون المفاعلة قالوا جالس مجالسة ولم يقولوا جلاسا. قوله: "فيما فاؤه ياء" أي في مصدر الفعل الذي فاؤه ياء ولم يستثنه المصنف لندرة فاعل الذي فاؤه ياء بل مطلق الفعل الذي فاؤه ياء قليل. قوله: "وشذ ياومه يواما"، لثقل الياء المكسورة أول الكلمة وقوله: لا مياومة أي فليست شاذة. وفي بعض النسخ يواما ومياومة وعليها فالشذوذ منصب على يواما فقط. والمياومة المعاملة بالأيام كما في القاموس. قوله: "وغير ما مر" أي وغير المصادر التي مرت لأفعالها الزائدة على ثلاثة أحرف المتقدم ذكرها. قوله: "عادلة" يحتمل أنه فعل متصل بمفعوله من المعادلة وهي المقابلة ويحتمل أن عاد فعل من العود وله جار ومجرور وعليه فإن أرجع الضمير المستتر للسماع والبارز لغير ما مر كان في العبارة قلب وإن عكس فلا. قوله: "نحو كذب كذابا" بالتشديد فيهما مع كسر الكاف في الثاني. قوله: "تحمالا" بكسر الفوقية والحاء المهملة كما قاله الدماميني. قوله: "واطمأن طمأنينة" والقياس اطمئنانا لأن أصل اطمأن اطمأنن كاستخرج فأدغمت إحدى النونين في الأخرى. قال الدماميني: وظاهر كلام سيبويه أن الطمأنينة والقشعريرة اسمان وضعا موضع المصدر لا مصدران. قوله: "رميا" بكسر الراء وتشديد الميم والياء مع كسر الميم. قوله: "قيتالا" لا ينافي شذوذه كونه الأصل إذ كثيرا ما يهجر الأصل حتى يعد النطق به شذوذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   733- لم يتركوا لعظامه لحمًا ... ولا لفؤاده معقولا وفي غيره كثيرًا. ومنه قوله: 734- وعلم بيان المرء عند المجراب أي عند التجربة وقوله: أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلًا أي قتالًا وقوله: 735- أظلوم إن مصابكم رجلًا ... أهدى السلام تحية ظلم أي إصابتكم، وربما جاء في الثلاثي بلفظ اسم الفاعل نحو فلج فالجا. وقوله:   فاندفع ما للبعض تبعا لشيخنا. قوله: "يجيء المصدر" أي عند غير سيبويه فقد نقل صاحب المصباح عن بعضهم أن سيبويه ينكر مجيء المصدر على مفعول ويؤوّل ما أوهم ذلك. قوله: "قليلا" أي فيقتصر فيه على السماع. قوله: "نحو جلد جلدا ومجلودا" في القاموس جلد ككرم جلادة وجلودة وجلدا ومجلودا أي قوي. قوله: "لم يتركوا لعظامه إلخ" هذا البيت من الكامل الذي استعملته العرب مخمسا شذوذا إن لم يكن سقط والأصل مثلا لم يتركوا من هجرهم لعظامه إلخ. قوله: "وعلم بيان المرء" أي علم منطقه الفصيح. قوله: "أي قتالا" فيه أنه لا داعي إلى جعل مقاتلا في البيت بمعنى قتالا بل المعنى على كونه اسم مفعول أظهر. قوله: "نحو فلج فالجا" اعلم أن فلج بفتح الفاء واللام يفلج بكسر اللام وضمها فلجا بفتح الفاء وسكون اللام   733- البيت بتمامه: حتى إذا لم يتركوا لعظامه ... لحمًا ولا لفؤاده معقولا والبيت من الكامل، وهو للراعي النميري في ديوانه ص236؛ وسمط اللآلي ص266. 734- صدره: وقد ذقتمونا قرة بعد مرة وهو من الطويل. 735- البيت من الكامل، وهو للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص91؛ والاشتقاق ص99، 151، الأغاني 5/ 225؛ وخزانة الأدب 1/ 454، والدرر 5/ 258؛ ومعجم ما استعجم ص504؛ وللعرجي في ديوانه ص193؛ ودرة الغواص ص96؛ ومغني اللبيب 2/ 538؛ وللحارث أو للعرجي في إنباه الرواة 1/ 284؛ وشرح التصريح 2/ 64؛ وشرح شواهد المغني 2/ 892؛ والمقاصد النحوية 3/ 502؛ ولأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص66؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 226؛ وأوضح المسالك 3/ 210؛ وشرح شذور الذهب ص527؛ وشرح عمدة الحافظ ص731؛ ومجالس ثعلب ص270؛ ومراتب النحويين ص127؛ وهمع الهوامع 2/ 94. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 وفعلة لمرة كجلسه ... وفعلة لهيئة كجلسه في غير ذي الثلاث بالتا المره ... وشذ فيه هيئة كالخمرة   كفى بالنأي من أسماء كاف أي كفاية ونحو: {فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} [الحاقة: 5] ، أي بالطغيان: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 88] ، أي بقاء "وفَعلة" بالفتح "لمرة كجلسة" ومشية وضربة "وفِعلة" بالكسر "لهيئة كجلسة" ومشية وضربة. تنبيه: محل ما ذكر إذا لم يكن المصدر العام على فعلة بالفتح نحو رحمة، أو فعلة بالكسر نحو ذربة، فإن كان كذلك فلا يدل على المرة أو الهيئة إلا بقرينة أو يوصف نحو رحمة واحدة وذربة عظيمة "في غير ذي الثلاث بالتا المره" نحو انطلق انطلاقة   يأتي بمعنى شق وقسم بالفلج بالكسر وهو مكيال معروف، وظفر بما طلب، ويقال: أفلج برهانه أي قومه وأظهره. وأما فلج يفلج فلجا كطرب يطرب طربا فهو للانفراج بين الثنايا. وأما بضم الفاء وكسر اللام فهو فعل ملازم للبناء للمجهول معناه أصابه الفالج وهو استرخاء أحد شقي البدن لانصباب خلط بلغمي تنسد منه مسالك الروح كذا في القاموس وغيره. ولم أرَ فيه ولا في الصحاح ولا في المصباح ولا في المختار الفالج مصدر الفلج مطلقا فانظر جعله مصدرا لفلج بأي معنى لفلج والأقرب أنه لفلج المبني للمجهول وقد مثل في المصباح لمجيء فاعل مصدرا بقولهم قم قائما أي قياما. قوله: "بالنأي" بفتح النون وسكون الهمزة أي البعد. قوله: "وفعلة لمرة كجلسة" مقتضى ما مر في باب إعمال المصدر من أن من شروط عمله أن يكون غير محدود بالتاء فلو حد بالتاء لم يعمل أن فعلة التي للمرة كجلسة من المصادر فيكون لجلس مثلا مصدران أحدهما دال على المرة وهو جلسة والثاني لا دلالة له عليها وهو جلوس ولا فرق في بناء فعلة بالفتح للمرة بين كون المصدر المطلق على فعل كضربة أولا كخرجة من خروج كما في الهمع ثم فعلة التي للمرة إنما تكون لما يدل على فعل الجوارح الحسية كأمثلة الناظم والشارح لا ما يدل على الفعل الباطني كالعلم والجهل والجبن والبخل أو الصفة الثابتة كالحسن والظرف. قوله: "وفعلة لهيئة" أي لهيئة الحدث والحدث وإن استلزم الهيئة لكن فرق بين الدلالة مطابقة والدلالة التزاما قاله سم وفسر الجار بردى الجيئة بالنوع. قوله: "محل ما ذكر" أي كون فعلة بالفتح للمرة وبالكسر للهيئة إذا لم يكن المصدر العام أي المطلق الصادق. بالقليل والكثير والخالي عن إرادة الهيئة ودخل في قوله لم يكن إلخ المصدر المطلق الذي على فعلة بالضم كالكدرة فيفتح للمرة ويكسر للهيئة كما قاله ابن هشام وقياسه كما قاله سم أن ما على فعلة بالفتح يكسر للدلالة على الهيئة وبالعكس وهو المتجه وإن نقل عن بعضهم خلافه. قوله: "نحو ذربة" هي الحدة في الشيء يقال: رجل ذرب أي حاد. قوله: "إلا بقرينة" أي حالية أو مقالية فعطف الوصف عليها عطف خاص على عام فإن خصت بالحالية فالعطف مغاير. قوله: "في غير ذي الثلاث بالتا المرة" أي من غير تغيير صيغة المصدر وإنما تلحق التاء من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   واستخرج استخراجة. فإن كان بناء مصدره الغام على التاء دل على المرة منه بالوصف كإقامة واحدة، واستقامة واحدة "وشذ فيه هيئة كالحمرة" من اختمر، والعمة من تعمم، والنقبة من انتقب. خاتمة: يصاغ من الثلاثي مفعل فتفتح عينه مرادًا به المصدر أو الزمان أو المكان إن اعتلت لامه مطلقًا، نحو مرمى ومغزى وموقى، أو صحت ولم تكسر عين مضارعه نحو   المصادر الأغلب استعمالا فإذا كان للفعل مصدران قياسيان أو سماعيان لحقت الأغلب أو قياسي وسماعي لحقت القياسي قاله الشاطبي. وانظر ما إذا كان السماعي أغلب استعمالا من القياسي. وظاهر أول عبارته أنها تلحق السماعي الأغلب وظاهر آخرها أنها تلحق القياسي غير الأغلب. قوله: "بالوصف" هلا قال كسابقه بالقرينة أو الوصف. قوله: "وشذ فيه هيئة" أي شذ في غير ذي الثلاث بناء فعلة بالكسر للهيئة. قوله: "من اختمر" يقال اختمرت المرأة أي غطت رأسها بالخمار. قوله: "من انتقب" أي غطى وجهه بالنقاب. قوله: "خاتمة" حاصل المقام أن الفعل تارة يكون معتل اللام وتارة لا فالأول يجب فتح عين مفعل منه مطلقا والثاني إن كان صحيحا وضمت عين مضارعه أو فتحت فكذلك وإن كسرت فالمصدر بالفتح وغيره بالكسر، وإن كان معتل الفاء فقط فإن كسرت عين مضارعه ولو بحسب الأصل وجب كسر عين مفعل منه مطلقا نحو وعد يعد ووثق يثق، ونحو وهب يهب ووطئ يطأ فإن فتحت عين مضارعه فتحا أصليا نحو وجل يوجل فأكثر العرب يكسر عين مفعل منه مطلقا وبعضهم يفتحها في المصدر ويكسرها في غيره هذا عند غير طيىء وأما طيىء فيجرون معتل الفاء مجرى الصحيح في تفصيله السابق. هذا كله في الثلاثي. وأما غيره فالمصدر وأسماء الزمان والمكان منه بزنة اسم المفعول هكذا ينبغي تقرير هذا المقام وبه يعرف ما في كلام شيخنا والبعض من الخلل في غير موضع كما لا يخفى على متأمله، ومما ذكراه في هذا المقام أن معتل الفاء إذا فتحت عين مضارعه أي ونقلت فتحتها إلى فائه التي هي الواو كودّ يود وجب فتح عين مفعل منه كالمودة. ويرده ما في القاموس وغيره من أن واو المودة تفتح وتكسر فاعرف ذلك. قوله: "يصاغ من الثلاثي مفعل" أي يصاغ من مصدر الفعل الثلاثي موازن مفعل أي إن كان متصرفا وقد تلحق مفعلا هاء التأنيث كالمودة. قوله: "إن اعتلت لامه مطلقا" أي سواء كسرت عين مضارعه أو لا فهو في مقابلة التقييد اللاحق. قوله: "نحو مرمى ومغزى موقى" بواو بعد الميم على ما في بعض النسخ وهو الذي في خط الشارح كما قاله شيخنا وعليه فالإشارة بتعداد الأمثلة إلى أنه لا فرق بين ما لامه ياء كمرمى وما لامه واو كمغزى ولا بين صحيح الفاء كالمثالين ومعتلها كموقى. وفي أكثر النسخ ومرقى براء بعد الميم وعليه فالإشارة بالتعداد إلى أنه لا فرق بين ما لامه ياء أو واو ولا بين ما عين مضارعه مكسورة أو مضمومة أو مفتوحة. والنسخة الأولى أولى من هذه لعلم عدم الفرق بين هذه الثلاثة من قوله مطلقا فتفطن. قوله: "ولم تكسر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مقتل ومذهب، فإن كسرت فتحت في المراد به المصدر، نحو مضرب وكسرت في المراد به الزمان أو المكان نحو مضرب، وتكسر مطلقًا عند غير طيئ فيما صحت لامه وفاؤه واو، ونحو مورد وموقف موئل: وشذ من جميع ألفاظ معروفة ذكرها في التسهيل.   عين مضارعه" بأن ضمت أو فتحت ولهذا مثل بمثالين. قوله: "فإن كسرت إلخ" منه ما عين مضارعه ياء مكسورة في الأصل فيقال: مبات في المصدر وأصله مبيت بفتح الياء ومبيت في الزمان والمكان. وقيل: يخير بين الفتح والكسر مطلقا وقيل: يقتصر على ما سمع فلا يقال في معاش معيش ولا في محيض محاض. قال في التسهيل: وهو الأولى. قوله: "وتكسر مطلقا" أي سواء أريد به المصدر أو الزمان أو المكان. قوله: "عند غير طيىء" وأما طيىء فيجرونه مجرى ما فاؤه غير واو فيفصلون فيه بين مكسور عين المضارع وغيره كما مر. قوله: "فيما صحت لامه وفاؤه واو" أي ولم تفتح عين مضارعه أصالة فإن فتحت كيوجل فأكثر العرب يكسر عين مفعل منه مطلقا وبعضهم يفتحها في المصدر ويكسرها في غيره كما علمت. قوله: "وموئل" الموئل الملجأ. قوله: "وشذ من جميع ذلك" أي جميع الأقسام المتقدمة ألفاظ معروفة ذكرها في التسهيل مما شذ من معتل اللام في المصدر من عصى وحمى أي أنف وأوى له أي رقّ ورازه أي أصابه معصية ومحمية ومأوية ومرزية بالكسر فقط في الجميع. وفي المكان مأوى الإبل بكسر الواو فقط كما صرح به في لامية الأفعال ونقل بعضهم فيه الفتح على القياس. وأما مأوى غير الإبل فبالفتح على القياس. ومما شذ من الصحيح الذي ضمت عين مضارعه في المصدر من رفق وطلع مرفق ومطلع بالكسر. وفتح الثاني الحجازيون على القياس وفي المكان من سجد وشرق وغرب وجزر ونبت وسقط وطلع وظن مسجد قال الدماميني: وهو البيت المبني للعبادة سجد فيه أو لم يسجد. قال سيبويه: وأما موضع السجود فالمسجد بالفتح لا غير. ا. هـ. ومشرق ومغرب ومجزر ومنبت ومسقط ومطلع ومظنة بالكسر فقط في الجميع. ومما شذ من الصحيح الذي فتحت عين مضارعه في المصدر من جمع وحمد مجمع ومحمدة بالكسر وجاء فيهما الفتح على القياس. وفي المكان من جمع مجمع بالكسر وجاء فيه الفتح على القياس. ومما شذ من الصحيح الذي كسر عين مضارعه في المصدر من رجع وعذر وعفر وعرف مرجع ومعذرة ومغفرة ومعرفة بالكسر فقط وفي المكان من زل مزلة بالفتح وجاء فيه الكسر على القياس. ومما شذ من معتل الفاء في المكان من وحل بكسر الحاء المهملة يوحل بفتحها ووضع ووقع موحل وموضع وموقعة بالفتح في الثلاثة، وجاء فيها الكسر على القياس. وجاء بتثليث العين مهلك ومهلكة أي مفازة، ومقدرة أي حاجة ومقبرة ومشرقة بالشين المعجمة والقاف أي موضع القعود في الشمس ومزرعة، ولم يجئ مفعل بضم العين إلا مهلك ومعون ومكرم ومألك بالهمزة أي رسالة وميسر قرئ في الشواذ فنظرة إلى ميسرة بالضم والإضافة. وقد صاغوا مفعلة من الثلاثي اللفظ أو الأصل لسبب كثرة مسماه أو محلها مثالها لسبب الكثرة الولد مجبنة مبخلة أي سبب لكثرة الجبن عن الحرب وكثرة البخل ولمحل الكثرة مأسدة ومسبعة ومقثأة ومفعاة أي محل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ويعامل غير الثلاثي معاملة الثلاثي في ذلك، فمن أراد ذلك بنى منه اسم مفعول وجعله بإزاء ما يقصده من المصدر كما مر أو الزمان أو المكان. ومنه: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: 41] ، {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 19] ، وقوله: الحمد لله ممسانا ومصبحنا   لكثرة الأسد والسبع والقثاء والأفعى. وقد أفردت مسألة مفعل برسالة فمن أراد إشباع الكلام فيه فعليه بها. قوله: "في ذلك" أي في صوغ صيغة منه تصلح مصدرا واسم زمان واسم وكان. ولما كان اسم الإشارة غير موف بذلك لإيهامه الرجوع إلى التفصيل المتقدم في مفعل مع أنه ليس بمراد عقبه بقوله فمن أراد إلخ. قوله: "كما مر" أي في قوله: وعلم بيان المرء عند المجرب وقوله: أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلا على ما فيه وقوله أظلوم أن مصابكم رجلا قوله: "ومنه" أي من بناء اسم المفعول وجعله بإزاء المقصود من الثلاثة فمجراها ومرساها يحتملان الثلاثة كما في البيضاوي وإن قصرهما البعض على احتمال الزمان والمكان، وممزق مصدر، وممسانا ومصبحنا اسما زمان. فائدة: اطراد بناء اسم الآلة على مفعل ومفعلة ومفعال بكسر الميم وفتح العين في الثلاثة كمجدح لما يجدح به السويق أي يلت ومكسحة ومفتاح وشذ غير ذلك كمنخل ومسعط ومدهن بضم الأول والثالث في الثلاثة، وجاء المسعط على القياس أيضا وقد تفتح خاء المنخل كما في القاموس وكمشط بتثليث الميم وبوزن كتف وعنق وعتل. وجاء ممشط على القياس. قال في الهمع وكإراث آلة تأريث النار أي إضرامها وسراد ما يسرد به أي يخرز. ا. هـ. وفي القاموس أن الإراث ككتاب النار وما أعدّ للنار من حراقة ونحوها. وأن السراد الخرز في الأديم كالسرد. ا. هـ. وهو أيضا ككتاب: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 وهو قليل في فعلت وفعل ... غير معدى بل قياسه فعل وأفعل فعلان نحو أشر ... ونحو صديان ونحو الأجهر وفعل أولى وفعيل بفعل ... كالضخم والجميل والفعل جمل وأفعل فيه قليل وفعل ... وبسوى الفاعل قد يغنى فعل   سالم، وفره الفرس فهو فاره. أو متعديًا نحو ضرب فهو ضارب، وركب فهو راكب "وهو قليل في فعلت" بضم العين كطهر فهو طاهر، ونعم فهو ناعم، وفره فهو فاره "و" في "فعل" بكسرها "غير معدى" نحو سلم فهو سالم "بل قياسه" أي قياس فعل اللازم المكسور العين "فعل" بفتح الفاء وكسر العين في الأعراض "وأفعل" في الألوان والخلق و"فعلان" فيما دل على الامتلاء وحرارة الباطن "نحو أشر" وبطر وفرح "ونحو صديان" وريان وعطشان "ونحو الأجهر" والأحمر. ومما شذ فيه مريض وكهل "وفعل" بفتح الفاء وسكون العين "أولى وفعيل بفعل" مضموم العين "كالضخم" والشهم "والجميل" والظريف "والفعل" لهذه ضخم وشهم و"جمل" وظرف "وأفعل فيه قليل وفعل" بفتحتين، وفعال   غذا طفله باللبن فهو غاذ وهو قليل إلخ ويرد على هذه النسخة ما ورد على النسخة الثانية. وكتب البعض على هذه النسخة فاعترضها بأنه كان الأحسن في صوغ التركيب أن يقول كغذا بمعجمتين لازما بمعنى كذا ومتعديا بمعنى كذا، ولا يخفى أن صوغ التركيب يحسن بتقدير كغذا بعد قوله ومتعديا وجعل الواو بمعنى أو فتفطن. قوله: "وفره" يقال: فره الفرس يفره بضم الراء فيهما فراهة وفروهة وفراهية بالتخفيف فهو فاره أي نشط وخف. ورجل فاره أي حاذق وجارية فرهاء أي حسناء. قوله: "وهو" أي صوغ فاعل قليل أي شاذ. قوله: "أي قياس فعل" أي قياس الوصف من فعل. قوله: "في الأعراض" جمع عرض والمراد به هنا المعنى العارض للذات الغير الراسخ فيها فخرج الألوان والخلق. قوله: "والخلق" بكسر الخاء وفتح اللام جمع خلقة، والمراد بها الحال الظاهري في البدن كالعور والحور والجهر. قوله: "وحرارة الباطن" الواو بمعنى أو. قوله: "نحو أشر وبطر وفرح" بتنوين الثلاثة لأنها أمثلة للوصف لا للفعل بقرينة قوله ونحو صديان. والأشر والبطر معناهما الذي لا يحمد النعمة. والصديان العطشان. والأجهر الذي لا يبصر في الشمس وأعاد نحو في قوله ونحو صديان وقوله ونحو الأجهر لاختلاف النوع. وصديان وعطشان مما دل على حرارة الباطن وريان مما دل على الامتلاء. واعترض بأن الريّ انقضاء حاجة الشرب وقد يكون ذلك بدون امتلاء بل قد يحصل من غير تناول شيء أصلا إلا أن يقال المراد بالامتلاء حقيقة أو حكما. قوله: "ومما شذ فيه" أي في فعل المكسور العين اللازم مريض وكهل والقياس مرض وكهل لأنهما من الأعراض. قوله: "أولى" لعله لم يصرح بالقياس لعدم كثرة فعل وفعيل في فعل مضموم العين كثرة تقطع بقياسهما فيه عنده. قال الشاطبي: وغير المصنف يرى أن فعيلا قياس دون فعل. قوله: "والشهم" وهو ذكي الفؤاد. قوله: "والفعل جمل" احتراز عن جميل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بالفتح وفعال بالضم، وفعل بضمتين، وفعل بكسر الفاء أو ضمها، وفعال وفعول، وفعل بكسرتين كحرش فهو أحرش، وخظب فهو أخظب إذا احمر إلى الكدرة. ونحو بطل، وحسن فهو حسن. ونحو جبن فهو جبان، وشجع فهو شجاع. ونحو جنب فهو جنب. ونحو عفر فهو عقر أي شجاع ماكر. ونحو غمر فهو غمر أي لم يجرب الأمور. ونحو وضوء فهو وضاء أي وضيء. ونحو حصرت فهي حصور أي ضاق مجرى لبنها. ونحو خشن فهو خشن. تنبيه: جميع هذه الصفات صفات مشبهة إلا فاعلًا كضارب وقائم فإنه اسم فاعل،   من جملت الشحم بالفتح أي أذبته فجمل هو بالبناء للمجهول أي أذيب فهو مجمول وجميل لأن فعيلا فيه بمعنى مفعول فليس مما نحن فيه. قاله الشاطبي وأقره غير واحد كالبعض. ويرد عليه أن كون فعله جمل بالضم معلوم من قوله: وفعل أولى وفعيل بفعل. حيث فرض الكلام في فعل بالضم. ثم الظاهر أن تقييد الشارح الضخم والشهم والظريف بكون فعلها ضخم وشهم وظرف بيان للواقع هذا ويحتمل أن الواو في قوله والفعل إلخ استئنافية لا حالية فلا يكون تقييدا بل مستأنفا لبيان الواقع لكنه غير محتاج إليه فتدبر. قوله: "بالفتح" أي فتح الفاء مع تخفيف العين وكذا قوله بالضم. قوله: "وفعال" أي بضم الفاء وتشديد العين وقوله وفعول أي بفتح الفاء وتخفيف العين. قوله: "كحرش" بالحاء المهملة ثم الشين المعجمة أي خشن وتمثيله من النشر على ترتيب اللف. قوله: "وخظب" بالخاء والظاء المعجمتين على ما ذكره المصرح وتبعه غيره. والذي في القاموس أنه بالطاء المهملة وأن فعله من باب فرح لا من باب ظرف كما هو مقتضى كلام الشارح وعبارته في مادة خطب بالخاء المعجمة والطاء المهملة الخطبة بالضم لون كدر مشرب حمرة في صفرة أو غبرة ترهقا خضرة خطب كفرح فهو أخطب ولم أجد مادة خظب والظاء المعجمتين لا في القاموس ولا في الصحاح ولا في المصباح. وقوله إلى الكدرة أي مائلا إلى الكدرة. قوله: "ونحو عفر" بالعين المهملة فالفاء. قوله: "ونحو غمر" بالغين المعجمة فالميم. قوله: "ونحو حصرت" بمهملات مبنيا للمجهول لزوما فالتمثيل به لفعل المضموم العين باعتبار أصله ولا يرد أن أصل المبني للمجهول متعد والمضموم العين الذي الكلام فيه لازم لما مر عن سم أن المبني للمجهول قد يكون سماعا من اللازم نحو جن فيجعل هذا منه وانظر ما الدليل على أن أصله بضم العين. قوله: "فهو خشن" بكسرتين وفي القاموس أنه ككتف فلعل فيه اللغتين. قوله: "جميع هذه الصفات إلخ" دفع لما قد يقال إن المصنف ترجم لأبنية الصفات المشبهة ولم يذكرها وهو معيب ولا يقال إنه ذكرها في الباب الآتي لأن المذكور فيه أحكامها لا أبنيتها لكن كان على الشارح أن يؤخر هذا التنبيه إلى آخر الباب لأن ذكره هنا يوهم أن وصف الفاعل من غير الثلاثي المجرد واسم المفعول من الثلاثي أو غيره لا يكونان صفتين مشبهتين مع أنهما يكونان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 وزنة المضارع اسم فاعل ... من غير ذي الثلاث كالمواصل مع كسر متلو الأخير مطلقًا ... وضم ميم زائد قد سبقا   إلا إذا أضيف إلى مرفوعه، وذلك فيما إذا دل على الثبوت، كطاهر القلب، وشاحط الدار أي بعيدها فهو صفة مشبهة أيضًا "وبسوى الفاعل قد يغنى فعل" أي وقد يستغنى عن وزن فاعل من فعل بالفتح بغيره كشيخ وأشيب وطيب وعفيف "وزنة المضارع اسم فاعل من غير ذي الثلاث كالمواصل. مع كسر متلو الأخير مطلقًا وضم ميم زائدة قد سبقا" أي يأتي اسم الفاعل من غير الثلاثي المجرد على زنة مضارعه بشرط الإتيان بميم مضمومة مكان حرف المضارعة وكسر ما قبل الأخير مطلقًا: أي سواء كان مكسورًا في المضارع   صفتين مشبهتين إذا قصد بهما الثبوت دون الحدوث وأضيفا إلى مرفوعهما أو نصباه على التشبيه بالمفعول به أو على التمييز كوصف الفاعل من الثلاثي المجرد. قوله: "صفات مشبهة" أي إن قصد بها الثبوت والدوام وإن لم تضف إلى مرفوعها ولم تنصبه على التشبيه بالمفعول به أو على التمييز فإن قصد بها الحدوث كانت أسماء فاعلين ونقل الإسقاطي وغيره أنها إذا قصد بها النص على الحدوث حوّلت إلى فاعل. وفي التصريح عن الشاطبي وغيره أنه إذا أريد حدوث الحسن مثلا قيل حاسن لا حسن. وقوله إلا إذا أضيف إلى مرفوعه أي أو نصبه على ما ذكر فلا يكون فاعل صفة مشبهة إلا إذا قصد به الثبوت وأضيف إلى مرفوعه أو نصبه على ما ذكر. والفرق بين فاعل وغيره من تلك الصفات أن الأصل في فاعل قصد الحدوث وقصد الثبوت طارئ فلا يعتبر إلا مع ما يدل على خروجه عن الأصل واستعماله في الثبوت من الإضافة أو النصب المذكورين وأما غير فاعل فمشترك في الأصل بين الحدوث والثبوت فاكتفى في كونه صفة مشبهة بقصد الثبوت. قوله: "إذا دلّ على الثبوت" أي الدوام دون الحدوث وليس المراد بالثبوت مطلق الحصول لأنه لا يختص بالصفة المشبهة. قوله: "وبسوى الفاعل قد يغنى فعل" يغنى بفتح الياء مضارع غنى من باب فرح أي استغنى ونسبة الاستغناء إلى فعل مجاز كما أشار إليه الشارح بقوله أي قد يستغنى بالبناء للمجهول والمراد أنه قد يستعمل في الوصف من فعل غير فاعل دون فاعل. قوله: "وزنة" أي موازن المضارع خبر مقدم واسم فاعل مبتدأ مؤخر ومن غير ذي الثلاث أي من مصدر فعل غير ذي الثلاث نعت لاسم فاعل. قوله: "مع كسر متلو الأخير" أي ما يتلوه الحرف الأخير والمراد الكسر ولو تقديرا كمعتل ومختار اسمي فاعل. وأما منتن بضم التاء اتباعا فشاذ. وشذ فتح ما قبل الآخر في ألفاظ كاسم الفاعل من أحصن وأسهب بسين مهملة آخره موحدة أي تكلم بما لا يعقل فإن كان بمعنى تكلم بما يعقل فاسم فاعله مسهب بكسر الهاء على القياس وألفح بالفاء والحاء المهملة أي افتقر وصار مفلسا. واجرأشت الإبل بجيم فراء فهمزة فشين معجمة مشددة أي سمنت. وشذ أيضا مجيء اسم فاعل أفعل على فاعل كأورس الشجر إذا اخضر ورقه فهو وارس وجاء مورس قليلا وأمحل البلد إذا قحط فهو ما حل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 وإن فتحت منه ما كان انكسر ... صار اسم مفعول كمثل المنتظر وفي اسم مفعول الثلاثي اطرد ... زنة مفعول كآت من قصد وناب نقلًا عنه ذو فعيل ... نحو فتاة أو فتى كحيل   كمنطلق ومستخرج، أو مفتوحًا كمتعلم ومتدحرج "وإن فتحت منه" أي من هذا "ما كان انكسر" وهو ما قبل الأخير "صار اسم مفعول كمثل المنتظر" والمستخرج "وفي اسم مفعول الثلاثي اطرد زنة مفعول كآت من قصد" يقصد فإنه مقصود، وآت من ضرب مضروب ومن مر ممرور به، ومنه مبيع مقول ومرمي، إلا أنها غيرت. تنبيه: مراده بالثلاثي المتصرف "وناب نقلًا عنه" أي عن مفعول "ذو فعيل" مستويًا فيه المذكور والمؤنث "نحو فتاة أو فتى كحيل" أو جريح أو قتيل. تنبيه: مراده أنه ينوب عنه في الدلالة على معناه فقط. قال في التسهيل: وينوب في الدلالة لا العمل عن مفعول بقلة فعل كذبح، وفعل كقنص، وفعلة كغرفة، وبكثرة فعيل. ا. هـ.   قوله: "وضم ميم زائد" وأما نحو منتن بكسر الميم اتباعا فشاذ. قوله: "وإن فتحت إلخ" أي ولو تقديرا كمعتل ومختار اسمي مفعول وقد يستغنى بمفعول عن مفعل بفتح العين كمحزون ومحموم ومزكوم فإنه لم يسمع محزن ولا محم ولا مزكم مع أن أفعال الثلاثة سمعت ثلاثية ورباعية، يقال حزنه الله وأحزنه وزكم وأزكمه الله وحم الرجل من الحمى وأحمه الله وحم الشيء وأحم قدر فالتزامهم في اسم المفعول من الثلاثة زنة مفعول دليل على استغنائهم بمفعول عن مفعل. ا. هـ. دماميني ومن هذا القبيل مجنون ومهزول وفي موضع آخر من التسهيل أنه قد يستغنى بمفعول عن مفعل بفتح العين فيما لا ثلاثي له أيضا ومثله الدماميني بأرقه فهو مرقوق ولم يقولوا مرق. قال فإن قلت فقد قالوا رق العبد قلت إنما يقولونه بمعنى صار رقيقا فليس بمعنى أرق. ا. هـ. وقد يجيء اسم الفاعل بمعنى اسم المفعول والعكس نحو عيشة راضية ونحو: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} [مريم: 61] ، أي مرضية وآتيا. وقيل الأول مجاز عقلي أي راض صاحبها والثاني من قولهم أتيت الأمر أي فعلته. قوله: "إلا أنها غيرت" أي عن صيغة مفعول وأصلها مبيوع ومقوول ومرموي فنقلت حركة ياء الأول إلى الساكن قبلها ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين وقلبت الضمة كسرة لتسلم الياء، ونقلت حركة واو الثاني إلى الساكن قبلها ثم حذفت الواو الثانية لالتقاء الساكنين وقلبت واو الثالث ياء لاجتماعها ساكنة مع الياء والضمة كسرة وأدغمت الياء في الياء. قوله: "مراده بالثلاثي" أي في قوله وفي اسم مفعول الثلاثي، وكذا قوله فيما مر: إذا من ذي ثلاثة يكون، وإن تبادر من الشرح قصد الأول فقط. قوله: "المتصرف" خرج الجامد نحو عسى وليس ونعم وبئس فلا يتأتى منه اسم فاعل ولا اسم مفعول. قوله: "نقلا" أي لا قياسا وهو مصدر بمعنى اسم المفعول حال من ذو. قوله: "أي عن مفعول" وقد ينوب عن مفعل بضم الميم وفتح العين نحو أعله المرض فهو عليل أي معلّ وأعقدت العسل فهو عقيد أي معقد كذا في التسهيل وشرحه. قوله: "ذو فعيل" أي صاحب هذا الوزن أي موازنة. قوله: "في الدلالة لا العمل" الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   خاتمة: قال الشارح ومجيء فعيل بمعنى مفعول كثير في لسان العرب، وعلى كثرته لم يقس عليه بإجماع. وفي التسهيل ليس مقيسًا خلافًا لبعضهم فنص على الخلاف وفي شرحه وجعله بعضهم مقيسًا فيما ليس له فعيل بمعنى فاعل نحو قدر ورحم لقولهم قدير ورحيم. والله أعلم.   قال الدماميني: فلا يقال مررت برجل ذبيح كبشه، وفي مقرب ابن عصفور واسم المفعول وما كان من الصفات بمعناه حكمه بالنظر إلى ما يطلبه من المعمولات حكم الفعل المبني للمفعول. ا. هـ. كلام ابن عصفور فعليه يصح مررت برجل قتيل أبوه والمصنف موافق على رفعه للضمير لإطلاقه القول بأن الخبر المفرد المشتق متحمل للضمير كذا يلزم على ما فهمه أبو حيان ومتابعوه. ولقائل أن يقول شروط العمل إنما هي للعمل في المنصوب لا في المرفوع فيجوز عند المصنف أن يعمل في الضمير والظاهر. ا. هـ. وفي الهمع ما نصه: ولا يعمل كعمل اسم المفعول ما جاء بمعناه من فعل وفعل وفعيل كذبح وقنص وقتيل، فلا يقال: مررت برجل كحيل عينه ولا قتيل أبوه خلافا لابن عصفور حيث أجاز ذلك. قال أبو حيان: ويحتاج في منع ذلك أو إجازته إلى نقل صحيح عن العرب. ا. هـ. إذا علمت هذين النقلين علمت أن عزو البعض منع العمل في المرفوع الظاهر إلى ابن عصفور خطأ محض نعوذ بالله من التساهل. قوله: "فعل" أي بكسر الفاء وسكون العين كذبح وطحن ورعى وطرح بمعنى مفعول. قوله: "وفعل" أي بفتحتين كما في الدماميني كقنص بقاف ونون مفتوحتين وصاد مهملة كما ضبطه شيخنا وغيره أي وكعدد وتوهم البعض أن قوله: كقنص بقاف مفتوحة وموحدة ساكنة وضاد معجمة فقال أي ونقض وعدّ وخبط وهو تحريف لما مر عن الدماميني ولأن إطلاق المصدر بمعنى المفعول مجازا كثير مطرد. قوله: "وفعلة" أي بضم الفاء وسكون العين كغرفة وأكلة ومضغة. قوله: "لم يقس عليه" فلا يقال: ضريب بمعنى مضروب ولا عليم بمعنى معلوم. قوله: "خلافا لبعضهم" أي في نوع منه وهو ما ليس له فعيل بمعنى فاعل كما يدل عليه كلامه في شرح التسهيل الذي نقله الشارح. قوله: "وجعله بعضهم مقيسا فيما ليس له إلخ" أي لأنه لا لبس فيه بخلاف ما له فعيل بمعنى فاعل. قوله: "نحو قدر ورحم" تمثيل للمنفي وأما ما ليس له ذلك فكقتيل وجريح وقوله لقولهم إلخ تعليل لمحذوف أي وإنما كان الفعلان لهما فعيل بمعنى فاعل لقولهم إلخ. تم الجزء الثاني من حاشية العلامة الصبان على شرح الأشموني ويليه الجزء الثالث. وأوله الصفة المشبهة باسم الفاعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 الفهرس : 3 لا التي لنفي الجنس 26 ظن وأخوانها 59 الفاعل 87 النائب عن الفاعل 102 اشتغال العامل عن المعمول 125 تعدي الفعل ولزومه 142 التنازع في العمل 159 المفعول المطلق 179 المفعول له 184 المفعول فيه وهو المسمى ظرفًا 197 المفعول معه 208 الاستثناء 150 الحال 288 التمييز 302 حروف الجر 356 الإضافة 423 المضاف إلى ياء المتكلم 427 إعمال المصدر 442 إعمال اسم الفاعل 459 أبنية المصادر 473 أبنية أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة بها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 المجلد الثالث بسم الله الرحمن الرحيم الصفة المشبهة باسم الفاعل : صفة استُحْسِن جرّ فاعل ... معنى بها المشبهة اسم الفاعل   بسم الله الرحمن الرحيم الصفة المشبهة باسم الفاعل: "صفة استحسن جر فاعل معنى بها المشبهة اسم الفاعل" أي: تتميز الصفة المشبهة عن اسم الفاعل باستحسان جر فاعلها بإضافتها إليه، فإن اسم الفاعل لا يحسن فيه ذلك؛ لأنه إن كان لازمًا وقصد ثبوت معناه صار منها وانطلق عليه اسمها، وإن كان متعديًا فقد سبق أن الجمهور على منع ذلك فيه فلا استحسان.   الصفة المشبهة باسم الفاعل: أي: المتعدي لواحد كما يعلم مما يأتي. قوله: "صفة استحسن إلخ" تعريف بالخاصة فهو رسم. وأورد عليه صور امتناع الجر الآتية في قوله ولا تجرر بها إلخ, وصور ضعفه فإن الصفة المشبهة في جميع هذه الصور لا يستحسن جر الفاعل بها. وأجيب بأن المراد استحسان الجر بنوعها وإن لم يكن بشخصها. وأجيب أيضا عن الثاني بأن المراد بالاستحسان خلاف الاستقباح ولا استقباح في الضعيف وإن قوبل بالحسن بناء على أن المراد بالحسن خلاف القبيح والضعيف وأما قسم القبيح فلا جر فيه ولو سلم فقد علم جوابه ا. هـ سم. وقوله ولو سلم أي: إن من القبيح ما هو جر ففي التوضيح أن كاتب الأب بالجر قبيح وهو مبني على جواز الإضافة في المثال كما يأتي. قوله: "معنى" أي: في المعنى أو من جهة المعنى لا اللفظ لما يأتي في الشرح. قوله: "المشبهة اسم الفاعل" بنصب اسم على المفعولية وجره بالإضافة. قوله: "عن اسم الفاعل" اعترض بأن المقصود بالتعريف تمييز الصفة المشبهة عما عداها من اسم الفاعل وغيره كما هو شأن سائر التعاريف. وأجيب بأن تخصيصه بالذكر لشدة اشتباهها به لاشتراكهما في كثير من الصيغ والأحوال. قوله: "وقصد ثبوت معناه" فإن لم يقصد باللازم الثبوت بل الحدوث فليس صفة مشبهة سم. قوله: "صار منها" قال سم ظاهره أنه حينئذٍ يستحسن جر فاعله ويرد عليه أن صاحب التوضيح صرّح بقبح الإضافة في قولك زيد كاتب الأب والمخلص من ذلك أن يراد بالاستحسان مطلق الجواز والصحة ا. هـ. وعندي في الإيراد والجواب نظر بل كلاهما سهو عما فرض الشارح الكلام فيه وهو اسم فاعل اللازم؛ لأن كتب متعد وبفرض عدم هذا الفرض فما تقدم من أن المراد استحسان الجر بنوعها يخلص من ذلك أيضاً فتنبه. قوله: "وإن كان متعديا" أي: لواحد لما سبق من أن المتعدي لأكثر تمتنع إضافته إلى الفاعل إجماعاً. قوله: "أن الجمهور على منع ذلك فيه" أي: وإن قصد ثبوته ومن القليل من أجاز بشرط قصد الثبوت وأمن اللبس بالإضافة إلى المفعول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهان: الأول إنما قيد الفاعل بالمعنى؛ لأنه لا تضاف الصفة إليه إلا بعد تحويل الإسناد عنه إلى ضمير الموصوف فلم يبق فاعلا إلا من جهة المعنى. الثان وجه الشبه بينها وبين اسم الفاعل أنها تدل على حدث ومن قام به وأنها تؤنث، وتثنى وتجمع ولذلك حملت عليه في العمل، وعاب الشارح التعريف المذكور بأن استحسان الإضافة إلى الفاعل لا يصلح لتعريفها وتمييزها عما عداها؛ لأن العلم به موقوف على العلم بكونها صفة مشبهة، وعرفها بقوله ما صيغ لغير تفضيل من فعل لازم لقصد نسبة الحدث إلى الموصوف به دون إفادة معنى الحدوث، وقد يقال إن العلم باستحسان الإضافة موقوف   كالمصنف ومنهم من أجاز بشرط قصد الثبوت وحذف المفعول اقتصارا وعلى الجواز فهو أيضا من الصفة المشبهة على ما ذكره شيخنا والبعض, وفيه أنه لا يلزم من التجويز الاستحسان وحينئذٍ لا يدخل في تعريف الصفة إلا إذا قالوا بالاستحسان. اللهم إلا أن يراد بالاستحسان مطلق الجواز أو الاستحسان في الجملة واسم الفاعل يستحسن جر فاعله به في الجملة أي: في بعض الصور وذلك إذا كان لازما. قوله: "لأنه لا تضاف إلخ" قضية هذا التوجيه أن التقييد لبيان الواقع سم. قوله: "تدل على حدث" أي: معنى متعلق بالغير. قوله: "وأنها تؤنث" أي: بالتاء أي: غالبا. وقوله وتجمع أي جمع سلامة لمذكر أي: غالبا, وإنما قلنا ذلك؛ لأنه لا يقال في نحو أبيض أبيضة ولا أبيضون, ولا في نحو غضبان غضبانون كما يقال ضاربة وضاربون مع عمل أفعل فعلاء وفعلان فعلى عمل سائر الصفات المشبهة. قوله: "وعاب الشارح التعريف إلخ" يعني أنه عابه بلزوم الدور وتقريره أن العلم بالصفة المشبهة متوقف على استحسان إضافتها إلى الفاعل واستحسان إضافتها إلى الفاعل متوقف على العلم بكونها صفة مشبهة فجاء الدور, ودفعه الشارح بما حاصله منع توقف الاستحسان على العلم بل إنما يتوقف على النظر في معناها الثابت لفاعلها بحيث لو حوّل إسنادها عنه إلى ضمير الموصوف لا يكون فيه لبس ولا قبح فتحسن حينئذٍ الإضافة. قوله: "ما صيغ لغير تفضيل إلخ" قال يس نقلا عن ابن هشام: فيه نظر لاقتضائه أن نحو زيد حسن صفة مشبهة والنحاة لا يسمونها مشبهة إلا إذا خفضت أو نصبت وهذا وارد على حد الناظم أيضا ا. هـ. وفيه نظر لعدهم من أحوال الصفة المشبهة رفعها معمولها نحو: زيد حسن وجهه, وهذا يقتضي تسميتها صفة مشبهة في هذه الحالة. قوله: "من فعل لازم" أي: من مصدره والتقييد باللزوم مبني على مذهب الجمهور من منع إجراء اسم فاعل المتعدي لواحد عند قصد ثبوته مجرى حسن الوجه كما مر. قوله: "دون إفادة معنى الحدوث" أفاد شيخنا السيد عن التسهيل وشرحه للدماميني أنه إذا قصد حدوث الصفة المشبهة في الماضي أو الاستقبال حوّلت إلى فاعل، فنقول في عفيف وشريف وحسن: عاف وشارف وحاسن أمس أو غدا ا. هـ. والظاهر أن الأمر كذلك إذا قصد حدوثها في الحال كما يدل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 وصَوغها من لازِم لحاضِر ... كطاهر القلب جَميل الظاهِر   على المعنى لا على العلم بكونها صفة مشبهة فلا دور، أو إن قوله المشبهة اسم الفاعل مبتدأ. وقوله صفة استحسن إلى آخره خبر. وقوله: "وصوغها من لازم لحاضر" إلى آخره عطف عليه لتمام التعريف، أي: ومما تتميز به الصفة المشبهة أيضا عن اسم الفاعل أنها لا تصاغ قياسا إلا من فعل لازم كطاهر من طهر وجميل من جمل وحسن من حسن. وأما رحيم وعليم ونحوهما فمقصور على السماع, بخلافه فإنه يصاغ من اللازم كقائم. ومن المتعدي كضارب. وأنها لا تكون إلا للمعنى الحاضر الدائم دون الماضي المنقطع والمستقبل بخلافه كما عرفت، وأنها لا تلزم الجري على المضارع بخلافه، بل قد تكون جارية عليه "كطاهر القلب" وضامر البطن،   عليه إطلاق قول المصرح ما نصه: إذا أردت ثبوت الوصف قلت حسن ولا تقول حاسن، وإذا أردت حدوثه قلت حاسن ولا تقول حسن قاله الشاطبي وغيره ا. هـ. ثم راجعت الدماميني فرأيته صرح بما استظهرته. قوله: "أو إن قوله إلخ" بكسر إن؛ لأنه معطوف على مقول القول واعترض بأن الإعراب على الأول كذلك فلا يخلص بمجرده من الأشكال وأجاب البعض بأن مراده أن كلام الناظم من حيز الأخبار والحكم لا التعريف قال ولا ينافيه قوله بعد ذلك عطف عليه لتمام التعريف؛ لأنه بالنسبة إلى الأول لا الثاني. قوله: "وقوله وصوغها إلخ" المتبادر من عبارته أن هذا من تتمة الجواب الثاني والظاهر أنه لا يتوقف عليه وأن العطف أولى فقط وأن الاستئناف جائز. قوله: "من لازم" أي: من مصدر فعل لازم أصالة أو عروضا كما في رحمن ورحيم وعليم فإنها لازمة بالتنزيل, أو النقل إلى فعل بالضم أفاده سم. فقول الشارح وأما رحيم وعليم ونحوهما فمقصور على السماع لا يتم إلا إذا أريد اللزوم أصالة فقط. قوله: "بخلافه" أي: اسم الفاعل قوله: "الدائم" فيه إشارة إلى أن المراد بالحاضر في عبارة المصنف الدائم لا الحال فقط؛ لأن الصفة المشبهة للدوام فلا يعترض على المصنف بأنه ترك قيد الدوام أو يقال هو مأخوذ من قوله كطاهر القلب بجعله قيدا لقوله لحاضر. والمراد بالدوام الثبوت في الأزمنة الثلاثة. قال يس نقلا عن غيره: ودلالة الصفة المشبهة على الدوام عقلية لا وضعية؛ لأنها لما لم تدل على التجدد ثبت لها الدوام بمقتضى العقل إذ الأصل في كل ثابت دوامه ا. هـ. ويوافقه قول الدماميني نقلا عن الرضي, كما أن الصفة المشبهة ليست موضوعة للحدوث ليست موضوعة للثبوت في جميع الأزمنة فليس معنى حسن في الوضع إلا ذو حسن سواء كان في بعض الأزمنة أو جميعها ولا دليل في اللفظ على أحد القيدين لكن لما أطلق ذلك ولم يكن بعض الأزمنة أولى من بعض كان اللفظ ظاهرا في الاتصاف بالحسن في جميع الأزمنة إلا أن تقوم قرينة على تخصيصه ببعضها نحو كان زيد حسنا فقبح أو سيصير حسنا أو هو الآن فقط حسن فظهوره في الاستمرار ليس وضعيا ا. هـ. ومنه يؤخذ حمل قول الشارح وأنها لا تكون إلا للمعنى إلخ, على حالة الإطلاق هذا. وعبارة الشارح في شرح قول الناظم وعمل اسم فاعل المعدي إلخ, تقتضي أنها وضعية فتدبر. قوله: "بخلافه" أي: اسم الفاعل فإنه يكون للماضي المنقطع وللحال وللمستقبل كهذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 وعَمَلُ اسم فاعِل المعدَّى ... لها على الحدِّ الذي قد حُدّا   ومستقيم الحال، ومعتدل القامة. وقد لا تكون وهو الغالب في المبنية من الثلاثي كحسن الوجه و"جميل الظاهر" وسبط العظام وأسود الشعر "وعمل اسم فاعل المعدّى" لواحد "لها" أي: ثابت لها "على الحد الذي قد حدا" له في بابه من وجوب الاعتماد على ما ذكر. تنبيه: ليس كونها بمعنى الحال شرطا في عملها؛ لأن ذلك من ضرورة وضعها لكونها وضعت للدلالة على الثبوت والثبوت من ضرورته الحال. فعبارته هنا أجود من قوله في   ضارب أمس أو الآن أو غدا وقوله كما عرفت أي: في باب إعمال اسم الفاعل عند قول المصنف إن كان عن مضيه بمعزل. قوله: "وهو الغالب" وأما قول بعضهم لا تكون إلا غير جارية فمبني على أن المراد بالجريان إفادة التجدد والحدوث, كذا في شرح الجامع، لكن الذي في الهمع أن الزمخشري وابن الحاجب منعا موازنتها المضارع, وأن نحو ضامر الكشح ومطمئن القلب ومعتدل القامة أسماء فاعلين قصد بها الثبوت فعوملت معاملة الصفة المشبهة لا أنها صفات مشبهة. قوله: "في المبنية من الثلاثي" خرج المبنية من غيره فإنها لازمة الجري على المضارع كما في التسهيل. قوله: "كحسن الوجه إلخ" راجع لقوله, وقد لا تكون فهو تمثيل لغير الجارية على المضارع أو لقوله في المبنية من الثلاثي فهو تمثيل لها. قوله: "وأسود الشعر" التمثيل به غير صحيح؛ لأن فعله سوّد يسوّد كعلم يعلم فأسود جار على المضارع وأما أسودّ الخماسي فالوصف منه مسودّ لا أسود حتى يصح تصحيح البعض التمثيل بأنه تمثيل لغير الجارية على مضارعها أي: وإن كانت مبنية من غير الثلاثي مع أنه يرده ما مر قريبا عن التسهيل ونقله هو أيضا وأقره فلا تكن من الغافلين. قوله: "وعمل اسم فاعل المعدي لها إلخ" قال ابن هشام: المراد بالعمل عمل النصب على طريقة المفعول به وأما عمل الرفع أو عمل نصب آخر فلا يتوقف على ذلك الحد كما أن اسم الفاعل هكذا. قال في النهاية: الصفة المشبهة تنصب المصدر والحال والتمييز والمستثنى والظرفين والمفعول له والمفعول معه والمشبه بالمفعول به. وذكر في موضع آخر أنها لا تعمل في المفعول المطلق ا. هـ. يس والمتجه الأول. قوله: "ثابت لها" أي: صورة فلا يرد أن منصوب اسم الفاعل مفعول به حقيقة, ومنصوب الصفة المشبهة شبيهة بالمفعول به. قوله: "على الحد" أي: كائنا على الحد فهو حال من ضمير عمل المنتقل إلى الظرف بعد حذف الاستقرار سم. قوله: "من وجوب الاعتماد على ما ذكر" ولو قرنت بأل بناء على الأصح من أنها مع الصفة المشبهة حرف تعريف وترك اشتراط الحال أو الاستقبال؛ لأنه لا يتجه فيها مع كونها للدوام المتضمن للحال والاستقبال وبقي من الشروط أن لا تصغر فلو صغرت لم تعمل ذكره شيخنا وأن لا توصف. قوله: "لأن ذلك من ضرورة وضعها" أي: فهو لا يفارقها وإنما يعد شرطا ما قد يفارق. قوله: "أجود إلخ" أي: لأن قوله على الحد الذي قد حدا يمكن تأويله بأن يراد في الجملة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 وسَبْق ما تَعْمل فِيه مُجْتنب ... وكونه ذا سَبَبِيّة وَجَب   الكافية: والاعتماد واقتضاء الحال شرطان في تصحيح ذا الأعمال ا. هـ. "وسبق ما تعمل فيه مجتنب" بخلاف اسم الفاعل أيضا ومن ثم صح النصب في نحو زيدا أنا ضاربه, وامتنع في نحو وجه الأب زيد حسنه "وكونه ذا سببية وجب" أي: ويجب في معمولها أن يكون   بخلاف عبارته في الكافية. قوله: "وسبق ما تعمل فيه" أي: بحق الشبه باسم الفاعل؛ وهو المنصوب على طريقة المفعول به؛ لأنه الذي تفارق فيه الصفة اسم الفاعل أما المرفوع والمجرور فلا يتقدمان فيهما؛ لأن المرفوع فاعل والمجرور مضاف إليه, والفاعل والمضاف إليه لا يتقدمان قاله يس. قوله: "بخلاف اسم الفاعل" أي: فإنه يتقدم منصوبه، قال في الارتشاف: إلا إذا كان بأل أو مجرورا بإضافة أو حرف جر غير زائد نحو هذا غلام قاتل زيدا, ومررت بضارب زيدا، فإن جر بحرف جر زائد نحو: ليس زيد بضارب عمرا, جاز التقديم فتقول ليس زيد عمرا بضارب, ومنع ذلك المبرد قاله يس. قوله: "ومن ثم إلخ" مراده كما تنادي به عبارته بيان شيء يترتب على تخالف الصفة واسم الفاعل فيما ذكر أي: ومن أجل هذا التخالف صح النصب في نحو: زيدا أنا ضاربه, لصحة عمل ضارب المذكور في زيدا لو تفرغ من الضمير لجواز تقدم منصوب اسم الفاعل عليه, وإذا صح عمله في زيدا لو تفرغ له صح أن يفسر عامله المحذوف لقاعدة أن ما يعمل يفسر العامل, وامتنع في نحو: وجه الأب زيد حسنه لعدم صحة عمل حسن في وجه لو تفرغ من الضمير لعدم جواز تقدم منصوب الصفة عليها, وإذا لم يصح عمله في وجه لو تفرغ له لم يصح أن يفسر عامله المحذوف لقاعدة أن ما لا يعمل لا يفسر عاملا, وليس مراد الشارح بيان تقدم منصوب اسم الفاعل دون الصفة كما توهمه البعض فقال: كان الأولى حذف الضمير المتصل بالوصف ليكون أصرح في الدلالة. قوله: "وكونه ذا سببية وجب" أي: وكون ما تعمل فيه بحق الشبه باسم الفاعل فلا يرد: أحسن الزيدان وما قبيح العمران؛ لأن عملها في هذين بما فيها من معنى الفعل وبقي مما يتخالفان فيه أنه يعمل محذوفا، ولهذا أجازوا: أنا ضارب زيد وعمرا بخفض زيد ونصب عمرو بإضمار فعل أو وصف منوّن. وأما العطف على محل المخفوض فممتنع عند من اشترط وجود المحرز, ومنعوا مررت برجل حسن الوجه, والفعل بخفض الوجه ونصب الفعل وأنه لا تقبح إضافته إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو: مررت برجل قاتل أبيه ويقبح مررت برجل حسن وجهه, وأنه يفصل منه مرفوعه ومنصوبه كزيد ضارب في الدار أبوه عمرا، ويمتنع عند الجمهور: زيد حسن في الحرب وجهه رفعت أو نصبت، وأنه يجوز اتباع معموله بجميع التوابع ولا يتبع معمولها بصفة؛ لأن معمولها لما كان سببيا مرتبطا بمتقدم أشبه الضمير وهو لا ينعت, فكذا ما أشبهه. قاله الزجاج ومتأخر والمغاربة. ورد عليهم بما في الحديث في صفة الدجال "أعور عينه اليمنى". وأجيب بأن اليمنى خبر لمحذوف أو مفعول لمحذوف, وأنه يجوز اتباع مجروره على المحل عند من لا يشترط وجود المحرز. ويحتمل أن يكون منه: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنا وَالشَّمْسَ} [الأنعام: 96] ، ولا يجوز هو حسن الوجه والبدن بجر الوجه ونصب البدن خلافا للفراء وأنه إذا حلى هو ومعموله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   سببيًا؛ أي: متصلًا بضمير الموصوف لفظًا نحو: حسن وجهه، أو معنى نحو: حسن الوجه أي: منه. وقيل أل خلف عن المضاف إليه. ولا يجب ذلك في معمول اسم الفاعل كما عرفت. تنبيهات: الأول قول الشارح إن جواز نحو: زيد بك فرح, مبطل لعموم قوله: إن المعمول لا يكون إلا سببًا مؤخرًا مردود؛ لأن المراد بالمعمول ما عملها فيه بحق الشبه، وعملها في الظرف ونحوه إنما هو لما فيها من معنى الفعل. الثاني: ذكر في التسهيل أن معمول الصفة المشبهة يكون ضميرًا بارزًا متصلًا كقوله: 736- حَسَن الوجه طَلقُهُ أنت في السِّلـ ... ـمِ وفي الحرب كالِح مُكْفَهِرّ   بال فنصب المعمول أكثر نحو: جاء الضارب الرجل. وإذا حليت الصفة ومعمولها بأل فجر المعمول أكثر نحو: جاء الحسن الوجه كذا في المغني والدماميني عليه. قوله: "في معمولها" أي: المنصوب كما عرفت فوجهه والوجه في مثالي الشارح منصوبان. قوله: "أي: متصل" أي: هو أو مكمله كالصلة والوصف ليكون شامل لأنواع السببي الآتية وإن لم يشمل المعمول الذي هو ضمير بارز متصل كما يأتي عن التسهيل. قوله: "ولا يجب ذلك في معمول اسم الفاعل" نحو: زيد ضارب عمر. قوله: "ما عملها فيه بحق الشبه" أي: وهو المنصوب على طريق المفعول به كما تقدم لا المرفوع ولا المنصوب على وجه آخر. قوله: "ونحوه" أي: من الفضلات التي ينصبها القاصر والمتعدي كالحال والتمييز تصريح. قوله: "من معنى الفعل" هو الحدث. قوله: "ضمير بارز متصل" أي: ليس منفصل مستقل بنفسه أعمّ من أن يتصل بالصفة نحو: زيد حسن الوجه جميله أو ينفصل عنها بضمير آخر نحو: قريش خير الناس ذرية وكرامهموها. فإن قلت كما أن معمول الصفة يكون ضمير مستتر نحو: زيد حسن فما الوجه الداعي إلى تخصيص الضمير البارز. قلت وجهه أن المقصود ذكر ما تعمل فيه الصفة من حيث هي صفة مشبهة وعملها في المستكن من حيث هي صفة لا بقيد كونها مشبهة ا. هـ. دماميني. قوله: "طلقه" هذا هو محل الشاهد؛ لأنه أعمل طلق في الها. وأما أنت فمبتدأ مؤخر وحسن الوجه طلقه خبر أن مقدمان, أما جعل البعض أنت فاعل الوصف فلا يتمشى على الصحيح من اشتراط اعتماد المبتدأ المكتفي بمرفوعه عن الخبر على نفي أو استفهام. وأما جعل العيني الشاهد في عمل طلق في أنت فرد؛ بأن المعمول الواجب كونه سببي ما عملها فيه بحق الشبه باسم الفاعل وهو المنصوب على طريق المفعول به, كما مر وأنت ليس كذلك بخلاف الهاء؛ لأن ما أضيف إليه الصفة أصله بعد تحويل إسنادها عنه النصب كما مر في إعمال اسم الفاعل وبأن أنت منفصل لا متصل وطلق الوجه ضد عبوسه. والسلم بالكسر وبفتح الصلح. والكالح من الكلوح وهو   736- البيت من الخفيف وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 633. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فعلم أن مراده بالسببي ما عدا الأجنبي فإنها لا تعمل فيه. الثالث يتنوع السببي إلى اثني عشر نوعًا فيكون موصولًا كقوله: 737- أَسِيلاتُ أبْدانٍ دِقاقٍ خُصُورها ... وَثِيْرات ما التفَّتْ عليه المآزِر وموصوفًا بشبهه كقوله: 738- أَزور امرأ جمًّا نَوال أَعَدَّه ... لمن أمّه مستكفِيًا أزْمَة الدّهْر والشاهد في جمًّا نوال. ومضافًا إلى أحدهما كقوله: 739- فَعُجتها قِبل الأَخْيار مَنْزِلة ... والطَّيِّبي كل ما التاثت به الأُزُر   التكشر في عبوس, والمكفهر من اكفهر الرجل إذا عبس فهو تأكيد. وقوله في السلم حال من أنت أو من الضمير المستتر في الوصف. قوله: "يتنوع السببي" يظهر لي أخذا من الشواهد الآتية أن مراده بالسببي المنصوب السابق حقيقة أو حكما بأن كان مرفوعا صالحا للنصب تشبيها بالمفعول به كما في الشاهد الثاني أو مجرورا صالحا لذلك كما في الأول والثالث فاعرفه. قوله: "أسيلات أبدان" أي: طويلات أبدان والوثيرات جمع وثيرة بفتح الواو وكسر المثلثة وهي السمينة, كما في القاموس أي: سمينات الأرداف والأعجاز فهي المراد بما التفت عليه المآزر, وقول العيني أي: وطيئات الأرداف والأعجاز لا يناسب المقام. وإنما كان ما التفت إلخ سببيا؛ لأن الأصل المآزر منهن أو مآزرهن بالضمير العائد إلى الموصوف وعائد الموصول الضمير المجرور بعلى. وبحث في الاستشهاد بالبيت بأنه يحتمل أن تكون ما موصوفة بمعنى شيء فيكون من النوع الثاني. قوله: "يشبهه" أي: الموصول في كون صفته جملة كصلة الموصول. قوله: "جما" أي: كثيرا, ونوال أي: عطاء فاعله وجملة أعده صفة نوال والضمير البارز فيها لنوال، والمستتر لأمر أو لم يبرز لأمن اللبس. وأمه بمعنى قصده ومستكفيا حال من فاعل أم. والأزمة بفتح الهمزة وسكون الزاي الشدة وما في العيني مما يخالف ما قلنا غير ظاهر. قوله: "فعجتها" أي: الناقة من عجت البعير أعوجه عوجا ومعاجا أي: عطفت رأسه بالزمام. قبل الأخيار أي: جهتهم. منزلة تمييز. التاثت بفوقية بعد اللام ثم مثلثة أي: اختلطت والتفت. وأزر بضمتين جمع الإزار. وهذا كناية عن عفتهن, وضمير الموصوف محذوف أي: الأزر لهن أو أل خلف عنه نظير ما تقدم. وقد يبحث في الشاهد باحتمال   737- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في المقاصد النحوية 3/ 629، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 86. 738- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 86؛ والمقاصد النحوية 3/ 631. 739- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 183؛ والمقاصد النحوية 3/ 625، وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 85. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 فَارْفع بها وانصب وجُرّ مع أل ... ودون أل مصحوب أل وما اتّصل   ونحو: رأيت رجلًا دقيقًا سنان رمح يطعن به. ومقرونًا بأل نحو: حسن الوجه، ومجردًا نحو: حسن وجه، ومضافًا إلى أحدهما نحو: حسن وجه الأب، وحسن وجه أب، ومضافًا إلى ضمير الموصوف نحو: حسن وجهه، ومضافًا إلى مضاف إلى ضميره نحو: حسن وجه أبيه، ومضافًا إلى ضمير مضاف إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو: مررت بامرأة حسن وجه جاريتها جميلة أنفه ذكره في التسهيل. ومضافًا إلى ضمير معمول صفة أخرى نحو: مررت برجل حسن الوجنة جميل خالها ذكره في شرح التسهيل. وجعل منه قوله: 740- سَبَتْني الفتاة البِضَّة المتجَرِّد الـ ... ـلطيفة كَشَحُه وما خِلت أن أُسْبَى "فارفع بها" أي: بالصفة المشبهة "وانصب وجر مع أل ودون أل مصحوب أل وما   أن ما نكرة موصوفة لا موصولة. قوله: "إلى ضمير مضاف" بإضافة إلى مضاف أي: ضمير عائد إلى مضاف إلخ. قوله: "جميلة أنفه" بجر جميلة صفة ثانية لامرأة ورفع أنفه فاعلًا لجميلة ونصبه على التشبيه بالمفعول به وجره بإضافة جميلة إليه وضمير الموصوف مذكور ضمنًا؛ لأن المعنى جميلة أنف وجه جاريتها فعلم ما في كلام البعض وغيره. قوله: "ومضافًا إلى ضمير معمول صفة أخرى" فيه أن المثال الذي قبله كذلك فهلا اكتفى به, إلا أن يخص هذا بكون معمول الصفة الأخرى غير مضاف. قوله: "البضة" بفتح الموحدة وتشديد الضاد المعجمة رقيقة الجلد ممتلئته, والمتجرد بكسر الراء البدن إذا تجرد عن ثيابه, وقول العيني بفتح الراء غير ظاهر, وضمير كشحه للمتجرد والكشح ما بين الخاصرة والضلع الخلف. قوله: "فارفع بها" اعلم أن الصفة المشبهة الرافعة سببي المنعوت إن صلحت للمذكر والمؤنث لفظًا, ومعنى بأن لا يكون وزنها أو معناها مختصا بأحدهما جاز تبعيتها لمثلها في التذكير والتأنيث نحو: مررت برجل حسن وجهه وبامرأة حسنة عينها, ولما يخالفها فيهما نحو: مررت برجل حسنة عينه وبامرأة حسن وجهها؛ لانتفاء القبح اللفظي والمعنوي, وإلا بأن اختصت بأحدهما لفظًا ومعنى كأكمر ورتقاء، أو لفظًا فقط كآلى أي: كبير الألية، وعجزاء أي: كبيرة العجيزة، أو معنى فقط كخصي وحائض لم تتبع إلا بما يماثلها على الصحيح، فلا تقول مررت بامرأة أكمر ابنها ولا برجل رتقاء بنته، وقس لوجود القبح في اللفظ والمعنى أو في أحدهما. وأجاز الأخفش تبعيتها في الأقسام الثلاثة لما يخالفها أيضًا, هذا ملخص ما في التسهيل وشرحه للدماميني. قوله: "وانصب وجر" أي: بها فحذف معمولها لدلالة الأول. وإنما جاز في النصب والجر إسناد الصفة المشبهة إلى ضمير صاحبها مع كونها مسندة في المعنى إلى سببيه لكون تلك الصفة في اللفظ جارية على صاحبها خبرًا له أو حالًا أو نعتًا وفي المعنى دالة على صفة له في ذاته سواء كانت هي الصفة المذكورة كما في زيد حسن الوجه فإنه متصف بالحسن لحسن   740- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 623. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 بها مضافًا أو مجرَّدًا ولا ... تَجْرر بها مع أل سُما من أل خَلا ومن إضافة لِتالِيها وما ... لم يَخْل فهو بِالجَواز وُسِما   اتصل بها" أي: بالصفة المشبهة "مضافًا أو مجردًا ولا تجرر بها مع أل سُمًا" أي: اسمًا "من أل خلا ومن إضافة لتاليها وما لم يخل فهو بالجواز وُسما" أي: لمعمول هذه الصفة ثلاث حالات: الرفع على الفاعلية, قال الفارسي أو على الإبدال من ضمير مستتر في   وجهه أو كانت غيرها نحو: زيد أبيض اللحية أي: شيخ، وكثير الإخوان أي: متقوٍّ بهم، فيحسن حينئذٍ أن تجعل صفة سببية كصفة نفسه فيستتر ضميره في صفة سببية نحو: زيد حسن وجهًا كما يستتر في صفة نفسه نحو: زيد حسن فيخرج السببي عن ظاهر الفاعلية إلى النصب أو الجر؛ لأن الصفة لا ترفع فاعلين ولم يترك مرفوعًا على أن يكون بدلًا من الضمير لئلا يلتبس بالفاعل, فإن لم تجر في اللفظ على صاحب السبب نحو: زيد وجهه حسن أو جرت عليه لكنها لم تدل على صفة في ذاته نحو: زيد أحمر نوره لم يجز استتار ضمير ذي السبب فيها، فلا يقال: زيد أسود فرس غلام الأخ، وزيد أحمر النور؛ لأنه لا معنى لذلك, إلا أنه صاحب سبب متصف بالوصف المذكور ولم تدل صفة سببية على صفة في ذاته فكيف يضمر في صفة سببية صفة نفسه. فإن قيل أليس الصفة في نحو: زيد أحمر نوره تدل على صفة في ذاته وهي كونه صاحب نور, قلنا: كونه صاحبه مفهوم من كون النور سببيا لزيد لا من صفة السبب قاله الرضي وصرح بمثله فيما أجري مجرى الصفة المشبهة من اسمي الفاعل والمفعول اللازمين, ومنه أخذ السعد قوله في حاشية الكشاف عند قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أن الصفة المشبهة لا تضاف لمرفوعها إلا عند صحة تحملها لضمير صاحبها. قوله: "مع أل" حال من الضمير المجرور، ومصحوب تنازعه الثلاثة فأعمل الأخير وأضمر فيما قبله وحذف الضمير لكونه فضلة، وهو إشارة إلى أحد السببي الاثني عشر المتقدمة ودخل تحت قوله وما اتصل بها مضافًا ثمانية؛ وهي ما عدا هذا وما عدا الموصول والموصوف والمجرد سواهما كحسن وجه والحسن وجه فإن هذه الثلاثة دخلت تحت قوله أو مجردًا أي: من أل والإضافة. قوله: "ولا تجرر بها إلخ" استثناء لصور الامتناع. قوله: "سما" بتثليث السين وهو منصوب بفتحة مقدرة على أنه كفتى, وظاهرة على أنه كيد. قوله: "ومن إضافة لتاليها" أي: لتالي أل ولو بواسطة الإضافة لضميره فيشمل الإضافة لضمير تاليها كما في سم. قوله: "وما لم يخل" أي: من أل والإضافة لتاليها فهو بالجواز أي: جواز الجر, وسما أي: علم وذلك ثلاث صور تضم إلى صور الرفع والنصب مع تعريف الصفة بأل أو تنكيرها وصور الجر مع تنكير الصفة فيحصل ثلاث وستون صورة مفهومة من قوله فارفع بها إلى قوله ومن إضافة لتاليها. وأما قوله وما لم يخل إلخ فتأكيد لما قبله لعلمه منه. قوله: "الرفع على الفاعلية" قد يتعين كما في مررت بامرأة حسن الوجه؛ لأن الصفة لو تحملت الضمير لوجب تأنيث الوصف بالتاء، وقد يتعين عدمه كما في مررت بامرأة حسنة الوجه؛ لأن الوجه لو كان فاعلًا لوجب تذكير الوصف وقد يجوز الأمران كما في نحو: مررت برجل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الصفة والنصب على التشبيه بالمفعول به إن كان معرفة، وعلى التمييز إن كان نكرة والخفض بالإضافة. والصفة مع كل من الثلاثة إما نكرة أو معرفة وهذه، الستة في أحوال السببي المذكورة في التنبيه الثالث. فتلك اثنان وسبعون صورة الممتنع منها ما لزم منه إضافة ما فيه أل إلى الخالي منها، ومن الإضافة لتاليها أو لضمير تاليها كما صرح بهذا في التسهيل. وذلك تسع صور وهي: الحسن وجه، الحسن وجه أب، الحسن وجهه، الحسن   حسن الوجه. قوله: "أو على الإبدال من ضمير الصفة" أي: إبدال بعض من كل, يعني حيث أمكن الإبدال لا مطلقًا فلا يرد عليه ما حكي من قولهم: مررت بامرأة حسن الوجه ومررت بامرأة قويم الأنف لوجود المانع من الإبدال فيما ذكر وهو عدم تأنيث الوصف مع وجوبه عند تحمل الوصف الضمير. فإن قيل على القول بأن العامل في البدل مقدر يلزم عمل الصفة المشبهة محذوفة وهو ممنوع. أجيب بأن قد يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع قاله سم. قوله: "على التشبيه بالمفعول به" أي: بمفعول اسم الفاعل لشبه الصفة به فيما تقدم, وخصوا التشبيه بالمفعول به دون غيره من المفاعيل؛ لأنه الذي يشتبه بالفاعل بخلاف بقية المفاعيل. وكما يسمى هذا مشبهًا بالمفعول به يسمى المنصوب على التوسع بحذف الجار مشبهًا بالمفعول به أفاده شارح الجامع. قوله: "وعلى التمييز" كان الأولى, وعليه أو على التمييز إن كان نكرة لجواز الوجهين فيه حينئذٍ. قوله: "بالإضافة" أي: بسببها لما مر. قوله: "أو معرفة" أي: لاقترانها بأل. قوله: "في أحوال السببي المذكورة" أي: الاثني عشر. قوله: "فتلك اثنان وسبعون صورة" صوابه اثنتان لما سيأتي في العدد، ويضم إليها ثلاث صور سيذكرها الشارح قبيل الخاتمة: الأولى أن يكون معمول الصفة ضميرًا مجرورًا باشرته الصفة المجردة من أل كمررت برجل حسن الوجه جميله. الثانية أن تفصل الصفة من الضمير وهي مجردة من أل نحو: قريش نجباء الناس ذرية وكرامهموها. الثالثة أن تتصل به ولكن تكون الصفة بأل نحو: زيد الحسن الوجه الجميله فصارت الصور خمسًا وسبعين. والصفة إما مفردة أو مثناة أو مجموعة جمع سلامة أو تكسير مذكرة أو مؤنثة، فإذا ضربت الثماني في خمس وسبعين صارت ستمائة. والصفة أيضًا إما مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة فإذا ضربت الثلاث في ستمائة صارت ألفًا وثمانمائة. ومعمول الصفة إما مفرد أو مثنى أو مجموع جمع سلامة أو تكسير مذكر أو مؤنث، فإذا ضربت الثماني في الألف وثمانمائة صارت أربعة عشر ألفًا وأربعمائة، تسقط منها مائة وأربعة وأربعون من صور المعمول الضمير؛ لأنه وإن انقسم إلى ضمير إفراد وتثنية وجمع لا يكون مجموعًا جمع سلامة ولا جمع تكسير، فالباقي أربعة عشر ألفًا ومائتان وستة وخمسون بعضها جائز وبعضها ممتنع، فيخرج منها الممتنع على ما تقدم أفاده في التصريح. قوله: "ما لزم منه إلخ" سيأتي قبيل الخاتمة أن محل الامتناع في الصفة المفردة، أما المثناة والمجموعة على حد المثنى فيجوز إضافتها مع تعريفها بأل إلى الخالي وتقدم في باب الإضافة أيضًا. قوله: "وذلك تسع صور" لأنها بقية الاثني عشر بعد إخراج ما فيه أل والمضاف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وجه أبيه، الحسن ما تحت نقابه، الحسن كل ما تحت نقابه الحسن نوال أعده الحسن سنان رمح يطعن به الحسن وجه جاريتها الجميل أنفه، وليس منه الحسن الوجنة الجميل خالها بجر خالها لإضافته إلى ضمير ما فيه أل وهو الوجنة. نعم هو ضعيف؛ لأن المبرد يمنعه كما عرفت في باب الإضافة، وما سوى ذلك فجائز كما أشار إليه بقوله: وما لم يخل فهو بالجواز وسمًا، أي: علم. لكنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قبيح وضعيف وحسن، فالقبيح رفع الصفة مجردة كانت أو مع أل المجرد من الضمير والمضاف إلى المجرد منه وذلك ثمان صور هي: الحسن وجه، الحسن وجه أب، حسن وجه، حسن وجه أب، الحسن الوجه، الحسن وجه الأب، حسن الوجه، حسن وجه الأب. والأربع الأولى أقبح من الثانية لما يرى من أن أل خلف عن الضمير. وإنما جاز ذلك على قبحه لقيام السببية في المعنى مقام وجودها في   لتاليها أو لضمير تاليها. قوله: "وهي الحسن وجه إلخ" وجه الامتناع في الأولين أن الواجب في الإضافة المعنوية إضافة النكرة إلى المعرفة فلم يجوّزوا في الإضافة اللفظية التي هي فرعها أن تكون على عكس أصلها, نقله سم عن الصفوي، ومراده بالواجب الإضافي أي: بالنسبة إلى إضافة المعرفة إلى النكرة فلا ينافي ما مر أن من المعنوية إضافة النكرة إلى النكرة للتخصيص. وهذا أولى مما أوّل به البعض. ثم قال سم: ووجهه في البقية عدم الفائدة والإضافة اللفظية إنما تجوز إذا أفادت تخفيفًا أو رفع قبح كما تقدم ولا تخفيف فيما ذكر لسقوط التنوين بأل ولا رفع قبح لوجود الضمير مع المعمول. قوله: "الحسن وجهه" ينبغي أن محل امتناعه إذا كان الموصوف فيه وفي الأمثلة الثلاثة بعده غير محلى بأل كزيد وإلا فلا امتناع؛ لأن الصفة حينئذٍ مضافة لمضاف لضمير ما فيه أل وكذا في المثال الأخير, فمحل امتناعه إذا كان الموصوف نحو: هند, لا نحو: امرأة, قاله سم. قوله: "وليس منه" أي: من الممتنع. قوله: "كما أشار إليه بقوله وما لم يخل إلخ" لو جعل الإشارة بقوله فارفع بها إلى قوله ومن إضافة لتاليها لكان أحسن لعلم قوله وما لم يخل إلخ من الكلام قبله فهو تأكيد كما مر, ولاختصاص قوله وما لم يخل إلخ بالجر كما تقدم. وقوله وما سوى ذلك عام في الجر والنصب والرفع بقرينة مقابلته لقوله الممتنع منها ما لزم منه إلخ الواقع هو, وقوله وما سوى ذلك إلخ تفصيلًا لقوله فتلك اثنان وسبعون صورة، إلا أن يدفع الثاني بأن المراد كما أشار إليه بقوله وما لم يخل إلخ مع قوله فارفع بها إلخ. قوله: "لكنه ينقسم" استدراك على قوله وما سوى ذلك فجائز دفع به توهم تساوي الصور في الجواز. قوله: "فالقبيح رفع الصفة إلخ" أي: لما فيه من خلو الصفة من ضمير يعود على الموصوف. قوله: "وذلك ثمان صور" لأن المجرد من الضمير معمولًا كان أو مضافًا إليه المعمول إما محلى بأل أو لا فهذه أربع صور تضرب في صورتي الصفة بثمان. قوله: "لما يرى" أي: في الأربع الثانية وقوله من أن أل خلف عن الضمير أي: كما هو مذهب الكوفي. قوله: "لقيام السببية في المعنى" يعلم منه أن القبح بانتفاء السببية في اللفظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   اللفظ، لأن معنى حسن وجه حسن وجه له أو منه ودليل الجواز قوله: 741- بِبُهْمة مُنِيت شَهْم قلب ... مُنَجّد لا ذي كَهَام يَنْبو فهو نظير حسن وجه. والمجوز لهذه الصورة مجوز لنظائرها إذ لا فرق. والضعيف نصب الصفة المنكرة المعارف مطلقًا، وجرها إياها سوى المعرف بأل والمضاف إلى المعرف بها، وجر المقرونة بأل المضاف إلى ضمير المقرون بها، وذلك خمس عشرة صورة هي: حسن الوجه، حسن وجه الأب، حسن وجهه، حسن وجه أبيه، حسن ما   قوله: "ودليل الجواز" أي: من السماع. قوله: "ببهمة" بضم الموحدة الفارس الذي لا يدري من أين يؤتى لشدة بأسه، وباؤه متعلقة بمنيت بضم الميم وكسر النون مخففة أي: ابتليت. شهم بفتح الشين المعجمة قوي القلب ذكيه. قلب فاعل شهم. منجذ بضم الميم وفتح النون وكسر الجيم مشددة آخره ذال معجمة أي: مجرب للأمور, لا ذي كهام أي: صاحب سيف كهام بفتح الكاف أي: كليل. ينبو أي: يبعد عن الإصابة. قوله: "والضعيف نصب الصفة المنكرة المعارف مطلقًا" أي: لما فيه من إجراء وصف القاصر مجرى وصف المتعدي كذا في التصريح. قال سم, ومقتضاه أن الصفة المعرفة كذلك إلا أن يفرق بأن في المعرفة اعتمادًا على أل وإن كانت معرفة على الأصح نظرًا إلى القول بأنها موصولة, ففيها قوة العمل بخلاف المنكرة، لكن ينافي هذا فرض الموضح في باب الإضافة, ذلك مع تعريف الصفة والمعمول ا. هـ. وقد اعترض الشارح في شرح التوضيح على الموضح بأنه كان الأولى له التمثيل بحسن الوجه, قال سم. ولما كان الإجراء المذكور دون خلو الصفة من ضمير يعود على الموصوف في القبح جعلوا هذا القسم ضعيفًا, والذي قبله قبيحًا ا. هـ. وقد أسلفنا في باب الإضافة أن بعض ما عبروا عنه هنا بالضعف عبروا عنه هناك بالقبح تساهلًا, فلا ينافي ما هنا جعلهم هناك الإجراء المذكور قبيحًا، وقوله مطلقًا أي: سواء كان تعريفها بأل أو بالإضافة, ودخل تحت ما ذكره ثمان صور هي الباقية بعد أن تسقط من أنواع السببي النكرة الموصوفة والمضاف إليها والمجرد والمضاف إليه. قوله: "وجرها إياها" قيل وجه الضعف ما فيه من شبه إضافة الشيء إلى نفسه كما سيذكره الشارح وقيل وجهه أن فيه زيادة ضمير غير محتاج إليه؛ ولهذا استثنى المعرف بأل والمضاف إلى المعرف بها؛ لأنه لا زيادة فيهما وهذا التوجيه أولى؛ لأنه عليه يظهر وجه استثناء الصورتين المذكورتين لا يقال يرد على الوجهين أنهما موجودان في الصفة المعرفة كالمنكرة, فهلا قالوا بضعف الجر مع الصفة المعرفة بأل أيضًا دون الامتناع؛ لأنا نقول لما وجد معهما في الصفة المعرفة شيء آخر يقتضي امتناع الجر بها معناه فاندفع اعتراض البعض بذلك على التوجيه الأول فتأمل. ودخل تحت هذا ست صور هي بقية الثمان المتقدمة بعد الصورتين اللتين استثناهما. قوله: "وجرّ المقرونة إلخ" وجه ضعفه ما تقدم من أن المبرد يمنعه. قوله: "وذلك" أي: الضعيف أو   741- الرجز بلا نسبة في الدرر 5/ 284؛ والمقاصد النحوية 3/ 577؛ وهمع الهوامع 2/ 99. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تحت نقابه، حسن كل ما تحت نقابه، حسن وجه جاريتها جميلة أنفه، حسن الوجنة جميل خالها، وحسن وجهه، حسن وجه أبيه، حسن ما تحت نقابه، حسن كل ما تحت نقابه، حسن وجه جاريتها جميلة أنفه، حسن الوجنة جميل خالها، والحسن الوجنة الجميل خالها. ويدل للجواز في الأول والثاني قوله: 742- ونأخذ بعده بِذِناب عَيْش ... أجَبّ الظَّهْر ليس له سَنَام في رواية نصب الظهر وفي بقية المنصوبات قوله: 743- أَنْعَتها إني من نُعّاتِها ... كُوَمَ الذَّرَي وَادِقَة سُرَّاتِها   المذكور من النصب والجر. قوله: "وحسن وجهه" أعاد الواو هنا وفي قوله والحسن الوجنة إلخ دون غيرهما إشارة في المحل الأول إلى أن ما بعدها أمثلة النوع الثاني, وفي المحل الثاني إلى أن ما بعدها مثال النوع الثالث. قوله: "في الأول والثاني" أي: نصب الصفة المنكرة المعرّف بأل ونصبها المضاف إلى المعرف بها. قوله: "ونأخذه بعده إلخ" روي نأخذ بالجزم عطفًا على جواب الشرط والرفع استئنافًا والنصب بأن مضمرة كما سيذكره الشارح في شرح قول المصنف والفعل من بعد الجزا إلخ, والضمير في بعده للمدوح وهو النعمان بن الحرث الأصغر. وذناب الشيء بكسر الذال المعجمة عقبه. والأجب المقطوع. والسنام بالفتح ما ارتفع من ظهر البعير. والمعنى نتمسك بعده بطرف عيش قليل الخير بمنزلة البعير المهزول الذي ذهب سنامه لشدة هزاله. أي: نبقى بعده في شدة وسوء حال وفي أجب الجر صفة لعيش, وجره بالكسرة إن أضعف إلى ما بعده وإلا فبالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للوصفية, ووزن الفعل والرفع خبرًا لمحذوف والنصب حالًا. وروي الظهر بالرفع على الفاعلية والجر على الإضافة والنصب على التشبيه بالمفعول به. وإنما كان هذا دليلًا للثاني أيضًا؛ لأن المضاف للمحلى بأل بمنزلته إذ لا فرق. قوله: "أنعتها" أي: أصفها والضمير للنوق وأني إلخ تعليل لما قبله. والنعات جمع ناعت أي: واصف وكوم. منصوب على المدح بضم الكاف جمع كوماء كحمر وحمراء وهي عظيمة السنام. والذرى جمع ذروة بتثليث الذال المعجمة وهي أعلى الشيء والمراد بها هنا السنام. ووادقة صفة   742- البيت من الوافر، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص106، والأغاني 11/ 26؛ وخزانة الأدب 7/ 511، 9/ 363؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 28؛ وشرح المفصل 6/ 83, 85؛ والكتاب 1/ 196؛ والمقاصد النحوية 3/ 579، 4/ 434؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص200؛ والأشباه والنظائر 6/ 11، والاشتقاق ص105، وأمالي ابن الحاجب 1/ 458؛ والإنصاف 1/ 134؛ وشرح ابن عقيل ص589؛ وشرح عمدة الحافظ ص358؛ ولسان العرب 1/ 249 "حبب"، 1/ 390 "ذنب"؛ والمقتضب 2/ 179. 743- الرجز لعمرو بن لجأ في الأصمعيات ص34؛ وخزانة الأدب 8/ 221؛ والدرر 5/ 289؛ والمقاصد النحوية 3/ 583؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 6/ 83, 88. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إذ لا فرق, وفي المجرورات سوى الأخير قوله: 744- أَقَامت على رَبْعَيْهما جارَتا صَفَا ... كُمَيْتا الأعالي جَونَتَا مُصْطلاهُما والجر عند سيبويه في هذا النوع من الضرورات. ومنعه المبرد مطلقًا؛ لأنه يشبه إضافة الشيء إلى نفسه وأجازه الكوفيون في السعة وهو الصحيح. ففي حديث أم زرع $"صفر وشاحها" وفي حديث الدجال "أعور عينه اليمنى" وفي صفة النبي -صلى الله عليه وسلم: "شثن أصابعه" ويدل للأخير قوله: سبتني الفتاة البضة, البيت في رواية جر كشحه. وأما الحسن فهو ما عدا ذلك وجملته أربعون صورة، وهي تنقسم إلى حسن، وأحسن فما كان فيه ضمير واحد   لكوم من ودقت السرة إذا دنت من الأرض لفرط السمن. والشاهد فيه؛ لأنه صفة مشبهة على وزن فاعل نصب سراتها بالكسر وهو مضاف إلى ضمير الموصوف. قوله: "إذ لا فرق" علة لمحذوف أي: وإنما كان دليلًا للجواز في بقية المنصوبات مع أنه ليس فيه إلا نوع من تلك البقية؛ لأنه لا فرق. قوله: "أقامت على ربعيهما" على بمعنى في والضمير للدمنتين في البيت قبله تثنية دمنة بكسر الدال وهي ما بقي من آثار الدار, وجارتا صفا فاعل أقامت. وأراد بهما حجرين يوضع عليهما القدر بجانب الصفا أي: الجبل, وكميتا الأعالي صفة جارتا أي: شديدتا حمرة الأعالي: أي: الأعليين فالجمع مستعمل في الاثنين. جونتا مصطلاهما صفة ثانية أي: مسودتا موضع الاصطلاء بالنار وهو الأسفل. والشاهد فيه حيث جرّ جونتا وهو صفة مشبهة المضاف إلى ضمير الموصوف، ومثله بقية المجرورات سوى الأخير إذ لا فرق. قوله: "في هذا النوع" أي: المجرورات سوى الأخير. قوله: "مطلقًا" أي: في الضرورة والسعة. قوله: "يشبه إضافة الشيء إلى نفسه" أي: لأن الوصف عين مرفوعه في المعنى. وإنما قال يشبه؛ لأنه لم يضف إليه إلا بعد تحويل الإسناد عنه كما مر. قوله: "صفر وشاحها" بكسر الصاد المهملة والمعنى أنها ضامرة البطن فكأن وشاحها خال. والوشاح شيء مرصع بالجواهر تجعله المرأة من نساء الملوك بين عاتقها وكشحها, وفي رواية صفر ردائها. قوله: "أعور عينه اليمنى" هذه رواية. وفي رواية أخرى أعور عينه اليسرى وكلتاهما صحيحة قال ابن عبد البر رواية اليمنى أصح إسنادًا ولا يظهر الجمع بينهما. قوله: "شثن أصابعه" بفتح الشين المعجمة وسكون المثلثة   744- قبله: أمِن دِمْنتين عَرَّس الركب فيهما ... حَقْل الرُّخامى قد عفا طللاهما والبيتان من الطويل، وهما للشماخ في ديوانه ص307 و308؛ وخزانة الأدب 4/ 293؛ والدرر 5/ 281؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 7؛ وشرح المفصل 6/ 83, 86؛ والصاحبي في فقه اللغة ص210؛ والكتاب 1/ 199؛ والمقاصد النحوية 3/ 587؛ وهمع الهوامع 2/ 99؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 8/ 220, 222؛ والمقرب 1/ 141. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أحسن مما فيه ضميران؛ وقد وضعت لذلك جدولًا تتعرف منه أمثلته وأحكامه على التفصيل المذكور بسهولة، مشيرًا إلى ما لبعضها من دليل بإشارة هندية، وإن كان كثيرًا   أي: غليظها. قوله: "فما كان فيه ضمير واحد" كالحسن وجهه بالرفع أحسن مما فيه ضميران كالحسن وجهه بالنصب, فإن فيه مع الهاء ضميرًا مستترًا هو فاعل الحسن, ووجه الأحسنية السلامة من زيادة ضمير غير محتاج إليه. قوله: "لذلك" أي: للمذكور من صور الصفة المشبهة. قوله: "وأحكامه" أي: من امتناع وأقبحية وقبح وضعف وحسن وأحسنية. قوله: "بإشارة هندية" أي: فوق حكم ذلك البعض وفوق الدليل كالإشارة بصورة الثمانية التي فوق قوله ببهمة إلخ, وفوق أقبح الذي هو حكم رفع حسن وجه حسن وجه أب إلى أن قوله ببهمة إلخ شاهد رفعهما, ولو وضع أيضًا هذه الإشارة فوق قبيح الذي هو حكم رفع حسن الوجه وحسن وجه الأب وفوق قبيح الذي هو حكم رفع الحسن الوجه والحسن وجه الأب وفوق أقبح الذي هو حكم رفع الحسن وجه الحسن وجه أب لكان أحسن؛ لأن فيه تنبيهًا على أن قوله ببهمة إلخ شاهد الرفع في الصور الثمانية كما مر في الشرح. وكان الموافق لما مر في الشرح أيضًا أن يشير إلى شاهد بقية صور النصب الضعيفة وهو قوله أنعتها إلخ، وإلى شاهد صور الجر الضعيفة سوى أخيرها وهو قوله أقامت على ربعيهما إلخ. واعلم أن الشارح أشار على ما في كثير من النسخ الصحيحة عشر إشارات إلى عشرة شواهد كل شاهد لحكم صورتين إلا الشاهد في الإشارة السابعة فلحكم صورة واحدة لعدم ذكره صورة تناسبها, لكن النسخ مختلفة في الرقوم المشار بها. الإشارة الأولى فوق أحسن حكم جر حسن وجه حسن وجه أب إلى شاهد جرهما وهو قوله: لاحقِ بطنِ بِقَرَى سمينِ ... لا خَطِل الرجع ولا قَرُونِ ولم أر من تكلم على هذا البيت ونحن نتكلم عليه بما تيسر فنقول: معنى لاحق بطن ضامر؛ قال في القاموس: لحق كسمع ضمر وهو صفة لفرس فيما يظهر وفيه الشاهد وقوله بقرى بفتح القاف كفتى أي: ظهر والباء بمعنى مع. وقوله لا خطل الرجع بفتح الخاء المعجمة وكسر الطاء وفتح الراء وسكون الجيم: أي: لا مضطرب الخطو ملتوية، وهو صفة أخرى للفرس الممدوح، والقرون بالقاف والراء كصبور الدابة التي تعرق سريعًا، أو تقع حوافر رجليه موقع يديه. ولاحق إن كان بالجر فلا إشكال وإن كان بالرفع احتيج إلى قراءة سمين بالرفع على أنه نعت مقطوع لقرى؛ ليتفق الشطران في الحركة. وفي نسخ الاستشهاد أيضًا بقوله: وَلاَ سَيِّئي زِيٍّ إذا ما تَلَبَّسُوا ... إلى حَاجَةٍ يَومًا مُخيَّسَةً بُزْلاَ الشاهد في سيئي والزي بكسر الزاي الهيئة. وقوله إلى حاجة أي: لأجل حاجة. ومخيسة منصوب، بتلبسوا بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وتشديد التحتية مفتوحة وسين مهملة أي: مذللة صفة في الأصل ليزلا، فلما قدم عليه أعرب حالًا. والبزل بضم الموحدة وسكون الزاي جمع بازل وهو البعير الذي انشق نابه ذكرًا كان أو أنثى. الإشارة الثانية فوق ضعيف حكم نصب حسن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الوجه، حسن وجه الأب إلى شاهد نصبهما وهو قوله أجب الظهر إلخ على رواية نصب الظهر. وقد تقدم. هذا هو الموافق لما مر في الشرح من الاقتصار على جعله دليل نصبهما. وأما جعله شاهدًا لهما في الأحوال الثلاثة كما فعل البعض تبعًا لما يأتي في آخر طريقة معرفة الجدول. ووجد في عدة نسخ من رسم صورة ستة فوق أحسن حكم جر حسن الوجه حسن وجه الأب، وصورة خمسة فوق ضعيف حكم نصبهما، وصورة أربعة فوق قبيح حكم رفعهما، ورسم الصور الثلاث فوق أجب الظهر إلخ, تنبيهًا على أنه شاهد في حكم جواز أحوالهما الثلاث فلا يوافق صنيع الشارح سابقًا. الإشارة الثالثة فوق أحسن حكم نصب حسن وجهًا، حسن وجه أب إلى شاهد نصبهما وهو قوله: هَيْفَاءُ مُقْبِلَةً عَجْزَاءُ مُدْبِرَةً ... ممْخُوطَةٌ جُدِّلَتْ شَنْبَاءُ أَنْيَابَا أي: هي هيفاء أي: ضامرة كما في العيني، ومقبلة حال من الضمير في هيفاء. وقول العيني ذو الحال محذوف أي: إذا كانت مقبلة وكان تامة تكلف لا حاجة إليه. والعجزاء كبيرة العجز. ومدبرة حال من الضمير في عجزاء. ممخوطة أي: موشومة بالمخط بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وهو ما يوشم به. وجدلت بضم الجيم وكسر الدال المهملة مبني للمجهول من قولهم جارية مجدولة الخلق أي: حسنته. والشاهد في شنباء أنيابًا من الشنب وهو رقة الأسنان وصفاؤها. الإشارة الرابعة فوق أقبح حكم رفع حسن وجه حسن وجه أب إلى شاهد رفعهما وهو قوله ببهمة إلخ وقد تقدم. الإشارة الخامسة فوق أحسن حكم رفع حسن وجهه، حسن وجه أبيه إلى شاهد رفعهما وهو قوله: تُعَيِّرُنَا أنَّا قَلِيلٌ عِدَادنَا ... فَقُلتُ لَهَا إنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ الإشارة السادسة فوق أحسن حكم رفع حسن أنوال عدة، حسن سنان رمح يطعن به إلى شاهد رفعهما, وهو قوله: أزور امرأ إلخ وقد تقدم. الإشارة السابعة فوق ضعيف حكم جر الحسن الوجنة الجميل خالها إلى شاهد جره وهو قوله: سبتني الفتاة إلخ. وقد تقدم. الإشارة الثامنة فوق أحسن حكم نصب الحسن الوجه، الحسن وجه الأب إلى شاهد نصبهما وهو قوله: فَمَا قَومِي بِثَعْلَبَةَ بْن سَعْدٍ ... وَلاَ بِفَزَارَةَ الشُّعْرِ الرِّقَابَا وثعلبة وفزارة قبيلتان. والشعر بضم الشين المعجمة وسكون العين المهملة جمع أشعر وهو كثير الشعر. وفي نسخ الاستشهاد أيضًا بقوله: لقد علم الأيقاظ أخفية الكرى والشاهد في نصب أخفية بالأيقاظ على التشبيه بالمفعول به. والأيقاظ جمع يقظ أي: متيقظ والأخفية بخاء معجمة ففاء فتحتية جمع خفي, وأراد بها أجفان العيون. والكرى النوم. الإشارة التاسعة فوق أحسن حكم نصب الحسن وجهًا الحسن وجه أب إلى شاهد نصبهما وهو: الحزن بابًا والعقور كلبا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أشرت إلى كثرته بكاف عربية. جامعًا في ذلك بين كل متناسبين بإشارة واحدة. وهو هذا: 745- "1" لاَحِق بَطنٍ بِقَرَى سَمِين ... لا خَطِل الرَّجْع ولا قَرُونِ 746- "2" أجَبَّ الظَّهْر ليس له سَنَامُ 747- "3" هَيْفَاء مُقْبِلَة عَجْزَاء مُدْبرة ... مَمْخوطَة جُدِّلَت شَنْبَاء أَنْيَابًا 748- "4" بِبُهْمَة مُنِيت شَهْم قَلَب "5" تُعَيِّرنا أَنَّا قَلِيل عِداَدُنا ... فقلت لها إنَّ الكِرامَ قَلِيل 749- "6" أَزُور امرءًا جمًّا نَوَال أعَدَّهُ   والحزن بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي ضد السهل وهو ذم لشخص بأن بابه مغلق دون الأضياف وكلبه عقور. الإشارة العاشرة فوق أحسن حكم رفع الحسن ما تحت نقابه، الحسن كل ما تحت نقابه إلى شاهد رفعهما وهو: فاقصد بزيد العزيز من قصده ويرد عليه أن من يحتمل غير الرفع، إلا أن يقال الظاهر حمل الكلام على الأولى, حيث لا مانع منه فاعرف ذلك, فقد أهمل أرباب الحواشي ضبط إشارات الجدول وشرح شواهده فوقع فيه خبط كثير. قوله: "بكاف عربية" أي: مجرور لا معلقة. والنسخ مختلفة في مواضع هذه الكاف اختلافًا لا وثوق معه. قوله: "جامعًا في ذلك" أي: في الدليل بين كل متناسبين أي: قسمين متناسبين كحسن الوجه وحسن وجه الأب ولا يرد عليه إفراده؛ الحسن الوجنة الجميل خالها   745 الرجز لحميد الأرقط في شرح أبيات سيبويه 1/ 174؛ وشرح المفصل 6/ 85؛ والكتاب 1/ 197؛ ولسان العرب 13/ 179 "رزن"، 15/ 400 "وقى". 746 صدره: ونأخذ بَعْده بذنَابِ عيشٍ والبيت من الوافر، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص106، والأغاني 11/ 26؛ وخزانة الأدب 7/ 511، 9/ 363؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 28؛ وشرح المفصل 6/ 83, 85؛ والكتاب 1/ 196؛ والمقاصد النحوية 3/ 579، 4/ 434؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص200؛ والأشباه والنظائر 6/ 11؛ والاشتقاق ص105، وأمالي ابن الحاجب 1/ 458؛ والإنصاف 1/ 134؛ وشرح ابن عقيل ص589؛ وشرح عمدة الحافظ ص358؛ ولسان العرب 1/ 249 "جب"، 1/ 390 "ذنب"؛ والمقتضب 2/ 179. 747 البيت من البسيط، وهو لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص36؛ وشرح أبيات الكتاب 1/ 4؛ وشرح المفصل 6/ 83، 84؛ الكتاب 1/ 198؛ ولسان العرب 1/ 787 "هلب"؛ والمقاصد النحوية 3/ 593. 748 الرجز بلا نسبة في الدرر 5/ 284؛ والمقاصد النحوية 3/ 577؛ وهمع الهوامع 2/ 99. 749 عجزه: لمن أمَّه مستكفيًا أزمَةَ الدَّهْر والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 86؛ والمقاصد النحوية 3/ 631. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   750- "7" سَبَتْنِي الفتاة البَضَّة المُتَجرِّدِ الـ ... ـلطِيفة كَشْحُه 751- "8" فما قومي بِثَعْلَبَةَ بن سَعْد ... ولا بِفَزَارَة الشُّعْر الرِّقابَا 752- "9" الحُزْنُ بَابًا والعَقُور كَلبًا "10" فَاقصِد بِزَيْد العَزِيزُ من قَصَدَهْ طريقة معرفة هذا الجدول أن تضع الورقة التي هو مرسوم فيها بين يديك بحيث تكون أبيات الصفة المعرفة بأل مما يليك ثم ترفع بصرك إلى أبيات الصفة المنكرة، فإذا فرغت منها تنظر إلى أبيات الصفة المعرفة بأل وقد جعل في رأس أبيات النوعين خمس بيوت: مكتوب في أول بيت منها الجر وفي الثاني النصب وفي الثالث الرفع وفي الرابع السببي وفي الخامس الصفة، ووصل كل بيت من هذه الأبيات باثني عشر مربعًا،   بالإشارة إلى دليل يخصه؛ لأن إفراده بذلك لعدم ذكره قسمًا يناسبه كما مر فتدبر. قوله: "طريقة معرفة إلخ" الظاهر أن هذا ليس من كلام الشارح بل لبعض الطلبة, وأن الشارح رسم الجدول عقب قوله وهو هذا, ويرشحه عدم وجود هذه الزيادة في بعض النسخ, وقوله في آخرها وقوله جامعًا إلخ. قوله: "مما يليك" أي: بحيث تكون تحت أبيات الصفة المنكرة. قوله: "ثم ترفع بصرك إلى أبيات الصفة المنكرة" أي: لتكون جاريًا على عادة القراءة في الورق مثلًا من البداءة بالأعلى. قوله: "في رأس أبيات النوعين" أي: أبيات كل من النوعين الصفة المنكرة والصفة المعرفة بأل وإلا فالمجعول في رأس أبيات مجموعهما بيوت عشرة لا خمسة. قوله: "باثني عشر مربعًا" هذا على ما في نسخ, وفي أخرى تقليل المربعات المقابلة للجر والنصب والرفع في النوعين بحسب اجتماع بعض صور كل من الثلاثة في حكم كاجتماع حسن الوجه، وحسن وجه الأب، وحسن وجه، وحسن وجه أب، في أحسنية الجر فوضع لحكم الأربعة بيتًا واحدًا. وكاجتماع الأولين في ضعف النصب وفي قبح الرفع فوضع لحكمهما بيتًا واحدًا, وقس على ذلك وهو وضع حسن أيضًا وأحسن منه تقليلها بحسب الاجتماع في الشاهد إن كان وفي الحكم إن لم يكن. والمربع سطح أحاط به أربع خطوط ولذلك سمي مربعًا. ويحتمل أن   750- تمامه: سَبَتْنِي الفتاة البَضَّة المتجرِّد الـ ... ـلطيفة كشحه وما خلت أن أُسْبَى والبيت من الطويل وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 3/ 623. 751- البيت من الوافر وهو لحارث بن ظالم في الأغاني 11/ 119؛ والإنصاف ص133؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 258؛ وشرح اختيارات المفضل 3/ 1335؛ والكتاب 1/ 201، والمقاصد النحوية 3/ 609، والمقتضب 4/ 161؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 497؛ وشرح المفصل 6/ 89. 752- الرجز لرؤبة في ديوانه ص15؛ وخزانة الأدب 8/ 227؛ والكتاب 1/ 200؛ والمقاصد النحوية 3/ 617؛ والمقتضب 4/ 162، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 180؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 304. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فالمربعات الموصولة بالأخيرين منها الصفة ومعمولها السببي المنقسم إلى اثني عشر قسمًا كما تقدم، والمربعات الموصولة ببيت الجر مكتوب فيها حكم المعمول السببي الذي في مربعاته كلها, وكذلك في بيت النصب وبيت الرفع فما قابله منها ممتنع فهو ممتنع وما قابله حسن فهو حسن وهكذا. ثم ما يحرس هذه الأحكام إشارة هندية: فانظر في الشواهد المكتوبة حول الجدول فما وجدت عليه تلك الإشارة فهو شاهد ذلك الحكم. وقوله جامعًا بين كل متناسبين إلخ, أي: كما جمع بين حسن الوجه وحسن وجه الأب بصوره: ستة في الجر وخمسة في النصب وأربعة في الرفع. تنبيهان: الأول تقدم أن معمول الصفة يكون ضميرًا وعملها فيه جر بالإضافة إن باشرته, وخلت من أل نحو: مررت برجل حسن الوجه جميله، ونصب إن فصلت أو قرنت بأل فالأول نحو: "هم أحسن وجوهًا وأنضر همومًا". والثاني نحو: الحسن الوجه الجميله. الثاني إنما تأتي مسائل امتناع الإضافة مع الصفة المفردة كما رأيت. فإن كانت الصفة مثناة   تسميته بذلك لاحتوائه على زوايا أربع قائمة إن استقامت الخطوط الأربعة لتساوي الزوايا حينئذٍ, والزوايا المتساوية قوائم, وعلى زوايا أربع بعضها وهو مصغر حاد وبعضها وهو ما كبر منفرج إن لم يستقم جميعها، وقول البعض لاحتوائه على زوايا أربع منفرجة إن استقامت الخطوط؛ خطأ فاحش كما لا يخفى على من له أدنى إلمام بفن الهندسة. قوله: "بالأخيرين" أي: البيتين الأخيرين المكتوب في أحدهما لفظ السببي وفي الآخر لفظ الصفة. والضمير في منها يرجع إلى قوله خمس بيوت. قوله: "حكم المعمول السببي" أي: حكم جره وقوله الذي في مربعاته صفة للمعمول السببي والضمير يرجع إليه. قوله: "فما قابله منها" الضمير في منها لأحكام السببي أي: أحكام إعرابه المطلوب والجار والمجرور حال من ممتنع. والمعنى أن السببي الذي قابله من أحكام إعراب السببي المطلوب من جر أو نصب أو رفع ممتنع فهو ممتنع إلخ. قوله: "ثم ما يحرس إلخ" أتى به مع علمه من قوله مشيرًا إلخ توطئة لما بعده، وقوله هذه الأحكام أي: بعضها. قوله: "بصورة: ستة في الجر وخمسة في النصب وأربعة في الرفع" هذا على ما في عدة نسخ وهو لا يناسب ما مر في الشارح كما تقدم. قوله: "وعملها فيه جر بالإضافة إن باشرته وخلت من أل" جوّز في التسهيل وفاقًا للكسائي مع المباشرة والخلو من أل أن تعمل الصفة في الضمير النصب على التشبيه بالمفعول به فعلى هذا الجر غالب لا لازم كما قاله الدماميني. قال: ويظهر الفرق بين قصد الإضافة وعدم قصدها في مثل مررت برجل أحمر الوجه لا أصفره بكسر الراء عند قصد الإضافة وفتحها عند عدم قصدها. قوله: "وأنضر هموها" من النضرة وهي الوضاءة والبهجة. وفيه أن ما ذكر صيغة تفضيل لا صفة مشبهة، فكان ينبغي أن يقول كغيره: قريش نجباء الناس ذرية وكرامهموها. قوله: "الجميلة" كون الضمير في محل نصب مذهب سيبويه. ومذهب الفراء أنه في محل جر, قاله السيوطي أي: لأنه يجوز إضافة الصفة المحلاة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 التَّعجُّب: بِأَفْعَلَ انطِقْ بعد ما تَعَجُّبا ... أو جِئ بأَفْعِلَ مَجْرور بِبَا   أو مجموعة على حد المثنى جازت إضافتها مطلقًا كما سبق في باب الإضافة ا. هـ. خاتمة: قال في الكافية: وضُمّن الجامد معنى الوصف ... واستُعمل استعماله بضَعف كأنت غَربال الإهاب وكذا ... فراشة الحلم فراع المأخذا أي: من تضمين الجامد معنى المشتق وإعطائه حكم الصفة المشبهة قوله: 753- فَرَاشَة الحِلم فِرْعَون العَذابِ وإنْ ... تَطْلُب نداه فَكَلب دُونَه كَلبُ وقوله: 754- فلولا الله والمُهْرُ المُفَدَّى ... لأبْتَ وأنت غِربال الإهَابِ ضمن فراشة الحلم معنى طائش. وفرعون معنى أليم، وغربال معنى مثقب، فأجريت مجراها في الإضافة إلى ما هو فاعل في المعنى ولو رفع بها أو نصب جاز والله أعلم. التعجب : "بأفعل انطق بعد ما تعجبا أو جئ بأفعل قبل مجرور ببا" أي: يدل على التعجب،   بأل إلى كل معرفة. قوله: "مطلقًا" أي: سواء كانت الصفة بأل أو لا وسواء كان المضاف إليه خاليًا من أل ومن الإضافة لتاليها ولضمير تاليها أولًا، وذلك لحصول فائدة الإضافة من التخفيف بحذف النون. قوله: "فراشة الحلم" بفتح الفاء. قوله: "أي: من تضمين الجامد إلخ" بيان لقوله كأنت غربال إلخ. قوله: "وإعطائه حكم الصفة المشبهة" أي: من رفع السببي ونصبه وجره وجعله أبو حيان سماعيا. قوله: "والمهر المفدى" بفتح الفاء والدال المهملة المشددة أي: القوي الجري لأُبْت أي: رجعت وأنت غربال الإهاب أي: مثقب الجلد من وقع الأسنة. التعجب: اعلم أنه لا يتعجب من صفاته تعالى قياسًا، فلا يقال ما أعلم الله؛ لأنها لا تقبل الزيادة. وشذ قول العرب: ما أعظم الله وما أقدره وما أجله نقله الشيخ يحيى عن ابن عقيل، والسيوطي عن أبي حيان ثم قال السيوطي: والمختار وفاقًا للسبكي وجماعة كابن السراج وابن الأنباري والصيمري جوازه. ومعنى ما أعظم الله أنه تعالى في غاية العظمة وأن عظمته مما تحار فيه العقول، والقصد الثناء عليه بذلك ا. هـ. باختصار وسيأتي عن الرضي ما يؤيد الجواز. ثم رأيت ابن   753- البيت من البسيط، وهو للضحاك بن سعد في الحيوان 1/ 257؛ ولسعيد بن العاصي في ديوان المعاني 1/ 196؛ وبلا نسبة في الدرر 5/ 293؛ وهمع الهوامع 2/ 101. 754- البيت من الوافر، وهو لمنذر بن حسان في المقاصد النحوية 3/ 140، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 411، والخصائص 2/ 221، 3/ 195؛ وديوان المعاني 2/ 249؛ والدرر 5/ 291؛ ولسان العرب 1/ 632 "عنكب"، 3/ 372 "قيد"، 11/ 491 "غربل"؛ والممتع في التصريف ص74. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وهو استعظام فعل فاعل ظاهر المزية بألفاظ كثيرة نحو: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة: 28] ، سبحان الله المؤمن لا ينجس. لله دره فارسًا. لله أنت. 755- يا جَارَتَا ما أنْتِ جَارَهْ   حجر الهيتمي بعد أن نقل في كتابه الإعلام إفتاء السبكي بالجواز ساق كلام ابن الأنباري، وملخصه: اعترض الكوفيون على البصريين في قولهم أن ما أفعله فعل بأنه يلزمهم أن يكون معنى ما أعظم الله شيء أعظمه, والله تعالى عظيم لا بجعل جاعل، فأجابوا بأن معنى ما أعظم الله شيء وصفه بالعظمة, كما تقول عظمت عظيمًا، والشيء إما من يعظمه من عباده أو ما يدل على عظمته من مصنوعاته أو ذاته تعالى أي: إنه أعظم لذاته لا لشيء جعله عظيمًا. وقيل هو إخبار بأنه في غاية العظمة ا. هـ. ثم ذكر ابن حجر أنه على القول الأول بأوجهه الثلاثة باق على حقيقته من التعجب وعلى الثاني مجاز في الإخبار ا. هـ. ويكفي في وجود شرط قبول الزيادة هنا أن مطلق العلم, ومطلق القدرة ومطلق العظمة مثلًا مما يقبل الزيادة وإن لم يقبلها خصوص علمه تعالى وقدرته وعظمته فتأمل. ولا يجوز على الله تعالى أنه إنما يكون عند خفاء السبب وهو تعالى لا يخفى عليه خافية, وأما التعجب الوارد في القرآن من جهته تعالى فعلى لسان خلقه نحو: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} أفاده الدماميني وغيره. قوله: "تعجبًا" أي: لأجل التعجب أو متعجبًا أو في وقت التعجب. قوله: "أي: يدل على التعجب إلخ" لم يتحمل المتن جميع ذلك حتى يكون تفسيرًا له فكان الظاهر؛ أي: يتعجب بصيغتين مبوب لهما في كتب النحاة وقد يتعجب بغيرهما نحو: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ} إلخ. قوله: "وهو استعظام" وعرفه الدماميني بأنه انفعال يحدث في النفس عند الشعور بأمر يجهل سببه. ومن ثم قيل إذا ظهر السبب بطل العجب. قوله: "فعل فاعل" يعني صفة موصوف وإن لم يكن له فيه اختيار فدخل نحو: ما أحسن زيدًا فاندفع اعتراض البعض كغيره. قوله: "ظاهر المزية" أي: بسبب زيادة فيه خفي سببها فلا يتعجب مما لا زيادة فيه ولا مما ظهر سببه. قوله: "نحو: كيف تكفرون بالله" أي: أتعجب من كفركم بالله فاستعملت كيف في التعجب مجازًا عما وضعت له من الاستفهام عن الأحوال. وكذا استعمال سبحان الله ولله دره فارسًا، ولله أنت، وما أنت جارة، في التعجب، فإنه مجاز عن الإخبار بالتنزه ويكون دره منسوبًا لله ويكون المخاطب منسوبًا لله وعن الاستفهام عن جوارها إن كانت ما استفهامية أو عن نفي جوارها إن كانت نافية أي: لست جارة بل أعظم منها. قوله: "سبحان الله إلخ" قال البعض: انظر هل المتعجب منه مضمون الجملة بعده أو حال المخاطب ا. هـ. والأظهر أنه حال المخاطب المتوهم نجاسة المؤمن إذ عدم نجاسته غير خفي السبب. ثم رأيت في شروح البخاري التصريح به. قوله: "لله أنت" أي: في جميع الكمالات كما يدل عليه حذف جهة التعجب فهو أبلغ من نحو: لله درك   755- صدره: بانت لتُحزِنَنَا عَفَارَة = الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 756- وَاهًا لِسَلمى ثُمّ وَاهًا وَاهًا والمبوّب له في كتب العربية صيغتان: ما أفعله وأفعل به لاطرادهما فيه. فأما الصيغة الأولى فما فيها اسم إجماعًا؛ لأن في أفعل ضميرًا يعود عليها. وأجمعوا على أنها مبتدأ؛ لأنها مجردة للإسناد إليها. ثم اختلفوا فقال سيبويه: هي نكرة تامة بمعنى شيء. وابتدئ بها لتضمنها معنى التعجب وما بعدها خبر فموضعه رفع. وقال الفراء وابن درستويه: هي   فارسًا. قوله: "يا جارتا ما أنت جاره" شطر بيت من مجزوء الكامل، المرفل فجاره بالوقف على هاء التأنيث وإن كان منصوبًا على التمييز أو الحال إن كانت ما استفهامية أو الخبرية إن كانت نافية حجازية، ومرفوعًا إن كانت نافية تميمية، وجارتا منصوب؛ لأنه مضاف إلى الألف المنقلبة عن ياء المتكلم. قوله: "واها" اسم فعل بمعنى أعجب. قوله: "لاطرادهما" أي: كثرة استعمالهما فيه لوضعهما له بخلاف ما مر كذا قالوا، وأورد عليه البعض أنه غير ظاهر في واها ولك رده بأن وضع واهًا للفظ الفعل الدال على التعجب لا للتعجب بناء على الراجح من أن مسميات أسماء الأفعال ألفاظ الأفعال. قوله: " ضميرًا يعود عليها" أي: والضمير لا يعود إلا على الأسماء. قوله: "على أنها مبتدأ" أي: واجب التقديم؛ لأنها في كلام جرى مجرى المثل فلزم طريقة واحدة. دماميني. قوله: "نكرة تامة" أي: غير موصوفة بالجملة بعدها؛ وذلك لأن التعجب إنما يكون فيما خفي سببه فيناسبه التنكير. قوله: "لتضمنها معنى التعجب" أي: المناسب له قصد الإبهام لاقتضاء التعجب خفاء السبب والإبهام يناسب الخفاء. والمراد بتضمنها معنى التعجب أن لها دخلًا في إفادته فلا ينافي أن الموضوع للتعجب الجملة بتمامها. وقيل المسوّغ تقدير التخصيص والمعنى شيء عظيم. قوله: "وما بعدها خبر" لكن ليس المقصود بالتركيب في هذه الحالة الإخبار بل إنشاء التعجب وكذا   = والبيت من مجزوء الكامل, وهو للأعشى في ديوانه ص203؛ وخزانة الأدب 3/ 308، 310، 5/ 486-488، 7/ 250، 9/ 240؛ وشرح شواهد الإيضاح ص193؛ ولسان العرب 4/ 63 "بشر"، 4/ 154 "جور"، 4/ 589 "عفر"؛ والمقاصد النحوية 3/ 638؛ والمقرب 1/ 165؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص452؛ وشرح شذور الذهب ص335؛ وشرح ابن عقيل ص347؛ وشرح عمدة الحافظ 435؛ والصاحبي في فقه اللغة ص171. 756- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص168؛ وله أو لأبي النجم في المقاصد النحوية 1/ 123، 3/ 636؛ ولأبي النجم في شرح التصريح 2/ 197؛ وشرح شواهد المغني 1/ 129؛ وشرح المفصل 4/ 72؛ ولسان العرب 13/ 563 "ويه"، 14/ 345 "روي"؛ وله أو لرجل من بني الحارث في خزانة الأدب 7/ 455؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 786؛ وشرح عمدة الحافظ ص967؛ وشرح قطر الندى ص257؛ واللامات ص125؛ ومجالس ثعلب ص275؛ ومغني اللبيب 2/ 369؛ والمقاصد النحوية 4/ 311. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   استفهامية ونقله في شرح التسهيل عن الكوفيين. وقال الأخفش: هي معرفة ناقصة بمعنى الذي وما بعدها صلة فلا موضع له, أو نكرة ناقصة وما بعدها صفة فمحله رفع، وعلى هذين فالخبر محذوف وجوبًا أي: شيء عظيم. واختلفوا في أفعل: فقال البصريون والكسائي فعل للزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية نحو: ما أفقرني إلى رحمة الله، ففتحته بناء كالفتحة في زيد ضرب عمرًا وما بعده مفعول به. وقال بقية الكوفيين اسم لمجيئه مصغرًا في قوله: 757- يَامَا أُمَيْلِحَ غِزْلانًا شَدَنَّ لَنَا   يقال فيما يأتي قال الرضي: معنى ما أحسن زيدًا في الأصل شيء من الأشياء جعل زيدًا حسنًا، ثم نقل إلى إنشاء التعجب وانمحى عنه معنى الجعل, فجاز استعماله في التعجب من شيء يستحيل كونه بجعل جاعل نحو: ما أقدر الله وما أعلمه. قوله: "هي استفهامية" أي: مشوبة بتعجب كما ذكره المصنف في شرح التسهيل. وقال الدماميني استفهامية أي: في الأصل ثم نقلت إلى إنشاء التعجب, قال: وهذا القول أقوى من جهة المعنى؛ لأن شأن المجهول كسبب الحسن أن يستفهم عنه. وقد يستفاد من الاستفهام معنى التعجب نحو: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: 20] ا. هـ. وما بعدها هو الخبر. قوله: "عن الكوفيين" قال في التصريح: وهو موافق لقولهم باسمية أفعل بفتح العين فإن الاستفهام المشوب بالتعجب لا يليه إلا الأسماء نحو: {مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة: 27] . قوله: "هي معرفة ناقصة" لاحتياجها في إفهام المراد إلى الصلة. قوله: "أي: شيء عظيم" ليس ذكر شيء ضروريا. قوله: "للزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية" قال الدماميني نقلًا عن المصنف: لا يرد على ذلك عليكني ورويدني؛ لأنه يقال عليك بي ورويد بي فلا يلزمان نون الوقاية بخلاف ما أفقرني ا. هـ. قال البعض: وقد يقال هو ظاهر في الثاني لا الأول؛ لأن عليكني بمعنى الزمني وعليك بي بمعنى استمسك بي كما ذكروه فهو تركيب آخر ا. هـ. ولك دفعه بأن مراد المجيب أن عليك له حالة يستغنى فيها مع ياء المتكلم عن النون بخلاف فعل التعجب, فإنه ليس له حالة يستغنى فيها مع ياء المتكلم عن النون, مع أن المعروف أن عليك مطلقًا بمعنى الزم إلا أنه قد يضمن معنى استمسك فيتعدى بالباء. قوله: "وما بعده مفعول به" لهذا المفعول أحكام خالف فيها أصل المفاعيل منها أنه لا يحذف إلا لدليل ولا يتقدم على عامله, ولا يحال بينهما إلا بالظرف على الصحيح ولا يكون إلا معرفة أو نكرة مختصة كما سيذكر الشارح هذا الحكم والمصنف البقية. قوله: "لمجيئه مصغرًا" أجاب البصريون بأنه شاذ.   757- عجزه: مِنْ هؤُليَّائكُنَّ الضَّالِ والسَّمُرِ والبيت من البسيط، وهو للمجنون في ديوانه ص130، وله أو للعرجي أو لبدوي اسمه كامل الثقفي أو لذي الرمة أو للحسين بن عبد الله في خزانة الأدب 1/ 93، 96، 97؛ والدرر 1/ 234؛ ولكامل الثقفي أو للعرجي في شرح شواهد المغني 2/ 922؛ وللعرجي في المقاصد النحوية 1/ 416، 3/ 643؛ وصدره لعلي بن أحمد العريني في لسان العرب 13/ 235 "شدن"؛ ولعلي بن محمد العريني في خزانة الأدب 1/ 98؛= الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ففتحته إعراب كالفتحة في زيد عندك؛ وذلك لأن مخالفة الخبر للمبتدأ تقتضي عندهم نصبه، وأحسن إنما هو في المعنى وصف لزيد لا لضمير ما، وزيد عندهم مشبه بالمفعول به. وأما الصيغة الثانية فأجمعوا على فعلية أفعل ثم اختلفوا؛ فقال البصريون: لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر وهو في الأصل ماض على صيغة أفعل بمعنى صار ذا كذا. كأغد البعير إذا صار ذا غدة، ثم غيرت الصيغة فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر فزيدت الباء في الفاعل ليصير على صورة المفعول به كامرر بزيد، ولذلك التزمت، بخلافها في   قوله: "شدن" من شدن الظبي بالشين المعجمة والدال المهملة أي: قوي وطلع قرناه واستغنى عن أمه. ولنا صفة ثانية لغزلانا وتمام البيت: من هؤليّائكن الضال والسمر الضال بضاد معجمة فألف فلام مخففة شجر السدر البري الواحدة ضالة. والسمر بفتح السين المهملة وضم الميم شجر الطلح بحاء مهملة كما في كتب اللغة لا بالعين كما حرفه البعض, الواحدة سمرة ويجمع أيضًا على سمرات. قوله: "ففتحته إعراب" نقل عن بعض الكوفيين أن فتحته بنائية لتضمنه التعجب الذي هو معنى حقه أن يؤدي بالحرف. وردّ بأن المؤدي لمعنى التعجب الجملة بتمامها لا أفعل, وحينئذٍ فقول الشارح بقية الكوفيين أي: غالب بقيتهم. قوله: "وذلك" أي: كون فتحته فتحة إعراب مع كونه خبرًا. قوله: "تقتضي عندهم نصبه" فعامل النصب عندهم المخالفة. قوله: "وأحسن إنما هو إلخ" بيان للمخالفة هنا وفيه تنبيه على أن مخالفة الخبر للمبتدأ كونه ليس وصفًا للمبتدأ في المعنى كما في زيد عندك وما أحسن زيدًا. ومقتضاه النصب عندهم في نحو: زيد أفضل أبًا، وفسرها في التصريح بأن يكون الخبر بحيث لا يحمل على المبتدأ لا حقيقة ولا حكمًا. قوله: "وصف لزيد لا لضمير ما" فيه إشارة إلى أن معنى أحسن عندهم فائق في الحسن لا صير زيدًا حسنًا كما هو على مذهب البصريين إذ التصيير صفة لضمير ما لا لزيد فتأمل. قوله: "مشبه بالمفعول به" لوقوعه بعد ما يشبه الفعل في الصورة. قوله: "على فعلية أفعل" أي: فيها فحصل الربط. وإنما أجمعوا على فعلية أفعل؛ لأن صيغته لا تكون إلا لفعل وأما أصبع فنادر قاله المصرح. قوله: "لفظه لفظ الأمر" على هذا هو مبني على السكون أو حذف حرف العلة كالأمر نظرًا لصورته أو على فتحة مقدرة منع من ظهورها مجيئه على صورة الأمر نظرًا للمعنى. قوله: "ومعناه الخبر" أي: في الأصل وإلا فالجملة بتمامها نقلت إلى إنشاء التعجب أو مراده بالخبر ما قابل الطلب فيشمل الإنشاء غير الطلب. قوله: "وهو في الأصل ماض إلخ" فأصل أحسن بزيد أحسن زيد أي: صار ذا حسن فهمزته للصيرورة. قوله: "ثم غيرت الصيغة" أي: عند نقلها إلى إنشاء التعجب ليوافق اللفظ في التغيير, تغيير المعنى من الإخبار   = ولعلي بن محمد المغربي في خزاة الأدب 9/ 363 وبلا نسبة في أسرار العربية ص115؛ والإنصاف 1/ 127؛ وخزانة الأدب 1/ 237، 5/ 233؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 190؛ وشرح المفصل 5/ 135؛ ومغني اللبيب 2/ 682؛ وهمع الهوامع 1/ 76، 2/ 191. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   نحو: كفى بالله شهيدًا فيجوز تركها، كقوله: 758- كفى الشَّيْب والإسلام لِلمرْءِ نَاهِيًا وإنما تحذف مع أن وأنَّ كقوله: 759- وَأَحْبَب إلينا أنْ تَكون المُقَدَّمَا لاطراد حذف الجار معهما كما عرف. وقال الفراء والزجاج والزمخشري وابنا كيسان وخروف: لفظه ومعناه الأمر وفيه ضمر والباء للتعدية. ثم قال ابن كيسان: الضمير   إلى الإنشاء هذا ما ظهر لي. قوله: "وإنما تحذف مع أن وأنّ" الذي في التصريح نقلًا عن الموضح في الحواشي أنها إنما تحذف مع أن المخففة وأن حذفها مع أن المشددة ممتنع لعدم السماع. ثم قال: فهذا حكم اختصت به أن عن أنّ ونظيره: عسى أن يقوم زيد فلا يقال عسى أنه يقوم. قوله: "والباء للتعدية" أي: فموضع مجرورها نصب على المفعولية. قال المصنف: ولو اضطر شاعر إلى حذفها مع غير أن بعد أفعل لزمه أن يرفع على قول البصريين وأن ينصب على قول الفراء, وبهذا ظهرت ثمرة الخلاف ا. هـ. دماميني هذا وفي الهمع أن الهمزة على قول الفراء ومن وافقه للنقل كهي في ما أفعل والباء زائدة, وكذا قال الدماميني الهمزة على هذا القول للتعدية والباء زائدة. ثم قال: ويحتمل أن تكون الهمزة عليه للصيرورة والباء للتعدية لا زائدة, وأصل أكرم بزيد أكرم زيد أي: صار ذا كرم ثم غير الماضي بالأمر وجيء بالباء المعدية التي تصيّر الفاعل مفعولًا، وقيل أكرم بزيد فصار المعنى: اجعل زيدًا صائرًا ذا كرم ا. هـ. ملخصًا وبه يعلم تقصير الشارح. وصريح كلام الدماميني: أن المراد بالتعدية التعدية الخاصة التي تعاقب فيها الباء الهمزة ومقتضى   758- صدره: عُميرة ودِّعْ إنْ تَجهَّزْتَ غاديا والبيت من الطويل، وهو لسحيم عبد بني الحسحاس في الإنصاف 1/ 168؛ وخزانة الأدب 1/ 267، 2/ 101، 103؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 141؛ وشرح التصريح 2/ 88؛ وشرح شواهد المغني 1/ 325؛ والكتاب 2/ 26، 4/ 225؛ ولسان العرب 15/ 226 "كفى"؛ ومغني اللبيب 1/ 106؛ والمقاصد النحوية 3/ 665، وبلا نسبة في أسرار العربية ص144؛ وأوضح المسالك 3/ 253؛ وشرح عمدة الحافظ ص425؛ وشرح قطر الندى ص323؛ وشرح المفصل 2/ 115، 7/ 84، 148، 8/ 24، 93، 138؛ ولسان العرب 15/ 344 "نهى". 759- صدره: وقال نبي المسلمين تقدّموا والبيت من الطويل، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص102؛ والدرر 5/ 234، والمقاصد النحوية 3/ 656؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص49؛ والدرر 5/ 242، 6/ 321؛ وشرح التصريح 2/ 89؛ وشرح ابن عقيل ص451؛ ولسان العب 1/ 292 "حبب"؛ والمقاصد النحوية 4/ 594؛ وهمع الهوامع 2/ 90، 91، 227. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 وَتِلوَ أَفْعَلَ انصِبَنَّهُ كما ... أَوفَى خَلِيلَيْنا وأَصْدِق بِهما وحَذْفَ ما مِنْه تَعَجَّبْتَ اسْتَبِحْ ... إن كان عِنْدَ الحَذْفِ مَعْناهُ يَضِحْ   للحسن. وقال غيره للمخاطب، وإنما التزم إفراده؛ لأنه كلام جرى مجرى المثل "وتلو أفعل انصبنه" أي: حتمًا لما عرفت "كما أوفى خليلينا وأصدق بهما". تنبيه: شرط المنصوب بعد أفعل والمجرور بعد أفعل أن يكون مختصا لتحصل به الفائدة كما أرشد إليه تمثيله، فلا يجوز ما أحسن رجلًا ولا أحسن برجل ا. هـ. "وحذف ما منه تعجبت استبح" منصوبًا كان أو مجرورًا "إن كان عند الحذف معناه يضح" أي: يتضح فالأول كقوله: 760- جَزَى الله عَنَّا والجَزَاءُ بِفَضْلِهِ ... رَبِيعَة خيرًا ما أَعَفَّ وأَكْرَمَا   قول المغني فالباء معدية مثلها في امرر بزيد أن المراد بالتعدية التعدية العامة وأن الباء للإلصاق. قوله: "الضمير للحسن" أي: المفهوم من أحسن والتقدير أحسن يا حسن بزيد أي: دم به والزمه ا. هـ. تصريح ولذلك لزم الضمير صورة واحدة ويرده أنه يقال أحسن بزيد يا عمر وإذ لا يخاطب شيئان في حالة واحدة ا. هـ. دماميني. قوله: "للمخاطب" فمعنى أحسن بزيد اجعل يا مخاطب زيدًا حسنًا أي: صفه بالحسن كيف شئت ا. هـ. دماميني. قوله: "وإنما التزم إلخ" جواب سؤال وارد على من قال الضمير للمخاطب. قوله: "لما عرفت" أي: من أنه مفعول به أو مشبه بالمفعول به. قوله: "كما أو في إلخ" تمثيل لقوله بأفعل انطق إلخ على اللف والنشر المرتب. قوله: "لتحصل به الفائدة" أي: المطلوبة وهي التعجب من حال شخص مخصوص بخلاف نحو: ضربت رجلًا فإن المقصود الإخبار بوقوع الضرب على شخص ما. قوله: "وحذف ما منه" أي: من حاله والسين والتاء في استبح زائدتان أو للصيرورة. وشرط في التصريح لحذف المتعجب منه منصوبًا كان أو مجرورًا ولا وجه لاقتصار البعض في نقل هذا الشرط عن التصريح على المجرور أن يكون ضميرًا. قال البعض فلا يجوز الحذف في نحو: أحسن بزيد لعدم الدليل عند الحذف، ولا في نحو: زيد أحسن بزيد؛ لأن الإظهار في موضع الضمير في نحو: ذلك لنكتة تفوت بالحذف ا. هـ. وعلى قياس ذلك لا يجوز الحذف في نحو: ما أحسن زيدًا وزيد ما أحسن زيدًا. لا يقال المتجه أخذا من التعليل جواز الحذف في نحو: ما أحسن زيدًا وأحسن بزيد إذا كان ثم دليل, كما لو قيل ذلك في مقام الثناء على زيد؛ لأنا نمنع كون المحذوف في ذلك اسمًا ظاهرًا ونحكم بأنه ضمير يرجع إلى المثنى عليه في المقام فتفطن. قوله: "معناه يضح" أورد عليه سم أنه قد يفيد أنه لا يكفي مطلق الفهم بل لا بد من   760- البيت من الطويل، وهو للإمام علي بن أبي طالب في ديوانه ص171؛ وتخليص الشواهد ص491؛ والدرر 5/ 240؛ وشرح التصريح 2/ 89؛ والعقد الفريد 5/ 283؛ والمقاصد النحوية 3/ 649؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 259؛ وهمع الهوامع 2/ 91. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 وفِي كِلا الفِعْلَيْن قِدْمًا لَزِما ... مَنْع تَصَرُّف بِحُكم حُتِمَا   أي: ما أعفهم وأكرمهم. والثاني وشرطه أن يكون أفعل معطوفًا على آخر مذكور معه مثل ذلك المحذوف ذكره في شرح الكافية نحو: أسمع بهم وأبصر أي: بهم. وأما قوله: 761- فَذَلِكَ إنْ يَلقَ المَنِيَّةَ يَلقَهَا ... حَمِيْدًا وإنْ يَستَغْنِ يَومًا فَأَجْدرِ أي: به فشاذ. تنبيه: إنما جاز حذف المجرور بعد أفعل مع كونه فاعلًا؛ لأن لزومه للجر كساه صورة الفضلة فجاز فيه ما يجوز فيها. وذهب قوم منهم الفارسي إلى أنه لم يحذف, وأنه استتر في الفعل حين حذفت الباء ورد بوجهين: أحدهما لزوم إبرازه حينئذ في التثنية والجمع، والآخران من الضمائر ما لا يقبل الاستتار كنا من أكرم بنا "وفي كلا الفعلين" المذكورين "قدمًا لزما منع تصرف بحكم حتما" ليكون مجيئه على طريقة واحدة أدل   الوضوح الذي هو قدر زائد على مجرد الفهم مع أن الظاهر الذي يدل عليه كلام التوضيح الاكتفاء بمطلق الفهم, وفي تعبيره بقد إشارة إلى الجواب بحمل الوضوح على الانفهام. قوله: "فشاذ" الأوجه عندي أنه ليس بشاذ وأنه لا يشترط هذا الشرط, بل المدار على وجود دليل المحذوف. قوله: "لأن لزومه للجر إلخ" ولما لم يلزم الفاعل في نحو: كفى بزيد الجر امتنع حذفه وإن كان في حكم الفضلة بالنسبة للتأنيث, إذ لا يقال كفت بهند. قوله: "لزوم إبرازه حينئذٍ" أي: حين استتر في الفعل. وأجيب بأن عدم إبرازه لإلحاقه بضمير أفعل في نحو: ما أحسن زيدًا فكما لم يجمع الضمير في أحسن لم يجمع في أحسن به بجامع اتفاق الفعلين في المعنى أو لكونه في تركيب جرى مجرى المثل الذي لا يغير. قوله: "كنا من أكرم بنا" قد يقال لا مانع من أن يلتزم الفارسيّ امتناع الاستتار في نحو: هذا ويخص الاستتار بغيره مما يصح استتاره أفاده سم. قوله: "وفي كلا الفعلين" متعلق بلزم وكذا قدمًا؛ لأنه نصب على الظرفية أي: في الزمن القديم، وكذا بحكم. والباء في بحكم سببية وأراد بالحكم كون المجيء على طريقة واحدة أدل على المراد. فقوله ليكون إلخ بدل أو بيان من قوله بحكم حتمًا أو تضمنهما معنى التعجب كما قاله سم. قوله: "منع تصرف" اعلم أن عدم تصرف الفعل إما بخروجه عن طريقة الأفعال من الدلالة على الحدث والزمان كنعم وبئس أو بالاستغناء عن تصرفه بتصرف غيره وإن دل على ما ذكر كيدع ويذر فإنه استغنى عن ماضيهما بماضي ترك وعدم تصرف فعل التعجب لكلا الأمرين.   761- البيت من الطويل، وهو لعروة بن الورد في ديوانه ص15؛ والأصمعيات ص46؛ وشرح التصريح 2/ 90؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص424؛ وشرح عمدة الحافظ ص755؛ والمقاصد النحوية 3/ 650؛ وله أو لحاتم الطائي في الأغاني 6/ 303؛ وخزانة الأدب 10/ 9، 10/ 13؛ ولحاتم الطائي في الدرر 4/ 207؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في الأغاني 6/ 296؛ وأوضح المسالك 3/ 260؛ وشرح ابن عقيل ص448؛ وهمع الهوامع 2/ 38. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 وصُغْهُما من ذي ثَلاثٍ صُرِّفا ... قابل فَضْل تَمَّ غَيْرِ ذِي انْتِفا وغَيْرِ ذِي وَصْفٍ يُضَاهي أَشْهَلا ... وغَيْرِ سَالِك سَبِيْلَ فُعِلَا   على ما يراد به، فالأول في الماضي كتبارك وعسى، والثاني في الأمر كتعلم بمعنى اعلم. وقيل إن علة جمودهما تضمنهما معنى الحرف الذي كان حقه أن يوضع للتعجب فلم يوضع "وصغهما من ذي ثلاث صرفا قابل فضل تم غير ذي انتفا. وغير ذي وصف يضاهي أشهلا وغير سالك سبيل فعلا" أي: لا يبنى هذان الفعلان إلا مما استكمل ثمانية شروط: الأول أن يكون فعلًا فلا يبنيان من الجلف والحمار، فلا يقال ما أجلفه وما أحمره، وشذ ما أذرعها أي: ما أخف يدها في الغزل بنوه من قولهم امرأة ذراع. نعم ادعى ابن القطاع أنه سمع ذرعت المرأة خفت يدها في الغزل، وعلى هذا يكون الشذوذ من حيث البناء من فعل المفعول. الثاني أن يكون ثلاثيا فلا يبنيان من دحرج وضارب واستخرج إلا أفعل، فقيل يجوز مطلقًا، وقيل يمتنع مطلقًا، وقيل يجوز إن كانت الهمزة لغير النقل نحو: ما أظلم هذا الليل وما أقفر هذا المكان. وشذ على هذين القولين ما أعطاه للدراهم، وما أولاه   قوله: "ليكون مجيئه" أي: كلا الفعلين وأفرد الضمير نظرًا للفظ كلا. قوله: "أدل على ما يراد به" أي: من التعجب وإنما كان مجيئه على طريقة واحدة أدلّ؛ لأن التصرف فيه, ونقله من حالة إلى حالة ربما يشعر بزوال المعنى الأول. قوله: "من ذي ثلاث" أي: من مصدر فعل ذي ثلاث. قوله: "صرفًا" أي: تصرفًا تاما؛ لأنه المتبادر عند الإطلاق. فخرج ما لا تصرف له أصلًا كنعم وبئس وعسى وليس وما له تصرف ناقص كيدع ويذر. قوله: "قابل فضل" أي: زيادة وقوله ثم أي: يكتفي بمرفوعه. قوله: "يضاهي أشهلا" أي: في الوزن وكون مؤنثه على فعلاء. قوله: "أي: لا يبنى إلخ" أخذ الحصر من قيد الاحتراز أعني قوله من ذي ثلاث إلخ. قوله: "أن يكون فعلًا" أخذه من كون الأوصاف المذكورة لموصوف مقدر وهو الفعل؛ لأن مجموعها لا يكون إلا له. قوله: "فلا يبنيان من الجلف" بكسر الجيم الرجل الجافي. قوله: "فلا يقال ما أجلفه" أي: لبنائه من غير فعل لكن في القاموس جلف كفرح جلفًا وجلافة فأثبت له فعلًا وحينئذٍ يبني من فعله ما أجلفه. قوله: "ما أذرعها" بالذال المعجمة والعين المهملة. قوله: "ذراع" كسحاب وقد يكسر كذا في القاموس. قوله: "نعم ادعى ابن القطاع إلخ" استدراك على ما قبله المقتضي أنه لم يسمع له فعل, وفي بعض النسخ ابن القطان بالنون والأول هو الظاهر؛ لأنه الذي من أئمة اللغة. قوله: "فلا يبنيان من دحرج إلخ" أي: لما يلزم عليه من حذف بعض الأصول في الرباعي المجرد وحذف الزيادة الدالة على معنى مقصود في غيره كالمشاركة والمطاوعة والطلب في ضارب وانطلق واستخرج قاله المصرح. قوله: "إلا أفعل" استثناء من مفهوم قوله أن يكون ثلاثيا فكأنه قال فلا يبنيان من غيره إلا أفعل أو من معطوف محذوف والتقدير من دحرج وضارب واستخرج ونحوها إلا أفعل. قوله: "فقيل يجوز مطلقًا" هذا رأي: سيبويه واختاره المصنف في التسهيل وشرحه. قوله: "لغير النقل" أي: لغير نقل الفعل من اللزوم إلى التعدي أو من التعدي لواحد إلى التعدي لاثنين أو من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   للمعرف. وعلى الثلاثة ما أتقاه وما أملأه القربة؛ لأنهما من اتقى وامتلأت، وما أخصره؛ لأنه من اختصر. وفيه شذوذ آخر سيأتي. الثالث أن يكون متصرفًا، فلا يبنيان من نعم وبئس. وشذ ما أعساه وأعس به. الرابع أن يكون معناه قابلًا للتفاضل فلا يبنيان من فنى ومات. الخامس أن يكون تاما فلا يبنيان من نحو: كان وظل وبات وصار وكاد، وأما قولهم: ما أصبح أبردها وما أمسى أدفأها فإن التعجب فيه داخل على أبرد وأدفأ، وأصبح وأمسى زائدتان. السادس أن يكون مثبتًا فلا يبنيان من منفي سواء كان ملازمًا للنفي نحو: ما عاج بالدواء أي: ما انتفع به أم غير ملازم كما قام. السابع أن لا يكون اسم فاعله على أفعل   التعدي لاثنين إلى التعدي لثلاثة بأن وضع الفعل على الهمزة. قوله: "نحو: ما أظلم هذا الليل" فإن فعل التعجب المذكور, وإن كانت همزته للنقل والتعدية كما سيذكره الشارح في الخاتمة مبني من أفعل الذي همزته لغير النقل وكذا يقال في المثال الثاني. قوله: "وشذ على هذين القولين إلخ" أما الشذوذ على أول القولين فظاهر. وأما على ثانيهما؛ فلأن الهمزة في المثالين للنقل من التعدي لواحد إلى التعدي لاثنين، فإن الأصل عطا زيد الدراهم أي: تناولها، وولي المعروف أي: تناوله. قوله: "وما أملأه القربة" كذا في نسخ وفي نسخ, وما أملأه للقربة وكلاهما فاسد. أما الأول فمن وجهين: الأول أن فعل التعجب لا ينصب لفظًا إلا مفعولًا واحدًا, الثاني: أن ما أملأه مصوغ من ملأ الثلاثي لا من امتلأ الخماسي, والذي سيصرح به الشارح أنه من امتلأ الخماسي. وأما الثاني فمن الوجه الثاني فدعوى البعض ظهور ما أملأه للقربة غفلة عن كلام الشارح والذي بخط الشارح ما أملأ القربة وهي الصواب. قوله: "لأنهما من اتقى وامتلأت" لم يأخذوهما من تقي بمعنى خاف وملأ بمعنى امتلأ فلا يكونان شاذين لندورهما أفاده في التصريح. قوله: "وشذ ما أعساه وأعس به" تبع في ذلك المصنف حيث قال في شرح التسهيل وشذ ما أعساه وأعس به بمعنى ما أحقه وأحقق به, فبنوه من فعل غير متصرف ا. هـ. وغلطه الدماميني بأن الفعل الجامد عسى التي هي من أفعال الرجاء وليس قولهم ما عساه وأعس به من عسى المذكورة كما يتأدى عليه قوله بمعنى ما أحقه وأحقق به. قوله: "أن يكون تاما" أي: لأنه لو قيل ما أكون زيدًا قائمًا لزم نصب أفعل لشيئين ولا يجوز حذف قائمًا لامتناع حذف خبر كان ولا جره باللام لامتناع جر الخبر باللام أفاده الشاطبي. قال في التصريح: وحكى ابن السراج والزجاج عن الكوفيين ما أكون زيدًا قائمًا بناء على أصلهم من أن المنصوب بعد كان حال. قوله: "فلا يبنيان من منفي" أي: لالتباسه بالمثبت. قوله: "نحو: ما عاج بالدواء" مضارعه يعيج، واعترض بأنه قد جاء في الإثبات كما في نوادر القالي، ويجاب بأن ذلك نادر, وأما عاج يعوج بمعنى مال يميل فيستعمل في الإثبات. قوله: "أن لا يكون اسم فاعله على أفعل" أي: لمنعهم بناء أفعل التفضيل منه؛ لأنه لو بنى منه أفعل التفضيل لالتبس بالوصف وفعل التعجب كأفعل التفضيل في أمور كثيرة, فمنعوا بناءه منه كما منعوا بناء أفعل التفضيل منه كذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فعلاء فلا يبنيان من عرج وشهل وخضر الزرع. الثامن أن لا يكون مبنيا للمفعول فلا يبنيان من نحو: ضرب وشذ ما أخصره من وجهين، وبعضهم يستثني ما كان ملازمًا لصيغة فعل نحو: عنيت بحاجتك وزهى علينا، فيجيز ما أعناه بحاجتك وما أزهاه علينا. قال في التسهيل: وقد يبنيان من فعل المفعول إن أمن اللبس. تنبيهات: الأول بقي شرط تاسع لم يذكره هنا وهو أن لا يستغنى عنه بالمصوغ من غيره، نحو: قال من القائلة فإنهم لا يقولون ما أقيله استغناء بما أكثر قائلته. قال في التسهيل: وقد يغني في التعجب فعل عن فعل مستوف لنحو كما يغني في غيره أي: نحو: ترك فإنه أغنى عن ودع. وعدّ في شرحه من ذلك: سكر وقعد وجلس ضدي قام، وقال من القائلة. وزاد غيره قام وغضب ونام, وممن ذكر السبعة ابن عصفور. وعد نام فيها غير صحيح؛ لأن سيبويه حكى ما أنومه. الثاني عد بعضهم من الشروط أن يكون على فعل بالضم أصلًا أو تحويلًا أي: يقدر رده إلى ذلك؛ لأن فعل غريزة فيصير لازمًا ثم تلحقه همزة النقل، وبعضهم   علل في شرح التسهيل. قوله: "أن لا يكون مبنيا للمفعول" أي: دفعًا للبس المبني من فعل المفعول بالمبني من فعل الفاعل. قوله: "من وجهين" هما كونه من غير ثلاثي وكونه من المبني للمفعول. قوله: "عنيت بحاجتك" كذا في نسخ بإسقاط ما وهي الصواب, وفي أخرى ما عنيت بزيادة ما وهي خطأ كما لا يخفى. قوله: "فيجيز ما أعناه إلخ" أي: لأمن اللبس. قوله: "إن أمن اللبس" أي: بأن كان الفعل ملازمًا للبناء للمجهول أو غير ملازم وقامت قرينة على أنه مبني من فعل المفعول, فهو أعم من مذهب البعض المتقدم, وقصر البعض أمن اللبس على كون الفعل ملازمًا للبناء للمجهول فيكون مساويًا لمذهب بعضهم, لا دليل عليه ولا داعي إليه. قوله: "لم يذكره هنا" أي: وأشار إليه في التسهيل كما نبه عليه الشارح بقوله, قال في التسهيل إلخ, ولم يذكره هنا؛ لأن الخارج به ألفاظ قليلة جدا. قوله: "سكر إلخ" أي: فالمسموع ما أكثر سكره لا ما أسكره وكذا ما بعده. قوله: "وقعد إلخ" اعترضه الشاطبي وأقره البعض بأن منع بناء فعل التعجب من القيام والقعود والجلوس لفقد شرط قبول الفضل, وعندي فيه نظر؛ لأنها تقبل الفضل من حيث طول زمنها. قوله: "أي: يقدر رده إلى ذلك" بيان للتحويل. قوله: "لأنه فعل غريزة فيصير لازمًا" المتبادر منه أن الغرض من هذا التحويل صيرورته لازمًا وقضيته عدم التحويل إذا كان فعل بالفتح أو بالكسر لازمًا وهو خلاف إطلاق هذا القول, مع أنه يرد عليه أيضًا أن التحويل لا يتعين طريقًا لصيرورة الفعل لازمًا لحصوله بتنزيله منزلة اللازم بقطع النظر عن مفعوله فاعرفه. قوله: "واقعًا" أي: غير مستقبل. قوله: "والصحيح عدم اشتراط ذلك" أي: المذكور من كونه على فعل أصلًا أو تحويلًا وكونه واقعًا وكونه دائمًا, أما الأول فلما مر؛ ولأن فعل بالفتح وفعل بالكسر يشاركان فعل بالضم في قبول همزة النقل فتقدير ردهما عند بناء فعل التعجب منهما إلى فعل لا حاجة إليه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 وأَشْدِدَ أو أَشَدَّ أو شِبْهُهُما ... يَخْلُفُ ما بَعْضَ الشروطِ عَدِما ومَصْدر العادِمِ بعد يَنْتَصِبْ ... وبَعْدَ أَفْعِل جَرُّه بِالبَا يَجِبْ   أن يكون واقعًا، وبعضهم أن يكون دائمًا والصحيح عدم اشتراط ذلك "وأشدد أو أشد أو شبههما يخلف ما بعض الشروط عدما" من الأفعال "ومصدر" الفعل "العادم" بعض الشروط صريحًا كان أو مؤولا "بعد" أي: بعد ما أفعل "ينتصب وبعد أفعل جره بالبا يجب" فتقول في التعجب من الزائد على ثلاثة, ومما الوصف منه على أفعل: ما أشد أو أعظم دحرجته أو انطلاقه أو حمرته، أو أشدد أو أعظم بها. وكذا المنفي والمبني للمفعول إلا أن مصدرهما يكون مؤولا لا صريحًا نحو: ما أكثر أن لا يقوم، وما أعظم ما ضرب وأشدد   ولأن من الأفعال أنواعًا رفضت العرب صوغها على فعل بالضم وهي: المضاعف والمعتل العين والمعتل اللام, فإذا تعجبت من شيء منها لم تقدر رد الصيغة إلى فعل للرفض المذكور. قال الدماميني: ولصاحب المذهب الأول أن يقول لو كانت الهمزة للنقل من غير رد إلى فعل بالضم للزم في مثل ما أعلم زيدًا نقص مفعول؛ لأنه كان يتعدى إلى مفعولين, وبعد التعجب يتعدى إلى مفعول واحد ولك أن تقول المفعول الثاني مقدر مجرور بالباء على القاعدة الآتية قبيل الخاتمة أي: ما أعلم زيدًا بكذا أو أن ما أعلم زيدًا مصوغ من علم المنزل منزلة اللازم فتفطن وأما الثاني فلجواز ما أحسن ما يكون هذا الطفل, وليس بواقع, وأما الثالث فلجواز ما أشد لمع البرق وليس بدائم. قوله: "وأشدد أو أشد إلخ" المتبادر منه أن أشدد وأشد مصوغان من فعل مستكمل للشروط؛ لأن القصد من الإتيان بنحو: أشدد وأشد التخلص من صوغ فعل التعجب من فعل لم يستكمل الشروط, مع أن أشدد وأشد مصوغان من غير ثلاثي وهو اشتد الخماسي على الظاهر إذ لا يعلم ورود أشد الرباعي فعلًا إلا فيما. قال صاحب الصحاح والقاموس أشدّ الرجل إذا كانت معه دابة شديدة والصوغ من هذا في أشد استخراجًا بعيد ثم رأيت بخط بعض الفضلاء ما نصه: قوله أو أشدد وأشد إلخ فعلهما المصوغان منه شدد ثلاثيا كما ذكره الناظم في شرح العمدة, وبهذا يندفع اعتراض ابن عاشر بأنهما من غير ثلاثي مجرد فلم يستكملا الشروط في أنفسهما, فكيف يتوصل بهما إلى غيرهما ا. هـ. قوله: "أو شبههما" أي: كأكثر وأكبر وأعظم. قوله: "يخلف ما بعض الشروط عدما" أي: يخلف فعلي التعجب المأخوذين مما ذكر. قال في التصريح. ولا يختص التوصل بأشد ونحوه بما فقد بعض الشروط, بل يجوز فيما استوفى الشروط نحو: ما أشد ضرب زيد لعمرو ا. هـ. ولا يرد هذا على الناظم؛ لأن مراده يخلف وجوبًا. قوله: "نحو: ما أكثر أن لا يقوم" اعترضه سم. فقال: هلا جاز المصدر الصريح مضافًا إليه العدم أو الانتفاء واعترضه زكريا فقال: لا يخفى أن المقصود التعجب من عدم قيامه مثلًا في الزمن الماضي فكيف يقال ذلك وأن للاستقبال. قال سم وقد يجاب بأن الصيغة صارت للإنشاء وانسلخ عنها معنى الزمان, وفيه أن هذا في صيغة فعل التعجب والاعتراض بغيرها, ويظهر أنه يصح أن يتعجب من عدم قيامه في المستقبل ومن عدم قيامه في الماضي وأنه يقال في الثاني ما أكثر أن لم يقم؛ لأن أن مع لم ليست الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 وبِالنُّدُورِ احْكُمْ لِغَيْرِ ما ذُكِرْ ... ولا تَقِسْ على الذي منه أُثِرْ وفِعْلُ هذا الباب لن يُقَدَّما ... مَعْموله ووَصْلَهُ به الزَمَا وفَصْلُهُ بظَرْف أو بحَرْف جَرّ ... مُسْتَعْمل والخُلفُ في ذاك اسْتَقَر   بهما. وأما الفعل الناقص فإن قلنا له مصدر فمن النوع الأول, وإلا فمن الثاني، تقول ما أشد كونه جميلًا أو ما أكثر ما كان محسنًا أو أشدد أو أكثر بذلك. وأما الجامد والذي لا يتفاوت معناه فلا يتعجب منهما ألبتة. "وبالندور احكم لغير ما ذكر ولا تقس على الذي منه أثر" أي: حق ما جاء عن العرب من فعلي التعجب مبنيا مما لم يستكمل الشروط أن يحفظ ولا يقاس عليه لندوره، من ذلك قولهم: ما أخصره من اختصر وهو خماسي مبني للمفعول، وقولهم ما أهوجه وما أحمقه وما أرعنه, وهي من فعل فهو أفعل كأنهم حملوها على ما أجهله. وقولهم ما أعساه وأعس به، وقولهم أقمن به أي: أحقق به بنوه من قولهم هو قمن بكذا أي: حقيق به ولا فعل له، وقالوا ما أجنه وما أولعه من جن وولع، وهما مبنيان للمفعول وغير ذلك "وفعل هذا الباب لن يقدما معموله" عليه "ووصله به الزما. وفصله"   للاستقبال فتأمل. قوله: "فإن قلنا له مصدر" أي: بناء على أن الفعل الناقص يدل على الحدث, وقوله وإلا أي: بناء على أنه لا يدل عليه والراجح الأول كما مر في محله. قوله: "فلا يتعجب منهما" قال البعض: بقي ما لا فعل له, والظاهر أنه لا يتعجب منه أيضًا؛ لأنه لا مصدر له حتى يؤتى به بعد أشد منصوبًا أو مجرورًا ا. هـ. والمتجه عندي أنه يتعجب منه بزيادة ياء المصدرية أو ما في معناها, فيقال ما أشد حماريته أو ما أشد كونه حمارًا فاحفظه. قوله: "وبالندور إلخ" اعترض بأنه لا حاجة إليه بعد تقريره الشروط, ولئن سلم الاحتياج إلى قوله وبالندور إلخ فهو يغني عن قوله ولا تقس إلخ, إذ معلوم أن النادر لا يقاس عليه. والجواب أنه أتى بالشطر الأول إشارة إلى أن الشروط سمع نادرًا تخلفها لدفع توهم أنها لم تتخلف, ثم لما كان النادر قد يطلق على القليل الذي يقاس عليه فتكون تلك الشروط شروطًا للكثرة قال ولا تقس إلخ, ذكره الشاطبي. قوله: "أثر" أي: نقل. قوله: "ما أهوجه" في القاموس الهوج محركة طول في حمق وطيش وتسرع، والهوجاء الناقة المسرعة كأن بها هوجًا. وفيه أيضًا حمق ككرم حمقًا بالضم وبضمتين, وحماقة وانحمق واستحمق فهو أحمق قليل العقل. وفيه أيضًا الأرعن الأهوج في منطقه والأحمق المسترخي وقدر عن مثلثة رعونة ورعنا محركة. وذكر صاحب ضياء الحلوم الأهوج في فعل بفتح العين يفعل بكسرها فعليه وعلى ما تقدم يتعذر النطق بقول المؤلف وهي من فعل فهو أفعل ا. هـ. عبد القادر علي ابن الناظم. قوله: "كأنهم حملوها على ما أجهله" أي: لمناسبتها له في المعنى وهو بيان للمسوغ في الجملة. قوله: "أقمن به" قال جماعة مثله: ما أجدره بكذا وردّ بأن ابن القطاع ذكر لأجدر فعلًا فقال: يقال جدر جدارة صار جديرًا أي: حقيقيا. قوله: "لن يقدما معموله عليه" أي: لعدم تصرفه. قوله: "أو بحرف جر" أو مانعة خلوّ فتجوّز الجمع فيجوز الفصل بمجموع الظرف والجار والمجرور هذا ما يقتضيه القياس على ما سبق في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   منه "بظرف أو بحرف جر" متعلقين بفعل التعجب "مستعمل والخلف في ذاك استقر" فلا تقول ما زيدًا أحسن ولا يزيد أحسن، وإن قيل إن يزيد مفعول به. وكذلك، لا تقول ما أحسن يا عبد الله زيدًا، ولا أحسن لولا بخله بزيد. واختلفوا في الفصل بالظرف والمجرور المتعلقين بالفعل، والصحيح الجواز كقولهم ما أحسن بالرجل أن يصدق وما أقبح به أن يكذب. وقوله: 762- خَلِيْلَيَّ ما أَحْرَى بِذِي اللُّبِّ أنْ يُرَى ... صَبُورًا ولكِن لا سَبِيلَ إلى الصَّبْر وقوله: 763- وَأَحْرِ إذا حَالَت بأَنْ أتَحَوَّلَا فإن كان الظرف والمجرور غير متعلقين بفعل التعجب امتنع الفصل بهما. قال في شرح التسهيل. بلا خلاف فلا يجوز ما أحسن بمعروف آمرًا، ولا ما أحسن عندك جالسًا ولا أحسن في الدار عندك بجالس. تنبيهات: الأول قال في شرح الكافية لا خلاف في منع تقديم المتعجب منه على فعل التعجب ولا في منع الفصل بينهما بغير ظرف وجار ومجرور، وتبعه الشارح في نفي الصل الخلاف عن غير الظرف والمجرور قال كالحال والمنادى، لكن قد أجاز الجرمي من   غير موضع وإن خالفه كلام الدماميني الذي اقتصر عليه شيخنا والبعض. قوله: "فلا تقول ما زيدا أحسن" ولا زيدًا ما أحسن كما فهم بالأولى. قوله: "وإن قيل إن بزيد مفعول به" أي: كما هو رأي: الفراء ومن وافقه. قوله: "واختلفوا في الفصل بالظرف إلخ" محل الخلاف ما إذا لم يكن في المعمول ضمير يعود على المجرور وإلا تعين الفصل. نقله السيوطي عن أبي حيان. وبهذا يعلم ما في غالب أمثلة الشارح لمحل الخلاف من المؤاخذة, قاله سم. قوله: "وأحر إلخ" صدره: أقيم بدار الحرب ما دام حربها والشاهد في إذا حالت فإنه ظرف لأحر فاصل بينه وبين معموله. قوله: "ولا أحسن في الدار عندك" كذا في نسخ. وهو يدل على ما قلنا من جواز الفصل بمجموع الظرف والجار والمجرور, وفي نسخ ولا أحسن في الدار أو عندك. قوله: "عن غير الظرف والمجرور" أي: عن   762- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 242؛ وشرح ابن عقيل ص452؛ والمقاصد النحوية 3/ 662؛ وهمع الهوامع 2/ 91. 763- صدره: أقيم بدار الحَزْمِ ما دام حَزْمُها والبيت من الطويل، وهو لأوس بن حجر في ديوانه ص83؛ وتذكرة النحاة ص292؛ وحماسة البحتري ص120؛ وشرح التصرح 2/ 90؛ وشرح عمدة الحافظ ص748؛ والمقاصد النحوية 3/ 659؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 263. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   البصريين وهشام من الكوفيين الفصل بالحال نحو: ما أحسن مجردة هندًا. وقد ورد في الكلام الفصيح ما يدل على جواز الفصل بالنداء؛ وذلك كقول علي كرم الله وجهه: أعزز علي أبا اليقظان أن أراك صريعًا مجدلًا. قال في شرح التسهيل: وهذا مصحح للفصل بالنداء. وأجاز الجرمي الفصل بالمصدر نحو: ما أحسن إحسانًا زيدًا. ومنعه الجمهور لمنعهم أن يكون له مصدر. وأجاز ابن كيسان الفصل بلولا ومصحوبها نحو: ما أحسن لولا بخله زيدًا ولا حجة له على ذلك. الثاني قد سبق في باب كان أنها تزاد كثيرًا بين ما وفعل التعجب نحو: ما كان أحسن زيدًا. ومنه قوله: 764- ما كان أَسْعَدَ مَن أجَابَك آخِذا ... بِهُداك مجتنبًا هَوًى وعِنادًا ونظيره في الكثرة وقوع ما كان بعد فعل التعجب نحو: ما أحسن ما كان زيد، فما مصدرية وكان تامة رافعة ما بعدها بالفاعلية، فإن قصد الاستقبال جيء بيكون. الثالث يجر ما تعلق بفعلي التعجب من غير ما ذكر بإلى إن كان فاعلًا نحو: ما أحب زيدًا إلى عمرو ولا فبالباء إن كانا من مفهم علمًا أو جهلًا نحو: ما أعرف زيدًا بعمرو وما أجهل خالدًا ببكر، وباللام إن كان من متعد غيره نحو: ما أضرب زيدًا لعمرو، وإن كانا من متعد بحرف جر فيما كان يتعدى به نحو: ما أغضبني على زيد. ويقال في التعجب من كسا زيد الفقراء الثياب وظن عمرو بشرًا صديقًا، ما أكسى زيدًا للفقراء الثياب وما أظن عمرًا لبشر صديقًا وانتصاب الآخر بمدلول عليه بأفعل لا به خلافًا للكوفيين.   الفصل بغير الظرف والمجرور. قوله: "كقول على إلخ" أي: في حق عمار بن ياسر حين رآه مقتولًا وهو نثر لا نظم. وقوله مجدلًا أي: مرميا على الجدالة بالفتح وهي الأرض. قوله: "لمنعهم أن يكون له" أي: لفعل التعجب مصدر لكونه لإنشاء التعجب فأشبه ما لا مصدر له كنعم وبئس ا. هـ. دماميني. قوله: "فما مصدرية إلخ" أي: وهي ومدخولها في محل نصب مفعول فعل التعجب، وأجاز بعضهم جعل ما اسمًا موصولًا وكان ناقصة ونصب زيد على أنه خبرها وضعفه في المغني. قوله: "فإن قصد الاستقبال جيء بيكون" هذا مبنيّ على الصحيح المتقدم من عدم اشتراط كونه واقعًا. قوله: "ما تعلق بفعلي التعجب" أي: ما عمل فيه فعل التعجب, وقوله من غير ما ذكر أراد بما ذكر ما تعجب من وصفه منصوبًا أو مجرورًا، ويحتمل أنه أراد به الظرف والمجرور المفصول بهما بين الفعل ومعموله المتعجب من وصفه, ولا مانع من إرادتهما معًا. قوله: "بإلى إن كان فاعلًا" وإنما يكون ذلك بعد مفهم حب أو بغض ا. هـ. دماميني. قوله: " إن كانا من متعد غيره" أي: بنفسه بدليل ما بعد. قوله: "نحو: ما أضرب زيدًا لعمرو" مثله ما أحب زيدًا لعمرو فزيد فاعل الحب وعمرو مفعوله بعكس ما أحب زيدًا إلى عمرو. قوله: "بمدلول عليه بافعل" أي: بفعل مقدر   764- البيت من الكامل، وهو لعبد الله بن رواحة في المقاصد النحوية 3/ 663، وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص211، 752. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   خاتمة: همزة أفعل في التعجب لتعدية ما عدم التعدي في الأصل نحو: ما أظرف زيدًا أو الحال نحو: ما أضرب زيدًا. وهمزة أفعل للصيرورة. ويجب تصحيح عينهما إن كانا معتليها نحو: ما أطول زيدًا وأطول به. ويجب فك أفعل المضعف نحو: أشدد بحمرة زيد. وشذ تصغير أفعل مقصورًا على السماع كقوله: 765- يَامَا أُمَيْلِحَ غِزْلانًا شَدَنَّ لنا ... من هُؤلَيَّائِكُنَّ الضَّالِ والسَّمَرِ وطرده ابن كيسان وقاس عليه أفعل نحو: أحيسن بزيد والله أعلم.   مدلول عليه بافعل لا بافعل لما علمت من أنه لا ينصب إلا مفعولًا واحدًا تقديره في الأول يكسوهم وفي الثاني يظنه. قوله: "ما عدم التعدي" أي: ما عدم أصله الذي صيغ منه التعدي. قوله: "في الأصل" أي: قبل التعجب وقوله أو الحال أي: في حال التعجب وهو مبني على أن من شروط التعجب أن يكون الفعل على زنة فعل أصلًا أو تحويلًا, وتقدم ما فيه فالهمزة -على الصحيح من عدم اشتراط ذلك- لتعدية الفعل إلى مفعول كان قبلها فاعلًا. قوله: "وهمزة أفعل للصيرورة" أي: لصيرورة المتعجب من وصفه ذا كذا كأغد البعير، والباء زائدة هذا على الصحيح من أنه ماض في المعنى، وأما عند من جعله أمرًا لفظًا ومعنى فقد أسلفناه. قوله: "ويجب تصحيح عينهما" أي: دون لامهما حملًا على اسم التفضيل, حيث قالوا أقول وأبيع وأدعي وأرمي. قوله: "ويجب فك أفعل إلخ" أي: كما سيأتي في قوله: وفك أفعل في التعجب التزم قوله: "وشذ تصغير أفعل" أي: بفتح العين، وقد تبع الشارح الناظم في جعل تصغير أفعل شاذ وعز واطراده إلى ابن كيسان فقط, والذي في المغني أن النحويين أجازوا تصغيره بقياس لشبهه بأفعل التفضيل وزنًا وأصلًا وإفادة للمبالغة, وأراد بالأصل الفعل المصوغ منه ثم قال: ولم يحك ابن مالك اختيار قياسه إلا عن ابن كيسان وليس كذلك. قال أبو بكر بن الأنباري: ولا يقال إلا لمن صغر سنه ا. هـ. قال الدماميني: قال أبو حيان ما حكاه ابن مالك عن ابن كيسان هو نص كلام البصريين والكوفيين أما الكوفيون فإنهم اعتقدوا اسمية أفعل, فهو عندهم مقيس فيه, وأما البصريون فنصوا على ذلك في كتبهم وإن كان خارجًا عن القياس. قوله: "مقصورًا على السماع" مستغنى عنه بقوله وشذ ولم يسمع إلا في أحسن وأملح كما قاله الدماميني ونقله في المغني عن الجوهري.   765- راجع التخريج رقم 757. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 نعم وبئس وما جرى مجراهما : فِعْلانِ غَيْر مُتَصرِّفَيْن ... نعم وبئس رافِعانِ اسْمَينِ   نعم وبئس وما جرى مجراهما: "فعلان غير متصرفين نعم وبئس" عند البصريين والكسائي بدليل فبها ونعمت، واسمان عند الكوفيين بدليل ما هي بنعم الولد، ونعم السير على بئس العير. وقوله: 766- صَبَّحَكَ اللهُ بخير باكِرِ ... بنعمَ طَيْر وشبابٍ فاخِرِ وقال الأولون هو مثل قوله:   نعم وبئس وما جرى مجراهما: أي: في المدح والذم كحبذا وساء. واعلم أن لنعم وبئس استعمالين: أحدهما أن يستعملا متصرفين كسائر الأفعال فيكون لهما مضارع وأمر واسم فاعل وغيرها، وهما إذ ذاك للإخبار بالنعمة والبؤس، تقول: نعم زيد بكذا ينعم به فهو ناعم وبئس يبأس فهو بائس. الثاني أن يستعملا لإنشاء المدح والذم وهما في هذا الاستعمال لا يتصرفان لخروجهما عن الأصل في الأفعال من الدلالة على الحدث والزمان فأشبها الحرف، والكلام عليهما هنا باعتبار هذا الاستعمال, وتجري فيهما على كلا الاستعمالين اللغات الآتية في الشرح أفاده الشاطبي. قوله: "فعلان" خبر مقدم لنعم وبئس. قوله: "بدليل فبها ونعمت" أي: لأن تاء التأنيث الساكنة من خصائص الأفعال, وبدليل ما حكاه الكسائي من قولهم نعما رجلين ونعموا رجالًا؛ لأن ضمائر الرفع البارزة المتصلة أيضًا من خصائص الأفعال. قوله: "واسمان عند الكوفيين" أي: مبنيان على الفتح لتضمنهما معنى الإنشاء وهو من معاني الحروف. وأورد عليه أن المفيد للإنشاء الجملة بتمامها لا نعم وبئس فقط. ويجاب بأنهما العمدة في إفادة الإنشاء. وفي الدماميني نقلًا عن البسيط من قال باسميتهما فما بعدهما مما هو فاعل عندنا ينبغي أن يكون تابعًا عندهم لنعم بدلًا أو عطف بيان. والمعنى الممدوح الرجل زيد ا. هـ. قال سم: ويبقى الكلام في نحو: نعم رجلًا زيد ويحتمل أن يقال: إن رجلًا تمييز عن النسبة التي تضمنها نعم بمعنى الممدوح أي: الممدوح من جهة الرجولية زيد، ويحتمل أنه حال ثم قياس. ما ذكر في نعم الرجل حر الولد فيما استدلوا به من قوله ما هي بنعم الولد أي: ما هي بالممدوح الولد. ولعلهم يروونه بالجر فإن فرض أنهم يروونه بالرفع فلعله مقطوع عما قبله، وكذا يقال في العير من قوله على بئس العير ا. هـ. وفي الفارضي من قال باسمية نعم وبئس أعربهما مبتدأ وما بعدهما خبر ويجوز العكس حكاه أبو حيان في شرح هذا الكتاب. قوله: "باكر" أي: سريع. قوله: "هو مثل قوله إلخ" ضمير هو يرجع إلى المذكور من الشواهد أي: إلى مجموعها   766- الرجز بلا نسبة في الدرر 5/ 195؛ ولسان العرب 12/ 582 "نعم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 2؛ وهمع الهوامع 2/ 84. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   767- عَمْرُكَ ما لَيْلِي بِنَامَ صاحِبُهْ وسبب عدم تصرفهما لزومهما إنشاء المدح والذم على سبيل المبالغة وأصلهما فَعِل.   لأنه لا يأتي في البيت؛ لأنه يمنع منه فيه جر طير بإضافة نعم إليه بل تأويله أنه نزل نعم منزلة خير أي: بخير طير, فجعل نعم اسمًا للخير وأضافها لطير وفتحه على الحكاية للفظها قبل عروض الاسمية, قاله بعضهم وهو أولى مما ذكره شيخنا والبعض والمثلية في حذف الصفة والموصوف وإقامة المعمول مقامهما, هكذا قال شيخنا والبعض وفيه؛ أنه لا حاجة في بنام صاحبه إلى تقدير الصفة والأصل: بليل مقول فيه نام صاحبه, بل المحتاج إليه تقدير الموصوف فقط لصحة جعل نام صاحبه نفس الصفة فلا تكن أسير التقليد. قوله: "لزومهما إنشاء المدح والذم" أي: والإنشاء من معاني الحروف ولا تصرف في الحروف والمراد لزومهما في أحد الاستعمالين فلا ينافي أن لهما استعمالًا آخر فارقًا فيه الإنشاء. قال الدماميني: وإنما كانا لإنشاء المدح أو الذم؛ لأنك إذا قلت نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو فإنما تنشئ المدح أو الذم وتحدثه بهذا اللفظ, وليس المدح أو الذم بموجود خارجًا في أحد الأزمنة مقصود مطابقة هذا الكلام إياه حتى يكون خبرًا, بل الموجود خارجًا جودة الشخص أو رداءته, والقصد بهذا الكلام مدحه أو ذمه بالجودة أو الرداءة، فقول الأعرابي لمن بشره بمولودة وقال نعم الولد هي: والله ما هي بنعم الولد, ليس تكذيبًا له في المدح إذ لا يمكن تكذيبه فيه وإنما هو إخبار بأن الجودة التي حكمت بحصولها خارجًا ليست بحاصلة, فهو تكذيب لما تضمنه الإنشاء من الإخبار بحصول الجودة, فالتكذيب والتصديق إنما يتسلطان على ما تضمنه ذلك الإنشاء من الخبر لا عليه نفسه, وكذا الإنشاء التعجبي والإنشاء الذي في كم الخبرية وفي رب, هذا معنى كلام ابن الحاجب. قال الرضي: وفيه نظر إذ هذا الذي قرره يطرد في جميع الأخبار؛ لأنك إذا قلت زيد أفضل من عمرو فلا ريب في كونه خبرًا, ولا يمكن أن تكذب في التفضيل ويقال لك: إنك لم تفضل بل التكذيب إنما يتعلق بأفضلية زيد، وكذا إذا قلت زيد قائم هو خبر بلا شك, ولا يمكن أن تكذب من حيث الإاخبار؛ لأنك أوجدته بهذا اللفظ قطعًا بل من حيث القيام فكذا قوله: والله ما هي بنعم الولد, بيان لكون النعمية أي: الجودة المحكوم بثبوتها خارجًا ليست بثابتة وكذا في التعجب وفي كم ورب ا. هـ ببعض اختصار. قوله: "على سبيل المبالغة" أي: لعموم المدح والذم فيهما وعدم تخصيصهما بخصلة معينة عند الإطلاق, وعدم التقييد بمخصص نحو: نعم الرجل زيد بخلاف نعم زيد عالمًا، وكان الأولى أن يقول: ويفيدان ذلك على سبيل المبالغة, إذ لا دخل لقوله على سبيل المبالغة في تعليل عدم التصرف كما علم. قوله: "وأصلهما فعل" أي: بفتح الفاء وكسر العين وقوله وقد يردان كذلك   767- الرجز لأبي خالد القناني في شرح أبيات سيبويه 2/ 416؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص99، 100، والإنصاف 1/ 112؛ وخزانة الأدب 9/ 388، 389؛ والخصائص 2/ 366؛ والدرر 1/ 76، 6/ 24؛ وشرح عمدة الحافظ ص549؛ وشرح المفصل 3/ 62؛ وشرح قطر الندى ص29؛ ولسان العرب 12/ 595 "نوم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 3؛ وهمع الهوامع 1/ 6، 2/ 120. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 مُقَارِنَيْ أل أو مُضافَيْن لِما ... قارَنَهَا كنِعم عُقْبَى الكُرَما   وقد يردان كذلك أو بسكون العين وفتح الفاء وكسرها أو بكسرهما. وكذلك كل ذي عين حلقية من فَعِل فعلًا كان كشهد أو اسمًا كفخذ. وقد يقال في بئس بَيْس "رافعان اسمين" على الفاعلية "مُقَارِنَيْ أل" نحو: نعم العبد وبئس الشراب "أو مضافين لما قارنها كنعم عقبى الكرما" {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: 30] ، {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [غافر: 76] ، أو مضافين لمضاف لما قارنها كقوله: 768- فَنِعْمَ ابنُ أخْتِ القَومِ غَيْرَ مُكَذَّبِ وإنما لم ينبه على هذا الثالث لكونه بمنزلة الثاني. وقد نبه عليه في التسهيل. تنبيهان: الأول اشتراط كون الظاهر معرفًا بأل أو مضافًا إلى المعرف بها، أو إلى المضاف إلى المعرف بها. وهو الغالب. وأجاز بعضهم أن يكون مضافًا إلى ضمير ما فيه أل كقوله: 769- فَنِعْمَ أخو الهَيْجَا ونِعْمَ شَبَابُهَا   إلخ يفيد أن الأوجه الأربعة فيهما إذا استعملا لإنشاء المدح والذم, وبعضهم خصها بحالة تصرفهما وأفصحها كما في الدماميني الكسر فالسكون ثم كسر الفاء والعين ثم الفتح فالسكون ثم الفتح فالكسر. قوله: "وكسرها" الوجه إسقاطه لعلمه من قوله وأصلهما فعل لرجوع الضمير إلى نعم وبئس بكسر فسكون. قوله: "حلقية" أي: مخرجها الحلق وقوله من فعل أي: موازن فعل بفتح فكسر والمراد لفظه فيجوز صرفه بتأويل اللفظ, ومنع صرفه بتأويل الكلمة. قوله: "وقد يقال في بئس بيس" أي: بموحدة مفتوحة فتحتية ساكنة مبدلة من الهمزة على غير قياس كذا في الهمع، ثم إن كان الإبدال في حال الكسر فهو قياسي أو بعد الفتح فهو غير قياسي. قوله: "رافعان" أعربه الفارضي خبر مبتدأ محذوف أي: وهما رافعان وهو أولى من إعرابه نعت فعلان لما يلزم عليه من الفصل بين الصفة والموصوف بأجنبي وهو المبتدأ, كما قاله الشيخ خالد. قوله: "على الفاعلية" أي: على القول بفعليتهما وأما على القول باسميتهما فقد أسلفناه. قوله: "مقارني أل" أي: المعرفة؛ لأنها المنصرف إليها اللفظ عند الإطلاق فلا يدخل لفظ الجلالة والذي. قوله: "غير مكذب" حال من الفاعل والمخصوص بالمدح زهير في تمام البيت. قوله: "وإنما لم ينبه على هذا الثالث" يمكن دخوله في كلامه بأن يراد بما قارنها ولو بواسطة. قوله: "هو الغالب" لا يلتئم مع قوله والصحيح إلخ, فكان الأولى أن يقول بدله هو الراجح أو نحوه, ووجد في بعض النسخ الضرب من أول التنبيه إلى الواو من قوله وأجاز وهو مناسب. قوله: "ونعم شبابها" كذا بخط الشارح وفي   768- عجزه: زهير حسامًا مفردًا من حمائل والبيت من الطويل، وهو لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 72؛ والدرر 5/ 200؛ وشرح التصريح 2/ 95؛ والمقاصد النحوية 4/ 5؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 272؛ وهمع الهوامع 2/ 85. 769- الشطر من الطويل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والصحيح أنه لا يقاس عليه لقلته. وأجاز الفراء أن يكون مضافًا إلى نكرة كقوله: 770- فَنِعْمَ صاحِبُ قَومٍ لا سِلاحَ لَهُمْ ... وصاحِبُ الرَّكْبِ عُثْمَانُ بنُ عفَّانا ونقل إجازته عن الكوفيين وابن السراج، وخصه عامة الناس بالضرورة. وزعم صاحب البسيط أنه لم يرد نكرة غير مضافة، وليس كذلك بل ورد، لكنه أقل من المضاف نحو: نعم غلام أنت ونعم تيم. وقد جاء ما ظاهره أن الفاعل علم أو مضاف إلى علم كقول بعض العبادلة: بئس عبد الله أنا إن كان كذا، وقوله عليه الصلاة والسلام: $"نعم عبد الله هذا" وكقوله: 771- بِئْسَ قَومُ اللهِ قَومٌ طُرِقُوا ... فَقَرَوا جَارَهُم لَحْمًا وَحِرْ وكأن الذي سهل ذلك كونه مضافًا في اللفظ إلى ما فيه أل وإن لم تكن معرفة. وأجاز المبرد والفارسي إسناد نعم وبئس إلى الذي نحو: نعم الذي آمن زيد كما يسندان إلى   بعض النسخ شهابها بالهاء بدل الموحدة الأولى. قوله: "والصحيح إلخ" وفرق بين هذا وبين ما أجازه في باب الإضافة من نحو: الواهب المائة الهجان وعبدها بأن عبدها تابع لما فيه أل وقد يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع, كذا قال البعض ولا يخفى أنه لا ينفع في نحو: الود أنت المستحقة صفوه فالأولى أن يقال باب نعم وبئس لعدم تصرفهما أضيق من باب الإضافة. قوله: "فنعم صاحب قوم إلخ" كأن الذي سهل ذلك عند الجمهور عطف المضاف إلى المحلى بأل عليه وعثمان هو المخصوص بالمدح. قوله: "ما ظاهره" أي: تركيب ظاهره، وإنما قال ما ظاهره لإمكان تأويله بجعل الفاعل ضميرًا مستترًا حذف تفسيره بناء على جواز حذف التمييز في مثل ذلك والعلم مخصوص بالمدح أو الذم وما بعده بدل أو عطف بيان. قوله: "طرقوا" من الطروق وهو الإتيان ليلًا فقروا جارهم أي: فأطعموا ضيفهم لحمًا وحر بفتح الواو وكسر الحاء المهملة أي: دبت عليه الوحرة بفتحات وهي نوع من الوزغ ووقف بالسكون على لغة ربيعة. قوله: "وإن لم تكن معرفة" أي: لأنها زائدة لازمة وتعريفه بالعلمية. قوله: "كما يسندان إلخ" أي: بجامع إرادة   770- البيت من البسيط، وهو لكثير بن عبد الله النهشلي في الدرر 5/ 213؛ وشرح شواهد الإيضاح ص100؛ والمقاصد النحوية 4/ 17؛ وله أو لأوس بن مغراء أو لحسان بن ثابت في خزانة الأدب 9/ 415، 417؛ وشرح المفصل 7/ 131؛ وليس في ديوان حسان؛ وبلا نسبة في المقرب 1/ 66؛ وهمع الهوامع 2/ 86. 771- البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 206، 217؛ والمقاصد النحوية 4/ 19؛ وهمع الهوامع 2/ 85. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ما فيه أل الجنسية، ومنع ذلك الكوفيون وجماعة من البصريين وهو القياس؛ لأن كل ما كان فاعلًا لنعم وبئس وكان فيه أل كان مفسرًا للضمير المستتر فيهما إذا نزعت منه، والذي ليس كذلك, قال في شرح التسهيل ولا ينبغي أن يمنع؛ لأن الذي جعل بمنزلة الفاعل ولذلك اطرد الوصف به، الثاني ذهب الأكثرون إلى أن أل في فاعل نعم وبئس جنسية, ثم اختلفوا فقيل حقيقة. فإذا قلت نعم الرجل زيد فالجنس كله ممدوح وزيد مندرج تحت الجنس؛ لأنه فرد من أفراده ولهؤلاء في تقريره قولان: أحدهما أنه لما كان الغرض المبالغة في إثبات المدح للمدوح جعل المدح للجنس الذي هو منهم, إذ الأبلغ في إثبات الشيء جعله للجنس حتى لا يتوهم كونه طارئًا على المخصوص. والثاني أنه لما قصدوا المبالغة عدوا المدح إلى الجنس مبالغة ولم يقصدوا غير مدح زيد فكأنه قيل ممدوح جنسه لأجله, وقيل مجازًا, فإذا قلت نعم الرجل زيد جعلت زيدًا جميع الجنس مبالغة, ولم تقصد غير مدح زيد.   الجنس في كل. قوله: "كان مفسرًا" أي: تمييزًا. قوله: "والذي ليس كذلك" أي: لأنه لا تنزع منه أل حتى يصلح لكونه مفسرًا للضمير. قوله: "قال في شرح التسهيل إلخ" باقي عبارة شرح التسهيل على ما في الهمع ومقتضى النظر الصحيح أنه لا يجوز مطلقًا, ولا يمنع مطلقًا بل إذا قصد به الجنس جاز, وإذا قصد به العهد منع ا. هـ. وهو إنما يتجه على أن أل في نعم الرجل جنسية لا عهدية. قوله: "ولا ينبغي أن يمنع" أي: والكلية السابقة غير مسلمة. قوله: "لأن الذي" أي: مع صلته جعل بمنزلة الفاعل أي: بمنزلة اسم الفاعل المحلى بأل واسم الفاعل المحلى بأل يقع فاعلًا لنعم وبئس فكذا ما هو بمنزلته, والمراد بكونه بمنزلته أنه مؤول به. قوله: "جنسية" أي: للجنس في ضمن جميع الأفراد حقيقة أو مجازًا كما يدل عليه تقريره الآتي وأل الجنسية بهذا المعنى هي الاستغراقية حقيقة أو مجازًا وبها عبر بعضهم. قوله: "فقيل حقيقة" أي: أنه أريد بمدخولها جميع أفراد الجنس قصدًا أو تبعًا للممدوح كما يدل عليه ما بعده. وقوله فالجنس كله ممدوح أي: قصدًا أو تبعًا وقوله وزيد مندرج تحت الجنس أي: ثم نص عليه كما ينص على الخاص بعد العام, واعترض بأن العموم يؤدي إلى التناقض في نحو: نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو وأجيب بأن الشيء قد يمدح ويذم من جهتين مختلفتين, ولا تناقض عند اختلاف الجهة. قوله: "في تقريره" أي: تقرير كونها للجنس حقيقة وقوله إنه أي: الحال والشأن. قوله: "جعل المدح للجنس" أي: قصدًا فجميع أفراده ممدوحة قصدًا على هذا القول. قوله: "حتى لا يتوهم" أي: فلا يتوهم كونه أي: المدح طارئًا على المخصوص, وأن جنسه لا يستحق المدح لنقصه فحتى تفريعية. قوله: "عدوا المدح إلى الجنس" أي: جعلوه متجاوزًا المخصوص إلى الجنس لا قصدًا بل تبعًا للمخصوص مبالغة في مدحه. قوله: "وقيل مجازًا" أي: جنسية مجازًا ووجهه أن المراد بمدخولها الفرد المعين مدعي أنه جميع الجنس لجمعه ما تفرق في غيره من الكمالات فالمدح لذلك الفرد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وذهب قوم إلى أنها عهدية, ثم اختلفوا فقيل المعهود ذهني كما إذا قيل اشتر اللحم ولا تريد الجنس, ولا معهودًا تقدم وأراد بذلك أن يقع إبهام, ثم يأتي بالتفسير بعده تفخيمًا للأمر وقيل المعهود هو الشخص الممدوح, فإذا قلت زيد نعم الرجل فكأنك قلت زيد نعم هو. واستدل هؤلاء بتثنيته وجمعه ولو كان عبارة عن الجنس لم يسغ فيه ذلك. وقد أجيب عن ذلك على القول بأنها للاستغراق بأن المعنى أن هذا المخصوص يفضل أفراد هذا الجنس إذا ميزوا رجلين أو رجالًا رجالًا. وعلى القول بأنها للجنس مجازًا بأن كل واحد من الشخصين كأنه على حدته جنس فاجتمع جنسان فثنيا. الثالث لا يجوز اتباع فاعل نعم   لا لغيره من الجنس لا قصدًا ولا تبعًا. قوله: "فقيل المعهود ذهني" أي: حقيقة معينة في الذهن باعتبار وجودها في ضمن فرد مبهم, كما هو شأن مدخول لام العهد الذهني ثم فسر ذلك الفرد المبهم بزيد مثلًا. قوله: "ولا معهودًا تقدم" أي: في الذكر صريحًا أو كناية أو في العلم كما هو شأن مدخول لام العهد الخارجي. قوله: "تفخيمًا للأمر" أي: مدح ذلك الفرد؛ لأن التفسير بعد الإبهام أمكن في ذهن المخاطب وأوقع في نفسه. قوله: "وقيل المعهود هو الشخص الممدوح" أي: فتكون أل للعهد الخارجي. قوله: "فكأنك قلت زيد نعم هو" أي: فيكون الرجل من وضع الظاهر موضع الضمير وأل للعهد الخارجي الذكرى, وهذا ظاهر إذا قدم المخصوص كما في مثال الشارح فإذا أخر كما في نعم الرجل زيد فالظاهر أن الأمر كذلك, على القول بأن المخصوص مبتدأ خبره الجملة قبله لتقدم المرجع في الرتبة, وإن تأخر لفظًا بخلافه على القول بأنه مبتدأ حذف خبره, أو خبر مبتدأ محذوف فعليهما لا إظهار في مقام الإضمار, بل ولا تكون أل للعهد الذكرى حيث اشترط تقدم ذكر مدخولها كما هو قضية كلامهم. وانظر أل حينئذٍ لأي أقسام العهد الخارجي. قوله: "واستدل هؤلاء" أي: القائلون بأن أل للعهد مطلقًا ذهنيا أو خارجيا كما يرشد إليه تعليله. قوله: "لم يسغ فيه ذلك" أي: لأن الجنس شيء واحد وإن أريد في ضمن جميع أفراده كما هو مراد القائل بأنها للجنس كما مر. قوله: "للاستغراق" أي: للجنس في ضمن جميع الأفراد حقيقة بتقريريه السابقين. قوله: "أن هذا المخصوص" أي: المثنى أو المجموع يفضل أي: يفوق أفراد هذا الجنس أي: جنس فاعل نعم المثنى أو المجموع, وأخذ الفضل من كونه المخصوص بالمدح. قوله: "إذا ميزوا" أي: فصلوا وقسموا رجلين رجلين أو رجالًا رجالًا أي: حالة كونهم, أي: أولئك الأفراد رجلين رجلين في المثنى أو رجالًا رجالًا في المجموع. وحاصله أن القائل نعم الرجلان أو الرجال ثنى أو جمع أولًا, ثم عرف بأل الجنسية فهي لجنس الاثنين في ضمن جميع أفراده التي هي مثنيات, ولجنس الجمع الذي في ضمن جميع أفراده التي هي جموع, وأما قول البعض وما ذكره لا يظهر إلا على القول بأن أفراد المثنى والجمع مثنيات وجموع وأما على القول بأن أفرادهما آحاد فلا ا. هـ. فغفلة؛ لأن محل الخلاف إذا لم تكن أل في المثنى لجنس الاثنين وفي المجموع لجنس الجمع, وإلا كانت أفراد المثنى مثنيات وأفراد الجموع جموعًا بلا خلاف للقطع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وبئس بتوكيد معنوي, قال في شرح التسهيل باتفاق وأما التوكيد اللفظي فلا يمتنع, وأما النعت فمنعه الجمهور وأجازه أبو الفتح في قوله: 772- لَعَمْرِي وما عَمْرِي عَلَيَّ بِهَيِّنٍ ... لَبِئْسَ الفَتَى المَدْعُوُّ باللَّيْلِ حَاتِمُ قال في شرح التسهيل: وأما النعت فلا ينبغي أن يمنع على الإطلاق بل يمتنع إذا قصد به التخصيص مع إقامة الفاعل مقام الجنس؛ لأن تخصيصه حينئذ مناف لذلك القصد, وأما إذا تؤول بالجامع لأكمل الفضائل فلا مانع مع نعته حينئذ؛ لإمكان أن يراد بالنعت ما أريد بالمنعوت. وعلى هذا يحمل قول الشاعر: 773- نِعْمَ الفَتَى المُرِّيُّ أَنْتَ إذا هُمُ   بوجوب صدق المفهوم على أفراده ومفهوم الاثنين والجمع لا يصدق على الواحد فلا يكون فردًا لهما. فعض بنواجذك على هذا التحقيق. قوله: "بتوكيد معنوي" أي: فلا يقال نعم الرجل كلهم أو أنفسهم زيد ولا كله أو نفسه زيد؛ لأن الأول منافر للفظ والثاني منافر للمعنى. ولا يقاس الأول على قولهم الدينار الصفر والدرهم البيض؛ لشذوذه, وأيضًا ليس المقام مقام تحقيق الإحاطة بالجنس فلا يشذ منه أحد حتى يؤتى بكل, ولا رفع احتمال إرادة جنس آخر ملابس للجنس المذكور حتى يؤتى بالنفس, كذا قال الدماميني. قال سم: وهو يتأتى في المثنى والجمع ا. هـ. قال في الهمع وقال أبو حيان: ومن يرى أن أل عهدية شخصية لا يبعد أن يجيز نعم الرجل نفسه زيد. قوله: "فلا يمتنع" لأن إعادة اللفظ خشية نحو: سهو السامع عنه لا محذور فيه. قوله: "فمنعه الجمهور" أي: لأنه إن أفرد خولف المعنى وإن جمع خولف اللفظ, قاله الدماميني. وقال الفارضي؛ لأن النعت يخصصه ويقلل شياعه فينافي المقصود منه وهو الجنس في ضمن جميع الأفراد حقيقة أو مجازًا كما هو المشهور فيه. قوله: "لذلك القصد" أي: قصد الجنس على الوجه المتقدم. قوله: "وأما إذا تؤول" أي: الفاعل بالجامع لأكمل الفضائل أي: بأن أريد الاستغراق مجازًا ومثل ذلك ما إذا أريد الجنس حقيقة ولم يقصد بالنعت التخصيص بل الكشف والإيضاح كما استفيد من مفهوم قوله سابقًا إذا قصد به التخصيص, ومثله أيضًا ما إذا أريد العهد. قوله: "لا مكان أن يراد بالنعت إلخ" بأن يراد بالنعت الجامع لكمالات جنس هذا النعت. قوله: "المري" بضم الميم وتشديد الراء نسبة إلى مرة أحد أجداده وتمام البيت:   772- البيت من الطويل، وهو ليزيد بن قنافة في خزانة الأدب 9/ 405، 407؛ والدرر 5/ 203؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1464؛ والمقاصد النحوية 4/ 9؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 85. 773- عجزه: حَضَروا لَدَى الحجُراتِ نارَ الموقِدِ والبيت من الكامل، وهو لزهير بن أبي س لمى في ديوانه ص275؛ وخزانة الأدب 9/ 404؛ 407، 408؛ وشرح شواهد المغني 2/ 915؛ والمقاصد النحوية 4/ 21؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 71؛ ومغني اللبيب 2/ 587. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 ويَرْفَعانِ مُضْمرًا يُفسِّره ... مُمَيِّزٌ كنِعْمَ قومًا مَعْشَرُه   وحمل أبو علي وابن السراج مثل هذا على البدل وأبيا النعت ولا حجة لهما ا. هـ. وأما البدل والعطف فظاهر سكوته في شرح التسهيل عنهما جوازهما وينبغي أن لا يجوز منهما إلا ما تباشره نعم "وَيَرْفَعانِ" أيضًا على الفاعلية "مضمرًا" مبهمًا "يفسره مميز كنعم قومًا معشره" وقوله: 774- نَعْمَ امْرَأ هَرِمٌ لم تَعْرُ نائِبَةٌ ... إلا وَكانَ لِمُرْتَاعٍ بِهَا وَزَرَا وقوله: 775- لنعم مَوْئِلًا المَولَى إذا حُذِرَتْ ... بَأْسَاءُ ذِي البَغْي واسْتِيلاءُ ذي الإحَنِ وقوله: 776- نعم امْرَأَيْنِ حاتِمٌ وكَعْبُ ... كِلاهما غَيْثٌ وسَيْفٌ عَضْبُ   حضروا لدى الحجرات نار الموقد والحجرات جمع حجرة بفتحتين وهي شدة الشتاء. قوله: "إلا ما تباشره نعم" أي: ما يصلح لمباشرتها وهو المعرف بأل والمضاف إلى المعرف بها ولو بواسطة, وقد جزم بالجواز بهذا القيد السيوطي. قال البعض تبعًا لشيخنا وقد يقال الذي ينبغي الجواز مطلقًا ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ا. هـ. وأنت إذا تذكرت ما أسلفناه عن بعض المحققين من أن اغتفارهم في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ليس أصلًا مطردًا في كل موضع؛ ولذلك يقولون قد يغتفر إلخ, هان عليك هذا البحث. قوله: "مضمرًا مبهمًا" تقدم أن هذا من المواضع السبعة التي يعود فيها الضمير على متأخر لفظًا ورتبة. قال الفارضي وندر جره بالباء أي: الزائدة نحو: نعم بهم قومًا. قوله: "يفسره مميز" فإذا قلت: زيد نعم رجلًا لم يعد الضمير على زيد بل على رجلًا. دماميني. قوله: "مميز" يجوز وصف هذا المميز نحو: نعم رجلًا صالحًا زيد وكذا فصله خلافًا لابن أبي الربيع نحو: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: 50] ، همع. قوله: "كنعم قومًا معشره" ينبغي إذا جرينا على أن معشره مبتدأ خبره الجملة قبله أن يكون الرابط عموم الضمير للمبتدأ على أن المراد بالضمير الجنس, أو إعادة المبتدأ بمعناه على أن المراد به الشخص فعلم ما في كلام البعض تبعًا لسم من الخفاء والقصور. قوله: "نعم امرأ هرم" بفتح الهاء وكسر الراء لم تعر مضارع عرا يعرو بمعنى عرض والوزر الملجأ. قوله: "لنعم موئلا" أي: ملجأ وقوله حذرت بالبناء للمجهول أي: خيفت. والإحن بكسر الهمزة وفتح الحاء المهملة جمع إحنة بكسر الهمزة وسكون الحاء وهي الحقد. قوله: "كلاهما غيث وسيف عضب" أي: قاطع وفيه لف ونشر مرتب. قوله: "تقول عرسي إلخ"   774- البيت من البسيط، وهو لزهير بن أبي سلمى في شرح التصريح، وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 275؛ وشرح التصريح 1/ 392؛ وشرح شذور الذهب ص197. 775- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح أبي عقيل ص454؛ وشرح عمدة الحافظ ص782؛ والمقاصد النحوية 4/ 6. 776- الرجز بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص782. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ونحو: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: 50] . وقوله: 777- تَقُولُ عِرْسِي وَهْيَ لِي فِي عَومَرَهْ ... بِئْسَ امْرَأً وَإِنَّنِي بِئْسَ المَرَهْ ففي كل من نعم وبئس ضمير هو الفاعل. ولهذا الضمير أحكام: الأول أنه لا يبرز في تثنية ولا جمع استغناء بتثنية تمييزه وجمعه، وأجاز ذلك قوم من الكوفيين وحكاه الكسائي عن العرب، ومنه قول بعضهم: مررت بقوم نعموا قومًا وهذا نادر. الثاني أنه لا يتبع. وأما نحو: نعم هم قومًا أنتم فشاذ. الثالث أنه إذا فسر بمؤنث لحقته تاء التأنيث نحو: نعمت امرأة هند هكذا مثله في شرح التسهيل. وقال ابن أبي الربيع: لا تلحق وإنما يقال نعم امرأة هند استغناء بتأنيث المفسر. ونص الخطاب على جواز الأمرين. ويؤيد الأول قوله فبها ونعمت. الرابع ذهب القائلون بأن فاعل نعم الظاهر يراد به الشخص إلى أن المضمر كذلك. وأما القائلون بأن الظاهر يراد به الجنس فذهب أكثرهم إلى المضمر كذلك. وذهب بعضهم إلى أن المضمر للشخص, قال: لأن المضمر على التفسير لا يكون   عرس الرجل بالكسر امرأته، ولي بمعنى معي، والعومرة الصخب واختلاط الأصوات. قوله: "أنه لا يبرز" بل هو واجب الاستتار في الأحوال كلها كما أرشد إلى ذلك تمثيله, وندر إبرازه مجرورًا بالباء كما مر عن الفارضي. قوله: "أنه لا يتبع" أي: بشيء من التوابع لقوة شبهه بالحرف بتوقف انفهامه لفظًا ومعنى على التمييز بعده بخلاف الضمير العائد على ما قبله قاله يس. قوله: "نعم هم" الشاهد في هم فإنه توكيد للضمير المستتر وأما أنتم فالمخصوص. قوله: "لحقته تاء التأنيث" أي: لحقت فعله وجوبًا بقرينة مقابلته بالقول الثالث. قوله: "لا تلحق" أي: يمتنع ذلك بقرينة مقابلته بالقول الثالث. قوله: "ويؤيد الأول" أي: القول بوجوب اللحوق واعترض بأن التمييز غير مذكور كما هو محل الخلاف, ولك أن تقول المقدر كالمذكور وبأنه إنما يؤيد الأول بالنسبة إلى الثاني لا الثالث. قوله: "يراد به الشخص" أي: المعهود خارجًا وقوله إلى أن المضمر كذلك أي: يراد به الشخص بأن يجعل راجعًا إلى التمييز المراد به الشخص. قوله: "فذهب أكثرهم إلى أن المضمر كذلك" أي: يراد به الجنس في ضمن جميع الأفراد بأن يجعل راجعًا إلى التمييز المراد به الجنس لكونه على نية أل الجنسية إذ الأصل نعم الرجل فاندفع الاعتراض بأن مرجع الضمير التمييز وهو نكرة في سياق الإثبات فلا يعم, والضمير كمرجعه فمن أين العموم وسكت عن الضمير على القول بأن الظاهر يراد به المعهود الذهني, وفي سم على المختصر أنه كالظاهر حينئذٍ أيضًا. قوله: "وذهب بعضهم إلى أن المضمر للشخص" هذا مقابل قوله فذهب أكثرهم فضمير   777- الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص773، 1176؛ وشرح ابن عقيل ص455؛ وشرح عمدة الحافظ ص785؛ والمقاصد النحوية 4/ 29. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   في كلام العرب إلا شخصًا. ولمفسر هذا الضمير شروط: الأول أن يكون مؤخرًا عنه, فلا يجوز تقديمه على نعم وبئس الثاني أن يتقدم على المخصوص فلا يجوز تأخيره عنه عند جميع البصريين، وأما قولهم نعم زيد رجلًا فنادر. الثالث أن يكون مطابقًا للمخصوص في الإفراد وضديه والتذكير وضده. الرابع أن يكون قابلًا لأل فلا يفسر بمثل غير وأي وأفعل التفضيل؛ لأنه خلف من فاعل مقرون بأل فاشترط صلاحيته لها. الخامس أن يكون نكرة عامة فلو قلت نعم شمسًا هذه الشمس لم يجز؛ لأن الشمس مفرد في الوجود، فلو قلت نعم شمسًا شمس هذا اليوم لجاز ذكره ابن عصفور وفيه نظر. السادس لزوم ذكره كما نص عليه سيبويه، وصحح بعضهم أنه لا يجوز حذفه وإن فهم المعنى ونص بعض المغاربة على شذوذ فبها ونعمت. وقال في التسهيل لازم غالبًا استظهارًا على نحو: فبها ونعمت. وممن أجاز حذفه ابن عصفور. تنبيه: ما ذكر من أن فاعل نعم يكون ضميرًا مستترًا فيها هو مذهب الجمهور, وذهب الكسائي إلى أن الاسم المرفوع بعد النكرة المنصوبة فاعل نعم والنكرة عنده منصوبة على الحال، ويجوز عنده أن تتأخر فيقال نعم زيد رجلًا، وذهب الفراء إلى أن   بعضهم راجع إلى القائلين بأن الظاهر يراد به الجنس وبهذا يعرف ما في كلام البعض من الخلل. قوله: "على التفسير" أي: مع التفسير. قوله: "لا يكون في كلام العرب إلا شخصًا" قد يمنع بأن الضمير كمفسره شخصًا وغيره فتدبر. قوله: "ولمفسر هذا الضمير" خرج مفسر الظاهر فلا يعتبر فيه جميع هذه الشروط إذ يجوز تأخيره عن المخصوص كقوله بئس الفحل فحلهم فحلًا. قوله: "أن يكون قابلًا لأل" أي: أو حالًا محل ما يقبلها فلا يرد فنعمًا هي على القول بأن ما تميز؛ لأنها وإن لم تقبل أل حالة محل ما يقبلها أفاده زكريا. قوله: "وأفعل التفضيل" لعل مراده المضاف والمقرون بمن؛ لأن غيرهما يقبل أل فيجوز نعم أحسن زيد. قوله: "نكرة عامة" أي: متكثرة الأفراد كما يفيده كلامه فلا يرد أن النكرة في سياق الإثبات لا تعمّ وتقدم جواب آخر. قوله: "فلو قلت نعم شمسًا شمس هذا اليوم لجاز" أي: لأنك لما اعتبرت تعدد الشمس بتعدد الأيام كان شمسًا في كلامك نكرة عامة لكل شمس يوم. قوله: "وفيه نظر" وجه النظر بأن علة المنع موجودة في هذه الصورة أيضًا, وهو مدفوع باعتبار التعدد بتعدد الأيام وبهذا يستغنى عما أطال به البعض. قوله: "وصحح بعضهم إلخ" تقوية لما قبله. قوله: "وإن فهم المعنى" أي: كما في الحديث, وقوله استظهارًا يعني اعتمادًا, وقوله فبها ونعمت أي: فبالطريقة المحمدية من الوضوء أخذ ونعمت طريقة الوضوء هذا هو الصواب. وقول البعض في تقرير الحديث ونعمت الطريقة الوضوء غير مناسب لما نحن فيه بل غير صحيح؛ لأنه يلزم عليه حذف الفاعل فتنبه. قوله: "وذهب الكسائي إلخ" الظاهر أنه على مذهب الكسائي والفراء أغنى الفاعل عن المخصوص كما سيأتي نظيره في شرح قول المصنف, وما ميز وقيل فاعل إلخ. قوله: "ويجوز عنده أن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 وَجَمْعُ تَمْيِيزٍ وفاعِلٍ ظَهَرْ ... فِيْهِ خِلافٌ عَنْهُمُ قَدِ اشْتَهَرْ   الاسم المرفوع كقول الكسائي إلا أنه جعل النكرة المنصوبة تمييزًا منقولًا. والأصل في قولك نعم رجلا زيد نعم الرجل زيد, ثم نقل الفعل إلى الاسم الممدوح فقيل نعم رجلا زيد، ويقبح عنده تأخيره؛ لأنه وقع موقع الرجل المرفوع وأفاد إفادته. والصحيح ما ذهب إليه الجمهور لوجهين: أحدهما قولهم نعم رجلًا أنت وبئس رجلًا هو فلو كان فاعلًا لاتصل بالفعل. الثاني قولهم نعم رجلًا كان زيد فأعملوا فيه الناسخ "وجمع تمييز وفاعل ظهر فيه خلاف عنهم" أي: عن النحاة "قد اشتهر" فأجازه المبرد وابن السراج والفارسي والناظم وولده، وهو الصحيح لوروده نظمًا ونثرًا فمن النظم قوله: 778- نِعْمَ الفَتَاةُ فتاةٌ هِنْدُ لو بَذَلَتْ ... رَدَّ التَّحِيَّة نُطقًا أو بِإيمَاءِ وقوله: 779- والتَّغْلَبِيُّونَ بِئْسَ الفَحْلُ فَحْلُهُمُ ... فحلًا وأُمُّهُمُ زَلَّاءُ مِنْطِيقُ   تتأخر" أي: لأن الأصل في الحال أن تتأخر عن صاحبها. قوله: "منقولًا" أي: محولًا عن الفاعل كما يدل عليه ما بعده وقوله ثم نقل الفعل أي: حول إسناده عنه إلى الاسم الممدوح ونصب تمييزًا. قوله: "لوجهين" زيد ثالث وهو قولهم إخوتك نعم رجالًا, والفاعل لا يتقدم وفيه نظر, وإن أقره البعض وغيره؛ لأن الكسائي والفراء من الكوفيين وهم يجوزون تقديم الفاعل فلا ينهض هذا الوجه عليهما. قوله: "لا تصل بالفعل" أي: بارزًا في المثال الأول ومستترًا فيه في المثال الثاني. فإطلاق البعض استتاره ليس في محله. قوله: "قولهم نعم رجلًا كان زيد" قد يناقش باحتمال زيادة كان إلا أن يقال الأصل عدم الزيادة. قوله: "فأعملوا فيه الناسخ" أي: والناسخ لا يدخل على الفاعل بل على المبتدأ. قوله: "نطقًا" أي: بنطق بدليل أو بإيماء. قوله: "والتغلبيون" نسبة إلى تغلب بفتح الفوقية وسكون الغين المعجمة وكسر اللام لكن اللام في المنسوب مفتوحة؛ لاستثقال كسرتين مع ياء النسبة، وقد تكسر نقله شيخ الإسلام عن الجوهري. والتغلبيون قوم من نصارى العرب بقرب الروم منهم الأخطل. وأراد بالفحل الأب والزلاء بفتح الزاي وتشديد اللام المرأة اللاصقة العجز الخفيفة الألية، والمنطيق صيغة مبالغة من النطق يستوي فيها المذكر والمؤنث ومعناه البليغ، لكن المراد به هنا المرأة التي تتأزر بما تعظم به عجيزتها قاله العيني وغيره. وعبارة القاموس المنطيق البليغ والمرأة المتأزرة بحشية تعظم بها عجيزتها ا. هـ. وكأن الثاني مأخوذ من النطاق وهو شقة تلبسها المرأة   778- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 277؛ وخزانة الأدب 9/ 398؛ والدرر 5/ 209؛ وشرح التصريح 2/ 95؛ وشرح شواهد المغني ص862؛ ومغني اللبيب 464؛ والمقاصد النحوية 4/ 32؛ وهمع الهوامع 2/ 86. 779- البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص192؛ والدرر 5/ 208؛ وشرح التصريح 2/ 96؛ وشرح عمدة الحافظ ص787؛ ولسان العرب 10/ 355 "نطق"؛ والمقاصد النحوية 4/ 7؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص455؛ وهمع الهوامع 2/ 86. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 780- فَنِعْمَ الزَّادُ زَادُ أَبِيكَ زَادَا ومن النثر ما حكي من كلامهم: نعم القتيل قتيلًا أصلح بين بكر وتغلب. وقد جاء التمييز حيث لا إبهام يرفعه لمجرد التوكيد كقوله: 781- وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأنَّ دِيْنَ مُحَمَّدٍ ... مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ البَرِيَّةِ دِيْنَا ومنعه سيبويه والسيرافي مطلقًا وتأولا ما سمع. وقيل إن أفاد معنى زائدًا جاز وإلا فلا كقوله: 782- فَنِعْمَ المَرْءُ مِنْ رَجُلٍ تِهَامِي وقوله: 783- وَقَائِلَةٍ نِعْمَ الفَتَى أنت من فَتًى   وتشد وسطها فترسل الأعلى على الأسفل إلى الأرض والأسفل ينجر في الأرض. قوله: "ومن النثر ما حكى" في بعض النسخ إسقاط ما وليس بصواب. قوله: "وقد جاء التمييز إلخ" جواب عما يقال التمييز لرفع الإبهام ولا إبهام مع الفاعل الظاهر. قوله: "وتأولا ما سمع" أي: بجعل فتاة وفحلًا وزادًا وقتيلًا أحوالًا مؤكدة, أو زادا مفعولًا به لتزود أول البيت. قوله: "إن أفاد معنى زائدًا" أي: بنفسه كالمثال الثاني أو بتابعه كالمثال الأول والثالث. قوله: "كقوله فنعم المرء إلخ" مثال لما أفاد معنى زائدًا وهو كونه تهاميا, فكان الأولى للشارح أن يؤخر قوله وإلا فلا عن الأمثلة. وتهامي نسبة إلى تهامة بكسر الفوقية وهي ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز   780- صدره: تزوَّد مثل زاد أبيك فينا والبيت من الوافر، وهو لجرير في خزانة الأدب 9/ 394، 399؛ والخصائص 1/ 83، 396، والدرر 5/ 210؛ وشرح شواهد الإيضاح ص109؛ وشرح شواهد المغني ص57؛ وشرح المفصل 7/ 132؛ ولسان العرب 3/ 198 "زود"؛ والمقاصد النحوية 4/ 30؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ص862؛ وشرح ابن عقيل ص456؛ ومغني اللبيب ص462؛ والمقتضب 2/ 150. 781- البيت من الكامل، وهو لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 76، 9/ 397؛ وشرح التصريح 2/ 96؛ وشرح شواهد المغني 2/ 687؛ وشرح عمدة الحافظ ص788؛ وشرح قطر الندى ص242؛ ولسان العرب 5/ 144 "كفر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 8. 782 صدره: تَخَيَّرُهُ فلم يَعْدِل سِواهُ والبيت من الوافر، وهو لأبي بكر بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي في الدرر 5/ 211؛ وشرح التصريح 1/ 399، 2/ 96؛ وشرح المفصل 7/ 133؛ والمقاصد النحوية 3/ 227، 4/ 14؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 396؛ وخزانة الأدب 9/ 395؛ والمقرب 1/ 69؛ وهمع الهوامع 2/ 86. 783- عجزه: إذا المرضع العوجاء جال بريمُها = الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 ومَا مُمَيِّزٌ وقِيلَ فاعِل ... في نحو نِعْمَ ما يقول الفاضِلُ   أي: من متفت أي: كريم. وفي الأثر "نعم المرء من رجل لم يطأ لنا فراشًا ولم يفتش لنا كنفًا منذ أتانا" وصححه ابن عصفور "وما" في موضع نصب "مميز وقيل فاعل" فهي في موضع رفع, وقيل إنها المخصوص وقيل كافة "في نحو: نعم ما يقول الفاضل" {بِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: 90] ، فأما القائلون بأنها في موضع نصب على التمييز فاختلفوا على ثلاثة أقوال: الأول أنها نكرة موصوفة بالفعل بعدها والمخصوص محذوف وهو مذهب الأخفش والزجاجي والفارسي في أحد قوليه والزمخشري وكثير من المتأخرين. والثاني أنها نكرة غير موصوفة والفعل بعدها صفة لمخصوص محذوف أي: شيء والثالث أنها تمييز والمخصوص ما أخرى موصولة محذوفة والفعل صلة لما الموصولة المحذوفة ونقل عن الكسائي. وأما القائلون بأنها الفاعل فاختلفوا على خمسة أقوال: الأول أنها اسم معرفة تام أي: غير مفتقر إلى صلة والفعل صفة لمخصوص محذوف والتقدير: نعم الشيء شيء فعلت. وقال به قوم منهم: ابن خروف ونقله في التسهيل عن سيبويه والكسائي. والثاني أنها   وفي النسبة إليها الكسر مع تشديد الياء والفتح مع تخفيفها, كيمان كما بينا ذلك في باب التمييز. قوله: "من متفت" قال سم: قد يقال هو بهذا المعنى ليس مما نحن فيه بل هو مباين للفاعل ا. هـ. وتعقبه البعض فقال: هذا يقتضي المباينة في كل ما أفاد معنى زائدًا, كما لا يخفى ولا يخفى ما فيه ا. هـ. وهو فاسد؛ لأنه لا يأتي فيما أفاد معنى زائدًا بتابعه فاعرفه. قوله: "كنفا" أي: سترًا. قوله: "وما مميز إلخ" أورد عليه بناء على القولين الأخيرين من أقوال كون ما تمييزًا أن ما مساوية للضمير في الإبهام, فكيف تكون مميزة له. وأجيب بأن المراد منها شيء له عظمة أو حقارة أو نحوهما بحسب المقام فتكون أخص منه مع أن التمييز قد يكون للتأكيد والفاعل على أنها مميز للضمير المستتر في نعم وبئس, وسكت عن من وهي مثل ما إلا أنها لا تكون معرفة تامة, بل هي إما موصولة أو نكرة تامة أو موصوفة كقوله: ونعم من هو في سر وإعلان وتقدم الكلام على ذلك في الموصول. قوله: "في نحو: نعم ما يقول الفاضل" أي: من كل تركيب وقع فيه بعد نعم أو بئس ما فجملة فعلية. قوله: "أنها تمييز" فيه أنه مشترك بين الأقوال الثلاثة فكان الظاهر أن يقول: والثالث كالثاني إلا أن المخصوص ما أخرى ا. هـ. قوله: "لما الموصولة المحذوفة" أظهر في محل الإضمار للإيضاح. قوله: "والفعل صفة لمخصوص محذوف" أورد عليه وعلى ثاني أقوال كون ما تمييزا لزوم حذف الموصوف بالجملة مع أنه ليس بعض اسم متقدم مجرور بمن أو في وسيأتي أنه ضرورة. قوله: "والتقدير نعم الشيء شيء فعلت" بوصف المخصوص بجملة فعلت تخصص عن الفاعل المراد به الجنس, فقد وجد شرط كون المخصوص أخص من الفاعل لا أعم ولا مساويًا كما في الهمع, لكنه لا يأتي على القول بأن أل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   موصولة والفعل صلتها والمخصوص محذوف ونقل عن الفارسي. والثالث أنها موصولة والفعل صلتها وهي فاعل يكتفي بها وبصلتها عن المخصوص، ونقله في شرح التسهيل عن الفراء والكسائي. والرابع أنها مصدرية ولا حذف والتقدير نعم فعلك, وإن كان لا يحسن في الكلام نعم فعلك حتى يقال نعم الفعل فعلك كما تقول أظن أن تقوم ولا تقول أظن قيامك. والخامس أنها نكرة موصوفة في موضوع رفع والمخصوص محذوف, وأما القائلون بأنها المخصوص فقالوا: إنها موصولة والفاعل مستتر وما أخرى محذوفة هي التمييز والأصل نعم ما ما صنعت, والتقدير نعم شيئًا الذي صنعته. هذا قول الفراء وأما القائلون بأنها كافة فقالوا: إنها كفت نعم كما كفت قل وطال فتصير تدخل على الجملة الفعلية. تنبيهات: الأول في ما إذا وليها اسم نحو: فنعما هي ثلاثة أقوال: أحدها أنها نكرة تامة في موضع نصب على التمييز والفاعل مضمر والمرفوع بعدها هو المخصوص. وثانيها أنها معرفة تامة وهي الفاعل وهو ظاهر مذهب سيبويه. ونقل عن المبرد وابن السراج والفارسي وهو قول الفراء. وثالثها أن ما مركبة مع الفعل ولا موضع لها من الإعراب   للعهد الخارجي لمساواة المخصوص للفاعل على هذا القول ولكن لا ضرر حينئذٍ؛ لأن اشتراط ما ذكر إنما هو على القول بأن أل للجنس فيما يظهر فتأمل. قوله: "أنها مصدرية" فيه أن الفاعل على هذا مجموع ما فعلت لا ما فقط, مع أن الكلام في أقوال القائلين بأن الفاعل ما, ولك دفعه بأن معنى قول الشارح سابقًا, وأما القائلون بأنها الفاعل أي: ما فقط أو مع ما بعدها واقتصر البعض على إيراد الاعتراض مدعيًا أن الفاعل على هذا القول هو المصدر المنسبك وفيه ما علم من تقريرنا. قوله: "ولا حذف" فيكون هذا المؤول سد مسد الفاعل والمخصوص. قوله: "وإن كان لا يحسن إلخ" أي: لعدم وجود شرط فاعل نعم. قوله: "فقالوا إنها موصولة" أي: والفعل صلتها. قوله: "وأما القائلون بأنها كافة" بهذا صارت الأقوال تفصيلًا في ما المتلوة بجملة فعلية عشرة. قوله: "كفت نعم" لأن نعم وبئس لعدم تصرفهما أشبها الحرف فجاز أن يكفا بما كما يكف الحرف بما نحو: ربما. قوله: "في ما إذا وليها إلخ" قد يقال هذا مندرج في كلام المصنف بأن يراد بنحو: نعم ما يقول الفاضل, كل تركيب وقعت فيه ما بعد نعم متلوة بشيء اسمًا كان أو جملة فعلية, فإن لم يلها اسم ولا غيره نحو: دققته دقا نعما فقيل, ما معرفة تامة فاعل وقيل نكرة تامة تمييز والفاعل مستتر, وعليهما فالمخصوص محذوف ويمكن دخول هذا أيضًا في كلام المصنف بأن يراد بنحو: المثال كل تركيب وقعت فيه ما بعد نعم مطلقًا. قوله: "وهي الفاعل" أي: والاسم المرفوع بعدها هو المخصوص وسكت عنه لعلمه مما قبله والتقدير في الآية فنعم الشيء هي أي: الصدقات أي: إبداؤها لأن الكلام فيه فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فانفصل وارتفع. قوله: "وابن السراج والفارسي" نقل في التسهيل عنهما أنها موصولة والتقدير فنعم التي هي مفعولة لكم أي: الفعلة التي فعلتموها من إبداء الصدقات فلهما قولان في المسألة ومن هذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 ويُذْكَرُ المَخْصُوصُ بعد مُبْتَدَا ... أو خَبَرَ اسْمِ لَيْسَ يَبْدُو أَبَدَا   والمرفوع بعدها هو الفاعل وقال به قوم وأجازه الفراء، الثاني الظاهر أنه إنما أراد الأول من الثلاثة والأول من الخمسة لاقتصاره عليهما في شرح الكافية الثالث ظاهر عبارته هنا يشير إلى ترجيح القول الذي بدأ به وهو أن ما مميز وكذا عبارته في الكافية. وذهب في التسهيل إلى أنها معرفة تامة وأنها الفاعل ونقله عن سيبويه والكسائي "ويذكر المخصوص" بالمدح أو الذم "بعد" أي: بعد فاعل نعم وبئس نحو: نعم الرجل أبو بكر وبئس الرجل أبو لهب وفي إعرابه حينئذ ثلاثة أوجه: أن يكون "مبتدأ" والجملة قبله خبر "أو" يكون "خبر اسم" مبتدأ محذوف "ليس يبدو أبدا" أو مبتدأ خبره محذوف وجوبًا والأول هو الصحيح ومذهب سيبويه. قال ابن الباذش لا يجيز سيبويه أن يكون المختص بالمدح أو الذم إلا مبتدأ, وأجاز الثاني جماعة منهم السيرافي وأبو علي والصيمري. وذكر في شرح التسهيل أن   يعلم أن الأقوال أربعة لا ثلاثة. قوله: "إن ما مركبة مع الفعل" أي: كتركيب حب مع ذا على القول به كما سيأتي. قوله: "والمرفوع بعدها هو الفاعل" سكت عن المخصوص فيحتمل أنه محذوف, أو أغنى عنه الفاعل على قياس ما سبق. قوله: "من الثلاثة" أي: أقوال التمييز وقوله من الخمسة أي: أقوال الفاعلية. قوله: "وذهب في التسهيل إلى أنها معرفة تامة وأنها الفاعل" هذا عين الأول من الخمسة, فلو قال إلى أول الخمسة لكان أخصر, وقوله ونقله عن سيبويه والكسائي مكرر مع قوله سابقًا ونقله في التسهيل عن سيبويه والكسائي. قوله: "ويذكر المخصوص" هو المخصوص بالمدح بعد نعم وبالذم بعد بئس وسمي مخصوصًا؛ لأنه ذكر جنسه ثم خص شخصه يس. قوله: "بعد" أي: وجوبًا على ظاهر عبارته هنا وفي الكافية, وغالبًا على ما ذكره في التسهيل وجرى عليه في التوضيح وهو المتجه الذي ينبغي أن تحمل عليه عبارته هنا, وفي الكافية عملا بما قرروه من حمل الظاهر على الصريح. قوله: "حينئذٍ" أي: حين إذ ذكر بعد. قوله: "والجملة قبله خبر" والرابط عموم الفاعل أو إعادة المبتدأ بمعناه كما مر. قوله: "أو خبر اسم إلخ" والتقدير الممدوح زيد. وقوله أو مبتدأ إلخ والتقدير زيد الممدوح. قوله: "والأول هو الصحيح" أي: لسلامته من التقدير. ومما أورد على قول الإبدال وقول البعض لسلامته من مخالفة الأصل يرد عليه أن تقديم الخبر على المبتدأ خلاف الأصل أيضًا. قال الدماميني. ورجح ابن الحاجب في شرح المفصل. الوجه الثاني بأنه ليس فيه مما هو خلاف الأصل إلا حذف المبتدأ وهو كثير شائع. وأما الوجه الأول فإن فيه تقديم الخبر الذي هو جملة على المبتدأ وخلو الخبر المذكور من عائد إلى المبتدأ ووقوع الظاهر موقع المضمر وبأن الإبهام والتفسير على الوجه الثاني تحقيقي وعلى الأول تقديري ا. هـ. قوله: "قال ابن الباذش" هذا تأييد لقوله ومذهب سيبويه فقوله إلا مبتدأ أي: خبره الجملة قبله بقرينة أن الكلام في القول الأول, وأن قول ابن الباذش تأييد لكون القول الأول مذهب سيبويه فقول البعض أو محذوف الخبر وجوبًا غير ملائم للسياق. قوله: "وهو غير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 وإنْ يُقَدَّمْ مُشْعِرُ بِهِ كَفَى ... كالعِلم نِعْم المُقْتَنَى والمُقْتَفَى   سيبويه أجازه وأجاز الثالث قوم منهم ابن عصفور. قال في شرح التسهيل وهو غير صحيح؛ لأن هذا الحذف لازم ولم نجد خبرًا يلزم حذفه إلا ومحله مشغول بشيء يسد مسده. وذهب ابن كيسان إلى أن المخصوص بدل من الفاعل, ورد بأنه لازم وليس البدل بلازم؛ ولأنه لا يصلح لمباشرة نعم "وإن يقدم مشعر به" أي: بالمخصوص "كفى" عن ذكره "كالعلم نعم المقتنى والمقتفى" فالعلم مبتدأ قولًا واحدًا والجملة بعده خبره، ويجوز دخول الناسخ عليه نحو: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ} وقوله: 784- إنَّ ابْنَ عَبْدِ اللهِ نِعْـ ... ـمَ أَخُو النَّدَى وابْنُ العَشِيرَه   صحيح" من هذا يمتنع أن يجعل قوله مبتدأ شاملًا له, لكونه غير صحيح عنده ولذلك زاده الشارح بعد ولم يجعله من مصدوق كلام المصنف. قوله: "بشيء يسد مسدّه" أي: كحال وجواب قسم وغير ذلك مما تقدم في باب المبتدأ. وهنا لم يشتغل المحل بشيء يسد مسد الخبر. قوله: "بدل من الفاعل" قال البعض أي: بدل اشتمال؛ لأنه خاص والرجل عام كما في الهمع ا. هـ. وهو إنما يظهر على جعل أل جنسية لا عهدية وإلا كان بدل كل من كل. قوله: "وليس البدل بلازم" قال يس: قد يقال لا مانع من كونه لازمًا لكونه مقصودًا, وكونه تابعًا لا يقدح في اللزوم كتابع مجرور رب. قوله: "ولأنه لا يصلح لمباشرة نعم" أي: قد لا يصلح فلا ينافي أنه قد يصلح نحو: نعم الرجل غلام الأمير. قال يس وأقرّه شيخنا والبعض يمكن أن يقال قد يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع. قال في الارتشاف: قد يجوز في الاسم إذا وقع بدلًا ما لا يجوز فيه إذا ولي العامل فإنهم حملوا إنك أنت قائم على البدل وإن كان لا يجوزان أنت ا. هـ. والتعبير بقد يفيد الجواب. قوله: "وأن يقدم مشعر به" أي: لفظ مشعر بمعنى المخصوص أي: دال عليه سواء صلح لأن يكون المخصوص نفسه لو أخر كما في مثال المتن أولا نحو: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} [ص: 44] ، هذا هو المناسب لصنيع الشارح وقوله كفى أي: عن ذكر المخصوص ولم يكن مخصوصًا وإن صلح لكونه مخصوصًا لو أخر هذا ظاهر عبارته الذي جاراه الشارح وسيأتي فيها وجه آخر. قوله: "فالعلم مبتدأ قولًا واحدًا" المقصود نفي الخلاف المتقدم الذي في المخصوص المؤخر بعنوان كونه مخصوصًا مؤخرًا, فلا ينافي جواز نصبه على المفعولية لمحذوف أي: الزم العلم ورفعه خبرًا لمحذوف جوازًا أي: الممدوح العلم أو مبتدأ خبره محذوف جوازًا أي: العلم ممدوح ففهم أن ما أسلفناه من كون مثال المصنف من تقديم ما يصلح لأن يكون مخصوصًا لو أخر ليس على جميع الأوجه في العلم. وكلام البعض في هذه القولة والتي قبلها لا يخلو عن شيء كما يعلم من تقريرنا, وكان الأحسن تأخير قوله والجملة بعده خبره   784- البيت من مجزوء الكامل، وهو لأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص96؛ والدرر 5/ 217؛ والمقاصد النحوية 4/ 35؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 209؛ وخزانة الأدب 9/ 388؛ وشرح عمدة الحافظ ص793؛ وهمع الهوامع 2/ 87. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 واجْعَل كَبِئْسَ سَاء واجْعَل فَعُلا ... من ذي ثَلاثَة كنِعم مُسْجَلا   وقوله: 785- إذا أَرْسَلُوني عِنْد تَعْذِير حاجَة ... أُمارِس فيها كُنْت نِعْم المُمارِسُ تنبيهان: الأول توهم عبارته هنا وفي الكافية أنه لا يجوز تقديم المخصوص وأن المتقدم ليس هو المخصوص بل مشعر به, وهو خلاف ما صرح به في التسهيل. الثاني حق المخصوص أمران: أن يكون مختصا أو أن يصلح للإخبار به عن الفاعل موصوفًا بالمدح بعد نعم وبالذم بعد بئس، فإن باينه أول نحو: {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا} [الجمعة: 5] ، أي: مثل الذين كذبوا ا. هـ. "وَاجْعَل كَبِئس" معنى وحكمًا "ساء" تقول ساء الرجل أبو   عن قوله قولًا واحدًا ليرجع إليهما. قوله: "عند تعذير حاجة" بعين مهملة فذال معجمة كما بخط الشارح أي: تعذرها أمارس فيها أي: أتحيل في قضائها. قوله: "توهم عبارته" أي: حيث قال ويذكر المخصوص بعد, ثم قال وأن يقدم مشعر به كفى, ثم مثل بمثال يصلح المقدم فيه لأن يكون مخصوصًا إذا أخر, وإنما قال: توهم لاحتمال أن المراد بقوله ويذكر المخصوص بعد أي: غالبًا وبقوله وأن يقدم مشعر به كفى وأن يقدم لفظ مشعر بمعنى المخصوص كفى عن ذكر المخصوص مؤخرًا مع كون المقدم مخصوصًا إن صلح لأن يكون مخصوصًا إذا أخر, وغير مخصوص إن لم يصلح وقد جرى على هذا التفصيل صاحب التوضيح وظاهر عبارته هنا وفي الكافية أن المقدم مشعر بالمخصوص لا نفسه مطلقًا كما مر وظاهر التسهيل أن المتقدم نفس المخصوص مطلقًا قاله شيخنا. قوله: "هو خلاف ما صرح به في التسهيل" أي: من أن المخصوص قد يذكر قبل نعم وبئس. قوله: "أن يكون مختصا" أي: بأن يقع معرفة أو نكرة موصوفة أو مضافة؛ لأن شرطه أن يكون أخص من الفاعل كما مر مع ما فيه فتنبه. قوله: "للإخبار به عن الفاعل" ومفسر الفاعل كالفاعل فيتناول ما ذكر من الضابط نحو: نعم رجلًا زيد وبئس رجلًا عمرو سم. قوله: "موصوفًا" حال من قوله الفاعل وذلك كقولك في نعم الرجل زيد الرجل الممدوح زيد وفي بئس الولد العاق أباه الولد المذموم العاق أباه وقول البعض حال من فاعل يصلح سهو كما يدل عليه بقية كلامه. واعلم أنه إذا كان المخصوص مؤنثًا جاز تذكير الفعل وتأنيثه وإن كان الفاعل مذكرًا تقول نعم الثواب الجنة ونعمت والتذكير أجود كذا في التسهيل وشرحه للدماميني. قوله: "فإن باينه" أي: في المعنى أوّل أي: بتقدير مضاف في الثاني كما يؤخذ من الشرح. قوله: "معنى وحكمًا" أي: في أصل المعنى وهو الذم فلا يرد أنها تفيد مع ذلك معنى التعجب, وفي الأحكام الثابتة لبئس قيل المناسب حذف المعنى؛ لأن مماثلتها لها في المعنى لا تحتاج إلى الجعل. وردّ بأن المراد بالمعنى إنشاء الذم العام وهو بالجعل لا معناها الأصلي قبل   785- البيت من الطويل، وهو ليزيد بن الطثرية في ديوانه ص84؛ والدرر 5/ 218؛ والمقاصد النحوية 4/ 34؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 388؛ والأشباه والنظائر 8/ 209؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 379. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   جهل, وساء حطب النار أبو لهب، وفي التنزيل: {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29] ، وساء ما يحكمون "واجعل فَعُلا" بضم العين "من ذي ثلاثة كنعم" وبئس "مُسْجَلا" أي: مطلقًا. يقال أسجلت الشيء إذا أمكنت من الانتفاع به، مطلقًا أي: يكون له ما لهما من عدم التصرف وإفادة المدح أو الذم واقتضاء فاعل كفاعلهما فيكون ظاهرًا مصاحبًا لأل، أو مضافًا إلى مصاحبها أو ضميرًا مفسرًا بتمييز، وسواء في ذلك ما هو على فعل أصالة نحو: ظرف الرجل زيد وخبث غلام القوم عمرو، وما حول إليه نحو: ضرب رجلًا زيد وفهم رجلًا خالد. تنبيهات: الأول من هذا النوع ساء فإن أصله سوأ بالفتح فحول إلى فعل بالضم فصار قاصرًا، ثم ضمن معنى بئس فصار جامدًا قاصرًا محكومًا له بما ذكرنا، وإنما أفرده   الجعل. قوله: "وساءت مرتفقًا" أي: مكانًا أي: نار مرتفق ليوجد شرط التمييز من كونه عين المميز. قوله: "واجعل فعلًا" يدخل فيه كما قاله سم حب مع غير ذا فيثبت له جميع ما ثبت لنعم من الأحكام ومنه الجمع بين الظاهر والتمييز على القول بجوازه وهو الصحيح والإسناد إلى الضمير وغيره. قوله: "من ذي ثلاثة" أي: حالة كون فعل كائنًا من فعل ذي ثلاثة أحرف وليس المراد محوّلًا من ذي ثلاثة حتى يرد اعتراض ابن هشام بأن عبارة المصنف ظاهرة في المحوّل عن فعل بالفتح أو الكسر. قوله: "كنعم" أي: كباب نعم فيدخل بئس فهو من حذف المضاف أو من باب الاكتفاء سم. قوله: "مسجلًا" أما صفة مفعول مطلق لا جعل أي: جعلا مطلقًا أي: في جميع الأحكام وعلى هذا حل الشارح وهو أقرب وإما حال من فعل أي: حالة كونه مطلقًا عن التقييد بضم العين أصالة. وما في كلام البعض مما يخالف ذلك غير ظاهر. قوله: "من عدم التصرف إلخ" ومن إجراء الخلاف في الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر وأن ما في نحو: {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الأنعام: 136] و [النحل: 59] و [العنكبوت: 4] و [الجاثية: 21] ، مميز أو فاعل, وجواز كون المخصوص مبتدأ أو خبرًا وأنه يكفي عن ذكره تقدم ما يشعر به زكريا. قوله: "وإفادة المدح أو الذم" أي: إفادة إنشائهما كما مر وما يفيده فعل غير وساء من مدح أو ذم ليس عاما كما ستعرفه فقول البعض وإفادة المدح أو الذم أي: العام فاسد وقد صرح بعد ذلك بما قلناه فتنبه. وقوله واقتضاه فاعل أي: ومخصوص. قوله: "أو مضافًا إلى مصاحبها" أي: ولو بواسطة فدخل المضاف إلى المضاف إلى مصاحبها. قوله: "ما هو على فعل أصالة" قد يقال إن التحويل جار فيما ذكر تقديرًا كما قالوه في نحو: فلك وهجان فتكون حركاته غير حركاته الأصلية ا. هـ. دنوشري. وقد يدفع بأن الأصل عدم التقدير. قوله: "وما حول إليه" ثم إن كان معتل العين بقي قلبها ألفًا نحو: قال الرجل زيد وباع الرجل زيد أو اللام ظهرت الواو وقلبت الياء واوًا نحو: عزو ورمو وقيل يقر على حاله فيقال غزا ورمى همع. قوله: "ثم ضمن" أي: بعد تحويله وصيرورته قاصرًا معنى بئس أي: إنشاء الذم العام فكان الأولى أن يقول فصار جامدًا ويحذف قوله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بالذكر لخفاء التحويل فيه. الثاني إنما يصاغ فعل من الثلاثي لقصد المدح أو الذم بشرط أن يكون صالحًا للتعجب منه مضمنًا معناه نص على ذلك ابن عصفور وحكاه عن الأخفش. الثالث يجوز في فاعل فعل المذكور الجر بالباء والاستغناء عن أل وإضماره على وفق ما قبله نحو: 786- حَبَّ بالزَّورِ الذِي لا يُرَى ... مِنه إلا صَفْحَة أو لِمامُ وفهم زيد، والزيدون كرموا رجالًا نظرًا لما فيه من معنى التعجب. الرابع مثل في شرح الكافية وشرح التسهيل وتبعه ولده في شرحه بعلم الرجل. وذكر ابن عصفور أن   قاصرًا فرارًا من التكرار, ودفعه بأن إعادة قاصر الدفع توهم تعديه بعد التضمين, ردّ بأن هذا لا يتوهم مع التحويل إلى فعل بالضم؛ لأنها لازمة للزوم. قوله: "بما ذكرنا" أي: من كونه كبئس في أحكامه. قوله: "لخفاء التحويل فيه" أي: بسبب الإعلال, وأورد عليه أنه يقتضي ذكر نحو: زان وشان لوجود العلة المذكورة فالأولى أن يقال إنما أفرده؛ لأنه للذم العام فهو أشبه ببئس بخلاف نحو: جهل فإن الذم فيه خاص ولكثرة استعماله بخلاف غيره قاله الدماميني. قوله: "صالحًا للتعجب" بأن يستوفي شروطه المارة. قوله: "يجوز في فاعل فعل إلخ" يؤخذ من هذا أن قوله سابقًا واقتضاء فاعل كفاعلهما إلخ ليس على سبيل الوجوب بل الأولوية. ثم رأيت شيخنا السيد كتب على قوله واقتضاء فاعل كفاعلهما ما نصه: هذا لا ينافي ما بعد؛ لأن ما بعد على الصحيح, وهذا على غيره مجاراة لظاهر النظم ا. هـ. ويؤخذ أيضًا كما قاله سم من تعبيره بالجواز كغيره جواز إضمار فاعل فعل المذكور مفردًا مذكرًا دائمًا كفاعل نعم نحو: كرم رجلًا زيد أو رجلين الزيدان أو رجالًا الزيدون, وكلامه في غير ساء وإن كانت على وزن فعل؛ لأنها ملازمة لأحكام بئس لا تفارقها, كما استظهره الدماميني قال: وهذا إن تحقق كان وجهًا آخر لإفراد ساء بالذكر. قوله: "حب بالزور إلخ" أصل حب حبب نقلت حركة الباء إلى الحاء بعد سلب حركتها وأدغم. والزور بالفتح الزائر يستوي فيه المفرد وغيره. وصفحة كل شيء جانبه. واللمام بكسر اللام جمع لمة بكسرها أيضًا الشعر المجاوز شحمة الأذن فإذا بلغ المنكب سمي جمة بضم الجيم وإذا لم يبلغ شحمة الأذن سمي وفرة. قوله: "نظرًا لما فيه من معنى التعجب" راجع لكل من الثلاثة قبله فجاز الجر بالباء حملًا على أحسن بزيد، وجاز الاستغناء عن أل حملًا على ما أحسن زيدًا, وجاز إضماره على وفق ما قبله حملًا على قولك: الزيدان ما أكرمهما والزيدون ما أكرمهم. قوله: "وذكر ابن عصفور إلخ" في كلام السيوطي أن الذي شذ في هذه الثلاثة بعض العرب لا جميعهم وأن منهم من يحوّلها, وحينئذٍ يكون التمثيل بعلم الرجل صحيحًا فاعرفه. قوله:   786- البيت من المديد، وهو للطرماح بن حكيم في الدرر 5/ 232؛ والمقاصد النحوية 4/ 15؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص687؛ ولسان العرب 4/ 335 "زور"؛ وهمع الهوامع 2/ 89. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 ومِثْلُ نِعْم حبَّذَا الفاعِل ذا ... وأَنْ تُرِدْ ذَمًّا فقُل لا حَبَّذا   العرب شذت في ثلاثة ألفاظ فلم تحولها إلى فعل, بل استعملتها استعمال نعم وبئس من غير تحويل, وهي: علم وجهل وسمع ا. هـ. "ومثل نعم" في المعنى حب من "حبذا" وتزيد عليها بأنها تشعر بأن الممدوح محبوب وقريب من النفس. قال في شرح التسهيل. والصحيح أن حب فعل يقصد به المحبة والمدح، وجعل فاعله ذا ليدل على الحضور في القلب، وقد أشار إلى ذلك بقوله "الفاعل ذا" أي: فاعل حب هو لفظ ذا على المختار. وظاهر مذهب سيبويه, قال ابن خروف: بعد أن مثل بحبذا زيد حب فعل وذا فاعلها وزيد مبتدأ وخبره حبذا هذا قول سيبويه, وأخطأ عليه من زعم غير ذلك. تنبيه: في قوله الفاعل ذا تعريض بالرد على القائلين بتركيب حب مع ذا، ولهم فيه مذهبان: قيل غلبت الفعلية لتقدم الفعل فصار الجميع فعلًا وما بعده فاعل، وقيل غلبت الاسمية لشرف الاسم فصار الجميع اسمًا مبتدأ وما بعده خبر وهو مذهب المبرد وابن السراج ووافقهما ابن عصفور, ونسبه إلى سيبويه. وأجاز بعضهم كون حبذا خبرًا مقدمًا "وإنْ   "في المعنى" أي: إنشاء المدح العام أي: وفي الفعلية على الأصح والمضي والنقل إلى الإنشاء والجمود وتفارقها في أنها لا يجوز في لفظها إلا هيئة واحدة, وفي جواز دخول لا عليها ودخول يا عليها من غير شذوذ بخلاف نعم وإن احتيج إلى التأويل في المحلين ا. هـ. يس. قوله: "حب من حبذا" أشار به إلى أن في عبارة المصنف مسامحة؛ لأن المماثل لنعم حب فقط لا حبذا وإنما ارتكبها اتكالًا على وضوح الحال بقوله الفاعل ذا, وأما قول البعض تبعًا لشيخنا إنما ارتكبها إشارة إلى أن مماثلتها نعم إذا اتصلت بذا فيرده أنها تماثل نعم في نحو: حب رجلًا زيد مما قصد به إنشاء المدح والتعجب, وإن لم تتصل ذا بحب كما مر فتدبر. قوله: "وقريب من النفس" مفاده استفادة القرب من حب لاستلزام الحب له, وهذا لا ينافي استفادته من ذا أيضًا حتى يعارض ما سينقله عن شرح التسهيل. قوله: "على الحضور" أي: حضور معناه لكونه محبوبًا. قوله: "الفاعل ذا" هو كفاعل نعم لا يجوز اتباعه فإذا وقع بعده اسم فهو مخصوص لا تابع لاسم الإشارة سم. قوله: "وزيد مبتدأ" أي: لأنه المخصوص كما علمت والرابط ذا أو العموم إن أريد به الجنس سم. قوله: "هذا" أي: ما ذكر من أن حب فعل وذا فاعلها وزيد مبتدأ خبره حبذا. قوله: "وأخطأ عليه" عداه بعلى لتضمينه معنى كذب, هكذا قال البعض وفيه من إساءة الأدب مع ابن عصفور ما لا يخفى, فالذي ينبغي أنه ضمنه معنى جار مثلًا, وقوله من زعم هو ابن عصفور كما سيأتي في الشرح. قوله: "فصار الجميع فعلًا" ضعف بأنه يلزم عليه تغليب أضعف الجزأين, وبأن تركيب فعل من فعل واسم لا نظير له. قوله: "فصار الجميع اسمًا" أي: بمنزلة قولك المحبوب ا. هـ. دماميني. وضعف بأن حبذا لو كان اسمًا لوجب تكرار لا إن أهملت لا نحو: لا حبذا زيد ولا عمرو وعمل لا في معرفة إن أعملت عمل إن أو ليس وبقي وجه آخر وهو كون حب فعلًا والاسم الظاهر فاعله وذا ملغاة. قوله: "وأجاز بعضهم" أي: بعض القائلين بأن حبذا اسم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 وَأَول ذا المَخْصُوصَ أيًّا كان لا ... تَعْدِل بِذَا فَهوَ يضاهي المَثَلا   ترد ذما فقل لا حبذا" زيد فهي بمعنى بئس. ومنه قوله: 787- ألا حَبَّذا أَهْلُ المَلَا غَيْرَ أَنَّه ... إذا ذُكِرَتْ مَيُّ فلا حَبَّذَا هِيَا "وأول ذا المخصوص" أي: اجعل المخصوص بالمدح أو الذم تابعًا لذا لا يتقدم بحال. قال في شرح التسهيل: أغفل كثير من النحويين التنبيه على امتناع تقديم المخصوص في هذا الباب. قال ابن بابشاذ: وسبب ذلك توهم كون المراد من زيد في حبذا زيد حب هذا, قال في شرح التسهيل: وتوهم هذا بعيد فلا ينبغي أن يكون المنع من أجله, بل المنع من إجراء حبذا مجرى المثل، ويجب في ذا أن يكون بلفظ الإفراد والتذكير "أيا كان" المخصوص أي: أي شيء كان مذكرًا أو مؤنثًا مفردًا أو مثنى أو مجموعًا "لا تعدل بذا" عن الإفراد والتذكير "فهو يضاهي المثلا" والأمثال لا تغير، فتقول حبذا زيد   قوله: "فقل لا حبذا" أورد عليه أن حبذا على الصحيح فعل جامد, ولا إنما تدخل على فعل متصرف, وأجيب بأن الجمود نشأ بعد دخول لا فهي لم تدخل إلا على فعل متصرف, وبأن النفي صار غير مقصود بل المقصود بلا حبذا إثبات الذم, وبالثاني يجاب عن الاعتراض على الأول بأن لا إذا دخلت على فعل متصرف غير دعائي وجب تكرارها. ويجاب أيضًا عنه بأنه لما نقل إلى الإنشاء أشبه الفعل الدعائي. قوله: "وأول ذا المخصوص" ذا مفعول ثان مقدم والمخصوص مفعول أول مؤخر أي: اجعل المخصوص واليا ذا وما في إعراب الشيخ خالد من عكس ذلك غير ظاهر. قوله: "لا يتقدم بحال" أي: لا على ذا ولا على حب. قوله: "وسبب ذلك" أي: امتناع التقديم. قوله: "توهم كون المراد إلخ" أي: فيكون في حب ضمير هو الفاعل عائد على زيد وذا مفعول فيكون مدلول اسم الإشارة غير زيد مع أنه ليس بمراد. قوله: "وتوهم هذا بعيد" وأيضًا هو موجود مع التأخير أيضًا, وإن كان أقوى مع التقديم, قيل وإنما كان هذا التوهم بعيدًا لاشتهار التركيب في غير هذا المعنى, وفيه أن التركيب المشتهر حبذا زيد لا زيد حبذا. قوله: "أيا كان" أيا اسم شرط نصب بشرطه وهو كان على حد، {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110] ، وجملة لا تعدل بذا جواب الشرط على حذف فاء الجزاء, وقوله فهو إلخ تعليل للنهي عن العدول، وعلل مع أن التعليل ليس من وظائف المتون إشارة إلى رد توجيه ابن كيسان الآتي في الشرح أو هو جواب الشرط, وجملة لا تعدل بذا معترضة والباء في بذا إما على بابها وعليه جرى الشارح حيث قال عن الإفراد والتذكير أو بمعنى عن, أي: لا تعدل عن لفظ ذا إلى غيره وضمير فهو يرجع إلى ذا بتقدير مضاف, أي: تركيبه أي: التركيب المشتمل عليه. قوله: "يضاهي المثلا" أي: في كثرة الاستعمال. وقوله والأمثال لا تغير   787- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ملحق ديوانه ص1920 والدرر 5/ 228؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1542؛ وله أو لكنزة أم شملة في المقاصد النحوية 4/ 12؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 99؛ وهمع الهوامع 2/ 69. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 وما سِوَى ذا ارْفَعْ بِحَبَّ أو فَجُرّ ... بالبَا ودُونَ ذا انْضِمامُ الحا كَثُرْ   وحبذا الزيدان وحبذا الزيدون وحبذا هند وحبذا الهندان وحبذا الهندات، ولا يجوز حب ذان الزيدان ولا حب هؤلاء الزيدون ولا حب ذي هند ولا حب تان الهندان ولا حب أولاء الهندات. قال ابن كيسان: إنما لم يختلف ذا؛ لأنه إشارة أبدا إلى مذكر محذوف والتقدير في حبذا هند حبذا حسن هند وكذا باقي الأمثلة. ورد بأنه دعوى بلا بينة. تنبيهات: الأول إنما يحتاج إلى الاعتذار عن عدم المطابقة على قول من جعل ذا فاعلًا، وأما على القول بالتركيب فلا. الثاني لم يذكر هنا إعراب المخصوص بعد حبذا, وأجاز في التسهيل أن يكون مبتدأ والجملة قبله خبره, وأن يكون خبر مبتدأ واجب الحذف, وإنما لم يذكر ذلك هنا اكتفاء بتقديم الوجهين في مخصوص نعم هذا على القول بأن ذا فاعل, وأما على القول بالتركيب فقد تقدم إعرابه. الثالث يحذف المخصوص في هذا الباب للعلم به كما في باب نعم كقوله: 788- أَلا حَبَّذَا لَولا الحَياءُ ورُبَّما ... مَنَحْتُ الهَوَى مَا لَيْس بالمُتَقَارِبِ أي: ألا حبذا ذكر هذه النساء لولا الحياء، وسأذكر ما يفارق فيه مخصوص حبذا مخصوص نعم آخرًا ا. هـ. "وما سوى ذا ارفع بحب أو فجر بالبا" نحو: حب زيد رجلًا   أي: فكذا ما شابهها. قوله: "لأنه إشارة إلخ" وقال الفارسي: لأن المراد منه الجنس همع. قوله: "إلى مذكر محذوف" أي: مضاف إلى المخصوص. قوله: "ورد" أي: هذا التوجيه بأنه دعوى بلا بينة أي: دليل لعدم ظهور هذا المقدر في شيء من كلام العرب. فالصحيح ما مر من أنه إنما لم يختلف لشبهه بالأمثال. قوله: "وأما على القول بالتركيب فلا" أي: لأن المجموع فعل أو اسم مبتدأ وذا ليس إشارة إلى شيء حتى يعتبر فيه المطابقة. نعم يرد أن المطابقة واجبة بين المبتدأ والخبر وهما حبذا والزيدان مثلًا, ولم توجد فيحتاج إلى الاعتذار عن عدم المطابقة بينهما على القول بتركيب حبذا, وجعل المجموع اسمًا بأنه مراعاة لمعنى كل من الزيدين مثلًا فتأمل. قوله: "خبر مبتدأ واجب الحذف" أي: أو مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا على قياس ما تقدم. وذهب بعض إلى أنه بدل وبعض آخر إلى أنه عطف بيان، ويردهما أنه يلزم عليهما وجوب ذكر التابع، ويرد البدل أنه لا يحل محل الأول، ويرد البيان وروده نكرة ا. هـ. دماميني. وفي رد البدل ما تقدم. قوله: "لولا الحياء" جواب لولا محذوف أي: لولا الحياء يمنعني لذكرتهنّ. وقوله منحت أي: أعطيت الهوى أي: هواي ما ليس بالمتقارب أي: القريب أي: ما لا طمع فيه. قوله: "أو فجر بالباء" أي: على قلة بخلاف فاعل نعم فإن جره بالباء ممتنع وفاعل فعل فإن جره بالباء كثير, والفاء زائدة لا عاطفة حتى يستشكل بدخول عاطف على عاطف. قوله: "نحو   788- البيت من الطويل، وهو لمرار "أو لمرداس" بن هماس في الدرر 5/ 223؛ وشرح شواهد المغني ص798؛ والمقاصد النحوية 4/ 24؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص558؛ وهمع الهوامع 2/ 89. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وحب به رجلًا "ودون ذا انضمام الحا" من حب بالنقل من حركة العين "كثر" وينشد بالوجهين قوله: 789- وَحُبَّ بِها مَقْتولَة حِين تُقْتَلُ ... أما مع ذا فيجب فتح الحاء تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: وهذا التحويل مطرد في كل فعل مقصود به المدح، وقال في التسهيل: وكذا في كل فعل حلقي الفاء مرادًا به مدح أو تعجب، الثاني   حب زيد رجلًا" قال البعض: تبعًا اسم هذا صريح في أن فاعل حب يكون علمًا وليس كذلك بل يجب أن يكون اسم جنس محلى بأل أو مضافًا إلى المحلى بها أو ضميرًا مفسرًا بتمييز أو لفظ ما أو من, كما صرح به الشاطبي كفاعل نعم ا. هـ. وما نقله عن تصريح الشاطبي وإن تبادر من عموم قول المصنف: واجعل فعلًا: من ذي ثلاثة كنعم مسجلا مخالف لقول الشارح سابقًا يجوز في فاعل فعل المذكور الجر بالباء والاستغناء عن أل وإضماره, على وفق ما قبله ثم مثل للاستغناء عن أل بنحو: فهم زيد ثم قال: نظرًا لما فيه من معنى التعجب ا. هـ. فتمثيل الشارح بنحو: حب زيد رجلًا موافق لما أسلفه سابقًا. قوله: "ودون ذا" حال من محذوف للعلم به أي: انضمام الحاء من حب حالة كونها دون ذا كثر. وقوله بالنقل أي: بسببه متعلق بانضمام. وقوله من حركة العين المناسب حذف حركة وهذا صريح في أن أصل حب حبب بضم العين أي: صار حبيبًا وبه صرح غيره أيضًا. قوله: "وحب بها إلخ" صدره: فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها الضمير للخمر ومزاجها الماء وقتلها به أضعاف حدتها؛ ولهذا عداه بعن. ومقتولة أي: ممزوجة منصوب على الحال أو التمييز. قوله: "فيجب فتح الحاء" أي: إن جعلتا كالكلمة الواحدة كما في التوضيح. قال المصرح: فإن جعلتا باقيتين على أصلهما جاز الوجهان. قوله: "وهذا التحويل" أي: نقل حركة العين إلى الفاء. قوله: "في كل فعل مقصود به المدح" ظاهره سواء كان حلقي الفاء كحسن أولا كضرب وبه صرح في الارتشاف وإن نظر إلى كلامه في التسهيل قيد بحلقي الفاء.   789- صدره: فقُلتُ اقتلوها عَنْكُم بمزاجِها والبيت من الطويل، وهو للأخطل في ديوانه ص263؛ وإصلاح المنطق ص35؛ وخزانة الأدب 9/ 427، 430، 431؛ والدرر 5/ 229؛ وشرح شواهد الشافية ص14؛ ولسان العرب 11/ 551 "قتل" 15/ 227 "كفى"؛ والمقاصد النحوية 4/ 26؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص108؛ وسر صناعة الإعراب ص143؛ وشرح الأشموني 2/ 382؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 43، 77؛ وشرح ابن عقيل ص461؛ وشرح عمدة الحافظ ص806؛ وشرح المفصل 7/ 129، 141؛ وهمع الهوامع 2/ 89. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قوله كثر لا يدل على أنه أكثر من الفتح. قال الشارح: وأكثر ما تجيء حب مع غير ذا مضمومة الحاء، وقد لا تضم حاؤها كقوله: 790- فَحَبَّذَا رَبًّا وَحَبَّ دِينًا ا. هـ. خاتمة: يفارق مخصوص حبذا مخصوص نعم من أوجه: الأول أن مخصوص حبذا لا يتقدم بخلاف مخصوص نعم وقد سبق بيانه. الثاني أنه لا تعمل فيه النواسخ بخلاف مخصوص نعم. الثالث أن إعرابه خبر مبتدأ محذوف أسهل منه في باب نعم؛ لأن ضعفه هناك نشأ من دخول نواسخ الابتداء عليه, وهي لا تدخل عليه هنا قاله في شرح التسهيل. الرابع أنه يجوز ذكر التمييز قبله وبعده نحو: حبذا رجلًا زيد، وحبذا زيد رجلًا. قال في شرح التسهيل: وكلاهما سهل يسير واستعماله كثير, إلا أن تقديم التمييز أولى وأكثر وذلك بخلاف المخصوص بنعم فإن تأخير التمييز عنه نادر كما سبق. والله أعلم.   قوله: "مدح أو تعجب" لا معنى لتخصيص المصنف المدح بالذكر لمساواة الذم له في الحكم. ثم الصواب أن لو اكتفى بقوله تعجب عن ذكر المدح والذم؛ لأنه نص فيما مضى على أن فعل الجاري مجرى نعم وبئس مضمن معنى التعجب, وإنما ترك المصنف النص على جواز التسكين من غير نقل؛ لأن هذا الحكم ثابت لفعل بضم العين مطلقًا تضمن تعجبًا أو لم يتضمنه بل فعلًا كان أو اسمًا. دماميني. قوله: "لا يدل على أنه أكثر من الفتح" قال سم: قد يقال بل يدل؛ لأن المراد أكثر بالنسبة إلى الفتح فيفيد أنه أكثر منه. قوله: "فحبذا ربا وحب دينًا" من كلامه -صلى الله عليه وسلّم- حين نزل في الخندق. والشاهد في حب دينا. قوله: "وقد سبق بيانه" أي: بكون المصنف صرّح بتقديمه في التسهيل, وإن كانت عبارته هنا, وفي الكافية توهم منع تقديم مخصوص نعم. قوله: "أنه لا تعمل فيه النواسخ بخلاف مخصوص نعم" فإنها تعمل فيه نحو: نعم رجلًا كان زيد. قوله: "نشأ من دخول نواسخ الابتداء" أي: لأنها لا تدخل إلا على المبتدأ. قوله: "يجوز ذكر التمييز إلخ" مثل التمييز الحال كما في التسهيل نحو: حبذا مبذولًا المال وحبذا المال مبذولًا إذا قصد الحال دون التمييز. قوله: "إلا أن تقديم التمييز أولى" أي: لأكثريته فقوله وأكثر عطف علة على معلوم ولعدم الفصل بين التمييز ومميزه, ومن هنا يعلم أن المراد بإيلاء المخصوص لذا إيقاعه بعده وإن لم يتصل به, فالمقصود نفي مقدمه على حبذا لا نفي الفصل بينه وبين ذا. والفرق بين هذا وباب نعم أن الضمير أحوج للتمييز من الإشارة فجعل تاليًا للضمير ذكره سم. وقوله نادر أي: شاذ.   790- قبله: باسم الإله وباسمه بَدَيْنا ... لو عَبَدْنَا غيره شَقِينا والرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص107؛ والدرر 5/ 221؛ ولسان العرب 14/ 67 "بدا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 28؛ ولبعض الأنصار في شرح عمدة الحافظ ص802؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 88، 89. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ: صُغْ مِنْ مَصُوغ مِنْهُ للتَّعَجُّبِ ... أَفْعَلَ للتَّفْضِيلِ وَأْبَ اللَّذْ أبِي   أَفْعَلُ التَّفْضِيل: هو اسم لدخول علامات الأسماء عليه. وهو ممتنع من الصرف للزوم الوصفية ووزن الفعل، ولا ينصرف عن صيغة أفعل إلا أن الهمزة حذفت في الأكثر من خير وشر لكثرة الاستعمال. وقد يعامل معاملتهما في ذلك أحب كقوله: 791- وَحَبُّ شَيْءٍ إلى الإنْسانِ ما مُنِعَا وقد يستعمل خير وشر على الأصل كقراءة بعضهم: {مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ} [القمر: 26] ، ونحو:   أفعل التفضيل : قيل أولى منه التعبير باسم التفضيل ليشمل خيرًا وشرا؛ لأنهما ليسا على زنة أفعل وأولى منهما التعبير باسم الزيادة ليشمل نحو: أجهل وأبخل مما يدل على زيادة النقص لا على الفضل. ويدفع الأول بأن قوله أفعل أي: لفظًا أو تقديرًا وخير وشر من الثاني ويدفع الثاني بأن المراد بالفضل الزيادة مطلقًا في كمال أو نقص. قوله: "للزوم الوصفية ووزن الفعل" اعترضه البعض بأنه كان أولى حذف لزوم؛ لأن المقتضي لمنع الصرف الوصفية ووزن الفعل ولا دخل للزوم في اقتضاء منع الصرف، ولك دفعه بأن إضافة لزوم إلى الوصفية من إضافة الصفة إلى الموصوف أي: للوصفية اللازمة أي: الأصلية؛ لأن الوصفية العارضة لا تمنع الصرف كما يأتي في قول المصنف: وألغين عارض الوصفيه إلخ فاعرفه. قوله: "ولا ينصرف" أي: لفظًا وتقديرًا وقوله: إلا أن الهمزة إلخ أي: فخير وشر انصرفا عن صيغة أفعل لفظًا لا تقديرًا. فقول البعض أي: لفظًا أو تقديرًا فيه ما فيه. قوله: "حذفت في الأكثر من خير وشر" أي: في التفضيل, أما في التعجب فالغالب ما أخيره وما أشره وندر ما خيره وما شره. دماميني. قوله: "لكثرة الاستعمال" أي: فهما شاذان قياسًا لا استعمالًا وفيهما شذوذ من جهة أخرى وهي كونهما لا فعل لهما. قوله: "في ذلك" أي: في حذف الهمزة لا في كثرة الاستعمال كما يؤخذ من تعبيره بقد. قوله: "من الكذاب الأشرّ" بفتح   791- صدره: وزادني كَلَفًا بالحُبِّ ما مَنَعَت والبيت من البسيط، وهو للأحوص في ديوانه ص153؛ والأغاني 4/ 301؛ وتذكرة النحاة ص48، 604؛ والحماسة الشجرية 1/ 521؛ وشرح عمدة الحافظ ص770؛ والعقد الفريد 3/ 306؛ وهو لمجنون ليلى في ديوانه ص158؛ وبلا نسبة في الدرر 6/ 266؛ وعيون الأخبار 2/ 5؛ ولسان العرب 1/ 292 "حبب"؛ ونوادر أبي زيد ص27؛ وهمع الهوامع 2/ 166. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   792- بِلالُ خَيْر النَّاسِ وابْنُ الأَخْيَرِ "صغ من" كل "مصوغ منه للتعجب" اسمًا موازنًا "أفعل للتفضيل" قياسًا مطردًا نحو: هو أضرب وأعلم وأفضل كما يقال ما أضربه وأعلمه وأفضله "وأب" هنا "اللذ أبي" هنا لكونه لم يستكمل الشروط المذكورة ثمة, وشذ بناؤه من وصف لا فعل له كهو أقمن به أي: أحق، وألص من شِظاظ. هكذا قال الناظم وابن السراج. لكن حكى ابن القطاع لصص بالفتح إذا استتر. ومنه اللص بتثليث اللام. وحكى غيره لصصه إذا أخذه بخفية. ومما زاد على ثلاثة كهذا الكلام أخصر من غيره، وفي أفعل المذاهب الثلاثة. وسمع هو أعطاهم للدراهم وأولاهم للمعروف وهذا المكان أقفر من غيره ومن فعل المفعول كهو أزهى من   الشين وتشديد الراء. قوله: "ونحو: بلال خير الناس وابن الأخير" شطر بيت من الرجز بدليل قول الفارضي نحو: قول الشاعر بلال إلخ وبلال بمنع الصرف للضرورة. قوله: "من كل مصوغ منه" أخذ الكلية من مقام البيان لا من النكرة؛ لأنها في سياق الإثبات لا تدل على العموم, ومنه نائب فاعل مصوغ. قوله: "نحو: هو أضرب" عدد الأمثلة إشارة إلى أنه لا فرق في المصوغ منه بين مفتوح العين ومكسورها ومضمومها. قوله: "لكونه إلخ" علة لأب أو أبي, وقوله ثمة أنسب بالثاني خلافًا للبعض. قوله: "وألص من شظاظ" بكسر الشين المعجمة وظاءين معجمتين اسم رجل من ضبة كان لصا. زكريا. قوله: "ومما زاد" أي: وشذ بناؤه مما زاد. قوله: "كهذا الكلام أخصر من غيره" أي: لصوغه من اختصر. وفيه شذوذ من جهة أخرى, وهي صوغه من المبني للمجهول. قوله: "وفي أفعل" أي: وفي بناء أفعل التفضيل من أفعل المذاهب الثلاثة المتقدمة في التعجب: الجواز مطلقًا والمنع مطلقًا, والجواز إن كانت الهمزة لغير النقل والمنع إن كانت للنقل. قوله: "وسمع إلخ" المثالان الأولان شاذان على القول بالمنع مطلقًا, وعلى القول بالتفصيل قياسيان على القول بالجواز مطلقًا, والمثال الثالث شاذ على القول بالمنع مطلقًا قياسي على غيره, والقفر مكان لا نبات فيه ولا ماء. قوله: "كهو أزهى من ديك" حكى ابن دريد بناء فعله للفاعل ولا شذوذ عليه ا. هـ. تصريح إلا أن يقال المتبادر صوغ أزهى من المبني للمفعول لكثرته وندور المبني للفاعل كما تقدم نظير ذلك في التعجب عن التصريح. قال زكريا: وخص الديك بالذكر؛ لأنه ينظر إلى حسن ألوانه ويعجب بنفسه. قوله: "وأشغل من ذات النحيين" إنما كان مصوغًا من المبني للمفعول؛ لأن المراد أنها أكثر مشغولية؛ لأنها أكثر شغلًا لغيرها, وإن كان يصاغ من المبني للفاعل إذا ناسب المقام ومن مجيء فعله مبنيا للفاعل، {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} [الفتح: 11] ، فما ذكره ابن الناظم   792- الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 265؛ وشرح التصريح 2/ 101؛ وشرح عمدة الحافظ ص770؛ وهمع الهوامع 2/ 166. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 ومَا بِهِ إلى تَعَجُّبٍ وُصِل ... لِمَانِع بِهِ إلى التَّفْضِيلِ صِل   ديك، وأشغل من ذات النحيين، وأعني بحاجتك. وفيه ما تقدم عن التسهيل في فعلي التعجب "وما به إلى تعجب وصل لمانع" من أشد وما جرى مجراه "به إلى التفضيل صل" عند مانع صوغه من الفعل، لكن أشد ونحوه في التعجب فعل وهنا اسم وينصب هنا   من أن شغل مما لزم البناء للمفعول غير مسلم. والنحيين تثنية نحى بكسر النون وسكون الحاء المهملة زق السمن. وذات النحيين امرأة من تيم الله بن ثعلبة كانت تبيع السمن في الجاهلية, فأتى خوات بن جبير الأنصاري قبل إسلامه فساومها فحلت نحيًا, فقال لها: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره, ثم حل الآخر, وقال لها: أمسكيه فلما شغل يديها حاورها حتى قضى منها ما أراد وهرب ثم أسلم وشهد بدرًا رضي الله تعالى عنه. قوله: "وأعني بحاجتك" سمع فيه عني كرضي بالبناء للفاعل ولا شذوذ عليه إلا أن يقال ما مر. قوله: "وفيه ما تقدم عن التسهيل" أي: من أنه قد يبنى فعلا التعجب من فعل المفعول إن أمن اللبس وعليه فيبنى منه أفعل التفضيل إن أمن اللبس. قوله: "وما به إلخ" يستثنى من ذلك فاقد الصوغ للفاعل وفاقد الإثبات فإن أشد يأتي هناك ولا يأتي هنا؛ لأن المؤول بالمصدر معرفة والتمييز واجب التنكير كما نبه عليه الموضح, والظاهر أنه لا استثناء عند من يجوز تعريف التمييز من الكوفيين, على أنه كما قال اسم يتأتى التوصل بنحو: أشد إلى التفضيل من المبني للمفعول الذي لا لبس فيه بالمبني للفاعل لصحة الإتيان بالمصدر الصريح حينئذٍ على أنه مصدر المبني للمفعول, وإن كان بصورة مصدر المبني للفاعل, ومن فاقد الإثبات إذا أضيف العدم أو الانتفاء إلى المصدر الصريح كما مر في التعجب. واعلم أن في قول المصنف وما به إلخ تقديم نائب الفاعل على الفعل وهو جائز في الضرورة, كتقديم الفاعل بل أولى كما أسلفناه في باب الفاعل, بل لا يبعد عندي جواز تقديم نائب الفاعل اختيارًا إذا كان ظرفًا أو مجرورًا لعدم علة منع التقديم, وهي التباس الجملة الفعلية بالاسمية كما قدمناه في باب نائب الفاعل, ومثل ذلك يقال في نحو قوله في باب التصغير: وما به لمنتهى الجمع وصل إلخ فكن على بصيرة. قوله: "به إلى التفضيل صل" قال الدماميني: ههنا بحث وهو أن أفعل التفضيل يقتضي اشتراك المفضل والمفضل عليه في أصل الحدث وزيادة المفضل على المفضل عليه فيه؛ فيلزم في كل صورة توصل فيها بأشد أن تكون الشدة موجودة في الطرفين وزائدة في طرف المفضل, وهذا قيد يتخلف باعتبار القصد فإنك قد تقصد اشتراك زيد وعمرو في الاستخراج مثلًا لا في شدته, وأن استخراج زيد شديد بالنسبة إلى استخراج عمرو, ولا أشد فكيف يتأتى التوصل في مثل ذلك بأشد مع دلالته على خلاف المقصود ا. هـ. قوله: "لكن أشد إلخ" دفع بالاستدراك توهم تساوي المنصوبين بعد أشد هنا وفي التعجب, وإن لم توهمه عبارة المصنف. قوله: "وينصب هنا إلخ" أخذه من قول المصنف في باب التمييز: والفاعل المعنى انصبن بأفعلا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 وَأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ صِله أَبَدَا ... تَقْدِيرًا أو لَفْظًا بِمِن إن جُرِّدَا   مصدر الفعل المتوصل إليه تمييزًا فتقول زيد أشد استخراجًا من عمرو، وأقوى بياضًا، وأفجع موتًا "وأفعل التفضيل صله أبدا تقديرًا أو لفظًا بمن إن جردا" من أل والإضافة جارة للمفضول. وقد اجتمعا في {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} أي: منك. أما المضاف والمقرون بأل فيمتنع وصلهما بمن. تنبيهات: الأول اختلف في معنى من هذه، فذهب المبرد ومن وافقه إلى أنها لابتداء الغاية وإليه ذهب سيبويه، لكن أشار إلى أنها تفيد مع ذلك معنى التبعيض فقال في هو أفضل من زيد: فضله على بعض ولم يعم. وذهب في شرح التسهيل إلى أنها بمعنى المجاوزة, وكأن القائل زيد أفضل من عمرو قال، جاوز زيد عمرًا في الفضل: قال ولو كان   إلخ وبهذا يندفع ما يقال الإحالة على باب التعجب توهم جواز نصب المصدر هنا وجره بالباء وأن نصبه على المفعول به, وكلاهما غير صحيح. قاله الشاطبي. قوله: "وأفجع موتًا" فيه أن هذا المثال ليس مما نحن فيه؛ لأن المقصود الإخبار بالزيادة في الفجعة لا في الموت فهو على الأصل. قوله: "صله أبدا" أي: إن أبقى على أصله من إفادة الزيادة على معين فإن عري عنها لم يجب وصله بمن لا لفظًا ولا تقديرًا كما ستعرفه. قوله: "تقديرًا" أي: بأن تحذف مع مجرورها للعلم به فلو لم يعلم لم يجز الحذف وقد يذكر مع العلم نحو: {قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} [الجمعة: 11] ، قاله الدماميني. قوله: "فيمتنع وصلهما بمن" أي: التي الكلام فيها وهي الجارة للمفضول. ووجه الامتناع أن الوصل في المجرد إنما وجب ليعلم المفضول، وهو مع الإضافة مذكور صريحًا, ومع أل في حكم المذكور؛ لأن أل إشارة إلى معين تقدم ذكره لفظًا أو حكمًا وتعيينه يشعر بالمفضول، فعلى هذا لا تكون أل في أفعل التفضيل إلا للعهد؛ لئلا يعرى عن ذكر المفضول أفاده شارح الجامع. قوله: "اختلف في معنى من هذه" أي: على ثلاثة أقوال: قول المبرد، وقول سيبويه، وقول المصنف في شرح التسهيل. قوله: "لابتداء الغاية" أي: المسافة في ارتفاع نحو: خير منه أو انحطاط نحو: شر منه. قوله: "وإليه ذهب سيبويه" الضمير يرجع إلى أنها لابتداء الغاية لا بقيد كونه فقط كما يقول المبرد بدليل ما بعد. قوله: "معنى التبعيض" يؤخذ من قول سيبويه في هو أفضل من زيد فضله على بعض ولم يعم أن المراد بالتبعيض كون مجرورها بعضًا لا التبعيض المتقدم في حروف الجر، وحينئذٍ لا ينهض الوجه الأول من وجهي إبطال التبعيض الآتيين. قوله: "إلى أنها بمعنى المجاوزة" أي: مجاوزة الفاضل المفضول بمعنى زيادته عليه في الوصف والمراد أنها تفيد ذلك مع بقية التركيب, فسقط الاعتراض بأنها لو كانت للمجاوزة لصح أن تقع موقعها عن على أن صحة وقوع المرادف موقع مرادفه إذا لم يمنع مانع. وهنا منع مانع وهو الاستعمال؛ لأن اسم التفضيل لا يصاحب من حروف الجر إلا من, وهذا الجواب الثاني ذكره المصرح والشمني وهو أولى؛ لأن التزام كون المفيد للمجاوزة جملة التركيب مع كونه قابلًا للمنع يؤدي إلى عدم حسن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الابتداء مقصودًا لجاز أن يقع بعدها، إلى أن قال: ويبطل كونها للتبعيض أمران: أحدهما عدم صلاحية بعض موضعها, والآخر كون المجرور بها عاما نحو: الله أعظم من كل عظيمن, والظاهر كما قاله المرادي ما ذهب إليه المبرد، وما رد به الناظم ليس بلازم؛ لأن الانتهاء قد يترك الإخبار به لكونه لا يعلم أو لكونه لا يقصد الإخبار به ويكون ذلك أبلغ في التفضيل إذ لا يقف السامع على محل الانتهاء. الثاني أكثر ما تحذف من ومجرورها إذا كان أفعل خبرًا كالآية، ويقل إذا كان حالًا كقوله: 793- دَنَوتِ وَقَد خِلنَاكِ كالبَدْرِ أَجْمَلا أي: دنوت أجمل من البدر، أو صفة كقوله: 794- تَرَوَّحِي أَجْدَرُ أَنْ تَقْيلِي ... غدًا بِجَنْبَي بارِد ظَلِيل أي: تروحي وأتى مكانًا أجدر من غيره بأن تقيلي فيه. الثالث قوله صله يقتضي أنه لا   تقابل الأقوال الثلاثة فالأولى أن المفيد لها من وبقية التركيب قرينة على إرادة المجاوزة من من فتدبر. قوله: "كون المجرور بها عاما" أي: إنه قد يكون عاما. قوله: "من كل عظيم" أوضح منه في العموم من كل شيء. قوله: "والظاهر ما ذهب إليه المبرد" أي: من كونها لابتداء الغاية فقط, ووجه ظهوره أن من لا تحمل على غير الابتداء إلا إذا منع منه مانع؛ لأنه أشهر معانيها وهنا لا مانع منه فلا حاجة إلى إخراجها عنه. قوله: "ليس بلازم" أي: في جميع مواقع استعمال من الابتدائية. قوله: "لأن الانتهاء قد يترك إلخ" منه يعلم أن المراد بكون المجرور هو المفضل عليه أنه الذي قصد بيان التفضيل عليه وإلا فالمفضل عليه في الواقع قد يكون أكثر من ذلك. وكذا يقال في معنى كون المضاف إليه هو المفضل عليه أفاده سم. قوله: "ويكون ذلك" أي: ترك الإخبار بالانتهاء سواء كان تركه لعدم علمه أو لعدم قصد الإخبار به, فقول البعض إن قوله ويكون ذلك إلخ راجع للثاني فقط كما هو الظاهر غير ظاهر. قوله: "كالآية" هي قوله تعالى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف: 34] ، ومحل التمثيل من الآية قوله تعالى: {وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف: 34] . قوله: "أي: تروّحي وأتى مكانًا إلخ" هذا التقدير إنما يناسب ما قاله بعضهم من أن الخطاب للناقة. وتروّحي بمعنى سيري في الرواح أي: العشي ولا يناسب ما قاله آخر وصوّبه العيني   793- عجزه: فظَلَّ فؤادي في هَواك مُضَلَّلا والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 290، 389؛ وشرح التصريح 2/ 103؛ وشرح ابن عقيل ص463؛ والمقاصد النحوية 4/ 50. 794- الرجز لأحيحة بن الجلاح في شرح التصريح 2/ 103؛ والمقاصد النحوية 4/ 36؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 291، 390؛ وخزانة الأدب 5/ 57. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يفصل بين أفعل وبين من، وليس على إطلاقه بل يجوز الفصل بينهما بمعمول أفعل, وقد فصل بينهما بلو وما اتصل بها كقوله: 795- وَلَفُوكِ أَطْيَبُ لو بَذَلتِ لنا ... مِن مَاءِ مَوهَبَةٍ على خَمْرِ ولا يجوز بغير ذلك. الرابع إذا بني أفعل التفضيل مما يتعدى بمن جاز الجمع بينهما وبين من الداخلة على المفضول مقدمة أو مؤخرة نحو: زيد أقرب من عمرو من كل خير، وأقرب من كل خير من عمرو. الخامس قد تقدم أن المضاف والمقرون بأل يمتنع اقترانهما بمن المذكورة فأما قوله: 796- نَحْنُ بِغَرْسِ الوَدِي أَعْلَمُنَا ... مِنَّا بِرَكْضِ الجِيادِ في السَّدَفِ   من أن الخطاب لصغار النخيل. وتروّحي من تروح النبت إذا طال. وأجدر على تقدير وخذي مكانًا أجدر. وقوله بأن تقيلي فيه أي: تمكثي فيه وقت الظهيرة. وعلى أن الخطاب لصغار النخيل تكون القيلولة كناية عن نموها وزهوتها كما في العيني، بجنبي بارد ظليل أي: في مكان بارد ذي ظل. قوله: "وليس على إطلاقه" أي: بل في مفهومه تفصيل فلا يعترض. قوله: "بمعمول أفعل" كقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] . قوله: "بلو وما اتصل بها" مثل ذلك الفصل بالنداء وممن صرح بجوازه الدماميني والسيوطي. قوله: "لو بذلت لنا" لو للتمني أو شرطية حذف جوابها أي: لأحسنت إلينا مثلًا. والموهبة نقرة يستنقع فيها الماء ليبرد. وقوله: على خمر صفة ماء أي: حاصل على خمر. قوله: "ولا يجوز بغير ذلك" يرد عليه النداء لما عرفت. قوله: "وأقرب من كل خير من عمرو" لا يقال هذا من صور الفصل بمعمول أفعل ففي كلامه تكرار؛ لأنا نقول ذكره هنا ليس من حيث الفصل بل من حيث تقديم من المعدية على من الجارة للمفضول فلا تكرار. قوله: "بمن المذكورة" أي: الداخلة على المفضل عليه أما غيرها فلا يمتنع الجمع بينها وبين أل أو الإضافة كقوله: فهم الأقربون من كل خير ... وهم الأبعدون من كلّ ذم وكقولك: زيد أقرب الناس مني. قوله: "الوديّ" بفتح الواو وكسر الدال المهملة وتشديد الياء جمع ودية؛ وهي النخلة الصغيرة. والجياد جمع جواد وهو الذكر أو الأنثى من الخيل.   795- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الاشتقاق ص374؛ وجمهرة اللغة ص383؛ والدرر 5/ 297؛ وشرح عمدة الحافظ ص764؛ ولسان العرب 1/ 804 "وهب"؛ والمقاصد النحوية 4/ 54؛ وهمع الهوامع 4/ 54. 796- البيت من المنسرح، وهو لقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص236؛ ولسعد القرقرة في فصل المقال ص210، 211؛ ولسان العرب 9/ 147 "سدف" ولسعد أو لقيس بن الخطيم في شرح شواهد المغني 2/ 845؛ والمقاصد النحوية 4/ 55؛ وللأنصاري في لسان العرب 15/ 386 "ودي"؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 219. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 وإِنْ لِمَنْكُوَرٍ يُضَفْ أو جُرِّدَا ... أُلزِمَ تَذْكيرًا وأنْ يُوَحَّدا   وقوله: 797- وَلَسْتُ بالأَكْثَرِ منهم حَصًى فمؤولان "وإن لمنكور يضف" أفعل التفضيل "أو جردا" من أل والإضافة "ألزم تذكيرًا وأن يوحدا" فتقول زيد أفضل رجل وأفضل من عمرو، وهند أفضل امرأة وأفضل من   والسدف بفتح السين والدال المهملتين والفاء الصبح. قوله: "ولست" بتاء الخطاب كما قاله العيني, وحصى تمييز أي: عددًا وتمام البيت: وإنما العزة للكاثر أي: للفائق في الكثرة من كثرة بالتخفيف إذا غلبه في الكثرة, فقول البعض تبعًا للعيني أي: الكثير فيه مساهلة. قوله: "فمؤولان" مما أول به الأول إلغاء المضاف إليه أو جعل منا متعلقًا بمحذوف بدل من أعلمنا أي: أعلم منا. ومنع ابن جني الإضافة وجعل نا مرفوعًا مؤكدًا للضمير في أعلم نائبًا عن نحن. ومما أول به الثاني جعل أل زائدة أو جعل منهم متعلقًا بمحذوف. قوله: "ألزم تذكيرًا وأن يوحدا" لأن المجرد أشبه بأفعل في التعجب وهو لا يتصل به علامة تثنية ولا جمع ولا تأنيث, والمضاف للنكرة بمنزلة المجرد في التنكير. قوله: "زيد أفضل رجل" أصله زيد أفضل من كل رجل فحذف من كل اختصارًا وأضيف أفعل إلى رجل، وجاز كونه مفردًا مع كون أفعل بعض ما يضاف إليه فالأصل أن يكون جمعًا لفهم المعنى وعدم التباس المراد. ووجب تنكيره؛ لأن القاعدة أن كل مفرد وقع موقع الجمع لا يكون إلا نكرة, فإن جئت بأل رجعت إلى الجمع وإن جمعت أدخلت أل فإن عطفت على المضاف إلى النكرة مضافًا إلى ضميرها, قلت: هذا أفضل رجل وأعقله وهذه أكرم امرأة وأعقله بتذكير الضمير وإفراده في المفرد وضده والمذكر وضده على التوهم, كأنك قلت من أول الكلام، فإن أضفت أفعل إلى معرفة ثنيت وجمعت وأنثت وهو القياس. وأجاز سيبويه الإفراد تمسكًا بقوله: ومية أحسن الثقلين جيدا ... وسالفة وأحسنه قذالا أي: أحسن من ذكر نقله شيخنا عن يس وأقره هو والبعض. وظاهره وجوب تذكير الضمير وإفراده في نحو: هذه أكرم امرأة وأعقله، وهذان أكرم رجلين وأعقله، وهكذا والوجه عندي جواز   797- عجزه: وإنما العِزَّة للكاثِرِ والبيت من السريع، وهو للأعشى في ديوانه ص193؛ والاشتقاق ص65؛ وأوضح المسالك 3/ 295؛ وخزانة الأدب 1/ 185، 3/ 400، 8/ 250، 254؛ والخصائص 1/ 185، 3/ 236؛ وشرح التصريح 2/ 104؛ وشرح شواهد الإيضاح ص351؛ وشرح شواهد المغني 2/ 902؛ وشرح المفصل 6/ 100، 103؛ ولسان العرب 5/ 132 "كثر" 9/ 147 "سدف"؛ 14/ 183 "حصى"؛ ومغني اللبيب 2/ 572؛ والمقاصد النحوية 4/ 38؛ ونوادر أبي زيد ص25؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص422؛ وخزانة الأدب 2/ 11؛ وشرح ابن عقيل ص465؛ وشرح المفصل 3/ 6. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 وتِلوُ أل طِبْقٌ وما لمِعْرِفَه ... أُضِيفَ ذو وَجْهَينِ عن ذِي مَعْرِفَه   دعد، والزيدان أفضل رجلين وأفضل من بكر، والزيدون أفضل رجال وأفضل من خالد، والهندان أفضل امرأتين وأفضل من دعد، والهندات أفضل نسوة وأفضل من دعد. ولا تجوز المطابقة. ومن ثم قيل في أخر أنه معدل عن آخر. وفي قول ابن هانئ: 798- كَأَنَّ صُغْرَى وكُبْرَى من فَقَاقِعِهَا إنه لحن. تنبيه: يجب في هذا النوع مطابقة المضاف إليه الموصوف كما رأيت. وأما {وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} فتقديره أول فريق كافر به "وتلو أل طبق" لما قبله من مبتدأ أو   المطابقة إن لم تكن واجبة أو أولى فتأمل. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل لزوم المجرد التذكير والإفراد. قيل في أخر جمع أخرى مؤنث آخر إنه معدول عن آخر الذي هو المستحق لأن يستعمل؛ لأنه على وزن أفعل التفضيل وبمعناه في الأصل؛ لأن معناه الأصلي أشد تأخرًا وإن صار بمعنى مغاير. قوله: "وفي قول ابن هانىء" هو أبو نواس الحسن بن هانئ. قوله: "من فقاقعها" هي النفاخات التي تعلو الماء أو الخمرة. قال يس: والمحفوظ في البيت من فواقعها بالواو. قوله: "إنه لحن" أي: حيث أنث صغرى وكبرى والواجب التذكير, وسيأتي تصحيحه في كلام الشارح. قوله: "يجب في هذا النوع" قال البعض: أورد عليه قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: 5] ا. هـ. أقول في البيضاوي وحاشيته للشيخ زاده ما ملخصه إن أسفل إما صفة أمكنة محذوفة أي: إلى أمكنة أسفل سافلين وهي النار أو أزمنة محذوفة أي: إلى أزمنة أسفل سافلين وهي أرذل العمر أو حال أي: رددناه أي: صرفناه عن أحسن الصور حال كونه أسفل سافلين وهم أصحاب النار, وعلى الوجه الثاني يكون الاستثناء بعد منقطعًا وعلى الأول والأخير متصلًا والمستثنى منه الضمير المنصوب في قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ} لأنه في معنى الجمع لرجوعه إلى الإنسان المراد منه الجنس ا. هـ. أي: والجمع بالياء والنون على الأولين لتغليب العاقل. إذا علمت ذلك علمت أن الإيراد مدفوع وأن الاقتصار عليه قصور وتقصير, على أن المنقول عن الشاطبي أنه ذكر أن محل وجوب مطابقة المضاف إليه للموصوف إذا كان المضاف إليه جامدًا أما إذا كان مشتقا كما في الآية فلا. والله أعلم. ويجب أيضًا كونه من جنسه فلا يقال زيد أفضل امرأة؛ لأن أفعل بعض ما يضاف إليه. قوله: "الموصوف" أراد به هنا ما يشمل الموصوف معنى فقط, كالمبتدأ فهو أعم من الموصوف في قوله بعد من مبتدأ أو موصوف. قوله: "فتقديره أول فريق كافر به" أي: وفرق جمع في المعنى فحصلت المطابقة باعتبار   798- عجزه: حصباءُ دُرٍّ على أرض من الذَهَبِ والبيت من البسيط، وهو لأبي نواس في ديوانه ص34؛ وخزانة الأدب 8/ 277، 315، 318؛ وشرح قطر الندى ص316؛ وشرح المفصل 6/ 102؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 380. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 هذا إذا نَوَيْتَ مَعْنَى مِن وإنْ ... لم تَنْوِ فهو طِبْقُ ما بِهِ قُرِنْ   موصوف نحو: زيد الأفضل، وهند الفضلى، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون، والهندان الفضليان، والهندات الفضليات أو الفضل. وكذلك مررت بزيد الأفضل وبهند الفضلى إلى آخره. ولا يؤتى معه بمن كما سبق "وما لمعرفة أضيف ذو وجهين" منقولين "عن ذي معرفة" هما المطابقة وعدمها "هذا إذا نويت" بأفعل "معنى من" أي: التفضيل على ما أضيف إليه وحده، فتقول على المطابقة الزيدان أفضلا القوم، والزيدون أفضلو القوم وأفاضل القوم، وهند فضلى النساء والهندان فضليا النساء، والهندات فضل النساء وفضليات النساء. ومنه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123] ، وعلى عدم المطابقة الزيدان أفضل القوم، والزيدون أفضل القوم, وهكذا إلى آخره. ومنه: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ   المعنى وأفرد كافر باعتبار إفراد فريق في اللفظ. قوله: "طبق" أي: مطابق؛ لأن اقترانه بأل أضعف شبهه بأفعل في التعجب. قوله: "والزيدون الأفضلون" أي: أو الأفاضل ولو زاده كما فعل في نظيره لكان أحسن. قوله: "ذو وجهين" فالمطابقة لمشابهته المحلى بأل في الخلو عن لفظ من وعدم المطابقة لمشابهته المجرد لنية معنى من. قوله: "هذا إذا نويت إلخ" ظاهر صنيعه أن قصد التفضيل على المضاف إليه وحده تارة وعلى كل ما سواه تارة أخرى, وعدم قصد التفضيل رأسًا تارة أخرى يختص بالمضاف إلى معرفة, والذي سينقله الشارح في التنبيه الآتي عن المصنف في شرح التسهيل صريح في أن المجرد بدون من قد يعرى عن معنى التفضيل رأسًا وأن فيه حينئذٍ وجهين لزوم الإفراد والتذكير وهو المشهور والمطابقة, ولا يبعد أن يقاس على ذلك ما إذا عري المضاف إلى النكرة عن معنى التفضيل, أو قصد به التفضيل على المضاف إليه وغيره نحو: الأشج والناقص أعدلا بني مروان ونحو: محمد -صلى الله عليه وسلّم- أفضل قرشي فتدبر. قوله: "معنى من" أي: المعنى الحاصل معها؛ لأن التفضيل ليس نفس معناها, وإنما هو مستفاد من أفعل كما علم مما قدمه الشارح. قوله: "ومنه" أي: من القول الجاري على المطابقة قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا} [الأنعام: 112 و123] إلخ. قال البعض: فأكابر مفعول أول جعلنا مضاف إلى مجرميها وفي كل قرية المفعول الثاني ا. هـ. ولا يخفى ما يلزم عليه من ضعف المعنى. والأولى عندي على الإضافة تفسير الجعل بالتمكين كما في البيضاوي. ويحتمل أن في كل قرية ظرف لغو متعلق بجعلنا, وأكابر مفعول ثان ومجرميهما مفعول أول، أو في كل قرية الثاني ومجرميها بدل, وعلى هذين الوجهين جعلنا بمعنى صيرنا ولا إضافة ولا يرد ما سيذكره الشارح من أنه يلزم عليه المطابقة في المجرد وهي ممتنعة؛ لأن الإضافة منوية أي: أكابرها فتأمل. قوله: "ومنه" أي: من القول الجاري على عدم المطابقة قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: 96] ، فأحرص مفعول ثان لتجد ولو طابق لقال أحرصي. قوله: "وهذا" أي: عدم المطابقة. قوله: "فإن قدر" أي: ابن السراج دفعًا لما يقال كيف يوجب عدم المطابقة وقد وردت في أكابر مجرميها. قوله: "المطابقة في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أَحْرَصَ النَّاسِ} [البقرة: 96] ، وهذا هو الغالب، وابن السراج يوجبه فإن قدر أكابر مفعولًا ثانيًا ومجرميها مفعولًا أول لزمه المطابقة في المجرد. وقد اجتمع الاستعمالان في قوله -صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني منازل يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقًا". "وإن لم تلو" بأفعل معنى من بأن لم تنو به المفاضلة أصلًا أو تنويها لا على المضاف إليه وحده بل عليه وعلى كل ما سواه "فهو طبق ما به قرن" وجهًا واحدًا كقولهم: الناقص والأشج أعدلا بني مروان، أي: عادلاهم، ونحو: محمد -صلى الله عليه وسلم- أفضل قريش، أي: أفضل الناس من بين قريش. وإضافة هذين النوعين لمجرد التخصيص؛ ولذلك جازت إضافة أفعل فيهما إلى ما ليس هو بعضه، بخلاف المنوي فيه معنى من فإنه لا يكون إلا بعض ما أضيف إليه، فلذلك يجوز: يوسف أحسن إخوته إن قصد الأحسن من بينهم، أو قصد حسنهم، ويمتنع   المجرد" أي: وهي ممتنعة كما مر في النظم. فإن قال: الإضافة منوية كما مر وقع فيما فر منه. قوله: "وقد اجتمع الاستعمالان في قوله إلخ" أي: حيث أفرد أحب وأقرب وجمع حسن, وجعل الزمخشري أحسن من قسم ما قصد فيه الزيادة المطلقة, فلذا بخلاف أحب وأقرب فإنهما من قسم ما قصد فيه التفضيل على المضاف إليه وحده, فلذا أفرد. وقوله: أحاسنكم أخلاقًا استئناف بياني. قوله: "أو تنويهًا" بالنصب عطفًا على لم تنو وفي بعض النسخ أو تنوهًا بحذف الياء ولا وجه له. قوله: "فهو طبق ما به قرن" من مبتدأ أو موصوف تشبيهًا بالمحلى بأل في الخلو من لفظ من ومعناها. قوله: "وجهًا واحدًا" لا يقال هذا ينافيه ما سينقله الشارح عن شرح التسهيل من أن المشهور في أفعل العاري عن معنى التفضيل التزام الإفراد والتذكير لما ستعرفه من أن ما في شرح التسهيل في المجرد من أل والإضافة دون من. قوله: "كقولهم إلخ" فيه مع ما قبله لف ونشر مرتب. قوله: "الناقص والأشج أعدلا بني مروان" أي: عادلاهم؛ لأنه لم يشاركهما أحد من بني مروان في العدل. والناقص هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان سمي بذلك لنقصه أرزاق الجند. والأشج عمر بن عبد العزيز بن مروان سمي بذلك لشجة أصابته بضرب الدابة. قوله: "من بين قريش" أي: حال كونه من بينهم أي: من وسطهم وخيارهم. قوله: "لمجرد التخصيص" أي: تخصيص الموصوف بأنه من القوم الفلاني مثلًا لا لبيان المفضل عليه سم. قوله: "إلى ما" أي: مضاف إليه ليس هو أي: أفعل بعضه أي: المضاف إليه الواقع عليه ما ولجريان الصفة على غير ما هي له أبرز الضمير. قوله: "إلا بعض ما أضيف إليه" أي: مشمولًا لما أضيف إليه بحسب المعنى الوضعي وإن كان غير مشمول له بحسب المراد منه في المقام إذ المراد من المضاف إليه غير الموصوف مما يشاركه في المعنى الوضعي فلا يلزم تفضيل الشيء على نفسه قاله سم, وفي كلام الدماميني أن الحصر الذي ذكره الشارح مذهب البصريين دون الكوفيين. قوله: "فلذلك" أي: لكون المنوي فيه معنى من لا يكون إلا بعض ما أضيف إليه, وما لم ينو فيه معنى من لعدم نية المفاضلة أصلًا, أو نيتها لا على المضاف إليه وحده بل على كل ما سواه لا يجب فيه ذلك. قوله: "إن قصد الأحسن من بينهم أو قصد حسنهم" لأن أفعل على هذين الوجهين ليس على معنى من فلا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إن قصد أحسن منهم. تنبيه: يرد أفعل التفضيل عاريًا عن معنى التفضيل نحو: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ}   يجب كونه بعض ما أضيف إليه وقوله. ويمتنع إن قصد أحسن منهم أي: لكون المنوي فيه معنى من يجب أن يكون بعض ما أضيف إليه, وأفعل هنا ليس بعض ما أضيف إليه, وإلا لزم إضافة الشيء إلى نفسه في إخوته. فلو قيل: يوسف أحسن الإخوة صح لتحقق الشرط؛ لأن يوسف أحد الإخوة. قوله: "يرد أفعل التفضيل إلخ" أعاده مع علمه مما قدمه توطئة لذكر الخلاف فيه وذكر أمثلة له غير ما تقدم. وعبارة التسهيل واستعماله أي: استعمال أفعل التفضيل عاريًا من الإضافة والألف واللام دون من مجردًا عن معنى التفضيل مؤولًا باسم فاعل نحو: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ} [النجم: 32] ، أي: عالم أو صفة مشبهة نحو: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] ، أي: هين مطرد عند أبي العباس المبرد لكثرة الوارد منه والأصح قصره على السماع ولزومه الإفراد والتذكير فيما ورد كذلك أكثر من المطابقة ا. هـ. مع إيضاح من الدماميني, ومنها يؤخذ أن محل الخلاف وجواز المطابقة وتركها هو المجرد من أل والإضافة فلا ينافي ما مر, وحينئذٍ كان المناسب للشارح ترك التمثيل بقوله فشركما إلخ؛ لأنه مضاف وأن محل وروده كذلك إذا لم يقترن بمن فالمقترن بمن لا يصح تجريده عن معنى التفضيل أصلًا لا قياسًا ولا سماعًا؛ لأن من هذه هي الجارة للمفضول. قاله الدماميني, ولا يرد عليه قولهم في التهكم: أنت أعلم من الحمار, ولا قولهم: العسل أحلى من الخل؛ لحصول لمشاركة التقديرية. وصرح في التسهيل بأن محل عدم تجرد أفعل المقرون بمن في غير التهكم وأن المفضل عليه في التهكم يرد بدون مشاركة المفضل تحقيقًا وتقديرًا نحو: أنت أعلم من الحمار, والأوجه ما قدمناه من تقدير المشاركة في التهكم أيضًا. وقال الدماميني أيضًا: وههنا تنبيهان: الأول قال في الكشاف من وجيز كلامهم الصيف أحر من الشتاء أي: الصيف أبلغ في حره من الشتاء في برده هذا نصه وعلى هذا يؤول قولهم العسل أحلى من الخل ونحوه. وتحرير هذا الموضع أن يقال لأفعل أربع حالات: إحداها وهي الحالة الأصلية أن يدل على ثلاثة أمور: أحدها اتصاف من هو له بالحدث الذي اشتق منه وبهذا الأمر كان وصفًا. والثاني مشاركة مصحوبه له في تلك الصفة. والثالث تمييز موصوفه على مصحوبه فيها وبكل من هذين الأمرين فارق غيره من الصفات. الحالة الثانية أن يخلع عنه ما امتاز به عن الصفات ويتجرد للمعنى الوصفي. الحالة الثالثة أن تبقى عليه أموره الثلاثة, ولكن يخلع عنه قيد الأمر الثاني ويخلفه قيد آخر, وذلك أن الأمر الثاني وهو الاشتراك كان مقيدًا بتلك الصفة فصار مقيدًا بالزيادة، ألا ترى أن المعنى في المثال أن للعسل حلاوة وأن تلك الحلاوة زائدة, وأن زيادتها أكثر من زيادة حموضة الخل. الحالة الرابعة أن يخلع عنه الأمر الثاني وقيد الأمر الثالث وهو كون الزيادة على مصحوبه فتكون دلالته على الاتصاف بالحدث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [الإسراء: 54] ، {هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27] . وقوله: 799- وَإِنْ مُدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أَكُنْ ... بِأَعْجَلِهم إذْ أَجْشَعُ القَومِ أَعْجَلُ   وزيادة مطلقة كما في يوسف أحسن إخوته ا. هـ. وقد تمنع دعواه خلع الأمر الثاني عنه في الحالة الرابعة. ثم قال: التنبيه الثاني من كلامهم المشهور زيد أعقل من أن يكذب وظاهره مشكل إذ قضيته تفضيل زيد في العقل على الكذب ولا معنى له وقد وجهه في المعنى بتوجيهين: أحدهما أن يكون الكلام على تأويل أن والفعل بالمصدر وتأويل المصدر بالوصف كما قيل في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى} [يونس: 37] ، أن التقدير ما كان افتراء بمعنى ما كان مفترى وفي قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] ، أن التقدير يعودون للقول بمعنى يعودون للمقول, فيهن لفظ الظهار كما هو الموافق لقول جمهور العلماء أن العود الموجب للكفارة هو العود إلى المرأة لا العود إلى القول نفسه كما يقوله أهل الظاهر, لكن يضعف هذا الوجه أن التفضيل على الناقص لا فصل فيه. الثاني أن أفعل ضمن معنى أبعد فمعنى المثال زيد أبعد الناس من الكذب لفضله على غيره, فمن هذه ليست الجارة للمفضول بل متعلقة بأفعل لتضمنه معنى أبعد, والمفضول متروك أبدا في مثل ذلك لقصد التعميم, وهذا الثاني وإن أقره فيه أيضًا نظر من جهة أن الفعل الذي يسبك هو وما بعده في المثال بالمصدر مسند إلى ضمير المفضل, فينبغي عند السبك أن يضاف المصدر إلى هذا الضمير, كما تقول في أعجبني ما صنعت المعنى: أعجبني صنعك. وإذا فعل ذلك في المثال صار معناه: زيد أبعد الناس من كذبه, فيلزم مشاركة الناس له في البعد من كذب نفسه وزيادته عليهم في ذلك البعد. وهذا عن مظان التوجيه بمعزل. وقال الرضي: ليس المقصود في نحو: قولهم أنا أكبر من الشعر, وأنت أعظم من أن تقول كذا, تفضيل المتكلم على الشعر والمخاطب على القول, بل المراد بعدهما عن الشعر والقول. وأفعل التفضيل يفيد بعد الفاضل من المفضول فمن في مثله ليست تفضيلية, بل هي مثلها في قولك: أنا بعيد منه, تعلقت بأفعل التفضيل بمعنى متباعد بلا تفضيل ا. هـ. باختصار. وحاصل كلام الرضي أن أفعل التفضيل فيما ذكر مستعمل في بعض مدلوله دون بعض, ويرد عليه أيضًا أن فيه نسبة نحو: قول كذا والكذب إلى المخاطب, وقد يدفع هذا تنظير الدماميني في الثاني بأن نسبة ذلك إليه لتوهمه فيه لالتباسه به فافهم. قوله: "نحو: ربكم أعلم بكم إلخ" إنما أول في هذين الموضعين بما ذكر؛ لأنه لا مشارك لله سبحانه وتعالى في علمه ولا تتفاوت المقدورات بالنسبة إلى قدرته ا. هـ. دماميني. قوله: "وإن مدت الأيدي إلخ" الشاهد في بأعجلهم   799- البيت من الطويل، وهو للشنقري في ديوانه ص59؛ وتخليص الشواهد ص285؛ وخزانة الأدب 3/ 340؛ والدرر 2/ 124؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ وشرح شواهد المغني 2/ 899؛ والمقاصد النحوية 2/ 117، 14/ 51؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 124؛ وأوضح المسالك 1/ 295؛ والجنى الدني ص45؛= الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 800- إنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّماءَ بَنَى لنا ... بيتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وأَطْوَلُ وقوله: 801- فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ وقاسه المبرد. وقال في التسهيل: والأصح قصره على السماع. وحكى ابن الأبناري عن أبي عبيدة القول بورود أفعل التفضيل مؤولًا بما لا تفضيل فيه. قال: ولم يسلم له النحويون هذا الاختيار، وقالوا لا يخلو أفعل التفضيل من التفضيل، وتأولوا ما استدل به.   وأعجل فإنهما بمعنى العجل لا في أجشع؛ لأنه كأعور وأجهركما يؤخذ من قول العيني الأجشع الحريص على الأكل. لكن قول القاموس الجشع محركة أشد الحرص, وقد جشع كفرح فهو جشع صريح في أن الوصف منه جشع بفتح فكسر فيكون أجشع أفعل تفضيل. قوله: "سمك السماء" أي: رفعها فهو متعد ومصدره سمك, ويستعمل لازمًا بمعنى ارتفع ومصدره سموك والمراد بالبيت الكعبة, وسيأتي وجه آخر. والدعائم جمع دعامة بالكسر وهي الأسطوانة. قوله: "فشركما إلخ" قبله: أتهجوه ولست له بكفء قاله حسان يخاطب به من هجا النبي -صلى الله عليه وسلّم. قوله: "وحكى ابن الأنباري إلخ" إشارة إلى قول ثالث أن أفعل التفضيل لا يجرد عن معنى التفضيل لا سماعًا ولا قياسًا. قوله: "وتأولوا ما استدل به" أما ربكم أعلم بكم فلا مانع من جعله للتفضيل باعتبار بعض الوجوه أي: أعلم بكم من غيره, العالم ببعض أحوالكم فالمشاركة في مطلق علم. وأما وهو أهون عليه فيجعل التفضيل فيه باعتبار الاعتقاد الحاصل لكثير من قياس الغائب على الشاهد أو باعتبار عادة الحوادث لا نفس الأمر. وأما بأعجلهم وأعجل فلا مانع من جعلهما للتفضيل. وأما أعز وأطول فقال السعد المراد بالبيت بيت المجد والشرف وقوله أعز وأطول أي: من دعائم كل بيت وعلى هذا هما للتفضيل:   = وجواهر الأدب ص54؛ وشرح ابن عقيل ص157؛ وشرح قطر الندى ص188؛ ومغني اللبيب 2/ 560 وهمع الهوامع 1/ 127. 800 البيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 155؛ والأشباه والنظائر 6/ 50؛ وخزانة الأدب 6/ 539، 8/ 242، 243، 276، 278؛ وشرح المفصل 6/ 97، 99؛ والصاحبي في فقه اللغة ص257؛ ولسان العرب 5/ 127 "كبر"، 5/ 374 "عزز"؛ والمقاصد النحوية 4/ 42؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص467. 801- صدره: أتهجوه ولَسْتَ له بِنَدٍّ والبيت من الوافر، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص76؛ وخزانة الأدب 9/ 232، 236، 237؛ ولسان العرب 3/ 420 "ندد" 6/ 316 "عرش". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 وإنْ تَكُنْ بِتِلوِ مِنْ مُسْتَفْهِمَا ... فَلَهُمَا كُنْ أَبَدًا مُقَدِّما كَمِثْلِ مِمَّنْ أَنْتَ خَيْرٌ وَلَدَى ... إِخْبارِ التَّقْدِيمُ نَزْرًا وَرَدًا   قال في شرح التسهيل: والذي سمع منه فالمشهور فيه التزام الإفراد والتذكير. وقد يجمع إذا كان ما هو له جمعًا كقوله: 802- إذا غابَ عَنكُمْ أَسْودُ العيْنِ كُنْتمُ ... كِرامًا وأَنْتمُ ما أقامَ أَلائِمُ قال: إذا صح جمعه لتجرده من معنى التفضيل جاز أن يؤنث, فيكون قول ابن هانئ: 703- كَأَنَّ صُغْرَى وكُبْرَى من فَقَاقِعِهَا صحيحًا ا. هـ. "وإن تكن بتلو منه" الجارة "مستفهما فلهما" أي: لمن ومجرورها المستفهم به "كن أبدًا مقدمًا" على أفعل التفضيل لا على جملة الكلام كما فعل المصنف، إذ يلزم على تمثيله الفصل بين العامل ومعموله بأجنبي ولا قائل به "كمثل ممن أنت خير" ومن أيهم أنت أفضل، ومن كم دراهمك أكثر، ومن غلام أيهم أنت أفضل لأن   وأما فشركما لخيركما الفداء فشرّ وخير فيه ليسا أفعل تفضيل بل اسمان كالسهل والصعب؛ لأنهما يردان كذلك. هذا ما ظهر فجعل البعض تأويل ما استدل به بجعل التفضيل فيه باعتبار الاعتقاد لا نفس الأمر. إنما يصح في بعض ما استدل به لا في كله فتدبر. قوله: "إذا غاب" أي: عدم. وأسود العين اسم جبل ومعنى البيت أنتم لئام أبدًا؛ لأن هذا الجبل لا يغيب. قوله: "وإن تكن بتلو من إلخ" بقي ما إذا كان الاستفهام بالهمزة, ويتجه أن يقال إن أريد الاستفهام عن المفضل عليه وجب التقديم فتقول: أمن زيد أنت أفضل, فقد ذكر في علم المعاني أن المسئول عنه بالهمزة هو ما يليها فيجب التقديم ليكون المسئول عنه قد وليها, وإن أريد الاستفهام عن المفضل وجب التأخير, فتقول: أأنت أفضل من زيد ليليها المسئول عنه وفاء بالقاعدة المذكورة سم. قوله: "لا على جملة الكلام إلخ" وإنما فعل الشارح مثل ما فعله المصنف مجاراة لمثال المصنف لا يقال إذا لم يقدم على الجملة خرج الاستفهام عن الصدارة؛ لأنا نقول صدارته الواجبة له إنما هي بالنسبة لما عمل فيه فقط وهو أفعل. قوله: "الفصل بين العامل ومعموله بأجنبي" لأن المبتدأ ليس من معمولات الخبر وقد يقال المختار جواز تقدم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ والخبر في السعة, إذا كان ظرفًا أو جارًا ومجرورًا فليكن ما فعله المصنف مثله, إلا أن يفرق بقوة الخبر الفعلي بخلاف الخبر الذي هو   802- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في شرح التصريح 2/ 102؛ وشرح شواهد المغني 2/ 799؛ والمقاصد النحوية 4/ 57، وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 171، 2/ 47؛ وجمهرة اللغة ص650؛ وخزانة الأدب 8/ 277؛ وسمط اللآلي ص430؛ ولسان العرب 12/ 381 "عتم"؛ ومعجم البلدان 1/ 193 "أسود العين"؛ ومغني اللبيب 2/ 381. 803- راجع التخريج رقم 798. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 وَرَفْعُهُ الظَّاهِرَ نَزْرٌ وَمَتَى ... عاقَبَ فِعْلا فَكَثِيرًا ثَبَتَا   الاستفهام له الصدر "ولدي إخبار" أي: وعند عدم الاستفهام "التقديم نزرًا وجدا" كقوله: 804- فقالت لنا أَهْلًا وسَهْلًا وزَوَّدَتْ ... جَنَى النَّخْلِ بل ما زَوَّدَتْ منه أَطْيَبُ وقوله: 805- ولا عَيْبَ فِيها غير أنَّ سَرِيعَها ... قَطُوفٌ وأنْ لا شيءَ مِنْهُنَّ أكْسَلُ وقوله: 806- إذا سايَرَتْ أَسْماءُ يَومًا ظَعِينَةً ... فأسماء من تلك الظعينَةِ أمْلحُ "ورفعه الظاهر نزر" أي: أفعل التفضيل يرفع الضمير المستتر في كل لغة، ولا يرفع اسمًا ظاهرًا ولا ضميرًا بارزًا إلا قليلًا. حكى سيبويه. مررت برجل أكرم منه أبوه؛ وذلك لأنه ضعيف الشبه باسم الفاعل من قبل أنه في حال تجريده لا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع،   أفعل تفضيل فتأمل. قوله: "التقديم نزرًا وجدا" وفي التوضيح أنه ضرورة عند الجمهور. قوله: "أهلًا وسهلًا" أي: أتيتم أهلًا ومكانًا سهلًا. وقوله جنى النحل أي: شبيهه بدليل ما بعده والاستشهاد بالبيت مبني على أن منه متعلق بأطيب. قال زكريا: ويجوز تعلقه بزودت, وحينئذٍ لا شاهد فيه. قوله: "ولا عيب فيها" أي: في النساء المذكورة فيما قبله. وقوله: غير أن إلخ من تأكيد المدح بما يشبه الذم, والقطوف بفتح القاف وفي آخره فاء المتقارب الخطأ. قوله: "ظعينة" هي في الأصل الهودج كانت فيه امرأة أو لم تكن ثم سميت المرأة ما دامت في الهودج ظعينة. وأملح من الملاحة وهي الحسن. قوله: "ورفعه الظاهر" المراد به المصرح به فيشمل الضمير البارز المنفصل؛ ولهذا أدرجه الشارح في حيز تفسير كلام المصنف وإن أفرده فيه بالذكر. قوله: "يرفع الضمير المستتر" أي: لأن العمل فيه ضعيف لا يظهر أثره لفظًا فلا يحتاج إلى قوة العامل سم. قوله: "إلا قليلًا" أي: شاذا. قوله: "لأنه ضعيف الشبه باسم الفاعل" أي: مع عدم ما يجبر الضعف من صحة وقوع فعل بمعناه موقعه فلا يرد أن الضعف موجود حتى في مسألة الكحل. قوله: "في حال تجريده" مثلها حال إضافته إلى نكرة, وخص حالة التجريد بالذكر؛ لأنها الأصل فيه كما   804- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 8/ 269؛ والدرر 5/ 296؛ وشرح المفصل 2/ 60, والمقاصد النحوية 4/ 43؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 294، 295؛ وتذكرة النحاة ص47؛ وشرح ابن عقيل ص468؛ وشرح عمدة الحافظ ص766؛ وهمع الهوامع 2/ 104. 805- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1600؛ وتذكرة النحاة ص47؛ وشرح عمدة الحافظ ص765؛ والمقاصد النحوية 4/ 44؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص469. 806- البيت من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص835؛ وتذكرة النحاة ص47؛ وشرح التصريح 2/ 103؛ وشرح عمدة الحافظ ص766؛ والمقاصد النحوية 4/ 52؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 293؛ وشرح ابن عقيل ص469. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وهذا إذا لم يعاقب فعلًا أي: لم يحسن أن يقع موقعه فعل بمعناه "ومتى عاقب فعلًا فكثيرًا" رفعه الظاهر "ثبتا" وذلك إذا سبقه نفي وكان مرفوعه أجنبيا مفضلًا على نفسه باعتبارين، نحو: ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد، فإنه يجوز أن   سيأتي, يعني فلما ضعف بعدم قبول العلامات في بعض أحواله انحطت رتبته في جميعها, فلم يعمل في الاسم الظاهر إلا بالشروط الآتية. قوله: "لا يؤنث إلخ" بهذا فارق الصفة المشبهة, فإنها تؤنث وتثنى وتجمع؛ فلهذا عملت في الظاهر كثيرًا وإن لم يكن لها فعل بمعناها وهو الثبوت. قوله: "إذا لم يعاقب فعلًا" جارى فيه الناظم وإلا فالأحسن إسناد المعاقبة إلى الفعل, كما يشير إليه قول الشارح أي: لم يحسن إلخ فعلم أن قوله أي: لم يحسن إلخ تفسير باللازم فتفطن. قوله: "إذا سبقه نفي إلخ" زاد غيره قيدًا وهو أن يكون أفعل صفة لاسم جنس ليكون معتمدًا عليه, ولم يكف النفي كما في اسم الفاعل؛ لأنه لم يقو قوته ولهذا لا ينصب المفعول به بخلاف اسم الفاعل, وإنما اشترط سبق النفي ليكون أفعل التفضيل بمعنى الفعل فيعمل عمله؛ وذلك لأن النفي إذا دخل على أفعل توجه إلى قيده وهو الزيادة فيزيلها فيبقى أصل حسن كحل عين رجل مقيسًا إلى حسن كحل عين زيد إما بأن يساويه أو يكون دونه, ومقام المدح يأبى المساواة فيرجع المعنى إلى أن حسن الكحل في عين رجل دون حسنه في عين زيد أفاده الجامي، وأورد عليه أنه لو كان زوال الزيادة بالنفي مجوّزًا لعمل اسم التفضيل في ظاهر لجاز العمل في نحو: ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه. وأجيب بالفرق بينه وبين مثال الكحل بأن اسم التفضيل في مثال الكحل خالف الأصل, وهو تغاير المفضل والمفضل عليه ذاتًا لاتحادهما فيه ذاتًا فحصل في معناه التفضيليّ ضعف يقتضي أنه إذا زال بالنفي لم يبق لأفعل قوة اقتضاء حكمه وهو امتناع عمله في الظاهر بخلاف نحو: ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه فإنه لا ضعف في معناه التفضيلي لاختلاف المفضل والمفضل عليه ذاتًا, فله قوة اقتضاء حكمه, وقيل إنما اشترط تقدم النفي ليقوى طلب الموصوف الصفة المقتضي ذلك لقوتها في العمل؛ وذلك لأن طلب النكرة للمخصص في الإثبات دون طلبها له في النفي؛ لأنه في الإثبات لزيادة الفائدة وفي النفي لصون الكلام عن كونه كذبًا, فإنك إذا قلت: ما رأيت رجلًا, كان صدق الكلام موقوفًا على تخصيص الرجل بأمر يمكن أنه لم يحصل لمن رأيته من الرجال بخلاف رأيت رجلًا, وفي هذا أيضًا ما تقدم إيرادًا وجوابًا. قوله: "وكان مرفوعه أجنبيًا" أي: غير ملابس لضمير الموصوف بخلاف نحو: ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه فالمراد نفي كونه سببيًا بهذا المعنى فلا ينافي اشتراط ابن الحاجب كونه سببيا بمعنى أن للموصوف به تعلقًا ما كما في المثال قاله سم, واعترض البعض على الشارح بأن هذا القيد مستغنى عنه بقوله مفضلًا على نفسه باعتبارين لما علمت من أن المفضل والمفضل عليه في نحو: ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه مختلفان بالذات وفيه أن الاعتراض بإغناء المتأخر عن المتقدم غير ناهض. قوله: "مفضلًا على نفسه باعتبارين" كان ينبغي أن يقول باعتبار آخر؛ لأن التفضيل أي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يقال: ما أريت رجلًا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد، لأن أفعل التفضيل إنما قصر عن رفع الظاهر؛ لأنه ليس له فعل بمعناه. وفي هذا المثال يصح أن يقع موقعه فعل بمعناه كما رأيت. وأيضًا فلو لم يجعل المرفوع فاعلًا لوجب كونه مبتدأ فيلزم الفصل بين أفعل ومن بأجنبي، والأصل أن يقع هذا الظاهر بين ضميرين: أولهما للموصوف وثانيهما للظاهر كما رأيت. وقد يحذف الضمير الثاني وتدخل من إما على الاسم الظاهر أو على محله أو على ذي المحل فتقول من كحل عين زيد، أو من عين زيد، أو من زيد فتحذف   الزيادة إنما هو باعتبار واحد لا باعتبارين كما لا يخفى, إلا أن يجعل فيه اكتفاء والأصل ومفضولًا, فمعنى المثال أن الكحل باعتبار كونه في عين زيد أحسن من نفسه باعتبار كونه في عين غيره من الرجال وخرج به نحو: ما رأيت رجلًا أحسن كحل عينه من كحل عين زيد لاختلاف المفضل والمفضل عليه ذاتًا؛ لأنه اعتبر فيه فردان من أفراد الكل وأوقع التفاضيل بينهما بخلاف المثال المشهور فإنه اعتبر فيه ماهية الكحل مقيدة بقيد تارة ومقيدة بآخر تارة أخرى. والظاهر الذي يرمز إليه صنيع الشارح أن هذه الشروط شروط لعمل أفعل التفضيل مطلقًا في الظاهر لا لعمل أفعل من فقط, كما بينه البعض فانظره. قوله: "في عينه" حال من الكحل مقدم عليه أو ظرف لغو متعلق بأحسن, وفي عين زيد حال من الضمير المجرور بمن. قوله: "فإنه يجوز أن يقال إلخ" تعليل لمحذوف أي: وإنما كان هذا المثال مما يعاقب فيه أفعل الفعل؛ لأنه يجوز إلخ. قوله: "لأن أفعل التفضيل إلخ" علة لقول المصنف: ومتى عاقب فعلًا فكثيرًا ثبتا. قوله: "لأنه ليس له فعل بمعناه" أي: في الزيادة ليعمل عمله, ولا يرد عليه أن أفعال الغلبة بمعناه نحو: كاثرني فكثرته أي: غلبته في الكثرة وزدت عليه فيها لعدم اطراد الغلبة في كل مادة كما قاله سم, نعم يرد عليه أن الصفة المشبهة ليس لها فعل بمعناها في الثبوت مع عملها في الظاهر, وأن أفعل التفضيل المجرد عن معنى التفضيل بمعنى الفعل لعدم دلالته على الزيادة, مع أنه لا يعمل في الظاهر على ما يقتضيه إطلاقهم. وتعليلهم بما قدمه الشارح في قوله؛ وذلك لأنه ضعيف الشبه إلخ فلا يتم المطلوب بمجرد هذا التعليل, بل مع ضميمة التعليل الذي قدمه الشارح فتنبه. قوله: "يصح أن يقع إلخ" أي: بمعونة المقام. قوله: "لوجب كونه مبتدأ" أي: مخبرًا عنه باسم التفضيل. قوله: "فيلزم الفصل" أي: ولو تقديرًا كما في ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل فإن تقديره: ما رأيت عينا كعين زيد أحسن فيها الكحل منه في غيرها, فلو لم يجعل الكحل فاعلًا بل جعل مبتدأ لزم الفصل بأجنبي تقديرًا فلا يقال لزوم الفصل بأجنبي غير مطرد لعدمه في نحو: هذا المثال أفاده سم والأجنبي هنا المبتدأ والمراد بالأجنبي هنا: ما ليس من معمولات ذلك العامل, لا ما لا تعلق له به بوجه ما ولم يجعل الكحل مبتدأ مؤخرًا عن من فلا يلزم الفصل بأجنبي بأن يقال: ما رأيت رجلًا أحسن في عينه منه في عين زيد الكحل فرارًا من التزام مخالفة الأصل, وهو تقديم مرجع الضمير عليه بلا ضرورة ولا مقدمًا على الوصف بأن يقال: ما رأيت رجلًا الكحل أحسن في عينه منه في عين زيد فرارًا من التزام تقديم غير الأهم وهو الوصف بلا ضرورة, والتزام مخالفة الأصل وهو النعت بالمفرد بلا ضرورة. قوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 كَلَنْ تَرَى في الناسِ مِن رَفِيقِ ... أولَى بِه الفَضْلُ مِنَ الصِّدِّيقِ   مضافًا أو مضافين وقد لا يؤتى بعد المرفوع بشيء نحو: ما رأيت كعين زيد أحسن فيها الكحل. وقالوا: أما أحد أحسن به الجميل من زيد، والأصل ما أحد أحسن به الجميل من حسن الجميل بزيد، ثم أضيف الجميل إلى زيد لملابسته إياه ثم حذف المضاف الأول ثم الثاني. ومثله قوله -عليه الصلاة والسلام: "ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم" من أيام العشر. والأصل من محبة الصوم في أيام العشر، ثم من محبة صوم أيام العشر، ثم من صوم أيام العشر، ثم من أيام العشر. وقول الناظم "كلن ترى في الناس من رفيق أولى به الفضل من الصديق" والأصل من ولاية الفضل بالصديق ففعل به ما ذكر.   "فتقول من كحل عين زيد" قد يقال إذا قيل ذلك لم يكن المرفوع مفضلًا على نفسه بل على غيره بالذات, أما على أن أل في الكحل عوض عن ضمير الرجل فالتغاير بالذات ظاهر, وأما على أنها للجنس؛ فلأن الماهية الكلية مغايرة بالذات لفردها الجزئي إلا أن يختار الثاني, ويقال لما كان الفرد مندرجًا تحت الماهية الكلية كان كأنها نفسه والتغاير اعتباري فافهم. قوله: "فتحذف مضافًا" أي: إذا دخلت من على المحل وهو العين أو مضافين أي: إذا دخلت من على ذي المحل وهو زيد. قوله: "وقد لا يؤتى بعد المرفوع بشيء" أي: اختيارًا وذلك إذا تقدم محل المفضل على أفعل كما في مثال الشارح, وكذا إذا تقدم صاحب محل المفضل على أفعل فيما يظهر كما في ما رأيت كزيد أحسن في عينه الكحل, فاقتصار البعض على الأول قصور ورأى بصرية على الظاهر, والكاف اسمية, وأحسن حال من مجرور الكاف على ما قاله البعض, ويلزم عليه مجيء الحال من المضاف إليه بدون شرطه أو كعين وأحسن صفتان لعينا محذوفة ويصح غير ذلك. قوله: "وقالوا إلخ" أي: فأدخلوا من في اللفظ على غير المفضل عليه وهو ملابسه كما بينه الشارح فهو كقولك: ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل من عين زيد, لكن مدخول من في هذا التركيب محل المفضل عليه حقيقة وفي ما أحد أحسن به الجميل من زيد ملابس المفضل عليه لا محله حقيقة؛ ولهذا ذكره الشارح هنا, ولم يكتف بقوله سابقًا وقد يحذف الضمير الثاني إلخ فافهم. قوله: "من حسن الجميل بزيد" كان عليه إسقاط حسن؛ لأن المفاضلة بين الجميل ونفسه باعتبارين. لا يقال الداعي إلى ذكره تعلق بزيد به؛ لأنا نقول على حذفه يكون بزيد حالًا من مجرور من كما في نظائره, ولا حاجة إلى ما نقله شيخنا, والبعض عن اللقاني وأقراه من التكلف. ومثل ذلك يقال في الحديث ومثال الناظم الآتي. قوله: "ما من أيام أحب" إلخ أفعل التفضيل فيه مصوغ من فعل المفعول ففيه شذوذ من هذه الجهة إلا على قول من يجعل الصوغ منه مقيسًا عند أمن اللبس, وكذا من جهة صوغه من زائد على الثلاثي إن كان من أحب الرباعي فإن كان من حب الثلاثي فلا شذوذ فيه إلا من الجهة الأولى, وبهذا يعلم ما في كلام البعض من المؤاخذة. قوله: "أولى" فيه شذوذ من جهة أنه لا فعل له؛ لأنه بمعنى أحق ولم يستعمل من هذه المادة فعل بهذا المعنى؛ لأن الفعل المستعمل منها ولي بمعنى تولى أو تبع وبهذا يعلم حسن قوله, ومتى عاقب فعلًا ولم يقل فعله ولا الفعل لئلا يخرج مثل هذا أفاده شيخنا نقلًا عن يس قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهات: الأول إنما امتنع نحو: رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد، ونحو: ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه، وإن كان أفعل فيهما يصح وقوع الفعل موقعه؛ لأن المعتبر في اطراد رفع أفعل التفضيل الظاهر جواز أن يقع موقعه الفعل الذي بني منه مفيدًا فائدته, وهو في هذين المثالين ليس كذلك، ألا ترى أنك لو قلت: رأيت رجلًا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد، أو يحسن في عينه الكحل كحلًا في عين زيد بمعنى يفوقه في الحسن فأتت الدلالة على التفضيل في الأول وعلى الغريزة في الثاني. وكذا القول في ما رأيت رجلًا يحسن أبوه كحسنه إذا أتيت في موضع أحسن بمضارع حسن حيث تفوت الدلالة على التفضيل، أو قلت: ما رأيت رجلًا يحسنه أبوه, فأتيت موضع أحسن بمضارع حسنه إذا فاقه في الحسن حيث تغير الفعل الذي بني منه أحسن, ففاتت الدلالة على الغريزة المستفادة من أفعل التفضيل. ولو رمت أن توقع الفعل موقع أحسن على غير هذين الوجهين لم تستطع. الثاني قال في شرح التسهيل: لم يرد هذا الكلام المتضمن ارتفاع الظاهر بأفعل إلا بعد نفي ولا بأس باستعماله بعد نهي أو استفهام فيه معنى النفي كقوله: لا يكن غيرك أحب إليه الخير منه إليك، وهل في الناس رجل أحق به الحمد منه   البعض وينازعه قول الشارح الآتي؛ لأن المعتبر في اطراد إلخ ا. هـ. أي: حيث قيد الفعل بالذي بنى منه أفعل, ويندفع بأن القيد مبني على الغالب فتدبر. قوله: "إنما امتنع نحو: إلخ" المانع في المثال الأول عدم سبق النفي, وفي الثاني عدم كون المرفوع أجنبيا. قوله: "مفيدًا فائدته" أي: فائدة أفعل من الدلالة على التفضيل وعلى الغريزة كما يؤخذ مما بعده. قوله: "ألا ترى أنك لو قلت إلخ" هذا متعلق بالمثال الأول, وقوله وكذا القول إلخ متعلق بالمثال الثاني. قوله: "كحلًا" مفعول يحسن لتضمنه معنى يفوق. قوله: "وعلى الغريزة في الثاني" لأن يحسن فيه مضارع حسنه إذا فاقه في الحسن فهو متعد وأفعال الغرائز لازمة. قوله: "حيث تفوت الدلالة على التفضيل" أورد عليه سم أن المثال المشهور يصدق لغة بصورتين؛ نقص حسن كحل عين الرجل عن حسن كحل عين زيد وتساويهما, والمراد بحسب المقام الأولى لا الثانية كما تقدم, ومثله: ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه لصدقه بنقص حسن الأب ومساواته, وإذا عبر بالفعل فيهما صدق التركيب لغة بالأولى, وكذا بزيادة حسن كحل عين الرجل وحسن الأب على بعد والمقام يعين الأولى, فالتركيبان مستويان في المعنى سواء عبر فيهما بأفعل أو بالفعل فالحكم بفوات الدلالة على التفضيل في أحدهما دون الآخر تحكم. قوله: "على غير هذين الوجهين" يعني بهما كونه مضارع حسن اللازم وكونه مضارع حسنه أي: فاقه في الحسن. قوله: "منه" أي: الحمد, وقوله بمحسن حال من مجرور من أي: حالة كونه ملابسًا لمن ذكر. قوله: "أجمعوا إلخ" ينافيه قوله بعد وأجاز بعضهم إلخ, إلا أن يقال لم يعتد المصنف بمخالفة هذا المجيز فحكى الإجماع, أو يقال الإجماع في غير المتجرد عن معنى التفضيل, كما يؤخذ من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بمحسن لا يمن. الثالث قال في شرح الكافية: أجمعوا على أنه لا ينصب المفعول به، فإن وجد ما يوهم جواز ذلك جعل نصبه بفعل مقدر يفسره أفعل، نحو: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] ، فحيث هنا مفعول به لا مفعول فيه، وهو في موضع نصب بفعل مقدر يدل عليه أعلم. ومنه قوله: 807- وَأَضْرَبُ مِنّا بالسُّيوفِ القَوانِسَا وأجاز بعضهم أن يكون أفعل هو العامل لتجرده عن معنى التفضيل ا. هـ. خاتمة: في تعدية أفعل التفضيل بحروف الجر. قال في شرح الكافية: وجملة القول في ذلك أن أفعل التفضيل إذا كان من متعد بنفسه دال على حب أو بغض عدي باللام   تعليل المجيز وكما في شرح الدماميني على المغني فتدبر. قوله: "لا ينصب المفعول به" أي: بل يصل إليه بواسطة اللام نحو: هو أوعى للعلم فإن كان مما يتعدى لاثنين نصب الآخر بفعل مقدر نحو: أكسي للفقراء الثياب أي: يكسوهم الثياب قاله الدماميني. قال المصرح: وكذا لا ينصب المفعول معه والمفعول المطلق والتمييز إلا إذا كان فاعلًا في المعنى نحو: زيد أحسن الناس وجهًا ويجوز نصبه للباقي, وقال بعضهم: غلط من قال إن أفعل التفضيل لا يعمل في المفعول به لورود السماع بذلك كقوله تعالى: {هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} [الإسراء: 84] ، وليس تمييزًا؛ لأنه ليس فاعلًا في المعنى. قوله: "فحيث هنا مفعول به لا مفعول فيه" اعترضه أبو حيان بأنه ضرب من التصرف, وحيث لا تتصرف وفي المرادي على التسهيل لم تجئ حيث فاعلًا ولا مفعولًا به ولا مبتدأ ا. هـ. وفي التسهيل أن تصرفها نادر, قال الدماميني: ولو قيل إن المراد يعلم الفضل الذي هو في محل الرسالة لم يبعد وفيه إبقاء حيث على ما عهد لها من ظرفيتها. والمعنى أن الله تعالى لن يؤتيكم مثل ما آتى رسله؛ لأنه يعلم ما فيهم من الذكاء والطهارة والفضل والصلاحية للإرسال ولستم كذلك. قال الشمني: بل هو بعيد لما فيه من حذف المفعول والاسم الموصول وبعض صلته بلا دليل. قوله: "القوانسا" جمع قونس وهو أعلى البيضة وعظم ناتئ بين أذني الفرس كما في القاموس. قوله: "لتجرده عن معنى التفضيل" رد بأنه وإن أول بما لا تفضيل فيه لا يلزم كون تعديه كتعديه وخصوصيات الألفاظ لا تنكر وأجاب الدماميني بأن أصل المتوافقين معنى أن يتوافقا حكمًا. قوله: "وجملة القول" أي: مجمله أي: مجموعه فهو من الإجمال بمعنى الجمع ضد التفريق لا من الإجمال ضد التفصيل والبيان. قوله: "دال على حب أو بغض" أي: على معناهما فيشمل   807- صدره: أكَرَّ وأحمى للحقيقة منهمُ والبيت من الطويل، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص69، والأصمعيات ص205؛ وحماسة البحتري ص48؛ وخزانة الأدب 8/ 319، 321؛ وشرح التصريح 1/ 339؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص441، 1700؛ ولسان العرب 6/ 184 "قنس"؛ ونوادر أبي زيد ص59؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 344، 4/ 79؛ وأمالي ابن الحاجب 1/ 460؛ وخزانة الأدب 7/ 10؛ ومغني اللبيب 2/ 618. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 النعت : يَتْبَعُ في الإعرابِ الأسماء الأُوَل ... نَعْتٌ وتَوْكيدٌ وعَطْفٌ وبَدَل   إلى ما هو مفعول في المعنى وبإلى إلى ما هو فاعل في المعنى، نحو: المؤمن أحب لله من نفسه، وهو أحب إلى الله من غيره, وإن كان من متعد بنفسه دال على علم عدي بالباء نحو: زيد أعرف بي وأنا أدرى به، وإن كان من متعد بنفسه غير ما تقدم عدي باللام نحو: هو أطلب للثأر وأنفع للجار, وإن كان من متعد بحرف جر عدي به لا بغيره، نحو: هو أزهد في الدنيا وأسرع إلى الخير وأبعد من الإثم وأحرص على الحمد وأجدر بالحلم وأحيد عن الخنى. ولفعل التعجب من هذا الاستعمال ما لأفعل التفضيل، نحو: ما أحب المؤمن لله وما أحبه إلى الله، وما أعرفه بنفسه وأقطعه للعوائق وأغضه لطرفه وأزهده في الدنيا، وأسرعه إلى الخير، وأحرصه عليه، وأجدره به ا. هـ. وقد سبق بعض ذلك في بابه والله تعالى أعلم. النعت: "يتبع في الإعراب الأسماء الأُول نعت وتوكيد وعطف وبدل" وتسمى لأجل ذلك   ما كان من مادة الكراهة مثلًا. قوله: "وهو أحب إلى الله من غيره" أي: يحب الله المؤمن أكثر من محبته للكافر, قال البعض: وظاهره أنه حينئذٍ مجرد عن معنى التفضيل إذ لا يحب الله تعالى الكافر أصلًا ا. هـ. وفيه أنه ينافيه ما اشتهر وقدمه هو أيضًا من أن المقرون بمن لا يتجرد عن معنى التفضيل, فالذي ينبغي عندي أنه غير مجرد عن ذلك بل فيه معنى التفضيل باعتبار محبة الله تعالى الكافر من حيث كونه مخلوقًا, قاله مثلًا فتأمل. قوله: "وأحيد عن الخنى" بفتح الخاء المعجمة أي: أميل عن الزنا. قوله: "وقد سبق بعض ذلك في بابه" فيه أنه ذكر جميع هذا التفصيل في أفعل التعجب في بابه لا بعضه فقط والله سبحانه وتعالى أعلم. النعت: ويقال له الوصف والصفة, وقيل: النعت خاص بما يتغير كقائم وضارب والوصف والصفة لا يختصان به بل يشملان نحو: عالم وفاضل, وعلى الثاني يقال صفات الله وأوصافه ولا يقال نعوته, والذي في القاموس أن النعت والوصف مصدران بمعنى واحد, وأن الصفة تطلق مصدرًا بمعنى الوصف واسمًا لما قام بالذات كالعلم والسواد. قوله: "في الإعراب" يرد عليه نحو: قام قام زيد ولا لا, وعطف النسق إذا لم يكن للمعطوف عليه إعراب كالجملة المستأنفة, والجواب أن المراد في الإعراب وجودًا أو عدمًا فيدخل ما ذكر, ويرد أيضًا: يا زيد الفاضل ويا سعيد كرز بضم الفاضل وكرز اتباعًا لضمة زيد وسعيد, فإن تبعية الفاضل وكرز لزيد وسعيد في الضم ليست تبعية في الإعراب. والجواب أن المراد الإعراب وما يشبهه من حركة عارضة لغير الإعراب, مع أنهما تابعان لزيد وسعيد في إعراب غير ظاهر, بل هو محلي في المتبوع وتقديري في التابع منع من ظهوره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   التوابع. فالتابع هو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد غير خبر. فخرج بالحاصل والمتجدد خبر المبتدأ والمفعول الثاني وحال المنصوب. وبغير خبر حامض من قولك: هذا حلو حامض. تنبيهات: الأول سيأتي أن التوكيد والبدل وعطف النسق تتبع غير الاسم وإنما خص   حركة الاتباع فعلم أن ضمة التابع ليست ضمة إعراب لعدم الرافع, ولا ضمة بناء لعدم مقتضيه هذا هو التحقيق. ثم المراد الإعراب لفظًا أو تقديرًا أو محلا فيدخل نحو: حجر ضب خرب, فخرب تابع لحجر ورفعه مقدر ونحو: رحم الله سيبويه الذي كان ماهرًا في العربية, فسيبويه والذي متوافقان في الإعراب محلا. فائدة: الجواز يختص بالجر وبالنعت قليلًا والتوكيد نادرًا على ما في التسهيل والمغني. وقال الناظم في العمدة: يجوز في العطف لكن بالواو خاصة وجعل منه "وَأَرْجُلِكُمْ" في قراءة الجر, وضعفه في المغني بأن العاطف يمنع التجاوز, وعلى منع عطف الجوار يكون جر الأرجل للعطف على الرءوس لا لتمسح بل لينبه بعطفها على الممسوح على طلب الاقتصاد في غسلها الذي هو مظنة الإسراف؛ لكونها من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها, وجيء بالغاية دفعًا لتوهم أنها تمسح؛ لأن المسح لم تضرب له غاية في الشرع كذا في الكشاف, ويلزم عليه إما استعمال المسح في حقيقته بالنسبة إلى الرءوس وفي مجازه وهو الغسل الشبيه بالمسح في قلة الماء بالنسبة إلى الأرجل. وصاحب الكشاف ممن يمنعه وإما جعل العطف من عطف الجمل بتقدير: وامسحوا بأرجلكم فكون الأرجل معطوفة على الرءوس على هذا باعتبار صورة اللفظ, وفي هذا حذف الجار وإبقاء عمله وهو ضعيف إلا أن يقال قوة الدلالة عليه بسبق مثله تدفع الضعف. قال شيخنا السيد: قال بعضهم الجر بالجوار مقيس عند سيبويه سماع عند الفراء ا. هـ. وفي الدماميني أن ابن جني أنكره وجعل خرب صفة ضب بتقدير مضاف أي: خرب جحره وإن حركة الجوار حركة مناسبة لا حركة إعرابية, وأن الحركة الإعرابية مقدرة بحسب ما يقتضيه عامل المتبوع, وعبارة المغني أنكر ابن جني الجر على الجوار وجعل خرب صفة لضب والأصل خرب جحره, ثم أنيب المضاف إليه عن المضاف فارتفع واستتر, ويلزمه استتار الضمير مع جريان الصفة على غير ما هي له, وهو لا يجوز عند البصريين وإن أمن اللبس. قوله: "وعطف" أي: بيان أو نسق. قوله: "الحاصل" أي: في هذا التركيب والمتجدد أي: تركيب آخر. قوله: "غير خبر" حال من ضمير المشارك. قوله: "فخرج بالحاصل والمتجدد" أي: بمجموعهما ولو قال فخرج بقولنا والمتجدد لكان أحسن؛ لأنه المخرج لخبر المبتدأ أي: غير الثاني من الخبر المتعدد كما يدل عليه ما بعده. قوله: "حامض إلخ" مقتضاه أن حامض خبر بعد خبر وهو الموافق لما سبق أن نحو: الرمان حلو حامض مما تعدد فيه الخبر لفظًا ولا ينافيه قول بعضهم أنه جزء خبر؛ لأنه ناظر إلى المعنى. قوله: "إن التوكيد" أي: اللفظي أما المعنوي فمختص بالأسماء كالنعت وعطف البيان؛ ولذلك كانت الأسماء أصلًا في ذلك. قوله: "لكونها الأصل في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأسماء بالذكر لكونها الأصل في ذلك. الثاني في قوله الأول إشارة إلى منع تقديم التابع على متبوعه. وأجاز صاحب البديع تقديم الصفة على الموصوف إذا كان لاثنين أو جماعة   ذلك" فيكون تقديمها على الفاعل في عبارته للاهتمام لا للحصر. قوله: "إلى منع تقديم التابع إلخ" مثل التابع معموله فلا يجوز: هذا طعامك رجل يأكل. قال البعض: لأن المعمول لا يحل إلا حيث يحل عامله ا. هـ. وهو منقوض بنحو: زيدًا لم أضرب. وجوز الكوفيون تقديم المعمول ووافقهم الزمخشري في قوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء: 63] ، فجعل في أنفسهم متعلقًا ببليغًا. فائدة: يجوز الفصل بين التابع والمتبوع بغير أجنبي محض كمعمول الوصف نحو: {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} [ق: 44] ، ومعمول الموصوف نحو: يعجبني ضربك زيدًا الشديد وعامله نحو: زيدًا ضربت القائم ومفسر عامله نحو: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 176] ، ومعمول عامل الموصوف نحو: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ، عَالِمِ الْغَيْبِ} [المؤمنون: 92] ، والمبتدأ الذي خبره فيه الموصوف نحو: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10] ، الخبر نحو: زيد قائم العاقل والقسم نحو: زيد والله العاقل قائم وجواب القسم نحو: {بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ} [سبأ: 3] ، والاعتراض نحو: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: 76] ، والاستثناء نحو: ما جاءني أحد إلا زيدًا خير منك, ومن الفصل بين التأكيد والمؤكد: {وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} [الأحزاب: 51] ، وبين المعطوف والمعطوف عليه: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ، فصل به الأيدي والأرجل على قراءة نصب الأرجل وبين البدل والمبدل منه: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ} [المزمل: 3] ، بخلاف الأجنبي بالكلية من التابع والمتبوع فلا يقال: مررت برجل على فرس عاقل أبيض, وكذا لا يجوز فصل نعت المبهم ونحوه مما لا يستغنى عن الصفة من منعوته, فلا يقال: ضربت هذا زيدًا الرجل ولا الشعري طلعت العبور كذا في الهمع. واعترض الأخير باستغناء الشعري في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} [النجم: 49] ، وما ذكره من أن نصفه بدل من الليل هو أحد أوجه ذكرها البيضاوي وغيره, والاستثناء عليه من نصفه والضمير في منه وعليه للأقل من النصف كالثلث فيكون التخيير بين الأقل منه كالربع والأكثر منه كالنصف، ومنها أن الاستثناء من الليل ونصفه بدل من قليلًا فيكون التخيير بين النصف والزائد عليه كالثلثين والناقص عنه كالثلث. واعترضه الشهاب القرافي بأنه يقتضي تسمية النصف قليلًا وهي غير معروفة في استعمال اللغة واختار أن نصفه بدل من الليل إلا قليلًا وأن المراد بالليل الليالي بناء على استغراقية أل وبالقليل منها ليالي الأعذار كالمرض والسفر فأبدل نصفه من الليالي التي لا عذر فيها والمعنى قم الليالي التي لا عذر فيها نصفها أي: نصف كل منها لكن ذكر الضمير المضاف إليه نصف لكون الليل مفردًا مذكرًا في اللفظ, وأن المراد بالقليل في قوله: أو انقص منه قليلًا أو زد عليه أي: قليلًا هو السدس فخير -صلى الله عليه وسلّم- بين قيام نصف الليل وثلثه وثلثيه. قوله: "إذا كان" أي: الصفة والتذكير باعتبار المذكور أو النعت, وفي بعض النسخ إذا كانت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقد تقدم أحد الموصوفين، فتقول: قام زيد العاقلان وعمرو, ومنه قوله: 808- ولَسْتُ مُقرًّا للرجال ظُلامَة ... أَبَى ذاك عَمِّي الأَكْرَمانِ وخَالِيا وأجاز الكوفيون تقديم المعطوف بشروط تذكر في موضعها. الثالث اختلف في العامل في التابع فذهب الجمهور إلى أن العالم فيه هو العامل في المتبوع واختاره الناظم وهو ظاهر مذهب سيبويه. الرابع لم يتعرض هنا لبيان رتبة التابع. قال في التسهيل: ويبدأ عند اجتماع التوابع بالنعت، ثم بعطف البيان، ثم بالتوكيد، ثم بالبدل، ثم بالنسق أي: فيقال: جاء الرجل الفاضل أبو بكر نفسه أخوك وزيد. الخامس قدم في التسهيل باب التوكيد على باب النعت، وكذا فعل ابن السراج وأبو علي والزمخشري وهو حسن؛ لأن التوكيد بمعنى الأول, والنعت على خلاف معناه؛ لأنه يتضمن حقيقة الأول وحالًا من أحواله،   وهي ظاهرة. قوله: "ظلامة" قال البعض: منصوب بنزع الخافض أي: بظلامة ا. هـ. ولا حاجة إليه بل الظاهر أنه مفعول به حقيقة أي: ولست مبقيًا ظلامة لأحد بل أزيلها, قال العيني: وتبعه غيره كشيخنا والبعض وذاك إشارة إلى المذكور من الظلامة ا. هـ. والأحسن إرجاع الإشارة إلى إقرار الظلامة المفهوم من مقرا, وفتح ياء المتكلم جائز اختيارًا إجماعًا. فقول العيني حركت الياء للضرورة غير صحيح. قوله: "بشروط تذكر في موضعها" أي: عند قوله وحذف متبوع إلخ. قوله: "اختلف في العامل في التابع" أي: غير البدل بقرينة قوله فذهب إلخ؛ لأن مذهب الجمهور في البدل كما في الهمع أن عامله محذوف بدليل ظهوره جوازًا مع الظاهر ووجوبًا مع الضمير نحو: مررت بزيد به فإعادة عامل الجر في نحوه واجبة, وبهذا يعلم ما في كلام الإسقاطي من الخلل, وزيف الدماميني الدليل بجعل الجار والمجرور الثاني بدلًا من الجار والمجرور الأول والعامل ما قبل الجار الأول وهو غير معاد. وأما مذهب غيرهم فهو: أن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه. قوله: "فذهب الجمهور" وقيل العامل في النعت والبيان والتوكيد التبعية, وقيل مقدر وفي النسق مقدر, وقيل: حرف العطف نيابة كذا في الدماميني والهمع, قال الدماميني: فائدة الخلاف عدم جواز الوقف على المتبوع دون التابع عند من قال العامل فيه هو الأول ا. هـ. ويظهر أن الأمر كذلك على القول بأن العامل التبعية تأمل. قوله: "ثم عطف البيان" أي: ثم يبدأ به بدءًا عرفيا أي: بالنسبة لما بعده وكذا يقال فيما بعده, إلا قوله ثم بالنسق فلا يتأتى فيه البدء العرفي فيقدر له عامل يناسبه أي: ثم يؤتى بالنسق ولك تقديره في الكل. قوله: "لأن التوكيد بمعنى الأول" أي: فهو كالجزء من النعت لدلالة النعت على الأول وزيادة والجزء مقدم على الكل, وكون التوكيد بمعنى الأول ظاهر في التوكيد اللفظي وفي   808- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 6/ 17؛ ومغني اللبيب 2/ 617؛ والمقاصد النحوية 4/ 73؛ وهمع الهوامع 2/ 12. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 فالنَّعتُ تابِعٌ مُتِمُّ ما سَبَقْ ... بوَسْمِه أو وَسْمِ ما بِهِ اعْتَلَقْ   والتوكيد يتضمن حقيقة الأول فقط. وقدم في الكافية النعت كما هنا. وكذا فعل أبو الفتح والزجاجي والجزولي نظرًا لما سبق في التنبيه الرابع. "فالنعت" في عرف النحاة "تابع متم ما سبق" أي: مكمل المتبوع "بِوَسْمِه" أي: بوسم المتبوع أي: علامته "أو وسم ما به اعتلق" فالتابع جنس يشمل جميع التوابع المذكورة، ومتم ما سبق مخرج للبدل والنسق، وبوسمه أو وسم ما به اعتلق مخرج لعطف البيان والتوكيد؛ لأنهما شاركا النعت في إتمام ما سبق؛ لأن الثلاثة تكمل دلالته وترفع اشتراكه واحتماله، إلا أن النعت يوصل إلى ذلك بدلالته على معنى في المنعوت أو في متعلقه، والتوكيد والبيان ليسا كذلك. والمراد بالمتم المفيد ما يطلبه المتبوع بحسب المقام من توضيح نحو: جاءني زيد التاجر أو التاجر أبوه، أو تخصيص نحو: جاءني رجل تاجر أو تاجر أبوه، أو تعميم نحو: يرزق الله عباده الطائعين والعاصين الساعية أقدامهم والساكنة أجسامهم، أو مدح نحو: الحمد لله رب العالمين الجزيل عطاؤه، أو ذم نحو: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} ، أو تَرَحُّم   المعنوي بالنفس والعين, وأما بكل وأجمع ففيه نظر لزيادته لإفادة الشمول فتأمل. قوله: "وحالًا من أحواله" هذا في النعت الحقيقي, واقتصر عليه لكونه الأصل. قوله: "نظرًا لما سبق إلخ" أي: من كونه يبدأ به عند اجتماع التوابع. قوله: "متم ما سبق" أي: المقصود منه أصالة إتمام متبوعه أي: إيضاحه أو تخصيصه كما سيأتي, فلا يرد النعت لغير الإيضاح والتخصيص كالمدح والذم والتأكيد؛ لأن هذا أمر عارض, ومنه النعت الكاشف إذا خوطب به العالم بحقيقة المنعوت وسيدفع الشارح الإيراد بوجه آخر. وبحث في التعريف بأنه غير مانع لشموله, لقولهم: يا هذا ذا الجمة, مع أنه عطف بيان عند سيبويه كما سيأتي, والمراد ما سبق ولو تقديرًا ليشمل المنعوت المحذوف. قوله: " بوسمه" الباء سببية والوسم يطلق بمعنى العلامة, وجرى على هذا الشارح وعليه يقدر مضاف أي: بإفهام وسمه. ويطلق بالمعنى المصدري وهو الوسم بالسمة, وهي العلامة ولا تقدير على هذا. ومعنى العبارة تابع مكمل لمتبوعه بسبب دلالته على معنى في متبوعه, أو في سببي متبوعه والمراد الدلالة التضمنية, فلا يرد علمه من قولنا: نفعني زيد علمه؛ لأن دلالة لفظ علم على المعنى الذي في زيد مطابقية لا تضمنية. قوله: "مخرج للبدل والنسق" لأنهما لا يتمان متبوعهما لا بإيضاح ولا تخصيص أي: لم يقصد بهما ذلك أصالة فلا ينافي عروض الإيضاح للبدل بل ولعطف النسق في بعض الصور. قوله: "أو في متعلقه" بكسر اللام أي: ما تعلق به وهو السببي. قوله: "ليسا كذلك" لأن البيان عين الأول وكذا التوكيد اللفظي والمعنوي بالنفس والعين, وأما بكل وأجمع ففيه ما تقدم. قوله: "من توضيح" المراد به رفع الاشتراك اللفظي في المعارف, وبالتخصيص تقليل الاشتراك المعنوي في النكرات, فالنعت في الأول جار مجرى بيان المجمل وفي الثاني جار مجرى تقييد المطلق أفاده في التصريح. قوله: "أو تعميم" مجيء النعت للتعميم وما بعده مجاز؛ لأن أصل وضعه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 وليُعْطَ في التَّعريف والتَّنْكيرِ ما ... لِمَا تلا كامْرُرْ بقَوم كُرَمَا   نحو: اللهم أنا عبدك المسكين المنكسر قلبه، أو توكيد نحو: أمس الدابر المنقضي أمده لا يعود، أو إبهام نحو: تصدقت بصدقة كثيرة أو قليلة ثوابها أو شائع احتسابها، أو تفصيل نحو: مررت برجلين عربي وعجمي كريم أبواهما لئيم أحدهما. ويسمى الأول من هذه الأمثلة نعتًا حقيقيا والثاني سببيا "فليعط" النعت مطلقًا "في التعريف والتنكير ما" أي: الذي "لما تلا" وهو المنعوت "كامرر بقوم كرما" وبقوم كرماء آباؤهم، وبالقوم الكرماء وبالقوم الكرماء آباؤهم. تنبيهات: الأول ما ذكره من وجوب التبعية في التعريف والتنكير هو مذهب الجمهور. وأجاز الأخفش نعت النكرة إذا خصصت بالمعرفة، وجعل الأوليان صفة لآخران في قوله تعالى: {فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} [المائدة: 107] ، وأجاز بعضهم وصف المعرفة بالنكرة، وأجازه ابن الطراوة بشرط كون الوصف خاصا بذلك الموصوف كقوله: 809- أَبِيتُ كأنِّي ساوَرَتْنِي ضَئيلَةٌ ... من الرُّفْشِ في أَنْيابِها السمُّ ناقِعُ   للتوضيح أو التخصيص كذا في التصريح. قوله: "الرجيم" أي: الراجم للناس بالوسوسة أو المرجوم بالشهب أو اللعنة, وكون هذا النعت للذم لا ينافيه كونه تأكيدًا لما فهم من لفظ الشيطان. قوله: "أو إبهام" ينبغي أن يزاد أو شك ويمثل له بمثال الإبهام إذا لم يعرف المتكلم حقيقة الأمر وكان شاكا نبه عليه الدماميني. ثم نقل عن ابن الخباز: أن النعت يجيء لإعلام المخاطب بأن المتكلم عالم بحال المنعوت, كقولك: جاء قاضي بلدك الكريم قيه إذا كان المخاطب يعلم اتصاف القاضي بذلك, ولم تقصد مجرد المدح بل قصدت إعلام مخاطبك بأنك عالم بحال الموصوف. وعن بعضهم أنه قد يكون النعت لإفادة رفعة معناه نحو: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} [المائدة: 44] ، أجرى هذا الوصف على النبيين لإفادة عظم قدر الإسلام. قوله: "في التعريف والتنكير" في بمعنى من البيانية لما الأولى, وقول شيخنا لما في لما تلا سهو والواو بمعنى؛ أو لأن الثابت للمتلوّ أحدهما. وقوله تلا صلة أو صفة جرت على غير ما هي له, ولم يبرز جريًا على المذهب الكوفي. قوله: "بالمعرفة" متعلق بنعت. قوله: "وأجاز بعضهم وصف المعرفة بالنكرة" أي: مطلقًا بقرينة مقابلته بما بعده. قوله: "ساورتني" أي: واثبتني بمعنى وثبت عليّ فالمفاعلة على غير بابها ضئيلة بفتح الضاد المعجمة وكسر الهمزة وهي الحية الدقيقة التي أتى عليها سنون كثيرة فقلّ لحمها واشتد سمها. والرقش بضم الراء وسكون القاف آخره شين معجمة   809- البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص33؛ وخزانة الأدب 2/ 457؛ والحيوان 4/ 248؛ والدرر 6/ 9؛ وسمط اللآلي ص489؛ وشرح شواهد المغني 2/ 902؛ والكتاب 2/ 89؛ ولسان العرب 4/ 507 "طور" 5/ 202 "نذر"، 8/ 360 "نقع"؛ ومغني اللبيب 2/ 570؛ والمقاصد النحوية 4/ 73؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 117. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والصحيح مذهب الجمهور, وما أوهم خلاف ذلك مؤول. الثاني استثنى الشارح من المعارف المعرف بلام الجنس قال: فإنه لقرب مسافته من النكرة يجوز نعته بالنكرة المخصوصة، ولذلك تسمع النحويين يقولون في قوله: 810- وَلَقَدْ أَمُرُّ على اللَّئِيم يَسُبُّنِي ... فأعِفُّ ثمّ أقول لا يَعْنِينِي أن يسبني صفة لا حال؛ لأن المعنى: ولقد أمر على لئيم من اللئام. ومنه قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37] ، وقولهم: ما ينبغي للرجل مثلك أو خير   جمع رقشاء وهي الحية التي لها نقط سود وبيض ومن تبعيضية. وقول البعض للبيان غير ظاهر وناقع بالنون والقاف أي: بالغ في الإهلاك وفيه الشاهد حيث وصف به السم وهو معرفة؛ لأنه لا يوصف به غير السم ولا يرد قولهم دم ناقع؛ لأنه بمعنى طري. قوله: "مؤوّل" أي: بجعل التابع بدلًا فالأوليان أي: الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتها بدل من آخران, وناقع بدل من السم. ويصح جعل الأوليان خبر محذوف أي: هما الأوليان أو خبر آخران لتخصيصه بالصفة أو مبتدأ خبره آخران أو بدلًا من الضمير في يقومان, وجعل ناقع خبرًا ثانيًا للسم. قوله: "المعرّف بلام الجنس" أي: لام الحقيقة في ضمن فرد غير معين, وتسميها أهل المعاني لام العهد الذهني لعهد الحقيقة في الذهن. قوله: "لقرب مسافته من النكرة" أي: لعدم تعين شيء من الأفراد فيهما. قوله: "بالنكرة المخصوصة" أي: بإضافة أو عمل كما يؤخذ من التمثيل بقولهم ما ينبغي للرجل إلخ, وقول البعض أي: بوصف أو إضافة كما يؤخذ من الأمثلة سهو منشؤه توهم أن منك صفة لخير, وهو باطل بل هو ظرف لغو متعلق بخير, والمراد النكرة المخصوصة وما في حكمها وهو الجملة كما يؤخذ من التمثيل بالبيت والآية, وقد يستفاد من تعبيره بالجواز أن الأحسن النعت بالمعرفة نظرًا للفظ وهو كذلك. قوله: "لا حال" جوّز جماعة الحالية نظرًا لصورة التعريف, وما ردّ به من أنه ليس المعنى أنه يمر عليه في حال السب بل المراد أن ذلك دأبه يردّ بأنا لا نسلم أنه ليس المعنى ما ذكر, بل المراد أن ذلك دأبه لم لا يجوز أن يكون المعنى ما ذكر ولئن سلم فجعل الحال لازمة يفيد أن ذلك دأبه. قوله: "وآية لهم الليل" أي: حقيقة الليل في ضمن فردّ ما من الليالي فلا ينافيه أن الواقع سلخ النهار من أفراد الليل فلا اعتراض. قوله: "بالأخص" أي: الأقل   810- البيت من الكامل، وهو لرجل من بني سلول في الدرر 1/ 78، وشرح التصريح 2/ 11؛ وشرح شواهد المغني 1/ 310؛ والكتاب 3/ 24؛ والمقاصد النحوية 4/ 58؛ ولشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات ص126؛ ولعميرة بن جابر الحنفي في حماسة البحتري ص171؛ وبلا نسبة في الأزهية ص263؛ والأشباه والنظائر 3/ 90؛ والأضداد ص132؛ وأمالي ابن الحاجب ص631؛ وأوضح المسالك 3/ 206؛ وجواهر الأدب ص307؛ وخزانة الأدب 1/ 357، 358، 3/ 201، 4/ 207, 208، 5/ 23، 503، 7/ 197، 9/ 119، 383؛ والخصائص 2/ 338، 3/ 330؛ والدرر 6/ 154؛ وشرح شواهد الإيضاح ص221؛ وشرح شواهد المغني 2/ 841؛ وشرح ابن عقيل ص475؛ والصاحبي في فقه اللغة ص219؛ ولسان العرب 12/ 81 "ثم"، 15/ 296 "منن"، ومغني اللبيب 1/ 102، 2/ 429، 645، وهمع الهوامع 1/ 9، 2/ 140. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 وهُوَ لَدَى التَّوْحيدِ والتَّذْكيرِ أو ... سِواهُما كالفِعْلِ فاقْفُ ما قَفَوا   منك أن يفعل كذا. الثالث لا يمتنع النعت في النكرات بالأخص نحو: رجل فصيح وغلام يافع. وأما في المعارف فلا يكون النعت أخص عند البصريين بل مساويًا أو أعم. وقال الشلوبين والفراء: ينعت الأعم بالأخص، قال المصنف: وهو الصحيح. وقال بعض المتأخرين: توصف كل معرفة بكل معرفة كما توصف كل نكرة بكل نكرة ا. هـ. "وهو لدى التوحيد والتذكير أو سواهما" وهو التثنية والجمع والتأنيث "كالفعل فاقف ما قفوا" أي: يجري النعت في مطابقة المنعوت وعدمها مجرى الفعل الواقع موقعه، فإن كان جاريًا على الذي هو له رفع ضمير المنعوت وطابقه في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، تقول: مررت برجلين حسنين وامرأة حسنة، كما تقول مررت برجلين حسنا وامرأة حسنت. وإن كان جاريًا على ما هو لشيء من سببيه فإن لم يرفع السببي فهو كالجاري على ما هو له في مطابقته للمنعوت؛ لأن مثله في رفعه ضمير المنعوت نحو: مررت بامرأة حسنة الوجه أو حسنة وجهًا، وبرجلين كريمي الأب أو كريمين أبًا، وبرجال حسان الوجوه أو حسان   شيوعًا. قوله: "يافع" بالتحتية ثم الفاء أي: مراهق. قوله: "فلا يكون النعت أخص" أي: أعرف كما في سم فنحو: بالرجل أخيك التابع بدل لا نعت لئلا يفضل التابع على المتبوع, وقد أسلفنا رده في باب النكرة والمعرفة. قوله: "أو أعم" أي: أقل تعريفًا. قوله: "ينعت الأعم بالأخص" قال البعض أي: فقط وإلا ساوى ما بعده ا. هـ. وترجاه شيخنا وفيه نظر إذ يبعد كل البعد أن الفراء والشلوبين يوجبان وصف الأعم بالأخص مع منع غيرهما أيا, ولا يجيزان الوصف بالأعم أو المساوي مع إيجاب غيرهما إياه, وأي ضرر في كون ما بعده مساويًا له فيكون سوقه لتأييده ثم رأيت ما يؤيد ما قلته بخط بعض الأفاضل. قوله: "توصف كل معرفة بكل معرفة" أي: إلا اسم الإشارة فإنه لا يوصف إلا بذي أل إجماعًا وإنما وصفوه باسم الجنس المعرّف بأن لبيان حقيقة الذات المشار إليها إذ لا دلالة لاسم الإشارة على حقيقتها, وألحق به الموصول؛ لأنه مع صلته بمعنى ذي اللام؛ ولأن الموصول الذي يقع صفة ذو لام, وإن كانت زائدة وكما يجوز في تابع اسم الإشارة كونه نعتًا من حيث دلالته على معنى في متبوعه يجوز كونه عطف بيان من حيث إيضاحه له, والأول مبني على ما عليه جمع محققون أنه لا يشترط كون النعت مشتقا أو مؤوّلًا به. والثاني مبني على أنه لا يشترط في البيان أن يكون أعرف من المبين وهو الصحيح. قوله: "لدى التوحيد إلخ" أي: عند ملاحظة التوحيد إلخ. قوله: "الواقع موقعه" أي: الذي يقع في محل النعت على خلاف الأصل. قوله: "وطابقه في الإفراد إلخ" أورد عليه نحو: نطفة أمشاج وبرمة أعشار وثوب أخلاق. وأجيب بأن النطفة لما كانت مركبة من أشياء كل منها مشيج. والبرمة من أعشار هي قطعها. والثوب من قطع كل منها خلق كان كل من الثلاثة مجموع أجزاء فجاز وصفه بالجمع. وقيل أفعال في مثل ذلك واحد لا جمع كذا في الدماميني. قوله: "على ما هو إلخ" أي: على منعوت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 وانْعَتْ بِمُشتقٍّ كصَعْب وذَرِبْ ... وشِبْهِهِ كذا وذي والمُنْتَسِبْ   وجوهًا، وإن رفع السببي كان بحسبه في التذكير والتأنيث كما هو في الفعل، فيقال: مررت برجال حسنة وجوههم, وبامرأة حسن وجهها, كما يقال: حسنت وجوههم وحسن وجهها. تنبيهات: الأول يجوز في الوصف المسند إلى السببي المجموع الإفراد والتكسير فيقال: مررت برجل كريم آباؤه وكرام آباؤه. الثاني قد يعامل الوصف الرافع ضمير المنعوت معاملة رافع السببي إذا كان معناه له، فيقال: مررت برجل حسنة العين, كما يقال: حسنت عينه, حكى ذلك الفراء وهو ضعيف، وذهب كثير منهم الجرمي إلى منعه. الثالث أفهم قوله كالفعل جواز تثنية الوصف الرافع للسببي, وجمعه الجمع المذكر السالم على لغة أكلوني البراغيث، فيقال: مررت برجل كريمين أبواه، وجاءني رجل حسنون غلمانه، الرابع ما ذكره من مطابقة النعت للمنعوت مشروط بأن لا يمنع منها مانع كما في صبور وجريح وأفعل من ا. هـ "وانعت بمشتق" والمراد به ما دل على حدث وصاحبه, وذلك اسم الفاعل كضارب   هو أي: النعت أي: معناه ثابت لشيء من سببيه أي: هو سببيه أو بعض أفراد سببيه. قوله: "كان" أي: النعت بحسبه أي: السببي وقوله في التذكير والتأنيث أي: وأما في الإفراد وضديه فسيأتي في التنبيه الأول والثالث. وقوله كما هو في الفعل أي: كحال هو أي: الحال في الفعل إذا وقع نعتًا مثلًا. قوله: "يجوز في الوصف إلخ" أي: على اللغة الفصحى فظهر وجه اقتصاره على الإفراد والتكثير؛ وذلك لأن التصحيح إنما يجوز على لغة أكلوني البراغيث. وسيصرح بهذا في التنبيه الثالث, ولم يتنبه البعض لهذا التحقيق فقال ما قال. واختلف في الأفصح من الإفراد والتكسير فالتكسير أفصح عند سيبويه, والمبرد قال في المغني: وهو الأصح وعكس الشلوبين وطائفة. وفصل آخرون فقالوا: إن كان النعت تابعًا لجمع فالتكسير أفصح وإن كان لمفرد أو مثنى فالإفراد أفصح, كذا في التصريح قال الدماميني: وإنما لم يضعف نحو: مررت برجل كرام آباؤه مع ضعف كريمين آباؤه؛ لأن اسم الفاعل المشابه للفعل إذا كسر خرج عن موازنة الفعل ومناسبته؛ لأن الفعل لا يكسر بخلافه إذا صحح ا. هـ. ووجه أفصحية التكسير إذا تبع جمعًا المشاكلة. قوله: "المجموع" فإن كان السببي مثنى تعين الإفراد على اللغة الفصحى. فائدة: يجوز مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين, وإن لزم استتار الضمير في قاعدين مع جريان الصفة على غير من هي له؛ لأنه يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل, ويمتنع قائمين لا قاعد أبواه على إعمال الثاني للزوم وما ذكر في الأوائل أفاده في المغني. قوله: "قد يعامل إلخ" فيه إشارة إلى أنه قليل والكثير المطابقة كما مر. قوله: "إذا كان معناه" أي: الوصف له أي: السببي. قوله: "أفهم قوله كالفعل إلخ" وأفهم أيضًا جواز نحو: برجل قائم اليوم أمه للفصل ونحو: بامرأة حسن نغمتها, لمجازية التأنيث وبه صرح بعضهم سم. قوله: "بأن لا يمنع منها مانع" ككون الوصف يستوي فيه المذكر والمفرد وأضدادهما وكونه أفعل تفضيل مجردًا أو مضافًا لمنكور. قوله: "وانعت بمشتق إلخ" المتبادر منه أنه يشترط في النعت كونه مشتقا أو مؤوّلًا به وهو رأي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 ونَعَتُوا بجمْلَةٍ مُنْكّرًا ... فَأُعْطِيَتْ ما أُعْطِيَتْهُ خَبرا   وقائم واسم المفعول كمضروب ومهان والصفة المشبهة. "كصعب وذرب" وأفعل التفضيل كأقوى وأكرم، ولا يرد اسم الزمان والمكان والآلة؛ لأنها ليست مشتقة بالمعنى المذكور وهو اصطلاح "وشبهه" أي: شبه المشتق والمراد به ما أقيم مقام المشتق في المعنى من الجوامد "كذا" وفروعه من أسماء الإشارة عبر المكانية "وذي" بمعنى صاحب والموصولة وفروعهما "والمنتسب" تقول: مررت بزيد هذا، وذي المال، وذو قام، والقريشي، فمعناها الحاضر وصاحب المال، والقائم، والمنسوب إلى قريش "ونعتوا بجملة" بثلاثة شروط: شرط في المنعوت وهو أن يكون "منكرًا" إما لفظًا ومعنى نحو: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ   الأكثرين وذهب جمع محققون كابن الحاجب إلى عدم الاشتراط وأن الضابط دلالته على معنى في متبوعه كالرجل الدال على الرجولية قاله الدماميني. قوله: "وذلك اسم الفاعل" أراد به ما يشمل أمثلة المبالغة. قوله: "ومهان" كان عليه أن يأتي بالمزيد في اسم الفاعل كما أتى به في اسم المفعول, وأن يأتي باللازم في اسم المفعول كما أتى به في اسم الفاعل, ويمكن أن يجعل في كلامه احتباك. قوله: "وذرب" بالذال المعجمة الحاد من كل شيء وبالمهملة المعتاد للأشياء الخبير بها. قوله: "ليست مشتقة بالمعنى المذكور" لأنها لا تدل على صاحب الحدث أي: فاعله أو مفعوله بل هي مشتقة بالمعنى الأعم, وهو ما أخذ من المصدر للدلالة على شيء منسوب للمصدر, فمفتاح مثلًا مأخوذ من الفتح للدلالة على آلة منسوبة للفتح, ومرمى مأخوذ من الرمي للدلالة على مكان أو زمان منسوب للرمي. قوله: "وهو" أي: المشتق بالمعنى المذكور اصطلاح أي: لهم في مثل هذا المقام ولا يرد كونها مشتقة باصطلاح آخر. قوله: "في المعنى" أي: من جهة دلالته على معناه. قوله: "غير المكانية" أما هي كمررت برجل هنا أو هناك أو ثم أو ثم فمتعلقة بمحذوف صفة لرجل فهي ظروف لا صفات بل الصفات متعلقاتها. قوله: "والموصولة" إنما يكون قول الناظم وذي شاملًا للموصولة على لغة إعرابها, أما على لغة البناء فلا؛ لأنها بالواو لزومًا على هذه اللغة لا بالياء. ومثلها في الوصف بها سائر الموصولات المبدوءة بهمزة الوصل بخلاف نحو: من وما. قوله: "وذي المال" هل يجوز أن يقال برجل ذي مال أبوه على أن ذي رافع للأب نقل ابن جني عن الأكثرين المنع وعللوه بثلاثة أوجه ذكرها شيخنا فراجعه. قوله: "وذو قام" كذا في نسخ بالواو على لغة بناء ذو الموصولة, لكنه لا يناسب ما جرى عليه الشارح من شمول ذي في كلام المصنف للموصولة؛ لأن شموله للموصولة إنما يجيء على لغة الإعراب؛ لأنها في كلامه بالياء وفي نسخ وذي قام بالياء وهي المناسبة للشمول المذكور. قوله: "شرط في المنعوت إلخ" فيه شرط آخر وهو أن يكون مذكورًا إن لم يكن بعض اسم متقدم مجرور بمن أو في كما سيأتي ا. هـ تصريح. وأما أنا ابن جلا فضرورة. قوله: "أن يكون منكرًا" أي: لتأوّل الجملة بالنكرة فنحو: جاء رجل قام أبوه أو أبوه قائم من كل وصف بجملة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] ، أو معنى لا لفظًا وهو المعرف بأل الجنسية كقوله: 811- وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي وشرطان في الجملة: أحدهما أن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف إما ملفوظ كما تقدم أو مقدر كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] ، أي: لا تجزي فيه أو بدل منه كقوله: 812- كَأَنَّ حَفِيفَ النَّبْلِ من فَوْق عَجْسِهَا ... عوَازِبُ نَخْل أَخْطأَ الغارَ مُطْنِفُ أي: أخطأ غارها، فأل بدل من الضمير وإلى هذا الشرط الإشارة بقوله: "فأعطيت ما   المجهول فيها اتصاف المسند إليه بالمسند في تأويل جاء رجل قائم أبوه ونحو: جاء رجل أبوه القائم أو أبوه زيد من كل وصف بجملة المجهول فيها اتحاد ذاتيهما في تأويل جاء رجل كائن ذات أبيه ذات القائم أو ذات زيد, كذا في الدماميني عن ابن الحاجب والرضي لا لكون الجمل نكرات وإن جرى على ألسنتهم, ووجهه بعضهم بما ردّه الرضي ثم قال: والحق أن الجملة ليست معرفة ولا نكرة؛ لأن التعريف والتنكير من عوارض مدلول الاسم والجملة من حيث هي جملة ليست اسمًا, وإنما جاز نعت النكرة بها دون المعرفة لتأولها بالنكرة كما مر. قوله: "على ضمير يربطها بالموصوف" اقتصر على الضمير؛ لأن الرابط هنا لا يكون إلا للضمير بخلاف الخبر والفرق أن المنعوت لا يستلزم النعت صناعة, فضعف طلبه له فاحتيج لدليل قوي يدل على ارتباط الجملة به, وأنها نعت له بخلاف المبتدأ فإنه يستلزم الخبر, فقوي طلبه له فاكتفى بأي دليل يدل على ارتباط الجملة به, وأنها خبر عنه أفاده سم. ورأيت بخط بعض الفضلاء أن الصحيح عدم تقييد الربط هنا أيضًا بالضمير. قوله: "أي: لا تجزي فيه" وهل حذف الجار والمجرور معًا أو الجار وحده فانتصب الضمير واتصل بالفعل, ثم حذف منصوبًا قولان: الأول عن سيبويه. والثاني عن الأخفش. تصريح. قوله: "أو بدل منه" معطوف على ضمير. قوله: "كأن حفيف النبل" بالحاء المهملة أي: دويّ ذهاب السهام ومن فوق حال من النبل, وضمير عجسها للقوس. والعجس بتثليث العين المهملة فجيم فسين مهملة مقبض القوس. والعوازب بعين مهملة وبعد الألف زاي جمع عازبة من عزبت الإبل إذا بعدت في المرعى. ومطنف بضم الميم وكسر النون فاعل أخطأ, والمطنف الذي يعلو الطنف كجبل وهو رأس الجبل وأعلاه, وكأن المعنى أخطأ غارها منطفها أي: العالي منها رأس الجبل الذي هو أي: ذلك المنطف كدليلها الذي تتبعه في السير وقيد بقوله أخطأ إلخ؛ لأن النحل إذا تاه عن محله عظم دويه.   811- راجع التخريج رقم 810. 812- البيت من الطويل، وهو للشنقري في ديوانه ص54؛ والأغاني 21/ 213؛ ولسان العرب 9/ 224 "طنف"؛ والمقاصد النحوية 4/ 85. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 وامْنَعْ هنا إيقاعَ ذاتِ الطَّلَبِ ... وإنْ أَتَتْ فالقَولَ أَضْمِرْ تُصِبِ ونَعَتُوا بمصْدَرٍ كثيرًا ... فالتزموا الإفرادَ والتَّذكيرا   أعطيته خبرا" والثاني أن تكون خبرية أي: محتملة للصدق والكذب وإليه الإشارة بقوله: "وامنع هنا إيقاع ذات الطلب" فلا يجوز مررت برجل أضربه أو لا تهنه، ولا بعبد بعتكه قاصدًا إنشاء البيع "وإن أتت" الجملة الطلبية في كلامهم "فالقول أضمر تصب" كقوله: 813- جَاءُوا بِمَذْقٍ هل رأيت الذِّئبَ قَطْ أي: جاءوا بلبن مخلوط بالماء مقول فيه عند رؤيته هذا الكلام. تنبيهان: الأول ذكر في البديع أن الوصف بالجملة الفعلية أقوى منه بالجملة الاسمية. الثاني فهم من قوله: أعطيت ما أعطيته خبرًا أنها لا تقترن بالواو بخلاف الحالية فلذلك لم يقل ما أعطيته حالًا "ونعتوا بمصدر كثيرًا" وكان حقه أن لا ينعت به لجموده، ولكنهم فعلوا ذلك قصدًا للمبالغة أو توسعًا   قوله: "فأعطيت ما أعطيته خبرًا" أي: من أصل الربط وإن كان في النعت بالضمير فقط, وفي الخبر به وبغيره على ما تقدم. قوله: "أن تكون خبرية" أي: لأن النعت يوضح المنعوت أو يخصصه, والجملة لا تصلح لذلك إلا إذا كان مضمونها معلومًا للسامع قبل. ومضمون الجملة الإنشائية غير معلوم قبل. قوله: "وامنع هنا" أي: لا في الخبر على المختار, وكالنعت الحال ففي المفهوم تفصيل. قوله: "جاءوا بمذق إلخ" قبله: حتى إذا جنّ الظلام واختلط وصف به قومًا ما أضافوه وأطالوا عليه, ثم أتوه بلبن مخلوط بالماء حتى صار لونه في العشية يشبه لون الذئب في قلة البياض. والمذق بفتح الميم وسكون الذال المعجمة مصدر مذقت اللبن إذا خلطته بالماء، والمراد به هنا الممذوق. قوله: "أن الوصف بالجملة الفعلية أقوى" أي: لاشتمالها على الفعل المناسب للوصف في الاشتقاق, وأما الاسمية فقد تخلو عن المشتق بالكلية نحو: جاء رجل أبوه زيد، هكذا ينبغي تقرير التوجيه, ونقل شيخنا عن الدماميني أن الماضي أكثر من المضارع. قوله: "لا تقترن بالواو" خلافًا للزمخشري كما في الدماميني. قوله:   813- قبله: حتى إذا جنّ الظلام واختلط والرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 304؛ وخزانة الأدب 2/ 109؛ والدرر 6/ 10؛ وشرح التصريح 2/ 112؛ والمقاصد النحوية 4/ 61؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 115؛ وأوضح المسالك 3/ 310؛ وخزانة الأدب 3/ 30، 5/ 24، 468، 6/ 138؛ وشرح ابن عقيل ص477؛ وشرح عمدة الحافظ ص541؛ وشرح المفصل 3/ 52، 53؛ ولسان العرب 4/ 248 "خضر"؛ 10/ 340 "مذق"؛ والمحتسب 2/ 165؛ ومغني اللبيب 1/ 246، 2/ 585؛ وهمع الهوامع 2/ 117. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 وَنَعْتُ غَيْرِ واحِدٍ إذا اخْتَلَفْ ... فعاطِفًا فَرِّقْه لا إذا انْتَلَفْ   بحذف مضاف "فالتزموا الإفراد والتذكيرا" تنبيهًا على ذلك. فقالوا: رجل عدل ورضا وزور، وامرأة عدل ورضا وزور، ورجلان عدل ورضا وزور، وكذا في الجمع أي: هو نفس العدل أو ذو عدل، وهو عند الكوفيين على التأويل بالمشتق أي: عادل ومرضي وزائر. تنبيهان: الأول وقوع المصدر نعتًا وإن كان كثيرًا لا يطرد كما لا يطرد، وقوعه حالًا وإن كان أكثر من وقوعه نعتًا. الثاني أطلق المصدر وهو مقيد بأن لا يكون في أوله ميم زائدة كمزاد ومسير فإنه لا ينعت به لا باطراد ولا بغيره "ونعت غير واحد إذا اختلف   "تنبيهًا على ذلك" أي: ما ذكر من قصد المبالغة والتوسع؛ ولأن المصدر من حيث هو مصدر لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث وإنما كان منبهًا على قصد المبالغة؛ لأن معنى قصد المبالغة جعل الموصوف نفس المعنى مجازًا لكثرة وقوعه منه, والمعنى شيء واحد مذكر على حذف المضاف؛ لأن المصدر يكون كذلك أي: مفردًا مذكرًا لو صرح بالمضاف نحو: هند ذات عدل والزيدان ذوا عدل وهكذا. قوله: "وهو عند الكوفيين إلخ" قد خالف كل من الفريقين مذهبه في باب الحال في أتيته ركضًا, فقال البصريون: إن ركضًا بمعنى راكضًا والكوفيون أنه على تقدير مضاف. وقد يقال إن كلا ذكر في كل من الموضعين ما هو بعض الجائز عنده. قوله: "على التأويل بالمشتق" أي: الذي بمعنى الفاعل كثيرًا كما في عدل وزور، وبمعنى المفعول قليلًا كما في رضا قاله الدماميني. فائدة: قيل من النعت بالمصدر على التأويل باسم المفعول أو تقدير المضاف قولهم مررت برجل ما شئت من رجل؛ لأن ما مصدرية، ومثله قوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 8] ، وارتضى في المغني أن ما شرطية حذف جوابها أي: فهو كذلك ومجموع الجملتين نعت, وأن ما في الآية إما زائدة فالنعت جملة شاء وحدها بتقدير الرابط أي: شاءها وفي متعلقة بركبك أو باستقرار محذوف حال من مفعوله أو بعدلك أي: وضعك في صورة أي صورة شاء, وإما شرطية, فالنعت مجموع الجملتين والرابط محذوف أي: ما شاء تركيبك ركبك عليها, وفي متعلقة بعدلك لا بركبك؛ لأن الجواب لا يعمل فيما قبل أداة الشرط. قوله: "لا يطرد" أي: بل يقتصر على ما سمع منه, ولما لم يستفد من هذا التنبيه أن المسموع منه غير ميمي أتى بالتنبيه الثاني لإفادة ذلك. ولي في المقام بحث وهو أنهم كيف حكموا بعدم الاطراد مع أن وقوع المصدر نعتًا أو حالًا إما على المبالغة أو على المجاز بالحذف إن قدر المضاف أو على المجاز المرسل الذي علاقته التعلق إن أول المصدر باسم الفاعل أو اسم المفعول، وكل من الثلاثة مطرد كما صرح به علماء المعاني. اللهم إلا أن يدعي اختلاف مذهبي النحاة وأهل المعاني، أو أن المطرد عند أهل المعاني وقوع المصدر على أحد الأوجه الثلاثة إذا كان غير نعت أو حال كأن يكون خبرًا نحو: زيد عدل فتدبر. قوله: "ونعت غير واحد" بالرفع مبتدأ ولا يجوز نصبه؛ لأن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فعاطفًا فرقه لا إذا ائتلف" مثال المختلف: مررت برجلين كريم وبخيل، ومثال المؤتلف: مررت برجلين كريمين أو بخيلين. ويستثنى من الأول اسم الإشارة فلا يجوز تفريق نعته، فلا يقال مررت بهذين الطويل والقصير نص على ذلك سيبويه وغيره كالزيادي والزجاج والمبرد. قال الزيادي وقد يجوز ذلك على البدل أو عطف البيان. تنبيهات: الأول قيل يندرج في غير الواحد ما هو مفرد لفظًا مجموع معنى كقوله:   فلا يفسر عاملًا. والمراد بغير الواحد ما دل على متعدد مثنى أو جمعًا أو اسم جمع أو اسم جنس أو اسمين متعاطفين أو أسماء متعاطفة كذا فسر الدماميني وأورد عليه أن نحو: زيد وعمرو إذا اختلف نعته لا يجب فيه التفريق بالعطف, بل يجوز فيه ذكر كل نعت بجانب منعوته نحو: جاء زيد العاقل وعمرو الكريم. وما أجيب به من أن المراد بالتفريق ما يشمل إيلاء كل نعت منعوته يرده قوله فعاطفًا إلا أن يقال عاطفًا في الجملة وأيضًا على ما فسر به الدماميني يرد على قوله لا إذا ائتلف نحو: أعطيت زيدًا أباه مما اتفق فيه المنعوتان إعرابًا لا بسبب العطف فإنه يمتنع جمعهما في وصف واحد, بل يفرد كل بوصف أو يجمعان في نعت مقطوع؛ لأن التابع في حكم المتبوع ولا يكون اسم واحد مفعولًا أولًا، وثانيًا نص على ذلك الرضي فقول المصنف: لا إذا ائتلف أي: فلا يفرق بل يجمع محله ما لم يمنع مانع أفاده سم. وفي هذا الإيراد نظر؛ لأن المنعوت في هذه الصورة ليس من غير الواحد بتفسير الدماميني لعدم العطف فاعرفه ولو أريد بغير الواحد المثنى والمجموع لم يرد شيء من ذلك فتأمل. قوله: "إذا اختلف" أي: لفظًا ومعنى كالعاقل والكريم أو معنى لا لفظًا كالضارب من الضرب بالعصا مثلًا, والضارب من الضرب في الأرض أي: السير فيها أو لفظًا لا معنى كالذاهب والمنطلق. قوله: "فعاطفًا فرقه" أي: ففرق النعت حال كونك عاطفًا بالواو فقط, إجماعًا إذ لو قيل مررت برجلين صالح فطالح أو ثم طالح لم يستفد الترتيب في المرور, بل في حصول الوصفين للرجلين والترتيب في هذا غير مراد أفاده الدماميني. وأما قول ابن الحاجب الإدغام: أن تأتي بحرفين ساكن فمتحرك, فمردود بخلاف ما إذا كان المنعوت واحدًا فإنه يجوز العطف بغير الواو، حكى سيبويه مررت برجل راكب فذاهب وبرجل راكب ثم ذاهب قاله زكريا أي: لأن قصد الترتيب في حصول الوصفين للرجل سائغ. قوله: "كريمين" أي: بالتثنية ولا يجوز كريم وكريم بالتفريق، نعم يجوز مررت بإنسانين صالح وصالحة إذ لم يتفقا إلا بالتغليب فالنعت مختلف في الحقيقة فجاز تفريقه نظرًا لذلك وجمعه نظرًا للاتحاد في التغليب. قوله: "ويستثنى من الأول" اعترض بأنه لا استثناء؛ لأن نعت اسم الإشارة لا يكون مختلفًا أصلًا فهو خارج بقوله إذا اختلف. قوله: "فلا يجوز تفريق نعته" أي: لوجوب مطابقته له لفظًا, قال الدماميني: اختص نعت اسم الإشارة بأمور: منها هذا. ومنها وجوب كونه ذا أل. ومنها امتناع فصله من موصوفه فلا يجوز مررت بهذا في الدار الفاضل وإن جاز مررت بالرجل في الدار الكريم. ومنها امتناع قطعه، وأما كونه جنسًا لا وصفًا فغالب لا لازم. قوله: "فلا يقال مررت بهذين الطويل والقصير" أي: على النعتية بقرينة ما يأتي. قوله: "قيل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 وَنَعْتَ مَعْمولَيْ وَحِيدَيْ مَعْنى ... وعَمَل أَتْبِع بغَيْر استثنا   814- فَوَافَيناهُمُ مِنّا بجَمْعٍ ... كأُسْدِ الغابِ مُرْدانٍ وشِيبِ وفيه نظر. الثاني قال في الارتشاف: والاختيار في مررت برجلين كريم وبخيل القطع. الثالث قال في التسهيل: يغلب التذكير والعقل عند الشمول وجوبًا وعند التفصيل اختيارًا "ونعت معمولي" عاملين "وحيدي معنى وعمل أتبع بغير استثنا" أي: أتبع مطلقًا   يندرج إلخ" أي: لأن المراد بغير الواحد كما مر ما دل على متعدد والنظر الذي ذكره الشارح مبني على أن المراد به المثنى والمجموع فقط, وقد مر خلافه عن الدماميني وعليه فالنظر غير وارد. قوله: "والاختيار في مررت برجلين كريم وبخيل القطع" قال شيخنا: انظره مع ما سيأتي من وجوب اتباع النكرة بنعت ا. هـ. ولا وجه للتوقف؛ لأن ما يأتي فيما إذا اتحد المنعوت وتعدد نعته. قوله: "عند الشمول" أي: جمع النعوت في لفظ واحد نحو: مررت برجل وامرأة صالحين وبرجل وامرأتين صالحين وبرجل وأفراس سابقين, ويمتنع صالحتين وصالحات وسابقات والتغليب بالعقل خاص بجمع المذكر. قوله: "وعند التفصيل اختيارًا" مراده بالتفصيل التفريق. قال الدماميني: تقول على التغليب: مررت بعبيد وأفراس سابقين وسابقين وعلى عدمه سابقين وسابقات ا. هـ. أي: أو سابقات وسابقين والظاهر أن مثله في جواز التغليب وعدمه ما إذا أوليت كل منعوت بنعته. قوله: "وحيدي معنى وعمل" أي: متحدين فيهما سواء اتحدا لفظًا أم لا فالأول نحو: جاء زيد وجاء عمرو العاقلان وكثاني أمثلة الشارح، والثاني كبقية أمثلته فعلم ما في كلام البعض من المؤاخذة، واشترط بعضهم ثالثًا وهو اتفاق المنعوتين تعريفًا وتنكيرًا فلا يجوز: جاء رجل وجاء زيد العاقلان ولا عاقلان لما يلزم من نعت النكرة بالمعرفة أو العكس. ورابعًا وهو أن لا يكون أحد المنعوتين اسم إشارة فلا يجوز: جاء هذا وجاء زيد العاقلان لعدم جواز الفصل بين المبهم ونعته، فإن أخر اسم الإشارة كجاء زيد وجاء هذا العاقلان جاز عند المصنف, وزاد الشاطبي شرطًا خامسًا وهو: أن لا يكون أحد المنعوتين في جملة خبرية والآخر في جملة إنشائية فلا يجوز نحو: جاء زيد ومن عمرو العاقلان. وفيه أن العاملين في المثال مختلفان معنى فاتحادهما معنى يغني عن الشرط الخامس في منع نحو: هذا المثال. وقول البعض: إلا أن يقال في المثال مانعان لا ينهض وجهًا لزيادة الشرط الخامس، ثم منع الشاطبي الاتباع في هذا المثال يوهم جواز القطع بل وجوبه. وفي الرضي منعه أيضًا وعلله بأنه لا يجوز أن تخلط من تعلم بمن لا تعلم فتجعلهما بمنزلة واحدة، فالذي ينبغي أن يمثل بنحو: بعت زيدًا الجبة وبعتك الثوب الجديدين مقصودًا بإحدى الجملتين الإخبار وبالأخرى الإنشاء، ونحو: قام زيد وهل قام عمرو العاقلان. قوله: "أي: أتبع مطلقًا" أي: سواء كان المتبوعان مرفوعي فعلين أو خبري مبتدأين أو   814- البيت من الوافر، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص135؛ والمقاصد النحوية 4/ 77؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص544. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   نحو: جاء زيد وأتى عمرو العاقلان، وهذا زيد وذاك خالد الكريمان، ورأيت زيدًا وأبصرت عمرًا الظريفين، وخصص بعضهم جواز الاتباع بكون المتبوعين فاعلي فعلين أو خبري مبتدأين، فإن اختلف العاملان في المعنى والعمل أو في أحدهما وجب القطع بالرفع على إضمار مبتدأ، أو بالنصب على إضمار فعل نحو: جاء زيد ورأيت عمرًا الفاضلان أو الفاضلين، ونحو: جاء زيد ومضى بكر الكريمان أو الكريمين، ونحو: هذا مؤلم زيد وموجع عمرا الظريفان أو الظريفين، ولا يجوز الاتباع في ذلك؛ لأن العمل الواحد لا يمكن نسبته لعاملين من شأن كل واحد منهما أن يستقل. تنبيهان: الأول إذا كان عامل المعمولين واحدًا ففيه ثلاث صور: الأولى أن يتحد العمل والنسبة نحو: قام زيد وعمرو العاقلان. وهذه يجوز فيها الاتباع والقطع في أماكنه من غير إشكال. الثانية أن يختلف العمل وتختلف نسبة العامل إلى المعمولين من جهة المعنى   منصوبين وقد مثل الشارح لذلك, أو مخفوضين كسقت النفع إلى خالد وسيق لزيد الكاتبين وكمررت بزيد وبعمرو الكاتبين. قال في الهمع: قال أبو حيان: ومقتضى مذهب سيبويه أنه لا يجوز الاتباع لما انجر من جهتين كالحرف والإضافة نحو: مررت بزيد وهذا غلام بكر الفاضلين، والحرفين المختلفين لفظًا ومعنى نحو: مررت بزيد ودخلت إلى عمرو الظريفين، أو معنى فقط نحو: مررت بزيد واستعنت بعمرو الفاضلين، والإضافتين المختلفتين معنى نحو: هذه دار زيد وهذا أخو عمرو الفاضلين. قوله: "ورأيت زيدًا" أي: أبصرته ليتحد مع ما بعده معنى. قوله: "وخصص بعضهم إلخ" هذا هو الذي أشار الناظم إلى رده بقوله بغير استثنا. قوله: "وجب القطع" قال سم: فيه تأمل فإنه يجوز إفراد كل بوصفه بجنبه ا. هـ. وقد يقال مراده بوجوب القطع امتناع الاتباع حالة جمع النعتين لا مطلقًا. قوله: "على إضمار فعل" أي: كأمدح وأذم وأعني وأذكر. قال الدماميني: قال المصنف في شرح عمدته: إذا كان المنعوت متعينًا لم يقدر أعني بل أذكر ا. هـ. وللبحث فيه مجال فتأمل. قوله: "أن يستقل" أي: ينفرد عن الآخر بالمعنى أو العمل لاختلافهما معنى أو عملًا بخلاف المتحدين معنى وعملًا فإنهما لاتحادهما ينزلان منزلة العامل الواحد فلا يلزم عمل عاملين في معمول واحد. قوله: "والنسبة" أي: نسبة العامل إليهما بأن تكون على جهة الفاعلية أو المفعولية مثلًا. قوله: "يجوز فيها الاتباع والقطع" ويجوز أيضًا إفراد كل بوصفه كجاء زيد الظريف وعمرو الظريف كما قاله الرضي. قال الإسقاطي: وهل يجوز تفريق النعتين مع تأخيرهما في الشاطبي ما يفيد المنع ا. هـ. ومقتضى القياس على ما يأتي عن الرضي في الصورة الثانية الآتية في كلام الشارح الجواز إلا أن يفرق بين هذه والصورة الثانية بأن في الصورة الثانية ما يرد كل نعت إلى منعوته إذا أخر النعت فيها وفرق, وهو اختلاف إعراب النعت بخلاف هذه الصورة لعدم ذلك فيها. وقد يقال لا ضرر فيه إذ لا يترتب عليه اختلاف المعنى فتأمل. قوله: "في أماكنه" أي: القطع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   نحو: ضرب زيد عمرا الكريمان، ويجب في هذه القطع قطعًا. الثالثة أن يختلف العمل وتتحد النسبة من جهة المعنى نحو: خاصم زيد عمرا الكريمان، فالقطع في هذه واجب عند البصريين, وأجاز الفراء وابن سعدان الاتباع، والنص عن الفراء أنه إذا أتبع غلب المرفوع, فتقول خاصم زيد عمرًا الكريمان. ونص ابن سعدان على جواز اتباع أي شيء؛ لأن كلًا منهما مخاصم ومخاصم، والصحيح مذهب البصريين؛ قيل بدليل أنه لا يجوز ضارب زيد هندًا العاقلة برفع العاقلة نعتًا لهند، لكن ذكر الناظم في باب أبنية الفعل من شرح التسهيل أن الاسمين من نحو: ضارب زيد عمرا, ليس أحدهما أولى من الآخر بالرفع ولا بالنصب. قال: ولو أتبع منصوبهما بمرفوع أو مرفوعهما بمنصوب لجاز، ومنه قول الراجز: 815- قَدْ ساَلَمَ الحَيَّاتُ منه القَدَمَا ... الأُفْعوانَ والشجَاعَ الشَّجْعَمَا   وهي المواضع التي يتعين فيها المنعوت بدون النعت. قوله: "ويجب في هذه القطع قطعًا" المراد بوجوب القطع امتناع الاتباع مع جمع النعتين وإلا فيجوز إفراد كل بنعت, كما في الرضي وفيه أيضًا أنه يجوز تأخير النعتين مع إفرادهما فتقول: ضرب زيد عمرًا الظريف الظريف لكن على أن الأول للثاني والثاني للأول؛ لأن اللازم عليه فصل أحدهما من منعوته وهو خير من فصلهما معًا كما سبق مثل ذلك في الحال ا. هـ. ولا يخفى أن غاية ما يفيده هذا التعليل الأولوية دون الوجوب. فإن كان مراده الأولوية فذاك وإلا منعناه مع أن قد يقال فصل أحدهما بمنزلة فصلهما؛ لأن فصل أحدهما بكلمتين وفصل كل منهما بكلمة فتأمل. قوله: "قيل بدليل أنه لا يجوز إلخ" وجه التمريض أن هذا الدليل لا يبطل مذهب الخصم لجواز أن يقال المجوز لملاحظة المعنى في الاتباع التغليب, ولا تغليب هنا, وأيضًا عدم جواز ضارب إلخ غير مجمع عليه فلا يبطل هذا الدليل مذهب الخصم. وقد أشار الشارح إلى هذا بالاستدراك على الدليل بقوله لكن إلخ. قوله: "قد سالم" من المسالمة وهي المصالحة. والأفعوان بضم الهمزة والعين المهملة ذكر الحيات والأنثى أفعى. والشجاع الحية وكذا الشجعم وميمه زائدة. والشاهد في الأفعوان فإنه تابع للحيات لكن نصب نظرًا إلى كونه مفعولًا معنى.   815- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 333؛ وجمهرة اللغة ص1139؛ وله أو لأبي حيان الفقعسي أو لمساور العبسي أو للدبيري، أو لعبد بني عبس في خزانة الأدب 11/ 411، 415، 416؛ والمقاصد النحوية 4/ 81؛ وللعجاج أو لأبي حيان الفقعسي أو لمساور العبسي أو للتدمري أو لعبد بني الحسحاس في الدرر 3/ 6؛ وللعجاج أو لأبي حيان الفقعسي أو لمساور العبسي أو للتدمري أو لعبد بني عبس في شرح شواهد المغني 2/ 973؛ ولمساور العبسي في لسان العرب 12/ 366 "ضمز"؛ ولعبد بني عبس في الكتاب 1/ 287؛ وللدبيري في شرح أبيات سيبويه 1/ 201؛ ولأبي حناء في خزانة الأدب 10/ 240؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 122؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 431، 2/ 483؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 252؛ ولسان العرب 8/ 175 "شجع"، 12/ 319 "شجعم"؛ ومغني اللبيب 2/ 699؛ والمقتضب 2/ 283؛ والممتع في التصريف 1/ 241؛ والمنصف 3/ 69. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 وإنْ نُعُوت كَثُرتْ وقَد تَلَتْ ... مُفْتقرًا لِذِكْرهنّ أُتْبِعتْ واقْطَع أو أََتْبِع إنْ يكن مُعَيَّنا ... بدونها أو بعضِها اقْطَع مُعْلِنا   فنصب الأفعوان وهو بدل من الحيات وهو مرفوع لفظًا؛ لأن كل شيئين تسالما فهما فاعلان مفعولان. وهذا التوجيه أسهل من أن يكون التقدير قد سالم الحيات منه القدم، وسالمت القدم الأفعوان. الثاني قوله: أتبع يوهم وجوب الاتباع وليس كذلك؛ لأن القطع في ذلك منصوص على جوازه "وإن نعوت كثرت وقد تلت" أي: تبعت منعوتًا "مفتقرًا لذكرهن" بأن كان لا يعرف إلا بذكر جميعها "أتبعت" كلها لتنزيلها منه حينئذ منزلة الشيء الواحد، وذلك كقولك: مررت بزيد التاجر الفقيه الكاتب إذا كان هذا الموصوف يشاركه في اسمه ثلاثة أحدهم تاجر كاتب والآخر تاجر فقيه والآخر فقيه كاتب "واقطع" الجميع "أو أتبع" الجميع أو اقطع البعض وأتبع البعض "إن يكن" المنعوت "معينًا بدونها" كلها كما في قول خرنق:   قوله: "أسهل" أي: لسلامته من كثرة الحذف. قوله: "وسالمت القدم إلخ" أي: فيكون الأفعوان مفعول فعل حذف للعلم به من التعبير بالمسالمة التي هي مفاعلة من الجانبين. قوله: "يوهم وجوب الاتباع" قال سم, وأقره شيخنا والبعض قد يقال لا عبرة بهذا الإيهام مع ذكر مسائل القطع فيما سيأتي ا. هـ. وفيه أن المصنف إنما ذكر القطع مع تعدد النعوت، وكلامه الآن غير مفروض في التعدد فلا يندفع الإيهام هنا بكلامه الآتي. قوله: "وإن نعوت كثرت" مراده بالكثرة ما قابل الوحدة فيشمل النعتين وإطلاقه شامل للجمل, لكن سيأتي أن الواجب في المنعوت النكرة اتباع نعت واحد. قوله: "مفتقرًا لذكرهن" قال سم: هل يشكل ما أفاده هذا من أن النعت قد يفتقر إليه, وقد يستغنى عنه على ما أفاده التعريف من أنه أبدًا متمم للمنعوت, وذلك يتضمن الافتقار إليه أبدًا؛ لأن ما يتم بغيره يفتقر إليه فليتأمل ا. هـ ويظهر أنه لا إشكال؛ لأن المراد بإتمامه المنعوت أن شأنه والمقصود الأصلي منه الإتمام فلا يضر عروض عدم ذلك فتأمل. قوله: "أتبعت كلها" أي: وجوبًا وأورد عليه أن القطع لا يزيد على ترك النعت بالكلية وهو جائز. وأجيب بأن قطعه بعد الذكر يفوت الغرض من ذكره فبينهما تناف بخلاف الترك. وقد يقال الغرض من الذكر كالتوضيح والتخصيص حاصل عند القطع؛ لأن تلك النعوت المقطوعة في المعنى متعلقة بالمنعوت والتركيب يفهم ذلك فالأولى في الجواب أن يقال لما كان القطع مشعرًا بالاستغناء منعوه عند الحاجة لما فيه من التنافي إذ الغرض الاحتياج وهو يدل على عدم الاحتياج. قوله: "واقطع الجميع إلخ" لم يتعرض للقطع عند عدم تعدد النعت والصحيح جوازه خلافًا للزجاج المشترط في جواز القطع تعدد النعت. واعلم أن النعت إذا قطع خرج عن كونه نعتًا كما ذكره ابن هشام. قوله: "أو اقطع البعض وأتبع البعض" قد يشملها كلام المصنف بأن يراد واقطع الجميع أو البعض؛ لأن حذف المعمول يؤذن بالعموم قاله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   816- لا يَبْعدَنْ قَومِي الذين هم ... سمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزُر النازلون بكل معتَرَك ... والطيبون معاقدُ الأُزُر فيجوز رفع النازلين والطيبين على الاتباع لقومي، أو على القطع بإضمارهم، ونصبهما بإضمار أمدح أو أذكر، ورفع الأول ونصب الثاني على ما ذكرنا، وعكسه على القطع فيهما "أو بعضها اقطع معلنا" أي: إذا كان المنعوت مفتقرًا إلى بعض النعوت دون بعض وجب اتباع المفتقر إليه, وجاز فيما سواه القطع والاتباع. هكذا في شرح الكافية. تنبيهات: الأول إذا قطع بعض النعوت دون بعض قدم المتبع على المقطوع ولا   سم. قوله: "لا يبعدن قومي إلخ" دعاء لقومها خرج مخرج النهي. ويبعد مضارع بعد من باب فرح أي: لا يهلكن والعداة بضم العين جمع عاد. والأزر بضمتين جمع إزار, ومعاقدها مواضع عقدها. وكنى بالطيبين معاقد الأزر عن طهارتهم عن الفاحشة. قوله: "فيجوز رفع النازلين إلخ" سكت عن النعت الأول وهو الموصول لخفاء إعرابه فيتبع أن أتبعت الجميع, وكذا إن أتبعت البعض وقطعت البعض بناء على الصحيح من أن القطع في البعض والاتباع في البعض مشروط بتقدم المتبع كما سيذكره الشارح, ويقطع إن قطعت الجميع. قوله: "على ما ذكرنا" راجع لرفع الأول ونصب الثاني أي: على الاتباع أو القطع بإضمارهم في الرفع وعلى القطع بإضمار أمدح أو أذكر في النصب. قوله: "على القطع فيهما" أي: في الرفع والنصب, ولم يقل على ما ذكرنا كسابقه؛ لأن مما ذكره فيما قبله الرفع على الاتباع, وهو لا يأتي في هذا بناء على الصحيح من امتناع الاتباع بعد القطع. قوله: "أو بعضها اقطع معلنًا" مقتضى حل الشارح أن بعضها بالجر عطفًا على الضمير في لذكرهن, أو في بدونها بناء على مذهب المصنف من جواز العطف على ضمير الخفض بغير إعادة الخافض, أو على دونها ومفعول اقطع محذوف أي: وإن يكن المنعوت مفتقرًا لذكر بعضهًا أو معينًا بدون بعضها أو معينًا ببعضها فاقطع ما سواه على الأول والأخير, أو فاقطعه دون ما سواه على الثاني, وعلى هذا يكون المتن مشتملًا على مسألتين: مسألة استغناء المنعوت عن جميع النعوت, ومسألة استغنائه عن بعضها وافتقاره إلى بعضها الآخر. وجعل الشيخ خالد بعضها بالنصب مفعولًا مقدمًا لاقطع, على أن تقدير البيت, واقطع جميع النعوت أو أتبع جميعها أو اقطع بعضها وأتبع بعضها إن يكن المنعوت معينًا بدونها, وعلى هذا فالمسألة الثانية مسكوت عنها في النظم مفهومة بالمقايسة. قوله: "قدم المتبع" هذا هو الراجح كما يشير إليه تقديمه. قوله: "وفيه" أي: في العكس   816- البيتان من الكامل، وهما للخرنق بنت هفان في ديوانها ص43؛ والأشباه والنظائر 6/ 231؛ وأمالي المرتضى 1/ 205؛ والإنصاف 2/ 468؛ وأوضح المسالك 3/ 314؛ والحماسة البصرية 1/ 227؛ وخزانة الأدب 5/ 41، 42، 44؛ والدرر 6/ 14؛ وسمط اللآلي ص548؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 16؛ وشرح التصريح 2/ 116؛ والكتاب 1/ 202، 2/ 57، 58، 64؛ ولسان العرب 5/ 214 "نضر"؛ والمحتسب 2/ 198؛ والمقاصد النحوية 3/ 602، 4/ 72؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص416. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 وارْفَعْ أو انصِب إنْ قَطَعْتَ مُضمِرًا ... مبتدأ أو ناصِبًا لن يَظْهَرَا   يعكس، وفيه خلاف. قال ابن أبي الربيع: الصحيح المنع. وقال صاحب البسيط: الصحيح الجواز. ولو فرق بين الحالة الثانية وهي الاستغناء عن الجميع فيجوز, والحالة الثالثة وهي الافتقار إلى البعض دون البعض فلا يجوز لكان مذهبًا. الثاني إذا كان المنعوت نكرة تعين في الأول من نعوته الاتباع وجاز في الباقي القطع كقوله: 817- وَيَأوِي إلى نِسْوَةٍ عُطَّلٍ ... وشُعْثًا مَراضِيعَ مِثل السَّعَالِي الثالث يستثنى من إطلاقه النعت المؤكد نحو: إلهين اثنين، والملتزم نحو: الشعرى العبور، والجاري على مشاربه نحو: هذا العالم فلا يجوز القطع في هذه "وارفع أو انصب إن قطعت" النعت عن التبعية "مضمرا مبتدأ أو ناصبًا لن يظهرا" أي: لا يجوز إظهارهما،   المستفاد من يعكس. قوله: "ولو فرق إلخ" وجهه أنه في حالة الاستغناء عن الجميع يكون الاتباع كلا اتباع بخلاف حالة الافتقار. قوله: "إذا كان المنعوت نكرة إلخ" هل يجري هذا في المعرف بأل الجنسية نظرا إلى أنه في المعنى نكرة فيه نظر سم. قوله: "تعين في الأول إلخ" فلو كان نعت النكرة واحدًَا نحو: جاء رجل كريم لم يجز قطعه إلا في الشعر, كما في الهمع ورأيت بخط بعض الفضلاء أن منع قطعه هو المشهور وأن سيبويه يجوزه. قوله: "وجاز في الباقي القطع" أي: وإن لم يتعين مسمى النكرة إلا بالجميع؛ لأن المقصود من نعتها التخصيص وقد حصل بتبعية الأول. قوله: "ويأوي" الضمير للصائد يغيب في صيده الوحش عن نسائه ثم يأتي إليهن فيجدهن في أسوأ حال، وعطل بضم العين وتشديد الطاء جمع عاطلة وهي المرأة التي خلا جيدها من القلائد. وشعثًَا منصوب بفعل محذوف على الاختصاص أي: وأخص شعثًَا ليبين أن هذا الضرب من النساء أسوأ حالًَا من الضرب الأول الذي هو العطل, وهو جمع شعثاء وهي المغبرة الرأس أي: التي لم تسرح شعر رأسها ولم تدهنه ولم تغسله. والمراضيع جمع مرضع والياء للإشباع أو جمع مرضاع فالياء قياسية, والسعالى جمع سعلاة بكسر السين كما في القاموس وهي أخبث الغيلان. قوله: "والملتزم" أي: الذي التزمت العرب النعت به نحو: الشعرى العبور والمراد أنه إذا وقع بعدها وصف كان نعتا, لا أنه يلزم بعدها نعت فلا يرد قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} [النجم: 49] ، نقله شيخنا السيد عن الدماميني وهو أحسن مما قاله البعض، وسميت العبور لعبورها المجرة. قوله: "لن يظهرا" ألفه للتثنية كما عليه حل الشارح؛ لأن أو تنويعية وهي كالواو كما مر غير مرة فعلم ما في كلام البعض وإنما التزم حذف العامل ليكون حذفه الملتزم أمارة على   817- البيت من المتقارب، وهو لأمية بن أبي عائذ الهذلي في خزانة الأدب 2/ 42، 432, 5/ 40؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 146؛ وشرح أشعار الهذليين 2/ 507؛ وشرح التصريح 2/ 117؛ والكتاب 1/ 399، 2/ 66؛ ولأبي أمية في المقاصد النحوية 4/ 63؛ وللهذلي في شرح المفصل 2/ 18؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 322؛ وأوضح المسالك 3/ 317؛ ورصف المباني ص416؛ والمقرب 1/ 225. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 وَمَا من المَنْعوتِ والنَّعتِ عُقِل ... يجوز حَذْفُه وفي النعت يَقِلْ   وهذا إذا كان النعت لمجرد مدح أو ذم أو ترحم نحو: الحمد لله الحميد بالرفع بإضمار هو. ونحو: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] ، بالنصب بإضمار أذم. أما إذا كان للتوضيح أو للتخصيص فإنه يجوز إظهارهما، فتقول مررت بزيد التاجر بالأوجه الثلاثة، ولك أن تقول: هو التاجر وأعني التاجر "وما من المنعوت والنعت عقل" أي: علم "يجوز حذفه" ويكثر ذلك في المنعوت "وفي النعت يقل" فالأول شرطه إما كون النعت صالحًا لمباشرة العامل نحو: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: 11] ، أي: دروعًا سابغات، أو كون المنعوت بعض اسم مخفوض بمن أو في كقولهم: منا ظعن ومنا أقام: أي: منا فريق ظعن ومنا فريق أقام. وكقوله: 818- لَو قُلتَ مَا فِي قَومِها لَمْ تِيثَمِ ... يَفْضُلهَا في حَسَب ومَيسَمِ   قصد إنشاء المدح أو الذم أو الترحم. قوله: "ونحو وامرأته إلخ" كان عليه أن يزيد ونحو: اللهم الطف بعبدك المسكين بالرفع والنصب لاستيفاء التمثيل , وقوله بالنصب أي: لحمالة. قوله: "أما إذا كان للتوضيح أو للتخصيص" أي: أو للتعميم أو الإبهام أو التفصيل, كما يدل عليه قول الموضح وإن كان لغير ذلك أي: لغير المدح والذم والترحم جاز ذكره أي: العامل. قوله: "فإنه يجوز إظهارهما" أي: لعدم قصد الإنشاء حينئذٍ. قوله: "فتقول مررت بزيد التاجر" مثال للنعت الموضح. قوله: "وأعني التاجر" قال البعض أي: إن كان المنعوت غير متعين وإلا قدر اذكر ا. هـ. ونقله شيخنا عن الدماميني وفيه نظر؛ لأن مقتضاه جواز القطع مع عدم تعين المنعوت, مع أن محل القطع إذا تعين المنعوت بدون النعت. وممن صرح به هذا البعض عند قول الشارح سابقًا, وهذه يجوز فيها الاتباع والقطع في أماكنه فتدبر. قوله: "وما من المنعوت والنعت إلخ" يشمل حذفهما معًا نحو: {لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} أي: حياة نافعة إذ لا واسطة بين مطلق الحياة والموت. قوله: "علم" فما لم يعلم منهما لا يجوز حذفه إلا عند قصد الإبهام على السامع نحو: رأيت طويلًا أي: شيئًا طويلًا نقله شيخنا عن الدماميني. قوله: "صالحًا لمباشرة العامل" أي: بأن يكون مفردًا إن كان منعوته فاعلًا أو مفعولًا مثلًا, وجملة مشتملة على الرابط إن كان المنعوت خبرًا مثلًا نحو: أنت يضرب زيدًا بالياء التحتية أي: أنت رجل يضرب زيدًا. قوله: "أي: دروعًا" بدليل {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} . قوله: "ظعن" أي: سافر. قوله: "لو قلت إلخ" فيه حذف وتغيير وتقديم وتأخير كما أشار إليه الشارح بقوله: أصله إلخ, ومتعلق تيثم محذوف أي: في مقالتك, والحسب ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه والميسم بكسر   818- الرجز لحكيم بن معية في خزانة الأدب 5/ 62، 63؛ وله أو لحميد الأرقط في الدرر 6/ 109؛ ولأبي الأسود الحماني في شرح المفصل 3/ 59، 61؛ والمقاصد النحوية 4/ 71؛ ولأبي الأسود الجمالي في شرح التصريح 2/ 118؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 320؛ والخصائص 2/ 370؛ وشرح عمدة الحافظ ص547؛ والكتاب 2/ 345؛ وهمع الهوامع 2/ 120. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أصله لو قلت أحد يفضلها لم تأثم، فحذف الموصوف وهو أحد، وكسر حرف المضارعة من تأثم وأبدل الهمزة ياء، وقدم جواب لو فاصلًا بين الخبر المقدم وهو الجار والمجرور، والمبتدأ المؤخر وهو أحد المحذوف، فإن لم يصلح ولم يكن المنعوت بعض ما قبله من مجرور بمن أو في امتنع ذلك أي: إقامة الجملة وشبهها مقامه, إلا في الضرورة كقوله: 819- لَكُمْ قِبْصَةٌ من بينَ أَثْرَى وأَقْتَرَا وقوله: 820- تَرْمِي بِكَفِّي كانَ مِن أَرْمَى البَشَرْ   الميم وفتح السين المهملة الجمال وأصله موسم قلبت الواو ياء لوقوعها إثر كسرة كميزان. قوله: "وكسر حرف المضارعة" أي: على غير لغة الحجازيين تصريح. قوله: "والمبتدأ المؤخر" قال الشيخ خالد: إنما قدر مؤخرًا؛ لأن النكرة المخبر عنها بظرف مختص يجب تقديم خبرها عليها ا. هـ. ووجه وجوب تقديم الخبر دفع توهم كونه صفة للنكرة لما قالوه من أن النكرة أحوج إلى الصفة منها إلى الخبر فاندفع اعتراض سم وأقره شيخنا والبعض, بما حاصله أن النفي يكفي مسوغًا للابتداء بالنكرة. قوله: "إلا في الضرورة" أي: وإلا في قليل من النثر كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام: 34] ، أي: بناء على أن من لا تزاد في الإيجاب ولا داخلة على معرفة قاله في التصريح, ولا يلزم حذف الفاعل في غير المواضع المستثناة؛ لأن حذفه الممنوع إذا لم يقم شيء مقامه في اللفظ ونعته هنا قائم مقامه في اللفظ, وإن لم يصلح للفاعلية بنفسه قاله سم. قوله: "لكم قبصة إلخ" الخطاب لبني أمية يمدحهم. والقبصة بكسر القاف وسكون الموحدة وبالصاد المهملة العدد الكثير من الناس والشاهد في قوله من بين أثرى أي: من أثرى أي: كثر ماله وأقتر أي: افتقر فحذف النكرة الموصوفة وأقام الصفة مقامها بدون الشرط المتقدم للضرورة. قوله: "ترمي" بالتاء الفوقية لرجوع ضميره إلى مؤنث وهي الكبداء في   819- صدره: لكم مَسْجِدا الله المزُورانِ والحصى والبيت من الطويل وهو للكميت بن زيد في لسان العرب 3/ 205 "سجد"، 7/ 68 "قبض" 14/ 111 "قرأ"؛ والمقاصد النحوية 4/ 84؛ وبلا نسبة إصلاح المنطق ص397؛ والإنصاف 2/ 721؛ وشرح عمدة الحافظ ص548؛ ولسان العرب 5/ 71 "قتر". 820- الرجز بلا نسبة في الإنصاف 1/ 114، 115؛ وخزانة الأدب 5/ 65؛ والخصائص 2/ 367؛ والدرر 6/ 22؛ وشرح التصرح 2/ 119؛ وشرح شواهد المغني 1/ 461؛ وشرح عمدة الحافظ ص550؛ وشرح المفصل 3/ 62؛ ولسان العرب 13/ 370 "كون"، 421 "منن"؛ ومجالس ثعلب 2/ 513؛ والمحتسب 2/ 227؛ ومغني اللبيب 1/ 160؛ والمقاصد النحوية 4/ 66؛ والمقتضب 2/ 139؛ والمقرب 1/ 227، وهمع الهوامع 2/ 120. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 821- كَأَنَّكَ مِن جِمالِ بَنِي أُقَيشٍ ... يُقَعْقَعُ بينَ رِجْلَيهِ بِشَنَّ والثاني كقوله تعالى: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79] ، أي: كل سفينة صالحة. وقوله: 822- فَلَمْ أُعْطَ شَيئًا ولم أُمْنَعِ أي: شيئًا طائلًا وقوله:   قوله قيل: مالك عندي غير سهم وحجر ... وغير كبداء شديدة الوتر والكبداء بفتح الكاف وسكون الموحدة بعدها دال مهملة القوس الواسعة المقبض, قاله الدماميني والشمني وغيرهما, وقوله بكفي كان أي: بكفي رجل كان. قوله: "كأنك من جمال إلخ" أي: كأنك جمل من جمال. وأقيش بضم الهمزة وفتح القاف وسكون التحتية آخره شين معجمة. ويقعقع بالبناء للمفعول أي: يصوت نعت ثان للمنعوت المحذوف, وإليه يرجع الضمير في رجليه وهو المحوج لتقدير المنعوت, والشن بفتح الشين المعجمة وتشديد النون القربة اليابسة, وهو أشد لنفور الإبل, ووجه الشبه سرعة الغضب وشدة النفور, والبيت يشهد لإقامة الجملة وإقامة شبهها. قوله: "والثاني" أي: حذف النعت. قوله: "أي: كل سفينة صالحة" بدليل أنه قرئ كذلك وأن تعييبها لا يخرجها عن كونها سفينة فلا فائدة فيه حينئذٍ ا. هـ. مغني. قوله: "فلم أعط شيئًا ولم أمنع" ببناء الفعلين للمجهول وصدره: وقد كنت في الحرب ذا تدرأ بضم الفوقية وسكون الدال المهملة وفتح الراء آخره همزة أي: عدة وقوة قال العيني: والشاهد في شيئًا إذ أصله شيئًا طائلًا فحذف الصفة, ولولا هذا التقدير لتناقض مع قوله ولم أمنع   821- البيت من الوافر، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص126؛ وخزانة الأدب 5/ 67، 69؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 58؛ وشرح المفصل 3/ 59؛ والكتاب 2/ 345؛ ولسان العرب 6/ 373 "وقش"، 8/ 286، 287 "قعع"، 13/ 241 "شنن"؛ والمقاصد النحوية 4/ 67؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 284؛ وشرح المفصل 1/ 61؛ ولسان العرب 4/ 231 "خدر"، 6/ 264 "أقش"، 14/ 272 "دنا"؛ والمقتضب 2/ 138. 822- صدره: وقد كنت في الحرب ذا تُدْرَأ والبيت من المتقارب، وهو للعباس بن مرداس في ديوانه ص84؛ والدرر 6/ 25؛ وشرح التصريح 2/ 119؛ وشرح شواهد المغني 2/ 925؛ وشرح عمدة الحافظ ص551؛ والشعراء والشعراء 2/ 752؛ ولسان العرب 1/ 72 "درأ"، والمقاصد النحوية 4/ 69؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 322؛ ومغني اللبيب 2/ 627؛ وهمع الهوامع 2/ 120. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   823- وَرُبَّ أَسِيلَةِ الخَدَّينِ بِكْرٍ ... مُهَفْهَفَةٍ لها فَرْع وجِيد أي: فرع فاحم وجيد طويل. تنبيهات: الأول قد يلي النعت لا أو إما فيجب تكررهما مقرونين بالواو نحو: مررت برجل لا كريم ولا شجاع، ونحو: ائتني برجل إما كريم وإما شجاع. الثاني يجوز عطف بعض النعوت المختلفة المعاني على بعض نحو: مررت بزيد العالم والشجاع والكريم. الثالث إذا صلح النعت لمباشرة العامل جاز تقديمه مبدلًا منه المنعوت نحو: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} [إبراهيم: 1] . الرابع إذا نعت بمفرد وظرف وجملة قدم المفرد وأخرت الجملة غالبًا نحو: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [غافر: 28] ، وقد تقدم   وسبقه إلى ذلك صاحب المغني وناقشه الدماميني بأن عدم الإعطاء لا يناقض عدم المنع فتقدير الصفة لتحري الصدق. قال الشمني: وقد يقال هو وإن لم يناقضه عقلًا يناقضه عرفًا, والأظهر في تمثيل تقدير النعت لدفع التناقض قوله تعالى: {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} [الزخرف: 48] ، أي: السابقة ووجه التناقض المدفوع بتقدير السابقة أن أفعل التفضيل يقتضي زيادة المفضل على المفضل عليه فلا يصح الزيدان كل منهما أفضل من الآخر لاقتضائه إثبات الزيادة لكل ونفيها عنه وقوله تعالى: {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} [الزخرف: 48] ، شامل لجميع الآيات المرئية لهم فيلزم أن يكون كل منها أكبر من غيرها, فيكون أكبر وغير أكبر فافهم. قوله: "لها فرع وجيد" الفرع الشعر التام والجيد العنق. قوله: "أي: فرع فاحم" أي: أسود وجيد طويل الدليل على هذا الحذف أن البيت للمدح وهو لا يحصل بإثبات الفرع والجيد مطلقين بل بإثباتهما موصوفين بصفتين محبوبتين. قوله: "مقرونين بالواو" أي: في المرة الثانية كما هو ظاهر. قوله: "عطف بعض النعوت إلخ" أي: بجميع حروف العطف إلا أم وحتى كما صوبه الموضح في الحواشي, والأحسن في الجمل العطف وفي المفردات تركه كما قاله أبو حيان. قوله: "المختلفة المعاني" أما متفقتها فلا؛ لئلا يلزم عطف الشيء على نفسه. وقال في الهمع: وإنما يحسن العطف عند تباعد المعاني نحو: هو الأول والآخر والظاهر والباطن بخلاف ما إذا تقاربت نحو: هو الله الخالق البارىء المصور. قوله: "مبدلًا منه المنعوت" قال البعض: أي: إن كان المنعوت معرفة أما إذا كان نكرة فينصب نعته المتقدم عليه حالًا نحو: لمية موحشًا طلل ا. هـ. وأنت خبير بأن هذا ليس على إطلاقه فإن من المنعوت النكرة ما هو كالمنعوت المعرفة في إعراب نعته بحسب العوامل وإعرابه هو بدلًا أو عطف بيان نحو: مررت بقائم رجل, وقصدت بلد كريم رجل, ثم رأيت في الدماميني ما يؤيده حيث ذكر أن نصب نعت النكرة   823- البيت من الوافر، وهو للمرقش الأكبر في شرح التصريح 2/ 119؛ وشرح اختيارات المفضل ص998؛ وشرح عمدة الحافظ ص552؛ والمقاصد النحوية 4/ 72؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 325. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الجملة نحو: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92] ، {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ} [المائدة: 54] الآية ا. هـ. خاتمة: من الأسماء ما ينعت وينعت به كاسم الإشارة نحو: مررت بزيد هذا وبهذا العالم، ونعته مصحوب أل خاصة، فإن كان جامدًا محضًا نحو: بهذا الرجل فهو عطف بيان على الأصح، ومنها ما لا ينعت ولا ينعت به كالمضمر مطلقًا خلافًا للكسائي في نعت ذي الغيبة تمسكًا بما سمع نحو: صلى الله عليه الرءوف الرحيم، وغيره يجعله بدلًا. ومنها ما ينعت ولا ينعت به كالعلم. ومنها ما ينعت به ولا ينعت كأي نحو: مررن بفارس أي فارس. ولا يقال جاءني أي فارس. والله أعلم.   المتقدم عليها حالًا غالب لا واجب على الأصح, وأن محل نصبه حالًا إذا قبل الحالية ليخرج النعت في نحو: جاءني رجل أحمر ونحوه من الصفات الثابتة إذا لم يمنع مانع من نصبه حالًا ليخرج الوصف في نحو: المثالين المتقدمين. قوله: "أنزلناه مبارك" قال ابن عصفور: الأحسن جعل مبارك خبرًا ثانيًا. قوله: " مصحوب أل خاصة" شامل للموصول ذي أل كالذي والتي وإن كانت أل فيه زائدة وإنما خصوا نعته بمصحوب أل؛ لأنه مبهم وإبهامه لا يرفع بمثله؛ لأنه أيضًا مبهم ولا بالمضاف إلى معرفة؛ لأن تعريفه مكتسب من المضاف إليه فهو كالعارية. كذا عللوا ويرد عليه الموصول غير ذي أل كمن وما فلماذا لم ينعت به اسم الإشارة. قوله: "كالمضمر" أما أنه لا ينعت؛ فلأن ضمير المتكلم والمخاطب أعرف المعارف فلا حاجة لهما إلى التوضيح, وحمل عليهما ضمير الغائب وحمل على الوصف الموضح الوصف المادح أو الذم أو غيرهما طردًا للباب. وأورد عليه الشنواني أن اسم الله تعالى أعرف المعارف فهو غني عن الإيضاح ومع ذلك ينعت للمدح. وأجيب بأنه نعت نظرًا لأصله وهو الإله الذي هو اسم جنس أو إلحاقًا له بالأعم الأغلب, إذ الأصل في الاسم الظاهر أن ينعت وأما أنه لا ينعت به؛ فلأنه ليس في الضمير معنى الوصفية؛ لأنه لا يدل إلا على الذات لا على قيام معنى بها كذا قالوا. ويرد على تعليل عدم النعت به ما إذا كان الضمير يرجع إلى مشتق لدلالته حينئذٍ على قيام معنى بذات لما قالوه من أن الضمير كمرجعه دلالة اللهم إلا أن يقال طردوا الباب فتأمل, قال في الهمع: وكالضمير في أنه لا ينعت ولا ينعت به أسماء الشرط والاستفهام وكم الخبرية وما التعجبية والآن وقبل وبعد. قوله: "وغيره بجعله بدلًا" أي: بناء على أن البدل لا يشترط فيه الجمود. قوله: "كالعلم" إنما نعت لإزالة الاشتراك اللفظي ولم ينعت به؛ لأنه ليس بمشتق ولا في حكمه إذ هو موضوع لمجرد الذات نعم العلم المشتهر مسماه بصفة كحاتم يصح أن يؤول بوصف وينعت به. فائدة: يجوز نعت النعت عند سيبويه ومنه: يا زيد الطويل ذو الجمة ومنعه جماعة منهم ابن جني قاله في الارتشاف. فائدة ثانية: النعت بعد المركب الإضافي للمضاف؛ لأنه المقصود بالحكم وإنما جيء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 التوكيد : بالنَّفْسِ أو بالعَيْنِ الاسمُ أُكِّدَا ... معَ ضَميرٍ طابَقَ المُؤكَّدَا   التوكيد: هو في الأصل مصدر ويسمى به، التابع المخصوص. ويقال أكد تأكيدًا ووكد توكيدًا. وهو بالواو أكثر. وهو على نوعين: لفظي وسيأتي، ومعنوي وهو التابع الرافع احتمال إرادة غير الظاهر. وله ألفاظ أشار إليها بقوله: "بالنفس أو بالعين الاسم أكدا مع ضمير طابق المؤكدا" أي: في الإفراد والتذكير وفروعهما, فتقول: جاء زيد نفسه أو عينه، أو نفسه عينه فتجمع بينهما، والمراد حقيقته. وتقول: جاءت هند نفسها أو عينها وهكذا. ويجوز جرهما بباء زائدة فتقول:   بالمضاف إليه لغرض التخصيص فلا يكون له إلا بدليل ما لم يكن المضاف لفظ كل, فالنعت للمضاف إليه لا له؛ لأن المضاف إنما جيء به لقصد التعميم ولذلك ضعف قوله: وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان أفاده في المغني. التوكيد: قوله: "ويسمى به إلخ" الأنسب بمقام النقل أن يقول: ثم سمي به إلخ. قوله: "وهو بالواو أكثر" وهي الأصل والهمزة بدل. قوله: "الرافع احتمال إلخ" إما أن يكون المراد بالرفع الإبعاد, وإما أن يراد بالاحتمال الاحتمال القوي فوافق كلامه قول ابن هشام الظاهر أنه يبعد إرادة المجاز ولا يرفعها بالكلية؛ لأن رفعها بالكلية ينافي الإتيان بالألفاظ متعددة ولو صار بالأول نصا لم يؤكد ثانيًا وإنما اقتصر الشارح على رفع الاحتمال المذكور؛ لأن رفع توهم السهو والغلط إنما يكون بالتأكيد اللفظي كما نقله سم عن السعد والسيد وخرج بقوله الرافع إلخ, ما عدا التوكيد حتى البدل فإنه وإن رفع الاحتمال في نحو: مررت بقومك كبيرهم وصغيرهم أولهم وآخرهم, إلا أن ذلك عارض نشأ من خصوص المادة قاله شيخنا. قوله: "بالنفس أو بالعين" أي: بهاتين المادتين بقطع النظر عن إفرادهما وغيره, وليس المراد بالنفس أو بالعين مفردين حتى يفيد أن النفس والعين يبقيان على إفرادهما وإن أكد بهما مثنى أو مجموع مع أنه ليس كذلك, كما يصرح به قوله واجمعهما إلخ, فاندفع ما أطال به البعض عن البهوتي. واعلم أن في البيت إجمالًا بينه البيت بعده على أنه يمكن بقطع النظر عن قول الشارح أي: في الإفراد والتذكير وفروعهما أن يحمل الاسم في النظم على المفرد ولا يضيع على هذا قوله: مع ضمير طابق المؤكدا وإن زعمه البعض؛ لأن المراد بالمطابقة على هذا المطابقة في التذكير والتأنيث فقط فاعرفه, وأوفي النظم لمنع الخلو. قوله: "فتجمع بينهما" أي: بلا عطف كما سيأتي, والظاهر أن تقديم النفس على العين لازم وقيل حسن كذا في المرادي. قوله: "بباء زائدة" ومحل المجرور إعراب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 واجْمَعهُما بأَفْعُل إن تَبِعًا ... ما ليس واحِدًا تكن مُتَّبِعا   جاء زيد بنفسه وهند بعينها "واجمعهما" أي: النفس والعين "بأفعل إن تبعا ما ليس واحدًا تكن متبعا" فتقول: قام الزيدان أو الهندان أنفسهما أو أعينهما. وقام الزيدون أنفسهم أو أعينهم، والهندات أنفسهن أو أعينهن. ولا يجوز أن يؤكد بهما مجموعين على نفوس وعيون ولا على أعيان، فعبارته هنا أحسن من قوله في التسهيل جمع قلة, فإن عينا تجمع جمع قلة على أعيان ولا يؤكد به. تنبيه: ما أفهمه كلامه من منع مجيء النفس والعين مؤكدًا بهما غير الواحد وهو المثنى والمجموع غير مجموعين على أفعل هو كذلك في المجموع، وأما المثنى فقال الشارح: بعد ذكره أن الجمع فيه هو المختار ويجوز فيه أيضًا الإفراد والتثنية. قال أبو حيان: ووهم في ذلك إذ لم يقل أحد من النحويين به. وفيما قاله أبو حيان نظر فقد قال ابن إياز في شرح الفصول: ولو قلت نفساهما لجاز فصرح بجواز التثنية. وقد صرح النحاة بأن كل مثنى في المعنى مضاف إلى متضمنه يجوز في الجمع والإفراد والتثنية, والمختار الجمع نحو: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] ، ويترجح الإفراد على التثنية عند الناظم وعند غيره بالعكس وكلاهما مسموع كقوله: 824- حَمامَةَ بَطْنِ الوادِييَنِ تَرَنَّمِي وكقوله:   المتبوع. قوله: "واجمعهما" الأمر مستعمل في الوجوب بالنسبة إلى الجمع, وفي الأولوية بالنسبة إلى المثنى. قوله: "بأفعل" أي: جمعًا ملابسًا لأفعل أو على أفعل. قوله: "ولا على أعيان" لو قال: ولا بالعين مجموعًا على أعيان لكان مستقيمًا. قوله: "ولا يؤكد به" أي: المختار وإلا ففي الدماميني عن شرح العمدة للمصنف والمفصل للزمخشري والكفاية لابن الخباز جواز التوكيد بأعيان. قوله: "وقد صرح النحاة إلخ" لما لم يكن كلام ابن إياز ردا على أبي حيان بالنظر إلى الإفراد, أتى بهذا الرد الثاني؛ لأنه يرد عليه بالنظر إلى الإفراد والتثنية. ولأبي حيان أن يقول ما صرح به النحاة لا يظهر الرد به؛ لأن النفس والعين لم يضافا إلى المتضمن بل إلى ما هو بمعناهما؛ لأن المراد بهما الذات. قوله: "إلى متضمنه" بصيغة اسم الفاعل أي: ما اشتمل على المضاف. قوله: "والمختار الجمع" إما على التثنية؛ فلأن المتضايفين كالشيء الواحد فكرهوا الجمع بين تثنيتهما, وإما على الإفراد؛ فلأن الاثنين جمع في المعنى. قوله: "حمامة إلخ" تمامه:   824- عجزه: سقاك من الغر الغوادي مَطيرها والبيت من الطويل، وهو للشماخ في ملحق ديوانه ص438، 440؛ والمقاصد النحوية 4/ 86؛ وللمجنون في ديوانه من الطويل ص113؛ ولتوبة بن الحمير في الأغاني 11/ 198؛ والدرر 1/ 154؛ والشعر والشعراء 1/ 453؛ وبلا نسبة في المقرب 2/ 129؛ وهمع الهوامع 1/ 51. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 وكُلًّا اذْكُر في الشُّمُولِ وكِلا ... كِلتا جَمِيعًا بالضمير مُوصَلَا   825- ومَهْمَهَيْنِ قَذَفَينِ مَرْتَين ... ظَهْراهما مثل ظهور التُّرْسَين ا. هـ. "وكلا اذكر في" التوكيد المسوق لقصد "الشمول" والإحاطة بأبعاض المتبوع "وكلا" و"كلتا" و"جميعًا" فلا يؤكد بهن إلا ما له أجزاء يصح وقوع بعضها موقعه لرفع احتمال تقدير بعض مضاف إلى متبوعهن، نحو: جاء الجيش كله أو جميعه، والقبيلة كلها أو جميعها، والرجال كلهم أو جميعهم، والهندات كلهن أو جميعهن، والزيدان كلاهما   سقاك من الغر الغوادي مطيرها والغر جمع غراء وهي البيضاء وهو صفة لمحذوف أي: من السحب الغر إلخ, والغوادي جمع غادية وهي السحابة الممطرة صباحًا, والمطير بفتح الميم كثير المطر. قوله: "ومهمهين إلخ" المهمه المكان القفر، والقذف بفتح القاف والذال المعجمة آخره فاء البعيد, والمرت بفتح الميم وسكون الراء آخره فوقية المكان الذي لا نبات فيه, وظهراهما مبتدأ ومثل خبر والجملة صفة ثالثة. قاله العيني. والمراد بظهريهما ما ارتفع منهما, وقوله مثل ظهور الترسين أي: في الصلابة. قوله: "وكلا اذكر إلخ" اعلم أن كلا وشبهها في إفادة شمول كل فرد إن كانت داخلة في حيز النفي بأن أخرت عن أداته لفظًا نحو: ما كل ما يتمنى المرء يدركه وما جاء كل القوم، وما جاء القوم كلهم، ولم آخذ كل الدراهم، ولم آخذا الدراهم كلها، أو رتبة نحو: كل الدراهم لم آخذ، والدراهم كلها لم آخذ توجه النفي إلى الشمول خاصة, وأفاد سلب العموم. وإلا بأن قدمت على أداته لفظًا ورتبة توجه النفي إلى كل فرد, وأفاد عموم السلب كقوله عليه الصَّلاة والسَّلام كل ذلك لم يكن، وكالنفي النهي قال التفتازاني: والحق أن الشق الأول أكثري لا كلي بدليل: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] ، {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 276] ، {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} [القلم: 10] . قوله: "يصح وقوع بعضها موقعه" أي: في نسبة الحكم إليه سواء كان على وجه إرادة البعض من لفظ الكل مجازًا مرسلًا أو إسناد ما للبعض إلى الكل مجازًا عقليا أو تقدير المضاف، فقوله: لرفع احتمال تقدير بعض إلخ فيه قصور, ولعله إنما اقتصر عليه؛ لأنه أقرب الاحتمالات الثلاثة فإذا اندفع هو اندفع أخواه بالأولى, ودخل في قول الشارح إلا ما له أجزاء إلخ نحو: زيد كله حسن، وعين البقرة الوحشية كلها سواد؛ لأن المؤكد وإن كان غير متعد له أجزاء يصح وقوع بعضها موقعه. قوله: "تقدير بعض" أي: أو ما في معناه كأحد وإحدى بدليل قوله: بعد أو أحد الزيدين إلخ. قوله: "والزيدان كلاهما إلخ" فائدة لا يتحد توكيد متعاطفين ما لم يتحد عاملهما معنى   825- البيت من مشطور السريع، وهو لخطام المجاشعي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والهندان كلتاهما، لجواز أن يكون الأصل، جاء بعض الجيش، أو القبيلة أو الرجال أو الهندات، أو أحد الزيدين، أو إحدى الهندين. ولا يجوز جاءني زيد كله ولا جميعه. وكذا لا يجوز اختصم الزيدان كلاهما ولا الهندان كلتاهما لامتناع التقدير المذكور. وأشار بقوله "بالضمير موصلًا" إلى أنه لا بد من اتصال ضمير المتبوع بهذه الألفاظ ليحصل الربط بين التابع ومتبوعه كما رأيت. ولا يجوز حذف الضمير استغناء بنية الإضافة خلافًا للفراء والزمخشري. ولا حجة في: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] ، ولا قراءة بعضهم: "إِنَّا كُلًّا فِيهَا" على أن المعنى جميعه وكلنا، بل جميعًا حال وكلا بدل من اسم إن أو حال من الضمير المرفوع في فيها. وذكر في التسهيل أنه يستغنى عن الإضافة إلى الضمير إلى مثل الظاهر المؤكد بكل، وجعل منه قول كثير: 726- يا أَشْبَهَ النَّاسِ كُلِّ الناسِ بالقَمَرِ   فلا يقال مات زيد وعاش عمرو كلاهما، فإن اتحدا معنى جاز وإن اختلفا لفظًا جزم به الناظم تبعًا للأخفش نحو: انطلق زيد وذهب عمرو كلاهما. قال أبو حيان: ويحتاج ذلك إلى سماع. سيوطي سم. قوله: "لجواز أن يكون الأصل إلخ" فيه ما في التعليل الأول, ولو قال لجواز أن يكون المعنى إلخ لو في بالاحتمالات الثلاثة. قوله: "وكذا لا يجوز اختصم الزيدان كلاهما إلخ" هذا مذهب الأخفش والفراء وهشام وأبي علي، وذهب الجمهور إلى الجواز كما قاله الدماميني, ووافق الناظم في تسهيله الجمهور. قوله: "لامتناع التقدير المذكور" أي: فلا فائدة في التأكيد حينئذٍ. قوله: "بالضمير موصلًا" حال من الألفاظ المتقدمة بتأويلها بالمذكور وبالضمير متعلق به. قوله: "ولا يجوز حذف الضمير" والكلام مفروض فيما إذا جرت على المؤكد فلا يرد نحو: كل في فلك يسبحون. قوله: "على أن المعنى إلخ" راجع للمنفي بالميم. قوله: "بل جميعًا حال" بمعنى مجتمعًا إن قيل الحالية تقتضي وقوع الخلق على ما في الأرض حالة الاجتماع وليس كذلك. أجيب بأن خلق بمعنى قدر خلق ذلك في علمه. قوله: "وكلا بدل من اسم إن" وإبدال الظاهر من ضمير الحاضر بدل كل جائز إذا أفاد الإحاطة نحو: قمتم ثلاثتكم وبدل الكل لا يحتاج إلى ضمير. قوله: "أو حال من الضمير إلخ" قال في المغني: فيه ضعفان: تقدمه على عامله الظرفي وتنكير كل بقطعه عن الإضافة لفظًا ومعنًى؛ لأن الحال واجبة التنكير. قوله: "بالإضافة إلى مثل الظاهر" أي: لحصول الربط به كما تقدم في الموصول. قوله: "وجعل منه إلخ" جعل أبو حيان كل الناس نعتًا أي: الكاملين في الحسن   826- صدره: كم قد ذَكَرتُكِ لو أُجزَى بذكرِكُم والبيت من البسيط، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص145؛ وخزانة الأدب 9/ 35؛ وسط اللآلي ص469؛ وشرح شواهد المغني 2/ 518؛ وشرح عمدة الحافظ ص557؛ ولكثير عزة في الدرر 6/ 33؛ والمقاصد النحوية 4/ 88؛ وليس في ديوان كثير، وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 194. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 واستعملوا أيضًا كَكُل فاعِلَه ... من عَمَّ في التوكيد مِثل النَّافله وبعد كُلٍّ أكدوا بأجْمَعا ... جَمْعاءَ أَجْمَعِينَ ثُمّ جُمَعَا ودُون كُلٍّ قد يَجِيء أَجْمَع ... جَمْعاءُ أَجْمَعون ثُمَّ جُمَع   "واستعملوا أيضًا ككل" في الدلالة على الشمول اسمًا موازنًا "فاعله من عم في التوكيد" فقالوا: جاء الجيش عامته، والقبيلة عامتها، والزيدون عامتهم، والهندات عامتهن. وعد هذا اللفظ "مثل النافله" أي: الزوائد على ما ذكره النحويون في هذا الباب، فإن أكثرهم أغفله، لكن ذكره سيبويه وهو من أجلهم فلا يكون حينئذ نافلة على ما ذكروه، فلعله إنما أراد أن التاء فيه مثلها في النافلة أي: تصلح مع المؤنث والمذكر فتقول: اشتريت العبد عامته كما قال تعالى: {وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72] . تنبيه: خالف في عامة المبرد وقال: إنما هي بمعنى أكثرهم "وبعد كل أكدوا بأجمعا جمعاء أجمعين ثم جمعا" فقالوا: جاء الجيش كله أجمع، والقبيلة كلها جمعاء، والزيدون كلهم أجمعون، والهندات كلهن جمع "ودون كل قد يجيء أجمع جمعاء أجمعون ثم جمع" المذكرات نحو: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 39] ، {لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 43] ، وهو قليل بالنسبة لما سبق، وقد يتبع أجمع وأخواته بأكتع وكتعاء وأكتعين وكتع، وقد يتبع أكتع وأخواته بأبصع وبصعاء وأبصعين وبصع، فيقال: جاء الجيش كله أجمع أكتع أبصع، والقبيلة كلها جمعاء كتعاء بصعاء، والقوم كلهم أجمعون أكتعون أبصعون، والهندات كلهن جمع كتع بصع. وزاد الكوفيون بعد أبصع وأخواته أبتع وبتعاء وأبتعين وبتع. قال الشارح: ولا يجوز أن يتعدى هذا الترتيب. وشذ قول بعضهم أجمع   والفضل. همع. قوله: "واستعملوا أيضًا" أي: كما استعملوا غير عامة, وقوله: من عم أي: مشتقا من مصدره, وقوله في التوكيد متعلق باستعملوا ويغني عنه قوله: ككل. قوله: "فاعله من عم" لم يقل عامة مع أنه أخصر؛ لأن فيه اجتماع ساكنين وهو لا يجوز في النظم. قوله: "مثل النافلة" حال من فاعله, وقول الشارح: وعد هذا اللفظ مثل النافلة, حل معنى ولم يجعله زائدًا بل مثل الزائد نظرًا لكون البعض قد ذكره، وحينئذٍ لا يرد الاستدراك الذي ذكره الشارح؛ لأنه لم يجعله نافلة بل مثلها أفاده سم. قوله: "ويعقوب نافلة" حال من يعقوب أي: حالة كونه نافلة على ما طلبه إبراهيم من ولد صالح وهو إسحاق حيث قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين} فوهب له إسحق وولد لإسحق يعقوب. قوله: "بمعنى أكثرهم" أي: فتكون بدل بعض من كل. قوله: "المذكورات" دفع به ما يوهمه تعبير المصنف بالظاهر في موضع الضمير من مغايرة الألفاظ المذكورة في البيت الثاني للألفاظ المذكورة في البيت الأول. قوله: "بالنسبة لما سبق" أي: من وقوع المذكورات بعد كل أما بالنسبة لنفسه فكثير. قوله: "ولا يجوز أن يتعدى هذا الترتيب" أي: بتقديم وتأخير أو بحذف بعض ما في الأثناء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أبصع. وأشذ منه قول الآخر: جمع بتع. وربما أكد بأكتع وأكتعين غير مسبوقين بأجمع وأجمعين. ومنه قول الراجز: 827- يَالَيْتَنِي كُنْتُ صَبِيًّا مُرْضَعا ... تَحْمِلُنِي الذَّلفَاءُ حَولًا أَكْتَعا إذا بكيت قَبَّلَتْنِي أَرْبَعا ... إذًا ظَلِلتُ الدهر أَبْكي أَجْمَعا وفي هذا الرجز أمور: إفراد أكتع عن أجمع، وتوكيد النكرة المحدودة، والتوكيد بأجمع غير مسبوق بكل، والفصل بين المؤكد والمؤكد، ومثله في التنزيل: {وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} [الأحزاب: 51] . تنبيهات: الأول زعم الفراء أن أجمعين تفيد اتحاد الوقت، والصحيح أنها ككل في إفادة العموم مطلقًا بدليل قوله تعالى: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 39] . الثاني إذا تكررت ألفاظ التوكيد فهي للمتبوع وليس الثاني تأكيدًا للتأكيد. الثالث لا يجوز في ألفاظ التوكيد القطع إلى الرفع ولا إلى النصب. الرابع لا يجوز عطف بعضها على بعض فلا يقال: قام زيد نفسه وعينه، ولا جاء القوم كلهم وأجمعون. وأجازه بعضهم وهو قول ابن الطراوة   قال الفارضي: قدمت كل على الجميع لعراقتها وكونها أنص في الإحاطة, ووليها أجمع؛ لأنه صريح في الجمعية لاشتقاقه من الجمع, ووليه أكتع لانحطاطه عنه في الدلالة على الجمع؛ لأنه من تكتع الجلد إذا انقبض, ففيه معنى الجمع ووليه أبصع؛ لأنه من تبصع العرق إذا سال وهو لا يسيل حتى يجتمع, وأخر أبتع؛ لأنه أبعد من أبصع؛ لأنه طويل العنق أو شديد المفاصل لكن لا يخلو من دلالته على اجتماع ا. هـ. ببعض تلخيص. وإذا اجتمع النفس والعين وكل قدما على كل ولم يتعرضوا لما إذا اجتمع كل وعامة والظاهر تقديم كل على عامة. قوله: "وأشذ منه إلخ" أي: لأن في الأول حذف واسطة واحدة وهي أكتع, وفي الثاني حذف واسطتين وهما كتع وبصع. قوله: "بأكتع وأكتعين" لم يستشهد للثاني وقد استشهد له في الهمع. قوله: "إفراد أكتع عن أجمع" أي: وهو قليل. قوله: "وتوكيد النكرة المحدودة" أي: الموضوعة لمدة لها ابتداء وانتهاء أي: وهو ممنوع عند البصريين كما سيأتي. قوله: "والتوكيد بأجمع إلخ" أي: وهو قليل بالنسبة للتأكيد مسبوقة بكل. قوله: "والفصل إلخ" أي: وهو خلاف الأصل. قوله: "إفادة العموم مطلقًا" أي: لا بقيد اتحاد الوقت. قوله: "لا يجوز في ألفاظ إلخ" أي: على المختار لمنافاة القطع مقصود التوكيد. قوله: "فلا يقال إلخ" عللوه باتحاد معنى النفس والعين واتحاد معنى كل وأجمع وهذا يقتضي جواز نحو: جاء القوم أنفسهم وكلهم لعدم الاتحاد ولم أر من ذكره بل إطلاقهم يخالفه فافهم.   827- الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 35، 41، وخزانة الأدب 5/ 169؛ وشرح ابن عقيل ص385؛ وشرح عمدة الحافظ ص562، 565؛ ولسان العرب 8/ 305 "كتع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 93؛ والمقرب 1/ 240؛ وهمع الهوامع 2/ 123، 124. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 وإن يُفِد تَوكِيدُ منكور قُبِل ... وعن نُحَاةِ البَصْرَةِ المنع شَمِل   الخامس قال في التسهيل: وأجرى في التوكيد مجرى كل ما أفاد معناه من الضرع والزرع والسهل والجبل واليد والرجل والبطن والظهر, يشير إلى قولهم: مطرنا الضرع والزرع، ومطرنا السهل والجبل، وضربت زيدًا اليد والرجل، وضربته البطن والظهر. السادس ألفاظ التوكيد معارف: أما ما أضيف إلى الضمير فظاهر، وأما أجمع وتوابعه ففي تعريفه قولان: أحدهما أنه بينة الإضافة ونسب لسيبويه، والآخر بالعلمية علق على معنى الإحاطة "وإن يفد توكيد منكور" بواسطة كونه محدودًا وكون التوكيد من ألفاظ الإحاطة "قبل" وفاقًا للكوفيين والأخفش، تقول اعتكفت شهرًا كله. ومنه قوله: 828- يَا لَيتَ عِدَّةَ حَولٍ كُلِّهِ رَجَبُ   قوله: "الضرع" بفتح الضاد المعجمة والزرع أي: جميعنا وكذا يقال فيما بعده. قوله: "وضربت زيدًا إلخ" أي: إذا أريد باليد والرجل وبالبطن والظهر الجملة أما إذا أريد العضوان فقط فبدل بعض. قوله: "معارف" ومن ثم لم تنصب حالًا على الأصح كما في السيوطي أي: مع إضافتها فلا ينافي ما قدمه الشارح في خلق لكم ما في الأرض جميعًا إنا كلا فيها. قوله: "بنية الإضافة" قيل هذا ينافي ما قدمه من امتناع حذف الضمير استغناء بنية الإضافة, والحق أنه لا منافاة؛ لأن ما تقدم في غير أجمع وتوابعه كما نبه عليه سم. قال في المغني: يجب تجريد نحو: أجمع المؤكد به من ضمير المؤكد. وأما قولهم: جاءوا بأجمعهم فهو بضم الميم لا بفتحها, فهو جمع لجمع كأفلس وفلس أي: بجماعاتهم ا. هـ. لكن نقل الرضي والبرماوي في شرح ألفية الأصول فتح الميم أيضًا. قوله: "بالعلمية" أي: الجنسية وعليه فهي ممنوعة من الصرف للعلمية, ووزن الفعل إلا جمع وتوابعه فللعلمية والعدل وعلى الأول يكون منعها من الصرف للوصفية ووزن الفعل, إلا جمع وتوابعه فللوصفية والعدل كأخر كذا قال البعض. وظاهره أن جمعاء وتوابعه كأجمع وتوابعه, ويبطله أنها ليست بوزن الفعل, ولو جعل مانع صرفها ألف التأنيث الممدودة لم يبعد بل يتعين. ثم الذي قاله الدماميني أن منع الصرف على الأول لشبه العلمية ووزن الفعل ووجه الشبه كون كل من منوي الإضافة والعلم معرفة بغير معرف لفظي. قوله: "علق على معنى الإحاطة" أي: وضع على معنى هو الأحاطة ولا يخفى أن جعل مدلوله الإحاطة يورث اختلال الكلام, إذ يكون حينئذٍ معنى جاء القوم أجمع جاء القوم الإحاطة, فلعل في العبارة حذف مضاف أي: ذي الإحاطة على أن الإحاطة مصدر المبني للمفعول فافهم. قوله: "وفاقًا للكوفيين والأخفش" فلا يشترط عندهم   828- صدره: لكنه شاقه أن قيل ذا رَجَب والبيت من البسيط، وهو لعبد الله بن مسلم الهذلي في شرح أشعار الهذليين 2/ 910؛ ومجالس ثعلب 2/ 407؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص190؛ والإنصاف ص450؛ وأوضح المسالك 3/ 332؛ وتذكرة النحاة ص640؛ وجمهرة اللغة ص525؛ وخزانة الأدب 5/ 170؛ وشرح التصريح 2/ 125؛ وشرح شذور الذهب ص551؛ وشرح قطر الندى ص296؛ والمقاصد النحوية 4/ 96. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 وَاغْنَ بكِلتا في مُثَنَّى وكِلا ... عن وَزْنِ فَعْلاء وَوَزْنِ أَفْعَلا   وقوله: 829- تَحْمِلُني الذَّلفاءُ حَولًا أَكْتَعا وقوله: 830- قَد صَرَّتِ البَكْرَةُ يومًا أَجْمَعا "وعن نحاة البصرة المنع شمل" أي: عم المفيد وغير المفيد. ولا يجوز صمت زمنًا كله ولا شهرًا نفسه "واغن بكلتا في مثنى وكلا عن" تثنية "وزن فعلاء ووزن أفعلا" كما استغنى بتثنية سي عن تثنية سواء، فلا يجوز جاء الزيدان أجمعان، ولا الهندان جمعاوان، وأجاز ذلك الكوفيون والأخفش قياسًا معترفين بعدم السماع.   تطابق التوكيد والمؤكد تعريفًا وتنكيرًا. قوله: "رجب" هو كصفر إن أريد به معين فغير منصرف للعلمية والعدل عن المحلى بأل, وإلا فمنصرف نقله الدنوشري عن السعد وغيره, ونقل شيخنا عن شرح المواهب لشيخه الزرقاني أن رجب من أسماء الشهور مصروف, وإن أريد به معين كما في المصباح. قوله: "الذلفاء" بالذال المعجمة ثم الفاء اسم امرأة. قوله: "قد صرت" بتشديد الراء أي: صوتت البكرة أي: بكرة البئر كما في العيني وشيخ الإسلام زكريا فتفسير البعض لها بالناقة فيه نظر. وهي بسكون الكاف وجوز بعضهم فتحها. قوله: "ولا يجوز صمت زمنًا إلخ" أي: بإجماع الفريقين؛ لأن النكرة في الأول غير محدودة والتوكيد في الثاني ليس من ألفاظ الإحاطة وفي نسخ فلا يجوز بالفاء وهي أولى. قوله: "واغن بكلتا إلخ" قال في النكت: ظاهره أن ما عدا ذلك من كل وعامة وجميع يستعمل في المثنى والمجموع؛ لأن كلامه فيما تقدم عام خصوصًا أنه ذكر في التسهيل جواز الاستغناء بكل عن كلا وكلتا, ورده أبو حيان وقال: إنه يحتاج إلى نقل وسماع من العرب. قوله: "في مثنى" أي: فيما دل على اثنين وإن لم يسم في الاصطلاح مثنى ليدخل نحو: جاء زيد وعمرو كلاهما وهند ودعد كلتاهما. قوله: "عن تثنية وزن إلخ" قدر تثنية؛ لأن نفس وزن فعلاء لا يصلح للمثنى حتى يستغنى فيه عنه لغيره. قوله: "فلا يجوز جاء الزيدان أجمعان ولا الهندان جمعاوان" لو قال فلا يجوز جاء   829- قبله: يا ليتني كنت صبيًّا مُرضَعا والرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 35، 41؛ وخزانة الأدب 5/ 169؛ وشرح ابن عقيل ص385؛ وشرح عمدة الحافظ ص562، 565؛ ولسان العرب 8/ 305 "كتع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 93؛ والمقرب 1/ 240؛ وهمع الهوامع 2/ 123، 124. 830- الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص291؛ والإنصاف 2/ 455؛ وخزانة الأدب 1/ 181، 5/ 169؛ والدرر 6/ 39؛ وشرح ابن عقيل ص485؛ وشرح عمدة الحافظ ص565؛ وشرح المفصل 3/ 44، 45؛ والمقاصد النحوية 4/ 95؛ والمقرب 1/ 240؛ وهمع الهوامع 2/ 124. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 وإنْ تُؤكِّد الضمِيرَ المتَّصِل ... بالنفس والعَيْن فَبَعْد المنفَصِل   تنبيهان: الأول المشهور أن كلا للمذكر وكلتا للمؤنث. قال في التسهيل: وقد يستغنى بكليهما عن كلتيهما أشار بذلك إلى قوله: 831- يَمُتُّ بِقُرْبَى الزَّينَبَينِ كِلَيهِمَا وقال ابن عصفور هو من تذكير المؤنث حملًا على المعنى للضرورة كأنه قال: بقربي الشخصين. الثاني ذكر في التسهيل أيضًا أنه قد يستغنى عن كليهما وكلتيهما بكلهما، فيقال على هذا جاء الزيدان كلهما والهندان كلهما "وإن تؤكد الضمير المتصل" مستترًا   الجيشان أجمعان ولا القبيلتان جمعاوان لكان أولى؛ لأن ما مثل به لا يجوز. وإن قلنا بجواز تثنية أجمع وجمعاء؛ لأنه لا يؤكد بأجمع وجمعاء إلا مفرد ذو أبعاض ومفردة ذات أبعاض فبفرض جواز تثنيتهما إنما يؤكد بهما مثنى واحده مفرد ذو أبعاض ومفردة ذات أبعاض, إلا أن يدعي الفرق بين حالتي التثنية والجمع وفيه ما فيه. قوله: "وأجاز ذلك الكوفيون إلخ" وهل يجري خلافهم في توابع أجمع وجمعاء وهو أكتع وكتعاء إلخ, في كلام بعضهم ما يشعر بجريانه والقياس يقتضيه نقله شيخنا. قوله: "يمت" بفتح الميم وتشديد الفوقية أي: ينتسب أو بمعنى يتوسل بالقرابة وعليه يحتاج إلى تجريد يمت عن كونه بالقرابة لئلا يتكرر قوله بقربي. قوله: "وقال ابن عصفور هو من تذكير المؤنث إلخ" يحتمل أن هذا قول آخر مخالف لما قاله في التسهيل فيكون المراد أن الشاعر احتاج إلى التذكير بتأويل الزينبين بالشخصين فارتكبه فكان إتيانه كليهما في محله, فليس المحل حينئذٍ لكلتيهما فقط حتى يكون الإتيان بكليهما من باب الاستغناء بكليهما عن كلتيهما, ويحتمل أنه تأييد وإيضاح لما قاله في التسهيل بين به وجه الاستغناء. قوله: "وأن تؤكد الضمير المتصل إلخ" قال الفارضي: وإنما وجب ذلك لوقوع اللبس في بعض المواضع كما لو قلت: هند ذهبت نفسها وسعدى خرجت عينها, إذ يحتمل أن تكون نفسها ذهبت وعينها خرجت, فإذا قيل: ذهبت هي نفسها لم يكن لبس ولم يفرقوا بين هذين المثالين وغيرهما طردًا للباب ا. هـ. وأيضًا إنما وجب ذلك؛ لأن المرفوع المتصل بمنزلة الجزء فكرهوا أن يؤكدوه أولًا بمستقل من غير جنسه, فأكدوه أولًا بمستقل من جنسه وبمعناه وهو الضمير المنفصل المرفوع ليكون تمهيدًا لتأكيده بالمستقل من غير جنسه, وهو النفس والعين اللذان هما من الأسماء الظاهرة, أما إذا كان المؤكد اسمًا ظاهرًا أو ضمير رفع منفصلًا أو ضمير نصب مطلقًا فلا يشترط هذا الشرط لفقد العلة المقتضية له إذ الظاهر مستقل والمنفصل ليس كالمتصل لاستقلاله بنفسه والمنصوب ليس كالمرفوع في شدة الاتصال.   831- عجزه: إليك وقربى خالد وحبيب والبيت من الطويل، وهو لهشام بن معاوية في المقاصد النحوية 4/ 106؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص559؛ والمقرب 1/ 239. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 عَنَيْتُ ذا الرَّفع وأَكَّدُوا بما ... سِواهُما والقَيْدُ لن يُلتَزَمَا وما من التَّوكيدِ لفظِيّ يَجِي ... مُكَرَّرًا كقولك ادْرُجِي ادْرُجِي   كان أو بارزًا "بالنفس والعين فبعد" الضمير "المنفصل" حتما "عنيت" المتصل "ذا الرفع" نحو: قم أنت نفسك أو عينك، وقوموا أنتم أنفسكم أو أعينكم، فلا يجوز قم نفسك ولا قوموا أعينكم, بخلاف قام الزيدون أنفسهم فيمتنع الضمير، وبخلاف ضربتهم أنفسهم ومررت بهم أعينهم، فالضمير جائز لا واجب. تنبيه: ما اقتضاه كلامه هنا من وجوب الفضل بالضمير المنفصل هو ما صرح به في شرح الكافية, ونص عليه غيره. وعبارة التسهيل تقتضي عدم الوجوب ا. هـ "وأكدوا بما سواهما" أي: بما سوى النفس والعين "والقيد" المذكور "لن يلتزما" فقالوا: قوموا كلكم وجاءوا كلهم من غير فصل بالضمير المنفصل. ولو قلت: قوموا أنتم كلكم وجاءوا هم كلهم كلان حسنًا "وما من التوكيد لفظي يجي مكررًا" ما مبتدأ موصول ولفظي خبر مبتدأ محذوف هو العائد، والمبتدأ مع خبره صلة ما. وجاز حذف صدر الصلة وهو   قوله: "بالنفس والعين" إنما اختص هذا الحكم بهما لقوة استقلالهما فإنهما يستعملان في غير التوكيد كثيرًا نحو: علمت ما في نفسك وعين زيد حسنة بخلاف بقية الألفاظ, فلم يكن لها من قوة الاستقلال ما للنفس والعين فلم يكرهوا توكيد المرفوع المتصل بها. قوله: "نحو: قم أنت نفسك إلخ" ونحو: قمنا نحن أنفسنا ونحو: قاموا هم أنفسهم. قوله: "فيمتنع الضمير" لأن الظاهر لا يؤكد بالمضمر لكونه دون المضمر تعريفًا فلا يكون تكملة له. قوله: "ما اقتضاه كلامه هنا إلخ" وجه اقتضائه الوجوب أن التقدير فتوكيده بعد المنفصل والمصدر الواقع خبرًا بمعنى الأمر فكأنه قال فأكده بعد المنفصل, والأمر للوجوب وإنما قدرنا كالمكودي فتوكيده لا فأكده كما فعل الشاطبي؛ لأن حذف المبتدأ هو المعهود في جواب الشرط نحو: {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} [فصلت: 49] . قوله: "تقتضي عدم الوجوب" أي: عدم وجوب الفصل بالضمير المنفصل فيكفي الفصل بغير الضمير فالشرط مطلق الفصل وعلى هذا اقتصر السيوطي حيث قال: لا يشترط في الفاصل كونه ضميرًا ا. هـ. بل في الفارضي ما نصه: يجوز على ضعف جاءوا أعينهم وقاموا أنفسهم, وجعل منه بعضهم القراءة الشاذة "عَلَيْكُمْ أَنْفُسُكُم" بالرفع على أنه توكيد للضمير المستتر في عليكم. وقال ابن هشام: الصواب أن أنفسكم مبتدأ على حذف مضاف وعليكم خبره أي: عليكم شأن أنفسكم ا. هـ. قوله: "يجيء" حذفت لامه للضرورة, أو على لغة قاله الشاطبي. قوله: "مكررًا" أي: إلى ثلاث مرات فقط لاتفاق الأدباء على أنه لم يقع في لسان العرب أزيد منها كما نقله الدماميني عن العز بن عبد السلام. قال: وأما تكرير {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} في سورة والمرسلات فليس بتأكيد, بل كل آية قيل فيها ذلك فالمراد المكذبون بما ذكر قبيل هذا القول فلم يتعدد على معنى واحد وكذا {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} في سورة الرحمن ا. هـ. قوله: "وهو" أي: الجار والمجرور متعلق إلخ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   العائد للطول بالجار والمجرور وهو متعلق باستقرار، على أنه حال من الضمير المستتر في الخبر إذ هو في تأويل المشتق، ومكررًا حال من فاعل يجي المستتر, وجملة يجي خبر الموصول, أي: النوع الثاني من نوعي التوكيد, وهو التوكيد اللفظي هو إعادة اللفظ أو تقويته بموافقه معنى، كذا عرفه في التسهيل، فالأول يكون في الاسم والفعل والحرف والمركب غير الجملة والجملة نحو: جاء زيد، ونكاحها باطل باطل باطل. وقوله: 832- فَإِيَّاكَ إِيَّاكَ المِرَاءَ فَإِنَّهُ ... إلى الشَّرِّ دَعَّاءٌ وللشَّرِّ جَالِبُ ونحو: قام قام زيد، ونحو: نعم نعم. وكقوله: 833- فَحَتَّامَ حَتَّامَ العناءُ المطولُ   قوله: "إذ هو" أي: الخبر وهو لفظي وهذا تعليل لاستتار الضمير فيه. قوله: "هو إعادة اللفظ" قال السيوطي: ولا يضر نوع اختلاف نحو: فمهل الكافرين أمهلهم. قوله: "أو تقويته بموافقه" يوهم أن إعادة لفظه لا تقوية فيها, وليس كذلك مع أن التقوية فائدة التوكيد فلا تذكر في حده إلا أن يقال هو رسم, ولو قال أو ذكر موافقه معنى لكان أولى وأعلم أن كلام المتن صادق بالصورتين؛ لأن قوله مكرر أي: لفظًا ومعنى أو معنى فقط. قوله: "بموافقه" ظاهر في إرادة المرادف ويرد عليه نحو: عطشان نطشان فإنه توكيد لفظي مع أنه ليس بالمرادف, إذ لا يفرد والمرادف يفرد قاله الدماميني. ولك أن تقول إن نحو: نطشان مرادف وعدم إفراده عارض في الاستعمال, فلا يمنع المرادفة فاعرفه. قوله: "يكون في الاسم" استثنى من ذلك الاسم المحذر إذا ذكر العامل, فإنه لا يجوز أن يكرر توكيدًا لئلا يجتمع العوض والمعوض منه؛ لما سيأتي من أنهم جعلوا التكرار نائبًا عن الفعل, وعندي أنه يجوز تكراره توكيدًا ولا يلزم الاجتماع المذكور؛ لأن جعلهم التكرار عوضًا عن الفعل في حالة حذف الفعل لا حالة ذكره فأعرفه فإنه متين. قوله: "ونكاحها باطل باطل باطل" أي: من قوله -صلى الله عليه وسلّم: $"أيما امرأة نكحت نفسها بغير وليّ فنكاحها" إلخ. قوله: "المراء" هو الجدال ودعاء بتشديد العين مثال مبالغة. قوله: "ونحو: نعم نعم" بفتح النون والعين وسكون الميم. قوله: "العناء" بفتح العين   832- البيت من الطويل، وهو للفضل بن عبد الرحمن في إنباه الرواة 4/ 76؛ وخزانة الأدب 3/ 63؛ ومعجم الشعراء ص310، وله أو للعرزمي في حماسة البحتري ص253؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص686؛ وأوضح المسالك 3/ 336؛ والخصائص 3/ 102؛ ورصف المباني ص137؛ وشرح التصريح 2/ 128؛ وشرح المفصل 2/ 25؛ والكتاب 1/ 279؛ وكتاب اللامات ص70؛ ولسان العرب 15/ 441 "أيا"؛ ومغني اللبيب 679؛ والمقاصد النحوية 4/ 113، 308؛ والمقتضب 3/ 213. 833- صدره: فتلك ولاة السُّوء قد طال مَكْثُهمْ والبيت من الطويل، وهو للكميت في الدرر 6/ 46؛ وشرح شواهد المغني 2/ 709؛ وشرح عمدة الحافظ ص571؛ والمقاصد النحوية 4/ 111؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في الدرر 4/ 73؛ ولسان العرب 12/ 563 "لوم"؛ ومغني اللبيب 1/ 298؛ وهمع الهوامع 2/ 125. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والجملة "كقولك أدرجي أدرجي" وقوله: 834- لَكَ اللهُ لَكَ اللهُ والثاني كقوله: أَنْتَ بالخَيرِ حَقِيقٌ قَمِنٌ وقوله: 835- وَقُلنَ عَلَى الفِرْدَوسِ أَوَّلُ مَشْرَبٍ ... أَجَل جَيرِ إن كانَت أُبِيحَتْ دَغَاثِرُهُ وقوله: 836- صَمِّي لِما فَعَلَتْ يَهودُ صَمَامِ   المهملة والمد التعب. قوله: "لك الله لك الله" شطر بيت من الهزج. قوله: "والثاني" أي: تقوية اللفظ بموافقه معنى, ويكون أيضًا في الاسم والفعل والحرف والجملة كما في التصريح, وإن أوهم صنيع الشارح خلافه. قوله: "وقلن إلخ" الضمير للنسوة وعلى الفردوس حال من الضمير والفردوس البستان. وأول مشرب مبتدأ خبره محذوف أي: لنا، وإن للشرط وجوابه محذوف لتقدم دليله، أو بالفتح مصدرية بتقدير لام التعليل أي: لأن كانت إلخ. والدعاثر بالعين المهملة ثم المثلثة جمع دعثور كعصفور وهو الحوض، والضمير فيه للفردوس كذا قال العيني. وقضية قول الشمني المعنى أول مشرب نشربه يكون على الفردوس أن على الفردوس خبر مقدم وأول مشرب مبتدأ مؤخر. قوله: "صمي" بفتح الصاد المهملة وتشديد الميم أمر من صمم من باب علم أصله اصممي بوزن اعلمي نقلت فتحة الميم الأولى إلى الصاد   834- تمامها: أيا من لست أقلاه ... لا في البعد أنساه لك الله على ذاك ... لك الله لك الله والبيتان من الهزج، وهما بلا نسبة في الدرر 6/ 48؛ وشرح عمدة الحافظ ص573؛ والمقاصد النحوية 4/ 97؛ وهمع الهوامع 2/ 125. 835- البيت من الطويل، وهو لمضرس بن ربعي في ديوانه ص76؛ وخزانة الأدب 10/ 103، 106، 107؛ وشرح شواهد المغني 1/ 362؛ والمقاصد النحوية 4/ 98؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص360؛ وجواهر الأدب ص373؛ والدرر 6/ 43؛ وشرح المفصل 8/ 122، 124؛ ولسان العرب 4/ 156 "جير" 4/ 287 "دعثر"؛ ومغني اللبيب 1/ 120. 836- صدره: فرَّت يهودُ وأَسْلَمَتْ جِيرانَها والبيت من الكامل، وهو للأسود بن يعفر في ديوانه ص61؛ وشرح شواهد الإيضاح ص437؛ ولسان العرب 3/ 439 "هود"، 12/ 345 "صمم" ومجالس ثعلب ص589؛ والمقاصد النحوية 4/ 112. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 ولا تُعِدْ لفظَ ضَمير مُتّصِل ... إلا مع اللفظ الذي به وُصِل كذا الحروف غير ما تَحَصَّلا ... به جواب كنَعَمْ وكَبَلَى   ومنه توكيد الضمير المتصل بالمنفصل. تنبيه: الأكثر في التوكيد اللفظي أن يكون في الجمل، وكثيرًا ما يقترن بعاطف نحو: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} [النبأ: 4] ، الآية ونحو: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 34] ، ونحو: {مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار: 17] الآية، ويأتي بدونه نحو قوله عليه الصلاة والسلام: $"والله لأغزون قريشًا" ثلاث مرات, ويجب الترك عند إبهام التعدد نحو: ضربت زيدًا ضربت زيدًا ولو قيل ثم ضربت زيدًا لتوهم أن الضرب تكرر منك مرتين تراخت إحداهما عن الأخرى والغرض أنه لم يقع منك إلا مرة واحدة ا. هـ "ولا تعد لفظ ضمير متصل إلا مع اللفظ الذي به وصل" فتقول قمت قمت، وعجبت منك منك؛ لأن إعادته مجردًا تخرجه عن الاتصال "كذا الحروف غير ما تحصلا به جواب كنعم وكبلى" وأجل   وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها وأدغمت الميم في الميم. والخطاب للأذن. وصمام أصله فعل وهو توكيد لفظي, وقال كثير الخطاب للداهية وصمام منادى حذف منه حرف النداء. ذكر العيني القولين ويؤيد هذا القول قول القاموس بعد أن ذكر أن صمام كقطام اسم للداهية ما نصه: وصمي صمام أي: زيدي يا داهية، وصمام صمام تصاموا في السكوت ا. هـ. لكن الاستشهاد بالبيت مبني على القول الأول كما لا يخفى. وبما قررناه يعلم ما في كلام البعض من الخلل والله الموفق. قوله: "بعاطف" أي: وهو ثم خاصة كما في التصريح وجعل الرضي الفاء كثم ويؤيده: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 34] ، والمراد بعاطف صورة؛ لأن بين الجملتين تمام الاتصال فلا تعطف الثانية على الأولى حقيقة كما صرح به علماء المعاني؛ ولأن الحرف لو كان عاطفًا حقيقيا كانت تبعية ما بعده لما قبله بالعطف لا التأكيد. قوله: "ونحو: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} " قال في التوضيح الآية. قال صاحب التصريح: أي: ثم أولى لك فأولى فأرشد بقوله الآية إلى أن المؤكد ما بعد ثم والشارح مثل بأولى لك فأولى, ولم يزد فجعل المؤكد الجملة المقرونة بالفاء على ما قاله الرضي من أن الفاء كثم. وكل صحيح خلافًا لمن اعترض على الشارح؛ لأن أولى الثانية مبتدأ حذف خبره أي: لك أو أولى فعل فيه ضمير مستتر على ما يأتي. وعلى كل ففي ذلك تأكيد جملة بجملة. وقوله: {ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} تأكيد للجملتين. قال الشارح على التوضيح: ومعنى أولى لك التهديد والوعيد, وهو من الولي وهو القرب, وأصله أولاه الله ما يكرهه, واللام مزيدة كما في ردف لكم أو أولى له الهلاك. وقيل أفعل من الويل بعد القلب. وقيل أفعل من آل يؤول بمعنى عقباه النار ا. هـ. قوله: "إلا مع اللفظ الذي به وصل" سواء كان اسمًا أو فعلًا أو حرفًا. قوله: "وعجبت منك منك" وزيد مررت به به فلا فرق بين ضمير المتكلم والمخاطب والغائب. قوله: "كنعم وكبلى" نعم حرف تصديق للمخبر وإعلام للمستخبر ووعد للطالب. وبمعنى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وجيرو إي ولا لكونها كالجزء من مصحوبها، فيعاد مع المؤكد ما اتصل بالمؤكد إن كان مضمرًا نحو: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} [المؤمنون: 35] ، ويعاد هو أو ضميره إن كان ظاهرًا نحو: إن زيدًا إن زيدًا فاضل أو إن زيدًا إنه فاضل وهو الأولى, ولا بد من الفصل بين الحرفين كما رأيت. وشذ اتصالهما كقوله:   نعم جير وأجل وإي كما في المغني وأما بلى فلا تقع باطراد إلا بعد النفي مجردًا نحو: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى} [التغابن: 7] ، أو مقرونًا باستفهام حقيقي, كأن يقال: أليس زيد بقائم فتقول: بلى، أو توبيخي نحو: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى} [الزخرف: 80] ، أو تقريري نحو: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] ، أجروا النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده ببلى رعيًا للفظه وحده هذا هو الأكثر. ويجوز عند أمن اللبس أن يجاب بنعم رعيا لمعنى الهمزة والنفي الذي هو إيجاب، ألا ترى أنه لا يجوز بعده دخول أحد ولا الاستثناء المفرغ, فلا يقال أليس أحد في الدار ولا أليس في الدار إلا زيد, ولهذا نازع جماعة كالسهيلي فيما حكي عن ابن عباس في الآية أنهم لو قالوا: نعم لكفروا. نعم لو أجيب {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} بنعم لم يكف في الإقرار لاحتماله غير المراد ولهذا لا يدخل في الإسلام بلا إله إلا الله برفع إله؛ لاحتمال نفي الوحدة كذا في المغني, وإنما كان التقرير مع النفي إيجابًا؛ لأن الهمزة للنفي ونفي النفي إيجاب؛ ولأن غرض المتكلم تقرير المخاطب بالإيجاب. وحاصل المقام أن قام زيد تصديقه نعم وتكذيبه لا وتمتنع بلى لعدم النفي وما قام زيد تصديقه نعم وتكذيبه بلى وتمتنع؛ لا لأنها لنفي الإثبات لا لنفي النفي، وأقام زيد كقام زيد فإن أثبت القيام قلت: نعم, وإن نفيته قلت: لا, ويمتنع بلى، وألم يقم زيد كلم يقم زيد فإن أثبت القيام قلت: بلى ويمتنع لا، وإن نفيته قلت: نعم لكن إن كان الاستفهام تقريريا وأمن اللبس جاز لك أن تثبت بنعم كما مر فعلم أن بلى لا تأتي إلا بعد نفي, وأن لا لا تأتي إلا بعد إيجاب وأن نعم تأتي بعدهما قاله في المغني. قوله: "لكونها" أي: الحروف غير حروف الجواب. قوله: "ويعاد هو" أي: ما اتصل بالمؤكد بفتح الكاف وكذا الضمير إن في قوله أو ضميره إن كان ظاهرًا. قوله: "وهو الأولى" لأنه الأصل, وأما الأول فمن وضع الظاهر موضع المضمر. قيل من الثاني {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 107] ، ففي الثانية توكيد للأولى وأعيد مع الثانية ضمير رحمة, ولعله مبني على أن هم مبتدأ ثان, وخالدون خبره وفي رحمة الله متعلق بخالدون، أما على أن في رحمة الله خبر عما قبله, وهم فيها خالدون جملة مستأنفة فليست الآية مما نحن فيه. قال في المغني: ولا يكون الجار والمجرور توكيدًا للجار والمجرور؛ لأن الضمير لا يؤكد الظاهر؛ لأن الظاهر أقوى ولا يكون المجرور بدلًا من المجرور بإعادة الجار؛ لأن العرب لم تبدل مضمرًا من مظهر ا. هـ. لكن ذكر في محل آخر أن النحويين أجازوا إبدال المضمر من المظهر. قوله: "ولا بد من الفصل بين الحرفين" هذا يقوم مقام إعادة ما اتصل به. وعبارة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   837- إنَّ إنَّ الكَرِيمَ يَحْلُمُ ما لَم ... يَرَيَنْ مَنْ أَجَارَهُ قَدْ ضِيمَا وأسهل منه قوله: 838- حَتَّى تَرَاهَا وكَأَنَّ وكَأَنْ ... أَعْناقها مُشَدَّداتٌ بِقَرَنْ وقوله: 839- لَيتَ شِعْرِي هل ثَمَّ هل آتِيَنْهُمْ وقوله: 840- لا يُنْسِكَ الأَسَى تأسِّيًا فما ... ما مِنْ حِمامٍ أَحَدٌ مُعْتَصِمَا للفصل في الأولين بالعاطف وفي الثالث بالوقف. وأشذ منه قوله:   السيوطي أو حرف غير جوابي لم يعد اختيارًا إلا مع ما دخل عليه أو مفصولًا. قوله: "يحلم" بضم اللام في المضارع وكذا الماضي. قوله: "حتى تراها" أي: المطي. والقرن حبل يقرن به البعيران. قوله: "تأسيًا" أي: اقتداء بمن قبلك من الصابرين. قوله: "للفصل في الأولين بالعاطف" قال شيخنا: والبعض فيه نظر بالنسبة لأول الأولين أعني قوله: وكأن وكأن, فإن مجموع وكأن الثانية تأكيد لمجموع, وكأنه الأولى فالواو من جملة المؤكد فلم يفصل بين المؤكد والمؤكد بعاطف ا. هـ. ولا يخفى أن ما ذكراه غير متعين لجواز أن يكون المؤكد كأن فقط والواو عاطفة فاصلة بينه وبين توكيده كما درج عليه الشارح لكن يرد على هذا أن العطف الذي يفصل به هو ثم, وكذا الفاء على قول الرضي لا الواو إلا أن يجعل التقييد بثم والفاء للفصل بالعاطف قياسًا, وهذا سماع فتدبر. قوله: "وأشذ منه" أي: من قوله: أن إن   837- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 340؛ والدرر 6/ 54؛ وشرح التصريح 2/ 130؛ والمقاصد النحوية 4/ 107؛ وهمع الهوامع 2/ 125. 838- الرجز لخطام المجاشعي أو للأغلب العجلي في الدرر 6/ 50؛ وشرح التصريح 2/ 130؛ والمقاصد النحوية 4/ 100؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 253؛ وأوضح المسالك 3/ 342؛ وشرح التصريح 1/ 317؛ وهمع الهوامع 2/ 125. 839- عجزه: أو يحولَنَّ من دون ذاك حِمام والبيت من الخفيف، وهو للكميت بن معروف في الدرر 6/ 52؛ وشرح شواهد المغني 2/ 771؛ والمقاصد النحوية 4/ 109؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص334، 406؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 684؛ ومغني اللبيب 2/ 350، وهمع الهوامع 2/ 125؛ ويروى "الردى" مكان "الحمام". 840- الرجز بلا نسبة في تخليص الشواهد ص278؛ وحاشية يس 2/ 130؛ وخزانة الأدب 4/ 120؛ والجنى الداني ص328؛ والدرر 2/ 102، 103، 6/ 52؛ والمقاصد النحوية 4/ 110؛ وهمع الهوامع 1/ 124، 2/ 125. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 ومُضْمَرَ الرَّفعِ الذي قَدِ انْفَصَل ... أَكَّد بِهِ كُلَّ ضميرٍ اتَّصَل   841- فَلا واللهِ لا يُلفَى لِمَا بِي ... ولا لِلِمابِهِم أَبَدًا دَوَاءُ لكون الحرف المؤكد وهو اللام موضوعًا على حرف واحد. وأسهل من هذا قوله: 842- فَأَصْبَحنَ لا يَسْألنَهُ عن بِما بهلأن المؤكد على حرفين ولاختلاف اللفظين. أما الحروف الجوابية فيجوز أن تؤكد بإعادة اللفظ من غير اتصالها بشيء؛ لأنها لصحة الاستغناء بها عن ذكر المجاب به هي كالمستقل بالدلالة على معناه، فتقول: نعم نعم، وبلى وبلى، ولا لا. ومنه قوله: 843- لَا لا أَبُوحُ بِحُبِّ بَثْنَةَ إنَّها ... أَخَذَتْ عَلَيَّ مواثِقًا وعُهودًا "ومضمر الرفع الذي قد انفصل أكد به كل ضمير اتصل" نحو: قم أنت، ورأيتك   الكريم إلخ. قوله: "لا يلفي" أي: لا يوجد. قوله: "وأسهل من هذا" أي: من قوله: ولا للمابهم إلخ. قوله: "لأن المؤكد" بفتح الكاف على حرفين أي: فبعد عن قوله: للمابهم، وقرب نوع قرب لقوله: إن أن الكريم. وصح توكيد عن بالباء؛ لأن الباء بمعنى عن يقال سألت به وسألت عنه، ومن الأول، {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] ، فهو توكيد بالمرادف. قوله: "فيجوز أن تؤكد" الأنسب بقوله من غير اتصالها بشيء كسر كاف تؤكد فتدبر. قوله: "بثنة" بفتح الموحدة وسكون المثلثة بعدها نون اسم محبوبته. قوله: "أكد به كل ضمير اتصل" لكن على وجه استعارته في   841- البيت من الوافر، وهو لمسلم بن معبد الوالبي في خزانة الأدب 2/ 308، 312، 5/ 157، 9/ 528، 534، 10/ 191، 11/ 267، 287، 320؛ والدرر 5/ 147، 6/ 53، 256؛ وشرح شواهد المغني ص 773؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص571؛ وأوضح المسالك 3/ 343؛ والجنى الداني ص80، 345؛ والخصائص 2/ 282؛ ورصف المباني ص202، 248، 255، 259؛ وسر صناعة الإعراب ص282، 332؛ وشرح التصريح 2/ 130، 230؛ والصاحبي في فقه اللغة ص56؛ والمحتسب 2/ 256؛ ومغني اللبيب ص181؛ والمقاصد النحوية 4/ 102؛ والمقرب 1/ 338؛ وهمع الهوامع 2/ 125، 158. 842- عجزه: أصعَّد في عُلو الهَوى أم تصَوَّبا والبيت من الطويل، وهو للأسود بن يعفر في ديوانه ص21؛ وشرح التصريح 2/ 130؛ والمقاصد النحوية 4/ 103؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 354؛ وخزانة الأدب 9/ 527، 528، 529، 11/ 142؛ والدرر 4/ 105، 147؛ وسر صناعة الإعراب ص136؛ وشرح شواهد المغني ص774؛ ولسان العرب 3/ 251 "صعد"؛ ومغني اللبيب ص354؛ وهمع الهوامع 2/ 22، 30، 78، 158. 843- البيت من الكامل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص58؛ وخزانة الأدب 5/ 159؛ والدرر 6/ 47؛ وشرح التصريح 2/ 129؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 338؛ وشرح قطر الندى ص291؛ والمقاصد النحوية 4/ 114؛ وهمع الهوامع 2/ 125. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أنت، ومررت بك أنت، وزيد جاء هو. ورأيتني أنا. تنبيه: إذا أتبعت المتصل المنصوب بمنفصل منصوب نحو: رأيتك إياك, فمذهب البصريين أنه بدل، ومذهب الكوفيين أنه توكيد. قال المصنف: وقولهم عندي أصح؛ لأن نسبة المنصوب المنفصل من المنصوب المتصل كنسبة المرفوع المنفصل من المرفوع المتصل في نحو: فعلت أنت، والمرفوع تأكيد بإجماع. خاتمة في مسائل منثورة: الأولى لا يحذف المؤكد ويقام المؤكد مقامه على الأصح. وأجاز الخليل نحو: مررت بزيد وأتاني أخوه أنفسهما، وقدره هما صاحباي أنفسهما. الثانية لا يفصل بين المؤكد والمؤكد بإما على الأصح، وأجاز الفراء مررت بالقوم إما أجمعين، وإما بعضهم. الثالثة لا يلي العامل شيء من ألفاظ التوكيد وهو على حاله في التوكيد إلا جميعًا وعامة مطلقًا، فتقول: القوم قام جميعهم وعامتهم، ورأيت جميعهم وعامتهم، ومررت بجميعهم وعامتهم. وإلا كلا وكلا وكلتا مع الابتداء بكثرة ومع غيره   توكيد ضمير النصب والجر والتوكيد في الكل لفظي بالمرادف وسكت المصنف عن توكيد المنفصل المرفوع, أو المنصوب بمنفصل مرفوع. وينبغي أن لا يتوقف في جواز الأول. ومقتضى منع الثاني أنه لا يجوز: إياك أنت أكرمت وما أكرمت إلا إياك أنت. وفي المغني أن أنت من نحو: {إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} يصح كونه فصلًا أو توكيدًا أو مبتدأ والأول أرجح فالثاني. قوله: "والمرفوع تأكيد بإجماع" أي: يجوز أن يكون توكيدًا بإجماع كما يجوز أن يكون بدلًا فالإجماع إنما هو على جواز التوكيد. قوله: "لا يحذف المؤكد" أي: لأن الغرض من التوكيد التقوية والحذف ينافيه وتقدم ما فيه. قوله: "وقدره إلخ" ويجوز نصب أنفسهما بتقدير أعينهما أنفسهما. قوله: "بإما" أما الفصل بغيرهما فثابت كقوله تعالى: {وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} [الأحزاب: 51] . قوله: "إما أجمعين وإما بعضهم" محط التمثيل قوله إما أجمعين؛ لأنه التوكيد المفصول بينه وبين المؤكد بإما لا قوله وإما بعضهم، ولا يلزم من عطفه على أجمعين أن يكون تأكيدًا بدليل: لم يجئني القوم كلهم بل بعضهم أو ولا بعضهم, حتى يرد أنه ليس من ألفاظ التوكيد, فسقط ما نقله البعض عن الدماميني وأقره من الأشكال. قوله: "وهو على حاله في التوكيد" أي: من إفادة التقوية ورفع الاحتمال واحترز بذلك عن نحو: طابت نفس زيد وفقئت عين عمرو؛ فإن المراد بالنفس الروح وبالعين الباصرة فليسا على حالهما في التوكيد. ويرد عليه نحو: جاءني نفس زيد وعين عمرو أي: ذاتهما وفي التنزيل: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] ، أي: ذاته. قوله: "مطلقًا" أي: مع الابتداء وغيره. قوله: "جميعهم وعامتهم" الواو بمعنى؛ أو لأنه لا يجمع بين لفظي توكيد بعطف لما مر. قوله: "مع الابتداء بكثرة" لأن الابتداء عامل معنوي فلا يبعد معموله وهو المبتدأ من التأكيد وولي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بقلة فالأول نحو: القوم كلهم قائم، والرجلان كلاهما قائم، والمرأتان كلتاهما قائمة. والثاني كقوله: 844- يَمِيدُ إذا والَتْ عليه دِلاؤُهُمْ ... فَيَصْدُرُ عَنْهُ كُلُّها وهْوَ ناهِلُ وقولهم كليهما وتمرا: أي: أعطني كليهما. وأما قوله: 845- فلمَّا تَبَيَّنَّا الهدى كان كُلّنا ... على طاعة الرحمن والحَقِّ والتُّقى فاسم كان ضمير الشأن لا كلنا. الرابعة يلزم تابعية كل بمعنى كامل وإضافته إلى مثل متبوعه مطلقًا نعتًا لا توكيدًا، نحو: رأيت الرجل كل الرجل، وأكلت شاة كل شاة. الخامسة يلزم اعتبار المعنى في خبر كل مضافًا إلى نكرة نحو: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل   لفظ التوكيد العامل في هذه الحالة باعتبار أن الابتداء سابق في التقدير على لفظ التوكيد الواقع مبتدأ؛ لأن رتبة العامل التقديم على المعمول. قوله: "فالأول" أي: ولي لفظ التوكيد وهو مبتدأ العامل. قوله: "نحو: القوم كلهم قائم" القوم مبتدأ أول وكلهم مبتدأ ثاني, وقائم خبر المبتدأ الثاني وهو وخبره خبر الأول, والمثال يكفي فيه الاحتمال فلا يقال: يحتمل أن كلهم تأكيد للقوم لا مبتدأ. قوله: "يميد" أي: يضطرب والضمير فيه وفي عليه وعنه لماء البئر وفي نسخ عنها فيكون راجعًا إلى البئر وقوله فيصدر أي: يذهب عنه كلها أي: كل من الجماعة أصحاب الدلاء وهو ناهل أي: ريان. قوله: "لا كلنا" أي: حملًا على الكثير؛ لأنه إذا جعل اسم كان ضمير الشأن كان كلنا مبتدأ مخبرًا عنه بقوله على طاعة الرحمن والجملة خبر كان, وإذا جعل كل اسمًا لكان كان استعمالا لها على ما ثبت لها بقلة. قوله: "يلزم تابعية كل" أي: ولا يجوز قطعها وإن كانت كل التي بمعنى كامل نعتًا والنعت يجوز قطعه وكأن وجه ذلك أن أصلها التوكيد وهو لا يقطع. قوله: "بمعنى كامل" فيه أنها لو كانت بمعنى كامل لكان معنى قولنا جاء الرجل كل الرجل جاء الرجل كامل الرجل وفيه تهافت, ويدفع بحمل المضاف إليه على الاستغراق. قوله: "إلى مثل متبوعه" أي: لفظًا ومعنى كذا قالوا, ومقتضى القياس على الاكتفاء في أي الوصفية والحالية بالإضافة إلى مثل الموصوف معنى فقط أن يكون هنا كذلك إلا أن يفرق فتدبر وقوله مطلقًا أي: سواء تبع معرفة أو نكرة كما يرشد إليه تمثيله. قوله: "اعتبار المعنى" أي: معنى كل ومعناها بحسب ما تضاف إليه فيجب مطابقة الخبر للنكرة المضاف إليها كل.   844- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص506؛ وشرح عمدة الحافظ ص575؛ وبلا نسبة في الدرر 5/ 132؛ وشرح شواهد المغني 2/ 521؛ ومغني اللبيب 1/ 195؛ وهمع الهوامع 2/ 73. 845- البيت من الطويل، وهو للإمام علي بن أبي طالب في ديوانه ص11؛ وشرح شواهد المغني 2/ 521؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 195. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 العطف : للعَطْفِ إمّا ذو بَيان أو نَسَق ... والغَرَضُ الآن بيانُ ما سَبَق فذو البيان تابِعٌ شبه الصِّفه ... حقيقة القصد به منكشفه   عمران: 185] {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53] ، ولا يلزم مضافًا إلى معرفة فتقول: كلهم ذاهب وذاهبون. والله أعلم. العطف: "العطف إما ذو بيان أو نسق والغرض الآن بيان ما سبق" وهو عطف البيان "فذو البيان تابع شبه الصفه حقيقه القصد به منكشفه" فتابع جنس يشمل جميع التوابع، وشبه   قوله: "في خبر كل" قيد بالخبر؛ لأن ما فيه الضمير وليس خبرًا, إن كان من جملة كل لزم اعتبار المعنى, وإن كان من جملة أخرى لم يلزم اعتبار المعنى. ومن هنا يعلم توجيه عدم المطابقة في قوله تعالى: {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ} [الحج: 27] ، بجعل يأتين استئنافًا لا صفة وكذا، {مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ، لَا يَسَّمَّعُونَ} [الصافات: 7] ، مع أن جعل لا يسمعون صفة أو حالًا فاسد معنى أيضًا, إذ لا معنى للحفظ من شياطين لا يسمعون. وأوجب ابن هشام الجمع في الكل المجموعي نحو: أعطاني كل رجل فأغنوني إذا كان حصول الغني من المجموع لا من كل واحد أفاده الدماميني، وجمع الأمرين قوله تعالى: {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} [الزمر: 70] ، فأفرد أولًا وجمع ثانيًا لدلالة كل نفس على متعدد, ففي مفهوم الخبر تفصيل. قوله: "فرحون" فيه الشاهد؛ لأنه الخبر. قوله: "ولا يلزم مضافًا إلى معرفة" بل يجوز رعاية لفظ كل في الإفراد والتذكير, ومعناها هذا ما درج عليه المصنف في تسهيله. وذهب ابن هشام إلى أنه يجب في خبرها رعاية لفظها إذا أضيفت إلى معرفة نحو: {وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ} [مريم: 95] ، {كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: 36] ، هذا كله إذا ذكر المضاف إليه فإن حذف فالذي صوبه ابن هشام أنه إن كان المقدر مفردًا نكرة وجب الإفراد كما لو صرح به, وإن كان جمعًا معرفًا وجب الجمع, وإن كانت المعرفة لو صرح بها لم يجب الجمع تنبيهًا على حال المحذوف فيهما فالأول نحو: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] ، أي: كل أحد والثاني نحو: {وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ} [الأنفال] ، أي: كلهم ا. هـ. دماميني باختصار. العطف: هو لغة الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه. وسمي هذا التابع عطف البيان؛ لأن المتكلم رجع إلى الأول فأوضحه به. قوله: "شبه الصفة" أي: في الإيضاح والتخصيص وغيرهما, فقد جاء للمدح على ما في الكشاف أن البيت الحرام عطف بيان للكعبة على جهة المدح لا على جهة التوضيح, وللتأكيد على ما ذهب إليه بعضهم في يا نصر نصر نصرًا، لكن في الهمع عن المصنف أن الأولى جعله توكيدًا لفظيا قال: لأن حق عطف البيان أن يكون للأول به زيادة بيان ومجرد تكرير اللفظ لا يحصل به ذلك. قوله: "حقيقة القصد إلخ" أي: الأصل فيه ذلك فلا يرد عطف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 فَأَوليَنْه من وِفاقِ الأوَّلِ ... ما من وِفاقِ الأوَّلِ النَّعْتُ وَلِي فقدْ يكونانِ مُنَكَّريْنِ ... كما يكونَانِ مُعَرَّفَيْنِ   الصفة مخرج لعطف النسق والبدل والتوكيد. وحقيقة القصد إلى آخره لإخراج النعت: أي: إنه فارق النعت من حيث أنه يكشف المتبوع بنفسه لا بمعنى في المتبوع ولا في سببه "فأولينه من وفاق الأول" وهو المتبوع "ما من وفاق الأول النعت ولي" وذلك أربعة من عشرة: أوجه الإعراب الثلاثة، والإفراد، والتذكير، والتنكير، وفروعهن. وأما قول الزمخشري: أن مقام إبراهيم عطف بيان على آيات بينات فمخالف لإجماعهم. وقوله وقول الجرجاني: يشترط كونه أوضح من متبوع فمخالف لقول سيبويه في: يا هذا ذا الجمة, إن ذا الجمة عطف بيان مع أن الإشارة أوضح من المضاف إلى ذي الأداة. وإن كان له مع متبوعه ما للنعت مع منعوته "فقد يكونان منكرين كما يكونان معرفين" لأن النكرة تقبل التخصيص بالجامد كما تقبل المعرفة التوضيح به، نحو: لبست ثوبًا جبة, وهذا مذهب الكوفيين   البيان الذي للمدح ونحوه. قوله: "لإخراج النعت" اعترضه شيخنا بأن النعت كما في التصريح خرج بقوله شبه الصفة؛ لأن شبه الشيء غيره وعلى هذا يكون قوله حقيقة إلخ؛ لبيان الفرق بين النعت وعطف البيان لا للإخراج. قوله: "من حيث أنه يكشف إلخ" وكذا يفارقه من حيث أنه لا يكون إلا جامدًا والنعت لا يكون إلا مشتقا أو مؤولًا به على ما مر. قوله: "فأولينه إلخ" تفريع على قوله شبه الصفة. وفي نفسي من عبارته شيء؛ لأنه إن جعل قوله أولًا من وفاق الأول بيانًا لما مقدمًا عليه استغنى عن قوله ثانيًا من وفاق الأول, وإن جعل قوله ثانيًا بيانًا لما استغنى عن قوله أولًا, فعلى كل حال في كلامه تكرار. قوله: "النعت" أي: الحقيقي؛ لأنه يجب في البيان أن يكون كالمبين في الإفراد والتذكير وفروعهما كالنعت الحقيقي بخلاف النعت السببي كما مر. قوله: "فمخالف لإجماعهم" أي: على وجوب مطابقة البيان والمبين تعريفًا وتنكيرًا وإفرادًا وغيره وتذكيرًا وغيره. ومقام مخالف لآيات من وجوه ثلاثة كما لا يخفى وسننقل عن الرضي تجويز تخالفهما, ولا يجوز أن يكون بدلًا لتصريحهم بأن المبدل منه إذا تعدد وكان البدل غير وافٍ بالعدة تعين القطع, فخرج عن البدلية فالوجه أنه مبتدأ حذف خبره, أي: منها مقام إبراهيم. قوله: "أوضح من متبوعه" أي: أعرف وإنما أوجبا أوضحية البيان من المبين, ولم يوجب أحد أوضحية النعت من المنعوت؛ لأن قصد الإيضاح من عطف البيان أقوى من قصده من النعت؛ لأن البيان يوضح المبين ببيان حقيقته فهو كالتعريف بخلاف النعت. قوله: "ذا الجمة" بضم الجيم الشعر الواصل إلى المنكب. قوله: "إن ذا الجمة عطف بيان" لم يجعله نعتًا لما مر أن نعت اسم الإشارة لا يكون إلا محلى بأل. قوله: "وإذا كان له إلخ" أشار به إلى أن قوله فقد يكونان إلخ مفرع على قوله فأولينه إلخ, لا على قوله شبه الصفة, حتى يرد اعتراض ابن هشام بأن الواجب الواو لتعطف هذه المسألة على ما قبلها المفرع على قوله شبه الصفة فتأمل. قوله: "فقد يكونان إلخ" أتى به مع علمه مما قبله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 وصالحًا لبَدَليَّة يُرَى ... في غَيْر نَحْوِيَا غُلامُ يَعْمُرا ونحو بشْرٍ تابِعِ البكرِيِّ ... ولَيْسَ أنْ يُبْدَلَ بالمَرْضِي   والفارسي وابن جني والزمخشري وابن عصفور، وجوزوا أن يكون منه: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} [المائدة: 95] ، فيمن نون كفارة ونحو: {مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16] وذهب غير هؤلاء إلى المنع، وأوجبوا فيما سبق البدلية ويخصون عطف البيان بالمعارف. قال ابن عصفور: وإليه ذهب أكثر النحويين. وزعم الشلوبين أنه مذهب البصرين. قال الناظم: ولم أجد هذا النقل من غير جهته. وقال الشارح: ليس قول من منع بشيء. وقيل يختص عطف البيان بالعلم اسمًا أو كنية أو لقبًا "وصالحًا لبدلية يرى في غير" ما يمتنع فيه إحلاله محل الأول كما في "نحو يا غلام يعمرا" وقوله: 846- أَيَا أَخَوَينَا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوفَلَا "ونحو بشر تابع البكريِّ" في قوله:   ردًا على المخالف. قوله: "فيما سبق" أي: من المثال والآيتين, وقوله البدلية أي: بدل كل من كل. قوله: "ويخصون عطف البيان بالمعارف" احتجوا بأن البيان بيان كاسمه والنكرة مجهولة, والمجهول لا يبين المجهول. ورد بأن بعض النكرات أخص من بعض والأخص يبين الأعم. قوله: "وصالحًا لبدلية يرى" أشار بتعبيره بالصلاحية إلى ما صرح به في التسهيل من أن عطف البيان أولى من البدل في غير المستثنيات؛ لأن الأصل في المتبوع أن لا يكون في نية الطرح, وأن لا يكون التابع كأنه من جملة أخرى. ومال الدماميني إلى أولوية الإبدال معللًا بما لا ينهض, فانظره في حاشية شيخنا وبقي قسم لا يؤخذ من كلامه وهو تعين الإبدال نحو: يا عبد الله كرز بالضم, فالأقسام ثلاثة: تعين الإبدال وتعين البيان ورجحان أحدهما وهو البيان عند غير الدماميني والإبدال عنده. وأما تساويهما فمنتف, وجعل البعض الأقسام أربعة لعله باعتبار القولين في رجحان أحدهما وفيه من التساهل ما لا يخفى. ثم جواز الأمرين على مقصدين, فإن قصدت بالحكم الأول وجعلت الثاني بيانًا له فهو عطف بيان. وإن قصدت بالحكم الثاني وجعلت الأول كالتوطئة له فهو بدل. قوله: "يعمرا" بضم الميم وفتحها علم منقول من المضارع منصوب عطف بيان على محل غلام. قوله: "عبد شمس ونوفلا" فيمتنع كون عبد شمس بدلًا من أخوينا لا لذاته, بل لعدم صحة ذلك في المعطوف. قوله: "ونحو بشر تابع البكري" أي: من كل تركيب عطف فيه اسم خال   846- عجزه: أعيذُكُما بالله أن تحدثا حَرْبا والبيت من الطويل، وهو لطالب بن أبي طالب في الحماسة الشجرية 1/ 61؛ والدرر 6/ 26؛ وشرح التصريح 2/ 132؛ والمقاصد النحوية 4/ 119؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 350؛ وشرح قطر الندى ص300؛ وهمع الهوامع 2/ 121. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   847- أَنَا ابْنُ التَّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْرٍ ... عَلَيه الطَّيرُ تَرْقُبُهُ وُقوعا فبشر عطف بيان من البكري "وليس أن يبدل" منه "بالمرضي" لامتناع أنا الضارب زيد. نعم الفراء يجيزه الإبدال. تنبيه: يتعين أيضًا العطف ويمتنع الإبدال في نحو: هند ضربت زيدًا أخاها، وزيد جاء الرجل أخوه؛ لأن البدل في التقدير من جملة أخرى فيفوت الربط من الأولى بخلاف العطف.   من أل على معرف بها مضاف إليه وصف محلى بها. قوله: "عليه الطير" خبر مقدم ومبتدأ مؤخر والجملة حال من البكري، وترقبه حال من المستتر في عليه, وقول البعض تبعًا للعيني عليه متعلق بوقوعًا يلزم عليه تقديم معمول معمول الخبر الفعلي على المبتدأ, والذي رجحوا جوازه تقديم معمول الخبر الفعلي لا تقديم معمول معموله، ووقوعًا مفعول له حذف متعلقه أي: ترقبه لأجل وقوعها عليه. قوله: "وليس أن يبدل بالمرضي" راجع للصورة الثانية كما يشير إليه تعليل الشارح وصرح به مع علمه مما قبله ردًا على الفراء المجوز للإبدال. قوله: "لامتناع أنا الضارب زيد" لما مر من قوله ووصل أل بذا المضاف إلخ. قوله: "يتعين أيضًا العطف إلخ" يعني أن في كلام الناظم قصورًا: لأنه لم يستوف الصور التي لا يصلح فيها البيان للبدلية. قوله: "في نحو: هند إلخ" أي: من كل تركيب أورثت فيه البدلية الاختلال؛ لكون البدل على تقدير عامل آخر وإن صح حلوله محل المبدل منه, ومن صور تعين البيان لامتناع حلول الثاني محل الأول نحو: يأيها الرجل غلام زيد، وكلا أخويك زيد وعمرو عندي، ويا زيد الحارث، ويا زيد هذا إذ يلزم على البدلية اتباع أي: في النداء بغير ذي أل وإضافة كلا إلى اثنين بتفريق وإدخال يا على ذي أل واسم الإشارة بدون وصف، واستثناء هذه الصور وصورتي المتن مبني على أن البدل لا بد أن يصلح لحلوله محل الأول, ونظر في ذلك ابن هشام مع جزمه في المغني بأنهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرون في الأوائل، وقد جوزوا في أنك أنت زيد كون أنت توكيدًا, وكونه بدلًا مع أنه لا يجوز إن أنت وفي المستوفي أولى ما يقال في نعم الرجل زيد أن زيد بدل من الرجل, ولا يلزم أن يجوز نعم زيد. وذكر الدماميني من صور تخلف ذلك فتنت هند حسن لها وأكلت الأرغفة جزء منها. قوله: "من جملة أخرى" أي: بناء على الصحيح أن البدل على نية تكرار العامل. قوله:   847- البيت من الوافر، وهو للمرار الأسدي في ديوانه ص465؛ وخزانة الأدب 4/ 284، 5/ 183؛ والدرر 6/ 27؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 6؛ وشرح التصريح 2/ 133؛ وشرح المفصل 3/ 73، 73؛ والكتاب 1/ 182؛ والمقاصد النحوية 4/ 121؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 441؛ وأوضح المسالك 3/ 351؛ وشرح شذور الذهب ص320؛ وشرح ابن عقيل ص491؛ وشرح عمدة الحافظ ص554، 597؛ وشرح قطر الندى ص299؛ والمقرب 1/ 248؛ وهمع الهوامع 2/ 122. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   خاتمة: يفارق عطف البيان البدل في ثمان مسائل: الأولى أن العطف لا يكون مضمرًا ولا تابعًا لمضمر؛ لأنه في الجوامد نظير النعت في المشتق. وأما قول الزمخشري: أن أن اعبدوا الله بيان للهاء في إلا ما أمرتني به فمردود. الثانية أن البيان لا يخالف متبوعه في   "يفارق عطف البيان البدل" قال الرضي: أنا إلى الآن لم يظهر لي فرق جلي بين بدل الكل من الكل وعطف البيان, بل ما أرى عطف البيان إلا البدل كما هو ظاهر كلام سيبويه وساق كلام سيبويه ثم قال: قالوا إن الفرق بينهما أن البدل هو المقصود بالنسبة دون متبوعه بخلاف عطف البيان فإنه بيان, والبيان فرع المبين فيكون المقصود هو الأول، والجواب أنا لا نسلم أن المقصود بالنسبة في بدل الكل هو الثاني فقط, ولا في سائر الأبدال إلا الغلط, فإن كون الثاني فيه هو المقصود بها دون الأول ظاهر، وإنما قلنا ذلك؛ لأن الأول في الأبدال الثلاثة منسوب إليه في الظاهر, ولا بد لذكره من فائدة صونًا لكلام الفصحاء عن اللغو, وهي في بدل الكل كون الأول أشهر والثاني مشتملًا على صفة نحو: بزيد رجل صالح أو العكس نحو: برجل صالح زيد والعالم زيد أو مجرد الإبهام ثم التفسير نحو: برجل زيد وفي بدل البعض وبدل الاشتمال الأخير فادعاء كون الأول غير مقصود بالنسبة مع كونه منسوبًا إليه في الظاهر, واشتماله على فائدة يصح أن ينسب إليه لأجلها دعوى خلاف الظاهر, فما كان من بدل الكل لإيضاح الأول يسمى بعطف البيان. وأما فرقهم بأن البدل على تكرير العامل فإن سلم فيما يكرر العامل فيه ظاهرًا لم يسلم في غيره، وإن سلم فلنا أن ندعيه فيما سموه عطف البيان. وفرقهم بجواز تخالف البدل والمبدل منه تعريفًا وتنكيرًا بخلاف البيان والمبين لنا منعه بتجويز التخالف في البيان والمبين أيضًا ا. هـ. باختصار. قوله: "في ثمان مسائل" زيد ثلاث أخرى: كون المتبوع في البدل في نية الطرح قيل غالبًا. وقال الزمخشري في المفصل: مرادهم بكون البدل في نية طرح الأول أنه مستقل بنفسه لا متمم لمتبوعه كالتأكيد والصفة والبيان لا إهدار الأول، ألا ترى أنك لو أهدرت الأول في نحو: زيد رأيت غلامه رجلًا صالحًا لم يستقم كلامًا ا. هـ. بخلافه في البيان، وكون حذفه في البدل جائزًا عند بعضهم وخرّج عليه المصنف كالأخفش قوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} [النحل: 116] ، فجعل الكذب بدلًا من الضمير المحذوف أي: تصفه بخلافه في البيان، وكون البدل يجوز قطعه كما سيأتي بخلاف البيان إلا على قول. قوله: "نظير النعت في المشتق" أي: فكما أن الضمير لا ينعت ولا ينعت به كذلك لا يعطف عطف بيان ولا يعطف عليه. قوله: "بيان للهاء" ومنع هو كونه بدلًا من الهاء؛ لأن المبدل منه في نية الطرح فيبقى الموصول بلا عائد ورده في المغني بأنه لا أثر لتقدير عدم العائد مع وجوده حسا. قال: ولو لزم إعطاء منوي الطرح حكم المطروح لزم إعطاء منويّ التأخير حكم المؤخر فكان يمتنع: ضرب زيدًا غلامه ويرد ذلك قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} [البقرة: 124] ، والإجماع ا. هـ. ويجوز كونه بيانًا لما أمرتني به أو بدلًا منه بتأويل قلت بأمرت إذ القول الحقيقي لا يعمل في العبادة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تعريفه وتنكيره كما مر. الثالثة: أنه لا يكون جملة بخلاف البدل فإنه يجوز فيه ذلك كما سيأتي. الرابعة: أنه لا يكون تابعًا لجملة بخلاف البدل. الخامسة: أنه لا يكون فعلًا تابعًا لفعل بخلاف البدل. السادسة: أنه لا يكون بلفظ الأول بخلاف البدل, فإنه يجوز فيه ذلك بشرط الذي ستعرفه في موضعه. هكذا قال الناظم وابنه وفيه نظر. السابعة: أنه ليس في نية إحلاله محل الأول بخلاف البدل. الثامنة: أنه ليس في التقدير من جملة أخرى بخلاف البدل، وقد مر قريبًا ما ينبني على هاتين, وسيأتي بيان ما يختص بالبدل في بابه إن شاء الله تعالى. والله أعلم.   وأن على الجميع مصدرية وجوز الزمخشري كونها مفسرة بتأويل قلت بأمرت واستحسنه في المغني, قال: وعلى هذا فشرطهم في المفسرة أن لا يكون في الجملة قبلها حروف القول أي: باقيًا على حقيقته واستشكل كونها مفسرة بأن الله لا يقول ربي وربكم. وأجيب باحتمال أن يكون مقول الله الذي أمر بقوله عيسى اعبدوا الله وما بعده من مقول عيسى وقت خطابه قومه على حد: {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} [النساء: 157] ، وأن يكون مقول الله اعبدوا الله ربك وربهم فعبر عيسى حين خاطبهم عن نفسه بالتكلم وعنهم بالخطاب. قوله: "فمردود" أي: بما تقدم من كونه نظير النعت في المشتق فيجعل بدلًا أو خبر مبتدأ محذوف وانتصر الدماميني للزمخشري ورجح جواز كونه عطف بيان قال ولا يلزم من كون شيء نظير آخر أن يعطي سائر أحكامه, ألا ترى أن المنادى المفرد المعين بمنزلة ضمير المخاطب؛ ولذلك بني والضمير مطلقًا لا ينعت على المشهور ومع ذلك لا يمتنع نعت المنادى عند الجمهور ا. هـ. مع أن الكسائي يجيز نعت الضمير. قوله: "أنه لا يكون جملة" يشكل عليه ما ذكره أهل المعاني في الفصل والوصل من أن جملة: قال يا آدم عطف بيان على فوسوس إليه الشيطان, وكما يشكل على هذا يشكل على قوله أنه لا يكون تابعًا لجملة. قوله: "بشرطه الذي ستعرفه في موضعه" هو كون الثاني معه زيادة بيان كما في قراءة يعقوب: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} [الجاثية: 28] ، بنصب كل الثانية فإنه قد اتصل بها ذكر سبب الجثو. قوله: "هكذا قال الناظم وابنه" أي: تبعًا لابن الطراوة واحتجوا بأن الشيء لا يبين بنفسه. قوله: "وفيه نظر" وجهه أن كلا من البدل وعطف البيان مبين لمتبوعه وإن كان التبيين في البدل غير مقصود بالذات, وبجملة لكونه على تقدير العامل, وفي عطف البيان مقصودًا بالذات وبمفرد وحينئذٍ فلا مانع من كون عطف البيان بلفظ المتبوع إذا كان معه زيادة كالبدل. قوله: "ما ينبني على هاتين" فينبني على السابعة امتناع بدلية نحو: يعمر وبشر في يا غلام يعمر. و: أنا ابن التارك البكري بشر وعلى الثامنة امتناع بدلية نحو: أخاها وأخوه في هند ضربت زيدًا أخاها وزيد جاء الرجل أخوه, وبهذا يعرف ما في كلام البعض من القصور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 عَطْف النسق: تالٍ بحرف مُتْبع عطف النَّسق ... كاخْصُص بِوُدّ وثناء من صَدَق   عطف النسق : "تال بحرف متبع عطف النسق" فتال أي: تابع جنس يشمل جميع التوابع. وبحرف يخرج ما عدا عطف النسق منها. ومتبع يخرج نحو: مررت بغضنفر أي: أسد، فإن أسدًا تابع   عطف النسق: تقدم معنى العطف, وأما النسق فقال الفاكهي: اسم مصدر بمعنى اسم المفعول, يقال: نسقت الكلام أنسقه عطفت بعضه على بعض والمصدر بالتسكين ا. هـ. والمعنى على هذا العطف الواقع في الكلام المعطوف بعضه على بعض, وفي الفارضي أن النسق بالتحريك مصدر, وقيل النسق بمعنى الطريقة والإضافة لأدنى ملابسة أي: عطف اللفظ الذي جيء به على نسق الأول وطريقته, وهو ثلاثة أقسام: أحدها العطف على اللفظ وهو الأصل وشرطه إمكان توجه العامل فلا يجوز في ما جاءني من امرأة ولا زيد جر زيد؛ لأن من الزائدة لا تعمل في معرفة. الثاني العطف على المحل وشرطه إمكان ظهور المحل في الفصيح فلا يجوز مررت بزيد وعمرًا بالنصب خلافًا لابن جني, وكون المحل بحق الأصالة فلا يجوز هذا ضارب زيدًا وأخيه خلافًا للبغداديين ووجود المحرز أي: العامل الطالب للمحل على خلاف فيه تقدم بيانه فلا يجوز أن زيدًا وعمرو قائمان برفع عمرو. وقد يمتنع العطف على اللفظ وعلى المحل معًا نحو: ما زيد قائمًا لكن أو بل قاعد؛ لأن في العطف على اللفظ إعمال ما في الموجب وفي العطف على المحل اعتبار الابتداء مع زواله بدخول الناسخ فلم يوجد المحرز والصواب الرفع على إضمار مبتدأ. الثالث العطف على التوهم وشرطه صحة دخول العامل المتوهم, وأما كثرة دخوله فشرط للحسن ولهذا حسن لست قائمًا ولا قاعد بالجر ولم يحسن ما كنت قائمًا ولا قاعدًا بالجر، والفرق بين القسمين الأخيرين أن العامل في العطف على المحل موجود دون أثره, والعامل في العطف على التوهم مفقود دون أثره. قوله: "تال بحرف متبع عطف النسق" قال شيخنا أي: معطوف النسق تال مع حرف متبع ا. هـ. فأشار إلى أمور ثلاثة لا تخفاك. قوله: "بحرف" ولو تقديرًا؛ لأن حذف العاطف جائز عند المصنف نظمًا ونثرًا وإن لم يكن المقام مقام سرد الأعداد على ما أفاده البهوتي. قوله: "متبع" أي: موضوع للاتباع وهو تشريك الثاني مع الأول في عامله غزى. قوله: "يخرج ما عدا عطف النسق منها" أي: وما عدا عطف البيان المسبوق بأي: التفسيرية بدليل كلامه بعد وما عدا التوكيد المسبوق بالعاطف نحو: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} [النبأ: 4 و5] ، لأن هذا أيضًا إنما يخرج بقوله متبع أي: محصل للاتباع. نعم إن جعلت الباء في قوله بحرف سببية خرج جميع ذلك بقوله بحرف؛ لأن تبعية البيان المسبوق بأي: التفسيرية والتوكيد المسبوق بالعاطف ليست بسبب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 فَالعَطْفُ مطلقًا بواو ثمّ فا ... حَتّى أَمَ أو كَفِيك صِدق وَوَفا   بحرف وليس معطوفًا عطف نسق، بل بيان؛ لأن أي ليست بحرف متبع على الصحيح بل حرف تفسير. وخلص التعريف للعطف بالحروف الآتي ذكرها "كاخصص بود وثناء من صدق" فثناء تابع لود بالواو وهي حرف متبع "فالعطف مطلقًا بواو" و"ثم" و"فا" و"حتى و"أم" و"أو" فهذه الستة تشرك بين التابع والمتبوع لفظًا ومعنى. وهذا معنى. قوله مطلقًا "كفيك صدق ووفا" وهذا ظاهر في الأربعة الأول. وأما أم وأو فقال المصنف: أكثر النحويين على أنهما يشركان في اللفظ لا في المعنى. والصحيح أنهما يشركان لفظًا   الحرف لثبوت التبعية لهما مع حذف أي: والعاطف لكن الشارح لم يجر على هذا الوجه. قوله: "بل بيان" أي: عطف بيان وليس لنا عطف بيان بعد حرف إلا هذا. قوله: "ليست بحرف متبع" لصحة حذفها لفظًا وتقديرًا والعاطف ليس كذلك. ورده الدماميني بأن العاطف قد يحذف لفظًا وتقديرًا إذا صح الكلام بدونه كما في الأخبار المتعاطفة والصفات المتعاطفة, وكما في أشكو إليك بثي وحزني, إذ يصح حذف الواو فيصير الثاني توكيدًا. قوله: "على الصحيح" وقال الكوفيون: إنها عاطفة. قوله: "بل حرف تفسير" وقد ترد زائدة بين المبتدأ والخبر تأكيدًا للاتحاد وزيادة في البيان كما قاله السيد الجرجاني, مثال ذلك قول صاحب المغني. وقالوا التقدير في قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 24] ، أي: كمن ينعم في الجنة ا. هـ. فزاد أي: بين المبتدأ وهو التقدير بمعنى المقدر والخبر وهو كمن ينعم في الجنة وتكلف الدماميني جعلها تفسيرية بجعل خبر التقدير محذوفًا تقديره ثابت, وهذا يدل على أن ثم مقدرًا فسره بقوله أي: كمن ينعم في الجنة فاحرص على هذه الفائدة تنفعك في مواطن عديدة. قوله: "مطلقًا" حال من الضمير في الخبر أي: استقر حالة كونه مطلقًا عن التقييد باللفظ وفيه تقديم الحال على عاملها الظرفي وهو جائز عند الأخفش والمصنف, ويجوز كونه حالًا من العطف على مذهب سيبويه. قوله: "لفظًا ومعنى" الحاصل أن حروف العطف المذكورة تسعة وهي ثلاثة أقسام: ما يشرك في اللفظ فقط دائمًا وهي ثلاثة: بل ولكن ولا لاختلاف المتعاطفين فيها بالإثبات والنفي، إذ ما قبل بل ولكن منفي وما بعدهما مثبت ولا بالعكس. وما يشرك لفظًا ومعنىً دائمًا وهو أربعة: الواو والفاء وثم وحتى. وما يشرك لفظًا فقط تارة ولفظًا ومعنىً تارة أخرى وهو أم وأو. فإن قلت الواو في عطف الجوار تشرك لفظًا فقط. قلت هي مشركة في المعنى أيضًا قطعًا؛ لأن العطف في مثل وأرجلكم بالخفض إنما هو على الوجوه, ولكنك ناسبت في الحركة بينه وبين ما قبله والإعراب مقدر لاشتغال المحل بحركة المناسبة. أفاده ابن هشام. قوله: "كفيك صدق ووفا" لا حاجة إليه بعد قوله: كاخصص إلخ. قوله: "والصحيح أنهما يشركان إلخ" الخلاف لفظي؛ لأن القائل بعدم تشريكهما في المعنى أراد بالمعنى معنى العامل؛ لأن الاستقرار في الدار مثلًا إنما هو ثابت لأحد المتعاطفين لا بعينه فقط لا لهما معًا, والقائل بتشريكهما في المعنى أراد بالمعنى ما يفيد أم من احتمال كل من متعاطفيها لثبوت استقراره في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 وأَتْبَعَت لفظًا فَحَسْب بل ولا ... لكن كَلَمْ يَبْد امرُؤ لكن طَلا   ومعنى ما لم يقتضيا إضرابًا؛ لأن القائل أزيد في الدار أم عمرو عالم بأن الذي في الدار أحد المذكورين وغير عالم بتعيينه، فالذي بعد أم مساو للذي قبلها في الصلاحية لثبوت الاستقرار في الدار وانتفائه، وحصول المساواة إنما هو بأم، وكذلك أو مشركة لما قبلها وما بعدها فيما يجاء بها لأجله من شك أو غيره. أما إذا اقتضيا إضرابًا فإنهما يشركان في اللفظ فقط. وإنما لم ينبه عليه؛ لأنه قليل "وأتبعت لفظًا فحسب" أي: فقط بقية حروف العطف وهي "بل ولا" و"لكن كلم يبدو امرؤ لكن طلا" وقام زيد لا عمرو، وما جاء زيد بل عمرو. والطلا الولد من ذوات الظلف. تنبيه: اختلف في ثلاثة أحرف مما ذكره هنا وهي: حتى وأم ولكن، أما حتى فمذهب الكوفيين أنها ليست بحرف عطف وإنما يعربون ما بعدها بإضمار وأما أم فذكر النحاس فيها خلافًا, وأن أبا عبيدة ذهب إلى أنها بمعنى الهمزة فإذا قلت: أقائم زيد أم عمرو فالمعنى أعمرو قائم فتصير على مذهبه استفهامية, وأما لكن فذهب أكثر النحويين إلى أنها من حروف العطف, ثم اختلفوا على على ثلاثة أقوال: أحدها أنها لا تكون عاطفة إلا إذا لم تدخل عليها الواو وهو مذهب الفارسي وأكثر النحويين. والثاني أنها عاطفة ولا تستعمل إلا بالواو والواو مع ذلك زائدة, وصححه ابن عصفور, قال: وعليه ينبغي أن يحمل مذهب   الدار وانتفائه عنه وصلاحية كل منهما له أفاده الشاطبي. قوله: "ما لم يقتضيا إضرابًا" أي: فإنهما حينئذٍ يشركان في اللفظ فقد كما سيأتي. قوله: "لأنه قليل" أي: ولأن إطلاقه مقيد بما يأتي في كلامه فلا اعتراض. قوله: "والطلا" أي: بفتح الطاء مقصورًا وأما الطلاء بالكسر ممدودًا فالخمر وأما المضموم فممدوده الدم ومقصوره الأعناق أو أصولها جمع طلية أو طلاة كذا في القاموس. قوله: "الولد من ذوات الظلف" وقيل ولد بقر الوحش فقط. قوله: "مما ذكره هنا" قيد به لوقوع الخلاف في أحرف غير هذه الثلاثة لم يذكرها هنا، وهي إما بالكسر وأي: وإلا وأين وكيف وهلا وليس. قوله: "ليست بحرف عطف" أي: بل حرف ابتداء. قوله: "وإنما يعربون ما بعدها بإضمار" أي: بإضمار عامل، ففي نحو: جاء القوم حتى أبوك ورأيتهم حتى أباك ومررت بهم حتى أبيك يضمرون جاء ورأيت والباء، ويجعلون حتى ابتدائية. قوله: "فالمعنى أعمرو وقائم" أي: فيكون ما بعدها في مثل هذا التركيب مبتدأ محذوف الخبر وفي النصب والجر يقدر المناسب. قوله: "فذهب أكثر النحويين إلخ" فرض في المغني الخلاف فيما إذا وليها مفرد قال: فإن وليها كلام فهي حرف ابتداء لمجرد إفادة الاستدراك وليست عاطفة ويجوز أن تستعمل بالواو نحو: ولكن كانوا هم الظالمين وبدونها نحو: قول زهير: إن ابن ورقاء إلخ، وزعم ابن أبي الربيع أنها حين اقترانها بالواو عاطفة جملة على جملة وأنه ظاهر قول سيبويه ا. هـ. والواو على قول ابن أبي الربيع زائدة وعلى الأول عاطفة جملة فيما يظهر. قوله: "ولا تستعمل إلا بالواو" أي: لا تستعمل عاطفة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 فاعْطِفْ بوَاوٍ سابقًا أو لاحِقًا ... في الحكم أو مُصاحِبًا موافقًا   سيبويه والأخفش؛ لأنهما قالا: إنها عاطفة, ولما مثلا للعطف بها مثلاه بالواو. والثالث أن العطف بها, وأنت مخير في الإتيان بالواو, وهو مذهب ابن كيسان. وذهب يونس إلى أنها حرف استدراك وليست بعاطفة والواو قبلها عاطفة لما بعدها على ما قبلها عطف مفرد على مفرد. ووافق الناظم هنا الأكثرين. ووافق في التسهيل يونس فقال فيه وليس منها لكن وفاقًا ليونس ا. هـ "فاعطف بواو سابقًا أو لاحقًا في الحكم أو مصاحبًا موافقًا" فالأول نحو: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ} [الشورى: 3] ، والثالث نحو: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [العنكبوت: 15] ، وهذا معنى قولهم الواو لمطلق الجمع. وذهب بعض الكوفيين إلى أنها ترتب، وحكى عن قطرب وثعلب والربعي. وبذلك يعلم أن ما ذكره السيرافي والسهيلي من   لا مطلقًا بدليل قوله: إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره ... لكن وقائعه في الحرب تنتظر والواو على هذا القول زائدة لازمة وعلى القول الذي بعده زائدة غير لازمة. قوله: "وذهب يونس" مقابل قوله فذهب أكثر النحويين إلى أنها من حروف العطف. قوله: "عطف مفرد على مفرد" ففي نحو: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ} الآية يجعل رسول معطوفًا بالواو على أبا عطف مفرد على مفرد لا منصوبًا بكان المحذوفة, والعطف من عطف الجمل, وسيأتي في الشرح رد هذا القول بأن متعاطفي الواو المفردين لا يختلفان بالإيجاب والسلب وسيأتي رد هذا الرد. قوله: "ووافق في التسهيل يونس" أي: في مجرد أن لكن غير عاطفة لكن اختلفا, فقال يونس: الواو عاطفة لمفرد على مفرد كما عرفت, وقال المصنف: لجملة حذف بعضها. قوله: "فاعطف بواو" وترد للاستئناف نحو: {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ} . قوله: "لمطلق الجمع" هو بمعنى قول بعضهم للجمع المطلق فذكر المطلق ليس للتقييد بالإطلاق بل لبيان الإطلاق, فلا فرق بين العبارتين فاندفع الاعتراض على العبارة الثانية بأنها غير سديدة لتقييد الجمع فيها بقيد الإطلاق, مع أن الواو للجمع بلا قيد، قال الشنواني: ومنشأ توهم الفرق بينهما الفرق بين الماء المطلق ومطلق الماء مع الغفلة عن أن ذلك اصطلاح شرعي وما نحن فيه اصطلاح لغوي ا. هـ. والمراد بالجمع الاجتماع في الحصول في عطف الجمل التي لا محل لها من الإعراب, وفي نسبة العامل إلى المتعاطفين أو المتعاطفات في غير ذلك لا الاجتماع في زمان أو مكان. فإن قلت لو لم يؤت بالواو في نحو: قام زيد وقعد عمرو لكان حصول مضمون الجملتين معلومًا فما فائدة الواو في عطف الجمل التي لا محل لها. قلت: قال الدماميني: فائدتها في ذلك النص على حصول المضمونين معًا, إذ لولاها لكان حصولهما ظاهرًا فقط؛ لاحتمال كون الحاصل الثاني فقط بأن يكون الأول غلطًا والثاني إضرابًا عنه ا. هـ. باختصار وكونها للجمع مطلقًا أحد قولين والثاني أنها للجمع في المفردات فقط والأول أوجه. قوله: "وحكي عن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 واخْصُص بها عَطْف الذي لا يُغْنِي ... متبُوعُه كاصْطَفَّ هذا وابْنِي   إجماع النحاة بصريهم وكوفيهم على أن الواو لا ترتب غير صحيح. تنبيه: قال في التسهيل: وتنفرد الواو بكون متبعها في الحكم محتملًا للمعية برجحان، وللتأخر بكثرة وللتقدم بقلة "واخصص بها" أي: بالواو "عطف الذي لا يغني   قطرب إلخ" بل نقله ابن هشام عن الفراء والرضي عن الكسائي وابن درستويه. همع. قوله: "قال في التسهيل إلخ" حاصله أنها وإن كانت موضوعة لمطلق الجمع الصادق بالأمور الثلاثة, لكن استعمالها في الأمور الثلاثة الصادق بها مطلق الجمع متفاوت فاستعمالها في المعية أكثر, وفي تقدم ما قبلها كثير وفي تأخره قليل, فتكون عند التجرد عن القرائن للمعية بأرجحية ولتقدم ما قبلها برجحان ولتأخره بمرجوحية, فكلام التسهيل كما في التصريح تحقيق للواقع لا قول ثالث. قوله: "واخصص بها إلخ" قال الدماميني: يرد عليه أن أم المتصلة تشاركها في ذلك نحو: سواء عليّ أقمت أم قعدت فإنها عاطفة على ما لا يغني ا. هـ. قال في التصريح: أجيب عنه بأن هذا كلام منظور فيه إلى حالته الأصلية إذ الأصل سواء عليّ القيام والقعود، فالعاطف بطريق الأصالة إنما هو الواو, قاله الموضح في الحواشي ا. هـ. واعلم أن الواو تختص بأحد وعشرين حكمًا ذكر الناظم منها ثلاثة: عطف ما لا يغني متبوعه وعطف السابق على اللاحق وعطف عامل حذف وبقي معموله، ذكر هذا في قوله آخر الباب: وهي انفردت. بعطف عامل مزال قد بقي معموله. الرابع عطف سببي على أجنبي في الاشتغال ونحوه نحو: زيدًا ضربت عمرًا وأخاه، وزيد مررت بقومك وقومه. الخامس عطف الشيء على مرادفه نحو: "شرعة ومنهاجًا". السادس فصلها من معطوفها بظرف أو عديله نحو: {وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} . السابع جواز تقديمها مع معطوفها في الضرورة نحو: جمعت وفحشًا غيبة ونميمة وقيل لا تختص الواو بذلك, بل الفاء وثم وأو ولا كذلك. الثامن جواز العطف على الجوار في الجر خاصة نحو: {وَأَرْجُلِكُمْ} في قراءة من جر. التاسع جواز حذفها إن أمن اللبس كقوله: كيف أصبحت كيف أمسيت العاشر إيلاؤها لا إذا عطفت مفردًا بعد نهي نحو: {وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ} [المائدة: 2] ، أو نفي {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} أو مؤوّل بنفي نحو: {وَلا الضَّالِّينَ} . الحادي عشر إيلاؤها إما مسبوقة بمثلها غالبًا إذا عطفت مفردًا نحو: إما العذاب وإما الساعة. الثاني عشر عطف النعوت المفرقة مع اجتماع منعوتها نحو: مررت برجلين كريم وبخيل. الثالث عشر عطف العقد على النيف إذا وقعا دفعة كأحد وعشرين, فإن تأخر وقوع العقد جاز أن تقول: قبضت ثلاثة فعشرين أو ثم عشرين. الرابع عشر عطف ما حقه التثنية أو الجمع نحو: محمد ومحمد في يوم واحد. الخامس عشر عطف العام على الخاص نحو: {اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} . أما عطف الخاص على العام لمزية في الخاص فيشاركها فيه حتى نحو: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   متبوعه" أي: لا يكتفي الكلام به "كاصطف هذا وابني" ويخاصم زيد وعمرو، وجلست بين زيد وعمرو، ولا يجوز فيها غير الواو. وأما قوله: بين الدخول فحومل، فالتقدير بين   [الأحزاب: 7] ، الآية ومات الناس حتى الأنبياء. ومثل العام والخاص الكل والجزء. السادس عشر العطف التلقيني من المخاطب نحو: {قَالَ وَمَنْ كَفَرَ} [البقرة: 126] . السابع عشر اقترانها بلكن نحو: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} [الأحزاب: 40] . الثامن عشر والتاسع عشر العطف في التحذير والإغراء نحو: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13] ، ونحو: المروءة والنجدة. العشرون عطف أي: على مثلها نحو: أيي وأيك فارس الأحزاب الحادي والعشرون صحة حكاية العلم بمن مع اتباعه بعلم آخر معطوف عليه بها نحو: من زيدًا وعمرًا فإنهم شرطوا في حكاية العلم بمن أن لا يتبع, إلا إذا كان التابع ابنًا متصلًا بعلم أو علمًا معطوفًا بالواو، وعد في التصريح من خصائص الواو عطف ما تضمنه الأول لمزية في المعطوف نحو: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] ، وفيه أن هذا عطف الخاص على العام ويشاركها فيه حتى كما ذكره بعد. وعد أيضًا من خصائصها امتناع الحكاية بمن إذا اقترنت بها فلا يقال: ومن زيدًا بالنصب حكاية لمن قال: رأيت زيدًا. وفيه أنهم أطلقوا العاطف الذي اقترانه بمن يمنع الحكاية ولم يقيدوه بالواو. هذا ملخص ما في حاشية شيخنا, ومنه يعلم ما في كلام البعض من الخلل في غير موضع, لكن ما تقدم من اختصاصها بعطف السابق على اللاحق يرد عليه أن حتى تشاركها في ذلك على الصحيح نحو: مات كل أب لي حتى آدم كما سيأتي, وما تقدم من اختصاصها بعطف عامل حذف وبقي معموله يرد عليه ما سيأتي أن الفاء تشاركها في ذلك نحو: اشتريته بدرهم فصاعدًا, وما تقدم من اختصاصها بجواز حذفها خلاف ما في التسهيل من أن أو كالواو في ذلك, بل مال الدماميني إلى أن الفاء أيضًا كالواو في ذلك كما سيأتي وقولنا فيما تقدم إذا عطفت مفردًا بعد نهي إلخ. قال في المغني: ولم تقصد المعية فلا يجوز ما اختصم زيد ولا عمرو؛ لأنه للمعية وأما: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ، وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ، وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ، وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} [فاطر: 22] ، فلا الثانية والرابعة والخامسة زوائد لأمن اللبس ا. هـ. وإنما قرنوا الواو بلا في نحو: ما قام زيد ولا عمرو ولا تضرب زيدًا ولا عمرًا؛ لإفادة نفي القيام عنهما مجتمعين ومفترقين والنهي عن ضربهما كذلك, ودفع توهم تقييد النفي أو النهي بحال الاجتماع. وقولنا ما حقه التثنية أو الجمع أي: ما الأصل فيه التثنية أو الجمع فلا ينافي ما في التسهيل من أن العطف سائغ مع قصد التكثير أو فصل بين المتعاطفين ظاهر أو مقدر. مثال الأخير قول الحجاج يوم مات محمد ابنه ومحمد أخوه: محمد ومحمد في يوم واحد أي: محمد ابني ومحمد أخي. قوله: "بين زيد وعمرو" ويقال بين زيد وبين عمرو بزيادة بين الثانية للتأكيد قاله ابن بري الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 والفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ باتِّصالِ ... وثمَّ للتَّرْتِيبِ بانفصالِ   أماكن الدخول فأماكن حومل فهو بمثابة اختصم الزيدون فالعمرون "والفاء للترتيب باتصال" أي: بلا مهلة وهو المعبر عنه بالتعقيب نحو: {أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبسى: 21] ، وكثيرًا ما تقتضي أيضًا التسبب إن كان المعطوف جملة نحو: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}   وغيره وبه يرد منع الحريري لذلك. دنوشري. قوله: "ولا يجوز فيها غير الواو" وإنما انفردت الواو بذلك لترجح معنى المصاحبة فيها. قوله: "بين الدخول فحومل" الدخول بفتح الدال وحومل موضعان. قوله: "بين أماكن إلخ" أي: فهو على حذف مضاف وقدره بعضهم بين أهل الدخول إلخ ويحتمل أن المراد بالدخول وحومل أجزاؤهما. قوله: "والفاء للترتيب" أي: المعنوي وقد تكون للترتيب الذكرى, وأكثر ما يكون في عطف مفصل على مجمل نحو: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: 153] ، والذي انحط عليه كلام سم في الآيات البينات أنه ليس المراد من الترتيب الذكرى مجرد ترتيب الشيئين مثلًا في الذكر؛ لأن هذا القدر لازم للذكر مع إسقاط الفاء أيضًا, بل ترتيب مراتب المذكور في الذكر أي: بيان أن المذكور أولًا حقه أن يتقدم في الذكر لتقدم رتبته على رتبة المتأخر. قال: ولعل معنى التعقيب حينئذٍ بيان أن رتبة المتأخر قريبة من رتبة المتقدم غير متراخية عنها كثيرًا فليتأمل ا. هـ. وقد تكون في غير ذلك كقوله تعالى: {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [غافر: 76] ، وقوله تعالى: {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [البقرة: 36] ، فإن ذكر ذم الشيء أو مدحه يحسن بعد جري ذكره. وأما الفاء من فأخرجهما من قوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: 36] ، فللترتيب المعنوي إن رجع ضمير عنها إلى الشجرة أي: أوقعهما في الزلة بسبب الشجرة وللذكرى إن رجع إلى الجنة أي: أذهبهما عنها ويرد على هذا أن الذي كانا فيه هو الجنة, فأين التفصيل إلا أن يراد فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم والكرامة فيكون تفصيلًا بعد الإجمال قاله الدماميني. قوله: "باتصال" أي: معه وهو في كل شيء بحسبه يقال: تزوج فلان فولد له إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل وإن طالت. قوله: "أي: بلا مهلة" بضم الميم أي: تأخر كذا في المصباح وغيره. قوله: "نحو: أماته فأقبره" لا يقال الإقبار مسبب عن الإماتة, فالفاء للتسبب في هذه الآية أيضًا, وصنيع الشارح يوهم خلافه؛ لأنا نقول المراد بالتسبب أن يكون المعطوف مسببًا عن المعطوف عليه بالذات لا بواسطة عادة, والآية من الثاني لا الأول. قوله: "إن كان المعطوف جملة" أي: أو صفة نحو: {لَآَكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ، فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} [الواقعة: 53] ، الآية وقد تجيء في ذلك لمجرد الترتيب من غير سببية نحو: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} [الذاريات: 27] ، ونحو: {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا، فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} [الصافات: 2] ، وفي المغني وشرح الدماميني عليه أن للفاء مع الصفة أربعة أحوال: أن تدل على ترتيب معانيها في الوجود أو في غيره, كالشرف والخسة أو على ترتيب موصوفاتها في الوجود أو في غيره نحو: زيد الصابح فالغانم فالآيب أي: الذي أغار على القوم صباحًا فغنم فآب أي: رجع، وجالس الأزهد فالأورع، وولد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [القصص: 15] ، وأما نحو: {أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} [الأعراف: 4] ، ونحو: "توضأ فغسل وجهه ويديه" الحديث، فالمعنى أردنا إهلاكها وأراد الوضوء. وأما نحو: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً} [الأعلى: 5] ، أي: جافًا هشيمًا أحوى أي: أسود، فالتقدير فمضت مدة فجعله غثاء، أو أن الفاء نابت عن ثم كما جاء عكسه وسيأتي "وثم للترتيب بانفصال" أي: بمهلة وتراخ نحو: {فَأَقْبَرَهُ، ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} [عبس: 22] ، وقد توضع موضع الفاء كقوله: 848- كَهَزّ الرُّدَينِيِّ تحت العَجَاج ... جَرى في الأنابيب ثم اضْطَرَبْ   لزيد الشاعر فالكاتب، ورحم الله المحلقين فالمقصرين ا. هـ بتلخيص وإيضاح. قوله: "وأما نحو: أهلكناها إلخ" إيراد على الترتيب؛ لأن مجيء البأس قبل الإهلاك وغسل الأعضاء الأربعة قبل الوضوء كذا قال شيخنا. ولا يظهر الثاني إذا كان المراد غسل جملة الأعضاء؛ لأن غسل جملتها نفس الوضوء لا قبله ولا بعده, وإنما يظهر إذا كان المراد غسل كل منها على انفراده؛ لأنه الذي قبل الوضوء أي: في الجملة وإلا فغسل الرجلين بتمامهما ليس قبل الوضوء فتفطن. قوله: "فالمعنى أردنا إلخ" أو يقال الفاء في الآية والحديث للترتيب الذكرى ا. هـ. تصريح أي: لأن ما بعد الفاء تفصيل للمجمل قبلها. قوله: "وأما نحو: فجعله إلخ" إيراد على التعقيب؛ لأن جعله غثاء لا يتصل بإخراجه. قوله: "فالتقدير فمضت مدة إلخ" أي: فالمعطوف عليه محذوف. قيل هذا لا يدفع الاعتراض؛ لأن مضي المدة لا يعقب الإخراج, وأجيب بأنه يكفي أن أول أجزاء المضي يعقب الإخراج, وإن لم يحصل بتمامه إلا في زمن طويل ذكره الرضي والسعد وجعلا منه: {فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: 63] ، قال في المغني: وقيل الفاء في هذه الآية يعني آية: {فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} للسببية لا للعطف, وفاء السببية لا تستلزم التعقيب بدليل صحة قولك أن يسلم فهو يدخل الجنة, ومعلوم ما بينهما من المهلة ا. هـ. قال الدماميني: الحق أن الأصل في الفاء السببية استلزام التعقيب وإن عدمه في بعض المواضع كالمثال لعدم استكمال السبب إذ السبب التام لدخول الجنة في المثال مجموع الإسلام, واستمرار حكمه لكن إطلاق السبب على جزئه مجاز ا. هـ. باختصار. قوله: "أو أن الفاء نابت عن ثم" أو يقال التعقيب في كل شيء بحسبه, قال في الهمع: قيل ترد الفاء للاستئناف نحو: ألم تسأل الربع القواء فينطق أي: فهو ينطق إذ لو كانت لمجرد العطف جزم ما بعدها, أو للسببية نصب ونحو: {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] ، بالرفع قال ابن هشام: والتحقيق أنها في مثل ذلك عاطفة وأن المعتمد بالعطف الجملة لا الفعل وحده. قوله: "وثم" ويقال فم وثمت وثمت قاله في التسهيل. قوله: "كقوله كهز إلخ" فإن الهز متى جرى في أنابيب الرمح أعقبه الاضطراب ولم   848- البيت من المتقارب، وهو لأبي دؤاد الإيادي في ديوانه ص292؛ والدرر 6/ 196؛ وشرح التصريح 2/ 140؛ وشرح شواهد المغني ص358؛ والمعاني الكبير 1/ 58؛ والمقاصد النحوية 4/ 131؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 363؛ والجنى الداني ص427؛ وشرح عمدة الحافظ ص612؛ ومغني اللبيب ص119؛ وهمع الهوامع 2/ 131. 849- البيت من الخفيف؛ وهو لأبي نواس في ديوانه 1/ 355؛ وخزانة الأدب 11/ 37، 40، 41؛ والدرر 6/ 93؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص428؛ وجواهر الأدب ص364؛ ورصف المباني ص174؛ ومغني اللبيب 1/ 117. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وأما نحو: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: 6] ، {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا} [الأنعام: 153] ، وقوله: 849- إنَّ من سادَ ثمَّ سادَ أبوهُ ... ثُمَّ قد سادَ قَبلَ ذلكَ جَدُّه فقيل ثم فيه لترتيب الأخبار لا لترتيب الحكم، وأنه يقال: بلغني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت أمس أعجب، أي: ثم أخبرك أن الذي صنعته أمس أعجب. وقيل إن ثم بمعنى الواو وقيل غير ذلك. وأجاب ابن عصفور عن البيت بأن المراد إن الجد أتاه السودد من   يتراخ عنه قاله في المغني واعترضه قريبه فقال: الظاهر أنه ليس كذلك بل الاضطراب والجري في زمن واحد, فتكون ثم بمعنى الواو، وجوابه أن الترتيب يحصل في لحظات لطيفة, والرديني صفة للرمح نسبة إلى امرأة اسمها ردينة كانت تقوم الرماح. والعجاج الغبار, والأنابيب جمع أنبوبة, وهي ما بين كل عقدتين, كذا في التصريح والاعتراض أقوى من الجواب. وهز مصدر بمعنى اهتزاز كما في العيني مضاف إلى فاعله, والمشبه اهتزاز فرس كانت تحت الممدوح. قوله: "وأما نحو: إلخ" وجه الإيراد في الآية الأولى أن خلق حواء قبل خلق الذرية, وفي الثانية أن إيتاء موسى الكتاب قبل توصية هذه الأمة بالمشار إليه وفي البيت واضح. دماميني. قوله: "هو الذي خلقكم إلخ" التلاوة وهو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل إلخ أو خلقكم من نفس واحدة ثم جعل إلخ, والثاني هو الموافق لكون الكلام في ثم فكان عليه حذف هو الذي, وأراد بالنفس الواحدة آدم وبزوجها حواء. قوله: "وقيل غير ذلك" فمما قيل في الآية الأولى: إن العطف على محذوف أي: من نفس واحدة أنشأها ثم جعل منها زوجها أو على واحدة لتأويلها بالفعل أي: من نفس توحدت أي: انفردت ثم جعل إلخ, أو أن الذرية أخرجت من ظهر آدم كالذر ثم خلقت حواء، وهذه الأجوبة أنفع من جواب الشارح؛ لأنها تصحح الترتيب والمهلة وجوابه يصحح الترتيب فقط, إذ لا تراخي بين الإخبارين، نعم جوابه أعم إذ يصح أن يجاب به عن الآية الثانية والبيت كما فعله كذا في المغني. قال الدماميني: ووجه الترتيب الإخباري في البيت أن سيادة الابن نفسه أخص به من سيادة أبيه, وكذا سيادة الأب بالنسبة إلى سيادة الجد. قوله: "وأجاب ابن عصفور عن البيت إلخ" حاصل جوابه أن السيادة لما سرت من الابن إلى الأب ومن الأب إلى الجد كانت سيادة الابن متقدمة رتبة ثم سيادة الأب ثم سيادة الجد, فثم في البيت للترتيب الرتبي لا الخارجي. ولا ينافيه قوله قبل ذلك على رواية من قال: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قبل الأب, والأب من قبل الابن. تنبيه: زعم الأخفش والكوفيون: أن ثم تقع زائدة فلا تكون عاطفة ألبتة, وحملوها على ذلك قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: 118] ، جعلوا تاب عليهم هو الجواب وثم زائدة. وقول زهير: 850- أَرَانِي إذا أَصْبَحْتُ أَصْبَحْتُ ذا هَوًى ... فَثُمَّ إذا أَمْسَيْتُ أَمْسَيْتُ عادِيَا   ثم قد ساد قبل ذلك جده لإمكان أن يجعل ساد في قوله, ثم قد ساد قبل ذلك جده مستعملًا في السيادة الرتبية والخارجية, ويكون الإتيان بثم نظرًا إلى السيادة الرتبية. وقوله: قبل ذلك نظرًا إلى السيادة الخارجية؛ لأن سيادة الجد الخارجية قبل سيادة الابن وسيادة الأب الخارجيتين, وبهذا التدقيق يندفع الاعتراض بأن هذا الجواب إنما يظهر على رواية بعد ذلك لا على رواية قبل ذلك. وأجاب سم عنه بأن اسم الإشارة راجع إلى وقت التكلم, ولا يخفى أن جوابنا أدق فاعرفه. قوله: "أتاه السودد" قال في القاموس: السود والسودد والسؤدد بالهمز كقنفذ السيادة ا. هـ. والسين مضمومة في الأولين أيضًا كما ضبطت به في النسخ الصحيحة من القاموس كنسخة العلامة أبي العز العجمي, ويصرح بضم السين في الثانية, والثالثة قول الصحاح الدال في سودد زائدة لإلحاق بنائه ببناء جندب وبرفع ا. هـ. لأن أول جندب وبرقع مضموم وثالث جندب مفتوح كاللغة الثانية وثالث برقع مضموم كاللغة الثالثة. قوله: "إن ثم تقع زائدة" وتقع الفاء أيضًا زائدة كالفاء الثانية في قوله: فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي والفاء في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89] ، عند من جعل كفروا به جواب لما الأولى والثانية تأكيد والفاء زائدة, وكذا الواو عند الأخفش كما في الدماميني وعزاه في الهمع للكوفيين أيضًا, ومثل بآية: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} [الزمر: 71، 73] ، وآية: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [الصافات: 103] ، فإحدى الواوين فيهما زائدة, وغير الأخفش والكوفيين جعلوا الجواب محذوفًا والواو حالية بتقدير قد, والمعنى في الآية الأولى جاءوها حال فتح أبوابها إكرامًا لهم عن أن يقفوا حتى تفتح. قوله: {بِمَا رَحُبَتْ} أي: مع سعتها وضاقت عليهم أنفسهم أي: من فرط الوحشة والغم {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} أي: وعلموا أن لا ملجأ من سخط الله إلا إلى استغفاره. قوله: "إذا أصبحت إلخ" الهوى بالقصر   850- البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في الأشباه والنظائر 1/ 111؛ وخزانة الأدب 8/ 490، 492؛ والدرر 6/ 89؛ ورصف المباني ص275؛ وشرح شواهد المغني 1/ 282، 284؛ وشرح عمدة الحافظ ص654؛ وشرح المفصل 8/ 96؛ ومغني اللبيب 1/ 117؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 264؛ وشرح شواهد المغني 1/ 358؛ وهمع الهوامع 2/ 131. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 وَاخْصُصْ بفاءٍ عَطْفَ ما لَيْسَ صِلَه ... عَلَى الذِي اسْتَقَرَّ أَنَّهُ الصِّلَهْ   وخرجت الآية على تقدير الجواب والبيت على زيادة الفاء "واخصص بفاء عطف ما ليس" صالحًا لجعله "صله" لخلوه من العائد "على الذي استقر أنه الصله" نحو: اللذان يقومان فيغضب زيد أخواك، وعكسه نحو: الذي يقوم أخواك فيغضب هو زيد، فكان الأولى   العشق وإرادة النفس, وكأن الثاني هو المراد في البيت يقول أصبح مريد الشيء وأمسى تاركًا له, يقال عدا فلان هذا الأمر إذا تجاوزه وتركه ا. هـ دماميني. قال الشمني: وهذا يدل على أن عاديًا بالعين المهملة وهو مضبوط في بعض نسخ المغني وفي غيره بالمعجمة, وقد أنشد ابن مالك هذا البيت في شرح الكافية: أراني إذا ما بتّ بت على هوى ... فثم إذا أصبحت أصبحت غاديا قال ابن القطاع: غدا إلى كذا أصبح إليه ا. هـ. كلام الشمني. وكما أنشده ابن مالك أنشده السيرافي وقال: كذا رواية أبي بكر, ثم قال: يقول إن لي حاجة لا تنقضي أبدًا ا. هـ. قوله: "على تقدير الجواب" أي: فرج الله عنهم أو لجئوا إلى الله ثم تاب إلخ، فثم عاطفة على هذا المحذوف وتوبة الله تعالى على عبده تكون بمعنى توفيقه للتوبة كما في: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التوبة: 118] ، وبمعنى قبول توبته. قال الشمني: وقيل إذا بعد حتى قد تجرد عن الشرط وتبقى لمجرد الوقت فلا تحتاج إلى جواب بل تكون غاية للفعل قبلها أي: خلفوا إلى هذا الوقت ثم تاب عليهم. قوله: "على زيادة الفاء" لأنه عهد زيادتها ولم يعهد زيادة ثم, وترد ثم للاستئناف كما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [العنكبوت: 19] ، فجملة ثم يعيده مستأنفة؛ لأن إعادة الخلق لم تقع فيقرروا برؤيتها ويؤيد كونها مستأنفة قوله تعالى عقب ذلك: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ} [العنكبوت: 20] ، كذا في المغني. قوله: "واخصص بفاء إلخ" وفي التسهيل أنها تنفرد أيضًا بعطف مفصل على مجمل متحدين معنى نحو: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: 45] ، والترتيب في مثله ذكري لا معنوي لاتحاد المتعاطفين معنى. قوله: "وعكسه" بالنصب عطفًا على عطف في كلام الناظم. قوله: "فيغضب هو زيد" يحتمل أن هو فاعل يغضب, فنكتة الإبراز دفع توهم كون زيد فاعلًا ليغضب فيختل التركيب لعدم الضمير حينئذٍ في كل من الجملتين, لا كون الفعل جرى على غير من هو له كما قيل؛ لأنه ممنوع بل هو جار على من هو له, ويحتمل أن الفاعل ضمير مستتر في يغضب وهو توكيد له وهذا ظاهر كلام الدنوشري, وما قبله ظاهر كلام التصريح, ويحتمل أنه ضمير منفصل مبتدأ خبره زيد والجملة خبر الموصول, ويحتمل أنه ضمير فصل لا محل له من الإعراب, فالاقتصار على الأول تقصير, وفاعل يغضب على الأخيرين ضمير مستتر فيه يعود على الذي. قوله: "فكان الأولى إلخ" لو عبر بالواو لكان أولى لوجهين: الأول أن أولوية التعبير بعبارة تشمل مسألتي الصفة والخبر لا تتفرّع على جريان الحكم في عكس صورة المتن أيضًا, فلا يظهر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 بَعْضَا بِحَتَّى اعطف على كلٍّ ولا ... يكون إلا غاية الذي تَلا   أن يقول كما في التسهيل وتنفرد الفاء بتسويغ الاكتفاء بضمير واحد فيما تضمن جملتين من صلة أو صفة أو خبر ليشمل مسألتي الصلة المذكورتين، والصفة نحو: مررت بامرأة تضحك فيبكي زيد وبامرأة يضحك زيد فتبكي، والخبر نحو: زيد يقوم فتقعد هند وزيد تقعد هند فيقوم ومن هذا قوله: 851- وإنسانُ عَيْنِي يَحْسِرُ الماءُ ... تارَةًفَيَبْدُو وتاراتٍ يَجُمُّ فيَغْرَقُ ويشمل أيضًا مسألتي الحال ولم يذكره نحو: جاء زيد يضحك فتبكي هند، وجاء زيد تبكي هند فيضحك, فهذه ثمان مسائل يختص العطف فيها بالفاء دون غيرها، وذلك لما فيها من معنى السببية "بعضًا بحتى اعطف على كل ولا يكون إلا غاية الذي تلا" أي: للعطف بحتى شرطان: الأول أن يكون المعطوف بعضًا من المعطوف عليه أو كبعضه كما قاله في التسهيل نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، وأعجبتني الجارية حتى حديثها، ولا يجوز حتى ولدها. وأما قوله: 852- أَلقَى الصَّحِيفَةَ كَي يُخَفِّفَ رَحْلَهُ ... والزَّادَ حَتَّى نَعْلَهُ أَلقَاهَا   التفريع بالنسبة إليهما. الثاني أن ما قبل فاء التفريع علة لما بعدها فلا يحسن التعليل بعد شمول مسألتي كل من الصلة والصفة والخبر فتأمل. قوله: "يحسر الماء" بحاء وسين مهملتين من بابي ضرب وقتل كما في المصباح أي: يرتفع وينزاح وقوله: يجمّ بضم الجيم وكسرها أي: يكثر. قوله: "ويشمل أيضًا إلخ" الضمير يرجع إلى اختصاص الفاء ويشمل بالرفع على الاستئناف, وليس الضمير راجعًا إلى أن يقول كما في التسهيل, ويشمل بالنصب عطفًا على مدخول اللام في قوله سابقًا ليشمل إلخ؛ لعدم شمول ذلك القول مسألتي الحال كما قال ولم يذكره أي: في التسهيل اللهم إلا أن يراد بالصفة ما يشمل الحال؛ لأنها صفة في المعنى، ويراد بقوله ولم يذكره أي: نصا وفيه ما لا يخفى من التكلف, وبما قررناه اندفع تنظير شيخنا. قوله: "أن يكون المعطوف بعضًا من المعطوف عليه" بأن يكون جزءًا منه أو فردًا أو نوعًا وقوله أو كبعضه أي: في شدة الاتصال. قوله: "فعلى تأويل ألقى ما يثقله" أي: تأويل ألقى الصحيفة والزاد بألقى ما يثقله ونعله بعض ما يثقله, فالمعطوف بعض تأويلًا, وقد روي نعله بالأوجه الثلاثة كما سيذكره الشارح. قوله: "والثاني أن يكون غاية إلخ" والتحقيق كما في المطول أن المعتبر في حتى ترتيب أجزاء ما   851- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص460؛ وخزانة الأدب 2/ 192؛ والدرر 2/ 17؛ والمقاصد النحوية 1/ 578، 4/ 449؛ ولكثير في المحتسب 1/ 150، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 103، 7/ 257؛ وأوضح المسالك 3/ 362؛ وتذكرة النحاة ص668؛ ومجالس ثعلب ص612؛ ومغني اللبيب 2/ 501؛ والمقرب 1/ 83؛ وهمع الهوامع 1/ 98. 852- البيت من الكامل، وهو للمتلمس في ملحق ديوانه ص327؛ وشرح شواهد المغني 1/ 370؛ ولأبي "أو لابن" مروان النحوي في خزانة الأدب 3/ 21، 24؛ والدرر 4/ 113؛ وشرح التصريح 2/ 141؛ الكتاب 1/ 97؛ والمقاصد النحوية 4/ 134؛ ولمروان بن سعيد في معجم الأدباء 19/ 149؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص269؛ وأوضح المسالك 3/ 365؛ والجنى الداني ص547، 553؛ وخزانة الأدب 9/ 472؛ والدرر 6/ 140؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 411؛ وشرح عمدة الحافظ ص614؛ ورصف المباني ص182؛ وشرح قطر الندى ص304؛ وشرح المفصل 8/ 19؛ ومغني اللبيب 1/ 24؛ وهمع الهوامع 2/ 24، 36. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فعلى تأويل ألقى ما يثقله حتى نعله. والثاني: أن يكون غاية في زيادة أو نقص نحو: مات الناس حى الأنبياء، وقدم الحجاج حتى المشاة. وقد اجتمعا في قوله: 853- قَهَرْناكُم حَتَّى الكُماةَ فأَنْتُمُ ... تَهابُونَنَا حتى بَنِينَا الأصاغِرا تنبيهات: الأول بقي شرطان آخران: أحدهما أن يكون المعطوف ظاهرًا لا مضمرًا كما هو شرط في مجرورها إذا كانت جارة، فلا يجوز: قام الناس حتى أنا, ذكره ابن هشام الخضراوي. قال في المغني: ولم أقف عليه لغيره. ثانيهما: أن يكون مفردًا لا جملة وهذا يؤخذ من كلامه؛ لأنه لا بد أن يكون جزءًا ما قبلها, أو كجزء منه كما تقدم، ولا يتأتي ذلك إلا في المفردات هذا هو الصحيح، وزعم ابن السيد في قول امرئ القيس:   قبلها ذهنًا من الأضعف إلى الأقوى أو بالعكس, ولا يعتبر الترتيب الخارجي لجواز أن تكون ملابسة الفعل لما بعدها قبل ملابسته للأجزاء الأخر نحو: مات كل أب لي حتى آدم أو في أثنائها نحو: مات الناس حتى الأنبياء، أو في زمان واحد نحو: جاءني القوم حتى زيد إذا جاءوك معًا وزيد أضعفهم أو أقواهم. قوله: "زيادة أو نقص" أي: معنويين كمثالي الشارح أو حسيين نحو: فلان يهب الأعداد الكثيرة حتى الألوف, ونحو: المؤمن يجزى بالحسنات حتى مثقال الذرة. قوله: "حتى الكمأة" جمع كمي على غير قياس, وهو كما في القاموس الشجاع أو لابس السلاح. قوله: "بقي شرطان آخران" زاد في التصريح نقلًا عن الموضح شرطًا آخر وهو أن يكون ما بعدها شريكًا في العامل فلا يجوز صمت الأيام حتى يوم الفطر. قوله: "أن يكون المعطوف ظاهرًا لا مضمرًا" قال الحفيد: لأن معطوفها بعض مما قبلها أو كبعضه, ولو دخلت على ضمير غيبة لكان ظاهرًا في أنه عين الأول لا بعضه, فيلزم عطف الشيء على نفسه ثم حمل ضمير المتكلم والمخاطب على ضمير الغائب ا. هـ. وما ذكره في ضمير الغيبة ليس على إطلاقه, فإنك لو قلت: زيد ضربت القوم حتى إياه لم يكن معطوفها عين ما قبلها, مع أن صورة كون معطوفها عين ما قبلها خارجة بالشرط الأول؛ لأن ما كان عينًا ليس بعضًا فالحق عدم اشتراط كون مجرورها ظاهرًا لا ضميرًا. قوله: "الخضراوي" نسبة إلى الجزيرة الخضراء بلد من بلاد الأندلس. دماميني. قوله: "مفردًا" لو قال اسمًا لكان أحسن؛ لأن المفرد يشمل الفعل مع أنها لا تعطفه. قوله: "أن يكون جزءًا" أراد بالجزء البعض ليشمل الجزئي ولو عبر بالبعض لكان أوضح وأوفق بعبارة الناظم. قوله: "ولا يتأتى ذلك إلا في المفردات" اعترضه الدماميني بأنه لو قيل فعلت مع زيد ما   853- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص549؛ والدرر 6/ 139؛ وشرح شواهد المغني 1/ 373؛ وشرح عمدة الحافظ ص615؛ ومغني اللبيب 1/ 127؛ وهمع الهوامع 2/ 136. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   854- سَرَيتُ بهم حَتَّى تَكِلُّ مَطِيُّهُمْ ... وحَتَّى الجِيادُ ما يُقَدْنَ بِأرْسانِ فيمن رفع تكل أن جملة تكل مطيهم معطوفة بحتى على سريت بهم. الثاني: حتى بالنسبة إلى الترتيب كالواو خلافًا لمن زعم أنها للترتيب كالزمخشري. قال الشاعر: 855- رِجالِيَ حَتَّى الأَقْدمونَ تَمَالئوا ... على كُلِّ أمر يُورِث المجد والحَمْدا الثالث: إذا عطف بحتى على مجرور قال ابن عصفور: الأحسن إعادة الجار ليقع الفرق بين العاطفة والجارة. وقال ابن الخباز: تلزم إعادته للفرق، وقيده الناظم بأن لا يتعين   أقدر عليه حتى خدمته بنفسي كان المعطوف بها بعضًا مع أنه جملة, وصرح النحاة وأهل المعاني بأن الجملة تبدل مما قبلها بدل بعض من كل نحو: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ} [الشعراء: 132 و133] ، وأقره الشمني. وأجاب عنه البعض بأن البعضية في المثال إنما تظهر بالنسبة إلى المعنى التضمني, وكلام القائل بالنسبة إلى المعنى المطابقي ولا بعضية فيه, ويرد بأن زمن خدمته بنفسه بعض زمن فعل ما يقدر عليه, كما أن الخدمة بعض فعل ذلك, وحينئذٍ فالمعنى المطابقي بعض, وأما النسبة فليست جزء مفهوم الفعل على الراجح, ولئن سلم أنها جزؤه فبعضيتها باعتبار بعضية أحد طرفيها وهو الخدمة المنسوبة فتدبر. قوله: "تكلّ" أي: تتعب والمطي اسم جنس جمعي لمطية وهي الدابة. والجياد جمع جواد وهو الفرس الجيد, والأرسان جمع رسن بالتحريك وهو الحبل أي: وحتى صارت الخيل لا تقاد بمقاودها, بل تسير بنفسها وهو كناية عن شدة تعبها قاله الدماميني. قوله: "فيمن رفع تكل" والمعنى حتى كلت ولكنه جاء مضارعًا على حكاية الحال الماضية, وأما من نصب فهي الجارة, ولا بد على النصب من تقدير زمان مضاف إلى كلال مطيهم مغني. والذي يظهر لي أن تقدير هذا المضاف غير ضروري فتدبر. والواو على النصب عاطفة لمحذوف على سريت بهم تقديره: وسريت بهم حتى الجياد إلخ, فلا يرد أنه لا يستقيم عطف حتى الابتدائية وجملتها على حتى الجارة ومجرورها قاله الدماميني. قوله: "معطوفة بحتى" والصحيح أنها ابتدائية في الموضعين. قوله: "بالنسبة إلى الترتيب" أي: إلى عدمه بدليل ما بعده والمراد الترتيب الخارجي فلا ينافي أنها للترتيب الذهني كما مر بيانه. قوله: "تمالئوا" أي: اجتمعوا. قوله: "وقيده الناظم" أي:   854- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص93؛ والدرر 6/ 141؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 420؛ وشرح شواهد الإيضاح ص228، 255؛ وشرح شواهد المغني 1/ 374؛ وشرح المفصل 5/ 79؛ والكتاب 3/ 27، 626، ولسان العرب 15/ 284 "مطا"؛ ومغني اللبيب 1/ 127، 130؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص267؛ وجواهر الأدب ص404؛ ورصف المباني 5/ 181؛ وشرح المفصل 8/ 19؛ ولسان العرب 15/ 124 "غزا"؛ والمقتضب 2/ 72؛ وهمع الهوامع 136. 855- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 6/ 136؛ وشرح عمدة الحافظ ص616؛ وهمع الهوامع 2/ 136. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 وأَمْ بها اعطِف إثر هَمْز التَّسْوِيه ... أو همزة عن لفظ أَيٍّ مُغْنيَه   كونها للعطف نحو: اعتكفت في الشهر حتى في آخره، فإن تعين العطف لم تلزم الإعادة نحو: عجبت من القوم حتى بنيهم. وقوله: 856- جُودُ يُمْناكَ فاضَ في الخَلقِ حَتَّى ... بائِسٍ دانَ بالإساءَةِ دِينَا الرابع: حيث جاز الجر والعطف فالجر أحسن إلا في باب: ضربت القوم حتى زيدًا ضربته بالنصب أحسن على تقدير كونها عاطفة وضربته توكيد، أو ابتدائية وضربته تفسير، وقد روى بهما قوله: حتى نعله ألقاها، وبالرفع أيضًا على أن حتى ابتدائية ونعله مبتدأ وألقاها خبره ا. هـ. "وأم بها اعطف إثر همز التسوية" وهي الهمزة الداخلة على جملة في   قيد اللزوم قال في المغني: وهو حسن. قوله: "بأن لا يتعين إلخ" الضابط أنه متى صح حلول إلى محلها كانت محتملة للأمرين وإلا تعينت للعطف. قوله: "نحو: عجبت من القوم إلخ" إنما لم يصح الجر في المثال, والبيت لعدم صلاحية إلى في موضع حتى, ولكون ما بعدها ليس آخرًا ولا متصلًا بالآخر هذا حاصل ما في المغني وشراحه كما قاله شيخنا, وناقش الدماميني في التعليل الأول بأنه دعوى بلا دليل, وأي مانع من كون العجب في المثال انتهى إلى البنين, وفيض الجود في البيت انتهى إلى البائس. وقد يقال المانع عدم مناسبة ذلك مقام التعجب والمدح, ثم البعضية التي هي شرط في العاطفة ظاهرة في البيت, وكذا في المثال إن جعلنا الإضافة في بنيهم على معنى من التبعيضية, وعليه يحمل قول المغني: إنهم بعض القوم, فإن جعلت بمعنى اللام اقتضت عدم دخول بنيهم فيهم فافهم. قوله: "بائس" البائس من أصابه البؤس أي: الشدة, وقوله: دان بالإساءة دينًا بكسر الدال أي: تدين بالإساءة تدينًا أي: جعل الإساءة دينه لتكررها منه كثيرًا. قوله: "فالجر أحسن" لقلة العطف بحتى، حتى أنكره الكوفيون كما مر. قوله: "إلا في باب ضربت القوم إلخ" أراد ببابه أن يقع بعد الاسم التالي حتى فعل مشتغل بنصب ضميره كما في المغني, فإن اشتغل برفعه نحو: قام القوم حتى زيد قام امتنع النصب وجاز الرفع والجر. قوله: "حتى زيدًا إلخ" أي: إذا كان زيد آخر القوم ليوجد شرط جواز الجر. قوله: "فالنصب أحسن إلخ" علله في المغني بأن الفعل لا يكون مؤكدًا بعد حتى الجارة نقله شيخنا السيد وهو يفيد تعين النصب فيخالف ما يقتضيه كلام الشارح من جواز الجر فتأمل. وقال شيخنا: انظر لم كان غير الجر في هذا الباب أحسن ا. هـ. وقد توجه الأحسنية بأن في النصب مشاكلة الضمير لمرجعه في الإعراب. قوله: "وضربته توكيد" أي: لضربت زيدًا الذي تضمنه قولك: ضربت القوم لدخول زيد في القوم لا لضربت القوم حتى يرد أن الضمير ليس راجعًا للقوم حتى يكون ضربته تأكيدًا لضربت القوم بل لزيد. قوله: "بهما" أي: الجر والنصب وعليهما فألقاها توكيد إلا إذا جعلت حتى في النصب ابتدائية وألقاها تفسير.   856- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في الدرر 6/ 142؛ وشرح شواهد المغني 1/ 377؛ ومغني اللبيب 1/ 128؛ وهمع الهوامع 2/ 137. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   محل المصدر، وتكون هي والمعطوفة عليها فعليتين وهو الأكثر نحو: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ   قوله: "وأم بها اعطف إثر همزة التسوية" أي: بعدها ولا يجوز العطف بأو قياسًا, فقول الفقهاء سواء كان كذا أو كذا خطأ كقولهم: يجب أقل الأمرين من كذا أو كذا؛ لأن الصواب فيه الواو قاله في المغني. ثم ذكر أن قول الصحاح تقول: سواء عليّ قمت أم قعدت سهو, وأن قراءة ابن محيصن "وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَنْذَرْتَهُمْ أَوْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ" من الشذوذ بمكان ا. هـ. ونقل الدماميني عن السيرافي: أن سواء إذا دخلت بعدها همزة التسوية لزم العطف بأم وإذا وقع بعدها فعلان بغير الهمزة جاز العطف بأو. قال الدماميني: وهذا نص صريح يقضي بصحة كلام الفقهاء وبصحة ما في الصحاح, وقراءة ابن محيصن ا. هـ. قال الشمني: ما في المغني هو مقتضى القياس إذ لا فرق بين همزة التسوية والتسوية بلا همزة ا. هـ. وكأن من فرّق رأى التسوية مع الهمزة أقوى. ونقل الدماميني أيضًا عن سيبويه جواز العطف بعد ما أدري وليت شعري مع الهمزة بأم وبأو, ثم قال: والعجب من إيراد المصنف يعني ابن هشام كلام الفقهاء والصحاح وقراءة ابن محيصن في العطف بعد همزة التسوية, والفرض أن لا همزة في شيء من ذلك, وكأنه توهم أن الهمزة لازمة بعد كلمة سواء فتقدر إن لم تذكر وتوصل بذلك إلى الرد ا. هـ. ويوافق ما في المغني ما سيذكره الشارح عند قوله: وربما حذفت الهمزة إلخ ثم ذكر الدماميني في قول المغني كقولهم يجب أقل الأمرين إلخ: أنه يدفع الخطأ في قولهم المذكور بجعل من بيانية لا أقل. قال الدماميني: فإن قلت فما وجه العطف بأو والتسوية تأباه؛ لأنها تقتضي شيئين فصاعدًا وأو لأحد الشيئين أو الأشياء؟ قلت: وجهه السيرافي بأن الكلام محمول على معنى المجازاة. قال: فإذا قلت سواء عليّ قمت أو قعدت فتقديره إن قمت أو قعدت فهما على سواء، وعليه فلا يكون سواء خبرًا مقدمًا ولا مبتدأ كما قيل، فليس التقدير: قيامك أو قعودك سواء عليّ أو سواء عليّ قيامك أو قعودك بل سواء خبر مبتدأ محذوف أي: الأمران سواء, وهذه الجملة دالة على جواب الشرط المقدر وصرح الرضي بمثل ذلك ا. هـ. وإنما قال بمثل ذلك؛ لأن فرض كلام الرضي في أم وقد أسلفناه مع زيادة في الاستثناء. ثم قال في المغني: فإن كان العطف بأو بعد همزة الاستفهام جاز وكان الجواب بنعم أو بلا؛ لأنه إذا قيل أزيد عندك أو عمرو فالمعنى: أأحدهما عندك وإن أجيب بالتعيين صح؛ لأنه جواب وزيادة ا. هـ. وما مر من أن ابن محيصن يقرأ بأو سيأتي في الشارح عند قول المصنف: وربما حذفت الهمزة إلخ أنه يقرأ بأم فحرره. واعلم أن الظاهر أن التسوية في قولنا: سواء عليّ أقمت أو قعدت مدلولة لسواء لا للهمزة، وفي قولنا ما أبالي أقمت أم قعدت مستفادة من ما أبالي لا من الهمزة فتسميتها همزة التسوية لوقوعها بعد ما يدل على التسوية. وانظر ما مدلول الهمزة حقيقة ولعلها لتأكيد التسوية فتدبر. قوله: "على جملة في محل المصدر" المناسب أن يقول على جملة هي معها في محل المصدر كذا في يس وفيه نظر. وهذا من مواضع تأويل الجملة بالمصدر بلا سابك بناء على قول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] الآية، واسميتين كقوله: 857- وَلَسْت أُبَالي بعدَ فَقْدِي مالِكًا ... أَمَوْتِي ناءٍ أم هو الآن واقِعُ ومختلفتين نحو: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ} [الأعراف: 193] الآية. وإذا عادلت بين جملتين في التسوية فقيل: لا يجوز أن يذكر بعدها إلا الفعلية، ولا يجوز: سواء علي أزيد قائم أم عمرو منطلق فهذا لا يقوله العرب، وأجازه الأخفش قياسًا على الفعلية. وقد عادلت بين مفرد وجملة في قوله: 858- سَوَاءٌ عَلَيكَ النَّفْرُ أمْ بِتُّ لَيلَةً ... بِأَهْلِ القِبَابِ مِنْ عُمَيرِ بنِ عامِرِ "أو" بعد "همز عن لفظ أي مغنيه" وهي الهمزة التي يطلب بها وبأم التعيين، وتقع   الجمهور إن ما بعد الهمزة مبتدأ مؤخر، ومنها الجملة المضاف إليها الظرف نحو: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: 119] ، ومنها تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه بناء على عدم تقدير أن, قاله في المغني. قوله: "ولست أبالي" أي: أكترث فهو متعد بنفسه؛ لأن معناه لا أفكر فيه ازدراء به فالجملة بعده في محل نصب, والفعل معلق أفاده الدماميني. وقد يتعدى أبالي بالباء والوجهان صحيحان كما قاله الشنواني نقلًا عن النووي. قوله: أموتي ناء أي: بعيد. قوله: "نحو: سواء عليكم أدعوتموهم" أي: الأصنام أي: ونحو: سواء عليّ أزيد قائم أم قعد فتم التمثيل. قوله: "فقيل لا يجوز إلخ" يرد عليه أنه سمع ذكر الاسمية بعدها في قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} [الأعراف: 193] ، وفي قول الشاعر: ولست أبالي إلخ كما قدم ذلك فلا يصح قوله فهذا لا يقوله العرب ولا قوله, وأجازه الأخفش قياسًا على الفعلية المقتضي عدم السماع. وفي نسخ إسقاط قوله وإذا عادلت بين الجملتين إلخ وهو أولى. قوله: "مغنيه" أي: مع أم كما أشار إليه الشارح فقد حقق الدماميني أن أيا سادة مسد الهمزة وأم جميعًا لا الهمزة فقط. قوله: "وتقع" أي: أم المسبوقة بهمزة التعيين. قوله: "بين مفردين غالبًا" ومن غير الغالب أن تقع بين مفرد وجملة كقوله تعالى: {إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا} [الجن: 25] ، وبين جملتين كما سيذكره الشارح. قوله: "ويتوسط بينهما إلخ" ما لا يسأل عنه في الأول المسند؛ لأن السؤال عن المسند إليه وفي الثاني بالعكس. وبيان ذلك أن شرط الهمزة المعادلة لأم أن يليها أحد الأمرين المطلوب تعيين أحدهما ويلي أم المعادل الآخر؛ ليفهم السامع من أول الأمر ما طلب تعيينه, تقول إذا استفهمت عن تعيين المبتدأ دون الخبر: أزيد قائم أم عمرو وإن شئت أخرت زيد قائم؛ لأنه غير   857- البيت من الطويل، وهو لمتمم بن نويرة في ديوانه ص105؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 51؛ وأوضح المسالك 3/ 368؛ وجواهر الأدب ص187؛ والدرر 6/ 97؛ وشرح التصريح 2/ 142؛ وشرح شواهد المغني 1/ 134؛ ومغني اللبيب 1/ 41؛ والمقاصد النحوية 4/ 136؛ وهمع الهوامع 2/ 132. 858- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 179. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بين مفردين غالبًا، ويتوسط بينهما ما لا يسئل عنه نحو: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات: 27] ، أو يتأخر عنهما نحو: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109] ، وبين فعليين كقوله: 859- فَقُلتُ أهي سَرَتْ أم عادَنِي حُلُمُ   مسؤول عنه، وإذا استفهمت عن تعيين الخبر دون المبتدأ أقائم زيد أم قاعد. وإن شئت أخرت زيدًا؛ لأنه غير مسئول عنه, وقس على هذا نقله الدماميني عن ابن الحاجب وابن هشام وغيرهما ثم ساق عن سيبويه كلامه الذي هو كما قاله نص في أن إيلاء المسئول عنه الهمزة أولى لا واجب, كما قاله الجماعة. قوله: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا} هذا الاستفهام توبيخي لا حقيقي ولا ينافيه قول الشارح بعد؛ لأن الاستفهام معها على حقيقته؛ لأنه باعتبار الغالب أو أراد بالاستفهام الحقيقي ما يطلب جوابًا وإن كان توبيخًا أو إنكاريا بقرينة المقابلة نقله البعض عن البهوتي، وهو صريح في أن الاستفهام الإنكاري والتوبيخي يطلب جوابًا وقد يمنع؛ لأن الأول بمعنى لم يقع أو لا يقع، والثاني بمعنى ما كان ينبغي أو لا ينبغي، ولا يستدعي شيء من ذلك جوابًا. ولو قيل أراد بالاستفهام الحقيقي ما ليس خبرًا مجردًا عن طلب الفهم وعن التوبيخ والتقرير ونحوها لكان أسلم, ثم دعوى أن الاستفهام في الآية توبيخي يردها أن تالي همزة التوبيخ واقع أو يقع وفاعله ملوم نحو: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات: 95] ، صرح به في المغني وهذا منتف في الآية, فالظاهر أنه تقريري فتأمل. قال الدماميني: ووجه كونها في الآية بين مفردين مع أن المتقدم عليها في الصورة جملة أن السماء معطوفة على أنتم وأشد خلقًا خبر مؤخر عن المتعاطفين تقديرًا ا. هـ. وكالآية في هذا قول زهير: وما أدري ولست إخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء وجعل الشمني أم في البيت بين جملتين بتقدير: أم هم نساء فارقًا بينه وبين الآية بأن فعل الدراية معلق في البيت, والتعليق إنما يكون عن جملة وهي هنا ما بعد الهمزة فيجب أن يكون معادله, وهو ما بعد أم جملة أيضًا. ويرد بأن المعلق عنه مجموع الكلام على حد ما أدري أزيد أم   859- صدره: فقمت للطيف مُرتاعًا فأَرَّقَنِي والبيت من البسيط وهو لزياد بن منقذ في خزانة الأدب 5/ 244، 245؛ والدرر 1/ 190؛ وشرح التصريح 2/ 143؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1396، 1402؛ وشرح شواهد الشافية ص190؛ وشرح شواهد المغني 1/ 134؛ ومعجم البلدان 1/ 256 "أميلح"؛ والمقاصد النحوية 1/ 259، 4/ 137؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 127؛ وأمالي ابن الحاجب 1/ 456؛ وأوضح المسالك 3/ 370؛ والخصائص 1/ 305، 2/ 330؛ والدرر 6/ 97؛ وشرح شواهد المغني 2/ 798؛ وشرح المفصل 9/ 139؛ ولسان العرب 15/ 376 "هيا"؛ ومغني اللبيب 1/ 41؛ وهمع الهوامع 2/ 132. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إذ الأرجح أن هي فاعل بفعل محذوف. واسميتين كقوله: 860- لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإنْ كُنت دارِيا ... شُعَيثُ ابْنُ سَهْم أم شُعَيْثُ ابن مِنْقَرِ الأصل أشعيث، فحذفت الهمزة والتنوين منهما.   عمرو في الدار نعم إن قلنا الهمزة بعد نحو: ما أدري, للتسوية وجبت قدير مبتدأ في البيت فقط؛ لأن همزة التسوية إنما تكون بين جملتين بخلاف همزة الاستفهام وسيأتي بسط ذلك. قوله: "أهي" بسكون الهاء ولم يجئ بعد الهمزة إلا في الشعر كما نقله الدماميني عن شرح التسهيل للناظم، وعادني أتاني والحلم بضمتين وتسكن اللام ما يراه النائم، والضمير يرجع إلى محبوبته التي رآها في المنام فلما استيقظ قال: أهي أتتني حقيقة أم أتاني خيالها في النوم؟ باعتبار عادتهم في مبالغتهم بطريق التجاهل. ويوجد في بعض النسخ صدر البيت وهو: فقمت للطيف مرتاعًا فأرّقني أي: قمت لأجل خيال المحبوبة المرئي في النوم حالة كوني مرتاعًا للقائه هيبة, وأرقني أي: أسهرني ذلك لما لم أجد بعد الانتباه شيئًا محققًا. قوله: "إذ الأرجح" تعليل لقوله بين فعليتين, وقوله بفعل محذوف أي: يفسره سرت. وإنما كان هذا أرجح؛ لأنه الذي يدل عليه وقوع الفعل بعد أم المعادلة للهمزة. وقال في التصريح: لأن الاستفهام بالفعل أولى من حيث إن الاستفهام عما يشك فيه وهو الأحوال؛ لأنها متجددة, وأما عن الذوات فقليل ا. هـ. ومن ثم رجح النصب في أزيدًا ضربته. قوله: "لعمرك ما أدري إلخ" أي: ما أدري أي: النسبين هو الصحيح وإن كنت داريًا بغير ذلك وشعيث بالمثلثة آخره, وصحفه من رواه بالموحدة كما في شرح شواهد المغني للسيوطي. ومنقر ضبطه الدماميني والشمني بكسر الميم وفتح القاف وبالراء قالا: وهو أي: البيت هجو لشعيث أي: لهذا الحي بأنهم لم يستقروا على أب واحد, وضبطه في التصريح بكسر الميم والقاف ويكتب ابن سهم وابن منقر بالألف؛ لأنه خبر لا نعت؛ ولهذه العلة كان حق شعيث التنوين. قوله: "فحذفت الهمزة والتنوين منهما" أي: للضرورة وقيل حذف الهمزة جائز اختيارًا. ونقل الدماميني أن المختار اطراد حذفها اختيارًا قبل أم المتصلة لكثرته نظمًا ونثرًا, ومنع الصرف لإرادة القبيلة ولا ينافيها الوصف بابن لجواز رعاية التأنيث والتذكير باعتبارين أفاده الدماميني. هذا وكان على الشارح أن يزيد ومختلفين نحو: {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة: 59] ، بناء على الأرجح من فاعلية أنتم لمحذوف على ما مر في أهي سرت, وقد يعارضها هنا تناسب المتعاطفين فتستوي   860- البيت من الطويل، وهو للأسود بن يعفر في ديوانه ص37؛ وخزانة الأدب 11/ 122؛ وشرح التصريح 2/ 143؛ وشرح شواهد المغني ص138؛ والكتاب 3/ 175؛ والمقاصد النحوية 4/ 138؛ ولأوس بن حجر في ديوانه ص49؛ وخزانة الأدب 11/ 128؛ وللأسود أو للعين المنقري في الدرر 6/ 98؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 327؛ ولسان العرب 2/ 162 "شعث"؛ والمحتسب 1/ 50؛ ومغني اللبيب 1/ 42؛ والمقتضب 3/ 294؛ وهمع الهوامع 2/ 132. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهان: الأول تسمى أم في هذين الحالين متصلة؛ لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر. وتسمى أيضًا معادلة لمعادلتها للهمزة في إفادة التسوية في النوع الأول والاستفهام في النوع الثاني. ويفترق النوعان من أربعة أوجه: أولها وثانيها أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق جوابًا؛ لأن المعنى معها ليس على الاستفهام، وأن   الاسمية والفعلية كما قاله الدماميني. قوله: "متصلة" قال في الهمع: ويؤخر المنفي فيها بنوعيها فلا يجوز: سواء عليّ ألم يجىء زيد أم جاء ولا ألم يقم أم قام. قوله: "لا يستغنى بأحدهما عن الآخر" أما في الحال الأول؛ فلأن المقصود الإخبار بالتسوية, وهي لا تتحقق إلا بينهما, وأما في الثاني؛ فلأن المقصود طلب تعيين أحد الأمرين, فلا بد من ذكرهما. وقيل إنما سميت بذلك؛ لأنها اتصلت بالهمزة حتى صارتا في إفادة المقصود بمثابة كلمة واحدة؛ لأنهما جميعًا بمعنى أي. ورجح هذا على الأول بأن الاتصال عليه راجع إلى أم نفسها وعلى الأول راجع إلى متعاطفيها, وعورض بأن الثاني إنما يأتي في أم المسبوقة بهمزة الاستفهام لا المسبوقة بهمزة التسوية, فيترجح الأول لشموله النوعين وعليه اقتصر في المغني أفاده في التصريح. قوله: "في إفادة التسوية" أي: في جملة إفادة التسوية أي: في الجملة التي تفيد التسوية, ومعنى معادلتها للهمزة في هذه الجملة أنه يليها عديل ما يلي الهمزة فاندفع بتقرير عبارته على هذا الوجه ما توهمه من أن كلا من الهمزة وأم له دخل في إفادة التسوية فتدبر. قوله: "في النوع الأول" أي: أم بعد همزة التسوية وقوله في النوع الثاني أي: أم بعد همزة الاستفهام بقرينة قوله أن الواقعة بعد همزة التسوية إلخ. قوله: "ليس على الاستفهام" أي: بل على الإخبار بالتسوية لانسلاخها عن الاستفهام, فهي مجاز بالاستعارة. قال ابن يعيش: وإنما جاز استعارتها للتسوية للاشتراك في معنى التسوية, إذ الأمر: إن اللذان تسأل عن تعيين أحدهما مستويان عندك في عدم التعيين ا. هـ. وكما تستعار الهمزة للتسوية تستعار للإنكار الإبطالي فيكون ما بعدها غير واقع ومدعيه كاذبًا نحو: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} , ومنه {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} , {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} ؛ لأنها أبطلت ما بعدها من النفي فصارت الجملة خبرية مثبتة بمعنى الله كاف عبده وشرحنا لك صدرك لا إنشائية؛ ولهذا صح عطف وضعنا على ألم نشرح ومن جعلها فيهما للتقرير, أراد التقرير بما بعد النفي ويظهر أن الهمزة في ألم نشرح على هذا ليست من المعطوف عليه, وأنها مسلطة على ما بعد العاطف أيضًا وللإنكار التوبيخي فيكون ما بعدها واقعًا أو يقع وفاعله ملومًا نحو: {أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا} [النمل: 84] ، {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} وللتهكم نحو: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا} [هود: 87] ، وللتعجب كقولك: أخلص زيد الأسير متعجبًا وللاستبطاء نحو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 17] ، والجامع بين الاستفهام والمعاني المذكورة استلزام كل مطلق الانتفاء فإن الاستفهام عن شيء يستلزم انتفاء علمه, والإنكار الإبطالي يستلزم انتفاء وقوع الشيء المنكر والتوبيخي يستلزم انتفاء لياقته والتهكم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الكلام معها قابل للتصديق والتكذيب؛ لأنه خبر وليست تلك كذلك؛ لأن الاستفهام معها   يستلزم انتفاء تعظيم المتهكم به, والتعجب يستلزم انتفاء علم سبب الشيء المتعجب منه؛ ولهذا يقولون إذا ظهر السبب بطل العجب. والاستبطاء يستلزم انتفاء المبادرة وللأمر نحو: {أَأَسْلَمْتُمْ} [آل عمران: 20] ، أي: أسلموا وللتهديد كقولك لمن يسيء إليك وهو يعلم أنك أدبت فلانًا على إساءته إليك وأنت تعلم علمه بذلك: ألم أؤدب فلانًا على إساءته إليّ, وللتقرير بمعنى طلب إقرار المخاطب بما يعرفه من نفي أو إثبات, ولا يشترط أن يلي الهمزة كما صرح به غير واحد كالتفتازاني نحو: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} [المائدة: 116] ، ونحو: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] ، على احتمال وإنما لم يورد بعد الهمزة في الآيتين نفس المقرر به دفعًا لتهمة تلقين المتكلم للمخاطب الجواب المقرر به والجامع بين الاستفهام والمعاني الثلاثة مطلق الطلب, فإن الاستفهام طلب فهم المسئول عنه, والأمر طلب إيقاع المأمور به والتهديد يستلزم طلب ترك الشيء المهدد عليه والتقرير السابق طلب الإقرار، وللتقرير بمعنى التثبيت والتحقيق نحو: أضربت زيدًا أي: إنك ضربته ألبتة, قاله السعد والجامع: ترتب ثبوت الحكم. أما في هذا التقرير فظاهر، وأما في الاستفهام؛ فلأنه يترتب عليه الجواب المترتب عليه الثبوت، فعلم أن للتقرير معنيين لكن استعماله في الثاني قليل بالنسبة للأول كما أشار إليه في شرح التلخيص، ولغير ذلك وهل تشارك الهمزة في الإنكار الإبطالي نحو: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3] ، والتقرير نحو: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ} [المطففين: 36] ، {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: 5] ، والأمر نحو: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] ، هذا هو الصحيح على ما يؤخذ من حاشية السيوطي على المغني لكن في المغني في بحث هل أنها تختص عن الهمزة بأن يراد بها النفي ولهذا جاز: هل قام إلا زيد دون أقام إلا زيد ولا ترد الهمزة في نحو: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ} [الإسراء: 40] ، من حيث إن الواقع انتفاء الاصفاء؛ لأنها للإنكار على مدعي الإصفاء, ويلزم منه النفي لا أنها للنفي ابتداء. وقد يكون الإنكار توبيخيا بمعنى ما كان ينبغي فعل كذا فيقتضي وقوع الفعل. فتلخص أن الإنكار على ثلاثة أوجه: إنكار على مدعي وقوع الشيء ويلزمه النفي, وإنكار على من أوقع الشيء ويختصان بالهمزة, وإنكار وقوع الشيء, وهذا معنى النفي وتختص به هل عن الهمزة ا. هـ. باختصار. وربما استعير لهذه المعاني غير الهمزة, وهل من أسماء الاستفهام كالتوبيخ والتعجب في: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة: 28] ، والإبطال في: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 135] ، والتقرير في {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} قرره ليقول: {هِيَ عَصَايَ} نقله السيوطي عن أبي البقاء. وما ذكرته من توجيه الاستعارة في المعاني المذكورة هو ما ظهر لي فاعرفه. وفي شرح المغني للدماميني أن استفهام العارف المتجاهل حقيقي بحسب الادعاء. قوله: "وإن الكلام معها قابل للتصديق والتكذيب إلخ" يعني أن جملة: سواء عليّ أقمت أم قعدت, وجملة: لست أبالي أمات زيد أم عاش ونحوهما يقبل التصديق والتكذيب؛ لأنه خبر بخلاف جملة: أزيد قائم أم عمرو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 وَرُبَّمَا أُسْقِطَتِ الهمزة إنْ ... كان خَفَا المعنى بحذفها أمِنْ   على حقيقته. والثالث والرابع. أن أم الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين, ولا تكون الجملتان معها إلا في تأويل المفردين. الثاني؛ قد بان لك أن همزة التسوية لا يلزم أن تكون واقعة بعد لفظة سواء، بل كما تقع بعدها بعد: ما أبالي وما أدري وليت شعري ونحوهن "وربما أسقطت الهمزة" المذكورة "وإن كان خفا المعنى بحذفها أمن" كقراءة ابن محيصن: "سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَنْذَرْتَهُمْ" [البقرة: 6] ، وكما مر من قوله:   وجملة الاستفهام في قولنا: ما أدري أعمري طويل أم قصير، أما مجموع ما أدري أعمري طويل أم قصير فقابل للتصديق والتكذيب؛ لأنه خبر فافهم هذا التحقيق. قوله: "وليست تلك" أي: الواقعة بعد همزة الاستفهام كذلك أي: كالواقعة بعد همزة التسوية في الأمرين، وقوله: لأن الاستفهام إلخ تعليل للنفي في الأمرين. قوله: "لأن الاستفهام معها على حقيقته" أي: غالبًا أو أراد بكونه على حقيقته أنه ليس إخبارًا مجردًا عن طلب الفهم وعن التوبيخ والتقرير ونحوها, فلا يرد أن الزمخشري جوز في قوله تعالى في سورة الأنعام: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ} [البقرة: 133] ، كون أم متصلة مقدرًا قبلها معادلها أي: أتدعون على الأنبياء اليهودية أم إلخ, والهمزة فيه للإنكار التوبيخي, وفي قوله تعالى: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} [البقرة: 80] ، كون أم متصلة والهمزة فيه للتقرير, ونقلهما في المغني ولم يتعقب واحدًا منهما أفاده الشمني. لكن الأظهر كون الهمزة في الآية الأولى أيضًا تقريرية فتأمل. قوله: "إلا بين جملتين" أي: غالبًا فلا ينافي ما قدمه من أنها عادلت بين مفرد وجملة كما في قول الشاعر: سواء عليك النفر أم بت ليلة قوله: "قد بان لك" أي: من الضابط السابق والاستشهاد بقوله: ولست أبالي إلخ. قوله: "وما أدري إلخ" أنت خبير بأن الذي تبين مما قدمه أن الواقعة بعد ما أدري ليست همزة تسوية, بل همزة استفهام حيث مثل لهمزة الاستفهام بقوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109] ، وبقول الشاعر: لعمرك ما أدري إلخ أي: لا أدري جواب هذا الاستفهام, وهذا هو الأقرب عندي, ومثل ما أدري: ليت شعري ولا يحضرني ونحو ذلك، ثم رأيت الدماميني على المغني استظهر ما قلته مؤيدًا له بقصر الرضي همزة التسوية على الواقعة بعد قولهم: سواء, وقولهم: ما أبالي, وتصرفاته متعقبًا بذلك ما في المغني من التعميم الذي جرى عليه الشارح، ورأيت بعضهم مال إلى أنها للاستفهام بعد ما أبالي أيضًا كما يفيده ما مر عن الدماميني من كونه قلبيا معلقًا عن العمل في الجملة بعده, والمعنى لا أفكر في جواب هذا الاستفهام فتأمل. قوله: "حذفت الهمزة المذكورة" أي: الشاملة للنوعين المتقدمين بقرينة تمثيله بالمثالين الآتيين. قال الفارضي: وندر حذف أم ومعطوفها كقوله: دعاني إليها القلب إني لأمره ... سميع فما أدري أرشد طلابها التقدير: أرشد أم غيّ وإذا استفهم بغير الهمزة عطف بأو نحو: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98] ، وقد تكون هل بمعنى الهمزة فيعطف بأم بعدها كحديث: $"هل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 وبِانْقِطاعٍ وبمعنى بَل وَفَتْ ... إن تَكُ مما قُيِّدت به خَلَتْ   861- شُعَيثُ ابْنُ سَهْمٍ أم شُعَيثُ ابْنُ مِنْقَرِ وهو في الشعر كثير. ومال في شرح الكافية إلى كونه مطردًا "وبانقطاع وبمعنى بل وفت" أي: تأتي أم منقطعة بمعنى بل. "إن تك مما قيدت به" وهو أن تكون مسبوقة بإحدى الهمزتين لفظًا أو تقديرًا "خلت" ولا يفارقها حينئذ معنى الإضراب، وكثيرًا ما تقتضي مع ذلك استفهامًا إما حقيقيا نحو: إنها لا بل أم شاء، أي: بل أهي شاء، وإنما قدرنا   "تزوجت بكرًا أم ثيبًا" , وتكون أم بمعنى الهمزة نحو: أم ضربت زيدًا التقدير: أضربت زيدًا ا. هـ. وقوله: التقدير أرشد أم غي بحث فيه في المغني بجواز جعل الهمزة لطلب التصديق فلا يقدر لها معادل حينئذٍ. قوله: "وبانقطاع إلخ" ظاهره أنها عاطفة قال شيخنا: وفي الرضي خلافه اهـ. وعليه يكون ذكرها هنا استطراديا لتتميم أقسام أم. ثم رأيت في الدماميني ما يفيد أن في كون أم المنقطعة عاطفة ثلاثة أقوال: فابن جني والمغاربة يقولون: ليست للعطف أصلًا لا في مفرد ولا جملة. وابن مالك للعطف في المفرد قليلًا سمع من كلامهم أن هناك لا بلا أم شاء, وفي الجمل كثيرًا. وجماعة للعطف في الجمل فقط, وتأولوا ما سمع بتقدير ناصب أي: أم أرى شاء. قوله: "وبمعنى بل" العطف من عطف أحد المتلازمين على الآخر. قوله: "وفت" الضمير فيه وفي قيدت وخلت راجع إلى أم في قوله: وأم بها اعطف إلخ, والمراد بها ثم لفظها, كما أن المراد بها هنا ذلك فليس في الكلام استخدام ولا شبهه, وإن زعمه شيخنا. قوله: "إن تك مما قيدت به خلت" صادق بصور أن لا تسبق بأداة استفهام أصلًا بل تكون مسبوقة بالخبر المحض نحو: {الم، تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} [السجدة: 1 و2 و3] ، وأن تسبق بأداة استفهام غير الهمزة نحو: {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرعد: 16] ، وأن تسبق بهمزة لغير حقيقة الاستفهام المطلوب به التعيين وغير التسوية كالإنكار أي: النفي نحو: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ} [الأعراف: 195] ، الآية والتقرير أي: التثبيت أي: جعل الشيء ثابتًا نحو: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا} [النور: 50] ، الآية كذا في الدماميني عن الناظم وأبي حيان, وقد ينافي ما مر عن البهوتي والشمني. ولو قيل إن التقريري فقط أعني المطلوب به إقرار المخاطب كالحقيقي لاشتراكهما في طلب الجواب لكان وجهًا فتدبر. قوله: "ولا يفارقها حينئذٍ" أي: حين إذ خلت مما قيدت به وقيل ترد للاستفهام المجرد نحو: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ} [البقرة: 108] . قوله: "أي: بل أهي شاء" كأنه في حال بعده عنها جزم بأنها إبل, فلما قرب منها رآها صغيرة فأضرب مستفهمًا عن كونها شاء. وكأم فيه أم في نحو: أعندك زيد أم عندك عمرو, فقد نص سيبويه على أن أم فيه منقطعة ظن أولًا كون زيد عنده, فاستفهم عنه ثم ظن كون عمرو عنده   861- راجع التخريج رقم 860. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بعدها مبتدأ محذوفًا؛ لكونها لا تدخل على المفرد، أو إنكاريا نحو: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ} [الطور: 39] ، أي: بل أله البنات. وقد لا تقتضيه ألبتة نحو: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرعد: 16] ، أي: بل هل تستوي إذ لا يدخل استفهام على استفهام. ونحو: {لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} [السجدة: 2 و3] ، وقوله: 862- فَلَيتَ سُلَيْمَى في المنامِ ضَجِيعَتِي ... هنالِكَ أم في جَنَّةٍ أم جَهَنَّمِ وسميت منقطعة لوقوعها بين جملتين مستقلتين. تنبيه: حصر أم في المتصلة والمنقطعة هو مذهب الجمهور، وذهب بعضهم إلى   قوله: "لا تدخل على المفرد" لأنها بمعنى بل الابتدائية وحرف الابتداء لا يدخل إلا على جملة. فائدة: تدخل همزة الاستفهام على الواو والفاء وثم كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا} [الأعراف: 185] ، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا} [غافر: 82، محمد: 10] ، {ثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ} [يونس: 51] ، فالجمهور أن الهمزة قدمت من تأخير وأن هذه الجمل ونحوها معطوفة بالواو والفاء وثم, وأن الهمزة كانت بعد هذه الأحرف فقدمت على العاطف تنبيهًا على أصالتها في التصدير, والزمخشري أن الهمزة في محلها الأصلي والعطف على جملة مقدرة بين الهمزة والعاطف والتقدير: أمكثوا فلم يسيروا ونحو ذلك, وحكي عنه موافقة الجمهور, وفي دعوى الزمخشري حذف الجملة, وفي دعوى الجمهور تقدم بعض المعطوف على العاطف. فارضي. قوله: "نحو: أم له البنات" إذ لو قدرت للإضراب المحض لكان الكلام إخبارًا بنسبة البنات إليه تعالى والله تعالى منزه عن ذلك. قوله: "وقد لا تقتضيه" هذا مذهب الكوفيين ومذهب البصريين: أنها أبدًا بمعنى بل والهمزة جميعًا, نقله في المغني عن ابن الشجري قال: والذي يظهر قول الكوفيين؛ لأنه يلزم البصريين دعوى التأكيد في نحو: {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرعد: 16] ، {أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: 84] ، {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ} [الملك: 20] ، قال الدماميني: والتحقيق أن أهل البلدين متفقون على أن أم تجيء للإضراب المجرد, وإنما الخلاف في تسميتها حينئذٍ منقطعة, فالكوفيون يسمونها منقطعة والبصريون يقولون لا متصلة ولا منقطعة فهو في أمر لفظي. قوله: "أم يقولون افتراه" إنما لم تقتض الاستفهام هنا, وفي البيت لعدم احتياج المقام إليه لكن جعل الدماميني معنى الآية: بل أيقولون على الإنكار التوبيخي. قوله: "في المتصلة والمنقطعة". فائدة: جواب الاستفهام مع المتصلة بالتعيين, وقد يجاب بلا مقصودًا بها نفي وقوع كل من الشيئين أو الأشياء تخطئة للسائل في اعتقاده وقوع أحد الشيئين أو الأشياء كما في قصة ذي اليدين, وهل يجاب بنعم مقصودًا بها إثبات كل من الشيئين أو الأشياء تخطئة للسائل في اعتقاده   862- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ص501؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 376؛ وشرح التصريح 2/ 144؛ وشرح عمدة الحافظ ص620؛ والمقاصد النحوية 4/ 143. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 خَيِّرْ أَبِحْ قَسِّمْ وَأَبْهِمِ ... واشْكُكْ وإضراب بها أيضا نُمِي   أنها تكون زائدة. وقال في قوله تعالى: {أَفَلَا تُبْصِرُونَ، أَمْ أَنَا خَيْر} [الزخرف: 52] : إن التقدير أفلا تبصرون أنا خير، والزيادة ظاهرة في قول ساعدة في جؤية: 863- يا ليت شِعْري ولا مَنْجَى من الهَرَمِ ... أم هل على العيش بعد الشِّيب من نَدَمِ "خير" و"أبح" و"قسم بأو وأبهم واشكك" فالتخيير والإباحة يكونان بعد الطلب   ثبوت واحد فقط لم أر من ذكره, لكنه مقتضى القياس, وجواب الاستفهام مع المنقطعة بلا أو نعم. وإذا توالت استفهامات بأم المنقطعة فالجواب لأخيرها للإضراب إليه عما قبله فاعرف ذلك. قوله: "إن التقدير أفلا تبصرون أنا خير" أي: على أن جملة: أنا خير مستأنفة وأما على الأول, فجملة: أنا خير منه معطوفة على ما قبلها. ووجه المعادلة بينها وبين الجملة قبلها أن الأصل أم تبصرون, فأقيمت الاسمية مقام الفعلية والسبب مقام المسبب؛ لأنهم إذا قالوا له: أنت خير كانوا عنده بصراء, قاله في المغني وأورد عليه أن السبب لاعتقاده كونهم بصراء قولهم: أنت خير كما تقرر, والمذكور هنا: أنا خير الذي هو مقوله لا مقولهم. وأجيب بأن الأصل أم تقولون أنت خير فحذف القول وحكي المقول بالمعنى. ثم يصح أن يكون في الآية إقامة المسبب مقام السبب؛ لأن اعتقادهم خيريته مسبب عنده عن كونهم بصراء ثم ظاهر كلام المغني أن أم في الآية متصلة وبه, صرح الزمخشري في الكشاف, والذي نص عليه سيبويه أنها منقطعة فإنه قال ما حاصله: إنه إذا كان ما بعد أم نقيض ما قبلها فهي منقطعة نحو: أزيد عندك أم لا؛ وذلك لأن السائل لو اقتصر على قوله: أزيد عندك لاقتضى استفهامه هذا أن يجاب بنعم أو لا فقوله أم لا مستغنى عنه في تتميم الاستفهام الأول وإنما يذكره الذاكر ليبين أنه عرض له ظن نفي أنه عنده فاستفهم عنه كما كان قد عرض له ظن ثبوت أنه عنده فاستفهم عنه, وكذا في الآية لو اقتصر على قوله: أفلا تبصرون لاستدعى أن يقال له نبصر أو لا نبصر فكان في غنية عن ذكر ما بعده, لكنه أفاد بقوله: أم أنا خير أنه عرض له ظن إبصارهم بعد ما ظن أولا عدمه. قوله: "ابن جؤية" بالهمزة اسم أم الشاعر, وهو في الأصل تصغير جئوة وهي حمرة تضرب إلى سواد. قوله: "بأو" تنازعه الأفعال الثلاثة قبله كما أن قوله بها تنازعه الفعلان والمصدر قبله. قوله: "والإباحة" قال الشمني: ليس المراد بها الشرعية؛ لأن الكلام في معنى أو بحسب اللغة قبل ظهور الشرع, بل المراد الإباحة بحسب العقل أو بحسب العرف في أي: وقت كان وعند أي: قوم كانوا. قوله: "بعد الطلب" أي: صيغته وإن لم يكن هناك طلب كما في الإباحة وبعض صور التخيير, فقول البعض إذ لا طلب في الإباحة والتخيير فيه تساهل. قوله: "أو مقدرًا" نحو: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] ، أي: ليفعل أي: الثلاثة قاله الشارح على التوضيح. قوله:   863- البيت من البسيط، هو لساعدة بن جؤية في الأزهية ص131؛ وخزانة الأدب 8/ 161، 162، 11/ 162؛ والدرر 6/ 115؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 1122؛ وشرح شواهد المغني 1/ 151؛ ومغني اللبيب 1/ 48، وهمع الهوامع 2/ 134؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص319؛ ولسان العرب 12/ 36 "أمم". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ملفوظًا أو مقدرًا، وما سواهما فبعد الخبر. فالتخيير نحو: تزوج زينب أو أختها. والإباحة نحو: جالس العلماء أو الزهاد، والفرق بينهما امتناع الجمع في التخيير وجوازه في الإباحة، والتقسيم نحو: الكلمة اسم أو فعل أو حرف، والإبهام نحو: {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا} [يونس: 24] ، وجعل منه نحو: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24] ، والشك نحو: {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [الكهف: 19] ، "وإضراب بها أيضا نمي"   "وما سواهما فبعد الخبر" صرح الشاطبي بأن الذي يختص بالخبر الشك والإبهام وأما الباقي فيستعمل في الموضعين, وكلام المغني يشعر به نقله شيخنا. قوله: "امتناع الجمع في التخيير" فإن قلت: قد مثل العلماء بآيتي الكفارة والفدية للتخيير مع إمكان الجمع. قلت: يمتنع الجمع بين الإطعام والكسوة والتحرير الآتي كل منهن كفارة وبين الصيام والصدقة والنسك الآتي كل منهن فدية, بل تقع واحدة منهن كفارة أو فدية والباقي قربة مستقلة خارجة عن ذلك ا. هـ. مغني وآية الكفارة فكفارته إطعام عشرة مساكين إلخ, وآية الفدية: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} . قوله: "والتقسيم" أي: تقسيم الكلي إلى جزئياته أو الكل إلى أجزائه. قال شيخنا: وعبر عنه في التسهيل بالتفريق المجرد أي: من الشك والإبهام والتخيير وبعضهم عبر عنه بالتفصيل بالمهملة ا. هـ. وبه يعرف ما في كلام البعض. قوله: "والإبهام" أي: على السامع. قوله: "وجعل منه نحو: وإنا أو إياكم إلخ" قال في المغني: الشاهد في الأولى ووجهه الشمني بأن اعتبار الإبهام في إحداهما يغني عن اعتباره في الثانية والأولى أولى بالاعتبار لسبقها, وفيه نظر إذ لا مانع من اعتباره فيهما وإن كان اعتباره في الأولى آكد. وقال الدماميني: في الأولى والثانية والمعنى وإن أحد الفريقين منا ومنكم لثابت له أحد الأمرين كونه على هدى أو كونه في ضلال مبين, أخرج الكلام في صورة الاحتمال مع العلم بأن من وحد الله تعالى وعبده فهو على هدى, وإن من عبد غيره فهو في ضلال مبين توطينًا لنفس المخاطب؛ ليكون أقبل لما يلقي إليه. وقال بعضهم: الشاهد في الثانية؛ لأن الشرط تقدم كلام خبري, وهو إنما يتحقق بقوله: {لَعَلَى هُدًى} لأن ما قبله ليس كلامًا, وقد يقال: إنا لعلى هدى أو في ضلال مبين خبر عن الأول وحذف خبر الثاني أو بالعكس, إذ لا يتعين كونه خبرًا عنهما وإن صلح لذلك؛ لأنه جار ومجرور وعلى كل وجد الشرط مع أنه قد يمنع اشتراطه وإنما خولف بين الحرفين الداخلين على الحق والباطل؛ لأن صاحب الحق كأنه مستعل على جواد يركض به حيث شاء, وصاحب الباطل كأنه منغمس في بحر لا يدري أين يتوجه، ومما ظهر لي أن الآية وإن كانت للإبهام ظاهرًا, إلا أنها ترمز إلى التعيين لاقتضاء التناسب صرف ما بعد أو الثانية لما بعد أو الأولى وصرف ما قبلها لما قبلها, ولاقتضاء الترتيب أيضًا ذلك فاعرفه. قوله: "والشك" الفرق بينه وبين الإبهام أن المتكلم عالم بالحكم في الابهام دون الشك. غزي. قوله: "واضراب بها أيضًا نمي" قيل: إنها حينئذٍ غير عاطفة كأم الإضرابية على رأي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 ورُبَّما عاقَبَتِ الواو إذا ... لم يُلفِ ذو النطق للَبْسِ مَنْفَذَا   أي: نسب إلى العرب في قول الكوفيين وأبي علي وابن برهان وابن جني مطلقًا تمسكًا بقوله: 864- كَانوا ثَمانِينَ أو زادوا ثَمانِيَة ... لولا رَجَاؤُكَ قد قَتَّلتُ أولادِي وقراءة أبي السمال: "أَوْ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا" [البقرة: 100] ، بسكون الواو، ونسبه ابن عصفور لسيبويه لكن بشرطين: تقدم نفي أو نهي، وإعادة العامل نحو: ما قام زيد أو ما قام عمرو، ولا يقم زيد أو لا يقم عمرو، ويؤيده أنه قال في: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] ولو قلت: أو لا تطع كفورًا انقلب المعنى, يعني أنه يصير إضرابًا عن النهي الأول ونهيًا عن الثاني فقط "وربما عاقبت أو "الواو" أي: جاءت بمعناها "إذا لم يلف ذو النطق لبس منفذا" أي: إذا أمن اللبس كقوله: 865- قومٌ إذا سَمِعوا الصَّريخَ رَأَيتَهُمْ ... ما بَينَ مُلجِمِ مُهْرِهِ أو سافِعِ وقوله:   الجمهور وقد نقل بعضهم ذلك عن الرضي والسعد كما في يس, وقيل عاطفة وإن كان بعدها جملة. إذ العطف يكون في المفردات والجمل كما يقول بذلك بعضهم في أم الإضرابية وهذا ظاهر كلام المصنف. قوله: "مطلقًا" أي: سواء تقدمها نفي أو نهي أولًا, وسواء أعيد العامل أو لا. قوله: "كانوا" أي: العيال المذكورون في البيت قبله. وقوله أو زادوا يحتمل أن أو بمعنى الواو وكذا في قراءة أبي السمال, وهو بسين مفتوحة وميم مشدة ولام آخره. قوله: "بسكون الواو" المعنى وما يكفر بتلك الآيات البينات إلا الذين فسقوا, بل نقضوا عهد الله مرارًا كثيرة. قوله: "ونسبه" أي: مجيء أو للإضراب بقطع النظر عن الإطلاق السابق بقرينة قوله لكن بشرطين. قوله: "وإعادة العامل" يعني مع حرف النفي أو حرف النهي شمني. قوله: "ويؤيده" أي: يؤيد نقل ابن عصفور عن سيبويه أن أو تأتي للإضراب بشرطين. قوله: "أو سافع" أي: قابض ناصية فرسه من سفعت بناصيته قبضتها وجذبتها. قال الدماميني: لقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يكون المراد بين فريق ملحم أو فريق سافع إذ كل واحد من القسمين ذو تعدد ا. هـ. واستبعد؛ لأن الظاهر أن قصد الشاعر أنهم حين سماع صريخ المستغيث محصورون بين   864- البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص745؛ وجواهر الأدب ص217؛ والدرر 6/ 116؛ وشرح شواهد المغني 1/ 201؛ وشرح عمدة الحافظ ص627؛ ومغني اللبيب 1/ 64، 272؛ والمقاصد النحوية 4/ 144؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص121؛ وهمع الهوامع 2/ 134. 865- البيت من الكامل، وهو لعمرو بن معدي كرب في ديوانه ص145؛ ولحميد بن ثور في ديوانه ص111؛ وشرح التصريح 2/ 146؛ وشرح شواهد المغني 1/ 200؛ والمقاصد النحوية 4/ 146؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 218؛ وأوضح المسالك 3/ 379؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص29؛ وشرح عمدة الحافظ ص628؛ ولسان العرب 8/ 158 "سفح"؛ ومغني اللبيب 1/ 63. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   866- فَظَلَّ طُهاةُ اللحْمِ ما بين مُنْضِج ... صَفِيفَ شِواء أو قَدِير مُعَجَّلِ وقول الراجز: 867- إنَّ بها أَكْتَلَ أو رِزامَا ... خُوَيْرِبَينِ يَنْقُفانِ الهامَا وقوله: 868- وقَالوا لنا ثِنْتانِ لا بُدَّ مِنْهما ... صُدورُ رِماح أُشْرِعَتْ أو سلاسِلُ وجعل منه: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] ، أي: ويزيدون.   قسمين لا يخرجون عنهما لا أنهم ثابت لهم إحدى البينيتين. قوله: "فظل طهاة اللحم إلخ" الطهاة جمع طاه وهو الطباخ، وصفيف شواء مفعول منضج وهو ما فرق, وصف على الجمر وهو شواء الأعراب، وقدير معطوف على منضج بتقدير مضاف أي: وطابخ قدير أي: مطبوخ في القدر ومعجل صفة قدير, وقول العيني قدير معطوف على شواء غير ظاهر وإن أقره شيخنا كما لا يخفى. قوله: "إن بها أكتل إلخ" ضمير بها للأرض المذكورة قبل، وأكتل بفوقية مفتوحة، ورزام براء مكسورة فزاي اسما رجلين, وخويربين تثنية خويرب تصغير خارب وهو اللص كما قاله الدماميني والشمني. وفي شرح شواهد المغني للسيوطي أنه لص الإبل حال من ضمير ينقفان قدمت على عاملها أو من المستكن في بها, وقول البعض حال مما قبله لا يتمشى على مذهب الجمهور المانعين مجيء الحال من المبتدأ في الحال, أو الأصل وينقفان بضم القاف من النقف وهو كسر الرأس كما قاله الدماميني والشمني والسيوطي, فيحتاج الكلام إلى التجريد. والهام اسم جنس جمعي لهامة وهي الرأس فقول البعض والهام الرأس فيه تساهل. وإنما كانت أو في البيت بمعنى الواو لقوله خويربين بالتثنية ولو كانت على بابها لأحد الشيئين لقال خويربا بالإفراد. قوله: "أشرعت" بالبناء للمجهول أي: صوّبت نحو: العدو وكني بذلك عن الطعن وبالسلاسل عن الأسر. قوله: "وجعل منه وأرسلناه إلخ" فصله للاختلاف فيه فقال بعض الكوفيين والبصريين بمعنى الواو والفراء بمعنى بل فتكون للإضراب عن الإخبار بأنهم مائة ألف بناء على حزر الرأي: مع علمه تعالى   866- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص22؛ وجمهرة اللغة ص929؛ وجواهر الأدب ص211؛ وخزانة الأدب 11/ 47، 240؛ والدرر 6/ 161؛ وشرح شواهد المغني 2/ 857؛ وشرح عمدة الحافظ ص628؛ ولسان العرب "صفف"، 15/ 16 "طها"؛ والمقاصد النحوية 4/ 146؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص233؛ ومغني اللبيب 2/ 460؛ وهمع الهوامع 2/ 141. 867- الرجز للأسدي في الأزهية ص116؛ وشرح شواهد المغني 1/ 199؛ ولرجل من بني أسد في الكتاب 2/ 149؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص288؛ ولسان العرب 1/ 349 "حزب"، 11/ 582 "كتل"، 14/ 55 "أوا"؛ ومغني اللبيب 1/ 63. 868- البيت من الطويل، وهو لجعفر بن علبة الحارثي في الدرر 6/ 119؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص45؛ وشرح شواهد المغني 1/ 203؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 12/ 65؛ وهمع الهوامع 2/ 134. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   هذا مذهب الأخفش والجرمي وجماعة من الكوفيين. تنبيهات: الأول أفهم قوله وربما أن ذلك قليل مطلقًا. وذكر في التسهيل أن أو تعاقب الواو في الإباحة كثيرًا, وفي عطف المصاحبة والمؤكد قليلًا، فالإباحة كما تقدم، والمصاحبة نحو: قوله عليه الصلاة والسلام: "فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد" والمؤكد نحو: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا} [النساء: 112] . الثاني: التحقيق أن أو موضوعة لأحد الشيئين أو الأشياء, وهو الذي يقوله المتقدمون وقد تخرج إلى معنى بل والواو. وأما   بزيادتهم إلى الإخبار عن تحقيق, وبعض البصريين للإبهام وقيل للشك مصروفًا للرائي كذا في المغني بزيادة. قال البعض: ويزيدون صفة موصوف محذوف معطوف على ما قبله أي: أو جماعة يزيدون ا. هـ. وفيه أن الموصوف بالجملة المحذوف ليس بعض اسم مجرور بمن أو في ويمكن جعل العطف من باب العطف على المعنى, أي: إلى جماعة يبلغون مائة ألف أو يزيدون فتأمل. قوله: "مطلقًا" أي: سواء كانت أو للإباحة أو لا. قوله: "وذكر في التسهيل أن أو تعاقب الواو" أي: تجيء بمعنى الواو فتكون للجمع وقوله: في الإباحة أي: في صورة الإباحة أي: في الصورة التي يظن أن أو فيها للإباحة أي: لأحد الشيئين مع جواز الجمع بينهما وإن لم تكن أو في حالة كونها بمعنى الواو للإباحة؛ لأنها حينئذٍ للجمع وأو التي للإباحة لأحد الشيئين مع جواز الجمع بينهما كما سيذكره الشارح عن ابن هشام. وقوله كثيرًا أي: لأنه يكثر إرادة الجمع في نحو: جالس الحسن أو ابن سيرين. هذا هو الذي أفهمه في هذه العبارة وبه يندفع اعتراضات نشأت من عدم فهم العبارة كفهمنا. الاعتراض الأول ما ذكره البعض وأقره أن صاحب التسهيل لم يذكر الكثرة إلا في معاقبة أو للواو في الإباحة وهذا لم يرده المصنف هنا لذكره إياه فيما تقدم بقوله: أبح والذي أراده هنا وجعله قليلًا إنما هو القسمان الأخيران الموصوفان في التسهيل أيضًا بالقلة. الثاني ما ذكره شيخنا وأقره أن الإباحة معنى أو أصالة فلا ضرورة إلى جعلها في صور الإباحة بمعنى الواو ووجه اندفاع هذين أنهما مبنيان على أن أو في حال معاقبتها الواو في الإباحة لأحد الشيئين مع جواز الجمع بينهما وليس كذلك بل للجمع كما علمت. الثالث ما ذكره أيضًا البعض وأقره أن قوله: كثيرًا يوهم أن أو في الإباحة قد لا تعاقب الواو وليس كذلك, فكان الأولى أن يقول: تعاقب الواو في الإباحة لزومًا وقد تعاقبها في غيرها, ووجه اندفاع هذا الاعتراض أن المراد كما علمت أن الصورة التي يظن أن أو فيها للإباحة قد تعاقب فيها أو الواو بأن تكون للجمع وقد لا تعاقب بأن تكون للإباحة في الواقع أيضًا, فقول المعترض وليس كذلك ممنوع وكذا قوله لزومًا. هذا هو تحقيق المقام وعليك السلام. قوله: "نحو: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا} " حمل بعضهم الخطيئة على الذنب الذي بين العبد وربه والإثم على مظالم العباد. قوله: "وقد تخرج إلى معنى بل والواو" أي: مجازًا. قوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بقية المعاني فمستفادة من غيرها. الثالث: زعم قوم أن الواو تستعمل بمعنى أو في ثلاثة مواضع: أحدها في التقسيم كقولك: الكلمة اسم وفعل وحرف وقوله: 869- كَمَا النَّاسُ مَجْرومٌ عليه وجَارِمُ وممن ذكر ذلك الناظم في التحفة وشرح الكافية. قال في المغني: والصواب أنها في ذلك على معناها الأصلي إذ الأنواع مجتمعة في الدخول تحت الجنس. ثانيها الإباحة. قاله الزمخشري وزعم أنه يقال: جالس الحسن وابن سيرين أي: أحدهما وأنه لهذا قيل: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} بعد ذكر ثلاثة وسبعة؛ لئلا يتوهم إرادة الإباحة. قال في المغني أيضًا:   "وأما بقية المعاني إلخ" ذكره في المغني قال: ومن العجب أنهم ذكروا من معاني صيغة أفعل التخيير والإباحة ومثلوه بنحو: خذ من مالي درهمًا أو دينارًا وجالس الحسن أو ابن سيرين, ثم ذكروا أن أو تفيدهما ومثلوه بالمثالين المذكورين ا. هـ. وأجيب بأن كلا من الصيغة وأو تدل على ما ذكر فحيث مثل بالمثالين للصيغة قطع النظر فيهما عن أو وحيث مثل بهما لأو قطع النظر فيهما عن الصيغة. وقال التفتازاني في تلويحه: أن التخيير والإباحة قد يضافان إلى صيغة الأمر, وقد يضافان إلى كلمة أو. والتحقيق أن كلمة أو لأحد الأمرين أو الأمور, وأن جواز الجمع وامتناعه إنما هو بحسب موقع الكلام ودلالة القرائن. قوله: "فمستفادة من غيرها" أي: معها؛ وذلك لأنها تفيد أحد الشيئين وغيرها يفيد امتناع الجمع إذا كانت للتخيير, وجوازه إذا كانت للإباحة وهكذا وقوله من غيرها أي: من القرائن. قوله: "وممن ذكر ذلك الناظم إلخ" قال البعض: انظر نسبة هذا للناظم مع تصريحه بأن الواو في التقسيم أجود من أو فإنه يدل على أنها فيه ليست بمعنى أو ا. هـ. وقد يقال إن له في المسألة قولين. واعلم أن لكل من الواو وأو في التقسيم وجهًا لاجتماع الأقسام في الدخول تحت المقسم, وعدم اجتماعها في ذات واحدة خارجًا, وإن كانت الواو فيه أكثر. قوله: "قاله الزمخشري" وافقه الناظم وابن هشام في حواشيه على التسهيل راجعًا عما ذكره في المغني كما قاله الدماميني, وسبقهم إلى ذلك السيرافي في شرح الكتاب. قوله: "أي: أحدهما" أي: مع جواز الجمع بينهما أو الترك لكل كما هو مقتضى الإباحة. قوله: "لئلا يتوهم إرادة الإباحة" ويحتمل أن ذلك لئلا يتوهم إرادة التخيير.   869- صدره: ونَنْصُرُ مولانا ونَعْلَم أنَّه والبيت من الطويل، وهو لعمرو بن براقة في أمالي القالي 2/ 122؛ والدرر 4/ 210؛ وسمط اللآلي ص749؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد المغني 1/ 202، 500، 2/ 725، 778؛ والمؤتلف والمختلف ص67؛ والمقاصد النحوية 3/ 332؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 97؛ والجنى الداني ص166، 482؛ وجواهر الأدب ص133؛ وخزانة الأدب 10/ 207؛ والدرر 6/ 81؛ وشرح ابن عقيل ص371؛ ومغني اللبيب 1/ 65؛ وهمع الهوامع 2/ 38، 130. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 ومِثل أو القَصْد إما الثانِيَه ... في نحو إما ذي وإمّا النائِيَه   والمعروف من كلام النحويين أن هذا أمر بمجالسة كل منهما, وجعلوا ذلك فرقًا بين العطف بالواو والعطف بأو. ثالثها: التخيير قاله بعضهم في قوله: 870- قالوا نَأَتْ فاخْتَرْ لَهَا الصَّبْرَ والبُكا ... فقلت البُكا أَشْفَى إذًا لغَلِيلِي أي: أو البكا إذ لا يجمع بين الصبر والبكا. ويحتمل أن يكون الأصل من الصبر والبكا أي: أحدهما ثم حذف من كما في قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} ويؤيده أن أبا علي الفارسي رواه بمن ا. هـ. "ومثل أو في القصد الثانية في نحو" تزوج "إما ذي وإما النائيه" وجاءني إما زيد وإما عمرو. تنبيهات: الأول ظاهر كلامه أنها تأتي للمعاني السبعة المذكورة في أو، وليس كذلك فإنها لا تأتي بمعنى الواو ولا بمعنى بل والعذر له أن ورود أو لهذين المعنيين قليل ومختلف فيه فالإحاطة إنما هي على المعاني المتفق عليها ولم يذكر الإباحة في التسهيل لكنها بمقتضى القياس جائزة. الثاني ظاهره أيضًا أنها مثل أو في العطف والمعنى وهو ما ذهب إليه أكثر النحويين. وقال أبو علي وابنا كيسان: وبرهان هي مثلها في المعنى فقط, ووافقهم الناظم وهو الصحيح، ويؤيده قولهم: إنها مجامعة للواو لزومًا والعاطف لا يدخل على العاطف. وأما قوله: 871- يا ليتما أُمُّنَا شَالَتْ نعامَتُها ... إيما إلى جَنَّة إيما إلى نار   قوله: "أن هذا أمر" أي: إذن. قوله: "قالوا نأت إلخ" من الطويل ودخله الثلم وهو حذف فاء فعولن, ويروى وقالوا ولا ثلم فيه حينئذٍ, وقوله نأت أي: بعدت, والغليل حرارة العطش, لكن المراد هنا مطلق الحرارة ليشمل حرارة العشق. قوله: "رواه بمن" أي: بدل لها. قوله: "إما" ذهب سيبويه إلى أنها مركبة من أن وما, وذهب غيره إلى أنها بسيطة وهو الظاهر؛ لأن الأصل البساطة, وقوله: الثانية احتراز عن الأولى, فإنه لا خلاف في أنها غير عاطفة لاعتراضها بين العامل والمعمول نحو: قام إما زيد وإما عمرو لكن لا مانع من نسبة المعاني للأولى أيضًا لتلازمهما غالبًا, والنائية البعيدة. قوله: "ظاهر كلامه" أي: حيث أطلق القصد فشمل جميع المعاني المقصودة. قوله: "والعذر له" أي: في الإطلاق وعدم التقييد بما عدا المذكورين. قوله: "ظاهره أيضًا" أي: حيث أطلق القصد فشمل العطف إذ هو مما يقصد. قوله: "مثل أو في العطف والمعنى" ولعل الواو على هذا القول زائدة لازمة كما قيل بمثله في لكن كما مر. قوله: "والعاطف لا يدخل على العاطف" أي: فالعاطف إنما هو الواو الداخلة على إما. قوله: "وأما قوله إلخ" إيراد على قوله لزومًا. قوله: "شالت نعامتها" كناية عن موتها؛ لأن النعامة   870- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص114؛ وأمالي القالي 2/ 64؛ وشرح شواهد المغني 2/ 581؛ والمقاصد النحوية 3/ 404؛ وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص480؛ ومغني اللبيب 2/ 308. 871- البيت من البسيط، وهو للأحوص في ملحق ديوانه ص221؛ ولسان العرب 14/ 46 "أما"؛ ولسعد بن قرط في خزانة الأدب 11/ 86، 87، 88، 90، 92؛ والدرر 6/ 122؛ وشرح التصريح 2/ 146؛ وشرح شواهد المغني 1/ 186؛ وشرح عمدة الحافظ ص643؛ والمحتسب 1/ 284، 2/ 314؛ والمقاصد النحوية 4/ 153؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 382؛ وتذكرة النحاة ص120؛ والجنى الداني ص533؛ وجواهر الأدب ص414؛ ورصف المباني ص102؛ وشرح المفصل 6/ 75؛ ومغني اللبيب 1/ 59؛ وهمع الهوامع 2/ 135. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فشاذ، وكذلك فتح همزتها وإبدال ميمها الأولى ياء، وفتح همزتها لغة تميم, وبها روي البيت المذكور, وقد يقال: إن قوله في القصد إشارة إلى ذلك أي: إنها مثلها في القصد أي: المعنى لا مطلقًا, سيما أنه لم يعدها في الحروف أول الباب. وقد نقل ابن عصفور اتفاق النحويين على أنها ليست عاطفة, وإنما أوردوها في حروف العطف لمصاحبتها لها. الثالث مقتضى كلامه أنه لا بد من تكرارها وذلك غالب لا لازم فقد يستغنى عن الثانية بذكر ما يغني عنها نحو: إما أن تتكلم بخير وإلا فاسكت، وقراءة أبي: "وَأَنَا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" [سبأ: 24] . وقوله: 872- فَإِمَّا أن تكونَ أخي بصِدْقٍ ... فأعْرِفُ منك غَثِّي من سَمِينِي   باطن القدم ومن مات ارتفعت رجلاه وانتكس رأسه فظهرت نعامته. قوله: "وكذا فتح همزتها وإبدال ميمها إلخ" أي: شاذان أيضًا على سبيل الاجتماع وإلا ففتح همزتها لغة تميمية وقيسية وأسدية. تصريح فضمير ميمها يرجع إلى المفتوحة الهمزة كما في البيت لا ميم إما مطلقًا وإن ثبت الإبدال مع الكسر أيضًا كما في الدماميني عن المصنف. قوله: "أي: المعنى" فيه إشارة إلى أن القصد بمعنى المقصود, وجمل القصد على المعنى مبني على أن المراد بالقصد مقصود جميعهم ومقصود جميعهم المعنى لاختلافهم في العطف. قوله: "وقد نقل ابن عصفور اتفاق النحويين إلخ" أي: وإن كان هذا النقل غير مسلم لما مر في الشرح. قوله: "لمصاحبتها لها" أي: لبعضها وهو الواو. قوله: "مقتضى كلامه" أي: حيث قال الثانية في نحو: إلخ وهذا أولى مما ذكره البعض. قوله: "لا بد من تكرارها" أي: إما لا بقيد كونها الثانية. قوله: "غثى من سميني" غثى من غثت الشاة غثا من باب ضرب أي: ضعفت. ويقال في الكلام الغث والسمين أي: الرديء والجيد, ولعل المعنى فأعرف بك الرديء والجيد مني لتبيينك لي الرديء وإبعادك لي عنه, والجيد وإعانتك لي عليه. ويوجد في بعض النسخ بين البيتين: فلو أنا على حجر ذبحنا ... جرى الدميان بالخبر اليقين وروي مؤخرًا عنهما وهو المتجه. قال شيخنا: وهو ساقط من خط المؤلف ثم قال وأنشده   872- البيتان من الوافر، وهما للمثقب العبدي في ديوانه ص211، 212؛ والأزهية ص140، 141؛ وخزانة الأدب 7/ 489، 11/ 80؛ والدرر 6/ 129؛ وشرح اختيارات المفضل ص1266، 1267؛ وشرح شواهد المغني 1/ 190، 191؛ ومغني اللبيب 1/ 61؛ وله أو لسحيم بن وثيل في المقاصد النحوية 1/ 192، 4/ 149؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص532؛ وجواهر الأدب ص415؛ والمقرب 1/ 232؛ وهمع الهوامع 2/ 135. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 وأَوِل لكن نَفْيًا أو نَهْيًا ولا ... نِداء أو أَمْرًا أو إثْباتًا تَلا   وَإلا فاطَّرِحْنِي واتَّخِذْنِي ... عدُوًّا أَتَّقِيكَ وتَتَّقِينِي وقد يستغنى عن الأولى بالثانية كقوله: 873- تُلِمُّ بدار قَد تقَادَمَ عَهدُها ... وإمّا بأَمْوات أَلَمَّ خَيَلُها أي: أما بدار. والفراء يقيس هذا فيجيز: زيد يقوم وإما يقعد, كما يجوز: أو يقعد. الرابع ليس من أقسام أما التي في قوله: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} ، بل هذه أن الشرطية وما الزائدة "وأول لكن نفيًا أو نهيًا" نحو: ما قام زيد لكن عمرو ولا تضرب زيدًا لكن عمرا. تنبيه: يشترط لكونها عاطفة مع ذلك أن يكون معطوفها مفردًا, وأن لا تقترن بالواو كما مثل, وقد سبق ما في هذا الثاني. وهي حرف ابتداء إن سبقت بإيجاب نحو: قام زيد لكن عمرو لم يقم، ولا يجوز لكن عمرو خلافًا للكوفيين أو تلتها جملة. كقوله:   ابن دريد مع بيتين غير هذين: لعمرك إنني وأبا رباح ... على طول التجاور منذ حين ليبغضني وأبغضه وأيضًا ... يراني دونه وأراه دوني فلو أنا على حجر إلخ, يريد أنهما لشدة العداوة لا يختلط دماؤهما, فلو ذبحا على حجر لافترق الدميان ا. هـ. ثم رأيت في الفارضي في باب النسب أن العرب تقول: إن دم المتباغضين لا يجتمع ا. هـ. قوله: "وقد يستغنى عن الأولى" أي: لفظًا لا تقديرًا دماميني. فقوله كما يجوز أو يقعد تشبيه في مطلق الجواز إذ لا يحتاج إلى تقدير مع أو بخلاف إما, ثم ذكر الدماميني أن ظاهر كلام بعضهم أن الفراء يجيز الاستغناء عن إما الأولى لفظًا وتقديرًا وإجراءها مجرى أو. قوله: "تلم" الضمير يرجع إلى النفس المذكورة في البيت قبله من ألم إذا نزل. وفي بعض النسخ تهاض بالبناء للمجهول من هاض العظم إذا كسره بعد جبره, وعهد الدار ما عهد فيها. قوله: "وقد سبق ما في هذا الثاني" أي: من الخلاف في شرح قوله وأتبعت لفظًا فحسب إلخ. قوله: "وهي إلخ" شروع في محترزات الشروط فكان الأولى التعبير بالفاء. قوله: "ولا يجوز لكن عمرو" أي: على أن عمرو معطوف كما في التوضيح, أما على أنه مبتدأ خبره محذوف فيجوز. قوله: "أو تلتها جملة" أي: أو سبقت بنفي, لكن تلتها جملة فلا ينافي أن المسبوقة بإيجاب لا يتلوها إلا الجملة.   873- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ملحق ديوانه ص1902؛ وشرح شواهد المغني 1/ 193؛ وشرح عمدة الحافظ ص642؛ والمقاصد النحوية 4/ 150؛ وللفرزدق في ديوانه 2/ 71؛ وشرح المفصل 8/ 102؛ والمنصف 3/ 115؛ ولذي الرمة أو للفرزدق في خزانة الأدب 11/ 76، 78؛ والدرر 6/ 124؛ وبلا نسبة في الأزهية ص142؛ والجنى الداني ص533؛ ورصف المباني ص102؛ ومغني اللبيب 1/ 61؛ والمقرب 1/ 132؛ وهمع الهوامع 2/ 135. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   874- إنَّ ابنَ وَرْقاءَ لا تُخْشَى بَوادِرُه ... لكنْ وَقائِعُهُ في الحَرْبِ تُنْتَظَرُ أو تلت واوًا نحو: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} [الأحزاب: 40] ، أي: ولكن كان رسول الله وليس المنصوب معطوفًا بالواو؛ لأن متعاطفي الواو المفردين لا يختلفان بالإيجاب والسلب "ولا نداء أو أمرًا أو إثباتًا تلا" لا مبتدأ خبره تلا، ونداء وما بعده مفعول بتلا. وفي تلا ضمير هو فاعله يرجع إلى لا. والتقدير لا تلا نداء أو أمرًا أو إثباتًا، أي: للعطف بلا شرطان: أحدهما إفراد معطوفها والثاني أن تسبق بأمر أو إثبات اتفاقًا نحو: اضرب زيدًا لا عمرًا وجائني زيد لا عمرو, أو بنداء خلافًا لابن سعدان نحو: يابن أخي لا ابن عمي قال السهيلي: وأن لا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر فلا يجوز: جاءني زيد لا رجل وعكسه،   قوله: "ورقاء" اسم رجل، بوادره جمع بادرة وهي الحدة. تصريح. قوله: "أي: ولكن كان رسول الله إلخ" حاصله أن لكن حرف استدراك لا عاطفة والواو هي العاطفة لجملة حذف بعضها على جملة وهذا مذهب المصنف وتقدم في الشرح بقية الأقوال. وقد يستشكل العطف بأن قضية كون لكن حرف ابتداء استئناف الجملة بعدها لا عطفها بالواو, ويجاب بأن المراد بكونها حرف ابتداء أنها غير عاطفة للجملة فلا ينافي عطفها بغيرها أفاده سم. قوله: "لأن متعاطفي الواو المفردين إلخ" بخلاف الجملتين فيجوز تخالفهما في ذلك نحو: قام زيد ولم يقم عمرو, وقد يقال محل عدم اختلاف متعاطفي الواو إيجابًا وسلبًا إذا لم يصحبها ما يقتضي الاختلاف كلكن فتأمل. قوله: "أي: للعطف بلا إلخ" فيه مسامحة فإن الشرط الأول لا يفيده كلام المصنف. قوله: "شرطان" بقي شرط ثالث وهو: أن لا تقترن بعاطف فإذا قيل: جاءني زيد لا بل عمرو فالعاطف بل ولا رد لما قبلها وليست عاطفة وإذا قلت ما جاءني زيد ولا عمرو فالعاطف الواو ولا تأكيد للنفي. وفي هذا المثال مانع آخر من العطف وهو تقدم النفي وقد اجتمعا في {وَلا الضَّالِّينَ} . مغني. قوله: "إفراد معطوفها" أي: ولو تأويلًا فيجوز: قلت زيد قائم لا زيد قاعد أخذًا من قول الهمع ولا يعطف بها جملة لا محل لها في الأصح. قوله: "وأن لا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر" قال البعض: هو ظاهر فيما إذا كان المتناول والأعم الثاني لا الأول ا. هـ. ولك أن تقول جوازا: جاءني رجل لا زيد إذا جعلت لا بمعنى غير صفة لرجل لا إذا كانت عاطفة كما هو فرض الكلام، وقد علل الفارضي وغيره عدم جواز جاءني زيد لا رجل وعكسه بأن الرجل يصدق بزيد فيلزم التناقض. لا يقال المراد بالرجل غير زيد بقرينة العطف المقتضي للمغايرة فلا تناقض؛ لأنا نقول المغايرة التي يقتضيها العطف صادقة بالمغايرة الجزئية كالمغايرة التي بين العام والخاص والمطلق والمقيد فالتناقض غير منتف بحسب   874- البيت من البسيط، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص306؛ والجني الداني ص589؛ والدرر 6/ 144؛ وشرح التصريح 2/ 147؛ وشرح شواهد المغني 2/ 703؛ واللمع ص180؛ ومغني اللبيب 1/ 292؛ والمقاصد النحوية 4/ 178؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 385؛ وهمع الهوامع 2/ 137. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ويجوز جاءني رجل لا امرأة. وقال الزجاجي: وأن لا يكون المعطوف عليه معمول فعل ماض فلا يجوز: جاءني زيد لا عمرو، ويرده قوله: 875- كَأَنَّ دِثارًا حَلَّقَتْ بِلَبُونِه ... عُقابُ تَنُوفَى لا عُقَابُ القواعِلِ تنبيهات: الأول في معنى الأمر الدعاء والتحضيض. الثاني: أجاز الفراء العطف بها على اسم لعل كما يعطف بها على اسم أن نحو: لعل زيدًا لا عمرًا قائم. الثالث: فائدة العطف بها قصر الحكم على ما قبلها إما قصر إفراد كقولك: زيد كاتب لا شاعر ردا على   مدلول اللفظ, وكالمثالين المذكورين في الامتناع: قام زيد لا الناس وقام الناس لا زيد. نعم قال: التقى السبكي كما حكاه عنه ولده في شرح التلخيص يخطر لي جواز: قام الناس لا زيد إن أريد إخراج زيد من الناس على وجه الاستثناء، لكن لم أر أحدًا من النحاة عدلًا من حروف الاستثناء فاعرف ذلك. قوله: "وقال الزجاجي وأن لا يكون إلخ" علل بأن العامل يقدر بعد العاطف ولا يصح أن يقال: لا جاء عمرو إلا على الدعاء ورد بأنه لو توقف صحة العطف على تقدير العامل بعد العاطف لامتنع ليس زيدًا قائمًا ولا قاعدًا ذكره البعض, ثم رأيته في المغني أي: لمنع لا من تقدير ليس بعد الواو. قوله: "كأن دثارًا إلخ" دثار بكسر الدال المهملة وفتح المثلثة اسم راع واللبون النوق ذات اللبن, وحلقت ذهبت وتنوفى بفتح الفوقية وضم النون وفتح الفاء جبل عال. والقواعل بالقاف ثم العين المهملة الجبال الصغيرة وكني بذلك عن عدم عود هذه اللبون. قوله: "الدعاء" نحو: رحم الله أبا بكر لا أبا جهل وقوله والتحضيض نحو: هلا تضرب زيدًا لا عمرًا, قال ذلك أبو حيان وخالفه الرضي فقال: لا تجيء لا بعد الاستفهام والعرض والتمني والتحضيض ونحو: ذلك ولا بعد النهي ولا يعطف بها الاسمية ولا الماضي, فلا يقال: قام زيد لأقعد؛ لأنها موضوعة لعطف المفردات, وإنما جاز على قلة عطفها المضارع لمضارعته الاسم, ولا يجوز تكريرها كسائر حروف العطف. لا يقال: قام زيد لا عمرو ولا بكر كما تقول: قام زيد وعمرو وبكر، بل لو قصدت ذلك أدخلت الواو في المكرر, وكانت هي العاطفة ولا تأكيد لكنه قال في الكلام على بل قبل لا تجيء بل بعد التحضيض والتمني والترجي والعرض, والأولى أن يجوز استعمالها بعد ما يفيد معنى الأمر والنهي كالتحضيض والعرض ا. هـ. والظاهر أن العرض كالتحضيض عند أبي حيان، ثم القلب إلى جواز مجيء لا بعد الاستفهام أميل نحو: أقام زيد لا عمرو. قوله: "إما قصر إفراد إلخ" لم يذكر قصر التعيين مع أنها تكون له نحو: زيد كاتب لا   875- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص94؛ وجمهرة اللغة ص949؛ والجنى الداني ص295؛ وخزانة الأدب 11/ 177، 178، 181، 184؛ والخصائص 3/ 191؛ وشرح التصريح 2/ 150؛ وشرح شواهد المغني 1/ 441، 2/ 616؛ ولسان العرب 8/ 342 "ملع"؛ ومغني اللبيب 1/ 242؛ والمقاصد النحوية 4/ 154؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 388؛ ومجالس ثعلب ص466؛ والممتع في التصريف 1/ 104. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 وبل كلكِنْ بعد مصحُوبَيْها ... كَلَمْ أكنْ في مَرْبعِ بل تَيْها وانقل بها للثانِ حكمَ الأوَّلِ ... في الخبر المثبَتِ والأمر الجَلِي   من يعتقد أنه كانت وشاعر، وإما قصر قلب كقولك: زيد عالم لا جاهل ردا على من يعتقد أنه جاهل. الرابع أنه قد يحذف المعطوف عليه بلا نحو: أعطيتك لا لتظلم أي: لتعديل لا لتظلم "وبل كلكن" في تقرير حكم ما قبلها وجعل ضده لما بعدها "بعد مصحوبيها" أي: مصحوبي لكن وهما النفي والنهي "كلم أكن في مربع تيها" المربع منزل الربيع، والتيهاء الأرض التي لا يهتدى بها، ونحو: لا تضرب زيدًا بل عمرًا "وانقل بها للثان حكم الأول" فيصير كالمسكوت عنه "في الخبر المثبت والأمر الجلي" كقام زيد بل عمرو وليقم زيد بل عمرو. وأجاز المبرد وعبد الوارث ذلك مع النفي والنهي فتكون ناقلة   شاعر للمتردد في أي: الوصفين ثابت لزيد مع علمه بثبوت أحدهما لا على التعيين. قوله: "كقولك زيد كاتب لا شاعر" في تمثيله لقصر الإفراد بما ذكر ولقصر القلب بقولك: زيد عالم لا جاهل إشارة إلى ما قالوه من اشتراط إمكان اجتماع الوصفين في قصر الإفراد دون قصر القلب. قوله: "قد يحذف المعطوف عليه بلا إلخ" قال شيخنا: كان الأولى تأخيره إلى قول الناظم: وحذف متبوع بدا هنا استبح قوله: "وبل كلكن" اعترض بأنه إحالة على مجهول؛ لأنه لم يذكر أولًا معنى لكن وأجيب بأن وجه الشبه الذي ذكره الشارح مشهور في لكن فالإحالة على مشهور بين النحاة. قوله: "في تقرير إلخ" أي: تثبيته في ذهن السامع والحاصل أنها مع النفي والنهي تفيد أمرين: تأكيدي وهو تقرير ما قبلها وتأسيسي وهو إثبات نقيضه لما بعدها، ومع الخبر المثبت والأمر أمرين تأسيسين إزالة الحكم عما قبلها بحيث صار كالمسكوت عنه وجعله لما بعدها. قال الشمني: قال الرضي: وظاهر كلام الأندلسي وهو الظاهر أنها بعد النفي والنهي أيضًا تصير الحكم الأول كالمسكوت عنه ا. هـ. وفي كون هذا هو الظاهر نظر, وقد عد في المعنى من الأمور التي اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها قولهم بل حرف إضراب, قال وصوابه حرف استدراك وإضراب فإنها بعد النفي والنهي بمنزلة لكن سواء ا. هـ. قوله: "للثان" حذف ياؤه للضرورة. قوله: "فيصير" بالنصب بأن مضمرة في جواب الأمر وقوله: كالمسكوت عنه أي: أصالة وإن صار مسكوتًا عنه لعارض الإضراب فصح الإتيان بالكاف. ومعنى كون زيد في قولك: قام زيد بل عمرو كالمسكوت عنه صيرورته كأنه لم يثبت له قيام ولم ينف عنه. قوله: "والأمر الجلي" أي: الظاهر واحترز به عن العرض والتحضيض كما في الغزي ومر خلافه عن الرضي. قوله: "ذلك" أي: النفل. قوله: "وعلى ذلك" أي: الجواز المذكور. وقوله بل قاعدًا أي: بالنصب على معنى بل ما هو قاعدًا. وأورد على المبرد وعبد الوارث أنه يلزمهما أن ما لا تعمل في قائمًا شيئًا؛ لأن شرط عملها بقاء النفي في المعمول وقد انتقل عنه. وأجيب بأن انتقاضه بعد مضي العمل لا يضر قياسًا على النصب بعد فاء السببية أو واو المعية الواقعين بعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لمعناها إلى ما بعدها، وعلى ذلك فيصح ما زيد قائمًا بل قاعدًا وبل قاعد، ويختلف المعنى. قال الناظم: وما جوزاه مخالف لاستعمال العرب: ومنع الكوفيون أن يعطف بها بعد غير النفي وشبهه ومنعهم ذلك مع سعة روايتهم دليل على قلته. ولا بد لكونها عاطفة من إفراد معطوفها كما رأيت، فإن تلاها جملة كانت حرف ابتداء لا عاطفة على الصحيح. وتفيد حينئذ إضرابًا عما قبلها إما على جهة الإبطال نحو: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26] ، أي: بل هم عباد ونحو: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ} [المؤمنون: 70] ، وإما على جهة الانتقال من غرض إلى آخر نحو: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأعلى: 14] ، {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ، بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا} [المؤمنون: 62] ، وادعى الناظم في شرح الكافية أنها لا تكون في القرآن إلا على هذا الوجه, والصواب ما تقدم. تنبيهان: الأول لا يعطف ببل بعد الاستفهام؛ فلا يقال أضربت زيدًا بل عمرًا ولا نحوه. الثاني: تزاد قبلها لا لتوكيد الإضراب عن جعل الحكم للأول بعد الإيجاب كقوله:   النفي المنتقض بعدهما نحو: وما أصاحب من قوم فأذكرهم ... إلا يزيدهم حبا إليّ هم قوله: "وبل قاعد" أي: على أن قاعد خبر مبتدأ محذوف أي: بل هو قاعد. قوله: "ويختلف المعنى" لأن النصب يقتضي انتفاء القعود والرفع يقتضي ثبوته. قوله: "ومنع الكوفيون إلخ" تورك على النظم بأنه يوهم كثرة العطف ببل في الخبر المثبت والأمر الجلي؛ لأنه ذكره مع العطف بها بعد النفي والنهي من غير تفصيل فتأمل. قوله: "وشبهه" هو النهي. قوله: "وتفيد حينئذٍ" أي: حين إذ تلاها جملة وكلامه يفيد أنها في حال عطفها المفرد ليست للإضراب. قال شيخنا: وفي شرح الفارضي خلافه ا. هـ. وفي المغني أنها للإضراب في الأمر والإيجاب. قوله: "نحو: وقالوا {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَه} إلخ" أي: فبل في نحو ذلك للإضراب الإبطالي بناء على المضرب عنه المقول بالميم، أما إذا كان المضرب عنه القول فالإضراب انتقالي إذ الإخبار بصدور ذلك منهم ثابت لا يتطرق إليه الإبطال. قوله: "والصواب ما تقدم" أجيب عن الناظم بحمل كلامه على أنها لا تكون في القرآن بيقين إلا على وجه الانتقال, والآيتان الأوليان ليست بل فيهما للإضراب الإبطالي بيقين لاحتمال أنها للإضراب عن القول فتكون انتقالية كما مر. قوله: "الأول إلخ" هذا التنبيه يستفاد من النظم. قوله: "لا يعطف ببل" مثلها لكن ولا على ما مر. قوله: "ولا نحوه" بالرفع أي: نحو: هذا التركيب نحو: هل ضربت زيدًا بل عمرًا. قوله: "تزاد قبلها لا" المراد بزيادتها كونها لا للعطف ولا لنفي ما بعدها كما قاله الشمني فلا ينافي أنها نافية للإيجاب قبلها. قوله: "لتوكيد الإضراب عن جعل الحكم للأول بعد الإيجاب" اعلم أن لا بعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 وإنْ عَلى ضَميرِ رَفع متَّصل ... عَطَفْتَ فافصِل بالضميرِ المنفَصِل   876- وَجْهُكَ البَدْرُ لا بَلِ الشَّمْسُ لو لم ... يُقْضَ للشَّمْسِ كَسْفَة أو أَفُولُ ولتوكيد تقرير ما قبلها بعد النفي, ومنع ابن درستويه زيادتها بعد النفي وليس بشيء كقوله: 877- وما هَجَرْتُكِ لا بَل زَادَنِي شَغَفًا ... هجْرٌ وبُعْدٌ تَراخَى لا إلى أجَلِ "وإن على ضمير رفع متصل" مستترًا كان أو بارزًا "عطفت فافصل بالضمير المنفصل" نحو: {لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ} [الأنبياء: 54] ، "أو فاصل ما" إما بين العاطف والمعطوف عليه, وإما بين العاطف والمعطوف كالمفعول به في نحو: {يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ} [الرعد: 23] ولا في نحو: {مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا} [الأنعام: 148] ، وقد   الإيجاب لنفي الإيجاب الذي قبلها وصيرورته نصا في النفي بعد صيرورته بحرف الإضراب لولاها كالمسكوت عنه يحتمل النفي وغيره، وعليه فلا يظهر قول الشارح لتوكيد الإضراب, إذ ليس ما أفادته معنى تأكيديا بل ذلك معنى تأسيسي أفاده الدماميني، وقوله: عن جعل متعلق بالإضراب، وقوله: بعد الإيجاب متعلق بتزاد ومثله قوله: الآتي بعد النفي. ومقتضى جعله بل في قوله: بل الشمس للإضراب, الذي قدم أنه مفاد بل الداخلة على جملة أنها في قوله: بل الشمس داخلة على جملة, أي: بل هو الشمس وليس بلازم كما يفيده ما مر عن شرح الفارضي والمغني، ولك منع الاقتضاء بحمل قوله سابقًا وتفيد حينئذٍ إضرابًا, على معنى أنها إذا تلاها جملة لا تكون إلا للإضراب بخلاف ما إذا تلاها مفرد فإنها للإضراب في الأمر والإيجاب دون النفي والنهي فافهم. قوله: "كسفة أو أفول" الكسفة التغير إلى سواد والأفول الغيبوبة. قوله: "ضمير" قيد أول ولم يأخذ الشارح محترزه لظهوره. قوله: "فافصل بالضمير المنفصل" أي: لأن المتصل المرفوع كالجزء مما اتصل به, فلو عطف عليه كان كالعطف على جزء الكلمة, فإذا أكد بالمنفصل دل إفراده مما اتصل به بالتأكيد على انفصاله فحصل له نوع استقلال, ولم يجعل العطف على هذا التوكيد؛ لأن المعطوف في حكم المعطوف عليه فكان يلزم كون المعطوف تأكيدًا للمتصل وهو باطل. قوله: "أو فاصل ما" قال الشيخ خالد: ما اسم نكرة في موضع جر نعت لفاصل بمعنى أي: فاصل كان، وجوز المكودي أن تكون ما زائدة ا. هـ. وإنما اكتفى بأي فاصل؛ لأن فصل الكلام قد يغني عما هو واجب نحو: أتى القاضي بنت الواقف؛ فلأن يغني عما هو غير واجب أولى. قوله:   876- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في الدرر 6/ 135؛ وشرح التصريح 2/ 148؛ ومغني اللبيب 2/ 113؛ وهمع الهوامع 2/ 136. 877- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 6/ 138؛ وشرح التصريح 2/ 148؛ وشرح شواهد المغني 1/ 348؛ ومغني اللبيب 1/ 113؛ وهمع الهوامع 2/ 136. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 أو فاصِل ما وَبِلا فَصْل يَرِدْ ... في النَّظْم فاشِيا وَضَعْفَهُ اعْتَقِدْ وعودُ حافِض لدى عطف على ... ضمير خفض لازمًا قد جُعلا   اجتمع الفصلان في: {مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ} [الأنعام: 91] "وبلا فصل يرد في النظم فاشيًا وضعفه اعتقد" من ذلك قوله: 878- وَرَجَا الأُخَيطِلُ من سَفاهَةِ رَأْيِهِ ... ما لم يكن وَأَبٌ له ليَنَالا وقوله: 879- قلتُ إذ أَقْبلت وَزُهْرٌ تَهادَى ... كَنِعاجِ الفَلا تَعَسَّفْنَ رَمْلًا وهو على ضعفه جائز في السعة نص عليه الناظم لما حكاه سيبويه من قول بعض العرب مررت برجل سواء والعدم, برفع العدم عطفًا على الضمير المستتر في سواء؛ لأنه مؤول بمشتق أي: مستو هو والعدم وليس بينهما فصل "وعود خافض لدى عطف على ضمير خفض لازمًا قد جعلا" في غير الضرورة وعليه جمهور البصريين نحو: {فَقَالَ لَهَا   "وضعفه اعتقد" أي: على مذهب البصريين وأجازه الكوفيون بلا ضعف قياسًا على البدل نحو: أعجبتني جمالك. والفرق على الأول أن الثاني في العطف غير الأول غالبًا, فلا بد من تقوية الأول بخلاف البدل. وكالبدل التأكيد إلا النفس والعين كما مر في محله. قوله: "ورجا الأخيطل" تصغير الأخطل. ومن في قوله من سفاهة رأيه تعليلية, وما مفعول رجا واللام في قوله: لينًا لا لام الجحود وألفه للتثنية. قوله: "وزهر" أي: ونسوة زهر كحمر جمع زهراء. وأصل تهادى تتهادى أي: تتبختر فحذفت إحدى التاءين والفلا اسم جنس جمعي للفلاة وهي الصحراء. والمراد بنعاج الفلا بقر الوحش تعسفن أي: أخذن على غير الطريق رملًا أي: في رمل وقيد بقوله تعسفن إلخ؛ لأنه أقوى في التبختر. قوله: "وعود خافض" شامل للحرفي والاسمي, لكن لا يعاد الاسمي إلا إذا لم يلبس فإن ألبس نحو: جاءني غلامك وغلام زيد وأنت تريد غلامًا واحدًا مشتركًا بينهما لم يجز نعم يجوز إذا قامت قرينة تدل على المقصود, والذي ارتضاه الدماميني أن المعطوف الجار والمجرور على الجار والمجرور لا المجرور فقط على المجرور كما استظهره الرضي؛ لئلا يلزم إلغاء الجار واتصال الضمير بغير عامله في نحو: المال بيني وبينك ومررت بك وبه وكلاهما محذور راجع حاشية شيخنا. قوله: "وعليه" أي: اللزوم جمهور البصريين؛ لأن الجار والضمير المجرور كالشيء   878- البيت من الكامل، وهو لجرير في ديوانه ص57؛ والدرر 6/ 149؛ وشرح التصريح 2/ 151؛ والمقاصد النحوية 4/ 160؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 476؛ وأوضح المسالك 3/ 390؛ والمقرب 1/ 234؛ وهمع الهوامع 2/ 138. 879- البيت من الخفيف، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ص498؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 101؛ وشرح عمدة الحافظ ص658؛ وشرح المفصل 3/ 76؛ واللمع ص184؛ والمقاصد النحوية 4/ 161؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 79؛ والخصائص 2/ 386؛ وشرح ابن عقيل ص501؛ والكتاب 2/ 379. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 وَليْسَ عِندِي لازِمًا إذْ قد أَتَى ... في النَّظْم والنثر الصحيح مُثْبِتا   وَلِلأَرْضِ} [فصلت: 11] ، {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون: 12] ، {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ} [البقرة: 133] ، قال الناظم: "وليس" عود الخافض "عندي لازمًا" وفاقًا ليونس والأخفش والكوفيين "إذ قد أتى في النظم والنثر الصحيح مثبتًا" فمن النظم قوله: 880- فاذهبْ فما بك والأيامِ من عَجبِ وقوله: 881- وما بينها والكعْبِ غَوطٌ نفَانِفُ   الواحد فإذا عطف بدون الجار فكأنه عطف على بعض الكلمة, وقيل غير ذلك كما بينه شيخنا. قوله: "وليس عندي لازمًا" اختاره أبو حيان وقال: ينبغي أن يقيد جواز العطف على الضمير المجرور بلا إعادة الجار بأن يكون الحرف ليس مختصا بجر الضمير احترازًا من الضمير المجرور بلولا على مذهب سيبويه, فإنه لا يجوز عطف الظاهر عليه بالجر أي: لا بإعادة الجار ولا بدونها أي: ولا عطف الضمير عليه إلا بإعادة الجار, فلو رفعت على توهم أنك قد نطقت بالضمير مرفوعًا ففي جوازه نظر ا. هـ. دماميني. قوله: " فاذهب إلخ" جواب شرط محذوف أي: إذا كنت فعلت الهجو والشتم المذكورين في صدر البيت أعني قوله: فاليوم قد بت تهجونا وتشتمنا فاذهب فإن ذلك ليس بعجيب من مثلك ومثل هذه الأيام. قوله: "وما بينها إلخ" صدره: نعلق في مثل السواري سيوفنا روي نعلق بنون المتكلم ومعه غيره مبنيا للفاعل, وسيوفنا بالنصب على المفعولية، وروي تعلق بتاء التأنيث مبنيا للمجهول وسيوفنا بالرفع على النيابة عن الفاعل, والسواري جمع سارية وهي الأسطوانة والواو في وما حالية وما مبتدأ خبره, غوط جمع غائط وهو المكان المطمئن الواسع وكني بذلك عن طول القامة, ونفانف صفته جمع نفنف وهو الهواء بين الشيئين ويقال للهواء   880- صدره: فاليوم قرَّبْت تهجونا وتشتِمُنا والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الإنصاف ص464؛ وخزانة الأدب 5/ 123، 126، 128، 129، 131؛ والدرر 2/ 81، 6/ 151؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 207؛ وشرح ابن عقيل ص503؛ وشرح عمدة الحافظ ص662؛ وشرح المفصل 3/ 78، 79؛ والكتاب 2/ 392؛ واللمع في العربية ص185؛ والمقاصد النحوية 4/ 163؛ والمقرب 1/ 234؛ وهمع الهوامع 2/ 139. 881- صدره: نُعلِّق في مثل السَّواري سُيوفَنَا والبيت من الطويل، وهو لمسكين الدارمي في ديوانه ص53 "وفيه نتائف بدل نفانف"؛ والحيوان 6/ 494؛ والمقاصد النحوية 4/ 164؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 465؛ وشرح عمدة الحافظ ص663؛ وشرح المفصل 3/ 79؛ ولسان العرب 7/ 365 "غوط". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 والفاء قد تُحذَف مع ما عَطَفَت ... والواو لا لَبْسَ وهي انْفَرَدَتْ   وهو كثير في الشعر. ومن النثر قراءة ابن عباس والحسن وغيرهما: {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1] ، وحكاية قطرب ما فيها غيره وفرسه قيل ومنه: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 217] ، إذ ليس العطف على السبيل؛ لأنه صلة المصدر وقد عطف عليه كفر ولا يعطف على المصدر حتى تكمل معمولاته. تنبيهان: الأول في المسلة مذهب ثالث وهو أنه إذا أكد الضمير جاز نحو: مررت بك أنت وزيد، وهو مذهب الجرمي والزيادي. وحاصل كلام الفراء فإنه أجاز مررت به نفسه وزيد، ومررت بهم كلهم وزيد. الثاني أفهم كلامه جواز العطف على الضمير المنفصل مطلقًا, وعلى المتصل المنصوب بلا شرط نحو: أنا وزيد قائمان، وإياك والأسد، ونحو: {جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ} [المرسلات: 38] ، "والفاء قد تحذف مع ما عطفت   الشديد كذا في العيني، ومثل السواري صفة لمحذوف أي: في قامات مثل السواري طولًا, ومراده بالكعب كعب حامل تلك السيوف هكذا يظهر. قوله: "وغيرهما" كحمزة من السبعة. قوله: "تساءلون به" قال شيخنا بتخفيف السين ا. هـ. وأما ما قيل إن الواو للقسم لا للعطف فعدول عن الظاهر مع أنه إن كان قسم الطلب في قوله: واتقوا الله, ورد عليه أن قسم السؤال إنما يكون بالباء كما قاله الرضي وغيره وإن كان قسم خبر محذوف تقديره والأرحام أنه لمطلع على ما تفعلون, كما قيل كان زيادة في التكلف. قوله: "قيل ومنه إلخ" وقيل خفض المسجد بباء محذوفة لدلالة ما قبلها عليها لا بالعطف فيكون مجموع الجار والمجرور معطوفًا على به وصوبه في المغني وكذا يقال في مثل هذه الآية. وأورد عليه أن حذف الجار وبقاء عمله شاذ إلا في مواضع تقدمت في حروف الجر ليس هذا منها, اللهم إلا أن يقال محل المنع إذا حذف غير تال لعاطف مسبوق بمثال الجار. قوله: "لأنه" أي: السبيل صلة المصدر أي: فكذا ما عطف على السبيل. قوله: "حتى تكمل معمولاته" لئلا يلزم الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي. قوله: "إذا أكد الضمير جاز" أي: قياسًا على العطف على ضمير الفاعل إذا أكد, والجامع شدة الاتصال بما يتصلان به, وفرق الأول بأوجه: منها أن الضمير المجرور أشد اتصالًا من ضمير الفاعل بدليل أن ضمير الفاعل قد يجعل منفصلًا عند إرادة الحصر ويفصل بينه وبين الفعل, ولا يمكن الفصل بين الضمير المجرور وعامله كما ذكره السيوطي فلم يؤثر توكيده جواز العطف. قوله: "جواز العطف على الضمير المنفصل إلخ" أي: لأن كلا من المذكورين ليس كالجزء فأجري مجرى الظاهر وقوله مطلقًا أي: مرفوعًا كان أو منصوبًا. قوله: "والفاء قد تحذف إلخ" هذه الأبيات الثلاثة كلام يتعلق بحروف العطف فكان ينبغي أن تذكر قبل ذكر أحكام المعطوف, وأن تكون إلى جانب قوله واخصص بفاء البيت ا. هـ. نكت. قوله: "إذ لا لبس" أي: وقت عدم اللبس فإذ ظرفية لا تعليلية كما يشير إليه قول الشارح هو قيد فيهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والواو إذ لا لبس" هو قيد فيهما، أي: تختص الفاء والواو بجواز حذفهما مع معطوفهما لدليل مثاله في الفاء: {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَت} ، أي: فضرب فانفجرت وهذا الفعل المحذوف معطوف على فقلنا. ومثاله في الواو قوله: 882- فما كان بيْنَ الخير لو جاء سالِمًا ... أبو حُجُرٍ إلا ليالٍ قلائِلُ أي: بين الخير وبيني، وقولهم: راكب الناقة راكب الناقة طليحان أي: والناقة، ومنه: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أي: والبرد. تنبيهان: الأول أم تشاركهما في ذلك كما ذكره في التسهيل ومنه قوله: 883- فما أدْرِي أَرُشْدٌ طِلابُها أي: أم غي. وإنما لم يذكرها هنا لقلته فيها. الثاني قد يحذف العاطف وحده، ومنه   قوله: "أن اضرب إلخ" الصواب حذف أن أو إبدال, فانفجرت بفانبجست؛ لأن الآية التي فيها فانفجرت هكذا فقلنا: اضرب إلخ, والآية التي فيها أن هكذا: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ} [الأعراف: 160] ، وقوله بعد في غالب النسخ معطوف على فقلنا: يدل على أنه أراد آية فقلنا: اضرب إلخ, فكان عليه أن يحذف أن ويقول فقلناك اضرب إلخ, وقد وجد ذلك في بعض النسخ. قوله: "أي: فضرب فانفجرت" قال البهاء السبكي: طوى ذكر فضرب هنا لسرعة الامتثال, حتى إن أثره وهو الانفجار لم يتأخر عن الأمر, ثم قيل فضرب كله محذوف. وقال ابن عصفور: حذف ضرب وفاء فانفجرت والفاء الباقية فاء فضرب ليكون على المحذوف دليل ببقاء بعضه. دماميني. قوله: "معطوف على فقلنا" فيه مسامحة ظاهرة. قوله: "بين الخبر" خبر كان مقدم وقوله: أبو حجر بضم الحاء والجيم. قوله: "طليحان" أي: ضعيفان فكون الخبر مثنى دليل على حذف المعطوف. ويحتمل أن يكون الأصل أحد طليحين فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه, كما قاله الموضح في شرح بانت سعاد وحينئذٍ لا شاهد فيه, لكن قال في المغني: هذا لا يتأتى في نحو: غلام زيد ضربتهما. قوله: "أي: أم غي" إنما يلزم تقدير ما ذكر بناء على أن الهمزة دائمًا لا تكون إلا معادلة بين   882- البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص120؛ وشرح التصريح 2/ 153؛ وشرح عمدة الحافظ ص648؛ والمقاصد النحوية 4/ 167؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 396. 883- تمامه: دعاني إليها القلب إني لأمره ... سَمِيع فما أدري أَرُشْدٌ طِلابُها والبيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في تخليص الشواهد ص140؛ وخزانة الأدب 11/ 251؛ والدرر 6/ 102؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 43؛ وشرح عمدة الحافظ ص655؛ وشرح شواهد المغني ص26، 142؛ ومغني اللبيب ص13؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 132. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 بِعَطْفِ عامِلٍ مُزالٍ قَدْ بَقِي ... مَعْمُولُهُ دَفْعًا لِوَهْمٍ اتُّقِي   قوله: 884- كيفَ أصبحتَ كيف أمسيتَ مِمَّا ... يَغْرِسُ الوُدَّ في فؤادِ الكريمِ أراد كيف أصبحت وكيف أمسيت. وفي الحديث: "تصدق رجل ديناره من درهمه من صاع بره من صاع تمره" وحكى أبو عثمان عن أبي زيد أنه سمع: أكلت خبزًا لحمًا تمرًا، أراد خبزًا ولحمًا وتمرًا, ولا يكون ذلك إلا في الواو وأو "وهي" أي: الواو "انفردت" من بين حروف العطف "بعطف عامل مزال" أي: محذوف "قد بقي معموله" مرفوعًا كان نحو: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35، الأعراف: 19] ، أي: وليسكن زوجك، أو منصوبًا نحو: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9] أي: وألفوا   شيئين إما مصرح بهما كما تقدم أو بأحدهما كالبيت فإن طلابها حاصل فلا يسأل عن حصوله وإنما يسأل هل هو رشد أو غي. وقد أسلفنا في مبحث أم تنظير ابن هشام في ذلك فتنبه. بقي أن الزمخشري أجاز حذف ما عطفت عليه أم فقال في أم كنتم شهداء: يجوز كون أم متصلة على أن الخطاب لليهود وحذف معادلها أي: أتدعون على الأنبياء اليهودية أم كنتم شهداء, وجوز ذلك الواحدي أيضًا, وقدر أبلغكم ما تنسبون إلى يعقوب من إيصاء بنيه باليهودية أم كنتم شهداء نقله في المغني وأقره. قوله: "قد يحذف العاطف وحده" أي: على قول الفارسي وابن عصفور ومنعه ابن جني والسهيلي. وإنما جاز حذف حرف الاستفهام اتفاقًا؛ لأن للاستفهام هيئة تخالف هيئة الإخبار. قوله: "ومنه قوله إلخ" خرج المانع الأمثلة على بدل الإضراب كما في الدماميني ويحتمل بعضها الاستئناف كالبيت. قوله: "إلا في الواو وأو" كذا في نسخ وفي نسخ أخرى إسقاط قوله وأو والأولى هي الموافقة لقوله في التسهيل ويشاركها أي: الواو في ذلك أو، ومثله الدماميني بقول عمر رضي الله تعالى عنه: صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص في إزار وقباء. وقال في المغني: حكى أبو الحسن: أعطه درهمًا درهمين ثلاثة، وخرج على إضمار أو ويحتمل البدل المذكور ا. هـ. قال الدماميني: وظاهره أن الفاء لا تشاركهما في ذلك وقد قيل في علمته النحو بابا بابا إن تقديره بابا فبابا, ويشهد لذلك قولهم: ادخلوا الأول فالأول. قوله: "بعطف عامل إلخ" أو رد عليه ابن هشام أن الفاء تعطف عاملًا حذف وبقي معموله نحو: اشتريته بدرهم فصاعدًا؛ لأن تقديره فذهب الثمن صاعدًا. قوله: "أي: وليسكن زوجك" فيه أن اجتماع حذف الفعل ولام الأمر شاذ فلا يحسن تخريج التنزيل عليه كذا في التصريح, قال سم ويمكن أن يقال: إن من قدر ذلك أراد بيان معنى المقدر لا نفسه أي: ويسكن والجملة حينئذٍ خبرية لفظًا إنشائية معنى. قوله: "تبوؤا الدار" أي   884- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 134؛ والخصائص 1/ 290، 2/ 280؛ والدرر 6/ 155؛ وديوان المعاني 2/ 225؛ ورصف المباني ص414؛ وشرح عمدة الحافظ ص641؛ وهمع الهوامع 2/ 140. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 وحَذْفَ مَتْبوع بدا هنا اسْتَبِح ... وعطفُكَ الفعْلَ على الفِعْلِ يَصِحّ   الإيمان، أو مجرورًا نحو: ما كل بيضاء شحمة ولا سوداء تمرة، أي: ولا كل سوداء. وإنما لم يجعل العطف فيهن على الموجود "دفعا لوهم اتقي" أي: حذر وهو أنه يلزم في الأول رفع فعل الأمر للاسم الظاهر، وفي الثاني كون الإيمان متبوأ وإنما يتبوأ المنزل، وفي الثالث العطف على معمولي عاملين. ولا يجوز في الثاني أن يكون الإيمان مفعولا معه لعدم الفائدة في تقييد الأنصار بمصاحبة الإيمان إذ هو أمر معلوم "وحذف متبوع" أي: معطوف عليه "بدا" أي: ظهر "هنا" أي: في هذا الموضع وهو العطف بالواو والفاء؛ لأن الكلام فيهما "استبح" كقول بعضهم: وبك وأهلًا وسهلًا جوابًا لمن قال له: مرحبًا بك، والتقدير ومرحبًا بك وأهلًا ونحو: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} [الزخرف: 5] ، أي: أنهملكم فنضرب، ونحو: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [سبأ: 9] ، أي: أعموا فلم يروا. وأما حذفه مع أو في قوله:   نزلوها وأما تبوأ له فبمعنى هيأ له. قوله: "أي: وألفوا الإيمان" أي: فالعطف من عطف الجمل وجعله قوم من عطف المفردات بتضمين الفعل الأول معنى فعل يتسلط به على المعطوف أي: آثروا الدار والإيمان والوجهان في: وزججن الحواجب والعيونا قوله: "وهو أنه يلزم إلخ" كذا في التوضيح وفيه أن هذه اللوازم المذكورة متحققة على تقدير العطف على الموجود لا متوهمة حتى يقال دفعًا لوهم اتقى, بل كان المناسب إذا كان المراد هذا أن يقال دفعًا لأمر اتقى, إلا أن يقال المراد بالوهم الخطأ. قوله: "يلزم في الأول إلخ" قد يقال يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل, ورب شيء يصح تبعًا ولا يصح استقلالًا ا. هـ. مغني فلا يشترط لصحة العطف صحة وقوع المعطوف موقع المعطوف عليه. قوله: "متبوأ" أي: منزولًا. قوله: "على معمولي عاملين" مختلفين العاملان ما وكل والمعمولان بيضاء وشحمة. قوله: "في تقييد الأنصار" كذا في نسخ وهو الموافق لما عليه المفسرون من أن الآية واردة في الأنصار. وفي نسخ المهاجرين وهي غير موافقة إلا أن تقرأ بفتح الجيم أي: المهاجر إليهم. قوله: "وحذف متبوع بدا هنا استبح" لم يذكر ذلك مع أم وقد قيل في أم حسبتم أن تدخلوا الجنة إن أم متصلة فالتقدير: أعلمتم أن الجنة حفت بالمكاره أم حسبتم. ومر عن الزمخشري والواحدي تجويز ذلك في أم كنتم شهداء, وأسلف الشارح أن المعطوف عليه بلا قد يحذف نحو: أعطيتك لا لتظلم أي: لتعدل لا لتظلم. قوله: "وبك وأهلًا" الواو الأولى لعطف جميع الكلام على كلام المتكلم الأول كالواو في وعليكم السلام جوابًا لمن قال: السلام عليكم, والثانية لعطف أهلًا على مرحبًا المقدر عطف مفرد على مفرد وهي محل الاستشهاد كذا في التصريح, وقوله: والثانية إلخ مبني على أن العامل في الجميع واحد أي: صادفت كذا وكذا ومنهم من جعل ذلك من عطف الجمل وقدر لكل واحد ما يناسبه، وسيبويه يجعل مرحبًا وأهلًا منصوبين على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   885- فَهَل لكَ أو من والِد لكَ قَبْلَنا أي: فهل لك من أخ أو من والد فنادر. تنبيهان: الأول قال في التسهيل: ويغني عن المعطوف عليه المعطوف بالواو كثيرًا وبالفاء قليلًا. الثاني: قال فيه أيضًا وقد يتقدم المعطوف بالواو وللضرورة. وقال في الكافية: ومتبع بالواو قد يقدم موسطًا أي: يلتزم ما يلزم. وظاهره جوازه في الاختيار على قلة. قال في شرحها قد يقع أي: المعطوف قبل المعطوف عليه إن لم يخرجه التقديم إلى التصدير أو إلى   المصدر نقل ذلك شيخنا عن الطبلاوي. قوله: "قال في التسهيل إلخ" تفصيل لما أجمله المتن دفع به توهم المساواة. قوله: "وقد يتقدم المعطوف بالواو" خالف هشام في التخصيص بالواو وأجراه في الفاء وثم وأو ولا قاله السيوطي. فائدة: فصل الواو والفاء من المعطوف بهما ضرورة وفصل غيرهما سائغ بقسم وظرف سواء كان المعطوف اسمًا نحو: قام زيد ثم والله عمرو وما ضربت زيدًا لكن في الدار عمرًا، أم فعلًا نحو: قام زيد ثم في الدار قعد أو بل والله قعد ا. هـ. همع. وألحق أبو حيان الحال بالظرف؛ لأنها مفعول فيه في المعنى وبنى عليه إعرابه أشد من قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200] ، حالًا من ذكر المعطوف على كذكركم قال: لأن المعنى اذكروا الله ذكرًا كذكركم آباءكم أو ذكرًا أشد فأشد في الأصل صفة ذكرًا, فلما قدم عليه أعرب حالًا منه، وجوز وجهًا آخر وهو أن يكون ذكرًا مصدرًا لاذكروا, ويكون كذكركم آباءكم في موضع نصب على الحال من ذكرًا وأشد معطوف على كذكركم فتكون حالًا معطوفة على حال, وعدل كما قاله إلى هذين الوجهين عن كون ذكرًا تمييزًا لاقتضائه أن الذكر ذاكر, ومنهم من التزمه على الإسناد المجازي من وصف الشيء بوصف صاحبه نحو: جده أجد. وفي الكشاف أن أو أشد ذكرًا في موضع جر عطف على ضمير المخاطبين في كذكركم مثل ذكر قريش آباءهم أو قوم أشد منهم ذكرًا, أو في موضع نصب عطف على آباءكم أي: أو أشد ذكرًا من آبائكم على أن ذكرًا من فعل المعلوم أو المجهول قال التفتازاني: وتحقيقه أن المصدر عبارة عن أن مع الفعل والفعل قد يؤخذ مبنيًا للفاعل, وقد يؤخذ مبنيا للمفعول, والمعنى على الأول أو قوم أشد ذاكرية, وعلى الثاني أو قوم أشد مذكورية واختار ابن الحاجب أن أشد ذكرًا حال من محذوف والعطف من عطف الجمل والتقدير: أو اذكروه حال كونكم أشد ذكرًا. قوله: "للضرورة" تخصيصه بالضرورة مذهب البصريين ومذهب الكوفيين جوازه اختيارًا   885- عجزه: يُوَسِّمُ أولادَ العِشارِ ويُفْضِلُ والبيت من الطويل، وهو لأمية بن أبي عائذ الهذلي في الدرر 6/ 156؛ وشرح أشعار الهذليين 2/ 537؛ وشرح عمدة الحافظ ص670؛ والمقاصد النحوية 4/ 182؛ وللهذلي في همع الهوامع 2/ 140. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مباشرة عامل لا يتصرف أو تقدم عليه ولذا قلت: موسطًا أن يلتزم ما يلزم، فلا يجوز وعمرو زيد قائمان لتصدر المعطوف وفوات توسطه، ولا ما أحسن وعمرًا زيدًا، ولا ما وعمرًا أحسن زيدًا لعدم تصرف العامل. ومثال التقديم الجائز قول ذي الرمة: 886- كَأَنَّا عَلَى أولادِ أَحْقَبَ لاحَها ... وَرَمَى السَّفى أنْفاسَها بِسِهامِ جَنوبٌ دوَتْ عنها التَّناهِي وأَنْزَلَتْ ... بها يومَ رَبَّابِ السَّفيرِ خِيامُ أراد لاحها جنوب ورمى السفى. ومنه قول الآخر: 887- وأنت غَرِيم لا أظنُّ قَضاءَهُ ... ولا العَنَزِيُّ القارِظُ الدَّهْرَ جائِيًا   بقلة. قوله: "إن لم يخرجه التقديم إلخ" أي: ولم يكن المعطوف مخفوضًا فلا يجوز: مررت وزيد بعمرو, ولم يكن العامل مما لا يستغنى بواحد فلا يقال اختصم وعمرو زيد خلافًا لثعلب كذا في السيوطي والدماميني. قوله: "أو تقدم عليه" عطف على مباشرة أي: أو يخرجه التقديم إلى تقدمه على عامل لا يتصرف كالمثال الأخير وفي نسخ أو التقدم عليه وهي ظاهرة. قوله: "وفوات توسطه" عطف لازم. قوله: "كأنا على أولاد" أي: حمر أولاد أحقب أي: أولاد فحل من الحمير أحقب أي: في موضع الحقيبة منه وهو مؤخره بياض لاحها بالحاء المهملة أي: غيرها. والسفي بفتح السين المهملة والفاء قال في القاموس: هو التراب, والهزال وكل شجر له شوك واحدته سفاة ا. هـ. والمعنى الأول والثالث يناسبان هنا. وأما قول البعض هو شوك مخصوص فمع كونه مخالفًا لما في القاموس هو غير مناسب لقوله بسهام؛ لأن معناه بشوك كالسهام كما قاله هو وسيأتي، أنفاسها أي: الأولاد على حذف مضاف أي: محل أنفاسها، بسهام متعلق برمي أي: بشوك كالسهام، جنوب فاعل لاحها والجنوب ريح معلومة. دوت بالدال المهملة قال في القاموس: دوي الماء أي: علاه ما تسفيه الريح ا. هـ. فقول البعض أي: جفت فيه نظر. وأما ذوي بالمعجمة ففي القاموس ذوي البقل كرمي ورضي ذويًا كصلى ذبل وأذواه الحر ا. هـ. عنها أي: عن الجنوب أي: من أجلها، التناهي فاعل ذوت وهي جمع تنهية وهي الموضع الذي ينتهي الماء إليه ويحبس فيه، وأنزلت بها أرجع البعض الضمير لأولاد أحقب وعليه فأنزلت عطف على لاحها ولعل المعنى عليه وحملت فوقها الخيام, ويحتمل رجوعه إلى الجنوب فتكون الباء في بها سببية. قال البعض: والمراد بيوم رباب السفير يوم شدة الحر ا. هـ. وفي القاموس الرباب كرمان وشداد الجماعة، وذكر للسفير معاني أنسبها هنا الرياح يسفر بعضها بعضًا. وفي البيت من عيوب القافية الإقواء. قوله: "ومنه قول الآخر" قال بعضهم: هو من كلام ذي الرمة فكان الموافق الإتيان بالضمير   886- البيتان من الطويل، وهما لذي الرمة في ديوانه ص1071، وشرح أبيات سيبويه 1/ 483؛ والكتاب 2/ 99، 100؛ ولسان العرب 12/ 210 "سهم"؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص862. 887- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 347. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 واعْطِف على اسم شِبه فِعل فِعْلا ... وعكسًا استَعمِل تَجِده َسْهلا   أراد لا أظن قضاءه جائيًا هو ولا العنزي "وعطفك الفعل على الفعل يصح" بشرط اتحاد زمانيهما سواء اتحد نوعهما نحو: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ} [الفرقان: 49] {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} [محمد: 36] أم اختلفا نحو: قوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود: 98] ، {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي} [الفرقان: 10] الآية "واعطف على اسم شبه فعل فعلا" نحو: {صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} [الملك: 19] ، {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا، فَأَثَرْنَ}   العائد على ذي الرمة بدل التعبير بالآخر. قوله: "وأنت" بكسر التاء؛ لأن الخطاب لمحبوبته, والعنزي بفتح العين المهملة والنون بعدها زاي نسبة إلى عنزة قبيلة, وهو أحد رجلين خرجا يجنيان القرظ فلم يرجعا أصلًا فضرب بهما المثل. قوله: "وعطفك الفعل إلخ" قال ابن هشام: قال بعض الطلبة: لا يتصور لعطف الفعل على الفعل مثال؛ لأن نحو: قام زيد وقعد عمرو المعطوف فيه جملة لا فعل وكذا قام وقعد زيد؛ لأن في أحد الفعلين ضميرًا. قلت له: فإذا قلت: يعجبني أن تقوم وتخرج ولم تقم وتخرج ويعجبني أن يقوم زيد ويخرج عمرو فيا لها خجلة وقع فيها ا. هـ. سيوطي. ووجهه أن الفعل المعطوف منصوب أو مجزوم فلولا أن العطف للفعل وحده لم يتأت نصبه أو جزمه ا. هـ سم. قوله: "بشرط اتحاد زمانيهما" أي: مضيًا أو حالًا أو استقبالًا. قوله: "سواء اتحد نوعهما" أي: المتعاطفين بأن كانا ماضيين أو مضارعين أو أمرين. قوله: "نحو: يقدم قومه إلخ" فأوردهم معطوف على يقدم؛ لأنه بمعنى يوردهم كما قاله أبو البقاء. قال شيخ الإسلام زكريا: ويحتمل أن يكون أوردهم معطوفًا على اتبعوا أمر فرعون فلا اختلاف في اللفظ, ويرد عليه وإن أقره شيخنا والبعض أن زمني المتعاطفين حينئذٍ مختلفان لمضي زمن الاتباع واستقبال زمن الإيراد فلم يوجد شرط عطف الفعل على الفعل, إلا أن يراد بالنار ما يشمل نار القبر ومتباعدان جدا فلا وجه حينئذٍ للفاء فتدبر. ثم يحتمل أن يكون العطف في الآية من عطف الجملة على الجملة لا الفعل على الفعل وكذا في كثير من الأمثلة لكن لا يضر الاحتمال إذا كان المقصود التمثيل لا الاستشهاد. قوله: "تبارك الذي إلخ" الشاهد في ويجعل على قراءة الجزم عطفًا على جعل الذي هو في محل جزم. قوله: "فالمغيرات صبحًا" ظاهره أن أثرن معطوف على مغيرات وبه صرح في التصريح مع أنهم قالوا: إن المعطوفات إذا تكررت تكون على الأول على الأصح ويجاب بأن ذلك مقيد بما إذا لم يكن العاطف مرتبًا, فإن كان مرتبًا فالعطف على ما يليه, كما نقل عن الكمال ابن الهمام وإذا عطف بمرتب أشياء, ثم عطف بغير مرتب شيء فهو على ما يليه, كما يؤخذ من كلام المغني في أول الجملة الرابعة من الجمل التي لا محل لها, وينظر بكل تقدير محل أثرن من الإعراب, فإنه لا جائز أن يكون الجر لعدم دخوله الأفعال ولا جائز أن يكون غيره لعدم وجوده, إذ الفرض أنه معطوف على مجرور فقط إلا أن يقال محل قولهم الجر لا يدخل الأفعال إذا كان ذلك على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [العاديات: 3] . لاتحاد جنس المتعاطفين في التأويل، إذ المعطوف في المثال الأول في تأويل المعطوف عليه وفي الثاني بالعكس "وعكسًا استعمل تجده سهلا" كقوله: 888- أُمَّ صَبِيٍّ قَدْ حَبَى أو دَارِجِ 889- يَقْصِدُ في أَسْوُقِهَا وجَائِرِ   سبيل الاستقلال أما على سبيل التبع كما هنا فيدخل, فإن قلت: صرحوا بأن الجملة الفعلية تقع في محل جر فلِمَ لم تكن جملة فأثرن في محل جر؟ قلت: الفرض أن المعطوف الفعل وحده كما صرحوا به لا الجملة بأسرها ا. هـ. دنوشري. وأجاب الإسقاطي بأن الذي يظهر أن أثرن لا محل له من الإعراب لعطفه على ما لا محل له وهو صلة أل, وما فيها من إعراب ليس بطريق الأصالة حتى يراعى في الفعل المعطوف بل بطريق العارية من أل الموصولة؛ لكونها على صورة الحرف نقلوا إعرابها إلى صلتها فجاز أن يعطف عليها ما لا محل له نظرًا لأصلها. قوله: "إذ المعطوف في المثال الأول في تأويل المعطوف عليه" أي: لأن صافات حال والأصل في الحال الإفراد فيقبضن مؤول بقابضات, وهذا على سبيل الأولوية إذ يجوز كون المؤول هو المعطوف عليه, وكذا يقال في نظائره وفي الكلام حذف مضاف أي: في تأويل مثل المعطوف عليه, وكذا يقال فيما بعده. قوله: "وفي الثاني بالعكس" أي: لأن المعطوف عليه صلة وحقها أن تكون جملة فالمغيرات مؤول باللاتي أغرن. قوله: "أم صبي إلخ" صدره: يا رب بيضاء من العواهج جمع عوهج وهو الطويل العنق من الظباء والنعام والنوق، والمراد هنا المرأة التامة الخلق. ويجوز في أم الجر عطف بيان لبيضاء باعتبار اللفظ والرفع عطف بيان لبيضاء باعتبار المحل أو خبر محذوف، والنصب بتقدير أمدح والمؤول هو الأول؛ لأنه وصف والأصل فيه الإفراد على ما ارتضاه الشارح بعد وسيأتي ما فيه, والدارج المقارب بين خطاه وقد يشكل جر دارج مع عطفه على الفعل وحده إلا أن ينزل منزلة العطف على الجملة. قوله: "يقصد إلخ" صدره: بات يعشيها بعضب باتر ضمير يعشيها للمرأة؛ لأنه في وصف رجل يعاقب امرأته بالعضب الباتر أي: السيف القاطع.   888- صدره: يا رب بيضاء من العَواهِج والرجز لجندب بن عمرو في خزانة الأدب 4/ 238؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 394؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 641؛ وشرح التصريح 2/ 152؛ ولسان العرب 2/ 331 "كهج"؛ والمقاصد النحوية 4/ 173. 889- صدره: بات يُعَشِّيها بعَضْبٍ باتِرِ والرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 140، 143، وشرح ابن عقيل ص 506؛ ولسان العرب 11/ 600، "كهل"، 15/ 62 "عشا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 174. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وجعل منه الناظم {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} [يونس: 31] ، وقدر الزمخشري عطف مخرج على فالق، وجعل ابن الناظم تبعًا لأصله المعطوف في البيتين في تأويل المعطوف عليه، والذي يظهر عكسه؛ لأنه المعطوف عليه وقع نعتًا والأصل فيه أن يكون اسمًا. خاتمة: في مسائل متفرقة: الأولى يشترط لصحة العطف صلاحية المعطوف أو ما هو بمعناه لمباشرة العامل، فالأول نحو: قام زيد وعمرو، والثاني نحو: قام زيد وأنا، فإنه لا يصلح قام أنا ولكن يصلح قمت والتاء بمعنى أنا، فإن لم يصلح هو أو ما هو بمعناه لمباشرة العامل، أضمر له عامل يلائمه وجعل من عطف الجمل, وذلك كالمعطوف على الضمير المرفوع بالمضارع ذي الهمزة أو النون أو تاء المخاطب أو بفعل الأمر نحو: أقوم أنا وزيد، ونقوم نحن وزيد، وتقوم أنت وزيد واسكن أنت وزوجك الجنة أي: وليسكن زوجك، وكذلك باقيها، وكذلك المضارع المفتتح بتاء التأنيث نحو: {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: 233] ، قال الناظم: قال الشيخ أبو حيان: وما ذهب إليه مخالف لما تضافرت عليه نصوص النحويين والمعربين من أن زوجك معطوف على الضمير المستكن في اسكن المؤكد بأنت. الثانية لا يشترط في صحة العطف صحة وقوع المعطوف موقع المعطوف عليه لصحة قام زيد وأنا وامتناع قام أنا وزيد. الثالثة: لا يشترط صحة تقدير العامل بعد العاطف لصحة اختصم زيد وعمرو وامتناع اختصم   ويقصد من القصد ضد الجور في محل جر صفة ثانية لعضب في تأويل قاصد؛ لأنه وصف والأصل فيه الإفراد وجعله العيني حالًا ويرده جر المعطوف. والأسوق جمع ساق. قوله: "والذي يظهر عكسه إلخ" أقول هذا إنما يتم في البيت الثاني أما في الأول فلا؛ لأن ما علل به معارض بوجود قد في الأول بل وجودها فيه أقوى مما علل به؛ لأنها تبعد كون الفعل في تأويل الاسم, فالوجه أن المؤول في البيت الأول الثاني, وفي الثاني الأول فعليك بالإنصاف. قوله: "فإنه لا يصلح قام أنا" أي: هذا التركيب بعينه فلا يرد أنه يصلح أن يقال إنما قام أنا فأنا قد باشرت العامل. قوله: "من أن زوجك معطوف على الضمير المستكن في اسكن" أي: ويغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل, وكذا يقال في بقية الأمثلة المتقدمة والبدل أيضًا على هذين القولين نحو: ادخلوا أولكم وآخركم, فيقدر عامل على الأول ويكون من إبدال الجمل بعضها من بعض ولا يحتاج إليه على الثاني. قوله: "لا يشترط في صحة العطف صحة وقوع المعطوف" أي: بنفسه وهذا مستفاد من قوله في المسألة الأولى, أو ما هو بمعناه فإنه يفيد أنه لا يشترط صحة وقوعه بنفسه هكذا ينبغي تقرير الاعتراض لا كما قرره البعض. قوله: "منعه البيانيون" قال السيد: منع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   زيد واختصم عمرو. الرابعة: في عطف الخبر على الإنشاء وعكسه خلاف منعه البيانيون والناظم في شرح باب المفعول معه من كتاب التسهيل وابن عصفور في شرح الإيضاح, ونقله عن الأكثرين وأجازه الصفار تلميذ ابن عصفور وجماعة مستدلين بنحو: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا} [البقرة: 25] ، في سورة البقرة: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 47] ، في سورة الصف. قال أبو حيان: وأجاز سيبويه جاءني زيد ومن عمرو والعاقلان على أن يكون العاقلان خبرًا لمحذوف، ويؤيده قوله:   البيانيين إنما هو في الجمل التي لا محل لها بخلاف التي لها محل, فإن ذلك جائز فبها وكفاك حجة قاطعة على جوازه قوله تعالى: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173] ، وليس مختصا بالجمل المحكية بالقول إذ لا يشك من له مسكة في حسن قولك: زيد أبوه صالح وما أفسقه ووجه الجواز أن الجمل التي لها محل واقعة موقع المفردات, فليست النسب بين أجزائها مقصودة بالذات فلا التفات إلى اختلاف تلك النسب بالخبرية والإنشائية بخلاف ما لا محل لها ا. هـ. شمني. قوله: "وأجازه الصفار إلخ" قال البهاء السبكي: أهل البيان متفقون على منعه وكثير من النحاة جوزه ولا خلاف بين الفريقين؛ لأنه عند مجوزه يجوز لغة ولا يجوز بلاغة ا. هـ. شمني. وفيه عندي نظر وإن أقره شيخنا والبعض؛ لأن عدم جوازه بلاغة عند المجوزين ينافيه استدلالهم على جوازه بالآيتين فافهم. قوله: "بنحو: وبشر إلخ" أي: لأنه معطوف على أعدت للكافرين وهو خبر. وأجيب بأن الكلام منظور فيه إلى المعنى فكأنه قيل: والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات فبشرهم بذلك. قوله: " {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} في سورة الصف" أي: لأنه معطوف على نصر من الله وفتح قريب وهو خبر. وأجيب بأن بشر معطوف على تؤمنون بمعنى آمنوا ولا يقدح في ذلك تخالف الفاعلين بالإفراد وعدمه؛ لأنك تقول قوموا واقعد يا زيد. قوله: "على أن يكون العاقلان خبرًا لمحذوف" أي: لا على الاتباع لعدم شرطه من اتحاد المعنى والعمل كما مر, وعن الرضي منع جمع النعتين اتباعًا وقطعًا في مثل هذا كما في سم, ثم رأيت ما يؤيده في المغني وعبارته. وأما ما نقله أبو حيان عن سيبويه فغلط عليه، وإنما قال: واعلم أنه لا يجوز من عبد الله وهذا زيد الرجلين الصالحين رفعت أو نصبت؛ لأنك لا تثني إلا من أثبته وعلمته ولا يجوز أن تخلط من تعلم ومن لا تعلم فتجعلهما بمنزلة واحدة. وقال الصفار: لما منعها سيبويه من جهة النعت علم أن زوال النعت يصححها فتصرف أبو حيان في كلام الصفار فوهم فيه, ولا حجة فيما ذكر الصفار إذ قد يكون للشيء مانعان ويقتصر على ذكر أحدهما؛ لأنه الذي اقتضاه المقام ا. هـ. والذي أوقع أبا حيان في الغلط توهمه أن مراد الصفار النعت الصناعي الذي هو تابع فصحح المسألة بجعل الوصف خبر مبتدأ محذوف وهذا غلط ظاهر, فإن سيبويه مصرح بامتناع المسألة مع الوصف المقطوع حيث قال: رفعت أو نصبت, وإنما مراد الصفار أن الوصف إذا زال بالكلية بأن قيل من عبد الله وهذا زيد كان التركيب جائزًا لفقد ما بنى سيبويه عليه المنع, فثبت حينئذٍ جواز عطف الخبر على الإنشاء, وجوابه قول المغني ولا حجة إلخ قاله الدماميني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   890- وإنَّ شِفائِي عَبْرَةٌ مُهَراقَةٌ ... وهل عِنْدَ رَسْمٍ دارِسٍ من مُعَوَّلِ وقوله: 891- تُناغِي غَزَالًا عِنْدَ دارِ ابْنِ عامِرٍ ... وكُحْلِ أَماقِيكِ الحِسانِ بإِثْمِدِ الخامسة: في عطف الجملة الاسمية على الفعلية وبالعكس ثلاثة أقوال: أحدها الجواز مطلقًا وهو المفهوم من قول النحويين في نحو: قام زيد وعمرو أكرمته أن نصب عمرو أرجح؛ لأن تناسب الجملتين أولى من تخالفهما. والثاني المنع مطلقًا. والثالث: لأبي علي يجوز في الواو فقط. السادسة: في العطف على معمولي عاملين أجمعوا على جواز العطف على معمولي عامل واحد نحو: إن زيدًا ذاهب وعمرًا جالس، وعلى معمولات عامل واحد. نحو: أعلم زيدًا عمرًا بكرًا جالسًا، وأبو بكر خالدًا سعيدًا منطلقًا، وعلى منع العطف على معمول أكثر من عاملين نحو: إن زيدًا ضارب أبوه لعمرو وأخاك غلامه بكر. وأما معمولًا عاملين فإن لم يكن أحدهما جارًا؛ فقال الناظم هو ممتنع إجماعًا نحو: كان آكلًا   قوله: "عبرة" بالفتح الدمع مهراقة بفتح الهاء التي زادوها على غير قياس أي: مراقة والرسم الأثر والدارس المنمحي, والمعول مصدر ميمي بمعنى التعويل أي: البكاء برفع صوت أو اسم مكان أو اسم مفعول محذوف الصلة من عولت على فلان اعتمدت عليه, كذا في الشمني وبه يعرف ما في كلام البعض وبحث في الاستشهاد بالبيت بأن الاستفهام فيه إنكاري فهو خبر معنى وحينئذٍ لا شاهد فيه. قوله: "تناغي غزالًا" التاء للخطاب أي: تكلمه بما يسره. والأماقي جمع موق وهو طرف العين مما يلي الأنف. واللحاظ بفتح اللام طرفها مما يلي الأذن والإثمد بكسر الهمزة والميم حجر يكتحل به, وقد يقال كحل معطوف على أمر مقدر يدل عليه المعنى أي: فافعل كذا وكحل إلخ وحينئذٍ لا شاهد فيه. قوله: "مطلقًا" أي: بالواو وغيرها. قوله: "على معمول أكثر من عاملين" إضافة معمول إلى أكثر جنسية بدليل المثال فإن فيه العطف على ثلاث معمولات لثلاثة عوامل. قوله: "وأما معمولًا عاملين إلخ" الأصح في هذه المسألة ما ذهب إليه سيبويه من المنع مطلقًا لقيام العاطف مقام العامل, والحرف الواحد لا يقوى على قيامه مقام عاملين لضعفه. وما أوهم ذلك يؤول بتقدير عامل بعد العاطف فيكون إما من عطف الجمل كما في قولهم في الدار زيد   890- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص9؛ وخزانة الأدب 3/ 448؛ 5/ 277، 280، 11/ 292؛ والدرر 5/ 139؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 257، 260؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 449؛ وشرح شواهد المغني 2/ 772؛ والكتاب 2/ 142؛ ولسان العرب 11/ 485 "عول"، 709 "هلل"؛ والمنصف 3/ 40؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 274، 11/ 29؛ والدرر 6/ 154؛ وشرح شواهد المغني 2/ 872؛ ومغني اللبيب 2/ 350؛ وهمع الهوامع 2/ 77، 140. 791- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص 134؛ وشرح شواهد المغني 2/ 872، 873؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 2/ 483. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   طعامك عمرو وتمرك بكر وليس كذلك، بل نقل الفارسي الجواز مطلقًا عن جماعة, قيل منهم الأخفش وإن كان أحدهما جارًا فإن كان مؤخرًا نحو: زيد في الدار والحجرة عمرو أو وعمرو الحجرة فنقل المهدوي أنه ممتنع إجماعًا، وليس كذلك بل هو جائز عند من ذكرنا، وإن كان الجار مقدمًا نحو: في الدار زيد والحجرة عمرو أو وعمرو الحجرة فالمشهور عن سيبويه المنع، وبه قال المبرد وابن السراج وهشام، وعن الأخفش الإجازة وبه قال الكسائي والفراء والزجاج. وفصل قوم منهم الأعلم فقالوا: إن ولي المخفوض العاطف جاز وإلا امتنع. والله أعلم.   والحجرة عمرو أو من عطف المفردات لكن لا من العطف على معمولي عاملين بل على معمولي عامل واحد كما في ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة بنصب تمرة وشحمة. بقي أنهم لم يتعرضوا للعطف على معمولات عاملين نحو: إن زيدًا ضارب عمرًا وبكرًا قاتل خالدًا ونحو: إن زيدًا ضارب أبوه عمرًا وأخاك غلامه بكرًا، والظاهر أنه كالعطف على معمولي عاملين فتأمل. فائدة: قال الرضي: كل ضمير راجع إلى المعطوف بالواو وحتى مع المعطوف عليه بطابقهما مطلقًا نحو: زيد وعمرو جاآني ومات الناس حتى الأنبياء وفنوا فالضمير للمعطوف والمعطوف عليه. وأما قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] ، فالضمير للكنوز لدلالة يكنزون على الكنوز وقوله: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62] ، أي: يرضوا أحدهما؛ لأن إرضاء أحدهما إرضاء للآخر ونحو: زيد وعمرو قام على حذف الخبر من الأول؛ لدلالة خبر الثاني أو العكس، ويجوز تخريج الآية الثانية على هذا الوجه باحتماليه، ويجوز تقديم الخبر نحو: زيد قام وعمرو على الحذف من الثاني لدلالة خبر الأول وفي الموضعين ليس المبتدأ وحده عطفًا على المبتدأ, إذ لو كان كذلك لقيل قاما. وأما الفاء وثم فإن كان الضمير في الخبر عن المعطوف بهما مع المعطوف عليه فقال بعضهم: يجب حذف الخبر من أحدهما نحو: زيد فعمرو قام، وزيد ثم عمرو قام، ويجوز تقديم الخبر على الحذف من الثاني نحو: زيد قام فعمرو أو ثم عمرو قالوا ولا تجوز المطابقة؛ لأن تفاوتهما بالترتيب يمتنع اشتراكهما في الضمير, وأجاز الباقون مطابقة الضمير وهو الحق نحو: زيد ثم عمرو قاما إذ الاشتراك في الضمير لا يدل على انتفاء الترتيب حتى يناقض الفاء, وثم إذ يقال قام الرجلان مع ترتبهما, والإضمار كالإظهار في هذا وإن لم يكن الضمير في الخبر وجبت المطابقة اتفاقًا نحو: جاءني زيد فعمرو فقمت لهما وجاءني زيد ثم عمرو وهما صديقان، وأما لا وبل وأو وأم وأما ولكن فمطابقة الضمير معها وعدمها بحسب قصد المتكلم فإن قصدت أحدهما وذلك واجب في الاخبار وجب إفراد الضمير نحو: زيد لا عمرو جاءني وزيد بل عمرو قام، وأزيد أم عمرو أتاك، وزيد أو هند جاءني إذ المعنى أحدهما جاءني ويغلب المذكر كما رأيت, وتقول في غير الإخبار جاءني إما زيد وإما عمرو فأكرمته وأزيدًا ضربت أم عمرًا فأوجعته، وما جاءني زيد لكن عمرو فأكرمته، وإن قصدتهما معًا وجبت المطابقة نحو: زيد لا عمرو جاءني مع أني دعوتهما وزيد أو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 البدل : التابع المقصود بالحكم بِلا ... واسطة هو المسَمَّى بَدَلًا   البدل: "التابع المقصود بالحكم بلا واسطة هو المسمى" في اصطلاح البصريين "بدلا" وأما الكوفيون فقال الأخفش: يسمونه بالترجمة والتبيين. وقال ابن كيسان يسمونه بالتكرير، فالتابع جنس والمقصود بالحكم يخرج النعت والتوكيد وعطف البيان وعطف النسق سوى   عمرو جاءني وقد ذهبت إليهما قال تعالى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] ، وليست أو بمعنى الواو كما قيل والمعنى أن يكن غنيًا أو فقيرًا فلا بأس, فإن الله أولى بالغني والفقير, لكن يجوز في أو التي للإباحة المطابقة وإن كان المراد أحدهما نحو: جالس الحسن أو ابن سيرين وباحثهما؛ لأنها لجواز الجمع بين الأمرين تشبه الواو ا. هـ. ملخصًا. البدل: قوله: "التابع إلخ" هذا معنى البدل اصطلاحًا وأما معناه لغة فالعوض. قال بعضهم: كيف يستقيم للناظم تعريف البدل بحد جامع مانع مع قوله في عطف البيان وصالحًا لبدلية يرى؟ أجيب بأن جواز الأمرين باعتبار قصدين فإن قصد بالحكم الأول وجعل الثاني بيانًا له, فهو عطف البيان وإن قصد به الثاني وجعل الأول كالتوطئة له فهو البدل. وحاصل الجواب أن الحيثية ملحوظة في تعريف كل منهما. قوله: "المقصود" أي: وحده دون المتبوع هذا هو المناسب لإخراج الشارح به ما عطف نسقًا بغير بل, ولكن بعد الإثبات مما قصد فيه التابع والمتبوع معًا. فإن قلت: يخرج عن ذلك بدل البداء؛ لأن متبوعه أيضًا مقصود كما يأتي, قلت: المراد المقصود قصدًا مستمرا ومتبوع بدل البداء وإن قصد أولًا, لكن صار بالإبدال كالمسكوت عنه فقصده لم يستمر وبما قررناه يعلم ما في كلام البعض. قوله: "بالحكم" أي: المنسوب إلى متبوعه نفيًا أو إثباتًا ا. هـ. تصريح. قوله: "بلا واسطة" المراد بها حرف العطف وإلا فالبدل من المجرور قد يكون بواسطة نحو: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} [الأحزاب: 21] ، ا. هـ. زكريا ونحو: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا} [المائدة: 114] . قوله: "بالترجمة" أي: عن المراد بالمبدل منه والتبيين له, قال البعض: وهو مبني على أن عطف البيان هو البدل ا. هـ. والظاهر أن هذا البناء غير لازم؛ لأن البدل لا يخلو عن بيان وإيضاح, وإن لم يكن المقصود منه بالذات ذلك فتأمل. وقوله بالتكرير أي: للمراد من المبدل منه, ولا يخفى أن هذه الأسماء الثلاثة لا تظهر في البدل المباين فافهم. قوله: "يخرج النعت والتوكيد وعطف البيان" فإنها ليست مقصودة بالحكم وإنما هي مكملات للمقصود بالحكم. قوله: "وعطف النسق إلخ" قال في التوضيح: وأما النسق فثلاثة أنواع: أحدها ما ليس مقصودًا بالحكم كجاء زيد لا عمرو وما جاء زيد بل عمرو أو لكن عمرو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 مُطابقًا أو بَعْضًا أو ما يَشْتَمِل ... عَلَيه يُلفى أو كَمَعْطوفٍ بِبَل   المعطوف ببل ولكن بعد الإثبات. وبلا واسطة يخرج المعطوف بهما بعده "مطابقًا أو بعضًا أو ما يشتمل عليه يلفى أو كمعطوف ببل" أي: يجيء البدل على أربعة أنواع: الأول بدل كل من كل وهو بدل الشيء مما يطابق معناه نحو: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ} [الفاتحة: 6 و7] ، وسماه الناظم البدل المطابق لوقوعه في اسم الله تعالى نحو: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} [إبراهيم: 1] ، في قراءة الجر، وإنما يطلق كل على ذي   فالثاني ليس بمقصود في الأمثلة الثلاثة, أما الأول فواضح؛ لأن الحكم السابق منفي عنه وأما الأخيران؛ فلأن الحكم السابق هو نفي المجيء والمقصود به إنما هو الأول. النوع الثاني ما هو مقصود بالحكم هو وما قبله فيصدق عليه أنه مقصود بالحكم لا أنه المقصود بالحكم, وذلك كالمعطوف بالواو نحو: جاء زيد وعمرو وما جاء زيد ولا عمرو وهذان النوعان خارجان بما يخرج به النعت والتوكيد والبيان وهو الفصل الأول. النوع الثالث ما هو مقصود بالحكم دون ما قبله, وهذا هو المعطوف ببل بعد الإثبات نحو: جاءني زيد بل عمرو وهذا النوع خارج بقولنا بلا واسطة ا. هـ. قوله: "ولكن بعد الإثبات" صريح في أن لكن تعطف بعد الإثبات والذي تقدم أنها لا تعطف إلا بعد النفي أو النهي, نعم تقدم أنها تعطف بعد الإثبات على رأي: الكوفيين فيمكن أنه جرى هنا على مذهبهم. قوله: "مطابقًا" مفعول ثان ليلفي مقدم عليه والأول جعل نائب فاعله. قوله: "أو بعضًا" شرط صحته صحة الاستغناء عنه بالمبدل منه, فيجوز جدع زيد أنفه ولا يجوز: قطع زيد أنفه؛ لأنه لا يقال قطع زيد على معنى قطع أنفه ا. هـ. دماميني قال شيخنا: ومثله في ذلك بدل الاشتمال كما يأتي فعلى هذا لا بد في كل من بدل البعض وبدل الاشتمال من دلالة ما قبله عليه ا. هـ. أي: إجمالًا كما يأتي, وقد يتوقف في عدم جواز قطع زيد فإن غاية أمره الإجمال وهو من مقاصد البلغاء وأي: فرق بين قطع زيد أنفه, وأكلت الرغيف ثلثه فتأمل. قوله: "أو ما يشتمل" بالبناء للفاعل وعليه متعلق به أي: أو بدلًا يشتمل على المبدل منه أو المعنى أو بدلًا يشتمل هو أي: المبدل منه عليه أو المعنى أو بدلًا يشتمل هو أي: العامل عليه, فكلامه محتمل للمذاهب الثلاثة الآتية في كلام الشارح, كذا قال البعض. وفيه أنه يلزم على الأخيرين جريان الصلة على غير ما هي له مع خوف اللبس فتدبر. قوله: "أو كمعطوف ببل" أي: بعد الإثبات وهذا التشبيه إنما يتم في بدل الإضراب دون بدلي الغلط والنسيان؛ لأن بدل الإضراب هو المشارك للمعطوف ببل في قصد المتبوع أولًا قصدًا صحيحًا, ثم الإضراب عنه إلى التابع بخلاف بدلي الغلط والنسيان كما ستعرفه إلا أن يقال التشبيه في مجرد كون الثاني مباينًا للأول, بمعنى أنه ليس عينه ولا بعضه ولا مشتملًا عليه. قوله: "مما يطابق معناه" أي: يطابق معناه معناه فقبل ضمير يطابق مضاف مقدر والمراد المطابقة بحسب الماصدق بأن يكون البدل والمبدل منه واقعين على ذات واحدة, فلا يرد أنهما كثيرًا ما يتغايران بحسب المفهوم نحو: جاء زيد أخوك, ثم التغاير الذي تقتضيه المطابقة ظاهر إن اختلفا مفهومًا وإلا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أجزاء وذلك ممتنع هنا. والثاني بدل بعض من كل وهو بدل الجزء من كله قليلًا كان ذلك الجزء أو مساويًا أو أكثر نحو: أكلت الرغيف ثلثه أو نصفه أو ثلثيه. ولا بد من اتصاله بضمير يرجع للمبدل منه مذكور كالأمثلة المذكورة وكقوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} [المائدة: 71] أو مقدر نحو: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 91] أي: منهم. والثالث بدل الاشتمال وهو بدل شيء من شيء يشتمل عامله على معناه بطريق الإجمال كأعجبني زيد علمه أو حسنه أو كلامه، وسرق زيد ثوبه أو فرسه، وأمره في الضمير كأمر بدل بالبعض فمثال المذكور ما تقدم من الأمثلة،   جعل التغاير باعتبار اللفظ وبهذا يعرف ما في كلام البعض. قوله: "في قراءة الجر" أما في قراءة الرفع, فالاسم مبتدأ خبره الموصول بعده أو خبر مبتدأ محذوف أي: هو الله ا. هـ. غزي. قوله: "وذلك" أي: المذكور من الأجزاء أو التجزي المفهوم من قوله: ذي أجزاء ممتنع هنا أي: في اسم الله تعالى؛ لأن مسماه لا يقبل التجزي. قوله: "قليلًا" أي: بالنسبة للبعض المتروك وكذا يقال فيما بعده أما بالنسبة للمبدل منه فقليل أبدًا. قوله: "ولا بد من اتصاله بضمير إلخ" بخلاف البدل المطابق فإنه لا يحتاج لرابط لكونه نفس المبدل منه في المعنى, كما أن الجملة التي هي نفس المبتدأ في المعنى لا تحتاج لرابط هذا, وقال المصنف في شرح كافيته: اشترط أكثر النحويين مصاحبة بدل البعض والاشتمال لضمير عائد على المبدل منه, والصحيح عدم اشتراطه لكن وجوده أكثر ا. هـ. وصحح غيره ما ذكره الشارح من الاشتراط في البدلين. قوله: "ثم عموا إلخ" قال حفيد الموضح: إن جعلت كثيرًا بدلًا من الضميرين المتصلين أعني الواوين لزم منه توارد عاملين على معمول واحد, وإن جعلته بدلًا من أحدهما وبدل الآخر محذوف فهو متوقف على جواز حذف البدل ا. هـ. وأجاب المصرح بأن كثيرًا بدل من الواو الأولى فقط والثانية عائدة على كثير؛ لأنه مقدم رتبة, والأصل والله أعلم. ثم عموا كثير منهم وصموا, ويلزم عليه الفصل بين البدل والمبدل منه بأجنبي وهو ممنوع فتأمل. قوله: "نحو: ولله على الناس إلخ" أي: بناء على أن من استطاع بدل من الناس وتقدم ما فيه مع بيان أوجه أخرى في باب إعمال المصدر. قوله: "وهو بدل شيء من شيء يشتمل عامله على معناه بطريق الاجمال كأعجبني زيد علمه أو حسنه أو كلامه وسرق زيد ثوبه أو فرسه" كذا في نسخ وعليها كتب شيخنا وغيره. وفي نسخ أخرى وهو ما دل على معنى اشتمل عليه متبوعه, أو دل على ما استلزم معنى اشتمل عليه متبوعه فالأول: كأعجبني زيد علمه أو حسنه أو كلامه والثاني نحو: سرق زيد ثوبه أو فرسه وكتب عليها سم ما نصه لعل المراد أن الثوب دل على الملبوس المستلزم للبس الذي اشتمل عليه المتبوع والفرس دل على المركوب المستلزم للركوب المشتمل عليه المتبوع, ثم التمثيل بسرق زيد ثوبه لبدل الاشتمال يقتضي حسن الاقتصار على المبدل منه؛ لأن ذلك شرط في صحته ا. هـ. قوله: "يشتمل عامله على معناه إلخ" أي: يدل عليه دلالة إجمالية لكونه لا يناسب نسبته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 وذا للإضرابِ اعْزُ إنْ قَصْدًا صَحِب ... ودون قَصْد غَلَطٌ به سُلِبْ   ومثله قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: 217] ، ومثل المقدر قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ} [البروج: 4] ، أي: النار فيه، وقيل الأصل ناره ثم نابت أل عن الضمير, والرابع البدل المباين وهو ثلاثة أقسام أشار إليها بقوله: "وذا للإضراب اعز إن قصدًا صحب ودون قصد غلط به سلب" أي: تنشأ أقسام هذا النوع الأخير من   إلى ذات المبدل منه ففي قولك: أعجبني زيد علمه الإعجاب لا يناسب نسبته إلى ذات زيد التي هي مجموع لحم وعظم ودم فيفهم السامع أن المتكلم قصد نسبته إلى صفة من صفاته كعلمه أو حسنه. وفي قولك: سرق زيد ثوبه إنما يفهم السامع أن المتكلم قصد نسبته إلى شيء يتعلق به كثوبه أو فرسه, فقد دل العامل المنسوب إلى المبدل منه في الظاهر على ذلك البدل إجمالًا هذا هو المراد بالاشتمال كما حققه سعد الدين ويرد عليه أنه لا يطرد؛ لأن بعض صور بدل الاشتمال قد لا يدل العامل فيه على البدل الدلالة المذكورة كما في: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ} [البروج: 4] ، بناء على أن النار بدل اشتمال من الأخدود كما سيذكره الشارح. وقال ابن غازي معنى اشتمال العامل على البدل أن معنى العامل متعلق بالبدل وإن تعلق في اللفظ بغيره, وأورد عليه أن بدل البعض كذلك فيلزم أن يسمى بدل اشتمال. وقد يقال وجه التسمية لا يوجبها. بقي ههنا بحث وهو أن الدلالة على بدل الاشتمال بما سبقه إجمالية كما مر ولا يجوز أن تكون على التعيين على ما نقله الدماميني عن المبرد وأقره, وعبارته: لا نقول من بدل الاشتمال قتل الأمير سيافه وبنى الوزير وكلاؤه؛ لأن شرط بدل الاشتمال أن لا يستفاد مما قبله معينًا بل تبقى النفس مع ذكر ما قبله متشوفة إلى بيان الإجمال الذي فيه, وهنا الأول غير مجمل إذ يستفاد عرفًا من قولك: قتل الأمير أن القاتل سيافه وكذا في أمثاله فلا يجوز مثل هذا الابدال أصلًا ا. هـ. فعلى هذا يشكل هذا التابع من أي: التوابع فتأمل. وعلم مما مر ما نقله الدماميني عن المبرد من أن نحو: ضربت زيدًا عبده ليس بدل اشتمال بل بدل غلط؛ لأن ما قبل البدل لا يدل عليه؛ لأن ضربت زيدًا مفيد بغير احتياج إلى شيء آخر لمناسبة العامل المبدل منه. قوله: "قتل أصحاب الأخدود" هو شق في الأرض وأصحابه ثلاثة شق كل واحد منهم شقا عظيمًا في الأرض وملأه نارًا, وقالوا: من لم يكفر ألقي فيه ومن كفر ترك ا. هـ. تصريح. ومنه يؤخذ أن أل في الأخدود للجنس؛ لأن الأخاديد ثلاثة لا واحد. قوله: "وقيل الأصل ناره إلخ" وقيل أراد بالأخدود النار مجازًا لاشتماله عليها وقيل النار على حذف مضاف أي: أخدود النار والبدل على هذين بدل كل وقيل: النار بدل إضراب أفاده زكريا. قوله: "وذا للإضراب إلخ" أي: أنسب هذا البدل الشبيه بالمعطوف ببل للإضراب, كأن تقول بدل إضراب إن صحب البدل قصد المتبوع أي: قصدًا صحيحًا كما قاله سم. قوله: "ودون قصد" منصوب على الظرفية لمحذوف أي: وإن وقع دون قصد أي: دون قصد صحيح بأن لا يقصد أصلًا بل يسبق إليه اللسان أو يقصد, ثم يتبين فساد قصده كما قاله سم, وغلط خبر مبتدأ محذوف على حذف مضاف أي: فهو بدل غلط والهاء عائدة على البدل وسلب في موضع الصفة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 كَزُرْهُ خالدًا وقَبِّله اليَدا ... واعْرِفْهُ حَقَّه وخُدْ نَبْلًا مُدَى   كون المبدل منه قصد أولًا؛ لأن البدل لا بد أن يكون مقصودًا كما عرفت في حد البدل، فالمبدل منه إن لم يكن مقصودًا ألبتة, وإنما سبق اللسان إليه, فهو بدل الغلط أي: بدل سببه الغلط؛ لأنه بدل عن اللفظ الذي هو غلط لا أنه نفسه غلط، وإن كان مقصودًا فإن تبين بعد ذكره فساد قصده فبدل نسيان أي: بدل شيء ذكر نسيانًا, وقد ظهر أن الغلط متعلق باللسان والنسيان متعلق بالجنان، والناظم وكثير من النحويين لم يفرقوا بينهما فسموا النوعين بدل غلط وإن كان قصد كل واحد من المبدل منه والبدل صحيحًا فبدل الإضراب ويسمى أيضًا بدل البداء. ثم أشار إلى أمثلة الأنواع الأربعة على الترتيب بقوله: "كزره خالدًا وقبله اليدا واعرفه حقه وخذ نبلا مدى" فخالدًا بدل كل من كل، واليدا بدل بعض، وحقه بدل اشتمال، ومدى يحتمل الأقسام الثلاثة المذكورة وذلك باختلاف التقادير، فإن النبل اسم جمع للسهم، والمدى جمع مدية وهي السكين, فإن كان المتكلم إنما أراد الأمر بأخذ المدى فسبق لسانه إلى النبل فبدل غلط، وإن كان أراد الأمر بأخذ النبل ثم بان له فساد تلك الإرادة وأن الصواب الأمر بأخذ المدى فبدل نسيان، وإن كان أراد الأول ثم أضرب عنه إلى الأمر بأخذ المدى وجعل الأول في حكم المسكوت عنه فبدل إضراب وبداء, والأحسن أن يؤتى فيهن ببل.   لغلط بمعنى بدل الغلط ونائب فاعله ضمير يعود للحكم المفهوم من السياق أي: سلب ببدل الغلط الحكم عن الأول, وأثبت للثاني وجرى على هذا المرادي. ويصح رجوع الضمير للغلط بمعنى الخطأ أي: رفع بهذا البدل الغلط في نسبة الحكم للأول. والصفة على الاحتمال الأول جارية على غير ما هي له بخلافها على الثاني, والأقرب عليه أن الغلط مبتدأ وسلب خبره فتأمل. قوله: "لأن البدل إلخ" علة لمحذوف أي: لا من كون البدل مقصودًا أولًا؛ لأن البدل إلخ. قوله: "أي: بدل سببه الغلط" أي: بذكر الأول فالإضافة في بدل الغلط من إضافة المسبب إلى السبب وإن كانت في بدل الكل وبدل البعض للبيان, وقوله: لا أنه نفسه غلط أي: كما يتوهم من قولهم بدل الكل وبدل البعض. قوله: "بدل البداء" بفتح الموحدة والدال المهملة مع المد أي: الظهور سمي بذلك؛ لأن المتكلم بدا له ذكره بعد ذكر الأول قصدًا. قوله: "اليدا" بدل بعض من الضمير والضمير الواجب في بدل البعض مقدر أي: اليد منه أو الأصل يده, ثم نابت أل عن الضمير على القولين المتقدمين. قوله: "وذلك" أي: احتمال الأقسام الثلاثة. قوله: "فإن النبل إلخ" محط بيان التقادير المختلفة قوله: فإن كان المتكلم إلخ, وإنما قدم قوله: فإن النبل إلخ, لتوقف اختلاف التقادير على تغاير النبل والمدى. قوله: "جمع مدية" بضم الميم وقد تكسر نقله شيخنا عن الشارح, والظاهر أن جمع مكسورة الميم بالكسر. قوله: "وهي السكين" قيد غيره بالعظيمة. قوله: "والأحسن أن يؤتى فيهن" أي: في أوجه المثال المتقدمة ببل؛ لئلا يتوهم أن المتكلم أراد الصفة أي: نبلًا حادا كما يقال رأيت رجلًا حمارًا أي: بليدًا كما في التصريح ومعلوم أنه إذا أتى فيهن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهات: الأول زاد بعضهم بدل كل من بعض كقوله: 892- كأَنِّي غَداةَ البَينِ يومَ تَحمَّلوا ... لدى سَمُرات الحَيِّ ناقِفُ حَنْظَلِ ونفاه الجمهور وتأولوا البيت. الثاني رد السهيلي رحمه الله تعالى بدل البعض وبدل الاشتمال إلى بدل الكل, فقال: العرب تتكلم بالعام وتريد الخاص، وتحذف المضاف وتنويه, فإذا قلت: أكلت الرغيف ثلثه إنما يريد أكلت بعض الرغيف, ثم بينت ذلك البعض، وبدل المصدر من الاسم إنما هو في الحقيقة من صفة مضافة إلى ذلك الاسم. الثالث اختلف في المشتمل في بدل الاشتمال: فقيل هو الأول، وقيل الثاني،   ببل خرج مدى عن كونه بدلًا وصار عطف نسق. قوله: "كأني غداة البين إلخ" الغداة أول النهار والبين الفراق وتحملوا ترحلوا والسمرات بفتح السين المهملة وضم الميم جمع سمرة, وهي شجرة الطلح, وناقف الحنظل بنون ثم قاف ففاء من يخرج حب الحنظل, أراد أنه في تلك الغداة دمعت عينه كثيرًا كما تدمع عين ناقف الحنظل لحرارته. قوله: "وتأولوا البيت" بأن اليوم بمعنى الوقت فهو من بدل الكل سم. قوله: "العرب تتكلم بالعام وتريد الخاص" أي: على طريق المجاز المرسل ومراده بالعام والخاص ما يشمل الكل والجزء وهذا إشارة إلى رد بدل البعض إلى بدل الكل وقوله وتحذف المضاف وتنويه أي: على طريق المجاز بالحذف وهذا إشارة إلى رد بدل البعض وبدل الاشتمال إلى بدل الكل, وقوله: فإذا قلت إلخ, راجع للوجهين قبله. وقوله: إنما تريد أكلت بعض الرغيف أي: على وجه إطلاق اسم الكل وإرادة الجزء مجازًا مرسلًا, أو على وجه تقدير المضاف مجازًا بالحذف, وقوله: وبدل المصدر إلخ راجع لقوله وتحذف إلخ. فإن قلت: كلام السهيلي على الوجه المذكور يقتضي أن رد بدل الاشتمال لا يكون على طريق المجاز المرسل مع أنه لا مانع منه بأن يطلق اسم المحل ويراد الحال فيه وهو الصفة. قلت: المجاز المرسل المذكور في رد بدل الاشتمال لا يطرد؛ لأنه وإن تأتى في نحو: نفعني زيد علمه لا يتأتى في نحو: سرق زيد فرسه. قوله: "وبدل المصدر" أي: سواء كان باقيًا على مصدريته أو مرادًا منه غير معناه المصدري كالعلم في نفعني زيد علمه إذ الظاهر أنه بمعنى معلومه. واقتصر على المصدر؛ لأنه الغالب في بدل الاشتمال وإلا فقد يكون غير مصدر كما في سرق زيد ثوبه أو فرسه. قوله: "من صفة" أي: من هذا اللفظ كما قاله شيخنا, فمضافة بالنصب على الحال, والمراد هذا اللفظ وما في معناه كوصف وحال. فإذا قلت: أعجبني زيد علمه إنما تريد أعجبني صفة زيد فبينت بقولك علمه تلك الصفة المحذوفة. قوله: "اختلف في المشتمل إلخ" قال البعض: الظاهر أن المراد بالاشتمال مطلق التعلق والارتباط وإلا لم يتأت الاطراد في شيء من الأقوال ا. هـ. وفيه أن الاشتمال بالمعنى   892- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص9؛ وخزانة الأدب 4/ 376، 377؛ والدرر 6/ 60؛ ولسان العرب 9/ 339 "نقف"؛ والمقاصد النحوية 4/ 201. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقيل العامل وكلامه هنا يحتمل الأولين. وذهب في التسهيل إلى الأول. الرابع: رد المبرد وغيره بدل الغلط, وقال: لا يوجد في كلام العرب نظمًا ولا نثرًا. وزعم قوم منهم ابن السيد أنه وجد في كلام العرب كقول ذي الرمة: 893- لَمْيَاءُ في شَفَتَيهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ فاللعس بدل غلط؛ لأن الحوة السواد واللعس سواد يشوبه حمرة، وذكر بيتين آخرين. ولا حجة له فيما ذكره لإمكان تأويله. الخامس: قد فهم من كون البدل تابعًا أنه يوافق متبوعه في الإعراب، وأما موافقته إياه في الإفراد والتذكير والتنكير وفروعها فلم يتعرض لها هنا، وفيه تفصيل: أما التنكير وفرعه وهو التعريف فلا يلزم موافقته لمتبوعه فيهما، بل تبدل المعرفة من المعرفة نحو: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ, اللهِ} [إبراهيم: 1] ، في قراءة الجر، والنكرة من النكرة نحو: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا، حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} [النبأ: 32] ، والمعرفة من النكرة نحو: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: 52] والنكرة من المعرفة نحو: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} [العلق: 15 و16] ، وأما الإفراد والتذكير   المذكور يوجد في بدل البعض وبدل الكل إلا أن يقال وجه التسمية لا يوجبها فتأمل. وانحط كلامه في التصريح على أن الراجح الثالث واختاره الموضح وتقدم الكلام عليه. قوله: "يحتمل الأولين" ظاهره أنه لا يحتمل الثالث كاحتماله لهما, ولعل وجهه أن لفظ البدل يشعر بالمبدل منه إشعارًا قريبًا بخلاف العامل فيكون الضمير المستتر في قوله أو ما يشتمل عليه للبدل والبارز للمبدل منه الذي أشعر به لفظ البدل إشعارًا قريبًا, أو بالعكس وظاهره أيضًا أن الاحتمالين على السواء وليس كذلك كما يفيده ما أسلفناه من البحث في جعل البعض كلام المصنف محتملًا للمذاهب الثلاثة. قوله: "لمياء" فعلاء من اللمى كالفتى وهو سمرة في باطن الشفة وهو مستحسن. قوله: "لإمكان تأويله" كأن يقال لعس مصدر وصفت به الحوة أي: حوة لعساء. هذا وقد قيل كل من الحوة, واللعس حمرة تضرب إلى سواد, وعليه فلعس بدل كل من كل فلا شاهد فيه. قوله: "قد فهم من كون البدل تابعًا إلخ" أي: لما علمت سابقًا من أن التابع هو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد. قوله: "وفيه تفصيل" أي: فيما ذكر من الموافقة. قوله: "بل تبدل المعرفة من المعرفة إلخ" محط الإضراب القسمان الأخيران, وإنما أتى بالقسمين الأولين تتميمًا للأقسام. قوله: "مفازًا" أي: مكان فوز أو فوزًا وعلى هذا مشى الشارح بعد وسيأتي ما فيه وقوله   893- عجزه: وفي اللِّثاثِ وفي أنيهابها شَنَبُ والبيت من البسيط، وهو لذي الرمة في ديوانه ص32؛ والخصائص 3/ 291؛ والدرر 6/ 56؛ ولسان العرب 1/ 507 "شنب"، 6/ 207 "لعس" 14/ 207 "حواء"؛ والمقاصد النحوية 4/ 203؛ وهمع الهوامع 2/ 126. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 ومن ضمير الحاضِرِ الظاهِرِ لا ... تُبْدِله إلا ما إحاطَة جَلا   وأضدادهما: فإن كان بدل كل وافق متبوعه فيها ما لم يمنع مانع من التثنية والجمع ككون أحدهما مصدرًا نحو: {مَفَازًا، حَدَائِقَ} [النبأ: 32] ، أو قصد التفصيل كقوله: 894- وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَين رِجْلٍ صَحيحَة ... ورِجل رَمَى فِيها الزمانُ فَشَلَّتِ وإن كان غيره من أنواع البدل لم يلزم موافقته فيها" ومن ضمير الحاضر" متكلمًا كان أو مخاطبًا "الظاهر لا تبدله" أي: يجوز إبدال الظاهر من الظاهر ومن ضمير الغائب كما ذكره في أمثلته، ولا يجوز أن يبدل الظاهر من ضمير المتكلم أو المخاطب "إلا ما إحاطة جلا" أي: إلا إذا كان البدل بدل كل فيه معنى الإحاطة نحو: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا   وأعنابًا عطف على مفازًا كما في الجلالين. قوله: "بالناصية" هي ناصية أبى جهل, وقوله: كاذبة من المجاز العقلي. قوله: "ككون أحدهما مصدرًا" نظر فيه بأن المراد المطابقة في المعنى, وهي حاصلة؛ لأن المصدر يدل على الاثنين والجماعة ورده بعضهم بأن مرادهم المطابقة في اللفظ, كما يدل عليه التعبير بالتثنية والجمع. قوله: "مفازًا حدائق" أي: فلم يقل مفاوز وفيه أن بدل الكل عين المبدل منه, والذوات لا تكون نفس الحدث, ويجاب بأن ذلك على حد زيد عدل. قوله: "أو قصد التفصيل" عطف على كون وقد يقال المطابقة حاصلة معه؛ لأن البدل ليس كل واحد من شقي التفصيل على حدته بل مجموعهما وهو مطابق ولما كان المجموع لا يمكن ظهور أثر العامل فيه, وكان جعله في أحدهما دون الآخر تحكمًا جعل في كل منهما دفعًا للتحكم, فاندفع بحث الدماميني بأنه إذا كان مجموعهما هو البدل فما العامل في كل واحد منهما مع أنه بمفرده غير بدل قال, وهذا في البدل كقولهم في الخبر: الرمان حلو حامض. ونقل الطبلاوي عن سم أنه قال: الظاهر أن المسمى بالبدل اصطلاحًا هو الأول فقط, وإن كان البدل في المعنى هو المجموع فليتأمل. قوله: "فشلت" بفتح الشين المعجمة أي: بطلت حركتها. قوله: "ومن ضمير الحاضر" أي: البارز؛ لأن ضمير الحاضر المستتر لا يبدل منه مطلقًا فإن ورد ما يوهم ذلك قدر للثاني فعل من جنس الفعل المذكور نحو: تعجبيني جمالك ويكون من إبدال الجملة. قوله: "أي: يجوز إبدال الظاهر إلخ" بيان للمفهوم, وقوله: ولا يجوز إلخ بيان للمنطوق, وإنما لم يجز إبدال الظاهر من ضمير الحاضر لعدم فائدته؛ لأن ضمير الحاضر في غاية الوضوح. قوله: "ومن ضمير الغائب" أي: البارز أخذًا من أمثلتهم وإن لم يحضرني الآن التصريح به, فلا يجوز إبدال الظاهر من ضمير الغائب المستتر, فلا يقال: هند أعجبتني جمالها على الإبدال كما لا يقال: تعجبيني جمالك على الإبدال. قوله: "إلا ما إحاطة جلا" قال البعض: أي: إلإبدل كل أظهر إحاطة وشمولًا والتقييد ببدل الكل مستفاد من التعبير بالإحاطة ومن المقابلة ا. هـ. وهو صريح في أن ما   894- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص99؛ وأمالي المرتضى 1/ 46؛ وخزانة الأدب 5/ 211، 218؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 542؛ والكتاب 1/ 433؛ والمقاصد النحوية 4/ 204؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 3/ 68؛ ومغني اللبيب ص472؛ والمقتضب 4/ 290. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 أوِ اقْتَضَى بعضًا أوِ اشْتِمالا ... كأنَّكَ ابْتِهاجَكَ اسْتَمَالا   وَآَخِرِنَا} [المائدة: 114] ، وقوله: 895- فَما بَرِحَتْ أَقْدامُنا في مَقامِنا ... ثلاثَتُنا حتى أُزِيرُوا المَنائِيا فإن لم يكن فيه معنى الإحاطة فمذاهب: أحدها المنع وهو مذهب جمهور البصريين, والثاني الجواز وهو قول الأخفش والكوفيين. والثالث: أنه يجوز في الاستثناء نحو: ما ضربتكم إلا زيدًا وهو قول قطرب "أو اقتضى بعضًا" أي: كان بدل بعض نحو: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ} [الأحزاب: 21] وقوله: 896- أَوعَدَنِي بالسِّجنِ والأداهِمِ ... رِجْلي فَرِجْلِي شَثْنَةُ المَناسِمِ   واقعة على بدل كل ويبطله العطف الآتي في كلام المصنف, وقول الشارح أي: إلا إذا كان البدل بدل كل لا يدل على وقوع ما على بدل كل؛ لاحتمال أن يكون مراده أن هذا القيد ملحوظ بعدما والمعنى إلا ظاهرًا كان بدل كل وجلا إحاطة, بل هذا الاحتمال هو الظاهر الذي ينبغي حمل عبارته عليه لما عرفت فلا تغفل. قوله: "لأولنا وآخرنا" أي: لجميعنا؛ لأن عادة العرب التعبير بالطرفين وإرادة الجميع. قوله: "فما برحت أقدامنا إلخ" قاله عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلّم- من قصيدة قالها في شأن يوم بدر وما جرى له يومه من قطع رجله ومبارزته هو وحمزة وعلي, وهم المراد من قوله: ثلاثتنا ومات رضي الله تعالى عنه بالصفراء, وهم راجعون كذا في العيني، والشاهد في: ثلاثتنا فإنه بدل من نا في مكاننا, وأزيروا مبني للمجهول وضميره للكفار, والمنائيا جمع منية على غير قياس؛ لأن قياسه المنايا وأصله المنايي بياءين ففعل فيه ما يأتي في التصريف. قوله: "أحدها المنع" لعدم الفائدة إذ ضمير الحاضر في غاية الوضوح كما مر. قوله: "نحو: ما ضربتكم إلا زيدًا" نظر فيه سم بأن زيدًا ليس بدل كل من ضمير المخاطبين بل بدل بعض ويظهر لي أنه لا يوجد مثال يكون فيه المستثنى بدل كل من المستثنى منه فتأمل. قوله: "أو اقتضى بعضًا إلخ" سكت عن بدل الإضراب فاقتضى عدم الجواز فيه لكن صرح الجامي بجواز ذلك كما نقله شيخنا. قوله: "نحو: لقد كان لكم إلخ" أورد عليه أنه يلزم عليه انقسام الصحابة إلى من يرجو الله ومن لا يرجوه, وليس كذلك ولذا زعم الأخفش أنه بدل كل، والجواب أن الخطاب لمن سبق خطابه بقوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} [الأحزاب: 18] ، إلخ فوصفهم بالتعويق وغيره من صفات الذم, والموصوفون بذلك هم المخالطون لهم من المنافقين وليس الخطاب للصحابة فقط حتى يرد ما ذكر، نقله الدنوشري عن شرح اللباب. قوله: "والأداهم" جمع أدهم وهو القيد   895- البيت من الطويل، وهو لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في المقاصد النحوية 4/ 188؛ ولبعض الصحابة في شرح عمدة الحافظ ص588؛ وبلا نسبة في المقاصد النحوية. 896- الرجز للعديل بن الفرخ في خزانة الأدب 5/ 188، 189، 190؛ والدرر 6/ 62، والمقاصد النحوية 4/ 190؛ ولا نسبة إصلاح المنطق ص226، 294؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 124؛ وشرح التصريح 2/160؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص21؛ وشرح شذور الذهب ص572؛ وشرح ابن عقيل ص510؛ وشرح المفصل 3/ 70؛ ولسان العرب 3/ 463 "وعد"، 12/ 210 "رهم"؛ ومجالس ثعلب ص274؛ وهمع الهوامع 2/ 127. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 وبَدَلُ المُضمَّنِ الهَمْزَ يَلِي ... همزًا كَمَن ذا أَسَعِيدٌ أم عَلِي   "أو اشتمالا" أي: كان بدل اشتمال "كأنك ابتهاجك استمالا" وقوله: 897- بَلَغْنا السَّماءَ مَجْدُنا وسَناؤُنا ... وإنَّا لنَرْجُو فَوقَ ذلك مَظْهرا تنبيه: قال في التسهيل: ولا يبدل مضمر من مضمبر ولا من ظاهر وما أوهم ذلك جعل توكيدًا إن لم يفد إضرابًا ا. هـ "وبدل" المبدل منه "المضمن" معنى "الهمز"   والشثنة الغليظة والمناسم جمع منسم بفتح الميم وسكون النون وكسر السين وهو خف البعير استعير هنا لقدم الإنسان. قوله: "ابتهاجك" أي: فرحك استمالًا السين والتاء زائدتان أو للصيرورة أي: أملت القلوب إليك أو صيرتها مائلة إليك قال سم: وجرى في قوله استمالًا على الأكثر من مراعاة البدل وإلا لقال استملت. قوله: "وسناؤنا" السناء بالمد كما في البيت الشرف وبالقصر النور. وقوله: مظهرًا جعله شيخنا مصدرًا ميميا بمعنى الظهور ولا يبعد أنه اسم مكان مرادًا به الجنة؛ لأن قائل هذا البيت النابغة الجعدي الصحابي. قوله: "ولا يبدل مضمر من مضمر" أي: مطلقًا؛ لأنه لم يسمع، ونحو: قمت أنت ومررت بك أنت توكيد اتفاقًا, وكذلك رأيتك إياك عند الكوفيين والناظم ا. هـ. توضيح. قوله: "ولا من ظاهر" أي: ولا يبدل مضمر من ظاهر عكس مسألة المتن. ومقتضى إطلاقه المنع في كل بدل وفي جمع الجوامع. وشرحه للسيوطي ومنع ابن مالك بدل المضمر من الظاهر بدل كل قال؛ لأنه لم يسمع ولو سمع لكان توكيدًا لا بدلًا, وأجازه الأصحاب نحو: رأيت زيدًا إياه, وفي جواز بدل البعض والاشتمال خلف, فقيل يجوز نحو: ثلث التفاحة أكلت التفاحة إياه وحسن الجارية أعجبتني الجارية هو وقيل يمتنع. قال أبو حيان: وهو كالخلاف في إبدال مضمر من مضمر ومقتضاه ترجيح المنع ا. هـ. يس. قوله: "إن لم يفد إضرابًا" نحو: إياك إياي قصد زيد فإن دعوى التأكيد في مثل هذا لا تتأتى ا. هـ. دماميني ونحو: عمرًا إياي قصد زيد فعلم أن قوله إن لم يفد إضرابًا قيد في كل من عدم إبدال المضمر من المضمر وعدم إبدال المضمر من الظاهر فاعرفه. قوله: "وبدل المضمن إلخ" خرج ما صرح معه بأداة الاستفهام أو الشرط فلا يلي البدل ذلك نحو: هل أحد جاءك زيد أو عمرو وكذا إن تضرب أحدًا رجلًا أو امرأة أضربه ا. هـ. سم عن شروح التسهيل ولعل عدم وجوب ذكر الحرف في صورة التصريح لقوة المصرح به فلا يحتاج إلى ذكر ثانيًا بخلاف المضمن. قوله: "معنى الهمزة" مقتضاه أن الهمز بالجر مضاف إليه وجعله   897- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص68؛ وخزانة الأدب 3/ 169، 7/ 419؛ وشرح التصريح 2/ 161؛ ولسان العرب 4/ 523، 529 "ظهر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 193؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 406. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 ويُبْدَل الفعلُ من الفعلِ كمَن ... يَصِل إلينا يَسْتَعِن بنا يُعَنْ   المستفهم به "يلي همزًا" مستفهمًا به وجوبًا "كمن ذا أسعيد أم علي" وكم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ وما صنعت أخيرًا أو شرا؟ وكيف جئت أراكبًا أو ماشيًا؟ تنبيه: نظير هذه المسألة بدل اسم الشرط نحو: من يقم إن زيد وإن عمرو أقم معه وما تصنع إن خيرًا أو شرا تجز به, ومتى تسافر إن ليلًا أو نهارًا أسافر معك "ويبدل الفعل من الفعل" بدل كل من كل، قال في البسيط باتفاق كقوله: 898- مَتَى تَأْتِنا تُلمِمْ بِنا في دِيارِنا ... تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا ونَارًا تَأَجَّجَا   الشيخ خالد منصوبًا مفعولًا ثانيًا للمضمن. قوله: "بل همزًا مستفهمًا به وجوبًا" ليوافق المبدل منه في تأدية المعنى. قوله: "أسعيد أم علي" فسعيد بدل من من بدل تفصيل. قوله: "بدل اسم الشرط" فإنه يلي حرف الشرط الذي تضمنه المبدل منه وهو بدل تفصيل, وقد يتخلف كل من التفصيل وإعادة حرف الشرط, ففي الكشاف أن يومئذٍ بدل من إذا في قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] ، وكذا قال أبو البقاء, ولهذا اقتصر في النظم على الاستفهام, وكذا فعل في التسهيل مع كثرة جمعه فيه على أن مسألة الشرط لا تخلو عن إشكاله؛ لأنك إذا قلت: من يقم إن زيد وإن عمر وكان اسم الشرط مبتدأ فيكون البدل كذلك ضرورة فيلزم دخول إن الشرطية على المبتدأ وهو غير جائز في الأصح, وإن جعلنا ما بعد إن فاعلًا بمحذوف امتنعت المسألة لتخالف العامل؛ ولأن إن لا يضمر الفعل بعدها إلا إذا كان هناك ما يفسره نحو: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ} وجوابه: أن إن إنما جيء بها بيان المعنى لا للعمل فلا يلزم المحذور ا. هـ. تصريح. فائدة: اجتمعت مع جماعة كثيرة من أهل العلم في بعض المحافل فأورد بعضهم سؤالًا في قوله -صلى الله عليه وسلّم: "أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه"، حاصله أنهم جوزوا أن يكون أمة بالرفع على البدلية من أي: مع أن بدل المضمن معنى الشرط يجب أن يلي حرف الشرط كما أن بدل المضمن حرف الاستفهام يجب أن يلي حرف الاستفهام فسكت جميع الحاضرين, فعند ذلك أجبت بأن محل وجوب إيلاء بدل المضمن معنى الشرط حرف الشرط إذا وقع البدل بعد فعل الشرط أخذًا من الأمثلة التي ذكروها, فأعجبهم ذلك غاية الإعجاب. وقد خرج مما مر جواب آخر وهو أن ذلك قد يتخلف كما في آية الزلزلة. قوله: "ويبدل الفعل من الفعل" قال ابن هشام: ينبغي أن يشترط لإبدال الفعل ما اشترط لعطف الفعل على الفعل وهو الاتحاد في الزمان دون الاتحاد في النوع حتى يجوز إن جئتني   898- البيت من الطويل، وهو لعبد الله بن الحر في خزانة الأدب 9/ 90، 99؛ والدرر 6/ 69؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 66؛ وسر صناعة الإعراب ص678؛ وشرح المفصل 7/ 53؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 66؛ ورصف المباني ص32، 335؛ وشرح قطر الندى ص90؛ وشرح المفصل 10/ 20؛ والكتاب 3/ 86؛ ولسان العرب 5/ 242 "نور"؛ والمقتضب 2/ 63؛ وهمع الهوامع 2/ 128. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وبدل اشتمال على الصحيح "كمن يصل إلينا يستعن بنا يعن" ومنه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [الفرقان: 68] وقوله: 899- إنَّ عَلَيَّ اللهَ أنْ تُبايِعا ... تؤخذ كرهًا أو تجيء طائعًا ولا يبدل بدل بعض: وأما بدل الغلط فقال في البسيط: جوزه سيبويه وجماعة من النحويين والقياس يقتضيه. تنبيه: تبدل الجملة من الجملة نحو: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ}   تمش إليّ أكرمك. قوله: "تلمم بنا" في كونه بدل كل من كل نظر فإن الإتيان المجيء, والإلمام النزول, وما تمحل به البعض من أن المراد بإتيانهم النزول بهم مجازًا يزيفه أنه لا قرينة على ذلك, فالمتجه أنه بدل اشتمال. قوله: "كمن يصل إلينا" أي: معشر الكرام الذين لا يخيب قاصد الاستعانة بهم فاندفع ما قيل أن الشخص قد يصل ويستعين ولا يعان. قوله: "يستعن بنا" فيستعن بدل اشتمال من يصل؛ لأن وصول قاصد الاستعانة يشتمل على الاستعانة, فاندفع ما قيل إن الوصول قد لا يشتمل على الاستعانة. وجعله الشاطبي بدل إضراب أو غلط, فراجعه قال شيخنا: على القول بأن البدل من جملة أخرى وأنه على نية تكرار العامل فالقياس أن الجزم بشرط مقدر مع تقدير جواب آخر, والتقدير من يصل إلينا يعن من يستعن بنا يعن ا. هـ. قوله: "يضاعف له العذاب" فهو بدل اشتمال من يلق أثامًا؛ لأن لقيّ الأثام أن يحصل له العذاب مضاعفًا, وهو يشتمل على المضاعفة فما نقله الغزي عن بعضهم من أن هذه الآية من بدل الكل؛ لأن لقيّ الآثام هو مضاعفة العذاب غير ظاهر. قوله: "أن عليّ الله إلخ" الخطاب لرجل تقاعد عن مبايعة الملك وعليّ خبران والله نصب بنزع الخافض وهو واو القسم وأن تبايعا اسم إن وتؤخذ بدل اشتمال من تبايعا وكرها مفعول مطلق بتقدير مضاف أي: أخذ كره أو حال أي: كارهًا وهذا أنسب بقوله: طائعًا وجعله صفة لمصدر محذوف يحوج إلى تكلف تقدير الموصوف, وتأويل كرهًا باسم مفعول؛ وبهذا يعلم ما في كلام العيني الذي درج عليه شيخنا والبعض. قوله: "ولا يبدل بدل بعض" نقل في التصريح أن الشاطبي أثبته ومثل له بنحو: إن تصلّ تسجد للرحمن يرحمك, لكن قال الفارضي: إنه يحتمل بدل الاشتمال؛ فإن الصلاة تشتمل على السجود ا. هـ. وفيه عندي وإن أقره شيخنا نظر؛ لأن الظاهر أنه ليس مرادهم بالاشتمال ما يعم اشتمال الكل على جزئه وإلا لزم أن كل بدل بعض بدل اشتمال. قوله: "والقياس يقتضيه" ومثله الشاطبي بنحو: إن تطعم زيدًا تكسه أكرمك. قوله: "تبدل الجملة من الجملة إلخ" أي: إذا كانت الثانية أوفى من الأولى بتأدية المراد   899- الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 203، 204؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 402؛ وشرح التصريح 1/ 161؛ وشرح ابن عقيل ص511؛ وشرح عمدة الحافظ ص591؛ والكتاب 1/ 156؛ والمقاصد النحوية 4/ 199؛ والمقتضب 2/ 63. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [الشعراء: 132 و133] ، وقوله: 900- أَقُولُ لَه ارْحَل لا تُقِيمَنَّ عِنْدنا وأجاز ابن جني والزمخشري والناظم إبدالها من المفرد كقوله: 901- إلى اللهِ أَشْكُو بالمدِينَةِ حاجَة ... وبالشامِ أُخْرَى كيفَ يَلتَقِيانِ   على ما قاله الدنوشري وأقره شيخنا. والفرق بين بدل الفعل وبدل الجملة أن الفعل يتبع ما قبله في إعرابه لفظًا أو تقديرًا, والجملة تتبع ما قبلها محلا إن كان له محل, وإلا فإطلاق التبعية عليها مجاز كذا في التصريح. قال في المغني: جوز أبو البقاء في قوله تعالى: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253] ، كونه بدلًا من فضلنا بعضهم على بعض, ورده بعض المتأخرين بأن الجملة الاسمية لا تبدل من الفعلية ولم يقم دليل على امتناع ذلك ا. هـ. بقي إبدال الفعل من اسم يشبهه والعكس وإبدال مفرد من جملة وحرف من مثله أما الأول فجوزه ابن هشام نحو: زيد متق يخاف الله أو يخاف الله متق وأما الثاني فجوزه أبو حيان وجعل منه: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، قَيِّمًا} [الكهف: 1] ، فجعل قيمًا بدلًا من جملة ولم يجعل له عوجًا, وأما الثالث فأثبته سيبويه وجعل منه: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ} [المؤمنون: 35] ، الآية فجعل أن الثانية بدلًا من الأولى لا توكيدًا والظاهر ما مر في باب التوكيد أن هذا من توكيد الضمير مع إعادة ما اتصل به. قوله: "نحو: أمدكم بما تعلمون إلخ" فجملة أمدكم بأنعام وبنين إلخ بدل من جملة أمدكم بما تعلمون, ولا يخفى أنها صلة الذي في قوله: {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ} [الشعراء: 132] ، فلا محل لها فإطلاق التبعية على ما بعدها مجاز لما مر عن التصريح, وقال الدماميني والشمني: إطلاقها عليه بالمعنى اللغوي لا الاصطلاحي ومثل بالآية في التصريح لبدل البعض وهو الظاهر؛ لأن ما يعلمونه أعم من المفصل المذكور بعده, إلا أن يقال المراد به خصوص المفصل فيكون عاما مرادًا به الخصوص. قوله: "أقول له ارحل لا تقيمن عندنا" التمثيل به لبدل الكل مبني على أن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده, ومثل به في التصريح لبدل الاشتمال وهو مبني على أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده. قال الدماميني: لا تتعين التبعية في البيت لجواز أن يكون مجموع الجملتين هو المقول وكل واحدة جزء المقول ا. هـ. قال في التصريح: وسكتوا عن اشتراط الضمير في بدل البعض في الاشتمال في الأفعال والجمل لتعذر عود الضمير عليها. قوله: "إبدالها من المفرد" إنما صح ذلك لرجوع الجملة في التقدير إلى المفرد كما في التصريح.   900- عجزه: وإلا فكُنْ في السِّرِّ والجَهْرِ مُسلِما والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 207، 8/ 463؛ وشرح التصريح 2/ 162؛ وشرح شواهد المغني 2/ 839؛ ومجالس ثعلب ص96؛ ومعاهد التنصيص 1/ 278؛ ومغني اللبيب 2/ 426؛ والمقاصد النحوية 4/ 200. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أبدل كيف يلتقيان من حاجة وأخرى أي: إلى الله أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما. وجعل منه الناظم نحو: عرفت زيدًا أو من هو. خاتمة في مسائل متفرقة من التسهيل وشرحه: الأولى قد يتحد البدل والمبدل منه لفظًا إذا كان مع الثاني زيادة بيان كقراءة يعقوب: "وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلَّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا" [الجاثية: 28] بنصب كل الثانية، فإنها قد اتصل بها ذكر سبب الجثو. الثانية الكثير كون البدل معتمدًا عليه، وقد يكون في حكم الملغى كقوله: 902- إنَّ السُّيوفَ غُدُوَّهَا ورَواحَها ... تَرَكَتْ هَوازِنَ مِثل قَرْنِ الأَعْضَبِ الثالثة: قد يستغنى في الصلة بالبدل عن لفظ المبدل منه، نحو: أحسن إلى الذي صحبت زيدًا: أي: صحبته زيدًا. الرابعة: ما فصل به مذكور وكان وافيًا به يجوز فيه البدل   قوله: "أبدل كيف يلتقيان إلخ" الظاهر أنه بدل اشتمال وكذا في عرفت زيدًا أبو من هو. قوله: "تعذر التقائهما" أشار بذلك إلى أن الجملة في تأويل المفرد وإلى أن الاستفهام تعجبي قال الدماميني ويحتمل أن يكون كيف يلتقيان جملة مستأنفة نبه بها على سبب الشكوى. قوله: "أبو من هو" أبو مبتدأ ومن مضاف إليه وهو خبر والجملة بدل من زيدًا بدل اشتمال لا مفعول ثان؛ لأن عرف إنما يتعدى إلى مفعول واحد. قوله: "سبب الجثو" هو دعاء كل أمة إلى قراءة كتابها. قوله: "كون البدل معتمدًا عليه" أي: اعتمد عليه ما بعده في الحالة التي له من تذكير وتأنيث وغيرهما نحو: إن زيدًا عينه حسنة وإن هندًا جفنها فاتر بنصب العين والجفن، فأنث الخبر في الأول وذكر في الثاني, ولولا أن المعتمد عليه في ذلك هو البدل لوجب التذكير في الأول والتأنيث في الثاني ا. هـ. دماميني وفي كلام البعض أن الخبر عند اعتماد البدل للبدل وعند اعتماد المبدل منه للمبدل منه وفيه نظر, إلا أن يراد بكون الخبر للبدل أن البدل هو المخبر عنه في المعنى فتأمل. قوله: "تركت" فيه الشاهد فإنه خبر أنثه اعتمادًا على المبدل منه. والأعضب بعين مهملة فضاد معجمة فموحدة ولد البقرة إذا طلع قرنه, وقيل ما كسر قرنه وهو أنسب بالمقام. قوله: "زيدًا" يصح نصبه بدلًا من الهاء المقدرة وجره بدلًا من الذي ورفعه خبر مبتدأ محذوف قاله الشارح على التوضيح. قوله: "ما فصل به مذكور" أي: مبدل منه مذكور. قال شيخنا نقلًا عن السيوطي: وكذا غير المفصل يجوز فيه القطع أيضًا نحو: مررت بزيد أخوك نص عليه سيبويه والأخفش ا. هـ. ونقل شيخنا السيد عن سم جواز قطع البيان والعطف, وتقدم جواز قطع   901- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 5/ 208؛ وشرح التصريح 2/ 162؛ وشرح شواهد المغني 2/ 557، والمقاصد النحوية 4/ 201؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 408؛ والمحتسب 2/ 165؛ ومغني اللبيب 1/ 27، 426 والمقتضب 2/ 329؛ وهمع الهوامع 2/ 128. 902- البيت من الكامل, وهو للأخطل في ديوانه ص329؛ وخزانة الأدب 5/ 199، 201؛ ولسان العرب 1/ 609 "عضب"؛ وبلا نسبة في جهرة اللغة ص354. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 النداء : مدخل وللمُنادى النَّاء أو كالنَّاء يَا ... وأَيْ وآكَذا أيا ثُمَّ هَيَا   والقطع نحو: مررت برجال قصير وطويل وربعة، وإن كان غير واف تعين قطعه إن لم ينو معطوف محذوف، نحو: مررت برجال طويل وقصير، فإن نوى معطوف محذوف فمن الأول، نحو: اجتنبوا الموبقات الشرك بالله والسحر بالنصب، التقدير وأخواتهما لثبوتها في حديث آخر. والله تعالى أعلم. النداء: فيه ثلاث لغات أشهرها كسر النون مع المد، ثم مع القصر، ثم ضمها مع المد. واشتقاقه من ندى الصوت وهو بعده، يقال: فلان أندى صوتًا من فلان إذا كان أبعد صوتًا منه "وللمنادى الناء" أي: البعيد "أو" من هو "كالناء" لنوم أو سهو، أو ارتفاع محل، أو   النعت وهناك قول بجواز قطع التوكيد. قوله: "وكان وافيًا به" أي: مستوعبًا لأنواعه. قوله: "وربعة" بفتح الراء وسكون الموحدة وفتحها الذي بين الطويل والقصير. قوله: "تعين قطعه" أي: لأنه حينئذٍ بدل بعض من غير رابط كما في المغني وبهذا يتبين بطلان قول البعض محل التعيين إذا جعل بدل كل, فإن جعل بدل بعض جاز الاتباع على أنه لا يتصور إلا كونه بدل بعض؛ لأن الغرض أنه لم ينو معطوف محذوف فلا تكن من الغافلين. قوله: "فمن الأول" أي: ما كان فيه البدل وافيًا بالمبدل منه فيجوز فيها الأمران البدل والقطع. النداء: هو لغة الدعاء بأي: لفظ كان واصطلاحًا طلب الإقبال بحرف نائب مناب أدعو ملفوظ به أو مقدر والمراد بالإقبال ما يشمل الإقبال الحقيقي والمجازي المقصود به الإجابة كما في نحو: يا ألله ولا يرد يا زيد لا تقبل؛ لأن يا لطلب الإقبال لسماع النهي والنهي عن الإقبال بعد التوجه, واعترض نيابة حرف النداء عن أدعو؛ بأن أدعو خبر والنداء إنشاء, وأجيب بأن أدعو نقل إلى الإنشاء وإنما ينادى المميز وأما نحو: يا جبال ويا أرض فقيل: إنه من باب المجاز لتشبيه ما ذكر بالمميز في الانقياد واستعارته في النفس له على طريق الاستعارة بالكناية, ويا تخييل ولك أن تقول: من الجائز أن الله لما ذكر حال الخطاب تمييزًا فلم يقع النداء إلا لمميز، وهمزة النداء منقلبة عن واو مثل كساء كما في الغزي. قوله: "ثم مع القصر" أي: ثم أشهرها كسر النون مع القصر أي: بالنسبة للثالث وقوله ثم ضمها مع المد أي: ثم أشهرها ضمنها مع المد وأفعل التفضيل هنا ليس على بابه وقدر بعضهم خبرًا في الموضعين أي: ثم كسرها مع القصر يلي الأول ثم ضمها مع المد يلي الثاني. هذا وقد أسلفنا في مبحث علامات الاسم نقلًا عن المصباح أن في النداء لغة رابعة وهي الضم مع القصر فتنبه. قوله: "واشتقاقه" أي: أخذه من ندى الصوت لتلاقيهما في المادة وإنما فسرنا الاشتقاق بالأخذ لاختلاف المأخوذ والمأخوذ منه معنى. قوله: "وللمنادى إلخ" في حاشية المغني الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 والهَمْزُ للدَّانِي ووا لِمن نُدِبْ ... أو يا وغَيْرُ واو لدَى اللَّبِس اجْتُنِبْ   انخفاضه، كنداء العبد لربه وعكسه من حروف النداء "يا وأي" بالسكون وقد تمد همزتها "وآكذا أيا ثم هيا" وأعمها يا فإنها تدخل في كل نداء، وتتعين في الله تعالى "والهمز" المقصور "للداني" أي: القريب نحو: أزيد أقبل "ووا لمن ندب" وهو المتفجع عليه أو المتوجع منه، نحو: واولداه وارأساه "أو يا" نحو: يا ولداه يا رأساه "وغيروا" وهو يا "لدى اللبس اجتنب" أي: لا تستعمل يا في الندبة إلا عند أمن اللبس كقوله: 903- حَمَلتَ أَمْرًا عَظيِمًا فاصْطَبَرْتَ لَهُ ... وقُمْتَ فيهِ بأَمْرِ اللهِ يا عُمَرا   للسيوطي ما نصه: حكى أبو حيان: أن بعضهم ذهب إلى أن حروف النداء أسماء أفعال تتضمن ضمير المنادي فعلى هذا استكملت الهمزة أقسام الكلمة؛ لأنها تأتي حرفًا للاستفهام وفعل أمر من وأي: بمعنى وعد ولها في ذلك نظائر ا. هـ. أي: كعلى والمنادي في عبارته بكسر الدال. قوله: "الناء" بحذف الياء والاستغناء بالكسرة وكذا ما بعده. قوله: "أي: البعيد" قال شيخنا: الضابط في البعد وضده العرف ا. هـ. قيل إنما نودي البعيد بالأدوات الآتية المشتملة على حرف المد؛ لأن البعيد يحتاج في ندائه إلى مد الصوت ليسمع وهو ظاهر في غير أي: بقصر الهمز. قوله: "من هو كالناء" هذا حل معنى لا حل إعراب حتى يقال: إن الشارح حمل عبارة المتن على ما يمتنع عند البصريين وهو حذف الموصول وبعض الصلة مع أنه لا ضرورة إلى ذلك في عبارة المتن لجواز كون الكاف اسمية بمعنى مثل معطوفة على الناء. قوله: "أو ارتفاع محل" أراد به ما يعم المحل الحسي والمحل المعنوي الذي هو الرتبة بقرينة تمثيله لارتفاع محل المنادى بنداء العبد لربه. قوله: "ثم هيا" قيل هي فرع أيا بإبدال الهمزة هاء, وقيل: أصل فليست هاؤها بدلًا من همزة أيا وكلامه محتمل للقولين, وإن كان إلى الثاني أقرب, ولزيادة أحرفهما عن يا كان فيهما دلالة على زيادة بعد مناداهما عن منادى يا. قوله: "وأعمها يا" أي: باعتبار المحال كما يدل عليه بقية كلامه. قوله: "تدخل في كل نداء" ولا يقدر عند الحذف سواها. قوله: "في الله تعالى" أي: لفظ الله تعالى مدلوله عن كل ما لا يليق, وكما تتعين في لفظ الجلالة تتعين في المستغاث وأيها وأيتها؛ لأن الأربعة لم يسمع نداؤها إلا بيا لا لبعدها حقيقة أو تنزيلًا؛ لأنه غير لازم. قوله: "ووا لمن ندب إلخ" قال الرضي: وقد يستعمل في النداء المحض وهو قليل ا. هـ. وقال في المغني: أجاز بعضهم استعمال وا في النداء الحقيقي. قوله: "وا ولداه" فوا حرف نداء وندبة وولدا منادى مبني على ضم مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة, والألف للندبة والهاء للسكت. قوله: "وهو يا" أخذ هذا الحصر من قوله: قبل ووا لمن ندب أو يا. قوله: "وقمت فيه إلخ" فصدور ذلك بعد موت   903- البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص736؛ والدرر 3/ 42؛ وشرح التصريح 2/ 164، 181؛ وشرح شواهد المغني 2/ 792؛ وشرح عمدة الحافظ ص289؛ والمقاصد النحوية 4/ 229؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 9؛ وشرح قطر الندى ص222؛ ومغني اللبيب 2/ 372؛ وهمع الهوامع 1/ 180. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 وغَيْرُ مُنْدُوبٍ ومُضْمَر وما ... جا مُسْتَغاثًا قد يُعَرَّى فاعْلَما   فإن خيف اللبس تعينت وا. تنبيهات: الأول من حروف نداء البعيد آي بمدى الهمزة وسكون الياء، وقد عدها في التسهيل فجملة الحروف حينئذ ثمانية. الثاني ذهب المبرد إلى أن أيا وهيا للبعيد، وأي والهمزة للقريب، ويا لهما. وذهب ابن برهان إلى أن أيا وهيا للبعيد والهمزة للقريب وأي للمتوسط ويا للجميع، وأجمعوا على أن نداء القريب بما للبعيد يجوز توكيدًا وعلى منع العكس "وغير مندوب ومضمر وما جا مستغاثًا قد يعرى" من حروف النداء لفظًا "فاعلما" نحو: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: 29] ، {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} [الرحمن:   عمر دليل على أنه مندوب وليس الدليل الألف؛ لأنها تلحق آخر المستغاث والمتعجب منه كما يأتي أفاده سم. قوله: "فإن خيف اللبس إلخ" فتقول عند قصد ندبة زيد الميت وبحضرتك من اسمه زيد: وازيد بالواو إذ لو أتيت بيا لتبادر إلى فهم السامع أنك قصدت النداء. قوله: "من حروف نداء البعيد آي إلخ" هذا مكرر مع قوله سابقًا, وقد تمد همزتها إلا أن يقال: أعاده ليؤيده بنقله عن التسهيل أو توطئة لقوله فجملة الحروف ثمانية. قوله: "ذهب المبرد إلخ" انظر ماذا يقول في آي وآ بمد الهمزة فيهما هل يجعلهما للبعيد أو للقريب أولهما فإن أراد بقوله: وأي والهمزة للقريب مقصورتين ومدودتين فلا إشكال, ونظير ذلك يقال فيما نقله عن ابن برهان. قوله: "على أن نداء القريب بما للبعيد" أي: في غير صورة تنزيله منزلة البعيد بقرينة قوله: يجوز توكيدًا إذ عند التنزيل المذكور لا تأكيد فتلخص أنه يجوز نداء القريب بما للبعيد للتوكيد وللتنزيل, والمراد توكيد النداء إيذانًا بأن الأمر الذي يتلوه مهم جدا كما أفاده في الكشاف. قوله: "وعلى منع العكس" أي: لعدم تأتي التوكيد في صورة العكس, ومحل منعه إذا لم ينزل البعيد منزلة القريب وإلا جاز نداؤه بما للقريب إذ لا مانع منه حينئذٍ كما قاله سم. قوله: "قد يعرى من حروف النداء لفظًا" وإن لزم عليه حذف النائب والمنوب عنه, فقد قال الدماميني: لا نسلم أن العوضية تنافي الحذف بدليل إقام الصلاة ا. هـ. وقال بعضهم: يا للتنبيه لا عوض عن الفعل لكن لما وقعت في محل أشبهت العوض ا. هـ. أما حذف المنادى وإبقاء حرف النداء فذهب ابن مالك إلى جوازه قبل الأمر والدعاء, واستشهد على ذلك ووجه الدماميني جوازه قبل الأمر والدعاء بأنهما مظنة النداء, ووقوعه معهما كثير فحسن التخفيف معهما بالحذف. وذهب أبو حيان إلى منعه وعلله بأن الجمع بين حذف فعل النداء وحذف المنادى إجحاف, ولم يرد بذلك سماع عن العرب، ويا في الشواهد للتنبيه كهي قبل ليت ورب وحبذا على ما صرح به في التسهيل, وعلله في شرحه بأن مولى يا أحد هذه الثلاثة قد يكون وحده ولا يكون معه منادى ثابت ولا محذوف. قوله: "نحو: يوسف أعرض عن هذا" أشار بتعداد الأمثلة إلى أنه لا فرق بين أن يكون المنادى مفردًا أو مضافًا أو شبيهًا به ولا فرق في المفرد بين أن يكون مقصودًا للنداء لذاته كيوسف أو وصلة لنداء غيره كأي: ولا بين أن يكون معربًا قبل النداء كيوسف أو مبنيا قبله كمن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   31] ، {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ} [الدخان: 88] ، نحو: خيرًا من زيد أقبل، ونحو: من لا يزال محسنًا إلي، أما المندوب والمستغاث والمضمر فلا يجوز ذلك فيها؛ لأن الأولين يطلب فيهما مد الصوت والحذف ينافيه, ولتفويت الدلالة على النداء مع المضمر. تنبيهان: الأول عد في التسهيل من هذا النوع لفظ الجلالة والمتعجب منه، ولفظه: ولا يلزم الحرف إلا مع الله والمضمر والمستغاث والمتعجب منه والمندوب، وعد في التوضيح المنادى البعيد وهو ظاهر. الثاني أفهم كلامه جواز نداء المضمر والصحيح منعه مطلقًا نحو: وشذ يا إياك قد كفيتك وقوله: 904- يا أَبْجَرَ ابْنَ أَبْجَرٍ يا أَنْتَا   أو معربًا قبله في بعض الأحوال ومبنيا في البعض الآخر كأي, هذا ما ظهر لي. وأما ما ذكره البعض فلا يتم كما يؤخذ مما قررناه. فعلم أن المنادى في المثال الأخير وهو من مفرد؛ لأنه اسم موصول لا شبيه بالمضاف؛ لأنه لم يعمل فيما بعده ولم يعطف عليه ما بعده فهو مبني على ضم مقدر كما قاله سم. قوله: "أن أدوا إليّ عباد الله" أي: أدوا إليّ الطاعة يا عباد الله, وهذا أحد وجهين؛ الثاني: أن عباد الله مفعول أدوا كقوله: {فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ} ولا شاهد فيه حينئذٍ. قوله: "مع المضمر" أي: لقلة ندائه. قوله: "والمتعجب منه" نحو قولهم: يا للماء والعشب إذا تعجبوا من كثرتهما. قوله: "إلا مع الله" لأن نداءه على خلاف الأصل لوجود أل فيه, فلو حذف حرف النداء لم يدل عليه دليل أفاده سم. قوله: "والمتعجب منه"؛ لأنه كالمستغاث لفظًا وحكمًا. قوله: "المنادى البعيد" أي: حقيقة أو تنزيلًا؛ لأن مد الصوت معه مطلوب ليسمع فيجيب والحذف ينافيه. قوله: "والصحيح منعه مطلقًا" ظاهره أن الخلاف جار في مطلق الضمير, وليس كذلك بل الخلاف في ضمير المخاطب فقط. وأما ضمير المتكلم والغائب فنداؤهما ممنوع اتفاقًا كما في التصريح فلا يقال: يا أنا ولا يا هو. ولا يرد أنه سمع يا هو يا من لا هو إلا هو؛ لأن هو في مثله اسم للذات العلية لا ضمير ا. هـ. ويمكن دفع الاعتراض بأن مصب تصحيح المنع في عبارته الإطلاق أي: والصحيح منع نداءه المضمر حالة كون المضمر مطلقًا عن التقييد بكونه ضمير متكلم أو غائب فيكون مقابل الصحيح المنع حالة كون الضمير مقيدًا بذلك, ويمكن أيضًا أن يفرض كلام الشارح كالمصنف في ضمير المخاطب فقط, ويكون معنى قول الشارح مطلقًا سواء كان ضمير رفع أو نصب, أخذا مما بعده أو يكون معناه نثرًا أو نظمًا أخذا مما بعده أيضًا فاعرف ذلك. قوله: "وشذ يا إياك قد كفيتك" جعل بعضهم يا فيه للتنبيه وإيا مفعول فعل   904- الرجز للأحوص في ملحق ديوانه ص216؛ وشرح التصريح 2/ 164؛ والمقاصد النحوية 4/ 232؛ ولسالم بن دارة في خزانة الأدب 2/ 139، 143، 146؛ والدرر 3/ 27؛ ونوادر أبي زيد ص163؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 325؛ وأوضح المسالك 4/ 11؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 359؛ وشرح عمدة الحافظ ص301، وشرح المفصل 1/ 127، 130؛ والمقرب 1/ 76؛ وهمع الهوامع 1/ 174. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 وذاكَ في اسمِ الجِنْس والمُشارِ لَهْ ... قَلَّ وَمَنْ يَمْنَعْهُ فَانْصُرْ عَاذِلَهْ   "وذاك" أي: التعري من الحروف "في اسم الجنس والمشار له قل ومن يمنعه" فيهما أصلًا ورأسًا "فانصر عاذله" بالذال المعجمة أي: لائمه على ذلك، فقد سمع في كل منهما ما لا يمكن رد جميعه، فمن ذلك في اسم الجنس قولهم: أطرق كرًا، وافتد مخنوق، وأصبح ليل. وفي الحديث: "ثوبي حجر" وفي اسم الإشارة قوله: 905- إذا هَمَلَتْ عَينِي لَها قالَ صاحِبِي ... بمثْلِكَ هَذا لَوْعَةٌ وغَرامُ   محذوف يفسره المذكور. قوله: "يا أبجر" بموحدة فجيم فراء قال في القاموس: الأبجر الذي خرجت سرته والعظيم البطن وقد بجر كفرح فيهما ا. هـ. وتمامه: أنت الذي طلقت عام جعتا وجعل بعضهم يا فيه للتنبيه وأنت الأولى مبتدأ وأنت الثانية تأكيدًا والموصول خبرًا. قوله: "أي: التعري" أي: المفهوم من يعري ولم يقل أي التعرية مع أنها مصدر يعرى؛ لأن التعري أوفق بتذكير اسم الإشارة. قوله: "في اسم الجنس" أي: المعين كما سيأتي في الشرح. قوله: "والمشار له" اعترض بأن حقه أن يقول: والمشار به وأجيب بأن في كلامه حذف مضاف أي: ولفظ المشار له من حيث إنه مشار له, وهو اسم الإشارة وبأنه معطوف على الجنس أي: واسم المشار له أي: الاسم الدال عليه من حيث أنه مشار إليه. وظاهر كلامه جواز نداء اسم الإشارة مطلقًا وقيده الشاطبي بغير المتصل بالخطاب. قوله: "أصلًا ورأسًا" العطف للتوكيد والمراد أنه لا يحكم بالقلة فقط. وأما قول البعض المراد بمنعه أصلًا منع القياس عليه وبمنعه رأسًا منع وروده فهو مع ما فيه من التحكم مردود بما سيفيده الشارح من اعتراف المانعين بالورود حيث قال: ومذهب البصريين المنع فيهما وحمل ما ورد على شذوذ أو ضرورة. قوله: "أطرق كرًا" أصله يا كروان رخم بحذف النون وحذفت معها الألف لكونها لينًا زائدًا ساكنًا مكملًا أربعة. قال الناظم: ومع الآخر احذف الذي تلا إلخ, ثم قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وتمامه: إن النعام في القرى. وهو مثل يضرب لمن تكبر وقد تواضع من هو أشرف منه، أي: اخفض يا كرًا عنقك للصيد فإن من هو أكبر وأطول عنقًا منك وهو النعام قد صيد. تصريح بزيادة. قوله: "وافتد مخنوق" مثل يضرب لكل مضطر وقع في شدة وهو يبخل بافتداء نفسه بماله ا. هـ. تصريح. قوله: "وأصبح ليل" مثل يضرب لمن يظهر الكراهة للشيء أي: صر صبحًا ا. هـ. تصريح. ولو قال: أي ائت بالصبح أو تبدل بالصبح لكان أوضح. قوله: "ثوبي حجر" قاله -صلى الله عليه وسلّم- حكاية عن موسى عليه الصَّلاة والسَّلام حين فر الحجر بثوبه حين وضعه عليه وذهب ليغتسل, وكان رخامًا كما في الفارضي. قوله: "إذا هملت عيني" أي: أسالت الدموع لها أي: لأجل   905- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1592؛ والدرر 3/ 24؛ وشرح التصريح 2/ 165؛ وشرح عمدة الحافظ ص297؛ والمقاصد النحوية 4/ 235؛ وهمع الهوامع 1/ 174؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 15؛ ومغني اللبيب 2/ 641. ش الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 906- إنَّ الأُلَى وَصَفُوا قَومِي لَهُم فَبِهِم ... هذا اعْتَصِمْ تَلقَ منْ عاداكَ مَخْذُولا وقوله: 907- ذا ارْعِواءً فَلَيسَ بَعْدَ اشْتِعالِ الرْ ... رَأسِ شَيبًا إلى الصِّبا مِنِّ سَبِيلِ وجعل منه قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 85] وكلاهما عند الكوفيين مقيس مطرد، ومذهب البصريين المنع فيهما وحمل ما ورد، على شذوذ أو ضرورة، ولحنوا المتنبي في قوله: 908- هَذِي بَرَزْتِ لَنا فَهِجْتِ رَسِيسًا والإنصاف القياس على اسم الجنس لكثرته نظمًا ونثرًا، وقصر اسم الإشارة على السماع إذا لم يرد إلا في الشعر, وقد صرح في شرح الكافية بموافقة الكوفيين في اسم   المحبوبة وبمثلك خبر مقدم ولوعة مبتدأ مؤخر وهذا منادى وفيه الشاهد. قال البعض: ويحتمل أن يكون مبتدأ ولوعة بدل أو عطف بيان وحينئذٍ لا شاهد فيه ا. هـ. ومما يبعده تذكير اسم الإشارة مع تأنيث لوعة. قوله: "قومي لهم" قومي خبر إن ولهم متعلق بصلة الموصول, وهي وصفوا فيكون قد فصل بين العامل والمعمول بأجنبي للضرورة واعتصم أي: استمسك. قوله: "ذا ارعواء" أي: يا ذا ارعو ارعواء أي: انكف عن دواعي الصبا انكفافًا. قوله: "وجعل منه قوله تعالى إلخ" لم يقل وقوله تعالى؛ لأن ما ذكره أحد أوجه منها أن هؤلاء بمعنى الذين خبر أنتم. قوله: "على شذوذ" أي: في النثر أو ضرورة في النظم. قوله: "ولحنوا المتنبي" قد يمنع التلحين بأن المتنبي كوفي, ومذهب الكوفيين جواز حذف حرف النداء من اسم الإشارة. قاله الدماميني. قوله: "هذي" أي: يا هذي وجعله بعضهم مفعولًا مطلقًا أي: برزت هذه البرزة وحينئذٍ لا شاهد فيه. ورده الناظم بأنه لا يشار إلى المصدر على طريق المفعول المطلق إلا منعوتًا بذلك المصدر نحو: ضربته ذلك الضرب لكن تقدم في باب المفعول المطلق أن غير الناظم لا يشترط ذلك فهجت أي: أثرت رسيسًا أي: هما. وتمامه: ثم انصرفت وما شفيت نسيسًا بنون مفتوحة أي: بقية النفس. قوله: "إذ لم يرد إلا في الشعر" أي: لم يرد نصا إلا في   906- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص298. 907- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص513؛ والمقاصد النحوية 4/ 230. 908- عجزه: ثم انْثَنَيْتِ وما شَفيت نَسِيسًا والبيت من الكامل، وهو للمتنبي في ديوانه 2/ 301؛ ومغني اللبيب 2/ 641؛ وبلا نسبة في المقرب 1/ 177. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 وابْن المُعَرَّفَ المنادى المفرَدا ... على الذي في رَفْعِهِِ قد عُهِدا   الجنس فقال وقولهم في هذا أصح. تنبيه: أطلق هنا اسم الجنس وقيده في التسهيل بالمبنى للنداء, إذ هو محل الخلاف, فأما اسم الجنس المفرد غير المعين كقول الأعمى يا رجلًا خذ بيدي فنص في شرح الكافية على أن الحرف يلزمه. فالحاصل أن الحرف يلزم في سبعة مواضع: المندوب والمستغاث والمتعجب منه والمنادى البعيد والمضمر ولفظ الجلالة واسم الجنس غير المعين وفي اسم الإشارة واسم الجنس المعين ما عرفت "وابن المعرف المنادى المفردا على الذي في رفعه قد عهدا" أي: إذا اجتمع في المنادى هذان الأمران: التعريف والإفراد فإنه يبني على ما يرفع به لو كان معربًا. وسواء كان ذلك التعريف سابقًا على النداء نحو: يا   الشعر فلا ترد الآية لقبولها التأويل. قوله: "إذ هو محل الخلاف" يقتضي أن غير المعين يلزمه الحرف اتفاقًا, وليس كذلك فقد صرح المرادي بأن بعضهم أجاز حذف الحرف معه أيضًا نحو: رجلًا خذ بيدي وأجاب بعضهم بجعل أل في الخلاف للعهد والمعهود الخلاف بين البصريين والكوفيين, فغير المعين يلزمه الحرف اتفاقًا منهما, وهذا لا ينافي حكاية قول فيه عن بعض النحاة وإنما يصح هذا الجواب إذا كان البعض المجيز من غير الفريقين فراجعه. قوله: "على أن الحرف يلزمه" أي: على الصحيح لما مر عن المرادي خلافًا لما يوهمه كلام الشارح من أن لزومه للحرف متفق عليه. قوله: "وابن المعرف إلخ" إنما بني لوقوعه موقع الكاف الاسمية في نحو: أدعوك المشابهة لفظًا ومعنى لكاف الخطاب الحرفية ومماثلته لها إفرادًا وتعريفًا, وإنما احتيج إلى قولنا المشابهة لفظًا ومعنى لكاف الخطاب الحرفية؛ لأن الاسم لا يبنى إلا لمشابهة الحرف ولا يبنى لمشابهة الاسم المبني, وخرج بقولنا ومماثلته لها إفرادًا وتعريفًا المضاف والشبيه به؛ لأنهما لم يماثلا الكاف الاسمية إفرادًا والنكرة غير المقصودة؛ لأنها لم تماثلها تعريفًا. وجعل السيد علة البناء المشابهة لكاف ذلك في الخطاب والإفراد بلا واسطة, ويرد عليه وجود هذه العلة في النكرة غير المقصودة مع عدم بنائها وبني على حركة للإعلام بأن بناءه غير أصلي وكانت ضمة؛ لأنه لو بني على الكسر لالتبس بالمنادى المضاف إلى ياء المتكلم عند حذف يائه اكتفاء بالكسرة، أو على الفتح لالتبس به عند حذف ألفه اكتفاء بالفتحة. قاله الفاكهي. وأورد عليه أن المنادى المضاف للياء يجوز فيه الضم عند حذف يائه فلا يحصل الفرق، وأجيب بأنه قليل فلا ينظر إليه. قوله: "المنادى" ليس بقيد بل بيان لموضوع المسألة؛ لأن الكلام في أحكام المنادى وأخره عن قوله المعرف ضرورة ا. هـ. غزي. قوله: "في رفعه" أي: رفع نظيره على ما قاله الغزي، أو المراد رفعه في غير النداء، أو المراد رفعه على فرض إعرابه، وإلى هذا يشير قول الشارح: على ما يرفع به لو كان معربًا، فاندفع ما يقال الرفع إعراب فينافي قوله وابن. قوله: "على ما يرفع به" من حركة ظاهرة أو مقدرة أو حرف. قوله: "سابقًا على النداء" كالعلم والصحيح بقاؤه على تعريفه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   زيد أو عارضًا فيه بسبب القصد والإقبال وهو النكرة المقصودة نحو: يا رجل أقبل تريدك رجلًا معينًا. والمراد بالمفرد هنا أن لا يكون مضافًا ولا شبيهًا به كما في باب لا, فيدخل في ذلك المركب المزجي والمثنى والمجموع نحو: يا معد يكرب ويا زيدان ويا زيدون ويا هندان ويا رجلان ويا مسلمون، وفي نحو: يا موسى ويا قاضي ضمة مقدرة. تنبيهات: الأول قال في التسهيل ويجوز نصب ما وصف من معرف بقصد وإقبال   بالعلمية وازداد بالنداء وضوحًا. وقيل سلب تعريفه بالعلمية وتعرف بالنداء، ورده الناظم بنداء ما لا يمكن سلب تعريفه كلفظ الجلالة واسم الإشارة فإنهما لا يقبلان التنكير. فإن قلت: العلم إذا أريد إضافته نكر فما الفرق قلت: ليس المقصود من الإضافة إلا تعريف المضاف أو تخصيصه, فلو أضيف مع بقاء التعريف كانت الإضافة لغوًا, وليس المقصود من النداء التعريف بل طلب الإصغاء؛ فلا حاجة إلى تنكير المنادى إذا كان معرفة سم. قوله: "بسبب القصد" أي: قصد المنكر بعينه وقوله والإقبال أي: إقبال المتكلم على المنادى أي: إلقائه الكلام نحوه, وليس المراد إقبال المنادى على المتكلم كما قد يتوهم لتأخره عن النداء فيلزم كون الكلمة حالة النداء غير معرفة وتوقف تعريفها على إقبال المنادى, حتى إنه إذا لم يقبل بقيت الكلمة على تنكيرها وهو باطل. والعطف من عطف اللازم قال الدماميني: التعريف لم يحصل بمجرد القصد والإقبال بل بهما مع كون الكلمة مناداة بدليل انتفائه في أنت رجل عالم مع وجود القصد والإقبال, وحينئذٍ فقول الشارح بسبب القصد والإقبال أي: مع كون الكلمة مناداة. قوله: "المركب المزجي" المراد به ما يشمل العددي كخمسة عشر؛ لأنه أيضًا من المفرد, نعم أجرى الكوفيون اثني عشر واثنتي عشرة مجرى المضاف كما سيأتي في الشرح. قوله: "والمثنى والمجموع" الظاهر كما قال البعض أن نحو: يا زيدان ويا زيدون من النكرة المقصودة لا من العلم؛ لأن العلمية زالت إذ لا يثنى العلم ولا يجمع إلا بعد اعتبار تنكيره؛ ولهذا دخلت عليهما أل فتعريفهما بالقصد والإقبال. قوله: "ويا قاضي" بحذف التنوين اتفاقًا لحدوث البناء وإثبات الياء, إذ لا موجب لحذفها. قاله الخليل. وذهب المبرد إلى أن الياء تحذف؛ لأن النداء دخل على اسم منون محذوف الياء فيبقى حذفها بحاله وتقدر الضمة فيها, ومحل الخلاف بينهما إذا لم يصر بحذف الياء ذا أصل واحد وإلا ثبتت الياء اتفاقًا كما في مراسم فاعل من أرى. قاله في التسهيل. قوله: "ويجوز نصب ما وصف" أي: بمفرد معرف أو منكر أو بجملة أو بظرف أي: جوازًا برجحان بل أوجبه كثير ذاهبين إلى أنه من شبيه المضاف كما يفيده قول الهمع، أما الموصوفة بمفرد أو جملة أو ظرف فمن شبيه المضاف فتنصب وجوز الكسائي فيها البناء ا. هـ. وعلى هذا لا يختص الشبيه بالمضاف بما عمل فيما بعده أو عطف عليه ما بعده. ويؤخذ من التصريح أن الأحوال ثلاثة وأنه يجب النصب في حال ورود النداء على الموصوف وصفته بأن يطرأ النداء بعد الوصف بالصفة؛ لأنه حينئذٍ من شبيه المضاف، ويجب البناء في حال ورود الوصف بالصفة على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 وانْوِ انْضِمامَ ما بَنَوا قَبْلَ النِّدا ... وليُجْرَ مُجْرَى ذي بِناء جُدِّدا   وحكاه في شرحه عن الفراء وأيده بما روي من قوله -صلى الله عليه وسلم- في سجوده: $"يا عظيمًا يرجى لكل عظيم" وجعل منه قوله: 909- أَدَارًا بِحُزْوَى هِجْتِ للعَينِ عَبْرَةً الثاني: ما أطلقه هنا قيده في التسهيل بقوله غير مجرور باللام للاحتراز من نحو: يا لزيد لعمرو, ونحو: ياللماء والعشب، فإن كلا منهما مفرد وهو معرب. الثالث: إذا ناديت اثني عشر واثنتي عشرة قلت: يا اثنا عشر ويا اثنتا عشرة بالألف، وإنما بني على الألف؛ لأنه مفرد في هذا الباب كما عرفت. وقال الكوفيون: يا اثني عشر ويا اثنتي عشرة بالياء إجراء لهما مجرى المضاف "وانو انضمام ما بنوا قبل الندا" كسيبويه وحذام في لغة الحجاز   النداء بأن يطرأ بعد النداء فيكون المنادى الموصوف وحده وهو مفرد مقصود, ثم يرد الوصف ويجوز كل في احتمال الأمرين. واستشكل الدماميني جواز وصف المنادى المقصود بالجملة والظرف والنكرة مع أنه معرفة, والثلاثة لا يوصف بها إلا النكرات، قال: وغاية ما يتمحل له أن هذا المنادى كان قبل النداء نكرة فيصح وصفه بجميع ذلك ويقدر أنه وصف بها قبل النداء، ثم جاء النداء داخلًا على الموصوف وصفته جميعًا لا داخلًا على المنادى فقط, ثم وصف بعده ا. هـ. وجوابه المذكور إنما يتم على النصب. وأجاب في التصريح بأنه يغتفر في المعرفة الطارئة ما لا يغتفر في الأصلية ثم نقل عن الموضح أن الجملة أي: في نحو: يا عظيمًا يرجى لكل عظيم حال من الضمير المستتر في الوصف لا نعت في حالة النصب؛ لأنها حينئذٍ عاملة فيما بعدها, قال: فهو من الشبيه بالمضاف وفيه رد على ابن مالك حيث جعل الجملة نعتًا ا. هـ. قال شيخنا: وغرض الشارح بقوله ويجوز نصب إلخ التنبيه على أن كلام المصنف هنا مقيد بعدم الوصف. قوله: "هجت" أي: أثرت والعبرة الدمع. قوله: "قيده في التسهيل" هذا التقييد مأخوذ من قول المصنف في الاستغاثة إذا استغيث اسم منادى خفضًا باللام فما هنا مقيد بما سيأتي أفاده سم. قوله: "إجراء لهما مجرى المضاف" أي: لشبههما به في الصورة. قوله: "وانو انضمام ما بنوا قبل الندا" فإن قيل المبنيات إنما يحكم على محلها فلا يقدر فيها, فالجواب أن المقدر هنا حركة بناء لا حركة إعراب ا. هـ. فارسي أي: وحركة البناء لا تكون محلية؛ لأنها ليست من مقتضيات العامل والحركة المحلية من مقتضياته فانحصرت في حركة الإعراب. قوله: "ما بنوا" أي: أو حكوا كما سيذكره الشارح. قوله: "في لغة الحجاز" راجع لحذام فقط أي: وأما في لغة تميم فهو معرب فيكون في حالة النداء مبنيا على الضم بناء   909- عجزه: فماءُ الهوى يَرْفَضُّ أو يَتَرَقْرَقُ والبيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص456؛ وخزانة الأدب 2/ 190؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 488؛ والكتاب 2/ 199؛ والمقاصد النحوية 4/ 236، 579؛ وبلا نسبة في الأغاني 10/ 119؛ وأوضح المسالك 4/ 388؛ والمقتضب 4/ 203. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 والمُفْرَدَ المَنْكورَ والمضَافا ... وشِبْهَهُ انْصِبْ عادِمًا خِلافا   وخمسة عشر "وليجر مجرى ذي بناء جددا" ويظهر أثر ذلك في تابعه فتقول: يا سيبويه العالم برفع العالم ونصبه كما تفعل في تابع ما تجدد بناؤه نحو: يا زيد الفاضل، والمحكي كالمبني تقول يا تأبط شرا المقدام والمقدام "والمفرد المنكور والمضافا وشبهه انصب عادمًا خلافًا" أي: يجب نصب المنادى حتمًا في ثلاثة أحوال: الأول النكرة غير المقصودة كقول الواعظ: يا غافلًا والموتْ يَطْلُبُهُ وقول الأعمى: يا رجلًا خذ بيدي. وقوله: 910- أيا رَاكِبًا إمّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ   مجددًا. قوله: "وليجر مجرى ذي بناء جددا" يحتمل أن المراد يجري مجراه في كونه في محل نصب, وعلى هذا يرجع اسم الإشارة في قول الشارح, ويظهر أثر ذلك إلى ما ذكر من نية الضم ونصب المحل, ويحتمل أن المراد مجرى مجراه في جواز رفع تابعه ونصبه كما أشار إليه الفارضي, وعلى هذا كان ينبغي للشارح أن يسقط قوله: ويظهر أثر ذلك في تابعه ويقتصر على قوله: فتقول يا سيبويه العالم إلخ فتدبر. قوله: "برفع العالم" أي: مراعاة للضم المقدر ونصبه أي: مراعاة لمحل المتبوع ولم يجر مراعاة لكسرة البناء؛ لأنها لأصالتها بعيدة عن حركة الإعراب بخلاف الضم فإنه لعروضه بيا أشبهت حركة الإعراب العارضة بالعامل المتأصلة في المتبوعية, وإطلاق الرفع على حركة التابع فيه مسامحة؛ لأن التحقيق أنها حركة اتباع. قوله: "والمحكي كالمبني" مقتضاه أن المحكي ليس بمبني وهو مذهب السيد؛ ولهذا جعل إعرابه تقديريا وهو أوجه مما في التصريح أنه مبني, ويمكن تفسير البناء في كلامه بما قابل الإعراب فيشمل الحكاية فيرجع الخلاف لفظيا فافهم. ومعنى كونه كالمبني أنه يبنى على ضم منوي ويرفع تابعه وينصب. قوله: "والمضافا" أي: لغير ضمير الخطاب أما المضاف إليه فلا ينادى, فلا يقال: يا غلامك لاستلزامه اجتماع النقيضين لاقتضاء النداء خطاب الغلام وإضافته إلى ضمير الخطاب عدم خطابه لوجوب تغاير المتضايفين وامتناع اجتماع خطابين لشخصين في جملة واحدة أفاده الدنوشري نقلًا عن المتوسط, وهو أولى مما ذكره البعض. قوله: "يا غافلًا والموت يطلبه" قال البعض: الواو استئنافية ليصح كونه مثالًا للنكرة غير المقصودة إذ لو جعلت حالية لكان من أمثلة الشبيه بالمضاف لا مما نحن بصدده ا. هـ. وفيه أن المعنى على الحالية لا على الاستئناف فالأولى عندي أنه من شبيه المضاف لا من المفرد وإن درج عليه الشارح وغيره لما عرفته فتدبر. قوله: "أيا راكبًا أما عرضت فبلغن" تمامه:   910- عجزه: نَدامَايَ من نجرانَ أنْ لا تَلاقِيا = الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وعن المازني أنه أحال وجود هذا النوع. الثاني: المضاف سواء كانت الإضافة محضة نحو: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} [آل عمران: 147، الحشر: 10] ، أو غير محضة نحو: يا حسن الوجه. وعن ثعلب إجازة الضم في غير المحضة. الثالث: الشبيه بالمضاف وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه نحو: يا حسنًا وجهه ويا طالعًا جبلًا ويا رفيقًا بالعباد ويا ثلاثة وثلاثين فيمن سميته بذلك، ويمتنع في هذا إدخال يا على ثلاثين خلافًا لبعضهم, وإن ناديت جماعة هذه عدتها، فإن كانت غير معينة نصبتهما أيضًا وإن كانت معينة   نداماي من نجران أن لا تلاقيا أصل أما إن ما فأدغمت نون الشرطية في ميم ما الزائدة وعرضت أي: أتيت العروض وهي مكة والمدينة وما بينهما ونجران بلد باليمن. تصريح. قوله: "أحال وجود هذا النوع" أي: نداء غير المقصود مدعيًا أن نداء غير المعين لا يمكن. قوله: "وعن ثعلب إجازة الضم" فيه تورك على قول الناظم عاد ما خلافًا إلا أن يقال المراد خلافًا معتدًا به, أو عادما في الجملة. قوله: "ما اتصل به شيء من تمام معناه" أي: متممه بأن يكون معمولًا أو معطوفًا قبل النداء كما يفيده كلام التسهيل, وصرح به في التصريح أو نعتًا على ما مر من الخلاف فالموصول نحو: يا من فعل كذا من المفرد فيقدر ضمه كما في سم, والمعمول إما مرفوع أو منصوب أو مجرور؛ ولهذا عدد الأمثلة. قوله: "ويا طالعًا جبلًا" هو معرفة بدليل نعته بمعرفة, ولا يقال موصوفه المقدر نكرة؛ لأنه تنوسي بإقامته مقامه؛ ولذلك كان هو المنادى دون الموصوف المقدر قاله الشنواني. ثم نقل عن الرضي جواز تعريف نعت النكرة المقصودة وتنكيره وكذا عن الشيخ خالد قال: لكون التعريف مجددًا, قال: وينبغي أن نعت شبه المضاف كذلك. قوله: "فيمن سميته بذلك" أي: حالة كونه مستعملًا فيمن سميته بمجموع المعطوف والمعطوف عليه فيجب نصبهما للطول بلا خلاف: الأول لشبهه بالمضاف والثاني لعطفه على المنصوب. قوله: "ويمتنع في هذا إدخال يا إلخ" أي: لأن ثلاثين جزء علم حينئذٍ كشمس من عبد شمس والمخالف نظر إلى الأصل المنقول عنه. قوله: "نصبتهما أيضًا" أي: وجوبًا أما الأول فلأنه نكرة غير مقصودة وأما الثاني فلعطفه على المنصوب. قوله: "وإن كانت" أي: الجماعة معينة إلخ قال الحفيد الظاهر أن هذا الحكم الذي قاله محله فيما إذا أريد بثلاثة ثلاثة معينة وبثلاثين ثلاثون معينة وإنما قلت ذلك؛ لأن المنادى إنما يبنى إذا كان مفرد المعين, وكذا لا يجوز في تابعه الوجهان إذا كان مع أل إلا إذا أريد به معين أما إذا أريد بالمجموع معين فلا يستحق كل منهما بناء بل   = والبيت من الطويل، وهو لعبد يغوث بن وقاص في الأشباه والنظائر 6/ 243؛ وخزانة الأدب 2/ 194، 195، 197؛ وشرح اختيارات المفضل ص767؛ وشرح التصريح 2/ 167؛ وشرح المفصل 1/ 128؛ والعقد الفريد 5/ 229؛ والكتاب 2/ 200؛ ولسان العرب 7/ 173 "عرض"؛ والمقاصد النحوية 4/ 206؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 413، 9/ 223؛ ورصف المباني ص137؛ وشرح شذور الذهب ص145؛ وشرح ابن عقيل ص515؛ وشرح قطر الندى ص203؛ والمقتضب 4/ 204. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ضممت الأول وعرفت الثاني بأل ونصبته أو رفعته، إلا إن أعدت معه يا فيجب ضمه وتجريده من أل, ومنع ابن خروف إعادة يا وتخييره في إلحاق أل مردود. تنبيه: انتصاب المنادى لفظًا أو محلا عند سيبوه على أنه مفعول به وناصبه الفعل المقدر، فأصل يا زيد عنده أدعو زيدًا، فحذف الفعل حذفًا لازمًا لكثرة الاستعمال ولدلالة حرف النداء عليه وإفادته فائدته، وأجاز المبرد نصبه بحرف النداء لسده مسد الفعل، فعلى المذهبين يا زيد جملة وليس المنادى أحد جزأيها فعند سيبويه جزآها أي: الفعل والفاعل مقدران، وعند المبرد حرف النداء سد مسد أحد جزأي الجملة أي: الفعل والفاعل مقدر   الظاهر فيه نصبهما كما لو سمي رجل بثلاثة وثلاثين سم. قوله: "ضممت الأول" أي: لأنه نكرة مقصودة تصريح. قوله: "وعرفت الثاني" قال في التصريح وجوبًا؛ لأنه اسم جنس أريد به معين فوجب إدخال أداة التعريف عليه وهي أل ا. هـ. ولم يكتف بحرف النداء؛ لأنه لم يباشره وقضية التعليل امتناع يا زيد ورجل, وهو ما نقله السيوطي عن الأخفش. ونقل عن المبرد الجواز قال سم. وقياس قول المبرد الجواز في مسألتنا بدون أل. قوله: "ونصبته" أي: عطفًا على محل الأول أو رفعته أي: عطفًا على لفظه والوجهان مأخوذان من قول المصنف الآتي: وإن يكن مصحوب أل ما نسقا ... ففيه وجهان ورفع ينتفى قوله: "فيجب ضمه" قال شيخنا: أي: بناؤه على ما يرفع به فلا يرد أنه يبنى على الواو ا. هـ. ولو قال: فيجب بناؤه على الواو لكان أوضح. قوله: "وتجريده من أل"؛ لأنه لا يجمع بين يا وأل إلا مع لفظ الجلالة والجملة المحكية المصدرة بأل كما يأتي. قوله: "مردود" كان الظاهر مردودان ليطابق الخبر المبتدأ, وهو منع وتخيير ويمكن أن يقرأ تخيير بالنصب على أنه مفعول معه أو يقدر لواحد منهما خبر على حد: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض. وهذا الجواب أولى لإيهام ما قبله أن ابن خروف لو قال بأحد الأمرين ولم يجمع بينهما لم يرد عليه وليس كذلك فافهم. ووجه رد الأول أن الثاني ليس جزء علم حتى يمتنع دخول يا عليه، ووجه رد الثاني أنه اسم جنس أريد به معين فيجب تعريفه بأل لما تقدم لا أنه مخير فيه. وللبعض هنا كلام لا يساوي التعرض له ويؤخذ رده مما تقدم فتأمل. قوله: "وإفادته فائدته" هي طلب الإقبال, وعلم من كلامه أن شرط الحذف, وهو الدلالة وشرط وجوبه وهو سد الحرف مسده موجودان لكن سد مسده عند سيبويه في اللفظ وعند المبرد في اللفظ والعمل. قوله: "نصبه بحرف النداء إلخ" في الهمع أنه على هذا مشبه بالمفعول به لا مفعول به. قوله: "يا زيد جملة" أي: مفيد مفاد الجملة وواقع موقعها وليس المراد أنه بنفسه جملة, كذا قال البعض وهو ظاهر على مذهب سيبويه وعلى أول الاحتمالين الآتيين في تقرير مذهب المبرد. قوله: "والفاعل مقدر" أي: محذوف تبعًا لحذف الفعل الذي استتر فيه ويحتمل أن المراد مستتر في يا؛ لأنها لما عملت عمله جاز أن يستتر فيها ما استتر في الفعل, ثم رأيت بعضهم ذكره مقتصرًا عليه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 ونحو زيدٍ ضُمَّ وافْتَحَنَّ مِنْ ... نَحْوِ أَزَيْدُ بْنَ سَعِيدٍ لا تَهِنْ   والمفعول ههنا على المذهبين واجب الذكر لفظًا أو تقديرًا إذ لا نداء بدون المنادى "ونحو زيد ضم وافتحن من نحو أزيد بن سعيد لا تهن" أي: إذا كان المنادى علمًا مفردًا موصوفًا بابن متصل به مضاف إلى علم نحو: يا زيد بن سعيد جاز فيه الضم والفتح، والمختار عند البصريين غير المبرد الفتح، ومنه قوله: 911- يا حَكَمُ بْنَ المُنْذِرِ بْنِ الجارُودْ ... سُرادِقُ المَجْدِ عَليكَ مَمْدودْ   ولكن الأول أوفق بكلامه في تقرير مذهب سيبويه, وعلى الثاني يكون يا زيد بنفسه جملة, وكذا على ما حكاه أبو حيان عن بعضهم: أن أحرف النداء أسماء أفعال متحملة لضمير المنادى بكسر الدال فتنبه. قوله: "أو تقديرًا" اعترضه شيخنا بأن التقدير ينافي وجوب الذكر, وأجاب البعض بأن المراد بالذكر الملاحظة, وكلام الشارح مبني على مذهب ابن مالك من جواز حذف المنادى قياسًا قبل الأمر والدعاء كما مر بيانه. قوله: "ونحو" مفعول ضم ومفعول افتحن ضمير محذوف يعود على نحو: وتهن بفتح التاء مضارع وهن أي: ضعف وبضمها مضارع أهان والهاء مكسورة فيهما. قوله: "بابن متصل" أنت خبير بأن المراد بابن لفظه فهو حينئذٍ علم فكيف وصفه بالنكرة حيث قال: متصل مضاف فكان حقه أن يقول: متصلًا مضافًا بالنصب على الحال. قوله: "مضاف إلى علم" أعم من أن يكون مفردًا أو غيره. حفيد سم. قوله: "جاز فيه الضم" أي: على الأصل والفتح إما على الاتباع لفتحة ابن إذ الحاجز بينهما ساكن فهو غير حصين وعليه اقتصر في التسهيل أو على تركيب الصفة مع الموصوف, وجعلهما شيئًا واحدًا كخمسة عشر وعليه اقتصر الفخر الرازي تبعًا للشيخ عبد القاهر, أو على اقحام ابن وإضافة زيد إلى سعيد؛ لأن ابن الشخص تجوز إضافته إليه لملابسته إياه حكاه في البسيط مع الوجهين السابقين، فعلى الوجه الأولى فتحة زيد فتحة اتباع وعلى الثاني فتحة بنية وعلى الثالث فتحة إعراب، وفتحة ابن على الأول والثالث فتحة إعراب وعلى الثاني فتحة بناء ا. هـ. تصريح ببعض تغيير. ونقل شيخنا عن حواشي الجامي أنه لا يتصور الرفع في تابع العلم الموصوف بابن إذا كان أي: العلم الموصوف بابن مفتوحًا, ثم نقل عن الطبلاوي ما نصه: واعلم أنه لا يجوز في تابع العلم الموصوف بابن إلا النصب نحو: يا زيد ابن عمرو العاقل بنصب العاقل كما جزم به العصام وصرح به غيره ا. هـ. ومقتضى النقل الأول تصور رفعه إذا ضم العلم الموصوف بابن ومقتضى الثاني عدم تصور رفعه مطلقًا, وكأن المانع من الرفع عند ضم ذلك العلم الفصل بين التابع والمتبوع فحرره. قوله: "يا حكم بن المنذر إلخ" من الرجز المذيل شذوذًا كما قرر في محله والسرادق   911- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ وللكذاب الحرمازي في شرح أبيات سيبويه 1/ 472؛ والشعر والشعراء 2/ 689؛ والكتاب 2/ 203؛ ولرؤبة أو للكذاب الحرمازي في شرح التصريح 2/ 169؛ ولسان العرب 10/ 158 "سردق" والمقاصد النحوية 4/ 210؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 22؛ ورصف المباني ص356؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 526؛ وشرح المفصل 2/ 5؛ والمقتضب 4/ 232. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 والضَّمُّ إنْ لَمْ يَلِ الابْنُ عَلَمَا ... أو يَلِ الابْنَ عَلَمٌ قَدْ حُتِمَا   تنبيه: شرط جواز الأمرين كون الابن صفة كما هو الظاهر، فلو جعل بدلًا أو عطف بيان أو منادى أو مفعولًا بفعل مقدر تعين الضم، وكلامه لا يوفي بذلك وإن كان مراده "والضم إن لم يل الابن علما ويل الابن علم قد حتما" الضم مبتدأ خبره قد حتما وإن لم يل شرط جوابه محذوف، والتقدير فالضم متحتم أي: واجب. ويجوز أن يكون قد حتما جوابه والشرط وجوابه خبر المبتدأ. واستغنى بالضمير الذي في حتم رابطًا؛ لأن جملة الشرط والجواب يستغنى فيهما بضمير واحد لتنزلهما منزلة الجملة الواحدة، وعلى هذا فلا حذف. ومعنى البيت أن الضم متحتم أي: واجب إذا فقد شرط من الشروط المذكورة كما في نحو: يا رجل ابن عمرو، ويا زيد الفاضل ابن عمرو، ويا زيد الفاضل لانتفاء علمية المنادى   بضم السين المهملة ما يمد فوق صحن الدار. قوله: "شرط جواز الأمرين" حاصل ما ذكره المصنف والشارح من الشروط ستة وشرط في التسهيل سابعًا, وهو أن يكون المنادى ظاهر الضم بأن يكون صحيح الآخر وسيذكره الشارح. وشرط النووي في شرح مسلم أن تكون البنوة حقيقية وشرط بعضهم في العلمين التذكير وغلطوه فنحو: يا زيد بن فاطمة كيا زيد بن عمرو كذا في الفارضي قال شيخنا: وينبغي أن يزاد كون لفظ ابن مفردًا لا مثنى ومجموعًا, ولا يخفى أخذ هذا من صنيع المصنف. قوله: "وكلامه لا يوفى بذلك" أي: لأن ابنا في المثال محتمل للوصفية وغيرها. قوله: "ويل الابن علم" معطوف على يل الأول والواو فيه بمعنى؛ أو لأن انتفاء أحدهما كاف في تحتم الضم. قوله: "وعلى هذا فلا حذف" أي: للجواب بل هو مذكور لكن فيه حذف فاء الجواب للضرورة وفي الاحتمال الأول أيضًا ارتكاب ضرورة؛ لأن شرط حذف الجواب أن يكون الشرط فعلًا ماضيًا فحيث كان مضارعًا كان حذفه مخصوصًا بالشعر قاله الشيخ خالد. قوله: "ومعنى البيت أن الضم متحتم أي: واجب إذا فقد شرط من الشروط المذكورة" يعني الشروط الأربعة المشار إليها في قوله: والضم إلخ بدليل بقية كلامه, وليس مراده بالشروط المذكورة ما يعم هذه الأربعة وغيرها حتى يصح اعتراض البعض بأنه لم يعلم من البيت إلا وجوب الضم عند فقد شرط من شروط أربعة, فكيف قال من الشروط المذكورة. لا يقال مثال المصنف يفيد اشتراط إفراد العلم الموصوف بابن؛ لأنا نقول هذا إلى إفادة مثاله اشتراط افراد العلم المضاف إليه ابن أيضًا وهو باطل. وإذا أردت استيفاء محترزات الشروط الستة المذكورة متنًا وشرحًا, قلنا خرج بكون المنادى مفردًا نحو: يا عبد الله بن زيد، وبالعلم نحو: يا رجل ابن زيد، وبكونه بعده ابن نحو: يا زيد الفاضل، وبكونه متصلًا به نحو: يا زيد الفاضل ابن عمرو، وبكونه صفة له نحو: يا زيد ابن عمرو على أنه بدل، وبكونه مضافًا إلى علم نحو: يا زيدا ابن أخينا فيجب النصب في الأول والضم في البقية. قوله: "يا رجل ابن عمرو" في وجوب الضم في هذا المثال نظر؛ لأنه تقدم أنه يجوز نصب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   في الأولى، واتصال الابن به في الثانية والوصف به في الثالثة، ولم يشترط هذا الكوفيون كقوله: 912- فَما كَعْبُ بْنُ مامَةَ وابْنُ أَرْوَى ... بِأَجْوَدَ مِنْكَ يا عُمَرَ الجَوَادَا بفتح عمر، وعلى هذه الثلاثة يصدق صدر البيت. ونحو: يا زيد ابن أخينا لعدم إضافة ابن إلى علم هو مراد عجز البيت. تنبيهات: الأول لا إشكال أن فتحة ابن فتحة إعراب إذا ضم موصوفه, وأما إذا فتح فكذلك عند الجمهور. وقال عبد القاهر: هي حركة بناء؛ لأنك ركبته معه. الثاني: حكم ابنة   النكرة المقصودة الموصوفة في قوله: ويجوز نصب ما وصف إلخ إلا أن يجعل وجوب الضم نسبيا بمعنى امتناع الفتح للاتباع أو للتركيب فتنبه. قوله: "ويا زيد الفاضل" يصدق هنا أنه لم يل الابن علمًا لصدق السالبة بنفي الموضوع سم, وقد أساء البعض التصرف فوجه بصدق السالبة بنفي الموضوع صدق لم يل الابن علمًا بيا زيد الفاضل ابن عمرو فتأمل. قوله: "واتصال الابن إلخ" أي: وانتفاء اتصال إلخ وكذا قوله والوصف به إلخ. قوله: "ولم يشترط هذا" أي: كون الوصف ابنًا فأجازوا الفتح مع كل وصف نصب, قال في التصريح, بناء على أن علة الفتح التركيب وقد جاء نحو: لا رجل ظريف بفتحهما فجوزوا ذلك هنا ا. هـ. قوله: "فما كعب بن مامة" هو الذي آثر رفيقه بالماء ومات عطشًا. ومامة اسم أبيه قال شيخنا السيد وابن أروى أو سعدى هو الجواد الطائي المشهور ا. هـ. ورواية المغني والعيني وابن سعدى, قال السيوطي في شرح شواهده: هو أوس بن حارثة الطائي وسعدى أمه ا. هـ. وكذا قال العيني وبه يعرف ما في كلام شيخنا السيد المقتضى أنه حاتم والمراد بعمر عمر بن عبد العزيز كما قاله السيوطي وغيره. قوله: "بفتح عمر" خرّج على أن أصله يا عمرًا بالألف عند من يجيز إلحاقها في غير الندبة والاستغاثة والتعجب, أو أن أصله يا عمرًا بالتنوين للضرورة, ثم حذف لالتقاء الساكنين ا. هـ. زكريا وفي التخريج الثاني نظر ظاهر. قوله: "فكذلك عند الجمهور" أي: لأن مذهبهم أن الفتح في الأول ليس للتركيب بل للاتباع أو لإضافته إلى ما بعد ابن. نعم إعرابية فتحة ابن علي الإضافة المذكورة غير ظاهرة؛ لأن ابن علي الإضافة مقحم بين المتضايفين ففتحته غير مطلوبة لعامل اللهم إلا أن يجعل مضافًا تقديرًا إلى مثل ما أضيف إليه ما قبله مقدرًا قبله يا أو أعني مثلًا فتأمل. قوله: "لأنك ركبته معه" أي   912- البيت من الوافر، وهو لجرير في خزانة الأدب 4/ 442؛ والدرر 3/ 34؛ وشرح التصريح 2/ 169؛ وشرح شواهد المغني ص56؛ والمقاصد النحوية 4/ 254؛ واللمع ص194؛ والمقتضب 4/ 208؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 23؛ وشرح ابن عقيل ص291؛ وشرح قطر الندى ص210؛ ومغني اللبيب ص19؛ وهمع الهوامع 1/ 176. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فيما تقدم حكم ابن فيجوز الوجهان نحو: يا هند ابنة زيد, خلافًا لبعضهم ولا أثر للوصف ببنت هنا فنحو: يا هند بنت عمرو واجب الضم. الثالث: يلتحق بالعلم يا فلان بن فلان ويا ضل بن ضل. ويا سيد بن سيد ذكره في التسهيل وهو مذهب الكوفيين. ومذهب البصريين في مثله مما ليس بعلم التزام الضم. الرابع: قال في التسهيل: وربما ضم الابن اتباعًا, يشير إلى ما حكاه الأخفش عن بعض العرب من يا زيد ابن عمرو بالضم اتباعًا لضمة الدال. الخامس: قال فيه أيضًا: ومجوز فتح ذي الضمة في النداء يوجب في غيره حذف تنوينه لفظًا وألف ابن في الحالتين خطأ وإن نون فللضرورة. السادس: اشترط في التسهيل لذلك كون المنادى ذا ضمة ظاهرة، وعبارته: ويجوز فتح ذي الضمة الظاهرة اتباعًا وكلامه هنا يحتمله، فنحو: يا عيسى ابن مريم يتعين فيه تقدير الضم إذ لا فائدة في تقدير الفتح وفيه   كتركيب خمسة عشر والظاهر في إعرابه على هذا القول أن يقال: زيد ابن منادى مبني على ضم مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة البناء التركيبي, وحركة زيد على هذا حركة بنية. قوله: "ولا أثر للوصف ببنت هنا" الفرق بين ابنة وبنت أن ابنة هي ابن بزيادة التاء بخلاف بنت فإنها بعيدة الشبه, أو كثرة استعمال ابنة في مثل هذا التركيب دون بنت. وفي التصريح أن امتناع الفتح لتعذر الاتباع؛ لأن بينهما حاجزًا حصينًا وهو تحرك الباء الموحدة ا. هـ. وهو لا يأتي إلا على القول بأن الفتح للاتباع ومثل الوصف ببنت الوصف ببنيّ تصغير ابن. قوله: "يلتحق بالعلم إلخ" أي: لكثرة استعمال المذكورات كالعلم. قوله: "ويا ضل ابن ضل" بضم الضاد المعجمة علم جنس لمن لا يعرف هو ولا أبوه. قوله: "ومجوز فتح ذي الضمة" مبتدأ خبره يوجب والمراد بالمجوز اجتماع الشروط المتقدمة. قوله: "في غيره" أي: غير النداء كجاء زيد بن عمرو. قوله: "وألف ابن" أي: إذا لم تقع ابتداء سطر كما في الدماميني عن ابن الحاجب ولم تكن البنوة مجازية, ولم يثن الابن ولم يجمع كما في الفارضي. وقوله في الحالتين أي: النداء وعدمه ومثل ابن ابنة نظير ما تقدم ومقتضى عبارته وجوب تنوين الموصوف ببنت في غير النداء, إذ لا يجوز فتحه في النداء وهو خلاف ما في الدماميني, حيث قال: فيه وجهان رواهما سيبويه عن العرب الذين يصرفون هندًا ونحوه, فيقولون: هذه هند بنت عاصم بتنوين هند وتركه لكثرة الاستعمال. قوله: "وإن نون فللضرورة" كقوله: جارية من قيس بن ثعلبة ولا فرق في العالم في جميع ما ذكر بين الاسم والكنية واللقب على ما صرح به ابن خروف وجزم الراعي بوجوب تنوين المضاف إليه, وكتابة ألف ابن إذا كان الموصوف بابن مضافًا كما في: قام أبو محمد بن زيد واختاره الصفدي في تاريخه بعد نقل الخلاف, واختاره أيضًا المصنف إذا كان المضاف إليه ابن مضافًا. قوله: "يحتمله" بل هو أقرب إلى تمثيله بنحو: أزيد بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 واضْمُمْ أو انْصِبْ ما اضْطِرَارًا نُوِّنا ... مما له استِحقاقٌ ضَمذٍ بُيِّنَا   خلاف ا. هـ "واضمم أو انصب ما اضطرارًا نونًا مما له استحقاق ضم بينا" فقد ورد السماع بهما، فمن الضم قوله: 913- سَلامُ اللهِ يا مَطَرٌ عَلَيهَا وقوله: 914- ليتَ التَّحِيَّةَ كانَتْ لِي فَأَشْكُرَهَا ... مكانَ يا جَمَلٌ حُيِّيتَ يا رَجُلُ   سعيد. قوله: "وفيه خلاف" فقد أجاز الفراء تقدير الضمة والفتحة ا. هـ. دماميني فالضمة على الأصل والفتحة على الاتباع أو التركيب أو الإضافة إلى ما بعد ابن كما في: يا زيد بن سعيد. قوله: "واضمم أو انصب" في عبارته إشارة إلى بناء المنون اضطرارًا إذا ضم وإعرابه رجوعًا إلى الأصل في الأسماء إذا نصب. قال سم: وظاهره جواز الوجهين ولو فيما ضمه مقدر, ويفرق بين هذا وما تقدم بأن القصد ثم الاتباع للتخفيف ولا تخفيف مع التقدير ولا كذلك هذا ا. هـ. وإذا ضممت المنادى المفرد المنون ضرورة فلك في نعته الضم والنصب, وإن نصبته تعين نصب نعته فإن نون مقصور نحو: يا فتى للضرورة فإن نوى الضم جاز في نعته الوجهان أو النصب تعين نصب نعته كذا في شرح التسهيل للمرادي وغيره. قوله: "مما له استحقاق ضم بينا" يحتمل أن مما حال من ما واستحقاق مبتدأ, وله متعلق ببين مضمنًا معنى أثبت وبين خبره والجملة صلة ما, ومن الأوجه في هذه العبارة ما ذكره الشاطبي أن له هو الخبر وجملة بين بمعنى أظهر صفة لضم, قال: واحترز به من الضم المقدر فإنه لا يضطر إلى تنوينه فإن الحرف الذي قدرت فيه الضمة ساكن نحو: يا قاضي ويا فتى فإذا نون حذف لالتقائه ساكنًا مع التنوين فلم يفد التنوين في وزن الشعر شيئًا ا. هـ. قال شيخنا وتبعه البعض: وقد يقال فائدته تظهر فيما إذا اضطر إلى التحريك عند التقاء الساكنين فينون ثم يحرك أي: فالأولى أن بين بمعنى ذكرناه سابقًا. قوله: "ليت إلخ" قبله: حيتك عزة بعد الهجر وانصرفت ... فحي ويحك من حياك يا جمل وقوله: فأشكرها بالنصب جواب التمني. وقوله: مكان جعله العيني منصوب على الظرفية ولم   913- عجزه: وليس عليك يا مَطَرُ السَّلامُ والبيت من الوافر، وهو للأحوص في ديوانه ص189؛ والأغاني 15/ 234؛ وخزانة الأدب 2/ 150، 152؛ 6/ 507؛ والدرر 3/ 21؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 605، 3/ 25؛ وشرح التصريح 2/ 171؛ وشرح شواهد المغني 2/ 766؛ والكتاب 2/ 202؛ وبلا نسبة في الأزهية ص164؛ والأشباه والنظائر 3/ 213؛ والإنصاف 1/ 311؛ وأوضح المسالك 4/ 28؛ والجنى الداني ص149؛ والدرر 5/ 182؛ ورصف المباني ص177، 355؛ وشرح شذور الذهب ص147؛ وشرح ابن عقيل ص517؛ ومجالس ثعلب ص92، 542؛ والمحتسب 2/ 93. 914- البيت من البسيط، وهو لكثير عزة في ديوانه ص453؛ والدرر 3/ 22؛ والشعر والشعراء 1/ 518؛ والمقاصد النحوية 4/ 214؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 173. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 وَبِاضْطِرارٍ خُصَّ جَمْعُ يا وَأَل ... إلا مَعَ اللهِ ومَحْكِيِّ الجُمَل   ومن النصب قوله: 915- أَعَبْدًا حَلَّ في شَعَبَي غَرِيبًا وقوله: 916- ضَرَبَتْ صَدْرَهَا إليَّ وقَالَتْ ... يا عَدِيًّا لقد وَقْتَكَ الأوَاقِي واختار الخليل وسيبويه الضم. وأبو عمرو وعيسى ويونس والجرمي والمبرد النصب. ووافق الناظم والأعلم الأولين في العلم والآخرين في اسم الجنس "وباضطرار خص جمع   يذكر متعلقه ولعل التقدير: أتمنى يا رجل حييت في مكان يا جمل حييت. قوله: "أعبدًا إلخ" لا حاجة لجعل نصب هذا ضرورة لما صرح به المصنف في التسهيل أن الموصوف يجوز نصبه, كما مر ونص الرضي على أن هذا من الشبيه بالمضاف فنصبه لذلك سم, وكونه من الشبيه بالمضاف أحد قولين كما مر بيان ذلك. وشعبي بضم الشين المعجمة وفتح العين المهملة والباء الموحدة. قوله: "ضربت صدرها إلخ" أي: متعجبة من نجاتي مع ما لقيت من الحروب، فإلي بمعنى مني, وعادة النساء الضرب على صدورهن عند رؤية مهول, وأصل أواقي وواقي جمع واقية من الوقاية وهي الحفظ, فأبدلت الواو الأولى همزة كما سيأتي في قول الناظم, وهمزًا أول الواوين رد إلخ. قوله: "ووافق الناظم والأعلم إلخ" وجهه أن اسم الجنس أصل بالنظر إلى العلم والإعراب أصل بالنظر إلى البناء فلما اضطر الشاعر أعطى الأصل للأصل والفرع للفرع ا. هـ. حفيد قال السيوطي: والمختار عندي عكسه وهو اختيار النصب في العلم لعدم الإلباس فيه, والضم في النكرة المقصودة؛ لئلا تلتبس بالنكرة غير المقصودة إذ لا فارق مع التنوين للضرورة إلا الحركة لاستوائهما في التنوين ولم أقف على هذا الرأي لأحد ا. هـ. وفيه أن تعليله اختيار نصب العلم لا يتجه؛ لأنه كما لا إلباس في نصبه لا إلباس في ضمه فلا يتم التعليل إلا بضميمة كون الرجوع عند الضرورة   915- عجزه: ألُؤْمًا لا أبا لك واغتربا والبيت من الوافر، وهو لجرير في ديوانه ص650؛ وإصلاح المنطق ص221؛ والأغاني 8/ 21؛ وجمهرة اللغة ص1181؛ وخزانة الأدب 2/ 183؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 98؛ وشرح التصريح 1/ 331، 2/ 171، 289؛ والكتاب 1/ 339، 344؛ ولسان العرب 1/ 503 "شعب"؛ ومعجم ما استعجم ص799، 861؛ والمقاصد النحوية 3/ 49، 4/ 506؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 221؛ ورصف المباني ص52. 916- البيت من الخفيف، هو للمهلهل بن ربيعة في خزانة الأدب 2/ 165؛ والدرر 3/ 22؛ وسمط اللآلي ص111؛ ولسان العرب 15/ 401 "وقي"؛ والمقاصد النحوية 4/ 211؛ والمقتضب 4/ 214؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص177؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 800؛ وشرح التصريح 2/ 370؛ وشرح شذور الذهب ص146؛ وشرح ابن عقيل ص517؛ وشرح المفصل 10/ 10؛ والمنصف 1/ 218؛ وهمع الهوامع 1/ 173. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يا وأل" في نحو: قوله: 917- عَبَّاسُ يا المَلِكُ المُتَوَّجُ والَّذِي ... عَرَفَتْ له بَيتَ العُلا عَدْنانُ وقوله: 918- فَيَالغُلامانِ اللَّذانِ فَرَّا ... إيَّاكُما أن تُعْقِبانَا شَرًّا ولا يجوز ذلك في الاختيار خلافًا للبغداديين في ذلك "إلا مع الله" فيجوز إجماعًا للزوم أل له حتى صارت كالجزء منه فتقول: يا ألله بإثبات الألفين، ويا الله بحذفهما، ويا الله بحذف الثانية فقط "و" إلا مع "محكي الجمل" نحو: يا ألمنطلق زيد فيمن سمي بذلك، نص على ذلك سيبويه، وزاد عليه المبرد ما سمي به من موصول مبدوء بأل نحو: الذي والتي وصوبه الناظم. وزاد في التسهيل اسم الجنس المشبه به نحو: الأسد شدة   إلى الأصل في الأسماء وهو الإعراب أولى فتدبر. قوله: "جمع يا" أي: مثلًا لظهور أن سائر حروف النداء كذلك سم. قوله: "المتوج" أي: الذي على رأسه تاج, ويجوز فيه الرفع والنصب ا. هـ. عيني وأراد بعدنان: القبيلة المعهودة بدليل التأنيث في قوله: عرفت, فقول البعض: تبعًا للعيني وعدنان أبو العرب غير مناسب هنا. قوله: "ولا يجوز ذلك في الاختيار"؛ لأن النداء معرف وأل معرفة ولا يجمع بين أداتي تعريف ا. هـ. تصريح وفي الحفيد أن النحويين مختلفون في نداء العلم الذي فيه أل كالحرث وأن ابن هشام اختار المنع, ثم بحث أنه لا مانع من ندائه؛ لأنهم إنما منعوا نداء ما فيه أل لئلا يجتمع معرفان, وذلك غير لازم هنا؛ لأن أل هنا غير معرفة إلا أن يكون المنع لأجل الصورة اللفظية إلا أنه ينتقض بنحو: يا المنطلق زيد ا. هـ. قال سم: ويؤيد الجواز ما يأتي عن المبرد فيما سمي به من موصول مبدوء بأل نحو: الذي والتي إلا أن يفرق بتأتي إسقاط أل في العلم لكونها زائدة عليه بخلاف نحو: الذي والتي مسمى بهما وفيه تأمل ا. هـ. قوله: "نحو: يا ألمنطلق زيد" بقطع الهمزة؛ لأن المبدوء بهمزة الوصل فعلًا أو غيره إذا سمي به يجب قطع همزته كما أفاده في التصريح, قال البعض: وانظر ما الفرق بين هذا وبين يا الله حيث جوز فيه الشارح الأوجه الثلاثة ا. هـ. وأنت خبير بأن لاسم الجلالة خواص لا يشاركه فيها غيره فلا يبعد أن يكون منها جواز الأوجه الثلاثة. قوله: "نحو: الذي والتي" أي: مع الصلة إذ هو محل الخلاف, وأما مجرد الموصول المسمى به فوفاق قاله في التصريح أي: متفق على منع ندائه. قوله: "وصوبه الناظم" قال أبو حيان: والذي نص عليه سيبويه المنع, وفرق بينه وبين الجملة أن   917- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 32؛ والدرر 3/ 31؛ وشرح التصريح 2/ 173؛ والمقاصد النحوية 4/ 245؛ وهمع الهوامع 1/ 174. 918- الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص230؛ والإنصاف 1/ 326؛ والدرر 3/ 30؛ وخزانة الأدب 2/ 294؛ وشرح ابن عقيل ص518؛ وشرح عمدة الحافظ ص299؛ وشرح المفصل 2/ 9؛ واللامات ص53؛ واللمع في العربية ص196؛ والمقاصد النحوية 4/ 215؛ والمقتضب 4/ 243؛ وهمع الهوامع 1/ 174. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 والأَكْثَرُ اللَّهُمَّ بالتَّعْوِيض ... وشَذَّ يا اللَّهمَ في قَرِيض   أقبل، وهو مذهب ابن سعدان. قال في شرح التسهيل: وهو قياس صحيح؛ لأن تقديره: يا مثل الأسد أقبل, ومذهب الجمهور المنع "والأكثر" في نداء اسم الله تعالى أن يحذف حرف النداء ويقال: "اللهم بالتعويض" أي: بتعويض الميم المشددة عن حرف النداء "وشذ يا اللهم في قريض" أي: شذ الجمع بين يا والميم في الشعر كقوله: 919- إنِّي إذا ما حَدَثٌ أَلَمَّا ... أقول يا اللهمَّ يا اللَّهُمَّا   التسمية فيها بشيئين كل منهما اسم تام, والذي بصلته بمنزلة اسم واحد كالحرث فلا يجوز نداؤه همع. قوله: "نحو: يا الأسد شدة أقبل" قال شيخنا: وتبعه البعض الظاهر أنه من الشبيه بالمضاف فينصب؛ لأن شدة تمييز ا. هـ. وفيه أن شدة ليس تمييزًا للأسد تمييز مفرد حتى يكون الأسد عاملًا في شدة فيكون من الشبيه بالمضاف, بل هو تمييز نسبة عامله مثل المحذوفة التي بمعنى مماثل وحينئذٍ يكون التركيب من المضاف تقديرًا. ويكون نصب الأسد لحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه في الإعراب. قوله: "لأن تقديره يا مثل الأسد" أي: فالمنادى في الحقيقة لم تدخل عليه أل, واعترضه الشاطبي بلزوم جواز نحو: يا القرية؛ لأن تقديره يا أهل القرية, ولا يقول به الناظم وابن سعدان. قال سم: ويمكن الفرق بأن وجه الشبه فيما نحن فيه دل على معنى المثلية وصير اللفظ في قوله: يا مثل الأسد, ولا كذلك ما أورد فتأمل. قوله: "ويقال اللهم بالتعويض" فهو منادى مبني على ضم ظاهر على الهاء في محل نصب حذفه منه حرف النداء, وعوض عنه الميم. قال شيخنا: ويحتمل أن يكون مبنيا على ضم مقدر على الميم لصيرورتها كالجزء منه ا. هـ. أي: فيكون جعل حركة البناء على الميم كجعل حركة الإعراب على الهاء في نحو: عدة وزنة بجامع العوضية, والمتجه الأول والفرق أن التعويض في نحو: عدة وزنة عن جزء الكلمة, فلصيرورة الهاء جزءًا وجه قوي, وفي اللهم عن كلمة مستقلة فليس لصيرورة الميم جزءًا أو كالجزء وجه قوي. قوله: "أي: بتعويض الميم المشددة إلخ" وإنما أخرت تبركًا بالبداءة باسم الله تعالى ا. هـ. سم ولا يجب أن يكون العوض في محل المعوض عنه بخلاف البدل, واختيرت الميم عوضًا عن يا للمناسبة بينهما. فإن يا للتعريف والميم تقوم مقام لام التعريف في لغة حمير كقوله: يرمي ورائي بامسهم وامسلمه وكانت مشددة ليكون العوض على حرفين كالمعوض. قوله: "إني إذا ما حدث إلخ"   919- الرجز لأبي خراش الهذلي في الدرر 3/ 41؛ وشرح أشعار الهذلين 1346؛ والمقاصد النحوية 4/ 216؛ ولأمية بن أبي الصلت في خزانة الأدب 2/ 295؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص232؛ والإنصاف ص341؛ وأوضح المسالك 4/ 31؛ وجواهر الأدب ص96؛ ورصف المباني ص306؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 419، 2/ 430؛ وشرح ابن عقيل ص519؛ وشرح عمدة الحافظ ص300؛ ولسان العرب 13/ 469، 417 "أله"؛ واللمع في العربية ص197؛ والمحتسب 2/ 238؛ والمقتضب 4/ 242؛ ونوادر أبي زيد ص165؛ وهمع الهوامع 1/ 178. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهات: الأول مذهب الكوفيين أن الميم في اللهم بقية جملة محذوفة, وهي: أمنا بخير، وليست عوضًا عن حرف النداء؛ ولذلك أجازوا الجمع بينهما في الاختيار. الثاني قد تحذف أل من اللهم كقوله: 920- لاهُمَّ إن كنْتَ قَبِلتَ حَجَّتِجْ وهو كثير من الشعر. الثالث قال في النهاية: تستعمل اللهم على ثلاثة أنحاء: أحدها النداء المحض نحو: اللهم أثبنا. ثانيها أن يذكرها المجيب تمكينًا للجواب في نفس السامع   الحدث الحادث من مكاره الدنيا وألمّ نزل ا. هـ. زكريا. فائدة: لا يوصف اللهم عند سيبويه كما لا يوصف غيره من الأسماء المختصة بالنداء, وأجاز المبرد وصفه بدليل: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 46] ، {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26] ، ونحوهما وهو عند سيبويه على النداء المستأنف ا. هـ. دماميني وعلل بعضهم مذهب سيبويه بأن اللهم بالاختصاص والتعويض خرج عن كونه متصرفًا, وصار مثل حيهل إذ الميم بمنزلة صوت مضموم إلى اسم مع بقائهما على معنييهما بخلاف, مثل: سيبويه وخالويه حيث صار الصوت جزءًا من الكلمة. قوله: "بقية جملة محذوفة إلخ" رد بأنه يقال اللهم لا تؤمهم بخير, وبأنه كان يحتاج إلى العاطف في نحو: اللهم اغفر لي. قوله: "حجتج" بالجيم المبدلة من ياء المتكلم وفي بعض النسخ حجتي بالياء. قوله: "على ثلاثة أنحاء" جمع نحو: بمعنى قسم أي: حالة كون هذه اللفظة كائنة على ثلاثة أقسام من الاستعمال كينونة ملابسة, وقوله: أحدها النداء أي: استعمالها في النداء؛ فصح كلام الشارح وتناسب, واندفع اعتراض البعض بأن المناسب لقوله: أحدها النداء أن يقول: ولهذه اللفظة ثلاثة معان, واعتراضه على قوله: ثانيها أن يذكرها المجيب بأن المناسب لما قبله أن يقول: ثانيها تمكين الجواب إلخ, وعلى قوله: ثالثها أن تستعمل دليلًا إلخ, بأن المناسب أن يقول: ثالثها الندرة إلخ فتأمل. قوله: "ثانيها أن يذكرها المجيب إلخ" قال شيخنا وتبعه البعض: إن اللهم في الموضعين الأخيرين خرجت عن النداء, والظاهر أن اللهم فيهما لا معربة ولا مبنية لعدم التركيب, وفيه نظر؛ لأنا لا نسلم خروجها في الموضعين عن النداء بالكلية لم لا يجوز أن تكون فيهما للنداء مع التمكين أو الندرة, وقد يشير إليه قول الشارح في الموضع الأول المقابل لهذين الموضعين أحدها النداء   920- عجزه: فلا يَزَالُ شاحجٌ يأتيك بجْ والرجز لرجل من اليمانيين في الدرر 3/ 40؛ والمقاصد النحوية 4/ 570؛ وبلا نسبة في الدرر 6/ 229؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 177؛ وشرح التصريح 2/ 367؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 287؛ وشرح شواهد الشافية ص215؛ وشرح المفصل 9/ 75، 10/ 50؛ ولسان العرب 10/ 103 "دلق"؛ ومجالس ثعلب 1/ 143؛ والمحتسب 1/ 75؛ والمقرب 2/ 166؛ والممتع في التصريف 1/ 355؛ ونوادر أبي زيد ص164؛ وهمع الهوامع 1/ 178، 2/ 157. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 فصل: تابع المنادى ذي الضم المضاف دون أل تابع ذي الضَّمِّ المضافَ دونَ أل ... أَلزِمْهُ نَصْبًا كأَزَيدُ ذا الحِيَل   كأن يقول لك القائل: أزيد قائمك فتقول له: اللهم نعم أو اللهم لا. ثالثها: أن تستعمل دليلًا على الندرة وقلة وقوع المذكور نحو قولك: أنا أزورك اللهم إذا لم تدعني، ألا ترى أن وقوع الزيارة مقرونًا بعدم الدعاء قليل. فصل: "تابع" المنادى "ذي الضم المضاف دون أل ألزمه نصبًا" مراعاة لمحل المنادى   المحض، ولئن سلم خروجها عن النداء بالكلية فلا نسلم أنها لا معربة ولا مبنية لعدم التركيب؛ لأن خروج الكلمة عن معناها الأصلي لا يستلزم خروجها عما لها من إعراب أو بناء أو تركيب, فالمتجه عندي أنها باقية على تركيبها, وأنه يقال: اللهم منادى أي: ولو صورة مبني على ضم إلى آخر ما مر فتأمل. قوله: "إذا لم تدعني" بسكون الدال وضم العين المهملة. فصل: قوله: "تابع ذي الضم" لو قال: ذي البناء لشمل نحو: يا زيدان ابني عمرو ويا زيدون أصحاب بكر, والمراد الضم: لفظًا أو تقديرًا كيا سيبويه ذا الفضل. وخرج المنصوب فإن تابعه غير النسق والبدل منصوب مطلقًا نحو: يا أخانا الفاضل ويا أخانا الحسن الوجه ويا خيرًا من عمرو فاضلًا والمستغاث المجرور فإن تابعه يتعين جره كما صرح به الرضي, وأما المستغاث الذي في آخره زيادة الاستغاثة فلا ترفع توابعه كما صرح به أيضًا الرضي نحو: يا زيدًا وعمرًا ولا يجوز وعمرو؛ لأن المتبوع مبني على الفتح قاله سم. وأنا أقول: سيأتي في باب الاستغاثة من هذا الشرح تجويز نصب تابع المستغاث المجرور باللام مراعاة للمحل, وصرح به في الهمع أيضًا ويرد على نصب النسق المعرف الخالي من أل كعمرو, والبدل التابعين للمستغاث الذي في آخره زيادة الاستغاثة ما سيصرح به المصنف من أنهما كالمستقل بالنداء اللهم إلا أن يخص بغير صورة المستغاث المذكور, وهو بعيد ويرد على التعليل بأن المتبوع مبني على الفتح أنه قد يمنع لم لا يجوز أن يكون مبنيا على ضم مقدر, منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة, بل هذا هو الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه, وحينئذٍ يجوز في تابعه الرفع والنصب فاعرفه. قوله: "المضاف" بالنصب صفة لتابع ومحل وجوب نصب التابع المضاف إذا كانت إضافته محضة, وإلا جاز رفعه كما صرح به السيوطي, ويشير إليه الشارح, لكن إنما ينعت المنادى المضموم بمضاف إضافة غير محضة إذا كان نكرة مقصودة؛ لما مر أنه يجوز نعتها بالنكرة؛ لكون تعريفها طارئًا فلا يقال كيف ينعت المضموم المضاف إضافة غير محضة مع كون المنعوت معرفة والنعت نكرة ومثل المضاف الشبيه بالمضاف, فيتعين نصبه كما صرح به السيوطي, وجوز الرضي رفعه ويؤيده تجويز السيوطي رفع المضاف إضافة غير محضة؛ لأنها على تقدير الانفصال، فضارب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 وما سِواه ارفع أو انصِب واجْعَلا ... كمستقِلٍّ نسقًا وبدلًا   نعتًا كان "كأزيد ذا الحيل" أو بياتًا نحو: يا زيد عائد الكلب، أو توكيدًا نحو: يا زيد نفسه ويا تميم كلهم أو كلكم. تنبيهان: الأول أجاز الكسائي والفراء وابن الأنباري الرفع في نحو: يا زيد صاحبنا، والصحيح المنع؛ لأن إضافته محضة، وأجازه الفراء في نحو: يا تميم كلهم وقد سمع، وهو محمول عند الجمهور على القطع أي: كلهم يدعى. الثاني: شمل قوله ذي الضم العلم والنكرة المقصودة والمبني قبل النداء؛ لأنه يقدر ضمه كما مر "وما سواه" أي: ما سوى التابع المستكمل للشرطين المذكورين وهما الإضافة والخلو من أل، وذلك شيئان: المضاف المقرون بأل، والمفرد "ارفع أو انصب" تقول: يا زيد الحسن الوجه والحسن   زيد في تقدير ضارب زيدًا وضارب زيدًا شبيه بالمضاف. وقوله: دون أل حال من تابع أو من الضمير في المضاف, فقول البعض تبعًا للشيخ خالد حال من المضاف فيه تساهل وقصور. قوله: "نعتًا إلخ" أشار به إلى أن المراد بالتابع ما عدا البدل والنسق بقرينة المقابلة. قوله: "كلهم أو كلكم" أشار به إلى أن الضمير في تابع المنادى يجوز أن يكون بلفظ الغيبة نظرًا إلى كون لفظ المنادى اسمًا ظاهرًا, والاسم الظاهر من قبيل الغيبة وبلفظ الخطاب نظرًا إلى كون المنادى مخاطبًا فعلمت أنه يجوز أيضًا: يا زيد نفسه ونفسك قاله الدماميني، ثم قال: ويجوز: يأيها الذي قام ويأيها الذي قمت, وقد توهم بعض الناس أنك إذا قلت: يأيها الذي قام وقعدت كان فيه التفات وليس كذلك؛ لأن الالتفات من خلاف الظاهر, وكلا الفريقين موافق للظاهر فالغيبة لظاهر لفظ الظاهر والخطاب لظاهر المنادى ا. هـ. ملخصًا، وفيه نظر؛ لأن مقتضى الظاهر إذا سلك أحد الطريقين في كلام أن لا يعدل إلى غيره فيه فتدبر. قوله: "الأول إلخ" عبارة السيوطي في جمع الجوامع وجوز الكوفيون وابن الأنباري رفع النعت المضاف إضافة محضة, والفراء رفع التوكيد والعطف نسقًا ا. هـ. بزيادة من شرحه. قوله: "لأن إضافته محضة" أي: لغلبة الاسمية على صاحب، وفيه إشارة إلى أن ما إضافته غير محضة يجوز رفعه وبه صرح السيوطي كما مر. قوله: "على القطع" قضيته جواز قطع التوكيد وهو كذلك على قول. قوله: "والمبني قبل النداء" يوهم صنيعه أن المبني قبل النداء قسم مباين للقسمين قبله العلم والنكرة المقصودة وليس كذلك فلو قال ولو مبنيين قبل النداء لكان أحسن، مثال العلم المبني قبل النداء يا سيبويه ومثال النكرة المقصودة المبنية قبل النداء: يا من خلقني أي: يا إلهًا خلقني. قوله: "أي: ما سوى التابع" أي: من تابع المضموم خاصة. قوله: "المضاف المقرون بأل" أي: تابع ذي الضم المضاف المقرون بأل والمفرد وكذا الشبيه بالمضاف على ما مر عن الرضي والمضاف إضافة غير محضة على ما مر عن السيوطي وأشار إليه الشارح. ووجه جواز الأمرين في الأول والثالث والرابع إلحاقها بالمفرد؛ لأن غير المحضة ومنها إضافة المقرون كلا إضافة، فإن قلت فلم لم يلحق الشبيه والمضاف إضافة غير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الوجه، ويا زيد الحسن والحسن، ويا غلام بشر وبشرًا، ويا تميم أجمعون وأجمعين، فالنصب اتباعًا للمحل، والرفع اتباعًا للفظ؛ لأنه يشبه المرفوع من حيث عروض الحركة. تنبيهان: الأول شمل كلامه أولًا وثانيًا التوابع الخمسة، ومراده النعت والتوكيد وعطف البيان، وسيأتي الكلام على البدل وعطف النسق. الثاني: ظاهر كلامه أن الوجهين على السواء "واجعلا كمستقل" بالنداء "نسقًا" خاليًا عن أل "وبدلًا" تقول: يا زيد بشر   محضة به إذا نوديا مستقلين قلت محافظة على إعرابهما الذي هو الأصل فألحقا به تابعين لمشابهتهما له مع حصول الإعراب لفظًا أو تقديرًا, وهذا في حالة رفعهما على القول بأنه اتباع لا إعراب كما سيأتي ولم يلحقا به مستقلين محافظة على الإعراب فروعي الإعراب في الحالين ا. هـ. سم ببعض تغيير، فإن قلت لم لم يجز في التابع المفرد البناء كما جاز في تابع اسم لا المفرد نحو: لا رجل ظريف فيها؟ قلت؛ لأن المنادى لفظًا ومعنى هو المتبوع ولا دخل ليا في التابع والمنفي بلا في الحقيقة هو التابع لا المتبوع غالبًا فكأن لا باشرت التابع وذلك؛ لأن معنى لا رجل ظريف فيها لا ظرافة في الرجال الذين فيها فالمنفي مضمون الصفة بناء على الغالب من انصباب النفي على القيد فحصل الفرق بين التابعين. قوله: "والمفرد" دخل فيه نعت النكرة المقصودة معرفًا بأل أو لا فيجوز: يا رجل العاقل والعاقل ويا رجل عالم وعالمًا نعم إن نصبت رجلًا لجواز نصب النكرة المقصودة الموصوفة تعين نصب صفته. قوله: "ارفع" ظاهره أن رفع التابع المذكور إعراب. واستشكل بأنه لا عامل هناك يقتضي رفع التابع بل هناك ما يقتضي نصبه, وهو أدعو وأجيب بأن العامل فيه مقدر من لفظ عامل المتبوع مبنيا للمجهول, وهو مع ما فيه من التكلف يؤدي إلى التزام قطع التابع. وقال السيوطي في متن جمع الجوامع وشرحه: واعتقد قوم بناء النعت إذا رفع؛ لأنهم رأوا حركته كحركة المنادى حكاه في النهاية ا. هـ. والمتجه وفاقًا لبعضهم أن ضمة التابع اتباع لا إعراب ولا بناء وفي قول الشارح والرفع اتباعًا للفظ إشارة إليه, وعلى هذا يكون في التعبير بالرفع تسمح فاعرفه. قوله: "ويا غلام بشر" أي: بتنوين بشر؛ لأنه معرب بفتحة مقدرة منع من ظهورها ضمة الاتباع على ما حققناه. قوله: "أولا" أي: في قوله: تابع ذي الضم وثانيًا أي: في قوله: وما سواه. قوله: "ومراده النعت إلخ" أي: بقرينة إفراد البدل وعطف النسق بحكم يخصهما بعد ذلك فالآتي مخصص لما تقدم وقوله: والتوكيد أي: لفظيا أو معنويا. قوله: "ظاهر كلامه إلخ" عليه قد يفرق بين هذا والنسق مع أل حيث رجح الرفع فيه كما يأتي بأن ذلك أقرب إلى الاستقلال فكانت الحركة الواجبة عند الاستقلال أولى سم وأقربية المنسوق مع أل إلى استقلاله بالنداء من حيث العاطف الذي هو كالعامل وإن بعد من حيث أل التي لا تجامع حرف النداء. قوله: "على السواء" كلام ابن المصنف يقتضي ترجيح النصب سم. قوله: "وبدلًا" لم يقيده أيضًا بالخلو من أل؛ لأنه لا يكون في النداء إلا خاليًا من أل؛ ولهذا قال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 وإنْ يَكنْ مصحوبَ أل ما نُسِقا ... ففِيهِ وجْهانِ ورَفْعٌ يُنْتَقَى   بالضم، وكذلك يا زيد وبشر، وتقول: يا زيد أبا عبد الله وكذلك يا زيد وأبا عبد الله، وهكذا حكمهما مع المنادى المنصوب؛ لأن البدل في نية تكرار العامل، والعاطف كالنائب عن العامل. تنبيه: أجاز المازني والكوفيون: يا زيد وعمرا ويا عبد الله وبكرا "وإن يكن مصحوب أل ما نسقا ففيه وجهان" الرفع والنصب "ورفع ينتقى" أي: يختار وفاقًا للخليل وسيبويه والمازني لما فيه من مشاكلة الحركة ولحكاية سيبويه أنه أكثر، وأما قراءة السبعة: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10] ، بالنصب فللعطف على فضلًا من: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} [سبأ: 10] ، اختار أبو عمرو وعيسى ويونس والجرمي النصب؛ لأن ما فيه أل لم يل حرف النداء فلا يجعل كلفظ ما وليه وتمسكًا بظاهر الآية إذ إجماع القراء سوى الأعرج على النصب. وقال المبرد: إن كانت أل معرفة فالنصب وإلا فالرفع؛ لأن المعرف   السيوطي في جمع الجوامع وشرحه: لا يبدلان أي: النكرة المقصودة والإشارة ولا ذو أل من المنادى. قال سم: وكأن وجهه أن البدل على نية تكرار العامل وهو الحرف هنا وهو لا يدخل على ما فيه أل, لكن نقل الدماميني عن المصنف أن من البدل ما يرفع وينصب لشبهه بالتوكيد والنعت في عدم صلاحيته لتقدير حرف نداء قبله نحو: يا تميم الرجال والنساء وصحة هذه المسألة مبنية على أن عامل البدل عامل المبدل منه. قوله: "يا زيد بشر بالضم" أي: بلا تنوين وكذا يضم بشر بلا تنوين في صورة العطف. قوله: "وهكذا حكمهما مع المنادى المنصوب" أي: إنهما معه كالمستقل بالنداء فيعاملان تابعين له بما يعاملان به مستقلين بالنداء. قوله: "لأن البدل في نية تكرار العامل" ظاهر على مذهب غير المصنف أما على ما ذهب إليه من أن العامل في المبدل عامل في المبدل منه كبقية التوابع فيوجه بأن البدل لما كان هو المقصود وكان المبدل منه في نية الطرح كان كالمباشر له العامل, ونظير ذلك ما وجه به رفع تابع أي في نحو: يأيها الرجل من أنه لما كان هو المقصود وأي صلة إليه وجب رفعه. قوله: "أجاز المازني" أي: قياسًا على المنسوق المقرون بأل وفرق الجمهور بما سيعلم من تعليل جواز الوجهين في المقرون. وفي تعبيره بالاجازة إشارة إلى أنهم يجيزون جعله كالمستقل هذا هو الظاهر وإن توقف شيخنا فقال: وهل المراد مع إجازتهم الضم أو الرفع ا. هـ. قوله: "ما نسقا" ظاهره ولو مضافًا نحو: يا زيد والحسن الوجه ولا بعد فيه. قوله: "ففيه وجهان الرفع والنصب" لامتناع تقدير حرف النداء قبله فأشبه النعت. سيوطي. قوله: "ورفع" سوغ الابتداء به كون الكلام في معرض التقسيم كما في الفارضي. قوله: "لما فيه من مشاكلة الحركة" أي: مع كونه أقرب إلى الاستقلال فكانت الحركة الواجبة عند الاستقلال أولى كما مر عن سم. قوله: "فللعطف على فضلًا" وقال ابن معطي: مفعول معه وضعفه ابن الخشاب وقيل مفعول لمحذوف أي: وسخرنا له الطير. قوله: "فلا يجعل كلفظ ما وليه" أي: فلا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 وأيها مَصْحوبَ أل بعدُ صِفه ... يلزَم بالرَّفعِ لدى ذِي المعْرِفَهْ   يشبه المضاف. تنبيه: هذا الاختلاف إنما هو في الاختيار، والوجهان مجمع على جوازهما إلا فيما عطف على نكرة مقصودة نحو: يا رجل الغلام فلا يجوز فيه عند الأخفش, ومن تبعه إلا الرفع "وأيها مصحوب أل بعد صفه يلزم بالرفع لدى ذي المعرفه" يجوز في ضبط هذا البيت أن يكون مصحوب منصوبًا فأيها مبتدأ ويلزم خبره, ومصحوب مفعول مقدم بيلزم, وصفة نصب على الحال من مصحوب أل وبالرفع في موضع الحال من مصحوب أل وبعد في موضع الحال مبني على الضم لحذف المضاف إليه وهو ضمير يعود إلى أي. والتقدير: وأيها يلزم مصحوب أل حال كونه صفة لها مرفوعة واقعة أو واقعًا بعدها. ويجوز أن يكون مصحوب مرفوعًا على أنه مبتدأ ويكون خبره يلزم والجملة خبر أيها والعائد على المبتدأ محذوف أي: يلزمها ويجوز أن يكون صفة هو الخبر. والمراد إذا نوديت أي: فهي   تطلب مشاكلته له. قوله: "إن كانت أل معرفة" أي: كما في الآية فالنصب أي: فالمختار النصب لما في الشرح من أن المعرف يشبه المضاف أي: من حيث تأثر ما فيه أل المعرفة بتعريف أل وتأثر المضاف بتعريف الإضافة أو تخصيصها. قوله: "وإلا فالرفع" أي: وإلا تكن للتعريف كالتي من بنية الكلمة نحو: اليسع والتي للمح الصفة نحو: الحرث فالمختار الرفع؛ لأن أل حينئذٍ كالمعدومة. قوله: "إلا الرفع" ترد عليه الآية إلا أن يمنع عطف والطير على جبال سم. فائدة: إذا ذكر بعد نعت المنادى تابع كيا زيد الظريف صاحب عمرو فإن قدر الثاني نعتًا للمنادى نصب لا غير أو نعتًا لنعت المنادى لفظ به كما يلفظ بالنعت. دماميني. وقوله: لفظ به كما يلفظ بالتابع إن أراد على سبيل الأولوية للمشاكلة فذاك أو على سبيل الوجوب فممنوع عندي, ولم لا يجوز النصب مراعاة لمحل نعت المنادى فعليك بالإنصاف. قوله: "مصحوب أل" سيأتي أنه يقوم مقامه اسم الإشارة والموصول. قوله: "بالرفع" ظاهره ولو كان مضافًا نحو: يأيها الحسن الوجه ولا بعد فيه. قوله: "وبعد في موضع الحال" أي: من صفة لتقدمه عليها فلا يضر تنكيرها أو من مصحوب أل كما يشير إلى جواز الأمرين قوله: الآتي واقعة أو واقعًا, فالأول ناظر للأول والثاني للثاني. قوله: "في موضع الحال مبني على الضم" هذا مبني على ما ذهب إليه بعضهم من جواز وقوع الظرف المقطوع عن الإضافة حالًا كما نبه عليه شيخنا. قوله: "مرفوعة" مقتضاه أن بالرفع نعت لصفة لا حال من مصحوب أل وإلا لقال مرفوعًا إلا أن يقال التأنيث باعتبار كون مصحوب أل صفة أو أنه أشار إلى جواز وجه آخر. قال البعض: لكن يرد عليه لزوم الفصل بين النعت ومنعوته بأجنبي ا. هـ. وفيه أن الفاصل هنا ليس أجنبيا بل هو العامل في بالرفع؛ لأن العامل في الصفة هو العامل في الموصوف والعامل في الحال هو العامل في صاحبها فيكون يلزم عاملًا في مصحوب أل وفي الحال منه وفي صفة الحال فتدبر. قوله: "والعائد على المبتدأ" أي: الأول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   نكرة مقصودة مبنية على الضم وتلزمها ها التنبيه مفتوحة، وقد تضم لتكون عوضًا عما فاتها من الإضافة، وتؤنث لتأنيث صفتها نحو: يأيها الإنسان يأتيها النفس ويلزم تابعها الرفع، وأجاز المازني نصبه قياسًا على صفة غيره من المناديات المضمومة. قال الزجاج: لم يجز هذا المذهب أحد قبله ولا تابعه أحد بعده، وعلة ذلك أن المقصود بالنداء هو التابع وأي وصلة إلى ندائه. وقد اضطرب كلام الناظم في النقل عن الزجاج فنقل في شرح التسهيل   أما العائد على المبتدأ الثاني فمستتر في يلزم, وكذا العائد على أيها في الإعراب الأول. قوله: "ويجوز أن يكون صفة هو الخبر" أي: والجملة خبر أي: وعائدها محذوف أي: صفة لها أو بعدها ويلزم إما بالياء التحتية فهو خبر بعد خبر أو بالتاء الفوقية فهو نعت صفة وبالرفع حال من فاعل يلزم وجعله مفعولًا بزيادة الياء تكلف مستغنى عنه, وإن اقتصر عليه الشيخ خالد وتبعه شيخنا والبعض. قوله: "والمراد إذا نوديت أي: إلخ" لا يخفى أن ما ذكر إلى قوله: ويلزم تابعها الرفع لم يستفد من المتن لا منطوقًا ولا مفهومًا فكيف يراد منه. وما اعتذر به البعض من أنه مستفاد من ذكر أي: مبنية على الضم مقرونة بها مرادًا بها معين غير نافع في قوله: وقد تضم إلى قوله: ويلزم تابعها الرفع. قوله: "لتكون عوضًا إلخ" علة تلزمها. قوله: "عوضًا عما فاتها إلخ" كما عوضوا عنه ما في: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الاسراء: 110] ، وخص ها بالنداء؛ لأنه موضع تنبيه وما بالشرط؛ لأنها مبهمة فتوافق الشرط. دماميني. قوله: "وتؤنث" أي: على سبيل الأولوية لا الوجوب كما في الدماميني والهمع عن صاحب البديع. قوله: "ويلزم تابعها الرفع" فيه ما قدمناه عند قول المصنف ارفع أو انصب فلا تغفل. قوله: "قال الزجاج إلخ" فيه نظر؛ لأن ابن الباذش ذكر أنه مسموع من لسان العرب؛ ولأنه قرشء شاذا: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] ، وهي تعضد المازني قاله السندوبي. قوله: "أن المقصود بالنداء هو التابع" ومع ذلك ينبغي أن لا يكون محله نصبًا؛ لأنه بحسب الصناعة ليس مفعولًا به بل تابع له ويؤيد ذلك قول ابن المصنف وسيذكره الشارح أيضًا أنه لو وصفت صفة أي: تعين الرفع سم وأنا أقول يرد عليه أن تابع ذي محل له محل متبوعه وحينئذٍ ينبغي أن يكون محل تابع أي: نصبًا وأن يصح نصب نعته، ويؤيده ما قدمناه عن الدماميني في يا زيد الظريف صاحب عمرو أنه إن قدر صاحب عمرو نعتًا للظريف لفظ به كما يلفظ بالنعت إن رفعًا فرفع وإن نصبًا فنصب, على ما بيناه سابقًا اللهم إلا أن يكون منع نصب نعت تابع أي: لعدم سماعه أصلًا نعم يصح ما بحثه من أنه ليس لتابع أي: محل نصب ولا يجوز نصب نعته على أن رفع التابع إعراب وأن عامله فعل مقدر مبني للمجهول أي: يدعي العاقل كما مر لكن ما بعد أي: على هذا ليس تابعًا لأي في الحقيقة فلا يظهر حمل كلامه على هذا مع قوله بل تابع له فتأمل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   عنه هذا الكلام ونسب إليه في شرح الكافية موافقة المازني وتبعه ولده. وإلى التعريض بمذهب المازني الإشارة بقوله: لدى ذي المعرفة، وظاهر كلامه أنه صفة مطلقًا, وقد قيل عطف بيان. قال ابن السيد: وهو الظاهر. وقيل إن كان مشتقا فهو نعت وإن كان جامدًا فهو عطف بيان وهذا أحسن. تنبيهات: الأول يشترط أن تكون أل في تابع أي جنسية كما ذكره في التسهيل فإذا قلت: يأيها الرجل فأل جنسية وصارت بعد للحضور كما صارت كذلك بعد اسم الإشارة. وأجاز الفراء والجرمي اتباع أي بمصحوب أل التي للمح الصفة نحو: يا أيها الحرث، والمنع مذهب الجمهور ويتعين أن يكون ذلك عطف بيان عند من أجازه. الثاني: ذهب الأخفش في أحد قوليه إلى أن المرفوع بعد أي خبر لمبتدأ محذوف, وأي موصولة بالجملة، ورد بأن بأنه لو كان كذلك لجاز ظهور المبتدأ بل كان أولى ولجاز وصلها بالفعلية   قوله: "وأي: وصلة إلى ندائه" إنما آثروا أيا؛ لأنها لوضعها على الإبهام واحتياجها وضعًا إلى المخصص ألصق بما بعدها من غيرها ولما شابهها اسم الإشارة بكونه وضع مبهمًا مشروطًا إزالة إبهامه بالإشارة الحسية أو الوصف بعده قام مقامها في التوصل إلى نداء ما فيه أل. وأما ضمير الغائب فإنه وإن وضع مبهمًا مشروطًا إزالة إبهامه لكن بما قبله غالبًا, وهو المفسر, وأما الموصول فإنه وإن أزال إبهامه ما بعده لكنه جملة ا. هـ. دماميني عن الرضي باختصار، وأيضًا ضمير الغائب وكثير من الموصولات لا يباشرها حرف النداء. قوله: "إنه صفة له مطلقًا" أي: مشتقًا كان أو جامدًا لتأول الجامد بالمشتق كالمعين والحاضر؛ أو لأن كثيرًا من المحققين على أنه لا يشترط في النعت أن يكون مشتقًا أو مؤولًا به, بل الضابط دلالته على معنى في متبوعه كالرجل لدلالته على الرجولية. قوله: "وقد قيل عطف بيان" ظاهره مطلقًا لتصح المقابلة. قوله: "جنسية" أي: لا زائدة لازمة كاليسع أو غير لازمة كاليزيد ولا التي للمح الأصل كالحرث ولا التي للعهد كالزيدين ولا الداخلة على العلم بالغلبة كالصعق والنجم، فعلم ما في كلام البعض من القصور. والمراد أنها جنسية بحسب الأصل أي: قبل دخول يا كما يدل عليه بقية كلامه فلا ينافي في أن مصحوبها بعد دخول يا معين حاضر كما سيذكره. قوله: "وصارت بعد للحضور" أي: بسبب وقوع مدخولها صفة لمنكر قصد به معين حاضر لا بسبب انقلاب أل عهدية حتى يرد أن المصرح به أنها غير عهدية أفاده سم. قوله: "أن يكون ذلك عطف بيان" أي: لا نعتًا؛ لأن العلم لا ينعت به هكذا ينبغي التعليل. قوله: "وأي: موصولة بالجملة" والتقدير: يا من هو الرجل. وقال الفارضي: التقدير يا لذي هو الرجل ا. هـ. قال شيخنا: والأول أولى؛ لأن يا لا تدخل على نحو: الذي على الراجح كما مر. قوله: "لجاز ظهور المبتدأ" أي: لأن هذا ليس من مظان وجوب حذف المبتدأ. وله أن يقول باب النداء باب حذف وتخفيف بدليل جواز الترخيم فيه دون غيره؛ فلهذا التزموا حذف المبتدأ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 وأيُّ هذا أيّها الذي وَرَدْ ... ووَصْفُ أيٍّ بِسِوى هذا يُرَدُّ   والظرف. الثالث: ذهب الكوفيون وابن كيسان إلى أن ها دخلت للتنبيه مع اسم الإشارة. فإذا قلت: يأيها الرجل تريد يأيها ذا الرجل, ثم حذف ذا اكتفاء بها. الرابع: يجوز أن توصف صفة أي, ولا تكون إلا مرفوعة مفردة كانت أو مضافة كقوله: 921- يأَيُّها الجاهِلُ ذو التَّنَزِّي ... لا تُوعِدَنِّي حَيَّةً بالنَّكْزِ "وأي: هذا أيها الذي ورد" أيهذا مبتدأ وأيها الذي عطف عليه وسقط العاطف للضرورة وورد جملة خبر، ووحد الفاعل إما لكون الكلام على حذف مضاف, والتقدير لفظ: أيهذا وأيها الذي ورد أو هو من باب: 922- نَحْنُ بما عِندنا وأنْتَ بما ... عنْدَكَ راضٍ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: ولجاز وصلها إلخ وله أن يقول: التزموا فيها ضربًا من الصلة كما التزموا فيها ضربًا من الوصف على رأيكم. همع. قوله: "يأيها الجاهل إلخ" التنزي نزع الإنسان إلى الشر. والنكز بفتح النون وسكون الكاف آخره زاي اللسع أي: لا توعدني باللسع حالة كونك مشبهًا للحية في ذلك. قوله: "وأيهذا إلخ" نحو: يأيهذا الرجل فأي: منادى مبني على الضم في محل نصب وها للتنبيه وذا صفة أي: في محل رفع والرجل صفة لذا أو عطف بيان مرفوع بضمة ظاهرة ونحو: يأيها الذي قام فالذي صفة أي في محل رفع, وهذا كله مبني على أن حركة التابع إعراب. وتقدم ما فيه قال شيخنا, ولعل مذهب المازني يجري هنا أيضًا فيجوز كون ذا والذي في محل نصب. قوله: "للضرورة" بل تقدم أن الواو العاطفة تحذف اختيارًا. قوله: "من باب نحن بما عندنا إلخ" أي: من الحذف من الأول لدلالة الثاني, ويحتمل كلام المصنف العكس, وفي الأولى منهما عند احتمالهما وعدم تعيين القرينة أحدهما قولان قيل الحذف من الثاني؛ لأن الأواخر أليق بالحذف من الأوائل, وقيل من الأول لعدم الفصل. وتمام البيت "والرأي: مختلف" وهو كما قال شيخنا من المنسرح. قوله:   921- الرجز لرؤبة في ديوانه ص63؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 471؛ وشرح المفصل 6/ 138؛ والمقاصد النحوية 4/ 219؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 169؛ وجمهرة اللغة ص825؛ والكتاب 2/ 192؛ والمقتضب. 922- تمامه: نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف والبيت من المنسرح، وهو لقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص239؛ وتخليص الشواهد ص205؛ والدرر 5/ 314؛ والكتاب 1/ 75؛ والمقاصد النحوية 1/ 557؛ ولعمرو بن امرئ القيس الخزرجي في الدرر 1/ 147؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 279؛ وشرح شواهد الإيضاح ص128، ولدرهم بن زيد الأنصاري في الإنصاف 1/ 95؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 100، 6/ 65، 7/ 116؛ وأمالي ابن الحاجب 2/ 726؛ وخزانة الأدب 10/ 295، 476؛ وشرح ابن عقيل ص125؛ والصاحبي في فقه اللغة ص218؛ ولسان العرب 3/ 360 "قعد"؛ ومغني اللبيب 2/ 622؛ والمقتضب 3/ 112، 4/ 73؛ وهمع الهوامع 2/ 109. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 وذو إشارَة كأيٍّ في الصفه ... إن كان تَرْكُها يُفِيتُ المعرفه   أي: ورد أيضًا وصف أي في النداء باسم الإشارة وبموصول فيه أل كقوله: 923- أل أيها ذا الباخِعُ الوَجْدُ نَفْسَه ... لشيء نَحَتْهُ عن يَدَيهِ المقادِرُ ونحو: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} [الحج: 6] ، ووصف أي بسوى هذا الذي ذكر "يرد" فلا يقال: يأيها زيد ولا يأيها صاحب عمرو. تنبهان: الأول يشترط لوصف أي باسم الإشارة خلوه من كاف الخطاب كما هو ظاهر كلامه وفاقًا للسيرافي وخلافًا لابن كيسان فإنه أجاز يأيها ذاك الرجل. الثاني لا يشترط في اسم الإشارة المذكور أن يكون منعوتًا بذي أل وفاقًا لابن عصفور والناظم كقوله: 924- أيُّهذانِ كُلا زادَ كُما ... ودَعَانِي واغِلًا فيمَنْ وَغَل واشترط ذلك غيرهما "وذو إشارة كأي في الصفة" في لزومها ولزوم رفعها كونها   "ألا أبهذا الباخع" أي: المهلك والوجد بالرفع فاعل الباخع ونفسه مفعول، ولا يصح جر الوجد بإضافة الباخع إليه لعدم جواز إضافة اسم الفاعل المتعدي إلى مرفوعه. قوله: "ووصف أي بسوى هذا يرد" قال الشاطبي: حشو لا فائدة فيه ويجاب بأنه لما علم بقوله: وأي هذا إلخ, أن اللزوم ليس على ظاهره كان مظنة توهم شيء آخر فدفعه بهذا ا. هـ. طبلاوي واسم الإشارة في قوله: سوى هذا يرجع لما ذكر من مصحوب أل واسم الإشارة والموصول المقرون بأل. قوله: "خلوه من كاف الخطاب" أي: لأنه المقصود بالنداء كما تقدم فهو المخاطب ووصله بكاف المخاطب يقتضي أن المشار إليه غير المخاطب فيحصل التنافي. ولابن كيسان أن يجعل الخطاب في مثل: يا ذاك للمشار إليه فلا يحصل التنافي لكن يمنعه ما تقدم في باب اسم الإشارة من أن المخاطب بالكاف غير المشار إليه إلا أن يخصه بغير النداء فتأمل. قوله: "ودعاني" أي: أتركاني. والواغل من يدخل على القوم وهم يشربون ولم يدع. قوله: "في لزومها إلخ" أي: لا في لزوم إفراد موصوفها, بل يراعى حال المشار إليه نحو: يا هذان الرجلان ويا هؤلاء الرجال. وأل في قوله: الصفة عهدية أي: الصفة المذكورة في أي إلا أنها تتناول اسم الإشارة مع أن اسم الإشارة لا يوصف باسم الإشارة, وكأنه ترك ذلك اتكالًا على ظهور أن اسم الإشارة لا يوصف باسم الإشارة فكأنه معلوم الانتفاء سم. قوله:   923- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1037؛ وشرح المفصل 2/ 7؛ ولسان العرب 8/ 5 "بخع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 217؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 474؛ ولسان العرب 15/ 312 "نحا"؛ والمقتضب 4/ 259. 924- البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في الدرر 3/ 33؛ وشرح شذور الذهب ص199؛ وشرح عمدة الحافظ ص281؛ ومجالس ثعلب ص52؛ والمقاصد النحوية 4/ 239، 240؛ وهمع الهوامع 1/ 175. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 في نحو سَعْدَ سَعْدَ الاوس يَنْتَصِبْ ... ثانٍ وضُمَّ وافْتَحَ أوَّلا تُصِبْ   بأل على ما مر. نحو: يا ذا الرجل ويا ذا الذي قام هذا "إن كان تركها" أي: ترك الصفة "يفيت المعرفه" أي: بأن تكون هي مقصودة بالنداء واسم الإشارة قبلها لمجرد الوصلة إلى ندائها كقولك: لقائم بين قوم جلوس يا هذا القائم. أما إذا كان اسم الإشارة هو المقصود بالنداء بأن قدرت الوقوف عليه فلا يلزم شيء من ذلك، ويجوز في صفته حينئذ ما يجوز في صفة غيره من المناديات المبنيات على الضم "في نحو" يا "سعد سعد الاوس" وقوله: 925- يا تَيم تيمَ عَدِيِّ لا أبا لَكمُ وقوله: 926- يا زَيد زيد اليَعْمُلاتِ الذُّبَّلِ   "على ما مر" لعل مراده على ما مر من اشتراط كون أل جنسية على الراجح. قوله: "نحو: يا ذا الرجل ويا ذا الذي قام" ونحو: يا هذا الرجل ويا هذا الذي قام ويا هؤلاء الكرام فها للتنبيه واسم الإشارة منادى مقدر فيه الضم وما بعده له صفة مرفوعة. قوله: "يفيت المعرفة" أي: يفوت على المخاطب بالمنادى. قوله: "بأن تكون هي" أي: الصفة. قوله: "هو المقصود بالنداء" بأن عرفه المخاطب بدون الوصف كما إذا وضع المتكلم يده عليه. قوله: "فلا يلزم شيء من ذلك" مقتضاه حتى كون الصفة مقرونة بأل فيقتضي صحة يا هذا رجل وليس كذلك, ويمكن تصحيح عبارته بجعل من بيانية وجعل الإشارة إلى مجموع ما مر من ذكر الصفة ورفعها وقرنها بأل, فالمعنى لا يلزم مجموع الثلاثة أي: بل بعضها وهو القرن بأل هكذا ينبغي الجواب لا كما أجاب البعض فتدبر. قوله: "في نحو: سعد سعد الأوس" أي: من كل تركيب وقع فيه المنادى مفردًا مكررًا ووقع بعد المرة الثانية مضاف إليه. وسعد الأوس هو سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه كما في التصريح. قوله: "زيد اليعملات" بفتح الميم أضيف زيد إلى اليعملات؛ لأنه كان يحدو لها وهي   925- عجزه: لا يَلْفِيَنَّكُمْ في سوأةٍ عُمَرُ والبيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص212؛ والأزهية ص238؛ والأغاني 21/ 349؛ وخزانة الأدب 2/ 298؛ 301، 4/ 99، 107؛ والخصائص 1/ 345؛ والدرر 6/ 29؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 142؛ وشرح شواهد المغني 2/ 855؛ وشرح المفصل 2/ 10؛ والكتاب 1/ 53، 2/ 205؛ واللامات ص101؛ ولسان العرب 14/ 11 "أبي"؛ والمقاصد النحوية 4/ 240؛ والمقتضب 4/ 229؛ ونوادر أبي زيد ص139؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 204؛ وأمالي ابن الحاجب 2/ 725؛ وجواهر الأدب ص199، 421 وخزانة الأدب 8/ 317، 10/ 191؛ ورصف المباني ص245؛ وشرح ابن عقيل ص522؛ وشرح المفصل 2/ 105، 3/ 21؛ ومغني اللبيب 2/ 457؛ وهمع الهوامع 2/ 122. 926- الرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص99؛ وخزانة الأدب 2/ 302، 304؛ والدرر 6/ 28؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 27؛ وشرح شواهد المغني 1/ 433، 2/ 855؛ ولبعض بني جرير في شرح المفصل 2/ 10؛= الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "ينتصب ثان" حتمًا "وضم وافتح أولًا تصب" فإن ضممته؛ فلأنه منادى مفرد معرفة، وانتصاب الثاني حينئذ؛ لأنه منادى مضاف أو توكيد أو عطف بيان أو بدل أو بإضمار أعني. وأجاز السيرافي أن يكون نعتًا وتأول فيه الاشتقاق. وإن فتحته فثلاثة مذاهب: أحدها وهو مذهب سيبويه أنه منادى مضاف إلى ما بعد الثاني. والثاني مقحم بين المضاف والمضاف إليه. وعلى هذا قال بعضهم: يكون نصب الثاني على التوكيد وثانيها   جمع يعملة وهي الناقة القوية الحمولة. والذبل جمع ذابل بمعنى الضامر كركع جمع راكع ا. هـ. زكريا وعبارة القاموس وهي الناقة الشديدة النجيبة المعتملة المطبوعة على العمل, والجمل يعمل ولا يوصف بهما إنما هما اسمان ا. هـ. ولو قال زكريا جمع ذابلة كما عبر الشمني لكان أنسب باليعملات. قوله: "لأنه منادى مضاف" فهو بتقدير يا والفرق بين هذا والبدل أن هذا يجوز معه ذكر حرف النداء, ولا يجوز ذلك في البدل, وإن قيل إنه على تقدير تكرار العامل إذ هو عند ذلك القائل كالتقدير المعنوي الذي لا يتكلم به. شاطبي. قوله: "أو توكيد" قاله المصنف. قال أبو حيان: ولم يذكره أصحابنا؛ لأنه لا معنوي وهو ظاهر ولا لفظي لاختلاف جهتي التعريف؛ لأن الأول معرف بالعلمية أو النداء والثاني بالإضافة؛ لأنه لم يضف حتى سلب تعريف العلمية ا. هـ. قال ابن هشام: وثم مانع أقوى من ذلك وهو اتصال الثاني بما لم يتصل به الأول. قال سم: ولا يخفى أن كلا الأمرين إنما يرد على المصنف إذا سلم أنه مانع وإلا فقد يتمسك بظاهر تعريف التوكيد اللفظي فإنه صادق مع اختلاف جهتي التعريف ومع اتصال الثاني بما لم يتصل به الأول. قوله: "وتأول فيه الاشتقاق" أي: جعله مشتقا بتأوله بالمنسوب إلى الأوس وضعفه الشاطبي بأن النعت بالجامد على تأوله بالمشتق موقوف على السماع. قوله: "والثاني مقحم" أي: زائد بناء على جواز إقحام الأسماء وأكثرهم يأباه وعلى جوازه ففيه فصل بين المتضايفين وهما كالشيء الواحد, وكان يلزم أن ينون الثاني لعدم إضافته ا. هـ. تصريح وعليه ففتحته غير إعراب؛ لأنها غير مطلوبة لعامل بل فتحته اتباع فيما يظهر، وإن كان يرد عليه أن بين المتبع والمتبع له حاجزًا حصينًا، لكن صرح الشارح بأن نصب الثاني توكيد ويوافقه تفسير الحفيد الإقحام بالتأكيد اللفظي, وعلى هذا فالفتحة فتحة إعراب ولا يبعد أن الفصل بالثاني مغتفر؛ لأنه كلا فصل لاتحاد الاسمين لفظًا ومعنى وأن عدم تنوين الثاني على هذا الوجه والذي قبله للمشاكلة فيندفع قول صاحب التصريح ففيه فصل إلخ. وقوله وكان يلزم إلخ فتأمل ولا يصح إعرابه بدلًا أو عطف بيان كما كان في صورة الضم؛ لأنهما ما يكونان بعد تمام الاسم الأول والأول لا يكمل إلا بالإضافة بخلاف صورة الضم فإن الاسم الأول فيهما غير مضاف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وهو مذهب المبرد أنه مضاف إلى محذوف دل عليه الآخر، والثاني مضاف إلى الآخر ونصبه على الأوجه الخمسة، وثالثها: أن الاسمين ركبا تركيب خمسة عشر ففتحتهما فتحة بناء لا فتحة إعراب ومجموعهما منادى مضاف وهذا مذهب الأعلم. تنبيهات: الأول صرح في الكافية بأن الضم أمثل الوجهين، الثاني: مذهب البصريين أنه لا يشترط في الاسم المكرر أن يكون علمًا بل اسم الجنس نحو: يا رجل رجل قوم والوصف نحو: يا صاحب صاحب زيد كالعلم فيما تقدم، وخالف الكوفيون في اسم الجنس فمنعوا نصبه وفي الوصف فذهبوا إلى أنه لا ينصب إلا منونًا نحو: يا صاحبًا صاحب زيد، الثالث: إذا كان الثاني غير مضاف نحو: يا زيد زيد جاز ضمه بدلًا، ورفعه ونصبه عطف بيان على اللفظ أو المحل.   قوله: "إلى محذوف" أي: مماثل لما أضيف إليه الثاني. قوله: "ونصبه" أي: الثاني على الأوجه الخمسة بل الستة وهي أن يكون منادى مستأنفًا أو منصوبًا بأعني أو عطف بيان أو بدلًا أو توكيدًا أو نعتًا وكأنه لم ينظر إلى السادس لضعفه. قوله: "أن الاسمين ركبا" قيل فيه تكلف تركيب ثلاثة أشياء ولا وجه له إذ المركب شيئان فقط قاله في التصريح, وقال الفارسي: الاسمان مضافان للمذكور وهو ضعيف لما فيه من توارد عاملين على معمول واحد. قوله: "ففتحتهما فتحة بناء" فيه أن فتحة الأول على القول بالتركيب فتحة بنية ويمكن تصحيح عبارته بأن المراد ففتحة مجموعهما الذي هو المركب وفتحته هي فتحة آخره, ولو قال ففتحة الثاني فتحة بناء لكان واضحًا. ثم هذا القول لا يشمله قول المصنف ينتصب ثان إلا أن يراد بالنصب ما يعم فتحة الإعراب وغيره. قوله: "أمثل الوجهين" أي: أحسنهما وأشار هنا إلى أمثليته بتقديمه. قوله: "بل اسم الجنس" مبتدأ خبره كالعلم. قوله: "وخالف الكوفيون إلخ" عبارة الهمع وخالف الكوفيون فأوجبوا في اسم الجنس ضم الأول وفي الوصفين ضمه بلا تنوين أو نصبه منونًا. قوله: "جاز ضمه بدلًا" نقله المصنف عن الأكثر ورده بأنه لا يتحد لفظ بدل ومبدل منه إلا ومع الثاني زيادة بيان, وجوز الدماميني أن يكون منادى ثانيًا وأن يكون تأكيدًا لفظيا وقوله ضمه بدلًا أي: بناؤه على الضم ومن لازمه عدم التنوين. قوله: "عطف بيان" رده المصنف في شرح الكافية فقال: إنه توكيد على اللفظ أو المحل لا عطف بيان كما يقول أكثر النحويين؛ لأن الشيء لا يبين نفسه. قوله: "على اللفظ أو المحل" لف ونشر مرتب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 المنادى المضاف إلى ياء المتكلم : واجعل مُنادًى صَحَّ إن يُضَفْ لِيَا ... كعَبْدِ عَبْدِي عَبْدَ عبْدا عَبْدِيَا   المنادى المضاف إلى ياء المتكلم: "واجعل منادى صح" آخره "إن يضف ليا" المتكلم "كعبد عبدي عبد عبدا عبديا" والأفصح والأكثر من هذه الأمثلة الأول وهو حذف الياء والاكتفاء بالكسرة نحو: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر: 16] ، ثم الثاني: وهو ثبوتها ساكنة نحو: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} [الزخرف: 68] ، والخامس: وهو ثبوتها مفتوحة نحو: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [الزمر: 53] ، وهذا هو الأصل، ثم الرابع: وهو قلب الكسرة فتحة والياء ألفًا نحو: {يَا حَسْرَتَا} [يس: 30] . وأما المثال الثالث وهو حذف الألف والاجتزاء بالفتحة فأجازه الأخفش والمازني والفارسي كقوله: 927- ولستُ براجِعٍ ما فات مِنِّي ... بلَهْفَ ولا بليتَ ولا لو انِّي   المنادى المضاف إلى ياء المتكلم: أفرده بترجمة؛ لأن له أحكامًا تخصه, وتقدم أن الأصل في ياء المتكلم قيل السكون, وقيل الفتح وجمع بأن السكون أصل أوّل إذ هو الأصل في كل مبني والفتح أصل ثان إذ هو الأصل فيما وضع على حرف واحد. قوله: "صح آخره" بأن يكون آخره حرفًا غير لين أو لينًا قبله ساكن كدلو وظبي وهذا القيد يخرج نحو: مسلمي تثنية وجمعًا وجوز العصام حذف يائه لدلالة ياء التثنية والجمع على الإضافة وعدم التباسه بالمفرد عند الحذف, قال سم: وفيه نظر في الجمع لالتباسه حينئذٍ بالمفرد في صورة اثبات يائه ساكنة ا. هـ. ويشترط مع ما ذكره المصنف أن يكون غير وصف مشبه للفعل كما سيأتي. قوله: "عبدًا" ينبغي أن يكون منصوبًا بفتحة مقدرة على الدال لا بالفتحة الموجودة؛ لأنها لأجل الألف سم. قوله: "وهو حذف الياء والاكتفاء بالكسرة" نقل البعض عن الحفيد أنه قيد ذلك بأن يشتهر الاسم بالإضافة إلى الياء أولًا, فلا يقال في يا عدوي: يا عدو؛ لأنه لا دلالة على الياء. والذي في التوضيح وشرحه إنما هو اشتراط الاشتهار بالإضافة في الوجه السادس وهو الضم وهذا هو المتجه فافهم. قوله: "والخامس" عطفه على الثاني بالواو إشارة إلى أنهما في مرتبة للقول بالأصالة في كل، وجعل السيوطي السكون أفصح من الفتح, ولعل وجهه أن السكون أخف من الفتح. قوله: "والياء ألفًا" أي: لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ لأن الألف أخف من الياء ا. هـ. تصريح. والظاهر أن هذه الألف اسم؛ لأنها منقلبة عن اسم وينبغي أن يحكم بأنها مضاف إليه, وأنها في محل جر سم. قوله: "وهو حذف الألف" فيه جمع بين حذف العوض والمعوض وهو لا يجوز، ويجاب بأنها بدل الياء   927- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 63، 179؛ والإنصاف 1/ 390؛ وأوضح المسالك 4/ 37؛ وخزانة الأدب 1/ 131؛ والخصائص 3/ 135؛ ورصف المباني ص288؛ وسر صناعة الإعراب 1/ = الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أصله بقولي يا لهفا. ونقل عن الأكثرين المنع. قال في شرح الكافية وذكروا أيضًا وجهًا سادسًا وهو الاكتفاء عن الإضافة بنيتها وجعل الاسم مضمومًا كالمنادى المفرد. ومنه قراءة بعض القراء: "رَبُّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ" [يوسف: 33] ، وحكى يونس عن بعض العرب: يا أم لا تفعلي وبعض العرب يقولون: يا رب اغفر لي ويا قوم لا تفعلوا. أما المعتل آخره ففيه لغة واحدة وهي ثبوت يائه مفتوحة نحو: يا فتاي ويا قاضي. تنبيهان: الأول ما سبق من الأوجه هو فيما إضافته للتخصيص كما أشعر به تمثيله، أما الوصف المشبه للفعل فإن ياءه ثابتة لا غير، وهي إما مفتوحة أو ساكنة نحو: يا مكرمي ويا ضاربي. الثاني: قال في شرح الكافية: إذا كان آخر المضاف إلى ياء المتكلم ياء مشددة كبني, قيل يا بني أو يا بني لا غير فالكسر على التزام حذف ياء المتكلم فرارًا من   وفرق بين الإبدال والتعويض سم. على أنه قد يمنع عدم الجواز بدليل وأقام الصلاة وأجاب إجابًا. قوله: "ونقل عن الأكثرين المنع" أي: ولا دلالة في البيت على الجواز لاحتمال أن المراد بهذه اللفظة ولا نداء. قوله: "وجهًا سادسًا" يظهر أن قائله يحذف الياء والكسرة ثم يعامله معاملة الاسم المفرد فيضم آخره ضمة مشاكلة للمفرد المبني فهو منصوب تقديرًا بفتحة مقدرة منع من ظهورها ضمة المشاكلة. وتعرفه بالإضافة المنوية كما اختاره المصنف لا محلا. وتعرفه بالقصد كما قيل, وإلا لم يكن لغة في المضاف. قال أبو حيان: والظاهر أن حكمه في الاتباع حكم المبني على الضم غير المضاف لا حكم المضاف للياء ا. هـ. أي: إنه يجوز في تابعه الوجهان وهو لا يظهر على أن تعرفه بالإضافة المنوية ونصبه مقدر فإن مقتضاه عدم جواز الوجهين في تابعه, وقد يوجه ما قاله أبو حيان, وإن قلنا تعرفه بالإضافة المنوية ونصبه مقدر بأنه عومل معاملة المفرد فأعطى حكمه, وإن لم يكن منه حقيقة أفاده سم, قال في التصريح وإنما يأتي هذا الوجه السادس فيما يكثر نداؤه مضافًا كالرب تعالى والأب والأم والابن حملًا للقليل على الكثير. قوله: "أما المعتل آخره" بأن يكون آخره حرفًا لينًا قبله حركة مجانسة له وأما ما حذف لامه كأخ فلا ترد لامه خلافًا للمبرد, ووقع في عبارة البعض هنا خلل فاحذره. قوله: "وهي ثبوت يائه مفتوحة" وتسكين ورش محياي من إجراء الوصل مجرى الوقف. قوله: "فيما إضافته للتخصيص" كان الأولى للتعريف والمراد فيما إضافته محضة بقرينة المقابلة. قوله: "المشبه للفعل" أي: المضارع في كونه بمعنى الحال أو الاستقبال. قوله: "فإن ياءه ثابتة لا غير" قد يوجه بشدة طلبه لها لكونه عاملًا يشبه الفعل. قوله: "وهي إما مفتوحة أو ساكنة" أي: إن لم يكن الوصف مثنى أو مجموعًا على حده وإلا تعين الفتح نحو: يا ضاربي ويا ضاربي. قوله: "كبني"   = 521، 2/ 728؛ وشرح عمدة الحافظ ص512؛ وشرح قطر الندى ص205؛ ولسان العرب 9/ 321 "لهف"؛ والمحتسب 1/ 277؛ والمقاصد النحوية 4/ 248؛ والمقرب 1/ 181، 2/ 201؛ والممتع في التصريف 2/ 622. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 وفَتْحٌ أو كَسْرٌ وحَذْفُ اليا اسْتَمَرّ ... في يابن أمِّ يابنَ عَمِّ لا مَفَرّ   توالي الياآت مع أن الثالثة كان يختار حذفها قبل ثبوت الثنتين, وليس بعد اختيار الشيء إلا لزومه. والفتح على وجهين: أحدهما أن تكون ياء المتكلم أبدلت ألفًا ثم التزم حذفها؛ لأنها بدل مستقل. الثاني: أن ثانية ياءي بني حذفت ثم أدغمت أولاهما في ياء المتكلم ففتحت؛ لأن أصلها الفتح كما فتحت في يدي ونحوه ا. هـ. وقد تقدمت بقية الأحكام في باب المضاف إلى ياء المتكلم "وفتح أو كسر وحذف اليا" والألف تخفيفًا لكثرة الاستعمال "استمر في" قولهم "يابن أم" ويا ابنة أم و"يابن عم" ويا ابنة عم "لا مفر" أما الفتح ففيه قولان: أحدهما أن الأصل أما وعما بقلب الياء ألفا فحذفت الألف وبقيت الفتحة دليلًا عليها. الثاني أنهما جعلا اسمًا واحدًا مركبًا وبني على الفتح والأول قول   أي: تصغير ابن وأصله بنو بفتحتين, وإذا صغرته حذفت ألف الوصل ورددت اللام المحذوفة فيبقى بنيو فتقلب الواو ياء لاجتماع الواو والياء وسبق إحداهما بالسكون وتدغم الياء في الياء، وعلى القول بأن لامه ياء يكون فيه ما عدا القلب. قوله: "قيل يا بني" بكسر الياء أو يا بني بفتحها لا غير، أورد عليه شيخنا أن فيه لغة ثالثة قرئ بها في السبع وهي إسكان الياء مخففة, ووجهه أنه حذف ياء المتكلم ثم استثقلت الياء المشددة المكسورة فحذف الياء الثانية التي هي لام الكلمة وأبقى الأولى وهي ياء التصغير ساكنة. قوله: "على التزام حذف ياء المتكلم" أي: وإبقاء الياء الثانية على كسرها لأجل ياء المتكلم. قوله: "مع أن الثالثة" كان الأوضح؛ ولأن الثالثة؛ لأن هذا تعليل آخر لالتزام الحذف. قوله: "أبدلت ألفًا" أي: بعد قلب الكسرة التي قبلها فتحة. قوله: "ثم التزم حذفها" أي: وأبقيت الفتحة دليلًا عليها. قوله: "مستثقل" أي: حرف مستثقل وهو الياء أي: وبدل الثقيل ثقيل. قوله: "ففتحت؛ لأن أصلها الفتح" وعلى القول بأن أصلها السكون يوجه الفتح بأنه احتيج للتحريك؛ لئلا يلتقي ساكنان والفتح أخف سم. قوله: "بقية الأحكام" أي: بقية أحكام المضاف المذكور ككسر آخره وجوبًا إذا لم يكن واحدًا من الأمور الأربعة المتقدمة في قوله: آخر ما أضيف لليا اكسر إذا لم يك معتلًا إلخ وسلامة الألف مطلقًا إلى آخر ما مر أي: فلا نعيد تلك الأحكام هنا. قوله: "وفتح أو كسر" أي: للميم وأجاز قوم ضمها أيضًا سم. قوله: "وحذف اليا" أي: مع الكسر والألف أي: مع الفتح ففيه مع ما قبله لف ونشر مشوش لكن حذف الألف, إنما يأتي على قول الكسائي الآتي ومن وافقه لا على قول سيبويه والبصريين فلهذا أسقطه المصنف. قوله: "استمر" أي: اطرد، وفي نسخة اشتهر وأفرد الضمير مع رجوعه إلى الفتح أو الكسر وحذف الياء على التأول بالمذكور أو على حذف خبر أحد المتعاطفين لدلالة الآخر. قوله: "ويا ابنة عم" في التصريح أن بنتا كابنة. قوله: "فحذفت الألف وبقيت الفتحة" قد تقدم منع الجمهور لهذا في غير هذه الصورة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الكسائي والفراء وأبي عبيدة وحكي عن الأخفش, والثاني قيل هو مذهب سيبويه والبصريين, وأما الكسر فظاهر مذهب الزجاج وغيره أنه مما اجتزى فيه بالكسرة عن الياء المحذوفة من غير تركيب. قال في الارتشاف: وأصحابنا يعتقدون أن: ابن أم وابنة أم وابن عم وابنة عم حكمت لها العرب بحكم اسم واحد وحذفوا الياء كحذفهم إياهم من أحد عشر إذا أضافوه إليها. وأما إثبات الياء والألف في قوله: 928- يابْنَ أُمِّي ويا شُقَيِّقَ نَفسِي وقوله: 929- يا ابْنَةَ عَمَّا لا تلُومِي واهْجَعِي فضرورة. أما ما لا يكثر استعماله من نظائر ذلك نحو: يابن أخي ويا ابن خالي   نحو: يا عبد وهم لا يمنعون ذلك هنا, والفرق ثبوت السماع الصحيح هنا سم, وقوله: قد تقدم أي: في قول الشارح ونقل عن الأكثرين المنع. قوله: "والثاني أنهما" أي: ابنا وما بعده. قوله: "وبني" أي: المجموع على الفتح فيكون نحو: يابن أم مبنيا على ضم مقدر كخمسة عشر، ونقل السيوطي عن الرضي أن مجموع الكلمتين مع تركيبهما وفتحهما مضاف إلى الياء المحذوفة. قوله: "من غير تركيب" هذا هو محل مخالفة ظاهر مذهب الزجاج لما في الارتشاف. قوله: "قال في الارتشاف إلخ" هذا مقابل قوله فظاهر مذهب الزجاج إلخ. قوله: "وحذفوا الياء" أي: وأبقوا الكسرة دليلًا عليها؛ لأن الكلام في الكسر. قوله: "ويا شقيق" تصغير شقيق. قوله: "فضرورة" وقال بعضهم: هما لغتان قليلتان, قيل وقلب الياء ألفًا أجود من إثباتها وإذا ثبتت الياء ففيها وجهان الإسكان والفتح فالحاصل خمسة أوجه، ونص بعضهم على أن الخمسة لغات، ومر قريبًا لغة سادسة وهي الضم. قوله: "فالياء فيه ثابتة لا غير" ساكنة أو مفتوحة ولا يجوز حذفها لبعدها عن المنادى تصريح أي: مع عدم سماع حذفها في غير يابن أم يا ابن عم فلا يرد أن البعد موجود فيهما أيضًا.   928- عجزه: أنت خلَّفْتني لدَهْرِ شديد والبيت من الخفيف، وهو لأبي زبيد في ديوانه ص48؛ والدرر 5/ 57؛ وشرح التصريح 2/ 179؛ والكتاب 2/ 213؛ ولسان العرب 10/ 182 "شقق"؛ والمقاصد النحوية 4/ 222؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 40؛ وشرح قطر الندى ص207؛ وشرح المفصل 2/ 12؛ والمقتضب 4/ 250؛ وهمع الهوامع 2/ 54. 929- الرجز لأبي النجم في خزانة الأدب 1/ 364؛ والدرر 5/ 58؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 440؛ وشرح التصريح 2/ 179؛ وشرح المفصل 2/ 12؛ والكتاب 2/ 214؛ ولسان العرب 12/ 424 "عمم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 224؛ ونوادر أبي زيد ص19؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 41؛ ورصف المباني ص159؛ وشرح قطر الندى ص208؛ والمقتضب 4/ 252؛ وهمع الهوامع 2/ 54. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 وفي النِّدا أبَتِ أمَّتِ عَرَض ... واكْسِرْ أو افْتَحْ ومِنَ اليا التَّا عِوَض   فالياء فيه ثابتة لا غير، ولهذا قال في يابن أم يابن عم ولم يقل في نحو: يابن أم يابن عم. تنبيه: نص بعضهم على أن الكسر أجود من الفتح وقد قرئ: {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ} [طه: 94] بالوجهين "وفي الندا" قولهم يا "أبت" ويا "أمت" بالتاء "عرض" والأصل يا أبي ويا أمي "واكسر أو افتح ومن اليا التا عوض" ومن ثم لا يكادان يجتمعان، ويجوز فتح التاء وهو الأقيس وكسرها وهو الأكثر، وبالفتح قرأ ابن عامر وبالكسر قرأ غيره من السبعة. تنبيهات: الأول فهم من كلامهم فوائد: الأولى أن تعويض التاء من ياء المتكلم في أب وأم لا يكون إلا في النداء. الثانية أن ذلك مختص بالأب والأم. الثالثة أن التعويض فيهما ليس بلازم فيجوز فيهما ما جاز في غيرهما من الأوجه السابقة فهم ذلك من قوله: عرض. الرابعة منع الجمع بين التاء والياء؛ لأنها عوض عنها وبين التاء والألف؛ لأن الألف بدل من الياء. وأما قوله:   قوله: "ولهذا قال في يابن أم يابن عم" ولا يرد يا ابنة أم يا ابنة عم؛ لأن ابنة هي ابن بزيادة التاء. قوله: "وفي الندا أبت أمت عرض" وكل منهما منصوب؛ لأنه معرب فإنه من أقسام المضاف بفتحة مقدرة على ما قبل التاء منع من ظهورها اشتغال المحل بالفتحة لأجل التاء؛ لاستدعائها فتح ما قبلها لا على التاء؛ لأنها في موضع الياء التي يسبقها إعراب المضاف إليها سم. قوله: "ومن الياء التا عوض" إنما عوض تاء التأنيث عن الياء إذا أضيف إليها الأب أو الأم؛ لأن كلا منهما مظنة التفخيم والتاء تدل عليه كما في علامة ا. هـ. حفيد. ووجهه في الكشاف بأن تاء التأنيث وياء الإضافة متناسبتان في أن كلا منهما زيادة مضمومة إلى الاسم في آخره, وفيما ذكر تصريح بأن التاء حرف لا اسم إذ لم تنقلب الياء إليها بخلاف الألف في نحو: يا عبدًا كما مر بيانه. قوله: "ويجوز فتح التاء إلخ" كان الأولى والفتح أقيس والكسر أكثر؛ لأن جواز كل مستفاد من عبارة المصنف. قوله: "وهو الأقيس" لأن التاء عوض عن الياء وحركتها الفتح وتحركها بحركة أصلها هو الأصل ا. هـ. حفيد. قوله: "وهو الأكثر" أي: لأن الكسر عوض عن الكسر الذي كان يستحقه ما قبل الياء وزال حين مجيء التاء؛ لأن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحًا. قوله: "لا يكون إلا في النداء" أخذ الحصر من تقديم الجار والمجرور. قوله: "مختص بالأب والأم" أي: لأنه لم يقل نحو: أبت أمت. قوله: "من الأوجه السابقة" أي: في المنادى المضاف لياء المتكلم. قوله: "فهم ذلك من قوله: عرض" نظر فيه سم بأن العروض لا ينافي اللزوم, وقد يقال شأن العارض عدم اللزوم. قوله: "وبين التاء والألف" مشى ابن الحاجب على جواز الجمع بينهما؛ لأنه جمع بين عوضين بخلاف ما قبله سم أي: فإن فيما قبله جمعا بين العوض والمعوض عنه وفي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   930- أَيَا أَبَتِي لا زِلت فِينا فإنَّما ... لنَا أَمَلٌ في العيشِ ما دُمتَ عائِشا فضرورة, وكذا قوله: 931- يا أَبَتا َعَلَّكَ أو عَسَاكَا وهو أهون من الجمع بين التاء والياء لذهاب صورة المعوض عنه. وقال في شرح الكافية الألف فيه هي الألف التي يوصل بها آخر المنادى إذا كان بعيدًا أو مستغاثًا به أو مندوبًا، وليست بدلًا من ياء المتكلم، وجوز الشارح الأمرين. الثاني: اختلف في جواز ضم التاء في يا أبت ويا أمت فأجازه الفراء وأبو جعفر النحاس، ومنعه الزجاج، ونقل عن الخليل أنه سمع من العرب من يقول: يا أبت ويا أمت بالضم، وعلى هذا فيكون في ندائهما عشر لغات: الست السابقة في نحو: يا عبد، وهذه الأربعة, أعني تثليث التاء والجمع بينهما وبين الألف في نحو: يا أبتا على ما مر. الثالث: يجوز إبدال هذه التاء هاء وهو يدل على أنها تاء التأنيث قال في التسهيل وجعلها هاء في الخط والوقف جائز، وقد قرئ بالوجهين في السبع, ورسمت في المصحف بالتاء.   قوله: بين عوضين تغليب؛ لأن الألف بدل عن الياء لا عوض عنها كما مر, ووقع للبعض خطأ فاحش في تقرير مذهب ابن الحاجب فانظره. قوله: "التي يوصل بها آخر المنادى إلخ" أي: بناء على القول بجواز ذلك في المنادى البعيد والمستغاث والمندوب. قوله: "وجوز الشارح الأمرين" أي: كونها عوضًا عن الياء وكونها التي يوصل بها آخر المنادى. قوله: "على ما مر" أي: على القول الذي مر عن شرح الكافية أن هذه الألف هي التي يوصل بها آخر المنادى المتقدم وليست بدلًا عن ياء المتكلم, لا على القول بأنها بدل عن ياء المتكلم؛ لأن الجمع على هذا ضرورة كالجمع بين الياء والتاء لا لغة حتى تعد في اللغات, وإلا كانت إحدى عشرة لغة بزيادة الجمع بين الياء والتاء, وبهذا يعرف ما في كلام البعض. قوله: "إبدال هذه التاء هاء" أي: في الوقف. قوله: "على أنها تاء التأنيث" أي: بحسب الأصل. قوله: "ورسمت في المصحف بالتاء" أي: فرسمها بالتاء أولى كما قاله الدماميني.   930- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 178؛ والمقاصد النحوية 4/ 251. 931- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص181؛ وخزانة الأدب 5/ 362، 367، 368؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 164؛ وشرح شواهد المغني 1/ 433؛ وشرح المفصل 7/ 123، 2/ 90؛ والكتاب 2/ 375؛ والمقاصد النحوية 4/ 252؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336؛ والإنصاف 1/ 222؛ والجنى الداني ص446، 470؛ والخصائص 2/ 96؛ والدرر 2/ 159؛ ورصف المباني ص29، 249، 355؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 406، 2/ 493، 502؛ وشرح المفصل 2/ 12، 3/ 118، 120، 8/ 78، 9/ 33؛ واللامات ص135؛ ولسان العرب 14/ 349 "روي"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص130؛ والمقتضب 3/ 71؛ ومغني اللبيب 1/ 151، 2/ 699؛ وهمع الهوامع 1/ 132. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 أسماء لازمت النداء : وَفُلُ بعض ما يخصُّ بالنِّدا ... لُؤمانْ نَومانُ كذا واطَّرَدَا   أسماء لازمت النداء: "وفل بعض ما يخص بالندا" أي: لا يستعمل في غير النداء, ويقال للمؤنثة: يا فلة, واختلف فيهما فمذهب سيبويه أنهما كنايتان عن نكرتين، ففل كناية عن رجل وفلة كناية عن امرأة، ومذهب الكوفيين أن أصلهما فلان وفلانة فرخما، ورده الناظم بأنه لو كان مرخمًا لقيل فيه فلا ولما قيل في التأنيث فلة. وذهب الشلوبين وابن عصفور وصاحب البسيط إلى أن فل وفلة كناية عن العلم نحو: زيد وهند بمعنى فلان وفلانة، وعلى ذلك مشى الناظم وولده. قال الناظم في شرح التسهيل وغيره: أن يا فل بمعنى يا فلان ويا فلة بمعنى يا فلانة، قال: وهما الأصل فلا يستعملان منقوصين في غير نداء إلا في ضرورة فقد وافق الكوفيين في أنهما كناية عن العلم, وأن أصلهما فلان وفلانة، وخالفهم في الترخيم ورده بالوجهين السابقين و"لؤمان" بالهمز وضم اللام، وملأم وملأمان بمعنى عظم اللؤم و   أسماء لازمت النداء: يجوز كون لازمت فعلًا ماضيًا كضاربت وكونه اسم فاعل كضاربة مضافًا إلى النداء أو منونًا ناصبًا النداء على المفعولية سم. قوله: "بعض ما يخص بالنداء" أشار إلى أن هناك ألفاظًا أخر تختص بالنداء كأبت وأمت. قوله: "أي: لا يستعمل في غير النداء" أشار به إلى أن الباء داخلة على المقصور عليه. قوله: "عن نكرتين" أي: من جنس الإنسان لا مطلقًا. قوله: "بأنه لو كان" أي: المذكور من فل وفلة مرخمًا أي: مرخم فلان وفلانة لقيل فيه أي: في بعضه وهو فل بقرينة ما بعده فلا؛ لأنه لا يحذف في الترخيم مع الآخر ما قبله من حرف مد زائد إلا إذا كان المرخم خماسيا فصاعدًا وفلان على أربعة أحرف فحق ترخيمه يا فلا. وقوله: ولما قيل في التأنيث فلة أي: بل كان يقال فلان, وكان الأخصر والأوضح أن يقول: ورده الناظم بأنهما لو كانا مرخمين لقيل في الأول فلا وفي الثاني فلان. قوله: "وذهب الشلوبين إلخ" الفرق بين هذا المذهب ومذهب الكوفيين مع أنهما كنايتان عن العلم عند الكوفيين, أيضًا اعتبار الترخيم عندهم دون الشلوبين ومن معه. قوله: "كناية عن العلم" أي: الشخصي لمن يعقل وكأن الظاهر كنايتان. قوله: "وهما الأصل" المراد بالأصل هنا وفي قوله الآتي وأن أصلهما فلان وفلانة ما كانا عليه قبل تخفيفهما بحذف الألف والنون لا بالترخيم, والحاصل أن الشلوبين والناظم ومن وافقهما يقولون هما كنايتان عن العلم وأصلهما فلان وفلانة فدخلهما مجرد الحذف تخفيفًا لا ترخيمًا. والكوفيون يقولون هما كنايتان عن العلم وأصلهما فلان وفلانة فدخلهما خصوص الترخيم. وبهذا تعلم أن قول البعض فيما كتبه قبيل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 في سَبِّ الانْثَى وَزْنُ يا خَباثِ ... والأَمْرُ هكذا مِنَ الثلاثِي   "نومان" بفتح النون بمعنى كثير النوم "كذا" أي: مما يختص بالنداء. تنبيهان: الأول الأكثر في بناء مفعلان نحو: ملأمان أن يأتي في الذم، وقد جاء في المدح نحو: يا مكرمان حكاه سيبويه والأخفش، ويا مطيبان. وزعم ابن السيد أنه يختص بالذم, وأن مكرمان تصحيف مكذبان وليس بشيء. الثاني: قال في شرح الكافية: إن هذه الصفات مقصورة على السماع بإجماع وتبعه ولده، وهو صحيح في غير مفعلان فإن فيه خلافًا، أجاز بعضهم القياس عليه فتقول: يا مخبثان وفي الأنثى يا مخبثانة "واطردا في سب الأنثى وزن" يا فعال نحو: "يا خباث" يا لكاع يا فساق وأما قوله: 932- أُطَوِّفُ ما أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي ... إلى بيت قَعِيدتُهُ لَكاعِ فضرورة "والأمر هكذا" أي: اسم فعل الأمر مطرد "من الثلاثي" عند سيبويه نحو:   الخاتمة أن مادة فلان مخالفة لمادة فل عند المصنف, كما أن الأمر كذلك على مذهب سيبويه الصحيح فيه نظر. قوله: "بالهمز" أي: الساكن. قوله: "أي: مما يختص بالنداء" بيان لوجه الشبه. قوله: "يا مكرمان" بفتح الراء زكريا، وهو العزيز المكرم. دماميني. قوله: "تصحيف مكذبان" أي: تحريفه وسماه تصحيفًا لقربه من التصحيف لقرب رسم الدال من رسم الراء وقرب رسم الباء من رسم الميم المخلوطة بما بعدها. قوله: "وليس بشيء" مع أنه يبقى عليه مطيبان إلا أن يمنع وروده. قوله: "مقصورة على السماع" ويؤخذ ذلك من تعبيره بالاطراد فيما بعدها دونها. قوله: "وهو" أي: الاجماع. قوله: "فتقول يا مخبثان إلخ" قضيته عدم سماع مخبثان ويعكر عليه قول الهمع الذي سمع منه أي: من مفعلان ستة ألفاظ: مكرمان وملأمان ومخبثان وملكعان ومطيبان ومكذبان. قال: وحكى ابن سيده رجل مكرمان وملأمان وامرأة ملأمانة فمنهم من أجاز استعماله في غير النداء بقلة وخرجه أبو حيان على إضمار القول وحرف النداء, والأصل رجل مقول فيه يا مكرمان. قوله: "وزن يا فعال" أي: موازن ثاني يا فعال وكذا يقال في قوله الآتي: وشاع في سب الذكور وزن يا فعل وفي الإتيان بيا هنا, وفيما يأتي إشارة إلى اختصاص سب الأنثى والذكور المذكورين بالنداء. قوله: "قعيدته" سميت امرأة الرجل قعيدة للزومها البيت لكاع أي: خسيسة. قوله: "فضرورة" وقيل التقدير: قعيدته يقال لها يا لكاع. قوله: "والأمر هكذا إلخ" وجه ذكره هنا مناسبته لنحو: خباث المتعلق بما هنا في وزنه وبنائه على الكسر وشروطه سم أي: فذكره هنا من باب الاستطراد وقوله: هكذا أي: كخباث في الوزن لا في النداء. قوله: "أي: اسم فعل   932- البيت من الوافر، وهو للحطيئة في ملحق ديوانه ص156، وجمهرة اللغة ص662؛ وخزانة الأدب 2/ 404، 405؛ والدرر 1/ 254؛ وشرح التصريح 2/ 180؛ وشرح المفصل 4/ 57؛ والمقاصد النحوية 1/ 473، 4/ 229؛ ولأبي الغريب النصري في لسان العرب 8/ 323 "لكع"؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 45؛ والدرر 3/ 39؛ وشرح شذور الذهب ص120؛ وشرح ابن عقيل ص76؛ والمقتضب 4/ 238؛ وهمع الهوامع 1/ 82، 178. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   نزال وتراك من نزل وترك. تنبيهان: الأول أهمل الناظم من شروط القياس على هذا النوع أربعة شروط: الأول أن يكون مجردًا فأما غير المجرد فلا يقال منه إلا ما سمع نحو: دراك من أدرك. الثاني: أن يكون تاما فلا يبنى من ناقص. الثالث: أن يكون متصرفًا. الرابع: أن يكون كامل التصرف فلا يبنى من يدع ويذر. الثاني ادعى سيبويه سماعه من غير الثلاثي شذوذًا كقرقار من قرقر في قوله: 933- قالت له رِيحُ الصّبا قَرْقار وعرعار من عرعر في قوله: 934- يَدْعُو وَلِيدهمْ بها عَرْعارِ   الأمر" أي: فكلامه على حذف مضافين وقول شيخنا: فكلامه على حذف مضاف أي: ودال الأمر هو مع كونه لا يناسب صنيع الشارح يرد عليه أن دال الأمر أعم من اسم فعل الأمر. قوله: "من الثلاثي" جعله الشارح مختصا بقوله: والأمر هكذا, مع أنه يعود لما قبله أيضًا فالوجه تعليقه باطرد سم, وعليه فالأمر معطوف على وزن وهكذا حال وعلى صنيع الشارح الأمر مبتدأ هكذا حال ومطرد خبر أو هكذا خبر أول ومطرد خبر ثان. قوله: "عند سيبويه" وقال المبرد: هو مسموع فلا يقال قوام ولا قعاد في قم واقعد, إذ ليس لأحد أن يبتدع صيغة لم تقلها العرب. قال الأندلسي: ومنع المبرد قوي، فالأولى أن يتأول قول سيبويه هو مطرد على أنه أراد بالاطراد الشياع ا. هـ. دماميني وفي التوضيح مع شرحه والمبرد لا يقيس فيهما أي: في فعال سبا وفعال أمرًا أي: فلا يقال يا قباح قياسًا على فساق ولا قعاد قياسًا على نزال ا. هـ. ومنه يعلم أن الخلاف بين سيبويه والمبرد في فعال سبا وفعال أمرًا, والموافق لهذا أن يجعل قول الشارح عند سيبويه متعلقًا باطرد في كلام المتن ومطرد في كلام الشارح على التنازع وإن كان الأقرب إلى صنيع الشارح تعلقه بمطرد في كلامه فعلم ما في قول البعض أن عند سيبويه متعلق باطرد. قوله: "على هذا النوع" قال البعض: أي: على ما ورد منه أو المراد في هذا النوع وهو اسم الفعل ا. هـ. وهو موافق لقول شيخنا أي: نوع نزال ا. هـ. وقال شيخنا السيد: قوله: على هذا النوع أي: وكذا ما قبله أو يراد بالنوع ما هو على وزن فعال منادى أو اسم فعل ا. هـ. وهذا هو الموافق لما في التوضيح وشرحه فانظره. قوله: "أن يكون مجردًا" أي: عن الزوائد, وفيه أن هذا معلوم من اشتراط المصنف كونه ثلاثيا؛ لأن الثلاثي عند النحاة لا يشمل المزيد. قوله: "متصرفًا" فخرج نحو: نعم وبئس. قوله: "ادعى سيبويه سماعه" أي: سماع اسم فعل الأمر المبني على الكسر لا بقيد كونه على وزن فعال. قوله: "كقرقار" أي: صوت وعرعار أي: العب. قوله: "يدعو وليدهم" أي: صغيرهم بها عرعار   933- الرجز لأبي النجم في خزانة الأدب 6/ 307، 309؛ ولسان العرب 5/ 89 "قرر"؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 51؛ والكتاب 3/ 276؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص77. 934 صدره: مُتَكنِّفي جَنْبَي عكاظ كِلَيهما والبيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص56؛ وخزانة الأدب 6/ 312؛ وشرح المفصل 4/ 52؛ ولسان العرب 4/ 561 "عرر"؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص197. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 وشاعَ في سَبِّ الذكورِ فُعَلُ ... ولا تَقِسء وجُرّ في الشعْرِ فُلُ   وقاس عليه الأخفش. ورد المبرد على سيبويه سماع اسم الفعل من الرباعي. وذهب إلى أن قرقار وعرعار حكاية صوت، وحكاه عن المازني. وحكى المازني عن الأصمعي عن أبي عمرو مثله. والصحيح ما قاله سيبويه؛ لأن لو كان حكاية صوت لكان الصوت الثاني مثل الأول نحو: غاق غاق فلما قال عرعار وقرقار فخالف لفظ الأول لفظ الثاني علم أنه محمول على عرعر وقرقر "وشاع في سب الذكور" يا "فعل" نحو قولهم: يا فسق يا لكع يا غدر يا خبث "ولا تقس" عليه بل طريقه السماع، واختار ابن عصفور كونه قياسًا ونسب لسيبويه "وجر في الشعر فل" قال الراجز: 935- في لُجَّةٍ أمْسِكْ فُلانًا عن فُلِ   أي: هلموا للعرعرة وهي لعبة الصبيان ا. هـ. فارضي. ووليد فاعل يدعو كما قاله شيخنا السيد وانظر مرجع ضمير بها. قوله: "حكاية صوت" أي: قرقار حكاية صوت الرعد، وعرعار حكاية صوت الصبيان. قوله: "لكان الصوت الثاني" أي: لكان اسم الصوت الثاني. وقوله: مثل الأول تصدق المماثلة بأن يقال عرعر وقرقر وبأن يقال عارعار وقارقار. قوله: "علم أنه" أي: ما ذكر محمول على عرعر وقرقر بصيغة الأمر أي: دال عليه دلالة اسم الفعل على الفعل. قوله: "يا فسق إلخ" هي غير منصرفة للوصفية والعدل عن فاسق وألكع وغادر وخبيث. قوله: "يا لكع" ذكر في القاموس من معاني اللكع اللئيم والعبد والأحمق والصغير الوسخ، قيل قد يرد في غير النداء كحديث: "لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس في الدنيا لكع ابن لكع" وقوله عليه الصَّلاة والسَّلام في الحسن بن علي رضي الله عنهما: "أين لكع" أي: الصغير. وقيل هو في الحديثين ليس من المختص بالنداء, بل هو فيهما وصف منصرف غير معدول كحطم ومؤنثه لكعة. أما المختص بالنداء فغير منصرف؛ لأنه معدول عن ألكع ومؤنثه لكاع. قوله: "بل طريقه السماع" أي: والمسموع منه الألفاظ الأربعة المذكورة. قوله: "في لجة" متعلق بتدافع الشيب في بيت آخر. واللجة بفتح اللام اختلاط الأصوات في الحرب. وقوله: أمسك فلانًا عن فل مقول لقول محذوف أي: في لجة مقول فيها أمسك فلانًا   935- الرجز لأبي النجم في جمهرة اللغة ص407؛ وخزانة الأدب 2/ 389؛ والدرر 3/ 37؛ وسمط اللآلي ص257؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 439؛ وشرح التصريح 2/ 180؛ وشرح المفصل 5/ 119؛ وشرح شواهد المغني 1/ 450؛ والصاحبي في فقه اللغة 229؛ والطرائف الأدبية ص66؛ والكتاب 2/ 248، 3/ 452؛ ولسان العرب 2/ 355 "لجج"؛ 13/ 324, 325 "فلن"؛ والمقاصد النحوية 4/ 228؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 43؛ وشرح ابن عقيل ص527؛ وشرح المفصل 1/ 48؛ والمقتضب 4/ 238؛ والمقرب 1/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 177. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والصواب أن أصل هذا فلان وأنه حذف منه الألف والنون للضرورة كقوله: 936- دَرَسَ المَنا بِمُتالِعٍ فَأبانِ أي: درس المنازل. وليس هو فل المختص بالنداء إذ معناهما مختلف على الصحيح، كما مر أن المختص بالنداء كناية عن اسم الجنس, وفلان كناية عن علم ومادتهما مختلفة. فالمختص مادته ف ل ى فلو صغرته قلت فلى، وهذا مادته ف ل ن فلو صغرته قلت فلين، وقد تقدم بيان ما ذهب إليه المصنف. خاتمة: يقال في نداء المجهول والمجهولة يا هن ويا هنة، وفي التثنية والجمع يا   عن فل. أي: امنع فلانًا عن فلان. يصف الشاعر إبلًا أقبلت وقد أثارت أيديها الغبار، وشبه تزاحمها ومدافعة بعضها بعضًا بقوم في لجة يدفع بعضهم بعضًا, فيقال أمسك فلانًا عن فلان أي: احجز بينهم. قوله: "والصواب إلخ" اعتراض على قول المصنف: وجرّ في الشعر فل المقتضى أن فل المجرور في الشعر هو فل المحدث عنه وهو المختص بالنداء. قوله: "درس المنا إلخ" درس عفا، ومتالع بضم الميم وبالتاء الفوقية اسم موضع، وكذلك أبان بالموحدة. تصريح. وفي القاموس أن درس يأتي لازمًا بمعنى عفا, ومتعديًا يقال درسته الريح. قوله: "أن المختص" بدل من ما مر أو بيان. وقوله: كناية عن اسم الجنس أي: على قول سيبويه. قوله: "وفلان" أي: الذي هو أصل فل الواقع في البيت مجرورًا أي: وما ثبت لفلان ثبت لفل الواقع في البيت؛ لأن أصله فلان كما مر. قوله: "فالمختص مادته ف ل ى" أي: بالفك في هذا وما بعده كما في النسخ الصحاح على عادة أهل التصريف إذا أرادوا بيان الحروف الأصول من غير نظر إلى كونه فعلًا أو غيره. قوله: "وقد تقدم بيان ما ذهب إليه المصنف" لعله يشير بهذا إلى الجواب عن الاعتراض على المصنف المذكور بقوله: والصواب إلخ. وحاصله أن هذا التصويب إنما يظهر على مذهب سيبويه؛ لأن اختلاف المعنى والمادة الذي ذكره إنما يأتي على مذهبه دون مذهب المصنف؛ لاتحاد فل وفلان عليه معنى لكون كل عنده كناية عن العلم ومادة لكون أصل فل عنده فلانًا كما مر. وكمذهبه في الاتحاد المذكور مذهب الكوفيين. فدعوى البعض أن المادة مختلفة عند المصنف باطلة فتنبه. قوله: "في نداء المجهول" أي: المجهول اسمه. قوله: "يا هن إلخ" أي: لكن هن في الأصل كناية عن اسم الجنس وإن استعمل كثيرًا كناية عما يستقبح ذكره أو عن الفرج خاصة كما مر في مبحث الأسماء الستة.   931- عجزه: فتقادمت بالحبس فالسُّوبانِ والبيت من الكامل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص138؛ والدرر 6/ 308؛ وسمط اللآلي ص13؛ وشرح التصريح 2/ 180؛ وشرح شواهد الشافية ص397؛ ولسان العرب 8/ 37 "تلع"، 13/ 5 "أبن"؛ والمقاصد النحوية 4/ 246؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 44؛ وهمع الهوامع 2/ 156. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 الاستغاثة : إذا استُغيثَ اسمٌ منادًى خُفِضا ... باللامِ مَفْتوحًا كَيا للمُرْتَضَى   هنان ويا هنتان ويا هنون يا هنات، وقد يلي أواخرهن ما يلي آخر المندوب نحو: يا هناه ويا هنتاه بضم الهاء وكسرها وفي التثنية والجمع يا هنانيه ويا هنتانيه ويا هنوناه ويا هناتوه. والله أعلم. الاستغاثة: "إذا استغيث اسم منادى" أي: نودي ليخلص من شدة أو يعين على مشقة "خفضا" غالبًا "باللام مفتوحًا" حال من اللام "كَيا للمرتضى" وقول عمر -رضي الله عنه: يا لله،   قوله: "ويا هنة" بسكون النون كما في الدماميني. قوله: "ويا هنون" جمع جمع المذكر السالم شذوذًا؛ لأن مفرده ليس علمًا ولا صفة, بل لم يستكمل شروط باب سنين. قوله: "بضم الهاء وكسرها" أي: الهاء الأخيرة كما في الفارضي, فالضم تشبيهًا بهاء الضمير والكسر على أصل التقاء الساكنين. واعلم أنه سيأتي للشارح في باب الندبة أن هذه الهاء لا تثبت وصلًا بل وقفًا ساكنة وربما ثبتت في الضرورة مضمومة ومكسورة. وأجاز الفراء إثباتها وصلًا بالوجهين. فقوله: هنا بضم الهاء وكسرها أي: على مذهب الفراء أو حيث ثبتت في الوصل لضرورة نظم، وإلا فهي ساكنة. قوله: "يا هنانية ويا هنتانيه" بقلب ألف الندبة ياء فيهما لمجانسة كسر نون التثنية, وفيه البحث الآتي. قوله: "ويا هناتوه" بقلب ألف الندبة واو المناسبة ضمة التاء. وبحث فيما ذكره بأن قلب الحركة أخف من قلب الحرف. فهلا قلبت كسرة نون التثنية في يا هنانيه ويا هنتانيه فتحة حفظًا للألف؟ وهلا قلبت ضمة التاء في يا هناتوه فتحة حفظًا للألف؟ كما فعل ذلك في يا هناه ويا هنتاه. والله أعلم. الاستغاثة: قوله: "إذا استغيث اسم" شامل للمضاف وشبهه. وأما النكرة غير المقصودة فتردد فيها الشاطبي، وإيقاع الاستغاثة على الاسم أي: اللفظ اصطلاحي، فإن المستغاث حقيقة المعنى أي: مدلول اللفظ أو التقدير مدلول اسم ا. هـ سم. قوله: "منادى" فائدته التنبيه على أن المستغاث اصطلاحًا لا يكون إلا منادى, ولو أطلق ربما فهم خلاف ذلك أو لم يفهم ذلك سم. قوله: "أو يعين على مشقة" أي: على دفعها والتعبير بالإعانة يقتضي مشاركة المستغيث للمستغاث في الدفع فحصل التغاير بين المتعاطفين. قوله: "غالبًا" من غير الغالب ما سيأتي في قوله: ولام ما استغيث عاقبت ألف. وقول الشارح: وقد يخلو منهما. قوله: "باللام" إنما اختيرت لمناسبة معناها للاستغاثة؛ لأن لامها للتخصيص أدخلت على المستغاث دلالة على أنه مخصوص من بين أمثاله بالنداء، وكذا المتعجب منه مخصوص من بين أمثاله باستحضار غرابته. قاله الدماميني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فخفضه للتنصيص على الاستغاثة وفتح اللام لوقوعه موقع المضمر لكونه منادى, وليحصل بذلك فرق بينه وبين المستغاث من أجله. وإنما أعرب مع كونه منادى مفردًا معرفة؛ لأن تركيبه مع اللام أعطاه شبهًا بالمضاف. وقد فهم من النظم فوائد: الأولى أن استغاث متعد بنفسه لقوله: إذا استغيث اسم، والنحويون يقولون مستغاث به قال الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} [الأنفال: 9] ، وقد صرح في شرح الكافية بالاستعمالين. الثانية: أن المستغاث معرب مطلقًا. الثالثة: أنه يجوز اقترانه بأل وإن كان منادى؛ لأن حرف النداء لم يباشرها، فهم ذلك من تمثيله وهو مجمع عليه. تنبيهات: الأول يختص المستغاث من حروف النداء بيا، يرشد إلى ذلك تمثيله وقوله بعد: إن كررت يا. الثاني ما أطلقه من فتح لام المستغاث هو مع غير ياء المتكلم فأما معها فتكسر نحو: يا لي. وقد أجاز أبو الفتح في قوله:   قوله: "وقول عمر" أي: لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي قال: يا الله للمسلمين كما في الدماميني. قوله: "للتنصيص على الاستغاثة" إذ لو قيل يا زيدًا أو يا زيد احتمل التركيب غير الاستغاثة من الندبة في الأول والنداء المحض في الثاني. ويرد على كونها للتنصيص على الاستغاثة قولك: يا للعلماء متعجبًا من كثرتهم إلا أن يجعل التنصيص إضافيا أي: بالإضافة إلى الندبة والنداء المحض فتدبر. قوله: "لوقوعه موقع المضمر" أي: الذي تفتح معه اللام فلا ترد ياء المتكلم، أو مراده بالمضمر كاف الخطاب؛ لأنها التي يقع موقعها المنادى. وقيل؛ لأن اللام بقية آل كما سيأتي. قوله: "لكونه منادى" أي: والمنادى واقع موقع الكاف. قوله: "وبين المستغاث من أجله" شامل للمنتصر عليه والمنتصر له. قوله: "أعطاه شبهًا بالمضاف" أي: لأن اللام ومجرورها كلمتان كالمتضايفين؛ أو لأن اللام أضافت معنى الفعل إلى مجرورها. قوله: "متعد بنفسه" لو قال يتعدى بنفسه لكان أحسن؛ لأن النظم لا يفيد وجوب تعديه بنفسه, كما توهمه عبارة الشارح, وإنما يفيد جواز ذلك فاعرفه. قوله: "معرب مطلقًا" أي: مفردًا أو غيره ومحله كما قاله سم إن جر باللام وكان معربًا قبل النداء، فإن خلا من اللام كان كغيره من المناديات وإن كان مبنيا قبل النداء فهو باق على بنائه كيا لهذا. فهذا مبني على السكون في محل نصب. قوله: "لم يباشرها" أي: أل بل فصل بينهما اللام. قوله: "يختص المستغاث إلخ" أي: لأن الاستغاثة كالبعد لاحتياجها إلى مد الصوت؛ لأنه أعون على إسراع الإجابة المحتاج إليها، فلا يقال: إن يا للمنادى البعيد فيلزم أن لا يستغاث بالقريب إلا إن كان كالبعيد أفاده سم, بقي أنه يرد عليه أنه ورد المستغاث بالهمزة في قوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   937- فَيا شَوق ما أَبْقَى ويالِي مِنَ النَّوَى ... ويا دَمْعُ ما أجْرَى ويا قلب ما أَصْبَى أن يكون استغاث بنفسه وأن يكون استغاث لنفسه، والصحيح وفاقًا لابن عصفور أن يا لي حيث وقع مستغاث له، والمستغاث به محذوف بناء على ما سيأتي من أن العامل في المستغاث فعل النداء المضمر، فيصير التقدير يا أدعو لي وذلك غير جائز في غير ظننت وما حمل عليها، الثالث: اختلف في اللام الداخلة على المستغاث: فقيل هي بقية آل والأصل يا آل زيد، فزيد مخفوض بالإضافة، ونقله المصنف عن الكوفيين، وذهب الجمهور إلى أنها لام الجر، ثم اختلفوا: فقيل زائدة لا تتعلق بشيء وهو اختيار ابن   أعام لك ابن صعصعة بن سعد إلا أن يقال هو ضرورة أو شاذ. قوله: "فيا شوق إلخ" يصح كسر شوق ودمع وقلب على حذف ياء المتكلم وإبقاء الكسرة دليلًا عليها، وضم الثلاثة على أنها نكرات مقصودة. وما تعجبية. والنوى البعد وما أصبى أي: ما أميلك إلى الهوى. قوله: "بناء على ما سيأتي إلخ" قيد بذلك ليتأتى المقتضى لكن المستغاث به في يا لي محذوفًا وهو لزوم عمل فعل في ضميري واحد على تقدير كون المستغاث به في يا لي هو المذكور, إذ لو بنينا على أن العامل حرف النداء لم يجب كون المستغاث به في يا لي محذوفًا؛ لأنه لا يلزم حينئذٍ على كون المستغاث به هو المذكور عمل فعل في ضميري واحد؛ لعدم الفعل العامل. قوله: "فيصير التقدير إلخ" تفريع على منفي محذوف معطوف على قوله محذوف أي: والمستغاث به محذوف لا مذكور فيصير إلخ. وقوله: وذلك إلخ في معنى التعليل لهذا المنفي, ويصح جعل الفاء تعليلية له ولو قال: إذ لو كان مستغاثًا به لكان التقدير إلخ لكان أوضح. قوله: "يا أدعو لي" أي: فيلزم عمل فعل في ضميري واحد وهما الضمير المستتر في أدعو, والياء إذ هما لواحد وهو المتكلم والأولى حذف يا. قوله: "وذلك" أي: عمل الفعل في ضميري واحد غير جائز في غير ظننت وما حمل عليها أي: من أفعال القلوب. وما حمل عليها كنسيت وأبصرت وفقدت وعدمت. وأورد عليه أن عمل الفعل في ضميري واحد لازم على جعل الياء مستغاثًا له أيضًا إذ في قولك: ادعو قومي لي عمل أدعو في الضمير المستتر وفي الياء. وأجيب بأن المحذور عمله فيهما على وجه كون الثاني مفعولًا به وإذا جعلت الياء مستغاثًا له لم يكن مفعولًا به؛ لأن مدخول لام التعليل ليس مفعولًا به لعدم وقوع الفعل عليه بخلاف ما إذا جعلت مستغاثًا به. قوله: "والأصل يا آل زيد" أي: فحذفت همزة آل للتخفيف وإحدى الألفين لالتقاء الساكنين، وضعفه الرضي بأن ذلك يقال فيما لا آل له نحو: يا للدواهي، وقد يرد بأن يعتبر لها آل يناسبها فافهم. قوله: "عن الكوفيين" استدلوا بقوله: إذا الداعي المثوب قال يا لا   937- البيت من الطويل، وهو للمتنبي في ديوانه 1/ 185؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 208. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 وافْتَحْ مَعَ المعطوفِ إن كرَّرتَ يا ... وفي سوى ذلك بالكسْرِ ائْتِيَا   خروف. وقيل ليست بزائدة فتتعلق، وفيما تتعلق به قولان: أحدهما بالفعل المحذوف وهو مذهب سيبويه واختاره ابن عصفور. والثاني تتعلق بحرف النداء وهو مذهب ابن جني. الرابع: إذا وصفت المستغاث جررت صفته نحو: يا لزيد الشجاع للمظلوم. وفي النهاية لا يبعد نصب الصفة حملًا على الموضع "وافتح" اللام "مع" المستغاث "المعطوف إن كررت يا" كقوله: 938- يَا لَقَومِي ويالأَمْثالِ قَومِي ... لأُناسٍ عُتُوُّهُمْ في ازْدِيادِي "وفي سوى ذلك" التكرار "بالكسر ائتيا" على الأصل لأمن اللبس نحو:   فإن الجار لا يقتصر عليه، وأجيب بأن الأصل يا قوم لا فرار فحذف ما بعد لا النافية. دماميني. قوله: "فقيل زائدة" بدليل صحة إسقاطها، وعورض بأن الزيادة خلاف الأصل، وعلى هذا القول يكون المستغاث منصوبًا بفتحة مقدرة لاشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائدة. قوله: "بالفعل المحذوف" أي: الذي نابت عنه يا لكن بتضمينه معنى فعل يتعدى بالحرف كالتجئ في نحو: يا لزيد وأتعجب في نحو: يا للماء فلا يرد أن أدعو متعد بنفسه فكيف عدى باللام. قوله: "بحرف النداء" لنيابته مناب الفعل. قوله: "على الموضع" أي: موضع الموصوف؛ لأنه مفعول كما مر وليس له موضع رفع حتى يتبع بالرفع. وجزم الرضي بامتناع ما عدا الجر كما مر. قوله: "مع المعطوف" إطلاقه شامل للمعطوف بغير الواو ولا مانع منه إذ قد تقصد الإشارة إلى تأخر أو تراخي رتبة الثاني في النجدة. قوله: "وفي سوى ذلك التكرار" المفهوم من كررت أي: في سوى تكرار يا مع المعطوف ائت بكسر لام المعطوف ولام غيره من المستغاث؛ لأجله كما قد يدل له قوله بعد: الثاني علم مما ذكر إلخ ولو أرجع الشارح اسم الإشارة إلى المعطوف, مع تكرار يا لشمل الكلام المستغاث من أجله في صورة تكرار يا أيضًا؛ لأن غير المعطوف المكرر معه يا شامل لغير المعطوف في صورة تكرار يا وصورة عدم تكرارها وللمعطوف الذي لم تكرر معه يا، وبهذا التحقيق يعلم ما في كلام شيخنا والبعض من الإيهام. قوله: "على الأصل" أي: في لام الجر الداخلة على المظهر. قوله: "لأمن اللبس" أي: أمن لبس المعطوف بالمستغاث له بسبب عطفه على المستغاث, وأمن لبس المستغاث له بالمستغاث بسبب تقدم ذكر المستغاث. ويفهم منه أن الإلباس قد يوجد إذا كررت يا، ووجهه أن المستغاث له قد يلي حرف النداء إذا حذف المستغاث ثم إنما يحسن تعليله المذكور على تعليل فتح لام المستغاث بخوف اللبس الذي أشار إليه سابقًا بقوله: وليحصل بذلك أي: بفتح لام المستغاث فرق بينه وبين المستغاث من أجله، وأما على تعليل الفتح بما أسلفه أيضًا الشارح من وقوع المستغاث موقع المضمر لكونه منادى, فإنما يحسن تعليل كسر لام المعطوف   938- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 46؛ وشرح التصريح 12/ 181؛ وشرح قطر الندى ص218؛ والمقاصد النحوية 4/ 256. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   939- يا للكُهُولِ وللشُّبَّانِ للعَجَبِ تنبيهات: الأول يجوز مع المعطوف المذكور إثبات اللام وحذفها، وقد اجتمعا في قوله: 940- يا لَعِطافَنا ويا لَرِياحِ ... وأَبِي الحَشْرَجِ الفَتَى النَّفَّاحِ الثاني: علم مما ذكر أن كسر اللام مع المستغاث من أجله واجب على الأصل, وهو ظاهر في الأسماء الظاهرة، وأما المضمر فتفتح معه إلا مع الياء نحو: يا لزيد لك، وإذا قلت: يا لك احتمل الأمرين. وقد قيل في قوله: فيا لك من ليل أن اللام فيه للاستغاثة. الثالث: فيما تتعلق به لام المستغاث من أجله خلاف: فقيل بحرف النداء. وقيل بفعل   هنا بما علل به الفارضي حيث قال؛ لأنه بعد عن حرف النداء, فكأنه لم يقع موقع الضمير فردت اللام إلى أصلها وهو الكسر، وتعليل كسر لام المستغاث له بعدم وقوعه موقع المضمر. قوله: "مع المعطوف المذكور" أي: مع المعطوف الذي هو مستغاث أعم من أن يكون مستغاثًا لعطفه على المستغاث من غير تكرار يا, أو لكون يا تكررت معه بقرينة قوله: وقد اجتمعا في قوله إلخ. قوله: "يا لعطافنا إلخ" عطاف ورياح براء مكسورة فتحتية مخففة وأبو الحشرج أسماء رجال يرثيهم الشاعر. والنفاح كثير النفح أي: الإعطاء كما في القاموس. وفيه أيضًا نفح الطيب فاح فعلم تسمح من فسر النفح بالرائحة الذكية. قوله: "احتمل الأمرين" أي: كون المخاطب مستغاثًا ومستغاثًا من أجله. قوله: "إن اللام فيه للاستغاثة" أي: وكل من لام المستغاث ولام المستغاث من أجله تسمى لام الاستغاثة, فهذا الذي قيل يؤيد ما ذكره من احتمال يا لك للأمرين. قوله: "فقيل بحرف النداء إلخ" قال البعض تبعًا لشيخنا: لم يذهب أحد هنا إلى التعلق بفعل النداء؛ لئلا يلزم عمل الفعل في ضميري متكلم ا. هـ. أقول: هذا باطل؛ لأن العمل المذكور إنما يلزم إذا كان المستغاث من أجله ياء المتكلم, وهو في هذه الصورة غير مضر لما مر من أن العمل   939- صدره: يَبْكيكَ ناءٍ بعيدُ الدار مُغْتَربٌ والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 47؛ وخزانة الأدب 2/ 154؛ والدرر 3/ 42؛ ورصف المباني ص220؛ وشرح التصريح 2/ 181؛ وشرح شواهد الإيضاح ص203؛ وشرح قطر الندى ص219؛ ولسان العرب 12/ 561، 12/ 563 "لوم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 257؛ والمقتضب 4/ 256؛ والمقرب 1/ 184؛ وهمع الهوامع 1/ 180. 940- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 2/ 155؛ والدرر 3/ 43؛ وشرح المفصل 1/ 131؛ والكتاب 2/ 216، 217؛ وكتاب اللامات ص89؛ والمقاصد النحوية 4/ 268؛ والمقتضب 2/ 257؛ وهمع الهوامع 1/ 180. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 ولامُ ما اسْتُغِيثَ عاقَبَتْ أَلِفْ ... ومثلُهُ اسم ذو تَعَجُّبٍ أُلِفْ   محذوف أي: أدعوك لزيد. وقيل بحال محذوفة أي: مدعو الزيد. الرابع: قد يجر المستغاث من أجله بمن كقوله: 941- يا للرِّجالِ ذَوِي الألبابِ مِنْ نَفَرٍ ... لا يَبْرَحُ السَّفَهُ المُرْدِي لَهُم دِينا "ولام ما استغيث عاقبت ألف" فكما تقول: يا لزيد, تقول أيضا: يا زيدًا. ومنه قوله: 942- يا يَزِيدا لآمُلٍ نَيلَ عِزٍّ ... وغِنًى بعدَ فاقَة وهَوانٍ ولا يجوز الجمع بينهما، فلا تقول: يا لزيدًا. وقد يخلو منهما كقوله: 943- ألا يا قَومِ للعَجَبِ العَجِيبِ   المذكور إنما يمتنع إذا كان على وجه كون الثاني مفعولًا به والمستغاث من أجله ليس مفعولًا به كما تقدم, وحينئذٍ لا مانع من القول بتعلق لام المستغاث من أجله بفعل النداء فاعرف ذلك. ثم رأيت السيوطي حكاه مع بقية الأقوال في متن جمع الجوامع وشرحه فللَّه الحمد. قوله: "بفعل محذوف" أي: مقدر بعد المستغاث والكلام على هذا جملتان بخلافه على الأول والثالث. قوله: "قد يجر المستغاث من أجله بمن" أي: إذا كان مستنصرًا عليه فإن كان مستنصرًا له تعين جره باللام وإذا جر الأول بمن وجب تعلقها بفعل من مادة التلخيص أو الإنصاف أو نحوهما أفاده الدماميني وسكت عليه شيخنا والبعض. وفيه أنه لا مانع من تعلقه بفعل الدعاء وجعل من سببية. قوله: "عاقبت ألف" أي: ناوبتها من العقبة وهي النوبة، فالألف تجيء نوبة واللام نوبة أخرى، ووقف على ألف بالسكون مع أن الظاهر أنه مفعول به على لغة ربيعة. قوله: "يا زيدًا" صرح الرضي والجامي بأنه حينئذٍ مبني على الفتح وأن توابعه لا ترفع، ومقتضاه أن ألف الاستغاثة إذا لحقت المثنى والمجموع على حده صارا مبنيين على الياء, وتقدم تزييف ما قالاه، وأن الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه أنه مبني على ضم مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة, وأنه يجوز في تابعه الوجهان على ما مر، بل جزم البعض بأن ما قالاه سبق قلم وإن كان فيه بعد. قوله: "ولا يجوز الجمع بينهما" قال شيخنا وتبعه البعض: لأن اللام تقتضي الجر والألف الفتح فبين أثريها تناف؛ ولأنه لا يجمع بين العوض والمعوض ا. هـ. وفي كل من العلتين نظر: أما الأولى فلأن مقتضى اللام الجر ولو تقديرًا فلا ينافي ما تقتضيه الألف من الفتح. وأما الثانية؛ فلأنه قد يمنع كون الألف عوضًا عن اللام ويدعي أن كلا أصل فتأمل. قوله: "وقد يخلو منهما" فيعطي ما يستحقه لو كان منادى غير مستغاث. تصريح. قوله: "ألا يا قوم" بحذف ياء المتكلم والدلالة بالكسرة عليها. قوله: "في ذلك"   941- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 3/ 44؛ والمقاصد النحوية 4/ 270؛ وهمع الهوامع 1/ 180. 942- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 49؛ والجنى الداني ص177؛ والدرر 4/ 126؛ وشرح التصريح 2/ 181؛ وشرح شواهد المغني 2/ 791؛ وشرح قطر الندى ص220؛ ومغني اللبيب 2/ 371؛ والمقاصد النحوية 4/ 262. 943- عجزه وللغفلات تَعْرِضُ للأَريبِ والبيت من الوافر، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك؛ وشرح التصريح 2/ 181؛ وشرح قطر الندى ص221؛ والمقاصد النحوية 4/ 263. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "ومثله" في ذلك "اسم ذو تعجب ألف" بلا فرق كقولهم: يا للماء ويا للدواهي إذا تعجبوا من كثرتهما. ويقال: يا للعجب، ويا عجبًا لزيد، ويا عجب له. تنبيه: جاء عن العرب في نحو: يا للعجب فتح اللام باعتبار استغاثته وكسرها باعتبار الاستغاثة من أجله وكون المستغاث محذوفًا. خاتمة في مسائل متفرقة: الأولى إذا وقف على المستغاث أو المتعجب منه حالة إلحاق الألف جاز الوقف بهاء السكت. الثانية: قد يحذف المستغاث فيلي يا المستغاث من أجله لكونه غير صالح؛ لأن يكون مستغاثًا كقوله: 944- يا لأُناسٍ أَبَوا إلا مُثابَرَةً ... على التَّوَغُّلِ في بَغي وعُدْوانِ أي: يا لقومي لأناس. الثالثة قد يكون المستغاث مستغاثًا من أجله نحو: يا لزيد لزيد. أي: أدعوك لتنصف من نفسك. والله أعلم.   أي: المذكور في المتن من أحكام المستغاث، هذا هو الذي ينبغي، لا ما قاله البعض فانظره. وقوله: ذو تعجب أي: منه ذاتًا أو صفة, وظاهر كلامه أن الاستغاثة غير باقية بل التركيب مستعمل في محض التعجب, ويحتمل أنها باقية وأشرب اللفظ معها معنى التعجب, ويدل عليه ما في التنبيه الآتي. قوله: "ويا عجبًا لزيد" لا يخفى أن زيدًا مستغاث من أجله ففي متعلق لامه الأقوال المتقدمة في متعلق لام المستغاث من أجله, والمعنى: أدعوك لزيد ليراك فعلم ما في كلام البعض. قوله: "باعتبار استغاثته" أي: الاستغاثة به مجازًا تشبيهًا له بمن يستغاث حقيقة قاله الدماميني أي: يا عجب احضر فهذا وقتك. قوله: "وكون المستغاث محذوفًا" والأصل يا لقومي للعجب، وعلى الوجهين المذكورين في الشرح فتح لام يا للدواهي وكسرها. قوله: "كقوله يا لأناس إلخ" المثابرة المواظبة والتوغل التعمق والبغي الظلم والعدوان التعدي الفاحش. وإنما كان ما ولي يا غير صالح لكونه مستغاثًا مع صحة نداء الناس في الجملة لكونهم مهجوّين بالوصف الذي وصفهم به فلم يقصدوا للاستنصار؛ لأن العاقل لا يهجو من يستنصر به. أفاده الدماميني.   944- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 3/ 45؛ والمقاصد النحوية 4/ 271؛ وهمع الهوامع 1/ 181. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 النُّدْبَة: ما للمُنادى اجْعَل لمَنْدوبٍ وما ... نُكِّرَ لم يُنْدَبْ ولا ما أُبْهِما   الندبة : "ما للمنادى" من الأحكام "اجعل لمندوب" وهو المتفجع عليه لفقده حقيقة كقوله: 945- وقُمْتَ فيه بأَمْرِ اللهِ يا عُمَرا أو لتنزيله منزلة المفقود كقول عمر وقد أخبر بجدب أصاب بعض العرب: واعمراه واعمراه. أو المتوجع له نحو: 946- فَوَاكَبِدا من حُبِّ من لا يُحِبُّنِي   الندبة: هي بضم النون مصدر ندب الميت إذا ناح عليه وذكر خصاله الحميدة ا. هـ. دماميني وأكثر من يتكلم بها النساء لضعفهن عن احتمال المصائب, قاله الأخفش فارضي. قوله: "ما للمنادى اجعل لمندوب" فيه إشارة إلى أنه في المعنى ليس بمنادى وهو كذلك؛ لأنه لم يطلب إقباله ومن ثم منعوا في النداء يا غلامك؛ لأن خطاب أحد المسميين يناقض خطاب الآخر, ولا يجمع بين خطابين. وأجازوا في الندبة وا غلامك تصريح. وقال الطبلاوي: المراد بالمنادى في قوله: ما للمنادى إلخ المنادى المخصوص ا. هـ. وفيه ميل إلى أن المندوب من المنادى وبه صرح الفارضي نقلًا عن ابن يعيش. والظاهر أنه لا ينافي كلام التصريح؛ لأن كون المندوب منادى باعتبار اللفظ فتدبر. ثم رأيت الرضي صرح بأن المندوب والمتعجب منه ليسا مناديين حقيقة بل هما مناديان مجازًا. قال: فإذا قلت: يا محمداه فكأنك تناديه وتقول له: تعال فإني مشتاق إليك، وإذا قلت: وا حزناه كأنك تناديه وتقول له: احضر حتى يعرفك الناس فيعذروني فيك، وإذا قلت: يا للماء كأنك تناديه وتقول له: احضر حتى يتعجب منك ا. هـ. ببعض تغيير. قوله: "وهو المتفجع عليه" أي: بوا أو يا ليخرج نحو: تفجعت على زيد سم والتفجع إظهار الحزن. قوله: "بجدب" بالدال المهملة أي: قحط. قوله: "أو المتوجع له" أدرجه صاحب التصريح   945- صدره: حُمِّلتَ أمرًا عَظيمًا فاصْطَبَرْتَ له والبيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص736؛ والدرر 3/ 42؛ وشرح التصريح 2/ 164، 181؛ وشرح شواهد المغني 2/ 792، وشرح عمدة الحافظ ص289؛ والمقاصد النحوية 4/ 229؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 9؛ وشرح قطر الندى ص222؛ ومغني اللبيب 2/ 372؛ وهمع الهوامع 1/ 180. 946- عجزه: ومن زفرات ما لهُنَّ فناءُ والبيت من الطويل، وهو لمجنون ليلى في ديوانه ص35؛ والأغاني 2/ 37؛ وتزيين الأسواق ص123؛ وشرح عمدة الحافظ ص291؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 181. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 ويُندَبُ المَوصولُ بالذِي اشْتَهَرْ ... كَبِئْرَ زَمزَمٍ يَلِي وا مَنْ حَفَرْ   أو المتوجع منه نحو: وامصيبتاه فيضم في نحو: وازيد وينصب في نحو: واأمير المؤمنين وواضاربًا عمرا. وإذا اضطر إلى تنوينه جاز ضمه ونصب كقوله: 947- وَافَقْعَسًا وأين مِنِّي فَقْعَسُ ولا يندب إلا العلم ونحو: كالمضاف إضافة توضح المندوب كما يوضح الاسم العلم مسماه "وما نكر لم يندب" فلا يقال: وارجلاه خلافًا للرياشي في إجازته ندبة اسم الجنس المفرد. وندر واجبلاه "ولا" يندب "ما أبهما" وذلك اسم الإشارة والموصول بما لا يعينه، فلا يقال: واهذاه، ولا وا من ذهباه؛ لأن غرض الندبة وهو الإعلام بعظمة المصاب مفقود في هذه الثلاثة "ويندب الموصول بالذي اشتهر" اشتهارًا يعينه ويرفع عنه الإبهام   وشارح الجامع في المتوجع منه؛ لأنهما قسماه إلى ما هو محل الألم كوا رأساه وإلى ما هو سبب الألم كوامصيبتاه. قوله: "ووا ضاربًا عمرًا" نظر في التمثيل به بأنه مناف لما سيأتي من أنه لا يندب المنكر, وكذا يقال في قوله الآتي: وفي المشبه به وا ثلاثة وثلاثينا, إلا أن يقال المراد المجعول علمًا كما صرح به الشارح في باب النداء. قوله: "ولا يندب إلا العلم إلخ" حاصله أنه ليس كل منادى يصح ندبه بل إنما يندب ما ليس نكرة ولا مبهمًا من علم ومضاف إلى معرفة توضح بها وموصول بما يعينه خال من أل نحو: وا زيداه وا غلام زيداه وا من حفر بئر زمزماه. وظاهر كلامه ندبة العلم ولو كان غير مشهور وفي الرضي لا يندب إلا المعروف علمًا كان أو لا, فلو كان علمًا غير مشهور لم يندب. قوله: "كما يوضح الاسم العلم مسماه" مراده بالاسم ما قابل الصفة لا ما قابل الكنية واللقب وحينئذٍ, فقوله: العلم من ذكر الخاص بعد العام كما هو المناسب. وفي نسخ سقوط لفظ مسماه وعليها يقرأ يوضح بالبناء للمفعول وهي التي كتب عليها البعض ما نصه: قوله كما يوضح الاسم العلم أي: بالصفة في نحو قولك: جاء زيد التاجر. قوله: "اسم الجنس المفرد" خرج المضاف نحو: وا غلام زيداه فتجوز ندبته اتفاقًا لكنه أي: المضاف يشمل نحو: وا غلام رجلاه ولا يندب مثله على الصحيح والرياشي يجيزه وندبة كل نكرة، أو المنع إنما هو في المتفجع عليه أما المتوجع منه فإنك تقول: وا مصيبتاه وإن كانت المصيبة غير معروفة ا. هـ دماميني. فلو قال الشارح في إجازته ندبة النكرة كما في عبارة الهمع لكان أولى، وجعل البعض المتوجع له كالمتوجع منه فحرره. قوله: "اسم الإشارة" وكذا المضمر تصريح، وكذا أي: فلا يقال: وا أنتاه ولا وا أيها الرجلاه نقله شيخنا عن الشارح. قوله: "بعظمة المصاب" أي: المعين. قوله: "مفقود في هذه الثلاثة" فلذلك لا يندب إلا المعرفة السالمة من   947- الرجز لرجل من بني أسد في الدرر 3/ 17؛ والمقاصد النحوية 4/ 272؛ وبلا نسبة في الدرر 3/ 41؛ ورصف المباني ص27؛ وشرح التصريح 2/ 182؛ ومجالس ثعلب 2/ 542؛ والمقرب 1/ 184؛ وهمع الهوامع 1/ 172، 179. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 ومُنْتَهى المَنْدوبِ صِلهُ بالألِفْ ... مَتْلُوُّها إن كان مِثْلَها حُذِفْ   "كبئر زمزم يلي وا من حفر" في قولهم: وا من حفر بئر زمزماه، فإنه بمنزلة وا عبد المطلباه "ومنتهى المندوب" مطلقًا "صله" جوازًا لا وجوبًا "بالألف" المسماة ألف الندبة فتقول في المفرد: وا زيدًا ومنه قوله: 948- وقُمتَ فيه بأمْرِ اللهِ يا عُمَرَا وفي المضاف يا غلام زيدًا وا عبد الملكا, وفي المشبه به وا ثلاثة وثلاثينا، وفي الصلة وا من حفر بئر زمزما، وفي المركب وا معد يكربا، وفي المحكي وا قام زيدًا فيمن اسمه قام زيد، وأجاز يونس وصل ألف الندبة بآخر الصفة نحو: وا زيد الظريفا ويعضده قول   الإبهام وقد ينازع في دعوى الفقد بالنسبة إلى اسم الإشارة المصحوب بإشارة حسية تعين المشار إليه. قوله: "ويندب الموصول" الخالي من أل أي: عند الكوفيين وهو عند البصريين شاذ, واتفق الجميع على منع ندبة الموصول المبدوء بأل وإن اشتهرت صلته فلا يقال: وا الذي حفر بئر زمزماه إذ لا يجمع بين حرف الندبة وأل. تصريح. قوله: "بالذي اشتهر" متعلق بالموصول لا بيندب أي: بالذي اشتهر انتسابه إلى الموصول. قوله: "كبئر زمزم" مثال لندبة الموصول بما اشتهر بملاحظة قوله: يلي وا من حفر فكأنه قال كوا من حفر بئر زمزماه. قال في التصريح: وأصل زمزم زمم أبدلت الميم الثانية زايًا قاله في الفردوس. قوله: "ومنتهى المندوب" أي: منتهاه حقيقة أو حكمًا كما في الموصول، فإن الألف تكون في آخر الصلة وهو آخر الموصول حكمًا. قوله: "مطلقًا" أي: مفردًا أو مضافًا أو شبيهًا به أو غيرها مما سيذكره. قوله: "صلة بالألف" ويكون المفرد مبنيا على ضم مقدر على قياس ما عولنا عليه في المستغاث الملحق بالألف وعلى ما صرح به الشاطبي حيث قال: إذا قلت وا زيداه فالضم مقدر في آخر الاسم وكذلك وا غلاماه في غلام المضاف إلى الياء الإعراب مقدر في آخره ا. هـ. وأطلق الناظم كالنحويين وصل المندوب بالألف لكنه في التسهيل قيد ذلك بأن لا يكون في آخره ألف وهاء فلا يجوز وا عبد اللاهاه ولا واجهجاهاه في عبد الله وجهجاه لاستثقال ألف وهاء بعد ألف وهاء وبالجواز صرح ابن الحاجب وغيره. قوله: "في المفرد" لعله أراد به معنى أخص من معناه السابق في النداء الذي هو ما ليس مضافًا ولا شبيهًا به بدليل مقابلته بالأقسام الثلاثة الأخيرة, إلا أن يكون ذكرها بعده من ذكر الخاص بعد العام لنكتة كقلة ندبتها. قوله: "وا قام زيدًا" اعلم أن وا قام زيد بلا ألف الندبة مبني على ضم مقدر منع من ظهوره ضمة الحكاية وكذا بالألف مبني على ضم مقدر, لكن هل مانع ظهوره فتحة المناسبة أو ضمة الحكاية المحذوفة لأجل الألف كل محتمل والأقرب الأول؛ لأن اعتبار الملفوظ به مانعًا   948- راجع التخريج رقم 945. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 كذاك تَنوينُ الذي بِهِ كَمَل ... من صِلَةٍ أو غَيْرِها نِلتَ الأَمَل   بعض العرب واجمجمتي الشاميتينا. وهذه الألف "متلوها" وهو منتهى المندوب "إن كان" ألفا "مثلها حذف" لأجلها نحو: وا موساه، وأجاز الكوفيون قلبه ياء قياسًا فقالوا: وا موسياه "كذاك" يحذف لأجل ألف الندبة "تنوين الذي به كمل" المندوب "من صلة أو غيرها" مما مر كما رأيت "نلت الأمل" لضرورة أن الألف لا يكون قبلها إلا فتحة على ما رأيت، والتنوين لاحظ له في الحركة. هذا مذهب سيبويه والبصريين. وأجاز الكوفيون فيه مع الحذف وجهين: فتحه فتقول: وا غلام زيدناه وكسره مع قلب الألف ياء فتقول: وا غلام زيدنيه. قال المصنف: وما رأوه حسن لو عضده سماع لكن السماع فيه لم يثبت. وقال ابن عصفور: أهل الكوفة يحركون التنوين فيقولون: وا غلام زيدناه وزعموا أنه سمع ا. هـ. وأجاز   أولى من اعتبار المحذوف وكذا في نحو: وا سيبويهاه مع إبدال ضمة الحكاية بكسر البناء الأصلي فتدبر. قوله: "وأجاز يونس إلخ" عزا جواز ذلك في الهمع إلى الكوفيين وابن مالك أيضًا. قوله: "بآخر الصفة إلخ" عبارة التصريح وأما لحاقها توابع المندوب, فقال ابن الخباز في النهاية: إنه لا خلاف في جواز لحاقها آخر الصفة إذا كانت ابنًا بين علمين نحو: وا زيد بن عمرا، وأما البدل والبيان والتوكيد فقياس قول سيبويه والخليل أن لا تلحق البيان والتوكيد, وعندي أنها تدخل آخر البدل؛ لأنه قائم مقام المبدل منه فتقول وا غلامنا زيداه، وتدخل العطف النسقي نحو: وا زيد وعمراه ا. هـ. وتدخل التوكيد اللفظي كما تقدم في قول عمر: وا عمراه وا عمراه ا. هـ. كلام التصريح، ومنه يعلم ما في كلام البعض من الخلل في غير موضع فانظره. قوله: "وا جمجمتي الشاميتينا" بضم الجيم تثنية جمجمة تطلق على عظم الرأس المشتمل على الدماغ وعلى القدح من خشب وهو المراد هنا، ضاع للقائل قدحان شاميان فندبهما. قوله: "متلوها" مبتدأ خبره الجملة الشرطية أو حذف وجواب الشرط على هذا محذوف, ولا فرق في حذف مثل الألف بين أن يكون جزء كلمة كما في المقصور أو كلمة كما في المضاف للياء على لغة من يقلبها ألفًا, وإذا كان متلوها همزة تأنيث لم تحذف كلمياء اسم امرأة, والكوفيون يحذفونها فتحذف الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "وا موساه" فموساه مبني على ضم مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين, والألف الموجودة للندبة والهاء للسكت, وإنما ألحق هاء السكت به دون الأمثلة المتقدمة؛ لأنه لاختتامه بألف غير ألف الندبة لا يعرف كون الألف الموجودة فيه ألف الندبة إلا بانضمام الهاء إليها, بخلاف الأمثلة المتقدمة فافهم. قوله: "تنوين الذي به كمل" وأما المندوب فلا تنوين فيه حتى يحكم بحذفه كذا قال البعض، وقد يرد عليه نحو: قام زيد مسمى به، ويدفع بأن التنوين فيه تنوين جزئه الأخير لا تنوين مجموعه, فهو داخل في تنوين ما كمل به المندوب. قوله: "كما رأيت" أي: في مثال الناظم بناء على صرف زمزم باعتبار أنه علم على القليب, وكذا على منع صرفه باعتبار أنه علم على البئر إذا أريد بالتنوين في كلامه ما يشمل المقدر فيما لا ينصرف, وفي بعض أمثلة الشارح السابقة هو يا غلام زيدًا ووا قام زيدًا فاقتصار البعض على قوله أي: في مثال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 والشَّكْلَ حَتْمًا أَولِهِ مُجانِسًا ... إن يَكُن الفَتْحُ بِوَهْم لابِسا وواقِفًا زد هاء سكتٍ إن تُرِد ... وإن تَشَأ فالمَدَّ والها لا تَزِدْ   الفراء وجهًا ثالثًا وهو حذفه مع إبقاء الكسرة وقلب الألف ياء فتقول: وا غلام زيديه "والشكل حتمًا أوله" حرفًا "مجانسًا" فأول الكسر ياء والضم واوًا "إن يكن الفتح بوهم لابسا" دفعا للبس فتقول في ندبة غلام مضافًا إلى ضمير المخاطبة وا غلامكيه وفي ندبته مضافًا إلى ضمير الغائب وا غلامهوه إذ لو قلت: واغلامكاه لالتبس بالمذكر، ولو قلت: وا غلامهاه، لالتبس بالغائبة. قال في شرح الكافية: وهذا الاتباع يعني والحالة هذه متفق على التزامه فإن كان الفتح لا يلبس عدل بغيره إليه وبقيت ألف الندبة بحالها. فتقول في رقاش وا رقشاه، وفي عبد الملك وا عبد الملكاه، وفيمن اسمه قام الرجل وا قام الرجلاه، هذا مذهب أكثر البصريين، وأجاز الكوفيون الاتباع نحو: وا رقاشيه وا عبد الملكيه وا قام الرجلوه. تنبيه: أجاز الكوفيون أيضًا الاتباع في المثنى نحو: وا زيدانيه واختاره في التسهيل "وواقفا زد" في آخر المندوب "هاء سكت" بعد المد "إن ترد وإن تشأ" عدم الزيادة   الناظم تقصير. قوله: "هذا مذهب سيبويه إلخ" حاصله أن في التنوين أربعة مذاهب. قوله: "وقال ابن عصفور إلخ" رد لقول المصنف لكن السماع فيه لم يثبت لقول الكوفيين أنه سمع فالزعم في كلامه بمعنى القول إذ لا يليق نسبتهم إلى الكذب في حكايتهم السماع. قوله: "والشكل حتمًا إلخ" معناه أن آخر المندوب إذا كان محركًا بالكسر أو الضم فإن ألف الندبة تقلب حرفًا مجانسًا للحركة, ولا تحذف الحركة ويؤتى بالحركة المناسبة لألف الندبة إن كانت هذه الحركة وهي الفتحة موقعة في اللبس، ومن إيلاء الشكل حرفًا مجانسًا نحو: وا قوميه وا قوموه وا قاموه في ندبة قومي وقاموا مسمى بها. قال الفارضي لو سميت بقاموا قلت في الندبة: وا قاموه فتحذف واو قاموا لالتقاء الساكنين وتقلب ألف الندبة واوًا؛ لأنها بعد ضمة ولو سميت بقومي قلت: وا قوميه فتحذف ياء قومي لالتقاء الساكنين وتقلب ألف الندبة ياء؛ لأنها بعد كسرة ا. هـ. وما قيل في قاموا يقال في قوموا فعلم أن مسألة ندبة نحو: قومي وقوموا مسمى بهما داخلة تحت قوله: والشكل إلخ لا زائدة عليه كما يقتضيه كلام البعض فافهم. قوله: "حتمًا أوله" يعني إذا أريد زيادة ألف الندبة فيما ذكر أبدلت حتمًا من جنس الحركة قبلها, وإلا فلو قلت: وا غلامك فقط صح كما علم من أول الكلام ومما يأتي سم. قوله: "بوهم لابسًا" من لبست الأمر عليه إذا خلطته فلم يعرف وجهه والوهم بسكون الهاء ذهاب ظن الإنسان إلى غير المراد, يقال وهمت في الشيء بالفتح أهم بالكسر وهما بالإسكان إذا ذهب ذهنك إليه وأنت تريد غيره، فالمعنى إن يكن الفتح خالصًا المقصود بغيره بسبب وهم, وأما الوهم بالتحريك فهو الغلط, يقال وهم في الحساب يهم وهمًا بالفتح إذا غلط. قوله: "وهذا الاتباع" أي: اتباع حرف الندبة للحركة. قوله: "والحالة هذه" أي: كون الفتح ملبسًا لا مطلقًا. قوله: "عدل بغيره" أي: عن غيره. قوله: "في رقاش" هو اسم امرأة. قوله: "بعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 وقَائلٌ واعَبْدِيا واعَبْدَا ... من في النّدا اليا ذا سكونٍ أَبْدَى   "فالمد والهاء لا تزد" بل اجعله كالمنادى الخالي عن الندبة، وقد مر بيان الأوجه الثلاثة. وأفهم قوله: وواقفًا أن هذه الهاء لا تثبت وصلًا, وربما ثبتت في الضرورة مضمومة ومكسورة, وأجاز الفراء إثباتها في الوصل بالوجهين. ومنه قوله: 949- ألا يا عَمْرُ عَمْرَاهُ ... وعمرو بنُ الزُّبيراهُ "وقائل" في ندبة المضاف للياء "واعبديا وا عبدا من في الندا اليا ذا سكون أبدى" فقال يا عبدي وأما من قال يا عبد بالكسر أو يا عبد بالفتح أو يا عبد بالضم أو يا   المد" أي: ألفًا كوا زيداه أو ياء كوا غلامكيه أو واوًا كوا غلامهوه. قوله: "بل اجعله كالمنادى إلخ" قال سم: يدل على أنه جعل المد والهاء معمولين للاتزد وقد يلزم عليه التكرار مع قوله أولًا ما للمنادى اجعل لمندوب ا. هـ. ويدفع بأن المراد بما للمنادى ما ثبت له من البناء على الضم تارة والنصب تارة أخرى وجواز الضم والنصب إذا نون اضطرارًا ونحو ذلك: لا عدم زيادة الألف والهاء وإلا ناقضه ما ذكره بعده من جواز زيادة الألف والهاء في المندوب نعم عدم وجوب زيادة الهاء وقفًا معلوم من قوله: إن ترد فالتنبيه بعد ذلك عليه تصريح بما علم مفهومًا. وأما عدم وجوب زيادة الألف فلم يعلم مما مر بل قوله: ومنتهى المندوب صله بالألف يوهم الوجوب فالتنبيه عليه محتاج إليه، فتلخص أن قوله: وإن تشأ إلخ محتاج إليه بالنسبة إلى زيادة الألف غير محتاج إليه بالنسبة إلى زيادة الهاء. قوله: "وقد مر بيان الأوجه الثلاثة" أي: زيادة الألف فقط والجمع بين الألف والهاء والخلو عنهما معًا. قوله: "وربما ثبتت في الضرورة" أي: وصلًا. قوله: "مضمومة" أي: تشبيهًا بهاء الضمير ومكسورة أي: لالتقاء الساكنين. زاد ابن فلاح ومفتوحة فارضي والفتح لخفته. قوله: "وأجاز الفراء إثباتها في الوصل" أي: اختيارًا. قوله: "ومنه" أي: من ثبوتها في الوصل ضرورة. والشاهد في الأول؛ لأن محل الوصل هو العروض وأما الضرب فمحل وقف فلا شاهد فيه. وقد يقال العروض هنا مصرعة فهي في حكم الضرب فتكون أيضًا محل وقف فلا شاهد في البيت أصلًا وقوله: وعمرو بن الزبيراه هذا هو الصواب دون ما في بعض النسخ: ويا عمرو بن الزبيراه لأن زيادة يا تخل بالوزن وتحريك الهاء وقفًا في البيت للروي. قوله: "وقائل" خبر مقدم ومن مبتدأ مؤخر وأبدى صلة من واليًا مفعول أبدى وذا سكون حال من اليا. قوله: "وا عبديا" بفتح الياء لأجل ألف الندبة. قوله: "وا عبدًا" بحذف الياء لالتقاء الساكنين وهذا ونحوه منصوب   949- البيت من الهزج، وهو بلا نسبة في الدرر 3/ 42؛ ورصف المباني ص27؛ وشرح ابن عقيل ص532؛ والمقاصد النحوية 4/ 273؛ والمقرب 1/ 184. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 الترخيم : تَرْخيمًا احذفْ آخرَ المنادَى ... كيا سُعا فيمن دعا سُعادا   عبدا بالألف اقتصر على الثاني، ومن قال يا عبدي، بإثبات الياء مفتوحة اقتصر على الأول. تنبيه: فتح الياء في ذي الوجهين المذكورين مذهب سيبويه وحذفها مذهب المبرد. خاتمة: إذا ندب مضاف إلى مضاف إلى الياء لزمت الياء؛ لأن المضاف إليها غير مندوب نحو: وا ولد عبديا والله أعلم. الترخيم: "ترخيما احذف آخر المنادى" الترخيم في اللغة ترقيق الصوت وتليينه. يقال صوت رخيم أي: سهل لين. ومنه قوله: 950- لها بَشَرٌ مثلُ الحريرِ ومنطِقٌ ... رخيمُ الحواشي لا هُراءٌ ولا نَزْرُ أي: رقيق الحواشي. وأما في الاصطلاح فهو حذف بعض الكلمة على وجه مخصوص. وهو على نوعين: ترخيم التصغير كقولهم في أسود سويد وسيأتي في بابه،   بفتحة مقدرة منع من ظهورها الفتحة لأجل الألف وليس بمبني؛ لأنه مضاف سم. قوله: "اقتصر على الثاني" أي: وا عبدًا بغير عمل سوى الإتيان بألف الندبة على لغة من قلب الياء ألفًا وحذفها وأبقى الفتحة التي قبل الألف المحذوفة وبقلب الكسرة والضمة على لغتيهما فتحة لأجل ألف الندبة, وبحذف الألف المنقلبة عن ياء المتكلم لأجل ألف الندبة على لغة من قلب الياء ألفًا وأبقاها. قوله: "اقتصر على الأول" أي: يا عبديا بغير عمل سوى الإتيان بألف الندبة. قوله: "في ذي الوجهين" هو يا عبدي بسكون الياء ووجهاه وا عبديا وا عبدًا كما مر. قوله: "لزمت الياء" يمكن حذفها على تقدير سكونها لالتقاء الساكنين وإن لم يكن المضاف إليها مندوبًا سم. الترخيم: قوله: "ترقيق الصوت وتليينه" عبارة التصريح الترخيم لغة التسهيل والتليين فلم يقيد بالصوت. قوله: "أي: سهل لين" المناسب لعبارته قبل أن يقول أي: رقيق لين نعم هو مناسب لعبارة التصريح السابقة, ولقول القاموس رخم الكلام ككرم فهو رخيم لان وسهل كرخم كنصر. قوله: "رخيم الحواشي" لعل المراد بها الكلمات. وفي القاموس الحاشية جانب الثوب وغيره وقوله: لا   950- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص577؛ وجمهرة اللغة ص1106؛ والخصائص 1/ 29؛ 3/ 302؛ وشرح شواهد الإيضاح ص333؛ وشرح شواهد الشافية ص491؛ وشرح المفصل 1/ 16؛ ولسان العرب 1/ 181 "هرأ"، 5/ 203 "نزر"؛ والمحتسب 1/ 334؛ والمقاصد النحوية 4/ 285؛ وبلا نسبة في أساس البلاغة ص482 "هرأ"؛ وتذكرة النحاة ص45؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 255؛ وشرح ابن عقيل ص533؛ وشرح المفصل 2/ 19. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 وجَوَّزنَهُ مُطلقًا في كلِّ ما ... أُنِّثَ بالها والذي قد رُخِّما   وترخيم النداء وهو مقصود الباب وهو حذف آخر المنادى "كيا سعا فيمن دعا سعادا" وإنما توسع في ترخيم المنادى؛ لأنه قد تغير بالنداء، والترخيم تغيير والتغيير يأنس بالتغيير فهو ترقيق. تنبيه: أجاز الشارح في نصب ترخيمًا ثلاثة أوجه: أن يكون مفعولًا له أو مصدرًا في موضع الحال أو ظرفًا على حذف مضاف. وأجاز المرادي وجهًا رابعًا وهو أن يكون مفعولًا مطلقًا وناصبه احذف؛ لأنه يلاقيه في المعنى. وأجاز المكودي وجهًا خامسًا وهو أن يكون مفعولًا مطلقًا لعامل محذوف أي: رخم ترخيمًا "وجوزنه" أي: جوز الترخيم "مطلقًا   هراء إلخ الهراء بضم الهاء وتخفيف الراء الكلام الكثير والنزر بفتح النون وسكون الزاي القليل, وأراد أن كلامها متوسط لا كثير ممل ولا قليل مخل. قوله: "ترخيم التصغير" أي: حذف بعض الحروف لأجل التصغير. قوله: "وهو حذف آخر المنادى" أي: للتخفيف لا للإعلال ولم يقيد الآخر بكونه حرفًا فشمل كلامه الحرف والحرفين وعجز المركب. ويرد على التعريف أنه غير مانع لشموله نحو: يا يد ويا دم إذ في كل حذف آخر المنادى للتخفيف إلا أن يخرج باعتبار قيد الحيثية أي: من حيث هو آخر المنادى فاعرف ذلك. قوله: "في ترخيم" في بمعنى الباء السببية. قوله: "فهو ترقيق" بيان للمناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي لكن كان المناسب ذكره عقب المعنى الاصطلاحي لظهور تفريعه عليه فتأمل. قوله: "أن يكون مفعولًا له" رد بأن الترخيم حذف آخر المنادى فيلزم تعليل الشيء بنفسه, وبأن المفعول له يشترط أن يكون قلبيا على الراجح ويمكن دفعهما بتقدير مضاف أي: لإرادة الترخيم لكن يلزم أن المعنى رخم لإرادة الترخيم مثل اضرب لإرادة الضرب وفيه ركاكة لا تخفى. قوله: "أو مصدرًا في موضع الحال" أي: من فاعل احذف أي: مرخمًا لا من المنادى؛ لأنه وإن كان المضاف بعض المضاف إليه فشرط اتيان الحال من المضاف إليه موجود فحال المضاف إليه لا يتقدم عليه. ثم هذه الحال مؤكدة. قوله: "أو ظرفًا على حذف مضاف" أي: وقت ترخيم وهو وقت اجتماع شروط الترخيم. قوله: "لأنه" أي: احذف بقيد تعلقه بآخر المنادى أما الحذف من حيث هو فأعم من الترخيم. قوله: "مفعولًا مطلقًا لعامل محذوف" أي: ناب ذلك المفعول المطلق منابه في الدلالة على الطلب فيكون قوله: احذف إلخ من التأكيد اللفظي بالمساوى؛ لأن الحذف بقيد تعلقه بآخر المنادى مساوٍ في المعنى للترخيم فليس المفعول المطلق على هذا من باب المصدر المؤكد لعامله حتى يرد أن المصنف يمنع حذف عامل المؤكد, بل من باب الآتي بدلًا من فعله. وجوز الشيخ خالد وجهًا سادسًا وهو أن يكون ترخيمًا مفعولًا به لفعل شرط حذف مع أداته وحذفت الفاء من جوابه للضرورة, والتقدير: إن أردت ترخيمًا فاحذف آخر المنادى وفيه تكلف. قوله: "مطلقًا" أي: عن التقييد الآتي في غير المؤنث بالهاء بقوله: إلا الرباعي إلخ لكن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   في كل ما أنت بالها" أي: سواء كان علمًا أو غير علم ثلاثيا أو زائدًا على الثلاثي كقوله: 951- أفاطِمُ مَهلًا بعْضَ هذا التَّدلُّلِ وكقوله: 952- جاري لا تَسْتنكِري عَذِيري ونحو: يا شا ادجني. أي: أقيمي بالمكان. يقال دجن بالمكان يدجن دجونًا أي: أقام به. تنبيهات: الأول قيد في التسهيل ما أطلقه هنا بالمنادى المبني لإخراج النكرة غير المقصودة والمضاف فلا يجوز الترخيم في نحو قول الأعمى: يا جارية خذي بيدي لغير معينة. ولا في نحو: يا طلحة الخير. وأما قوله: 953- يا عَلقمَ الخيرِ قد طالَتْ إقامَتُنا فنادر. الثاني شرط المبرد في ترخيم المؤنث بالهاء العلمية فمنع ترخيم النكرة   المراد الإطلاق عن ذلك في الجملة وإلا لاقتضى جواز ترخيم المؤنث بالهاء ولو كان مضافًا أو مركبًا إسناديا, وليس كذلك أفاده سم. وإلى كون الإطلاق في الجملة أشار الشارح باقتصاره في بيان الإطلاق على ما ذكره ولم يقل مضافًا أو غيره صاحب إسناد أو غيره. قوله: "مهلًا" اسم مصدر أمهل منصوب بفعل حذف وأقيم هو مقامه والأصل أمهلي مهلًا قال العيني: ومعناه كفى. قوله: "عذيري" العذير بفتح العين المهملة وكسر الذال المعجمة ما يعذر الإنسان فيه ا. هـ. فارضي وهو صادق بما يعذر الإنسان في تركه فهو أعم من قول الشارح على ما في كثير من النسخ. العذير بكسر الذال المعجمة الأمر الذي يحاوله الإنسان ويعذر على فعله. قوله: "يا شا ادجني" أي: يا شاة وهو مثال للثلاثي. قوله: "بالمنادى المبني" يشمل المبني قبل النداء كحذام مع أنه لا يرخم على الأصح والمختص بالنداء والمندوب والمستغاث مع أنها لا ترخم كما سيأتي. قوله:   951- عجزه: وإن كُنتِ قد أَزْمعت صَرمي فأَجْملي البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص12؛ والجنى الداني ص35؛ وخزانة الأدب 11/ 222؛ والدرر 3/ 16؛ وشرح شواهد المغني 1/ 20؛ والمقاصد النحوية 4/ 289؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 67؛ ورصف المباني ص52؛ ومغني اللبيب 1/ 13؛ وهمع الهوامع 1/ 172. 952- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 332؛ وخزانة الأدب 2/ 125؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 461؛ وشرح التصريح 2/ 185؛ وشرح شواهد الإيضاح ص355؛ وشرح المفصل 2/ 16، 20؛ والكتاب 2/ 231، 241؛ ولسان العرب 4/ 548 "عذر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 277؛ والمقتضب 4/ 260؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 58؛ وشرح عمدة الحافظ ص296. 953- الشطر من البسيط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المقصودة والصحيح جوازه كما تقدم. الثالث: منع ابن عصفور ترخيم صلعمة بن قلعمة؛ لأنه كتابة عن المجهول الذي لا يعرف وإطلاق النحاة بخلافه، وليس كونه كناية عن المجهول بمانع؛ لأنه علم جنس. الرابع: إذا وقف على المرخم بحذف الهاء فالغالب أن تلحقه هاء ساكنة، فتقول في المرخم: يا طلحة فقيل هي هاء السكت وهو ظاهر كلام سيبويه. وقيل هي التاء المحذوفة أعيدت لبيان الحركة وإليه ذهب المصنف. قال في التسهيل: ولا يستغنى غالبًا في الوقف على المرخم بحذفها عن إعادتها أو تعويض ألف منها. وأشار بالتعويض إلى قوله: 954- قِفي قَبلَ التفرُّقِ يا ضُباعا فجعل ألف الإطلاق عوضًا عن الهاء ونص سيبويه وابن عصفور على أن ذلك لا يجوز إلا في الضرورة. وأشار بقوله: غالبًا إلى أن بعض العرب يقف بلا هاء ولا عوض. حكى سيبويه يا حرمل بالوقف بغير هاء. قال أبو حيان: أطلقوا في لحاق هذه الهاء. ونقول إن كان الترخيم على لغة من لا ينتظر لم تلحق. هذا كلامه وهو واضح. الخامس: اختلف النحاة في قوله: 955- كِليني لَهُمْ يا أُميمةَ ناصِبِ   "لغير معينة" صلة قول. قوله: "كما تقدم" أي: في قوله أو غير علم مع تمثيله بجاري ويا شا. قوله: "صلعمة بن قلعمة" الذي بخط الشارح صلمعة بن قلمعة بتقديم الميم على العين وكذا في القاموس. قوله: "لأنه علم جنس" ولهذا منع الصرف ا. هـ. دماميني. قوله: "بحذف الهاء" صلة المرخم. قوله: "لبيان الحركة" أي: حركة ما قبل المحذوف وهو في المثال المذكور الحاء المهملة. قوله: "لم تلحق" لأنه نقض لما عزموا عليه من جعله اسمًا تامًا حتى بنوه على الضم سم. قوله: "كليني" بكسر الكاف أي: دعيني من وكله وكلا وناصب بالجر صفة هم من النصب   954- عجزه: ولا يكُ مَوقفٌ منك الوداعا والبيت من الوافر، وهو للقطامي في ديوانه ص31؛ وخزانة الأدب 2/ 367؛ والدرر 3/ 57؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 444؛ وشرح شواهد المغني 2/ 849؛ والكتاب 2/ 243؛ ولسان العرب 8/ 218 "ضبع"، 8/ 385 "ودع"؛ واللمع ص120؛ والمقاصد النحوية 4/ 295؛ والمقتضب 4/ 94؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 285، 286، 288، 293؛ والدرر 2/ 73؛ وشرح المفصل 7/ 91؛ ومغني اللبيب 2/ 452. 955- عجزه: وليلٍ أُقاسيه بطيءِ الكواكبِ والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص40؛ والأزهية ص237؛ وخزانة الأدب 2/ 321، 325، 3/ 272، 4/ 392، 5/ 74، 75، 11/ 22؛ والدرر 3/ 57؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 445؛ والكتاب 2/ 207، 3/ 382؛ وكتاب اللامات ص102؛ ولسان العرب 1/ 721 "كوكب"، 1/ 758 "نصب"، 6/ 6 "أسس"، = الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 بِحَذْفِها وَفِّرْهُ بعدُ واحْظُلا ... تَرْخيمَ ما من هذه الها قد خَلا   بفتحك أميمة من غير تنوين فقال قوم: ليس بمرخم، ثم اختلفوا فقيل هو معرب نصب على أصل المنادى ولم ينون؛ لأنه غير منصرف، وقيل بني على الفتح؛ لأن منهم من يبني المنادى المفرد على الفتح؛ لأنها حركة تشاكل كل حركة إعرابه لو أعرب، فهو نظير لا رجل في الدار. وأنشد هذا القائل: 956- يا ريحَ من نحوِ الشمالِ هُبِّي بالفتح. وذهب أكثرهم إلى أنه مرخم فصار في التقدير: يا أميم ثم أقحم التاء غير معتد بها، وفتحها؛ لأنها واقعة موقع ما يستحق الفتح وهو ما قبل هاء التأنيث المحذوفة المنوية وهو ظاهر كلام سيبويه. وقيل فتحت اتباعًا لحركة ما قبلها وهو اختيار المصنف "والذي قد رخما بحذفها" أي: بحذف الهاء "وفره بعد" أي: لا تحذف منه شيئًا بعد حذف الهاء ولو كان لينًا ساكنًا زائدًا مكملًا أربعة فصاعدًا، فتقول في عقنباة يا عقنبا بالألف، وأجاز سيبويه أن يرخم ثانيًا على لغة من لا يراعي المحذوف. ومنه قوله:   وهو التعب قاله العيني وتابعه غيره كشيخنا والبعض وفيه أن الهم متعب لا تاعب إلا أن يكون التقدير: تاعب صاحبه, ثم رأيت في القاموس ما نصه وهمّ ناصب منصب على النسب وسمع نصبه الهم أتعبه, ثم قال: ونصبه المرض ينصبه أوجعه كأنصبه ا. هـ. فأفاد ثلاثة أوجه أخرى: وهي أن يكون ناصب من قبيل النسب كلابن وتامر وأن يكون اسم فاعل نصبه بمعنى أتعبه وأن يكون اسم فاعل نصبه بمعنى أوجعه. قوله: "فقيل هو معرب" تشبيهًا بالمضاف لكنه شاذ. قوله: "لأنها" أي: الفتح وأنثه باعتبار الخبر وهو حركة. قوله: "يا ريح" قال ابن غازي: ولا يمكن دعوى إعراب ريح؛ لأنه لم ينون مع كونه منصرفًا بخلاف أميمة. قوله: "هبي" بضم الهاء أمر من هب. قوله: "ثم أقحم التاء" أي: زادها بين الميم وهاء التأنيث المحذوفة للترخيم. قوله: "غير معتد بها" أي: غير جاعلها تاء التأنيث التي كانت محذوفة للترخيم إذ لو اعتد بها لما كان مرخمًا. قوله: "لأنها واقعة إلخ" لو قال لاستحقاقها الفتح بوقوعها قبل هاء التأنيث لكان أوضح وأخصر. قوله: "وقيل فتحت إلخ" أي: كفتحة دال يا زيد ابن عمرو اتباعًا لفتحة النون بل الاتباع هنا أولى؛ لأنه في كلمة؛ ولأنه اتباع متأخر لمتقدم. قوله: "وهو اختيار المصنف" لعل وجهه أن فيما اختاره المصنف مراعاة ملفوظ وهو حركة الميم وفيما قبله مراعاة محذوف وهو تاء التأنيث المحذوفة للترخيم المقتضية فتح ما قبلها. قوله: "وفره بعد" أي: بعد حذفها. قوله: "فتقول في عقنباة" أي: في ترخيمه وهو بفتح العين المهملة والقاف وسكون النون بعدها موحدة يقال عقاب   = 8/ 172 "شبع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 303؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص121؛ وجمهرة اللغة ص350، 982؛ ورصف المباني ص161؛ وشرح المفصل 2/ 107. 956- الرجز بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 294. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 إلا الرُّباعِي فما فوقُ العَلَمْ ... دونَ إضافةٍ وإسنادٍ مُتَمّ   957- أحارُ بنَ بدر قد وَلِيتَ وِلايَةً يريد أحارثة. وقوله: 958- يا أَرْطُ إنَّكَ فاعل ما قُلتَهُ أراد يا أرطاة "واحظلا" أي: امنع "ترخيم ما من هذه الها قد خلا. إلا الرباعي فما فوق" أي: فأكثر "العلم دون إضافة و" دون "إسناد متم" فهذه أربعة شروط: الأول أن   عقنباة أي: حديدة المخالب. قوله: "أن يرخم ثانيًا" أي: إن بقي بعده ثلاثة أحرف سيوطي. قوله: "على لغة من لا يراعي المحذوف" أي: من لا ينتظره واعترض هذا التقييد أبو حيان بأن كون الشاعر رخم أولًا بحذف التاء على لغة من لا ينتظر يحتاج إلى وحي يسفر عنه, ولو قيل إن المؤنث بالتاء يجوز في ترخيمه حذف التاء فقط وهو الكثير وحذفها مع ما قبلها كما في منصور لكان قولًا نقله شيخنا ثم قال: وانظر على مذهب سيبويه بعد حذف الحرف الذي قبل الآخر هل تتعين لغة من لا ينوي أولًا ا. هـ. وكلام العيني صريح في عدم التعين فإنه ضبط حار في البيت بكسر الراء حيث قال: والشاهد في أحار بن بدر حيث أريد به حارثة فرخمه أولًا بحذف الهاء على لغة من لم ينو رد المحذوف, ثم رخمه ثانيًا بحذف التاء على لغة من نوى رد المحذوف, ويؤخذ من كون المقيد بلغة من لا ينتظر عند سيبويه هو الترخيم الأول أن قوله: على لغة إلخ متعلق بأحار أو بمحذوف تقديره: إن رخم أولًا على لغة إلخ لا بقوله: أن يرخم ثانيًا. قوله: "ما قلته" بفتح التاء بقرينة قوله بعد: والمرء يستحي إذا لم يصدق قوله: "أراد يا أرطاة" علم منقول من اسم شجرة يدبغ بها قيل همزته زائدة وألفه أصلية ويعضده قولهم: مرطى, وقيل همزته أصلية وألفه زائدة للإلحاق بعرفجة ويؤيده قولهم: مأروط ا. هـ. ابن غازي. قوله: "العلم" بدل من الرباعي أو عطف بيان عليه ودون حال من الرباعي. قوله: "وإسناد" أي: في الغالب بدليل قوله الآتي: وقل ترخيم جملة. قوله: "متم" على زنة اسم المفعول نعت إسناد   957- عجزه: فكُنْ جُرَذًا فيها تخونُ وتَسْرِقُ والبيت من الطويل، وهو لأنس بن زينم في لسان العرب 10/ 157 "سرق"؛ والمقاصد النحوية 4/ 296؛ وله أو لأنس بن أبي أنيس في الدرر 3/ 54؛ ولأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص177؛ والعقد الفريد 3/ 90؛ ولأنس بن أنيس، أو لابن أبي إياس الديلي، أو لأبي الأسود الدؤلي في أمالي المرتضى 1/ 384؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 9/ 44؛ وهمع الهوامع 1/ 183. 958- عجزه: والمرءُ يستحي إذا لم يَصْدُقِ والبيت من الكامل، وهو لزميل من الحارث الفزاري في الأغاني 13/ 37؛ والدرر 3/ 55؛ والمقاصد النحوية 4/ 298؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 184. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يكون رابعيا فصاعدًا، فلا يجوز ترخيم الثلاثي سواء سكن وسطه نحو: زيد أو تحرك نحو: حكم. هذا مذهب الجمهور. وأجاز الفراء والأخفش ترخيم المحرك الوسط. وأما الساكن الوسط فقال ابن عصفور: لا يجوز ترخيمه قولًا واحدًا. وقال في الكافية: ولم يرخم نحو: بكر أحد، والصحيح ثبوت الخلاف فيه، حكي عن الأخفش وبعض الكوفيين إجازة ترخيمه، وممن نقل الخلاف فيه أبو البقاء العكبري وصاحب النهاية وابن الخشاب وابن هشام. الثاني: أن يكون علمًا، وأجاز بعضهم ترخيم النكرة المقصودة نحو: يا غضنف في غضنفر قياسًا على قولهم: أطرق كراء، ويا صاح. الثالث: أن لا يكون ذا إضافة خلافًا للكوفيين في إجازتهم ترخيم المضاف إليه كقوله: 959- خُذُوا حِذْركُم يا آلَ عِكْرمَ واعلَموا وهو عند البصريين نادر وأندر منه حذف المضاف إليه بأسره كقوله:   قال سم: كأنه احتراز عن النسبة الإضافية والتوصيفية. قوله: " أن يكون رباعيا فصاعدًا" أي: لئلا يلزم نقص الاسم عن أقل أبنية المعرب بلا موجب. قوله: "ترخيم المحرك الوسط" أي: تنزيلًا لحركة الوسط منزلة الحرف الرابع ولهذا كان نحو سقر غير مصروف, وفرق الجمهور بأن حركة الوسط ثمت اعتبرت في حذف حرف زائد على الكلمة وهو التنوين وههنا في حذف حرف أصلي, وأيضًا ليس الحذف هنا واردًا على حرف بعينه بل على أي: حرف كان آخرًا فهو مظنة الاشتباه بخلاف عدم الصرف فإنه حذف التنوين لا غير. قوله: "وابن هشام" عبارة الهمع وابن هشام الخضراوي. قوله: "أن يكون علمًا" أي: شخصيا أو جنسيا؛ لأن العلم لكثرة ندائه يناسبه التخفيف بالترخيم. قوله: "قياسًا على قولهم إلخ" اعترضه شيخنا وتبعه البعض بأن أطرق كرا ويا صاح شاذان؛ لأن كلا اسم جنس خال من التاء فلا يقاس عليهما وفيه أن هذا اعتراض بمذهب الغير فإن من يجيز ترخيم النكرة المقصودة لا يقول بشذوذ أطرق كرا ويا صاح. قوله: "ويا صاح" قال في شرح الكافية: وكثر دعاء بعضهم بعضًا بالصاحب فأشبه العلم فرخم بحذف يائه ا. هـ. وليس مراده بيان أنه مقيس بل بيان المسهل لترخيمه. قوله: "أن لا يكون ذا إضافة"؛ لأن الحذف من المضاف يمنع منه أن المتضايفين كالشيء الواحد فالحذف منه بمنزلة حذف حشو الكلمة والحذف من المضاف إليه يمنع منه أن تالي أداة النداء المضاف, فالحذف من المضاف إليه بمنزلة الحذف من غير المنادى والمراد بذي الإضافة المضاف حقيقة أو حكمًا   959- عجزه: أواصرنا والرِّحْمُ بالغيب تُذْكَرُ والبيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص214؛ وأسرار العربية ص239؛ والإنصاف 1/ 347؛ وخزانة الأدب 2/ 329، 330؛ والدرر 3/ 51 وشرح أبيات سيبويه 1/ 462؛ وشرح المفصل 2/ 20؛ والكتاب 2/ 271؛ ولسان العرب 3/ 333 "فرد"، 4/ 549 "عذر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 290 وبلا نسبة في لسان العرب 12/ 233 "رحم"؛ 12/ 416 "عكرم"؛ وهمع الهوامع 1/ 181. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   960- يا عَبْدَ هل تَذْكُرني ساعةً يريد يا عبد هند يخاطب عبد هند اللخمي وذلك علم له. وتقدم أن ترخيم المضاف نادر أيضًا كما في نحو: يا علقم الخير. الرابع: أن لا يكون ذا إسناد فلا يجوز ترخيم برق نحره وتأبط شرا وسيأتي الكلام عليه. تنبيه: أهمل المصنف من شروط الترخيم مطلقًا ثلاثة: الأول: أن يكون مختصا بالنداء فلا يرخم نحو: فل وفلة. الثاني: أن لا يكون مندوبًا. الثالث: أن لا يكون مستغاثًا. وأما قوله: 961- كُلَّما نادى مُنادٍ منهم ... يا لِتيمِ اللهِ قلنا يا لِمال فضرورة أو شاذ. وأجاز ابن خروف ترخيم المستغاث إذا لم يكن فيه اللام كقوله: 962- أعام لك ابنُ صَعصعةَ بنِ سَعْدٍ   فيدخل شبه المضاف فلا يرخم كما في الدنوشري. قوله: "وذلك علم له" أي: فهو داخل في العلم فيصح الاحتراز عنه بأن لا يكون ذا إضافة فلا يقال إن المضاف خارج بالعلم. قوله: "أن لا يكون ذا إسناد" أي: إن لا يكون منقولًا عن الجملة؛ لأن الجملة محكية بحالها فلا تغير. قوله: "وسيأتي الكلام عليه" يشير إلى أن اشتراط عدم الإسناد أكثري كما سيأتي. قوله: "مطلقًا" أي: سواء كان بتاء التأنيث أو لا. قوله: "ثلاثة" زاد السيوطي أن لا يكون مبنيا قبل النداء فلا يرخم يا حذام وقد مر ذلك. قوله: "أن لا يكون مندوبًا" قال شيخنا: ظاهره ولو بدون ألف الندبة وهو مفهوم كلام الرضي ا. هـ. وإنما لم يرخم المندوب؛ لأن الغالب زيادة الألف في آخره لمد الصوت إظهارًا للتفجع فلا يناسبه الترخيم. قوله: "أن لا يكون مستغاثًا" أي: لا مجرورًا باللام لعدم ظهور أثر النداء فيه من النصب أو البناء على الضم فلم يرد عليه الترخيم الذي هو من خصائص المنادى ولا مفتوحًا بزيادة الألف؛ لأن الزيادة تنافي الحذف ولا مجردًا من اللام والألف إلحاقًا له بذي اللام والألف. قوله: "يا لمال" أي: يا لمالك. قوله: "أعام" أي: يا عامر وتقدم أن الاستغاثة مختصة بيا وأن الاستغاثة بغيرها شاذة فقوله: أعام فيه شذوذ من وجهين نداء   960- عجزه: في مَوْكبٍ أو رائدًا للقنيصْ والبيت من السريع، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص69؛ والمقاصد النحوية 4/ 298؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 184. 961- البيت من الرمل، وهو لمرة بن الوراغ في المقاصد النحوية 4/ 300؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص164؛ وشرح التصريح 2/ 184. 962- صدره: تمناني ليلقاتي لقيطُ والبيت من الوافر، وهو للأخوص "أو الأحوص" بن شريح في الكتاب 2/ 238؛ والمقاصد النحوية 4/ 300؛ وبلا نسبة في الدرر 3/ 50؛ وشرح التصريح 2/ 184؛ وهمع الهوامع 1/ 181. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 ومَعَ الآخِرِ احذفْ الذي تَلا ... إن رِيدَ لَينًا ساكنًا مُكمِّلا   والصحيح ما مر "ومع" حذف الحرف "الآخر" في الترخيم "احذف" الحرف "الذي تلا" أي: الذي تلاه الآخر وهو ما قبل الآخر ولكن بشروط أربعة: الأول وإليه أشار بقوله: "إن زيد" أي: إن كان ما قبل الآخر زائدًا، فإن كان أصليا لم يحذف نحو: مختار ومنقاد علمين؛ لأن الألف فيهما منقلبة عن عين الكلمة، فتقول يا مختا ويا منقا. الثاني: أن يكون "لينًا" أي: حرف لين وهو الألف والواو والياء، فإن كان صحيحًا لم يحذف سواء كان   المستغاث بغيريا وترخيمه ولعل قوله: لك خبر لمحذوف أي: ندائي لك أو استغاثة ثانية بعامر والتقدير: يا لك وابن صعصعة نعت لعامر وصدر البيت: تمناني ليقتلني لقيط وهو اسم رجل. قوله: "والصحيح ما مر" أي: من أنه لا يرخم المستغاث مطلقًا. قوله: "احذف" أي: وجوبًا كما في ابن عقيل وعن الفراء لو سمي بنحو: حمراء جاز حذف الهمزة فقط. قوله: "ولكن بشروط أربعة" تقدم ما يؤخذ منه شرط خامس عند غير سيبويه وهو أن لا يكون الآخر تاء التأنيث كما في أرطاة. قوله: "الأول" مبتدأ خبره محذوف دل عليه الكلام تقديره كونه زائدًا إذ لا جائز أن يكون قول المصنف: إن زيد خبرًا؛ لأنه لا يصلح للخبرية؛ ولأن الشارح جعله مقول القول ولا قول الشارح وإليه إلخ لاقترانه بالواو. قوله: "إن زيد إلخ" يشمل نحو: هندات وحمدون وزيدين أعلامًا فترخم بحذف الآخر وما قبله ولا يجوز بقاء الألف في هندات علمًا؛ لأن تاءه ليست للتأنيث كذا في الفارضي وظاهر إطلاقه جواز ترخيم ما ذكر على لغة من ينتظر ومن لا ينتظر مع أن ترخيم هندات وزيدين على لغة من لا ينتظر يلبس بنداء المفرد الذي لا ترخيم فيه, وترخيم حمدون على اللغتين يلبس بذلك, ودعوى أن هذا الإلباس لا يلتفتون إليه يردها التفاتهم إليه في مواضع كثيرة من هذا الباب كما ستعرفه, ثم رأيت الفارضي قال: في موضع آخر ما نصه لو سمي بزيدين أو بما فيه ياء النسب كزيدي لزم ترخيمه على اللغة الأولى نحو: يا زيد بكسر الدال ولو رخم على الثانية لالتبس بمنادى لا ترخيم فيه ا. هـ. فهذا يدل على أن نحو: هندات وزيدين إنما يرخم على لغة من ينتظر ونحو: حمدون لا يرخم مطلقًا للإلباس وهذا هو الظاهر فتدبر. قوله: "فتقول يا مختا ويا منقا" أي: خلافًا للأخفش حيث جوز يا مخت ويا منق بحذف الألف همع. قوله: "لينا" قال المكودي: حال من الضمير في زيد وهو مخفف لين ولا ينافي هذا الإعراب قول الشارح أن يكون لينًا؛ لأنه حل معنى ثم ما ذكر صريح في أن اللام مفتوحة وقول الشارح أي: حرف لين يقتضي أنه بكسرها إلا أن يجعل بيانًا لمعنى لينًا بفتحها واحترز به المصنف عن زائد ليس لينًا نحو: شمأل فالهمزة حرف زائد غير لين وكان الأولى للمصنف أن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 أَرْبعةً فصاعِدًا والخُلفُ في ... واوٍ وياءٍ بهما فَتحٌ قُفِي   متحركًا نحو: سفرجل أو ساكنًا نحو: قمطر فتقول يا سفرج ويا قمط خلافًا للفراء في قمطر فإنه يجيز يا قم بحذف حرفين. والثالث: أن يكون "ساكنًا" فإن كان متحركًا لم يحذف نحو: هبيخ وقنور فتقول يا هبخ وقنوى. والرابع: أن يكون "مكملًا أربعة فصاعدًا" فإن كان ثالثًا لم يحذف خلافًا للفراء كما في نحو: ثمود وعماد وسعيد فتقول يا ثمو ويا عما ويا سعي فالمستكمل الشروط نحو: أسماء ومروان ومنصور وشملال وقنديل علمًا، فتقول فيها يا أسم ويا مرو ويا منص ويا شمل ويا قند، ومنه قوله: 963- يا أَسْم صَبرًا على ما كانَ من حَدَثٍ وقوله: 964- يا مَرْو إنَّ مَطَيِتِّي مَحبوسةٌ   يقول بدل لينًا مدا ليفيد اشتراط أن يكون قبله حركة من جنسه لفظًا كما في منصور أو تقديرًا كما في مصطفون علمًا, إذ أصله مصطفيون كما سيذكره الشارح ويستغنى عن قوله: ساكنًا. قوله: "فإن كان" أي: ما قبل الآخر. قوله: "نحو: سفرجل" اعترض إخراجه بهذا القيد بأنه خارج بقوله: قبل أن زيد؛ لأن الجيم أصلية. قوله: "نحو: قمطر" بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء المهملة هو الجمل القوي الضخم والرجل القصير ا. هـ. قاموس وفسره صاحب المصباح بما يصان فيه الكتب. قال: ويذكر ويؤنث وربما أنث بالهاء فقيل قمطرة. قوله: "بحذف حرفين" علل بأن الاقتصار على حذف الحرف الأخير يوجب عدم النظير وهو سكون آخر الاسم الصحيح لفظًا وتقديرًا على لغة التمام ولفظًا فقط على لغة الانتظار وفيه أنه على لغة التمام يضم. قوله: "ساكنًا" قال يس: المحققون لا يطلقون أحرف اللين على أحرف العلة إلا إذا كانت ساكنة, فقوله ساكنًا وصف كاشف ا. هـ. ونقل ابن غازي عن بعضهم أن المصنف جعل اللين ههنا شاملًا للمحرك فلذلك أخرجه بقوله: ساكنًا بخلاف قوله: في باب التكثير ما لم يك لينًا. قوله: "هبيخ" بفتح الهاء والموحدة وتشديد التحتية آخره خاء معجمة الغلام الممتلئ أي: السمين. قوله: "وقنور" بفتح القاف والنون وتشديد الواو آخره راء الصعب اليبوس من كل شيء. قوله: "لم يحذف خلافًا للفراء" حيث جوز أن يقال يا عم ويا ثم ويا سع وقيل إنما قال بالحذف في ثمود فقط فرارًا من بقاء آخر الاسم واوًا بعد ضمة همع. قوله: "علمًا" أي: في حالة كون كل   963- عجزه: إن الحوادِثَ مَلقيُّ ومُنْتَظِرُ والبيت من البسيط، وهو للبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص364؛ والكتاب 2/ 258؛ ولأبي زبيد الطائي في ملحق ديوانه ص151؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 435؛ وللبيد أو لأبي زبيد في شرح التصريح 2/ 186؛ والمقاصد النحوية 4/ 288؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 63. 964- عجزه: ترجو الحياءَ ورَبُّها لم يَيأسِ والبيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 384؛ وخزانة الأدب 6/ 347؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 505؛ وشرح التصريح 2/ 186؛ والكتاب 2/ 257؛ واللمع ص199؛ والمقاصد النحوية 4/ 292؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 62؛ وشرح قطر الندى ص215؛ وشرح المفصل 2/ 22. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 والعَجُزَ احذفْ من مُركَّبٍ وقَل ... تَرْخيمُ جُملَةٍ وذا عمرو نَقَل   "والخلف في واو وياء" استكملا الشروط المتقدمة لكن "بهما فتح قفي" نحو: فرعون وغرنيق علمًا، فذهب الجرمي والفراء إلى أنه يحذف مع الآخر كالذي قبله حركة مجانسة، فيقال يا فرع ويا غرن. قال في شرح الكافية: وغيرهما لا يجيز ذلك، بل يقول يا غرني ويا فرعو. تنبيه: يقال في ترخيم مصطفون ومصطفين علمين يا مصطف قولًا واحدًا، كما نبه عليه في شرح الكافية؛ لأن الحركة المجانسة فيهما مقدرة؛ لأن أصله مصطفيون ومصطفيين، وإليه أشار في التسهيل بقوله: مسبوق بحركة مجانسة ظاهرة أو مقدرة "والعجز احذف من مركب" تركيب مزج نحو: بعلبك وسيبويه، فتقول يا بعل ويا سيب،   منهما علمًا أو هو راجع لقنديل وأما علمية ما قبله فظاهرة وقد يضعف هذا بخفاء علمية شملال أيضًا. قوله: "بهما فتح قفي" الباء للتعدية الخاصة متعلقة بقفي فالمعنى أتبعا الفتح أي: جعلاتا بعين للفتح. قوله: "وغرنيق" بضم الغين المعجمة وسكون الراء وفتح النون طير من طيور الماء طويل العنق تصريح. قوله: "علمًا" لما مر أنه إنما يرخم من الخالي من التاء العلم. قوله: "إلى أنه" أي: المذكور من الواو والياء المفتوح ما قبلهما وقوله كالذي قبله أي: كاللين الذي قبله إلخ. قوله: "قولًا واحدًا" أي: بالنظر لحذف حرف اللين مع الآخر فلا ينافي ما سيأتي من أنه على لغة من لا ينتظر يتعين رد المحذوف فيقال يا مصطفى بالألف في ترخيم مصطفون ومصطفين ويا قاضي بالياء في ترخيم قاضون وقاضين لانتفاء سبب حذف الألف والياء لفظًا وتقديرًا وهو التقاء الساكنين وعلى لغة من ينتظر فيه وجهان الرد نظرًا لانتفاء السبب لفظًا وعدم الرد نظرًا لوجوده تقديرًا, فيقال على هذا الأخير يا مصطف بفتح الفاء ويمتنع يا مصطف بضم الفاء على كل حال إذ لا وجه له كما علم مما تقرر, والحاصل أنه لا بد من حذف حرف اللين مع الآخر فلا يقال يا مصطفو ولا يا مصطفى بالواو والياء على اللغتين والتفرقة بينهما إنما هي برد الألف وعدمه كذا قال شيخنا وغيره, وفيه أن الإلباس لازم على لغة من لا ينتظر فهلا قيل بمنعها هنا على قياس ما مر عن الفارضي ثم رأيت عن الرضي فيما يأتي ما يؤيده فاعرفه. قوله: "فيهما مقدرة" فليسا من محل الخلاف بل مما استجمع شروط الوفاق سم. قوله: "لأن أصله مصطفيون" كذا في الفارضي أيضًا قال شيخنا: وإنما جعله بالياء مع أنه واوي؛ لأن آخر المقصور يقلب ياء في المثنى والجمع على حده كما سيأتي ا. هـ. فمراده بالأصل ما يستحقه عند التثنية والجمع فاندفع قول البعض كان الصواب مصطفوون ومصطفوين؛ لأنه واوي لا يائي ا. هـ. وإنما كان واويا؛ لأنه من الصفوة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وكذا تفعل في المركب العددي فتقول في خمسة عشر علمًا يا خمسة، ومنع الفراء ترخيم المركب من العدد إذا سمي به، ومنع أكثر الكوفيين ترخيم ما آخره ويه، وذهب الفراء إلى أنه لا يحذف منه إلا الهاء، فتقول يا سيبوي. وقال ابن كيسان: لا يجوز حذف الجزء الثاني من المركب بل إن حذفت الحرف أو الحرفين فقلت يا بعلب ويا حضرم لم أر به بأسًا. والمنقول أن العرب لم ترخم المركب وإنما أجازه النحويون قياسًا. تنبيه: إذا رخمت اثنا عشر واثنتا عشرة علمين حذفت العجز مع الألف قبله، فتقول يا اثن ويا اثنت كما تفعل في ترخيمهما لو لم يركبا، نص على ذلك سيبويه، وعلته أن عجزهما بمنزلة النون ولذلك أعربا "وقل ترخيم" علم مركب تركيب إسناد، وهو المنقول من "جملة" نحو: تأبط شرا وبرق نحره "وذا عمرو" وهو سيبويه "نقل" أي: نقل ذلك عن   قوله: "ويا سيب" مشكل على ما صرح به أبو حيان والسيوطي والدماميني وغيرهم جازمين به من أنه يشترط في المرخم أن لا يكون مبنيًا قبل النداء إلا أن يستثنى المركب أو يبنى على لغة إعرابه إعراب ما لا ينصرف أو يكون الشارح ومن وافقه مخالفين في ذلك الاشتراط ا. هـ سم وهذا الإشكال يجري في نحو: خمسة عشر أيضًا. قوله: "وكذا تفعل في المركب العددي" والمنصوص أنك إذا رخمت خمسة عشر بحذف عجزه ثم وقفت فإنك تقف بالهاء على اللغتين وإذا رخمت بعلبك, ثم وقفت فعلى لغة من ينوي لك أن تقول يا بعله بهاء السكت وإن شئت لم تأت بالهاء ووقفت بإسكان الأخير وأما على لغة من لم ينو فيتحتم الوقف بالإسكان وذهب الأخفش إلى رد المحذوف من المركب المرخم عند الوقف ا. هـ. دماميني وقوله: فيتحتم إلخ يؤيد ما أسلفه الشارح عن أبي حيان في المؤنث بالتاء إذا وقف عليه بعد الترخيم سم. قوله: "فتقول يا سيبوي" أي: على لغة من ينتظر أما على لغة من لا ينتظر فتقول يا سيبوا؛ لأن الياء تضم على هذه اللغة فتقلب ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها قاله الشارح على الأوضح. قوله: "لا يجوز حذف الجزء الثاني من المركب" أي: إن حصل لبس كأن يكون ثم من اسمه حضر ومن اسمه حضرموت قاله الشارح على الأوضح. قوله: "قياسًا" أي: على ما فيه تاء التأنيث؛ لأن الجزء الثاني يشبه تاء التأنيث من وجوه فتح ما قبله غالبًا وحذفه في النسب وتصغير صدره كما أن تاء التأنيث كذلك واحترزنا بغالبًا عن نحو: معد يكرب. قوله: "إذا رخمت اثنا عشر واثنتا عشرة" بالألف فيهما على الحكاية كما يصرح به قوله مع الألف. قوله: "بمنزلة النون" أي: المحذوفة التي عاقبتها عشر وعشرة ولذلك لا يضاف اثنا عشر واثنتا عشرة كما يضاف ثلاثة عشر وأخواته ونظر فيه ابن الحاجب بأن عشر وعشرة اسمان برأسهما ولا يلزم من معاقبتهما النون حذف الألف معهما كما تحذف مع النون كذا في الدماميني. قوله: "وقل ترخيم جملة إلخ" الحاصل أن المحذوف للترخيم إما حرف نحو: يا سعا في يا سعاد وإما حرفان نحو: يا مرو وفي يا مروان وإما كلمة برأسها نحو: يا معدي في يا معد يكرب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 وإنْ نَوَيتَ بعدَ حذفِ ما حُذفْ ... فالباقيَ استَعْمِل بما فيه ألِف   العرب. قال المصنف: أكثر النحويين لا يجيزون ترخيم المركب المضمن إسنادًا كتأبط شرا، وهو جائز؛ لأن سيبويه ذكر ذلك في أبواب النسب فقال: تقول في النسب إلى تأبط شرا تأبطي؛ لأن من العرب من يقول يا تأبط. ومنع ترخيمه في باب الترخيم، فعلم بذلك أن منع ترخيمه كثير وجواز ترخيمه قليل. وقال الشارح: فعلم إن جواز ترخيمه على لغة قليلة. تنبيه: عمرو اسم سيبويه، وسيبويه لقبه، وكنيته أبو بشر "وإن نويت بعد حذف ما حذف" ما مفعول نويت: أي: إذا نويت ثبوت المحذوف بعد حذفه للترخيم "فالباقي" من المرخم "استعمل بما فيه ألف" قبل الحذف، وتسمى هذه لغة من ينوي ولغة من ينتظر، فتقول يا حار بالكسر، ويا جعف بالفتح، ويا منص بالضم، ويا قمط بالسكون في ترخيم حارث وجعفر ومنصور وقمطر. تنبيهان: الأول منع الكوفيون ترخيم نحو: قمطر مما قبل آخره ساكن على هذه اللغة، وحجتهم ما يلزم عليه من عدم النظير، وقد تقدم مذهب الفراء فيه. الثاني: يستثنى من قوله بما فيه ألف مسألتان: ذكرهما في غير هذا الكتاب: الأولى ما كان مدغمًا في   ويا تأبط في يا تأبط شرا وإما كلمة وحرف نحو: يا اثن ويا اثنت في اثنا عشر واثنتا عشرة علمين والذي استظهره سم في ترخيم المركب الإسنادي إذا لم ينو المحذوف أنه إن كان الباقي جملة كما في تأبط فإن فاعله مستتر فيه قدر الضم في آخره, وإلا كما في قام من قام زيد ضم آخره لفظًا؛ لأنه كالمستقل والفعل الخالي من الضمير إذا سمي به يعرب لفظًا فإذا نودي ضم لفظًا. قوله: "وذا عمرو نقل" ذا مبتدأ وعمرو مبتدأ ثان خبره نقل والجملة خبر المبتدأ الأول والرابط محذوف تقديره نقله أو ذا مفعول نقل بناء على الصحيح من جواز تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ. قوله: "أي: نقل ذلك عن العرب" أي: في باب النسب كما سيذكره الشارح فلا ينافي أنه منع ترخيمه في باب الترخيم. قوله: "لأن من العرب من يقول يا تأبط" هذا محل الاستشهاد. قوله: "فعلم بذلك" أي: بمجموع كلامه في الموضعين. قوله: "وسيبويه لقبه" سيب بمعنى تفاح وويه بمعنى رائحة والإضافة في لغة العجم على قلبها في لغة العرب ولقب بذلك للطافته؛ لأن التفاح من لطيف الفواكه كذا في التصريح. قوله: "بعد حذف" بالتنوين. قوله: "بما فيه ألف" الباء للملابسة متعلقة باستعمل وما واقعة على حال ولا حاجة إلى جعل الباء بمعنى على. قوله: "من عدم النظير" وهو أن يكون الاسم المتمكن الصحيح الآخر ساكن الآخر ا. هـ. سم وللبصريين أن يقولوا المنوي كالثابت فليس الساكن هو الآخر في الحقيقة وكونه آخرًا لفظًا لا محذور فيه فتأمل. قوله: "ما كان مدغمًا" أي: الباقي الذي كان آخره مدغمًا. وقوله فيما يأتي الثانية ما حذف أي: باقي الاسم ذي الحرف الذي حذف ويحتمل أن التقدير الأولى الحرف الذي كان آخره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 واجْعَلْهُ إن لم تَنوِ مَحذوفًا كما ... لو كان بالآخِرِ وَضْعا تُمِّما   المحذوف وهو بعد ألف فإنه إن كان له حركة في الأصل حركته بها نحو: مضار ومحاج، فتقول فيهما يا مضار ويا محاج بالكسر إن كانا اسمي فاعل وبالفتح إن كانا اسمي مفعول، ونحو: تحاج تقول فيه يا تحاج بالضم؛ لأن أصله تحاجج، وإن كان أصلي السكون حركته بالفتح نحو: أسحار اسم بقلة، فإن وزنه أفعال بمثلين أولهما ساكن لا حظ له في الحركة، فإذا سمي به ورخم على هذه اللغة قيل يا أسحار بالفتح، فتحركه بحركة أقرب الحركات إليه وهو الحاء. وظاهر كلام الناظم في التسهيل والكافية تعين الفتح فيه على هذه اللغة. واختلف النقل عن سيبويه فقال السيرافي: يحتم الفتح، وقال الشلوبين: يختاره ويجيز الكسر. ونقل ابن عصفور عن الفراء أنه يكسر على أصل التقاء الساكنين وهو مذهب الزجاج. ونقل بعضهم أيضا أنه يحذف كل ساكن يبقى بعد الآخر حتى ينتهي إلى متحرك، فعلى هذا يقال يا أسح. الثانية: ما حذف لأجل واو الجمع كما إذا سمي بنحو: قاضون ومصطفون من جموع معتل اللام فإنه يقال في ترخيمه يا قاضي ويا مصطفى برد الياء في الأول والألف في الثاني لزوال سبب الحذف. هذا مذهب الأكثرين وعليه مشى في الكافية وشرحها، لكنه اختار في التسهيل عدم الرد "واجعله" أي: اجعل الباقي في المرخم "إن لم تنو محذوفًا كما لو كان بالآخر وضعًا تمما" أي: كالاسم التام الموضوع   مدغمًا الثانية الحرف الذي حذف والأول أنسب بالسياق. قوله: "وهو بعد ألف" ليس بقيد بل الياء كذلك كما في خويص تصغير خاص إذا سميت به كما في الدماميني؛ ولذا قال الشارح على الأوضح: بعد مدة فلو لم يكن قبل المدغم مدة كمحمر بقي على سكونه ا. هـ. أي: كبقاء قمطر على سكونه ولكن يلزم ما تقدم من عدم النظير إلا أن يقال ما مر وإنما خص الألف بالذكر هنا لكثرتها. قوله: "نحو: مضار ومحاج" أي: علمين لما مر. قوله: "بالفتح" لأنه أقرب الحركات إليه أي: إلى السكون ووجهه أنه أخف الحركات فهو أقرب إلى السكون في الخفة؛ لأن السكون أخف من الحركات ا. هـ. سم وعبارة الشارح على الأوضح فتحركه بحركة أقرب المتحركات إليه وهو الحاء وضمير إليه عليها يرجع إلى الحرف الأخير كالراء من أسحار وهذه العبارة هي الواقعة في كثير من نسخ الشارح لكن مع إبدال المتحركات بالحركات فتؤول بالمتحركات كما في عبارته على التوضيح. قوله: "فعلى هذا يقال يا أسح" أي: بالفتح؛ لأن الكلام في لغة من ينتظر. قوله: "الثانية ما حذف" تقدم الكلام عليه. قوله: "لأجل واو الجمع" التقييد بالواو غير جيد؛ لأن الحكم كذلك فيما لو سمي بالجمع ذي الياء نحو: قاضين ومصطفين دماميني. قوله: "لزوال سبب الحذف" وهو التقاء الساكنين. قوله: "لكنه اختار في التسهيل عدم الرد" فتقول يا قاض بالضم ويا مصطف بالفتح؛ لأن الساكن الأخير كالثابت لفظًا فالتقاء الساكنين موجود تقديرًا ولا خلاف في رد الياء والألف على لغة من لم ينو كما تقدم. قوله: "إن لم ينو محذوف" هكذا في نسخ بافتتاح ينو بتحتية وبنائه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 فقُل على الأوَّل في ثَمودَ يا ... ثَمُو ويا ثَمي على الثاني بيا   على تلك الصيغة فيعطي آخره من البناء على الضم وغير ذلك من الصحة والإعلال ما يستحقه لو كان آخرًا في الوضع، فتقول يا حار ويا جعف ويا منص ويا قمط بالضم في الجميع كما لو كانت أسماء تامة لم يحذف منها شيء. تنبيهان: الأول لو كان ما قبل المحذوف معتلا قدرت فيه الضمة على هذه اللغة فتقول في ناجية يا ناجي بالإسكان وهو علامة تقدير الضم ولو كان مضمومًا قدرت ضمًا غير ضمه الأول نحو: تحاج ومنص. الثاني يجوز في نحو: يا حار بن زيد على هذه اللغة ضم الراء وفتحها كما جاز ذلك في نحو: يا بكر بن زيد "فقل على" الوجه "الأول" وهو   للمجهول ورفع محذوف على النيابة عن الفاعل وفي نسخ إن لم تنو محذوفًا بافتتاح تنو بفوقية وبنائه للفاعل ونصب محذوفًا على المفعولية وهو أوفق بقوله: قبل وإن نويت بعد حذف ما حذف وتسمى هذه اللغة لغة من لا ينتظر. قوله: "كما" قال المكودي في موضع المفعول الثاني لأجله: والظاهر أن ما في قوله كما زائدة ولو مصدرية والتقدير ككونه متممًا بالآخر في الوضع ا. هـ. خالد وإنما كان هذا هو الظاهر مع أن الحقيق بجعله مزيدًا الثاني دون الأول لوقوعه في مركزه لكثرة زيادة ما بخلاف لو. قوله: "بالآخر" أي: آخره بعد الحذف سم. قوله: "من الصحة والإعلال" أي: إن كان آخره صحيحًا بقي على حاله وإلا أعل كما في ثمود فإنه يقال فيه ثمي بقلب الواو ياء والضمة كسرة. قوله: "على هذه اللغة" أي: لغة التمام وأما على لغة الانتظار فيقال في ترخيم يا ناجية يا ناجي بالفتح كما في سم. قوله: "يا ناجي" مشكل مع قوله الآتي: والتزم الأول إلخ نعم إن خصصنا ما يأتي بالصفة وهذا بالعلم فلا إشكال ا. هـ. سم وأقره شيخنا والبعض. وفيه أن تخصيص ما يأتي بالصفة لا يوافق صنيع الشارح الآتي؛ لأنه جعل كلام المصنف فيما يأتي عاما للصفة وغيرها, والذي ينبغي عندي حمل ما هنا على ما إذا وجدت القرينة الدافعة للبس وما يأتي على ما إذا لم توجد ثم رأيت عن الرضي فيما يأتي ما يؤيده. قوله: "ولو كان" أي: ما قبل المحذوف مضمومًا قدرت إلخ أي: على هذه اللغة ومن نوى لم يقدر شيئًا وظاهر قول الشارح قدرت ضما أنه مبني على ضم مقدر والذي في التصريح أن نحو: تحاج ومنص على لغة التمام مبني على ضمة حادثة للبناء غير الضمة التي كانت قبل الترخيم بدليل أن هذه يجوز اتباعها, والضمة التي كانت قبل الترخيم لا يجوز اتباعها فلو قال الشارح وأتيت بضم غير ضمة الأول لوافق ما في التصريح, والأقرب عندي ما مشى عليه الشارح وإن ضعفه البعض تبعًا للتصريح؛ لأن تقدير ضمة أسهل من تكلف ذهاب الضمة الأصلية وحدوث ضمة أخرى للبناء. وما استدل به صاحب التصريح لا ينهض لجواز أن يكون رفع التابع اتباعًا للضمة المقدرة كما في يا سيبويه العالم برفع العالم لا للضمة الملفوظ بها فاحفظه. قوله: "على هذه اللغة ضم الراء وفتحها" ومر أنها تكسر على لغة الانتظار ففي نحو: يا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مذهب من ينتظر "في" ترخيم "ثموديا ثمو" بإبقاء الواو؛ لأنها محكوم لها بحكم الحشو فلم يلزم مخالفة النظير "و" قل "يا ثمي على" الوجه "الثاني بيا" أي: بقلب الواو ياء لتطرفها بعد ضمة كما تقول في جمع جرو ودلو الأجري والأدلي والألزم عدم النظير إذ ليس في العربية اسم معرب آخره واو لازمة قبلها ضمة فخرج بالاسم الفعل نحو: يدعو المعرب المبني نحو: هو وذو الطائية، ويذكر الضم نحو: دلو وغزو، وباللزوم نحو: هذا أبوك. وقل في ترخيم نحو: صميان وكروان على الأول يا صمي ويا كرو بفتح الياء والواو لما سبق، وعلى الثاني يا صما ويا كرا بقلبهما ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما مع عدم المانع الذي سيأتي بيانه كما فعل برمي ودعا. وقل في ترخيم سقاية وعلاوة على الأول يا   حار بن زيد تثليث الراء. قوله: "وقل يا ثمي على الثاني بيا" يفهم من تقدير الشارح قل أن العطف من عطف الجمل ومن تقديره قل في الجملة الثانية وبإبقاء الواو في الجملة الأولى أن في كلام المصنف احتباكًا حيث حذف من كل من الجملتين نظير ما أثبته في الأخرى. قوله: "بقلب الواو ياء" أي: والضمة كسرة. قوله: "الأجرى والأدلى" أصلهما الأجرو والأدلو بضم الراء واللام فقلبوا الضمة كسرة والواو ياء. قوله: "إذ ليس في العربية إلخ" وذلك لمزيد الثقل بخلاف الياء التي قبلها كسرة وينظر ما الفرق بين الاسم والفعل حيث لم يجز في الأول وجاز في الثاني مع أنه أثقل وكذا يقال في المبني ا. هـ. دنوشري ويمكن أن يقال لما كان وضع الفعل دون الاسم على الثقل قبل النقل دون الاسم. قوله: "اسم معرب" فيه أن هذا منادى معرف مفرد فهو مبني وأجيب بأن له حكم المعرب لعروض بنائه. قوله: "نحو: يدعو" فإن جعل علمًا فهو أمر عارض. قوله: "وبالمعرب المبني" أي: أصالة لما تقدم. قوله: "نحو: هو إلخ" وأما نحو: سنبو اسم بلد بالصعيد فالظاهر أنه غير عربي ومثل بمثالين إشارة إلى أنه لا فرق في الواو والتي قبلها ضمة بين أن تكون متحركة أو ساكنة. قوله: "نحو: هذا أبوك" فإن الواو فيه ليست لازمة فإنها تقلب ألفًا في النصب وياء في الجر ومما خرج باللزوم نحو: هزو بإبدال الواو ومن الهمزة فإنه يصح فيه الهمز بدل الواو بل هو الأصل فلا يلزمه الواو. قوله: "صميان وكروان" أي: علمين لما مر أن من شروط الترخيم العلمية أو التأنيث بالتاء وكذا يقال في الأمثلة الآتية والصميان في الأصل. هو التقلب والتوثب ويقال رجل صميان أي: شجاع زكريا. قوله: "لما سبق" أي: من الحكم على كل بأنه حشو ولم يقلبا ألفًا كما قلبا على الثاني؛ لأن شرط قلبهما أن لا يكون بعدهما ساكن وعلى هذا بعدهما ساكن تقديرًا لا على الثاني. قوله: "مع عدم المانع الذي سيأتي بيانه" أي: في قول الناظم: من ياء أو واو بتحريك أصل ألفًا ابدل بعد فتح متصل. إن حرك التالي إلخ فالمانع الآتي أن يكون بعدهما ساكن. قوله: "كما فعل برمى ودعا" فيه لف ونشر مرتب فرمى راجع إلى يا صمى ودعا راجع إلى يا كرافان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 والتَزَمِ الأولَ في كمُسْلِمَه ... وجَوِّز الوجهينِ في كمَسْلَمه   سقاي ويا علا وبفتح الياء والواو، وعلى الثاني يا سقاء ويا علاء بقلبهما همزة لتطرفهما بعد ألف زائدة كما فعل برشاء وكساء. وقل في ترخيم لات مسمى به على الأول يا لا وعلى الثاني يا لاء بتضعيف الألف؛ لأنه لا يعلم له ثالث يرد إليه. وقل في ترخيم ذات على الأول يا ذا وعلى الثاني يا ذوا برد المحذوف. وقل في ترخيم سفيرج تصغير سفرجل على الأول يا سفير وعلى الثاني يا سفير عند الأكثرين, وقال الأخفش: يا سفيرل برد اللام المحذوف لأجل التصغير. وفروع هذا الباب كثيرة جدا وفيما ذكرناه كفاية "والتزم الأول   صمى ورمس يا ئيا اللام وكرا ودعا واو يا ها وكذا يقال فيما بعد. قوله: "وعلاوة" بكسر العين المهملة ما علقته على البعير بعد تمام الوقر ا. هـ. خالد. قوله: "برشاء وكساء" أصلهما رشاي وكساو. قوله: "بتضعيف الألف" أي: وقلب الثانية همزة كما سيأتي في بابه. قوله: "وعلى الثاني يا ذو ابرد المحذوف" هو اللام أي: وقلبه ألفًا وإرجاع العين إلى أصلها وهو الواو إذ أصل ذات ذوي أو ذوو على الخلاف حذفت اللام وعوض عنها تاء التأنيث كما قيل في بنت ثم قلبت الواو التي هي عين الكلمة ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. فإن قيل لو كانت التاء عوضًا عن اللام ما جمع بينهما في التثنية والجمع حيث قيل ذواتا وذوات قلت لا نسلم الجمع فيهما, بل التاء في التثنية لمحض التأنيث كالتاء في كل مثنى مؤنث والتاء في الجمع هي التاء المزيدة مع الألف في جمع المؤنث واللام باقية على حذفها فلا جمع. هذا ما ظهر لي في هذا المحل وهو متين وإن أوهم بعض العبارات خلافه. قوله: "برد اللام المحذوفة" أي: لأن حذفها كان بسبب عدم تأتي صيغة التصغير مع بقائها وبقاء الجيم فلما حذفت الجيم ردت اللام لتأتى الصيغة معها حينئذٍ وأما الجيم فسبب حذفها الترخيم وهو موجود فلا ترد. وقوله: لأجل التصغير متعلق بالمحذوفة. قوله: "والتزم الأول إلخ" كلامه هنا شامل للعلم والصفة وعليه درج الشارح وصرح الناظم في بعض كتبه بما قاله جماعة: إن هذا اللبس إنما يعتبر في الصفة لا في العلم وهو الذي دل عليه كلام سيبويه ووجهه أن اشتهار المسمى بعلمه مما يزيل اللبس في الغالب. قال الرضي: والحق أن كل موضع قامت فيه قرينة تزيل اللبس جاز الترخيم على الانتظار كان أولًا، وإلا فلا كذا في الدماميني وعليه فيمتنع الوجهان الترخيم على الانتظار والترخيم على عدمه إذا ألبس كل منهما فيمتنع ترخيم نحو: فتاة رأسًا فإنه على الوجهين يلتبس بيا فتى غير مرخم, قال يس: لكن قضية تجويز الناظم ترخيم المثنى والجمع بحذف زيادتيه كما مر جواز ترخيم ما ذكر, وإن كان فيه لبس ولعل الفرق أن هاء التأنيث وضعت لتمييز المؤنث فلا يليق حذفها عند اللبس لمنافاته الغرض من وضعها ولا كذلك ما عداها ا. هـ. قال البعض: وقد يقال علامة التثنية والجمع وضعت لتمييز المثنى والجمع عن المفرد فلا فرق ا. هـ. وقد أفدناك فيما تقدم أن تجويز ترخيم المثنى والجمع بحذف زيادته محمول على ما إذا رخما على لغة من ينتظر بدون لبس وحينئذٍ فلا إشكال فاعرفه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   في" موضعين: الأول ما يوهم تقدير تمامه تذكير مؤنث "كمسلمة" وحارثة وحفصة فتقول فيه يا مسلم ويا حارث ويا حفص بالفتح؛ لئلا يلتبس بنداء مذكر لا ترخيم فيه. والثاني: ما يلزم بتقدير تمامه عدم النظير كطيلسان في لغة من كسر اللام مسمى به فتقول فيه يا طيلس بالفتح على نية المحذوف ولا يجوز الضم؛ لأنه ليس في الكلام فيعل صحيح العين إلا ما ندر من نحو: صيقل اسم امرأة و"عَذَابٍ بَيئس" في قراءة بعضهم، ولا فيعل معتلها بل التزم في الصحيح الفتح كضيغم وفي المعتل الكسر كسيد وصيب وهين وكحبليات وحبلوي وحمراوي فتقول فيها يا حبلى ويا حبلو ويا حمراو فتح الياء والواو على نية المحذوف, ولا يجوز القلب على نية الاستقلال لما يلزم عليه من عدم النظير وهو كون ألف فعلى وهمزة فعلاء مبدلتين وهما لا يكونان إلا للتأنيث. تنبيه: ذكر الناظم هذا السبب الثاني في الكافية والتسهيل ولم يذكره هنا لعلة لأجل أنه مختلف فيه فاعتبره الأخفش والمازني والمبرد، وذهب السيرافي وغيره إلى عدم اعتباره وجواز الترخيم فيما تقدم والتمام "وجوز الوجهين في" ما هو "كمسلمة" بفتح الأول اسم   قوله: "تذكير مؤنث" ليس بقيد بل مثل إيهام تذكير المؤنث إيهام مجرد نداء مذكر لا ترخيم فيه كما صرحوا به فلو قال ما يوهم تقدير تمامه خلاف المراد لأجاد. قوله: "كمسلمة وحارثة" أي: لمؤنث أو مذكر فلا يجوز ترخيمهما على لغة من لا ينتظر لإيهامه تذكير المؤنث إن كانا لمؤنث ونداء مذكر لا ترخيم فيه إن كانا لمذكر وحفصة أي: لمؤنث فلا يجوز ترخيمها على لغة من لا ينتظر لإيهامه تذكير المؤنث ولا فرق في الثلاثة بين أن تكون أعلامًا أو نكرات مقصودة. وكالثلاثة في التزام الأول كل ما كانت التاء فيه للفرق أما ما ليست التاء فيه للفرق كحمزة وطلحة فيجوز فيه الوجهان. قوله: "وعذاب بيئس في قراءة بعضهم" عبارة الفارضي وبعذاب بيئس بياء ساكنة قبل همزة مكسورة في قراءة شعبة عن عاصم. قوله: "ولا فيعل معتلها" أي: بفتح العين وذكره تتميمًا للفائدة وإن لم يكن له دخل في التعليل فاندفع ما قاله البعض. قوله: "وكحبليات" عطف على كطيلسان وأعاد الكاف لبعد العهد ولدفع توهم عطفه على ما قبله. قوله: "وحبلوي وحمراوي" أي: بكسر الواو وتشديد الياء فيهما نسبة إلى حبلى وحمراء فقول الشارح بفتح الياء والواو صوابه وكسر الواو إذ لا وجه لفتح الواو إلا أن تصحح عبارته بأن الواو معطوف على فتح لا على الياء هذا ما ظهر لي بعد التوقف, ثم رأيت في الفارضي ما يؤيده حيث قال والثاني كطيلسان وحبلوى علمين. فتقول يا طيلس ويا حبلو بفتح السين وكسر الواو على اللغة الأولى. قوله: "ولا يجوز القلب" فلا تقول يا حبلى بقلب الياء والواو ألفًا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما ولا يا حمراء بقلب الواو همزة لتطرفها بعد ألف زائدة. قوله: "لا يكونان إلا للتأنيث" أي: وما للتأنيث لا يكون مبدلًا ا. هـ سم. أي: بل مزيدتين للتأنيث. قوله: "فيما تقدم" أي: في الأمثلة المتقدمة كطيلسان وحبليات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 ولاضْطرارٍ رَخَّموا دونَ نِدا ... ما للنِّدا يَصلحُ نحوُ أَحمدا   رجل لعدم المحذورين المذكورين، فتقول يا مسلم بفتح الميم وضمها. تنبيه: الأكثر فيما جاز فيه الوجهان الوجه الأول وهو أن ينوي المحذوف كما نص عليه في التسهيل، وعبارته تقدير ثبوت المحذوف للترخيم أعرف من تقدير التمام بدونه "ولا ضطرار رخموا دون ندا ما للندا يصلح نحو أحمدا" أي: يجوز الترخيم في غير النداء بشروط ثلاثة: الأول الاضطرار إليه فلا يجوز ذلك في السعة. الثاني: أن يصلح الاسم للنداء نحو: أحمد فلا يجوز في نحو: الغلام، ومن ثم خطئ من جعل من ترخيم الضرورة قوله: 965- أوالفامَكَّة من وُرْقِ الحَمى كما ذكره ابن جني في المحتسب والأصل الحمام فحذف الألف والميم الأخيرة لا على وجه الترخيم لما ذكرناه ثم كسر الميم الأولى لأجل القافية. الثالث: أن يكون إما   ونحوهما. قوله: "وجوز الوجهين في كمسلمه" قد يقال ترخيمه على لغة التمام يلبس بنداء مسلم مسمى به ا. هـ سم وقد يجاب بأن التسمية به نادرة فلم تعتبر. قوله: "كمسلمة" أي: وحمزة وطلحة. فائدة: أجاز الجمهور وصف المرخم ومنه قول الشاعر: أحار بن عمرو البيت. ومنعه السيرافي والفراء وجعل ابن عمرو بدلًا واستقبحه ابن السراج ويجوز رفع تابعه على لغة التمام مراعاة للفظ وأما على لغة الانتظار فقال سم فيه نظر إذ لا ضم في اللفظ. قال يس: والذي يظهر الجواز؛ لأن الحرف الذي حقه الضم في حكم الثابت وهو يؤيد ما قدمناه عند قول الشارح ولو كان مضمومًا قدرت إلخ. قوله: "للترخيم" صلة المحذوف وقوله: أعرف أي: أشهر في لسان العرب وقوله: بدونه أي: المحذوف. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل اشتراط صلاحية الاسم للنداء. قوله: "فحذف الألف إلخ" هذا الذي فعله الشاعر من حذف الحرفين وكسر الميم الأولى في غاية الشذوذ كما في ابن غازي وغيره. قوله: "لما ذكرناه" أي: من اشتراط الصلاحية للنداء فهو علة لقوله: لا على وجه الترخيم. قوله: "الثالث أن يكون إلخ" اعترض بأن هذا الثالث لا يؤخذ من كلام المصنف فكيف   965- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 453؛ والدرر 3/ 49؛ وشرح ابن عقيل ص425؛ والكتاب 1/ 26، 110؛ ولسان العرب 15/ 293 "منى"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص51؛ والمحتسب 1/ 78؛ والمقاصد النحوية 3/ 554، 4/ 285؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 294؛ والإنصاف 2/ 519؛ والخصائص 3/ 135؛ والدرر 6/ 244؛ ورصف المباني ص178؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 721؛ وشرح التصريح 2/ 189؛ وشرح المفصل 6/ 75؛ وهمع الهوامع 8/ 181، 2/ 157. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   زائدًا على الثلاثة أو بتاء التأنيث ولا تشترط العلمية ولا التأنيث بالتاء عينًا كما أفهمه كلامه ونص عليه في التسهيل ومنه قوله: 966- لَيسَ حَيٌّ على المنونِ بخالِ أي: بخالد. تنبيه: اقتضى كلامه أن هذا الترخيم جائز على اللغتين وهو على لغة التمام إجماع كقوله: 967- لنِعم الفَتَى تَعْشُو إلى ضوءِ نارِهِ ... طريفُ بنُ مالٍ لَيلةَ الجوعِ والخَصَرْ أراد ابن مالك فحذف الكاف وجعل ما بقي من الاسم بمنزلة اسم له لم يحذف منه شيء؛ ولهذا نونه وأما على لغة من ينتظر فأجازه سيبويه ومنعه المبرد ويدل للجواز قوله: 968- ألا أَضْحَت حِبالُكم رِماما ... وأضحت منكَ شاسِعة أُماما   أوقعه في حيز أي: التفسيرية وزعم البعض أن هذا الشرط مستغنى عنه بالثاني باطل فراجعه تعرف. قوله: "ولا التأنيث بالتاء عينًا" المتبادر أن عينًا راجع إلى التأنيث بالتاء يعني أن خصوص التأنيث بالتاء لا يشترط بل الشرط إما التأنيث بالتاء أو الزيادة على ثلاثة أحرف فلا طائل تحت ما أطال به البعض. قوله: "كما أفهمه كلامه" أي: حيث أطلق ولم يشترط العلمية والتأنيث بالتاء. قوله: "ومنه" أي: من الزائد على الثلاث المرخم ضرورة وليس بعلم ولا مؤنث بالتاء. قوله: "تعشو" بتاء الخطاب أي: تسير في العشاء أي: الظلام والخصر بمعجمة فمهملة مفتوحتين شدة البرد وضبطه بمهملتين سهو ا. هـ. زكريا وكذا ضبطه بإعجام الخاء صاحب مختصر الصحاح, وقال: إنه من باب طرب. وأشار بقوله: وضبطه بمهملتين سهو إلى العيني وصاحب التصريح فإنهما ضبطاه بمهملتين وفسراه بشدة البرد. قوله: "رمامًا" بكسر الراء جمع رمة بالضم وهي قطعة الحبل البالية والشاسعة البعيدة وأصل   966- عجزه: فلَوى ذَرْوَةً فجنبي ذِيالِ والبيت من الخفيف، وهو لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص109؛ والدرر 3/ 47؛ والمقاصد النحوية 4/ 461؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 181. 967- البيت من الطويل، وهو لامرئ المقيس في ديوانه ص142؛ وتذكرة النحاة ص420؛ والدرر 3/ 48؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 45؛ وشرح التصريح 2/ 190؛ والكتاب 2/ 254؛ والمقاصد النحوية 4/ 280؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 69؛ ورصف المباني ص239؛ وشرح ابن عقيل ص537؛ وهمع الهوامع 1/ 181. 968- البيت من الوافر وهو لجرير في ديوانه ص221؛ وخزانة الأدب 2/ 365؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 594؛ وشرح التصريح 2/ 190؛ والكتاب 2/ 270؛ والمقاصد النحوية 4/ 282؛ ونوادر أبي زيد ص31؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص240؛ والإنصاف 1/ 353؛ وأوضح المسالك 4/ 70؛ وشرح عمدة الحافظ ص313. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 الاختصاص : الاختصاصُ كنِداء دونَ يا ... كأيُّها الفَتَى بإثْرِ ارجُونِيا   هكذا رواه سيبويه. ورواه المبرد: وما عهدي كعهدك يا أماما قال في شرح الكافية: والإنصاف يقتضي تقرير الروايتين ولا تدفع إحداهما بالأخرى واستشهد سيبويه أيضًا بقوله: 969- إنَّ ابنَ حارثَ أنْ اشْتَقْ لرُؤيتَهِ ... أو أَمْتَدِحهُ فإنَّ الناسَ قد عَلِموا خاتمة: قال في التسهيل ولا يرخم في غيرها يعني في غير الضرورة منادى عار من الشروط إلا ما شذ من يا صاح وأطرق كرا على الأشهر، إذ الأصل صاحب وكروان فرخما مع عدم العلمية شذوذًا. وأشار بالأشهر إلى خلاف المبرد فإنه زعم أنه ليس مرخمًا، وإن ذكر الكروان يقال له كرا. والله أعلم. الاختصاص: "الاختصاص" قصر الحكم على بعض أفراد المذكور وهو خبر "كنداء" أي: جاء   أماما أمامة اسم امرأة ولو رخم على لغة التمام لقيل أمام بالرفع. قوله: "يا أماما" أي: فهو من ترخيم المنادى لا من الترخيم للضرورة فلا شاهد فيه على هذه الرواية لسيبويه. قوله: "إن ابن حارث" أراد حارثة فرخمه بحذف التاء للضرورة على لغة من ينتظر ومفعول علموا محذوف تقديره قد علموا ذاك مني كما في العيني. قوله: "على الأشهر" راجع لأطرق كرا فقط كما يعلم مما بعده. قوله: "إذ الأصل صاحب" زعم ابن خروف أن الأصل صاحبي وأنه أجري مجرى المركب المزجي فرخم بحذف الكلمة الثانية, ثم أدركه ترخيم آخر بعد ذلك الترخيم فحذفت الباء من صاحب وهو تعسف لا داعي إليه. قوله: "مع عدم العلمية" أي: وعدم التاء. الاختصاص: الباعث عليه إما فخر نحو: على أيها الجواد يعتمد الفقير أو تواضع نحو: إني أيها العبد فقير إلى عفو الله أو بيان المقصود نحو: نحن العرب أقرى الناس للضيف. قوله: "قصر الحكم على بعض أفراد المذكور" أي: أولًا فإذا قيل لا عالم إلا زيد فقد قصرنا الحكم وهو ثبوت العلم على زيد وهو بعض أفراد المذكور أولًا وهو عالم وهذا معناه لغة وأما اصطلاحًا فهو تخصيص حكم   969- البيت من البسيط، وهو لأوس بن حنباء في الدرر 3/ 48؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 527؛ وشرح التصريح 2/ 190؛ والكتاب 2/ 272؛ والمقاصد النحوية 4/ 283؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص241؛ والإنصاف 1/ 354؛ والمقرب 1/ 188؛ وهمع الهوامع 1/ 181. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   على صورة النداء لفظًا توسعًا كما جاء الخبر على صورة الأمر والأمر على صورة الخبر والخبر على صورة الاستفهام والاستفهام على صورة الخبر لكنه يفارق النداء في ثمانية أحكام: الأول أنه يكون "دون يا" وأخواتها لفظًا ونية. الثاني: أنه لا يقع في أول الكلام بل في أثنائه، وقد أشار إليه بقوله: "كأيها الفتى بإثر ارجونيا" الثالث: أنه يشترط أن يكون المقدم عليه اسمًا بمعناه. الرابع والخامس أنه يقل كونه علمًا وأنه ينصب مع كونه مفردًا.   علق بضمير بما تأخر عنه من اسم ظاهر معرفة معمول لأخص واجب الحذف. قوله: "أي: جاء على صورة النداء" أشار به إلى أن وجه شبه الاختصاص بالنداء كونه على صورته أي: غالبًا فلا يرد أن المنصوب على الاختصاص المقرون بأل ليس على صورة المنادى. ولك أن تقول وجه الشبه أن كلا من الاختصاص والنداء يوجد معه الاسم تارة مبنيا على الضم وتارة منصوبًا وهذا أوجه من قول شيخنا السيد مجيئة على صورة النداء إنما هو في أيها وأيتها لا غير. قوله: "كما جاء الخبر على صورة الأمر" نحو: أحسن بزيد فإن صورته صورة الأمر وهو خبر على المشهور إذ هو في تقدير ما أحسنه والأمر على صورة الخبر نحو: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} أي: ليرضعن والخبر على صورة الاستفهام نحو: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} أي: الله كاف عبده والاستفهام على صورة الخبر نحو: عندك زيد على تقدير همزة الاستفهام. قوله: "في ثمانية أحكام" زاد عليها في التصريح أنه لا يكون نكرة ولا اسم إشارة ولا موصولًا ولا ضميرًا وأنه لا يستغاث به ولا يندب ولا يرخم وأن أيا هنا اختلف في ضمتها هل هي إعراب أو بناء وفي النداء بناء بلا خلاف وأن العامل المحذوف هنا فعل الاختصاص, وفي النداء فعل الدعاء وأن هذا العامل لم يعوض عنه هنا شيء وعوض عنه في النداء حرفه, وجميع الأحكام المذكورة راجعة إلى جهة اللفظ وأما الأحكام المعنوية التي يفترقان فيها فثلاثة: أحدها أن الكلام مع الاختصاص خبر ومع النداء إنشاء. والثاني أن الغرض من ذكره تخصيص مدلوله من بين أمثاله بما نسب إليه بخلاف النداء. والثالث أنه مفيد لفخر أو تواضع أو بيان المقصود. قوله: "بل في أثنائه" أراد بالاثناء ما قابل الأول فيشمل ما وقع في وسط الكلام كما في نحن معاشر الأنبياء لا نورث لوقوعه بين المبتدأ والخبر وما وقع بعد فراغه كمثال الناظم لوقوع أيها الفتى بعد فراغ كلام تام وهو ارجوني. قوله: "كأيها الفتى باثر ارجونيا" وإعراب ذلك أن يقال: ارجوني فعل أمر للجماعة مبني على حذف النون والواو فاعل والنون للوقاية والياء مفعول وأي: مبني على الضم في محل نصب على المفعولية بأخص المحذوف وجوبًا وها للتنبيه والفتى مرفوع بضمة مقدرة على الألف نعتًا لأي: تابع للفظها فقط. قوله: "اسمًا بمعناه" كالياء في ارجوني فإنها بمعنى أيها الفتى أي: أن المراد منهما شيء واحد وهذا أوضح مما قاله البعض. قوله: "وأنه ينصب" أي: لفظًا لا محلا فقط مع كونه مفردًا أي: معرفًا. قال في التوضيح: كما في هذا المثال يعني المثال المتقدم في عبارته وهو بك الله نرجو الفضل كما في شرحه ويستثنى من ذلك أي: كما في مثال الناظم فإن نصبها محلي فقط. ومما ذكرنا يعلم ما في كلام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 وقَدْ يُرَى ذا دونَ أيٍّ تِلو أَل ... كمِثلِ نَحنُ العُربَ أَسْخى من بَذَل   السادس: أنه يكون بأل قياسًا كما سيأتي أمثلة ذلك. السابع: أن أيا توصف في النداء باسم الإشارة وهنا لا توصف به. الثامن: أن المازني أجاز نصب تابع أي: في النداء ولم يحكوا هنا خلافًا في وجوب رفعه. وفي الارتشاف لا خلاف في تابعها أنه مرفوع. واعلم أن المخصوص وهو الاسم الظاهر الواقع بعد ضمير يخصه أو يشارك فيه على أربعة أنواع: الأول أن يكون أيها وأيتها فلهما حكمها في النداء وهو الضم، ويلزمهما الوصف باسم محلى بأل لازم الرفع نحو: أنا أفعل كذا أيها الرجل: واللهم اغفر لنا أيتها العصابة. والثاني أن يكون معرفا بأل وإليه الإشارة بقوله: "وقد يرى ذا دون أي تلو أل كمثل نحن العرب   البعض من التخليط. قوله: "وهنا لا توصف به" الاقتصار على اسم الإشارة يدل على أنها توصف بالموصول سم. قوله: "ولم يحكوا هنا خلافًا إلخ" لعل وجهه أنه يتوسع في النداء ما لا يتوسع في الاختصاص لأنه أكثر منه دورانًا. وقوله في وجوب رفعه أي: مراعاة للفظ أي: وظاهر عبارته أن ضمته إعرابية والتحقيق أنها ضمة اتباع كما مر في النداء إذ لا مقتضى للرفع الإعرابي. قوله: "بعد ضمير يخصه إلخ" شرحه على ظاهره البعض فقال: أي: يخص الاسم الظاهر كأنا أفعل كذا أيها الرجل أو يشارك فيه أي: يشارك الاسم الظاهر في الضمير غيره كنحن العرب أسخى من بذل وبنا تميمًا ا. هـ. وفيه أن الضمير دائمًا يخص الاسم الظاهر بمعنى أن المراد منه هو المراد من الاسم الظاهر كما صرحوا به وقد تقدم وحينئذٍ لا يصح هذا التقسيم اللهم إلا أن يراد بمشاركة غير الاسم الظاهر له في الضمير إمكانها لصلاحية نحن مثلًا في نفسها بقطع النظر عن المقام؛ لأن يراد بها ما يعم الأنبياء وغيرهم فتدبر. وقوله: يشارك فيه إما مبني للمفعول أو للفاعل وضميره المستتر فيه على كل راجع للاسم الظاهر كما علم فهذه الصفة المعطوفة جارية على غير الموصوف وإن كانت الصفة المعطوف عليها جارية عليه ولم يبرز الضمير الراجع إلى الاسم الظاهر لأمن اللبس. ويصح على بناء يشارك للمفعول جعل نائب فاعله قوله: فيه فيكون خاليًا من الضمير جاريًا على الموصوف. قوله: "أيها" أي: للمذكر مفردًا أو مثنى أو جمعًا وأيتها أي: للمؤنث مفردًا أو مثنى أو جمعًا كذا في الشاطبي. قوله: "نحو: أنا أفعل كذا أيها الرجل إلخ" جملة الاختصاص في المثالين في موضع نصب على الحال والمعنى أنا أفعل ذلك مخصوصًا من بين الرجال, واللهم اغفر لنا مخصوصين من بين العصائب قاله الرضي. قوله: "العصابة" هي بكسر العين الجماعة الذين أمرهم واحد. قوله: "معرفًا بأل" قال ابن الحاجب: المعرف بأل ليس منقولًا عن النداء؛ لأن المنادى لا يكون ذا لام ونحو: أيها الرجل منقول عنه قطعًا والمضاف يحتمل الأمرين: أن يكون منقولًا عن المنادى ونصبه بياء مقدرة كما في أيها الرجل وأن ينتصب بفعل مقدر نحو: أعني أو أخص أو أمدح كما في المعرف بأل والنقل خلاف الأصل فالأولى أن ينتصب انتصاب نحن العرب ا. هـ. وقوله: ونصبه بياء مقدرة أي: مجردة عن معنى النداء وإلا كان منادى حقيقة لا منقولًا عن المنادى هذا والحق ما صرح به الشارح والموضح وغيرهما أن كل مخصوص منصوب بفعل مقدر تقديره أخص مثلًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أسخى من بذل" بالذال المعجمة أي: أعطى. والثالث أن يكون معرفًا بالإضافة كقوله -صلى الله عليه وسلم: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث". وقوله: نحن بني ضبة أصحاب الجمل قال سيبويه: وأكثر الأسماء دخولًا في هذا الباب بنو فلان، ومعشر مضافة، وأهل البيت وآل فلان. والرابع أن يكون علمًا وهو قليل، ومنه قوله: 970- بِنا تَمِيمًا يُكْشَفُ الضَّبابُ ولا يدخل في هذا الباب نكرة ولا اسم إشارة. تنبيه: لا يقع المختص مبنيا على الضم إلا بلفظ أيها وأيتها، وأما غيرهما فمنصوب وناصبه فعل واجب الحذف تقديره: أخص. واختلف في موضع أيها وأيتها: فمذهب الجمهور أنهما في موضع نصب بأخص أيضًا, وذهب الأخفش إلى أنه منادى ولا ينكر أن ينادي الإنسان نفسه، ألا ترى إلى قول عمر -رضي الله عنه: كل الناس أفقه منك يا عمر، وذهب السيرافي إلى أن أيا في الاختصاص معربة وزعم أنها تحتمل وجهين: أن تكون خبرًا لمبتدأ محذوف والتقدير: أنا أفعل كذا هو أيها الرجل أي: المخصوص به. وأن تكون مبتدأ   وليس هناك يا مقدرة. قوله: "وقد يرى ذا" أي: المنصوب على الاختصاص ودون حال من ذا، وتلو مفعول ثان ليرى والكاف في كمثل زائدة. قوله: "العرب" منصوب بمحذوف والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر وكذا المنصوب في الحديث والبيت. كذا في المغني. قوله: $"نحن معاشر الأنبياء" قال في التصريح: هذا الحديث بلفظ نحن قال الحفاظ غير موجود, وإنما الموجود في سنن النسائي الكبرى إنا معاشر الأنبياء ا. هـ. وقال شيخنا السيد: رواه البزار بلفظ نحن ورواه النسائي بلفظ إنا. قوله: "وأهل البيت" قيل منه إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت والصحيح كما في المغني أنه منادى حقيقة؛ لأن الاختصاص بعد ضمير الخطاب قليل كما يأتي. قوله: "يكشف الضباب" هو شيء كالغبار يكون في أطراف السماء. عيني. قوله: "ولا اسم إشارة" ولا موصول ولا ضمير قاله في الارتشاف. تصريح. قوله: "إلا بلفظ أيها وأيتها" وجه الضم فيهما استصحاب حالهما في النداء بأن نقلا بحالهما عن النداء واستعملا في غيره كذا في الحواشي. وقال في المغني: وجه بنائهما على الضم مشابهتهما في اللفظ أيها وأيتها في النداء وإن انتفى هنا موجب بنائهما في النداء. قوله: "هو أيها الرجل" لعل أيها على كلامه واقعة على الشخص مثلًا فتأمل. قوله: "أي   970- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص169؛ وخزانة الأدب 2/ 413؛ والدرر 3/ 15؛ والكتاب 2/ 234؛ والمقاصد النحوية 4/ 302؛ وهمع الهوامع 1/ 171؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 2/ 18. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 التحذير والإغراء : إيَّاكَ والشَّرَّ ونَحوَهُ نَصَبْ ... مُحَذِّرٌ بما استِثارُهُ وَجَبْ   والخبر محذوف والتقدير أيها الرجل المخصوص أنا المذكور. خاتمة: الأكثر في المختص أن يلي ضمير متكلم كما رأيت, وقد يلي ضمير مخاطب كقولهم بك الله نرجو الفضل، وسبحانك الله العظيم، ولا يكون بعد ضمير غائب. التحذير الإغراء: التحذير تنبيه المخاطب على أمر مكروه ليجتنبه والإغراء تنبيهه على أمر محمود   المخصوص به" تفسير للضمير أعني هو والضمير في به يرجع إلى الفعل المفهوم من إفعل كذا قوله: "أنا المذكور" خبر عن أيها ولا حاجة إلى زيادة قوله المذكور. قوله: "أن يلي ضمير متكلم" ولا يجوز أن يتقدم على الضمير كما قاله السيوطي وغيره. قوله: "ولا يكون بعد ضمير غائب" ولا بعد اسم ظاهر فلا يجوز بهم معشر العرب ختمت المكارم ولا بزيد العالم تقتدي الناس. تصريح. التحذير والإغراء: قال في النكت: جمعهما في باب واحد لاستواء أحكامهما وكان ينبغي تقديم الإغراء على التحذير؛ لأن الإغراء هو الأحسن معنى وعادة النحويين البداءة به كما يقولون نعم وبئس وتقول الناس الوعد والوعيد والثواب والعقاب ونحو: ذلك ولا ترى طباعهم العكس ا. هـ. ولك أن تقول إنما قدموا التحذير؛ لأنه من قبيل التخلية والإغراء من قبيل التحلية ثم هما وإن تساويا حكمًا مفترقان معنى فالإغراء التسليط على الشيء والتحذير الإبعاد عنه. ويشتمل التحذير على محذر بكسر الذال وهو المتكلم ومحذر بفتحها وهو المخاطب ومحذر منه وهو الشر مثلًا كذا في الغزي ومثله يجري في الإغراء. وقوله: وهو المخاطب اقتصر عليه مع أنه قد يكون المتكلم والغائب؛ لأن تحذيرهما شاذ كما سيأتي. قال شيخ الإسلام: التحذير يكون بثلاثة أشياء بإياك وأخواتها وبما ناب عنهما من الأسماء المضافة إلى ضمير المخاطب نحو: نفسك وبذكر المحذر منه نحو: الأسد وسيأتي بيانها في كلامه. قوله: "تنبيه المخاطب" اقتصر على المخاطب مع أن التحذير يكون لغيره؛ لأن تحذيره هو الكثير المقيس فقصد الشارح تعريف هذا النوع منه فقط. قوله: "على أمر مكروه" ولو في زعم المحذر فقط أو المخاطب فقط. أفاده سم. قوله: "ليجتنبه إلخ" بقي تنبيه المخاطب على أمر مذموم ليفعله وتنبيهه على أمر محمود ليجتنبه, والظاهر عندي أن الأول من الإغراء والثاني من التحذير، وإنما لم يذكرهما الشارح؛ لأنهما لا ينبغي صدورهما من العاقل. بقي أن تعريف التحذير يشمل نحو: لا تؤذ أخاك ولا تعص الله، وظاهر ما نقلناه قريبًا عن شيخ الإسلام خلافه وتعريف الإغراء يشمل نحو: أحسن إلى أخيك وأطع الله واصبر، وفي كون كل ذلك ونحوه يسمى إغراء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 ودونَ عَطفٍ ذا لإيَّا انسُبْ وما ... سواهُ سَتْرُ فِعلِهِ لن يَلزما   ليفعله، وإنما ذكر ذلك بعد باب النداء؛ لأن الاسم في التحذير والإغراء مفعول به بفعل محذوف ولا يجوز إظهاره كالمنادى على تفصيل يأتي. واعلم أن التحذير على نوعين: الأول أن يكون بإياك ونحوه. والثاني بدونه: فالأول يجب ستر عامله مطلقًا كما أشار إليه بقوله: "إياك والشر ونحوه" أي: نحو: إياك، كإياك وإياكما وإياكم وإياكن "نصب محذر بما" أي: بعامل "استتاره وجب" لأنه لما كثر التحذير بهذا اللفظ جعلوه بدلًا من اللفظ بالفعل، والأصل احذر تلاقي نفسك والشر، ثم حذف الفعل وفاعله ثم المضاف الاول وأنيب عنه الثاني فانتصب، ثم الثاني وأنيب عنه الثالث فانتصب وانفصل   اصطلاحًا بعد. فتأمل. قوله: "محمود" فيه ما مر في نظيره وكان الأحسن في المقابلة أن يعبر بالمكروه والمحبوب أو بالمذموم والمحمود. قوله: "بعد باب النداء" أي: حقيقة أو صورة ليشمل الاختصاص. قوله: "على تفصيل يأتي" حاصله أن محل الوجوب إذا كان التحذير بإيا ونحوه أو بغيره مع العطف أو التكرار. قوله: "يجب ستر عامله" أي: حذفه. قال البعض: مقدرًا بعد إياك إذ لا يتقدم الفعل مع انفصال الضمير وفيه أنهم ذكروا من أسباب الانفصال حذف الفعل وتأخره ولا مانع أن يكون سببه هنا الحذف, بل صرح به بعضهم فالفعل المقدر يجوز تقدمه مع انفصال الضمير وما ذكره من عدم جواز تقدمه مع انفصال الضمير, إنما هو في الفعل الملفوظ به فما علل به تقدير الفعل بعد إياك لا ينهض. والتعليل الصحيح ما في الدماميني ونصه: تقدير الفعل بعد إياك واجب إذ لو قدر مقدمًا للزم أن يكون أصله باعدك أي: باعد أنت إياك فيلزم تعدي الفعل الرافع لضمير الفاعل إلى ضميره المتصل وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها ا. هـ. ثم يؤخذ من التعليل ما أفاده صنيع التصريح وصرح به شيخنا السيد من أن وجوب تقديره بعد إياك, إنما هو على جعل الأصل إياك باعد عن الأسد والأسد عنك. وأما على جعل الأصل احذر تلاقي نفسك والأسد وهو ما مشى عليه الشارح والموضح فلا يجب تقديره بعد إياك لانتفاء المحذور المذكور نظرًا إلى أن المفعول في الحقيقة تلاقي لا الضمير. هذا تحقيق المقام فاحتفظ عليه والسلام. فإن قلت المعطوف في حكم المعطوف عليه وإياك محذر والأسد محذر منه وهما متخالفان فكيف جاز العطف فالجواب أنه لا يجب مشاركة الاسم المعطوف للمعطوف عليه إلا في الجهة التي انتسب بها المعطوف عليه إلى عامله وهي هنا كونه مفعولًا به أي: مباعدًا وكذا الأسد مباعد إذ المعنى إياك باعد وباعد الأسد كما مر. قوله: "مطلقًا" أي: سواء كان مع عطف أو تكرار أولًا. قوله: "جعلوه" أي: هذا اللفظ بدلًا أو عوضًا من اللفظ أي: من التلفظ بالفعل أي: ولا يجمع بين العوض والمعوض. قوله: "وأنيب عنه الثالث" ليس الثالث صفة لمحذوف تقديره المضاف الثالث وإن أوهمته عبارته إذ ليس ثم مضاف ثالث بل الثالث مضاف إليه فيجعل صفة لمحذوف تقديره الاسم الثالث. قوله: "فانتصب وانفصل" أي: بعد أن كان مجرورًا متصلًا. قوله: "ودون عطف" دون ظرف لغو متعلق بانسب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "ودون عطف ذا" الحكم أي: النصب بعامل مستتر وجوبًا "لإيا انسب" سواء وجد تكرار كقوله: 971- فإيَّاكَ إيَّاكَ المراءَ فإنَّهُ ... إلى الشَّرِّ دَعَّاءٌ وللشرِّ جالِبُ أم لم يوجد نحو: إياك من الأسد، والأصل باعد نفسك من الأسد، ثم حذف باعد وفاعله والمضاف، وقيل التقدير أحذرك من الأسد، فنحو: غياك الأسد ممتنع على التقدير الأول وهو قول الجمهور، وجائز على الثاني وهو رأي الشارح وظاهر كلام التسهيل ويعضده البيت. ولا خلاف في جواز إياك أن تفعل لصلاحيته لتقدير من. قال في التسهيل: ولا يحذف يعني العاطف بعد إيا إلا والمحذوف منصوب بإضمار ناصب   وكذا قوله: لإيا وذا مفعول مقدم لانسب. قوله: "والأصل" أي: أصل إياك من الأسد باعد نفسك إلخ. حاصله أنه إذا ذكر المحذر منه بلا عطف فعند الجمهور يتعين جره بمن بناء على أن العامل عندهم في إياك باعد؛ لأنه لا يتعدى إلى الثاني بنفسه وأما البيت فعلى حذف الجار ضرورة وعند ابن الناظم يجوز نصبه ولا تتعين من كما في البيت بناء على أن العامل عنده في إياك احذر ونحوه مما يتعدى إلى اثنين بنفسه كجنب، وعند الناظم على ما يؤخذ من التسهيل إما أن يجر بمن أو ينصب بفعل محذوف آخر تقديره دع أو نحوه ويجوز إظهاره، وأما نحو: إياك أن تفعل فجائز عند الجميع. قوله: "وقيل التقدير أحذرك من الأسد" لأن احذر يتعدى بمن كما يتعدى بنفسه. قال الحفيد: والحق أن يقال لا يقتصر على تقدير باعد ولا على تقدير احذر بل الواجب تقدير ما يؤدي الغرض إذ المقدر ليس أمرًا متعبدًا به لا يعدل عنه. قوله: "ممتنع على التقدير الأول" لأن باعد لا يتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه كما مر وجعله منصوبًا بنزع الخافض والأصل من الأسد يرده أنه سماعي إلا مع إن وأن. ومحل الامتناع إذا لم يضمن معنى فعل يتعدى إلى مفعولين بنفسه كجنب وحذر وإلا جاز. قوله: "وهو قول الجمهور" مرجع الضمير الامتناع المفهوم من ممتنع. قوله: "وجائز على الثاني" لأن احذر يتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه كما يتعدى إليه بمن كما مر وينبني أيضًا على التقديرين أن الكلام على الأول انشائي وعلى الثاني خبري. قوله: "وظاهر كلام التسهيل" اعترضه شيخنا والبعض بأن مفاد ما سينقله عن التسهيل أن نصب الثاني بعامل آخر لا بناصب الأول، ولك دفعه بجعل الضمير في قوله: وهو رأي الشارح وظاهر كلام التسهيل إلى مجرد جواز النصب وإن اختلف تخريجه. قوله: "لصلاحيته لتقدير من" تعليل لجوازه   971- البيت من الطويل، وهو للفضل بن عبد الرحمن في إنباه الرواة 4/ 76؛ وخزانة الأدب 3/ 63؛ ومعجم الشعراء ص310؛ وله للعرزمي في حماسة البحتري ص253؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص686؛ وأوضح المسالك 3/ 336؛ والخصائص 3/ 102؛ ورصف المباني ص137؛ وشرح التصريح 2/ 128؛ وشرح المفصل 2/ 25؛ والكتاب 1/ 279؛ وكتاب اللامات ص70؛ ولسان العرب 15/ 441 "أيا"؛ ومغني اللبيب ص679؛ والمقاصد النحوية 4/ 113، 308؛ والمقتضب 3/ 213. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   آخر أو مجرور بمن وتقديرها مع أن تفعل كاف. تنبيهان: الأول ما قدمته من التقدير في إياك والشر هو ما اختاره في شرح التسهيل وقال: إنه أقل تكلفًا وقيل الأصل اتق نفسك أن تدنو من الشر والشر أن يدنو منك، فلما حذف الفعل استغنى عن النفس فانفصل الضمير، وهذا مذهب كثير من النحويين منهم السيرافي واختاره ابن عصفور. وذهب ابن طاهر وابن خروف إلى أن الثاني منصوب بفعل آخر مضمر فهو عندهما من قبيل عطف الجمل. الثاني حكم الضمير في هذا الباب مؤكدًا   على التقدير الأول وترك تعليله على الثاني لظهوره. قوله: "بإضمار ناصب آخر" فالتقدير في إياك الشر باعد كودع الشر. ومن كلام التسهيل هذا تعلم موافقة الناظم الجمهور في تقديرهم عامل إياك باعد إذ لو قدره الناظم احذر لم يحتج إلى تقدير ناصب آخر للشر كما فهم. قوله: "وقيل الأصل اتق نفسك إلخ" وقيل الأصل باعد نفسك من الشر والشر منك وهو أقل تكلفًا من كون الأصل اتق نفسك إلخ, لا من كون الأصل احذر تلاقي نفسك والشر وبهذا القول صارت الأقوال في إياك والشر أربعة. قوله: "أن تدنو من الشر" بدل اشتمال. قوله: "والشر أن يدنو منك" وقد حصل الواجب من اشتراك المتعاطفين في معنى العامل وهو الاتقاء فلا يقال كيف تعاطفا, وأحدهما محذر والآحر محذر منه. قوله: "فانفصل الضمير" ويقدر الفعل بعده لا قبله وإلا كان الأصل أي: الثاني اتقك فيلزم تعدي الفعل الرافع لضمير الفاعل إلى ضميره المتصل وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها ا. هـ. سم وقد يقال هلا نظر إلى كون الفعل إنما تعدى في الحقيقة إلى نفس المقدرة لا إلى الكاف كما مر نظيره إلا أن يفرق بأن المقدر هنا عين الضمير في المعنى بخلاف المقدر في النظير المار وكل هذا يجري في قوله سابقًا نحو: إياك من الأسد والأصل باعد نفسك من الأسد إلخ فتنبه. قوله: "بفعل آخر مضمر" تقديره ودع الشر مثلًا. قوله: "حكم الضمير في هذا الباب" أراد بالضمير ما يشمل الضمير المنفصل البارز المنصوب والضمير المتصل المستتر المرفوع المنتقل إلى إياك بعد حذف الفعل. وقوله: حكمه في غيره قال الدماميني: فإذا قلت إياك فعندنا ضميران أحدهما هذا البارز المنفصل المنصوب وهو إياك والآخر ضمير رفع مستكن فيه منتقل إليه من الفاعل الناصب له, فإذا أكدت إياك قلت إياك نفسك وأنت بالخيار في تأكيده بأنت قبل النفس، وإن أكدت ضمير الرفع المستكن فيه قلت إياك أنت نفسك ولا بد من تأكيده بأنت قبل النفس حينئذٍ, وأما العطف فتقول في العطف على إياك إياك وزيدًا والشر وإن شئت قلت إياك أنت وزيدًا والشر، وتقول إن عطفت على المرفوع إياك أنت وزيد ويقبح بدون تأكيد أو فاصل على ما تقدم ا. هـ. قال شيخنا والبعض: وهذا مبني على انتقال الضمير من الفعل إلى إياك ونحوه, وهو خلاف ما تقدم في الشرح في قوله: ثم حذف الفعل وفاعله وعليه فليس معنا إلا ضمير واحد. وأجاب شيخنا السيد بأن حذف الفاعل أولًا مع فعله لا ينافي عوده ثانيًا عند مجيء ما يستكن فيه وهو إياك إذ هو في وقت حذفه لم يكن وهذا كله ظاهر على ما في كثير من النسخ من رفع زيد في قوله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 إلا مَعَ العَطفِ أو التَّكرارِ ... كالضَّيغمِ يا ذا السَّارِي   أو معطوفًا عليه حكمه في غيره نحو: إياك نفسك أن تفعل، وإياك أنت نفسك أن تفعل، وإياك وزيدًا أن تفعل، وإياك أنت وزيدًا أن تفعل "وما سواه" أي: ما سوى ما بإيا وهو النوع الثاني من نوعي التحذير. "ستر فعله لن يلزما إلا مع العطف" سواء ذكر المحذر نحو: ماز رأسك والسيف أي: يا مازن ق رأسك واحذر السيف، أم لم يذكر نحو: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13] ، "أو التكرار" كذلك "كالضيغم الضيغم" أي: الأسد الأسد "يا ذا الساري" ونحو: رأسك رأسك جعلوا العطف والتكرار كالبدل من اللفظ بالفعل، فإن لم يكن عطف ولا تكرار جاز ستر العامل وإظهاره، تقول نفسك الشر أي: جنب نفسك الشر، وإن شئت أظهرت، وتقول الأسد أي: احذر الأسد، وإن شئت أظهرت. ومنه قوله: 972- خَلِّ الطريقَ لمن يَبْنِي المَنارَ بِهِ   وإياك أنت وزيد أن تفعل أما على ما في بعضها من نصبه فالمراد بالضمير الضمير البارز فقط, وبحكمه جواز الفصل بأنت بينه وبين تأكيده ومعطوفه وترك الفصل, وحينئذٍ فلا اعتراض على الشارح أصلًا فاعرف ذلك. قوله: "إلا مع العطف" أي: بالواو فقط كما يأتي. قوله: "سواء ذكر المحذر" بفتح الذال المعجمة. قال شيخنا: الظاهر أن مراده به المخاطب كما زمن ماز رأسك والسيف وذا الساري من الضيغم الضيغم يا ذا الساري لكن هذا خلاف ما اصطلحوا عليه من أن المحذر بفتح الذال الاسم المنصوب بفعل محذوف أو مذكور على التفصيل المعلوم من إيا أو ما جرى مجراه، وعليه قول المصنف: وكمحذر إلخ والدليل على أن مراده المخاطب أنه مثل لما لم يذكر فيه المحذر بناقة الله وسقياها مع أنه يصدق عليه أنه اسم منصوب إلخ ا. هـ. وتمثيله بقوله: كماز إلخ يشعر بأن المراد المخاطب بالنداء لا بالكاف فيكون نحو: رأسك رأسك مثالًا لما لم يذكر فيه المحذر. وقد علم من ذلك أن قول المصنف يا ذا الساري ليس تكملة بل من جملة المثال. قوله: "أي: يا مازن ق رأسك واحذر السيف" هلا جعل تقديره كهو في إياك والشر أي: احذر تلاقي رأسك والسيف. قوله: "ناقة الله وسقياها" فيه ذكر المحذر منه مع العطف. قال البيضاوي: أي: ذروا ناقة الله وسقياها فلا تذودوها عنها. قال الشيخ: زاده في حاشيته عليه هذا إشارة إلى أن ناقة الله منصوب بعامل مضمر على التحذير وإضمار الناصب هنا واجب لمكان العطف ا. هـ. قوله: "كذلك" أي: سواء ذكر المحذر أولا. قوله: "ونحو: رأسك رأسك" فيه تنبيه على أنه قد يكتفي بذكر المحذر عن ذكر المحذر منه كعكسه. قوله: "ومنه" أي: من الإظهار. قوله: "خل الطريق" الشاهد فيه حيث أظهر العامل؛ لأن المحذر منه وهو الطريق خال من التكرار والعطف. تصريح. والمنار بفتح الميم والنون حدود   972- عجزه: وابُرز ببرزَةَ حيث اضطركَ القَدَرُ والبيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه 1/ 211؛ وشرح التصريح 2/ 195؛ والصاحبي في فقه اللغة ص186؛ والكتاب 1/ 254؛ ولسان العرب 5/ 310 "برز"؛ والمقاصد النحوية 4/ 307؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 78 والرد على النحاة ص75؛ وشرح المفصل 2/ 30. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهات: الأول أجاز بعضهم إظهار العامل مع المكرر، وقال الجزولي: يقبح ولا يمتنع. الثاني: شمل قوله إلا مع العطف أو التكرار الصور الأربع المتقدمة، وكلامه في الكافية يشعر بأن الأخيرة منها -وهي رأسك رأسك- يجوز فيها إظهار العامل فإنه قال: ونحو رأسك كإياك جعل ... إذ الذي يحذر معطوفًا وصل وقد صرح ولده بما تقدم. الثالث: العطف في هذا الباب لا يكون إلا بالواو وكون ما بعدها مفعولًا معه جائز فإذا قلت إياك وزيدًا أن تفعل كذا صح أن تكون الواو واو مع "وشذ" التحذير بغير ضمير المخاطب نحو: "إياي" في قول عمر -رضي الله عنه: لتذك لكم الأسل والرماح والسهام، وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب، والأصل إياي باعدوا عن حذف   الأرض ويوجد في بعض النسخ تمام البيت وهو: وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر أي: في برزة وهي الأرض الواسعة. قوله: "ونحو: رأسك كإياك جعل إلخ" يعني أن رأسك إنما يكون كإياك في وجوب ستر عامله حيث عطف عليه المحذور فمفهومه أنه حيث لم يعطف عليه لا يكون كإياك ولو حصل تكرار وهذا وجه الإشعار الذي ذكره, واعترض البعض على الشارح بأن في كلامه قصورًا؛ لأن كلام الكافية يشعر بجواز الإظهار في الثالثة أيضًا إذ ليس في كلامها تقييد بحذف المحذر أي: المخاطب ا. هـ. وأقول إذا أحسنت التأمل في كلام الكافية وجدته مشعرًا بجواز الإظهار في بعض أفراد الرابعة وبعض أفراد الثالثة لا في جميع أفرادهما؛ لأن المراد بنحو: رأسك كل ما كان التحذير فيه بذكر غير المحذر منه أولًا بقرينة قوله إذ الذي يحذر إلخ سواء ذكر المخاطب أولًا وحينئذٍ يفيد كلامها أنه إذا قيل رأسك رأسك أو رأسك رأسك يا زيد حاز إظهار العامل لعدم عطف المحذر منه والأول من أفراد الرابعة والثاني من أفراد الثالثة, ولا تعرض في كلامها منطوقًا ولا مفهومًا لحكم ما إذا قيل الضيغم الضيغم وهو من أفراد الرابعة أو الضيغم الضيغم يا ذا الساري وهو من أفراد الثالثة؛ لأن فرض كلامها فيما إذا كان التحذير بذكر غير المحذر منه أولًا والتحذير في هذين المثالين بذكر المحذر منه أولًا فلم يتم إطلاق الشارح ولا إطلاق البعض فافهم. قوله: "بما تقدم" أي: من وجوب ستر العامل في الصور الأربع. قوله: "وكون ما بعدها إلخ" وعليه فالحذف حائز لا واجب لعدم العطف قاله الدماميني. قوله: "لتذك" من التذكية. والأسل بفتح الهمزة والسين المهملة مارقّ من الحديد كالسيف والسكين. تصريح. قوله: "والأصل إياي باعدوا عن حذف الأرنب إلخ" هذا قول الجمهور وقال الزجاج: التقدير: إياي وحذف الأرنب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 وشَذَّ إيَّاي وإيَّاهُ أَشَذّ ... وعن سَبيلِ القصدِ من قاسَ انْتَبَذْ وكمُحذَّرٍ بلا إيَّا اجْعلا ... مُغَرًى به في كل ما قد فُصِّلا   الأرنب، وباعدوا أنفسكم عن أن يحذف أحدكم الأرنب. ثم حذف من الأول المحذور ومن الثاني المحذر، ومثل إياي إيانا "وإياه" وما أشبهه من ضمائر الغيبة المنفصلة "أشذ" من إياي كما في قول بعضهم: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب، والتقديرك فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب، وفيه شذوذان: مجيء التحذير فيه للغائب وإضافة إيا إلى ظاهر وهو الشواب، ولا يقاس على ذلك كما أشار إلى ذلك بقوله: "وعن سبل القصد من قاس انتبذ" أي: من قاس على إياي وإياه وما أشبههما فقد حاد عن طريق الصواب ا. هـ. تنبيه: ظاهر كلام التسهيل أنه يجوز القياس على إياي وإيانا فإنه قال: ينصب محذر إياي وإيانا معطوفًا عليه المحذور فلم يصرح بشذوذ وهو خلاف ما هنا "وكمحذر بلا إيا اجعلا مغرى به في كل ما قد فصلا" من الأحكام، فلا يلزم ستر عامله إلا مع العطف، كقوله: المروءة والنجدة بتقدير الزم، أو التكرار كقوله:   وإياكم أن يحذف أحدكم الأرنب فحذف من كل من الجملتين ما أثبت نظيره في الأخرى فيكون احتباكًَا كذا في السندوبي والاحتباك موجود على قول الجمهور أيضًا فتضعيف قول الجمهور بأن فيه الحذف من الأوّل لدلالة الثاني وهو قليل يجري مثله في قول الزجاج, ويزيد بأن فيه ادعاء حذف إياكم وحذفها لا يليق لما استقر لها في هذا الباب من أنها بدل من اللفظ بالفعل. قوله: "ثم حذف من الأوّل المحذور" وهو حذف الأرنب ومن الثاني المحذر وهو أنفسكم. وقول البعض تبعًا للتصريح وهو باعدوا أنفسكم فيه تساهل. قوله: "وإيا الشواب" بشين معجمة وآخره موحدة جمع شابة ويروى بسين مهملة آخره مثناة فوقية جمع سوأة. قوله: "والتقدير فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب" أي: فحذف الفعل مع فاعله ثم تلاقي ثم نفس فانفصل الضمير وانتصب وأقام إيا مقام أنفس. قوله: "وفيه شذوذان" بل ثلاثة ثالثها اجتماع حذف الفعل وحذف لام الأمر كما في التوضيح. وظهر لي رابع وهو جعل إيا محذرًا منه, ثم رأيت في الهمع خلافه حيث ذكر أن المحذر منه يكون ضمير غائب معطوفًَا على المحذر واستشهد بقول الشاعر: فلا تصحب أخا الجهل ... وإياك وإياه وذكر الرضي أن المحذور منه المكرر يكون ظاهرًا نحو: الأسد الأسد وسيفك سيفك، ومضمرًا نحو: إياك إياك وإياه إياه وإياي إياي. قوله: "وإضافة إيا إلى ظاهر" يقتضي أن إيا في نحو: إياه مضافة للهاء مع أنها حرف غيبة والضمير إيا وهو غير مضاف فلعل ما ذكره قول، أو أراد بالإضافة الربط والتعلق ا. هـ سم وقد يمنع الاقتضاء وما ترجاه هو الواقع كما مر في باب الضمير. قوله: "مغري به" ولا يكون الإغراء إلا للمخاطب وقيل جاء قليلًَا للغائب نحو: فعليه بالصوم وللمتكلم نحو: عليّ زيدًا. وأول فعليه بالصوم بأن الأمر للمخاطب أي: ألزموه الصوم أو دلوه عليه مثلًَا أفاده سم أي: وكذا يؤول عليّ زيدًَا أي: ألزموني زيدًا ونحو: ذلك وسيأتي في الباب الآتي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   973- أخاكَ أخاكَ إنْ من لا أخا له ... كساعٍ إلى الهَيجا بغير سِلاح وإنَّ ابنَ عمِّ المَرءِ فاعْلَمْ جَناحُهُ ... وهل يَنْهضُ البازي بغيرِ جَناح أي: الزم أخاك. ويجوز إظهار العامل في نحو: الصلاة جامعة إذ الصلاة نصب على الإغراء بتقدير احضروا، وجامعة حال، فلو صرحت باحضروا جاز. تنبيه: قد يرفع المكرر في الإغراء والتحذير كقوله: 974- إنَّ قومًا منهم عُميرٌ وأَشْبا ... هُ عُميرٍ ومنهم السَّفاحُ لجديرونَ بالوفاءِ إذا قا ... لَ أخو النجدَةِ السِّلاحُ السلاحُ وقال الفراء في قوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13] : نصب الناقة على التحذير، وكل تحذير فهو نصب، ولو رفع على إضمار هذه لجاز فإن العرب قد ترفع ما فيه معنى التحذير ا. هـ. خاتمة: قال في التسهيل: ألحق بالتحذير والإغراء في التزام إضمار الناصب مثل وشبهه نحو: كليهما وتمرًا. وامرأ ونفسه. والكلاب على البقر. وأحشفا وسوء كيلة. ومن   كلام آخر في قوله فعليه بالصوم. قوله: "والنجدة" بفتح النون أي: الشجاعة. قوله: "نصب على الإغراء إلخ" ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ورفع الأول على الابتداء مع حذف الخبر أو على الخبرية لمحذوف، ونصب جامعة على الحالية ونصب الأول على الإغراء ورفع الثاني على الخبرية لمحذوف. قوله: "قد يرفع المكرر إلخ" مثل المكرر المتعاطفان كما أشار إليه بنقل كلام الفراء. قوله: "مثل وشبهه" قال البعض: لم يمثل لشبه المثل ومثاله انتهوا خيرًا لكم ا. هـ. وفي كلام شيخنا السيد ما يرده حيث قال: قوله: وامرأ ونفسه هذا من شبه المثل كما في الدماميني وكذا عذيرك وديار الأحباب وإن تأتني فأهل الليل وأهل النهار ومرحبًا وأهلًا وسهلًا, وهذا ولا زعماتك وكل شيء ولا هذا, ثم قال: ولو أخر ذكر جميع أشباه المثل عن ذكر جميع الأمثال لكان أنسب ا. هـ ملخصًا. وذكر شيخنا أيضًا   973- البيتان من الطويل، وهما لمسكين الدارمي في ديوانه ص29؛ والأغاني 10/ 171، 173؛ وخزانة الأدب 3/ 65، 67؛ والدرر 3/ 11؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 127؛ وشرح التصريح 2/ 195؛ والمقاصد النحوية 4/ 305؛ ولمسكين أو لابن هرمة في فصل المقال ص269؛ ولقيس بن عاصم في حماسة البحتري ص245؛ ولقيس بن عاصم أو المسكين الدارمي في الحماسة البصرية 2/ 60؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 79؛ وتلخيص الشواهد ص62؛ والخصائص 2/ 480؛ والدرر 6/ 44؛ وشرح شذور الذهب ص288؛ وشرح قطر الندى ص134؛ والكتاب 1/ 256. 974- البيتان من الخفيف، وهما بلا نسبة في الخصائص 3/ 102؛ والدرر 3/ 11؛ والمقاصد النحوية 4/ 306؛ والهمع 1/ 180. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أنت زيدًا. وكل شيء ولا هذا. ولا شتيمة حر. وهذا ولا زعماتك. وإن تأت فأهل الليل وأهل النهار. ومرحبًا وأهلًا وسهلًا. وعذيرك وديار الأحباب بإضمار أعطني، ودع، وأرسل، وأتبيع، وتذكر، واصنع، ولا ترتكب، ولا أتوهم، وتجد، وأصبت، وأتيت، ووطئت، واحضر, واذكر. ثم قال: وربما قيل كلاهما وتمرًا. وكل شيء ولا شتيمة حر. ومن أنت   أن امرأ ونفسه شبه مثل. قوله: "كليهما وتمرًا" هذا مثل وأصله أن إنسانًا خير بين شيئين فطلبهما جميعًا وطلب الزيادة عليهما ا. هـ. دماميني. قوله: "والكلاب على البقر" مثل معناه خل الناس خيرهم وشرهم واغتنم أنت طريق السلامة. قوله: "وأحشفا وسوء كيلة" بكسر الكاف كالجلسة للهيئة وهو مثل لمن يظلم الناس من وجهين. قوله: "ومن أنت زيدًا" مثل لمن يذكر عظيمًا بسوء. قوله: "بإضمار أعطني إلخ" ساق الأفعال الناصبة للمنصوبات المتقدمة على ترتيبها في الذكر السابق فأعطني ناصب كليهما وتمرًا وظاهر كلامه أن تمرًا معطوف على كليهما؛ لأنه لم يقدر له ناصبًا وقدر غيره وزدني تمرًا فيكون من عطف الجمل ودع هو ناصب امرأ وأما نفسه فيحتمل أن يكون معطوفًا وأن يكون مفعولًا معه وأرسل هو ناصب الكلاب على البقر وأتبيع ناصب حشفًا, وأما سوء كيلة فيحتمل أن يكون بتقدير وتزيد وأن يكون مفعولًا معه, وتذكر هو ناصب زيدًا واصنع هو ناصب كل شيء ولا ترتكب هو ناصب هذا من قولهم كل شيء ولا هذا ولا أتوهم هو ناصب زعماتك من قولهم هذا ولا زعماتك, وأما هذا في هذا التركيب فناصبه محذوف أي: أرضى هذا ولا أبوهم زعماتك كما قاله ابن الحاجب, ولم ينبه عليه المؤلف لجواز أنه خبر لمحذوف أو مبتدأ خبره محذوف كما قيل أي: الحق هذا أو هذا الحق. وتجد هو ناصب أهل الليل وأهل النهار أي: تجد من يقوم لك مقام أهلك في الليل والنهار وأصبت ناصب مرحبًا وأتيت ناصب أهلًا ووطئت ناصب سهلًا فعلى هذا هي ثلاث جمل وغيره جعل العامل فيها كلها واحدًا وقدره صادفت, فعلى هذا هي جملة واحدة وأحضر ناصب عذيرك قال سيبويه: أي: أحضر عذرك وقال بعضهم: التقدير: أحضر عاذرك واذكر ناصب ديار الأحباب ا. هـ. دماميني ببعض زيادة. وظاهر سكوته عن قوله ولا شتيمة حر أنه من تتمة ما قبله وأن العامل في شتيمة هو العامل في الكلمة قبلها وهو ترتكب وفي كلام شيخنا السيد تبعًا للدماميني أنه جملة منفردة فتكون شتيمة مستقلة بعامل تقديره: ترتكب, وأنه كان الأولى زيادة واو أخرى قبل قوله: ولا شتيمة حر لتكون إحدى الواوين من الحكاية والأخرى من المحكي فيفيد أن ولا شتيمة حر جملة منفردة. قال: وكذا ما سيذكره الشارح من لفظ كل شيء ولا شتيمة حر جملة أخرى منفردة ا. هـ. وقد يؤخذ من مجموع ذلك أنه قد يقال ولا شتيمة حر فقط. وقد يقال كل شيء ولا شتيمة حر والظاهر أن الأول عطف على اصنع كل شيء محذوفًا. قوله: "وربما قيل كلاهما وتمرًا" بإثبات الألف في كلاهما ونصب تمرًا فكلاهما مرفوع ويحتمل أن يكون منصوبًا على لغة من ألزمه الألف. قال شيخنا والبعض: ويترجح بسلامته من عطف الإنشاء على الخبر ا. هـ. وفي أن السلامة من ذلك ممكنة على الرفع أيضًا بأن يقدر ناصب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 أسماء الأفعال والأصوات : ما نابَ عن فِعل كَشتَّان وَصَهْ ... هو اسم فِعل وكذا أَوَّه وَمَهْ   زيد، أي: كلاهما لي. وزدني، وكل شيء أمم ولا ترتكب. ومن أنت كلامك زيد أو ذكرك. والله أعلم. أسماء الأفعال والأصوات: "ما ناب عن فعل" في العمل ولم يتأثر بالعوامل ولم يكن فضلة "كشتان وصه هو اسم فعل وكذا أوه ومه" فما ناب عن فعل جنس يشمل اسم الفعل وغيره مما ينوب عن   تمرًا أطلب أو آخذ أو أستزيد مثلًا وإن كان خلاف تقدير الشارح. قوله: "وكل شيء" برفع كل كما قاله شيخنا وغيره. قوله: "أمم" بفتحتين أي: سهل يسير. قوله: "كلامك زيد" أي: متكلمك الذي تتكلم فيه. وقوله أو ذكرك أي: مذكورك. أسماء الأفعال والأصوات: أي: وأسماء الأصوات كما سيصرح به الشارح، وصرح جماعة بأنها ليست أسماء بل ليست كلمات لعدم صدق حد الكلمة عليها؛ لأنها ليست دالة بالوضع على معنى لتوقف الدلالة على علم المخاطب بما وضعت له والمخاطب بالأصوات مما لا يعقل. وأجاب القائلون بأنها أسماء بأن الدلالة كون اللفظ بحيث متى أطلق فهم منه العالم بالوضع معناه وهذه كذلك ولم يقل أحد إن حقيقة الدلالة كون اللفظ يخاطب به من يعقل. قوله: "ما ناب عن فعل" أي: اسم ناب عن فعل بدليل الترجمة فالحروف خارجة عن الحد فلا حاجة إلى زيادة ما يخرجها كما فعله الشارح. والنيابة عن الفعل فسرها ابن المصنف بما يخرج المصدر فلا حاجة إلى زيادة ما يخرجه ا. هـ. سم. وقوله: فسرها ابن المصنف بما يخرج المصدر إلخ عبارة ابن الناظم أسماء الأفعال ألفاظ نابت عن الأفعال معنى واستعمالًا كشتان بمعنى افترق وصه بمعنى اسكت وأوّه بمعنى أتوجع ومه بمعنى أكفف واستعمالها كاستعمال الأفعال من كونها عاملة غير معمولة بخلاف المصادر الآتية بدلًا من اللفظ بالفعل فإنها وإن كانت كالأفعال في المعنى فليست مثلها في الاستعمال لتأثرها بالعوامل ا. هـ. ومنه يعلم فساد قول البعض المراد بالنيابة عن الفعل النيابة عنه في المعنى والعمل فلا حاجة إلى زيادة ما يخرج المصدر ا. هـ. وذلك لأن النيابة عن الفعل في المعنى والعمل حاصلة للمصادر المذكورة كما عرفت فكيف تخرج بالنيابة عن الفعل في المعنى والعمل والله الموفق. ثم قول ابن الناظم: كاستعمال الأفعال من كونها عاملة غير معمولة. قال شيخ الإسلام: زكريا أي: غير معمولة للاسم والفعل وإلا فالأفعال تكون معمولة للحرف الناصب أو الجازم ا. هـ. ويرد عليه أنها تكون معمولة للاسم الجازم أيضًا إلا أن يقال عمله فيها لا لذاته بل لتضمنه معنى الحرف وهو أن. قوله: "هو اسم فعل" فائدة وضعه وعدم الاستغناء عنه بمسماه قصد المبالغة فإن القائل أف كأنه قال أتضجر كثيرًا جدا، والقائل هيهات كأنه قال بعد جدا كما قاله ابن السراج أفاده سم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الفعل، والقيد الأول. وهو لم يتأثر بالعوامل. فصل يخرج المصدر الواقع بدلًا من اللفظ بالفعل واسم الفاعل ونحوهما. والقيد الثاني -وهو ولم يكن فضلة- لإخراج الحروف: فقد بان لك أن قوله: كشتان تتميم للحد, فشتان ينوب عن افترق، وصه ينوب عن اسكت، وأوه عن أتوجع، ومع عن انكفف، وكلها لا تتأثر بالعوامل وليست فضلات لاستقلالها. تنبيهان: الأول كون هذه الألفاظ أسماء حقيقة هو الصحيح الذي عليه جمهور البصريين. وقال بعض البصريين: إنها أفعال استعملت استعمال الأسماء. وذهب الكوفيون إلى أنها أفعال حقيقة. وعلى الصحيح فالأرجح أن مدلولها لفظ الفعل لا الحدث والزمان بل   قوله: "وكذا أوه" فيه لغات منها ما اشتهر من قولهم آه وأه كما في المرادي. قوله: "يخرج المصدر الواقع بدلًا من اللفظ بالفعل" نحو: ضربا زيدًا واسم الفاعل نحو: أقائم الزيدان ونحوهما مما يعمل الفعل فإن العوامل اللفظية والمعنوية تدخل عليها فتعمل فيها ألا ترى أن ضربًا منصوب بما ناب عنه وهو اضرب وقائم مرفوع بالابتداء ا. هـ. تصريح. قوله: "لإخراج الحروف" كإن وأخواتها. قوله: "فقد بان لك" أي: من احتياج قوله: ما ناب عن فعل إلى ما يخرج الحروف ونحو: المصدر النائب عن فعله لكن جعل قوله: كشتان وصه تتميمًا للتعريف إنما هو بقطع النظر عن زيادة الشارح القيدين السابقين فلو أخرج الشارح الحروف ونحو: المصدر المذكور بقول المصنف: كشتان وصه ثم قال: فبان لك إلخ لكان أوضح. قوله: "ومه عن انكفف" كذا في بعض النسخ وفي بعضها عن اكفف وهي إنما تصح على ما قيل أنه سمع في اكفف التعدي وعدمه مع أنه قد يفسر اللازم بالمتعدي وعكسه. قوله: "كون هذه الألفاظ إلخ" جملة الأقوال سبعة. قوله: "هو الصحيح" بدليل أن منها ما هو على حرفين أصالة كصه وأنها لا يتصل بها ضمائر الرفع البارزة وأن منها ما يخالف أوزان الأفعال نحو: نزال وقرقار وأن الطلبي منها لا تلحقه نون توكيد سم. قوله: "استعملت استعمال الأسماء" أي: من حيث إنها تنوّن تارة ولا تنوّن تارة أخرى ومن حيث أنها لا تتصل بها ضمائر الرفع البارزة ومن حيث أن الطلبي منها لا تلحقه نون توكيد ونحو: ذلك. قوله: "وذهب الكوفيون إلى أنها أفعال" أي: لدلالتها على الحدث والزمان همع. قوله: "حقيقة" قال البعض: أي: لم تستعمل استعمال الأسماء وليس المراد بالحقيقة ما قابل المجاز ا. هـ. وأنت خبير بأن هذا يؤدي إلى أن قول الكوفيين محض مكابرة وكيف ينكر أحد أنها استعملت استعمال الأسماء فيما مر. والأولى عندي أن مذهب بعض البصريين ومذهب الكوفيين واحد وأن الاختلاف بينهما ليس إلا في العبارة. قوله: "وعلى الصحيح إلخ" كان المناسب تأخيره عن القولين الأخيرين الآتيين أو تقديمه على قوله وقال بعض البصريين إلخ كما هو الظاهر للمتأمل. قوله: "لفظ الفعل" أي: من حيث هو دال على المعنى الموضوع هو له لا من حيث كونه مطلق لفظ، فآمين مثلًا مسمى به الفعل الذي هو استجب لا من حيث كونه لفظًا من الألفاظ بل من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 وما بِمعنَى افعل كآمينَ كَثُرْ ... وغيرُهُ كَوَي وهيهاتَ نَزُرْ   تدل على ما يدل على الحدث والزمان كما أفهمه كلامه. وقيل إنها تدل على الحدث والزمان كالفعل لكن بالوضع لا بأصل الصيغة. وقيل مدلولها المصادر. وقيل ما سبق استعماله في ظرف أو مصدر باق على اسميته كرويد زيدًا ودونك زيدًا، وما عداه فعل كنزال وصه. وقيل هي قسم برأسه يسمى خالفه الفعل. الثاني ذهب كثر من النحوين منهم الأخفش إلى أن أسماء الأفعال لا موضع لها من الإعراب، وهو مذهب المصنف، ونسبه بعضهم إلى الجمهور. وذهب المازني ومن وافقه إلى أنها في موضع نصب بمضمر، ونقل عن سيبويه وعن الفارسي القولان. وذهب بعض النحاة إلى أنها في موضع رفع بالابتداء وأغناها مرفوعها عن الخبر كما أغنى في نحو: أقائم الزيدان "وما بمعنى افعل كآمين   حيث كونه لفظًا دالا على طلب الاستجابة. دماميني. قوله: "كما أفهمه كلامه" أي: حيث قال هو اسم فعل. قوله: "وقيل إنها تدل على الحدث والزمان كالفعل" أي: فهي أسماء بمعنى الأفعال وفي قول الرضي لا يفهم منها أي: أسماء الأفعال لفظ الفعل بل معناه ميل إلى هذا القول. قوله: "لكن بالوضع" يعني المادة كالصبوح ولو عبر بها لكان أوضح. وقوله: لا بأصل الصيغة بهذا تميز اسم الفعل من الفعل على هذا القول فإن دلالته على الحدث بالمادة وعلى الزمان بالصيغة وإضافة أصل إلى الصيغة للبيان, ولو قال لا بالمادة والصيغة لكان أحسن إذ لا قائل في الفعل بأنه يدل على الحدث والزمان بالصيغة حتى يتوهم ذلك في اسم الفعل فيحتاج إلى نفيه ويمكن إرجاع قوله: لكن إلخ إلى الزمان فقط فلا يرد ما ذكر. قوله: "وقيل مدلولها المصادر" أي: النائبة عن أفعالها كما في الفارضي وغيره, ويظهر أن في الكلام حذف مضاف أي: قيل مدلولها مدلول المصادر وإنما بنيت على هذا القول مع إعراب تلك المصادر لما قاله المرادي من أنه دخلها معنى الأمر والمضي والاستقبال التي هي من معاني الحروف, وعليه فالمراد بالأفعال في قولهم أسماء الأفعال الأفعال اللغوية التي هي المصادر كما نقله شيخنا السيد عن الارتشاف. قوله: "كرويد زيدًا إلخ" نشر على تشويش اللف. قوله: "خالفة الفعل" أي: خليفته ونائبه في الدلالة على معناه. قوله: "الثاني إلخ" هذا الخلاف مبني على الخلاف الأول فعلى القول بأنها أفعال حقيقة أو أسماء لألفاظ الأفعال لا موضع لها من الإعراب وعلى القول بأنها أسماء لمعان الأفعال موضعها رفع بالابتداء وأغنى مرفوعها عن الخبر, وعلى القول بأنها أسماء للمصادر النائبة عن الأفعال موضعها نصب بأفعالها النائبة هي عنها كذا في التصريح والفارضي، ولم يظهر وجه بناء القول بأنها في موضع رفع بالابتداء أغنى مرفوعها عن الخبر على القول بأنها أسماء لمعاني الأفعال كالأفعال بل يظهر أنها عليه لا موضع لها كالأفعال فتأمل. قوله: "وذهب المازني إلخ" ظاهر هذا وما بعده جريانهما في عليك وإليك سم. قوله: "وذهب بعض النحاة إلخ" يحتاج صاحب هذا القول إلى أنه لا يلزم شرط الاعتماد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كثر" ما موصول مبتدأ وما بعده صلته وكثر خبره أي: ورود اسم الفعل بمعنى الأمر كثير، من ذلك آمين بمعنى استجب، وصه بمعنى اسكت، ومه بمعنى انكفف، وتيد وتيدخ بمعنى أمهل، وهيت وهيا بمعنى أسرع، وويها بمعنى أغر، وإيه بمعنى امض في حديثك، وحيهل بمعنى ائت أو أقبل أو عجل، ومنه باب نزال وقد مر أنه مقيس من الثلاثي، وأن قرقار بمعنى قرقر وعرعار بمعنى عرعر شاذ. تنبيه: في آمين لغتان: أمين بالقصر على وزن فعيل، وآمين بالمد على وزن فاعيل،   كما في الوصف قال الشيخ يس وعليه فما الفرق. قوله: "كثر" لأن الأمر كثيرًا ما يكتفى فيه بالإشارة عن النطق فكيف لا يكتفى بلفظ قائم مقامه ولا كذلك الخبر. تصريح. أي: فالخبر لم يكثر فيه ذلك وإن وجد فيه كالاكتفاء بالإشارة بالرأس عن نعم أو لا. قوله: "وتيد" بفوقية مفتوحة فتحتية ساكنة فدال مهملة قال أبو علي من التؤدة فأبدلت الهمزة ياء. دماميني. قوله: "وتيدخ" بالخاء المعجمة. قوله: "بمعنى أمهل" راجع للكلمتين قبله وفي القاموس أن تيد تأتي بمعنى اتئد أيضًا. قوله: "وهيت" بفتح التاء وكسرها وضمها وقد قرئ قوله تعالى هيت لك بالأوجه الثلاثة ا. هـ. همع واللام بعدها للتبيين والمعنى إرادتي أو أعني لك ولا تتعلق بهيت دماميني. قوله: "وهيا" بفتح الهاء وكسرها مع تشديد الياء فيهما همع. قوله: "بمعنى أسرع" راجع للكلمتين قبله. قوله: "وويها" بالتنوين لزومًا كما في الفارضي وسيأتي عند قول المصنف واحكم بتنكير الذي ينون إلخ. قوله: "بمعنى أغر" بقطع الهمزة؛ لأنه من أغريت. قوله: "وايه" بكسر الهمزة والهاء وفتحها وتنون المكسورة ا. هـ. قاموس. وأما أيها بفتح الهاء مع التنوين لزومًا فبمعنى انكفف كما في الهمع وجعله في القاموس أمرًا بالسكوت فلعل قول الهمع بمعنى انكفف أي: عن الكلام. قوله: "بمعنى امض في حديثك" هو كقول جماعة بمعنى زدني أي: من حديثك وهمزة امض وصل كما هو ظاهر. قوله: "وحيهل" وقالوا حيهلًا بالتنوين وحيهلا بالألف بلا تنوين وهي مركبة من حي بمعنى أقبل وهل التي للحث والعجلة لا التي للاستفهام فجعلتا كلمة واحدة مبنية على الفتح في الكثير كخمسة عشر كذا في الفارضي. وذكر بعضهم أن لام حيهل تسكن وتفتح وأن هاء حيهلًا بالتنوين وحيهلا بالألف تفتح وتسكن وأن الألف بدل التنوين وقفًا وأنها قد تثبت وصلًا. قوله: "بمعنى ائت إلخ" هو بمعنى الأول متعد بنفسه وبمعنى الثاني متعد بعلى وبمعنى الثالث متعد بالباء أو بإلى ا. هـ. زكريا. وقد تفرد حي من هل فيستعمل بمعنى أقبل ويعدى بعلى وبمعنى ائت ويعدى بنفسه كما في الدماميني. قوله: "ومن باب نزال" أي: من اسم فعل الأمر. وقوله من الثلاثي أي: التام المتصرف كما مر. وقرقر بمعنى صوت وعرعر بمعنى العب. قوله: "في آمين لغتان" أي: آمين المتكلم عليها التي هي اسم فعل وأما آمين بالمد وتشديد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وكلتاهما مسموعة، فمن الأولى قوله: 975- تَباعَدَ مِنِّي فَطَحْلٌ وابنُ أمهِ ... أمينَ فزادَ اللهُ ما بيننا بُعدا ومن الثانية قوله: 976- ويَرحمُ اللهُ عبدًا قالَ آمينا وعلى هذه اللغة فقيل إنه عجمي معرب؛ لأنه ليس في كلام العرب فاعيل، وقيل أصله أمين بالقصر فأشبعت فتحة الهمزة فتولدت الألف كما في قوله: 977- أقولُ إذ خرَّتْ على الكَلكالِ قال ابن إياز: وهذا أولى "وغيره كوي وهيهات نزر" أي: غير ما هو من هذه الأسماء بمعنى فعل الأمر قل، وذلك ما هو بمعنى الماضي كشتان بمعنى افترق وهيهات بمعنى بعد،   الميم فليست لغة في آمين المذكورة حتى ترد عليه بل هي كلمة أخرى؛ لأنها جمع آمّ بمعنى قاصد. قوله: "وآمين بالمد" مع الإمالة وعدمها فاللغات تفصيلًا ثلاث. قوله: "أقول إذ خرت على الكلكال" أي: سقطت. قال في القاموس الكلكل والكلكال الصدر أو ما بين الترقوتين ا. هـ. قيل الشاهد في الكلكال فإن أصله الكلكل. واعترض بأن ظاهر القاموس أن كلا أصل ولذا قيل إن آقول بإشباع الهمزة وتوليد الألف والشاهد فيه ولا يخفى أن ثبوت هذا يحتاج إلى نقل صحيح وأما الاعتراض المذكور فيدفع بأن شأن أهل اللغة ذكر لغات الكلمة وإن كان بعضها فرعًا عن بعض فتأمل. قوله: "بمعنى افترق" كذا أطلقه الجمهور وقيده الزمخشري بكون الافتراق في المعاني والأحوال كالعلم والجهل والصحة والسقم فلا تستعمل في غير ذلك فلا يقال شتان الخصمان عن مجلس الحكم ويطلب فاعلًا دالا على اثنين نحو: شتان الزيدان وقد تزاد ما بينهما فيقال شتان ما زيد وعمرو وقد تزاد ما بين بينهما كقوله: فشتان ما بين اليزيدين في الندى   975- البيت من الطويل، وهو لجبير بن الأضبط في تهذيب إصلاح المنطق 2/ 42؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص179؛ وشرح شذور الذهب ص152؛ وشرح المفصل 4/ 34؛ ولسان العرب 11/ 518 "فحطل"، 11/ 528 "فطحل"، 13/ 27 "أمن". 976- صدره: يا ربِّ لا تَسلُبني حُبَّها أَبدًا والبيت من البسيط، وهو للمجنون في ديوانه ص219، ولعمرو بن أبي ربيعة في لسان العرب 13/ 27 "أمن" وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص179؛ وإنباه الرواة 3/ 282؛ وشرح المفصل 4/ 34؛ وشرح شذور الذهب ص151. 977- الرجز بلا نسبة في الإنصاف ص25؛ والجنى الداني ص178؛ ورصف المباني ص12؛ ولسان العرب 11/ 596 "كلل"؛ والمحتسب 1/ 166. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وما هو بمعنى المضارع كأوه بمعنى أتوجع وأف بمعنى أتضجر، ووا ووي وواها بمعنى أعجب؛ كقوله تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} : أي: اعجب لعدم فلاح الكافرين وقول الشاعر: 978- وا بأبِي أنتِ وفوكِ الأَشَنْبُ   ولم تجعل ما موصولة على معنى افترق الحالتان اللتان بينهما؛ لأنه لا يقال بين زيد وعمرو حالتان على معنى أن إحداهما مختصة بأحدهما والأخرى بالآخر, بل لا يقال إلا إذا كانا مشتركين في الحالتين فلو فسرنا قوله: شتان ما بين اليزيدين بمعنى افترق الحالتان اللتان بينهما لكانا مشتركين في كل واحدة وهو ضد المقصود وخرّج بعضهم ذلك على أن شتان بمعنى بعد؛ لأنه لا يستلزم اثنين وما واقعة على المسافة أفاده الدماميني قال في شرح الشذور: وأما قول بعض المحدثين: جاز يتموني بالوصال قطيعة ... شتان بين صنيعكم وصنيعي فلم تستعمله العرب وقد يخرج على إضمار ما موصولة ببين ا. هـ. وذهب الأصمعي إلى أن شتان مثنى شت بمعنى مفترق وهو خبر لما بعده واحتج بأمرين: أحدهما كسر نونه في لغة. والثاني أن المرفوع بعده لا يكون إلا مثنى أو بمعناه ولا يكون جمعًا ولو كان بمعنى افترق لجاز كون فاعله جمعًا, ورد مذهبه بشيئين: أحدهما فتح نونه في اللغة الفصحى والثاني أنه لو كان خبرًا لجاز تأخره عن المبتدأ ولم يسمع كذا في الدماميني. قوله: "وهيهات بمعنى بعد" فإذا وقع بعدها لام كانت زائدة كما في قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} . قوله: "وما هو بمعنى المضارع" لم يثبته ابن الحاجب وعليه فأف بمعنى تضجرت وأوه توجعت وهكذا كما قاله الجامي والإنصاف أن المذهبين محتملان. قوله: "كأوه" فيها لغات أشهرهما فتح الهمزة وتشديد الواو وسكون الهاء، ومنها أوه بفتح الهمزة وسكون الواو وكسر الهاء وآه بقلب الواو ألفًا وآوه بفتح الهمزة ممدودة وكسر الواو مشددة ومخففة وسكون الهاء وأوه بفتح الهمزة وفتح الواو المشددة وكسر الهاء وقد تمد الهمزة في هذه كذا في الدماميني. قوله: "وأف" ذكر صاحب القاموس فيها أربعين لغة منها تثليث الفاء المشددة مع التنوين وعدمه وأف بتثليث الهمزة مع سكون الفاء وألف بضم الهمزة وتخفيف الفاء مثلثة مع التنوين وعدمه, وأف بضم الهمزة وكسرها مع تثليث الفاء مشددة وأفى كحبلى وذكرى وإفى بكسر الهمزة والفاء مشددة وبفتح الهمزة. قوله: "أي: أعجب لعدم فلاح الكافرين" أشار إلى أن وي بمعنى أعجب, وأن الكاف بمعنى لام التعليل وأن أن مصدرية مؤكدة. وحاصل ما ذكره الشارح في وي كأن أربعة أقوال. قوله: "وا بأبي إلخ" خبر مقدم وأنت بكسر التاء مبتدأ مؤخر أي: أنت   978- الرجز لراجز من بني تميم في الدرر 5/ 304؛ وشرح شواهد المغني 2/ 786؛ والمقاصد النحوية 4/ 310؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 83؛ وجمهرة اللغة ص345، 1218؛ والجنى الداني ص498؛ وجواهر الأدب ص287؛ وشرح التصريح 2/ 197؛ وشرح قطر الندى ص257؛ ولسان العرب 1/ 448 "زرنب"؛ ومغني اللبيب 2/ 369؛ وهمع الهوامع 2/ 106. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقول الآخر: 979- واهًا لسَلْمى ثُمّ واهًا واها تنبيهان: الأول تلحق وي كاف الخطاب كقوله: 980- ولقد شَفا نَفْسي وأَبْرَأَ سُقْمَها ... قِيل الفوارسِ ويكَ عَنترَ أَقْدِمِ قيل والآية المذكورة وقوله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} [القصص: 82] من ذلك. وذهب أبو عمرو بن العلاء إلى أن الأصل ويلك فحذفت اللام لكثرة   مفداة بأبي وفوك مبتدأ والأشنب صفته من الشنب وهو حدة الأسنان وقيل البرودة والعذوبة والخبر قوله: كأنما ذر عليه الزرنب وهو نبت طيب الرائحة. قوله: "قيل الفوارس" أي: قول الفوارس ويروى هكذا وهو الأصح وقد تنازع فيه شفي وأبرأ فأعمل الثاني وأضمر في الأول وعنتر منادى مرخم أصله يا عنترة وأقدم أمر من قدم يقدم بالضم فيهما كذا في بعض نسخ العيني, وفيه أن قدم يقدم بالضم فيهما ضد حدث يحدث, وهو لا يناسب هنا, ولو قال من قدم يقدم كنصر ينصر بمعنى تقدم كما في القاموس لناسب هنا ولا مانع من قراءته أقدم بقطع الهمزة وكسر الدال من الإقدام كما في بعض آخر من نسخ العيني وهو الشجاعة والتقدم, بل هذا أوفق بالوزن إلا أن تثبت الرواية بخلافه. والشاهد في ويك حيث ألحق بوي بمعنى أعجب كاف الخطاب والمعنى كلّ فارس أعجب من شجاعتك يا عنترة, فقول البعض الظاهر أن الأصل في البيت ويلك ولا يظهر كونه فيه اسم فعل ممنوع. وقد ذكر العيني أن الكسائي استشهد به على أن ويك مختصر ويلك والكاف مجرورة بالإضافة, وأنه أجيب عن استشهاده بأن وي بمعنى أعجب والكاف للخطاب. قوله: "من ذلك" وعليه ففتح همزة أن لإضمار اللام قبلها كما في المغني عن أبي الحسن الأخفش أو لكونها معمولة لمحذوف تقديره: اعلم كما يؤخذ من التصريح. وقد يجعل قول الشارح وفتح أن إلخ راجعًا لهذا القول أيضًا. واعلم في كلامه بصيغة الأمر على الأظهر.   979- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص168؛ وله أو لأبي النجم في المقاصد النحوية 1/ 123، 3/ 636؛ ولأبي النجم في شرح التصريح 2/ 197؛ وشرح شواهد المغني 1/ 129؛ وشرح المفصل 4/ 72؛ ولسان العرب 13/ 563 "ويه"، 14/ 345 "روي"؛ وله أو لرجل من بني الحارث في خزانة الأدب 7/ 455؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 786؛ وشرح عمدة الحافظ ص967؛ وشرح قطر الندى ص257؛ اللامات ص125، ومجالس ثعلب 275؛ ومغني اللبيب 2/ 369؛ والمقاصد النحوية 4/ 311. 980- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص219؛ والجنى الداني ص353؛ وخزانة الأدب 6/ 406، 408، 421؛ وشرح شواهد المغني ص481، 787؛ وشرح المفصل 4/ 77؛ والصاحبي في فقه اللغة ص177؛ ولسان العرب 15/ 418 "ويا"؛ والمحتسب 1/ 16، 2/ 56؛ والمقاصد النحوية 4/ 318؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص369. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الاستعمال وفتح أن بفعل مضمر كأنه قال: ويك اعلم أن. وقال قطرب: قبلها لام مضمر والتقدير: ويك لأن والصحيح الأول. قال سيبويه: سألت الخليل عن الآيتين فزعم أنها وي مفصولة من كأن، ويدل على ما قاله قول الشاعر: 981- وَي كأنْ من يَكُنْ له نَشَبٌ يُحْـ ... ـبَبْ ومن يفتَقِرْ يَعِشْ عيشَ ضُرِّ الثاني ما ذكره في هيهات هو المشهور. وذهب أبو إسحاق إلى أنها اسم بمعنى البعد, وأنها في موضع رفع في قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36] ،   قوله: "وقال قطرب إلخ" لم يتعرض الشارح لكون ويك على قول قطرب اسم فعل بمعنى أعجب لحقه كاف الخطاب, أو مختصر ويلك فالكاف اسم مضاف إليه ويل, ولعل الثاني أقرب وفي كلام البعض على قول الشارح أي: أعجب لعدم فلاح الكافرين الجزم بالثاني فعليك بالتثبت. قوله: "والصحيح الأول" أي: كون وي اسم فعل بمعنى أعجب والكاف للتعليل بقرينة تقويته بكلام سيبويه فإن هذا المذهب مذهبه ومذهب الخليل كما في التصريح؛ ولأن كلام سيبويه إنما يدل لهذا القول؛ لأن الكاف إنما تكون مفصولة من وي إذا كانت للتعليل بخلاف ما إذا كانت حرف خطاب أو اسمًا مضافًا إليه كذا قال شيخنا. قال البعض: وقد يقال كون الكاف مفصولة من وي لا يعين كونها تعليلية لاحتمال أن يكون كأن للتحقيق فلا ينهض فصلها مصححًا للأول ا. هـ. ملخصًا. ولك دفعه بأن التعيين إضافي بالنسبة لبقية الأقوال المتقدمة فينهض فصل الكاف مصححًا للأول على ما عداه من تلك الأقوال, فلا ينافي احتمال أن كأن للتحقيق وما أبداه شيخنا وتبعه البعض من احتمال أن قصد الشارح حكاية قول آخر يرده أمران: الأول ما مر عن التصريح أن القول الأول مذهب سيبويه والخليل, الثاني أن ما نقله عن سيبويه لا يقابل القول الأول فكيف يكون قولًا آخر مقابلًا للأقوال المتقدمة. نعم نقل في المغني عن الخليل خلاف ما نقله عن المصرّح وعبارته وقال الخليل: وي حدها وكأن للتحقيق فاعرف ذلك. قوله: "ويدل على ما قاله إلخ" فيه أن المذاهب المتقدمة في الآيتين واحتمال التحقيق متأتية في البيت أيضًا غاية الأمر أن النون فيه مخففة من تثقيل فلا دلالة فيه على ما صححه. واسم أن أو كأن في البيت ضمير الشأن والخبر جملة من يكن إلخ والنشب بفتح النون والشين المعجمة المال. قوله: "وأنها في موضع رفع إلخ" واللام على هذا أصلية أي: البعد ثابت للذي توعدونه ولم أرَ من علل البناء على هذا القول ويظهر لي أنه تضمن معنى حرف التعريف. قوله:   981- البيت من الخفيف، وهو لزيد بن عمرو بن نفيل في خزانة الأدب 6/ 404، 408، 410؛ والدرر 5/ 305؛ وذيل سمط اللآلي ص103؛ والكتاب 2/ 155؛ ولنبيه بن الحجاج في الأغاني 17/ 205؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 11؛ ولسان العرب 15/ 490 "وا"، 15/ 418 "ويا"؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص353؛ والخصائص 3/ 41، 169؛ وشرح المفصل 4/ 76؛ ومجالس ثعلب 1/ 389؛ والمحتسب 2/ 155؛ وهمع الهوامع 2/ 106. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 والفِعْلُ من أَسمائِهِ عَليكَا ... وهكذا دونكَ مع إلَيْكا   وذهب المبرد إلى أنها ظرف غير متمكن وبني لإبهامه، وتأويله عنده في البعد، ويفتح الحجازيون تاء هيهات ويقفون بالهاء، ويكسرها تميم ويقفون بالتاء، وبعضهم يضمها، وإذا ضمت فمذهب أبي علي أنها تكتب بالتاء ومذهب ابن جني أنها تكتب بالهاء. وحكى الصغاني فيها ستًا وثلاثين لغة: هيهاه وأيهاه وهيهات وأيهات وهيهان وأيهان، وكل واحدة من هذه الست مضمومة الآخر ومفتوحته ومكسورته، وكل واحدة منونة وغير منونة فتلك ست وثلاثون. وحكى غيره هياك وأيهاك، وأيهاء وإيهاه وهيهاء وهيهاه ا. هـ. "والفعل من أسمائه عليكا وهكذا دونك مع إليكا" الفعل مبتدأ ومن أسمائه عليك جملة اسمية في موضع الخبر. ودونك أيضًا مبتدأ خبره هكذا. يعني أن اسم الفعل على ضربين: أحدهما ما   "غير متمكن" أي: غير منصرف كما قاله شيخنا والبعض ويحتمل أن مراده بغير المتمكن غير المعرب كما هو اصطلاحهم. قوله: "وبنى لإبهامه" أورد عليه شيخنا أن الإبهام لا يقتضي البناء نعم قالوا المبهم المضاف لمبني يجوز بناؤه. قوله: "وتأويله" أي: معناه عنده في البعد فهو خبر مقدم وما توعدون مبتدأ مؤخر واللام زائدة أي: ما توعدون كائن في البعد أي: متلبس به. قوله: "ويفتح الحجازيون إلخ" قال بعضهم: إن المفتوحة التاء مفردة وأصلها هيهية كزلزلة قلبت الياء الأخيرة ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها والتاء للتأنيث فالوقف عليها بالهاء, وأما المكسورة التاء فجمع كمسلمات فالوقف عليها بالتاء وكان القياس هيهات؛ لأن الجمع يرد الأشياء إلى أصولها إلا أنهم حذفوا الألف المنقلبة عن الياء لكون الكلمة غير متمكنة كما حذفوا ألف هذا وياء الذي في التثنية للفرق بين المتمكن وغيره. وأما المضمومة التاء فتحتمل الإفراد والجمع فيجوز الوقف عليها بالهاء والتاء, قال الرضي: وهذا تخمين ولا مانع من كون الألف والتاء زائدتين في جميع الأحوال ولا كون الزائد التاء فقط وأصلها هيهية في جميع الأحوال, وإنما وقف عليها في هذا الوجه بالتاء كما هو الأكثر تنبيهًا على التحاقها بقسم الأفعال من حيث المعنى فكان تاؤها مثل تاء قامت, وهذا الوجه أولى كذا في الدماميني ولعل وجه الوقف عليها بالهاء على أول احتمالي الرضي الفرق بين زيادة الألف والتاء في المتمكن وزيادتهما في غيره. قوله: "وحكى غيره" أي: زيادة على ما ذكره الصغاني فجملة اللغات اثنتان وأربعون. قوله: "وأيهاء" أي: بالمد وأيهاه أي: بهاء السكت الساكنة كاللغة الأخيرة وبذلك غايرًا أيهاه وهيهاه المعدودتين في اللغات السابقة فإن الهاء فيهما للتأنيث بدل عن التاء ومحركة. وقوله وهيهاء أي: بالمد أيضًا ولم يبين الشارح حركة الآخر على الثلاث الأول والخامسة من هذه اللغات الست ولعلها الفتحة. وزاد في القاموس ثلاث عشرة أخرى هايهات وآيهات وهايهان وآيهان بزيادة ألف بين الهاء أو الهمزة والياء المكسورة لالتقاء الساكنين مثلثات الآخر وأيآت بإبدال الهاءين همزتين. قوله: "والفعل" أي: فعل الأمر. قوله: "يعني أن اسم الفعل إلخ" اعلم أن كلامهم في تقسيم اسم الفعل إلى مرتجل ومنقول يدل على أن اسم الفعل مجموع الجار والمجرور وكلامهم على موضع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وضع من أول الأمر كذلك كشتان وصه، والثاني ما نقل عن غيره وهو نوعان: الأول منقول عن ظرف أو جار ومجرور نحو: عليك بمعنى الزم ومنه عليكم أنفسكم أي: الزموا شأن أنفسكم، ودونك زيدًا بمعنى خذه ومكانك بمعنى اثبت، وأمامك بمعنى تقدم، ووراءك بمعنى تأخر، وإليك بمعنى تنح.   الكاف من الإعراب يخالف هذا ويقتضي أن اسم الفعل هو الجار فقط ا. هـ. يس وتوقف البعض في دلالة كلامهم في التقسيم على ما سبق وهو توقف في غير محله بعد قولهم منقول من ظرف أو جار ومجرور. قوله: "ما وضع من أول الأمر كذلك" أي: اسم فعل. قوله: "نحو: عليك بمعنى الزم" وقد يتعدى بالباء نحو: عليك بذات الدين فيكون بمعنى فعل مناسب متعد بها. وصرح الرضي بأن الباء في مثله زائدة قال, والباء تزاد كثيرًا في مفعول أسماء الأفعال لضعفها في العمل ا. هـ. دماميني. قوله: "ومنه عليكم أنفسكم" قيل ومنه عليكم في قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام: 151] ، والوقف على قوله: ربكم والذي أحوج القائل إلى ذلك إشكال ظاهر الآية؛ لأن أن إن جعلت مصدرية بدلًا من ما أو من العائد المحذوف ورد أن المحرم الإشراك لا نفيه, وأن الأوامر الآتية بعد ذلك معطوفة على لا تشركوا وفيه عطف الطلب على الخبر, وجعل المأمور به محرمًا فيحتاج إلى تكلفات مثل جعل لا زائدة وعطف الأوامر على المحرم باعتبار حرمة أضدادها وتضمين الخبر معنى الطلب, وإن جعلت أن مفسرة على أن لا ناهية أشكل عطف الأوامر المذكورة على النهي؛ لأنها لا تصلح بيانًا للمحرم بل الواجب وعطف أن هذا صراطي مستقيمًا على أن لا تشركوا إذ لا معنى لعطفه على أن المفسرة والفعل, واختار الزمخشري كونها مفسرة لقرينة عطف الأوامر، وأجاب عن الأول بأن عطف الأوامر على النهي باعتبار لوازمها من النهي عن أضدادها والثاني بمنع عطف أن هذا صراطي مستقيمًا على أن لا تشركوا, بل هو تعليل لاتبعوا على حذف اللام وجاز عود ضمير اتبعوه إلى الصراط لتقدمه في اللفظ. فإن قيل فعلى هذا يكون اتبعوه عطفًا على لا تشركوا ويصير التقدير: فاتبعوا صراطي؛ لأنه مستقيم وفيه جمع بين حرفي عطف الواو والفاء وليس بمستقيم, وكذا إن جعلنا الواو استئنافية قلنا ورود الواو مع الفاء عند تقديم المعمول فصلًا بينهما سائغ في الكلام مثل وربك فكبر: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] ، فإن أبيت الجمع فاجعل الفاء زائدة فإن أبيت فاجعل المعمول متعلقًا بمحذوف والعامل المقرون بالفاء عطفًا عليه مثل عظم فكبر، وادعوا الله فلا تدعوا، وآثروه فاتبعوه تفتازاني على الكشاف باختصار. قوله: "ومكانك بمعنى أثبت" فيكون لازمًا وحكى الكوفيون تعديته وأنه يقال مكانك زيدًا أي: انتظره قال الدماميني: ولا أدري أي: حاجة إلى جعل مثل هذا الظرف اسم فعل وهلا جعلوه ظرفًا على بابه, وإنما يحسن دعوى اسم الفعل حيث لا يمكن الجمع بين ذلك وذلك الفعل نحو: صه وعليك وإليك وأما إذا أمكن فلا فإنه يصح أن يقال أثبت مكانك وتقدم أمامك ولا تقول اسكت صه إلخ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهات: الأول قال في شرح الكافية: ولا يقاس على هذه الظروف غيرها إلا عند الكسائي أي: فإن لا يقتصر فيها على السماع، بل يقيس على ما سمع ما لم يسمع. الثاني قال فيه أيضًا: لا يستعمل هذا النوع إلا متصلًا بضمير المخاطب. وشذ قولهم عليه رجل بمعنى ليلزم، وعلي الشيء بمعنى أولنيه، وإلي بمعنى أتنحى. وكلامه في التسهيل   قوله: "ولا يقاس على هذه الظروف" أي: المسموعة غيرها مما لم يسمع لخروجها عن أصلها وما خرج عن أصله لا يقاس عليه والمراد بالظروف ما يعم الجار والمجرور كما صرّح به الدماميني. قوله: "بل يقيس إلخ" بشرط كونه على أكثر من حرف احترازًا من نحو: بك ولك ا. هـ. دماميني. قوله: "وشذ قولهم عليه رجلًا بمعنى ليلزم" ولشذوذه رد في المغني قول بعضهم في {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} أن الوقف على فلا جناح وأن عليه بمعنى ليلزم ليفيد صريحًا وجوب التطوف بالصفا والمروة على أنه ليس المقصود من الآية إيجاب التطوف بهما بل إبطال ما كانت الأنصار تعتقده في الجاهلية من تحرج التطوف بهما حتى سألوه عليه الصَّلاة والسَّلام عن ذلك وقالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة فأنزل الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} الآية كما في صحيح البخاري عن عائشة في قصة ردها على ابن أختها أسماء عروة بن الزبير في زعمه أن الآية لرفع الجناح عمن لم يتطوف بهما بأنها لو كانت كما زعم لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما وإنما هي لإبطال معتقد الأنصار. قال في المغني: مع أن الإيجاب لا يتوقف على كون على اسم فعل بل كلمة تقتضي ذلك مطلقًا ا. هـ. وأما قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم". فقد حسنه الخطاب, وقال ابن عصفور: إن عليه خبر والصوم مبتدأ والباء زائدة ا. هـ. فارضي. وقوله: فقد حسنه الخطاب عبارة عن بعضهم فقد حسنه كون ضمير الغائب فيه واقعًا على مخاطب؛ لأنه بعض المخاطبين أولًا بقوله من استطاع منكم. قوله: "بمعنى أولنيه" فيه نظر؛ لأن أول متعد لاثنين وعلى لم يتعد إلا لمفعول واحد فكيف يكون هو ومسماه مختلفين وقد يقال إنه مثل آمين واستجب والظاهر أنه اسم لقولك لا لزم أي: لفعل مضارع مقرون بلام الأمر فإنه متعد لواحد؛ لأن عليك وعليه اسمان لفعل اللزوم فكذا الآخر. فإن قلت يلزم دخول لام الأمر على فعل المتكلم. قلت لزومه غير ضارّ. ففي التنزيل: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12] ، وفي الحديث قوموا فلأصلّ لكم ا. هـ. دماميني وقوله وقد يقال إنه مثل آمين واستجب أي: في اختلاف الاسم والمسمى فإن آمين لازم واستجب متعد كما سيأتي في الشرح وقوله: والظاهر إلخ يؤخذ منه ومن تفسير الشارح عليه رجلًا بليلزم أن المراد بفعل الأمر الذي جعل الظرف اسمًا له ولو شذوذًا ما يشمل المضارع المقرون بلام الأمر وبهذا يسقط استشكال البعض تفسير الشارح المذكور. قوله: "بمعنى أتنحى" قياس ما قبله وما بعده وهو المناسب للمعنى أن يؤتى بالأمر فيقال بمعنى نحني وفي نسخة تنح بالأمر وعليها لا إشكال فيه ا. هـ. زكريا وقوله: وعليها لا إشكال فيه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   يقتضي أن ذلك غير شاذ. الثالث قال فيه أيضًا: اختلف في الضمير المتصل بهذه الكلمات فموضعه رفع عند الفراء ونصب عند الكسائي وجر عند البصريين وهو الصحيح؛ لأن الأخفش روى عن عرب فصحاء: علي عبد الله زيدًا بجر عبد الله، فتبين أن الضمير مجرور الموضوع لا مرفوعه ولا منصوبه، ومع ذلك فمع كل واحد من هذه الأسماء ضمير مستتر مرفوع الموضوع بمقتضى الفاعلية، فلك في التوكيد أن تقول: عليكم كلكم زيدًا بالجر توكيدًا للموجود المجرور، وبالرفع توكيدًا للمستكن المرفوع. والنوع الثاني منقول من مصدر وهو على قسمين: مصدر استعمل لعله ومصدر أهمل فعله، وإلى هذا النوع بقسميه   أن هذه النسخة أيضًا لا تناسب المعنى والذي في التسهيل وشرحه للدماميني أتنحى بلفظ المضارع كما في النسخة الأولى فتأمل. قوله: "اختلف في الضمير إلخ" كون الكاف في عليك وأخواته ضميرًا هو مذهب الجمهور, وذهب ابن بابشاذ إلى أنها حرف خطاب كالكاف في ذلك ويرده عدم استعمال الجار وحده, وقولهم على وعليه فإن الياء والهاء ضميران اتفاقًا وحكاية الأخفش على عبد الله زيدًا دماميني. قوله: "فموضعه رفع" أي: على الفاعلية عند الفراء ويرده أن الكاف ليست من ضمائر الرفع ا. هـ. دماميني ويجاب بأنه من استعارة ضمير غير الرفع له ا. هـ. يس. واعلم أن القول بأن موضع الضمير رفع والقول بأن موضعه نصب منظور فيهما إلى ما بعد النقل إلى اسم الفعل, والقول بأن موضعه جر منظور فيه إلى ما قبل النقل؛ لأن اسم الفعل لا يعمل الجر كما هو مصرح به عند قول المصنف: وما لما تنوب عنه من عمل. لها وحينئذٍ فلا يتوارد الخلاف على جهة واحدة. قوله: "ونصب عند الكسائي" أي: على المفعولية والفاعل مستتر والتقدير ألزم أنت نفسك من الإلزام قال الدماميني: ويرده قولهم عليك زيدًا بمعنى خذ وخذ إنما يتعدى لواحد ا. هـ. وللكسائي أن يمنع كون عليك زيدًا بمعنى خذ ويقول معناه ألزم نفسك زيدًا من الإلزام, وأظهر منه في الرد قولهم مكانك بمعنى أثبت وأمامك بمعنى تقدم ووراءك بمعنى تأخر فإن ما ذكر لازم ويرد عليه أيضًا أنه يلزمه عمل الفعل في ضميري مخاطب وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها. قوله: "وجر عند البصريين" على الأصل بالإضافة في نحو: دونك وبالحرف في نحو: عليك سم. قوله: "على عبد الله زيدًا" بتشديد الياء على أن على جارة لياء المتكلم وزيدًا مفعول به لاسم الفعل وقوله: بجر عبد الله أي: بدل كل من الياء وهذا شاذ عند الجماعة؛ لأنه بدل ظاهر من ضمير الحاضر بدل كل غير مفيد للإحاطة وجواز ذلك رأي الأخفش والأقرب جعله عطف بيان كذا قال الدماميني. وقال شيخ الإسلام زكريا: وهم من فهم أن على في على عبد الله جارة لياء المتكلم لا لعبد الله حتى بني عليه أن عبد الله عطف بيان أو بدل من الياء ا. هـ. وعليه يقرأ على بالألف وعبد مجرور بها. قوله: "ومع ذلك" أي: مع كون الكاف في موضع جر بقرينة قوله: بعد بالجر توكيدًا للموجود المجرر ومثل ذلك ما إذا قلنا إنها في موضع نصب فيجوز عليه أيضًا في التوكيد عليكم كلكم زيدًا بنصب كل توكيدًا للموجود المنصوب وبرفعه توكيدًا للمستكن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 كَذا رُويدَ بلهَ ناصِبينِ ... ويَعملانِ الخَفضَ مصدَرينِ   الإشارة بقوله: "كذا رويد بله ناصبين" أي: ناصبين ما بعدهما نحو: رويد زيدًا وبله عمرًا. فأما رويد زيدًا فأصله أرود زيدًا أروادًا بمعنى أمهله إمهالًا، ثم صغروا الأرواد تصغير الترخيم وأقاموه مقام فعله واستعملوه تارة مضافًا إلى مفعول فقالوا: رود زيد، وتارة منونًا ناصبًا للمفعول فقالوا: رويدًا زيدًا. ثم إنهم نقلوه وسموا به فعله فقالوا رويد زيدًا. ومنه قوله: 982- رُوَيدَ عَلِيا جِدْ ماثدي أُمّهمْ ... إلينا ولكنْ بعضُهم مُتبايِنُ أنشده سيبويه. والدليل على أن هذا اسم فعل كونه مبنيا. والدليل على بنائه عدم تنوينه. وأما بله فهو في الأصل مصدر فعل مهمل مرادف لدع واترك، فقيل فيه بله زيد بالإضافة إلى مفعوله كما يقال ترك زيد، ثم قيل بله زيدًا بنصب المفعول وبناء بله على أنه   المرفوع بخلاف ما إذا قلنا إنها في موضع رفع لأنها حينئذٍ الفاعل. قوله: "ناصبين" أي: مع عدم تنوينهما وإلا كانا مصدرين كما سيأتي. قوله: "ثم صغروا الإرواد تصغير الترخيم" أي: حذفوا الهمزة والألف الزائدتين وأوقعوا التصغير على أصوله فقالوا رويد وسمي تصغير ترخيم لما فيه من حذف الزوائد والترخيم حذف ا. هـ. تصريح قال سم: والأحسن أن يكون تصغير مرود؛ لأن اسم الفاعل يصغر فأما المصدر فلا يجوز تصغيره قبل التسمية به ا. هـ. وفيه أنه لو كان تصغير مرود لم يكن مصدرًا والفرض أنه مصدر فتأمل ا. هـ. قوله: "مضافًا إلى مفعوله" وسيأتي أنه يضاف للفاعل أيضًا وقوله: فقالوا رويد زيد أي: إمهال زيد. قوله: "فقالوا رويد زيد" أي: أمهل والفتحة على هذا بنائية بخلافها على ما قبله. قوله: "رويد عليًا إلخ" لم أرَ من تكلم على هذا البيت. قوله: "والدليل على أن هذا اسم فعل كونه مبنيا" اعترضه الحفيد وأقره شيخنا والبعض بأنه لا يلزم من بنائه كونه اسم فعل لبناء كثير من الأسماء وليست أسماء أفعال, وقد يقال معلوم انحصار رويد بين كونه اسم فعل وكونه مصدرًا والمقصود إثبات كونه اسم فعل ونفي كونه مصدرًا فقوله: والدليل على أن هذا اسم فعل أي: لا مصدر وبعد ملاحظة هذا الانحصار يستلزم كونه مبنيًا كونه اسم فعل لا مصدرًا؛ لأن البناء ينفي المصدرية فثبتت اسمية الفعل فتأمل. قوله: "والدليل على بنائه عدم تنوينه" اعترضه الحفيد بأنه لا يلزم من عدم تنوينه أن يكون مبنيا فكان ينبغي أن يقول الدليل على بنائها أنها أشبهت الحرف في كونها أبدًا عاملة غير معمولة. ولك أن تقول المراد عدم تنوينه مع عدم موجبات عدم التنوين غير البناء فلم يبق إلا البناء فاندفع الاعتراض   982- البيت من الطويل، وهو لمالك بن خالد الهذلي في شرح أبيات سيبويه 1/ 100؛ وللمعطل الهذلي في معجم ما استعجم 3/ 737؛ ولأحدهما في شرح أشعار الهذليين 1/ 447؛ وللهذلي في الكتاب 1/ 243؛ ولسان العرب 13/ 396 "مأن"؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 40؛ ولسان العرب 3/ 189 "رود"، 13/ 426 "مين"؛ والمقتضب 3/ 208، 278. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   اسم فعل. ومنه قوله: 983- بَلهَ الأَكُفَّ كأنّها لم تُخْلَقِ ينصب الأكف. وأشار إلى استعمالها الأصل بقوله: "ويعملان الخفض مصدرين"   وهذا أولى مما أجاب به البعض فتأمل. قوله: "ومنه قوله بله الأكفّ إلخ" صدره: تذر الجماجم ضاحيًا هاماتها قاله كعب بن مالك شاعر رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- من قصيدة قالها في وقعة الأحزاب وضمير تذر يرجع إلى السيوف ويروى فترى الجماجم إلخ والجماجم جمع جمجمة. قال صاحب الصحاح: هي عظم الرأس المشتمل على الدماغ وربما أطلقت على الإنسان فيقال خذ من كل جمجمة درهمًا كما يقال خذ من كل رأس بهذا المعنى. وقال أيضًا: الهامة من الشخص رأسه فالمناسب هنا أن يفسر الجمجمة بالإنسان. وفرق الزجاج بين الجمجمة والهامة بجعل الهامة بعضًا من الجمجمة فقال: عظم الرأس الذي فيه الدماغ يقال له جمجمة والهامة وسط الرأس ومعظمه. وقوله ضاحيًا: حال سببية من الجماجم وهاماتها فاعل ضاحيًا من ضحا يضحو إذا ظهر وبرز عن محله, وقوله: كأنها لم تخلق متعلق بقوله ضاحيًا هاماتها أي: كأنها لم تخلق متصلة بمحالها ومعنى بله الأكف على رواية نصب الأكف دع ذكر الأكف فإن قطعها من الأيدي أهون من قطع هامات الجماجم بتلك السيوف, فبله على هذا اسم فعل وعلى الجرّ ترك ذكر الأكف أي: اترك ذكرها تركًا فإنها بالنسبة إلى الهامات سهلة فبله على هذا مصدر مضاف لمفعوله وعلى الرفع كيف الأكف لا تقطعها تلك السيوف مع قطعها ما هو أعظم منها وهي الهامات أي: إذا أزالت هذه السيوف تلك الهامات عن الأبدان فلا عجب أن تزيل الأكف عن الأيدي, فبله على هذا بمعنى كيف للاستفهام التعجبي فبله الأكف على الأول والثالث جملة اسمية وفتحة بل بنائية وعلى الثاني جملة فعلية حذف صدرها وفتحة بله إعرابية ا. هـ. ملخصًا من شرح شواهد الرضي لعبد القادر أفندي وفي شرح الدماميني على المغني أن المعنى على الجر أن السيوف تترك الجماجم منفصلة هاماتها ترك الأكف منفصلة عن محالها كأنها لم تخلق متصلة بها ا. هـ. وعلى هذا يكون بله منصوبًا بتذر ويكون قوله: كأنها لم تخلق إلخ متعلقًا بقوله بله الأكف أو بقوله ضاحيًا هاماتها. قوله: "ويعملان الخفض" أي: والنصب منونين وسكت عنه؛ لأنه الأصل وقوله دالين على   983- صدره: تذَرُ الجَماجِمَ ضَاحيًا هاماتُها والبيت من الكامل، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص245؛ وخزانة الأدب 6/ 211، 214، 217؛ والدرر اللوامع 3/ 187؛ وشرح شواهد المغني ص353؛ ولسان العرب 3/ 478 "بله"؛ بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 217؛ وتذكرة النحاة ص500؛ الجنى الداني ص425؛ وخزانة الأدب 6/ 232؛ وشرح التصريح 2/ 199؛ وشرح شذور الذهب ص513؛ وشرح المفصل 4/ 48؛ ومغني اللبيب ص115؛ وهمع الهوامع 1/ 236. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي: معربين بالنصب دالين على الطلب أيضًا، لكن لا على أنهما اسما فعل، بل على أن كلا منهما بدل من اللفظ بفعله نحو: رويد زيد وبله عمرو أي: إمهال زيد وترك عمرو، وقد روي قوله: بله الأكف بالجر على الإضافة فرويد مضاف إلى المفعول كما مر، وإلى الفاعل نحو: رويد زيد عمرًا. وأما بله فإضافتها إلى المفعول كما مر. وقال أبو علي إلى الفاعل. ويجوز فيها حينئذ القلب، نحو: بهل زيد، رواه أبو زيد، ويجوز فيهما حينئذ التنوين ونصب ما بعدهما بهما وهو الأصل في المصدر المضاف، نحو: رويدًا زيدًا وبلها عمرًا، ومنع المبرد النص برويد لكونه مصغرًا. تنبيهات: الأول الضمير في يعملان عائد على رويد وبله في اللفظ لا في المعنى، فإن رويد وبله إذا كانا اسمي فعل غير رويد وبله المصدرين في المعنى. الثاني: إذا قلت رويدك وبله الفتى احتمل أن يكونا اسمي فعل ففتحتهما فتحة بناء، والكاف من رويدك حرف   الطلب أيضًا أي: لنيابتهما عن فعل الأمر كما ذكره الشارح. قوله: "فرويد تضاف إلى المفعول كما مر" فيه أن ما مر وهو نحو: رويد زيد يحتمل الإضافة إلى المفعول والإضافة إلى الفاعل. قوله: "نحو: رويد زيد عمرًا" ولا يرد على ذلك قولهم المصدر النائب عن فعله لا يرفع الظاهر بل فاعله ضمير مستتر وجوبًا دائمًا؛ لأنه محمول على المنون كما يدل عليه تمثيلهم. قوله: "فإضافتها" مبتدأ وقوله: إلى المفعول خبر كما يشعر بذلك مقابلته بقوله: وقال أبو علي إلى الفاعل وفي قوله: كما مر ما أسلفناه. قوله: "وقال أبو علي إلى الفاعل" ظاهر صنيعه أن الأول يعين إضافتها إلى المفعول والثاني يعين إضافتها إلى الفاعل وكذا صنيع الفارضي يقتضي ذلك ويقتضي جريان الخلاف في رويد أيضًا وعبارته ويكونان مصدرين إذا انجرّ ما بعدهما كرويد زيد وبله عمرو أي: امهال زيد وترك عمرو فكلاهما مصدر مضاف للمفعول وقيل للفاعل ا. هـ. قوله: "ويجوز فيها حينئذٍ القلب" أي: حين إذ كانت مصدرًا وقوله نحو: بهل زيد أي: بفتح الهاء وسكونها. قوله: "ويجوز فيهما" أي: في رويد وبله حينئذٍ أي: حين إذ كانتا مصدرين لكن تنوين رويدًا ونصب ما بعده تقدم فذكره هنا توطئة لقوله: ومنع المبرد ولك أن تقول هلا ذكر منع المبرد سابقًا واستغنى عن إعادة تنوين رويدًا ونصب ما بعده. قوله: "وهو الأصل في المصدر المضاف" أي: المصدر المنون الناصب لما بعده أصل للمصدر المضاف لما بعده يعني أن المضاف محول عن المنون كما قاله سم. قوله: "ومنع المبرد النصب" وهو الموافق لما جزموا به في إعمال المصدر من اشتراط كونه مكبرًا فكيف أجازوا إعمال هذا المصغر إلى أن يكون هذا مستثنى بناء على ورود نصبه المفعول في كلام العرب على خلاف القياس سم. قوله: "في اللفظ لا في المعنى" أي: ففي كلامه استخدام كذا قيل وفيه نظر؛ لأن المراد من الضمير ومرجعه لفظ رويد ولفظ بله فلا استخدام ومعنى قوله: في اللفظ لا في المعنى باعتبار اللفظ لا باعتبار المعنى. قوله: "حرف خطاب" وإنما لم تجعل اسمًا فاعلًا؛ لأن الكاف ليست ضمير رفع واستعارتها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 وما لِما تَنوبَ عنهُ من عَمَل ... لها وأَخِّرْ ما لِذِي فيهِ العَمَل   خطاب لا موضع لها من الإعراب، مثلها في ذلك، وأن يكونا مصدرين ففتحتهما فتحة إعراب وحينئذ فالكاف في رويدك تحتمل الوجهين: أن تكون فاعلًا وأن تكون مفعولًا. الثالث: تخرج رويد وبله عن الطلب فأما بله فتكون اسمًا بمعنى كيف فيكون ما بعدها مرفوعًا، وقد روي بله الأكف بالرفع أيضًا، وممن أجاز ذللك قطرب وأبو الحسن، وأنكر أبو علي الرفع بعدها. وفي الحديث يقول الله تبارك وتعالى: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرًا من بله ما أطلعتم عليه"، فوقعت معربة مجرورة بمن وخارجة عن المعاني المذكورة، وفسرها بعضهم بغير وهو ظاهر، وبهذا يتقوى من بعدها من ألفاظ الاستثناء وهو مذهب لبعض الكوفيين. وأما رويد فتكون حالًا نحو: ساروا رويدًا فقيل هو حال من الفاعل أي: مروين. وقيل من ضمير المصدر المحذوف أي: ساروه أي: السير رويدًا. وتكون نعتًا لمصدر إما مذكور نحو: ساروا سيرًا رويدًا أو محذوف نحو: ساروا رويدًا أي: سيرًا رويدًا "وما لما تنوب عنه من عمل لها" ما مبتدأ موصول صلته لما. وما من لما موصول أيضًا صلته تنوب، وعنه ومن عمل متعلقان بتنوب، ولها خبر المبتدأ،   للرفع خلاف الأصل ولا مفعولًا؛ لئلا يلزم عمل اسم الفعل في ضميري مخاطب وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها ولا مجرورًا؛ لأن اسم الفعل لا يعمل الجر. قوله: "ذخرًا" بذال معجمة مضمومة. قوله: "من بله" بفتح بله وكسرها فوجه الكسر ما ذكره الشارح وأما وجه الفتح فقال الرضي: إذا كانت بله بمعنى كيف جاز أن تدخله من حكى أبو زيد أن فلانًا لا يطيق حمل الفهر فمن بله أن يأتي بالصخرة أي: كيف ومن أين وعليه تتخرج هذه الرواية فتكون بله بمعنى كيف التي للاستبعاد وما مصدرية في محل رفع بالابتداء والخبر من بله والضمير المجرور بعلى عائد على الذخر ا. هـ. دماميني وشمني. والمعنى على هذا من كيف أي: من أين اطلاعكم على هذا الذخر أي: المدخر ولا يخفى ما في جعلها على هذه الرواية بمعنى كيف من الركاكة ولو جعلت فيها من أول الأمر بمعنى أين لكان أحسن. قوله: "ما أطلعتم" بضم الهمزة وكسر اللام. قوله: "وخارجة عن المعاني المذكورة" قال الشمني: يجوز أن تكون مصدرًا بمعنى ترك ومن تعليلية أي: من أجل تركهم ما علمتموه من المعاصي فلا تكون خارجة. قوله: "من ضمير المصدر" يعني المصدر الذي دل عليه الفعل وقوله: المحذوف صفة لضمير بقرينة قول الشارح: أي: ساروه. قوله: "سيرًا رويدًا" أي: مرودًا فيه. قوله: "أو محذوف نحو: ساروا رويدًا" مذهب سيبويه أن نصب هذا على الحال ولا يكون نعت مصدر محذوف؛ لأن رويدًا صفة غير خاصة بالموصوف فلا يحذف إلا على قبح. قلت ليس الغرض باشتراط الخصوص بالموصوف إلا ليكون ذلك قرينة يعلم بها المحذوف فإذا حصل العلم بدون كون الصفة خاصة بالموصوف لم يمتنع الحذف كما هنا لحصول العلم بأن الموصوف هو السير للقرينة الدالة عليه فلا ضير في حذفه دماميني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والعائد على ما الأولى ضمير مستتر في الاستقرار الذي هو متعلق اللام من لما والعائد على ما الثانية الهاء من عنه يعني أن العمل الذي استقر للأفعال التي نابت عنها هذه الأسماء مستقر لها أي: لهذه الأسماء، فترفع الفاعل ظاهرًا في نحو: هيهات نجد وشتان زيد وعمرو؛ لأنك تقول بعدت نجد وافترق زيد وعمرو. ومضمرًا في نجر نزال. وينصب منها المفعول ما ناب عن متعد نحو: دراك زيدًا؛ لأنك تقول أدرك زيدًا، ويتعدى منها بحرف من حروف الجر ما هو بمعنى ما يتعدى بذلك الحرف، ومن ثم عدى حيهل بنفسه لما ناب عن ائت في نحو: حيهل الثريد. وبالباء لما ناب عن عجل في نحو: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر أي: فعجلوا بذكر عمر. وبعلي لما ناب عن أقبل في نحو: حيهل على كذا. تنبيهات: الأول قال في التسهيل: وحكمها يعني أسماء الأفعال غالبًا في التعدي واللزوم حكم الأفعال، واحترز بقوله: غالبًا عن آمين فإنها نابت عن متعد ولم يحفظ لها مفعول. الثاني: مذهب الناظم جواز إعمال اسم الفعل مضمرًا قال في شرح الكافية: إن إضمار اسم الفعل مقدمًا لدلالة متأخر عليه جائز عند سيبويه. الثالث قال في التسهيل: ولا   قوله: "وعنه ومن عمل متعلقان بتنوب" على جعل من عمل متعلقًا بتنوب تكون من بمعنى. والمعنى والعمل الذي ثبت للفعل الذي تنوب هي عنه في العمل ثابت لها وفيه من الركاكة ما لا يخفى وإن خفيت على البعض فأقر هذا الوجه ولهذا قال سم: الوجه أن من عمل بيان للفظ ما المبتدأ ا. هـ. وقال الشيخ خالد: عنه متعلق بتنوب ومن عمل بيان لما الواقعة مبتدأ متعلق بحال محذوفة من الضمير المستتر في الجار والمجرور الواقع خبرها ا. هـ. وقوله: في الجارّ والمجرور الواقع خبرها: أي: أو في الجار والمجرور الواقع صلتها بل هذا أحسن لما يلزم على الأول من تقديم الحال على عاملها الظرفي وهو نادر كما تقدم في قوله: وندر نحو: سعيد إلخ ولم تجعل الحال من ما لمنع الجمهور الحال من المبتدأ. قوله: "مستتر في الاستقرار" أي: بحسب الأصل أي: قبل حذفه وإلا فالضمير بعد حذف المتعلق مستتر في الظرف لانتقاله إليه من المتعلق على الراجح. قوله: "دراك زيدًا" في بعض النسخ تراك زيدًا بالفوقية والراء والكاف وهذا مقيس ودراك شاذ؛ لأنه من أدرك. قوله: "في نحو: حيهل الثريد" قيل هو الخبز المغمور بمرق اللحم وقيل الخبز المأكول باللحم. قوله: "إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر" هذا أثر يروى عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه والمراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تصريح. قوله: "عن آمين" مثلها إيه فإنه لم يحفظ لها أيضًا مفعول ومسماها وهو زد يتعدى كذا في التصريح. قوله: "مضمرًا" أي: محذوفًا. قوله: "جائز عند سيبويه" وخرج عليه الناظم: يأيها المائح دلوى دونكا فجعل دلوى منصوبًا بدون مضمرًا لدلالة ما بعده عليه وسينبه على ذلك الشارح فعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   علامة للمضمر المرتفع بها يعني بأسماء الأفعال، ثم قال: وبروزه مع شبهها في عدم التصرف دليل على فعليته يعني كما في هات وتعال فإن بعض النحويين غلط فعدهما من أسماء الأفعال وليسا منها بل هما فعلان غير متصرفين لوجوب اتصال ضمير الرفع البارز بهما كقولك للأنثى هاتي وتعالي، وللاثنين والاثنتين هاتيا وتعاليا، وللجماعتين هاتوا وتعالوا وهاتين وتعالين، وهكذا حكم هلم عند بني تميم فإنهم يقولون: هلم هلمي هلما هلموا هلممن، فهي عندهم فعل لا اسم فعل، ويدل على ذلك أنهم يؤكدونها بالنون نحو: هلمن. قال سيبويه: وقد تدخل الخفيفة والثقيلة يعني على هلم، قال: لأنها عندهم بمنزلة رد وردا   بطلان جعل بعضهم نصب نحو: باب كذا بهاك مقدرًا؛ لأن من يجوز عمل اسم الفعل محذوفًا يشترط تأخر دال عليه كما في البيت. قوله: "ولا علامة للمضمر المرتفع بها" أي: لا يبرز معها ضمير بل يستكن معها مطلقًا بخلاف الفعل فتقول صه للواحد والاثنين والجمع وللمذكر والمؤنث بلفظ واحد ا. هـ. همع. فأراد بنفي علامة المضمر نفي ظهوره من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم. قوله: "دليل فعليته" أي: فعلية شبهها. قوله: "كما في هات" بكسر التاء مبني على حذف الياء كارم وتعال بفتح اللام مبني على حذف الألف كاخش. قوله: "غلط فعدهما إلخ" قال الدماميني: لا وجه للتغليط فإن الذاهب إلى هذا لا يلتزم ما قاله المصنف من أن لحوق الضمائر البارزة لا يكون إلا في الأفعال بل من عدهما من أسماء الأفعال يجوز لحوقها بما قوي شبهه بالأفعال ويعتذر عن لحوق الضمائر بهما بقوة مشابهتهما للأفعال فعوملا معاملتها في ذلك ا. هـ. ملخصًا. قوله: "هاتي وتعالي" بالبناء على حذف النون وأصل هاتي هاتيي بياءين استثقلت الكسرة على الياء الأولى التي هي لام الفعل فحذفت فالتقى ساكنان فحذفت تلك الياء لالتقاء الساكنين, وأصل تعالي تعاليي فقلبت الياء الأولى ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فالتقى ساكنان فحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "هاتوا وتعالوا" أصلهما هاتيوا وتعاليوا فعل بهما ما مر مع ضم هاتوا لمناسبة الواو. قوله: "وهكذا حكم هلم" نقل بعضهم الإجماع على تركيبها وفي كيفيته خلاف قال البصريون: مركبة من هاء التنبيه ولمّ التي هي فعل أمر من قولهم لمّ الله شعثه أي: جمعه كأنه قيل اجمع نفسك إلينا فحذفت ألفها تخفيفًا ونظرًا إلى أن أصل اللام السكون وقال الخليل: ركبا قبل الإدغام فحذفت الهمزة للدرج إذ كانت همزة وصل وحذفت الألف لالتقاء الساكنين ثم نقلت حركة الميم الأولى إلى اللام وأدغمت, وقال الفراء: مركبة من هل التي للزجر وأم بمعنى اقصد فخففت الهمزة بإلقاء حركتها على الساكن قبلها وحذفت فصار هلم, قال ابن مالك في شرح الكافية: وقول البصريين أقرب إلى الصواب قال في البسيط: ويدل على صحته أنهم نطقوا به فقالوا هالم ا. هـ. همع. قوله: "فهي عندهم فعل" أي: لبروز الضمائر معها. قوله: "بمنزلة رد إلخ" أي: في كون كل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وردى وردوا وارددن، وقد استعمل لها مضارعًا من قيل له هلم فقال لا أهلم. وأما أهل الحجاز فيقولون هلم في الأحوال كلها كغيرها من أسماء الأفعال. وقال الله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18] ، وهي عند الحجازيين بمعنى احضر وتأتي عندهم بمعنى أقبل "وأخر ما لذي" الأسماء "فيه العمل" وجوبًا فلا يجوز زيدًا دراك خلافًا للكسائي. قال الناظم: ولا حجة له في قول الراجز: يَأيُّها المائِحُ دَلوي دُونَكا ... إني رأيتُ الناسَ يَحْمدونَكا لصحة تقدير دلوي مبتدأ أو مفعولًا بدونك مضمرًا. ثم ذكر ما تقدم عن سيبويه   فعل أمر. قوله: "لا أهلم" بفتح الهمزة والهاء وضم اللام. قوله: "هلم شهداءكم" أي: أحضروا. قوله: "هلم إلينا" أي: أقبلوا كذا قال شيخنا وتبعه البعض وفيه أن اسم الفعل المتعدي بحرف يتعدى بذلك الحرف مثل فعله وأقبل يتعدى بعلى كما مر في الشرح قبيل التنبيهات وكما في غيره فالمناسب أن هلم في الآية بمعنى ائت؛ لأنها ترد بمعنى ائت أيضًا والاتيان يتعدى بإلى كما يتعدى بنفسه. قوله: "وهي عند الحجازيين إلخ" إن قلت هي بمعنى احضر أو أقبل عند التميميين أيضًا. قلت كأنه أراد أنها دالة على لفظ احضر أو لفظ أقبل فلهذا خص الحجازيين بالذكر. قوله: "بمعنى أقبل" أي: وبمعنى ائت نحو: هلمّ الثريد. فائدة: توقف ابن هشام في عربية قول الناس هلم جرًا قال: والذي ظهر لنا في توجيهه أن هلم هي التي بمعنى ائت إلا أن فيها تجوزين أحدهما أنه ليس المراد بالإتيان المجيء الحسيّ بل الاستمرار على الشيء وملازمته. والثاني أنه ليس المراد الطلب حقيقة بل الخبر كما في قوله: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} وجرًا مصدر جره يجره إذا سحبه وليس المراد الجر الحسيّ بل التعميم فإذا قيل كان ذلك عام كذا وهلم جرًا فكأنه قيل واستمر ذلك في بقية الأعوام استمرارًا أو استمر مستمرا على الحال المؤكدة وبهذا التأويل ارتفع إشكال اختلاف المتعاطفين بالخبر والطلب وهو ممتنع أو ضعيف وإشكال التزام افراد الضمير إذ فاعل هلم هذه مفرد أبدًا ا. هـ. أي: مع أن بني تميم لا يلتزمونه في غير هلم هذه. قوله: "وأخر ما الذي فيه العمل" أي: لضعفها بعدم تصرفها. قوله: "يأيها المائح" بهمزة قبل الحاء المهملة وهو الذي ينزل البئر فيملأ الدلو إذا قل ماؤها أي: البئر. قوله: "لصحة تقدير   984- الرجز لجارية من بني مازن في الدرر 5/ 301؛ وشرح التصريح 2/ 200؛ والمقاصد النحوية 4/ 311؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص165؛ والأشباه والنظائر 1/ 344؛ والإنصاف ص228؛ وأوضح المسالك 4/ 88؛ وجمهرة اللغة ص574؛ وخزانة الأدب 6/ 200، 201، 206؛ وذيل السمط ص11؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص532؛ وشرح شذور الذهب ص522؛ وشرح عمدة الحافظ ص739؛ وشرح المفصل 1/ 117؛ ولسان العرب 2/ 609 "ميح"؛ ومعجم ما استعجم ص419؛ ومغني اللبيب 2/ 609؛ والمقرب 1/ 137؛ وهمع الهوامع 2/ 105. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 واحْكُمْ بتنكيرِ الذي يُنوَنُ ... منها وتعريفُ سواهُ بَيِّنُ   ويأتي هذا التأويل الثاني في قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] . تنبيهات: الأول ادعى الناظم وولده أنه لم يخالف في هذه المسألة سوى الكسائي، ونقل بعضهم ذلك عن الكوفيين. الثاني: توهم المكودي أن لذي اسم موصول فقال: والظاهر أن ما في قوله: ما لذي فيه العمل زائدة لا يجوز أن تكون موصولة؛ لأن لذي بعدها موصولة. وليس كذلك بل ما موصولة، ولذي جار ومجرور في موضع رفع خبر مقدم، والعمل مبتدأ مؤخر، والجملة صلة ما. الثالث: ليس في قوله العمل مع قوله: عمل إبطال؛ لأن أحدهما نكرة والآخر معرفة، وقد وقع ذلك للناظم في مواضع من هذا الكتاب "واحكم بتنكير الذي ينون منها" أي: من أسماء الأفعال "وتعريف سواه" أي: سوى المنون "بين" قال الناظم في شرح الكافية: لما كانت هذه الكلمات من قبل   دلوى مبتدأ" أي: خبره دونك بمعنى قدامك أي: ويكون الكلام حينئذٍ كناية عن طلب ملء الدلو كأنا عطشان كناية عن طلب سقي الماء فاندفع تنظير الشيخ خالد وسكت عليه شيخنا والبعض بأن المعنى ليس على الاخبار المحض حتى يخبر عن الدلو بكونه دونه, بل المقصود طلب ملء الدلو على أنه لا يصح على تقدير دلوى مبتدأ خبره دونك أن يكون دونك اسم فعل والخبر جملة اسم الفعل مع فاعله والرابط محذوف أي: دونكه فاعرفه. قوله: "ويأتي هذا التأويل الثاني في قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] ، أي: بناء على أن عليكم فيه اسم فعل وقال في شرح القطر كتاب مصدر منصوب بفعل محذوف وعليكم متعلق به أو بالعامل المحذوف والتقدير كتب الله ذلك كتابًا عليكم فحذف الفعل وأضيف المصدر إلى فاعله على حد صبغة الله ودل على ذلك المحذوف قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] ؛ لأن التحريم يستلزم الكتابة ا. هـ. ومثل ذلك للحفيد حيث قال والصحيح أن كتاب الله مصدر مؤكد لنفسه؛ لأن ما قبله وهو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] ، يدل على أن ذلك مكتوب فكأنه قال كتب الله عليكم ذلك كتابًا. قوله: "إن لذي اسم موصول" بناء على كون لذي بفتح اللام إحدى لغات الذي. قوله: "واحكم بتنكير إلخ" قال الرضي: ليس المراد بتنكيره أي: اسم الفعل الذي هو بمعناه؛ لأن الفعل لا يكون معرفًا ولا منكرًا بل التنكير راجع إلى المصدر الذي هو أصل ذلك الفعل فصه منونًا بمعنى اسكت سكوتًا أي: افعل مطلق السكوت عن كل كلام إذ لا تعيين فيه وصه مجردًا من التنوين بمعنى اسكت السكوت المعهود المعين عن هذا الحديث الخاص مع جواز التكلم بغيره هكذا حقق المقام ودع الأوهام ا. هـ. سندوبي وقد يؤخذ منه أنها في حال تعريفها من قبيل المعرف بأل العهدية وهو أظهر من قول بعضهم إنها حينئذٍ من قبيل المعرف بأل الجنسية ومن قول بعضهم إنها حينئذٍ من قبيل علم الجنس, ولنا في هذا المقام تحقيق أسلفناه أول الكتاب في الكلام على التنوين فارجع إليه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 وما بِهِ خُوطِبَ ما لا يَعقِلُ ... من مُشْبِهِ اسمِ الفعلِ صَوتا يُجْعَلُ كذا الذي أجْدَى حكِايَةً كَقَبْ ... والزم بنا النوعينِ فهو قد وَجَبْ   المعنى أفعالًا ومن قبل اللفظ أسماء جعل لها تعريف تنكير، فعلامة تعريف المعرفة منها تجرده من التنوين، وعلامة تنكير النكرة منها استعماله منونًا. ولما كان من الأسماء المحضة ما يلازم التعريف كالمضمرات وأسماء الإشارة وما يلازم التنكير كأحد وعريب وديار، وما يعرف وقتا وينكر وقتا كرجل وفرس جعلوا هذه الأسماء كذلك فألزموا بعضًا التعريف كنزال وبله وآمين، وألزموا بعضا التنكير كواها وويها، واستعملوا بعضا بوجهين فنون مقصودًا تنكيره وجرد مقصودا تعريفه كصه وصه واف واف ا. هـ. تنبيه: ما ذكره الناظم هو المشهور. وذهب قوم إلى أن أسماء الأفعال كلها معارف ما نون منها وما لم ينون تعريف علم الجنس "وما به خوطب ما لا يعقل من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل. كذا الذي أجدى حكاية كقب" أي: أسماء الأصوات ما وضع لخطاب   قوله: "من قبل المعنى أفعالًا" ذكره تتميمًا للفائدة وإلا فقوله: جعل لها تعريف إلخ إنما ينبني على كونها من قبيل اللفظ أسماء. قوله: "كأحد" أطلق أحد وله استعمالات أربعة. أحدها مرادف الأول وهو المستعمل في العدد نحو: أحد عشر. والثاني مرادف الواحد بمعنى المنفرد نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 2] ، الثالث مرادف إنسان نحو: وإن أحد من المشركين. الرابع أن يكون اسمًا عاما في جميع من يعقل فما منكم من أحد وهو المراد هنا فإنه الملازم للتنكير, وندر تعريفه قاله الموضح في الحواشي تصريح. قوله: "وبله" لا ينافيه ما مر في شرح قوله: ويعملان الخفض من قوله: وبلها عمرًا؛ لأن ذاك على المصدرية سم. قوله: "تعريف علم الجنس" يعني أن مسماها حقيقة لفظ الفعل المتحدة في الذهن. قوله: "من مشبه اسم الفعل" قال البعض: أي: في الاكتفاء به وعدم احتياجه في إفادة المراد إلى شيء آخر ا. هـ. وفيه أن اسم الفعل لا يفيد المراد وحده بل بضميمة فاعله الظاهر كما في هيهات نجد أو المستتر كما في صه فوجه الشبه المذكور لم يوجد في المشبه به اللهم إلا أن يجعل المشبه به اسم الفعل الرافع للمستتر ويراد الاكتفاء به بحسب الظاهر, وقطع النظر عن الضمير المستتر فتأمل ثم قوله من مشبه اسم الفعل بيان لما حال من الضمير المجرور بالباء على قاعدة من البيانية ومجرورها من كونهما في موضع الحال, وبهذا يعلم اختلال قول البعض تبعًا للفارضي الجار والمجرور بيان لما أو حال من الضمير في به فتنبه. قوله: "صوتًا يجعل" أي: يجعل اسم صوت. قوله: "كذا الذي أجدى حكاية" أي: أفادها وصريحه أنها ليست نفس الحكاية بل مفيدة ومفهمة لها وهو كذلك؛ لأن من شروط الحكاية أن تكون مثل المحكي وهذه الألفاظ مركبة من حروف صحيحة وليس المحكي كذلك, إذ الحيوانات والجمادات لا تحسن الإفصاح بالحروف لكنهم لما احتاجوا إلى حكاية تلك الأصوات وتعذرت أو تعسرت عليهم أوردوا صورتها بأدنى ما أمكنهم من ألفاظ مركبة من الحروف شبيهة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ما لا يعقل، أو ما هو في حكم ما لا يعقل من صغار الآدميين، أو لحكاية الأصوات كذا في شرح الكافية. فالنوع الأول إما زجر كهلا للخيل. ومنه قوله: وأيُّ جوادٍ لا يُقال لهُ هلا وعدس للبغل ومنه قوله: 985- عَدَسْ ما لِعَبَّادٍ عليكِ إمارَةٌ وكخ للطفل. وفي الحديث: "كخ كخ فإنها من الصدقة" وهيد وهاد وده وجه وعاه   بتلك الأصوات في الجملة فصار الواقع في كلامهم كالحكاية. فإن قلت بقي عليه الأصوات الدالة على معنى في النفس كأح لذي السعال. قلت هذه ليست موضوعة أصلًا فلا تكون اسمًا بل لا تكون كلمة لأنها إنما تدل بالطبع لا بالوضع ا. هـ. دماميني ملخصًا. قوله: "كهلا" في القاموس هلا وهال زجران للخيل أي: اقربي ا. هـ. والكلمتان منونتان بالقلم في نسخة العلامة أبي العز العجمي المصححة بخطه لكن في الهمع هلا بوزن ألا لزجر الخيل عن البطء ا. هـ. ومنه يعلم أن قول القاموس أي: اقربي تفسير باللازم. قوله: "للخيل" على حذف مضاف أي: لزجرها وقد يستحث بها العاقل لتنزيله منزلة غيره كقوله: ألا حييا ليلى وقولا لها هلا ا. هـ. زكريا وكذا يقدر المضاف في نظائره الآتية. قوله: "للبغل" أي: لزجره عن الإبطاء دماميني. قوله: "وكخ" بكسر الكاف وتشديد الخاء ساكنة ومكسورة ا. هـ. سم وفي القاموس جواز تخفيف الخاء وجواز تنوينها وجواز فتح الكاف. قوله: "للطفل" أي: لزجره عن تناول شيء كما في القاموس. قوله: "وفي الحديث إلخ" هو أن الحسن رضي الله عنه أخذ تمرة من تمر الصدقة وجعلها في فيه فقال له عليه الصَّلاة والسَّلام: $"كخ كخ فإنها من الصدقة" فألقاها من فيه. قوله: "وهيد" بفتح الهاء وكسرها وفتح الدال فيهما زكريا والتحتية بينهما ساكنة.   985- عجزه: نَجوتِ وهذا تحملين طليقُ والبيت من الطويل، وهو ليزيد بن مفرغ في ديوانه ص170؛ وأدب الكاتب ص417؛ والإنصاف 2/ 717؛ وتخليص الشواهد ص150؛ وتذكرة النحاة ص20؛ وجمهرة اللغة ص645؛ وخزانة الأدب 6/ 41، 42، 48؛ والدرر 1/ 269؛ وشرح التصريح 1/ 139، 381؛ وشرح شواهد المغني 2/ 859؛ وشرح المفصل 4/ 79؛ والشعر والشعراء 1/ 371؛ ولسان العرب 6/ 47 "حدس"، 6/ 133 "عدس"؛ والمقاصد النحوية 1/ 442، 3/ 216؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص362، 447؛ وأوضح المسالك 1/ 162؛ وخزانة الأدب 4/ 333، 6/ 388؛ وشرح شذور الذهب ص190؛ وشرح قطر الندى ص106؛ وشرح المفصل 2/ 16، 4/ 23؛ ولسان العرب 15/ 460 "ذوا"؛ والمحتسب 2/ 94؛ ومغني اللبيب 2/ 462؛ وهمع الهوامع 1/ 84. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وعيه للإبل وعاج وهيج وحل للناقة. واس وهس وهج وقاع للغنم. وهجا وقج للكلب. وسع للضأن. ووح للبقرة. وعز وعيز للعنز. وحر للحمار. وجاه للسبع. وإما دعاء كأو للفرس. ودوه للربع. وعوه للجحش. وبس للغنم. وجوت وجيء للإبل الموردة. وتؤوتًا   قوله: "وهاد" بكسر الدال على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين وده وجه بفتح الدال المهملة من الأول والجيم من الثاني وإسكان الهاء منهما وعاه وعيه بعين مهملة فيهما مكسورة من الثاني وهاء مكسورة فيهما وعاج بعين مهملة وجيم بعد الألف مكسورة وهيج بفتح الهاء وكسرها مع كسر الجيم وسكونها وحل بحاء مهملة مفتوحة فلام ساكنة, ويقال في زجر البعير حل بفتح الحاء المهملة وكسر اللام منونة وإسّ بكسر الهمزة وتشديد السين المهملة مفتوحة وهس مثلها إلا أن أولها هاء, وقال الرضي: إس مكسورة الهمزة ساكنة السين وكذا هس مكسورة الهاء ساكنة السين وقيل بضم الهاء وفتح السين المشددة ا. هـ. دماميني. وقال زكريا: إس وهس بكسر أولهما مع فتح آخرهما أو كسره وتشديده فيهما ا. هـ. وفي القاموس هس بالضم زجر للغنم ولا يكسر ا. هـ. وقوله بالضم أي: ضم الهاء وأما السين فمضبوطة بالقلم بالسكون مشددة في نسخة أبي العز العجمي المصححة بخطه وفي غيرها من النسخ والله أعلم. قوله: "وهج" بهاء مفتوحة فجيم ساكنة وقاع بقاف فألف فعين مهملة مكسورة وهجا بهاء مفتوحة فجيم فألف مقصورة ا. هـ. دماميني. قوله: "وهج للكلب" بفتح الهاء وسكون الجيم أو كسرها منونة قاله الدماميني. وفي القاموس ما يوافقه وأما هج السابقة التي للغنم فاقتصر شيخنا السيد في ضبطها تبعًا للدماميني والقاموس على فتح الهاء وسكون الجيم كما مر وكتب شيخ الإسلام على هج الأولى ما نصه: قوله: وهج بفتح أوله مع كسر ثانيه وإسكانه وتشديد فيهما وأما هج الآتي فهو بفتح أوله مع إسكان ثانيه وكسره مع تنوينه وتخفيفه فيهما ا. هـ. وملخصه أن الأولى فيها لغتان كسر الثاني وإسكانه مع التشديد فيهما والثانية فيها لغتان كسر الثاني منونًا وإسكانه مع التخفيف فيهما. قوله: "وسع" بسين مفتوحة وعين ساكنة مهملتين ووح بواو مفتوحة وحاء مهملة ساكنة وعز بعين مهملة فزاي ساكنة ا. هـ. دماميني والعين من عز مفتوحة كما يفيده صنيع القاموس وذكره البعض. قوله: "وعيز" بفتح أوله وكسره مع آخره وكسره ا. هـ. زكريا. وقال الدماميني: بعين مهملة مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة فزاي مكسورة والذي في القاموس أن العين بالكسر والفتح والزاي بالفتح وأنه لزجر الضأن. قوله: "وحرّ" بالحاء المهملة بخط الشارح وفي بعض النسخ وهر قال الدماميني بفتح الهاء وكسر الراء المشددة. قوله: "وجاه" بجيم فألف فهاء مكسورة ويكون لزجر البعير أيضًا فهو مشترك دماميني. قوله: "وإما دعاء" أي: طلب كأو ضبطه المرادي والدماميني بأنه بوزن أو العاطفة وقيل بمد الهمزة وضم الواو. قوله: "ودوه" بفتح الدال المهملة أكثر من ضمها وسكون الواو وكسر الهاء كما في الدماميني وزكريا. قوله: "للربع" بضم الراء وفتح الموحدة وبعدها عين مهملة وهو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   للتيس المنزي. ونخ مخففًا ومشددًا للبعير المناخ. وهدع لصغار الإبل المسكنة. وسأ وتشؤ للحمار المورد. ودج للدجاج. وقوس للكلب والنوع الثاني كغاق للغراب. وماء بالإمالة للظبية. وشيب لشرب الإبل. وعيط للمتلاعبين. وطيخ للضاحك. وطاق للضرب. وطق   الفصيل. دماميني. قوله: "وعوه" بعين مهملة فواو ساكنة فهاء مكسورة ا. هـ. دماميني والعين مفتوحة على ما ذكره البعض. قوله: "وبس" بضم الباء وتثليث السين مع تشديدها زكريا وضبطه بعضهم بسكون السين وصدر به الدماميني. قوله: "وجوتّ" بجيم مضمومة فواو ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة ا. هـ. دماميني وفي القاموس في فصل الجيم من باب التاء الفوقية أن جوت مثلثة الآخر دعاء للإبل إلى الماء وصنيعه يفيد أن الجيم مفتوحة وكذا ضبطت بالقلم بالفتح في نسخة الصحيحة. قوله: "وجيء" بجيم مكسورة فهمزة ساكنة ا. هـ. دماميني وأما حيء بكسر الحاء المهملة وسكون الهمزة فدعاء للحمار إلى الماء كما في القاموس. قوله: "للإبل الموردة" أي: لدعائها لتشرب زكريا. قوله: "وتؤ" بمثناة فوقية مضمومة فهمزة ساكنة وتأ بمثناة فوقية مفتوحة فهمزة ساكنة دماميني. قوله: "المنزي" أي: على الإناث. قوله: "ونخ" بكسر النون وإسكان الخاء المعجمة مخففة ومشددة ا. هـ. زكريا وضبطه بعضهم بفتح النون وصدر به الدماميني. قوله: "المناخ" أي: الذي تراد إناخته. زكريا. قوله: "وهدع" بكسر الهاء وفتح الدال وإسكان العين المهملة ا. هـ. دماميني. وزاد في القاموس لغة ثانية سكون الدال مع كسر العين. قوله: "المسكنة" أي: التي يراد تسكينها من نفارها. زكريا. قوله: "وسأ" بفتح السين المهملة وسكون الهمزة وتشؤ بمثناة فوقية مضمومة فشين معجمة مضمومة فهمزة ساكنة ا. هـ. دماميني وزاد زكريا جواز فتح الشين. قوله: "ودج" بفتح الدال المهملة وسكون الجيم مخففة. وقوس بضم القاف وسكون الواو وكسر السين المهملة ا. هـ. دماميني وزكريا. قوله: "كغاق" بغين معجمة وقاف مكسورة ا. هـ. همع وقوله للغراب أي: لحكاية صوته. قوله: "وماء بالامالة" قال الرضي: إن ميمه ممالة وهمزته مكسورة أو ساكنة بعد الألف زكريا. قوله: "للظبية" أي: لحكاية صوتها إذا دعت ولدها. زكريا. قوله: "وشيب" بكسر الشين المعجمة وسكون التحتية وكسر الموحدة كما في زكريا وقوله لشرب الإبل أي: لحكاية صوت شربها. قوله: "وعيط" بعين مهملة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فطاء مهملة مكسورة ا. هـ. دماميني. زاد زكريا جواز فتح آخره وقوله للمتلاعبين أي: لحكاية أصواتهم الموجودة عند اللعب ومن هنا أخذ الناس العياط كما في الدماميني. قوله: "وطيخ" بكسر الطاء المهملة وسكون التحتية وكسر الخاء المعجمة أو فتحها كما في زكريا وقوله: للضاحك أي: لحكاية صوت ضحكة قال الدماميني: أفرده؛ لأن الضحك يأتي من الواحد بخلاف ما قبله ا. هـ. وفيه نظر ظاهر. قوله: "وطاق" بطاء مهملة مفتوحة فألف فقاف مكسورة وقوله للضرب أي: للصوت الحادث عنده وكذا يقال فيما بعده وطق بطاء مهملة مفتوحة فقاف ساكنة وقب بقاف مفتوحة فموحدة ساكنة وخاق باق بكسر القاف فيهما وأول الأول خاء معجمة قبل ألف وأول الثاني باء موحدة قبل ألف ا. هـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لوقوع الحجارة. وقب لوقع السيف. وخاق باق للنكاح. وقاش ماش للقماش. تنبيه: قوله من مشبه اسم الفعل كذا عبر به أيضًا في الكافية، ولم يذكر في شرحها ما احترز به عنه، قال ابن هاشم في التوضيح: وهو احتراز من نحو قوله: 986- يا دارَ مَيَّةَ بالعَلياءِ فالسَّندِ وقوله: 987- ألا أيُّها الليلُ الطويلُ إلا انْجَلي   دماميني وخاق باق اسمان جعلا اسمًا واحدًا وبنيا على الكسر وكذا قاش ماش ا. هـ. زكريا وقوله: للنكاح أي: للصوت الحادث من اصطكاك الأجرام عند النكاح كما في الدماميني. قوله: "وقاش ماش" بشين معجمة مكسورة آخر كل منهما كما في الدماميني وقوله: للقماش قال زكريا أي: لصوته إذا طوى ا. هـ. هكذا ينبغي التكلم على هذه الألفاظ التي ساقها الشارح وبه يعلم ما في تكلم البعض عليها من التقصير في بعضها والخطأ في بعضها والله الموفق. قوله: "وهو احتراز من نحو: قوله يا دارمية إلخ" فإن قوله يا دارمية خطاب لما لا يعقل ولكنه لم يشبه اسم الفعل في الاكتفاء به لكونه غير مكتفى به؛ ولهذا احتاج إلى قوله: أقوت إلخ وكذلك أيها الليل خطاب لما لا يعقل ولكنه لم يشبه اسم الفعل لكونه غير متكفى به ولهذا احتاج إلى قوله: انجلي كذا في التصريح. قال سم: وفي الاحتراز عن ذلك نظر؛ لأنه يكتفى به بدليل أن حقيقة النداء كلام اصطلاحي أو نائب عنه ا. هـ. وأشار البعض إلى دفعه بأن المراد غير مكتفى به في أداء المعنى المقصود للمتكلم وإن كان كلامًا تاما عند النحاة. قوله: "يا دارمية إلخ" تمامه: أقوت وطال عليها سالف الأمد إلخ. والعلياء ما ارتفع من الأرض وسند الجبل ارتفاعه حيث يسند فيه أي: يصعد وأقوت خلت والسالف الماضي والأمد الدهر والفاء بمعنى الواو. عيني وتصريح وفي القاموس السند محركة ما قابلك من الجبل وعلا عن السفح ا. هـ. وهو واضح. قوله: "ألا أيها إلخ" تمامه:   986- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص14؛ والأغاني 11/ 27؛ والدرر 1/ 274، 6/ 326 وشرح أبيات سيبويه 2/ 54؛ والصاحبي في فقه اللغة ص215؛ والكتاب 2/ 321؛ والمحتسب 1/ 251؛ والمقاصد النحوية 4/ 315؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 92؛ ورصف المباني ص452؛ وشرح التصريح 1/ 140؛ ولسان العرب 3/ 223 "سند"، 3/ 355 "قصد"، 14/ 141 "جرا" 15/ 491 "يا". 987- عجزه: بصبحٍ وما الإصباحُ منكَ بأمْثل والبيت من الطويل وهو لامرئ القيس في ديوانه ص18؛ والأزهية ص271؛ وخزانة الأدب 2/ 326، 327؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 513؛ ولسان العرب 11/ 361 "شلل"؛ والمقاصد النحوية 4/ 317؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 93؛ وجواهر الأدب ص78؛ ورصف المباني ص79. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   "والزم بنا النوعين فهو قد وجب" يحتمل أن يريد بالنوعين أسماء الأفعال والأصوات وهو ما صرح به في شرح الكافية. ويحتمل أن يريد نوعي الأصوات وهو أولى؛ لأنه قد تقدم الكلام على أسماء الأفعال في أول الكتاب. وعلة بناء الأصوات مشابهتها الحروف المهملة في أنها لا عاملة ولا معمولة فهي أحق بالبناء من أسماء الأفعال. تنبيه: هذه الأصوات لا ضمير فيها بخلاف أسماء الأفعال فهي من قبيل المفردات، وأسماء الأفعال من قبيل المركبات. خاتمة: قد يعرب بعض الأصوات لوقوعه موقع متمكن كقوله: 988- قَد أَقْبَلَتْ عَزَّةُ من عِراقِها ... مُلصِقَةَ السَّرجِ بخاقِ باقِها   بصبح وما الإصباح منك بأمثل أي: ليس الإصباح أمثل منك لأني أقاسي فيه أيضًا الهموم وهذا قاله بعد تنبهه والأول في حال غفلته. قوله: "فهو قد وجب" قال الغزي: وهو تتميم لصحة الاستغناء عنه بقوله: والزم ا. هـ. وقال سم: قد يقال الأمر بملازمة البناء لا يستوجب وجوبه فقد يؤمر بملازمة الجائز وحينئذٍ فقوله: فهو قد وجب لبيان وجوبه ودفع توهم جوازه فقط. قوله: "نوعي الأصوات" أي: ما خوطب به ما لا يعقل وما أجدى حكاية. قوله: "في أول الكتاب" أي: في قوله وكنيابة عن الفعل إلخ قال سم: قد يقال لم يصرح بها في أول الكتاب غاية الأمر أنه أدخلها في قوله: وكنيابة عن الفعل إلخ فيجوز أن يريد ههنا لدفع توهم عدم إرادتها هناك. قوله: "فهي أحق بالبناء من أسماء الأفعال" أي: لأن علة بناء أسماء الأفعال مشابهتها للحروف العاملة في أنها عاملة غير معمولة فوجه الشبه في أسماء الأصوات وهو كونها لا عاملة ولا معمولة نادر في غير نوع الحرف إذ لا يوجد في غير نوعه إلا في أسماء الأصوات فيكون الحرف أخص به فتكون مشابهة أسماء الأصوات للحروف في ذلك الوجه أقوى بخلاف وجه الشبه في أسماء الأفعال, وهو كونها عاملة غير معمولة فإنه موجود في الأنواع الثلاثة الاسم والفعل والحرف فلا يقوى وجوده في الحرف قوة وجود وجه الشبه في أسماء الأصوات فتكون مشابهة أسماء الأفعال للحرف دون مشابهة أسماء الأصوات له هكذا ينبغي تقرير وجه الأولوية. قوله: "قد يعرب بعض الأصوات" أي: وجوبًا كما في الدماميني وقوله لوقوعه موقع متمكن أي: بأن تخرج عن معانيها الأصلية وتستعمل في معنى ذلك المتمكن الذي وقعت موقعه فإن خاق باق في البيت غير مستعمل في معناه الأصلي؛ لأنه لم يحك به صوت الجماع بل استعمل في معنى اسم متمكن وهو الفرج وترك الشارح ذكر جواز إعرابها وبنائها فيما إذا أريد لفظها كما في قوله: وأي جواد لا يقال له هلا   988- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 10/ 94 "خرق". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أي: بفرجها وقوله: 989- إذ لِمَّتِي مثلُ جَناح غاقِ أي: غراب. ومنه قول ذي الرمة: 990- تداعَينَ باسم الشِّيبِ في مُتَثلِّمِ ... جَوانبُهُ من بَصرَة وسِلامِ وقوله أيضًا: 991- لا يُنْعِشُ الطَّرفَ إلا ما يُخوِّنُهُ ... داع يُناديهِ باسمِ الماءِ مَبْغومُ فالشيب صوت شرب الإبل. والماء صوت الظبية كما مر ا. هـ والله أعلم.   قوله: "إذ لمتي" بكسر اللام يعني شعر رأسي. قوله: "تداعين" أي: الإبل باسم الشيب أي: بمسمى باسم هو الشيب أي: بالصوت المعهود أي: دعا بعضهم بعضًا بذلك الصوت فالشيب هنا مستعمل في نفس الصوت لا محكي به الصوت وقوله: في متثلم أي: حوض ماء متثلم أي: متكسر وقوله: من بصرة وصلام بكسر السين المهملة هما نوعان من الحجارة قاله شيخنا السيد. وعبارة القاموس في باب الراء البصرة بلد معروف إلى أن قال: وحجارة رخوة فيها بياض وفي باب الميم السلمة كفرحة الحجارة والجمع ككتاب. قوله: "لا ينعش الطرف" بالشين المعجمة أي: لا يرفعه قال في القاموس: نعشه الله كمنعه رفعه كأنعشه ونعشه ا. هـ. ومنه سمي النعش نعشًا لارتفاعه وما فاعل ينعش واقعة على أم الظبي وقوله: يخونه بضم التحتية وفتح الخاء المعجمة وكسر الواو المشددة آخره نون أي: يتعهده قال في القاموس: خونه تعهده كتخونه ا. هـ. وقوله داع بدل من ما أو عطف بيان أو خبر لمحذوف والمبغوم بالموحدة فالغين المعجمة من البغم وهو عدم الإفصاح. والمعنى لا يرفع طرف الظبي إلا سماعه أمه التي تتعهده تقول عند تعهدها له ماء.   989- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص180؛ والدرر 5/ 308؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص152؛ وهمع الهوامع 2/ 107. 990- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1070؛ وإصلاح المنطق ص29؛ وخزانة الأدب 1/ 104، 4/ 343؛ وشرح شواهد الإيضاح ص307؛ وشرح المفصل 3/ 14، 4/ 82، 85؛ ولسان العرب 1/ 54 "شيب"، 4/ 67 "بصر"؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص35؛ وجمهرة اللغة ص312، 858؛ وخزانة الأدب 6/ 388، 442؛ ولسان العرب 12/ 297 "سلم". 991- البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في ديوانه ص390؛ وخزانة الأدب 4/ 344؛ والخصائص 3/ 29؛ ومراتب النحويين ص38. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 نونا التوكيد : للفِعلِ تَوْكيدٌ بنونينِ هما ... كنونَي اذْهبنَّ واقْصدْنَهما يؤكدانِ افعَل ويَفعَل آتِيا ... ذا طَلبٍ أو شَرْطا أمَّا تالِيا   نونا التوكيد: "للفعل توكيد بنونين هما" الثقيلة والخفيفة "كنوني اذهبن واقصدنهما" وقد اجتمعا في قوله تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} [يوسف: 32] وقد تقدم أول الكتاب أن قوله: 992- أَقائِلُنَّ أحْضِروا الشُّهودا ضرورة. تنبيه: ذهب البصريون إلى أن كلا منهما أصل لتخالف بعض أحكامهما. وذهب الكوفيون إلى أن الخفيفة فرع الثقيلة. وقيل بالعكس. وذكر الخليل أن التوكيد بالثقيلة أشد من الخفيفة "يؤكدان افعل" أي: فعل الأمر مطلقًا نحو: اضربن زيدًا، ومثله الدعاء   نونا التوكيد: قوله: "للفعل" قدمه للاختصاص سم. قوله: "بنونين" أي: بكل منهما سم أي: على انفراده. قوله: "ضرورة" أي: وسهلها شبه الوصف بالفعل. قوله: "لتخالف بعض أحكامهما" كإبدال الخفيفة ألفًا وقفًا في نحو: وليكونا وحذفها في نحو: لا تهين الفقير وهما ممتنعان في الثقيلة وكوقوع الشديدة بعد الألف وهو ممتنع في الخفيفة وعورض التعليل بأن الفرع قد يختص بأحكام ليست في الأصل كما في أن المفتوحة فإنها فرع المكسورة, ولها أحكام تخصها. تصريح مع زيادة وحذف. قوله: "فرع الثقيلة" لاختصارها منها؛ ولأن التأكيد في الثقيلة أبلغ سم. قوله: "وقيل بالعكس" يؤيده أن الخفيفة بسيطة والثقيلة مركبة فالخفيفة أحق بالأصالة والثقيلة أحق بالفرعية. قوله: "أشد من الخفيفة" أي: من التوكيد بالخفيفة ويؤيده أن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى وقوله تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ} فإن امرأة العزيز كانت أشد حرصًا على سجنه من كونه صاغرًا؛ لأنها كانت تتوقع حبسه في بيتها فتقرب منه وتراه كلما أرادت. قوله: "يؤكدان افعل" أي: جوازًا كما سيأتي. قوله: "أي: فعل الأمر" قال البعض تبعًا لشيخنا الأولى فعل الطلب ليشمل الدعاء ا. هـ. ويدفع بأن المراد فعل الأمر اصطلاحي وهو يشمل فعل   992- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173؛ وشرح التصريح 1/ 42؛ والمقاصد النحوية 1/ 118، 3/ 648، 4/ 334؛ ولرجل من هذيل في حاشية يس 1/ 42؛ وخزانة الأدب 6/ 5؛ والدرر 5/ 176؛ وشرح شواهد المغني 2/ 758؛ ولرؤبة أو لرجل من هذيل في خزانة الأدب 11/ 420، 422؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 242؛ وأوضح المسالك 1/ 24؛ والجنى الداني ص141؛ والخصائص 1/ 136؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 447؛ والمحتسب 1/ 193؛ ومغني اللبيب 1/ 336؛ وهمع الهوامع 2/ 79. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كقوله: "فأنزلن سكينة علينا" "ويفعل" أي: المضارع بالشرط الآتي ذكره ولا يؤكدان الماضي مطلقًا. وأما قوله: 993- دامَنَّ سَعدُكَ إنْ رَحِمتَ مُتَيَّمًا فضرورة شاذة سهلها كونه بمعنى الاستقبال. وإنما يؤكد بهما المضارع حال كونه "آتيا ذا طلب" بأن يأتي أمرًا نحو: ليقومن زيد، أو نهيا نحو: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا}   الدعاء مع أنه لو قال فعل الطلب لشمل المضارع المقرون بلام الأمر مع أنه سيذكره المصنف ولا ينافي كون المراد بفعل الأمر ما ذكر قوله: ومثله الدعاء لإمكان حمله على الاستخدام بأن يجعل الضمير عائدًا على فعل الأمر لا بالمعنى الأعم المتقدم, بل بالمعنى الخاص المقابل للدعاء أو على جعل الضمير عائدًا على اضربن زيدًا لا على فعل الأمر فتأمل. قوله: "مطلقًا" أي: من غير شرط؛ لأنه مستقبل دائمًا ا. هـ. تصريح ويرشد إلى تفسير الإطلاق بذلك قوله بعد أي: المضارع بالشرط الآتي فهو أحسن من قول البعض أي: سواء كان على زنة إفعل أو غيرها كانفعل وافتعل. قوله: "فأنزلن سكينة علينا" تمامه: وثبت الأقدام إن لاقينا وهو من كلامه -صلى الله عليه وسلّم- الموافق لوزن الزجر. قوله: "بالشرط الآتي" هو قوله آتيا ذا طلب إلخ. قوله: "ولا يؤكدان الماضي" لأنهما يخلصان مدخولهما للاستقبال وذلك ينافي المضي ا. هـ. تصريح. قوله: "مطلقًا" أي: ولو كان ذلك الماضي بمعنى المستقبل طردًا للباب. قوله: "دامن سعدك" بكسر الكاف إن رحمت متيمًا من تيمه الحب أي: استعبده وذلله وتمامه: لولاك لم يك للصبابة جانحا أي: مائلًا والصبابة رقة الشوق. قوله: "فضرورة شاذة" أي: ليس للمولدين ارتكابها في شعرهم وكذا أقائلن إلخ وإن أوهم صنيعه خلافه. قوله: "سهلها كونه بمعنى الاستقبال" لأن الدوام إنما يتحقق في الاستقبال ا. هـ. سم. وقال الدماميني: سهلها ما فيه من معنى الطلب فعومل معاملة الأمر. قوله: "آتيا ذا طلب إلخ" عبارة التوضيح وأما المضارع فله حالات أي: خمس: إحداها أن يكون توكيده بهما واجبًا وذلك إذا كان مثبتًا مستقبلًا جوابًا لقسم غير مفصول من لامه بفاصل نحو: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] ، ثم قال: والثانية أن يكون قريبًا من الواجب وذلك إذا كان شرطًا؛ لأن المؤكدة بما نحو: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ} [الأنفال: 58] ، ثم قال الثالثة أن   993- عجزه: لولاك لم يكُ للصَّبابَةِ جَانِحا والبيت من الكامل وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص143؛ والدرر 5/ 161؛ وشرح شواهد المغني ص760؛ ومغني اللبيب 2/ 339؛ والمقاصد النحوية 1/ 120، 4/ 341؛ وهمع الهوامع 2/ 78. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [إبراهيم: 42] ، أو عرضا نحو: ألا تنزلن عندنا، أو تحضيضًا كقوله: 994- هَلا تَمُنِّنْ بوعَدٍ غيرَ مُخْلِفةٍ ... كما عهدتُّكِ في أيامِ ذي سَلَمِ أو تمنيا كقوله: 995- فَلَيتَكِ يومَ الملتَقى تَرَيِنَّنِي ... لكي تَعْلمي أني امرؤٌ بكِ هائِمٌ أو استفهامًا كقوله:   يكون كثيرًا وذلك إذا وقع بعد أداة طلب كقوله تعالى: {ولا تحسبن الله غافلًا} "إبراهيم: 42"، ثم قال: والرابعة أن يكون قليلًا وذلك إذا وقع بعد لا النافية أو ما الزائدة التي لم تسبق بأن. ثم قال: والخامسة أن يكون أقل وذلك بعد لم وبعد أداة جزاء غير إما ا. هـ. قال شيخنا: وينبغي أن تزاد سادسة وهي امتناع التوكيد كالمضارع المنفي الواقع جواب القسم نحو: والله لا تفعل كذا والمضارع الحالي نحو: والله ليقوم زيد الآن والمضارع المفصول من لام القسم كما سيذكره الشارح قال في النكت: أورد على الناظم نحو: قولك للعاطس يرحمك الله وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] ، ونحو: ذلك مما أوقع فيه الخبر موقع الطلب فإنه يصدق عليه أنه يفعل آتيا ذا طلب ولا يجوز توكيده, فلو قال يفعل المقترن بنهي أو استفهام إلخ لكان أولى ا. هـ. ويجاب بأنا لا نسلم أن الطلب فيما أورده بالفعل وحده كما هو فرض الكلام بل بالجملة؛ لأنها من الجمل الخبرية المستعملة في الإنشاء ولئن سلم أن الطلب فيه بالفعل وحده فالمراد ذا طلب بأداة كلام الأمر ولا الناهية والطلب فيما أورده ليس كذلك فاعرفه وذا طلب حال من ضمير آتيا. قوله: "هلا تمنن" أصله تمنين فلما أكد بالنون حذفت نون الرفع تخفيفًا فالتقى ساكنان الياء والنون فحذفت الياء وذي سلم موضع بالحجاز ا. هـ. زكريا وغير مخلفة حال من الياء المحذوفة. قوله: "ترينني" فيه الشاهد وأصله قبل نون التوكيد ترأيين بقلب حركة الهمزة إلى الراء ثم حذفت الهمزة فصار تريين فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها, ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار ترين فلما أكد بالنون حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال وكسرت الياء للتخلص من الساكنين ولم تحذف لعدم ما يدل عليها فلما أتى بياء المتكلم لحقت نون الوقاية فصار ترينني ويوم ظرف لغو متعلق بترينني. قوله: "أو استفهامًا" أي: بجميع أدواته اسمية كانت أو حرفية خلافًا لمن خصه بالهمزة وهل ا. هـ. دماميني ولذا عدد الشارح الأمثلة.   994- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 99؛ والدرر 5/ 150؛ وشرح التصريح 2/ 204؛ والمقاصد النحوية 4/ 322؛ وهمع الهوامع 2/ 78. 995- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 100؛ والدرر 5/ 151؛ وشرح التصريح 2/ 204؛ والمقاصد النحوية 4/ 323؛ وهمع الهوامع 2/ 78. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   996- وهل يَمْنَعَنِّي ارْتيادِي البِلا ... د من حَذَرِ الموتِ أن يأتِيَنْ وقوله: 997- أَفَبَعْدَ كِندَةَ تَمْدحنَّ قَبِيلا وقوله: 998- فأَقْبِل على رَهْطِي ورَهْطِكَ نَبْتَحِثْ ... مساعينا حتى نرى كيف نَفْعلا أو دعاء كقوله: 999- لا يَبْعُدنْ قَومي الذين همو ... سُمُّ العُداةِ وآفةُ الجُزُرِ النازلون بكل مُعتركٍ ... والطيبونَ معاقِدَ الأزُرِ "أو" آيتا "شرطا إما تاليا" إما في موضع النصب مفعول به لتاليا، أي: شرطًا تابعًا أن   قوله: "وهل يمنعني ارتيادي البلاد" أي: طوافي بها ومن حذر الموت تعليل لارتيادي وقوله: أن يأتين أي: من إتيانه متعلق بيمنعني. قوله: "أفبعد كندة" بكسر الكاف وسكون النون اسم قبيلة وقبيلًا ترخيم قبيلة للضرورة ا. هـ. تصريح. وقال زكريا: قبيلًا أي: جماعة ثلاثة فأكثر ا. هـ. قال أرباب الحواشي: وهو أولى؛ لأنه لا يلزم عليه ارتكاب ضرورة. قوله: "فأقبل إلخ" الشاهد في نفعلا حيث أكده بالنون الخفيفة لوجود الاستفهام ثم أبدلها ألفًا للوقف ونبتحث مساعينا جواب الأمر أي: نفتش عن مآثرنا أفاده زكريا. قوله: "لا يبعدن" أي: لا يهلكن وتقدم الكلام على البيت في النعت. قوله: "أما في موضع النصب إلخ" ويصح أن يكون إما بدلًا من شرطًا وشرطًا مفعول تاليًا.   996- البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص65، 69؛ والكتاب 4/ 187؛ والدرر 5/ 151؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 346؛ وشرح المفصل 9/ 40، 86؛ والمقاصد النحوية 4/ 324؛ والمحتسب 1/ 349؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 78. 997- صدره: قالت فطيمة حَلَّ شِعركِ مِدحَةًَ البيت من الكامل، وهو للمقنع في الكتاب 3/ 514؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 101؛ وجواهر الأدب ص143؛ وخزانة الأدب 11/ 383، 384؛ وشرح التصريح 2/ 204، والمقاصد النحوية 4/ 340؛ وهمع الهوامع 2/ 78. 998- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في شرح أبيات سيبويه 2/ 251 وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في الدرر 5/ 153؛ والكتاب 3/ 513؛ والمقاصد النحوية 4/ 325؛ وهمع الهوامع 2/ 78. 999- البيت من الكامل، وهما للخرنق بنت هفان في ديوانها ص43؛ والأشباه والنظائر 6/ 231؛ وأمالي المرتضى 1/ 205؛ والإنصاف 2/ 468؛ وأوضح المسالك 3/ 314؛ والحماسة البصرية 1/ 227؛ وخزانة الأدب 5/ 41، 44؛ والدرر 6/ 14، وسمط اللآلي ص548؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 16؛ وشرح التصريح 2/ 116؛ والكتاب 1/ 202، 2/ 57، 58، 62؛ ولسان العرب 5/ 214 "نضر"؛ والمحتسب 2/ 198؛ والمقاصد النحوية 3/ 602، 4/ 72؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص416. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 أو مُثْبتًا في قِسم مُسْتقبَلا ... وقَلَّ بعدَ ما ولم وبَعْدَ لا   الشرطية المؤكدة بما، نحو، وإما تخافن، فإما تذهبن، فإما ترين، واحترز من الواقع شرطًا بغير إما. فإن توكيده قليل كما سيأتي "أول" آتيا "مثبتا في" جواب "قسم مستقبلا" غير مفصول من لامه بفاصل نحو: {تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] . وقوله: 1000- فمن يكُ لم يَثْأَرْ بأَعْراضِ قَومِهِ ... فإنِّي وربِّ الراقصاتِ لأَثْأَرا ولا يجوز توكيده بهما إن كان منفيا نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] إذ التقدير: لا تفتؤ. وأما قوله: 1001- تاللهِ لا يُحْمدَنَّ المرءُ مُجْتنبًا ... فِعلَ الكرامِ ولو فاق الوَرى حَسَبا فشاذ أو ضرورة، أو كان حالًا كقراءة ابن كثير: "لأُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ". وقوله: 1002- يمينًا لأَبْغُضُ كُلَّ امرِئٍ ... يُزَخْرِفُ قَولا ولا يَفْعلُ وقوله: 1003- لئن تكُ قد ضاقَتْ عَلَيكم بيوتُكم ... لَيَعُلمُ رَبِّي أنَّ بَيْتِي واسِعُ   والمعنى تاليًا شرطًا إما وشرطًا على هذا بمعنى أداة شرط وعلى ما ذكره الشارح بمعنى فعل شرط. قوله: "المؤكدة بما" أي: الزائدة. قوله: "فإما ترينّ" تقدم تصريفه لكن نون الرفع حذفت هنا للجازم وشذ ثبوتها في قراءة من قرأ "تَرَينَّ" بياء ساكنة بعدها نون الرفع على حد قوله: لم يوفون بالجار كما في المغني. قوله: "فإن توكيده قليل" عبر بالتوضيح بأقل كما مر. قوله: "فمن يك لم يثأر بأعراض قومه" أي: لم ينتصر لها وهو بسكون المثلثة وفتح الهمزة والأعراض جمع عرض وهو ما يحميه الإنسان من أن يعاب فيه وأراد بالراقصات إبل الحجيج التي تهتز أطرافها في مشيها كأنها ترقص والشاهد في لأثأرا فإنه أكده بالنون الخفيفة ثم أبدلها ألفًا للوقف أفاده زكريا. قوله: "أو كان حالًا" منع البصريون الأقسام على فعل الحال فلا يجوزون والله لأفعل الآن كما سيأتي في التنبيه الثاني ويؤوّلون القراءة والبيتين بأنها على إضمار مبتدأ. قوله: "يمينًا لأبغض" مضارع من باب نصر وأما أبغض يبغض بالضم فلغة رديئة ذكره شيخنا السيد وقوله: يزخرف قولًا إلخ أي: يزين قوله:   1000- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص76؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 250؛ والكتاب 3/ 512؛ والمقاصد النحوية 4/ 336؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 9/ 39. 1001- البيت من البسيط. 1002- البيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 95؛ وشرح التصريح 2/ 203؛ والمقاصد النحوية 4/ 338. 1003- البيت من الطويل، وهو للكميت بن معروف في خزانة الأدب 10/ 68، 70، 11/ 331، 351، 429؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 254، والمقاصد النحوية 4/ 327. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أو كان مفصولًا من اللام مثل: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 158] ، ونحو: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] . تنبيهان: الأول التوكيد في هذا النوع واجب بالشروط المذكورة كما نص عليه في التسهيل وهو مذهب البصريين، فلا بد عندهم من اللام والنون فإن خلا منهما قدر قبل حرف النفي، فإذا قلت والله يقوم زيد كان المعنى نفي القيام عنه، وأجاز الكوفيون تعاقبهما، وقد ورد في الشعر، وحكى سيبويه: والله لأضربه. وأما التوكيد بعد الطلب فليس بواجب اتفاقًا. واختلفوا فيه بعد أماو فمذهب سيبويه أنه ليس بلازم ولكنه أحسن ولهذا لم يقع في القرآن إلا كذلك، وإليه ذهب الفارسي وأكثر المتأخرين وهو الصحيح، وقد كثر في الشعر مجيئه غير مؤكد، من ذلك قوله: 1004- يا صاحِ إما تَجِدْنِي غيرَ ذي جِدَةٍ ... فما التَّخَلِّي عن الخلّانِ من شِيمِي وقوله: 1005- فإما تَرَينِي وَلي لِمَّةٌ ... فإنَّ الحوادِثَ أَودَى بِها وقوله:   بالوعد ولا يفعل ما يعد به. قوله: "أو كان مفصولًا من اللام" أي: بمعموله كالمثال الأول أو بحرف تنفيس كالمثال الثاني أو بقد نحو: والله قد يقوم زيد كما في سم. قوله: "التوكيد في هذا النوع" أي: الواقع في جواب القسم واجب؛ لأنهم كرهوا أن يؤكد الفعل بأمر منفصل وهو القسم من غير أن يؤكدوه بما يتصل به وهو النون بعد صلاحيته له. جامي. قوله: "قدر قبل" وفي بعض النسخ قبله. قوله: "كان المعنى نفي القيام عنه" به أخذ الحنفية فقالوا إذا قال الشخص والله أصوم حنث بالصوم والذي يقتضيه بناء الأيمان على العرف الحنث بعدم الصوم كما هو مذهب غيرهم. قوله: "وأجاز الكوفيون تعاقبهما" أي: اللام والنون فيكتفي بأحدهما. قوله: "غير ذي جدة" بكسر الجيم أي: سعة في المال. قوله: "فأما تريني إلخ" اللمة بكسر اللام شعر الرأس وأودي هلك وهو يتعدى بالباء فمعنى أودى بها أهلكها وإنما لم يقل أودت بها ليوافق تأسيس القافية وهو الألف الواقعة قبل حرف متحرك قبل حرف الرويّ،   1004- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 97؛ وخزانة الأدب 11/ 431؛ وشرح التصريح 2/ 204؛ والمقاصد النحوية 4/ 339. 1005- البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص221، وخزانة الأدب 11/ 430، 431، 432، 433؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 477؛ وشرح شواهد الإيضاح ص346؛ وشرح المفصل 5/ 95، 9/ 41؛ والكتاب 2/ 46؛ ولسان العرب 2/ 132 "حدث" 15/ 385 "ودي"؛ والمقاصد النحوية 2/ 466؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص764؛ وأوضح المسالك 2/ 110؛ ورصف المباني ص103، 316؛ وشرح المفصل 9/ 6. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   1006- فإمَّا تَرَيني كابنَةِ الرَّمْلِ ضَاحِيًا ... على رِقَّةٍ أَحْفَى ولا أَتَنَعَّلُ وذهب المبرد والزجاج إلى لزوم النون بعد إما، وزعما أن حذفها ضرورة. الثاني: منع البصريون نحو: والله ليفعل زيد الآن، استغناء عنه بالجملة الاسمية المصدرة بالمؤكد كقولك: والله إن زيدًا ليفعل الآن، وأجازه الكوفيون. ويشهد لهم ما تقدم من قراءة ابن كثير لأقسم، والبيتين ا. هـ. "وقل" التوكيد "بعد ما" الزائدة التي لم تسبق بأن من ذلك قولهم: بعين ما أرينك. وبجهد ما تبلغن، وحيثما تكونن آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. وقوله: 1007- إذا ماتَ منهم مَيتٌ سرقَ ابنُهُ ... ومن عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها وقوله: 1008- قليلا به ما يحمدنك وارث   زكريا. قوله: "كابنة الرمل" يعني الناقة ضاحيًا يعني ملاقيًا لحر الشمس على رقة يعني مع رقة جلد قدمي. قوله: "منع البصريون نحو: والله ليفعل زيد الآن" أي: من كل جواب قسم مضارع حالي مثبت ويظهر لي أن منعهم ذلك من لوازم قولهم السابق لا بد من اللام والنون فإن نحو: المثال المذكور لم يجتمع فيه اللام والنون لمنافات النون للحال لاقتضائها الاستقبال. قوله: "من قراءة ابن كثير لأقسم" ومن منع الإقسام على فعل الحال أول ذلك على إضمار مبتدأ أي: لأنا أقسم ا. هـ. زكريا قال الدماميني والذي يظهر مذهب الكوفيين إذ لا حاجة إلى الإضمار مع كون الحال لا ينافي القسم كما اعترف به البصريون في الجملة الاسمية ا. هـ. وفيه أن علة منع البصريين ليست فيما يظهر منافاة القسم للحال حتى يرد عليهم أنه لا ينافي الحال كما قالوا به في الجملة الاسمية بل إنه لا بد عندهم من اجتماع اللام والنون، والنون لا تأتي هنا لمنافاتها الحال كما قدمناه فعلم ما في كلام البعض. قوله: "التي لم تسبق بأن" سواء سبقت بأداة شرط أم لا كما مثل. قوله: "بعين ما أرينك" تقوله لمن يخفى أمرًا أنت به بصير تصريح. قوله: "وبجهد ما تبلغن" تقوله لمن حملته فعلًا فأباه أي: لا بد لك من فعله مع مشقة تصريح. قوله: "إذا مات إلخ" المعنى إذا مات منهم شخص سرق ابنه صفاته فصار مثله. وقوله: ومن عضة إلخ قال الشارح: في شرحه على التوضيح العضة بالتاء واحدة العضاه بالهاء وهو كل شجر عظيم له شوك والتاء عوض من الهاء الأصلية كما في شفة والشكير ما يثبت حول الشجرة من أصلها قاله الجوهري ا. هـ. قوله: "قليلًا به" أي: حمدًا قليلًا وضمير به للمال في بيت قبله ا. هـ.   1006- البيت من الطويل. 1007- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 103؛ وخزانة الأدب 4/ 22، 6/ 281، 11/ 221، 403؛ وشرح التصريح 2/ 205؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1643؛ وشرح شواهد المغني 2/ 761؛ والكتاب 3/ 517؛ ولسان العرب 4/ 426 "شكر"؛ 13/ 516، 518 "عضه"؛ ومغني اللبيب 2/ 340. 1008- عجزه: إذا نال مما كنت تَجْمَعُ مَغْنَما والبيت من الطويل، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص223؛ والدرر 5/ 163؛ وشرح التصريح 2/ 205؛ وشرح شواهد المغني 2/ 951؛ والمقاصد النحوية 4/ 328؛ ونوادر أبي زيد ص110؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 105؛ وهمع الهوامع 2/ 78. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهان: الأول مراد الناظم أن التوكيد بعد ما المذكور قليل بالنسبة إلى ما تقدم، لا قليل مطلقًا، فإنه كثير كما صرح به في غير الكتاب، بل ظاهر كلامه اطراده. وإنما كان كثيرًا من قبل أن ما لما لازمت هذه المواضع أشبهت عندهم لام القسم فعاملوا الفعل بعدها معاملته بعد اللام. نص على ذلك سيبويه كما حكاه في شرح الكافية. الثاني كلامه يشمل ما الواقعة بعد رب، وصرح في الكافية بأن التوكيد بعدها شاذ، وعلل ذلك بأن الفعل بعدها ماضي المعنى، ونص بعضهم على أن إلحاق النون بعدها ضرورة، وظاهر كلامه في التسهيل أنه لا يختص بالضرورة, وهو ما يشعر به كلام سيبويه فإن حكى ربما يقولن ذلك. ومنه قوله: 1009- رُبّما أوفَيتُ في عَلَمٍ ... تَرْفَعَنْ ثَوبِي شمالاتُ   زكريا. قوله: "لا قليل مطلقاً" أي: بالنسبة لما تقدم وفي نفسه. قوله: "بل ظاهر كلامه اطراده" لكن في التصريح أنه لا يقاس على المواضع التي سمع فيها زيادة ما, وأنه لا يحذف منها ما. قوله: "لما لازمت هذه المواضع" يعني بعد عين وجهد وحيث ومتى وعضة وقليلًا في التراكيب المتقدمة وما أشبهها, وعندي في اللزوم بالنسبة إلى متى نظر للقطع بجواز متى تقعد أقعد فتأمل, وإنما زيدت ما بعد النكرة لتوكيد الإبهام كما قال شيخنا, وقول البعض لزوال الإبهام سبق قلم. قوله: "أشبهت" أي: في اللزوم وأما قول شيخنا: أي: في التوكيد فيرد عليه أن المشابهة في التوكيد لا تتوقف على اللزوم لترتب التوكيد بما على مجرد حصولها. قوله: "معاملته بعد اللام" أي: في مطلق توكيده فلا يرد أن توكيده بعد اللام واجب عند البصريين وبعد ما هذه قليل. قوله: "ماضي المعنى" أي: فلا يناسبه التوكيد بالنون المقتضية للاستقبال, والمراد ماضي المعنى غالبًا فلا يرد ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. قوله: "وظاهر كلامه في التسهيل إلخ" يصح تمشيته على أنه قليل وعلى أنه شاذ. قوله: "ربما أوفيت إلخ" أي: نزلت والعلم الجبل وفي بمعنى على والشاهد في ترفعن   1009- البيت من المديد، وهو لجذيمة الأبرش في الأزهية ص94، 265؛ والأغاني 15/ 257؛ وخزانة الأدب 11/ 404؛ والدرر 4/ 204؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 281؛ وشرح التصريح 2/ 22؛ وشرح شواهد الإيضاح ص219؛ وشرح شواهد المغني ص393؛ والكتاب 3/ 518؛ ولسان العرب 3/ 32 "شيخ"، 11/ 366 "شمل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 344، 4/ 328؛ ونوادر أبي زيد ص210؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص293، 366، 368، وأوضح المسالك 3/ 70؛ والدرر 5/ 162؛ ورصف المباني ص335؛ وشرح التصريح 2/ 206؛ وشرح المفصل 9/ 40؛ وكتاب اللامات ص111؛ ومغني اللبيب ص135، 137، 309؛ والمقتضب 3/ 15؛ والمقرب 2/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 38، 78. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ا. هـ. "ولم" أي: وقل التوكيد بعد لم كقوله: 1010- يَحْسَبُهُ الجاهِلُ ما لم يَعْلَما ... شيخًا على كُرْسِيِّه مُعَمَّمَا تنبيه: نص سيبويه على أنه ضرورة؛ لأن الفعل بعدها ماضي المعنى كالواقع بعد ربما. قال في شرح الكافية: وهو بعد ربما أحسن "وبعد لا" أي: وقل التوكيد بعد لا النافية. قال في شرح الكافية: وقد يؤكد بإحدى النونين المضارع المنفي بلا تشبيهًا بالنهي كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وقد زعم قوم أن هذا نهي وليس بصحيح. ومثله قول الشاعر: 1011- فلا الجارَةُ الدُّنْيا بها تُلحِيَنَّها ... ولا الضيفُ فيها إن أَناخَ مُحَوَّلُ   وفاعله شمالات جمع شمال ريح من ناحية القطب، زكريا. قوله: "أي: وقل التوكيد بعد لم" القلة بالنسبة إلى التوكيد بعد لم بمعنى الندور كما في ابن الناظم وغيره. قوله: "يحسبه" أي: الجبل الذي عمه الخصب وحفه النبات والشاهد في ما لم يعلما ا. هـ. عيني وهذا ما نقله السيوطي في شرح شواهد المغني عن الأعلم, ثم قال: وقال ابن هشام اللخمي: ليس كذلك وإنما شبه اللبن في القعب لما عليه من الرغوة حتى امتلأ بشيخ معمم فوق كرسي, وما قبله من الأبيات يدل على ذلك ا. هـ. قوله: "كالواقع بعد ربما" أي: في أنه ماضي المعنى. قوله: "وهو بعد ربما أحسن" قال شيخنا: وتبعه البعض لعلة؛ لأن لم تقلب المضارع إلى المضي أبدًا بخلاف ربما فإنها قد تدخل على المستقبل كما في: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] ، ا. هـ. ويحتمل أن الأحسنية لوجود ما الزائدة التي يؤكد بعدها كثيرًا في غير ربما. قوله: "وبعد لا" لم يحتج لتقييدها بالنافية؛ لأنه قد علم من قوله: ذا طلب اطراد التوكيد بعد لا النافية نكت. قوله: "وليس بصحيح" لعل وجهه أن الجملة صفة فتنة, والجملة الإنشائية لا تقع صفة ا. هـ. سم أي: والأصل عدم التأويلات الآتية من طرف من جعل لا ناهية. قوله: "فلا الجارة الدنيا" أي:   1010- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 331؛ وله أو لأبي حيان الفقعسي أو لمساور العبسي أو للدبيري أو لعبد بني عبس في خزانة الأدب 11/ 409، 411؛ وشرح شواهد المغني 2/ 973؛ والمقاصد النحوية 4/ 80؛ ولمساور العبسي أو للعجاج في الدرر 5/ 158؛ ولأبي حيان الفقعسي في شرح التصريح 2/ 205؛ والمقاصد النحوية 4/ 329؛ وللدبيري في شرح أبيات سيبويه 2/ 266؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 409؛ وأوضح المسالك 4/ 106؛ وخزانة الأدب 8/ 388، 451؛ ورصف المباني ص33، 335؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 679؛ وشرح ابن عقيل 546؛ وشرح المفصل 9/ 42؛ والكتاب 3/ 516؛ ولسان العرب 3/ 32 "شيخ"؛ 14/ 229 "خشي"، 15/ 99 "عمي"، 428 "الألف اللينة"؛ ومجالس ثعلب ص620؛ ونوادر أبي زيد ص132؛ وهمع الهوامع 2/ 78. 1011- البيت من الطويل، وهو للنمر بن تولب في ديوانه ص373؛ وشرح شواهد المغني 2/ 628؛ والمقاصد النحوية 4/ 342؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 247. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إلا أن توكيد تصيبن أحسن لاتصال بلا فهو بذلك أشبه بالنهي كقوله تعالى: {لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 27] ، بخلاف قول الشاعر فإنه غير متصل بلا فبعد شبهه بالنهي، ومع ذلك فقد سوغت لا توكيده, وإن كانت منفصلة فتوكيد تصيبن لاتصاله أحق وأولى. هذا كلامه بحروفه. تنبيهان: ما اختاره الناظم هو ما اختاره ابن جني. والجمهور على المنع. ولهم في الآية تأويلات: فقيل لا ناهية والجملة محكية بقول محذوف هو صفة فتنة فتكون نظير: 1012- جاءوا بِمَذْقٍ هل رَأيتَ الذِّئبَ قَطْ وقيل لا ناهية، وتم الكلام عند قوله: فتنة، ثم ابتدأ نهي الظلمة عن التعرض للظلم   القريبة لها أي: لجمزة محبوبته وتلحينها خبر الجارة أن ألغيت لا وخبر لا إن أعملت عمل ليس من لحيته ألحاه إذا لمته وفيها بمعنى عنها والضمير لجمزة وتقدير عجز البيت: ولا الضيف محول عنها إن أناخ أي: نزل. وجمزة بالجيم والزاي نقله شيخنا وقوله: وخبر لا إن أعملت عمل ليس أي: بناء على القول بجواز عملها في المعرفة, والذي في المغني بها بالباء بدل اللام وعليه فالباء ظرفية والضمير المجرور بها عائد إلى أرض المحبوبة, وكذا الضمير في فيها وفيها حال من الضيف صرح بذلك الدماميني. قوله: "ما اختاره الناظم" أي: من جواز التوكيد بعد لا النافية على قلة. قوله: "على المنع" أي: منع التوكيد بالنون بعد لا النافية إلا في الضرورة. قوله: "بقول محذوف هو صفة فتنة" والتقدير واتقوا فتنة مقولًا فيها لا تصيبن إلخ أي: وفي لا تصيبن إلخ تحويل النهي الآتي بيانة في الوجه الثاني ويحتمل عندي تنزيل الفتنة منزلة العاقل الذي ينهى فلا تحويل. قوله: "فأخرج النهي عن إسناده للفتنة" يعني أن النهي وإن كان باعتبار القصد الأصلي عن تعرض المخاطبين للظلم فتصيبهم الفتنة خاصة, والأصل لا تتعرضوا للظلم فتصيبكم الفتنة خاصة, لكنه حول في العبارة عن إيقاعه على هذا التعرض إلى إيقاعه على الإصابة المسببة عنه, وأوقع الذين ظلموا موقع ضمير خطاب جماعة الذكور تنبيهًا على أنهم إن تعرضوا كانوا ظالمين, فقول الشارح: أخرج أي: حول. وقوله: عن إسناده أي: إيقاعه وصلته محذوفة أي: إسناده للتعرض للظلم, وقوله: للفتنة متعلق بأخرج واللام بمعنى إلى مع حذف أي: إلى إسناده لإصابة الفتنة أي: تنزيلًا للمسبب منزلة السبب. وعلى هذا فالإصابة خاصة بالمتعرضين؛ لأن مفعول الإصابة هو فاعل التعرض بخلاف الوجه الأول ومن في منكم على هذا لبيان الجنس لا للتبعيض لئلا ينقسم   1012- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 304؛ وخزانة الأدب 2/ 109؛ والدرر 6/ 10؛ وشرح التصريح 2/ 112؛ والمقاصد النحوية 4/ 61؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 115؛ وأوضح المسالك 3/ 310؛ وخزانة الأدب 3/ 30، 5/ 24، 468، 6/ 138؛ وشرح ابن عقيل ص477؛ وشرح عمدة الحافظ ص541؛ وشرح المفصل 3/ 52، 53؛ ولسان العرب 4/ 348 "خضر"، 10/ 340 "مذق"؛ والمحتسب 2/ 165؛ ومغني اللبيب 1/ 246، 2/ 585؛ وهمع الهوامع 2/ 117. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فتصيبهم الفتنة خاصة فأخرج النهي عن إسناده للفتنة فهو نهي محول، كما قالوا: لا أرينك ههنا، وهذا تخريج الزجاج والمبرد والفراء. وقال الأخفش الصغير: لا تصيبن هو على معنى الدعاء. وقيل جواب قسم والجملة موجبة والأصل لتصيبن كقراءة ابن مسعود وغيره، ثم أشبعت اللام وهو ضعيف؛ لأن الإشباع بابه الشعر. وقيل جواب قسم ولا نافية ودخلت النون تشبيهًا بالموجب كما دخلت في قوله: 1013- تاللهِ لا يُحْمَدَنَّ المَرْءِ مُجْتَنِبًا ... فِعْل الكِرامِ .... وقال الفراء: الجملة جواب الأمر نحو قولك: انزل عن الدابة لا تطرحنك، ولا نافية ومن منع النون بعد لا النافية منع أنزل عن الدابة لا تطرحنك. الثاني: إذا قلنا بما رآه الناظم فهل يطرد التوكيد بعد لا كلامه يشعر بالاطراد مطلقًا، لكن نص غيره على أنه بعد   المتعرضون للظلم إلى ظالم وغير ظالم وليس كذلك بخلاف الوجه الأول فمن عليه للتبعيض. قوله: "كما قالوا لا أرينك" هو نهي محول عن إسناده للمخاطب إلى إسناده للمتكلم, والأصل لا تأت فحول النهي عن الإتيان الذي هو سبب لرؤيته إلى المسبب الذي هو الرؤية سم. قوله: "هو على معنى الدعاء" أي: فلا دعائية لا نافية وحينئذٍ فهي إنشائية فلا تكون صفة فتنة فلا بد من تقدير القول, أو الوقف على فتنة, ولا يخفى أنه يلزم على هذا الوجه أن يكون الدعاء على الظالمين وغيرهم, وأنه إنما يأتي إذا كان هذا الكلام مقولًا على لسان بعض الناس, وفي ذلك ما لا يخفى فهذا الوجه عندي شديد الضعف فتأمل. قوله: "وقيل جواب قسم ولا نافية" قال البعض: كان الصواب عدم ذكر هذا في التأويلات المذكورة؛ لأنها على مذهب الجمهور المانعين جواز التوكيد بعد لا النافية ا. هـ. وقد يدفع بحمل إنكارهم مجيء التوكيد بعد النفي بلا على النفي الذي ليس جواب قسم بدليل قولهم هنا بسماعه في النفي الذي هو جواب قسم. قوله: "تشبيهًا بالموجب" أي: بالجواب الموجب أي: في التوكيد مع كونه سماعيا. قوله: "جواب الأمر" يعني اتقوا وممن ذكر هذا الوجه الزمخشري وهو فاسد؛ لأن المعنى حينئذٍ أن تتقوها لا تصيب الظالم خاصة, وقوله: إن التقدير: إن أصابتكم لا تصيب الظالم خاصة مردود؛ لأن الشرط إنما يقدر من جنس الأمر لا من جنس الجواب ألا ترى أنك تقدر في ائتني أكرمك إن تأتني أكرمك ا. هـ. مغني. وأجاب التفتازاني بأنه على رأي: من يقدر ما يناسب الكلام ولا يلتزم كون المقدر من جنس الأمر ولا موافقًا له نفيًا وإثباتًا فيصح في الآية تقدير إن لم تتقوا وتقدير إن أصابتكم كذا في الشمني. قوله: "مطلقا" أي: سواء كانت لا مفصولة من المضارع بفاصل كما في قوله فلا الجارة   1013- تمام البيت: تاللهِ لا يُحمدَنَّ المرءُ مُجْتنبًا ... فِعْلَ الكرامِ ولو فاقَ الورَى حَسَبا وهو من البسيط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 وغَيْرِ إمّا مِن طَوالِبِ الجَزَا ... وآخِرَ المؤكَّدِ افْتَحْ كابرُزا   المفصولة ضرورة "وغير إما من طوالب الجزا" أي: وقل بعد غير إما الشرطية من طوالب الجزاء، وذلك يشمل إن المجردة عن ما وغيرها، ويشمل الشرط والجزاء. فمن توكيد الشرط بعد غير إما قوله: 1014- مَنْ يُثْقَفَنْ مِنْهُمْ فَلَيسَ بآيِبٍ ومن توكيد الجزاء قوله: 1015- فمهما تَشَأ مِنْهُ فَزازَةُ تُعْطِكُمْ ... ومهما تَشَأ مِنْه فزارَةُ تَمْنَعَا وقوله: 1016- ثَبَتُّم ثباتَ الخَيْزُرانِيِّ في الوغَى ... حديثًا مَتى ما يأتِكَ الخيرُ يَنْفَعا   الدنيا البيت المتقدم أو موصولة به. قوله: "على أنه بعد المفصولة ضرورة" الذي في المغني أنه بعد المفصولة والموصولة سماعي. قوله: "وذلك يشمل إلخ" أي: قولنا وقل بعد غير إما الشرطية, لكن محط شمول إن وغيرها قوله: غير إما ومحط شمول الشرط والجزاء قوله: بعد غير. قوله: "وغيرها" بالنصب عطفًا على أن. قوله: "والجزاء" أي: جزاء غير إما من طوالب الجزاء لعدم شمول كلام المصنف جزاء إما, ويمكن أن يعمم في الجزاء بناء على أن جزاء إما داخل في كلام المصنف بمفهوم الموافقة الأولوي فاعرفه. قوله: "من يثقفن" بالبناء للمجهول أي: يوجدن, يقال ثقفته من باب فهم أي: وجدته والآيب الراجع وتوهم البعض أن يثقفن مبني للفاعل بمعنى يوجدن فقال يثقفن مضارع ثقف من باب علم يعلم أي: يوجدن ا. هـ. وهو خطأ واضح, ثم رأيت في نسخة صحيحة من العيني ونسخة صحيحة من ابن الناظم تثقفن بتاء الخطاب مبنيا للفاعل فيكون بمعنى تجدن وهو واضح. قوله: "فمهما تشأ إلخ" منه متعلق بتعطكم وفزارة فاعل تشأ. قوله: "حديثا"   1014- عجزه: أبدا وقتلُ بني قتيبة شَافي والبيت من الكامل، وهو لبنت مرة بن عاهان في خزانة الأدب 11/ 387، 399؛ والدرر 5/ 163؛ ولبنت أبي الحصين في شرح أبيات سيبويه 2/ 262؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 107؛ وشرح التصريح 2/ 205؛ وشرح ابن عقيل ص547؛ والكتاب 3/ 516؛ والمقتضب 3/ 14؛ والمقاصد النحوية 4/ 330؛ والمقرب 2/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 79. 1015- البيت من الطويل، وهو للكميت بن معروف في حماسة البحتري ص15؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 272؛ وللكميت بن ثعلبة في خزانة الأدب 11/ 387، 388، 390؛ ولسان العرب 8/ 373 "قزع"؛ وللكميت بن معروف أو للكميت بن ثعلبة في المقاصد النحوية 4/ 330؛ ولعوف بن عطية بن الخرع في الدرر 5/ 165؛ والكتاب 3/ 515؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 509، 510؛ وهمع الهوامع 2/ 79. 1016- البيت من الطويل، وهو للنجاشي الحارثي في ديوانه ص110؛ وخزانة الأدب 11/ 387، 395، 397؛ والدرر 5/ 156؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 308؛ والمقاصد النحوية 4/ 344؛ وبلا نسبة في الكتاب 3/ 515؛ وهمع الهوامع 2/ 78. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهان: الأول مقتضى كلامه أن ذلك جائز في الاختيار وبه صرح في التسهيل فقال: وقد تلحق جواب الشرط اختيارًا، وذهب غيره إلى أن دخولها في غير شرط إما وجواب الشرط مطلقًا ضرورة. الثاني جاء توكيد المضارع في غير ما ذكر وهو في غاية الندرة؛ ولذلك لم يتعرض له، ومنه قوله: 1017- لَيتَ شِعْرِي وأَشْعُرَنَّ إذا ما ... قَرَّبُوهَا مَنْشورَةً ودُعِيتُ وأشذ من هذا توكيد أفعل في التعجب كقوله: 1018- ومُسْتَبْدلٍ من بعدِ عَضْبَى صَرِيمَةً ... فَأَخْرِ بِهِ مِنْ طولِ فَقْرٍ وأَحْرِيا وهذا تشبيه لفظ بلفظ وإن اختلفا معنى. وأشذ من هذا قوله: أَقَائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودا "وآخر المؤكد افتح" لما عرف أول الكتاب أنه تركب معها تركيب خمسة عشر، ولا فرق بين أن يكون صحيحًا "كابرزا" إذ أصه ابرزن بالنون الخفيفة فأبدلت ألفا في الوقف كما سيأتي، واضربن، أو معتلا نحو: اخشين وارمين واغزون: أمرًا كما مثل، أو مضارعًا نحو: هل تبرزن وهل ترمين. هذه لغة جميع العرب سوى فزارة فإنها تحذف آخر الفعل إذا كان ياء تلي كسرة، نحو: ترمين فتقول هل ترمن يا زيد، ومنه قوله:   أي: حدث حديثًا أي: قل ذلك جهارًا فإنه مسلم. قوله: "وجواب الشرط" معطوف على غير. وقوله: مطلقًا أي: سواء كان جواب إما أو جواب غيرها. قوله: "الثاني جاء" أي: لضرورة الشعر كما قاله المرادي فمع كونه في غاية الندرة كما قال الشارح: هو خاص بالضرورة. قوله: "في غير ما ذكر" أي: غير المواضع السبعة. قوله: "ليت شعري" أي: علمي أي: ليتني أعلم والضمير في قربوها لصحيفة الأعمال. قوله: "وأشذ من هذا توكيد أفعل في التعجب" أي: لأنه ماض معنى. قوله: "ومستبدل من بعض عضْبَى صريمة" قال الشمني: عضبى معرفة لا تنون ولا تدخلها أل وهي مائة من الإبل وصريمة تصغير صرمة بالكسرة وهي القطعة من الإبل نحو: الثلاثين وأحْريا بحاء مهملة فراء فتحتية. قوله: "من تشبيه لفظ" وهو أفعل في التعجب بلفظ وهو أفعل في الأمر سم. قوله: "وآخر المؤكد افتح" بيان لقاعدة, وقوله: واشكله إلى آخر البيت استثناء منها. قوله: "فإنها تحذف آخر الفعل إلخ" الظاهر أن الفعل على   1017- البيت من الخفيف، وهو للسموأل بن عادياء في الدرر 5/ 166؛ ولسان العرب 2/ 75 "قوت"؛ والمقاصد النحوية 4/ 332؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص277؛ وهمع الهوامع 2/ 79. 1018- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في جواهر الأدب ص58؛ والدرر 5/ 159؛ وشرح شواهد المغني 2/ 759؛ وشرح ابن عقيل ص446؛ ولسان العرب 1/ 650 "غضب"، 14/ 173 "حرى"، 15/ 129 "غضا"؛ ومغني اللبيب 1/ 339؛ والمقاصد النحوية 3/ 645؛ وهمع الهوامع 2/ 78. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 واشْكُلهُ قَبْلَ مُضْمَرٍ لَيْنٍ بما ... جانَسَ مِن تَحَرُّك قد عُلِما والمضْمَرَ احذِفَنَّهُ إلا الأَلِفْ ... وإن يَكُنْ في آخِرِ الفِعْلِ أَلِفْ   1019- ولا تُقاسِنَّ بَعْدِي اللهَمَّ والجَزَعا هذا إذا كان الفعل مسندًا لغير الألف والواو والياء، فإن كان مسندًا إليهن فحكمه ما أشار إليه بقوله: "واشكله قبل مضمر لين بما جانس" أي: بما جانس ذلك المضمر "من تحرك قد علما" فيجانس الألف الفتح والواو الضم والياء الكسر "والمضمر" المسند إليه الفعل "احذفنه" لأجل التقاء الساكنين مبقيًا حركته دالة عليه "إلا الألف" أبقها لخفتها تقول: يا قوم هل تضربن بضم الباء. ويا هند هل تضربن بكسرها، فأصل يا قوم هل تضربن هل تضربونن فحذفت نون الرفع لكثرة الأمثال فصار تضربون فحذفت الواو لالتقاء   هذه مبني على فتحة الياء المحذوفة. قوله: "هذا" أي: ما ذكر من فتح آخر المؤكد. قوله: "واشكله" أي: حرك آخر المؤكد حالة كون هذا الآخر قبل مضمر لين بفتح اللام مخفف لين هذا هو المسموع والظاهر, وإن جاز كسرها على أنه من النعت بالمصدر, وقوله: من تحرك بيان لما وقول الشيخ خالد متعلق بحانس غير ظاهر. قوله: "المسند إليه" قيد به نظر إلى المتبادر من لفظ المضمر وإلا فيصح أن يراد بالمضمر ما يعم الحرف المجعول علامة للتثنية والجمع مجازًا على لغة أكلوني البراغيث نحو: هل يضربن الزيدون بضم الباء. قوله: "احذفنه لأجل التقاء الساكنين" أي: لأنه ليس على حده الجائز إذ شرطه أن يكون الساكنان في كلمة, وهنا ليس كذلك بل النون كالكلمة المنفصلة كذا قاله سم. والصحيح الذي درج عليه الشارح فيما يأتي عدم اشتراط كونهما في كلمة بدليل نحو: أتحاجوني, وعلة الحذف عند من لا يشترط ذلك استثقال الكلمة واستطالتها لو أبقى المضمر. فإن قلت: المقتضي للحذف على كلا القولين موجود في اضربان فلم لم تحذف الألف. قلت: لمانع وهو الالتباس بالمفرد لو حذفت الألف, والمانع يغلب على المقتضي. فإن قلت: كسر النون يدفع اللبس. قلت: المقتضي لكسر النون مشابهتها نون التثنية في الوقوع آخرًا بعد الألف فإذا ذهبت الألف ذهب مقتضي الكسر. فإن قلت: كان ينبغي حينئذٍ حذف الألف في اضربنان لعدم الالتباس. قلت: لو حذف لزال الغرض الذي أتى به لأجله, وهو الفصل بين الأمثال وما قدمناه من الخلاف في كون التقاء الساكنين فيما مر على حده أولًا إنما هو مع النون الثقيلة أما مع الخفيفة فالتقاء الساكنين على غير حده اتفاقًا لعدم ادغام الساكن الثاني. قوله: "لكثرة الأمثال" أي: الزوائد فلا يرد نحو: النسوة جنن ويجنن كما قدمناه أول الكتاب ثم ما ذكره لا يتأتى مع الخفيفة, مع أن نون الرفع تحذف معها أيضًا فيما ذكر إلا أن يقال   1019- صدره: لا تَتْبَعَنَّ إثري ولا هلعا والبيت من البسيط، وهو لمحمد بن يسير في سمط اللآلي ص104؛ وهمع الهوامع 2/ 79؛ ولمحمد بن بشير في أمالي القالي 1/ 22؛ والدرر 5/ 171. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 فاجْعَلهُ منه واقعًا غَيْرَ اليا ... والواوِ ياءً كاسْعَيَنَّ سَعْيا   الساكنين. وأصل يا هند هل تضربن هل تضربينن، فعل به ما ذكر. وتقول: يا زيدان هل تضربان، فأصل تضربان تضربانن فحذفت نون الرفع لما ذكر، ولم تحذف الألف لخفتها ولئلا يلتبس بفعل الواحد، ولم تحرك؛ لأنها لا تقبل الحركة وكسرت نون التوكيد بعدها لشبهها بنون التثنية في زيادتها آخرًا بعد ألف. هذا كله إذا كان الفعل صحيحًا، فإن كان معتلا نظرت إن كان بالواو والياء فكالصحيح تقول: يا قوم هل تغزن وهل ترمن بضم ما قبل النون، ويا هند هل تغزن وهل ترمن بكسره، فتحذف مع نون الرفع الواو والياء. وتقول: هل تغزوان وترميان فتبقى الألف. فإن قلت: ليس هذا كالصحيح؛ لأنه حذف آخره وجعلت الحكرة المجانسة على ما قبل الآخر بخلاف الصحيح. قلت: حذف آخره إنما هو لإسناده إلى الواو والياء لا لتوكيده فهو مساو للصحيح في التغيير الناشيء عن التوكيد، ولذلك لم يتعرض له الناظم. وإن كان بالألف فليس كالصحيح فيما ذكر، بل له حكم آخر أشار إليه بقوله: "وإن يكن في آخر الفعل ألف فاجعله" أي: الألف "منه" أي: من الفعل "رافعًا" حال   حذفت مع الخفيفة حملًا على حذفها مع الثقيلة طردًا ا. هـ. سم وتقدم تعليل الحذف بالتخفيف أيضًا في كلام زكريا. قوله: "هذا كله" أي: ما ذكر من شكل الآخر بالمجانس وحذف المضمر إلا الألف. قوله: "هل تغزن وهل ترمن" أصل الأول قبل التوكيد بالنون تغزوون استثقلت الضمة على الواو الأولى فحذفت الضمة ثم الواو لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال ثم الواو لالتقاء الساكنين مع كون الضمة قبلها دليلًا عليها, وأصل الثاني قبل التوكيد بالنون ترميون استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى ما قبلها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم. وإن شئت قلت: استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة ثم الياء لالتقاء الساكنين ثم قلبت كسرة الميم ضمة لتناسب الواو ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم. قوله: "ويا هند هل تغزن وهل ترمن بكسره" أصل الأول تغزوين استثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما قبلها, ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال ثم الياء لالتقاء الساكنين. إن شئت قلت: استثقلت الكسرة على الواو فحذفت الكسرة ثم الواو لالتقاء الساكنين ثم قلبت ضمة الزاي كسرة لتناسب الياء ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم. وأصل الثاني ترميين استثقلت الكسرة على الياء فحذفت الكسرة ثم الياء لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم. قوله: "ليس هذا" أي: المعتل بالواو والياء. قوله: "لأنه حذف آخره" أي: إذا رفع الواو والياء. قوله: "إنما هو لإسناده إلى الواو والياء" بدليل أنه إذا لم يسند إليهما ثبت الآخر مفتوحًا نحو: هل تغزون يا زيد وهل ترمين يا عمرو. قوله: "وإن كان بالألف" أي: معتلا بالألف. قوله: "في آخر الفعل" فيه ظرفية الشيء في نفسه؛ لأن الآخر هو الألف، ويدفع بأن المراد بالآخر ما قابل الأول وحينئذٍ تكون الظرفية من ظرفية الجزء في الكل. قوله: "منه" حال من الضمير في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 واحْذِفهُ من رافِع هاتَيْنِ وَفِي ... وا وَيَا شَكْلٌ مُجانِسٌ قُفي نَحْو اخْشَينْ يا هندُ بالكسْرِ وَيا ... قومُ اخْشَونْ واضمُمْ وقِسْ مُسَوِّيَا   من الفعل أي: حال كون الفعل رافعًا "غير اليا والواو" أي: بأن رفع الألف أو النون أو ضميرًا مستترًا أو اسمًا ظاهرًا "ياء" مفعول ثان لاجعل: أي: اجعل الألف حيئنذ ياء نحو: هل تخشيان وترضيان يا زيدان، وهل تخشينان وترضينان يا نسوة، ويا زيد هل تخشين وترضين، وهل يخشين ويرضين زيد، والأمر في ذلك كالمضارع "كاسعين سعيا" يا زيد وكذا بقية الأمثلة. تنبيه: إنما وجب جعل الألف ياء؛ لأن كلامه في الفعل المؤكد بالنون وهو المضارع والأمر، ولا تكون الألف فيهما إلا منقلبة عن ياء غير مبدلة كيسعى، أو مبدلة من ياء والياء منقلبة عن واو كيرضى؛ لأنها من الرضوان "واحذفه" أي: الألف "من رافع هاتين" أي: الياء والواو وتبقى الفتحة قبلهما دليلا عليه. "وفي واو ويا شكل مجانس قفي" أي: تبع. يعني أن الواو بعد حذف الألف تضم والياء تكسر. وإنما احتيج إلى تحريكهما ولم يحذفا؛ لأن قبلهما حركة غير مجانسة أعني فتحة الألف المحذوفة، فلو حذفا لم يبق ما يدل عليهما "نحو اخشين يا هند" وهل ترضين يا هند "بالكسر ويا قوم اخشون" وهل ترضون "واضمم" الواو "وقس" على ذلك "مسويا". تنبيهان: الأول أجاز الكوفيون حذف الياء المفتوح ما قبلها نحو: اخشين يا هند   اجعله. قوله: "حال من الفعل" أي: من ضمير الفعل أي: من الضمير الراجع إلى الفعل. قوله: "نحو: هل تخشيان" نشر على ترتيب اللف ومثل بفعلين إشارة إلى أنه لا فرق بين كون الألف منقلبة عن ياء كيخشى أو واو كيرضى؛ لأنه من الرضوان. قوله: "والأمر في ذلك كالمضارع" أي: في التمثيل المذكور أي: في غالبه وإلا فالأمر لا يرفع الظاهر بخلاف المضارع. قوله: "عن ياء غير مبدلة" أي: عن ياء أصلية ليست مبدلة عن شيء. قوله: "لأنه من الرضوان" فأصل يرضى يرضو قلبت الواو ياء لمجاوزتها متطرفة ثلاثة أحرف ثم الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها هذا ما يفيد كلام الشارح, ولعلهم لم يقلبوا الواو من أول الأمر ألفًا ليكون في المضارع ما في الماضي من قلب الواو ياء, فإن أصل رضي رضو قلبت الواو ياء لتطرفها بعد كسرة فاعرف ذلك. قوله: "واحذفه أي: الألف" إنما لم يقلب ياء كما تقدم؛ لأنه لو كان هنا ياء لاجتمع ياآن في نحو: اخشين يا هند إذ كان يقال اخشيين بفتح الياء الأولى المنقلبة عن الألف وكسر الثانية الفاعل وكذا في نحو: هل ترضين يا دعد إذ كان يقال ترضيين, وكل ذلك ثقيل ولا يلزم ذلك فيما تقدم. وجعل شيخنا وتبعه البعض اللازم على قلب الألف ياء في نحو: هل ترضيين يا دعد اجتماع واو وياء إذ كان يقال ترضوين وهو أيضًا ثقيل, وهذا سهو منهما عن كون الملزوم قلب الألف ياء والله الموفق. قوله: "دليلًا عليه" أي: الألف وذكره باعتبار أنه حرف مثلًا موافقة للنظم. قوله: "وفي واو ويا" من وضع الظاهر موضع المضمر. قوله: "أعني فتحة الألف" فيه مسامحة والمراد فتحة ما قبل الألف. قوله: "أجاز الكوفيون حذف الياء إلخ" وهل تبقى حركة ما قبلها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 ولم تَقَعْ خَفِيفَةٌ بعدَ الأَلِف ... لكِنْ شَديدَةٌ وكسرُها ألِفْ   فتقول اخشن. وحكى الفراء أنه لغة طيئ. الثاني فرض المصنف الكلام على الضمير وحكم الألف والواو اللذين هما علامة. أي: بأن أسند الفعل إلى الظاهر على لغة أكلوني البراغيث. كحكم الضمير. وهذا واضح "ولم تقع" أي: النون "خفيفة بعد الألف" أي: سواء كانت الألف اسمًا بأن كان الفعل مسندًا إليها، أو حرفًا بأن كان الفعل مسندًا إلى ظاهر على لغة أكلوني البراغيث، أو كانت التالية لنون جماعة النساء، وفاقًا لسيبويه والبصريين سوى يونس، وخلافًا ليونس والكوفيين؛ لأنه فيه التقاء الساكنين على غير حده "لكن" تقع "شديدة وكسرها" لالتقاء الساكنين "ألف"؛ لأنه على حدة، إذ الأول حرف لين والثاني مدغم. ويعضد ما ذهب إليه يونس والكوفيون قراءة بعضهم "فَدَمَّرْانَّهُمْ تَدْمِيرًا" حكاها ابن جني. ويمكن أن يكون من هذا قراءة ابن ذكوان: {وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}   حين حذفها أو يكسر دلالة على الياء قال بعضهم: وهذا الذي ينبغي. قوله: "وحكم الألف والواو اللذين هما علامة إلخ" لم يذكر الياء؛ لأنها لا تكون إلا ضميرًا. قوله: "ولم تقع خفيفة إلخ" هذا شروع فيما تنفرد فيه الخفيفة عن الثقيلة وهو أربعة الأول ما ذكره في هذا البيت. قوله: "أي: النون" صريح في أن خفيفة بالنصب على الحال من ضمير تقع ويصح رفعها على الفاعلية والوجهان جاريان في قوله: شديدة أيضًا. قوله: "وفاقًا لسيبويه والبصريين" هو وما عطف عليه راجعان لعدم وقوع الخفيفة بعد الألف بأقسامها الثلاثة. قوله: "لأن فيه التقاء الساكنين" أي: بالنظر إلى أصل الخفيفة وهو السكون وإلا فسيأتي أن من أجاز وقوعها بعد الألف يكسرها. نعم روي عن يونس ابقاؤها ساكنة والالتقاء على هذا ظاهر. قوله: "على غير حده" أي: غير طريقه الجائز؛ لأن الساكن الثاني غير مدغم. قوله: "لالتقاء الساكنين" قال سم: فيه نظر؛ لأن التقاء الساكنين متحقق مع الكسر ولا يزيله ا. هـ. وأجاب الإسقاطي: بأنه ليس المراد بالتقاء الساكنين الألف والنون كما هو مبني النظر بل النونين, يعني أن النون المشددة ذات نونين أولاهما ساكنة والثانية محركة بالكسر؛ لئلا تلتقي ساكنة مع النون الأولى, ويدل على أن هذا مراد الشارح قوله: معللًا وقوع الشديدة بعد الألف؛ لأنه أي: التقاء الساكنين بين الألف والنون على حده إلخ أي؛ لأنه لو كان مراده بالساكنين الألف والنون لناقض قوله: لالتقاء الساكنين قوله: لأنه على حده لاقتضاء الأول زواله؛ لأن معناه لدفع التقاء الساكنين والثاني بقاءه. قال شيخنا: وما ذكره بعيد إذ لو كان التحريك لالتقاء الساكنين بمعنى النونين لحركت الأولى كما هو الشأن في التقاء الساكنين ا. هـ. وعلل جماعة الكسر بمشابهتها نون المثنى وهو ما قدمه الشارح آنفًا. قوله: "لأنه على حده" تعليل لقوله تقع شديدة واعترضه البعض بما علم اندفاعه من القولة السابقة, ثم كون التقاء الساكنين هنا على حدةه مبني على الصحيح من عدم اشتراط كونهما في كلمة كما مر بيانه. قوله: "ولا تتبعان" فالواو للعطف ولا للنهي ونون الرفع محذوفة بها والنون مؤكدة وقال: يمكن لجواز أن تكون الواو للحال ولا للنفي والموجود نون الرفع ا. هـ. تصريح وليس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 وألفًا زِدْ قَبْلَها مُؤكِّدًا ... فِعْلًا إلى نونِ الإناثِ أُسْنِدا واحْذِفْ خَفِيفَةً لساكِنٍ رَدِفَ ... وبعْدَ غَيْرِ فَتْحَةٍ إذا تَقِفْ   [يونس: 89] . تنبيهان: الأول ذكر الناظم أن من أجاز الخفيفة بعد الألف يكسرها، وحمل على ذلك القراءتين المذكورتين. وظاهر كلام سيبويه وبه صرح الفارسي في الحجة: أن يونس يبقي النون ساكنة، ونظر ذلك بقراءة نافع محياي. والثاني هل يجوز لحاق الخفيفة بعد الألف إذا كان بعدها ما تدغم فيه على مذهب البصريين نحو: اضربان نعمان. قال اشيخ أبو حيان: نص بعضهم على المنع، ويمكن أن يقال يجوز، وقد صرح سيبويه بمنع ذلك "وألفا زد قبلها" أي: زد قبل نون التوكيد "مؤكدا فعلًا إلى نون الإناث أسندا" لئلا تتوالى الأمثال، فتقول: هل تضربنان يا نسوة بنون مشددة مكسورة، وفي جواز الخفيفة الخلاف السابق كما تقدم. ولا يجوز ترك الألف فلا تقول: هل تضربنن يا نسوة "واحذف خفيفة لساكن ردف" أي: تحذف النون الخفيفة وهي مرادة لأمرين: الأول أن يليها ساكن نحو: اضرب الرجل تريد اضربن. ومنه قوله: 1020- لا تُهينَ الفَقِيرَ عَلكَ أنْ تَرْ ... كَعَ يَومًا والدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ   عن الآية الأولى جواب ا. هـ. سندوبي. قوله: "بقراءة نافع محياي" وجهها الوصل بنية الوقف. قوله: "نص بعضهم على المنع" هو ظاهر إطلاق الناظم. قوله: "ويمكن أن يقال يجوز"؛ لأن الساكن الثاني مدغم فيه. قوله: "لئلا تتوالى الأمثال" نظر إلى الصحيح من عدم جواز وقوع الخفيفة بعد الألف فعلل بهذا التعليل الذي لا يظهر بالنسبة للخفيفة على مذهب من أجاز وقوعها بعد الألف؛ لأن اللازم بالنسبة إليها توالي مثلين فقط ولو نظر إلى المذهبين لعلل بقصد التخفيف كما علل غيره وكلا المسلكين صحيح. قوله: "الخلاف السابق" أي: بين يونس والكوفيين وبين غيرهم وقوله: كما تقدم أي: على ما تقدم من كسرها عند من أجاز الوقوع أو سكونها. قوله: "واحذف خفيفة إلخ" وإنما لم تحرك عند ملاقاتها ساكنًا كما يحرك التنوين عند ملاقاته ساكنًا في الأكثر لنقصها عنه في الفضل بكونها في الفعل وهو في الاسم فقصدوا بحذفها وإبقائه محركًا إظهار شرف الاسم بتشريف ما يختص به على ما يختص بالفعل الذي هو دونه. قوله: "لساكن ردف" أي: لها سواء تلت فتحة كاضرب الرجل يا زيد أو ضمة كاضرب الرجل يا قوم أو كسرة كاضرب الرجل يا هند. دماميني. قوله: "لا تهين الفقير" أصله لا تهن بحذف الياء لالتقاء الساكنين فلما أكد الفعل ردت لزوال   1020- البيت من المنسرح، وهو للأضبط بن قريع في الأغاني 18/ 68؛ والحماسة الشجرية 1/ 474؛ وخزانة الأدب 11/ 450، 452؛ والدرر 2/ 164، 5/ 173؛ وشرح التصريح 2/ 208؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1151؛ وشرح شواهد الشافية ص160؛ وشرح شواهد المغني ص453؛ والشعر والشعراء= الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لأنها لما لم تصلح للحركة عوملت معاملة حرف المد فحذفت لالتقاء الساكنين، وإذا وليها ساكن وهي بعد ألف على مذهب المجيز, فقال يونس: إنها تبدل همزة وتفتح فتقول: اضرباء الغلام، واضربناء الغلام. قال سيبويه: وهذا لم تقله العرب، والقياس اضرب الغلام واضربن الغلام يعني بحذف الألف والنون. والثاني أن يوقف عليها تالية ضمة أو كسرة، وإلى ذلك أشار بقوله: "وبعد غير فتحة إذا تقف" فتقول: يا هؤلاء اخرجوا، ويا هذه   الالتقاء كذا في مطالع السعد. وما ذكره من دخول الجازم قبل النون هو الموافق لقوله: وبفعل آتيًا ذا طلب وينقدح أن هذا الفعل معرب تقديراً؛ لأن النون لم تدخل إلا بعد استيفاء الجازم مقتضاه, وليس هو كالفعل المتصل بنون الإناث إذا دخل عليه الجازم؛ لأن اتصال نون الإناث سابق على الجازم قاله شيخنا السيد, والذي ذكره هو كغيره في باب إعراب الفعل أنه في محل نصب أو جزم مع نون التوكيد, أو نون الإناث إذا دخل عليه ناصب أو جازم وتقدم هذا أيضًا في باب المعرب والمبني. وقوله: علك أي: لعلك وحمل لعل على عسى فقرن خبرها بأن وهو قليل, وأراد بالركوع انحطاط الرتبة. والبيت من المنسرح لكن دخل في مستفعلن أوله الخرم بالراء بعد خبنه فصار فاعلن كما قاله الدماميني والشمني, ويدل له بقية القصيدة ومنها بعد هذا البيت: وصل حبال البعيد إن وصل الحبـ ... ـل وأقص القريب إن قطعه وارض من الدهر ما أتاك به ... من قر عينا بعيشه نفعه فقول العيني: ومن تبعه إنه من الخفيف خطأ. قوله: "فقال يونس إلخ" ثم قوله: والقياس إلخ هل يأتيان على ما قاله المصنف كما تقدم أن من يلحق الخفيفة بعد الألف يكسرها وحينئذٍ يفرق بين ما وليه ساكن وغيره أو خاص بما تقدم عن ظاهر كلام سيبويه أن من يلحقها بعد الألف يبقيها ساكنة ا. هـ. سم والظاهر الثاني؛ لأن سيبويه المعارض ليونس فيما ذكر ظاهر كلامه كما مر أن يونس يسكنها بل جزم البعض بالثاني واستدل بما لا يدل. قوله: "فتقول اضرباء الغلام" أي: يا زيدان واضربناء الغلام أي: يا نسوة. قوله: "والقياس" أي: على ما إذا وليها ساكن ولم تكن بعد الألف. قوله: "بحذف الألف" قال شيخنا: أي: ألف التثنية من اضربا الغلام والألف الفاصلة بين نون النسوة وون التوكيد في اضربن الغلام وقوله: والنون أي: نون التوكيد الخفيفة في المثالين ا. هـ. والمتبادر من كلام الشارح حذف الألف لفظًا وخطأ حتى من المثال الأول وهو الموافق لما في النسخ والقياس إثباتها خطأ في المثال الأول كما لا يخفى على العارف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 وارْدُدْ إذا حَذَفْتَها فِي الوقْفِ ما ... من أَجْلِها في الوَصْلِ كان عُدِما وأَبْدِلَنْها بعدَ فَتح ألِفا ... وقْفًا كما تقول في قِفَنْ قِفَا   اخرجي، تريد اخرجنّ واخرجن. أما إذا وقعت بعد فتحة فسيأتي "واردد إذا حذفتها في الوقف ما" أي: الذي "من أجلها في الوصل كان عدما" فتقول في اضربن يا قوم واضربن يا هند إذا وقفت عليهما: اضربوا واضربي برد واو الضمير ويائه كما مر. وتقول في هل تضربن وهل تضربن إذا وقف عليهما: هل تضربون وهل تضربين برد الواو والياء ونون الرفع لزوال سبب الحذف "وأبدلنها بعد فتح ألفا وقفا" أي: واقفًا، ويحتمل أن يكون مفعولًا له أي: لأجل الوقف، وذلك لشبهها بالتنوين "كما تقول في قفا قفا" ومنه "لنسفعًا وليكونًا" وقوله: 1021- ولا تَعْبُدِ الشَّيطانَ والله فاعْبُدَا   قوله: "واردد إلخ" فإن قلت: لم رد المحذوف هنا في الوقف ولم يرد فيه في نحو: هذا قاض مع زوال العلة قلت: يرد فيه أيضًا وإن كان الأكثر خلافه. وعليه فالفرق أن المحذوف هنا وهو الفاعل كلمة وثم جزء كلمة والاعتناء بالكلمة أتم منه بجزئها. زكريا والذي يظهر لي في معنى كلام المصنف والشارح أنه إذا ورد عليك فعل مؤكد سابقًا بالنون الخفيفة لكونه في حال توكيده بها وصل مما بعده واتفق لك الوقف عليه فاحذف منه النون بعد توكيده بها واردد ما كان حذف لأجلها, وليس المراد أنه إذا صدر منك فعل تريد توكيده والوقف عليه فاحذف منه النون بعد توكيده بها واردد ما كان حذف لأجلها حتى يرد قول أبي حيان ما معناه: الذي يظهر لي أن توكيد الفعل الموقوف عليه بالنون الخفيفة خطأ؛ لأنها تحذف في الوقف من غير دليل عليها فلا يظهر للإتيان بها ثم حذفها بلا دليل فائدة. قوله: "في الوقف" تنازعه اردد وحذفتها. قوله: "كما مر" أي: في قوله: فتقول يا هؤلاء اخرجوا ويا هند اخرجي. قوله: "لزوال سبب الحذف" هو في النون اجتماع المثلين وفي الواو والياء التقاء الساكنين. دماميني. قوله: "ألفا" ولذلك رسمت بالألف نظرًا إلى حالتها عند الوقف كما هو قاعدة الرسم. قوله: "أي: واقفا" ضعف بأن مجيء المصدر حالًا سماعي وضعف الاحتمال الثاني بكون الوقف غير قلبي فالأولى كونه ظرفًا بتقدير وقت. قوله: "وذلك لشبهها بالتنوين" قال شيخنا: اسم الإشارة راجع إلى حذفها بعد   1021- صدره: فإياك والميتات لا تقربنها والبيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص187؛ والأزهية ص275؛ وتذكرة النحاة ص72؛ والدرر 5/ 149؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 678؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 244، 245؛ وشرح التصريح 2/ 208؛ وشرح شواهد المغني 2/ 577، 793؛ والكتاب 3/ 510؛ ولسان العرب 1/ 759 "نصب"، 2/ 473 "سبح"، 13/ 429 "نون"؛ واللمع ص273؛ والمقاصد النحوية 4/ 340؛ والمقتضب 3/ 12؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 657؛ وأوضح المسالك 4/ 113؛ وجمهرة اللغة ص857؛ وجواهر الأدب ص57، 108؛ ورصف المباني ص32، 334؛ وشرح قطر الندى ص149؛ وشرح المفصل 9/ 39؛ ومغني اللبيب 1/ 372؛ والممتع في التصريف 1/ 40؛ وهمع الهوامع 2/ 78. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 1022- فَمَنْ يَكُ لم يثْأرْ بأعراضِ قومِهِ ... فإنِّي ورَبِّ الراقِصاتِ لأَثْأرَا وندر حذفها لغير ساكن ولا وقف كقوله: 1023- اضْرِبَ عَنْكَ الهمومَ طارِقَها وقوله: 1024- كَما قِيلَ قبلَ اليومِ خالِفَ تُذْكَرَا وحمل على ذلك قراءة من قرأ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1] . خاتمة: أجاز يونس للواقف إيدال الخفيفة ياء أو واوًا في نحو: اخشين واخشون، فتقول: اخشي واخشووا وغيره يقول اخشى واخشوا وقد نقل عنه إبدالها واوًا بعد ضمة وياء بعد كسرة مطلقًا، وكلام سيبويه يدل على أن يونس إنما قال بذلك في المعتل فإنه   الضم والكسر وقلبها ألفًا بعد الفتح ا. هـ. وهو وجيه. قوله: "كقوله إلخ" إن قلت: لعل المحذوف في البيتين والآية النون الثقيلة قلت: تقليل الحذف والحمل على ما ثبت حذفه أولى قاله في المغني. قوله: "اضرب عنك" ضمنه معنى اطرد فعداه بعن وطارقها بدل من الهموم. قوله: "وحمل على ذلك قراءة إلخ" وحملها بعضهم على أنها من النصب بلم كما جزم بلن مقارضة بين الحرفين. دماميني. قوله: "مطلقاً" أي: في المعتل والصحيح بدليل ما بعده، لكن يلزم على الإبدال في الصحيح لبس؛ لأنك إذا قلت اضربي في اضربن التبست الياء المبدلة من النون بياء الضمير وكذا يقال إذا قلت اضربو في اضربن بخلاف المعتل؛ لأنك تنطق بياءين في اخشيي وبواوين في اخشووا ولو لم ترد التوكيد لم تنطق   1022- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص76؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 250؛ والكتاب 3/ 512؛ والمقاصد النحوية 4/ 336؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 9/ 39. 1023- عجزه: ضَرْبَكَ بالسُّوطِ قَونَسَ الفَرَسِ والبيت من المنسرح، وهو لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص155؛ وخزانة الأدب 11/ 450؛ والدرر 5/ 174؛ وشرح شواهد المغني 2/ 933؛ وشرح المفصل 6/ 107؛ ولسان العرب 6/ 183 "قَنَسَ"، 13/ 429 "نون"؛ والمقاصد النحوية 4/ 337؛ ونوادر أبي زيد ص13؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 565؛ وجمهرة اللغة ص852، 1176؛ والخصائص 1/ 126؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 82؛ وشرح المفصل 9/ 44؛ ولسان العرب 11/ 711 "هول"؛ والمحتسب 2/ 367؛ ومغني اللبيب 2/ 643؛ والممتع في التصريف 1/ 323. 1024- صدره: خلافًا لقولي من فيالة رأيه والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الحيوان 7/ 84؛ والمقاصد النحوية 4/ 345. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 ما لا ينصرف : الصَّرْفُ تَنْوينٌ أَتَى مُبيِّنا ... معنًى به يكونُ الاسمُ أَمْكَنا   قال: وأما يونس فيقول: اخشووا واخشيي يزيد الواو والياء بدلًا من النون الخفيفة من أجل الضمة والكسرة، وهو ما نقله الناظم في التسهيل، وإذا وقف على المؤكد بالخفيفة بعد الألف على مذهب يونس والكوفيين أبدلت ألفا، نص على ذلك سيبويه ومن وافقه ثم قيل: يجمع بين الألفين فيمد بمقدارهما، وقيل: بل ينبغي أن تحذف إحداهما ويقدر بقاء المبدلة من النون وحذف الأولى. وفي الغرة: إذا وقفت على اضربان على مذهب يونس زدت ألفا عوض النون فاجتمع ألفان فهمزت الثانية فقلت: اضرباء. ا. هـ. وقياسه في اضربنان اضربناء والله أعلم. ما لا يَنْصَرِف: قد مر في أوّل الكتاب أن الأصل في الاسم أن يكون معربًا منصرفًا، وإنما يخرجه عن أصله شبهه بالفعل أو بالحرف، فإن شابه الحرف بلا معاند بني، وإن شابه الفعل بكونه فرعًا بوجه من الوجوه الآتية منع الصرف. ولما أراد بيان ما يمنع الصرف بدأ بتعريف الصرف فقال: "الصرف تنوين أتى مبينًا مغنى به يكون الاسم أمكنا" فقوله: تنوين: جنس يشمل أنواع التنوين، وقد تقدمت أول الكتاب، وقوله: أتى مبينًا إلخ مخرج لما سوى المعبر عنه بالصرف، والمراد بالمعنى الذي يكون به الاسم أمكن، أي: زائدًا في التمكن: بقاؤه   إلا بياء واحدة وواو واحدة. قوله: "يجمع بين الألفين" أي: في النطق وفيه أن الجمع بينهما محال لتعذر التقاء الساكنين سكونًا ذاتيا, وممن صرح باستحالة اجتماع الألفين شيخ الإسلام زكريا كما سيأتي عنه في مبحث ألف التأنيث من باب: ما لا ينصرف اللهم إلا أن يراد الجمع بينهما صورة؛ لأن مد الألف بقدر أربع حركات في صورة الجمع بين ألفين, وعلى هذا يكون قول الشارح فيمد بمقدارهما عطفًا تفسيريا وقوله: بمقدارهما نائب فاعل يمد. ما لا ينصرف: ذكره عقب نوني التوكيد؛ لأن فيه شبه الفعل فله تعلق به كما أن لهما تعلقًا به؛ ولأن نوني التوكيد ثقيلة وخفيفة, وهذا الباب مشتمل على الثقيل وهو ما لا ينصرف والخفيف وهو المنصرف, وإن لم يكن مقصودًا من الباب بالذات. قوله: "بلا معاند" أي: معارض لشبه الحرف. قوله: "بوجه" الباء سببية متعلقة بفرعًا. قوله: "أمكنا" اسم تفضيل من مكن مكانة إذا بلغ الغاية في التمكن لا من تمكن خلافًا لأبي حيان ومن وافقه؛ لأن بناء اسم التفضيل من غير الثلاثي المجرد شاذ، تصريح. قوله: "والمراد إلخ" يرد عليه أنه حينئذٍ يلزم الدور؛ لأن معرفة هذا المعنى تتوقف على معرفة أنه لم يشبه الفعل فيمنع الصرف لأخذه في تفسيره ومعرفة ذلك تتوقف على معرفة الصرف. لا يقال هذا تعريف لفظي خوطب به من يعلم المعرف والتعريف ويجهل وضع لفظ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   على أصله أي: إنه لم يشبه الحرف فيبني ولا الفعل فيمنع من الصرف. تنبيهات: الأول ما ذكره الناظم من أن الصرف هو التنوين هو مذهب المحققين، وقيل الصرف هو الجر والتنوين معًا. الثاني تخصيص تنوين التمكين بالصرف هو المشهور، وقد يطلق الصرف على غيره من تنوين التنكير والعوض والمقابلة. الثالث يستثنى من كلامه نحو: مسلمات فإنه منصرف مع أنه فاقد للتنوين المذكور إذ تنوينه للمقابلة كما تقدم أول الكتاب. الرابع اختلف في اشتقاق المنصرف: فقيل من الصريف وهو الصوت؛ لأن في   للتعريف؛ لأنا نقول: لو كان المخاطب هنا عالمًا بهذا التعريف لكان عالمًا بالصرف؛ لأنه مذكور فيه فلا يكون جاهلًا بوضع اللفظ له. وقد يقال إنه ليس لفظيا ويمنع لزوم الدور بأن يقال المعتبر في التعريف عدم مشابهة الفعل, ويمكن ذلك بدون ملاحظة الانصراف وعدمه, وأما قول الشارح: فيمنع الصرف فليس المراد أن ذلك ملاحظ في التعريف بل المراد بيان أمر واقعي أفاده سم. قوله: "هو التنوين" أي: وحده وأما الجرّ بالكسرة فتابع له فسقوطه بتبعية التنوين لما أسلفه الشارح عند قول المصنف: وجر بالفتحة ما لا ينصرف وقوله هو مذهب المحققين لوجوه: منها أنه مطابق للاشتقاق من الصريف الذي بمعنى الصوت إذ لا صوت في آخر الاسم إلا التنوين، ومنها أنه متى اضطرّ شاعر إلى صرف المرفوع أو المنصوب نونه وقيل صرفه للضرورة مع أنه لا جرّ فيه ا. هـ. يس وقوله: وقيل صرفه أي: قالوا فيه حينئذٍ: إنه صرفه للضرورة فأطلقوا على مجرد تنوينه صرفًا. قوله: "تخصيص تنوين التمكين بالصرف" الباء داخلة على المقصور. قوله: "يستثنى من كلامه" أي: من مفهوم كلامه فإن مفهومه أن فاقد التنوين المذكور المسمى صرفًا غير منصرف وهذا يشمل نحو: مسلمات مع أنه منصرف فيكون مستثنى واستشكله سم بأن المنصرف هو الذي قام به الصرف وإذا كان حقيقة الصرف هو التنوين المذكور وهو غير قائم بجمع المؤنث السالم فكيف يكون منصرفًا. قال: وقد يجاب بأن المراد أن التنوين علامة الصرف لا نفسه والعلامة لا يجب انعكاسها ا. هـ. قال شيخ الإسلام زكريا: وظاهر كلامهم أن المتصف بالانصراف وعدمه إنما هو الاسم المعرب بالحركات وإلا فينبغي أن يستثنى أيضًا ما يعرب بالحروف إذ يصدق عليه أنه فاقد لتنوين الصرف, مع أنه في الواقع منصرف حيث لا مانع ا. هـ. قوله: "نحو: مسلمات" أراد جمع المؤنث السالم ومحل ذلك قبل التسمية به أما ما سمي به منه نحو: عرفات فإنه غير منصرف ولا كلام فيه. حفيد. قوله: "إذ تنوينه للمقابلة" هذا مذهب الجمهور, وذهب بعضهم إلى أن تنوينه للصرف وإنما لم يحذف إذ سمي به؛ لأنه لو حذف لتبعه الجرّ في السقوط فينعكس إعراب جمع المؤنث السالم فيبقى لأجل الضرورة ا. هـ. زكريا ويرده أنه خرج بالتسمية به عن كونه جمع مؤنث حقيقة فلا بعد في انعكاس إعرابه. قوله: "في اشتقاق المنصرف" المراد بالاشتقاق هنا الأخذ من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   آخره التنوين وهو صوت، قال النابغة: 1025- له صَرِيفٌ صَرِيفُ القَعْوِ بالمَسَدِ أي: صوت صوت البكرة بالحبل، وقيل من الانصراف في جهات الحركات. وقيل من الانصراف وهو الرجوع, فكأنه انصرف عن شبه الفعل. وقال في شرح الكافية: سمي منصرفًا لانقياده إلى ما يصرفه عن عدم تنوين إلى تنوين، وعن وجه من وجوه الإعراب إلى غيره ا. هـ. واعلم أن المعتبر من شبه الفعل في منع الصرف هو كون الاسم إما فيه فرعيتان مختلفتان مرجع إحداهما اللفظ ومرجع الأخرى المعنى، وإما فرعية تقوم مقام الفرعيتين؛ وذلك لأن في الفعل فرعية على الاسم في اللفظ وهي اشتقاقه من المصدر، وفرعية في   المناسب في المعنى. قوله: "فقيل من الصريف إلخ" وقيل من الصرف وهو الفضل؛ لأنه له فضلًا على غير المنصرف. قوله: "من الانصراف" أي: الجريان وقوله في جهات الحركات لو حذف لفظ الحركات لكان أولى؛ لأنه بصدد المعنى اللغوي المأخوذ منه الاصطلاحي وابن إياز تنبه لذلك فحذفها ا. هـ. دنوشري. قوله: "فكأنه انصرف عن شبه الفعل" إنما قال كأنه؛ لأنه لم يكن أشبه الفعل حتى يرجع عن شبهه به حقيقة. قوله: "إلى ما يصرفه إلخ" كالتنكير فنحو: الرجل منصرف؛ لأنك تقول فيه رجل, قال شيخنا: والظاهر أن القول الأول والثالث مفرعان على أن الصرف هو التنوين وحده والثاني والرابع على أنه التنوين والجرّ. قوله: "وعن وجه من وجوه الإعراب" أي: حركة من حركاته. قوله: "أما فيه فرعيتان إلخ" إنما لم يقتنع في هذا الحكم بكون الاسم فرعًا من جهة واحدة؛ لأن المشابهة بالفرعية غير ظاهرة ولا قوية إذ الفرعية ليست من خصائص الفعل الظاهرة بل يحتاج في إثباتها إلى تكلف وكذا إثبات الفرعية في هذه الأسماء بسبب هذه العلل غير ظاهر فلم يكف واحدة منها إلا إذا قامت مقام اثنتين, وكان اعطاء الاسم حكم الفعل أولى من العكس مع أن الاسم إذا شابه الفعل فقد شابهه الفعل؛ لأن الاسم تطفل على الفعل فيما هو من خواص الفعل وإنما لم يبن الاسم بمشابهة الفعل فيما ذكر لضعفها إذ لم يشبه الفعل لفظًا مع ضعف الفعل في البناء ولم يعط بها عمل الفعل؛ لأنه لم يتضمن معنى الفعل الطالب للفاعل والمفعول ا. هـ يس. واعلم أن معنى فرعية الشيء كونه فرعًا عن غيره لكنها هنا تارة يراد منها الكون فرعًا وتارة يراد منها سبب الكون فرعًا وقد استعمل الشارح الأمرين فتنبه.   1025- صدره: مقذوفة بِدَخيسِ النَّحْضِ بازِلُها والبيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص16؛ وجمهرة اللغة ص578، 741، 944؛ والدرر 3/ 76؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 31؛ والكتاب 1/ 355؛ ولسان العرب 9/ 19 "صرف"، 277 "قذف"، 11/ 52 "بزل"، 15/ 191 "قعا"؛ وبلا نسبة في لسان العرب 6/ 77 "دخس"؛ ومجالس ثعلب ص320؛ وهمع الهوامع 1/ 193. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المعنى وهي احتياجه إليه؛ لأنه يحتاج إلى فاعل والفاعل لا يكون إلا اسمًا، ولا يكمل شبه الاسم بالفعل بحيث يحمل عليه في الحكم إلا إذا كانت فيه الفرعيتان كما في الفعل، ومن ثم صرف من الأسماء ما جاء على الأصل كالمفرد الجامد النكرة كرجل وفرس؛ لأنه خف فاحتمل زيادة التنوين وألحق به ما فرعية اللفظ والمعنى فيه من جهة واحدة كدريهم، وما تعددت فرعيته من جهة اللفظ كأجيمال، أو من جهة المعنى كحائض وطامث؛ لأنه لم يصر بتلك الفرعية كامل الشبه بالفعل، ولم يصرف نحو: أحمد؛ لأن فيه فرعيتين مختلفتين مرجع إحداهما اللفظ وهي وزن الفعل ومرجع الأخرى المعنى وهو التعريف، فلما كمل شبهه بالفعل ثقل الفعل فلم يدخله التنوين وكان في موضع الجر مفتوحًا. والعلل المانعة من الصرف تسع يجمعها قوله: عدل ووصف وتأنيث ومعرفة ... وعجمة ثم جمع ثم تركيب   قوله: "وهي اشتقاقه من المصدر" وعلى القول بأن المصدر مشتق من الفعل تكون فرعية اللفظ التركيب في معناه كذا قال بعضهم وفيه تأمل؛ لأن التركيب جاء للفعل من حيث المعنى كما اعترف به, لا من حيث اللفظ على أن كثيرًا من الأسماء يدل على شيئين كضارب وأكرم ا. هـ. دنوشري. قوله: "احتياجه" أي: الفعل إليه أي: الاسم. قوله: "ولا يكمل إلخ" من تمام التعليل. قوله: "في الحكم" وهو منع التنوين الدال على الأمكنية. قوله: "ما جاء على الأصل" أي: عدم المشابهة. قوله: "ما فرعية اللفظ والمعنى فيه" أي: ما الفرعية التي مرجعها اللفظ والفرعية التي مرجعها المعنى فيه إلخ. قوله: "كدريهم" فإن فرعية اللفظ فيه صيغة فعيعل فدريهم فرع من درهم وفرعية المعنى التحقير ا. هـ. يس أي: والتحقير فرع عن عدمه أي: وهاتان الفرعيتان من جهة واحدة وهي التصغير بمعنى أن كلا منهما نشأ عن التصغير الذي هو فعل الفاعل. قوله: "كأجيمال" تصغير أجمال جمع جمل فإن فيه فرعيتين التصغير الذي هو فرع التكبير والجمع الذي هو فرع الإفراد وهما من جهة اللفظ. قوله: "كحائض وطامث" بمعنى حائض فإن فيهما فرعيتين التأنيث الذي هو فرع التذكير, والوصف الذي هو فرع الموصوف, وجهتهما المعنى كذا قال البعض تبعًا لزكريا. قال شيخنا: لكن فيه أنه سيأتي أن التأنيث من العلل الراجعة إلى اللفظ, والأحسن أن يقال لزوم التأنيث ا. هـ. وسيصرح هذا البعض في الكلام على قول المصنف: كذا مؤنث إلخ, بأن التأنيث مطلقًا من العلل اللفظية ووجهه أن المؤنث تأنيثًا معنويا مقدر فيه تاء التأنيث كما سيأتي. لا يقال هلا منع حينئذٍ صرف نحو: حائض للفرعيتين اللفظية والمعنوية؛ لأنا نقول سيأتي أنه لا عبرة بالتأنيث بالتاء مع الوصفية لصحة تجريد الوصف عنها بخلاف العلم. قوله: "ولم يصرف نحو: أحمد إلخ" عطف على قوله: صرف من الأسماء ما جاء على الأصل إلخ. قوله: "تسع" حصرها في التسع استقرائي. قوله: "عدل" أي: تقديري أو تحقيقي وقوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 فأَلِفَ التَّأْنِيثِ مُطْلَقًا مَنَعْ ... صَرْفَ الذي حَواهُ كَيْفَما وَقَعْ   والنون زائدة من قبلها ألفٌ ... ووزنُ فعل وهذا القلول تقريبُ المعنوية منها: العلمية والوصفية، وباقيها لفظي، فيمنع مع الوصف ثلاثة أشياء: العدل كمثنى وثلاث، ووزن الفعل كأحمر، وزيادة الألف والنون كسكران، ويمنع مع العلمية هذه الثلاثة: كعمر ويزيد ومروان، وأربعة أخرى وهي: العجمة كإبراهيم، والتأنيث كطلحة وزينب، والتركيب كمعد يكرب، وألف الإلحاق كأرطى، وسترى ذلك كله مفصلًا وجميع ما لا ينصرف اثنا عشر نوعًا: خمسة لا تنصرف في تعريف ولا تنكير، وسبعة لا تنصرف في التعريف وتنصرف في التنكير. ولما شرع في بيان الموانع بدأ بما يمنع في الحالتين؛ لأنه أمكن في المنع فقال: "فألف التأنيث مطلقًا منع صرف الذي حواه كيفما وقع" أي: ألف التأنيث مقصورة كانت أو ممدودة، وهو المراد بقوله: مطلقًا تمنع صرف ما هي فيه كيفما وقع، أي: سواء وقع نكرة كذكرى وصحراء، أم معرفة كرضوى وزكرياء، مفردًا كما مر، أو جمعًا كجرحى وأصدقاء، اسمًا كما مر، أم صفة كحبلى وحمراء. وإنما استقلت بالمنع؛ لأنها قائمة مقام شيئين؛ وذلك لأنها لازمة لما هي فيه، بخلاف التاء فإنها في الغالب مقدرة الانفصال، ففي المؤنث بالألف فرعية من جهة التأنيث وفرعية من جهة لزوم علامته،   وتأنيث أي: لفظي أو معنوي وقوله: ومعرفة أي: علمية وقوله: ثم تركيب أي: مزجي. وقوله: زائدة حال من النون, وقوله: من قبلها ألف أي: زائدة وقوله: وهذا القول تقريب أي؛ لأنه ليس فيه تعيين ما يستقل بالمنع وتعيين ما يمنع مع الوصفية ولا بيان الشروط المعتبرة في بعضها. قوله: "كعمرو يزيد ومروان" نشر على ترتيب اللف. قوله: "كأرطى" اسم شجر وألفه للإلحاق بجعفر. قوله: "وسبعة" وهي ما كانت إحدى علتيه العلمية. قوله: "فألف التأنيث" خرج غيرها كالألف الأصلية في نحو: مرمى وألف الإلحاق في نحو: أرطى وعلباء وألف التكثير في نحو: قبعثري نعم ألف الإلحاق المقصورة وألف التكثير يمنعان الصرف مع العلمية كما سيأتي. قوله: "مطلقًا" حال من الضمير في منع العائد على المبتدأ لا من المبتدأ؛ لأنه ممنوع عند الجمهور وإن جوزه سيبويه. قوله: "كيفما" اسم شرط على مذهب الكوفيين من عده من أسماء الشروط ووقع فعل الشرط والجواب محذوف دل عليه قوله منع والتقدير كيفما وقع ألف التأنيث منع الصرف الذي حواه كذا في الفارضي وخالد، لكن مقتضى كلام الشارح أن ضمير وقع للاسم الذي حوى ألف التأنيث, وتقدير الجواب على هذا كيفما وقع امتنع صرفه أو نحو: ذلك ووقع في كلام البعض ما لا ينبغي. قوله: "كذكرى" مصدر ذكر وقوله: كرضوى بفتح الراء علم على جبل بالمدينة. قوله: "اسمًا كما مر" قد يقال إن جرحى وأصدقاء وصفان إلا أن يقال إنهما غلبت عليهما الاسمية. قوله: "لأنها لازمة لما هي فيه" هذا مسلم بالنسبة لألف التأنيث المقصورة دون الممدودة؛ لأنها على تقدير الانفصال كالتاء كما سيذكره المصنف بقوله: وألف التأنيث حيث مدا ... وتاؤه منفصلين عدا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بخلاف المؤنث بالتاء. وإنما قلت في الغالب؛ لأن من المؤنث بالتاء ما لا ينفك عنها استعمالًا، ولو قدر انفكاكه عنها لوجد له نظير كهمزة فإن التاء ملازمة له استعمالًا ولو قدر انفكاكه عنها لكان همز كحطم لكن حطم مستعمل وهمز غير مستعمل. ومن المؤنث بالتاء ما لا ينفك عنها استعمالًا ولو قدر انفكاكه عنها لم يوجد له نظير كحِذْرِيةَ وعَرْقُوَةَ، فلو قدر سقوط تاء حذرية وتاء عرقوة لزم وجدان ما لا نظير له، إذ ليس في كلام العرب فعلى ولا فعلوه، إلا أن وجود التاء هكذا قليل فلا اعتداد به، بخلاف الألف فإنها لا تكون إلا هكذا, ولذلك عوملت خامسة في التصغير معاملة خامس أصلي، فقيل في قرقرى: قر يقر كما قيل في سفرجل سفيرج. وعوملت التاء معاملة عجز المركب فلم ينلها تغير التصغير كما لا ينال عجز المركب فقيل في زجاجة زجيجة. فرعان: الأول إذا سميت بكلتا من قولك: قامت كلتا جاريتيك: منعت الصرف؛ لأن ألفها للتأنيث وإن سميت بها من قولك رأيت كلتيهما أو كلتي المرأتين في لغة كنانة صرفت؛ لأن ألفها حنيئذ منقلبة فليست للتأنيث. الثاني إذا رخمت حبلوى على لغة   فتأمل. قوله: "ففي المؤنث بالألف إلخ" أي: ففيه في الحقيقة فرعيتان: إحداهما من جهة اللفظ وهي الأولى والثانية من جهة المعنى وهي الثانية. قوله: " كحذرية" بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وكسر الراء بعدها تحتية وهي القطعة الغليظة من الأرض كما في القاموس. قوله: "وعرقوة" بفتح العين المهملة وسكون الراء وضم القاف إحدى الخشبتين المعترضتين على الدلو كالصليب وهما عرقوتان قاله الجوهري. قوله: "هكذا" أي: لازمة وكذا الآتي. قوله: "في التصغير" متعلق بعوملت. قوله: "معاملة خامس أصلي" أي: فنالها تغيير التصغير حيث حذفت لمراعاة حصول صيغة فعيعل, ويدل على أن ذلك مقصوده مقابلته بما ذكره بعده من حكم التاء سم. قوله: "زجيجة" بتشديد الياء؛ لأن زجاجة رباعي وتصغير الرباعي يكون على فعيل كما يأتي. قوله: "إذا سميت بكلتا" قال الإسقاطي: يريد كلتا المرفوعة ا. هـ. قال شيخنا: ولعله أخذ هذا القيد من قول الشارح من قولك: قامت إلخ لكن فيه أن التعليل يقتضي أن المراد كلتا بالألف سواء المرفوعة كما في مثاله أو المنصوبة كما في رأيت كلتا جاريتيك على اللغة الفصحى ا. هـ. أي: أو المجرورة كما في مررت بكلتا جاريتيك على اللغة الفصحى أيضًا, وهذا هو المتجه وبه جزم البعض وإنما اقتضى التعليل ذلك؛ لأنه يقتضي أن المدار على كون الألف للتأنيث. قوله: "وإن سميت بها من قولك إلخ" قال الإسقاطي: يريد كلتا المنصوبة بالياء ا. هـ. قال شيخنا: وفيه أن التعليل يقتضي أن المجرورة مثلها ا. هـ. أي: لأنه يقتضي أن المدار على كون الألف منقلبة عن الياء. قوله: "في لغة كنانة" أي: الذين يعاملون كلا وكلتا معاملة المثنى وإن أضيفا إلى ظاهر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 وزائِدا فَعْلانَ في وَصْف سَلِمْ ... من أنْ يُرَى بِتاء تأنيثٍ خُتِمْ   الاستقلال عند من أجازه فقلت: يا حبلى ثم سميت به صرفت لما ذكرت في كلتا "وزائدا فعلان" رفع بالعطف على الضمير في منع أي: ومنع صرف الاسم أيضًا زائدًا فعلان وهما الألف والنون "في وصف سلم من أن يرى بتاء تأنيث ختم" إما؛ لأن مؤنثه فعلى كسكران وغضبان وندمان من الندم، وهذا متفق على منع صرفه. وإما؛ لأنه لا مؤنث له نحو: لحيان لكبير اللحية، وهذا فيه خلاف والصحيح منع صرفه أيضًا؛ لأنه وإن لم يكن له   فقوله: في لغة كنانة راجع لقوله: أو كلتي المرأتين فقط. قوله: "عند من أجازه" تقدم أن الراجح منع ترخيمه على لغة الاستقلال لما يلزم عليه من عدم النظير إذ ليس لهم فعلى ألفه منقلبة. قوله: "فقلت يا حبلى" أي: بحذف ياء النسب للترخيم, ثم قلب الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "لما ذكرت في كلتا" أي: من أن الألف منقلبة فليست للتأنيث لكن انقلابها هنا عن واو وثم عن ياء. قوله: "فعلان" مضاف إليه ممنوع الصرف للعلمية على الوزن وزيادة الألف والنون ا. هـ. خالد وفعلان بفتح الفاء فخرج غيره كخمصان كما يأتي, وفي حاشية الجامي للعصام الألف والنون في الصفة لا تكون على فعلان بكسر الفاء وبضم الفاء لا تكون إلا مع فعلانة بخلاف الألف والنون في الاسم فإنه يكون على الأوزان الثلاثة. قوله: "بالعطف على الضمير في منع" وجاز العطف عليه لوجود الفصل بالمفعول ويحتمل أن يكون مبتدأ والخبر محذوف لدلالة ما تقدم عليه أي: وزائدًا فعلان كذلك في منع الصرف. قوله: "أي: ومنع صرف الاسم" هكذا فيما رأيناه من النسخ وكأن النسخة التي وقعت للبعض فيها ويمنع بصيغة المضارع فاعترض بأن المناسب لعبارة المصنف السابقة أن يقول هنا, وفيما يأتي ومنع بصيغة الماضي نعم عبر الشارح فيما يأتي بالمضارع, فالاعتراض عليه فيما يأتي في محل. قوله: "في وصف" حال من زائدًا. قوله: "سلم إلخ" شرط فيه في الغمدة وشرحها شرطًا ثانيًا وهو أصالة الوصفية, ويمكن أن يرجع قول المصنف الآتي وألغين عارض الوصفية إلى هذا أيضًا فيفيد هذا الشرط ولا ينافي رجوعه إلى هذا ما فرعه بقوله: فالأدهم إلخ؛ لأن تفريع بعض الأمثلة والأوزان الخاصة لا يقتضي التخصيص ا. هـ. سم والاحتراز بهذا الشرط عما عرضت فيه الوصفية نحو: مررت برجل صفوان قلبه أي: قاس. قوله: "من أن يرى" إما علمية فجملة بتاء تأنيث ختم مفعول ثان أو بصرية فهي حال بناء على مذهب الناظم من جواز وقوع الماضي حالًا خاليًا من قد كما في قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} . قوله: "وندمان من الندم" وأما ندمان من المنادمة فمصروف؛ لأن مؤنثه ندمانة كما يأتي. قوله: "وهذا متفق على منع صرفه" أي: بين النحاة على غير لغة بني أسد وليس المراد متفق عليه بين العرب حتى يرد اعتراض شيخنا والبعض بأنه ينافي ما سيأتي في الشارح من أن بني أسد تصرف كل ما كان على فعلان لالتزامهم في مؤنثه فعلانة بالتاء فاحفظ ذلك. قوله: "نحو: لحيان" أي: كرحمن. قوله: "وهذا فيه خلاف" فمن لم يشترط لمنع صرف فعلان إلا انتفاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فعلى وجودًا فله فعلى تقديرًا؛ لأنا لو فرضنا له مؤنثًا لكان فعلى أولى به من فعلانة؛ لأن باب فعلان فعلى أوسع من باب فعلان فعلانة، والتقدير في حكم الوجود بدليل الإجماع على منع صرف أكمر وآدر مع أنه لا مؤنث له، ولو فرض له مؤنث لأمكن أن يكون كمؤنث أرمل, وأن يكون كمؤنث أحمر، لكن حمله على أحمر أولى لكثرة نظائره. واحترز من فعلان الذي مؤنثه فعلانة فإن مصروف نحو: ندمان من المنادمة وندمانة وسيفان وسيفانة. وقد جمع المصنف ما جاء على فعلان ومؤنثه فعلانة في قوله: أَجِزْ فَعْلَى لِفَعْلانا ... إذا اسْتَثنَيتَ حَبلانا ودَخْنانا وسَخْنانا ... وسَيفانا وصَحْيانا وصَوجانا وعَلّانا ... وقَشْوانا ومَصّانا ومَوتانا ونَدْمانا ... وأَتْبعهُنّ نَصْرانا   فعلانة منعه من الصرف وهو ما مشى عليه في النظم, ومن اشترط وجود فعلى تحقيقًا صرفه. قوله: "والصحيح منع صرفه" يخالف قول أبي حيان إن الصحيح فيه صرفه؛ لأنا جهلنا النقل فيه عن العرب والأصل في الاسم الصرف فوجب العمل به ا. هـ. فهذه المسألة مما تعارض فيها الأصل والغالب فتنبه. قوله: "أكمر" لعظيم الكمرة بفتح الميم وهي الحشفة وآدر بالمد لكبير الأنثيين. قوله: "كمؤنث أرمل" وهو أرملة والأرمل الفقير. قوله: "ندمان من المنادمة" وهو الموافق للشارب في فعله واحترز بقوله: من المنادمة عن ندمان من الندم, فإن مؤنثه ندمى وفعله ندم وفعل الأول نادم. قوله: "أجز" المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب فلا يرد أن ما عدا الألفاظ المستثناة يجب في مؤنثها فعلى, أو يقال عبر بأجز دون أوجب نظرًا للغة بني أسد الآتية. وهذه الأبيات التي للمصنف بقطع النظر عن تذييل المرادي يحتمل أن تكون من الوافر المجزوّ وأن تكون من الهزج, لكن التذييل يعين الأول لتعين كونه من الأول؛ لأن قوله فيه على لغة بوزن مفاعلتن لا بوزن مفاعلين هذا، وقد نظم الألفاظ الاثني عشر التي في نظم المصنف الشارح الأندلسي مع زيادة تفسيرها فقال: كل فعلان فهو أنثاه فعلى ... غير وصف النديم بالندمان ولذي البطن جاء حبلان أيضًا ... ثم دخنان للكثير الدخان ثم سيفان للطويل وصوجا ... ن لذي قوّة على الحملان ثم صحيان إن حوى اليوم صحوًا ... ثم سخنان وهو سخن الزمان ثم موتان للضعيف فؤادًا ... ثم علان وهو ذو النسيان ثم قشوان للذي قل لحمًا ... ثم نصران جاء في النصراني ثم مصان في اللئيم وفي لحـ ... ـيان رحمن يفقد النوعان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   واستدرك عليه لفظان وهما خمصان لغة في خمصان وأليان في كبش أليان أي: كبير الألية فذيل الشارح المرادي أبياته بقوله: وزِدْ فيهنَّ خَمْصانا ... على لُغَةٍ وأليانا فالحبلان الكبير البطن وقيل الممتلئ غيظًا. والدخنان اليوم المظلم. والسخنان اليوم الحار. والسيفان الرجل الطويل. والصحيان اليوم الذي لا غيم فيه. والصوجان البعير اليابس الظهر. والعلان الكثير النسيان. وقيل الرجل الحقير. والقشوان الرقيق الساقين. والمصان اللئيم. والموتان البليد الميت القلب. والندمان المنادم. أما ندمان من الندم فغير مصروف إذ مؤنثه ندمى وقد مر. والنصران واحد النصارى. تنبيهات: الأول إنما منع نحو: سكران من الصرف لتحقق الفرعيتين فيه: أما فرعية المعنى؛ فلأن فيه الوصفية وهي فرع عن الجمود؛ لأن الصفة تحتاج إلى موصوف ينسب معناها إليه والجامد لا يحتاج إلى ذلك. وأما فرعية اللفظ؛ فلأن فيه الزيادتين المضارعتين لألفي النأنيث في نحو: حمراء في أنهما في بناء يخص المذكر, كما أن ألفي حمراء في   ونظمت ما زاده المرادي مع التفسير في بيت ينبغي وضعه قبل البيت الأخير فقلت: ولذي ألية كبيرة اليا ... ن وخمصان جاء في الخمصان قوله: "واستدرك" أي: زيد وقوله: فذيل الشارح أبياته بقوله, أي: جعل قوله المذكور ذيلًا لأبيات المصنف. قوله: "خمصان" يقال رجل خمصان البطن وخميصه أي: ضامره. قوله: "والصوجان البعير اليابس الظهر" في القاموس في فصل الصاد المهملة في باب الجيم الصوجان كل يابس الصلب من الدواب والناس ونخلة صوجانة يابسة ا. هـ. وقال في فصل الضاد المعجمة من باب الجيم: الضوجان الصوجان ا. هـ. فعلم أنه بالصاد المهملة والضاد المعجمة وبالجيم وعلم ما في كلام شيخنا والبعض من القصور. قوله: "والعلان" أي: بعين مهملة كما في القاموس. قوله: "وقيل الرجل الحقير" وفي القاموس امرأة علانة جاهلة وهو علان. قوله: "والقشوان" بقاف وشين معجمة. قوله: "الرقيق الساقين" الذي في خط الشارح الدقيق بالدال وفي القاموس القشوان الدقيق الضعيف وهي بهاء ا. هـ. قوله: "والمصان" بالصاد المهملة كما في القاموس. قوله: "والجامد لا يحتاج إلى ذلك" أي: وما يحتاج فرع عما لا يحتاج. قوله: "المضارعتين لألفي التأنيث في نحو: حمراء" بناه على أن الهمزة تسمى ألفًا وهو صحيح وعلى أنها مع الألف قبلها للتأنيث ولا نظير له إذ ليس لنا علامة تأنيث بحرفين, والمنقول عن سيبويه وغيره أن الهمزة بدل من ألف التأنيث, وأن الأصل حمرى بوزن سكرى, فلما قصدوا مده زادوا قبلها ألفًا أخرى والجمع بينهما محال وحذف إحداهما يناقض الغرض المطلوب, إذ لو حذفوا الأولى لفات المد أو الثانية لفاتت الدلالة على التأنيث, وقلب الأولى مخل بالمد فقلبوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بناء يخص المؤنث، وأنهما لا تلحقهما التاء فلا يقال: سكرانة كما لا يقال: حمراءة مع أن الأول من كل من الزيادتين ألف. والثاني حرف يعبر به عن المتكلم في أفعل ونفعل فلما اجتمع في نحو: سكران المذكور الفرعيتان امتنع من الصرف. وإنما لم تكن الوصفية فيه وحدها مانعة من أن في الصفة فرعية في المعنى كما سبق وفرعية في اللفظ وهي الاشتقاق من المصدر لضعف فرعية اللفظ في الصفة؛ لأنها كالمصدر في البقاء على الاسمية والتنكير، ولم يخرجها الاشتقاق إلى أكثر من نسبة معنى الحدث فيها إلى الموصوف والمصدر بالجملة صالح لذلك كما في رجل عدل ودرهم ضرب الأمير، فلم يكن اشتقاقها من المصدر مبعدًا لها عن معناه، فكان كالمفقود فلم يؤثر، ومن ثم كان نحو: عالم وشريف مصروفًا مع تحقق ذلك فيه، وكذا إنما صرف نحو: ندمان مع وجود الفرعيتين لضعف فرعية اللفظ فيه من جهة أن الزيادة فيه لا تخص المذكر وتلحقه التاء في المؤنث نحو: ندمانة فأشبهت الزيادة فيه بعض الأصول في لزومها في حالتي التذكير والتأنيث وقبول علامته، فلم يعتد بها. ويشهد لذلك أن قومًا من العرب وهم بنو أسد يصرفون كل صفة على فعلان؛ لأنهم يؤنثونه بالتاء, ويستغنون فيه بفعلانة عن فعلى، فيقولون: سكرانة وغضبانة وعطشانة، فلم تكن الزيادة عندهم شبيهة بألفي حمراء فلم تمنع من الصرف. الثاني فهم من قوله: زائدًا فعلان أنهما لا يمنعان في غيره من الأوزان كفعلان بضم الفاء   الثانية همزة وقيل: إن الأولى للتأنيث والثانية مزيدة للفرق بين مؤنث أفعل ومؤنث فعلان ورد بأنه يفضي إلى وقوع علامة التأنيث حشوًا ا. هـ. زكريا ويمكن دفع الاعتراض بجعل الإضافة في قوله: لألفي التأنيث بالنسبة إلى الألف الأولى لأدنى ملابسة. قوله: "والثاني" أي: من كل منهما وذلك الثاني هو الهمزة في نحو: حمراء والنون في نحو: سكران. قوله: "كما سبق" أي: من أن الصفة فرع الجامد. قوله: "والمصدر بالجملة صالح لذلك" أي: لما ذكر من نسبة الحدث إلى الموصوف إذا وقع نعتًا أم حالًا أو خبرًا وإنما قال بالجملة؛ لأن المصدر لا يصلح لذلك إلا بالتأويل. قوله: "عن معناه" أي: المصدر وقوله: فكان أي: اشتقاق الصفة. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل كون الاشتقاق فيما ذكر غير مؤثر لضعفه المتقدم بيانه كان نحو: إلخ. قوله: "مع تحقق ذلك" أي: ما ذكر من فرعية اللفظ وفرعية المعنى. قوله: "إنما صرف نحو: ندمان" بمعنى المنادم. قوله: "لا تخص المذكر" لوجودها مع المؤنث كندمانة. قوله: "في لزومها إلخ" فيه نشر على ترتيب اللف؛ لأن اللزوم راجع إلى قوله: لا تخص المذكر وقبول علامة التأنيث راجع إلى قوله: وتلحقه التاء في المؤنث. قوله: "ويشهد لذلك" أي: لكون صرف نحو: ندمان لضعف فرعية اللفظ فيه من الجهة المتقدمة وهذا أوضح مما ذكره شيخنا والبعض. قوله: "فلم تكن الزيادة عندهم شبيهة بألفي حمراء" أي: في الاختصاص بواحد من المذكر والمؤنث وفي عدم لحوق التاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 وَوَصْفٌ أصْلِيٌّ ووزْنُ أَفْعَلا ... ممنوع تأنيثٍ بتا كأَشْهَلا   نحو: خمصان لعدم شبههما في غيره بألفي التأنيث. الثالث ما تقدم من أن المنع بزائدي فعلان لشبههما بألفي التأنيث في نحو: حمراء هو مذهب سيبويه، وزعم المبرد أنه امتنع لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث. ومذهب الكوفيين أنهما منعا لكونهما زائدتين لا يقبلان الهاء لا للتشبيه بألفي التأنيث "ووصف أصلي ووزن أفعلا ممنوع" بالنصب على الحال من وزن أفعلا أي: حال كونه ممنوع "تأنيث بتاء كأشهلا" أي: ويمنع الصرف أيضًا اجتماع الوصف الأصلي ووزن أفعل بشرط أن لا يقبل التأنيث بالتاء: إما؛ لأن مؤنثه فعلاء كأشهل، أو فعلى كأفضل؛ أو لأنه لا مؤنث له كأكمر وآدر، فهذه الثلاة ممنوعة من الصرف للوصف الأصلي ووزن أفعل، فإن وزن الفعل به أولى؛ لأن في أوله   قوله: "لشبههما بألفي التأنيث" إن قلت: هلا أكتفي في المنع بزيادتهما كألفي التأنيث قلت: المشبه لا يعطي حكم المشبه به من كل وجه, وقال في المغني: إنما شرطت العلمية أو الوصفية؛ لأن الشبه بألفي التأنيث إنما يتقوم بإحداهما ا. هـ. أي: لا يتحقق في الواقع إلا في علم أو صفة. قوله: "امتنع" أي: فعلان لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث, فكما لا ينصرف حمراء لا ينصرف سكران واستدل على الإبدال بقولهم: بهراني وصنعاني في النسب إلى بهراء وصنعاء. وأجيب بأن النون بدل من الواو والأصل بهراوي وصنعاوي وأيضًا المذكر سابق عن المؤنث لا العكس. قوله: "لكونهما زائدتين إلخ" إن أرادوا مطلق الزيادة ورد عليهم عفريت وإن أرادوا خصوص الألف والنون سألناهم عن علة الخصوصية فلا يجدون معدلًا عن التعليل بأنهما لا يقبلان الهاء فيرجعون إلى ما اعتبره البصريون كذا في المغني. لا يقال هلا اكتفى في علة المنع بالزيادة كما اكتفى بألف التأنيث؛ لأنا نقول المشبه به من كل وجه على أن في المغني أن تعليل منع صرف نحو: سكران بالوصفية والزيادة اشتهر بين المعربين مع أنه مذهب الكوفيين, أما البصريون فمذهبهم أن المانع الزيادة المشبهة لألفي التأنيث؛ ولهذا قال الجرجاني: ينبغي أن تعد موانع الصرف ثمانية لا تسعة. قوله: "لا للتشبيه بألفي التأنيث" أي: وإن استلزم كونهما زائدتين لا يقبلان الهاء شبههما بألفي التأنيث في الزيادة وعدم قبول الهاء إذ فرق بين اعتبار الشيء وحصوله بدون اعتبار؛ ولهذا عبر صاحب الهمع في علة منعهما عند الكوفيين بقوله: كونهما زائدتين لا يقبلان الهاء من غير ملاحظة الشبه بألفي التأنيث ا. هـ. قوله: "ووصف" معطوف على الضمير في منع أو مبتدأ خبره محذوف على وزان ما مر في زائدًا, وقول خالد: إنه معطوف على زائدًا لا يجري على الصحيح من أن المعطوفات بحرف غير مرتب على الأول. قوله: "على الحال من وزن" وقال خالد: من أفعل قال الفارضي: لأنه علم على اللفظ ا. هـ. وشرط مجيء الحال من المضاف إليه موجود لصحة الاستغناء عن المضاف بأن يقال ووصف أصلي وأفعل أي: هذا الوزن. قوله: "كأشهلا" الشهلة في العين أن يشوب سوادها زرقة. قوله: "فإن وزن الفعل به أولى" علة لما يفيده سابقه من مدخلية وزن أفعل في منع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 وأَلغِينَّ عارِضَ الوَصْفِيَّه ... كأَرْبَعٍ وعارِضَ الاسْمِيَّه   زيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم، فكان ذلك أصلًا في الفعل؛ لأن ما زيادته لمعنى أصل لما زيادته لغير معنى، فإن أنث بالتاء انصرف نحو: أرمل بمعنى فقير، فإن مؤنثه أرملة لضعف شبهه بلفظ المضارع؛ لأن تاء التأنيث لا تلحقه، وأجاز الأخفش منعه لجريه مجرى أحمر؛ لأنه صفة وعلى وزنه. نعم قولهم عام أرمل غير مصروف؛ لأن يعقوب حكى فيه سنة رملاء، واحترز بالأصلي عن العارض فإنه لا يتعد به كما سيأتي. تنبيهان: الأول مثل الشارح لما تلحقه التاء بأرمل وأباتر وهو القاطع رحمه، وأدابر وهو الذي لا يقبل نصحًا فإن مؤنثها أرملة وأباترة وأدابرة: أما أرمل فواضح، وأما أباتر وأدابر فلا يحتاج هنا إلى ذكرهما إذ لم يدخلا في كلام الناظم، فإن علق على المنع على وزن أفعل، وإنما ذكرهما في شرح الكافية؛ لأنه علق المنع على وزن أصلي في الفعل أي: الفعل به أولى، ولم يخصه بأفعل. ولفظه فيها: ووصفٌ أصليٌّ ووَزْنٌ أُصِّلا ... في الفعْلِ تا أُنْثى بِهِ لن تُوصَلا ولهذا احترز أيضًا من يعمل ومؤنثه يعملة وهو الجمل السريع. الثاني الأولى تعليق الحكم على وزن الفعل الذي هو به أولى لا على وزن أفعل ولا الفعل مجردًا ليشمل نحو: أحيمر وأفيضل من المصغر فإنه لا ينصرف لكونه على الوزن المذكور نحو: أبيطر. ولا يرد نحو: بطل وجدل وندس فإن كل واحد منها وإن كان أصلًا في الوصفية وعلى وزن فعل   صرف الوصف المذكور لكن لو حذف لفظ وزن لكان أوضح, وأما قول البعض علة لمحذوف تقديره وإنما نسب هذا الوزن للفعل؛ لأن إلخ ففيه أنه لم يتقدم منه نسبة هذا الوزن إلى الفعل حتى يقال وإنما نسب إلخ, وفي بعض النسخ فإنه وزن الفعل به أولى وهو أوضح فتأمل. قوله: "لأن في أوله" اعترضه شيخنا والبعض فإن فيه ظرفية الشيء في نفسه فكان الأولى إسقاط في, ويمكن دفعه بأن المراد بالأول ما قابل الآخر فيكون من ظرفية الجزء في الكل. قوله: "على معنى في الفعل" وهو التكلم. قوله: "فكان ذلك" أي: وزن أفعل. قوله: "فإن أنث بالتاء إلخ" محترز قوله: ممنوع تأنيث بتا. قوله: "لضعف إلخ" علة لانصرف. قوله: "لأن تاء التأنيث" أي: المتحركة بحركة إعرابية فلا يرد المتحركة بحركة بنية في نحو: هند تقوم. قوله: "وأجاز الأخفش منعه" أي: نحو: أرمل. قوله: "نعم إلخ" استدراك على قوله نحو: أرمل. قوله: "عام أرمل" أي: قليل المطر والنفع كما في القاموس وحينئذٍ قد يقال الكلام في أرمل بمعنى فقير إلا أن يجاب بأن تقارب المعنيين كاتحادهما فتأمل. قوله: "وأباتر" من البتر وهو القطع وأدابر من الإدبار ضد الإقبال. قوله: "من يعمل" بوزن يفرح الجمل النجيب المطبوع ويقال للناقة النجيبة المطبوعة يعملة كما في القاموس. قوله: "الذي هو" أي: الفعل به أي: الوزن. قوله: "لكونه على الوزن المذكور" أي: الذي الفعل به أولى وإن لم يكن في حال التصغير على وزن أفعل. قوله: "أبيطر" الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 فالأَدْهَمُ القَيْدُ لكونِهِ وُضِعْ ... في الأَصْلِ وَصْفًا انصرافُهُ مُنِعْ وَأَجْدَلٌ وأَخْيَلٌ وأَفْعَى ... مصروفَةٌ وقد يَنَلنَ المَنَْعا   لكنه وزن مشترك فيه ليس الفعل أولى به من الاسم فلا اعتداد به ا. هـ "وألغين عارض الوصفية كأربع" في نحو: مررت بنسوة أربع فإنه اسم من أسماء العدد, لكن العرب وصفت به فهو منصرف نظرًا للأصل، ولا نظر لما عرض له من الوصفية، وأيضًا فهو يقبل التاء فهو أحق بالصرف من أرمل؛ لأن فيه مع قبول التاء كونه عارض الوصفية، وكذلك أرنب من قولهم: رجل أرنب أي: ذليل فإنه منصرف لعروض الوصفية إذ أصله الأرنب المعروف "وعارض الإسمية" أي: وألغ عارض الاسمية على الوصف، فتكون الكلمة باقية على منع الصرف للوصف الأصلي، ولا ينظر إلى ما عرض لها من الاسمية "فالأدهم القيد لكونه وضع في الأصل وصفًا انصرافه منع" نظرًا إلى الأصل وطرحًا لما عرض من الاسمية. تنبيه: مثل أدهم في ذلك أسود للحية العظيمة، وأرقم لحية فيها نقط كالرقم نظرًا إلى الأصل وطرحًا لما عرض من الاسمية "وأجدل" للصقر "وأخيل" لطائر ذي نقط كالخيلان يقال له الشقراق "وأفعى" للحية "مصروفة"؛ لأنها أسماء مجردة عن الوصفية في أصل الوضع   مضارع بيطر إذا عالج الدواب. قاموس. قوله: "وجدل" بفتح الدال وتكسر الصلب الشديد وندس كعضد وكتف السريع الاستماع لصوت خفي والفهم كذا في القاموس. قوله: "وألغينّ عارض الوصفيه" هذا تصريح بمفهوم قوله: أصلي ا. هـ. مرادي وإضافة عارض الوصفية من إضافة الصفة للموصوف, أو بمعنى من ومثلها إضافة عارض الاسمية. قوله: "وصفت به" أي: في قولهم مررت بنسوة أربع. قوله: "كونه عارض الوصفية" بخلاف أرمل بمعنى فقير فإنه متأصل الوصفية. قوله: "وكذلك أرنب" انظر هل تلحقه تاء التأنيث أولًا, وقد يؤخذ الثاني من اقتصاره في علة انصرافه على عروض الوصفية فحرره. قوله: "فالأدهم" إلى آخره البيت تفريع على قوله: وعارض الاسمية, وما قاله البعض غير مستقيم. قوله: "القيد" عطف بيان على الأدهم من تفسير الأخفى بالأجلى كما تقول البرّ القمح والعقار الخمر سندوبي. قوله: "وأرقم" مثله أبطح وهو مسيل واسع فيه دقاق الحصى وأجرع, وهو المكان المستوي وأبرق وهو أرض خشنة فيها حجارة ورمل وطين مختلطة. وذكر سيبويه أن العرب لم تختلف في منع صرف هذه الستة أعني أدهم وأسود وأرقم وأبطح وأجرع وأبرق ا. هـ. مرادي ويخالفه ما سيأتي في الشرح من أن بعض العرب يصرف الثلاثة الأخيرة. قوله: "كالخيلان" بكسر الخاء المعجمة وسكون الياء جمع خال وهو النقطة المخالفة لبقية البدن خالد. قوله: "الشقراق" فيه لغات ذكرها في القاموس منها الشقراق كقرطاس والشرقرق كسفرجل, قال: وهو طائر معروف مرقط بخضرة وحمرة وبياض ويكون بأرض الحرم. قوله: "لأنها أسماء مجردة عن الوصفية في أصل الوضع" أي: وفي الحال وإنما اقتصر الشارح على نفي وصفيتها في الأصل؛ لأنه المعتبر فهي أسماء في الأصل والحال كما في التوضيح. قال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ولا أثر لما يلمح في أجدل من الجدل وهو الشدة، ولا في أخيل من الخيول وهو كثرة الخيلان، ولا في أفعى من الإيذاء لعروضه عليهن "وقد ينلن المنعا" من الصرف لذلك وهو في أفعى أبعد منه في أجدل وأخيل؛ لأنهما من الجدل ومن الخيول كما مر. وأما أفعى فلا مادة لها في الاشتقاق لكن ذكرها يقارنه تصور إيذائها فأشبهت المشتق وجرت مجراه على هذه اللغة. ومما استعمل فيه أجدل وأخيل غير مصروفين قوله: 1026- كَأَنَّ العُقَيلِيِّينَ يَومَ لَقِيتُهُمْ ... فِراخُ القَطا لاقَينَ أجْدَلَ بازِيا وقول الآخر:   شيخنا وتبعه البعض: وبهذا فارقت نحو: أربع فإن أربع اسم في الأصل وصف في الحال وهذه أسماء لم تعرض لها الوصفية, ولكن يتخيل فيها الوصفية وكان منع صرف أربع أحق من منع صرفها, إلا أنه لم يرد فيه وورد فيها فقبل ا. هـ. وعلى هذا يكون قول المصنف: وأجدل إلخ كلامًا مستقلًا لا مفرعًا على قوله: وألغينّ عارض الوصفية لأن هذه الأسماء لم تعرض لها الوصفية غاية الأمر أن الوصفية تتخيل فيها فالعارض لها تخيل الوصفية لا نفس الوصفية, إذ لا يلزم من تخيل شيء تحققه, وحينئذٍ كان الأولى للشارح في تعليل صرفها أن يقول: بدل قوله لعروضه أي: لمح الوصفية عليهنّ لتجردها عن الوصفية رأسًا, وإن تخليت فيها ما مر عن شيخنا والبعض من توجيه عدم منع صرف أربع مع أنها أحق بالمنع من نحو: أجدل لا يصح توجيهًا بل هو تقرير للسؤال فتأمل. قوله: "لما يلمح" عبارة الفارضي وغيره لما يتخيل. قوله: "من الجدل" بسكون الدال. قوله: "وقد ينلن" أي: يعطين. قوله: "لذلك" أي: للوصفية الملموحة المنضمة إلى وزن أفعل فيكون أجدل بمعنى شديد وأخيل بمعنى متلوّن وأفعى بمعنى مؤذ كل ذلك على سبيل التخيل. قوله: "فلا مادة لها في الاشتقاق" أي: ليس لها مادة يتأتى اشتقاقها منها, وقيل من فوعان السمّ أي: حرارته فأصل أفعى فدخله القلب المكاني, ثم قلبت الواو ألفًا وقيل من فعوة السمّ أي: شدته وعليه فلا قلب مكانيا. قوله: "كأن العقيليين" بضم العين وقوله: لاقين بنون الإناث أي: فراخ القطا وقوله: أجدل أي: صقرًا وبازيًا صفته من بزي عليه إذا تطاول عليه ويجوز أن يريد بالبازي الطير المشهور ويكون عطفًا على أجدل بحذف العاطف للضرورة, قاله العيني وزكريا. قوله: "ذريني" أي: دعيني والواو بمعنى مع والشيمة الطبيعة والأخيل الشقراق, والعرب تتشاءم به يقال هو أشأم من أخيل قاله العيني   1026- البيت من الطويل، وهو للقطامي في ديوانه ص182؛ وشرح التصريح 2/ 214؛ والمقاصد النحوية 4/ 346؛ ولجعفر بن علبة الحارثي في المؤتلف والمختلف ص19؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 119؛ وجمهرة اللغة ص800؛ وشرح شواهد الإيضاح ص393؛ ولسان العرب 11/ 104. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 ومَنْعُ عدْلٍ مَعَ وصْفٍ مُعْتَبَرْ ... في لفظ مَثْنَى وثُلاثَ وأُخَرْ   1027- ذَرِيني وعلمي بالأمُورِ وشِيمَتي ... فما طائري يومًا عَلَيكِ بأخْيَلا وكما شذ الاعتداد بعروض الوصفية في أجدل وأخيل وأفعى, كذلك شذ الاعتداد بعروض الاسمية في أبطح وأجرع وأبرق فصرفها بعض العرب، واللغة المشهورة منعها من الصرف؛ لأنها صفات استغنى بها عن ذكر الموصوفات فيستصحب منع صرفها كما استصحب صرف أرنب وأكلب حين أجرى مجرى الصفات، إلا أن الصرف لكونه الأصل ربما رجع إليه بسبب ضعيف بخلاف منع الصرف فإنه خروج عن الأصل فلا يصار إليه إلا بسبب قوي "ومنع عدل مع وصف معتبر في لفظ مثنى وثلاث وأخر" منع مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى فاعله وهو عدل، والمفعول محذوف وهو الصرف ومعتبر خبره، وفي لفظ متعلق به: أي: مما يمنع الصرف اجتماع العدل والوصف وذلك في موضعين: أحدهما المعدول في العدد إلى مفعل نحو: مثنى أو فعال نحو: ثلاث والثاني في أخر المقابل لآخرين. أما المعدول في العدد فالمانع له عند سيبويه والجمهور العدل والوصف: فأحاد   وزكريا. قوله: "بعروض الوصفية إلخ" أي: بعروض تخيل الوصفية ليوافق ما قدمناه فتفطن. قوله: "وأكلب" مقتضى سياقه أنه اسم جنس جامد لكن قد يوصف به عروضًا لا أصالة مثل: أرنب ولم أقف على الجنس المسمى به بعد مراجعة القاموس وغيره فانظره. قوله: "إلا أن الصرف إلخ" يعني أن صرف نحو: أبطح ومنع صرف نحو: أجدل وإن كانا شاذين لكن شذوذ صرف نحو: أبطح أخف من شذوذ منع صرف نحو: أجدل. قوله: "ومنع عدل" العدل إخراج الكلمة عن صيغتها الأصلية لغير قلب, أو تخفيف أو إلحاق أو معنى زائد فخرج نحو: أيس مقلوب يئس وفخذ بإسكان الخاء مخفف فخذ بكسرها وكوثر بزيادة الواو إلحاقًا له بجعفر ورجيل بالتصغير لزيادة معنى التحقير, وفائدته تخفيف اللفظ وتمحضه للعلمية في نحو: عمر وزفر لاحتماله قبل العدل للوصفية, وهو تحقيقي إن دل عليه غير منع الصرف وتقديري إن لم يدل عليه إلا منع الصرف قاله الحفيد، ثم هو باعتبار محله أربعة أقسام؛ لأنه إما بتغيير الشكل فقط كجمع عند من قال إنه معدول عن جمع أو بالنقص فقط فيما عدل عن ذي أل وهو سحر وأمس وكذا أخر في قول أو بالنقص وتغيير الشكل كعمر أو بالزيادة والنقص وتغيير الشكل كحذام ومثلث. قوله: "مع وصف" متعلق بمحذوف نعت عدل. قوله: "والثاني في أخر" الأولى إسقاط في؛ لأن الموضع الثاني نفس أخر وقوله: المقابل آخرين سيأتي محترزه في التنبيه الأول وهو صريح في أن أخر وصف لجماعة الإناث؛ لأن أخر جمع أخرى وأنه ضد آخرين الذي هو وصف لجماعة الذكور؛ لأن آخرين جمع آخر وأما نحو   1027- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص271؛ وشرح التصريح 2/ 214؛ وشرح شواهد الإيضاح ص392؛ ولسان العرب 11/ 230 "خيل"؛ والمقاصد النحوية 4/ 348؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص300؛ وأوضح المسالك 4/ 120. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وموحد معدولان عن واحد واحد وثناء ومثنى معدولان عن اثنين اثنين وكذلك سائرها، وأما الوصف؛ فلأن هذه الألفاظ لم تستعمل إلا نكرات إما نعتًا نحو: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1] ، وإما حالًا نحو: قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] ، وإما خبرًا نحو: صلاة الليل مثنى مثنى. وإنما كرر لقصد التأكيد لا لإفادة التكرير. ولا تدخلها أل. قال في الارتشاف: وإضافتها قليلة. وذهب الزجاج إلى أن المانع لها العدل في اللفظ وفي المعنى: أما في اللفظ فظاهر وأما في المعنى فلكونها تغيرت عن مفهومها في الأصل إلى إفادة معنى التضعيف. ورد بأنه لو كان المانع من صرف أحاد مثلًا عدله عن لفظ واحد وعن معناه إلى معنى التضعيف للزم أحد أمرين: إما منع صرف كل اسم يتغير عن أصله لتجديد معنى فيه كأبنية المبالغة وأسماء الجموع، وإما ترجيح أحد المتساويين على الآخر واللازم منتف باتفاق، وأيضًا كل ممنوع   فعدة من أيام أخر فلتأوله بالجماعات. قوله: "معدولان عن واحد واحد" أي: لأن المقصود التقسيم ولفظ المقصود مكرر أبدًا نحو: جاء القوم رجلًا رجلًا فلما وجدنا أحاد غير مكرر لفظًا, مع أن المقصود التقسيم كما علمت حكمنا بأن أصله لفظ مكرر, ولم يأت بمعناه إلا واحد واحد فحكم بأنه أصله, وكذا يقال في الباقي أفاده الدماميني. قوله: "وأما الوصف إلخ" مقابل لقوله: فأحاد وموحد معدولان إلخ؛ لأنه في قوة أن يقال أما العدل؛ فلأن أحاد إلخ أي: أما بيان العدل فأحاد إلخ وأما بيان الوصف إلخ. ولو قال الوصفية لكان أوضح. قوله: "لم تستعمل إلا نكرات إما نعتًا إلخ" أي: فتكون أوصافًا أصالة قال السيد: الوصفية في ثلاث مثلا أصلية؛ لأنه معدول عن ثلاثة ثلاثة وهذا المكرر لم يستعمل إلا وصفًا, فكذا المعدول إليه وهو ثلاث وإن لم تكن الوصفية في أسماء العدد واحد اثنان إلخ أصلية. قوله: "إما نعتًا إلخ" علم منه ما صرح به الفارضي من أنه لا بد أن يتقدمها شيء. قوله: "وإنما كرر إلخ" أي: فلا يرد أن مثنى يفيد التكرير فأي: فائدة في إعادته, وقوله: لا لإفادة التكرير أي: لا لتأسيس معنى زائد هو التكرير لحصوله بمثنى الأول. قوله: "ولا تدخلها أل" وادعى الزمخشري أنها تعرف فقال: يقال فلان ينكح المثنى والثلاث. قال أبو حيان: ولم يذهب إليه أحد وكما لا تعرف لا تؤنث فلا يقال مثناة مثلًا قاله الفارضي. قوله: "وذهب الزجاج إلخ" المعدول عنه على مذهبه إلى أحاد وموحد واحد وإلى ثناء ومثنى اثنان, وهكذا كما سيشير إليه الشارح بخلافه على المذهب الأول فواحد واحد واثنان اثنان وهكذا. قوله: "كأبنة المبالغة" نحو: ضرّاب فإنه تغير عن ضارب لإفادة معنى جديد وهو التكثير. قوله: "وأسماء الجموع" ليس المراد بها أسماء الجموع المعروفة كقوم ورهط إذ لا تغيير فيها, بل المراد الجموع نفسها فالإضافة للبيان أفاده زكريا, فالجمع تغير عن الواحد لإفادة معنى جديد وهو التعدد. قوله: "ترجيح أحد المتساويين" أي: في التغيير لإفادة معنى جديد على الآخر ومراده بأحدهما المعدود في العدد وبالآخر غيره كأبنية المبالغة والجموع. قوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   من الصرف لا بد أن يكون فيه فرعية في اللفظ وفرعية في المعنى، ومن شرطها أن يكون من غير جهة فرعية اللفظ ليكمل بذلك الشبه بالفعل، ولا يتأتى ذلك في أحاد إلا أن تكون فرعيته في اللفظ بعدله عن واحد المضمن معنى التكرار، وفي المعنى بلزومه الوصفية, وكذا القول في أخواته. وأما أخر فهو جمع أخرى أنثى آخر بفتح الخاء بمعنى مغاير فالمانع له أيضًا العدل والوصف: أما الوصف فظاهر, وأما العدل فقال أكثر النحويين: إنه معدول عن الألف واللام؛ لأنه من باب أفعل التفضيل فحقه ألا يجمع إلا مقرونًا بأل، والتحقيق أنه معدول عما كان يستحقه من استعماله بلفظ ما للواحد المذكر بدون تغير معناه، وذلك أن آخر من باب أفعل التفضيل فحقه أن لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث إلا مع الألف واللام أو الإضافة فعدل في تجرده منهما, واستعماله لغير الواحد المذكر عن لفظ آخر إلى لفظ التثنية   "ولا يتأتى ذلك" أي: الشرط المذكور للفرعية في المعنى وهو كونها من غير جهة الفرعية في اللفظ, وقوله: إلا أن تكون إلخ أي: لأن الجهة على ما ذكره الزجاج واحدة وهي العدل. قوله: "واحد المضمن معنى التكرار" يعني واحدًا المكرر أي: عن واحد واحد زكريا. قوله: "بمعنى مغاير" أي: باعتبار الحال وإلا فمعنى آخر في الأصل أشد تأخرًا, وكان في الأصل معنى جاء زيد ورجل أشد تأخيرًا في معنى من المعاني, ثم نقل إلى معنى غير فمعنى رجل آخر رجل غير زيد. دماميني. قوله: "أما الوصف فظاهر" لأنه اسم تفضيل بمعنى مغاير باعتبار الحال, وبمعنى أشد تأخرًا باعتبار الأصل كما مر, وعلى كل فهو وصف والظاهر أن صوغه من تأخر فهو اسم تفضيل مصوغ من خماسي شذوذًا. قوله: "عن الألف واللام" أي: عن ذي الألف واللام ولا ينافي ذلك أنه نكرة فكيف يكون معدولًا عن معرفة؛ لأنه لا يلزم في المعدول عن الشيء أن يكون بمعناه من كل وجه خلافًا للفارسي. دماميني. قوله: "إلا مقرونًا بأل" أي: أو مضافًا إلى معرفة. قوله: "والتحقيق إلخ" فأخر على الأول معدول عن الآخر, وعلى هذا عن آخر بالإفراد والتذكير, ولعلّ وجه كون هذا القول هو التحقيق تطابق المعدول والمعدول عنه عليه تنكيرًا فتدبر. قوله: "عما كان يستحقه" أي: عن استعمال كان يستحقه بدليل قوله من استعماله إلخ, وقوله: بلفظ ما للواحد المذكر الإضافة للبيان أي: بلفظ هو اللفظ الذي للواحد المذكر, هكذا ينبغي تقرير عبارته لا كما قررها البعض, وكلامه صريح في أن المعدول عنه الاستعمال المذكور مع أنه لفظ الواحد المذكر, فلو قال والتحقيق أنه معدول عما كان يستحقه من لفظ الواحد المذكر لكان أخصر وأولى. وقوله: بدون تغير معناه حال من لفظ أو من ما أي: حالة كون لفظ الواحد المذكر لم يغير معناه الذي هو الواحد المذكر. قوله: "وذلك" أي: وبيان ذلك. قوله: "أو الإضافة" أي: إلى معرفة. قوله: "فعدل في تجرده" أي: في حالة هي تجرده إلخ. فإن قلت: يجوز أن يكون بتقدير الإضافة قلت: لا؛ لأن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والجمع والتأنيث بحسب ما يراد به من المعنى، فقيل عندي رجلان آخران ورجال آخرون وامرأة أخرى ونساء أخر، فكل من هذه الأمثلة صفة معدولة عن آخر, إلا أنه لم يظهر أثر الوصفية والعدل إلا في أخر؛ لأنه معرب بالحركات بخلاف آخران وآخرون، وليس فيه ما يمنع من الصرف غيرهما بخلاف أخرى فإن فيها أيضًا ألف التأنيث. فلذلك خص أخر بنسبة اجتماع الوصفية والعدل إليه وإحالة منع الصرف إليه، فظهر أن المانع من صرف أخر كونه صفة معدولة عن آخر مرادًا به جمع المؤنث؛ لأن حقه أن يستغنى فيه بأفعل عن فعل؛ لتجرده من أل, كما يستغنى بأكبر عن كبر في قولهم: رأيتها مع نساء أكبر منها. تنبيهان: الأول قد يكون أخر جمع أخرى بمعنى آخرة فيصرف لانتفاء العدل؛ لأن مذكرها آخر بالكسر بدليل: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 47] ، {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ} [العنكبوت: 20] ، فليست من باب أفعل التفضيل, والفرق بين أخرى أنثى آخر وأخرى بمعنى آخرة أن تلك لا تدل على الانتهاء ويعطف عليها مثلها من جنسها، نحو: جاءت امرأة أخرى وأخرى، وأما أخرى بمعنى آخرة فتدل على الانتهاء, ولا يعطفع عليها مثلها من جنس واحد وهي المقابلة لأولى في قوله تعالى: {قَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ} [الأعراف: 39] ، إذا عرفت ذلك فكان ينبغي أن يحترز عن هذه كما فعل في الكافية فقال:   المضاف إليه لا يحذف إلا إذا جاز إظهاره, ولا يجوز إظهاره هنا نقله الدماميني عن الرضي. وانظر وجه عدم جواز إظهاره, ولعله كونه يؤدي إلى وصف النكرة بالمعرفة في نحو: مررت بنساء ونساء أخر لكن يرد أنه بمعنى مغايرات فلا تفيده الإضافة تعريفًا, إلا أن يقال كونه بمعناه لا يقتضي أنه في حكمه من كل وجه فتأمل. قوله: "عن لفظ آخر" فيه إقامة الظاهر مقام المضمر إذ المعنى عدل في تجرد آخر عن لفظه إلى لفظ المثنى والمجوع والمؤنث. زكريا ولعل نكتة الإظهار طول الفصل. قوله: "لم يظهر أثر إلخ" فيه دلالة ظاهرة على أن جميع هذه الصيغ توصف بمنع الصرف, وإن لم يظهر أثره إلا في المعرب بالحركات فمنع الصرف عنده لا يختص بالمعرب بالحركات بل بالمختص به ظهور أثره كذا في سم. قوله: "فإن فيها أيضًا ألف التأنيث" أي: وهي تستقل بالمنع فاعتبرت؛ لأنها أوضح من الوصفية والعدل كما في زكريا. قوله: "مرادًا به جمع المؤنث" حال من آخر بفتح الهمزة, وفي هذا القيد دفع لما أورد من أن آخر يصلح للواحد والمثنى والجمع وأخر لا يصلح إلا للجمع فكيف يكون معدولًا عنه, ووجه الدفع أنه معدول عن آخر بمعنى الجماعة لا مطلقًا. قوله: "بدليل وأن عليه إلخ" مرتبط بقوله: بمعنى آخرة, ووجه الدلالة أنه وصف النشأة في هذه الآية بالأخرى وبالآخرة في الآية الثانية, وذلك يدل على أن معناهما واحد. قوله: "والفرق" أي: من جهة المعنى. قوله: "مثلها من جنسها" فلا يقال عندي رجل وحمار آخر ولا إمرأة أخرى, كذا قال شيخنا, فالمراد بالجنس الصنف. قوله: "ولا يعطف عليها مثلها" لأن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 ووَزْنُ مَثْنَى وثُلاثَ كَهُمَا ... من واحِدٍ لأَرْبَعٍ فليُعْلَما   ومَنْعَ الوَصْفُ وعَدْلٌ أُخَرَا ... مُقابِلًا لآخَرينَ فاحْصُرا الثاني: إذا سمي بشيء من هذه الأنواع الثلاثة -وهي ذو الزيادتين وذو الوزن وذو العلد- بقي على منع الصرف؛ لأن الصفة لما ذهبت بالتسمية خلفتها العلمية "ووزن مثنى وثلاث كهما من واحد لأربع فليعلما" يعني ما وازن مثنى وثلاث من ألفاظ العدد المعدول من واحد إلى أربع فهو مثلهما في امتناع الصرف للعدل والوصف تقول: مررت بقوم موحد وأحاد، ومثنى وثناء، ومثلث وثلاث، ومربع ورباع، وهذه الألفاظ الثمانية متفق عليها؛ ولهذا اقتصر عليها. قال في شرح الكافية: وروي عن بعض العرب مخمس وعشار ومعشر ولم يرد غير ذلك. وظاهر كلامه في التسهيل أنه سمع فيها خماس أيضًا واختلف فيما لم يسمع على ثلاثة مذاهب: أحدها أنه يقاس على ما سمع وهو مذهب الكوفيين والزجاج ووافقهم الناظم في بعض نسخ التسهيل وخالفهم في بعضها. الثاني لا يقاس بل يقتصر على المسموع وهو مذهب جمهور البصريين. الثالث أنه يقاس على فعال لكثرته لا على مفعل. قال الشيخ أبو حيان: والصحيح أن البناءين مسموعان من واحد إلى عشرة، وحكى البناءين أبو عمرو الشيباني، وحكى أبو حاتم وابن السكيت من أحاد إلى عشار ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.   الانتهاء الحقيقي لا يتعدد بخلاف معنى المغايرة فيتعدد سم. قوله: "مقابلًا لآخرين" بفتح الخاء بمعنى مغايرين ومنه قوله تعالى: {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] ، واحترز به عن آخر مقابل آخرين بكسر الخاء في نحو: يجمع الله الأولين والآخرين. وقوله: فاحصرا أي: احصر منع صرف آخر في أخر المقابل لآخرين بفتح الخاء. قوله: "خلفتها العلمية" فإذا نكر بعد أن سمي به فذهب الخليل وسيبويه إلى أنه لا ينصرف؛ لأنك رددته إلى حال كان لا ينصرف فيها. وذهب الأخفش إلى أنه ينصرف؛ لأن الوصفية قد انتقلت عنه بالعلمية وسيأتي ذلك. قوله: "ووزن" أي: موازن كما أشار إليه الشارح, وقوله: كهما فيه جر الكاف للضمير. وتقدم أنه شاذ فالأولى جعلها اسمًا بمعنى مثل مضافًا إلى الضمير, وقوله: من واحد متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في الخبر أي: حالة كونه مأخوذًا من واحد وقول شيخنا: أنه بيان لوزن بمعنى موازن غير صحيح. قوله: "متفق عليها" أي: على ورودها عن العرب بدليل ما يأتي. قوله: "إلى عشرة" الغاية داخلة بقرينة ما سبق وما يأتي, وقولهم: الصحيح أن الغاية بإلى خارجة محله إذا لم تقم قرينة على دخولها, وأما قول شيخنا السيد: الغاية خارجة ولذا عبر بإلى وأما العشرة فغير مسموع صوغ فعال ومفعل منها, كما قاله العصام فهو مخالف لما في الشرح. قوله: "وحكى وأبو حاتم وابن السكيت من أحاد إلى عشار" ولم يتعرضا لسماع موحد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيه: قال في التسهيل: ولا يجوز صرفها, يعني أخر مقابل آخرين وفعال ومفعل في العدد مذهوبًا بها مذهب الأسماء خلافًا للفراء, ولا مسمى بها خلافًا لأبي علي وابن برهان، ولا منكرة بعد التسمية بها خلافًا لبعضهم ا. هـ. أما المسألة الأولى فالمعنى أن الفراء أجاز: أدخلوا ثلاث ثلاث وثلاثًا ثلاثًا وخالفه غيره وهو الصحيح. وأما الثانية فقد تقدم التنبه عليها   إلى معشر ولهذا أخر حكايتهما عن حكاية أبي عمرو الشيباني. قوله: "مذهوبًا بها مذهب الأسماء" أي: المنكرة أو الجامدة على الوجهين الآتيين عاجلًا في كلام الدماميني, وعلى الأول اقتصر في الهمع. قوله: "خلافًا للفراء" أي: فإنه زعم أن هذه الألفاظ منعت الصرف للعدل والتعريف بنية أل وأنه يجوز جعلها نكرة, ويذهب بها مذهب الأسماء المنصرفة, وظاهر تقريرهم المذكور عن الفراء أن يقال: إنها تصرف بناء على كونها أسماء نكرات وأنها في حالة المنع معارف. وكلام المصنف يقتضي أن الفراء يرى أنها حال منع الصرف صفات وحال الصرف أسماء, وأنها على حالة واحدة بالنسبة إلى التعريف والتنكير. دماميني. ورد قول الفراء بمجيئها أحوالًا وصفات للنكرات. قوله: "ولا مسمى بها خلافًا لأبي علي وابن برهان" أي: لأن الصفة لما ذهبت خلفتها العلمية, وما نقله عن أبي علي وابن برهان نقله في التصريح عن الأخفش وأبي العباس وغيرهما, وعبارته وقال الأخفش في المعاني وأبو العباس: إنه لو سمي بمثنى أو أحد أخواته انصرف؛ لأنه إذا كان اسمًا فليس في معنى اثنين اثنين وثلاثة وثلاثة وأربعة أربعة, فليس فيه إلا التعريف خاصة, وتبعهما على ذلك الفارسي وارتضاه ابن عصفور وردّ بأن هذا مذهب لا نظير له إذ لا يوجد بناء ينصرف في المعرفة ولا ينصرف في النكرة, وإنما المعروف العكس. وعبارة الفارسي في التذكرة تخالف هذا فإنه قال: الوصف يزول فيخلفه التعريف الذي للعلم والعدل قائم في الحالين جميعًا ا. هـ. وحجة الجمهور أن شبه الأصل من العدل حاصل والعلمية محققة فسبب المنع موجود فالوجه امتناع الصرف ا. هـ. قوله: "فالمعنى أن الفراء إلخ" مراد الشارح تصوير الذهاب بها مذهب الأسماء, وأما ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من أنه لما كان كلام التسهيل يقتضي أن الفراء يوجب صرفها لكونه جوازًا مقابلًا للمنع وهو يقتضي الوجوب, مع أن مذهب الفراء في الواقع جواز كل من الصرف وعدمه احتاج الشارح إلى بيانه بقوله: فالمعنى إلخ, فيردّ بأن الجواز الذي قالوا إنه يقتضي الوجوب هو جواز الشيء شرعًا بعد امتناعه شرعًا لا مطلق الجواز في مقابلة مطلق المنع كما في هذا المقام, ألا ترى أنه لا يفهم من مقابلة منع الصرف بجوازه وجوبه فدعوى اقتضاء كلام التسهيل إيجاب الفراء صرفها غير مسلمة. قوله: "فقد تقدم التنبيه عليها" أي: في قوله إذا سمي بشيء من هذه الأنواع إلخ. قوله: "لجمع" اعترض بأن الجمعية ليست شرطًا كما صرح به السيوطي وغيره, بل كل ما كان على هذين الوزنين, واستوفى الشروط المذكورة في الشرح منع صرفه وإن فقدت الجمعية, فكان الأولى أن يقول للفظ ويجاب بأن الجمع في كلامه تمثيل لا تقييد, بدليل قوله: ولسراويل إلخ, وإنما آثر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 وكن لجمع مشبه مفاعلا ... أو المفاعيل بمنع كافلا   "وكن لجمع مشبه مفاعلًا أو المفاعيل بمنع كافلًا" كافلًا خبر كن، وبمنع متعلق بكافلًا، وكذا الجمع، ومفاعل مفعول بمشبه: يعني أن مما يمنع من الصرف الجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل أي: في كون أوله مفتوحًا وثالثه ألفًا غير عوض يليها كسر غير عارض ملفوظ أو مقدر على أول حرفين بعدها ثلاثة أوسطها ساكن غير منوي به وبما بعده الانفصال، فإن الجمع متى كان بهذه الصفة كان فيه فرعية اللفظ بخروجه عن صيغ الآحاد العربية وفرعية المعنى بالدلالة على الجمعية فاستحق منع الصرف. ووجه خروجه عن صيغ الآحاد العربية أنك لا تجد مفردًا ثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة إلا وأوله مضموم كعذافر، أو ألفه عوض من إحدى ياءي النسب إما تحقيقًا كيمان وشآم فإن أصلهما يمني وشآمي، فحذفت إحدى الباءين وعوض عنها الألف، أو تقديرًا نحو: تهام وثمان فإن ألفهما موجودة قبل، وكأنهم نسبوا إلى فعل أو فعل ثم حذفوا إحدى الياءين وعرضوا عنها الألف, أو ما يلي الألف غير   الجمع بالتمثيل؛ لأنه الغالب في الوزنين. قوله: "مشبه مفاعلًا" أي: في الحال كمساجد أو في الأصل كعذارى إذ أصله عذارى بكسر الراء وتحريك الياء قلبت الكسرة فتحة والياء ألفًا كما يأتي. قوله: "بمنع" أي: لصرفه فصلة منع محذوفة لدلالة المقام عليها. قوله: "أي: في كون أوله مفتوحًا" خرج به نحو: عذافر وبقوله ثالثه ألفًا غير عوض أي: من إحدى ياءي النسب تحقيقًا أو تقديرًا نحو: يمان وشآم ونحو: تهام وثمان, وبقوله: يليها كسر خرج نحو: براكاء وتدارك وبقوله: غير عارض خرج نحو: تدان وتوان وبقوله: أوسطها ساكن خرج ملائكة وبقوله: غير منوي به وبما بعده الانفصال أي: بأن يكونا غير ياءي النسب بأن يكون الثالث غير ياء كمصابيح أو ياء من بنية الكلمة بأن يكون سابقًا على ألف التكسير ككرسي وكراسي خرج نحو: رباحي وجواري, وجملة الشروط ستة كذا قال شيخنا وتبعه البعض. وفيه أن هذه الأمور المخرجة لم تدخل في موضوع المسألة حتى تخرج بهذه القيود؛ لأن موضوع المسألة الجمع والأمور المخرجة مفردات. والجواب ما علم مما مر أن الجمع مثال لا قيد والمراد الجمع وكل لفظ على أحد الوزنين. قوله: "فإن الجمع متى كان إلخ" تعليل لقوله: مما يمنع من الصرف الجمع إلخ ولا حاجة لجعله تعليلًا لمحذوف كما زعم البعض. قوله: "كعذافر" هو بمهملة فمعجمة الجمل الشديد واسم من أسماء الأسد. قوله: "كيمان وشآم" بحذف الياء المخففة الساكنة؛ لالتقاء الساكنين هي والتنوين. قوله: "فحذفت إحدى الياءين وعوض عنها الألف" أي: وفتحت همزة شآم لتناسب الألف. قوله: "أو تقديرًا" قال شيخنا: هو مسلم في تهامى أما ثمان ففيه أن الجوهري قال: إنه منسوب حقيقة كما يأتي ا. هـ. قال الدماميني: والذي دعاهم إلى تقدير نسب نحو: تهام سماعه مصروفًا, فإنهم قالوا: رأيت تهاميا بتخفيف الياء والتنوين فلولا أنه على تقدير النسب لمنع الصرف, وإن كان مفردًا كما منع سراويل ولم يجعلوه كجوار في منع الصرف وجعل التنوين عوضًا؛ لأنه ليس من المنقوص. قوله: "موجودة قبل" أي: قبل ياء النسب. قوله: "وكأنهم نسبوا إلخ" أي: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مكسور بالأصالة بل إما مفتوح كبرا كاء، أو مضموم كتدارك، أو عارض الكسر لأجل الاعتلال كتدان وتوان، ومن ثم صرف نحو: عبال جمع عبالة؛ لأن الساكن الذي يلي الألف فيه لا حظ له في الحركة. والعبالة الثقل يقال ألقى عبالته أي: ثقله، أو يكون ثاني الثلاثة متحرك الوسط كطواعية وكراهية، ومن ثم صرف نحو: ملائكة وصيارفة، أو هو والثالث عارضان للنسب منوي بهما الانفصال، وضابطه أن لا يسبقا الألف في الوجود سواء كانا مسبوقين بها كرباحي وظفاري، أو غير منفكين كحواري وهو الناصر وحوالي وهو المحتال   فليس هو على النسب حقيقة كما صرّح به ابن الناظم, لكن في كلام الجوهري ما يخالفه حيث قال: وهو يعني ثمان في الأصل منسوب إلى الثمن؛ لأنه الجزء الذي صير السبعة ثمانية فهو ثمنها, ثم فتحوا أوله؛ لأنهم يغيرون في النسب كما قالوا: دهري وسهلي, وحذفوا منه إحدى ياءي النسب وعوضوا منها الألف كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن فتثبت ياؤه عند الإضافة, كما تثبت ياء القاضي فتقول: ثماني نسوة وثماني مائة كما تقول: قاضي عبد الله, وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر وتثبت عند النصب؛ لأنه ليس بجمع فيجري مجرى جوار وسوار في ترك الصرف, وما جاء في الشعر غير مصروف فهو على التوهم ا. هـ. عبد القادر المكي وقوله: فيجري إلخ تفريع على المنفي بالميم. قوله: "إلى فعل" أي: بفتح العين كما نسبوا إلى يمن أو فعل أي: بسكونها كما نسبوا إلى شأم. قوله: "أو ما يلي الألف إلخ" عطف على قوله: وأوله مضموم وكذا ما يأتي. قوله: "كبراكاء" بالمد والهمز الثبات في الحرب ا. هـ. زكريا ومراده أنه ليس مما منع صرفه لكونه على وزن منتهى الجموع وإن كان مما منع صرفه لألف التأنيث الممدودة. قوله: "كتدان وتوان" أصلهما تدانى وتوانى بضم النون فيهما قلبت الضمة كسرة لتناسب الياء وأعلا إعلال قاض. قوله: "ومن ثم إلخ" أي: من أجل وجود غير كسر تالي الألف أصالة في غير وزن منتهى الجموع. قوله: "لا حظ له في الحركة" أي: لأنه ليس له أصل يرجع إليه في ذلك بخلاف نحو: دواب فإنه من دب والماضي أصل عينه التحريك. قوله: "متحرك الوسط" ينبغي حذف الوسط كما في عبارة التصريح؛ لأن الثاني هو الوسط لا شيء له وسط كما هو ظاهر. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل وجود تحرك ثاني الثلاثة في غير وزن منتهى الجموع. قوله: "أو هو" أي: الثاني وقوله: للنسب أي: تحقيقًا كما في رباحي وظفاري أو تقديرًا كما في جواري وحوالي فالياء فيهما ملحقة بياء النسب؛ لأنهما سمعا مصروفين فقدر فيهما النسب, وإن لم يكونا منسوبين حقيقة, وقوله: منوي بهما الانفصال صفة لازمة لعارضان للنسب. قوله: "وضابطه" أي: العروض للنسب أن لا يسبقا الألف في الوجود بأن سبقتهما الألف أو قارناها لبناء الكلمة على الجميع, فالأول ما أشار إليه بقوله: مسبوقين بها, والثاني ما أشار إليه بقوله: أو غير منفكين. قوله: "كرباحي" نسبة إلى رباح بلد يجلب منه الكافور وظفاري نسبة إلى ظفار بوزن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بخلاف نحو: قماري وبخاتي فإنه بمنزلة مصابيح، وقد ظهر من هذا أن زنة مفاعل ومفاعيل ليست إلا لجمع أو منقول من جمع كما سيأتي. وقد دخل بذكر التقدير نحو: دواب فإنه غير منصرف؛ لأن أصله دوابب فهو على وزن مفاعل تقديرًا. تنبيهات: الأول لا فرق في منع ما جاء على أحد الوزنين المذكورين بين أن يكون أوله ميمًا نحو: مساجد ومصابيح أو لم يكن نحو: دراهم ودنانير. الثاني: اشتراط كسر ما بعد الألف مذهب سيبوبه والجمهور. قال في الارتشاف: وذهب الزجاج إلى أنه لا يشترط ذلك فأجاز في تكسير هَبَيّ أن يقال هباي بالإدغام أي: ممنوعًا من الصرف. قال: وأصل الياء عندي السكون ولولا ذلك لأظهرتها. الثالث: اتفقوا على أن إحدى العلتين هي الجمع واختلفوا في العلة الثانية, فقال أبو علي: هي خروجه عن صيغ الآحاد وهذا الرأي هو الراجح, وهو معنى قولهم: إن هذه الجمعية قائمة مقام علتين. وقال قوم: العلة الثانية تكرار الجمع   قطام مدينة باليمن ا. هـ. زكريا. قوله: "بخلاف قماري وبخاتي" أي: ونحوهما ككراسي فالياء المشددة في نحو: قماري موجودة قبل ألف الجمع؛ لأنها وجدت في المفرد نحو: قمري وهو سابق على الجمع. فائدة: لو نسبت إلى نحو: قماري صرفت المنسوب؛ لأن هذه الياء الموجودة في المنسوب إليه تحذف ويؤتى بياء النسب وهي لا تؤثر المنع كما قاله الدماميني. قوله: "فإنه بمنزلة مصابيح" أي: في سبق الثاني والثالث على الألف. لا يقال ياء مصابيح لم تكن في المفرد حتى تكون سابقة على ألف الجمع؛ لأنا نقول هي بدل ألف مصباح وللبدل حكم المبدل. قوله: "وقد ظهر من هذا" أي: من عدم وجود مفرد عربي على زنة مفاعل أو مفاعيل بالشروط المذكورة, وقوله: أو منقولة من جمع فيه أنه لم يتعرض فيما مر للمنقول من جمع فكيف قال وقد ظهر من هذا إلخ إلا أن يقال: المراد من قوله سابقًا أنك لا تجد مفردًا أي: أصالة فيكون فيه إشارة إلى وجود المفرد بالنقل فتأمل وقوله كما سيأتي أي: في قوله: وإن به سمي إلخ فهو راجع للثاني فقط. قوله: "وقد دخل بذكر التقدير" أي: في قوله: نعتًا لكسر ملفوظ أو مقدر. قوله: "هبيّ" بفتح الهاء والباء والموحدة وتشديد التحتية: الصبي الصغير والأنثى هبية كذا في القاموس. قوله: "ولولا ذلك لأظهرتها" أي: بالفك لكونها متحركة حينئذٍ فكان يقال هبابي, واعترضه سم بأن اجتماع المثلين في كلمة يوجب الإدغام, وإن كان أولهما متحركًا كما في دواب ونحوه, وأجاب يس بأن الياء لو ظهرت لقيل هبايا لما ستعرفه من قول المصنف: والمد زيد ثالثًا في الواحد ... همزًا يرى في مثل كالقلائد وافتح ورد الهمز يا فيما أعل. وإذا قيل هبايا لم يحصل الإدغام, وفيه عندي نظر وإن أقره غيره لعدم دخول نحو: هبي في قول المصنف: والمد إلخ؛ لأن ثالثه ليس مدا وإن كان لينًا. قوله: "وهو معنى قولهم إلخ" أي: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تحقيقًا أو تقديرًا فالتحقيق نحو: أكالب وأراهط إذ هما جمع أكلب وأرهط، والتقدير نحو: مساجد ومنابر فإنه وإن كان جمعًا من أول وهلة لكنه بزنة ذلك المكرر, أعني أكالب وأراهط فكأنه أيضًا جمع جمع، وهذا اختيار ابن الحاجب. واستضعف تعليل أبي علي بأن أفعالًا وأفعلا نحو: أفراس وأفلس جمعان ولا نظير لهما في الآحاد وهما مصروفان، والجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه: الأول أن أفعالًا وأفعلا يجمعان نحو: أكالب وأناعم في أكلب وأنعام. وأما مفاعل ومفاعيل فلا يجمعان، فقد جرى أفعال وأفعل مجرى الآحاد في جواز الجمع، وقد نص الزمخشري على أنه مقيس فيهما. الثاني أنهما يصغران على لفظهما كالآحاد نحو: أكيلب وأنيعام، وأما مفاعل ومفاعيل فإنهما إذا صغرا ردا إلى الواحد أو إلى جمع القلة, ثم بعد ذلك يصغران. الثالث أن كلا من أفعال وأفعل له نظير من الآحاد يوازنه في الهيئة وعدة الحروف، فأفعال نظيره -في فتح أوله وزيادة الألف رابعة- تفعال نحو: تجوال وتطواف، وفاعال نحو: ساباط وخاتام، وفعلال نحو: صلصال وخزعال. وأفعال نظيره   الخروج أي: مع الدلالة على الجماعة معنى قولهم إلخ. ولك أن تقول يحتمل قولهم المذكور أن العلة الثانية تكرارًا الجمع كما هو اختيار ابن الحاجب. قوله: "من أول وهلة" قال في المصباح: يقال لقيته أول وهلة أي: أول كل شيء. قوله: "ولا نظير لهما في الآحاد" أي: فلو كانت العلة الثانية الخروج عن صيغ الآحاد لمنعا من الصرف. قوله: "فلا يجمعان" أي: جمع تكسير وإلا فقد يجمعان جمع تصحيح كقولهم في نواكس نواكسون, وفي أيامن أيامنون وكقولهم في حدائد: حدائدات وفي صواحب صواحبات, قاله الشارح في آخر باب التكسير. قوله: "فقد جرى أفعال وأفعل إلخ" فإن قلت: هذا لا يدفع الاعتراض؛ لأن هذا لا يقتضي أن لهما نظيرًا في الآحاد قلت: حاصل الجواب أن مرادنا بالخروج عن صيغ الآحاد الخروج عن صيغها لفظًا وحكمًا وأفعال وأفعل لم يخرجا عن حكم الآحاد لجواز جمعهما كالآحاد, وكذا يقال في الجواب الثاني ا. هـ. هندي. قوله: "وقد نص الزمخشري إلخ" أي: فليس في جمع أكلب وأنعام على أكالب وأناعم شذوذ حتى يضعف به الوجه الأول. قوله: "على أنه" أي: الجمع على مفاعل. قوله: "وأنيعام" بالألف لما سيأتي في قول الناظم: كذاك ما مدة أفعال سبق إلخ, فلا يقال أنيعيم بقلب الألف ياء بل تبقى الألف. قوله: "أو إلى جمع القلة" قال شيخنا: لعله أراد ما يشمل جمعي التصحيح فإنهما من جموع القلة, فتقول في تصغير مساجد: مسيجدات. قوله: "الثالث" محصله عدم تسليم خروجهما عن صيغ الآحاد لفظًا بإثبات نظائر لهما من الآحاد في الهيئة وعدة الحروف وإن لم تكن مبدوءة بالهمزة مثلهما فكان الأولى تقديمه على الجوابين الأولين؛ لأن محصلهما تسليم خروجهما عن صيغ الآحاد لفظًا وعدم إثبات خروجهما عنها حكمًا. قوله: "تجوال وتطواف" مصدران لجال وطاف وقيل لتجول وتطوف. قوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 وذا اعْتِلالٍٍ مِنْهُ كالجَوارِي ... رَفْعًا وجَرًّا أَجْرِهِ كَسارِي   في فتح أوله وضم ثالثه تفعل نحو: تتفل وتنضب، ومفعل نحو: مكرم ومهلك، على أن ابن الحاجب لو سئل عن ملائكة لما أمكنه أن يعلل صرفه إلا بأن له في الآحاد نظيرًا نحو: طواعية وكراهية "وذا اعتلال منه كالجواري رفعًا وجرا أحره كسارى" يعني ما كان من الجمع الموازن مفاعل معتلا فله حالتان: إحداهما أن يكون آخره ياء قبلها كسرة نحو: جوار وغواش والأخرى أن تقلب ياؤه ألفًا نحو: عذارى ومدارى، فالأول يجري في رفعه وجره مجرى قاض وسار في حذف يائه وثبوت تنوينه نحو: {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41] {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1] ، وفي النصب مجرى دراهم في سلامة آخره   "ساباط" هو سقيفة بين دارين تحتها طريق. قاموس. قوله: "وخاتام" لغة في الخاتم. قوله: "نحو: صلصال" هو الطين ما لم يجعل خزفًا وخزعال بالخاء المعجمة فالزاي فالعين المهملة هو العرج, يقال ناقة بها خزعال أي: عرج. قوله: "نحو: تتفل" بفوقيتين وفاء ولد الثعلب وتنضب بفوقية فنون فضاد معجمة شجر يتخذ منه السهام. قوله: "نحو: مكرم ومهلك" مصدر أكرم وهلك ويجوز في لام مهلك الفتح والكسر أيضًا فتكون مثلثة. قوله: "على أن ابن الحاجب لو سئل إلخ" قد يقال يمكنه أن يعلل صرفه بأنه لم يتكرر لا تحقيقًا وهو ظاهر إذ هو جمع ملك من أول وهلة ولا تقديرًا؛ لأنه ليس على وزن المكرر الذي هو مفاعل أو مفاعيل؛ لتحرك الوسط في الثلاثة التي بعد الألف. سم بإيضاح. قوله: "منه" صفة لذا أو حال منه وكذا قوله: كالجواري وضمير منه للجمع المتقدم, وقوله: كساري أي: إجراؤه كإجراء ساري أو حالة كونه كسارى. قوله: "يعني ما كان إلخ" لما كان مفهوم قول المصحف كالجواري أن ما كان من معتل منتهى الجموع كالعذارى لا يجري كسار في حذف حرف العلة وثبوت التنوين, بل يبقى فيه حرف العلة ولا يثبت التنوين, قال الشارح: يعني فإتيانه بالعناية المقتضية تضمن كلام المصنف حكم نحو: جوار وحكم نحو: العذارى بالنظر إلى المنطوق والمفهوم وهذا لا ينافي ما سيذكره الشارح من خروج نحو: العذارى عن حكم نحو: جوار بقول المصنف كالجواري, كما لا يخفى على ذي بصيرة, ولغفلة البعض عما ذكرنا زعم أن في كلام الشارح تناقضًا لاقتضاء أول كلامه دخول القسمين في النظم, واقتضاه آخر كلامه خروج الثاني منه, وأنه كان الأولى حذف يعني. قوله: "أن تقلب ياؤه ألفًا" أي: بعد قلب الكسرة قبلها فتحة كما يأتي. قوله: "نحو: عذارى" جمع عذراء بالمد وهي البكر ومدارى جمع مدرى بكسر الميم والقصر, وهو مثل الشوكة تحك به المرأة رأسها وأصلهما عذارى ومدارى بالكسرة, ثم أبدلت الكسرة فتحة أي: اتباعًا لفتحة ما قبل الألف فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ا. هـ. تصريح والذي في شرح الشارح على التوضيح أن مدارى جمع مدراء أي: كحمراء وهي المنتفخة الجنبين وفي القاموس ما يوافقه. وذكر أن الفعل مدر كفرح فهو أمدر وهي مدراء ودالها مهملة. قوله: "في حذف يائه إلخ" أي: لا في جميع الوجوه فإن جره بفتحة مقدرة وتنوينه تنوين عوض بخلاف نحو: قاض فإنه بكسرة مقدرة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وظهور فتحته نحو: {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ} [سبأ: 18] . والثاني يقدر إعرابه ولا ينون بحال، ولا خلاف في ذلك، وهذا خرج من كلامه بقول كالجواري. تنبيهات: الأول اختلف في تنوين جوار ونحوه: فذهب سيبويه إلى أنه تنوين عوض عن الياء المحذوفة لا تنوين صرف، وذهب المبرد والزجاج إلى أنه عوض عن حركة الياء, ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين. وذهب الأخفش إلى أنه تنوين صرف؛ لأن الياء لما حذفت تخفيفًا زالت صيغة مفاعل وبقي اللفظ كجناح فانصرف، والصحيح مذهب سيبويه. وأما جعله عوضًا عن الحركة فضعيف؛ لأنه لو كان عوضًا عن الحركة لكان التعويض عن حركة الألف في نحو: موسى وعيسى أولى؛ لأن حاجة المتعذر إلى التعويض أشد من حاجة   وتنوينه تنوين صرف كما سينبه عليه الشارح. قوله: " {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ} " فليال مجرور بفتحة مقدرة على الياء المحذوفة؛ لالتقاء الساكنين منع من ظهورها الثقل نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع تقديرًا أي: بحسب الأصل. قوله: "في سلامة آخره" أي: من الحذف. قوله: "وهذا خرج من كلامه" أي: من منطوق كلامه, فلا ينافي دخوله في كلامه مفهومًا, أعني أن حكمه مستفادًا من كلامه بطريق المفهوم؛ ولهذا قال الشارح في أول عبارته: يعني كما أوضحناه سابقًا. قوله: "فذهب سيبويه إلى أنه تنوين عوض عن الياء المحذوفة" خرجه الأكثر على أن الإعلال مقدم على منع الصرف لكون سببه وهو الثقل أمرًا ظاهرًا محسوسًا بخلاف منع الصرف فإن سببه مشابهة الاسم الفعل, وهي خفية فأصل جوار على هذا جواري بالتنوين استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة فالتقى ساكنان فحذفت الياء؛ لالتقائهما, ثم حذف التنوين لوجود صيغة منتهى الجمع تقديرًا؛ لأن المحذوف لعلة كالثابت, ثم خيف رجوع الياء فأتى بالتنوين عوضًا عنها. وخرجه بعضهم على أن منع الصرف مقدم فأصل جوار على هذا جواري بترك التنوين لصيغة منتهى الجمع, فحذفت ضمة الياء للثقل ثم الياء تخفيفًا ثم أتى بالتنوين عوضًا عنها, فعلم أن سبب الحذف على الأول التقاء الساكنين وعلى الثاني التخفيف, وعليه بنى الشارح السؤال والجواب الآتيين. قوله: "عوض عن حركة الياء" أي: وحصل التعويض قبل حذف الياء بدليل قوله: ثم حذفت الياء, وهذا بناء على أن منع الصرف مقدم على الإعلال, فأصله على مذهب المبرد جواري بترك التنوين حذف ضمة الياء لثقلها وأتى بالتنوين عوضًا عنها, فالتقى ساكنان فحذفت الياء لالتقائهما. قوله: "لأن الياء لما حذفت تخفيفًا" أي: لالتقاء الساكنين فهو مبني على تقديم منع الصرف على الإعلال. قوله: "لأن حاجة المتعذر إلخ" وجهه أن العامل في كل من المنقوص والمقصور طالب أثرًا, وقد ظهر الأثر مع المنقوص في الجملة لظهوره حالة النصب ولم يظهر في المقصور أثر بالكلية فكان أولى بالتعويض, وبهذا سقط ما يقال كان الظاهر عكس الأولوية؛ لأن التعويض الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المتعسر، ولألحق مع الألف واللام كما ألحق معهما تنوين الترنم واللازم منتف فيهما فكذا الملزوم. وأما كونه للصرف فضعيف أيضًا إذ المحذوف في قوة الموجود, وإلا لكان آخر ما بقي حرف إعراب, واللازم كما لا يخفى منتف. فإن قلت: إذا جعل عوضًا عن الياء فما سبب حذفهما أولًا؟ قلت: قال في شرح الكافية: لما كانت ياء المنقوص قد تحذف تخفيفًا ويكتفى بالكسرة التي قبلها, وكان المنقوص الذي لا ينصرف أثقل التزموا فيه من الحذف ما كان جائزًا في الأدنى ثقلًا ليكون لزيادة الثقل زيادة أثر، إذ ليس بعد الجواز إلا اللزوم. ا. هـ. واعلم أن ما تقدم عن المبرد من أن التنوين عوض عن الحركة هو المشهور عنه, كما نقل الناظم في شرح الكافية. وقال الشارح: ذهب المبرد إلى أن فيما لا ينصرف   يقتضي حذف شيء وإقامة غيره مقامه, والمقصور لم يظهر فيه أثر حتى يقال حذف وعوض عنه التنوين بخلاف المنقوص, فإن الحركات تظهر في لفظه لكن ثقل بعضها فترك وعوض عنه التنوين أفاده البهوتي. قوله: "ولألحق مع الألف واللام كما ألحق إلخ" أي: بجامع أن كلا من تنوين الترنم وتنوين نحو: جوار على مذهب المبرد عوض عن شيء, فتنوين الترنم عوض عن مدة الإطلاق وتنوين نحو: جوار عوض عن حركة الياء, قال البعض تبعًا لشيخنا: كان الأولى أن يقول الشارح: ولألحق مع الألف واللام؛ لأنه عنده عوض عن الحركة والحركة تجامع الألف واللام ا. هـ. ولعل وجهه أن قياس العوض على المعوض عنه أقرب من قياسه على تنوين الترنم فتأمل، ثم قال البعض: وقد يقال هذا اللازم جار على القول بأنه عوض عن الياء, بل هو أظهر فيه بأن يقال لو كان عوضًا عن الياء لألحق مع الألف واللام كما ألحق معهما تنوين الترنم بجامع أن كلا منهما عوض عن حرف ا. هـ. وقد يجاب بأن التنوين هنا ليس لمحض العوضية عن الياء بل للعوضية عنها ومنع عودها؛ لأنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه فكان كضد الياء التي تجامع الألف واللام فناسب أن لا يجامع الألف واللام فاحفظه فإنه دقيق. قوله: "واللازم" يعني أولوية التعويض عن حركة الألف في نحو: موسى وعيسى وإلحاق التنوين مع الألف واللام, وقوله: فيهما مرتبط باللازم والضمير للقضيتين المتقدمتين, أعني قوله: لكان التعويض إلخ, وقوله: ولألحق إلخ. قوله: "إذ المحذوف" وهو الياء في قوة الموجود أي: فصيغة منتهى الجمع موجودة تقديرًا. قوله: "فإن قلت إلخ" مبني السؤال والجواب على أن منع الصرف مقدم على الإعلال كما مر. قوله: "فما سبب حذفها" أي: على سبيل الوجوب بقرينة أن الجواب يفيد تعليل حذفها على سبيل الوجوب. قوله: "قد تحذف تخفيفًا" يفيد أن حذف ياء المنقوص غير واجب, ويصرح بذلك قوله: ما كان جائزًا في الأدنى, وفيه نظر, فإن أراد المقرون بأل فليس الكلام فيه ا. هـ. سم على أن المقرون بأل يستوي فيه المنصرف وغيره. قوله: "وقال الشارح ذهب المبرد إلخ" على هذا يكون المبرد مخالفًا لسيبويه في الساكن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 ولِسَراوِيلَ بهذا الجَمْعِ ... شَبَهٌ اقْتَضَى عُموم المَنْعِ   تنوينًا مقدرًا بدليل الرجوع إليه في الشعر، وحكموا له في جوار ونحوه بحكم الموجود وحذفوا لأجله الياء في الرفع والجر لتوهم التقاء الساكنين, ثم عوضوا عما حذف التنوين وهو بعيد؛ لأن الحذف لملاقاة ساكن متوهم الوجود مما لم يوجد له نظير ولا يحسن ارتكاب مثله. الثاني: ما ذكر من تنوين جوار ونحوه في الرفع والجر متفق عليه، نص على ذلك الناظم وغيره. وما ذكره أبو علي من أن يونس ومن وافقه ذهبوا إلى أنه لا ينون ولا تحذف ياؤه, وأنه يجر بفتحة ظاهرة وهم، وإنما قالوا ذلك في العلم وسيأتي بيانه. الثالث: إذا قلت: مررت بجوار فعلامة جره فتحة مقدرة على الياء؛ لأنه غير منصرف، وإنما قدرت مع خفة الفتحة؛ لأنها نابت عن الكسرة فاستثقلت لنيابتها عن المستثقل, وقد ظهر أن قوله: كسار إنما هو في اللفظ فقط دون التقدير، لأن سار جره بكسرة مقدرة وتنوينه تنوين التمكين لا العوض؛ لأنه منصرف. وقد تقدم أول الكتاب "ولسراويل بهذا الجمع شبه اقتضى عموم المنع" اعلم أن سراويل اسم مفرد أعجمي جاء على وزن مفاعيل فمنع من الصرف لشبهه بالجمع في الصيغة المعتبرة لما عرفت أن بناء مفاعل ومفاعيل لا يكونان في كلام العرب إلا لجمع أو منقول من جمع، فحق ما وازنهما أن يمنع من الصرف, وإن فقدت منه الجمعية إذا تم شبهه بهما، وذلك بأن لا تكون ألفه عوضًا من إحدى ياءي   الذي ردف الياء فسيبويه يقول: هو التنوين الموجود قبل حذفه, والمبرد يقول: هو التنوين المقدر في كل ممنوع من الصرف وموافقًا له في أن المعوض عنه الياء المحذوفة. قوله: "وحذفوا لأجله الياء" أي: بعد حذف حركتها المقدرة استثقالًا زكريا. قوله: "ساكن متوهم الوجود" هو التنوين المقدر. قوله: " وأنه يجر بفتحة ظاهرة" أي: ويرفع بضمة مقدرة على الياء الموجودة فيقال: جاء جواري بياء ساكنة. وقوله: وإنما قالوا ذلك في العلم أي: في المنقوص العلم كقاض علم امرأة, وقوله: وسيأتي بيانه أي: في شرح قول المصنف وما يكون منه منقوصًا إلخ. قوله: "مع خفة الفتحة" لم يضمر؛ لأنه لو أضمر لرجع الضمير إلى خصوص الفتحة المقدرة على الياء نيابة عن الكسرة فيتدافع مع قوله: فاستثقلت إلخ فالمراد بالفتحة جنسها فليس في قوله: مع خفة الفتحة إظهار في مقام الإضمار. قوله: "ولسراويل" خبر شبه وبهذا متعلق بشبه وفيه تقديم معمول المصدر عليه للوزن, كذا قال خالد وتبعه شيخنا والبعض وفيه مسامحة؛ لأن الظاهر أن شبه اسم مصدر لا مصدر. قوله: "اسم مفرد أعجمي" زاد الفارضي نكرة مؤنث, وقال في القاموس: السراويل فارسية معربة, وقد تذكر, ثم قال: والسراوين بالنون والشروال بالشين أي: المعجمة لغة. قوله: "لما عرفت إلخ" أي: وإنما كان أعجميا لما عرفت إلخ. قوله: "أو منقول من جمع" وهو ما سمي به من هذا الجمع. قوله: "فحق ما وازنهما" أي: فحق اسم الجنس الذي وازن مفاعل أو مفاعيل, وكأنه تفريع على قوله: منع من الصرف لشبهه بالجمع في الصيغة المعتبرة صرّح به توطئة, لقوله: إذا تم شبهه إلخ. قوله: "وذلك" أي: تمام شبهه بهما بأن لا يكون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   النسب ولا كسرة ما يلي ألفه عارضة، ولا بعد ألفه ياء مشددة عارضة، ولم يوجد ذلك في مفرد عربي كما مر. ولما وجد في مفرد أعجمي وهو سراويل لم يمكن إلا منعه من الصرف وجهًا واحدًا خلافًا لمن زعم أن فيه وجهين: الصرف ومنعه، وإلى التنبيه على ذلك أشار بقوله: شَبهٌ اقتضى عمومَ المنعِ أي: عموم منع الصرف في جميع الاستعمال خلافًا لمن زعم غير ذلك. ومن النحوين من زعم أن سراويل عربي, وأنه في التقدير جمع سروالة سمي به المفرد، ورد بأن سروالة لم يسمع. وأما قوله: 1028- عَلَيهِ منَ اللُّؤْمِ سِرْوالةٌ   إلخ. قوله: "ولم يوجد ذلك إلخ" مرتبط بقوله: فحق ما وازنهما أن يمنع من الصرف وإن فقدت منه الجمعية إذا تم شبهه بهما, واسم الإشارة يرجع إلى تمام شبهه بهما وكذا الضمير في قوله: ولما وجد. قوله: "خلافًا لمن زعم إلخ" هو ابن الحاجب حيث قال في الكافية: وسراويل إذا لم يصرف وهو الأكثر فقد قيل إنه أعجمي حمل على موازنة, وقيل عربي جمع سروالة وإذا صرف فلا إشكال ا. هـ. وفي التوضيح ونقل ابن الحاجب أن من العرب من يصرفه وأنكر ابن مالك عليه ذلك ا. هـ. قال الحفيد: لا وجه لإنكاره؛ لأن ابن الحاجب ثقة وقد نقله. قوله: "وأنه في التقدير إلخ" أي: يقدر أن سراويل كان جمع سروالة فنقل من الجمعية إلى تسمية المفرد به, وسيأتي وجه آخر في معنى العبارة. قوله: "سمي به المفرد" أي: أطلق اسم جنس على هذه الآلة المفردة كما عبر بذلك المرادي. قوله: "ورد بأن سروالة لم يسمع" اعترض بأنه لا يصلح ردا للقول بأنه جمع سروالة تقديرًا؛ لأن تقدير كونه جمعًا لسروالة لا يستلزم سماع سروالة وإنما يصلح ردا للقول بأنه جمع سروالة تحقيقًا كما حكاه السندوبي وغيره, وعبارة السندوبي: وقيل إنه جمع سروالة تقديرًا أو تحقيقًا بناء على سماع سروالة كما نقل عن أهل اللغة ا. هـ. ويمكن حمل كلام الشارح على هذا القول بأن يراد بقوله في التقدير بحسب الأصل. قوله: "عليه من اللؤم سروالة" تمامه: فليس يرقّ لمستعطف والضمير في عليه للمذموم واللؤم الدناءة في الأصل والخساسة في الفعل. زكريا. قوله:   1028- عجزه: فليس يَرِقُّ لمُسْتعطِفِ والبيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 233؛ والدرر 1/ 188؛ وشرح التصريح 2/ 212؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 270؛ وشرح شواهد الشافية ص100؛ وشرح المفصل 1/ 64؛ ولسان العرب 11/ 334 "سرل"؛ والمقتضب 3/ 346؛ وهمع الهوامع 1/ 25. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فمصنوع لا حجة فيه. وذكر الأخفش أنه سمع من العرب من يقول: سروالة. ويرد هذا القول أمران: أحدهما أن سروالة لغة في سراويل؛ لأنها بمعناه فليس جمعًا لها كما ذكره في شرح الكافية، والآخر أن النقل لم يثبت في أسماء الأجناس وإنما ثبت في الأعلام. تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: وينبغي أن يعلم أن سراويل اسم مؤنث فلو مسي به مذكر ثم صغر لقيل فيه سرييل غير مصروف للتأنيث والتعريف، ولولا التأنيث لصرف كما يصرف شراحيل إذا صغر فقيل شريحيل لزوال صيغة منتهى التكسير. الثاني شذ منع صرف ثمان تشبيهًا له بجواز. نظرًا لما فيه من معنى الجمع وأن ألفه غير عوض في الحقيقة. قال في شرح الكافية: ولقد شبه ثمانيًا بجوار من قال: 1029- يَحْدُوا ثَمانِيَ مُولَعًا بلَقاحِها ... حتى هَمَمْنَ بزَيفَةِ الإرْتاجِ   "فمصنوع" أي: من كلام المولدين. قوله: "وذكر الأخفش" رد للرد ولرده له احتاج إلى رد آخر فقال: ويرد هذا القول أي: القول بأن سراويل جمع سروالة في التقدير أمران إلخ. وحاصل الأول أنا لا نسلم أن سروالة وإن كانت مسموعة مفرد سراويل بل هي لغة فيه, فلا يصح كونه في التقدير جمع سروالة. وحاصل الثاني أنه لو كان في التقدير جمعًا فسمي به المفرد لاستلزم ذلك نقل الجمع إلى اسم الجنس, وهو منتف؛ لأن الثابت إنما هو نقل الجمع إلى العلم كما في مدائن, وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم وهو أنه كان في التقدير جمعًا, فسمي به المفرد هذا هو اللائق في تقرير كلامه, وبه يعلم أن دعوى البعض أن الأمر الثاني مبني على تسليم أنه جمع سروالة غير مسموعة وأن تبجحه هنا بما لا ينبغي على من لولاه ما راح ولا جاء لم يتم. نسأل الله العافية. وكيف يليق تسلم كونه جمه سروالة ومنع تسمية المفرد به مع أن الغرض ليس إلا منع كونه جمع سروالة؛ لأنه المنازع فيه لا منع تسمية المفرد به؛ لأن مجرد تسمية المفرد به محل اتفاق فلا يصح منعها فتدبر. بقي أنه قد يبحث في الأمر الأول بمنع أن سروالة بمعنى سراويل بل هي بمعنى قطعة خرقة كما في الرضي, وفي الثاني بأن اختصاص النقل بالأعلام دون أسماء الأجناس مسلم في النقل التحقيقي دون التقديري الذي كلامنا فيه, إلا أن يجاب بأن معنى قوله في التقدير بحسب الأصل كما مر إيضاحه فتنبه. قوله: "اسم مؤنث" وإنما لم تلحقه تاء التأنيث عند تصغيره؛ لأن من شرط لحاقها المؤنث تأنيثًا معنويا عند تصغيره أن يكون ثلاثيا كما سيأتي في قول المصنف: واختم بتا التأنيث ما صغرت من ... مؤنث عار ثلاثي كسن قوله: "سرييل" أصله سريويل فقلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون. قوله: "للتأنيث" أي: لكون اللفظ مؤنث وضعا كزينب. قوله: "لزوال صيغة منتهى التكسير" أي: مع عدم ما يخلفها في المنع بخلاف الأول. قوله: "يحدو ثماني إلخ" الحدو سوق الإبل والغناء لها   1029- البيت من الكامل، وهو لابن ميادة في ديوانه ص91؛ وخزانة الأدب 1/ 157؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 297؛ ولسان العرب 13/ 80 "ثمن"؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص164؛ والكتاب 3/ 231؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص47؛ والمقاصد النحوية 4/ 352. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 وإنْ بِهِ سُمِّيَ أو بِما لَحِقْ ... بهِ فالانصِرافُ مَنْعُهُ يَحِقّ   والمعروف فيه الصرف لما تقدم. وقيل هما لغتان "وإن به سمي أو بما لحق به فالانصراف منعه يحق" يعني أن ما سمي به من مثال مفاعل أو مفاعيل فحقه منع الصرف, سواء كان منقولًا من جمع محقق كمساجد اسم رجل أو مما لحق به من لفظ أعجمي مثل سراويل وشراحيل، أو لفظ ارتجل للعلمية مثل هوازن. قال الشارع: والعلة منع صرفه ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية أو قيام العلمية مقامها، فلو طرأ تنكيره انصرف على   ومولعًا بفتح اللام حال من الضمير في يحدو من أولع بالشيء أغري به, واللقاح بفتح اللام ماء الفحل وأما بكسرها فجع لقحة وهي الناقة التي تحلب, وليس مرادًا هنا, والزيفة بفتح الزاي الميلة والارتاج بالكسر من ارتجت الناقة إذا أغلقت رحمها على الماء. والمعنى من شدة طربهن من الحدو هممن بميلهن عن الارتاج كذا في العيني. قوله: "من لفظ أعجمي" بيان لما لحق أي: من اسم جنس مفرد أعجمي. قوله: "وشراحيل" مقتضى سياقه أنه اسم جنس مثل سراويل لا علم ولم يذكر في القاموس إلا أنه علم فتدبر. قوله: "أو لفظ" هكذا في النسخ بالجر عطفًا على لفظ الأول أو على جمع, قال البعض والصواب النصب عطفا على منقولًا؛ لأن العلم المرتجل مقابل للعلم المنقول لا أن الثاني منقول عن الأول ا. هـ. بإيضاح وهو تصويب في غير محله لإمكان تصحيح عبارة الشارح بجعل قوله: أو مما لحق به عطفا على منقولا وجعل من فيه تبعيضية لا صلة النقل, وجعل قوله أو لفظ عطفا على لفظ الأول. والمعنى أو كان ما سمي به من مثال مفاعل أو مفاعيل بعض ما لحق بالجمع من اسم جنس أعجمي أو لفظ ارتجل للعلمية ويرجع هذا أنه عليه يكون اللفظ المرتجل للعلمية داخلًا فيما لحق بالجمع فيكون مما شمله قول المصنف, وإن به سمي أو بما لحق إلخ بخلافه على نصب لفظ عطفا على منقولًا, فإنه يكون هذا القسم زائدًا على كلام المصنف فينافي تصدير الشارح العبارة بالعناية, فعض على هذا التحقيق والله ولي العناية. ثم لا بد من كون هذا اللفظ المرتجل للعلمية أعجميا؛ لئلا ينافي ما أسلفه الشارح من أن هذا الوزن لا يكون في العربية إلا جمعا أو منقولا عن الجمع. لا يقال يدخل هذا القسم حينئذ في قوله: من لفظ أعجمي؛ لأنا نقول قد أسلفنا أن المراد باللفظ الأعجمي اسم الجنس المفرد الأعجمي. قوله: "مثل هوازن" كذا في نسخ وهي ظاهرة, وفي نسخ أخرى مثل كشاجم بشين معجمة ثم جيم واعترض عليها بأن كشاجم بضم الكاف اسم الشاعر المعروف. وأجيب بأنه يحتمل أن مراد الشارح اسم آخر مفتوح الكاف غير اسم الشاعر. قوله: "والعلة في منع صرفه" أي: ما سمي به من ذلك. قوله: "ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية" هذه العلة الأولى قاصرة على ما سمي به من الجمع كمساجد علم رجل, ولا تشمل نحو: سراويل وشراحييل, ولا نحو: هوازن وكشاجم ولعل العلة في هذين القسمين ما قاله البعض من وجود صيغة منتهى الجمع قبل العلمية وبعدها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 والعَلمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا ... تَرْكيبَ مَزْجٍ نحوُ مَعْديكربا   مقتضى التعليل الثاني دون الأول ا. هـ. قال المرادي: قلت مذهب سيبويه أنه لا ينصرف بعد التنكير لشبهه بأصله. ومذهب المبرد صرفه لذهاب الجمعية، وعن الأخفش القولان، والصحيح قول سيبويه؛ لأنهم منعوا سراويل من الصرف وهو نكرة وليس جمعًا على الصحيح ا. هـ "والعلم امنع صرفه مركبًا مزج نحو معد يكربا" قد تقدم أن ما لا ينصرف على ضربين: أحدهما ما لا ينصرف في تعريف ولا تنكير، والثاني ما لا ينصرف في التعريف وينصرف في التنكير، وقد فرغ من الكلام على الضرب الأول. وهذا شروع في الثاني وهو سبعة قسام كما مر: الأول المركب تركيب المزج نحو: بعلبك وحضرموت ومعد يكرب لاجتماع فرعية المعنى بالعلمية وفرعية اللفظ بالتركيب، والمراد بتركيب المزج أن يجعل الاسمان اسمًا واحدًا لا بإضافة ولا بإسناد بل ينزل عجزه من الصدر منزلة تاء التأنيث ولذلك التزم فيه فتح آخر الصدر, إلا إذا كان معتلا فإنه يسكن نحو: معد يكرب؛ لأن ثقل التركيب أشد من ثقل التأنيث، فجعلوا لمزيد الثقل مزيد تخفيف بأن سكنوا ياء معد يكرب ونحوه، وإن كان مثلها قبل تاء التأنيث يفتح نحو: رامية وعارية، وقد يضاف أول جزأي: المركب إلى ثانيهما فيستصحب سكون ياء معد يكرب ونحوه   قوله: "أو قيام العلمية مقامها" أي: أو ما فيه من الصيغة مع قيام علميته مقام جمعيته التي كانت له أو جمعية غيره. قوله: "التعليل الثاني" هو ما فيه من الصيغة مع قيام العلمية مقام الجمعية. وقوله: دون الأول هو ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية. قوله: "لذهاب الجمعية" أي: بالعلمية التي خلفت الجمعية ثم زالت بلا خلف عنها. قوله: "لأنهم منعوا سراويل إلخ" فيه رد لتعليل المبرد الصرف بذهاب الجمعية. قوله: "والعلم" مفعول لمحذوف يفسره المذكور باللزوم أي: اقصد العلم امنع صرفه فهو على حد زيدًا أكرم أخاه، قوله: "مركبًا تكريب مزج" أي: غير عددي وغير مختوم بويه كما يؤخذ من قوله نحو: معد يكرب, على ما يأتي. قوله: "ما لا ينصرف في تعريف ولا تنكير" هو ما إحدى علتيه الوصفية وهو ثلاثة وما منع صرفه لعلة واحدة وهو اثنان. قوله: "والثاني ما لا ينصرف إلخ" ضابطه ما إحدى علتيه العلمية. قوله: "بل ينزل عجزه إلخ" التعريف للمركب المزجي المعرب فلا اعتراض بأن المركب العددي والمختوم بويه, والمركب من الأحوال والظروف مركبات مزجية, مع أن التعريف لا يصدق عليها أفاده شيخنا السيد. قوله: "منزلة تاء التأنيث" أي: في أن الإعراب على العجز وما قبله ملازم لحالة واحدة وهي الفتح إلا نحو: معد يكرب كما سيذكره الشارح. قوله: "ولذلك" أي: للتنزيل المذكور, وقوله: فإنه يسكن أي: يبقى على سكونه. قوله: "بأن سكنوا" الباء سببية متعلقة بمزيد تخفيف أو تصويرية للجعل المذكور. وقوله ونحوه كقالي قلا اسم موضع. وقوله: وإن كان مثلها أي: الياء. قوله: "وقد يضاف أول جزأي المركب" أي: المزجي سواء كان آخر صدره ياء أو لا فأل للعهد الذكرى لكنه بعد الإضافة لا يسمى مركبًا مزجيا؛ لأن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تشبيهًا ببناء دردبيس، فيقال: رأيت معد يكرب؛ ولأن من العرب من يسكن مثل هذه الياء في النصب مع الإفراد تشبيهًا بالألف, فالتزم في التركيب لزيادة الثقل ما كان جائزًا في الإفراد، ويعامل الجزء الثاني معاملته لو كان منفردًا، فإن كان فيه مع التعريف سبب مؤثر امتنع صرفه كهرمز من رام هرمز؛ لأن فيه مع التعريف عجمة مؤثرة فيجر بالفتحة ويعرب الأول بما تقتضيه العوامل نحو: جاء رام هرمز ورأيت رام هرمز ومررت برام هرمز. ويقال في حضرموت هذه حضرموت ورأيت حضرموت ومررت بحضرموت؛ لأن موتًا ليس فيه من التعريف سبب ثان، وكذلك كرب في اللغة المشهورة، وبعض العرب لا يصرفه حينئذٍ،   الإضافي قسيم المزجي فتسميته مزجيا باعتبار حالته الأخرى أعني حالة مزجه. واعلم أن هذه الإضافة لفظية لا معنوية؛ لأن بكا مثلًا ليس اسمًا لشيء أضيف إليه بعل حتى تظهر ثمرة الإضافة المعنوية, بل هو بمنزلة الراء من جعفر فلا فرق في المعنى بين الإضافة وعدمها, ولا فائدة لها إلا التنبيه على شدة امتزاج الكلمتين واتحادهما؛ لأن المتضايفين كالشيء الواحد, ولا ينافيه حصول هذه الفائدة بالمزج؛ لأن فائدة الشيء قد تحصل بغيره أيضًا. قوله: "فيستصحب سكون إلخ" أي: في الأحوال الثلاثة, وقيل تفتح في النصب وتسكن في الرفع والجر. قوله "تشبيها بياء دردبيس" أي: بجامع أن كلا من الياءين وسط, وإن كان دردبيس كلمة تحقيقًا ومعد يكرب كلمة تنزيلا, ودردبيس اسم للداهية والعجوز الفانية وخرزة للحب قاله في القاموس. قوله: "ولأن من العرب من يسكن مثل هذه الياء إلخ" المتبادر أن ذلك على سبيل الجواز لا الوجوب وإن نقله البعض عن البهوتي وأقره وقوله: مع الإفراد أي: عدم التركيب كقوله: ولو أن واش باليمامة داره وقوله: تشبيها بالألف في نحو: الفتى بجامع؛ أن كلا حرف علة, وقوله: ما كان جائزًا في الإفراد معنى جوازه في الإفراد أن بعض العرب يجيز التسكين والفتح حال النصب, وإن كان البعض الآخر يوجب الفتح أو أن اللفظ في حد ذاته بقطع النظر عن لغة مخصوصة يجوز فيه حال النصب الفتح كما هو لغة بعض العرب, والتسكين كما هو أحد وجهين جائزين عند بعض آخر, وعلى فرض أن من يسكن يوجب التسكين معنى جوازه في الإفراد أن اللفظ في حد ذاته بقطع النظر عن لغة مخصوصة يجوز فيه حال النصب الفتح كما هو لغة بعض العرب والتسكين كما هو لغة بعض آخر. قوله: "ويعامل الجزء الثاني إلخ" معطوف على يضاف فمعاملة الجزء الثاني المذكور على لغة إضافة صدره إلى عجزه كما قاله المرادي, وقوله: معاملته أي: معاملة نفسه في الصرف وعدمه. قوله: "فإن كان فيه مع التعريف" إنما قال: مع التعريف؛ لأن المركب لم يخرج عن العلمية بهذا الإعراب, فهو معرفة وجزء المعرفة هنا كالمعرفة سم قوله: "وبعض العرب لا يصرفه" أي: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فيقول في الإضافة: هذا معد يكرب فيجعله مؤنثًا. وقد يبنيان معًا على الفتح ما لم يعتل الأول فيسكن تشبيهًا بخمسة عشر. وأنكر بعضهم هذه اللغة وقد نقلها الأثبات. وقد سبق الكلام على ذلك في باب العلم. تنبيهان: الأول أخرج بقوله: معد يكرب ما ختم بويه؛ لأنه مبني على الأشهر، ويجوز أن يكون لمجرد التمثيل, وكلامه على عمومه ليدخل على لغة من يعربه، ولا يرد على لغة من بناه؛ لأن باب الصرف إنما وضع للمعربات، وقد تقدم ذكره في باب العلم. الثاني احترز بقوله: تركيب العدد نحو: خمسة عشرة فمتحتم البناء عند البصريين، وأجاز فيه الكوفيون إضافة صدره إلى عجزه وسيأتي في بابه، فإن سمي به ففيه ثلاثة أوجه: أن يقر على حاله، وأن يعرب إعراب ما لا ينصرف، وأن يضاف صدره إلى عجزه. وأما تركيب الأحوال والظروف   كربا, حينئذ أي: حين إذ أضيف إليه معدي. قال الخبيصي: من قدر كربا اسمًا للكربة منع صرفه, ومن قدره اسما للحزن صرفه, ومن قدر بكا وقلا في بعلبك وقالى قلا, ونحو ذلك اسما للبقعة منعه من الصرف, ومن قدره اسمًا لموضع أو مكان صرفه. دماميني. قوله: "فيجعله مؤنثًا" لو قال كابن الناظم يجعله مؤنثًا لكان أولى؛ لأن جعله مؤنثًا لا يتفرع عل ما قبله, بل هو سبب لما قبله. قوله: "تشبيهًا بخمسة عشر" تعليل لبناء الجزأين على الفتح, والمعنى تشبيهًا للنوع المتكلم فيه من المزجي, وهذا النوع منه هو المعرب بنوع آخر منه ليس الكلام فيه, وهو المبنى فلا ينافي كلامه أن المركب العددي من المزجي. قوله: "وقد نقلها الأثبات" جمع ثبت بفتح المثلثة وسكون الموحدة وهو الثقة. قوله: "أخرج بقوله: معد يكربًا إلخ" فيه أن المثال لا يخصص ا. هـ. سم وأجاب شيخنا بأن الناظم كثيرًا ما يستغني بالتمثيل عن التقييد. أي: وقولهم المثال لا يخصص معناه أنه ليس نصا في التخصيص, فلا ينافي أنه راجح فيه لقرينة كعادة الناظم فافهم. قوله: "لأنه مبني" أي: على الكسر أما البناء؛ فلأن ويه اسم صوت, وأما الكسر فعلى أصل التقاء الساكنين. قوله: "ليدخل على لغة من يعربه" اعلم أن سيبويه لا يجوز فيه البناء على الكسر وأما الجرمي فجوز إعرابه إعراب ما لا ينصرف, قال أبو حيان: وهو مشكل إلا أن يستند إلى سماع وإلا لم يقبل؛ لأن القياس البناء لاختلاط الاسم بالصوت وصيرورتهما اسمًا واحدًا. قوله: "وقد تقدم ذكره في باب العلم" أي: ذكر المختوم بويه بما فيه من اللغات بعضها في المتن وبعضها في الشرح أي: فلا حاجة إلى استقصائها هنا حتى يرد أنه لم يذكر فيه جواز الإضافة كغير المختوم بويه. قوله: "شغر بغر" بغين معجمة مفتوحة فيهما مع فتح أول كل وكسره يقال ذهب القوم شغر بغر أي: متفرقين من أشغر في البلد أبعد وبغر النجم سقط؛ لأنهم بتفرقهم تباعد بعضهم عن بعض وسقطوا في الأماكن التي تفرقوا إليها أفاده الدماميني. وهذا المثال والمثال الثاني لما ركب من الأحوال, وأما الثالث فلما ركب من الظروف الزمانية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 كَذاكَ حاوِي زائِدَيْ فَعْلانَا ... كَغَطَفَانَ وكَأَصْبَهانَا   نحو: شعر بغر وبيت بيت وصباح مساء إذا سمي به أضيف صدره إلى عجزه وزال التركيب. هذا رأي سيبويه. وقيل يجوز فيه التركيب والبناء "كذاك حاوي زائدي فعلانا كغطفان وكأصبهانا" يعني أن زائدي فعلان يمنعان مع العلمية في وزن فعلان وفي غيره نحو: حمدان وعثمان وعمران وغطفان وأصبهان. وقد نبه على التعميم بالتمثيل. تنبيهات: الأول علامة زيادة الألف والنون سقوطهما في بعض التصاريف كسقوطهما في رد نسيان وكفران إلى نسي وكفر، فإن كانا فيما لا يتصرف فعلامة الزيادة   قوله: "وبيت وبيت" تقول: هو جاري بيت بيت, وأصله بيتًا ملاصقًا لبيت فحذف الجار وهو اللام وركب الاسمان, وعامل الحال ما في قوله: جاري من معنى الفعل فإنه في معنى مجاوري. وجوزوا أن يكون الجار المقدر إلى وأن لا يقدر جار أصلًا بل العاطف. شرح الشذور. قوله: "وصباح ومساء" تقول فلان يأتينا صباح مساء أي: كل صباح ومساء فحذف العاطف وركب الظرفان قصدًا للتخفيف, ولو أضفت فقلت: صباح مساء لجاز أي: صباحًا مقترنًا بمساء ا. هـ. شرح الشذور وظاهره أن العاطف الذي تضمنه التركيب الواو, وفي الرضي أنه الفاء؛ لأن الفاء للتعقيب فتقيد العموم إذ المعنى يأتينا صباحًا فمساء عقبه بلا فصل إلى ما لا يتناهى, فليراجع الرضي. ومثال الظروف المكانية قولهم: سهلت الهمز بين بين وأصله بينها وبين حرف حركتها فحذف ما أضيف إليه بين الأولى وبين الثانية وحذف العاطف وركب الظرفان يس. قوله: "وقيل يجوز فيه التركيب والبناء" أي: كحالة قبل التسمية به فالتركيب والبناء وجه واحد. هذا هو المتبادر ويؤيده أن المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت عينًا فيكون المراد التركيب المذكور في قوله: وزال التركيب. وفي قوله: وأما تركيب الأحوال والظروف ومن ادعى غير ذلك كالبعض والبهوتي فعليه الإثبات. قوله: "كذاك حاوي" أي: علم حاوي زائدي فعلانًا. فائدة: قال أبو الفتح: إذا سميت رجلًا ذان صرفته؛ لأن ألفه وإن كانت زائدة فإنها لما عاقبت ألف ذا التي هي عين جرب مجرى الأصل وأما زيدان المسمى به رجل فإنه لا ينصرف؛ لأنه يبقى بعد إسقاط زائديه ثلاثة أحرف, وهذا شيء يكون وضع الأسماء المعربة عليه. وأما ذان فإنه يبقى بعد الحذف على حرف واحد نقله سم. قوله: "كغطفان" بفتح الغين المعجمة والطاء المهملة اسم قبيلة من العرب سميت باسم أبيها تصريح. قوله: "وكأصبهانا" بفتح الهمزة وكسرها وبفتح الباء الموحدة عند أهل المغرب والفاء عند أهل المشرق اسم مدينة بفارس سميت باسم أول من نزلها, وأصبه اسم فرس كذا في التصريح. قال في القاموس: وهي كلمة أعجمية وأصلها أسباهان أي: الأجناد؛ لأنهم سكنوها وفي كلامه ما يفيد أن فتح الهمزة أكثر من كسرها وأن الموحدة أكثر من الفاء. قوله: "فعلامة الزيادة إلخ" فإذا جهل كل من زيادة الألف والنون وأصالتهما فسيبويه والخليل يمعنان الصرف لحوقًا بالأكثر وغيرهما لا يحتم الزيادة إلا بدليل ا. هـ. حفيد. قوله: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أن يكون قبلهما أكثر من حرفين أصولًا، فإن كان قبلهما حرفان ثانيهما مضعف فلك اعتباران: أن قدرت أصالة التضعيف فالألف والنون زائدتان، وإن قدرت زيادة التضعيف فالنون أصلية. مثال ذلك: حسان إن جعل من الحس فوزنه فعلان، وحكمه أن لا ينصرف وهو الأكثر فيه، ومن شعره: 1030- ما هاجَ حَسَانَ رُسُومُ المَدَامْ ... ومَظْعَنُ الحَيِّ ومَبنَى الخِيامْ وإن جعل من الحسن فوزنه فعال، وحكمه أن ينصرف. وشيطان إن جعل من شاط يشيط إذا احترق امتنع صرفه، وإن جعل من شطن انصرف. ولو سميت برمان فذهب سيبويه والخليل إلى المنع لكثرة زيادة النون في نحو: ذلك، وذهب الأخفش إلى صرفه؛ لأن فعالًا في النبات أكثر، ويؤيده قول بعضهم: أرض مرمنة. الثاني إذا أبدل من النون الزائدة لام   "فإن كان قبلهما حرفان إلخ" يتبادر إلى الوهم أن هذا مفهوم قوله: أكثر من حرفين أصولًا, وليس كذلك؛ لأنه يلزم عليه أن يكون قوله: فإن كان قبلها حرفان إلخ, من صور ما إذا كانا فيما لا ينصرف وليس كذلك, بدليل التمثيل بحسان وحينئذ فهو كلام مستقل. قوله: "إن قدرت أصالة التضعيف" أي: أصالة ما حصل به التضعيف وهو الحرف الثاني, قيل لبعضهم: أتصرف عفان قال: إن هجوته أي: لأنه حينئذ من العفونة لا إن مدحته أي: لأنه حينئذ من العفة. قوله: "إن جعل من الحق إلخ" عبارة مستقيمة مناسبة, واعتراض البعض عليها بأن المناسب لقوله: إن قدرت إلخ أن يقول: إن جعل وزنه فعلان إلخ, وإن جعل وزنه فعال إلخ بإسقاط من الحس ومن الحسن غير ناهض كما لا يخفى ودعواه أن الكلام فيما لا ينصرف فلا يلائمه قوله: من الحس ومن الحسن قد عرفت منعه, وما يتبادر من العبارة أن المتكلم بنحو: حسان مخير في الصرف وعدمه نظرًا للاعتبارين مسلم ولا ينافيه ما سيأتي في رمان من الخلاف؛ لأن فيه وجد المرجح لأحد الاعتبارين عند القائل بصرفه, والقائل بمنع صرفه بخلاف نحو: حسان. قوله: "وشيطان إلخ" استطراد؛ لأنه صفة والكلام في الأعلام؛ ولأنه غير مضاعف وكلام الشارح في المضاعف, وقد يبحث في العلة الأولى بأن المراد شيطان المسمى به. قوله: "من شطن" أي: بعد عن الحق وبابه قعد. مصباح. قوله: "لأن فعالًا في النبات أكثر" أي: من فعلان بالضم. قوله: "مرمنة" كذا بخط الشارح وفي بعض النسخ رمنة, والمعنى كثيرة الرمان, كذا قال شيخنا وغيره وسها البعض فعكس وضبط شيخنا السيد مرمنة بفتح الميم أي: الأولى والثانية, ويؤيده ضبطه بالقلم هكذا في النسخ الصحيحة من القاموس. قوله: "إذا أبدل من النون الزائدة لام إلخ" حاصله أن النظر للأصل لا للطارئ ا. هـ. سم أي: في الصورتين اللتين ذكرهما الشارح. قوله:   1030- البيت من السريع، وهو في ديوان حسان ص184. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 كذ مُؤنَّثٌ بهاءٍ مُطْلَقا ... وشرْطُ منعِ العار كونُهُ ارْتَقَى فوق الثلاثِ أو كحُورَ أو سَقَرْ ... أو زَيدٍ اسمَ امرأةٍ لا اسمَ ذَكَرْ وَجْهانِ في العادِمِ تَذْكيرًا سَبَقْ ... وعُجْمةً كهَنْدَ والمَنْعُ أحقّ   منع الصرف إعطاء للبدل حكم المبدل، مثال ذلك أصيلال فإن أصله أصيلان، فلو سمي به منع, ولو أبدل من حرف أصلي نون صرف بعكس أصيلال. ومثال ذلك حنان في حناء أبدلت همزته نونًا. الثالث ذهب الفراء إلى منع الصرف للعلمية وزيادة ألف قبل نون أصلية تشبيهًا لها بالزائدة نحو: سنان وبيان، والصحيح صرف ذلك "كذا مؤنث بهاء مطلقًا وشرط منع العار كونه ارتقى. فوق الثلاث أو كجور أو سقر أو زيد اسم امرأة لا اسم ذكر وجهان في العادم تذكيرًا سبق وعجمة كهند والمنع أحق" مما يمنع الصرف اجتماع العلمية والتأنيث بالتاء لفظًا أو تقديرًا: أما لفظًا فنحو: فاطمة وإنما لم يصرفوه لوجود العلمية في معناه ولزوم علامة التأنيث في لفظه، فإن العلم المؤنث لا تفارقه العلامة، فالتاء فيه بمنزلة الألف في حبلى وصحراء فأثرت في منع الصرف بخلافها في الصفة. وأما تقديرًا ففي المؤنث المسمى في الحال كسعاد وزينب أو في الأصل، كعناق اسم رجل وأقاموا في   "أصيلان" تصغير أصيل على غير قياس ا. هـ. تصريح والأصيل العشي كما في القاموس. قوله: "صرف" لأصالة النون حينئذ؛ لأنها بدل من أصلي. قوله: "حنان" أي: مسمى به؛ لأن الكلام في العلم. قوله: "كذا مؤنث" أي: علم مؤنث, وكذا جزء علم مؤنث كما في أبي هريرة وأبي قحافة سم. قوله: "مطلقًا" حال من الضمير في الخبر. قوله: "وشرط منع العار" أي: المؤنث العاري من الهاء. قوله: "فوق الثلاث" على حذف مضاف أي: فوق ذي الثلاث؛ لأن الاسم لا يرتقي فوق الأحرف الثلاثة, وإنما يرتقي فوق اسم آخر ذي أحرف ثلاثة كذا في الشاطبي. قوله: "أو كجور" عطف على محل ارتقى. وقوله: أو ستقر أو زيد عطفان على جور. وقوله: اسم امرأة حال من زيد. قوله: "وجهان" مبتدأ والمسوغ كونه في معرض التقسيم وفي العادم خبر. وتذكيرًا مفعول العادم وسبق جملة في محل نصب نعت تذكيرًا وعجمة عطف على تذكيرًا وكان عليه أن يزيد وتحرك الوسط إلا أن يقال هو مأخوذ من قوله: كهند. قوله: "في معناه" أي: فيه باعتبار وضعه لمعناه المشخص ففيه مسامحة. قوله: "ولزوم علامة التأنيث في لفظه" اعترضه سم بأنه مناف لما تقدم من الفرق بين ألف التأنيث وتائه حيث استقلت الأولى بالمنع دون الثانية, بأن الأولى لازمة لما هي فيه دون الثانية. وأجيب بأن الألف لازمه مطلقا أي: في العلم وغيره كالصفة والتاء ليست كذلك بل إنما تلزم في العلم وكلامنا الآن في العلم. قوله: "بخلافها في الصفة" أي: بخلاف التاء حالة كونها في الصفة كقائمة وقاعدة فإنها لا تؤثر فيها؛ لأنها في حكم الانفصال فإنها تارة تجرد منها وتارة تقترن بها تصريح. قوله: "ففي المؤنث المسمى" من إضافة الوصف إلى مرفوعه أي: المؤنث مسماه وقول البعض أي: المسمى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ذلك كله تقدير التاء مقام ظهورها. إذا عرفت ذلك فالمؤنث بالتاء لفظًا ممنوع من الصرف مطلقًا: أي: سواء كان مؤنثا في المعنى أم لا، زائدًا على ثلاثة أحرف أم لا، ساكن الوسط أم لا إلى غير ذلك مما سيأتي: نحو: عائشة وطلحة وهبة. وأما المؤنث المعنوي فشرط تحتم منعه من الصرف أن يكون زائدًا على ثلاثة أحرف نحو: زينب وسعاد؛ لأن الرابع ينزل منزلة تاء التأنيث أو محرك الوسط كسقر ولظى؛ لأن الحركة قامت مقام الرابع خلافًا لابن الأنباري فإنه جعله ذا وجهين. وما ذكره في البسيط من أن سقر ممنوع الصرف باتفاق ليس كذلك، أو يكون أعجميا كجور وماه اسمي بلدين؛ لأن العجمة لما انضمت إلى التأنيث والعلمية تحتم المنع، وإن كانت العجمة لا تمنع صرف الثلاثي؛ لأنها هنا لم تؤثر منع الصرف, وإنما أثرت تحتم المنع. وحكى بعضهم فيه خلافًا فقيل: إنه كهند في جواز الوجهين أو منقولًا من مذكر نحو: زيد إذا سمي به امرأة؛ لأنه حصل بنقله إلى التأنيث ثقل عادل خفة اللفظ. هذا مذهب سيبويه والجمهور، وذهب عيسى ابن عمر والجرمي والمبرد   به؛ لأن الكلام في اللفظ غفلة ناشئة عن توهم أن المسمى صفة للمؤنث وليس كذلك كما علمت, بدليل قوله: في الحال كسعاد وزينب أو في الأصل إلخ فلا تكن من الغافلين. قوله: "وهبة" أي: علمًا. قوله: "وأما المؤنث المعنوي" أي: ما ليس علامته لفظية وإلا فالتأنيث مطلقًا راجع للفظ كما تقدم؛ لأن علامته الملفوظة أو المقدرة لفظية ا. هـ. يس وأراد باللفظية أولًا الظاهرة وثانيًا الأعم فلا تناقض, ومعنى كون المقدرة لفظية أنها ترجع للفظ والمراد المؤنث المعنوي من الأعلام؛ لأنها موضع الكلام. قوله "لأن الحركة قامت مقام الرابع" لأن الاسم بالحركة خرج عن أعدل الأسماء وهو الثلاثي الساكن الوسط فصار كالرباعي في الثقل؛ ولأنها في النسب كالحرف الخامس, فلو نسبت إلى جمزى لقلت جمزي بحذف الألف لا غير, ولو كان الوسط ساكنًا لجاز فيه الحذف والقلب واوًا تقول في النسب إلى حبلى حبلي أو حبلوي كما سيأتي دنوشري. قوله: "اسمي بلدين" ينبغي أن يقول: اسمي بلدتين ليكون جور وماه مما نحن فيه وأما إذا جعلا اسمي بلدين كانا مذكرين فيكونان مثل نوح ولوط في الصرف. قوله: "أو منقولًا من مذكر إلخ" لي ههنا بحث وهو أنه كيف يتحتم منع نحو: زيد إذا سمي به مؤنث عند سيبويه والجمهور ولا يتحتم عندهم منع نحو: هند مع عروض تأنيث الأول وأصالة تأنيث الثاني ومع استوائهما في عدد الحروف وفي الهيئة وهلا جاز الوجهان في الأول كالثاني أو تحتم منع الثاني كالأول ومن هنا تظهر قوة مذهب عيسى بن عمر والجرمي والمبرد فتأمل. قوله: "وذهب عيسى إلخ" استدلوا بقوله تعالى: {اهْبِطُوا مِصْرًا} مع قوله: وقال {ادْخُلُوا مِصْرَ} فإن مصر في الأصل اسم لمذكر وهو ابن نوح, ثم نقل وجعل علمًا على البلدة, وهي مؤنثة فصار كزيد المذكور وجوابه أنا لا نسلم علمية المنصرف سلمنا لكن لا نسلم أنه مؤنث بل يجوز أن يكون قد لحظ فيه المكان دماميني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إلى أنه ذو وجهين. واختلف النقل عن يونس، وأشار بقوله: وجهان في العادم تذكيرًا إلى آخر البيت, إلى أن الثلاثي الساكن الوسط إذا لم يكن أعجميا ولا منقولًا من مذكر كهند ودعد يجوز فيه الصرف, ومنعه والمنع أحق، فم صرفه نظر إلى خفة السكون وأنها قاومت أحد السببين، ومن منع نظر إلى وجود السببين ولم يعتبر الخفة، وقد جمع بينهما الشاعر في قوله: 1031- لَمْ تَتَلفَّعْ بفَضْلِ مِئْزَرِها ... دَعُدٌ ولم تُسْقَ دَعْدُ في العُلَبِ تنبيهات: الأول ما ذكره من أن المنع أحق هو مذهب الجمهور. وقال أبو علي: الصرف أفصح. قال ابن هشام: وهو غلط جلي. وذهب الزجاج قيل والأخفش إلى أنه متحتم المنع. قال الزجاج: لأن السكون لا يغير حكمًا أوجبه اجتماع علتين يمنعان الصرف. وذب الفراء إلى أن ما كان اسم بلدة لا يجوز صرفه نحو: فيد؛ لأنهم لا يرددون اسم البلدة على غيرها فلم يكثر في الكلام بخلاف هند. الثاني: لا فرق بين ما سكونه أصلي كهند أو عارض بعد التسمية كفخذ أو الإعلال كدار. الثالث: قال في شرح الكافية: وإذا سميت امرأة بيد ونحوه مما هو على حرفين جاز فيه ما جاز في هند، ذكر ذلك سيبويه، هذا لفظه. وظاهره جواز الوجهين وأن الأجود المنع وبه صرح في التسهيل، فقول صاحب البسيط في يد: صرفت بلا خلاف ليس بصحيح. الرابع: إذ صغر نحو: هند ويد تحتم منعه لظهور التاء نحو: هنيدة ويدية فإن صغر بغير تاء نحو: حريب وهي ألفاظ مسموعة انصرف.   قوله: "كهند ودعد" مثلهما بنت وأخت علمي مؤنث كما سيأتي. قوله: "والمنع أحق" أي: لوجود السببين. قوله: "لم تتلفع إلخ" يعني أنها ليست من البدو حتى يكون لها ذلك بل هي حضرية قاله شيخنا السيد. قوله: "الصرف أفصح" لمقاومة الخفة أحد السببين مع كون الصرف هو الأصل فيرجع إليه بأدنى سبب فدعوى ابن هشام أنه غلط جلي غير ظاهرة. قوله: "لأنهم لا يرددون اسم البلدة على غيرها" أي: لا يوقعون فيه الاشتراك اللفظي أي: غالبًا بخلاف أسماء الأناسي فإنهم يوقعونه فيها كثيرًا فاحتاجت إلى التخفيف وإنما قلنا أي: غالبًا؛ لأنهم قد يوقعونه في اسم البلدة. قوله: "أو الإعلال كدار" لأن أصله دور فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "وبه صرح في التسهيل" وهو ظاهر كلامه هنا أيضًا إذ يد وإن كان ثنائيا لفظًا فهو ثلاثي تقديرًا ساكن الوسط إذ أصله يدي بالإسكان كما في الصحاح زكريا. قوله: "نحو: حريب" تصغير حرب وحرب مؤنثة وقوله: وهي أي: حريب ونحوها مما سيأتي في التصغير. قوله:   1031- البيت من المنسرح، وهو لجرير في ملحق ديوانه ص1021؛ ولسان العرب 3/ 166 "دعد"، 9/ 321 "لفع"؛ ولعبيد الله بن قيس الرقيات في ملحق ديوانه ص178؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص282؛ وأمالي ابن الحاجب ص395؛ والخصائص 3/ 61؛ وشرح قطر الندى ص318؛ وشرح المفصل 1/ 70؛ والكتاب 3/ 241؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص50؛ والمنصف 2/ 77. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الخامس: إذا سمي مذكر بمؤنث مجرد من التاء فإن كان ثلاثيا صرف مطلقًا خلافًا للفراء وثعلب إذ ذهبا إلى أنه لا ينصرف سواء تحرك وسطه نحو: فخذ أم سكن نحو: حرب. ولابن خروف في المتحرك الوسط وإن كان زائدًا على الثلاثة لفظًا نحو: سعاد أو تقديرًا كاللفظ نحو: جيل مخفف جيأل اسم للضبع بالنقل منع من الصرف. السادس: إذا سمي   "انصرف" قال الإسقاطي وتبعه غيره: لعل المراد جوازًا فيجوز المنع كهند ا. هـ. وهو متجه ويستفاد من كلام الشارح أن ياء التصغير لم يعتدوا بها في تصييره رباعيا وإلا كان متحتم المنع اتفاقًا. قوله: "مطلقًا" أي: تحرك وسطه أم لا كما يؤخذ مما ذكره في القولين بعده وسكت عن كونه أعجميا أو لا واستظهر البعض أنه لا فرق قال يس, فإن قلت: لم لم يكتفوا هنا بتحريك الوسط؛ لأن حكمه حكم الزيادة كما تقدم, قلت: لأنه لما كان المسمى مذكرًا ضعف هنا معنى التأنيث جدا لكون اللفظ والمعنى مذكرين فاحتاجوا لتقوية معنى التأنيث بأقوى الأمور القائمة مقام التاء, وهو الحرف الزائد على الثلاثة فإنه في قيامه مقام التاء أقوى من تحرك الوسط ا. هـ. قوله "وإن كان زائدًا على الثلاثة إلخ" شرط في التسهيل لمنع صرفه ثلاثة شروط أن لا يسبق له تذكير انفرد به محققًا أو مقدرًا, وأن لا يحتاج تأنيثه إلى تأويل لا يلزم, وأن لا يغلب استعماله قبل العلمية في المذكر قال الدماميني: فيصرف أن سبق له تذكير انفرد به محققا كدلال علم مذكر منقولًا من مؤنث؛ لأنه في الأصل مصدر أو مقدرًا كحائض علم مذكر لسبق التذكير تقدير إذ المعنى شخص حائض, بدليل أنهم إذا صغروه لم يأتوا بالتاء, وقال الكوفيون: إذا سمي بنحو: حائض مذكر لم يصرف بناء على أن قولهم: إن نحو حائض لم تدخله التاء لاختصاصه بالمؤنث, والتاء إنما تدخل فرق ويرد عليهم أنهم إذا أرادوا بنحو: حائض معنى الفعل وهو الحدوث أدخلوا التاء, فقالوا: حائضة ومرضعة واحترز المصنف بقوله: انفرد به من نحو: ظلوم علم مذكر منقولا من مؤنث فهو ممنوع من الصرف؛ لأنه قبل التسمية به يطلق على المذكر والمؤنث تقول: مررت برجل ظلوم وامرأة ظلوم, وكذا يصرف المؤنث الزائدة على ثلاثة المسمى به مذكر إن احتاج تأنيثه إلى تأويل لا يلزم كرجال علم مذكر؛ لأن تأويله بالجماعة لا يلزم لجواز تأويله بالجمع, وكذا يصرف إن غلب استعماله قبل العلمية في المذكر كذراع علم مذكر فهو في الأصل مؤنث, لكن غلب في أعلام المذكرين ووصف به المذكر فقالوا: ثوب ذراع أي: قصير ا. هـ. باختصار. قوله: "كاللفظ" صفة تقديرًا أي: تقديرًا كائنًا كاللفظ وبمنزلته بأن يكون الحذف قياسيا فإن حذف الهمزة بعد نقل حركتها قياسي ومنه شمل تخفيف شمأل, واحترز به مما هو على غير قياس كأيم في أيم فليس المحذوف من هذا كالملفوظ به ا. هـ. يس وعبارة الدماميني فإن الحرف المقدر بمنزلة الملفوظ به أما أولًا؛ فلأنه قد ينطق به, وأما ثانيًا؛ فلأن حركة الهمزة مشعرة به؛ ولهذا قال: كاللفظ واحترز به عن نحو: كتف فإن هاء التأنيث مقدرة فيه بدليل ظهورها في التصغير, ومع ذلك فهو مصروف وإن سمي به مذكر إذ لا يلفظ بها وليس في اللفظ مشعر بها ا. هـ. قوله: "اسم للضبع" أي: الأنثى ويقال للذكر ضبعان, وقوله بالنقل متعلق بمخفف. قوله: "إذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 والعَجَمِيُّ الوَضْعِ والتَّعرِيفِ مَعْ ... زيدٍ على الثَّلاثِ صَرْفُهُ امْتَنَعْ   رجل ببنت أو أخت صرف عند سيبويه وأكثر النحويين؛ لأن تاءه قد بنيت الكلمة عليها وسكن ما قبلها فأشبهت تاء جبت وسحت. قال ابن السراج: ومن أصحابنا من قال إن تاء بنت وأخت للتأنيث, وإن الاسم مبنيا عليها فيمنعونهما الصرف في المعرفة, ونقله بعضهم عن الفراء. قلت: وقياس قول سيبويه إنه إذا سمي بهما مؤنث أن يكون على الوجهين في هند. السابع: كان الأولى أن يقول بتاء بدل قوله بهاء, فإن مذهب سيبويه والبصريين أن علامة التأنيث التاء والهاء بدل عندهم عنها في الوقف، وقد عبر بالتاء في باب التأنيث فقال: علامة التأنيث تاء أو ألف، وكأنه إنما فعل ذلك للاحتراز من تاء بنت وأخت, وكذا فعل في التسهيل. الثامن مراده بالعار في قوله: وشرط منع العار العاري من التاء لفظًا، وإلا فما من مؤنث بغير الألف إلا وفيه التاء إما ملفوظة أو مقدرة "والعجمي الوضع   سمي رجل ببنت أو أخت إلخ". فائدتان: الأولى قال الدماميني: لو سمي مذكر بما هو اسم مؤنث على لغة وصفة لمؤنث على لغة. نحو: جنوب ودبور وشمال بفتح أوله فإنها عند بعض العرب أسماء للريح وعند بعضهم صفات جرت على الريح وهي مؤنثة -ففيه وجهان المنع كزينب والصرف كباب حائض ا. هـ. الثانية قال في التسهيل: صرف أسماء القبائل والأرضين والكلم ومنعه مبنيان على المعنى فإن كان أبا أو حيا أو مكانًا أو لفظًا أو قبيلة أو بقعة أو كلمة أو سورة لم يصرف وقد يتعين اعتبار القبيلة نحو: يهود ومجوس علمين أو البقعة نحو: دمشق أو المكان نحو: بدر ا. هـ. وكذا حروف الهجاء تذكر باعتبار الحرف وتؤنث باعتبار الكلمة قال الدماميني: وإطلاقهم القول بجواز الأمرين محمول على ما إذا لم يتحقق مانعان من الصرف, فإن تحققا فمنع الصرف بكل حال نحو: تغلب وباهلة وخولان وقوله: وقد يتعين إلخ يعني أن جواز الصرف وعدمه بحسب الاعتبارين إنما هو فيما لم يقتصر فيه العرب على أحدهما أما هو فلا تتجاوز فيه ما سمع زاد في الهمع وقد يتعين اعبار الحي ككلب. قوله: "فأشبهت تاء جبت وسحت" فيه نشر على ترتيب اللف والجبت في الأصل اسم للصنم ثم استعمل في كل ما يعبد من دون الله عز وجل, والسحت هو الحرام. قوله: "وقياس قول سيبويه" أي: قوله: أن بنتا وأختا إذا سمي بهما رجل يصرفان كما في زكريا. قوله: "أن يكون على الوجهين" جزم غير الشارح بنقل ذلك عن سيبويه ا. هـ. سم؛ لأنهما حينئذ كهند وفي عبارة الشارح ركاكة ظاهرة, وكان ينبغي أن يقول إنهما إذا سمي به مؤنث كانا على الوجهين. قوله: "للاحتراز من تاء بنت وأخت" إنما يصح هذا الاحتراز على القول بأن تاءهما ليست للتأنيث أما على أن تاءهما للتأنيث فلا لوجوب منع صرفهما حينئذ مع العلمية. قوله: "وكذا فعل في التسهيل" أي: عبر هنا بالهاء, وفي باب التأنيث بالتاء كما يعلم بالوقوف عليه. قوله: "والعجمي الوضع والتعريف" إضافته لفظية فليست على معنى حرف كما سلف أي: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والتعريف مع زيد على الثلاث صرفه امتنع" أي: مما لا ينصرف ما فيه فرعية المعنى بالعلمية وفرعية اللفظ بكونه من الأوضاع العجمية لكن بشرطين: أن يكون عجمي التعريف أي: يكون علمًا في لغتهم، وأن يكون زئدًا على ثلاثة أحرف، وذلك نحو: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق, فإن كان الاسم عجمي الوضع غير عجمي التعريف انصرف كلجام إذا سمي به رجل؛ لأنه قد تصرف فيه بنقله عما وضعته العجم له فألحق بالأمثلة العربية، وذهب قوم منهم الشلوبين وابن عصفور إلى منع صرف ما نقلته العرب من ذلك إلى العلمية ابتداء كبندار وهؤلاء لا يشترطون أن يكون الاسم علمًا في لغة العجم، وكذا ينصرف العلم في العجمة إذا لم يزد على الثلاثة بأن يكون على ثلاثة أحرف لضعف فرعية اللفظ فيه لمجيئة على أصل ما تبنى عليه الآحاد العربية. ولا فرق في ذلك بين الساكن الوسط نحو: نوح ولوط والمتحرك نحو: شتر ولمك. قال في شرح الكافية قولًا واحدًا في   العجمي وضعه وتعريفه وقوله: مع زيد حال من الضمير في العجمي وغير هذا لا يخلو عن شيء والمراد الزيادة على الثلاثة بغير ياء التصغير كما سيأتي, وإنما لم يقم تحرك الوسط هنا مقام الزيادة كا قام في المؤنث لضعف العجمة بعدم علامة لها كعلامة التأنيث عن التقوي بمجرد تحرك الوسط الذي هو مقو ضعيف, وهذا أوجه مما ذكره البعض. قوله: "من الأوضاع" أي: الموضوعات. قوله: "أي: يكو علمًا في لغتهم" وإن نقلته العرب إلى علمية أخرى كأن سمت بإسماعيل شخصًا آخر. قوله: "كلجام" بالجيم وضعه العجم اسم جنس للآلة التي تجعل في فم الفرس ومثله الفرند بكسر الفاء والراء وسكون النون كما في القاموس وغيره وضعه العجم اسم جنس للسيف وقول البعض وفتح الراء سهو. قوله: "إلى العلمية ابتداء" بأن لم تستعمله اسم جنس قبل أن تستعمله علمًا. قوله: "كبندار" بضم الموحدة هو في لغة العجم اسم جنس للتاجر الذي يلزم المعادن ولمن يخزن البضائع للغلاء وجمعه بنادرة. قوله: "لا يشترطون أن يكون إلخ" بل الشرط عندهم أن يكون أول استعمال العرب له في العلمية. قوله: "لمجيئه على أصل ما تبنى إلخ" إضافة أصل إلى ما على معنى في وذلك الأصل هو عدم الزيادة على الثلاثة؛ لأن العرب يراعون في كلامهم التخفيف, وأما الآحاد العجمية فالأصل فيها الزيادة؛ لأن العجم يراعون في كلامهم الطول. قوله: "نحو: نوح ولوط" أي: من كل علم ثلاثي ساكن الوسط أعجمي مذكر أما المؤنث كماه وجور فممنوع الصرف لتقوي العجمة بالتأنيث, وإنما لم يجز في نوح ولوط الوجهان كما جاز في هند ودعد, مع أن كلا وجد فيه سببان؛ لأن التأنيث سبب قوي فيمكن اعتباره مع سكون الوسط بخلاف العجمة قاله ابن هشام. واعلم أن أسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ممنوعة الصرف إلا ستة. محمد وشعيب وصالح وهود ونوح ولوط؛ لخفة الأخيرين, وكون الأربعة الأول عربية, وقيل هود كنوح؛ لأن سيبويه قرنه معه فهو أعجمي وصرفه للخفة ويؤيده ما يقال من أن العرب من ولد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لغة جميع العرب، ولا التفات إلى من جعله ذا وجهين مع السكون، ومتحتم المنع مع الحركة؛ لأن العجمة سبب ضعيف فلم تؤثر بدون زيادة على الثلاثة. وقال: وممن صرح بالغاء عجمة الثلاثي مطلقًا السيرافي وابن برهان وابن خروف ولا أعلم لهم من المتقدمين مخالفًا، ولو كان منع صرف العجمي الثلاثي جائزًا لوجد في بعض الشواذ كما وجد غيره من الوجوه الغريبة ا. هـ. قلت: الذي جعل ساكن الوسط على وجهين هو عيسى بن عمر وتبعه ابن قتيبة والجرجاني. ويتحصل في الثلاثي ثلاثة أقوال: أحدهما أن العجمة لا أثر لها فيه مطلقًا وهو الصحيح. الثاني أن ما تحرك وسطه لا ينصرف وفيما سكن وسطه وجهان.   إسماعيل وما كان قبل ذلك فليس بعربي, وهود قبل إسماعيل فكان كنوح كذا في الجامي. قال العصام: ويرد على الحصر في الستة شيث وعزير, وقال البيضاوي: تنوين عزير بناء على أنه عربي وترك تنوينه بناء على أنه أعجمي ا. هـ. واستشكله سم بأن ثبوت التنوين وتركه في القرآن كما هو قضية القراءة بهما يوجب جوازهما فكيف يكون أحدهما مبنيا على أنه عربي والآخر على أنه أعجمي مع أنه في الواقع لا يكون عربيا وعجميا بل أحدهما فقط. وأجيب بأنه يكفي في تخريج القراءة المطابقة لوجه نحوي, وإن لم يوافق توجيه القراءة الأخرى, وقد قرئ تترى بالتنوين على أن الأنف للإلحاق, وتركه على أنها للتأنيث, ولا يمكن أن تكون في الواقع لهما, والياء على أعجمي ليست للتصغير؛ لأن الظاهر أن الكلمة وضعت عليها في لغة العجم فلا تكون للتصغير لاختصاص لغة العرب بياء التصغير؛ ولأنها لو كانت للتصغير لم تؤثر عجمته منع الصرف لما مر من أن الأعجمي إذا كان رباعيا بياء التصغير انصرف, ولم يعتد بالياء فعلم ما في كلام البعض على قول الشارح ولا يعتد بالياء فتأمل. قوله: "نحو: شتر" بفتح الشين المعجمة والتاء الفوقية اسم قلعة فهو مؤنث, فيشكل على ما سلف أن العجمة إذا انضمت إلى تأنيث الثلاثي الساكن الوسط تحتم المنع فكيف لا تؤثر مع تحركه إلا أن يقال اعتبار التأنيث فيه غير متعين لجواز إرادة المكان يس. قوله: "ولمك" فسره شيخنا والبعض بما في القاموس من أنه جلاء يكتحل به وهو غير مناسب؛ لأن الكلام في العلم, ولمك بهذا المعنى اسم جنس, ونقل شيخنا السيد عن السيد في شرح اللباب: أن لمك بفتح اللام والميم هو ابن متوشلخ بن نوح الأمر عليه ظاهر. قوله: "لأن العجمة سبب ضعيف" علة لقوله ولا فرق في ذلك إلخ. قوله: "مطلقًا" أي: ساكن الوسط أو متحرك. قوله: "جائزًا" المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب في متحرك الوسط وقوله: لوجد في بعض الشواذ المناسب لمذهب من يجعل ساكن الوسط ذا وجهين ومتحركه متحتم المنع أن يقول لوجد في بعض كلامهم؛ لأن صاحب هذا المذهب لا يقول بشذوذ المنع إلا أن يقال المراد المبالغة في عدم وجوده في كلامهم رأسًا فالمعنى لوجد ولو في بعض الشواذ فتفطن. قوله: "ويتحصل" أي: من كلام النحاة لا مما تقدم إذا القول الثالث لم يتقدم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 كَذاكَ ذو وَزْنٍ يَخُصُّ الفِعْلا ... أو غالِبٍ كأحمَدٍ ويَعْلَى   الثالث أن ما تحرك وسطه لا ينصرف, وما سكن وسطه ينصرف وبه جزم ابن الحاجب. تنبيهات: الأول قوله زيد هو مصدر زاد يزيد زيدًا وزيادة وزيدانًا. الثاني المراد بالعجمي ما نقل من لسان غير العرب ولا يختص بلغة الفرس. الثالث إذا كان الأعجمي رباعيا وأحد حروفه ياء التصغير انصرف ولا يعتد بالياء. الرابع تعرف عجمة الاسم بوجوه: أحدها نقل الأئمة، ثانيها خروجه عن أوزان الأسماء العربية نحو: إبراهيم، ثالثها عروه من حروف الذلاقة وهو خماسي أو رباعي فإن كان في الرباعي السين فقد يكون عربيا نحو: عسجد وهو قليل, وحروف الذلاقة ستة يجمعها قولك: مر بنفل، رابعها أن يجتمع فيه من الحروف ما لا يجتمع في كلام العرب كالجيم والقاف بغير فاصل نحو: قج وجق، والصاد والجيم نحو: صولجان، والكاف والجيم نحو: أسكرجة، وتبعية الراء للنون أول كلمة نحو: نرجس والزاي بعد الدال نحو: مهندز "كذاك ذو وزن يخص الفعلان أو غالب كأحمد   قوله: "وما سكن وسطه ينصرف" أي: وجوبًا ليغاير الثاني. قوله: "مصدر زاد يزيد إلخ" الأحسن أن يقول مصدر زاد يقال زاد يزيد إلخ. قوله: "عروه من حروف الذلاقة" اعلم أن العلامة يلزم اطرادها ولا يلزم انعكاسها أي: يلزم من وجودها وجود المعلم ولا يلزم من عدمها عدمه فيلزم من وجود الخلو في الخامسي أو الرباعي وجود العجمة ولا يلزم من عدم الخلو فيما ذكر عدم العجمة فلا يرد أن يوسف أعجمي وقد وجد فيه حرف من حروف الذلاقة وهو الفاء. إذا علمت أن ما فرعه يس. وتبعه شيخنا والبعض على هذه العلامة بقوله فما فيه حرف من حروف الذلاقة عربي, وينبغي أن يقال حيث لم تنقل عجمته ولم يكن فيه سبب آخر ناشئ عن الغفلة عن حكم العلامة فتدبر. قوله: "فإن كان في الرباعي السين" أي: ما ذكر من عجمة الرباعي العاري عن حروف الذلاقة إذا لم يكن فيه السين فإن كان إلخ. قوله: "نحو: عسجد" هو الذهب والجوهر والبعير الضخم قاموس. قوله: "بغير فاصل" لم يشترط ذلك بعضهم ومثل لما فيه الفاصل بالجرموق. قوله: "نحو: قج وجق" الأول بقاف مفتوحة وجيم مشوبة بالشين ساكنة لغة تركية بمعنى اهرب وبمعنى كم الاستفهامية وأما بكسر القاف فبمعنى الرجل, والثاني بكسر الجيم وسكون القاف بمعنى اخرج, وقال في القاموس: الجقة بالكسر الناقة الهرمة, وجق الطائر ذرق ا. هـ. ولم يذكر قج ويؤخذ من صنيع شيخنا السيد أن مراد الشارح التمثيل بقج وجق التركيتين, وحينئذ يرد على الشارح أن كلامه في الأسماء وجق ليس في اللغة التركية اسمًا اللهم إلا أن يراد بالأسماء مطلق الكلمات فتأمل. قوله: "نحو: صولجان" بفتح الصادر واللام المحجن وجمعه صوالجة قاموس ومثله الجص والصنجة. قوله: "نحو: أسكرجة" قال البعض: بسكون السين وضم الكاف وضم الراء المشددة اسم لوعاء مخصوص ا. هـ. وانظر ما حركة الهمزة. قوله "والزاي بعد الدال" أي: وكالزاي بعد الدال, ولو قال: والزاي للدال أي: وتبعية الزاي للدال لكان أخصر وقيد في الهمع تبعية الزاي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ويعلى" أي: مما يمنع الصرف مع العلمية وزن الفعل بشرط أن يكون مختصا به أو غالبًا فيه. والمراد بالمختص ما لا يوجد في غير فعل إلا في نادر أو علم أو أعجمي كصيغة الماضي المفتتح بتاء المطاوعة كتعلم أو بهمزة وصل كانطلق، وما سوى أفعل ونفعل وتفعل ويفعل من أوزان المضارع وما سلمت صيغته من مصوغ لما لم يسم فاعله وبناء فعل، وما صيغ للأمر من غير فاعل، والثلاثي نحو: أَنطلق ودحرج فإذا سمي بهما مجردين عن الضمير قيل هذا أنطلق ودحرج ورأيت أنطلق ودحرج ومررت بأنطلق ودحرج، وهكذا كل وزن من الأوزان المبنية على أنها تختص بالفعل والاحتراز بالنادر من نحو: دئل لدويبة   للدال بكونها في آخر الكلمة وقوله: نحو: مهندز, قال يس: وقد تبدل زايه سينًا. قوله: "كذاك ذو وزن" أي: علم ذو وزن وفي البيت عطف الاسم على الفعل لكون أحدهما بمعنى الآخر, والأحسن هنا إرجاع الأولى إلى الثاني؛ لأن الأصل في الوصف الإفراد. قوله: "كأحمد" منقول من فعل ماض أو مضارع أو من اسم تفضيل ا. هـ. سم. قوله: "إلا في نادر" أي: لفظ نادر عربي غير علم بقرينة عطف العلم والعجمي عليه, والعطف يقتضي المغايرة وقوله: كصيغة الماضي إلخ تمثيل للمختص وعطف عليه قوله: وما سوى إلخ, وقوله: وما سلمت إلخ, وقوله: وبناء فعل, وقوله: وما صيغ إلخ. قوله: "أو بهمزة وصل" وحكم همزة الوصل في الفعل المسمى به القطع؛ لأن المنقول من فعل بعد عن أصله فالتحق بنظائره من الأسماء فحكم فيه بقطع الهمزة بخلاف المنقول من اسم كاقتدار فإن الهمزة تبقى على وصلها بعد التسمية؛ لأن المنقول من اسم لم يبعد عن أصله فلم يستحق الخروج عما هو له. تصريح. قوله: "وما سوى أفعل ونفعل وتفعل ويفعل" أي: لأن هذه من الغالب كما يعلم مما يأتي ا. هـ. سم ومثال ما سواها يدحرج ويستخرج. قوله: "وما سلمت إلخ" احترز بالسلامة عن الغير كرد وقيل وسيأتي, وقوله: من مصوغ بيان لما سلمت إلخ, وقوله: وبناء فعل أي: بالتشديد. قوله: "من غير فاعل" أما ما صيغ للأمر من فاعل كضارب بكسر الراء أمر من ضارب بفتحها فليس من المختص, ولا من الغالب بل هو بالاسم أولى فلا يؤثر. تصريح. قوله: "والثلاثي" أي: وغير الثلاثي؛ لأن ما صيغ من الثلاثي من الغالب كما يأتي سم. قوله: "نحو: انطلق ودحرج" تمثيل لما صيغ للأمر من غير فاعل وغير الثلاثي. قوله: "مجردين عن الضمير" إذ لو اقترنا به لكانا من المحكي لا من الممنوع الصرف؛ لأن العلم حينئذ منقول من الجملة لا من الفعل وحده لكن هذا القيد لا يخص هذين المثالين كما لا يخفى. قوله: "قيل هذا أنطلق" بقطع الهمزة لما مر. قوله: "وهكذا" أي: كالمذكور من صيغة الماضي المفتتح بتاء المطاوعة وغيره مما مر وقوله: المبنية أي: الموضوعة. قوله: "والاحتراز بالنادر من نحو: دئل" أي: من خروج وزن نحو: دئل بصيغة الماضي المجهول وينجلب وتبشر عن ضابط المختص بالفعل, وقوله: لدويبة أي: شبيهة بابن عرس أي: اسم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وينجلب لخرزة وتبشر لطائر، وبالعلم من نحو: خضم بالمعجمتين لرجل وشمر لفرس وبالأعجمي من بقم وإستبرق فلا يمنع وجدان هذه الأسماء اختصاص أوزانها بالفعل؛ لأن النادر والعجمي لا حكم لهما؛ ولأن العلم منقول من فعل فالاختصاص باق، والمراد بالغالب ما كان الفعل به أولى إما لكثرته فيه كإثمد وأصبع وأُبْلُم فإن أوزانها تقل في الاسم وتكثر في الأمر من الثلاثي؛ وإما لأن أوله زيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم كأفكل وأكلب فإن نظائرهما تكثر في الأسماء والأفعال، لكن الهمزة من أفعل وأفعل تدل على معنى في الفعل نحو: أذهب وأكتب ولا تدل على معنى في الاسم فكان المفتتح بأحدهما من   لهذا النوع وكذا يقال في قوله: لخرزة وقوله: لطائر فدئل وينجلب وتبشر أسماء أجناس فلو جعلت أعلامًا منعت الصرف, وكذا بقم وإستبرق كذا قال سم, وفي التوضيح ما يؤيده وينجلب بجيم بعد النون وتبشر بضم التاء وفتح الباء وكسر الشين مشددة كما في سم. وغيره وصدر في القاموس بضم الباء الموحدة ثم حكى فتحها. قوله: "من نحو: خضم" بفتح الخاء المعجمة وتشديد الضاد المعجمة مفتوحة كما في القاموس. قوله: "من بقم وإستبرق" البقم بفتح الموحدة وتشديد القاف مفتوحة صبغ معروف وهو العندم والإستبرق الديباج الغليظ. قوله: "إما لكثرته فيه" يرد عليه أن وزن فاعل بفتح العين كضارب وقاتل أكثر في الأفعال مع أن ما على وزنه من الأسماء كخاتم بالفتح مصروف إلا أن يكون أطلق بناء على أن الغالب أن أكثرية الوزن في الفعل تقتضي المنع ومن غير الغالب قد لا تقتضيه. قوله: "كإثمد" بكسر الهمزة والميم وسكون المثلثة وبالدال المهملة وإصبع بكسر الهمزة وفتح الباء الموحدة واحدة الأصابع وفيها عشر لغات حاصلة من ضرب ثلاثة أحوال الهمزة في ثلاثة أحوال الباء والعاشر أصبوع وأبلم بضم الهمزة واللام بينهما موحدة ساكنة سعف المقل ا. هـ. تصريح ونقل البعض عن البهوتي فتح الهمزة واللام وكسرهما أيضًا. قوله: "وإما لأن أوله" احترز بقوله: أوله من وزن فاعل بالفتح فإنه وإن اشتمل على زيادة تدل في الفعل كضارب دون الاسم كخاتم وهي ألف المفاعلة, لكن ليست أوله فليس الفعل أولى به من الاسم وإن كان أكثر في الفعل فتفطن. قوله: "زيادة إلخ" احترز بزيادة عما لو كان أوله أصليا فلا أثر له وإن ماثل حروف المضارعة كما في نرجس ونهشل. واعلم أنه يدخل في كلامه نحو: ينجلب وتبشر فلم جعل ذلك من المختص وهلا جعله من الغالب ا. هـ. سم. قلت: إنما جعل ذلك من المختص نظرًا إلى الصيغة بتمامها وهو أولى من جعله من الغالب نظرًا إلى جزئها فتأمل ا. هـ. إسقاطي والعجب من البعض حيث ذكر السؤال بلا عزو والجواب بلا عزو كما هو عادته ولم يحذف لفظ قلت: فأوهم أن الجواب له وليس كذلك كما علمت. قوله: "كأفكل" وهو الرعدة وأكلب جمع كلب, وقوله: فإن نظائرهما إلخ نظائر أفكل من الأسماء أبيض وأسود وأفضل ومن الأفعال أذهب أوعلم وأسمع ومن نظائر أكلب من الأسماء أبحر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الأفعال أصلًا للمفتتح بأحدهما من الأسماء، وقد يجتمع الأمران نحو: يرمع وتنضب فإنهما كإثمد في كونه على وزن يكثر في الأفعال ويقل في الأسماء وكأفكل في كونه مفتتحًا بما يدل على معنى في الفعل دون الاسم. تنبيهات: الأول قد اتضح بما ذكر أن التعبير عن هذا النوع بأن يقال أو ما أصله للفعل كما فعل في الكافية، أو ما هو به أولى كما في شرحها والتسهيل أجود من التعبير عنه بالغالب. الثاني قد فهم من قوله يخص الفعل أو غالب أن الوزن المشترك غير الغالب لا يمنع الصرف نحو: ضرب ودحرج خلافًا لعيسى بن عمر فيما نقل من فعل فإنه لا يصرفه تمسكًا بقوله:   وأوجه وأعين ومن الأفعال: أنصر وأدخل وأخرج. قوله: "بأحدهما" أي: بهمزة أحدهما أي: أفعل وأفعل. قوله: "وقد يجتمع الأمران" أي: المعلل بهما الأولوية وهما الأكثرية والافتتاح بزيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم, هذا ما يدل عليه كلامه بعد وأما ما قاله سم وتبعه شيخنا والبعض من أنهما الأكثرية والأولوية فلا يناسب كلامه بعد فافهم. قوله: "نحو: يرمغ" بتحتية فراء فميم فغين معجمة بوزن يضرب اسم لحجارة بيض دقاق تلمع وتنضب بفوقية فنون فضاد معجمة فموحدة بوزن تنصر اسم شجر, فلو قال يدل قوله: فإنهما كإثمد فإنهما كاصبع وأصبع لكان أنسب نعم يرد على الشارح أن وزن أفعل بضم العين كثير في الأسماء أيضا كما قدمه فتأمل. قوله: "قد اتضح بما ذكر إلخ" يجوز أن يحمل قول المصنف أو غالب على الغالب حقيقة لكثرته في الفعل أو حكمًا بأن يكون القياس يقتضي كثرته في الفعل؛ لأن أنسب به؛ لأن أوله زيادة تدل على معنى فيه دون الاسم ا. هـ. سم. ويدل على هذا الحمل تمثيله بأحمد ويعلى للغالب؛ لأنهما من الغالب حكمًا. قوله: "عن هذا النوع" أي: المعبر عنه هنا بالغالب. قوله: "أجود إلخ" أي: لأنه قد بان أن هذا النوع قسمان ما يغلب في الفعل وما الفعل به أولى وإن لم يغلب. وقول الناظم: أو غالب لا يشمل القسم الثاني بدون تأويل. قوله: "الثاني قد فهم من قوله إلخ" عبارة السندوبي وفهم من كلامه أن الوزن الخاص بالاسم أو الغالب فيه أو المستوى فيه هو والفعل لا يؤثر وهو كذلك, وخالف عيسى بن عمر في المنقول من الفعل ا. هـ. فقول الشارح: المشترك أي: وكذا المختص بالاسم وقوله: غير الغالب أي: في الفعل فيصدق بالغالب في الاسم والمستوى فيه هو والفعل. قوله: "لعيسى بن عمر" هو شيخ سيبويه وشيخ شيخه الخليل دماميني. قوله: "فيما نقل من فعل" أي: من موازن فعل بفتحتين يعني من الفاعل الماضي مطلقًا أي: لا بقيد صيغة مخصوصة كما يدل عليه كلام عيسى بن عمر فإنه قال كما في الشاطبي: كل فعل ماض إذا سمي به, فإنه لا ينصرف وبدليل الرد عليه بعد بأن العرب أجمعوا على صرف كعسب اسم رجل مع أنه منقول من كعسب إذا أسرع, إذ لو كانت مخالفة عيسى في خصوص الماضي الذي على وزن فعل كأكل وضرب لم يصح الرد عليه بصرف كعسب إجماعًا؛ لأن وزن كعسب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   1032- أنا ابْنُ جَلا وطَلاعِ الثَّنايا ولا حجة فيه؛ لأنه محمول على إرادة أنا ابن رجلا جلا الأمور وجربها، فجلا جملة من فعل وفاعل فهو محكي لا ممنوع من الصرف كقوله: 1033- نُبِّئْتُ أخْوالِي بَنِي يَزِيدُ والذي يدل على ذلك إجماع العرب على صرف كعسب اسم رجل مع أنه منقول من كعسب إذا أسرع. وقد ذهب بعضهم إلى أن الفعل قد يحكى مسمى به وإن كان غير   فعلل وكلامه في موازن فعل. قوله: "أنا ابن رجل جلا إلخ" فجملة جلا في موضع خفض صفة لمحذوف واعترض بأن الموصوف بالجملة لا يحذف إلا إذا كان بعض اسم مجرور بمن أو في كما مر في النعت, لكن نقل يس عن بعضهم عدم اعتبار هذا الشرط, ونقل شيخنا السيد أن اعتباره خاص بما إذا كان الموصوف مرفوعًا. قوله: "فهو محكي" نظر في تفريع هذا على سابقه بأنه إنما يتفرع كون الجملة محكية على جعلها مسمى بها لا على أنها صفة لمحذوف؛ لأن الجملة الموصوف بها لا تسمى محكية بل هما احتمالان كما تصرح به عبارة التوضيح وهي: وأجيب بأنه يحتمل أن يكون سمي بجلا من قولك: زيد جلا ففيه ضمير وهو من باب المحكيات كقوله: نبئت أخوالي بني يزيد وأن يكون ليس بعلم بل صفة لمحذوف أي: أنا انب رجل جلا الأمور ا. هـ. فكان الظاهر أن يقول أو هو محكي. قوله: "بني يزيد" فيزيد مسمى به وفيه ضمير مستتر بدليل رفعه على الحكاية, ولو كان مجردًا عن الضمير لجر بالفتحة تصريح. قوله: "والذي يدل على ذلك" أي: الصرف فيما نقل عن الفعل الماضي خلافًا لعيسى وما ذكره البعض من المناقشة في الدلالة المذكورة علم رده مما كتبناه على قوله فيما نقل من فعل. قوله: "إلى أن الفعل قد يحكى   1032- عجزه: متى أضعُ العمامَةَ تَعْرفونِي والبيت من الوافر، وهو لسحيم بن وثيل الرياحي في الاشتقاق ص224؛ والأصمعيات ص17؛ وجمهرة اللغة ص495، 1044؛ وخزانة الأدب 1/ 255، 257، 266؛ والدرر 1/ 99؛ وشرح شواهد المغني 1/ 459؛ وشرح المفصل 3/ 62؛ والشعر والشعراء 2/ 647؛ والكتاب 3/ 207؛ والمقاصد النحوية 4/ 356؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص314؛ وأمالي ابن الحاجب ص456؛ وأوضح المسالك 4/ 127؛ وخزانة الأدب 9/ 402؛ وشرح شواهد المغني 2/ 749؛ وشرح قطر الندى ص86؛ وشرح المفصل 1/ 61، 4/ 105؛ ولسان العرب 14/ 124 "ثنى"، 152 "جلا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص20؛ ومجالس ثعلب 1/ 212؛ ومغني اللبيب 1/ 160؛ والمقرب 1/ 283؛ وهمع الهوامع 1/ 30. 1033- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ وخزانة الأدب 1/ 270؛ وشرح التصريح 1/ 117؛ والمقاصد النحوية 1/ 388، 4/ 370؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 124؛ وشرح المفصل 1/ 28؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد"، 329 "فدد"؛ ومجالس ثعلب ص212؛ ومغني اللبيب 2/ 626. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مسند إلى ضمير متمسكًا بهذا البيت. ونقل عن الفراء ما يقرب من مذهب عيسى، قال: في الأمثلة التي تكون للأسماء والأفعال إن غلبت للأفعال فلا تجره في المعرفة نحو: رجل اسمه ضرب, فإن هذا اللفظ وإن كان اسمًا للعسل الأبيض هو أشهر في الفعل، وإن غلب في الاسم فأجره في المعرفة والنكرة نحو: رجل مسمى بحجر؛ لأنه يكون فعلًا. تقول: حجر عليه القاضي ولكنه أشهر في الاسم. الثالث يشترط في الوزن المانع للصرف شرطان: أحدهما أن يكون لازمًا. الثاني أن لا يخرج بالتغيير إلى مثال هو للاسم، فخرج بالأول نحو: امرئ فإنه لو سمي به انصرف, وإن كان في النصب شبيهًا بالأمر من علم وفي الجر   مسمى به" أي: فعلى تسليم أن جلا مجرد عن الضمير مسمى به لا نسلم دلالته على منع الصرف الذي ادعاه عيسى, لاحتمال أن يكون محكيا بناء على هذا المذهب. وقوله: بهذا البيت أي: أنا ابن جلا إلخ. قوله: "وما يقرب من مذهب عيسى" إنما قال يقرب لمخالفته مذهب عيسى فيما غلب استعماله اسمًا وإن وافقه فيما غلب استعماله فعلًا؛ ولأن نظر عيسى إلى الوزن بقطع النظر عن المادة ونظر الفراء إلى المادة ذات الوزن. قوله: "الأمثلة التي تكون إلخ" أي: الكلمات التي تارة تكون أسماء وتارة أفعالًا إن غلب استعمالها أفعالًا إلخ, ولم ينقل الشارح حكم ما استعمل اسمًا وفعلا على السواء عند الفراء, ولعله يجوز الوجهين في المعرفة فراجع. قوله: "فلا تجره" أي: بالكسرة والضمير البارز للأمثلة لتأولها بالمذكور. قوله "أن يكون لازمًا" أي: للكلمة فنحو: إثمد لازم له وزن اضرب ونحو: إصبع لازم له على إحد لغاته وزن اقطع ونحو: أبلم لازم له وزن اكتب. قال الحفيد: اعلم أن الوزن إذا كان مختصا تجب الموازنة في اللفظ والتقدير, وإن كان غالبا لكونه مبدوءًا بزيادة هي بالفعل أولى من الاسم فلا تشترط الموازنة في اللفظ؛ لأن أوله مما ينبه على الوزن؛ ولهذا امتنع صرف أهب وأشد علمين إذا علمت هذا علمت عدم عموم قوله: أن يكون لازمًا إلخ ا. هـ. وقوله: إذا كان مختصا أي: أو غالبا لكثرته في الفعل دون الاسم بدليل بقية كلامه, واللائق كتابة هذا الكلام على الشرط الثاني وإبدال قوله: علمت عدم عموم قوله: أن يكون لازمًا بقوله: علمت عدم عموم قوله: أن لا يخرج بالتغيير إلى مثال هو للاسم, ومع كون البعض تبعه في كتابة ذلك على الشرط الأول تصرف في عبارته واختصرها تصرفًا واختصارًا مخلين. قوله: "الثاني أن لا يخرج إلخ" اعترضه البعض بأنه لا حاجة إلى هذا الشرط فإن ما أخرجه به من نحو: رد وقيل خارج من الضابط السابق للوزن المختص وخارج أيضًا بقيد السلامة في قوله سابقًا وما سلمت صيغته من مصوغ لما لم يسم فاعله؛ لأن المراد بالسالم عندهم ما سلم من الاعتلال والتضعيف ويمكن أن يدفع بأن خروجه من ضابط الوزن المختص لا يستلزم خروجه من مطلق الوزن المانع الصرف وكلامه الآن في شرط مطلق الوزن المانع وقوله: وما سلمت إلخ من مدخول كاف التمثيل والمثال لا يخصص فتدبر. قوله: "نحو: امرئ" أي: على لغة الاتباع فيه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   شبيهًا بالأمر من ضرب وفي الرفع شبيهًا بالأمر من خرج؛ لأنه خالف الأفعال بكون عينه لا تلزم حركة واحدة فلم تعتبر فيه الموازنة، وخرج الثاني نحو: رد وقيل فإن أصلهما ردد وقول، ولكن الإدغام والإعلال أخرجاهما إلى مشابهة برد وقيل فلم يعتبر فيهما الوزن الأصلي. ولو سميت رجلًا بألبب بالضم جمع لب لم تصرفه؛ لأنه لم يخرج بفك الإدغام إلى وزن ليس للفعل. وحكى أبو عثمان عن أبي الحسن صرفه؛ لأنه بابن الفعل بالفك. وشمل قولنا إلى مثال هو للاسم قسمين: أحدهما ما خرج إلى مثال غير نادر ولا إشكال في صرفه نحو: رد وقيل، والآخر ما خرج إلى مثال نادر نحو: انطلق إذا سكنت لامه فإنه خرج إلى بناء انْتَحَل وهو نادر، وهذا فيه خلاف، وجوز فيه ابن خروف الصرف والمنع. وقد فهم من ذلك أن ما دخله الإعلال ولم يخرجه إلى وزن الاسم نحو: يزيد امتنع صرفه. الرابع اختلف في   فإن سمي به على لغة من يلتزم فتح عينه منع من الصرف لكون الوزن لازمًا حينئذ, وكذا الكلام في ابنم على اللغتين دماميني بحذف. قوله: "وفي الرفع شبيهًا بالأمر من خرج" رد بأن همزته مكسورة كما كانت قبل التسمية, وهمزة اخرج مضمومة فلا مشابهة وحينئذ فصرفه في هذه الحالة أقوى من صرفه في الحالين الأولين. قوله: "ولكن الإدغام" أي: في رد والإعلال أي: في قيل بالنقل والقلب. قوله: "ولو سميت إلخ" محترز قوله: إلى مثال هو للاسم. قوله: "بالضم" أي: ضم الباء الأولى, وأما الهمزة فمفتوحة كما في الفارضي, قال الدماميني: واحترز عن ألبب بفتح الباء الأولى فإنه لا خلاف في منع صرفه؛ لأنه اسم تفضيل بمعنى أعقل فيستحق منع صرفه مطلقًا للصفة والوزن. قوله: "جمع لب" بضم اللام وتشديد الموحدة وهو العقل وجمع لب على ألبب قليل والأكثر أن يجمع على ألباب تصريح. قوله: "لأنه باين الفعل" أي: فعله الذي هو لب لا الفعل مطلقًا فإنه بوزن اكتب واقتل ا. هـ. زكريا والظاهر أنه لا حاجة إلى ذلك؛ لأن الشارح لم يدع انتفاء كونه بوزن الفعل وإنما ادعى كونه مباينًا للفعل بالفك؛ لأن الفعل الذي على وزنه مدغم نحو: أشد وأرد أي: فضعف اعتبار الوزن, قال في الهمع: والأصح وعليه سيبويه منعه ولا مبالاة بفكه؛ لأنه رجوع إلى أصل متروك فهو كتصحيح مثل: استحوذ, وذلك لا يمنع اعتبار الوزن إجماعًا فكذا الفك؛ ولأن وقوع الفك في الأفعال معهود كاشدد في التعجب ولم يردد وألل السقاء فلم يباينه. قوله: "إلى مثال نادر" ليس المراد أنه نادر في الاسم وكثير في الفعل وإلا كان من أوزان الفعل بل المراد أنه من أوزان الاسم الخاصة به إلا أنه نادر فيه سم. قوله: "إلى بناء انتحل" قال شيخنا: بالحاء المهملة الساكنة ا. هـ. ولم أجده في القاموس. قوله: "ما دخله الإعلال ولم يخرجه إلخ" نحو: يزيد فإنه أعل إذ أصله يزيد كيضرب ولم يخرج بالإعلال إلى مثال الاسم فمنع من الصرف فإن قيل يزيد على وزن بريد، أجيب بأنه وإن كان على وزنه لكن يزيد مفتتح بياء تدل في الفعل على معنى هو الغيبة بخلاف بريد فلم يخرج يزيد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 وما يَصِيرُ عَلمًا من ذي أَلِفْ ... زِيدَتْ لإلحاقٍ فليسَ يَنْصَرفْ   سكون التخفيف العارض بعد التسمية نحو: ضرب بسكون العين مخففًا من ضرب المجهول: فمذهب سيبويه أنه كالسكون اللازم فينصرف وهو اختيار المصنف، وذهب المازني والمبرد ومن وافقهما إلى أنه ممتنع الصرف، فلو خفف قبل التسمية انصرف قولًا واحدًا "وما يصير علمًا من ذي ألف زيدت لإلحاق فليس ينصرف" أي: ألف الإلحاق المقصورة تمنع الصرف مع العلمية لشبهها بألف التأنيث من وجهين: الأول أنها زائدة ليست مبدلة من شيء بخلاف الممدودة فإنها مبدلة من ياء. والثاني أنها تقع في مثال   عن كونه من أوزان الفعل. قوله: "وهو اختيار المصنف" لأن الوزن قد زال والأصل الصرف ولصرفهم جندل بعد حذف الألف, وإن كان حذفًا عارضًا مع أن فيه ما يدل على تقديرها وهو توالي أربع متحركات دماميني. قوله: "ممتنع الصرف" أي: لعروض السكون كما لا ينصرف جيل المخفف من جيأل. وأجيب عن هذا بأن الفتحة باقية فهي بمنزلة الهمزة دماميني. قال في الهمع: ويجري القولان في يعفر علمًا إذا ضم ياؤه اتباعًا فالأصح صرفه وعليه سيبويه, لورود السماع به فيما حكاه أبو زيد وخروجه إلى شبه الاسم والثاني منعه وعليه الأخفش لعروض الضمة فلا اعتداد بها ويجريان أيضًا في بدل همزة أفعل كهراق أصله أراق علمًا والأصح فيه المنع ولا مبالاة بهذا الإبدال. قوله: "فلو خفف" أي: بالسكون. قوله: "لإلحاق" هو جعل كلمة على مثال أخرى رباعية الأصول أو خماسيتها كجعل أرط وعلقى على مثال جعفر وعزهى وذفرى على مثال درهم وجلبب جلببة وجلبابًا على مثال دحرج دحرجة ودحراجًا وحلتيت وحلاتيت وعفريت وعفاريت على مثال قنديل وقناديل. قوله: "المقصورة" خرج به ألف الإلحاق الممدودة كما سيأتي. قوله: "مع العلمية" ولم تستقل ألف الإلحاق بالمنع كألف التأنيث؛ لأن الملحق بغيره أحط رتبة منه سم. قوله: "لشبهها بألف التأنيث" أي: المقصورة وقوله: من وجهين أي: لا من كل وجه فإنها تفارقها من حيث أن ألف التأنيث لا يقبل ما هي فيه التنوين ولا تاء التأنيث وما فيه ألف الإلحاق يقبلهما, وقد استعمل بعض الأسماء منونًا بجعل ألفه للإلحاق وغير منون بجعل ألفه للتأنيث نحو: تترى وبالوجهين قرئ في السبع قوله: "بخلاف الممدودة" أي: ألف الإلحاق الممدودة فإنها لا تؤثر منع الصرف لعدم شبهها بألف التأنيث الممدودة؛ لأن همزة الإلحاق منقلبة عن ياء وهمزة التأنيث منقلبة عن ألف وأيضًا همزة التأنيث منقلبة عن مانع وهو الألف فتمنع, وهمزة الإلحاق منقلبة عن غير مانع وهو الياء فلا تمنع أفاده في التصريح. قوله: "فإنها مبدلة من ياء" أي: فلم تشبه ألف التأنيث الممدودة؛ لأنها مبدلة من ألف ثانية, وظاهر هذا الجري على أن ألف الإلحاق الممدود الهمزة بعد الألف وألف التأنيث الممدودة الهمزة بعد الألف وفيه خلاف سيأتي في باب التأنيث. قوله: "في مثال" أي: وزن وقوله: نحو: أرطي اسم شجر وألفه للإلحاق بجعفر على الراجح وقيل إن أرطى أفعل فمانعه العلمية ووزن الفعل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 والعَلَمَ امنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلا ... كفُعَل التوكيدِ أو كثُعَلا والعَدلُ والتعرِيفُ مانِعا سَحَرْ ... إذا به التَّعيينُ قَصْدًا يُعتَبَرْ   صالح لألف التأنيث نحو: أرطى فإنه على مثال سكرى وعزهى فهو على مثال ذكرى بخلاف الممدودة نحو: علباء، وشبه الشيء بالشيء كثيرًا ما يلحقه به كحاميم اسم رجل، فإنه عند سيبويه ممنوع الصرف لشبهه بهابيل في الوزن والامتناع من الألف واللام، وكحمدون عند أبي علي حيث يمنع صرفه للتعريف والعجمة، ويرى أن حمدون وشبهه من الأعلام المزيد في آخرها واو بعد ضمة ونون لغير جمعية لا يوجد في استعمال عربي مجبول على العربية، بل في استعمال عجمي حقيقة أو حكمًا، فألحق بما منع صرفه للتعريف والعجمة المحضة. تنبيهان: الأول كان ينبغي أن يقيد الألف بالمقصود صريحًا أو بالمثال أو بهما كما فعل في الكافية فقال: وألِفُ الإلحاقِ مَقصورًا مَنع ... كعلقَ إن ذا عَلَميّة وَقَعْ الثاني: حكم ألف التكثير كحكم ألف الإلحاق في أنها تمنع مع العلمية نحو: قبعثري. ذكره بعضهم "والعلم امنع صرفه إن عدلا كفعل التوكيد أو كثعلا والعدل   قال الفارضي: ولا يجوز أن تكون ألف أرطى وعلقى للتأنيث؛ لأنهم قالوا: أرطاة وعلقاة فلو كانت للتأنيث لاجتمع تأنيثان في الكلمة ا. هـ. قوله: "وعزهى فهو على مثال ذكرى" كذا زيد في نسخ والعزهى بعين مهملة فزاي اسم للرجل الذي لا يلهو كما سيأتي في الشرح في باب التأنيث, وألفه للإلحاق بدرهم وترك مثال الضم لعدم ألف الإلحاق في فعلى بالضم بل هي ألف تأنيث كخنثى. قوله: "بخلاف الممدود" أي: ألف الإلحاق الممدودة فإنها لا تقع في مثال صالح لألف التأنيث. قوله: "نحو: علباء" بعين مهملة فلام فموحدة اسم لعصبة العنق وألفه الممدودة للإلحاق بقرطاس, وإنما لم تكن ألفه للتأنيث, قال الفارضي: لأن علباء لا يوازنه شيء من أوزان ألف التأنيث الممدودة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في علامة التأنيث. قوله: "وشبه الشيء" بتحريك شبه. قوله: "لشبهه بهابيل" فيكون مانعه من الصرف العلمية وشبه العجمة. قوله: "للتعريف والعجمة" أي: الحكمية بقرينة ما بعده ويعبر عنها بشبه العجمة. قوله: "في استعمال عربي" أي: في استعمال شخص عربي مجبول على العربية أي: فصيح موثوق بعربيته. قوله: "والعجمة المحضة" يعني الحقيقة. قوله: "حكم ألف التكثير" أي: التي أتى بها لأجل تكثير حروف الكلمة وتلحقها تاء التأنيث كألف الإلحاق فيقال قبعثراة. قوله: "نحو: قبعثرى" ومن أدخلها في ألف الإلحاق فقدسها إذ ليس في أصول الاسم سداسي فيلحق به ا. هـ تصريح والقبعثرى الجمل العظيم والفصيل المهزول قاموس. قوله: "والعلم" أي: حقيقة أو حكمًا بقرينة التمثيل بفعل التوكيد فإنه ليس بعلم حقيقة عند الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والتعريف مانعًا سحر إذا به التعيين قصدًا يعتبر" أي: يمنع من الصرف اجتماع التعريف والعدل في ثلاثة أشياء: أحدها فعل في التوكيد وهو جمع وكتع وبصع وبتع فإنها معارف بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد فشابهت بذلك العلم لكونه معرفة من غير قرينة لفظية. هذا ما مشى عليه في شرح الكافية، وهو ظاهر مذهب سيبويه، واختاره ابن عصفور. وقيل بالعلمية وهو ظاهر كلامه هنا ورده في شرح الكافية وأبطله, وقال في التسهيل: بشبه العلمية أو الوصفية. قال أبو حيان: وتجويزه أن العدل يمنع مع شبه الصفة في باب جمع لا أعرف له فيه سلفًا، ومعدولة عن فعلاوات فإن مفرداتها جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء، وإنما   الناظم كما في شرح الكافية وتصحيح بعضهم إبقاء العلمية على ظاهرها بجعل الكاف للتنظير لا للتمثيل يمنعه العطف في قوله: أو كثعلا؛ لأن فعل مثال قطعًا فالمناسب أن يكون ما قبله كذلك نعم يصح الإبقاء بإجراء كلامه هنا على القول بأن فعل التوكيد علم حقيقة لمعنى هو الإحاطة, وإن كان خلاف ما مشى عليه في الكافية. قوله: "كفعل التوكيد" الإضافة على معنى اللام أوفى وكلام الشارح يشير إلى هذا. قوله: "كثعلا" هو علم جنس للثعلب. قوله: "إذا به" الباء بمعنى في متعلقة بيعتبر وقصدًا أي: مقصودًا حال مؤكدة من نائب الفاعل وفي كلامه إدخال إذا على المضارع وهو جائز وإن كان قليلا. قوله: "بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد" والأصل في رأيت النساء جمع جمعهن فحذف الضمير للعلم به, واستغنى بنية الإضافة, وضعف هذا القول بأن تعريف الإضافة غير معتبر في منع الصرف. وأجيب بأن عدم اعتباره إذا وجد المضاف إليه؛ لأن حكم منع الصرف لا يتبين معه, وأما مع حذفه فما المانع من اعتباره. قوله: "فشابهت بذلك العلم إلخ" فإن سمي به أعني بفعل المؤكد به فمذهب سيبويه بقاؤه على المنع, وعن الأخفش صرفه؛ لأن العدل إنما كان حال التوكيد وقد ذهب فإن نكر بعد التسمية صرف وفاقًا لذهاب العلمية بلا عوض عنها بخلاف أخر؛ لأنه في الأصل صفة أفاده السيوطي. قوله: "وقيل بالعلمية" أي: لمعنى الإحاطة ا. هـ. تصريح فهي علم جنس للمعنى كسبحان. قوله: "وهو ظاهر كلامه هنا" لأنه مثل للعلم المعدول بفعل التوكيد, وإنما قال ظاهر؛ لإمكان حمل العلم في كلامه على ما يشمل العلم حكمًا وهو ما يشبه العلم الحقيقي في كون تعريفه بغير أداة ظاهرة. قوله: "ورده في شرح الكافية وأبطله" فقال: وليس -يعني جمع- بعلم؛ لأن العلم إما شخصي أو جنسي فالشخصي مخصوص ببعض الأشخاص فلا يصح لغيره, والجنسي مخصوص ببعض الأجناس فلا يصلح لغيره وجمع بخلاف ذلك فالحكم بعلميته باطل ا. هـ. قلت: علم الإحاطة من قبيل علم الجنس المعنوي كسبحان للتسبيح وفي ارتكابه توفية بالقاعدة وهي أنه لا يعتبر في منع الصرف من المعارف إلا العلمية تصريح. قوله: "يشبه العلمية" أي: نظرًا لكونه معرفًا بغير أداة ظاهرة, وقوله: أو الوصفية أي: وشبه الوصفية أي: نظرًا لكون مذكره أفعل ومؤنثه فعلاء كما هو شأن الصفات. قوله: "ومعدولة عن فعلاوات" عطف على معارف في قوله السابق: فإنها معارف بنية الإضافة سم. قوله: "لأن مذكره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قياس فعلاء إذا كان اسمًا أن يجمع على فعلاوات كصحراء وصحراوات؛ لأن مذكره جمع بالواو والنون فحق مؤنثه أن يجمع بالألف والتاء، وهذا اختيار الناظم. وقيل معدولة عن فعل؛ لأن قياس أفعل فعلاء أن يجمع مذكره ومؤنثه على فُعْل نحو: حمر في أحمر وحمراء, وهو قول الأخفش والسيرافي واختاره ابن عصفور. وقيل إنه معدول عن فعالي كصحراء وصحاري، والصحيح الأول؛ لأن فعلاء لا يجمع على فعل إلا إذا كان مؤنثًا لأفعل صفة كحمراء وصفرء، ولا على فعالي إذا كان اسمًا محضًا لا مذكر له كصحراء، وجمعاء ليس كذلك. الثاني علم المذكر والمعدول إلى فعل نحو: عمر وزفر وزحل ومضر وثعل وهبل وجشم وقثم وجمح وقزح ودلف: فعمر معدول عن عامر وزفر معدول عن زافر، وكذا باقيها. قيل وبعضها عن أفعل وهو ثعل، وطريق العلم بعدل هذا النوع سماعه غير مصروف عاريًا من سائر الموانع، وإنما جعل هذا النوع معدولًا لأمرين: أحدهما أنه لو لم يقدر عدله لزم ترتيب المنع على علة واحدة إذ ليس فيه من الموانع غير العلمية. والآخر أن الأعلام يغلب عليها النقل فجعل عمر معدولًا عن عامر العلم المنقول من الصفة ولم يجعل مرتجلًا، وكذا باقيها. وذكر بعضهم لعدله فائدتين: إحداهما لفظية وهي التخفيف، والأخرى معنوية وهي تمحيض العلمية إذ لو قيل عامر لتوهم أنه صفة، فإن ورد فعل مصروفًا   جمع إلخ" كان ينبغي أن يقول: ولأن مذكره إلخ؛ لأن هذا تعليل آخر للناظم وابنه غير تعليل ابن هاشم السابق في قوله: فإن مفرداتها جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء وإنما قياس فعلاء إلخ؛ ولأن صنيعه يوهم أن صحراء له مذكر وليس ذلك كما سيصرح به الشارح أفاده البهوتي. قوله: "عن فعل" أي: بضم الفاء وسكون العين. قوله: "وقيل إنه معدول عن فعالى" أي: لأن فعلاء الذي ليس بصفة قياسه أن يجمع على فعالى دماميمي. قوله: "صفة" حال من أفعل وقوله: لا مذكر له بيان لقوله: محضًا كما تدل عليه عبارة الدماميني. قوله: "وجمعاء ليس كذلك" لأنه ليس بصفة وله مذكر فبطل القولان الأخيران. قوله: "نحو: عمر إلخ" دخل تحت نحو: هدل وعصم وبلع وحجى فجملة الأعلام الموازنة فعل خمسة عشر. قوله: "وزفر عن زافر" بمعنى ناصر أو حامل كما في الفارضي قال: وأما زفر بمعنى كثير العطاء فيصرف؛ لأنه نكرة بدليل دخول أل عليه ا. هـ. قوله: "وهو ثعل" قال أبو حيان: لأن ثاعلا غير مستعمل وأثعل مستعمل قال في الصحاح: الثعل بالتحريك زوائد في الأسنان واختلاف منابتها، رجل أثعل وامرأة ثعلاء ا. هـ. قوله: "عاريًا من سائر الموانع" أي: غير العلمية؛ لأن الكلام في العلم. قوله: "لو لم يقدر عدله إلخ" وإنما قدر العدل دون غيره لإمكانه دون غيره دماميني. قوله: "عن عامر العلم المنقول من الصفة" صريح في أن المعدول عنه العلم لا الصفة. قوله: "وهي التخفيف" أي: بحذف الألف. قوله: "فإن ورد فعل مصروفًا إلخ" وما لم يسمع صرفه ولا عدمه فسيبويه يصرفه حملًا على الأصل في الأسماء وغيره يمنع صرفه حملا الغالب في فعل علمًا, وليس يجيد قاله الخضراوي ا. هـ. تصريح. وعبارة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وهو علم علمنا أنه ليس بمعدول، وذلك نحو: أدد وهو عند سيبويه من الود فهمزته عن واو، وعند غيره من الأد وهو العظيم فهمزته أصلية، فإن وجد في فعل مانع مع العلمية لم يجعل معدولًا نحو: طوى فإن منعه للتأنيث والعلمية، ونحو: تتل اسم أعجمي فالمانع له العجمة والعلمية عند من يرى منع الثلاثي للعجمة إذ لا وجه لتكلف تقدير العدل مع إمكان غيره. ويلتحق بهذا النوع ما جعل علمًا من المعدول إلى فعل في النداء كغدر وفسق فحكمه حكم عمر. قال المصنف: وهو أحق من عمر بمنع الصرف؛؛ لأن عدله محقق وعدل عمر مقدر ا. هـ. وهو مذهب سيبويه. وذهب الأخفش وتبعه ابن السيد إلى صرفه. الثالث سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه فالأصل أن يعرف بأل أو بالإضافة، فإن تجرد منهما مع قصد التعيين فهو حينئذ ظرف لا يتصرف ولا ينصرف نحو: جئت يوم الجمعة سحر والمانع له   الأشباه للسيوطي قال في البسيط لو سمي بفعل مما لم يثبت كيفية استعماله ففيه ثلاثة أقوال: أحدها الأولى منع صرفه حملًا له على الأكثر. والثاني الأولى صرفه نظرًا إلى الأصل؛ لأن تقدير العدل على خلاف القياس. والثالث إن كان مشتقا من فعل منع الصرف حملًا على الأكثر وإلا صرف وهو فحوى كلام سيبويه ا. هـ. قوله: "هو علم" يظهر لي أن هذا القيد لكون الكلام في الأعلام وأن ما ورد مصروفًا وهو وصف كحطم ولبد ليس أيضًا معدولًا وإلا استحق منع الصرف. قوله: "من الود" أي: مشتق من الود وقوله: من الأد أي: مأخوذ من الإد؛ لأن الإد بكسر الهمزة بمعنى العظيم ليس مصدرًا. قوله: "فإن منعه للتأنيث" أي: المعنوي باعتبار البقعة وتنوينه باعتبار المكان لغة فيه قرئ بها في السبع. قوله: "ونحو: تتل" بفوقيتين اسم لبعض عظماء الترك وقوله: عند من يرى إلخ. أما عند من يرى عدم منعه فمانع تتل العلمية. والعدل وقوله: إذ لا وجه إلخ علة لقوله: لم يجعل معدولًا. قوله "بهذا النوع" أي: الثاني. قوله: "حكم عمر" فإن نكر زال المنع سيوطي. قوله: "لأن عدله محقق" فغدر معدول عن غادر وفسق معدول عن فاسق وهذا محقق له قبل التسمية, وأما بعدها فبقي لفظ المعدول على ما هو عليه فاعتبر فمانعه العلمية وبقاء لفظ العدل دماميني. قوله: "سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه فالأصل إلخ" كان يكفيه أن يقول سحر إذا أراد به سحر يوم بعينه فهو حينئذ ظرف إلخ وكأنه إنما زاد قوله: فالأصل إلخ لبيان وجه العدل لكن يرد عليه أنه قد بينه في قوله: أما العدل إلخ وإن لم يذكر ثم الإضافة فتأمل وقوله: إذا أريد به سحر يوم بعينه أي: وجعل ظرفًا كما سيأتي. قوله: "نحو: جئت يوم الجمعة سحر" قال في مبحث: إذًا من المغني وعمل العامل في ظرفي زمان يجوز إذا كان أحدهما أعم نحو: أتيك يوم الجمعة سحر ا. هـ. واستشكل بأن السحر هو الوقت الواقع قبل الفجر بقليل وضبطه بعضهم بالسدس الأخير من الليل واليوم ما بين طلوع الشمس وغروبها أو ما بين الفجر والغروب فلم يصدق أحد الطرفين على الآخر فلا عموم. وأجيب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   من الصرف العدل والتعريف: أما العدل فعن اللفظ بأل فإنه كان الأصل أن يعرف بها، وأما التعريف فقيل بالعلمية؛ لأنه جعل علمًا لهذا الوقت وهذا ما صرح به في التسهيل. وقيل بشبه العلمية؛ لأنه تعرف بغير أداة ظاهرة كالعلم وهو اختيار ابن عصفور. وقوله هنا والتعريف يومئ إليه إذ لم يقل والعلمية. وذهب صدر الأفاضل وهو أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرزي إلى أنه مبني لتضمنه معنى حرف التعريف. قال في شرح الكافية: وما ذهب إليه بثلاثة أوجه: أحدها أن ما ادعاه ممكن وما ادعيناه ممكن لكن ما   بحمل السحر على أول الفجر لقربة منه أو حمل اليوم على ما يشمل ما قبل الفجر. قوله: "فعن اللفظ بأل" أي: عن لفظ سحر المقرون بأل أي: العهدية كما في الدماميني؛ وذلك لأنه اسم جنس أريد به معين كرجل إذا أريد به معين فحقه أن يكون مع الإضافة أو أل لكنهم عدلوا عن قرنه بأل إلى جعله علمًا على هذا الوقت. فإن قلت كما يجوز أن يكون معدولًا عن ذي أل يجوز أن يكون معدولًا عن المضاف فلم حكمتم بأنه معدول عن ذي اللام دون المضاف؟ فالجواب أن التعريف بأل أخصر من التعريف الإضافي والضرورة داعية إلى اعتبار التعريف ومعها إنا يرتكب قدر الحاجة فلهذا لم يقل الشارح أو الإضافة مع أنه المطابق لقوله سابقًا, فالأصل أن يعرف بأل أو الإضافة. واعلم أن عدل سحر تحقيقي لا تقديري لما عرفت من أنه يدل عليه دليل غير منع الصرف وهو أنه اسم جنس أريد به معين فحقه أن يعرف بأل بخلاف التقديري فإنه لا دليل عليه إلا منع الصرف وليس المراد بالتحقيق ما نطقوا بأصله. قوله: "بالعلمية" قال الحفيد أي: الشخصية ا. هـ. قال سم ويلزم عليه تعدد الأوضاع بتعدد الأسحار المعينة أي: والأصل عدم تعدد الوضع فالأقرب جعله علم جنس. قوله: "وهذا ما صرح به في التسهيل" استشكله أبو حيان بأن المعدول له يشتمل على معنى المعدول عنه كاشتمال مثنى وفسق على معنى اثنين اثنين وفاسق وكيف يشتمل سحر على معنى السحر ويكون علمًا مع أن تعريف العلمية لا يجامع تعريف اللام فلا يجامع علمية سحر اشتماله على معنى السحر. همع باختصار. قوله: "إلى أنه مبنى" هذا ثاني أربعة أقوال فيه ذكرها الفارضي ثالثها أنه معرب منصرف وسينقله الشارح عن السهيلي والشلوبين الصغير. رابعها أنه لا معرب ولا مبني وهي مفروضة في سحر المراد به معين المجعول ظرفًا فإن نكر صرف وإن أريد به معين ولم يجعل ظرفًا قرن بأل أو أضيف وجوبًا كما صرح به الدماميني. قوله: "لتضمنه معنى حرف التعريف" الفرق بين العدل والتضمين أن العدل تغيير صيغة اللفظ مع بقاء معناه الأصلي والتضمين إشراب اللفظ معنى زائدًا على أصل معناه من غير تغييره عن صيغته الأصلية فسحر المذكور عند الجمهور مغير عن لفظ السحر من غير تغيير لمعناه وعند صدر الأفاضل وارد على صيغته الأصلية مع إشرابه معنى زائدًا على أصل معناه وهو التعيين أفاده في التصريح فالتغيير على العدل في اللفظ دون المعنى وعلى التضمين بالعكس. قوله: "ما ادعاه" أي: من البناء وتضمن معنى حرف التعريف فالمصنف إنما سلم إمكان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ادعيناه أولى؛ لأنه خروج عن الأصل بوجه دون وجه؛ لأن الممنوع الصرف باق على الإعراب، بخلاف ما ادعاه فإنه خروج عن الأصل بكل وجه. الثاني أنه لو كان مبنيا لكان غير الفتح أولى به؛ لأنه في موضع نصب فيجب اجتناب الفتحة؛ لئلا يتوهم الإعراب كما اجتنبت في قبل وبعد والمنادى المبني. الثالث أنه لو كان مبنيا لكان جائز الإعراب جواز إعراب حين في قوله: 1034- عَلى حِينِ عاتَبْتُ المَشِيب عَلَى الصِّبا لتساويهما في ضعف سبب البناء بكونه عارضًا، وكان يكون علامة إعرابه تنوينه في بعض المواضع، وفي عدم ذلك دليل على عدم البناء وأن فتحته إعرابية، وأن عدم التنوين   التضمن الذي علل به صدر الأفاضل البناء لا وجوده وإنما لم يحكم بعدمه؛ لأن ما سلكه أسلم له فسقط ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من الاعتراض. قوله: "لأنه خروج عن الأصل بوجه إلخ" إيضاحه أن أصل الاسم الإعراب والانصراف فالمنع من الصرف عدول عن وجه والبناء عدول عن وجهين معًا. قوله: "لكان غير الفتح إلخ" قد ينقض باسم لا التبرئة المبني؛ لأن بناءه على الفتح مع أنه في موضع نصب فلعل كلامه باعتبار الغالب. قوله: "فيجب اجتناب الفتحة" أي: يتأكد ليوافق قوله قبل لكان غير الفتح أولى به. قوله: "جائز الإعراب" جوازًا وقوعيا كما يؤخذ من بقية كلامه. قوله قبل لكان غير الفتح أولى به. قوله: "جائز الإعراب" جوازًا وقوعيا كما يؤخذ من بقية كلامه. قوله: "جواز إعراب حين" أي: إذا أضيف إلى جملة واللازم باطل عند صدر الأفاضل؛ لأنه مبني عنده مطلقًا زكريا. قوله: "في ضعف إلخ" وفي كون كل منهما ظرفًا زمانيا. قوله: "بكونه عارضًا" اعترضه البعض بأن الفرق بين سحر وحين ظاهر؛ لأن سبب بناء حين إضافته لمبنى وهي مجوز للبناء لا موجبة وسبب بناء سحر تضمنه معنى الحرف وهو موجب لا مجوز كما لا يخفى أي: ومجرد اشتراكهما في عروض البناء لا يقتضي جواز البناء فقد يكون البناء العارض واجبًا كبناء المنادى واسم لا. قوله: "وكان يكون إلخ" عطف على لكان جائز الإعراب. قوله: "وفي عدم ذلك" أي: التنوين دليل على عدم البناء؛ لأن انتفاء اللازم وهو جواز الإعراب مع التنوين يوجب انتفاء الملزوم   1034- عجزه: وقلتُ ألَمَّا أصْحُ والشِّيبُ وازعُ والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص32؛ والأضداد ص151؛ وجمهرة اللغة ص1315؛ وخزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553؛ والدرر 3/ 144؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 506؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 53؛ وشرح التصريح 2/ 42؛ وشرح شواهد المغني 2/ 816، 883؛ والكتاب 2/ 330؛ ولسان العرب 8/ 390 "وزع"، 9/ 70 "خشف"؛ والمقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 111؛ والإنصاف 1/ 292؛ وأوضح المسالك 3/ 133؛ ورصف المباني ص349؛ وشرح شذور الذهب ص102؛ وشرح ابن عقيل ص387؛ وشرح المفصل 3/ 16، 4/ 591، 8/ 137؛ ومغني اللبيب ص571؛ والمقرب 1/ 290، 2/ 516؛ والمنصف 1/ 58؛ وهمع الهوامع 1/ 218. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   إنما كان من أجل منع الصرف فلو نكر سحب وجب التصرف والانصراف كقوله تعالى: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ، نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} [القمر: 34] ا. هـ. وذهب السهيلي إلى أنه معرب وإنما حذف تنوينه لنية الإضافة. وذهب الشلوبين الصغير إلى أنه معرب، وإنما حذف تنوينه لنية أل، وعلى هذين القولين فهو من قبيل المنصرف، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور. تنبيه: نظير سحر في امتناعه من الصرف أمس عند بني تميم فإن منهم من يعربه في الرفع غير منصرف ويبنيه على الكسر في النصب والجر، ومنهم من يعربه إعراب ما لا ينصرف في الأحوال الثلاث خلافًا لمن أنكر ذلك، وغير بني تميم يبنونه على الكسر. وحكى ابن أبي الربيع أن بني تميم يعربونه إعراب ما لا ينصرف إذا رفع أو جر بمد أو منذ فقط. وزعم الزجاج أن من العرب من يبنيه على الفتح، واستشهد بقول الراجز: 1035- إني رأيتُ عَجبًا مُذْ أمْسَا قال في شرح التسهيل: ومدعاه غير صحيح لامتناع الفتح في موضع الرفع، ولأن   وهو البناء فثبت وجوب الإعراب مع عدم الصرف. قوله: "فلو نكر سحر" هذا مقابل قوله: إذا أريد به سحر يوم بعينه, واعلم أن هذا من تتمة كلام المصنف في شرح الكافية فلا يعترض بأن الأولى تأخيره عن جملة الأقوال في سحر المعرفة. قوله: "إلى أنه معرب" أي: ومنصرف كما يؤخذ من قوله: وإنما حذف تنوينه إلخ والخلاف بين السهيلي والشلوبين إنما هو في علة حذف التنوين كما هو ظاهر في سياقه. قوله: "نظير سحر في امتناعه من الصرف أمس إلخ" مثل ذلك أيضًا رجب وصفر فإن كلا منهما علم جنس على الشهر المخصوص ومعدول عن ذي أل. قوله: "من يعربه في الرفع إلخ" قال البعض: انظر ما وجه التفرقة بين حالة الرفع وغيرها ا. هـ. وأقول قد توجه بأن الرفع شأن العمد فلم يخرج فيه عن الأصل في الأسماء بالكلية بخلاف النصب والجر فإنهما شأن الفضلات فيقبلان الخروج عن الأصل بالكلية فاعرفه. قوله: "ويبنيه على الكسر" أي: لما يأتي قريبًا. قوله: "يبنونه على الكسر" أي: بالشروط الخمسة المأخوذة من قوله فيما يأتي, ولا خلاف في إعراب أمس وهي أن لا يكسر ولا يصغر ولا ينكر ولا يضاف ولا يحلى بأل وإنما بني لتضمنه معنى حرف التعريف وعلى حركة للتخلص من التقاء الساكنين وكانت كسرة؛ لأنها الأصل في التخلص. قوله: "إذا رفع أو جر بمذ أو منذ فقط" أي: ويبنونه على الكسر في غير ذلك, ولعل وجه تخصيص مذ ومنذ كثرة جر أمس بهما. قوله: "لامتناع الفتح في وضع الرفع" قال البعض: أي   1035- الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص32؛ وأوضح المسالك 4/ 132؛ وجمهرة اللغة ص841، 863؛ وخزانة الأدب 7/ 167، 168؛ والدرر 3/ 108؛ وشرح التصريح 2/ 226؛ وشرح شذور الذهب ص128؛ وشرح قطر الندى ص16؛ وشرح المفصل 4/ 106، 107؛ والكتاب 3/ 284؛ ولسان العرب 6/ 9، 10 "أمس"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص95؛ والمقاصد النحوية 4/ 357؛ ونوادر أبي زيد ص57؛ وهمع الهوامع 1/ 209. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 ابْنِ عَلَى الكَسْرِ فَعَالِ عَلَما ... مُؤنَّثًا وهو نَظيرُ جُشَما   سيبويه استشهد بالرجز على أن الفتح في أمسا فتح إعراب، وأبو القاسم لم يأخذ البيت من غير كتاب سيبويه، فقد غلط فيما ذهب إليه واستحق أن لا يعول عليه ا. هـ. ويدل للإعراب قوله: 1036- اعْتَصِمْ بالرّجاءِ إنْ عَنَّ بَأسٌ ... وتَناسَ الذي تَضَمَّنَ أمْسُ وأجاز الخليل في لقيته أمس أن يكون التقدير بالأمس، فحذف الباء وأل، فتكون الكسرة كسرة إعراب. قال في شرح الكافية: ولا خلاف في إعراب أمس إذا أضيف، أو لفظ معه بالألف واللام، أو نكر، أو صغر، أو كسر "وابن على الكسر فعال علما مؤنثًا"   لعدم وجدان الفتح في لسانهم في موضع الرفع فقالوا: مضى أمس بالرفع ولم يفتحوه ولو كان مبنيا على الفتح في الأحوال كلها أي: عند بعض العرب لسمع مضى أمس بالفتح ا. هـ. وفيه تصريح بأن منقول الزجاج البناء على الفتح في كل الأحوال وحينئذ يتم التعليل أما إن كان منقوله البناء على الفتح في الجر فقط فلا. قوله: "ولأن سيبويه استشهد بالرجز إلخ" هذا التعليل غير ناهض إذ لا ضرر في تخريج إنسان بيتًا على خلاف تخريج من نقل هذا البيت عن العرب فتدبر. قوله: "فتح إعراب" أي: نائب عن الكسر كما هو شأن الممنوع من الصرف وزعم بعضهم أن أسسًا فيه فعل فعل ماض فاعله ضمير مستتر أي: أمسى هو أي: المساء. قوله "وأبو القاسم" أي: الزجاج. قوله: "ويدل للإعراب إلخ" إن كان مقصوده الرد بذلك على الزجاج لم يتم لأن الزجاج لم يدع البناء على الفتح عند جميع العرب بل البناء على الفتح عند بعضهم فيجوز أن يكون قائل البيت من غير هذا البعض فافهم. قوله: "اعتصم" أي: تمسك وعن ظهر. قوله: "ولا خلاف إلخ" نظ فيه بعضهم بأن من العرب من يستصحب البناء مع أل كقوله: وإني وقفت اليوم والأمس قبله ... ببابك حتى كادت الشمس تغرب بكسر سين الأمس وهو في موضع نصب عطفًا على اليوم وخرج على أن أل زائدة لغير تعريف واستصحب معنى المعرفة فاستديم البناء أو أنها المعرفة وجر على إضمار الباء فالكسر إعراب لا بناء. قوله: "أو نكر" أي: أريد به يوم من الأيام الماضية مبهم كما في التوضيح بقي ما إذا أريد به معين من الأيام الماضية غير اليوم الذي يليه يومك كأن يراد به اليوم الذي يلييه أول الشهر الماضي ولا يبعد أن يكون حكمه حكم ما لو أريد به اليوم الذي يليه يومك ويكون التقييد باليوم الذي يليه يومك لأن الغالب في إرادة المعنى ا. هـ. سم وربما يشير إلى ذلك قولن التوضيح سهم فما يتبادر من كلام البعض من أن حكم هذا حكم المنكر غير صحيح. قوله: "أو صغر" أي: على مذهب من يجيز تصغيره كالمبرد وابن برهان ونص سيبويه على أنه لا يصغر وكذا غد استغناء بتصغير ما هو أشد تمكنًا وهو اليوم والليلة قاله أبو حيان. قوله: "أو كسر" أي: جمع جمع   1036 البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 133؛ والدرر 3/ 107؛ وشرح التصريح 2/ 226؛ والمقاصد النحوية 4/ 372؛ وهمع الهوامع 1/ 209. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 عندَ تَميمِ واصْرِفَنْ ما نُكِّرا ... منْ كلِّ ما التعريفُ فيه أثَّرا   أي: مطلقًا في لغة الحجازيين لشبهه بنزال وزنا وتعريفًا وتأنيثًا وعدلًا. وقيل لتضمنه معنى هاء التأنيث. قال الربعي. وقيل لتوالي العلل وليس بعد منع الصرف إلا البناء. قاله المبرد، والأول هو المشهور: تقول هذه حذام ووبار، ورأيت حذام ووبار، ومررت بحذام ووبار، ومنه قوله: 1037- إذا قالتْ حَذامِ فَصَدِّقُوها ... فإنَّ القولَ ما قالتْ حَذامِ "وهو نظير جشما" وعمر وزفر "عند تميم" أي: ممنوع الصرف للعلمية والعدل عن فاعلة، وهذا رأى سيبيويه. وقال المراد: للعلمية والتأنيث المعنوي كزينب، وهو أقوى على ما لا يخفى. وهذا فيما ليس آخره راء: فأما نحو: وبار وظفار وسفار فأكثرهم يبنيه على   تكسير على آمس كأفلس وأموس كفلوس وآماس كأوقات فعلم ما في قول البعض بأن قيل أموس من القصور. قوله: "مطلقًا" أي: سواء ختم براء أو لا. والحاصل أن فيه ثلاث لغات بناءه على الكسر مطلقًا وإعرابه إعراب ما لا ينصرف مطلقًا والتفصيل بين ما آخره راء فيبنى وما لا فيمنع من الصرف. قوله: "لشبهه بنزال" علة لابن ولا ينافي ما سبق من حصر سبب البناء في شبه الحرف؛ لأن الشبه بالحرف صادق بالشبه بلا واسطة وبها كما هنا؛ لأن نزال تشبه الحرف, وقوله: وتعريفًا لما مر من أن اسم الفعل الغير المنون معرفة وقوله: وتأنيثًا لعله في نزال باعتبار أنه اسم لكلمة انزل وهو جار على مذهب المبرد أن نزال بمعنى النزلة وعبارة الهمع لشبهه بفعال الواقع موقع الأمر كنزال في الوزن والعدل والتعريف فأسقط التأنيث. قوله: "لتضمنه معنى هاء التأنيث" أي: التي في المعدول عنه. قوله: "لتوالي العلل" أي: العلمية والتأنيث والعدل ورد بأن أذربيجان فيه خمسة أسباب وهو مع ذلك معرب ا. هـ. حفيد ويجاب بأنهم نبهوا بإعرابه على أن اجتماع الأسباب مجوز للبناء لا موجب سم والخمسة هي العلمية والعجمة وزيادة الألف والنون والتأنيث؛ لأنه علم بلدة والتركيب. قوله: "حذام" معدول عن حاذمة من الحذم وهو القطع, ومن هذا الباب صلاح اسمًا لمكة وسكاب اسمًا لفرس. قوله: "جشما" معدول عن جاشم أي: عظيم كما في سم. قوله: "وهذا رأي: سيبويه" وهو مقتضى قول المصنف وهو نظير جشما. قوله: "وهو أقوى على ما لا يخفى" أي: لأن التأنيث متحقق فلا حاجة إلى تقدير العدل لأنه إنما يقدر إذا لم يتحقق غيره وأجاب الدماميني بأن الغالب   1037- البيت من الوافر، وهو للجيم بن صعب في شرح التصريح 2/ 225؛ وشرح شواهد المغني 2/ 596؛ والعقد الفريد 3/ 363؛ ولسان العرب 6/ 306 "رقش"؛ والمقاصد النحوية 4/ 370؛ وله أو لوشيم بن طارق في لسان العرب 2/ 99 "نصت"؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 131؛ والخصائص 2/ 178؛ وشرح شذور الذهب ص123؛ وشرح ابن عقيل ص58؛ وشرح قطر الندى ص14؛ وشرح المفصل 4/ 64؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص75؛ ومغني اللبيب 1/ 220. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الكسر كأهل الحجاز؛ لأن لغتهم الإمالة، فإذا كسروا توصلوا إليها، ولو منعوه الصرف لامتنعت. وقد جمع الأعشى بين اللغتين في قوله: 1038- ومَرَّ دهْرٌ عَلى وَبارِ ... فَهَلَكَتْ جَهْرةً وَبارُ تنبيهات: الأول أفهم قوله مؤنثًا أن حذام وبابه لو سمي به مذكر لم يبن، وهو كذلك، بل يكون معربًا ممنوعًا من الصرف للعلمية والنقل عن مؤنث كغيره، ويجوز صرفه   على الأعلام النقل فلذا جعلها سيبويه منقولة عن فاعلة المنقولة عن الصفة كما تقدم في عمر، وعلى مذهب المبرد تكون مرتجلة وأجيب بغير ذللك أيضًا كما ذكره شيخنا. قوله: "نحو: وبار" اسم لأرض كانت لعاد وظفار اسم مدينة وسفار اسم ماء وكل معدول عن فاعلة وقولنا سفار اسم ماء تبعنا فيه التوضيح قال شارحه من مياه العرب ملحوظ فيه معنى التأنيئث؛ ولهذا قال سيبويه: اسم لماءة وقال الجوهري: اسم لبئر وهو المناسب؛ لأن الكلام في أعلام المؤنث والماء مذكر ا. هـ. قوله: "لأن لغتهم الإمالة" أي: لغة جميعهم كما صرحوا به واعترض بأن التوصل للإمالة ليس من أسباب البناء ولو سلم فمقتضى إمالة جميعهم إن جميعهم يبنون على الكسر لا أكثرهم فقط, ويدفع بأن سبب البناء ليس التوصل للإمالة بل الشبه بنزال على ما تقدم لكن أكثرهم اعتبر هذا الشبه لتقويه بترتب الإمالة التي هي لغتهم عليه وبعضهم لم يعتبره لكونه لا يقتضي البناء عنده, ولم يعتبر ترتب الإمالة عليه لكونه لا يجنح إلى الإمالة إلا عند تحقق مقتضى الكسر فاعرف ذلك. قوله: "وقد جمع الأعشى إلخ" أي: حيث كسر الأول بلا تنوين كما في الفارضي ورفع الثاني بالضمة, قال الدنوشري: فيه إشكال؛ لأن الأعشى إن كان غير تميمي فليس عنده إلا البناء على الكسر وكذا إن كان من أكثر بني تميم وإن كان من القليل فليس عنده إلا الإعراب, وقول بعضهم: يجوز للعربي أن يتكلم بغير لغته مردود ا. هـ. والتحقيق كما أوضحناه سابقًا أن العربي قادر على التكلم بغير لغته وحينئذ لا إشكال. نعم قال في شرح الشذور وقيل إن وبار الثاني ليس باسم كوبار الذي في حشو البيت بل الواو عاطفة وما بعدها فعل ماض وفاعل والجملة معطوفة على قوله: هلكلت وقال أولا هلكت بالتأنيث على معنى القبيلة, وثانيًا باروا بالتذكير على معنى الحي, وعلى هذا القول يكتب باروا بالواو والألف كما يكتب ساروا ا. هـ. فعلى هذا القول لا جمع بين اللغتين. قوله: "والنقل عن مؤنث" لو قال: والتأنيث بحسب الأصل لكان أحسن؛ لأن النقل نفسه   1038- البيت من مخلع البسيط, وهو للأعشى في ديوانه ص331؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 240؛ وشرح التصريح 2/ 225؛ وشرح شذور الذهب ص125؛ وشرح المفصل 4/ 64، 65؛ والكتاب 3/ 279؛ ولسان العرب 5/ 273 "وبر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 358؛ وهمع الهوامع 1/ 29؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص264؛ وأوضح المسالك 4/ 130؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص77؛ والمقتضب 3/ 50؛ والمقرب 1/ 282. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لأنه إنما كان مؤنثًا لإرادتك به ما عدل عنه، فلما زاد العدل زال التأنيث بزواله. الثاني فعال يكون معدولًا وغير معدول: فالمعدول إما علم مؤنث كحذام وتقدم حكمه، وإما أمر نحو: نزال، وإما مصدر نحو: حماد، وإما حال نحو: 1039- والخَيلُ تَعْدُو في الصَّعيدِ بَدادِ وإما صفة جارية مجرى الأعلام نحو: حلاق للمنية. وإما صفة ملازمة للنداء نحو: فساق، فهذا خمسة أنواع كلها مبنية على الكسر معدولة عن مؤنث، فإن سمي ببعضها مذكر فهو كعناق وقد يجعل كصباح، وإن سمي به مؤنث فهو كحذام ولا يجوز البناء   ليس من أسباب منع الصرف. قوله: "لأنه إنما كان مؤنثًا إلخ" أي: لأن حذام إنما كان مؤنثًا؛ لأنك أردت به في حالة كونك اسما لأنثى مدلول المؤنث الذي عدل عنه وهو حاذمة, فلما زال العدل بجعله اسمًا لمذكر وعدل إرادة مدلول حاذمة زال التأنيث فانتفى سبب منع الصرف وإنما زال العدل بذلك؛ لأنه لا يصح أن يكون في حالة كونه اسما لمذكر معدولًا عن حاذمة لامتناع إطلاق حاذمة على المذكر مع أن شأن العدل صحة إطلاق المعدول عنه على مسمى المعدول, ولو قال الشارح بدل قوله: فلما زال العبد إلخ فلما لم ترد ذلك زال التأنيث فزال العدل بزواله لكان واضحًا فتأمل. قوله: "وأما أمر" إن حمل على الأمر الاصطلاحي كان التقدير اسم فعل أمر وإن حمل على الأمر اللغوي وهو الطلب كان التقدير دال أمر. قال في التسهيل: وفتح فعال أمرًا لغة أسدية. قال الدماميني: فيقولون نزال بفتح الآخر إيثارًا للتخفيف. قوله: "نحو: حماد" معدول عن محمدة بفتح الميم الثانية وكسرها. قوله: "في الصعيد" قال في لقاموس: الصعيد التراب أو وجه الأرض أو الطريق وبلاد بمصر مسيرة خمسة عشر يومًا طولًا, وموضع قرب وادى القرى به مسجد للنبي -صلى الله عليه وسلم ا. هـ. وقوله: بداد معدول عن متبددة. قوله: "جارية مجرى الأعلام" أي: في استعمالها غير تابعة لموصوف وقوله: حلاق بالحاء المهملة معدول عن حالقة والمنية الموت. قوله: "معدولة عن مؤنث" هذا في الأمر ظاهر على رأي المبرد أنه معدول عن مصدر مؤنث معرفة أما على ظاهر كلام سيبويه أنه معدول عن الفعل كما في الهمع فتأنيث الفعل باعتبار أنه كلمة أو لفظة. قوله: "فهو كعناق" أي: في الإعراب والمنع من الصرف كما مر وقوله: كصباح في الإعرب والصرف.   1039- صدره: وذَكَرَتْ من لبن المُحَلَّق شُرْبةً والبيت من الكامل، وهو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص241؛ والكتاب 3/ 275؛ ولسان العرب 10/ 64 "حلق"؛ ولعوف بن عطية بن الخرع في جمهرة اللغة ص999؛ والخزانة 6/ 363، 368، 370؛ والدرر 1/ 98؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 299؛ وشرح المفصل 4/ 54؛ ولسان العرب 3/ 78 "برد"؛ والمعاني الكبير ص104؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص66؛ وخزانة الأدب 6/ 340؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص73؛ والمعاني الكبير ص389؛ والمقتضب 3/ 371؛ وهمع الهوامع 1/ 29. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   خلافًا لابن بابشاذ. وغير المعدول يكون اسما كجناح، ومصدرًا نحو: ذهاب، وصفة نحو: جواد، وجنسًا نحو: سحاب، فلو سمي بشيء من هذه مذكر انصرف قولًا واحدًا إلا ما كان مؤنثًا كعناق "واصرفن ما نكرا من كل ما التعريف فيه أثرا" وذلك الأنواع السبعة المتأخرة وهي: ما امتنع للعلمية والتركيب، أو الألف والنون الزائدتين، أو التأنيث بغير الألف، أو العجمية، أو وزن الفعل، أو ألف الإلحاق، أو العدل: تقول رب معد يكرب وعمران وفاطمة وزينب وإبراهيم أحمد وأرطى وعمر لقيتهم، لذهاب أحد السببين وهو العلمية. وأما الخمسة المتقدمة وهي: ما امتنع لألف التأنيث، أو للوصف والزيادتين، أو للوصف ووزن الفعل، أو للوصف والعدل، أو للجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل فإنها لا تصرف نكرة، فلو سمي بشيء منها لم ينصرف أيضًا. أما ما فيه ألف التأنيث؛ فلأنها كافية في منع الصرف ووهم من قال في حواء امتنع للتأنيث والعلمية. وأما ما فيه الوصف مع زيادتي فعلان أو وزن أفعل؛ فلأن العلمية تخلف الوصف فيصير منعه للعلمية والزيادتين أو للعلمية ووزن أفعل. وأما ما فيه الوصف والعدل وذلك أخر وفعال ومفعل نحو: أحاد وموحد فمذهب سيبويه أنها إذا سمي بها امتنعت من الصرف للعلمية والعدل. قال في شرح الكافية: وكل معدول سمي به فعدله باق إلا سحر وأمس في لغة بني تميم فإن عدلهما يزول بالتسمية فيصرفان، بخلاف غيرهما من المعدولات فإن عدله بالتسمية باق فيجب   قوله: "وإن سمي به مؤنث إلخ" أتى به تتميمًا للتقسيم وإلا فهو مما دخل تحت قول المصنف وابن على الكسر فعال علمًا مؤنثًا وهذا أولى مما ذكره البعض لما يلزم عليه من قصور النظم فتدبر. قوله: "فهو كحذام" فتنبيه على لغة الحجاز وتعربه غير منصرف على لغة تميم وإن كان آخره راء فعلى ما تقدم أيضًا نحو: حذار ويسار ا. هـ. دماميني. قوله: "ولا يجوز البناء" قال الدماميني: أي: فيما سمي به مذكر ا. هـ. أي: لا فيما سمي به مؤنث حتى يعترض بأن في كلامه تناقضًا؛ لأن قضية التشبيه بحذام جواز البناء فينافي قوله: ولا يجوز البناء, لكن لو ذكره قبل قوله: وإن سمي به مؤنث إلخ, لسلم من الإيهام. قوله: "من كل إلخ" حال من ما بيان لها. قوله: "من كل ما التعريف فيه أثرًا" أي: مما يمكن تنكيره فلا يرد أن فعل في التوكيد مما يؤثر فيه التعريف مع أنه لا ينكر لوجوب إضافته ولونية إلى ضمير المؤكد. قوله: "ووهم من قال إلخ" أي: لأن ألف التأنيث كافية في المنع فلا وجه لاعتبار غيرها. قوله: "وكل معدول إلخ" حاصل ما فرق به بين ما يبقى فيه العدل بعد التسمية وما يزول فيه بعدها أن الأول فيه ما يشعر بالعدل وهو تغيير الحركات بخلاف الثاني ا. هـ. زكريا ووجه بعضهم زوال عدل سحر وأمس بالتسمية بأن أل لا تجامع العلمية. قوله: "في لغة بني تميم" راجع لأمس فقط أي: وأما في لغة الحجازيين فمبني على الكسر. قوله: "فإن عدله بالتسمية باق" الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   منع صرفه للعدل والعلمية عددًا كان أو غيره. هذا هو مذهب سيبويه، ومن عزا إليه غير ذلك فقد أخطأ، وقوله: ما لم يقل، وإلى هذا أشرت بقولي: وعَدْلُ غير سَحَر وأمْسِ في ... تسْميَة تَعرِضُ غيرُ مُنْتَفِي وذهب الأخفش وأبو علي وابن برهان إلى صرف العدد المعدول مسمى به، وهو خلاف مذهب سيبويه رحمه الله تعالى. هذا كلامه بلفظه. وأما الجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل فقد تقدم الكلام على التسمية به، وإذا نكر شيء من هذه لأنواع الخمسة بعد التسمية لم ينصرف أيضًا. أما ذو ألف التأنيث فللألف، وأما ذو الوصف مع زيادتي فعلان أو مع وزن أفعل أو مع العدل إلى فعال أو مفعل؛ فلأنها لما نكرت شابهت حالها قبل التسمية فمنعت الصرف لشبه الوصف مع هذه العلل. هذا مذهب سيبويه. وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه. وأما باب أحمر ففيه أربعة مذاهب: الأول منع الصرف وهو الصحيح. والثاني: الصرف وهو مذهب المبرد والأخفش في أحد قوليه ثم وافق سيبويه في   الباء بمعنى مع متعلقة بباق. قوله: "عددًا كان" أي: غير سحر وأمس وتسمية نحو: ثلاث مسمى به عددًا باعتبار ما كان. قوله: "هذا كلامه بلفظه" يحتمل أنه قاله تقوية لنقله ويحتمل أنه قاله تبريًا من التكرار الذي فيه؛ لأن قوله: وهو خلاف مذهب سيبويه يغني عنه التنصيص على مذهبه أول العبارة. قوله: "أو مع العدل إلى فعال أو مفعل" لا يشمل أخر مع أن حكمه حكم معدول العدد ولو أسقط قوله إلى فعال أو مفعل لشمله. قوله: "شابهت حالها قبل التسمية" لم يقل عاد الوصف؛ لأن معنى أحمر مثلا قبل التسمية ذات ما اتصفت بالحمرة بلا قصد وصفية بالحمرة ولما لوحظ بعد التنكير اتصاف الذات المبهمة بالتسمية بأحمر أشبه أحمر بعد التنكير حاله قبل التسمية في إيهام الذات, وملاحظة مطلق الاتصاف, ولم يجعل وصفًا بالتسمية حقيقيا لعدم التعبير بقولنا مسمى بأحمر. قوله: "لشبه الوصف" القياس على مواضع تقدمت أن يقال للوصف بحسب الأصل لكن كل صحيح. قوله: "وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه" أي: عند قصد تنكيره. قوله: "وأما باب أحمر" أي: عند قصد تنكيره ففيه أربعة مذاهب إلخ لو قال وخالف المبرد والأخفش في أحد قوليه في باب أحمر فصرفاه ثم قال: والفراء وابن الأنباري فقالا: إن سمي بأحمر رجل أحمر إلخ. ثم قال: والفارسي في بعض كتبه فجوز الصرف وتركه لكان أخصر وأولى لتقدم ذكر باب أحمر وذكر المذهب الأول فيه وأنسب بقوله وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه. قوله: "الأول منع الصرف" أي: لشبه الوصفية ووزن الفعل. قوله: "والثاني الصرف" أي: لأن الوصفية زالت بالعلمية بلا عود بعد التنكير. قوله: "والأخفش في أحد قوليه" حكى أن أبا عثمان المازني سأل الأخفش لم صرفت أربع في نحو: مررت بنسوة أربع فقال: لأنه في الأصل اسم للعدد والوصف به الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كتابه الأوسط. قال في شرح الكافية: وأكثر المصنفين لا يذكرون إلا مخالفته، وذكر موافقته أولى؛ لأنها آخر قوليه. والثالث إن سمي بأحمر رجل أحمر لم ينصرف بعد التنكير، وإن سمي به أسود أو نحوه انصرف وهو مذهب الفراء وابن الأنباري. والرابع: أنه يجوز صرفه وترك صرفه. قاله الفارسي في بعض كتبه. وأما المعدول إلى فعال أو مفعل فمن صرف أحمر بعد التسمية صرفه وقد تقدم الخلاف في الجمع إذا نكر بعد التسمية. تنبيه: إذا سمي بأفعل التفضيل مجردًا من من ثم نكرة بعد التسمية انصرف باجماع كما قاله في شرح الكافية. قال: لأنه لا يعود إلى مثل الحال التي كان عليها إذا كان   عارض فلم يعتد به فقال: هلا اعتبرت أحمر إذا نكرته يعني في كونه وصفًا في الأصل والتسمية به عارضة فلم يأت بمقنع ولعل موافقته سيبويه آخرًا من أجل ذلك كذا في الفارضي. قوله: "لم ينصرف بعد التنكير" أي: لمشابهة حال التنكير حال الوصفية في وجود المشتق منه وهو الحمرة في المدلول فكأن الوصفية باقية بعد التنكير وهذا أحسن مما علل به البعض. قوله: "يجوز صرفه وترك صرفه" فالصرف نظرًا إلى زوال الوصفية بالعلمية والعلمية بالتنكير وتركه نظرًا إلى شبه الوصفية ووزن الفعل. قوله: "فمن صرف أحمر بعد التسمية" أي: بعد زوالها بالتنكير. قوله: "مجردًا من من" أي: لفظًا وتقديرًا كما يؤخذ مما بعده كأنه سمي شخص بأكرم. قوله: "لأنه لا يعود إلى مثل الحال إلخ" أي: لأن أفعل من إذا كان وصفًا معناه ذات معينة ثبت لها الزيادة على ذات أخرى معينة, وإذا سمي به صار دالا على الذات فقط. وإذا نكر صار دالا على ذات ما ثبت لها الزيادة, ولم ينظر إلى كون الزيادة على ذات أخرى فلم ترجع الحالة الأولى ولا شبهها؛ لأن شبهها يكون مركبًا أيضًا من مفضل ومفضل عليه, وإن كانت مبهمين نقله البعض عن البهوتي وأقره. وأنا أقول فيه نظر من وجوه: الأول أن ما ادعاه من كون معنى أفعل من إذا كان وصفًا ذاتًا معينة إلخ غير مسلم لتصريحهم بأن مدلول الصفات ذات مبهمة لا معينة, والتعيين إذا وجد يكون بقرينة لا بالوضع وتصريحهم بأن المفضل عليه قد يكون معينًا وقد يكون مبهمًا. والثاني: أن ما ادعاه من كون معناه إذا نكر بعد التسمية ذاتًا ما ثبت لها الزيادة غير مسلم بل معناه ذات ما ثبت لها التسمية بكذا, وممن صرح بهذا وبكون مدلول الصفة ذاتا مبهمة ذلك البعض قبل هذه القولة بنحو: نصف صفحة. الثالث: أن ما ادعاه من عدم رجوع شبه الحالة الأولى ينازع فيه ما تقدم في الكلام على قول الشارح لما نكرت شابهت حالها قبل التسمية من توجيه المشابهة بأن معنى أحمر مثلا بعد التنكير ذات ما مسماة بأحمر, فلما لوحظ بعد التنكير اتصاف الذات المبهمة بالتسمية بأحمر أشبه أحمر بعد التنكير حاله قبل التسمية في الإبهام, وملاحظة مطلق الاتصاف ووجه المنازعة أن هذا التوجيه بعينه جار في أفعل من بعد التنكير وهذا يدل على رجوعه لشبه الحالة الأولى, وأما ما ادعاه من كون شبهها يكون مركبا أيضا من مفضل ومفضل عليه, ففي محل المنع؛ لأن ذلك غير لازم, وحينئذ يقال هلا منع من الصرف, وأما ما في الشرح من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 وما يكونُ منهُ مَنقوصًا ففي ... إعرابِهِ نَهْج جوارٍ يَقْتَفِي   صفة، فإن وصفيته مشروطة بمصاحبة من لفظا أو تقديرا ا. هـ. فإن سمي به مع من ثم نكر امتنع صرفه قولا واحدًا، وكلام الكافية وشرحها يقتضي إجراء الخلاف في نحو: أحمر فيه "وما يكون منه منقوصًا ففي إعرابه نهج جوار يقتفي" يعني أن ما كان منقوصًا من الأسماء التي لا تنصرف سواء كان من الأنواع السبعة التي إحدى علتيها العلمية أو من الأنواع الخمسة التي قبلها, فإنه يجري مجرى جوار وغواش، وقد تقدم أن نحو: جوار يلحقه التنوين رفعًا وجرا فلا وجه لما حمل عليه المرادي كلام الناظم من أنه أشار إلى الأنواع السبعة دون الخمسة؛ لأن حكم المنقوص فيهما واحد: فمثاله في غير التعريف أعيم تصغير أعمى فإنه غير منصرف للوصف والوزن، ويلحقه التنوين رفعا وجرا نحو: هذا أعيم ومررت بأعيم ورأيت أعيمي، والتنوين فيه عوض من الياء المحذوفة كما في نحو: جوار، وهذا لا خلاف فيه. ومثاله في التعريف: قاض اسم امرأة فإنه غير منصرف للتأنيث والعلمية, ويعيل تصغير يعلى ويرم مسمى به فإنه غير منصرف للوزن والعلمية، والتنوين فيهما في الرفع والجر عوض من الياء المحذوفة. وذهب يونس وعيسى بن عمر والكسائي إلى نحو: قاض   تعليل عدم العود بأن الوصفية مشروطة بمصاحبة من فلا يدل إلا على عدم عود الوصفية لا على عدم عود شبهها فيما مر على أن الوصفية المشروطة بمصاحبة من الوصفية بالزيادة لا مطلق الوصفية فتأمل. قوله: "وما يكون منه منقوصا إلخ" أي: والذي يكون مما لا ينصرف منقوصًا فهو يقتفي نهج جوار في إعرابه فلو سميت بيرمي ويقضي أعللته إعلال جوار ولو سميت بيغزو ويدعو ورجعت بالواو للياء أجريته مجرى جوار, وتقول في النصب رأيت يرمي ويغزي. قال بعضهم ووجه الرجوع بالواو للياء ما ثبت أن الأسماء المتمكنة ليس فيها ما آخره واو قبلها ضمة فتقلب الواو ياء ويكسر ما قبلها, وإذا سميت بيرم ومن لم يرم رددت إليه ما حذف منه ومنعته من الصرف, تقول هذا يرم ومررت بيرم والتنوين للعوض ورأيت يرمي وإذا سميت بيغز من لم يغز قلت هذا يغز ومررت بيغز ورأيت يغزي, إلا أن هذا ترد إليه الواو وتقلب ياء لما تقدم, ثم يستعمل استعمال جوار سم. قوله: "من الأسماء التي لا تنصرف" يشير إلى أن الهاء في منه لما لا ينصرف أعم من المعرفة والنكرة ليشمل محل الخلاف والوفاق كما سيذكره. قوله: "فلا وجه لما حمل إلخ" اعتذر عنه بأن الباعث له على ذلك أن أقرب مذكور إلى الضمير في وما يكون منه ما التعريف فيه أثرًا وبأن العلم منقوص محل الخلاف فيعتني به. قوله: "وهذا لا خلاف فيه" أي: لا خلاف في حذف الياء ولحوق التنوين رفعًا وجرا في نحو: أعيم بخلاف قاض ويعيل ويرم أعلامًا ففي حذف يائه ولحوق التنوين له رفعًا وجرا خلاف, نبه عليه بقوله الآتي: وذهب يونس إلخ. قوله: "إلى أن نحو: قاض إلخ" أي: من كل علم منقوص وجد فيه مقتضى ممنع الصرف قال سم: يمكن الفرق من جهة المعنى على قولهم بخفة العلم فاحتملت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 ولاضطرارٍ أو تناسُبْ صُرِفْ ... ذو المنعِ والمصروفُ قد لا يَنصرِفْ   اسم امرأة، ويعيل ويرم يجري مجرى الصحيح في ترك تنوينه وجره بفتحة ظاهرة، فيقولون هذا يعيلى ويرمى وقاضي، ورأيت يعيلى ويرمي وقاضي، ومررت بيعيلى ويرمى وقاضي، واحتجوا بقوله: 1040- قَدْ عَجِبَتْ مِنّي ومن يَعْيلِيا ... لَمّا رأتني خَلَقًا مُقْلوْلِيا وهو عند الخليل وسيبويه والجمهور محمول على الضرورة كقوله: 1041- ولكنَّ عبدَ اللهِ مَولَى مَوالِيا "ولاضطرار أو تناسب صرف ذو المنع" بلا خلاف مثال الضرورة قوله: 1042- ويَوْمُ دخلتُ الخدْرَ خدْرَ عُنَيزَة ... فقالتْ لك الوَيلاتُ إنّك مُرْجِلي   الحركة على الياء. قوله: "يجري مجرى الصحيح إلخ" حاصل مذهبهم أن المعرب تثبت ياؤه مطلقًا وتسكن رفعًا لثقل الضمة وتفتح جرا ونصبًا لخفة الفتحة. قوله: "خلقًا" بفتح المعجمة واللام أي: عتيقًا جدا وأراد به الضعيف رث الهيئة. وقوله: مقوليا بضم الميم؛ لأنه اسم فاعل اقلولى أي: تجافى وانكمش كما في القاموس, فقول التصريح بفتح الميم غير ظاهر, ولعل المراد بالمقلولي هنا دميم الخلقة. قوله: "مولى مواليًا" بإضافة مولى إلى مواليًا جمع مولى. قوله: "أو تناسب" هو قسمان تناسب لكلمات منصرفة انضم إليها غير منصرف نحو: سلاسلًا وأغلالًا وتناسب لرءوس الآي, كقوارير, الأول فإنه رأس آية فنون ليناسب بقية رءوس الآي في التنوين أو بدله وهو والألف في الوقف, وأما قوارير الثاني فنون ليشاكل قوارير الأول كذا قال شيخنا وهو الصواب الموافق في التصريح وغيره. وأما في كلام البعض من العكس فخطأ. قوله: "صرف" أي: وجوبًا في الضرورة وجوازًا في التناسب. قوله: "ويوم دخلت الخدر" بكسر الخاء   1040- الرجز للفرزدق في الدرر 1/ 102؛ وشرح التصريح؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 134؛ والخصائص 1/ 6؛ والكتاب 3/ 315؛ ولسان العرب 15/ 94 "علا"، 15/ 200 "قلا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص114؛ والمقتضب 1/ 142؛ والممتع في التصريف 2/ 557؛ والمنصف 2/ 68، 79، 3/ 67؛ وهمع الهوامع 1/ 36. 1041- صدره: فلو كانَ عبدُ اللهِ مَولًى هَجَوْتُهُ والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في إنباه الرواة 2/ 105؛ وبغية الوعاة 2/ 42؛ وخزانة الأدب 1/ 235، 239، 5/ 145؛ والدرر 1/ 101؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 311؛ وشرح التصريح 2/ 229؛ وشرح المفصل 1/ 64؛ والكتاب 3/ 313، 315؛ ولسان العرب 15/ 47 "عرا" 409 "ولى"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص114؛ ومراتب النحويين ص31، والمقاصد النحوية 4/ 375؛ والمقتضب 1/ 143؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 140؛ وهمع الهوامع 1/ 36. 1042- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص11؛ وخزانة الأدب 9/ 345؛ وشرح التصريح 2/ 227؛ وشرح شواهد المغني 2/ 766؛ والمقاصد النحوية 4/ 374؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 136؛ ومغني اللبيب 2/ 343. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 1043- وأَتاها أُحَيمرٌ كأخي السَّهْـ ... ـمِ بِعَضْبٍ فقال كُوني عَقِيرا وقوله: 1044- تَبَصَّرْ خَليلي هل تَرى من ظَعائِنٍ وهو كثير. نعم اختلف في نوعين: أحدهما ما فيه ألف التأنيث المقصورة فمنع بعضهم صرفه للضرورة، قال: لأنه لا فائدة فيه إذ يزيد بقدر ما ينقص، ورد بقوله: 1045- إنِّي مُقَسِّمُ ما مَلكتُ فجاعِلٌ ... جزءًا لآخِرَتي ودُنيا تَنفعُ أنشده ابن الأعرابي بتنوين دنيا. وثانيهما: أفعل من، منع الكوفيون صرفه للضرورة.   المعجمة وسكون الدال أي: الهودج وقوله: إنك مرجلي أي: مصيري راجلة أي: ماشية لعقرك ظهر بعيري تصريح. قوله: "وأتاها" أي: ناقة صالح عليه الصلاة والسلام أحيمر هو الذي عقرها وكان أحمر أزرق أصهب كأخي السهم أي: كمثل السهم والعضب السيف وعقيرًا فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث ا. هـ. عيني, وقال الدماميني: كأخي السهم من إضافة الملغي إلى المعتبر. قوله: "أحدهما ما فيه ألف التأنيث المقصورة" مقتضى التعليل الآتي أن تكون ألف الإلحاق المقصورة كألف التأنيث المقصورة. قوله: "إذ يزيد بقدر ما ينقص" لأنه إذا نون سقطت الألف لالتقاء الساكنين والتنوين قدر الألف المحذوفة وكل ساكن. وأجيب بأنه قد يكون فيه فائدة بأن تلتقي الألف مع ساكن بعده فيحتاج الشاعر إلى كسر الأول فينون ثم يكسر. ومقتضى هذا أنه لم يحتج إلى تنوينه لم ينون ا. هـ. مرادي وهو مبني على أن الضرورة ما لا مندوحة عنه ما وقع في الشعر ا. هـ. سم أي: مما لا يقع مثله في النثر. قوله: "ورد بقوله إلخ" قال الصفوي: وضعف الرد بمنع الدليل؛ لأن تنوين المؤنث بالألف كدنيا لغة فيه, فلعل الشاعر من أهل هذه اللغة. قوله: "ودنيا" معطوف على جزءًا والمعنى فجاعل   1043- البيت من الخفيف، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص 35؛ والمقاصد النحوية 4/ 377؛ والمقرب 2/ 202. 1044- عجزه: سَوالُك نَقْبا بين حَزْمَي شَعَبْعَبِ والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص 43؛ والمقاصد النحوية 4/ 368؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص563. 1045- البيت من الكامل، وهو للمسلم بن رياح في خزانة الأدب 8/ 297؛ والمقاصد النحوية 4/ 376. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   قالوا: لأن حذف تنويه لأجل من فلا يجمع بينهما. ومذهب البصريين جوازه؛ لأن المانع له إنما هو الوزن والوصف كأحمر لا من، بدليل صرف خير منه وشر منه لزوال الوزن. ومثال الصرف للتناسب قراءة نافع والكسائي: "سَلَاسِلا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا" [الإنسان: 4] ، "قَوَارِيرا، قَوَارِيرا" [الإنسان: 16] ، وقراءة الأعمش بن مهران: "وَلَا يَغُوثًا وَيَعُوقًا وَنَسْرًا" [نوح: 23] . تنبيه: أجاز قوم صرف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد اختيارًا, وزعم قوم أن صرف ما لا ينصرف مطلقًا لغة. قال الأخفش: وكأن هذه لغة الشعراء؛ لأنهم اضطروا إليه في الشعر فجرت ألسنتهم على ذلك في الكلام "والمصروف قد لا ينصرف" أي: للضرورة أجاز ذلك الكوفيون والأخفش والفارسي، وأباه سائر البصريين. والصحيح الجواز. واختاره الناظم لثبوت سماعه، من ذلك قوله: 1046- وما كانَ حِصنٌ ولا حابِسٌ ... يَفوقانِ مِرْداسَ في مَجْمَعِ وقوله: 1047- وقائِلةٍ ما بالُ دَوْسَرَ بَعْدَنا ... صحا قلْبُهُ عن آلِ ليلَى وعن هِنْدِ   منه جزءًا لآخرتي وجاعل منه دنيا تنفع. قوله: "لأجل من" أي: لقيامها مقام المضاف إليه, فالمانع قوي لكونه كلمة مستقلة بخلاف سائر موانع الصرف, وقوله: فلا يجمع بينهما أي: بين التنوين ومن ملفوظة أو مقدرة إلا اختيارًا ولا ضرورة. قوله: "ومذهب البصريين جوازه" ويدل له قول امرئ القيس: وما الإصباح منك بأمثل فصرف أمثل للضرورة مع وجود من المقدمة عليه في قوله: منك قاله الدماميني. قوله: "إنما هو الوزن والوصف" أي: فيجوز الجمع بينهما وبين التنوين ضرورة لعدم قوتهما قوة من. قوله: "صرف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد" كسلاسلا وسببه جمعهم له جمع السامة نحو: صواحبات فأشبه الآحاد ا. هـ. دماميني. قوله: "في الكلام" أي: النثر. قوله: "وأباه" أي: منعه سائر   1046- البيت من المتقارب، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص84؛ والأغاني 14/ 291؛ والإنصاف 2/ 499؛ وخزانة الأدب 1/ 147، 148، 253؛ والدرر 1/ 104؛ وسمط اللآلي ص33؛ وشرح التصريح 2/ 119؛ وشرح المفصل 1/ 68؛ والشعر والشعراء 1/ 107، 306، 2/ 752؛ ولسان العرب 6/ 97 "ردس"؛ والمقاصد النحوية 4/ 365؛ وبلا نسبة في صناعة الإعراب 2/ 546، 547؛ ولسان العرب 10/ 316 "فوق". 1047- البيت من الطويل، وهو لدوسر بن دهبل في الأصمعيات ص150؛ والإنصاف 2/ 500؛ والمقاصد النحوية 4/ 366؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 149، 150؛ وجواهر الأدب ص237؛ ومجالس ثعلب ص176. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 1048- طَلَبَ الأَزَارِقِ بالكتائِبِ إذ هَوَتْ ... بشَبيبَ غائِلةَ النفوسِ غَدُرُ وأبيات أخر. تنبيه: فصل بعض المتأخرين بين ما فيه علمية، فأجاز منعه لوجود إحدى العلتين، وبين ما ليس كذلك فصرفه، ويؤيده أن ذلك لم يسمع إلا في العلم. وأجاز قوم منهم ثعلب وأحمد بن يحيى منع صرف المنصرف اختيارًا. خاتمة: قال في شرح الكافية: ما لا ينصرف بالنسبة إلى التكبير والتصغير أربعة أقسام: ما لا ينصرف مكبرًا ولا مصغرًا، وما لا ينصرف مكبرًا وينصرف مصغرًا، وما لا ينصرف مصغرًا وينصرف مكبرًا، وما يجوز فيه الوجهان مكبرًا ويتحتم منعه مصغرًا فالأول نحو: بعلبك وطلحة وزينب وحمراء وسكران وإسحاق وأحمر ويزيد مما لا يعدم سبب المنع   البصريين لكونه خروجًا عن الأصل بخلاف صرف ما لا ينصرف, فإنه رجوع إلى الأصل فاحتمل في الضرورة, وللكوفيين ومن وافقهم أن يمنعوا عدم تجويز الضرورة الخروج عن الأصل, قوله: "طلب الأزارق" أصله الأزارقة فحذف الهاء للضرورة جمع أزرقي بتقديم الزاي على الراء قوم من الخوارج نسبوا إلى نافع بن الأزرق وهو مفعول طلب وفاعله ضمير يعود على سفيان نائب الحجاج وزوج ابنته, والكتائب جمع كتيبة بفوقية بعد الكاف وهي الجيش. وإذ ظرف زمان, وهوت من هوى به الأمر إذا أطمعه وغره وغائلة النفوس فاعل هوت أي: شرها وغدور مبالغة غادرة خبر لمحذوف أو بدل من غائلة. والشاهد في شبيب بشين معجمة مفتوحة فموحدة مكسورة فتحتية فموحدة وهو شبيب بن زيد رأس الأزارقة كذا في العيني, وشيخ الإسلام فقول البعض في هوت: أي: سقطت فيه شيء. قوله: "بين ما فيه علمية" اقتصاره على العلمية يقتضي أن غيرها كالوصفية في نحو: قائم ليس مثلها لمزية العلمية على غيرها؛ لأن لها من القوة ما ليس لغيرها ولورود السماع فيها دون غيرها, كذا في حاشية شيخنا وعليه كان المناسب للشارح أن يعلل بما ذكر لا بوجود إحدى العلتين؛ لأنه يقتضي أن غير العلمية من العلل مثلها فليتأمل. قوله: "فأجاز منعه" أي: في الضرورة فهذا التفصيل خاص بالضرورة كما هو ظاهر كلام الشارح لكن ظاهر صنيع التصريح عدم اختصاصه بالضرورة وعبارته في منع المصروف أربعة مذاهب: أحدها الجواز مطلقًا الثاني المنع مطلقًا الثالث وهو الصحيح الجواز في الشعر والمنع في الاختيار الرابع يجوز في العلم خاصة قوله: "أربعة أقسام" هي مبنية على قاعدة وهي أن كل مصغر لم يذهب تصغيره أحد سببيه فهو   1048- البيت من الكامل، وهو للأخطل في ديوانه ص197؛ والإنصاف 2/ 493؛ وشرح التصريح 2/ 228؛ والمقاصد النحوية 4/ 362؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 137. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 إعراب الفعل : ارفَعْ مُضارعًا إذا يُجَرَّدُ ... من ناصِب وجازِم كتَسْعَدُ   في تكبير ولا تصغير. والثاني نحو: عمر وشمر وسرحان وعلقى وجنادل أعلامًا مما يزول بتصغيره سبب المنع، فإن تصغيرها عمير وشمير وسريحين وعليق وجنيدل بزوال مثال العد ووزن الفعل, وألفي سرحان وعلقى وصيغة منتهى التكسير، والثالث نحو: تحلئ وتوسط وترتب وتهبط أعلامًا مما يتكمل فيه بالتصغير سبب المنع فإن تصغيرها تحيلئ وتويسط وتريتب وتهيبط على وزن مضارع بيطر، فالتصغير كمل لها سبب المنع، فمنعت من الصرف فيه دون التكبير فلو جيء في التصغير بياء معوضة مما حذف تعين الصرف لعدم وزن الفعل. الرابع نحو: هند وهنيدة فلك فيه مكبرًا وجهان وليس لك فيه مصغرًا إلا منع الصرف. والله أعلم. إعراب الفعل: "ارفع مضارعًا إذا يجرد من ناصب وجازم كتسعد" يعني أنه يجب رفع المضارع حينئذ, والرافع له التجرد المذكور كما ذهب إليه حذاق الكوفيين منهم الفراء، ولا وقوعه.   غير منصرف وإلا فهو منصرف دماميني. قوله: "وسرحان" بخلاف سكران؛ لأنك تقول في تصغيره سكيران فتبقى الزيادتان بحالهما ا. هـ. دماميني وهو بكسر السين كما في القاموس وفسره بمعان منها الذئب والأسد والمراد المجعول علمًا. قوله: "وعلقى" وهو في الأصل اسم نبت. قوله: "وجنادل" هو في الأصل جمع جندل والجندل قال في القاموس: كجعفر ما يقله الرجل من الحجارة وتكسر الدال ا. هـ. قوله: "بزوال مثال العدل" إذ العدل في عمر تقديري فلا يصار إليه إلا عند سماع الاسم ممنوعًا من الصرف وما سمع من أفواههم عمير إلا مصروفًا فصار ادعاء العدل فيه مناقضًا لكلامهم. وإذا حكمنا في أدد بأنه غير معدول مع مجيئه على صيغة عمر لكونه مصروفًا فهذا أجدر دماميني. قوله: "نحو: تحلئ" ضبطه في التصريح بكسر التاء الفوقية وسكون الحاء المهملة وكسر اللام وبالهمزة آخره. قال الشارح في شرحه على التوضيح: هو شعر وجه الأديم ووسخه وسواده وما أفسده السكين من الجلد’ إذا قشروا لتهبط بكسرات مشددة الباء طائر والترتب كقنفذ وجندب الشيء المقيم الثابت ا. هـ. والتوسط مصدر توسط. قوله: "مما حذف" وهو أحد المثلين في توسط وتهبط بأن يقال تويسيط وتهيبيط, أما تحلئ وترتب فلم يحذف منهما شيء فكلامه بالنظر للبعض. قوله: "إلا منع الصرف" أي: لوجود التاء لفظًا. إعراب الفعل: قوله: "حينئذ" أي: حين إذ جرد من ناصب وجازم. قوله: "والرافع له التجرد" لأن الرافع دائر معه وجودًا وعدمًا والدوران مشعر بالعلية ا. هـ. دماميني؛ لأن الدوران من مسالكها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   موقع الاسم كما قال البصريون، ولا نفس المضارعة كما قال ثعلب، ولا حروف المضارع كما نسب للكسائي، واختار المصنف الأول. قال في شرح الكافية: لسلامته من النقض, بخلاف الثاني فإنه ينتقض بنحو: هلا تفعل وجعلت أفعل وما لك لا تفعل ورأيت الذي تفعل، فإن الفعل في هذه المواضع مرفوع مع أن الاسم لا يقع فيها، فلو لم يكن للفعل رافع غير وقوعه موقع الاسم لكان في هذه المواضع مرفوعًا بلا رافع، فبطل القول بأن رافعه وقوعه موقع الاسم، وصح القول بأن رافعه التجرد ا. هـ. ورد الأول بأن التجرد عدمي والرفع وجودي والعدمي لا يكون علة للوجودي، وأجاب الشارح بأنا لا نسلم أن التجرد من الناصب والجازم عدمي؛ لأنه عبارة عن استعمال المضارع على أول أحواله مخلصًا عن   قوله: "ولا نفس المضارع" لأنها إنما اقتضت مطلق الإعراب لا خصوص الرفع, لكن هذا لا يأتي على قول الكوفيين: إن إعراب المضارع بالأصالة لا بالحمل على الاسم ومضارعته إياه. قوله: "ولا حروف المضارعة" لأن جزء الشيء لا يعمل فيه. قوله: "كما نسب للكسائي" قال: وإنما لم تعمل مع عاملي النصب والجزم لقوتهما عنها. قوله: "فإنه ينتقض إلخ" جوابه أن المراد الحلول في الجملة ا. هـ. حفيد. وأيضًا فالرفع استقر قبل حرف التحضيض ونحوه, فلم يغيره إذ أثر العامل لا يغير إلا بعامل آخر ا. هـ. تصريح. قوله: "بنحو: هلا تفعل" لأن أداة التحضيض مختصة بالفعل ومن نحو: المذكورات سيقوم زيد وسوف يقوم زيد. قوله: "وجعلت أفعل" لأن أفعال الشروع لا يكون خبرها اسمًا مفردًا إلا شذوذًا كما مر. قوله: "وما لك لا تفعل" قال شيخنا: لعله؛ لأنه لم يسمع الاسم بعد ما لك وإن كانت الجملة في تأويله؛ لأنها حال أي: أي شيء ثبت لك حالة كونك غير فاعل. قوله: "ورأيت الذي تفعل" لأن الصلة لا تكون اسمًا مفردًا. قوله: "فبطل القول بأن رافعه وقوعه موضع الاسم" أي: الذي هو أقوى من القول الثالث والرابع لكونه قول البصريين مع ظهور بطلانهما بما تقدم فاندفع اعتراض البعض على قوله, وصح القول بأن رافعه التجرد بأن مجرد إبطال أن الرافع وقوعه موقع الاسم لا يقتضي صحة أن الرافع التجرد, وإنما يقتضيها إبطال الأقوال الثلاثة. قوله: "وأجاب الشارح بأنا لا نسلم إلخ" هذا جواب بمنع أن التجرد عدمي وتسليم أن العدمي لا يكون علة للوجودي, ولك أن تقول سلمنا أنه عدمي لكن لا نسلم أن العدمي لا يكون علة للوجودي على الإطلاق بل ذاك في الأعدام المطلقة, أما العدم المضاف كالعمى فيجوز كونه علة للوجودي. قوله: "لأنه عبارة عن استعمال المضارع إلخ" الاستعمال هنا مصدر المبني للمجهول ليكون وصفًا للفعل فيصح تفسير التجرد الذي هو وصف للفعل به. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 وبِلَنِ انْصِبْهُ وكي كذا بأنْ ... لا بعدَ عَلْمٍ والتي من بعْدِ ظَنّ   لفظ يقتضي تغييره، واستعمال الشيء والمجيء به على صفة ما ليس بعدمي. تنبيه: إنما لم يقيد المضارع هنا بالذي لم تباشره نون توكيد ولا نون إناث اكتفاء بتقدم ذلك في باب الإعراب "وبلن انصبه وكي" أي: الأدوات التي تنصب المضارع أربع: وهي لن وكي وأن وإذن، وسيأتي الكلام على الأخيرتين: فأما لن فحرف نفي تختص بالمضارع وتخلصه للاستقبال وتنصبه كما تنصب لا الاسم، نحو: لن أضرب ولن أقوم، فتنفي ما أثبت بحرف التنفيس ولا تفيد تأبيد النفي ولا تأكيده، خلافًا للزمخشري: الأول في أنموذجه والثاني في كشافه، وليس أصلها لا فأبدلت الألف نونًا خلافًا للفراء، ولا لا أن فحذفت الهمزة تخفيفًا والألف للساكنين خلافًا للخليل والكسائي. تنبيهات: الأول الجمهور على جواز تقديم معمول معمولها عليها نحو: زيدًا لن   قوله: "اكتفاء بتقدم ذلك في باب الإعراب" قال يس: لا حاجة إلى ذلك؛ لأن رفع المضارع أعم من كونه لفظيا أو محليا كالمضارع المؤكد بالنون, والذي فاعله نون الإناث ا. هـ. وهو تابع في ذلك لشيخه سم قال شيخنا: وفيه نظر إذ المضارع مع إحدى النونين ليس له محل رفع أبدًا, وله محل الناصب والجازم صرح بذلك القليوبي وغيره. قوله: "وبلن انصبه" ولا يجوز الفصل بين لن والفعل اختيارًا عند البصريين وهشام, وأجاز الكسائي الفصل بالقسم ومعمول الفعل ووافقه القراء على القسم وزاد الفصل بأظن والشرط كذا في السيوطي. قوله: "أي: الأدوات إلخ" تفسير لقوله: وبلن انصبه وكي مع ملاحظة قوله: كذا بأن وقوله: ونصبوا بإذن المستقبلا فافهم. قوله: "ما أثبت بحرف التنفيس" أي: معه وخصه بالذكر لمشاركته لن في تخليص الفعل للاستقبال. قوله: "خلافًا للزمخشري إلخ" وافقه على التأكيد كثيرون, ورد ادعاؤه التأبيد بأنه لا دليل عليه وبأنها لو كانت للتأبيد للزم التناقض بذكر اليوم في {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} والتكرار بذكر أبدًا في ولن يتمنونه أبدًا, وأما التأبيد في لن يخلقوا ذبانًا فلأمر خارجي لا من مقتضيات لن, ويجاب عن التناقض بأن القائل بالتأبيد إنما يقول به عند إطلاق منفيها وخلوه عن مقيداته وعن التكرار بأن هذا ليس تكررًا باللفظ وهو ظاهر ولا بالمرادف؛ لأن الاسم لا يرادف الحرف؛ ولأن التأبيد نفس معنى أبدًا وجزء معنى لن فلا يكون تكرارًا وإنما هو تصريح ودلالة بالمطابقة على ما فهم بالتضمن كذا في الشمني, وحاصله أنه ليس التكرار بل من توكيد معنى تضمني لكلمة سابقة بلفظ دل على هذا المعنى مطابقة. قوله: "خلافًا للفراء" لأن المعهود إبدال النون ألفًا كنسفعا لا العكس. قوله: "خلافًا للخليل والكسائي" لأن دعوى التركيب إنما تصح إذا كان الحرفان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   أضرب وبه استدل سيبويه على بساطتها، ومنع ذلك الأخفش الصغير. الثاني تأتي لن للدعاء كما أتت لا كذلك وفاقًا لجماعة منهم ابن السراج وابن عصفور، من ذلك قوله: 1049- لن تَزالُوا كَذلِكم ثُمّ لا زِلـ ... ـتُ لكم خالِدًا خُلودَ الجِبالِ وأما: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: 17] فقيل ليس منه؛ لأن فعل الدعاء لا يسند إلى المتكلم بل إلى المخاطب أو الغائب، ويرده قوله: ثم لا زلت لكم. الثالث زعم بعضهم أنها قد تجزم كقوله: 1050- فلن يَحْلَ للعَينينِ بعدَكِ مَنْظَرُ وقوله: 1051- لَنْ يَخِبْ الآن من رجائِكَ من حَرْ ... رَكَ دونَ بابِكَ الحلقَهْ   ظاهرين حالة التركيب كلولا والظاهر هنا جزء كل منهما. قوله: "الجمهور على جواز إلخ" استثنى أبو حيان التمييز فلا يجوز عرقًا لن يتصبب زيد, قال الدماميني: إنما يمتنع ذلك عند الجمهور لمنعهم تقديم التمييز على عامله فلا يقال عندهم عرقًا تصبب زيد فهو ممتنع قبل مجيء لن, وأما ابن مالك فلا يسلم هذا الاستثناء؛ لأنه يجوز تقديم التمييز على عامله المتصرف بقلة, كما تقدم فيجوز عنده قليلًا عرقًا لن يتصبب زيدًا ا. هـ. ملخصًا. قوله: "وبه استدل سيبويه على بساطتها" وجه الاستدلال أنه يمتنع تقديم معمول معمول أن عليها ونوقش في الدليل بأنه يجوز أن يتغير حكم الشيء بالتركيب دماميني. قوله: "ومنع ذلك الأخفش" لأن النفي صدر الكلام ورد بأن ذلك خاص بما بخلاف لن بدليل قول الشاعر: منه عاذلي فهائمًا لن أبرحا قوله: "لن تزالوا كذلكم" الدليل على أنه دعاء لا إخبار عطف الدعاء عليه, وهو ثم لا زلت إلخ أفاده سم. قوله: "فلن يحل" بفتح اللام من حليت المرأة في عيني بالكسر تحلى بالفتح وأما حلا الشيء في فمي فمضارعه يحلو شمني والكاف في قوله: بعدك, مكسورة والمنظر بفتح الظاء.   1049- البيت من الخفيف، وهو للأعشى في ديوانه ص63؛ والدرر 2/ 42/ 62؛ وشرح شواهد المغني 2/ 684؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص68؛ وشرح التصريح 2/ 230؛ ومغني اللبيب 2/ 284؛ وهمع الهوامع 2/ 4. 1050- صدره: أيادي سَبا يا عَزُّ ما كنتُ بعْدَكُمْ والبيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص328؛ وشرح شواهد المغني 2/ 687؛ وبلا نسبة في في رصف المباني ص288؛ ومغني اللبيب 1/ 285. 1051- البيت من المنسرح، وهو لأعرابي في الدرر 4/ 63؛ وشرح شواهد المغني 2/ 688؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336؛ ومغني اللبيب 1/ 285؛ وهمع الهوامع 2/ 4. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والأول محتمل للاجتزاء بالفتحة عن الألف للضرورة. وأما كي فعلى ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون اسمًا مختصرًا من كيف كقوله: 1052- كَي تَجْنحون َإلى سِلمٍ وما ثُئِرتْ ... قَتْلاكم ولَظَى الهَيْجاء تَضْطَرِمُ الثاني: أن تكون بمنزلة لام التعليل معنى وعملًا وهي الداخلة على ما الاستفهامية في قولهم في السؤال عن العلة: كيمه بمعنى لمه، وعلى ما المصدرية كما في قوله: 1053- إذا أنت لم تَنْفعْ فضرَّ فإنَّما ... يُرجَّى الفتى كيما يَضُرَّ ويَنْفعٍ وقيل ما كافة، وعلى أن المصدرية مضمرة نحو: جئت كي تكرمني إذا قدرت النصب بأن، ولا يجوز إظهار أن بعدها. وأما قوله: 1054- كَيما أنْ تَغُرَّ وتَخْدَعَا   قوله: "لن يخب الآن إلخ" البيت من المنسرح إلا أنه سقط من قلم الناسخ لفظ من بعد حرك, والحلقة بتسكين اللام سواء حلقة الحديد وحلقة القوم, وجوز بعضهم الفتح كما في البيت. قوله: "اسمًا مختصرًا من كيف" فتكون بمعنى كيف ويليها الاسم والماضي والمضارع مرفوعًا ونظيرها في الاختصار سوأفعل أي: سوف أفعل. وحكى الكوفيون سف أقوم كذا في الفارضي. قوله: "كي تجنحون إلخ" أي: كيف تميلون والسلم بكسر السين وفتحها الصلح, وثئرت بالمثلثة في أوله مبني للمفعول من ثأرت القتيل وبالقتيل قاتله, واللظى النار والهيجاء الحرب, تمد كما في البيت وتقصر وتضطرم تلتهب, والجملتان حالان من فاعل تجنحون, أو الثانية حال من قتلاكم. قوله: شمني. "كيما يضر وينفع" أي: للضر والنفع. قوله: "وقيل ما كافة" أي: كفت كي المصدرية عن نصب المضارع. قوله: "مضمرة" أي: وجوبًا كما سيشير إليه وهو منصوب على الحالية من أن. قوله: "ولا يجوز إظهار أن بعدها إلخ" جعل في التسهيل إظهار أن بعد كي قليلًا ونقل في الهمع عن الكوفيين جواز إظهارها اختيارًا. قوله: "كيما أن تغر وتخدعا" العطف تفسيري كما   1052- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص265؛ وجواهر الأدب ص233؛ وخزانة الأدب 7/ 106؛ والدرر 3/ 135؛ وشرح شواهد المغني 1/ 507، 2/ 557؛ ومغني اللبيب 1/ 182، 205؛ والمقاصد النحوية 4/ 387؛ وهمع الهوامع 1/ 214. 1053- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص246؛ وله أو للنابغة الذبياني في شرح شواهد المغني 1/ 507؛ وللنابغة الجعدي، أو للنابغة الذبياني، أو لقيس بن الخطيم في خزانة الأدب 8/ 498؛ والمقاصد النحوية 4/ 245؛ ولقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص235؛ وكتاب الصناعتين ص315؛ وللنابغة الذبياني في شرح التصريح 2/ 3؛ والمقاصد النحوية 4/ 379؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 10؛ وتذكرة النحاة ص609؛ والجنى الداني ص262؛ والحيوان 3/ 76؛ وخزانة الأدب 7/ 105؛ وشرح عمدة الحافظ 266؛ ومغني اللبيب 1/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 5، 31. 1054- تمامه: فقالت أَكُلَّ الناسِ أصبحتَ مَانِحًا ... لِسانَكَ كيما أنْ تُغُرَّ وتَخْدَعا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فضرورة. الثالث أن تكون بمنزلة أن المصدرية معنى وعملًا وهو مراد الناظم، ويتعين ذلك في الواقعة بعد اللام وليس بعدها أن, كما في نحو: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] ، ولا يجوز أن تكون حرف جر لدخول حرف الجر عليها، فإن وقع بعدها أن كقوله: 1055- أَردتَ لكيما أنْ تَطِيرَ بقَرْبَتِي احتمل أن تكون مصدرية مؤكدة بأن، وأن تكون تعليلية مؤكدة للام، وبترجح هذا   قاله الشمني, ويظهر لي أن ما زائدة بين الجار ومجروره نحو: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} وصدر البيت: فقالت أكل الناس أصبحت مانحا لسانك كيما إلخ. قوله: "معنى وعملًا" أما الثاني فظاهر، وأما الأول؛ فلأن كلا حرف مصدري استقبالي. قوله: "ويتعين ذلك إلخ" ويتعين كونها جارة إذا جاءت قبل اللام سيوطي. قوله: "لدخول حرف الجر عليها" أي: ولا يجمع بين حرفي جر في الفصيح. ولك أن تقول هلا جاز ذلك, ويكون الثاني مؤكدًا كما لو وقع بعدها أن وكما لو جاءت قبل نحو: كي لأقرأ إلا أن يقال الضرورة داعية إلى التوكيد هناك أي: فيما إذا توسطت كي بين اللام وأن, أو تقدمت على اللام بخلاف ما هنا وفيه نظر ا. هـ. سم, ببعض تغيير ولعل وجه النظر أن الضرورة لا تدعو في صورة التوسط إلى كون خصوص كي تأكيدًا للام لاندفاعها بكون أن تأكيدًا لكي, ويمكن دفعه بأن المراد الضرورة المتلخص منها على وجه وجيه, وسيأتي أن جعل كي تأكيدًا للام أولى من جعل أن تأكيدًا لكي من ثلاثة أوجه فتأمل. وقوله: "أردت لكيما أن تطير بقربتي" تمامه: وتتركها شنا ببيداء بلقع تطير تذهب سريعًا مستعار من طيران الطير, والشن بفتح الشين المعجمة القربة الخلقة والبيداء بفتح الموحدة والمد الأرض التي يبيد أي: يهلك من يدخل فيها والبلقع الأرض القفر   = والبيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص108؛ وخزانة الأدب 8/ 481، 482، 483, 488، والدرر 4/ 67؛ وشرح التصريح 2/ 3، 231؛ وشرح المفصل 9/ 14، 16؛ وله أو لحسان بن ثابت في شرح شواهد المغني 1/ 508؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 11؛ وخزانة الأدب ص125؛ وجواهر الأدب ص125؛ والجنى الداني ص262؛ ورصف المباني ص217؛ وشرح التصريح 2/ 30؛ وشرح شذور الذهب ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص267؛ ومغني اللبيب 1/ 183؛ وهمع الهوامع 2/ 5. 1055- عجزه: فتتركها شِنًّا ببيداء بَلْقَع والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 580؛ وأوضح المسالك 4/ 154؛ والجنى الداني ص265؛ وجواهر الأدب ص232؛ وخزانة الأدب 1/ 16، 8/ 481؛ 484، 485، 486، 487؛ ورصف المباني ص216، 316؛ وشرح التصريح 2/ 231؛ وشرح شواهد المغني 1/ 508؛ وشرح المفصل 7/ 19، 9/ 16، ومغني اللبيب 1/ 182؛ والمقاصد النحوية 4/ 405. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الثاني بأمور: الأول أن أن أم الباب, فلو جعلت مؤكدة لكي لكانت كي هي الناصبة فيلزم تقديم الفرع على الأصل. الثاني ما كان أصلًا في بابه لا يكون مؤكدًا لغيره. الثالث أن أن لاصقت الفعل فترجح أن تكون هي العاملة، ويجوز الأمران في نحو: جئت كي تفعل: {كَيْلَا يَكُونَ دُولَةً} [الحشر: 7] ، فإن جعلت جارة كانت أن مقدرة بعدها وإن جعلت ناصبة كانت اللام مقدرة قبلها. تنبيهات: الأول ما سبق من أن كي تكون حرف جر ومصدرية هو مذهب سيبويه وجمهور البصريين، وذهب الكوفيون إلى أنها ناصبة للفعل دائمًا, وتأولوا كيمه على تقدير كي تفعل ماذا، ويلزمهم كثرة الحذف وإخراج ما الاستفهامية عن الصدر، وحذف ألفها في غير الجر، وحذف الفعل المنصوب مع بقاء عامل النصب، وكل ذلك لم يثبت. ومما يرد قولهم قوله: 1056- فأَوْقَدتُ ناري كي لِيُبْصَرَ ضَوْءُها وقوله: 1057- كي لِتَقْضِينِي رُقيَّةُ ما ... وَعَدَتْنِي غيرَ مُخْتَلَسِ   التي لا شيء فيها. شمني. قوله: "لا يكون مؤكدًا لغيره" أي: لا يليق أن يكون مؤكدًا لغيره, وليس المراد لا يجوز أن يكون مؤكدًا لغيره؛ لأن مقتضى ما قدمه جوازه بمرجوحية. قوله: "تنبيهات" أي: تتعلق بكي وأما التنبيهات قبل فتتعلق بلن. والحاصل أنه أفرد كلا بتنبيهات ذكرها في مبحثه, وهذا يغنيك عما للبعض من التكلف البارد. قوله: "على تقدير كي تفعل ماذا" أي: لكي تفعل أي شيء. والمتبادر من عبارته أن أداة الاستفهام في هذا التركيب بحسب أصله ماذا لا ما وحدها. وحينئذ لا يظهر قوله: وإخراج ما إلخ لما يأتي قريبًا, ولا قوله: في غير الجر؛ لأن ألف ماذا الاستفهامية لا تحذف لا في الجر ولا في غيره, فالمناسب جعل تعبيره بماذا لمجرد بيان أن ما في كيمه استفهامية؛ لا لأن الأصل ماذا. قوله: "وإخراج ما إلخ" ذهب بعضهم إلى أنها لا يلزم صدريتها وفي الصحيح أقول ماذا. قال ابن مالك: فيه شاهد على أن ما الاستفهامية إذا ركبت مع ذا تفارق وجوب التصدير شمني. قوله: "كي لتقضيني" بإسكان الياء آخر الفعل للضرورة؛ لأن البيت من المديد كما قاله   1056- عجزه: وأَخْرَجْتُ كَلْبِي وهو في البيتِ داخِله والبيت من الطويل، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص287؛ وشرح شواهد المغني 1/ 509؛ والمقاصد النحوية 4/ 406؛ وللنمري أو لرجل من باهلة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1697؛ وبلا نسبة في مجالس ثعلب ص349؛ ومغني اللبيب 1/ 183. 1057- البيت من المديد، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات في خزانة الأدب 8/ 488، 490؛ والدرر 1/ 170؛ وشرح التصريح 2/ 231؛ والمقاصد النحوية 4/ 379؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 151؛ وهمع الهوامع 1/ 53. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   لأن لام الجر لا تفصل بين الفعل وناصبه. وذهب قوم إلى أنها حرف جر دائمًا، ونقل عن الأخفش. الثاني أجاز الكسائي تقديم معمول معمولها عليها نحو: جئت النحو كي أتعلم، ومنعه الجمهور. الثالث: إذا فصل بين كي والفعل لم يبطل عملها خلافًا للكسائي نحو: جئت كي فيك أرغب، والكسائي يجيزه بالرفع لا بالنصب. قيل والصحيح أن الفصل بينها وبين الفعل لا يجوز في الاختيار. الرابع زعم الفارسي أن أصل كما في قوله: 1058- وطَرْفُكَ إمّا جِئْتَنا فاحْبِسَنَّهُ ... كما يَحْسَبوا أنَّ الهَوَى حيثُ تَنْظُرُ   العيني قال. ومختلس بفتح اللام مصدر ميمي بمعنى الاختلاس ا. هـ. وأقره شيخنا والبعض ولا حاجة إلى جعله مصدرًا ميميا, بل الظاهر أنه اسم مفعول حال من ما. قوله: "لأن لام الجر لا تفصل إلخ" أي: فليس النصب بكي بل بأن المضمرة بعد اللام المؤكدة لكي الجارة فبطل القول بأنها مصدرية ناصبة للفعل دائمًا. قوله: "حرف جر دائمًا" أي: والنصب بعدها بأن مضمرة أو ظاهرة ورد بقوله تعالى {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} فإن زعم أن كي تأكيد للام كقوله: ولا للمابهم أبدًا دواء رد بأن الفصيح المقيس لا يخرج على الشاذ تصريح. قوله: "ومنعه الجمهور" لأن كي من الموصولات الحرفية ومعمول الصلة لا يتقدم على الموصول وإن كانت جارة فأن مضمرة بعدها وهي موصولة سم. قوله: "إذا فصل بين كي إلخ" قال أبو حيان: وأجمعوا على جواز الفصل بينها وبين معمولها بلا النافية وبما زائدة وبهما معًا, وأما الفصل بغير ما ذكر فلا يجوز عند البصريين وهشام ومن وافقه من الكوفيين في الاختيار مطلقًا سواء رفع الفعل أو نصب, وجوزه الكسائي بمعمول الفعل الذي دخلت عليه وبالقسم وبالشرط فيبطل عملها فيرفع الفعل, واختار ابن مالك وولده جواز الفصل بما ذكر من العمل فينصب الفعل فتلخص في الفصل ثلاثة أقوال ا. هـ. سيوطي وبه يعلم ما في كلام الشارح من الإجمال والإبهام. قوله: "بالرفع لا بالنصب" أي: مع الرفع لا مع النصب. قوله: "وطرفك إلخ" الطرف العين ولا يجمع؛ لأنه في الأصل مصدر بل يطلق على الواحد والجماعة. قال تعالى: {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43] ، وهو مبتدأ خبره جملة الشرط والجزاء ولا يجوز نصبه بمحذوف يفسره احبسنه؛ لأن فعل الجزاء لا يعمل في متقدم على شرطه فلا يفسر عاملًا فيه ا. هـ. شمني وقوله: فاحبسنه أي: عن النظر إلينا وقوله: كما يحسبوا قال شيخنا: قال شيخنا السيد: أي: يظنوا من حسب كما في   1058- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص101؛ وخزانة الأدب 5/ 320؛ والدرر 4/ 70؛ ولجميل بثينة في ديوانه ص90؛ ولعمر أو لجميل بثينة في شرح شواهد المغني 1/ 498؛ وللبيد أو لجميل في المقاصد النحوية 4/ 407؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 586؛ والجنى الداني ص483؛ وجواهر الأدب ص233؛ وخزانة الأدب 8/ 502، 10/ 224؛ ورصف المباني ص214؛ ومجالس ثعلب ص154؛ ومغني اللبيب 1/ 177؛ وهمع الهوامع 2/ 6. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   كيما فحذفت الياء ونصب بها وذهب المصنف إلى أنها كاف التشبيه كفت بما ودخلها معنى التعليل فنصبت، وذلك قليل. وقد جاء الفعل بعدها مرفوعًا في قوله: 1059- لا تَشْتُمْ الناسَ كما لا تُشْتم الخامس: إذا قيل جئت لتكرمني فالنصب بأن مضمرة، وجوز أبو سعيد كون المضمر كي، والأول أولى؛ لأن أنَّ أمكن في عمل النصب من غيرها فهي أقوى على التجوز فيها بأن تعمل مضمرة و"كذا بأن" أي: من نواصب المضارع أن المصدرية نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا} [البقرة: 184] ، {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي} [الشعراء: 82] ، "لا بعد   نسخة قديمة بيدي من شرح الكافية ضبط قلم وتنظر بتاء الخطاب ا. هـ. والمعنى إذا جئتنا فلا تجعل نظرك إلينا بل إلى غيرنا ليظنوا أن هواك للشيء الذي تنظر إليه لا لمحبوبتك فيستتر أمرك. قوله: "ونصب بها" فتكون كي مصدرية واللام مقدرة قبلها. قوله: "كاف التشبيه إلخ" عبارة المغني, وقال ابن مالك: هي كاف التعليل وما الكافة ا. هـ. وهي تفيد أن كونها كافة التشبيه بحسب الأصل. قوله: "فنصبت" يلزم عليه عمل عامل الاسم المختص به في الفعل وهو ممتنع. وأجيب بأن نسبة نصب الفعل إلى الكاف التعليلية كنسبته إلى اللام التعليلية وهي نسبة مجازية باعتبار أن النصب بأن مضمرة بعدها, ولا يخفى أن التكلف فيما قاله ابن مالك وأن رواية لكي يحسبوا مؤيدة لقول الفارسي, وأنه يمكن أن يقال إن ما في البيت مصدرية لا كافة والفعل منصوب بها حملًا على أن أختها كما قيل في كما تكونوا يولي عليكم كذا في الشمني. وأنا أقول لا يخفى أن ادعاءه التكلف فيما قاله ابن مالك غير ظاهر وإن تبعه البعض وإن أسهل مما قاله ومما قاله ابن مالك ومما قاله الفارسي أن تكون الكاف تعليلية وما مصدرية كما في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] ، والفعل مرفوع بالنون المحذوفة تخفيفًا كما في قوله: أبيت أسري وتبيتي تدلكي فاحفظه. قوله: "وذلك قليل" أي: النصب بكاف التشبيه المضمنة معنى التعليل كذا قال شيخنا, وهو صريح في بقائها على إفادة التشبيه مع زيادة التعليل, والظاهر أنها في مثل ذلك للتعليل فقط وتسمية المصنف لها كاف التشبيه باعتبار الأصل كما مر فتدبر. قوله: "وجوز أبو سعيد" أي: السيرافي ووافقه ابن كيسان وحملهما على ذلك أن العرب أظهرت بعد لام كي أن تارة وكي تارة وهمع. قوله: "كذا بأن" هي أم الباب؛ لأنها تعمل ظاهرة ومقدرة وإنما أخرها عن لن وكي لطول   1059- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص183؛ وجواهر الأدب ص131؛ وخزانة الأدب 8/ 500، 501، 503، 10/ 213، 224؛ والدرر 4/ 211؛ والكتاب 3/ 116؛ والمقاصد النحوية 4/ 409؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص484؛ ورصف المباني ص214؛ واللمع في العربية ص58، 59، 154؛ وهمع الهوامع 2/ 38. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   علم" أي: ونحوه من أفعال اليقين فإنها لا تنصبه؛ لأنها حينئذ المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} [المزمل: 20] , {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} [طه: 89] ، أي: إنه سيكون وإنه لا يرجع. وأما قراءة بعضهم أن لا يرجع بالنصب وقوله: 1060- نَرْضَى عنِ اللهِ أنَّ الناسَ قد عَلِموا ... أن لا يُدانِينا من خَلْقِهِ بَشَرُ فمما شذ. نعم إذا أول العلم بغيره جاز وقوع الناصبة بعده، ولذلك أجاز سيبويه ما علمت إلا أن تقوم بالنصب، قال: لأنه كلام خرج مخرج الإشارة فجرى مجرى قولك أشير عليك أن تقوم, وقيل يجوز بلا تأويل. ذهب إليه الفراء وابن الأنباري. والجمهور على المنع   الكلام عليها عنهما قال في الهمع: ويقال فيها عن بإبدال الهمزة عينًا. قوله: "أي: ونحوه" حمل كلام المصنف على أن المعنى لا بعد مادة علم فاحتاج إلى قوله: ونحوه والأولى حمله على أن المعنى لا بعد مفيد علم كرأي وتحقق وتيقن وتبين وظن مستعملًا في العلم, وحينئذ لا يحتاج إلى ذلك, ومثل هذا يقال في قوله" والتي من بعد ظن قوله: "نرضى عن الله" يعني نثني عليه ونشكره وقوله: أن الناس إلخ استئناف بياني مسوق للتعليل وقوله: أن لا يدانينا أي: يقاربنا في المفاخر. قوله: "إذا أول العلم بغيره من ذلك ما إذا أريد به الظن. قوله: "ولذلك أجاز سيبويه إلخ" ومنع المبرد النصب بعد العلم مطلقًا باقيًا على حقيقته أو مؤولا كما في الهمع. قوله: "خرج مخرج الإشارة" أي: وقع موقع الكلام الدال على الإشارة فمعنى ما علمت إلخ ما أشير عليك إلا بأن تقوم. وقوله: فجرى إلخ أي: فعومل معاملة قولك: أشير إلخ في نصب الفعل. قوله: "والجمهور على المنع" أي: منع وقوع الناصبة للمضارع بعد العلم بلا تأويل. قال الدماميني: هو الصواب؛ لأن الناصبة تدخل على ما ليس بمستقر ولا ثابت؛ لأنها تخلص المضارع للاستقبال فلا تقع بعد أفعال التحقيق بخلاف المخففة فإنها تقتضي تأكيد الشيء وثبوته واستقراره ا. هـ. وفيه عندي نظر؛ لأنه إن أريد بعدم استقرار مدخولها وثبوته عدم تيقنه فممنوع وتعليله باستقبال مدخولها لا يفيده فقد يكون المستقبل متيقنًا. وحينئذ لم يضر تلو أن أفعال اليقين وإن أريد به عدم حصوله وقت التكلم فمسلم, لكن لا يلزم من ذلك عدم تيقن حصوله في المستقبل. فإذا كان كذلك لم يضر تلو أن أفعال اليقين فكيف التصويب الذي ارتكبه, وقال الفارضي: إنما وجب كونها مخففة؛ لأن العلم لا يناسبه إلا التوكيد وأن المثقلة كالمخففة في التوكيد, وأما أن المصدرية فإنها للرجاء والطمع فلا يناسبان العلم ا. هـ. ثم ما ذكرناه من أن المراد بالمنع في قول الشارح والجمهور على المنع مع وقوع الناصبة للمضارع بعد العلم بلا تأويل لا مطلقًا هو المتبادر من عبارة التصريح والهمع والذي ترجاه شيخنا ويدل له تعليل الدماميني الذي قدمناه فقول البعض بعد العلم مطلقًا غير ظاهر, وقد تلخص أن الأقوال ثلاثة: قول المبرد بالمنع مطلقًا ولم يذكره الشارح, وقول الفراء وابن الأنباري بالجواز مطلقًا وقول سيبويه والجمهور   1060- البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه 1/ 157؛ والدرر 4/ 56؛ وهمع الهوامع 2/ 2. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 فانْصَبْ بها والرفعَ صحِّحْ واعتقِدْ ... تَخْفيفها من أن فهو مُطَّرِدْ   "والتي من بعد ظن" ونحوه من أفعال الرجحان "فانصب بها" المضارع إن شئت بناء على أنها الناصبة له "والرفع صحح واعتقد" حينئذ "تخفيفها من أن" الثقيلة "فهو مطرد" وقد قرئ بالوجهين: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] ، قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي برفع تكون والباقون بنصبه. نعم النصب هو الأرجح عند عدم الفصل بينها وبين الفعل، ولهذا اتفقوا عليه في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2] . تنبيهات: الأول أجرى سيبويه والأخفش أن بعد الخوف مجراها بعد العلم لتيقن المخوف نحو: خفت أن لا تفعل وخشيت أن تقوم، ومنه قوله: 1061- أخافُ إذا ما مِتُّ أن لا أَذُوقَها   بالتفصيل فاعرف ذلك. قوله: "والتي من بعد ظن إلخ" قال أبو حيان: وليس في الواقعة بعد الشك إلا النصب. سيوطي. قوله: "واعتقد حينئذ" أي: حين إذ رفعت بها. قوله: "هو الأرجح إلخ" أي: لأن الناصبة للمضارع أكثر وقوعًا من المخففة. أما عند الفصل فالأرجح الرفع؛ لأن الفصل بين المخففة ومدخولها أكثر من الفصل بين الناصبة للمضارع ومدخولها كذا قال البعض. وقد يقال أكثرية الفصل بين المخففة ومدخولها معارض بأكثرية وقوع الناصبة للمضارع, ومقتضى ذلك استواء الوجهين عند الفصل ويؤيده اختلاف القراء عند الفصل في قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] ولو كان راجحًا لاتفقوا عليه كما اتفقوا على النصب لرجحانه في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2] ، كما سيذكره الشارح. نعم ذكر بعضهم أن السبعة قد يتفقون على المرجوح فافهم. قوله: "عند عدم الفصل" أي: بلا فقط؛ لأنها التي يحتمل معها كون أن مخففة أو ناصبة لجواز الفصل بها بين المخففة والفعل أو الناصبة والفعل بخلاف غيرها مما يفصل به بين المخففة والفعل كان وقد ولو وحرف التنفيس؛ لأن غيرها لا يفصل به بين الناصبة والفعل فمعه يتعين كون أن مخففة فيجب الرفع لا أنه يترجح فقط. فقول شيخنا عند عدم الفصل أي: بلا أو لن أو ما أشبههما من الحروف التي تفصل بين أن المخففة والفعل غير صحيح. قوله: "بعد الخوف" أي: الذي لم يستعمل بمعنى العلم وإلا كان من بابه سم. قوله: "لتيقن المخوف" أي: عند تيقنه. قال سم: ويفهم منه وجوب النصب عند عدم التيقن وهو شامل لظن   1061- صدره: ولا تَدْفُنَنِّي في الفَلاةِ فإنَّنِي والبيت من الطويل وهو لأبي محجن الثقفي في ديوانه ص48؛ والأزهية ص67؛ وخزانة الأدب 8/ 398، 402؛ والدرر 4/ 57؛ وشرح شواهد المغني 1/ 101؛ والشعر والشعراء 1/ 431؛ ولسان العرب 8/ 257 "فنع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 381؛ وهمع الهوامع 2/ 2؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 30. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ومنع ذلك الفراء. الثاني: أجاز الفراء تقديم معمول معمولها عليها مستشهدًا بقوله: 1062- رَبَّيْتُهُ حتّى إذا تَمَعْددا ... كانَ جزائي بالعَصا أنْ أُجْلَدا قال في التسهيل: ولا حجة فيما استشهد به لندوره أو إمكان تقدير عامل مضمر الثالث: أجاز بعضهم الفصل بينها وبين منصوبها بالظرف وشبهه اختيارًا نحو: أريد أن عندك أقعد، وقد ورد ذلك مع غيرها اضطرارًا كقوله: 1063- لَمَّا رأيتُ أبا يَزيدَ مُقاتِلا ... أَدَع القتالَ وأَشْهَد الهَيْجَاء   المخوف فظاهره أنه حينئذ لا يلحق بالظن كما ألحق بالعلم عند التيقن فليراجع ا. هـ. وقد يقال الذي يفهم من قوله: لتيقن المخوف أنه لا يجب الرفع عند عدم التيقن وعدم وجوب الرفع صادق بوجوب النصب وبجواز الوجهين فتأمل. قوله "أن لا أذوقها" أي: برفع أذوق كبقية القوافي والضمير للخمرة. قوله: "ومنع ذلك الفراء" أي: فأوجب النصب في تلك الصورة ونقله في الهمع عن المبرد. قوله: "أجاز الفراء إلخ" ومذهب البصريين المنع؛ لأن معمول الصلة من تمامها فكما لا تتقدم الصلة لا يتقدم معمولها همع. قوله: "تمعددا" أي: قويت معدته كناية عن كبره. قوله: "أو إمكان تقدير عامل مضمر" أي: كان جزائي أن أجلد بالعصا أن أجلد فالجار والمجرور متعلق بأجلد المحذوف لا المذكور. دماميني. قوله: "أجاز بعضهم إلخ" أما الجمهور ومنهم سيبويه فيمنعون في الاختيار الفصل مطلقًا قوله: "بالظرف إلخ" وأجازه الكوفيون بالشرط نحو: أردت أن أن تزرني أزورك بالنصب. همع. قوله: "وشبهه" هو الجار والمجرور. قوله: "لما رأيت إلخ" يلغز به فيقال: أين جواب لما وبم انتصب أدع. والجواب أن الأصل لن ما فأدغمت النون في الميم للتقارب وحقهما أن يكتبا منفصلين لكن وصلا خطأ في بعض النسخ للإلغاز وما ظرفية مصدرية وقد فصل بها وبصلتها بين لن والفعل, وأشهد ليس معطوفًا على أدع لمنافاته قوله: لن أدع القتال بل منصوب بأن مضمر وأن والفعل عطف على القتال أي: لن أدع القتال وشهود الهيجاء فهو من عطف الفعل على المصدر الصريح ونظيره في الإلغاز قوله: عافَتَ الماء في الشتاء فقلنا ... برديه تصادفيه سخينا فيقال كيف يكون التبريد سببًا لمصادفته سخينًا. وجوابه أن الأصل بل رديه بوزن عديه من   1062- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 281؛ وخزانة الأدب 8/ 429، 430، 432، والدرر 1/ 292، 2/ 50؛ والمحتسب 2/ 310؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 142؛ والدرر 4/ 59؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 336؛ وشرح المفصل 9/ 151؛ واللامات ص59؛ والمنصف 1/ 129؛ وهمع الهوامع 1/ 88، 112، 2/ 3. 1063- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 233؛ والخصائص 2/ 411 وشرح شواهد المغني 2/ 683؛ ومغني اللبيب 1/ 283، 2/ 529، 694. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والتقدير لن أدع القتال مع شهود الهيجاء مدة رؤية أبي يزيد. الرابع أجاز بعض الكوفيين الجزم بها، ونقله اللحياني عن بعض بني صباح من ضبة وأنشدوا: 1064- إذا ما غَدَوْنا قالَ وِلدانُ أَهْلِنا ... تعالَوْا إلى أنْ يَأْتِنا الصيدُ نَحْطِبِ وقوله: 1065- أُحاذِرُ أنْ تَعْلَمَ بِها فَتَرُدَّها ... فتَتْرُكَها ثِقْلا عليَّ كما هِيا وفي هذا نظر؛ لأن عطف المنصوب -وهو فتتركها- عليه يدل على أنه سكن للضرورة لا مجزوم. الخامس تأتي أن مفسرة وزائدة فلا تنصب المضارع. فالمفسرة هي   الورود أي: اشربيه تجديه سخينا. قوله: "اللحياني" بكسر اللام وسكون الحاء المهملة, ولحيان أبو قبيلة وصباح بفتح الصاد المهملة وتشديد الموحدة وآخره حاء مهملة أبو بطن من ضبة وضبة بمعجمة مفتوحة وموحدة مشددة أبو قبيلة. شمني مع زيادة قولي: أبو بطن من ضبة. واللحياني من البصريين كما في الهمع. قوله: "إذا ما غدونا" أي: بكرنا ونحطب بحاء مهملة فطاء مهملة مكسورة مضارع حطب أي: جمع الحطب وهو جواب الأمر. قوله: "أن تعلم بها" الضمير المستتر في تعلم يرجع إلى بثينة محبوبة الشاعر الذي هو جميل, والضمير البارز في بها يرجع إلى الحاجة المذكورة في البيت قبله, والثقل بكسر فسكون واحد الأثقال وهي الأشياء الثقيلة. قوله: "وهو فتتركها" حصر المنصوب في فتتركها؛ لأنه المنصوب نصا بخلاف فتردها إذ قد يدعي أنه مجزوم وحرك تخلصًا من التقاء الساكنين, وكان حركته فتحة للخفة. قوله: "تأتي أن مفسرة إلخ" وضميرًا للمتكلم في قول بعض العرب: أن فعلت وضميرًا للمخاطب في نحو: أنت وأنت إلخ. قال الكوفيون: وشرطية كإن المكسورة كما في قوله: أبا خِراشة إما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع ورجحه في المغني بأمور منها مجيء الفاء بعدها كثيرًا كما في البيت, وتقدم تخريجه على غير قولهم في باب كان وأخواتها. قيل ونافية كإن المكسورة كما في قوله تعالى حكاية عن طائفة من أهل الكتاب، {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ} [آل عمران: 73] ، وخرجه الزمخشري وغيره على معنى صدر منكم ما صدر كراهة أن يؤتى إلخ , أي: حملكم على ذلك الحسد فيكون متعلقًا بمحذوف من مقول قل, أو على معنى ولا تظهروا الإيمان بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الكتاب إلا لمن تبع دينكم فيكون متعلقًا بقوله: ولا تؤمنوا, وجملة {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} اعتراض ونوقش   1064- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص389؛ وخزانة الأدب 4/ 292؛ وسمط اللآلي ص67؛ وشرح شواهد المغني ص91؛ والمحتسب 2/ 295؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 2/ 191؛ والجنى الداني ص227؛ وجواهر الأدب ص192؛ ومغنى اللبيب ص30. 1065- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص224؛ والدرر 4/ 59؛ وشرح شواهد المغني 1/ 98؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص227؛ ومغني اللبيب 1/ 30؛ وهمع الهوامع 2/ 3. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه نحو: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} [المؤمنون: 27] , {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا} [ص: 6] والزائدة هي التالية للما نحو: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} [يوسف: 96] والواقعة بين الكاف ومجرورها كقوله:   بأن ما قبل إلا لا يعمل فيما بعدها إلا المستثنى والمستثنى منه وتابع أحدهما. وأجيب باحتمال أن الزمخشري لا يرى ذلك في الظرف والجار والمجرور لتوسعهم فيهما. قوله: "مفسرة" أي: لمتعلق فعل قبلها. قال الرضي: وأن لا تفسر إلا مفعولًا لا مقدرًا نحو: كتبت إليه أن قم أي: كتبت إليه شيئًا هو قم أو ظاهرا نحو: {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى، أَنِ اقْذِفِيهِ} . دماميني. قوله: "المسبوقة بجملة إلخ" بقي قيدان: وهما أن يتأخر عنها جملة ولم تقترن بجار فخرج من التعريف {وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} لعدم تقدم الجملة فأن فيه مخففة من الثقيلة كما في الفارضي وغيره, وإنما لم تكن المسبوقة بمفرد مفسرة؛ لأن المفسرة ليس ما بعدها من صلة ما قبلها, بل يتم الكلام دونه ولا يحتاج إليه من جهة تفسير المبهم فيه وما بعد المسبوق بمفرد ليس كذلك, فإن أن الحمد لله خبر آخر دعواهم. قاله الرضي وقلت له: أن افعل لوجود حروف القول فلا يقال هذا التركيب لعدم وجوده في كلامهم؛ لأن الجملة تقع مفعولا لصريح القول, وعلى تسليم أنه يقال لا تجعل أن فيه تفسيرية بل زائدة وجوز الزمخشري في أن {أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ} أن تكون أن مفسرة على تأويل قلت بأمرت, واستحسنه في المغني. قال: وعلى هذا فمعنى شرطهم أن لا يكون في الجملة قبلها حروف القول أي: باقيًا على حقيقته غير مؤول بغيره ا. هـ. وجوز ابن عصفور أن يفسر بها صريح القول ولا يقال أخذت عسجدًا أن ذهبًا لعدم تأخر الجملة فلا يؤتى بأن بل تحذف أو يؤتى بدلها بأي: وكتبت إليه بأن افعل أو كتبت إليه أن افعل إذا قدر معها الباء لاقترانها بالجار فهي مصدرية في الموضعين؛ لأن حرف الجر لا يدخل إلا على اسم صريح أو مؤول. قوله: {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} قيل الجملة مفسرة فلا محل لها كما في المغني, وفيه عندي نظر؛ لأنه إنما يظهر في المفسرة التي ليست في معنى المفرد كما في زيدًا ضربته لا في المفسرة بعد أن للمفعول؛ لأن الظاهر أن هذه في محل نصب تبعًا لما فسرته؛ لأنها في معنى هذا اللفظ فيحل المفرد محلها. وفي كلام الكافيجي ما نصه: الظاهر أن الإيحاء متعلق بالجملة تعلق مفعولية فتكون منصوبة المحل ا. هـ. وهو يؤيد ما قلنا: إن أراد المفعولية في المعنى مع بقاء أن على كونها مفسرة فإن أراد المفعولية في اللفظ مع كون أن زائدة فشيء آخر فتدبر. قوله: "وانطق الملأ إلخ" ليس المراد بالانطلاق المشي بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام, كما أنه ليس المراد بالمشي في أن امشوا المشي المتعارف بل الاستمرار على الشيء. فائدة: إذا ولي أن الصالحة للتفسير مضارع معه لا, نحو: أشرت إليه أن لا يفعل جاز رفعه على تقدير لا نافية وجزمه على تقديرها ناهية, وعليهما فأن مفسرة ونصبه على تقديرها نافية, وأن مصدرية فإن فقدت لا امتنع الجزم, وجاز الرفع والنصب ا. هـ. مغني أقول: يصح على الجزم بلا ناهية أن تكون أن مصدرية بناء على الأصح من كونها توصل بالأمر والنهي. قوله: "التالية للما" الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   1066- كأنْ ظَبْيَةٍ تَعْطُو إلى وارِقِ السَّلَمْ في رواية الجر. وبين القسم ولو كقوله: 1067- فأُقْسِمُ أن لو التَقَيْنا وأنتم ... لكان لكم يومٌ من الشّرِّ مُظْلمُ وأجاز الأخفش إعمال الزائدة، واستدل بالسماع كقوله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا   أي: التوقيتية كما في المغني احترازًا عن النافية وهي الجازمة والموجبة وهي التي بمعنى إلا فما يقتضيه كلام البعض من مغايرة الجازمة للنافية فاسد. قوله: "نحو: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} " وتقول: أكرمك لما أن يقوم زيد بالرفع فارضي. قوله: "لكان لكم إلخ" جواب القسم لتقدمه وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب لقسم عليه بناء على أن الشرط الامتناعي كغيره في كون الجواب له عند تقدمه أو جواب لو وجواب القسم محذوف بناء على أن الجواب للامتناع, تقدم على القسم أو تأخر أو جواب لو ولو وما دخلت عليه جواب القسم. وسيأتي هذا الخلاف في بحث عوامل الجزم. قوله: {وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ} إن قلت ليست هذه من مواضع الزيادة المتقدمة. قلت الأخفش لا يخص الزيادة بما تقدم, بل زعم أنها تزاد في غير ذلك ا. هـ. تصريح ووجه زيادتها في الآية أن ما لنا ونحو: كما لك لا يقع بعده عند الأخفش إلا الفعل الصريح عن أن الجملة حالية نحو: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: 20] ، أو الاسم الصريح على أنه حال نحو: ما لك قائمًا دون المؤول بالاسم ولا يرد أن الجملة الحالية لا   1066- صدره: ويومًا تَوافَيْنا بوجْه مُعَسَّمٍ والبيت من الطويل، وهو لعلباء بن أرقم في الأصمعيات ص157؛ والدرر 2/ 200؛ وشرح التصريح 1/ 234؛ والمقاصد النحوية 4/ 384؛ ولأرقم بن علباء في شرح أبيات سيبويه 1/ 525؛ ولزيد بن أرقم في الإنصاف 1/ 202؛ ولكعب بن أرقم في لسان العرب 12/ 482 "قسم"؛ ولباغت بن صريم اليشكري في تخليص الشواهد ص390؛ وشرح المفصل 8/ 83؛ والكتاب 2/ 134؛ وله أو لعلباء بن أرقم في المقاصد النحوية 2/ 301؛ ولأحدهما أو لأرقم بن علباء في شرح شواهد المغني 1/ 111؛ ولأحدهما أو لراشد بن شهاب اليشكري أو لابن أصرم اليشكري في خزانة الأدب 10/ 411؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 377؛ وجواهر الأدب ص197؛ والجنى الداني ص222، 522؛ ورصف المباني ص117، 211؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 683؛ وسمط اللآلي ص829؛ وشرح عمدة الحافظ ص241، 331؛ وشرح قطر الندى ص157؛ والكتاب 3/ 165؛ والمحتسب 1/ 308؛ ومغني اللبيب 1/ 33؛ والمقرب 1/ 111، 2/ 204؛ والمنصف 3/ 128؛ وهمع الهوامع 1/ 143. 1067- البيت من الطويل، وهو للمسيب بن علس في خزانة الأدب 4/ 145، 10/ 580، 581، 11/ 318؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 185؛ وشرح شواهد المغني 1/ 109؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 160؛ وجواهر الأدب ص197؛ وشرح التصريح 2/ 233؛ وشرح المفصل 9/ 94؛ والكتاب 3/ 107؛ ولسان العرب 12/ 378 "ظلم"؛ ومغني اللبيب 1/ 33؛ والمقاصد النحوية 4/ 418. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 وبَعْضُهم أَهْمَلَ أنْ حَمْلا على ... ما أُخْتِها حيثُ اسْتَحَقَّت عَمَلا   نُقَاتِلَ} [البقرة: 246] ، وبالقياس على حرف الجر الزائد، ولا حجة في ذلك؛ لأنها في الآية مصدرية، فقيل: دخلت بعد ما لنا لتأوله بما منعنا، وفيه نظر؛ لأنه لم يثبت إعمال الجار والمجرور في المفعول؛ ولأن الأصل أن لا تكون لا زائدة، والصواب قول بعضهم: إن الأصل وما لنا في أن لا نقاتل، والفرق بينها وبين حرف الجر أن اختصاصه باق مع الزيادة بخلافها فإنها قد وليها الاسم في البيت الأول والحرف في الثاني "وبعضهم" أي: بعض العرب "أهمل أن حملا على ما أختها" أي: المصدرية "حيث استحقت عملا" أي: واجبًا، وذلك إذا لم يتقدمها علم أو ظن كقراءة ابن محيصن: "لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: 233] ، وقوله: 1068- أَنْ تَقْرآنِ على أسْماءِ وَيَحْكُما ... مِنّي السلامَ وأن لا تُشْعرا أَحَدا   تصدر بدليل استقبال؛ لأن دليل الاستقبال أن غير الزائدة لا الزائدة, كذا في الدماميني. قوله: "لتأوله بما منعنا" أي: فأن لا نقاتل مفعول ثان للجار والمجرور لتأوله بفعل يتعدى لاثنين. قوله: "إعمال الجار والمجرور" وهو لنا في المفعول وهو أن لا نقاتل ا. هـ. سم قال الدماميني: قد يقال إنما يرد ذلك لو كان أن لا نقاتل عند هذا القائل مفعولًا مصرحًا وليس في كلامه ما يقتضيه لاحتمال أن يكون عنده على نزع الخافض وهو عن فإنه يقال منعته عن كذا كما في الصحاح وغيره والمحل نصب أو خفض على الخلاف. قوله: "أن لا تكون لا زائدة" أي: كما لزم على هذا القول إذ المعنى عليه وما منعنا أن نقاتل سم. قوله: "والصواب قول بعضهم إلخ" هذا مقابل القيل السابق كما هو صريح المغني لا قول الأخفش, كما زعم البعض؛ لأنه قابل قول الأخفش بقوله: لأنها في الآية مصدرية, ثم ذكر قولين على أنها مصدرية. قوله: "في أن لا نقاتل" فتكون أن مصدرية منسبكة مع ما بعدها بمصدر مجرور بجار محذوف متعلق بما تعلق به لنا. قوله: "والفرق بينها إلخ" هذا رد لقياس الأخفش أن الزائدة على حرف الجر الزائد. قوله: "حملا" أي: بالحمل على ما بجامع أن كلا منهما حرف مصدري ثنائي, وبعضهم أعمل ما المصدرية حملا على أن المصدرية نحو: كما تكونوا يولي عليكم ا. هـ. مغني قال الدماميني: ولا حاجة إلى جعل ما هنا ناصبة فإن في ذلك إثبات حكم لها لم يثبت في غير هذا المحل بل الفعل مرفوع ونون الرفع محذوفة وقد سمع نثرًا ونظمًا ا. هـ. قوله: "حيث استحقت" أي: إن عملًا أي: واجبًا كما يفيده كلام الشارح والظرف متعلق بأهمل. قوله: "وذلك" أي: استحقاق أن العمل. قوله: "لمن أراد أن يتم" أي: بالرفع والقول بأن أصله يتمون فهو منصوب   1068- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 333؛ والإنصاف 2/ 563؛ وأوضح المسالك 4/ 156؛ والجنى الداني ص220؛ وجواهر الأدب ص192؛ وخزانة الأدب 8/ 420، 421، 423، 424؛ والخصائص 1/ 390؛ ورصف المباني ص113؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 549؛ وشرح التصريح 2/ 232؛ وشرح شواهد المغني 1/ 100؛ وشرح المفصل 7/ 15، 8/ 143؛ 9/ 19؛ ولسان العرب 13/ 33 "أنن"؛ ومجالس ثعلب ص290؛ ومغني اللبيب 1/ 30؛ والمنصف 1/ 278؛ والمقاصد النحوية 4/ 380. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 ونَصَبُوا بإذَن المُسْتَقبلا ... إنْ صُدِّرَت والفِعلُ بعدُ مُوصَلا أو قَبْلَهُ اليمينُ وانْصَبْ وارْفَعا ... إذا إذنْ من بعدِ عَطْفٍ وَقَعا   هذا مذهب البصريين، وأما الكوفيون فهي عندهم مخففة من الثقيلة. تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن إهمالها مقيس "ونصبوا بإذن المستقبلا إن صدرت والفعل بعد موصلا. أو قبله اليمين" أي: شروط النصب بإذن ثلاثة: الأول أن يكون الفعل مستقبلا، فيجب الرفع في إذن تصدق جوابًا لمن قال: أنا أحبك. الثاني: أن تكون مصدره، فإن تأخرت نحو: أكرمك إذن أهملت، وكذا إن وقعت حشوا كقوله:   بحذف النون وحذفت الواو للساكنين واستصحب ذلك خطأ, والجمع باعتبار معنى من تكلف. تصريح. قوله: "أن تقرآن إلخ" إما محل نصب بدل من حاجة في قوله قبله: يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما ... وحيثما كنتما لاقيتما رشدا أن تحملا حاجة لي خف محملها ... وتصنعا نعمة عندي بها ويدا أو من أن تحملا المنصوب بمحذوف تقديره: أسألكما وإما في محل رفع خبر مبتدأ محذوف عائد إلى حاجة أي: هي أن تقرآن، والشاهد في أن الأولى وليست مخففة من الثقيلة خلافًا للكوفيين, قيل بدليل أن المعطوف عليها واعترض بأنه لا مانع من عطف أن الناصبة وصلتها على أن المخففة وصلتها إذ هو عطف مصدر على مصدر ا. هـ. يس مع زيادة وقد يجاب بأن مراده أن عطف أن الناصبة مرجح لكون أن العطوف عليها ناصبة للتناسب والترجيح كاف في الاستشهاد ولا يلزم التعيين ولك أن تستدل على كونها ليست المخففة بعدم وقوعها بعد دال علم أو ظن فاحفظه. قوله: "ظاهر كلام المصنف إلخ" وظاهره أيضًا اختصاصها بالإهمال ووجهه أنهم يتوسعون في الأمهات وضعفها من جهة أنها قد تهمل لا ينافي كونها أما إذ لا يلزم في الأم قوتها من كل وجه فاندفع اعتراض البعض. قوله: "ونصبوا" اعلم أن أكثر العرب يلتزم إعمال إذن عند استيفاء شروطه والقليل منهم يلتزم إهمالها عند ذلك كما سيذكره الشارح. إذا علمت ذلك فالضمير في نصبوا لأكثر العرب وهو على الوجوب, فقول البعض تبعًا لشيخنا: ونصبوا أي: جوازًا كما سينبه الشارح عليه غير ظاهر فتأمل, والواو في والفعل بعد حالية وموصلًا حال من الضمير المستكن في الخبر أعني بعد. وقوله: أو قبله اليمين إما معطوف على بعد واليمين فاعل الظرف لاعتماده على المبتدأ أو مبتدأ مؤخر وقبله خبر مقدم, وإما معطوف على موصلًا على الوجهين المذكورين في العطف على بعد, والمراد بالبعدية على هذا ما يشمل البعدية مع الانفصال. قوله: "أن يكون الفعل مستقبلا" إجراء لها مجرى سائر النواصب وإنما لم تعمل النواصب في فعل الحال؛ لأن له تحققا في الوجود كالأسماء فلا يعمل فيه عوامل الأفعال. دماميني. قوله: "فيجب الرفع في إذن تصدق إلخ" أي: لأنه حال ومن شأن الناصب أن يخلص المضارع للاستقبال. همع. قوله: "أن تكون مصدرة" أي: في جملتها بحيث لا يسبقها شيء له تعلق بما بعدها, وإنما لم تعمل غير مصدرة لضعفها بعدم تصدرها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   1069- لَئِنْ عادَ لي عبدُ العزيزِ بِمْثِلها ... وأَمْكننِي منها إذا لا أُقِيلُهَا فأما قوله: 1070- لا تَتْرُكَنِّي فيهُمُ شَطِيرا ... إنِّي إذًا أَهْلِكُ أو أَطيرا   عن العمل ا. هـ. دماميني وفي الشمني أن ترك تصديرها داخلة على المضارع إنما يكون في ثلاثة مواضع بالاستقراء أن يكون ما بعدها خبرًا لما قبلها نحو: أنا إذن أكرمك أو جوابًا لشرط قبلها نحو: إن تزرني إذن أكرمك أو لقسم قبلها نحو: والله إذن لأخرجن ا. هـ. وفي الموضع الأول خلاف كما في الهمع فأجاز هشام النصب بعد مبتدأ كالمثال وأجازه الكسائي بعد اسم أنه نحو: إني إذن أهلك أو أطير أو اسم كان نحو: كان زيد إذن يكرمك قال أبو حيان: وقياس قوله جواز النصب بعد ظن نحو: ظننت زيدًا إذن يكرمك. قوله: "أهملت" أي: وجوبًا بلا خلاف؛ لأن الفعل المنصوب لا يجوز تقديمه على ناصبه همع. قوله: "بمثلها" أي: بمثل مقالته سابقًا تمن علي وقوله: لا أقبلها أي: لا أترك مقالتي سابقًا أتمنى عليك أن أكون كاتبًا عندك. وعبد العزيز هذا والد عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وأخوه بعد الملك بن مروان تولى إمارة مصر لا الخلافة العظمى كما في الشمني وغيره, كان الشاعر وهو كثير عزة امتدحه بقصيدة أعجبته فقال له: تمن علي. فقال له: أتمنى عليك أن أكون كاتبك, فقال له: ويحك أنت لا تحسن الكتابة وأعطاه جائزة فصمم على أنه إن قال له عبد العزيز ثانيًا تمن علي لا يتمنى إلا كونه كاتبه وقد عد هذا من حمقه. وإرجاع الضمير للمقالة هو ما قاله الدماميني والعيني وأرجعه الشمني لخطة الرشد في قوله قبل: عجبت لتركي خطة الرشد بعد ما ... بدا لي من عبد العزيز قبولها والشاهد في قوله: لا أقيلها حيث رفعه لعدم تصدر إذن لكونها جواب قسم سابق عليها في قوله: حلفت برب الراقصات إلى منى إلخ وجواب الشرط محذوف فعلم ما في كلام الحواشي من الخلل. قوله: "شطيرا" بفتح   1069- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص305؛ وخزانة الأدب 8/ 473, 474، 476؛ والدرر 4/ 71؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 397؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 144؛ وشرح التصريح 2/ 234؛ وشرح شواهد المغني ص63؛ وشرح المفصل 9/ 13، 22؛ والكتاب 3/ 15؛ والمقاصد النحوية 4/ 382؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 165؛ وخزانة الأدب 8/ 447، 11/ 340؛ ورصف المباني ص66، 243؛ وشرح شذور الذهب ص375؛ والعقد الفريد 3/ 8؛ ومغني اللبيب 1/ 21. 1070- الرجز بلا نسبة في الإنصاف 1/ 177؛ وأوضح المسالك 4/ 166؛ والجنى الداني ص362 وخزانة الأدب 8/ 456، 460؛ والدرر 4/ 72؛ ورصف المباني ص66؛ وشرح التصريح 2/ 234؛ وشرح شواهد المغني 1/ 70؛ وشرح المفصل 7/ 17؛ ولسان العرب 4/ 408 "شطر"؛ ومغني اللبيب 1/ 22؛ والمقاصد النحوية 4/ 383؛ والمقرب 1/ 261؛ وهمع الهوامع 2/ 7. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فضرورة أو الخبر محذوف أي: إني لا أستطيع ذلك، ثم استأنف: إذن أهلك، فإن كان المتقدم عليها حرف عطف فسيأتي. الثالث: أن لا يفصل بينها وبين الفصل بغير القسم، فيجيب الرفع في نحو. إذا أنا أكرمك ويغتفر الفصل بالقسم كقوله: 1071- إذنْ واللهِ نَرْميهُم بحَرْبٍ ... يَشِيبُ الطفلُ من قبلِ المشيبِ وأجاز ابن بابشاذ الفصل بالنداء والدعاء، وابن عصفور الفصل بالظرف، والصحيح المنع إذ لم يسمع شيء من ذلك. وأجاز الكسائي وهشام الفصل بمعمول الفعل، والاختيار حينئذ عند الكسائي النصب وعند هشام الرفع "وانصب وارفعا إذا إذن من بعد عطف"   الشين المعجمة أي: غريبًا وأهلك بكسر اللام ويجوز فتحها على ما في القاموس. قوله: "أن لا يفصل إلخ" لضعفها مع الفصل عن العمل. ا. هـ. تصريح. قوله "وبالقسم" كذا بلا النافية؛ لأن القسم تأكيد لربط إذن ولا لم يعتد بها فاصلة في أن فكذا في إذن سيوطي. قوله "والدعاء" نحو: إذن غفر الله لك أكرمك. قوله: "بمعمول الفعل" فلو قدم معمول الفعل على إذن نحو: زيدًا إذن أكرم فذهب الفراء إلى أنه يبطل عملها, وأجاز الكسائي الرفع والنصب. قال أبو حيان: ولا نص أحفظه عن البصريين في ذلك ومقتضى اشتراطهم في عملها التصدير أن لا تعمل حينئذ؛ لأنها غير مصدرية ويحتمل أن يقال تعمل؛ لأنها وإن لم تتصدر لفظًا فهي مصدرة في النية؛ لأن النية بالمعمول التأخير ا. هـ. سيوطي قال سم: ويؤخذ من كلامه عدم العمل قطعًا في نحو: يا زيد إذن أكرمك؛ لأن المتقدم عليها معمول ا. هـ. وفيه عندي نظر لتصدرها في جملتها؛ ولأن نحو: هذا المثال ليس من المواضع الثلاثة المحصورة فيها عدم تصدرها داخلة على المضارع. كما مر قوله: "عند الكسائي النصب" فيه أنه تقدم عن الكسائي في الفصل بين كي والفعل بمعموله أنه يبطل عملها ويمكن الفرق بشدة اقتضاء كي المصدرية الاتصال بالفعل؛ لأنهما في تأويل اسم واحد سم. قوله: "وعند هشام الرفع" لضعف عملها بالفصل وكان القياس بطلان العمل فلا أقل من أن يكون مرجوحًا. قوله: "وانصب وارفعا" وقد يجزم إن اقتضاه الحال كما سيأتي في الشرح, وإنما جاز النصب والرفع؛ لأنك عطفت جملة مستقلة على جملة مستقلة فمن حيث كون إذن في ابتداء جملة مستقلة هو متصدر فيجوز انتصاب الفعل بعده ومن حيث كون ما بعد العاطف من تمام ما قبله بسبب ربط حرف العطف بعض الكلام ببعض هو متوسط وإلغاؤها أجود كما في الرضي؛ لأنها غير متصدرة في الظاهر ا. هـ. سم ويشير إلى رجحانه قوله: وارفعا بنون التوكيد الخفيفة المبدلة ألفًا ومقتضى التعليل المذكور تعين النصب إذا كانت الواو أو الفاء   1071- البيت من الوافر، وهو لحسان بن ثابت في ملحق ديوانه ص371؛ والأشباه والنظائر 2/ 233؛ والدرر 4/ 70؛ وشرح شواهد المغني ص97؛ والمقاصد النحوية 4/ 106؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 168؛ وشرح التصريح 2/ 235؛ وشرح شذور الذهب ص376؛ وشرح قطر الندى ص59؛ ومغني اللبيب ص693؛ وهمع الهوامع 2/ 7. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بالواو والفاء "وقعا" وقد قرئ شاذا "وَإِذًا لَا يَلْبَثُوا خِلَفَك" {فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} [النساء: 53] ، على الأعمال نعم الغالب الرفع على الإهمال وبه قرأ السبعة. تنبيهات: الأول أطلق العطف والتحقيق أنه إذا كان العطف على ما له محل ألغيت، فإذا قيل أن تزرني أزرك وإذن أحسن إليك فإن قدرت العطف على الجواب جزمت وأهملت إذن لوقوعها حشوًا، أو على الجملتين معًا جاز الرفع والنصب. وقيل يتعين النصب؛ لأن ما بعدها مستأنف؛ أو لأن المعطوف على الأول أول. ومثل ذلك: زيد يقوم وإذن أحسن إليه إن عطفت على الفعلية رفعت، أو على الاسمية فالمذهبان. الثاني الصحيح الذي عليه الجمهور أن إذن حرف، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها اسم والأصل في إذن أكرمك إذا جئتني أكرمك، ثم حذفت الجملة وعوض عنها التنوين وأضمرت أن. وعلى الأول   استئنافية كما إذا قيل لك آتيك غدًا فقلت مستأنفًا وإذن أكرمك. قوله: "على ما له محل" قال البعض: كان الأولى أن يقول على ما له إعراب ليشمل اللفظي والمحلي بقرينة التمثيل ا. هـ. ويدفع بأن ما له محل شامل لما إعرابه لفظي؛ لأنه معرب لفظًا ومحلا فهو مما له محل فتدبر. قوله: "ألغيت" أي: وجوبًا لوقوعها حشوًا كما سيذكره الشارح. قوله: "لوقوعها حشوًا" أي: بين جزأي الجواب, وإن شئت قلت بين الشرط والجواب؛ لأن المعطوف على الجواب جواب. قوله: "أو على الجملتين معًا" أي: جملتي الشرط والجواب. قوله: "وقيل يتعين النصب" ليس المراد وقيل إن قدرت العطف على الجملتين معًا يتعين النصب؛ لأنه ينافيه قوله: لأن ما بعدها مستأنف بل المراد وقيل إن لم تعطف عن الجواب أعم من أن تقدر الواو عاطفة أو استئنافية ثم المراد تعين النصب على لغة أكثر العرب الملتزمين إعمال إذن عند استيفاء الشروط فلا ينافي جواز الرفع على لغة بعضهم الملغى لها عند استيفاء الشروط, فاندفع ما أطال به البعض. قوله: "لأن ما بعدها مستأنف" أي: بناء على أن الواو استئافية وقوله: لأن المعطوف إلخ أي: بناء على أنها عاطفة. قوله: "فالمذهبان" أي: القول بجواز الأمرين والقول بتعين النصب. قوله: إلى أنها اسم" أي: غير ناصب للفعل, وإنما الناصب له أن مضمرة بعده كما سيذكره. قوله: " وعوض عنها التنوين" أي: وحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "وأضمرت أن" ولعل المفرد المؤول به أن ومدخولها عند صاحب هذا القول فاعل أي: إذا جئتني وقع إكرامك لا مبتدأ خبره محذوف أي: حاصل وإلا وجبت الفاء الرابطة الواجبة مع الجملة الاسمية الواقعة جوابًا قاله الدماميني. وذهب الرضي إلى أنها اسم وأصلها إذا حذفت الجملة المضاف إليها وعوض عنها التنوين وفتح ليكون في صورة ظرف منصوب وقصد جعله صالحًا لجميع الأزمنة بعد ما كان مختصا بالماضي وضمن معنى الشرط غالبًا. قال: وإنما قلنا غالبًا؛ لأنه لا معنى للشرط في نحو: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: 20] ، ثم قال: وإذا كان بمعنى الشرط في الماضي جاز إجراؤه مجرى لو في قرن جوابه باللام نحو: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ} أي: ولو ركنت شيئًا قليلا لأذقناك وإذا كان بمعنى الشرط في المستقبل جاز الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فالصحيح أنها بسيطة لا مركبة من إذ وأن وعلى البساطة فالصحيح أنها الناصبة لا أن مضمرة بعدها كما أفهمه كلامه. الثالث معناها عند سيبويه الجواب والجزاء فقال الشلوبين: في كل موضع. وقال الفارسي: في الأكثر. وقد تتمحض للجواب بدليل أنه يقال أحبك   قرن جوابها بالفاء كقوله: ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه ... إذا فلا رفعت سوطًا إلي يدي أي: إن أتيت فلا إلخ وقد تستعمل بعد لو وإن توكيدًا لهما نحو: لو زرتني إذن لأكرمتك وإن جئتني إذن أزرك ثم قال: ولما احتمل إذن التي يليها المضارع معنى الجزاء فالمضارع مستقبل واحتمل معنى مجرد الزمان فالمضارع حال وقصد التنصيص على معنى الجزاء في إذن نصب المشارع بأن المقدرة؛ لأنها تخلصه للاستقبال فتحمل إذن على الغالب فيها من الجزاء لانتفاء الحالية المانعة من الجزاء بسبب النصب بأن ثم قال: وإنما ادعينا أن إذن زمانية لظهور معنى الزمان فيها في جميع استعمالاتها وقلب نونها في الوقف ألفًا يرجح جانب اسميتها وتجويز الفصل بينهما وبين منصوبها بالقسم ونحوه يقوي كونها غير ناصبة بنفسها كأن ولن إذ لا يفصل بين الحرف ومعموله بما ليس من معموله ا. هـ. ولا يخفى أن أكثر ما قاله متأت على أن أصلها إذا. وفي حاشية السيوطي على المغني عن بعضها أن إذن تأتي على وجهين حرف ناصب للمضارع مختص به واسم أصله إذا أو إذ حذفت الجملة المضاف إليها وعوض عنها التنوين وهذه تدخل على غير المضارع وعلى المضارع فيرفع فيجوز أن تقول لمن قال: أنا آتيك إذن أكرمك بالرفع على أن الأصل إذا أتيتني أكرمك وبالنصب على أنها الحرفية. قوله: "وعلى الأول" أو على أنها حرف أما على الثاني فبسيطة قطعًا وقوله: لا مركبة من إذ وإن نقلت حركة الهمزة إلى الذال ثم حذفت ا. هـ. سم أي: وغلب عليها وحكم الحرفية, وهذا قول الخليل قال: فإذا قال القائل أزورك فقلت إذن أكرمك فكأنك قلت حينئذ إكرامي واقع ا. هـ. أي: ولا من إذا وأن حذفت همزة أن ثم ألف إذ لالتقاء الساكنين كما يقول الرندي مستدلا بأنها تعطي الربط كإذا والنصب كأن أفاد كل ذلك في الهمع. قوله: "وعلى البساطة" قيد بذلك؛ لأن القائل بالتركيب يجعل النصب بأن المشتملة عليها إذن كما في حاشية السيوطي على المغني. قوله: "لا أن مضمرة بعدها" كما ذهب إليه الخليل في أحد قوليه؛ لأن أن لا تضمر إلا بعد عاطف أو جار ا. هـ. دماميني واعتل الخليل بعدم اختصاصها لدخولها على الجملة الاسمية نحو: إذن عبد الله يأتيك همع. قوله: "كما أفهمه كلامه" يعني قوله: ونصبوا بإذن المستقبلا. قوله: "الجواب" أي: لكلام آخر ملفوظ أو مقدر سواء وقعت في الصدر أو الحشو أو الآخر وقوله: والجزاء أي: المجازاة لمضمون كلام آخر وفي كلامه مسامحة أي: ربط الجواب إلخ. قوله: "فقال الشلوبين: في كل موضع" وتكلف تخريج نحو: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} على الشرط والجزاء أي: إن كنت فعلت الوكزة كافرًا لأنعمك كما زعمت يا فرعون فأنا من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 وبَيْنَ لا ولامِ جَرٍّ التُزِمْ ... إظهارُ أنْ ناصِبةً وإنْ عُدِمْ لا فأن اعمِل مُظهرًا أو مُضمرا ... وبعد نَفْي كان حَتما أضْمِرا   فتقول: إذن أظنك صادقًا إذ لا مجازاة هنا. الرابع اختلف في لفظها عند الوقف عليها والصحيح أن نونها تبدل ألفًا تشبيهًا لها بتنوين المنصوب. وقيل بوقف بالنون؛ لأنها كنون لن وأن. وروي ذلك عن المازني والمبرد، وينبني على هذا الخلاف خلاف في كتابتها، والجمهور يكتبونها بالألف وكذا رسمت في المصاحف، والمازني والمبرد بالنون وعن الفراء إن علمت كتب بالألف وإلا كتبت بالنون للفرق بينها وبين إذا، وتبعه ابن خروف. الخامس حكى سيبويه وعيسى بن عمر أن من العرب من يلغيها مع استيفاء الشروط وهي لغة نادرة، ولكنها القياس؛ لأنها غير مختصة، وإنما أعملها الأكثرون حملًا على ظن؛ لأنها مثلها في جواز تقدمها على الجملة وتأخرها عنها وتوسطها بين جزأيها، كما حملت ما على ليس؛ لأنها مثلها في نفي الحال ا. هـ. "وبين لا ولام جر التزم إظهار أن ناصبة" نحو: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [البقرة: 15] ، {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29] ، لا في الآية الأولى نافية وفي الثانية مؤكدة زائدة "وإن عدم لا فأن اعمل مظهرا أو مضمرا" لا في موضع الرفع بعدم، وأن في موضع النصب بأعمل، ومظهرًا ومضمرًا نصب على الحال: إما من أن إن كانا اسمي مفعول، أو من فاعل أعمل المستتر إن كانا اسمي   الضالين بل فعلتها غير قاصد القتل وغير كافر لأنعمك. قوله "إذا أظنك صادقًا" برفع أظن؛ لأن للحال كما يفيده ما سننقله عن الرضي. قوله: "إذ لا مجازاة هنا" قال الرضي: لأن الشرط والجزاء إما في الاستقبال أو في الماضي ولا مدخل للجزاء في الحال ا. هـ. ولأن ظن الصدق لا يصلح جزاء للمحبة. قوله: "اختلف في لفظها إلخ" أي: في غير القرآن أما فيه فيوقف عليها وتكتب بالألف إجماعًا كما في الإتقان اتباعًا للمصحف العثمان, قال السيوطي في حاشية المغني: ينبغي أن يكون الخلاف في الوقف عليها مبنيًا على الخلاف في حقيقتها فعلى أنها حرف يوقف عليها بالنون وعلى أنها اسم منون يوقف عليها بالألف. قوله: "والجمهور يكتبونها إلخ" المناسب فالجمهور بالفاء كما في عبارة المغني. قوله: "والمازني والمبرد بالنون" وعزاه أبو حيان إلى الجمهور. قوله: "وعن الفراء إلخ" ونقل السيوطي قولًا بالعكس لضعفها في الإهمال وقوتها في العمل. قوله: "إن عملت كتبت بالألف" لمنع العمل التباسها بإذا الظرفية ويرد عليه أن العمل في اللفظ وليس الشكل لازمًا فالفرق في الكتابة محتاج له على العمل أيضًا. قوله: "وهي لغة نادرة" تلقها البصريون بالقبول فلا التفات إلى قول من أنكرها دماميني قوله: "وبين لا" أي: سواء كانت نافية أو زائدة ولهذا مثل بمثالين. قوله: "ناصبة" أتى به مع علمه من كون الكلام في أن الناصبة دفعًا لتوهم إهمالها لفصلها من الفعل بلا. قوله: "فإن أعمل" أي: إن الواقعة بعد لام الجر سواء كانت للتعليل كما مثل أو للعاقبة نحو: {فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8] ، أو للتوكيد وهي الآتية بعد فعل متعد نحو: وأمرنا لنسلم لرب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فاعل، أي: يجوز إظهار أن وإضمارها بعد اللام إذا لم يسبقها كون ناقص ماض منفي ولم يقترن الفعل بلا فالإضمار نحو: {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71] ، والإظهار نحو: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} [الزمر: 12] فإن سبقها كون ناقص ماض منفي وجب إضمار أن بعدها هذا أشار إليه بقوله: "وبعد نفي كان حتما أضمرا" أي: نحو: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} [العنكبوت: 40] {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 137] ، وتسمى هذه اللام لام الجحود، وسماها النحاس لام النفي وهو الصواب، والتي قبلها لام كي؛ لأنها للسبب كما أن كي للسبب. وحاصل كلامه أن لأن بعد لام الجحود ثلاثة أحوال: وجوب إظهارها مع المقرون بلا، ووجوب إضمارها بعد نفي كان، وجواز الأمرين فيما عدا ذلك. ولا يجب الإضمار بعد كان التامة؛ لأن اللام بعدها ليست لام الجحود،   العالمين. قاله الفاكهي, أي: أو للتعدية نحو: أعددت زيدًا ليقاتل. قوله: "إذا لم يسبقها إلخ" أخذ من قوله الآتي: وبعد نفي كان إلخ. قوله: "ماض" أي: لفظًا ومعنى أو معنى فقط. قوله: "نحو: وأمرنا لنسلم لرب العالمين إلخ" اختلف في اللام في نحو: الآيتين فقيل زائدة وقيل للتعليل والمفعول محذوف أي: وأمرنا بما أمرنا به لنسلم لرب العالمين وقيل للتعليل ولا مفعول بل الفعل في معنى مصدر مرفوع بالابتداء واللام ومجرورها خير عنه؛ لأن الفعل إذا جرد عن الزمان وأريد به الحدث فقط كان كالاسم في صحة الإضافة والإسناد إليه كذا في المغنى والشمني. قوله: "وبعد نفي كان إلخ" يعني ما لم ينتقض النفي نحو: ما كان زيد إلا ليضرب عمرًا ويجوز ذلك مع لام كي نحو: ما جاء زيد إلا ليضرب عمرًا قاله أبو حيان, وظاهر قوله ويجوز ذلك مع لام كي أن المراد بقوله: ما لم ينتقض, النفي أنه لا يجوز انتقاض النفي مع لام الجحود فتأمل. قال: والفرق أن النفي مسلط مع لام الجحود على ما قبلها وهو المحذوف الذي تتعلق به اللام, فيلزم من نفيه نفي ما بعدها وفي لام كي يتسلط على ما بعدها نحو: ما جاء زيد ليضرب فينتفي الضرب خاصة ولا ينتفي المجيء إلا بقرينة تدل على انتفائه ا. هـ. وحاصل الفرق كما قاله شيخنا أن النفي مع لام الجحود مسلط على الكلام بتمامه أعني ما قبلها وما بعدها, ومع لام كي مسلط على ما بعدها فقط أي: فاغتفر الانتقاض معها بخلاف لام الجحود. قوله: "لا الجحود" من تسمية العام بالخاص؛ لأن الجحود إنكار الحق لا مطلق النفي والنحويون أطلقوه وأرادوا الثاني ا. هـ. تصريح وبهذا يندفع تصويت قول النحاس. قوله: "والتي قبلها لام كي" وحكمها الكسر وفتحها لغة تميم. همع. قوله: "لأنها للسبب" أي: في الجملة والأفلام كي قد تكون لغير السبب كالتي للعاقبة والزائدة والمعدية. قوله "وجوب إظهارها مع المقرون بلا" كراهة اجتماع اللامين سم. قوله: "ووجوب إضمارها إلخ" علل بأن إثبات ما كان زيد ليفعل كان زيد سيفعل جعلت اللام معادلة للسين فكما لا يجمع بين أن السين لا يجمع بين أن واللام زكريا. قوله: "ليست لام الحجود" بل هي لام كي نحو: ما كان زيد ليلعب أي: ما وجد للعب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وإنما لم يقيد كلامه بالناقصة اكتفاء بأنها المفهومة عند إطلاق كان لشهرتها وكثرتها في أبواب النحو. ودخل في قوله نفي كان نحو: لم يكن أي: المضارع المنفي بلم كما رأيت؛ لأن لم تنفي المضارع. وقد فهم من النظم قصر ذلك على كان خلافًا لمن أجازه في أخواتها قياسًا ولمن أجازه في ظننت. تنبيهات: الأول ما ذكره من أن اللام التي ينصب الفعل بعدها هي لام الجر والنصب بأن مضمرة هو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن اللام ناصبة بنفسها، وذهب ثعلب إلى أن اللام ناصبة بنفسها لقيامها مقام أن، والخلاف في اللامين أعني لام الجحود ولام كي. الثاني اختلف في الفعل الواقع بعد اللام: فذهب الكوفيون إلى أنه خبر كان واللام للتوكيد. وذهب البصريون إلى أن الخبر محذوف واللام متعلقة بذلك الخبر   قوله: "لأن لم تنفي المضارع" لو قال: لأن لم تقلب المضارع إلى المضي لأنتج مطلوبه وفي بعض النسخ؛ لأن لم تنفي الماضي أي: الماضي معنى وهو المضارع لفظًا ولا إشكال عليها فتأمل. قوله: "لمن أجازه في أخواتها" نحو: ما أصبح زيد ليضرب عمرًا ولم يصبح زيد ليضرب عمرًا وقوله: ولمن أجازه في ظننت أي: قياسًا نحو: ما ظننت زيدا ليضرب عمرًا ولم أظن زيدا ليضرب عمرا قال أبو حيان: وهذا كله تركيب لم يسمع فوجب منعه ا. هـ. فما يتبادر من قول البعض والحق أن اللام فيما ذكر لام كي لا لام الجحود كما يظهر بالنظر في المعنى ا. هـ. من جواز هذه التراكيب ممنوع من أن دعواه أن اللام فيها لام كي وأن النظر في المعنى يرشد إلى ذلك باطلة قال في التصريح وبعضهم أجازه في كل فعل تقدمه نفي نحو: ما جاء زيد ليفعل ا. هـ. قال يس: وهو فاسد؛ لأن هذه يعني اللام في نحو: ما جاء زيد ليفعل لام كي. قوله: "ما ذكره من أن اللام إلخ" لأن كلامه في أن الواقعة بعد لام الجر لقوله: وبين لا ولام جر إلخ. قوله: "والنصب بأن مضمرة" إنما قال مضمرة مع أن النصب عند البصريين بعد اللام بأن مظهرة أو مضمرة وعند الكوفيين باللام أظهر أن أو أضمرت كما سيصرح به الشارح عند شرح قول المصنف وبعد حتى إلخ لأجل قول ثعلب؛ لأنه إنما يأتي عند إضمار أن فتأمل. قوله: "ناصبة بنفسها" أي: بطريق الأصالة بدليل ما بعده واحتجوا بقوله: لقد عذلتني أم عمرو ولم أكن ... مقالتها ما كنت حيا لأسمعا إذا لو كانت أن الناصبة للزم تقدم معمول صلتها عليها وهو ممتنع ورد بأن مقالتها معمول لمحذوف يفسره المذكور نظير ما مر في قوله: كان جزائي العصا أن أجلدا وقوله: ما كنت أي: مدة وجودي حيا. قوله: "لقيامها مقام أن" أي: نيابة عن أن. قوله: "اختلف في الفعل إلخ" الظاهر أن هذا الاختلاف مبني على الاختلاف في الناصب هل هو اللام أو أن المضمرة. قوله: "إلى أنه" أي: الفعل وفيه مسامحة؛ لأن الخبر جملة الفعل والفاعل. قوله: "واللام للتوكيد" أي: زائدة لتوكيد النفي كالباء في ما زيد بقائم واعترض قولهم بأن اللام الزائدة تعمل الجر في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المحذوف، وقدروه ما كان زيد مريدًا ليفعل، وإنما ذهبوا إلى ذلك؛ لأن اللام جارة عندهم، وما بعدها في تأويل مصدر. وصرح المصنف بأنها مؤكدة لنفي الخبر إلا أن الناصب عنده أن مضمرة، فهو قول ثالث. قال الشيخ أبو حيان: ليس بقول بصري ولا كوفي. ومقتضى قوله مؤكدة أنها زائدة، وبه صرح الشارح، لكن قال في شرحه لهذا الموضع من التسهيل: سميت مؤكدة لصحة الكلام؛ لا لأنها زائدة لم يكن لنصب   الأسماء وعوامل الأسماء لا تعمل في الأفعال، وأجيب بأنهم لعلهم لا يسلمون هذه الكلية ا. هـ. دماميني قال الحفيد: وتظهر فائدة الخلاف في قولك: ما كان محمد طعامك ليأكل فإنه لا يجوز على رأي البصريين؛ لأن كما في حيز أن لا يعمل فيما قبلها ويجوز على رأي: الكوفيين؛ لأن اللام لا تمنع العمل فيما قبلها. قوله: "واللام متعلقة بذلك الخبر المحذوف" قال المرادي: قولهم متعلقة بالخبر يقتضي أنها ليست بزائدة وتقديرهم مريدا يقتضي أنها زائدة تقوية للعامل ا. هـ. وفي المغني أن المقوية ليست زائدة محضة ولا معدية محضة بل بينهما ا. هـ. فزيادتها عند الكوفيين محضة وعند البصريين غير محضة. قوله: "وقدروه إلخ" تقدير مريدًا غير لازم فيما يظهر بل قد يقدر غيره إذا اقتضاه المقام كما قدر في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46] ، وإن كان مكرهم أهلًا لتزول إلخ ويدل لما قلناه ما يأتي من شرح التسهيل. قوله: "لأن اللام جارة عندهم" أي: جارة غير زائدة زيادة محضة أي: والجار غير الزائد زيادة محضة لا بد له من متعلق. قوله: "إلا أن الناصب عنده أن مضمرة" اعترض بأنه يلزمه الإخبار بالمصدر عن الجثة وهو لا يجوز، وأجيب بما قاله بعضهم من أن الإخبار بالفعل المؤول بالمصدر عن الجثة جائز كما في زيد إما أن يعيش وإما أن يموت وإن لم يجز الإخبار بالمصدر الصريح عنها لدلالة الفعل بصيغته على الفاعل والزمان بخلاف المصدر الصريح لا سيما وقد التزم إضمار أن فصار منخرطا في سلك الفعل على أنه يحتمل أن يكون في الكلام حذف. قوله: "ومقتضى قوله مؤكدة" أي: مع قوله لنفي الخبر إذ لولاه لأمكن حمل قوله مؤكدة على أنها مقوية للعامل فيوافق ما يأتي عن شرح التسهيل ويكون نفس قول البصريين ولا يرد عليه لزوم الإخبار بالمصدر عن الجثة, وقوله: أنها زائدة أي: محضة. قوله: "لكن قال" أي: الناظم في شرحه إلخ كذا قال شيخنا وشيخنا السيد وهو الظاهر, وأرجع البعض الضمير للشارح ابن الناظم فإنه له شرح على التسهيل كما في الهمع ثم رأيت في بعض النسخ لكن قال المصنف في شرحه إلخ وهو نص في الأول, ورأيت بخط بعض الفضلاء بهامش الهمع عزو العبارة التي في الشرح إلى شرح التسهيل لابن الناظم وهو نص في الثاني والجمع ممكن والله أعلم. قوله: "لصحة الكلام بدونها" هذا ظاهر على تقدير ما يتعدى بنفسه كمريدًا دون ما يتعدى باللام كمستعدا إلا أن يراد أن اللام يصح حذفها لفظًا لاطراد حذف الجار مع أن هذا وقال في الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الفعل بعدها وجه لم يكن لنصب الفعل بعدها وجه صحيح، وإنما هي لام اختصاص دخلت على الفعل لقصد ما كان زيد مقدرًا أو هاما أو مستعدا؛ لأن يفعل. الثالث قد تحذف كان قبل لام الجحود كقوله: 1072- فَمَا جَمْعٌ لِيَغْلبَ جَمْعَ قَومِي ... مقاوَمَة ولا فرْدٌ لفَرْدِ أي: فما كان جمع. ومنه قول أبي الدرداء في الركعتين بعد العصر: ما أنا لأدعهما. الرابع: أطلق النافي ومراده ما ينفي الماضي وذلك ما ولم دون لن؛ لأنها تختص بالمستقبل، وكذلك لا؛ لأن نفي غير المستقبل بها قليل. وأما لما فإنها وإن كانت تنفي الماضي لكن تدل على اتصال نفيه بالحال. وأما إن فهي بمعنى ما وإطلاقه يشملها. وزعم كثير من الناس في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46] ، في قراءة غير الكسائي أنها لام الجحود، لكن يبعده أن الفعل بعد لام الجحود لا يرفع إلا   المغني وجه كونها مؤكدة على رأي: البصريين أن الأصل ما كان قاصدًا للفعل ونفي الفعل أبلغ من نفيه. قوله: "لا لأنها زائدة" أي: محضة بأن يكون دخولها في الكلام كخروجها. وقوله إذ لو كانت زائدة أي: محضة وإلا فلام التقوية زائدة لكن زيادتها غير محضة كما مر. قوله: "لم يكن لنصب الفعل إلخ" إذ يلزم علي الإخبار بالمصدر عن الجثة وهو لا يجوز أي: إلا بتكلف فلا ينافي ما مر فقوله وجه صحيح خال عن التكلف. قوله: "لام اختصاص" أي: دلت على اختصاص الإرادة المنفعة بالفعل وهذا لا ينافي كونها لتقوية العامل أو للتعدية لجواز كونها لهما باعتبارين. قوله: "أو هاما" هو بمعنى قول البصريين مريدًا. قوله: "أي: فما كان جمع" قال سم: أي: ضرورة إلى هذا التقدير ا. هـ أي: لصحة فما جمع مريد ليغلب إلخ, وقد يقال الداعي إليه موافقة النظائر وعبارة الدماميني والشمني ليس ما ذكره في البيت, وقول أبي الدرداء متعينًا لجواز أن يكون المعنى في البيت فما جمع متأهلًا لغلب قومي, وفي قول أبي الدرداء أو ما أنا مريدًا لتركهما. قوله: "ما أنا لأدعهما" أي: ما كنت فلما حذف الفعل انفصل الضمير. قوله: "أطلق النافي" أي: الذي تضمنه قوله ونفي كان. قوله: "وإن كانت تنفي الماضي" أي: في المعنى وقوله: لكن تدل على اتصال نفيه بالحال أي: وشرط النافي هنا أن يكون نافيًا للحدث في الماضي فقط. قوله: "وأما أن" ألحقها السيوطي وغيره بلن قال: فلا يجوز إن كان زيد ليخرج. قوله: "في قراءة غير الكسائي" أما في قراءته بفتح اللام ورفع الفعل فإن مخففة من الثقيلة واللام للفصل أي: وإن مكرهم لتزول منه الأمور المشبهة في عظمها بالجبال كبأس أعدائهم الكثيرين. قوله: "أنها لام الجحود" أي: ليس مكرهم أهلًا لتزول منه الجبال أي: ما هو كالجبال ثباتًا وتمكنًا من آيات الله تعالى وشرائعه وباختلاف المشبه   1072- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 110؛ وتذكرة النحاة ص560؛ والجنى الداني ص117؛ وشرح شواهد المغني 2/ 562؛ ومغني اللبيب 1/ 212. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 كذاكَ بعْدَ أو إذا يَصْلُحُ في ... مَوضِعها حتّى أو إلا أنْ خَفِي   ضمير الاسم السابق، والذي يظهر أنها لام كي وأن إن شرطية، أي: وعند الله جزاء مكرهم وهو مكر أعظم منه, وإن مكرهم لشدته معدا لأجل زوال الأمور العظام المشبهة في عظمها بالجبال، كما يقال أنا أشجع من فلان وإن كان معدا للنوازل، الخامس أجاز بعض النحويين حذف لام الجحود وإظهار أن مستدلًا بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى} [يونس: 37] ، والصحيح المنع، ولا حجة في الآية؛ لأن أن يفترى في تأويل مصدر وهو الخير "كذاك بعد أو إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا أن خفي" أن مبتدأ وخفى خبره وكذاك وبعد متعلقان بخفي، وحتى فاعل يصلح، وإلا عطف عليه: أي: كذا يجب إضمار أن بعد أو إذا صلح في موضعها حتى، نحو: لألزمنك أو تقضيني حقي،   بالجبال على وجهي النفي والإثبات يندفع التنافي بينهما. قوله: "أن الفعل بعد لام الجحود" أما بعد لام كي فيرفع غير ضمير الاسم السابق, وقوله: لا يرفع إلا ضمير إلخ لعل هذا أغلبي لا واجب بدليل تعبيره بيبعده دون يمنعه وأنه يبعد جدا امتناع ما كان زيد ليضربه أبوه ثم رأيت الدماميني ذكر أن المخرجين للآية على النفي لا يشترطون رفع الفعل ضمير الاسم السابق وقوله: الاسم السابق أي: المرفوع بفعل الكون. قوله: "شرطية" أي: حذف جوابها لعلمه مما قبلها وقوله: وجزاء مكرهم إشارة إلى تقدير مضاف في الآية, وقوله: وهو أي: جزاء مكرهم وقوله: الاسم السابق أي: المرفوع بفعل الكون. قوله: "معدا لأجل زوال إلخ" كان الأظهر إسقاط أجل وجعل اللام للتعدية أصله معدا أي: مهيأ ولا ينافيه أن الغرض كون اللام لام كي؛ لأن المراد بلام كي ما هو أعم من لام العليل كما مر, وبه يعلم ما في كلام شيخنا والبعض. قوله: "الأمور العظام" كبأس الجيش الكثير من أعدائهم. قوله: "لأن ن يفترى في تأويل مصدر" أي: وهذا المصدر بمعنى اسم المفعول كما أن القرآن مصدر بمعنى اسم المفعول فحصل التطابق. قوله: "كذاك" الإشارة راجعة إلى أن بعد نفي كان. قوله: "إذا يصلح" أي: من حيث المعنى كما سينبه الشارح عليه وقوله: حتى هو فيما يتطاول, وقوله: أو إلا هو فيما لا يتطاول. قوله: "متعلقان بخفي" لكن تعلق بعد على وجه الظرفية لخفي وتعلق كذاك على وجه الحالية من فاعل خفي أو الوصفية لمفعول مطلق لخفي أي: خفاء كذاك أي: كخفاء ذاك. قوله: "أي: كذا يجب إلخ" هذا بيان لحاصل المعنى وإلا فالتقدير أن خفي بعد أو إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا حال كونه كان بعد نفي في وجوب الخفاء, أو خفاء كخفاء أن بعد نفي كان في الوجوب, وإنما وجب ليتجانس المتعاطفان صورة بخلاف ما لو قيل لأطيعن الله أو أن يغفر لي فلا تجانس في الصورة لذكر أن في المعطوف دون المعطوف عليه. وقال الجامي: وأما الفاء والواو وأو؛ فلأنها لما اقتضت نصب ما بعدها للتنصيص على معنى السببية والجمعية والانتهاء صارت كعوامل النصب فلم يظهر الناصب بعدها. قال ابن الناظم: وإنما نصب المضارع بعد أو هذه ليفرقوا بين أو التي لمجرد العطف المفيدة مساواة ما بعدها لما قبلها في الشك مثلًا وأو التي تقتضي مخالفة ما بعدها لما قبلها في ذلك فإن ما قبلها محقق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   وقوله: 1073- لأَسْتَسهِلنَّ الصعْبَ أو أُدْرِكَ المُنَى ... فما انْقادَتِ الآمالُ إلا لصابِرِ أو إلا كقولك: لأقتلن الكافر أو يسلم وقوله: 1074- وكنتُ إذا غَمَزتُ قَناةَ قومٍ ... كَسَرْتُ كُعُوبهَا أو تَسْقِيما ويحتمل الوجهين قوله: 1075- فقُلتَ له لا تَبْكِ عينُكَ إنما ... نحاوِلُ مُلكًا أو نَموتَ فَنُعْذَرَا   الوقوع حتى يحصل ما بعدها وكان النصب بعد هذه بأن مضمرة لا بها نفسها لعدم اختصاصها. قوله: "نحو: لألزمنك إلخ" لا يتعين في هذا المثال تقدير حتى بل هو صالح للتقديرات الثلاثة التعليل والغاية الاستثناء من الأزمان كما قاله الشارح في شرحه على التوضيح, قال: ويتعين الأول في نحو: لأطيعن الله أو يغفر لي والثاني في نحو: لأنتظرنه أو يجيء والثالث في نحو: لأقتلن الكافر أو يسلم ا. هـ. وقد يقال لأنتظرنه أو يجيء صالح للاستثناء فتأمل. وأما لأستسهلن إلخ فصالح للتعليل والغاية وجوز أبو حيان أن تكون أو فيه للاستثناء. قال الدماميني: وليس بشيء ا. هـ. وفيه نظر. قوله: "المنى" جمع منية ما يتمنى والمراد بالآمال المأمولات وبانقيادها حصولها قاله الشمني. قوله: "وكنت إذا غمزت إلخ" بالغين والزاي المعجمتين عصرت والقناة بالقاف والنون الرمح والكعوب النواشز في أطراف الأنابيب, وهذه استعارة تمثيلية شبه حالة إذا أخذ في إصلاح قوم اتصفوا بالفساد فلا يكف عن حسم المواد التي ينشأ عنها فسادهم إلا أن يحصل صلاحهم بحاله إذا غمزت قناة معوجة حيث يكسر ما ارتفع من أطرافها ارتفاعًا يمنع من اعتدالها ولا يفارق ذلك إلا   1073- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 172؛ والدرر 4/ 77؛ وشرح شذور الذهب ص385؛ وشرح شواهد المغني 1/ 206؛ وشرح ابن عقيل ص568؛ وشرح قطر الندى ص69؛ ومغني اللبيب 1/ 67؛ والمقاصد النحوية 4/ 384؛ وهمع الهوامع 2/ 10. 1074- البيت من الوافر، وهو لزياد الأعجم في ديوانه ص101؛ والأزهية ص122؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 169؛ وشرح التصريح 2/ 237؛ وشرح شواهد الإيضاح ص254؛ وشرح شواهد المغني 1/ 205؛ والكتاب 3/ 48؛ ولسان العرب 5/ 389؛ "غمز"؛ والمقاصد النحوية 4/ 385؛ والمقتضب 2/ 92؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 172؛ وشرح شذور الذهب ص386؛ وشرح ابن عقيل ص569؛ وشرح قطر الندى ص70؛ وشرح المفصل 5/ 15؛ ومغني اللبيب 1/ 66؛ والمقرب 1/ 263. 1075- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص66؛ والأزهية ص122؛ وخزانة الأدب 4/ 212، 8/ 544، 547؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 59؛ وشرح المفصل 7/ 22، 33؛ والصاحبي في فقه اللغة ص128؛ والكتاب 3/ 47؛ واللامات ص68؛ والمقتضب 2/ 28؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 313؛ والجنى الداني ص231؛ الخصائص 1/ 263؛ ورصف المباني ص133؛ وشرح عمدة الحافظ ص644؛ واللمع ص211. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   واحترز بقوله إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا من التي لا يصلح في موضعها أحد الحرفين، فإن المضارع إذا ورد بعدها منصوبًا جاز إظهار أن كقوله: 1076- ولولا رجالٌ من رِزامٍ أعِزَّةٌ ... وآل سُبَيعٍ أو أسُوءَكَ عَلقَما تنبيهات: الأولى قال في شرح الكافية: وتقدير إلا وحتى -في موضع أو- تقدير لحظ فيه المعنى دون الإعراب، والتقدير الإعرابي المرتب على اللفظ أن يقدر قبل أو مصدر وبعدها أن ناصية للفعل وهما في تأويل مصدر معطوف بأو على المقدر قبلها، فتقدير لأنتظرنه أو يقدم: ليكونن انتظار أو قدوم، وتقدير لأقتلن الكافر أو يسلم: ليكونن قتله أو إسلامه، وكذلك العمل في غيرهما. الثاني ذهب الكسائي إلى أن أو المذكورة   أن تستقيم ا. هـ. تصريح ويظهر صحة تقدير حتى بمعنييها أيضًا في هذا البيت فتدبر. فائدة: قال شارح أبيات الإيضاح: وقع هذا البيت في قصيدة لزياد الأعجم غالبها مرفوع القوافي وبعضها مجرورها, وقال الزمخشري في شرح أبيات الكتاب أبيات القصيدة غير منصوبة وإنما أنشده سيبويه منصوبًا؛ لأنه سمعه كذلك ممن يستشهد بقوله وإنشاد الأبيات على الوقف مذهب لبعض العرب فإن أنشد بيت منها أنشد على حقه من الإعراب, وإن أنشد جميعها أنشد على الوقف من شرح شواهد المغني للسيوطي. قوله: "إذا ورد بعدها منصوبًا" فيه إشارة إلى جواز وروده بعدها مرفوعًا لعدم تقدير ناصب. قوله: "ولولا رجال إلخ" رزام براء مكسورة فزاي حي من تميم وأعزة صفة ثانية لرجال وآل سبيع بالتصغير حي أيضًا, وهو معطوف على رجال لا رزام فيما يظهر لئلا يلزم الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بأجنبي وهو أعزة والشاهد في أو أسوءك فإنه منصوب بأن مضمرة جوازًا لعدم صحة تقدير أو بأحد الحرفين إذ المعنى لولا رجال وإساءتك وعلقم, قال العيني: منادى مرخم أي: يا علقمة وبهذا التقدير يعلم ما في كلام البعض من الإيهام. قوله: "المرتب على اللفظ" أي: الذي يقتضيه لفظ الفعل المنصوب بعد أو بأن المقدرة ولفظ أو التي لأحد الشيئين لاقتضاء الأول كون ما بعد أو مصدرًا مؤولًا, والثاني كون المعطوف عليه مصدرًا كالمعطوف ليتجانس الشيئان اللذان أو لأحدهما. قوله: "أن يقدر قبل أو مصدر" أي: يتوهم ويلحظ قبلها مصدر متصيد من الفعل السابق فلا ينافي قوله الآتي, ولكن عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم, وإنما قدر؛ لأن الفعل بعد أو مؤول بمصدر, ولا يصح عطف الاسم على الفعل إلا في نحو: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام: 95] ، على ما سبق في آخر العطف فلا بد أن يكون المعطوف عليه هنا اسمًا والمصدر هو المناسب من بين أنواع الاسم.   1076- البيت من الطويل، وهو للحصين بن الحمام في خزانة الأدب 3/ 324؛ والدرر 4/ 78؛ وشرح اختيارات المفصل ص334؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ وشرح المفصل 3/ 50؛ والمقاصد النحوية 4/ 411؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 272؛ والمحتسب 1/ 326؛ وهمع الهوامع 2/ 10، 17. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 وبَعْد حتّى هكذا إضمارُ أنْ ... حَتْمٌ كجُدْ حتّى تَسُرَّ ذا حَزَنْ   ناصية بنفسها، وذهب الفراء ومن وافقه من الكوفيين إلى أن الفعل انتصب بالمخالفة، والصحيح أن النصب بأن مضمرة بعدها لأن أو حرف عطف فلا عمل لها، ولكنها عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم، ومن ثم لزم إضمار أن بعدها. الثالث قوله: إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا أحسن من قوله في التسهيل بعد أو الواقعة موقع إلى أن أو إلا أن؛ لأن لحتى معنيين كلاهما يصح هنا: الأول الغاية مثل إلى. والثاني التعليل مثل كي، فيشمل كلامه هنا نحو: لأرضين الله أو يغفر لي بخلاف كلام التسهيل؛ لأن المعنى حتى يغفر لي بمعنى كي يغفر لي. وقد بان لك أن قول الشارح يريد حتى بمعنى إلى لا التي بمعنى كي لا وجه له. وكلتا العبارتين خير من قول الشارح بعد أو بمعنى إلى أو إلا فإنه يوهم أن أو ترادف الحرفين وليس كذلك، بل هي أو العاطفة كما مر "وبعد حتى هكذا إضمار أن   قوله: "ليكونن" بفتح اللام. قوله: "في غيرهما" أي: غير المثالين المذكورين. قوله: "انتصب بالمخالفة" أي: مخالفة الثاني للأول من حيث لم يكن شريكًا له في المعنى ولا معطوفًا عليه ا. هـ. همع ونقض بنحو: ما جاء زيد لكن عمرو وجاء زيد لا عمرو فإن الثاني خالف الأول في المعنى ولم يختلف في الإعراب إلا أن يخص ذلك بالفعل لضعفه عن الاسم في الإعراب. قوله: "أن النصب بأن إلخ" ولذا لا يتقدم معمول الفعل عليها ولا يفصل بينها وبين الفعل؛ لأنها حرف عطف وجوز الأخفش الفصل بينهما بالشرط نحو: لألزمنك أو إن شاء الله تقتضيني حقي. سيوطي. قوله: "ولكنها عطفت" لعل الاستدراك لرفع ما يتوهم من قوله حرف عطف من ظهور المتعاطفين كما هو الغالب. قوله: "متوهم" إنما كان متوهمًا لعدم آلة السبك لفظًا وتقديرًا. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل أنها عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم لزم إضمار أن بعدها, وفيه أنه لا يتسبب عن عطفها مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم لزوم إضمار أن ولا إضمارها إذ لو ظهرت لم تخرج عن عطفها مصدرًا مقدرًا أي: من أن والفعل على مصدر متوهم فكان عليه أن يعلل اللزوم بتجانس المتعاطفين في الصورة كما مر, وبهذا علم ما في قول البعض تبعًا لشيخنا؛ الأولى أن يقال ومن ثم أضمرت أن بعدها؛ لأن عطفها ما ذكر لا يقتضي لزوم إضمار أن. قوله: "موقع إلى أن أو إلا أن" الصواب حذف أن فإن أو إنما وقعت موقع إلى وحدها أو إلا وحدها ا. هـ. دماميني أي: لأنها لو كانت بمعنى إلى أن أو إلا أن لزم التكرار, إذ النصب بأن مضمرة بعدها على الراجح, وقد يجاب بأن المراد الواقعة مع المضمر بعدها موقع إلى أن أو إلا أن. قوله: "لأن لحتي معنيين إلخ" وجه الشارح الأحسنية بما حاصله عموم كلامه هنا وتوجه أيضًا بسلامته من الاعتراض على كلامه في التسهيل بما مر عن الدماميني. قوله: "بمعنى كي يغفر لي" ولا يناسب هنا معنى إلى ولا معنى إلا؛ لأنه يوهم انقطاع الإرضاء إذا حصل الغفران سم قوله: "فإنه يوهم إلخ" أي: إيهامًا قويا, إذ أصل الإيهام موجود في العبارتين أيضًا. أفاده سم. قوله "وبعد حتى" الجارة ومن أحكامها أنها لا يفصل بينها وبين الفعل شيء وأجازه بعضهم بالظرف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حتم" أي: واجب. والغالب في حتى حينئذ أن تكون للغاية نحو: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91] ، وعلامتها أن يصلح في موضعها إلى وقد تكون للتعليل "كجد حتى تسر ذا حزن" وعلامتها أن يصلح في موضعها كي، وزاد في التسهيل أنها تكون بمعنى إلا أن كقوله: 1077- لَيسَ العطاءُ من الفُضولِ سَماحةً ... حتى تجودَ وما لديك قليلُ وهذا المعنى على غرابته ظاهر من قول سيبويه في تفسير قولهم: والله لا أفعل إلا أن تفعل المعنى حتى أن تفعل. وصرح به ابن هشام الخضراوي، ونقله أبو البقاء عن بعضهم في: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا} [البقرة: 102] والظاهر في هذه الآية   والشرط الماضي والقسم والجار والمجرور والمفعول ا. هـ. سيوطي والظرف متعلق بإضمار الذي هو مبتدأ وهكذا إما متعلق بإضمار والخبر حتم فيكون قوله هكذا توكيدًا؛ لأن معناه كالإضمار السابق في الوجوب والوجوب مستفاد من قوله: حتم وعلى هذا اقتصروا فحكموا بأن قول المصنف هكذا خشو وإما خبر وقوله: حتم خبر ثان جيء به لبيان وجه الشبه وعلى هذا فلا يكون في كلامه توكيد لعدم استفادة التحتم من التشبيه لاحتمال أنه في نصب المضارع بها فقط. قوله: "والغالب في حتى حينئذ" أي: حين إذ أضمرت أن بعدها أن تكون للغاية هذا مخالف لقول الجامي الأغلب فيها أن تستعمل بمعنى كي ا. هـ. وإنما تكون للغاية إذا كان ما بعدها غاية لما قبلها وللتعليل إذا كان مسببًا عما قبلها, كذا في التصريح واحترز بقوله حينئذ عن حتى الابتدائية فإنها بمعنى الفاء. قوله: "كجد حتى تسر" الغاية هنا ممكنة أيضًا سم. قوله: "بمعنى إلا أن" الصواب إسقاط أن لما تقدم قيل إلا التي حتى تكون بمعناها للاستثناء المنقطع, وقال الدماميني: سواء كان الاستثناء متصلًا أو منقطعًا وجعل الاستثناء في والله لا أفعل حتى تفعل أي: إلا أن تفعل متصلًا مفرغًا للظرف إذ المعنى لا أفعل وقتًا من الأوقات إلا وقت فعلك ويظهر أن الغاية ممكنة فيه وفي البيت الآتي منقطعًا إذ المعنى ليس العطاء في حال الغنى سماحة لكن في حال الفقر والغاية ممكنة فيه كما قاله الفاكهي تبعًا للدماميني وابن الناظم, لكن نظر فيه سم بأن النفي قبل حتى لا ينقطع عما بعدها بل هو ثابت مع ثبوته فكيف تكون غائية فتأمل, ولا تنافي بين كونها جارة وكونها بمعنى إلا؛ لأن عمل الجر ثبت مع إفادة الاستثناء كخلا وحاشا إذا جر بهما. قوله: "من الفضول" جمع فضل وهو الزيادة والمراد زيادات المال وهي ما لا يحتاج إليه منه. دماميني. قوله: "على غرابته" أي: مع غرابته. قوله: "حتى أن تفعل" ففسر إلا بحتى فاقتضى   1077- البيت من الكامل، وهو للمقنع الكندي في خزانة الأدب 3/ 370؛ والدرر 4/ 75؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1734؛ وشرح شواهد المغني 1/ 372؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص555؛ ومغني اللبيب 1/ 125؛ والمقاصد النحوية 4/ 412؛ وهمع الهوامع 2/ 9. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 وتِلوَ حَتَّى حالا أو مُؤولا ... بِهِ ارْفَعَنَّ وانصِبِ المُستقْبِلا   خلافه. وأن المراد معنى الغاية. نعم هو ظاهر في قوله: 1078- واللهِ لا يَذْهَبُ شَيخي باطِلًا ... حَتى أُبِيرَ مالكًا وكاهِلا لأن ما بعدها ليس غاية لما قبلها ولا مسببًا عنه. تنبيه: ذهب الكوفيون إلى أن حتى ناصبة بنفسها وأجازوا إظهار أن بعدها توكيدًا كما أجازوا ذلك بعد لام الجحود "وتلو حتى حالا أو مؤولا به" أي: بالحال "ارفعن"   أن حتى تكون بمعنى إلا. قوله: "حتى يقولا" أي: إلا أن يقولا والاستثناء مفرغ للظرف والمعنى وما يعلمان أحدًا في وقت إلا وقت أن يقولا إلخ. "وأن المراد معنى الغاية" أي: يمتد انتفاء تعليمهما إلى وقت قولهما ذلك, واعترضه الدماميني بأن هذا وإن أمكن لكن لا مرجح له حتى يكون هو الظاهر دون الاستثناء. قوله: "نعم هو" أي: كون حتى بمعنى إلا ظاهر في قوله: والله إلخ. والمعنى لا أترك الأخذ بثأر شيخي أي: الحسين بن علي إلا أن أقتل هذين الحيين أي: لكن أقتل هذين الحيين فالاستثناء منقطع كما قاله الدماميني, ونقله في الهمع عن ابن هشام الخضراوي مقتصرًا عليه, وتصحيح البعض تبعًا لشيخنا كونه متصلًا؛ لأن قتل الحيين أخذ بالثأر باطل؛ لأن المعنى حينئذ لا أترك أخذ ثأر شيخي إلا قتل الحيين فأتركه وهو فاسد ولا يصح كونها للغاية؛ لأن المعنى عليه يمتد انتفاء ترك الأخذ بالثأر إلى قتل الحيين فينقطع الانتفاء ويوجد الترك وهو فاسد. وأما كونها للتعليل أي: ينتفي الترك المذكور لكوني أقتل الحيين فصحيح لولا ما أفاده الشارح وصرح به الشيخ خالد من أن حتى التعليلية هي التي ما بعدها مسبب عما قبلها؛ لأن ما بعد حتى في البيت ليس مسببًا عما قبلها كما قاله الشارح, بل هو سبب لما قبلها فعلم ما في تجويز الشمني وتبعه شيخنا والبعض كونها للغاية وكونها للتعليل فكن ممن يعرف الرجال بالحق. وما مر من أن المراد بشيخ الشاعر الحسين بن علي هو ما ذكره بعضهم والذي قاله الدماميني والشمني والسيوطي أن قائل البيت امرؤ القيس بن حجر حين بلغه أن بني أسد قتلت أباه وأن المراد بشيخه أبوه. قوله: "حتى أبير" بهمزة مضمومة فموحدة فراء أو دال مهملة من أباره الله أو أباده أهلكه ومالك وكاهل قبيلتان من بني أسد قاله الشمني. قول: "لأن ما بعدها" وهو قتل الحيين ليس غاية لما قبلها وهو انتفاء ترك الأخذ بالثأر ولا مسببًا عما قبلها بل هو سبب له أي: فلم يصح كونها غائية ولا تعليلية فثبت كونها استثنائية إذ لا تخرج حتى في البيت عن المعاني الثلاثة فإذا انتفى اثنان تعين الثالث فلا غبار على التعليل خلافًا للبعض. وقول شيخنا هذا يعني النفي في كلام الشارح بحسب الظاهر وإن كانت الغاية والتعليل محتملين احتمالا مرجوحًا علم رده مما أسلفناه فتنبه, قوله:   1078- الرجز لامرئ القيس في ديوانه ص134؛ والأغاني 9/ 87؛ وخزانة الأدب 1/ 333، 2/ 213؛ والدرر 4/ 75؛ وشرح شواهد المغني 1/ 372؛ ومعجم ما استعجم ص56؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 144؛ وهمع الهوامع 2/ 9. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   حتمًا "وانصب المستقبلا" أي: لا ينصب الفعل بعد حتى إلا إذا كان مستقبلًا: ثم إن كان استقباله حقيقيا بأن كان بالنسبة إلى زمن التكلم فالنصب واجب نحو: لأسيرن حتى أدخل المدينة وكالآية السابقة. وإن كان غير حقيقي بأن كان بالنسبة إلى ما قبلها خاصة فالنصب جائز لا واجب نحو: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] ، فإن قولهم إنما هو مستقبل بالنظر إلى الزلزال لا بالنظر إلى زمن قص ذلك علينا. فالرفع -وبه قرأ نافع- على تأويله بالحال، والنصب -وبه قرأ غيره- على تأويله بالمستقبل: فالأول يقدر اتصاف   "أو مؤولا به" أي: أو غير حال من ماض أو مستقبل مؤولا به. قوله: "ارفعن حتمًا" لأن نصبه بتقدير أن وهي للاستقبال والحال ينافيه. قوله: "وانصب المستقبلا" أي: وجوبًا إن كان الاستقبال حقيقيا بأن كان بالنسبة إلى زمن التكلم, وجواز إن لم يكن حقيقيا بأن كان بالنسبة إلى ما قبل حتى والمراد المستقبل الذي لم يؤول بالحال كما قاله سم؛ لوجوب رفع المستقبل المؤول به وإنما شرط في نصب المضارع استقباله؛ لأن نصبه بأن المضمرة وهي تخلصه للاستقبال. قوله: "إلى زمن التكلم" أي: بالكلام الذي وقع فيه حتى. قوله: "وكالآية السابقة" وهي لن نبرح عليه إلخ, وقد يقال إنها من القسم الثاني فإن العكوف عليه ورجوع موسى ماضيان بالنسبة إلى زمن النزول, والرجوع مستقبل بالنسبة إلى العكوف فهو على حد الزلزال, وقول الرسول في الآية الآتية والجواب أن قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} [طه: 91] ، إلخ فيه حكاية كلامهم وعبارتهم الصادرة فالمنظر فالمنظور إليه فيه هو المحكي لا الحكاية, ورجوع موسى مستقبل بالنسبة إلى زمن التكلم بالمحكي؛ لأنه المعتبر في المحكي بخلاف ما في الآية الآتية, فإنه ليس حكاية لكلام آخر بل هو إخبار منه فينظر فيه لزمن النزول؛ لأنه زمن التكلم بالنظر إليه ا. هـ سم والحاصل أن ما كان حكاية كلام ينظر فيه لزمن المحكي وهو وقت حصول الواقعة, وما كان غير حكاية كلام ينظر فيه لزمن الإخبار لنا. قوله: "بالنسبة إلى ما قبلها" أي: لزمن الفعل قبلها قال سم: أي: ولم يكن للحال حقيقة بدليل ما يأتي أنه يجب رفع الحال حقيقة مع أنه قد يكون مستقبلًا بالنسبة لما قبلها نحو: سرت حتى أدخلها إذا قلت ذلك حال الدخول ا. هـ. وقوله خاصة أي: لا بالنسبة إلى زمن التكلم. قوله: "وزلزلوا" أزعجوا إزعاجا شديدًا شبيهًا بالزلزلة. قوله: "الرسول" وهو اليسع أو شعياء، دماميني. قوله: "فإن قولهم" أي: الرسول والذين آمنوا معه. قوله: "إلى زمن قص ذلك علينا" أي: زمن تكلم جبريل بالآية وهو زمن نزولها أي: لأنه ماض بالنظر إلى زمن القص. قوله: "على تأويله بالحال" بأن يقدر القول الماضي واقعًا في الحال أي: في زمن التكلم لاستحضار صورته العجيبة فكأنه قيل حتى حالتهم الآن أن الرسول والذي آمنوا معه يقولون. قوله: " على تأويله بالمستقبل" بأن يقدر أنهم في الحال عازمون على القول فيلزم استقبال القول على ما سيشير إليه الشارح. قوله: "فالأول إلخ" عبارة الدماميني. قال ابن الحاجب: من رفع يقول فعلى إرادة الإخبار بوقوع شيئين: الزلزال والقول لكن الخبر الأول على وجه الحقيقة والثاني على حكاية الحال والمراد مع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   المخبر عنه وهو الرسول والذين آمنوا معه بالدخول في القول فهو حال بالنسبة إلى تلك الحال. والثاني يقدر اتصافه بالعزم عليه فهو مستقبل بالنسبة إلى تلك الحال، ولا يرتفع الفعل بعد حتى إلا بثلاثة شروط: الأول أن يكون حالًا، إما حقيقة نحو: سرت حتى أدخلها إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول، والرفع حيئنذ واجب، أو تأويلًا نحو: "حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ" [البقرة: 214] في قراءة نافع. والرفع حينئذ جائز كما مر. الثاني: أن يكون   ذلك الإعلام بأمر ثالث وهو تسبب القول عن الزلزال ومن نصب فعلى إرادة الإخبار بوقوع شيء واحد وهو الزلزال وبأن شيئًا آخر كان مترقبًا وقوعه عند حصول الزلزال وهو القول وليس فيه إخبار بوقوع القول كما في قراءة الرفع, وإن كان الوقوع ثابتًا في نفس الأمر, ولكن ثبوته بدليل آخر لا من هذه القراءة. قلت وذلك الدليل هو قراءة الرفع؛ لأن القراءتين كالآيتين وإنما قدر القول مترقبًا في قراءة النصب يحتمل أن تكون حتى بمعنى إلى وأن تكون بمعنى كي وعلى الرفع حتى حرف ابتداء ا. هـ. قوله: "وبالدخول في القول" أي: زمن التكلم فالماضي فرض حاصلًا في الحال. ولو قال بالقول بدل بالدخول في القول لكان أوضح. قوله: "فهو" أي: القول حال بالنسبة إلى تلك الحال أي: باعتبار تلك الحال وهي تقدير اتصافهم بالقول زمن التكلم. قوله: "والثاني بقدر إلخ" فرض هذا التأويل فيما إذا كان الفعل قد مضى, وهل يأتي فيما إذا كان الفعل حالا حقيقة, وقد يقال إتيانه فيه أولوى وأقرب إلى اعتبار استقباليته من الماضي فيحتمل أن وجوب الرفع في الحال حقيقة ما لم يؤول بالمستقبل وفي كلام الرضي والجامي ما يوافقه لكن يخالفه ظاهر ما في المغني. وظاهر قول الدماميني في شرح التسهيل تلخيص مسألة حتى بأسهل طريق أن يقال إن صلح المضارع بعدها لوقوع الماضي موقعه نحو: حتى يقول الرسول جاز فيه الرفع والنصب وإلا فإن كان حاضرًا فالرفع أو مستقبلا فالنصب ا. هـ. أفاده سم. قوله: "بالعزم عليه" أي: القول فهو أي: القول مستقبل بالنسبة إلى تلك الحال أي: باعتبار تلك الحال وهي تقدير اتصافهم بالعزم زمن التكلم على القول. قوله: "والرفع حينئذ واجب" ما لم يؤول بالمستقبل التأويل السابق على ما فيه. قوله: "أو تأويلًا نحو: حتى يقول إلخ" ونحو: سرت حتى أدخلها تريد فأنا الآن متمكن من الدخول. وحاصلهما أن يكون الماضي أو المستقبل قدر أنه موجود في الحال ا. هـ. دماميني فعلم أن من الحال المقدرة تقدير المستقبل حاضرًا سم. قوله: "والرفع حينئذ جائز كما مر" فيه عندي نظر؛ لأن رفع المؤول بالحال واجب كما قال المصنف والشارح سابقًا وتلو حتى حالًا أو مؤولًا به أي: بالحال ارفعن حتمًا ا. هـ. والذي مر إنما هو جواز الرفع والنصب إذا كان الاستقبال بالنسبة إلى زمن الفعل قبل حتى فالرفع على التأويل بالحال والنصب على التأويل بالمستقبل, ثم رأيت في المغني وشرحه للدماميني التصريح بأن المضارع إذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مسببًا عما قبلها فيمتنع في نحو: لأسيرن حتى تطلع الشمس، وما سرت حتى أدخلها، وأسرت حتى تدخلها لانتفاء السببية: أما الأول؛ فلأن طلوع الشمس لا يتسبب عن السير. وأما الثاني؛ فلأن الدخول لا يتسبب عن عدم السير. وأما الثالث؛ فلأن السبب لم يتحقق, ويجوز الرفع في أيهم سار حتى يدخلها، ومتى سرت حتى تدخلها؛ لأن السير محقق, وإنما الشك في عين الفاعل أو في عين الزمان، وأجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجابًا ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره لا على ما قبل حتى خاصة. ولو عرضت هذه المسألة بهذا المعنى على سيبويه لم يمنع الرفع فيها وإنما منعه إذا كان النفي مسلطًا على السبب خاصة, وكل أحد يمنع ذلك. الثالث أن يكون فضلة فيجب النصب في نحو: سيري حتى أدخلها، وكذا في كان سيري أمس حتى أدخلها إن قدرت كان ناقصة ولم تقدر الظرف خبرًا ا. هـ.   كان للحال المحكية تحتم رفعه؛ لأن النصب بأن يناقض قصد الحكاية وأن محل نصبه إذا لم تقصد الحكاية وهو يؤيده النظر هذا. وقال السيوطي: حكى الجرمي أن من العرب من ينصب بحتى في كل شيء. قال أبو حيان: وهي لغة شاذة. قوله: "أن يكون مسببًا عما قبلها" أي: ليحصل الربط معنى ويؤخذ من كلامه بعد أنه لا بد من وقوع السبب خارجًا. قوله: "وما سرت حتى أدخلها" نعم إن انتقض النفي نحو: ما سرت إلا يوما حتى أدخلها جاز الرفع لعدم انتفاء السببية, وأما فلما سرت حتى أدخلها, فإن أردت نفي السير وهو الأغلب في كلامهم وجب النصب وإن أردت التقليل جاز الرفع على ضعف نقله شيخنا عن الرضي ثم رأيت الدماميني ذكره. قوله: "فلأن السبب لم يتحقق" أي: للاستفهام عنه فلو رفع لزم تحقق وقوع المسبب مع الشك في وقوع السبب, وذلك لا يصح أفاده في التصريح. قوله: "وأجاز الأخفش إلخ" قال الرضي نقلًا عن الأخفش: إلا أن العرب لم تتكلم به قال الدماميني, والذي يظهر إجراء ما قاله الأخفش في الاستفهام أيضًا بأن يقدر الكلام خاليًا عن الاستفهام ثم أدخلت أدائه على الكلام بأسره لا على ما قبل حتى خاصة كأن يقول شخص لآخر سرت حتى تدخلها فشككت أنت في صدق الخبر فتقول: أنت للمخاطب هل سرت حتى تدخلها أي: هل ما أخبرك به هذا الشخص صحيح ا. هـ. قوله: "على الكلام بأسره" فيكون التقدير ما سرت فأنا لا أدخلها. قوله: "لم يمنع الرفع فيها" أي: لوجود الشرط؛ لأن عدم السر يتسبب عنده عدم الدخول فلا خلاف في الحقيقة. قوله: "أن يكون فضلة" لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر؛ لأنه إذا رفع الفعل كانت حتى حرف ابتداء فالجملة بعدها مستأنفة تصريح. قوله: "فيجب النصب في نحو: سيري إلخ" ينبغي ما لم يتم الكلام بتقدير مبتدأ أو خبر, وإلا لم يجب ا. هـ. أي: وقامت قرينة على التقدير. قوله: "إن قدرت إلخ" فإن قدرت كان تامة أو قدر الظرف وهو أمس خبرًا جاز الرفع؛ لأن ما بعد حتى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   تنبيهات: الأول: تجيء حتى في الكلام على ثلاثة أضرب: جارة وعاطفة وقد مرتا، وابتدائية أي: حرف تبتدأ بعده الجمل أي: تستأنف، فتدخل على الجمل الاسمية كقوله: 1079- فما زالتِ القَتْلَى تَمُجُّ دِماءَها ... بِدَجْلَةَ حتّى ماءُ دِجْلةَ أَشْكَلُ وعلى الفعلية التي فعلها مضارع كقوله: 1080- يُغْشَونَ حتّى ما تَهِرُّ كِلابُهُمْ وقراءة نافع: {حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] ، وعلى الفعلية التي فعلها ماض نحو: {حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا} [الأعراف: 195] وزعم المصنف أن حتى هذه جارة ونوزع في ذلك. الثاني إذا كان الفعل حالًا أو مؤولًا به فحتى ابتدائية، وإذا كان مستقبلًا أو مؤولًا به فهي الجارة وأن مضمرة بعدها حتى تقدم. الثالث علامة كونه حالًا أو مؤولًا به صلاحية   فضلة. قوله: "على ثلاثة أضرب" أي: كائنة على ثلاثة أقسام من كينونة المجمل على المفصل أو الجنس على الأنواع فإبدال جارة وعاطفة وابتدائية من ثلاثة أضرب صحيح وإن كان بحيث لو أسقط المبدل منه صار التركيب غير مألوف فتدبر. "جارة" وهي ثلاثة أقسام غائية وتعليلية واستثنائية كما تقدم. قوله: "وابتدائية" قال شيخنا السيد: مقتضى كلامه هنا والتنبيه الثالث أن الابتدائية ليست غائية والذي في المغني وشرح جمع الجوامع للمحلي أنها غائية أي: غير جارة. قوله: "أي: حرف تبتدأ بعده الجمل" فالابتدائية هي الداخلة على الجمل اسمية أو فعلية. قوله: "فما زالت القتلى إلخ" تمج أي: تقذف ودجلة بكسر الدال نهر العراق والأشكل الأبيض الذي يخالطه حمرة ا. هـ. زكريا وقوله: بكسر الدال أي: وفتحها. قوله "يغشون" بغين معجمة مبني للمجهول أي: يؤتون وتهر من هر من باب ضرب أي: صوت كذا في المصباح أي: حتى ما تصوت على الضيوف لكثرتهم أو اشتغالها بآثار القرى يصف قومًا بكثرة غشيان الضيوف لهم. قوله: "أن حتى هذه" أي: الداخلة على الماضي نحو: حتى عفوًا   1079- البيت من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص143؛ والأزهية ص216؛ والجنى الداني ص552؛ وخزانة الأدب 9/ 477، 479؛ والدرر 4/ 32؛ وشرح شواهد المغني 1/ 377؛ وشرح المفصل 8/ 18؛ واللمع ص163؛ ومغني اللبيب 1/ 128؛ والمقاصد النحوية 4/ 386؛ وللأخطل في الحيوان 5/ 330؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص267؛ والدرر 4/ 112؛ ولسان العرب 11/ 357 "شكل"؛ وهمع الهوامع 1/ 248، 2/ 24. 1080- عجزه: لا يَسْألونَ عن السوادِ المُقْبِلِ والبيت من الكامل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص123؛ وخزانة الأدب 2/ 412؛ والدرر 4/ 76؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 69؛ وشرح شواهد المغني 1/ 378، 2/ 964؛ والكتاب 3/ 19؛ ومغني اللبيب 1/ 129؛ وهمع الهوامع 2/ 9. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 وبَعْدَ فا جَوابِ نَفْي أو طَلَبْ ... مَحْصَيْنِ أنْ وَسَتْرُها حَتْمٌ نَصَبْ   جعل الفاء في موضع حتى، ويجب حينئذ أن يكون ما بعدها فضلة مسببًا عما قبلها ا. هـ "وبعد فا جواب نفي أو طلب محصين أن وسترها ختم نصب" أن مبتدأ ونصب خبرها، وسترها حتم مبتدأ وخبر في موضع الحال من فاعل نصب، وبعد متعلق بنصب، يعني أن تنصب الفعل مضمرة بعد فاء جواب نفي نحو: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر:   كما في حواشي زكريا وقوله جارة أي: للمصدر المنسبك من أن مضمرة والفعل. قوله: "وبعد فا" هي فاء السببية أي: التي قصد بها سببية ما قبلها لما بعدها بقرينة العدول عن العطف على الفعل إلى النصب. وقوله: جواب نفي أو طلب سمي جوابًا؛ لأن ما قبله من النفي والطلب المحضين لما كان غير ثابت المضمون أشبه الشرط الذي ليس بمتحقق الوقوع فيكون ما بعد الفاء كالجواب للشرط. قال الحفيد: وسواء النفي بالرحف كما أو الفعل كليس أو الاسم كغير والتقليل المراد به النفي كالنفي نحو: قلما تأتينا فتحدثنا وربما نفي بقد فنصب الجواب بعدها نحو: قد كنت في خبر فتعرفه قاله السيوطي, ويزاد خامس وهو التشبيه المراد به النفي كما سينبه عليه الشارح. قوله: "محضين" اعترض ابن هشام تقييد النفي بالمحض بأنه يخرج تالي التقرير نحو: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [الروم: 9، فاطر: 44، غافر: 21] ، فتكون لكن في العمدة وشرحها أن تالي التقرير لا ينصب جوابه, وفي التوضيح أن مما احترز عنه بتقييد النفي بالمحض النفي التالي تقريرًا نحو: ألم تأتني فأحسن إليك إذا لم ترد الاستفهام الحقيقي. قال خالد: فثبت أن الاستفهام التقريري يتضمن ثبوت الفعل فلا ينصب جوابه لعدم تمحض النفي وما ورد منه منصوبًا فلمراعاة صورة النفي وإن كان تاليًا تقريرًا؛ أو لأنه جواب الاستفهام ا. هـ. وقال في المغني: ولكون جواب الشيء مسببًا عنه امتنع النصب جوابًا للاستفهام في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: 63] ، لأن رؤية إنزال الماء ليست سبب اخضرار الأرض بل سببه نفس إنزال الماء بخلافه في آية: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا} [الروم: 9، فاطر: 44، غافر: 21] لأن السير في الأرض سبب كمال العقل هذا هو الصواب ا. هـ. بإيضاح من الشمني وعليه فيكون في النفي تقريرًا تفصيل لكن تعليل خالد بمراعاة صورة النفي أو الاستفهام قد يقتضي جواز النصب في آية: {أَلَمْ تَرَ} ، فلعل المراد مراعاتهما شذوذًا أو هو موافقة لقول حكاه في المغني ورده أن النصب في الآية جائز عربية ما في آية: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا} لكن قصد العطف على أنزل بتأويل تصبح بأصبحت ويوافق هذا القول قول الهمع لا فرق في النفي بين كونه محضًا نحو: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} أولًا بأن نقض بإلا نحو: ما تأتينا فتحدثنا إلا بخير أو دخلت عليه أداة الاستفهام التقريري نحو: لم تأتنا فتحدثنا ويجوز في هذا الجزم والرفع أيضًا ا. هـ. ملخصًا فتأمل واعترض سم تقييد الطلب بالمحض بأنه يوهم رجوعه لكل أنواعه مع أنه خاص منها بالأمر والنهي والدعاء. ومعنى كون الثلاثة محضة أن تكون بفعل صريح في ذلك. قوله: "في موضع الحال" أي: أو معترضة. قوله: "وبعد متعلق بنصب" وجعله ابن المصنف حالًا من مفعوله المحذوف أي: نصب الفعل واقعًا بعد ما ذكر. قوله: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   36] ، أو جواب طلب وهو إما أمر أو نهي أو دعاء أو استفهام أو عرض أوتحضيض أو تمن. فالأمر نحو: قوله: 1081- يا ناقُ سِيرِي عَنْقًا فَسِيحًا ... إلى سُليمانَ فَنَسْتَرِيحا والنهي نحو: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: 61] ، وقوله: لا يَخْدَعَنَّكَ مأثورٌ وإنْ قَدُمَتْ ... تِرائُهُ فيَحِقَّ الحزنُ والنَّدَمُ والدعاء نحو: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88] ، وقوله:   فَيَمُوتُوا} أي: لا يحكم عليهم بالموت فيموتوا أي: لا يكون قضاء عليهم فموت لهم لانتفاء المسبب بانتفاء سببه وهو القضاء به, وإنما قدروا هذا التقدير فيه وفيما يأتي لاقتضاء أن المقدرة كون ما بعد الفاء مصدرًا, ولا يصح عطف الاسم على الفعل إلا في نحو: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام: 95] ، كما تقدم فلا بد أن يكون المعطوف عليه اسمًا والمصدر هو المناسب من بين أنواع الاسم. وهذا كما في المغني من العطف المسمى بالعطف على المعنى والعطف على التوهم فاعرفه. وفي قوله شيخنا والبعض استرواحًا بقول الشارح بعد على معنى ما تأتينا محدثًا أي: لا يقضى عليهم ميتين نظر لتصريحهم بأن ما بعد الفاء مسبب عما قبلها فيكون متأخرًا عنه, والحالية تقتضي خلاف ذلك ويمكن دفع هذا بأن يراد بالقضاء بالموت تعلق الإرادة به تنجيزًا فيما لا يزال والموت مقارن له وجودًا متأخر رتبة فتدبر. قوله: "أما أمر إلخ" أي: أو ترج كما يأتي فالجملة مع النفي المتقدم تسعة مجموعة في قول بعضهم: مروانه وادع وسل واعرض لحضهم ... تمن وارج كذاك النفي قد كملا والفرق بين العرض والتحضيض أن الأول الطلب بلين ورفق والثاني الطلب بحث وإزعاج. قوله: "أو استفهام" أي: بأي أداة كانت, وقد يحذف السبب بعد الاستفهام لوضوح المعنى نحو: متى فأسير معك أي: متى تسير. قوله: "يا ناق إلخ" ناق مرخم ناقة, والعنق بفتحتين ضرب من السير أي: ليكن منك سير فاستراحة وكذا يقال فيما يأتي. قوله: "فيسحتكم" بضم الياء وكسر الحاء أو بتفحهما أي: يهلككم. قوله: "لا يخدعنك مأثور إلخ" المأثور بالمثلثة المال المتروك والتراث الوراث فأبدلت الواو تاء ولعل معنى وإن قدمت تراثة رأى وإن تقادمت وارثوه من غيرهم   1081- الرجز لأبي النجم في الدرر 3/ 52، 4/ 79؛ والرد على النحاة ص123؛ وشرح التصريح 2/ 239؛ والكتاب 3/ 35؛ ولسان العرب 3/ 83 "نفخ"؛ والمقاصد النحوية 4/ 387؛ وهمع الهوامع 2/ 10؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 182؛ ورصف المباني ص381؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 270، 274؛ وشرح شذور الذهب ص394؛ وشرح ابن عقيل ص570؛ وشرح قطر الندى ص71؛ وشرح المفصل 7/ 26؛ واللمع في العربية ص210؛ والمقتضب 2/ 14؛ وهمع الهوامع 1/ 182. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   1082- رَبِّ وَفْقِّنِي فلا أعْدِلَ عَن ... نن الساعينَ في خيرِ سَنِنْ وقوله: 1083- فيا رَبِّ عَجَّل ما أُؤَمِّلُ منهُمُ ... فَيَدْفَأَ مَقْرورٌ ويَشْبَعَ مُزْمِلُ والاستفهام نحو: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} [الأعراف: 53] وقوله: 1084- هل تَعْرفونَ لُبَاناتي فَأرْجُوَ أنْ ... تُقْضَى فَيُرْتَدَّ بعضُ الروحِ للجَسَدِ والعرض نحو: قوله: 1085- يابنَ الكرامِ لا تَدْنُو فَتُبْصِر ما ... قد حَدَّثوكَ فما راءَ كمَنْ سَمِعا والتحضيض نحو: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: 10] وقوله: 1086- لولا تَعْوجِينَ يا سلمى على دَنِفٍ ... فَتُحْمِدِي نارَ وَجْدٍ كادَ يُفْنِيهِ   وهو باق عندهم فإنه لا ينفع. قوله: "سنن" بفتحتين أي: طريق. قوله: "فيدفأ مقرور إلخ" المقرور بالقاف البردان والمرمل العادم للقوت. قوله: "لباناتي" جع لبانة بضم اللام وهي الحاجة, وإنما قال بعض الروح؛ لأن الارتداد مرتب على الرجاء وقد لا يتحقق المرجو. قوله: "فأصدق وأكون من الصالحين" وقرئ وأكن بالجزم عطفًا على محل فأصدق بناء على أن جواب الطلب المقرون بالفاء معها في محل جزم بجعل المصدر المسبوك من أن وصلتها مبتدأ حذف خبره, والجملة جواب شرط مقدر أي: إن أخرتني فتصدق ثابت وأكن. وضعفه في المغني قال: والتحقيق أنه عطف على فأصدق بتقدير سقوط الفاء وجزم أصدق ويسمى العطف على المعنى أي: العطف الملحوظ فيه المعنى؛ لأن المعنى أخرني أصدق, ثم قال: ويقال له في غير القرآن العطف على التوهم أي: تأدبًا وعلى الثاني مشى في الإتقان نقلًا عن الخليل وسيبويه وفي التسهيل فقال: وقد يجزم المعطوف على ما قرن بالفاء اللازم لسقوطها ا. هـ. قال الدماميني: كقراءة أبي عمرو {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ} ثم قال: والجزم في ذلك على توهم وتقدير سقوط الفاء. قوله: "لولا تعوجين" أي: تعطفين. قوله:   1082- البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 80؛ وشرح شذور الذهب ص396؛ وشرح ابن عقيل ص571؛ وشرح قطر الندى ص72 والمقاصد النحوية 4/ 388؛ وهمع الهوامع 2/ 11. 1083- البيت من الطويل. 1084- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح قطر الندى ص73؛ والمقاصد النحوية 4/ 388. 1085- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 82؛ وشرح التصريح 2/ 239؛ وشرح شذور الذهب ص398؛ وشرح ابن عقيل ص571؛ وشرح قطر الندى ص74؛ والمقاصد النحوية 4/ 389؛ وهمع الهوامع 2/ 12. 1086- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 82؛ وهمع الهوامع 2/ 12. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   والتمني نحو: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: 73] وقوله: 1087- يا ليتَ أمَّ خُليدٍ واعَدَتْ فَوَفَتْ ... ودامَ لي ولها عمْرٌ فَنَصْطَحِبا واحترز بفاء الجواب عن الفاء التي لمجرد العطف نحو: ما تأتينا فتحدثنا؛ بمعنى ما تأتينا فما تحدثنا، فيكون الفعلان مقصودًا نفيهما, وبمعنى ما تأتينا فأنت تحدثنا على إضمار   "لمجرد العطف" يفيد أن فاء الجواب عاطفة أيضًا وهو كذلك على ما يأتي, واحترز أيضًا عن الفاء الاستثنائية كقوله: ألم تسأل الربع القواء فينطق ... وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق فإنها في فينطق للاستئناف أي: فهو ينطق وليست للعطف ولا للسببية إذ العطف يقتضي الجزم والسببية تقتضي النصب, وهو مرفوع ولو نصب لجاز لكن القوافي مرفوعة كذا قيل, وزيفه الدماميني بأن النصب مع السببية غالب لا لازم فقد ورد الرفع معها. كقوله تعالى: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36] ، ولعل مراده مع وجود السببية وإن لم تقصد بأن قصد مجرد العطف فلا ينافي لزوم النصب مع قصدها بدليل قول الشارح, وإذا قصد الجواب لم يكن الفعل إلا منصوبًا إلخ فإن قوله: أو على معنى إلخ إشارة إلى قصد السببية لكن قال في المغني: للرفع استئنافًا وجه آخر, وهو أن يكون على معنى السببية, وانتفاء الثاني لانتفاء الأول وهو أحد وجهي النصب وهو قليل جدا وعليه قوله: ولقد تركت ضبية مرحومة ... لم تدر ما جزع عليك فتجزع أي: لم تعرف الجزع فلم تجزع وأجازه ابن خروف في قراءة عيسى بن عمر فيموتون والأعلم في قراءة السبعة, "وَلَا يُؤْذَنَ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ" وقد كان النصب ممكنًا مثله في فيموتون لكن عدل عنه لتناسب الفواصل والمشهور في توجيهه أنه لم يقصد إلى معنى السببية بل إلى مجرد العطف على الفعل وإدخاله معه في سلك النفي, ولا يحسن حمل التنزيل على القليل جدا ا. هـ. باختصار والقواء الخالي والبيداء القفر والسملق الأرض التي لا تنبت شيئًا. قوله: "بمعنى ما تأتينا فما تحدثنا إلخ" قال شيخنا: ذكر على كل من الرفع والنصب وجهين: فالرفع على العطف أو الاستئناف والنصب على الحالية أو ترتب انتفاء الثاني على انتفاء الأول فتأمل ا. هـ. وكون الفاء على ثاني وجهي الرفع للاستئناف غير متعين بل يصح كونها لعطف جملة على جملة بل يعين كون هذا مراد الشارح فرضه الكلام في الفاء التي لمجرد العطف, حيث قال: واحترز بفاء الجواب عن الفاء التي لمجرد العطف فاعرفه. وقوله: على الحالية متابعة لقول الشارح على معنى ما تأتينا محدثًا وفيه ما أسلفناه سابقًا من النظر والتمحل عنه, وكان الأولى للشارح أن يقول على معنى ما تأتينا محدثا وفيه ما أسلفناه سابقا من النظر والتمحل عنه وكان الأولى للشارح أن يقول على معنى ما يكون منك إتيان يترتب عليه تحديث وحاصله جعل الثاني قيدًا للأول فينصب عليه النفي؛ لأن الغالب انصباب النفي على القيد فيصدق بثبوت المقيد وبانتفائه أيضًا.   1087- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 389. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   مبتدأ، فيكون المقصود نفي الأول وإثبات الثاني، وإذا قصد الجواب لم يكن الفعل إلا منصوبًا على معنى ما تأتينا محدثًا، فيكون المقصود نفي اجتماعهما أو على معنى ما تأتينا فكيف تحدثنا فيكون المقصود نفي الثاني لانتفاء الأول، واحترز بمحضين عن النفي الذي ليس بمحض وهو المنتقض بإلا والمتلو بنفي نحو: ما أنت تأتينا إلا فتحدثنا، ونحو: ما تزال تأتينا فتحدثنا، ومن الطلب الذي ليس بمحض وهو الطلب باسم الفعل وبالمصدر أو بما لفظه خبر نحو: صه فأكرمك، وحسبك الحديث فينام الناس، ونحو: سكوتًا فينام الناس،   فائدة: إذا قلت ما يليق بالله الظلم فيظلمنا فالفعلان منفيان وانتفاء الثاني مسبب عن انتفاء الأول فيجوز رفع الثاني على مجرد العطف أي: فما يظلمنا ونصبه على ترتب انتفاء الثاني على انتفاء الأول أي: فكيف يظلمنا, وإذا قلت ما يحكم الله تعالى بحكم فيجوز فالثاني فقط هو المنفي والنصب واجب على جعل الثاني قيدًا للأول أي: ما يكون منه حكم يترتب عليه جور. قوله: "وبمعنى ما تأتينا" أي: في المستقبل فأنت تحدثنا أي: الآن وإلا فظاهره مشكل إذ لا يمكن أن يحدثه مع عدم الإتيان ا. هـ. زكريا وصوره البعض بأن يكون أحدهما على شط نهر والآخر على شطه الآخر. قوله: "فيكون المقصود نفي اجتماعهما" أي: لانصباب النفي حينئذ على المعطوف أي: ما يكون منك إتيان يعقبه تحديث أعم من أن ينتفي أصل الإتيان أيضًا, أو يثبت هذا مقتضى عبارة الشارح, ومقتضى عبارة المغني والرضي ثبوت أصل الإتيان على هذا المعنى. وعبارة الثاني ومعنى النفي في ما تأتينا فتحدثنا انتفى الإتيان فانتفى التحديث لانتفاء شرطه وهو الإتيان هذا هو القياس, ثم قال: ويجوز أن يكون النفي راجعًا إلى التحديث في الحقيقة لا إلى الإتيان أي: ما يكون منك إتيان بعده تحديث وإن حصل مطلق الإتيان وعلى هذا المعنى ليس في الفاء معنى السببية, لكن انتصب الفعل عليه تشبيهًا بفاء السببية ا. هـ. قوله: "أو على معنى ما تأتينا فكيف تحدثنا" هذا المثال وإن صح فيه المعنيان المذكوران لكن ليس كل مثال كذلك فقد قال في المغني: وعلى المعنى الأول يعني الثاني من وجهي قصد الجواب في كلام الشارح جاء قوله سبحانه وتعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36] ، أي: فكيف يموتون ويمتنع أن يكون على الثاني يعني الأول في كلام الشارح إذ يمتنع أن يقضى عليهم ولا يموتوا ا. هـ. وهذا أيضًا يعكر على ما سبق عن شيخنا والبعض من قولهما في الآية أي: لا يقضى عليهم ميتين. قوله: "وهو الطلب باسم الفعل" إنما لم يكن محضًا؛ لأنه ليس موضوعًا للطلب بناء على الصحيح أنه موضوع للفظ الفعل, وكذا على أنه موضوع للحدث أما على أنه موضوع لمعنى الفعل فمشكل أفاده سم. قوله: "أو بالمصدر" أي: الواقع بدلًا من اللفظ بفعله, قال ابن هشام: ألحق أن المصدر الصريح إذا كان للطلب ينصب ما بعده سيوطي. قوله: "وحسبك الحديث" مقتضاه أن حسب اسم فعل أمر وليس كذلك؛ لأن حسب إما اسم فعل مضارع بمعنى يكفي فضمته بناء وإما اسم فاعل بمعنى كاف فضمته إعراب فكان ينبغي تأخير هذا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   ونحو: رزقني الله مالًا فأنفقه في الخير، فلا يكون لشيء من ذلك جواب منصوب. وسيأتي التنبيه على خلاف في بعض ذلك. تنبيهات: الأول مما مثل به في شرح الكافية لجواب النفي المنتقض ما قام فيأكل إلا طعامه، قال ومنه قول الشاعر: 1088- وما قامَ منّا قائمٌ في نَدِيِّنا ... فينطِقُ إلا بالتي هي أَعْرَفُ وتبعه الشارح في التمثيل بذلك، واعترضهما المرادي وقال: إن النفي إذا انتقض بإلا بعد الفاء جاز النصب، نص على ذلك سيبويه. وعلى النصب أنشد: فينطِقَ إلا بالتي هي أعرفُ الثاني قد تضمر أن بعد الفاء الواقعة بين مجزومي أداة شرط أو بعدهما أو بعد حصر بإنما اختيارًا نحو: إن تأتني فتحسن إلي أكافئك، ونحو: متى زرتني أحسن إليك فأكرمك، ونحو: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117، آل عمران: 47، مريم: 35] ، في قراءة من نصب، وبعد الحصر بإلا والخبر المثبت الخالي من الشرط اضطرارًا نحو: ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ونحو: قوله:   المثال عما بعده؛ لأن حسبك الحديث جملة خبرية بمعنى الأمر أي: اكفف فهو من قبيل: رزقني الله مالًا إلخ. قوله: "في ندينا" الندى مجلس القوم ومتحدثهم ومناصلة قائم زكريا. قوله: "جاز النصب" أي: والرفع كما في النكت وإنما جاز النصب؛ لأن الانتقاض إنما جاء بعد استحقاق الفعل النصب ويتفرع على ذلك ما إذا قلت ما جاءني أحد إلا زيد فأكرمه, فإن جعلت الهاء لأحد نصبت لتقدم الفعل في التقدير على انتقاض النفي, وإن جعلتها لزيد رفعت لتأخره عنه في التقدير. قوله: "قد تضمران إلخ" سيذكره المصنف في الجوازم بقوله: والفعل من بعد الجزاء إن يقترن إلخ وهناك بسطه. قوله: "ونحو: إذا قضى أمرًا إلخ" إنما لم يجعل منصوبًا في جواب كن؛ لأنه ليس هناك قول كن حقيقة بل هي كناية عن تعلق القدرة تنجيزًا بوجود الشيء ولما سيأتي عن ابن هشام من أنه لا يجوز توافق الجواب والمجاب في الفعل والفاعل, بل لا بد من اختلافهما فيهما أو أحدهما فلا يقال قم تقم, وبعضهم جعله منصوبًا في جوابه نظرًا إلى وجوب الصيغ في هذه الصورة ويرد ما ذكرناه عن ابن هشام. قوله: "اضطرارًا" راجع للأمرين قبله فقوله نحو: ما   1088- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 29؛ وجمهرة أشعار العرب ص887؛ وخزانة الأدب 8/ 540، 541، 542؛ والرد على النحاة ص154؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص535؛ والكتاب 3/ 32؛ والمقاصد النحوية 4/ 390؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص71. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   1089- سأتْرُكَ مَنْزِلي لبَنِي تميمٍ ... وأَلحَقُ بالحجازِ فأَسْتَرِيحا الثالث يلحق بالنفي التشبيه الواقع موقعه نحو: كأنك وال علينا فتشتمنا أي: ما أنت وال علينا ذكره في التسهيل, وقال في شرح الكافية: إن غيرًا قد تفيد نفيًا فيكون لها جواب منصوب كالنفي الصريح، فيقال غير قائم الزيدان فتكرمهما أشار إلى ذلك ابن السراج، ثم قال: ولا يجوز هذا عندي. قلت وهو عندي جائز والله أعلم. هذا كلامه بحروفه. الرابع ذهب بعض الكوفيين إلى أن ما بعد الفاء منصوب بالمخالفة, وبعضهم إلى أن الفاء هي الناصبة كما تقدم في أو, والصحيح مذهب البصريين؛ لأن الفاء عاطفة فلا عمل لها لكنها عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم، والتقدير في نحو: ما تأتينا فتحدثنا ما   أنت إلخ نظير للجائز في الشعر لا مثال، قوله: "يلحق بالنفي التشبيه إلخ" وفي التسهيل وشرحه للدماميني ما نصه وربما نفى بقد فنصب الجواب بعدها ذكر ذلك ابن سيده صاحب المحكم. وحكى عن بعض الفصحاء قد كنت في خير فتعرفه يريد ما كنت في خير فتعرفه ا. هـ. قوله: "غير قائم الزيدان" أي: ما قائم الزيدان, فليس المعتبر في غير هنا مجرد المغايرة. قوله: "بالمخالفة" قال الفارضي: لأن الثاني خبر والأول ليس بخبر؛ لأنه إما نفي أو طلب فلما خالفه في المعنى خالفه في الإعراب ونقض بنحو: ما جاء زيد لكن عمرو وجاء زيد لا عمرو فقد خالف الثاني الأول في المعنى ولم يخالفه في الإعراب ا. هـ. ومراده بالخبر ما ليس نفيًا ولا طلبًا. قوله: "إلى أن الفاء هي الناصبة" عبارة الفارضي وعن الجرمي النصب هنا بالفاء والواو ورد بأنهما عاطفان وحرف العطف لا يعمل لعدم اختصاصه. قوله: "لأن الفاء عاطفة إلخ" ولذا امتنع عندهم تقديم الجواب على سببه نحو: ما زيد فنكرمه يأتينا, وأجازه الكوفيون إذ الفاء عندهم ليست للعطف ومذهبهم جواز تقديم جواب الشرط على الشرط دماميني. قوله: "لكنها إلخ" استدراك على قوله عاطفة دفع به توهم أنها عطفت صريحًا على صريح. قوله: "عطفت مصدرًا إلخ" استشكله الرضي بأن فاء العطف لا تكون للسببية إلا إذا عطفت جملة على جملة, واختار هو جعلها للسببية فقط لا للعطف. قال: وإنما نصبوا ما بعدها تنبيهًا على تسببه عما قبلها وعدم عطفه عليه إذ المضارع المنصوب بأن مفرد وما قبل الفاء المذكورة جملة فيكون ما بعد الفاء مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا ا. هـ. وقوله جملة على جملة أي: أو صفة على صفة كما بيناه في باب العطف وللجماعة دفع الاستشكال بمنع الحصر وإلحاق المصادر بالجمل والصفات.   1089- البيت من الوافر، وهو للمغيرة بن حيناء في خزانة الأدب 8/ 522؛ والدرر 1/ 240، 4/ 79؛ وشرح شواهد الإيضاح ص251؛ وشرح شواهد المغني ص497؛ والمقاصد النحوية 4/ 390؛ وبلا نسبة في الدرر 5/ 130؛ والرد على النحاة ص125؛ ورصف المباني ص379؛ وشرح شذور الذهب ص389؛ وشرح المفصل 7/ 55؛ والكتاب 3/ 39، 92؛ المحتسب 1/ 197؛ ومغني اللبيب 10/ 175؛ والمقتضب 2/ 24؛ والمقرب 1/ 263. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 والواوُ كالفا إنْ تُفِد مفهومَ مَعْ ... كلا تَكُنْ جَلدًا وتُظهِرَ الجَزَعْ   يكون منك إتيان فتحديث، وكذا يقدر في جميع المواضع. الخامس شرط في التسهيل في نصب جواب الاستفهام أن لا تضمن وقوع الفعل احترازًا من نحو: لم ضربت زيدًا فيجازيك؛ لأن الضرب قد وقع فلم يمكن سبك مصدر مستقبل منه، وهو مذهب أبي علي، ولم يشترط ذلك المغاربة. وحكى ابن كيسان أين ذهب زيد فنتبعه بالنصب مع أن الفعل في ذلك محقق الوقوع، وإذا لم يمكن سبك مصدر مستقبل من الجملة سبكناه من لازمها، فالتقدير ليكن منك إعلام بذهاب زيد فاتباع منا "والواو كالفا" في جميع ما تقدم "إن تفد مفهوم مع" أي: بقصد بها المصاحبة "كلا تكن جلدًا وتظهر الجزع" أي: لا تجمع بين   قوله: "وكذا يقدر في جميع المواضع" يؤخذ منه أنه يشترط في النصب أن يتقدم على الفاء ما يتصيد منه مصدر من فعل أو شبهه وهو كذلك, فقد قال السيوطي: يشترط أن لا يكون المتقدم جملة اسمية خبرها جامد فإن كان نحو: ما أنت زيد فنكرمك امتنع النصب وتعين القطع أو العطف والقطع أحسن؛ لأن العطف ضعيف لعدم المشاكلة من حيث إنه عطف فعلية على اسمية ا. هـ. ومراد بالقطع الاستئناف, وقال في محل آخر: يتعين الرفع في نحو: هل أخوك زيد فنكرمه بخلاف نحو: أفي الدار زيد فنكرمه أو أزيد منا فنكرمه لنيابة الجار والمجرور مناب الفعل. قوله: "وقوع الفعل" أي: في الزمن الماضي. قوله: "فالتقدير" أي: في المثال الثاني وأما التقدير في الأول ليكن منك إعلام بسبب ضرب زيد فمجازاة لك منه. قوله: "إعلام بذهاب زيد" أي: بمكان ذهاب زيد؛ لأن المكان هو المجهول المسئول عنه. قوله: "والواو كالفا" ألحق الكوفيون بهما ثم في قوله -صلى الله عليه وسلم: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه" وضعف بأنه يصير المعنى على النصب النهي عن الجمع بين البول والاغتسال فيقتضي أن البول في الماء الدائم بلا غسل منه غير داخل تحت النهي, وليس كذلك, وأجاب في المغني بأن اعتبار المفهوم محله إذا لم يصد عنه دليل, والدليل هنا قام على إلغائه وجوز ابن مالك وغيره في الحديث الرفع على الاستئناف لا العطف وإلا لزم عطف الخبر على الإنشاء ويؤخذ من هذا أن ثم تكون استئنافية وبه صرح صاحب رصف المباني قاله الدماميني. قوله: "إن تفد مفهوم مع" أي: مع العطف فلا ينافي ما صرحوا به من أنها عاطفة مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم, قال في المغني: ويسمى الكوفيون هذه الواو واو الصرف ا. هـ. وخالف الرضي في كون الواو التي ينصب المضارع بعدها عاطفة فقال: لما قصدوا في واو الصرف معنى الجمعية نصبوا المضارع بعدها ليكون الصرف عن سنن الكلام المتقدم مرشدًا من أول الأمر, إلى أنها ليست للعطف فهي إذن, أما واو الحال وأكثر دخولها على الاسمية فالمضارع بعدها في تقدير مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا, فمعنى قم وأقوم وقيامي ثابت أي: في حال ثبوت قيامي وأما بمعنى مع أي: قم مع قيامي كما قصدوا في المفعول معه مصاحبة الاسم للاسم فنصبوا ما بعد الواو, ولو جعلنا الواو عاطفة للمصدر على مصدر متصيد من الفعل قبله كما قال النحاة أي: ليكن قيام منك وقيام مني لم يكن فيه تنصيص على معنى الجمع ا. هـ. واستظهره الدماميني ودفع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   هذين، وقد سمع النصب مع الواو في خمسة مما سمع مع الفاء: الأول النفي نحو: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] . الثاني الأمر نحو: قوله: 1090- فقلتُ ادْعِي وأَدْعُو إنَّ أَنْدَى ... لصَوتِ أنْ يُنادِيَ داعيانِ الثالث النهي نحو: قوله: 1091- لا تَنْهَ عن خُلُق وتأتي مِثلُهُ ... عارٌ عليكَ إذا فَعَلتَ عَظِيمُ   استشكال وجوب حذف الخبر مع عدم سد شيء مصدره بأن ذلك لكثرة الاستعمال. قوله: "أي: يقصد بها المصاحبة" أي: لا التشريك بين الفعلين ويؤخذ من كلامه أن النصب بعدها ليس على معنى الجواب كما هو بعد الفاء, وهو كذلك خلافًا لمن زعمه, وقولهم: الواو تقع في جواب كذا فيه تجوز ظاهر أفاده زكريا عن المرادي. قوله: "جلدًا" الجلد من الرجال الصلب القوي على الشيء. قوله: "ولما يعلم الله إلخ" الخطاب بالآية لجماعة جاهدوا ولم يصبروا على ما أصابهم وطمعوا مع ذلك في دخول الجنة مع أن الطمع في ذلك إنما ينبغي إذا اجتمع مع الجهاد الصبر, فالمعنى بل حسبتم أن تدخلوا الجنة ولم يكن لله علم بجهادكم مصاحب للعلم بصبركم أي: ولم يجتمع علمه بجهادكم وعلمه بصبركم لعدم وقوع صبركم, وإذا لم يقع صبرهم لم يعلم الله تعالى بوقوعه؛ لأن علم غير الواقع واقعًا جهل. وإذا انتفى عنه تعالى هذا العلم انتفى عنه العلم المصاحب له فلا ينافي هذا ما قرره من تعلق علمه تعالى بالمعدوم؛ لأن معنى تعلقه بالمعدوم أنه تعالى يلعم عدمه لا وقوعه. قوله: "فقلت ادعى" أصله ادعوى بضم العين فلما حذفت الواو لالتقائها ساكنة مع الياء بعد   1090- البيت من الوافر، وهو للأعشى في الدرر 4/ 85؛ والرد على النحاة ص128، والكتاب 3/ 45؛ وليس في ديوانه؛ وللفرزدق في أمالي القالي 2/ 90؛ وليس في ديوانه؛ ولدثار بن شيبان الثمري في الأغاني 2/ 159؛ وسمط اللآلي ص726؛ ولسان العرب 15/ 316 "ندى"؛ وللأعشى أو للحطيئة أو لربيعة بن جشم في شرح المفصل 7/ 35؛ ولأحد هؤلاء الثلاثة أو لدثار بن شيبان في شرح التصريح 2/ 239؛ وشرح شواهد المغني 2/ 827؛ والمقاصد النحوية 4/ 392؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 2/ 864؛ والإنصاف 2/ 531؛ وأوضح المسالك4/ 182؛ وجواهر الأدب ص167؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 392؛ وشرح شذور الذهب ص401؛ وشرح ابن عقيل ص573؛ وشرح عمدة الحافظ ص341؛ ولسان العرب 12/ 560 "لوم"؛ ومجالس ثعلب 2/ 524؛ ومغني اللبيب 1/ 397؛ وهمع الهوامع 2/ 13. 1091- البيت من الكامل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص404؛ والأزهية ص234؛ وشرح التصريح 2/ 238؛ وشرح شذور الذهب ص310؛ وهمع الهوامع 2/ 13؛ وللمتوكل الليثي في الأغاني 12/ 156؛ وحماسة البحتري ص117؛ والعقد الفريد 2/ 311؛ والمؤتلف والمختلف ص179؛ ولأبي الأسود أو للمتوكل في لسان العرب 7/ 447 "عظظ"؛ ولأحدهما أو للأخطل في شرح شواهد الإيضاح ص252؛ ولأبي الأسود أو للأخطل أو للمتوكل الكناني في الدرر 4/ 86؛ والمقاصد النحوية 4/ 393؛ ولأحد هؤلاء = الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الرابع الاستفهام نحو قوله: 1092- أُتَبِيتُ رَبَّانَ الجفُونِ من الكَرَى ... وأَبَيتُ منك بليلةِ المَلسوعِ وقوله: 1093- ألم أكُ جارَكم ويكونَ بَيْنِي وبينكُمُ المودَّةُ والإخاءُ الخامس التمني نحو: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27] في قراءة حمزة وحفص. وقس الباقي, قال ابن السراج: الواو ينصب ما بعدها في غير الموجب   حذف حركة الواو استثقالًا لها كسرت العين لمناسبة الياء ويجوز في الهمزة نظرًا لضم العين في الأصل والكسر نظرًا لكسرها الآن أفاده الإسقاطي على ابن عقيل, وقوله: إن أندى من الندى بفتح النون والدال مقصورًا وهو بعد ذهاب الصوت ا. هـ. زكريا. واللام في لصوت زائدة بين المتضايفين على ما يؤخذ من العيني ولا حاجة إليه لصحة كون المعنى أن أبعد ذهاب لصوت كما قاله الدماميني والشمني. قوله: "أتبيت إلخ" التاء في الفعلين لام الكلمة والخطاب في الأول مستفاد من تاء المضارعة والتكلم في الثاني من الهمزة فاستشكال من قال كيف ضم التاء من تبيت وهو للمخاطب وفتحها من أبيت وهو للمتكلم غلط, والكرى النوم وشبهه بالماء في أن بكل راحة النفس واستعاره له بالكناية, وريان تخييل والباء في بليلة الملسوع بمعنى في وليلة الملسوع كناية عن ليلة السهر. قوله: "ألم أك جاركم إلخ" الاستفهام للتقرير وتقدم ما فيه. قوله: "في قراءة حمزة وحفص" بنصب نكذب ونكون ووافقهما ابن عامر في الثاني. قوله: "وقس الباقي" وهو الدعاء والعرض والتحضيض والترجي, وقال أبو حيان: لا ينبغي أن يقدم على ذلك إلا بسماع. قوله: "في غير الموجب" أي: غير الخبر المثبت وغيره هو النفي والطلب وقوله: من حيث   = أو للمتوكل الليثي أو للطرماح أو للسابق البربري في خزانة الأدب 8/ 564، 567؛ وللأخطل في الرد على النحاة ص127؛ وشرح المفصل 7/ 24؛ والكتاب 3/ 42؛ ولحسان بن ثابت في شرح أبيات سيبويه 2/ 188؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 294؛ وأمالي ابن الحاجب 2/ 864؛ وأوضح المسالك 4/ 181؛ وجواهر الأدب ص168؛ والجنى الداني ص157؛ ورصف المباني ص424؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص535؛ وشرح ابن عقيل ص573؛ وشرح عمدة الحافظ ص342؛ وشرح قطر الندى ص77؛ ولسان العرب 15/ 489 "وا"؛ ومغني اللبيب 2/ 361؛ والمقتضب 2/ 26. 1092- البيت من الكامل، وهو للشريف الرضي في ديوانه 1/ 497؛ وحاشية الشيخ ليس 1/ 184؛ والدرر 4/ 87؛ وللشريف المرتضى في مغني اللبيب 2/ 668؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 13. 1093- البيت من الوافر، وهو للحطيئة في ديوانه ص54؛ والدرر 4/ 88؛ والرد على النحاة ص128/ وشرح أبيات سيبويه 2/ 73؛ وشرح شذور الذهب ص403؛ وشرح شواهد المغني ص950؛ وشرح ابن عقيل ص574؛ والكتاب 3/ 43؛ ومغني اللبيب ص669؛ والمقاصد النحوية 4/ 417؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص168؛ ورصف المباني ص47؛ وشرح قطر الندى ص76؛ والمقتضب 2/ 27؛ وهمع الهوامع 2/ 13. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   من حيث انتصب ما بعد الفاء، وإنما يكون كذلك إذا لم ترد الاشتراك بين الفعل والفعل، وأردت عطف الفعل على مصدر الفعل الذي قبلها كما كان في الفاء وأضمرت أن، وتكون الواو في هذا بمعنى مع فقط، ولا بد مع هذا الذي ذكره من رعاية أن لا يكون الفعل بعد الواو مبنيا على مبتدأ محذوف؛ لأنه متى كان كذلك وجب رفعه، ومن ثم جاز فيما بعد الواو من نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن ثلاثة أوجه: الجزم على التشريك بين الفعلين في النهي، والنصب على النهي عن الجمع، والرفع على ذلك المعنى، ولكن على تقدير وأنت تشرب اللبن.   إلخ من بمعنى في وهو كما قال شيخنا: بدل من غير الموجب أي: في الأمكنة التي ينتصب فيها ما بعد الفاء، قوله: "عطف الفعل" فيه تسمح إذ المعطوف أن والفعل المؤولان بالمصدر لكن لما كان الموجود في اللفظ الفعل فقط اقتصر عليه وبهذا يعلم ما في كلام البعض. قوله: "بمعنى مع فقط" أي: للمصاحبة دون الاشتراك بين الفعلين وإلا فهي للعطف أيضا كما سبق وكما يدل عليه قوله: وأردت عطف الفعل إلخ. قوله: "ولا بد مع هذا إلخ" هذا علم من قول ابن السراج وأردت عطف الفعل على مصدر الفعل الذي قبلها ا. هـ. زكريا أي: فليس زائدًا على كلام ابن السراج كما يقتضيه كلام الشارح, بقي أن رفع ما بعد الواو استئنافًا لإباحته بعد النهي عما قبلها لا يتوقف على تقدير مبتدأ فما الداعي إلى تقديره, ثم رأيت في شرح الدماميني عند قول المغني: أجرى ابن مالك ثم مجرى الفاء والواو بعد الطلب فأجاز في قوله -صلى الله عليه وسلم: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه" ثلاثة أوجه الرفع بتقدير ثم هو يغتسل فيه وبه جاءت الرواية والجزم بالعطف على موضع فعل النهي والنصب بأن مضمرة ما نصه تقدير هو ليس لأجل كونه متعينًا وإنما هو لتحقيق كون الكلام مستأنفًا كما جرت به عادة النحاة عند الاستئناف ا. هـ. قوله: "على التشريك بين الفعلين في النهي" أي: على النهي عن كل منهما كما عبر به في المغني وغيره, قال الدماميني: ولي فيه نظر إذ لا موجب لتعين أن يكون المراد النهي عن كل منهما بل يحتمل أن المراد النهي عن الجمع بينهما كما قالوا إذا قلت ما جاءني زيد وعمرو احتمل أن المراد نفي كل منهما على كل حال وأن المراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء فإذا جيء بلا صار الكلام نصا في المعنى الأول فكذا إذا قلت لا تضرب زيدًا وعمرًا احتمل تعلق النهي بكل منهما مطلقًا وتعلقه بهما على معنى الاجتماع ولا يتعين الأول إلا بلا ولا فرق في ذلك بين الاسم والفعل. قال الشمني: يرتفع هذا النظر بأن معنى قولهم النهي عن كل منهما أي: ظاهرًا فلا ينافي احتمال النهي عن الجمع بينهما. قوله: "على ذلك المعنى" أي: بناء ما بعد الواو على مبتدأ محذوف ولا موقع للاستدراك بعد بل كان عليه أن يحذفه أو يبدله بقوله: وهو تقدير إلخ ولا يصح رجوع الإشارة إلى النهي عن الجمع؛ لأنه يمنع منه كون الإشارة للبعيد وكون الرفع على النهي عن الأول وإباحة الثاني لا على النهي عن الجمع اللهم إلا أن يكون هذا توجيهًا للرفع غير المشهور وعليه تكون الواو للحال لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 وبعدَ غيرِ النفي جَزمًا اعْتَمدْ ... إنْ تَسْقُطِ الفاء والجزاءُ قد قُصِدْ   تنبيه: الخلاف في الواو كالخلاف في الفاء وقد تقدم "وبعد غير النفي جزما اعتمد" جزمًا مفعول به مقدم أي: اعتمد الجزم "إن تسقط الفاء والجزاء قد قصد" أي: انفردت الفاء عن الواو بأن الفعل بعدها ينجزم عند سقوطها بشرط أن يقصدك الجزاء. وذلك بعد الطلب بأنواعه كقوله: 1094- قِفا نَبْكِ من ذِكرى حَبيبٍ ومَنْزِلِ وكذا بقية الأمثلة. أما النفي فلا يجزم جوابه؛ لأنه يقتضي تحقق عدم الوقوع كما يقتضي الإيجاب تحقق الوقوع، فلا يجزم بعده كما لا يجزم بعد الإيجاب، ولذلك قال: وبعد غير النفي. واحترز بقوله: والجزاء قد قصد عما إذا لم يقصد الجزاء فإنه لا يجزم بل   للاستئناف ثم رأيت صاحب المغني نقل هذا عن ابن الناظم وبحث فيه وعبارته وإن رفعت فالمشهور أنه نهى عن الأول وإباحته للثاني وأن المعنى ولك شرب اللبن وتوجيهه أنه مستأنف فلم يتوجه إليه حرف النهي. وقال بدر الدين بن مالك: إن معناه كمعنى وجه النصب ولكنه على تقدير لا تأكل السمك وأنت تشرب اللبن ا. هـ. وكأنه قدر الواو للحال وفيه بعد لدخولها في اللفظ على المضارع المثبت ثم هو مخالف لقولهم إذا جعلوا لكل من أوجه الإعراب معنى ا. هـ. بالحرف. قوله: "وبعد غير النفي" قال السيوطي نقلًا عن ابن هشام: ينبغي أن يسثنى أيضًا لو التي للتمني في نحو: فلو أن لنا كرة فنكون ووجهه أن أشرابها التمني طارئ عليها فلذا لم يسمع الجزم بعدها ا. هـ. وغير النفي هو الطلب. قوله: "أن تسقط الفا" أي: لم توجد مع الفعل والسقوط بهذا المعنى لا يستدعي سبق الوجود. قوله: "والجزاء قد قصد" بأن تقدره مسببًا عن الطلب المتقدم كما أن جزاء الشرط مسبب عن فعل الشرط ا. هـ. تصريح والواو في الجزاء قد قصد حالية. قوله: "وكذا بقية الأمثلة" نحو: لا تعص الله يدخلك الجنة ويا رب وفقني أطعك وهل تزورني أزرك وليت لي ما لا أنفقه ولا تنزل تصب خيرًا ولولا تجيء أكرمك ولعلك تقدم أحسن إليك. قوله: "فلا يجزم جوابه" أي: على الصحيح خلافًا للزجاج كما في الهمع. قوله: "كما لا   1094- عجزه: بسقط اللِّوى بين الدخولِ فحَوْمَلِ والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص8؛ والأزهية ص244، 245؛ وجمهرة اللغة ص567؛ والجنى الداني ص63، 64؛ وخزانة الأدب 1/ 332، 3/ 224؛ والدرر 6/ 71؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 501؛ وشرح شواهد الشافية ص242؛ وشرح شواهد المغني 1/ 463؛ والكتاب 4/ 205؛ ولسان العرب 15/ 209 "قوا"؛ ومجالس ثعلب ص127؛ وهمع الهوامع 2/ 129؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 656؛ وأوضح المسالك 3/ 359؛ وجمهرة اللغة ص580؛ وخزانة الأدب 11/ 6؛ والدرر 6/ 82؛ ورصف المباني ص353؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 316؛ وشرح قطر الندى ص80؛ والصاحبي في فقه اللغة ص110؛ ومغني اللبيب 1/ 161، 266؛ والمنصف 1/ 224؛ وهمع الهوامع 2/ 131. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   برفع: إما مقصودًا به الوصف نحو: ليت لي مالًا أنفق منه، أو الحال أو الاستئناف، ويحتملهما قوله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا} [طه: 77] ، وقوله: 1095- كُرُّوا إلى حَرَّتَيْكُمُ تَعْمُرونَهُما ... كما تَكُرُّ إلى أوطانِها البَقَرُ تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: الجزم عند التعري من الفاء جائز بإجمال الثاني: اختلف في جازم الفعل حينئذ: فقيل إن لفظ الطلب ضمن معنى حرف الشرط فجزم، وإليه ذهب ابن خروف واختاره المصنف ونسبه إلى الخليل وسيبويه. وقيل إن الأمر والنهي وباقيها نابت عن الشرط: أي: حذفت جملة الشرط وأنيبت هذه في العمل منابها   يجزم إلخ" ففيه حمل الشيء على نقيضه. قوله: "إما مقصودًا به الوصف" يتعين إن كان قبل الفعل نكرة لا تصلح لمجيء الحال منها نحو: فهب لي من لدنك وليا يرثني في قراءة من رفع والمراد إرث العلم والنبوة فلا اعتراض بتخلف الإرث بموت يحيى في حياة زكريا عليهما الصلاة والسلام, وقوله: أو الحال يتعين إن كان قبله معرفة نحو: {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} فإن كان قبله نكرة تصلح لمجيء الحال منها احتمل الوصفية والحالية نحو: أكرم شخصًا من العلماء يقرأ وبهذا التقرير يعلم ما في كلام شيخنا والبعض من الإيهام. قوله: "ويحتملهما" أي: الحال والاستئناف ومما يحتملهما قراءة ابن ذكوان "وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفُ" بالرفع قال الدماميني: وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] ، يحتمل الأمرين المذكورين والنعت أيضًا. قوله: "كروا إلى حرتيكم إلخ" الكر الرجوع وبابه رد وحرتيكم تثنية حرة وهي أرض ذات حجارة سود ا. هـ. مختار. قوله: "جائز بإجماع" أي: وإنما الخلاف في عامله كما قال الثاني اختلف إلخ. قوله: "فقيل إن لفظ الطلب إلخ" حاصله أربعة أقوال على الأولين يكون العامل مذكورًا وهو لفظ الطلب إلا أنه على الأول لتضمنه معنى حرف الشرط وعلى الثاني لنيابته عنه وعلى الأخيرين يكون مقدرًا. قوله: "ضمن معنى حرف الشرط" كما أن أسماء الشرط إنما جزمت لذلك ا. هـ. تصريح ونوقش بأن تضمن الفعل معنى الحرف إما غير واقع أو غير كثير بخلاف تضمن الاسم معنى الحرف, وفي الهمع أن ابن عصفور رد هذا القول بأنه يقتضي كون العامل جملة ولا يوجد عامل جملة وأبا حيان بأن في تضمين ائتني مثلا معنى إن تأتني تضمين معنيين معنى أن ومعنى تأتني ولا يوجد في لسانهم تضمين معنيين مع أن معنى إن تأتني معنى غير طلبي فلو تضمنه فعل الطلب لكان الشيء الواحد طلبًا غير طلب ا. هـ. باختصار. قوله: "ثابت عن الشرط إلخ" كما أن النصب بضربا في ضربا زيدًا لنيابته عن اضرب لا   1095- البيت من البسيط، وهو للأخطل في ديوانه ص176؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 87؛ والكتاب 3/ 99؛ ولسان العرب 13/ 451 "وطن"؛ ومعجم ما استعجم ص481؛ وبلا نسبة في المقرب 1/ 273. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   فجزمت. وهو مذهب الفارسي والسيرافي وابن عصفور. وقيل الجزم بشرط مقدر دل على الطلب، وإليه ذهب أكثر المتأخرين. وقيل الجزم بلام مقدرة فإذا قيل: ألا تنزل تصب خيرًا فمعناه لتصب خيرًا وهو ضعيف، ولا يطرد إلا بتجوز وتكلف والمختار القول الثالث لا ما   لتضمنه معناه ورد بأن نائب الشيء يؤدي معناه والطلب لا يؤدي معنى الشرط إذا لا تعليق في الطلب بخلاف الشرط والأرجح في ضربا زيدًا أن زيدًا منصوب بالفعل المحذوف لا المصدر ا. هـ. تصريح وقد يمنع ما ذكره من ترجيح نصب زيدًا في ضربًا زيدًا بالفعل لا بالمصدر. قوله: "جملة الشرط" أي: أداته وفعله. قوله: "بشرط مقدر" أي: هو وفعله بعد الطلب لدلالته على الشرط وفعله والظاهر أنه يتعين تقدير إن؛ لأنها أم الأدوات بل صرحوا بأنه لا يحذف منه إلا هي. قوله: "ولا يطرد إلا بتجوز وتكلف" بمنزلة التعليل للضعف أي: لأنه لا يستقيم من جهة المعنى في كل موضع إلا بتجوز وتكلف في بعض المواضع نحو: أكرمني أكرمك أما التجوز فلما قيل من أن أمر المتكلم نفسه إنما هو على التجوز بتنزيل نفسه منزلة الأجنبي وأما التكلف؛ فلأن دخول لام الأمر على فعل المتكلم قليل كما سيأتي فلا يحسن تخريج الكثير عليه ولا يرد على صاحب هذا ما سيأتي في الجوازم أن اللام إنما تجزم محذوفة اختيارًا بعد قول؛ لأنه لا يسلم هذا الحصر بل يقول بجزمها محذوفة اختيارًا قياسًا في جواب الطلب أيضًا ولم يفهم البعض مراد الشارح بالاطراد مع ظهوره فخطأه في قوله: إلا بتجوز وتكلف فقال قوله لا يطرد إلا بتجوز وتكلف أي: لا ينقاس في سائر المواضع؛ لأن اللام إنما تجزم محذوفة اختيارًا بعد قول كما سيأتي في الجوازم وكان الصواب حذف قوله إلا بتجوز وتكلف؛ لأنه لا معنى له فتأمل ا. هـ. وقد ظهر لك إن كان عندك أدنى تنبه أنه لم يخطئ إلا ابن أخت خالته. قوله: "والمختار القول الثالث" أبطله المصنف بقوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 31] ، قال: لأن تقدير أداة الشرط يستلزم أن لا يتخلف أجد من المقول له ذلك عن الامتثال لكن التخلف واقع, قال الدماميني: وهذا مبني على أن الشرط والجزاء ملازمة عقلية وهو ممنوع قال بعض المتأخرين: يكفي الشرط في كونه شرطًا توقف الجزاء عليه وإن كان متوقفًا على أشياء أخر نحو: إن توضأت صحت صلاتك وأجاب ابن المصنف عن اعتراض والده بأن الحكم مسند إليهم على سبيل الإجمال لا إلى كل فرد فيحتمل أن يكون الأصل يقم أكثرهم ثم حذف المضاف وأنيب عنه المضاف إليه فارتفع واتصل بالفعل وباحتمال أنه ليس المراد بالعباد المؤمنين مطلقهم بل المخلصون منهم وكل مخلص قال له الرسول أقم الصلاة أقامها, وقال المبرد: التقدير: قل لهم أقيموا يقيموا فالجزم في جواب أقيموا المقدر لا في جواب قل ورده في المغني بأن الجواب لا بد أن يخالف المجاب إما في الفعل والفاعل نحو: ائتني أكرمك أو في الفعل نحو: أسلم تدخل الجنة أو في الفاعل نحو: قم أقم ولا يجوز أن يتوافقا فيهما بقي شيء آخر يظهر لي وهو أن مقول قل في الآية على أن يقيموا مجزوم في جواب الأمر محذوف لدلالة الجواب عليه أي: قل لهم أقيموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناكم يقيموا إلخ إذ لا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 وشَرْطُ جزمٍ بعد نَهي أنْ تَضَعْ ... إنْ قبلَ لا دونَ تخالُفٍ يَقَعْ   ذهب إليه المصف؛ لأن الشرط لا بد له من فعل, ولا جائز أن يكون هو الطلب بنفسه ولا مضمنًا له مع معنى حرف الشرط لما فيه من زيادة مخالفة الأصل، ولا مقدرًا بعده لامتناع إظهاره بدون حرف الشرط بخلاف إظهاره معه؛ ولأنه يستلزم أن يكون العامل جملة وذلك لا يوجد له نظير ا. هـ. "وشرط جزم بعد نهي" فيما مر أن يصح "إن تضع إن" الشرطية "قبل لا" النافية "دون تخالف" في المعنى "يقع" ومن ثم جاز لا تدن من الأسد تسلم، وامتنع لا تدن من الأسد يأكلك بالجزم خلافًا للكسائي. وأما قول الصحابي: يا رسول الله لا   يصح أن يكون هو الجواب؛ لأن مقول القول مفعول به للقول فلا يصح جوابًا له لوجوب استقلال الجواب, لكن هذا التقدير ظاهر على غير القول بأن جزم الجواب بلام أمر مقدرة أما عليه فيلزم تكرار الأمر بالإقامة والإنفاق لو قدرنا ذلك ويعجبني ما ارتضاه المصنف في هذه الآية أن يقيموا مجزوم بلام أمر مقدرة من غير أن يكون جوابًا, فيكون مقول القول إلا أنه محكي بالمعنى إذ لو حكاه بلفظه لقال لتقيموا بتاء الخطاب فاحفظ هذا التحقيق. قوله: "لأن الشرط" أي: أداته لا بد له إلخ, أجيب بأن هذا في الشرط التحقيقي لا التقديري الذي كلام المصنف فيه؛ لأن المصنف لم يجعله شرطًا حقيقة بل مضمنًا معناه. "أن يكون هو" أي: الفعل الطلب بنفسه؛ لأن الطلب لا يصلح لمباشرة الأداة. قوله: "ولا مضمنًا" معطوف على الطلب أي: ولا يجوز أن يكون هو أي: الفعل مضمنًا له أي: للطلب أي: مجعولًا في ضمن الطلب فعلم أن ما تكلفه شيخنا والبعض لا حاجة إليه. قوله: "لما فيه من زيادة مخالفة الأصل" وذلك؛ لأن تضمن الطلب معنى الحرف مخالف للأصل فتضمنه مع ذلك فعل الشرط فيه زيادة مخالفة للأصل. قوله: "بدون حرف الشرط" أي: وإنما يجوز تقديره إذا جاز إظهاره مع حرف الشرط؛ ولهذا قال بخلاف إظهاره معه وإنما لم يجز إظهار حرف الشرط هنا؛ لأن الطلب قد تضمن معناه فلا يصح إظهاره مع فعل الشرط. قوله: "ولأنه" أي: ما ذهب إليه المصنف يستلزم أن يكون العامل جملة الطلب ويرد هذا على القول الثاني أيضًا, ولك أن تقول لا نسلم الاستلزام المذكور بل العامل على ما ذهب إليه المصنف وكذا على الثاني الفعل فقط لا الجملة فافهم. قوله: "فيما مر" أي: فيما إذا سقطت الفاء وقصد الجزاء. قوله" أن يصح" أشار به إلى أن الكلام على تقدير مضاف؛ لأن الشرط صحة وضع ما ذكر لا وضعه بالفعل ولهذا الشرط أجمع السبعة على الرفع في قوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] ، وأما قراءة الحسن البصري تستكثر بالجزم فعلى إبداله من تمنن لا على الجواب أو على أن المعنى تستكثر من الثواب أي: تزدد منه. قوله: "قبل لا النافة" وفي بعض النسخ لا الناهية وكل صحيح؛ لأنها قبل دخول إن ناهية وبعده نافية فتسميتها ناهية باعتبار الحالة الأولى وتسميتها نافية باعتبار الثانية أفاده الفارضي. قوله: "دون تخالف" حال من إن والمراد بالتخالف بطلان المعنى. قوله: "خلافًا للكسائي" فإنه لم يشترط صحة دخول إن على لا وجوز الجزم في نحو: لا تدن من الأسد يأكلك بتقدير أن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 والأَمرُ إنْ كانَ بغيرِ افعَل فلا ... تَنصِبْ جَوابَهُ وجَزْمَهُ اقْبَلا   تشرف يصبك سهم، وقوله عليه الصلاة والسلام: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا يؤذنا بريح الثوم"، فجزمه على الإبدال من فعل النهي لا على الجواب، على أن الرواية المشهورة في الثاني يؤذينا بثبوت الياء. تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: لم يخالف في الشرط المذكور غير الكسائي. وقال المرادي: وقد نسب ذلك إلى الكوفيين. الثاني: شرط الجزم بعد الأمر صحة وضع إن تفعل، كما أن شرطه بعد النهي صحة وضع إن لا تفعل، فيمتنع الجزم في نحو: أحسن إلي لا أحسن إليك، فإنه لا يجوز إن تحسن إلي لا أحسن إليك لكونه غير مناسب وكلام التسهيل يوهم إجراء خلاف الكسائي فيه ا. هـ. "والأمر إن كان بغير افعل" بأن كان بلفظ الخبر أو باسم فعل أو باسم غيره "فلا تنصب جوابه" مع الفاء كما تقدم "وجزمه اقبلا" عند حذفها. قال في شرح الكافية: بإجماع، وذلك نحو: قوله تعالى: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ} [الصف: 11، 12] ، وقوله: اتقي الله امرؤ فعل خيرًا يثب عليه. وقوله:   تدن بغر نفي واحتج بنحو: الأثر والحديث الآتيين وسيأتي الجواب عنهما وبالقياس على النصب فإنه يجوز لا تدن من الأسد فيأكلك, ورد البصريون القياس بأنه لو صح القياس على النصب لصح الجزم بعد النفي قياسًا له على النصب. قال في التصريح: وفي الرد نظر فإن الكوفيين قائلون بجواز الجزم بعد النفي. قوله: "بريح الثوم" بضم المثلثة. قوله: "على الإبدال" أي: إبدال الاشتمال تصريح. قوله: "بعد الأمر" غير الأمر من أنواع الطلب غير النهي كالأمر في الشرط المذكور نحو: أين بيتك أزرك أي: إن تعرفنيه أزرك بخلاف أين بيتك أضرب زيدًا في السوق إذ لا معنى لقولك أن تعرفنيه أضرب زيدًا في السوق وقس الباقي نقله شيخنا عن بعضهم. قوله: "يوهم إجراء إلخ" قال الدماميني: فيجوز عنده أي: الكسائي أسلم تدخل النار بمعنى إن لم تسلم تدخل النار وبجريان خلاف الكسائي فيه أيضًا صرح صاحب الهمع والرضي مقيدًا تجويزه في القسمين بقيام القرينة. قوله: "فلا تنصب جوابه" أي: عند الأكثرين كما سيذكره الشارح فلا نصب في نحو: صه فأحسن إليك ونزل فتصيب خيرًا بل يجب الرفع إذ لا يتصيد من اسم الفعل مصدر يعطف عليه ما بعد الفاء لو نصب لجمود اسم الفعل غالبًا. قوله: "مع الفاء" قيد بها مع أن الواو كذلك لأجل قوله: وجزمه اقبلا فإن الجزم خاص بما إذا كان الساقط الفاء كما مر في قوله: وجزمًا اعتمد. أن تسقط الفاء. إلخ. قوله: " {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} إلخ" هذا هو صواب التلاوة وفي بعض النسخ زيادة من وهي غير صواب والجزم في جواب تؤمنون وتجاهدون؛ لأنهما بمعنى الأمر لا في جواب الاستفهام؛ لأن غفران الذنوب لا يتسبب عن الدلالة بل عن الإيمان والجهاد وقيل الجزم في جوابه تنزيلًا للسبب منزلة المسبب وهو الامتثال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 والفعلُ بعدَ الفاءِ في الرَّجا نُصِبْ ... كنصْبِ ما إلى التمَنِّي يَنْتَسِبْ   1096- مَكانَكِ تُحْمَدِي أو تَسْتَرِيحي وقولهم: حسبك الحديث ينم الناس، فإن المعنى: آمنوا، وليتق، واثبتي، واكفف. تنبيهان: الأول أجاز الكسائي النصب بعد الفاء المجاب بها اسم فعل أمر نحو: صه، أو خبر بمعنى الأمر نحو: حسبك. وذكر في شرح الكافية أن الكسائي انفرد بجواز ذلك، لكن أجازه ابن عصفور في جواب نزال ونحوه من اسم الفعل المشتق وحكاه ابن هشام عن ابن جني، فالذي انفرد به الكسائي ما سوى ذلك. الثاني أجاز الكسائي أيضًا نصب جواب الدعاء المدلول عليه بالخبر نحو: غفر الله لزيد فيدخله الجنة "والفعل بعد الفاء في الرجا نصب كنصب ما إلى التمني ينتسب" وفاقًا للفراء لثبوت ذلك سماعًا كقراءة حفص عن عاصم: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} [غافر: 36، 37] ،   قوله: "مكانك" اسم فعل بمعنى اثبتي تحمدي أي: بالشجاعة أو تستريحي أي: بالقتل من آلام الدنيا والخطاب للنفس. قوله: "حسبك الحديث ينم الناس" حسبك إما اسم فاعل بمعنى كافيك وإما اسم فعل مضارع بمعنى يكفي, فقول الشارح: واكفف بيان للمراد من جملة المبتدأ والخبر أو من جملة اسم الفعل وفاعله لا لمعنى لفظ حسب. قوله: "نحو: حسبك" أي: مع قولك الحديث؛ لأن الخبر الذي بمعنى الأمر جملة حسبك الحديث. قوله: "ونحوه من اسم الفعل المشتق" كضراب عمرًا فيستقيم فخرج نحو: صه فأحسن إليك. قوله: "بعد الفاء" قيد بذلك لعدم سماع النصب بعد الواو في الرجاء وكذا بعدها في الطلب اهتمامًا بشأنه لكون البصريين خالفوا فيه. قوله: "كقراءة حفص إلخ" لا حجة فيه لجواز نصب أطلع جوابًا لقوله ابن أو عطفًا على الأسباب على حد: ولبس عباءة وتقر عيني أو عطفًا على المعنى في لعلي أبلغ فإن خبر لعل يقترن بأن كثيرًا نحو: فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ا. هـ. زكريا والاحتمال الثالث يأتي في الآية الثانية وفي الرجز وهذا   1096- صدره: وقولي كُلَّما جَشَأْت وجاشَتْ والبيت من الوافر، وهو لعمرو بن الإطنابة في إنباه الرواة 3/ 281؛ وحماسة البحتري ص9؛ والحيوان 6/ 425؛ وجمهرة اللغة ص1095؛ وخزانة الأدب 2/ 428؛ والدرر 4/ 84؛ وديوان المعاني 1/ 114؛ وسمط اللآلي ص574؛ وشرح التصريح 2/ 243؛ وشرح شواهد المغني ص546؛ ومجالس ثعلب ص83؛ والمقاصد النحوية 4/ 415؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 189؛ والخصائص 3/ 35؛ وشرح شذور الذهب ص447، 534؛ وشرح قطر الندى ص117؛ وشرح المفصل 4/ 74؛ ولسان العرب 1/ 48 "جشأ"؛ ومغني اللبيب 1/ 203؛ والمقرب 1/ 273؛ وهمع الهوامع 2/ 13. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 وإنْ على اسمٍ خالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ ... تَنْصِبُهُ أنْ ثابِتا أو مُنْحَذِفْ   وكذلك: {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} [عبس: 3] ، وقول الراجز أنشده الفراء: 1097- عَلَّ صُروفَ الدَّهرِ أو دُوَلاتِها ... تُدِلننا اللَّمَّةُ من لَمَّاتِها فَتَستَرِيحَ النفسُ من زَفراتِها ومذهب البصريين أن الرجاء ليس له جواب منصوب وتأولوا ذلك بما فيه بعد، وقول أبي موسى: وقد أشربها معنى ليت من قرأ فأطلع نصبًا: يقتضي تفصيلًا. تنبيه: القياس جواز جزم جواب الترجي إذا سقطت الفاء عند من أجاز النصب. وذكر في الارتشاف أنه قد سمع الجزم بعد الترجي، وهو يدل على صحة ما ذهب إليه الفراء. ا. هـ. "وإن على اسم خالص فعل عطف تنصبه أن ثابتًا أو منحذف" فعل رفع   معنى قول الشارح الآتي: وتأولوا بما فيه بعد. قوله: "عل صروف إلخ" أي: لعل حوادث الدهر, والدولات جمع دولة قال أبو عبيدة: الدولة بالضم اسم الشيء الذي يتداول يكون مرة لهذا ومرة لهذا, والدولة بالفتح الفعل. وقال أبو عمرو بن العلاء: الدولة بضم الدال في المال وبفتحها في الحرب وقيل هما واحد كذا في المختار, قال زكريا: وتدلننا من الأدالة هي الغلبة والنصر واللمة بالفتح الشدة وهي مفعول ثان لتدلننا. والشاهد في فتستريح, والزفرات جمع زفرة وهي الشدة وسكنت الفاء للضرورة ا. هـ. وقوله: وهي مفعول ثان غير ظاهر وإن تبعه شيخنا والبعض. والظاهر أنه منصوب بنزع الخافض أي: باللمة إن أريد بالأدالة الغلبة ولعل قصد الشاعر على هذا ترجي الموت ليستريح من مشقات الدنيا أو ترجي اشتداد الكرب ليعقبه الفرد فيستريح من الكروب كما قال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5] ، أو على اللمة أو باللمة النازلة بالعدا إن أريد بالأدالة النصر والمعنى عليه ظاهر وقوله وهي الشدة في كلام الدماميني والشمني أنها إدخال النفس بشدة والشهيق إخراجه. قوله: "يقتضي تفصيلًا" وهو أن الترجي إن أشرب معنى التمني نصب الفعل بعد الفاء في جوابه وإلا فلا. قوله: "على صحة ما ذهب إليه الفراء" من نصب الفعل بعد الفاء في جواب الترجي؛ لأن الجزم فرع النصب. قوله: "ينصبه أن" ينبغي أن يضبط بالياء التحتية؛ لأنه اعتبر تذكير أن لكونه حرفًا أو لفظًا بدليل قوله: ثابتًا أو منحذف كذا ذكره شيخنا وتبعه البعض, والظاهر أنه لا يتعين بل يجوز ضبطه بالتاء الفوقية على تأويل أن بالكلمة فيكون قوله: ثابتًا أو منحذف على تذكير أن بعد تأنيثها قال السيوطي: قال ابن هشام: ظاهر كلام المصنف وجوب النصب ويشكل عليه القراءة بالرفع "أَوْ يُرْسِلُ رَسُولًا" والجواب أنه حينئذ مسنأنف لا معطوف على الاسم ا. هـ. ويلزمه   1097- الرجز بلا نسبة في الإنصاف 1/ 220؛ والخصائص 1/ 316؛ والجنى الداني ص584؛ ورصف المباني ص249؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 407؛ وشرح شواهد المغني 1/ 454؛ وشرح عمدة الحافظ ص339؛ واللامات ص135؛ ولسان العرب 11/ 473 "علل"، 12/ 550 "لمم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 396. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   بالنيابة بفعل مضمر يفسره الفعل بعده وينصبه جواب الشرط، وأن بالفتح فاعل ينصبه، وثابت حال من أن، ومنحذف عطف عليه وقف عليه بالسكون للضرورة، أي: ينصب الفعل بأن مضمرة جوازًا في مواضع -وهي خمسة- كما ينصب بها مضمرة وجوبًا في خمسة مواضع وقد مرت. فالأول من مواضع الجواز: بعد اللام إذا لم يسبقها كون ناقص ماض منفي ولم يقترن الفعل بلا وقد سبق في قوله: وإن عدم لا فأن اعمل مظهرًا أو مضمرًا. والأربعة الباقية هي المرادة بهذا البيت وهي أن تعطف الفعل على اسم خالص بأحد هذه الحروف الأربعة: الواو والفاء وثم، نحو: قوله: 1098- لَلِبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَينِي ... أَحَبُّ إليَّ مِنْ لِبسِ الشُّفوفِ ونحو: أو يرسل رسولًا في قراءة غير نافع بالنصب عطفًا على وحيا، ونحو قوله:   أن تكون أو للاستئناف. قوله: "وينصبه جواب الشرط" ورفع لكون فعل الشرط ماضيًا كما يأتي في قوله: وبعد ماض رفعك الجزا حسن قوله: "بالسكون للضرورة" أي: عند غير ربيعة أما عندهم فالسكون لغة ويحتمل أن المصنف جرى عليها. قوله: "على اسم خالص" أي: من شائبة الفعلية بأن لا يكون في تأويل الفعل وهو الجامد. قوله: "للبس عباءة إلخ" الصحيح وليس بواو العطف والشفوف بضم الشين المعجمة وبالفاءين الثياب الرقاق ا. هـ. عيني ومنه: ولولا رجال من رزام أعزه ... وآله سبيع أو أسوءك علقمًا بنصب أسوءك فلا يشترط خصوص المصدر كما سيذكره. قوله: "عطفًا على وحيًا" استثناء الوحي والإرسال من التكليم منقطع؛ لأنهما ليسا منه وقوله: إلا وحيًا أي: إلهامًا كما وقع لأم موسى وقوله: {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} " أي: أو تكليمًا من وراء حجاب كما وقع لموسى عليه الصلاة والسلام, وقوله: أو يرسل أي: إرسال كما هو عادة الأنبياء وجعل في المغني الاستثناء مفرغًا فقال كان في الآية تحتمل النقصان والتمام والزيادة وهي أضعفها فعلى النقصان الخبر أما البشر ووحيًا   1098- البيت من الوافر، وهو لميسون بن جندل في خزانة الأدب 8/ 503، 504؛ والدرر 4/ 90؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 273؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1477، وشرح شذور الذهب ص405؛ وشرح شواهد الإيضاح ص250؛ وشرح شواهد المغني 2/ 653؛ ولسان العرب 13/ 408 "مسن"؛ والمحتسب 1/ 326؛ ومغني اللبيب 1/ 267؛ والمقاصد النحوية 4/ 397؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 277؛ وأوضح المسالك 4/ 192؛ والجنى الداني ص157؛ وخزانة الأدب 8/ 523؛ والرد على النحاة ص128؛ ورصف المباني ص423؛ وشرح ابن عقيل ص576؛ وشرح عمدة الحافظ ص344؛ وشرح قطر الندى ص65؛ وشرح المفصل 7/ 25؛ والصاحبي في فقه اللغة ص112، 118؛ والكتاب 3/ 45؛ والمقتضب 2/ 27. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   1099- لولا تَوَقُّعَ مُعتَرٍّ فَأُرْضِيَهُ ... ما كنتُ أُوثِرُ أَتْرابًا على تِرْبِ وكقوله: 1100- إني وقَتْلي سُليكًا ثُمّ أَعْقِلَهُ ... كالثورِ يُضْربُ لمّا عافَتِ البَقَرُ والاحتراز بالخالص من الاسم الذي في تأويل الفعل نحو: الطائر فيغضب زيد الذباب فيغضب واجب الرفع؛ لأن الطائر في تأويل الذي يطير ومن العطف على المصدر المتوهم فإنه يجب فيه إضمار إن كما مر. تنبيهات: الأول إنما قال على اسم ولم يقل على مصدر كما قال بعضهم ليشمل   استثناء مفرغ من الأحوال فمعناه موحيًا أو موحى إليه على كونه حالًا من الفاعل أو المفعول وقوله: أو من وراء حجاب أي: أو مكلمًا من وراء حجاب وقوله: أو يرسل رسولًا أي: أو إرسالًا لملك الوحي إليه أي: أو مرسلًا أو مرسلًا وإما وحيًا والتفريغ في الإخبار أي: ما كان تكليمهم إلا إيحاء أو تكليمًا من وراء حجاب أو إرسالًا وجعل الإيحاء والإرسال تكليمًا على حذف مضاف أي: تكليمم وحي أو تكليم إرسال ولبشر على هذا تبيين فهو خبر لمحذوف أي: إرادتي لبشر أو مفعول لمحذوف أي: لبشر أعني وعلى التمام فالتفريغ في الأحوال من الفاعل أو المفعول ولبشر تبيين أو متعلق بكان التامة وعلى الزيادة فالتفريغ في الأحوال من الضمير المستتر في لبشر الواقع خبر لأن يكلمه الله ا. هـ. ملخصًا مع تغيير وزيادة من الدماميني والشمني وغيرهما. قوله: "لولا توقع معتر إلخ" المعتر بالعين المهملة المتعرض لسؤال المعروف, والأتراب جمع ترب بكسر الفوقية وهو الموافق في العمر. قوله: "إني وقتلي سليكًا" أي: لأجل تحصيل غرض غيري وسليك بالتصغير اسم رجل. والشاهد في نصب أعقله أي: أعطي ديته, وعافت كرهت أي: أن البقر كرهت شرب الماء وامتنعت منه لا تضرب؛ لأنها ذات لبن وإنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب ووجه الشبه أن كلا حصل له ضرر الأجل نفع غيره. قوله: "في تأويل الذي يطير" لأنه صلة أل وصلتها في تأويل الفعل. قوله: "ومن العطف على المصدر المتوهم" قد يقال المصدر المتوهم يصدق عليه أنه اسم خالص فكيف يحترز عنه بالخالص ويجاب بأن المراد اسم خالص موجود؛ لأنه المتبادر من قولنا اسم خالص والمتوهم ليس بموجود فافهم. قوله: "كما قال   1099- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 194؛ والدرر 4/ 92؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ وشرح شذور الذهب ص405؛ وشرح ابن عقيل ص577؛ والمقاصد النحوية 4/ 398؛ وهمع الهوامع 2/ 17. 1100- البيت من البسيط، وهو لأنس بن مدركة في الأغاني 2/ 357؛ والحيوان 1/ 81؛ والدرر 4/ 93؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ ولسان العرب 4/ 109 "ثور"، 8/ 380 "وجع"، 9/ 260 "عيف"؛ والمقاصد النحوية 4/ 399؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 195؛ وخزانة الأدب 2/ 462؛ وشرح شذور الذهب 406؛ وشرح ابن عقيل ص577؛ ولسان العرب 4/ 110 "ثور"؛ وهمع الهوامع 2/ 17. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 وشَذَّ حَذفُ أنْ ونَصْبٌ في سِوى ... ما مَرَّ فاقْبَل مِنْهُ ما عَدْلٌ رَوَى   غير المصدر فإن ذلك لا يختص به، فتقول لولا زيد ويحسن إلي لهلكت. الثني يجوز في قوله: فعل عطف فإن المعطوف في الحقيقة إنما هو المصدر. الثالث: أطلق العاطف ومراده الأحرف الأربعة إذ لم يسمع في غيرها "وشذ حذف أن ونصب سوى ما مر فاقبل منه ما عدل روى" أي: حذف أن مع النصب في غير المواضع العشرة المذكورة شاذ لا يقبل منه إلا ما نقله العدول كقولهم: خذ اللص قبل أن يأخذك، ومره يحفرها، وقول بعضهم تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وقراءة بعضهم: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} [الأنبياء: 18] وقرءة الحسن: "قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدَ" [الزمر: 64] ومنه قوله: 1101- ونَهْنَهْتُ نَفْسِي بعدَ ما كدتُ أَفْعَلَهْ تنبيهات: الأول أفهم كلامه أن ذلك مقصور على السماع لا يجوز القياس عليه وبه صرح في شرح الكافية, وقال في التسهيل: وفي القياس عليه خلاف. الثاني أجاز ذلك   بعضهم" تبع الفارضي هذا البعض فاشترط المصدرية. قوله: "إنما هو المصدر" أي: المؤول من أن والفعل. قوله: "في سوى ما مر" أي: وسوى ما يأتي في الباب الآتي من جواز نصب الفعل المقرون بالفاء أو الواو بعد الشرط والجزاء ا. هـ. زكريا وسينبه عليه الشارح بقوله: الرابع إلخ قال سم: أي: وسوى الفعل بعد كي التعليلية فإن المصنف لم يتعرض لها فيما سبق. قوله: "المواضع العشرة" ي مواضع وجوب إضمار أن الخمسة ومواضع جواز إضمارها الخمسة. قوله: "وقراءة بعضهم بل نقذف إلخ" أي: بنصب يدمغه ا. هـ. فارضي. قوله: "أعبد" أي: أن أعبد وانتصاب غير في هذه القراءة من رفع أعبد لا يكون بأعبد؛ لأن الحرف المصدري محذوف إما مع بقاء أثره في قراءة النصب أو مع ذهابه في قراءة الرفع, والصلة لا تعمل فيما قبل الموصول بل بتامروني وأن أعبد بدل اشتمال منه أي: تأمروني غير الله عبادته. دماميني. قوله: "ونهنهت" أي: زجرت وما في بعد ما كدت أفعله مصدرية أي: بعد قربي من الفعل وقال المبرد: أراد أفعلها برفع الفعل فنقل فتحة الهاء إلى اللام وحذف الألف وحينئذ لا شاهد فيه. قوله: "الثاني أجاز ذلك" أي: القياس عليه الكوفيون ومن وافقهم ولا وجه لإفراد هذا بتنبيه مع أنه من   1101- صدره: فَلَمْ أرَ مِثلها خُباسَةَ واحدٍ والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص471؛ وله أو لعمرو بن جؤين في لسان العرب 6/ 62 "خبس"؛ ولعامر بن جؤين في الأغاني 9/ 93؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 337؛ والكتاب 1/ 307؛ والمقاصد النحوية 4/ 401؛ ولعامر بن جؤين أو لبعض الطائيين في شرح شواهد المغني 2/ 931؛ ولعامر بن الطفيل في الإنصاف 2/ 561؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص148؛ وجمهرة اللغة ص289؛ والدرر 1/ 177؛ ورصف المباني ص113؛ ومغني اللبيب 2/ 640؛ والمقرب 1/ 270؛ وهمع الهوامع 1/ 58. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   الكوفيون ومن وافقهم. الثالث كلامه يشعر بأن حذف أن مع رفع الفعل ليس بشاذ، وهو ظاهر كلامه في شرح التسهيل فإنه جعل منه قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الروم: 24] ، قال: فيريكم صلة لأن حذفت وبقي يريكم مرفوعًا، وهذا هو القياس؛ لأن الحرف عامل ضعيف فإذا حذف بطل عمله هذا كلامه، وهذا الذي قاله مذهب أبي الحسن أجاز حذف أن ورفع الفعل دون نصبه وجعل منه قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [الزمر: 64] ، وذهب قوم إلى أن حذف أن مقصور على السماع مطلقًا فلا يرفع ولا ينصب بعد الحذف إلا ما سمع، وإليه ذهب متأخرو المغاربة، قيل وهو الصحيح. الرابع: ما ذكره من أن حذف أن والنصب في غير ما مر شاذ ليس على إطلاقه لما ستعرفه في قوله في باب الجوازم: والفعل من بعد الجزاء إن يقترن. إلخ ا. هـ.   تتمة التنبيه قبله فكان ينبغي حذف قوله الثاني. قوله: "وهو ظاهر كلامه في شرح التسهيل" اعلم أن قوله في شرح التسهيل: وهذا هو القياس يحتمل رجوعه إلى ما ذكر قبله من حذف أن ورفع الفعل فيفيد كلامه قياسية الحذف والرفع, ويحتمل رجوعه إلى رفع الفعل فقط. ويؤيد هذا الاحتمال أمران: قرب الرفع إلى اسم الإشارة والتعليل بقوله: لأن الحرف عامل ضعيف إلخ وعلى هذا لا يفيد كلامه إلا قياسية الرفع دون قياسية الحذف لجواز أن يكون معنى قياسية الرفع كما قال سم أنه بعد ارتكاب الحذف الشاذ يكون القياس الرفع فلا تدل حينئذ قياسية الرفع على قياسية الحذف إذا عرفت ذلك عرفت أن قول الشارح ظاهر ممنوع. لأن ظاهر كلامه الاحتمال الثاني الذي لا يفيد الكلام علي قياسية الحذف, اللهم إلا أن يقال الظاهر فيما بني عليه أمر قياسي أن يكون قياسيا, هذا وفي الفارضي أن كون حذفها مع رفع الفعل ليس بشاذ مذهب الأخفش فتفطن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 الفهرس : 3 الصفة المشبهة باسم الفاعل 22 التعجب 38 نعم وبئس وما جرى مجراهما 62 أفعل التفضيل 82 النعت 107 التوكيد 125 العطف 131 عطف النسق 183 البدل 197 النداء 218 فصل تابع المنادى ذي الضم المضاف دون أل 230 المنادى المضاف إلى ياء المتكلم 236 أسماء لازمت النداء 241 الاستغاثة 248 الندبة 254 الترخيم 274 الاختصاص 278 التحذير والإغراء 287 أسماء الأفعال والأصوات 314 نونا التوكيد 335 ما لا ينصرف 405 إعراب الفعل 463 فهرس المحتويات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463