الكتاب: فتوح مصر والمغرب المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، أبو القاسم المصري (المتوفى: 257هـ) الناشر: مكتبة الثقافة الدينية عام النشر: 1415 هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- فتوح مصر والمغرب ابن عبد الحكم، أبو القاسم الكتاب: فتوح مصر والمغرب المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، أبو القاسم المصري (المتوفى: 257هـ) الناشر: مكتبة الثقافة الدينية عام النشر: 1415 هـ عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم وجه بارز في أسرة ابن عبد الحكم الذين كانوا من المؤرخين والفقهاء والمحدثين وأئمة المذهب في مصر في القرنين الثاني والثالث الهجريين وكانت لهم شهرة ونفوذ كبيرين وعلى أيديهم رئاسة المالكية في مصر. ولد ابن عبد الحكم في الفسطاط حوالي سنة 187 هـ، وترعرع في مصر بآدابها وتقاليدها. أخذ الفقه والحديث عن أبيه وعن العديد من العلماء أمثال يونس بن يحيى، وأبي زرعة وهب الله بن راشد، وشعيب بن ليث، وليث بن سعد، وغيرهم. لقد وثق عبد الرحمن ونقل عنه الحديث الكثير من الحفاظ والرواة أمثال أبي الحاتم الرازي، والنسائي، وإبراهيم بن يوسف الهنجاني، وعلي بن الحسن بن القديد. وقعت أسرته في عهد المتوكل في بقعة المشاكل والصعوبات. والاضطرابات التي حدثت بعد ثورة علي بن عبد العزيز الجروي في مصر نالت من عبد الرحمن حيث زُجّ في السجن وصودرت أمواله ولاقى ألوان التعذيب وقُتل أخوه حتى أطلق سراحه بأمر أبي عثمان في سنة 237 هـ. أما الفترة ما بعد خلاصه من السجن وحتى وفاته التي طالت عشرين سنة فلا توجد معلومات حولها. اتصاله بالحكام وحصوله على أسناد الحكومة وأسرارها وكذا الاستماع إلى أخبار وروايات الصحابة والتابعين الذين كانوا قد جاؤوا إلى مصر، مهّدت له أرضية التوجه إلى التاريخ حتى كتب مما حصل عليه من معلومات كتاب «فتوح مصر وأخبارها» وهو أقدم كتاب مدون في تاريخ العهد الإسلامي بمصر. مقدمة بسم الله الرّحمن الرّحيم بعتبر كتاب فتوح مصر والمغرب لابن عبد الحكم أهم ما قدمه لمدرسة مصر. فقد استطاع أن يجمع أطراف الرواية التاريخية فى مدرسة يزيد بن أبى حبيب (ت 128 هـ) وغيرها ويسجلها جميعا فى مجموعة من الأخبار المنسقة. ويختلف عنوان هذا الكتاب عند الكتاب القدماء اختلافا يكشف عما يحوى من موضوعات. فقد أوجز بعضهم فسماه «فتوح مصر» وأطال بعضهم فجعله «فتوح مصر وأخبارها» وأسهب فريق ثالث فقال: «فتوح مصر والمغرب والأندلس» «1» . وسماه المسعودى (ت 345 هـ) وهو ينقل عنه «فتوح مصر والإسكندرية والمغرب والأندلس وأخبارها» «2» . وكل هذه العناوين صادقة كما يظهر من الوصف الآتى: فقد قسم ابن عبد الحكم كتابه إلى سبعة أجزاء: الأول فى فضائل مصر وتاريخها قبل الإسلام. والثانى يتناول الفتح الإسلامى. والثالث يشرح الخطط ونزول العرب فى مصر. والرابع الإدارة المصرية على عهد عمرو بن العاص. والخامس فتح إفريقيا والأندلس. هذا وقد اقتصر الأستاذ عبد المنعم عامر على هذه الأجزاء فى الجزء الذي حققه وأصدره، وسماها «القسم التاريخى» وهى تسمية لا يتفق معه فيها الدكتور حسين نصار لأنها توحى كما قال بأن الجزءين التاليين ليسا من التاريخ. وقصر ابن عبد الحكم الجزء السادس على قضاة مصر حتى عصره. وجعل السابع عن الصحابة الذين وفدوا إلى مصر والأحاديث التى رويت عنهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 والكتاب أقدم كتاب مصرى يعالج الأمور التى عالجها، ولا مثيل له فيما وصل إلينا من كتب التاريخ الإسلامى، فاضطر جميع من أتى بعده إلى الاعتماد عليه. تقول دائرة المعارف الإسلامية: «وقد استفاد المؤرخون المتقدمون إلى حد بعيد من كتاب ابن عبد الحكم، واعتمدت عليه المؤلفات المتأخرة كذلك. فأكثر كتاب حسن المحاضرة للسيوطى مأخوذ من كتاب ابن عبد الحكم، كما أخذ عنه المقريزى كثيرا من فصول كتابه. ونقل ياقوت كذلك معظم ما كتبه عن وصف مصر نقلا حرفيا عن هذا الكتاب» . والحق أن ابن عبد الحكم رسم الطريق لمن أتى بعده من المؤرخين للتأليف فى النواحى المختلفة من التاريخ المصرى. فقد شغل كل جزء من أجزائه كتبا تاريخية مستقلة ومفصلة بعد. فالفضل الخاص بفضائل مصر صار كتابا كاملا عند ابن الكندى وابن زولاق. والفصل الخاص بالخطط صار كتابا مستقلا عند القضاعى والمقريزى. والفصل الخاص بالقضاة أفرد له الكندى وابن حجر كتابين. والفصل الخاص بالصحابة صار كتابا عند محمد بن الربيع الجيزى والسيوطى «1» . وكان المنهج الذي اتبعه ابن عبد الحكم فى تأليفه هو نفس المنهج الذي كان متبعا لدى مدرسة مصر فى القرن الثالث الهجرى. وهو المعروف بطريقة الإسناد التى جرى عليها رواة الحديث «ومع ذلك ظلت نظرية نقد الرواية التاريخية نفسها أمرا لا يعرفه ابن عبد الحكم، كما لم يعرفه معاصروه من مؤرخى القرن الثالث الهجرى» مما ترتب عليه تسرب بعض الأساطير فى بعض فصول كتابه وخاصة ما يتعلق منها بتاريخ مصر القديم «2» . أهم موارد ابن عبد الحكم فى فتوح مصر أما مصادره فيما يتعلق بتاريخ مصر وأخبارها فقد اعتمد على مجموعة من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 مؤرخى مصر دون أن يذكر مؤلفاتهم، الأمر الذي جعل بعض الباحثين يزعم أن مؤلف ابن عبد الحكم جمع عن طرق الرواية الشفوية «1» . وهو أمر بعيد الاحتمال، فتاريخ مصر الإسلامية المبكر كتبت فيه مؤلفات لكل من: يزيد بن أبى حبيب، وعبيد الله بن أبى جعفر، وابن لهيعة والليث، وعثمان بن صالح، وابن عفير، ويحيى بن بكير. وظلت مؤلفاتهم موجودة بعد ابن عبد الحكم لدى مؤرخى مصر يقتبسون منها. وقد اعتمد على هذه المؤلفات الخاصة بتاريخ مصر وأخبارها المؤرخ المصرى ابن الكندى فى بداية النصف الثانى من القرن الرابع الهجرى. ونقل عن نسخة منها فى كتابه عن مصر وأخبارها، المعروف بفضائل مصر «2» . ومهما يكن من أمر فقد أفاد ابن عبد الحكم من كتاب فى تاريخ مصر ليزيد بن أبى حبيب (ت 128 هـ) فقد أشار إلى ابن أبى حبيب فى بعض الاقتباسات الخاصة بأقباط مصر من السحرة فى عهد فرعون وإيمان جماعة كبيرة منهم فى ساعة واحدة «3» . وكذلك إلى بعض عادات القبط بمصر قبل دخول الإسلام إليها «4» . كما أشار إلى ابن أبى حبيب كذلك بمناسبة وصول كتاب الرسول الكريم إلى المقوقس، وكيف أن المقوقس ضم هذا الكتاب إلى صدره، وقال: «هذا زمان يخرج فيه النبي الذي نجد نعته وصفته فى كتاب الله «5» » ... إلخ. أما عبيد الله بن أبى جعفر (ت 135 هـ) فقد أشار إليه ابن عبد الحكم أثناء الحديث عن فتح مصر. وذلك بمناسبة ما عرضه عمرو على الخليفة عمر فى أن يأذن له بالمسير إلى مصر لفتحها لتكون قوة للمسلمين وعونا، باعتبارها أكثر الأرض أموالا، وكيف أن الخليفة تخوف فى البداية وكره ذلك. ولم يزل عمرو يعظم أمر مصر للخليفة حتى وافقه على فتحها «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 كما أفاد ابن عبد الحكم من تاريخ ابن لهيعة (ت 174 هـ) ، فقد أشار إلى ابن لهيعة بمناسبة الحديث عن بناء الإسكندرية والإسكندر ذو القرنين «1» . وكذلك بمناسبة الحديث عن الفتح الثانى للإسكندرية وهزيمة الروم. وكيف أن الخليفة عثمان أراد أن يكون عمرو بن العاص على الحرب، وعبد الله بن سعد على الخراج، وأن عمر ارفض ذلك «2» . ويأتى بعد ذلك ذكر الليث (ت 175 هـ) الذي أشار إليه ابن عبد الحكم بمناسبة ما كتبه الخليفة عمر لعمرو بن العاص حين استبطأ عمر الخراج من قبل عمرو «3» . وكذلك أفاد من ابن هشام (ت 213 هـ) فقد أشار إليه بمناسبة الحديث عن وصية رسول الله بالقبط «4» . وكذلك بمناسبة الحديث عن ظفر العمالقة بمصر «5» . والحديث عن بناء الإسكندرية «6» . وكتاب رسول الله إلى المقوقس «7» . ومن شهد فتح مصر من الأنصار «8» . وغير ذلك. أما عثمان بن صالح (ت 219 هـ) فقد أشار إليه ابن عبد الحكم كثيرا، ويبدو أن أغلب الروايات فى كتاب ابن عبد الحكم كانت فى كتاب لعثمان فى الفتوح أيضا. كما أفاد ابن عبد الحكم من تاريخ ابن عفير (ت 226 هـ) ، وقد أشار إلى ابن عفير أثناء الحديث عن فتح مصر، وذلك بمناسبة وجود عبد الله بن سعد على ميمنة جيش عمرو بن العاص منذ توجه من قيسارية إلى أن فرغ من حربه «9» . كذلك أفاد ابن عبد الحكم من كتاب فى تاريخ مصر ليحيى بن بكير (ت 231 هـ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 وعلى الرغم من أن ابن الكندى لم يذكر كتاب يحيى فى تاريخ مصر بين مصادره فى كتاب فضائل مصر، فإنه يبدو أن كتاب يحيى كان معروفا لدى مؤرخى مصر فى هذه الفترة. وعلى رأسهم ابن عبد الحكم الذي يصرح باستخدامه كتابا ليحيى فى التاريخ، قال: إنه أعطاه إياه «1» . وكيفما كان الأمر فقد استطاع ابن عبد الحكم أن يجمع أطراف الرواية التاريخية لدى المؤرخين السابقين ويسجلها فى مجموعة من الأخبار المنسقة. ويعد صنيعه هذا أهم ما قدمه لمدرسة مصر وقتئذ ولمن بعده من المؤرخين حتى السيوطى. هذا وقد كان العلامة تورى قام بتحقيق كتاب فتوح مصر سنة 1922 م واعتمد على المخطوطات الآتية: 1- نسخة المتحف البريطانى بلندن رقم 520 (شرقيات 6) وتاريخ نسخها يعود إلى القرن السادس الهجرى. وقد رمز إليها بالحرف A. 2- نسخة المكتبة الأهلية بباريس رقم 1686. وتاريخ نسخها يعود إلى سنة 585 هـ. وقد رمز إليها بالحرف B. 3- نسخة المكتبة الأهلية بباريس رقم 1687، نسخت سنة 776 هـ. وقد رمز إليها بالحرف C. 4- نسخة ليدن رقم 705، نسخت سنة 973 هـ. وقد رمز إليها بالحرف D. وقد بذل العلامة تورى جهدا عظيما فى صبر وأناة، مع دأب ومثابرة، ووشى حواشى الكتاب بمقابلات للنسخ دقيقة وتعليقات مستفيضة مفيدة. وستظل هذه النشرة من أمثل المطبوعات العربية وأدقها. وفى سنة 1961، أصدر الأستاذ عبد المنعم عامر المجلد الأول من هذا الكتاب. وهى طبعة يشيع فى معظمها التصحيف والتحريف كما لا تخلو من سقط فى كثير من صفحاتها- أشرت إليه فى موضعه من طبعتنا هذه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 وسوف أترك الحديث عن طبعة الأستاذ عبد المنعم- للدكتور حسين نصار وهو من العلماء الأفاضل مؤلف وباحث ومحقق. فقد قارن بين طبعتى تورى وعامر مشيدا بالكتاب الذي أصدره تورى بأنه يمتاز بجمال الطبع ودقته. على حين خلا كتاب الأستاذ عبد المنعم عامر من ذلك خلوا تاما «1» . ثم يستطرد الدكتور حسين نصار قائلا ويبرز التناقض جليا حين ينسى المحقق أن يلبس رداء النقد حيث يجب أن يلبسه. فقد أكثر ابن عبد الحكم من الاقتباس عن السيرة النبوية لابن هشام. والمنهج العلمى للتحقيق يلزمه عندئذ أن يرجع إلى السيرة ويقارن بين النصوص فيها وفى فتوح مصر. وجميع ما ذكره ابن عبد الحكم موجود فعلا فيها. ولو كان المحقق فعل ذلك، لبرأ من سقطة وقع فيها. فقد جاء فى ص 240 من الفتوح: «حدثنا عبد الملك بن هشام قال: حدثنا زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال: عتبة بن غزوان بن جابر ابن وهب.. حليف بنى وائل بن مناف» ، والذي فى السيرة 1: 347، 2: 4، 336 حليف بنى نوفل بن عبد مناف. وليس لعبد مناف ابن اسمه وائل. ولو رجع للسيرة لما سقط من العبارة التالية من ص 5 ص 13 من الفتوح وأتممته من السيرة 1: 7 ووضعته بين قوسين: «صهرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسرر فيهم، ونسبهم أن أم إسماعيل (النبي صلى الله عليه وسلم منهم. قال ابن وهب فأخبرنى ابن لهيعة أن أم إسماعيل) هاجر من أم العرب، قرية كانت أمام الفرما من مصر» . ولو تمسك برداء النقد التاريخى فى الكتاب كله لما وقع فى الخطأ الظاهر التالى. جاء فى ص 65 س 2 وهو يذكر من بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك: «فبعث حاطب ابن أبى بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، وشجاع بن وهب الأسدى إلى كسرى. وبعد «!» دحية بن خليفة إلى قيصر» . والعبارة غير صحيحة، إذ حدث بها سقط شوهها، وصوابها: «فبعث حاطب بن أبى بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، وشجاع بن وهب الأسدى (إلى الحارث بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 أبى شمر الغسانى، وعبد الله بن أبى حذافة السهمى) إلى كسرى. وبعث دحية..» (سيرة ابن هشام 4: 254، جوامع السيرة لابن حزم 29) «1» . ويستطرد الدكتور حسين نصار فيقول: «وطبيعى أن يبرأ متن الكتاب من العيوب، بعد أن لقى من عناية المستشرقين. ولكن رداءة الطبع أخلت بمواضع منه وأدخلت عليها ما برئت منه النسخة الأوربية. فقد أشرت سابقا إلى سقوط عبارات من المتن، وسقطت منه كلمات أيضا. مثال ذلك ما ورد فى ص 57 س 17: «فلما دفعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم..» ، وصوابه: «فلما دفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..» وما ورد فى ص 64 س 7: «لما كانت سنة مهاجرة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ورجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الحديبية..» . والصواب: «لما كانت سنة ست من مهاجرة..» . وما ورد فى ص 118 س 9: «ومضى عمرو ومن معه فى طلب من هرب من الروم فى البحر إلى الإسكندرية» . «والصواب: «ومضى عمرو ومن معه فى طلب من هرب من الروم فى البر، فرجع من كان هرب من الروم فى البحر إلى الإسكندرية» . وما ورد فى ص 212 س 9: «وعلى ذلك لمقدس من الجبل إلى البحر» . والصواب: «وعلى ذلك إنه لمقدس من الجبل إلى البحر» «2» . وكل هذه العبارات وغيرها برئت من السقط فى الطبعة الأوربية. ووقع تصحيف فى كثير من أسماء الأعلام، وأرجح أن كثيرا منه ربما كان من المطبعة، ولذلك لن ألح عليه، ولكنى سأعطى بعض الأمثلة. جاء فى صفحة ط من المقدمة. السطر الأخير: على بن عبد العزيز الجداوى. والصواب: الجروى، نسبة إلى بنى جرى. وفى ص س 18: بجير بن ذاخر المعافرى، بالجيم. والصواب بالحاء، كما جاء فى المشتبه للذهبى 47. وفى ص 74 س 6: البراء بن عازب، بفتح الزاى. والصواب كسرها. وفى ص 83 س 3 من أسفل: سعيد بن عفير بفتح العين. والصواب ضمها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 وفى ص 94 س 4: شبيم بن بيتان، بضم الشين وبالباء، وتكرر وروده بهذه الصورة فى 158، 161 والصواب كسر الشين وبالياء كما فى تهذيب التهذيب لابن حجر. وفى ص 126 س 8: أبو بصرة الغفارى واسمه جميل بن بصرة، بالجيم. والصواب بالحاء، كما فى كتب الصحابة. كذلك وقع تصحيف فى المتن فى مواضع متعددة، أشير إلى مجموعة منها. جاء فى ص 4 س 5 فى الوصية بالقبط: «لا تأكلوهم أكل الحضر» وفسر المحقق الحضر بأنه الذي يتحين طعام الناس حتى يحضره» وأرجح أن الصواب «لا تأكلوهم أكل الخضر» أى النبات الغض. وفى السطر الأخير من ص 10 عن كنعان بن حام «وهو الذي حيل به فى الزجر فى الفلك» ولا معنى لها. وأظن أن الصواب ما فى الطبعة الأوربية: وهو الذي حبل به فى الرجز فى الفلك، أى فى أثناء العذاب والمحنة. وفى ص 66 س 10: «إلى ما يدعو محمد؟» . والصواب: إلى م، أو إلا م، لأن ما الاستفهامية يجب حذف ألفها إذا جرت، وتبقى فتحة الميم. وفى ص 173 س 6: بجرف تبة. ولعل الصواب ما فى الطبعة الأوربية: بجرف ينة، وينة لقب أبى عبد الرحمن الحمراوى الذي شهد فتح مصر، ونسب إليه حمام ينة (القاموس المحيط) . وفى السطر الأخير من ص 248: «إن هذه الصلاة احتضرت» والصواب اختضرت» أى قطعت قبل تمامها، من الاختضار وهو الموت فى سن الشباب. وفى ص 254 س 6: «فزعم بعض المشايخ أن منها سبع عشرة موضعا» والصواب مرضعا «1» . وفى ص 15 يعلق على كلمة «مهيم» فيقول: «كذا فى الأصل. ولم أجد لهذا اللفظ معناه، ولعله لفظ سؤال عما حدث» . واللفظ موجود فى تاج العروس الذي قال عنه: كلمة استفهام أى ما حالك وما شأنك» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 وفى صفحة (د) من المقدمة: «والذي تجب الإشارة إليه أن ابن قديد لم يكن تلميذا لابن عبد الحكم، ولم يثبت أنه قد نقل عنه رواية شفوية..» مع أن كتاب الفتوح نفسه يذكر سند رواته أنه يرويه عنه، ولا مانع من ذلك، فابن عبد الحكم مات سنة 257 هـ، وابن قديد ولد سنة 229 ومات سنة 312، وإذن فقد تعاصرا ثمانية وعشرين سنة، وعاشا فى بلد واحد: مصر، واشتغلا بعلم واحد: التاريخ «1» . قلت: وقد استدل الأستاذ عبد المنعم عامر فيما ذهب إليه من أنّ ابن قديد لم يكن تلميذا لابن عبد الحكم بقوله فى صفحة (ش) من المقدمة: «ويدل على هذا قول منسوب إلى عبد الرحمن بن عبد الحكم عن أبى الأسود النضر بن عبد الجبار، يرجع وقته تاريخيا إلى سنة 237 هـ عند ما كان ابن قديد فى الثامنة من عمره، مما لا يستقيم معه أن يكون ابن قديد راوية فى مثل هذا العمر» . ولست أدرى من أين أتى الأستاذ عبد المنعم بمعلوماته فى هذا الدليل. والدليل الذي أتى به أساسا واه. لأن النضر بن عبد الجبار أستاذ ابن عبد الحكم توفى سنة 219 هـ. أى قبل ولادة ابن قديد بعشر سنوات «2» . ومهما يكن من أمر فقد أشرت إلى كثير من السقط والتصحيف والتحريف فى طبعة الأستاذ عبد المنعم عند موضعها فى طبعتنا هذه. وثمة طبعة أخرى لكتاب فتوح مصر، صدرت عن مؤسسة دار التعاون للطبع والنشر بالقاهرة سنة 1974 بإشراف الأستاذ محمد صبيح، ويبدو أن هذه الطبعة منقولة عن النسخة الأوربية بعد حذف التعليقات والفهارس. ورغم أنها نقلت عن الطبعة الأوربية فقد ورد بها بعض السقط والتصحيف والتحريف الذي برئت منه الطبعة الأوربية. فقد وقع تصحيف وتحريف فى بعض الأسماء منه على سبيل المثال ما ورد ص 15 س 26 عبد الله بن هبيرة السبلى. والصواب «السبائى» . وفى ص 22 س 17 فأوحى إلى يوسف أن تحفر ثلاثة خليج. والصواب «خلج» . وفى ص 60 س 35 وحضهم على قتال عدوهم ورغبة فى الصبر. والصواب «ورغبهم فى الصبر» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 وربما اغتفرت هذه الأخطاء على أنها خطأ مطبعى. أما الأمر الذي لا يغتفر فى هذه الطبعة هو ما ذكره الأستاذ محمد صبيح فى صفحة المراجع عن نسخة خطية مصورة لكتاب فتوح مصر بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية برقم 362 تاريخ. والحق أنى لم أعثر فى صفحات طبعته كلها على تعليق واحد أو مقارنة تنبىء عن أنه رجع إلى هذا المخطوط، ولو أنه استعان به حقيقة وقارن به لكان لطبعته شأن آخر. ومهما يكن من أمر فسوف تظل النشرة الأوربية التى حققها العلامة تورى من أمثل المطبوعات العربية وأدقها. ومن ثم اتخذتها أصلا فى التحقيق، باعتبارها النسخة التى نشرت نشرا علميا، على أساس المخطوطات المتنوعة التى وقعت للمستشرق تورى. وأثبت فى حواشيها فروق النسخ التى رجع إليها تورى. وخاصة الفروق التى لها دلالة خاصة. وزدت عليها فرق النسخة التى حصلت عليها، مع ما عن لى من التعليق والشرح والتوضيح. وقد رمزت لمخطوطة المتحف البريطانى رقم 520 بالحرف (أ) . ولمخطوطة باريس رقم 1686 بالحرف (ب) . ولمخطوطة باريس رقم 1687 بالحرف (ج) . ولمخطوطة ليدن رقم 705 بالحرف (د) . أما مخطوطة الحرم المكى التى حصلت عليها فقد رمزت إليها بالحرف (ك) ورقمها 169 تاريخ، وتقع فى 252 ورقة، ومسطرتها 15 سطرا، فى كل سطر 12 كلمة. وقد كتبت بقلم نسخى نفيس سنة 679 هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 غلاف نسخة الحرم المكي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 بشر كثير من اصحاب رسول الله صلّي الله عليه وسلّم من المهاجرين الأوّلين اخره والحمد لله ربّ العالمين وصلّي الله علي محمّد خاتم النّبيين وعلي اله الطّاهرين وسلّم فرغ منه بالاسكندريه منتصف شوال سنة تسع وسبعين وستمه وكتب علي بن احمد الحسينى الغرّافي شاهدت على الاصل المنقول منه بلغ السماع بجميع كتاب فتوح مصر والمغرب تاليف ابي القسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم رحمه الله عليه بقراءة الشيخ الفقيه ابي محمّد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي علي الشيخ الامام العالم الفقيه الحافظ شيخ الاسلام ابي طاهر احمد بن محمد بن احمد بن محمد بن ابراهيم السلفي الاصبهاني رضى الله عنه صاحبه الشيخ الفقيه ابو الفضل جعفر بن ابى الحسن بن ابى البركات الهمدانى والقاضى الاجل الفقيه المفضّل الصفحة الأخيرة من نسخة الحرم المكي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 [مقدمة ابن عبد الحكم] بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين. وصلّى الله على محمد نبيّه الكريم أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام العالم الحافظ، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم السّلفىّ الأصبهانىّ، قراءة عليه وأنا أسمع بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى، قال: أخبرنا الشيخ أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم بن علىّ المدينى بقراءتى عليه، قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسن علىّ بن منير بن أحمد الخلّال فى كتابه سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الفرج القمّاح، أخبرنا أبو القاسم علىّ بن الحسن بن خلف بن قديد الأزدى «1» ، حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا محمد بن إسماعيل الكعبىّ (2، حدثنى أبى، عن حرملة بن عمران التجيبىّ، عن أبى قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: خلقت الدنيا على خمس صور: على صورة الطير؛ برأسه وصدره وجناحيه وذنبه، فالرأس مكّة والمدينة واليمن، والصدر الشأم ومصر، والجناح الأيمن العراق، وخلف العراق أمّة يقال لها واق وخلف واق أمة يقال لها واق واق، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلّا الله عزّ وجلّ، والجناح الأيسر السند، وخلف السند الهند، وخلف الهند أمة يقال لها ناسك وخلف ناسك أمّة يقال لها منسك، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلّا الله عزّ وجلّ، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس، وشرّ ما فى الطير الذنب 2) . ذكر وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالقبط «3» (* حدثنا أشهب بن عبد العزيز وعبد الملك بن مسلمة قالا: حدثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن ابن لكعب بن مالك، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «إذا افتتحتم مصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 فاستوصوا بالقبط خيرا؛ فإن لهم ذمّة ورحما «1» » قال ابن شهاب: وكان يقال: إن أمّ إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام منهم*) . حدثنا عبد الله بن صالح ومحمد بن رمح، قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن ابن لكعب بن مالك، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثله. (2 قال الليث: قلت لابن شهاب: ما رحمهم؟ قال: إن أمّ إسماعيل منهم 2) . أخبرنا أبى عبد الله بن عبد الحكم وحامد بن يحيى، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهرىّ أظنه عن ابن لكعب بن مالك، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثله. (3 حدثنا عبد الملك بن هشام، حدثنا زياد بن عبد الله البكّائىّ، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثنى محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهرىّ، أن عبد الرحمن ابن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصارىّ ثمّ السلمىّ، حدّثه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثله. قال ابن إسحاق: فقلت لمحمد بن مسلم: ما الرحم التى ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم لهم؟ فقال: كانت هاجر أمّ إسماعيل منهم 3) . حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، حدثنى رشدين بن سعد. وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا عبد الله بن وهب، عن حرملة بن عمران التجيبىّ، عن عبد الرحمن بن شماسة المهرىّ، قال سمعت أبا ذرّ يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمّة ورحما «4» . حدثنا سعيد بن ميسرة، عن إسحاق بن الفرات، عن ابن لهيعة، عن الأسود بن مالك الحميرى، عن بحير «5» بن ذاخر المعافرى، عن عمرو بن العاص، عن عمر بن الخطّاب رضى الله عنهما، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن الله عزّ وجلّ سيفتح عليكم بعدى مصر، فاستوصوا بقبطها خيرا؛ فإن لكم منهم صهرا وذمة» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 حدثنا عبد الملك بن مسلمة، ويحيى بن عبد الله بن بكير، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، أن أبا سالم الجيشانىّ سفيان «1» بن هانئ، أخبره أن بعض أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أخبره أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «إنكم ستكونون أجنادا وإن خير أجنادكم أهل الغرب منكم، فاتّقوا الله فى القبط، لا تأكلوهم أكل الخضر «2» » . حدثنا أبى، حدثنا إسماعيل بن عيّاش، عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «استوصوا بالقبط خيرا، فإنكم ستجدونهم نعم الأعوان على قتال عدوّكم «3» . حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن الليث وابن لهيعة. قال عبد الملك: وأخبرنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن حدثه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أوصى عند وفاته أن تخرج اليهود من جزيرة العرب وقال: الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 الله فى قبط مصر. فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدّة وأعوانا فى سبيل الله «1» . قال: وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن (* موسى بن أيّوب الغافقىّ، عن رجل من الزّبد «2» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مرض، فأغمى عليه ثم أفاق، فقال: «استوصوا بالأدم الجعد» ثم أغمى عليه الثانية ثم أفاق، فقال مثل ذلك، قال: ثم أغمى عليه الثالثة فقال مثل ذلك، فقال القوم: لو سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الأدم الجعد! فأفاق، فسألوه فقال: «قبط مصر؛ فإنهم أخوال وأصهار، وهم أعوانكم على عدوّكم، وأعوانكم على دينكم» قالوا: كيف يكونون أعواننا على «3» ديننا يا رسول الله؟ قال: «يكفونكم أعمال الدنيا وتتفرّغون للعبادة؛ فالراضى بما يؤتى إليهم كالفاعل بهم، والكاره لما «4» يؤتى إليهم من الظلم كالمتنزه عنهم*) . (5 حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن أبى هانئ الخولانىّ، عن أبى عبد الرحمن الحبلىّ وعمرو بن حريث وغيرهما، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «إنكم ستقدمون على قوم جعد رءوسهم فاستوصوا بهم خيرا، فإنهم قوّة لكم وبلاغ إلى عدوّكم باذن الله تعالى- يعنى قبط مصر 5) . حدثنا أبو الأسود، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى هانئ، أنه سمع الحبلىّ وعمرو بن حريث يحدّثان عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثله. (6 حدثنا عبد الملك بن هشام، أخبرنا عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، حدثنى عمر مولى غفرة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «الله الله فى أهل الذمّة، أهل المدرة السوداء، السحم الجعاد، فإن لهم نسبا وصهرا 6) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 (1 قال عمر مولى غفرة: صهرهم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم تسرّر فيهم، ونسبهم أن أمّ إسماعيل النبي عليه الصلاة والسلام منهم 1) . قال ابن وهب: فأخبرنى ابن لهيعة أن (2 أمّ إسماعيل هاجر من أمّ العرب قرية كانت أمام الفرما من مصر 2) . حدثنا عثمان بن صالح أخبرنا مروان القصّاص، قال (3 صاهر إلى القبط من الأنبياء صلوات الله عليهم ثلاثة،: إبراهيم خليل الرحمن، عليه الصلاة والسلام تسرّر هاجر، ويوسف عليه الصلاة والسلام تزوّج بنت صاحب عين شمس، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم تسرّر مارية. حدثنا هانئ بن المتوكّل، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب أن قرية هاجر ياق التى عند أمّ دنين 3) . ودفنت هاجر حين توفّيت كما حدثنا ابن هشام، عن زياد بن عبد الله، عن ابن إسحاق فى الحجر «4» . قال ابن هشام تقول العرب هاجر وآجر، فيبدلون الألف من الهاء، كما قالوا: هراق الماء وأراق الماء ونحوه «5» . ذكر بعض فضائل مصر حدثنا عبد الله بن صالح عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة، وبكر بن عمرو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 الخولانىّ، يرفعان الحديث إلى عبد الله بن عمرو، قال: (1 قبط مصر أكرم الأعاجم كلّها، وأسمحهم يدا، وأفضلهم عنصرا وأقربهم رحما بالعرب عامّة، وبقريش خاصّة، ومن أراد أن يذكر «2» الفردوس، أو «3» ينظر إلى مثلها فى الدنيا، فلينظر إلى أرض مصر حين تخضرّ زروعها «4» وتنّور ثمارها 1) . حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافرىّ، عن كعب الأحبار، قال: من أراد أن ينظر إلى شبه الجنّة فلينظر إلى مصر إذا أخرفت، وقال غير أبى الأسود: إلى أرض مصر إذا أزهرت «5» . وقال غير ابن لهيعة: وكان منهم السحرة فآمنوا «6» جميعا «7» فى ساعة واحدة، ولا نعلم «8» جماعة أسلمت فى ساعة واحدة أكثر من جماعة القبط. قال: وكانوا كما حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة السبئىّ ويزيد بن أبى حبيب المالكىّ، يزيد بعضهم على بعض فى الحديث، اثنى عشر ساحرا رؤساء وتحت يدى «9» كلّ ساحر «10» منهم عشرون عريفا، تحت يدى كلّ عريف منهم ألف من السحرة، فكان جميع السحرة مائتى ألف وأربعين ألفا، ومائتين واثنين وخمسين إنسانا، بالرؤساء والعرفاء. فلما عاينوا ما عاينوا، أيقنوا أن ذلك من السماء، وأن السحر لا يقوم لأمر الله، فخرّ الرؤساء الاثنى عشر عند ذلك سجّدا فاتّبعهم العرفاء، واتّبع العرفاء من «11» بقى، وقالوا: آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ، رَبِّ مُوسى وَهارُونَ «12» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 (1 حدثنا هانئ بن المتوكّل حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب، أن تبيعا قال: فكانوا من أصحاب موسى صلوات الله عليه 1) ولم يفتتن منهم أحد مع من افتتن من بنى إسرائيل فى عبادة العجل. حدثنا هانئ بن المتوكل حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب أن تبيعا كان يقول: ما آمن جماعة قطّ فى ساعة واحدة، مثل جماعة القبط. حدثنا أبو صالح حدثنا الليث، عن يزيد بن أبى حبيب، أنه بلغه أن كعب (2 الأحبار كان يقول: مثل قبط مصر كالغيضة، كلّما قطعت نبتت حتّى يخرّب الله بهم وبصناعتهم جزائر الروم 2) . (* وكانت مصر كما حدثنا عبد الله بن صالح وعثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة المهرىّ، عن أبى رهم السماعىّ قناطر وجسورا بتقدير وتدبير، حتّى إنّ الماء ليجرى تحت منازلها وأقنيتها «3» فيحبسونه كيف شاءوا ويرسلونه كيف شاءوا؛ فذلك قول الله عزّ وجلّ فيما حكى من قول فرعون: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ «4» ، ولم يكن فى الأرض يومئذ ملك أعظم من ملك مصر*) . (* وكانت الجنّات بحافتى النيل من أوّله إلى آخره فى الجانبين جميعا، ما بين أسوان إلى رشيد، وسبعة خلج: خليج الإسكندرية، وخليج سخا، وخليج دمياط، وخليج منف، وخليج الفيّوم، وخليج المنهى، وخليج سردوس؛ جنات متّصلة لا ينقطع منها شئ عن شىء، والزرع «5» ما بين الجبلين، من أوّل مصر إلى آخرها ممّا يبلغه الماء، وكان جميع أرض مصر كلهّا تروى من ستّة عشر ذراعا لما قدّروا ودبّروا من قناطرها وخلجها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وجسورها، فذلك قوله عزّ وجلّ: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ «1» . قال: والمقام الكريم المنابر كان بها ألف منبر*) . قال: وأما خليج الفيّوم والمنهى فحفرهما «2» يوسف- عليه السلام- وسأذكر كيف كان ذلك فى موضعه، إن شاء الله. وأمّا خليج سردوس فإن الذي حفره هامان. حدثنا عبد الله بن صالح وعثمان بن صالح، قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن يحيى بن ميمون الحضرمىّ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، (3 أنّ فرعون استعمل هامان على حفر خليج سردوس، فلما ابتدأ حفرة أتاه أهل كلّ قرية يسألونه أن يجرى الخليج تحت قريتهم، ويعطونه مالا، قال: وكان يذهب به إلى هذه القرية من نحو المشرق، ثم يردّه إلى قرية من نحو دبر القبلة، ثم يردّه إلى قرية فى الغرب، ثم يردّه إلى أهل قرية فى القبلة، ويأخذ من أهل كلّ قرية مالا، حتّى اجتمع له فى ذلك مائة ألف دينار، فأتى بذلك يحمله إلى فرعون، فسأله فرعون عن ذلك، فأخبره بما فعل فى حفره، فقال له فرعون: ويحك، إنه ينبغى للسيّد أن يعطف على عباده «4» ، ويفيض عليهم ولا يرغب فيما بأيديهم، ردّ على أهل كلّ قرية ما أخذت، منهم فردّه كلّه على أهله. قال: فلا يعلم بمصر خليج أكثر «5» عطوفا منه لما فعل هامان فى حفره 3) . وكان هامان كما حدثنا أسد، عن خالد بن عبد الله، عن محدّث حدّثه، نبطيّا. وكانت بحيرة الإسكندرية- كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد- كرما كلّها لامرأة المقوقس؛ فكانت تأخذ خراجها منهم الخمر بفريضة عليهم، فكثر الخمر عليها حتّى ضاقت به ذرعا، فقالت: لا حاجة لى فى الخمر أعطونى دنانير، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 فقالوا: ليس عندنا، فأرسلت عليهم الماء فغرقتها «1» ، فصارت بحيرة يصاد فيها الحيتان حتّى استخرجها بنو العبّاس. فسدّوا جسورها وزرعوا فيها. ذكر نزول القبط بمصر وسكناهم بها (2 حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهعة، عن عيّاش بن عبّاس القتبانىّ، عن حنش بن عبد الله الصنعانىّ، عن عبد الله بن عبّاس، قال: كان لنوح- عليه السلام- أربعة من الولد: سام بن نوح، وحام بن نوح، ويافث بن نوح، ويحطون بن نوح: وإن نوحا عليه السلام رغب إلى الله عزّ وجلّ، وسأله أن يرزقه الاجابة فى ولده وذرّيّته حين تكاملوا بالنماء والبركة، فوعده ذلك، فنادى نوح ولده وهم نيام عند السحر، فنادى ساما فأجابه يسعى، وصاح سام فى ولده فلم يجبه أحد منهم إلّا ابنه أرفخشذ، فانطلق به معه حتّى أتياه، فوضع نوح يمينه على سام، وشماله على أرفخشذ بن سام، وسأل الله عزّ وجلّ أن يبارك فى سام أفضل البركة، وأن يجعل الملك والنبوّة فى ولد أرفخشذ 2) . ثم نادى حاما فتلفّت يمينا وشمالا ولم يجبه، ولم يقم إليه هو ولا أحد من ولده، فدعا الله عزّ وجلّ نوح أن يجعل ولده أذلاء، وأن يجعلهم عبيدا لولد سام. قال: وكان مصر بن يبصر بن حام نائما إلى جنب جدّه حام، فلمّا سمع دعاء نوح على جدّه وولده، قام يسعى إلى نوح فقال: يا جدّى، قد أجبتك، إن لم يجبك أبى، ولا أحد من ولده، فاجعل لى دعوة من دعوتك «3» . ففرح نوح عليه السلام، ووضع يده على رأسه، وقال: اللهمّ إنه قد أجاب دعوتى؛ فبارك فيه وفى ذرّيّته وأسكنه الأرض المباركة، التى هى أمّ البلاد، وغوث العباد، التى نهرها أفضل أنهار الدنيا، واجعل فيها أفضل البركات، وسخّر له ولولده الأرض، وذلّلها لهم، وقوّهم عليها*) . قال ثم دعا ابنه يافث، فلم يجبه هو ولا أحد من ولده، فدعا الله عزّ وجلّ عليهم أن يجعلهم شرار الخلق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 قال ثم دعا ابنه يحطون فأجابه، فدعا الله عزّ وجلّ له أن يجعل له البركة، فلم يكن له ولد ولا نسل. فعاش سام مباركا حتّى مات، وعاش ابنه أرفخشذ بن سام مباركا حتّى مات، وكان الملك الذي يحبّه الله والنّبوة والبركة فى ولد أرفخشذ بن سام. وكان أكبر ولد حام كنعان بن حام، وهو الذي حبل «1» به فى الرجز فى الفلك فدعا عليه نوح، فخرج أسود، وكان فى ولده الجفآء والملل والجبروت، وهو أبو السودان والحبش كلّهم، وابنه الثانى كوش بن حام وهو أبو السند والهند، وابنه الثالث فوط بن حام وهو أبو البربر، وابنه الأصغر الرابع بيصر بن حام وهو أبو القبط كلّهم. وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا سليمان بن بلال. وحدثنا يحيى بن عبد الله ابن بكير، حدثنا الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، قال: ولد نوح النّبيّ عليه السلام ثلاثة نفر: سام وحام ويافث، فولد كلّ واحد من الثلاثة ثلاثة، فسام أبو العرب وفارس والروم، ويافث أبو الصقالبة والترك ويأجوج ومأجوج، وحام أبو السودان والبربر والقبط. ثم رجع إلى حديث عثمان، قال: فولد بيصر بن حام أربعة، مصر بن بيصر وهو أكبرهم والذي دعا له نوح صلوات الله عليه بما دعا له، وفارق بن بيصر، وماح بن بيصر، وياح بن بيصر. قال غير عثمان: فولد مصر أربعة: قفط بن مصر، وأشمن بن مصر، وأتريب بن مصر، وصا بن مصر. حدثنا عثمان بن صالح ويحيى بن خالد عن ابن لهيعة، وعبد الله بن خالد، يزيد أحدهما على صاحبه، وقد كان عثمان ربّما قال: حدثنى خالد بن نجيح، عن ابن لهيعة، وعبد الله بن خالد، قالوا: فكان أوّل من سكن بمصر بعد أن غرّق «2» الله قوم نوح بيصر ابن حام بن نوح، فسكن منف- وهى أوّل مدينة عمّرت بعد الغرق- هو وولده وهم ثلاثون نفسا، قد بلغوا وتزوّجوا، فبذلك سمّيت ماقة- وماقة بلسان القبط ثلاثون- قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 وكان بيصر بن حام قد كبر وضعف، وكان مصر أكبر ولده، وهو الذي ساق أباه وجميع إخوته إلى مصر، فنزلوا بها، فبمصر بن بيصر سمّيت مصر مصر. فحاز له ولولده ما بين الشجرتين خلف العريش إلى أسوان طولا، ومن برقة إلى أيلة عرضا. قال: ثم إن بيصر بن حام توفّى فدفن فى موضع أبى هرميس. قال غير عثمان: فهى أول مقبرة قبر فيها بأرض مصر. قال: ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره، قال: (* ثم إن بيصر بن حام توفّى واستخلف ابنه مصر، وحاز كلّ واحد من إخوة مصر قطعة من الأرض لنفسه، سوى أرض مصر التى حاز لنفسه ولولده. فلمّا كثر ولد مصر وأولاد أولادهم، قطع مصر لكل واحد من ولده قطيعة يجوزها لنفسه ولولده، وقسم لهم هذا النيل. قال: فقطع لابنه قفط موضع قفط، فسكنها، وبه سمّيت قفط، وما فوقها إلى أسوان وما دونها الى أشمون فى الشرق والغرب. وقطع لأشمن من أشمون فما دونها إلى منف فى الشرق والغرب، فسكن أشمن أشمون فسمّيت به. وقطع لأتريب ما بين منف إلى صا؛ فسكن أتريب، فسمّيت به. وقطع لصا ما بين صا إلى البحر، فسكن صا؛ فسمّيت به، فكانت مصر كلّها على أربعة أجزاء: جزأين بالصعيد، وجزأين بأسفل الأرض*) . قال: ثم توفّى مصر بن بيصر فاستخلف ابنه قفط بن مصر، (1 ثم توفّى قفط بن مصر، فاستخلف أخاه أشمن بن مصر، ثم توفّى أشمن بن مصر، فاستخلف أخاه أتريب ابن مصر، ثم توفّى أتريب بن مصر، فاستخلف أخاه صا بن مصر. ثم توفّى صا بن مصر، فاستخلف ابنه تدارس بن صا. ثم توفّى تدارس بن صا، فاستخلف ابنه «2» ماليق بن تدارس، ثم توفّى ماليق بن تدارس فاستخلف ابنه خربتا بن ماليق، ثم توفّى خربتا بن ماليق، فاستخلف ابنه كلّكن بن خربتا؛ فملكهم نحوّا من مائة سنة ثم توفّى ولا ولد له، فاستخلف أخاه ماليا بن خربتا، ثم توفّى ماليا بن خربتا، فاستخلف ابنه طوطيس بن ماليا، وهو الذي كان وهب هاجر لسارة امرأة إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام 1) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 ذكر دخول إبراهيم مصر (* وكان سبب دخول إبراهيم عليه الصلاة والسلام مصر كما حدثنا أسد بن موسى وغيره، أنه لما أمر بالخروج عن أرض قومه، والهجرة إلى الشام، خرج ومعه لوط وسارة؛ حتى أتوا حرّان، فنزلها، فأصاب أهل حرّان جوع، فارتحل بسارة يريد مصر، فلما دخلها ذكر جمالها لملكها، ووصف له أمرها*) . وكان حسن سارة كما حدثنا أسد بن موسى، حدثنا عبد الله بن خالد، عن خالد ابن عبد الله، عن الكلبىّ، عن أبى صالح، عن ابن عباس قال: كان حسن سارة حسن حواء. قال: ثم رجع إلى حديث أسد وغيره، قال: (1 فأمر بها، فأدخلت عليه، وسأل إبراهيم عليه السلام قال له: ما هذه المرأة؟ قال: أختى؛ فهّم الملك بها، فأيبس الله يديه ورجليه، فقال لإبراهيم هذا عملك فادع الله لى؛ فو الله لا أسوؤك فيها. فدعا الله له فأطلق الله يديه ورجليه، وأعطاهما «2» غنما وبقرا. وقال: ما ينبغى لهذه أن تخدم نفسها، فوهب لها هاجر 1) . وكان أبو هريرة يقول: فتلك أمّكم يا بنى ماء السماء، يريد العرب. حدثونا عن عبد الله بن وهب، عن جرير بن حازم، عن أيّوب، عن محمد بن سيرين، عن أبى هريرة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «إن ابراهيم قدم أرض جبّار ومعه «3» سارة، وكانت أحسن الناس، فقال: لها: إنّ هذا الجبّار إن يعلم أنك امرأتى يغلبنى عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختى، فإنك أختى فى الإسلام. فلما دخل الأرض رآها بعض أهل الجبار فأتاه فقال: لقد دخلت أرضك امرأة لا ينبغى أن تكون إلّا لك، فأرسل إليها فأتى بها، وقام إبراهيم إلى الصلاة، فلما دخلت «4» عليه لم يتمالك أن بسط يده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 إليها، فقبضت يده قبضة شديدة، فقال لها: ادعى الله أن يطلق يدى فلا أضرّك، ففعلت، فعاد فقبضت يده أشدّ من القبضة الأولى. قال لها مثل ذلك، ففعلت، فعاد فقبضت أشدّ من القبضتين الأوّلتين، قال: ادعى الله أن يطلق يدى فلك الله ألّا اضرّك، ففعلت، وأطلقت يده، فدعا الذي جاء بها فقال: إنك إنما أتيتنى بشيطان، ولم تأتنى بإنسان فأخرجها من أرضى، فأعطاها هاجر، فأقبلت تمشى، فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف فقال لها: مهيم «1» ؟ قالت: خيرا، كفّ الله يد الفاجر وأخدم خادما. قال أبو هريرة فتلك أمّكم يا بنى ماء السماء. قال ابن وهب: وأخبرنى ابن أبى الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبى هريرة، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نحوه. قال: فقام إليها فقامت توضّأ «2» تصلّى ثم قالت: اللهمّ إنّى كنت آمنت بك وبرسولك، وأحصنت فرجى إلّا على زوجى، فلا تسلّط علىّ الكافر، فغطّ حتى ركض برجله. قال الأعرج قال أبو سلمة قال أبو هريرة، قالت: اللهم إن يمت يقال هى قتلته. حدثنا أسد بن موسى، عن إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن حارثة بن مضرّب، عن على بن أبى طالب عليه السلام، أن سارة كانت بنت ملك من الملوك، وكانت قد أوتيت حسنا، فتزوّجها إبراهيم عليه السلام، فمرّ بها على ملك من الملوك فأعجبته، فقال لإبراهيم: ما هذه؟ فقال له ما شاء الله أن يقول، فلمّا خاف إبراهيم وخافت سارة أن يدنو منها، دعوا الله عليه، فأيبس الله يديه ورجليه» فقال: لإبراهيم: قد علمت أن هذا عملك، فادع الله لى، فو الله لا أسوؤك فيها، فدعا له، فأطلق الله يديه ورجليه، ثم قال الملك: إنّ هذه لامرأة لا ينبغى أن تخدم نفسها، فوهب لها هاجر فخدمتها ما شاء الله، ثم إنها غضبت «3» عليها ذات يوم، فحلفت لتغيرنّ منها ثلاثة أشياء، فقال تخفضينها «4» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 وتثقبين أذنيها، ثم وهبتها لإبراهيم على ألا يسوءها فيها، فوقع عليها، فعلقت «1» ، فولدت إسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام. قال: وكانت سارة كما حدثنا وثيمة بن موسى، عن سلمة بن الفضل وعمرو بن الأزهر، أو أحدهما، عن ابن إسحاق، عن عبد الرحمن، عن أبى هريرة حين رأت أنها لا تلد أحبّت أن تعرض هاجر على إبراهيم، فكانت تمنعها الغيرة. وكانت هاجر كما حدثنا وثيمة بن موسى، عن سلمة بن الفضل وعمرو بن الأزهر، أو أحدهما أو كلاهما، عن ابن إسحاق، أوّل من جرّت ذيلها لتخفى أثرها على سارة، وكانت سارة قد حلفت لتقطعنّ منها عضوا، فبلغ ذلك هاجر فلبست درعا لها وجرّت ذيلها لتخفى أثرها، وطلبتها سارة فلم تقدر عليها، فقال إبراهيم: هل لك أن تعفى عنها؟ قالت: فكيف بما حلفت؟ قال: تخفضينها فيكون ذلك سنّة للنساء، فتبرءين يمينك ففعلت، فمضت «2» السنّة بالخفض. ذكر ظفر العمالقة بمصر وأمر يوسف (3 قال: ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره، قال: ثم توفّى طوطيس بن ماليا فاستخلف ابنته خروبا ابنة طوطيس؛ ولم يكن له ولد غيرها وهى أوّل امرأة ملكت. قال: ثم توفّيت خروبا ابنة طوطيس. فاستخلفت ابنة عمّها زالفا ابنة ماموم بن ماليا فعمرت دهرا طويلا، وكثروا ونموا وملأوا أرض مصر كلّها فطمعت فيهم العمالقة فغزاهم الوليد ابن دومع فقاتلهم قتالا شديدا ثم رضوا أن يملّكوه عليهم؛ فملكهم نحوا من مائة سنة، فطغى وتكبّر، وأظهر الفاحشة، فسلّط الله عليه سبعا فافترسه فأكل لحمه. 3) قال: والعماليق كما حدثنا عبد الملك بن هشام، من ولد عملاق، ويقال عمليق ابن لاوذ بن سام «4» . حدثنا أبو الأسود، وأسد بن موسى، ويحيى بن عبد الله بن بكير، عن ابن لهيعة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 عن يزيد بن عمرو المعافرى، عن ابن حجيرة، قال: استظلّ سبعون رجلا من قوم موسى فى قحف رجل من العماليق. قال: (1 فملكهم من بعده ابنه الريّان بن الوليد بن دومغ- وهو صاحب يوسف النّبيّ- عليه الصلاة والسلام- أرسل إليه الملك فأخرجه من السجن 1) . حدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، عن الكلبىّ، عن أبى صالح عن ابن عباس قال: فأتاه الرسول، فقال: ألق عنك ثياب السجن، والبس ثيابا جددا وقم إلى الملك؛ فدعا له أهل السجن، وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة، فلمّا أتاه رأى غلاما حدثا، فقال: أيعلم هذا رؤياى، ولا يعلمها السحرة والكهنة؟ وأقعده قدامه، وقال له: لا تخف. قال عثمان وغيره فى حديثهما: فلما استنطقه وساءله عظم فى عينه، وجلّ أمره فى قلبه، فدفع إليه خاتمه وولّاه ما خلف بابه. (2 حدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، عن الكلبىّ، عن أبى صالح، عن ابن عبّاس، قال: وألبسه طوقا من ذهب وثياب حرير، وأعطاه دابة مسرجة مزينة كدابّة الملك، وضرب بالطبل بمصر أنّ يوسف خليفة الملك 2) . حدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، حدثنى أبو سعيد، عن عكرمة، أن فرعون قال ليوسف: قد سلّطتك على مصر، غير أنى أريد أن أجعل كرسيّى أطول من كرسيك بأربع أصابع، قال يوسف: نعم. قال: ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره، قال: وأجلسه على السرير، ودخل الملك بيته مع نسائه، ففوّض أمر مصر كلّها إليه، فبسبب عبارة رؤيا الملك ملك يوسف مصر. (* حدثنا أسد بن موسى، حدثنى الليث بن سعد قال: حدثنى مشيخة لنا، قال: اشتدّ الجوع على أهل مصر، فاشتروا الطعام بالذهب حتّى لم يجدوا ذهبا، فاشتروا بالفضّة حتى لم يجدوا فضّة، فاشتروا بأغنامهم حتى لم يجدوا غنما، فلم يزل يبيعهم الطعام حتى لم يبق لهم فضّة ولا ذهب ولا شاة ولا بقرة فى تلك السنتين فأتوه فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 الثالثة فقالوا له: لم يبق لنا إلّا أنفسنا وأهلونا وأرضونا. فاشترى يوسف أرضهم كلّها لفرعون، ثم أعطاهم يوسف طعاما يزرعونه «1» على أن لفرعون الخمس*) . ذكر استنباط الفيّوم (2 قال: وفى ذلك الزمان استنبطت الفيّوم، وكان سبب ذلك كما حدثنا هشام بن إسحاق أن يوسف عليه الصلاة والسلام لمّا ملك مصر، وعظمت منزلته من فرعون، وجاوزت سنّه مائة سنة، قال وزراء الملك له: إنّ يوسف قد ذهب علمه، وتغيّر عقله، ونفدت حكمته، فعنّفهم فرعون، وردّ عليهم مقالتهم، وأساء اللفظ لهم، فكفّوا ثم عاودوه بذلك القول بعد سنين، فقال لهم: هلمّوا ما شئتم من أىّ شىء أختبره به. وكانت الفيوم يومئذ تدعى الجوبة؛ وإنما كانت لمصالة ماء الصعيد وفضله- فاجتمع رأيهم على أن تكون هى المحنة التى يمتحنون بها يوسف عليه الصلاة والسلام فقالوا لفرعون: سل يوسف أن يصرف ماء الجوبة عنها، ويخرجه منها، فتزداد بلدا إلى بلدك، وخراجا إلى خراجك. فدعا يوسف فقال: قد تعلم مكان ابنتى فلانة منّى، وقد رأيت إذا بلغت أن أطلب لها بلدا، وإنى لم أصب لها إلّا الجوبة؛ وذلك أنه بلد بعيد قريب، لا يؤتى من وجه من الوجوه إلّا من غابة وصحراء. قال غير هشام: فالفيوم وسط مصر كمثل مصر فى وسط البلاد، لأن مصر لا تؤتى من ناحية من النواحى إلا من [صحراء أو مفازة 2) وكذلك هى ليست تؤتى من ناحية من النواحى من مصر إلّا من] «3» مفازة وصحراء. قال هشام فى حديثه: (* وقد أقطعتها إيّاها فلا تتركنّ وجها ولا نظرا إلا بلّغته فقال يوسف: نعم أيّها الملك، متى أردت ذلك فابعث إلىّ؛ فإنى إن شاء الله فاعل قال: إنّ أحبّه إلىّ وأوفقه أعجله. فأوحى إلى يوسف أن تحفر «4» ثلاثة خلج: خليجا من أعلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 الصعيد من موضع كذا إلى موضع كذا، وخليجا شرقيّا من موضع كذا إلى موضع كذا، وخليجا غربيّا من موضع كذا إلى موضع كذا؛ فوضع يوسف العمّال، فحفر خليج المنهى (من أعلى أشمون «1» ) إلى اللاهون، وأمر البنّائين أن يحفروا اللاهون، وحفر خليج الفيّوم وهو الخليج الشرقى، وحفر خليجا بقرية يقال لها تنهمت من قرى الفيوم، وهو الخليج الغربىّ. فخرج ماؤها من الخليج الشرقىّ فصبّ فى النيل، وخرج من الخليج الغربىّ فصبّ فى صحراء تنهمت إلى الغرب فلم يبق فى الجوبة ماء. ثم أدخلها الفعلة، فقطع ما كان فيها من القصب والطرفاء وأخرجه منها، وكان ذلك ابتداء جرى النيل، وقد صارت الجوبة أرضا ريفيّة بّريّة «2» وارتفع ماء النيل، فدخل فى رأس المنهى، فجرى فيه حتى انتهى إلى اللاهون فقطعه إلى الفيوم، فدخل خليجها فسقاها، فصارت لجّة من النيل. فخرج إليها الملك ووزراءه، وكان هذا كلّه فى سبعين يوما. فلما نظر إليها الملك قال لوزرائه أولئك: هذا عمل ألف يوم فسمّيت الفيوم، وأقامت تزرع كما تزرع غوائط مصر*) . قال: (* وقد سمعت فى استخراج الفيوم وجها غير هذا. حدثنا يحيى بن خالد العدوىّ، عن ابن لهعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن يوسف النّبيّ- عليه السلام- ملك مصر وهو ابن ثلاثين سنة، فأقام يدبّر أمرها أربعين سنة، فقال أهل مصر: قد كبر يوسف واختلف رأيه، فعزلوه وقالوا: اختر لنفسك من الموات أرضا نقطعكها لنفسك وتصلحها، ونعلم رأيك فيها. فإن رأينا من رأيك وحسن تدبيرك ما نعلم أنك فى زيادة من عقلك رددناك إلى ملكك، فاعترض البرّيّة فى نواحى مصر فاختار موضع الفيوم فأعطيها، فشقّ إليها خليج المنهى من النيل حتى أدخله الفيوم كلّها، وفرغ من حفر ذلك كلّه فى سنة*) . وبلغنا أنه إنما عمل ذلك بالوحى، وقوى على ذلك بكثره الفعلة والأعوان فنظروا فإذا الذي أحياه يوسف من الفيوم لا يعلمون له بمصر كلّها مثلا ولا نظيرا، فقالوا: ما كان يوسف قط أفضل عقلا ولا رأيا ولا تدبيرا منه اليوم، فردّوا إليه الملك، فأقام ستّين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 سنة أخرى، تمام مائة سنة، حتى مات يوم مات وهو ابن ثلاثين ومائة سنة «1» والله أعلم. (* قال: ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق، قال: ثم بلغ يوسف- عليه السلام- قول وزراء الملك، وأنه إنما كان ذلك منهم على المحنة منهم له، فقال للملك: إنّ عندى من الحكمة والتدبير غير ما رأيت؛ فقال له الملك: وما ذاك؟ قال: أنزل الفيوم من كلّ كورة من كور مصر أهل بيت، وآمر أهل كلّ بيت أن يبنوا لأنفسهم قرية- وكانت قرى الفيوم على عدد كور مصر- فإذا فرغوا من بناء قراهم صيّرت لكلّ قرية من الماء بقدر ما أصيّر لها من الأرض، لا يكون فى ذلك زيادة عن أرضها ولا نقصان، وأصيّر لكلّ قرية- شربا فى زمان لا ينالهم الماء إلّا فيه، وأصيّر مطآطئا للمرتفع. ومرتفعا للمطأطئ بأوقات من الساعات فى الليل والنهار، وأصيّر لها قبضات فلا يقصّر بأحد دون حقّه، ولا يزاد فوق قدره. فقال له فرعون: هذا من ملكوت السماء؟ قال: نعم. فبدأ يوسف- عليه السلام- فأمر ببنيان القرى، وحدّ لها حدودا، وكانت أوّل قرية عمّرت بالفيوم قرية يقال لها شانة، وهى القرية التى كانت تنزلها بنت فرعون. ثم أمر بحفر الخليج وبنيان القناطر، فلما فرغوا من ذلك استقبل وزن الأرض ووزن الماء؛ ومن يومئذ أحدثت الهندسة، ولم يكن الناس يعرفونها قبل ذلك*) . قال: (2 وكان أوّل من قاس النيل بمصر يوسف- عليه السلام- وضع مقياسا بمنف ثم وضعت العجوز دلوكة ابنة زبّاء وهى صاحبة حائط العجوز مقياسا بأنصنا، وهو صغير الذرع «3» ومقياسا بإخميم. ووضع عبد العزيز بن مروان مقياسا بحلوان وهو صغير، ووضع أسامة بن زيد التنوخىّ فى خلافة الوليد مقياسا بالجزيرة؛ وهو أكبرها. حدثنا يحيى ابن بكير قال: أدركت القيّاس يقيس فى مقياس منف ويدخل بزيادته الفسطاط 2) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 ذكر دخول أهل يوسف مصر ووفاة يعقوب ودفنه (* قال: وفى زمان الريّان بن الوليد، دخل يعقوب- عليه السلام- وولده مصر، كما حدثنا هشام بن إسحاق، وهم ثلاثة وتسعون «1» نفسا، بين رجل وامرأة فأنزلهم يوسف- عليه السلام- ما بين عين شمس إلى الفرما وهى أرض ريفيّة بّرية. حدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، عن الكلبىّ، عن أبى صالح، عن ابن عبّاس، قال: دخل مصر يعقوب وولده وكانوا سبعين نفسا، وخرجوا وهم ستّمائة ألف. وحدثنا أسد، حدثنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن مسروق، قال: دخل أهل يوسف وهم ثلاثة وتسعون إنسانا، وخرجوا وهم ستّمائة ألف*) . وأدخل يوسف كما حدثنا أسد، عن خالد بن عبد الله، عن الكلبىّ، عن أبى صالح، عن ابن عبّاس أباه وخمسة من إخوته على الملك فسلّموا عليه، وأمر أن يقطع لهم من الأرض، وكان يعقوب لمّا دنا من مصر أرسل يهوذا إلى يوسف فخرج إليه يوسف فلقيه فالتزمه وبكى. قال: ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق، قال: (* فلما دخل يعقوب على فرعون، فكلّمه- وكان يعقوب عليه السلام شيخا كبيرا حليما حسن الوجه واللحية، جهير الصوت- فقال له فرعون: كم أتى عليك أيّها الشيخ؟ قال: عشرون ومائة، وكان بمين ساحر فرعون قد وصف صفة يعقوب ويوسف وموسى عليهم السلام فى كتبه، وأخبر أن خراب مصر وهلاك أهلها يكون على أيديهم، ووضع البربايات «2» وصفات من تخرب مصر على يديه فلمّا رأى يعقوب قام إلى مجلسه فكان أوّل ما سأله عنه، أن قال له: من تعبد أيّها الشيخ؟ قال له يعقوب: أعبد الله إله كلّ شىء، فقال له: كيف تعبد ما لا ترى؟ قال له يعقوب: إنه أعظم وأجلّ من أن يراه أحد، قال بمين: فنحن ترى آلهتنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 قال يعقوب: إن آلهتكم من عمل أيدى بنى آدم، من «1» يموت ويبلى، وإنّ إلهى أعظم وأرفع، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد، فنظر بمين إلى فرعون، فقال: هذا الذي يكون هلاك بلادنا على يديه، قال فرعون: أفى أيّامنا أو فى أيّام غيرنا؟ قال: ليس فى أيّامك ولا فى أيّام بنيك، أيّها الملك، قال الملك: هل تجد هذا فيما قضى به إلهكم؟ قال: نعم. قال: فكيف نقدر أن نقتل من يريد إلهه هلاك قومه على يديه! فلا تعبأ بهذا الكلام*) . (2 حدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، حدثنى أبو حفص الكلاعىّ، عن تبيع «3» عن كعب، أن يعقوب عاش فى أرض مصر ست عشرة سنة، فلما حضرته الوفاة قال ليوسف: لا تدفنّى بمصر، وإذا متّ فاحملونى فادفنونى فى مغارة جبل حبرون. وحبرون كما حدثنا أسد، عن خالد، عن الكلبىّ، عن أبى صالح، مسجد إبراهيم عليه السلام اليوم، وبينه وبين بيت المقدس ثمانية عشر ميلا 2) . (* ثم رجع إلى حديث الكلاعىّ، عن تبيع، عن كعب، قال: فلما مات لطخوه بمرّ وصبر. قال غير أسد: وجعلوه فى تابوت من ساج. قال أسد فى حديثه: فكانوا يفعلون ذلك به أربعين يوما حتى كلّم يوسف فرعون وأعلمه أن أباه قد مات، وأنه سأله أن يقبره فى أرض كنعان، فأذن له وخرج معه أشرف «4» أهل مصر حتى دفنه وانصرف. حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عمّن حدّثه، قال: قبر يعقوب بمصر فأقام بها نحوا من ثلاث سنين، ثم حمل إلى بيت المقدس؛ أوصاهم بذلك عند موته*) والله أعلم. ذكر وفاة يوسف (* قال: ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح، قال: ثم مات الريّان بن الوليد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 فملكهم من بعده ابنه دارم بن الريّان. قال غير عثمان: وفى زمانه توفّى يوسف صلوات الله عليه، فلما حضرته الوفاة قال: إنكم ستخرجون من أرض مصر إلى أرض آبائكم، كما حدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، حدثنى أبو حفص الكلاعىّ، عن تبيع، عن كعب، فاحملوا عظامى معكم. فمات فجعلوه «1» فى تابوت ودفنوه*) . حدثنا محمد بن أسعد، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك بن حرب، قال: (2 دفن يوسف صلوات الله عليه فى أحد جانبى النيل فأخصب الجانب الذي كان فيه، وأجدب الآخر، فحوّلوه إلى الجانب الآخر، فأخصب الجانب الذي حوّلوه إليه وأجدب الجانب الآخر؛ فلما رأوا ذلك جمعوا عظامه فجعلوها فى صندوق من حديد، وجعلوا فيه سلسلة، وأقاموا عمودا على شاطئ النيل، وجعلوا فى أصله سكّة من حديد؛ وجعلوا السلسلة فى السكة، وألقوا الصندوق فى وسط النيل، فأخصب الجانبان جميعا 2) . وحدثنا العبّاس بن طالب، حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن يونس، عن الحسن، أن يوسف عليه السلام ألقى فى الجبّ وهو ابن سبع عشرة سنة، ومكث إلى أن لقى يعقوب عليه السلام وأهله ثمانين سنة ثم عاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة، فمات وهو ابن مائة وعشرين سنة ويقال توفّى وهو ابن ثلاثين ومائة سنة. ذكر ملوك مصر بعد زمان يوسف (3 ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره، قال: ثم إنّ دارما طغى بعد يوسف عليه السلام وتكبّر، وأظهر عبادة الأصنام، فركب فى النيل فى سفينة فبعث الله عليه ريحا عاصفا فأغرقته ومن كان معه فيما بين طرا إلى موضع حلوان فملكهم من بعده كاشم بن معدان وكان جبّارا عاتيا 3) . وحدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد لله، عن أبى حفص الكلاعىّ، عن تبيع، عن كعب، قال: لما مات يوسف عليه السلام استعبد أهل مصر بنى إسرائيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 ثم رجع إلى حديث عثمان، قال: ثم هلك كاشم بن معدان، فملكهم بعده فرعون موسى قال غير عثمان: واسمه طلما قبطىّ من قبط مصر. (1 وحدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، قال: سمعت الليث بن سعد وابن لهيعة. أو أحدهما يقول: كان قبطيّا من قبط مصر، يقال له طلما 1) . حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا عبد الله بن أبى فاطمة، عن مشايخه قال: كان من فران بن بلىّ، واسمه الوليد بن مصعب، وكان قصيرا أبرش يطأ فى لحيته. حدثنا سعيد بن عفير، قال: حدثنا عن هانئ بن المنذر أنه كان من العماليق وكان يكنّى بأبى مرّة. وحدثنا يزيد بن أبى سلمة، عن جرير، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النّزال بن سبرة، عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه، قال: كان فرعون أثرم. ويقال بل هو رجل من لخم، والله أعلم، فمن زعم أنّه من العماليق فقد ذكرنا السبب الذي به ملكت العماليق مصر ومن زعم أنه من فران بن بلىّ فإنّ سعيد بن عفير قد حدثنا قال: حدثنا عبد الله بن أبى فاطمة، عن مشايخه، أن ملك مصر توفّى، فتنازع الملك جماعة من أبناء الملك- ولم يكن الملك عهد- ولمّا عظم الخطب بينهم تداعوا إلى الصلح، فاصطلحوا على أن يحكم بينهم أوّل من يطّلع من الفجّ فجّ الجبل، فاطّلع فرعون بين عديلتى نطرون، قد أقبل بهما ليبيعهما، وهو رجل من فران بن بلىّ، فاستوقفوه، وقالوا: إنا قد جعلناك حكما بيننا فيما تشاجرنا فيه من الملك، وآتوه مواثيقهم على الرضا. فلما استوثق منهم، قال: إنى قد رأيت أن أملّك نفسى عليكم؛ فهو أذهب لضغائنكم، وأجمع لأموركم، والأمر من بعد إليكم. فأمّروه عليهم لنفاسة بعضهم بعضا وأقعدوه فى دار الملك بمنف، فأرسل إلى صاحب أمر كلّ رجل منهم، فوعده ومنّاه أن يملّكه على ملك صاحبه، ووعدهم ليلة يقتل فيها كلّ رجل منهم صاحبه، ففعلوا. ودان له أولئك بالربوبيّة، ولم يكن لهم تكبّر الملوك، والله أعلم. فملكهم نحوا من خمسمائة سنة، وكان من أمره وأمر موسى عليه السلام ما قصّ الله تبارك وتعالى من خبرهم فى القرآن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 قال: ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره، قال: فأقام فرعون ملك مصر خمسمائة سنة حتى أغرقه الله تعالى. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا خلّاد بن سليمان الحضرمىّ، قال: سمعت أبا الأشرس يقول: مكث فرعون أربعمائة سنة، الشباب يغدو عليه ويروح. حدثنا أبى، حدثنا خلّاد بن سليمان، قال: سمعت إبراهيم بن مقسم، قال: مكث فرعون أربعمائة سنة لم تصدّع «1» له رأس، وكان يملك فيما يذكر ما بين مصر إلى إفريقية. وكان يقعد على كراسى فرعون، كما حدثنا أسد، عن خالد، عن الكلبىّ عن أبى صالح، عن ابن عبّاس، مائتان عليهم الديباج وأساور الذهب. وقد كان استعمل هامان على الناس، فقال: يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ «2» يعنى أنّ من كلّ سماء إلى سماء سبب، وشغل الله فرعون بالآيات التى جاء بها موسى عليه السلام ولم يبن له هامان الصرح. ذكر حمل عظام يوسف إلى الشام قال: وفى زمانه حملت عظام يوسف عليه السلام من مصر إلى الشأم، وكان سبب حمله فيما حدثنا محمد بن أسعد التغلبىّ، عن أبى الأحوص، عن سماك بن حرب، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أقبل وهو قافل من الشام ومعه زيد بن حارثة، فمر ببيت شعر فرد وقد أمسى فدنا من البيت، فقال: السلام عليكم فردّ ربّ البيت، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ضيف. قال: انزل فبات فى قرّى، فلمّا أصبح وأراد الرحيل قال الشيخ: أصيبوا من بقيّة قراكم، فأصابوا ثم ارتحل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما ظهر أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفتح الله عليه، جاء الشيخ على راحلته حتى أناخ بباب المسجد ثم دخل فجعل يتصفّح وجوه الرجال، فقالوا له: هذاك رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما حاجتك؟ قال: والله ما أدرى، إلّا أنه نزل بى رجل فأكرمت قراه، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «وإنك لفلان؟ قال: نعم. قال: فكيف أمّ فلان؟ قال: بخير. قال: فكيف حالكم؟ قال: بخير، وقد كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له حين ارتحل من عنده: إذا سمعت بنبىّ قد ظهر بتهامة فأته فإنك تصيب منه خيرا، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «تمنّ ما شئت فإنك لن تتمنّى اليوم شيئا إلّا أعطيتكه قال فإنى أسألك ضأنا ثمانين، قال: فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم قال: يا عبد الرحمن بن عوف، قم فأوفها إيّاه، ثم أقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على أصحابه فقال: ما كان أحوج هذا الشيخ إلى أن يكون مثل عجوز موسى، قال: قلنا يا رسول الله، وما عجوز موسى؟ قال: بنت يوسف عمرت حتى صارت عجوزا كبيرة ذاهبة البصر، فلمّا أسرى موسى ببنى إسرائيل غشيتهم ضبابة حالت بينهم وبين الطريق أن يبصروه، وقيل لموسى لن تعبر إلّا ومعك عظام يوسف، قال: ومن يدرى أين موضعها، قالوا: ابنته عجوز كبيرة ذاهبة البصر تركناها فى الديار، قال: فرجع موسى، فلمّا سمعت حسّه قالت: موسى، قال موسى قالت: ما ردّك، قال: أمرت أن أحمل عظام يوسف، قالت: ما كنتم لتعبروا إلا وأنا معكم، قال: دلّينى على عظام يوسف، قالت: لا أفعل إلّا أن «1» تعطينى ما سألتك قال: فلك ما سألت، قالت: خذ بيدى، فأخذ بيدها فانتهت به إلى عمود على شاطئ النيل فى أصله سكّة من حديد موتّدة فيها سلسلة، فقالت: إنا كنّا دفنّاه من ذلك الجانب فأخصب ذلك الجانب وأجدب ذا الجانب، فحوّلناه الى هذا الجانب فأخصب هذا الجانب وأجدب ذاك «2» ، فلما رأينا ذلك، جمعنا عظامه فجعلناها فى صندوق من حديد وألقيناها فى وسط النيل، فأخصب الجانبان جميعا قال: فحمل الصندوق على رقبته وأخذ بيدها فألحقها بالعسكر، وقال لها: سلى ما شئت، قالت: فإنى أسأل أن أكون أنا وأنت فى درجة واحدة فى الجنّة، ويردّ علىّ بصرى وشبابى حتّى أكون شابّة كما كنت، قال: فلك ذلك. حدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، عن الكلبىّ، عن أبى صالح عن ابن عبّاس، قال: كان يوسف عليه السلام قد عهد عند موته أن يخرجوا بعظامه معهم من مصر، قال: فتجهّز القوم وخرجوا فتحيّروا، فقال لهم موسى: إنما تحيّركم هذا من أجل عظام يوسف، فمن يدلّنى عليها؟ فقالت عجوز يقال لها سارح ابنة آشر بن يعقوب: أنا رأيت عمّى- تعنى يوسف حين دفن- فما تجعل لى إن دللتك عليه؟ قال: حكمك، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 قال: فدلّته عليها فأخذ عظام يوسف ثم قال: احتكمى، قالت أكون معك حيث كنت فى الجنّة. حدثنا عثمان بن صالح، أخبرنى ابن لهيعة عمن حدّثه قال: قبر يوسف عليه السلام بمصر فأقام بها نحوا من ثلاثمائة سنة، ثم حمل إلى بيت المقدس. ذكر خروج بنى إسرائيل من مصر قال ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره، قال: ثم غرّق الله فرعون وجنوده فى اليمّ حين أتبع بنى إسرائيل وغرّق معه من أشراف أهل مصر وأكابرهم ووجوههم أكثر من ألفى ألف. قال وكان سبب إتباع فرعون بنى إسرائيل كما حدثنا أسد بن موسى، عن خالد ابن عبد الله، عن الكلبىّ، عن أبى صالح، عن ابن عبّاس، أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى عليه السلام أن أسر بعبادى، قال: وكان بنو إسرائيل استعاروا من قوم فرعون حليا وثيابا، وقالوا: إن لنا عيدا نخرج إليه، فخرج بهم موسى ليلا وهم ستّمائة ألف وثلاثة آلاف ونيّف ليس فيهم ابن ستّين ولا ابن عشرين سنة، فذلك قول فرعون إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ، وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ «1» . حدثنا أسد، حدثنا المسعودىّ، عن أبى إسحاق، عن أبى عبيدة، قال: خرجوا من مصر وهم ستّمائة ألف وسبعون ألفا، فقال فرعون: إن هؤلاء لشرذمة قليلون. قال: ثم رجع إلى حديث أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، عن الكلبىّ، عن أبى صالح، عن ابن عبّاس، قال: وخرج فرعون ومعه خمسمائة ألف سوى المجنّبتين والقلب. قال خالد: وحدثنا أبو سعيد، عن عكرمة قال: لم يخرج فرعون من زاد على الأربعين ولا دون العشرين، فذلك قول الله عزّ وجلّ: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ «2» يعنى استخف قومه فى طلب موسى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 قال: وكان بنو إسرائيل كما حدثنا عبد الله بن صالح، عن موسى بن علىّ، عن أبيه، إنّ بنى إسرائيل كانوا الربع من آل فرعون. حدثنا أسد، حدثنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: خرج موسى صلّى الله عليه وسلم ببنى إسرائيل فلما أصبح فرعون أمر بشاة فأتى بها فأمر بها تذبح ثم قال: لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع عندى خمسمائة ألف من القبط فاجتمعوا إليه، فقال لهم فرعون: إنّ هؤلاء لشرذمة قليلون، وكان أصحاب موسى عليه السلام ستّمائة ألف وسبعين الفا. قال فسلك موسى وأصحابه طريقا يابسا فى البحر فلما خرج آخر أصحاب موسى وتكامل آخر أصحاب فرعون. اضطرم عليهم البحر فما رئى سواد أكثر «1» من يومئذ، وغرق فرعون فنبذ على ساحل البحر حتى ينظروا اليه. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا خالد بن عبد الله، عن الكلبىّ، عن أبى صالح عن ابن عبّاس قال: لما انتهى موسى إلى البحر أقبل يوشع بن نون على فرسه فمشى على الماء وأقحم غيره خيولهم فرسبوا فى الماء، وخرج فرعون فى طلبهم حين أصبح وبعد ما طلعت الشمس، فذلك قوله عزّ وجلّ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ «2» فدعا موسى عليه السلام ربّه عزّ وجلّ، فغشيتهم ضبابة حالت بينهم وبينه وقيل له اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ ففعل فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ «3» يعنى الجبل، فانفلق فيه اثنا عشر طريقا، فقالوا: إنّا نخاف أن توحّل فيه الخيل، فدعا موسى ربّه فهبّت عليهم الصبا فجفّ، فقالوا: إنّا نخاف أن يغرق منّا ولا نشعر، فقال بعصاه فثقب الماء، فجعل بينهم كوّى حتى يرى بعضهم بعضا ثم دخلوا حتى جاوزوا البحر، وأقبل فرعون حتى انتهى إلى الموضع الذي عبر منه موسى وطرقه على حالها، فقال له أدلاؤه: إنّ موسى قد سحر البحر حتى صار كما ترى، وهو قوله وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً «4» يعنى كما هو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا معاوية بن صالح، عن علىّ بن أبى طلحة، عن ابن عبّاس فى قوله: رهوا قال: سمتا. (1 حدثنا حفص بن عمر العدنىّ، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: طريقا 1) . حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى صخر عن محمد بن كعب القرظىّ، قال: طريقا مفتوحا. حدثنا أبو سهل أحمد بن عبد الرحيم، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا إسرائيل، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، قال: مفتوحا. وحدّثنا عن سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة، عن الحسن، قال: سهلا دمثا. قال وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الرهو، السهل. ثم رجع إلى حديث أسد، عن خالد بن عبد الله، عن الكلبىّ، عن أبى صالح، عن ابن عبّاس، فخذ هاهنا حتى نلحقهم «2» ، وهو مسيرة ثلاثة أيام فى البرّ وكان فرعون يومئذ على حصان، وأقبل جبريل عليه السلام على فرس أنثى فى ثلاثة وثلاثين من الملائكة فتفرقّوا فى الناس، وتقدّم جبريل عليه السلام فسار بين يدى فرعون وتبعه فرعون وصاحت الملائكة فى الناس، الحقوا الملك، حتى إذا دخل آخرهم ولم يخرج أوّلهم التقى البحر عليهم فغرقوا، فسمع بنو إسرائيل وجبة حين التقى فقالوا: ما هذا؟ قال موسى: غرق فرعون وأصحابه، فرجعوا ينظرون فألقاهم البحر على الساحل. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا الحسن بن بلال، عن حمّاد بن سلمة، عن علىّ بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاس، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لما أغرق «3» الله آل فرعون، قال فرعون: آمنت بالذى آمنت به بنو اسرائيل، قال جبريل: يا محمد، لو رأيتنى وأنا آخذ من حال البحر فأدسّه فى فى فرعون مخافة أن تدركه الرحمة. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا أبو علىّ، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 السائب، عن مجاهد، قال: كان جبريل بين بنى إسرائيل وبين آل فرعون، فجعل يقول لبنى إسرائيل: ليلحق آخركم بأوّلكم، ويستقبل آل فرعون فيقول: رويدكم ليلحقكم آخركم، فقالت بنو إسرائيل: ما رأينا سائقا «1» أحسن سياقا «2» من هذا. وقال آل فرعون: ما رأينا وازعا أحسن زعة من هذا، فلما انتهى موسى وبنو إسرائيل إلى البحر، قال مؤمن آل فرعون: يا نبىّ الله، أين أمرت، هذا البحر أمامك وقد غشينا آل فرعون، فقال: أمرت بالبحر، فأقحم مؤمن آل فرعون فرسه فردّه التيّار فقال: يا نبىّ الله، أين أمرت؟ فقال: بالبحر، قال: فأقحم أيضا فرسه فردّه التيّار، فجعل موسى عليه السلام لا يدرى كيف يصنع، وكان الله عزّ وجلّ قد أوحى إلى البحر أن أطع موسى، وآية «3» ذاك إذا ضربك بعصاه. قال ثم رجع إلى حديث أسد، عن خالد، عن الكلبىّ، عن أبى صالح، عن ابن عبّاس، قال: وخرج فرعون ومقدّمته خمسمائة ألف سوى المجنّبتين والقلب. (* قال خالد: وحدثنا أبو سعيد، عن عكرمة قال: لم يخرج مع فرعون من زاد على أربعين سنة ومن دون العشرين، وذاك قوله تبارك وتعالى: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ «4» يعنى استخفّ قومه فى طلب موسى. قال: وحدثنا أسد عن إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: خرج موسى ببنى إسرائيل، فلما أصبح فرعون أمر بشاة فأتى بها فأمر بها تذبح، ثم قال: لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع عندى خمسمائة ألف فارس من القبط فاجتمعوا إليه، فقال لهم فرعون: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ «5» وكان أصحاب موسى ستّمائة ألف وسبعين ألفا. قال: فسلك موسى وأصحابه طريقا يابسا فى البحر، فلما خرج آخر أصحاب موسى وتكامل آخر أصحاب فرعون اضطرم عليهم البحر، فما رئى سواد أكثر من يومئذ. قال: وغرق فرعون فنبذ على ساحل البحر حتى نظروا اليه*) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 ويقال أن موسى عليه السلام قتل عوجا بمصر. حدثنا عمرو بن خالد، حدثنا زهير بن معاوية، حدثنا أبو إسحاق، قال زهير: أراه عن نوف، قال: كان طول سرير عوج الذي قتله موسى ثمانمائة ذراع وعرضه أربعمائة، وكانت عصا موسى عليه السلام عشرة أذرع، ووثبته حين وثب إليه عشرة أذرع، وطول موسى كذا وكذا، فضربه فأصاب كعبه، فخرّ على نيل مصر، فجسّره للناس عاما يمرّون على صلبه وأضلاعه. ذكر الملكة دلوكة قال ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره، قال: فبقيت مصر بعد غرقهم ليس فيها من أشراف أهلها أحد، ولم يبق بها الّا العبيد والأجراء والنساء، فأعظم أشراف من بمصر من النساء أن يولّين منهم أحدا، وأجمع «1» رأيهنّ أن يولّين امرأة منهنّ يقال لها دلوكة بنت زبّاء، وكان لها عقل ومعرفة وتجارب، وكانت فى شرف منهنّ وموضع، وهى يومئذ بنت مائة سنة وستّين سنة، فملّكوها، فخافت أن يتناولها ملوك الأرض فجمعت نساء الأشراف، فقالت لهنّ: إنّ بلادنا لم يكن يطمع فيها أحد، ولا يمدّ عينه إليها، وقد هلك أكابرنا وأشرافنا، وذهب السحرة الذين كنّا نقوى بهم، وقد رأيت أن أبنى حصنا أحدق به جميع بلادنا، فأضع «2» عليه المحارس من كلّ ناحية، فإنّا لا نأمن أن يطمع فينا الناس، فبنت جدارا أحاطت به على جميع أرض مصر كلّها المزارع والمدائن والقرى، وجعلت دونه خليجا يجرى فيه الماء، وأقامت القناطر والترع، وجعلت فيه محارس ومسالح على كلّ ثلاثة أميال محرس ومسلحة، وفيما بين ذلك محارس صغار على كلّ ميل، وجعلت فى كلّ محرس رجالا، وأجرت عليهم الأرزاق، وأمرتهم أن يحرسوا «3» بالأجراس، فإذا أتاهم أحد يخافونه ضرب بعضهم إلى بعض بالأجراس، فأتاهم الخبر من أىّ وجه كان فى ساعة واحدة، فنظروا فى ذلك فمنعت بذلك مصر ممّن أرادها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 قال عثمان: وفرغت من بنائه فى ستّة أشهر، وهو الجدار الذي يقال له جدار العجوز بمصر، وقد بقيت بالصعيد منه (بقايا كثيرة «1» ) . ذكر عمل البرابى قال عثمان بن صالح فى حديثه: (2 وكان ثمّ عجوز ساحرة، يقال لها تدورة وكانت السحرة تعظمها وتقدّمها فى علمهم وسحرهم، فبعثت إليها دلوكة ابنة زبّا: إنّا قد احتجنا إلى سحرك، وفزعنا إليك، ولا نأمن أن يطمع فينا الملوك، فاعملى لنا شيئا نغلب به من حولنا، فقد كان فرعون يحتاج إليك، فكيف وقد ذهب أكابرنا وبقى أقلّنا. فعملت بربى من حجارة فى وسط مدينة منف، وجعلت له أربعة أبواب كلّ باب منها إلى جهة القبلة، والبحر والغرب والشرق، وصوّرت فيه صور الخيل والبغال والحمير والسفن والرجال، وقالت لهم: قد عملت لكم عملا يهلك به كلّ من أرادكم من كلّ جهة تؤتون منها برّا أو بحرا، وهذا ما يغنيكم عن الحصن ويقطع عنكم مئونته، فمن أتاكم من أىّ جهة، فإنّهم إن كانوا فى البرّ على خيل أو بغال أو إبل أو فى سفن أو رجّالة تحرّكت هذه الصور من جهتهم التى يأتون منها فما فعلتم بالصور من شىء أصابهم ذلك فى أنفسهم على ما تفعلون بهم. فلما بلغ الملوك حولهم أنّ أمرهم قد صار إلى ولاية النساء، طمعوا فيهم، وتوجّهوا إليهم، فلما دنوا من عمل مصر، تحرّكت تلك الصور التى فى البربى فطفقوا لا يهيّجون تلك الصور بشىء ولا يفعلون بها شيئا إلّا أصاب ذلك الجيش الذي أقبل إليهم مثله، إن كانت خيلا فما فعلوا بتلك الخيل المصوّرة فى البربى من قطع رءوسها أو سوقها أو فقء أعينها، أو بقر بطونها أثر مثل ذلك بالخيل التى أرادتهم. وإن كانت سفنا أو رجّالة فكمثل ذلك، وكانوا أعلم الناس بالسحر وأقواهم عليه، وانتشر ذلك فتناذرهم الناس 2) . ذكر ملوك مصر بعد العجوز دلوكة (* وكان نساء أهل مصر حين غرق من غرق منهم مع فرعون من أشرافهم ولم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 يبق إلّا العبيد والأجراء لم يصبرن عن الرجال فطفقت المرأة تعتق عبدها وتتزوّجه، وتتزوّج الأخرى أجيرها، وشرطن على الرجال ألا يفعلوا شيئا إلّا بإذنهنّ فأجابوهنّ إلى ذلك؛ فكان أمر النساء على الرجال. قال عثمان: فحدّثنى ابن لهعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن القبط على ذلك إلى اليوم، اتّباعا لمن مضى منهم؛ لا يبيع أحدهم ولا يشترى إلّا قال: أستأمر امرأتى. فملكتهم دلوكة بنت زبّا عشرين سنة تدبّر أمرهم بمصر، حتى بلغ صبىّ من أبناء أكابرهم وأشرافهم يقال له دركون بن بلوطس، فملّكوه عليهم، فلم تزل مصر ممتنعة بتدبير تلك العجوز نحوا من أربعمائة سنة. قال ثم مات دركون بن بلوطس، فاستخلف ابنه بودس بن دركون، ثم توفّى بودس بن دركون، فاستخلف أخاه لقاس بن تدارس، فلم يمكث إلّا ثلاث سنين حتى مات، ولم يترك ولدا فاستخلف أخاه مرينا بن مرينوس. قال ثم توفّى مرينا بن مرينوس، فاستخلف استمارس بن مرينا، فطغى وتكبّر وسفك الدم، وأظهر الفاحشة، فأعظموا ذلك، وأجمعوا على خلعه فخلعوه، وقتلوه وبايعوا رجلا من أشرافهم يقال له بلوطس بن مناكيل، فملكهم أربعين سنة، ثم توفّى بلوطس بن مناكيل، فاستخلف ابنه مالوس بن بلوطس. ثم توفّى مالوس بن بلوطس، فاستخلف أخاه مناكيل بن بلوطس بن مناكيل فملكهم زمانا ثم توفّى، فاستخلف ابنه بولة بن مناكيل، فملكهم مائة سنة وعشرين، وهو الأعرج الذي سبى ملك بيت المقدس، وقدم به إلى مصر، وكان بولة قد تمكّن فى البلاد، وبلغ مبلغا لم يبلغه أحد ممّن كان قبله بعد فرعون، وطغى فقتله الله تعالى، صرعته دابّته، فدقّت عنقه فمات. حدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، حدثنا الكلاعىّ، عن تبيع، عن كعب، قال: لمّا مات سليمان بن داود عليه السلام ملك بعده مرحب عمّ سليمان فسار إليه ملك مصر، فقاتله، وأصاب الأترسة الذهب التى عملها سليمان عليه السلام، فذهب بها*) . وأخبرنى شيخ من أهل مصر من أهل العلم أن المخلوع الذي خلعه أهل مصر إنما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 هو بولة، وذلك أنه دعا الوزراء ومن كانت الملوك قبله تجرى عليهم «1» الأرزاق والجوائز، فكأنّه استكثر ذلك، فقال لهم: إنى أريد أن أسألكم عن أشياء فإن أخبرتمونى بها زدت فى أرزاقكم ورفعت من أقداركم، وإن أنتم لم تخبرونى بها ضربت أعناقكم، فقالوا له: سلنا عمّ شئت، فقال لهم: أخبرونى ما يفعل الله تبارك وتعالى فى كلّ يوم، وكم عدد نجوم السماء وكم مقدار ما تستحقّ الشمس فى كلّ يوم على ابن آدم، فاستأجلوه فأجّلهم فى ذلك شهرا، فكانوا يخرجون فى كلّ يوم إلى خارج مدينة منف فيقفون فى ظلّ قرموس يتباحثون ما هم فيه ثم يرجعون وصاحب القرموس ينظر اليهم، فأتاهم ذات يوم فسألهم عن أمرهم فأخبروه، فقال لهم: عندى علم ما تريدون إلّا أن لى قرموسا لا أستطيع أن اعطّله، فليقعد رجل منكم مكانى يعمل فيه وأعطونى دابّة كدوابّكم وألبسونى ثيابا كثيابكم ففعلوا وكان فى المدينة ابن لبعض ملوكهم قد ساءت حالته فأتاه القرموسىّ فسأله القيام بملك أبيه وطلبه فقال: ليس يخرج هذا يريد الملك من مدينة منف، فقال: أنا أخرجه لك، وجمع له مالا، ثم أقبل القرموسىّ حتى دخل على بولة، فأخبره أن عنده علم ما سأل عنه، فقال له: أخبرنى كم عدد نجوم السماء؟ فأخرج القرموسىّ جرابا «2» من رمل «3» كان معه فنثره بين يديه، وقال له: مثل عدد هذا، قال: وما يدريك؟ قال: مر من يعدّه، قال: فكم مقدار ما تستحقّ الشمس كلّ يوم على ابن آدم؟ قال: قيراطا، لأنّ العامل يعمل يومه إلى الليل فيأخذ ذلك فى أجرته، قال: فما يفعل الله عزّ وجلّ كلّ يوم؟ قال له: أريك ذلك غدا، فخرج معه حتى أوقفه على أحد وزرائه الذي أقعده القرموسىّ مكانه، فقال له: يفعل الله عزّ وجلّ كلّ يوم أن يذلّ قوما ويعزّ قوما ويميت قوما، ومن ذلك أن هذا وزير من وزرائك قاعد يعمل على قرموس، وأنا صاحب قرموس على دابّة من دوابّ الملوك، وعلىّ لباس من لباسهم أو كما قال له، وأنّ فلان بن فلان قد أغلق عليك مدينة منف، فرجع مبادرا فإذا مدينة منف قد أغلقت، ووثبوا مع الغلام على بولة فخلعوه فوسوس فكان يقعد على باب مدينة منف يوسوس ويهذى فذلك قول القبط إذا كلّم أحدهم بما لا يريد قال: شجناك من بولة، يريد بذلك الملك لوسوسته. والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 «1» قال ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال: ثم استخلف مرينوس بن بولة فملكهم زمانا ثم توفّى، واستخلف ابنه قرقورة بن مرينوس، فملكهم ستّين سنة ثم توفّى واستخلف أخاه لقاس بن مرينوس؛ وكان كلّما انهدم من ذلك البربى الذي فيه الصور شىء لم يقدر أحد على إصلاحه إلّا تلك العجوز وولدها وولد ولدها وكانوا أهل بيت لا يعرف ذلك غيرهم فانقطع أهل ذلك البيت وانهدم من البربى موضع فى زمان لقاس بن مرينوس فلم يقدر أحد على إصلاحه ومعرفة علمه وبقى على حاله وانقطع ما كانوا يقهرون به الناس وبقوا كغيرهم إلّا أنّ الجمع كثير والمال عندهم. ذكر دخول بخت نصّر مصر قال ثم توفّى لقاس، واستخلف ابنه قومس «2» بن لقاس، فملكهم دهرا. فلما قدم بخت نصّر بيت المقدس كما حدثنا وثيمة بن موسى وغيره وظهر على بنى إسرائيل وسباهم، وخرج بهم إلى أرض بابل، أقام إرميا بإيلياء وهى خراب ينوح عليها ويبكى؛ فاجتمع إلى إرميا بقايا من بنى إسرائيل كانوا متفرقين حين بلغهم مقامه بإيلياء، فقال لهم إرميا: أقيموا بنا فى أرضنا لنستغفر الله، ونتوب إليه، لعلّه يتوب علينا، فقالوا: إنّا نخاف أن يسمع بنا بخت نصّر، فيبعث إلينا، ونحن شرذمة قليلون؛ ولكنّا نذهب إلى ملك مصر فنستجير به، وندخل فى ذمّته، فقال لهم إرميا: ذمّة الله عزّ وجلّ أوفى الذمم لكم، ولا يسعكم أمان أحد من الأرض، إن أخافكم فانطلق أولئك النفر من بنى إسرائيل إلى قومس بن لقاس واعتصموا به لما يعلمون من منعته، وشكوا إليه شأنهم، فقال: أنتم فى ذمّتى، فأرسل إليه بخت نصّر إنّ لى قبلك عبيدا أبقوا منى، فابعث بهم إلىّ. فكتب إليه قومس ما هم بعبيدك؛ هم أهل النبوّة والكتاب وأبناء الأحرار، اعتديت عليهم وظلمتهم «3» ؛ فحلف بخت نصّر لئن لم يردّهم ليغزون «4» بلاده، وألحّا جميعا، وأوحى الله إلى إرميا إنّى مظهر بخت نصّر على هذا الملك الذي اتّخذوه حرزا، وإنهم لو أطاعوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 أمرك ثم أطبقت عليهم السماء والأرض، لجعلت لهم من بينهما مخرجا، وإنى أقسم بعزّتى لأعلّمنّهم أنه ليس لهم محيص «1» ولا ملجأ إلّا طاعتى واتّباع أمرى، فلما سمع بذلك إرميا رحمهم، وبادر إليهم فقال: إن لم تطيعونى أسركم بخت نصّر وقتلكم، وآية ذلك أنى رأيت موضع سريره الذي يضعه بعد ما يظفر بمصر ويملكها. ثم عمد فدفن أربعة أحجار فى الموضع الذي يضع فيه بخت نصّر سريره، وقال: يقع كلّ قائمة من سريره على حجر منها، فلجّوا فى رأيهم، فسار بخت نصّر إلى قومس بن لقاس ملك مصر فقاتله سنة، ثم ظفر بخت نصّر، فقتل قومس وسبى جميع أهل مصر، وقتل من قتل. فلما أراد قتل من أسر منهم وضع له سريره فى الموضع الذي وصف إرميا ووقعت كلّ قائمة من سريره على حجر من تلك الحجارة التى دفن؛ فلما أتى بالأسارى، أتى معهم إرميا. فقال له بخت نصّر: ألا أراك مع أعدائى بعد أن أمنتك وأكرمتك! فقال له إرميا: إنّما جئتهم محذّرا، وأخبرتهم خبرك، وقد وضعت لهم علامة تحت سريرك، وأريتهم موضعه؛ قال بخت نصّر: وما مصداق ذلك قال إرميا ارفع سريرك فإنّ تحت كلّ قائمة منه حجرا دفنته، فلما رفع سريره وجد مصداق ذلك، فقال لأرميا لو أعلم أن فيهم خيرا لوهبتهم لك. فقتلهم وأخرب مدائن مصر وقراها، وسبى جميع أهلها، ولم يترك بها أحدا حتى بقيت مصر أربعين سنة خرابا ليس فيها ساكن؛ يجرى نيلها، ويذهب لا ينتفع به. فأقام إرميا بمصر واتّخذ بها جنينة وزرعا «2» يعيش به. فأوحى إليه: إنّ لك عن الزرع والمقام بمصر شغلا، فكيف تسعك أرض وأنت تعلم سخطى على قومك، فالحق بإيليا حتى يبلغ كتابى أجله. فخرج منها أرميا حتى أتى بيت المقدس، ثم إن بخت نصّر ردّ أهل مصر إليها بعد أربعين سنة، فعمروها، فلم تزل مصر مقهورة من يومئذ. وحدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود، قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قبيل عن عبد الرحمن بن غنم الأشعرىّ، أنه قدم من الشأم إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فقال له عبد الله بن عمرو، ما أقدمك إلى بلادنا؟ قال: أنت، قال: لماذا؟ قال: كنت تحدّثنا أن مصر أسرع الأرضين خرابا، ثم أراك قد اتّخذت فيها الرباع وبنيت فيها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 القصور واطمأننت فيها، فقال: إن مصر قد أوفت خرابها حطمها «1» بخت نصّر فلم يدع فيها الّا السباع والضباع، وقد مضى خرابها، فهى اليوم أطيب الأرضين ترابا وأبعده خرابا، ولن تزال فيها بركة ما دام فى شىء من الأرضين بركة. (* وحدثنا عبد الله بن صالح، حدثنى الليث بن سعد، عن أبى قبيل نحوه قال: فزعم بعض مشايخ أهل مصر أن الذي كان يعمل به بمصر على عهد ملوكها، أنهم كانوا يقرّون القرى فى أيدى أهلها، كلّ قرية بكراء معلوم، لا ينقض عليهم إلّا فى كلّ أربع سنين من أجل الظمأ وتنقّل اليسار؛ فإذا مضت أربع سنين نقض «2» ذلك، وعدّل تعديلا جديدا، فيرفق بمن استحقّ «3» الرفق، ويزاد على من يحتمل «4» الزيادة، ولا يحمّل عليهم من ذلك ما يشقّ عليهم؛ فإذا جبى الخراج وجمع، كان للملك من ذلك الربع خالصا لنفسه يصنع به «5» ما يريد، والربع الثانى لجنده ومن يقوى به على حربه وجباية خراجه ودفع عدوّه، والربع الثالث فى مصلحة الأرض وما يحتاج إليه من جسورها وحفر خلجها، وبناء قناطرها؛ والقوّة للمزارعين على زرعهم، وعمارة أرضهم، والربع الرابع يخرج منه ربع ما يصيب كلّ قرية من خراجها فيدفن ذلك فيها لنائبة تنزل، أو جائحة بأهل القرية؛ فكانوا على ذلك. وهذا الربع الذي يدفن فى كلّ قرية من خراجها، هى كنوز فرعون التى تتحدّث الناس بها أنها ستظهر، فيطلبها الذين يتبعون الكنوز*) . وحدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قبيل قال: (* خرج وردان من عند مسلمة بن مخلّد وهو أمير على مصر- فمرّ على عبد الله بن عمرو مستعجلا، فناداه: أين تريد يا أبا عبيد؟ قال: أرسلنى الأمير مسلمة أن آتى منف فأحفر له عن كنز فرعون. قال: فارجع إليه، وأقرئه منّى السلام وقل له: إن كنز فرعون ليس لك ولا لأصحابك، إنما هو للحبشة، إنهم يأتون فى سفنهم يريدون الفسطاط، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 فيسيرون حتى ينزلوا منف، فيظهر لهم كنز فرعون، فيأخذون منه ما يشاءون، فيقولون: ما نبتغى غنيمة أفضل من هذه، فيرجعون، ويخرج المسلمون فى آثارهم فيدركونهم فيقتتلون فتهزم الحبش فيقتلهم المسلمون ويأسرونهم؛ حتى إن الحبشىّ ليباع بالكساء*) . ذكر ظهور الروم وفارس على مصر قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره، قال: (* ثم ظهرت الروم وفارس على سائر الملوك الذين فى وسط الأرض، فقاتلت الروم أهل مصر ثلاث سنين يحاصرونهم، وصابروهم القتال فى البرّ والبحر، فلما رأى ذلك أهل مصر صالحوا الروم، على أن يدفعوا إليهم شيئا مسمّى فى كلّ عام، على أن يمنعوهم ويكونوا فى ذمّتهم. ثم ظهرت فارس على الروم، فلما غلبوهم على الشام، رغبوا فى مصر، وطمعوا فيها، فامتنع أهل مصر، وأعانتهم الروم، وقامت دونهم، وألحّت عليهم فارس، فلما خشوا ظهورهم عليهم صالحوا فارس، على أن يكون ما صالحوا به الروم بين الروم وفارس، فرضيت الروم بذلك حين خافت ظهور فارس عليها فكان ذلك الصلح على أهل مصر. وأقامت مصر بين الروم وفارس نصفين سبع سنين، ثم استجاشت الروم، وتظاهرت على فارس، وألحّت بالقتال والمدد، حتى ظهروا عليهم وخربوا مصانعهم «1» أجمع، وديارهم التى بالشام ومصر، وكان ذلك فى عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقبل وفاته، وبعد ظهور الإسلام، فصارت الشام كلّها وصلح أهل مصر كلّه خالصا للروم، ليس لفارس فى شىء من الشام ومصر شىء*) . وحدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب قال: كان المشركون يجادلون المسلمين بمكّة فيقولون: الروم أهل كتاب وقد غلبتهم المجوس وأنتم تزعمون إنكم ستغلبون بالكتاب الذي معكم الذي أنزل على نبيّكم فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم فأنزل الله تبارك وتعالى الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ «1» قال ابن شهاب: وأخبرنى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه قال: لمّا أنزلت هاتان الآيتان ناحب أبو بكر بعض المشركين قبل أن يحرّم القمار على شىء إن لم تغلب الروم فارس فى سبع سنين فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لم فعلت؟ فكلّ ما دون العشر بضع، فكان ظهور فارس على الروم فى سبع سنين، ثم أظهر الله الروم على فارس زمان الحديبية ففرح المسلمون «2» بنصر أهل الكتاب. قال غير عثمان بن صالح، عن الليث بن سعد (3 وكانت الفرس قد أسّست بناء الحصن الذي يقال له باب اليون وهو الحصن الذي بفسطاط مصر اليوم فلما انكشفت جموع فارس عن الروم وأخرجتهم الروم من الشام، أتمّت الروم بناء ذلك الحصن وأقامت به، فلم تزل مصر فى ملك الروم حتى فتحها الله تعالى على المسلمين 3) . وحدثنا سعيد بن تليد، عن ابن وهب، حدثنا ابن لهيعة، قال: يقال فارس والروم قريش العجم. ذكر انكشاف فارس عن الروم قال: وكان سبب انكشاف فارس عن الروم كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الهقل بن زياد، عن معاوية بن يحيى الصدفّى، قال: حدثنى الزهرىّ، قال: حدثنى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن ابن عبّاس أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب رضى الله عنه يسأل الهرمزان عظيم الأهواز عن الذي كان سبب انكشاف فارس عنهم، فقال له الهرمزان: كان كسرى بعث شهربراز وبعث معه جنود فارس قبل الشام ومصر، وخرّب عامّة حصون الروم وطال زمانه بالشام ومصر وتلك الأرض، فطفق كسرى يستبطئه ويكتب إليه: إنك لو أردت أن تفتح مدينة الروم فتحتها، ولكنك قد رضيت بمكانك وأردت طول الاستيطان «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وكتب إلى عظيم من عظماء فارس مع شهربراز يأمره أن يقتل شهربراز ويتولّى أمر الجنود، فكتب إليه ذلك العظيم يذكر أن شهربراز جاهد «1» ناصح، وأنه أبلى «2» بالحرب منه. قال: فكتب إليه كسرى يعزم عليه ليقتلنّه، فكتب إليه أيضا يراجعه ويقول: إنه ليس لك عبد مثل شهربراز وأنك لو تعلم ما يدارى من مكايدة «3» الروم عذرته. فكتب إليه كسرى يعزم عليه ليقتلنّه وليتولّى أمر الجنود، فكتب إليه أيضا يراجعه، فغضب كسرى، وكتب إلى شهربراز يعزم عليه ليقتلنّ ذلك العظيم فأرسل شهربراز إلى ذلك العظيم من فارس، فأقرأه كتاب كسرى فقال له: راجع فىّ قال: قد علمت أن كسرى لا يراجع، وقد علمت حسن صحابتى إيّاك ولكن جاءنى ما لا أستطيع تركه، فقال له ذلك الرجل: ولا آتى أهلى، فآمر فيهم بأمرى، وأعهد إليهم عهدى؟ قال: بلى، وذلك الذي أملك لك، فانطلق حتى أتى أهله، فأخذ صحائف كسرى الثلاث التى كتب إليه «4» ، فجعلها فى كمّه، ثم جاء حتى دخل على شهربراز، فدفع إليه الصحيفة الأوّلة فقرأها شهربراز، فقال له: أنت خير منّى ثم دفع إليه الصحيفة الثانية فاقترأها فنزل عن مجلسه، وقال له: اجلس عليه، فأبى أن يفعل، فدفع إليه الصحيفة الثالثة، فقرأها، فلم يفرغ شهربراز من قراءتها حتى قال: أقسم بالله لأسوءنّ كسرى، وأجمع المكر بكسرى. وكاتب هرقل، فذكر له أن كسرى قد أفسد، وجهّز بعوثا وابتليت بطول ملكه، وسأله أن يلقاه بمكان نصف يحكمان الأمر فيه، ويتعاهدان فيه، ثم يكشف عنه جنود فارس، ويخلّى بينه وبين المسّير إلى كسرى. فلما جاء هرقل كتاب شهربراز، دعا رهطا من عظماء الروم فقال لهم: اجلسوا أنا اليوم أحزم الناس، أو أعجز الناس، قد أتانى ما لا تحسبونه وسأعرضه «5» عليكم، فأشيروا علىّ فيه. ثم قرأ عليهم كتاب شهربراز، فاختلفوا عليه فى الرأى، فقال بعضهم: هذا مكر من قبل كسرى. وقال بعضهم: أراد هذا العبد أن يلقاك، وخاف من كسرى فيستغيث، ثم «6» لا يبالى ما لقى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 قال هرقل: إنّ هذا الرأى ليس حيث ذهبتم إليه، إنه ما طابت نفس كسرى أن يشتم هذا الشتم الذي أجد فى كتاب شهربراز، وما كان شهربراز ليكتبه «1» إلىّ بهذا وهو ظاهر على عامّة ملكى إلّا من أمر حدث بينه وبين كسرى، وإنى والله لألقينّه. فكتب إليه هرقل، قد بلغنى كتابك، وفهمت الذي ذكرت، وإنى لاقيك فموعدك بموضع كذا وكذا فاخرج معك بأربعة آلاف من أصحابى، فإنى خارج بمثلهم، فإذا بلغت موضع كذا وكذا فضع ممن معك خمسمائة، فإنى سأضع بمكان كذا وكذا، مثلهم، ثم ضع بمكان كذا وكذا مثلهم حتى نلتقى أنا وأنت فى خمسمائة خمسمائة. وبعث هرقل الرسل من عنده إلى شهربراز، إن تمّ له يرسل إليه، وإن أبى ذلك عجلوا إليه فى كتاب، فرأى رأيه ففعل ذلك. وسار هرقل فى أربعة آلاف التى خرج فيها، لا يضع منهم أحدا حتى التقيا بالموضع، ومع هرقل أربعة آلاف ومع شهربراز خمسمائة، فلما رآهم شهربراز أرسل إلى هرقل، أغدرت؟ فأرسل إليه هرقل، لم أغدر، ولكنى خفت الغدر من قبلك وأمر «2» هرقل بقبّة من ديباج، فضربت له بين الصفّين، فنزل هرقل فدخلها، ودخل بترجمان معه. وأقبل شهربراز حتى دخل عليه، فانتجى بينهما الترجمان حتى أحكما أمرهما واستوثق أحدهما من صاحبه بالعهود والمواثيق حتى فرغا من أمرهما. فخرج هرقل وأشار إلى شهربراز بأن يقتل الترجمان لكى يخفى له السرّ فقتله شهربراز، ثم انكشف شهربراز، فجيّش الجيوش، وسار هرقل إلى كسرى حتى أغار عليه ومن بقى معه، فكان ذلك أوّل هلكة كسرى، ووفى هرقل لشهربراز بما أعطاه من ترك أرض فارس، وانكشف حين أفسد أرض فارس على كسرى، فقتلت فارس كسرى ولحق شهربراز بفارس والجنود «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 ذكر بناء الاسكندريّة قال فوجّه هرقل ملك الروم كما حدثنى شيخ من أهل مصر المقوقس أميرا على مصر، وجعل إليه حربها وجباية خراجها، فنزل الإسكندريّة. وكان الذي بنى الإسكندريّة وأسّس بناءها ذو القرنين الرومىّ، واسمه الإسكندر، وبه سمّيت الإسكندريّة، وهو أوّل من عمل الوشى، وكان أبوه أوّل القياصرة. حدثنا عبد الملك بن هشام، قال: اسمه الإسكندر «1» . حدثنا وثيمة بن موسى، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، قال: الإسكندر هو ذو القرنين. حدثنا عبد الملك بن هشام، عن زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق حدثنى من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه، أنه رجل من أهل مصر اسمه مرزبّا بن مرزبة اليونانىّ، من ولد يونان بن يافث بن نوح عليه السلام «2» . قال: وحدثنى شيخ من أهل مصر، قال: كان من أهل لوبية، كورة من كور مصر الغربيّة: قال ابن لهيعة: وأهلها روم. ويقال بل هو رجل من حمير، قال تبّع: قد كان ذو القرنين جدّى مسلما ... ملكا تدين له الملوك وتحشد بلغ المغارب والمشارق «3» يبتغى ... أسباب علم من حكيم «4» مرشد فرأى مغيب الشمس عند غروبها ... فى عين ذى خلب وثأط حرمد ويروى قد كان ذو القرنين قبلى مسلما. وحدثنى عثمان بن صالح، حدثنى عبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن زياد ابن أنعم، عن سعد بن مسعود التجيبيّ، عن شيخين من قومه، قالا: كنّا بالإسكندريّة فاستطلنا يومنا، فقلنا لو انطلقنا إلى عقبة بن عامر نتحدّث عنده، فانطلقنا إليه، فوجدناه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 جالسا فى داره فأخبرناه أنّا استطلنا يومنا، فقال: وأنا مثل ذلك، إنما خرجت حين استطلته، ثم أقبل علينا فقال: كنت عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخدمه، فإذا أنا برجال من أهل الكتاب معهم مصاحف أو كتب، فقالوا: استأذن لنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فانصرفت إليه، فأخبرته بمكانهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما لى ولهم، يسألوننى عمّا «1» لا أدرى، إنما أنا عبد لا علم لى إلّا ما علّمنى ربّى. ثم قال أبلغنى وضوءا فتوضّأ، ثم قام إلى مسجد بيته، فركع ركعتين، فلم ينصرف حتى عرفت السرور فى وجهه والبشر، ثم انصرف، فقال: أدخلهم ومن وجدت بالباب من أصحابى فادخله قال فأدخلتهم «2» ، فلما دفعوا إلى رسول الله «3» صلّى الله عليه وسلم قال لهم: إن شئتم أخبرتكم عمّا «4» أردتم أن تسألونى قبل أن تتكلّموا، وإن أحببتم تكلّمتم وأخبرتكم! قالوا: بل أخبرنا قبل أن نتكلّم، قال: جئتم تسألوننى عن ذى القرنين، وسأخبركم كما «5» تجدونه مكتوبا عندكم؛ إن أوّل أمره أنه غلام من الروم، أعطى ملكا، فسار حتى أتى ساحل البحر من أرض مصر، فابتنى عنده مدينة يقال لها الإسكندريّة فلما فرغ من بنائه أتاه ملك، فعرج به حتى استقلّه فرفعه، فقال: انظر ما تحتك فقال: أرى مدينتى، وأرى مدائن معها، ثم عرج به، فقال: انظر، فقال: قد اختلطت مدينتى مع المدائن فلا أعرفها. ثم زاد فقال: انظر فقال: أرى مدينتى وحدها ولا أرى غيرها، قال له الملك: إنما تلك الأرض كلّها والذي ترى يحيط بها هو البحر، وإنّما أراد ربّك أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانا فيها، وسوف تعلّم الجاهل وتثبّت العالم، فسار حتى بلغ مغرب الشمس، ثم سار حتى بلغ مطلع الشمس، ثم أتى السدّين وهما جبلان ليّنان يزلق عنهما كلّ شىء، فبنى السدّ، ثم أجاز يأجوج ومأجوج، فوجد قوما وجوههم وجوه الكلاب، يقاتلون يأجوج ومأجوج، ثم قطعهم فوجد أمّة قصارا يقاتلون القوم الذين وجوههم وجوه الكلاب، ووجد أمّة من الغرانيق يقاتلون القوم القصار، ثم مضى فوجد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 أمّة من الحيّات تلتقم الحيّة منها الصخرة «1» العظيمة، ثم أفضى إلى البحر المدير «2» بالأرض. فقالوا نشهد أن أمره هكذا كما ذكرت، وانّا نجده هكذا فى كتابنا. (3 وحدثنا عبد الملك بن هشام، حدثنا زياد بن عبد الله البكّائى، عن محمد بن اسحاق، حدثنى ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان الكلاعىّ- وكان رجلا قد أدرك- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، سئل عن ذى القرنين، فقال: ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب. قال خالد: وسمع عمر بن الخطّاب رضى الله عنه رجلا يقول: يا ذا القرنين، فقال عمر اللهم غفرا، أما رضيتم أن تسمّوا بالأنبياء حتى تسمّيتم بالملائكة 3) . حدثنا وثيمة بن موسى عمّن أخبره، عن سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة عن الحسن، قال: كان ذو القرنين ملكا وكان رجلا صالحا. قال: وإنما سمّى ذا القرنين كما حدثنا وثيمة «4» ، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبى حسين، عن أبى الطفيل، أن عليّا رضى الله عنه سئل عن ذى القرنين فقال: لم يكن ملكا ولا نبيّا، ولكن كان عبدا صالحا، أحب الله فأحبّه الله، ونصح لله «5» فنصحه الله، بعثه الله عزّ وجلّ إلى قومه فضربوه على قرنه فمات فأحياه الله، ثم بعثه الى قومه فضربوه على قرنه فمات، فسمّى ذا القرنين. قال عبد الرحمن «6» : ويقال: إنما سمى ذا القرنين لأنه جاوز قرن الشمس من المغرب والمشرق «7» ، ويقال إنما سمّى ذا القرنين، لأنه كان له غديرتان من «8» رأسه من شعر يطأ فيهما فيما ذكر إبراهيم بن المنذر، عن عبد العزيز بن عمران عن خازم بن حسين، عن يونس بن عبيد، عن الحسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 حدثنا عبد العزيز بن منصور اليحصبىّ، عن عاصم بن حكيم، عن أبى سريع الطائىّ، عن عبيد بن تعلى، قال: كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة. حدثنا أحمد بن محمد، عن عبد العزيز بن عمران، عن سليمان بن أسيد عن ابن شهاب، قال: إنما سمّي ذا القرنين أنه بلغ قرن الشمس من مغربها، وقرن الشمس من مطلعها. قال: وذكر بعض مشايخ أهل مصر عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب عمّن حدثه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال كان أوّل شأن الإسكندرية أن فرعون اتّخذ بها «1» مصانع ومجالس، وكان أوّل من عمرها وبنى فيها، فلم تزل «2» على بنائه ومصانعه، ثم تداولها الملوك، ملوك مصر بعده، فبنت دلوكة ابنة زبّاء منارة الإسكندرية ومنارة بوقير بعد فرعون، فلما ظهر سليمان بن داود عليه السلام على الأرض اتّخذ بها مجلسا، وبنى فيها مسجدا. ثم إنّ ذا القرنين ملكها، فهدم ما كان فيها من بناء الملوك والفراعنة وغيرهم، إلّا بناء سليمان بن داود، لم يهدمه ولم يغيّره، وأصلح ما كان رثّ منه، وأقرّ المنارة على حالها. ثم بنى الإسكندرية من أوّلها بناء يشبه بعضه بعضا، ثم تداولتها الملوك بعده من الروم وغيرهم؛ ليس من ملك إلّا يكون له بها بناء يضعه بالإسكندرية يعرف به وينسب إليه. قال: ويقال إن الذي بنى منارة الإسكندرية قلبطرة الملكة، وهى التى ساقت خليجها حتى أدخلته الإسكندرية، ولم يكن يبلغها الماء، كان يعدل من قرية يقال لها كسّا قبالة الكريون، فحفرته حتى أدخلته الاسكندرية، وهى التى بلّطت قاعته. قال ابن لهيعة: وبلغنى أنه وجد حجر بالإسكندرية مكتوب فيه: أنا شدّاد بن عاد، وأنا الذي نصب العماد، وحيّد الأحياد وسدّ بذراعه الواد، بنيتهنّ إذ لا شيب ولا موت، وإن الحجارة فى اللين مثل الطين. قال ابن لهيعة: والأحياد كالمغار. ويقال: إن الذي بنى الإسكندرية شدّاد بن عاد والله أعلم. حدثنا إدريس بن يحيى الخولانى، حدثنا عبد الله بن عيّاش القتبانى، عن أبيه، عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 تبيع، قال: خمسة مساجد بالإسكندرية: مسجد موسى النبي عليه الصلاة والسلام عند المنارة أقربها إلى الكنيسة «1» ، ومسجد سليمان عليه السلام، ومسجد ذى القرنين أو الخضر عليهما السلام، وهو الذي عند اللّبخات بالقيسارية، ومسجد الخضر أو ذى القرنين عند باب المدينة حين تخرج من الباب، ولكلّ واحد منهما مسجد، ولكن لا ندرى أين هو، ومسجد عمرو بن العاص الكبير. حدثنا هانئ بن المتوكّل، حدثنا عبد الرحمن بن شريح، عن قيس بن الحجّاج، عن تبيع، قال: إن فى الإسكندرية مساجد خمسة مقدّسة، منها: المسجد فى القيسارية التى تباع فيها المواريث، ومسجد اللبخات ومسجد عمرو بن العاص. وكانت الإسكندرية كما حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم ثلاث مدن بعضها إلى جنب بعض: منّة وهى «2» موضع المنارة وما والاها، والإسكندرية وهى موضع قصبة الإسكندرية اليوم، ونقيطة؛ وكان على كلّ واحدة منهن سور، وسور من خلف ذلك على الثلاث مدن؛ يحيط «3» بهنّ جميعا. حدثنا هانئ بن المتوكل، حدثنا عبد الله بن طريف الهمدانى، قال: كان على الإسكندرية سبعة حصون وسبعة خنادق. حدثنا أسد بن موسى، عن خالد بن عبد الله، حدثنى ابن السدّىّ، عن أبيه قال: كان أنف الاسكندر «4» ثلاثة اذرع. (* قال خالد وأبو حمزة: إن ذا القرنين لما بنى الإسكندرية رخّمها بالرخام الأبيض؛ جدرها وأرضها، وكان لباسهم فيها السواد والحمرة؛ فمن قبل ذلك ليس الرهبان السواد من نصوع بياض الرخام، ولم يكونوا يسرجون فيها بالليل من بياض الرخام، وإذا كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 القمر أدخل الرجل الذي يخيط «1» بالليل فى ضوء القمر فى بياض الرخام الخيط فى حجر «2» الإبرة «3» . قال ورأس الإسكندرية فيما ذكر بعض المشايخ لقد بنيت الإسكندرية ثلاثمائة سنة، وسكنت ثلاثمائة سنة، وخربت ثلاثمائة سنة، ولقد مكثت سبعين سنة ما يدخلها أحد إلّا وعلى بصره خرقة سوداء؛ من بياض جصّها وبلاطها، ولقد مكثت سبعين سنة ما يستسرج فيها. وأخبرنا ابن أبى مريم، عن العطّاف بن خالد، قال: كانت الإسكندرية بيضاء تضيء بالليل والنهار، وكانوا إذا غربت الشمس لم يخرج أحد منهم من بيته ومن خرج اختطف، وكان منهم راع يرعى على شاطئ البحر، فكان يخرج من البحر شىء فيأخذ من غنمه، فكمن له الراعى فى موضع حتى خرج؛ فإذا جارية. فتشبّث بشعرها، ومانعته نفسها، فقوى عليها، فذهب بها إلى منزله فأنست بهم فرأتهم لا يخرجون بعد غروب الشمس، فسألتهم، فقالوا: من خرج منا اختطف فهيّأت لهم الطلسمات، فكانت أوّل من وضع الطلسمات بمصر فى الإسكندرية. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا إسماعيل بن عيّاش، عن هشام بن سعد المدينى قال: وجد حجر «4» بالإسكندرية مكتوب فيه ثم ذكر مثل حديث ابن لهيعة سواء؛ وزاد فيه وكنزت فى البحر «5» كنزا على اثنى عشر ذراعا لن يخرجه أحد حتى تخرجه أمة محمد صلّى الله عليه وسلم. حدثنا محمد بن عبد الله البغدادى، عن داود، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، قال: كان الرخام قد سخّر لهم حتى يكون من بكرة إلى نصف «6» النهار بمنزلة العجين، فإذا انتصف النهار اشتدّ*) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 قال عبد الرحمن «1» وفى زمان شدّاد بن عاد، بنيت الأهرام كما ذكر عن بعض المحدّثين، ولم أجد عند أحد من أهل المعرفة من أهل مصر فى الأهرام خبرا يثبت، وفى ذلك يقول الشاعر «2» : حسرت عقول أولى النهى الأهرام ... واستصغرت لعظيمها الأحلام ملس مبنّقة البناء شواهق ... قصرت لغال «3» دونهنّ سهام لم أدر حين كبا التفكّر دونها ... واستوهمت لعجيبها الأوهام أقبور أملاك الأعاجم هنّ أم ... طلّسم رمل كنّ أم اعلام؟ حدثنا «4» أسد بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن نوف، نحوه. ولم يذكر السرير. (* فلما أن أغرق الله فرعون وجنوده كما حدثنا هانئ بن المتوكّل، عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب، عن تبيع، استأذن الذين كانوا آمنوا من السحرة موسى فى الرجوع إلى أهلهم ومالهم «5» بمصر فأذن لهم، ودعا لهم، فترهّبوا فى رءوس الجبال، وكانوا أوّل من ترهّب، وكان يقال لهم الشيعة، وبقيت طائفة منهم مع موسى عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 السلام حتّى توفّاه الله عزّ وجلّ، ثم انقطعت الرهبانيّة بعدهم حتى ابتدعها بعد ذلك أصحاب المسيح عليه السلام*) . حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا معاوية بن صالح، عن على بن أبى طلحة عن ابن عبّاس فى قوله الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ «1» قال: غلبتهم فارس، ثم غلبت الروم فارس فى أدنى الأرض، يقول فى طرف الأرض الشام. وقد اختلف فى البضع (2 فحدثنا الحارث بن مسكين، حدثنا ابن القاسم، عن مالك بن أنس، قال: البضع 2) ما بين الثلاث إلى سبع. حدثنا أسد، حدثنا عبد الله بن خالد، عن الكبى، عن أبى صالح، عن ابن عبّاس قال: بضع سنين، ما بين خمس إلى سبع. حدثنا أسد، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبى الحويرث، أن رسول الله صلّى الله عليه واله قال: البضع سنين ما بين خمس إلى سبع. ويقال البضع ما لم يبلغ العدد ما بين الواحد إلى أربع، ويقال إلى سبع وتسع وعشر، ويقال البضع ما بين العشرة إلى العشرين، وكذلك كلّ عقد إلى المائة، فإذا زاد على المائة انقطع البضع وصار نيّفا. ذكر كتاب رسول الله صلّى الله عليه واله إلى المقوقس (* حدثنا «3» هشام بن إسحاق وغيره، قال: لما كانت سنة ستّ من مهاجرة «4» رسول الله صلّى الله عليه واله، ورجع رسول الله صلّى الله عليه واله من الحديبية بعث إلى الملوك. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرنى يونس بن يزيد، عن ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 شهاب، قال: حدثنى عبد الرحمن بن عبد القارىّ، أن رسول الله صلّى الله عليه واله قام ذات يوم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وتشهد، ثم قال: أمّا بعد فإنى أريد أن أبعث بعضكم إلى ملوك العجم فلا تختلفوا علىّ كما اختلفت بنو إسرائيل على عيسى بن مريم، وذلك أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى عيسى أن ابعث إلى ملوك الأرض فبعث الحواريّين، فأما القريب مكانا فرضى، وأما البعيد مكانا فكره، وقال: لا أحسن كلام من تبعثنى إليه، فقال عيسى: اللهمّ أمرت الحواريّين بالذى أمرتنى فاختلفوا علىّ؛ فأوحى الله إليه إنى سأكفيك، فأصبح كل إنسان منهم يتكلّم بلسان الذي وجه إليهم «1» . فقال المهاجرون: يا رسول الله، والله لا نختلف عليك أبدا فى شىء، فمرنا وابعثنا، فبعث حاطب بن أبى بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، وشجاع بن وهب الأسدى [إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى، وعبد الله بن أبى حذافة السهمى «2» ] إلى كسرى، وبعث دحية بن خليفة إلى قيصر، وبعث عمرو بن العاص إلى ابنى الجلندى أميرى عمان، ثم ذكر الحديث. ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق وغيره، قال: فمضى حاطب بكتاب رسول الله صلّى الله عليه واله، فلما انتهى إلى الإسكندرية وجد المقوقس فى مجلس مشرف على البحر، فركب البحر؛ فلما حاذى مجلسه، أشار بكتاب رسول الله صلّى الله عليه واله، بين إصبعيه فلما رآه أمر بالكتاب فقبض، وأمر به فأوصل إليه، فلما قرأ الكتاب قال: ما منعه إن كان نبيا أن يدعو علىّ فيسلّط علىّ! فقال له، حاطب: ما منع عيسى بن مريم أن يدعو على من أبى عليه أن يفعل به ويفعل! فوجم ساعة، ثم استعادها فأعادها عليه حاطب، فسكت، فقال له حاطب: إنه قد كان قبلك رجل زعم أنه الربّ الأعلى فانتقم الله به ثمّ انتقم منه؛ فاعتبر بغيرك ولا يعتبر بك. وإنّ لك دينا لن تدعه إلا لما هو خير منه، وهو الإسلام الكافى الله به فقد ما سواه، وما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، ولسنا ننهاك عن دين المسيح، ولكنّا نأمرك به، ثم قرأ الكتاب: بسم الله الرّحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى المقوقس عظيم القبط، سلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 على من اتّبع الهدى، أما بعد فانى أدعوك بدعاية «1» الإسلام، فأسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرّتين، يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ «2» . فلما قرأه أخذه، فجعله فى حقّ من عاج، وختم عليه*) . حدثنا عبد الله بن سعيد المذحجى، عن ربيعة بن عثمان، عن أبان بن صالح، قال: (3 أرسل المقوقوس إلى حاطب ليلة «4» ، وليس عنده أحد إلا ترجمان له فقال: ألا تخبرنى عن أمور أسألك عنها، فإنى أعلم أن صاحبك قد تخيّرك حين بعثك! قال: لا تسألنى عن شىء إلا صدقتك، قال إلام يدعو محمد؟ قال: إلى أن تعبد الله، لا تشرك به شيئا، وتخلع ما سواه، ويأمر بالصلاة. قال: فكم تصلّون؟ قال: خمس صلوات فى اليوم والليلة، وصيام شهر رمضان، وحجّ البيت، والوفاء بالعهد، وينهى عن أكل الميتة والدّم. قال: من أتباعه؟ قال: الفتيان من قومه وغيرهم، قال: فهل يقاتل قومه؟ قال: نعم، قال: صفه لى، قال: فوصفه بصفة من صفته «5» ، لم آت عليها، قال: قد بقيت أشياء، لم أرك ذكرتها؛ فى عينيه حمرة قلّما تفارقه، وبين كتفيه خاتم النبوّة، يركب الحمار، ويلبس الشملة، ويجتزئ بالتمرات «6» والكسر، لا يبالى من لاقى من عمّ ولا ابن عمّ، قلت: هذه صفته قال: قد كنت أعلم أن نبيّا قد بقى، وقد كنت أظنّ أن مخرجه الشام «7» ، وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله، فأراه قد خرج فى العرب، فى أرض جهد وبؤس، والقبط لا تطاوعنى فى اتّباعه، ولا أحبّ أن يعلم بمحاورتى إيّاك، وسيظهر على البلاد وينزل أصحابه من بعده بساحتنا هذه حتى يظهروا على ما هاهنا «8» ، وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفا، فارجع إلى صاحبك 3) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 ثم رجع إلى حديث هشام بن إسحاق، قال: ثم دعا كاتبا يكتب بالعربية فكتب لمحمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط. سلام (1 أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيّا قد بقى؛ وقد كنت أظنّ أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان فى القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها. والسلام 1) . (2 حدثنا أسد بن موسى، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرنى يونس بن يزيد عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن عبد القارىّ، قال: لمّا مضى حاطب بكتاب رسول الله صلّى الله عليه واله، قبل المقوقس الكتاب، وأكرم حاطبا، وأحسن نزله، ثم سرّحه إلى رسول الله صلّى الله عليه واله، وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة بسرجها وجاريتين، إحداهما أمّ إبراهيم، ووهب الأخرى لجهم بن قيس العبدرىّ، فهى أمّ زكرياء بن جهم، الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر ويقال: بل وهبها لحسان بن ثابت، فهى أمّ عبد الرحمن بن حسان؛ ويقال: بل وهبها رسول الله صلّى الله عليه واله لمحمد بن مسلمة الأنصارى، ويقال: بل لدحية بن خليفة الكلبى 2) . حدثنا النضر بن سلمة السامىّ، عن حاتم بن إسماعيل، عن أسامة بن زيد الليثى، عن المنذر بن عبيد، عن عبد الرحمن بن حسّان بن ثابت، عن أمّه سيرين «3» ، قالت: حضرت موت إبراهيم، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه واله كلّما صحت أنا وأختى ما ينهانا؛ فلما مات نهانا عن الصياح. (* حدثنا عبد الملك بن هشام، حدثنا زياد بن عبد الله البكّائى، عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة أن صفوان بن المعطّل ضرب حسان بن ثابت بالسيف قال ابن إسحاق فحدثنى محمد بن إبراهيم التيمى أن ثابت بن قيس بن شمّاس وثب على صفوان بن المعطّل حين ضرب حسان فجمع يديه إلى عنقه بحبل [ثم انطلق به إلى دار بنى الحارث بن الخزرج] فلقيه عبد الله بن رواحة فقال: ما هذا؟ فقال: ضرب حسان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 بالسيف! والله ما أراه إلا قد قتله، قال: هل علم رسول الله صلّى الله عليه واله بشىء ممّا صنعت؟ قال: لا، قال: لقد اجترأت أطلق الرجل فأطلقه ثم أتوا رسول الله صلّى الله عليه واله فذكروا ذلك له فدعا حسّان وصفوان بن المعطّل فقال آذانى يا رسول الله وهجانى فاحتملنى الغضب فضربته فقال رسول الله صلّى الله عليه واله: أحسن يا حسّان فى الذي قد أصابك، قال: هى لك فأعطاه رسول الله صلّى الله عليه واله عوضا منها بيرحا وهى قصر بنى حديلة اليوم [بالمدينة] كانت مالا لأبي طلحة تصدّق بها إلى رسول الله صلّى الله عليه واله فأعطاها حسّان فى ضربته وأعطاه سيرين أمة قبطيّة فولدت له عبد الرحمن بن حسان*) . حدثنا هانئ بن المتوكّل، حدثنا ابن لهيعة قال حدثنى يزيد بن أبى حبيب أن المقوقس لما أتاه كتاب رسول الله صلّى الله عليه واله ضمّه: إلى صدره وقال: هذا زمان يخرج فيه النّبيّ الذي نجد نعته «1» وصفته فى كتاب الله وإنّا لنجد صفته أنه لا يجمع بين أختين «2» فى ملك يمين ولا نكاح وأنه يقبل الهديّة ولا يقبل الصدقة وأن جلساءه المساكين وأن خاتم النّبوة بين كتفيه ثم دعا رجلا عاقلا ثم لم يدع بمصر أحسن ولا أجمل من مارية وأختها وهما من أهل حفن من كورة أنصنا فبعث بهما إلى رسول الله صلّى الله عليه واله وأهدى له بغلة شهباء وحمارا أشهب وثيابا من قباطىّ مصر وعسلا من عسل بنها وبعث إليه بمال صدقة وأمر رسوله أن ينظر من جلساؤه وينظر إلى ظهره هل يرى شامة كبيرة «3» ذات شعر ففعل ذلك الرسول فلما قدم على رسول الله صلّى الله عليه واله قدّم إليه الأختين والدابّتين والعسل والثياب وأعلمه أن ذلك كله هديّة، فقبل رسول الله صلّى الله عليه واله الهديّة وكان لا يردّها من «4» أحد من الناس. قال فلما نظر إلى مارية وأختها أعجبتاه وكره أن يجمع بينهما، وكانت إحداهما تشبه الأخرى فقال: اللهمّ اختر لنبيّك فاختار الله له مارية، وذلك أنه قال لهما: قولا نشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فبدرت مارية فتشهّدت وآمنت قبل أختها ومكثت أختها ساعة ثم تشهّدت وآمنت، فوهب رسول الله صلّى الله عليه واله أختها لمحمد بن مسلمة الأنصارى وقال بعضهم: بل وهبها لدحية بن خليفة الكلبىّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 (* قال فحدثنا هانئ بن المتوكّل، حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة المهرى أحسبه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: دخل رسول الله صلّى الله عليه واله على أمّ إبراهيم أمّ ولده القبطية «1» ، فوجد عندها نسيبا كان لها قدم معها من مصر، وكان كثيرا ما يدخل عليها فوقع فى نفسه شىء فرجع فلقيه عمر ابن الخطاب فعرف ذلك فى وجهه فسأله فأخبره فأخذ عمر السيف ثم دخل على مارية وقريبها عندها، فأهوى إليه بالسيف فلما رأى ذلك كشف عن نفسه وكان مجبوبا ليس بين رجليه شىء، فلما رآه عمر رجع إلى رسول الله صلّى الله عليه واله فأخبره فقال رسول الله صلّى الله عليه واله: إنّ جبريل أتانى فأخبرنى أنّ الله قد برّأها وقريبها وأن فى بطنها غلاما منى وأنه أشبه الخلق بى وأمرنى أن أسميّه إبراهيم وكنّانى بأبى إبراهيم*) . وحدثنا دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد ابن أبى حبيب عن الزهرىّ عن أنس قال: لما ولدت أمّ إبراهيم إبراهيم كأنه وقع فى نفس النّبيّ صلّى الله عليه واله منه شىء حتى جاءه جبريل فقال السلام عليك يا أبا إبراهيم. ويقال إن المقوقس بعث معها بخصىّ فكان يأوى إليها. (* حدثنا أحمد بن سعيد الفهرى «2» حدثنا مروان بن يحيى الحاطبىّ حدثنى إبراهيم بن عبد الرحمن بن أدعج قال حدثنى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه (قال: حدثنى يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه) «3» عن جدّه حاطب بن أبى بلتعة قال بعثنى رسول الله صلّى الله عليه واله إلى المقوقس ملك الإسكندرية فجئته بكتاب رسول الله صلّى الله عليه واله فأنزلنى فى منزل وأقمت عنده ليالى ثم بعث إليّ وقد جمع بطارقته فقال إنى «4» سأكلّمك بكلام وأحبّ أن تفهمه عنى قال قلت هلم قال أخبرنى عن صاحبك أليس هو بنبىّ؟ قال قلت: بلى هو رسول الله، قال: فما له حيث كان هكذا لم يدع على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 قومه حيث «1» أخرجوه من بلده إلى غيرها قال فقلت له فعيسى بن مريم تشهد «2» أنه رسول الله فما له حيث أخذه قومه فأرادوا أن يصلبوه ألّا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حتى رفعه الله إليه فى السماء الدنيا فقال أنت حكيم جاء من عند حكيم هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد وأرسل معك مبذرقة يبذر قونك إلى مأمنك «3» قال فأهدى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاث جوار منهنّ أمّ إبراهيم وواحدة وهبها رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأبى جهم بن حذيفة العبدرى وواحدة وهبها لحسان بن ثابت وأرسل إليه بثياب مع طرف من طرفهم*) فولدت مارية لرسول الله صلّى الله عليه وسلم إبراهيم فكان من أحبّ الناس إليه حتى مات فوجد به رسول الله صلّى الله عليه وسلم. حدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا حفص بن سليمان عن كثير بن شنظير عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرىّ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلى على ابنه ابراهيم وكبّر عليه أربعا قال ورشّ الماء على قبره كما حدثنا ابن بكير. وحدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا قريش ابن حيّان عن ثابت البنانىّ عن أنس بن مالك قال دخلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم على أبى سيف قين كان بالمدينة وكان ظئر إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأتاه بإبراهيم فشمّه ثم دخلنا عليه وهو فى الموت فذرفت عيناه فقال له ابن عوف وأنت يا رسول الله قال إنها رحمة وأتبعها بالأخرى تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما لا يرضى ربّنا. وحدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم حدثنا مسلم بن خالد الزنجى عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء ابنة يزيد أنها حدثته قالت لما توفّى إبراهيم بكى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال أبو بكر وعمر أنت أحقّ من علم الله حقّه قال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب ولولا أنه وعد صادق وموعد «4» جامع وأن الآخر منّا يتبع الأوّل لوجدنا عليك يا إبراهيم أشدّ ممّا وجدنا وإنا بك لمحزونون. حدثنا على بن معبد حدثنا عيسى بن يونس عن محمد بن أبى ليلى عن عطاء ابن أبى رباح، عن جابر بن عبد الله، قال: أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 عوف فانطلق به إلى النخل الذي فيه ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه فأخذه فوضعه فى حجره ثم بكى فقال له عبد الرحمن تبكى! أو لم تكن نهيت عن البكاء قال: لا ولكنى نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند مصيبة خمش وجوه وشقّ جيوب ورنّة شيطان، وصوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان وهذه رحمة ومن لا يرحم لا يرحم ولولا أنه أمر حق ووعد صدق «1» وأنها سبيل مأتيّة لحزنّا عليك حزنا هو أشدّ «2» من هذا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما يسخط الربّ. حدثنا النضر بن سلمة، حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن السامىّ «3» حدثنا حاتم «4» ابن إسماعيل حدثنا أسامة بن زيد عن المنذر بن عبيد عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أمّه سيرين أخت مارية قالت: رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرجة فى القبر يعنى قبر إبراهيم فأمر بها فسدت فقيل يا رسول الله فقال: أما إنما لا تضرّ ولا تنفع ولكن تقرّ بعين الحىّ وإن العبد إذا عمل عملا أحبّ الله أن يتقنه. حدثنا دحيم حدثنا مروان بن معاوية عن إسرائيل عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة قال: كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان «5» لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فعليكم بالدعاء حتى ينكشفا. قال ولما ولدت أمّ إبراهيم كما حدثنا القعنبىّ عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله ابن عباس عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما ولدت مارية قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعتقها ولدها وكان سنّ إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم مات كما حدثنا على بن معبد «6» عن عيسى بن يونس عن الأعمش عن رجل قد سمّاه عن البراء بن عازب ستّة عشر شهرا فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن له ظئرا فى الجنّة يتمّ رضاعه. وحدثنا يزيد بن أبى سلمة عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 عبد الرحمن بن زياد حدثنا الحجاج بن أرطأة عن أبى بكر بن عمرو عن يزيد بن البراء عن أبيه قال: لما توفّى إبراهيم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن له مرضعا فى الجنّة يتمّ بقيّة رضاعه. ثم رجع إلى حديث يزيد بن أبى حبيب قال وكانت البلغة والحمار أحبّ دوابّه إليه وسمّى البغلة دلدل وسمى الحمار يعفور وأعجبه العسل فدعا فى عسل بنها بالبركة وبقيت تلك الثياب حتى كفن فى بعضها صلّى الله عليه وسلم. حدثنا محمد بن عبد الجبّار حدثنا موسى بن داود عن سلّام عن عبد لملك بن عبد الرحمن عن الحسن العرنى عن أشعث بن طليق عن مرّة بن المطلب أو الطيّب عن عبد الله بن مسعود. وحدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا القاسم بن عبد الله عن عبيد الله بن عمر عن الثقة عن ابن مسعود قال قلنا يا رسول الله فيم نكفنك؟ قال: فى ثيابى هذه أو فى ثياب مصر. قال محمد بن عبد الجبار فى حديثه أو فى ثياب مصر أو فى حلّة قال أحدهما أو فى يمنة. قال ابن أبى مريم قال ابن لهيعة وكان اسم أخت مارية قيصرا. «1» ويقال بل كان اسمها سيرين «2» . وحدثنا عبد الملك بن مسلمة حدثنا ابن لهيعة عن الأعرج قال بعث المقوقس صاحب الإسكندرية بمارية وأختها حنّة فأسكنها رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى صدقته فى بنى قريظة. وحدثنا هانئ بن المتوكّل حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب وابن هبيرة أن الحسن بن علىّ كلّم معاوية بن أبى سفيان فى أن يضع الجزية عن جميع قرية أمّ إبراهيم لحرمتها ففعل ووضع الخراج عنهم فلم يكن على أحد منهم خراج وكان جميع أهل القرية من أهلها وأقربائها فانقطعوا إلا بيتا واحدا قد بقى منهم أناس. حدثنا عبد الملك بن [مسلمة حدثنا إسماعيل بن «3» ] عيّاش عن أبى بكر بن أبى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 مريم عن راشد بن سعد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لو بقى إبراهيم ما تركت قبطيّا إلّا وضعت عنه الجزية وكانت وفاة مارية فى المحرّم سنة خمس عشرة ودفنت بالبقيع وصلىّ عليها عمر بن الخطاب. وكان الرسول بها من قبل المقوقس كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، ابن جبر. ثم إن أبا بكر الصدّيق بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علىّ بن رباح اللخمىّ بعث حاطبا إلى المقوقس بمصر فمرّ على ناحية قرى الشرقية «1» فهادنهم وأعطوه فلم يزالوا على ذلك حتى دخلها عمرو بن العاص فقاتلوه فانتقض ذلك العهد. قال عبد الملك وهى أوّل هدنة كانت بمصر. (2 قال ابن هشام: اسم أبى بلتعة عمرو وحاطب لخمى 2) وفى ذلك يقول حسان ابن ثابت كما حدثنا وثيمة بن موسى: قل لرسل النّبيّ صاح الى النا ... س شجاع ودحية بن خليفه ولعمرو وحاطب وسليط ... ولعمرو وذاك رأس الصحيفه فى أبيات ذكر فيها رسل النبي صلّى الله عليه وسلم إلى الملوك. ذكر سبب دخول عمرو بن العاص مصر قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح قال فلما كانت سنة ثمانى عشرة وقدم عمر الجابية خلا به عمرو بن العاص فاستأذنه فى المسير إلى مصر، وكان عمرو قد دخل مصر فى الجاهليّة وعرف طرقها ورأى كثرة ما فيها، وكان سبب دخول عمرو إياها كما حدثنا يحيى بن خالد العدوىّ عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب «3» عن خالد بن يزيد أنه بلغه أن عمرا قدم إلى بيت المقدس لتجارة فى نفر من قريش فإذا هم بشمّاس من شمامسة الروم من أهل الإسكندرية قدم للصلاة فى بيت المقدس، فخرج فى بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 جبالها يسيح «1» ، وكان عمرو يرعى إبله وإبل أصحابه، وكانت رعية الإبل نوبا بينهم. فبينا عمرو يرعى إبله إذ مرّ به ذلك الشمّاس وقد أصابه عطش شديد فى يوم شديد الحرّ، فوقف على عمرو فاستسقاه فسقاه عمرو من قربة له، فشرب حتى روى ونام الشمّاس مكانه. وكانت إلى جنب الشمّاس حيث نام حفرة فخرجت منها حيّة عظيمة، فبصر بها عمرو فنزع لها بسهم «2» فقتلها، فلما استيقظ الشماس نظر إلى حيّة عظيمة قد أنجاه الله منها. فقال: لعمرو: ما هذه؟ فأخبره عمرو أنه رماها فقتلها. فأقبل إلى عمرو فقبل رأسه وقال: قد أحيانى «3» الله بك مرّتين، مرّة من شدّة العطش، ومرّة من هذه «4» الحيّة. فما أقدمك هذه البلاد؟ قال: قدمت مع أصحاب لى نطلب الفضل فى تجارتنا. فقال له الشمّاس: وكم تراك ترجو أن تصيب فى تجارتك؟ قال: رجائى أن أصيب ما أشترى به بعيرا، فإنى لا أملك إلّا بعيرين، فأملى أن أصيب بعيرا آخر فتكون ثلاثة أبعرة. فقال له الشمّاس: أرأيت دية أحدكم بينكم كم هى؟ قال: مائة من الإبل. قال له الشمّاس: لسنا أصحاب إبل إنما نحن أصحاب دنانير قال يكون ألف دينار فقال له الشمّاس: إنى رجل غريب فى هذه البلاد وإنما قدمت أصلّى فى كنيسة بيت المقدس وأسيح فى هذه الجبال «5» شهرا جعلت ذلك نذرا على نفسى وقد قضيت ذلك وأنا أريد الرجوع إلى بلادى فهل لك أن تتبعنى إلى بلادى ولك عهد الله وميثاقه أن أعطيك ديتين لأن الله تعالى أحيانى بك مرّتين فقال له عمرو أين بلادك؟ قال: مصر فى مدينة يقال لها الإسكندرية فقال له عمرو لا أعرفها ولم أدخلها قطّ فقال له الشمّاس لو دخلتها لعلمت أنك لم تدخل قطّ مثلها فقال عمرو وتفى لى بما تقول وعليك بذلك العهد والميثاق؟ فقال له الشمّاس نعم لك الله علىّ بالعهد والميثاق أن أفى لك وأن أردّك إلى أصحابك فقال عمرو وكم يكون مكثى فى ذلك؟ قال شهرا تنطلق معى ذاهبا عشرا وتقيم عندنا عشرا وترجع فى عشر ولك علىّ أن أحفظك ذاهبا وأن أبعث معك من يحفظك راجعا فقال له عمرو أنظرنى حتى أشاور أصحابى فى ذلك فانطلق عمرو إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 أصحابه فأخبرهم بما عاهده عليه الشمّاس وقال لهم تقيموا علىّ حتى أرجع إليكم ولكم علىّ العهد أن أعطيكم شطر ذلك على أن يصحبنى رجل منكم آنس به فقالوا نعم وبعثوا معه رجلا منهم، فانطلق عمرو وصاحبه مع الشمّاس إلى مصر حتى انتهى إلى الإسكندرية، فرأى عمرو من عمارتها وكثرة أهلها وما بها من الأموال والخير ما أعجبه، وقال ما رأيت مثل مصر قطّ وكثرة ما فيها من الأموال ونظر إلى الإسكندرية وعمارتها وجودة بنائها وكثرة أهلها وما بها من الأموال فازداد عجبا. ووافق دخول عمرو الإسكندرية عيدا فيها عظيما يجتمع فيه ملوكهم وأشرافهم ولهم أكرة من ذهب مكلّلة يترامى بها ملوكهم وهم يتلقّونها بأكمامهم. وفيما اختبروا من تلك الأكرة على ما وضعها من مضى منهم أنها من وقعت الأكرة فى كمّه واستقرّت فيه لم يمت حتى يملكهم. فلما قدم عمرو الإسكندرية أكرمه الشمّاس الإكرام كلّه وكساه ثوب ديباج ألبسه إيّاه وجلس عمرو والشمّاس مع الناس. فى ذلك المجلس حيث يترامون بالأكرة وهم يتلقّونها بأكمامهم فرمى بها رجل منهم فأقبلت تهوى حتى وقعت فى كمّ عمرو فعجبوا من ذلك وقالوا ما كذبتنا هذه الأكرة قط إلّا هذه المرّة. أترى هذا الأعرابىّ يملكنا هذا ما لا يكون أبدا! وان ذلك الشمّاس مشى فى أهل الإسكندرية وأعلمهم أن عمرا أحياه مرّتين وأنه قد ضمن له ألفى دينار وسألهم أن يجمعوا ذلك له فيما بينهم ففعلوا ودفعوها إلى عمرو فانطلق عمرو وصاحبه وبعث معهما الشماس دليلا ورسولا وزودّهما وأكرمهما حتى رجع وصاحبه إلى أصحابهما، فبذلك عرف عمرو مدخل مصر ومخرجها ورأى منها ما علم أنها أفضل البلاد وأكثره مالا. فلما رجع عمرو إلى أصحابه دفع إليهم فيما بينهم ألف دينار وأمسك لنفسه ألفا قال عمرو فكان أوّل مال اعتقدته وتأثّلته. ذكر فتح مصر حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبى جعفر، وعيّاش ابن عبّاس القتبانىّ وغيرهما، يزيد بعضهم على بعض، قال: (* فلما قدم عمر بن الخطاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 الجابية «1» قام إليه عمرو فخلا به وقال يا أمير المؤمنين ائذن «2» لى أن أسير إلى مصر وحرّضه عليها وقال إنك إن فتحتها كانت قوّة للمسلمين وعونا لهم، وهى أكثر الأرض أموالا وأعجزها عن القتال والحرب، فتخّوف عمر بن الخطّاب على المسلمين، وكره ذلك، فلم يزل عمرو يعظّم أمرها عند عمر بن الخطّاب ويخبره بحالها ويهوّن عليه فتحها حتى ركن «3» لذلك عمر، فعقد له على أربعة آلاف رجل كلهم من عكّ. ويقال بل ثلاثة آلاف وخمسمائة. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عمرو بن العاص دخل مصر بثلاثة آلاف وخمسمائة. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب مثله، إلّا أنه قال: ثلثهم غافق. قال ثم رجع إلى حديث عثمان «4» قال: فقال له عمر: سر وأنا مستخير الله فى مسيرك، وسيأتيك كتابى سريعا إن شاء الله، فإن أدركك كتابى آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئا من أرضها فانصرف، وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابى فامض لوجهك، واستعن بالله واستنصره. فسار عمرو بن العاص من جوف الليل ولم يشعر به أحد من الناس، واستخار عمر الله فكأنه تخوّف على المسلمين فى وجههم ذلك، فكتب إلى عمرو بن العاص أن ينصرف بمن معه من المسلمين، فأدرك الكتاب عمرا وهو برفح، فتخوّف عمرو بن العاص إن هو أخذ الكتاب وفتحه أن يجد فيه الانصراف كما عهد إليه عمر، فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه وسار كما هو حتى نزل قرية فيما بين رفح والعريش، فسأل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 عنها فقيل إنها من مصر «1» ، فدعا بالكتاب فقرأه على المسلمين، فقال عمرو لمن معه: ألستم تعلمون أن هذه القرية من مصر؟ قالوا: بلى، قال: فإنّ «2» أمير المؤمنين عهد إلىّ وأمرنى إن لحقنى كتابه ولم أدخل أرض مصر أن أرجع، ولم يلحقنى كتابه حتى دخلنا أرض مصر، فسيروا وامضوا على بركة الله «3» . ويقال بل كان عمرو بفلسطين، فتقدّم بأصحابه إلى مصر بغير إذن فكتب فيه إلى عمر، فكتب إليه عمر وهو دون العريش، فحبس الكتاب فلم يقرأه حتى بلغ العريش فقرأه، فإذا فيه: من عمر بن الخطّاب إلى العاص بن العاص، أمّا بعد، فإنك سرت إلى مصر ومن «4» معك، وبها جموع الروم، وإنما معك نفر يسير، ولعمرى لو كانوا ثكل أمّك ما سرت بهم، فإن لم تكن بلغت مصر فارجع. فقال عمرو: الحمد لله، أيّة أرض هذه؟ قالوا: من مصر، فتقدّم كما هو*) . حدثنا ذلك عثمان بن صالح عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب. ويقال بل كان عمرو فى جنده على قيساريّة مع من كان بها من أجناد المسلمين، وعمر بن الخطّاب إذ ذاك بالجابية، فكتب سرّا، فاستأذن إلى مصر، وأمر أصحابه فتنحّوا كالقوم الذين يريدون أن يتنحّوا من منزل إلى منزل قريب، ثم سار بهم ليلا، فلما فقده أمراء الأجناد استنكروا الذي فعل، ورأوا أن قد غرر، فرفعوا ذلك إلى عمر ابن الخطّاب، فكتب إليه عمر: إلى العاص بن العاص، أما بعد، فإنك قد غررت بمن معك، فإن أدركك كتابى ولم تدخل مصر فارجع، وإن أدركك وقد دخلت «5» فامض واعلم أنى ممدّك. فيما حدثنا عبد الله بن مسلمة، ويحيى بن خلد، عن الليث بن سعد. قال ويقال: إن عمر بن الخطّاب كتب إلى عمرو بن العاص بعد ما فتح الشام: أن اندب الناس إلى المسير معك إلى مصر، فمن خفّ معك فسر به وبعث به مع شريك بن عبدة، فندبهم عمرو فأسرعوا إلى الخروج مع عمرو، ثم إن عثمان بن عفان دخل على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 عمر بن الخطّاب، فقال عمر: كتبت إلى «1» عمرو بن العاص يسير إلى مصر من الشام، فقال عثمان: يا أمير المؤمنينّ، إن عمرا لمجرّأ، وفيه إقدام وحب للإمارة، فأخشى أن يخرج فى غير ثقة ولا جماعة، فيعرّض المسلمين للهلكة رجاء فرصة لا يدرى «2» تكون أم لا، فندم عمر بن الخطاب على كتابه إلى عمرو إشفاقا ممّا قال عثمان، فكتب إليه إن أدركك كتابى قبل أن تدخل مصر فارجع إلى موضعك، وإن كنت دخلت فامض لوجهك. (* وكانت صفة عمرو بن العاص كما حدثنا سعيد بن عفير، عن الليث بن سعد، قصيرا عظيم الهامة، ناتئ الجبهة، واسع الفم، عظيم اللحية، عريض ما بين المنكبين، عظيم الكفّين والقدمين. قال الليث يملأ هذا المسجد. قال فلمّا بلغ المقوقس قدوم عمرو بن العاص إلى مصر، توجّه إلى الفسطاط فكان يجهّز على عمرو الجيوش، وكان على القصر رجل من الروم يقال له الأعيرج «3» واليا عليه، وكان «4» تحت يدى المقوقس، وأقبل عمرو حتى إذا كان بجبل الحلال نفرت معه راشدة وقبائل من لخم، فتوجّه عمرو حتى إذا كان بالعريش أدركه النحر. فحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: فضحّى عمرو عن أصحابه يومئذ بكبش. وكان رجل ممّن كان خرج مع عمرو بن العاص حين خرج من الشام إلى مصر كما حدثنا هانئ بن المتوكل، عن أبى شريح عبد الرحمن بن شريح، عن عبد الكريم بن الحارث أصيب بجمل له، فأتى إلى عمرو يستحمله، فقال له عمرو: تحمّل مع أصحابك حتى نبلغ «5» أوائل العامر، فلما بلغوا العريش جاءه فأمر له بجملين «6» ، ثم قال له: لن تزالوا بخير ما رحمتكم أئمّتكم، فإذا لم يرحموكم هلكتم وهلكوا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح، قال: فتقدّم «1» عمرو بن العاص فكان أول موضع قوتل فيه الفرما، قاتلته الروم قتالا شديدا نحوا من شهر، ثم فتح الله على يديه. وكان عبد الله بن سعد، كما حدثنا سعيد بن عفير على ميمنة عمرو بن العاص منذ توجّه من قيساريّة إلى أن فرغ من حربه. وقال غير ابن عفير من مشايخ أهل مصر: وكان بالإسكندرية أسقف للقبط يقال له أبو بنيامين فلما بلغه قدوم عمرو بن العاص إلى مصر، كتب إلى القبط يعلّمهم أنه لا تكون للروم دولة وأن ملكهم قد انقطع، ويأمرهم بتلقّى عمرو. فيقال إن القبط الذين كانوا بالفرما كانوا يومئذ لعمرو أعوانا. قال عثمان فى حديثه ثم توجّه عمرو لا يدافع الا بالأمر الخفيف، حتى نزل القواصر*) . فحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، حدثنا عبد الرحمن بن شريح، أنه سمع شراحيل بن يزيد، يحدّث عن أبى الحسين، أنه سمع رجلا من لخم يحدث كريب بن أبرهة، قال: كنت أرعى غنما لأهلى «2» بالقواصر، فنزل عمرو ومن معه فدنوت إلى أقرب «3» منازلهم، فإذا بنفر من القبط كنت قريبا منهم فقال بعضهم لبعض: ألا تعجبون من هؤلاء القوم يقدمون على جموع الروم، وإنما هم فى قلّة من الناس، فأجابه رجل آخر منهم، فقال: إنّ هؤلاء القوم لا يتوجّهون إلى أحد إلا ظهروا عليه، حتى يقتلوا خيرهم، قال فقمت إليه فأخذت بتلابيبه فقلت: أنت تقول هذا. انطلق معى إلى عمرو بن العاص حتى يسمع الذي قلت فطلب إلىّ أصحابه وغيرهم حتى خلّصوه، فرددت الغنم إلى منزلى، ثم جئت حتى دخلت فى القوم. قال عثمان فى حديثه فيقدم «4» عمرو لا يدافع إلّا بالأمر الخفيف حتى أتى بلبيس، فقاتلوه به نحوا من شهر حتى فتح الله عليه، ثم مضى لا يدافع إلا بالأمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 حتى أتى أمّ دنين، فقاتلوه بها قتالا شديدا وأبطأ عليه الفتح، فكتب إلى عمر يستمدّه فأمدّه بأربعة آلاف تمام ثمانية آلاف فقاتلهم. ثم رجع إلى حديث ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شريح، عن شراحيل بن يزيد، عن أبى الحسين، أنه سمع رجلا من لخم. قال: فجاء رجل إلى عمرو بن العاص فقال اندب معى خيلا حتى آتى من ورائهم عند القتال، فأخرج معه خمسمائة فارس، فساروا من وراء الجبل حتى دخلوا مغار بنى وائل قبل الصبح. وكانت الروم قد خندقوا خندقا وجعلوا له أبوابا وبثّوا فى أفنيتها «1» حسك الحديد. فالتقى القوم حين صبحوا «2» ، وخرج اللخمىّ بمن معه من ورائهم فانهزموا حتى دخلوا الحصن. قال غير ابن وهب: بعث خمسمائة عليهم خارجة بن حذافة، قال: فلما كان فى وجه الصبح نهض القوم فصلّوا الصبح ثم ركبوا خيلهم. وغدا عمرو بن العاص على القتال فقاتلهم «3» من وجههم وحملت «4» الخيل التى وجّه من ورائهم وأقحمت عليهم فانهزموا، وكانوا قد خندقوا حول الحصن وجعلوا للخندق أبوابا. قال ابن وهب فى حديثه عن عبد الرحمن بن شريح: فسار عمرو بمن معه حتى نزل على الحصن فحاصرهم حتى سألوه أن يسيّر منهم بضعة عشر أهل بيت ويفتحوا له الحصن ففعل ذلك، ففرض «5» عليهم عمرو لكلّ رجل من أصحابه دينارا وجبّة وبرنسا وعمامة وخفّين، وسألوه أن يأذن لهم أن يهيئوا له ولأصحابه صنيعا ففعل. فحدثنى أبى عبد الله بن عبد الحكم، أن عمرو بن العاص أمر أصحابه فتهيّأوا ولبسوا البرود ثم أقبلوا. قال ابن وهب فى حديثه: فلما فرغوا من طعامهم سألهم عمرو كم أنفقتم؟ قالوا: عشرين ألف دينار، قال عمرو: لا حاجة لنا بصنيعكم بعد اليوم، أدّوا إلينا عشرين ألف دينار. فجاءه النفر من القبط فاستأذنوه إلى قراهم وأهليهم، فقال لهم عمرو: كيف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 رأيتم أمرنا؟ قالوا: لم نر إلّا حسنا، فقال الرجل الذي قال فى المرّة الأولى ما قال لهم: إنكم لن تزالوا تظهرون على كلّ من لقيتم حتى تقتلوا خيركم رجلا، فغضب عمرو وأمر به فطلب إليه أصحابه وأخبروه أنه لا يدرى ما يقول حتى خلّصوه، فلما بلغ عمرا قتل عمر بن الخطّاب أرسل فى طلب ذلك القبطىّ فوجده «1» قد هلك، فعجب عمرو من قوله. قال غير ابن وهب، قال عمرو بن العاص: فلما طعن عمر بن الخطاب قلت هو ما قال القبطىّ، فلما حدّثت أنه إنما قتله أبو لؤلؤة رجل نصرانىّ، قلت: لم يعن هذا، إنما عنى من قتله المسلمون، فلما قتل عثمان عرفت أنّ ما قال الرجل حقّ. قال أبى فى حديثه: فلما فرغوا من صنيعهم أمر عمرو بن العاص بطعام فصنع لهم وأمرهم أن يحضروا لذلك، فصنع لهم الثريد والعراق وأمر أصحابه بلباس الأكسية واشتمال الصمّاء والقعود على الركب، فلما حضرت الروم وضعوا كراسىّ الديباجّ «2» فجلسوا عليها، وجلست العرب إلى جوانبهم، فجعل الرجل من العرب يلتقم اللقمة العظيمة من الثريد وينهش من ذلك اللحم فيتطاير على من إلى جنبه من الروم، فبشعت الروم بذلك، وقالوا: أين أولئك الذين كانوا أتونا قبل؟ فقيل لهم: أولئك أصحاب المشورة، وهؤلاء أصحاب الحرب. قال: وقد سمعت فى فتح القصر وجها غير هذا. حدثنا عثمان بن صالح، أخبرنا ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبى جعفر، وعياش ابن عبّاس وغيرهما «3» ، يزيد بعضهم على بعض، أن عمرو بن العاص حصرهم بالقصر الذي يقال له بابليون «4» حيّنا، وقاتلهم قتالا شديدا يصبّحهم ويمسّيهم، فلما أبطأ الفتح عليه، كتب إلى عمر بن الخطّاب يستمدّه «5» ويعلمه ذلك «6» ، فأمدّه عمر بأربعة آلاف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 رجل على كلّ ألف رجل منهم رجل، وكتب إليه عمر بن الخطاب: إنى قد أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كلّ ألف رجل منهم رجل مقام الألف «1» ، الزبير بين العوّام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلّد. وقال آخرون: بل خارجة بن حذافة الرابع، لا يعدّون مسلمة. وقال عمر بن الخطاب: اعلم أنّ معك اثنى عشر ألفا ولا يغلب اثنا عشر ألفا من قلّة. قال عثمان، قال ابن وهب: فحدثنى الليث بن سعد، قال: بلغنى عن كسرى أنه كان له رجال إذا بعث أحدهم فى جيش وضع من عدّة الجيش الذي كان معه ألفا مكانه لإجزاء ذلك الرجل فى الحرب، وإذا احتاج إلى أحدهم فكان فى جيش فحبسه لحاجته إليه، زادهم ألف رجل. قال الليث: فأنزلت الذي صنع عمر بن الخطاب فى بعثته بالزبير والمقداد ومن بعث معهما نحو ما كان يصنع كسرى. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: كان عمر بن الخطّاب قد أشفق على عمرو فأرسل الزبير فى أثره فى اثنى عشر ألفا فشهد معه الفتح. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عمر بن الخطّاب بعث الزبير بن العوّام فى اثنى عشر ألفا. وقال غير عثمان: فكانوا قد خندقوا حول حصنهم، وجعلوا للخندق أبوابا وجعلوا سكك الحديد موتدة بأفنية الأبواب، وكان عمرو قد قدم من الشام فى عدّة قليلة، فكان يفرّق أصحاب ليرى العدوّ «2» أنهم أكثر ممّا هم، فلمّا انتهى إلى الخندق نادوه أن قد رأينا ما صنعت، وإنما معك من أصحابك كذا وكذا، فلم يخطئوا برجل واحد، فأقام عمرو على ذلك أيّاما، يغدو فى السحر فيصفّ أصحابه على أفواه الخندق عليهم السلاح، فبينا هو على ذلك إذ جاءه خبر الزبير بن العوّام ثم قدم الزبير بن العوّام فى اثنى عشر ألفا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 فتلقّاه عمرو، ثم أقبلا يسيران، ثم لم يلبث الزبير أن ركب ثم طاف بالخندق ثم فرّق الرجال حول الخندق. ثم رجع إلى حديث عثمان، عن ابن لهيعة، قال: فلما قدم المدد على عمرو بن العاص ألحّ على القصر ووضع عليه المنجنيق، وقال عمرو يومئذ: يوم لهمدان ويوم للصّدف ... والمنجنيق فى لىّ تختلف وعمرو يرقل ارقال الشّيخ الخرف وكان عمرو إنما يقف تحت راية بلىّ فيما يزعمون. (* وقد كان عمرو بن العاص كما أخبرنى شيخ من أهل مصر قد دخل إلى صاحب الحصن فتناظرا فى شىء مما هم فيه، فقال عمرو: أخرج أستشير «1» أصحابى، وقد كان صاحب الحصن أوصى الذي على باب إذا مرّ به «2» عمرو أن يلقى عليه صخرة فيقتله، فمرّ عمرو، وهو يريد الخروج، برجل من العرب، فقال له: قد دخلت فانظر كيف تخرج، فرجع عمرو إلى صاحب الحصن، فقال له: إنى أريد أن آتيك بنفر من أصحابى حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت. فقال العلج فى نفسه: قتل جماعة أحبّ إلىّ من قتل واحد، وأرسل إلى الذي كان أمره بما أمره به من قتل عمرو ألّا تعرّض «3» له رجاء أن يأتيه بأصحابه فيقتلهم وخرج عمرو.*) هذا أو معناه. حدثنا عيسى بن حمّاد. قال: لما حصر المسلمون الحصن، كان عبادة بن الصامت فى ناحية يصلّى وفرسه عنده، فرآه قوم من الروم فخرجوا إليه وعليهم «4» حلية وبزّة فلما دنوا منه سلّم من صلاته، ووثب على فرسه، ثم حمل عليهم، فلما رأوه غير مكذّب عنهم ولّوا راجعين، واتّبعهم، فجعلوا يلقون مناطقهم ومتاعهم ليشغلوه بذلك عن طلبهم، ولا يلتفت إليه حتى دخلوا الحصن، ورمى عبادة من فوق الحصن بالحجارة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 فرجع ولم يعرض لشىء مما كانوا طرحوا من متاعهم حتى رجع إلى موضعه الذي كان به، فاستقبل الصلاة، وخرج الروم إلى متاعهم يجمعونه «1» . حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا المفضّل بن فضالة، أخبرنا عياش بن عبّاس القتبانىّ، عن شييم «2» بن بيتان، عن شيبان بن أميّة، عن رويفع بن ثابت، قال: كان أحدنا فى زمان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يأخذ نضو أخيه على أن يعطيه النصف مما يغنم، وله النصف، حتى إنّ أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح «3» . وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من استنجى برجيع دابّته أو بعظم فإن محمّدا منه برئ. قال عيّاش بن عبّاس: وأخبرنى شييم بن بيتان، عن أبى سالم الجيشانى أنه سمع عبد الله بن عمرو وهو مرابط حصن بابليون، يحدّث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بهذا الحديث. (4 قال عثمان فى حديثه: فلما أبطأ الفتح على عمرو بن العاص، قال الزبير: إنى أهب نفسى لله، أرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين، فوضع سلّما إلى جانب الحصن «5» من ناحية سوق الحمّام، ثم صعد، وأمرهم إذا سمعوا تكبيره أن يجيبوه جميعا. قال غير عثمان: فما شعروا إلّا والزبير على رأس الحصن يكبّر، معه «6» السيف، وتحامل الناس على السلّم حتى نهاهم عمرو خوفا من أن ينكسر. قال ثم رجع إلى حديث عثمان، قال: فلما اقتحم الزبير، وتبعه من تبعه، وكبّر وكبّر من معه، وأجابهم المسلمون من خارج لم يشكّ أهل الحصن أن العرب قد اقتحموا جميعا، فهربوا، فعمد الزبير وأصحابه إلى باب الحصن ففتحوه، واقتحم المسلمون الحصن، فلما خاف المقوقس على نفسه ومن معه فحينئذ سأل عمرو بن العاص الصلح ودعاه إليه على أن يفرض للعرب على القبط دينارين دينارين على كل رجل منهم فأجابه عمرو إلى ذلك 4) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 حدثنا سعيد بن عفير، قال: وصعد مع الزبير الحصن محمّد بن مسلمة ومالك بن أبى سلسلة السلامىّ، ورجال من بنى حرام، وأن شرحبيل بن حجيّة المرادىّ نصب سلّما آخر من ناحية زقاق الزمامرة اليوم، فصعد عليه، فكان بين الزبير وبين شرحبيل شىء على باب أو مدخل، فكأنّ شرحبيل نال من الزبير بعض ما كره، فبلغ ذلك عمرو بن العاص، فقال له: استقد منه إن شئت، فقال الزبير: أمن نغفة من نغف اليمن أستقيد يا بن النابغة؟ وكانت صفة الزبير بن العوّام، كما حدثنا هشام بن إسحاق فيما يزعمون، أبيض حسن القامة، ليس بالطويل، قليل شعر اللحية أهلب؛ كثير شعر الجسد. وكان مكثهم كما حدثنا عثمان بن صالح، عن عبد الله بن وهب، عن الليث على باب القصر حتى فتحوه سبعة أشهر. وقد سمعت فى فتح القصر وجها آخر مخالفا للحديثين جميعا. والله أعلم. (1 حدثنا عثمان بن صالح، أخبرنا خالد بن نجيح، عن يحيى بن أيّوب، وخالد بن حميد، قالا: حدثنا خالد بن يزيد، عن جماعة من التابعين، بعضهم يزيد على بعض، أن المسلمين لما حاصروا بابليون، وكان به جماعة من الروم وأكابر القبط ورؤسائهم وعليهم المقوقس «2» ، فقاتلوهم بها شهرا، فلما رأى القوم الجدّ منهم على فتحه، والحرص، ورأوا من صبرهم على القتال ورغبتهم فيه، خافوا أن يظهروا عليهم، فتنحّى المقوقس وجماعة من أكابر القبط، وخرجوا من باب القصر القبلىّ ودونهم جماعة يقاتلون العرب فلحقوا بالجزيرة موضع الصناعة اليوم، وأمروا بقطع الجسر وذلك فى جرى النيل. وزعم بعض مشايخ أهل مصر أن الأعيرج «3» كان تخلّف «4» فى الحصن بعد المقوقس، فلما خاف فتح الحصن ركب هو وأهل القوّة والشرف، وكانت سفنهم ملصقة بالحصن ثم لحقوا بالمقوقس بالجزيرة 1) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 (* ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيّوب، وخالد بن حميد، قال: فأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص إنكم قوم قد ولجتم فى بلادنا، وألححتم على قتالنا، وطال مقامكم فى أرضنا، وإنما أنتم عصبة يسيرة، وقد أظلّتكم الروم وجهّزوا إليكم ومعهم من العدّة والسلاح، وقد أحاط بكم هذا النيل، وإنما أنتم أسارى فى أيدينا، فابعثوا إلينا رجالا منكم نسمع من كلامهم «1» ، فلعلّه أن يأتى الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبّون ونحبّ، وينقطع عنّا وعنكم هذا القتال قبل أن تغشاكم جموع الروم فلا ينفعنا الكلام ولا نقدر عليه، ولعلّكم أن تندموا إن كان الأمر مخالفا لطلبتكم ورجائكم، فابعث إلينا رجالا من أصحابكم «2» نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شىء. فلما أتت عمرو ابن العاص رسل المقوقس حبسهم عنده يومين وليلتين حتى خاف عليهم المقوقس، فقال لأصحابه: أترون أنهم يقتلون الرسل، ويحبسونهم «3» ، ويستحلّون ذلك فى دينهم؟ وإنما أراد عمرو بذلك أن يروا حال المسلمين، فردّ عليهم عمرو مع رسله، أنه ليس بينى وبينكم إلّا إحدى ثلاث خصال: إمّا أن دخلتم «4» فى الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا، وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإمّا أن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. فلما جاءت رسل المقوقس إليه، قال: لهم كيف رأيتموهم؟ قالوا: رأينا قوما الموت أحبّ إلى أحدهم من الحياة، والتواضع أحبّ إليه من الرفعة، ليس لأحدهم فى الدنيا رغبة ولا نهمة «5» إنما جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركّبهم وأميرهم كواحد منهم، ما يعرف رفيعهم من وضيعهم، ولا السيّد فيهم من العبد، وإذا حضرت الصلاة لم يتخلّف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء، ويتخشّعون فى صلاتهم. فقال عند ذلك المقوقس: والذي يحلف به لو أنّ هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وما يقوى على قتال هؤلاء أحد، ولئن لم نغتنم صلحهم اليوم وهم محصورون بهذا النيل، لم يجيبونا بعد اليوم إذا أمكنتهم الأرض، وقووا على الخروج من موضعهم. فردّ إليهم «1» المقوقس رسله ابعثوا إلينا رسلا منكم نعاملهم، ونتداعى نحن وهم إلى ما عساه أن يكون فيه صلاح لنا ولكم. فبعث عمرو بن العاص عشرة نفر، أحدهم عبادة بن الصامت. حدثنا سعيد بن عفير، قال: أدرك الإسلام من العرب عشرة نفر طول كلّ رجل منهم عشرة أشبار، عبادة بن الصامت أحدهم. ثم رجع إلى حديث عثمان قال: وأمره عمرو أن يكون متكلّم القوم، وألّا يجيبهم إلى شىء دعوه إليه إلّا إحدى هذه الثلاث خصال؛ فإن أمير المؤمنين قد تقدّم إلىّ فى ذلك، وأمرنى ألّا أقبل شيئا سوى خصلة من هذه الثلاث خصال*) . (* وكان عبادة بن الصامت أسود، فلما ركبوا السفن إلى المقوقس، ودخلوا عليه، تقدّم عبادة، فهابه المقوقس لسواده فقال: نحّوا عنّى هذا الأسود، وقدّموا غيره يكلّمنى، فقالوا جميعا: إنّ هذا الأسود أفضلنا رأيا وعلما، وهو سيّدنا وخيرنا والمقدّم علينا، وإنما نرجع جميعا إلى قوله ورأيه، وقد أمره الأمير دوننا بما أمره به، وأمرنا بأن لا نخالف رأيه وقوله، قال: وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود أفضلكم؟ وإنما ينبغى أن يكون هو دونكم، قالوا: كلّا، إنه وإن كان أسود كما ترى فإنه من أفضلنا موضعا، وأفضلنا سابقة وعقلا ورأيّا، وليس ينكر السواد فينا. فقال المقوقس لعبادة: تقدّم يا أسود، وكلّمنى برفق؛ فإنى أهاب سوادك، وإن اشتدّ كلامك علىّ ازددت لذلك هيبة، فتقدّم إليه عبادة، فقال: قد سمعت مقالتك، وإنّ فيمن خلّفت من أصحابى ألف رجل أسود، كلّهم أشدّ سوادا منى وأفظع منظرا ولو رأيتهم «2» لكنت أهيب لهم منك لى، وأنا قد وليت، وأدبر شبابى، وإنى مع ذلك بحمد الله ما أهاب مائة رجل من عدوّى لو استقبلونى جميعا، وكذلك أصحابى، وذلك أنّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 إنما رغبتنا وهمّتنا الجهاد فى الله واتباع رضوانه، وليس غزونا عدوّنا ممّن حارب الله لرغبة فى دنيا، ولا طلبا للاستكثار منها؛ إلا أن الله قد أحلّ ذلك لنا، وجعل ما غنمنا من ذلك حلالا، وما يبالى أحدنا أكان له قنطار من ذهب، أم كان لا يملك إلّا درهما! لأن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يأكلها يسدّ بها جوعته لليله ونهاره، وشملة يلتحفها، فإن كان أحدنا لا يملك إلا ذلك كفاه، وإن كان له قنطار من ذهب أنفقه فى طاعة الله واقتصر على هذا الذي بيده ويبلغه ما كان فى الدنيا، لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم ورخاءها ليس برخاء، إنما النعيم والرخاء فى الآخرة، وبذلك أمرنا ربنا، وأمرنا به نبيّنا، وعهد إلينا ألا تكون همّة أحدنا من الدنيا إلا ما يمسك جوعته، ويستر عورته، وتكون همّته وشغله فى رضا ربّه وجهاد عدوّه. فلما سمع المقوقس ذلك منه، قال لمن حوله: هل سمعتم مثل كلام هذا الرجل قطّ! لقد هبت منظره، وإنّ قوله لأهيب عندى من منظره؛ إنّ هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض ما أظنّ ملكهم إلا سيغلب على الأرض «1» كلّها. ثم أقبل المقوقس على عبادة بن الصامت، فقال: أيّها الرجل الصالح، قد سمعت مقالتك، وما ذكرت عنك وعن أصحابك، ولعمرى ما بلغتم ما بلغتم إلا بما ذكرت، وما ظهرتم على من ظهرتم عليه إلا لحبّهم الدنيا ورغبتهم فيها، وقد توجّه إلينا لقتالكم من جمع الروم ما لا يحصى عدده قوم معروفون بالنجدة والشدّة، ما يبالى أحدهم من لقى، ولا من قاتل، وإنّا لنعلم أنكم لن تقووا عليهم، ولن تطيقوهم لضعفكم وقلّتكم، وقد أقمتم بين أظهرنا أشهرا، وأنتم فى ضيق وشدّة من معاشكم وحالكم، ونحن نرقّ عليكم لضعفكم وقلّتكم وقلّة ما بأيديكم؛ ونحن تطيب أنفسنا أن نصالحكم على أن نفرض لكلّ رجل منكم دينارين دينارين؛ ولأميركم مائة دينار، ولخليفتكم ألف دينار، فتقبضونها وتنصرفون إلى بلادكم قبل أن يغشاكم ما لا قوام لكم به*) . «2» فقال عبادة بن الصامت: يا هذا؛ لا تغرنّ نفسك ولا أصحابك، أمّا ما تخوّفنا به من جمع الروم وعددهم وكثرتهم، وأنّا لا نقوى عليهم فلعمرى ما هذا بالذى تخوّفنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 به، ولا بالذى يكسرنا عمّا نحن فيه، إن كان ما قلتم حقّا فذلك والله أرغب ما يكون «1» فى قتالهم، وأشدّ لحرصنا عليهم؛ لأن ذلك أعذر لنا عند ربّنا إذا قدمنا عليه، إن قتلنا من آخرنا كان أمكن لنا فى رضوانه وجنّته، وما من شىء أقرّ لأعيننا، ولا أحبّ إلينا من ذلك؛ وإنّا منكم حينئذ لعلى إحدى الحسنيين؛ إمّا أن تعظم لنا بذلك غنيمة الدنيا إن ظفرنا بكم، أو غنيمة الآخرة إن ظفرتم بنا، وإنها لأحبّ الخصلتين إلينا بعد الاجتهاد منّا، وإن الله عزّ وجلّ قال لنا فى كتابه: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ «2» ، وما منّا رجل الّا وهو يدعو ربّه صباحا ومساء أن يرزقه الشهادة، وألّا يردّه إلى بلده ولا إلى أرضه ولا إلى أهله وولده، وليس لأحد منا همّ فيما خلّفه، وقد استودع كلّ واحد منا ربّه أهله وولده؛ وإنما همّنا ما أمامنا. وأمّا قولك: إنا فى ضيق وشدّة من معاشنا وحالنا؛ فنحن فى أوسع السعة لو كانت الدنيا كلّها لنا ما أردنا منها لأنفسنا أكثر مما نحن عليه. فانظر الذي تريد فبيّنه لنا، فليس بيننا وبينكم خصلة نقبلها منك، ولا نجيبك إليها إلّا خصلة من ثلاث، فاختر أيّها شئت، ولا تطمع نفسك فى الباطل؛ بذلك أمرنى الأمير، وبها أمره أمير المؤمنين، وهو عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم من قبل إلينا، إمّا أجبتم إلى الإسلام الذي هو الدين الذي لا يقبل الله غيره، وهو دين أنبيائه ورسله وملائكته، أمرنا الله أن نقاتل من خالفه ورغب عنه حتى يدخل فيه، فإن فعل كان له ما لنا وعليه ما علينا، وكان أخانا فى دين الله؛ فإن قبلت ذلك أنت وأصحابك، فقد سعدتم فى الدنيا والآخرة، ورجعنا عن قتالكم، ولم نستحلّ أذاكم، ولا التعرّض لكم، فإن أبيتم إلا الجزية فأدّوا إلينا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، نعاملكم على شىء نرضى به نحن وأنتم فى كل عام أبدا ما بقينا وبقيتم، ونقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم فى شىء من أرضكم ودمائكم وأموالكم، ونقوم بذلك عنكم، إذ كنتم فى ذمّتنا، وكان لكم به عهد علينا «3» ، وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إلا المحاكمة بالسيف حتى نموت من آخرنا، أو نصيب ما نريد منكم؛ هذا ديننا الذي ندين الله به، ولا يجوز لنا فيما بيننا وبينه غيره، فانظروا لأنفسكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 فقال له المقوقس: هذا ما لا يكون أبدا، ما تريدون إلا أن تتخذونا نكون لكم عبيدا ما كانت الدنيا. فقال له عبادة بن الصامت: هو ذاك، فاختر ما شئت. فقال له المقوقس: أفلا تجيبونا إلى خصلة غير هذه الثلاث خصال؟ فرفع عبادة يديه، فقال: لا وربّ هذه السماء وربّ هذه الأرض وربّ كل شىء، ما لكم عندنا خصلة غيرها، فاختاروا لأنفسكم. فالتفت المقوقس عند ذلك إلى أصحابه، فقال: قد فرغ القوم فما ترون؟ فقالوا: أو يرضى أحد بهذا الذلّ! أمّا ما أرادوا من دخولنا فى دينهم؛ فهذا ما لا يكون أبدا أن نترك دين المسيح ابن مريم وندخل فى دين غيره لا نعرفه، وأمّا ما أرادوا من أن يسبونا ويجعلونا عبيدا فالموت أيسر من ذلك؛ لو رضوا منا أن نضعف لهم ما أعطيناهم مرارا، كان أهون علينا. فقال المقوقس لعبادة: قد أبى القوم فما ترى؟ فراجع صاحبك، على أن نعطيكم فى مرّتكم هذه ما تمنّيتم «1» وتنصرفون. فقام عبادة وأصحابه، فقال المقوقس عند ذلك لمن حوله: أطيعونى وأجيبوا القوم إلى خصلة من هذه الثلاث، فو الله ما لكم بهم طاقة، ولئن لم تجيبوا إليها طائعين، لتجيبنّهم إلى ما هو أعظم كارهين. فقالوا: وأىّ خصلة نجيبهم إليها؟ قال: إذا أخبركم، أمّا دخولكم فى غير دينكم، فلا آمركم به، وأما قتالهم فأنا اعلم أنكم لن تقووا عليهم، ولن تصبروا صبرهم، ولا بدّ من الثالثة؛ قالوا: أفنكون لهم عبيدا أبدا؟ قال: نعم تكونوا عبيدا مسلّطين فى بلادكم، آمنين على أنفسكم وأموالكم وذراريكم خير لكم من أن تموتوا من آخركم، وتكونوا عبيدا تباعوا وتمزّقوا فى البلاد مستعبدين أبدا، أنتم وأهلوكم وذراريكم، قالوا: فالموت أهون علينا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 وأمروا بقطع الجسر «1» من «2» الفسطاط؛ وبالجزيرة «3» وبالقصر من جمع «4» القبط والروم جمع كثير، فألحّ عليهم المسلمون عند ذلك بالقتال على من فى القصر حتى ظفروا بهم، وأمكن الله منهم، فقتل منهم خلق كثير، وأسر من أسر، وانحازت السفن كلّها إلى الجزيرة، وصار المسلمون قد أحدق بهم الماء من كل وجه «5» ، لا يقدرون على أن ينفذوا «6» نحو الصعيد، ولا إلى غير ذلك من المدائن والقرى، والمقوقس يقول لأصحابه: ألم أعلمكم هذا وأخافه عليكم؟ ما تنتظرون! فو الله لتجيبنّهم «7» إلى ما أرادوا طوعا أو لتجيبنهّم «7» إلى ما هو أعظم منه كرها، فأطيعونى من قبل أن تندموا. فلما رأوا منهم ما رأوا، وقال لهم المقوقس ما قال، أذعنوا بالجزية، ورضوا بذلك على صلح يكون بينهم يعرفونه، وأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص: إنى لم أزل حريصا على إجابتك إلى خصلة من تلك الخصال التى أرسلت إلىّ بها، فأبى ذلك علىّ من حضرنى من الروم والقبط، فلم يكن لى أن أفتات عليهم فى أموالهم، وقد عرفوا نصحى لهم وحبّى صلاحهم، ورجعوا إلى قولى، فأعطنى أمانا أجتمع أنا وأنت فى نفر من أصحابى وأنت فى نفر من أصحابك، فإن استقام الأمر بيننا تمّ ذلك لنا جميعا؛ وإن لم يتمّ رجعنا إلى ما كنّا عليه. فاستشار عمرو أصحابه فى ذلك فقالوا: لا نجيبهم إلى شىء من الصلح ولا الجزية، حتى يفتح الله علينا وتصير الأرض كلّها لنا فيئا وغنيمة، كما صار لنا القصر وما فيه، فقال عمرو: قد علمتم ما عهد إلىّ أمير المؤمنين فى عهده، فإن أجابوا إلى خصلة من الخصال الثلاث التى عهد إلىّ فيها أجبتهم إليها، وقبلت منهم، مع ما قد حال هذا الماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم. فاجتمعوا على عهد بينهم، واصطلحوا على أن يفرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط ديناران ديناران عن كل نفس شريفهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 ووضيعهم، من «1» بلغ الحلم منهم، ليس على الشيخ الفانى، ولا على الصغير الذي لم يبلغ الحلم ولا النساء «2» شىء، وعلى أن للمسلمين عليهم النزل لجماعتهم حيث نزلوا، ومن نزل عليه ضيف واحد من المسلمين أو أكثر من ذلك، كانت لهم ضيافة ثلاثة أيام مفترضة «3» عليهم، وأن لهم أرضهم وأموالهم، لا يعرض لهم فى شىء منها. فشرط هذا كلّه على القبط خاصّة، وحصوا «4» عدد القبط يومئذ خاصّة من بلغ منهم الجزية، وفرض عليه الديناران، رفع ذلك عرفاؤهم بالأيمان المؤكّدة، فكان جميع من أحصى يومئذ بمصر أعلاها وأسفلها من جميع القبط فيما أحصوا وكتبوا ورفعوا «5» أكثر من ستّة آلاف ألف نفس، فكانت فريضتهم يومئذ اثنى عشر ألف ألف دينار فى كل سنة. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمىّ، قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر، صالح عن جميع من فيها من الرجال من القبط ممّن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك، ليس فيهم امرأة ولا شيخ ولا صبىّ، فأحصوا بذلك على دينارين دينارين، فبلغت عدّتهم ثمانية. قال وحدثنى عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن المقوقس صالح عمرو بن العاص على أن يفرض على القبط دينارين دينارين على كل رجل منهم. ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب وخالد بن حميد، قال: وشرط المقوقس للروم أن يخيّروا، فمن أحبّ منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازما له، مفترضا عليه ممّن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلّها، ومن أراد الخروج منها إلى أرض الروم خرج، وعلى أن للمقوقس الخيار فى الروم خاصّة؛ حتى يكتب إلى ملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 الروم يعلمه ما «1» فعل، فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم؛ وإلا كانوا جميعا على ما كانوا عليه. وكتبوا به كتابا، وكتب المقوقس إلى ملك الروم كتابا يعلمه على وجه الأمر كلّه، فكتب إليه ملك الروم يقبّح رأيه ويعجّزه، ويردّ عليه ما فعل، ويقول فى كتابه: إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفا، وبمصر من بها من كثرة عدد القبط ما لا يحصى؛ فإن كان القبط كرهوا القتال، وأحبّوا أداء الجزية إلى العرب واختاروهم علينا، فإنّ عندك بمصر من الروم بالإسكندرية «2» ومن معك أكثر من مائة ألف، معهم العدّة والقوّة. والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت، فعجزت عن قتالهم، ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم فى حال القبط أذلّاء، ألا تقاتلهم أنت ومن معك من الروم حتى تموت، أو تظهر «3» عليهم؛ فإنهم فيكم على قدر كثرتكم وقوّتكم، وعلى قدر قلّتهم وضعفهم كأكلة، فناهضهم القتال، ولا يكون لك رأى غير ذلك. وكتب ملك الروم بمثل ذلك كتابا إلى جماعة الروم. فقال المقوقس لّما أتاه كتاب ملك الروم: والله إنهم على قلّتهم وضعفهم أقوى وأشدّ منّا على كثرتنا وقوّتنا، إن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منّا؛ وذلك أنهم قوم الموت أحبّ إلى أحدهم من الحياة، يقاتل الرجل منهم وهو مستقتل «4» ، يتمنّى ألّا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده، ويرون أن لهم أجرا عظيما فيمن قتلوا منا، ويقولون: إنهم إن قتلوا دخلوا الجنّة، وليس لهم رغبة فى الدنيا، ولا لذّة إلّا قدر بلغة العيش من الطعام واللباس، ونحن قوم نكره الموت، ونحبّ الحياة ولذّتها، فكيف نستقيم نحن وهؤلاء، وكيف صبرنا معهم! واعلموا معشر الروم، والله إنى لا أخرج مما دخلت فيه، ولا صالحت العرب عليه؛ وإنى لأعلم أنكم سترجعون غدا إلى رأيى وقولى «5» وتتمنون أن لو كنتم أطعتمونى؛ وذلك أنى قد عاينت ورأيت، وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره، ولم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 يعرفه، ويحكم! أما يرضى أحدكم أن يكون آمنا فى دهره على نفسه وماله وولده بدينارين فى السنة! ثم أقبل المقوقس إلى عمرو بن العاص، فقال له: إنّ الملك قد كره ما فعلت وعجّزنى، وكتب إلىّ وإلى جماعة الروم ألا نرضى بمصالحتك، وأمرهم بقتالك حتى يظفروا بك أو تظفر بهم، ولم أكن لأخرج مما دخلت فيه وعاقدتك عليه، وإنما سلطانى على نفسى ومن أطاعنى، وقد تمّ صلح القبط فيما بينك وبينهم؛ ولم يأت من قبلهم نقض، وأنا متمّ لك على نفسى، والقبط متمّون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاهدتهم، وأما الروم فأنا منهم برئ. وأنا أطلب إليك أن تعطينى ثلاث خصال. قال له عمرو: ما هنّ؟ قال: لا تنقض بالقبط، وأدخلنى معهم وألزمنى ما لزمهم، وقد اجتمعت كلمتى وكلمتهم على ما عاهدتك عليه، فهم متمّون لك على ما تحبّ. وأما الثانية إن سألك الروم بعد اليوم أن تصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئا وعبيدا، فإنهم أهل ذلك، لأنى «1» نصحتهم فاستغشّونى، ونظرت لهم فاتّهمونى. وأما الثالثة، أطلب إليك إن أنا متّ، تأمرهم يدفنونى فى أبى يحنّس بالإسكندرية. فأنعم له عمرو بن العاص بذلك وأجابه إلى ما طلب، على أن يضمنوا له الجسرين جميعا، ويقيموا لهم الأنزال والضيافة والأسواق والجسور؛ ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية ففعلوا. وقال عثمان: وصارت لهم القبط أعوانا كما جاء فى الحديث. ويقال: إن المقوقس إنما صالح عمرو بن العاص على الروم وهو محاصر الإسكندرية. حدثنا يحيى بن خالد العدوىّ، عن الليث بن سعد، أن عمرو بن العاص لما فتح «2» الإسكندرية حاصر أهلها ثلاثة أشهر، وألحّ عليهم، وخافوه، وسأله المقوقس الصلح عنهم كما صالحه على القبط على أن يستنظر رأى الملك. قال فحدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 المقوقس الرومىّ الذي كان ملكا على مصر، صالح عمرو بن العاص على أن يسير من الروم من أراد المسير ويقرّ من أراد الإقامة من الروم على أمر قد سمّاه، فبلغ ذلك هرقل ملك الروم فتسخّطه أشدّ التسخّط، وأنكره أشدّ الإنكار، وبعث الجيوش فأغلقوا الإسكندرية وآذنوا عمرو بن العاص بالحرب، فخرج إليه المقوقس فقال أسألك ثلاثا، قال: ما هنّ؟ قال: لا تبذل للروم ما بذلت لى، فإنى قد نصحت لهم فاستغشوا نصحى ولا تنقض بالقبط فإن النقض لم يأت من قبلهم، وأن تأمر بى إذا متّ فادفنّي فى أبى يحنّس، فقال عمرو: هذه أهونهنّ علينا. ثم رجع إلى حديث عثمان، قال: فخرج عمرو بن العاص بالمسلمين حين أمكنهم الخروج، وخرج معه جماعة من رؤساء القبط وقد «1» أصلحوا لهم الطرق، وأقاموا لهم الجسور والأسواق، وصارت لهم القبط أعوانا على ما أرادوا من قتال الروم، وسمعت بذلك الروم فاستعدّت واستجاشت، وقدمت عليهم مراكب كثيرة من أرض الروم فيها جمع من الروم عظيم بالعدّة والسلاح، فخرج إليهم عمرو بن العاص من الفسطاط متوجّها إلى الإسكندرية، فلم يلق منهم أحدا حتى بلغ ترنوط، فلقى بها طائفة من الروم فقاتلوه قتالا خفيفا، فهزمهم الله ومضى عمرو بمن معه حتى لقى جمع الروم بكوم شريك، فاقتتلوا به ثلاثة أيام ثم فتح الله للمسلمين وولىّ الروم أكتافهم. ويقال بل أرسل عمرو بن العاص شريك بن سمىّ فى آثارهم كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب فأدركهم عند الكوم الذي يقال له كوم شريك فقاتلهم شريك فهزمهم. قال غير عبد الملك بن مسلمة: فلقيهم شريك بكوم شريك وكان على مقدّمة عمرو بن العاص وعمرو بترنوط فألجأوه إلى الكوم فاعتصم به، وأحاطت الروم به، فلما رأى ذلك شريك بن سمىّ أمر أبا ناعمة مالك بن ناعمة الصدفىّ «2» وهو صاحب الفرس الأشقر الذي يقال له أشقر صدف، وكان لا يجارى سرعة فانحطّ عليهم من الكوم، وطلبته الروم فلم تدركه حتى أتى عمرا فأخبره، فأقبل عمرو متوجّها نحوه وسمعت به الروم فانصرفت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وبالفرس الأشقر سمّيت خوخة الأشقر التى بمصر، وذلك أن الفرس نفق فدفنه صاحبه هنالك، فسمّى المكان به. ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيّوب، وخالد بن حميد، قال: ثم التقوا بسلطيس فاقتتلوا بها قتالا شديدا، ثم هزمهم الله، ثم التقوا بالكريون فاقتتلوا بها بضعة عشر يوما، وكان عبد الله بن عمرو على المقدّمة، وحامل اللواء يومئذ وردان مولى عمرو. فحدثنا طلق بن السمح، ويحيى بن عبد الله بن بكير، قالا: حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافرى حدثنا أبو قبيل، عن عبد الله بن عمرو، أنه لقى العدوّ بالكريون، وكان على المقدّمة، وحامل اللواء وردان مولى عمرو، فأصابت عبد الله بن عمرو جراحات كثيرة، فقال: يا وردان، لو تقهقرت قليلا نصيب الروح؛ فقال: وردان: الروح تريد؟ الروح أمامك وليس هو خلفك، فتقدّم عبد الله فجاءه رسول أبيه يسأله عن جراحه، فقال عبد الله: أقول إذا جاشت النفس إصبرى ... فعمّا قليل تحمدى أو تلامى «1» فرجع الرسول إلى عمرو، فأخبره بما قال، فقال عمرو: هو ابنى حقّا. حدثنا عثمان بن صالح أخبرنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب أن عمرو بن العاص صلى يومئذ صلاة الخوف. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، والنضر بن عبد الجبّار، قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، أن شيخا حدّثهم أنه صلّى صلاة الخوف بالإسكندرية مع عمرو بن العاص بكلّ طائفة ركعة وسجدتين. ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيّوب، وخالد بن حميد، قال: ثم فتح الله للمسلمين «2» وقتل منهم المسلمون مقتلة عظيمة، واتبعوهم حتى بلغوا الإسكندرية، فتحصّن بها الروم، وكانت عليهم حصون مبنيّة لا ترام، حصن دون حصن، فنزل المسلمون ما بين حلوة إلى قصر فارس، إلى ما وراء ذلك؛ ومعهم رؤساء القبط يمدّونهم بما احتاجوا إليه من الأطعمة والعلوفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 قال: فحدثنا هانئ بن المتوكّل، حدثنا ابن لهيعة، عن بكر بن عمرو الخولانى، أن عبد العزيز بن مروان حين قدم الإسكندرية سأل عن فتحها، فقيل له: لم يبق ممّن أدرك فتحها إلا شيخ كبير من الروم، فأمرهم فأتوه به، فسأله عمّا حضر من فتح الإسكندرية، فقال: كنت غلاما شابّا، وكان لى صاحب ابن بطريق «1» من بطارقة الروم، فأتانى، فقال: ألا تذهب بنا حتى ننظر إلى هؤلاء العرب الذين يقاتلوننا؟ فلبس ثياب ديباج، وعصابة ذهب، وسيفا محلّى، وركب برذونا سمينا كثير اللحم، وركبت أنا برذرنا خفيفا، فخرجنا من الحصون كلها حتى برزنا على شرف، فرأينا قوما فى خيام لهم عند كل خيمة فرس مربوط ورمح مركوز، ورأينا قوما ضعفاء، فعجبنا من ضعفهم، وقلنا: كيف بلغ هؤلاء القوم ما بلغوا؟ فبينا نحن وقوف ننظر إليهم ونعجب إذ خرج رجل منهم من بعض تلك الخيام، فنظر، فلما رآنا حلّ فرسه، فمعّكه، ثم مسحه، ووثب على ظهره وهو عرى، وأخذ الرمح بيده، وأقبل نحونا، فقلت لصاحبى: هذا والله يريدنا، فلما رأيناه مقبلا إلينا لا يريد غيرنا أدبرنا مولّين نحو الحصن، وأخذ فى طلبنا، فلحق صاحبى لأن برذونه كان ثقيلا كثير اللحم، فطعنه برمحه، فصرعه، ثم خضخض الرمح فى جوفه حتى قتله. ثم أقبل فى طلبى، وبادرت، وكان برذونى خفيف اللحم، فنجوت منه حتى دخلت الحصن؛ فلما دخلت الحصن أمنت، فصعدت على سور الحصن أنظر إليه، فإذا هو لمّا أيس منى رجع، فلم يبال بصاحبى الذي قتله، ولم يرغب فى سلبه، ولم ينزعه عنه، وقد كان سلبه ثياب الديباج وعصابة من ذهب ولم يطلب دابّته، ولم يلتفت إلى شىء من ذلك، وانصرف من طريق أخرى، وأنا انظر إليه، وأسمعه يتكلّم بكلام، ويرفع به صوته، فظننت أنه إنما يقرأ بقرآن العرب، فعرفت عند ذلك أنهم إنما قووا على ما قووا عليه، وظهروا على البلاد لأنهم لا يطلبون الدنيا ولا يرغبون فى شىء منها، حتى بلغ خيمته، فنزل عن فرسه فربطه، وركز رمحه، ودخل خيمته، ولم يعلم بذلك أحدا من أصحابه. فقال عبد العزيز: صف لى ذلك الرجل وهيئته وحالته «2» فقال: نعم، هو قليل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 دميم، ليس بالتّام من الرجال فى قامته، ولا فى لحمه، رقيق آدم كوسج. فقال عبد العزيز عند ذلك: إنه ليصف صفة رجل يمانىّ. قال: وحدثنا هانئ بن المتوكّل، حدثنا محمد بن يحيى الإسكندرانىّ، قال: نزل عمرو بن العاص بحلوة فأقام بها شهرين، ثم تحوّل إلى المقس، فأخرجت عليه الخيل من ناحية البحيرة مستترة بالحصن، فواقعوه، فقتل من المسلمين يومئذ بكنيسة الذهب اثنى عشر رجلا. ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب، وخالد بن حميد، قال: ورسل ملك الروم تختلف إلى الإسكندرية فى المراكب بمادّة الروم، وكان ملك الروم يقول: لئن ظهرت العرب على الإسكندرية، إن ذلك انقطاع ملك الروم وهلاكهم؛ لأنه ليس للروم كنائس أعظم من كنائس الإسكندرية، وإنما كان عيد الروم بالإسكندرية حيث غلبت العرب على الشام، فقال الملك: لئن غلبونا على الإسكندرية لقد هلكت الروم، وانقطع ملكها، فأمر بجهازه ومصلحته لخروجه إلى الإسكندرية، حتى يباشر قتالها بنفسه إعظاما لها، وأمر ألا يتخلّف عنه أحد من الروم، وقال: ما بقاء الروم بعد الإسكندرية، فلما فرغ من جهازه صرعه الله فأماته، وكفى المسلمين مئونته، وكان موته فى سنة تسع عشرة، فكسر الله بموته شوكة الروم، فرجع جمع كثير ممن كان قد توجّه إلى الإسكندرية. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: مات هرقل فى سنة عشرين، وفيها فتحت «1» قيسارية الشام «2» . قال ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيوب، وخالد بن حميد، قال: واستأسدت العرب عند ذلك، وألحّت بالقتال على أهل الإسكندرية فقاتلوهم قتالا شديدا. فحدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: خرج طرف من الروم من باب حصن الإسكندرية، فحملوا على الناس فقتلوا رجلا من مهرة فاحتزّوا رأسه، وانطلقوا به «3» ، فجعل المهريّون يتغضّبون ويقولون: لا ندفنه أبدا إلّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 برأسه، فقال عمرو بن العاص: تتغضّبون كأنكم تتغضّبون على من يبالى بغضبكم، احملوا على القوم إذا خرجوا فاقتلوا منهم رجلا، ثم ارموا برأسه يرموكم برأس صاحبكم؛ فخرجت الروم إليهم، فاقتتلوا، فقتل من الروم رجل من بطارقتهم، فاحتزّوا رأسه، فرموا به إلى الروم، فرمت الروم برأس المهرىّ إليهم، فقال: دونكم الآن، فادفنوا صاحبكم. وكان عمرو بن العاص كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، يقول: ثلاث قبائل من مصر، أمّا مهرة فقوم يقتلون ولا يقتلون، وأمّا غافق فقوم يقتلون ولا يقتلون «1» ، وأمّا بلىّ فأكثرها رجلا صحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأفضلها فارسا. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ضمام بن إسماعيل، حدثنا عيّاش بن عباس، أنه قال: لمّا حاصر المسلمون الإسكندرية، قال لهم صاحب المقدّمة: لا تعجلوا حتى آمركم برأيى، فلما فتح الباب دخل رجلان، فقتلا، فبكى صاحب المقدّمة، فقيل له: لم بكيت وهما شهيدان «2» ؟ قال: ليت أنّهما شهيدان، ولكن «3» سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنّة عاص، وقد أمرت ألّا يدخلوا حتى يأتيهم رأيى، فدخلوا بغير إذنى. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، عن موسى بن علىّ، أن رجلا قال لعمرو بن العاص: لو جعلت المنجنيق ورميتهم به لهدم منه حائطهم، فقال عمرو: أتستطيع أن تغبّى مقامك من الصفّ؟ قال الليث: وقيل لعمرو، إن العدوّ قد غشوك، ونحن نخاف على رائطة، يريدون امرأته، قال: إذا تجدون رياطا كثيرة. ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح، قال: حدثنى خالد بن نجيح، قال: أخبرنى الثقة أنّ عمرو بن العاص قاتل الروم بالإسكندرية يوما من الأيام قتالا شديدا؛ فلما استحرّ القتال بينهم بارز رجل من الروم مسلمة بن مخلّد، فصرعه الرومى وألقاه عن فرسه، وهوى «4» إليه ليقتله حتى حماه رجل من أصحابه؛ وكان مسلمة لا يقام لسبيله «5» ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 ولكنها مقادير، ففرحت «1» بذلك الروم، وشقّ ذلك على المسلمين، وغضب عمرو بن العاص لذلك، وكان مسلمة كثير اللحم، ثقيل البدن. فقال عمرو بن العاص عند ذلك: ما بال الرجل المسّته الذي يشبه النساء يتعرّض مداخل الرجال ويتشبّه بهم؟ فغضب من ذلك مسلمة، ولم يراجعه. ثم اشتدّ القتال حتى اقتحموا حصن الإسكندرية، فقاتلتهم «2» العرب فى الحصن، ثم جاشت عليهم الروم حتى أخرجوهم جميعا من الحصن إلّا أربعة نفر، بقوا فى الحصن، وأغلقوا عليهم باب الحصن، أحدهم عمرو بن العاص، والآخر مسلمة بن مخلّد، ولم نحفظ «3» الآخرين وحالوا بينهم وبين أصحابهم ولا تدرى الروم من هم، فلما رأي ذلك عمرو بن العاص وأصحابه التجأوا إلى ديماس من حمّاماتهم، فدخلوا فيه فاحترزوا به، فأمروا روميّا أن يكلّمهم بالعربيّة، فقال لهم: إنكم قد صرتم بأيدينا أسارى، فاستأسروا ولا تقتلوا أنفسكم، فامتنعوا عليهم؛ ثم قال لهم: إن فى أيدى أصحابكم منّا رجالا أسروهم ونحن نعطيكم العهود، نفادى بكم أصحابنا، ولا نقتلكم، فأبوا عليهم. فلما رأى ذلك الرومىّ منهم قال لهم: هل لكم الى خصلة وهى نصف «4» فيما بيننا وبينكم، أن تعطونا العهد ونعطيكم مثله على أن يبرز منكم رجل، ومنّا رجل، فإن غلب صاحبنا صاحبكم استأسرتم لنا، وأمكنتمونا من أنفسكم، وإن غلب صاحبكم صاحبنا خلّينا سبيلكم إلى أصحابكم، فرضوا بذلك وتعاهدوا عليه، وعمرو ومسلمة وصاحباهما فى الحصن فى الديماس، فتداعوا إلى البراز، فبرز رجل من الروم قد وثقت الروم بنجدته وشدّته، وقالوا: يبرز رجل منكم لصاحبنا. فأراد عمرو أن يبرز فمنعه مسلمة، وقال: ما هذا؟ تخطئ مرّتين، تشذّ عن «5» أصحابك وأنت أمير، وإنما قوامهم بك وقلوبهم معلّقة نحوك، لا يدرون ما أمرك، ثم لا ترضى حتى تبارز وتتعرض للقتل، فإن قتلت كان ذلك بلاء على أصحابك. مكانك وأنا أكفيك إن شاء الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 فقال عمرو: دونك، فربّما فرجها الله بك، فبرز مسلمة والرومىّ، فتجاولا ساعة، ثم أعانه الله عليه فقتله، فكبّر مسلمة وأصحابه، ووفى لهم الروم بما عاهدوهم عليه، ففتحوا لهم باب الحصن، فخرجوا، ولا تدرى الروم أن أمير القوم فيهم، حتى بلغهم بعد ذلك، فأسفوا على ذلك، وأكلوا أيديهم تغيّظا على ما فاتهم. فلما خرجوا استحيا عمرو مما كان قال لمسلمة حين غضب، فقال عمرو عند ذلك: استغفر لى ما كنت قلت لك، فاستغفر له. وقال عمرو: ما أفحشت قطّ إلّا ثلاث مرار «1» ، مرّتين فى الجاهليّة، وهذه الثالثة، وما منهنّ مرّة إلا وقد ندمت واستحييت، وما استحييت من واحدة منهنّ أشدّ مما استحييت مما قلت لك، وو الله إنى لأرجو ألا أعود إلى الرابعة ما بقيت. قال: ثم رجع إلى حديث عثمان، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: أقام عمرو بن العاص محاصرا الإسكندرية أشهرا، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطّاب قال: ما أبطأوا «2» بفتحها إلا لما أحدثوا. حدثنا يحيى بن خالد، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: لما أبطأ على عمر بن الخطّاب فتح مصر، كتب إلى عمرو بن العاص: أمّا بعد، فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر؛ إنكم تقاتلونهم منذ سنتين؛ وما ذاك إلا لما أحدثتم وأحببتم من الدنيا ما أحبّ عدوّكم، وإن الله تبارك وتعالى لا ينصر قوما إلا بصدق «3» نيّاتهم، وقد كنت وجهت إليك أربعة نفر، وأعلمتك أن الرجل منهم مقام ألف رجل على ما كنت أعرف، إلا أن يكونوا غيّرهم ما غيّر غيرهم؛ فإذا أتاك كتابى هذا، فاخطب الناس، وحضّهم على قتال عدوّهم، ورغبهم فى الصبر والنيّة، وقدّم أولئك الأربعة فى صدور الناس، ومر الناس جميعا أن يكون «4» لهم صدمة كصدمة رجل واحد، وليكن ذلك عند الزوال يوم الجمعة، فإنها ساعة تنزّل الرحمة ووقت الإجابة، وليعجّ الناس إلى الله، ويسألوه النصر على عّدوهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 فلما أتى عمرا الكتاب، جمع الناس، وقرأ عليهم كتاب عمر، ثم دعا أولئك النفر، فقدّمهم أمام الناس، وأمر الناس أن يتطهّروا، ويصلّوا ركعتين، ثم يرغبوا الى الله عزّ وجلّ ويسألوه النصر، ففعلوا ففتح الله عليهم «1» . ويقال إن عمرو بن العاص استشار مسلمة بن مخلّد كما حدثنا عثمان بن صالح، عمّن حدثه، قال: أشر علىّ فى قتال هؤلاء، فقال له مسلمة: أرى أن تنظر إلى رجل له معرفة وتجارب من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فتعقد له على الناس، فيكون هو الذي يباشر القتال ويكفيك. قال: عمرو ومن ذلك؟ قال: عبادة بن الصامت. قال: فدعا عمرو عبادة فأتاه، وهو راكب على فرسه، فلما دنا منه أراد النزول، فقال له عمرو: عزمت عليك إن نزلت ناولنى سنان رمحك. فناوله إياه، فنزع عمرو عمامته عن رأسه وعقد له، وولّاه قتال الروم. فتقدّم عبادة مكانه، فصافّ الروم وقاتلهم، ففتح الله على يديه الإسكندرية من يومهم ذلك. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم- قال: لما أبطأ على عمرو بن العاص فتح الإسكندرية استلقى على ظهره، ثم جلس فقال: إنى فكّرت فى هذا الأمر فإذا هو لا يصلح آخره إلا من «2» أصلح أوّله، يريد الأنصار؛ فدعا عبادة بن الصامت، فعقد له، ففتح الله على يديه «3» الإسكندرية فى يومه ذلك «4» . ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيّوب، وخالد بن حميد، قال: حاصروا الإسكندرية تسعة أشهر بعد موت هرقل وخمسة قبل ذلك، وفتحت يوم الجمعة لمستهلّ المحرّم سنة عشرين. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن بكير بن عبد الله، عن بسر بن سعيد، عن جنادة بن أبى أميّة، قال: دعانى عبادة بن الصامت يوم الإسكندرية، وكان على قتالها، فأغار العدوّ على طائفة من الناس ولم يأذن لهم بقتالهم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 فسمعنى، فبعثنى أحجز بينهم، فأتيتهم، فحجزت بينهم، ثم رجعت إليه، فقال: أقتل أحد من الناس هنالك؟ قلت: لا. قال: الحمد لله الذي لم يقتل أحد منهم عاصيا. قال: وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن مالك بن أنس، أن مصر فتحت سنة عشرين. قال فلما هزم الله تبارك وتعالى الروم وفتح الإسكندرية كما حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، وهرب الروم فى البر «1» والبحر خلّف عمرو بن العاص بالإسكندرية ألف رجل من أصحابه، ومضى عمرو ومن معه فى طلب من هرب من الروم فى البرّ، فرجع من كان هرب من الروم فى البحر «2» إلى الاسكندرية، فقتلوا من كان فيها من المسلمين إلا من هرب منهم، وبلغ ذلك عمرو بن العاص، فكرّ راجعا، ففتحها وأقام بها، وكتب إلى عمر بن الخطّاب: إن الله قد فتح علينا الإسكندرية عنوة بغير عقد ولا عهد، فكتب إليه عمر بن الخطّاب يقبّح رأيه، ويأمره ألا يجاوزها «3» . قال ابن لهيعة: وهو فتح الإسكندرية الثانى. وكان سبب فتحها هذا كما حدثنا إبراهيم بن سعيد البلوى، أن رجلا يقال له ابن بسّامة كان بوّابا، فسأل عمرو بن العاص أن يؤمنه على نفسه وأرضه وأهل بيته، ويفتح له الباب، فأجابه عمرو إلى ذلك، ففتح له ابن بسّامة الباب، فدخل عمرو، وكان مدخله هذا من ناحية القنطرة التى يقال لها قنطرة سليمان، وكان مدخل عمرو بن العاص الأوّل من باب المدينة الذي من ناحية كنيسة الذهب. وقد بقى لابن بسّامة عقب بالإسكندرية إلى اليوم. حدثنا هانئ بن المتوكّل، حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافرى، قال: قتل من المسلمين من حين كان من أمر الإسكندرية ما كان إلى أن فتحت اثنان وعشرون رجلا «4» . وبعث عمرو بن العاص كما حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، معاوية بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 حديج وافدا إلى عمر بن الخطاب بشيرا «1» بالفتح، فقال له معاوية: ألا تكتب معى «2» ؟ فقال له عمرو: وما أصنع بالكتاب: ألست رجلا عربيّا تبلغ الرسالة؛ وما رأيت وحضرت! فلما قدم على عمر أخبره بفتح الإسكندرية، فخرّ عمر ساجدا، وقال: الحمد لله. وحدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا موسى بن علىّ، عن أبيه، أنه سمعه يقول: سمعت معاوية بن حديج يقول: بعثنى عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية، فقدمت المدينة فى الظهيرة، فأنخت راحلتى بباب المسجد، ثم دخلت المسجد، فبينا أنا قاعد فيه إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطاب، فرأتنى شاحبا علىّ ثياب. السفر، فأتتنى، فقالت: من أنت؟ قال: فقلت: أنا معاوية بن حديج، رسول عمرو بن العاص، فانصرفت عنّى ثم أقبلت تشتدّ، أسمع «3» حفيف إزارها على ساقها أو على ساقيها حتى دنت منى، فقالت: قم فأجب أمير المؤمنين يدعوك، فتبعتها «4» ، فلما دخلت فإذا بعمر بن الخطاب يتناول رداءه بإحدى يديه، ويشدّ إزاره بالأخرى، فقال: ما عندك؟ فقلت: خير يا أمير المؤمنين، فتح الله الإسكندرية. فخرج معى إلى المسجد، فقال للمؤذّن أذّن فى الناس الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، ثم قال لى: قم فأخبر أصحابك. فقمت فأخبرتهم، ثم صلّى، ودخل منزله، واستقبل القبلة، فدعا بدعوات، ثم جلس، فقال: يا جارية، هل من طعام؟ فأتت بخبز وزيت. فقال: كل، فأكلت على حياء؛ ثم قال: (5 كل فإن المسافر يحبّ الطعام، فلو كنت آكلا لأكلت معك، فأصبت على حياء، ثم قال: 5) يا جارية، هل من تمر؟ فأتت بتمر فى طبق، فقال: كل. فأكلت على حياء، ثم قال: ماذا قلت يا معاوية حين أتيت المسجد؟ قال: قلته «6» أمير المؤمنين قائل. قال: بئس ما قلت أو بئس ما ظننت، لئن نمت النهار لأضيّعنّ الرعيّة، ولئن نمت الليل لأضيعنّ نفسى، فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية؟. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 ثم كتب عمرو بن العاص بعد ذلك، كما حدثنا إبراهيم بن سعيد البلوىّ «1» إلى عمر بن الخطّاب أمّا بعد، فإنى فتحت مدينة لا أصف ما فيها، غير أنى أصبت فيها أربعة آلاف منية بأربعة آلاف حمّام، وأربعين ألف يهودىّ عليهم الجزية، وأربعمائة ملهى للملوك. قال: حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ضمام بن إسماعيل، عن أبى قبيل، أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية وجد فيها اثنى عشر ألف بقّال، يبيعون البقل الأخضر. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثنا ابن مقلاص، عن يحيى بن عبد الله بن داود، قال: أراه عن حيوة بن شريح، أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية وجد فيها اثنى عشر ألف بقّال. حدثنا هانئ بن المتوكّل، حدثنا محمد بن سعيد الهاشمىّ، قال: ترحّل من الإسكندرية فى الليلة التى دخلها عمرو بن العاص- أو فى الليلة التى خافوا فيها دخول عمرو- سبعون ألف يهودىّ. (* حدثنا هانئ بن المتوكّل، عن موسى بن أيّوب، ورشدين بن سعد، عن الحسن ابن ثوبان، عن حسين بن شفىّ بن عبيد، قال: كان بالإسكندرية، فيما أحصى من الحمّامات اثنا عشر ديماسا، أصغر ديماس منها يسع ألف مجلس، كل مجلس منها يسع جماعة نفر. وكان عدّة من بالإسكندرية من الروم مائتى ألف من الرجال، فلحق بأرض الروم أهل القوّة، وركبوا السفن، وكان بها مائة مركب من المراكب الكبار، فحمل فيها ثلاثون ألفا مع ما قدروا عليه من المال والمتاع والأهل، وبقى من بقى من الأسارى ممن بلغ الخراج، فأحصى يومئذ ستمائة ألف سوى النساء والصبيان. فاختلف الناس على عمرو فى قسمهم، وكان أكثر الناس يريدون قسمها، فقال عمرو: لا أقدر على قسمها، حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها، ويعلمه أن المسلمين طلبوا قسمها، فكتب إليه عمر: لا تقسمها، وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين، وقوّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 لهم على جهاد عدوّهم، فأقرّها عمرو، وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج، فكانت مصر صلحا كلّها بفريضة دينارين دينارين على كل رجل، لا يزاد على أحد منهم فى جزية رأسه أكثر من دينارين، إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسّع فيه من الأرض والزرع إلا الإسكندرية «1» ، فإنهم كانوا يؤدّون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليّهم «2» ، لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد، ولم يكن لهم صلح ولا ذمّة*) . وقد كانت قرى من قرى مصر- كما حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب- قاتلت فسبوا «3» ، منها قرية يقال لها بلهيب، وقرية يقال لها الخيس، وقرية يقال لها سلطيس، فوقع سبايهم بالمدينة وغيرها، فردّهم عمر بن الخطاب إلى قراهم، وصيّرهم وجماعة القبط أهل ذمّة «4» . حدثنا عثمان بن صالح، أخبرنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عمرا سبى أهل بلهيب وسلطيس وقرطسا وسخا، فتفّرقوا، وبلغ أوّلهم المدينة حين «5» نقضوا، ثم كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بردّهم، فردّ من وجد منهم. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عمر بن الخطاب كتب فى أهل سلطيس خاصّة: من كان منهم فى أيديكم فخيّروه بين الإسلام، فإن أسلم فهو من المسلمين، له ما لهم وعليه ما عليهم، وإن اختار دينه فخلّوا بينه وبين قريته، فكان البلهيبىّ خيّر يومئذ فاختار الإسلام. (* ثم رجع إلى حديث عثمان، عن يحيى بن أيّوب، أن أهل سلطيس ومصيل وبلهيب، ظاهروا الروم على المسلمين فى جمع كان لهم، فلما ظهر عليهم المسلمون استحلّوهم وقالوا: هؤلاء لنا فىء مع الإسكندرية، فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر ابن الخطاب، فكتب إليه عمر بن الخطاب أن تجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 ذمّة للمسلمين، ويضربون عليهم الخراج، ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط قوّة للمسلمين على عدوّهم، ولا يجعلون فيئا ولا عبيدا. ففعلوا ذلك*) . ويقال إنما ردّهم عمر بن الخطاب لعهد كان تقدّم لهم. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، وابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عوف بن حطّان، أنه كان لقريات من مصر منها أمّ دنين وبلهيب عهد، وأن عمر لما سمع بذلك كتب إلى عمرو بن العاص يأمره أن يخيّرهم، فإن دخلوا فى الإسلام فذاك، وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم. قال وكان من أبناء السلطيسيّات عمران بن عبد الرحمن بن جعفر بن ربيعة، وأمّ عياض بن عقبة، وأبو عبيدة بن عقبة، وأمّ عون بن خارجة القرشىّ ثم العدوىّ، وأمّ عبد الرحمن بن معاوية بن حديج، وموالى أشراف بعد ذلك وقعوا عند مروان بن الحكم، منهم: أبان، وعمّه أبو عياض، وعبد الرحمن البلهيبىّ. ذكر من قال إن مصر فتحت بصلح قال ثم رجع إلى حديث موسى بن أيّوب، ورشدين بن سعد، عن الحسن بن ثوبان، عن حسين بن شفىّ، أن عمرا لما فتح الإسكندرية، بقى من الأسارى بها ممن بلغ الخراج وأحصى يومئذ ستّمائة ألف سوى النساء والصبيان. فاختلف الناس على عمرو فى قسمهم فكان أكثر المسلمين يريدون قسمها، فقال عمرو: لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها، وأن المسلمين طلبوا قسمها، فكتب إليه عمر: لا تقسمها، وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين وقوّة لهم على جهاد عدوّهم، فأقّرها عمرو، وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج، فكانت مصر كلها صلحا بفريضة دينارين دينارين على كل رجل، لا يزاد على أحد منهم فى جزية رأسه أكثر من دينارين إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسّع فيه من الأرض والزرع إلا الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدّون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليّهم «1» ؛ لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد، ولم يكن لهم صلح ولا ذمّة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 حدثنا عثمان، أخبرنا الليث، قال: كان يزيد بن أبى حبيب، يقول: مصر كلّها صلح إلا الإسكندرية، فإنما فتحت عنوة. حدثنا عثمان بن صالح، عن بكر بن مضر، عن عبيد الله بن أبى جعفر، قال: حدثنى رجل ممن أدرك عمرو بن العاص، قال: للقبط عهد عند فلان، وعهد عند فلان، فسمّى ثلاثة نفر. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن أيّوب، عن عبيد الله بن أبى جعفر، عن شيخ من كبراء الجند، أن عهد أهل مصر كان عند كبرائهم. حدثنا هشام بن إسحاق العامرىّ، عن الليث بن سعد، عن عبيد الله بن أبى جعفر، قال: سألت شيخا من القدماء عن فتح مصر، فقال: هاجرنا إلى المدينة أيّام عمر بن الخطاب وأنا محتلم، فشهدت فتح مصر. قلت له: فإن ناسا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد، فقال: ما يبالى ألّا يصلّى من قال إنه ليس لهم عهد، فقلت: فهل كان لهم كتاب؟ فقال: نعم، كتب ثلاثة: كتاب عند طلما صاحب إخنا، وكتاب عند قزمان صاحب رشيد، وكتاب عند يحنّس صاحب البرلس. قلت: كيف كان صلحهم؟ قال: دينارين على كل إنسان جزية وأرزاق المسلمين، قلت: فتعلم ما كان من الشروط؟ قال: نعم، ستّة شروط، لا يخرجون من ديارهم، ولا تنزع «1» نساؤهم، ولا كفورهم، ولا أرضيهم، لا يزاد عليهم. وحدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أنه حدثه عن أبى جمعة مولى عقبة، قال: كتب عقبة بن عامر إلى معاوية بن أبى سفيان يسأله أرضا يسترفق فيها «2» عند قرية عقبة؛ فكتب له معاوية بألف ذراع فى ألف ذراع، فقال له مولى له كان عنده: انظر أصلحك الله أرضا صالحة، فقال عقبة: ليس لنا ذلك، إنّ فى عهدهم شروطا ستّة، ألا يؤخذ من أنفسهم شىء، ولا من نسائهم، ولا من أولادهم، ولا يزاد عليهم، ويدفع «3» عنهم موضع «4» الخوف من عدوّهم، وأنا شاهد لهم بذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن أبى شريح عبد الرحمن بن شريح، عن عبيد الله بن أبى جعفر، عن أبى جمعة حبيب بن وهب، قال: كتب عقبة ابن عامر إلى معاوية يسأله بقيعا فى قرية بينى فيه منازل ومساكن، فأمر له معاوية بألف ذراع فى ألف ذراع، فقال له مواليه ومن كان عنده: انظر إلى أرض تعجبك، فاختطّ فيها وابتن، فقال: ليس لنا ذلك، لهم فى عهدهم ستّة شروط، منها: ألا يؤخذ من أرضهم شىء، ولا يزاد عليهم، ولا يكلّفوا غير طاقتهم، ولا يؤخذ ذراريهم، وأن يقاتل عنهم عدوّهم من ورائهم. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن أيّوب، عن عبيد الله بن أبى جعفر، عن رجل من كبراء الجند، قال: كتب معاوية بن أبى سفيان إلى وردان أن زد على كل رجل منهم قيراطا، فكتب وردان إلى معاوية: كيف تزيد عليهم وفى عهدهم ألا يزاد عليهم شىء، فعزل معاوية وردان. ويقال إن معاوية إنما عزل وردان كما حدثنا سعيد بن عفير، أن عتبة بن أبى سفيان، وفد إلى معاوية فى نفر من أهل مصر، وكان معاوية ولّى عتبة الحرب، ووردان الخراج، وحويت «1» بن زيد الديوان، فسأل معاوية الوفد عن عتبة، فقال عبادة بن صمّل المعافرى: حوت بحر يا أمير المؤمنين، ووعل برّ. فقال معاوية لعتبة: اسمع ما تقول فيك رعيّتك. فقال: صدقوا يا أمير المؤمنين، حجبتنى عن الخراج ولهم علىّ حقوق، وأكره أن أجلس فأسأل فلا أفعل فأبخل فضمّ إليه معاوية الخراج. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، وابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عوف بن حطّان، أنه قال كان لقريّات «2» من مصر منهن «3» أمّ دنين وبلهيب عهد، وأن عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما سمع بذلك كتب إلى عمرو بن العاص، يأمره أن يخيّرهم، فإن دخلوا فى الإسلام فذلك، وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم. قال: وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 عن يحيى بن ميمون الحضرمىّ، قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر صولح على جميع من فيها من الرجال من القبط ممّن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك، ليس فيهم «1» امرأة ولا صبىّ ولا شيخ على دينارين دينارين، فأحصوا لذلك فبلغت عدّتهم ثمانية آلاف ألف. (* حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن وهب، قال: سمعت حيوة بن شريح، قال: سمعت الحسن بن ثوبان الهمدانىّ، يقول: حدثنى هشام بن أبى رقيّة اللخمى، أن عمرو ابن العاص لما فتح مصر قال لقبط مصر: إن من كتمنى كنزا عنده فقدرت عليه قتلته، وإن نبطيّا «2» من أهل الصعيد، يقال له بطرس، ذكر لعمرو أن عنده كنزا، فأرسل إليه فسأله، فأنكر وجحد، فحبسه فى السجن، وعمرو يسأل عنه: هل يسمعونه يسأل عن أحد؟ فقالوا: لا، إنما سمعناه يسأل عن راهب فى الطور، فأرسل عمرو إلى بطرس، فنزع خاتمه من يده، ثم كتب إلى ذلك الراهب، أن ابعث إلىّ بما عندك، وختمه بخاتمه، فجاءه رسوله بقلّة شأميّة مختومة بالرصاص، ففتحها عمرو، فوجد فيها صحيفة مكتوب فيها: ما لكم تحت الفسقيّة الكبيرة؛ فأرسل عمرو إلى الفسقيّة، فحبس عنها الماء، ثم قلع البلاط الذي تحتها، فوجد فيها اثنين وخمسين إردبا ذهبا مضروبة، فضرب عمرو رأسه عند باب المسجد. فذكر ابن أبى رقيّة أنّ القبط أخرجوا كنوزهم شفقا أن يبغى على أحد منهم فيقتل، كما قتل بطرس*) . حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عمرو بن العاص استحلّ مال قبطىّ من قبط مصر، لأنه استقرّ عنده أنه يظهر الروم على عورات المسلمين، ويكتب إليهم بذلك، فاستخرج منه بضعة وخمسين إردبّا دنانير. قال: ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيّوب، وخالد بن حميد، قال: ففتح الله أرض مصر كلها بصلح غير الإسكندرية، وثلاث قريات ظاهرت الروم على المسلمين: (3 سلطيس، ومصيل، وبلهيب، فإنه كان للروم جمع فظاهروا الروم على المسلمين 3) ، فلما ظهر عليها المسلمون استحلّوها وقالوا: هؤلاء لنا فىء مع الإسكندرية، فكتب عمرو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 ابن العاص بذلك إلى عمر بن الخطاب، فكتب إليه عمر: أن تجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ذمّة للمسلمين ويضربون عليهم الخراج، ويكون خراجهم وما صالح «1» عليه القبط كلّه قوّة للمسلمين، لا يجعلون فيئا ولا عبيدا، ففعلوا ذلك إلى اليوم. ذكر من قال فتحت مصر عنوة وقال آخرون: بل فتحت مصر عنوة بلا عهد ولا عقد. (* حدثنا عبد الملك بن مسلمة، وعثمان بن صالح، قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عمّن سمع عبيد الله بن المغيرة بن أبى بردة، يقول: سمعت سفيان ابن وهب الخولانى، يقول: إنا لما فتحنا مصر بغير عهد «2» قام الزبير بن العوّام فقال: اقسمها يا عمرو بن العاص فقال عمرو: والله لا أقسمها. قال «3» الزبير والله لتقسمنّها كما قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم خيبر. قال «3» عمرو والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين. فكتب إليه عمر: أقرّها حتى يغزو منها «4» حبل الحبلة*) . قال ابن لهيعة، وحدثنى يحيى بن ميمون، عن عبيد الله بن المغيرة، عن سفيان بن وهب بهذا إلا أنه قال: فقال عمرو: لم أكن لأحدث فيهم شيئا حتى أكتب إلى عمر ابن الخطاب، فكتب إليه، فكتب إليه بهذا. قال عبد الملك فى حديثه: وإن الزبير صولح على شىء أرضى به. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، وعثمان بن صالح، قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، أن مصر فتحت عنوة. حدثنا عبد الملك، حدثنا ابن وهب، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، قال: سمعت أشياخنا يقولون: إن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد. قال ابن أنعم: منهم أبى يحدّثنا عن أبيه وكان ممّن شهد فتح مصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن وهب، عن ابن أنعم، قال: سمعت أشياخنا يقولون: فتحت مصر عنوة بغير عهد ولا عقد. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى الأسود، عن عروة، أن مصر فتحت عنوة. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قنان أيوب بن أبى العالية، عن أبيه. وأخبرنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن وهب، عن داود بن عبد الله الحضرمىّ، أن أبا قنان حدثه عن أبيه، أنه سمع عمرو بن العاص يقول: لقد قعدت مقعدى هذا وما لأحد من قبط مصر علىّ عهد ولا عقد، إلا أهل أنطابلس فإن لهم عهدا يوفى لهم به. قال ابن لهيعة فى حديثه إن شئت قتلت «1» وان شئت خمست وان شئت بعت. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن عياض بن عبد الله الفهرىّ، عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن، أن عمرو بن العاص فتح مصر بغير عقد ولا عهد، وأن عمر بن الخطاب حبس درّها وصرّها أن يخرج منه شىء نظرا للإسلام وأهله. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شريح، عن يعقوب بن مجاهد، عن زيد بن أسلم، قال: كان تابوت لعمر بن الخطاب فيه كل عهد كان بينه وبين أحد ممن عاهده «2» ، فلم يوجد فيه لأهل مصر عهد. قال عبد الرحمن بن شريح: فلا أدرى أعن زيد حدّث أم شىء قاله. فمن أسلم منهم فأمّة ومن أقام منهم فذمّة. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وعبد الملك بن مسلمة، قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن عبد الملك بن جنادة كاتب حيّان بن سريج «3» من أهل مصر من موالى قريش، قال: كتب حيان إلى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم «4» ، فسأل عمر عراك بن مالك، فقال عراك: ما سمعت لهم بعهد ولا عقد، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 وانما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد، فكتب عمر إلى حيّان بن سريج أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم. قال وسمعت يحيى بن عبد الله بن بكير، يقول: خرج أبو سلمة بن عبد الرحمن يريد الإسكندرية فى سفينة، فاحتاج إلى رجل يقذف به، فسخّر رجلا من القبط، فكلّم فى ذلك، فقال: إنما هم بمنزلة العبيد إن احتجنا إليهم. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن الصلت بن أبى عاصم، أنه قرأ كتاب عمر بن العزيز إلى حيّان بن سريج «1» ، أن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شريح، عن عبيد الله بن أبى جعفر، أن كاتب حيّان حدثه أنه احتيج «2» إلى خشب لصناعة الجزيرة، فكتب حيّان إلى عمر يذكر ذلك له، وأنه وجد خشبا عند بعض أهل الذمّة، وأنه كره أن يأخذ منهم حتى يعلمه، فكتب إليه عمر: خذها منهم بقيمة عدل، فإنى لم أجد لأهل مصر عهدا أفى لهم به. حدثنا عبد الرحمن. قال: حدثنا عبد الملك بن مسلمة، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى حيّان بن سريج: إن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن كعب بن أبى لبابة، أن عمر بن عبد العزيز، قال لسالم بن عبد الله: أنت تقول ليس لأهل مصر عهد؟ قال: نعم. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر بن الخطاب فى رهبان يترهّبون بمصر فيموت أحدهم وليس له وارث. فكتب إليه عمر، أن من كان منهم له عقب فادفع ميراثه إلى عقبه، ومن لم يكن له عقب فاجعل ماله فى بيت مال المسلمين، فإنّ ولاءه للمسلمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 (1 حدثنا يحيى بن خلد، عن رشدين بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، أنه قال: كان فتح مصر بعضها بعهد وذمّة، وبعضها عنوة، فجعلها عمر بن الخطاب رضى الله عنه جميعا ذمّة، وحملهم على ذلك؛ فمضى ذلك فيهم إلى اليوم 1) . ذكر الخطط (* قال: حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية ورأى بيوتها وبناءها مفروغا منها، همّ أن يسكنها، وقال: مساكن قد كفيناها، فكتب إلى عمر بن الخطّاب يستأذنه فى ذلك؛ فسأل عمر الرسول: هل يحول بينى وبين المسلمين ماء؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، إذا جرى النيل. فكتب عمر إلى عمرو: إنى لا أحبّ أن تنزل المسلمين منزلا يحول الماء بينى وبينهم فى شتاء ولا صيف. فتحوّل عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط*) . حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب. وحدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن وهب، عن الليث، عن يزيد بن أبى حبيب أن عمر بن الخطاب، كتب إلى سعد بن أبى وقّاص، وهو نازل بمدائن كسرى، وإلى عامله بالبصرة، وإلى عمرو بن العاص وهو نازل بالإسكندرية؛ ألا تجعلوا بينى وبينكم ماء، متى أردت أن أركب إليكم راحلتى حتى أقدم عليكم قدمت. فتحوّل سعد بن أبى وقّاص من مدائن كسرى إلى الكوفة، وتحوّل صاحب البصرة من المكان الذي كان فيه، فنزل البصرة، وتحوّل عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط. (2 قال: وإنما سمّيت الفسطاط كما حدثنا أبي عبد الله بن عبد الحكم، وسعيد بن عفير، أن عمرو بن العاص لمّا أراد التوجّه إلى الإسكندرية لقتال من بها من الروم، أمر بنزع فسطاطه، فإذا فيه يمام قد فرخ، فقال عمرو بن العاص: لقد تحرّم منّا بمتحرّم، فأمر به فأقرّ كما هو، وأوصى به صاحب القصر، فلما قفل المسلمون من الإسكندرية، فقالوا: أين ننزل؟ قالوا: الفسطاط- لفسطاط عمرو الذي كان خلّفه،- وكان مضروبا فى موضع الدار التى تعرف اليوم بدار الحصى، عند دار عمرو الصغيرة اليوم 2) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وبنى عمرو بن العاص المسجد كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن الليث بن سعد، وكان «1» ما حوله حدائق وأعنابا، فنصبوا الحبال حتى استقام لهم، ووضعوا أيديهم، فلم يزل عمرو قائما حتى وضعوا القبلة؛ وإن عمرا وأصحاب رسول لله صلّى الله عليه وسلم الذين وضعوها. واتّخذ فيه منبرا كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن أبى تميم الجيشانى، قال: فكتب إليه عمر بن الخطاب: أمّا بعد؛ فإنه بلغنى أنك اتّخذت منبرا ترقى «2» به «3» على رقاب المسلمين، أو ما بحسبك «4» أن تقوم قائما والمسلمون تحت عقبيك! فعزمت عليك لمّا كسرته. (5 حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبى الخير، أن أبا مسلم الغافقىّ صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يؤذّن لعمرو بن العاص، فرأيته يبخّر المسجد 5) . قال: واختلط الناس. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، أخبرنا ابن وهب، عن يحيى ابن أزهر، عن الحجّاج بن شدّاد، عن أبى صالح الغفارىّ، قال: كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب: إنّا قد اختططنا لك دارا عند المسجد الجامع. فكتب إليه عمر: أنّى لرجل بالحجاز تكون له دار بمصر! وأمره أن يجعلها سوقا للمسلمين. قال ابن لهيعة: هى دار البركة، فجعلت سوقا، فكان يباع فيها الرقيق. هكذا قال ابن لهيعة. قال وأما الليث بن سعد، فإن عبد الملك حدثنا عنه، أن دار البركة خطّة لعبد الله ابن عمر بن الخطاب، فسأله إيّاها عبد العزيز بن مروان، فوهبها له، فلم يثبه منها شيئا. حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 الله بن عمر بن الخطاب، فسأله إيّاها عبد العزيز بن مروان، فوهبها له، فلم يثبه منها شيئا. حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، قال: شهد عبد الله بن عمر فتح مصر واختطّ فيها دار البركة، بركة الرقيق، قال: فوهبتها لمعاوية رجاء أن يثيبنى منها، حتى مات فهو فى حلّ «1» . وكان من حفظ من الذين شهدوا فتح مصر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم من قريش وغيرهم، ومن لم يكن له برسول الله صلّى الله عليه وسلم صحبة، كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة وغير عبد الملك قد ذكر بعض ذلك أيضا: الزبير بن العوّام، وسعد بن أبى وقّاص، وعمرو بن العاص، وهو كان أمير القرم، وعبد الله بن عمرو، وخارجة بن حذاقة العدوىّ، وعبد الله ابن عمر بن الخطّاب، وقيس بن أبى العاص السهمىّ، والمقداد بن الأسود، وعبد الله بن سعد بن أبى سرح العامرىّ، ونافع بن عبد القيس الفهرىّ. (2 ويقال بل هو عقبة بن نافع، وأبو عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهرى. 2) وأبو رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وابن عبدة، وعبد الرحمن وربيعة ابنا شرحبيل بن حسنة، ووردان مولى عمرو بن العاص، وكان حامل لواء عمرو بن العاص. وقد اختلف فى سعد بن أبى وقّاص، فقيل: إنما دخلها بعد الفتح. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن الليث بن سعد، أن سعد بن أبى وقّاص قدم مصر. وشهد الفتح من الأنصار: عبادة بن الصامت، وقد شهد بدرا وبيعة العقبة، ومحمد ابن مسلمة الأنصارىّ، وقد شهد بدرا وهو الذي بعثه عمر بن الخطاب إلى مصر، فقاسم عمرو بن العاص ماله، وهو أحد «3» من كان صعد الحصن مع الزبير بن العوّام، ومسلمة ابن مخلّد الأنصارى يقال له صحبة. حدّثونا عن وكيع، حدثنا موسى بن علىّ، عن أبيه، قال: سمعت مسلمة بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 مخلّد، يقول: ولدت حين قدم النبي صلّى الله عليه وسلم المدينة، وتوفّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر. وكان قد ولى البلد فى أيام معاوية وصدرا من خلافة يزيد، وتوفّى مسلمة بمصر سنة اثنتين وستّين. وأبو أيّوب الأنصارى واسمه خالد بن زيد، وقد شهد بدرا، وتوفّى بالقسطنطينة فى سنة خمسين. وأبو الدرداء، واسمه عويمر. قال ابن هشام: عويمر بن عامر، ويقال: عويمر بن زيد «1» . ومن أفناء القبائل: أبو بصرة الغفارىّ، واسمه حميل بن بصرة، وأبو ذرّ الغفارى واسمه جندب بن جنادة. ويقال برير. (2 قال ابن هشام: سمعت غير واحد من العلماء، يقول: أبو ذرّ جندب بن جناده 2) . حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: وكان أبو ذرّ ممن شهد الفتح مع عمرو بن العاص: وهبيب بن مغفل. ولهم عنه حديث واحد، وهو حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن أسلم أبا عمران أخبره، عن هبيب ابن مغفل أنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من جره خيلاء، يعنى إزاره وطئه فى النار «3» . وإليه ينسب وادى هبيب الذي بالمغرب. وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدىّ، وكان اسمه العاص، فسمّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عبد الله. حدثنا عبد الله بن صالح، ويحيى بن عبد الله بن بكير، قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى، قال: توفّى رجل ممن قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم فأسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عند القبر: ما اسمك؟ فقلت: العاص. (4 وقال لابن عمرو: ما اسمك؟ فقال: العاصّ. وقال للعاص بن العاص: ما اسمك؟ فقال: العاص 4) . فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: العاص أنتم عبد الله، انزلوا، قال: فوارينا صاحبنا ثم خرجنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا. وكعب بن ضنّة العبسىّ، ويقال: كعب بن يسار بن ضنّة. وعقبة بن عامر الجهنىّ يكنّى أبا حمّاد، وهو كان رسول عمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 ابن الخطاب إلى عمرو بن العاص حين كتب إليه يأمره أن يرجع إن لم يكن دخل أرض مصر. وأبو زمعة البلوىّ. وبرح «1» بن حسكل، وكان ممن قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مهرة، وشهد الفتح مع عمرو، واختطّ. هكذا قال ابن عفير، برح بن حسكل. والمهريّون يقولون برح بن عسكل. وجنادة بن أبى أميّة الأزدى. وسفيان بن وهب الخولانى، وله صحبة. حدثنا عمرو بن سوّاد، حدثنا ابن وهب، حدثنى عبد الرحمن بن شريح، قال: سمعت سعيد بن أبى شمر السبائى، يقول: سمعت سفيان بن وهب الخولانى، يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: لا تأتى المائة وعلى ظهرها أحد باق «2» . قال: فحدّثت بها ابن حجيرة، فقام فدخل على عبد العزيز بن مروان، قال: فحمل سفيان وهو شيخ كبير حتى أدخل على عبد العزيز بن مروان، فسأله عن الحديث فحدّثه، فقال عبد العزيز: فلعلّه يعنى لا يبقى أحد ممن كان معه إلى رأس المائة. فقال سفيان: هكذا سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول. ومعاوية بن حديج الكندى، وهو كان رسول عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية. وقد اختلف فى معاوية بن حديج، فقال قوم: له صحبة، واحتجوا فى ذلك، بحديث حدّثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وشعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن حديج، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، صلى يوما فسلّم ثم انصرف وقد بقى من الصلاة ركعة، فأدركه رجل فقال: قد بقيت من الصلاة ركعة، فرجع فدخل المسجد فصلّى بالناس ركعة. فأخبرت بذلك الناس، فقالوا: أتعرف الرجل؟ قلت: لا، إلّا أن أراه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وقال آخرون: ليست له صحبة، واحتجّوا بحديث حدّثناه يوسف بن عدىّ، عن عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علىّ بن رباح، قال: سمعت معاوية بن حديج، يقول: هاجرنا على عهد أبى بكر رحمه الله، فبينا نحن عندة إذ طلع المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنه قدم علينا برأس ينّاق البطريق، ولم يكن لنا به حاجة، إنما هذه «1» سنّة العجم، ثم قال: قم يا عقبة. فقام رجل يقال له عقبة، فقال: إنى لا أريدك، إنما أريد عقبة بن عامر، قم يا عقبة، فقام رجل فصيح قارئ، فافتتح سورة البقرة، ثم ذكر قتالهم وما فتح الله لهم، فلم أزل أحبّه من يومئذ. وعامر مولى جمل، الذي يقال له عامر جمل، شهد الفتح، وهو مملوك، وإنما قيل له عامر جمل، أنه كان مع عمرو بن العاص عند معاوية بن أبى سفيان فقال عامر لعمرو «2» : تكلّم، فإننى من ورائك، فقال له معاوية: ومن أنت؟ قال: أنا عامر مولى جمل، فقال له معاوية: بل أنت عامر جمل، فقيل له عامر جمل لقول معاوية ذلك. منهم من أهل بدر ستّة نفر: الزبير بن العوّام، وسعد بن أبى وقّاص، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وأبو أيّوب الانصارى، ومحمد بن مسلمة. وقد كان عمّار ابن ياسر دخل مصر، ولكن دخلها بعد الفتح فى أيام عثمان. حدثنا عبد الحميد بن الوليد، حدثنا أبو عبد الرحمن، عن مجالد، عن الشعبىّ، أن عمّار بن ياسر دخل مصر فى أيام عثمان بن عفّان، وجّهه إليها فى بعض أموره. ولهم عنه حديث واحد. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى عشانة، قال: سمعت أبا اليقظان عمّار بن ياسر، يقول: أبشروا فو الله لأنتم أشدّ حبّا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم من عامّة من قد رآه. قال: منهم من اختطّ بالبلد فذكرنا خطّته، ومنهم من لم يذكر «3» له خطّة، فالله أعلم كيف كان الأمر فى ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 قال: فاختطّ عمرو بن العاص داره التى هى له اليوم عند باب المسجد، بينهما الطريق. وداره الأخرى اللاصقة إلى جنبها، وفيها دفن عبد الله بن عمرو بن العاص فيما زعم بعض مشايخ البلد لحدث كان يومئذ فى البلد. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: توفّي عبد الله بن عمرو بن العاص بأرضه بالسبع من فلسطين. ويقال بل مات بمكّة، والله أعلم. ويكنّى أبا محمد، وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين. ولأهل مصر عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلم، قريب من مائة حديث. والحمّام الذي يقال له حمّام الفأر. وإنما قيل له حمّام الفأر أن حمّامات الروم كانت ديماسات كبار، فلما بنى هذا الحمّام، ورأوا صغره، قالوا: من يدخل هذا! هذا حمّام الفأر «1» . ودار عمرو التى هنالك. ويقال بل اختطّ عمرو لنفسه فى الموضع الذي فيه دار ابن أبى الرزّام. واختطّ عبد الله ابنه هذه الدار الكبيرة التى عند المسجد الجامع، وهو الذي بناها هذا البناء، وبنى فيها قصرا على تربيع الكعبة الأولى. واحتجّ من زعم أن هذه الدار الكبيرة التى عند المسجد هى خطّة عمرو نفسه بحديث ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى تميم الجيشانىّ، أنه سمع عمرو بن العاص، يقول: أخبرنى رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: إن الله قد زادكم صلاة فصلّوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح، الوتر، الوتر «2» ألا إنّه أبو بصرة الغفارىّ. قال أبو تميم الجيشانى: وكنت أنا وأبو ذرّ قاعدين، فأخذ أبو ذرّ بيدى فانطلقنا إلى أبى بصرة، فوجدناه عند الباب الذي إلى دار عمرو؛ فقال أبو ذرّ: يا أبا بصرة، أنت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: إن الله قد زادكم صلاة فصلّوها فيما بين العشاء إلى الصبح، الوتر الوتر؟ قال: نعم. قال: أنت سمعته؟ قال: نعم. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن ابن هبيرة. وحدثناه عمرو بن سوّاد، عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 ابن وهب، عن ابن لهيعة. وقد حدثنى طلق بن السمح، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى تميم الجيشانى ببعضه. ولهم عن عمرو عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث عدّة. منها: حديث موسى بن علىّ، عن أبيه، عن أبى قيس، مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص، أن النبي صلّى الله عليه وسلم، قال: فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر «1» . حدثناه أبي، عن الليث، عن موسى بن علىّ. وحدثناه عبد الله بن صالح، عن موسى بن على نفسه. ومنها حديث نافع بن يزيد، عن الحارث بن سعيد العتقى، عن عبد الله بن منين- من بنى «2» عبد كلال- عن عمرو بن العاص، قال: أقرأنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى القرآن خمس عشرة سجدة، منها فى المفصّل ثلاث، وفى سورة الحجّ سجدتان. حدثناه سعيد بن أبى مريم. ذكر من اختطّ حول المسجد الجامع مع عمرو بن العاص واختطّ حول عمرو والمسجد قريش، والأنصار، وأسلم، وغفار، وجهينة، ومن كان فى الراية ممّن لم يكن لعشيرته فى الفتح عدد مع عمرو. فاختطّ وردان مولى عمرو القصر الذي يعرف بقصر عمر بن مروان، وإنما نسب إلى عمر بن مروان أن أنتناس صاحب الجند «3» وخراج مسلمة، سأل معاوية أن يجعل له منزلا قرب الديوان، فكتب معاوية إلى مسلمة بن مخلّد، يأمره أن يشترى له منزل وردان، ويخطّ لوردان حيث شاء، ففعل، فأخذ أنتناس المنزل، وبعث مسلمة مع وردان السمط مولى مسلمة، وأمره أن يقطعه غلوة «4» نشّابه، فخرج معه حتى وقفا على موضع مناخ الإبل، وكان ذلك فناء يتوسّع فيه «5» المسلمون فيما بينهم وبين البحر، فقال السمط لوردان: لنعلمنّ اليوم فضل غلاء «6» فارس على الروم، وكان السمط فارسيّا، ووردان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 روميّا، فمغط «1» السمط فى قوسه ونزع له بنشّابه فاختطّها وردان. فلما مات أنتناس أقطعت عمر بن مروان. ويكنّى وردان بأبى عبيد. ويقال إن قصر عمر بن مروان من خطّة الأزد، فابتاع ذلك عبد العزيز بن مروان، فوهبه لأخيه عمر بن مروان، وذلك أن ذلك الزقاق من قصر عمر بن مروان إلى الاصطبل، والاصطبل من خطّة الأزد. واختطّ قيس بن سعد بن عبادة فى قبلة المسجد الجامع، دار الفلفل «2» ، وكانت فضاء فبناها لمّا ولى البلد، ولّاه إياه على بن أبى طالب، ثم عزله، فكان الناس يقولون إنها له حتى ذكر له ذلك، فقال: وأىّ دار لى بمصر، فذكروها له، فقال: إنما «3» تلك بنيتها «4» من مال المسلمين لا حقّ لى فيها. ويقال إن قيس بن سعد أوصى حين حضرته الوفاة، فقال: إنى كنت بنيت دارا بمصر وأنا واليها، واستعنت فيها بمعونة المسلمين، فهى للمسلمين، ينزلها «5» ولاتهم. ولهم عن قيس عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديثان. أحدهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: ربّ الدابّة أحقّ بصدر دابّته «6» . حدثناه أبو الأسود، حدثنا ابن لهيعة، عن عبد العزيز بن عبد الملك ابن مليل، عن عبد الرحمن بن أبى أميّة «7» ، عن قيس بن سعد. ويقال بل كانت دار الفلفل، ودار الزلابية التى إلى جنبها لنافع بن عبد القيس الفهرىّ. ويقال بل هو عقبة بن نافع، فأخذها قيس بن سعد منه وعوّضه منها دار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 الفهريّين التى فى زقاق القناديل. ويقال بل كانت تلك الدار خطّة عقبة بن نافع، ويقال بل كانت دار الفلفل لسعد بن أبى وقّاص فتصدّق بها على المسلمين، واقتصر على داره التى بالموقف، والله أعلم. ويقال إن داره التى بالموقف التى تعرف بالفندق ليس هو خطّة لسعد، وإنما كان لمولى «1» سعد فمات فورثها عنه آل سعد. وإنما سمّيت دار الفلفل؛ لأن أسامة بن زيد التنوخىّ إذ كان واليا على خراج مصر، وابتاع من موسى بن وردان فلفلا بعشرين ألف دينار كان كتب فيه الوليد بن عبد الملك أراد أن يهديه إلى صاحب الروم، فخزنه فيها، فشكا ذلك موسى بن وردان إلى عمر بن عبد العزيز حين ولى الخلافة، فكتب أن يدفع إليه. حدثنا طلق بن السمح، حدثنا ضمام بن إسماعيل، حدثنى موسى بن وردان، قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز فحدّثته بأحاديث عمّن أدركته من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكنت عنده بمنزله، أدخل إذا شئت وأخرج إذا شئت، فكنت أحدّثه عمّن أدركت من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فسألته الكتاب إلى حيّان بن سريج فى عشرين ألف دينار أستوفيها مرح ثمن فلفل ليكتب إليه يدفعها «2» إلىّ، فقال لى: ولمن العشرون الألف الدينار؟ قلت: هى لى. قال: ومن أين هى لك؟ قلت له: كنت تاجرا، فضرب بمخصرته ثم قال: التاجر فاجر، والفاجر فى النار. ثم قال: اكتبوا إلى حيّان بن سريج «3» ، فلم أدخل عليه بعدها، وأمر حاجبه ألا يدخلنى عليه. وصارت دار الزلابية للحكم بن أبى بكر. ويقال بل دار الزلابية خطّة عبدة بن عبدة. واختطّ مسلمة بن مخلّد دار الرمل، واختطّ مع مسلمة فيها، أبو رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، واختطّ معهم عقبة بن عامر الجهنىّ، فلما ولى مسلمة بن مخلّد سأله معاوية داره فأعطاه إياها، وخطّ له فى الفضاء داره ذات الحمّام التى بسوق «4» وردان. ثم صارت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 إلى بنى أبى بكر بن عبد العزيز، فحازها بنو العبّاس مع ما حيز من أموال بنى مروان. فامتدح ابن شافع صالح بن علىّ فأقطعه إياها. وإنما صارت لبنى أبى بكر بن عبد العزيز، أن مسلمة بن مخلّد توفّى ولم يترك ذكرا، فورثته ابنته أمّ سهل ابنة مسلمة، وإليها تنسب منية أمّ سهل مع «1» زوجتيه وعصبته بنى أبى دجانة، فتزوّج عبد العزيز امرأتى مسلمة بعد وفاته، وقضى عنه عشرين ألف دينار كانت عليه، وتزوّج أبو بكر بن عبد العزيز ابنته، أمّ سهل ابنة مسلمة. وكان الذي صار إليهم من ربع «2» مسلمة بالميراث الذي ورثوا عن نسائهم. فكانت دار مسلمة من رحا الكعك إلى حمّام سوق وردان، مما صار لعبد العزيز ولأبى بكر بن عبد العزيز، وكان لأبى بكر من منية أم سهل ما ورثه عن امرأته أمّ سهل. وما كان فى أيدى الناس غيرهم من ذلك مما كان لابن الأشتر الصدفىّ، ولبنى وردان، ولحمّادة ابنة محمد، ولموسى بن علىّ، فمن حقوق عصبة مسلمة مما باعه يحيى بن سعيد الأنصارى، وكان العصبة قد وكّلوه بذلك، وبهذا السبب قدم يحيى بن سعيد مصر. وكانت الدار المعروفة بدار المغازل بالحمراء مما باع يحيى بن سعيد أيضا، فاشتراها منه ابن وردان وابن مسكين. وكان مسلمة بن مخلّد، كما حدثنا سعيد بن عفير، عن ابن لهيعة، أحسبه أيّام عمرو على الطواحين. واشترى معاوية أيضا دار عقبة بن عامر، وخطّ له فى الفضاء قبالة الطريق إلى دار محفوظ بن سليمان، وكانت من الخطّ الأعظم إلى البحر. ويقال بل مسلمة بن مخلّد أقطعها عقبة على ابنته أمّ كلثوم ابنة عقبة، وقد يجوز أن يكون مسلمة إنما أقطعها لعقبة بأمر معاوية عوضا من الذي أخذ منه من داره. وكانت دار أبى رافع قد صارت إلى مولاه السائب مولى أبى رافع، فاشتراها منه معاوية، وأقطع السائب فى الفضاء عند حيز الوزّ. ويقال بل اختطّ المقداد بن الأسود دارا كانت إلى جنب دار الرمل، وكانت إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 جنبها دار لعقبة بن عامر هى خطّته، فابتاع عقبة دار المقداد بن الأسود فهدمها، وهدم داره، فبناهما جميعا دارا لرملة ابنة معاوية فكتب إليه معاوية: لا حاجة لنا «1» بها، فاجعلها للمسلمين. وبرملة سمّيت دار الرمل (2 لأنهم كانوا يقولون دار رملة، فحرّفت العامّة ذلك، وقالوا: دار الرمل. ويقال إنما سمّيت دار الرمل 2) لما ينقل إليها من الرمل لدار الضرب. سمعت يحيى بن بكير فيما أحسب يقوله ولا أعلمنى سمعت ذلك من غيره. يكنّى المقداد أبا معبد. حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبى عبّاد، حدثنا حمّاد بن شعيب، عن منصور، عن هلال بن يساف «3» ، قال: استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، المقداد على سريّة، فلما رجع قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كيف رأيت الإمارة أبا معبد؟ قال: خرجت يا رسول الله وما أرى أن لى فضلا على أحد من القوم، فما رجعت إلا وكأنهم عبيد لى. قال: كذلك الإمارة أبا معبد، إلا من وقاه الله شرّها. قال: والذي بعثك بالحق لا أعمل على عمل أبدا. قال ويقال بل كتب معاوية حين استخلف إلى عقبة بن عامر يسأله أن يسلّمها ليزيد لقربها من المسجد، ويعطيه ما هو خير منها، ففعل، فأقطعه معاوية داره التى بسوق وردان وبناها له، وبنى سفل دار الرمل ليزيد، وأقطع معاوية أيضا يزيد قرية من قرى الفيّوم، فأعظم الناس ذلك وتكلّموا فيه، فلما بلغ ذلك معاوية كره قالة الناس، فردّ تلك القرية إلى الخراج كما كانت للمسلمين، وجعل دار الرمل للمسلمين تنزلها ولاتهم، ولم يكن بنى منها إلا سفلها، حتى بنى علوها القاسم بن عبيد الله بن الحبحاب. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قبيل، عن فضالة بن عبيد، قال: كنّا عند معاوية يوما وعنده معاوية بن حديج، وكان معاوية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 كالجمل الطنّىّ «1» ، يقدّم رجلا ويؤخّر أخرى، يرمى «2» بالكلمة فإن ذلّت العرب «3» أمضاها، وإن أنكروها لم يمضها. فقال ذات يوم: ما أدرى فى أىّ كتاب الله تجدون هذا الرزق والعطاء؟ فلو أنّا حبسناه، فضرب معاوية بن حديج بين كتفيه مرارا حتى ظننّا أنه يجد ألم ذلك، ثم قال: كلّا والذي نفسى بيده يا بن أبى سفيان، أو لنأخذنّ «4» بنصولها ثم لتقفنّ على أنادرها، ثم لا تخلص منها إلىّ دينار ولا درهم، فسكت معاوية. ويكنّى معاوية بن أبى سفيان بأبى عبد الرحمن، ومعاوية بن حديج بأبى نعيم. وكان الديوان كما حدثنا سعيد بن عفير، عن ابن لهيعة، فى زمان معاوية أربعين ألفا، وكان منهم أربعة آلاف فى مائتين مائتين. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن رزين بن عبد الله مثله. وزاد فكان إنما يحمل إلى معاوية ستمائة ألف فضل أعطيات الجند. حدثنا هانئ، حدثنا ضمام، عن أبى قبيل، قال: كان معاوية بن أبى سفيان قد جعل على كلّ قبيلة من قبائل العرب رجلا، فكان على المعافر رجل يقال له الحسن، يصبح كل يوم فيدور على المجالس، فيقول: هل ولد الليلة فيكم مولود؟ وهل نزل بكم نازل؟ فيقال: ولد لفلان غلام، ولفلان جارية، فيقول: سمّوهم، فيكتب. ويقال «5» نزل بها رجل من أهل اليمن بعياله فيسمّونه وعياله، فإذا فرغ من القبائل «6» كلّها أتى الديوان. وكان الديوان كما حدثنا سعيد بن عفير، عن ابن لهيعة فى زمان معاوية أربعين ألفا، وكان منهم أربعة آلاف فى مائتين مائتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 قال ابن عفير فى حديثه عن ابن لهيعة، قال: فأعطى مسلمة بن مخلّد أهل الديوان أعطياتهم، وأعطيات عيالاتهم وأرزاقهم، ونوائبهم ونوائب البلاد من الجسور،. وأرزاق الكتبة، وحملان القمح إلى الحجاز، وبعث إلى معاوية بستّمائة ألف دينار فضلا. قال ابن عفير: فنهضت الإبل فلقيهم برح بن حسكل، فقال: ما هذا! ما بال ما لنا يخرج من بلادنا؟ ردّوه. فردّ حتى وقف على المسجد فقال: أخذتم عطاءكم «1» وأرزاقكم وعطاء عيالاتكم ونوائبكم؟ قالوا: نعم. فقال: لا بارك الله لهم. قال: وخطّة برح بن حسكل عند دار زنين فى الزقاق الذي يعرف بخلف «2» القمّاح. واختطّ قيس بن أبى العاص السهمى داره التى عند دار ابن رمّانة، وكانت دار ابن رّمانة بينها وبين المسجد، ودخل بعضها فى المسجد حين زاد فى عرضه عبد الله بن طاهر، وقد كان عمرو بن العاص ولّاه القضاء. حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن لهيعة، قال: كان قيس بن أبى العاص بمصر، ولّاه عمرو بن العاص القضاء. واختطّ إلى جانب قيس بن أبى العاص عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدىّ مما يلى زقاق البلاط دار ابن رمّانة وما يليها، فاشترى ذلك عبد العزيز بن مروان، فوهب لابن رمّانة حين قدم عليه ما بنى، وكان ما بقى للأصبغ بن عبد العزيز، وكانت دار عبد الله تلى المسجد وقبلىّ بابها اليوم مرحاض بيت المال. وكان ابن رمّانة مع عبد العزيز بن مروان فى الكتّاب، وكان عبد العزيز قد وهب لابن رمّانة خاتما كان له، فلما صار عبد العزيز إلى ما صار إليه، قدم عليه ابن رمّانة من الحجاز على بعير ليس عليه إلا فروة «3» له، فقال للحاجب: استأذن لى على الأمير، فكأن الحاجب تثاقل عنه، فقال له ابن رمّانة: استأذن لى اليوم أستأذن لك غدا، فدخل الحاجب على عبد العزيز فأخبره بقوله فقال: أدخله، فلما دخل عليه ابن رمّانة وكلّمه أخرج الخاتم لعبد العزيز فعرفه، فنزع عبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 العزيز خاتم نفسه فدفعه إلى ابن رمّانة، وبنى له داره، وغرس له نخلهم الذي لهم اليوم بناحية حلوان. وعبد العزيز أيضا الذي غرس لعمير بن مدرك نخله الذي بالجيزة الذي يعرف بجنان عمير. وكان سبب ذلك كما حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، أن عمير بن مدرك كان غرسه أصنافا من الفاكهة، فلما أدرك سأل عبد العزيز أن يخرج إليه، فخرج معه عبد العزيز إليه، فلما رآه قال له عبد العزيز: هبه لى، فوهبه له، فأرسل عبد العزيز إلى صاحب الجزيرة فقال له: لئن أتت عليه الجمعة وفيه شجرة قائمة لأقطعنّ يدك، وكان بالجزيرة خمسمائة فاعل عدّة لحريق «1» إن كان فى البلاد أو هدم. فأتى بهم «2» صاحب الجزيرة فكانوا يقطعون الشجرة بحملها وعمير يرى حسرات، فلما فرغ من ذلك، أمر فنقل إليه الودىّ من حلوان، وغرسه نخلا، فلما أدرك خرج إليه عبد العزيز وخرج بعير معه، فقال له: أين هذا من الذي كان؟ فقال عمير: وأين أبلغ أنا ما بلغ الأمير؟ قال: فهو لك، وحبّسه على ولدك «3» . فهو لهم إلى اليوم. واختطّ إلى جنب عبد الله بن الحارث ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ويقال بل هو عجلان مولى قيس بن أبى العاص. وهى الدار التى زادها فى المسجد سلمة مولى صالح ابن علىّ. واختطّ عبادة بن الصامت إلى جانب ابن رمّانة، وأنت تريد إلى سوق الحمّام، وهى الدار التى كان يسكنها جوجو المؤذّن، ودار إلى جنبها، فابتاع أحدهما عبد العزيز ابن مروان فكانت له، وصارت الأخرى لبنى «4» مسكين. واختطّ خارجة بن حذافة غربىّ المسجد بينه وبين دار ثوبان قبالة الميضأة القديمة إلى أصحاب الحنّاء إلى أصحاب السويق بينه وبين المسجد الطريق. وكان الربيع بن خارجة يتيما فى حجر عبد العزيز، فلما بلغ اشترى منه داره بعشرة آلاف دينار للأصبغ بن عبد العزيز، فلما ولى عمر بن عبد العزيز ركب اليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وأخرج له «1» كتاب حبس الدار، فردّها عليه بعد أن يدفع إليه الثمن، فسأله أن يعطى كراءها، فقال: أمّا الكراء فلا، الكراء بالضمان، فردّها عليه ولم يأمر له بالكراء. قال الليث بن سعد: فرأيت الربيع فيها وأنا إذ ذاك غلام. ثم خاصم فيها الأصبغ إليه، وابن شهاب قاضيه يومئذ، فقضى ابن شهاب لابن خارجة بالدار، وقبضها، أنه لا يجوز اشتراء الولىّ ممن يلى أمره ثم خاصم إلى يزيد بن عبد الملك بعد عمر، فقضا له بالكراء فسلّمها له بنو الأصبغ حتى مات يزيد، ثم رفعوا إلى هشام بن عبد الملك، فقضى ألّا كراء عليهم، فردّ الكراء إلى بنى الأصبغ. وخارجة بن حذافة كما حدثنا شعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح، عن الليث، عن يزيد بن أبى حبيب، أوّل من بنى غرفة بمصر، فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب، فكتب إلى عمرو بن العاص: سلام، أما بعد، فإنه بلغنى أن خارجة بن حذافة بنى غرفة، ولقد أراد خارجة أن يطلع على عورات جيرانه، فإذا أتاك كتابى هذا فاهدمها إن شاء الله والسلام. ولأهل مصر عن خارجة بن حذافة عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث واحد، ليس لهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم غيره. وهو حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الله بن راشد الزوفىّ، عن عبد الله بن أبى مرّة الزوفىّ، عن خارجة بن حذافة، قال: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: إن الله قد أمدّكم «2» بصلاة هى خير لكم من حمر النعم، الوتر جعله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر «3» . حدثناه أبى، وشعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد. ولهم عنه حكايات فى نفسه، وكان خارجة بن حذافة على شرط عمرو بن العاص، أيام عمرو «4» وأيام معاوية حتى قتله الخارجىّ، وذلك أن عمرو بن العاص كان أصابه فى بطنه شىء فتخلّف فى منزله، وكان خارجة يعشّى الناس، فضربه الحرورىّ وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 يظنّ أنه عمرو، فلما علم أنه ليس عمرا، قال: أردت عمرا وأراد الله خارجة. فكان عمرو يقول: ما نفعنى بطنى قطّ إلا ذلك اليوم. حدثنا معاوية بن صالح، حدثنا يحيى بن معين، عن وهب بن جرير، عن أبيه، قال: ذهب حرورىّ ليقتل عمرو بن العاص بمصر، فلما قدمها إذا رجل جالس يغدّى قد ولى شرطة عمرو، فظنّ أنه عمرو، فوثب عليه فقتله، فلما أدخل على عمرو قال: أما والله ما أردت غيرك، قال: لكن الله لم يردنى، فقتل الرجل. وقد قيل إن خارجة إنما قتل بالشام، والله أعلم. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الهقل بن زياد، عن معاوية بن يحيى الصدفىّ، حدثنى الزهرىّ، قال: تعاقد «1» ثلاثة نفر من أهل العراق عند الكعبة على قتل معاوية وعمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة، فأقبلوا بعد ما بويع معاوية على الخلافة حتى قدموا إيلياء، فصلّوا من السحر فى المسجد ما قدر لهم ثم انصرفوا، فسألوا بعض من حضر المسجد من أهل الشام، أىّ ساعة يوافون فيها خلوة أمير المؤمنين، فإنّا رهط من أهل العراق أصابنا غرم فى أعطياتنا ونريد أن نكلّمه وهو لنا فارغ، فقال لهم: امهلوا حتى إذا ركب دابّته فاعترضوا له فكلّموه، فإنه سيقف عليكم حتى تفرغوا من كلامه. فتعجّلوا ذلك؛ فلما خرج معاوية لصلاة الفجر كبّر، فلما سجد السجدة الأولى، انبطح أحدهم «2» على ظهر الحرسىّ الساجد بينهم وبينه حتى طعن معاوية فى مأكمته، يريد فخذه، بخنجر، فانصرف معاوية وقال للناس: أتمّوا صلاتكم، وأخذ الرجل فأوثق، ودعى لمعاوية الطبيب فقال الطبيب: إن هذا الخنجر إلّا يكن مسموما فإنه ليس عليك بأس، فأعدّ الطبيب العقاقير التى تشرب إن كان مسموما، ثم أمر بعض من يعرفها من تبّاعه أن يسقيه إن عقل لسانه حتى يلحس الخنجر، ثم نحسه فلم يجده مسموما، فكبّر وكبّر من عنده من الناس. ثم خرج خارجة بن حذافة، وهو أحد بنى عدىّ بن كعب من عند معاوية إلى الناس، فقال: هذا أمر عظيم ليس بأمير المؤمنين بأس بحمد الله وأخذ يذكّر الناس وشدّ عليه أحد الحروريّين الباقيين يحسبه عمرو بن العاص فضربه بالسيف على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 الذّؤابة فقتله، فرماه الناس بالثياب، وتعاونوا «1» عليه أخذوه وأوثقوه، واستلّ الثالث السيف فشدّ على أهل المسجد، وصبر له سعيد بن مالك بن شهاب، وعليه ممطر تحته السيف مشرج على قائمه، فأهوى بيده فأدخلها الممطر على شرج السيف فلم يحلّها حتى غشيه الحرورىّ فنحاه لمنكبه، فضربه ضربة خالطت سحره، ثم استلّ سعيد السيف فاختلف هو والحرورىّ ضربتين، فضرب الحرورىّ ضربة العين أذهب «2» عينه اليسرى، وضربه سعيد فطرح يمينه بالسيف وعلاه بالسيف حتى قتله، ونزف سعيد فاحتمل نزيفا، فلم يلبث أن توفّي، فقال وهو يخبر من «3» يدخل عليه: أما والله لو شئت لنجوت مع الناس، ولكنى تحرجت أن أولّيه ظهرى ومعى السيف. ودخل رجل من كلب فقال: هذا طعن معاوية؟ قالوا: نعم. فامتلخ السيف فضرب عنقه، فأخذ الكلبىّ فسجن، وقيل له قد اتّهمت بنفسك، فقال: إنما قتلته غضبا لله، فلما سئل عنه وجد بريئا فأرسل. ودفع قاتل خارجة إلى أوليائه من بنى عدىّ بن كعب، فقطعوا يديه ورجليه، ثم حملوه حتى جاءوا به العراق، فعاش كذلك حينا، ثم تزوّج امرأة فولدت له غلاما فسمعوا أنه ولد له غلام فقالوا: لقد عجزنا حين نترك قاتل خارجة يولد له الغلمان، فكلّموا معاوية فأذن لهم بقتله فقتلوه. وقال الحرورىّ الذي قتل خارجة: أمّا والله ما أردت إلا عمرو بن العاص. فقال عمرو حين بلغه: ولكن الله أراد خارجة. فلما قتل خارجة ولّي عمرو بن العاص شرطه السائب بن هشام بن عمرو، أحد بنى مالك بن حسل، وهشام بن عمرو هو الذي كان قام فى نقض الصحيفة التى كان «4» كتبت قريش على بنى هاشم ألا يناكحوهم، ولا ينكحوا إليهم، ولا يبتاعوا منهم شيئا حتى يسلّموا رسول الله صلّى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 (1 وفيه يقول حسّان بن ثابت: هل توفينّ بنو أميّة ذمّة ... عهدا كما أوفى جوار هشام من معشر لا يغدرون بجارهم ... للحارث بن حبيّب بن سخام واذا بنو حسل أجاروا ذمّة ... أوفوا وأدّوا جارهم بسلام قال ابن هشام: سخام 1) . وخالف ابن هشام غيره من أهل العلم بالشعر. فقال: إنما هى سحام «2» . وقد كان خارجة بن حذافة القرشىّ، ثم من بنى عدىّ بن كعب، قد بنى غرفة فى عهد عمر بن الخطاب فأشرفت، فشكت «3» جيرانه إلى عمر بن الخطاب. فكتب «4» إلى عمرو بن العاص، أن انصب سريرا فى الناحية التى شكيت، ثم أقم عليه «5» رجلا لا جسيما ولا قصيرا، فإن أشرفت فسدّها. فسئل يزيد من حدّثك بهذا الحديث؟ فقال: مشايخ الجند. قال: واختطّ عبد الرحمن بن عديس البلوىّ الدار البيضاء، ويقال بل كانت الدار البيضاء صحنا بين يدى المسجد ودار عمرو بن العاص موقفا لخيل المسلمين على باب المسجد، حتى قدم مروان بن الحكم مصر فى سنة خمس وستّين فابتناها لنفسه دارا، وقال: ما ينبغى للخليفة «6» أن يكون ببلد لا يكون له بها دار، فبنيت له فى شهرين «7» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 وابن عديس ممن بايع تحت الشجرة، ولأهل مصر عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث واحد، ليس لهم عنه غيره عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وهو حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شماسة، أن رجلا حدثه عن عبد الرحمن بن عديس أنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: تخرج «1» ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة يقتلهم الله فى جبل لبنان والجليل «2» . أو الجليل وجبل لبنان «3» . واختطّ عبد الله بن عديس أخو عبد الرحمن بن عديس عند القبّة «4» ، دار المعافرىّ. وكانت دار بنى جمح بركة يجتمع «5» فيها الماء، فقال عمرو بن العاص: خطّوا لابن عمّى إلى جانبى، يريد وهب بن عمير الجمحىّ، وهو ممن كان شهد الفتح، فردمت وخطّت له. ويقال بل هو عمير بن وهب بن عمير. ويقال بل هى قطيعة من معاوية. وكان عمير قد قدم مصر فى أيام معاوية بن أبى سفيان فكتب أن يبنى له دار، وكان ما هنالك فضاء ليس لأحد فيه دار، وكانت «6» مغيضا للمياه، وهذا مما يحتجّ به على أن ما حول المسجد كان فضاء لموقف خيل المسلمين، كما فعل عمرو بن العاص حين قدم عليه من بنى سهم من لم يكن شهد الفتح، فبنى لهم دار السلسلة التى فى غربىّ المسجد. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: كان وهب بن عمير أمير أهل مصر فى غزوة عمّورية سنة ثلاث وعشرين، وأمير أهل الشام أبو الأعور السلمى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 واختطّ ابن الحويرث السهمىّ إلى جانب دار بنى جمح وقبلىّ دار زكريّاء بن الجهم العبدرىّ. واختطّت ثقيف فى ركن المسجد الشرقىّ إلى السرّاجين، وكانت دار أبى عرابة خطّة حبيب بن أوس الثقفى الذي كان نزل عليه يوسف بن الحكم بن أبى عقيل ومعه ابنه الحجّاج بن يوسف مقدم مروان بن الحكم مصر. ثم لثقيف ما كان متّصلا بدار أبى عرابة إلى الدرب الذي يخرجك إلى دار فرج. واختطّ زكريّاء بن الجهم العبدرىّ داره التى فى زقاق القناديل، وهى دار عبّاس ابن شرحبيل اليوم ذات الحنيّة. واختطّ عبد الرحمن وربيعة ابنا شرحبيل بن حسنة دور «1» عباس بن شرحبيل الأخرى التى إلى جانبها، ودار سلمة بن عبد الملك الطحاوىّ. حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن لهيعة، قال: كان ربيعة بن شرحبيل بن حسنة على المكس. قال: واختطّ أبو ذرّ الغفارىّ دار العمد ذات الحمّام، التى أخذ بركة بن منصور الكاتب بيرها، بابها فى زقاق القناديل، وبابها الآخر مما يلى دار بركة، ومن هنالك راجعا إلى سوق بربر إلى قصر ابن جبر قبلك «2» خطّة غفار، وكان ابن جبر قد والى غفار. وابن جبر هذا كان رسول المقوقس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمارية وأختها، وبما أهدى معهما. وتزعم القبط أن رجلا منهم قد صحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يريدون ابن جبر. وأبو ذرّ الذي كان عهد إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى مصر ما عهد. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا رشدين بن سعد. وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن حرملة بن عمران، عن عبد الرحمن بن شماسة المهرىّ، قال: سمعت أبا ذرّ، يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمّة ورحما، فإذا رأيتم أخوين يقتتلان فى موضع لبنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 فاخرج «1» . فمرّ بعبد الرحمن، وربيعة ابنى شرحبيل بن حسنة وهما يتنازعان فى موضع لبنة فخرج منها. قال ابن وهب: سمعت الليث يقول: لا أرى النبي صلّى الله عليه وسلم. قال له ذلك، إلّا للذى كان من أمر أهل مصر فى عثمان. واختطّ إياس بن عبد الله القارىّ «2» غربىّ دار بنى شرحبيل بن حسنة. واختطّ رويفع بن ثابت، وعقبة بن كريم، الأنصاريّان، مع ربيعة وعبد الرحمن ابنى شرحبيل بن حسنة. واختطّ رويفع بن ثابت الأنصارىّ أيضا الدار التى صارت لبنى الصمّة. وتوفّى رويفع بن ثابت ببرقة، وكان قد وليها. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث، قال: ولى رويفع بن ثابت أنطابلس سنة ثلاث وأربعين. واختطّ أبو فاطمة الأزدىّ دار الدوسىّ، والدار التى فيها أصحاب الحمائل اليوم. ولهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث واحد، وهو ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، حدثنى كثير الأعرج الصدفىّ، قال: سمعت أبا فاطمة وهو معنا بذى الصوارى، يقول: قال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا أبا فاطمة، أكثر من السجود فإنّه ليس «3» مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة «4» . حدثناه أبو الأسود، وسعيد بن أبى مريم، عن ابن لهيعة وقد رواه عنه غير «5» أهل مصر. قال والدار التى كان يسكنها عمرو بن خالد، خطّة لرجل من بنى تميم. وأصحاب السويق أيضا خطّة لرجل من بنى تميم ممن كان شهد الفتح، ثم اشترى ذلك عمرو بن سهيل من بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 واختطّ عبد الله بن سعد بن أبى سرح داره اللاصقة بقصر الروم، يقال لها دار الحنيّة. والدار التى يقال لها دار الموز، وليس قصره هذا الكبير «1» الذي يعرف بقصر الجنّ خطّة، وإنما بناه بعد ذلك فى خلافة عثمان بن عفّان، أمر ببنائه حين خرج إلى المغرب لغزو إفريقيّة. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة أنه سمع يزيد بن أبي حبيب يذكر أن المقداد كان غزا مع عبد الله بن سعد إفريقية، فلما رجعوا قال عبد الله للمقداد فى دار بناها: كيف ترى «2» بنيان هذه الدار؟ فقال له المقداد: إن كان من مال الله فقد أسرفت، وإن كان من مالك فقد أفسدت. فقال عبد الله بن سعد: لولا أن يقول قائل أفسد مرّتين لهدمتها. وكان عبد الله يكنّى بأبى يحيى. ولهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث واحد، ليس لهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم غيره، وهو حديث ابن لهيعة، عن عيّاش بن عباس القتبانى، عن الهيثم بن شفى أبى الحصين، عن عبد الله بن سعد بن أبى سرح، قال: بينا «3» رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعشرة من أصحابه معه، أبو بكر وعمر وعثمان وعلىّ والزبير وغيرهم على جبل، إذ تحرّك بهم الجبل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اسكن حراء، فإنه ليس عليك إلا نبىّ أو صدّيق أو شهيد «4» . ولهم عنه حكايات فى نفسه، لم يرو عنه غير أهل مصر. واختطّ كعب بن ضنّة ويقال كعب بن يسار بن ضنّة العبسىّ الدار التى فى طرف زقاق القناديل مما يلى سوق بربر، تعرف بدار النخلة. وكعب هو ابن بنت خالد بن سنان العبسىّ. أو ابن أخته. قال عبد الرحمن: أنا اشكّ. وخالد بن سنان الذي تزعم فيه قيس أنه كان تنبّأ فى الفترة فيما بين النّبيّ وعيسى صلوات الله عليهما. ولخالد بن سنان حديث فيه طول. حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد، حدثنا حيوة بن شريح، حدثنا الضحّاك بن شرحبيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 الغافقىّ، أن عمّار بن سعد التجيبى أخبرهم أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص أن يجعل كعب بن ضنّة على القضاء، فأرسل إليه عمرو فأقرأه كتاب أمير المؤمنين، فقال كعب: لا والله لا ينجّيه الله من الجاهليّة وما كان فيها من الهلكة، ثم يعود فيها بعد إذ نجّاه «1» الله منها، فأبى أن يقبل القضاء فتركه عمرو «2» . قال ابن عفير: وكان كعب بن ضنّة حكما فى الجاهلية. ولقيس أيضا الدار التى تعرف بدار الزير، وهى اليوم لبنى وردان. وكان يقال لزقاق القناديل زقاق الأشراف؛ لأن عمرا كان على طرفه مما يلى المسجد الجامع، وكعب بن ضنّة على طرفه الآخر مما يلى سوق بربر، وفيما بين ذلك دار عياض بن جريبة الكلبىّ، وهبها له عبد العزيز بن مروان. ودار ابن مذيلفة الكلبى، ودار ابن فراس الكنانى. ودار نافع ابن عبد القيس الفهرىّ، ويقال بل هو عقبة بن نافع. ودار محمد بن عبد الرحمن الكنانى. ودار أبى ذرّ الغفارى. ودور ربيعة وعبد الرحمن ابنى شرحبيل بن حسنة وإياهم يتولّى بكر بن مضر. ودار زكرياء بن الجهم العبدرىّ. ودار إياس بن عبد الله القارىّ. ودار أبى حكيم مولى عتبة بن أبى سفيان بناها له معاوية بن أبى سفيان. واختطّ ابن عبدة داره التى فى السرّاجين، وفيها العقّابين اليوم، وصارت لبنى مسكين. وكانت دار نصر لرجل من قريش، فمات، فاشتراها عبد العزيز بن مروان فوهبها للإصبغ. ودار سهل التى فيها السرّاجين وحمّام سهل كان ذلك «3» لعبد الله بن عمرو بن العاص، اشتراها فوهبها «4» لابنته أمّ عبد الله ابنة عبد الله بن عمرو، فتزوّجها عبد العزيز ابن مروان فأولدها سهلا وسهيلا، فورثاها من أمّهما. والقصر الذي يقال له قصر مارية، كان خطّة لابن رفاعة الفهمى، فوهبه لعبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 العزيز بن مروان فبناه لأمّ ولد له روميّة يقال لها مارية فنسب إليها. ويقال إنه عوّضه من ذلك موضعه بالحمراء. ويقال بل ذلك خطّتهم، ثم هدمه عيسى بن يزيد الجلودىّ مدخله مصر مع عبد الله بن طاهر، فبناه سجنا، وهو السجن الذي عند محرس بنانة «1» عند منزل عمرو بن سوّاد السرحىّ، وبنانة «1» كانت حاضنة لبعض بنى مروان أو ظئرا لهم، فنسب المحرس إليها. ومارية أمّ محمد بن عبد العزيز ولم يعقّب. وقد كان عمرو بن العاص كما حدثنا سعيد بن عفير، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، قد دعا خالد بن ثابت الفهمى جدّ بنى رفاعة ليجعله على المكس فاستعفاه، فقال عمرو: ما تكره منه؟ قال: إن كعبا قال: لا تقرب المكس فإن صاحبه فى النار. واختطّ جهم بن الصلت المطّلبى مما يلى أصحاب الزيت الدار التى تقابل حمّام بسر. واختطّ ابن ملجم بالراية فى أصحاب الزيت الدار المبنىّ وجهها بالحجارة. واختطّ إياس بن البكير وابنه تميم بن إياس الدار التى عند دار ابن أبرهة الدار التى فيها أصحاب الأوتاد النافذة إلى السوق، وهو إياس بن البكير بن عبد يا ليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، حلفاء بنى عدىّ بن كعب. واختطّ مجاهد بن جبر مولى بنت غزوان، داره التى فى النحّاسين، التى صارت لصالح صاحب السوق. واختطّ أبو شمر بن أبرهة إلى جنب دار شييم «2» الليثىّ. واختطّ ابن وعلة إلى جنبه فأخذوا ومن معهم إلى سوق الحمّام والدور التى كانت لبنى مروان. وأخبرنى حميد بن هشام الحميرىّ، قال: ليس لابن أبرهة خطّة بفسطاط مصر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وإنما خطّتهم بالجيزة، وإنما صارت المنازل التى لهم بالفسطاط وراثة ورثوها من الوعليّة؛ لأنهم كانوا صاهروا إلى ابن وعلة فصارت المنازل لهم بالميراث. وكان بنو أبرهة أربعة: كريب بن أبرهة أبو رشدين، وأبو شمر بن أبرهة، ومعدى كرب بن أبرهة، ويكسوم بن أبرهة. حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن لهيعة، قال: هاجر كريب بن أبرهة وأخوه أبو شمر بن أبرهة فى خلافة عمر بن الخطّاب. حدثنا هارون بن عبد الله الزهرىّ، حدثنا محمد بن عمر، أخبرنى عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عبد العزيز بن مروان سأل كريب بن أبرهة بن الصبّاح عن خطبة عمر بن الخطاب بالجابية، أشهدتها؟ فقال: شهدتها وأنا غلام علىّ إزار أسمعها ولا أعيها، ولكن أدلّك على من سمعها وهو رجل، قال: من؟ قال: سفيان ابن وهب الخولانىّ. فأرسل إليه فسأله، فقال أشهدت عمر بالجابية؟ قال: نعم. ثم ذكر الحديث. حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ميمون بن يحيى، عن مخرمة بن بكير، عن يعقوب ابن عبد الله بن الأشجّ، قال: قدمت مصر فى أيّام عبد العزيز بن مروان فرأيت كريب بن أبرهة يخرج من عند عبد العزيز وإن تحت ركابه خمسمائة رجل من حمير. واختطّ كعب بن عدىّ العبادىّ فى القيساريّة، فلما أراد عبد العزيز بناءها اشتراها منهم، وخطّ لهم دارهم التى فى بنى وائل. والحمّام الذي «1» يعرف «2» اليوم بحمّام أبى مرّة، كان خطّة لرجل من تنوخ، هو «3» جدّ ابن علقمة أو أبوه، فسأله إياه عبد العزيز بن مروان، فوهبه له فبناه حمّاما لزبّان بن عبد العزيز، وبزبّان كان يعرف، وفيه يقول الشاعر: من كان فى نفسه للبيض «4» منزلة ... فليأت أبيض فى حمّام زبّان لا روح فيه ولا شفر يقلّبه ... لكنّه صنم فى خلق إنسان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 فى أبيات له «1» . وكان فيه صنم من رخام على خلقة المرأة عجب من العحب، حتى كسرت فى السنة التى أمر يزيد بن عبد الملك فيها بكسر الأصنام، وكان أمر بكسرها فى سنة اثنتين ومائة. وغرس له عبد العزيز نخله التى بالجيزة اليوم التى تعرف بجنان كعب، عوضا من ذلك. واختطّ الزبير بن العوّام داره التى بسوق وردان اليوم والخطّة لبلىّ، وفيها السلّم الذي كان الزبير نصبه وصعد عليه الحصن، وفيها كان عبد الله بن الزبير ينزل إذا قدم مصر فيما ذكر بعض المشايخ، وقد كان عبد الملك بن مروان اصطفاها فردّها عليهم هشام بن عبد الملك، ثم أخذها منهم يزيد بن الوليد، فلم تزل فى أيديهم حتى كانت ولاية أمير المؤمنين أبى جعفر، فكلّمه فيها هشام بن عروة، وكانت لهشام ناحية من أبى جعفر فأمر بردّها عليهم، وقال: ما مثل أبى عبد الله.- يريد الزبير- يؤخذ له شىء. حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، أن الزبير بن العوّام اختطّ بالفسطاط. واختطّ أبو بصرة الغفارىّ عند دار الزبير بن العوّام. وأقرّ عمرو بن العاص القصر لم يقسمه وأوقفه. ولأهل مصر عن أبى بصرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم، أحاديث، منها: حدثنا الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبى الخير، عن أبى بصرة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: إنّا راكبون غدا إلى يهود، فإذا سلّموا عليكم فقولوا: عليكم «2» . ومنها حديث الليث بن سعد، عن خير بن نعيم، عن عبد الله بن هبيرة، عن أبى تميم الجيشانى، عن أبى بصرة الغفارى، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، صلّى يوما صلاة العصر بالمخمّص- واد من أوديتهم- ثم انصرف، فقال: إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فتوانوا عنها وتركوها، فمن صلّاها منكم كتب الله له أجرها ضعفين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد «3» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 حدثناه عبد الله بن صالح. وحدثناه إدريس بن يحيى الخولانى، عن ابن عيّاش القتبانى، عن ابن هبيرة. ومنها حديث الليث أيضا، عن يزيد بن أبى حبيب، عن كليب بن ذهل الحضرمى، عن عبيد بن جبر، أنه سافر مع أبى بصرة الغفارى فى رمضان، فلما دفعوا «1» من الفسطاط دعا بطعام ونحن ننظر إلى الفسطاط، فقلت له: نأكل ولو نريد أن ننظر إلى الفسطاط نظرنا «2» . فقال: أنرغب «3» عن سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه! فأفطرنا. ومنها حديث ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبى الهيثم، عن أبى بصرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: الكافر يأكل فى سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل فى معى واحد. حدثناه سعيد بن عفير. قال واختطّت أسلم مما يلى دار أبى ذرّ ومن خططها دار الصبّاح. والزقاق الذي فيه دار ابن بلادة الشرق منه لأسلم. ولهم أيضا من قصر ابن جبر إلى الحجّامين الذين بسوق بربر. ويزعم بعض مشايخ أهل مصر قال: ولخزاعة داران: الدار التى تنسب إلى ابن نيزك «4» كانت لرجل منهم يقال له الحارث بن فلان، أو فلان بن الحارث. والدار التى إلى جانبها تليها القضاة «5» . واختطّ الليثيّون الذين كانوا مع عمرو بن العاص وهم آل عروة بن شييم «6» عند أصحاب القراطيس. واختطّ خلفهم بسر بن أبى أرطاة. ولبنى معاذ من «7» مدلج داران: إحداهما فى زقاق عبد الملك بن مسلمة كانت لأشهب الفقيه، والأخرى فى عقبة سوق بربر فى الزقاق الذي فيه دار مصعب الزهرىّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 ولعنزة من ربيعة دور مجتمعة نحو من عشر، ومسجد فى أصل العقبة التى عند دار ابن صامت. واختطّ بلىّ خلف خارجة بن حذافة، ثم مضوا بخطّتهم من دار عمرو بن يزيد إلى دار سلمة ودار واضح، حتى حازوا «1» دار مجاهد بن جبر إلى درب الزجاج، ثم مضوا حتى شرعوا فى أصحاب الزيت، ثم مضوا يشرعون فى قبلة سوق وردان حتى بلغوا مسجد القرون، ثم داخل الزقاق إلى مسجد بنى عوف من بلىّ، وهو المسجد الذي فى الزقاق ودار ابن يبولة التى بسوق وردان من بلىّ «2» جزاء «3» الى المعاصير. وكانت بلىّ إنما يقفون عن يمين راية عمرو بن العاص، لأنّ أمّ العاص بن وائل بلويّة. (4 حدثنا عبد الملك بن هشام، حدثنا زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق أن أمّ العاص بن وائل امرأة من بلىّ 4) . وإنما كثرت بلى بمصر كما حدثنا العبّاس بن طالب، عن عبد الواحد بن زياد، عن عاصم الأحول، عن أبى عثمان النهدىّ، قال: نادى رجل من بلىّ وهو حىّ من قضاعة بالشام، يا آل قضاعة، فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب فكتب إلى عامل الشام أن تسيّر «5» ثلث قضاعة إلى مصر فنظروا «6» فإذا بلىّ ثلث قضاعة، فسيّروا إلى مصر. قال ثم اختطّت بنو بحر مما يلى بلىّ، وهم قوم من الأزد فى لخم، ثم شرعوا إلى البحر. ثم اختطّت بعدهم الحمراء، وسأذكر حديثهم فى موضعه إن شاء الله. ثم شرعت طائفة من سلامان إلى البحر، ثم شرعت من بعدهم طائفة من فهم وكنانة فهم ثم الحمراء أيضا إلى القنطرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وكان أوّل القبائل بلىّ أهل الراية مما يلى بلىّ بن عمرو، والراية قريش ومن معها. وإنما سمّيت الراية لراية عمرو بن العاص. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، قال: الراية قريش كانت معهم راية عمرو بن العاص. ويقال إنما سمّيت الراية أن قوما من أفناء القبائل من العرب كانوا قد شهدوا مع عمرو بن العاص الفتح، ولم يكن من قومهم عدد فيقفوا مع قومهم تحت رايتهم، وكرهوا أن يقفوا تحت راية غيرهم، فقال لهم عمرو: أنا أجعل راية لا أنسبها إلى أحد أكثر من الراية تقفون تحتها، فرضوا بذلك، فكان كلّ من لم يكن لقومه عدد وقف تحتها، فقيل الراية من أجل ذلك والله أعلم. والحجر من الأزد فمسجد العيثم حتى تبلغ زقاق السمىّ «1» ثم يرفا ثم شجاعة ثم ثراد، ثم لقيتها هذيل وفهم، ثم قطعت هذيل بينهم وبين سلامان حتى انتهت هذيل إلى سويقة عدوان، وهى السويقة التى عند زقاق المكّى. فدار سبرة والزقاق الذي كان ينزله ابن الأغلب إلى هذه السويقة لهذيل، والزقاق من كتّاب إسماعيل إلى منزل بنانة لفهم. ومسجد العيثم بناه الحكم بن أبى بكر بن عبد العزيز بن مروان، فهو من الاصطبل، وكان الاصطبل للأزد فاشتراه منهم الحكم فبناه، وكان يجرى على الذي يقرأ فى المصحف الذي وضعوه فى المسجد الذي يقال له مصحف أسماء من كراه فى كل شهر ثلاثة دنانير، فلما حيزت أموالهم وضمّت إلى مال الله وحيز الاصطبل فيما حيز كتب بأمر المصحف إلى أمير المؤمنين أبى العبّاس، فكتب أن أقرّوا مصحفهم فى مسجدهم على حاله، وأجروا على الذي يقرأ فيه ثلاثة دنانير من مال الله فى كل شهر. وكان سبب المصحف فيما حدثنا يحيى بن بكير وغيره يزيد بعضهم على بعض، أن الحجّاج بن يوسف كتب مصاحف وبعث بها إلى الأمصار، ووجّه بمصحف منها إلى مصر، فغضب عبد العزيز بن مروان من ذلك، وقال: يبعث إلى جند أنا به بمصحف، فأمر فكتب له هذا المصحف الذي فى المسجد الجامع اليوم، فلما فرغ منه قال: من وجد فيه حرف خطإ فله رأس أحمر وثلاثون دينارا، فتداوله القراء فأتى رجل من أهل الحمراء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 فنظر فيه ثم جاء إلى عبد العزيز فقال: قد وجدت فى المصحف حرف خطإ، قال: مصحفى! قال: نعم. فنظروا فإذا فيه إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً «1» فاذا هى مكتوبة نجعة، قد قدّمت الجيم قبل العين، فأمر بالمصحف فأصلح ما كان فيه ثم أمر له بثلاثين دينارا ورأس «2» أحمر. ثم توفّى عبد العزيز فاشتراه فى ميراثه أبو بكر بن عبد العزيز بألف دينار. ثم توفّى أبو بكر فبيع فى ميراثه فاشترته أسماء ابنة أبى بكر بن عبد العزيز بسبعمائة دينار فأمكنت منه الناس وشهرته فنسب إليها. ثم توفّيت أسماء فاشتراه الحكم بن أبى بكر فجعله فى المسجد، وأجرى على الذي يقرأ فيه ثلاثة دنانير فى كل شهر من كراء الاصطبل، والحكم بن أبى بكر الذي بنى المسجد المعروف اليوم بقبّة سوق وردان. قال: ثم عدوان حتى تنتهى إلى السوق، ثم لقيتهم سلامان، فدار ابن أبى الكنود شارعة فى سويقة عدوان، وزقاق المكّى خطّة دارس «3» ، ونفر من يرفا، ثم مضت سلامان حتى شرعوا فى البحر إلى جنان حوىّ، ثم اعترضتهم كنانة من فهم، فلهم من زقاق ابن رفاعة حتى يشرعوا فى البحر. ثم تلقّى سلامان من تلقاء جنان حوىّ بنو يشكر من لخم فجنان حوىّ، وسفح الجبل الغربى ليشكر بن جزيلة من لخم. وثمّ خطّة علىّ بن رباح اللخمى بالحمراء عند جنان حوىّ على يسارك وأنت ذاهب تريد القنطرة. قال: واختطّت مهرة أوّل ما دخلت بدار الخيل وما والاها على سفح الجبل الذي يقال له جبل يشكر مما يلى الخندق إلى شرقىّ العسكر الى جنان بنى مسكين اليوم، مسجد مهرة هنالك قبّة سوداء، حتى أدخله طريف الخادم فى دور الخيل حين بناها. وكان جنان بنى مسكين اليوم خطّة لرجل من مهرة يقال له الجرّاح، فمات ولم يترك عقبا، فقدم شريح بن ميمون المهرىّ فورثه وتزوّج امرأته وعقد له على البحر، فلم يكن يعلم مددىّ نال من الشرف فى زمانه ما نال، إلّا أن توبة «4» بن نمر الحضرمى كان مدديّا فولى القضاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث، قال: قدمت سفن إفريقيّة سنة ثمان وتسعين عليهم ابن أبى بردة، فغزوا هم «1» وأهل مصر عليهم شريح بن ميمون فشتوهم والسفن الأولى عمر «2» بن هبيرة وأبو عبيدة على أهل المدينة بالبنطس. وكانت منازل مهرة قبلىّ «3» الراية مما يلى منازل ابن سعد بن أبى سرح حوزا حازوه، وكانوا إذا أتوا لجمعة ربطوا خيولهم، ثم نقلهم عمرو بن العاص بعد ذلك وضمّهم إليه، وعطلوا منازلهم هنالك، فذهبت مهرة بخطّتها حتى لقيت غافقا فى السوق ولقوا الصدف ولقوا غنثا مما يلى الغرب. واختطّت لخم. فاختطّت قبلىّ ثقيف مما يلى السرّاجين فالدار التى صارت لعيّاش بن عقبة لهم ودار الزّلابية، ومضوا بخطّتهم إلى عقبة مهرة إلى زقاق أبى حكيم، ومعهم نفر من جذام، ثم انحدروا فى زقاق وردان مولى ابن أبى سرح. وثمّ خطّة أبى رقيّة اللخمىّ، ومنزله هنالك قائم بحاله لم يغيّر، يقابل المسجد الذي عند دور بنى وردان. ثم انحدروا إلى مسجد عبد الله فما كان عن يمينك وأنت تريد المسجد الجامع فى الطريق إلى دور الوردانيّين من مسجد عبد الله فهو للخم، وما كان عن يسارك فلغافق. ثم جازت لخم بخطّتها إلى دور مطر التى بسوق بربر فإنّ الأزد تلقّاهم بدور أبى مريم وباقى خطّتها فإن ذلك لحجر وحاء. ومسجد حاء المسجد الذي عند دار إسحاق بن متوكل ذو المنارة، والمسجد الذي على الطريق وأنت تريد إلى محرس أبى حبيب مجلس كان لهم يجلسون فيه، فإذا أقيمت الصلاة خرجوا من خوخات لهم ثلاث شوارع إلى الطريق فإذا صلّوا رجعوا إلى مجلسهم. ثم يلقون خثيما ومازنا من الأزد مما يلى دار ابن فليح. ثم يلقون تنوخا مما يلى دار البراء بن عثمان بن حنيف. ثم يلقون غنثا من الأزد مما يلى دار ابن برمك، التى كانت الوكلاء تنزلها، فذلك الزقاق والرحبة وما شرع فى مسجد عبد الله من دار ابن الهيثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الأيلى وما بينهما فلغنث من الأزد إلى منزل أشهب، وإذا سلكت زقاق أشهب فما كان عن يمينك وأنت تريد الموقف فهو لغافق، وما كان عن يسارك فهو للأزد حتى تنتهى إلى الموقف. والموقف كان لابنة مسلمة بن مخلّد فتصدّقت به على المسلمين. ودار أبى قدامة أيضا مما كانت تصدّقت به، ودار إبراهيم بن صالح، وهى دار بنى عبد الجبّار من غافق. ثم مضت الأزد حتى أخذت ما شرع فى السويقة قبالة دار سعيد بن عفير، وزقاق الروّاسين حتى تنتهى إلى دار حوىّ ودار عبد الرحمن بن هاشم. ثم تلقى مما يلى السويقة العتقاء، وهم قليل، ومسجد العتقاء هنالك مشهور، وللعتقاء من دار زياد الحاجب حتى تهبط إلى بيطار بلال إلى السوق. وكان زبيد بن الحارث الحجرىّ حجر حمير كان عداده فى العتقاء، وكان عريفهم. وكان سعيد بن الجهم يقول لعبد الرحمن بن القاسم: أنت منا، فيضيق لذلك، يعنى أن زبيد بن الحارث من حجر، وأنه مولى لهم. وكان عبد الرحمن بن القاسم يتولّى العتقاء. فإذا جئت من السويقة وأنت تريد المسجد الجامع، فما كان عن يمينك فللأزد، وما كان عن يسارك مما يلى محرس أبى حبيب فلهم. ثم تلقاهم شجاعة بسقيفة الغزل، وتلقاهم فهم عند كتّاب إسماعيل، وتلقاهم بنو شبابة الأزد عند دار حوىّ. فما كان على الخطّ الأعظم إذا انتهيت إلى درب دار حوىّ وتركته وأممت العسكر فهو لفهم حتى تبلغ العسكر، وتلك خطّة بنى شبابة من فهم. ولبنى شبابة أيضا المسجد الذي له المنارة التى تخرجك إلى سقيفة تركيّ، ولهم أيضا المسجد الذي فى رحبة السّوسىّ. وإذا هبطت من درب حوىّ البحرىّ وقعت فى هذيل. فما كان عن يمينك وأنت تريد الخندق فلهذيل، وما كان عن يسارك فلدهنة من الأزد حتى تلقى يشكر من لخم فى جبل يشكر. ثم اختطّت غافق بين مهرة ولخم، ثم مضوا بخطّتهم حتى برزوا إلى الصحراء مما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 يلى الموقف، ولقوا من وجه مهبّ الشمال لخما وغنثا، ولقوا مما يلى القبلة الصدف ومهرة. واختطّت فاتّسعت خطّتها لكثرتهم. وكانت غافق كما حدّثنا عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب ثلث الناس مدخل عمرو بن العاص مصر. ولغافق من درب السرّاجين إلى دور بنى وردان. فما كان عن يمينك فلغافق حتى تنتهى إلى مسجد فهم الجمرات، ثم جرى إلى الصّفا الى مسجدى حذران، وحذران بطن من غافق إلى مسجد أحدب وإلى مسجد الزمام. وفى موضع مسجد الزمام دفن محمد بن أبى بكر الصدّيق فيما يزعمون. ثم ارجع إلى حمّام سهل. فما كان عن يسارك وأنت تريد مهرة فلغافق، وثم زقاق حمد من غافق الذي قبالة حمّام سهل الذي للنساء، وفيه مسجد أبى موسى الغافقى ليس فى الزقاق مسجد غيره. ولأبى موسى صحبة برسول الله صلّى الله عليه وسلم، واسم أبى موسى عبد الله بن مالك. ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديثان. حدثنا محمد بن يحيى الصدفى، حدثنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث أن يحيى بن ميمون الحضرمى حدثه عن وداعة الحمدىّ، حدثه أنه سمع أبا موسى الغافقى يقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من افترى علىّ كذبا فليتبوّأ بيتا أو مقعدا من النار «1» . حدثنا أسد بن موسى، وسعيد بن عفير، قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن عبد الله بن سليمان، عن ثعلبة أبى الكنود، عن عبد الله بن مالك، أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: إذا توضأت وأنا جنب أكلت وشربت، ولا أصلّى ولا أقرأ حتى أغتسل. ثم جرى إلى زقاق الموزة فإذا جاوزت زقاق الموزة إلى مسجد سيبان وهو المسجد ذو القبّة الذي عند دار خالد بن عبد السلام الصدفى، وسيبان من مهرة فما كان عن يسارك وأنت تريد إلى سقيفة جواد فلغافق، وما كان عن يمينك فللصدف إلى مسجد أحدب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 إلى ما فوق ذلك إلى الدرب الذي يخرجك إلى الصحراء، غير أن دار ابن سابور وهى الدار التى صارت لإسماعيل بن أسباط خطّة رجل من حمير. وللربّانيّين أيضا من غافق من دار مطر، ما كان عن يمينك وأنت تريد إلى مسجد عبد الله. وعبد الله الذي ينسب إليه المسجد هو عبد الله بن عبد الملك بن مروان. وكان عبد الملك ولّاه مصر بعد موت عبد العزيز بن مروان. وكانت ولايته فى جمادى سنة ستّ وثمانين، كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، وكان حدثا. وكان أهل مصر يسمّونه مكيّسا «1» ، وهو أول من نقل الدواوين إلى العربيّة، وإنما كانت بالعجميّة، وهو أول من نهى الناس عن لباس البرانس. ثم إلى دار ابن هجالة الغافقى، فإذا بلغت دار ابن هجالة فلغافق ما كان عن يمينك وعن شمالك. وفى دار ابن هجالة الغافقى كان تغيّب محمد بن أبى بكر حين دخل عمرو بن العاص مصر عام المسنّاة. وكانت المسنّاة كما حدثنّا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، فى صفر سنة ثمان وثلاثين. وكانت للغافقى أخت ضعيفة، فلما أقبل معاوية بن حديج ومن معه فى طلب قتلة عثمان، قالت أخت الغافقى: من تطلبون؟ محمد بن أبى بكر؟ أنا أدلّكم عليه ولا تقتلوا أخى، فدلّتهم عليه، فلما أخذ قال: احفظوا فىّ أبا بكر. فقال معاوية بن حديج: قتلت سبعين من قومى بعثمان وأتركك وأنت قاتله! فقتله. وهى الدار الملاصقة بمسجد «2» الزنج تعمل على بابها النعال السنديّة وفى داخلها الأرحاء. ولغافق من مسجد بادى إلى دار إبراهيم بن صالح إلى مسجد إبراهيم القرّاط، وتلك دهنة غافق. ولغافق من الخطّة أكثر مما ذكرنا، غير أن هذه جملها. واختطّت الصدف قبلىّ مهرة، فمضوا بخطّتهم حتى برزوا بطرف منها، فلقوا حضر موت دون الصحراء، ولقوا مما يلى القبلة بنى سعد من تجيب، ولقوا آل أيدعان بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 سعد، ولقوا بطرف منها سلهما من مراد، ثم لقوا حضر موت حالوا «1» بينهم وبين الصحراء. وكانت راية الأجدوم مدخل عمرو مع حيّان- أو حبّان- بن يوسف، فلما استقرّت الصدف عرّف عليهم عمران بن ربيعة، فأقام عريفا سنين، ثم عرّف ابنه، ولم يزل بالبلد منهم قوم لهم شرف وسخاء كان منهم ابن سليك الصدفى. واختطّت حضر موت وبطن من يحصب فيهم فى موضعهم اليوم فى زمان عثمان ابن عفّان إلا عبد الله بن المتهلّل. ودخل مع عمرو بن العاص الفسطاط من حضرموت عبد الله بن كليب من الأشباء، خطّته فى آل أيدعان عند دار ابن الروّاغ. ومالك بن عمرو بن الأجدع من الحارث. وداره دار هبيرة بن أبيض. والملامس بن جذيمة بن سريع، وخطّته عند الصّفا عند دار الفرج بن جعفر. ونمر بن زرعة بن نمر بن شاجى البسّىّ «2» . والأعين بن نمر بن مالك بن سريع. وأبو العالية مولى لهم وهو جدّ أبى قنان. وكانوا مع أخوالهم فى تجيب، ثم قدمت مادّتهم فى أيام عثمان، فاختطّوا شرقىّ سلهم والصدف حتى أصحروا، فتحوّل إليهم من أراد التحوّل ممّن كان منهم بتجيب. واختطّ بمكانهم عبد الله بن كليب من الأشباء خطّته فى بنى أيدعان عند دار ابن الروّاغ. وكان أخوه قيس بن كليب فى حجّاب عمرو بن العاص أيام معاوية، وهو فتّى شابّ جميل فرآه معاوية مع عمرو فقال: من هذا الفتى؟ فقال عمرو: أحد حجّابى. فقال معاوية: ما يعان من حجبه مثل هذا. ثم حجب بعد ذلك عبد العزيز بن مروان، وفى قيس بن كليب يقول أبو المصعب البلوىّ فى قصيدته التى هجا فيها أشراف أهل مصر: وظلت أنادى اللّكعاء قيسا ... لتدخلنى «3» وقد حضر الغداء وليس بماجد الجدّات قيس ... ولكن حضرميّات قماء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 وأعرض نفحة «1» ليربوع عنّى ... يزيد بعد ما رفع اللواء أشار بكفّه اليمنى وكانت ... شمالا لا يجوز «2» لها عطاء أكلّم عائذا ويصدّ عنّى ... ويمنعه السّلام الكبرياء وجرف قد تهدّم جانباه ... كريب ذاكم البرم العياء وأمّا القحزمىّ فذاك بغل ... أضرّ به مع الدبر الحفاء وهذاك القصيّر من تجيب ... ولو يسطيع ما نفض الخلاء وتروى أضرّ به مع الدبر الخصاء. قال وكان معاوية إذا قدم عليه أحد من أهل مصر سأله: هل تروى قصيد أبى المصعب؟ وهذه الأبيات فى قصيدة له، يريد بيزيد يزيد بن شرحبيل بن حسنة، وقيس قيس بن كليب الحاجب، وعائذ بن ثعلبة البلوىّ. وقتل عائذ بالبرلّس فى سنة ثلاث وخمسين مع وردان مولى عمرو بن العاص، وأبى رقيّة اللخمى «3» ، وسأذكر حديثهم فى موضعه إن شاء الله. والقحزمىّ عمرو بن قحزم وكريب كريب بن أبرهة، والقصيّر من تجيب زياد بن حناطة التجيبى ثم الخلاوىّ وهو صاحب قصر ابن حناطة الذي بتجيب. ولم يزل الملامس بن جذيمة عريف حضر موت يدّعون له الأشباء والحارث، حتى زمان معاوية بن أبى سفيان، فإنه وقع بين مسلمة بن مخلّد وبين الملامس كلام، فاستأذن الملامس معاوية فى النقلة إلى فلسطين بحضر موت، فأذن له، وكتب له بذلك إلى مسلمة، فكره مسلمة ذلك، فقال له رجل من حضر موت يقال له فلان بن مسلم: أنا أمشى بينهم فأكرّه إليهم الخروج ففعل، فلما تنجّز الملامس ذلك من مسلمة قال له: إن رضى قومك، ثم جمعهم فذكر لهم ما قال الملامس، فقال رجل منهم: ما نفارق بلادنا. فقال له: من أنت؟ قال: أنا ابن أميّة. قال: فمن قومك؟ قال: بنو عوف. ثم تتابعوا على مثل قوله فكتبهم وعرّفهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن عتبة بن أبى حكيم، عن ابن شهاب، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: حضر موت خير من بنى الحارث «1» . حدثنا أبو الأسود، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، أن معاوية بن أبى سفيان كتب إلى مسلمة بن مخلّد وهو على مصر: لا تولّى عملك إلا أزدىّ أو حضرمىّ، فإنهم أهل الأمانة. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن تبيع، قال: لا يدرك أحد من حضر موت الدجّال. قال: ثم اختطّت تجيب، فأخذت بنو عامر شرقىّ الحصن قبلىّ منزل عبد الله بن سعد بن أبى سرح، ثم مضوا بخطّتهم حتى لقوا مهرة والصدف من مهبّ الشمال، ولقوا سلهما عما يلى الشرق، ولقوا وعلان من مراد، وطرفا من خولان من مهبّ الجنوب، ثم لقوا بنى غطيف وقبائل من مراد، وحالت سلهم بينهم وبين الصحراء. فخطّة كنانة بن بشر بن سلمان الأيدعىّ دار هبيرة، وثمّ مسجده. ثم صارت بعد ذلك لعثمان بن يونس أبى السمح جدّ ابن دهقان لأمّه. وكان لكنانة سيف يقال له المقلّد، صار إلى سعيد بن عبيد، فكان سعيد يقول: إنما لتجيب سيفان، عريض بنى حديج والمقلّد، فقد صار المقلّد إلىّ. قال: واختطّت خولان الشرق قبلىّ الحصن ومهبّ الجنوب، ثم مضوا بخطّتهم حتى لقوا بنى وائل والفارسييّن فى السهل، ولقوا تجيب ورعينا فى الجبل، ولقوا بنى غطيف وبنى وعلان من مراد فى الشرق، وتجيب من مهبّ الشمال، فجاوزهم غطيف فتحوّل بينهم وبين خطّتهم. وكان رائم بن ثعلبة الخولانى من الحياويّة يقال إنه رجل من كنانة معروف النسب فيهم، وفيه يقول ابن جذل الطّعان: من مبلغ خولان عنّى رسالة ... يربّضها «2» أبنا فراس بن مالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 بأنّ أخانا رائم الخير فيكم ... مقيم بلا ذنب بأزل المهالك إلى مالك ينمى إذا عدّ أصله ... كنانة أهل المكرمات الموالك فأجابه رجل من خولان، فقال: من مبلغ عنّى فراسا رسالة ... فنحن لخولان بن عمرو بن مالك إلى سبا الأملاك أصلى ومنبتى ... يحدّثنى جدّى به غير هالك قال: واختطّت مذحج بين خولان وتجيب. واختطّت وعلان مما يلى القصر، ثم مضوا ينازلون خولان وتجيب هم وبنو غطيف. ثم مضت مراد بخطّتها حتى لقوا قبائل نافع ورعين، وفيهم بنو عبس بن زوف، ثم مضوا بخطّتهم حتى لقوا بنى موهب من المعافر، ولقوا السلف وسبأ وحالوا بينهم وبين الصحراء. وقد غلط بعض الناس فى بنى عبس بن زوف والزقاق المنسوب إلى بنى عبس، فقال: هم عبس قيس وليس كما قال. حدثنا أبو الأسود النضر، بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة. عن عتبة بن أبى حكيم، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: أكثر القبائل فى الجنّة مذحج. واختطّت القبائل المنسوبة إلى سبإ منهم ابن ذى هجران ومعهم السلف شرقىّ جنب مما يلى مراد، ثم مضوا بخطّتهم بين المعافر وحضر موت حتى أصحروا. واختطّت حمير قبلىّ خولان وشرقيّها وشرقى بديعة من مذحج، فكانت يحصب قبلىّ المعافر حتى قطعوا الجبال. واختطّت يافع ورعين شرقى خولان «1» ، ثم لقوا قبائل الكلاع، ثم مضوا بين قبائل سبإ والمعافر وبين اصطبل قرّة بن شريك حتى أصحروا. واختطّت المعافر وفيهم الأشعريّون والسّكاسك شرقى الكلاع، فوليهم من ذلك الأكنوع وهم من الأشعريّين. وبنو موهب ثم السكاسك ثم المعافر وهم مختلطون. ثم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 مضوا بخطّتهم حتى أصحروا ينازلون حمير وطائفة من خولان. وحمير والمعافر على الجبل موفون على قبائل مضر، وليس فى هذا الجبل إلا هذه القبائل، غير أن جهينة قد كانت نزلت بجرف ينّة «1» . وكانت المعافر قد نزلت إلى جنب عمرو بن العاص فأذاهم البعوض وكان جرى النيل. فشكوا «1» ذلك إلى عمرو وسأوه أن ينقلهم، فقال: لا أجد قوما أحمل «2» لى من أصحابى، فنقل قريشا إلى موضعهم، ونقل المعافر إلى موضعها التى هى به اليوم، وقال عمرو لأصحابه: اغتنموا، فكأنى أنظر إلى المسجد وما حوله قد صار فيه الناس ورغبوا فيه وإلى موضعهم قد خرب، فكان كما قال. حدثنا هانئ بن المتوكّل، حدثنا ضمام بن إسماعيل، عن أبى قبيل، عن شفىّ بن ماتع، قال: كان الناس إذا كان فزع خرجوا براياتهم، وكان لكل قوم موقف، فكان موقف المعافر تحت الكوم يريد بالإسكندرية. وقصر فهد الذي بالمعافر ومسجد لسبإ خطّه هو فهد بن «3» كثير بن فهد، وكان ولى برقة أيام أسامة بن زيد الأولى، وكان قد ولى جزيرة الصناعة، وهو «4» القصر الذي عند مسجد الزينة، وفى الأشعريّين والسكاسك جاء الحديث. حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك، حدثنا الركن بن عبد الله بن سعد، عن مكحول، عن معاذ، أن النبي صلّى الله عليه وسلم يوم بعثه إلى اليمن حمله على ناقة، وقال: يا معاذ انطلق حتى تأتى الجند، فحيث «5» بركت بك هذه الناقة فأذّن وصلّ وابن فيه مسجدا، فانطلق معاذ حتى إذا انتهى إلى الجند، دارت به ناقته، وأبت أن تبرك. فقال: هل من جند غير هذا؟ قالوا: نعم. جند رخامة، فلما أتاه دارت وبركت، فنزل معاذ فنادى بالصلاة ثم قام فصلّى، فخرج إليه ابن يخامر السّكسكىّ، فقال: من أنت؟ قال: أنا رسول رسول ربّ العالمين. فقال: ما تريد؟ قال: أريد أن أقاتل من خالف رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فلما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 قصّ عليه معاذ ما أوصاه به رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال له ابن يخامر: مرحبا بمن جئت من عنده، ومرحبا بك. ابسط يدك، فبايعه ووثب إليه ثلّة من الأشعريّين، ووثب إليه الأملوك أملوك ردمان، فقال ابن يخامر: إن العرصة «1» التى بنيت فيها المسجد لى، فقال معاذ: خذ ثمنها، فقال: لا، بل هى لله والرسول. فقاتل معاذ من خالف رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالثلّة من الأشعريّين والأملوك أملوك ردمان حتى أجابوه، فكتب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنى قاتلت حتى أجابنى أهل اليمن بثلّة من الأشعريّين والسكاسك والأملوك أملوك ردمان. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اللهمّ اغفر للسكاسك والأملوك أملوك ردمان وثلّة من الأشعريّين. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنى الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب أنه بلغه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بخير قبائل؟ قالوا بلى. قال الأملوك أملوك ردمان وفرق من «2» الأشعريّين وفرق من خولان والسكاسك والسّكون. قال: واختطّت بنو وائل فى مهبّ الشمال، ثم مضوا بخطّتهم شارعين على النيل حتى لقيت راشدة من لخم مما يلى الاصطبل. وبين طائفة منهم وبين يحصب وهم فى الجبل الفارسيّون وهم قليل. ثم انحطّت «3» طائفة من لخم خلف بنى وائل وشرعوا فى النيل، ثم مضوا ينازعون يحصب وهم فى جبل حتى برزوا إلى أرض الحرث والزرع، وكان بين القبائل فضاء من القبيل إلى القبيل، فلما مدّت الأمداد فى زمان عثمان بن عفّان وما بعد ذلك وكثر الناس، وسّع كلّ قوم لبنى أبيهم حتى كثر البنيان والتأم. خطط الجيزة (* حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، وابن هبيرة يزيد أحدهما على صاحبه، قال: فاستحبّت همدان ومن والاها الجيزة، فكتب عمرو بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 العاص إلى عمر بن الخطاب يعلمه بما صنع الله للمسلمين. وما فتح عليهم «1» ، وما فعلوا فى خططهم؛ وما استحبّت همدان ومن والاها من النزول بالجيزة. فكتب إليه عمر، يحمد الله على ما كان من ذلك، ويقول له: كيف رضيت أن تفرقّ عنكّ أصحابك، لم يكن ينبغى لك أن ترضى لأحد من أصحابك أن يكون بينهم وبينك بحر، لا تدرى ما يفجؤهم فلعلّك لا تقدر على غياثهم حتى ينزل بهم ما تكره. فاجمعهم إليك فإن أبوا عليك، وأعجبهم موضعهم. فابن عليهم من فىء المسلمين حصنا. فعرض عمرو ذلك عليهم فأبوا، وأعجبهم موضعهم بالجيزة ومن والاهم على ذلك من رهطهم؛ يافع وغيرها، واحبّوا ما هنالك، فبنى لهم عمرو بن العاص الحصن الذي بالجيزة فى سنة إحدى وعشرين، وفرغ من بنائه فى سنة اثنتين وعشرين. قال غير ابن لهيعة من مشايخ أهل مصر: إن عمرو بن العاص لّما سأل أهل الجيزة أن ينضمّوا إلى الفسطاط، قالوا: متقدّما «2» قدّمناه فى سبيل الله ما كنّا لنرحل «3» منه إلى غيره، فنزلت يافع الجيزة، فيها مبرّح بن شهاب، وهمدان، وذو أصبح، فيهم أبو شمر بن أبرهة، وطائفة من الحجر، منهم علقمة بن جنادة أحد بنى مالك بن الحجر*) . وكانت منهم طائفة قد اختطّوا بالفسطاط أسفل من عقبة تنوخ، قد بيّنت ذلك فى صدر كتابى. قال: وقد كان دخل مع عمرو بن العاص قوم من العجم يقال لهم الحمراء والفارسيّون. فأمّا الحمراء فقوم من الروم فيهم بنو ينّة وبنو الأزرق وبنو روبيل. والفارسيّون قوم من الفرس وفيهم «4» زعموا قوم من الفرس الذين كانوا بصنعاء، وكان حامل لوائهم ابن ينّة، وإليه تنسب سقيفة ابن ينّة التى بفسطاط مصر بالحمراء. فقالت الروم والفارسيّون: إنّهم العرب، وإنّا لا نأمنهم ونخاف الغدر من قبلهم، قالوا: فما الرأى؟ قالوا: ننزل نحن فى طرف وأنتم فى طرف، فإن يكن منهم غدر كانوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 بيننا، فقال بعضهم: فإن يكن منهم غدر كانوا بين لحيى الأسد، وكنّا قد أخذنا بالوثقى. فنزلت الروم الحمراء التى بالقنطرة، ونزلت الفرس بناحية بنى وائل فمسجد الفارسيّين هنالك مشهور معروف. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن شيخ من موالى فهم، عن علىّ بن رباح، قال: قدم عمرو بن العاص بالحمراء والفارسيّين من الشام. قال ابن لهيعة: سمّاهم الحمراء لأنهم من العجم. ذكر أخائذ الإسكندرية قال وأما الإسكندرية فلم يكن بها خطط، غير أن أبا الأسود النضر بن عبد الجبّار حدثنا، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن الزبير بن العوّام اختطّ بالإسكندرية. وإنما كانت أخائذ من أخذ منزلا نزل فيه هو وبنو أبيه. وأن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية أقبل هو وعبادة بن الصامت حتى علوا الكوم الذي فيه مسجد عمرو بن العاص، فقال معاوية بن حديج: ننزل، فنزل عمرو بن العاص القصر الذي صار لعبد الله ابن سعد بن أبى سرح، ويقال إن عمرا وهبه له لمّا ولى البلد. ونزل أبو ذرّ الغفارى منزلا كان غربىّ المصلّى الذي عند مسجد عمرو مما يلى البحر وقد انهدم، ونزل معاوية بن حديج موضع داره التى فوق هذا التلّ، وضرب عبادة ابن الصامت بناء فلم يزل فيه حتى خرج من الإسكندرية. ويقال إن أبا الدرداء كان معه والله أعلم. حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، وابن هبيرة فى حديثهما، قال: فلما استقامت لهم البلاد قطع عمرو بن العاص من أصحابه لرباط الإسكندرية ربع الناس، وربع فى السواحل والنصف مقيمون معه «1» ، وكان يصيّر بالإسكندرية خاصّة الربع فى الصيف بقدر ستّة أشهر، ويعقب بعدهم شاتية ستّة أشهر، وكان لكل عريف قصر ينزل فيه بمن معه من أصحابه واتّخذوا فيه أخائذ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، أن المسلمين لما سكنوها فى رباطهم ثم قفلوا ثم غزوا، ابتدروا، فكان الرجل يأتى المنزل الذي كان فيه صاحبه قبل ذلك فيبتدره فيسكنه، فلما غزوا قال عمرو: إنى أخاف أن تخربوا المنازل إذا كنتم تتعاورونها، فلما كان عند الكريون قال لهم: سيروا على بركة الله، فمن ركز منكم رمحه فى دار فهى له ولبنى أبيه، فكان الرجل يدخل الدار فيركز رمحه فى منزل منها، ثم يأتى الآخر فيركز رمحه فى بعض بيوت الدار، فكانت الدار تكون لقبيلتين، ثلاث، وكانوا يسكنونها، حتى إذا قفلوا سكنها الروم وعليهم مرمّتها. فكان يزيد بن أبى حبيب، يقول: لا يحلّ من كرائها شىء ولا بيعها. ولا يورّث ولا يورث منها شىء، إنما كانت لهم يسكنونها فى رباطهم. الزيادة فى المسجد الجامع ثم إن مسلمة بن مخلّد الأنصارى زاد فى المسجد الجامع بعد بنيان عمرو له، ومسلمة الذي كان أخذ أهل مصر ببنيان المنار للمساجد، كان أخذه إيّاهم بذلك فى سنة ثلاث وخمسين، فبنيت المنار وكتب عليها اسمه. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: أخذ مسلمة بن مخلّد الناس ببناء منار المساجد ووضع ذلك عن خولان؛ لأنه كان صاهر إليهم، وأسقط ذلك عنهم. ثم هدم عبد العزيز بن مروان المسجد فى سنة سبع وسبعين وبناه. ثم كتب الوليد ابن عبد الملك فى خلافته إلى قرّة بن شريك العبسىّ وهو يومئذ واليه على أهل مصر. وكانت ولاية قرّة بن شريك مصر فى سنة تسعين، قدمها يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وعزل عبد الله بن عبد الملك، وفى ذلك يقول الشاعر «1» : عجبا ما عجبت حين أتانا ... أن قد امّرت قرّة بن شريك وعزلت الفتى المبارك عنّا ... ثمّ فيّلت فيه رأى أبيك فهدمه كلّه وبناه هذا البناء، وزوّقه، وذهّب رءوس العمد التى فى مجالس قيس، وليس فى المسجد عمود مذهّب الرأس إلا فى مجالس قيس، وحوّل قرّة المنبر حين هدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 المسجد إلى قيساريّة العسل، فكان الناس يصلّون فيها الصلوات ويجمّعون فيها الجمع، حتى فرغ من بنيانه. والقبلة فى القيسارية إلى اليوم، وكانت القبّة التى فى وسط الجزيرة بين الجسرين فى المسجد «1» الجامع. ثم زاد موسى بن عيسى الهاشمى بعد ذلك فى مؤخّره فى سنة خمس وسبعين ومائة. ثم زاد عبد الله بن طاهر فى عرضه بكتاب المأمون بالإذن له فى ذلك فى سنة ثلاث عشرة ومائتين. وأدخل فيه دار الرمل كلها إلا ما بقى منها من دار الضرب، ودخلت فيه دار ابن رمّانة وغيرها من بعض الخطط التى ذكرناها. فكان عمّال الوليد بن عبد الملك، كما حدثنا سعيد بن عفير، كتبوا إليه: إن بيوت الأموال قد ضاقت من مال الخمس، فكتب إليهم أن ابنوا المساجد. فأوّل مسجد بنى بفسطاط مصر المسجد الذي فى أصل حصن الروم عند باب الريحان قبالة الموضع الذي يعرف بالقالوس يعرف بمسجد القلعة «2» . حدثنا حميد بن هشام الحميرى، قال: كل مسجد بفسطاط مصر فيه عمد رخام فليس بخطّىّ. وأوّل كنيسة بنيت بفسطاط مصر، كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن بعض شيوخ أهل مصر، الكنيسة التى خلف القنطرة أيام مسلمة بن مخلّد، فأنكر ذلك الجند على مسلمة وقالوا له: أتقّر لهم أن يبنوا الكنائس! حتى كاد أن يقع بينهم وبينه شرّ، فاحتجّ عليهم مسلمة يومئذ فقال: إنها ليست فى قيروانكم، وإنما هى خارجة فى أرضهم، فسكتوا عند ذلك، فهذه خطط أهل مصر. ذكر القطائع قال: وقد كان المسلمون حين اختطّوا قد تركوا بينهم وبين البحر والحصن فضاء لتعريق دوابّهم وتأدييها، فلم يزل الأمر على ذلك حتى ولى معاوية بن أبى سفيان فاشترى خطّة مسلمة بن مخلّد منه، وأقطعه داره التى بسوق وردان، ثم اشترى خطّة عقبة بن عامر وأقطعه داره التى فى الفضاء عند أصحاب التبن، وهى اليوم فى يدى فرج، اشترى دار أبى رافع التى صارت للسائب مولاه، وأقطع السائب الدار التى عند حيز الوزّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 ثم ابتنى عبد العزيز دار الأضياف كانت لأضياف عبد العزيز. وأقطع معاوية أيضا سارية مولى عمر بن الخطّاب فى الزقاق الذي يعرف بحيز الوزّ، فباعه ولده مقطّعا. وأقطع عبد العزيز خالد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام دار مخرمة التى فى الفضاء وكانت له، دار موسى بن عيسى النوشرىّ التى بالموقف. قال: وكان خالد وعمر ابنا عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مع عبد الله بن الزبير، وكان أبو بكر بن عبد الرحمن أخا لعبد الملك بن مروان وتربا له، فلما ظهر عبد الملك بن مروان قال: لا سبيل إلى ما يكره عمر وخالد مع أبى بكر، ولكن لله علىّ ألا يسكنان الحجاز، فكتب إلى الحجّاج أن خيّرهما فى أىّ الأمصار شاءا فليلحقا بها، فلحق خالد بعبد العزيز بن مروان فأقطعه دار مخرمة فى الفضاء وكانت له دار موسى بن عيسى التى بالموقف، وأما عمر فلحق ببشر بن مروان بالعراق فله بواسط آثار كثيرة. وأقطع عمارة بن الوليد بن عقبة بن أبى معيط الدور التى تلى أصحاب التبن قبليا. وكان أبو معيط يسمّى أبانا. حدثنى بذلك محمد بن إدريس الرازىّ، وله يقول ضرار بن الخطّاب: عين فابكى لعقبة بن أبان ... فرع فهر وفارس الفرسان وله يقول بعض الشعراء: من سرّه شحم ولحم راكد ... فليأت جفنة عقبة بن أبان قال: وكان عبد الأعلى بن أبى عمرة وهو مولى لبنى شيبان على أخت موسى بن نصير وكانت له من عبد العزيز منزلة فخطّ له داره ذات الحمّام الذي يقال له حمّام التبن، فلما قدم عبد الأعلى بن أبى عمرة من عند أليون صاحب الروم، قال لعبد العزيز: قد أبليت المسلمين فى تأجيههم «1» إيّاى نصحا وبلاء حسنا، فمر لى بأربع سوارى «2» من خرب الإسكندرية، فأمر له بها فهى على حوض حمّامه الأعظم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وكان عبد العزيز يرسله بالبزّ «1» إلى ابن عمر. حدثنا أبو الأسود، حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة، عن عبد الأعلى بن أبى عمرة، أن عبد العزيز بن مروان أرسل معه بألف دينار إلى ابن عمر فقبلها. قال: وأقطع عبد الملك بن مروان عمر بن علىّ الفهرىّ، ثم أحد بنى محارب داره ذات الحمّام التى اشتراها موسى بن عيسى إلى جنب أصحاب القرط. وذلك أن عبد الملك بن مروان لما قتل عمرو بن سعيد، كان عمر بن على ممن أبلى معه، وكان فى أصحابه، فدخل عليه فى خاصّته وعمرو بن سعيد مقتول، فاستشارهم فى قتله، فكلّهم هاب قتله، ولم يره، فقال عمر بن علىّ: اقتله، قتله الله. فلا يزال فى خلاف ما عاش. قال عبد الملك: ها هو ذا قال، فألق رأسه إلى الناس وأنهبهم بيت المال يفترقون عنك، ففعل، فافترق الناس، وأرسله عبد الملك إلى منزل عمرو يفتشه فوجد فيه كتبا فيها أسماء من بايعه فأحرقها، وبلغ ذلك عبد الملك فقال له: ما حملك على ما فعلت؟ قال: لو قرأتها لما صحّ لك قلب شأمىّ ولا استقامت طاعته إذا علم أنك قد علمت بخلافه فصوّب رأيه وحمده، وأقطعه داره ذات الحمّام التى اشتراها موسى بن عيسى إلى جنب أصحاب القرط. قال عبد الملك بن مسلمة: هى قطيعة من عبد العزيز للفهرى ولم يسمّه باسمه. إلا أن ابن عفير سمّاه وقال: عبد الملك بن مسلمة أقطعها عبد العزيز الفهرى مولى ابن رمّانة حين قدم عليه، وبناها له يزيد بن رمّانة، وهى الدار التى تعرف اليوم بدار السلسلة. وآل أبى عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهرى ينكرون ذلك، وهم بذلك أعلم، ويقولون: إنها خطّة لأبى عبد الرحمن الفهرى، اختطّها عام فتح مصر ولم يكن بنى منها شيئا غير سورها، ثم خرج إلى الشام فاستشهد بها، ثم قدم ابناء العلاء وعلىّ وكان العلاء أسنّهما، وقد كان رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقدما إلى مصر فجعلا ذلك البناء مثل المريد العظيم، ولم يجعلا فيها إلا منزلا واحدا، وأسكنا فيه مولى لهما يقال له يحنّس، ثم خرج العلاء إلى المدينة فقتل عام الحرّة وخلّف الحارث بن العلاء، وخرج علىّ إلى الشام فتوفّى بها، وخلّف عمر بن على، فصار بمنزلة عند عبد الملك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 فبعث إلى ابن رمّانة وأرسل اليه بمال، وسأله أن يبنى له دار جدّه بأحكم ما يقدر عليه، ويجعل له فيها حمّاما ويجعل له خوخة فى داره إذا اراد أن يدخله دخله. وقال: إنّ ذلك ذكر لك ولشيخك، فحرّك ذلك ابن رمّانة فبناها وجعل سورها أكثر من ذراعين بذراع البناء، وجعلها تدوّر بعمد رخام، وجعل قاعدتها مستديرة، ولم يجعل فوقها بناء. ثم قدم عمر بن علىّ مصر، وقد فرغ منها ابن رمّانة، فقال له عمر: لقد اتّقنت غير أنك لم تجعل لها مسجدا. فبنى المسجد الذي يعرف اليوم بمسجد القرون، بناه مثل الدكّان الكبير، ونحّاه عن الدار، وجعل بينه وبين الدار فرجة وكان يجلس فيه. ثم بناه بعده أبو عون عبد الملك ابن يزيد، ثم زاد فيه المطّلب بن عبد الله الخزاعى، ثم احترق فبناه السّرىّ بن الحكم هذا البناء، ثم مات عمر بن على فورث الحارث بن العلاء- وهو ابن أخيه- كل ما ترك، وحبس الدار على الأقعد فالأقعد بالحارث بن العلاء من الرجال دون النساء أبدا ما تناسلوا، وتقديم كلّ طبقة على من هو أسفل منها. (فإذا انقرض الرجال فهى على النساء كلّ من رجعت بنسبها إليه من الصلب) «1» فإذا انقرض النساء فهى وحمّامها وكومها المعروف بأبى قشاش يقسم ذلك أثلاثا، فثلث فى سبيل الله، وثلث فى الفقراء والمساكين، وثلث على مواليه وموالى ولده وأولادهم أبدا ما تناسلوا بعد مرمّتها، ورزق قيّم إن كان لها. فإذا انقرض الموالى فلم يبق منهم أحد فعلى الفقراء والمساكين بفسطاط مصر ومدينة الرسول صلّى الله عليه وسلم على ما يرى من وليّها «2» من عمارتها. واسم أبى عبد الرحمن يزيد بن أنيس بن عبد الله بن عمرو بن حبيب بن عمرو ابن شيبان بن محارب بن فهر. وعمرو بن حبيب هو آكل السّقب، وأمّه السّوداء ابنة زهرة بن كلاب، وهو الذي يقول فيه الشاعر: بنو آكل السّقب الذين كأنّهم ... نجوم بآفاق السماء تنور وكان عند دار السلسلة فلا أدرى أهى هذه الدار أم «3» غيرها حوض من رخام، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وكان يملأ فى الأعياد طلاء وتجعل عليه الآنية ويشرب الناس، فلم يزل الأمر على ذلك حتى ولى عمر بن العزيز فقطعه. وبالفسطاط غير دار يقال لها دار السلسلة سوى دار الفهرىّ منها دار السهمىّ التى فى الحذّائين، والدار التى كان فيها أصبغ الفقيه فى زقاق القناديل. قال وبنى عبد العزيز بن مروان القيساريّات قيساريّات العسل، وقيسارية الحبال، وقيسارية الكباش وهى فى خطّة قوم من بلّى يقال لهم الوحاوحة، والقيسارية التى يباع فيها البزّ، «1» وهى التى تعرف بقيسارية عبد العزيز، وأدخل فيها من خطط الراية، وكان فيها منزل كعب بن عدىّ العبادى فعوّضه منها داره التى فى بنى وائل. قال: وبنى هشام بن عبد الملك قيساريّته التى تعرف بقيسارية هشام يباع فيها البزّ الفسطاطىّ فى الفضاء بين القصر وبين البحر. وبقيت بعد ذلك من الفضاء بقيّة بين بنى وائل والبحر فأقطعها بنو العبّاس الناس. قال: وأقطع عمرو بن العاص حين ولى وردان مولاه الأرض التى خلف القنطرة التى غربيّها أبو حميد إلى كنيسة الروم التى هناك. وما كان عن يمينك من رأس الجسر القديم إلى حمّام الكبش وهو الحمام الذي يعرف اليوم بحمام السّوق، والآخر إلى ساحل مريس، فكل ذلك كان للوليد بن عبد الملك، وكان للوليد أيضا ما كان على يسارك من الجزيرة وأنت خارج إلى الجيزة والحوانيت اللاصقة بجزيرة الصناعة. وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قد أقطع ابن سندر منية الأصبغ، فحاز لنفسه منها ألف فدّان كما حدثنا يحيى بن خالد، عن الليث بن سعد. ولم يبلغنا أن عمر بن الخطاب أقطع أحدا من الناس شيئا من أرض مصر إلا ابن سندر، فإنه أقطعه أرض منية الأصبغ، فلم تزل له حتى مات؛ فاشتراها الأصبغ بن عبد العزيز من ورثته؛ فليس بمصر قطيعة أقدم منها ولا أفضل. وكان سبب إقطاع عمر ما أقطعه من ذلك كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة (* عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، أنه كان لزنباع الجذامىّ غلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 يقال له سندر، فوجده يقبّل جارية له، فجبّه وجدع أذنيه وأنفه، فأتى سندر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأرسل إلى زنباع، فقال: لا تحملوهم ما لا تطيقون «1» ، وأطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون؛ فإن رضيتم فأمسكوا، وإن كرهتموهم فبيعوا، ولا تعذّبوا خلق الله، ومن مثل به أو أحرق بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله. فأعتق سندر، فقال: أوص بى يا رسول الله، قال: أوصى بك كلّ مسلم، فلما توفّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتى سندر إلى أبى بكر الصدّيق رضى الله عنه، فقال: احفظ فىّ وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فعاله أبو بكر حتى توفّى، ثم أتى عمر فقال له: احفظ فىّ وصيّة النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: نعم، إن رضيت أن تقيم عندى أجريت عليك ما كان يجرى عليك أبو بكر، والّا فانظر أىّ المواضع أكتب لك؛ فقال سندر: مصر فإنها أرض ريف، فكتب له إلى عمرو بن العاص: احفظ فيه وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فلما قدم على عمرو، قطع له أرضا واسعة ودارا، فجعل سندر يعيش فيها، فلما مات قبضت فى مال الله*) . قال عمرو بن شعيب: ثم أقطعها عبد العزيز بن مروان الأصبغ بعد، فهى من خير أموالهم. وروى ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ربيعة بن لقيط التجيبى، عن عبد الله بن سندر، عن أبيه إنه كان عبدا لزنباع بن سلامة الجذامى، فعتب عليه فخصاه وجدعه، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبره، فأغلظ لزنباع القول وأعتقه منه، فقال: أوص بى يا رسول الله، قال: أوصى بك كل مسلم «2» . قال يزيد: وكان سندر كافرا. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن غلاما لزنباع الجذامى اتّهمه فأمر بإخصائه وجدع أنفه وأذنيه، فأتى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأعتقه، وقال: أيّما مملوك مثل به فهو حرّ وهو مولى الله ورسوله، فكان بالمدينة عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم يرفق به، فلما اشتدّ مرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له ابن سندر: يا رسول الله، إنّا كما ترى، فمن لنا بعدك؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أوصى بك كل مؤمن. فلما ولى أبو بكر رضى الله عنه فأقّر عليه نفقته حتى مات، فلما ولى عمر بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 الخطّاب أتاه ابن سندر فقال: احفظ فىّ وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال له: انظر أىّ أجناد المسلمين شئت فالحق به آمر لك بما يصلحك. فقال ابن سندر: ألحق بمصر، فكتب له إلى عمرو بن العاص يأمره أن يأمر له بأرض تسعه، فلم يزل فيما يسعه بمصر. ويقال سندر وابن سندر والله أعلم بالصواب. ولأهل مصر عنه حديثان مرفوعان هذا أحدهما، والآخر حدثنا يحيى بن بكير، وعبد الملك بن مسلمة، قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن ابن سندر، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وتجيب أجابت الله ورسوله» «1» . قال ابن بكير فى حديثه فقلت يا أبا الأسود، أنت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يذكر تجيب؟ قال: نعم. قلت وأحدّث الناس عنك بذلك؟ قال: نعم. خروج عمرو إلى الريف (* حدثنا عبد الله بن صالح، عن عبد الرحمن بن شريح، عن أبى قبيل، قال: كان الناس يجتمعون بالفسطاط إذا قفلوا؛ فإذا حضر مرافق الريف خطب عمرو بن العاص الناس، فقال: قد حضر مرافق ريفكم؛ فانصرفوا، فإذا حمض اللبن، واشتدّ العود، وكثر الذباب، فحىّ على فسطاطكم، ولا أعلمنّ ما جاء أحدكم «2» قد أسمن نفسه وأهزل جواده. حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: كان عمرو يقول للناس إذا قفلوا من غزوهم: إنه قد حضر الربيع، فمن أحبّ منكم أن يخرج بفرسه يربعه فليفعل؛ ولا أعلمنّ ما جاء رجل قد أسمن نفسه وأهزل فرسه؛ فإذا حمض اللبن وكثر الذباب، ولوى العود، فارجعوا إلى قيروانكم*) . حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، أن عمرو بن العاص كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 يقول للناس إذا قفلوا: اخرجوا إلى أريافكم «1» ، فإذا غنّى الذباب وحمض اللبن، ولوى العود، فحىّ على فسطاطكم. خطبة عمرو بن العاص: (* حدثنا سعيد بن ميسرة، عن إسحاق بن الفرات، عن ابن لهيعة، عن الأسود بن مالك الحميرى، عن بحير بن ذاخر المعافرى، قال: رحت أنا ووالدى إلى صلاة الجمعة تهجيرا، وذلك آخر الشتاء أظنّه بعد حميم النّصارى بأيام يسيرة. فأطلنا الركوع إذ أقبل رجال بأيديهم السياط، يزجّرون الناس، فذعرت، فقلت: يا أبت، من هؤلاء؟ قال: يا بنىّ هؤلاء الشرط، فأقام المؤذّنون الصلاة، فقام عمرو بن العاص على المنبر، فرأيت رجلا ربعة قصد القامة وافر الهامة، أدعج أبلج، عليه ثياب موشيّة، كأنّ به العقيان «2» ، تأتلق عليه حلّة وعمامة وجبّة، فحمد الله وأثنى عليه حمدا موجزا وصلّى على النبي صلّى الله عليه وسلم، ووعظ الناس، وأمرهم ونهاهم، فسمعته يحضّ على الزكاة، وصلّة الأرحام، ويأمر بالاقتصاد، وينهى عن الفضول، وكثرة العيال. وقال فى ذلك: يا معشر الناس، إيّاى وخلالا أربعا، فإنها تدعو إلى النصب بعد الراحة، وإلى الضيق بعد السعة، وإلى المذلّة بعد العزّة، إيّاى وكثرة العيال، وإخفاض الحال، وتضييع المال، والقيل بعد القال، فى غير درك ولا نوال، ثم إنه لا بدّ من فراغ يؤول إليه المرء فى توديع جسمه، والتدبير لشأنه، وتخليته بين نفسه وبين شهواتها، ومن صار إلى ذلك فليأخذ بالقصد والنصيب الأقلّ، ولا يضيع المرء فى فراغه نصيب العلم من نفسه فيحور من الخير عاطلا، وعن حلال الله وحرامه غافلا. يا معشر الناس، إنه قد تدلّت الجوزاء، وذكت «3» الشعرى، وأقلعت السّماء، وارتفع الوباء، وقلّ الندى، وطاب المرعى ووضعت الحوامل، ودرّجت السخائل، وعلى الراعى بحسن رعيّته حسن النظر، فحىّ لكم على بركة الله إلى ريفكم، فنالوا من خيره ولبنه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 وخرافه وصيده، وأربعوا خيلكم وأسمنوها وصونوها وأكرموها، فإنّها جنّتكم من عدوّكم، وبها مغانمكم وأثقالكم «1» ، واستوصوا بمن جاورتموه من القبط خيرا، وإيّاى والمشمومات والمعسولات، فإنهنّ يفسدن الدّين ويقصّرن الهمم. حدثنى عمر أمير المؤمنين، أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: إن الله سيفتح عليكم بعدى مصر، فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم «2» صهرا وذمّة. فعفّوا أيديكم وفروجكم، وغضّوا أبصاركم، ولا أعلمنّ ما أتى رجل قد أسمن جسمه، وأهزل فرسه، واعلموا أنى معترض الخيل كاعتراض الرجال، فمن أهزل فرسه «3» من غير علّة حططتّه من فريضته قدر ذلك، واعلموا أنكم فى رباط إلى يوم القيامة، لكثرة الأعداء حوالكم «4» وتشوّق «5» قلوبهم إليكم وإلى داركم، معدن الزرع والمال والخير الواسع والبركة النامية. وحدثنى عمر أمير المؤمنين، أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض» فقال له أبو بكر: ولم يا رسول الله؟ قال: «لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة» . فاحمدوا الله معشر «6» الناس على ما أولاكم «7» ، فتمتّعوا فى ريفكم ما طاب لكم؛ فإذا يبس العود، وسخن العمود، وكثر الذباب، وحمض اللبن، وصوّح «8» البقل، وانقطع الورد من الشجر، فحىّ على فسطاطكم، على بركة الله «9» ، ولا يقدمنّ أحد منكم ذو عيال على عياله إلا ومعه تحفة لعياله على ما أطاق من سعيه أو عسرته، أقول قولى هذا وأستحفظ الله عليكم. قال: فحفظت ذلك عنه، فقال والدى بعد انصرافنا إلى المنزل لمّا حكيت له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 خطبته: إنه يا بنىّ يحدو الناس إذا انصرفوا إليه على الرباط كما حداهم على الريف والدّعة*) . ذكر مرتبع الجند قال: وكان إذا جاء وقت الربيع واللبن، كتب لكل قوم بربيعهم ولبنهم إلى حيث أحبّوا، وكانت القرى التى يأخذ فيها عظمهم «1» ، منوف، ودسبندس «2» ، وأهناس، وطلحا. وكان أهل الراية متفرّقين، فكان آل عمرو بن العاص وآل عبد الله بن سعد، يأخذون فى منف ووسيم. وكانت هذيل تأخذ فى بنا وبوصير. وكانت عدوان تأخذ فى بوصير. وقرى عكّ التى يأخذ فيها عظمهم بوصير ومنوف ودسبندس وأتريب. وكانت بلىّ تأخذ فى منف وطرابية، وكانت فهم تأخذ فى أتريب وعين شمس ومنوف. وكانت مهرة تأخذ فى تتا وتمىّ. وكانت الصدف تأخذ فى الفيّوم. وكانت تجيب تأخذ فى تمىّ وبسطة ووسيم. وكانت لخم تأخذ فى الفيّوم وطرابية وقربيط. وكانت جذام تأخذ فى طرابية وقربيط. وكانت حضر موت تأخذ فى ببا وعين شمس وأتريب. وكانت مراد تأخذ فى منف والفيّوم ومعهم عبس بن زوف. وكانت حمير تأخذ فى بوصير وقرى أهناس. وكانت خولان تأخذ فى قرى أهناس والبهنسى والقيس. وآل وعلة يأخذون فى سفط من بوصير. وآل أبرهة يأخذون فى منف. وغفار وأسلم يأخذون مع وائل من جذام وسعد فى بسطة وقربيط وطرابية. وآل يسار بن ضنّة فى أتريب. وكانت المعافر تأخذ فى أتريب وسخا ومنوف. وكانت طائفة من تجيب ومراد يأخذون باليدقون. وكان بعض هذه القبائل ربّما جاوز بعضا فى الربيع ولا يوقع من معرفة ذلك على أحد إلّا أن عظم «3» القبائل. كانوا يأخذون حيث وصفنا «4» ، وكان يكتب لهم بالربيع فيربعون وباللّبن ما أقاموا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وكان لغفار وليث أيضا مرتبع بأتريب. قال: وأقامت مدلج بخربتا فاتخذوها منزلا، وكان معهم نفر من حمير من ذبحان وغيرهم حالفوهم فيها فهى منازلهم. ورجعت خشين وطائفة من لخم وجذام فنزلوا أكناف صان وإبليل وطرابية ولم يحفظوا. ولم تكن قيس بالحوف الشرقىّ قديما، وإنما الذي أنزلهم به ابن الحبحاب، وذلك أنه وفد إلى هشام بن عبد الملك فأمر له بفريضة خمسة آلاف رجل- أو ثلاثة آلاف رجل- شكّ عبد الرحمن «1» ، فجعل ابن الحبحاب الفريضة فى قيس وقدم بهم فأنزلهم بمصر الحوف الشرقىّ. ذكر خيل مصر قال عبد الرحمن «2» فلما نزل الناس واطمأنّت بهم منازلهم كانوا يخرجون فيؤدّبون خيلهم فى المضمار. حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة المهرى، عن معاوية بن حديج، أنه مرّ على رجل بالمضمار معه فرس ممسك برسنه على كثيب، فأرسل غلامه لينظر من الرجل، فإذا هو بأبى ذرّ، فأقبل ابن حديج إليه، فقال له: يا أبا ذرّ، إنى أرى هذه الفرس قد عنّاك وما أرى عنده شيئا. قال أبو ذرّ: هذا فرس قد استجيب له، قال ابن حديج: وما دعوة بهيمة من البهائم؟ فقال: أبو ذرّ: إنه ليس من فرس إلا أنه يدعو الله كلّ سحريّة، اللهمّ أنت خولتنى عبدا من عبيدك وجعلت رزقى بيده، اللهم اجعلنى أحبّ إليه من ولده وأهله وماله. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، وشعيب بن الليث، قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شماسة، أن معاوية بن حديج حدثه، أنه مرّ على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 أبى ذرّ وهو قائم عند «1» فرس له، فسأله ما تعالج من فرسك؟ فقال: إنى أظنّ هذا الفرس قد استجيبت دعوته، ثم ذكر مثل حديث ابن وهب. حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن لهيعة، عن قيس بن الحجّاج، قال: مرّ بنا عبد الرحمن بن معاوية بن حديج ونحن جلوس مع حنش بن عبد الله نحو صفا مهرة فغفل عن السّلام فناداه حنش يا بن معاوية تمرّ ولا تسلّم، والله لقد رأيتنى أشفع لك عند أبيك أن يجعل لسرجك ركابا تضع فيه رجلك. قال: عبد الرحمن «2» وكان ولد معاوية بن حديج ليست لسروجهم ركب، إنما يثبون على الخيل وثبا. قال عبد الرحمن «2» وكانت أصول خيل مصر من خيل سمّى ابن عفير بعضها، منها أشقر صدف، وكان لأبى ناعمة مالك بن ناعمة الصدفى، وبه سمّيت خوخة الأشقر التى بفسطاط مصر، وكان السبب فى ذلك أنّ الاشقر نفق فكره صاحبه أن يطرحه فى الأكوام كما تطرح جيف الدوابّ، فحفر له ودفنه هنالك فنسب الموضع اليه. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، قال: لما افتتح المسلمون القصر كان رجل من الروم يقبل من ناحية القصير على برذون له أشهب، والمسلمون فى صلاة الصبح، فيقتل ويطعن، فتطلبه خيل المسلمين فلا تقدر عليه، وكان صاحب الأشقر غائبا، فلما قدم أخبر بذلك، فكمن له فى موضع وأقبل العلج ففعل كما كان يفعل، فطلبه صاحب الأشقر فأدركه، قال: فاشتغلت «3» بقتل العلج، وشدّ الأشقر على الهجين فقتله. ومنها ذو الريش فرس العوّام بن حبيب اليحصبىّ. والخطّار فرس لبيد بن عقبة السّومىّ. والذعلوق فرس حمير بن وائل السّومى، وعجلى فرس كانت لعكّ، ولها يقول الشاعر: سبق الأقوام عجلى ... سبقتهمّ وهى حبلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 حدثنا عبد الواحد بن إسحاق، حدثنا مروان بن معاوية، عن أبى حيّان التيمى، عن أبى زرعة، عن أبى هريرة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، سمّى الأنثى من الخيل فرسا. قال: وعجلى التى قال عبد الرحمن بن معاوية بن حديج، لنمر بن أيفع العكّىّ: ما فعلت عجلى؟ على وجه الاستهزاء به، فقال: أما إنّ لها فى أمّك سهمين. قال: وكان للخم أيضا فرس يقال له أبلق لخم. وكان الجون لعقبة بن كليب الحضرمى. وكان عبد العزيز بن مروان قد طلب الخطّار من لبيد بن عقبة فامتنع عليه، فأغزاه إفريقيّة فمات بها، فلما كان موسى بن نصير، أهدى إلى عبد العزيز بن مروان خيلا فيها الخطّار، قال: وقد طالت معرفته وذنبه، فلما صارت إليهم الخيل لم يجدوا من يعرف الخطّار، فقالوا: ابنة لبيد، فبعث به عبد العزيز إليها فقالت لمن أتاها: إنى امرأة فاخرجوا عنّى حتى أنظر اليه، ففعلوا، فخرجت فنظرت إليه فعرفته، فقالت: والله لا يركبك أحد بعد أبى سويّا، ثم قطعت أذنى الفرس وهلبت ذنبه ثم قالت: هو هذا خذوه لا بارك الله لكم فيه، فصار لعبد «1» العزيز بن مروان، فاتّخذه للفحلة «2» فكان منه الذائد، ثم كان من الذائد الفرقد فهو أبو الخيل الفرقديّة، ولم يعرق الفرقد فى شىء من خيل مصر إلّا جاء سابقا. وكان أهل مصر لمّا بلغ مروان بن الحكم القاصرة وجّهوا إليه عقبة بن شريح بن كليب المعافرى ومطير بن يزيد التجيبى، طليعة لهم، ومطير يومئذ على الخطّار فرس لبيد ابن عقبة السومىّ، فدخلا فى عسكر مروان وجوّلا فيه، ثم إنّ شيخا من أهل العسكر نذر بهما واستنكر هيئتهما، فقال: والله إنى لأنكر سحنة «3» هذين الفرسين وما أرى على صاحبيهما شحوب السفر، فكرّا راجعين إلى الفسطاط فمرّا بناقة صرصرانيّة فى ناحية العسكر لبشر بن مروان، فطرداها، فلما لحقتهما «4» الخيل قال مطير لعقبة: اطرد الناقة وأنا أكفيك وكرّ مطير فقاتلهم حتى ولّوا عنه، ثم لحق صاحبه، ثم لحقته الخيل أيضا ففعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 مثل ذلك، حتى وصلا «1» إلى الفسطاط، فسألوهما عن الخبر فقالا: حتى تنحروا الناقة وتأكلوا لحمها وهى أوّل غنيمة فنحرت الناقة وأكل لحمها ثم أخبراهم الخبر وأنّهم أقوى من الرجل. ثم كتب عمر بن الخطّاب كما حدثنا شعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد الملك بن مسلمة، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب إلى عمرو بن العاص: انظر من «2» قبلك ممّن بايع «3» تحت الشجرة فأتمّ لهم «4» العطاء مائتين، وأتمّها لنفسك لأمرتك، وأتمّها لخارجة بن حذافة لشجاعته، ولعثمان بن أبى العاص لضيافته. ذكر مقاسمة عمر بن الخطاب العمّال قال عبد الرحمن «5» ثم بعث عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة، كما حدثنا معاوية بن صالح، عن محمد بن سماعة الرّملىّ، قال: حدثنى عبد الله بن عبد العزيز شيخ ثقة إلى عمرو بن العاص وكتب إليه: أمّا بعد، فإنكم معشر العمّال قعدتم على عيون الأموال فجبيتم الحرام وأكلتم الحرام وأورثتم الحرام، وقد بعثت إليك محمد بن مسلمة الأنصارى ليقاسمك مالك فأحضره مالك، والسلام. فلما قدم محمد بن مسلمة مصر أهدى له عمرو بن العاص هديّة فردّها عليه، فغضب عمرو وقال: يا محمد، لم رددت إلى «6» هديّتى وقد أهديت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم مقدمى من غزوة ذات السّلاسل فقبل؟ فقال له محمد: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يقبل بالوحى ما شاء ويمتنع مما شاء، ولو كانت هديّة الأخ إلى أخيه قبلتها «7» ؛ ولكنّها هديّة إمام شر خلفها، فقال عمرو: قبح الله يوما صرت فيه لعمر بن الخطاب واليا، فلقد رأيت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 العاص بن وائل يلبس الديباج المزرّر بالذهب، وإنّ الخطّاب بن نفيل ليحمل الحطب على حمار بمكّة، فقال له محمد بن مسلمة: أبوك وأبوه فى النار، وعمر خير منك، ولولا اليوم الذي أصبحت تذمّ لألفيت «1» معتقلا عنزا يسرّك غزرها ويسوءك بكؤها: فقال عمرو: هى فلتة المغضب وهى عندك بأمانة، ثم أحضره ماله فقاسمه إيّاه ثم رجع. قال: وكان سبب مقاسمة عمر بن الخطاب العمّال كما حدثنا أبو الأسود النضر ابن عبد الجبّار، وعبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب عن خالد بن الصعق «2» قال شعرا كتب به إلى عمر بن الخطّاب: أبلغ أمير المؤمنين رسالة ... فأنت ولىّ الله فى المال والأمر فلا تدعن أهل الرّساتيق والجزى ... يسيغون «3» مال الله فى الأدم الوفر «4» فأرسل إلى النعمان فاعلم حسابه ... وأرسل إلى جزء وأرسل إلى بشر ولا تنسينّ النّافعين «5» كليهما ... وصهر بنى غزوان عندك ذا وفر ولا تدعونّى للشّهادة «6» إنّنى ... أغيب ولكنّى أرى عجب الدّهر من الخيل كالغزلان والبيض كالدّمى ... وما ليس ينسى من قرام ومن ستر «7» ومن ريطة مطويّة فى صيانها ... ومن طىّ أستار «8» معصفرة حمر إذا التاجر الهندىّ جاء بفارة ... من المسك راحت فى «9» مفارقهم تجرى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 نبيع إذا باعوا ونغزوا إذا غزوا ... فأنّى لهم مال ولسنا بذى وفر فقاسمهم نفسى فداؤك إنّهم ... سيرضون إن قاسمتهم منك بالشّطر فقاسمهم عمر نصف أموالهم. والنعمان: النعمان بن بشير، وكان على حمص وصهر بنى غزوان، أبو هريرة، وكان على البحرين. قال عبد الرحمن «1» : ويقال إن قائل هذه الأبيات كما حدثنا معاوية بن صالح، عن يحيى بن معين، عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن الزبير بن الخرّيت أبو المختار النميرىّ قال: أبلغ أمير المؤمنين رسالة ... فأنت أمين «2» الله فى البرّ والبحر فأرسل إلى النعمان فاعلم حسابه ... وأرسل إلى جزء وأرسل إلى بشر ولا تدعنّ النافعين كليهما ... وذاك الّذى فى السّوق مولى بنى بدر وما عاصم منها بصفر عيابه «3» ... ولا ابن غلاب من سراة بنى نصر نبيع إذا باعوا ونغزوا إذا غزوا ... فأنّى لهم مال ولسنا بذى وفر ترى الجرد كالخزّان والبيض كالدّمى ... وما لا يعدّ من قرام ومن ستر ومن ريطة مطويّة فى صوانها ... ومن طىّ أستار محدرجة حمر إذا التاجر الهندىّ جاء بفارة ... من المسك راحت فى مفارقهم تجرى فدونك مال الله لا تتركنّه ... سيرضون إن قاسمتهم منك بالشّطر ولا تدعونّى للشّهادة إنّنى ... أغيب ولكنّى أرى عجب الدّهر قال عمر: فإنا قد أعفيناه من الشهادة ونأخذ منهم نصف أموالهم، فأخذ النصف وكان عمر قد استعمل هؤلاء الرهط. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن أبيه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 أن «1» جدّه أوصى أن يدفع إلى عمر بن الخطاب نصف ماله، وكان عمر استعمله على بعض أعماله. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا سليمان بن أبى سليمان، عن محمد بن سيرين قال قال: أبو هريرة لمّا قدمت من البحرين قال لى عمر: يا عدو الله، وعدو الإسلام، خنت مال الله. قال قلت: لست بعدوّ الله ولا عدوّ الإسلام، ولكنى عدوّ من عاداهما، ولم أخن مال الله ولكنها أثمان خيل لى تناتجت وسهام اجتمعت «2» قال يا عدوّ الله وعدوّ الإسلام خنت مال الله، قال قلت: لست بعدوّ الله ولا عدوّ الإسلام، ولكنى عدوّ من عاداهما ولم أخن مال الله، ولكنها أثمان خيل لى تناتجت وسهام اجتمعت، قال ذلك ثلاث مرّات، يقول ذلك عمر ويردّ عليه أبو هريرة هذا القول. قال: فغرّمنى اثنى عشر ألفا، فقمت فى صلاة الغداة فقلت: اللهمّ اغفر لأمير المؤمنين، فأرادنى على العمل بعد فقلت: لا. قال: أوليس يوسف خيرا منك وقد سأل العمل؟ قلت: إنّ يوسف نبىّ ابن نبىّ، وأنا ابن أميمة، وأنا أخاف ثلاثا واثنتين، قال: ألا تقول خمسا؟ قلت: لا، قال: مه، قلت: أخاف أن أقول بغير حلم وأقضى بغير علم، وأن يضرب ظهرى، ويشتم عرضى، ويؤخذ مالى. ذكر النيل (* حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن واهب بن عبد الله المعافرى، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال: نيل مصر سيّد الأنهار، سخر الله له كلّ نهر بين المشرق والمغرب، فإذا أراد الله أن يجرى نيل مصر أمر كل نهر أن يمدّه فأمدّته الأنهار بمائها، وفجر الله له الأرض عيونا، فإذا انتهت جريته إلى ما أراد الله، أوحى الله إلى كل ماء أن يرجع إلى عنصره. حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن معاوية بن أبى سفيان سأل كعب الأحبار، هل تجد لهذا النيل فى كتاب الله خبرا؟ قال: أى والذي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 فلق البحر لموسى، إنى لأجده فى كتاب الله أن الله يوحى إليه فى كل عام مرّتين يوحى إليه عند جريه: إن الله يأمرك أن تجرى فيجرى ما كتب الله له، ثم يوحى إليه بعد ذلك: يا نيل غر «1» حميدا. حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا عبد الله بن عمر، عن حبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبى هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: النيل وسيحان وجيحان والفرات من أنهار الجنّة. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن كعب الأحبار، أنه كان يقول: أربعة أنهار من الجنّة وضعها الله فى الدنيا، فالنيل نهر العسل فى الجنّة، والفرات نهر الخمر فى الجنة، وسيحان نهر الماء فى الجنة، وجيحان نهر اللّبن فى الجنة*) . حدثنا سعيد بن أبى مريم، حدثنا الليث بن سعد، وعبد الله بن لهيعة، قالا: حدثنا يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن أبى جنادة الكنانى، أنه سمع كعبا يقول: النيل فى الآخرة عسل أغزر ما يكون من الأنهار التى سمّاها الله، ودجلة فى الآخرة لبن أغزر ما يكون من الأنهار التى سمّى الله، والفرات خمر أغزر ما يكون من الأنهار التى سمى الله، وجيحان ماء أغزر ما يكون من الأنهار التى سمى الله. (* قال فلما فتح عمرو بن العاص مصر كما حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن قيس بن الحجّاج، عمّن حدّثه، أتى أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤونة من أشهر العجم، فقالوا له: أيّها الأمير إنّ لنيلنا هذا سنّة لا يجرى إلا بها، فقال لهم: وما ذاك؟ قالوا: إنه إذا كان لثنتى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر، عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلىّ والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها فى هذا النيل، فقال لهم عمرو: إن هذا لا يكون فى الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما قبله، فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى لا يجرى قليلا ولا كثيرا حتى همّوا بالجلاء، فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك. فكتب إليه عمر: قد أصبت، إن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 الإسلام يهدم ما كان قبله، وقد بعثت إليك ببطاقة فألقها فى داخل النيل إذا أتاك كتابى «1» ، فلما قدم الكتاب على عمرو فتح البطاقة فإذا فيها: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أمّا بعد، فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهّار الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهّار أن يجريك. فألقى عمرو البطاقة فى النيل قبل يوم الصليب بيوم، وقد تهيّأ أهل مصر للجلاء والخروج منها لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل، فأصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله ستّة عشر ذراعا فى ليلة، وقطع تلك السنّة السّوء عن أهل مصر. حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن موسى عليه السلام دعا على آل فرعون، فحبس الله عنهم النيل حتى أرادوا الجلاء حتى طلبوا إلى موسى أن يدعو الله فدعا الله رجاء أن يؤمنوا، فأصبحوا وقد أجراه الله فى تلك الليلة ستّة عشر ذراعا، فاستجاب الله بتطوّله «2» لعمر بن الخطاب كما استجاب لنبيّه موسى عليه السلام*) . ذكر الجزية قال عبد الرحمن «3» : وكان عمرو يبعث إلى عمر بن الخطّاب بالجزية بعد حبس ما كان يحتاج إليه، وكانت فريضة مصر كما حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب لحفر خلجها «4» ، وإقامة جسورها، وبناء قناطرها، وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفا «5» ، معهم الطّور والمساحى والأداة؛ يعتقبون ذلك، لا يدعون ذلك شتاء ولا صيفا. ثم كتب عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة عن القاسم بن عبد الله، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر أن يختم فى رقاب أهل الذمّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 بالرّصاص، ويظهروا مناطقهم ويجزوا نواصيهم، ويركبوا على الأكف عرضا، ولا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه المواسى «1» ، ولا يضربوا على النساء ولا على الولدان «2» ، ولا يدعوهم يتشبّهون بالمسلمين فى لبوسهم. حدثنا شعيب بن الليث، حدثنا أبى، عن محمد بن عبد الرحمن بن عنج «3» ، أن نافعا حدثهم. وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، حدثنى عبد الله بن عمر، وعمر بن محمد، أن نافعا حدثهم عن أسلم مولى عمر، أنه حدثه أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد ألّا يضربوا «4» الجزية إلا على من جرت عليه المواسى. وجزيتهم أربعون درهما على أهل الورق منهم، وأربعة دنانير على أهل الذهب، وعليهم من أرزاق المسلمين من الحنطة والزيت مديان «5» من حنطة، وثلاثة أقساط من زيت فى كل شهر لكل إنسان كان من أهل الشام والجزيرة، وودك وعسل لا أدرى كم هو. ومن كان من أهل مصر فإردب كلّ «6» شهر لكل إنسان، لا «7» أدرى كم من الودك والعسل، وعليهم من البزّ والكسوة «8» التى يكسوها أمير المؤمنين الناس، ويضيفون من نزل بهم من أهل الإسلام ثلاث ليال «9» . وعلى أهل العراق خمسة عشر صاعا لكل إنسان، لا أدرى كم لهم من الودك. وكان لا يضرب الجزية على النساء والصبيان، وكان يختم فى أعناق رجال أهل الجزية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 قال: وكانت ويبة عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك «1» ، عن الليث بن سعد فى ولاية عمرو بن العاص، ستّة أمداد. حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبى «2» إسحاق، عن حارثة ابن مضرّب، أن عمر قال: جعلت على أهل السواد ضيافة يوم وليلة، فمن حبسه مطر فلينفق من ماله. (* قال: وكان عمرو بن العاص لما استوسق له الأمر أقرّ قبطها على جباية «3» الروم؛ وكانت جبايتهم بالتعديل: إذا عمرت القرية، وكثر أهلها زيد عليهم، وإن «4» قلّ أهلها وخربت نقصوا، فيجتمع عرفاء كلّ قرية وماروتها ورؤساء أهلها، فيتناظرون فى العمارة والخراب؛ حتى إذا أقرّوا من القسم بالزيادة انصرفوا بتلك القسمة إلى الكور، ثم اجتمعوا هم ورؤساء القرى، فوزّعوا ذلك على احتمال القرى وسعة «5» المزارع، ثم ترجع كل قرية بقسمهم فيجمعون قسمهم وخراج كلّ قرية وما فيها من الأرض العامرة فيبدرون «6» فيخرجون من الأرض فدادين لكنائسهم وحمّاماتهم ومعدياتهم من جملة الأرض، ثم يخرج منها عدد الضيافة للمسلمين ونزول السلطان، فإذا فرغوا نظروا إلى ما فى كل قرية من الصنّاع والأجراء، فقسموا عليهم بقدر احتمالهم؛ فإن كانت فيها جالية قسّموا عليها بقدر احتمالهم، وقلّ ما كانت تكون إلا الرجل المنتاب أو المتزوّج، ثم ينظرون ما بقى من الخراج فيقسمونه بينهم على عدد الأرض، ثم يقسمون ذلك بين من يريد الزرع منهم على قدر طاقتهم؛ فإن عجز أحد وشكا ضعفا عن زرع أرضه وزعوا ما عجز عنه على الاحتمال، وإن كان منهم من يريد الزيادة أعطى ما عجز عنه أهل الضعف؛ فإن تشاحّوا قسموا «7» ذلك على عدّتهم. وكانت قسمتهم على قراريط: الدينار أربعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 وعشرين قيراطا، يقسمون الأرض على ذلك. وكذلك روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا» «1» . وجعل عليهم لكل فدّان نصف اردبّ قمح وويبتين من شعير إلا القراط، فلم يكن عليه ضريبة، والويبة يومئذ ستّة أمداد*) . وكان عمر بن الخطاب، كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، يأخذ ممن صالحه من المعاهدين ما سمّى «2» على نفسه، لا يضع «3» من ذلك شيئا ولا يزيد عليه، ومن نزل منهم على الجزية ولم يسمّ شيئا يؤدّيه نظر عمر فى أمره؛ فإذا احتاجوا خفّف عنهم، وإن «4» استغنوا زاد عليهم بقدر استغنائهم. قال: وروى حيوة بن شريح، حدثنى الحسن بن ثوبان، أن هشام بن أبى رقيّة اللخمى، حدثه أن صاحب إخنا قدم على عمرو بن العاص، فقال له: أخبرنا ما على أحدنا من الجزية فيصبر لها، فقال عمرو وهو يشير إلى ركن كنيسة: لو أعطيتنى من الأرض إلى السّقف ما أخبرتك ما عليك، إنما أنتم خزانة لنا، إن كثر علينا كثّرنا عليكم، وإن خفف عنّا خفّفنا عنكم، ومن ذهب إلى هذا الحديث ذهب إلى أن مصر فتحت عنوة. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: قال عمر بن عبد العزيز: أيّما ذمّي أسلم فإن إسلامه يحرز له نفسه وماله، وما كان من أرض فإنها من فىء الله على المسلمين. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، أن عمر بن عبد العزيز قال: أيّما قوم صالحوا على جزية يعطونها، فمن أسلم منهم كان أرضه وداره لبقيّتهم. قال الليث: وكتب إلىّ يحيى بن سعيد أن ما باع القبط فى جزيتهم وما يؤخذون به من الحقّ الذي عليهم من عبد أو وليدة أو بعير أو بقرة أو دابّة، فإن ذلك جائز عليهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 جائز لمن ابتاعه منهم غير مردود إليهم إن أيسروا، وما أكروا من أرضهم فجائز كراؤه إلا أن يكون يضرّ بالجزية التى عليهم؛ فلعلّ الأرض أن تردّ عليهم إن أضرّت بجزيتهم، وإن كان فضلا بعد الجزية فإنّا نرى كراءها جائزا لمن تكاراها منهم. قال يحيى ونحن نقول: الجزية جزيتان؛ فجزية على رءوس الرجال، وجزية جملة تكون على أهل القرية، ويؤخذ بها أهل القرية، فمن هلك من أهل القرية التى عليهم جزية مسمّاة على القرية ليست على رءوس الرجال، فإنّا نرى أنّ من هلك من أهل القرية ممن لا ولد له ولا وارث أن أرضه ترجع إلى قريته فى جملة ما عليهم من الجزية، ومن هلك ممّن جزيته على رءوس الرجال ولم يدع وارثا؛ فإنّ أرضه للمسلمين. قال الليث: وقال عمر بن عبد العزيز: الجزية على الرءوس وليست على الأرضين، يريد أهل الذمّة. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن عبد الملك بن جنادة، أن عمر ابن عبد العزيز كتب إلى حيّان بن سريج أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم. قال عبد الرحمن «1» : وحديث عبد الملك هذا يدلّ على أن عمر بن عبد العزيز كان يرى أن أرض مصر فتحت عنوة، وأن الجزية إنما هى على «2» القرى، فمن مات من أهل القرى كانت تلك الجزية ثابتة عليهم، وأنّ موت من مات منهم لا يضع عنهم من الجزية شيئا. قال: ويحتمل أن تكون مصر فتحت بصلح فذلك الصلح ثابت على من بقى منهم، وأن موت من مات منهم لا يضع عنهم مما «3» صالحوا عليه شيئا. والله أعلم. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن محمد بن عمرو، عن ابن جريج أنّ رجلا أسلم على عهد عمر بن الخطّاب فقال: ضعوا الجزية عن أرضى، فقال عمر: لا، إنّ أرضك فتحت عنوة. قال عبد الملك: وقال مالك بن أنس: ما باع أهل الصلح من أرضهم فهو جائز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 لهم، وما فتح عنوة فإنّ ذلك «1» لا يشترى منهم أحد، ولا يجوز لهم بيع شىء مما تحت أيديهم من الأرض؛ لأن أهل الصلح من أسلم منهم كان أحقّ بأرضه وماله، وأمّا أهل العنوة الذين أخذوا عنوة؛ فمن أسلم منهم أحرز إسلامه نفسه، وأرضه للمسلمين، لأن أهل العنوة غلبوا على بلادهم وصارت فيئا للمسلمين، ولأن أهل الصلح إنما هم قوم امتنعوا ومنعوا بلادهم حتى صالحوا عليها، وليس عليهم إلا ما صالحوا عليه، ولا أرى أن يزاد عليهم ولا يؤخذ منهم إلا ما فرض عمر بن الخطاب؛ لأن عمر خطب الناس فقال: قد فرضت «2» لكم الفرائض وسنّت لكم السّنن، وتركتم على الواضحة. قال: وأمّا جزية الأرض فلا علم لى ولا أدرى كيف صنع فيها عمر، غير أن قد أقرّ الأرض فلم يقسمها بين الناس الذين افتتحوها فلو نزل هذا بأحد كنت أرى أن يسأل أهل البلاد أهل المعرفة منهم والأمانة، كيف كان الأمر فى ذلك، فإن وجد من ذلك علما يشفى وإلّا اجتهد فى ذلك هو ومن حضره من المسلمين. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، أن عمر بن عبد العزيز وضع الجزية عمّن أسلم من أهل الذمّة من أهل مصر، وألحق فى الديوان صلح من أسلم منهم فى عشائر من أسلموا على يديه. قال عبد الرحمن «3» : وقال غير عبد الملك: وكانت تؤخذ قبل ذلك ممن أسلم وأول من أخذ الجزية ممن أسلم من أهل الذمّة كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن رزين بن عبد الله المرادى، الحجّاج بن يوسف. ثم كتب عبد الملك بن مروان إلى عبد العزيز بن مروان، أن يضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة، فكلّمه ابن حجيرة «4» فى ذلك، فقال: أعيذك بالله أيها الأمير أن تكون أوّل من سنّ ذلك بمصر، فوالله إنّ أهل الذمّة ليتحمّلون جزية من ترهّب منهم، فكيف تضعها على من أسلم منهم؟ فتركهم عند ذلك. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 ابن عبد العزيز كتب إلى حيّان بن سريج، أن تضع الجزية عمّن أسلم من أهل الذمّة، فإن الله تبارك وتعالى قال: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «1» وقال: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ «2» وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، قال: كان لعبد الله بن سعد موالى نصارى فأعتقهم «3» فكان عليهم الخراج قال الليث: أدركنا بعضهم وإنهم ليؤدّون الخراج. حدثنا عثمان بن صالح، وعبد الله بن صالح، قالا: حدثنا الليث بن سعد، قال: لما ولى ابن رفاعة مصر خرج ليحصى عدّة أهلها وينظر فى تعديل الخراج عليهم، فأقام فى ذلك ستّة أشهر بالصعيد حتى بلغ أسوان ومعه جماعة من الأعوان والكتّاب يكفونه ذلك بجدّ وتشمير، وثلاثة أشهر بأسفل الأرض، فأحصوا من القرى أكثر من عشرة آلاف قرية، فلم يحص فيها فى أصغر قرية منها أقلّ من خمسمائة جمجمة من الرجال الذين يفرض عليهم الجزية. ذكر المقطّم (* حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، قال: سأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح «4» المقطّم بسبعين ألف دينار، فعجب عمرو من «5» ذلك وقال: أكتب فى ذلك إلى أمير المؤمنين، فكتب بذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر: سله لم أعطاك به ما أعطاك وهى لا تزدرع «6» ولا يستنبط «7» بها ماء، ولا ينتفع بها فسأله «8» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 فقال: إنّا لنجد صفتها فى الكتب؛ أنّ فيها غراس الجنّة. فكتب بذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر: إنّا لا نعلم غراس الجنّة إلا للمؤمنين «1» ، فأقبر فيها من مات قبلك من المسلمين، ولا تبعه بشىء. فكان أوّل من دفن «2» فيها رجل من المعافر، يقال له عامر، فقيل عمرت. فقال المقوقس لعمرو، كما حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن وهب، عن عمارة ابن عيسى، قال: ما ذالك، ولا على هذا عاهدتنا، فقطع لهم الحدّ الذي بين المقبرة وبينهم. حدثنا هانئ بن المتوكّل، عن ابن لهيعة، أن المقوقس قال لعمرو: إنّا لنجد فى كتابنا أن ما بين هذا الجبل وحيث نزلتم ينبت فيه شجر الجنّة، فكتب بقوله إلى عمر بن الخطّاب، فقال: صدق فاجعلها مقبرة للمسلمين. وقال غير عمارة بن عيسى: فقبر فيها من عرف من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كما حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عمّن حدثه، خمسة نفر: عمرو بن العاص السّهمى، وعبد الله بن حذافة السهمى، وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى، وأبو بصرة الغفارىّ، وعقبة بن عامر الجهنى. وقال غير عثمان ومسلمة بن مخلّد الانصارى. قال ابن لهيعة: والمقطّم ما بين القصير إلى مقطع الحجارة وما بعد ذلك فمن اليحموم. وقد اختلف فى القصير. أخبرنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، قال: ليس بقصير موسى النبي عليه السلام، ولكنه موسى الساحر. حدثنا سعيد بن عفير، وعبد الله بن عبّاد، قالا: حدثنا المفضّل بن فضالة، عن أبيه، قال: دخلنا على كعب الأحبار، فقال لنا: ممّن أنتم؟ قلنا: من أهل مصر، فقال: ما تقولون فى القصير؟ قال قلنا: قصير موسى، فقال: ليس بقصير موسى، ولكنه قصير عزيز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 مصر، كان إذا جرى النيل يترفّع فيه، وعلى ذلك إنه لمقدّس من الجبل إلى البحر «1» . قال ويقال بل كان موقدا يوقد فيه لفرعون إذا هو ركب من منف إلى عين شمس وكان على المقطّم موقد آخر، فإذا رأوا النار علموا بركوبه فأعدّوا له ما يريد، وكذلك إذا ركب منصرفا من عين شمس. والله أعلم. حدثنا هانئ بن المتوكّل، عن ابن لهيعة ورشدين بن سعد، عن الحسن بن ثوبان، عن حسين بن شفىّ الأصبحى، عن أبيه شفىّ بن عبيد، أنه لما قدم مصر- وأهل مصر قد اتخذوا مصلّى بحذاء ساقية أبى عون التى عند العسكر- فقال: ما لهم وضعوا مصلّاهم فى الجبل الملعون، وتركوا الجبل المقدّس! قال الحسن بن ثوبان: فقدّموا مصلّاهم إلى موضعه الذي هو به اليوم. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قبيل، أن رجلا سأل كعبا عن جبل مصر، فقال: إنه لمقدّس ما بين القصير إلى اليحموم*) . ذكر استبطاء عمر بن الخطّاب عمرو بن العاص فى الخراج قال عبد الرحمن «2» فلما استبطأ عمر بن الخطاب الخراج من قبل عمرو بن العاص كما حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، كتب إليه: «3» بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص، سلام عليك؛ فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد؛ فإنى فكرت «4» فى أمرك والذي عليه، فإذا أرضك أرض واسعة عريضة رفيعة، قد أعطى الله أهلها عددا وجلدا وقوّة فى برّ وبحر، وأنها قد عالجتها الفراعنة، وعملوا فيها عملا محكما، مع شدّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 عتوّهم «1» وكفرهم، فعجبت من ذلك؛ وأعجب مما عجبت أنها لا تؤدىّ نصف ما كانت تؤدّيه من الخراج قبل ذلك على غير قحوط ولا جدوب؛ ولقد أكثرت فى «2» مكاتبتك فى الذي على أرضك من «3» الخراج، وظننت أن ذلك سيأتينا على عير نزر، ورجوت أن تفيق فترفع إلىّ ذلك؛ فإذا أنت تأتينى بمعاريض تغتالها «4» لا توافق الذي فى نفسى؛ ولست قابلا منك دون الذي كانت تؤخذ به من الخراج قبل ذلك. ولست أدرى مع ذلك ما الذي أنفرك من كتابى وقبّضك! فلئن كنت مجزئا كافئا صحيحا، إن البراءة لنافعة «5» ، وإن «6» كنت مضيعا نطفا إنّ الأمر لعلى غير ما تحدّث به نفسك. وقد تركت أن أبتلى ذلك منك فى العام الماضى رجاء أن تفيق فترفع إلىّ ذلك؛ وقد علمت أنه لم يمنعك من ذلك إلا عمّالك عمّال السّوء، وما توالس عليه وتلفّف؛ اتخذوك كهفا. وعندى بإذن الله دواء فيه شفاء عمّا أسألك عنه؛ فلا تجزع أبا عبد الله أن يؤخذ منك الحقّ وتعطاه؛ فإنّ النهز «7» يخرج الدرّ، والحقّ أبلج، ودعنى وما عنه تلجلج، فإنه قد برح الخفاء. والسلام. قال: فكتب إليه عمرو بن العاص. بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عمرو بن العاص؛ سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو؛ أما بعد، فقد بلغنى كتاب أمير المؤمنين فى الذي استبطأنى فيه من الخراج، والذي ذكر فيها من عمل الفراعنة قبلى «8» ، وإعجابه من خراجها على أيديهم، ونقص ذلك منها منذ كان الإسلام. ولعمرى للخراج يومئذ أوفر وأكثر، والأرض أعمر، لأنهم كانوا على كفرهم وعتوّهم أرغب فى عمارة أرضهم منّا منذ «9» كان الإسلام. وذكرت أن النهز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 يخرج الدرّ، فحلبتها حلبا قطع ذلك درّها. وأكثرت فى كتابك، وأنبت، وعرّضت وثربت؛ وعلمت أن ذلك عن شىء تخفيه على غير خبر؛ فجئت لعمرى بالمفظعات «1» المقذعات؛ ولقد كان لك فيه من الصواب من القول رصين صارم بليغ صادق. وقد عملنا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ولمن بعده؛ فكنّا بحمد الله مؤدّين لأماناتنا، حافظين لما عظّم الله من حقّ أئمّتنا، نرى غير ذلك قبيحا، والعمل به سيّئا، فيعرف ذلك لنا ويصدّق فيه قيلنا. معاذ الله من تلك الطعم، ومن شرّ الشيم، والاجتراء على كل مأثم؛ فاقبض عملك؛ فإن الله قد نزهنى عن تلك الطعم الدنيّة والرغبة فيها بعد كتابك الذي لم تستبق فيه عرضا ولم تكرم فيه أخا، والله يا بن الخطّاب؛ لأنا حين يراد ذلك منّي أشدّ لنفسى غضبا، ولها إنزاها وإكراما. وما عملت من عمل أرى علىّ فيه متعلّقا؛ ولكنى حفظت ما لم تحفظ؛ ولو كنت من يهود يثرب ما زدت- يغفر الله لك ولنا- وسكتّ عن أشياء كنت بها عالما؛ وكان اللسان بها منى ذلولا؛ ولكن الله عظّم من حقّك ما لا يجهل. والسلام. فكتب إليه عمر بن الخطاب كما وجدت فى كتاب أعطانيه يحيى بن عبد الله بن بكير، عن عبيد الله بن أبى جعفر، عن أبى مرزوق التجيبى، عن أبى قيس مولى عمرو بن العاص: من عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص؛ سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو؛ أما بعد، فقد عجبت من كثرة كتبى إليك فى إبطائك بالخراج وكتابك إلىّ ببنيّات الطرق «2» ، وقد علمت أنى لست أرضى «3» منك إلا بالحقّ البيّن؛ ولم «4» أقدمك إلى مصر أجعلها لك طعمة ولا لقومك؛ ولكنى وجّهتك لما رجوت من توفيرك الخراج، وحسن سياستك؛ فإذا أتاك كتابى هذا فاحمل الخراج، فإنما هو فئ المسلمين، وعندى من قد تعلم قوم محصورون. والسلام. فكتب إليه عمرو بن العاص: بسم الله الرحمن الرحيم. لعمر بن الخطاب من عمرو بن العاص، سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو؛ أما بعد، فقد أتانى كتاب أمير المؤمنين يستبطئنى فى الخراج، ويزعم «5» أنى أعند عن الحقّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 وأنكب «1» عن الطريق؛ وإنى والله ما أرغب عن صالح ما تعلم؛ ولكنّ أهل الأرض استنظرونى إلى أن تدرك غلّتهم؛ فنظرت للمسلمين؛ فكان الرفق بهم خيرا من أن يخرق بهم، فيصيروا إلى بيع ما لا غنى بهم «2» عنه. والسلام. حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، أن عمرا جباها اثنى عشر ألف ألف. قال غير الليث: وجباها المقوقس قبله بسنة عشرين «3» ألف ألف، فعند ذلك كتب إليه عمر بما كتب به. قال الليث وجباها عبد الله بن سعد حين استعمله عليها عثمان أربعة عشر ألف ألف، فقال عثمان لعمرو: يا أبا عبد الله، درّت اللقحة بأكثر من درّها الاوّل، قال عمرو: أضررتم بولدها. وقال غير الليث: فقال له عمرو: ذلك إن لم يمت الفصيل. حدثنا هشام بن إسحاق العامرى، قال: كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص، أن يسأل المقوقس عن مصر: من أين تأتى عمارتها وخرابها؟ فسأله عمرو، فقال له المقوقس: تأتى عمارتها وخرابها من وجوه خمسة: أن يستخرج خراجها فى إبّان واحد عند فراغ أهلها من زروعهم «4» ، ويرفع خراجها فى إبّان واحد عند فراغ أهلها من عصر كرومهم، وتحفر فى كل سنة خلجها، وتسدّ ترعها وجسورّها، ولا يقبل محل أهلها- يريد البغى- فإذا فعل «5» هذا فيها عمرت، وإن عمل فيها بخلافه خربت. قال وفى كتاب ابن بكير الذي أعطانى «6» عن ابن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: لمّا استبطأ عمر بن الخطاب عمرو بن العاص فى الخراج، كتب إليه: أن ابعث إلىّ رجلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 من أهل مصر؛ فبعث إليه رجلا قديما من القبط، فاستخبره عمر عن مصر وخراجها قبل الإسلام، فقال: يا أمير المؤمنين، كان لا يؤخذ منها شىء إلا بعد عمارتها، وعاملك لا ينظر إلى العمارة، وإنما يأخذ ما ظهر له؛ كأنه لا يريدها إلا لعام واحد. فعرف عمر ما قال، وقبل من عمرو ما كان يعتذر به. ذكر نهي الجند عن الزرع (* قال عبد الرحمن «1» ثم إن عمر بن الخطاب فيما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن وهب، عن حيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو، عن عبد الله بن هبيرة، أمر مناديه أن يخرج إلى أمراء الأجناد يتقدّمون إلى الرعيّة؛ أنّ عطاءهم قائم، وأنّ رزق «2» عيالهم سائل، فلا يزرعون ولا يزارعون. قال ابن وهب: فأخبرنى شريك بن عبد الرحمن المرادى، قال: بلغنا أن شريك بن سمىّ الغطيفى أتى إلى عمرو بن العاص، فقال: إنكم لا تعطونا ما يحسبنا، أفتأذن لى بالزرع؟ فقال له عمرو: ما أقدر على ذلك، فزرع شريك من غير إذن عمرو، فلما بلغ ذلك عمرا كتب إلى عمر بن الخطاب يخبره أنّ شريك بن سمىّ الغطيفيّ حرث بأرض مصر فكتب إليه عمر: أن أبعث إلىّ به، فلما انتهى كتاب عمر إلى عمرو أقرأه شريكا، فقال شريك لعمرو: قتلتنى يا عمرو، فقال عمرو: ما أنا قتلتك، أنت صنعت هذا بنفسك، قال له: إذ كان هذا من رأيك، فأذن لى بالخروج إليه من غير كتاب، ولك عهد الله أن أجعل يدى فى يده، فأذن له بالخروج، فلما وقف على عمر قال: تؤمّنّى يا أمير المؤمنين؟ قال: ومن أىّ الأجناد أنت؟ قال: من جند مصر، قال: فلعلّك شريك بن سمى الغطيفى؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال لأجعلنّك نكالا لمن خلفك، قال: أو تقبل منّى ما قبل الله من العباد، قال: وتفعل؟ قال: نعم، فكتب إلى عمرو بن العاص: إنّ شريك بن سميّ جاءنى تائبا فقبلت منه*) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 ذكر حفر خليج أمير المؤمنين (* حدثنا عبد الله بن صالح أو غيره، عن الليث بن سعد، أن الناس بالمدينة أصابهم جهد شديد فى خلافة عمر بن الخطّاب فى سنة الرّمادة، فكتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاص بن العاص: سلام؛ أما بعد؛ فلعمرى يا عمرو ما تبالى إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن معى؛ فيا غوثاء، ثم يا غوثاء! يردّد قوله «1» . فكتب إليه عمرو بن العاص: لعبد الله عمر أمير المؤمنين، من عمرو بن العاص؛ أما بعد فيا لبيك ثم يا لبّيك! قد بعثت إليك بعير أوّلها عندك وآخرها عندى. والسلام عليك ورحمة الله. فبعث إليه بعير عظيمة، فكان أوّلها بالمدينة وآخرها بمصر، يتبع بعضها بعضا، فلما قدمت على عمر وسّع بها على الناس، ودفع إلى أهل كل بيت بالمدينة وما حولها بعيرا بما عليه من الطعام، وبعث عبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوّام، وسعد بن أبى وقّاص، يقسمونها على الناس، فدفعوا إلى أهل كل بيت بعيرا بما عليه من الطعام أن يأكلوا الطعام وينحروا البعير فيأكلوا لحمه ويأتدموا شحمه ويحتذوا جلده، وينتفعوا بالوعاء الذي كان فيه الطعام لما أرادوا من لحاف أو غيره، فوسّع الله بذلك على الناس. فلما رأى ذلك عمر حمد الله وكتب إلى عمرو بن العاص يقدم عليه هو وجماعة من أهل مصر معه، فقدموا عليه، فقال عمر: يا عمرو؛ إنّ الله قد فتح على المسلمين مصر، وهى كثيرة الخير والطعام، وقد ألقى فى روعى- لما أحببت من الرفق بأهل الحرمين، والتوسعة عليهم حين فتح الله عليهم مصر وجعلها قوّة لهم ولجميع المسلمين- أن أحفر خليجا من نيلها حتى يسيل فى البحر، فهو أسهل لما نريد من حمل الطعام إلى المدينة ومكّة؛ فإنّ حمله على الظهر يبعد ولا نبلغ منه ما نريد؛ فانطلق أنت وأصحابك فتشاوروا فى ذلك حتى يعتدل فيه رأيكم. فانطلق عمرو فأخبر بذلك من كان معه من أهل مصر فثقل ذلك عليهم، وقالوا: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 نتخوّف أن يدخل فى هذا ضرر على مصر، فنرى أن تعظّم ذلك على أمير المؤمنين وتقول له: إن هذا أمر «1» لا يعتدل ولا يكون، ولا نجد إليه سبيلا. فرجع عمرو بذلك إلى عمر، فضحك عمر حين رآه، وقال: والذي نفسى بيده لكأنى أنظر إليك يا عمرو وإلى أصحابك حين أخبرتهم بما أمرنا به من حفر الخليج، فثقل ذلك عليهم، وقالوا: يدخل فى هذا ضرر «2» على أهل مصر؛ فنرى أن تعظّم ذلك على «3» أمير المؤمنين، وتقول له: إن هذا الأمر لا يعتدل ولا يكون، ولا نجد إليه سبيلا. فعجب عمرو من قول عمر، وقال: صدقت والله يا أمير المؤمنين، لقد كان الأمر على ما ذكرت، فقال له عمر: انطلق يا عمرو بعزيمة منّى حتى تجدّ فى ذلك، ولا يأتى عليك الحول حتى تفرغ منه إن شاء الله. فانصرف عمرو وجمع لذلك من الفعلة ما بلغ منه ما أراد، ثم احتفر الخليج الذي فى حاشية الفسطاط، الذي يقال له خليج أمير المؤمنين، فساقه من النيل إلى القلزم؛ فلم يأت الحول حتى جرت فيه السفن، فحمل فيه ما أراد من الطعام إلى المدينة ومكّة، فنفع الله بذلك أهل الحرمين، وسمّى خليج أمير المؤمنين. ثم لم يزل يحمل فيه الطعام حتى حمل فيه بعد عمر بن عبد العزيز، ثم ضيّعته الولاة بعد ذلك، فترك وغلب عليه الرمل، فانقطع، فصار منتهاه إلى ذنب التمساح من ناحية طحا القلزم. قال ويقال إن عمر بن الخطّاب قال لعمرو بن العاص وقدم عليه كما حدثنا أخى عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن- قال: حسبته، عن عروة: يا عمرو، إنّ العرب قد تشاءمت بى وكادت أن تهلك على رجلى وقد عرفت الذي أصابها، وليس جند من الأجناد أرجى عندى أن يغيث الله بهم أهل الحجاز من جندك؛ فإن استطعت أن تحتال لهم حيلة حتى يغيثهم الله! فقال عمرو: ما شئت يا أمير المؤمنين، قد عرفت أنه كانت تأتينا سفن فيها تجار من أهل مصر قبل الإسلام، فلمّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 فتحنا مصر انقطع ذلك الخليج واستدّ، وتركته «1» التجار، فإن شئت أن نحفره فننشئ «2» فيه سفنا يحمل «3» فيه الطعام إلى الحجاز فعلته «4» ! فقال له عمر: نعم، فأفعل*) ، فلما خرج عمرو من عند عمر بن الخطاب ذكر ذلك لرؤساء أهل أرضه من قبط مصر، فقالوا له: ماذا جئت به أصلح الله الأمير تنطلق فتخرج طعام أرضك وخصبها إلى الحجاز وتخرّب هذه! فإن استطعت فاستثقل «5» ذلك، فلما ودّع عمر بن الخطاب قال له: يا عمرو انظر إلى ذلك الخليج فلا «6» تنسينّ حفره، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه قد انسد «7» وتدخل فيه نفقات عظام، فقال له عمر: أما والذي نفسى بيده إنى لأظنّك حين خرجت من عندى حدّثت بذلك أهل أرضك فعظّموه عليك، وكرهوا ذلك، أعزم عليك إلّا ما حفرته وجعلت «8» فيه سفنا، فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، إنه متى ما يجد أهل الحجاز طعام مصر وخصبها مع صحّة الحجاز لا يخفّوا إلى الجهاد، قال: فإنى سأجعل من ذلك أمرا لا يحمل فى هذا البحر إلّا رزق «9» أهل المدينة وأهل مكّة، فحفره عمرو وعالجه، وجعل فيه السفن. قال عبد الرحمن «10» ويقال: إن عمر بن الخطّاب كما ذكر عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، كتب إلى عمرو بن العاص: إلى العاص بن العاص، فإنك لعمرى لا تبالى إذا سمنت أنت ومن معك «11» أن أعجف أنا ومن قبلى، فيا غوثاه، ثم يا غوثاه! فكتب إليه عمرو ابن العاص: أما بعد؛ فيا لبيك ثم يا لبّيك، أتتك عير أوّلها عندك وآخرها عندى، مع أنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 أرجو أن أجد السبيل إلى أن أحمل إليك فى البحر. ثم إن عمرا ندم على كتابه فى الحمل إلى المدينة فى البحر وقل: إن أمكنت عمر من هذا خرّب مصر ونقله «1» إلى المدينة. فكتب إليه: إنى نظرت فى أمر البحر فإذا هو عسر لا يلتأم ولا يستطاع. فكتب إليه عمر: إلى العاص بن العاص، فقد بلغنى كتابك تعتلّ فى الذي كنت كتبت إلىّ به من أمر البحر، وأيم الله لتفعلنّ أو لأقلعنّك بأذنك أو لأبعثنّ من يفعل ذلك، فعرف عمرو أنه الجدّ من عمر بن الخطاب ففعل، فبعث إليه عمر ألا تدع بمصر شيئا من طعامها وكسوتها وبصلها وعدسها وخلّها إلا بعثت إلينا منه. قال ويقال: إنما دلّ عمرو بن العاص على الخليج رجل من قبط مصر. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبى نجيح، عن أبيه، أن رجلا أتى إلى عمرو بن العاص من قبط مصر، فقال: أرأيت «2» إن دللتك على مكان تجرى فيه السفن، حتى تنتهى إلى مكّة والمدينة، أتضع عنى الجزية وعن أهل بيتى؟ قال: نعم، فكتب إلى عمر، فكتب إليه أن افعل؛ فلما قدمت السفن الجار خرج عمر حاجا أو معتمرا، فقال للناس: سيروا بنا ننظر إلى السفن التى سيّرها الله إلينا من أرض فرعون حتى أتتنا. فقال رجل من بنى ضمرة: فأفردنى السّير معه فى سبعة نفر فآوانا الليل إلى خيمة أعراب، فإذا «3» ببرمة تغطّى على النار، فقال عمر: هل من طعام؟ فقالوا: لا إلا لحم ظبى أصبناه بالأمس، فقرّبوه فأكل منه وهو محرم. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا وكيع بن الجرّاح، عن هشام بن سعد، عن زيد ابن أسلم، عن عمرو بن سعد الجارىّ أن عمر أتى الجار ثم دعا بمناديل ثم قال اغتسلوا من ماء البحر فإنه مبارك. قال غير أسد: فلما قدمت السفن الجار وفيها الطعام، صكّ عمر للناس بذلك الطعام صكوكا، فتبايع التجار الصكوك بينهم قبل أن يقبضوها. قال: فحدّثنى أبى عبد الله بن عبد الحكم، اخبرنا ابن لهيعة، عن أبى الأسود، عن عروة بن الزبير، قال: لقى عمر بن الخطاب العلاء بن الأسود، فقال: كم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 ربح حكيم بن حزام؟ فقال: ابتاع من صكوك الجار بمائة ألف درهم، وربح عليها مائة ألف، فلقيه عمر بن الخطاب فقال: يا حكيم، كم ربحت؟ فأخبره بمثل خبر العلاء، فقال عمر: فبعته قبل أن تقبضه؟ قال: نعم، قال عمر: فإن هذا بيع لا يصلح، فاردده، فقال حكيم: ما علمت أن هذا لا يصلح، وما أقدر على ردّه، فقال عمر: ما «1» بدّ، فقال حكيم: والله ما أقدر على ذلك وقد تفرّق وذهب، ولكنّ رأس مالى وربحى صدقة. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، أن حكيم ابن حزام ابتاع طعاما أمر به عمر للناس، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه، فسمع بذلك عمر فردّه عليه، قال: لا تبع طعاما ابتعته حتى تستوفيه. قال مالك: وبلغنى أن صكوكا خرجت للناس فى زمان مروان بن الحكم من طعام الجار فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها «2» ، فدخل زيد ابن ثابت ورجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى مروان، فقالا له: أتحلّ بيع الربا يا مروان! فقال أعوذ بالله، وما ذاك؟ قالا: هذه الصكوك يتبايعها الناس ثم يبيعونها قبل أن يستوفوها، فبعث مروان الحرس يتبعونها ينتزعونه «3» من أيدى الناس ويردّونها إلى أهلها. وحدثنا أسد بن موسى، حدثنا مهدى بن ميمون، حدثنا سعيد الجريرىّ، عن أبى نضرة، عن أبى فراس، أن عمر بن الخطاب خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيّها الناس إنه قد أتى علىّ زمان وأنا أحسب أن من قرأ القرآن إنما يريد به الله وما عنده، وقد خيّل إلىّ بآخره أنه قد قرأه أقوام يريدون به الدنيا ويريدون به الناس، ألا فأريدوا الله بأعمالكم وأريدوه بقراءتكم، ألا إنما كنّا نعرفكم إذ ينزل الوحى وإذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وإذ ينبئنا الله من أخباركم، فقد انقطع الوحى، وذهب النبي صلّى الله عليه وسلم فإنما نعرفكم بما نقول لكم الآن «4» ، من رأينا منه خيرا ظننّا به خيرا وأحببناه عليه، ومن رأينا منه شرّا ظننّا به شرّا وأبغضناه عليه، سرائركم فيما بينكم وبين ربّكم، ألا إنّى إنما أبعث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 عمّالى ليعلّموكم دينكم ويعلّموكم سننكم «1» ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم ولا يأخذوا «2» أموالكم، ألا فمن أتى إليه شىء من ذلك فليرفعه إلىّ، فوالذى نفس عمر بيده لأقصّنّه منه. فقام عمرو بن العاص فقال: أرأيت يا أمير المؤمنين إن عتب عامل من عمّالك على بعض رعيّته فأدّب رجلا من رعّيته إنك لمقصّه منه؟ قال: نعم، والذي نفس عمر بيده لأقصّنّه منه، ألا أقصّه وقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقصّ من نفسه، ألا لا تضربوا المسلمين فتذلّوهم ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تجمّروا بهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعّوهم. فأتى رجل من أهل مصر كما حدّثنا عن أبى عبدة، عن ثابت البنانىّ وحميد، عن أنس إلى عمر بن الخطّاب فقال: يا أمير المؤمنين، عائذ بك من الظلم، قال: عذت معاذا، قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربنى بالسّوط، ويقول: أنا ابن الأكرمين، فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ويقدم بابنه معه، فقدم، فقال عمر: أين المصرىّ؟ خذ السوط فاضرب، فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر: اضرب ابن الألأمين، قال أنس: فضرب فوالله لقد ضربه ونحن نحبّ ضربه فما أقلع عنه حتى تمنّينا أنه يرفع عنه، ثم قال عمر للمصرىّ: ضع على ضلعة عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين، إنما ابنه الذي ضربنى وقد اشتفيت «3» منه، فقال عمر لعمرو: مذ كم تعبّدتم الناس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحرارا؟ قال يا أمير المؤمنين، لم أعلم ولم يأتنى. حدثنى عبد الله بن صالح، حدثنى الليث بن سعد، عن نافع مولى ابن عمر، أن صبيغا العراقى جعل يسأل عن أشياء من القرآن فى أجناد «4» المسلمين حتى قدم مصر، فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، فلما أتاه الرسول بالكتاب فقرأه، قال: أين الرجل؟ قال: فى الرحل، فقال عمر: ابصر «5» أن يكون ذهب فتصيبك منى العقوبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 الموجعة، فأتاه به فقال له عمر: عمّ تسأل؟ فحدثه، فأرسل عمر إلى رطائب الجريد فضربه بها حتى ترك ظهره دبره، ثم تركه حتى برأ، ثم عاد له ثم، تركه حتى برأ، ثم دعا به ليعود له، فقال صبيغ: يا أمير المؤمنين، إن كنت تريد قتلى فاقتلنى قتلا جميلا، وإن كنت تريد أن تداوينى فقد والله برأت، فأذن له إلى أرضه، وكتب له إلى أبى موسى الأشعرى: ألا يجالسه أحد من المسلمين، فاشتدّ ذلك على الرجل، فكتب أبو موسى إلى عمر: إنه قد حسنت هيئته، فكتب عمر أن ائذن للناس «1» فى مجالسته «2» . حدثنا أسد بن موسى، حدثنا محمد بن خازم، عن الحجّاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه قال: كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطّاب يسأله عن رجل أسلم ثم كفر ثم أسلم ثم كفر حتى فعل ذلك مرارا، أيقبل منه الإسلام؟ فكتب إليه عمر أن اقبل منه، اعرض عليه الإسلام، فإن قبل فاتركه، وإلّا فاضرب عنقه. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا محمد بن خازم، عن الحجّاج، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله عن عبد وجد جرّة من ذهب مدفونة، فكتب إليه عمر أن ارضخ له منها بشىء، فإنه أحرى أن يؤدّوا ما وجدوا. ذكر فتح الفيّوم (* حدثنا سعيد بن عفير وغيره، قالوا: فلما تمّ الفتح للمسلمين بعث عمرو جرائد الخيل إلى القرى التى حولها، فأقامت الفيّوم سنة لم يعلم المسلمون بمكانها، حتى أتاهم رجل، فذكرها لهم؛ فأرسل عمرو معه ربيعة بن حبيش بن عرفطة الصدفّى؛ فلما سلكوا فى المجابة لم يروا شيئا، فهمّوا بالانصراف، فقالوا: لا تعجلوا، سيروا؛ فإن كان كذّب «3» فما أقدركم على ما أردتم! فلم يسيروا إلا قليلا حتى طلع لهم سواد الفيوم، فهجموا عليها، فلم يكن عندهم قتال، وألقوا بأيديهم. قال ويقال: بل خرج مالك بن ناعمة الصدفّى- وهو صاحب الأشقر- على فرسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 ينفض المجابة، ولا علم له بما خلفها من الفيّوم «1» ، فلما رأى سوادها رجع إلى عمرو فأخبره ذلك. قال ويقال: بل بعث عمرو بن العاص قيس بن الحارث إلى الصعيد، فسار حتى أتى القيس، فنزل بها، وبه سمّيت القيس، فراث على عمرو خبره، فقال ربيعة بن حبيش: كفيت. فركب فرسه فأجاز عليه البحر- وكانت أنثى- فأتاه بالخبر. ويقال: إنه أجاز من ناحية الشرقيّة حتى انتهى إلى الفيوم*) وكان يقال لفرسه الأعمى. والله أعلم. قال: (* وبعث عمرو بن العاص، نافع بن عبد القيس الفهرىّ- وكان نافع أخا العاص بن وائل لأمّه- فدخلت خيولهم أرض النوبة صوائف كصوائف الروم، فلم يزل الأمر على ذلك حتى عزل عمرو بن العاص عن مصر، وأمّر عبد الله بن سعد بن أبى سرح، فصالحهم*) وسأذكر ذلك فى موضعه إن شاء الله. ذكر فتح برقة (2 قال: وكان البربر بفلسطين، وكان ملكهم جالوت؛ فلما قتله داود عليه السلام خرج البربر متوجّهين إلى المغرب؛ حتى انتهوا إلى لوبية ومراقية- وهما كورتان من كور مصر الغربيّة مما يشرب من السماء، ولا ينالها النيل- فتفرّقوا هنالك؛ فتقدّمت زناتة ومغلية إلى المغرب، وسكنوا الجبال، وتقدّمت لواتة فسكنت أرض أنطابلس؛ وهى برقة؛ وتفرّقت فى هذا المغرب، وانتشروا فيه 2) حتى بلغوا السّوس، ونزلت هوّارة مدينة لبدة، ونزلت نفوسة إلى مدينة سبرت، وجلا من كان بها من الروم من أجل ذلك، وأقام الأفارق- وكانوا خدما للروم- على صلح يؤدّونه إلى من غلب على بلادهم. (3 فسار عمرو بن العاص فى الخيل حتى قدم برقة؛ فصالح أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار يؤدّونها إليه جزية، على أن يبيعوا من أحبّوا من أبنائهم فى جزيتهم 3) . حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، قال: كتب عمرو بن العاص على لواتة من البربر فى شرطه عليهم أن عليكم أن تبيعوا أبناءكم وبناتكم فيما عليكم من الجزية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة أن أنطابلس فتحت بعهد من عمرو بن العاص. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن عبد الله الحضرمّى، أن ابن ديّاس حين ولى أنطابلس أتاه بكتاب عهدهم. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن عبد الله الحضرمى، عن أبى قنان أيّوب بن أبى العالية الحضرمى، عن أبيه، قال: سمعت عمرو بن العاص على المنبر يقول: لأهل أنطابلس عهد يوفى لهم به. قال ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره، قال: ولم يكن يدخل برقة يومئذ جابى خراج إنما كانوا يبعثون بالجزية إذا جاء وقتها. ووجّه عمرو بن العاص عقبة بن نافع؛ حتى بلغ «1» زويلة، وصار ما بين برقة وزويلة للمسلمين. ذكر أطرابلس قال ثم سار «2» عمرو بن العاص حتى نزل أطرابلس فى سنة اثنتين وعشرين. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: غزا عمرو بن العاص طرابلس فى سنة ثلاث وعشرين. ثم رجع إلى حديث عثمان. فنزل على القبّة التى على الشرف «3» من شرقيّها، فحاصرها شهرا، لا يقدر منهم على شىء، فخرج رجل من بنى مدلج ذات يوم من عسكر عمرو متصيّدا فى سبعة نفر، فمضوا غربىّ المدينة حتى أمعنوا عن العسكر، ثم رجعوا فأصابهم الحرّ، فأخذوا على ضفّة البحر، وكان البحر «4» لا صقا بسور المدينة، ولم يكن فيما بين المدينة والبحر سور «5» ، وكانت سفن الروم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 شارعة «1» فى مرساها «2» إلى بيوتهم فنظر المدلجى وأصحابه، فإذا البحر قد غاض من ناحية المدينة، ووجدوا مسلكا إليها من الموضع الذي غاض منه البحر، فدخلوا منه حتى أتوا من ناحية الكنيسة، وكبّروا، فلم يكن للروم مفزع إلّا سفنهم؛ وأبصر عمرو وأصحابه السلّة «3» فى جوف المدينة، فأقبل بجيشه حتى دخل عليهم، فلم تفلت الرم إلا بما خفّ لهم من مراكبهم، وغنم «4» عمرو ما كان فى المدينة وكان من بسبرت متحصّنين (واسمها نبارة وسبرت السوق القديم وإنما نقله إلى نبارة عبد الرحمن بن حبيب سنة إحدى وثلاثين) فلما بلغهم محاصرة عمرو مدينة أطرابلس وأنه لم يصنع فيهم شيئا ولا طاقة له بهم أمنوا، فلما ظفر عمرو بن العاص بمدينة أطرابلس، جرّد خيلا كثيفة من ليلته، وأمرهم بسرعة السير، فصبّحت خيله مدينة سبرت وقد غفلوا، وقد فتحوا أبوابهم لتسرح ماشيتهم «5» ، فدخلوها فلم ينج منهم أحد، واحتوى عمرو على ما فيها ورجعوا إلى عمرو. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، أنه سمع أبا تميم الجيشانى يقول: غزونا مع عمرو بن العاص غزوة «6» أطرابلس، فجمعنا المجلس ومعنا فيه هبيب بن مغفل، فذكرنا قضاء دين رمضان فقال هبيب بن مغفل: لا يفرق. وقال عمرو بن العاص: لا بأس أن يفرّق إذا أحصيت «7» العدد. ذكر استئذان عمرو بن العاص عمر بن الخطّاب فى غزوة إفريقية وأراد عمرو أن يوجّه إلى المغرب فكتب إلى عمر بن الخطاب كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى تميم الجيشانى: إنّ الله قد فتح علينا أطرابلس، وليس بينها وبين إفريقيّة إلا تسعة أيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن يغزوها «8» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 ويفتحها الله على يديه فعل. فكتب إليه عمر: لا إنها ليست بإفريقية، ولكنّها المفرقة غادرة مغدور بها، لا يغزوها أحد ما بقيت. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قبيل، عن مرّة ابن ليشرح المعافرى، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: إفريقية المفرقة- ثلاث مرّات- لا أوجّه إليها أحدا ما مقلت عينى الماء. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علىّ بن رباح، عن مسعود بن الأسود، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان بايع تحت الشجرة؛ أنه استأذن عمر ابن الخطاب فى غزو «1» إفريقية، فقال عمر: لا، إن إفريقية غادرة مغدور بها. قال: ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره، قال: فأتى عمرو بن العاص كتاب المقوقس يذكر له فيه: إن الروم يريدون نكث العهد ونقض ما كان بينهم وبينه، وكان عمرو قد عاهد المقوقس على ألا يكتمه أمرا يحدث، فانصرف عمرو راجعا مبادرا لما أتاه وقد كان عمرو يبعث الجريدة من الخيل فيصيبون الغنائم ثم يرجعون. ذكر عزل عمرو عن مصر قال: حدثنا عبد الرحمن قال «2» فتوفّى عمر رحمة الله عليه ومصر على أميرين: عمرو بن العاص بأسفل الأرض، وعبد الله بن سعد بن أبى سرح على الصعيد، قال وكانت وفاة عمر كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد مصدر «3» الحاجّ سنة ثلاث وعشرين. حدثنا سعيد بن عفير، قال: إنما كان عمر بن الخطّاب ولّى عبد الله ابن سعد من الصعيد الفيّوم. فلما استخلف عثمان بن عفّان، كما حدثنا عبد الله ابن صالح- أو غيره- عن الليث، طمع عمرو بن العاص «4» لما رأى من عثمان أن يعزل له عبد الله بن سعد عن الصعيد، فوفد إليه وكلّمه فى ذلك، فقال له عثمان: ولّاه عمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 ابن الخطاب الصعيد وليس بينه وبينه حرمة ولا خاصّة، وقد علمت أنه أخى من الرضاعة، فكيف أعزله عمّا ولّاه غيرى؟!. وقال له فيما حدثنا سعيد بن عفير: إنك لفى غفلة عما كانت تصنع بى أمّه، وإن كانت لتخبأ لى العرق من اللحم فى ردنها حتى آتى. قال ثم رجع إلى حديث الليث بن سعد، قال: فغضب عمرو، وقال: لست راجعا إلا على ذلك، فكتب عثمان بن عفان إلى عبد الله بن سعد يؤمّره على مصر كلّها، فجاءه الكتاب بالفيّوم. قال ابن عفير: بقرية منها تدعى دموشة «1» . قال الليث فى حديثه فجعل لأهل أطواب جعلا على أن يصبّحوا به الفسطاط فى مركبه، وكان الذي جعل لهم كما يزعم آل عبد الله بن سعد خمسة دنانير، قال الليث: فقدموا به الفسطاط قبل الصبح فأرسل إلى المؤذّن فأقام الصلاة حين طلع الفجر، وعبد الله بن عمرو ينتظر المؤذّن يدعوه إلى الصلاة؛ لأنه خليفة أبيه، فاستنكر الإقامة. فقيل له صلّى عبد الله بن سعد بالناس. وآل عبد الله يزعمون أن عبد الله بن سعد أقبل من غربىّ المسجد بين يديه شمعة، وأقبل عبد الله بن عمرو، من نحو داره بين يديه شمعة. فالتقت الشمعتان عند القبلة. قال الليث فى حديثه: فأقبل عبد الله بن عمرو حتى وقف على عبد الله ابن سعد، فقال: هذا بغيك ودسّك. فقال عبد الله بن سعد: ما فعلت وقد كنت أنت وأبوك تحسدانى على الصعيد، فتعال حتى أولّيك الصعيد وأولّى أباك أسفل الأرض ولا أحسد كما عليه، فلبث عبد الله بن سعد عليها أميرا محمودا، وغزا فيها ثلاث غزوات كلهن لها «2» شأن: إفريقية، والأساود «3» ، ويوم ذى الصّوارى. وسأذكر ذلك فى موضعه إن شاء الله. قال: وكان عزل عمرو بن العاص عن مصر، كما حدثنا يحيى بن عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 ابن بكير، عن الليث بن سعد وتولية عبد الله بن سعد فى سنة خمس وعشرين. ذكر انتقاض الإسكندرية قال: عبد الرحمن «1» وقد كانت الإسكندرية كما حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، انتقضت وجاءت الروم عليهم منويل الخصىّ فى المراكب حتى أرسوا بالإسكندرية، فأجابهم من بها من الروم، ولم يكن المقوقس «2» تحرّك ولا نكث. وقد كان عثمان بن عفّان عزل عمرو بن العاص وولّى عبد الله بن سعد، فلما نزلت الروم الإسكندرية، سأل «3» أهل مصر عثمان أن يقرّ عمرا حتى يفرغ من قتال الروم؛ فإن له معرفة بالحرب وهيبة فى العدو ففعل، وكان على الإسكندرية سورها، فحلف عمرو بن العاص لئن أظهره «4» الله عليهم ليهدمن سورها، حتى تكون مثل بيت الزانية تؤتى من كل مكان، فخرج إليهم عمرو فى البر والبحر. قال عبد الرحمن «5» وقال غير الليث: وضوى إلى المقوقس من أطاعه من القبط، فأما الروم فلم يطعه منهم أحد، فقال خارجة بن حذافة لعمرو: ناهضهم قبل أن يكثر مددهم «6» ولا أمن «7» أن تنتقض مصر كلّها، فقال عمرو: لا، ولكن أدعهم حتى يسيروا إلىّ، فإنهم يصيبون من مرّوا به فيخزى الله بعضهم ببعض. فخرجوا من الإسكندرية ومعهم من نقض من أهل القرى، فجعلوا ينزلون القرية فيشربون خمورها ويأكلون أطمعتها وينتهبون ما «8» مرّوا به، فلم يعرض لهم عمرو» حتى بلغوا نقيوس، فلقوهم فى البرّ والبحر، فبدأت الروم والقبط، فرموا بالنشّاب فى الماء رميا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 شديدا، حتى أصابت النشّاب يومئذ فرس عمرو فى لبّته وهو فى البرّ فعفر «1» فنزل عنه عمرو، ثم خرجوا من البحر فاجتمعوا هم والذين فى البرّ، فنضحوا المسلمين بالنشّاب، فاستأخر المسلمون عنهم شيئا، وحملوا على المسلمين حملة ولّى المسلمون منها، وانهزم شريك بن سمىّ فى خيله. وكانت الروم قد جعلت صفوفا خلف صفوف، وبرز يومئذ بطريق ممن جاء من أرض الروم على فرس له عليه سلاح مذهّب، فدعا إلىّ البراز، فبرز إليه رجل من زبيد يقال له حومل يكنّى أبا مذحج، فاقتتلا طويلا برمحين يتطاردان «2» ، ثم ألقى البطريق الرمح وأخذ السيف، وألقى حومل رمحه وأخذ سيفه، وكان يعرف بالنجدة، وجعل يصيح: أبا مذحج، فيجيبه: لبيك، والناس على شاطىء النيل فى البرّ على تعبئتهم وصفوهم، فتجاولا ساعة بالسيفين، ثم حمل عليه البطريق فاحتمله وكان نحيفا، ويخترط حومل حنجرا كان فى منطقته أو فى ذراعه، فضرب به نحر العلج أوتر قوّته فأثبته ووقع عليه، فأخذ سلبه، ثم مات حومل بعد ذلك بأيّام رحمة الله عليه، فرئى عمرو يحمل سريره بين عمودى نعشه حتى دفنه بالمقطّم. ثم شدّ المسلمون عليهم، فكانت هزيمتهم، فطلبهم المسلمون حتى ألحقوهم بالإسكندرية، ففتح الله عليهم وقتل منويل الخصىّ. حدثنا الهيثم بن زياد أن عمرو بن العاص قتلهم حتى أمعن فى مدينتهم، فكلّم فى ذلك فأمر برفع السيف عنهم، وبنى فى ذلك الموضع الذي رفع فيه السيف مسجد، وهو المسجد الذي بالإسكندرية الذي يقال له مسجد الرحمة؛ وإنما سمّى مسجد الرحمة لرفع عمرو السيف هنالك. وهدم سورها كله. وجمع عمرو ما أصاب منهم فجاءه أهل تلك القرى ممن لم يكن نقض، فقالوا: قد كنا على صلحنا، وقد مرّ علينا هؤلاء اللصوص فأخذوا متاعنا ودوابّنا وهو قائم فى يديك. فردّ عليهم عمرو ما كان لهم من متاع عرفوه وأقاموا عليه البيّنة، وقال بعضهم لعمرو: ما حلّ لك ما صنعت بنا، كان لنا أن تقاتل عنّا لأنا فى ذمّتك، ولم ننقض، فأما من نقض فأبعده الله، فندم عمرو، وقال: يا ليتنى كنت لقيتهم حين خرجوا من الإسكندرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 (1 وكان سبب نقض الإسكندرية هذا كما حدّثنا عن حيوة بن شريح، عن الحسن ابن ثوبان، عن هشام بن أبى رقيّة، أن صاحب إخنا قدم على عمرو بن العاص فقال: أخبرنا، ما على أحدنا من الجزية فيصبر لها؟ فقال عمرو وهو يشير إلى ركن كنيسة: لو أعطيتنى من الركن إلى السّقف، ما أخبرتك، إنما أنتم خزانة لنا إن كثّر علينا كثّرنا عليكم، وإن خفّف عنّا خفّفنا عنكم، فغضب صاحب إخنا «2» ، فخرج إلى الروم فقدم بهم فهزمهم الله، وأسر النبطىّ فأتى به عمرو، فقال له الناس: اقتله، فقال: لا، بل انطلق فجئنا بجيش آخر 1) . حدثنا سعيد بن سابق، قال: كان اسمه طلما، وأن عمرا لمّا أتى به سوّره «3» ، وتوّجه، وكساه برنس أرجوان، وقال له: ايتنا بمثل هؤلاء؛ فرضى بأداء الجزية. فقيل لطلما؛ لو أتيت ملك الروم؟ فقال: لو أتيته لقتلنى، وقال قتلت أصحابى. ذكر خراب خربة وردان قال وكان عمرو حين توجّه إلى الإسكندرية خرب القرية التى تعرف اليوم بخربة وردان قال عبد الرحمن: واختلف علينا فى السبب الذي خربت له، فحدثنا سعيد ابن عفير، أن عمرا لما توجّه إلى نقيوس لقتال الروم عدل وردان «4» لقضاء حاجته عند الصبح «5» ، فاختطفه أهل الخربة فغّيبوه، ففقده عمرو، وسأل عنه وقفا أثره فوجدوه فى بعض دورهم، فأمر بإخرابها وإخراجهم منها. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، قال: كان أهل الخربة رهبانا كلهم، فغدروا بقوم من ساقة عمرو فقتلوهم بعد أن بلغ عمرو الكريون، فأقام عمرو ووجّه إليهم وردان فقتلهم وخربها، فهى خراب إلى اليوم. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، قال: كان أهل الخربة أهل توثّب وخبث، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 فأرسل عمرو بن العاص إلى أرضهم، فأخذ له منها جراب فيه تراب من ترابها، ثم دعاهم فكلّمهم فلم يجيبوه إلى شىء فأمر بإخراجهم، ثم أمر بالتراب ففرش تحت مصلّاه، ثم قعد عليه، ثم دعاهم فكلّمهم فأجابوه إلى ما أحبّ، ثم أمر بالتراب فرفع، ثم دعاهم فلم يجيبوه إلى شىء حتى فعل ذلك مرارا، فلما رأى عمرو ذلك قال: هذه بلدة لا تصلح إلّا أن توطأ، فأمر بإخرابها. والله أعلم. ذكر بعض ما قيل فى فتح الإسكندرية الثانى ثم رجع إلى حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: فلما هزم الله الروم أراد عثمان عمرا أن يكون على الحرب، وعبد الله بن سعد على الخراج، فقال عمرو: أنا إذا كماسك البقرة بقرنيها وآخر يحلبها، فأبى عمرو. حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حرملة بن عمران، عن تميم بن فرع المهرىّ، قال: شهدت فتح الإسكندرية فى المرّة الثانية فلم يسهم لى، حتى كاد أن يقع بين قومى وبين قريش منازعة، فقال بعض القوم: أرسلوا إلى أبى بصرة الغفارى وعقبة بن عامر الجهنى فإنهما من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسلوهما عن هذا، فأرسلوا إليهما فسألوهما، فقالا: انظروا، فإن كان أنبت فأسهموا له، فنظر «1» إلىّ بعض القوم فوجدونى قد أنبتّ، فأسهموا لى. (* حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن موسى بن علىّ، عن أبيه، عن عمرو بن العاص أنه فتح الاسكندرية الفتحة الأخيرة عنوة قسرا، فى خلافة عثمان ابن عفان، بعد موت عمر بن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، قال: كان فتح الإسكندرية الأوّل سنة إحدى وعشرين وفتحها الآخر سنة خمس وعشرين بينهما أربع سنين. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: كان فتح الإسكندرية الأول سنة اثنتين وعشرين. وكان فتحها الآخر سنة خمس وعشرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 قال غير ابن لهيعة: وأقام عمرو بن العاص بعد فتح الإسكندرية شهرا، ثم عزله عثمان وولّى عبد الله بن سعد. قال غير ابن لهيعة فى حديثه عن يزيد بن أبى حبيب: وأقامت الخيس من البيما يقاتلون الناس سبع سنين بعد ما فتحت مصر، مما يفتحون عليهم من تلك المياه والغياض*) . ذكر قدوم عمرو على عمر بن الخطاب حدثنا عثمان بن صالح، عن الليث بن سعد، قال: عاش عمر بن الخطاب بعد فتح مصر ثلاث سنين قدم عليه عمرو فيها قدمتين. قال ابن عفير: استخلف فى إحداهما زكريّاء بن الجهم العبدرىّ على الجند، ومجاهد بن جبر مولى بنى نوفل بن عبد مناف على الخراج وهو جدّ معاذ بن موسى النفّاط أبى اسحاق بن معاذ الشاعر فسأله عمر: من استخلفت؟ فذكر له مجاهد بن جبر، فقال له عمر: مولى ابنت غزوان؟ قال: نعم. إنه كاتب، فقال عمر: إن القلم «1» ليرفع بصاحبه. وبنت غزوان هذه أخت عتبة بن غزوان، وقد شهد عتبة بدرا. (2 حدثنا عبد الملك بن هشام. قال: حدثنا زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق، قال: عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، حليف بنى نوفل بن عبد مناف 2) قال: وخطّة مجاهد بن جبر، دار صالح صاحب السوق. قال: ثم رجع إلى حديث ابن عفير، قال: واستخلف فى القدمة الثانية عبد الله ابن عمرو. فحدثنا عبد الملك بن مسلمة. وعبد الله بن صالح، قالا: حدثنا الليث ابن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عمرو بن العاص دخل على عمر بن الخطاب وهو على مائدته جاثيا على ركبتيه، وأصحابه كلهم على تلك الحال وليس فى الجفنة فضل لأحد يجلس، فسلّم عمرو على عمر فردّ عليه السلام. قال «3» عمرو بن العاص؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 قال: نعم. فأدخل عمر يده فى الثريد، فملأها ثريدا، ثم ناولها عمرو بن العاص، فقال: خذ هذا. فجلس عمرو وجعل الثريد فى يده اليسرى ويأكل باليمنى، ووفد أهل مصر ينظرون إليه، فلما خرجوا قال الوفد لعمرو: أىّ شىء صنعت؟ فقال عمرو: إنه والله لقد علم أنى بما قدمت به من مصر لغنى عن الثريد الذي ناولنى، ولكنه أراد أن يختبرنى، فلو لم أقبلها للقيت منه شرّا. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قبيل، قال: دخل عمرو بن العاص على عمر بن الخطاب وقد صبغ «1» رأسه ولحيته بسواد، فقال عمر: من أنت؟ قال: أنا عمرو بن العاص. قال «2» عمر: عهدى بك شيخا وأنت اليوم شاب، عزمت عليك إلّا ما خرجت فغسلت هذا «3» . حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: قدم عمرو بن العاص من مصر مرّة على عمر، فوافاه على المنبر يوم الجمعة، فقال: هذا عمرو بن العاص قد أتاكم، ما ينبغى لعمرو أن يمشى على الأرض إلّا أميرا «4» . حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان، عن عقبة بن عامر، أن عمر رضى الله عنه قال: ما ينبغى لعمرو أن يمشى على الأرض إلّا أميرا. قال الليث، وقال عمرو بن العاص: ما كنت بشىء أتجر منّى بالحرب. ذكر وفاة عمرو بن العاص قال ثم توفّى عمرو بن العاص فى سنة ثلاث، وأربعين. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: توفّى عمرو بن العاص سنة ثلاث وأربعين، وفيها أمرّ عتبة بن أبى سفيان على أهل مصر، وفيها غزا شريك بن سمّى لبدة المغرب. قال: حدثنا أسد بن موسى، وعبد الله بن صالح قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شماسة أخبره أن عمرو بن العاص لمّا حضرته الوفاة دمعت عيناه، فقال عبد الله بن عمرو: يا أبا عبد الله، أجزع من الموت يحملك على هذا؟ قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 لا، ولكن ممّا بعد الموت، فذكر له عبد الله مواطنه التى كانت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم والفتوح التى كانت بالشأم، فلما فرغ عبد الله من ذلك قال: قد كنت على أطباق ثلاثة، لو متّ على بعضهن علمت ما يقول الناس، بعث الله محمّدا صلّى الله عليه وسلم فكنت أكره الناس لما جاء به، أتمنّى لو أنى قتلته، فلو متّ على ذلك لقال الناس مات عمرو مشركا، عدوّا لله ولرسوله، من أهل النار، ثم قذف الله الإسلام فى قلبى، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبسط إلىّ يده ليبايعنى، فقبضت يدى، ثم قلت: أبايعك على أن يغفر «1» لى ما تقدّم من ذنبى، وأنا أظنّ حينئذ أنى لا أحدث فى الإسلام ذنبا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا عمرو، إن الإسلام يجبّ ما قبله من خطيئة، وإن الهجرة تجبّ ما بينها وبين الإسلام، فلو متّ على هذا الطبق لقال الناس، أسلم عمرو وجاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم نرجو لعمرو عند الله خيرا كثيرا ثم أصبت إمارات وكانت فتن، فأنا مشفق من هذا الطبق. فإذا أخرجتمونى فأسرعوا بى «2» ، ولا تتبعنى مادحة «3» ولا نار، وشدّوا علىّ إزارى، فإنى مخاصم، وسنّوا علىّ التراب سنّا، فإن يمينى ليست بأحقّ بالتراب من يسارى، ولا تدخلنّ القبر خشبة ولا طوبة، ثم إذا قبرتمونى فامكثوا عندى قدر نحر جزور وتقطيعها، أستأنس بكم. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا يزيد بن أبى حبيب، عن سويد بن قيس، عن قيس بن سمىّ نحوه. قال وقال عمرو: فو الله إنّى إن كنت لأشدّ الناس حياء من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ما ملأت عينى منه، ولا راجعته «4» بما أريد حتى لحق بالله حياء منه. وصيّة عمرو بن العاص عند موته حدثنا أسد بن موسى، حدثنا عبد الرحمن بن محمد، عن محمد بن طلحة، عن إسماعيل، أن عمرو بن العاص لمّا حضره الموت قال: ادعوا لى عبد الله، فقال: يا بنىّ إذا أنا متّ فاغسلنى وترا، واجعل فى آخر ماء تغسلنى به شيئا من كافور، فإذا فرغت فأسرع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 بى، فإذا أدخلتنى قبرى فسنّ علىّ التراب سنّا، واعلم أنك تتركنى وحيدا خائفا، اللهمّ لا أعتذر، ولكنى أستغفر، اللهمّ إنك أمرت بأمور فتركنا، ونهيت فركبنا، فلا برىء فأعتذر، ولا عزيز فأنتصر، ولكن لا اله إلا أنت لا إله إلا أنت،- ثلاث مرّات- ثم قبض. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه، أن عمرو ابن العاص لما حضرته الوفاة ذرفت «1» عيناه فبكى، فقال له عبد الله: يا أبت، ما كنت أخشى «2» أن ينزل بك أمر الله إلا صبرت عليه، قال له: يا بنىّ إنه نزل بأبيك خلال ثلاث: أما أولاهن فانقطاع عمله، وأما الثانية فهول المطّلع، وأما الثالثة ففراق الأحبّة وهى أيسرهن. اللهمّ أمرت فتوانيت، ونهيت فعصيت، اللهم ومن شيمك «3» العفو والتجاوز. حدثنا وهب الله بن راشد، أخبرنا يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن حميد ابن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، أن عمرو بن العاص حين حضرته الوفاة قال: أى بنىّ، إذا متّ فكفّنّى فى ثلاثة أثواب، ثم أزّرنى فى أحدهنّ، ثم شقّوا لى الأرض شقّا، وسنّوا علىّ التراب سنّا، فإنى مخاصم، ثم قال: اللهمّ إنك أمرت بأمور ونهيت عن أمور، فتركنا كثيرا مما أمرت به، ووقعنا فى كثير مما نهيت عنه، اللهمّ لا إله إلا أنت، فلم يزل يردّدها حتى فاظ. حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد، حدثنا حرملة بن عمران التجيبى، حدثنى يزيد بن أبى حبيب، عن أبى فراس مولى عمرو بن العاص، أن عمرا لما حضرته الوفاة قال لابنه عبد الله: إذا متّ فاغسلنى وكفّنّى، وشدّ علىّ إزارى فإنى مخاصم، فإذا أنت حملتنى فأسرع بى المشى، فإذا أنت وضعتنى فى المصلّى وذلك فى يوم عيد فانظر إلى أفواه الطرق فإذا لم يبق أحد، واجتمع الناس، فابدأ فصلّ علىّ، ثم صلّ العيد، فإذا وضعتنى فى لحدى فأهيلوا علىّ التراب، فإن شقّى الأيمن ليس بأحقّ بالتراب من شقّى الأيسر، فإذا سوّيتم علىّ فاجلسوا عند قبرى قدر نحر جزور وتقيطعها، أستأنس بكم. فلما تقدّم عبد الله بن عمرو ليصلّى على أبيه كما حدثنا عبد الغفّار ابن داود. وعبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن ربيعة بن لقيط، قال: والله ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 أحبّ أن لى بأبى أبا رجل من العرب، وما أحبّ أن الله يعلم أنّ عينى دمعت عليه جزعا، وأن لى حمر النعم، ثم كبّر. حدثنا سعيد بن عفير، قال: ودفن بالمقطّم من ناحية الفجّ، وكان طريق الناس يومئذ إلى الحجاز «1» ، فأحبّ أن يدعو له من مرّ به، وفى ذلك يقول عبد الله بن الزبير: ألم تر أنّ الدهر أخنت ريوبه «2» ... على عمرو السهمىّ تجبى له مصر فأضحى نبيذا بالعراء وضلّلت ... مكائده عنه وأمواله الدثر ولم يغن عنه جمعه واحتياله ... ولا كيده حتّى أتيح له الدهر ذكر فتح إفريقية ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال: فلما عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر، وأمّر عبد الله بن سعد بن أبى سرح، كان يبعث المسلمين فى جرائد الخيل كما كانوا يفعلون «3» فى أيام عمرو، فيصيبون من أطراف إفريقيّة ويغنمون، فكتب فى ذلك عبد الله بن سعد إلى عثمان، وأخبره بقربهم من حرز المسلمين، ويستأذنه فى غزوها. فندب عثمان الناس لغزوها بعد المشورة منه فى ذلك، فلما اجتمع الناس أمرّ عليهم عثمان الحارث بن الحكم إلى أن يقدموا على عبد الله بن سعد مصر فيكون إليه الأمر. فخرج عبد الله بن سعد إليها، وكان مستقرّ سلطان إفريقية يومئذ بمدينة يقال لها قرطاجنّة، وكان عليها ملك يقال له جرجير، كان هرقل قد استخلفه، فخلع هرقل وضرب الدنانير على وجهه، وكان سلطانه ما بين أطرابلس إلى طنجة. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، قال: كان هرقل استخلف جرجير فخلعه. قال: ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره قال: فلقيه جرجير فقاتله فقتله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 الله، وكان الذي ولى قتله فيما يزعمون عبد الله بن الزبير، وهرب جيش «1» جرجير، فبثّ عبد الله بن سعد السرايا وفرّقها، فأصابوا غنائم كثيرة، فلما رأى ذلك رؤساء أهل إفريقية، طلبوا إلى عبد الله بن سعد أن يأخذ منهم مالا على أن يخرج من بلادهم، فقبل منهم ذلك ورجع إلى مصر، ولم يولّ عليهم أحدا، ولم يتّخذ بها قيروانا. فكانت غنائم المسلمين يومئذ كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن أبى الأسود، عن أبى أويس، قال أبو الأسود مولّى لنا قال: غزونا مع عبد الله بن سعد إفريقية، فقسم بيننا الغنائم بعد إخراج الخمس، فبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار، للفرس ألفا دينار، ولفارسه ألف دينار، وللراجل ألف دينار. فقسم لرجل من الجيش توفّى بذات الحمام فدفع إلى أهله بعد موته ألف دينار. حدثنا يوسف بن عدىّ، حدثنا ابن المبارك، عن حيوة بن شريح، عن عبد الرحمن ابن أبى هلال، عن أبى الأسود، أن أبا أوس مولّى لهم قديما حدّثه، أن رجلا خرج فى غزوة إفريقية فمات بذات الحمام، فقسم له، فكان سهمه يومئذ ألف دينار. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، عن غير واحد، أن عبد الله ابن سعد غزا إفريقية وقتل جرجير، فأصاب الفارس يومئذ ثلاثة آلاف دينار، والراجل ألف دينار. قال غير الليث من مشايخ أهل مصر: فى كل دينار دينار وربع. قال: ثم رجع الى حديث عثمان بن صالح وغيره قال: فكان جيش عبد الله ابن سعد ذلك عشرين ألفا. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، قال: كانت مهرة فى غزوة عبد الله ابن سعد وحدهم ستّمائة رجل. وغنث من الأزد سبعمائة رجل. وميدعان سبعمائة، وميدعان من الأزد. وكان على مقاسمها كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن أزهر بن يزيد الغطيفى، شريك بن سمىّ، فباع ابن زرارة المدينىّ تبرا بذهب، بعضه أفضل من بعض، ثم لقيه المقداد بن الأسود فذكر ذلك له، فقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 المقداد: إن هذا لا يصلح. فقال له ابن زرارة: فضلها لك هبة. قال شريك: ما أحبّ أن لى ما تحوز «1» وإنى أرجع به. وكانت ابنة جرجير كما حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، وسعيد بن عفير، قد صارت لرجل من الأنصار فى سهمه، فأقبل بها منصرفا قد حملها على بعير له، فجعل يرتجز: يا بنة جرجير تمشّى عقبتك ... إنّ عليك بالحجاز ربتك لتحملنّ من قباء قربتك قالت: ما يقول هذا الكلب؟ فأخبرت بذلك فألقت نفسها عن البعير الذي كانت عليه، فدقّت عنقها فماتت. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، أن عبد الله بن سعد هو الذي فتح إفريقية، ونقل «2» هو الذي افترع إفريقية، وأنه كان يوضع بين يديه الكوم من الورق فيقال للأفارقة من أين لكم هذا؟ قال: فجعل إنسان منهم يدور كالذى يلتمس الشيء حتى وجد زيتونة فجاء بها إليه، فقال: من هذا نصيب الورق. قال: وكيف؟ قال: إن الروم ليس عندهم زيتون، فكانوا يأتونا فيشترون منا الزيت فنأخذ هذا الورق منهم. وإنما سمّوا الأفارقة فيما حدثنا عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة وغيره، أنهم من ولد فارق بن بيصر، وكان فارق قد حاز لنفسه من الأرض ما بين برقة إلى إفريقية، فبالأفارقة سميت إفريقيّة. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا بكر بن مضر، عن يزيد بن أبى حبيب، عن قيس بن أبى يزيد، عن الجلاس بن عامر، عن عبد الله بن أبى ربيعة، قال: صلّى عبد الله بن سعد للناس بإفريقية المغرب، فلما صلّى ركعتين سمع جلبة فى المسجد فراعهم ذلك، وظنّوا أنهم العدوّ، فقطع الصلاة، فلما لم ير شيئا خطب الناس ثم قال: إن هذه الصلاة اختضرت «3» ، ثم أمر مؤذّنه فأقام الصلاة ثم أعادها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 قال: وبعث عبد الله بن سعد، كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة بالفتح عقبة بن نافع. ويقال بل عبد الله بن الزبير، وذلك أصحّ. وسار- زعموا عبد الله بن الزبير- على راحلته إلى المدينة من إفريقية عشرين ليلة. حدثنا سعيد بن عفير، حدثنى المنذر بن عبد الله الحزامى، عن هشام بن عروة، أن عبد الله بن سعد بعث عبد الله بن الزبير بفتح إفريقية، فدخل على عثمان فجعل يخبره بلقائهم العدوّ وما كان فى تلك الغزوة، فأعجب عثمان فقال له: هل تستطيع أن تخبر الناس بمثل هذا؟ قال: نعم. فأخذ بيده حتى انتهى به إلى المنبر ثم قال له: اقصص عليهم ما «1» أخبرتنى. فتلكأ عبد الله بدئا، فأخذ الزبير قبضة حصباء وهمّ أن يحصبه بها؛ ثم تكلّم كلاما أعجبهم، فكان الزبير يقول: إذا أراد أحدكم أن يتزوّج المرأة، فلينظر إلى أبيها وأخيها، فلن يلبث أن يرى ربيطة منها ببابه، لما كان يرى من شبه عبد الله بن الزبير بأبى بكر. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، قال: بعث عبد الله بن سعد عبد الله بن الزبير وكان فى الجيش بالفتح، فقدم على عثمان بن عفان، فبدأ به قبل أن يأتى أباه الزبير بن العوّام، فخرج عثمان إلى المسجد ومعه ابن الزبير، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر الذي» أبلى الله المسلمين على يدى عبد الله ابن سعد، ثم قال: قم يا عبد الله بن الزبير فحدّث الناس بالذى شهدت. قال الزبير: فوجدت فى نفسى على عثمان، وقلت: يقيم غلاما من الغلمان لا يبلغ الذي يحقّ عليه، والذي يجمل به، فقام فتكلّم فأبلغ وأصاب، فما فرغ حتى ملأهم عجبا. ثم نزل عثمان وقام عبد الله بن الزبير إلى أبيه، فأخذ أبوه بيده، وقال: إذا أردت أن تتزوّج امرأة فانظر إلى أبيها وأخيها قبل أن تتزوّجها، كأنه يشبّهه ببلاغة أبى بكر الصدّيق جدّه. قال وحدّثنيه ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، وقد قيل إن عبد الله بن سعد قد كان وجّه مروان بن الحكم إلى عثمان من إفريقية، فلا أدرى أفى الفتح أم بعده «3» ، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 حدثنا عبد الله بن معشر الأيلى: أن مروان بن الحكم أقبل من إفريقية، أرسله عبد الله بن سعد، ووجّه معه رجلا من العرب من لخم أو جذام- شكّ عبد الرحمن قال: فسرنا حتى إذا كنّا ببعض الطريق قرب الليل، فقال لى صاحبى: هل لك إلى صديق لى هاهنا؟ قلت: ما شئت. قال: فعدل بى عن الطريق حتى أتى إلى دير، واذا سلسلة معلّقة، فأخذ السلسلة، فحرّكها، وكان أعلم منّى، فأشرف علينا رجل، فلما رآنا فتح الباب، فدخلنا، فلم يتكلّم حتى طرح لى فراشا ولصاحبى فراشا، ثم أقبل على صاحبى يكلّمه بلسانه، فراطنه حتى سؤت ظنّا، ثم أقبل علىّ، فقال: أيّ شىء قرابتك من خليفتهم؟ قلت: ابن عمّه. قال: هل أحد «1» أقرب إليه منك؟ قلت: لا، إلا أن يكون ولده. قال: صاحب الأرض المقدّسة أنت؟ قلت: لا. قال: فإن استطعت أن تكون هو فافعل؛ ثم قال: أريد أن أخبرك بشىء وأخاف أن تضعف عنه. قال: قلت: ألى تقول هذا؟ وأنا أنا. ثم أقبل على صاحبى فراطنه «2» ، ثم أقبل علىّ فساءلنى «3» عن مثل ذلك، وأجبته بمثل جوابى، فقال: إن صاحبك مقتول، وإنّا نجد أنه يلى هذا الأمر من بعده صاحب الأرض المقدّسة، فإن استطعت أن تكون ذلك فافعل، فأصابتنى لذلك وجمة. فقال لى: قد قلت لك إنى أخاف ضعفك عنه. فقلت: وما لى لا يصيبنى، أو كما قال، وقد نعيت إلىّ سيّد المسلمين وأمير المؤمنين. قال: ثم قدمت المدينة فأقمت شهرا لا أذكر لعثمان من ذلك شيئا، ثم دخلت عليه وهو فى منزل له على سرير، وفى يده مروحة، فحدّثته بذلك؛ فلما انتهيت إلى ذكر القتل بكيت وأمسكت. فقال لى عثمان: تحدّث، لا تحدّثت. فحدّثته، فأخذ بطرف المروحة يعضّها أحسبه، قال عبد الرحمن: واستلقى على ظهره، وأخذ بطرف عقبه يعركه، حتى ندمت على إخبارى إياه، ثم قال لى: صدق وسأخبرك عن ذلك، لمّا غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلم تبوك، أعطى أصحابه سهما، وأعطانى سهمين، فظننت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم إنما أعطانى ذلك لما كان من نفقتى فى تبوك، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت: إنك أعطيتنى سهمين، وأعطيت أصحابى سهما سهما، فظننت أن ذلك لما كان من نفقتى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا. ولكن أحببت أن يرى الناس مكانك منى أو منزلتك منى، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 فأدبرت فلحقنى عبد الرحمن بن عوف فقال: ماذا قلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ ما زال يتبعك بصره. فظننت أنّ قولى قد خالف رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأمهلت حتى إذا خرج إلى الصلاة أتيته فقلت: يا رسول الله، إن عبد الرحمن بن عوف أخبرنى بكذا وكذا، وأنا أتوب إلى الله، أو كما قال. فقال: لا، ولكنك مقتول، أو قاتل، فكن المقتول، والله أعلم. قال: عبد الرحمن: «1» وكان فتح إفريقية كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، سنة سبع وعشرين. وفى تلك السنة كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن مالك بن أنس، توفّيت حفصة زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلم. ذكر النوبة قال: عبد الرحمن «2» : غزا عبد الله بن سعد الأساود، وهم النوبة، كما حدثنا يحيى ابن عبد الله بن بكير سنة إحدى وثلاثين. وحدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: كان عبد الله بن سعد بن أبى سرح عامل عثمان على مصر، فى سنة إحدى وثلاثين، فقاتله النوبة. قال ابن لهيعة: وحدثنى الحارث بن يزيد، قال: اقتتلوا قتالا شديدا، وأصيبت يومئذ عين معاوية بن حديج وأبى شمر بن أبرهة، وحيويل بن ناشرة، فيومئذ سمّوا رماة الحدق، فهادنهم عبد الله بن سعد إذ لم يطقهم. وقال الشاعر: لم تر عينى مثل يوم دمقله ... والنخيل تعدو بالدروع «3» مثقله قال ابن أبى حبيب فى حديثه: وإن عبد الله صالحهم على هدنة بينهم، على أنهم لا يغزونهم، ولا يغزوا النوبة المسلمين، وأن النوبة يؤدّون كلّ سنة إلى المسلمين كذا وكذا رأسا من السبى، وأن المسلمين يؤدّون إليهم من القمح كذا وكذا، ومن العدس كذا وكذا، فى كل سنة. قال ابن أبى حبيب: وليس بينهم وبين أهل مصر عهد ولا ميثاق، إنما هى هدنة أمان بعضنا من بعض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 قال ابن لهيعة: ولا بأس أن يشترى رقيقهم منهم ومن غيرهم. وكان أبو حبيب أبو يزيد بن أبى حبيب- واسمه سويد- منهم. حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن لهيعة، قال: سمعت يزيد بن أبى حبيب، يقول: أبى من سبى دمقلة مولّى لرجل «1» من بنى عامر من أهل المدينة يقال له شريك ابن طفيل. قال: وكان الذي صولح عليه النوبة كما ذكر بعض مشايخ أهل مصر، على ثلاثمائة رأس وستين رأسا فى كل سنة، ويقال بل على أربعمائة رأس فى كل سنة. منها لفىء المسلمين ثلاثمائة رأس وستون رأسا، ولوالى البلد أربعون رأسا. قال فزعم بعض المشايخ أن منها سبعة عشر مرضعا «2» . ثم انصرف عبد الله ابن سعد عنهم. ويقال فيما ذكر بعض المشايخ المتقدّمين، أنه نظر فى بعض الدواوين بالفسطاط، وقرأه قبل أن ينخرق «3» ، فإذا هو يحفظ منه: إنّا عاهدناكم وعاقدناكم أن توفونا فى كل سنة ثلاثمائة رأس وستّين رأسا وتدخلوا بلادنا مجتازين غير مقيمين، وكذلك ندخل بلادكم، على أنكم إن قتلتم من المسلمين قتيلا فقد برئت منكم الهدنة، وعلى إن آويتم للمسلمين عبدا فقد برئت منكم الهدنة، وعليكم ردّ أبّاق المسلمين، ومن لجأ إليكم من أهل الذمّة. قال: وزعم غيره من المشايخ أنه لا سنّة للنوبة على المسلمين، وأنهم أوّل عام بعثوا بالبقط أهدوا لعمرو بن العاص أربعين رأسا، فكره أن يقبل منهم، فردّ ذلك على عظيم من عظماء القبط يقال له نستقوس، وهو القيّم لهم فيها، فباع ذلك، واشترى لهم جهازا، فاحتجّوا بذلك أن عمرا بعث إليهم القمح والخل «4» وذلك أنهم زجروا عن القمح والخيل، فكشفوا ذلك فى الزمان الأول فأصيبوا. هذه قصّتهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 ثم رجع الحديث. فتجمّع له فى انصرافه على شاطىء النيل البجة، فسأل عنهم فأخبر بمكانهم «1» ، فهان عليه «2» أمرهم، فنفذ وتركه، ولم يكن لهم عقد ولا صلح؛ وأوّل من صالحهم عبيد الله بن الحبحاب. ويزعم بعض المشايخ أنه قرأ كتاب ابن الحبحاب فإذا فيه: ثلاثمائة بكر فى كل عام حتى ينزلوا الريف مجتازين تجارا غير مقيمين، على ألا يقتلوا مسلما ولا ذمّيّا، فإن قتلوه فلا عهد لهم ولا يؤوا عبيد المسلمين، وأن يردّوا أباقهم إذا وقعوا؛ وقد عهدت هذا فى أيامهم يؤخذون به؛ ولكل شاة أخذها بجاوىّ فعليه أربعة دنانير، والبقرة عشرة، وكان وكيلهم مقيما بالريف رهينة بيد المسلمين. ذكر ذى الصوارى قال عبد الرحمن «3» : ثم غزا عبد الله بن سعد بن أبى سرح كما حدثنا يحيى ابن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، ذات الصّوارى فى سنة أربع وثلاثين. وكان من حديث هذه الغزوة كما حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث ابن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن عبد الله بن سعد لما نزل ذات الصوارى أنزل نصف الناس مع بسر بن أبى أرطاة سرية فى البرّ، فلما مضوا أتى آت إلى عبد الله ابن سعد، فقال: ما كنت فاعلا حين ينزل بك هرقل فى ألف مركب فافعله الساعة. قال غير الليث: إنما هو ابن هرقل لأن هرقل مات فى سنة تسع عشرة والمسلمون محاصرون الإسكندرية. ثم رجع إلى حديث الليث عن يزيد بن أبى حبيب، قال: وإنما مراكب المسلمين يومئذ مائتا مركب ونيّف فقام عبد الله بن سعد بين ظهرانى الناس فقال: قد بلغنى أن هرقل قد أقبل إليكم فى ألف مركب، فأشيروا علّى؛ فما كلّمه رجل من المسلمين، فجلس قليلا لترجع إليهم أفئدتهم، ثم قام الثانية فكلّمهم، فما كلّمه أحد، فجلس، ثم قام الثالثة، فقال: إنه لا يبق شىء، فأشيروا علىّ. فقام رجل من أهل المدينة كان متطوّعا مع عبد الله بن سعد فقال: أيها الأمير إن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 الله جلّ ثناؤه يقول كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ «1» فقال عبد الله: اركبوا باسم الله، فركبوا، وإنما فى كل مركب نصف شحنته، قد خرج النصف الآخر الى البرّ مع بسر، فلقوهم، فاقتتلوا بالنبل والنشّاب، وتأخر هرقل لئلا تصيبه الهزيمة، وجعلت القوارب تختلف إليه بالأخبار، فقال: ما فعلوا؟ قالوا: قد اقتتلوا بالنبل «2» والنشّاب. فقال: غلبت الروم، ثم أتوه، فقال: ما فعلوا؟ (3 قالوا: قد نفد النبل والنشاب، فهم يرتمون بالحجارة. قال: غلبت الروم. ثم أتوه، فقال: ما فعلوا؟ 3) قالوا قد نفدت الحجارة، وربطوا المراكب بعضها ببعض، يقتتلون بالسيوف. قال: غلبت الروم. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: وكانت السفن إذ ذاك «4» تقرن بالسلاسل عند القتال. فقال: فقرن مركب عبد الله يومئذ وهو الأمير بمركب من مركب العدوّ، فكاد مركب العدوّ يجترّ مركب عبد الله إليهم، فقام علقمة بن يزيد الغطيفى، وكان مع عبد الله بن سعد فى المركب، فضرب السلسلة بسيفه فقطعها. فسأل عبد الله امرأته بعد ذلك بسيسة ابنة حمزة بن ليشرح، وكانت مع عبد الله يومئذ، وكان الناس يغزون بنسائهم فى المراكب، من رأيت أشدّ قتالا؟ قالت: علقمة صاحب السلسلة. وكان عبد الله قد خطب بسيسة إلى أبيها، فقال له: إنّ علقمة قد خطبها وله علىّ فيها وأى، وإن يتركها أفعل «5» ، فكلّم عبد الله علقمة فتركها، فتزوّجها عبد الله بن سعد، ثم هلك عنها عبد الله، فتزوّجها بعده علقمة بن يزيد، ثم هلك عنها علقمة، فتزوّجها بعده كريب بن أبرهة، وماتت تحته فى السنة التى قتل فيها مروان الأكدر بن حمام. قال غير ابن لهيعة قتل مروان الأكدر بن حمام فى اليوم الذي ماتت فيه بسيسة، فجاء الخبر إلى كريب بذلك، فقال: حتى أفرغ من دفن هذه الجنازة، فلم ينصرف حتى قتل، فلام الناس يومئذ كريب بن أبرهة. وللأكدر بن حمام وقتله حديث أطول من هذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 (* قال غير ابن لهيعة: مشت الروم إلى قسطنطين بن هرقل فى سنة خمس وثلاثين فقالوا تترك الإسكندرية فى أيدى العرب وهى مدينتنا الكبرى! فقال: ما أصنع بكم ما تقدرون أن تمالكوا ساعة إذا لقيتم العرب، قالوا: فاخرج على أنّا نموت. فتبايعوا على ذلك، فخرج فى ألف مركب يريد الإسكندرية، فسار فى أيام غالبة «1» من الريح، فبعث الله عليهم ريحا فغرقتهم إلّا قسطنطين نجا بمركبه، فألقته الريح بسقلّيّة، فسألوه عن أمره، فأخبرهم «2» ، فقالوا: شمّت «3» النصرانيّة وأفنيت رجالها، لو دخل العرب علينا لم نجد «4» من يردّهم. فقال خرجنا مقتدرين فأصابنا هذا، فصنعوا له الحمّام، ودخلوا عليه، فقال ويلكم، تذهب رجالكم وتقتلون ملككم. قالوا: كأنه غرق معهم. ثم قتلوه، وخلّوا من كان معه فى المراكب*) . ذكر رابطة الإسكندرية (* حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن بهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب وعبد الله ابن هبيرة، يزيد أحدهما على صاحبه، قال: لمّا استقامت البلاد، وفتح الله على المسلمين الإسكندرية قطع عمرو بن العاص من أصحابه لرباط الإسكندرية ربع الناس خاصّة، الربع يقيمون ستّة أشهر، ثم يعقبهم «5» شاتية ستّة أشهر، ربع «6» فى السواحل، والنصف الثانى مقيمون معه. قال غيرهما: وكان عمر بن الخطاب يبعث فى كل سنة غازية من أهل المدينة ترابط بالاسكندرية، وكاتب «7» الولاة، لا تغفلها وتكثّف رابطتها، ولا تأمن الروم عليها. وكتب عثمان إلى عبد الله بن سعد، قد علمت كيف كان همّ أمير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 المؤمنين بالإسكندرية، وقد نقضت الروم مرّتين، فألزم الإسكندرية رابطتها، ثم أجر عليهم أرزاقهم، وأعقب بينهم فى كل ستّة أشهر. حدثنا طلق بن السمح، حدثنا ضمام بن إسماعيل المعافرى، حدثنا أبو قبيل، أن عتبة بن أبى سفيان عقد لعلقمة بن يزيد الغطيفى على الإسكندرية، وبعث معه اثنى عشر ألفا، فكتب علقمة إلى معاوية يشكو عتبة حين غرّر به وبمن معه. فكتب إليه معاوية: إنى قد أمددتك بعشرة آلاف من أهل الشام، وبخمسة آلاف من أهل المدينة، فكان فيها سبعة وعشرون ألفا*) . حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، أن علقمة بن يزيد كان على الإسكندرية ومعه اثنا عشر ألفا، فكتب إلى معاوية: إنك خلّفتنى بالإسكندرية وليس معى إلا اثنا عشر ألفا، ما يكاد بعضنا يرى بعضا من القلّة، فكتب إليه معاوية: إنى قد أمددتك بعبد الله بن مطيع فى أربعة آلاف من أهل المدينة، وأمرت معن بن يزيد السلمى أن يكون بالرملة فى أربعة آلاف ممسكين بأعنّة خيولهم، متى يبلغهم عنك فزع يعبروا إليك. قال ابن لهيعة: وكان عمرو بن العاص يقول: ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة. ذكر من كان يخرج على غزو المغرب بعد عمرو ابن العاص وفتوحه معاوية بن حديج. قال: ثم خرج إلى المغرب بعد عبد الله بن سعد معاوية بن حديج التجيبى سنة أربع وثلاثين، وكان معه فى جيشه عامئذ عبد الملك بن مروان، فافتتح قصورا، وغنم غنائم عظيمة «1» ، واتّخذ قيروانا عند القرن، فلم يزل فيه حتى خرج إلى مصر، وكان معه فى غزاته هذه جماعة من المهاجرين والأنصار. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة. وحدثنا يوسف بن عدىّ، حدثنا عبد الله بن المبارك، نحوه عن ابن لهيعة، عن بكير بن عبد الله، عن سليمان بن يسار، قال: غزونا إفريقية مع ابن حديج ومعنا من المهاجرين والأنصار بشر كثير، فنفلنا ابن حديج النصف بعد الخمس، فلم أر احدا أنكر ذلك إلّا جبلة بن عمرو الأنصارىّ. وحدثنا يوسف بن عدى، حدثنا ابن المبارك، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 عمران، قال: وسألت سليمان بن يسار عن النفل فى الغزو، فقال: لم أر أحدا صنعه غير ابن حديج، نفلنا إفريقية النصف بعد الخمس، ومعنا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين ناس كثير، فأبى جبلة بن عمرو الأنصارى أن يأخذ منه شيئا. ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره، قال: فانتهى إلى قونية، وهى موضع مدينة قيروان «1» ، ثم مضى إلى جبل يقال له القرن، يعسكر «2» إلى جانبه، وبعث عبد الملك بن مروان إلى مدينة يقال لها جلولاء فى ألف رجل، فحاصرها أياما، فلم يصنع شيئا فانصرف راجعا، فلم يسر إلا يسيرا» حتى رأى فى ساقة الناس غبارا شديدا، فظنّ أن العدوّ قد طلبهم، فكّر جماعة من الناس لذلك، وبقى من على مصافّهم، وتسرّع سرعان الناس، فإذا مدينة جلولاء قد رقع حائطها، فدخلها المسلمون، وغنموا ما فيها؛ وانصرف عبد الملك إلى معاوية بن حديج. فاختلف الناس فى الغنيمة، فكتب فى ذلك إلى معاوية بن أبى سفيان فكتب، إن العسكر ردء للسرّية، فقسم ذلك بينهم، فأصاب كل رجل منهم لنفسه مائتى دينار، وضرب للفرس بسهمين، ولصاحبه بسهم، قال عبد الملك: فأخذت لفرسى ولنفسى ستّمائة دينار، واشتريت بها جارية. قال: ويقال بل غزاها معاوية بن حديج بنفسه، فحاصرهم فلم يقدر عليهم، فانصرف آيسا منها، وقد جرح عامّة أصحابه، وقتل منهم، ففتحها الله بعد انصرافه بغير خيل ولا رجال، فرجع إليها ومن معه، وفيها السبى لم يردّهم أحد، فغنموا، وانصرف منها راجعا إلى مصر. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: غزا معاوية بن حديج إفريقية ثلاث غزوات. أما الأولى فسنة أربع وثلاثين قبل قتل عثمان، وأعطى عثمان مروان الخمس فى تلك الغزوة، وهى غزوة لا يعرفها كثير من الناس؛ والثانية سنة أربعين؛ والثالثة سنة خمسين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 عقبة بن نافع. قال ثم خرج «1» إلى المغرب بعد معاوية بن حديج عقبة بن نافع الفهرىّ سنة ستّ وأربعين، ومعه بسر بن أبى أرطاة، وشريك بن سمىّ المرادى، فأقبل حتى منزل بمغمداش من سرت. وكان توجّه بسر إليها. كما حدثنا يحيى بن عبد الله ابن بكير، عن الليث بن سعد سنة ست وعشرين من سرت. فأدركه الشتاء، وكان مضعّفا، وبلغة أن أهل ودّان قد نقضوا عهدهم، ومنعوا ما كان بسر بن أبى أرطاة فرض عليهم. وكان عمرو بن العاص قد بعث إليها بسرا قبل ذلك وهو محاصر لأهل أطرابلس، فافتتحها. فخلّف عقبة بن نافع جيشه هنالك، واستخلف عليهم عمر بن علىّ القرشى، وزهير بن قيس البلوىّ، ثم سار بنفسه وبمنّ «2» خفّ معه أربعمائة فارس وأربعمائة بعير، وثمانمائة قربة حتى قدم ودّان فافتتحها، وأخذ ملكهم، فجدع أذنه. فقال: لم فعلت هذا بى وقد عاهدتنى؟ فقال عقبة: فعلت هذا بك أدبا لك، إذا مسست أذنك ذكرته، فلم تحارب العرب. واستخرج منهم ما كان بسر فرضه عليهم، ثلاثمائة رأس وستّين رأسا. ثم سألهم عقبة: هل من ورائكم أحد؟ فقيل له: جرمة. وهى مدينة فزّان العظمى، فسار إليها ثمانى ليال من ودّان، فلما دنا منها أرسل، فدعاهم إلى الإسلام، فأجابوا، فنزل منها على ستّة أميال، وخرج ملكهم يريد عقبة، وأرسل عقبة خيلا فحالت بين ملكهم وبين موكبه، فأمشوه راجلا حتى أتى عقبة وقد لغب، وكان ناعما، فجعل يبصق الدم، فقال له: لم فعلت هذا بى وقد أتيتك طائعا؟ فقال عقبة: أدبا لك إذا ذكرته لم تحارب العرب. وفرض عليه «3» ثلاثمائة عبد وستين عبدا. ووجّه عقبة الرحّل «4» من يومه ذلك إلى المشرق. ثم مضى على جهته من فوره ذلك إلى قصور فزّان، فافتتحها قصرا قصرا، حتى انتهى إلى أقصاها فسألهم: هل من ورائكم أحد؟ قالوا: نعم، أهل خاوار، وهو قصر عظيم على رأس المفازة فى وعورة على ظهر جبل، وهو قصبة كوار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 فسار إليهم خمس عشرة ليلة، فلما انتهى «1» تحصّنوا، فحاصرهم شهرا، فلم يستطع لهم شيئا. فمضى أمامه على قصور كوّار فافتتحها، حتى انتهى إلى أقصاها، وفيه ملكها، فأخذه فقطع إصبعه، فقال: لم فعلت هذا بى؟ قال: أدبا لك، إذا أنت نظرت إلى إصبعك لم تحارب العرب. وفرض عليه ثلاثمائة عبد وستين عبدا. فسألهم: هل من ورائكم أحد؟ فقال الدليل: ليس عندى بذلك معرفة ولا دلالة، فانصرف عقبة راجعا، فمرّ بقصر خاوار، فلم يعرض له، ولم ينزل بهم، وسار ثلاثة أيام، فأمنوا وفتحوا مدينتهم، وأقام عقبة بمكان اسمه اليوم ماء فرس، ولم يكن به ماء، فأصابهم عطش شديد، أشفى منه عقبة وأصحابه على الموت، فصلّى عقبة ركعتين، ودعا الله. وجعل فرس عقبة يبحث بيديه فى الأرض حتى كشف عن صفاة، فانفجر منها الماء، فجعل الفرس يمصّ ذلك الماء، فأبصره عقبة، فنادى فى الناس، أن احتفروا؛ فحفروا سبعين حسيا فشربوا، واستقوا، فسمّى لذلك ماء فرس. ثم رجع عقبة إلى خاوار من غير طريقه التى كان أقبل منها، فلم يشعروا به حتى طرقهم ليلا، فوجدهم مطمئنّين قد تمهّدوا فى أسرابهم، فاستباح ما فى المدينة من ذرّيّاتهم «2» وأموالهم، وقتل مقاتلتهم. ثم انصرف راجعا فسار حتى نزل بموضع زويلة اليوم، ثم ارتحل حتى قدم على عسكره بعد خمسة أشهر، وقد جمّت خيولهم وظهرهم «3» ، فسار متوجّها إلى المغرب وجانب الطريق الأعظم، وأخذ إلى أرض مزاتة، فافتتح كل قصر بها، ثم مضى إلى صفر «4» فافتتح قلاعها وقصورها، ثم بعث خيلا إلى غدامس، فافتتحت غدامس؛ فلما انصرفت إليه خيله سار إلى قفصة فافتتحها وافتتح قصطيلية. ثم انصرف إلى القيروان، فلم يعجب بالقيروان الذي كان معاوية بن حديج بناه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 قبله، فركب والناس معه حتى أتى موضع القيروان اليوم، وكان واديا كثير الشجر كثير القطف، تأوى إليه الوحوش والسباع والهوامّ، ثم نادى بأعلى صوته: يا أهل الوادى، ارتحلوا رحمكم الله. فإنا نازلون؛ نادى بذلك ثلاثة أيام، فلم يبق من السباع شىء ولا الوحوش والهوامّ إلّا خرج، وأمر الناس بالتنقية والخطط، ونقل الناس من الموضع الذي كان معاوية بن حديج نزله إلى القيروان اليوم، وركز رمحه وقال: هذا قيروانكم. (* حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، أن عقبة بن نافع غزا إفريقية، فأتى وادى القيروان، فبات عليه هو وأصحابه حتى إذا أصبح وقف على رأس الوادى، فقال: يا أهل الوادى، اظعنوا، فإنّا نازلون. قال ذلك ثلاث مرّات، فجعلت الحيّات تنساب والعقارب وغيرها مما لا يعرف من الدوابّ، تخرج ذاهبة، وهم قيام ينظرون إليها من حين أصبحوا حتى أوجعتهم الشمس، وحتى لم يروا منها شيئا، فنزلوا الوادى عند ذلك. قال الليث: فحدثنى زياد بن العجلان، أن أهل إفريقية أقاموا بعد ذلك أربعين سنة، ولو التمست حيّة أو عقرب بألف دينار ما وجدت*) . أبو المهاجر. قال: ثم عزل عقبة بن نافع فى سنة إحدى وخمسين «1» ، عزله مسلمة ابن مخلّد الأنصارى، وهو يومئذ والى البلد من قبل معاوية بن أبى سفيان، ومسلمة بن مخلّد أوّل من جمعت له مصر والمغرب. وكانت ولاية مسلمة بن مخلّد كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، سنة سبع وأربعين، وولّى أبا المهاجر دينارا مولى الأنصار، وأوصاه «2» حين ولّاه أن يعزل عقبة أحسن العزل، فخالفه أبو المهاجر، فأساء عزله وسجنه، وأوقره حديدا حتى «3» أتاه الكتاب من الخليفة بتخلية سبيله وإشخاصه إليه، فخرج عقبة حتى أتى قصر الماء، فصلّى، ثم دعا، وقال: اللهمّ لا تمتنى حتى تمكّنّى من أبى المهاجر دينار بن أمّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 دينار «1» ، فبلغ ذلك أبا المهاجر، فلم يزل خائفا منذ بلغته دعوته، فلما قدم عقبة مصر ركب إليه مسلمة بن مخلّد، فأقسم له بالله لقد خالفه ما صنع أبو المهاجر، ولقد أوصيته بك خاصّة. وقد كان قيل لمسلمة: لو أقررت عقبة فإن له جزالة «2» وفضلا، فقال مسلمة: إن أبا المهاجر صبر علينا فى غير ولاية ولا كبير نيل، فنحن نحبّ أن نكافئه. فلما قدم أبو المهاجر إفريقية كره أن ينزل فى الموضع الذي اختطّه عقبة بن نافع، ومضى حتى خلّفه بميلين، فابتنى ونزل. وكان الناس قبل أبى المهاجر كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة. وأحمد بن عمرو، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، يغزون إفريقية ثم يقفلون منها إلى الفسطاط، وأوّل من أقام بها حين غزاها أبو المهاجر مولى الأنصار، أقام بها الشتاء والصيف، واتّخذها منزلا، وكان مسلمة بن مخلّد الذي عقد له على الجيش الذين خرجوا معه إليها، فلم يزالوا بها حتى قتل ابن الزبير، فخرجوا منها. ثم قدم عقبة على معاوية بن أبى سفيان فقال له: فتحت البلاد وبنيت المنازل ومسجد الجماعة، ودانت لى «3» ، ثم أرسلت عبد الأنصار فأساء عزلى. فاعتذر إليه معاوية وقال: قد عرفت مكان مسلمة بن مخلّد من الإمام المظلوم، وتقديمه إيّاه، وقيامه بدمه، وبذل «4» مهجته، وقد رددتك على عملك. ويقال: إن معاوية ليس هو الذي ردّ عقبة بن نافع، ولكنه قدم على يزيد بن معاوية بعد موت أبيه، فردّه واليا على إفريقية، وذلك أصحّ لأن معاوية توفّى سنة ستّين. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: توفّى معاوية بن أبى سفيان سنة ستين. مقتل عقبه بن نافع: ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره، قال: فخرج عقبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 ابن نافع سريعا بحنقه على أبى المهاجر حتى قدم إفريقية «1» ، فأوثق أبا المهاجر فى وثاق شديد، وأساء عزله، وغزا به معه إلى السّوس، وهو فى حديد. وأهل السوس بطن من البربر، يقال لهم أنبية، فجّول فى بلادهم، لا يعرض له أحد ولا يقاتله، فانصرف إلى إفريقية، فلما دنا من ثغرها أمر أصحابه، فافترقوا عنه، وأذن لهم حتى بقى فى قلّة، فأخذ على مكان يقال له تهوذة، فعرض له «2» كسيلة بن لمزم فى جمع كثير من الروم والبربر، وقد كان بلغه افتراق الناس عن عقبة، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل عقبة ومن كان معه، وقتل أبو المهاجر وهو موثق فى الحديد، ثم سار كسيلة ومن معه حتى نزلوا الموضع الذي كان عقبة اختطّه، فأقام به، وقهر من قرب منه، باب قابس وما «3» يليه، وجعل يبعث أصحابه فى كل وجه. ويقال: بل خرج عقبة بن نافع إلى السوس، واستخلف على القيروان عمر بن على القرشى وزهير بن قيس البلوى، وكانت إفريقية يومئذ تدعى مزاق، فتقدّم عقبة إلى السوس، وخالفه رجل من العجم فى ثلاثين ألفا إلى عمر بن على وزهير بن قيس، وهما فى ستة آلاف، فهزمه الله. وخرج ابن الكاهنة البربرىّ على إثر عقبة، كلّما رحل عقبة من منهل دفنه ابن الكاهنة «4» ، فلم يزل كذلك حتى انتهى عقبة إلى السوس، ولا يشعر بما صنع البربرى، فلما انتهى عقبة إلى البحر «5» أقحم فرسه فيه حتى بلغ نحره، ثم قال: اللهمّ إنى أشهدك «6» ألا «7» مجاز، ولو وجدت مجازا لجزت. وانصرف راجعا والمياه قد عوّرت، وتعاونت عليه البربر، فلم يزل يقاتل «8» ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وأبو المهاجر معه فى الحديد؛ فلما استحرّ الأمر أمر عقبة بفتح الحديد عنه، فأبى أبو المهاجر، وقال: ألقى الله فى حديدى؛ فقتل عقبة وأبو المهاجر ومن معهما. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد أن عقبة بن نافع قدم من عند يزيد بن معاوية فى جيش على غزو المغرب، فمرّ على عبد الله بن عمرو، وهو بمصر، فقال له عبد الله: يا عقبة، لعلّك من الجيش الذين يدخلون الجنّة برحالهم، فمضى بجيشه حتى قاتل البربر، وهم كفّار، فقتلوا جميعا. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن بحير «1» بن ذاخر المعافرى، قال: كنت عند عبد الله بن عمرو بن العاص حين دخل عليه عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهرىّ، فقال: ما أقدمك يا عقبة؟ فإنى أعلمك تحبّ الإمارة. قال: فإنّ أمير المؤمنين يزيد عقد لى «2» على جيش إلى إفريقية. فقال له عبد الله بن عمرو: إيّاك أن تكون لعنة أرامل أهل مصر، فإنى لم أزل أسمع أنه سيخرج رجل من قريش فى هذا الوجه، فيهلك فيه. فقدم إفريقية، فيتبع «3» آثار أبى المهاجر وضيّق عليه وحدّده، ثم خرج إلى قتال البربر، وهم خمسة آلاف رجل من أهل مصر، وخرج بأبى المهاجر معه فى الحديد، فقتل، وقتل أصحابه، وقتل أبو المهاجر معهم. وكان مقتل عقبة بن نافع وأصحابه كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد فى سنة ثلاث وستين. قال: ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره، قال: ثم زحف ابن الكاهنة إلى القيروان يريد عمر بن علىّ وزهير بن قيس، فقاتلاه قتالا شديدا، فهزم ابن الكاهنة وقتل أصحابه، وخرج عمر بن على وزهير بن قيس إلى مصر بالجيش لاجتماع ملأ البربر، وأقام ضعفاء أصحابهما ومن كان خرج معهما من موالى إفريقية بأطرابلس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 ويقال إن عبد العزيز بن مروان لما ولى مصر كتب إلى زهير بن قيس، وزهير يومئذ ببرقة، يأمره بغزو إفريقية، فخرج فى جمع كثير، فلما دنا من قونية وبها عسكر كسيلة ابن لمزم عبّأ زهير لقتاله، فخرج إليه، فاقتتلا، فقتل كسيلة ومن معه، ثم انصرف زهير قافلا إلى برقة. ويقال بل حسّان بن النعمان الذي كان وجّه زهير بن قيس والله أعلم. وكان مقتل كسيلة كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد فى سنة أربع وستين. حسان بن النعمان: ثم قدم حسّان بن النعمان واليا على المغرب، أمّره عليها عبد الملك بن مروان فى سنة ثلاث وسبعين، فمضى فى جيش كبير حتى نزل أطرابلس، واجتمع إليه بها من كان خرج من إفريقية وأطرابلس، فوجّه على مقدّمته محمد بن أبى بكير، وهلال بن ثروان اللّواتى، وزهير بن قيس، ففتح البلاد، وأصاب غنائم كثيرة. وخرج إلى مدينة قرطاجنة، وفيها الروم، فلم يصب فيها إلا قليلا من ضعفائهم. فانصرف، وغزا الكاهنة، وهى إذ ذاك ملكة البربر، وقد غلبت على جل «1» إفريقية، فلقيها على نهر يسمّى اليوم نهر البلاء، فاقتتلوا قتالا شديدا، فهزمته، وقتلت من أصحابه وأسرت منهم ثمانين رجلا، وأفلت حسان ونفذ من مكانه إلى أنطابلس، فنزل قصورا من حيز برقة فسمّيت قصور حسّان. واستخلف على إفريقية أبا صالح، وكانت أنطابلس ولوبية ومراقية إلى حدّ أجدابية من عمل حسان. فأحسنت الكاهنة إسار من أسرته من أصحابه وأرسلتهم إلا رجلا منهم من بنى عبس، يقال له خالد بن يزيد، فتبنّته وأقام معها. فبعث حسّان إلى خالد رجلا، فأتاه، فقال له: إنّ حسان يقول لك، ما يمنعك من الكتاب إلينا بخبر الكاهنة؟ فكتب خالد ابن يزيد إلى حسان كتابا وجعله فى خبزة ملّة، ثم دفعها إلى الرسول ليخفى فيها الكتاب، وليظنّ من رأى الخبزة أنها زاد الرجل. فخرجت الكاهنة وهى تقول: يا بنىّ، هلاككم فيما تأكله الناس؛ فكرّرت ذلك. ومضى الرسول حتى قدم على حسان بالكتاب، فيه علم ما يحتاج إليه؛ ثم كتب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 إليه أيضا كتابا آخر، وجعله فى قربوس حفره، ووضع الكتاب فيه، وأطبق عليه حتى استوى وخفى مكانه. فخرجت الكاهنة أيضا، وهى تقول: يا بنىّ، هلاككم فى شىء من نبات الأرض ميّت؛ فكرّرت ذلك. ومضى حتى قدم على حسان، فندب أصحابه ثم غزاها، فلما توجّه إليها خرجت ناشرة شعرها، فقالت: يا بنّى، انظروا ماذا ترون فى السماء؟ قالوا: نرى شيئا من سحاب أحمر، قال: لا وإلهى، ولكنها رهج خيل العرب، ثم قالت لخاد بن يزيد: إنى إنما كنت تبنّيتك لمثل هذا اليوم، أنا مقتولة «1» ، فأوصيك بأخويك هذين خيرا. فقال خالد: إنى أخاف إن كان ما تقولين حقّا ألّا يستبقيا. قالت: بلى ويكون أحدهما عند العرب أعظم شأنا منه اليوم، فانطلق فخذ لهما أمانا، فانطلق خالد فلقى حسّان فأخبره خبرها، وأخذ لا بنيها أمانا. وكان مع حسان جماعة من البربر من البتر، فولّى عليهم حسان الأكبر من ابنى الكاهنة وقرّبه، ومضى حسان ومن معه، فلقى الكاهنة فى أصل جبل، فقتلت وعامّة من معها فسمّيت ببئر «2» الكاهنة، ثم انصرف حسان فنزل بموضع قيروان إفريقية اليوم، وكان مقيل «3» الكاهنة. قال ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال: وبنى مسجد جماعتها ودوّن الدواوين ووضع الخراج على عجم إفريقية، وعلى من أقام معهم على النصرانيّة من البربر وعامّتهم من البرانس إلّا قليلا من البتر. وأقام حسّان بموضعه حتى استقامت له البلاد، ثم توجّه إلى عبد الملك بغنائمه فى جمادى الآخرة سنة ستّ وسبعين. قال وحدثنا ابن بكير، حدثنا الليث بن سعد، قال: قفل حسّان بن النعمان من إفريقية سنة ثمان وسبعين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 فلما مرّ حسان ببرقة أمّر على خراجها إبراهيم بن النصرانى، ثم مضى، فمرّ بعبد العزيز بن مروان، وهو بمصر، ثم نفذ إلى عبد الملك، فسرّ عبد الملك بما أورد عليه حسان من فتوحه وغنائمه. ويقال بل أخذ منه عبد العزيز كلّ ما كان معه من السبى، وكان قد قدم معه من وصائف البربر بشىء لم ير مثله جمالا، فكان نصيب الشاعر يقول: حضرت السبى الذي كان عبد العزيز أخذه من حسان مائتى جارية، منها ما يقام بألف دينار. مقتل زهير بن قيس: قال وأغارت الروم بعد حسّان على أنطابلس، فهرب إبراهيم ابن النصرانىّ وخلّى أهل أنطابلس وأهل ذمّتها فى أيدى الروم، فرأسوها» أربعين ليلة حتى أسرعوا فيها الفساد، وبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان، فأرسل إلى زهير بن قيس، وكان خرج مع «2» حسان، فلما بلغ مصر أقام بها، فأمره عبد العزيز بالنهوض إلى الروم، ولم يجتمع لزهير من أصحابه إلا سبعون رجلا، وكان عارض من الصدف يقال له جندل بن صخر، وكان فظّا غليظا، فقال زهير لعبد العزيز بن مروان: أما إذ قد أمرتنى بالخروج فلا تبعثنّ معى جندلا عارضا، فيحبس علىّ الناس لشدّته وفظاظته، وكان عبد العزيز عاتبا على زهير بن قيس لأنه كان قاتله حين وجّهه أبوه مروان بن الحكم من ناحية أيلة من قبل أن يدخل مصر، فقال له: ما علمتك يا زهير إلا جلفا جافيا. فقال له زهير: ما كنت أرى يا بن ليلى أن رجلا جمع ما أنزل الله على محمد صلّى الله عليه وسلم من قبل أن يجتمع أبواك جلف جاف، ما هو بالجلف ولا الجاف، أنا منطلق فلا ردّنى الله إليك. فخرج حتى إذا كان بدرنة من طبرقة من أرض أنطابلس، لقى الروم وهو فى سبعين رجلا، فتوقّف لتلحق به الناس، فقال له فتى شاب كان معه: جبنت يا زهير، فقال: ما جبنت يا بن أخى، ولكن قتلتنى وقتلت نفسك، فلقيهم، فاستشهد زهير وأصحابه جميعا، فقبورهم هنالك معروفة إلى اليوم. وكان مقتل زهير وأصحابه كما حدثنا يحيى بن بكير عن الليث، فى سنة ستّ وسبعين. قال: وكان بأملس من بريّة أنطابلس رجل من مذحج يقال له عطيّة بن يربوع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 خرج بابن له هاربا من الوباء، وكان فى تلك البرّيّة جماعة من المسلمين، فاستغاثهم وركب فيمن حوله من الناس، فاجتمع إليه سبعمائة رجل، فزحف بهم إلى الروم، فقاتلوهم فهزموهم، واعتصموا بسفنهم، وهرب من بقى منهم. وبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان، فبعث إليها غلاما يقال له تليد، ووجّه معه ناسا من أشراف أهل مصر فضبطها. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: أمّر على أنطابلس حين قتل زهير طارق، فثقل على الناس إمامة تليد بهم، لأنه عبد، فبلغ ذلك عبد العزيز بن مروان فأرسل إلى تليد بعتقه، وأقام بأنطابلس. موسى بن نصير: وقدم حسّان بن النعمان من قبل عبد الملك متوجّها إلى المغرب، فلما قدم مصر قال لعبد العزيز: اكتب إلى عبدك بالإعراض عن أنطابلس، فقال له عبد العزيز: ما كنت لأفعل بعد إذ ضيّعتها فاستولت عليها الروم، فقال حسان: إذا أرجع إلى أمير المؤمنين. فقال عبد العزيز: ارجع، فانصرف حسان راجعا إلى عبد الملك، وخلّف ثقله بمصر، فقدم على عبد الملك وهو مريض، ووجّه عبد العزيز موسى بن نصير إلى المغرب، فأخبر حسّان عبد الملك بذلك، فخّر عبد الملك ساجدا، وقال: الحمد لله الذي أمكننى من موسى لشدّة أسفه عليه. وكان عاملا لعبد الملك على العراق مع بشر بن مروان، فعتب عليه عبد الملك وأراد قتله، فافتداه منه عبد العزيز بمال لما رأى من عقل موسى بن نصير ولبّه، وكان عنده بمصر. ثم لم يلبث حسّان بن النعمان إلا يسيرا حتى توفّى، وقدم موسى بن نصير المغرب فى سنة ثمان وسبعين. حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، قال: أمّر موسى بن نصير على إفريقية سنة تسع وسبعين. فعزل أبا صالح، وافتتح عامّة المغرب، وواتر فتوحه كتب بها إلى عبد العزيز ابن مروان، وبعث بغنائمه وأنهاها عبد العزيز إلى عبد الملك، فسكّن ذلك من عبد الملك بعض ما كان يجد على موسى. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، أن موسى بن نصير حين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 غزا المغرب بعث ابنه مروان على جيش، فأصاب من السبى مائة ألف، وبعث ابن أخيه فى جيش آخر فأصاب مائة ألف. فقيل لليث بن سعد، من هم؟ فقال: البربر. فلما أتى كتابه بذلك «1» ، قال الناس: ابن نصير والله أحمق، من أين له عشرون ألفا يبعث بها إلى أمير المؤمنين فى الخمس؟ فبلغ ذلك موسى بن نصير فقال: ليبعثوا «2» من يقبض لهم عشرين ألفا. ثم توفّى عبد الملك بن مروان، وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شوّال سنة ستّ وثمانين، واستخلف الوليد بن عبد الملك، فتواترت فتوح المغرب على الوليد من قبل موسى ابن نصير، فعظمت منزلة موسى عنده، واشتدّ عجبه به. ذكر فتح الأندلس قال: ووجّه موسى بن نصير ابنه مروان بن موسى إلى طنجة مرابطا على ساحلها، فجهد هو وأصحابه، فانصرف، وخلّف على جيشه طارق بن عمرو، وكانوا ألفا وسبعمائة. ويقال بل كان مع طارق اثنى عشر ألفا من البربر إلّا ستّة عشر رجلا من العرب، وليس ذلك بالصحيح. ويقال إن موسى بن نصير خرج من إفريقية غازيا إلى طنجة، وهو أوّل من نزل طنجة من الولاة، وبها من البربر بطون من البتر والبرانس ممّن لم يكن دخل فى الطاعة، فلما دنا من طنجة بثّ السرايا فانتهت خيله إلى السوس الأدنى، فوطئهم وسباهم، وأدّوا إليه الطاعة، وولّى عليهم واليا أحسن فيهم السيرة، ووجّه بسر بن أبى أرطاة إلى قلعة من مدينة القيروان على ثلاثة أيّام، فافتتحها، وسبى الذرّيّة وغنم الأموال. قال: فسّميت قلعة بسر، فهى لا تعرف إلّا به إلى اليوم. ثم إن موسى عزل الذي كان استعمله على طنجة، وولّى طارق بن زياد، ثم انصرف إلى القيروان، وكان طارق قد خرج معه بجارية له يقال لها أمّ حكيم، فأقام طارق هنالك مرابطا زمانا، وذلك فى سنة ثنتين وتسعين. وكان المجاز الذي بينه وبين أهل الأندلس عليه رجل من العجم يقال له يليان صاحب سبتة، وكان على مدينة على المجاز إلى الأندلس يقال لها الخضراء- الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 والخضراء ممّا يلى طنجة- وكان يليان يؤدّى الطاعة إلى لذريق صاحب الأندلس، وكان لدريق يسكن طليطلة، فراسل طارق يليان ولاطفه حتى تهاديا «1» ، وكان يليان قد بعث بابنة له إلى لذريق صاحب الأندلس ليؤدّبها ويعلّمها فأحبلها، فبلغ ذلك يليان فقال لا أرى له عقوبة ولا مكافأة إلّا أن أدخل عليه العرب، فبعث إلى طارق: إنّى مدخلك الأندلس، وطارق يومئذ بتلمسين، وموسى بن نصير بالقيروان، فقال طارق: فإنى لا أطمئن إليك حتى تبعث إلىّ برهينة، فبعث إليه بابنتيه، ولم يكن له ولد غيرهما، فأقرّهما طارق بتلمسين، واستوثق منهما. ثم خرج طارق إلى يليان وهو بسبته على المجاز، ففرح به حين قدم عليه وقال له: أنا مدخلك الأندلس، وكان فيما بين المجازين جبل يقال له اليوم جبل طارق، فيما بين سبتة والأندلس، فلما أمسى جاءه يليان بالمراكب، فحمله فيها إلى المجاز، فأكمن فيه نهاره، فلما أمسى ردّ المراكب إلى من بقى من أصحابه، فحملوا إليه حتى لم يبق منهم أحد، ولا يشعر بهم أهل الأندلس، ولا يظنّون إلّا أن المراكب تختلف بمثل ما كانت تختلف به من منافعهم. وكان طارق فى آخر فوج ركب، فجاز إلى أصحابه، وتخلّف يليان ومن كان معه من التجّار بالخضراء، ليكون أطيب لأنفس أصحابه وأهل بلده. وبلغ «2» خبر طارق ومن معه أهل الأندلس ومكانهم الذي هم به، وتوجّه طارق، فسلك بأصحابه على قنطرة من الجبل إلى قرية يقال لها قرطاجنّة، وزحف يريد قرطبة، فمرّ بجزيرة فى البحر، فخلّف بها جارية له يقال لها أمّ حكيم، ومعها نفر من جنده، فتلك الجزيرة من يومئذ تسمّى جزيرة أمّ حكيم. وقد «3» كان المسلمون حين نزلوا الجزيرة، وجدوا بها كرّامين، ولم يكن بها غيرهم، فأخذوهم، ثم عمدا إلى رجل من الكرّامين فذبحوه، ثم عضّوه وطبخوه، ومن بقى من أصحابه ينظرون، وقد كانوا طبخوا لحما فى قدور أخر، فلما أدركت طرحوا ما كان طبخوه من لحم ذلك الرجل، ولا يعلم «4» بطرحهم له، وأكلوا اللحم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 الذي كانوا طبخوه، ومن بقى من الكرّامين ينظرون إليهم، فلم يشكّوا أنهم أكلوا «1» لحم صاحبهم، ثم أرسلوا من بقى منهم، فأخبروا أهل الأندلس أنهم يأكلون لحم «2» الناس، وأخبروهم بما صنع بالكرّام. قال: وكان بالأندلس كما حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم وهشام بن إسحاق، بيت عليه أقفال لا يلى ملك منهم إلّا زاد عليه قفلا من عنده، حتى كان الملك الذي دخل عليه المسلمون، فإنهم أرادوه على أن يجعل عليه قفلا كما كانت تصنع الملوك قبله، فأبى، وقال: ما كنت لأضع عليه شيئا حتى أعرف ما فيه، فأمر بفتحه فإذا فيه صور العرب، وفيه كتاب إذا فتح هذا الباب دخل هؤلاء القوم هذا البلد. ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال: فلما جاز طارق تلقّته جنود قرطبة واجترأوا عليه للذى رأوا من قلّة أصحابه، فاقتتلوا، فاشتدّ قتالهم، ثم انهزموا، فلم يزل يقتلهم حتى بلغوا مدينة قرطبة. وبلغ ذلك لذريق فزحف إليهم من طليطلة، فالتقوا بموضع يقال له شذونة على واد يقال له اليوم وادى أمّ حكيم، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل الله عزّ وجلّ لذريق ومن معه «3» . وكان معتّب الرومىّ غلام الوليد بن عبد الملك على خيل طارق، فزحف معتّب الرومىّ يريد قرطبة، ومضى طارق إلى طليطلة فدخلها، وسأل عن المائدة، ولم يكن له همّ غيرها، وهى مائدة سليمان بن داود التى يزعم أهل الكتاب. قال وحدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث بن سعد قال: فتح لموسى بن نصير الأندلس، فأخذ منها مائدة سليمان بن داود عليه السلام والتاج. فقيل لطارق: إن المائدة بقلعة يقال لها فراس، مسيرة يومين من طليطة، وعلى القلعة ابن أخت للذريق، فبعث إليه طارق بأمانه وأمان أهل بيته، فنزل إليه فأمّنه ووفى له، فقال له طارق: ادفع إلىّ المائدة، فدفعها إليه وفيها من الذهب والجوهر ما لم ير مثله. فقلع «4» طارق رجلا من أرجلها بما فيها من الجوهر والذهب، وجعل لها رجلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 سواها، فقوّمت المائدة بمائتى ألف دينار لما فيها من الجوهر، وأخذ طارق ما كان عنده من الجوهر والسلاح والذهب والفضّة والآنية، وأصاب سوى ذلك من الأموال ما لم ير مثله، فحوى ذلك كلّه، ثم انصرف إلى قرطبة وأقام بها. وكتب إلى موسى بن نصير يعلّمه بفتح الأندلس، وما أصاب من الغنائم، فكتب موسى إلى الوليد بن عبد الملك يعلّمه بذلك، ونحله نفسه، وكتب موسى إلى طارق ألّا يجاوز قرطبة حتى يقدم عليه، وشتمه شتما قبيحا. ثم خرج موسى بن نصير إلى الأندلس فى رجب سنة ثلاث وتسعين بوجوه العرب والموالى وعرفاء البربر، حتى دخل الأندلس، وخرج مغيظا على طارق، وخرج معه حبيب ابن أبى عبيدة الفهرىّ، واستخلف على القيروان ابنه عبد الله بن موسى، وكان أسنّ ولده، فأجاز من الخضراء، ثم مضى إلى قرطبة فتلقّاه طارق فترضّاه، وقال له: إنما أنا مولاك، وهذا الفتح لك، فجمع موسى من الأموال ما لا يقدر على صفته، ودفع طارق كلّ ما كان غنم إليه. قال ويقال بل توجّه لذريق إلى طارق وهو فى الجبل «1» ، فلما انتهى إليه لذريق خرج إليه طارق، ولذريق يومئذ على سرير ملكه، والسرير بين بغلين يحملانه، وعليه تاجه وقفّازاه «2» ، وجميع ما كانت الملوك قبله تلبسه من الحلية. فخرج إليه طارق وأصحابه رجّالة كلّهم ليس فيهم راكب، فاقتتلوا من حين بزغت الشمس إلى أن «3» غربت، وظنّوا أنه الفناء «4» ، فقتل الله لذريق ومن معه، وفتح للمسلمين، ولم يكن بالمغرب مقتلة قطّ أكثر منها فلم يرفع المسلمون السيف عنهم ثلاثة أيام، ثم ارتحل الناس إلى قرطبة. قال ويقال إن موسى هو الذي وجّه طارقا بعد مدخله الأندلس إلى طليطلة، وهى النصف فيما بين قرطبة وأربونة، وأربونة أقصى ثغر الأندلس. وكان كتاب عمر بن عبد العزيز ينتهى إلى أربونة، ثم غلب عليها أهل الشرك فهى فى أيديهم اليوم، وأن طارق إنما أصاب المائدة فيها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 وكان لذريق يملك ألفى ميل من الساحل إلى ما وراء ذلك، وأصاب الناس غنائم كثيرة من الذهب والفضّة. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، قال: إن كانت الطنفسة لتوجد «1» منسوجة بقضبان الذهب تنظم «2» السلسلة من الذهب باللؤلؤ والياقوت والزّبرجد، وكان البربر ربما وجدوها فلا يستطيعون حملها حتى يأتوا بالفأس، فيضرب وسطها، فيأخذ أحدهما نصفها والآخر نصفها لأنفسهم، وتسير معهم جماعة والناس مشتغلون «3» بغير ذلك. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا الليث بن سعد، قال: لمّا فتحت الأندلس جاء إنسان إلى موسى بن نصير فقال: ابعثوا معى أدلّكم على كنز، فبعث معه؛ فقال لهم الرجل: انزعوا هاهنا، فنزعوا. قال فسال عليهم من الزبرجد والياقوت شيئ لم يروا مثله قطّ، فلما رأوه تهيّبوه، وقالوا: لا يصدّقنا موسى بن نصير، فأرسلوا إليه حتى جاء ونظر إليه. حدثنا عبد الملك حدثنا الليث بن سعد، أن موسى بن نصير حين فتح الأندلس كتب إلى [الوليد بن] «4» عبد الملك: إنها ليست بالفتوح، ولكنّه الحشر. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، قال: لما افتتحت الأندلس أصاب الناس فيها غنائم، فغلّوا فيها غلولا كثيرا، حملوه «5» فى المراكب وركبوا فيها، فلما وسطوا «6» البحر سمعوا مناديا يقول: اللهمّ غرّق بهم، فدعوا الله وتقلدوا المصاحف. قال فما نشبوا أن أصابتهم ريح عاصفة، وضربت المراكب بعضها بعضا حتى تكسّرت وغرق بهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 وأهل مصر ينكرون ذلك ويقولون: إن أهل الأندلس ليس هم الذين غرقوا، وإنما هم أهل سردانية، وذلك أن أهل سردانية كما حدثنا سعيد بن عفير لما توجّه إليهم المسلون عمدوا إلى مينا لهم فى البحر، فسدّوه، وأخرجوا منه الماء، ثم قذفوا فيه آنيتهم من الذهب والفضّة، ثم ردّوا عليه الماء بحاله، وعمدوا إلى كنيسة لهم، فجعلوا لها سقفا من دون سقفها، وجعلوا ما كان لهم من مال بين السقفين. فنزل رجل من المسلمين يغتسل فى ذلك الموضع الذي سكّروه «1» ، ثم أعادوا عليه الماء، فوقعت رجله على شىء فأخرجه، فإذا صحفة من فضّة، ثم غاص أيضا فأخرج شيئا آخر، فلما علم المسلمون بذلك حبسوا عنه الماء، وأخذوا جميع تلك الآنية، ودخل رجل من المسلمين ومعه قوس بندق إلى تلك الكنيسة التى رفعوا بين سقفيها مالهم، فنظر إلى حمام فرماه ببندقه، فأخطأه، وأصاب شبحة خشب، فكسرها، وانهال عليهم المال، فغلّ المسلمون يومئذ غلولا كثيرا. فإن كان الرجل ليأخذ الهرّ فيذبحها ويرمى بما فى جوفها ثم يحشوه مما غلّ، ثم يخيط عليه ويرمى بها إلى الطريق، ليتوهّم من رآها أنها ميتة، فإذا خرج أخذها. وإن كان الرجل ينزع «2» نصل سيفه فيطرحه ويملأ الجفن غلولا ويضع قائم «3» السيف على الجفن. فلما ركبوا السفن وتوجّهوا سمعوا مناديا ينادى، اللهمّ غرّق بهم؛ فتقلّدوا المصاحف فغرقوا جميعا إلا أبو عبد الرحمن «4» الحبلى، وحنش بن عبد الله السبائىّ، فإنهما لم يكونا نديا من الغلول بشىء. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، قال: سمعت أبا الأسود، قال: سمعت عمرو بن أوس، يقول: بعثنى موسى بن نصير أفتش أصحاب عطاء بن رافع مولى هذيل حين انكسرت مراكبهم، فكنت ربّما وجدت الإنسان قد خبأ الدنانير «5» فى خرقة فى شىء بين خصيتيه، قال: فمرّ بى إنسان متّكئا على قصبة، فذهبت أفتشه، فنازعنى، فغضبت، فأخذت القصبة فضربته بها فانكسرت، وانتثرت الدنانير منها، فأخذت أجمعها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 حدثنا عبد الملك، حدثنا الليث بن سعد، قال: بلغنى أن رجلا فى غزوة عطاء بن رافع أو غيره بالمغرب غلّ، فتحمّل «1» بها حتى جعلها فى زفت، فكان يصيح عند الموت، من الزفت من الزفت. قال: وأخذ موسى بن نصير طارق بن عمرو، فشدّه وثاقا وحبسه، وهمّ بقتله، وكان معتّب الرومىّ غلاما للوليد بن عبد الملك، فبعث إليه طارق: إنك إن رفعت أمرى إلى الوليد، وأنّ فتح الأندلس كان على يدىّ، وأن موسى حبسنى، يريد «2» قتلى، أعطيتك مائة عبد، وعاهده على ذلك. فلمّا أراد معتب الانصراف ودّع موسى بن نصير وقال له: لا تعجّل على طارق ولك أعداء، وقد بلغ أمير المؤمنين أمره، وأخاف عليك وجده، فانصرف معتب وموسى بالأندلس. فلما قدم معتب على الوليد أخبره بالذى كان من فتح الأندلس على يدى طارق، وبحبس موسى إيّاه، والذي أراد به من القتل، فكتب الوليد إلى موسى يقسم له بالله لئن ضربته لأضربنّك، ولئن قتلته لأقتلّن ولدك به، ووجّه الكتاب مع معتب الرومى، فقدم به على موسى الأندلس، فلما قرأه أطلق طارقا وخلّى سبيله، ووفى طارق لمعتب بالمائة العبد الذي كان جعل له. وخرج موسى بن نصير من الأندلس بغنائمه وبالجوهر والمائدة، واستخلف على الأندلس ابنه عبد العزيز بن موسى، وكانت إقامة موسى بالأندلس سنة ثلاث وتسعين وأربع وتسعين وأشهرا «3» من سنة خمس وتسعين، فلما قدم موسى إفريقية، كتب إليه الوليد بن عبد الملك بالخروج إليه، فخرج، واستخلف على إفريقية ابنه عبد الله بن موسى، وسار موسى بتلك الغنائم والهدايا حتى قدم مصر، ومرض الوليد بن عبد الملك، فكان يكتب إلى موسى يستعجله، ويكتب إليه سليمان بالمكث والمقام ليموت «4» الوليد، ويصير ما مع موسى إليه. وخرج موسى حتى إذا كان بطبريّة أتته وفاة الوليد، فقدم على سليمان بتلك الهدايا، فسرّ سليمان بذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 ويقال: إن موسى بن نصير حين قدم من الأندلس لم ينزل القيروان، خلّفها ونزل قصر الماء «1» ، وضحّى هنالك، ثم شخص وشخص معه طارق. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد قال: قفل موسى بن نصير وافدا إلى أمير المؤمنين فى سنة ستّ وتسعين، ودخل الفسطاط يوم الخميس لست ليال بقين من شهر ربيع الأوّل. ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره، وقال: فبينا» سليمان يقلّب «3» تلك الهدايا إذ انبعث رجل من أصحاب موسى بن نصير يقال له عيسى بن عبد الله الطويل من أهل المدينة، وكان على الغنائم، فقال: يا أمير المؤمنين، إن الله قد أغناك بالحلال عن الحرام، وإنى صاحب هذه المقاسم؛ وأن موسى لم يخرج خمسا من جميع ما أتاك به، فغضب سليمان وقام عن سريره، فدخل منزله، ثم خرج إلى الناس فقال: نعم، قد أغنانى الله بالحلال عن الحرام، وأمر بإدخال ذلك بيت المال «4» ، وقد كان سليمان قد أمر موسى بن نصير برفع حوائجه وحوائج من معه، ثم الانصراف إلى المغرب. قال ويقال بل قدم موسى بن نصير على الوليد بن عبد الملك، والوليد مريض، فأهدى إليه موسى المائدة، فقال طارق: أنا أصبتها، فكذّبه موسى. فقال للوليد: فادع بالمائدة، فانظر هل ذهب منها شىء. فدعا بها الوليد، فنظر فإذا برجل من أرجلها لا تشبه الرجل الأخرى، فقال له طارق: سله يا أمير المؤمنين، فإن أخبرك؛ بما تستدل «5» به على صدقه فهو صادق، فسأله الوليد عن الرجل، فقال: هكذا أصبتها. فأخرج طارق الرجل التى كان أخذ منها حين أصابها فقال: يستدلّ أمير المؤمنين بها على صدق ما قلت له، وأنى أصبتها، فصدّقه الوليد، وقبل قوله، وأعظم جائزته. ثم رجع إلى حديث عثمان وغيره قال: وكان عبد العزيز بن موسى بعد خروج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 أبيه قد تزوّج امرأة نصرانية، بنت ملك من أهل الأندلس يقال إنها «1» ابنة لذريق ملك الأندلس الذي قتله طارق، فجاءته من الدنيا بشىء كثير لا يوصف. فلما دخلت عليه قالت: ما لى لا أرى أهل مملكتك يعظّمونك ولا يسجدون لك كما كان أهل مملكة أبى يعظّمونه ويسجدون له؟ فلم يدر ما يقول لها، فأمر بباب فنقب له فى ناحية قصره، وجعله «2» قصيرا، وكان يأذن للناس فيدخل الداخل إليه من الباب حين يدخل منكّسا رأسه لقصر الباب، وهى فى موضع تنظر إلى الناس منه، فلما رأت ذلك قالت لعبد العزيز: الآن قوى ملكك. وبلغ الناس أنه إنما نقب الباب لهذا، وزعم بعض الناس أنها نصّرته، فثار به حبيب ابن أبى عبيدة الفهرىّ وزياد بن النابغة التميمى وأصحاب لهم من قبائل العرب، واجتمعوا «3» على قتل عبد العزيز للذى بلغهم من أمره، وأتوا إلى مؤذّنه فقالوا: أذّن بليل لكى نخرج إلى الصلاة، فأذّن المؤذّن ثم ردّد التّثويب، فخرج عبد العزيز، فقال لمؤذّنه: لقد عجلت وأذّنت بليل. ثم توجه إلى المسجد وقد اجتمع له أولئك النفر وغيرهم ممن حضر الصلاة، فتقدّم عبد العزيز وافتتح يقرأ إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ رافِعَةٌ «4» فوضع حبيب السيف على رأس عبد العزيز، فانصرف هاربا حتى دخل داره، فدخل جنانا له واختبأ فيه تحت شجرة، وهرب حبيب بن أبى عبيدة وأصحابه، واتّبعه زياد ابن النابغة، فدخل على أثره، فوجده تحت الشجرة؛ فقال له عبد العزيز: يا ابن النابغة نجّنى ولك ما سألت، فقال لا تذوق الحياة بعدها، فأجهز عليه واحتزّ رأسه، وبلغ ذلك حبيبا وأصحابه فرجعوا. ثم خرجوا برأس عبد العزيز إلى سليمان بن عبد الملك، وأمّروا على الأندلس أيّوب ابن أخت موسى بن نصير، ومرّوا على القيروان وعليها عبد الله بن موسى بن نصير، فلم يعرض لهم، وساروا حتى قدموا على سليمان برأس عبد العزيز بن موسى فوضعوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 بين يديه، وحضر موسى بن نصير فقال له سليمان: أتعرف هذا؟ قال: نعم، أعلمه صوّاما قوّاما، فعليه لعنة الله إن كان الذي قتله خيرا منه. وكان قتل عبد العزيز بن موسى كما حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث ابن سعد، فى سنة سبع وتسعين. قال وكان سليمان عاتبا على موسى بن نصير فدفعه إلى حبيب بن أبى عبيدة وأصحابه ليخرجوا به إلى إفريقية، فاستغاث بأيّوب بن سليمان فأجاره، وشفع له إلى أبيه. ويقال إن سليمان أخذ موسى بن نصير فغرم له مائة ألف دينار وألزمه ذلك، وأخذ ما كان له، فاستجار «1» بيزيد بن المهلّب، فاستوهبه من سليمان فوهبه له وماله، وردّ ذلك عليه ولم يلزمه شيئا. ومكث أهل الأندلس بعد ذلك سنين لا يجمعهم وال. وعزم سليمان على الحجّ فأخرج موسى بن نصير على نصب حجره، فخرج حتى إذا كان بالمرّ «2» توفّى. وكانت وفاته فى سنة سبع وتسعين فيما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد. ثم ولى إفريقية محمد بن يزيد القرشىّ، ولّاه سليمان بن عبد الملك بمشورة رجاء ابن حيوة، وصرف عبد الله بن موسى سنة ستّ وتسعين. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث، قال: أمّر محمد بن يزيد على. إفريقية سنة سبع وتسعين، فلم يزل محمد بن يزيد واليا حتى توفّى سليمان بن عبد الملك. وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، يوم الجمعة لعشر ليال بقين من صفر سنة تسع وتسعين. فعزل وولى مكانه إسماعيل بن عبيد الله فى المحرّم سنة مائة على حربها وخراجها وصدقاتها، وكان حسن السيرة، ولم يبق فى ولايته يومئذ من البربر أحد إلّا أسلم، فلم يزل واليا عليها حتى توفّى عمر بن عبد العزيز. وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، يوم الجمعة لعشر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة. فعزل وولى مكانه يزيد بن أبى مسلم كاتب الحجّاج، ولّاه يزيد بن عبد الملك فى سنة إحدى ومائة. وعبد الله بن موسى بن نصير يومئذ بالمشرق، فقدم مع يزيد بن أبى مسلم إلى إفريقية، حتى إذا كان قريبا منها تلقّاه الناس، فلما دخل القيروان عزم يزيد بن أبى مسلم على عبد الله بن موسى بن نصير أن ينصرف إلى منزله، فمضى عبد الله إلى داره، وأمر يزيد الناس باتّباعه حتى ظنّوا «1» أنه شريك معه، فلما أدبر عبد الله ألحقه يزيد رسولا بأن أعدّ من مالك عطاء الجند خمس سنين. ثم إنّ يزيد بن أبى مسلم أخذ موالى موسى بن نصير من البربر، فوشم أيديهم وجعلهم أخماسا، وأحصى أموالهم وأولادهم، ثم جعلهم حرسه وبطانته، وأخذ محمد بن يزيد القرشى فعذّبه وجلده جلدا وجيعا فاستسقاه فسقاه رمادا، وكان محمد بن يزيد قد ولى عذاب يزيد بن أبى مسلم بالمشرق فى زمان الحجّاج، فقال له يزيد: إذا أصبحت عذبتك حتى تموت أو أموت قبلك، وكان قد بنى له فى السجن بيتا ضيّقا فجعله فيه، وكساه جبّة صوف غليظة، وطبع عليها بخاتم من رصاص. فلما تعشّى يزيد بن أبى مسلم أتى فى آخر طعامه بعنب، فتناول منه عنقودا، وأهوى إليه رجل من حرسه يقال له حريز بالسيف فضربه، حتى قتله، واحتزّ رأسه ورمى به فى المسجد عتمة، فأقبل غلام لمحمد بن يزيد، فدخل عليه السجن فقال: أبشر فإن يزيد قد قتل، فقال له محمد: قد كذبت، وظنّ أنه دسّ إليه، ثم اتّبعه آخر من غلمانه ثم آخر، حتى توافوا سبعة، فلما تيقّن محمد بموت يزيد أعتق العبيد. قال ويقال بل كان حرس يزيد بن أبى مسلم حين قدم البربر ليس فيهم إلّا بترى، وكانوا هم حرس الولاة قبله البتر خاصّة، ليس فيهم من البرانس أحد فخطب يزيد بن أبى مسلم الناس فقال: إنى إن أصبحت صالحا وشمت حرسى فى أيديهم كما تصنع الروم، فأشم فى يد الرجل اليمنى اسمه، وفى اليسرى حرسى، فيعرفوا بذلك من غيرهم، فأنفوا من ذلك، ودبّ بعضهم إلى بعض فى قتله، وخرج من ليلته إلى المسجد لصلاة المغرب فقتلوه فى مصلّاه. وكان قتله كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد فى سنة ثنتين ومائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 فلما قتل يزيد بن أبى مسلم، اجتمع الناس فنظروا فى رجل يقوم بأمرهم إلى أن يأتى رأى يزيد بن عبد الملك، فتراضوا بالمغيرة بن أبى بردة القرشى ثم أحد بنى عبد الدار، فقال له عبد الله ابنه أيّها الشيخ إنّ هذا الرجل قتل بحضرتك، فإن قمت بهذا الأمر بعده لم آمن عليك أن يلزمك أمير المؤمنين قتله، فقبل ذلك الشيخ، فاجتمع رأى أهل إفريقية على محمد بن أوس الأنصارىّ، وكان بتونس على غزو بحرها «1» ، فأرسلوا إليه فولّوه أمرهم، وكتب إلى يزيد يخبره «2» بما كان، فبعث فى ذلك خالد بن أبى عمران وهو من أهل تونس، فقدم على يزيد فقبل منهم «3» وعفا عمّا كان من زلّتهم. قال خالد بن أبى عمران: ودعانى يزيد خاليا فقال: أىّ رجل محمد بن أوس؟ فقلت: رجل من أهل الدين والفضل، معروف بالفقه، قال: فما كان بها قرشى؟ قلت بلى، المغيرة بن أبى بردة، قال: قد عرفته، فما له لم يقم؟ قلت أبى ذلك وأحبّ العزلة، فسكت. واتّهم الناس عبد الله بن موسى بن نصير أن يكون هو الذي عمل فى قتل يزيد بن أبى مسلم، فولّى يزيد بن عبد الملك بشر بن صفوان الكلبى إفريقية وذلك فى سنة ثنتين ومائة وكان عامله على مصر، فخرج إلى إفريقية، واستخلف على مصر أخاه حنظلة، فلما دخل إفريقية بلغه أن عبد الله بن موسى هو الذي دسّ لقتل يزيد بن أبى مسلم، وشهد على ذلك خالد بن أبى حبيب القرشىّ وغيره، فكتب بشر إلى يزيد بن عبد الملك، فكتب يزيد إلى بشر بن صفوان يأمره بقتل عبد الله بن موسى بن نصير، وهمّ بشر بتأخيره أيّاما، فقال خالد بن أبى حبيب ومحمد بن أبى بكير لبشر بن صفوان: عجّل بقتله من قبل أن تأتيه «4» عافيته من أمير المؤمنين. وكانت أمّ عبد الله ابنة موسى بن نصير تحت الربيع صاحب خاتم يزيد. فكلّم يزيد فأمر بعافيته، وجعلت أخته للرسول ثلاثة آلاف دينار إن هو أدركه، وأمر بشر بقتل عبد الله بن موسى فقتل، وقدم الرسول بعافيته بعد أن قتله فى ذلك اليوم، وبعث برأسه مع سليمان بن وعلة التميمى إلى يزيد، فنصبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 ثم وفد بشر بن صفوان إلى يزيد بهدايا كان أعدّها له، حتى إذا كان ببعض الطريق لقيته وفاة يزيد؛ وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، ليلة الجملة لأربع ليال بقين من شعبان سنة خمس ومائة. وقدم بشر بتلك الهدايا على هشام بن عبد الملك فردّه على إفريقية، فقدمها، وتتبّع أموال موسى بن نصير، وعذّب عمّاله، وولّى على الأندلس عنبسة بن سحيم الكلبى، وعزل عنها الحرّ بن عبد الرحمن القيسى، وقد كان بشر غزا البحر من إفريقية، فأصابهم الهول، فهلك لذلك من جيشه خلق كثير «1» ، ثم توفّى بشر بن صفوان من مرض يقال له الدبيلة فى شوّال سنة تسع ومائة. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: نزع بشر بن صفوان عن «2» إفريقية فى سنة خمس ومائة، وردّ إليها فى سنة ست ومائة، ومات فى سنة تسع ومائة. واستخلف بشر بن صفوان حين توفّى على إفريقية نغاش بن قرط الكلبى، فعزله هشام، وولّى عبيدة بن عبد الرحمن القيسى على إفريقية فى صفر سنة عشر ومائة. حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث، قال: وولىّ عبيدة بن عبد الرحمن إفريقية فى المحرّم سنة عشر ومائة، فلما قدم عبيدة إفريقية وجّه المستنير ابن الحبحاب الحرشىّ غازيا إلى صقليّة، فأصابتهم ريح فغرقتهم، ووقع المركب الذي كان فيه المستنير إلى ساحل أطرابلس، فكتب عبيدة بن عبد الرحمن إلى عامله على أطرابلس يزيد بن مسلم الكندى، يأمره أن يشدّه وثاقا ويبعث معه ثقة، فبعث به «3» فى وثاق، فلما قدم على عبيدة جلده جلدا «4» وجيعا وطاف به القيروان على أتان، ثم جعل يضربه فى كل جمعة مرّة حتى أبلغ إليه، وذلك أن المستنير أقام بأرض الروم حتى نزل عليه الشتاء، واشتدّت أمواج البحر وعواصفه، فلم يزل محبوسا عنده. وكان عبيدة قد ولّى عبد الرحمن بن عبد الله العكّىّ على الأندلس، وكان رجلا صالحا، فغزا عبد الرحمن إفرنجة، وهم أقاصى عدوّ الأندلس فغنم غنائم كثيرة، وظفر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 بهم، وكان فيما أصاب رجل من ذهب مفصّصة «1» بالدرّ والياقوت والزّبرجد، فأمر بها فكسرت، ثم أخرج الخمس، وقسم سائر ذلك فى المسلمين الذين كانوا معه، فبلغ ذلك عبيدة، فغضب غضبا شديدا، فكتب إليه كتابا يتواعده فيه، فكتب إليه عبد الرحمن: إنّ السماوات والأرض لو كانتا رتقا لجعل الرحمن للمتّقين منهما مخرجا، ثم خرج إليهم أيضا غازيا فاستشهد وعامّة أصحابه؛ وكان قتله فيما حدثنا يحيى عن الليث فى سنة خمس عشرة ومائة. فولّى عبيدة على الأندلس بعده عبد الملك بن قطن، ثم خرج عبيدة إلى هشام بن عبد الملك، وخرج معه بهدايا وذلك فى شهر رمضان سنة أربع عشرة ومائة. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: كان قدوم عبيدة بن عبد الرحمن من إفريقية سنة خمس عشرة ومائة، وفيها أمّر ابن قطن على الأندلس. وكان فيما خرج به من العبيد والإماء ومن الجوار المتخيّرة سبعمائة جارية، وغير ذلك من الخصيان والخيل والدوابّ والذهب والفضّة والآنية. واستخلف على إفريقية حين خرج عقبة بن قدامة التجيبىّ فقدم على هشام بهداياه «2» واستعفاه فأعفاه، وكتب إلى عبيد الله بن الحبحاب وهو عامله على مصر يأمره بالمصير «3» إلى افريقية، وولّاه إياها وذلك فى شهر ربيع الآخر من سنة ستّ عشرة ومائة. فقدم عبيد الله بن الحبحاب إفريقية فأخرج المستنير من السجن وولّاه تونس، واستعمل ابنه إسماعيل بن عبيد الله على السّوس، واستخلف ابنه القاسم بن عبيد الله على مصر، واستعمل على الأندلس عقبة بن الحجّاج، وعزل عبد الملك بن قطن. ويقال بل كان الوالى على الأندلس يومئذ عنبسة بن سحيم الكلبى، فعزله ابن الحبحاب، وولّى عقبة بن الحجاج، فهلك عقبة بن الحجاج بالأندلس، فردّ عبيد الله عليها عبد الملك بن قطن. وغزّى عبيد الله حبيب بن أبى عبيدة الفهرى السّوس وأرض السودان، فظفر بهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 ظفرا لم ير مثله، وأصاب ما شاء من ذهب، وكان فيما أصاب جارية أو جاريتان من جنس تسمّيه البربر إجّان، ليس لكلّ واحدة منهنّ إلّا ثدى واحد «1» ثم غزّاه أيضا البحر، ثم انصرف. وانتقضت البربر على عبيد الله بن الحبحاب بطنجة، فقتلوا عامله عمر بن عبد الله المرادى، وكان الذي تولّى ذلك ميسرة الفقير البربرىّ ثم المدغرىّ، وهو الذي قام بأمر البربر وادّعى الخلافة وتسمّى بها وبويع عليها، ثم استعمل ميسرة على طنجة عبد الأعلى بن جريج الإفريقى، وكان أصله روميا وهو مولّى لابن نصير. ثم سار إلى السّوس وعليها إسماعيل بن عبيد الله فقتله، وذلك أوّل فتنة البربر بأرض إفريقية. فوجّه عبيد الله بن الحبحاب خالد بن أبى حبيب الفهرى إلى البربر بطنجة، ومعه وجوه أهل إفريقية من قريش والأنصار وغيرهم، فقتل خالد وأصحابه لم ينج منهم أحد، فسمّيت تلك الغزوة غزوة الأشراف. ويقال إن خالدا لقى ميسرة دون طنجة، فقتل ومن معه. ثم انصرف ميسرة إلى طنجة، فأنكرت عليه البربر سيرته وتغيّره عمّا كانوا بايعوه عليه، فقتلوه، وولّوا أمرهم عبد الملك بن قطن المحاربىّ. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: كان بين ميسرة الفقير وأهل إفريقية من البربر «2» .... وقتل إسماعيل بن عبيد الله وخالد بن أبى حبيب فى سنة ثلاث وعشرين ومائة. فوجّه إليهم ابن «3» الحبحاب حبيب بن أبى عبيدة، فلما بلغ تلمسين أخذ موسى ابن أبى خالد مولى لمعاوية بن حديج، وكان على تلمسين، وقد اجتمع إليه من تمسّك بالطاعة، فاتّهمه حبيب أن يكون له هوّى أو قد دسّ للفتنة، فقطع يده ورجله، وكان مقيما بتلمسين فى جيشه، وقفل عبيد الله بن الحبحاب إلى هشام بن عبد الملك وذلك فى جمادى الأولى من سنة ثلاث وعشرين ومائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 ثم وجّه هشام على إفريقية كلثوم بن عياض القيسى فى جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقدّم بلج بن بشر أمامه، فلما قدم كلثوم إفريقية أمر أهل إفريقية بالجهاز «1» والخروج معه إلى البربر، وقطع على أهل أطرابلس بعثا فخرج فى عدد كثير، واستخلف على القيروان عبد الرحمن بن عقبة الغفارى، وعلى الحرب مسلمة بن سوادة القرشى، فثار عليه بعد خروج كلثوم يريد بربر طنجة، عكّاشة بن أيّوب الفزارى من ناحية قابس، وهو صفرىّ، وأرسل أخا له، فقدم سبرت، فجمع بها زناتة، وحصر أهل سوق سبرت فى مسجدهم، وعليهم حبيب بن ميمون. وبلغ الخبر صفوان بن أبى مالك وهو أمير على أطرابلس، فخرج بهم، فوقع على أخى الفزارى وهو محاصر أهل سبرت، فقاتلهم، فانهزم الفزارى وقتل أصحابه من زنانة وغيرهم، وهرب إلى أخيه بقابس. وخرج مسلمة بن سوادة فى أهل القيروان إلى عكّاشة بن أيّوب بقابس، فقاتلهم، فانهزم مسلمة وقتل عامّة «2» من خرج معه، ولحق بالقيروان، وتحصّن عامّة من كان مع مسلمة من أهل القيروان وعليهم سعيد بن بجرة الغسّانى. ويقال إن كلثوم بن عياض حين قدم من عند هشام خلّف القيروان ولم ينزل به ولم يدخله، ونزل «3» سبيبة، وهى من مدينة القيروان على يوم، فأفطر فيها، وكتب إلى حبيب بن أبى عبيدة ألّا يفارق عسكره حتى يقدم عليه، ثم شخص كلثوم غازيا حتى قدم على حبيب، ثم رحلا «4» جميعا بمن معهما إلى طنجة. وكان كلثوم حين خرج إلى البربر قد قدّم بلج بن بشر القيسى على مقدّمته «5» فى الخيل، فلما قدم على حبيب رفضة وأهان منزلته، ثم قدم كلثوم فتلقّاه حبيب فتهاون به أيضا، ثم خطب كلثوم الناس على ديدبان له فطعن فى «6» حبيب وشتمه وأهل بيته. وكان عبد الرحمن بن حبيب مع أبيه حبيب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 ثم نفذ كلثوم وحبيب، فلما انتهى إلى مطلوبه من أرض طنجة تلقّته البربر بجموعهم، وعليهم خالد بن حميد الزناتى ثم الهتورىّ عراة متجرّدين، ليس عليهم الا السراويلات، وكانوا صفريّة، وجاءوا جردين، فأشار حبيب بن أبى عبيدة على كلثوم أن يقاتلهم الرجّالة بالرجّالة، والخيل بالخيل، فقال له كلثوم: ما أغنانا عن رأيك يا بن أمّ حبيب. فوجّه بلج بن بشر على الخيل ليدوسهم بها، وكانت الخيل أوثق فى نفس كلثوم من الرجّالة. وأن بلجا أسرى ليله «1» حتى واقعهم» عند الصبح، واستقبلوه عراة متجرّدين، فحملت عليهم الخيل فصاحوا وولّوا ورموا بالأوصاف، فانهزم بلج جريحا، وتساقطت الخيول على كلثوم وقد تأهّب وعبّى أصحابه، فأرسل إلى حبيب بن أبى عبيدة فقال: إنّ أمير المؤمنين أمرنى أن أولّيك القتال، وأعقد لك على الناس. فقال حبيب: قد فات الأمر. وزحفت رجّالة البربر على أثر الخيل حتى خالطوا كلثوما وأصحابه، فأقسم حبيب على ابنه عبد الرحمن إلا ينزل راجلا، وأن يلزم بلجا فيكون معه أسفا على بلج، فإنّى مقتول، وهلك كلثوم وحبيب ومن معهما، وانهزم الناس إلى إفريقية. وكان قتل كلثوم فى سنة ثلاث وعشرين ومائة. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: قتل كلثوم فى سنة أربع وعشرين ومائة، قتلهم «3» ميسرة، وانهزم بلج بن بشر وثعلبة الجذامى وبقيّة من أهل الشأم إلى الأندلس، فاتّبعهم أبو يوسف الهوّارىّ وكان طاغية من طواغى البربر فأدركهم، فقاتلهم، فقتل أبو يوسف، وانهزم أصحابه، ومضى بلج وثعلبة الى الأندلس. وكان كلثوم قد كتب إلى أهل الأندلس وعليها عبد الملك بن قطن الفهرىّ، يأمرهم بإمداده والخروج إليه، فوافاهم بلج وقد وقعوا إلى مجاز الخضراء. وتقدّم عبد الرحمن بن حبيب أمام بلج إلى الأندلس، فقدمها، وأمر عبد الملك بن قطن ألّا يسمع لبلج ولا يطيعه، ثم قدم بلج فأقام بالجزيرة، وكتب إلى عبد الملك بن قطن يعلمه أنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 خليفة كلثوم، وشهد له بذلك ثعلبة الجذامى وأصحابه، وكان الرسول فيما بينهما قاضى الأندلس، فسلّم عبد الملك بن قطن الولاية لبلج على كره من عبد الرحمن بن حبيب، فخرج عبد الرحمن من قرطبة كارها لولاية بلج. ثم إنّ بلجا لمّا قدم قرطبة حبس عبد الملك بن قطن فى السجن، وثار عبد الرحمن ابن حبيب ومعه أميّة بن عبد الملك بن قطن، فجمعا لقتال بلج، فأخرج بلج عبد الملك ابن قطن من السجن، وقال له: قم فى المسجد فأخبر الناس أن كلثوما كتب إليك أنى خليفته، فقام عبد الملك فقال: أيّها الناس، إنّى والى كلثوم وإنى محبوس بغير حقّ، فضرب بلج عنقه. ثم قدم عبد الرحمن بن حبيب بجموع، فخرج إليه بلج ومن معه من أهل الشأم، وكان بينهم نهر، فلمّا كان الليل عبر عبد الرحمن إلى قرطبة، وخليفة بلج بها القاضى، وقد كان القاضى اتّهم بدم عبد الملك بن قطن، فأخذه عبد الرحمن بن حبيب فسمل عينيه، وقطع يديه ورجليه، وضرب عنقه وصلبه على شجرة، وجعل على جثّته رأس خنزير، وبلج لا يشعر، ثم خرج من قرطبة فقاتله بلج، فانهزم عبد الرحمن بن حبيب، ثم جمع جمعا آخر فقتل بلج ومن معه. ويقال إن بلجا لم يقتل، إنما مات موتا. حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، قال: مات بلج فى سنة خمس وعشرين ومائة، بعد قتله ابن قطن بشهر. ثم افترق أهل الأندلس على أربعة أمراء، حتى أرسل إليهم حنظلة بن صفوان الكلبى بأبى الخطّار الكلبى فجمعهم، وسأذكر ذلك فى موضعه إن شاء الله. وقد كان كلثوم بن عياض كتب إلى عامله على أطرابلس صفوان بن أبى مالك يستمدّه، فخرج إليه بأهل أطرابلس حتى قدم قابس، فانتهى إليه خبر كلثوم ومن معه، فانصرف، وقد كان خرج إليه سعيد بن بجرة ومن تحصّن معه من أصحاب مسلمة ابن سوادة الجذامى، وتنحّى الفزارى إلى نهر يقال له الجمّة على اثنى عشر ميلا من قابس، فلما رجع صفوان بن أبى مالك تحصّن سعيد بن بجرة وأصحابه بقابس. وخرج عبد الرحمن بن عقبة الغفارى فى أهل القيروان إلى الفزارى، فلقيه فيما بين قابس وبين القيروان، فانهزم الفزارى وقتل عامّة أصحابه. ثم وجّه هشام بن عبد الملك حنظلة بن صفوان فى صفر سنة أربع وعشرين ومائة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 وكان عامله على مصر، فلما قدم إفريقية كتب إليه أهل الأندلس وأهل الشأم وغيرهم يسألونه أن يبعث إليهم واليا، فبعث أبا الخطّار، فلما قدمها أدّوا إليه الطاعة، فوليها ودانت له، وفرق جمع بلج بن بشر وعبد الرحمن بن حبيب، وأخرج ثعلبة بن سلامة فى سفينة إلى إفريقية، ثم أخرج بعده عبد الرحمن بن حبيب، وأخرج مع ثعلبة أهل الشأم، فكانوا بالقيروان مع حنظلة. ثم إن حنظلة بن صفوان أخرج عبد الرحمن بن عقبة الغفارى إلى عكّاشة بن أيّوب الفزارى، وقد جمع جمعا بعد انهزامه من قابس، فلقيه بمن معه، فانهزم الفزارى وقتل عامّة أصحابه، ثم جمع أيضا فلقيه عبد الرحمن بن عقبة فهزمه، ثم جمع جمعا آخر، وقدم عبد الواحد بن يزيد الهوّارى ثم المدهمى وكان صفريّا مجامعا للفزارى على قتال حنظلة بن صفوان، فخرج إليهما عبد الرحمن بن عقبة فى أهل إفريقية، فقتل عبد الرحمن بن عقبة وأصحابه، وكان مقتل عبد الرحمن بن عقبة كما حدثنا يحيى ابن بكير، عن الليث، فى سنة أربع وعشرين ومائة. ثم مضى عبد الواحد بن يزيد فأخذ تونس واستولى عليها، وسلّم عليه بالخلافة، ثم تقدّم إلى القيروان، وانتبذ الفزارىّ بعسكره ناحية وكلاهما يريد القيروان يتبادران إليها أيّهما يسبق صاحبه فيغنم، فلمّا رأى حنظلة ما غشيهم من جموع البربر مع الفزارى وعبد الواحد احتفر على القيروان خندقا، وزحف إليهم عبد الواحد، وكتب إلى حنظلة يأمره أن يخلّى له القيروان ومن فيه، فأسقط فى أيديهم، وظنّوا أنهم سيسبوا، حتى إن كان حنظلة ليبعث الرسول «1» منهم «2» ليأتيه بالخبر فما يخرج إلى مسيرة ثلاثة أميال «3» إلّا بخمسين دينارا. فلما غشيه عبد الواحد وكان من القيروان على شبيه بمرحلة بمكان يقال له الأصنام، ونزل الفزارى من القيروان على ستّة أميال، وكان مع عبد الواحد أبو قرّة العقيلى وكان على مقدّمته، فكتب حنظلة إلى الفزارى كتابا يرثّيه «4» فيه ويمنّيه، رجاء ألا يجتمعا عليه فلا يقوى عليهما، وخاف اجتماعهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 وكان عكّاشة أقرب إلى حنظلة، فصبّح عبد الواحد الأصنام بجموعه، وزحف حنظلة إلى الفزارى لقربه منه، وخرج معه بأهل القيروان، فخرج قوم آيسون من الحياة للذى كانوا يتخوّفونه من سبى الذّرارىّ، وذهاب النساء والأموال، وجعل عليهم محمد ابن عمرو بن عقبة، فلقيهم بالأصنام، فهزم الله عبد الواحد وجمعه، وقتل ومن معه قتلا ما يدرى ما هو، وهرب من هرب منهم. فلمّا فتح لحنظلة عاجل عكّاشة الفزارىّ من ليلته، فقاتله بالقرن، ولم يكن بلغ عكاشة هزيمة عبد الواحد، فهزمه الله ومن معه من أصحابه، وهرب عكاشه حتى انتهى إلى بعض نواحى إفريقية، فأخذه قوم من البربر أسيرا حتى أتوا به إلى حنظلة فقتله. وكان عبد الواحد ومن معه صفريّة، يستحلّون سبى النساء. وكان قتل عكاشة وعبد الواحد كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث، سنة خمس وعشرين ومائة. وقد كان حنظلة عند ما كان من حلول عبد الواحد بالأصنام وعكاشة بالقرن وقربا «1» من القيروان، كتب إلى معاوية بن صفوان عامله على أطرابلس، يأمره بالخروج إليه بأهل أطرابلس، فخرج حتى انتهى إلى قابس، فبلغه ما كان من هزيمة عبد الواحد وعكاشة، فكتب إليه حنظلة فى بربر خرجوا بنفزاوة وسبوا أهل ذمّتها فامض إليهم، فسار إليهم بمن معه، فقاتلهم، فقتل معاوية بن صفوان، وقتل الصفريّة واستنقذ ما كانوا أصابوا من أهل الذمّة، فبعث حنظلة إلى جيش معاوية ذلك زيد بن عمرو الكلبى، فانصرف بهم إلى أطرابلس. وكان عبد الرحمن بن حبيب بتونس، وكان ثعلبة بن سلامة الجذامى مع حنظلة، فلما بلغ من بإفريقيّة من أهل الشأم قتل الوليد بن يزيد، خرج عامّة قوّادهم، وخرج ثعلبة بن سلامة إلى المشرق. وكان قتل الوليد كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، يوم الخميس لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة، سنة ستّ وعشرين ومائة. فخرج عبد الرحمن بن حبيب بتونس وجمع لقتل حنظلة بن صفوان وإخراجه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 من إفريقية، فلما بلغ ذلك حنظلة، أرسل وجوه إفريقية إلى عبد الرحمن يدعوه إلى الدعة والكفّ عن الفتنة، فساروا، فلما كانوا ببعض الطريق بلغتهم «1» ولاية مروان بن محمد، فأرادوا الانصراف، وبلغ عبد الرحمن أن حنظلة قد أرسل إليه رسلا وكانوا خمسين رجلا، وأنهم يريدون الانصراف، فأرسل إليهم خيلا فأصرفتهم «2» إليه، ووجد «3» عبد الرحمن عليهم لخروجهم إليه، وكانوا قد كاتبوه قبل ذلك سرّا من حنظلة، فلما بلغتهم ولاية مروان نزعوا عن ذلك، فبعث بهم إلى تونس فى الحديد. وكتب عبد الرحمن إلى حنظلة أن يخلّى له القيروان، وأن يخرج منها، وأجّله ثلاثة أيام. وكتب إلى صاحب بيت المال ألّا يعطيه دينارا ولا درهما إلّا ما حلّ له من أرزاقه، فلما قرأ حنظلة الكتاب همّ بقتاله، ثم حجزه عنه الورع، وكان ورعا، فخرج بمن خفّ معه من أصحابه من أهل الشأم، وذلك فى جمادى الأولى «4» سنة سبع وعشرين ومائة، ودخل عبد الرحمن بن حبيب القيروان فى جمادى الآخرة سنة ستّ وعشرين ومائة. ثم بعث عبد الرحمن أخاه ابن حبيب عاملا على أطرابلس، فأخذ عبد الله ابن مسعود التجيبى وكان إباضيا ورئيسا فيهم، فضرب عنقه، واجتمعت الإباضيّة بأطرابلس، فعزل عبد الرحمن أخاه، وولّى حميد بن عبد الله العكّىّ. وكان على الإباضيّة حين اجتمعت عبد الجبّار بن قيس المرادى ومعه الحارث بن تليد الحضرمى، فحاصروا حميد بن عبد الله فى بعض قرى أطرابلس ووقع الوباء فى أصحابه فخرج بعهد وأمان، فلما خرجوا أخذ عبد الجبّار بن قيس نصير بن راشد مولى الأنصار فقتله، وكان من أصحاب حميد، وكانوا يطلبونه بدم عبد الله بن مسعود التجيبى المقتول واستولى عبد الجبّار على زناتة وأرضها. فكتب عبد الرحمن بن حبيب إلى يزيد بن صفوان المعافرى بولاية أطرابلس، ووجّه مجاهد بن مسلم الهوّارى يستألف الناس ويقطع عن عبد الجبّار هوّارة وغيرهم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 فأقام مجاهد فى هوّارة أشهرا ثم طردوه. فلحق بيزيد بن صفوان بأطرابلس. فوجّه عبد الرحمن بن حبيب محمد بن مفروق فى خيل، وكتب إلى يزيد بن صفوان بالخروج معه، فخرجوا، فلقيهم عبد الجبّار بن قيس والحارث بن تليد بمكان من أرض هوّارة، فقتل يزيد بن صفوان ومحمد بن مفروق، وانهزم مجاهد بن مسلم إلى أرض هوّارة. فقفل عبد الرحمن بن حبيب واجتمع إليه جمع كثير، فزحف بهم إلى عبد الجبّار والحارث بن تليد، فلقيهم بأرض زناتة، فانهزم عمرو بن عثمان وأصحابه. واستولى عبد الجبّار والحارث على أطرابلس كلّها. ثم خرج عمرو بن عثمان إلى دغوغا، ومعه مجاهد بن مسلم، واتّبعه الحارث بن تليد، فوجه عمرو من دغوغا إلى أرض الصحراء، فأدركه الحارث، فتقدّم عمرو إلى سرت، فأدركته خيل الحارث، فقتلوا نفرا من أصحابه، ونجا عمرو على فرسه جريحا، واحتوى الحارث على عسكره، واستفحل أمر عبد الجبّار والحارث، ثم اختلف أمرهما وتفاقم ما بينهما، فاقتتلا، فقتل عبد الجبّار والحارث جميعا. فولّى البربر على أنفسهم إسماعيل بن زياد النفوسى، فعظم شأنه وكثر بيعه، فخرج إليه عبد الرحمن بن حبيب حتى إذا كان بقابس قدّم ابن عمّه شعيب بن عثمان فى خيل، فلقى إسماعيل، فقتل إسماعيل وأصحابه، وأسر من البربر أسارى كثيرة. وكان عبد الرحمن مقيما فى عسكره ولم «1» يشهد الوقعة، فنهض حين فتح له إلى سوق أطرابلس ومعه الأسارى، وكتب إلى عمرو بن عثمان فقدم عليه من أرض سرت، وقدّم الأسارى، فضرب أعناقهم وصلبهم، واستعمل على أطرابلس عمرو بن سويد المرادىّ، وأمره أن ينفّل «2» . آخر «3» الجزء الخامس «4» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 ذكر قضاة مصر ذكر كراهية العمل على القضاء. حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسى، حدثنا عبد الله بن جعفر الزهرى، عن عثمان بن محمد الأخنسى، عن سعيد المقبرى، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من جعل قاضيا [فقضى] بين الناس فقد ذبح بغير سكّين «1» . حدثنا يعقوب بن محمد، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن عثمان بن محمد، عن الأعرج، عن أبى هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثله. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم وعبد الله بن صالح، قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن ابن العجلان، عن الغضبان بن يزيد البجلىّ، أن رجلا من أمرائهم ولّى رجلا منهم القضاء فاستعفى فأبى عليه، فلبث شيئا ثم تخلّص إليه فقام بين يديه فقال: هذا مقام العائذ، «2» من النار. فقال: ويحك، وهل أملك من النار شيئا! قال: إنّى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: الحكّام ثلاثة: فرجل حكم فخسر «3» فأهلك أموال الناس وأهلك نفسه ففى النار. وحكم علم «4» فأهلك أموال الناس وأهلك نفسه ففى النار وحكم علم «5» فعدل فأحرز أموال الناس وأحرز نفسه ففى الجنّة. حدثنا محمد بن عبد الجبّار، حدثنا الحمّانيّ، حدثنا خلف بن خليفة، عن أبى هاشم، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: القضاة ثلاثة اثنان فى النار وواحد فى الجنة: رجل علم علما فقضى بما علم فهو فى الجنّة، ورجل جهل «6» فقضى بالجهل ففى النار، ورجل قضى بغير ما يعلم ففى النار. حدثنا أسد بن موسى، حدثنا شعبة بن الحجّاج، عن قتادة، قال: سمعت أبا العالية يذكر عن علىّ وقد أدركه، قال: القضاة ثلاثة: واحد فى الجنّة واثنان فى النار، فأمّا الذي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 فى الجنّة فرجل اجتهد فأصاب الحقّ فهو فى الجنّة، ورجل جارّ متعمّدا فهو فى النار، ورجل اجتهد رأيه «1» فأخطأ فهو فى النار «2» . فقلت لأبى العالية: ما ذنب هذا وقد اجتهد؟ قال: إذا كان لا يعلم، فلم يقعد قاضيا يقضى. قال عبد الرحمن ولم يسمع قتادة من أبى العالية إلّا ثلاثة أحاديث هذا أحدها. قال وروى حيوة بن شريح، عن مولى حسّان بن النعمان، عن يحيى بن أبى عمرو الشيبانى، أنه سمعه يقول: إن أبا هريرة كان يقول: من دعى إلى القضاء فقبل وهو يحسن فقضى بغير الحقّ فهو فى النار، ومن دعى إلى القضاء فقبل وهو لا يحسن فقضى بغير الحقّ فهو فى النار، ومن دعى إلى القضاء وهو يحسن فقبل فقضى بالحقّ فنفسه نجّى. قال حيوة: وحدّثت عن عبد القدّوس بن حبيب، عن الحسن، أن عمر بن الخطّاب، قال: القضاة ثلاثة: قاض قضى برشوة فهلك، وقاض اجتهد فأخطأ فودّ لو أن أمّه لم تلده، وقاض اجتهد فأصاب فأفلت ولم يكد يفلت. حدثنا عبد الله بن صالح ويحيى بن عبد الله بن بكير، قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن ابن الهاد، وحدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا نافع بن يزيد، عن ابن الهاد. وحدثنا نعيم بن حمّاد، حدثنا الدراوردىّ، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم ابن الحارث التّيمىّ، عن بشر بن سعيد، عن أبى قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو ابن العاص، أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر» «3» فحدّثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم، فقال: هكذا حدثنى أبو سلمة عن عبد الرحمن، عن أبى هريرة. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن سلمة ابن أكسوم، عن ابن حجيرة، أنه سأل القاسم بن البرحىّ، كيف سمعت عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 ابن عمر «1» يخبر؟ قال: سمعته يقول: إن خصمين اختصما إلى عمر «2» فقضى بينهما فسخط «3» المقضىّ عليه، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إذا قضى القاضى فاجتهد فأصاب كان له عشرة أجور، وإن اجتهد وأخطأ كان له أجر أو أجران. حدثنا محمد بن عبد الجبّار حدثنا شبابة بن سوّار، حدثنا الفرج بن فضالة، عن ربيعة بن يزيد، عن عقبة بن عامر الجهنىّ، أن خصمين اختصما إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: اقض بينهما، قلت: يا رسول الله، أنت أحقّ بالقضاء، قال: وإن كان. قلت فعلى ماذا؟ قال: على إذا اجتهدت فأصبت فلك عشرة أجور، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد. حدثنا محمد بن عبد الجبّار، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا إسرائيل، حدثنا عبد الأعلى عن بلال بن أبى موسى، عن أنس بن مالك، وكان الحجّاج أراد أن يجعل إليه قضاء البصرة، فقال أنس: إنى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه، ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله ملكا يسدّده» «4» . حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، أن عمر بن الخطّاب اختصم إليه مسلم ويهودىّ، فرأى أن الحقّ لليهودىّ فقضى له، فقال اليهودىّ: والله لقد قضيت بالحقّ، فضربه عمر بالدرّة ثم قال «5» : وما يدريك؟ فقال اليهودىّ: إنّا نجد إنّه ليس قاض يقضى بالحقّ، إلّا كان عن يمينه ملك، وعن يساره ملك يسدّدانه ويوفّقانه للحق ما دام مع الحق. فإذا ترك الحقّ عرجا وتركاه. حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: كان «6» القضاة فى بنى إسرائيل إذا كان لا تأخذه «7» فى الله لومة لائم، لم يسلّط على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 جسده البلى، ولا دابّة تأكل ثيابه قد يبست عليه لا تبلى، وكان عابد منهم على ذلك، وكانوا فى ذلك الزمان يجعل بعضهم على بعض فى البيوت، وبعضهم فى الصناديق، فأتاه أخ له فقال: ادعوا به أصلّى عليه، فأتى به فإذا بدابّة قد خرقت «1» الكفن حتى خرجت من أذنه، فأحزنه ذلك، فلما نام لقيه «2» روح صاحبه فقال: يا أخى، رأيت حزنك على الدابّة «3» التى خرجت من أذنى، ولم يكن بحمد الله لشىء نكرهه، جلس إلىّ رجلان: أحدهما لى فيه هوى، والآخر لا هوى لى فيه، فكان إصغائى إلى ذى الهوى ولم يكن إصغائى إلى الآخر، وعلى ذلك بنعمة الله لقد حملتهما على مجلود الحقّ فى القضاء. قال عبد الرحمن: وكان أوّل قاض استقضى بمصر فى الإسلام كما ذكر سعيد ابن عفير، قيس بن أبى العاص السهمىّ، فمات، فكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص أن يستقضى كعب بن يسار بن ضنّة العبسى. قال ابن أبى مريم وهو ابن بنت خالد بن سنان العبسى الذي تزعم عبس فيه أنه تنبّى «4» فى الفترة بين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبين عيسى بن مريم «5» صلوات الله عليهما ولخالد بن سنان حديث فيه طول. فأبى كعب أن يقبل القضاء، وقال: قضيت فى الجاهليّة ولا أعود إليه فى الإسلام «6» . حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن لهيعة، قال: كان قيس بن أبى العاص بمصر، ولّاه عمرو بن العاص القضاء. وقد قيل إن أوّل من استقضى بمصر كعب بن ضنّة بكتاب عمر، ولم يقبل، والله أعلم. حدثنا المقرئ عبد الله بن يزيد، حدثنا حيوة بن شريح، أخبرنا الضحّاك ابن شرحبيل الغافقى، أن عمّار بن سعد التجيبى أخبرهم أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص: أن يجعل كعب بن ضنّة على القضاء، فأرسل إليه عمرو فأقرأه كتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 أمير المؤمنين، فقال كعب: والله لا ينجيه الله من أمر الجاهلّية وما كان فيها من الهلكة ثم يعود فيها أبدا إذ أنجاه الله منها، فأبى أن يقبل القضاة، فتركه عمرو. قال ابن عفير: وكان حكما فى الجاهليّة. وخطّة كعب بن ضنّة بمصر بسوق بربر فى الدار التى تعرف بدار النخلة. فلما امتنع كعب أن يقبل القضاء، ولّى عمرو بن العاص عثمان بن قيس بن أبى العاص القضاء «1» . قال وقد كان عمر بن الخطّاب قد كتب إلى عمرو بن العاص أن يفرض له فى الشّرف. حدثنا شعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد الملك بن مسلمة، قالوا: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: كتب عمر ابن الخطاب إلى عمرو بن العاص، أن افرض لكلّ من قبلك ممن بايع تحت الشجرة فى مائتين من العطاء وابلغ ذلك لنفسك بإمارتك، وافرض لخارجة بن حذافة فى الشّرف لشجاعته، وافرض لعثمان بن قيس بن أبى العاص فى الشرف لضيافته. قال ودعا عمرو خالد بن ثابت الفهمى ليجعله على المكس فاستعفاه منه فكان شرحبيل بن حسنة على المكس، وكان مسلمة بن مخلّد على الطواحين. قال عبد الرحمن: طواحين البلقس. حدثنا ابن عفير، حدثنا ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، أن عمرا دعا خالد بن ثابت الفهمى جدّ ابن رفاعة ليجعله على المكس، فاستعفاه منه، فقال له عمرو: ما «2» تكره منه؟ قال: إنّ كعبا قال: لا تقرب المكس، فإن صاحبه فى النار. حدثنا علىّ بن معبد، حدثنا عبيد الله بن عمرو الجزرىّ، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الرحمن التجيبى، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «لا يدخل صاحب مكس الجنّة» «3» قال عبد الرحمن بن عبد الله: ليس هو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 عبد الرحمن التجيبى، إنما «1» هو عبد الرحمن بن شماسة المهرىّ، ولكن هكذا حدثناه علىّ بن معبد. حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن مخيّس بن ظبيان، عن رجل من جذام، عن مالك بن عتاهية، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: إذا لقيتم عشّارا فاقتلوه. حدثنا ابن عفير، حدثنا ابن لهيعة، قال: كان شرحبيل بن حسنة على المكس، وكان مسلمة بن مخلّد على الطواحين. قال: ثم ولى سليم بن عتر التجيبى القضاء فى أيام معاوية بن أبى سفيان، وقد أدرك عمر بن الخطاب وحضر خطبته بالجابية، وجعل إليه القصص والقضاء جميعا «2» . حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حيوة بن شريح، حدثنا الحجّاج بن شدّاد الصنعانى، أن أبا صالح سعيد بن عبد الرحمن الغفارى، أخبره أن سليم بن عتر التجيبى كان يقصّ على الناس وهو قائم، فقال له صلة بن الحارث الغفارى وهو من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: والله ما تركنا عهد نبيّنا ولا قطعنا أرحامنا حتى قمت أنت وأصحابك بين أظهرنا «3» . قال وكان سليم بن عتر، كما حدثنا سعيد بن عفير أحد العبّاد المجتهدين وكان يقوم فى ليله «4» فيبتدىء القرآن حتى يختمه، ثم يأتى أهله فيقضى منهم حاجته، ثم يقوم فيغتسل، ثم يقرأ فيختم القرآن، ثم يأتى أهله فيقضى منهم حاجته، ربّما فعل ذلك فى الليلة مرّات، فلما مات قالت امرأته: رحمك الله، فو الله «5» لقد كنت ترضى ربّك وتسرّ أهلك. حدثنا ابن أبى مريم ومحمد بن عبد السلام، عن ضمام بن إسماعيل، عن سليم ابن عتر، قال: خرجت من الإسكندرية- أحسبه قال حين قدمت من البحر- فدخلت فى غار فتعبّدت فيه سبعا، ولولا أنى خشيت أن أضعف لأتممتها عشرا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 أخبرنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علىّ بن رباح قال، قال لى سليم بن عتر: إذا لقيت أبا هريرة فأقرئه منّى السلام، وأخبره أنى قد دعوت له ولأمّه، فلقيته فأخبرته «1» ، فقال: وأنا قد دعوت له ولأمّه. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا موسى بن علىّ، عن أبيه، قال: خرجنا حجاجا من مصر، فقال لى سليم بن عتر: اقرأ على أبى هريرة السلام، وأخبره أنى قد استغفرت له ولأمّه «2» الغداة، قال: فلقيته فقلت ذلك له، فقال أبو هريرة: وأنا قد استغفرت له ولأهله الغداة، ثم قال أبو هريرة: كيف تركت أمّ خنّور؟ قال: فذكرت له من خصبها ورفاغتها «3» ، فقال: أما إنّها أوّل الأرضين خرابا، ثم على أثرها إرمينية، فقلت: أسمعت ذلك من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: أو من كعب الكتابين. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا بكر بن مضر، عن عبيد الله بن زحر، عن الهيثم بن خالد، عن ابن عمّه سليم بن عتر، قال: لقينا كريب بن أبرهة راكبا ووراءه غلام له يمشى، فقلنا: يا أبا رشدين، ألا حملت الغلام! قال: وكيف أحمل علجا مثل هذا، أو كما قال. قال: أفلا اتّخذت وصيفا صغيرا تحمله وراءك؟ قال: ما فعلت، قال: أفلا أمرت الغلام يتقدّم أمامك حتى تلحقه! قال: ما فعلت. قال فإنى سمعت أبا الدرداء يقول: ما يزال العبد يزداد من الله تبعّدا «4» كلمّا مشى خلفه. قال: ثم ولى مسلمة بن مخلّد البلد، وجمعت له مصر والمغرب، وهو أوّل وال جمع له ذلك، فولّى السائب بن هشام بن عمرو أحد بنى مالك بن حسل شرطه «5» . وفى هشام بن عمرو يقول حسّان بن ثابت: هل توفينّ بنو أميّة ذمّة ... حقّا كما أوفى جوار هشام من معشر لا يغدرون بجارهم ... لحارث بن حبيّب بن سخام وإذا بنو حسل أجاروا ذمّة ... أوفوا وأدّوا جارهم بسلام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 قال: وكان هشام بن عمرو أحد النفر الذين قاموا فى نقض الصحيفة التى كانت قريش كتبت. قال: وقد كان عمرو بن العاص ولّى السائب بن هشام بعد خارجة بن حذافة، وكان أيضا على شرطه «1» عبد الله بن سعد بن أبى سرح. وكان اسم أبى سرح كما حدثنا محمد بن إدريس الرازىّ عويفا. ثم عزل مسلمة بن مخلّد السائب، وولّى عابس بن سعيد المرادى الشرط، ثم جمع له القضاء مع الشرط «2» . وهو صاحب كوم عابس الذي بفسطاط مصر، وفيه يقول الشاعر: أحنّ إلى الاسكندريّة إنّ لى ... بها إخوة فى الدّين أهل تنافس أبو الحارث الماضى وأشهب منهم ... إماما هدى فى سنّة ومقايس وقد أحدثت للرّوم فيها كنيسة ... لطاغية للعين حقّ الجواسس فيا ليتها قد صيّرت بمشورة ... خوى صفصفا كالقاع من كوم عابس يريد بأبى الحارث: الليث بن سعد، وأشهب: أشهب بن عبد العزيز القيسىّ من أصحاب مالك بن أنس. فلم يزل عابس بن سعيد على القضاء حتى دخل مروان بن الحكم مصر، وكان مدخله كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد فى سنة خمس وستّين. فقال: أين قاضيكم؟ فدعى له عابس بن سعيد، وكان أمّيا لا يكتب، فقال له مروان بن الحكم: أجمعت «3» كتاب الله؟ قال: لا قال: فأحكمت الفرائض؟ قال: لا. قال فبم تقضى؟ قال: أقضى بما علمت، وأسأل عمّا جهلت، فقال: أنت القاضى «4» . قال وكان سبب عزل مسلمة بن مخلّد السائب بن هشام وتوليته عابس بن سعيد، أن معاوية بن أبى سفيان كتب إلى مسلمة بن مخلّد، ومسلمة يومئذ والى البلد، يأمره بالبيعة ليزيد، فأتى مسلمة الكتاب وهو بالإسكندريّة، فكتب إلى السائب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 ابن هشام وهو على شرطه يومئذ بذلك، فبايع الناس إلّا عبد الله بن عمرو ابن العاص، فأعاد عليه مسلمة الكتاب فلم يفعل «1» ، فقال مسلمة: من لعبد الله ابن عمرو؟ فقال عابس بن سعيد: أنا، فقدم الفسطاط، فبعث إلى عبد الله بن عمرو فلم يأته، فدعا بالنار والحطب ليحرق عليه قصره، فأتى، فبايع، ولم يزل عابس على القضاء والشرط إلى أن توفّى فى أيّام «2» عبد العزيز بن مروان سنة ثمان وستّين. ويقال إنما كتب مسلمة بن مخلّد إلى السائب بن هشام فى أخذ بيعة عبد الله ابن عمرو ليزيد بعد موت معاوية بن أبى سفيان. قال ابن بكير: فأخبرنى عبد الله ابن لهيعة، عن أبى قبيل، قال: لمّا توفّى معاوية واستخلف يزيد، كره عبد الله بن عمرو أن يبايع ليزيد ومسلمة بالإسكندرية، فبعث إليه مسلمة كريب بن أبرهة وعابس بن سعيد، فدخلا عليه ومعهما سليم بن عتر، وهو يومئذ قاض وقاص، فوعظوا عبد الله بن عمرو فى بيعة يزيد، فقال عبد الله: والله لأنا أعلم «3» بأمر يزيد «4» منكم، وإنّى لأوّل الناس أخبر به معاوية أنه يستخلف «5» ، ولكن أردت أن يلى هو بيعتى، وقال لكريب: أتدرى ما مثلك؟ إنما مثلك مثل قصر عظيم فى صحراء غشيه ناس قد أصابهم الحرّ، فدخلوا يستظلّون فيه، فإذا هو ملآن من مجالس الناس، وإنّ صوتك فى العرب كريب بن أبرهة، وليس عندك شىء، وأمّا أنت يا عابس بن سعيد فبعت آخرتك بدنياك، وأمّا أنت يا سليم ابن عتر فكنت قاصا «6» ، فكان معك ملكان يعينانك ويذكّرانك، ثم صرت قاضيا فمعك شيطانان يزيغانك عن الحقّ ويفتنانك. ثم ولّى عبد العزيز بن مروان بشير بن النضر المزنى القضاء. حدثنى أخى محمد بن عبد الله، حدثنا وهب الله بن راشد، عن حيوة بن شريح، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 عن جعفر بن ربيعه، أن بشير بن النضر كان قاضيا قبل ابن حجيرة فى زمان عبد العزيز ابن مروان «1» . قال ثم ولى عبد الرحمن بن حجيرة الخولانى، وهو ابن حجيرة الأكبر، وقد لقى أبا هريرة، وأبا سعيد الخدرىّ، وروى عنه الناس، وجمع له القضاء والقصص وبيت المال. وروى عبد الرحمن بن أبى السمح، عن أبى الليث العلاء بن عاصم القاصّ، أن ابن حجيرة الأكبر كان مع عبد العزيز بن مروان على القضاء والقصص وبيت المال، فكان يأخذ رزقه فى القضاء مائتى دينار، وفى القصص «2» مائتى دينار، وفى بيت المال مائتى دينار، وعطاؤه مائتا دينار، وجائزته مائتا دينار، فكان يأخذ فى السنة ألف دينار، فلم يكن يحول عليه الحول وعنده ما تجب فيه الزكاة، فلم يزل على القضاء حتى مات فى سنة ثلاث وثمانين «3» . ويقال بل ولى سنة ثلاث وثمانين ومات فى سنة خمس وثمانين. وروى ابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، أن رجلا سأل ابن عبّاس عن مسألة فقال: تسألنى وفيكم ابن حجيرة. وروى الليث بن سعد، عن ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، أن سعيد بن المسيّب قال له: اقرأ على ابن حجيرة السلام، وأمره فلينه أهل بلده عن الربا؛ فإنه «4» ذكر لى أنه بها كثير، وقد سمعت عثمان بن عفّان رضى الله عنه على المنبر، يقول: كنت أشترى التمر من سوق بنى قينقاع، ثم أجلبه «5» إلى المدينة، ثم أفرغه لهم، وأخبرهم بما فيه من المكيلة، فيعطونى ما رضيت به من الربح ويأخذونه بخبرى ولا يكيلونه، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: يا عثمان إذا ابتعت فاكتل، وإذا بعت فكل. ثم ولى القضاء مالك بن شراحيل الخولانى فى سنة ثلاث وثمانين، وهو صاحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 مسجد مالك الذي بفسطاط مصر، وكان الحجّاج يرسل إليه فى كل سنة بحلّة وثلاثة آلاف درهم. فلم يزل على القضاء حتى مات «1» . فولى القضاء من بعده يونس بن عطّية الحضرمىّ، وجمع له الشرط والقضاء، فلم يزل قاضيا حتى مات سنة ستّ وثمانين «2» . قال: وزعم بعض مشايخ أهل البلد أن أوسا ابن أخى يونس بن عطيّة، ولى القضاء بعد عمّه يونس بن عطية «3» . ثم ولى عبد الرحمن بن معاوية بن حديج الكندى، وجمع له القضاء والشرط، فلم يزل على ذلك حتى توفّى عبد العزيز بن مروان «4» . قال: وكان الطاعون قد وقع بالفسطاط كما حدثنا سعيد بن عيسى بن تليد وغيره، يذكر بعضهم ما لا يذكر صاحبه، فخرج عبد العزيز بن مروان من الفسطاط، فنزل بحلوان داخلا فى الصحراء فى موضع منها يقال له أبو قرقور، وهو رأس العين التى احتفرها عبد العزيز بن مروان وساقها إلى نخله التى غرسها بحلوان فكان ابن حديج يرسل إلى عبد العزيز فى كلّ يوم بخبر ما يحدث فى البلد من موت وغيره. فأرسل إليه ذات يوم رسولا فأتاه، فقال له عبد العزيز: ما اسمك؟ فقال: أبو طالب. فثقل ذلك على عبد العزيز وغاظه فقال له عبد العزيز: أسألك عن اسمك، فتقول أبو طالب! ما اسمك: فقال: مدرك، فتفاءل عبد العزيز بذلك ومرض فى مخرجه ذلك ومات هنالك فحمل فى البحر يراد به الفسطاط فاشتدّت عليهم الريح، فلم يبلغ به الفسطاط حتى تغيّر، فأنزل فى بعض خصوص ساحل مريس، فغسل فيه وأخرجت من هنالك جنازته، وخرج معه بالمجامر فيها العود لما كان من تغير «5» ريحه وأوصى عبد العزيز أن يمرّ بجنازته إذا مات على منزل جناب وكان له صديقا، وكان. جناب قد توفى قبل عبد العزيز، فمّر بجنازة عبد العزيز على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 بابه، وقد خرج عيال جناب فلبسوا السواد ووقفن على الباب صائحات، ثم اتّبعنه إلى المقبرة. وجناب صاحب قصرى «1» جناب اللذان «2» . بفسطاطا مصر ينسب أحدهما اليوم إلى ابن يريم. وكان نصيب الشاعر قدم على عبد العزيز بن مروان فى مرضه، فاستأذن عليه، فقيل له هو مغمور، فقال: استأذنوا لى فإن أذن فذلك، وكان لنصيب من عبد العزيز ناحية، فأذن له، فلما رأى شدّة مرضه أنشأ يقول: ونزور سيّدنا وسيّد غيرنا ... ليت التّشكّي كان بالعوّاد لو كان تقبل فدية لفديته ... بالمصطفى من طارفى وتلادى «3» فلما سمع صوته فتح عينيه وأمر له بألف دينار، واستبشر بذلك آل عبد العزيز وفرحوا به. ثم مات، وكانت وفاته كما حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث بن سعد، ليلة الاثنين لاثنتى عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ستّ وثمانين. وفى ذلك يقول الفرزدق: يا أيّها المتمنّى أن يكون فتى ... مثل ابن ليلى فقد خلّى لك السّبلا اذكر ثلاث خصال قد عرفن له ... هل سبّ من أحد أو سبّ أو بخلا لو يضرب الناس أقصاهم وأوّلهم ... فى شقّة الأرض حتّى يحرثوا الإبلا يبغون أفضل أهل الأرض لم يجدوا ... مثل الذي غيّبوا فى لحده رجلا فلما توفّى عبد العزيز بن مروان، أمر عبد الملك بن مروان على أهل مصر عمر بن مروان، فأقام شهرا إلّا ليلة «4» ثم صرف، وولى عبد الله بن عبد الملك. وهو صاحب مسجد عبد الله الذي بفسطاط مصر، وإليه ينسب، ولمّا قدم عبد الرحمن بن عبد الله العمرىّ مصر قاضيا وهّمه بعض أهل البلد أنّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 المسجد لعبد الله بن عمر بن الخطّاب، فعمّره وأحسن عمارته، وهو مسجد عبد الله ابن عبد الملك، لا شكّ فيه. فأراد عبد الله بن عبد الملك عزل ابن حديج، فاستحيا من عزله عن غير شىء، ولم يجد عليه مقالا ولا متعلّقا، فولّاه مرابطة الإسكندرية، وولّى عمران ابن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة القضاء والشرط، فلم يزل على ذلك إلى سنة تسع وثمانين. فغضب عليه عبد الله بن عبد الملك فى شىء لم يسمّ لى، فحبسه فى بيت، وأمر أن يقطع له ثوب من قراطيس، ويكتب فيه «1» عيوبه ومعائبه، ثم يلبسه ويوقف للناس حتى يرجع من مخرجه «2» . وولّى عبد الأعلى بن خالد بن ثابت الفهمى مكانه. وخرج عبد الله بن عبد الملك إلى وسيم، وكانت لرجل من القبط، فسأل عبد الله أن يأتيه إلى منزله ويجعل له مائة ألف دينار؛ فخرج إليه عبد الله بن عبد الملك. قال ابن عفير: إنما كان مخرج عبد الله إلى أبى النمرس مع رجل من الكتّاب يقال له ابن حنظلة، وكانت داره الدار التى يسكنها اليوم أبو صالح الحرّانى. فأتى عبد الله العزل وولاية قرّة بن شريك العبسى وهو هنالك. قال ابن عفير: فلما بلغه ذلك قام ليلبس سراويله فلبسه «3» منكوسا. قال وقدم قرّة ابن شريك على ثلاثة من البريد، فدخل المسجد فركع فى المحراب، ثم تربعّ فجلس، وقعد أحد الرجلين إلى جنبه، وقام الآخر على رأسه، فأتى إلى عبد الأعلى بن خالد رجل من شرطة المسجد فقال له: قدم رجل على ثلاثة من البريد حتى نزل بباب المسجد ثم دخل المحراب فركع، ثم تربّع فجلس، فأتاه ابن رفاعة فسلّم عليه بغير الأمرة، فقال له قرّة: على «4» شىء من العمل أنت؟ قال: نعم، على الشرط، قال: اذهب فاختم على الديوان، قال: إن كنت على الخراج فإنّ هذا ليس إليك، قال: اذهب كما تؤمر، فقال بن رفاعة: السلام عليك أيّها الأمير ورحمة الله، فقال له قرّة: ممّن أنت؟ قال: من فهم. فقال قرة: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 لن تجد الفهمىّ إلّا محافظا ... على الخلق «1» الأعلى وبالحقّ «2» عالما سأثنى على فهم ثناء يسرّها ... يوافى به أهل القرى والمواسما «3» هكذا قال ابن عفير. ويقال بل جاء رجل من الشرط حين قدم قرّة إلى ابن رفاعة، فقال له: قد دخل «4» رجل على ثلاثة من البريد ثم دخل المحراب فركع، وبعث رجلا يختم الديوان، وآخر يختم بيت المال، فأتاه ابن رفاعة فسلّم عليه بغير الأمرة فقال له قرّة: على شىء من العمل أنت؟ قال: نعم، على الشرط، قال: فالزم ما كنت عليه، فأعاد ابن رفاعة السلام عليه بالإمرة، وأقرّه على ما كان عليه. قال ابن بكير: وقد كان قرّة أمر أن لا يعرض لعبد الله بن عبد الملك فى شىء خرج به معه، وأن يمنع «5» من شىء إن كان تركه، فحمل عبد الله بن عبد الملك كلّ ما كان له وبرز إلى دار الخيل، ولم يعرض له قرّة بن شريك، وكان عبد الله قد استعمل قبّة تركيّة فى الجزيرة فنسيها، فوجّه فى أخذها فمنعه قرّة من ذلك، ثم سار عبد الله ابن عبد الملك بكلّ ما كان معه، فلما كان بالأردنّ بعث الوليد فحاز ذلك كلّه. ثم ولى عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة الخولانى وهو ابن حجيرة الأصغر. ثم عزل فى سنة ثلاث وتسعين «6» . وزعم بعض مشايخ أهل البلد أن ابن حجيرة لمّا ولى القصص بلغ ذلك أباه وهو ببيت المقدس، فقال: الحمد لله ذكر ابنى وذكّر، ولما بلغه أنه ولى القضاء قال: إنّا لله، أحسبه قال: هلك ابنى وأهلك. قال عبد الرحمن: لست أدرى أىّ ابن حجيرة أراد، الأكبر أم الأصغر. ثم ولى عياض بن عبيد الله الأزدى ثم السّلامى، أتته ولاية القضاء وهو عامل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 لأسامة بن زيد التنوخى على الهرى. فلم يزل على القضاء حتى صرف عنه فى سنة ثمان وتسعين، وردّ ابن حجيرة على القضاء. ثم صرف عنه، وردّ عياض بن عبيد الله، فلم يزل قاضيا حتى صرف سنة مائة «1» . وولى عبد الله بن خذامر، ثم صرف عن القضاء سنة ثنتين ومائة «2» . ثم ولى يحيى بن ميمون الحضرمى «3» ، وقد روى عنه عمرو بن الحارث وابن لهيعة، فلم يزل قاضيا حتى صرف سنة أربع عشرة ومائة. ولم يكن بالمحمود فى ولايته. حدثنا يحيى بن بكير، قال: سمعت المفضّل بن فضالة، يقول: كان بئس القاضى. ثم ولى يزيد بن عبد الله بن خذامر ثم صرف. ثم ولى الخيار بن خالد المدلجى، فأقام قاضيا شبيها بسنة، ثم مات، وكانت وفاته فى سنة خمس عشرة ومائة، وكان محمودا جميل المذهب. ثم ولى توبة بن نمر الحضرمى. حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا المفضّل بن فضالة، قال: لمّا ولى توبة بن نمر القضاء دعا امرأته، فقال لها: كيف علمت صحبتى لك؟ قالت: جزاك الله من عشير خيرا، قال: قد علمت ما بلينا به من أمر الناس فأنت الطّلاق؛ فصاحت! فقال لها: إن كلّمتنى فى خصم أو ذكرتنى به. قال: فإن كانت لّترى دواته قد احتاجت «4» إلى الماء فلا تأمر بها أن تمدّ؛ خوفا من أن يدخل عليه فى يمينه شىء «5» . فولى توبة بن نمر ما شاء الله ثم استعفى، فقيل له فأشر علينا برجل نولّيه، فقال: كاتبى خير بن نعيم. فولى خير بن نعيم الحضرمى، فلم يزل قاضيا حتى صرف فى سنة ثمان وعشرين ومائة «6» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وولى عبد الرحمن بن سلام بن أبى سالم الجيشانى «1» ، فلم يزل على القضاء إلى دخول المسوّدة، فصرف عن القضاء واستعمل على الخراج. وردّ خير بن نعيم فلم يزل قاضيا حتى صرف فى سنة خمس وثلاثين ومائة. وكان سبب صرفه كما حدثنا يحيى بن بكير، أن رجلا من الجند قذف رجلا فخاصمه إليه وثبّت عليه شاهدا واحدا، فأمر بحبس الجندى إلى أن يثبّت الرجل شاهدا آخر، فأرسل أبو عون عبد الملك بن يزيد فأخرج الجندىّ من الحبس، فاعتزل خير وجلس فى بيته وترك الحكم، فأرسل اليه أبو عون فقال: لا، حتى يردّ الجندىّ إلى مكانه، فلم يردّ وتمّ على عزمه، فقالوا له: فأشر علينا برجل نولّيه، فقال: كاتبى غوث بن سليمان. فولى غوث بن سليمان الحضرمى «2» ، فلم يزل قاضيا حتى خرج مع صالح ابن على إلى الصائفة سنة أربع وأربعين ومائة. ثم ولى أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الثاتىّ- بطن من حمير- «3» وكان سبب ولايته أن أبا عون شاور فى رجل يوليه القضاء. ويقال بل هو صالح بن على. فأشير عليه بثلاثة نفر: حيوة بن شريح، وأبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الحميرى، وعبد الله بن عيّاش القتبانى. وكان أبو خزيمة يومئذ بالإسكندرية فأشخص. ثم أتى بهم إليه فكان أوّل من نوظر حيوة بن شريح، فامتنع، فدعى له بالسيف والنطع «4» ، فلما رأى ذلك حيوة أخرج مفتاحا «5» كان معه فقال: هذا مفتاح بيتى، ولقد اشتقت إلى لقاء ربّى «6» ، فلمّا رأوا عزمه تركوه؛ فقال لهم حيوة: لا تظهروا ما كان من إبائى لأصحابى؛ فيفعلوا مثل ما فعلت فنجا حيوة. قال وسمعت أبى عبد الله بن عبد الحكم، يقول قال عبد الله بن المبارك: ما ذكر لى أحد بفضل فرأيته «7» إلّا رأيته دون ما ذكر لى عنه، إلّا حيوة بن شريح، وابن عون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 قال ثم دعى بأبى خزيمة فعرض عليه القضاء فامتنع؛ فدعى له بالسيف والنطع، فضعف قلب الشيخ ولم يحتمل ذلك، فأجاب إلى القبول فاستقضى. وأجرى عليه فى كلّ شهر عشرة دنانير، وكان لا يأخذ ليوم الجمعة رزقا، ويقول: إنما أنا أجير المسلمين «1» ؛ فإذا لم أعمل لهم لم آخذ متاعهم. فكان يقال لحيوة بن شريح: ولى أبو خزيمة القضاء، فيقول حيوة: أبو خزيمة خير منى، اختبر «2» فصحّ. قال: وكان أبو خزيمة يعمل الأرسان ويبيعها قبل أن يلى القضاء، فمرّ به رجل من أهل الإسكندريّة وهو فى مجلس الحكم، فقال: لأختبرنّ أبا خزيمة، فوقف عليه، فقال له: يا أبا خزيمة، احتجت إلى رسن لفرسى، فقام أبو خزيمة إلى منزله فأخرج رسنا فباعه منه ثم جلس. قال وسمعت أبى عبد الله بن عبد الحكم، يقول: كان أبو خرشة المرادى صديقا لأبى خزيمة، فمرّ به ذات يوم فسلّم عليه فلم ير منه ما كان يعرف، وكان أبو خرشة قد خوصم إليه فى جدار؛ فاشتدّ ذلك على أبى خرشة؛ فشكا ذلك إلى بعض قرابته، فقال له: إنّ اليوم يوم الخميس- أو قال يوم الاثنين- وهو صائم، فإذا صلّى المغرب ودخل «3» فاستأذن عليه، ففعل أبو خرشة، قال: فدخلت عليه وبين يديه ثريد عدس فسلّم عليه فردّ عليه كما «4» كان يعرف، وقال له: ما جاء بك؟ فأخبره أبو خرشة، فقال: ما كان ذلك إلّا أنّ خصمك خفت «5» أن يرى سلامى عليك فيكسره ذلك عن بعض حجّته، فقال أبو خرشة: فإنى أشهدك أن الجدار له. قال: وحدثنى بعض مشايخ البلد، أن يزيد بن حاتم وهو يومئذ والى البلد، جاء إلى أبى خزيمة فى منزله، فخرج اليه أبو خزيمة إلى باب داره، وألقيت ليزيد بن حاتم صفّة سرجه فجلس عليها حتى قضى حاجته ثم انصرف؛ فكلّم أبو خزيمة فى ذلك فقال: لم يكن فى منزلى شىء يجلس عليه فخرجت إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 حدثنا أحمد بن عمرو بن سرح أبو الطاهر، قال: رفع بعض بنى مسكين إلى أبى خزيمة فى شىء من أمر حبسهم، وقد كان بعض القضاة نظر فيه فكأنّ أبا خزيمة لم ير إنفاذ ذلك، فكتب إليه: إذا نحن لم ننتفع بقول القضاة قبلك عندك كذلك لا ننتفع «1» بقولك عند القضاة بعدك، فأنفذ ذلك. قال: وخرج يوما من المجلس فلم يواف دابّته، فعرض عليه رجل من أهل البلد- أحسبه ابن أبى الجويرية- أن يركب دابّته فأبى، وعرض عليه رجل آخر دابّته فركبها، فكلّمه الرجل فى ذلك؛ فقال: ما منعنى من ركوبها إلا أنى رأيت فى اللجام صدغين من فضّة. قال: وولى عبد الله بن عيّاش القصص. وقد كان «2» عقبة بن مسلم على القصص فنحّى عنه؛ فقال عقبة بن مسلم، كما حدثنا يحيى بن بكير: ما لى أعزل؟ والله ما أنا بصاحب خراج ولا حرب؛ إنما أنا قاص «3» أصلّى بالناس، فإن كنت أطوّل فأحبّوا أن أقصّر قصّرت، وإن كنت أقصرّ فأحبّوا أن أطوّل طوّلت. قال: ثم استعفى أبو خزيمة فأعفى، وجعل مكانه عبد الله بن بلال الحضرمى. ويقال: إنما هو غوث الذي كان استخلفه حين شخص غوث إلى أمير المؤمنين أبى جعفر، وذلك فى سنة أربع وأربعين ومائة، وكان يجلس للناس فى المسجد الأبيض، ثم قدم غوث فأقّره خليفة له يحكم بين الناس حتى مات عبد الله بن بلال، فلما مات ركب غوث إلى منزله؛ فضمّ الديوان والودائع التى كانت قبله وغير ذلك، فزعموا أن ابنة عبد الله بن بلال صاحت يومئذ: وا ذلّاه. حدثنا يحيى بن بكير، قال: لم يزل أبو خزيمة على القضاء حتى قدم غوث من الصائفة؛ فعزل أبو خزيمة وردّ غوث على القضاء. ويقال: إن غوث بن سليمان حين شخص إلى العراق جعل على القضاء أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد، فلم يزل على القضاء حتى توفّى سنة أربع وخمسين ومائة. وكان ابن حديج يومئذ بالعراق قال: فدخلت على أمير المؤمنين أبى جعفر، فقال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 لى: يا ابن حديج، لقد توفّى ببلدك رجل أصيبت «1» به العامّة، قال قلت: يا أمير المؤمنين ذاك إذا أبو خزيمة، فقال: نعم، فمن ترى أن نولّى القضاء بعده؟ قلت: أبو معدان اليحصبى يا أمير المؤمنين، قال: ذاك رجل أصمّ ولا يصلح للقاضى أن يكون أصمّ، قال قلت: فابن لهيعة يا أمير المؤمنين. قال: ابن لهيعة على ضعف فيه. فأمر بتوليته «2» وأجرى عليه فى كل شهر ثلاثين دينارا، وهو أول قضاة مصر أجرى عليه ذلك، وأول «3» قاض بها استقضاه خليفة، وإنما كان ولاة البلد هم الذين يولّون القضاة، فلم يزل قاضيا حتى صرف فى سنة أربع وستّين ومائة «4» . وولى إسماعيل بن اليسع الكوفىّ وعزل فى سنة سبع وستّين ومائة. وكان محمودا عند أهل البلد، إلّا أنه كان يذهب إلى قول أبى حنيفة، ولم يكن أهل البلد يومئذ يعرفونه «5» . حدثنا أبى عبد الله، قال: كتب فيه الليث بن سعد إلى أمير المؤمنين، يا أمير المؤمنين، إنك ولّيتنا رجلا يكيد سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين أظهرنا، مع أنّا ما علمنا [عليه] «6» فى الدينار والدرهم إلّا خيرا.، فكتب بعزله. وردّ غوث بن سليمان على القضاء، فلم يزل حتى توفّى فى جمادى الآخرة سنة ثمان وستّين ومائة. حدثنا حمّاد بن مسور أبو رجاء، قال: قدمت امرأة من الريف وغوث قاض فى محفّة، فوافت غوث بن سليمان عند السرّاجين رائحا إلى المسجد، فشكت إليه أمرها وأخبرته بحاجتها؛ فنزل عن دابّته فى حوانيت السرّاجين ولم يبلغ المسجد، وكتب لها بحاجتها وركب إلى المسجد، فانصرفت المرأة وهى تقول: أصابت والله أمّك حين سمّتك غوثا، أنت غوث عند اسمك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 قال: فلما مات غوث ولى على القضاء المفضّل بن فضالة بن عبيد القتبانى «1» ، ثم عزل فى سنة تسع وستّين ومائة، وهو أوّل القضاة بمصر طوّل الكتب، وكان أحد فضلاء الناس وخيارهم. قال: أخبرنى بعض مشايخ البلد أن رجلا لقيه بعد أن عزل فقال: حسيبك الله، قضيت «2» علىّ بالباطل وفعلت وفعلت؛ فقال له المفضّل: لكن الذي قضينا له يطيّب الثناء. قال: ثم ولى أبو الطاهر الأعرج عبد الملك بن محمد بن أبى بكر بن حزم الأنصارىّ، وكان محمودا فى ولايته. وأخبرنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، قال: كتب إليه صاحب البربد يومئذ: إنك تبطّئ بالجلوس للناس «3» ؛ فكتب إليه أبو الطاهر: إن كان أمير المؤمنين أمرك بشىء وإلّا فإنّ فى أكفك وبراذعك ودبر دوابّك ما يشغلك عن أمر العامّة «4» . ثم استعفى فأعفى فى سنة أربع وسبعين ومائة. قالوا: فأشر علينا برجل، فأشار عليهم بالمفضّل بن فضالة، فولى المفضّل بن فضالة، ثم شخص أبو الطاهر إلى العراق فقال: أنا ظننت أنى أعفى عن العمل، ولولا ذلك ما استعفيت عن مصر كانت زاوية صالحة. فلم يزل المفضّل على القضاء إلى صفر سنة سبع وسبعين ومائة. وولى محمد بن مسروق الكندىّ من أهل الكوفة «5» . ولم يكن بالمحمود فى ولايته، وكان فيه عتوّ وتجبّر. فلم يزل على القضاء إلى سنة أربع وثمانين ومائة، فخرج إلى العراق. واستخلف إسحاق بن الفرات «6» التجيبى فحميرى، فلم يزل على القضاء إلى صفر سنة خمس وثمانين ومائة فعزل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 وولى عبد الرحمن «1» بن عبد الله بن المجبّر بن عبد الرحمن بن عمر بن الخطّاب على القضاء، حتى عزل فى جمادى الأولى سنة أربع وتسعين ومائة. وقد كان قوم تظلّموا منه ورفعوا فيه إلى أمير المؤمنين هارون فقال: انظروا فى الديوان، كم لى من وال من آل عمر بن الخطاب، فنظروا فلم يجدوا غيره، فقال: والله لا أعز له ابدا. ثم ولى بعده هاشم بن أبى بكر البكرى «2» من ولد أبى بكر الصدّيق، فآذى أصحاب العمرى وبلغ مكروههم، وكان يذهب مذهب أصحاب أبى حنيفة، فلم يزل على القضاء حتى توفى فى المحرّم فى أوّل يوم منه سنة ستّ وتسعين ومائة. ثم ولى إبراهيم بن البكّاء «3» ولّاه جابر بن الأشعث، وجابر يومئذ والى البلد، فلم يزل على ذلك حتى وثب بجابر بن الأشعث فنحّى، وولى مكانه عبّاد بن محمد فعزل ابن البكّاء. وولّى لهيعة بن عيسى الحضرمى «4» . فلم يزل قاضيا حتى قدم المطّلب بن عبد الله ابن مالك فى أوّل سنة ثمان وتسعين فعزل لهيعة. وولى الفضل بن غانم «5» ، وكان المطّلب قدم به معه من العراق فأقام سنة أو نحوها، ثم غضب عليه المطّلب فعزله. وولّى لهيعة بن عيسى «6» ، فلم يزل قاضيا حتى توفّى فى ذى القعدة أوّل يوم منه سنة أربع ومائتين. فولّى السّرىّ بن الحكم بعد مشاورة أهل البلد إبراهيم بن إسحاق «7» القارىّ حليف بنى زهرة، وجمع له القضاء والقصص. وكان رجل صدق. ثم استعفى لشىء أنكره فأعفى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 وولى مكانه إبراهيم بن الجرّاح «1» ، وكان يذهب إلى قول أصحاب أبى حنيفة ولم يكن بالمذموم أوّل ولايته حتى قدم عليه ابنه من العراق؛ فتغيّرت حاله وفسدت أحكامه. فلم يزل قاضيا إلى سنة إحدى عشرة ومائتين، فدخل عبد الله بن طاهر البلد فعزله. وولّى عيسى بن المنكدر بن محمد بن المنكدر «2» ، وخرج إبراهيم بن الجرّاح إلى العراق ومات هنالك. وأجرى عبد الله بن طاهر على عيسى بن المنكدر أربعة آلاف درهم فى الشهر، وهو أول قاض أجرى عليه ذلك وأجازه بألف دينار. فلما قدم المعتصم مصر فى سنة أربع عشرة ومائتين كلّمه فيه ابن ابى دواد؛ فأمره فوقف عن الحكم، ثم أشخص بعد ذلك إلى العراق فمات هناك. وبقيت مصر بلا قاض حتى ولّى المأمون هارون بن عبد الله الزهرىّ القضاء «3» ؛ فقدم البلد لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة سبع عشرة ومائتين. وكان محمودا عفيفا محبّبا فى أهل البلد، فلم يزل قاضيا إلى شهر ربيع الأول من سنة ستّ وعشرين ومائتين فكتب إليه أن يمسك عن الحكم وقد كان «4» ثقل مكانه على ابن أبى دواد. وقدم أبو الوزير واليا على خراج مصر، وقدم معه بكتاب ولاية ابن أبى الليث على القضاء. فلم يزل قاضيا إلى يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان سنة خمس وثلاثين ومائتين فعزل وحبس. وبقيت مصر بلا قاض حتى ولى الحارث بن مسكين «5» فى جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين ومائتين، جاءته ولاية القضاء وهو بالإسكندرية. فلم يزل قاضيا حتى صرف يوم الجمعة لسبع ليال بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ومائتين. وولى دحيم بن اليتيم عبد الرحمن بن إبراهيم بن اليتيم الدمشقى، جاءته ولايته بالرملة فتوفّى قبل أن يصل إلى مصر «6» ، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وولى بعده بكّار بن قتيبة أبو بكرة الثقفى «1» ، من أهل البصرة، وهو من ولد أبى بكرة صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم.* ودخل البلد يوم الجمعة لثمان ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ستّ وأربعين ومائتين. قال أبو القاسم ابن قديد: وأقامت مصر بعد بكّار بلا قاض حتى ولّى خمارويه بنّ أحمد محمد بن عبدة القضاء سنة سبع وسبعين ومائتين، فلم يزل قاضيا إلى سنة ثلاث وثمانين ومائتين فى جمادى الآخرة. وبقيت مصر بلا قاض حتى ولى أبو زرعة محمد ابن عثمان الدمشقى «2» . ذكر الأحاديث قال: هذه تسمية من روى عنه أهل مصر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ممّن دخلها فعرف أهل مصر بالرواية عنهم. ومن شركهم فى الرواية عنهم من أهل البلدان، وما تفرّدوا به دون غيرهم. ومن عرف دخوله مصر منهم برواية غيرهم عنه. وتركت قوما يذكر بعض الناس أن لهم صحبة، وأنهم قد دخلوا مصر لم أر أحدا من أهل العلم من مشايخهم يثبت ذلك لهم. وتركت كثيرا من حديث بعض من ذكرت منهم كراهية للإكثار، واقتصرت على بعضه. عمرو بن العاص بن وائل السهمى ّ وهو أوّل أمير أمّر على أهل مصر فى الإسلام. ولهم عنه أكثر من عشرين حديثا، منها أن عمرو بن العاص، قال: أقرأنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى القرآن خمس عشرة سجدة، منها فى المفصّل ثلاث، وفى سورة الحجّ سجدتان، حدثناه سعيد بن أبى مريم، عن نافع ابن يزيد، عن الحارث بن سعيد العتقى، عن عبد الله بن منين- من بنى عبد كلال- عن عمرو بن العاص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 ومنها أن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «ما من قوم يظهر فيهم الربا إلّا أخذوا بالفناء، وما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب، «1» . حدثناه عبد الملك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان أن محمد بن راشد المرادى حدثه أن «2» عمرو بن العاص طلع يوما المنبر فلم يسلّم، فقال رجل إنّ أبا عبد الله لمغضب، فقال: أما والله إنّكم لتعلمون «3» أنى من أقلّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم رواية عنه، وأنه لم يمنعنى من «4» الحديث عنه إلّا أنى كنت رجلا غزّاء، وإنى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: ما من قوم يظهر فيهم.. ثم ذكر الحديث. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عمران بن أبى أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص، قال: بعثنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى سريّة وأمرنى عليها وفيهم «5» عمر بن الخطّاب، فأصابتنى جنابة فى ليلة باردة شديدة البرد؛ فتيمّمت وصلّيت بهم، فلما قدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم شكانى عمر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى كان من كلامه أن «6» قال: صلّى بنا «7» وهو جنب، فبعث إلىّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسألنى، فقلت: يا رسول الله، أجنبت فى ليلة باردة لم يمرّ علّى مثلها قطّ، فخيّرت «8» نفسى بين أن أغتسل فأموت، أو أصلّى بهم وأنا جنب، فتيممّت وصلّيت بهم؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لو كنت مكانك فعلت مثل الذي فعلت. هكذا حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن لهيعة. وحدثناه محمد بن عبد الجبّار المخزومىّ، حدثنا زيد بن الحباب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عمران بن أبى أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبى فراس يزيد بن رباح- مولى عمرو- عن عمرو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 ومنها حديث موسى بن علىّ، عن أبيه، عن أبى قيس- مولى عمرو- عن عمرو، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السّحر» «1» . حدثناه عبد الله بن صالح، حدثنا موسى بن علىّ، عن أبيه. وحدثناه أبى عبد الله ابن عبد الحكم قال: حدثنا الليث بن سعد عن موسى بن على. ومنها حديث موسى بن علىّ، عن أبيه، عن عمرو بن العاص، أنه قال: بعث إلىّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: خذ عليك ثيابك وسلاحك؛ فأخذت علىّ ثيابى وسلاحى، ثم أقبلت إلى رسول الله فوجدته يتوضّأ، فصوّب فىّ النظر «2» ثم طأطأه، ثم قال: «يا عمرو، إنى أريد أن أبعثك على جيش يغنمك الله ويسلّمك، وأرغب لك رغبة من المال صالحة، فقلت: والله يا رسول الله ما أسلمت للمال، ولكن أسلمت رغبة فى الإسلام وأن أكون معك، فقال: يا عمرو، نعم المال الصالح للرجل الصالح» «3» حدثناه عبد الله بن صالح. ومنها حديث موسى بن علىّ، عن أبيه، قال: سمعت عمرو بن العاص يقول: ما أبعد هديكم من هدى نبيّكم، أمّا هو فكان أزهد الناس فى الدنيا، وأنتم أرغب الناس فيها. حدثناه عبد الله بن صالح، عن موسى بن علىّ. حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن علىّ ابن رباح أخبره أنه سمع عمرو بن العاص على المنبر، يقول: والله ما رأى قوما أرغب فيما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يزهد فيه منكم، أصبحتم ترغبون فى الدنيا، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يزهد فيها، وما مرّ برسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاث من الدهر إلا والذي عليه أكثر من الذي له. فقال رجال من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قد رأينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتسلّف. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن علىّ بن رباح أنه سمع عمرو بن العاص. ومنها حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، أن مولى لعمرو بن العاص حدثه، أن عمرو بن العاص قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: لعمل شعيرة اليوم خير من مثقال قيراط بعد اليوم. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن ابن شماسة أخبره أن عمرا حين حضرته الوفاة دمعت عيناه، فقال له عبد الله: يا أبا عبد الله، أجزع من الموت يحملك على هذا؟ قال: لا. ولكن ما بعد الموت، فذكر له عبد الله مواطنه مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والفتوح التى كانت «1» بالشام، فلما فرغ عبد الله من ذلك قال: لقد «2» كنت على أطباق ثلاثة، لو متّ على بعضها علمت ما يقول الناس، بعث الله محمدا فكنت أكره الناس لما جاء به، أتمنّى لو أنّى قتلته، حتى بلغ كراهيتى لدين الله أنى ركبت البحر إلى صاحب الحبشة أطلب دم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلو متّ على ذلك قال الناس: مات عمرو مشركا، عدوّا لله ولرسوله، من أهل النار. ثم قذف الله الإسلام فى قلبى فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبسط إلىّ يده ليبايعنى فقبضت يدى، ثم قلت: أبايعك على أن يغفر الله لى ما تقدّم من ذنبى، وأنا أظنّ حينئذ أنى لا آتى ذنبا فى الإسلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يا عمرو: «إن الإسلام يجبّ ما قبله، وإن الهجرة تجبّ ما بينها وبين الإسلام» «3» فلو متّ على هذا الطبق قال الناس: أسلم عمرو وهاجر مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، نرجو لعمرو عند الله خيرا كثيرا. ثم كانت إمارات وفتن وأنا مشفق من هذا الطبق. فإذا أخرجتمونى فأسرعوا بى، ولا تتبعنّى نائحة ولا نار، وشدّوا علىّ إزارى؛ فإنى مخاصم، وسنّو «4» علىّ التراب سنّا، فإنّ يمينى ليست بأحق «5» بالتراب من يسارى، ولا تدخلن «6» القبر خشبة ولا طوبة، ثم إذا قبرتمونى فامكثوا عندى قدر نحر جزور وتفصيلها أستأنس بكم. حدثناه أبو صالح عبد الله بن صالح وأسد بن موسى، عن الليث ابن سعد، حدثنا يزيد بن أبى حبيب، أن ابن شماسة أخبره أن عمرو بن العاص لما حضرته الوفاة، ثم ذكر الحديث. قال: وحدثنا عمرو بن سوّاد، حدثنا ابن وهب، أخبرنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شماسة، عن عبد الله بن عمرو، عن عمرو. وزاد فيها فقال له عمرو تركت أفضل من ذلك، شهادة أن لا إله إلا الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 حدثنا أسد بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنى يزيد بن أبى حبيب، أخبرنى سويد بن قيس، عن قيس بن سمىّ، أن عمرا قال قلت: يا رسول الله، أبايعك على أن يغفر «1» لى ما تقدّم من ذنبى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن الإسلام يجبّ ما كان قبله، وإن الهجرة تجبّ ما كان قبلها. قال «2» عمرو فو الله إن كنت لأشدّ الناس حياء «3» من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فما ملأت عينى «4» منه ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله، حياء منه، ثم ذكر الحديث. (* ومنها حديث محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبى حبيب، عن راشد مولى حبيب بن أوس الثقفى، أن حبيبا حدّثه، وأن عمرو بن العاص حدثه، قال: لمّا انصرفنا من الخندق جمعت نفرا من قريش بينى وبينهم خاصّة، فقلت لهم: تعلّموا والله أنى أرى أمر محمد يعلو ما خالفه من الأمور علوّا منكرا، فهل لكم فى رأى قد رأيته؟ قالوا: وما هو؟ قال قلت: نلحق بالنجاشىّ فنكون عنده حتى ينقضى ما بيننا وبين محمد. فإن ظفرت قريش رجعنا إليهم، وإن ظفر محمد أقمنا عنده، فلأن أكون تحت يدى النجاشىّ أحبّ إلىّ من أن أكون تحت يدى محمد. قالوا: أصبت. قال قلت: اجمعوا له أدما فإنه أحبّ ما يهدى إليه من بلادنا، قال: ففعلنا، ثم خرجنا، فبينا نحن قد دنونا منه إذ نظرت إلى عمرو بن أميّة قد بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى النجاشىّ، قال فقلت: هذا والله عمرو بن أميّة قد بعثه محمد، ولو قد قدمت «5» بهداياى إلى النجاشى ثم سألته إيّاه؛ فأعطانيه؛ فقتلته، فرأت قريش أنى قد أجزأت «6» حين يقتل رسول محمد. قال فلما دخل عليه عمرو بن أميّة وفرغ من حاجته، دخلت عليه فحيّيته بما كنّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 نحيّيه، فقال النجاشى: مرحبا، ما أهديت إلى «1» يا صديقى؟ قال قلت: أيّها الملك، قد أهديت لك «2» هدايا، قال: ثم قدّمت إليه هداياى «3» فقبلها، وبهجت «4» بما قال لى، قال فقلت له: أيها الملك، إنى قد رأيت ببابك رسول محمد وهو لنا عدو، أعطنيه أضرب عنقه؛ فإنه رسول رجل هو لنا عدوّ، قال: فمدّ يده ثم غضب وضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره. قال: فوددت لو أنّى انشقّت لى الأرض فدخلت فيها فرقا «5» منه. ثم قال: تسألنى رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتى موسى أعطيكه لتقتله «6» ! قال قلت: أيها الملك، فإن ذاك لكذلك أنه ليأتيه الناموس الأكبر الذي يأتى موسى؟ قال: نعم، والذي نفس النجاشىّ بيده. ويحك يا عمرو، فأطعنى «7» واتّبعه، والذي نفسى بيده ليظهرنّ هو ومن اتّبعه على من سواهم على من «8» خالفهم، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده. قال قلت: أفتبايعنى له على الإسلام؟ قال: نعم، قال: فبسط يده فبايعنى له، فخرجت على أصحابى وقد حال رأيى عمّا كان عليه معهم. قال: فانطلقت تهوى بى راحلتى حتى لقيت خالد بن الوليد، قال قلت: أين يا أبا سليمان؟ قال: أريد والله أن اذهب فأسلم؛ فقد والله استقام الشأن واستبان الميسم. قال فقلت: وأنا والله. قال: فانطلقنا حتى جئنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فدخلنا عليه المسجد، فتقدّم خالد فبايعه «9» ، ثم تقدّمت فبايعت؛ فقلت: يا رسول الله، أبايعك على أن يغفر «10» لى ما تقدّم من ذنبى، ولم أذكر ما تأخّر، قال فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: بايع يا عمرو: فإن الإسلام يجبّ ما كان قبله، وإن الهجرة تجبّ ما كان قبلها*) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 حدثناه أسد بن موسى، حدثنا يحيى بن أبى زائدة، عن محمد بن إسحاق،. وحدثنا عبد الملك بن هشام، عن زياد بن عبد الله البكّائى، عن محمد بن إسحاق. وتوفّى عمرو بن العاص يوم الفطر سنة ثلاث وأربعين، وصلّى عليه عبد الله بن عمرو، ودفن بالمقطّم من ناحية الفجّ: يكنىّ أبا عبد الله. وكان «1» طريق الناس يومئذ إلى الحجاز؛ فأحبّ أن يدعو له من مرّ به. أخبرنا بذلك ابن عفير. حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، قال: قبر «2» فى مقبرة المقطّم ممّن عرف من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم خمسة نفر: عمرو بن العاص السهمىّ، وعبد الله بن الحارث ابن جزء الزّبيدىّ، وعبد الله بن حذافة السهمىّ، وأبو بصرة الغفارىّ، وعقبة بن عامر الجهنى. وشرك أهل مصر فى الرواية عنه من أهل المدينة: قبيصة بن ذؤيب. قال عبد الرحمن: ولد عام الفتح، وأبو مرة مولى عقيل بن أبى طالب واسمه يزيد، وعروة ابن الزبير، وقد اختلف فى سعيد بن المسيّب فقالوا: سمع منه، وقالوا: بل إنما سمع من ابنه عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن شرحبيل. ومن أهل الكوفة: قيس بن أبى حازم. ومن أهل البصرة: أبو عثمان النهدىّ وغيرهم. وعبد الله بن عمرو بن العاص ولهم عنه شبيه بمائة حديث. منها حديث رجاء بن أبى عطاء المعافرى، عن واهب بن عبد الله المعافرى، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: من أطعم أخاه من الخبز حتى يشبعه «3» ، وسقاه من الماء حتى يرويه «4» ، بعّده الله من النار سبعة خنادق، ما بين كل خندقين مسيرة خمسمائة عام. حدثناه إدريس بن يحيى، وعبد الملك بن مسلمة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن واهب بن عبد الله المغافرى، عن عبد الله بن عمرو أنه رأى فى المنام كأنّه فى إحدى أصابعه عسل وفى الأخرى سمن؛ فكأنه يلعقهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 فأصبح فذكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فقال: إن عشت قرأت الكتابين التوراة والفرقان فكان يقرؤهما. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وأسد بن موسى. ومنها حديث الليث بن عامر بن يحيى، عن أبى عبد الرحمن الحبلىّ، قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «سيصاح برجل من أمّتى على رءوس الخلائق فتنشر «1» عليه تسعة وتسعون سجلا، كل سجّل منها مدّ البصر، ثم يقول الله له: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمك كتبتى الحافظون؟ فيقول: لا يا ربّ، فيقول: أفلك عذر؟ فيهاب [الرجل] «2» فيقول: لا يا ربّ، فيقول: بلى، إنّ لك عندنا «3» حسنتين، وإنه لا ظلم عليك، فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله، فيقول: يا ربّ ما هذه البطاقة مع هذه السجلّات؟ فيقال: إنك لا تظلم، فتوضع السجلّات فى كفّة والبطاقة فى كفّة؛ فطاشت السجلّات وثقلت البطاقة «4» » ، فينجو من النار. حدثناه عبد الملك بن مسلمة. وحدثنا أبى، حدثنا بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن عامر بن يحيى، عن أبى عبد الرحمن الحبلىّ، عن عبد الله بن عمرو، قال: يؤتى بالعبد يوم القيامة ومعه تسعة وتسعون سجلا فى الذنوب والخطايا؛ فيؤمر به إلى النار، فإذا ذهب به نادى مناد لا تعجلوا؛ فإنه قد بقى له؛ فيؤتيى ببطاقة صغيرة فإذا فيها لا إله إلا الله. ومنها حديث ابن لهيعة، عن شراحيل بن يزيد، قال: كان بينى وبين حنش ابن عبد الله كلام، فقال: لولا شىء سمعته من ابن عمرو لعلمت «5» سمعته يقول، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: ثلاثة إذا أنا فعلتهن فما «6» أبالى ما ركبت: إذا قرضت شعرا، أو علقت تميمة، أو شربت ترياقا. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، ورواه حيوة بن شريح أيضا عن شراحيل بن يزيد. ومنها حديث عبد الله بن عيّاش، عن أبيه، عن أبى عبد الرحمن الحبلى، عن عبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «من علم علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» «1» حدثناه إدريس بن يحيى. ومنها حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله ابن عمرو، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «ليؤيّدن «2» الله الإسلام «3» برجال ما هم من أهله» «4» حدثناه المقرئ. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى زرعة، عن ابن عمرو، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن والذكر- أو الركن-» «5» شكّ عبد الرحمن بن عبد الله ابن عبد الحكم. حدثناه عبد الملك بن مسلمة. ومنها حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عبد الرحمن بن رافع التنوخىّ، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم،* قال: «العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل: آية محكمة، أو سنّة قائمة، أو فريضة عادلة» «6» حدثناه معاذ بن الحكم. ومنها حديث ابن لهيعة، عن الحسن بن ثوبان الهوزنىّ، عن هشام بن أبى رقيّة اللخمى، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «لا طائر، ولا عدوى، ولا هامة، ولا جدّ، والعين حقّ» «7» حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث نافع بن يزيد وابن لهيعة، عن أبى هانئ الخولانى أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلى، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض، وعرشه على الماء بخمسين ألف سنة» «8» حدثناه أبو صدقة محمد بن عبد الأعلى، عن نافع بن يزيد. وأبو الأسود عن ابن لهيعة حديث «9» أحدهما نحو حديث صاحبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن أبى هانىء الخولانى بإسناده نحو حديثيهما. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى هانئ، أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلى، يقول: إنه سمع عبد الله بن عمرو، يقول: إنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «ما من غازية تغزو فى سبيل الله فيصيبون غنيمة إلّا تعجّلوا ثلثى أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث، وان لم يصيبوا غنيمة تمّ لهم أجرهم» «1» حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عبد الله بن يعقوب، عن عبد الله ابن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «لله أضنّ بدم المؤمن من أحدكم بكريمة ماله حتى يقبضه على فراشه» «2» حدثناه المقرئ. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن سويد بن قيس، أخبره عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «رباط يوم فى سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه» «3» حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث يحيى بن أيّوب، عن أبى قبيل، أنه حدثه، أنه كان عند عبد الله ابن عمرو بن العاص، فتذاكرنا «4» فتح القسطنطينيّة ورومية أيّهما «5» تفتح قبل، فدعا عبد الله بصندوق له طخم، قلنا: وما الطخم؟ قال: الحلق. فقال: كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم نكتب ما يقول، لا أو نعم. فقلنا أىّ المدينتين تفتح قبل يا رسول الله؟ قال: «مدينة هرقل» «6» يريد القسطنطينيّة. حدثناه سعيد بن عفير. وقد خالف ابن لهيعة، يحيى بن أيّوب فى هذا الحديث، والله أعلم بالصواب. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى قبيل، عن عمير بن مالك، أنه كان عند ابن عمرو، فذكروا «7» فتح القسطنطينيّة ورومية، أيّهما تفتح أوّل؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 فاختلفوا فى ذلك؛ فدعا عبد الله بن عمرو بصندوق فيه قراطيس، فقال: تفتحون القسطنطينيّة، ثم تغزون بعثا إلى رومية؛ فيفتح الله عليكم، وإلّا فأنا عند الله من الكذّابين «1» . ومنها حديث قباث بن رزين، عن شيخ من المعافر- يذكر منه فضل وصلاح- أن رجلا يقال له عبّاد، ممن يلزم عبد الله بن عمرو كان من الصلحاء، كان يقرأ القرآن فيقرن بين السور فى الركعة الواحدة، فبلغ ذلك عبد الله بن عمرو؛ فأتاه عبّاد يوما فقال له عبد الله بن عمرو: يا خائن أمانته، ثلاث مرّات، فاشتدّ ذلك على عبّاد؛ فقال له: غفر الله لك، أىّ أمانة بلغك أنى خنتها؟ قال: ألم أخبر أنك تجمع بين السور فى الركعة الواحدة! قال: إنى لأفعل ذلك، قال: وكيف بك «2» يوم تأخذك كلّ سورة بركعتها وسجدتيها، أما إنّى لم أقل لك إلّا كما قال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. حدثناه عبد الله بن صالح. ومنها حديث ابن لهيعة، عن حيىّ بن عبد الله، عن أبى عبد الرحمن الحبلى، عن عبد الله بن عمرو، قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الخندق وهم يحفرون حول المدينة؛ فتناول رسول الله صلّى الله عليه وسلم الفأس فضرب به ضربة؛ فقال: هذه الضربة يفتح الله بها كنوز الروم، ثم ضرب الثانية؛ فقال: هذه يفتح الله بها كنوز فارس، ثم ضرب الثالثة؛ فقال: هذه الضربة يأتى الله بأهل اليمن أعوانا وأنصارا. حدثنا عبد الملك بن مسلمة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافرى، عن أبى عبد الرحمن الحبلى، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله، قال: «من صمت نجا» «3» حدثناه المقرئ وأبو الأسود. ومنها حديث ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى هبيرة الكحلانى- مولى لعبد الله ابن عمرو- عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، خرج إليهم ذات يوم فى المسجد فقال: «إنّ ربّى حرّم علىّ الخمر والميسر والمزر والكوبة والقنّين» «4» حدثناه طلق بن السمح اللخمى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 ومنها حديث ابن لهيعة، عن حيىّ بن عبد الله المعافرى، عن أبى عبد الرحمن الحبلى، عن عبد الله بن عمرو، قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر فى ثلاثمائة وخمسة عشر من المقاتلة كما خرج طالوت، فدعا لهم حين خرج: اللهمّ إنهم حفاة فاحملهم، اللهمّ إنهم عراة فاكسهم، اللهمّ إنهم جياع فأشبعهم؛ ففتح الله لهم يوم بدر وأقبلوا وما منهم رجل إلا وهو آخذ برأس جمل أو جملين، واكتسوا وشبعوا. حدثناه عبد الملك بن مسلمة. ومنها حديث عبد الله بن عيّاش القتبانى، عن عبد الله بن عياض، عن أبى رزين الغافقى، قال: سمعت عبد الله بن عمرو، يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «إن الذي يمرّ بين يدى أخيه وهو يصلّى متعمّدا يتمنّى يوم القيامة لو أنه شجرة يابسة» «1» حدثناه إدريس بن يحيى. ومنها حديث عبد الله بن عيّاش، عن عيسى بن هلال الصدفىّ، عن عبد الله ابن عمرو، أن رجلا أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أقرئنى؛ فقال: اقرأ ثلاثا من ذات الراء، فقال: يا رسول الله، كبرت سنّى، وضعف عظمى، وثقل لسانى؛ فقال: اقرأ ثلاثا من ذات حم، فقال مثل ذلك، فقال: اقرأ ثلاثا من ذات سبح، فقال مثل ذلك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اقرأ؛ فأقرأه إِذا زُلْزِلَتِ فلما فرغ، قال: يا رسول الله، علّمنى شيئا أعمل به، فقال: صلاة الخمس، وحجّ البيت، وصيام رمضان، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، فلما أدبر الرجل، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: علىّ بالرجل، فلما أتى به، قال: إنى قد أمرت بالأضحى عيدا جعله الله لهذه الأمّة، قال: أفرأيت إن لم أجد إلّا شاة أهلى؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قص «2» شاربك، وقلّم أظفارك، واحلق عانتك، فتلك تمام ضحيتك عند الله. حدثناه إدريس بن يحيى. وحدثنا المقرئ حدثنا سعيد بن أبى ايّوب، حدثنى عيّاش بن عبّاس، عن عيسى ابن هلال، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نحوه. ومنها حديث المفضّل بن فضالة ونافع بن يزيد، عن ربيعة بن سيف، عن أبى عبد الرحمن الحبلى، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قبرنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 فلما رجعنا وحاذى بابه إذا هو بامرأة مقبلة لا نظنّه عرفها، فقال: يا فاطمة من أين جئت؟ قالت: جئت من عند أهل هذا الميّت «1» ، رحّمت إليهم ميّتهم وعزّيتهم. قال: فلعلّك بلغت معهم الكدى، قالت: معاذ الله أن أبلغ معهم الكدى، وقد سمعتك تذكر فيهم ما تذكر، فقال: لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنّة حتى يراها جدّك أبو أبيك. قال نافع فى حديثه: حتى يراها جدّ أبيك. والكدى المقابر. حدثناه سعيد بن أبى مريم عن نافع بن يزيد. قال وحدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار وعبد الله بن صالح، عن المفضّل بن فضالة. وشركهم فى الرواية عنه من أهل المدينة: سعيد بن المسيّب، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن. ومن أهل مكّة: عمرو بن أوس الثقفى، ويوسف بن ماهك، وابن أبى مليكة. ومن أهل الكوفة: مسروق بن الأجدع، وخيثمة بن عبد الرحمن، وعامر الشعبى. وخارجة بن حذافة العدوى ّ ولهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث واحد، ليس لهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم غيره. وهو حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الله بن راشد الزوفىّ، عن عبد الله بن أبى مرّة الزوفى، عن خارجة بن حذافة، قال: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فقال: «إن الله قد أمدّكم بصلاة «2» هى خير لكم من حمر النعم؛ الوتر جعله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر» «3» حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث وعبد الله بن صالح. وحدثناه أبى أيضا عن بكر بن مضر عن خالد بن يزيد، عن أبى الضحّاك عبد الله ابن أبى مرّة، عن خارجة بن حذافة. ولهم عنه حكايات فى نفسه، منها ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة والحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، أنه رأى خارجة بن حذافة صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يمسح على الخفّين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ولم يرو عنه أحد غير أهل مصر. وبسر بن أبى أرطاة وربّما قالوا بسر بن أرطاة العامرىّ ولهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث واحد، ليس لهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم غيره. وهو حديث ابن لهيعة، عن عيّاش بن عباس، عن شييم بن بيتان، عن جنادة بن أبى أميّة، عن بسر بن أبى أرطاة، أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «لا تقطع الأيدى فى الغزو» «1» قال: حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وأسد بن موسى. ولهم عنه حكايات فى نفسه. منها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: كان بسر إذا ركب البحر قال: أنت بحر وأنا بسر، علىّ وعليك الطاعة لله، سيروا على بركة الله. وروى عنه من أهل الشأم يونس بن ميسرة، ولم يرو عنه غير أهل مصر وأهل الشأم. ويكنّى أبا عبد الرحمن وتوفّى بالشأم أيام معاوية. والمستورد بن شدّاد الفهرىّ ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الحديث ستّة أحاديث أو ما «2» أشبهها. منها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافرى، قال: سمعت أبا عبد الرحمن عبد الله ابن يزيد الحبلى، يقول: سمعت المستورد بن شدّاد، يقول: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه وهو يتوضّأ بالجحفة. حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وسعيد بن عفير، وأبو الأسود، يزيد أحدهم الحرف ونحوه. ومنها حديث ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، عن المستورد بن شدّاد، قال: بينا أنا فى مجلس فيه عمرو بن العاص إذ قلت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: إنّ أشدّ الناس عليكم بنو أختكم بسمة بنت إسماعيل الروم إنما هلاكهم «3» مع الساعة، فقال عمرو: ألم أنهك عن هذا؟ حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وعبد الملك بن مسلمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن حديج بن أبى عمرو، قال: سمعت المستورد بن شدّاد، يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: لكل أمّة أجل، وإنّ لأمّتى مائة سنة، فإذا مرّ على أمّتى مائة سنة أتاها ما وعدها. حدثناه عبد الملك بن مسلمة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن هانىء بن معاوية الصدفى، عن المستورد بن شدّاد، قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من مات وهو مشرك فلا تسل عنه، ومن مات وقد قتل مؤمنا متعمّدا فلا تسل عنه، ومن مات وهو عاص فلا تسل عنه. قال بكر وحدثنى أبو عبد الرحمن الحبلى عن المستورد بن شدّاد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بهذا إلّا أنه يرجى له. ومنها حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، عن المستورد بن شدّاد، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «من ولى لنا عملا ولم يكن له خادم فليكتسب خادما، ومن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا، ومن لم يكن له دابّة فليكتسب دابّة؛ فمن أصاب سوى ذلك فإنه غال أو سارق» «1» حدثناه عبد الملك بن مسلمة. وشركهم فى الرواية عنه من أهل الكوفة، قيس بن أبى حازم ويقال أبو إسحاق الهمدانى، لم يرو عنه غير أهل مصر وأهل الكوفة. وعبد الله بن سعد بن أبى سرح العامرى ّ وكان والى البلد فى خلافة عثمان بن عفّان مجموعا له. ولهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث واحد، وهو حديث ابن لهيعة، قال: حدثنا عيّاش بن عبّاس القتبانى، عن الهيثم ابن شف، عن عبد الله بن سعد بن أبى سرح، قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعشرة من أصحابه معه؛ أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ والزبير وغيرهم على جبل إذ تحرّك بهم الجبل، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اسكن حراء؛ فإنه ليس عليك إلّا نبىّ أو صدّيق أو شهيد» «2» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ليس لهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث غيره. وحديث آخر مرسل بشكّ، وهو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 حديث ضمام بن إسماعيل، عن عيّاش بن عبّاس القتبانى، قال: لما حصروا الإسكندريّة قال لهم صاحب المقدّمة: لا تعجلوا حتى آمركم برأيى، فلما فتح الباب دخل رجلان فقتلا؛ فبكى صاحب المقدّمة، قال ضمام: أظنّه عبد الله بن سعد، فقيل له: لم بكيت وهما شهيدان؟ قال: ليت أنّهما شهيدان، ولكن سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنّة عاص، وقد أمرت ألا يدخلوا، فدخلوا بغير إذن. حدثناه عبد الملك بن مسلمة. ولهم عنه حكايات فى نفسه. منها حديث ابن لهيعة، عن ابن أبى جعفر، عن أبى سعيد الغافقى، أنه سمع عبد الله بن سعد بن أبى سرح وهو على المنبر، يقول: لا تسقوا دوابّكم الخمر؛ فإنها رجس من عمل الشيطان. حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: حدثنى العلوىّ، عن عبد الله بن ربيعة، قال: غزونا مع عبد الله بن سعد إفريقيّة، فصلّى لهم صلاة، فبينا هم فى صلاتهم إذ فزع الناس؛ فانصرفوا؛ فقال لهم عبد الله بن سعد: إنّ هذه الصلاة قد اختضرت «1» ؛ فأعيدوا صلاتكم، فأعاد بهم الصلاة وأعادوا. حدثناه عبد الملك بن مسلمة. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا بكر بن مضر، عن يزيد بن أبى حبيب، عن قيس بن أبى يزيد، عن الجلاس بن عامر، عن عبد الله بن ربيعة، قال: صلّى عبد الله ابن سعد للناس بإفريقيّة المغرب، فلما صلّى ركعتين سمع جلبة فى المسجد؛ فأرعبهم ذلك وظنّوا أنهم العدوّ؛ فقطع الصلاة، فلما لم ير شيئا خطب الناس وقال: إن هذه الصلاة اختضرت «2» ، وأمر مؤذّنه فأقام الصلاة ثم أعادها. لم يرو عنه غير أهل مصر. وتوفّى بعسقلان فى أيّام معاوية بن أبى سفيان قبل اجتماع الناس عليه. يكنّى أبا يحيى، ويقال توفّى عبد الله بن سعد سنة ستّ وثلاثين، وكان والى البلد بمصر بعد عمرو بن العاص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 وممّن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ممن شركوا الناس فى الرواية عنه وأغربوا به عليهم فى الحديث. الزبير بن العوّام ولهم عنه حديث واحد. وهو حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عمّن سمع عبيد الله بن المغيرة، يقول: سمعت سفيان بن وهب الخولانى، يقول: «لما افتتحنا «1» مصر بغير عهد «2» قام الزبير فقال: اقسمها يا عمرو؛ فقال عمرو: لا أقسمها حتى أوامر أمير المؤمنين، فقال الزبير: والله لتقسمنّها كما قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم خيبر، فقال عمرو: والله لا أقسمها حتى أوامر أمير المؤمنين، فكتب إلى عمر بن الخطّاب؛ فكتب اليه عمر: أقرّها حتى يغزو منها حبل الحبلة» «3» حدثناه يوسف بن عدّى، عن عبد الله بن المبارك. قال: وحدثناه عبد الملك بن مسلمة. قال ابن لهيعة: وحدثنى يحيى بن ميمون، عن عبيد الله بن المغيرة، عن سفيان بن وهب نحوه. وتوفى بوادى السباع سنة ستّ وثلاثين، قتله ابن جرموز. ويكنّى أبا عبد الله. وعبد الله بن عمر بن الخطّاب ولهم عنه شبيه بثمانية أحاديث كلّها أغربوا بها. منها حديث أبى شريح عبد الرحمن بن شريح، عن شراحيل بن بكيل، عن عبد الله بن عمر، قال: كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين نزل تحريم الخمر؛ فأمر بآنية الخمر فجمعها «4» فى موضع واحد، ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم غدا وهو آخذ بيدى اليسرى بيده اليمنى، فأقبل عمر بن الخطّاب؛ فحوّلنى عن يساره وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيدى اليمنى بيده اليسرى، وأخذ عمر ابن الخطّاب بيده اليمنى يده اليسرى، فسرنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلم فيما بيننا، فأقبل أبو بكر فسرّح رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدى وحوّل عمر عن يساره، وأخذ بيد أبى بكر بيده اليمنى يده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 اليسرى، فسرنا حتى أتينا الآنية التى جمعت وفيها الخمر والزقاق، فقال: ائتونى بشفرة أو مدية، فحسر رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن ذراعية وأخذ الشفرة، فقال عمر وأبو بكر: يا رسول الله، نحن نكفيك، فقال شقّوها على ما فيها من غضب الله، الخمر حرام، لعن شاربها، وساقيها، وبائعها، ومشتريها، وحاملها، والمحمولة إليه، وعاصرها، ومعتصرها، والقيّم عليها، وآكل ثمنها «1» . حدثناه طلق بن السمح. قال: حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وعبد الملك بن مسلمة، قالوا: حدثنا ابن لهيعة، عن أبى طعمة قال: سمعت ابن عمر يذكر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نحوه. قال عبد الملك بن مسلمة قال ابن لهيعة: وكان أبو طعمة أوّل من أقرأ أهل مصر. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الله بن صالح، قالا: حدثنا الليث بن سعد. قال أبى: وحدثنى ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، أنه سمع ثابت بن يزيد الخولانى يذكر أنه كان له عم يبيع الخمر ويتجر فيها، فحججت فأتيت عبد الله بن عبّاس فذكرت ذلك له، فقال: يا أمّة محمد، لو كان كتاب بعد كتابكم أو نبىّ بعد نبيّكم لأنزل عليكم كما أنزل على من كان قبلكم، ولكن أخّر عنكم إلى يوم القيامة، وليس بأخفّ عليكم هى حرام وثمنها حرام. ثم أتيت ابن عمر فذكرت له مثل ذلك فقال: سوف أخبرك عن الخمر، نزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم تحريم الخمر وأنا عنده فقال: من كان عنده منها شىء فليؤذنّى به كلّما جاءه أحد يخبره أن عنده منها شىء قال الوادى، حتى إذا اجتمعت هناك قام إليها فأتى أبو «2» بكر وعمر فمشى «3» بينهما، حتى إذا وقف عليها قال: أتعرفون هذه؟ قالوا: نعم، هذه الخمر، قال: «إنّ الله لعن الخمر، وشاربها، وساقيها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة اليه، وبائعها ومشتريها، وآكل ثمنها» قال الليث ثم دعا بالسّكّين فقال باعدوها؛ ففعلوا، ثم أخذها النبي صلّى الله عليه وسلم يخرّق الزقاق. فقال الناس: إنّ فى هذه الزقاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 المنفعة، قال: أجل، ولكن إنما أفعل ذلك لما فيها من سخط الله، فقال عمر: أنا أكفيك يا رسول الله، فقال: لا. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن قيصر مولى تجيب، عن ابن عمر، أنه كان عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأتاه «1» شيخ فقال: أقبّل وأنا صائم؟ قال: نعم. ثم جاءه شابّ من قبل أن يقوم من مجلسه، فسأله؛ فقال: لا. فنظر بعضنا إلى بعض فقال: «قد علمت لم نظر بعضكم إلى بعض، إنّ الشيخ يملك نفسه» «2» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. وخالف «3» أسد بن موسى فى هذا الحديث فقال: عبد الله بن عمرو، والله أعلم. قال عبد الرحمن بن عبد الحكم: وكأنّى رأيت المصريّين يقولون هو ابن عمر، وقيصر مولى تجيب هو قيصر بن أبى بحريّة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى طعمة، قال: كنت مع ابن عمر إذ جاءه رجل فسأله عن الصيام فى السفر، فقال: لا تصم. قال إنّى أقوى على ذلك. قال ابن عمر سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفات» «4» . حدثناه النضر بن عبد الجبّار، وعبد الملك بن مسلمة. وكان ابن عمر شهد الفتح مع عمرو بن العاص، وتوفى فى سنة ثلاث وسبعين، يكنّى أبا عبد الرحمن. والمقداد بن الأسود شهد بدرا ولم عنه ثلاثة أحاديث عن نفسه- وليس لهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم شىء- أحدها ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أنه سمعه يذكر أن المقداد بن الأسود كان غزا مع عبد الله بن سعد إفريقية؛ فلما رجعوا قال عبد الله للمقداد فى دار بناها: كيف ترى بنيان هذه الدار؟ فقال له المقداد: إن كان من مال الله فقد أفسدت، وإن كان من مالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 فقد أسرفت. فقال عبد الله لولا أن يقول قائل أفسدت «1» مرّتين لهدمتها. حدثناه عبد الملك بن مسلمة. والآخر ابن لهيعة، عن عيّاش بن عبّاس القتبانى عن أبى المعارك الودّانىّ، أن رجلا من غافق كان له على رجل من مهرة مائة دينار فى زمان عثمان بن عفّان، فغنموا غنيمة حسنة، فقال الرجل أعجّل لك تسعين دينارا وتمحو عنّى المائة؟ وكانت مستأخرة؛ فرضى بذلك الغافقىّ، فمرّ بهما المقداد بن الأسود فأخذا بلجام دابّته ليشهداه، فلما قصّ عليه القصّة قال: كلا كما قد أذن بحرب من الله ورسوله. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، قال: حدثنى أزهر بن يزيد الغطيفى، قال: كان على مقاسم الناس يوم جرجير شريك بن سمىّ فباع تبرا بذهب بعضه أفضل من بعض، ثم لقيا المقداد بن الأسود فذكرا ذلك له، فقال المقداد: إن هذا لا يصلح. يكنّى أبا معبد. وتوفى سنة ثلاث وثلاثين، وصلّى عليه عثمان بن عفّان. ومعاوية بن أبى سفيان ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديثان: أحدهما حديث ابن لهيعة، عن كعب بن علقمة، قال: أخبرنا حسّان بن كريب الحميرىّ، قال: سمعت ابن ذى الكلاع، سمعت معاوية بن أبى سفيان يقول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اتركوا الترك ما تركوكم» «2» . حدثناه يحيى بن بكير. والآخر حديث الليث بن سعد وابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن حديج، أنه سمع معاوية بن أبى سفيان يقول: سألت أمّ حبيبة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم «هل كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلّى فى الثوب الذي يجامعها فيه؟» وقال أحدهما: «يضاجعها فيه» «فقالت: نعم، إذا لم يكن فيه أذّى» «3» حدثناه أبى، وشعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 قال: وحدثناه أبى وعبد الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة. وحدثناه أبى وإسحاق بن بكر بن مضر، عن بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن حديج، عن معاوية بن أبى سفيان مثله. وكان دخول معاوية بن أبى سفيان مصر فى سنة سبع وثلاثين حتى بلغ سلمنت من كورة عين شمس. يكنّى أبا عبد الرحمن. وتوفى بدمشق سنة ستّين. وممّا يبيّن أن معاوية قد دخل مصر أن عبد الله بن يوسف حدثنا، قال: حدثنا محمد ابن المهاجر، عن العباس بن سالم، عن مدرك بن عبد الله الأزدى- أو أبى مدرك- قال: غزونا مع معاوية مصر، فنزلنا منزلا، فقال عبد الله بن عمرو لمعاوية: أتأذن لى أن أقوم فى الناس؟ فأذن له؛ فقام على قوسه «1» ؛ فحمد لله وأثنى عليه، ثم قال: إنى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: رأيت فى منامى أن عمود الكتاب حمل من تحت رأسى فأتبعته بصرى فاذا هو كالعمود من النور يعمد به إلى الشأم، ألا وإنّ الإيمان إذا وقعت الفتن، بالشأم» «2» ثلاث مرّات. وعبد الرحمن بن أبى بكر الصدّيق ولهم عنه حديث واحد، هو حديث ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكر ابن سوادة، عن أبى ثور، عن عبد الرحمن بن أبى بكر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لا تحلّ الصدقة لغنىّ» «3» . وعمّار بن ياسر ولهم عنه حديث واحد، وهو ابن لهيعة، عن أبى عشانة الموهبىّ- من المعافر- قال: سمعت عمار بن ياسر، يقول: أبشروا فوالله لأنتم أشدّ حبّا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم تروه من عامّة من رآه. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 وتوفى سنة سبع وثلاثين. يكنّى أبا اليقظان. وكان دخوله مصر أيّام عثمان ابن عفّان كما حدثنا عبد الحميد بن الوليد أبو زيد كبد. وقد روى بعض الناس سمعت عمّار بن ياسر بذى الصّوارى. وأبو أيّوب الأنصارىّ شهد بدرا واسمه خالد بن زيد ولهم عنه تسعة أحاديث أغربوا بها- إلا حديثا واحدا رواه الناس معهم، وهو حديث البصل- منها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: أخبرنى أبو عمران أسلم، أنه سمع أبا أيّوب الأنصارى، يقول: قال لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة وأخبر بعير لأبى سفيان مقبلة فقال: هل لكم أن نخرج فنتلقّى هذه العير لعلّ الله يغنمناها؟ قلنا: نعم، فخرجنا فلما سرنا يوما أو يومين قال لنا: ما ترون فى القوم؟ فإنهم قد أخبروا بخروجكم، قلنا: والله يا رسول الله، ما لنا طاقة بقتال العدوّ؛ ولكنّا أردنا العير، ثم قال: ما ترون فى قتال العدوّ؟ قلنا: لا طاقة لنا بقتالهم، فقال المقداد بن عمرو: إنّا لا نقول كما قال قوم موسى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ «1» . قال أبو أيّوب: فتمنّينا معشر الأنصار لو أنّا قلنا كما قال المقداد أحبّ إلينا من أن يكون لنا مال عظيم، فأنزل الله على رسوله صلّى الله عليه وسلم كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ «2» إلى قوله وَهُمْ يَنْظُرُونَ ثم أنزل الله أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا إلى قوله كُلَّ بَنانٍ «3» وقال وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ «4» والشوكة الشرّ، وغير الشوكة العير. فلما وعدنا الله إحدى الطائفتين إمّا العير وإمّا القوم طابت أنفسنا، ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعث رجلا لينظر؛ فأقبل الرجل فقال: رأيت سوادا ولا أدرى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هم هم، فأمرنا أن نتعادّ؛ ففعلنا؛ فإذا نحن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، فأخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعدّتنا فسرّ بذلك، وحمد الله، وقال: عدّة أصحاب طالوت. ثم إنا اجتمعنا مع القوم فاصطففنا، فبدرت منا بادرة فقال ابن رواحة: يا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 رسول الله، إنى أريد أن أشير عليك، ورسول الله أفضل ممّا يشار عليه، إنّ الله أجلّ من أن يشكّ فى وعده، فقال: يا بن رواحة، لا تشكّنّ فى وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد. وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبضة من تراب فرمى بها فى وجوه القوم؛ فانهزموا؛ فأنزل الله عزّ وجلّ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى «1» فقتلنا وأسرنا، فقال عمر بن الخطّاب: لا يكون أسرى؛ فإنما «2» نحن داعون «3» ؛ فقلنا معشر الأنصار إنما حمل عمر حسد لنا، فنام رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم استيقظ، فقال: ادع لى عمر؛ فدعى؛ فقال له: إن الله قد أنزل ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ «4» الآية. حدثناه أبى عبد الله ابن عبد الحكم، عن ابن لهيعة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أسلم أبى عمران، عن أبى أيّوب الأنصارى، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: بادروا بصلاة المغرب طلوع النجم «5» . حدثناه عبد الملك بن مسلمة. حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حيوة بن شريح، أخبرنا يزيد بن أبى حبيب، قال: حدثنى أبو عمران التجيبى، أن عقبة بن عامر صلّى صلاة الغرب فأخّرها ونحن بالقسطنطينيّة، ومعنا أبو أيّوب الأنصارى، فقال له أبو أيّوب: يا عقبة، أتؤخّر صلاة المغرب هذا التأخير وأنت من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيراك من لم يصحبه فيظنّ أنه وقتها! قال أبو عمران، فقلت لأبى أيّوب: فمتى وقتها؟ فقال: كنّا نصلّيها حين تجب الشمس نبادر بها طلوع النجوم. ومنها حديث الليث وحيوة بن شريح، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: حدثنى أسلم أبو عمران، قال: كنا «6» بالقسطنطينيّة وعلى أهل مصر عقبة بن عامر صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعلى أهل الشأم فضالة بن عبيد، فخرج من أهل المدينة صف عظيم من الروم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وصففنا لهم صفا عظيما من المسلمين، فحمل رجل من المسلمين على الروم حتى دخل فيهم، ثم خرج إلينا وصاح الناس، سبحان الله! ألقى بيده «1» إلى التهلكة فقام أبو أيّوب الأنصارى، فقال: أيّها الناس، إنكم لتأوّلون هذه الآية على هذا التأويل، وإنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، إنّه لمّا أعزّ الله دينه وكثّر ناصريه، قلنا فيما بيننا بعضنا لبعض سرا من رسول الله: إنّ أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله عزّ وجلّ فى كتابه يردّ علينا ما هممنا به. وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ «2» فكانت التهلكة أن نقيم فى الأموال ونصلحها. فأمرنا بالغزو، فما زال أبو أيّوب غازيا فى سبيل الله حتى قبضه الله. حدثناه عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد. وعبد الله بن يزيد المقرئ، حدثناه عن حيوة بن شريح. ومنها حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن أبيه، أنه قال: جمعنا وأبا أيّوب الأنصارى مرسى فى البحر، فلما حضر غداؤنا أرسلنا إلى أبى أيّوب وأهل مركبه، فأتانا أبو أيّوب فقال: دعوتمونى وأنا صائم، فكان علىّ من الحقّ أن أجيبكم، إنى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إنّ للمسلم على أخيه المسلم ستّ خصال واجبة، فمن ترك خصلة منها فقد ترك حقا واجبا لأخيه عليه: إذا دعاه أن يجيبه، وإذا لقيه أن يسلّم عليه، وإذا عطس أن يشمّته، وإذا مرض أن يعوده، وإذا مات أن يتبع جنازته، وإذا استنصح له أن ينصحه» «3» قال حدثناه المقرئ. ومنها حديث ابن لهيعة، عن حيىّ بن عبد الله المعافرى، عن أبى عبد الرحمن الحبلى، عن أبى أيّوب الأنصارى، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من فرق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين الأحبّة يوم القيامة» «4» حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وعثمان بن صالح. ومنها حديث ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى عبد الرحمن، أن أبا أيّوب أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقصعة فيها بصل، فقال: «كلوا وأبى أن يأكله «5» وقال: إنّى لست الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 كمثلكم» «1» وزعم أبو عبد الرحمن أن أبا أيّوب لم يكن يأكل البصل نيا ولا طبيخا. وتوفّى بالقسطنطينيّة سنة إحدى وخمسين غازيا مع يزيد بن معاوية. وعبادة بن الصامت قد شهد بدرا والعقبة ولهم عنه أحاديث أغربوا بها. منها حديث ابن لهيعة ونافع بن يزيد، عن سيّار ابن عبد الرحمن، عن يزيد بن قودر، عن سلمة بن شريح، عن عبادة بن الصامت قال: أوصانا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسبع خلال، قال: «لا تشركوا بالله شيئا وإن قطّعتم أو حرّقتم أو قتلتم، ولا تتركوا الصلاة المكتوبة متعمّدين؛ فمن تركها متعمّدا فقد خرج من الملّة، ولا تركبوا المعصية فإنها من سخط الله، ولا تشربوا الخمر فإنها رأس الخطايا كلّها، ولا تفرّوا من القتل والموت وإن كنتم فيه، ولا تعصين «2» والديك؛ وإن أمراك أن تخرج من الدنيا كلّها فاخرج، ولا تضع عصاك عن أهلك، وأنصفهم من نفسك» «3» حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، عن ابن لهيعة وسعيد بن أبى مريم، عن نافع بن يزيد. ومنها حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، قال: حدثنى علىّ بن رباح، أنه سمع جنادة بن أبى أميّة، يقول: سمعت عبادة بن الصامت، يقول: إن رجلا أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أىّ العمل أفضل؟ قال: «إيمان بالله، وتصديق وجهاد فى سبيله قال: أريد أهون من ذلك يا رسول الله، قال: السماحة والصبر، قال: أريد أهون من ذلك، قال: لا تتّهم الله فى شىء قضى لك به» «4» حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار ويحيى بن بكير. ومنها حديث ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبى جعفر، عن أبى عبد الرحمن الحبلى، عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «ما من نفس تموت لها عند الله خير تحبّ أن ترجع إليكم إلّا الشهيد؛ فإنه يحبّ أن يرجع، فيقتل مرّة أخرى» «5» حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 ولهم عن عبادة حديث قد شركهم الناس فيه؛ وهو حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن الصنابحىّ، عن عبادة بن الصامت أنه قال: إنى من النقباء الذين بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقال: بايعناه على ألا نشرك بالله شيئا ولا نسرق، ولا نزنى، ولا نقتل النفس التى حرّم الله، ولا ننتهب ولا نقضى «1» بالجنّة إن فعلنا أو «2» غشينا من ذلك شيئا كان قضاء ذلك إلى الله. حدثناه عبد الله بن صالح. (3 قال: حدثنا عبد الملك بن هشام، قال: حدثنا زياد بن عبد الله البكّائى، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثنى يزيد بن أبى حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزنى، عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحى، عن عبادة بن الصامت، قال: كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنّا اثنى عشر رجلا؛ فبايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على بيعة النساء- وذلك قبل أن تفرض الحرب- على ألا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزنى، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتى ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه «4» فى معروف؛ فإن وفيتم فلكم الجنّة، وان غشيتم من ذلك شيئا فأمركم إلى الله، إن شاء عذّب، وإن شاء غفر 3) . قال عبد الرحمن: ورواه ابن شهاب الزهرى، عن عائذ الله بن عبد الله أبى إدريس الخولانى، عن عبادة بن الصامت. حدثناه عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد. وعبد الملك بن هشام، عن زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق. ومنها حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، أن علىّ بن رباح حدثه، قال: حدثنى من سمع عبادة بن الصامت، يقول: كنّا فى المسجد نتقرّأ، معنا أبو بكر ونحن أمّيّون يقرأ بعضنا على بعض، فخرج عبد الله بن أبىّ بن سلول تتبعه نمرقة وزربيّة وضعتا له؛ فاتّكأ؛ فقال: يا أبا بكر، ألا تقول لمحمد يأتينا بآية كما أرسل الأوّلون؟ جاء صالح بالناقة، وجاء موسى بالألواح، وجاء داود بالزبور، وجاء عيسى بالمائدة، وعبد الله ابن أبىّ رجل فصيح صبيح، فبكى أبو بكر فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فقال أبو بكر: قوموا بنا نستغيث بنبىّ الله من هذا المنافق، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنه لا يقام لى إنما يقام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 لله» «1» إنّ جبريل أتانى فقال: اخرج حدّث بنعمة الله التى أنعم عليك، وبفضيلته «2» التى فضّلك بها، فبشّرنى بعشر لم يؤتها نبىّ قبلى: إن الله بعثنى إلى الناس جميعا، وأمرنى أن أنذر الجنّ، وإن الله لقّانى كلامه وأنا أمّىّ، قد أوتى داود الزبور وموسى الألواح وعيسى الإنجيل وأنه غفر لى ذنبى ما تقدّم منه وما تأخّر، وإن الله أعطانى الكوثر، وإن الله أمدّنى بالملائكة، وآتانى النصر، وجعل بين يدىّ الرعب، وجعل حوضى أعظم الحياض، ورفع ذكرى فى التأذين «3» ، ويبعثنى «4» يوم القيامة مقاما محمودا والناس مهطعين مقنعى رءوسهم، ويبعثنى يوم القيامة فى أوّل زمرة «5» ؛ فأدخل الجنّة فى سبعين ألفا من أمّتى لا يحاسبون، ورفعنى يوم القيامة فى أقصى غرفة فى جنّات النعيم، ليس فوقى إلّا الملائكة الذين يحملون العرش، وآتانى السلطان والملك، وطيّب لى الغنيمة ولأمّتى؛ ولم تكن «6» لأحد قبلنا. وتوفّى بالرملة سنة أربع وثلاثين. يكنّى أبا الوليد. وقيس بن سعد بن عبادة ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحاديث. منها ابن لهيعة وحيوة بن شريح، عن عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل، عن عبد الرحمن بن أبى أميّة، عن قيس بن سعد، أنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «صاحب الدابّة أولى بصدرها» «7» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. وقد شركهم فى رواية هذا الحديث أهل الكوفة. حدثناه أبو زرعة عن حيوة مثله سواء. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عمرو بن الوليد بن عبدة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 عن قيس بن سعد، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج إليهم ذات يوم وهم فى المسجد؛ فقال: إن ربّى حرّم علىّ الخمر والميسر والكوبة والقنّين، وكلّ مسكر حرام. حدثناه أبى عبد الله ابن عبد الحكم. وربّما أدخل فيما بين عمرو بن الوليد وبين قيس أنه بلغه. حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا يحيى بن أيّوب، عن عبيد الله بن زحر، عن بكر بن سوادة، عن قيس بن سعد، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرم الخمر والكوبة والقنّين، وإيّاكم والغبيراء؛ فإنها ثلث خمر العالم» «1» . ومنها حديث ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، أنه سمع شيخا يحدّث أبا تميم الجيشانى، أنه سمع قيس بن سعد على المنبر يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «من كذب علىّ كذبة متعمّدا فليتبوّأ بيتا من النار، ألا ومن شرب الخمر أتى عطشانا يوم القيامة، وكلّ مسكر حرام» «2» . وسمعت عبد الله بن عمرو يقول مثل ذلك ولم يختلفا إلّا فى بيت أو مضجع. حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وطلق بن السمح. وكان قيس بن سعد قد ولى مصر؛ ولّاه عليها علىّ بن أبى طالب فى سنة سبع وثلاثين، وعزله «3» فى سنة ثمان وثلاثين. وجابر بن عبد الله الأنصارى ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحاديث. منها حديث بكر بن سوادة وجعفر ابن ربيعة، عن أبى حمزة الخولانى، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعثا وأنا فيهم، وأمّر عليهم قيس بن سعد بن عبادة، فجهدوا؛ فنحر لهم قيس تسع ركائب، ومرّوا بالبحر؛ فوجدوه قد ألقى دابّة حوتا عظيما؛ فمكثوا عليه ثلاثة أيّام يأكلون منه ويقدّدون ويغترفون شحمه فى قربهم، فلما قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذكروا له شأن قيس فقال: «إنّ الجود من شيمة أهل ذلك البيت» «4» وذكروا الحوت، فقال: لو نعلم أنّا نبلغه ولم يرح لأحببت إن لو كان عندنا منه. حدثناه شعيب بن يحيى، عن يحيى بن أيّوب، عن جعفر بن ربيعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، عن ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة. يزيد أحدهما الحرف ونحوه. ومنها حديث بكر بن مضر والليث بن سعد، عن أبى زرعة عمرو بن جابر الحضرمى، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: من صام رمضان وأتبعه ستا من شوّال؛ فكأنما صام الدهر أو فذلك صيام الدهر. حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم وعبد الغفّار بن داود، عن بكر بن مضر. قال: وحدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، عن ابن لهيعة وعثمان بن صالح، عن الليث ابن سعد. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى زرعة عمرو بن جابر، عن جابر بن عبد الله صاحب النبي صلّى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول: الفارّ من الطاعون كالفارّ من الزحف. حدثناه عثمان ابن صالح. ومما يبيّن قدوم جابر بن عبد الله مصر، ما حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا سعيد ابن عبد العزيز التنوخى، قال: قدم جابر بن عبد الله على مسلمة بن مخلّد وهو أمير على مصر، فقال له: أرسل إلى عقبة بن عامر الجهنى حتى أسأله عن حديث سمعه «1» من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فأرسل إليه؛ فقال: إنى سمعت. ويقال الذي قدم من المدينة على عقبة ابن عامر إنما هو السائب بن خلّاد الأنصارى، فيما ذكر يحيى بن حسّان، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: إن السائب بن خلّاد الأنصارى قدم على عقبة بن عامر الجهنى، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يذكر فى الستر «2» شيئا؟ فقال عقبة: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: من ستر مسلما ستره الله» «3» قال أنت سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال فراح ولم يقدم من المدينة إلّا لذلك. والله أعلم. قال: وحدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا يحيى بن أيّوب عن عيّاش بن عبّاس، عن واهب بن عبد الله المعافرى، قال: قدم رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الأنصار على مسلمة بن مخلّد، فألفاه نائما، فقال: أيقظوه، فقالوا: بل تنزل حتى يستيقظ، قال: لست الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 فاعلا، فأيقظوا مسلمة فخرج، فقال: انزل، قال: لا، حتى ترسل إلى عقبة، قال فأرسل إليه؛ فأتاه فقال: هل سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من وجد مسلما على عورة فستره فكأنما أحيا موءودة من قبرها؟» «1» فقال عقبة: أنا أبو حمّاد، قد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول ذلك، ولم يسمّ يحيى بن أيّوب الرجل. والله أعلم. وسهل بن سعد الساعدى ّ ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحاديث كلها أغربوا بها. منها حديث ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن سهل بن سعد، أن رجلا كان اسمه أسود فسمّاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبيض. حدثناه سعيد بن تليد، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى زرعة عمرو بن جابر، قال: سمعت سهل ابن سعد الساعدى يقول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تسبّوا تبّعا فإنه قد أسلم» «2» حدثناه أبو الأسود وعثمان بن صالح، عن ابن لهيعة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن جميل الحذّاء، عن سهل بن سعد، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «اللهمّ لا يدركنى زمان ولا أدركه لا يتّبع فيه العليم، ولا يستحيا فيه من الحليم، قلوبهم قلوب الأعاجم، وألسنتهم ألسنة العرب» «3» . حدثناه عثمان ابن صالح. ومنها حديث بكر بن مضر، عن عيّاش بن عقبة، أن يحيى بن ميمون حدثه، قال: كنت فى المسجد فمرّ بى سهل بن سعد الأنصارى؛ فسلّم ثم وقف فقال: أحدّثك بشىء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ ثم التفتّ إلى انسان كان بجنبى، فقلت له: ليس بينى وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلم غير هذا، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من كان فى المسجد ينتظر الصلاة فهو فى صلاة» «4» . حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم. وحدثنا أبو الأسود، عن ابن لهيعة، عن يحيى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 ابن ميمون الحضرمى، قال: سمعت سهل بن سعد يقول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا يزال أحدكم فى صلاة ما دام فى المسجد ينتظر الصلاة» «1» . ومسلمة بن مخلّد الانصارى (2 ولهم عنه حديث واحد ليس لهم عنه غيره. وهو حديث موسى بن علىّ، عن أبيه، أنه سمعه يقول وهو على المنبر: توفّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين. لم يرو عنه غير أهل مصر. وأهل البصرة لهم عنه حديث واحد، وهو حديث أبى هلال الراسبى، حدثنا جبلة بن عطيّة، عن مسلمة بن مخلّد، أنه رأى معاوية يأكل، فقال لعمرو ابن العاص: إنّ ابن عمّك لمخضد، ثم قال: أما إنى أقول هذا وقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «اللهمّ علّمه الكتاب ومكّن له فى البلاد وقه العذاب» «3» وربما أدخل بعض المحدّثين بين جبلة بن عطّية وبين مسلمة رجلا» 2) . وقد ولى مسلمة مصر، وهو أوّل من جمعت له مصر والمغرب، وتوفّى سنة اثنتين وستين. يكنّى أبا سعيد. وفضالة بن عبيد الأنصارى ولهم عنه شبيه بعشرين حديثا. منها حديث ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن عطاء ابن دينار، عن أبى يزيد الخولانى، عن فضالة بن عبيد، أنه سمع عمر بن الخطّاب يقول: إنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «الشهداء أربعة: رجل مؤمن جيّد الإيمان لقى العدوّ فصدق الله حتى قتل، فذاك الذي يرفع إليه الناس يوم القيامة أعينهم هكذا ورفع رأسه حتى وقعت قلنسيته. فما أدرى أقلنسية عمر أم قلنسية رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ورجل مؤمن جيّد الإيمان لقى العدوّ كأنما يضرب جلده بشوك الطلح من الجبن أتاه سهم غرب فقتله؛ فهو فى الدرجة الثانية. ورجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيّئا، لقى العدوّ فصدق الله حتى قتل؛ فذلك فى الدرجة الثالثة. ورجل مؤمن أسرف على نفسه فلقى العدوّ فصدق الله حتى قتل؛ فذلك فى الدرجة الرابعة» «4» . حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 ومنها حديث ابن لهيعة، قال: حدثنى أبو هانىء الخولانى، عن أبى علىّ الجنبىّ، عن فضالة بن عبيد، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «يسلّم الراكب على الماشى، والماشى على القاعد، والقليل على الكثير» «1» حدثناه أسد بن موسى. ومنها حديث الليث بن سعد، عن أبى هانئ الخولانى، عن عمرو بن مالك الجنبى، عن فضالة بن عبيد، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فى حجّة الوداع: «ألا أخبركم بالمؤمن؟ من آمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه فى طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب» «2» حدثناه أبو صالح. ومنها حديث الليث بن سعد، قال: حدثنى أبو شجاع سعيد بن يزيد الحميرى، عن خالد بن أبى عمران، عن حنش الصنعانى، عن فضالة بن عبيد، قال: اشتريت يوم خيبر قلادة فيها خرز وذهب باثنى عشر دينارا، ففصّلتها؛ فإذا الذهب أكثر من اثنى عشر دينارا، فذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: لا تباع حتى تفصّل. حدثناه أسد بن موسى وعبد الله بن صالح. قال حدثنا المقرئ، قال حدثنا حيوة بن شريح، قال أخبرنى أبو هانىء حميد بن هانىء، عن علىّ بن رباح، عن فضالة بن عبيد، قال: أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقلادة فيها ذهب وخرز تباع وهى من المغانم، فأمر بالذهب الذي فى القلادة فنزع وحده، ثم قال: «الذهب بالذهب وزنا بوزن» «3» . ومنها حديث حيوة بن شريح، قال: حدثنى أبو هانىء الخولانى، أن عمرو بن مالك حدثه، أنه سمع فضالة بن عبيد يقول، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «طوبى لمن هدى إلى الإسلام، وكان عيشه كفافا وقنع» «4» حدثناه أسد بن موسى، عن عبد الله ابن المبارك. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى هانىء الخولانى، عن عمرو بن مالك الجنبىّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 عن فضالة بن عبيد، أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «أنا الزعيم لمن آمن بى وأسلم ببيت فى ربض الجنّة، وأنا الزعيم لمن آمن بى وأسلم وهاجر ببيت فى ربض الجنة وببيت فى وسط الجنة. وأنا الزعيم لمن آمن بى وأسلم وهاجر وجاهد فى سبيل الله ببيت فى ربض الجنّة، وبيت فى وسط الجنّة، وبيت فى أعلى الجنّة، وبيت فى أعلى الجنّة، ولم يدع للخير مطلّبا، ولا من الشرّ مهربا، يموت حيث شاء أن يموت» «1» حدثناه أسد بن موسى. ومنها حديث حيوة بن شريح، أخبرنى أبو هانىء الخولانى، أن عمرو بن مالك الجنبىّ، أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد، يحدث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه قال: «من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة» «2» حدثناه المقرئ عن حيوة بن شريح. وأسد بن موسى، عن ابن المبارك عن حيوة. ومنها حديث حيوة، عن أبى هانىء، أن عمرو بن مالك أخبره أنه سمع فضالة ابن عبيد يقول، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «المجاهد من جاهد نفسه» «3» حدثناه أسد ابن موسى، عن عبد الله بن المبارك. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، قال: أخبرنى أبو مرزوق التجيبى، عن حنش بن عبد الله، عن فضالة بن عبيد، قال: دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بشراب فقال له بعضنا: ألم تكن صائما يا رسول الله؟ قال: بلى، ولكنّى قئت. حدثناه أسد بن موسى، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وعثمان بن صالح. ومنها حديث سعيد بن أبى أيّوب وابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى على الهمدانى، أنه قال: رأيت فضالة بن عبيد أمر بقبور المسلمين بأرض الروم فسوّيت بالأرض. قال ابن لهيعة فى حديثه وقال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «سوّوا قبوركم بالأرض» «4» . حدثناه المقرئ عن سعيد بن أبى ايّوب. قال وحدثناه أسد بن موسى، عن ابن لهيعة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى هانىء، عن أبى علىّ الجنبىّ، عن فضالة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 ابن عبيد، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «ثلاثة لا تسأل «1» عنهم: رجل فارق الجماعة أو عصى إمامه فمات عاصيا فلا تسأل عنه، وأمة أو عبد أبق من سيّده فمات فلا تسأل عنه، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مئونة الدنيا فتبرّجت بعده فلا تسأل عنها» «2» . «وثلاثة لا تسأل عنهم: رجل ينازع «3» الله رداءه [ورجل ينازع الله إزاره] قال ورداؤه الكبرياء وإزاره العزّة، ورجل فى شكّ من [أمر] الله» «4» . روى عنه من أهل المدينة سعيد بن المسيّب. ومن أهل الشأم ابن محيريز، وليس لغيرهم من أهل البلدان عنه شىء. وتوفّى سنة ثلاث وخمسين. يكنى بأبى محمد، وكان معاوية استقضاه. ورويفع بن ثابت الأنصارى ولهم عنه أحاديث أقلّ من العشرة. منها حديث نافع بن يزيد، قال: حدثنى ربيعة ابن سليم مولى عبد الرحمن بن حسّان التجيبى، أنه سمع حنش الصنعانى يحدث، أنه سمع رويفع بن ثابت فى غزوة إياس قبل المغرب، يقول: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال فى غزوة خيبر: «إنه بلغنى أنكم تتبايعون المثقال بالنصف أو الثلثين، وأنه لا يصلح إلا المثقال بالمثقال والوزن بالوزن» «5» وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يركب دابّة من المغانم؛ حتى إذا أنقضها ردّها فى المغانم، ولا ثوبا يلبسه؛ حتى إذا أخلق «6» ردّه فى المغانم» . وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره» «7» حدثناه سعيد بن أبى مريم. ومنها حديث عبد الله بن عيّاش القتبانى، عن أبيه، عن شييم بن بيتان، عن شيبان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 ابن أميّة، عن رويفع بن ثابت، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من ردّته الطيرة عن شىء فقد قارف الشرك» «1» . حدثناه إدريس بن يحيى الخولانى. ومنها حديث ابن عيّاش، عن أبيه، عن شييم بن بيتان، عن شيبان بن أميّة، عن رويفع بن ثابت، قال: كنت فى مجلس «2» فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال وكنت من أحدثهم سنا، فنظر إلىّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: رويفع، لعلّه سيطول بك العمر؛ فأخبر الناس أنه من استنجى بروث دابّة «3» ، أو بعظم، أو تعلّق «4» وترا يريد تميمة، أو عقد لحيته فى الصلاة، فقد برئت منه ذمّة محمد. حدثناه إدريس بن يحيى. ومنها حديث ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن زياد بن نعيم، عن وفاء بن شريح الحضرمى، عن رويفع بن ثابت، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه قال: «من صلّى على محمد وقال: اللهمّ أعطه المقعد المقرّب عندك يوم القيامة، وجبت له شفاعتى» «5» . حدثناه سعيد بن أبى مريم، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وأسد بن موسى. وقال بعضهم: «وأنزله المقعد المقرّب» . ومنها حديث المفضّل بن فضالة، عن عيّاش بن عبّاس القتبانى، عن شييم ابن بيتان، أنه سمع شيبان بن أميّة القتبانى، عن رويفع بن ثابت، قال: كان أحدنا فى زمان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يأخذ نضو أخيه على أن يعطيه النصف مما يغنم، حتى أن أحدنا ليطير له النصل والريش «6» وللآخر القدح. وقال رويفع قال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا رويفع، لعلّ الحياة ستطول بك بعدى، فأخبر الناس أنه من عقد لحيته، أو تقلّد وترا، أو استنجى برجيع دابّة أو بعظم؛ فإن محمدا منه برىء» «7» . وأخبرنى عيّاش بن عباس، عن شييم بن بيتان، عن أبى سالم الجيشانى، عن عبد الله بن عمرو، أنه سمعه يذكر هذا الحديث وهو مرابط حصن باب اليون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. قال عبد الرحمن: كان أبو الأسود يقولها بالميم، ويقول: إنّما سمّى كذا؛ لأنهم كانوا يقولون: من يقاتل «1» اليوم. وأبو هريرة ولهم عنه شبيه بعشرين حديثا. مها حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، أن ثابت بن الحارث أخبره أنه سمع أبا هريرة يخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه قال: «الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية، أتاكم أهل اليمن؛ أرقّ أفئدة، وألين قلوبا. والكفر قبل المشرق، والفخّر والخيلاء فى أهل الخيل والفدّادين أهل الوبر، والسكينة فى أهل الغنم» «2» حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث موسى بن علىّ، عن أبيه، عن عبد العزيز بن مروان، عن أبى هريرة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «شر «3» ما فى رجل شحّ هالع، وجبن خالع» «4» . حدثناه المقرئ، وعبد الله بن صالح. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن لهيعة بن عقبة، عن أبى الورد، عن أبى هريرة، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «إيّاكم والخيل المنفّلة؛ فإنها إن تلق تفرر «5» وإن تغنم تغللّ» «6» حدثناه أحمد بن عمر بن السرح، عن ابن وهب. ومنها حديث ابن لهيعة، عن درّاج أبى السمح، عن ابن حجيرة، عن أبى هريرة، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه قال: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ «7» قال: هم الذين يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ «8» . حدثناه أبو الأسود النضر ابن عبد الجبّار، ويحيى بن عبد الله بن بكير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 ومنها حديث ابن لهيعة، عن درّاج، عن ابن حجيرة، عن أبى هريرة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: والذي نفسى بيده، إنه ليختصم كلّ شىء يوم القيامة حتى إنّ الشاتين لتختصمان فيما انتطحتا» «1» حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن درّاج، عن عبد الرحمن بن حجيرة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «مثل الذي يتعلّم ولا يعلّم ولا يتحدّث؛ كمثل الذي يكنز الكنز ولا ينفق منه» «2» حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن سلامان بن عامر الشعبانى، قال: حدثنى أبو عثمان الأصبحى، عن أبى هريرة أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» «3» قالوا وما ذاك يا رسول الله؟ قال: يتقارب الزمان، ويظهر النفاق، وتقبض الرحمة، وترفع الأمانة، ويتّهم الأمين، ويؤمّن المتّهم. أناخ «4» بكم الشرف الجون. قال يقول أبو هريرة: وما سمعتها من أحد أول من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قالوا: يا رسول الله، وما الشرف الجون؟ قال الفتن قطع كقطع الليل المظلم. حدثناه النضر بن عبد الجبّار، وطلق ابن السمح. ومنها حديث الليث بن سعد، عن درّاج أبى السمح، عن ابن حجيرة، عن أبى هريرة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «إذا صلّى أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب، وليضمّ فخذيه» «5» . حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم وعبد الله بن صالح. قال عبد الرحمن: لم يرو الليث عن درّاج إلّا هذا الحديث. قال: وحدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن سويد الحاسب، أنه رأى أبا هريرة يصلّى على مسجد مصر. قال: وحدثنا حبيب بن مرزوق كاتب مالك، قال: حدثنا ابن أخى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 ابن شهاب، عن ابن شهاب، عن القاسم بن محمد، قال: كان اسم أبى هريرة عبد شمس، ويقال عبد نهم. والله أعلم. وتوفّى بالمدينة سة تسع وخمسين، ويقال ثمان وخمسين. وأبو بصرة الغفارى واسمه حميل بن بصرة ولهم عنه خمسة أحاديث. منها حديث الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن أبى بصرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «إنّا راكبون غدا إن شاء الله إلى يهود؛ فإذا سلّموا عليكم؛ فقولوا عليكم. حدثناه عبد الله بن صالح. حدثنا على بن معبد، حدثنا عبيد الله بن عمرو الجزرىّ، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير مرثد بن عبد الله اليزنى، عن أبى بصرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثله. ومنها حديث الليث بن سعد، عن خير بن نعيم، عن ابن هبيرة، عن أبى تميم، عن أبى بصرة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلّى بهم يوما صلاة العصر بالمخمّص- واد من أوديتهم- ثم انصرف فقال: «إنّ هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم؛ فتوانوا عنها وتركوها، فمن صلّاها منكم ضعّف الله له أجرها ضعفين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد «1» » . حدثناه عبد الله بن صالح، عن الليث. قال وحدثنا أبى عبد الله ابن عبد الحكم، عن ابن لهيعة وإدريس بن يحيى، عن عبد الله بن عيّاش القتبانى، عن ابن هبيرة، عن أبى تميم، عن أبى بصرة، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نحوه. ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن كليب بن ذهل الحضرمى، عن عبيد بن جبر، أنه سافر مع أبى بصرة الغفارىّ فى رمضان؛ فلما دفعوا من الفسطاط دعا بطعام ونحن ننظر إلى الفسطاط، فدعا بالسفرة فقلت: نأكل، ولو نشاء أن ننظر إلى الفسطاط نظرنا، فقال: أنرغب «2» عن سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه! فأفطرنا. حدثناه عبد الله بن صالح، وحدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، عن ابن لهيعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 ومنها حديث ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبى الهيثم، أنه سأل أبا بصرة عن إسلام غفار، فقال: أصابتنا سنة وقلّة من المطر، فتحدّثنا أن نذهب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنصيب معه من الطعام، ونرجع إلى جبلنا؛ فانطلقنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ونحن لا نريد الإسلام، فقال: من «1» القوم؟ قلنا: رهط من بنى غفار، قال: أمسلمون أم وصابى «2» ؟ فقلنا: بل وصابى «2» ، فمكثنا يومنا ذلك، فلما كان المبيت، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأصحابه: ليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل منهم، فوفّق الله لى أن آخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيدى؛ فانطلق بى إلى بيته وله ثمان أعنز يحتلبهنّ، فدعا كلّ عنز منها باسمها، فدعا موهبة بعنز منها فأتت بها فحلبتها، فسقانى فكأنّى لم أشرب شيئا، ثم دعا بالأخرى «3» فلم يزل حتى سقانى حلاب سبع أعنز، فما تركت الثامنة إلّا حفاظا، فغضبت موهبة غضبا لا يرى مثله، وأبغضتنى بغضا لا يرى مثله، غير أن لم تبد ذلك لى عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم دعاها فقال: يا موهبة، بيّتى هذا الرجل فى بيت ولا توثقى عليه الباب؛ فإنه قد أصاب من العيش، فذهبت بى الجارية فأدخلتنى البيت وأغلقت علىّ الباب غضبا، فتحرّكت علىّ بطنى فى ليلتى تلك كلّها، حتى أصبحت وقد ملأت ثيابى، فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالغسل فغسلنى وأزّرنى بشملة من عنده، فلما أصبحت غدا بى إلى المسجد، فوجدت حلقة أصحابى قد أسلموا فأسلمت. فلما كان المبيت أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أصحابه أن يأخذ كلّ رجل بيد صاحبه فيبيّته؛ فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيدى فانطلقت إلى بيته، فدعا موهبة فقال: ائتنى بفلانة، فحلبها فلم أشرب نصف حلابها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا أبا بصرة، إن الكافر يأكل فى سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل فى معى واحد. قال: حدثناه سعيد بن عفير. ومنها حديث ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، أن أبا تميم الجيشانى أخبره أنه سمع عمرو بن العاص، يقول: أخبرنى رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلم يقول: «إن الله قد زادكم صلاة فصلّوها ما بين العشاء إلى صلاة الصبح، الوتر الوتر» «4» الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 ألا إنه أبو بصّرة الغفارى. قال أبو تميم: فكنت أنا وأبو ذرّ قاعدين، فأخذ أبو ذرّ بيدى؛ فانطلقنا إلى أبى بصرة فوجدناه عند الباب الذي إلى دار عمرو بن العاص فقال أبو ذرّ: يا أبا بصرة، أنت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: إن الله قد زادكم صلاة فصلّوها ما بين العشاء إلى الصبح الوتر الوتر؟ قال: نعم، قال: أنت سمعته؟ قال: نعم، قال: أنت سمعته؟ قال: نعم. حدثناه يحيى بن عبد الله بن بكير، عن ابن لهيعة وعمرو بن سوّاد، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، لم يرو عنه غير أهل مصر. أبو ذرّ الغفارى ولهم عنه أحاديث. منها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن أبا سالم الجيشانى أتى إلى أبى أميّة فى منزله، فقال: إنى سمعت أبا ذرّ يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إذا أحبّ أحدكم صاحبه فليأته فى منزله؛ فيخبره أنه يحبّه» «1» وقد جئتك فى منزلك. حدثناه أبو الأسود. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافرى، أنه سمع يزيد بن تعيم التجيبى، يقول: سمعت أبا ذرّ الغفارى وهو قاعد عند المنبر فى مسجد الفسطاط يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من تقرّب إلى الله شبرا، تقرب الله إليه ذراعا، ومن تقرب إلى الله ذراعا تقرّب الله إليه باعا، والله أعلى وأجلّ» «2» ثلاث مرّات. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن درّاج، عن أبى الميثاء، عن أبى ذرّ قال: قال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ستّة أيام: اعقل ما أقول لك، ثم لمّا كان اليوم السابع قال: «أوصيك بتقوى الله فى سرّ أمرك وعلانيتك، وإذا أسأت فأحسن، ولا تسأل أحدا شيئا ولو سقط سوطك، ولا تؤو أمانة، ولا تولّين يتيما، ولا تقضينّ بين اثنين» «3» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وعثمان بن صالح، ولم يذكر أبو الأسود أبا الميثي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 ومنها حديث رشدين بن سعد وابن وهب، عن حرملة بن عمران التجيبى، عن ابن شماسة المهرىّ، قال: سمعت أبا ذرّ يقول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمّة ورحما، فإذا رأيتم أخوين يقتتلان فى موضع لبنة فاخرج منها» «1» فمرّ بعبد الرحمن وربيعة ابنى شرحبيل بن حسنة وهما يتنازعان فى موضع لبنة فخرج منها. حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، عن رشدين بن سعد. وعبد الملك بن مسلمة، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة. ومنها حديث ابن وهب، عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة، أن أبا سالم الجيشانى حدثه عن أبى ذرّ، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال له: «كيف ترى جعيلا؟ قال: قلت: مسكينا كشكلة من الناس، قال: فكيف ترى فلانا؟ قال قلت: سيّدا من سادات الناس، قال: فجعيل خير من ملء الأرض- أو ألف أو نحو ذلك. من فلان قال قلت: يا رسول الله، ففلان هكذا وأنت تصنع به ما تصنع، قال: إنه رأس قومه، فأنا أتألّفهم به» «2» . قال: حدثناه سعيد بن عيسى بن تليد. ومنها حديث ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى تميم الجيشانى، أن أبا ذرّ حدثه قال: كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى دخل بيته فجعل يقول: «غير الدجّال أتخوّف على أمّتى، غير الدجّال أتخوّف على أمّتى» ، فلمّا خشيت أن يدخل بيته ولم يبيّنها قال قلت ما هذا الذي غير الدجّال أخافك على أمتك يا رسول الله؟ قال: «الأئمة المضلّين أو الضالّين «3» » حدثناه طلق بن السمح، ويحيى بن عبد الله ابن بكير، وهانىء بن المتوكّل. ومنها حديث سعيد بن أبى أيّوب، عن عبيد الله بن أبى جعفر، عن سالم بن أبى سالم الجيشانى، عن أبيه، عن أبى ذرّ، أنه قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إنى أراك ضعيفا، وإنى أحبّ لك ما أحبّ لنفسى، لا تأمّرنّ على اثنين، ولا تولّينّ مال يتيم. حدثناه المقرئ، عن سعيد بن أبى أيّوب. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى قبيل، قال: سمعت مالك بن عبد الله البردادىّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 يحدّث عن أبى ذرّ أنه قال، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «ما أحبّ أن لى هذا الجبل ذهبا أنفقه ويتقبّل منّى أذر خلفى منه تسع أواق» «1» . أنشدك الله يا عثمان «2» أسمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاث مرّات قال: نعم حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن بكر بن عمرو، عن الحارث بن يزيد الحضرمى، عن ابن حجيرة الأكبر، عن أبى ذرّ أنه قال، قلت: يا رسول الله، ألا تستعملنى؟ قال: فضرب بيده على منكبى ثم قال: «يا أبا ذرّ، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزى وندامة، إلّا من أخذها بحقّها، وأدّى الذي عليه فيها «3» » . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد قال: سمعت ابن حجيرة الأكبر يقول: حدثنى من سع أبا ذرّ. وتوفّى بالربذة سنة ثنتين وثلاثين وصلّى عليه ابن مسعود منصرفه من المدينة إلى الكوفة. وكان اسمه جندب بن جنادة، ويقال: برير فيما حدثنا عبد الملك بن هشام «4» . وهبيب بن مغفل الغفارى وهو صاحب وادى هبيب ولهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث واحد؛ وهو حديث ابن لهيعة، عن يزيد ابن أبى حبيب، أن أسلم أبا عمران حدثه، قال: بعثنى مسلمة بن مخلّد إلى صاحب الحبشة قال: فلما قدمت وعنده ناس ينتظرون الإذن فيهم هبيب بن مغفل الغفارى صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ومحمد بن علبة القرشى، فأذن لمحمد بن علبة؛ فقام يجرّ إزاره، فنظر إليه هبيب فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من جرّ إزاره خيلاء وطئه فى النار «5» . حدثناه عبد الملك بن مسلمة. ورواه ابن وهب، عن قرّة بن عبد الرحمن، عن ابن أبى حبيب، أن أبا عمران أخبره عن هبيب بن مغفل، أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 ليس لهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث غيره. ولهم عنه حكايات فى نفسه. منها حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، أنه سمع أبا تميم الجيشانى، يقول: غزونا مع عمرو بن العاص غزوة أطرابلس، فجمعنا المجلس ومعنا هبيب بن مغفل فذكرنا قضاء دين رمضان، فقال هبيب: لا يفرّق قضاء دين رمضان، فقال عمرو بن العاص: لا بأس أن يفرق قضاء دين رمضان؛ إذا أحصيت العدّة إنما هى عدّة. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أسامة بن إساف الغفارى، قال: حدثنا أبو صالح الغفارى، قال: خرجت مع هبيب بن مغفل الغفارى صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو يريد أهله، وقد خبّر بابن له مريض، فحانت الظهر فسار كما هو، فقلت: الصلاة أصلحك الله، فسار كما هو حتى حانت العصر؛ فنزل؛ فجمع بين الظهر والعصر. لم يرو عنه أحد غير أهل مصر. وعقبة بن عامر الجهنى ّ ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم شبيه بمائة حديث. منها حديث حيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو المعافرى، عن مشرح بن عاهان، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «الخبث سبعون جزءا، للبربر تسعة وستّون جزءا، وللجنّ والإنس جزء واحد» «1» حدثناه أبو زرعة وهب الله بن راشد. ومنها حديث سعيد بن أبى أيوب، قال: حدثنى يزيد بن أبى حبيب، قال: سمعت أبا الخير مرثد بن عبد الله اليزنى، يقول: رأيت أبا تميم الجيشانى عبد الله بن مالك يركع ركعتين حين يسمع أذان المغرب، فأتيت عقبة بن عامر الجهنى فقلت ألا أعجبك من أبى تميم يركع ركعتين قبل صلاة المغرب، وأنا أريد أن أغمصه بذلك، فقال عقبة: إن «2» كنّا لنفعله «3» على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قلت: فما يمنعك الآن؟ قال: الشغل. حدثناه المقرئ عن سعيد بن أبى أيّوب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن عقبة ابن عامر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على أصحابه ضحايا، فبقى عتود «1» ، فذكره لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «ضحّ به أنت» «2» . حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم. وحدثناه شعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح، وأسد بن موسى. ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن عقبة ابن عامر، أنه قال قلنا: يا رسول الله، إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقرونا، فما ترى «3» فى ذلك؟ فقال لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغى للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا؛ فخذوا منهم حقّ الضيف الذي ينبغى لهم» «4» . قال حدثناه شعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح، وأسد بن موسى، ولم يذكر أسد، إنّك تبعثنا. ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن عقبة ابن عامر، قال: أهدى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرّوج حرير فلبسه؛ ثم صلّى فيه، ثم انصرف، فنزعه نزعا شديدا كالكاره له، ثم قال: «لا ينبغى هذا للمتّقين» «5» . حدثناه شعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح، وأسد بن موسى، ولم يذكر أسد كالكاره له. ومنها حديث ابن لهيعة، عن كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن أبى الخير، عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «كفّارة النذر كفّارة اليمين» قال حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن مشرح بن عاهان، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: نعم أهل البيت أبو عبد الله، وأمّ عبد الله، وعبد الله. حدثناه المقرئ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 ومنها حديث حيوة وابن لهيعة، عن بكر بن عمرو العافرى، عن مشرح بن عاهان، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لو كان بعدى نبىّ لكان عمر ابن الخطّاب» «1» . حدثناه المقرئ، عن حيوة. وعبد الغفّار بن داود الحرّانى، عن ابن لهيعة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن مشرح، قال: سمعت عقبة يقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لو جعل القرآن فى إهاب ثم ألقى فى «2» النار ما احترق» «3» قال: حدثناه المقرئ، وسعيد ابن عفير، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. حديث «4» ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان، قال: سمعت عقبة بن عامر، يقول: سمعت رسول الله، يقول: «كلّ ميّت يختم على عمله إلّا المرابط فى سبيل الله؛ فإنه يجرى له أجر عمله حتى يبعث» «5» . حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، والمقرئ، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. قال أبو الأسود: يجرى عليه عمله حتى يبعث ويؤمن من فتّان «6» القبر. ومنها حديث ابن لهيعة، قال: سمعت مشرح بن عاهان، يقول: سمعت عقبة بن عامر، يقول: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، فضّلت سورة الحجّ على القرآن لأن فيها سجدتين؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: نعم، ومن لم يسجدهما «7» فلا يقرأ بها «8» . حدثناه أبى، وأبو الأسود، وأسد بن موسى. قال أبو الأسود فى حديثه قلت يا رسول الله فى سورة الحجّ سجدتان. ومنها حديث ابن لهيعة، عن مشرح بن عاهان وحيوة، عن خالد بن عبيد، عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 مشرح، أنه سمع عقبة بن عامر يقول: إنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من علّق تميمة فلا أتمّ الله له، ومن علّق ودعة فلا أودع الله له» «1» . حدثناه أبو الأسود، عن ابن لهيعة والمقرئ؛ وأبو زرعة وهب الله ابن راشد، عن حيوة. قال المقرئ: من تعلّق تميمة. ومنها حديث حرملة بن عمران، قال: سمعت أبا عشانة يقول: سمعت عقبة ابن عامر- يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «من كان له ثلاث بنات فصبر عليهنّ؛ فأطعمهنّ وسقاهنّ وكساهنّ من جدته؛ كنّ له حجابا من النار» «2» . قال حدثناه المقرئ، وعبد الله بن صالح. ومنها حديث يحيى بن أيّوب، عن عمرو بن الحارث، أن أبا عشانة حدثه عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من توضّأ فجمع عليه ثيابه ثم خرج إلى المسجد كتب له كاتباه بكلّ خطوة عشر حسنات، ولم يزل فى صلاة ما دام ينتظر الصلاة. ويكتب «3» من المصّلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه» «4» . حدثناه سعيد بن أبى مريم. ومنها حديث ابن لهيعة، عن معروف بن سويد الجذامى، عن أبى عشانة، أنه سمع عقبة بن عامر يقول: كنت عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: «من كان هاهنا من معدّ فليقم، قال: فقمت، فقال: اقعد، قالها ثلاثا، كل ذلك أقوم فيقول: اقعد، قلت: فممّن نحن يا رسول الله؟ قال: «أنتم من قضاعة بن مالك بن حمير» «5» . حدثناه عبد الملك بن مسلمة. وحدثناه سعيد بن عيسى بن تليد، عن ابن وهب، عن معروف. وحدثناه عثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن مشرح، عن عقبة، وليس يقول أحد عن مشرح عن عقبة غير عثمان. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى عشانة، عن عقبة، أنه سمعه يقول، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من قال علىّ ما لم أقل؛ فليتبّوأ بيتا فى «1» جهنّم «2» » . ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى عشانة، أنه سمع عقبة يخبر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير، ويقول: إن كنتم تحبّون حلية الجنّة وحريرها فلا تلبسوهما فى الدنيا «3» . حدثناه عبد الملك بن مسلمة. ومنها حديث سعيد بن أبى ايّوب، قال: حدثنى يزيد بن عبد العزيز وأبو مرحوم، عن يزيد بن محمد القرشى، عن علىّ بن رباح، عن عقبة بن عامر، قال: أمرنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوّذات دبر كلّ صلاة. حدثناه المقرئ، عن سعيد بن أبى أيّوب. وحدثناه عبد الله بن صالح، عن الليث ابن سعد، عن حنين بن أبى حكيم، عن على بن رباح، عن عقبة بن عامر. ومنها حديث موسى بن علىّ، عن أبيه، أنه سمعه يقول: سمعت عقبة ابن عامر يقول: ثلاث ساعات كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلّى فيهنّ أو نقبر فيهنّ موتانا. حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب «4» . حدثناه المقرئ، وعبد الله بن صالح. ومنها حديث موسى بن علىّ، عن أبيه، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «يوم النحر ويوم عرفة وأيّام التشريق» ؛ عيدنا أهل «5» الإسلام؛ هى «6» أيّام أكل وشرب «7» . حدثناه عبد الله بن صالح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 ومنها حديث قباث بن رزين، عن علىّ بن رباح، قال سمعت عقبة بن عامر، قال: كنّا فى المسجد نتعلّم القرآن؛ فدخل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فسلّم علينا؛ فرددنا عليه السلام، فقال: «تعلّموا القرآن واقتنوه، وحسبت أنه قال وتغنّوا به، والذي نفسى بيده لهو أشدّ تفلّتا من المخاض فى العقل» «1» . قال: حدثناه المقرئ. ومنها حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علىّ بن رباح، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له ذو البجادين «2» . إنه أوّاه، وذلك أنّه يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء ويرفع صوته. قال: حدثناه أسد بن موسى. قال عبد الرحمن: لم يرو هذا الحديث إلّا أسد بن موسى. ومنها حديث ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن ربيعة بن قيس الجنبى، عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من توضّأ فأحسن وضوءه «3» ثم صلّى صلاة غير ساه ولا لاه كفّر عنه ما كان قبلها من سيّئة» «4» . قال عبد الرحمن: لا أحفظ من حدثناه عن «5» ابن لهيعة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شماسة، أنه سمع عقبة بن عامر يقول: صلّينا يوما مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأطال بنا القيام، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا صلّى خفّف، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم فى قيامه ذلك لا يسمع منه، غير أنه قال: ربّ وأنا فيهم، ثم رأيناه أهوى بيده ليتناول شيئا، ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ركع ثم أسرع بعد ذلك، فلمّا أن سلم جلس وجلسنا حوله؛ فقال: إنى قد علمت أنه قد رابكم طول قيامى، قلنا: أجل يا رسول الله، وسمعناك تقول يا ربّ وأنا فيهم. فقال: «والذي نفسى بيده ما مما وعدتم به فى الآخرة إلّا وقد عرض علىّ فى مقامى هذا؛ حتى لقد عرضت علىّ النار فلما أن أقبل إلىّ منها شىء حتى حاذى بمنكبى، فخفت أن يغشاكم فقلت: أى ربّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 وأنا فيهم، فصرفها الله عنكم فأدبرت قطعا كأنها الزرابىّ، فأشرفت فيها إشرافة فإذا فيها عمران بن حرثان «1» - أو جربان، شك «2» عبد الرحمن- أخى بنى غفار متّكئا فى جهنّم على قوسه، وإذا فيها صاحبة القطّ التى ربطته فلم تطعمه ولم تسرّحه فيبتغى ما يأكل؛ فمات على ذلك» «3» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شماسة، أنه سمع عقبة بن عامر، يقول: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «المؤمن أخو المؤمن، ولا يحلّ لمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه حتى يذر، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر» «4» . قال: حدثناه عبد الله بن صالح. ومنها حديث ابن لهيعة، عن واهب بن عبد الله، عن عبد الرحمن ابن شماسة، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «الميّت من ذات الجنب شهيد» «5» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وعبد الملك بن مسلمة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن رزيق الثقفى، أنه سمعه يقول: سمعت ابن شماسة يحدّث عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفات» «6» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يعقوب، عن ابن شماسة المهرىّ، أنه قال لعقبة بن عامر: إنك تختلف بين هذين الغرضين، وأنت شيخ كبير يشقّ عليك ذلك، قال عقبة: لولا كلام سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم أتعنّه. قال الحارث فقلت لابن شماسة:، ما ذاك؟ قال: إنه قال: «من علم الرمى ثم تركه فليس منّا، أو قد عصى» . قال الحارث: حسبت أنه قال هكذا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وعبد الملك بن مسلمة. وفى حديث عبد الملك أن فقيما اللخمىّ قال لعقبة: إنك تختلف بين هذين الغرضين. ومنها حديث حيوة بن شريح ونافع بن يزيد، عن بكر بن عمرو، قال: سمعت شعيب بن زرعة، أنه سمع عقبة بن عامر يقول أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: «لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها، قالوا: يا رسول الله وما نخيف به أنفسنا؟ قال: الدّين» «1» . حدثناه سعيد بن أبى مريم، عن نافع بن يزيد، والمقرئ، عن حيوة بن شريح. ومنها حديث ابن لهيعة، عن ابن هبيرة والحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، أنه سمع عقبة بن عامر يقول: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم «نهى عن الكىّ وشرب الحميم، وكان إذا اكتحل اكتحل وترا، وإذا استجمر استجمر وترا» «2» . حدثناه أسد بن موسى وعثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة. وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد. ومنها حديث ابن لهيعة، عن أبى قبيل، قال: سمعت عقبة بن عامر، يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «هلاك أمّتى فى الكتاب واللّبن، قالوا: يا رسول الله وما الكتاب واللبن؟ قال: يتعلّمون الكتاب فيتأوّلونه على غير ما أنزله الله؛ ويحبّون اللبن فيدعون الجماعات والجمع» «3» . قال أبو قبيل: ولم أسمع من عقبة بن عامر غير هذا. حدثناه المقرئ، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن إسحاق، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الرحمن التجيبى، عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «لا يدخل الجنّة صاحب مكس» «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 حدثناه علىّ بن معبد، عن عبيد الله بن عمرو الجزرى. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن هشام بن أبى رقيّة أخبره أنه سمع مسلمة بن مخلّد يقول: ما يحمل الرجل المسلم على لبس الحرير، وله فى العصب والكتّان ما يغنيه، وهذا بين أظهركم من يخبركم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قم يا عقبة، فقام عقبة بن عامر فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من كذب علىّ كذبة متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار» «1» . وسمعته يقول «من لبس الحرير فى الدنيا حرّمه الله فى الآخرة» «2» قال حدثناه عبد الملك بن مسلمة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيت الله يعطى العباد ما يسألون على معاصيهم إيّاه فإنما ذلك استدراج منه لهم «3» ثم تلا فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ «4» إلى آخر الآية. حدثناه عبد الله بن عبّاد العبدى. ومنها حديث الليث بن سعد، عن ابن أبى حبيب، عن أسلم أبى عمران، عن عقبة بن عامر، قال: اتّبعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو راكب؛ فوضعت يدى على قدمه فقلت: أقرئنى من سورة هود أو سورة يوسف، فقال: لن تقرأ أبلغ عند الله من قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ حدثناه شعيب بن الليث؛ وعبد الله بن صالح، وأسد بن موسى. ومنها حديث ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبى سعيد القتبانى، عن أبى تميم الجيشانى، عن عقبة بن عامر، أن أخته نذرت أن تحجّ ماشية بغير خمار، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم؛ فقال: لتحجّ راكبة مختمرة ولتصم. حدثناه سعيد بن أبى مريم، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. قال أبو الأسود عن بكر أنه سمع عن عقبة، ولم يقل مختمرة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافرى، عمّن سمع عقبة بن عامر يقول: بعثنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ساعيا، فاستأذنته نأكل من الصدقة؛ فأذن لنا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أن ابن شماسة حدّثه، أن عقبة بن عامر قام فى صلاة وعليه جلوس، فقال الناس: سبحان الله! سبحان الله! فعرف الذي يريدون، فلما أتمّ صلاته سجد سجدتين وهو جالس، وقال: إنى قد سمعت قولكم، وهذه السنّة. حدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح. وحدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا بكر بن مضر، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شماسة، عن عقبة نحوه. قال: وشركهم فى الرواية عنه من أهل المدينة سعيد بن المسيّب، ومعاذ بن عبد الله ابن حبيب. ومن أهل الكوفة قيس بن أبى حازم. ومن أهل البصرة الحسن بن أبى الحسن، وليس ذلك بالصحيح. وكان مفتى البلد، وتوفّى بمصر فى خلافة معاوية. يكنّى أبا حمّاد. وأبو عبد الرحمن الجهنى ولهم عنه حديثان، أحدهما ابن لهيعة عن أبى الخير، عن أبى عبد الرحمن الجهنى، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم باع رجلا فى دين يقال له سرّق- قال عبد الرحمن هكذا وجدته فى كتابى فذاكرت به بعض أصحابنا فقال: إنما هو ابن لهيعة، عن بكر ابن سوادة، عن أبى عبد الرحمن الحبلى، عن أبى عبد الرحمن القينى، وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- قال: قدم رجل قد قرأ سورة البقرة ببزّ فباعه من سرّق فتجاراه فتغيّب عنه، ثم ظفر به فأتى به النّبيّ صلّى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: بع سرّقا، فانطلق؛ فساوم به رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثة أيّام، ثم بدا له فأعتقه. والله أعلم. والآخر حديث ابن إسحاق، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن أبى عبد الرحمن الجهنى، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأى راكبين فقال: كنديّان أو مذحجيّان، حتى أتياه فإذا رجلان من مذحج فقال أحدهما: يا رسول الله، أرأيت من رآك وآمن بك وصدّقك ماذا له؟ قال: طوبى، فمسح على يده ثم انصرف، وفعل الآخر مثل ذلك. لم يرو عنه غير أهل مصر. وقد روى ابن إسحاق بهذا الإسناد عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 أبى عبد الرحمن أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إنّا راكبون غدا إلى يهود «1» . قال عبد الرحمن وذلك خطأ إنما هو أبو بصرة، وقد خالف ابن إسحاق فى ذلك، الليث، وابن لهيعة، وهما بذلك أعلم. ومعاذ بن أنس الجهنى ولهم عنه شبيه بأربعين حديثا. منها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد الحمراوىّ، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهنى، عن أبيه معاذ، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عشر مرّات حتى يختمها؛ بنى الله له بيتا فى الجنّة «2» . فقال عمر بن الخطّاب: إذا نستكثر يا رسول الله، قال: الله أكثر وأطيب. قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث نافع بن يزيد، قال: حدثنى أبو مرحوم، عن سهل بن معاذ الجهنى، عن أبيه، أن رجلا جاء إلى مجلس فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليكم، فردّ عليه السلام، وقال عشر حسنات. ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال: عشرون. ثم أتى آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: ثلاثون ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال: أربعون. وقال: هكذا تكون الفضائل. قال حدثناه سعيد بن أبى مريم. ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتصفح عمّن ظلمك «3» » . قال حدثناه أبو الأسود. ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب وزبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه- وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- أنه قال: «اركبوا هذه الدوابّ سالمة وايتدعوها «4» سالمة، ولا تتّخذوها كراسى «5» » . قال الليث: وحدثنى سهل بن معاذ نفسه عن أبيه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بهذا الحديث. قال حدثناه شعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 ومنها حديث يحيى بن أيّوب، وابن لهيعة، ورشدين بن سعد، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من حرس ليله فى سبيل الله متطوّعا من وراء عورة المسلمين- لم يأخذه سلطان- لم ير النار بعينيه إلّا تحلّة القسم «1» ، فإن الله تبارك وتعالى قال: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها «2» حدثناه محمد ابن المتوكّل، عن رشدين بن سعد. وأبو الأسود، عن ابن لهيعة. وأبى عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب، عن يحيى بن أيّوب. ومنها حديث يحيى بن أيّوب، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من ثبت فى مصلّاه حين ينصرف من الصبح حتى يسبّح ركعتى الضحى لا يقول إلّا خيرا؛ غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» . حدثناه سعيد بن عفير. ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من كان صائما وعاد مريضا وشهد جنازة؛ غفر له إلّا أن يحدث من بعد» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة ورشدين بن سعد، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «الضاحك فى الصلاة والملتفت والمفقّع أصابعه بمنزلة واحدة «3» » . قال حدثناه سعيد بن أبى مريم، عن رشدين بن سعد. وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، عن ابن لهيعة. ومنها حديث سعيد بن أبى أيّوب، عن أبى مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ ورشدين بن سعد، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، «نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب «4» » . حدثناه محمد ابن يحيى، عن المقرئ. وحجّاج بن رشدين، عن أبيه. ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 أن معاذ بن جبل سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عن أفضل الإيمان؟ فقال: «أن تحبّ لله، وتبغض لله، وتعمل لسانك فى ذكر الله. قال وماذا يا رسول الله؟ قال: أن تحبّ للناس ما تحبّ لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تقول خيرا أو تصمت «1» » . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث سعيد بن أبى ايّوب، عن أبى مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي طعّمنى هذا ورزقنيه من غير حول منّى ولا قوّة؛ غفر له ما تقدّم من ذنبه. ومن لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذي كسانى هذا ورزقنيه من غير حول منّى ولا قوّة؛ غفر له ما تقدّم من ذنبه «2» » . حدثناه محمد بن يحيى، عن المقرئ. ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه قال: «إن لله عبادا لا يكلّمهم الله يوم القيامة، ولا يزكّيهم، ولا ينظر إليهم. قالوا: من أولئك يا رسول الله؟ قال: المتبرّىء من والديه رغبة عنهما، والمتبرّىء من ولده، ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرّأ منهم «3» » . قال: حدثناه أبو الأسود. ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لا تزال «4» هذه الأمّة على شريعة من الحقّ ما لم تظهر فيهم ثلاث: ما لم يقبض العلم منهم، ويكثر فيهم ولد الحنث، ويظهر «5» فيهم الصقّارون. قالوا: وما الصقّارون يا رسول الله؟ قال: نشء يكونون فى آخر الزمان تحيّتهم بينهم التلاعن «6» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أنه قال: «من كظم غيظه وهو يقدر على أن ينتصر؛ دعاه الله على رءوس الخلائق حتى يخيّره فى حلل الإيمان» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه أمر أصحابه بالغزو، وأن رجلا تخلّف وقال لأهله: أتخلّف حتى أصلّى مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم الظهر ثم أسلّم عليه وأودعه؛ فيدعو لى بدعوة يكون لى سابقة يوم القيامة. فلما صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أقبل الرجل مسلّما عليه، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أتدرى بكم سبقك أصحابك؟ قال: نعم، سبقونى بغدوتهم اليوم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: والذي نفسى بيده لقد سبقوك بأبعد ممّا بين المشرق والمغرب فى الفضيلة. ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من بنى بنيانا فى غير ظلم ولا اعتداء، أو غرس غرسا فى غير ظلم ولا اعتداء، كان له أجرا جاريا ما انتفع به أحد من خلق الرّحمن» «1» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أن رجلا سأله، فقال: أىّ المجاهدين أعظم أجرا يا رسول الله؟ قال: أكثرهم لله ذكرا. قال: فأىّ الصائمين أعظم؟ قال: أكثرهم لله ذكرا، ثم ذكر الصلاة، والزكاة، والحجّ، والصدقة «2» ؛ كل ذلك يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أكثرهم لله ذكرا. فقال أبو بكر لعمر بن الخطّاب: يا أبا حفص، ذهب الذاكرون بكلّ خير، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أجل. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «من تخطّى «3» رقاب الناس يوم الجمعة اتّخذ جسرا إلى جهنّم» «4» . قال: حدثناه عبد الملك بن مسلمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى ولهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قريب من عشرين حديثا. منها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدىّ، قال: توفّى رجل ممن قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم غريب، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو عند القبر: ما اسمك؟ فقلت: العاص. وقال لابن عمرو: ما اسمك؟ فقال: العاص. وقال للعاص بن العاص: ما اسمك؟ قال: العاص. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: العاص، أنتم عبد الله انزلوا، قال: فوارينا صاحبنا ثم خرجنا من القبر وقد بدلت أسماؤنا. قال حدثناه شعيب بن الليث، وعبد الله ابن صالح، ويحيى بن عبد الله بن بكير. ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، أنه سمع عبد الله ابن الحارث بن جزء الزبيدى، يقول: أنا أوّل من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «لا يبولنّ أحدكم مستقبل القبلة» «1» . وأنا أول من حدّث الناس بذلك. حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وشعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح. وقد أدخل ابن لهيعة فى هذا الحديث بين ابن أبى حبيب وبين عبد الله بن الحارث، جبلة بن نافع. وحدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وعثمان بن صالح، عن ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد، أنه سمع عبد الله بن الحارث. وحدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن سهل بن ثعلبة، عن عبد الله بن الحارث بن جزء. وحدثناه يحيى بن عبد الله بن بكير، عن عرابىّ بن معاوية، عن سليمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث. ومنها حديث الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة ونافع بن يزيد، عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، قال: سمعت عبد الله بن الحارث بن جزء يقول: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: «ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار» «2» . حدثناه سعيد بن أبى مريم، عن الليث، ونافع بن يزيد. ويحيى بن عبد الله بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 بكير عن الليث. وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار عن ابن لهيعة. ولم يذكر ابن أبى مريم. وبطون الأقدام. ومنها حديث ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث، قال: أكلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى المسجد شواء، ثم أقيمت الصلاة فمسحنا أيدينا بالحصباء، ثم قمنا فصلّى ولم يتوضّأ. حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، ووهب الله بن راشد، وأبو الأسود، وعثمان ابن صالح. وقال بعضهم: أكلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم طعاما قد مسّته النار. ورواه ابن وهب، عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، عن عبد الله بن الحارث بن جزء نحوه. حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح، حدثنا عبد الملك بن أبى كريمة المغربى، عن عبيد بن ثمامة المرادى، قال: قدم علينا عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى- من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- مصر فسمعته يحدّث فى مسجد مصر، فقيل له ما أعملك إلى مصر وليس فيك مضرب بسيف ولا مطعن برمح ولا مرمّى بسهم؟ قال: جئت أكون فى صفوف المسلمين لعلّ سهم غرب يأتينى فيقتلنى. قيل له: ما تقول فيما مسّت النار؟ قال: وما مسّت النار؟ قيل له: اللحم المطبوخ أو المنضوج، قال لقد رأيتنى سابع سبعة أو سادس ستّة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى دار رجل، فمرّ بلال، فناداه بالصلاة فخرج، فمرّرنا برجل وبرمته على النار، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أطابت برمتك؟ قال: نعم، بأبى أنت وأمّى، فتناول منها بضعة، فلم يزل يعلكها حتى أحرم بالصلاة وأنا أنظر إليه. قال ابن قديد: حدثناه أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح عن عبد الملك بن أبى كريمة بإسناده مثله. ومنها حديث ابن لهيعة، عن عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل، عن أبيه عن عبد الله بن الحارث بن جزء، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجم يهوديا ويهوديّة. حدثناه أبو زرعة، عن حيوة، وهو يسوق الحديث بطوله. ومنها حديث نافع بن يزيد وابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، عن ابن جزء قال: ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. حدثناه طلق بن السمح، عن نافع بن يزيد. وأبو الأسود، عن ابن لهيعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 ومنها حديث ابن لهيعة عن درّاج أبى السمح، أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء يقول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ فى النار لحيّات أمثال أعناق البخت، تلسع إحداهنّ اللسعة؛ فيجد حموتها أربعين سنة» «1» . قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث بن جزء، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لوددت أنّ بينى وبين أهل نجران حجابا. من شدّة ما كانوا يجادلونه صلّى الله عليه وسلم. قال حدثناه عبد الملك بن مسلمة، وأبو الأسود النضر ابن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث، أنه مرّ وصاحب له بناس وفتية من قريش قد حلّلوا أزرهم؛ فهم عراة يتجالدون بها. قال الزبيدىّ: فلما مررنا بهم قالوا: إنّ هؤلاء قسّيسون، فدعوهم. ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج عليهم، فلما أبصروه تبدّدوا، فرجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم مغضبا. وكنت أنا وراء الحجرة يقول: سبحان الله! لا من الله استحيوا، ولا من رسوله استتروا. وأمّ أيمن عنده تقول له: استغفر له يا رسول الله، فقال: غفر الله له. قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث ابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن الحارث بن جزء، قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يستنجى أحد بعظم أو رمّة. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. قال عبد الرحمن: وقد زعم بعض المشايخ: أن أبا سلمة هذا الذي روى هذا الحديث، ليس هو أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، إنما هو أبو سلمة عبد الله ابن رافع. والله أعلم. وكان عبد الله بن الحارث قد عمى وتوفّى بمصر بعد عبد العزيز بن مروان سنة ستّ وثمانين. لم يرو عنه غير أهل مصر. وروى عنه من أهل المدينة أبو سلمة ابن عبد الرحمن. وكان له أخ من أمّه يقال له السفاح، قد روى عنه. قال: حدثنا طلق بن السمح، حدثا ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن السفاح- أخى الزبيدى لأمّه- عن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: إن الله أعدّ لعباده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. قالوا ومن أولئك يا رسول الله؟ قال: الذين لا يكتوون، ولا يتطيّرون وعلى ربّهم يتوكّلون. وعلقمة بن رمثة البلوى ّ ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد ليس لهم عنه غيره. وهو حديث الليث ابن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن سويد بن قيس البلوى، عن علقمة بن رمثة البلوى، قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى البحرين، ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى سريّة وخرجنا معه، فنعس رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم استيقظ فقال: رحم الله عمرا، فتذاكرنا كلّ إنسان اسمه عمرو. ثم نعس ثانية فاستيقظ فقال: رحم الله عمرا، ثم نعس ثالثة فاستيقظ فقال: رحم الله عمرا؛ فقلنا من عمرو يا رسول الله؟ قال: عمرو بن العاص. قالوا: وما باله؟ قال: ذكرت أنى كنت إذا ندبت الناس للصدقة جاء من الصدقة فأجزل؛ فأقول له من أين لك هذا يا عمرو؛ فيقول: هو من عند الله. وصدق عمرو. إن لعمرو عند الله خيرا كثيرا «1» . قال حدثناه عبد الله بن صالح، ويحيى بن بكير، وأسد بن موسى. وأبو الرمداء البلوى ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث، وهو ابن وهب، عن بن لهيعة، عن عبد الله ابن هبيرة، عن أبى سليمان مولى لأمّ سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم- حدثه أن أبا الرمداء حدثه، أن رجلا منهم شرب فأتوا به رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فضربه. ثم شرب الثانية، فضربه، ثم شرب الثالثة فأتوا به إليه، فما أدرى أفى الثالثة أو الرابعة أمر فحمل على العجل، أو قال على الفحل. حدثناه محمد بن يحيى الصدفى. ولم يرو عنه غير أهل مصر. وابن سندر ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديثان، وهما ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير مرثد بن عبد الله اليزنى، عن ابن سندر، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها. وتجيب أجابت الله ورسوله» «2» . فقلت له: يا أبا الأسود، أنت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يذكر تجيب؟ قال: نعم. قلت وأحدّث الناس عنك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 بذلك؟ قال: نعم. حدثناه عبد الملك بن مسلمة ويحيى بن بكير. ولم يذكر ابن مسلمة- قلت يا أبا الأسود إلى آخر الحديث. ويقال ابن سندر فيما ذكر ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ربيعة بن لقيط التجيبى، عن عبد الله بن سندر، عن أبيه، أنه كان عبدا لزنباع بن سلامة الجذامى فعتب «1» عليه؛ فخصاه «2» وجدعه. فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبره؛ فأغلظ لزنباع القول وأعتقه منه. قال: أوص بى يا رسول الله، قال: أوصى بك كلّ مسلم «3» . قال يزيد: وكان سندر كافرا، والله أعلم. لم يرو عنه غير أهل مصر. وديلم الجيشانى ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد. وهو ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن ديلم الجيشانى، أنه قال أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إنّا بأرض باردة شديدة البرد ونصنع بها شرابا من القمح، أفيحلّ يا نبىّ الله؟ فقال: أليس يسكر؟ قال: بلى. قال: فأنّه حرام. ثم راجعه «4» الثانية، فقال مثلها. ثم إنى أعدت عليه فقلت: أرأيت إن أبوا أن يدعوها يا نبىّ الله وقد غلبت عليهم، قال: من غلبت عليه فاقتلوه. حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وهانىء بن المتوكلّ. ليس لهم عنه غيره، ولم يرو عنه غير أهل مصر. وأبو ثور الفهمى ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد. وهو ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافرى، عن أبى ثور الفهمى، قال: كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما فأتى بثوب من ثياب المعافر، فقال أبو سفيان لعن الله هذا الثوب، ولعن من عمله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تلعنهم فإنهم منّى وأنا منهم» «5» . حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار وعثمان بن صالح. ليس لهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم غيره. لم يرو عنه غير أهل مصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 ولهم عنه حكاية عن نفسه. قال حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا عبد الرحمن بن شريح وعبد الملك بن نصير، حدثنا عمران بن عطيّة، عن أبى شريح، أنه سمع يزيد بن عمرو المعافرى، يحدّث عن أبى ثور الفهمى، أنه قال: من غلّ إبلا طوّق حملها كما طوّق أخفافها. لم يرو عنه غير أهل مصر. وعتبة بن الندر ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد؛ وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد، عن علىّ بن رباح، عن عتبة بن الندر- وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- قال قيل: يا رسول الله، أىّ الأجلين قضى موسى عليه السلام؟ قال: أوفاهما وأبرّهما. قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن موسى عليه السلام لمّا أراد فراق شعيب عليه السلام، أمر امرأته أن تسأل أباها من غنمه ما يتعيّشون به؛ فأعطاها ما تنتج من قالب لون، فلما وردت الحوض وقف موسى عليه السلام بإزاء الحوض، فلم تصدر منها شاة إلا ضرب جنبها بعصاه، فوضعت قالب ألوان كلّهنّ ووضعت اثنتين وثلاثة ليس فيهم «1» فشوش «2» ولا ضبوب ولا ثغول «3» ولا كمشة تفوت الكفّ. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن افتتحتم الشأم وجدتم بقايا منها وهى السامرية. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، ويحيى بن عبد الله بن بكير. ولم يذكر أبو الأسود. تفوت الكفّ. لم يرو عنه غير أهل مصر، وشركهم فى الرواية عنه من أهل الشأم، خالد بن معدان. وعبد الرحمن بن عديس البلوى ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد؛ وهو ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شماسة، أن رجلا حدثه عن عبد الرحمن بن عديس، أنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: تخرج أناس يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرميّة، يقتلهم الله فى جبل لبنان والجليل أو الجليل وجبل لبنان «4» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ورواه ابن أبى مريم، عن ابن لهيعة، عن عيّاش بن عبّاس، عن أبى الحصين الحجرى، عن ابن عديس. لم يرو عنه غير أهل مصر. وتوفّى بالشأم سنة ستّ وثلاثين. وأبو زمعة البلوى ولهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم حديث واحد، وهو ابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، عن أبى فراس، سمع أبا زمعة يقول، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قتل رجل تسعة وتسعين؛ فأتى راهبا فقال: إنى قتلت تسعة وتسعين، فهل لى من توبة؟ ثم ذكر الحديث فيما ذكر عثمان بن صالح. ولهم عنه حكاية سوى هذا؛ وهو حديث ابن لهيعة، عن عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل، أن أبا زمعة البلوىّ- وكان من اصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- قال حين حضرته الوفاة بإفريقية أمرهم إذا دفنوه أن يسوّوا قبره بالأرض. حدثناه أبو الأسود. لم يرو عنه غير أهل مصر. وأبو موسى الغافقى مالك بن عبادة ويقال مالك بن عبد الله. ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديثان؛ أحدهما ابن لهيعة، عن عبد الله بن سليمان، عن ثعلبة أبى الكنود، عن مالك بن عبد الله الغافقىّ، قال: أكل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما طعاما ثم قال: استر علىّ حتى أغتسل، فقلت: أكنت جنبا يا رسول الله؟ قال: نعم، فأخبرت بذلك عمر بن الخطّاب فجرّنى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: إن هذا يزعم أنك أكلت وأنت جنب، فقال: نعم، إذا توضّأت أكلت وشربت ولا أصلّى ولا أقرأ حتى أغتسل. قال حدثناه سعيد بن عفير، وأسد بن موسى، وعثمان بن صالح يزيد بعضهم على بعض الحرف ونحوه. والآخر حديث ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يحيى بن ميمون الحضرمىّ، أنه حدثه عن وداعة الحمدى، أنه حدثه أنه كان بجنب مالك بن عبادة أبى موسى الغافقى، وعقبة بن عامر يقصّ قال النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال مالك إنّ صاحبكم هذا عاقل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 أو هالك، إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم عهد إلينا فى حجّة الوداع فقال: عليكم بالقرآن فإنكم سترجعون إلى قوم يشتهون الحديث عنّى، فمن عقل شيئا فليحدّث به، ومن افترى علىّ فليتبوّأ بيتا أو مقعدا من جهنّم «1» ، لا أدرى أيّتهما قال. حدثناه محمد بن يحيى الصدفى. وكان خادما للنبى صلّى الله عليه وسلم. لم يرو عنه غير أهل مصر. وليس لأهل مصر عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلم غير هذين الحديثين، ولهم عنه شىء من رأيه فى الفتن. وجنادة بن أبى أميّة الأزدى ولهم عنه أحاديث؛ منها عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن جنادة بن أبى أميّة، أن رجالا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال بعضهم: إنّ الهجرة قد انقطعت، فاختلفوا فى ذلك؛ فانطلقنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فقلنا: يا نبىّ الله، إنّ ناسا يقولون: إن الهجرة قد انقطعت، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: لا تنقطع الهجرة ما كان الجهاد «2» . هكذا ذكر عن ابن وهب. وحدثناه شعيب بن الليث وعبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، أن جنادة بن أبى أميّة حدثه أن رجلا حدثه، أن رجالا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ثم ذكر الحديث. حدثناه أبو الأسود، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن جنادة بن أبى أميّة، حدثه أنه سمع رجلا من الأنصار يحدّثه، قال: تذاكرنا الهجرة فقال بعضنا: انقطعت. وقال بعضنا: لم تنقطع، فأرسلنا رجلا منا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، ثم ذكر الحديث. ومنها حديث ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، أن أبا الخير أخبره، أن حذيفة البارقىّ حدثه، أن جنادة بن أبى أميّة أخبره أنهم دخلوا على النبي صلّى الله عليه وسلم ثمانية نفر، فقرّب إليهم طعاما فى يوم جمعة، فقال: كلوا. فقالوا: إنّا صيام، فقال: أصمتم أمس؟ قالوا: لا، قال: أفصائمون أنتم غدا؟ قالوا: لا، قال فأفطروا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث خنيس بن عامر المعافرى، عن أبى قبيل، عن جنادة بن أبى أميّة، قال: دخل قوم على معاذ بن جبل فى مرضه فقالوا له: حدّثنا حديثا سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم تنسه ولم يشبّه عليك، فقال: أجلسونى، فأخذ بعض القوم بيده وقعد بعض القوم وراءه، فقال: لأحدّثنّكم حديثا سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم أنسه ولم يشبّه علىّ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما من نبىّ إلّا وقد حذّر أمّته الدجّال، وأنا أحذّركم أمر الدجّال؛ إنه أعور، وإن الله ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر، يقرأه الكتّاب وغير الكتّاب، معه جنّة ونار؛ فناره جنّة؛ وجنّته نار» «1» . قال: حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم. وسفيان بن وهب الخولانى ولهم عنه أحاديث. منها حديث ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شريح، قال: سمعت سعيد بن أبى شمر السبائى يقول: سمعت سفيان بن وهب الخولانى، يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «لا تأتى المائة وعلى ظهرها أحد باق» «2» . فحدّثت بها ابن حجيرة فقام فدخل على عبد العزيز بن مروان، قال: فحمل سفيان وهو شيخ كبير، فسأله عبد العزيز عن الحديث، فحدثه. فقال عبد العزيز: فلعلّه يعنى لا يبقى أحد ممّن كان معه إلى رأس المائة؟ فقال سفيان: هكذا سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال: حدثناه عمرو ابن سوّاد. ومنها حديث ابن لهيعة، عن ابن أبى عشانة، أن سفيان بن وهب الخولانى، حدثه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه قال: «روحة أو غدوة فى سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وإنّ المؤمن على المؤمن؛ عرضه وماله ونفسه حرام كما حرّم الله هذا اليوم» «3» . حدثناه أبو الأسود. وربّما أدخل فيه بعض الناس أن رجلا حدثه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ولم يرو عنه غير أهل مصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 ومعاوية بن حديج التجيبى ولهم عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث. منها الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن سويد بن قيس، أخبره عن معاوية بن حديج، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، صلّى يوما فسلّم ثم انصرف، وقد بقى من الصلاة ركعة، فأدركه رجل فقال: بقيت من الصلاة ركعة، فرجع فدخل المسجد، وأمر بلالا فأقام الصلاة؛ فصلّى للناس ركعة. فأخبرت بذلك الناس فقالوا أتعرف الرجل؟ فقلت: لا، إلّا أن أراه، فمرّ بى فقلت: هو هذا، فقالوا: طلحة ابن عبيد الله «1» . حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وشعيب بن الليث، وعبد الله ابن صالح. ومنها حديث سعيد بن أبى ايّوب، عن يزيد بن أبى حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن حديج، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ قال: «إن كان شفاء ففى شربة من عسل «2» ، أو شرطة محجم، أو كيّة بنار تصيب ألما، وما أحبّ أن أكتوى» «3» . حدثناه المقرئ. ومنها حديث ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن عرفطة بن عمرو الحضرمى، عن معاوية بن حديج، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنه قال: روحة فى سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ويكنى أبا نعيم. ولم يرو عنه غير أهل مصر. وأبو جمعة حبيب بن سباع ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد؛ وهو ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن محمد بن يزيد المازنىّ، عن عبد الله بن عوف، عن أبى جمعة حبيب ابن سباع- وقد أدرك رسول الله صلّى الله عليه وسلم- قال: صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عام الأحزاب المغرب؛ فلما فرغ منها قال: هل علم أحد منكم أنى صلّيت العصر؟ قالوا: لا، والله يا رسول الله ما صلّيتها، فأمر المؤذّن فأذّن؛ فصلّى العصر، ثم صلّى المغرب بعد العصر. حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. لم يرو عنه غير أهل مصر. وروى عنه من أهل الشأم صالح بن جبير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 وأبو فاطمة الأزدى ّ ولهم عنه حديث؛ وهو ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن كثير الأعرج. الصدفى، قال: سمعت أبا فاطمة بذى الصوارى يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يا أبا فاطمة، أكثر من السجود؛ فإنه ليس من مسلم يسجد «1» لله سجدة إلّا رفعه الله بها درجة» «2» . قال حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار، وسعيد بن أبى مريم. وحدثنا سعيد بن أبى مريم، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافرى، قال: سمعت أبا عبد الرحمن الحبلى يخبر أنه سمع أبا فاطمة الأزدى، يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثله، إلّا أنه قال: رفعه الله بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة. ومنها حديث حيوة بن شريح، قال: أخبرنى بكر بن عمرو، أن الحارث بن يزيد الحضرمى، أخبره أن ربيعة الجرشى. أخبره، أنه سمع أبا فاطمة صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: إن صلاة النهار أفضل من صلاة الليل، قال: ربيعة فندمت ألا أكون سألت أبا فاطمة لما «3» كان ذلك. حدثناه المقرئ. ومالك بن عتاهية التجيبى ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد؛ وهو ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن مخيّس بن ظبيان، أنه سمع عبد الرحمن بن حسّان، يقول: أخبرنى رجل من جذام أنه سمع مالك بن عتاهية، أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول: «إذا لقيتم عشّارا فاقتلوه» «4» . حدثناه عبد الملك بن مسلمة. لم يرو عنه غير أهل مصر. وعمرو بن الحمق الخزاعى ّ ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد؛ وهو عبد الرحمن بن شريح قال: سمعت عميرة بن عبد الله المعافرى، يقول: حدثنى أبى، قال: سمعت ابن الحمق، يقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يكون فتنة يكون أسلم الناس فيها- أو قال خير الناس فيها- الجند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 الغربىّ. قال ابن الحمق: فلذلك قدمت عليكم مصر. حدثناه عبد الله بن صالح، عن أبى شريح. وعبد الملك بن نصير، عن عمران بن عطّية الجذامى، عن أبى شريح. وأبو الأعور السلمى ّ ولهم عنه حديث واحد، وهو ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن عمرو البكالىّ، عن أبى الأعور، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إنما أخاف على أمّتى من ثلاثة اشياء: شحّ مطاع، وهوى متّبع، وإمام ضالّ «1» . حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وطلق بن السمح. واسم أبى الأعور عمرو بن سفيان. وكثير. لم ينسب بأكثر من هذا ولهم عنه حديث واحد، وهو ابن وهب، عن حيوة بن شريح، قال: حدثنى عقبة ابن مسلم، قال: حدثنى كثير وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «ويل للأعقاب من النار» «2» . هكذا حديث ابن وهب، وإنما المشهور عقبة «3» ابن مسلم، عن عبد الله بن الحارث «4» . والله أعلم. وأبىّ بن عمارة ولهم عنه حديث واحد، وهو يحيى بن أيّوب، عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمد بن يزيد بن أبى زياد، عن أيّوب بن قطن، عن أبى بن عمارة- وكان صلّى القبلتين مع النبي صلّى الله عليه وسلم- قال قلت: يا رسول الله، أمسح على الخفّين؟ قال: نعم. قلت: يوم؟ قال: ويومان. قلت: ويومان. قال: وثلاثة. قلت: وثلاثة يا رسول الله؟ قال: نعم، وما «5» بدا لك. حدثناه سعيد بن عفير. قال: وحدثنا عمرو بن سوّاد، عن ابن وهب، عن يحيى بن أيّوب، عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمد بن يزيد بن أبى زياد، عن أيّوب بن قطن، عن عبادة ابن نسىّ، عن أبىّ بن عمارة. ولم يذكر ابن عفير، عبادة بن نسىّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 ومالك بن هبيرة ولهم عنه حديث واحد؛ وهو ابن المبارك، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد ابن أبى حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزنى، عن مالك بن هبيرة، أنه كان إذا شهد جنازة فتقالّ أهلها جزّأهم ثلاثة صفوف، ثم يقول قال رسول الله: «ما من مسلم يصلّى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلّا أوجب» «1» . قال: حدثناه مهدى بن جعفر عن ابن المبارك. وحدثنا محمد بن عبد الجبار، أخبرنا محمد عيسى، قال: حدثنا حمّاد بن زيد، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير مرثد بن عبد الله، عن مالك بن هبيرة، وكانت له صحبة مثله. ومهاجر مولى أمّ سلمة وكان ينزل الصعيد ولهم عنه حديث واحد؛ وهو أبو إسحاق الخفّاف، عن عمران بن عبد الله، عن بكير مولى عمرة، عن مهاجر مولى أمّ سلمة، قال: خدمت رسول الله صلّى الله عليه وسلم سبع سنين فلم يقل لى فى شىء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشىء لم أفعله، لو فعلته. حدثناه يحيى بن عبد الله بن بكير. لم يرو عنه غير أهل مصر. وابن حوالة الأزدى ّ ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث؛ وهو الليث بن سعد وبن لهيعة، عن يزيد ابن أبى حبيب، عن ربيعة بن لقيط التجيبى، عن ابن حوالة الأزدى، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: من نجا من ثلاث فقد نجا، من نجا من ثلاث فقد نجا، من نجا من ثلاث فقد نجا. قالوا: ماذا يا رسول الله؟ قال: موتى، ومن قتل خليفة مصطبر بالحقّ يعطيه، وخروج الدجّال «2» . حدثناه أبى عبد الله بن عبد الحكم، وشعيب بن الليث وعبد الله ابن صالح، عن الليث. وأبو الأسود، عن ابن لهيعة يزيد بعضهم على بعض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 وحبّان بن بحّ الصدائى ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد؛ وهو ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم الحضرمى، عن حبّان بن بحّ الصدائى، قال: (1 إنّ قومى كفروا فأخبرت أن النبي صلّى الله عليه وسلم جهّز إليهم جيشا، فأتيته فقلت: إن قومى على الإسلام، قال: أكذلك «2» ؟ قلت: نعم. قال: فاتّبعته ليلتى حتى الصباح، فأذنت بالصلاة لمّا أصبحت، وأعطانى ماء فتوضّأت منه، فجعل النبي صلّى الله عليه وسلم أصابعه فى الإناء فانفجر عيونا، فقال: من أراد منكم أن يتوضّأ فليتوضّأ؛ فتوضأت وصلّيت، فأمّرنى عليهم، وأعطانى صدقاتهم. فقام رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: إن فلانا ظلمنى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لا خير فى الإمارة لمسلم، ثم جاء رجل يسأل صدقة، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: إن الصدقة صداع وحريق فى البطن، أو داء، فأعطيته صحيفتى؛ صحيفة إمرتى وصدقتى، فقال: ما شأنك؟ فقلت: أقبلها وقد سمعت ما سمعت؟ قال: هو ما سمعت 1) . حدثناه سعيد بن أبى مريم. وزياد بن الحارث الصدائى ولهم عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حديث واحد، وهو حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، قال: حدثنا زياد بن نعيم، قال سمعت: زياد بن الحارث الصدائى، قال: (* أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فبايعته على الإسلام، فأخبرت أنه قد بعث جيشا إلى قومى، فقلت: يا رسول الله، اردد الجيش وأنا لك بإسلام قومى وطاعتهم، فقال: اذهب فردّهم. فقلت يا رسول الله، إن راحلتى قد كلّت، ولكن ابعث إليهم رجلا. قال: فبعث إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلا وكتب معه إليهم فردّهم، قال الصدائى: فقدم وفدهم بإسلامهم، فقال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا أخا صداء، إنّك لمطاع فى قومك. قلت: بل الله هداهم للإسلام. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أفلا أؤمّرك عليهم؟ قلت: بلى. فكتب لى كتابا بذلك، فقلت: يا رسول الله، مر لى بشىء من صدقاتهم، فكتب لى كتابا آخر بذلك. وكان فى بعض أسفاره، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم منزلا فأتى أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم يقولون: أخذنا بشىء كان بيننا وبينه فى الجاهليّة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أو فعل؟ قالوا: نعم فالتفت إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 أصحابه وأنا فيهم فقال: لا خير فى الإمارة لرجل مؤمن. قال الصدائى فدخل قوله فى نفسى. قال: ثم أتاه «1» آخر فقال: يا رسول الله أعطنى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من سأل الناس عن ظهر غنى، فهو صداع فى الرأس، وداء فى البطن. فقال السائل فأعطنى من الصدقة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن الله لم يرض فيه بحكم نبىّ ولا غيره حتى حكم هو فيها، فجزّأها ثمانية أجزاء. فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك أو أعطيناك حقّك. قال الصدائى: فدخل ذلك فى نفسى لأنّى سألته من الصدقات وأنا غنىّ. ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم اعتشى من أوّل الليل فلزمته وكنت قويّا، وكان وأصحابه «2» ينقطعون عنه «3» ويستأخرون حتى لم يبق معه أحد غيرى، فلما كان أوان صلاة الصبح أمرنى فأذّنت وجعلت أقول: أقيم يا رسول الله؟ فينظر إلى ناحية المشرق ويقول: لا، حتى إذا طلع لفجر نزل فتبرّز ثم انصرف إلىّ وقد تلاحق أصحابه، فقال: هل من ماء يا أخا صداء؟ فقلت: لا، إلا شىء قليل لا يكفيك، فقال اجعله فى إناء ثم ائتنى به؛ ففعلت، فوضع كفّه فى الإناء فرأيت بين كلّ إصبعين من أصابعه عينا تفور. فقال: لولا أنى أستحى من ربّى يا أخا صداء لسقينا واستقينا، ناد فى الناس من له حاجة بالماء، فناديت فيهم فأخذ من أراد منهم، ثم جاء بلال فأراد أن يقيم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنّ أخا صداء أذّن ومن أذّن فهو يقيم. قال الصدائى: فأقمت، فلما قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلاته أتيته بالكتابين، فقلت: يا رسول الله، أعفنى من هذين، فقال: وما بدا لك؟ فقلت: إنى سمعتك تقول: لا خير فى الإمارة لرجل مؤمن، وأنا أؤمن بالله ورسوله. وسمعتك تقول للسائل: من سأل عن ظهر غنى فهو صداع فى الرأس وداء فى البطن، وقد سألتك وأنا غنىّ. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم هو ذاك، إن «4» شئت فاقبل، وإن شئت فدع «5» . فقال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فدلّنى على رجل أؤمّره عليهم «6» ، فدللته على رجل من الوفد الذين قدموا عليه فأمّره علينا. ثم قلنا «7» : يا رسول الله، إنّ لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها؛ فاجتمعنا عليها، وإذا كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 الصيف قلّ ماؤها؛ فتفرّقنا «1» على مياه حولنا. وقد أسلمنا وكلّ من حولنا عدوّ، فادع الله لنا فى بئرنا أن يسعنا ماؤها فنجتمع عليها ولا نتفرّق. قال فدعا بسبع حصيات فعركهن «2» فى يده ودعا فيهنّ ثم قال: اذهبوا بهذه الحصيات؛ فإذا أتيتم البئر فألقوها واحدة واحدة، واذكروا اسم الله. قال الصدائى: ففعلنا فما استطعنا بعد ذلك أن ننظر فى قعرها*) ، يعنى البئر. حدثناه المقرئ. وممّن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرووا عنه حكاية عن رأيه ولم يرو عنه غيرهم. أبو عميرة المزنى ولهم عنه حديث واحد؛ وهو ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن رجل من مزينة يقال له أبو عميرة، وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنهم كانوا إذا كانوا فى الغزو، فاصطفّوا هم والعدوّ لم يقاتلهم حتى يسألهم هل لأحد منهم أمان؟ فإن كان لأحد منهم أمان تركه وإلا قاتل. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. وقد أدخل بعض الناس فيما بين بكر بن سوادة وأبى عميرة، شيبان. وأبو وحوح البلوى ّ ولهم عنه حديث واحد؛ وهو ابن لهيعة عن الحارث بن يعقوب، عن أبى شعيب مولى أبى وحوح قال: دخل علينا أبو وحوح صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقد غسلنا ميّتا ونحن نغتسل، فلفّ ريطته مخراقا فجعل يضربنا به ويقول: ويحكم ليس نحن بأنجاس أحياء وأمواتا، لقد خشيت أن تكون سنّة. حدثناه أبو الأسود. وحدثناه عمرو بن سوّاد، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة. وأبو مسلم الغافقى ّ ولهم عنه حديث واحد؛ وهو ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، أنّ أبا مسلم صاحب النبي صلّى الله عليه وسلم، كان يؤذّن لعمرو بن العاص قال: فرأيته يبخّر المسجد. قال «3» : فقطعها عمر بن عبد العزيز. حدثناه عبد الملك بن مسلمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 وصلة بن الحارث الغفارى ولهم عنه حديث واحد، وهو حيوة بن شريح، قال: أخبرنى الحجّاج بن شدّاد الصنعانى، أن أبا صالح سعيد بن عبد الرحمن الغفارى، أخبره أن سليم بن عتر كان يقصّ على الناس وهو قائم، فقال له صلة بن الحارث الغفارى وهو من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: والله ما تركنا عهد نبيّنا صلّى الله عليه وسلم! ولا قطعنا أرحامنا حتى قمت أنت وأصحابك بين أظهرنا. حدثناه المقرئ، عن حيوة بن شريح. وشرحبيل بن حسنة ولهم عنه حديث، وهو ابن وهب، عن يحيى بن أيّوب، عن جعفر بن ربيعة، عن علىّ بن رباح، عن شرحبيل بن حسنة، أنه قرأ فى الجمعة الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ «1» حدثناه عمرو بن سوّاد. ومسعود بن الأسود البلوى ولهم عنه حديث، وهو ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن على بن رباح، عن مسعود بن الأسود، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- وكان ممّن بايع تحت الشجرة- أنه استأذن عمر بن الخطّاب فى غزو «2» إفريقيّة، فقال عمر: إفريقيّة غادرة مغدور بها. حدثناه أسد ابن موسى، عن ابن لهيعة. وأبو مليكة البلوى ولهم عنه غير حديث. منها ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد، عن على بن رباح، قال قال: أبو مليكة- وكان من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم، لأبى راشد الذي كان أميرا أو واليا بفلسطين-: كيف بك يا أبا راشد إذا «3» وليتك ولاة، إن عصيتهم دخلت النار، وإن أطعتهم دخلت النار؟. حدثناه أبو الأسود النضر بن عبد الجبّار. ومنها حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن رويفع، أنه حدّث أن أبا مليكة مرّ على رجل وهو يبكى، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: ما لى لا أبكى وقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 أفرطت صلاة العصر فلم أصلّها حتى غابت الشمس. فقال أبو مليكة: أو لم تصلّها حين ذكرت؟ قال: بلى: قال: إنك قد أتممت صلاتك، ولو أنك لم تذكر أنك سهوت كان التسبيح يرفع لكم، فما سها الرجل فى المكتوبة من ركوع أو سجود أو سهو عنها؛ فإنه يجعل له من تسبيحه تمام ما نقص من صلاته. حدثناه شعيب بن الليث، وعبد الله بن صالح. وكعب بن ضنّة العبسىّ ولهم عنه حديث واحد؛ وهو حديث حيوة بن شريح، أخبرنا الضحّاك بن شرحبيل الغافقى، أن عمّار بن سعد التجيبى أخبرهم، أن عمر بن الخطّاب كتب إلى عمرو بن العاص أن يجعل ابن ضنّة على القضاء، فأرسل إليه عمرو؛ فأقرأه كتاب أمير المؤمنين، فقال كعب: لا والله لا ينجيه الله من الجاهليّة وما كان فيها من الهلكة ثم يعود فيها بعد إذ أنجاه الله منها، وأبى أن يقبل القضاء فتركه عمرو «1» . قال: حدثناه المقرئ. وحدثنا سعيد بن عفير قال: وكان كعب بن ضنّة حكما فى الجاهليّة. وبرح بن حسكل «2» المهرىّ ولهم عنه حديث؛ وهو ابن لهيعة قال: كان الديوان فى زمان معاوية أربعين ألفا، وكان منهم أربعة آلاف فى مائتين مائتين، فأعطى مسلمة بن مخلّد أهل الديوان أعطياتهم وأعطيات عيالاتهم، أرزاقهم ونوائبهم، ونوائب البلاد من الجسور وأرزاق الكتبة وحملان القمح إلى الحجاز، ثم بعث إلى معاوية بستّمائة ألف فضل. قال حدثاه ابن عفير. قال ابن عفير: فلما نهضت الإبل لقيهم برح بن حسكل فقال: ما هذا؟ ما بال مالنا يخرج من بلادنا؟ ردّوه. فردّوه حتى وقف على المسجد فقال: أخذتم أعطياتكم وأرزاقكم وعطاء عيالاتكم ونوائبكم؟ قالوا: نعم قال: لا بارك الله لهم. قال ابن عفير: وكان برح ممّن وفد إلى النبي صلّى الله عليه وسلم من مهرة من اليمن، وشهد فتح مصر مع عمرو بن العاص، واختطّ بها. هكذا قال ابن عفير: برح بن حسكل؛ وإنما هو برح بن عسكل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 وخرشة بن الحارث ويقال بن الحر ّ ولهم عنه حديث؛ وهو ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن خرشة ابن الحارث، أنه قال: لا تحضروا رجلا يقتل صبرا؛ فتنزل عليكم السخطة. قال عبد الرحمن: حدّثناه ولم أكتبه. وحيى ّ ولهم عنه حديث واحد؛ وهو ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن أبى تميم الجيشانى، عن حيىّ، أنه كان يصلّى فى منزله الظهر مع الزوال، ثم يروح فيصلّى فى المسجد. ومالك بن زاهر ولهم عنه حديث؛ وهو ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن سعيد بن أبى شمر السبائى، أنه رأى مالك بن زاهر ينقى باطن قدميه. وذو ترنات ولهم عنه حكاية فى الفتن من رواية يزيد بن قودر، روى ذلك عنه عبد الله بن وهب. وحاطب بن أبى بلتعة وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم وجّهه إلى المقوقس بالإسكندرية، ثم وجّهه أبو بكر الصدّيق إليه أيضا بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم. ولهم عنه حديث؛ (1 وهو ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبى غطيف، عن حاطب بن أبى بلتعة، أن عمر بن الخطاب قال: يقاتلكم أهل الأندلس بوسيم؛ حتى يبلغ الدم ثنن الخيل ثم ينهزموا. 1) وممّن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فعرف دخولهم إيّاها برواية غيرهم. أبو سعاد قال: حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن إسماعيل ابن أميّة، عن عمرو بن سعيد، عن معاذ بن عبد الله بن حبيب الجهنىّ، عن أبى سعاد صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: أقبلت من مصر وكنت ذا عقبة من مشى، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 فنزلت أمشى، فلما تبلّج الصبح إذا أنا بأثر بغلة تجرّ رسنها، وإذا بذهب منثور على أثرها، قال: فجعلت أجمعها حتى جمعت سبعين دينارا، ثم أتيت بها عمر بن الخطّاب فقال: عرفها سنّة؛ فإن جاء صاحبها وإلّا فشأنك بها. قال: فعرّفتها سنة ثم أنفقتها على امرأتى. وجبلة بن عمرو الأنصارى حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة وحدثنا يوسف بن عدىّ، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، عن بكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن سليمان ابن يسار، قال: غزونا إفريقيّة مع ابن حديج ومعنا من المهاجرين والأنصار بشر كثير، فنفّلنا ابن حديج النصف بعد الخمس، فلم أر أحدا أنكر ذلك إلّا جبلة بن عمرو الأنصارى. قال: حدثنا يوسف بن عدىّ، حدثنا بن المبارك، عن ابن لهيعة، عن خالد ابن أبى عمران، قال: سألت سليمان بن يسار عن النفل فى الغزو؟ فقال: لم أر أحدا صنعه غير ابن حديج، نفّلنا بإفريقية النصف بعد الخمس ومعنا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم من المهاجرين الأوّلين ناس كثير، فأبى جبلة بن عمرو الانصارى أن يأخذ منه شيئا. وسرّق قال: حدثنا محمد بن عبد الجبّار، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، حدثنا زيد بن أسلم، قال: رأيت رجلا بالإسكندريّة يسمّى سرّقا، فقلت: ما هذا الاسم؟ قال: سمّانيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قدمت المدينة فأخبرتهم أن لى مالا فبايعونى فاستهلكت أموالهم، فأتوا بى إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: أنت سرّق؟ وباعنى بأربعة أبعرة، فقال غرمائى للمشترى: ما تريد أن تصنع به؟ قال: أعتقه. فقالوا: ما نحن بأزهد فى الأجر منك؛ فأعتقونى. وممّن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليست لهم فيما بلغنا عنه حكاية سعد بن أبى وقاص حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن الليث بن سعد، أن سعد بن أبى وقّاص قدم مصر. وأبو رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وعبد الله بن الزبير. وأبو عبد الرحمن الفهرى يزيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 ابن أنيس. وابنه العلاء «1» بن أبى عبد الرحمن الفهرى ويزعمون أنه قد رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان قدومه مصر بعد موت أبيه أبى عبد الرحمن، وهو وأخوه علىّ اللذان أسّسا دار السّلسلة؛ فجعلاه حظيرا ولم يجعلا فيها إلّا منزلا واحدا، ثم أتمّ بنيانها بعد ذلك. ومحمد بن مسلمة الأنصارى قال: حدثنا سعيد بن عفير، أنه كان ممّن صعد الحصن مع الزبير بن العوّام. وعبد الرحمن بن غنم الأشعرى وقد اختلف فيه، فقيل له صحبة، وقيل لا صحبة له، غير أن يحيى بن بكير قال: قال الليث وعبد الله بن لهيعة: إن له صحبة. حدثنا سعيد بن تليد، حدثنا ابن وهب، أخبرنى إبراهيم بن نشيط، عن ابن أبى حسين، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم أو أبى مالك أو أبى عامر وكلّهم ثقة، أنهم بينما هم عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقد نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ «2» ثم ذكر الحديث. والله أعلم. وممّن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم لغزو المغرب وغيره فيما ذكر محمد ابن عمر الواقدى وغيره: حمزة بن عمرو الأسلمى. وسلمة بن الأكوع والمسور ابن مخرمة. والمطّلب بن أبى وداعة السهمى. وسلكان بن مالك. وبلال بن الحارث. وربيعة بن عباد الديلىّ. والمسيّب بن حزن. وأبو ضبيس البلوى. وممّا يصدّق ما قال محمد بن عمر الواقدى، ما حدثنا يوسف بن عدىّ، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبى عمران، عن سليمان بن يسار، أنهم غزوا إفريقيّة ومعهم بشر كثير من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم من المهاجرين الأوّلين. تم الكتاب والحمد لله وحده، وصلواته على سيّدنا محمد نبيّه وسلّم تسليما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 الفهارس 1- فهرس أسماء الرجال والنساء وغير ذلك. 2- فهرس أسماء القبائل والعشائر. 3- فهرس أسماء الأماكن والأمم. 4- فهرس الآيات القرآنية مرتبة حسب ورودها فى الكتاب. 5- فهرس الأحاديث الشريفة مرتبة على الأحرف حسب ورودها فى الكتاب. 6- فهرس الأشعار والأراجيز مرتبة حسب ورودها فى الكتاب. 7- فهرس الموضوعات. 8- فهرس مصادر ومراجع التحقيق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 (1) فهرس أسماء الرجال والنساء وغير ذلك حرف الألف أبان أبو معيط 160 أبان بن صالح 67، 108 إبراهيم النبي 23، 29، 30، 31، 32، 38 إبراهيم بن إسحاق القارى 274 إبراهيم بن البكاء 274 إبراهيم بن الجراح 275 إبراهيم بن سعد 65، 254 إبراهيم بن سعيد البلوى 104، 106 إبراهيم بن صالح 147، 149 إبراهيم بن عبد الرحمن بن أدعج 70 إبراهيم بن عبد الرحمن السامى 72 إبراهيم العدوى 6 إبراهيم القراط 149 إبراهيم بن محمد رسول الله 68، 70، 71، 72، 73، 74 إبراهيم بن مقسم 41 إبراهيم بن المنذر 60 إبراهيم بن نشيط 352 إبراهيم بن النصرانى 230 إبراهيم بن يزيد أبو خزيمة الثانى 269، 270، 271، 272 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 أبرهة بن الصباح 140 أبلق لخم الفرس 171 أبى بن عمارة 343 أبيض 305 أتريب بن مصر 28، 29 أحزاب بن أسيد أبورهم السماعى 25 أحمد بن الرواغ الأيدعانى 150 أحمد بن سعيد الفهرى 70 أحمد بن عبد الرحيم أبو سهل 45 أحمد بن عمرو بن السرح أبو الطاهر 116، 165، 169، 225، 271، 311، 333 أحمد بن محمد 61 أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو طاهر السلفى 19 أبو الأحوص- سلام بن سليم إدريس بن يحيى الخولانى 61، 142، 282، 284، 287، 310، 313 أرفخشذ بن سام 27، 28 إرميا النبي 51، 52 أزهر بن يزيد الغطيفى 211، 295 أسامة بن إساف الغفارى 318 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 أسامة بن زيد التنوخى 36، 124، 268 أسامة بن زيد بن حارثة 154 أسامة بن زيد الليثى 68، 72 أستمارس بن مرينا 49 إسحاق بن بكر بن مضر 296 إسحاق بن الفرات التجيبى 20، 166، 273 إسحاق بن متوكل 146 إسحاق بن معاذ الشاعر 206 ابن إسحاق- محمد بن إسحاق بن يسار أبو إسحاق السبيعى- عمرو بن عبد الله أبو إسحاق الخفاف 344 أسد بن موسى 26، 30، 31، 32، 37، 38، 39، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 49، 62، 63، 64، 65، 68، 114، 148، 175، 179، 193، 194، 196، 200، 207، 208، 254، 279، 280، 282، 283، 289، 294، 307، 308، 310، 319، 320، 323، 325، 326، 335، 338، 348 إسرائيل بن يونس الهمدانى الإسكندر 8، 58، 62 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 أسلم مولى عمر بن الخطاب 178، 192 أسلم بن يزيد أبو عمران التجيبى 118، 297، 298، 317، 326 أسماء ابنت أبى بكر بن عبد العزيز 144، 145 أسماء ابنت يزيد 71 إسماعيل بن إبراهيم النبي 20، 32 إسماعيل بن أسباط 149 إسماعيل بن أمية 208، 350 إسماعيل بن زياد النفوسى 253 إسماعيل بن عبيد الله بن الحبحاب 241، 245، 246 إسماعيل بن عياش 21، 63، 73 إسماعيل بن اليسع الكوفى 272 أسود 305 الأسود بن مالك الحميرى 20، 166 أبو الأسود كنية سندر (أو ابن سندر) 165 أبو الأسود- محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أبو الأسود- النضر بن عبد الجبار ابن الأشتر الصدفى 125 أبو الأشرس 41 أشعث بن طليق 73 الأشقر فرس لصدف 96، 170، 196 أشمن بن مصر 28، 29 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 أشهب بن عبد العزيز القيسى ثم الجعدى الفقيه 19، 142، 147، 261 الأصبغ بن عبد العزيز 128، 129، 130، 138، 163، 164 أصبغ بن الفرج 163 الأعرج- عبد الرحمن بن هرمز الأعمش (سليمان بن مهران) الأعمى فرس ربيعة بن حبيش 197 أبو الأعور السلمى (عمر بن سفيان) 134، 343 الأعيرج (صاحب القصر) 79، 86 الأعين بن نمر بن مالك بن سريع 150 ابن الأغلب 144 الأكدر بن حمام 218 أليون صاحب الروم 160 أمية بن عبد الملك بن قطن 249 ابن أمية 151 أبو أمية 315 أنتاس صاحب الجند 122 أنس بن مالك 70، 71، 195، 256 أنعم بن ذرى الشعبانى 112 الأوزاعى 276 أوس ابن أخى يونس بن عطية 264 أبو أويس (أوس) 211 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 إياس بن البكير بن عبد ياليل 139 إياس بن حبيب 309 إياس بن عبد الله (هو إياس بن عبد الأسد) القارى 136، 138 أيدعان بن سعد 149 أم أيمن (بركة) حاضنة النبي 334 أيوب (السختيانى) 30 أيوب بن سليمان بن عبد الملك 241 أيوب بن أبى العالية أبو قنان 113، 150، 198 أيوب بن قطن 343 أيوب بن أخت موسى بن نصير 240 أبو أيوب الأنصارى- خالد بن يزيد حرف الباء باذام أبو صالح مولى أم هانئ 30، 33، 37، 38، 41، 42، 43، 44، 46، 65 بحير بن ذاخر المعافرى 11، 20، 166، 227 البخارى (محمد بن إسماعيل) 77 بخت نصر 51، 52، 53 البراء بن عازب 11، 72 البراء بن عثمان بن حنيف 146 برح بن حسكل المهرى 119، 128، 349 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 برح بن عسكر (عسكل) انظر برح بن حسكل ابن أبى بردة 146 بركة بن منصور 135 ابن برمك 146 بريدة بن الحصيب 254 ابن بريدة (عبد الله) 254 برير بن جنادة- أبو ذر الغفارى ابن بسامة 104 بسر بن أبى أرطاة العامرى 142، 217، 218، 222، 232، 289 بسر بن سعيد 103 بسمة ابنت إسماعيل 289 بسيسة ابنت حمزة بن ليشرح 218 بشر بن سعيد 255 بشر بن صفوان الكلبى 243، 244 بشر بن المحتفز 173، 174 بشر بن مروان 160، 171، 231 بشير بن النضر المزنى 262 أبو بصرة حميل بن بصرة الغفارى 12، 118، 121، 141، 142، 184، 205، 282، 313، 314، 328. بطرس النبطى 111 بكار بن قتيبة أبو بكرة الثقفى 276 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 بكر بن سوادة 23، 97، 288، 290، 296، 303، 305، 310، 316، 323، 326، 327، 345، 347، 350 بكر بن عمرو الخولانى 23، 24، 98 بكر بن عمرو المعافرى 189، 317، 318، 320، 325، 342. بكر بن مضر 109، 138، 212، 260، 283، 288، 291، 296، 304، 305، 327 أبو بكر الصديق 40، 55، 71، 74، 120، 137، 149، 164، 167، 213، 274، 290، 292، 293، 301، 331، 350 أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث 160 أبو بكر بن عبد العزيز 125، 145 أبو بكر بن عمرو 73 أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم 255 أبو بكر بن أبى مريم 73 أبو بكرة الثقفى 276 بكير بن عبد الله بن الأشج 103، 202، 351 بكير مولى عمرة 344 ابن بكير- يحيى بن عبد الله ابن بلادة 142 بلال 147، 333، 341، 346 بلال بن الحارث 352 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 بلال بن أبى موسى 256 أبو بلتعة (عمرو بن عمير بن سلمة اللخمى) 74 بلج بن بشر القيسى 247، 248، 249 بلوطس بن مناكيل 49 بمين ساحر فرعون 37، 38. بنانة الحاضنة 139، 144 أبو بنيامين الأسقف 80 بورس بن دركون 49 بولة بن مناكيل الأعرج 49، 50 بيصر بن حام 28، 29 حرف التاء تبع [بن حسان بن أسعد الحميرى] 58، 305 تبع بن عامر الحميرى 25، 38، 39، 49، 62، 64، 152 تدارس بن صا 29 تدورة الساحرة 48 تليد الأمير 231 تميم بن إياس بن البكير 139 تميم بن فرع المهرى 205 أبو تميم الجيشانى (عبد الله بن مالك) 116، 121، 141، 199، 303، 313، 413، 316، 318، 326، 350 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 توبة بن نمر الحضرمى 145، 268 تورى (المستشرق) 9، 10، 14 حرف الثاء ثابت البنانى 71، 195 ثابت بن الحارث 311 ثابت بن قيس بن شماس 68 ثابت بن يزيد الخولانى 293 ثعلبة أبو الكنود 148، 338 ثعلبة بن سلامة الجذامى 248، 250، 251 ثمامة بن شفى أبو على الأصبحى الهمدانى 308 ثوبان مولى رسول الله 129 ثور بن يزيد 60 أبو ثور 296 أبو ثور الفهمى 336، 337 حرف الجيم جابر بن الأشعث 274 جابر بن عبد الله الأنصارى 71، 303، 304 جالوت 197 ابن جبر 74، 135 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 جبريل عليه السلام 45، 70، 302 جبلة بن عطية 306 جبلة بن عمرو الأنصارى 220، 351 جبلة بن نافع 332 ابن جذل الطعان- عبد الله بن علقمة الجراح رجل من مهرة 145 جرجير ملك أفريقية 210، 211، 212، 295 ابنت جرجير 212 ابن جرموز 292 جريج بن مينا بن قرقب (المقوقس) 86 ابن جريج 181 جرير بن حازم 30، 40، 131، 174 جزء (بن معاوية) 173، 174 جعفر بن ربيعة 174، 263، 296، 303، 348 ابن أبى جعفر- عبيد الله أبو جعفر- المنصور جعيل 316 الجلاس بن عامر 212، 291 ابنا الجلندى 66 أبو جمعة حبيب بن سباع وقيل حبيب بن وهب مولى عقبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 ابن عامر 109، 110، 341 جميل الحذاء 305 جناب صديق لعبد العزيز بن مروان 264، 265 جنادة بن أبى أمية الأزدى 103، 119، 289، 300، 339، 340 أبو جنادة الكنانى 176 جندب بن جنادة انظر أبو ذر الغفارى جندل بن صخر 230 جهم بن الصلت المطلبى 139 جهم بن قيس العبدرى 68 أبو جهم بن حذيفة العبدرى 71 جوجو المؤذن 129 الجون الفرس 171 ابن أبى الجويرية 271 حرف الحاء حاتم بن إسماعيل 68، 72 الحارث بن تليد الحضرمى 252، 253 الحارث بن حبيب بن سخام 133، 260 الحارث بن الحكم 210 الحارث بن سعيد العتقى 122، 276 الحارث بن أبى شمر الغسانى 10 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 الحارث بن العلاء بن يزيد 161، 162 الحارث بن مسكين 65، 125، 275 الحارث بن يزيد الحضرمى 74، 100، 120، 136، 152، 199، 200، 211، 255، 260، 278، 288، 289، 295، 300، 301، 311، 317، 318، 323، 325، 337، 341، 342، 348 الحارث بن يعقوب 324، 347 أبو الحارث (الليث بن سعد) 261 حارثة بن مضرب 31، 179 حاطب بن أبى بلتعة 10، 66، 67، 68، 70، 74، 350 حام بن نوح 27، 28 حامد بن يحيى 20 حبان بن بح الصدائى 345 حبان بن يوسف 150 ابن الحبحاب- عبيد الله الحبلى- عبد الله بن يزيد حبيب بن أوس الثقفى 135، 280 حبيب بن سباع انظر أبو جمعة حبيب بن عبد الرحمن 176 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 حبيب بن أبى عبيدة الفهرى 235، 240، 241، 245، 246، 247، 248 حبيب بن مرزوق 312 حبيب بن مسلمة 131 حبيب بن ميمون 247 حبيب بن وهب انظر أبو جمعة ابن حبيب (بن أبى عبيدة) 252 أبو حبيب 146، 147 أبو حبيب سويد 216 أم حبيبة زوج رسول الله 295 الحجاج بن أرطاة 73، 196 حجاج بن رشدين بن سعد 329 الحجاج بن شداد الصنعانى 116، 259، 348 الحجاج بن يوسف الثقفى 144، 160، 182، 242، 256، 264 الحجاج بن يوسف بن الحكم 135 ابن حجر (شهاب الدين العسقلانى) 6، 12 ابن حجيرة الأصغر- عبد الله بن عبد الرحمن ابن حجيرة الأكبر- عبد الرحمن حديج بن أبى عمرو 290 ابن حديج (عبد الله بن عبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 الرحمن بن معاوية) 271 حذيفة البارقى 339 الحر بن عبد الرحمن القيسى 244 حرملة بن عمران التجيبى 19، 20، 135، 205، 209، 316، 21 حريز 242 ابن حزم 11 حسان بن ثابت 68، 71، 74، 133، 260 حسان بن كريب الحميرى 295 حسان بن النعمان 228، 229، 230، 231، 255 الحسن رجل من المعافر 127 الحسن البصرى 39، 45، 60، 255 الحسن بن بلال 45 الحسن بن ثوبان الهمدانى الهوزنى 106، 108، 111، 180، 185، 204، 284 الحسن بن أبى الحسن 327 الحسن بن عبد الله العرنى 73 الحسن بن على 73 حسين بن شفى بن عبيد 106، 108، 185 حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس 72 حسين نصار 5، 10، 11 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 ابن أبى الحسين- عبد الله بن عبد الرحمن أبو الحسين 80 أبو الحصين الحجرى- الهيثم بن شفى حفص بن سليمان 71 حفص بن عاصم 176 حفص بن عمر العدنى 45 أبو حفص الكلاعى 38، 39، 49 حفصة زوج النبي 215 الحكم بن أبان 45 الحكم بن أبى بكر بن عبد العزيز 124، 144، 145 حكيم بن حزام 194 أبو حكيم مولى عتبة بن أبى سفيان 138 أم حكيم جارية لطارق بن زياد 232، 233 حماد بن زيد 344 حماد بن سلمة 45 حماد بن شعيب 126 حماد بن مسور أبو رجاء 272 ابن حماد قاضى مصر 276 أبو حماد عقبة بن عامر 305 حمادة ابنت محمد 125 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 الحمانى (عبد الحميد بن عبد الرحمن) 254 حمزة بن عمرو الأسلمى 352 حمزة بن ليشرح 218 أبو حمزة الخولانى 303 أبو حمزة (محمد بن ميمون السكرى) 62 حميد بن زياد أبو صخرة 45 حميد الطويل 195 حميد بن عبد الله العكى 252 حميد بن عبد الرحمن 209 حميد بن هانىء أبو هانىء الخولانى 22، 284، 285، 307، 308 حميد بن هشام الحميرى 139، 159 حمير بن وائل السومى 170 حنش بن عبد الله السبائى الصنعانى 27، 170، 237، 283، 307، 308، 309 حنظلة بن صفوان الكلبى 243، 249، 250، 251، 252 ابن حنظلة الكاتب 266 حنة (أخت مارية القبطية) 73 أبو حنيفة (النعمان بن ثابت) 272، 274، 275 حنين بن أبى حكيم 322 حواء أم البشر 30 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 ابن حوالة الأزدى 344 حومل أبو مذحج 203 حوى [مولى أبى ذر الغفارى؟] 147 حويت بن زيد 110 ابن الحويرث السهمى 135 أبو الحويرث- عبد الرحمن بن معاوية حى بن يؤمن أبو عشانة المعافرى 120، 296، 321، 322 حيان بن سريج 113، 114، 124، 181، 183 حيان بن يوسف 150 أبو حيان التميمى- يحيى بن سعيد حيوة بن شريح 106، 111، 137، 180، 189، 204، 211، 255، 257، 259، 262، 269، 270، 283، 298، 299، 302، 307، 308، 318، 320، 321، 325، 332، 333، 342، 343، 348، 349 حيويل بن ناشرة 215 حيى (بن حرام الليثى) 350 حيى بن عبد الله المعافرى 286، 287، 299 حيى بن هانىء بن ناضر أبو قبيل المعافرى 19، 52، 53، 97، 106، 126، 154، 165، 185، 200، 207، 220، 262، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 285، 316، 325، 340 حرف الخاء خارجة بن حذافة العدوى 81، 83، 117، 129، 130، 131، 132، 133، 143، 172، 202، 258، 261، 288 خازم بن حسين 60 خالد بن أبى حبيب الفهرى 246 خالد بن أبى حبيب القرشى 243 خالد بن حميد 86، 87، 93، 97، 99، 103، 111 خالد بن حميد الزناتى ثم الهتورى 248 خالد بن زيد أبو أيوب الأنصارى 118، 120، 297، 298، 299 خالد بن سنان العبسى 137، 257 خالد بن الصعق 173 خالد بن عبد الله 26، 30، 33، 37، 38، 39، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 49، 62 خالد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام 160 خالد بن عبد السلام الصدفى 148 خالد بن عبيد 320 خالد بن أبى عمران 220، 243، 307، 351، 352 خالد بن معدان الكلاعى 60، 337 خالد بن نجيح 28، 86، 100 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 خالد بن الوليد 281 خالد بن يزيد 74، 86، 141، 288، 293، 313 خالد بن يزيد العبسى 228، 229 خربتا بن ماليق 29 خرشة بن الحارث (المرادى) 350 أبو خرشة المرادى 270 خروبا ابنة طوطيس 32 أبو خزيمة- إبراهيم بن يزيد الخطاب بن نفيل 173 الخطار فرس لبيد بن عقبة 170، 171 أبو الخطار الكلبى 249، 250 خلاد بن سليمان الحضرمى 41 خلف بن خليفة 254 خماروبه بن أحمد 276 أم خنور (يعنى مصر) 260 خنيس بن عامر المعافرى 340 الخيار بن خالد المدلجى 268 خيثمة بن عبد الرحمن 288 خير بن نعيم الحضرمى 141، 268، 269، 313 أبو الخير- مرثد بن عبد الله اليزنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 حرف الدال دارم بن الريان 39 داود النبي 197، 301، 302 داود بن عبد الله الحضرمى 113 داود (بن نصير؟) 63 أبو دجانة 125 دحيم بن اليتيم عبد الرحمن بن إبراهيم بن اليتيم الدمشقى 70، 72، 275 دحية بن خليفة الكلبى 10، 11، 66، 68، 69، 74 دراج بن سمعان أبو السمح 311، 312، 315، 334 الدراوردى (عبد العزيز بن محمد بن عبيد) 255 أبو الدرداء عويمر بن عامر 118، 157، 260 دركون بن بلوطس 49 دلوكة ابنة زباء 36، 47، 49، 61 ابن دهقان 152 ابن أبى داود 275 ابن دياس 198 ديلم الجيشانى 336 حرف الذال الذائد الفرس 171 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 أبو ذر جندب بن جنادة الغفارى 20، 118، 121، 135، 157، 169، 170، 315، 316، 317 الدعلوق فرس حمير بن وائل 170 الذهبى (شمس الدين أبو عبد الله محمد) 11 ذو البجادين 323 ذو الريش فرس العوام بن حبيب 170 ذو قرنات 350 ذو القرنين 58، 59، 60، 62 ابن ذى الكلاع 295 ابن ذى هجران 153 حرف الراء راشد مولى حبيب بن أوس الثقفى 280 راشد بن سعد 74 أبو راشد 348 أبو رافع مولى رسول الله 117، 124، 125، 159، 351 رائطة بنت منبه زوجة عمرو بن العاص 100 رائم بن ثعلبة الخولانى 152 الربيع صاحب خاتم يزيد بن عبد الملك 243 الربيع بن خارجة 129، 130 ربيعة الجرشى 342 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 ربيعة بن حبيش بن عرفطة الصدفى 196، 197 ربيعة بن سليم 309 ربيعة بن سيف 287 ربيعة بن شرحبيل بن حسنة 117، 135، 136، 138، 174، 316 ربيعة بن عباد الديلى 352 ربيعة بن أبى عبد الرحمن 113 ربيعة بن عثمان 67 ربيعة بن قيس الجنبى 323 ربيعة بن لقيط التجيبى 664، 209، 336، 344 ربيعة بن يزيد 256 رجاء بن حيوة 241 رجاء بن أبى عطاء المعافرى 282 رحبعم بن سليمان انظر مرحب رزيق الثقفى 324 رزين بن عبد الله المرادى 127، 182 أبو رزين الغافقى 287 رشدين بن سعد 20، 106، 108، 115، 135، 185، 316، 329 رشيد بن مالك أبو عميرة المزنى 347 ابن رفاعة- عبد الأعلى بن خالد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 أبو رقية اللخمى 146، 151 الركن بن عبد الله بن سعد 154 ابن رمانة 128، 129، 161، 162 أبو الرمداء البلوى 335 رملة ابنت معاوية بن أبى سفيان 126 أبو رهم السماعى- أحزاب بن أسيد ابن رواحة (عبد الله الأنصارى) 297، 298 ابن الروّاغ- أحمد بن الواغ بنو روبيل 156 رويفع بن ثابت الأنصارى 85، 136، 309، 310 ابن رويفع 348 الريان بن الوليد بن دومغ 33، 37، 38 حرف الزاى زالفا ابنة ماموم بن ماليا 32 زبان بن عبد العزيز بن مروان 140 زبان بن فائد الحمراوى 328، 329، 330، 331 ابن زبر قاضى مصر 276 زبيد بن الحارث الحجرى 147 الزبير بن الخريت 174 الزبير بن العوام 83، 85، 86، 112، 117، 120، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 137، 141، 157، 190، 213، 290، 292، 352 ابن زرارة المدينى 211 أبو زرعة عمرو بن جابر الحضرمى 304، 305 أبو زرعة بن عمرو بن جرير 171، 284 أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقى 276 أبو زرعة وهب الله بن راشد 209، 262، 302، 318 زكرياء بن جهم (الجهم) بن قيس العبدرى 68، 135، 138، 206 أبو زمعة البلوى 119، 338 أبو زناد- عبد الله بن ذكوان ابن أبى زناد- عبد الرحمن زنباع بن سلامة الجذامى 163، 164، 336 زنين (محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج) 128 الزهرى- محمد بن مسلم بن عبيد الله زهير بن قيس البلوى 222، 226، 227، 228، 230 زهير بن معاوية 47 ابن زولاق (الحسن بن إبراهيم) زياد بن أنعم 112، 299 زياد الحاجب 147 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 زياد بن الحارث الصدائى 345، 346 زياد بن حناطة التجيبى ثم الخلاوى 151 زياد بن ربيعة بن نعيم الحضرمى 310، 345 زياد بن عبد الله البكائى 10، 20، 23، 58، 60، 68، 143، 206، 282، 301 زياد بن العجلان 224 زياد بن علاقة 72 زياد بن النابغة التميمى 240 زيلد بن نعيم- زياد بن ربيعة بن نعيم زيد بن أسلم 70، 102، 113، 118، 192، 193، 351 ابن زيد بن أسلم- عبد الرحمن زيد بن ثابت 94 زيد بن حارثة 41 زيد بن الحباب 277 زيد بن عمرو الكلبى 251 أبو زيد كبد (عبد الحميد بن الوليد) 297 حرف السين ابن سابور 149 سارح ابنة آشر بن يعقوب 42 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 سارة امرأة إبراهيم 29، 30، 31، 32 سارية مولى عمر بن الخطاب 160 سالم بن أبى سالم الجيشانى 316 سالم بن عبد الله 114، 117 أبو سالم الجيشانى- سفيان بن هانىء سام بن نوح 27، 28 السائب بن خلاد الأنصارى 304 السائب مولى أبن افع 125، 159 السائب بن هشام بن عمرو 132، 260، 261، 262 السدى (إسماعيل بن عبد الرحمن) 62 ابن السدى 62 سرق 327، 351 السرى بن الحكم 162، 274 أبو سريع الطائى 61 أبو سعاد 350 سعد بن مسعود التجيبى 58 سعد بن أبى وقاص 115، 117، 120، 124، 190، 351 سعيد بن أبى أيوب 287، 308، 316، 318، 322، 329، 341 سعيد بن بجرة الغسانى 247، 249 سعيد بن بشير 58 سعيد الجريرى 194 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 سعيد بن الجهم 147 سعيد بن سابق 204 سعيد بن أبى شمر السبائى 119، 340، 350 سعيد بن عبد الرحمن أبو صالح الغفارى 116، 259، 318، 348 سعيد بن عبد العزيز التنوخى 304 سعيد بن عبيد 152 سعيد بن أبى عروبة 45، 60 سعيد بن عفير 8، 11، 40، 79، 80، 86، 88، 110، 115، 119، 125، 127، 128، 133، 135، 138، 139، 140، 142، 147، 148، 159، 161، 170، 184، 196، 200، 201، 204، 206، 207، 210، 212، 213، 216، 237، 257، 258، 259، 266، 267، 268، 282، 285، 289، 303، 314، 320، 329، 238، 343، 349، 352 سعيد بن عيسى بن تليد 55، 264، 305، 316، 321، 352 سعيد بن مالك بن شهاب 132 سعيد بن أبى مريم 63، 73، 122، 136، 176، 257 259، 276، 288، 300، 309، 310، 321، 325، 326، 328، 329، 332، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 333، 338، 342، 345 سعيد بن المسيب 28، 256، 263، 282، 288، 309، 327 سعيد المقبرى 254 سعيد بن ميسرة 20، 166 سعيد بن يزيد أبو شجاع الحميرى 307 أبو سعيد الخدرى 71، 263 أبو سعيد الغافقى 291 أبو سعيد القتبانى 326 أبو سعيد (كيسان المقبرى) 33، 43، 46 السفاح أخو عبد الله بن الحارث بن جزء 334 سفيان بن عيينة 20، 60، 179، 193 سفيان بن هانىء أبو سالم الجيشانى 21، 85، 310، 315، 316 سفيان بن وهب الخولانى 112، 119، 140، 292، 340 أبو سفيان بن حرب 297، 336 سلام بن سليم أبو الأحوص 39، 41 سلام بن مسكين 73 سلامان بن عامر الشعبانى 312 السلفى- أحمد بن محمد بن أحمد سلكان بن مالك 352 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 سلمة بن أكسوم 255 سلمة بن الأكوع 352 سلمة بن شريح 300 سلمة مولى صالح بن على 129 سلمة بن عبد الملك الطحاوى 135 سلمة بن الفضل 32 أبو سلمة عبد الله بن رافع 334 أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف 21، 31، 114، 255، 288، 334 أم سلمة زوج النبي 335، 344 سليط (بن عمرو بن عبد شمس) 74 ابن سليك الصدفى 150 سليم بن عتر التجيبى 259، 260، 262، 348 سليمان بن أسيد 61 سليمان بن بلال 28 سليمان بن داود النبي 49، 61، 234 سليمان بن زياد 332، 333، 334 سليمان بن أبى سليمان 175 سليمان بن عبد الملك 238، 239، 240، 241 سليمان بن مهروان انظر الأعمش سليمان بن وعلة التميمى 243 سليمان بن يسار 220، 351، 352 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 أبو سليمان مولى لأم سلمة زوج النبي 335 سماك بن حرب 39، 42 أبو السمح- دراج بن سمعان سمرة بن جندب 174 السمط مولى مسلمة بن مخلد 122، 123 ابن سند (وسندر) 163، 164، 165، 335، 336 سهل بن ثعلبة 332 سهل بن سعد الساعدى 305 سهل بن عبد العزيز بن مروان 138 سهل بن معاذ بن أنس الجهنى 328، 329، 330، 331 أبو سهل- أحمد بن عبد الرحيم أم سهل ابنت مسلمة بن مخلد 125 سهيل بن عبد العزيز بن مروان 138 السوداء ابنت زهرة بن كلاب 162 سويد الحاسب 312 سويد بن قيس البلوى 119، 208، 280، 285، 295، 296، 335، 341 سيار بن عبد الرحمن 300 سيرين زوجة حسان بن ثابت 68، 69، 72، 73 أبو سيف 71 السيوطى (عبد الرحمن بن أبى بكر) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 حرف الشين الشافعى 276 شبابة بن سوار 256 شجاع بن وهب الأسدى 10، 74 شداد بن عاد 61، 64 شراحيل بن بكيل 292 شراحيل بن يزيد 80، 81، 283 شرحبيل (شراحيل) بن حجية المرادى 86 شرحبيل بن حسنة 174، 258، 316، 348 شرحبيل بن مذيلفة الكلبى 138 شريح بن ميمون المهرى 145، 146 أبو شريح- عبد الرحمن بن شريح شريك بن سمى الغطيفى 96، 189، 203، 207، 211، 222، 295 شريك بن طفيل 216 شريك بن عبد الرحمن المرادى 189 شريك بن عبدة 78 شعبة بن الحجاج 254 الشعبى- عامر بن شراحيل شعيب النبي 337 شعيب بن زرعة 325 شعيب بن عثمان 253 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 شعيب بن الليث 119، 130، 169، 172، 178، 258، 288، 295، 319، 326، 328، 332، 339، 341، 344، 349 شعيب بن محمد بن عبد الله 114، 163، 196 شعيب بن يحيى 303 أبو شعيب مولى أبو وحوح البلوى 347 شفى بن عبيد الأصبحى 185 شفى بن ماتع 154 ابن شماسة- عبد الرحمن أبو شمر بن أبرهة 139، 140، 156، 215 ابن شهاب- محمد بن مسلم الزهرى ابن أخى ابن شهاب (محمد بن عبد الله) 312 شهر بن حوشب 71، 352 شهربراز 55، 56، 57 شيبان بن أمية القتبانى 85، 309، 310، 347 شييم بن بيتان 12، 85، 289، 309، 310 حرف الصاد صا بن مصر 28، 29 صالح النبي 301 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 صالح بن جبير 341 صالح صاحب سوق النحاسين 139، 206 صالح بن على، ابن شافع 125، 129، 269 أبو صالح عن ابن عباس- باذام مولى أم هانىء أبو صالح مولى حسان بن النعمان 228، 231 أبو صالح الغفارى- سعيد بن عبد الرحمن أبو صالح كاتب الليث بن سعد- عبد الله بن صالح ابن صامت 143 صبيغ العراقى 195، 196 أبو صخر- حميد بن زياد صفوان بن أبى مالك 247، 249 صفوان ابن المعطل 68 الصلت بن أبى عاصم 114 صلة بن الحارث الغفارى 259، 248 الصنابحى- عبد الرحمن بن عسيلة حرف الضاد أبو ضبيس البلوى 352 الضحاك بن شرحبيل الغافقى 137، 257، 349 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 أبو الضحاك- عبد الله بن أبى مرة ضرار بن الخطاب 160 ضمام بن إسماعيل المعافرى 97، 100، 104، 106، 124، 127، 154، 220، 259، 291 حرف الطاء طارق بن زياد (طارق بن عمرو) 232، 233، 234، 235، 238، 239، 240 أبو طالب مدرك 264 طالوت 287، 297 أبو طاهر انظر عبد الملك بن محمد طريف الخادم 145 أبو طعمة 293، 294 أبو الطفيل (عامر بن واثلة) 60 طلحة بن عبيد الله 341 أبو طلحة (زيد بن سهل) 69 طلق بن السمح 97، 122، 124، 220، 286، 293، 303، 312، 316، 333، 334، 343 طلما (فرعون موسى) 40 طلما صاحب إخنا 109، 204 طوطيس بن ماليا 29، 32 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 حرف العين عابس بن سعيد المرادى 261، 262 عاصم بن حكيم 61 العاص بن الحارث بن جزء انظر عبد الله العاص بن العاص انظر عبد الله العاص بن عمرو بن العاص انظر عبد الله العاص بن وائل 173، 197 أم العاص بن وائل 143 عاصم الأحول 143 عاصم (بن قيس بن الصلت) 174 أبو العالية 150 أبو العالية البراء البصرى 113، 198، 254 عامر مولى جمل (عامر جمل) 120 عامر رجل من المعافر 184 عامر بن شراحيل الشعبى 120، 288 عامر بن عبد الله بن مسعود أبو عبيدة 43 عامر بن مرة أبو معدان اليحصبى 272 عامر بن واثلة انظر أبو الطفيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 عامر بن يحيى 283 أبو عامر صاحب رسول الله 352 عائذ بن ثعلبة البلوى 151 عائذ الله بن عبد الله أبو إدريس الخولانى 301 عباد (من أصحاب عبد الله بن عمرو) 286 عباد بن محمد 274 عبادة بن الصامت 83، 84، 88، 89، 91، 103، 117، 120، 129، 157، 300، 301 عبادة بن صمل [بن عوف] المعافرى 110 عبادة بن نسى 343 العباس بن سالم 296 عباس بن شرحبيل 135 العباس بن طالب 39، 143 ابن عباس- عبد الله بن عباس أبو العباس السفاح أمير المؤمنين 144 عبد الأعلى بن جريج الإفريقى 246 عبد الأعلى بن خالد بن ثابت بن رفاعة الفهمى 138، 145، 183، 258، 266، 267 عبد الأعلى (بن عامر الثعلبى) 256 عبد الأعلى بن أبى عمرة 160، 161 عبد الجبار بن قيس المرادى 252، 253 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم 191 عبد الحميد بن جعفر 140 عبد الحميد بن الوليد أبو زيد كبد 120، 297 عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بدحيم 70، 72، 275 عبد الرحمن بن أبى أمية 123، 302 عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق 296 عبد الرحمن البلهيبى 108 عبد الرحمن التجيبى 258، 325 عبد الرحمن بن جبير 277، 288، 289، 325 عبد الرحمن بن الحارث بن هشام 160 عبد الرحمن بن حاطب 70 عبد الرحمن بن حبيب بن أبى عبيدة 199، 247، 248، 249، 250، 251، 252، 253 عبد الرحمن بن حجيرة الخولانى 33، 119، 182، 255، 263، 311، 312، 317، 340 عبد الرحمن بن حسان التجيبى 309، 342 عبد الرحمن بن حسان بن ثابت 68، 69، 72 عبد الرحمن بن رافع التنوخى 284 عبد الرحمن بن رزين 343 عبد الرحمن بن أبى زناد 31 عبد الرحمن بن زياد بن أنعم 21، 58، 112، 284، 285، 299، 345 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 عبد الرحمن بن زيد بن أسلم 45، 70، 102، 188، 256 عبد الرحمن بن سالم بن أبى سالم الجيشانى 269 عبد الرحمن بن أبى السمح 263 عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة 117، 135، 136، 138، 316 عبد الرحمن بن شريح أبو شريح 62، 79، 80، 110، 113، 114، 119، 165، 292، 337، 340، 342، 343 عبد الرحمن بن شماسة المهرى 20، 25، 70، 134، 135، 169، 207، 259، 279، 319، 323، 324، 327، 337 عبد الرحمن بن عبد القارى 66، 68 عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار 351 عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم أبو القاسم القرشى المصرى 5، 6، 7، 8، 9، 10، 13، 19، 65، 114، 117، 137، 169، 170، 172، 174، 177، 181، 182، 182، 185، 189، 192، 200، 202، 204، 214، 215، 217، 255، 257، 258، 267، 282، 284، 301، 311، 312، 323، 324، 327، 328، 334، 350 عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودى 43 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 عبد الرحمن بن عبد الله العكى 244، 245 عبد الرحمن بن عبد الله العمرى 265 عبد الرحمن بن عبد الله العمرى 265 عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك 20 عبد الرحمن بن عبد الله بن المجبر بن عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب 274 عبد الرحمن بن عديس البلوى 133، 134، 337، 338 عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحى 301 عبد الرحمن بن عقبة الغفارى 247، 249، 250 عبد الرحمن بن عوف 42، 71، 72، 190، 215 عبد الرحمن بن غنم الأشعرى 52، 352 عبد الرحمن بن القاسم بن خالد 65، 147 عبد الرحمن بن كعب بن أبى لبابة 114 عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله 208، 209 عبد الرحمن بن معاوية بن حديج 108، 170، 171، 264 عبد الرحمن بن معاوية أبو الحويرث 65 عبد الرحمن بن هاشم 147 عبد الرحمن بن هرمز الأعرج 31، 32، 73، 254 عبد الرحمن بن أبى هلال 211 أبو عبد الرحمن بسر بن أبى أرطاة 289 أبو عبد الرحمن الجهنى 327 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 أبو عبد الرحمن الحبلى- عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن انظر عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن الفهرى- يزيد بن أنيس أبو عبد الرحمن القينى 327 أبو عبد الرحمن (معاوية بن أبى سفيان) 296 عبد الرحيم بن ميمون أبو مرحوم 322، 328، 329 عبد شمس (أبو هريرة) 312 عبد الصمد بن عبد الوارث 351 عبد العزيز بن عبد الله الأويسى 254 عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل 123، 302، 333، 338 عبد العزيز بن عمران 60 عبد العزيز بن مروان 36، 98، 99، 116، 119، 123، 125، 128، 129، 138، 139، 140، 144، 145، 149، 150، 158، 160، 161، 163، 164، 171، 182، 228، 230، 231، 262، 263، 264، 265، 311، 334، 340 عبد العزيز بن منصور اليحصبى 61 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 عبد العزيز بن موسى بن نصير 238، 239، 240، 241 عبد الغفار بن داود الحرانى 209، 304، 320 عبد القدوس بن حبيب 255 عبد الكريم بن الحارث 79 عبد الله بن أبى بن سلول 301 عبد الله بن بريدة 254 عبد الله بن بلال الحضرمى 271 عبد الله بن جعفر الزهرى 254 عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى 118، 128، 129، 184، 282، 332، 333، 334، 343 عبد الله بن حذافة السهمى 11، 184، 282 عبد الله بن خالد 28، 30، 65 عبد الله بن خذامر 268 عبد الله بن دينار 177 عبد الله بن ذكوان أبو زناد 31 عبد الله بن راشد الزوفى 130، 288 عبد الله بن رافع أبو سلمة 334 عبد الله بن (أبى) ربيعة 212، 291 عبد الله بن الزبير الأسدى 210 عبد الله بن الزبير بن العوام 141، 160، 211، 213، 225، 351 عبد الله بن سعد بن أبى سرح أبو يحيى 80، 117، 137، 146، 152، 157، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 168، 183، 188، 197، 200، 201، 202، 205، 206، 210، 211، 212، 213، 215، 216، 217، 218، 219، 220، 261، 290، 291، 294، 295 عبد الله بن سعيد المذحجى 67 عبد الله بن سليمان 148، 277، 338 عبد الله بن سندر انظر بن سندر عبد الله بن شرحبيل 282 عبد الله بن صالح أبو صالح كاتب الليث 20، 23، 44، 45، 53، 54، 55، 65، 93، 95، 99، 104، 107، 109، 110، 114، 115، 119، 122، 130، 131، 142، 155، 164، 165، 172، 176، 183، 185، 188، 190، 192، 195، 200، 202، 206، 207، 209، 217، 254، 255، 258، 260، 278، 279، 285، 286، 288، 293، 295، 299، 301، 304، 307، 311، 312، 313، 319، 321، 322، 324، 326، 328، 332، 335، 337، 339، 341، 343، 344، 349، 350 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 عبد الله بن طاهر 128، 139، 159، 275 عبد الله بن طريف الهمدانى 62 عبد الله بن العاص 118، 332 عبد الله بن عباد العبدى 184، 326 عبد الله بن عباس 27، 30، 33، 37، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 55، 65، 72، 263، 293 أم عبد الله ابنت عبد الله بن عمرو 138 عبد الله بن عبد الحكم 20، 21، 40، 41، 52، 62، 71، 81، 82، 97، 103، 115، 119، 122، 129، 130، 135، 169، 170، 193، 194، 204، 212، 234، 254، 256، 260، 269، 270، 272، 273، 277، 278، 283، 285، 288، 289، 291، 293، 295، 298، 300، 303، 305، 306، 312، 316، 319، 320، 327، 329، 332، 333، 336، 340، 341، 343، 344. عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة الخولانى 267، 268 عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين 60، 352 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج 271، 272 عبد الله بن عبد العزيز 172 عبد الله بن عبد الملك بن مروان 149، 158، 265، 266، 267 عبد الله بن عثمان بن خثيم 71 عبد الله بن عديس البلوى 108 عبد الله بن علقمة، ابن جذل الطعان 152 عبد الله بن عمر بن الخطاب 116، 117، 161، 176، 177، 178، 195، 255، 266، 292، 293، 294 19، 24، 26، 52، 53، 61، 70، 85، 97، 117، 118، 121، 138، 175، 195، 201، 206، 207، 208، 209، 227، 262، 279، 282، 283، 284، 285، 286، 287، 294، 296، 303، 310، 332 عبد الله بن عوف 341 عبد الله بن عياش القتبانى 61، 142، 269، 271، 283، 287، 309، 310، 313 عبد الله بن عياض 287 عبد الله بن أبى فاطمة 40 عبد الله بن كليب 150 عبد الله بن لهيعة الحضرمى 8، 10، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 32، 35، 38، 40، 43، 45، 49، 52، 53، 55، 58، 61، 63، 64، 69، 70، 73، 74، 76، 77، 78، 79، 82، 83، 84، 93، 96، 97، 100، 102، 103، 104، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 118، 120، 121، 122، 123، 125، 126، 127، 128، 134، 135، 136، 137، 139، 140، 141، 142، 144، 148، 152، 153، 155، 156، 157، 158، 159، 161، 163، 164، 165، 170، 173، 174، 175، 176، 177، 180، 181، 182، 184، 185، 191، 193، 198، 199، 200، 205، 206، 207، 208، 210، 211، 212، 213، 218، 219، 220، 221، 225، 227، 237، 255، 257، 258، 259، 260، 262، 263، 268، 272، 277، 278، 279، 280، 282، 283، 284، 285، 286، 287، 288، 289، 290، 291، 292، 293، 294، 295، 296، 297، 298، 299، 300، 301، 302، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 303، 304، 305، 306، 307، 308، 310، 311، 312، 313، 314، 315، 316، 317، 318، 319، 320، 321، 322، 323، 324، 325، 326، 327، 328، 329، 330، 331، 332، 333، 334، 335، 336، 337، 338، 339، 340، 341، 342، 343، 344، 345، 347، 348، 349، 350، 351، 352 عبد الله بن مالك الجيشانى انظر أبو تميم عبد الله بن مالك أبو موسى الغافقى 148 عبد الله بن المبارك 120، 211، 220، 269، 292، 307، 308، 344، 351، 352، عبد الله بن المتهلل 150 عبد الله بن محيريز 309 عبد الله بن أبى مرة الزوفى 130، 288 عبد الله بن مسعود 73، 317 عبد الله بن مسعود التجيبى 252 عبد الله بن مسلمة القعنبى 72 عبد الله بن مطيع 220 عبد الله المعافرى 342 عبد الله بن معشر الأيلى 214 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 عبد الله بن المغيرة بن أبى بردة 243 عبد الله بن منين 122، 276 عبد الله بن موسى بن نصير 235، 238، 240، 241، 242، 243 أم عبد الله ابنت موسى بن نصير 243 عبد الله بن هبيرة السبائى 13، 21، 24، 73، 112، 121، 139، 141، 142، 155، 157، 189، 199، 219، 258، 286، 299، 303، 313، 314، 316، 325، 334، 343، 350 عبد الله بن وهب بن مسلم القرشى 20، 21، 22، 23، 30، 31، 55، 58، 65، 68، 70، 80، 81، 82، 83، 86، 108، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 119، 122، 127، 135، 136، 148، 164، 165، 169، 178، 180، 181، 184، 189، 191، 205، 225، 279، 305، 306، 311، 315، 316، 317، 321، 329، 333، 335، 336، 338، 339، 340، 343، 347، 350، 352 عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن الحبلى المعافرى 22، 237، 283، 284، 285، 286، 287، 289، 290، 299، 300، 327، 342 عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 المقرئ 105، 137، 205، 209، 257، 259، 284، 285، 286، 287، 298، 299، 307، 308، 311، 316، 318، 319، 320، 321، 322، 323، 325، 329، 330، 341، 342، 347، 348، 349 عبد الله بن يسار، ابن أبى نجيح 45، 193 عبد الله بن يعقوب 285 عبد الله بن يوسف 176، 296، 304 عبد الملك بن جنادة كاتب حيان بن سريج 113، 114، 181 عبد الملك بن عبد الرحمن 73 عبد الملك بن قطن الفهرى 245، 248، 249 عبد الملك بن قطن المحاربى 246 عبد الملك بن أبى كريمة المغربى 333 عبد الملك بن محمد بن أبى بكر بن حزم أبو طاهر الأعرج الأنصارى 273 عبد الملك بن مروان 141، 149، 160، 161، 182، 220، 221، 228، 229، 230، 231، 232، 236، 265 عبد الملك بن مسلمة 19، 20، 21، 22، 28، 71، 73، 77، 78، 79، 80، 83، 93، 96، 100، 104، 106، 107، 108، 110، 112، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 114، 116، 117، 118، 127، 135، 137، 144، 157، 158، 159، 161، 163، 165، 172، 174، 177، 178، 179، 180، 181، 182، 183، 189، 197، 198، 199، 204، 205، 206، 209، 210، 211، 212، 213، 215، 218، 220، 221، 224، 225، 227، 231، 236، 237، 238، 255، 258، 259، 277، 282، 283، 284، 286، 287، 289، 290، 291، 292، 293، 295، 296، 298، 316، 317، 321، 322، 324، 325، 326، 331، 334، 336، 342، 347، 351 عبد الملك بن مليل 333 عبد الملك بن ميسرة الهلالى 40 عبد الملك بن نصير 337، 343 عبد الملك بن هشام 8، 10، 11، 20، 22، 23، 32، 58، 60، 68، 74، 118، 133، 143، 206، 282، 301، 317 عبد الملك بن يزيد أبو عون 162، 185، 269 عبد المنعم عامر 9، 10، 13 عبد نهم (أبو هريرة) 313 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 عبد الواحد بن إسحاق 171 عبد الواحد بن زياد 39، 73، 143 عبد الواحد بن يزيد الهوارى ثم المدهمى 250، 251 عبدة بن عبدة 124 ابن عبدة 117، 138 أبو عبدة 195 عبيد بن تعلى 61 عبيد بن ثمامة المرادى 333 عبيد بن جبر 142، 313 عبيد الله بن أبى جعفر 7، 76، 82، 109، 110، 114، 187، 291، 300، 316 عبيد الله بن الحبحاب 169، 217، 245، 246 عبيد الله بن زحر 260، 303 عبيد الله بن عتبة بن مسعود 55 عبيد الله بن عمر 73 عبيد الله بن عمرو الجزرى 258، 313، 326 عبيد الله بن المغيرة بن أبى بردة 112، 161، 263، 292، 333، 334، 338 عبيدة بن عبد الرحمن القيسى 244، 245 أبو عبيدة [مولى سليمان بن عبد الملك] 146 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 أبو عبيدة- عامر بن عبد الله بن مسعود أبو عبيدة بن عقبة (مرة بن عقبة) 108 عتبة بن أبى حكيم 152، 153 عتبة بن أبى سفيان 110، 138، 207، 220 عتبة بن غزوان 10، 206 عتبة بن الندر 337 عثمان بن صالح 8، 23، 24، 26، 28، 29، 32، 33، 38، 39، 40، 41، 43، 45، 47، 48، 49، 51، 54، 55، 58، 74، 76، 77، 78، 80، 82، 83، 84، 85، 86، 88، 95، 96، 97، 100، 102، 103، 104، 107، 109، 111، 112، 113، 115، 141، 155، 157، 175، 176، 177، 183، 184، 198، 200، 206، 210، 211، 212، 219، 221، 225، 227، 229، 234، 239، 282، 299، 304، 305، 308، 315، 321، 325، 332، 333، 336، 338 عثمان بن أبى العاص 172 عثمان بن عطاء 63 عثمان بن عفان 79، 82، 120، 136، 137، 149، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 150، 155، 188، 200، 201، 202، 205، 210، 213، 214، 215، 219، 221، 263، 290، 295، 297 عثمان بن قيس بن أبى العاص 258 عثمان بن محمد الأخنسى 254 عثمان بن يونس أبو السمح 152 أبو عثمان الأصبحى 312 أبو عثمان النهدى 143، 282 عجلان مولى قيس بن أبى العاص 129 عجلى فرس لعك 170، 171 عدى بن كعب 131، 132 عرابى بن معاوية 332 عراك بن مالك 113 عرفطة بن عمرو أبو نعيم الحضرمى 341 عروة (بن الزبير بن العوام) 113، 191، 193، 282 عروة بن شييم 142 ابن أبى عشانة 340 أبو عشانة- حى بن يؤمن عطاء بن دينار 306 عطاء بن رافع مولى هذيل 237، 238 عطاء بن أبى رباح 71 عطاء بن السائب 45 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 عطاء بن أبى مسلم 63 ابن عطاء انظر عثمان العطاف بن خالد 63 عطية بن يربوع 230 عقبة بن أبان (أبى معيط) 160 عقبة بن الحجاج 245 عقبة بن شريح بن كليب المعافرى 171 عقبة بن عامر أبو حماد الجهنى 58، 109، 110، 118، 120، 124، 125، 126، 159، 184، 205، 207، 256، 258، 282، 298، 304، 305، 318، 319، 320، 321، 322، 323، 324، 325، 326، 327، 338 عقبة بن قدامة التجيبى 245 عقبة بن كريم الأنصارى 136 عقبة بن كليب الحضرمى 171 عقبة بن مسلم 271، 326، 332، 333، 343 عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهوى 117، 123، 138، 198، 213، 222، 224، 225، 226 عقيل بن خالد 54، 115، 301 عقيل بن أبى طالب 282 عكاشة بن أيوب الفزارى 247، 249، 250، 251 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 عكرمة (مولى ابن عباس) 33، 43، 45، 72 العلاء بن الأسود 193 العلاء بن عاصم 263 العلاء بن أبى عبد الرحمن الفهرى- العلاء بن يزيد بن أنيس العلاء بن يزيد بن أنيس 161، 352 علقمة بن جنادة 156 علقمة بن رمثة البلوى 335 علقمة بن يزى الغطيفى 218، 220 ابن علقمة 140 العلوى 291 على بن إسحاق الجوهرى 276 على بن الحسن بن خلف بن قديد أبو القاسم الأزدى 13، 19، 65، 117، 123، 133، 201، 276، 333 على بن الحسين بن حرب أبو عبيد 276 على بن رباح اللخمى 44، 74، 105، 117، 120، 122، 145، 157، 200، 205، 260، 278، 300، 301، 306، 307، 311، 322، 323، 337، 348 على بن زيد 45 على بن أبى طالب 31، 60، 137، 254، 290، 303 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 على بن أبى طلحة 45، 65 على بن عبد العزيز الجروى 11 على بن معبد 71، 72، 258، 313، 326 على بن منير بن أحمد الخلال أبو الحسن 19 على بن يزيد بن أنيس 161، 352 أبو على الجنبى- عمرو بن مالك أبو على (محمد بن سليمان بن عبد الله؟) 45 أبو على الهمدانى- ثمامة بن شفى عمار بن سعد التجيبى 138، 257، 349 عمار بن ياسر أبو اليقظان 120، 296، 297 عمارة بن عيسى 184 عمارة بن الوليد بن عقبة بن أبى معيط 160 عمر بن الخطاب 7، 8، 20، 55، 60، 70، 71، 74، 76، 77، 78، 79، 81، 82، 83، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 110، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 118، 119، 130، 133، 137، 138، 140، 143، 156، 160، 163، 164، 167، 172، 173، 174، 175، 176، 177، 178، 179، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 180، 181، 183، 184، 185، 186، 187، 188، 189، 190، 191، 192، 193، 194، 195، 196، 199، 200، 205، 206، 207، 219، 255، 256، 257، 258، 274، 277، 290، 292، 293، 298، 306، 320، 328، 331، 338، 348، 350 عمر بن عبد الله المرادى 246 عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام 160 عمر بن عبد العزيز 113، 114، 124، 129، 130، 163، 180، 181، 183، 191، 235، 241، 347 عمر بن على القرشى 222، 226، 227 عمر بن على بن يزيد الفهرى 161، 162، عمر مولى غفرة 22، 23 عمر بن محمد 178 عمرو بن مروان 122، 123، 265 عمر بن هبيرة 146 عمران بن أبى أنس 277 عمران بن حرثان (جربان) 324 عمران بن ربيعة الصدفى 150 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 عمران بن عبد الله 344 عمران بن عبد الرحمن بن جعفر بن ربيعة 108 عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة 266 عمران بن عطية الجذامى 337، 343 أبو عمران- أسلم بن يزيد عمرو بن الأزهر 32 عمرو، ابن الإطنابة 97 عمرو بن أمية 280 عمرو بن أوس الثقفى 237، 288 عمرو البكالى 343 عمرو بن جابر أبو زرعة الحضرمى 304، 305 عمرو بن الحارث 21، 83، 108، 110، 148، 169، 268، 283، 296، 316، 321، 338، 339 عمرو بن حبيب آكل السقب 162 عمرو بن حريث 22 عمرو بن الحمق الخزاعى 342، 343 عمرو بن خالد 47، 136 عمرو بن سعد الجارى 193 عمرو بن سعيد 161 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 عمرو بن سعيد الراوى 350 عمرو بن سفيان انظر أبو الأعور عمرو بن سهيل 136 عمرو بن سواد السرحى 119، 121، 139، 279، 315، 340، 343، 347، 348 عمرو بن سويد المرادى 253 عمرو بن شعيب 114، 163، 164، 196 عمرو بن العاص بن وائل السهمى 5، 7، 8، 11، 20، 66، 68، 74، 75، 76، 77، 78، 79، 80، 81، 82، 83، 84، 85، 86، 87، 88، 92، 93، 95، 96، 97، 99، 100، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 118، 119، 120، 121، 122، 125، 128، 130، 131، 132، 133، 134، 138، 139، 141، 142، 143، 144، 146، 148، 149، 150، 151، 154، 155، 156، 157، 158، 163، 164، 165، 166، 168، 172، 173، 176، 177، 179، 180، 183، 184، 185، 186، 187، 188، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 189، 190، 191، 192، 193، 195، 196، 197، 198، 199، 200، 201، 202، 203، 204، 205، 206، 207، 208، 209، 210، 216، 219، 220، 222، 255، 257، 258، 261، 276، 277، 278، 279، 280، 281، 282، 289، 291، 292، 294، 306، 315، 318، 335، 347، 349 عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعى 31، 37، 43، 44، 46، 47، 64، 179، 290 عمرو بن عثمان 253 عمرو بن قحزم 151 عمرو بن مالك أبو على الجنبى 307، 308 عمرو بن ميمون 44، 46 عمرو بن الوليد بن عبدة 302، 303 عمرو بن يزيد 143 العمرى- عبد الرحمن بن عبد الله بن المجبر عملاق (عمليق) بن لاوذ بن سام 32 عمير بن مالك 285 عمير بن مدرك 129 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 عمير بن وهب بن عمير 134 عميرة بن عبد الله المعافرى 342 أبو عميرة المزنى- رشيد بن مالك عنبسة بن سحيم الكلبى 244 العوام بن حبيب اليحصبى 170 عوج 47 عوف بن حطان 108 ابن عوف- عبد الرحمن عون بن خارجة القرشى ثم العدوى 108 ابن عون (عبد الله) 269 أبو عون- عبد الملك بن يزيد عويف (اسم أبى سرح) 261 عياش بن عباس القتبانى 27، 61، 76، 82، 85، 100، 137، 283، 287، 289، 290، 295، 304، 309، 310، 338 عياش بن عقبة 146، 305 عياض بن جريبة الكلبى 138 عياض بن عبد الله الفهرى 113 عياض بن عبيد الله الأزدى ثم السلامى 267، 268 عياض بن عقبة 108 أبو عياض 108 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 عيسى بن حماد 84 عيسى بن عبد الله الطويل 239 عيسى بن مريم (المسيح) 66، 71، 91، 137، 257، 301، 302 عيسى بن المنكدر بن محمد بن المنكدر 275 عيسى بن هلال الصدفى 287 عيسى بن يزيد الجلودى 139 عيسى بن يونس 71، 72 حرف الغين ابنت غزوان 139 الغضبان بن يزيد البجلى 254 أبو غطيف (الهذلى) 350 ابن غلاب (خالد بن الحارث) 174 غوث بن سليمان الحضرمى 269، 271، 272، 273 أبو الغيداق بن السرحى 201 حرف الفاء فارق بن بيصر 28، 212 أبو فاطمة الأزدى 136، 342 أبو فراس (يزيد بن رباح) مولى عمرو بن العاص 194، 209، 277، 338 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 فرج (الأسود أبو حرملة) 135، 159 الفرج بن جعفر 150 الفرج بن فضالة 256 الفرزدق الشاعر 265 فرعون (الفراعنة) 25، 26، 33، 34، 36، 38، 61، 185، 186، 193 فرعون موسى 40، 41، 43، 44، 45، 46، 48، 49، 53، 64، 177، 281 بنت فرعون 36 الفرقد الفرس 171 فضالة بن عبيد الأنصارى 126، 184، 298، 306، 307، 308 الفضل بن غانم 274 فقيم اللخمى 325 ابن فليح 146 فهد بن كثير بن فهد 154 الفهرى مولى ابن رمانة 161 فوط بن حام 28 حرف القاف القاسم بن البرحى 255 القاسم بن عبد الله 73، 177 القاسم بن عبيد الله بن الحبحاب 126، 245 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 قاسم بن محمد 313 ؟؟ ن القاسم- عبد الرحمن ؟؟ باث بن رزين 286، 323 ؟؟ بيصة بن ذؤيب 282 ؟؟ وقبيل- حيى بن هانىء قتادة بن دعامة 45، 58، 60، 254، 255 ؟؟ ن قديد- على بن الحسن بن خلف ؟؟ رقورة بن مرينوس 51 ؟؟ رة بن شريك العبسى 153، 158، 266، 267 ؟؟ رة بن عبد الرحمن 317 ؟؟ وقرة العقيلى 250 ؟؟ ريش بن حيان 71 ؟؟ زمان صاحب رشيد 109 ؟؟ سطنطين بن هرقل 217، 219 قصيّر (زياد بن حناطة) 151 قضاعى 6 ؟؟ قعنبى- عبد الله بن مسلمة؟؟ فط بن مصر 28، 29 ؟؟ لبطرة الملكة 61 ؟؟ وقنان- أيوب بن أبى العالية ؟؟ ومس بن لقاس 51، 52 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 قيس بن الحارث 197 قيس بن أبى حازم 282، 290، 327 قيس بن الحجاج 62، 170، 176 قيس بن سعد بن عبادة 123، 302، 303 قيس بن سمى 208، 280 قيس بن أبى العاص السهمى 117، 128، 129، 257 قيس بن كليب 150، 151 قيس بن أبى يزيد 212، 291 أبو قيس مولى عمرو بن العاص 122، 187، 255، 278 قيصر 10، 66 قيصر بن أبى بحرية مولى تجيب 294 قيصرا القبطية 73 حرف الكاف كاتب حيان- عبد الملك بن جنادة كاشم بن معدان 39، 40 الكاهنة ملكة البربر 228، 229 ابن الكاهنة البربرى 226، 227 كبد أبو زيد (عبد الحميد بن الوليد) 297 كثير (ابن أبى كثير) 343 كثير الأعرج الصدفى 136، 342 كثير بن شنظير 71 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 كريب بن أبرهة أبو رشدين 80، 140، 151، 218، 260، 262 الكريزى القاضى 276 كسرى 10، 11، 55، 56، 57، 66، 83 كسيلة بن لمزم 226، 228 الكشى قاضى مصر 276 كعب الأحبار 24، 38، 39، 49، 139، 175، 176، 184، 185، 258، 260 كعب بن ضنة- كعب بن يسار كعب بن عدى العبادى 140، 163 كعب بن علقمة 295، 319 كعب بن مالك 19، 20 كعب بن يسار بن ضنة العبسى 118، 137، 138، 257 الكلاعى- أبو حفص الكلبى- محمد بن السائب كلثوم بن عياض القيسى 247، 248، 249 أم كلثوم ابنت عقبة بن عامر 125 كلكن بن خربتا 29 كليب بن ذهل الحضرمى 142، 313 كنانة بن بشر بن سلمان الأيدعى 152 الكندى (محمد بن يوسف) ابن الكندى (عمر بن محمد بن يوسف) 6، 7، 9 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 كنعان بن حام 12، 28 ابن أبى الكنود 145 أبو الكنود انظر ثعلبة كوش بن حام 28 حرف الام لاوذ بن سام 32 لبيد بن عقبة السومى 170، 171 ابنت لبيد بن عقبة 171 لذريق صاحب الأندلس 233، 234، 235، 236، 240 لقاس بن تدارس 49 لقاس بن مرينوس 51 لهيعة بن عقبة 311 لهيعة بن عيسى الحضرمى 274 لوط 30 أبو لؤلؤة 82 ابن لهيعة- عبد الله بن لهيعة الليث بن سعد 20، 21، 25، 26، 28، 33، 40، 53، 54، 55، 78، 79، 83، 86، 93، 95، 99، 100، 104، 109، 115، 116، 117، 119، 122، 130، 134، 136، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 141، 142، 146، 149، 155، 163، 164، 165، 169، 172، 176، 178، 179، 180، 181، 182، 183، 185، 188، 190، 192، 195، 197، 198، 200، 201، 202، 205، 206، 207، 209، 211، 213، 215، 217، 222، 224، 225، 227، 228، 229، 230، 231، 234، 236، 238، 239، 241، 242، 244، 245، 246، 248، 249، 250، 251، 254، 255، 258، 261، 263، 265، 272، 278، 279، 283، 285، 288، 293، 295، 298، 299، 301، 304، 307، 312، 313، 317، 319، 322، 324، 326، 327، 328، 332، 333، 335، 339، 341، 344، 348، 350، 351، 352 ابن أبى الليث- محمد أبو الليث- عاصم بن العلاء ليلى أم عبد العزيز بن مروان 265 حرف الميم مأجوج 28 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 ماح بن بيصر 28 مارية القبطية أم إبراهيم 23، 68، 69، 70، 71، 72، 73، 74، 135 مارية أم ولد لعبد العزيز بن مروان 138، 139 مالك بن أنس 19، 65، 104، 181، 194، 215، 236، 256، 261، 312 مالك بن الحجر 156 مالك بن حسل 132، 260 مالك بن زاهر 350 مالك بن شراحيل الخولانى 263 مالك بن أبى سلسلة السلامى 86 مالك بن عبادة أبو موسى الغافقى 338 مالك بن عبد الله البردادى 316 مالك بن عبد الله أبو موسى الغافقى 338 مالك بن عتاهية التجيبى 259، 342 مالك بن عمرو بن الأجدع 150 مالك بن ناعمة أبو ناعمة الصدفى 96، 170، 196 مالك بن هبيرة 344 أبو مالك صاحب رسول الله 352 مالوس بن بلوطس 49 ماليا بن خربتا 29 ماليق بن تدارس 29 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 المأمون أمير المؤمنين 159، 275 مبرح بن شهاب اليافعى 156 مجالد بن سعيد بن عمير الهمدانى 120 مجاهد بن جبر مولى بنت غزوان 45، 46، 139، 206 مجاهد بن مسلم الهوارى 252، 253 محفوظ بن سليمان 125 محمد رسول الله 7، 8، 10، 11، 19، 23، 30، 31، 41، 42، 45، 54، 55، 59، 60، 63، 74، 85، 90، 100، 103، 112، 116- 126، 129، 130، 132- 137، 148، 152- 155، 161، 167، 171، 172، 176، 180، 184، 187، 194، 195، 200، 205، 208، 221، 230، 254- 257، 258، 276- 352 محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى 68، 255 محمد بن أحمد بن الفرج القماح أبو بكر 19 محمد بن إدريس الرازى 16، 261 محمد بن إسحاق بن يسار 10، 20، 23، 32، 58، 60، 68، 143، 206، 258، 280، 282، 301، 313، 325، 327، 344 محمد بن أسعد التغلبى 39، 41 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 محمد بن إسماعيل الكعبى 19 محمد بن أوس الأنصارى 243 محمد بن أبى بكر الصديق 148، 149 محمد بن أبى بكير 228، 243 محمد بن خازم 196 محمد بن راشد المرادى 277 محمد بن الربيع الجيزى 6 محمد بن رمح 20 محمد بن السائب الكلبى 30، 33، 37، 38، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 65 محمد بن سعيد الهاشمى 106 محمد بن سماعة الرملى 172 محمد بن سيرين 30، 175 محمد صبيح 13، 14 محمد بن طلحة 208 محمد بن عبد الأعلى أبو صدقة 284 محمد بن عبد الله البغدادى 63 محمد بن عبد الله بن عبد الحكم 262 محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص 114، 163، 196 محمد بن عبد الله بن مسلم (ابن أخى ابن شهاب) 312 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 محمد بن عبد الجبار المخرومى 73، 254، 256، 277، 244، 351 محمد عبد الرحمن بن عنج 178 محمد بن عبد الرحمن الكنانى 138 محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أبو الأسود 113، 191، 193، 211، 237 محمد بن عبد السلام 259 محمد بن عبد العزيز بن مروان 139 محمد بن عبد الملك أبو جابر 154 محمد بن عبدة 276 محمد بن عثمان أبو زرعة 276 محمد بن علبة القرشى 317 أبو محمد بن على بن إسحاق 276 محمد بن عمر الواقدى 140، 352 محمد بن عمرو 181 محمد بن عمرو بن عقبة 251 محمد بن عيسى 344 محمد بن كثير 256 محمد بن كعب القرظى 45 محمد بن الليث 275 محمد بن أبى ليلى 71 محمد بن المتوكل 329 محمد بن مسروق الكندى 273 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 محمد بن مسلم بن عبيد الله، ابن شهاب الزهرى 19، 20، 54، 55، 61، 65، 68، 70، 115، 116، 130، 131، 152، 180، 209، 301، 313 محمد بن مسلمة الأنصارى 68، 69 محمد بن مفروق 253 محمد بن المهاجر 296 محمد بن يحيى الإسكندرانى 99 محمد بن يحيى الصدفى 148، 329، 330، 335، 339 محمد بن يزيد بن أبى زياد 343 محمد بن يزيد القرشى 241، 242 محمد بن يزيد المازنى 341 محمد بن يوسف 45 محمد بن يوسف بن يعقوب بن حفص بن يوسف أبو عمر الكندى 6، 65 أبو محمد (فضالة بن عبيد) 309 ابن محيريز انظر عبد الله أبو المختار النميرى- يزيد بن قيس مخرمة بن بكير 140 مخيس بن ظبيان 259، 342 مدرك أبو طالب 264 مدرك بن عبد الله الأزدى 296 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 أبو مدرك بن عبد الله 296 أبو مدحج انظر حومل ابن مذيلفة- شرحبيل مرثد بن عبد الله اليزنى أبو الخير 116، 141، 165، 176، 301، 313، 318، 319، 327، 335، 336، 339، 344، 349 مرحب عم سليمان (رحبعم بن سليمان) 49 أبو مرحوم- عبد الرحيم بن ميمون مرزبا بن مرزبة اليونانى 58 أبو مرزوق التجيبى 187، 308 مرشد بن يحيى بن القاسم بن على أبو صادق المدينى 19 مرة الطيب (مرة بن شراحيل الهمدانى) 73 مرة بن عقبة أبو عبيدة 108 مرة بن ليشرح المعافرى 200 مرة بن المطلب 73 أبو مرة يزيد مولى عقيل بن أبى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 طالب 282 مروان بن الحكم 108، 133، 135، 139، 171، 194، 213، 214، 218، 221، 230، 261 مروان القصاص 23 مروان بن محمد أمير المؤمنين 252 مروان بن معاوية 72، 171 مروان بن موسى بن نصير 232 مروان بن يحيى الحاطبى 70 مرينا بن مرينوس 49 مرينوس بن بولة 51 المستنير بن الحبحاب 244، 245 المستنير بن شداد الفهرى 289، 290 مسروق بن الأجدع 37، 288 مسعود بن الأسود البلوى 200، 348 ابن مسعود- عبد الله المسعودى- عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودى (المؤرخ) ابن مسكين (الحارث) 125 مسلم بن خالد الزنجى 71 مسلم بن يسار 21 أبو مسلم الغافقى 116، 347 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 مسلمة بن سوادة القرشى (الجذامى) 247، 249 مسلمة بن مخلد أبو سعيد الأنصارى 53، 83، 100، 101، 102، 103، 117، 122، 124، 125، 128، 151، 152، 158، 159، 184، 224، 225، 258، 260، 261، 262، 304، 306، 317، 326، 349 ابنة مسلمة بن مخلد 147 المسور بن مخرمة 352 المسيب بن حزن 352 مشرح بن عاهان 207، 318، 319، 320، 321 مصر بن بيصر بن حام 27، 28، 29 أبو المصعب البلوى الشاعر 150، 151 مطر (مولى أبى جعفر المنصور) 146، 149 المطلب بن عبد الله الخزاعى 162 المطلب بن عبد الله بن مالك 274 المطلب بن أبى وداعة السهمى 352 مطير بن يزيد التجيبى 171 معاذ بن أنس الجهنى 328، 329، 330، 331 معاذ بن جبل 154، 155، 330، 340 معاذ بن الحكم 284 معاذ بن عبد الله بن حبيب الجهنى 327، 350 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 معاذ بن مدلج 142 معاذ بن موسى النفاط 206 أبو المعارك الودانى 295 معاوية بن حديج التجيبى الكندى 105، 119، 120، 126، 127، 149، 157، 169، 170، 215، 220، 221، 223، 224، 246، 264، 266، 295، 296، 341، 351 معاوية بن أبى سفيان 73، 109، 110، 117، 118، 120، 122، 124، 125، 126، 127، 130، 131، 132، 134، 138، 150، 151، 152، 159، 160، 175، 220، 221، 224، 225، 259، 261، 262، 289، 291، 295، 296، 306، 309، 327، 349 معاوية بن صالح 45، 65، 131، 172، 174 معاوية بن صفوان 251 معاوية بن يحيى الصدفى 55، 131، أبو معبد (المقداد بن الأسود) 295 معتب الرومى غلام الوليد بن عبد الملك 234، 238 المعتصم أمير المؤمنين 275 أبو معدان- عامر بن مرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 معدى كرب بن أبرهة 140 معروف بن سويد الجذامى 321 معن بن يزيد السلمى 220 أبو معيط (أبان) 160 المغيرة بن أبى بردة القرشى 243 المغيرة بن شعبة 72 المفضل بن فضالة بن عبيد القتبانى 85، 184، 268، 273، 287، 288، 310 المقداد بن الأسود- المقداد بن عمرو المقداد بن عمرو (المقداد بن الأسود) 83، 117، 120، 125، 126، 137، 211، 294، 295، 297 المقريزى 6 ابن مقلاص 106 المقوقس 7، 10، 26، 58، 65، 66، 67، 68، 69، 70، 73، 74، 79، 85، 86، 87، 88، 89، 91، 92، 93، 94، 95، 96، 135، 183، 184، 188، 200، 202 350 مكحول (الشامى) 154 الملامس بن جذيمة بن سريع 150، 151 ابن ملجم (عبد الرحمن المرادى) 139 ابن أبى مليكة (عبد الله بن عبيد الله) 288 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 أبو مليكة البلوى 348 مناكيل بن بلوطس بن مناكيل 49 المندفور القبطى (الأعيرج) 86 المنذر بن عبد الله الحزامى 213 المنذر بن عبيد 68، 72 المنذر بن مالك العبدى انظر أبو نضرة المنصور أبو جعفر أمير المؤمنين 141، 271 منصور [بن المعتمر] 126 منويل الخصى 202، 203 مهاجر مولى أم سلمة 344 أبو المهاجر دينار مولى الأنصار 224، 225، 226، 227 المهدى الخليفة 133 مهدى بن جعفر 344 مهدى بن ميمون 194 موسى الساحر 184 موسى النبي 37، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 62، 64، 66، 176، 177، 184، 281، 297، 302، 337 موسى بن أيوب الغافقى 22، 106، 108 موسى بن أبى خالد 246 موسى بن داود 73 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 موسى بن على بن رباح 44، 100، 105، 117، 122، 125، 205، 260، 278، 306، 311، 322 موسى بن عيسى النوشرى 160، 161 موسى بن عيسى الهاشمى 159 موسى بن نصير 160، 171، 231، 232، 233، 234، 235، 236، 237، 238، 239، 240، 241، 242، 243، 244، 246 أخت موسى بن نصير 160 موسى بن وردان 124، 142، 263، 314 أبو موسى الأشعرى 196 أبو موسى الغافقى انظر عبد الله بن مالك أبو موسى الغافقى انظر مالك بن عبادة مولى بنى بدر- سمرة بن جندب موهبة 314 أبو الميثاء 315 ميسرة الفقير المدغرى 246، 248 ميمون بن يحيى 140 حرف النون نافع (بن الحارث بن كلدة) 173، 174 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 نافع بن عبد القيس الفهرى 117، 123، 138، 197 نافع مولى ابن عمر 178، 194، 195 نافع بن يزيد 122، 255، 276، 284، 287، 288، 300، 309، 325، 328، 332، 333 النافعان انظر نافع ونفيع النجاشى ملك الحبشة 280، 281 ابن أبى نجيح- عبد الله بن يسار أبو نجيح يسار الثقفى 193 النزال بن سبرة 40 نستقوس 216 نصيب الشاعر 230، 265 نصير بن راشد مولى الأنصار 252 النضر بن سلمة السامى 68، 72 النضر بن عبد الجبار أبو الأسود المرادى 13، 22، 24، 32، 52، 53، 77، 83، 85، 97، 103، 113، 120، 123، 126، 136، 152، 153، 157، 161، 173، 185، 199، 200، 207، 255، 256، 260، 278، 283، 284، 285، 286، 288، 289، 290، 293، 294، 295، 296، 399، 300، 302، 304، 305، 308، 310، 311، 312، 313، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 315، 317، 318، 319، 320، 321، 324، 325، 326، 327، 328، 329، 330، 331، 333، 334، 336، 337، 338، 339، 340، 341، 342، 344، 347، 348 أبو نضرة (المنذر بن مالك العبدى) 71، 194 النعمان بن بشير 174 النعمان بن عدى 174 نعيم بن حماد 255 نغاش بن قرط الكلبى 244 نفيع بن الحارث بن كلدة 173، 174 نمر بن أيفع العكى 171 نمر بن زرعة بن نمر بن شاجى البسى 150 نوح النبي 27، 28 نوف بن فضالة أبو يزيد البكالى 47، 64 ابن نيزك 142 حرف الهاء هاجر أم إسماعيل 10، 20، 23، 29، 31، 32 ابن الهاد (يزيد بن عبد الله) 255 هارون النبي 24 هارون الرشيد أمير المؤمنين 274 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 هارون بن عبد الله الزهرى 140، 275 هاشم بن أبى بكر البكرى 274 أبو هاشم (يحيى بن دينار الرمانى) 254 هامان 26، 41 هانىء بن المتوكل 23، 25، 62، 64، 69، 70، 73، 79، 98، 99، 104، 106، 127، 154، 184، 185، 316، 336 هانىء بن معاوية الصدفى 290 هانىء بن المنذر 40 أبو هانىء الخولانى- حميد بن هانىء هبيب بن مغفل الغفارى 118، 199، 317، 318 هبيرة بن أبيض 150 ابن هبيرة- عبد الله بن هبيرة أبو هبيرة الكحلانى 286 ابن هجالة الغافقى 149 هرقل ملك الروم 56، 57، 58، 86، 94، 96، 99، 103، 210، 217، 285 ابن هرقل 217 الهرمزان 55 أبو هريرة 30، 31، 32، 171، 174، 175، 176، 254، 255، 260، 263، 311، 312، 334 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 هشام بن إسحاق العامرى 34، 36، 37، 65، 68، 86، 188، 234 هشام بن أبى رقية اللخمى 111، 180، 204، 284، 326 هشام بن سعد المدينى 63، 192، 193 هشام بن عبد الملك 130، 141، 163، 169، 244، 245، 246، 247، 249 هشام بن عروة 141، 213 هشام بن عمرو 132، 260، 261 ابن هشام- عبد الملك بن هشام الهقل بن زياد 55، 131 هلال بن ثروان اللواتى 228 هلال بن يساف 126 أبو هلال الراسبى 306 الهيثم بن خالد 260 الهيثم بن زياد 203 الهيثم بن شفى أبو الحصين الحجرى 137، 290، 338 ابن الهيثم الأيلى 146 أبو الهيثم 142، 314 حرف الواو الواقدى- محمد بن عمر واهب بن عبد الله المعافرى 175، 282، 304، 324 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 وثيمة بن موسى 32، 51، 58، 60، 74 ابن وحوح البلوى 347 وداعة الحمدى 148، 338 أبو الورد (بن قيس المازنى) 311 وردان مولى ابن أبى سرح 146 وردان (أبو عبيد) مولى عمرو بن العاص 53، 97، 110، 117، 122، 125، 151، 163، 204 ابن وردان 125 أبو الوزير 275 ابن وعلة 139 وفاء بن شريح الحضرمى 310 وكيع بن الجراح بن مليح 117، 193 الوليد بن دومغ 32، 33 الوليد بن عبد الملك 36، 124، 158، 159، 163، 232، 234، 238، 239، 267 الوليد بن مصعب أبو مرة 40 الوليد بن يزيد أمير المؤمنين 251 أبو الوليد (عبادة بن الصامت) 302 وهب بن جرير 131، 174 وهب بن عمير الجمحى 134 ابن وهب- عبد الله بن وهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 وهب الله بن راشد أبو زرعة 209، 262، 302، 318، 321، 333، حرف الياء يأجوج 28، 59 ياح بن بيصر 28 يافث بن نوح 27، 28 ياقوت (شهاب الدين الرومى) ابن يبولة 143 يحطون بن نوح 27، 28 يحنس صاحب البرلس 109 يحنس مولى لابنى الفهرى 161 يحيى بن أزهر 116 يحيى بن أيوب 74، 86، 87، 93، 97، 99، 103، 107، 109، 110، 111، 114، 285، 303، 304، 305، 321، 329، 343، 348 يحيى بن حسان 304 يحيى بن خالد العدوى 28، 35، 74، 78، 95، 102، 115، 163 يحيى بن أبى زائدة 282 يحيى بن سعيد أبو حيان التيمى 171 يحيى بن سعيد بن قيس الأنصارى 28، 125، 180، 236، 256 يحيى بن عبد الله بن بكير 8، 9، 21، 28، 32، 36، 71، 97، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 99، 106، 109، 114، 121، 126، 134، 136، 144، 146، 149، 158، 165، 172، 187، 188، 198، 200، 201، 205، 207، 211، 215، 217، 222، 224، 225، 227، 228، 229، 230، 231، 232، 234، 239، 241، 242، 244، 245، 246، 248، 249، 250، 251، 255، 258، 261، 262، 265، 267، 268، 269، 271، 295، 300، 311، 315، 316، 332، 335، 336، 337، 344، 352 يحيى بن عبد الله بن داود 106 يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب 70 يحيى بن أبى عمرو الشيبانى 255 يحيى بن معين 131، 174 يحيى بن ميمون الحضرمى 26، 93، 111، 112، 148، 268، 292، 305، 338 ابن يخامر السكسكى (اسمه مالك) 154، 155 ابن يريم 265 يزيد بن أنيس أبو عبد الرحمن الفهرى 117، 161، 162، 351 يزيد بن البراء 73 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 يزيد بن حاتم 270 يزيد بن أبى حبيب المالكى 5، 7، 21، 23، 24، 25، 35، 49، 61، 64، 69، 70، 73، 77، 78، 79، 83، 93، 95، 96، 97، 99، 102، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 114، 115، 116، 118، 119، 130، 134، 137، 140، 141، 142، 148، 155، 157، 158، 164، 165، 169، 172، 173، 175، 176، 177، 180، 182، 202، 205، 206، 207، 208، 209، 212، 213، 215، 216، 217، 218، 219، 221، 225، 258، 259، 277، 278، 279، 280، 285، 288، 289، 290، 291، 292، 294، 295، 296، 297، 298، 301، 302، 304، 308، 311، 313، 315، 317، 318، 319 323، 324، 325، 326، 327، 328، 332، 335، 336، 339، 341، 342، 344، 347، 348، 350 يزيد رباح انظر أبو فراس يزيد بن رمانة 161 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 يزيد بن أبى سلمة 40، 72 يزيد بن شرحبيل بن حسنة 151 يزيد بن صفوان المعافرى 252، 253 يزيد بن عبد العزيز 322 يزيد بن عبد الله الحضرمى 198 يزيد بن عبد الله بن خذامر 268 يزيد بن عبد الله بن الهاد 255 يزيد بن عبد الملك 130، 141، 242، 243، 244، 261، 262 يزيد بن العجلان 254 يزيد بن عمرو المعافرى 24، 33، 286، 289، 315، 326، 336، 337، 342 يزيد بن قودر 300، 350 يزيد بن قيس بن يزيد بن عمرو بن خويلد الصعق أبو المختار الشاعر 173، 174 يزيد بن محمد القرشى 322 يزيد بن أبى مسلم 242، 243 يزيد بن مسلم الكندى 244 يزيد بن معاوية بن أبى سفيان 118، 126، 225، 227، 300 يزيد بن المهلب 241 يزيد بن نعيم التجيبى 315 يزيد بن الوليد 141 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 أبو يزيد الخولانى 306 يعقوب النبي 37، 38، 39 يعقوب بن إسحاق بن أبى عباد 126 يعقوب بن عبد الله بن الأشج 140 يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد 209 يعقوب بن عتبة 68 يعقوب بن مجاهد 113 يعقوب بن محمد 254 أبو اليقظان (عمار بن ياسر) 297 يكسوم بن أبرهة 140 يليان صاحب سبتة 232، 233 يناق البطريق 120 ينة (أبو عبد الرحمن الحمراوى) 12، 154، 156 ابن ينة 156 يهوذا بن يعقوب 37 يوسف النبي 23، 26، 32، 33، 34، 35، 36، 37، 38، 39، 41، 42، 43، 175 يوسف بن الحكم بن أبى عقيل 135 يوسف بن عدى 120، 211، 220، 292، 351، 352 يوسف بن ماهك 288 يوسف بن مهران 45 أبو يوسف الهوارى 248 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 يوشع بن نون 44 يونان بن يافث بن نوح 58 يونس بن عبيد 39، 60 يونس بن عطية الحضرمى 264 يونس بن ميسرة 289 يونس بن يزيد 65، 68، 116، 180، 209 ابن يونس (عبد الرحمن بن أحمد) 123 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 (2) فهرس أسماء القبائل والعشائر آل أبرهة 168 الأجذوم 150 الأزد 123، 143، 144، 146، 147، 152، 211 بنو الأزرق 156 أسلم 122، 142، 165، 168، 335 الأشباء 150، 151 الأشعريون 153، 154، 155 بنو آكل السقب 136 الأكنوع 153 أملوك ردمان 155 بنو أمية 133، 260 أنبية 226 آل أيدعان بن سعد 149، 150 البتر 229، 232، 242 بنو بحر من الأزد 143 بنو بدر 174 بديعة من مذحج 153 البرانس 229، 232، 242 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 بلى 84، 100، 141، 143، 144، 163، 168 بلى أهل الراية 144 بلى جزاء 143 بلى بن عمرو 144 تجيب 149، 150، 151، 152، 153، 165، 168، 294، 335 بنو تميم 136 تنوخ 140، 146، 156 ثات من حمير 269 ثراد 144 ثقيف 135، 146 جذام 146، 168، 214، 259 بنو جمح 135 جنب 153 جهينة 122، 154 حاء 146 الحارث من حضر موت 150، 151، 152 الحجر من الأزد 144، 146 حجر حمير 147، 156 بنو حديج 152 بنو حديلة 69 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 حذران 148 بنو حرام 86 بنو حسل 133، 260 حضر موت 149، 150، 151، 152، 153، 168 حمد من غافق 148 حمير 140، 147، 149، 153، 168، 269 الحياوية 152 خثيم من الأزد 146 خزاعة 142 خشين 169 خولان 152، 153، 154، 155، 158، 168 دارس 145 دهنة من الأزد 147 دهنة من غافق 149 ذبحان 169 ذو أصبح 156 راشدة من لخم 79، 155 الربانيون من غافق 149 ردمان بن وائل 154، 155 رعين 152، 153 بنو رفاعة 139 بنو روبيل 156 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 زبيد 203 زناتة 197، 147، 252 بنو زهرة 274 سبأ 153، 154 سعد 168 بنو سعد من تجيب 149 السكاسك 153، 154، 155 السكون 155 سلامان 143، 144، 145 السلف 153 سلهم من مراد 150، 152 بنو سهم 134 سيبان من مهرة 148 بنو شبابة الأزد 147 بنو شبابة من فهم 147 شجاعة 144، 147 بنو شيبان 160 الصدف 84، 96، 146، 148، 149، 150، 152، 168، 170، 230 بنو صمة 136 بنو ضمرة 193 بنو عامر 152، 216 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 بنو العباس 27، 125، 163 آل عبد الله بن سعد 168، 201 بنو عبد الله بن سعد 168 بنو عبد الجبار 147 بنو عبد الدار 243 بنو عبد كلال 122، 276 بنو عبس 228، 257 بنو عبس بن زوف 153، 168 عبس قيس 153 عدوان 144، 145، 168 بنو عدى بن كعب 131، 133، 139 آل عروة بن شييم 142 عك 77، 168، 170 آل عمرو بن العاص 168 عنزة بن ربيعة 143 بنو عوف 151 غافق 77، 100، 146، 147، 148، 149، 295 بنو غزوان 173، 174 بنو غطيف 152، 153 غفار 122، 135، 165، 168، 314، 324، 335 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 غنث من الأزد 146، 148، 211 بنو فراس بن مالك 152، 153 فران بن بلى 40 فهر 160 فهم 143، 144، 145، 147، 157، 267 قريش 24، 55، 113، 117، 122، 132، 138، 144، 154، 205، 227، 246، 261، 280، 334 بنو قريظة 73 قضاعة 143، 321 قيس 137، 169 بنو قينقاع 263 الكلاع 153 كلب 132 كنانة 152، 153 كنانة فهم 143، 145 لخم 40، 79، 80، 143، 145، 146، 147، 155، 168، 169، 171، 214 لواتة 197 ليث 142، 169 مازن من الأزد 146 بنو مالك من الحجر 156 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 بنو مالك بن حسل 260 بنو محارب 161 مدلج 169، 198 مذحج 153، 230، 327 مراد 150، 152، 153، 168 بنو مروان 125، 139 مزينة 347 ينو مسكين 126، 138، 145، 271 مضر 154 بنو معاذ بن مدلج 142 المعافر 127، 153، 154، 168، 184، 286، 336 ولد معاوية بن حديج 170 معد 321 مغيلة 197 مهرة 99، 100، 119، 145، 146، 147، 148، 149، 152، 168، 170، 211، 295، 349 بنو موهب من المعافر 153 ميدعان 211 بنو نصر 174 نفوسة 197 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 بنو نوفل بن عبد مناف 206 بنو هاشم 132 هذيل 144، 147، 168، 237 همدان 84، 155، 156 هوارة 197، 253 بنو وائل 140، 152، 155، 157، 163، 168 وائل من جذام 168 بنو وائل بن مناف 10 الوحاوحة من بلى 163 بنو وردان 125، 138، 146 وعلان من مراد 152، 153 آل وعلة 168 يافع 153، 156 يحصب 150، 153، 155 يرفا 144، 145 آل يسار بن ضنة 168 بنو يشكر من لخم 145، 147 يشكر بن جزيلة من لخم 145 بنو ينة 156 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 (3) فهرس أسماء الأماكن والأمم حرف الألف الإباضية 252 إبليل 169 أبو حميد بالفسطاط 163 أبو قرقور 264 أبو قشاش كوم دار الفهرى 162 أبو نمرس 266 أبو هرميس 29 أتريب 29، 168، 169 أجدابية 228 إخميم 36 إخنا 109، 180، 204 أربونة 235 الأردن 267 أرمينية 260 الأساود 201، 215 بنو إسرائيل 39، 42، 43، 44، 45، 46، 51، 66، 256 الإسكندرية 8، 10، 11، 19، 25، 58، 59، 61، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 62، 63، 66، 70، 73، 74، 75، 76، 80، 93، 95، 96، 97، 98، 99، 100، 101، 102، 103، 104، 106، 107، 108، 109، 111، 112، 114، 115، 119، 154، 157، 160، 202، 203، 204، 205، 206، 217، 219، 220، 259، 261، 262، 266، 269، 270، 275، 291، 350، 351 أسوان 25، 29، 183 أشمون 29، 35 أصحاب الأوتاد 139 أصحاب التبن 159، 160 أصحاب الحناء 129 أصحاب الزيت 139، 143 أصحاب السويق 129، 136 أصحاب القراطيس 142 أصحاب القرط 161 الاصطبل بالفسطاط 123، 144، 145، 155 اصطبل قرة بن شريك 153 الأصنام 250، 251 أطرابلس 198، 199، 210، 22، 227، 244، 247، 249، 251، 252، 253، 318 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 أطواب 201 الأفارقة 212 إفرنجة 244 إفريقية 41، 137، 146، 171، 199، 200، 201، 210، 211، 212، 213، 215، 220، 221، 224، 225، 226، 227، 228، 229، 231، 232، 238، 241، 242، 243، 244، 245، 246، 247، 248، 250، 251، 252، 291، 294، 338، 348، 351، 352 أم دنين 23، 81 أم العرب 10، 23 أملس 230 الأندلس 5، 232، 233، 234، 235، 236، 237، 238، 239، 240، 241، 244، 245، 248، 249، 350 أنصنا 36، 69 أنطابلس 113، 136، 197، 198، 228، 230، 231 أهناس 168 الأهواز انظر سوق الأهواز أبلة 29، 230 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 إيلياء 51، 52، 131 حرف الباء باب الريحان 159 بابل 51 بابليون (باب اليون) وانظر الحصن 55، 82، 85، 86، 310 باريس 9، 14 ببا 168 البجة 217 البحر المدير بالأرض 60 البحرين 174، 175، 335 بحيرة الإسكندرية 26، 99 بدر 117، 118، 206، 287، 294، 297، 300 البربر 28، 197، 226، 227، 228، 229، 230، 232، 235، 236، 241، 242، 246، 247، 248، 250، 251، 253، 318 برقة 29، 136، 154، 197، 198، 212، 228، 230 بركة الرقيق 116، 117 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 البرلس 109، 151 بسطة 168 البصرة 115، 256، 276، 282، 306، 327 البقيع 74 بلبيس 80 بلهيب 107، 108، 110، 111 بنا 168 البنطس 146 بنها 69، 73 البهنسى 168 بوصير 168 بوقير 61 بيت المقدس 38، 43، 49، 51، 52، 74، 75، 267 بنو الكاهنة 229 بيرحا 69 بيطار بلال 147 البيما 206 حرف التاء تبوك 214 تتا 168 الترك 28، 295 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 ترنوط 96 تلمسين 233، 246 التمساح 191 تمى 168 تنهمت 35 تهامة 42 تهوذة 226 تونس 243، 245، 250، 251 حرف الجيم الجابية 74، 77، 78، 140، 259 الجار 193، 194 جبل الحلال 179 جبل طارق 233 جبل لبنان 134، 337 جبل يشكر 145، 147 جرف ينة 12، 154 جرمة 222 الجزيرة 178 جزيرة أم حكيم 233 الجزيرة بالأندلس 248 جزيرة الصناعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 انظر الصناعة جزيرة العرب 21 الجزيرة (جزيرة الفسطاط) 36، 86، 92، 114، 129، 154، 159، 163، 267 الجسر القديم بالفسطاط 163 جلولاء 221 الجليل 134، 337 الجمة 249 جنان 145 جنان عمير 129 جنان كعب 141 جنان بنى مسكين 145 الجند 154 جند رخامة 154 الجوبة 34، 35 جيحان 150 الجيزة 129، 140، 141، 155، 156، 163 حرف الحاء حائط العجوز 36، 38 حبرون 38 الحبش (الحبشة) 28، 53، 279، 317 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 الحجاز 128، 160، 191، 192، 210، 212، 282، 329 الحجامون 142 الحجر 23 الحديبية 11، 55، 65 الحذاءون 163 حراء الجبل 137، 290 حران 30 الحرم المكى 14 الحصن (بابليون) 81، 83، 84، 85، 86، 117، 141، 152، 159، 310، 352 حصن الإسكندرية 98، 99، 101 الحصن بالجيزة 156 حفن 69 حلوان 36، 39، 129، 264 حلوة 97، 99 حمام بسر 139 حمام التبن 160 حمام زبان بن عبد العزيز 140 حمام سهل 138، 148 حمام السوق 163 حمام سوق وردان 125، 163 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 حمام الفأر 121 حمام الكبش 163 حمام أبى مرة 140 حمام ينة 12 الحمراء 125، 139، 143، 144، 145، 156 حمص 174 حمير 58، 140 الجواريون 66 الحوف الشرقى 169 حيز الوز 125، 159 حرف الخاء خاوار 222، 223 خربتا 169 خربة وردان 204 الخضراء 232، 233، 235، 248 خلف القماح 128 خليج أمير المؤمنين 190، 191 خليج الفيوم 35 خليج المنهى 35 الخندق 145، 147 خوخة الأشقر 97، 170 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 خيبر 112، 292 الخيس 107، 206 حرف الدال داد ابن أبرهة 139 دار إبراهيم بن صالح 147، 149 دار إسحاق بن متوكل 146 دار إسماعيل بن أسباط 149 دار أشهب الفقيه 142، 147 دار أصبغ الفقيه 163 دار الأضياف 160 دار رياس بن عبد الله القارى 138 دار البراء بن عثمان بن حنيف 146 دار البركة 116، 117 دار بركة بن منصور 135 دار ابن برمك 146 دار ابن بلادة 142 الدار البيضاء 133 دار ثوبان 129 دار بنى جمح 134، 135 دار الحصى 715 دار أبى حكيم مولى عتبة بن أبى سفيان 138 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 دار الحنية 137 دار حوى 147 دار خالد بن عبد السلام الصدفى 148 دار الخيل 145، 267 دار الدوسى 136 دار أبى ذر الغفارى 138، 142 دار أبى رافع 125 دار ابن أبى الرزام 121 دار ابن رمانة 128، 159 دار الرمل 125، 159 دار ابن الرواغ 150 دار الزبير بن العوام 141 دار زكريا بن الجهم 135، 138 دار الزلابية 123، 124، 146 دار زنين 128 دار زياد الحاجب 147 دار الزير 138 دار ابن سابور 149 دار سبرة 144 دار سعد بن أبى وقاص 124 دار سعيد بن عفير 147 دار السلسلة 134، 161، 162، 352 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 دار سلمة بن عبد الملك الطحاوى 135، 143 دار سهل 138 دار السهمى 163 دار بنى شرحبيل بن حسنة 136 دار شييم الليثى 139 دار صالح صاحب سوق النحاسين 139 دار أبى صالح الحرانى 266 دار ابن صامت 143 دار الصباح 142 دار الضرب بالفسطاط 126، 159 دار عباس بن شرحبيل 135 دار عبد الأعلى بن أبى عمرة 160 دار عبد الله بن الحارث بن جزء 128 دار عبد الله بن عمرو بن العاص 121 دار بنى عبد الجبار 147 دار عبد الرحمن بن هاشم 147 دار ابن عبدة 138 دار أبى عرابة 135 دار عقبة بن عامر 125، 126 دار عقبة بن نافع 138 دار العمد 135 دار عمر بن على الفهرى 161 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 دار عمرو الصغيرة 115 دار عمرو بن العاص 121 دار عمرو بن يزيد 143 دار عياض بن جريبة 138 دار ابن فراس الكنانى 138 دار فرج 135، 159 دار الفرج بن جعفر 150 دار الفلفل 123، 124 دار ابن فليح 146 دار الفهرى 161، 163 دار الفهريين 123، 124 دار أبى قدامة 147 دار قيس بن أبى العاص 128 دار كعب بن عدى العبادى 163 دار ابن أبى الكنود 145 دار مالك بن عمرو بن الأجدع 150 دار مجاهد بن جبر 139، 143 دار محفوظ بن سليمان 125 دار محمد بن عبد الرحمن الكنانى 138 دار مخرمة 160 دار ابن مذيلفة 138 دار مسلمة بن مخلد 125 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 دار مصعب الزهرى 142 دار مطر 146، 149 دار المعافرى 134 دار المغازل 125 دار المقداد بن الأسود 125 دار ابن ملجم 139 دار الموز 137 دار موسى بن عيسى النوشرى 160 دار نافع بن عبد القيس 138 دار النخلة 137، 258 دار نصر 138 دار ابن نيزك 142 دار هبيرة بن أبيض 150، 152 دار ابن هجالة الغافقى 149 دار ابن الهيثم الأيلى 146 دار واضح 143 دار ابن يبولة 143 دار (يزيد بن أنيس) الفهرى 162 دجلة 176 درب حوى البحرى 147 دب دار حوى 147 درب الزجاج 143 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 درب السراجين 135، 138، 146 درنة 230 دسبندس 168 دغوغا 253 دمشق 296 دمقلة 215، 216 دموشة 201 دمياط 25 دور الخيل 145 دور ربيعة وعبد الرحمن ابنى شرحبيل بن حسنة 138 دور عباس بن شرحبيل بن حسنة 135 دور بنى مروان 139 دور أبى مريم 146 دور مطر 146 دور بنى ودان (الوردانيين) 146، 148 حرف الذال ذات الحمام 19، 211 ذات السلاسل 172 ذنب التمساح 191 ذو الصوارى 136، 201، 217، 297، 342 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 حرف الراء الراية 122، 139، 144، 146، 163، 168 الربذة 317 رحا الكعك 125 رحبة السوسى 147 رشيد 25، 109 رفح 77 الرملة 220، 275، 302 الروم 11، 28، 54، 55، 56، 59، 61، 65، 74، 78، 79، 80، 82، 84، 86، 87، 89، 92، 93، 94، 95، 96، 97، 98، 99، 100، 101، 102، 103، 104، 106، 107، 111، 112، 115، 121، 122، 124، 156، 157، 158، 170، 179، 197، 198، 199، 200، 202، 203، 204، 205، 212، 218، 219، 226، 228، 230، 231، 242، 261، 286، 289، 298، 308 رومية 285 الريف 165، 166، 167، 217 حرف الزاى الزبد 22 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 زقاق الأشراف 138 زقاق أشهب 147 زقاق البلاط 128 زقاق أبى حكيم 146 زقاق حمد 148 زقاق ابن رفاعة 145 زقاق الرواسين 147 زقاق الزمامرة 86 زقاق السمى 144 زقاق عبد الملك بن مسلمة 142 زقاق بنى عبس 153 زقاق القناديل 124، 135، 137، 163 زقاق المكى 144، 145 زقاق الموزة 148 زقاق وردان 146 زويلة 198، 223 حرف السين ساحل مريس 163 ساقية أبى عون 185 سبتة 232، 233 سبرت 197، 199، 247 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 السبع 121 سبيبة 247 السجن عند محرس بنانة 139 سخا 25، 107، 168 السدان 59 السراجون انظر درب السراجين سرت 222، 253 سردانية 237 سردوس 25، 26 سرغ 77 سفط 168 سقلية 219، 244 سقيفة تركى 147 سقيفة جواد 148 سقيفة الغزل 147 سقيفة ابن ينة 156 سلطيس 97، 107، 108، 111 سلمنت 296 السند 19، 28 السودان 28، 245 السوس 197، 226، 232، 245، 246 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 سوق أطرابلس 253 سوق (الأهواز) 174 سوق بربر 135، 137، 138، 142، 146، 258 سوق الحمام 85، 129، 139 سوق سبرت 247 سوق وردان 124، 126، 141، 143، 145، 159 سويقة عدوان 144، 145 سيحان 176 حرف الشين الشأم 19، 30، 41، 52، 54، 55، 65، 67، 78، 79، 83، 99، 131، 134، 143، 157، 161، 178، 208، 220، 248، 249، 250، 251، 252، 279، 289، 296، 298، 309، 337، 338، 341 شانة 36 شدموه 201 شذونة 234 الشرف 152 الشرقية 197 شرموه 201 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 حرف الصاد صا 29 صان 169 الصحراء 253 الصعيد 29، 34، 35، 48، 92، 111، 183، 197، 200، 201، 344 الصفا 148، 150 صفا مهرة 170 الصفرية 248، 251 الصقالبة 28 صقلية انظر سقلية الصناعة (فى جزيرة الفسطاط) 86، 114، 154، 163 صنعاء 156 حرف الطاء طبرقة 230 طبرية 238 طحا 168، 191 طرا 39 طرابلس انظر أطرابلس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 طرابية 168، 169 طليطلة 223، 234، 235 طنجة 210، 232، 233، 246، 247 حرف العين العتقاء 147 العراق 19، 131، 132، 160، 178، 231، 271، 273، 274، 275 العرب 23، 24، 28، 30، 67، 82، 84، 85، 86، 88، 94، 98، 99، 101، 127، 144، 156، 191، 210، 219، 222، 223، 229، 232، 233، 234، 235، 240، 262، 305 عرفات 294، 324 عرفة 322 العريش 29، 77، 78، 79 عسقلان 291 العسكر 145، 147، 185 العقابين 138 العقبة 117، 300، 301 عقبة تنوخ 156 عقبة مهرة 146 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 العمالقة (العماليق) 8، 32، 33، 40 عمان 66 عمورية 134 عين شمس 23، 37، 168، 185، 296 حرف الغين غدا مس 223 حرف الفاء فارس 28، 54، 55، 56، 57، 65، 122، 286 الفارسيون 152، 155، 156، 157 الفرات 176 فراس 234 الفرس 55، 156، 157 الفرما 10، 23، 37، 80 فزان 222 الفسطاط 36، 53، 55، 79، 92، 95، 96، 115، 139، 141، 142، 150، 159، 162، 165، 170، 171، 191، 201، 216، 225، 239، 261، 262، 264، 265، 313، 315 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 فلسطين 78، 121، 151، 197، 348 الفندق 124 الفيوم 25، 26، 34، 35، 36، 126، 168، 196، 197، 200، 201 حرف القاف قابس 226، 247، 249، 1250، 251، 253 القاصرة 171 القالوس 159 قباء 212 القبط 7، 8، 9، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 28، 40، 44، 46، 49، 50، 67، 80، 81، 85، 86، 92، 93، 94، 95، 96، 97، 107، 108، 109، 111، 112، 114، 135، 167، 179، 180، 181، 189، 192، 193، 202، 216، 266 القبة 134 قبة سوق وردان 145 القبة فى وسط الجزيرة 159 قربيط 168 قرطاجنة 210، 228 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 قرطاجنة بالأندلس 233 قرطبة 233، 234، 235، 249 قرطسا 107 القرن 220، 251 القسطنطينة 118، 285، 298، 300 قصبة الإسكندرية 62 القصر- قصر الشمع قصر ابن جبر 135 قصر الجن 137 قصر ابن حناطة 151 قصر الشمع (القصر) 79، 82، 83، 86، 92، 115، 137، 141، 153، 163، 170 قصر عبد الله بن سعد بن أبى سرح بالإسكندرية 157 قصر عمر بن مروان 122، 123 قصر فارس 97 قصر فهد 154 قصر الماء 224، 239 قصر مارية 138 قصر ابن يريم 265 قصرا جناب 265 قصطيلية 223 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 قصور حسان 228 القصير بالفسطاط 170، 184، 185 قفصة 223 قفط 29 القلزم 191 قلعة بسر 232 القنطرة بالفسطاط 143، 145، 157، 159، 163 قنطرة سليمان 104 القواصر 80 قونية 221، 228 القيروان 221، 223، 224، 226، 227، 229، 232، 233، 235، 239، 240، 242، 244، 247، 249، 250، 251، 252 القيس 168، 197 قيسارية الشام 78، 80، 99 القيسارية بالإسكندرية 62 القيسارية بالفسطاط 140، 159 قيسارية الحبال 163 قيسارية عبد العزيز 163 قيسارية العسل 159، 163 قيسارية الكباش 163 قيسارية هشام 163 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 حرف الكاف كتاب إسماعيل 144، 147 الكريون 61، 97، 158، 204 كسا 61 الكعبة 121، 131 كنعان 38 كنيسة الذهب 99، 104 كنيسة الروم 163 كوار 222، 223 الكوفة 115، 273، 282، 288، 290، 302، 317، 327 الكوم بالإسكندرية 154، 157 كوم شريك 96 كوم عابس 261 حرف اللام اللاهون 35 اللبخات 62 لبدة 197، 207 لبنان 134، 337 لندن 9 لوبية 58، 197، 228 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 ليدن 9، 14 حرف الميم ماء فرس 223 ماقة 28 المتحف البريطانى 9، 14 المجاز 232 مجاز الخضراء 248 مجالس قيس 158 محرس بنانة 139 محرس أبى حبيب 146، 147 المخمص 141، 313 مدائن كسرى 115 المدينة 19، 71، 105، 107، 109، 118، 146، 161، 162، 190، 192، 193، 213، 214، 216، 217، 219، 220، 239، 263، 282، 286، 288، 297، 298، 304، 309، 313، 317، 327، 334، 351 مدينة الروم 55 المر 241 مراقية 197، 228 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 مريس 264 مزاتة 223 مزاق 226 مسجد إبراهيم القراط 149 المسجد الأبيض 271 مسجد أحدب 148 مسجد بادى 149 المسجد الجامع بالفسطاط 121، 122، 126، 128، 129، 133، 134، 135، 138، 146، 147، 154، 158، 159، 201، 266، 272، 315، 347، 349 مسجد حاء 146 مسجدى حذران 148 مسجد الخضر بالإسكندرية 62 مسجد ذى القرنين بالإسكندرية 62 مسجد الرحمة بالإسكندرية 62 مسجد الزمام 148 مسجد الزنج 149 مسجد الزينة 154 مسجد لسبإ 154 مسجد سليمان بالإسكندرية 62 مسجد سيبان 148 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 مسجدا بنى شبابة 147 مسجد عبد الله (بن عبد الملك بن مروان) 146، 149، 265 مسجد العتقاء 147 مسجد عمرو بن العاص بالإسكندرية 62 المسجد عند دور وردان 146 مسجد عنزة بن ربيعة 143 مسجد بنى عوف 143 مسجد العيثم 144، 145 مسجد الفارسيين 157 مسجد فهم الجمرات 148 مسجد القرون 143، 162 مسجد القلعة 159 المسجد فى القيسارية 62 مسجد كنانة بن بشر 152 مسجد اللبخات 62 مسجد مالك 264 مسجد مهرة 145 مسجد موسى بالإسكندرية 62 مسجد أبى موسى الغافقى 148 المسناة 149 مصر 5، 10، 19، 20، 22، 23، 24، 25، 29، 30، 32، 33، 35، 36، 37، 38، 39، 40، 41، 43، 47، 48، 49، 51، 52، 53، 54، 55، 58، 59، 61، 63، 64، 68، 69، 70، 73، 74، 75، 76، 77، 78، 79، 80، 84، 86، 92، 93، 94، 96، 97، 100، 102، 104، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 118، 119، 120، 123، 124، 125، 128، 130، 131، 133، 134، 135، 136، 137، 139، 140، 141، 142، 143، 144، 146، 148، 149، 150، 151، 152، 156، 158، 159، 161، 163، 165، 167، 169، 170، 171، 172، 175، 176، 177، 182، 184، 185، 187، 188، 189، 190، 191، 192، 193، 195، 197، 200، 201، 202، 206، 207، 210، 211، 215، 216، 220، 221، 224، 227، 230، 231، 237، 238، 243، 245، 250، 257، 260، 261، 265، 273، 275، 276، 282، 289، 290، 291، 293، 296، 297، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 298، 303، 304، 306، 312، 315، 318، 327، 333، 334، 335، 336، 337، 338، 339، 340، 341، 342، 343، 344، 349، 350، 351، 352 مصيل 107، 111 المعاصير 143 معهد المخطوطات العربية بالقاهرة 14 مغار بنى وائل 81 مغارة جبل حبرون 38 المغرب 118، 137، 197، 199، 207، 220، 222، 223، 224، 227، 228، 231، 232، 235، 238، 239، 260، 306، 309، 352 مغمداش 222 المفرقة 200 المقس 99 المقطم 183، 184، 185، 203، 210، 282 مقياس أخميم 36 مقياس أنصنا 36 مقياس الجزيرة 36 مقياس حلوان 36 مقياس منف 36 مكة 19، 54، 121، 173، 190، 192، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 193، 288 المكتبة الأهلية بباريس 9 منارة الإسكندرية 61، 62 منزل بنانة 144 منزل أبى رقية 146 منزل (منازل) عبد الله بن سعد بن أبى سرح 146، 152 منزل عمرو بن سواد السرحى 139 منسك 19 منف 25، 28، 29، 36، 40، 48، 50، 53، 168، 185 منوف 168 منة (من الإسكندرية) 62 المنهى 25، 26، 35 منية الأصبغ 163 منية أم سهل 125 مؤسسة دار التعاون بالقاهرة 13 الموقف 124، 147، 160 الميضأة القديمة 129 حرف النون ناسك 19 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 نبارة 199 نجران 334 [سوق] النحاسين 139 النصارى 166 النصرانية 219، 229 نفزاوة 251 نقيطة (من الإسكندرية) 62 نقيوس 202، 204 نهر البلاء 228 النوبة 197، 215، 216 النيل 25، 29، 35، 36، 42، 47، 52، 86، 87، 115، 154، 155، 175، 176، 177، 185، 190، 191، 197، 203، 217 حرف الهاء الهند 19، 28 حرف الواو وادى أم حكيم 234 وادى السباع 292 وادى هبيب 118 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 واسط 160 واق 19 واق واق 19 ودان 222 وسيم 168، 266، 350 حرف الياء ياق 23 يثرب 187 اليحموم 184، 185 أبو يحنس 95، 96 اليدقون 168 اليمن 19، 86، 127، 154، 155، 286، 311، 349 اليهود 21، 141، 187، 313، 328 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 (4) فهرس الآيات القرآنية مرتبة حسب ورودها في الكتاب الصفحة اسم السورة 24 آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ، رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (سورة الأعراف 121، 122) 25 أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي (سورة الزخرف 51) 26 كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (سورة الدخان 25) 41 يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً (سورة غافر 60) 43 و 46 إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (سورة الشعراء 54) 43 و 46 فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ (سورة الزخرف 24) 44 فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (سورة الشعراء 60) 44 اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ (سورة الشعراء 63) 44 وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً (سورة الدخان 24) 54 و 65 الم غُلِبَتِ الرُّومُ (سورة الروم 1، 2) 67 يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا (سورة آل عمران 64) 90 و 218 كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً (سورة البقرة 249) 183 قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (سورة التوبة 29) 183 فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ (سورة التوبة 5) 297 فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا (سورة المائدة 24) 297 كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ (سورة الأنفال 5) 297 وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ (سورة الأنفال 7) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 298 وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ (سورة الأنفال 17) 298 ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى (سورة الأنفال 67) 299 وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ (سورة البقرة 195) 311 رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ (سورة النور 37) 311 يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ (سورة المزمل 20) 352 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ (سورة المائدة 101) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 (5) فهرس الأحاديث الشريفة مرتبة علي الأحرف حسب ورودها في الكتاب أ الصفحة إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا 19 و 135 إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيرط 20 و 180 و 316 إن الله سيفتح عليكم بعدى مصر 20 و 167 إنكم ستكونون أجناد او إن خير أجنادكم أهل الغرب منكم 21 الله الله فى قبط مصر 21 استوصوا بالقبط خيرا 21 الله الله فى أهل الذمة أهل المدرة السوداء 22 استوصوا بالأدم الجعد 22 إنكم ستقدمون على قوم جعد رءوسهم 22 الله الله فى أهل الذمة 22 إن إبراهيم قدم أرض جبار ومعه سارة 30 إن شئتم أخبرتكم عما أردتم أن تسألونى قبل أن تتكلموا 59 إن أول أمره أنه غلام من الروم 59 إن جبريل أتانى فأخبرنى أن الله قد برأها 70 إنها رحمة وأتبعها بالأخرى 71 أعتقها ولدها 72 إن له ظئرا فى الجنة 72 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 أما إنما لا تضر ولا تنفع 72 إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله 72 إن له مرضعا فى الجنة 73 إن الله قد زادكم صلاة فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح 121 و 314 و 315 إن الله قد أمدكم بصلاة هى خير لكم من حمر النعم 130 و 288 اسكن حراء 137 و 290 إنا ركبون غدا إلى يهود 141 و 313 و 328 إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم 141 إذا توضأت وأنا جنب أكلت وشربت 148 أكثر القبائل فى الجنة مذحج 153 ألا أخبركم بخير قبائل؟ قلوا: بلى 155 اللهم اغفر للسكاسك 155 أوصى بك كل مسلم 164 و 336 أوصى بك كل مؤمن 164 أيما مملوك مثل به فهو حر 164 أسلم سالمها الله 165 و 335 إذا فتح الله عليكم مصرفا تخذوا فيها جندا كثيفا 167 إذا حكم الحاكم فاجتهد 255 إذا قضى القاضى فاجتهد 256 اقض بينهما 156 إذا لقيتم عشارا فاقتلوه 259 و 342 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 إن الإسلام يجب ما كان قبله 280 إن ربى حرم علىّ الخمر والميسر 286 و 303 اللهم إنهم حفاة فاحملهم 287 إن الذي يمر بين يدى أخيه وهو يصلى متعمدا 287 اقرأ ثلاثا من ذات حم 287 اقرأ ثلاثا من ذات الراء 287 إن أشد الناس عليكم 289 إن الله لعن الخمر وشاربها 293 ائتونى بشفرة أو مدية 293 اتركوا الترك ما تركوكم 295 إن للمسلم على أخيه المسلم ست خصال واجبة 299 إيمان بالله وتصديق وجهاد فى سبيله 300 إنه لا يقام لى إنما يقام لله 302 إن الله حرم الخمر والكوبة والقنين وإياكم والغبيراء 303 إن الجود من شيمة أهل ذلك البيت 303 اللهم لا يدركنى زمان ولا أدركه لا يتّبع فيه العليم 305 اللهم علمه الكتاب ومكن له فى البلاد 306 ألا أخبركم بالمؤمن؟ 307 أنا الزعيم لمن آمن بى وأسلم بيت فى ربض الجنة 308 إنه بلغنى أنكم تتبايعون المثقال بالنصف 309 الإيمان يمان والفقه يمان 311 إياكم والخيل المنفلة 311 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 إذا صلى أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب 312 إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فتوانوا عنها وتركوها 313 ائتنى بفلانة 314 إن الكافر يأكل فى سبعة أمعاء 314 إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته فى منزله 315 اعقل ما أقول لك 315 الأئمة المضلين 316 إنى أراك ضعيفا وإنى أحب لك ما أحب لنفسى 316 إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغى للضيف فاقبلوا 319 إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوهما فى الدنيا 322 إنه أواه 323 إنى قد علمت أنه قد رابكم طول قيامى 323 الله أكثر وأطيب 328 اركبوا هذه الدواب سالمة وايتدعوها سالمة 328 أفضل الفضائل أن تصل من قطعك 328 أن تحب لله وتبغض لله 330 إن لله عبادا لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم 330 أتدرى بكم سبقك أصحابك؟ 331 أكثرهم لله ذكرا 331 أطابت برمتك؟ 333 إن فى النار لحيات أمثال أعناق البخت 134 إن الله أعد لعباده الصلحين ما لا عين رأت 314 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 أوفاهما وأبرهما 337 إن موسى لما أراد فراق شعيب 337 إن كان شفاء ففى شربة من عسل 341 إنما أخاف على أمتى من ثلاثة أشياء 343 أكذلك؟ 345 إن الصدقة صداع وحريق فى البطن 345 اذهب فردهم (ب) بايع يا عمرو، فإن الإسلام يجب ما كان قبله 281 بلى: ولكنى قئت 308 بع سرّقا 327 (ت) تمنّ ما شئت فإنك لن تتمنى اليوم شيئا إلا أعطيتكه 42 تخرج ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية 134 و 337 تعلموا القرآن واقتنوه 323 (ث) ثلاثة إذا أنا فعلتهن فما أبالى ما ركبت 283 ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة 309 (ج) جئتم تسألوننى عن ذى القرنين 59 (ح) الحكام ثلاثة 254 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 (خ) خذ عليك ثيابك وسلاحك 278 الخبث سبعون جزءا 318 (ذ) الذهب بالذهب وزنا بوزن 307 (ر) رب الدابة أحق بصدر دابته 123 رباط يوم فى سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه 285 رأيت فى منامى أن عمود الكتاب حمل من تحت رأسى 296 رويفع، لعله سيطول بك العمر 310 رحم الله عمرا 335 روحة أو غدوة فى سبيل الله خير من الدنيا وما فيها 340 و 341 (س) السلام عليكم 41 سيصاح برجل من أمتى على رءوس الخلائق 283 سوّوا قبوركم بالأرض 308 سبحان الله! لا من الله استحيوا، ولا من رسوله استتروا 334 (ش) شقّوها على ما فيها من غضب الله 293 الشهداء أربعة 306 شرّ ما فى الرجل شح هالع 311 (ص) صلاة الخمس 287 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 صاحب الدابة أولى بصدرها 302 (ض) ضيف 41 ضحّ به أنت 319 الضاحك فى الصلاة والملتفت والمفقّع أصابعه بمنزلة واحدة 329 (ط) طوبى لمن هدى إلى الإسلام 307 (ع) العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل 284 عشر حسنات 328 العاص! أنتم عبد الله، انزلوا 118، 332 عليكم بالقرآن 339 (غ) غير الدّجّال أتخوّف على أمتى 316 (ف) فكيف أم فلان؟ 41 فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب 122، 278 فلعلك بلغت معهم الكدى 288 الفأر من الطاعون 304 (ق) قبط مصر فإنهم أخوال وأصهار 22 قولا نشهد أن لا إله إلا الله 69 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 القضاة ثلاثة 254 قص شاربك 287 قد علمت لم نظر بعضكم إلى بعض 294 قتل رجل تسعة وتسعين 338 (ك) كيف رأيت الإمارة أبا معبد؟ 126 الكافر يأكل فى سبعة أمعاء 142 كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض 284 كلوا وأبى أن يأكله 299 كيف ترى جعيلا؟ 316 كفارة النذر كفارة اليمين 319 (ل) لما أغرق الله آل فرعون قال فرعون: آمنت بالذى آمنت به بنو إسرائيل 45 لم فعلت؟ فكل ما دون العشر بضع 55 لو بقى إبراهيم ما تركت قبطيا إلا وضعت عنه الجزية 74 لو كنت مكانك فعلت مثل الذي فعلت 277 لعمل شعيرة اليوم خير من مثقال قيراط بعد اليوم 278 ليؤيدن الله الإسلام برجال ما هم من أهله 284 لله أضنّ بدم المؤمن من أحدكم 285 لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة 288 لكل أمة أجل 290 لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا 312 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 لو كان بعدى نبى لكان عمر بن الخطاب 320 لو جعل القرآن فى إهاب ثم ألقى فى النار ما احترق 320 لتحج راكبة مختمرة ولتصم 326 لن تقرأ أبلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق 326 لو ددت أنّ بينى وبين أهل نجران حجابا 334 (م) ما حاجتك؟ 41 مالى ولهم يسألوننى عما لا أدرى 59 ملك مسح الأرض من تحتها 60 من استنجى برجع دابته 85 ما اسمك؟ 118، 332 من افترى علىّ كذبا فليتبوأ بيتا أو مقعدا من النار 148 من جعل قاضيا فقضى بين الناس فقد ذبح بغير سكين 254 من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه 256 ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالفناء 277 من أطعم أخاه من الخبز حتى يشبعه 282 من علم علما فكتمه 284 ما من غازية تغزو فى سبيل الله 285 مدينة هرقل 285 من صمت نجا 286 من مات وهو مشرك فلا تسل عنه 290 من ولى لنا عملا ولم يكن له خادم فليكتسب خادما 290 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 من كان عنده منها شىء فليؤذنىّ به 293 من لم يقبل رخصة الله 294 و 324 من فرّق بين والدة وولدها 299 ما من نفس تموت 300 من كذب علىّ كذبة متعمدا فليتبوأ بيتا من النار 303 من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال 304 من ستر مسلما ستره الله 304 من كان فى المسجد ينتظر الصلاة فهو فى صلاة 305 من وجد مسلما على عورة فستره 305 من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة 308 المجاهد من جاهد نفسه 308 من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره 309 من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من المغانم 309 من ردّته الطّيرة عن شىء فقد فارق الشرك 310 من صلى على محمد 310 مثل الذي يتعلّم ولا يعلّم 312 من القوم؟ 314 من تقرب إلى الله شبرا 315 ما أحبّ أن لى هذا الجبل ذهبا 317 من جرّ إزاره خيلاء وطئه فى النار 317 من علّق تميمة فلا أتمّ الله له 321 من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن 321 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 من توضأ فجمع عليه ثيابه 321 من كان هاهنا من معدّ فليقم 321 من قال علىّ ما لم أقل فليتبوّأ بيتا فى جهنم 322 من توضأ فأحسن وضوءه 323 المؤمن أخو المؤمن 324 الميّت من ذات الجنب شهيد 324 من علم الرمى ثم تركه فليس منا 324 من كذب علىّ كذبة متعمدا فليتبوأ مقعده من النار 326 من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات 328 من ثبت فى مصلاه 329 من كان صائما وعاد مريضا 329 من حرّس ليله فى سبيل الله 329 من أكل طعاما فقال: الحمد لله 330 من بنى بنيانا فى غير ظلم 331 من تخطّى رقاب الناس يوم الجمعة 331 من غلبت عليه فاقتلوه 336 ما من نبى إلّا وقد حذّر أمته الدجال 340 من نجا من ثلاث فقد نجا 344 من أراد منكم أن يتوضأ فليتوضأ 345 (ن) النيل وسيحان وجيحان والفرات من أنهار الجنة 176 نعم أهل البيت أبو عبد الله 319 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأ بها 320 نعم إذا توضأت أكلت وشربت ولا أصلى ولا أقرأ حتى أغتسل 338 (هـ) هذه الضربة يفتح الله بها كنوز الروم 286 هل لكم أن نخرج فنتلقى هذه العير لعل الله يغنمناها؟ 297 هم، هم 297 هلاك أمتى فى الكتاب واللبن 325 هل علم أحد منكم أنى صليت العصر؟ 341 (و) وإنك لفلان 41 والذي نفسى بيده إنه ليختصم كل شىء يوم القيامة 312 والذي نفسى بيده ما ممّا وعدتم به فى الآخرة إلا وقد عرض علىّ 323 ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار 332، 343 (لا) لا يدخل الجنة عاص 100، 291 لا تأتى المائة وعلى ظهرها أحد باق 119، 340 لا تحملوهم ما لا تطيقون 164 لا. ولكن أحببت أن يرى الناس مكانك منى 214 لا يدخل صاحب مكس الجنة 258، 325 لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن والذكر 284 لا طائر ولا عدوى ولا هامة ولا جدّ والعين حق 284 لا تقطع الأيدى فى الغزو 289 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 لا تحل الصدقة لغنى 296 لا تشركوا بالله شيئا 300 لا تسبّوا تبّعا فإنه قد أسلم 305 لا تباع حتى تفصّل 307 لا ينبغى هذا للمتقين 319 لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها 325 لا تزال هذه الأمة على شريعة من الحق 330 لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة 332 لا تلعنهم فإنهم منى وأنا منهم 336 لا تنقطع الهجرة ما كان الجهاد 339 لا خير فى الإمارة لمسلم 345 (ى) يكفونكم أعمال الدنيا وتتفرغون للعبادة 22 يا أبا فاطمة، أكثر من السجود 136 و 342 يا معاذ، انطلق حتى تأتى الجند 154 يا عمرو، إن الإسلام يجبّ ما قبله 208 و 279 يا عثمان، إذا ابتعت فكل 263 يا فاطمة، من أين جئت 288 يسلم الراكب على الماشى 307 يا رويفع، لعل الحياة ستطول بك بعدى 310 يا موهبة، بيّتى هذا الرجل فى بيت ولا توثقى عليه الباب 314 يا أبا بصرة، إن الكافر يأكل فى سبعة أمعاء 314 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 يوم النحر ويوم عرفة وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام 322 يكون فتنة يكون أسلم الناس فيها 342 يا أخا صداء، إنك؛ لمطاع فى قومك 345 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 (6) فهرس الأشعار والأراجيز مرتبة حسب ورودها في الكتاب قد كان ذو القرنين جدّى مسلما ... ملكا تدين له الملوك وتحشد 58 حسرت عقول أولى النهى الأهرام ... واستصغرت لعظيمها الأحلام 64 قل لرسل النبي صاح إلى النا ... س شجاع ودحية بن خليفه 74 يوم لهمدان ويوم للصدف ... والمنجنيق فى لىّ تختلف 84 أقول إذا ما جاشت النفس اصبرى ... فعما قليل تحمدى أو تلامى 97 هل توفين بنو أمية ذمة ... عهدا كما أوفى جواد هشام 133 و 260 من كان فى نفسه للبيض منزلة ... فليأت أبيض فى حمّام زبان 140 وظلت أنادى اللكعاء قيسا ... لتدخلنى وقد حضر الغداء 150 من مبلغ خولان عنى رسالة ... يربّضها أبنا فراس بن مالك 152 عجبا ما عجبت حين أتانا ... أن قد امّرت قرة بن شريك 158 عين فابكى لعقبة بن أبان ... فرع فهر وفارس الفرسان 160 من سره شحم ولحم راكد ... فليأت جفنة عقبة بن أبان 160 بنو آكل السقب الذين كأنهم ... نجوم بآفاق السماء تنور 162 سبق الأقوام عجلى ... سبقتهم وهى حبلى 170 أبلغ أمير المؤمنين رسالة ... فأنت ولى الله فى المال والأمر 173 ألم تر أن الدهر أخنت ريوبه ... على عمرو السهمى تجبى له مصر 210 يا بنة جرجير تمشّى عقبتك ... إن عليك بالحجاز ربّتك 212 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 لم تر عينى مثل يوم دمقله ... والنخيل تعدو بالدروع مثقله 215 أحن إلى الإسكندرية إنّ لى ... بها إخوة فى الدين أهل تنافس 261 ونزور سيدنا وسيد غيرنا ... ليت التشكى كان بالعواد 265 يا أيها المتمنى أن يكون فتى ... مثل ابن ليلى فقد خلّى لك السبلا 265 لن تجد الفهمى إلا محافظا ... على الخلق الأعلى وبالحق عالما 267 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 (7) فهرس الموضوعات الموضوع الصفحة مقدمة التحقيق 5 وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالقبط 19 بعض فضائل مصر 23 نزول القبط بمصر وسكناهم بها 27 دخول إبراهيم مصر 30 ظفر العمالقة بمصر وأمر يوسف 32 استنباط الفيوم 34 دخول أهل يوسف مصر ووفاة يعقوب ودفنه 37 وفاة يوسف 38 ملوك مصر بعد زمان يوسف 39 حمل عظام يوسف إلى الشام 41 خروج بنى إسرائيل من مصر 43 الملكة دلوكة 47 عمل البرابى 48 ملوك مصر بعد العجوز دلوكة 48 دخول بخت نصّر مصر 51 ظهور الروم وفارس على مصر 54 انكشاف فارس عن الروم 55 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 بناء الإسكندرية 58 كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى المقوقس 65 سبب دخول عمرو بن العاص مصر 74 فتح مصر 76 من قال إن مصر فتحت بصلح 108 من قال فتحت مصر عنوة 112 الخطط 115 من اختط حول المسجد الجامع 122 خطط الجيزة 155 أخائذ الإسكندرية 157 الزيادة فى المسجد الجامع 158 القطائع 159 خروج عمرو إلى الريف وخطبته 165 مرتبع الجند 168 خيل مصر 169 مقاسمة عمر بن الخطاب العمال 172 النيل 175 الجزية 177 المقطم 183 استبطاء عمر بن الخطاب عمرو بن العاص فى الخراج 185 نهى الجند عن الزرع 189 حفر خليج أمير المؤمنين 190 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 فتح الفيوم 196 فتح برقة 197 فتح أطرابلس 198 استئذان عمرو بن العاص عمر بن الخطاب فى غزوة إفريقية 199 عزل عمرو عن مصر 200 انتقاض الإسكندرية 202 خراب خربة وردان 204 بعض ما قيل فى فتح الإسكندرية الثانى 205 قدوم عمرو على عمر بن الخطاب 206 وفاة عمرو بن العاص 207 وصية عمرو بن العاص عند موته 208 فتح إفريقية 210 فتح النوبة 215 ذو الصوارى 217 رابطة الإسكندرية 219 من كان يخرج على غزو المغرب بعد عمرو بن العاص وفتوحه 220 معاوية بن حديج 220 عقبة بن نافع 222 أبو المهاجر 224 مقتل عقبة بن نافع 225 حسان بن النعمان 228 مقتل زهير بن قيس 230 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 موسى بن نصير 231 فتح الأندلس 232 قضاة مصر 254 كراهية العمل على القضاء 254 قيس بن أبى العاص 257 كعب بن يسار بن ضنة 257 عثمان بن قيس بن أبى العاص 258 سليم بن عتر 259 عابس بن سعيد 261 بشير بن النضر 262 عبد الرحمن بن حجيرة 263 مالك بن شراحيل 263 يونس بن عطية 264 عبد الرحمن بن معاوية بن حديج 264 عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل 266 عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة 267 عياض بن عبيد الله 267 عبد الله بن خذامر 268 يحيي بن ميمون 268 يزيد بن عبد الله بن خذامر 268 الخيار بن خالد 268 توبة بن نمر 268 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 خير بن نعيم 268 عبد الرحمن بن سالم 269 غوث بن سليمان 269 أبو خزيمة 269 عبد الله بن بلال 271 ابن لهيعة 272 إسماعيل بن اليسع 272 غوث بن سليمان الثانية 272 المفضل بن فضالة 273 أبو الطاهر الأعرج عبد الملك بن محمد 273 المفضل بن فضالة الثانية 273 محمد بن مسروق 273 إسحاق بن الفرات 273 عبد الرحمن بن عبد الله بن المجبر 274 هاشم بن أبى بكر 274 إبراهيم بن البكاء 274 لهيعة بن عيسى 274 الفضل بن غانم 274 إبراهيم بن إسحاق القاريّ 274 إبراهيم بن الجراح 275 عيسى بن المنكدر 275 هارون بن عبد الله 275 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 ابن أبى الليث 275 الحارث بن مسكين 275 دحيم بن اليتيم عبد الرحمن بن إبراهيم 275 بكار بن قتيبة 276 الأحاديث وتسمية من روى عنه أهل مصر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ممن دخلها فعرف أهل مصر بالرواية عنه 276 عمرو بن العاص 276 عبد الله بن عمرو بن العاص 282 خارجة بن حذافة 288 بسر بن أبى أرطاة 289 المستورد بن شداد 289 عبد الله بن سعد بن أبى سرح 290 وممن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ممن شركوا الناس فى الرواية عنه وأغربوا به عليهم فى الحديث 292 الزبير بن العوام 292 عبد الله بن عمر بن الخطاب 292 المقداد بن الأسود 294 معاوية بن أبى سفيان 295 عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق 296 عمر بن ياسر 296 أبو أيوب خالد بن زيد 297 عبادة بن الصامت 300 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 قيس بن سعد بن عبادة 302 جابر بن عبد الله 303 سهل بن سعد 305 مسلمة بن مخلد 306 فضالة بن عبيد 306 رويفع بن ثابت 309 أبو هريرة 311 أبو بصرة الغفارى 313 أبو ذر الغفارى 315 هبيب بن مغفل 317 عقبة بن عامر 318 أبو عبد الرحمن الجهنى 327 معاذ بن أنس 328 عبد الله بن الحارث بن جزء 332 علقمة بن رمثة 335 أبو الرمداء البلوى 335 ابن سندر 335 ديلم الجيشانى 336 أبو ثور الفهمى 336 عتبة بن الندر 337 عبد الرحمن بن عديس 337 أبو زمعة البلوى 338 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 أبو زمعة البلوى 338 أبو موسى الغافقى 338 جنادة بن أمية 339 سفيان بن وهب 340 معاوية بن حديج 341 أبو جمعة حبيب بن سباع 341 أبو فاطمة الأزدى 342 مالك بن عتاهية 342 عمرو بن الحمق 342 أبو الأعور السلمى 343 كثير 343 أبى بن عمارة 343 مالك بن هبيرة 344 مهاجر مولى أم سلمة 344 ابن حوالة الأزدى 344 حبان بن بح 345 زياد بن الحارث 345 وممن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرووا عنه حكاية عن رأيه ولم يرو عنه غيرهم 347 أبو عميرة المزنى 347 أبو وحوح البلوى 347 أبو مسلم الغافقى 347 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 صلة بن الحارث 348 شرحبيل بن حسنة 348 مسعود بن الأسود 348 أبو مليكة البلوى 348 كعب بن يسار بن ضنة 349 برح بن حسكل 349 خرشة بن الحارث 350 حيى 350 مالك بن زاهر 350 ذو قرنات 350 حاطب بن أبى بلتعة 350 وممن دخلها من أصحاب رسول لله صلّى الله عليه وسلم فعرف دخولهم إياها برواية غيرهم 350 أبو سعاد 350 جبلة بن عمرو 351 سرق 351 وممن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليست لهم فيما بلغنا عنه حكاية 351 سعد بن أبى وقاص 351 أبو رافع مولى رسول لله صلّى الله عليه وسلم 351 عبد الله بن الزبير 351 أبو عبد الرحمن الفهرى 351 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 محمد بن مسلمة الأنصارى 352 عبد الرحمن بن غنم 352 وممن دخلها من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم لغزو المغرب وعيره فيما ذكر محمد بن عمر الواقدى وغيره 352 حمزة بن عمرو 352 سلمة بن الأكوع 352 المسور بن مخرمة 352 المطلب بن أبى وداعة 352 سلكان بن مالك 352 بلال بن الحارث 352 ربيعة بن عباد 352 المسيب بن حزن 352 أبو ضبيس البلوى 352 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 (8) مصادر ومراجع التحقيق 1- آثار البلاد وأخبار العباد- لأبى عبد لله زكريا القزوينى (ت 682 هـ) بيروت بدون تاريخ 2- أسد الغابة فى معرفة الصحابة- لعز الدين أبى الحسن على بن محمد الجزرى، ابن الأثير (ت 630 هـ) تحقيق محمد إبراهيم البنا ومحمد عاشور، مطبعة الشعب- القاهرة- 1970 م 3- الإصابة فى تمييز الصحابة- لشهاب الدين أحمد بن على بن حجر العسقلانى (ت 852 هـ) تحقيق على البجاوى، مطبعة نهضة مصر، القاهرة 1970 م 4- الأنساب- لأبى سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمى السمعانى (ت 562 هـ) تحقيق عبد الرحمن بن يحيي المعلمى، بيروت 1980 م 5- تاريخ الأمم والملوك- لمحمد بن جرير الطبرى (ت 310 هـ) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، القاهرة 1960، 6- تاريخ اليعقوبى أحمد بن إسحاق (ت 284 هـ) دار صادر بيروت 7- تبصير المنتبه بتحرير المشتبه- لشهاب الدين أحمد بن على بن حجر العسقلانى (ت 852 هـ) تحقيق على البجاوى القاهرة 1964 م 8- التبيين فى أنساب القرشيين- لأبى محمد عبد لله بن أحمد بن قدامة المقدسى (ت 620 هـ) تحقيق محمد نايف الدليمى، بيروت 1988 م 9- التنبيه والإشراف لعلى بن الحسين المسعودى (ت 346 هـ) ليدن 1893 م 10- تهذيب الكمال فى أسماء الرجال- لجمال الدين أبى الحجاج يوسف المزى (ت 742 هـ) تحقيق الدكتور بشار عواد مطبعة مؤسسة الرسالة بيروت 1985 م 11- الجامع الصغير فى أحاديث البشير الندير- لجلال الدين عبد الرحمن بن أبى بكر السيوطى (ت 911 هـ) مطبعة مصطفى البابى الحلبى القاهرة 1954 م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 12- حسن المحاضرة فى تاريخ مصر والقاهرة- لجلال الدين السيوطى (ت 911 هـ) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1967 ومخطوطة الزاوية الحمزاوية برقم 70. 13- خلاصة تذهيب تهذيب الكمال- لصفى الدين أحمد بن عبد الله الخزرجى (ت 923 هـ) بولاق 1301 هـ 14- رفع الإصر عن قضاة مصر- لشهاب الدين أحمد بن على بن حجر (ت 852 هـ) تحقيق الدكتور حامد عبد المجيد وآخرين المطبعة الأميرية، القاهرة 1957 م 15- السيرة النبوية- لأبى محمد عبد الملك، ابن هشام (ت 213 هـ) تحقيق مصطفى السقا وآخرين، القاهرة، الطبعة الثانية 16- صحيح مسلم- لمسلم بن الحجاج (ت 261 هـ) مطبعة عيسى البابى الحلبى، القاهرة بدون تاريخ 17- الطبقات الكبرى- لأبى عبد الله محمد بن سعد (ت 230 هـ) ليدن 1905 م 18- ابن عبد الحكم رائد المؤرخين العرب للدكتور إبراهيم أحمد العدوى القاهرة 1963 م 19- فتوح البلدان- لأحمد بن يحيي بن جابر البلاذرى (ت 279 هـ) القاهرة 1956 م 20- فضائل مصر- لعمر بن محمد بن يوسف الكندى (من علماء القرن الرابع للهجرة) تحقيق الدكتور على محمد عمر، القاهرة 1971 م 21- كنز العمال فى سنن الأقوال والأفعال- لعلاء الدين على المتقى بن حسام الدين الهندى (ت 975 هـ) مؤسسة الرسالة بيروت 1989 22- المؤنس فى تاريخ إفريقية وتونس- لابن أبى دينار القيروانى (ت 1092 هـ) تونس 1967 م. 23- مجلة المجلة العدد 80، أغسطس 1963، مقال بعنوان فتوح مصر والمغرب من ص 97- 102، للدكتور حسين نصار 24- مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (ت 711 هـ) دمشق 1984 م الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 25- المشتبه فى الرجال أسمائهم وأنسابهم- لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى (ت 748 هـ) تحقيق على البجاوى- دار إحياء الكتب العربية- القاهرة 1962 م. 26- معجم البلدان- لشهاب الدين أبى عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموى الرومى البغدادى (ت 626 هـ) تحقيق فستنفلد الألمانى، لا يبزك 1866 م. وطبعة دار صادر، بيروت. 27- المغرب فى حلى المغرب- الجزء الخاص بمصر لعلى بن موسى، ابن سعيد (ت 685 هـ) القاهرة 1953 م 28- المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار- لتقى الدين أحمد بن على المقريزى (ت 845 هـ) مؤسسة الحلبى بالقاهرة، مصورة عن طبعة بولاق 1270 هـ 29- النجوم الزاهرة- لجمال الدين أبى المحاسن، ابن تغرى بردى (ت 874 هـ) نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب القاهرة 1963 م. 30- نهاية الأرب فى فنون الأدب- لشهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب (ت 732 هـ) النسخة المصورة عن طبعة دار الكتب 1923 م. 31- النهاية فى غريب الحديث- لمجد الدين المبارك بن محمد، ابن الأثير (606 هـ) تحقيق محمود الطناحى، وطاهر الزاوى، القاهرة 1963 م. 32- الولاة والقضاة- لأبى عمر بن محمد بن يوسف الكندى (ت 350 هـ) نشر رفن جست بيروت 1908 م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 تصويبات الصفحة السطر الصواب 11: 1: عبد الله بن حذافة 24: 10- 11: عن عبد الله بن هبيرة السبئى وبكر بن عمرو الخولانى ويزيد بن أبى حبيب المالكى 24: 28: سورة الأعراف 121، 122 32: 17: ابن دومغ 35: 14: ابن لهيعة 43: 24: سورة الزخرف 54 44: 24: سورة الشعراء 60، 61 49: 12: فاستخلف 71: 12: قريش بن حيان 73: 1: عبد الواحد بن زياد 73: 1: الحجاج بن أرطاة 115: 1: يحيي بن خالد 150: 3: راية الأجذوم 152: 16: واختطت خولان الشّرف 168: 5: طحا 197: 15: ومغيلة 255: 19: أبو سلمة بن عبد الرحمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 260: 20: للحارث بن حبيب 261: 25: الكندى 269: 1: عبد الرحمن بن سالم 283: 3: الليث عن عامر 311: 14: أحمد بن عمرو بن السرح 311: 27: من سورة المزمل 316: 18: ويحيي بن عبد الله بن بكير 332: 26: مسند أحمد 335: 14: عن ابن لهيعة 344: 17: وابن لهيعة 344: 21: وعبد لله بن صالح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519