الكتاب: كتابة الحديث بين النهي والإذن المؤلف: أحمد بن محمد حميد الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- كتابة الحديث بين النهي والإذن أحمد بن محمد حميد الكتاب: كتابة الحديث بين النهي والإذن المؤلف: أحمد بن محمد حميد الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] كتابة الحديث بين النهي والإذن الدكتور: أحمد بن محمد حميِّد بسم الله الرحمن الرحيم ال مقدمة : الحمد لله الذي علّم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، أحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كتب على نفسه الرحمة، وأشهد أن محمداً النبيَّ الأميَّ عبدُه ورسولُه أقام به الحجة على العالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام الطيبين وسلم تسليماً أما بعد: فقد أكرم الله تعالى هذه الأمة بنعم عظيمة وآلاء جسيمة، فجعلها خير أمة أخرجت للناس، فهي أمة الوسط، الشهيدة على الناس، وأكمل لها الدين وأتمَّ عليها النعمة، وتعهد بحفظ الدين وإظهاره على الدين كله ولو كره الكافرون، وحمل هذا الدين أقوامٌ نصحوا لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، فحملوا العلم، واستفرغوا الوسع، وبذلوا الجهد، وواصلوا الليل بالنهار حتى وصل هذا العلم لمن بعدهم غضّاً طريّاً، وقد اتخذوا في نقله وسائل متعددة، واشترطوا شروطاً دقيقة في نقله ونقلته، بما لم يسبقوا إليه من الأمم السابقة، فرضي الله عنهم وأرضاهم وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء، وكان من جملة الوسائل التي ساهمت في حفظ مصدري الدين الأساسين الكتاب والسنة تدوينهما وحفظهما في صحف وكتب حتى وصلت إلينا، وهي وإن لم تكن شرطاً في نقل العلم فإن وجودها مع توافر الشروط التي شرطها الأئمة رحمهم الله يزيد العلم وثوقاً، ويحفظه من الزيادة والنقص. واندراس العلم لأن حملته يفنون، وأما كتبهم فلا، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على كتابة العلم وحفظه وتبليغه دل على هذا قوله وفعله والوقائع المتكاثرة وكلها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم الكتابة وحث على استعمالها، وقد ورد عنه أيضاً أحاديث فيها نهي صريح عن كتابة السنة، واستغلها المناوئون للسنة ليستدلوا بها على أن السنة لم تدون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأن الصحابة امتثلوا لهذا النهي فلم يكتبوا، وأن كثيراً من السنة لم تُدون، وهذا الأمر وإن كان عماده أوهى من بيت العنكبوت إلا أنهم طاروا به وزوقوه وجعلوه مطية لهم للطعن في السنة من وجه خفي، وهم يظنون أن عدم تدوينه - على زعمهم- أضاع كثيراً من الأحاديث، وأن ما حفظ لا يسلم من التبديل والتغيير؛ لأن الحافظة خوانة، والذاكرة عرضة للنسيان، وجهلوا أو تجاهلوا ما لهذه الأمة الأميّة من خصائص لم تكن لمن سبق وأغمضوا أعينهم عن الوقائع المتكاثرة التي حصل فيها تدوين للسنة النبوية، وأغمضوا أعينهم كذلك من أن كراهة بعض الصحابة لكتابة الحديث ليس من أجل ما ذكر من نهي المصطفى صلى الله عليه وسلم وإنما لأمور ذكروا عللها؛ ولذا كان لابد من تأصيل هذه المسألة وبيان أثرها، ولقد كان هذا الموضوع يراودني، وجمعت فيه نبذاً حتى هيأ الله لي هذه الفرصة الطيبة من خلال هذه الندوة المباركة - إن شاء الله تعالى- ندوة عناية المملكة العربية السعودية ـ وفقها الله ـ بالسنّة والسيرة النبوية، وكان أحد موضوعات محاورها "كتابة حديث النبي صلى الله عليه وسلم بين النهي والإذن" فوافق مرادي وتقوًّتْ بها النية على استكمال هذا الموضوع، وقد وفق الله تعالى أن كتبت هذا البحث وفق الخطة التالية: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 المقدمة. الفصل الأول: وفيه مبحثان: المبحث الأول: تعريف الكتابة في اللغة والاصطلاح. المبحث الثاني: إطلاقات الكتابة في الشرع. الفصل الثاني: الكتابة زمن البعثة النبوية وفيه مبحثان: المبحث الأول: علاقة العرب زمن البعثة بالكتابة. المبحث الثاني: الكتبة في العهد النبوي، والسبل التي وجهت إليها كتابتهم. الفصل الثالث: فضل الكتابة وأثرها وفيه مبحثان: المبحث الأول: فضل الكتابة. المبحث الثاني: أثر الكتابة في حفظ العلم وقيمته. الفصل الرابع: كتابة السنة على ضوء الأحاديث وفيه مبحثان: المبحث الأول: الأحاديث الواردة في النهي عن الكتابة. المبحث الثاني: الأحاديث المتضمنة إباحة الكتابة. الفصل الخامس: فهم الأحاديث السابقة وحكم كتابة الحديث وفيه مبحثان: المبحث الأول: العلماء وموقفهم من الكتابة للحديث على ضوء ما ورد. المبحث الثاني: فهم المخالفين لأحاديث النهي والإباحة. الخاتمة وفيها نتائج البحث. فهرس المراجع. فهرس الموضوعات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 وكانت أبرز ملامح منهج البحث ما يلي: 1- تأصيل عناصره قدر الإمكان من الكتاب والسنة، وعزو الأقوال إلى قائليها وبيان موضعها. 2- عزوت الآية بذكر رقمها من السورة عقب إيرادها. 3- خَرَّجْتُ الأحاديث في الحاشية إلا أحاديث النهي والإباحة فإنها من صلب البحث. 4- عزوت إلى الكتاب والباب والجزء إذا كان الحديث في الكتب الستة، فإن ذكرت الرقم بين قوسين فهو رقم الحديث في الكتاب، وإن جردته منه فهو رقم الصفحة، وإن كان من غير الكتب الستة اقتصرت على الجزء والصفحة أو الرقم بالقيد المذكور. 5- الأحاديث التي أوردها للاستشهاد اقتصرت على ما في الصحيحين أو أحدهما، فإن لم يكن فيهما عمدت إلى الثابت من غيرهما ودراسة سنده والحكم عليه مع الاستعانة بأقوال أهل العلم إن وجدت. 6- ما أوردته من أحاديث وكان في الصحيحين أو أحدهما اقتصرت بالعزو إليهما عن العزو إلى غيرهما وكذا الحكم عليها، إذ وجودها فيهما كاف عن الحكم بصحته، ما لم يكن فيه علة نص عليها أحد الأئمة الذين يُعْتَدُّ بهم. 7- توسعت في تخريج ودراسة الأحاديث المتضمنة النهي عن الكتابة أو الإباحة؛ لأن قيمة الكلام عليها تقوم على مدى ثبوتها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 8- اقتصرت في التخريج إذا ما كان من طريق شيخ واشترك أكثر من مصدر في تخريج هذا الطريق على أعلى المصادر، إلا إذا كانت هناك فائدة من زيادة أو نحوها. 9- إذا كان سبب حسن الحديث أو ضعفه أحد الرواة فإني أحيل على تهذيب الكمال أو لسان الميزان، وإحالتي عليهما من باب الاختصار إذ إن هذه الإحالة تقتضي الرجوع إلى مصادر ترجمة كل راو في تلك الكتب. 10- رأيت من تمام الفائدة أن أشير إلى من كره الكتابة من الصحابة رضي الله عنهم وتخريج ما ورد عنهم وعلاقة هذه الكراهة بما ورد من النهي عنها. 11- لما كان هذا البحث يخاطب المتخصصين فإني لم أترجم لأحد من العلماء الواردين في البحث؛ لشهرتهم عند أهل العلم. 12- اختصرت أسماء الكتب عن ذكرها كاملة ولا يخفى هذا عن أهل العلم. 13- كل ما ورد في هذا البحث من علماء الإسلام الذين لهم بادرة السبق، وأسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء سائلاً أن يجمعني بهم في مستقر رحمته. ولا يسعني في ختام هذه المقدمة إلا أن أتقدم بالشكر لله تعالى أولاً أن وفقني إلى كتابة هذا البحث، وثم الشكر لولاة الأمر في هذا البلد المبارك على عنايتهم بالعلم وأهله، ثم إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد‘ ممثلةً في مجمع الملك فهد حفظه الله لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة على إتاحة الفرصة لكاتب هذا البحث للمشاركة في هذه الندوة سائلاً الله للجميع التوفيق والسداد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 الفصل الأول: في تعريف الكتابة وإطلاقاتها في الشرع المبحث الأول: في تعريف الكتابة في اللغة والاصطلاح أولاً: الكتابة في اللغة ... الفصل الأول: في تعريف الكتابة وإطلاقاتها في الشرع المبحث الأول: تعريف الكتابة في اللغة والاصطلاح أولاً: الكتابة في اللغة: الكتابة مصدر من كتب الشيءَ يكتُبُه كَتْباً وكِتاباً، وكتابةً أصلها من الكَتْبِ - بفتح الكاف وإسكان التاء هو ضم أديم إلى أديم بالخياطة، والكُتْبَةُ بالضم السير يخرز به، وكتب الدابة يكتبُها ويكتِبها كتباً، وكتبَ عليها: خُزِمَ حياؤها بحلقة حديد، وجُمِعَ شفراها لئلا يُنْزى عليها. وكتّبَ الشيء تكتيباً هيَّأه، وأكتبتُ القربة إذا شددتها بالوكاء. فالكتابة إذاً مأخوذة من الضم والجمع، ولذا سميت الخيل كتيبة، ويتحصل فيها جمع الحروف بعضها إلى بعض ولذا سميت كتابة (1) .   (1) انظر: مختار الصحاح / 562، لسان العرب 3/216، القاموس المحيط 1/121. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 ثانياً: تعريف الكتابة في الاصطلاح تعددت تعريفات الكتابة ولعل أجمعها: ما عرفها به ابن خلدون فقال: ـ بعد أن ذكرها في الصناعات ـ هي رسوم وأشكال حرفية تدل على الكلمات المسموعة الدالة على ما في النفس (2) .   (2) مقدمة ابن خلدون /417. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 فهذا تعريف مانع خرج به التصوير الذي يدل على الكلمات المسموعة والمراد بالكلمات المسموعة أصل الكلام لأن اكتسابه سماعي، وهذا الكلام معبّر عما في نفس المتكلم. وهناك تعريفات أخرى أعرضت عنها إما لغموضها (1) ، أو لقصورها عن المراد (2) .   (1) صبح الأعشى 2/82. (2) البرهان في علوم القرآن 1/376، التوقيف على مهمات التعاريف /600. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 المبحث الثاني: إطلاقات الكتابة في الشرع : قد جاءت الكتابة ومشتقاتها في القرآن الكريم والسنّة النبوية لتدل على عدة معانٍ. فالأصل في الكتابة النظم بالخط، وقد يقال ذلك للمضموم بعضه إلى بعض باللفظ، ويطلق كل واحد منها على الآخر، ولذا سمى كلام الله وإن لم يكتب كتاباً، كما قال جل ذكره: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة:1، 2] . والكتاب اسم للصحيفة مع المكتوب فيه كما قال تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} [الأنعام:7] . والكتابة وسيلة لمقصد في النفس، فقد تطلق الوسيلة على الشيء المراد في النفس ولذلك أطلقت الكتابة على أمور عدة وردت في الوحيين منها: 1ـ العلم كما قال تعالى: {أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} [القلم:47] . 2ـ الحكم كما قال تعالى: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [الأنفال:75] . 3ـ تطلق على الفرض كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة:183] . 4ـ تطلق على التقدير والإيجاب كما قال تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة:21] . 5ـ تطلق على التقدير والقضاء كما قال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا} [التوبة:51] . 6ـ تطلق على الحجة الثابتة من الله تعالى كما قال: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ} [الحج: 8] . 7ـ تطلق على اختلاق الشيء وافتعاله كما قال تعالى: {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا} [الفرقان:5] . 8ـ تطلق بأصلها اللغوي كما قال تعالى: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53] . أي ضمنا في زمرتهم. 9ـ وأهل الكتاب من أُنْزِل عليهم كتاب من الله كاليهود والنصارى، وورد في آيات عديدة. 10ـ يطلق الكتاب على الكتب السابقة كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ} [يونس:37] . 11ـ يطلق على القرآن الكريم: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [آل عمران:3] . 12ـ يطلق على الكتب المنزلة جميعاً كما قال تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ} [البقرة:285] . 13ـ تطلق على ابتياع العبد نفسه من سيده، بما يؤديه من كسبه، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [النور:33] . 14ـ تطلق على من ضم اسمه في ديوان الغزاة كما في الحديث أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم "إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا" (1) . 15ـ الكتيبة هي الطائفة من الجيش وتكرر ذكرها في الحديث (2) .   (1) أخرجه البخاري في الجهاد باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة أو كان له عذر هل يؤذن له رقم (3006) عن قتيبة، وفي النكاح باب لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا ذو محرم رقم (5233) عن علي بن المديني، ومسلم في الحج باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوه رقم (3272) عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب أربعتهم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما وتمامه قال صلى الله عليه وسلم "انطلق فحج مع امرأتك". (2) مفردات القرآن /638، النهاية في غريب الحديث 4/147. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 الفصل الثاني: الكتابة زمن البعثة النبوية المبحث الأول: علاقة العرب زمن البعثة النبوية بالكتابة كان المجتمع العربي الذي بعث الله تعالى فيه نبيه صلى الله عليه وسلم مجتمعاً ثقافته ومعرفته محدودتان بسبب طبيعة معيشته، إذ كان أكثرهم بدواً رحلاً منشغلين بالحل والترحال، أو حضراً مستقرين في حواضر بسيطة عماد معيشتها على تحصيل الحاجيات الضرورية عن طريق التجارة والزراعة والرعي والصناعة، فكانت كما وصفها الله جل وعلا أمة أمية في مواضع عدة من كتابه الكريم، وكانت منته الكبرى عليهم بأن بعث فيهم خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم فنهض بها بعد أن كانت قعيدة، وملأها نوراً بالعلم والهداية بعد أن كانت تعيش في ظلمات الضلال والجهل والخرافة، وصارت به متبوعة عزيزة منيعة مرهوبة الجانب بعد أن كانت ذليلة ضعيفة، وجمعها بعد أن كانت مفرقة مشتتة، ومننه جل شأنه عليها به لا تعد ولا تحصى، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوامِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [الجمعة:2] . وقد فسّر النبي صلى الله عليه وسلم معنى الأميين بقوله: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا"، وعقد الإبهام في الثالثة، "والشهر هكذا وهكذا"، يعني تمام ثلاثين" (1) .   (1) أخرجه البخاري في الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا نكتب ولا نحسب" رقم (1913) عن آدم بن أبي إياس، ومسلم في الصيام باب وجوب صيام رمضان برؤية الهلال رقم (2511) عن محمد بن جعفر كلاهما عن شعبة عن الأسود بن قيس عن سعيد بن عمرو بن سعيد عن ابن عمر رضي الله عنهما به واللفظ لمحمد بن جعفر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 وهذا الوصف خرج مخرج الغالب من العرب، فقد وجدت القراءة والكتابة عند بعضهم، ولكن هذا لا ينافي وصف الأمة بأنها أمية (1) ، مثلما وجد منهم بعض الحنفاء ومن كان يتمسك بالكتاب الأول لم ينف أنها أمة جاهلية فالاعتبار للأغلب. والجزيرة العربية قامت فيها مدنيات قديمة بائدة قبل عصور طويلة من زمن البعثة النبوية كالدولة المعينية (2) والقتبانية (3) والسبئي (4) والحميرية (5) وغيرها، وعن الأخيرة أخذ المناذرة (6) خط، ومن عاصمة تلك الدولة وهي الحيرة أخذه   (1) انظر أحكام القرآن للجصاص5 /335، فتح الباري 5/127 وقد قال جماعة من المفسرين إن المراد بالأمية أي لا كتاب عندهم ولا أثر لرسالة سماوية فيهم، ولا منافاة بين القولين ـ والله أعلم ـ لأن لفظ الأمي يشمل المعنيين، وقد يكون المرء أمياً من جهة ـ بمعنى لا يحسن القراءة والكتابة ـ وعالماً من جهة أخرى، كحال أكثر الأمة إبان تشرفها بحمل الرسالة، فهي أمية من الجهة الأولى، وعالمة من الجهة الثانية، وقد يكون المرء محسناً للقراءة والكتابة، وهو أمي باعتبار عدم علمه بما يقرأ كما قص الله علينا من نبإ بعض أهل الكتاب أن منهم أميين وهم يتلون الكتاب، انظر مجموع الفتاوى 17/434. (2) دولة قامت في اليمن 2000ق. م ونسبتها إلى عاصمتها معين الواقعة بين نجران وشمال حضرموت، وتوسعت حتى شمل نفوذها خارج الجزيرة العربية، وانتهت على يد السبئيين. انظر دراسات في تاريخ العرب القديم /213. (3) من الدول القديمة في الجنوب العربي يرجع بعض الباحثين عهدها إلى 1100ق. م وقد تفردت بأنظمة تسير أمورها ومن أشهر مدنها قتبان وتمنع وحريب وغيرها. المصدر السابق /247. (4) من أشهر الدول القديمة في اليمن قص الله شيئاً من نبئها في سورة سبإ والنمل ومن مدنها الشهيرة صرواح ومأرب. المصدر السابق /271. (5) آخر الدول التي قامت في اليمن ملوكها التبابعة من مدنها ظفار وجرش ونجران، وانتهت على يد الأحباش. المصدر السابق /335. (6) دولة كانت تتبع الفرس تسكن الحيرة إلى الغرب من الفرات استمر حكمها نحو أربعمائة وخمس وستين سنة من عام 268 ـ 633م وسقطت على يد خالد بن الوليد رضي الله عنه. المصدر السابق /557. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 أهل الحجاز وتعلموا منهم الكتابة كما هو مشهور عند أكثر أهل العلم (1) ، وكان العرب يعظمون القراءة والكتابة ويعلون من شأن العالم بها، فكانوا يلقبون من أتقن الكتابة وأحسن العوم والرمي بالكامل (2) ؛ لأنهم يطلقون الكاتب على العالم، لأن الغالب على من كان يعلم الكتابة أن يكون عنده علم ومعرفة (3) . وإنما لم يكن النشاط الكتابي ظاهراً لأمور عديدة من أبرزها: 1- أنهم كانوا أمة بدوية بسيطة مقتصرة في حياتها على الضروريات، وإتقان الكتابة والمعرفة بها تابع للمدنية التي يعيشها أصحابها، فمتى توافرت أسباب المعيشة الضرورية انتقلوا إلى تحصيل الكماليات والتوسع فيها مثل الكتابة وتعاطي العلم ونحو ذلك (4) . 2- أنهم كانوا يعتمدون على الحفظ في الصدور لما آتاهم الله من قوة في الحافظة، وصفاء الطبع، وسيلان الذهن، وحدّة الخاطر فاستغنوا بها عن الكتابة (5) . 3- ندرة تحصيل أدوات الكتابة من أقلام وصحائف فلم يكن هناك انتشار لهذه الوسائل، وعمدوا إلى وسائل بدائية للكتابة من أمثال العظام   (1) انظر فتوح البلدان /456، المصاحف /4، الأوائل /57، مقدمة ابن خلدون /428 والباحثون المعاصرون يختلفون اختلافاً شديداً في منشأ الخط العربي ومصدره بناءً على ما توافر من نقوش أثرية مؤرخة في عهد الدول السابق ذكرها وغيرها. (2) الطبقات الكبرى 3/502، 566، 573. (3) النهاية في غريب الحديث والأثر 4/148. (4) مقدمة ابن خلدون /400. (5) هدى الساري/ 6، مناهل العرفان 1/286. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 وألواح الخشب، وسعف النخيل والحجارة وتحصيل هذه الوسائل وإعداده صعب جداً، فاقتصروا في الاستفادة بها على الضروريات من وثائق ومكاتبات ونحوهما (1) . ويمكن أن تُحصر الأمور التي استفاد بها العرب من الكتابة على قلتها في جوانب شتى تظهر بالاستقراء مثل: أـ كتب الديانات السابقة. ب ـ كتابة العهود والمواثيق المنظمة لشؤون الأفراد والمجتمعات. ج ـ الصكوك التجارية وحفظ الحقوق. د ـ الرسائل الشخصية. هـ ـ مكاتبة الرقيق. وـ القصائد الشعرية والمفاخر القبلية والأنساب (2) . ز ـ الحكم والوصايا (3) . ح ـ كتب الأساطير القديمة (4) . ط ـ النقوش الحجرية كشواهد القبور (5) . وقد ورد عن العرب إقامة كتاتيب لتعليم القراءة والكتابة، في أماكن مختلفة مثل مكة المكرمة، والطائف ودومة الجندل.   (1) مصادر الشعر الجاهلي /77 فما بعدها. (2) مصادر الشعر الجاهلي /61 ـ 73، 109، 164، 165. (3) المعمرون والوصايا/ 23، 24. (4) سيرة ابن هشام 1/358. (5) في شمال غرب الجزيرة (الفهارس) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 وكان لأهل الكتاب اهتمام بتعليم الصبية القراءة والكتابة في الأماكن التي أقاموا فيها مثل المدينة المنورة (1) . وكثير مما سبق ذكره من الشواهد يتوقف ثبوته على صحة سند روايته لكن وجود من يجيد القراءة والكتابة في عصر المبعث النبوي يدل على وجود حركة علمية - وإن كانت محدودة - خرّجت مثل أولئك الكتبة.   (1) فتوح البلدان /457، 459. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 المبحث الثاني: الكتبة في العهد النبوي والسبل التي وجهت إليها كتابتهم اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه الذين كانوا يحسنون الكتابة كتبة يكتبون بين يديه، وقد اعتنى العلماء بجمع أسمائهم، واختلفوا في تعدادهم، وتحصل لي من خلال الكتب التي عدّدتهم أربعة وأربعون كاتباً (2) ،وجملة هؤلاء قد ينازع في ذكرهم، وقد يضاف إليهم آخرون وهذا يحتاج إلى تقصٍ واستقراء ودراسة أسانيد خبر كل واحد منهم.   (2) تاريخ خليفة /299، أنساب الأشراف 2/192، تاريخ ابن جرير 3/182، سنن البيهقي 10/126، تاريخ دمشق 4/324، الكامل في التاريخ 2/13، سيرة الدمياطي /67، عيون الأثر 2/383، زاد المعاد 1/117، البداية والنهاية 5/339، الإشارة /402، السيرة الحلبية 3/422، شرح المواهب اللدنية 4/533، وانظر: فتح الباري 9/22 والعجيب أنهم جميعاً ـ رحمهم الله ـ لم يذكروا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ضمن العدد المذكور، مع أن ما ورد في إثبات كتابته أصح بكثير ممن ينازع في ذكرهم ضمن الكتبة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استفاد من هؤلاء الكتاب - رضي الله عنهم- فاستعماله لهم لا يخرج عن الوحيين الكتاب والسنّة. فأما الأول فلا جدال في استعماله للكتبة في كتابة ما يوحى إليه من القرآن حيث كان يأمرهم بالكتابة عنه متى ما تنزل عليه الوحي، وهذا معلوم ضرورة لا يحتاج إلى شواهد وبيان. وأما السنة وهي وحي من الله كما قال الله جل ذكره: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3، 4] فكل ما صدر منه عليه الصلاة والسلام من أقوال وأفعال وتقريرات وأحوال داخل في السنة وقد استعمل الكتابة في أمور كثيرة، مما يدل على مشروعية كتابة السنة وأنه قد كتب منها شيء كثير، وإن اتخذ البعض منها صور المراسلات والمعاهدات والوصايا أو بيان أحكام، فلا تخرج كلها عن السنة المطهرة، وقد ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يكتبون حديثه بنظره وإقراره كما قال عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما "بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل أي المدينتين تفتح أولاً .... الحديث" (1) .   (1) أخرجه أحمد 2/167 عن يحيى بن إسحاق، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه رقم (1514) عن سعيد بن عفير، والطبراني في الكبير 13/68 عن سعيد بن أبي مريم، والحاكم 4/555 عن ابن وهب أربعتهم عن يحيى بن أيوب عن أبي قبيل المعافري عن عبد الله رضي الله عنهم. قال الحاكم: صحيح، وقال الذهبي في السير 3/87: حسن غريب، وهو كما قال يحيى بن أيوب هو الغافقي المصري مختلف فيه، وتكلم فيه من جهة حفظه، ويوجز ابن عدي حاله فيقول في الكامل 7/2673 ولا أرى في حديثه إذا روى عنه ثقة أو هو يروى عن ثقة حديثاً منكراً فأذكره، وهو عندي صدوق لا بأس به. وأما أبو قبيل فهو حيي ابن هانيء أطلق القول بتوثيقه أحمد وابن معين والعجلي وأبو زرعة وأحمد بن صالح، وروى الساجي منقطعاً عن يحيى بن معين أنه قال ضعيف، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان يخطئ، وتوثيق ابن معين الأول مقدم لصحة نسبته إليه ولموافقته الجماعة، وأما ابن حبان فمشهور بالشدة في الجرح كما هو معلوم من حاله رحمه الله، وانظر ترجمة أبي قبيل في تهذيب الكمال7/490، فالحديث لا ينحط عن درجة الحسن والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 واستقصاء ما كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يطول المقام بذكره وسأقتصر ههنا بإيراد بعض الشواهد التي تبين الوجوه التي استعملت فيها، وقيام الحجة بها من الصحيحين أو أحدهما: أ- الرسائل الموجهة إلى ملوك الأرض في زمنه صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الله جل وعلا ويبين فيها واجبهم تجاه أقوامهم، وأن لهم ثواب قومهم مع ثوابهم إن هم أطاعوه، وإثمهم إن هم عصوه، وتضمنت تقرير الوحدانية لله وحده، وبعثته صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة (1) . ب- المعاهدات والصلح، وقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم وعاهد جماعة ودونت هذه المعاهدات والصلح وكتبها له أصحابه، وهي متضمنة أحكاماً واضحة في كيفية المعاهدات والأحكام المترتبة عليها (2) . ج- كتبه إلى عماله يبين لهم فيها ما يحتاجون إليه من أحكام شرعية وأمور تمس الحاجة إليها بتفصيل أحياناً وبإجمال في أحيان أخرى. د- كتابة لمن لم يستطع أن يحفظ الحديث الذي سمعه منه، وكتابة العلم تكون معينة على حفظ العلم وعدم نسيانه.   (1) انظر كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل في صحيح البخاري في بدء الوحي حديث رقم (7) وفي الجهاد باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والنبوة رقم (2940) ، وفي التفسير باب قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء رقم (4553) ، وفي الاستئذان باب كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب رقم (6260) ، وفي التوحيد باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها رقم (6541) ، ومسلم في الجهاد وباب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل رقم (4607) من حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن أبي سفيان رضي الله عنهم، وانظر طبقات ابن سعد 1/222، وزاد المعاد 1/119 فهناك نماذج كثيرة لهذا النوع. (2) انظر صلح الحديبية في صحيح البخاري كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة رقم (2731) ، من حديث الزهري عن عروة عن مروان والمسور بن محزمة رضي الله عنهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 هـ- المكاتبات الحربية إلى الأعداء لمساءلتهم وإنذارهم وعرض ما لديه عليهم (1) . و مكاتبات الأمان التي يؤمن بها الأعداء إذا سلّموا أو أسلموا (2) . ز- أمره صلى الله عليه وسلم أن يكتب له أسماء الناس الذين أسلموا (3) ليضع الأساس لمشروعية كتابة دواوين الجيوش (4) . ح- الكتابة عنه صلى الله عليه وسلم تكون سبباً إلى رفع التنازع بين الأمة. ط- نشر وتعميم الأحكام الشرعية إلى البلاد المجاورة (5) . هذه نماذج جمعتها من الصحيحين وفيها كفاية لبيان كيفية استفادة النبي صلى الله عليه وسلم من الكتابة، وكتب السنة الأخرى تحتوي على نماذج كثيرة تحقق هذا المعنى.   (1) كما في مكاتبة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل خيبر حينما قتل عبد الله بن سهل أخرجه البخاري في الأحكام باب كتاب الحاكم إلى عماله والقاضي إلى أمنائه رقم (7192) عن عبد الله بن يوسف وإسماعيل بن أبي أويس، ومسلم في القسامة رقم (4349) عن بشر بن عمر ثلاثتهم عن مالك عن أبي ليلى بن سهل عن سهل بن أبي حثمة عن كبار قومه به (2) كما في حديث مطاردة سراقة بن مالك رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر يوم الهجرة وكتابة أبي بكر رضي الله عنه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً لسراقة يؤمنه فيها أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة رقم (3906) عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن مالك عن أبيه عن سراقة به. (3) أخرجه البخاري في الجهاد باب كتابة الإمام الناس رقم (3060) حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم "اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس ..... الحديث". (4) انظر ص 5. (5) حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل جُرش ينهاهم عن خليط التمر والزبيب، أخرجه مسلم في الأشربة باب بيان أن جميع ما ينبذ مما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمراً رقم (5162) حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة عن علي بن مسهر عن الشيباني عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 الفصل الثالث: فضل الكتابة، وأثرها المبحث الأول: فضل الكتابة استخلف الله جل وعلا آدم في الأرض، وتوالت عليه نعمه الجليلة، فخلقه من عدم، ورباه بالنعم، وأسبغ عليه نعمه ظاهرةً وباطنة، وعلمه العلم الذي يكون به جديراً لهذا الاستخلاف، وكان من أجل نعمه أن علمه البيان ليتعامل مع غيره، ويستفيد مما خلقه الله له فإن الإنسان تتمثل له المعاني في ذهنه، فيريد التعبير عنها فجعل له وسيلتين للبيان عما في ذهنه: أولاهما: البيان اللفظي، فجعل له آلة اللسان التي يعبر بها عن تلك المعاني ويترجم عنها بها لغيره، وثانيتهما: البيان الرسمي الخطي الذي يرسم به تلك الألفاظ فيتبين للناظر معانيها كما يتبين للسامع معاني الألفاظ، وقرر فضل البيان في سياق نعمه التي امتن بها على عباده فقال: {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن:1-4] ، وامتن بتعليم الكتابة والقراءة خاصة في أول سورة أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1ـ 5] . وكان من جلال هذه النعمة أن ربط هذه النعم باسم الرحمن مفرداً، وباسم الأكرم على صيغة أفعل الذي هو الغاية في الكرم فلا شيء ولا نقص فيه (1) .   (1) مجموع الفتاوى 16/295، مفتاح دار السعادة 1/278. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 وقد تواردت الآيات والأحاديث في فضل الكتابة ومنزلتها من الشرع المطهر، فالقدر الذي هو ركن الإيمان السادس لا يتم الإيمان به إلا إذا آمن المرء أن الله كتب مقادير كل شيء بالقلم الذي قدّر به مقادير الخلائق قبل خلقها في كتاب عنده لا يضل ولا ينسى كما قال صلى الله عليه وسلم "إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم، وأمره أن يكتب كل شيء" (1) . وهذا دليل على شرف الكتابة، فقد استأذن جماعة قتادة بن دعامة في الكتابة، فقالوا: نكتب ما نسمع منك؟ قال: وما يمنعك أن تكتب وقد أخبرك اللطيف الخبير أنه يكتب (2) . والملائكة عليهم السلام يكتبون، وكل له اختصاص في كتابته. وشرف الكتابة وما يتعلق به مما يطول المقام بذكره. وكفى به شرفاً أن أقسم الله بالكتابة وآلتها وهي القلم كما قال تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم:1] . قال الشمس ابن القيّم رحمه الله: "فأقسم الله بالكتاب وآلته وهو القلم وهو إحدى آياته وأول مخلوقاته الذي جرى به قدره وشرعه، وكتب به الوحي، وقُيِّد به الدين، وأثبتت به الشريعة، وحفظت به العلوم وقامت به مصالح العباد في المعاش والمعاد فوطدت به الممالك وأُمّنت به السبل والمسالك   (1) أخرجه أبو يعلى 3/7 عن أحمد بن جميل وابن أبي عاصم في السنة 1/50. عن يعمر بن بشر، وابن جرير في التفسير 14/16 عن نعيم بن حماد، وأبو نعيم في الحلية 8/181 عن أحمد بن يحيى الحلواني، وحبان ابن موسى خمستهم عن ابن المبارك عن رباح بن زيد عن عمر بن حبيب عن القاسم بن أبي بزة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما به، وهذا إسناد صحيح وانظر في معناه التبيان في أقسام القرآن /28. (2) تقييد العلم / 103. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 وأقام في الناس أبلغ خطيب وأفصحه وأنفعه لهم وأنصحه، وواعظاً تشفِي مواعظه القلوب من السقم، وطبيباً يبرِّئ بإذنه أنواع الألم، يكسر العساكر العظيمة على أنه الضعيف الوحيد، ويخاف سطوته وبأسه ذو البأس الشديد، وبالأقلام تدبر الأقاليم، وتساس الممالك، والقلم لسان الضمير يناجيه بما استتر عن الأسماع فينسج حلل المعاني في الطرفين فتعود أحسن من الوشى المرقوم، ويودعها حكمه فتصير بوادر الفهوم والأقلام نظام للأفهام، وكما أن اللسان بريد القلب، فالقلم بريد اللسان، وتولّدُ الحروف المسموعة عن اللسان كتولد الحروف المكتوبة عن القلم، والقلم بريد القلب ورسوله وترجمانه ولسانه الصامت (1) ". ولأهمية الكتابة وشرفها عُني الشرع المطهر بها فحث على تعلمها وتعليمها وظهر ذلك من رفع شأن الكتبة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فشرَّفهم بكتابة القرآن الكريم، وتدوين سنته صلى الله عليه وسلم، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم فداء أسرى بدر لمن لم يستطع فداء نفسه بالمال أن يعلم صبيان الأنصار الكتابة (2) ، وأذن للنساء بتعلم الكتابة وتعليمها (3) ، وكن جماعة من النساء الصحابيات رضي   (1) التبيان في أقسام القرآن /206. (2) أخرجه أحمد 1/247 عن علي بن عاصم، والحاكم 2/140 عن خالد بن عبد الله الواسطي كلاهما عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءَهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة". قال الحاكم: صحيح الإسناد وهو كما قال. (3) جاء في حديث الشفاء بنت عبد الله رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "ألا تعلمين هذه - يعني حفصة - رقية النملة كما علمتيها الكتابة" أخرجه أبو داود في الطب باب الرقى 4/11 عن علي بن مسهر، والنسائي في الطب من الكبرى باب رقية النملة 3/366، عن محمد بن بشر، والطحاوي في معاني الآثار 4/326 عن أبي معاوية، والطبراني في الكبير 24/313 عن أبي نعيم وعبد الله بن داود خمستهم عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن صالح بن كيسان عن أبي بكر بن سليمان بن بي حثمة عن الشفاء به، وهذا إسناد حسن، في عبد العزيز كلام من جهة حفظه لا ينزله عن درجة الحسن كما في تهذيب الكمال 18/173، إلا أن الحديث فيه اختلاف على صالح بن كيسان ومن تابعه وهم الزهري ومحمد بن المنكدر ورجح الدارقطني في العلل 5/194/ب، 195 إرساله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 الله عنهن ومنهن بعض أمهات المؤمنين رضي الله عنهن يكتبن (1) . وقد جعل الشرع الكتابة سبباً في إثبات الحقوق، وسد باب التنازع فأمر بكتابة الدين وألا يسأم من كتابته صغر أم كبر حفظاً له واحتياطاً عليه وإشفاقاً من دخول الريب فيه. وجعل الله كتابة الشهادة فيما يتعاطاه الناس من الحقوق بينهم عوناً عند الجحود وتذكرة عند النسيان، وجعل عدمها عند من يدّعي على غير ما فيها أوكد الحجج ببطلان ما ادعوا فيها، كما ورد في السنة المطهرة عندما تحاكم اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم في زانيين فغيروا حكم الله، وادعوا أن في التوراة الحكم الذي ادعوه، فأمرهم أن يأتوا بالتوراة فكان حكم الرجم ثابتاً فيها غير مموه (2) . وفي مجادلة النبي صلى الله عليه وسلم لمن اتخذ الأصنام آلهة قال لهم: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الأحقاف: 4] (3) .   (1) انظر: فتوح البلدان / 458، دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه 1/109، 113،140، 141. (2) الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أخرجه البخاري في المناقب باب قول الله تعالى: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} رقم 3635 عن عبد الله بن يوسف، وفي الحدود باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إلى الإمام رقم (6841) عن إسماعيل بن أبي أويس، ومسلم في الحدود باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى رقم (4438) ، عن أيوب وابن وهب، أربعتهم عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهم، وفي الباب عن جابر وأبي هريرة والبراء رضي الله عنهم. (3) انظر تقييد العلم /73. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 المبحث الثاني: أثر الكتابة في حفظ العلم وقيمته : كان للكتابة أثر كبير في الشريعة المطهرة من جهة الفوائد المترتبة عليها وظهر هذا في: أ- تدوين القرآن الكريم وحفظه في المصاحف. ب- تدوين السنة المطهرة وحفظها في الدواوين. ج- تدوين العلم الشرعي بكافة تخصصاته وتشعباته العلمية. فلولا التدوين لاندرست معالم هذا الدين، وضاعت معالمه، لأن أصحاب الصدور يفنون، وأما ما دونوه في السطور فلا يفنى. ومما ينبغي ذكره ههنا أنه ليس بالتدوين فقط حُفِظ العلم وقامت به الحجة، فإنه لا قيمة للعلم المكتوب إلا باعتبار نقلته وكتبته إلينا، وأما وجوده في الكتب فلا قيمة له إلا إذا كان كتبته عدولاً ضابطين ومن نقل إلينا هذه الكتب كذلك، وأعني به خصيصة الأمة الإسلامية عن سائر الأمم وهي: 1- البحث في أحوال النقلة من جهة العدالة والضبط. 2- اتصال السند من أول سلسلته إلى منتهاها. فإذا نقل الرواة إلينا العلم محفوظاً بالصدور والسطور معاً مع الخصيصتين السالفتين فقد كان هذا هو الغاية والنهاية في المحافظة، وإن نقل إلينا بأحدهما كفى هذا في الصيانة ما دامت الخصيصتان متحققتين معاً، وأما وجوده مكتوباً دون هاتين الخصيصتين أو إحداهما فلا قيمة للعلم الموجود، وكذلك انفراد أحدهما دون هاتين الخصيصتين أو إحداهما فلا قيمة له البتة، ولا نثق بأي شيء من المكتوب - إذا كان هذا حاله - لاحتمال تعرضه للتبديل والتحريف. فلينظر إلى التوراة والإنجيل مكتوبان نعم، ولكن وقع التحريف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 والتبديل فيهما لما تجرد نقلتهم من العدالة والضبط، وانقطع سندهم إليهما من عصور تالية لنزولهما، بل يستطيع المسلم أن يجزم بأنهما مخالفان لأصلهما الذين نزلا عليه كما قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة:79] (1) . فالكتابة حينئذ وسيلة من الوسائل لحفظ العلم ولا يعني أن العلم إذا كتب يكون حجة بها، وأن صيانة الحجة متوقفة عليها، ألا ترى إلى كتاب الله جل وعلا وهو حجة الله على خلقه قد نزله على نبيه صلى الله عليه وسلم منجماً يتنزل به الروح الأمين عليه، وهو عليه الصلاة والسلام معصوم بعصمة الله، فقامت به الحجة، ولم يحتج أن يتنزل به على النبي صلى الله عليه وسلم مكتوباً ليكون أبلغ في الحجة على الأمة إذ هو نبي أمي لا يقرأ ولا يكتب، فأتاهم بما يعجزهم ولو اجتمعوا على أن يأتوا بمثله. وشريعة الدين العظمى وهي الصلاة لا يمكن لأحد أن يهتدي إلى كيفيتها من القرآن وحده، بل لا بد من بيان الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت أنه أمر بكتابة كيفيتها التي شرحها بقوله وفعله، ولو كانت الكتابة من لوازم الحجية لما جاز أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر الخطير. وخلاصة الأمر أن الكتابة لا تلزم بها الحجة وحدها، بل الأصل ما تقدم تقريره من حال النقل والنقلة (2) .   (1) انظر مجموع الفتاوى 17/435. (2) انظر الفصول الماتعة التي سطرها العلامة د. عبد الغني عبد الخالق رحمه الله في كتابة حجية السنة: 398 ـ 484. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 وكون المرء كاتباً أو قارئاً لا يلزم منه أن يكون عالماً، فإنه لا تلازم بينهما البتة، ألا ترى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكثير من الصحابة الكرام كانوا أميين لا يحسنون القراءة والكتابة، ومع ذلك فهم أعلم الناس، وانظر إلى كثير ممن يحسن القراءة والكتابة في هذا الزمان وله في ذلك درجات عليا في كثير من العلوم الدنيوية وهو لا يحسن قراءة القرآن، ومعرفة شرائع الدين، وتقدم ما قصَّه الله علينا من نبإ أهل الكتاب إذ هم يكتبونه ولا يعقلونه، فمن هنا يظهر أنها وسيلة من الوسائل لا تستقل بنفسها بل بما يحيط بها فبذلك تكون الحجة. وفي الأحكام العملية نرى أن الوصايا والأوقاف والطلاق ونحوها إذا كان مكتوباً دلت الأدلة على إنفاذه، ولكن هذا الإنفاذ متوقف على صحة نسبة الخط إلى كاتبه، وحصول العلم بذلك وليس بمجرد كونها مكتوبة والخلاف الذي حصل بعد ذلك لا في أن الكتابة المقترنة بالقرائن السابقة لا تقوم بها حجة بل للتوثق وإبراء الذمة فمنهم من يشترط الشهود والبينة ونحو ذلك، وهذا لتغير أحوال الناس واجتراء بعضهم على التزوير والكذب، وهذا لا يلغي أصل الحكم بثبوت العمل بها متى تحقق صحة نسبتها إلى صاحبها (1) . وصحت الرواية بالمكاتبة عند جمهور أهل العلم عند حصول شروط القبول في المتكاتبين ومعرفة المكتوب إليه بخط الكاتب أو إشارته أو مختوماً بخاتمه، وأمانة ناقله ونحو ذلك (2) .   (1) أعلام الموقعين 4/265، الطرق الحكمية /299. (2) المحدث الفاصل /452، الكفاية /336، المقدمة /156، اختصار علوم الحديث /102، النكت للزركشي 3/544، فتح الباري 1/155، فتح المغيث 2/135. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 ومثل هذا في الوجادة فقد مضى جماعة من أهل العلم على النقل بها وفي الصحيح جملة كرواية أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر، والشعبي عن جابر، وصحح العلماء رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ووهب بن منبه عن جابر، وبهز بن حكيم عن أبيه عن جده، والحكم بن عتيبة عن مقسم، والحسن عن سمرة رضي الله عنهم أجمعين وغيرهم. فمن قبلها فبناء على ثقة الناقل وصحة السند إليه، ثم حصول العلم بوجود الكتاب الذي يرويه منه، وأنه ثابت عن كاتبه أو ممليه، وهذا حاصل في الأمثلة السابقة (1) . فلم تكن الكتابة وحدها حجة بل بما يقترن بها، وهذا أمر مهم فهمه، مخرج للإنسان من بعض الشبه التي حاول منكرو السنة أن يثيروها.   (1) انظر الكتب السابقة مع العواصم والقواصم لابن الوزير 1/231، توضيح الأفكار 2/243. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الفصل الرابع: كتابة السنة على ضوء الأحاديث المبحث الأول: الأحاديث الواردة في النهي عن الكتابة وردت أحاديث عدة عن النبي صلى الله عليه وسلم تضمنت النهي عن كتابة حديثه، استدل بها من لم ير كتابة الحديث ونهى عنها، ولا شك أن تخريجها من مصادرها والحكم على أسانيدها بعد دراستها معين في بيان قيمة هذا القول وأثره. وسأعرض هذه الأحاديث في هذا المبحث بالتفصيل: أولاً: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي - قال همام: أحسبه قال: متعمداً ـ فليتبوأ مقعده من النار". أخرجه مسلم في الزهد باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم رقم (7510) عن هداب بن خالد واللفظ له. والنسائي في فضائل القرآن من الكبرى باب كتابة القرآن 5/10 عن يزيد وعفان وفي لفظهما "عنى شيئاً غير القرآن ـ الحديث إلى قوله فليمحه" وأحمد 3/12 عن إسماعيل بن علية نحوه، وعن شعيب بن حرب ولفظه "لا تكتبوا عني شيئاً فمن كتب عني شيئاً فليمحه". و3/21 عن يزيد، 39 عن أبي عبيد وأتم الحديث نحو مسلم، 55 عن عفان وتمامه "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وحدثوا عني ولا تكذبوا عليّ" وتمامه مثل مسلم. وأبو يعلى 2/97 عن أبي الوليد الطيالسي مثل لفظ عفان عند النسائي وصححه الحاكم من هذا الوجه على شرطهما 1/126، وأخرجه ابن حبان 1/265 عن كثير بن يحيى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 والخطيب في تقييد العلم /31 عن عمرو بن عاصم الكلابي نحو حديث عفان عند أحمد. وابن عبد البر في جامع بيان العلم 1/268 عن موسى بن إسماعيل نحو حديث يزيد عند النسائي. عشرتهم عن همام بن يحيى، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد رضي الله عنه به. ونقل ابن حجر في الفتح 1/208 عن البخاري وغيره تصحيح وقفه. وممن أعله بالوقف أبو داود كما في تحفة الأشراف 3/408 قال: وهو منكر، أخطأ فيه همام، هو من قول أبي سعيد، بعد أن عزاه المزي إلى أبي عوانة بقصة الكتابة. وقال الخطيب في التقييد /30: ويقال إن المحفوظ رواية هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري من قوله غير مرفوع. قلت: قد ورد عن غير همام مثله ونحوه عن السفيانين عن زيد بن أسلم. أولاً عن سفيان الثوري نحوه. أخرجه ابن عدي في الكامل 5/1771 عن محمد بن الحسين بن شهريار والخطيب في تقييد العلم /30 عن محمد بن الحسين القطان كلاهما عن النضر ابن طاهر عن عمرو بن النعمان عن الثوري عن زيد. وهذا سند تالف النضر بن طاهر هذا يسرق الحديث كما في لسان الميزان 6/194. ورواه يوسف بن أسباط عن الثوري عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 أخرجه ابن عدي أيضاً 3/925 حدثنا إبراهيم بن إسحاق بن عمر حدثنا عبد الله بن حبيق عن يوسف به. وهذا الإسناد أمثل من الإسناد السابق، يوسف صدوق وثقة أحمد وابن معين والعجلي، إلا أنه دفن كتبه ثم كان يحدث من حفظه فيخطئ، ولذا تكلم فيه من تكلم من العلماء، وانظر سؤالات أبي داود أحمد بن حنبل رقم (330) والكامل 7/2614، ولسان الميزان 6/388. وبان بهذه الرواية أن الثوري لا يرويه عن زيد بن أسلم، بل بينهما خارجة بن مصعب وهو متروك، كما في ترجمته في تهذيب الكمال 8/6. ثانياً: عن سفيان بن عيينة ولفظه "استأذنا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة فلم يأذن لنا". أخرجه الترمذي في العلم باب في كراهية كتابة العلم رقم (2665) عن سفيان بن وكيع. والدارمي في المقدمة باب من لم ير كتابة الحديث 1/119 عن أبي معمر كلاهما عن ابن عيينة عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد به. وخالفهما لوين واختلف عليه فيه. فرواه محمد بن إبراهيم بن يحيى الحزوري في جزئه عن لوين رقم (55) ومحمد بن هارون بن حميد عند ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ رقم (603) كلاهما عن ابن عيينة عن زيد عن أبيه عن عطاء عن أبي سعيد بنحوه. ورواه إسماعيل بن عبد الله وعلي بن إسحق الأنماطي وعبد الله بن صالح البخاري عند الخطيب في تقييد العلم كلهم عن لوين عن ابن عيينة عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء عن أبي سعيد وتابعهم عن لوين القاسم بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 محمد بن عباد عند ابن عدي في الكامل 4/1583. وقال عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم عن أبيه والرواية الثانية أصح إذ لا مدخل لأسلم العمري وهو تابعي كبير قديم، وهذا ما رواه إبراهيم بن بشار عند الطحاوي في معاني الآثار 4/318، وحسين بن حسن بن حرب المروزي عند الرامهرمزي في المحدث الفاصل /379، ومحمد بن خلاد عند ابن عدي في الكامل 1/35 كلهم عن سفيان عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء عن أبي سعيد. فعاد الحديث إلى رواية سفيان عن عبد الرحمن بن زيد، وقد اضطرب فيه فجعله من مسند أبي هريرة أخرجه أحمد 3/12 عن إسحاق بن عيسى ولفظه كنا قعوداً نكتب ما نسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فخرج علينا، فقال: ما هذا تكتبون، فقلنا: ما نسمع منك، فقال: "أكتاب مع كتاب الله" فقلنا ما نسمع؟ فقال "أكتاب غير كتاب الله؟ امحضوا كتاب الله وأخلصوه"، قال: فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد، ثم أحرقناه بالنار، قلنا: أي رسول الله نتحدث عنك؟ فذكر نحوا من حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم. والبزار كما في زوائده رقم (98) عن يعقوب بن حميد مختصراً. والخطيب في تقييد العلم /33 عن عبد الله بن عمرو، وسهل، ويعقوب بن محمد كلهم عن عبد الرحمن به. قال البزار: رواه همام عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد، وعبد الرحمن بن زيد، فقد أجمع أهل العلم بالنقل على تضعيف أخباره، وليس هو بحجة فيما ينفرد به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 فبهذا يصح إطلاق أن همام بن يحيى قد تفرد به عن زيد بن أسلم. وهمام: ثقة إلا أنه يحدث من حفظه، فيقع منه الغلط ولا يرجع إلى كتابه، ثم أصبح بآخره يرجع إليه ويعترف بخطئه فيما مضى، ومنه أخذ ابن حجر أن حديثه بآخره أصح ممن سمع منه قديماً، كما في تهذيب التهذيب 11/60. فلعل تضعيف من ضعف الحديث وأعله بالوقف من هذا الجانب. إضافة إلى أن المروي عن أبي سعيد رضي الله عنه من غير هذا الطريق يؤيد الوقف عليه، ومنها: عن أبي نضرة عنه وله طرق متعددة: أ- رواه الجريري عن أبي نضرة ولفظه: قلت لأبي سعيد ألا تكتبنا فإنا لا نحفظ، فقال: "لا إنا لن نكتبكم ولم نجعله قرآناً، ولكن احفظوا عنا كما حفظنا نحن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". أخرجه الدارمي في الموضع السابق 1/122 عن يزيد بن هارون واللفظ له. وأبو خيثمة في العلم /131 نحوه عن ابن علية ولم يقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والرامهرمزي /379 عن غسان بن مضر. وابن عبد البر في جامع بيان العلم 1/273 عن عبد الأعلى والخطيب في تقييد العلم /37، 38 عن شعبة ولفظه: اسمعوا كما كنا نستمع، وعن القاسم بن الفضل نحو لفظ إسماعيل بن علية ستتهم عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه وهذا سند صحيح. ب- كهمس بن الحسن عنه ولفظه: قال: قلنا لأبي سعيد لو اكتتبنا الحديث، قال "لا نكتبكم خذوا عنا كما أخذنا عن نبينا صلى الله عليه وسلم" أخرجه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 ابن أبي شيبة في المصنف 9/52 عن أبي أسامة والخطيب في تقييد العلم عن روح بن عبادة كلاهما عن كهمس عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنهم به. وهذا سند صحيح. ج- المستمر بن الريان عن أبي نضرة قال: قلنا لأبي سعيد ألا نكتب ما نسمع منك؟ قال: "تريدون أن تجعلوها مصاحف احفظوا كما حفظنا". أخرجه ابن سعد في الطبقات 5/253 عن مسلم بن إبراهيم والخطيب في تقييد العلم /36، 37 عن عثمان بن عمر ويحيى بن السكن وزاد كما حفظنا عن نبيكم صلى الله عليه وسلم ثلاثتهم عن المستمر عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنهم به. وهذا إسناد صحيح. ورواه أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد قال: "ما كنا نكتب غير التشهد والقرآن". أخرجه أبو داود في العلم باب كتاب العلم 3/319 عن ابن شهاب وابن أبي شيبة 1/293 عن ابن علية والطحاوي في معاني الآثار 1/264. ثلاثتهم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد به. ولا يقال إن قوله كما حفظنا نحن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونحوه ما ورد في الطرق السابقة، له حكم المرفوع حيث عزا هذا الفعل إلى زمنه صلى الله عليه وسلم فالجواب: إن هذا إخبار عن الكيفية التي تلقى بها أبو سعيد رضي الله عنه الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينفي هذا أن غيره تلقى الحديث مكتوباً عن النبي صلى الله عليه وسلم بدليل ما سيأتي من أحاديث في المبحث الثاني. وفي الفصل الأخير مزيد كلام عن حديث أبي سعيد رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 ثانياً: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه دخل على معاوية رضي الله عنه، فسأله عن حديث فأمر إنساناً يكتبه، فقال له زيد "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ألا نكتب شيئاً من حديثه" فمحاه. أخرجه أبو داود في الموضع السابق رقم (3647) . عن أبي أحمد الزبيري. والخطيب في تقييد العلم /35 عن سليمان بن بلال نحوه كلاهما عن كثير عن المطلب عن زيد به. وهذا إسناد ضعيف لأنه منقطع: المطلب بن عبد الله بن حنطب لم يسمع إلا من أنس وسهل بن سعد وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهم، ولم يسمع من زيد كما في جامع التحصيل /281. ثالثاً: عن معاذ رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نكتب شيئاً من الحديث، فقال: "ما هذا يا معاذ؟ " قلنا: سمعناه منك يا رسول الله، قال: "يكفيكم هذا القرآن مما سواه"، فما كتبنا شيئاً بعد. أخرجه إسحاق كما في المطالب العالية 12/610 أخبرنا عطاء بن مسلم الحلبي عن عمرو بن قيس الملائي عن إبراهيم النخعي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه. قال ابن حجر: منقطع. يعني بين إبراهيم النخعي ومعاذ. وفيه سبب آخر: عطاء بن مسلم هو الخفاف ضعيف من قبل حفظه كما في ترجمته في تهذيب الكمال 20/104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 رابعاً: عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم رضي الله عنهم قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوباً رأسه، فرقى درجات المنبر، فقال " ما هذه الكتب التي بلغني أنكم تكتبونها، أكتاب مع كتاب الله؟ يوشك أن يغضب الله لكتابه، فيسرى عليه ليلاً، فلا يترك في ورقه ولا قلب منه حرفاً إلا ذهب إليه". أخرجه الطبراني في الأوسط 7/287 حدثنا محمد بن عبد الله بن رستة حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب عن ابن عباس وعن زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما به. قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/155 وفيه عيسى بن ميمون الواسطي وهو متروك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 المبحث الثاني: الأحاديث المتضمنة إباحة الكتابة : أولاً: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريش، وقالوا: أتكتب كلَّ شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا؟! فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ بأصبعه إلى فيه، فقال: "اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق". أخرجه أبو داود في الموضع السابق رقم (3646) عن مسدد وابن أبي شيبة، واللفظ لهما. وأحمد 2/162، 192. والحاكم 1/150 عن عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي ومسدد أربعتهم عن يحيى القطان عن عبيد الله بن الأخنس عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم به. وهذا إسناد صحيح، لا يعكر عليه أن ابن حبان قال في عبيد الله بن الأخنس: يخطئ كثيراً، فقد أطلق القول بتوثيقه أحمد ويحيى بن معين وأبو داود والنسائي، كما في ترجمته في تهذيب الكمال 19/5، وابن حبان شديد في الجرح يتوقف في جرحه ولاسيما إذا تفرد، والوليد هو ابن عبد الله بن أبي مغيث كما جاء منسوباً في رواية أبي داود، خلافاً للحاكم الذي قال إنه هو ابن أبي الوليد الشامي، فلا يعرف راو بهذا الاسم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 وله بهذا اللفظ طرق عديدة استوفاها الخطيب البغدادي في تقييد العلم /74 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. رواه عنه جماعة والإسناد حسن. وقد شهد أبو هريرة رضي الله عنه بأن عبد الله بن عمرو كان يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كتب عنه الكثير. كما قال: "ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب". أخرجه البخاري في العلم باب كتابة العلم رقم (113) . حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا عمرو أخبرني وهب بن منبه عن أخيه عن أبي هريرة. وأخرجه أحمد 2/403 عن محمد بن سلمة. والطحاوي في معاني الآثار 4/318 عن أحمد بن خالد الوهبي والرامهرمزي في المحدث الفاصل / 369 عن عبد الأعلى السامي والخطيب في تقييد العلم / 83 عن إبراهيم بن سعد أربعتهم عن ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن مجاهد، والمغيرة بن حكيم عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه، وزاد "فإنه كان يكتب بيده ويعيه بقلبه، وكنت أعيه بقلبي ولا أكتب بيدي، واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة عنه فأذن له". ولفظ عبد الأعلى وإبراهيم عن المغيرة ولم يذكر مجاهداً وهذا إسناد حسن، ابن إسحاق وإن كان مدلساً، فقد صرح بالسماع في رواية إبراهيم، وإبراهيم من رؤوس أصحاب ابن إسحاق وأوثقهم كما في ترجمته في سير أعلام النبلاء 8/304. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 وقد تابع ابن إسحاق على هذا عقيل. أخرجه الطحاوي في المعاني 2/319 عن يونس بن عبد الأعلى، والعقيلي في الضعفاء 2/334 عن أحمد ابن صالح. والخطيب في تقييد العلم /83 عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ثلاثتهم عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن سلمان عن عقيل عن عمرو بن شعيب عن المغيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه. وعبد الرحمن لين الحديث، لينه البخاري وأبو زرعة والنسائي، قال أبو حاتم: ما رأيت في حديثه منكراً وهو صالح الحديث، كما في ترجمته في تهذيب الكمال 17/148، فمثله يصلح حديثه في المتابعات. وتقدم حكاية عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن الصحابة كانوا يكتبون الحديث بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم ص 12. وقد أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يملي عليه الحديث، قال أبو راشد الحبراني: أتيت عبد الله بن عمرو بن العاص، فقلت له حدثنا مما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى إليّ صحيفة، فقال: هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت فيها فإذا فيها فذكر حديثاً. أخرجه الترمذي في الدعوات باب رقم 101 عن الحسن بن عرفة 5/202. والبخاري في الأدب المفرد رقم (1209) عن خطاب بن عثمان. وأحمد 2/196 عن خلف بن الوليد. والطبراني في الشاميين 2/22 عن عمرو بن خالد الحراني وسليمان بن عبد الرحمن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 والمعمري في اليوم والليلة كما في نتائج الأفكار 2/346 عن داود بن رشيد وداود بن عمرو الضبي، وأبي معمر القطيعي. ثمانيتهم عن إسماعيل بن عياش حدثنا محمد بن زياد الألهاني عن أبي راشد الحبراني به. قال الترمذي: حسن غريب. قال ابن حجر عقبه: رجاله رجال الصحيح إلا إسماعيل بن عياش ففيه مقال، لكن روايته عن الشاميين قوية وهذا منها، وإلا أبا راشد الحبراني، وقد وثقه العجلى، وقال: لم يكن بالشام أفضل منه، وذكره أبو زرعة الدمشقي في الطبقة العليا التي تلي الصحابة. وورد معنى الكتابة من وجه آخر عنه رضي الله عنه قال: كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من أصحابه، وأنا معهم وأنا أصغر القوم فقال "من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" فلما خرج القوم قلت: كيف تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سمعتم ما قال؟! وأنتم تنهمكون في الحديث عنه!! فضحكوا، وقالوا: يا بن أخينا إن كل ما سمعنا منه فهو عندنا في كتاب. أخرجه الرامهرمزي /378 عن عاصم بن علي. والخطيب في تقييد العلم /98 عن سعيد بن سليمان كلاهما عن إسحاق ابن يحيى بن طلحة، عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما به. قال الهيثمي في المجمع 1/157 رواه الطبراني في الكبير، وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة وهو متروك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 ثانياً: عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء فنكتبها؟ فقال "اكتبوا ولا حرج" أخرجه الطبراني في الكبير 4/276 عن حيوة بن شريح، وعطية بن بقية، ومحمد بن عمرو الحمصي. والرامهرمزي في المحدث الفاصل /369 عن ابن مصفى. وابن عدي في الكامل 1/36 عن محمد بن عمير بن حبان. خمستهم عن بقية حدثنا ابن ثوبان حدثنا أبو مدرك حدثني عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج به. وهذا إسناد رجاله ثقات، بقية بن الوليد وإن كان يدلس ويسوي، فقد صرح بالسماع إلى عباية بن رافع، لكن أبا مدرك لم أعرفه إلا أن يكون الذي ذكره الذهبي في الميزان 4/571 ونقل عن الدارقطني قوله: متروك. وقد ورد عنه أنه كتب صحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها أحاديث عنه كما قال نافع بن جبير قال: ثم إن مروان بن الحكم خطب الناس فذكر مكة وأهلها وحرمتها، ولم يذكر المدينة وأهلها وحرمتها، فناداه رافع بن خديج فقال: مالي أسمعك ذكرت مكة وأهلها وحرمتها ولم تذكر المدينة وأهلها وحرمتها وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها وذلك عندنا في أديم خولاني، إن شئت أقرأتكه. أخرجه مسلم في الحج باب فضل المدينة رقم (3316) . حدثنا القعنبي حدثنا سليمان بن بلال عن عتبة بن مسلم عن نافع بن جبير به. ثالثاً: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رجل من الأنصار يجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمع من النبي صلى الله عليه وسلم الحديث فيعجبه ولا يحفظه، فشكى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 الله إني لأسمع منك الحديث فيعجبني ولا أحفظه فقال: "استعن بيمينك" وأومأ بيده الخط. أخرجه الترمذي في العلم باب في الرخصة فيه ـ يعني الكتابة 4/145 وابن الأعرابي في معجمه 1/314 عن محمد بن موسى. كلاهما عن الخليل بن مرة عن يحيى بن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه به. قال الترمذي: ليس إسناده بذاك القائم، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: الخليل بن مرة. منكر الحديث أ. هـ، ومما يدل على سوء حفظه اضطرابه فيه على وجوه متعددة كما بين ابن عدي في الكامل 3/928، والبيهقي في المدخل/418 وقد ذكر هذه الطرق الخطيب في تقييد العلم/66. ورواه الخصيب بن جحدر عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه به. أخرجه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ /274 عن الربيع بن مسلم، وابن عدي في الكامل 3/939 عن عبد الصمد بن سليمان، كلاهما عن الخصيب ابن جحدر عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه به. قال أبو حاتم في العلل 2/339 هذا حديث منكر، وخصيب ضعيف الحديث. وقد اضطرب فيه على وجوه انظرها في تقييد العلم /65 وانظر المقاصد الحسنة /54. وفي الباب أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه في خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فذكرها، وفي آخره قال: فجاء رجل من أهل اليمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 يقال له أبو شاه فقال: اكتب لي يا رسول الله، فقال: "اكتبوا لأبي شاه" ـ يعني الخطبة. أخرجه البخاري في العلم باب كتابة العلم رقم (112) . وفي الديات باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين رقم (2434) من طريق شيبان. وفي اللقطة باب كيف تعرف لقطة أهل مكة رقم (6880) عن الأوزاعي. ومسلم في الحج باب تحريم مكة رقم (3305) عن شيبان والأوزاعي، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه. رابعاً: عن علي رضي الله عنه قال: ثم ما كتبنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن وما في هذه الصحيفة، قال النبي صلى الله عليه وسلم "المدينة حرام ... الحديث". أخرجه البخاري في الجزية والموادعة باب إثم من عاهد ثم غدر رقم (3179) . حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه به. وللحديث طرق عدة عنه رضي الله عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 خامساً: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا حدث يكثر الناس عليه فجاء بمجال (1) له، فألقاها عليهم، ثم قال: "هذه أحاديث سمعتها وكتبتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عرضتها عليه" أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة 2/832 عن محمد بن شعيب والطبراني في الشاميين 1/427 عن هشام بن عمار، كلاهما عن عتبة بن أبي حكيم، حدثني هبيرة بن عبد الرحمن عن أنس به وهذا إسناد ضعيف، عتبة ابن أبي حكيم ضعيف من قِبَل حفظه كما يظهر في ترجمته في تهذيب الكمال 19/300 وقد اضطرب فيه على وجوه انظر بيانها في تحقيق المطالب العالية 12/624، مما يدل على سوء حفظه. وفي الباب عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قيدوا العلم بالكتاب". أخرجه لوين في جزئه رقم (54) حدثنا عبد الحميد بن سليمان، عن عبد الله بن المثنى عن عمه ثمامة بن أنس عن أنس به. وخولف عبد الحميد فيه فوقفه غيره عن عبد الله. أخرجه الدارمي 1/126 عن مسلم بن إبراهيم وأخرجه ابن سعد 5/337 عن محمد بن عبد الله الأنصاري، والطبراني في الكبير 1/246 عن خالد بن خداش، والرامهرمزي /368 عن عبد الواحد بن غياث، والخطيب في تقييد العلم /97 عن مسلم بن قتيبة. خمستهم عن عبد الله عن عمه عن أنس موقوفاً.   (1) هي مجودة هكذا في حاشية المدخل، كما ذكر المحقق، وعليها قول ابن الصلاح الذي قرئت عليه النسخة فقال: هي جمع مجلة وهي الصحيفة ص 415. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 قال لوين عقب حديثه المرفوع: هكذا لم يكن يرفعه أحد غير هذا الرجل. وقال العسكري كما في المقاصد الحسنة /55: ما أحسبه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأحسب عبد الحميد وهم فيه، وإنه من قول أنس فقد روى عبد الله بن المثنى عن ثمامة قال: كان أنس يقول لبنيه يا بني قيدوا العلم بالكتاب فهذا علة الحديث. وقال الدارقطني في العلل 5/44/ب ووهم في رفعه ـ والصواب عن ثمامة أن أنساً كان يقول ذلك ولا يرفعه. قال موسى بن هارون كما في تقييد العلم: والذي عندنا والله أعلم أن عبد الحميد بن سليمان وهم في رفعه، وأرى أن عبد الحميد كان يحدث به موقوفاً لأن قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عبد الحميد بن سليمان عن عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس وذكره موقوفاً عليه. فبان أن رواية الرفع خطأ منكرة والمعروف هو الوقف. وأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان 2/228 عن عبد الله بن سعد والشهاب في مسنده 1/370 عن عبد الله بن حسين بن جابر كلاهما عن إسماعيل بن أبي أويس عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة عن ابن شهاب عن أنس به مرفوعاً. وهذا إسناد تالف: إسماعيل بن أبي أويس وإن أخرج له البخاري فإن النسائي وغيره جرحوه بجرح مفسر يقتضي رد حديثه وعدم صلاحيته في الشواهد والمتابعات، والبخاري أخذ أصول إسماعيل بإذنه وانتقى منها وعلّمَ له على ما يحدث به ليحدث به، ويعرض عما سواه. قال ابن حجر في هدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 الساري (410) : "وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه، لأنه كتب من أصوله، وعلى هذا لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح؛ من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره، إلا أن يشاركه فيه غيره فيعتبر به". فبان أن إسماعيل تفرد به فلا يفرح بهذه الرواية. وله شاهدان عن: أـ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "قلت يا رسول الله أقيد العلم؟ قال: "نعم" قلت: وما تقييده؟ قال: "الكتاب" أخرجه الطبراني في الأوسط 1/ (848) عن أحمد بن يحيى الحلواني. والحاكم 1/106 عن أحمد بن سهل ومحمد بن صالح بن حبيب، وابن عبد البر في جامع بيان العلم 1/317 عن محمد بن سنجر وعن أحمد بن زهير، والخطيب في تقييد العلم /69 عن الباغندي، وابن الجوزي في الواهيات رقم (96) عن محمد بن بشر سبعتهم عن سعيد بن سليمان الواسطي عن عبد الله ابن المؤمل عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عمرو رضي الله عنهما به. ورواه ابن المؤمل عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. أخرجه الخطيب في تقييد العلم /69 من طريق ابن صاعد عن محمد بن يزيد الآدمي حدثنا معن بن عيسى حدثنا عبد الله بن المؤمل به. ورواه عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن عمرو، أخرجه الخطيب في تقييد العلم /68 من طريق محمد بن يعقوب الأصم وأبي سعيد الصيرفي حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا سريج بن النعمان، حدثنا عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة عن عبد الله به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وهذا إسناد ضعيف لأمرين: 1- عبد الله بن المؤمل ضعيف كما في ترجمته في تهذيب الكمال 16/187. 2- اضطراب عبد الله بن المؤمل فيه كما تقدم. وله متابعة لا تغني شيئاً أخرجها الخطيب /69 من طريق الدارقطني: حدثنا أحمد بن محمد بن عمار حدثنا عبد الله بن أيوب، حدثنا إسماعيل بن يحيى، حدثنا ابن أبي ذئب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وهذا إسناد تالف: إسماعيل بن يحيى هو ابن عبيد الله بن طلحة التيمي كذاب كما قال الدارقطني، وقال صالح جزرة: يضع الحديث، وقال الحاكم روى عن مالك ومسعر وابن أبي ذئب أحاديث موضوعة كما في لسان الميزان 1/493. ب- عن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قيدوا العلم بالكتاب". أخرجه ابن عدي 2/792 حدثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله الأنصاري حدثنا حفص بن عمر بن أبي عمر العطاف عن أبي الزناد عن الأعرج عن ابن عباس رضي الله عنهما به. وحفص هذا منكر الحديث كما قال البخاري وأبو حاتم والساجي وانظر ترجمته في تهذيب الكمال 7/38. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 وعليه فالحديث ضعيف (1) أمثل طرقه رواية ابن المؤمل وقد تقدم ما فيها من ضعف وأما باقي طرقه وشواهده فلا تنتهض أبداً للشواهد والمتابعات. وسيأتي في الباب أحاديث أخر في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى.   (1) لكن صححه الشيخ الألباني – رحمه الله – بمجموع طرقه (السلسلة الصحيحة رقم 2026) . (اللجنة العلمية) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 الفصل الخامس: فهم الأحاديث السابقة المبحث الأول: العلماء وموقفهم من الكتابة للحديث على ضوء ما ورد ... الفصل الخامس: فهم الأحاديث السابقة وحكم كتابة الحديث المبحث الأول: العلماء وموقفهم من الكتابة للحديث على ضوء ما ورد بعد عرض الأحاديث التي وردت في النهي عن الكتابة، والأحاديث التي فيها الإذن بها، وقد تضمنت الأحاديث أمراً مطلقاً ونهياً مطلقاً فحصل التعارض الظاهر بينها، وقد سار العلماء في مثل هذه الأحاديث على خطوات محددة وهي: ـ 1- الجمع بين الحديثين إن أمكن ذلك، وحينئذ يعمل بهما جميعاً. 2- فإن لم يمكن الجمع، فيصار إلى نسخ أحد الخبرين بالآخر إن عرف التاريخ، فيعمل حينئذ بالناسخ ويترك المنسوخ. 3- فإن لم يعرف التاريخ ولم تقم دلالة على النسخ، فيصار إلى ترجيح أحدهما على الآخر بوجه من وجوه الترجيح. 4- فإن لم يمكن الترجيح توقف عن العمل بأحد الخبرين حتى يظهر (1) . وإذا تأملنا الأحاديث الواردة في الفصل السابق نجد أن الأحاديث الواردة في النهي لم يصح منها إلا حديث أبي سعيد رضي الله عنه المخرج عند الإمام مسلم، وأما الأحاديث الباقية فلا تصلح للحجة، وكانت الأحاديث الواردة في الإباحة أكثر عدداً وأصح سنداً. فكيف كان تعامل الأئمة مع هذه الأحاديث؟ لقد تعددت أقوال أهل العلم في ذلك، وسأعرض هذه الأقوال وحجج كل قول والمآخذ عليه:   (1) فتح المغيث 3/81، تدريب الراوي 2/197، توضيح الأفكار 2/423، نزهة النظر ص39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 القول الأول: رد حديث أبي سعيد وتضعيفه، والعمل بالأحاديث الواردة فيها الإباحة، لأنها أصح إسناداً وأكثر طرقاً، فكأن الحكم باق على الأصل ولم ينقل هذا الأصل إلى غيره، وقد تقدم النقل عن البخاري وأبي داود أن الصحيح في هذا الحديث الوقف وأن هماماً أخطأ فيه وهذا بناءً على الأمور التالية: 1- تفرد همام بن يحيى العوذي بالحديث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، وهمام كان يخطئ إذا حدث من حفظه كما تقدم نقله. 2- أن زيد بن أسلم إمام مدني مكثر وتلامذته كثر من المدنيين والمكيين الملازمين له، ولم يرو هذا الحديث عنه إلا همام وهو كوفي ليس بالملازم لزيد بن أسلم. 3- أن المنع من الكتابة مذهب مشهور لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه كما تقدم جمع طرق هذا عنه، فكان ينهى عن الكتابة عنه مطلقاً، ويعلل هذا خوف جعل الحديث قرآناً يشتغل به عن كتاب الله، ونجد في هذه الطرق أنه لم يعلل النهي بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكتابة عنه، ولو كان عنده هذا لاكتفى به عن التعليل بما ذكر. 4- أن لو كان الحديث بهذا اللفظ محفوظاً لاقتضى أن يكون النهي مستغرقا لكل ما يتناوله، والصحابة رضي الله عنهم أتبع الناس للحديث، ومع هذا فإن أبا سعيد رضي الله عنه يذكر أنه لم يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن والتشهد، والتشهد من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف استثنى من النهي لو كان محفوظاً؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 5- أن في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما المتقدم في صفة كتابته أنه كان يكتب ابتداءً وأقرّه النبي صلى الله عليه وسلم على هذا، فلو كان هناك نهي سابق لما كتب ولأنكر عليه الصلاة والسلام الكتابة، ولا يُشْكل على هذا قول أبي هريرة رضي الله عنه "واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة عنه فأذن له"، فإن الاستئذان لا يكون دائماً بعد نهي، إذ قد يكون من باب الأدب، أو الإعلام بأنه يكتب الحديث لا القرآن الكريم. 6- أن من نهاه عن الكتابة علل نهيه له بأن النبي صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا ولم يعللوه بأنه قد تقدم من النبي صلى الله عليه وسلم نهى. 7- أنه لما ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم كلام من نهاه، وعلة نهيهم، أنكر عليهم صلى الله عليه وسلم وأمره بالكتابة، ولم يذكر له أن العلة أنه قد نهى عن هذا. 8- في حديث أبي شاه لم يحصل من الصحابة رضي الله عنهم توقف في الكتابة له فكأن الأصل عندهم أن لانَهْيَ. 9- أن أياً من الصحابة رضي الله عنهم الذين نهوا عن الكتابة لم يعلل نهيه عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكتابة وهو فصل في الحكم حسم في المسألة، بل عللوا نهيهم بأمور أخرى لا علاقة لها بأصل الحكم، وسيأتي مزيد بيان لهذه النقطة في آخر المبحث القادم. وعلى هذا فلا تعارض والعمل بحديث الإباحة لعدم الحظر. وقد مال إلي هذا الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله في "الأنوار الكاشفة" (1) .   (1) انظر ص/ 35، 36، 43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 ولا يعارض هذا بأن الحديث في صحيح مسلم، وما فيه متلقى من الأمة بالقبول لأنه قد استثنى العلماء منه ما انتقده العلماء الأولون كما هو مقرر في كتب أهل العلم (1) . وأما من قال بصحة حديث النهي عن الكتابة فقد اختلفت توجيهاتهم في الجواب عن هذا التعارض على أقوال: القول الأول: أن حديث النهي عن الكتابة منسوخ بأحاديث الأمر بالكتابة: فيكون من منسوخ السنة بالسنة ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قول جمهور العلماء (2) . ولعل دليل من قال بالنسخ أن نقلة من روى أحاديث الإباحة والوقائع التي ذكر فيها إباحة الكتابة حصلت في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم (3) ، وبمثل هذا يستدل على النسخ ولاسيما أن نقلة الأخبار سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم فينتفى الاحتمال بأن يكون سمعها من متقدم الإسلام (4) . ومن يتأمل أقوال العلماء في هذا سيجدها على ضربين: أ- الضرب الأول: إطلاق القول بالنسخ دون تعليل مثل ابن قتيبة (5) والخطابي (6) ، والبغوي (7) ، وابن الأثير (8) .   (1) شروط الأئمة الستة، علوم الحديث مع التقييد والإيضاح /27، 28، مجموع الفتاوى 18/17، النكت على كتاب ابن الصلاح 1/379. (2) مجموع الفتاوى 21/318. (3) دفاع عن السنة /21. (4) فتح المغيث 3/69. (5) تأويل مختلف الحديث /287. (6) أعلام السنن 1/216. (7) شرح السنة 1/294. (8) النهاية 4/148. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وعلى هذا فالنهي والإذن مجردان من العلة، وهما عامان للصحف والأشخاص والأزمنة (1) . ب- الضرب الثاني: من قال بالنسخ وعلل هذا واختلف تعليلهم. 1- فمنهم من قال إن النهي في أول الإسلام عن كتابة غير القرآن لتتوفر هممهم على القرآن وحده، وليمتاز القرآن بالكتابة عما سواه من السنن ولئلا يختلط بغيره، فلما علم أنه تميز وأفرد بالضبط والحفظ وأمنت عليه مفسدة الاختلاط والالتباس بغيره، أذن بالكتابة للسنة. نقل هذا عن ابن شاهين (2) ، وبه قال القرطبي (3) ، والسمعاني (4) ، وابن الصلاح (5) والنووي (6) ، والذهبي (7) ، وابن القيم (8) . 2- ومنهم من قال إن النهي متقدم والإذن ناسخ له عند الأمن من الالتباس. قاله ابن حجر (9) . فكأن هذا القول يعني أن الإذن في حالة الأمن ناسخ للنهي، أما في حالة الخوف فيبقى النهي مستمراً (10) .   (1) حجية السنة /445. (2) عزاه السخاوي إليه في فتح المغيث 2/163 ولم أجده في الناسخ والمنسوخ لابن شاهين بل إنه أطلق القول بالنسخ. (3) تفسير القرطبي 11/207. (4) أدب الإملاء والاستملاء /146. (5) علوم الحديث /171. (6) شرح صحيح مسلم 9/130. (7) سير أعلام النبلاء 3/11 (8) تهذيب السنن 5/245. (9) فتح الباري 1/208. (10) حجية السنة / 445، 446 (بتصرف) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وأما التعليل الأول فقد قال الشيخ عبد الغني عبد الخالق رحمه الله: لا نسخ؛ لأن النهي في أول الأمر كان خاصاً بحالة الخوف، والإذن في حالة الأمن، فلا يرفعه الإذن بالنهي، لأنهما لم يردا في حالة واحدة بل هما في حالتين مختلفتين وعلتين متغايرتين، فيستمران هكذا إلى يوم القيامة، إن وجد الخوف توجه النهي، وإن وجد الأمن حصلت الإباحة فمن أين النسخ؟ (1) . وأما من قال بالنسخ المطلق دون تعليل، فإنه يَردُ عليه لو أن إنساناً حديث عهد بإسلام، أو أعجمي يخشى عليه أن يلتبس عليه غير القرآن فهل يصح أن نأذن له أن يكتب السنة دون أن يعرف القرآن أو يكتبهما معاً؟ بناءً على أن الإذن المطلق هو الناسخ، لا شك أنه لا يؤذن له، فمن أين لنا أن ننهاه ما دمنا نقول: إن النهي منسوخ والنسخ إذا وقع رفع حكمه عن المكلفين (2) ؟ فيبقى إذن ما رجَّحه ابن حجر رحمه الله فالنسخ توجه إذن إلى حالة الأمن من الالتباس فحينئذ رفع الحكم بحكم آخر وهو الإذن وأما في حالة الخوف من الالتباس فيبقى النهي مستمراً (3) .   (1) حجية السنة / 445، 446 (بتصرف) . (2) حجية السنة / 445، 446 (بتصرف) . (3) فتح الباري 1/208. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 القول الثالث: إن النهي كان متوجهاً عن كتابة القرآن والحديث في صحيفة واحدة فيكون نهياً خاصاً، وذلك خشية اختلاط القرآن بغير القرآن فلا يراد به النهي المطلق (1) ، وذلك أنهم كانوا يسمعون القرآن وتأويله، فربما كتبوا التأويل معه، ويؤيد هذا ما ورد من قراءات شاذة كمن قرأ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ متتاليات} (2) [المائدة /89] . وهذا القول له وجاهة ولاسيما إذا عرفنا ندرة وسائل الكتابة كما تقدم في الفصل الثاني، ويوجز هذا زيد بن ثابت رضي الله عنه عندما جمع المصحف بتكليف من أبي بكر رضي الله عنه فقال "فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُب واللخاف" وفي رواية "القصبَ والعسبَ والكرانيف وجرائد النخل" وفي رواية "من الرقاع" وفي رواية "وقطع الأديم" (3) ، وفي رواية "والأكتاف"، وفي أخرى "والأضلاع"، وفي أخرى "والأقتاب" (4) . فإذا كان القرآن الكريم على عظيم مكانته لم يجد الصحابة رضي الله عنهم ما يكتبونه عليه إلا هذه الأشياء، وهي كما ترى قطع صغيرة مفرقة، فأنى تتسع لغير القرآن، ولو كتب معه شيء والحالة هذه فهو أدعى أن يختلط معه غيره، وإذا كان الأصل في الشريعة التيسير المبني على قول الله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286] .وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] ، فلم يكن في وسع الصحابة رضي الله عنهم إلا هذا،   (1) شرح السنة 1/295، النهاية 4/148، فتح المغيث 2/162. (2) وانظر القراءات في تفسير ابن كثير /433. (3) انظر: فتح الباري، فقد ذكر طرقها 9/14، والعُسُب جمع عَسيب وهو جريد النخل، فكانوا يكشطون الخوص، ويكتبون في الطرف العريض، وقيل هو طرفها العريض الذي لم ينبت عليه الخوص، واللخاف (4) انظر المرجع السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 فاقتصر من الأمر على كتابة ما ينزل من القرآن شيئاً فشيئاً ولو مرة واحدة، فهذا الذي هو وفق الطاقة، وما زاد فهو شاق عليهم (1) . القول الرابع: أن النهي لمن أمن عليه النسيان ووثق بحفظه وخيف اتكاله على الخط إذا كتب، والإذن لمن خيف نسيانه ولم يوثق بحفظه، أو لم يخف اتكاله على الخط إذا كتب، قاله ابن حبان (2) والبيهقي (3) وابن عبد البر (4) ، والخطيب (5) ، وهذا هو المفهوم من بعضها، وجه به أبو سعيد الخدري وأبو موسى الأشعري - رضي الله عنهم - كما سيأتي، وبه يفهم جماعة من السلف كان الواحد يكتب ويحفظ، فإذا حفظ محاه، مثل مسروق وابن سيرين وعاصم بن ضمرة وغيرهم (6) . القول الخامس: أنه نهى أن يكتب مع القرآن غيره فيضاهى بتلك الكتب، فينكب على غير القرآن ويترك كتاب الله، فتشبه الأمة الأمم السابقة عندما جعلوا مع كتاب الله المنزل عليهم كتباً أخرى فتركوا كتاب الله وانكبوا على الكتب الأخرى، وكأن هؤلاء يقدمون القرآن بالعناية، ولايمنع أن يعتني بغيره، لكن هذه العناية تابعة للقرآن، وهذا هو المفهوم من كلام الرامهرمزي (7) .   (1) الأنوار الكاشفة /31، 32، 37. (2) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان 1/265. (3) المدخل /410. (4) جامع بيان العلم وفضله 1/292. (5) تقيد العلم /58. (6) جامع بيان العلم وتقييد العلم في الموضعين السابقين. (7) المحدث الفاصل /386. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وعلى هذا يحمل نهي عمر وابن مسعود رضي الله عنهما وغيرهما إذ قد جاء هذا التعليل أو معناه من كلامهم ـ كما سيأتي إن شاء الله ـ ثم أثر عن أكثرهم التدوين والحث على الكتابة. القول السادس: أن الإذن مخصوص بعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ لأنه كان قارئاً للكتب المتقدمة، ويكتب بالسريانية والعربية، وكان غيره من الصحابة أميين لا يكتب منهم إلا الواحد والاثنان وإذا كتب لم يتقن ولم يصب التهجي فلما خشي عليهم الغلط فيما يكتبون نهاهم، ولما أمن ذلك على عبد الله أذن له، قاله ابن قتيبة (1) في توجيه آخر للحديث. وهذا القول فيه ضعف لأنه يصدق لو لم يكتب الحديث من الصحابة أحد سوى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، كيف وقد ذكر أن الصحابة كانوا يكتبون بين يديه كما تقدم، وكذلك الأحاديث المتكاثرة التي تبين كتابة الصحابة للحديث. القول السابع: أن النهي منصبٌّ على التدوين الرسمي كما كان يدون القرآن الكريم، وأما الإذن فهو سماح بتدوين نصوص من السنة لظروف وملابسات خاصة، إذ إن النهي جاء عاماً مخاطباً فيه الصحابة جميعاً، والإذن لظروف خاصة أو لأشخاص معينين دليل على أن الكتابة مسموح بها إذا لم يكن تدويناً عاماً كالقرآن، قاله د. مصطفى السباعي رحمه الله (2) .   (1) تأويل مختلف الحديث /287. (2) السنة ومكانتها في التشريع /61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وهذا القول مثل سابقه، إذ ما ورد في عبد الله بن عمرو السابق وتصريح النبي صلى الله عليه وسلم له بالكتابة، وأن الصحابة كانوا يكتبون بين يديه الحديث، ينفي هذا القول. هذا مجمل فهم الأئمة رحمهم الله للأحاديث الواردة في النهي والإذن بالكتابة، ومن تأمل الأقوال السابقة جميعها فإنه لم يختلف أن كتابة الحديث وتدوينه جائزة، وكأن هذا هو الأصل الذي مضى عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحظة وفاته، حيث همَّ أن يكتب لأمته كتاباً لا يختلفون عليه من بعده، كما ثبت هذا عنه صلى الله عليه وسلم إذ قال في مرض موته "ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً" (1) . ودل على هذا الإجماع ونقله ابن الصلاح (2) والذهبي (3) ، وهذا الإجماع إنما هو بعد اختلاف الصحابة رضي الله عنهم، واختلافهم ليس في أصل الحكم وإنما هو لعلل أخرى أبانوها، بدليل أنهم عزموا على الكتابة وكتبوها وأمروا بكتابتها. ودل على هذا القياس كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا   (1) أخرجه البخاري في الجهاد باب جوائز الوفد رقم (3053) عن قبيصة، وفي الجزية والموادعة باب إخراج اليهود من جزيرة العرب (3167) عن محمد بن سلام وفي المغازي باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته (4431) عن قتيبة ومسلم في الوصية باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه (4232) عن سعيد بن منصور وقتيبة وأبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد، ستتهم عن ابن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس به وله طرق عدة عن ابن عباس وفي الباب عن عائشة وجابر رضي الله عنهم. (2) علوم الحديث /171. (3) سير أعلام النبلاء 3/8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} ... إلى قوله: {وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ} [البقرة:282] . قال الطحاوي رحمه الله: "فلما أمر الله عز وجل بكتابة الدَّين خوف الريب كان العلم الذي حفظه أصعب من حفظ الدين أحرى أن تباح كتابته خوف الريب فيه" (1) . ودل على هذا النظر فإن الكتابة لها أثر كبير في حفظ العلم، وقد تواردت عبارات أهل العلم في ذلك (2) . قال ابن الصلاح رحمه الله: ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الآخرة. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتبليغ عنه وهو يتضمن إباحة الكتابة والتقييد؛ لأن النسيان من طبع البشر، ومن اعتمد على حفظه لا يؤمن عليه الغلط فترك التقييد يؤدي إلى سقوط أكثر الحديث، وتعذر التبليغ وحرمان آخر الأمة من معظم العلم (3) . والذي ظهر لي من خلال أقوال أهل العلم ترجُّح القول بعدم صحة النهي عن الكتابة عنه صلى الله عليه وسلم، أو أن النهي مخصوص بألا يكتب مع القرآن غيره في صحيفة واحدة، بما قدمته من حجج فيها والله أعلم.   (1) شرح معاني الآثار 4/319. (2) المحدث الفاصل / 376، تقييد العلم /174، جامع بيان العلم وفضله /314 فما بعدها. (3) شرح السنة 1/295. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 على أني لا أغفل ثمرة الخلاف في هذه الأقوال، فإن حكم الكتابة معتبر في حال الكاتب، وعليها تدور الأحكام فقد تكون الكتابة في حين واجبة، وقد تكون مستحبة، وقد تكون مكروهة. قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله: "والأصل فيها الإباحة لأنها وسيلة، وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن يكتب ما سمعه منه، رواه أحمد بإسناد حسن. فإن خيف منها محذور شرعي منعت، وعلى هذا يحمل النهي في قوله صلى الله عليه وسلم "لا تكتبوا عني ... " الحديث، وإذا توقف عليها حفظ السنة وإبلاغ الشريعة كانت واجبة، وعليه تحمل كتابة النبي صلى الله عليه وسلم بحديثه إلى الناس يدعوهم إلى الله عز وجل ويبلغهم شريعته كما في حديث أبي شاه" (1) .   (1) مصطلح الحديث (بتصرف واختصار) /49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 المبحث الثاني: فهم المخالفين لأحاديث النهي والإباحة : يبدو أن إيقاع الإشكال في كتابة الحديث والنهي والإباحة قديم جداً أثاره المناوئون للسنة حيث نقل ابن قتيبة المتوفى سنة 276هـ - عنهم قولهم: إنها أحاديث متناقضة وفيها اختلاف (1) . وإذا كان قد تقدم بيان الحق في هذه الأحاديث وأنه لا تعارض بينها البتة فإن هذه المسألة قد وافقت هوىً في نفوس بعض الناس ولا سيما في هذا العصر فرأوا أن الثابت في هذا هو نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الكتابة، وأن الصحيح أن نهيه ناسخ لإذنه لأمرين: 1- استدلال من روى عنهم من الصحابة الامتناع عن الكتابة ومنعها بالنهي عنها وذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. 2- عدم تدوين الصحابة الحديث ونشره ولو دونوا ونشروا لتوافر ما دونوه (2) . وهذا قول مردود لا شك في هذا بما يلي: 1- ما تقدم سابقاً من أنه لا معارضة سواء قلنا إن حديث النهي معلّ بالوقف، أو قلنا إنه صحيح، لأن النسخ المطلق لا يصح أن يثبت بين هذه الأحاديث، وأن النهي مخصوص بكتابة شيء آخر مع القرآن في صفحة واحدة، أو أن النهي مخصوص إما عند الخوف من اختلاطه   (1) تأويل مختلف الحديث /286. (2) أضواء على السنة المحمدية /21 نقلاً عن رشيد رضا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 بالقرآن أو لكيلا تنصرف الهمم إلى تحصيل غير القرآن، فعلى الاحتمالين لا يصار إلى النسخ ما دام أنه لم يُذْكر تاريخ فيه أولم ينص عليه النبي صلى الله عليه وسلمأو الصحابة، فحينئذ إما رد أحدهما بحجة، وتقدم قوة قول من أعل الحديث الذي حمل النهي بالوقف، وإما قبولهما فيجمع بينهما بلا تعسف، وقد حصل الجمع والحمد لله. 2- سلمنا بأنه يلزم النسخ فنظرة متأملة لأحاديث الباب يتضح بها تأخر الأحاديث التي فيها الإباحة بوجوه عدة: أ- كتابة عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم حصلت بعد السنة السابعة للهجرة، إذ إنه أسلم وهاجر حينذاك واستمر على كتابة الحديث. ب- أبو هريرة رضي الله عنه شهد لعبد الله أنه كان يكتب وظاهر الحديث ومفهومه أنه استمر على الكتابة؛ بدليل جزم أبي هريرة بكثرة حديث عبد الله بسبب أنه كان يكتب (1) . ج- همه صلى الله عليه وسلم بأن يكتب كتاباً في مرض موته، وقد اختلف في المراد بهذا الكتاب هل هو بيان اسم الخليفة من بعده أو هو كتاب يشمل الشرائع التي لا ينبغي الاختلاف فيها؛ وهو صلى الله عليه وسلم لا يهم إلا بحق، وعلى أي المعنيين فما يريد كتابته هو من سنته ووقت ذلك كان في أواخر أيامه، فكيف يكون النهي هو المتأخر؟ (2) .   (1) الكبرى /82، 9/500، سير أعلام النبلاء 3/91، الإصابة 2/351. (2) انظر حجية السنة /447. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 د- الإجماع من الأمة القطعي بعد عصر الصحابة والتابعين على إباحة الكتابة وهو إجماع ثابت بالتواتر العملي عن كل طوائف الأمة بعد الصدر الأول (1) . وهو يدل بصورة قاطعة أن الإذن هو الأخير. هـ- تقدم أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما كان عنده صحيفة فيها حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا علي بن أبي طالب ورافع بن خديج رضي الله عنهم وغيرهم كانت عندهم كتب، فلو كان النهي متأخراً لبادروا إلى محو ما في هذه الصحف امتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم (2) . وبهذا يتبين وَهْي هذا القول، وأما ما استدل به على أن النهي هو المتأخر: 1- استدلال من روى عنهم من الصحابة الامتناع عن الكتابة ومنعها بالنهي عنها وذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. فسأورد على سبيل الإيجاز ما ورد عنهم ثم بيانه بياناً شافياً إن شاء الله بما يرد كلام هؤلاء. أولاً عن أبي بكر رضي الله عنه: أنه جمع الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت خمسمائة حديث، فبات ليلة يتقلب كثيراً، قالت عائشة رضي الله عنها "فغمني"، فقلت: "تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك"؟ فلما أصبح، قال: "أي بنيه هلمي الأحاديث التي عندك" فجئته بها، فدعا بنار فأحرقها، ثم قال "خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني، فأكون قد تقلدت ذلك".   (1) الباعث الحثيث /112. (2) تهذيب السنن 1/245. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وزاد في رواية "فأكون قد تقلدت ذلك، ويكون قد بقي حديث لم أجده، فيقال: لو كان قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غبي على أبي بكر إني حدثتكم الحديث ولا أدري لعلي لم أتتبعه حرفاً حرفاً". أخرجه الحاكم كما في كنز العمال (10/285) عن موسى بن حماد والغلابي والزيادة له. كلاهما عن المفضل بن غسان الغلابي عن علي بن صالح عن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن إبراهيم ابن عمرو بن عبيد الله التيمي ـ وفي رواية الغلابي ـ عمر حدثني القاسم بن محمد عن عائشة ـ وفي رواية الغلابي القاسم أو ابنه عبد الرحمن. وهذا إسناد قال فيه الذهبي في التذكرة 1/5: لا يصح. وقال ابن كثير كما في الكنز: غريب من هذا الوجه جداً وعلي بن صالح لا يعرف. قلت: على بن صالح هذا شبه المجهول ذكره الخطيب في المتفق (3/1652) وقال: مديني أحسبه زبيرياً. أ. هـ. ولو صح الخبر لم يكن فيه حجة على ما قال لأنه لو كان آخر الأمرين النهي عن الكتابة ما كتب أصلاً (1) . وفعل أبي بكر رضي الله عنه على خلاف ما زعمه هؤلاء فقد كتب كتاباً لأنس رضي الله عنه وكان عامله على البحرين، بين فيه فرائض الصدقة وعليه ختم النبي صلى الله عليه وسلم (2) .   (1) الأنوار الكاشفة /37، 38. (2) أخرجه البخاري في الزكاة باب العرض في الزكاة (1448) ، وفي باب لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع (1450) وفيه باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية (1451) ، وفيه باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده (1453) ، في باب زكاة الغنم (1454) ، وفيه باب لا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار (1455) ، وفي الشركة باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية (2487) وفي فرض الخمس باب ما ذكر في درع النبي صلى الله عليه وسلم (3106) ، وفي اللباس باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر (5878) ، وفي الحيل باب في الزكاة وأن لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة (6955) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 ثانياً عن عمر رضي الله عنه: أراد أن يكتب السنن فاستفتى الصحابة في ذلك فأشاروا عليه بأن يكتبها، فطفق يستخير الله فيها شهراً، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له، فقال: "إني كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشيء". أخرجه عبد الرزاق في جامع معمر (11/257) . والخطيب في تقييد العلم (/19) عن الثوري كلاهما عن معمر عن الزهري عن عروة به، لكن عروة لم يسمع من عمر رضي الله عنهم كما في جامع التحصيل (/236) ، وفي سنده اختلاف كما بين الخطيب، ولا حجة في هذا الخبر للمخالف، لأنه لو كان النهي ناسخاً أو معلوماً لما استشار الصحابة ولما أشاروا عليه بها، وإن أعرض عن الكتابة بما ذكر علته في هذا الخبر، وكذلك ـ الأخبار الأخرى التي رويت عنه وهي ضعيفة ولو فرض صحتها لحملت على ما علله عمر رضي الله عنه إذ وردت فيها هذه العلة وقد ورد عنه ما يدل على كتابته للسنة فقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 كتب مجموعة من الأحاديث وأرسلها إلى بعض عماله منها ما أخرجه مسلم أن عمر كتب إلى عتبة بن فرقد وهو بأذربيجان وفيه: «وإياكم والتنعم وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبوس الحرير إلا هكذا ... الحديث:" (1) . ثالثاً ابن مسعود رضي الله عنه: اشتهر عنه نهيه عن الكتابة لكن من تأمل ما ورد عنه وجده ينهى عن الكتابة عنه، تارة لئلا ينكب الناس على الحديث ويدعون القرآن (2) ، أو أن هذه الكتب فيها أذكار مستحدثة وهيئات مبتدعة (3) ، أو أن هذه الكتب من كتب أهل الكتاب (4) . فلا يصح أن تحمل على النهي عن كتابة الحديث مطلقاً لأنه لم يعلل هذا بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الكتابة بل بأمور أبانها لحظة تخلصه من هذه الكتب. رابعاً أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: فقد محى كتاباً خطه عنه ابنه أبو بردة بن أبي موسى رضي الله عنهما (5) ولم يعلل هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكتابة عنه بل خشي أن يتكل   (1) أخرجه مسلم في اللباس باب تحريم الذهب والحرير على الرجال رقم (5411) عن عاصم الأحول ورقم (5413) عن سليمان التيمي ورقم (5415) عن قتادة ثلاثتهم عن أبي عثمان النهدي به وفي لفظ قتادة أن عمر صدر الكتاب بالحديث. (2) انظر جامع بيان العلم وفضله 1/278. (3) سنن الدارمي 1/124. (4) المصدر السابق 1/113. (5) أخرجه ابن سعد 4/105، وابن أبي شيبة 9/53، وأبو خيثمة في العلم رقم (153) والدارمي 1/122، والبزار 8/134، والرامهرمزي 1/381، والبيهقي في المدخل (738) ، والخطيب في تقييد العلم /40 بطرق عن أبي بردة عن أبيه وهو صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 أبو برده على الكتاب ويهمل الحفظ وأمره بقوله احفظ كما حفظنا. خامساً أبو سعيد رضي الله عنه: وتقدم بيان مذهبه مفصلاً في المبحث الأول من هذا الفصل. سادساً ابن عباس رضي الله عنهما: فقد قال "لا نكْتُب العلم ولا نُكْتِبُه" (1) . وورد في بعض الروايات أنه لما ذكر أن هناك من يكتب عنه قام من مجلسه إنكاراً عليه. وإذا تأملنا ما ورد عنه من نصوص نجده يعلل ذلك بأن ضلال أهل الكتاب جاء بسبب انكبابهم على كتب غير كتاب الله (2) . ومع هذا فقد كان ابن عباس يكتب ويُكتب عنه وهو يرى وأمر بالكتابة عنه (3) . وقد ورد مثل هذا النهي عن جماعة من الصحابة (4) ، ومع تأملها وتأمل ما سبق نجدها لا تخرج عن أحد أمرين: أ - إما أنه لم يصح عنهم، وفعلهم على خلاف ما ورد عنهم. ب- أو صح عنهم ولكنهم لم يعللوا النهي بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكتابة عنه، بل بأمور أخرى خارجة عنه.   (1) أخرجه عبد الرزاق في جامع معمر 11/285 عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس وله طرق أخرى وهو صحيح. (2) الطبقات الكبرى 6/336. (3) دراسات في الحديث النبوي 1/117. (4) انظر دراسات في الحديث النبوي 1/95 فما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 فكيف يقال بعد هذا أن امتناع من امتنع من الصحابة عن الكتابة إنما هو بسبب ما توافر عندهم من نهي النبي صلى الله عليه وسلم. وأما ما ذكروه أن النهي هو آخر الأمرين لأن الصحابة لم يدونوا الحديث ولم ينشروه، وأن لو دونوه لتوافرت الدواعي على نشره. فهذا قول من لم يمعن النظر في تواريخ الرجال وأحوال الرواة. ولو تأملنا الصحيحين فقط لوجدنا نسخاً كثيرة عن الصحابة اتفقا على إخراجها، أو تفرد أحدهما بها عن الآخر مثل: 1- صحيفة الزكاة التي كتبها أبو بكر لأنس رضي الله عنهم. 2- صحف أبي صالح وهمام بن منبه والمقبري وعبد الرحمن الحرقي عن أبي هريرة رضي الله عنهم. 3- صحيفة حميد الطويل وسليمان التيمي عن أنس رضي الله عنهم. 4- صحيفة أبي سفيان والشعبي ومحمد بن علي الباقر عن جابر رضي الله عنهم. 5- صحيفة رافع بن خديج رضي الله عنه. 6- صحيفة سبيعة الأسلمية رضي الله عنها. 7- صحيفة أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنهما. 8- صحيفة سالم بن أبي أمية وعمر بن عبيد الله عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه. 9- صحيفة سعيد بن جبير عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم. 10- صحيفة عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما «الصادقة» وقد رواها عنه أناس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 11- صحيفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه. 12- صحيفة عمر لعتبة بن فرقد رضي الله عنه. 13- صحيفة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها. 14- صحيفة المغيرة بن شعبة رضي الله عنه. 15- صحيفة سمرة بن جندب رضي الله عنه (1) . وغير ذلك كثير ولو تأملنا كتب السنة لوجدنا أضعاف ذلك، على أن هذا التدوين لم يكن رسمياً بل بحسب ما توافر لدى الرواة من رسائل الكتابة وانشغالهم بمدارسة القرآن، فقد كان للسنة حظ عظيم في التدوين وأما حجتهم الداحضة أن الكتابة من لوازم الحجية فمردودة بما سبق تقديمه في الفصل الثالث.   (1) المصدر السابق 1/92 فما بعدها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 الخاتمة ... خاتمة: وإذا آن لي أن أضع القلم في ختام هذا البحث فإنه لا بد من تسطير هذه الكلمات لتستبين نتائج هذا البحث: 1- أن كشف الشبهات التي يثيرها المناوئون لا ينبني فقط على الرد النظري، بل بتتبعها عن طريق كشف الأسس التي تقوم عليها، واجتثاث هذه الأسس لأنها تقوم على جرف هار كما في شبهة عدم كتابة السنة. 2- تبين أن الكتابة لا تقوم بمفردها بها الحجة بل هي وسيلة مرتبطة بحال النقل والنقلة. 3- أن الحديث النبوي قد دون منه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نصيب وافر مبارك. 4- أن أكثر الأحاديث الواردة في النهي عن الكتابة غير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما ثبت منها فلا أثر له؛ إذ هو نهي مخصوص بحالة معينة، بدليل أن الصحابة رضي الله عنهم الذي أثر عنهم كراهتهم كتابة الحديث لم يعللوا كراهتهم بعلة النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم بل بأمور أخرى لا علاقة لها به. هذا ما تيسر لي كتابته من نتائج وأسأل الله تعالى أن يختم لنا بالصالحات أعمالنا وأن يغفر لنا ولوالدينا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 مصادر ومراجع ... المصادر والمراجع 1) الإحسان في تقريب صحيح أبي حاتم بن حبان: لابن بلبان علاء الدين ابن بلبان الفارسي ت 739هـ - تحقيق شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1412هـ - 1991م. 2) الأوائل للعسكري الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري ت395هـ، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1407هـ - 1987م. 3) أحكام القرآن للجصاص أبي بكر أحمد بن علي الرازي ت370هـ، تحقيق محمد الصادق قمحاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان 1405هـ - 1985م. 4) اختصار علوم الحديث: لابن كثير إسماعيل بن عمر ت 774هـ، تحقيق أحمد بن محمد شاكر، دار التراث – القاهرة 1395هـ. 5) أدب الإملاء والاستملاء: للسمعاني أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني ت 526هـ - تحقيق ماكس فايسفيلر، دار الكتب العلمية - بيروت - 1401هـ الطبعة الأولى. 6) الأدب المفرد: للبخاري أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ت 256هـ، بعناية: كمال يوسف الحوت، عالم الكتب - بيروت- لبنان الطبعة الأولى 1404هـ - 1984م. 7) الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء: لمغلطاي بن قليج ت 762هـ، تحقيق محمد نظام الدين، دار القلم بدمشق، والدار الشامية - بيروت، الطبعة الأولى 1416هـ - 1996م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 8) الإصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر أحمد بن علي ت 852هـ. دار الفكر بيروت - لبنان 1398هـ - 1978م. 9) أضواء على السنة المحمدية: محمود أبو رية، دار المعارف - القاهرة، الطبعة الخامسة 1980م. 10) أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري: للخطابي أبي سليمان حمد ابن محمد ت 388هـ - تحقيق ودراسة د. محمد بن سعد آل سعود، منشورات معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي، التابع لجامعة أم القرى بمكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1409هـ - 1988م. 11) أعلام الموقعين عن رب العالمين: لابن القيم شمس الدين محمد بن أبي بكر الزرعي ت 751هـ، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت 1973م. 12) الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة: المعلمي عبد الرحمن بن يحيى ت 1386هـ، عالم الكتب - بيروت 1402هـ. 13) البداية والنهاية: لابن كثير، دار الفكر، بيروت، لبنان 1402هـ - 1982م. 14) البرهان في علوم القرآن: للزركشي أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن بهادر / ت 794هـ، تحقيق يوسف المرعشلي وزملائه، دار المعرفة بيروت – لبنان 1410هـ -1990م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 15) تاريخ أبي زرعة الدمشقي: عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله ت281هـ، وضع حواشيه خليل المنصور، توزيع مكتبة عباس الباز، مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1417هـ - 1996م. 16) تاريخ الأمم والملوك، للطبري محمد بن جرير أبي جعفر ت 310هـ، دار الفكر، بيروت 1399هـ ـ 1979م. 17) تاريخ خليفة بن خياط العصفري ت 240هـ، تحقيق د. أكرم العمري، دار طيبة، الرياض، الطبعة الثانية1405هـ ـ 1985م. 18) تاريخ مدينة دمشق: لابن عساكر، إعداد: الخطيب للإنتاج والتوزيع، الإشراف العلمي، مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي. 19) تأويل مختلف الحديث: لابن قتيبة أبي محمد عبد الله بن مسلم ت 276هـ ـ صححه وضبطه محمد زهري النجار 1393هـ ـ 1973م دار الجيل بيروت. 20) التبيان في أقسام القرآن لابن القيم، تصحيح محمد بن حامد الفقي، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت. 21) تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للمزي يوسف بن عبد الرحمن ت742هـ، تحقيق عبد الصمد شرف الدين، المكتب الإسلامي، بيروت 1403هـ - 1983م. 22) تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للسيوطي، جلال الدين أبي بكر ت 911هـ، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، دار إحياء السنة النبوية، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية 1399هـ ـ 1979م. 23) تفسير القرآن العظيم: لابن كثير تحقيق محمد أنس مصطفى الخن، دار الرسالة، بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 24) تقييد العلم: الخطيب أحمد بن علي بن ثابت البغدادي ت463هـ، تحقيق د. يوسف العش، دار الوعي حلب، سوريا، الطبعة الثالثة 1988م. 25) تهذيب التهذيب لابن حجر، دار الفكر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1404هـ - 1984م. 26) تهذيب سنن أبي داود لابن القيم، تحقيق أحمد بن محمد شاكر ومحمد حامد الفقي، دار المعرفة، بيروت، لبنان. 27) تهذيب الكمال: للمزي، تحقيق د: بشار عواد معروف مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى 1413هـ - 1992م. 28) توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الآثار: للصنعاني محمد بن إسماعيل ت 1185-، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، الطبعة الأولى 1366هـ. 29) التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي محمد بن عبد الرؤوف 1031هـ، تحقيق د. محمد رضوان دار الفكر المعاصر، بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ. 30) الجامع: للترمذي محمد بن عيسى بن سورة ت 279هـ، تحقيق: عبد الرحمن عثمان، دار الفكر، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1403هـ. 31) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر أبي عمر يوسف بن عبد البر، تحقيق أبي الأشبال الزهيري، دار ابن الجوزي، الدمام، الطبعة الأولى 1414هـ - 1994م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 32) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: لابن جرير، دار الفكر بيروت، لبنان 1408هـ - 1988م. 33) جامع التحصيل في أحكام المراسيل: للعلائي خليل بن كليكدي ت 761هـ، تحقيق حمدي السلفي، عالم الكتب، بيروت، لبنان 1407هـ - 1987م. 34) الجامع الصحيح للبخاري، ضمن مجلد يحوي الكتب الستة إشراف ومراجعة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، دار السلام للنشر والتوزيع الرياض، الطبعة الثالثة 1421هـ - 2000م. 35) الجامع الصحيح لمسلم: أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ت 261هـ، انظر السابق. 36) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي محمد بن أحمد ت 671هـ، تحقيق أحمد البردوني، دار الشعب القاهرة، الطبعة الثانية 1372هـ. 37) جزء فيه حديث المصيصي لوين: محمد بن سليمان ت 246هـ، تحقيق مسعد السعدني، دار أضواء السلف، الرياض الطبعة الأولى 1418هـ - 1997م. 38) جمل من كتاب أنساب الأشراف: للبلاذري أحمد بن يحيى بن جابر ت 279هـ، تحقيق د. سهيل زكار، د. رياض زركلي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ - 1986م. 39) حجية السنة: د. عبد الغني عبد الخالق، دار الوفاء، المنصورة، جمهورية مصر العربية، الطبعة الثانية 1413هـ. 40) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: لأبي نعيم أحمد بن عبد الله ت 340هـ، دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان - الطبعة الثالثة 1400هـ - 1980م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 41) دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه: د. محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي دمشق 1400هـ. 42) دراسات في تاريخ العرب القديم: د. محمد بيومي مهران، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، لجنة البحوث والتأليف والترجمة والنشر 1397هـ. 43) ذكر أخبار أصفهان: لأبي نعيم، نشر الدار العلمية الهند - الطبعة الثانية 1405هـ - 1985م. 44) زاد المعاد في هدي خير العباد صلى الله عليه وسلم: لابن القيم، تحقيق شعيب وعبد القادر الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة السابعة 1405هـ - 1985م. 45) السنن: لأبي داود سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني ت275هـ مراجعة وتعليق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر- بيروت ـ لبنان. 46) السنن: للدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن ت 255هـ، دار إحياء السنة النبوية. 47) السنن الكبرى: للنسائي أحمد بن شعيب أبي عبد الرحمن 303هـ تحقيق د. عبد الغفار البنداري، سيد كسروي حسين، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1411هـ - 1991م. 48) السنن الكبرى: للبيهقي أحمد بن الحسين ت 458هـ، دار الفكر بيروت، لبنان. 49) السنة: لابن أبي عاصم أبي بكر أحمد بن عمرو ت 287هـ، تحقيق وتخريج محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي - بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 50) السنة ومكانتها في التشريع: د. مصطفى حسني السباعي ت1964م، المكتب الإسلامي، الطبعة الرابعة، 1405هـ. 51) سؤالات أبي داود لأحمد بن حنبل: تحقيق ودراسة د. زياد منصور مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الأولى 1414هـ - 1994م. 52) سير أعلام النبلاء: للذهبي شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان ت748هـ، تحقيق: لجنة من المحققين، إشراف شعيب الأرناؤوط الطبعة السابعة 1410هـ ـ 1990م - مؤسسة الرسالة، بيروت. 53) السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون: للحلبي علي بن برهان الدين ت 1044هـ، دار المعرفة، بيروت. 54) السيرة النبوية: للدمياطي شرف الدين عبد المؤمن بن خلف ت705هـ تحقيق أسعد بن محمد الطيب، دار الصابوني، حلب، سوريا الطبعة الأولى 1416هـ ـ 1996م. 55) السيرة النبوية لابن هشام عبد الملك بن هشام الحميري ت نحو215هـ، تحقيق مصطفى السقا ورفاقه، دار الكتب العلمية بيروت. 56) شرح السنة: للبغوي الحسين بن مسعود الفراء ت 516هـ تحقيق شعيب الأرناؤوط، وزهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1403هـ - 1983م. 57) شرح معاني الآثار: للطحاوي أحمد بن محمد بن سلامة أبي جعفر الحجري 321هـ، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية 1407هـ - 1987م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 58) صبح الأعشى في صناعة الإنشاء للقلقشندي: أحمد بن علي ت821هـ. تحقيق محمد بن حسين شمس الدين، دار الفكر بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ. 59) الضعفاء: للعقيلي محمد بن عمرو أبي جعفر ت 322هـ، تحقيق عبد المعطي قلعه جي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ - 1984م. 60) الطبقات الكبرى: لابن سعد أبي عبد الله محمد بن سعد بن منيع ت230هـ تحقيق علي محمد عمر، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1421هـ. 61) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: لابن القيم، تحقيق د. محمد جميل غازي، مطبعة المدني، القاهرة. 62) أ - العلل الواردة في الأحاديث النبوية: للدارقطني علي بن عمر ت385هـ تحقيق د. محفوظ الرحمن زين الله السلفي، دار طيبة، الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ - 1985م. ب - صورة من مخطوطة المجلدين الرابع والخامس منه، من مصورات مكتبة شيخنا د. محمود الميرة. 63) العلل: لابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي ت327هـ دار المعرفة، بيروت. 64) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ت 597هـ، اعتنى به خليل الميس، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1423هـ. 65) العلم لأبي خيثمة زهير بن حرب ت (234هـ) تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1403هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 66) علوم الحديث المطبوع مع التقييد والإيضاح: لابن الصلاح عثمان ابن عبد الرحمن ت 643، دار الحديث - بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ. 67) العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم: لابن الوزير محمد بن إبراهيم ت 840هـ، تحقيق شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية 1412هـ - 1992م. 68) عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير: لابن سيد الناس أبي الفتح اليعمري ت 734هـ، تحقيق إبراهيم بن محمد رمضان، دار العلم بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ -. 69) فتح الباري شرح صحيح البخاري: لابن حجر، بعناية محب الدين الخطيب، وحقق الأجزاء الثلاثة الأولى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ت 1420هـ، دار الفكر، بيروت، مصورة عن السلفية. 70) فتح المغيث شرح ألفية الحديث: للسخاوي شمس الدين محمد بن عبد الرحمن ت 902هـ، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان. 71) فتوح البلدان: للبلاذري، مراجعة وتعليق رضوان محمد رضوان، دار الكتب العلمية، بيروت، 1398هـ - 1978م. 72) في شمال غرب الجزيرة: حمد الجاسر ت 1420هـ ومنشورات دار اليمامة، الرياض، الطبعة الأولى 1390هـ - 1970م. 73) القاموس المحيط: للفيروزابادي محمد بن يعقوب ت 817هـ، مؤسسة الحلبي وشركاه. 74) الكامل في الضعفاء: لابن عدي، أبي أحمد عبد الله بن عدي ت365هـ، الطبعة الثانية 1405هـ - دار الفكر - بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 75) الكفاية في علوم الرواية: للخطيب، دار الكتب الحديثة، القاهرة. 76) كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: للهندي علاء الدين الهندي ت 975هـ، مؤسسة الرسالة، بيروت 1409هـ - 1989م. 77) الكشف والبيان للثعلبي أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم ت427هـ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى 1424هـ ـ 2003م. 78) لسان العرب المحيط: لابن منظور محمد بن مكرم ت 711هـ إعداد وتصنيف يوسف خياط، دار لسان العرب، بيروت، لبنان. 79) لسان الميزان: لابن حجر، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1407هـ ـ 1987م. 80) المتفق والمفترق للخطيب دراسة وتحقيق د. محمد بن صادق المحامدي، دار القادري، دمشق، الطبعة الأولى 1417هـ - 1997م. 81) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: للهيثمي علي بن أبي بكر ت 807هـ مؤسسة المعارف، بيروت - لبنان 1406هـ ـ 1986م. 82) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم وابنه محمد، توزيع الرئاسة العامة لشؤون الحرمين. 83) المحاضرات: النادي الأدبي الثقافي بجدة / 1409هـ. 84) المحدث الفاصل بين الراوي والواعي: للرامهرمزي الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي ت 360هـ. تحقيق د. محمد عجاج الخطيب، دار الفكر بيروت 1404هـ الطبعة الثالثة. 85) مختار الصحاح: للرازي محمد بن أبي بكر، مكتبة المؤيد 1390هـ- 1971م الطائف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 86) مختصر زوائد مسند البزار: لابن حجر، تحقيق صبري عبد الخالق مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ. 87) المدخل إلى السنن الكبرى: للبيهقي تحقيق د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي نشر دار الحلفاء للكتاب الإسلامي. 88) المستدرك على الصحيحين للحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري ت 405هـ - دار الكتب العلمية، بيروت. 89) المسند: لابن حنبل أحمد بن محمد بن حنبل ت 240هـ، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الرابعة 1403هـ. 90) المسند للبزار أحمد بن عمرو بن عبد الخالق 292هـ، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله ت 1419هـ، مؤسسة علوم القرآن، دمشق، الطبعة الأولى 1409هـ - 1988م. 91) المسند لأبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى ت 307هـ، تحقيق إرشاد الحق الأثري، دار القبلة، جدة، الطبعة الأولى 1408هـ - 1988م. 92) مسند الشاميين: للطبراني أبي القاسم سليمان بن أحمد ت 360هـ تحقيق حمدي السلفي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1409هـ 1989م. 93) مسند الشهاب للقضاعي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي ت454هـ، تحقيق حمدي السلفي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1407هـ - 1986م. 94) المصاحف: لابن أبي داود أبي بكر عبد الله بن سليمان ت 316هـ، مطبوعات مؤسسة قرطبة - مصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 95) مصادر الشعر الجاهلي، وقيمتها التاريخية، د. ناصر الدين أسد، دار المعارف، القاهرة، الطبعة السادسة 1982م. 96) المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة أبي بكر عبد الله بن محمد الكوفي ت 235هـ تحقيق: عبد الخالق الأفغاني، الدار السلفية - الهند. 97) المصنف، لعبد الرزاق بن همام الصنعاني ت 211هـ تحقيق حبيب عبد الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية 1410هـ - 1990م 98) مصطلح الحديث: لابن عثيمين محمد بن صالح ت 1421هـ، مكتبة الرشد الرياض، الطبعة الأولى 1415هـ - 1994م. 99) المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، لابن حجر، تحقيق مجموعة من طلاب الدراسات العليا في قسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين بالرياض، تنسيق د. سعد الشثري، دار العاصمة، الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ - 1998م. 100) المعجم الأوسط للطبراني، تحقيق طارق بن عوض الله، وعبد المحسن الحسيني، منشورات دار الحرمين، الطبعة الأولى، 1419هـ - 1998م. 101) المعجم الكبير للطبراني تحقيق: حمدي السلفي، الطبعة الأولى 1405هـ - 1985م. 102) المعجم لابن الأعرابي أبي سعيد أحمد بن محمد ت 340هـ، تحقيق عبد المحسن الحسيني، دار ابن الجوزي، الدمام الطبعة الأولى 1418هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 103) المعرفة والتاريخ للفسوي يعقوب بن سفيان ت 277هـ، تحقيق د. أكرم العمري، مكتبة الدار، المدينة المنورة، الطبعة الأولى 1410هـ. 104) المعمرون والوصايا: لأبي حاتم السجستاني سهل بن عثمان ت250هـ تحقيق عبد المنعم عامر، دار إحياء الكتب العلمية 1961م، عيسى البابي الحلبي وشركاه. 105) مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة: لابن القيم، دار الكتب العلمية، بيروت. 106) المفردات في غريب القرآن للأصبهاني الحسين بن محمد الراغب ت502هـ نشره د. محمد أحمد خلف الله، مكتبة الأنجلو الأمريكية، 1970م. 107) مقدمة ابن خلدون: عبد الرحمن بن خلدون ت 808هـ دار إحياء التراث العربي، بيروت. 108) مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني: محمد بن عبد العظيم، دار إحياء الكتب العلمية. 109) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج: للنووي يحيى بن شرف ت676هـ، دار الفكر، بيروت، لبنان الطبعة الثانية 1392هـ - 1972م. 110) ميزان الاعتدال في نقد الرجال: للذهبي، تحقيق علي بن محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت. 111) الناسخ والمنسوخ من الحديث لابن شاهين أبي حفص عمر بن أحمد ابن عثمان ت 385هـ، تحقيق علي بن محمد معوض، وعادل بن أحمد، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1412هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 112) نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار: لابن حجر. 113) النكت على مقدمة ابن الصلاح للزركشي، تحقيق د. زين العابدين ابن محمد بلا فريج، أضواء السلف الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ. 114) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير مجد الدين المبارك بن محمد ت 606هـ، تحقيق طاهر الزاوي، ومحمود الطناحي، المكتبة العلمية بيروت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87