الكتاب: شذا العرف في فن الصرف المؤلف: أحمد بن محمد الحملاوي (المتوفى: 1351هـ) المحقق: نصر الله عبد الرحمن نصر الله الناشر: مكتبة الرشد الرياض عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- شذا العرف في فن الصرف أحمد بن محمد الحملاوي الكتاب: شذا العرف في فن الصرف المؤلف: أحمد بن محمد الحملاوي (المتوفى: 1351هـ) المحقق: نصر الله عبد الرحمن نصر الله الناشر: مكتبة الرشد الرياض عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] المجلد الاول مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإنه مما لا يخفى على مُطَّلعٍ ودارسٍ بله طالب العلم الشرعي أهميةُ علم المصرف، هذا العلم: الذي اعتنى به العلماءُ قديمًا وحديثًا لما لهُ من مَزِيَّةٍ خاصة في علوم اللغة العربية، فهو لا يقل أهمية عن علم النَّحو -إن لم يكن أهم- لأنَّه علم يُعرف به تحول الأَصلِ الواحدِ إلى أمثلةٍ مختلفةٍ لمعانٍ مقصودةٍ لا تحصل إلا بها، وهذا من الناحية العملية، أما من الناحية العلمية: فهو علمٌ بأصول يُعْرَف بها أحوالُ أبنيةِ الكلمةِ التي ليست بإعرابٍ ولا بناءٍ، كما عرَّفه بذلك أهل الشأن، وكان ممن حَضِيَ كثرةً من هذا العلم العزيز الأستاذ الشيخ أحمدُ بنُ محمَّدٍ الحَمَلاوي -رحمه الله تعالى- فإنَّه -رحمه الله- قد تَكَلَّم فيهِ وكأنه هو الذي صنعه ووضعه، بسلاسة أسلوبٍ وحسن ترتيبٍ ليس بالإسهاب المُمِلّ ولا بالاختصار المقل، فكان لزامًا علينا طلبة العلم أن نكمل ما بَنَوْهُ ونَحْذُوَ حذْوَهُمْ لكي تبقى مسيرةُ العلم عاليةً خفاقة يحملها طلابُّ العلم وحافظوه من كل نسيان ودرس1، ولقد رأيت بعض طبعات هذا الكتاب قد حدث فيها تقصير كثير من حيثُ الطباعة من ناحية ومن حيث الاختصار والإجحافُ من ناحية أخرى. وهذا الكتاب قد تعرَّض كما رأيتُ لاختصار في تفصيلاتِهِ من ناحية وفي موضوعاته من ناحية أخرى، ولا يخفى: أنّ الاختصار نافعٌ ولا يخلو من فائدة، ولكن لا ينفع طلاب العلم الذين يبحثون عن الأصول التي تَجْعَلُ عندهم ملكة الاستنباط نشيطةً حيَّةً، وَمِن أجل هذا حرصنا على أن يخرج هذا الكتاب، الصغير الحجم الكبير الفائدة، بجميع ما فيه من غير حذف ولا إضافة في أصله، وحرصنا على أن يخرج هذا الكتاب خاليًا من الأخطاء الإملائية واللغوية، وما كان فيه من لغزٍ حاولنا فكَّهُ بقدر ما يجعل   1 الدرس: بمعنى الضياع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 الكتاب محافظًا، وبالإضافة إلى هذا فلقد رأيت أن تكثُرَ النصوصُ القرآنية والحديثية في هذا الكتاب، فأتيت بما رأيته مهمًّا للبيان من آياتٍ وأحاديث وحرصتُ على أن تكون الأحاديث كلُّها صحيحة مسندةً لِنَسْلِمَ ويَسلم الكتابُ من كل تعارض هذا وقد رأيت بعض التعليقات للأستاذ مصطفى السقا فأبقيتها على ما هي عليه لكي تعم الفائدة فما كان من تعليق لي وضعت حرف (ن) لكي يتميز التحقيق وهذا ما توجه علينا الأمانة العلمية، أما ما يتعلق بحياة الشيخ العلمية فلقد اعتمدت على ما كتبه الأستاذ مصطفى السقا لأنه كان تلميذه رحمه الله تعالى، هذا ونسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب وناشره وقارئه وكلّ من سعى في إخراجه لطالبيه إنه خير مسؤول، وفي الختام لا يسعني إلا أن أقول كما قال الشيخ الحملاوي رحمه الله تعالى: وإن رأيتَ هفوة فقل: طغى القلم فإنَّ ذلك من دواعى الكرم، وحاشاك أن تكون ممن قيل فيهم: فإِنْ رَأوْا هَفْوَةً طَارُوا بهَا فَرَحًا ... منّى وما عَلِمُوْا مِنْ صَالحٍ دَفَنُوا هذا وقد وقع الفراغ منه ليلة الاثنين 25/ربيع الثاني/1422هـ وكتبه نصر الله عبد الرحمن نصر الله العَزّاوي عمان - الأردن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 تعريف بمؤلف الكتاب 1 هو الأستاذ اللغوي الثقة الحافظ: أحمد بن محمد الحملاوي2 وتربى فى حجر والده وقرأ وتلقى كثيراً من العلوم الشرعية والأدبية عن أفاضل عصره أمثال الشيخ حسين المرصفى والشيخ حسن الطويل والشيخ محمد عبده والشيخ سليمان العبد وأضرابهم من الفحول. نال الشيخ إجازة التدريس من دار العلوم، سنة1306هجرية - 1888ميلادية؛ فعين مدرسًا بالمدارس الابتدائية لوزارة المعارف، ثم نُقِل إلى دار العلوم مدرسًا للعلوم العربية إلى أن تركها سنة1897 مؤثرًا الإشتغال بالمحاماة فى المحاكم الشرعية، وفى أثناء ذلك أقبل على التحضير لنيل شهادة العالمية من الأزهر فنال بغيتهُ، وكان أول من جمع بين العالمية وإجازة التدريس من دار العلوم. كان الشيخ رحمه الله تعالى: ضليعًا فى علوم العربية: نحوها وصرفها ولغتها وعَروضها وبلاغتها وأدبها، وكان النحوُ والصرفُ واللغةُ والشعرُ الميدانَ المحبَّب إليه يجول فيها فيمتع، ويتتبع أقوال الأوائل والأواخر فلا يكتفى ولا يَشْبَعُ. وكان رحمه الله تعالى: شاعرًا مكثرًا من الشعر يقوله في المناسبات العامة والخاصة ويقوله فيما يعرض لحياته الخاصة من شئون وما يتطلع إليه من آمال وما يضطرم في نفسه من آلام، وأشعاره تنبئ عن صفاء روحه وقوة نَفسِهِ واستمساكِهِ بآداب الدين وفضائله حتى لقبه بعضهم: الشاعر الصوفي، وله أشعار في الالتجاء إلى الله تعالى وطلب المغفرة، وتَغَلَّبَ على حسِّهِ ونفسه حبُّ النبيِّ صلي الله عليه وسلم فقال في مدحه قصائد كثيرةً مُطَوَّلةً تبلغ المئين.   1 هذه الترجمة مختصرة من ترجمة تلميذه مصطفى السقا. ن 2 نسبة إلى مُنية حَمَل من قرى (بُلْبِيس) بمديرية الشرقية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 مؤلفات الشيخ ... وللشيخ مؤلفات هي: 1- شَذَا العَرفِ فى فنِّ الصرفِ: طبع أول مرة سنة 1312هـ = 1894ميلادية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 2- زَهرُ الرَّبيع فى المعانى والبيان والبديع: طبع أول مرة سنة 1327هـ = 1909ميلادية بالمطبعة الأميرية. 3- مَوردُ الصَّفا فى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم: طبع أول مرة سنة 1358هـ = 1939 ميلادية، بمطبعة مصطفى البابي وأولادي بالقاهرة. 4- قواعدُ التَأييد فى عقائدِ التَّوحيد: رسالة صغيرة: طبعت بمطبعة مصطفى البابي وأولاده بالقاهرة. هذا وكانت وفاة الشيخ في يوم 22 من شهر ربيع الأول سنة 1351 للهجرة = 26 من يوليه سنة 1932 للميلاد رحمه الله تعالى رحمة واسعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 بسم الله الرحمن الرحيم خطبة الكتاب اللَّهم إنا نحمدُك يا مصرِّف القلوب على مَزيد نعمتك، ومترادِف جُودك وكرمك، غَمَرْتَنَا بإِحسانكَ، الذى مَصدرهُ مجرَّدُ فضلِك، وشملتنا بُمضاعَفِ نعمِك وطَوْلِك؛ فسبحانَك تعالتْ صفاتُك عن الشبيهِ والمثالِ، وتنزهت أفعالُك عن النقصِ والاعلالِ؛ لا رادَّ لماضى أمرِك، ولا وصُولَ لقدْرِك حقَّ قدرك، ونستمطرك غيثَ صلواتك الهامِية، وتسليماتك الباهرة الباهية، على نبيك إنسان عين الوجود، المشتقّ من ساطع نوره كلُّ موجود1، محمد المصطفى من خير العالمين نسبًا، وأرفعِهم قَدْرًا، وأشرفِهم حسبًا، الذى صغَّر بصحيح عزمه جيشَ الجهالة، ومزّق بسالم حَزْمه شمْلَ الضلالةِ، وعلى آله مَظاهرِ الحِكَم، وصَحْبهِ مَصَادِرِ الهِممِ، الذين مَهّدوا بلفيف جمعهم المقرون بالسّداد سبيلَ الهُدى ومعالمَ الرَّشاد. وبعدُ: فما انتظم عِقدُ علمٍ إلَّا والصَّرْفُ واسطتُهُ، ولا ارتفع مَنارُه، إلا وهو قاعدته، إذ هو إحدى دعائم الأدب، وبه تُعرف سِعَةُ كلامِ العرب، وتنجلى فرائدُ مفرداتِ الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وهما الواسطة فى الوصول إلى السعادة الدينية والدنيوية، وكان ممن تطلع لرشفِ أفاويقه، وتلطب جمع تفاريقه، طلبة مدرسةِ دار العلوم، فإنهم أحدقوا بى من كل جانب، وكان المطلاب فيهم أكثر من الطالب، فما وسَعني إلا أن أحفظ العلم ببذله، وألا أضنَّ به على أهله، فسرَّحت نواظر البحث فى فِجاجِ الكواغد، وبعثتها فى طلب الشوارد، فاقتفتِ الأثرَ، حتى أتت بالمبتدأ والخبر، ثم جعلتُ أميِّز الصحيح من العليل. وأُودِع ما أقتطفه من ثمار الكثير من السهل القليل، فجاء بحمد الله كتابًا تروق معانِيه، وتطيب مَجانيه، عباراتهُ شافيةٌ، وشواهدُه كافيةٌ،   1) هذه العبارة مخالفة للشرع ولكل جواد كبوة بل كبوات والأفضل أن نقول عبارةً غيرها رحم الله المؤلف وغفر له. آمين. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 فأنعم نظرك فيه، وقل: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ} [الجمعة:4] وإن رأيت هفوة فقل: طغى القلم، فإنِّ ذلك من دواعى الكرم، وحاشاك أن تكون ممن قيل فيهم: فإِنْ رَأَوْا هَفْوة طارُوا بها فرحًا مني وما عملوا من صالح دَفَنُوا1 وقد سميته: شذا العرف، فى فن الصرف واللهَ أسأل أن يُلبسه ثوبَ القَبول، وأن ينفع به، إنه أكرم مسئول. وقد جعلته مرتبًا على مقدمة وثلاثة أبواب: فالمقدمة فيما لا بد منه فيه. والباب الأول: فى الفعل. والثانى: فى الاسم. والثالث: في أحكام تعمهما.   1 البيت لقعنب بن ضمرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 الصَّرفُ، ويُقال له التصريفُ، وَهُوَ لُغَةً: التَّغْييْرُ، وَمِنْهُ تَصريفُ الرِّياح، أى تَغييرُها. واصطلاحًا بالمعنى العَمَلي: تحويلُ الأَصلِ الواحدِ إلى أمثلةٍ مختلفةٍ، لمعانٍ مقصودةٍ، لا تحصُل إلا بها، كاسمَي الفاعِلِ والمفعولِ، واسمِ التَّفضيلِ، والتَثنية والجَمعِ، إلى غير ذلك. وبالمعنى العِلْمي: عِلمٌ بأصولٍ يُعرفُ بها أحوالُ أبنيةِ الكلمةِ، التى ليست بإعرابٍ ولا بناءٍ. وموضوعُه: الألفاظُ العربيةُ من حيثُ تلك الأحوالِ، كالصحَّةِ والإعلالِ، والأصالةِ والزِّيادَةِ، وَنَحوِها. ويختصُّ بالأسماءِ المُتَمَكِّنَةِ، والأفعالِ المتصرِّفةِ؛ وما وَرَدَ من تَثنِيَةِ بَعضِ الأسماءِ الموصولةِ وأسماءِ الإشارةِ، وَجمعِها وتَصغيرِها، فصُوريٌ لا حقيقيٌ. وواضعُه: مُعاذ بن مُسْلِم الهَرَّاء1، بتشديد الراء، وقيلَ سَيِّدُنا عليٌ كرَّم الله وَجهَه. وَمسائِلُه: قضاياهُ التى تُذكر فيه صريحا أو ضِمْنًا، نحو: كلُّ واو أو ياء تحرَّكت وانفتح ما قبلها قُلِبَت ألِفًا، ونحو إذا اجتَمَعَتِ الواوُ والياءُ وسُبقت إحداهُما بالسكون، قُلِبَت الواوُ ياء، وأدغِمَت فى الياءِ، وَهكذا. وَثَمَرَتَهُ: صَونُ اللّسانِ عن الخطأِ فى المفرداتِ، ومراعاةُ قانون اللُّغَةِ في المكتابَةِ. وَاستِمدادُه: من كلامِ الله تعالى، وكلامِ رَسولِهِ صلى الله عليه وسلم، وكلامِ العربِ. وَحُكمُ الشّاعرِ فيه: الوجوبُ الكِفائي2. والأبنيةُ جمعُ بناءٍ، وهى هَيئَةُ الكلمةِ الملحوظةِ، من حَرَكَةٍ وَسُكونٍ، وعددِ   1 اسمه الهرّا: بألف مقصورة بدون همزة نسبة إلى هراة. ن 2 الوجوب الكفائي: هو الذي إذا عمله البعض سقط عن الباقين. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 حُروفٍ، وترتيبٍ. والكلمةُ: لفظٌ مفردٌ، وضعه الواضعُ ليدُلَّ على معنىً، بحيثُ متى ذُكر ذلك اللفظ، فُهِم منه المعنى الموضوعُ هو له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 تقسيم الكلمة ... تنقسم الكلمة إلى اسمٍ وفِعلٍ وَحَرفٍ. فالاسمُ: ما وُضِع ليَدُلَّ على معنى مستقلّ بالفهم ليس الزمنُ جزءًا منه، مثل رجل وكتاب. وَالفِعلُ: ما وُضِع ليَدُلَّ على معنى مستقل بالفهم والزمنُ جزء منه، مثل كَتَبَ ويقرأ واحفظ. والحرف: ما وُضِعَ ليَدُلَّ على معنى غيرِ مستَقِلٍّ بالفَهمِ، مثل هَلْ وفى وَلَم، ولا دَخْلَ لَهُ هنا كما مَرّ. ويختص الاسمُ بقبولِ حرفِ الجرّ، وأل، وبلحوق التنوين1 له، وبالإضافة، وبالإسناد إليه، وبالنداء، نحو: الحمدُ لله مُنْشئ الخَلْقَ مِنْ عَدَمِ ونحو: {يَا إِبْرَاهِيمُ , قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} ويختص الفعل بقبول قَدْ، والسين، والنواصب، والجوازم، وبلحوق تاء الفاعل، وتاء التأنيث الساكنة، ونون التوكيد، وياء المخاطبة له. نحو: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] . {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى} [الأعلى: 6] . {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] . {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] . {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد} [الإخلاص: 3] . {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7] . {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص: 25] . {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف: 32] . {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ , ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27-28] . ويختص الحرف بعدم قبول شيء من خصائص الاسم والفعل:   1 التنوين: نونٌ سَاكِنةٌ تلحق الآخِرَ لفظًا لا خطًّا. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 الميزان الصرفي مقدمة ... الميزان الصرفى 1- لما كان أكثرُ كلماتِ اللغة العربية ثُلاثيًّا، اعتبر علماءُ الصرفِ أنَّ أصولَ الكلماتِ ثلاثةُ أحرف، وقابلوها عند الوزن بالفاء والعين واللام، مصوَّرة بصورةِ الموزون، فيقولون فى وزن قَمَر مَثَلًا: فَعَلْ، بالتحريك، وفي جمْل: فِعْل، بكسر الفاء وسكون العين، وفى كَرُمَ: فَعُل، بفتح الفاء وضم العين، وهَلُمَّ جَرَّا، ويُسمُّون الحرف الأوَّل فاء الكلمة، والثانى عين الكلمة، والثالث لام الكلمة. 2- فإذا زادت الكلمة على ثلاثة أحرف: فإن كانت زيادتُها ناشئة من أصل وَضْعِ الكلمة على أربعة أحرف أو خمسة، زدتَ فى الميزان لامًا1 أَو لامين على أحرف، ف ع ل، فتقول فى وزن دَحْرَجَ مثلاً: فَعْلَلَ، وفى وزن جَحْمَرِش أفْعَلِلَ. وإن كانت ناشئة من تكرير حرف من أصول الكلمة، كرَّرْتَ ما يقابله فى الميزان، قتقول فى وزن قدَّم مثَلًا، بتشديد العين: فعَّلَ2، وفي وزن جَلْبتَ: فعْلل؛ ويقال له مضعَّف العين أو اللام. وإن كانت الزيادة ناشئة من زيادة حرف أو أكثر من حروف سألتمونيها، التى هى حروف الزيادة، قابلتَ الأصول بالأصول، وعبّرْتَ عن الزائد بلفظه، فتقول فى وزن قائم مثَلاً: فاعِل، وفى وزن تقدَّمَ: تَفَعَّلَ، وفى وزن استخرج: استفعل، وفي وزن   1 زيادة لام واحدة عامة في الفعل والاسم، نحو دحرج وجعفر، وزيادة لامين: خاصة بالاسم، نحو سفرجل، وخصت اللام بالتكرير، لأنها أقرب. اهـ منه. 2 اعلم أنه لا يؤتى في الميزان بالحرف المزيد نفسه فلا يقال في "قَدَّمَ" إنَّه على زون "فَعدَل"، والغرض هنا هو التنبيه على أن الزيادة حصلت بتكرير حرفٍ أصلي هو العين. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 مجتهد: مُفْتَعِل، وهكذا. وفيما إذا كان الزائد مبدلا من تاء الافتعال، يُنْطَقُ بها نظرًا إلى الأصل، يقال مثلا فى وزن اضطرَب: افتعل، لا افطعل، وقد أجازه الرضىّ. 3- وإن حصل حذف فى الموزون حُذِف ما يقابله فى الميزان، فتقول فى وزن قُلْ مثلاً: فُلْ1، وفى وزن قاضٍ: فعٍ، وفى وزن عِدَة: عِلَة. 4- وإن حصَل قلبٌ فى الموزون، حصل أيضا فى الميزان، فيقال مثلاً فى وزن جاه: عَفَلَ، بتقديم العين على الفاء. ويعرف بأمور خمسة: الأول: الاشتقاق، كناءَ بالمد، فإن المصدر وهو النَّأي، دليل على أن ناء الممدود مقلوب نأي، فيقال وزن فَلَعَ، وكما فى جاه، فإن ورُود وَجْه ووُجْهة، دليل على أن جَاه مَقلوب وَجْه، فيقال: جاه على وزن عَفَل. وكما فى قسِي، فإِن ورود مفرده وهو قَوْس، دليل على أنه مقلوب قُووس، فقُدِّمت اللام في موضع العين، فصار قُسُوْوٌ على وزن فُلُوعٌ، فقلبت الواو الثانية ياءً لوقوعها طَرَفا، والواو الأولى، لاجتماعها مع الياء وَسَبْق إحداهما بالسكون، وكُسِرت السينُ لمناسبة الياء، والقاف لعُسر الانتقال من ضمٍّ إلى كسر، وكما فى حادِى أيضا، فإن ورود وحْدَة دليلٌ على أنه مقلوب واحد، فوزن حادى: عالف. الثانى: التصحيح مع وجود مُوجِب الإعلال، كما فى أيسَ، فإِن تصحيحه مع وجود الموجِب، وهو تحريك الياء وانفتاح ما قبلها، دليل على أنه مقلوب يئِسَ، فيقال: أيسَ على وزن عَفِلَ. ويُعرَفُ القلبُ هنا أيضًا بأصله، وهو اليَأس. الثالث: نُدْرَة الاستعمال، كآرام جمع رِئم، وهو الظبيْ، فإنَّ نُدْرَتَه وكثرة آرام،   1 وذلك لأن الماضي: "قال" والألف منقلبة عن "واو" فأصل الفعل: "قَوَلَ" على وزن "فَعَلَ" فلمّا حذفَتِ الواو في الأمر بقيت على وزن "فُلْ".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 دليل على أنه: مقلوبُ أرآم، ووزن أرآم، أفعال: فقدِّمت العينُ التى هى الهمزة الثانية، فى موضع الفاء، وسُهِّلَتْ، فصارت آرام، فوزنه، أعْفال. وكذا آراء، فإِنه على وزن أعفال، بدليل مفرده، وهو الرأى1. وقال بعضهم: إن علامة القلب هنا ورودُ الأصل، وهو رئم ورأى. الرابع: أن يترتَّب على عدم القلب وجود همزتين فى الطرف. وذلك فى كل اسم فاعل من الفعل الأجوف المهموز اللام، كجاء وشاء، فإِن اسم الفاعل منه على وزن فاعل. والقاعدة أنه متى أعلَّ الفعل بقلب عينه ألفًا، أعلَّ اسم الفاعل منه، بقلب عينه همزة، فلو لم نقل بتقديم اللام فى موضع العين، لزم أن ننطِق باسم الفاعل من جاء جائي بهمزتين، ولذا لَزِمَ القولُ بتقديم اللام على العين، بدون أن تقلب همزة، فتقول: جائيٌ بوزن فالع، ثم يُعلُّ إعلال قاض فيقال جاء بوزن. الخامس: أن يترتب على عدم القلب منع الصرف بدون مقتض، كأشياء، فإننا لو لم نقل بقلبها، لزم منع أفعال من الصرف بدون مقتض، وقد ورد مصروفًا. قال تعالى: {إِنْ هِيَ إِلًّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} [النجم: 23] فنقول: أصل أشياء شيْأَاء على وزن فعْلاءَ قُدِّمَت الهمزة التى هى اللام فى موضع الفاء فصار أشياء على وزن لَفْعَاءَ، فَمنعها من الصرف نظرًا إلى الأصل، الذى هو فَعْلاء ولا شك أن فعلاء من موازين ألف التأنيث الممدودة، فهو ممنوع من الصرف لذلك، وهو المختار.   1 رَأى: على وزن "فَعل" والجمع "أرآي" = "أرأاي": على وزن: أفعال. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 الباب الأول: في الفعل وفيه عدّة تقاسيم التقسيم الأوَّل: إلى ماضٍ ومضارع وأمر ينقسم الفعل إلى ماضٍ، ومضارع، وأمر. فالماضى: ما يدل على حدوث شيء قبل زمن التكلم، نحو قام، وقعد، وأكل، وشرب. وعلامته أن يقابل تاء الفاعل، نحو قرأتُ. وتاءَ التأنيث الساكنة1، نحو قَرَأتْ هِنْد. والمضارع: ما دلَّ على حدوث شيء فى زمن التكلّم أو بعده، نحو يقرأ ويكتب، فهو صالح للحال والاستقبال. ويُعيِّنه للحال لام الابتداء، و "لا" وما النافيتان، نحو: {إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} [يوسف: 13] . {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ} [البقرة: 142] . {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] . {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] . {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] . {إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160] . وعلامته: أن يصح وقوعه بعد لم، نحو: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} . ولا بد   1 تحرك هذه التاء بالكسر أو الفتح لالتقاء الساكنين، لا يخرجها عن كونها ساكنة أصالة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 أن يكون مبدوءًا بحرف من حروف أنيت، وتسمى أحرف المضارعة. فالهمزة: للمتكلم وحده، نحو أنا أقرأ. والنون: له مع غيره أو للمعظِّم نفسَه، نحو نحن نقرأ. والياء: للغائب المذكر وجمع الغائبة، نحو محمد يقرأ، والنسوة يقرأن. والتاء: للمخاطب مطلقًا، ومفرد الغائبة ومثناها، نحو أنت تقرأ يا محمد، وأنتما تقرآن، وأنتم تقرءون، وأنتِ يا هند تقرئين، وفاطمة تقرأ، والهندان تقرآن. والأمر: ما يُطْلَبُ به حصول شيء بعد زمن التكلم، نحو اجتهدْ. وعلامته أن يقبل نون التوكيد، وياء المخاطبة: مع دلالته على الطلب. وأما ما يدلّ على معانى الأفعال ولا يقبل علاماتها، فيقال له اسمُ فِعل، وهو على ثلاثة أقسام اسم فعل ماض، نحو هيْهاتَ وَشتان، بمعنى بعُدَ وافترق. واسم فعل مضارع، كَوَيْ وأُف، بمعنى أتعجب وأتضجَّر، واسم فعل أمر، كصهْ بمعنى اسكتْ وآمينَ بمعنى استجب، وهو أكثرها وجودًا1.   1 اعلم أن اسم الفعل ضربان: أحدهما ما وضع من أول الأمر كذلك، كشتان وصه ووي. والثاني: ما نقل من ظرف أو جار ومجرور نحو دونك بمعني خذ، ومكانك بمعنى اثبت، وأمامك بمعنى تقدم، وعليك بمعنى الزم، وإليك بمعنى تنح، أو من مصدر، سواء استعمل فعله نحو رويد زيدًا، بمعنى أمهله، فإنهم قالوا: أروده إروادًا، أم لم يستعمل، نحو بله زيد أو زيدًا، بمعنى ترك زيد أو اترك زيدًا، وهو سماعي في غير فعال، فإنه ينقاس في كل فعل ثلاثي متطرف. اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 التقسيم الثاني للفعل ينقسم الفعل إلى صحيح، ومعتَلّ: فالصحيح: ما خلت أصوله من أحرف العلّة، وهى الألف، والواو، والياء، نحو كَتَبَ وجَلَسَ. ثم إنّ حرف العلة إن سُكِّنَ وانفَتَحَ ما قبله يسمى لِينًا، كَثْوب وسَيْف، فإن جانسه ما قبله من الحركات يسمة مدّاً، كقال يقُول قِيلا؛ فعلى ذلك لا تنفك الألف عن كونها حرفَ علة، ومدٍّ، ولين، لسكوِنها وفتح ما قبلها دائمًا، بخلاف أختيها. والمعتلّ: ما كان أحد أصوله حرف عِلة، نحو وجد، وقال، وسعى. ولكل من الصحيح والمعتل أقسام: أقسام الصحيح يقسم الصحيح إلى سالم، ومضعَّف، ومهموز. فالسالم: ما سلمت أصوله من أحرف العلة والهمزة، والتضعيف كضرب ونصر وقعد وجلس، فإذَنْ يكون كل سالم صحيحًا، ولا عَكْس. والمضعَّف: ويقال له الأصمّ لشدته، ينقسم إلى قسمين: مضعّف الثلاثىّ ومزيده، ومضعف الرباعىّ. فمضعف الثلاثىّ ومزيده: ما كانت عينه ولامه من جنس واحد، نحو: فرّ، مدّ، وامتدّ، واستمدّ، وهو محل نظر الصرفىّ. ومضعف الرباعىّ: ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنس، وعينه ولامه الثانية من جنس، كزلزلَ، وعَسْعَسَ، وقَلْقَلَ. والمهموز: ما كان أحد أصوله همزة، نحو أخذ، وسأل، وقرأ. أقسام المعتلّ ينقسم المعتل إلى مثال، وأجوف، وناقص، ولفيف. فالمثال: ما اعتلت فاؤه، نحو وَعَدَ ويَسَر، وسُمِّي بذلك لأنه يماثل الصحيح فى عدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 إعلال ماضيه. والأجوف: ما اعتلت عينه، نحو قال وباع. وسمى بذلك لخلوّ جوفه، أى وسطه، من الحرف الصحيح. ويسمى أيضًا ذا الثلاثة، لأنه عند إسناده لتاء الفاعل، يصير معها على ثلاثة أحرفٍ، كقُلت وبعت، فى قال وباع. والناقص: ما اعتلّت لامه، نحو غزا ورمى، وسُمِّي بذلك لنقصانه، بحذف آخره فى بعض التصاريف، كغَزَتْ ورَمَت، ويسمى أيضًا ذا الأربعة، لأنه عند إسناده لتاء الفاعل يصير معها على أربعة أحرف، نحو غَزَوْتُ ورَمَيْتُ. واللفيف قسمان: مَفْروق، وهو ما اعتلت فاؤه ولامه، نحو وَفى ووفَى، وسُمِّي بذلك لكون الحرف الصحيح فارقًا بين حرفَىْ العلة. ومقْرون، وهو ما اعتلت عينُه ولامُه، نحو طَوَى ورَوَى. وسُمِّي بذلك لاقتران حرفَي العلة بعضِهما ببعض. وهذه التقاسيم التى جرت فى الفعل، تجرى أيضا فى الاسم، نحو شمْس، ووجه، ويَمُنْ، وقَوْل، وسيف، ودلو، وظَبْي، وَوَحْي، وَجَوّ، وَحَيّ، وأمْر، وبئر، ونبأ، وَحَدّ، وبلبل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 التقسيم الثالث للفعل: بحسب التجرُّد والزيادة، وتقسيم كلّ ينقسم الفعل إلى مجرَّد ومزيد، فالمجرد: ما كانت جميع حروفه أصلية، لا يسقط حرف منها فى تصاريف الكلمة بغير علَّة. والمزيد: ما زِيد فيه حرف أو أكثر على حروفه الأصلية. والمجرد قسمان: ثُلاثي ورباعىّ. والمزيد قسمان: مزيد الثلاثي، ومزيد الرباعي. أما الثلاثىّ المجرد فله باعتبار ماضيه فقط ثلاثة أبواب، لأنه دائمًا مفتوحُ الفاء، وعينه إما أن تكون مفتوحة، أو مكسورة أو مضمومة، نحو نَصَرَ وضَرَبَ وفَتَحَ، ونحو كَرُم، ونحو فَرِح وحَسِبَ، وباعتبار الماضى مع المضارع له ستة أبواب، لأن عين المضارع إما مضمومةٌ أو مفتوحةٌ أو مكسورةٌ، وثلاثة فى ثلاثة بتسعة، يمتنع كسرُ العين فى الماضى مع ضمِّها في المضارع، وضم العين فى الماضى مع كسرها أو فتحِها فى المضارع، فإذن تكون أبواب الثلاثى ستةٌ: الباب الأول: فَعَلَ يَفعُل بفتح العين فى الماضى وضمها فى المضارع، كنَصَرَ يَنْصُر، وقَعَدَ يَقْعُدُ، وأخَذَ يأخُذُ، وبَرأ يَبْرُؤ، وقال يقُول، وغَزَا يغْزو، ومَرَّ يَمُرُّ. الباب الثانى: فَعَلَ يَفْعِل بفتح العين فى الماضى وكسرها فى المضارع كضَرَبَ يضْرب، وجَلَسَ يَجْلِسُ، ووَعَدَ يَعِد، وباع يبيع، ورَمى يرمِي، ووَقى يقِى، وطَوَى يطْوي، وفرَّ يفِرُّ، وأتى يأتي، وجاء يجيء، وأبَر النخل يأبِره، وهَنَأ يهنيء، وَأوى يَأوي، ووَأى يَئي، بمعنى وعد. الباب الثالث: فعَل يَفْعَل بالفتح فيهما: كفتَح يفتَح، وذَهب يذْهَب، وسَعى يَسْعى، ووَضَع يضع، ويفَع1   1 يقال: يفع الجبل: صعده، والغلام: راهق العشرين كأيفع، ووهل إلى الشيء: ذهب وهمه إليه، وأله عبد. وألهه: أجاره وأمنه. اهـ منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 يَيْفَعُ، وَوَهَل يَوْهَل، وألَهَ يألَه، وسَأل يَسْأل، وَقَرأ يقرأُ. وكل ما كانت عينهُ مفتوحةٌ فى الماضى والمضارع، فهو حَلْقيُّ العين أو اللام. وليس كل ما كان حلقيًّا مفتوحًا فيهما. وحروف الحلق ستة: الهمزة والهاء، والحاء والخاء، والعين والغين1. وما جاء من هذا الباب بدون حرف حَلْقىّ فشاذّ، كأبَى يأبَى، وهَلَكَ يهْلك، فى إحدى لغتيه، أو من تدخل اللغات، كرَكَن يرْكن، وقَلَى يَقْلى2: غير فصيح3. وبَقَى يبقَى: لغة طيِّئ، والأصل كسر العين فى الماضى، ولكنهم قلبوه فتحة تخفيفًا، وهذا قياس عندهم. الباب الرابع: فَعِل يَفْعَل بكسر العين فى الماضى، وفتحها فى المضارع، كفرِحَ يفرَح، وعلِم يعلَم، ووجِل يوجَل، ويَبِسَ ييبَس، وخاف يَخاف، وهاب يَهاب، وغيدَ يغيْدُ، وعَوِر يَعْوَر، ورَضي يرضىَ، وقَوِي يقْوى، وَوَجِيَ يوْجَى، وعَضَّ يَعضّ، وأمِن يأمَن، وسَئِم يَسْأم، وصَدِئ يَصْدأ. ويأتى من هذا الباب الأفعال الدالّة على الفرح وتوابعه، والامتلاء والخُلْو، والألوان والعيوب، والخِلق الظاهرة، التي تذكر لتحيلة الإنسان فى الغَزَل: كفرِح وطرِب، وبَطِر وأشِر، وغَضِب وَحزِن، وكشبِع ورَوي وَسكِر، وكعطِش وظمِئ وصَدِي وهَيم، وكحَمِر4 وسودِ، وكعورِ وعمِش وجهِر وكغِيد وهَيف وَلمي.   1 وتسمّى: حروف الإظهار. ن 2 واللغة الثانية: بكسر عين مضارعه. 3 والفصيح: بكسر عين مضارعه. 4 هذا على القياس، لوجود مصدره "الحمرة"، والوصف منه "أحمر، وحمراء" ولكن العرب لم ينطقوا بالفعل الثلاثي استغناء باحمار، ولعله وجد ثم أميت. قال سيبويه: "استغنوا باحمار عن حمر". "انظر شرح ابن جني على تصريف المازني، طبعة الحلبي ص 16" السقا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 الباب الخامس: فعُل يفعُل بضم العيبن فيهما، كشرُف يشرُف، وحسُن يحْسُن، ووسُم يوسُم، ويَمُن ييمُن، وأسُل يأسُل، ولؤُم يلؤُم، وجرُؤ يحْرُؤ، وسَرُوَ يَسْرُو. ولم يرد من هذا الباب يائي اللعين إلا لفظةُ هَيُؤَ: صار ذا هيئة. ولا يائيَّ، اللام وهو متصرف إلا نَهُو، من النُّهية، بمعنى العقل، ولا مضاعفًا إلا قليلاً، كشَرُرْت مثلثَ الراء، ولَبُبْت، بضم العين وكسرها، والمضارع تَلَبُّ بفتح العين لا غير. وهذا الباب للأوصاف الخِلْقية، وهى التى لها مُكْث. ولك أن تحوِّل كل فعل ثلاثىّ إلى هذا الباب، للدلالة على أن معناه صار كالغريزة فى صاحبه. وربما استعملت أفعال هذا الباب للتعجُّب، فتنسلخ عن الحدَث. الباب السادس: فعِل يَفْعِل بالكسر فيهما، كحسِب يحسِب ونعِم ينعِم، وهو قليل فى الصحيح، كثير فى المعتلّ، كما سيأتى: تنبيهات الأول: كل أفعال هذه الأبواب تكون متعدية ولازمة، إلا أفعال الباب الخامس، فلا تكون إلا لازمة. وأما رَحُبَتْك الدارُ فعلى التوسع، والأصل رَحُبَتْ بك الدارُ، والأبواب الثلاثة الأولى تسمى دعائم الأبواب، وهى فى الكثرة على ذلك الترتيب. الثانى: أن فَعَلَ المفتوحَ العين، إن كان أوَّله همزة أو واوًا، فالغالب أنه من باب ضرب، كأسَر يأسِر، وأتَى يأتِى، ووعد يعِد، ووزَن يزِن، ومن غير الغالب: أخَذوا أكَل ووَهَل. وإن كان مُضاعفاً فالغالب أنه من باب نصر، إن كان متعدّيا، كَمَدّه يَمُدُّه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 وصدّه يصُدُّه. ومن باب ضرب، إن كان لازما1، كَخفَّ يَخفُّ، وشذّ يشِذ، بالذال المعجمة. الثالث: مما تقدم من الأمثلة تعلم: 1- أن المضاعَف يجيء من ثلاثة أبواب: من باب نَصَر، وضَرَب، وفَرِحَ، نحو سرَّه يسرُّه، وفرَّ يفِرّ، وعضَّهُ يَعضه. 2- ومهموز الفاء يجيء من خمسة أبواب: من باب نصر، وضرب، وفتح، وفرِح، وشرُف، نحو: أخذ يأخُذ، وأسَرَ يأسِر، وأهَب يأهَبُ، وأمِنَ يأمَن، وأسُل يأسُل. 3- ومهموز العين يجيء من أربعة أبواب: من باب ضرب، وفتح، وفرح وشَرُف، نحو: وأى يَئى، وسأل يسأل، وسئِم يسأم، ولَؤُم يَلْؤُم. 4- ومهموز اللام يحيء من خمسة أبواب من باب نصر، وضرب وفتح، وفرح، وشَرُف، نحو: بَرَأ2 يبرُؤ، وهَنَأ يهنئ، وقرَأ يقرَأ، وصَدِأ يَصْدَأ، وجرُؤ يجرُؤ. والمثال يجيء من خمسة أبواب: من باب ضرب: وفتح، وفرح، وشَرُف، وحسِب؛ نحو: وعَد يعِد، ووهِل يَوْهَل، ووجِل يوجَل، ووسُم يوسُم، وورِث يرِث،   1 قوله: "ومن باب ضرب إن كان لازمًا.." ومن غير الغالب حبه يَحِبه، بفتح الياء وكسر الحاء، لغة في: أحبه يحبه. وقد جاء الوجهان عدة أفعال متعدية، وعدة أفعال لازمة. فمن الأول هو فلان الشيء يهره ويهره: بمعنى كرهه. وأصل الهرير: صوت الكلب الخلفي، وشد متاعه يشده ويشده: بمعنى أوثقه، وعله الشراب يعله ويعله، سقاه عللًا بعد نهل. والعلل: الشرب الثاني، والنهل محركًا: الشرب الأول، وبت الحبل وغيره يبته ويبته بتًّا: قطعه، ونم الحديث ينمه وينمه نما ونمة: حمله وأفشاه، على وجه الإفساد. ومن الثاني: صد عن الأمر يصد ويصد صدودًا: أعرض عنه، وأث الشجر يؤث ويئث: أي: كثر والتف، وخر الحر يخر ويخر: أي سقط من علو إلى أسفل، وحدت المرأة على زوجها تحد وتحد: تركت الزينة، وثرب العين تثر وتثر، ثرورًا: عزر ماؤها: ودرت الشاة تدر وتدر، وجم الماء يجم ويجم: بمعني كثر: وعن له الشيء يعن ويعن: بمعنى عرض. وشذ عن الجمهور يشذ ويشذ: انفرد، وشطت الدار تشط وتشطط: بمعنى بعدت، وطش المزن يطش ويطش: أمطر دون الرش، وأل السيف يؤل ويئل: لمع. 2 أي من برأ المريض، وهذه إحدى لغاته، وكذلك هنأ يهنئ في إحدى لغاته اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وقد ورد من باب نصر لفظة واحدة فى لغة عامرية: وهى وَجَدَ يَجُد قال جرير: لو شِئْتِ قد نَقَعَ الفؤادُ بشَرْبَةٍ تَدَعُ الصَّوادِي لا يَجُدْنَ غَلِيلًا رُوي بضم الجيم وكسرها. يقول لمحبوبته: لو شئت قد رُوي الفؤادُ بشربة من ريقك، تترك الصَّوادِي، أى: العِطاش، لا يَجِدن حرارة العطش. 6 والأجوفَ يجيء من ثلاثة أبواب: من باب نَصَر، وضَرَب، وفرِح، نحو: قال يقول، وباع يبيع، وخاف يخاف، وغَيد يَغْيَد، وعَوِر يعوَر، إلا أن شرطه أن يكون فى الباب الأول واويّا، وفى الثانى يائيًا، وفى الثالث مطلقًا، وجاء طال يطول فقط من باب شرُف. 7- والناقص يجيء من خمسة أبواب: من باب نصر، وضرب، وفتح، وفرح، وشرف. نحو: دعا، ورمى، وسعَى، ورضيَ، وسرُو. ويشترط فى الناقص من الباب الأول والثانى، ما اشترط فى الأجوف منهما. 8- واللفيف المقرون يجيء من ثلاثة أبواب: من باب ضرب، وفرح، وحسب. نحو: وَفَى يفِي، ووجَى يَوْجِي، وولِيَ يَلِي. 9- واللفيف المقرون يجيء من ضرب، وفرح. نحو: روَى يرْوي، وقوِيَ يَقْوَى، ولم يَرد يائىّ العين واللام إلا فى كلمتين من باب فرح، هما عَيِيَ، وحَيِيَ. الرابع: الفعل الأجوف، إن كان بالألف فى الماضى، وبالواو فى المضارع، فهو من باب نصر، كقال يقول، ما عدا طال يطول، فإِنه من باب شرُف. وإن كان بالألف فى الماضى وبالياء فى المضارع، فهو من باب ضرع كباع يبيع. وإن كان بالألف أو بالياء أو بالواو فيهما، فهو من باب فرح، كخاف يخاف، وغَيد يُغِيْدُ، وعوِر يَعور. والناقص إن كان بالألف فى الماضى وبالواو فى المضارع، فهو من نصر، كدعا يدعو. وإن كان بالألف فى الماضى وبالياء فى المضارع، فهو من باب ضرب، كرمى يرمى. وإن كان بالألف فيهما، فهو من باب فتح، كسعَى يسعَى. وإن كان بالواو فيهما، فهو باب شرُف كسرُو يسرُو. وإن كان بالياء فيهما، فهو من باب حسِب كولِي يلِي. وإن كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 بالياء فى الماضى وبالأَلف فى المضارع، فهو من باب فرح، كرضِىَ يرضَى. الخامس:لم يرد فى اللغة ما يجب كسر عينه فى الماضى والمضارع إلا ثلاثةَ عَشَرَ فعلاً، وهى: وثِقَ به، ووجِد عليه: أى حزِن، وورِث المال، وورِع عن الشبهات، وورِك: أى اضطجع، وورِم الجُرح وورِي المخ: أى اكتنز، ووعِق عليه: أى عَجِل، ووَفِق أمرَه: أى صادفه موافقًا، ووقِه له أى سمع ووكِم: أى اغتمَّ وولِىَ الأمرَ، ووَمِقَ: أى أحبّ. وورَد أحد عشر فعلا، تُكْسَر عينها فى الماضى، ويجوز الكسر والفتح فى المضارع، وهى بَئِس، بالباء الموحدة، وحسِب، وَوَبِق: أى هلك، ووحِمَتِ الحُبْلىَ، ووحِرَ صدرُه، ووَغِر: أَى اغتاظ فيهما، وولِغ الكلب، وولِه، ووهِل، اضطرب فيهما، ويَئِسَ منه، ويبِس الغصن. السادس: كون الثلاثى على وزن معين من الأَوزان الستة المتقدمة سماعىّ، فلا يعتمد فى معرفتها على قاعدة، غير أنه يمكن تقريبه بمراعاة هذه الضوابط. ويجب فيه مراعاة صورة الماضى والمضارع معًا، لمخافة صورة المضارع للماضى الواحد كما رأيت، وفى غيره تراعى صورة الماضى فقط، لأن لكل ماض مضارعًا لا تختلف صورته فيه. السابع: ما بُني من الأفعال للدلالة على الغلبة في المفاخر، فقياس مضارعه ضمُّ عينُه، كَسَابَقَنِى زَيد ٌفسبقتُه، فأنا أسبُقه، ما لم يكن واويَّ الفاء، أو يائىّ العين أو اللام، فقياس مضارعه كسر عينه، كواثبته فَوَثَبْته، فأنا أثِبه وبايعته فبِعته، فأنا أبيعه، وراميته فرمَيْته، فأنا أرمِيه. أوزان الرباعيِّ المجرَّد وملحقاته وللرباعي المجرَّد وزن واحد، وهو فعلل، كدحرج يدحرج، ودَرْبَخَ1 يدربخ. ومنه أفعال نحتتها العرب من مُرَكَّباتِ، فتحفَظ ولا يقاس عليها، كبسمَل: إذا قال: بسم الله، وحوقل إذا قال: لا حول ولا قوة إِلا بالله، وطَلْبَق إذا قال: أطال الله بقاءك،   1 دربخ الرجل، بالخاء المعجمة: وإذا طأطأ رأسه سوى ظهره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 ودمْعَزَ إذا قال: أدام الله عزك، وجَعْفَل إذا قال: جعلني الله فداءك. وملحقاته سبعة: الأول: فعْلَلَ، كجلبَبَه: أى ألبسه الجلباب. الثانى: فوْعل، كجوربه: أى ألبسه الجَوْرب. الثالث: فعْوَل كرَهْوك في مِشيته: أي أسرع. الر ابع: فَيْعَل كبَيْطَر، أى أصلح الدواب. الخامس: فعْيَلَ، كشَرْيفَ الزرعَ. قطع شِرْيَافُه1. السادس: فعْلى، كسَلقَى2: إذا استلقى على ظهره. السابع: فعنَلَ كقلنسه: ألبسه القلنسوة. والإلحاق: أن تزيد فى البناء زيادة، لتلحقه بآخرَ أكثر منه، فيتصرف تصرفه. أوزان الثلاثيِّ المزيد فيه الفعل الثلاثىّ المزيد فيه ثلاثة أقسام: ما زيد فيه حرف واحد، وما زيد فيه حرفان، وما زيد فيه ثلاثة أحرف. فغاية ما يبلغ الفعل بالزيادة ستة؛ بخلاف الاسم، فإنه يبلغ بالزيادة سبعة لِثقل الفعل، وخِفة الاسم، كما سيأتى فالذى زِيد فيه حرف واحد، يأتى على ثلاثة أوزان. الأول: أفْعَلَ، كأكرم، وأولَى، وأعطى، وأقام، وآتى، وآمن، وأقرّ. والثاني: فاعَلَ، كقاتل، وآخذ، ووالى. الثالث: فَعَّلَ بالتضعيف، كفرَّح، وزكَّى، وَوَلَّى، وبَرَّأ. والذي زيد فيه حرفان يأتى على خمسة أوزان: الأول: انفعَلَ، كانكسر، وانشقَّ، وانقاد، وانمحى. الثانى: افتعلَ، كاجتمع، واشتق، واحتار، وادَّعى، واتَّصل، واتَّقى، واصطبر، واضطرب.   1 قال في اللسان: "شَرنَفَ الزَّرعُ: إذا قُطِعَ شِرنافُه: والشِّرناف: ورق الزرع إذا كَثُر وطالَ وَخُشِيَ فسادهُ فَقُطِع". قال الأزهري: وهي كلمة يمانية. ن 2 ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "فانطلقا بي إلى ما بين المقام وزمزم فَسَلقاني على ظهري" أي: ألقياني على ظهري. لسان العرب. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 الثالث: افعَل كاحمرَّ، واصفرَّ، واعورَّ. وهذا الوزْن يكون غالبًا فى الألوان والعيوب؛ وندر فى غيرهما، نحو: ارْفَضّ عرَقًا، واخضلَّ الروضُ، ومنه ارْعَوَى. الرابع: تفعَّل، كتعلَّم وتزكّى، ومنه اذّكر واطَّهَر. الخامس: تَفاعَلَ كتباعَدَ وتشاوَرَ، ومنه تبارك وتعالى، وكذا اثَّاقل، وادَّاراك. والذى زيد فيه ثلاثة أحرف يأتى على أربعة أوزان: الأول: استفعلَ، كاستخرج، واستقام. الثانى: افْعَوعَلَ، كاغدودَنَ الشعر: إذا طال، واعشوشب المكان: إذا كثر عُشْبه. الثالث: افْعَالّ كاحمارَ واشهابّ: قَوِيَت حُمرته وشُهْبته. الرابع: افْعَوَّلَ كاجلوَّد: إذا أسرع، واعلَوَّط: أى تعلق بعنق البعير فركبه. أوزان الرباعيِّ المَزِيد فيه وملحقاته ينقسم الرباعي المزيد إلى قسمين: ما زيد فيه حرف واحد، وما زيد فيه حرفان، فالذى زيد فيه حرف واحد، وزن واحد، وهو تفَعللَ كتدحرجَ. والذى زيد فيه حرفان وزنان: الأول: افعنلَلَ، كاحرنجم. والثاني: افعلَلَّ، كاقشعرّ، واطمأنَّ. والملحق بما زيد فيه حرف واحد يأتى على ستة أوزان: الأول: تفعلَلَ، كتجلبَب. الثانى: تفعولَ، كترهوكَ. الثالث: تُفَيْعَل، كتشيطَنَ. الرابع: تَفَوْعَل، كتجوربَ. الخامس: تَمَفْعَل، كتمسكنَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 السادس: تفَعَلَى، كتسلقى. والملحق بما زيد فيه حرفان، وزنان: الأول: افعنلَلَ، كاقعنسَسَ. والثانى: افعنلَى، كاسلنقى. والفرق بين وزْنَي احرنجم واقعنسس، أن اقْعَنْسَسَ إحدى لامه زائدة للإلحاق، بخلاف احرنجم، فإنهما فيه أصليتان. تنبيهان الأول: ظهر لك مما تقدم أن الفعل باعتبار مادته أربعة أقسام: ثُلاثي، ورُباعي، وخُماسي، وسُداسى وباعتبار هيئته الحاصلة من الحركات والسُّكنَات سبعةٌ وثلاثون بابًا. الثانى: لا يلزم فى كل مجرَّد أن يُستَعمل له مَزِيدٌ، ولا فى كل مَزيد أن يُستعمل له مُجَرَّد، ولا في ما استُعْمِل فيه بعضُ المَزيدات، أن يُستعمل فيه البعضُ الآخر، بل المدار في كل ذلك السَّماع. ويُسْتثنى من ذلك الثلاثيُّ اللازمُ، فَتَطَّرِدُ، زيادةُ الهمزة فى أوله للتعدية، فيقال فى ذهب أذهب، وفى خرج أخرج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 فصل فى معانى صيغ الزوائد 1- أفْعَلَ تأتى لعدَّة معان: الأول: التَّعدية، وهي تصييرُ الفاعِ بالهمزةِ مفعولاً، كأقمتُ زيداً، وأقعدتُه، وأقرأته. الأصل: قام زيد وقعد وقرأ، فلما دخلت عليه الهمزة صار زيد مُقاما مُقْعَدًا مُقْرَأ، فإذا كان الفعل لازمًا بها متعديًا لواحد، وإذا كان متعدياً لواحد صار بها متعدياً لاثنين وإذا كان متعديًا لاثنين، صار بها متعديًا لثلاثة. ولم يُوجد في اللغة ما هو متعد لاثنين، صار بالهمزة متعديًا لثلاثة، إلاّ رَأى وَعَلِم، كرأى وعلم زيدٌ بكراً قائمًا، تقول: أريتُ أو أعلمتُ زيدًا بكرًا قائمًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 الثاني: صيروة شيءٍ ذا شيءٍ، كألبنَ الرجلُ وأتمَر وأفلسَ: صار ذا لبَن وتمْر وفُلُوس. الثالث: الدخول في شيء، مكانًا كان أو زمانًا، كأشأم وأعرقَ وأصبحَ وأمسى، أى دخل فى الشأم، والعراق، والصباح، والمساء. الرابع: السَّلْب والإزالة، كأقذيتُ عينَ فلان، وأعجمتُ الكتابَ: أى أزلتُ القذَى عن عينه، وأزلت عجمةَ الكتاب بنقطِه. الخامس: مصادفة الشيء على صفة، كأحمدتُ زيدًا: وأكرمتُه، وأبخلتُه، أي صادفته محمودًا، أو كريمًا، أو بخيلاً. السادس: الاستحقاق، كأحصَدَ الزرع، وأزْوَجَتْ هند، أى استحق الزرع الحَصاد، وهند الزَّواج. السابع: التعريض، كأرهنت المتاع وأبَعْتُهُ: أى عرّضته للرهن والبيع. الثامن: أن يكون استفعل، كأعظمته: أى استعظمته. التاسع: أن يكون مطاوعًا لفعّل بالتشديد، نحو: فطَّرته فأفطر وبشَّرته فأبشر. العاشر: التمكين، كأحفرته النهرَ: أى مكنته من حَفْره. وربما جاء المهموز كاصله، كسَرَى وأسْرَى، أو أعنى عن أصله لعدم وروده، كأفلح: أي فاز. وندر مجيء الفعل متعديًا بلا همزة، ولازمًا بها، كَنَسلْتُ ريشَ الطائر، وأنسلَ الريشُ، وعرَضْتُ الشيء: أظهرته، وأعرض الشيءُ: ظهر، وكَبْبتُ زيدًا على وجهه، وأكبَّ زيد على وجهه، وقَشَعتِ الريحُ السحاب، وأقشعَ السحابُ قال الشاعر: كما أبْرَقَت قوْمًا عِطاشًا غَمامةٌ ... فلما رأوها أقْشَعَتْ وَتَجلَّتْ وتَجلَّتِ 2- فَاعَلَ يكثر استعماله في معنين، أحدهما: التشارُك بين اثنين فأكثر، وهو أن يفعل أحدهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 بصاحبه فعلاً، فيقابله الآخر بمثله، وحينئذ فيُنْسَب للبادئ نسبة الفاعلية، وللمقابل نسبة المفعولية. فإذا كان أصل الفعل لازمًا صار بهذه الصيغة متعديًا، نحو ماشيته، والأصل مَشَيْت ومشى. وفى هذه الصيغة معنى المغالبة، ويُدَلُّ على غَلبَة أحدهما، بصيغة فَعَل من باب نَصرَ مالم يكن وَاوِىَّ الفاء، أو يائىّ العين أو اللام، فإِنه يَدُلُّ على الغلبة من باب ضرَب كما تقدم، ومتى كان فعلل للدلالة على الغلبة كان معتديًا، وإن كان أصله لازمًا، وكان من باب نصر أو ضرب على ما تقدم من أىّ باب كان. وثانيهما: المُوالاة، فيكون بمعنى أفعل المتعدي، كواليت الصوم وتابعته، بمعنى أوليتُ، وأتبعتُ، بعضَه بعضًا. وربما كان بمعنى فعَّل المضعف للتكثير، كضاعفت الشيء وضعَّفته، وبمعنى فَعَلَ، كدافع ودَفع، وسافر وسفَر، وربما كانت المفاعلة بتنزيل غير الفعل منزلته، كيُخادعون الله، جعلت معاملتهم لله بما انطوت عليه نفوسهم من إخفاء الكفر، وإظهار الإسلام، ومجازاته لهم، مخادعة. 3- فَعَّلَ يكثر استعمالها فى ثمانيةٍ معانٍ، تُشارك أفْعَلَ فى اثنين منها، وَهُما التعدية، كقوَّمت زيدا وقعَّدته، والإزالة كجَرَّبتُ البعيرَ وقشَّرْتُ الفاكهة، أى أزلت جَرَبَه، وأزلت قشره. وتنفرد بستة: أولها: التكثير فى الفعل، كجُوَّل، وطوَّف: أكثر الجَوَلان والطَّوفان، أو في المفعول، كغلَّقَتِ الأبواب، أو فى الفاعل، كموّتَتِ الإبلُ وبرَّكَتْ. وثانيها: صيروة شيءٍ شبه شيءٍ، كقوَّس زيدٌ وحجَّر الطين: أى صار شبه القوس في الانحناء، والحجر في الجمود. وثالثهما: نسبة الشيء إلي أصل الفعل، كفسَّقْت زبدًا، أو كفَّرته1: نسبته إلى   1 ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا كَفَّر الرَّجُلُ أخاه فَقَد باءَ بهما أحَدُهما" رواه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 الفسق، أو الكفر. ورابعها: التوجه إلى الشيء، كشرَّقتُ، أو غرَّبتُ1: توجهت إلى الشرق، أو الغرب. وخامسها: اختصار حكاية الشيء، كهلَّل وسبَّح ولَبَّى وأمَّن: إذا قال لا إله إلا الله، وسبحان الله، ولَبّيْك، وآمين. وسادسها قبول الشيء، كشفَّعت زيدًا: قبلت شفاعته. وربما ورد بمعنى أصله، أو بمعنى تفعَّل، كولَّى وتولَّى وفكَّر وتفكَّر، وربما أغنى عن أصله لعدم وروده، كغيره إذا عابه، وعجّزت المرأة: بلغت السن العالية. 4- انْفَعَلَ يأتى لمعنى واحد، وهو المطاوعة، ولهذا لا يكون إلا لازمًا، ولا يكون إلا فى الأفعال العِلاجية. ويأتى لمطاوعة الثلاثى كثيراً، كقطعته فانقطع، وكسرته فانكسر؛ والمطاوعة غيره قليلا، كأطلقته فانطلق، وعدّلته -بالتضعيف- فانعدل، ولكونه مختصاً بالعِلاجيات، لا يقال: علَّمته فانعلم، ولا فهّمته فانفهم. والمطاوعة: هى قبول تأثير الغير. 5- افْتَعَلَ اشتهر فى ستة معانٍ: أحدها: الاتخاذ، كاختتم زيد، واختدم، اتخذ له خاتمًا، وخادمًا. وثانيها: الاجتهاد والطلب، كاكتسب2، واكتتب3، أى اجتهد وطلب الكسب والكتابة.   1ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَستَقبلوا القِبلَةَ ولا تستَدبروها ببولٍ ولا غائطٍ ولكن شَرِّقوا أو غَرِّبوا" رواه مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه. ن. 2 كما في قوله تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنْ الإِثْمِ} [النور: 11] . ن 3 كما في قوله: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا} [الفرقان: 5] . ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 وثالثها: التشارك، كاختصم زيد وعمرو: اختلفا1. ورابعها: الإظهار، كاعتذار واعتظم، أى أظهر العُذر، والعَظَمة. وخامسها: المبالغة فى معنى الفعل، كاقتدر وارتدّ، أى بالغ فى القدرة والردَّة. وسادسها: مطاوعة الثلاثىّ كثيرًا، كعَدَلته فاعتدل، وجمَعته فاجتمع. وربما أتى مطاوعًا للمضعَّف ومهموز الثلاثى، كقرَّبته فاقترب، وأنصفته فانتصف. وقد يجيء بمعنى أصله، لعدم وروده، كارتجل الخطبة، واشتمل الثوب2. 6- افْعلَّ يأتى غالبًا لمعنى واحد، وهو قوة اللون أو العيب، ولا يكون إلا لازمًا، كاحمرَّ وابيضَّ واعورّ واعمشّ: قويت حمرته وبياضُه وعَوَرُه وعَمَشُه. 7- تَفَعَّل تأتى لخمسة معان: أولها: مطاوعة فعَّل مضعف العين، كنَّبهته فتنَّبه. وكسَّرته فتكَسّر. وثانيها: الاتخاذ، كتوسّد ثوبه: اتخذه وسادة. وثالثها: التكلف، كتصبّر وتحلّم: تكلَّف الصبر والحلم. ورابعها: التجنُّب كتحرّج وتهجّد3: تجنب الحَرَج والهُجود، أى النوم. وخامسها: التدريج، كتجرّعت الماء، وتحفَّزت العلم: أى شربت الماء جرْعة بعد أخرى، وحفظت العلم مسألة بعد أخرى؛ وربما أغنت هذه الصيغة عن الثلاثىّ، لعدم وروده، كتكلّمَ وتَصدَّى.   1 كما في قوله تعالى: {لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَاد} [الأنفال: 42] . ن 2 أي: تَلَقَّفَ. مختار الصِّحاح: يشمل. ن 3 التَهَجُّد: هو الصلاة في الليل، ويقال: هَجَدَ الرجلُ: إذا نام، وتَهَجَّد: إذا خَرَجَ من الهجود، وهو النوم بالصلاة كما يقال: تَحَنَّثَ وتأثَّم إذا اجتَنَبَ الحنث والإثم. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 8- تَفَاعَلَ اشتهرت فى أربعة معان: أولها: التشريك بين اثنين فأكثر، كل منهما فاعلاً فى اللفظ، مفعولاً فى المعنى، بخلاف فاعَلَ المتقدم، ولذلك إذا كان فاعَلَ المتقدم متعديًا لاثنين، صار بهذه الصيغة متعديًا لواحد، كجاذب زيد عَمرًا ثوبًا، وتجاذب زيد وعمرو ثوبًا. وإذا كان متعديًا لواحد صار بها لازمًا، كخاصم زيد عمرا، وتخاصم زيد وعمرو. ثانيها: التظاهر بالفعل دون حقيقته، كتَنَاوَمَ وتغافل وتعامى: أي أظهر النوم الغفلة والعمى، وهى منتفية عنه، وقال الشاعر: ليسَ الغَِبيُّ بسيِّدٍ فى قومِهِ ... لكنَّ سيِّدَ قوْمِهِ المتغابى وقال الحريرى1: ولما تعامَى الدهرُ وهو أبو الوَرَى ... عن الرُّشدِ فى أنحائِه ومقاصِدِه تعاميْتُ حتى قِيلَ إنى أخو عَمى ... ولا غَزْوَ أن يَحْذُو الفتَى حَذْوَ والِده وثالثهما: حصول الشيء تدريجيًا، كتزايد النيلُ، وتواردت الإبل: أى حصلت الزيادة بالتدريج شيئًا فشيئًا. ورابعها: مطاوعة فاعَلَ، كباعدته فتباعد. 9- استَفْعَلَ كثر استعمالها فى ستة معان: أحدها: الطلب حقيقة، كاستغفرت الله: أى طلبت مغفرته، أو مجازًا كاستخرجت الذهب من المعدن، سُمِّيَتِ الممارسة فى إخراجه، والاجتهاد فى الحصول عليه طلبًا،   1 هذا الشعر ليس للحريري وإنما هو لرجل من "سروج" وهو بلد قرب حرّان، واسم الرجل: "أبو زيد" نقل ذلك الحريري في مقاماتِهِ البرقعيدية ص73 ومعنى أخو العمى: أعمى. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 حيث لا يمكن الطلب الحقيقي. وثانيها: الصيرورة حقيقة، كاستحجر الطين، واستحضن المُهْرُ: أى صار حَجَرًا وَحِصَانًا، أو مجازًا كما فى المَثَل: إن البُغاثَ بأرْضِنا يَسْتَنْسِرُ. أى يصير كالنِّسر فى القوة. والبُغاثَ: طائر ضعيف الطيران، ومعناه: إن الضعيف بأرضنا يصير قويًّا، لاستعانته بنا. وثالثها: اعتقاد صفة الشيء، كاستحسنتُ كذا واستصوبته، أى اعتقدت حسنه وصوابه. ورابعها: اختصار حكاية الشيء كاسترجع، إذا قال: إِنَّا للَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ راجعون. وخامسها: القوة، كاسْتُهْتِرَ واستكبر: أى قوى هِتْرُه وكِبره1. وسادسها: المصادفة، كاستكرمت زيدًا أو استبخلته: أى صادفته كريمًا أو بخيلاً. وربما كان بمعنى أفعَلَ، كأجاب واستجاب، ولمطاوعته كأحكمته فاستحكم، وأقمته فاستقام. ثم إنّ باقى الصيغ تدل على قوة المعنى، زيادة على أصله، فمثلاً اعشوْشَب المكانُ يدل على زيادة عُشْبه أكثر من عَشب، واخشوشَنَ يدلّ على قوة الخشونة أكثر من خَشُن، واحمارَّ يدل على قوة اللون، أكثر من حَمُر واحمرَّ وهكذا.   1 "الكِبْر": بسكون الباء يعني: التكبّر والاستكبار.. "والكِبَرُ": بفتح الباء يعني تقدّم العمر والشيخوخة وسبب تعليقي: أني سمعت كثيرًا من الخطباء والوعّاظ لا يفرقون بين الكلمتين في أحاديثهم. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 التقسيمُ الرابعُ للفعل بِحَسْبِ الجمودِ والتَّصريفِ: ينقسم الفعل إلى جامد ومتصرف. فالجامد: ما لازم صورةً واحدة وهو إما أن يكون ملازمًا للماضي كليس من أخوات كان، وكَرُبَ من أفعال المقاربة، وعَسَى وحَرَى واخلولق من أفعال الرجاء، وأنشأ وطفِق، وأخذ وجعل وعَلِق من أفعال الشروع، نِعْمَ وحبَّذ فى المدح، وبئس وساء فى الذم، وخلا وعدا وحاشا فى الاستثناء، على خلاف فى بعضها؛ وإما أن يكون ملازمًا للأمرية، كهبْ وتعلَّمْ، ولا ثالِثَ لهما. والمتصرّف: ما لا يُلازم صُورة واحدة، وهو إما أن يكون تامَّ التصرُّف، وهو يأتى منه الماضى والمضارع والأمر، كنصر ودحرَج، أو ناقِصَهُ1، وهو ما يأتى منه الماضى والمضارع فقط، كزال يَزَال، وبرِحَ يبْرَحُ، وفَتِئ يَفْتَأ، وانفك ينفكُّ، وكاد يكاد، وأوشك يُوْشِك.   1 أي ناقص التصرف. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 فصلٌ فى تصريف الأفعال بعضِها من بعض كيفية تصريف المضارع من الماضى؟ أن يُزاد فى أوله أحد أحرف المضارعة2، مضمومًا فى الرُّباعي كيُدحرج، مفتوحًا فى غيره كيكتب وينطلِق ويستغفر. ثم إن كان الماضى ثلاثياً، سُكِّنَتْ فاؤه، وحرِّكت عينه بضمة أو فتحة أو كسرة3، حسبما يقتضيه نصُّ اللغة، كينصرُ ويفتَح ويضرِب، كما تقدم، وإن كان غير ثلاثىّ، بقي على حاله إن كان مبدوءًا بتاء زائدة، كَيَتَشَارَك ويَتَعَلَّم ويتدحرج، وإلا كُسِر ما قبل آخره، كيُعَظِّمُ ويقاتِلُ، وحذفتِ الهمزةُ الزائدةُ فى أوله إن كانت، كيُكْرِم ويَسْتَخرِج. وكيفية تصريف الأمر من المضارع؟ أن يُحذَف حرف المضارعة، كعَظِّمْ وتشاركْ   2 وهي حروف "أنَيْتُ أو نَأَيْتُ" ا. هـ 3 يعني بهذا الترتيب: "يَفْتح=فَتْح=افتَح".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 وتعلمْ، فإن كان أول الباقى ساكنًا زيدَ في أوله همزة، كاسرُقْ وافتَحْ. واضربْ، وأكرمْ وانطلِقْ واستغفِر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 التقسيم الخامس للفعل: من حيثُ التعدِّي واللزوم: ينقسم الفعل إلى متعدٍ، ويسمَّى مُجاوزًا، وإللازم ويسمى قاصِرًا. فالمعتدي عند الإطلاق: ما يُجاوز الفاعل إلى المفعول به بنفسه، نحو حفظ محمد الدرس، وعلامته أن تتصل به هاء تعود إلى غير المصدر، نحو زيد ضربه عمرو، وأن يصاغ منه اسم مفعول تامّ، أى غير مقترن بحرف جَرّ أو ظرف نحو مضروب. وهو على ثلاثة أقسام: ما يتعدى إلى مفعول واحد، وهو كثير، نحو: حفظ محمد الدرس، وَفَهِمَ المسألة. وما يتعدى إِلى مفعولين، إما أن يكونأصلهما المبتدأ والخبر، وهو ظنّ1 وأخواتها، وإمَّا لا، وهو أعطى2 وأخواتها. وما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، وهو باب أعلم3 وأرى. واللازم: مالم يجاوز الفاعل إِلى المفعول به، كقعد محمد، وخرج على. وأسباب تعدى الفعل اللازم أصالةً ثمانيةٌ: الأول: الهمزة، كأكرم زيدٌ عَمرًا. الثانى: التضعيف، كفرَّحت زيدا. الثالث: زيادة ألف المفاعلة نحو: جالس زيد العلماء، وقد تقدمت. الرابع: زيادة حرف الجرّ، نحو: ذهبت بِعَلىٍّ. الخامس: زيادة الهمزة والسين والتاء، نحو: استخرج زيد المال.   1 نحو: "ظَنَّ الطالبُ الدرسَ سهلًا".ن. 2 نحو: " أعطى زيدٌ عمرًا درهمًا".ن. 3 نحو: "أعْلَمَ زيدٌ عمرًا الدرسَ سهلًا".ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 السادس: التَّضمين النحوى1، وهو أن تُشْرَب كلمةٌ لازمة معنى كلمة متعدية، لتتعدى تعديتها، نحو: {تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] ، ضُمِّن تعزموا معنى تنْوُوا، فعُدِّي تعديته. السابع: حذف حرف الجرّ توسعًا، كقوله: تَمرُّون الدِّيار ولم تَعُوجوا ... كلامُكُم عَلَيَّ إذَنْ حَرَامُ2 ويطِّرد حذفه مع أنَّ وأنْ، نحو قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} [آل عمران: 18] {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 63-69] . الثامن: تحويل اللازم إلى باب نَصَرَ لقصد المغالبة، نحو: قاعَدته فقَعدته فأنا أقعُدُه، كما تقدم. والحق أن تعدية الفعل سماعية، فما سُمعَت تعديته بحرف لا يجوز تعديته بغيره، ومالم تسمع تعديته، لا يجوز أن يُعَدَّى بهذه الأسباب. وبعضهم جعل زيادة الهمزة فى الثلاثى اللازم لقصد تعديته قياسًا مطردًا، كما تقدم. وأسباب لزوم الفعل المتعدِّي أصالةً خمسةٌ: الأول: التّضمين، وهو أن تشْرب كلمةٌ متعدية معنى كلمة لازمة، لتصير مثلها، كقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] ضُمن يخالف معنى يَخْرُج، فصار لازمًا مثله. الثانى: تحويل الفعل المعتدي إلى فعُل بضم العين، لقصد التعجب والمبالغة، نحو:   1ومنه رحبتكم الطاعة، وطلع بشر اليمن، بضم العين فيهما: أي وسعتكم الطاعة، وبلغ اليمن، وليس في اللغة العربية فعل "مضمون العين" عدي إلى المفعول بالتضمين، غير هذين الفعلين. 2 البيت لجرير "ديوانه طبعة الصاوي 512" ورواية صدره في الديوان: "أتمضُون الرَّسُومَ ولا تُحَيَّا" والرواية الأخرى صحيحة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 ضرُب زيدٌ: أي أضْرَبَهُ. الثالث: صيرورته مطاوعًا، ككسرْتُه فانكسر، كما تقدم. الرابع: ضعف العامل بتأخيره، كقوله تعالى: {إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] . الخامس: الضرورة، كقوله: تَبَلَتْ1 فؤادكَ فى المَنامِ خَريدَةٌ ... تَسْقِي الضَّجيعَ بَبارِدٍ بَسَّام أي تَسقِي2 ريقًا باردًا.   1 بالمثناه الفوقية فالموحدة المفتوحة: أي أصابته بتبل، أي اسقام، ويقال اتبل بالهمزة، وخريدة: الفتاة الحيّية، المعجم الوسيط. ن. 2 ويحتمل أنه ضمن تسقي معنى تشفي، فعدي بالباء، أو تسقي الضجيج ريقها بفم بارد ريقه فيكون المفعول محذوفًا، والباء للاستعانة. ا. هـ صبان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 التقسيم السادس للفعل: من حيْثُ بناؤه للفاعل، أو المفعول: ينقسم الفعل إلى مبنىّ للفاعل، ويُسَمَّى معلومًا، وهو ما ذُكرَ معه فاعلُه، نحو: حَفِظ محمد الدرس. وإلى مبنيٍّ للمفعول، ويسمَّى مجهولاً، وهو ما حُذف فاعله وأنيب عنه غيرهُ، نحو: حُفِظ الدرسُ. وفى هذه الحالة يجب أن تغيَّر صورة الفعل عن أصلها، فإن كان ماضيًا غير مبدوء بهمزة وصلٍ ولا تاء زائدة، وليست عينه ألفا، ضُمَّ أولُه وكُسِرَ ما قبل آخره ولو تقديرًا، نحو: تُعُلِّم الحسابُ، وتُقُوتِلَ مع زيد، وإن كان مبدوءًا بهمزة وصل ضُمَّ الثالث مع الأول نحو: انطُلق بزيد واستُخرج المعدن، وإن كانت عينه ألفا قلبت ياء، وكُسر أوله، بإخلاص الكسر، أو إشمامه الضم، كما فى قال وباع واختار وانقاد، تقول بِيع الثوب، وقيل القول، واخْتِيرَ هذا وانْقِيد له، وبعضهم يُبقي الضم، ويقلب الألف واوًا كما فى قوله: لَيْتَ وهل ينفعُ شيئًا لَيْتُ ... ليتَ شَبَابًا بُوعَ فاشتَريْتُ وقوله: حُوكَتْ عَلى نِيريْنِ إذْ تُحَاكُ ... تَخْتَبِطُ الشَّوكَ ولا تُشاكُ رُويا بإخلاص الكسر، وبه مع إشمام الضم، وبالضم الخالص. تُنْسب اللغة الأخيرة لبني فَعْسٍ وَدُبَيْر، وادَّعى بعضهم امتناعها فى انفعل وافتعل. هذا إذا أمِنَ اللبس. فإِن لم يؤمَن، كُسِرَ أول الأجوفِ الواوىّ، إن كان مضارعه على يفعُل بضم العين، كقول العبد: سِمت أى سامنى المشترى، ولا تضُمَّهُ، لإيهامِهِ أنه أنه فاعل السَّوم، مع أن فاعلَه غيرهُ وَضُمَّ أوَّل الأجوف اليائي.. إلخ، وكذا الواوىّ، إن كان مضارعه على يفعَل، بفتح العين، نحو: بُعتُ: أى: باعنى سيدى، ولا يُكسَرُ، لإيهامه أنه فاعل البيع، مع أن فاعله غيره وكذا خُفْتُ، بضم الخاء، أى أخافنى الغير. وأوجب الجمهور ضمَّ فاء الثلاثىّ المضعف، نحو: شُدَّ ومُدَّ، والكوفيون أجازوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 الكسر، وهى لغة بنى ضبَّة، وقد قُرِئ {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} 1، {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} 2 بالكسر فيهما وذلك بنقل حركة العَين إلى الفاء، بعد توهم سلْب حركتها، وجوَّز ابن مالك الاشمام فى المضعف أيضًا حيث قال: وَمَا لِبَاعَ قَد يُرى لِنَحْو حَبّ وإن كان مضارعًا ضُمَّ أوله، وفتح ما قبل آخره ولو تقديرًا، نحو: يُضْرَبُ عَلَيَّ، ويُردّ المبيع. فإن كان ما قبل آخر المضارع مدًّا، كيَقول ويبيع، قُلب ألفا، كيُقال، ويُباع. ولا يُبْنى الفعل اللازم للمجهول إلا مع الظرف أو المصدر المتصرفين المختصين، أو المجرور الذى لم يلزم الجارَ له طريقة واحدة، نحو: سِيرَ يومُ الجُمْعة، وَوُقِفَ أمامُ الأمير، وجُلس جلوسُ حسن، وفُرِح بقدوم محمد، بخلاف اللازم حالة واحدة، نحو: عندَ، وإِذَا، وسُبحَانَ، ومَعَاذَ. تنبيه: ورد فى اللغة عدة أفعال على صورة المني للمجهول، منها: عُنيَ فلان بحاجتك: أى اهتمّ. وزُهِيَ علينا: أى تكبَّر. وفُلِجَ: أصابه الفالِج وحُمَّ: استحرَّ بدنه من الحُمَّى. وسُلَّ: أصابه السُّل. وجُنّ عقله: استتر وغُمّ الهِلال: احتجب. والخبرُ: استعجم. وأُغمِي عليه: غُشيَ. وشُدِهِ: دَهِشَ وتحيَّر. وامتُقِع أو انتُقِع لونُهُ: تغيّر. وهذه الأفعال لا تنفك عن صورة المبنيَّ للمجهول، ما دامت لازمة، والوصف منها على مفعول، كما يُفهم من عباراتهم، وكأنهم لا حظوا فيها وفى نظائرها أن تنطبق صورة الفعل على الوصف، فأتَوا به على فُعِل بالضم، وجعلوا المرفوع بعده فاعلا. ووردت أيضاً عَدّة أفعال مبنية للمفعول فى الاستعمال الفصيح، وللفاعل نادرًا أو   1 سورة يوسف آية 65 يعني بكسر الراء من قوله: "رِدَّت" وقوله: " رِدّوا".ن. 2 سورة الأنعام آية 28. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 شذوذًا، وهذه مرفوعها يكون بحسب البنية، فمن ذلك بهتَ الخصمُ وبَهت، كفرح وكَرُم، وهُزِل هَزَلَة المرض، ونُخِيَ ونَخَاه، من النَّخوة، وزُكِمَ وزَكَمَهُ الله، ووُعِك ووعَكَه، وَطُلَّ دَمُه وَطَّله، وَرُهِصَت الدابة وَرَهصَها الحَجَر، وَنُتِجَتْ الناقة، ونَتجَها أهلُها.. إلى آخر ما جاء من ذلك، وعدَّه اللغويون من باب عُنِيَ. وعلاقة هذا المبحث باللغة أكثر منها بالصرف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 التقسيم السابع للفعل: من حيث كونُه مؤكَّدًا أو غيرَ مؤكَّدٍ: ينقسم الفعل إلى مؤكَّدٍ، وغير مؤكَّدٍ. فالمؤكَّد: ما لحقته نون التوكيد. ثقيلة كانت أو خفيفة، نحو: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف: 32] وغير المؤكد: ما لم تلحقه، نحو يُسْجَنُ، ويكون. فالماضى لا يؤكَّد مطلقًا، وأما قوله: دامَنَّ سَعْدُكِ لو رحمْتِ مُتَيَّمًا ... لولاكِ لم يكُ للصَّبابة جانِحا فضرورةٌ شاذة، سهَّلها ما فى الفعل من معنى الطلَب، فعومل معاملة الأمر، كما شذ توكيد الاسم فى قول رُؤبة بن العجَّاج: أقائِلُنَّ أحْضِروا الشُّهُودا والأمر يجوز توكيده مطلقًا، نحو: اكْتُبْنَّ واجْتَهِدَنْ. وأما المضارع فله ست حالات: الأولى: أن يكون توكيده واجبًا. الثانية: أن يكون قريبًا من الواجب. الثالثة: أن يكون كثيرًا. الرابعة: أن يكون قليلاً. الخامسة: أن يكون أقلّ. السادسة: أن يكون ممتنعًا. 1 فيجب تأكيده إذا كان مُثبتًا، مستقبلاً، فى جواب قسم، غير مفصول عن لامه بفاصل، نحو: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] . وحينئذٍ يجب توكيده باللام والنون عند البصريين، وخُلُوُّه من أحدهما شاذٌ أو ضرورةٌ. 2 ويكون قريبًا من الواجب إذا شرطًا لإنِ المؤكَّدة بما الزائدة، نحو: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58] {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} [الزخرف: 41] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] . ومِن تَرْك توكيده قوله: يا صَاحِ إمَّا تَجدْني غَيرَ ذى جِدَةٍ ... فمَا التَّخَلّي عَنِ الخُلَّانِ مِنْ شِيَمِي وهو قليل فى النثر، وقيل يختص بالضرورة. 3 ويكون كثيرًا إذا وقع بعد أداة طلب: أمْرٍ، أَوْ نَهْي، أَوْ دُعاءٍ، أو عَرْضٍ، أو تمنٍّ، أو استفهام، نحو: لَيقومن زيد، وقوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم: 42] وقول خِرْنِق هَفَّان: لا يَبْعَدَنْ1 قومى الَّذينَ هُمُ ... سَمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزُر وقول الشاعر: هلَّا تُمنَّنْ بوَعْدٍ غيْرَ مُخْلِفَةٍ ... كما عهِدْتُكِ فى أيَّامِ ذِى سَلَمِ وقوله: فَلَيْتَكِ يَوْمَ المُلْتَقَى تَرَيَّنني ... لِكَيْ تَعْلَمِي أَنِّي امْرُؤٌ بِكِ هائِمُ وقوله: أفبَعْدَ كِنْدَةَ تَمْدَحَنَّ قَبِيلًا 4 ويكون قليلا إذا كان بَعْدَ: لا: النافية، أو ما الفائدة، التى لم تُسْبَق بإنِ الشرطية كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وإنما أكَّدَ مع النافى: لأنه يشبهُ أداة النهى صورةً، وقوله: إذا ماتَ مِنْهُم سَيِّدٌ سَرَقَ ابنُهُ ... وَمَنْ عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شكيرُها2   1 قولها لا يبعدن: بابه فرح، أي لا يهلكن. والعداة بضم العين: جمع عاد. والجزر بضمتين: جمع جزور وهي الناقة ينحرها اللاعبون بالميسر ويتقاسمونها ويتقامرون عليها. 2 مثل يضرب للفرع يشبه أصله: أي إذا مات الأب سرق الولد أبيه، فيصير كأنه هو، وقيل: يضرب بمن يظهر خلاف ما يبطن، والعضة: شجر الشوك كالطلح والعوسج. وشكيرها: شوكها، أو ما ينبت حول الشجرة من أصلها، وقيل: صغار ورقها: أي أن ما ظهر من الصغار يدل على الكبار. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 وكقول حاتم: قليلاً به ما يَحْمَدَنَّك وارثٌ ... إَذا نالَ مما كنتَ تَجْمَعُ مَغْنَما وما زائدة في الجمع، وشَمَل الواقعة بعد رُبّ كقول جَذِيمةَ الأبرش: رُبَّما أوْفَيتُ في عَلَمٍ ... تدفَعْنَ ثَوْبي شمالاتُ وبعضهم منعها بعدها، لمضيِّ الفعل بعد رُبَّ معنًى، وخصَّه بعضُهُم بالضرورة. 5 ويكون قليلًا إذا كان بعد لَم وبعد أداة جزاء غير إمَّا، شرطاً كان المؤكَّد أو جزاء، كقوله وصف جَبَل: يَحْسَبُهُ الجَاهلُ ما لَم يَعْلَما ... شيخاً عَلَى كُرْسِيِّهِ مُعَمَّما1 أى يعلمنْ، وكقوله: مَنْ تَثْقَفَنْ منهم فليْسَ بآنبٍ ... أبدا وقَتْلُ بنى قُتَيْبَةَ شَافى وقوله: وَمَهْمَا تشأْ منه فزارةُ تمْنَعَا2: أى: تمنعَنْ. 6 ويكون ممتنعًا إذا انتفتْ شروطُ الواجب، ولم يكن مما سبق، بأن كان فى جواب قسم منفىّ، ولو كان النافى مقدرًا، نحو تالله لا يذهبُ العُرْف بين الله والناس، ونحو قوله تعالى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] أى: لا تفتأ. أو كان حالاً كقراءة ابن كثير: {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القيامة: 1] وقول الشاعر: يمينًا لأُبغِضُ كلَّ امرِئٍ ... يزخرفُ قولًا ولا يفْعَلُ   1 البيت: لأبي حيّان الفسي. 2 عجز بيت للكميت بن معروف. وصدره: فمهما تشأ منه فزارة تعطكم 3 قراءة ابن كثير برواية البزّي. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 أو كان مفصولا من اللام، نحو: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 158] ونحو: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] . حُكْمُ آخِرِ: الفعل المؤكَّد بنون التوكيد 1 إذا لحقت النون الفعل، فإن كان مسندًا إلى اسم ظاهر، أو إلى ضمير الواحد المذكر، فُتِحَ آخره لمباشرة النون له، ولم يحذف منه شيء، سواء كان صحيحًا أو معتلاً، نحو: لَيَنْصُرَنَّ1 زيد، وَلَيَقضِيَنَّ، وَلَيَغْزُوَنَّ، وَلَيَسْعَيَنَّ، بردِّ لام الفعل إلى أصلها. 2وإن كان مسندًا إلى ضمير الاثنين، لم يُحْذَف أيضًا من الفعل شيء، وحُذِفت نون الرفع فقط، لتوالى الأمثال، وكُسِرت نون التوكيد، تشبيهًا لها بنون الرفع، نحو: لَتَنْصُرنِّ يا زيدان، ولَتَقضِيانِّ، ولَتغزُوانِّ، ولَتَسْعيانِّ. 3 وإن كان مسندًا إلى واو الجمع، فإذا كان صحيحًا حذفت نون الرفع لتوالى الأمثال، وواو الجمع، لالتقاء الساكنين، نحو: لتنْصُرُنَّ2 يا قوم، وإن كان ناقصًا وكانت عين الفعل مضمومة أو مكسورة، حذفت أيضًا لام الفعل زيادة على ما تقدم، نحو: لَتَغْزُنّ وَلَتَقْضُنَّ يا قوم، بضم ما قبل النون فى الأمثلة الثلاثة، للدلالة على المحذوف، فإن كانت العين مفتوحة حُذفت لام الفعل فقط، وبقى فتح ما قبلها، وحرِّكت واو الجمع بالضمة، نحو: لتَخْشَوُنَّ وَلَتَسْعَوُنَّ. وسيأتى الكلام على ذلك فى الحذف لالتقاء الساكنين، إن شاء الله تعالى. 4 وإن كان مسندًا إلى ياء المخاطبة، حذفت الياء والنون، نحو لتَنْصُرِنّ يا دَعدُ، ولتَغْزِنّ ولتَرْمِنّ، بكسر ما قبل النون، إلا إذا كان الفعل ناقصًا وكانت عينه مفتوحة، فتبقى ياء المخاطبة محركة بالكسر، مع فتح ما قبلها نحو: لتَسْعَينَّ ولتَخْشَينَّ يا دَعدُ.   1 ومنه قوله تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ} [الحج: 40] .ن 2 نحو قوله تعالى: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: 81] .ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 5 وإن كان مسندًا إلى نون الإناث، زيدت ألف بينها وبين نون التوكيد وكسرت نون التوكيد، لوقوعها بعد الألف، نحو: لتَنصُرْنانِّ يا نسوة ولتَسْعَيْنَان، ولتَعْزُونَانِّ، ولتَرْمِينَانِّ1. والأمر مثل المضارع فى جميع ذلك، نحو: اضربَنّ يا زيد، واغزُوَن وارْمِيَنَّ واسْعَيَنَّ. ونحو: اضربان يا زيدانِ وارمِيانِّ واسعيانِّ. ونحو: اضرُبَنّ يا زيدون واغزُنّ واقضُنّ، ونحو: اخْشَوُنّ واسْعَوُنّ..إلخ. وتختص النون الخفيفة بأحكام أربعة: الأول: أنها لا تقع بعد الألف الفارقة بينها وبين نون الإناث، لالتقاء الساكنين على غير حدَّه، فلا تقول اخشَيْنانْ. الثانى: أنها لا تقع بعد ألف الاثنين، فلا تقول: لا تضْرِبانْ يا زيدان، لما تقدم. ونقل الفارسىّ عن يونس إجازته فيهما، ونظر له بقراءة نافع: {وَمَحْيَاي} [162] بسكون الياء بعد الألف. الثالث: أنها تُحذف إذا وليها ساكن، كقول الأضبط بن قُرْبع السَّعْدِي: فَصِلْ حِبالَ البَعيدِ إِنْ وَصَلَ ... الحَبْلَ واقصِ القَريبَ إِنْ قَطَعَهْ ولا تهينَ الفقيرَ عَلَّكَ أَنْ ... تَرْكَعَ يَوْمًا والدَّهْرُ قد رفَعَهْ أى: لا تهينَنَّ. الرابع: أنها تُعْطَى فى الوقت حكم التنوين، فإِن وقعت بعد فتحة قلبت ألفًا، نحو لنسْفعًا، وليكُونا، ونحو: وإِيّاكَ والمَيْتاتِ لا تَقْرَبَنَّهَا ... ولا تعبُدِ الشَّيْطانَ واللهَ فاعْبُدا2   1 من ذلك ما قاله أبو مهدية الأعرابي: أخسأنا يدعني. قال الأصمعي: أظنه يعني الشياطين. "انظر في لسان العرب. خسأ". 2 البيت للأعشى الأكبر ميمون بن قيس، وهو أعشى بني قيس ابن ثعلبة من بكر ابن وائل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وإن وقعت بعد ضمة أو كسرة حُذِفت، ورُدَّ ما حذف فى الوصل لأجلها. تقول فى الوصل اضرُبنْ يا قوم، واضربِنْ يا قوم، واضرِبنْ يا هند، والأصل: اضْرِبُون وَاضْرِبينْ، فإذا وقفتَ عليها حذفت النون، لشبهها بالتنوين، فترجع الواو والياء، لزوال الساكنين، فتقول: اضربوا، واضربي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 تتمة: فى حكم الأفعال عند إسنادها إلى الضمائر ونحوها 1حكم الصحيح السالم: أنه لا يدخله تغيير عند اتصال الضمائر ونحوها به، نحو كتبتُ وكَتَبوا، وكَتَبتْ. 2وحكم المهموز: كحكم السالم، إلا أن الأمر من أخَذَ وأكلَ، تحذف همزته مطلقًا، نحو: خُذْ وكُلْ؛ ومن أمر وسأل فى الابتداء، نحو: مُرُوا بالمعروف، وانْهَوْا عن المنكر، {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 211] . ويجوز الحذف وعدمه إذا سُبقا بشيء، نحو قلت له: مُرْ، أو اؤْمُرْ، وقلت له سلْ، أو اسأل. وكذا تحذف همزة رأى، أى عين الفعل من المضارع والأمر، كيَرى، ورَه، الأصل: يَرْأى، نُقلت حركة الهمزة إلى ما قبلها، ثم حذفت لالتقائها ساكنة مع ما بعدها؛ والأمر محمول على المضارع. وتحذف همزة أرَى، أى عينه أيضًا فى جميع تصاريفه، نحو أرَى وَيُرِي وأرِهْ. وإذا اجتمعت همزتان في أول الكلمة وسكنت الثانية، أبدلت مدا من جنس حركة ما قبلها، كما سيأتى: 3 حكم المضعف الثلاثى ومزيده: يجب فى ماضيه الإدغام، نحو مدّ واستمدّ، ومدُّوا واستمدوا، ما لم يتصل به ضمير رفع متحرك، فيجب الفك، نحو مَدَدْتَ، والنسوة مَدَدْن، واستمددت، والنسوة استمددن. ويجب فى مضارعه الإدغام أيضًا، نحو: يَرُدّ ويستردُّ، ويردُّون ويستردون، ما لم يكن مجزومًا بالسكون، فيجوز الأمران، نحو لم يَرُدّ ولم يَرْدُدْ، ولم يستردَّ ولم يسترددْ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 وما لم تتصل به نون النسوة، فيجب الفك، نحو يَردُدْ ويستردُدْن. بخلاف ما إذا كان مجزومًا بغير السكون، فإِنه كغير المجزوم، تقول لم يردُّوا ولم يستردّوا. والأمر كالمضارع المجزوم فى جميع ذلك نحو: رُدَّ يا زيدُ واردُدْ، واسترِدَّ واسترددْ، واردُدْن يا نسوة، وردُّوا، واستردُّوا. 4 حكم المثال: قد تقدم أنه إما يائىّ الفاء، أو واويُّها. فاليائي لا يحذف منه المضارع شيء، إلا لفظين حكاهما سيبويه، وهما يَسرَ البعيرُ يَسِرُ، كوعَدَ يَعِدُ، من اليَسْر كالضَّرب: أى اللين والانقياد، ويَئِسَ فى لغة. والواوىّ تحذف فاؤه من المضارع، إذا كان على وزن يفعِلِ بكسر العين، وكذا من الأمر، لأنه فرعه، نحو: وعَد يعِد عِدْ، ووزَنَ يَزِنْ زِنْ. وأما إذا كان يائيًا كينَعَ يَيْنَع، أو كان واويًا، وكان مضارعه على وزن يفعُل بضم العين، نحو: وَجُه يَوْجُه، أو على وزن يفْعَل بفتحها نحو: وجِل يَوْجَل، فلا يُحْذف منه شيء وسمع يا جَل ويَبْجَل. وشذَّ يَدَع، ويَزَع، ويَذَر، ويضَعِ ويَقَع ويَلَع ويَلَغ ويَهَب بفتح عينها، وقيل: لا شذوذ إذ أصلها على وزن يفعِل بكسر العين، وإنما فتحت لمناسبة حرف الحلق، وحُمل يذَر على يَدَع. أما الحذف فى يَطأ ويَسَعُ فشاذّ اتفاقًا، إذا ماضيها مكسور العين، والقياس فى عين مضارعه الفتح. وأما مصدر نحو: وَعَدَ ووزَنَ، فيجوز فيه الحذف وعدمه، فتقول: وعد يعد عِدَةً وَوَعْدًا، وَوَزَن يزِن زنَة ووَزنا، وإذا حذفت الواو من المصدر عوِّضت عنها تاء فى آخره، كما رأيت، وقد تحذف شذوذاً كقوله: إِن الخليط أجدُّوا البَيْن فانجرَدُوا ... وأخلفوك عن الأمرِ الذى وعدُوا وشذ حذفُ الفاء فى نحو رِقة: للفضة، وحِشة بالمهملة للأرض الموحِشة. وجِهة للمكان المتَجِه إليه، لانتفاء المصدرية عنها. 5 حكم الأجوف الأجوف: إن أعِلَّت عينه، وتحركت لامه، ثبتت العين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 وإن سكنت بالجزم، نحو: لم يقل، أو بالبناء فى الأمر، نحو: قُلْ، أو لاتصاله بضمير رفع متحرِّك، حُذفت عينه، وذلك فى الماضى، بعد تحويل فعَلَ بفتح العين إلى فعُل بضمها إن كان أصل العين واوًا كقال، وإلى فعِل بالكسر إن كان أصلها ياء كباع، وتنقل حركة العين إلى الفاء فيهما، لتكون حركة الفاء دالة على أن العين واو فى الأوَّل، وياء فى الثانى، تقول قُلْتُ وبِعْتُ، بالضم فى الأوَّل، والكسر فى الثانى. بخلاف مضموم العين ومكسورها، كطال وخافَ، فلا تحويل فيهما، وإنما تنقل حركة العين إلى الفاء، للدلالة على البِنية، تقول: طُلْت وخِفت، بالضم فى الأوْل، والكسر فى الثانى. هذا فى المجرَّد، والمزيدُ مثله فى حذف عينه إن سكت لامه، وَأَعِلَّت عينه بالقلب، كأقمت واستقمت، واخترت وانقدت. وإن لم تعلّ العين لم تحذف، كقاوَمْت، وَقوَّمْت. 6 حكم الناقص، إذا كان الفعل الناقص ماضيًا، وأسند لواو الجماعة، حذفَ منه حرف العلة، وبقى فتحُ ما قبله إن كان المحذوف ألفًا، ويضم إن كان واواً أو ياء، فتقول فى نحو: سَعَى سَعَوْا1، وفى سَرُو ورَضيَ سَرُوا ورَضوا2. وإذا أُسْنِد لغير الواو من الضمائر البارزة، لم يحذف حرف العلة، بل يبقى على أصله، وتقلب الألف واواً أو ياء تبعًا لأصلها، إِن كانت ثالثة، فتقول فى نحو سَرُو سَرُونا. وفى رَضيَ رضِينا، وفى غزا ورمى غَزَونا ورَمَينا، وغَزَوا ورَميا: فإن زادت على ثلاثة قلبت ياء مطلقًا، نحو: أعْطَيْتُ واستعطيت، وإذا لحقت تاء التأنيث ما آخِره ألف حذفت مطلقًا، نحو: رَمتْ، وأعطت، واستطعت، بخلاف ما آخره واو أو ياء، فلا يحذف منه شيء. وأما إذا كان مضارعًا، وأسند لواو الجماعة أو ياء المخاطبة، فيحذف حرف العلة، ويفتح ما قبله إن كان المحذوف ألفًا، كما فى الماضى، ويؤتى بحركة مجانسة لواو الجماعة، أو ياء المخاطبة، إن كان المحذوف واوًا أو ياءً، فتقول فى نحو يسعَى: الرجال   1 كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا} [سبأ: 5] .ن 2 كقوله تعالى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} [التوبة: 87-93] .ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 يَسْعَوْن1، وتَسْعَينْ يا هند، وفى نحو: يغزُو ويرمى: الرجال يغزُون ويرمُون، وتغزِين وترمِين يا هند. وإذا أسند لنون النسوة لم يحذف حرفُ العلة، بل يبقى على أصله، غير أن الألف تقلب ياء، فتقول فى نحو: يغزو ويرمى: النساء يغزُون ويرمِين، وفى نحو يسعَى: النساء يسعَيْن. وإذا أسند لنون النسوة لم يحذف منه شيء أيضًا، وتقلب ياءً، نحو: الزيدان يغزُوَان ويرميان ويَسعَيان. والأمر كالمضارع المجزوم، فتقول، اغزُ، وارمِ، واسعَ، واغْزُوَا، وارمِيا، واسْعَيَا، واغْزُوا، وارْمَوْا، واسْعَوْا2. 7 حكم اللفيف: إن كان مفروقًا، فحكم فائه مطلقًا حكم فاء المثال وحكم لامه حكم لام الناقص، كوقَى تقول: وَقَى يَقِي قِهْ؛ وإن كان مقرونًا، فحكمه حكم الناقص، كطَوى يطوِي اطْوِ.. إلى آخره. تنبيه - يتصرف الماضى باعتبار اتصال ضمير الرفع به إلى ثلاثَةَ عَشَرَ وَجْهًا: اثنان للمتكلم نحو: نَصَرْتُ، نصرنا. وخمسة للنخاطب نحو: نصرتْ، نصرَتا، نصَرْنَ. وكذا المضارع، نحو: أنصُرُ، ننصُرُ تَنصُرُ يا زيد، تنصُران يا زيدان، أو يا هندان، تنصرُون، تنصرين، تنصرْنَ، ينصُر، ينصرُونَ. هند تنصُر، الهندان تنصران، النسوة ينصرْنَ. ومثله المبنى للمجهول. ويتصرف الأمر إلى خمسة: انصُرْ، انصرَا، انصُرُوا، انصُري، انصُرْنَ.   1 كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} [سبأ: 38] .ن. 2 كقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] .ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 الباب الثانى: فى الكلامِ على الاسم التقسيمُ الأول للاسم، من حيثُ التجرُّدُ والزيادةُ ... الباب الثاني: في الكلامِ على الاسم: وفيه عدَّةُ تقاسيم: التقسيمُ الأول للاسم، من حيثُ التجرُّدُ والزيادةُ ينقسم الاسم إلى مجرَّد ومزيد، والمجرد إلى ثُلاثي، ورُباعي، وخماسي. 1 فأوزن الثلاثىّ المتفق عليها عشْرة: فَعْلِ، بفتح فسكون، كسَهْم وسَهْل، فَعَل، بفتحتين: كقََمَرَ وبَطَل. فَعِل، بفتح فكسر، ككَتِف. وحَذِر. فَعُل: بفتح فضم، كعَضُد ويَقُظ1. فِعْل: بكسر فسكون، كحِمْل ونِكْس. فِعَل، بكسر ففتح، كَعِنب وزِيَم: أى متفرق. فِعِل: بكسرتين: كإبل ويلز2، وهذا الوزن قليل، حتى ادَّعى سيبويه أنه لم يرد منه إلا إِبِل. فُعْل: بضم فسكون، كقُفْل وحُلْو. فُعَل: بضم ففتح، كصُرَد وحُطَم. فُعُل: بضمتين، كَعُنُق، وناقة سُرُح: أى: سريعة3. وكانت القسمة العقلية تقتضى اثنى عشر وزنًا، لأن حركات الفاء ثلاث، وهى: الفتح والضم والكسر، ويجرى ذلك فى العين أيضًا، ويزيد السكون والثلاثة فى الأربعة باثني عشر، يَقِلُّ فُعِل بضم فَكَسرٍ، كدُئِل: اسم لدويْبة، أو اسم قَبيلة، لأن هذا الوزن قُصِد تخصيصه بالفعل المبنى للمجهول. وأما فِعُل، بكسر فضم، فغير موجود، وذلك لعسر الانتقال من كسر إلى ضم. ويُجاب عن قراءة بعضهم: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} بكسر فضم، بأنه مِن تداخل اللغتين فى جزأىِ الكلمة، إذ يقال حُبُك4 بضمتين، وحِبِك بكسرتين، فالكسر في الفاء في الثانية، والضم فى العين من الأولى. وقيل كُسِرَت   1 في إحدى لغتيه، والكسر أشهر. 2 يقال: امرأة بلز: أي ضخمة. 3 الأول من جميع الأمثلة المذكورة اسم، والثاني وصف. اهـ. 4 الحبك، جمع حباك ككتاب وهي طرق النجوم في السماء. اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 الحاء إتباعًا لكسرة تاء ذات1. ثم إن بعض هذه الأوزان قد يُخفَّف، فنحو كَتِف، يخفف بإسكان العين فقط، أو به مع كسر الفاء. وإذا كان ثانيَهُ2 حرفُ حلق، خُفِّف أيضًا مع هذين بكسرتين، فيكون فيه أربَعُ لغات كفخد. ومثل الاسم فى ذلك الفعل كشَهِد، ونحو عَضُد وإِبِل وعُنُق، يخفَّف بإِسكان العين. 2- وأوزان الاسم الرُّباعي المجرّد المتفق عليها خمسة: فَعْلَل: بفتح أوله وثالثه وسكون ثانيه كجَعفَر، وفِعْلِل: بكسرهما وسكون ثانيه كزِبْرِج للزينة. وفُعْلُل: بضمها وسكون ثانيه، كبُرْثُنٍ لِمَخْلِب الأسد. وفِعَلّ، بكسر ففتح فلام مشدَّدة كقِمَطْر، لوعاء الكتب، وفِعْلَل بكسر فسكون ففتح كدِرْهَم. وزاد الأخفش وزن فُعْلَل، بضم فسكون ففتح، كَجُخْدَب: اسم للأسد. وبعضهم يقول إنه فرع جُخْدُب بالضم. والصحيح أنه أصل ولكنه قليل. 3 وأوزان الخماسيِّ أربعة: فَعَلَّل، فتحات، مُشدد اللام الأولى، كسفرجل. وفَعْلَلِل: بفتح أوَّله وثالثه، وكسر رابعه كجَحَْمَرِش للمرأة العجوز. وفَعْلَلُّ: بكسرفسكون ففتح، مشدَّد اللام الثانية كقِرْطَعْب: للشيء القليل. وفُعَلِّل: بضم ففتح فتشديد اللام الأولى مكسورة كقُذَعْمِل، وهو الشيء القليل. تنبيه -قد عَلِمت مما تقدم أن الاسم المتمكن لا تقل حروفه الأصلية عن ثلاثة، إلا إذا دخله الحذف، كَيَد وَدَم، وعِدَة وسِنة، وأن أوزان المجرَّد منه عشرون، أو واحد وعشرون، كما تقدَّم. 4 وأما المزيد فيه فأوزانه كثيرة، ولا يتجاوز بالزيادة سبعة أحرف، كما أن الفعل لا يتجاوز بالزيادة ستة. فالاسم الثلاثيُّ الأصول المَزِيد فيه نحو اشهيباب، مصدر اشهابَّ   1 في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] . 2 يصح أن نقول: "ثانيهِ حرفَ" و "ثانيَهُ حرفُ" لأن كلا الكلمتين تعربُ اسمًا لـ"كان" وخبرًا لها. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 والرباعى الأصول المزيد فيه نحو احْرنجام، مصدر احرَنجَمَتِ الإِبلُ إذا اجتمعت. والخماسى الاصول لا يُزاد فيه إلاَّ حرف مدٍّ قبل الآخر أو بعده، نحو عَضْرَفُوط، مُهْمَل الطَّرفين، بفتحين بينهما سكون، مضموم الفاء: اسم لدُوَيْبَة بيضاء، وَقَبَعْثَرى، بسكون العين وفتح ما عداها: اسم للبعير الكثير الشعر. وأما نحو خَنْدَرِيس: اسم للخمر، فقيل إنه رباعيٌّ مزيد فيه، فوزنه فنعليل، والأوْلى الحكم بأصالة النون، إذ قد ورد هذا الوزن فى نحو بَرْقعيد: لبلَد، ودَرْدَبيس: للداهية، وسَلْسَبيل: اسم للخمر، ولِعينٍ فى الجنة، قيل معرَّب، وقيل عَربيٌّ منحوت من سَلِسَ سَبيلُه، كما في شفاء الغليل. وبالجملة فأوزان المزيد فيه تبلُغ ثلاثَ مِئَة وثمانية، على ما نقله سيبويه؛ وزاد بعضُهم عليها نحو الثمانين، مع ضَعْف فى بعضها، وسيأتى إن شاء الله تعالى فى باب الزيادة قانونٌ به يعرف الزائد من الأصليِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 التقسيم الثانى للاسم: مِنْ حَيْثُ الجُمُوْدُ والاشْتِقَاقُ ينقسم الاسم إلى جامد ومشتقٍّ. فالجامد: ما لم يؤخذ من غيره، ودلَّ عَلَى حَدَث، أو معنى من غير ملاحظة صفة، كأسماء الأجناس المحسوسة، مثل: رجُل وشجَر وبَقر، وأسماء الأجناس المعنوية، كنصْر وفَهْم وقيام وقعود وضَوء ونُور وزَمان. والمشتق: ما أخِذَ من غيره، ودل على ذات، مع ملاحظة صفة، كعالِم وظريف. ومن أسماء الأجناس المعنوية المصدر ية يكون الاشتقاق، كفَهِم من الفهم، ونصرَ من النصر. وندر الاشتقاق من أسماء الأجناس المحسوسة، كأورقتِ الأشجارُ، وأسبعتِ الأرضُ: من الوَرَق والسَّبُع، وكعقْرَبْتُ الصُّدْغ، وفَلْفَلْتُ الطعام، ونَرْجَسْتُ الدواء: من العَقْرب، والنَّرْجس، والفُلْفُل، أى: جعلت شَعر الصدغ كالعقرب: وجعلت الفلفل فى الطعام، والنرجس فى الدواء. والاشتقاق: أخذ كلمة من أخرى، مع تناسب بينهما فى المعنى وتغيير فى اللفظ. وينقسم إلى ثلاثة أقسام: صغير، وهو ما اتحدت الكلمتان فيه حروفًا وترتيبًا، كعَلِمَ من العلم، وفهِم من الفهم. وكبير، وهو ما اتحدتا فيه حروفًا لا ترتيبًا، كجَبَذ من الجَذْب. وأكبر: وهو ما اتحدتا فيه أكثر الحروف، مع تناسب فى الباقى كنَعَقَ من النّهْق، لتناسب العين والهاء فى المخرج. وأهم الأَقسام عند الصرفىّ هو الصغير: وأصل المشتقات عند البصريين المصدر، لكونه بسيطًا، أى: يَدُل على الحَدَث فقط، بخلاف الفعل، فإنه يَدُلُّ عَلَى الحدث والزمن. وعند الكوفيين: الأصل الفعل، لأن المصدر يجيء بعده في التصريف، والذي عليه الصوفيون الأوّل. ويُشتق من المصدر عشرة أشياء: الماضى، والأمر، وقد تقدمت؛ واسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم التفضيل، واسماء الزمان والمكان، واسم الآلة. ويلحق بها شيئان: المنسوبُ والمصغر. وكل يحتاج إلى البيان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 المَصْدَر: قد علمتَ أن أبنية الفعل ثُلاثية، ورُباعية، وخُماسية، وسُداسية؛ ولكل بناء منها مصدر. مصادر الثلاثي قد تقدم أن للماضى الثلاثىِّ ثلاثةَ أوزان: فَعَل بفتح العين، ويكون متعدِّيًا كضربه، ولازمًا كقَعَد، وفَعِل: بكسر العين، ويكون متعديًا أيضًا كفَهِم الدَّرس، ولازمًا كرضِىَ، وفَعُل: بضم العين، ولا يكون إلا لازمًا. 1، 2: فأما فَعَل بالفتح، وفَعِل بالكسر المتعدِّيان، فقياس مصدرهما: فَعْل، بفتح فسكون، كضَرَبَ ضَرْبًا، وَرَدَّ رَدًّا، وفَهِمَ فَهْمًا، وأَمِنَ أَمْنًا، إلا إن دل الأول على حِرفة، فقياسه فِعَالَة بكسر أوَّله، كالخِياطة والحِياكة. 3 وأما فَعِلَ بكسر العين اللازم، فمصدرُه القياسىّ: فَعَل بفتحتين، كفَرَح فَرَحًا وجَوِيَ جَوَىً، وَشَلَّ شَلَلًا1؛ إلا إن دل على حِرفة أو وِلاية، فقياسه: فِعَالَة، بكسر الفاء، كوَلِيَ عليهم وِلَاية2. أو دلَّ على لون، فقياسه: فُعْلَة، بضم فسكون كحَوِيَ حُوَّة، وحِمِرَ حُمْرة، أو كان علاجًا ووصفُه على فاعل، فقياسه: الفُعول، بضم الفاء، كأزِف الوقت أزُوفا، وقدم من السفر قدُومًا، وصَعِد فى السُّلَمِ والدَّرج صُعُودًا. 4 وأما فَعَل بالفتح فقياس مصدره: فُعُول، بضم الفاء، كقَعَد قُعُودًا، وجَلَسَ جُلٌوسًا، ونَهَضَ نُهُوضًا، ما لم تعتلّ عينه، وإلا فيكون على فَعْل بفتح فسكون كسَيْر أو فُعَال كقِيَام، أو فِعَالة كنِيَاحة. وما لم يَدُلَّ على امتناعٍ، وإلا فقياس مصدره فِعَال بالكسر، كأبَى إباءً، ونَفَر نِفَارًا، وجَمَعَ جِمَاعًا، وأَبَقَ إِبَاقًا. أو على تقلُّب فقياس مصدره: فَعَلَان، بفتحات كجَالَ جَوَلَانًا، وغَلَى غَلَيَانًا. أو على داءٍ، فقياسه فُعَال   1 قوله: وشل شللا، بفك المصدر ، ويجوز إدغامه، ويقال: شُلَّت يده وأُشِلَّت مجهولين، كما في القاموس وغيره. 2 الولاية من الحرف، فلذا استغنى عن التمثيل الثاني، وعدي بعلى، لصحة التمثيل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 بالضم كمَشَى بَطْنُه مُشَاء. أو على سير فقياسه: فَعِيل، كرَحَلَ رَحِيْلًا، وذَمَلَ ذَمِيْلًا. أو على صوت فقياسه: الفُعَال بالضَّم والفَعِيْل، كصَرَخَ صُرَاخًا، وعَوَىَ الكَلب عُواء، وصَهَل الفرس صَهيلاً، ونَهَقَ الحمار نَهِيْقًا، وزَأَرَ الأسد زَئِيْرًا. أو على حرفة أو وِلاية فقياس مصدره فِعَالَة بالكسر، كتَجَرَ تِجَارَة، وَعَرَفَ على القوم عِرَافَة: إذا تكلم عليهم، وسَفَرَ بينهم سِفَارَة: إذا أصلح. 5 وأما فَعُل بضم العين فقياس مصدره: فُعولة، كصعب الشيء صُعوبة، وعذُب الماء عُذوبة، وفعالة بالفتح، كبَلُغَ بَلَاغة، وفَصُحَ فَصَاحَة، وصَرُحَ، صَراحة. وما جاء مخالفًا لما تقدَّم فليس بقياسى؛ وإنما هو سماعىّ، يُحفظ ولا يُقاس عليه. فمن الأول: طَلَبَ طَلَبًا، ونَبَتَ نَبَاتًا، وكَتَبَ كِتَابًا، وحَرَسَ حِرَاسَة، وحَسَبَ حُسْبَانًا، وشَكَرَ شُكْرًا، وذَكَرَ ذِكْرًا، وكَتَم كِتْمَانًا، وكَذَبَ1 كَذِبًا، وغَلَبَ غَلَبَة، وحَمَى حِمَايَة، وغَفَرَ غُفْرَانًا، وعَصَى عِصْيَانًا، وقَضَى قَضَاءً، وهَدَى هِدَايَة، ورَأَى رُؤْيَة. ومن الثانى: لَعِبَ لَعِبًا، ونَضِجَ نُضْجًا، وكَرِهَ كَرَاهِيَة، وسَمِنَ سِمَنًا، وقَوِى قُوَّة، وقَبِلَ قَبُولًا، وَرَحِمَ رَحْمَةً. ومن الثالث: كَرُمَ كَرَمًا، وَعَظُمَ عِظَمًا، ومَجُدَ مَجْدًا، وحَسُنَ حُسْنًا، وحَلُمَ حِلْمًا، وجَمُلَ جَمَالًا. مصادر غير الثلاثى: لكل فعل غير ثلاثىّ مصدرٌ قياسىّ: 1 فمصدر فَعَّل بتشديد العين: التفعيل، كطهَّر تطهيرًا2، ويَسَّر تيسيرًا، هذا إذا كان الفعل صحيح اللام. وأما إذا كان معتلَّها فيكون على وزن تَفْعِلَة، بحذف ياء التَفْعِيل، وتعويضها بتاء فى الآخر، كزكَّى تَزْكية، ورَبَّى تَرْبية، وندر مجيء الصحيح على   1 في الأصل: "كَذِب" وهو خطأ مطبعي. ن. 2 قال تعالى: {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] .ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 تفعلة، كجَرَّبَ تَجْرِبَة، وذَكَّرَ تَذْكِرَة، وبَصَّرَ تَبْصِرَةً، وفَكَّرَ تَفْكِرَةً، وكَمَّلَ تَكْمِلَة وفَرَّقَ تَفْرِقَةً، وكَرَّمَ تَكْرِمَةً. وقد يُعَامَلُ مهموز اللام معاملة معتلها فى المصدر، كَبرَّأ تبرئة، وجزَّأ تجزئة، والقياس تبريئًا وتجزيئًا. وزعم أبو زيد أن ورُود تَفْعِيل فى كلام العرب مهموزًا أكثر من تَفْعِلة فيه، وظاهر عبارة سيبوبه يفيد الاقتصار إلى ما سُمِعَ، حيث لم يرد منه إلا نَبَّأ تنبيئًا. 2 ومصدر أفعَلَ: الإفعال كأكرم إكرامًا، وأحسن إحسانًا، هذا إذا كان صحيح العين، أما إذا كان معتلّها، فتنقل حركتها إلى الفاء، وتقلب ألفا، لتحركها بحسب الأصل، وانفتاح ما قبلها بحسب الآن، ثم تحذف الأَلف الثانية لالتقاء الساكنين، كما سيأتى، وتعوّض عنها التاء كأقام إقامَة، وأناب إنابة، وقد تحذف التاء إذا كان مضافًا، على ما اختاره ابن مالك، نحو {وَإِقَامِ الصَّلاةِ} [النور: 37] . وبعضهم يحذفها مطلقًا. وقد يجيء على فَعال بفتح الفاء، كأنبت نَباتًا1، وأعطى عَطاء، ويُسَمونه حينئذ اسم مصدر. 3 وقياس مصدر ما أوله همزةُ وَصْلٍ قياسية كانطلق واقتدر، واصطفى واستغفر، أن يُكْسَر ثالث حرف منه، ويزاد قبل آخره ألف، فيصير مصدرًا، كانطلاق واقتدار، واصطفاء واستغفرار، فخَرَج نحو الطَّاير والطَّير، فمصدرها التَّفَاعُل والتَّفعُّل، لعدم قياسية الهمزة. وإنِ 2 استَفْعَلَ معتلَّ العين عُمِل فى مصدره ما عُمِل فى مصدر أفْعَلَ معتل العين، كاستقام استقامة، واستعاذ استعاذة. 4 وقياس مصدر ما بُدِئَ بتاء زائدة: أن يضم رابعه، نحو تَدَحْرَجَ تَدَحْرُجًا، وتَشَيْطَنَ تَشَيْطُنًا، وتَجَوْرَبَ تَجَوْرُبًا، لكن إذا كانت اللام ياءً كُسِر الحرف المضموم، ليناسب الياء، كتوانَى توانِيًا وتغالَى تغالِيًا. 5 وقياس مصدر فَعْلَل وما ألحق به: فَعْلَلَة، كدَحرج دَحْرجة وزَلْزَل زَلْزَلة،   1 نحو قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] . 2 وجدت في نسخة: "ثمَّ إن استَفْعَل" وعلى هذا تكون كلمة "معتلٌّ" مضمومة. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 ووَسْوَسَ وَسْوَسَة، وبَيْطَرَ بَيْطَرَة، وفِعْلَال بكسر الفاء، إن كان مضاعفًا، نحو زَلْزَلَ زَلْزَلة، ووَسْوَسَ وسوسًا؛ وهو فى غير المضعف سَماعىّ كسَرْهَف1 سِرْهَافًا، وإن فُتِحَ أول مصدر المضاعف، فالكثير أن يُراد به اسم الفاعل نحو قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاس} [الناس: 4] أى المُوَسْوِس. 6 وقياس مصدر فاعل: الفِعَال بالسِّر والمُفَاعلة، كقاتل قتالاً ومُقاتلة، وخاصَم خِصامًا ومُخاصمة، وما كانت فاؤه ياء من هذا الوزن يمتنع فيه الفِعال، كيَاسَر مُياسرة، ويَامن مُيامنة، هذا هو القياس. وما جاء على غير ما ذكر فشاذ، نحو كذَّبَ كَذَّابًا2، والقياس تكْذِيبًا، وكقوله: باتَ يُنَزِّي دَلْوَهُ تَنْزِيّا ... كَمَا تُنَزِّي شَهْلَةٌ صَبِيَّا3 والقياس: تَنْزِيَةً. وقولهم: تَحَمَّلَ تِحِمَّالًا بكسر التاء والحاء وشد الميم، والقياس تَحَمُّلا. وتَرامَى القَوم رِمِّيًّا، بكسر الراء والميم مشددة، وتشديد الياء، وآخره مقصور4. والقياس: تَرامِيًا. وحَوْقَلَ الرجل حِيْقَالًا: ضَعُفَ عن الجِمَاعِ، والقياس حَوْقَلَةً، واقْشَعَرَّ جِلْدُه قُشَعْرِيْرَة، بضم ففتح فسكون: أى: أخذته الرَّعْدَة، والقِيَاس اقْشِعْرارًا. فائدة: كلُّ ما جاء على زنة تَفْعَال فهو بفتح التاء، إلا تِبْيَان، وتِلْقَاء، والتِّنْضَال، من المناضلة، وقيل هو اسم، والمصدر بالفتح. تنبيهات الأول: يصاغ للدلالة على المَرة من الفعل الثلاثي مصدر على وزن فَعْلَة بفتح فسكون، كجَلَسَ جَلْسَة، وأَكَلَ أَكْلَة. وإذا كان بناء مصدره الأصلي بالتاء، فيُدل على   1 سرهفت الصبي: أحسنت غذاءه. 2 نحو قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} [النبأ: 28] .ن. 3 كذا روي البيت في التهايب والصحاح. وانظر هامش "اللسان: شهل". 4 يقال: كانت بين القوم رميًّا، أي مراماة، وألفه مقصورة التأميث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 المَرَّة بالوصف، كرَحِمَ رَحْمَةً واحدة. ويُصاغ منه للدلالة على الهيئة مصدر على وزن فِعْلَة بكسر فسكون، كجَلَسَ جِلْسَة، وفى الحديث: "إذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة" 1. وإذا كانت التاء، فيُدَل على المرة بالوصف، كرَحِمَ رَحْمة واحدة. والمرة من غير الثلاثى، بزيادة التاء على مصدره كانطلاقة، وإن كانت التاء فى مصدره دُلَّ عليها بالوصف، كإقامة واحدة. ولا يُبْنَى من غير الثلاثى مصدر للهيئة، وشَذَّ2 خِمْرَة ونِقْبَة وعِمَّة، من اختمرت المرأة، وانتقبت، وتَعَمَّم الرجل. الثانى: عندهم مصدر يقال له المصدر الميمى لكونه مبدوءً بميم زائدة. ويصاغ من الثلاثى على وزن مَفْعَل، بفتح الميم والعين وسكون الفاء، نحو مَنْصَر ومَضْرَب، و3 ما لم يكن مثالاً صحيح اللام، تحذف فاؤه فى المضارع كوَعَدَ، فإنه يكون على زنة مَفْعِل، بكسر العين، كمَوْعِد ومَوْضِع. وشَذَّ من الأول: المرجِع والمَصِير، والمعرِفة، والمقدِرة، والقياس فيها الفتح. وقد ورد الثلاثة الأولى بالكسر، والأخير مثلّثًا4، فالشذوذ فى حالتى الكسر والضم. ومن غير الثلاثى: يكون على زنة اسم المفعول، كمُكْرَم، ومُعَظَّم، ومُقَام. الثالث: يصاغ من اللفظ مصدر، يقال له المصدر الصناعى، وهو أن يُزاد على اللفظة ياء مشددة، وتاء التأنيث، كالحرية، والوطنية، والإنسنانية، والهمَجِيّة، والمدَنية.   1 حديث أخرجه مسلم في صحيحه. 2 في الأصل: و"شدّ" بالدال. ن. 3 أضفنا "و" لكي يستقيم الكلام. ن. 4 قوله مثلثا يعني: "المقدَرة" بالضم والفتح والكسر. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 اسم الفاعل هو ما اشْتُقَّ من المصدر المبنى للفاعل، لمن وقع منه الفعل، أو تعلق به. وهو من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 الثلاثى على وزن فاعِل غالبًا، نحو نَاصِر، وضَارِب، وقَابِل1، ومَادّ وراق2، وطاو، وبائع. فإن كان فعله أجوف مُعَلاَّ قلبت ألفه همزة3، كما سيأتي في الإعلال. و4 من غير الثلاثى على زِنَة مضارعه، بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة، وكَسر ما قبل الآخر، كمُدَحْرِج ومُنْطَلِق ومُسْتَخْرِج، وقد شَذّ من ذلك ثلاثة ألفاظ، وهى أسْهَب فهو مُسْهَب، وأحْصَن فهو مُحْصَن، وألفج بمعنى أفلس فهم مُلْفَج، بفتح ما قبل الآخر فيها. وقد جاء من أفعل على فاعِل، نحو أعشب المكان فهو عاشِب، وأورَس فهو وارس، وأيفع الغلام فهو يافع، ولا يقال فيها مُفَعِل. وقد تُحوَّل صيغة فاعل للدلالة على الكثرة والمبالغة فى الحَدَث، إلى أوزان خمسة مشهورة، تُسَمَّى صِيغ المبالغة، وهى فَعَّال: بتشديد العين، كأَكَّال وشرَّاب. ومِفعال: كمِنحار. وفَعُول: كغَفُور. وفَعِيل: كسميع. وفَعِل: بفتح الفاء وكسر العين كحذِرٌ. وقد سُمِعت ألفاظ للمبالغة غير تلك الخمسة، منها فِعِّيل: بكسر الفاء وتشديد العين مكسورة كسِكِّير. ومِفْعيل: بكسر فسكون كمِعْطير، وفُعَلة: بضم ففتح، كهُمَزَة، ولُمَزة. وفاعُول: كفاروق. وفُعال: بضم الفاء وتخفيف العين أو تشديدها، كطُوّال وكُبّار، بالتشديد أو التخفيف، وبهما قرئ قوله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} [نوح: 22] . وقد يأتى فاعل مرادًا به اسم المفعول قليلًا، كقوله تعالى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] أى مَرْضية، وكقول الشاعر: دعِ المكارمَ لا ترحلْ لِبغْيتها ... واقعدْ فإنك أنت الطاعمُ الكاسي5   1 يقال أقبل العام فهو مقبل، وقبل كقعد فهو قابل، ومنه "لئن بقيتُ إلى قابل" -الحديث اهـ. 2 أي صاعد. ن. 3 مثل: "قال: قائل".ن. 4 ما بين المعقوفتين زيادة منا ليستقيم الكلام. ن. 5 البيت للحطيئة يهجو الزبرقان بن بدر من رؤساء بني تميم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 أى المطعوم المكسىّ، كما أنه قد يأتى مُرادًا به النسب، كما سيأتى1. وقد يأتى فعيل مرادًا به فاعِل، كقدير بمعنى قادر. وكذا فَعُول بفتح الفاء، كغفور بمعنى غافر.   1 راجع "ص113" موضوع "النسب". ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 اسم المفعول هو ما اشْتُق من مصدر المبنى للمجهول، لمن وقع عليه الفعل. وهو من الثلاثى على زنة مَفْعُول كمَنْصور، وموعود، ومَقُول، ومَبيع، ومَرْمِيّ، ومَوْقِيّ، ومَطْوِي. أصل ما عدا الأولين مَقْوُوْل، ومَبْيُوع، ومَرْمُوي، ومَطْوُوي، كما سيأتى فى باب الإعلال. وقد يكون على وزن فَعيل كقَتيل وجريح. وقد يجيء مفعول مرادًا به المصدر، كقولهم: ليس لفلان مَعْقُول، وما عنده مَعلوم: أى عَقْل وعِلم. وأما من غير الثلاثيِّ، فيكون كاسم فاعله ولكن بفتح ما قبل الآخِر، نحو مُكْرَم، ومُعَظَّم، ومُسْتعان به. وأما نحو مُخْتار ومُعْتَد ومُنْصَب ومُحَاب ومُتَحَاب، فصالح لاسمَى الفاعل والمفعول، بحسب التقدير. ولا يصاغ اسم المفعول من اللازم إلا مَعَ الظرف أو الجار والمجرور أو المصدر، بالشروط المتقدمة فى المبنىّ للمجهول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الصفة المشَبَّهةُ باسم الفاعل هى لفظٌ مَصُوغٌ من مصدر اللازم، للدلالة على الثُّبوت. ويغلب بناؤها من لازم باب فرِح، ومن باب شرُف؛ ومن غير الغالب نحو سيّد ومَيِّت: من ساد يسود ومات يموت، وشيْخ: من شاخ يشيخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 وأوزانها الغالبة فيها اثنا عشر وزنًا: اثنان مختصان بباب فَرِحَ، وهما: 1 أفْعَل الذى مؤنثه فَعْلَاء، كأحمر وحمراء. 2 وفَعْلَان الذى مؤنثه فَعْلى، كعطشان وعَطْشَى. وأربعة مختصة بباب شَرُفَ، وهى: 1 فَعَل بفتحتين، كحَسَن وبَطَل1. 2- وفُعُل بضمتين كجُنُب، وهو قليل2. 3 وفُعال بالضم، كشُجاع وفُرات. 4 وفَعَال بالفتح والتخفيف، كرجل جَبَان، وامرأة حَصَان، وهى العفيفة. وستة مشتركة بين البابين: 1 فَعْل بفتح فسكون، كسَبْط3 وضَخْم. الأول: من سَبِط بالكسر، والثاني: من ضَخُم بالضم. 2 وفِعْل بكسر فسكون: كصِفْر ومِلْح، الأول: من صَفِر بالكسر، والثاني: من مَلُح بالضم. 3 وفُعْلٌ بضم فسكون، كحُرّ وصُلب. الأوَّل: من حَرّ، أصله حَرِر بالكسر، والثاني من صَلُبَ بالضم. 4 وفَعِل بفتح فكسر، كفَرِح ونَجِس. الأول: من فَرِح بالكسر، والثاني: من نَجُس بالضم. 5 وفاعل كصَاحب وطاهر. الأول: من صَحِب بالكسر، والثانى: من   1 حَسُنَ -يَحْسُن. 2 جَنُبَ -يَجْنُب. 3 السبط: القصير اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 طَهُر بالضم. 6 وفَعِيل كبَخِيل وكريم. الأول: من بَخِل بالكسر، والثانى: من كَرُم بالضم. وربما اشترك فاعل وفعيل فى بناءٍ واحد، كماجد ومجيد، ونابه ونبيه. وقد جاءت على غير ذلك، كشَكُسَ بفتح فضم، لسيء الخُلُقِ. ويطرِّد قياسُها من غير الثلاثى على زنة اسم الفاعل إذا أريد به الثبوت، كمعتدِل القامة، ومنطلِق اللسان، كما أنها قد تُحَوَّل فى الثلاثى إلى زنة فاعِل إذا أريد بها التجدُّد والحدوث: نحو: زيد شاجِع أمسِ، وشارِف غدًا، وحاسِن وجههُ، لاستعمال الأغذية الجيدة والنظافة مثلاً. تنبيهان الأول: بالتأمل فى الصفات الواردة من باب فَرِح، يُعْلَم أن لها ثلاث حالات، باعتبار نسبتها لموصوفها، فمنها ما يحصُل ويُسْرَع زواله، كالفرَح والطرَب. ومنها ما هو موضوع على البقاء والثُّبوت، وهو دائر بين الألوان، والعيُوب، والحِلَى، كالحُمرة، والسُّمْرة والحُمق والعمَى والغَيَد والهَيَف، ومنها ما هو فى أمور تحصل وتزول لكنها بطيئة الزوال، كالرِّى والعَطَش، والجوع والشِّبَع. الثانى: قد ظهر لك مما تقدم أن فَعيلًا يأتى مصدرًا، وبمعنى فاعِل، وبمعنى مفعول، وصفة مشبهة. ويأتى أيضًا بمعنى مُفاعِل، بضم الميم وكسر العين، كجَلِيس وسَمِير، بمعنى مُجالِس ومُسامر، وبمعنى مُفعَل بضم الميم وفتح العين، كحَكِيم بمعنى مُحْكَم، وبمعنى مُفعِل، بضم الميم وكسر العين، كبَدِيع بمعنى مُبْدِع. فإذا كان فعيل بمعنى فاعِل أو مُفَاعل أو صفة مشبهة، لحقته تاء التأنيث فى المؤنث، نحو رَحيمة، وشريفة، وجليسة ونديمة، وإن كان بمعنى مفعول، استوى فيه المذكر والمؤنث إن تَبع موصوفه: كرجل جَرِيح وامرأة جريح، وربما دخلته الهاء مع التبعية للموصوف، نحو صفة ذميمة، وخَصْلَة حميدة. وسيأتى ذلك فى باب التأنيث إن شاء الله تعالى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 اسم التفضيل 1هو الاسم المَصُوغ من المصدر للدلالة على أن شيئين اشتركا فى صفة، وزاد أحدهما على الآخر فى تلك الصفة. 2وقياسه أن يأتى على أفْعَل كزيد أكرم من عمرو، وهو أعظم منه، وخرج عن ذلك ثلاثة ألفاظ، أتَتْ بغير همزة، وهى خيرٌ وشرٌّ، وحبٌّ، نحو خيرٌ منه، وشرٌّ منه، وقولُه: وَحَبُّ1 شَىْءٍ إلى الإنسان ما مُنِعَا وحذفت همزتين لكثرة الاستعمال، وقد ورد استعمالهن بالهمزة إلى الأصل كقوله: بِلَالُ خَيْرِ النَّاسِ وابْنُ الْأَخْيَرِ وكقراءة بعضهم: {يَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ} [القمر: 26] بفتح الهمزة والشين، وتشديد الراء، وكقوله صلى الله عليه وسلم: "أحَبُّ الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإن قَلَّ" 2 وقيل: حذفها ضرورة فى الأخير، وفى الأولين، لأنهما لا فعل لهما، ففيهما شذوذان على ما سيأتى: 3 وله ثمانية شروط: الأول: أن يكون له فِعْل، وشذ مما لا فعل له: كهو أقْمَن3 بكذا: أى أحق به، وألَصُّ مِنْ شِظَاظْ4 بَنَوْه منْ قولهم: هو لصٌ أي سارق.   1 بمعنى: "وأحبُّ".ن. 2 حديث أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها. ن. 3 بنوه من قولهم: هو قمن بكذا، أو قمن بكذا: أي حقيق به وجدير به. تتمة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "وأما السجود فأكثروا فيه الدعاء، فَقَمِنٌ أن يستجاب لكم" أخرجه مسلم وأبو عوانة. 4 شِظاظ بكسر الشين: لص مشهور من بني ضبة، وقال ابن القطاع إن له فعلًا وهو لص إذا استتر، ومنه اللص بثليث اللام. وحكى غيره لصه إذا أخذه وحينئذ لا شذوذ فيه. اهـ. منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 الثانى: أن يكون الفعل ثلاثيًا، وشذ هذا الكلام أخْصَرُ من غيره، مِنْ اخْتُصِرَ المبنى للمجهول، وفيه1 شذوذ آخر كما سيأتى، وسُمِعَ2 هو أعطاهم بالدَّراهم، وأولاهم للمعروف، وهذا المكان أقفر من غيره، وبعضهم جوَّز بناءَه من أفعل مطلقًا، وبعضهم جوزه إن كانت الهمزة لغير النَّقل. الثالث: أن يكون الفعل متصرفًا، فخرج عَسَى وَلَيْسَ، فليس له أفعل تفضيل. الرابع: أن يكون حدوثه قابلاً للتفاوت: فخرج نحو مات وفَنِى، فليس له أفعل تفضيل. الخامس: أن يكون تامًّا، فخرجت الأفعال الناقصة، لأَنها لا تدل على الحدث. السادس: ألاّ يكون مَنفيًّا، ولو كان النفى لازمًا. نحو ما عاج زيد بالدواء، أى ما انتفع به، لئلا يلتبس المنفىّ بالمثبت. والسابع: ألاّ يكون الوصف منه على أفْعَل الذى مؤنثه فَعْلاء، بأن يكون دالاًّ على لون، أو عيب، أو حِلْية، لأن الصيغة مشغولة بالوصف عن التفضيل. وأهل الكوفة يصوغونه من الأفعال التي الوصف منها أفْعَل مطلقًا، وعليه دَرَجَ المتنّبى يخاطب الشيب قال: أبْعَدُ بَعِدْتَ بَيَاضًا لا بياضَ لَهُ ... لأنت أسودُ في عَيْنِي مِنَ الظُّلَمِ وقال الرَضِىّ فى شرح القافية: ينبغى المنع فى العيوب والألوان الظاهرة، بخلاف الباطنة، فقد يُصاغ من مصدرِها، نحو فلان أَبْلَهُ من فلان، وأَرْعَنُ، وأَحْمَقُ منه. والثامن: لا يكون مبنيًّا للمجهول وله صورةً، لئلا يلتبس بالآتى من المبنى للفاعل، وسمع شذوذا هو أزهى من دِيك، وأَشْغَلُ مِنْ ذَاتِ النَّحْيَيْنِ، وكلامٌ أخْصَرُ من غيره، من زُهِيَ بمعنى تكبر، واخْتُصِرَ، بالبناء للمجهول فيهن، وقيل: إن الأول قد ورد   1 في الأصل: "ففيه" وما أثبتناه أليق بالسياق. ن. 2 في الأصل "وسمح" وما أثبتناه أليق بالسياق. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 فيه زهَا يَزْهو، لا شُذُوذَ فيه. 4 ولاسم التفضيل باعتبار اللفظ ثلاث حالات الأول: أن يكون مجردًا ما أل والإِضافة، وحينئذ يجب أن يكون مفردًا مُذكرًا، وأن يُؤْتَى بعده بِمِنْ جَارَّة للمُفَضَّل عليه، نحو قوله تعالى: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا} [يوسف: 8] وقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 24] . وقد تُحْذَف من مَدْخُولها نحو: {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 17] وقد جاء الحذف والإثبات فى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرا} [الكهف: 34] . الثانية: أن يكون فيه ألْ، فيجب أن يكون مطابقًا لموصوفه، وَأَلاَّ يُؤْتَى معه بِمِن، نحو: محمد الأفضلُ، وفاطمة الفُضْلى، والزَّيدان الأفضلان، والزيدوان الأفضلون، والهِنْدات الفُضليات، أو الفُضَلُ. وأما الإتيان معه بمن مع اقترانه بأل فى قول الأعشى: وَلَسْتُ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمُ حَصَى ... وإِنَّمَا الْعِزَّةُ للكاثر فَخُرِّج على زيادة أل، أو أنَّ مِنْ مُتعلقة بأكثرِ نكرة محذوفة، مُبْدَلًا من أكثر الموجودة. الثالثة: أن يكون مضافاً. فإن كانت إضافته لنكرة: التُزم فيه الإفراد والتذكير، كما يُلْزمان المجرَّد، لاستوائهما فى التنكير، ولزمت المطابقةُ فى المضاف إليه، نحو الزيدان أفضل رجلين، والزيدون أفضلُ رِجال، وفاطمة أفضل امرأة. وأما قوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِه} [البقرة: 41] فعلى تقدير موصوف محذوف، أى: أول فريق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 وإن كانت إضافته لمعرفة: جازت المطابقةُ وعدمُها، كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123] وقوله: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: 96] بالمطابقة فى الأول، وعدمها فى الثانى. 5 وله باعتبار المعنى ثلاث حالات أيضاً: الأولى: ما تقدم شرحه: وهو الدلالة على أن شيئين اشتركا فى صفة وزاد أحداهما على الآخر فيها. الثانية: أن يُرادَ به أن شيئًا زاد فى صفة نفسه، على شيء آخر فى صفته، فلا يكون بينهما وصف مشترك، كقولهم: العسلُ أحْلَى من الخَلّ، والصيفُ أحرُّ من الشتاء، والمعنى: أن العسل زائد فى حلاوته على الخَلّ فى حُموضته، والصيف زائد فى حره، على الشتاء فى برده. الثالثة: أن يراد به ثبوت الوصف لمحلّه، من غير نظر إلى تفضيل، كقولهم: الناقصُ والأشَجُّ أعدلا بنى مَرْوان1: أى: هما العادلان، ولا عدلَ فى غيرهما، وفى هذه الحالة تجب المطابقة؛ وعلى هذا يُخَرَّج قولُ أبى نُوَاس: كَأَنَّ صُغْرَى وَكُبْرَى مِنْ فَقَاقِيعِهَا ... حَصْبَاءُ دُرٌّ عَلَى أَرْضٍ مِنَ الذَّهَبِ أى: صغيرة وكبيرة، وهذا كقول العروضين: فاصلة صُغْرى وفاصلة كُبْرَى. وبذلك يندفع القول بلحن أبي نُوَاس في البيت، اللهمَّ إلا إذا عُلم أن مراده التفضيل، فيقال إذ ذاك بلحنه، لأنه كان يَلْزمه الإفراد والتذكير، لعدم التعريف، والإضافة إلى معرفة.   1 الناقص: هو يزيد بن الوليد، سُمي بذلك لنقصه أرزاق الجند، والأشج: هو عمر بن عبد العزيز، لأنه كان به شجة في رأسه. اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 تنبيهان الأول: مِثْلُ اسمِ التفضيل فى شروطه فِعلُ التعجب1، الذى هو انفعال النفس عند شعورها بما خفى سببه. وله صيغتان: ما أفْعَله، وأفعِلْ به، نحو ما أحْسَن الصدقَ! وأحْسِن به! وهاتان الصيغتان هما المبوّب لهما في كتب اللغة العربية، وإن كانت صيغُه كثيرة، من ذلك قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة: 28] وقوله عليه الصلاة والسلام: "سُبْحَانَ اللهِ! إِنَّ المُؤْمِنَ لاَ يَنْجسُ حَيَّا ولا مَيِّتاً" 2! وقولهم: للهِ درُّه فارسا!. وقوله: يا جَارتا ما أنتِ جارَهْ! 3 وأصل أحْسِن بزيد! أحْسَنَ زيدٌ، أى: صار ذا حُسن، ثم أريد التعجب من حسنه فَحُول إلى صورة صيغة الأمر، وزيدت البناء فى الفاعل، لتحسين اللفظ. وأما ما أفْعَلُه! فإن ما: نكرة تامة، وأفْعَل: فعل ماض، بدليل لحاق نون الوقاية نحو: ما أحوجنى إلى عفو الله. الثانى: إذا أرت التفضيل أو التعجب مما لم يستوف الشروط، فأت بصيغة مستوفية لها، واجعل المصدر غير المستوفى تمييزاً لاسم التفضيل، ومعمولاً لفعل التعجب، نحو فلان أشدُّ استخراجا للفوائد، وما أشدَّ استخراجه، وأشدد باستخراجه.   1 معنى العبارة: "فعل التعجب في شروطه مثل اسم التفضيل".ن. 2 أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ن. 3 عجر بيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة، من بحر الكامل المجزوء المرفل، وصدره: بَانَتْ لتَجْزُنَنا عَفَارَه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 اسم الزمان والمكان ... اسما الزمان والمكان 1 هما اسمان مَصُوْغَان لزمان وقوع الفعل أو مكانِه. 2 وهما من الثلاثىِّ على وزن مَفْعَل بفتح الميم والعين، وسكون ما بينهما، إن كان المضارع مضمومَ العين، أو مفتوحَها، أو معتلَّ اللام مطلقا، كمَنْصَرَ، ومَذْهَبَ، وَمَرْمَى، ومَوْقَى، ومَسْعَى، ومَقَامَ، ومَخَاف، ومَرْضَى. وعلى مَفْعِل بكسر العين، إن كانت عين مضارعه مكسورة، أو كان مثالاً مطلقاً فى غير معتل اللام، كمَجْلِس، ومَبيع، ومَوْعِد، ومَيْسِر، ومَوْجِل، وقيل إن صحت الواو فى المضارع، كوَجِلَ يَوْجَل، فهو من القياس الأوَّل. ومن غير الثلاثي: على زنة اسم مفعول، كَمُكْرَم ومُسْتَخْرَج ومُسْتَعَان. ومن هذا يُعْلَمْ أن صيغة الزمان والمكان والمصدر الميمىّ واحدة فى غير الثلاثىّ، وكذا فى بعض أوزان الثلاثى، والتمييز بينها بالقرائن، فإن لم توجد قرينة، فهو صالح للزمان، والمكان والمصدر. 3 وكثيراً ما يُصاغ من الاسم الجامد اسم مكان على وزن مَفْعَلَة، بفتح فسكون ففتح، للدلالة على كثرة ذلك الشيء في ذلك المكان، كمَأْسَدة، ومَسْبَعة، ومَطْبَخة، ومَقْثَأة، من الأسد، والسَبُع، والبطِّيخ، والقِثَّاء. 4 وقد سُمعت1 ألفاظ بالكسر وقياسها الفتح، كالمسجِد: للمكان الذى بُنى للعبادة وإن لم يُسْجَد فيه، والمطلِع، والمسكِن، والمنسِك، والمنبِت، والمرِفق، والمسقِط، والمفرِق، والمحشِر، والمجزِر، والمظنِّة، والمشرِق، والمغرِب، وسُمع الفتح فى بعضها، قالوا: مسكَن، ومنسَك، ومفرَق، ومطلَع. وقد جاء من المفتوح العين: المجْمِع بالكسر. قالوا: والفتح فى كلِّها جائز وإن لم يُسمع. قال أستاذنا المرحوم الشيخ حسين المَرْصَفي فى الوسيلة: هذا إذ لم يكن اسم المكان مضبوطًا، وإلا صح الفتح، كقولك أسجُد مَسْجَد زيد تَعُد عليكَ بَرَكَتُه، بفتح الجيم، أى فى الموضع الذى سجَد فيه. وقال سيبويه: وأما موضع السجود2فالمسجَد بالفتح لا غير ا. هـ. فكأنه أوجب الفتح فيه.   1 وتُسمى: "ألفاظ سماعية" يعني لا يجوز فيها القياس. ن. 2 يراد بموضع السجود: أي موضوع يسجد فيه غير المعد للصلاة، كما يراد به الأعضاء التي يسجد عليها، تلامس الأرض عند السجود. السقا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 اسم الآلة 1 هو اسم مَصُوغٌ من مصدر ثلاثىّ، لِما وقع الفعل بواسطته. 2 وله ثلاثة أوزان: مِفْعال، ومِفْعل، ومِفْعلة، بكسر الميم فيها نحو: مِفتاح، ومِنشار، ومِقراض، ومِحْلَب، ومِبرد، ومِشْرَط ومِكنسَة، ومِقرعة، ومِصفاة. وقيل: إن الوَزْن الأخير فرع ما قبله. وقد خرج عن القياس ألفاظ منها: مُسْعُط، ومُنْخُل، ومُنْصُل، ومُدُق، ومُدهُن، ومُكْحَلَة، ومُحْرُضة1، بضم الميم والعين فى الجميع. وقد أتى جامدًا على أوزان شتَّى، لا ضابط لها، كالفأس، والقَدُوم، والسِّكين وهَلُمَ جَرَّا.   1 المنصل: السيف. والمحرضة: إناء الحوض بضمتين. وهو الأشنان. قال الرضي نقلا عن سيبويه: لم يذهبوا بها مذهب الفعل، ولكنها جعلت أسماء لهذا الأوعية: أي أن المكحلة ليست لكل ما يكون فيه الكحل، ولكنها اختصت بالآلة المخصوصة، وكذا أخواتها، فلم يكن مثل المكحلة والمصفاة. فجاز تغييرها عما عليه قياس بناء الآلة ا. هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 التقسيمُ الثالث للاسم من حيث كونه مذكَّرًا أو مؤنَّثًا 1 ينقسم الاسم إلى مذكر ومؤنث: فالمذكر كرجل، وكتاب، وكرسىّ. والمؤنث نوعان: حقيقىّ، وهو ما دلَّ على ذات حرٍ، كفاطمة وهند، ومجازىّ، وهو ما ليس كذلك، كأذُن، وفار، وشمس. ويُستدل على تأنيثه: بضمير المؤنث، أو إشارته، أو لحوق تاء التأنيث فى الفعل، نحو هذه الشمس رأيتها طلعتْ، أو ظهور التاء في تصغيره كأُذنية، أو حذفها من اسم عدده كثلاث آبار. 2 وينقسم المؤنث إلى لفظىّ: وهو ما وُضِع لِمُذَكَّر وفيه علامة من علامات التأنيث، كطلحة وزكريَّاء والكُفُرَّى1، وإلى مَعْنَوي، وهو ما كان علما لمؤنث وليس فيه علامة، كمَرْيم وهند وزينب، وإلى لفظىّ ومعنوىّ، وهو ما كان علماً لمؤنث وفيه علامة كفاطمةَ، وسَلْمَى، وعاشُوراء، مُسمَّى به مؤنث. 3 ولكون المذكر هو الأصل، لم يُحْتج فيه إلى علامة، بخلاف المؤنث فله علامتان: الأولى: التاء، وتكون ساكنة فى الفعل، نحو قامت هند، ومتحركة فيه، نحو هى تقوم، وفى الاسم، نحو صائمة وظريفة، وأصل وضع التاء فى الاسم: للفرق بين المذكر والمؤنث، وفي الأوصاف المشتقة المشتركة بينهما، فلا تدخل فى الوصف المختص بالنساء، كحائِضٍ، وحائِلٍ، وفارِك، ومُرْضِع وعانِس2. أما دخلوها على الجامد المشترَكِ معناه بينهما، فسماعىّ، كرجل ورَجُلة، وإنسانة، وَفتَى وفتاة. ويُستثنى من دخولها فى الوصف المشترك خمسةُ ألفاظ، فلا تدخل فيها: أحدها: فَعُول بمعنى فاعل، كرجل صَبُور، ومنه: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}   1 هو اسم لوعاء الطّلْع. ن. 2 الفارك: المبغضة لزوجها. والمرضع: ذات الولد. أما المرضعة بالهاء: المتلبسة بالفعل، وهو الإرضاع. والعانس: البكر التي فاتها الزواج. ا. هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 [مريم: 28] ، أصله بَغُويًا: اجتمعت الواو والياء وسُبقت إحداهما بالسكون. فقُلبت الواو ياء، وأدغمتا، وقلبت الضمة كسرة. وما قيل من أنه لو كان على زنة فَعُول لقيل: بَغُوا كنَهُوا، مردود بأن نَهْوًا شَاذّ، فى قولهم رجل نَهُوٌ عن المنكر، وأما قولهم امرأة ملُولة، فالتاء فيه للمبالغة، إذ يقال أيضًا رجل مَلولة، وأما عَدُوَّة فشاذّ، وسَوَّغه الحمل على صديقة. وإذا كان فَعُول بمعنى مَفْعُول، لحقته التاء، نحو جَمَل رَكوب، وناقة ركوبة. ثانيها: فَعِيل بمعنى مَفعُول إن تَبع موصوفه، كرجل جَريح، وامرأة جَريح، فإن كان بمعنى فاعِل، أوْ لَمْ يَتبَع موصوفه، لحقته، كامرأة رحيمة، ورأيت قَتِيلة. ثالثها: مِفْعال كمِهْذار، وشذَّ مِيقَانة. رابعها: مِفْعيل كمِعْطير، وشذ مِسْكِينة. وقد سُمِع حذفها على القياس. خامسها: مِفْعَل كمِغْشَم. وقد تُزاد التاء لتمييز الواحد من جنسه، كلَبِن ولَبِنَة، وتَمر وتَمْرة، ونَمل ونَملة، فلا دليل فى الآية الكريمة على تأنيث النملة1. ولعكسه في كَمِءِ وكَمْأة. وللمبالغة كرِواية ولزيادتها كعلامة, ولتعويض فاء الكلمة كعِدة أو عينها كإقامة أو لامها كسَنة، أو مَدة كتَزْكِية. ولتعريب العَجَمِي، نحو كَيْلَجَة فى كَيْلَج: اسم لِمكيال. وتُزاد فى الجمع عِوضاً عن ياء النسب في مفرده، كأشاعثة وأزارقة، ولمجرد تكثير البِنية2، كقرْيَة وغَرْفَة، أو للإلحاق بمفرد، كصَيَارِفَة، للإلحاق بكراهية. العلامة الثانية: الألف. وهي قسمان: مفردة، وهي المقصورة، كجُبْلَى3 وبُشْرى؛ وغير مفردة، وهى التى قبلها ألف، فتُقلب هي همزة، كحمْراء وعَذراء.   1 يعني في قوله تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ} [النمل: 18] . ن. 2 قوله: ولمجرد تكثير البنية: أي التكثير المجرد عما تقدم، فلا ينافي أنها فيما ذكر لتأثيت اللفظ أيضا ا. هـ. 3 هكذا.. والأصح: "حُبلى" بالحاء على أنها صفة للمرأة ذات الحمل. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وللمقصورة أوزان، منها: فُعَلَى: بضم ففتح، نحو أُرَبَى: للدَّاهية، وأُدَمَى: لموضع، وكذا شُعَبَى، قال جرير: أعَبْدًا حَلَّ فِي شُعْبَى غَريبًا ألُومًا لا أبا لَكَ واعْتَرَابا وَفُعْلَى: بضم فسكون، كبُهْمَى لنبت، وحُبْلى صفة، وبُشرَى مصدرًا. وفَعَلَى: بفتحات، كبَرَدى اسم لنهر، قال حسان: يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ البريصَ عليهْمُ. بَرَدى يُصَفِّقُ بالرَّحيقِ السَّلْسَلِ وَحَيَدَى: للحمار السريع فى مشيه، وبَشَكَى: للناقة السريعة. وفَعْلَى: بفتح فسكون كَمَرْضى جمعًا، ونَجْوَى مصدرًا، وسبْعَى صفةً. وفُعَالى: بالضم والتخفيف، كَحُبارَى: لطائر، وسُكارَي: جمعًا، وعُلادَى: صفة للشديد من الإبل. وفُعَّلى: بضم ففتح العين المشددة، كسُمَّهَى: للباطل. وفُعَّلى: بكسر ففتح، فلام مشددة، كسِبَطرَى: لمِشية فيها تبختُر. وفِعْلَى: بكسر فسكون نحو حِجْلى، جمع حَجَلة بفتحات: اسم لطائر، وطِرْبَى، جمع ظَرِبان، بفتح فكسر: اسم لدُوَيْبَة مُنتنة الرائحة. ولم يوجد فى اللغة جمع على هذا الوزن إلا هذان اللفظان وذِكرى مصدرًا. وهذا الوزن إن لم يكن جمعًا ولا مصدرًا، فإن لم ينوّن فألفه للتأنيث، كقِسمة ضِيزَى: أى جائزة، وإن نوِّن، فألفه للإلحاق، نحو عِزْهىً: لمن لا يلهو؛ وإن نُوِّن عند بعض ولم ينون عند آخرين، ففيه وجهان، كذفرىً لعظم خلف أذن البعير. وفِعِيّلى: بكسرتين، مشدد العين، نحو هِجيِّزَى: للهديان، وحِثِّيثَى: مصدر حَثَّ. وفُعُلَّى: بضمتين، مشدد اللام كحُذُرَّى: من الحَذَر، وكُفُرَّى: اسم لوعاء الطَّلْع. وفُعَّيلى: بضم ففتح العين مشددة كلُغَّيزَى: للغز، وخُلَّيْطَى: للاختلاط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وفُعَّالى: بضم ففتح العين المشددة كخُبَّازَى وشُقَّارَى: لنبتين، وحُضَّارى: لطائر. وللممدودة أوزان. منها: فَعْلاء: بفتح فسكون كصحراء: اسمًا، ورَغْباء: مصدرًا، وطَرْفاء: جمعًا فى المعْنى، وحمرَاء: صفة لمؤنث أفْعَل، وهَطْلاء: صفة لغيره، كديمة هَطْلاء. وأفْعِلاء: بفتح وسكون، ومثلث العين1، مخفَّف اللام، كأربِعاء لليوم المعروف. وفُعْلُلاء: بضمتين بينهما ساكن، كقُرْفصاء. لهيئة مخصوصة فى القُعود. وفاعُولاء: كتاسوعاء وعاشوراء: التاسع والعاشر من المحرَّم. وفاعِلاء: بكسر العين كقاصِعاء ونافقاء: لبابَيْ حُجْر اليربوع. وفِعْلِياء: بكسرتين بينهما سكون، مخفَّف الياء، ككِبْرياء. وَفُعَلاء لفتح العين، وتثليث الفاء، كجَنَفاء بفتحات: لموضع، وسِيَرَاء، بكسر ففتح: لثوبِ خزِّ مخطَّط، ونُفَساء بضم ففتح. وفُنْعُلاء: بضمتين بينهما سكون، كخُنفساء: للحيوان المعروف. وفَعِيلاء: بفتح فكسر، كقرِيثاء بالثاء المثلثة: لنوع من التمر. ومَفْعولاء: كمَشْيوخاء: جمع شيخ. ومما تقدم عُلِم أن هناك أوزانًا مشتركة بينهما، وهى فَعْلى، بفتح فسكون كَسَكْرى وصَحْراء، وفُعَلى: بضم ففتح كأرَبَى وحُنَفاء، وفَعَلى، بفتحات كَجَمَزَى: لسرعة العدْ وجَنَفَاء: لموضع، وَأَفْعَلَى: بفتح فسكون ففتح، كأجْفَلى: للدعوة العامة، وأرْبَعَاء: لليوم المعروف.   1 مثلث العين: يعني أن عينه تأخذ ثلاث حركات: "أفعِلاء" "أفعَلاء" "أفعُلاء".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 التقسيم الرابع للاسم: من حيث كونه منقوصا، أو مقصورا، أو ممدودا، او صحيحا 1 ينقسم الاسم إلى منقوص، ومقصور، وممدود، وصحيح. فالمنقوص: هو الاسم المُعْرَب الذى آخره ياء لازمة مَكْسُوْرٌ ما قبلها، كالداعِى والمنادى، فخرج بالاسم: الفعلُ كرَضي، وبالمعرب: المبنيُّ كالذى، وبالذى آخرُه ياءٌ: المقصورُ، وبلازمةٍ1: الأسماءُ الخمسة فى حالة الجرِّ، وبمكسورٍ ما قبلها: نحو ظَبْي ورَمْي، فإنه ملحق بالصحيح، لسكون ما قبل يائه. والمقصور: هو الاسم المُعْرَب الذى آخره ألف لازمة، كالهُدَى والمصطَفى، فخرج بالاسم: الفعل والحرف، كَدَعا وإلى، وبالمعرَب: المبنىّ، كأنا وهذا، وبما آخره ألفٌ: المنقوصُ، وبلازمةٍ: الأسماءُ الخمسة فى حالة النصب،، والمثنى فى حالة الرفع. والممدود: هو الاسم المعرب الذى آخِرُهُ همزةٌ تلى ألفًا زائدة، كَصحراء وحمراء. والصحيح: ما عدا ذلك، كرجل وكتاب. 2 وكل من المقصور والمدود: قياسيٌ، وهو موضع نظر الصرفىّ، وسماعىّ، وهو موضع نظر اللُّغَوِيّ، الذى يَسْرُدُ ألفاظ العرب، ويضع معانيها بإزائها. والمقصور القياسىّ: هو كل اسم معتلّ اللام، له نظيرٌ من الصحيح، مُلتَزَمٌ فتحُ ما قبل آخره، وذلك كمصدر الفعل المعتلِ اللام، الذى على وزن فعِلَ، بفتح فكسر، كالجَوَى والهَوَى والعَمَى، فإنه نظيرُ الفرَحِ والأشرِ والطَّرَب؛ وكفِعَل بكسر ففتح، فى جمعِ فِعْلة، بكسر فسكون، وفُعَل، بضم فتتح، في جمع فُعْلة، بكسر ففتح، فى جمع فِعْلة، بكسر فسكون، وفُعَل، بضم ففتح، فى جمع فُعْلة، بكسر فسكون، وفُعَل، بضم ففتح، فى جمع فُعْلة، بضم فسكون، نحو فِرْيَة وفِرىً، ومِرْيَة ومِرىً، ومُدْية ومُدىً، وزُبْيَة، وزُبىً، فإن نظيرهما قِرَب بالكسر، وقُرَب بالضم، في جمع قِرْبة   1 أي خرج بالذي آخره ياء: المقصورُ.. وخرج بقولك: "لازمة" الأسماء الخمسة في حالة الجرّ.. وخرج بـ "مكسور ما قبلها: نحوُ ظبي.. إلخ".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 بالكسر وقُرْبَة بالضم. وكذا كل اسم مفعولٍ معتل اللام، زائد على الثلاثة، كمُعْطىً ومُسْتَدعَىً، فإن نظيرَه مُكْرَم ومستخْرَج، وكذا أفعل صيغة تفضيل كالأقْصَى، أو لغيره كالأعمى، ونظيرهما من الصحيح الأبعدُ والأعمش. وكذا ما كان جمعا لفُعْلَى أنثى أفعل، كالدُّنيا والدُّنا. ونظيره الأخْرَى والأخَر. وكذا ما كان من أسماء الأجناس دالاً على الجمعية بالتجرد من التاء، على وزن فَعَل بفتحتين، وعلى الوحدة بالتاء، كحَصاة وحصًى، ونظيره مَدَره ومَدَر. وكذا المَفْعَل مدلولاً به على مصدر أو زمان أو مكان، نحو: مَلْهىً ومَسْعىً ونظيرهُ مَذْهَب ومَسْرَح. والممدود القياسي: كل اسم معتل اللام نظير من الصحيح الآخرِ، مُلْتَزَمٌ فيه زيادة ألف قبل آخره وذلك كمصدر ما أوَّله همزة وصل، نحو: ارْعَ ارْعِواء، وابتغَى ابْتِغاء، واستقصى استقصاء، فإن نظيرها من الصحيح: احمرَّ احمرارًا، واقتدر اقتدارًا، وأملَى إملاء، فإن نظيره من الصحيح أكرم إكرامًا، وأحسن إحسانًا. وكذا كل ما كان مفرد الأفْعِلة، ككِساء وأكْسِية، ورِداء وأردية، فإن نظيره من الصحيح حمارٌ وأحْمرة، وسلاحٌ وأسلِحة. وكذا كل مصدر لفَعَل بفتحتين دالاً على صوت أو داء، كالرُّغاء: لصوت البعير، والثُّغاء: لصوت الشاة، فإن نظيره الصُّراخ، وكالمُشاة، فإن نظيره الزُّكام. والسماعىّ منهما ما فقد ذلك النظير. فمن المقصور سماعًا: الفتَى: واحد الفِتْيان، والحِجَا: أي العقل، والسَّفا: أى الضَّوء، والثَّرى: أى التراب. ومن الممدود سماعا: الثَّراء بالفتح: لكثرة المال، والحِذاء بالكسر: للنعل، والفُتاء بالضم: لحداثة السنّ، والسَّناء بفتح السين: للشرف. 3 وقد أجمعوا على جواز قصر الممدود للضرورة، كقوله: لا بدَّ من صَنْعا وإن طالَ السَّفَرْ1   1 عجزه: وإنْ تَحَنَّى كُلُّ عَوْدٍ ودَبَرْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 واختلفوا فى مدّ المقصور؛ فمنعه البصريون، وأجازه الكوفيون، وحُجتهم قول الشاعر: سَيُغْنِيني الَّذِى أغناكَ غَنِّي ... فلا فَقْرٌ يَدُومُ وَلا غِنَاءُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 التقسيم الخامس للاسم: من حيث كونه مفردا، أو مثنى، أو مجموعا ينقسم الاسم إلى مفرد، ومثنى، ومجموع. فالمفرد: ما دل على واحدٍ، كرجل وامرأة وقلم وكتاب. أو هو ما ليس مُثَنَّى ولا مجموعا، ولا ملحقًا بهما، ولا من الأسماء الخمسة المبيَّنة فى النحو. والمثنى: ما دل على اثنين مُطْلقا، بزيادة ألف ونون، أو ياء ونون كرجلان وامرأتان، وكتابان وقلمان، أو رجلين وامرأتين وكتابين وقلمْين، فليس منه كِلَا، وكِلتَا، واثنان، كاثنتان، وزَوْج، وشَفْع، لأن دلالتها على الاثنين ليست بالزيادة. 2 وشروط الاسم الذى يراد تثنيته: أن يكون مفردًا، فلا يُثَّنى المجموع ولا المثنَّى، بأن يُقال رجلانان وزيدونان. وأن يكون معرَبًا، وَأما اللذان وهَذان، فليسا بمُثَنَّيَيْنْ، وكذا مؤنثهما، وإنا هما على صُورة المثنى. وأن يكونا متَّفِقين فى اللفظ والوزن والمعنى، فلا يقال العُمْران1 بضم ففتح فى أبى بكر وَعَمَر، لعدم الاتفاق فى اللفظ، ولا العَمْران، بفتح فسكون، فى عَمْروٍ وعُمَر، لعدم الاتفاق فى الوزن. ولا للعَينان فى الباصرة والجارية، لعدم الاتفاق فى المعنى. وأن يكون مُنَكَّرًا، فلا يُثنى العَلَم باقيًا على عَلَميته. وأن يكون له ممَاثل، فلا يُثَنَّى الشمس والقمر، لعدم المماثلة، وقولهم القَمَران للشمس والقمر تغليب2. وألا يستغنى بتثنيته غيره عنه، فلا يُثنى سَواء، للاستغناء عن تثنية بتثنية سيّ3.   1 ويجوز أن تقول: "العمران" في أبي بكر وعمر ولكن لا يقال: مثنى بل هو ملحق بالمثنى لعدم اتفاقهما في اللفظ والوزن والمعنى. ن. 2 والقول في الشمس والقمر كالقول في أبي بكر وعمر. ن. 3 وتثنيتها: سيّان. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 3 والجمع ينقسم إلى ثلاثة أقسام: مذكَّر سالم، ومؤنثٍ سالم، وجمع تكسير، فجمع المذكر السالم، هو لفظ دل على أكثر مِن اثنين، بزيادة واو ونون، أو ياء ونون، كالزيدون والصالحون، والزيدين والصالحين. والمفرد الذيُ يُجْمع هذا الجمعَ: إما أن يكون جامدًا أو مشتقًا، ولكلٍ شروطٌ. فيُشترط فى الجامد: أن يكون عَلَمًا لمذكَّر عاقل، خاليًا من التاء، ومن التركيب، فلا يقال فى رجل: رَجُلُون، لعدم العلمية، ولا فى زينب: زينبون، لعدم التذكير، ولا فى لاحق علَم لفرس: لاحقون، لعدم العقل، ولا فى طَلْحة: طلْحتون، لوجود التاء، ولا فى سيبويه: سِيْبَوَيْهُون، لوجود التركيب. ويشترط في المشتق: أن يكون صفة لمذكر عاقل، خالية من التاء، ليست على وزن أفعل الذى مؤنثه فَعْلاء، ولا فَعْلان الذى مؤنثه فَعْلى، ولا مما يستوى فيه المذكر والمؤنث، فلا يقال فى مُرْضِع مُرْضعون، لعدم التذكير، ولا فى نحو فارهٍ صفة فَرَس فارِهون، لعدم العقل، ولا فى علاّمة علّامُتون، لوجود التاء، ولا فى نحو أحمر أحمرون، لمجيئه على وزن أفعل الذى مؤنثه فعلاء، وشذ قولُ حكيم الأعور بن عَياش الكَلْبي: فما وَجَدَتْ نساءُ بنى تميمٍ ... حَلائلَ أسْوَدِينَ وَأحمرِينا ولا فى نحو عَطْشَانَ: عَطْشَانون، لكونه فَعْلان الذى مؤنثه فَعْلَى، ولا فى نحو عَدْل وصَبُور وجَرِيح: عَدْلون، وصَبرون، وجَريحون، لاستواء المذكر والمؤنث فيها. وجمع المؤنث السالم: ما دل على أكثر مِن اثنين، بزيادة ألف وتاء على مفرده، كفاطمات وزينبات. وهذا الجمع يَنقاس فى جميع أعلام الإناث، كزينب وهند ومريم. وفى كل ما خُتم بالتاء مطلقا، كفاطمة وطلحة، ويستثنى من ذلك امرأة، وشاة، وقُلة بالضم والتخفيف: اسم لُعْبة، وأمَة، لعدم ورودها. وفى كل ما لحقته ألف التأنيث مطلقًا: مقصورة أو ممدوة، كسَلْمى وحُبْلَى وصحراء وحسناء. ويستثنى من ذلك فعْلاء مؤنث أفْعَل، وفَعْلَى مؤنث فَعْلان، فلا يجمعان هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 الجمع، كما لا يجمع مذكرهما جمع مذكر سالما، وفى مصغر غير العاقل كجُبيل ودُرَيْهم، وفى وصفه أيضًا، كشامخ صفة جَبَل، ومعدودٍ صفة يوم. وفى كل خُماسي لم يُسْمع له جمع تكسير، كسُرَادِق وحَمام وإصْطَبل. وما سوى ذلك فمقصور على السماع، كسموات وسِجِلاّت وأمَّهَات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 كيفية التثنية وإذا كان الاسم الذى تريد تثنيته صحيحًا، أو منزلاً منزلة الصحيح، كَرجل وامرأة، وظبى ودَلْو، زِدت الألف والنون، أو الياء والنون، بدون عمل سواها، فتقول: رجلان، وامرأتان، ودلوان، وظَبْيان. وإذا كان منقوصًا محذوف الياء كقاضٍ وداعٍ، رَددتها في التثنية، فتقول: قاضيان وداعيان. وإذا كان مقصورًا، وتجاوزتْ ألفُه ثلاثةً، قلبتها ياءً كحُبْلَى ومستدعَى، فتقول حُبلَيان ومستدعَيَان، وشذَّ قَهْقَران وخَوْزلان بالحذف، فى تثنية قَهْقَرى وخَوْزَلَى1 وكذا تقلب ياء إذا كانت ثالثة مبدلة منها، كفَتَيان وَحَيان في فَتىً وروحى، فرارًا من التقاء الساكنين لو بقيت، وحذار من التباس المفرد بالمثنَّى حال إضافته لياء المتكلم لو حُذفت. وشذَّ فى حِمىً حِمَوَان بالواو، وكذا إذا كانت غير مبدلة وامليت، كمتى علَما، فتقول فى تثنيتهِ مَتَيان. وتقلب ألف المقصور واوًا إذا كانت مبدلة منها كعصًا وفقًا، فنقول عَصَوان وقفوان، وشذّ في فى رِضا رضَيان بالياء، مع أنه واوىّ، وكذا تقلب وَوًا إذا كانت غير مبدلة ولم تُمل، كَلَدَى وإذا مسمًّى بهما، فنقول لَدَوَانِ وَإذَ وَان. وإذا كان ممدودًا، فيجب إبقاء همزته إن كانت أصلية، كقرَّاءان ووُضَّاءان، فى تثنية قرَّاء ووُضّاء، الأول الناسك، والثاني وضيء الوجه ويجب قلبها واوًا، إن كانت   1 القهقرى: الرجوع إلى خلف. والحوزلى: مشيته فيها تثاقل، ويقال فيها الخيزلى، بالمثناة التحتية بدل الواو، كما في القاموس. ا. هـ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 للتأنيث، كحمراوان وصحراوان، فى حمراء وصحراء. وقال السيرافي: إذا كان قبل ألف التأنيث، وجب تصحيح الهمزة، لئلا يجتمع واوان ليس بينهما إلا ألف، كعشواء فنقول عشواءان، والكوفيون يجيزون الوجهين فيها، وشذ حَمْرَايان بالياء، وخُنْفُساء وعاشوران وقُرْفصان، بالحذف فى تثنية خُنْفُساء وَعاشوراء، وقُرْفُصاء. وإذا كانت همزته بدلاً من أصل، جاز فيه التصحيح والقلب، ولكن التصحيح أرجح، ككساء وحَياء أصلهما: كِساو وَحَيَاي، فنقول: كساوان وحَيَاوان، أو كساءان وحَيَاءان1 وإذا كانت همزته للإلحاق، كعِلْباء وقُوْباء2 بالموحدة، ترجح القلب على التصحيح، فنقول عِلباوان وَقُوباوان، أو عِلباآن وقُوباآن. وقيل: التصحيح أرجح.   1 لم يقولوا: حيايان لشبهه بعلباء في المد والإبدال والصرف، ولأن الواو أخف، حيث وجد لها من الهمزة. اهـ. سيبويه ملخصًا. 2 القوباء: ما يظهر في الجلد، وليس فعلاء الفاء وسكون العين غيرها والخشاء: وهي العظم الناتئ خلف الأذن، كما في القاموس. اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 كيفية جمع الاسم جَمْعَ مُذَكَّرٍ سالمًا إذا كان الاسم المراد جمعه صحيحًا زيدت الواو والنون، أو الياء والنون عليه، بدون عمل سواها. وإذا كان منقوصًا حذف ياؤه، وضُمَّ ما قبل الواو، وكسر ما قبل الياء، فتقول: القاضُون والداعُون، أو القاضِين والداعِين، أصلهما القاضِيون والداعِيُون والقاضِيينَ والداعِيين، وسيأتى سبب الحذف في الْتقاء الساكنين. وإن كان الاسم منقوصًا حذفت ألفه، وأبقيت الفتحة للدلالة عليها، نحو: {وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْن} [آل عمران: 139] ، [محمد: 35] . {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْن} [ص: 47] ، "وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْن"، أصلهما: الأعْلوَوُنَ والمُصْطَفوِين. وحكم الممدود فى الجمع، حكمه فى التثنية، فتقول فى وُضَّاء وُضَّاءُون، وفى حَمْراءَ عَلمًا لمذكر حَمْراوُون، ويجوز الوجهان فى نحو عِلْباء وكِساء عَلَمين لمذكر. ومما تقدم تعلم أن أولون، وعالَمون، وَأرَضون، وسِنُون، وبَنُون، وثُبون، وعِزُون، وأهْلُون، وعِشْرُون وبابه، ليست من المذكر السالم، وإنما هى ملحقة به. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 كيفية جمع الاسمِ جَمْعَ مُؤَنثٍ سالما إذا كان المفرد بلا تاء، كزينب ومَرْيَم، زدتَ عليه الألف والتاء، بدونِ عمل سواها، فتقول زَينبات ومَرْيَمات. وإذا كان مقصورًا عُومل معاملته فى التثنية، فتقول: فَتَيات وحُبْلَيات، ومُصْطَفَيات، ومَتَيات: فى فتىً، وَحُبْلى، ومصطَفى، ومَتَى مسمَّى بها مُؤنث، وتقول عَصَوات، وإِذَوَات وإلوَات، في عصا وإذا وإِلوَات، في عصا وإذا وإلى مسمَّى مُؤنَّث، وتقول عَصَوات، وإذَوَات، وإِلوَات، في عصا وإذا وإلى مسمَّى مُؤنَّث، وكذا إن كان ممدودًا أو منقوصًا، فنقول: صَحْرَاوات، وَقُرَّاءات، وعِلْبَاوَات، أو علباءات، وكساءات أو كساوات، وتقول فى قاض مسمى به مؤنَّثٌ: قاضيات. وإذا كان المفرد مختومًا بالتاء، زائدة كانت كفاطمة وخديجة، أو عوضًا من أصل، كأخْت وبنْت وعِدة، حُذِفت منه فى الجمع فتقول: فاطمات، وخديجات، وبَنات، وأخَوَات، وعِدَات ومتى كان المفرد اسمًا ثلاثيًا، سالم العين ساكنها، مؤنثًا، سواءٌ ختم بتاء أو لا، جاز فى عين جمعه المؤنث الفتحُ، والتسكينُ، وإتباع العين للفاء، إلا إن كانت الفاء مفتوحة، فيتعين الإتباع، وأما بعض العُذْريين: وَحُمِّلْتُ زَفْرَاتِ الضُّحَى فَأَطَقْتُهَا ... وَمَالِي بِزَفْرَاتِ الْعَشِيِّ يَدَانِ بتسكين فاء زَفْرَات: فضرورة -أو كانت لام مضموم الفاء كدُمْية، أو لامُ مكسورها واوًا كَذِروة، فيمتنع الإتباع، فنحو دَعْد وَجَفْنة بفتح فائهما، يتعين فيه الفتح في الجمع، وهو حُمِلْ وبُسْرة بالضم، وهِند وكِسْرة بالكسر، يجوز فيه الثلاث، ونحو دُمْية بالضم، وذُرْوة بالكسر يمتنع فيه الإتباع، وشذ جِروات، بكسر الراء. أما الصفة كضخمة، أو الرباعىّ كزينب، أو معتل العين كجُور، أو مضعفها كَجُنّة بتثليث الجيم، أو متحركها كشجرة فلا تتغير فيها حالة العين فى الجمع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 جمع التكسير هو ما دلَّ على أكثر من اثنين بتغيير صورة مفرده، تغييرًا مقدرًا كفُلْك، بضم فسكون، للمفرد والجمْع، فزنته فى المفرد كزنة قُفْل، وفى الجمع كزنة أُسْد، وكهِجان لنوع من الإبل، ففى المفرد ككتاب، وفى الجمع كرِجال. أو تغييرًا ظاهرًا، إما بالشكل فقط، كأُسْد بضم فسكون، جمع أَسَد بفتحتين. وإما بالزيادة فقط، كصِنوان فى جمع صِنْو بكسر فسكون فيهما. وإما بالنقص فقط، كتُخَم فى جمع تُخَمة بضم ففتح فيهما. وإما بالشكل والزيادة كرِجال بالكسر، فى جمع رَجل بفتح فضم، وإما بالشكل والنقص ككُتُب بضمتين، فى جمع كتاب بالكسر، وإما بالثلاثة، كغِلمان بكسر فسكون، فى جمع غُلام بالضم. أما التغير بالنقص والزيادة دون الشكل، فتقضيه القسمية العقلية، ولكن لم يوجد له مثال. وهذا الجمع عامًّ فى العقلاء وغيرهم، ذكورًا كانوا أو إناثًا، وأبنيته سبعة وعشرون، منها أربعة للقِلة، والباقى للكثرة. والجمْعان قيل إنهما مختلفان مبدأ وغاية، فالقلة من ثلاثة إلى عشرة، والكثرة من أحد عشر إلى ما لا نهاية له. وقيل: إنهما متفقان مبدأ لا غاية، فالقلة من ثلاثة إلى عشرة، والكثرة من ثلاثة إلى ما لا نهاية له. وإنَّما تعتبر القلة في نكران الجمع، أما معارفها بأل أو الإضافة فصالحة للقلة والكثرة، باعتبار الجنس أو الاستغراق، وقد ينوب أحدهما عن الآخر وضعًا: بأن تضع العرب أحد البنَاءين صالحًا للقلة والكثرة، ويَسْتَغنونَ به عن وضع الآخر، فيستعمَل مكانه بالاشتراك المعنوىّ لا مجازًا، ويسمى ذلك بالنيابة وضعًا، كأرْجُل، بفتح فسكون فضم، فى جمع رِجْل بكسر فسكون، وكرجال بكسر ففتح، وفي جمع رَجُل بفتح فضم، إذ لم يضعوا بناء كثرة لللأوّل ولا قِلّة للثاني، فإن وضع بناءينِ للفظ واحد، كأفلس وفلوس، فى جمع فَلْس بفتح فسكون، وأثوُب وثياب، فى جمع ثَوْب، فاستعمال أحدهما مكان الآخر يكوت مجازًا، كإطلاق أفلس أحَدَ عشر، وفُلُوس على ثلاثة، ويسمى بالنيابة استعمالًا.   1جور: اسم بلد بفارس، بناها بهرام من ملوك الفرس، وتنسب إليه، فيقال: بهرام جور. وينسب إليها الورد الأحمر الجوري. السقا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 جموع القِلَّة الأول: افْعُل، بفتح فسكون فضم. ويطَّرد فى: 1 كل اسم ثلاثى صحيح الفاء والعين ولم يضاعَف، على وزن فَعْل، بفتح فسكون، ككلْب، وأكْلُب، وظَبْي وأظْب، ودَلْو وأدْلٍ. وما كان من هذا النوع ووايَّ اللام أو يائيَّها، تكسر عينه فى الجمع، وتحذف لامه، كما سيأتى: فى الإعلال. وشذَّ أوْجه، وأكُفّ وأعْيُن، وأثْوب، وأسْيُف فى قوله: لِكُل دَعِرٍ قد لَبسْتُ أثْوُبا ... حتَّى اكْتَسَى الرَّأسُ قنَاعًا أشْهَبَا1 وقوله: كأَنَّهُم أسْيُفٌ بيضٌ يَمَانِيّةٌ ... غضْبٌ مضَارُها باقٍ بهَا الأُتُرُ 2 وفى اسم رباعىّ مؤنّث بلا علامة، قبل آخره مدّ كذراع وأذرع، ويمين وأيمن، وشذ أفْعُلٌ فى مكانٍ، وغُرابٍ، وشهابٍ من المذكر. الثانى: أفعَال، بفتح فسكون، ويكون جمعًا لكل ما لم يَطَّرد فيه افْعُلٌ السابق، كثوب وأثواب، وسيف وأسياف، وحِمْل بكسر فسكون وأحمال، وصُلُب بضم فسكون وأصلاب، وباب وأبواب، وسبَب بفتحين وأسباب، وكَتِف بفتح فكسر وأكتاف، وَعضُد بفتح فضم وأعضاد، وجنُبُ بضمتين وأجناب، ورُطَب بضم ففتح   1 البيت: لمعروف بن عبد الرحمن، أو لحميد بن ثور. انظر التصريح والعيني واللسان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 وأرطاب، وإِبل بكسرتين وآبال، وضِلَع بكسرٍ ففتح وأضلاع، وشذ أفراخ في قوله الحُطيئة: ماذا تقول لأفرَاخٍ بذي مَرَخٍ ... رُعْبِ الحواصلِ لا ماءٌ ولا شجَرُ كما شذّ أحمال، جمع حَمْل، بفتح فسكون، فى قوله: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] الثالث: أفْعِلَة، بفتح فسكون فكسر، ويطرِّد فى كل اسم مذكَّر رُباعيّ قبل آخره مدّ، كطعام وأطعمة، ورغيف وأرغفة، وعمود وأعمدة، وَيُلْتَزَم فى فِعَال، بفتح أوله أو كسره، مضعَّف اللام1، أو معتلها، كَتَبَاتٍ وأبِتَّة، وزِمام وأزِمَّة، وقَباء وأقبية، وكِساء وأكسِية؛ ولا يُجمعان على غيره إلا شذوذًا. الرابع: فعْلة، بكسر فسكون، ولم يطرد في شيء، بل سمع فى ألفاظ، منها شِيخة جمع شيخ، وثِيْرة جمع ثَوْر، وفِتية جمع فَتىً؟، وصِبْية، جمع صَبِيّ وَصَبِيّة، وغِلْمَة جمع غُلام، وثِنْية جمع ثُنْيِ بضم الأول أو كسره، وهو الثانى فى السيادة. ولعدمِ اطراده قيل: إنه اسم جمع ولا جمع.   1 المراد أن اللام تماثل العين. اهـ. تصريح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 جموع الكثرة الأول: فُعْل، بضم فسكون. وينقاس فى أفْعَلَ ومؤنّثِه فَعْلاء صِفتين، كحُمْر بضم فسكون، فى جمع أحمر وحمراء. ويكثر فى الشِّعر ضم عينِه إن صحت هى ولامه ولم يضعَّف، نحو: وَأَنْكَرَتْني ذواتُ الأعْيُن النُّجُلِ1 بضم الجيم جمع نَجْلاء: أى واسعة، بخلاف نحو بيضٍ وَعُمْي وغُرّ فلا يُضَمْ،   1 هذا صدر بيت، وعجزه *طوى الجديدان ما قد كنت أنشرُهُ* الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 لاعتلال العين فى الأول، واللام فى الثانى، والتضعيف فى الثالث. وكما يكون جمعًا لأفْعَل الذى مؤنثه فَعْلاء، يكون جمعًا أيضًا لأفعل الذى لا مؤنث له أصلاً، كأكْمر لعظيم الكَمَرَة وآدَر بالمد لعظيم الخُصية، وكذا لفَعلاء الذى لا أفعل له كَرَتْقَاء. الثانى: فُعُل: بضمتين. ويطَّرد فى وصف على فَعُول بمعنى فاعل، كغفور وغُفُرُ، وصَبور وصُبُر، وفى كل اسم رُباعيّ قبل آخره مدّ، صحيح الآخِر، مذكرًا، كان أو مؤنثًا، كقَذَال بالفتح، وهو جِمَاع1 مؤخَّر الرأس، وقُذُل، وحِمار وَحُمُر، وكُرَاع بالضم وكُرُع، وقضيب وقُضُب، وَعمود وعُمُد. ويشترط فى مفرده أيضًا ألاّ يكون مضعَّفًا مَدّته ألِفٌ. ثم إن كانت عين هذا الْجمع واوًا وجب تسكينُها، كَسُورْ وسُوْك جمعَىْ سِوار وسِواك، وإلا جاز ضمُّها وتسكينُها، نحو: قُذُل بضمتين، وقُذْل بالسكون، وسُيُل بضمتين، وسِيْل بكسر فسكون، جمع سَيال: اسم شجر له شوك. لكن إن سكنت الياء وجب كسر ما قبلها، نظير بِيْض فى جمع أبيض. الثالث: فُعَل بضم ففتح: ويطرد فى اسم على فُعَلة بضم فسكون، وفى فُعْلى بضم فسكون أثنى أفعل، كغُرْفة ومُدْية وحُجّة. وكصُغْرَى. وكُبْرَى. فتقول فيها غُرَف، ومُدىً، وحُجَج، وصُغَر وكُبَر. وشذَّ في يُهْمة بضم فسكون، وصف للرجل الشجاع: يُهَم، كما شذ جمع رُؤْيا بضم الأوَّل، ونَوْبَة وقَرية بفتح أوَّلهما، ولحِية بكسره، وتُخَمة بضم ففتح، على فُعَل، للمصدرية فى الأوَّل، وانتفاء ضم الفاء في الثلاثية بعده، وفتح عين الأخير. والرابع: فِعَل بكسر ففتح. ويطَّرد فى اسمٍ على فِعْلة بكسر فسكون، كحِجَّة وحِجج، وكِسْرة وكِسَر، وفِرْية، وهى الكذب، وفِرَى. وسُمِع فى حِلية ولحْية بكسر أوَّلهما: حُلىً وَلحىً بضمه، كما سمع فى فُعْلة بضم فسكون فِعَل بكسر ففتح، كصُورة وصِوَر.   1 جماع مؤخر الرأس: أي حيث يجتمع. يريد مؤخر الرأس. السقا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 الخامس: فُعَلَة، بضم ففتح. ويطَّرد فى وصفِ عاقلٍ على وزن فاعل معتل اللام، كقاضٍ وقضاة، ورامْ ورُماة، وغاز وغُزَاة. السادس: فَعَلة بفتحات، ويطَّرد فى وصف مذكر عاقل صحيح اللام، ككاتب وكَتَبة، وساحر وسحَرة، وبائِع وباعة، وصائغ وصاغَة، وبارٍ وَبَرَة، وبعضهم يجعل هذه الصيغة أصلَ سابقتها، وإنَّما ضُمّت فاء الأولى، للفرق بين صحيح اللام ومعتلها. السابع: فَعْلَى، بفتح فسكون ففتح، ويطَّردُ فى وصفٍ دالٍّ على هلاك، أو توجُّع، أو تشتُّت، بزنة فَعِيل، نحو قتيل وقَتْلى، وجريح وَجرحَى، وأسير وأسْرَى، ومريض ومَرْضَى. أو زنة فَعِل بفتح فكسر، كميت ومَوْتَى، أوزنة أفعَل كأحمَقَ، وَحَمقى، أوزنة فَعْلان، كعطشان وعَطْشَى. الثامن: فِعَلَة، بكسر ففتح. وهو كثير فى فُعْل بضم فسكون اسمًا صحيح اللام، كقُرط وقِرَطة، ودُرْج ودِرَجة، وكُوز وكِوَزة، ودُبّ ودِبَبة. وقلَّ فى اسم صحيح اللام على فَعْل بفتح فسكون، كغَرْد بالغين المعجمة لنوع من الكمأة وغِرَدَة، أو بكسر فسكون كقِرْد وقِرَدة. التاسع: فُعَّل، بضم الأول، وتشديد الثانى مفتوحًا، ويطَّرد فى وصف على وزن فاعل وفاعلة صحيحَىْ اللام، كراكع وراكعة، وصائم وصائمة، تقول فى الجمع رُكَّع وصُوَّم. وندر فى مُعْتَلِّها كغازٍ وغُزًّى، كما ندر في فَعلية وفُعلاء ففتح، كخَريدة وخُرَّد، ونُفَسَاء ونفَّس. العاشر: فُعَّال، بضم الأول، وفتح الثانى مشدَّدًا. ويطَّرد كسابقه في وصف على وزن فاعل، فيقال: صائم وصوَّام، وقارئ وقرَّاء، وعاذل وعُذَّال. وندر فى وصف على فاعلة، كصُدَّاد فى قول القُطاميّ: أبْصَارُهُنَّ إلى الشُبَّانِ مائلةٌ ... وقد أراهُنَّ عنى غيْرَ صُدَّادِ كما ندر في المعتل، كغازٍ وغُرَّاء، وسارٍ وسُرَّاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 الحادى عشر: فِعَال، بكسر ففتح مُخَفَّفًا. ويطَّرد فى ثمانية أنواع: الأول والثانى: فَعْل وفَعْلة بفتح فسكون، اسمين أو وصفين، ليست عينهما ولا فاؤهما ياء، مثل: كلْب وكلبَة، وصعْب وصَعْبة وصِعاب؛ وتُبدل واوُ المفرد ياء فى الجمع، كثَوْب وثِياب، وندر فيما عينه أو فاؤه الياء منهما، كضيْف وضِياف، ويَعْر ويَعار1، وهو الجَدْي يُرْبط فى زُبْية الأسد. الثالث والرابع: فَعَل وفَعَلة، بفتحتين اسمين صحيحى اللام، ليست عينهما ولامهما من جنسٍ واحد، نحو جَمَل وجِمال، ورَقَبة ورِقاب. الخامس: فِعْل بِكَسْرٍ2 فسكون كقِدْح وقِداح، وذِئْب وذِئاب، ونِهْي، وهو الغدير، ونِهاء. السادس: فُعْل بضم فسكون، اسمًا غيرَ واويِّ العين، ولا يائىّ اللام، كرُمْح ورِماح وجُبّ وَجِباب. السابع والثامن: فَعيل وفُعَيلة، وَصْفىَ باب كَرُم، صحيحى اللام، كظَرِيف وظريفة وظِراف. وتلزم هذه الصيغة فيما عينه واو من هذا النوع، فلا يُجْمع على غيرها، كطويل وطويلة وطِوال. وشاعت أيضًا فى كل وصف على فَعْلان بفتح فسكون للمذكر، وفَعَلَى للمؤنث، وفُعْلان بضم فسكون له3، وفُعْلانة لها4، كغَضْبان وغضْبَى وغِضاب، وعطْشان وعطْشَى وعِطاش، وكخُمْصان وَخُمْصانة وخِماص. الثانى عشر: فُعُول، بضمتين. ويَطَرِد في اسم فَعِل، بفتح فكسر، ككَبِد وكبُود، وَوَعِل ووُعَول، ونَمِر وَنُمور. وفى فَعْل اسما ثلاثيًا ساكن العين، مثلث الفاء، نحو كَعْب وكعُوب، وَجُنْد وَجُنود، وضِرْس وَضُرُوس.   1 الجدي أو العَناق. ن 2 غير موجودة في الأصل. ن 3 أي: للمذكر. ن 4 أي: للمؤنث. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 ويشترط أن لا تكون عينُ المفتوح أو المضموم واوًا كحوض وحوت ولام المضموم ياء كمُدْى، وشَذّ فى نُؤى: وهى الحفرة تجعل حول الخِباء، لوقياته من السيل نِئِيٍّ، ولا مضعَّفًا كخُفّ، ويُحفظ فى فَعَل بفتحتين كأسَد وأُسود وَذَكَرٍ وَذُكُور، وَشَجَن، وهو الحزنُ، وشُجون. الثالث عشر: فِعْلان، بكسر فسكون. ويَطَّرد فى اسم على فُعالٍ بالضم، كغُراب وغِرْبان، وغُلام وغلِمان، أو فُعَل بضم ففتح كصُرَد وصِرْدان. وبه يُسْتَغْنَى عن أفعال فى جمع هذا المفرد. أو فُعْل بضم الفاء أو فتحها واوىّ العين الساكنة، كحُوت وَحِيتان، وكُوز وَكِيزان، وتاج وَتِيجان، ونار ونِيران، وقَلّ فى نحو غَزَالِ غِزْلان، وفى خروف خِرْفان، وفى نِسْوة نِسْوان. الرابع عشر: فُعْلان بضم فسكون. ويَكثر فى اسم على فَعْل بفتح فسكون، كظَهْر وظُهْران، وبَطْن وبُطنان، أو على فَعَل بفتحتين صحيح العين وَليست هى1 ولامه من جنس واحد، كذَكَر وذكْران، وحَمَل بالمهملة، وهو ولد الضأن الصغير وحُمْلان، أو على فَعيل كقضيب وقُضْبان، وغَدِير وغُدْران. وقَلَّ فى نحو راكب رُكبان2، وفى أسْود سُودَان. الخامس عشر: فُعَلاء، بضم ففتح ممدودًا. ويطَّرد فى وصف مذكر عاقل، على زنة فعيل بمعنى فاعل، غير مضعَّف ولا معتل اللام، ولا واوىّ العين، نحو كرِيم وكُرماء، وبخيل وبُخلاء، وظريف وظُرفاء. وشَذّ أسيرٌ وأُسَرَاء، وقَتِيلٌ وقُتلاء؛ لأنهما بمعنى مفعول. أو بمعنى مُفْعِل، بضم فسكون فكسر، كسميع بمعنى مُسْمِع، وأليم بمعنى مُؤْلم، تقول فيهما: سُمعاء وأُلَماء، أو بمعنى مُفاعِل، كخُلطاء وجُلَسَاء، فى خَليط بمعنى مُخَالِط، وجَلِيس بمعنى مجالِس. أو على زِنة فاعل دالاً على معنى كالغريزة، كصالح وصُلحاء، وجاهِل وجُهَلاء. وشَذَّ شُجَعاء فى شُجاع، وجُبَنَاء في جَبَان، سُمَحاء فى سَمْح، وخُلفاء فى خليفة؛ لأنها ليست على فَعِيل ولا فاعل.   1 أي: العين. ن. 2 "ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في النَّهى عن تَلقَّي الرُّكبان" رواه مسلم عن عبد الله بن عباس. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 السادس عشر: أفْعِلاء، بفتح فسكون فكسر، ويطَّرد فى مُفرد سابقه الأول، وهو فعيل، لكِنْ بشرط أن يكون اللام أو مضعفًا، كغنىّ وأغنياء، ونبىّ وأنبياء، وشديد وأشِدَّاء، وعزيز وأعِزَّاء، وهو لازم فيهما. وشذ فى نصِيب أنْصِبَاء، وفى صديق أصْدقاء، وفى هَيِّن أهْوناء؛ لأنها ليست معتلة اللام ولا مضعَّفة. السابع عشر: فوَاعِل، ويطَّرد فى فاعِلةٍ اسمًا أو صِفة، كناصية ونواصٍ، وكاذبة وكواذب، وفي اسم فَوعل، بفتح فسكون ففتح، أوْ فَوْعَلَة بفتح الأول والثالث وسكون ما بينهما، أو فاعِل بفتح العين أو كسرها، كجَوْهَر وجَواهر، وصوْمَعة وصوامِع، وخاتَم وخواتِم وكاهِل وكواهِل، أو فاعِل بكسر العين وصفًا لمؤنث، كحائض وحوائض، وحامل وحوامل، أو لمذكرٍ غير عاقلٍ كصاهلٍ وصواهِل، وشاهِق وشواهِق، وشذَّ فى فارسٍ فوَارس، وفى ناكسٍ بمعنى خاضع نوَاكِس وفى هالِكٍ هَوَالِك ويطرد أيضًا فى فاعِلَاء بكسر العين والمدّ، كقاصِعَاء، وقَواصِع، ونافِقَاء ونَوافِق. الثامن عشر: فعَائِل، بالفتح وكسر ما بعد الألف. ويطرد فى رباعِيِّ مؤنَث، ثالثه مَدَّة1، سواء كان تأنيثه بالتاء أو بالألف مطلقاً، أو بالمعنى، كسحابة وسحائب، ورسالة ورسائل، وصحيفة وصحائف، وذُؤابة وذوائِب، وحَلوبة وحَلائب، وشِمال بالكسر، وشَمال بالفتح: ريح تهب من جهة القطب الشمالىّ، وشَمائل، وعَجُوز وعجائز، وسعيد علم امرأة وسعائِد، وحُبَارَى وحَبَائِر، وجَلُولَاء: قرية بفارس، وجَلَائِل. ويُشْتَرَط فى ذى التاء من هذه الأمثلة: الاسميةُ، إلاَّ فَعيلة، فيشترط فيها ألا تكون بمعنى مفعولة، وشذ ذَبيحة وذبائح. وندر فى وَصِيد: وهو اسم للبيت أو فنائه: وصائِد؛ وفى جَزُور جَزائر، وفى سماء، اسم للمطر: سمائى. التاسع عشر: فَعَالِي بفتح أوله وثانيه وكسر رابعه.   1 أي: الحرف الثالث: حرف مد.. وحروف المد هي: الألف والواو والياء. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 العشرون: فَعَالَى، فتح أولِه وثانيه ورابعِه. وهاتان الصيغتان تشتركان فى أشياء، وينفرد كل منهما فى أشياء. فتشتركان فى فَعْلاء اسمًا كصَحْراء، أو صفة لا مذكر لها كعَذْراء، وفي الألف المقصورة للتأنيث كحبلَى، أو الإلحاق، كذِفْرى بكسر الأول: اسم للعظم الشاخص خلْف أذُن الناقة، وألفه للإلحاق بدرهم، وعَلْقًى بفتح الأول: اسم لنبت، فتقول فى جمعها صحارٍ وصحارَى، وعَذارٍ وعَذَار، وحَبَال وحَبَالَى، وذَفَار وذَفَارَى، وعَلَاقٍ وعَلَاقَى. وتنفرد الفَعالِي بكسر الام فى أشياء: منها فَعْلاة بفتح فسكون، كَمَوْماة: اسم للفلاة الواسعة التى لا نباتَ بها1، وفِعْلاة بالكسر كسِعْلاة، اسم لأخبث الغِيلَان؛ وفِعْلِيَّة بكسرتين بينهما سُكون مخفَّف الياء كهِبْرِيَّة، وهو ما يعلق بأصول الشَّعَر كنُخَالَة الدَّقيق، أو ما يَتطاير من زَغَب القُطن والرِّيش؛ وفَعْلُوة بفتح فسكون فضم كعَرْقُوة، اسم للخَشبَة المعترِضة فى فم الدلو، وما حُذِف أوّلُ زَائِديه كحبنطًى: اسم لعظيم البطن, وقَلَنْسُوة لما يُلْبَس على الرأس, وبُلَهْنِبَة بضم ففتح فسكون فكسر اسم لِسِعَة العيش، وحُبَارى بضم الأول، لقول فى جمعها: مَوام، وسَعَال، وهَبَار، وعَرَاق، وحَبَاط، وقَلاس، وبَلاه، وحَبَار. وينفرد الفعالَى بفتح اللام فى وصف على فَعْلان، كعطشانَ وغضْبان، أو على فَعَلى بالفتح كعَطْشَى وغَضْبَى، وتقول فى الجمع: عطَاشَى وغضَابَى. والرَّاجِح فيهما2، ضم الفاء كسُكَارَى. ويحفظ المفتوح اللام فى نحو حَبِط3 بفتح فكسر وحَباَطَى، ويَتِيم ويَتَامَى وأَيِّم، وهى الخالية من الزوج وأَيَامَى، وطاهِر وطَهارَى، فى قول امرئ القيس: ثِيابُ بَني عَوْفٍ طَهَارَى نَقيَّةٌ4   1 الأصح "فيها" ولعلها في الأصل فحرفت في الطباعة. ن. 2 بهذا تكون أبنية الكثرة أربعة وعشرين. 3 ويقال: حبط الجمل فهو حبط: إذا انتفخ بطنه من أكل كلأ غير ملائم اهـ. 4 وعجزه: * وَأَوْجُهُهِم عِنْدَ المَشَاهِدِ غُرَّانُ*. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وفى شاةٍ رئيسٍ: إذا أصيب رأسها، ورآسَى. ويُحفظ المضموم فى نحو قديم وقُدَامَى، وأَسِير وأُسَارَى.0 الحادى والعشرون: فَعَالِيّ، بفتحتين وكسر اللام وتشديد الياء، ويطَّرد فى كل ثلاثى ساكن العين، زيد فى آخره ياء مُشدَّدة، ليست متجدَّدَة للنَّسب، ككُرْسِي وبُخْتِي وقُمْري، بالضَّم، أو لنسب تُنُوسِيَ1 كمَهْرِي، تقول فى جمعها: كَرَاسِي، وبَخَاتِي، وقَمَارِي، ومَهَارِي. والفرق أن ياء النسب يدل اللفظ بعد حذفها على معنى بخلاف ياء نحو كُرْسِي، إذ يختل اللفظ بعد سقوطه ولا يكون له معنى، وشذّ قَبَاطِي فى قُبْطِي لأن ياءه للنسب، والقِبط: نصارَى مصر. ويُحْفَظُ فى إنسان، وظَرِبَان بفتح فكسر، إذ قد سمع أنَاسِيُّ2 وظَرِابيُّ، وليسا جمعًا لإنسيٍّ وظَرِبِيٍّ بل أصلهما: أنَاسِين وظرابين، قُلبت النون فيهما ياء وأدغمت الياء فى الياء. وسُمِع فى عَذْرَاء وصَحْرَاء، تقول فيهما: عَذارَيّ وصَحَارِيّ. الثانى والعشرون: فَعَالِل. ويطَّرد فى الرُّباعِىّ المجرَّد ومزيده، وكذا فى الْخماسىّ المجرّد ومزيده، فتقول فى جعْفَر وبُرْثُن وزَبْرِج: جَعَافِر، وبَراثِن، وزَبارِج. أما الخماسىّ فإن لم يكن رابعه يشبه الزائد، حُذِف الخامس كسَفَرْجَل، تقول فيه سَفَارِج، وإن أشبه الزائد فى اللفظ أو المخرَج فأَنَت بالخيار بين حذفه وحذف الخامس، فتقول فى نحو خَدَرْنَق بوزن سَفَرْجَل، اسم للعنكبوت، وفي برزدق بوزنه أيضا: خَدَارِق أو خَدَرِان، وفَرَازِق أو فَرَازِد، إذ النون فى الأول من حروف الزيادة، والدال فى الثانى تُشبه الفتاء3 فى المخرج، وتقول فى مزيد الرُّباعِىّ نحو مُدحرِج ودَحَارِج، بحذف الزائد، إلا إذا كان ما قبل الآخر لِينا4 فلا يُحذف، ثم إن كان اللين ياءً صحّ، كقنديل وقناديل، وإن كان ألفًا أو واوًا   1 يعنى "تُنوسي لكثرة استعماله في غيره". ن. 2 قال تعالى: {وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا} [الفرقان: 49] . ن. 3 في الأصل "الغتاء" وما أثبتناه هو الصحيح. ن. 4 اللين: هو الواو أو الياء الساكنة. وعند القراء: يجب أن يسبقهما فتح ويأتي بعدهما سكون، نحو "قريش - خوف". ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 قلب الياء نحو سِرْدَاج، وهي الناقة الشديدة، وعصفور، فتقول فيهما: سراديج وعصافير، وفى مزيد الخماسى: يحذف الخامس مع الزائد، فتقول فى قِرْطَبوس بكسر القاف: للناقة الشديدة، وبالفتح للداهية، وقَبَعْثَرِيّ: قرَاطِب وقبَاعِث. الثالث والعشرون: شِبْه فعَالِل. وهو ما ماثله عَدَدًا وهيئة، وإن خالفه زِنَة، وذلك كمَفَاعِل، وفَوَاعِل، وفَيَاعِل، وأَفَاعِلة. ويطَّرد فى مزيد الثلاثى غير ما تقدم من نحو أحمر، وسكران، وصائم، ورام، وباب كُبْرَى وسَكْرَى، فإن لها جموعَ تكسير تقدمت. ولا يُحْذَف الزائد إن كان واحدًا كأفضلَ ومَسْجِد وجَوْهَر وصَيْرَف وعَلْقى، بل يُحذَف ما زاد عليه، سواء كان واحدًا كما فى نحو مُنطَلِق، أو اثنين كما فى نحو مستخرج، ويُؤْثَر بالبقاء ما له مَزِيَّة على الآخر، معنىً ولفظاً كالميم، فيقال مَطَالِق ومَخارِج، لا نَطَالِق وتَخَارِج1 أو نخارج، لفضْل الميم، بتصدّرها، ودلالتها على معنى يختص بالأسماء؛ لأنها تدلُّ على اسمَىْ الفاعل والمفعول، وكالهمزة والياء مُصدرتين فى نحو ألَندد ويَلَنْدَد للشديد الخصومة؛ لأنهما فى موضعين يقعان فيه دالَّين على معنى كأقوم ويقوم، فتقول فى جمعهما ألاَدُّ ويَلَادُّ، أو لفظًا فقط، كالتاء فى نحو استخرج تقول فى جمعه تَخَارِيج بإبقاء التاء؛ لأنها لا تَخْرُج الكلمة عن عدم النظير، بل لها نظير نحو تَبَاريح وتماثيل وتصاوير، بخلاف السين لو قلت سَخَاريج، إذ لا وجود لسفاعيل، وكالواو فى نحو حَيْزَبُون للعجوز، فإن بقاءها يغنى عن حذف غيرها، وهو الياء فتقول فى جمعه حَزَابِين، بقلب الواو ياءً كما فى عُصفور، بخلاف ما لو حذفتها وأبقيت الياء، وقلت: حَيَازِبْن بسكون الموحدة قبل النون، فإن حذفها لا يغنى عن حذف غيرها، إذ لا يلى ألف التكسير ثلاث إلا وأوسطهن ساكن معتل. فليجئك ذلك إلى حذف المثناة التحتية، حتى يحصل مفاعل، فتقول حَزَابن. فإن لم يكن لأحد الزائدَين مَزِيَّة على الآخرَ. فأنت بالخيار فى حذف أيهما شئت، كنونَىْ سَرَنْدَى: للسريع فى أموره والشديد وعَلنْدَى للغليظ، وألفيهما. فتقول سَرَانِد، وعَلَانِد بحذف الألف، وسَرَادٍ وعَلَاد بحذف النون. وكذا حَبَنْطَى لعظيم البطن. تقول فيه حَبَانِط وحَبَاط، بقلب الألف ياءً، ثم يُعَل إعلال جَوَارٍ؛ لأن كلتا الزيادتين للإلحاق بسفرجل؛ فتكافأتا.   1 في الأصل "مخارج" وهو خطأ مطبعي، والصحيح ما أثبتناه لأنه أليق بالسياق. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 خاتمة تشمل على عدة أسئلة ... خاتمة تشتمل على عدة مسائل الأولى: يجوز تعويض ياءً قبل الطَّرَف مما حُذِف، سواء كان المحذوف أصلًَا أو زائدًا. فتقول فى سَفَرْجَل ومُنْطَلِق: سَفَارِيج ومَطَالِيق. وأَجَاز الكُوفِيون زيادتها فى مُمَاثِل مَفَاعِل، وحذفها من مماثل مَفَاعِيل، فتقول فى جَعافر جعافِير وفى عصافِير عصافِر. من الأول: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة:15] ، ومن الثانى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} [الأنعام: 95] . وأما فَواعِل فلا يقال فيه فَواعِيل إلا شذوذًا، كقول زهير بن أبى سُلمى: سَوَابِيغُ بَيضٌ لا يُخَرِّقُهَا النَّبْلُ1 الثانية: كلّ ما جرى على الفعل: مِن اسَمىْ الفاعل والمفعول، وأوله ميم، فبابه التصحيح ولا يُكَسَّر، لمشابهته الفعل لفظًا ومعنى؛ وجاءَ شذوذًا فى اسم مفعول الثلاثى من نحو ملعون، وميمون، ومشؤوم، ومكْسور، ومَسلوخة: مَلاعين، ومَيامين، ومَشائيم، ومكاسير، ومَسَاليخ، وجاء أيضًا فى مُفْعِل. بضم الميمْ وكسر العين من المذكر، كمُوسِر ومُفْطِر: مَيَاسِير ومَفَاطِير، كما جاء فى مُفْعَل بفتح العين كمَنْكَر: مَناكِير. وأما إذا كان مُفْعِل بكسر العين، مختصًا بالإناث، فإنه يُكَسَّر كمُرضِع ومرَاضِع. الثالثة: قد تدعُو الحاجة إلى جَمع الجمع، كما تدعو إلى تثنيته، فكما يقال فى جماعتين من الجمال أو البيوت جِمالان وبَيُوتان. تقول أيضًا فى جماعات منها جمالات وبَيُوتات. ومنه {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} 2 وإذا قصِد تكسير مُكَسَّر نُظر إلى ما يشاكله من الآحاد، فيُكَسَّر بمثل تكسيره، كقولهم فى أعْبُد أعابد، وفى أسلحة أسالح،   1 هذا عجز بيت، وصدره: عليها أسود ضاربات لبؤسهم. 2 وقراءة "جمالات" هي قراءة شعبة عن عاصم وهي قراءة متواترة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وفى أقوال أقاوِيل، شبَّهوها1 بأسْود وأسَاوِد، وأَجرِدة وأجَارِد2، وإعصار وأعاصير، وقالوا فى مصْران جمع مَصِير: مَصَارِينُ. وفى غِرْبَان غَرَابِين. تشبيهًا بسلاطين وسَراحين. وما كان على زِنة مَفَاعِل أو مَفاعِيل، فإنه لا يُكْسَّر لأنه لا نظير له فى الآحاد، حتى يُحْمَل عليه، ولكنه قد يُجْمَع تصحيحًا، كقولهم فى نَوَاكِس وأيامِن: نواكِسُون وأيامنون، وفى خرائد وصَواحِب: خَرَائِدات وصَواحِبَات، ومنه: "إنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ". الرابعة: قد تلحق التاء صيغة منتهى الجموع: إمَّا3 عِوَضًا عن الياء المحذوفة، كقَنَادِلَة فى قناديل، وإما للدلالة على أن الْجمع للمنسوب لا للمنسوب إليه، كأشَاعِثَة وأزارِقَة ومَهَالِبَة، وفي جمع أَشْعَثي وأزرقىّ ومُهَلَّبِي، نسبة إلى أشعثَ وأزرقَ ومهلبَ، وإما لإلحاق الجمع بالمفرد، كصَيَارِفة وصياقلة، جمع أن كان ممنوعًا من الصرف. وربما تلحق التاءُ بعضَ صيغ الجموع لتأكيد التأنيث اللاحق له، كحجارة وغمومة وخُؤولة. الخامسة: المركبات الإضافية التى جُعلت أَعلامًا تُجمع أجزاؤها الأوَل كما تُثنى، فتقول: عَبْدَا الله مثنى وعُبْدَان الله، وعِبَاد الله، وذَوا القَعْدةِ والحِجَّة، وأَذْوَاء أو ذَوات. وما كان كابن عِرس وابن آوَى وابنِ لَبُون، يقال في جمعه: بنات عرس وبنات آوى وبنا ت لَبُون, والمركبات المَزْجِية والمركبات الإسنادية والمثنى والجمع إذا جُعلت أعلامًا لا تُثنى ولا تُجمع، بل يؤتى بذو مثناة أو مجموعًا، بحسب الحاجة، فتقول: ذَوَا بَعْلَبَك أو أَذْواء سِيبَوَيْه وذَوو سِيبَويَه وذَوو زَيْدِِين. السادسة: مما تقدم علمتَ أن للجمع صيغًا مخصوصة، وقد يدُلُّ على معنى الجمعية سواها، ويسمى اسم الجمع، أو اسم الجنس الجمعىّ. والفرق بين الثلاثة مع اشراكهما فى الدلالة على ما فوق الاثنين: أن اسم الجنس   1 أي في عدد الحروف، ومطلق الحركات والسكنات، وإن خالفه في نوع الحركة كضمة أعبد مع فتحة أسود. 2 اتفق الكل على التمثيل بأجردة وأجارد، ولكنه لم يوجد في اللغة. قال الصبان: والظاهر أنه جمع جراد أو جريد اهـ. 3 في الأصل: "عِواضًا" وهو خطأ مطبعي. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 الجمعىّ: هو ما يتميز عن واحده: إما بالياء فى الواحد، نحو رومىّ ورُوم، وتُرْكِي، وتُرْك، وزَنجىّ وزَنِج، وإما بالتاء فى الواحد غالبًا، ولم يلتزم تأنيثه نحو تمرة وتمر، وكَلمة وكلِم، وشجرَة وشجر، ويقل كونها فى غير الواحد، المحفوظ منه جَبْأة وكَمْأة: لجنس الجَبْء، والكَمْءِ. وبعضهم يجعل الواحد منها ذا التاء على القياس، فإن التُزِم تأنيثه بأن عُومِل معاملة المؤنث فَجَمْع، كَتُخَم وتُهَم، وفي تخمة، إذ تقول هى أو هذه تُخَمٌ وتُهَمٌ. وأن اسم الَجمع ما لا واحد له من لفظه، وليس على وزن خاص بالْجموع أو غالب فيها، كقوم ورهط، أوله واحد لكنه مخالف لأوزان الْجمع، كرَكْب وصَحْب، جمع راكب وصاحب، وكغَزِي. بوزن غَني: اسم جمع غاز، أوله واحد وهو موافق لها، لكنه مساوٍ للواحد فى النسب إليه: نحو رِكاب، على وزن رجال، اسم جمع ركوبة، نقول في النسب رِكابي، والجمع كما سيأتى لا يُنْسَبُ إليه على لفظه إلا إذا جرى مجرى الأعلام، أو أُهْمِل واحده، وهذا ليس واحدًا منهما، فليس بجمع. وأن الْجمع ما عدا ذلك، سواء كان له واحد من لفظه كرجال، أو لم يكن، وهو على وزن خاص بالْجموع، كأبابيل: لجماعات الطير، وعَباديد: للفِرَق من الناس والخيل، أو غالب فى الْجمع كأعراب، فإنه جَمْعٌ واحدُه. مُقَدَّرٌ. وسواء توافق المفرد والجمع في الهيئة، كفُلْك وإمام، زمنه: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74] أوْ لا1، كأفراس جَمْع فرَس. وعندهم اسم جنس إفرادىّ، وهو ما يصدق على التقليل والكثير، كعسل ولبَن وماء وتُراب.   1 يعني لم يتوافق المفرد والجمع في الهيئة. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 التَّصغير وهو لغة: التقليل. واصطلاحا: تغيير مخصوص يأتى بيانه، وقد سبق أنه من الملحَق بالمشتقات لأنه وصف فى المعنى. وفوائده تقليل ذات الشيء أو كميته، نحو كلَيب ودُرَيْهمات، وتحقير شأنه نحو رُجَيل، وتقريب زمانه أو مكانه، نحو قُبيل العصر، وبُعَيد المغرب، وفُوَيق الفَرْسخ، وتُحَيْت البَرِيد، أو تقريب مَنزلته نحو صدَيِّقي أو تعظيمه نحو قول أوْس بنِ حَجَر: فَوَيْقَ جُبَيْلٍ شَامِخِ الرَّأس لم تكُن ... لِتَبْلُغَهُ حتَّى تَكِلّ وتَعْمَلا وزاد بعضهم التمليح نحو بُنَية وحُبيب، فى بنت وحبيب، وكلها ترجع للتحقير والتقليل. وشرط المصغر 1 أن يكون اسمًا، فلا يصغر الفعل ولا الحرف، وشذ قوله: ياما أميْلِحَ غِزْلانا شدَنَّ لَنا ... مِن هَؤلَيَّاء الضَّالِ والسَّلَمِ 2 وألاَّ يكون متوغلا فى شبه الحرف؛ فلا تصغر المضْمَرات ولا المُبْهمَات ولا مَنْ وكَيْفَ ونحوهما، وتصغيرهم لبعض الموصولات وأسماء الإشارة شاذّ، كما سيأتى: 3 وأن يكون خاليًا من صيغ التصغير وشبهها؛ فلا يصغّر نحو كُمَيت وشُعَيب؛ لأنه على صيغته، ولا نحو مُهَيْمِن ومُسَيْطِر؛ لأنهما على صيغة تشبهه. 4 وأن يكون قابلا للتصغير، فلا تصغر الأسماء المعظمة كأسماء الله تعالى وأنبيائه وملائكته، وعظيم وجسيم، ولا جمع الكثرة، ولا كلّ وبعض، ولا أسماء الشهور والأسبوع على رأى سيبويه. وأبنيته ثلاثة: فُعَيل، وفُعَيْعِل، وفُعَيْعِيل، وكفُلَيْس، ودُرَيْهِم، ودُنَيْنِير، وضع هذه الأمثلة الخليل. وقال: عليها بُنِيت معاملة الناس. والوزن بها اصطلاح خاص بهذا الباب، لأجل التقريب، وليس على الميزان الصرفىّ، ألا ترى أن نحو أحَيْمِر ومُكَيْرم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وسُفَيرج: وزنها الصرفى أفيْعِل، ومَفُيْعل، وفَعُيلل، وأما التصغيري فهو فُعَيْعِل فى الجميع. والأصل فى تلك الأبنية فُعَيْل وهو خاص بالثلاثىّ، ولا بدَّ من ضم الأوّل ولو تقديرًا، وفتح ثانيه، واجتلاب ياء ثالثة ساكنة، تسمَّى ياء التصغير. ويُقتصر فى الثلاثى على تلك الأعمال الثلاثة، فليس نحو لُغيز: للغز، وزُمَّيل للجبان تصغيراً، لسكون ثانيهما، وكون الياء ليست ثالثة. وإن كان المصغر متجاوزًا الثلاثة احتيج إلى زيادة عمل رابع، وهو كسر ما بعد ياء التصغير، وهو بناء فُعَيْعِل كجعيفِر فى جعفر. ثم إن كان بعد المكسور حرفُ لِينٍ قبل الآخِر. فإن كان ياء بقي كقنديل، فتقول في قُنَيْدِيل، وإلاّ قلب إليها، كمصيبيح وعُصيفير. فى مصباح وعصفور، وهو بناء فُعَيْعِيل. ويُتَوصَّل إلى هذين النباءين بما تُوصَّل به إلى1 بناء فَعَالِل وفَعاليل في التكسير من الحذف وجوبًا، أو تخييرًا، فتقول فى سفَرجل وفَرزدق، ومستخرج وألندد، ويلندد، وحَيزبون: سُفيْرج، وفُريزِد أو فُريزِق ومُخَيْرِج، وألَيِّد، ويُلَيَّد. وحُزيبين، وفى سرندى، وعلندى، سُرَيْند وعُلَينَد، أو سُرَيْدٍ وعُلَيْدٍ، مع إعلالهما إعلال قاضٍِ. وكما جاز فى التكسير تعويضُ ياء قبل الآخِر مما حُذِف، يجوز هنا أيضًا، فتقول سُفيرج وسُفَيْريج، كما قلت فى التكسير: سَفَارِج وسفَاريج، ولا يمكن زيادتها فى تكسيرِ وتصغيرِ نحو احرنجام مصدر احرنجم، لاشتغال محلها بالياء المنقلبة عن الألف فى المفرد. وما جاء فى بابى التصغير والتكسير مخالفاً لما سبق فشّاذٌ، مثاله فى التكسير جمعهم مكانًا على أمكن، ورهْطًا وكُراعًا على أراهط وأكارع، وباطلًا وحديثًا على أباطيل وأحاديث، وللقياس: أمْكِنة، وأرْهُط أو رُهُوط، وأكرعة، وبواطل، وأحدثة، ومثاله   1 غير موجودة، ولا يستقيم الكلام إلا بها. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 فى التصغير تصغيرهم مَغْرِبًا وعِشَاء على مُغَيْرِبَان وعُشَيَّان، وإنسانًا وليْلًَة، على أنَيْسِيَان ولُيَيْلِيَة، ورَجُلا على رُوَيْجِل، وصِبْيَة وغِلْمَة وبَنُون على أصَيْبِيَة، وأغيلمة، وَأبَيْنون، وعَشِيَّة على عُشَيْشِيَة، والقياس: مُغَيْرِب، وعُشَيّ، وأنَيْسِين، ولُيَيْلَة، ورُجَيل، وصُبَية، وغُلَيْمة، وبُنَيُّون وعُشَيَّة. وقيل: إن هذه الألفاظ مما استغنى فيها بتكسيرٍ وتصغير مهمل، عن تكسيرٍ وتصغيرٍ مستعمَل. ويُستثنى من كسر ما بعد ياء التصغير، فيما تجاوز الثلاثة: ما قبل علامة التأنيث كشجرة وحُبْلَى، وما قبل المَدَّة الزائدة قبل ألف التأنيث كحمراء، وما قبل ألف أَفعَال، كأَجمال وأفراس، ومما قبل فَعْلَان الذى لا يُجمع على فعالين، كسكران وعثمان، فيجب فى هذه المسائل بقاء ما بعد ياء التصغير على فتحه للخفة، ولبقاء ألِفَىْ التأنيث وما يشبههما فى منع الصرف وللمحافظة على الجمع، فتقول: شُجَيْرَة وحُبَيْلَى، وحُمَيْرَاء، وأُجَيْمَال، وأُفَيْرَاس وسُكَيْرَان، وعُثَيْمَان؛ لأنهم لم يجمعوها على فَعَالين كما جمعوا عليه سِرْحَانًا وسُلطانًا، ولذا تقول فى تصغيرهما: سُرَيْحِين وسُلَيْطِين، لعدم منع الصرف بزيادتها، فلم يبالوا بتغييرهما تصغيرًا وتكسيرًا1.   1 تحقيق تصغير وما ختم بألف ونون أن يقال: لا تقلب الألف ياء فيما يأتي: أولًا: في الصفات مطلقًا، سواء كان مؤنثها خاليًا من التاء، وهو الأصل، أو بالتاء حملًا على الصفات التى تمنع من الصرف، نحو سكران وجوعان وعريان وندمان وقطوان: للبطيء، تقول في تصغيرها: سكيران، وجويعان، وعريان، ونديمان، وقطيان. ثانيًا: في الأعلام المرتجلة، نحو مروان، وعثمان، وعمران، وسعدان، وغطفان، وسلمان، تقول في تصغيرهما: مريان وعثيمان، وعميران.. إلخ. أما عثمان، اسم جنس لفرخ الحباري، وسعدان: لنبت، فيقال في تصغيرهما: عثيمين، وسعيدين. ثالثًا: أن تكون الألف رابعة في اسم جنس، ليس على فلان مثلث الفاء ساكن العين، كظربان وسبعان، ويقال في تصغيرهما ظريبان وسبيعان. رابعًا: أن تكون الألف خامسة في اسم جنس، أو في حكم الخامسة، وذلك بحذف بعض الأحرف التي قبلها، نحو زعفران، وعقربان، وأفعوان، وصليان: للحية، وعبوثران: لنبت، تقول في تصغيرهما: زعيفران، وعقيربان، وأفعيعيان، وصليليان، وعبيثران. وأما إذا كانت الألف زائدة على ذلك فتحذف، نحو قرعبلانه: دويبة عظيمة البطن، تقول في تصغيرها: قريعبة. ويكسر ما بعد ياء التصغير، لتقلب الألف ياء فيما إذا كانت رابعة في اسم جنس على فلان، مثلث الفاء = الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 ويستثنى من التوصل إلى بنائي فُعَيْعِيل، بما يُتَوصَّل به إلى بناء مَفاعِل ومَفاعِيل، عِدَّةُ مسائل جاءت على خلاف ذلك، لكونها مُخْتَتَمَةً بشيء مقدر انفصاله، والتصغير ترد1 على ما قبله، والمقدر الانفصال هو ما وقع بعد أربعة أحرف: من ألف تأنيث ممدود كقُرْفُصَاء، أو تائه كحنظلة، أو علامة نسَب كعَبْقَرِي، أو ألف ونون زائدتين، كزعْفران وجُلْجُلَان، أو علامتَى تثنية، كمسلمَيْن ومُسلمَان، أو علامتى جمع تصحيح المذكر والمؤنث، كجعفرِين وجعفرون ومسلمات، أو عَجُزَي المضاف والمَزْجىِّ، فهذه كلها يخالف تصغيرها تكسيرها، تقول فى التصغير: قُرَيْفَصَاء، وحُنَيْظِلَة، وعُبَيْقِرِي، وزُعَيْفِران، وجُلَيْجِلَان ومُسَيْلِمَيْن أو مُسَيْلِمَان، وجُعَيْفِرِينَ أو جُعِيْفِرُونَ، ومُسيْلِمَات، وأُمَيْرِيء القيس وبُعَيْلَبَك، وتَقول فى تكسيرها: قرافِص، وحناظل، وعباقر، وزَعافر، وجَلاجَل، إذ لا لبس فى حذف زوائدها تكسيرًا، بخلاف التصغير، للالتباس بتصغير المجرد منها. وإذا أتت ألف التأنيث المقصورة رابعة، ثبتت فى التصغير، فتقول فى حُبلى حُبَيْلَى، وتُحذف السادسة والسابعة كلُغَيْزَى: للغز، وبَرْدَرَايَا: لِمَوْضِع، فتقول: لُغَيْز وبُرَيْدِر، وكذا الخامسة إن لم تُسبق بمدة كقَرْقَرِي: لموضع، تقول فيها: قُرَيْقِر، وإن سُبِقت بمدة خُيّرْت بين حذفها وحذف ألف التأنيث، كحبارى: لطائر، وقُرَيْثَا لِتمر، فتقول: حُبَيِّر أو حُبَيْرَى، وقُرَيِّث أو قُرَيْثَا. واعلم أن التصغير يردّ الأشياء إلى أصولها: فإِن كان ثانى الاسم المصغر لينًا منقلبًا عن غيره، يُرَدّ إلى ما انقلب عنه. سواء كان واوًا منقلبة ياء أو ألفًا، نحو قيمة وماء، تقول فيهما: قُوَيْمَة ومُوَيَّة، إذ أصلهما قِوْمَة   = ساكن العين، كحومان: لنبت، واحده حومانة وسلطان وسرحان، تقول في تصغيرها: حويين، وسليطين، وسريحين، تشبيهًا لها بزليزيل وقريطيس وسريبيل تصغير زلزال وقرطاس مثلث الفاء وسربال. وأما العلم المنقول فحكمه حكم ما نقل عنه، فإن نقل عن صفة فلا يكسر ما بعد ياء التصغير، نحو سكران مسمى به، تقول في تصغيره سكيران، وإن نقل عن اسم جنس فيكسر ما بعد ياء التصغير، هو سلطان مسمى به، تقول في تصغيره سليطين. اهـ. منه. 1 يعني أن التصغير يرد الحروف المقدرة بعد الأحرف الأربعة المذكورة. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 ومَوَه بخلاف ثاني نحو: معتد، فإنه غير لين، فيصغّر على مُتَيْعد، وبخلاف ثانى آدم، فإنه منقلب عن غير لين، فيقلب واوًا كالألف الزائدة من نحو ضارب، والمجهولة من نحو صاب وعاج، فتقول فيها: أُوَيدِم، وضوَيرب وصُوَيب وعُوَيْج. وأما تصغيرهم عيدًا على عُيَيْد، مع أنه من العَوْد فشاذّ، دعاهم إليه خوف الالتباس بالعُود أحد الأعواد. أو كان ياءً منقلبة واوًا أو ألفًا، كموقن وناب، تقول فيهما: مُيَيْقِن ونُنيب، إذ أصلها مُيْقِن ونَيْب. أو كان همزة منقلبة ياء كذِيب، تقول فيه: ذُؤيب. أو كان أصله حرفًا صحيحًا غير همزة نحو دُنينير فى دينار، إذ أصله دِنَّار، بتشديد النون. ويجرى هذا الحكم فى التكسير الذى يتغير فيه شكل الحرف الأول، كموازين وأبواب وأنياب بخلاف نحو قِيَم ودِيَم. وإن حذف بعض أصول الاسم، فإن بقى على ثلاثة كشاكٍ وقاضٍ، لم يُرَدّ إليه شيء، بل شُويْكٍ وقويضٍ، بكسر آخره منوَّنا، رفعًا وجرًا، وشُوَيْكيًّا وقُويضيًّا نصبًا، وإلا رُدّ، نحو كُلْ وخُذْ وعِدْ بحذف الفاء فيها، ومُذْ وقُلْ وبِعْ بحذف العين أعلامًا، ونحو يد ودم، بحذف لامهما، ونحو قِهْ وفِهْ وشِهْ، بحذف الفاء واللام، ورَهْ بحذف العين أعلامًا أيضًا، فتقول فى تصغيرها: أكَيل، وأخيَذ، ووعَيد، بردّ الفاء، ومُنَيذ وقُوَيل وبُيَيع، برد العين، ويُدَي ودُمَي، برد اللام، ووُقَي ووُفِي ووُشَى، برد الفاء واللام، ورُأَي، برد العين واللام. أما العَلم الثنائِيُّ الوضع، فإن صح ثانيه كبَلْ وهَلْ، ضُعِفّ أو زيدت عليه ياء، فيقال: بُلَيْل أو بُلَيّ، وهُلَيْل أو هُكَيِّ وإلا وجب تضعيفه قبل التصغير، فيقال فى لَوْ وما وكَي أعلامًا: لوٌّ وكيٌّ، بتشديد الأخير، وماء، بزيادة ألف للتضعيف وقلب المزيدة همزة، إذ لا يمكن تضعيفها يغير ذلك وتصغر تصغير دوٍّ وحيٍّ وماءٍ، فيقال لُوَيِّ وكُيَيّ ومُويّ، كما يقال دُوَيّ وحُيَيُّ ومُويه، إلا أن هذا لامه هاء، فردَّ إليها. وإن صغر المؤنث الخالى من علامة التأنيث، الثلاثىّ أصلا وحالا، كدارٍ وسنٍ وأذنٍ وعينٍ، أو أصلاً كيدٍ، أو مآلا فقط كحُبْلَي وحَمْرَاء، إذا أريد تصغيرهما تصغير ترخيم كما سيأتى، وكسماء مطلقًا، أى ترخيما وغيره، لحقته التاء إن أمن اللَّبس، فتقول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 دُوَيْرَة، وسُنَيْنَة وعُيَيْنَة وأُذَينة، ويُدَيْة، وحُبَيْلَة، وحُمَيْرة، وفي غير الترخيم حُبَيْكَى وحُمَيْرَاء كما سلف، وسُمَيَّة، وأصله سُمَييُّ بثلاث ياءات، الأولى للتصغير، والثانية بدل المدة، والثالثة بدل الهمزة المنقلبة عن الواو، لأنه من سَما يَسمو، حُذفت منه الثالثة لتوالى الأمثال، ولو سَميت به مذكرًا حذفت التاء، فتقول: سُمَي، لتذكير مسمَّاه، وأما نحو شجرٍ وبَقَر فَلا يُصغر بالتاء، لئلا يلتبس بالمفرد، وذلك عند من أنَّثهما، وأما عند من ذكرَّهما فلا إشكال، وكذا نحو زينب وسُعاد لتجاوزهما الثلاثة، فيقال فيهما زُيَينب، وسُعيِّد بتشديد الياء. وشذ حذف التاء فيما لبس فيه، كحرْب وذوْد ودِرْع ونَعْل ونحوهما، مع ثلاثيتها، وإجلابها فيما زاد على الثلاثة، كوُرَيِّئة وأمَيِّمة، بياءين مدغمتين، الأولى للتصغير، والثانية بدل المدة، وقدَيديمة، بيائين بينهما دال: الأولى للتصغير، والثانية بدل المدة، تصغير وراء، وأمام وقدَّام. واعلم أن عندهم تصغيرًا يسمى تصغير الترخيم، ولا وزن له إلا فُعَيْل وفُعَيْعِل، لأنه عبارة عن تصغير الاسم بعد تجريده من الزوائد، فيصغر الثلاثىّ الأصول على فُعَيْل، مجرَّدًا من التاء، إن كان مسماه مذكرًا، كحُميد فى حامد ومحمود ومحمد وأحمد وحمَّاد وحمدان وحمُّوده، ولا التفات إلى اللبس ثِقةً بالقرائن، وإلا فبالتاء كحُبَيلة وسُوَيدة فى حُبلي وسوداء، إلا الوصف المختص بالنساء كحائض وطالق، فيقال فى تصغيرهما: حُيَيْض وطُلَيْق من غير تاء، لكونه فى الأصل وصف مذكر، أى شخص حائض أو طالق، فإن صغَّرتهما لغير ترخيم، قلت: حُويِّض بشد الياء، وطويلق، بقلب ألفهما واوًا، لأنهما ثانية زائدة. وأما الرباعىّ فيصغر على فُعَيْعِل كقُرَيْطِس وعُصَيفِر فى قِرْطَاس وعُصْفُور، ويصغر إبراهيم وإسماعيل ترخيما على بُرَيْه وسُمَيْع، ولغير ترخيم على بُرَيْهِيم وسُمَيْعِيل، أو على أُبَيْرَه وأُسَيْمَع، على الخلاف فى أن الهمزة أو الميم واللام أوْلى بالحذف، ولا يختص تصغير الترخيم بالأعلام، على الصحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 تنبيهان الأول: تقدم أنه لا يصغر جمع على مثال من أمثلة الكثرة، لمنافاة التصغير للكثرة، وأجاز الكوفيون تصغير ما له نظير فى الآحاد كرُغْفان، فإنه نظير عثمان، فيقال فى تصغيره رُغَيْفَان. فمن أراد تصغير جمعٍ ردَّه إلى مفرده وصغَّره، ثم يجمعه جمع مذكر إن كان لمذكر عاقل، وجمع مؤنث إن كان لمؤنث أو لغير عاقل، كقولك فى غِلْمان1 وجَوَار ودَرَاهم: غُلَيْمون أو غَلَيْمين، وجُوَيْرِيات ودُرَيْهِمات. وأما اسم الجمع واسم الجنس الجمعى فيُصغران، لشبههما بالواحد. الثانى: لا يُصغر إلا المتمكن كما سبق، ولا يصغر من غيره إلا أربعة: 1 أفعل فى التعجب. 2 والمزجي ولو عدديًا عند من بناه. 3 وذا وتا ومثناهما وجمعهما. 4 والذى والتى كذلك. وحكمها: أن تصغير أفعل والمزجي كالمتمكن فى هيئته، كما تقدم، بخلاف الإشارة والموصول، فيترك أولهما على حاله: مِن فتحٍ، كذا والذي، ضم كإلى، ويزاد في آخره المثنى ألف، فتقول ذيا وتيا، ومنه قول رؤْبة الراجز: أو تحلِفى بِرَبِّكِ الْعَلِيّ ... أَنِّي أَبُو ذَيَّالِكِ الصَّبِيّ وذَيّان وتَيّان وأولَيَّا، واللَّذَيَا واللَّذَيَان واللَّتَيا واللَّتَيان واللَّذَيِّين مطلقًا، بفتح الياء المشددة أو كسرها، أو التَذيُّون فى حالة الرفع، بضم الياء أو فتحها، على الخلاف بين سيبويه، والأخفش2، واللَّتَيَّان جمع اللَّتَيا، يغنى عن تصغير اللائى واللاتى عند سيبويه، وصغَّرهما الأخفش بقلب الألف واوًا، وحذف لامهما وهى الياء الأخيرة. وتقلب الهمزة فى اللائى، فيقال اللَّويا واللَّويتا، وضم لام اللَّويا واللتيا لغةٌ، كما فى التسهيل، خلافًا للحرِيرىّ فى دُرَّة الغواص. وإنما ساغ تصغير الإشارة والموصول، لأنهما يوصفان ويوصف بهما، والتصغير وصف في المعنى كما سبق، ولذا مُنِع عمل اسم الفاعل مصغرًا، كما منع موصوفًا.   1 على هذا الترتيب: "غِلمان= غلام = غُليم =غليمون". "جواري=جارية=جويرية=جويريات".ن 2 سيبويه يقول بضم ما قبل الواو، وكسر ما قبل الياء والأخفش يقول بفتح ما قبلها، ومنشأ الخلاف ألف اللذيا. فالأول يحذفها في التثنية. والثاني يحذفها لالتقاء الساكنين، فهي مقدرة عنده، وقد ظهر أثر الخلاف في الجمع ا. هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 النَّسَب وسماه سيوبيه الإضافة، وابن الحاجب النّسبة بكسر النون وضمها، بمعنى الإِضافة، أى الإضافة المعكوسة، كالإِضافة الفارسية. ويحدث به ثلاثة تغييرات: لفظىّ، ومعنوىّ، وحُكْمِي: فالأول: زيادة ياء مشددة فى آخر الاسم مكسور ما قبلها، لتدل على نسبته، إلى المجرد منها، منقولاً إعرابه إليها، كمصرىّ، وشامىّ، وعراقىّ. والثانى: صيرورته اسمًا للمنسوب. والثالث: معاملته معاملة الصفة المشبهة فى رفعه الظاهر والمضمر باطراد كقولك زيد قرشيّ أبوه، وأمه مضرية. ويحذف لتلك الياء ستة أشياء فى الآخِر: الأول: الياء المشددة الواقعة بعد ثلاثة أحرف، سواء كانت زائدة ككرسىّ أو للنسب كشافعىّ، كراهية اجتماع أربع ياءات. ويقدرَّ حينئذ أن المنسوب والمنسوب إليه مع المجددة للنسب، غيرُهما بدونها، ولهذا التقدير ثمرة تظهر فى نحو: بَخاتِي وكراسىّ إذا سُمِّي بهما مذكر، ثم نسب إليه، فإنه قبل النسب ممنوع من الصرف، لوجود صيغة منتهى الجموع، نظرًا لما قبل التسمية، فإن الياء من بِنْية الكلمة، وبعد النسب يصير مصروفًا لزوال صيغة الجمع بياء النسب، وإن سُمِّىَ به مؤنث، فيكون ممنوعًا من الصرف، ولكن للعلمية والتأنيث المعنوىّ، والأفصح فى نحو مَرمىّ مما إحدى ياءيه زائدة حذفهما، وبعضهم يحذف الأولى، ويقلب الثانية واوًا، لكن بعد قلبها ألفًا، لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ فتقول على الأول مرمي، وعلى الثانية مرموي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 ويتعين فى نحو حَيَّ وطَيَّ مما وقعتا فيه بعد حرف واحد فتحُ أولاهما، وردُّها إلى الواو إن كانت الواو أصلها، وقلبُ الثانية واوًا كطَوِوي وحيَوي. الثانى: تاء التأنيث، تقول فى النسبة إلى مكة مَكي، وقول العامة خليفتِىّ فى خليفة، وخَلْوَتي فى خَلْوَة لَحْن، والصواب خَلْفِي وخَلْوِي. الثالث: الألف خامسة فصاعدًا مطلقًا، أو رابعة متحركًا ثانى كلمتها: فالأولى ألف التأنيث كحُبارى: لطائر، أو الإلحاق كحَبَرْكي مُلْحَق بسَفَرْجل: للقُرَادِ، أو المنقلبة عن أصل كمصطفى من الصفرة، تقول فى النسبة إليها حُبَارِي وحَبَرْكي ومصطفىّ. والثانية ألف التأنيث خاصةً كجَمْزَي: للحمار السريع، تقول فى النسبة إليه جَمْزِي، فإن سكن ثاني كلمتها جاز حذفها وقلبها واوًا، وسواء كانت للتأنيث كحُبْلَى، أو للإلحاق كعَلقَى، اسم لنبت، فإنه ملحق بجعفر، أو منقلبة عن أصل كمَلْهَى من اللَّهو، تقول فيها: حُبْلَي أو حُبْلَوي، وعَلْقِي أو عَلْقَوِي، ومَهلي أو مَلْهَوِىّ. والقلب أحسن من الحذف، ويجوز زيادة ألف بين اللام والواو، نحو حُبْلَاوي. الرابع: ياء المنقوص خامسة كالمعتدى، أو سادسة كالمستعْلِى، تقول فيهما، المعتَدِيّ والمستعلِىّ. أما الرابعة كالقاضى فكألف نحو مَلْهى، تقول القاضِىّ والقاضَوي، والحذف أرجح، وأما الثالثة كالشَجِي والشَذِي فيجب قلبها واوًا، كألف نحو فَتى وعَصًى، تقول: شَجَوي وشَذَوي، كما تقول فَتَوِىّ وعَصَوِىّ، ولا تقلب الياء واوًا إلا بعد قلبها ألفًا، ويُتَوصَل لذلك بفتح ما قبلها، كما سبق فى مَرْمِىّ. وإذا نسَبْتَ إلى فَعِل، مكسور العين، مثلث الفاء، كنَمِرْ ودُئِل وإِبِل، فَتَحْت عينه فى النسب، تقول نَمْرِي، ودُؤَلي وإِبَلِي، وقال بعضهم: يجوز فى نحو إبل إبقاء الكسرة إتباعاً. الخامس والسادس: علامتا التثنية وجمع تصحيح المذكر عَلَمين إذا أعربا، بالحروف، تقول زَيدي فى النسب إلى زيدانِ وزيدُون. وأما من أجرى المثنى عَلمًا مجرى سَلْمان فى المنع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، فيقول: زَيْدَاني ومن أجرى الجمع المذكر مجرى غِسْلين، فى لزوم الياء، والإعراب على النون منونة، يقول فيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 زَيْدِينِي، ومن جعله كهارونَ فى المنع من الصرف للعلمية وشبه العُجمة مع لزوم الواو، أو كعَرَبُون فى لزومها منونًا، أو كالماطرونَ: اسم قرية بالشام فى لزومها وتقدير الإِعراب عليها، وفتح النون للحكاية، يقول في الجمع: زَيْدُونِي. أما جمع المؤنث السالم، فنحو: تَمَرات جمعًا، ينسب إلى مفرده ساكن الميم1، وعَلمًا إليه مفتوحها، سواء حُكِي أو مُنع، وذلك للفرق بين النسب إليه مفردًا وجمعًا، وأما نحو ضَخْمَات فألفه كألف حُبْلى بجامع الوصيفة. ويجب الحذف فى ألف هذا الجمع خامسةً فصاعدًا، سواء كان من الجموع القياسية كمسلمات، أو الشاذة كسُرادقات، تقول فيها: مُسْلمي وسُرادِقي. ويجب حذف ستةٍ أخرى متصلة بالآخِر: أحدها: الياء المكسورة المدغم فيها مثلها، فيقال فى نحو طيِّب وهَيِّن طَيْبي وهَيْني، بخلاف المفتوحة كهبيَّخ للغلام الممتلئ، ما لم يكن بعد المكسورة ياء ساكنة كمُهَيِّيم، تقول هُيَبَّخي ومُهَيِّيمِيّ، تصغيرها مِهْيَام، مِفْعال من هام على وجهه: إذا ذهب من العشق، أو من النُّعاس، تحذف الواو الأولى، ثم توضع ياء التصغير، فيصير مُهَيْوم، فيُعَلّ على مُهيم، إتباعًا لقاعدة اجتماع الواو والياء وسبْقِ إحداهما بالسكون، فيشتبه حينئذ باسم الفاعل المكبر من هَيَّمه الحُب، فإِذا نسب إلى المصغَّر زيدت ياء، لمنع الاشتباه، ومثله مصغر مُهيِّم المذكور، وشذّ طائِي في طَييء، إلا إذا قيل بحذف الياء الأولى، وقلب الثانية، وألفًا. ثانيها: ياء فَعِيلة بفتحٍ فكسر، صحيح العين غير مضعِّفها، كحنيفة وحنَفِي، وصحيفة وصَحَفي بحذف التاء ثم الياء، ثم قلب كسرة العين فتحة، وشذ سَلِيقي، منسوبًا إلى سَلِيقة فى قوله: وَلَسْتُ بِنَحْويٍّ يَلُوكُ لِسَانَهُ ... وَلَكِنْ سَلِيقيٌّ أقُولُ فَأُعْرِبُ   1 "تَمْري" وإذا كان علمًا: "تَمَري".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 كما شذ عَمِيري وسَلِيمي، فى عَمِيرة كلْب وسَلِيمة الأزد، نطقوا بالأول، للتنبيه على الأصل المرفوض، وبَالأخيرين له، وللتفرقة بين عَمِيرة غير كلْب، وسَلِيمة غير الأزد. وأما معتل العين كطويلة، أو مضعَّفها كجليلة، فلا تحذف ياؤهما، تقول فيهما: طَوِيلي، وجَلِيلي. ثالثها: ياء فُعَيْلة بضم الفاء، وفتح العين، غير مضعفتها، كجُهَيْنة وَقُرَيْظة، تقول فى النسبة إليهما: جُهَنِيُّ وقرَظِيُّ بحذف التاء، ثم الياء؛ وعُيَنيّ وقُومِي، فى عُيَيْنة وقُوَيمة كذلك، مع بقاء ضم الفاء، إذ لا يترتب عليها إعلال العين. وشذَّ رُدَيْنِي فى رُدَيْنة، ولا يجوز الحذف فى نحو قَلِيلة، لأن العين مضعَّفة. رابعها: واو فعُولة، بفتِحِ الفاء، صحيحة العين، غيرَ مضعفتها، كشُنوءَة؛ تقول فيه على مذهب سيبويه والجمهور شنئِي، بحذف التاء، ثم الواو، ثم قلب الضمة فتحة. ومَن قال شَنوِي بالواو، قال فيها شَنُوَّة، بشد الواو. وذهب الأخفش إلى حذف التاء فقط، وغيرُهُ إلى حذف الواو مع التاء فقط. وأما نحو قَوُولة ومَلُولة، فلا حذْف فيهما غير التاء، للاعتلال فى الأول، والتضعيف فى الثانى. خامسها: ياء فَعِيل، بفتحٍ فكسر، يائىّ اللام أو واويها، كغَني وعَلي1، تحذف الياء الأولى، ثم تقلب الكسرة فتحة، ثم تقلب الياء الثانية ألفًا، ثم تقلبَ الألفَ واوًا، فتقول غَنَويُّ وعَلَوِي. سادسها: ياء فُعَيل، بضم ففتح، المعتلّ اللام كقُصَي. تحذف الياء الأولى، ثم تقلب الثانية ألفًا، ثم تقلب الألف واوًا، فتقول قُصَوِي، فإن صحت لام فعِيل وفُعَيل، كعَقِيل وعُقَيل، لم يحذف منهما شيء، وشذَّ فى ثَقيف وقُرَيش، وهُذَيل: ثَقفي، وقُرَشي، وهُذَلِي.   1 بهذا الترتيب: "عَلِىّ= عَلِي مخففة= عَلَيْ= عَلَا= عَلَوْ، ثم تنسب فتقول: "عَلَوِي".ن "عَنِيّ= غَنِي "مخففة" = غَنَيْ= غَنا= غَنَوْ= ثم تنسب فتقول:"غَنَوي".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 وحكم همزة الممدود هنا: كحكمها فى التثنية، فتسلم إن كانت أصلا، كقُرَّائي فى قُرَّاء، ومنهم من يقلبها واوًا، والأجود التصحيح. وتقلب واوًا إن كانت للتأنيث كحمْراوي، فى حمراء وصحراء، وشذّ قلبها نونا فى صَنْعَاني وبَهْراني، نسبة إلى صَنْعاء اليمن وبَهْرَاء اسم قَبيلة من قُضاعة، وبعض العرب يقول صَنْعاوي ربَهْراوي على الأصل. ويُخيّرُ فيها إن كانت للإلحاق كعلباء، أو بدلاً من أصل ككساء، فتقول عِلْبائي أو عِلْباوي، وكسائىّ أو كساوىّ. ويُنْسب إلى صدر العَلَم المركَّب إسناديًّا، كبَرَقِي، وتأبَّطِي: فى بَرَقَ نحرُه، وتأبَّطَ شَرًّا. أو مَزْجِيًّا كبَعْلي ومَعْدِي: فى بَعْلَبَكَّ ومَعْد يكَرِبَ. وهذا هو القياس فيه مطلقًا، سواء كان صحيح الصدر أو معتله، وبعضهم يعامل المعتلَّ معاملة المنقوص، فيقول في مَعْديكرب مَعْدَوي. وقيل يُنْسَبُ إلى عجُزه، فتقول بَكَيّ وكَرَبي. وقيل: إليهما مُزالا تركيبهما، فتقول: بَعْلي بَكِّىّ، ومَعْدي كَرَبي؛ وعليه قولُه: تزَوَّجْتُها راميَّة هُرْمُزيَّة ... بِفَضْلَةِ مَا أَعْطَى الأميرُ مِنَ الرِّزقِ فى النسبة إلى رامَ هُرْمُزَ وقيل إلى المركب غير مزال تركيبه، تقول بعْلَبَكِّي ومَعْديكربي. وقيل: يُنْسَبُ إلى فَعْلَلٍ منهما، تقول بَعْلَبكي ومَعْدَكِي؟ كما تقول حضْرَمي فى حَضْرَمَوْت. ومثل الإسنادي أيضًا الإضافي كأمريء القيس، تقول فيه امْرئي أو مَرَئي، والثانى أفصح عند سيبويه، وعليه قول ذى الرّمَّة يهجو امرأ القيس1: إذا المرَئيُّ شَبَّ له بَنَاتٌ ... عقَدْنَ برأسِه إبَةً وعَارَا   1 امريء القيس هو الحارث بن حجر الكندي الشاهر الجاهلي الماجن المعروف. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 وقول جرير: يَعُدُّ النَّاسِبُونَ إِلى تَمِيْم ... بُيُوتُ الْمَجْدِ أَرْبَعَةٍ كِبَارًا وَيَخْرُجُ مِنْهم المَرَئِي لَغْوًا ... كَمَا أَلْغَيْتَ فِي الدِّيَة الحِوَارَا1 ويُسْتثنى من المركب الإضافىّ ما كان كُنية، كأبى بكر وأم كلثوم، أو مُعَرَّفًا صدرُه بعجزه، كابن عمر وابن الزُّبير، فإنك تَنْسُبُ إلى عَجُزه، فتقول: بَكْرِي وكُلْثُومِي وعُمَرِي. وأُلْحق بهما ما خِيف فيه لَبْس، كقولهم فى عبد مَناف مَنَافِي، وعبد الأشهل أَشْهَلِي، دَفْعًا لِلبس، وشذّ فيه، فَعْلَلٌ السابق، كتَيْمَلِي وعَبْدَرِي، ومَرْقَسِي، وعَبَْقسِي، وعَبْشَمِي: فى تيم اللات، وعبد الدار، وامرئ القيس بن حجر الْكِنْدِي، وعبد القيس، وعبد شَمْس. ومن الأخير قول عبد يغُوث الحارثىّ: وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ ... كَأَنْ لَمْ تَر قَبْلِي أَسِيْرًا يَمَانِيًّا وَإذا نُسب إلى ما حُذِفَتْ لامه، فإن جُبر فى التثنية وجمعِ التصحيح بردّها، كأَبٍ وأَخٍ وعِضَةٍ وسَنَةٍ، تقول فيها: أَبَوانِ وأَخَوَان وعَضَوات وسَنَوَات، أو عِضَهَات وسَنَهَات، وجب ردُّ المحذوف فى النسب، فتقول: أَبَوي وأَخَوِي وعِضْوِي وسَنْوِي، أو عِضَهِي وسَنَهِي. وإن لم يُجْبَر فيهما جاز الأمران فى النسب، نحو غَدٍ وشَفَةٍ، تقول فيهما: غَدِي وشَفِي، أو غَدَوِي وشَفَوِي. إلا إن كانت عينه مُعَْتلَّة، فَيَجِبُ جَبْرُه، كذَوَوِي فى ذِى وذَات، بمعنى صاحب وصاحبة2، وشَاهِي أو شَوْهِي، بسكون الواو في شاة،   1 الحوار: ولد الناقة منذ الوضع إلى أن يفطم، ونسب الأشموني البيت الأخير لذي الرمة، وأنشده محرفا، وكتب عليه الصبان ما كتب. والصواب ما هنا، وأنه لجرير، كما أنشدهما الفخر عند قوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] . وكما في الأغاني في ترجمتي جرير وذي الرمة. ا. هـ. مؤلف. 2 الأول على مذهب سيبويه، لأنه لا يرد الكلمة بعد رد محذوفها إلى سكونها الأصلي، بل يبقي العين مفتوحة فيقلبها ألفا. والثاني على مذهب أبي الحسن، لأنه يرد الكلمة بعد رد محذوفها إلى سكونها الأصلي، فيمتنع القلب، وقد ورد السماع بمذهب سيبويه، وإليه رجع أبو الحسن وأصل شاة شوهة، بسكون الواو، بدليل شياء، فلما حذفت الهاء، فتحت الواو، لتاء التأنيث، فقلبت أَلِفًا. ا. هـ. منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 أصلها: شَوْهة. ويجوز الأمران فى يَدٍ ودَمٍ عند من لا يَرُدّ لامَهما فى التثنية، ووجب الرَّدُّ عند من يردها، فتقول على الأول: يَدِيُّ أو يَدَوِيُّ، ودَمِيُّ أو دَمَوِيُّ، وعلى الثانى: يَدَوِيّ ودَمَوِي لا غير. وإذا نُسِب إلى ما حُذِفت لامه، وعُوِّضَ عنها تاء تأنيث لا تنقلب هاء الوقوف، حذَفت تاؤه، فتقول: بَنَوِي وأَخَوِي فى بِنْت وَأخْت، ويونس يقول: بِنْتِي وأُخْتِي، ببقاء التاء، مُحْتَجًّا بأن التاء لغير التأنيث، لأن ما قبلها ساكن صحيح، ولا يُسَكن ما قبل تاء التأنيث إلا إن كان معتلا كفتاة، وبأن تاءها لا تُبْدَل هاء في الوقوف. وكل ذلك مردود بصيغة الجمع، إذ تقول فيهما: بَنَات وأخَوَات، بزيادة ألف وتاء، وحذف التاء الأصلية. ولا تُرَدُّ ألفًا لما صحت لامه، كعِدَةٍ وصِفَةٍ، تقول فيهما: عِدِي وصِفِي، وتُرَدُّ لمعتلها كشِيَةٍ، تقول1 فيه: وِشَي2، بكسر الواو، وفتح الشين أو وِشْيِي، بكسرتين بينهما شين ساكنة. وإذا نُسِب إلى محذوف العين، وهو قليل فى كلامهم، فإن صحت لامه ولم يكن مُضَعّفًا، لم يُجْبَر بردِّ المحذوف، كَسَهٍ ومُذ، مسمًّى بهما، فتقول منهما سَهِي ومُذِي. لا سَتَهِي ومُنْذِي، وإن كان مُضَعَّفًا كرُبَ بِحَذف الباء الأولى، مُخَفَّف رُبَّ إذا سُمي به، فإنه يجبر برد المحذوف. فيقال رُبِّي، ومثل المضعَّف فى وجوب الرد، معتلُّ اللام كالْمُرِّي، اسم فاعل أرَى، وكيَرَى مضارع رأى مسمى بهما، فتقول فيهما: المُرْيي، واليَرْئِي، بفتح الياء، وسكون أو فتح الراء، على الخلاف بين سيبويه والأخفش، من إبقاء حركة فاء الكلمة بعد الرد، أو عدم إبقائها. وإذا نَسَبْتَ إلى الثَّنائى وضْعًا، ضَعّفْتَ ثَانِية إن كان معتلا فتقول فى لَوْ وكَي مُسَمًّى   1 أي على الخلاف بين سيبويه! وأبي الحسن، فإن الأول يبقي حركة العين بعد رد المحذوف، وهي هنا الكسرة، ثم يقلبها فتحة، فتنقلب الياء ألفًا، ثم واوًا، والثاني العين إلى سكونها الأصلي، فلا داعي للقلب عنده. ا. هـ. 2 في الأصل: "وسَنَوَات" ولعله تصحيف والصحيح ما أثبتناه. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 بهما: لَوٌّ وكَيٌّ بالتشديد، وتقول فى لا عَلَما: لاء بالمدّ، وفى النسب إليها: لَوِّيٌّ وكَيْوِيٌّ، ولَائِيٌّ أو لَاوِيٌّ كما تقول فى النسب إلى الدَّوِّ وهو الفلاة، والحَيّ والكِسَاء: دَوِّيٌّ وكَيْوِيٌّ، ولائِيّ أو لاوِىّ، كما تقول فى النسب إلى الدوِّ وهو الفلاة، الحي والكساء: دَوِيِّ وَحَيَوِي وكِسَائِيُّ أو كِسَاوِيُّ، وأنت فى الصحيح بالخيار، نحو كم فتقول: كَمِي بالتخفيف، أو كَمِّي بالتضعيف. ويُنْسَب إلى الكلمة الدالة على جماعة على لفظها إن كانت اسم جمع، كقومىّ ورهطىّ: فى قوم ورهط؛ أو اسم جنس كشَجَرىّ فى شجر؛ أو جمع تكسير لا واحد له، كأبابيلىّ فى أبابيل، أو علَمًا كَبَساتينىّ، نِسبة إلى البساتين، عَلَم على قرية من ضواحى مصر، أو جاريا مجرى العَلم كأنصارىّ، أو يتغير المعنى إذا نُسب لمفرده كأعرابي1.   1 الظاهر أن الأعراب في أصل اللغة جمعًا لعرب، ثم خصص لساكني البادية، والعرب يعمه وساكن الحضر. ا. هـ. رضى ملخَّصًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 خاتمة قد يُستغنى عن ياء النسب غالبًا بصوغ فاعِلٍ مقصودًا به صاحب كذا، كطاعم، وكاسٍ، ولابن، وتامرٍ. ومنه قول الحطيئة يهجو الزبرقان بن بدر: دَعِ الْمَكَارِمَ لَا تَرْحَل لِبُغْيَتِها ... واقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي1 أى ذَوي طعامٍ وكسوةٍ. وقوله2: وغرَرْتَنِي وزَعَمْتَ أَنَّك ... لَابِنٌ فِي الصَّيْف تَامِر أى ذُو لَبَنٍ وتَمْر.   1 راجع "63" باب "اسم الفاعل".ن 2 هو الحطيئة الشاعر المخضرم أيضًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 أو بصوغ فعَّال بفتح الفاء وتشديد العين، مقصودًا به الحِرَف كنَجَّار وعَطَّار وبَزَّاز، أى محترف بالنِّجارة والعِطارة والبزارةِ، أو بصوغ فَعِل، بفتح فكسر، كطَعِم ولَبِن، أى: صاحب طعامٍ، ومنه قوله: لَسْتُ بِلَيْلِي ولَكِنِّي نَهِرْ ... لَا أَدْلُجُ اللَّيْلَ ولَكِن أَبْتَكِر وتُصاغ نادرًا على وزن مِفْعَال أي: كمِعْطَار، أى: ذى عِطْر، ومِفْعِيل كفرس مِحْضير، أى ذى حُضْر، بضم فسكون، وهو الجرى. وما خرج عما تقدم في النسب فشاد، كقولهم رَقَباني وشَعْراني وفَوْقاني وتَحْتاني، بزيادة الألف والنون: لعظيم الرَّقبة، والشعْر، ولِفَوق، وتحت، ومَرْوَزِي فى مَرْو، بزيادة الزَّاي، وأَمَوِي بفتح الهمزة فى أُمَيَّة بضمها، ودُهْرِي بالضم: للشيخ الكبير فى الدَّهْر بالفتح، وبَدَوي، بحذف الألف، فى البادية، وجَلُولِي وحَرُورِي، بحذف الألف والهمزة، فى جَلُولاء، قرية بفارس، وحَرُوراء قرية بالكوفة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 الباب الثالث: فى أحكام تعمُّ الاسم والفعل فصل فى حروف الزيادة ومواضعها وأدلتها اعلم أن الزيادة فى الكلمة عن الفاء والعين واللام: إمَّا أن تكون لإِفادة معنى، كفرَّح بالتشديد من فرح، وإمَّا لإِلحاق كلمةٍ بأخرى، كإلحاق قَرْدَدٍ اسم جبل بجعفر، وجَلْبَبَ بدَحْرَج. ثم هى نوعان: أحدهما: ما يكون بتكرير حرف أصلى لإلحاق أو غيره، وذلك إما أن يكون بتكرير عين مع الاتصال، نحو قَطَّع، أو مع الانفصال بزائد نحو عَقَنْقَل، بمهملة وقافين بينهما ساكن، مفتوح ما عداه: للكثيب العظيم من الرمل. أو بتكرير لام كذلك، نحو: جَلْبَبَ وجِلْبَاب، أو بتكرير فاء وعين مع مباينة اللام لهما، نحو: مَرْمَرِيس، بفتحٍ فسكون ففتح فكسر: للداهية، وهو قليل، أو بتكرير عين ولام مع مباينة الفاء، نحو صَمَحْمح بوزن سَفَرْجَل: للشديبد الغليظ. وأما مكرر الفاء وحدها كقَرقَف وسُندس، أو العين المفصولة بأصل، كحَدْرد بزنة جعفر اسم رجل، أو العين والفاء فى رُباعىّ كسِمْسِم، فأصلىّ، فلو تكرر فى الكلمة حرفان وقبلهما حرف أصليٌّ كصمَحْمَح وَسَمَعْمَع: لصغير الرأس، حُكِم بزيادة الضعفين الأخيرين لكون الكلمة استوفت بما قبلهما أقلَّ الأصول1. ثانيهما: ما لا يكون بتكرير حرف أصلىّ، هذا لا يكون إلا من الحروف العشرة، المجموعة فى قولك: سألتمونيها. وقد جمعها ابن مالك فى بيت واحد أربع مرَّات، فقال: هَنَاءٌ وتَسْلِيمٌ، تَلَا يَوْمَ أُنْسِهِ ... نِهَايَةُ مسؤولٍ، أمَانٌ وَتَسْهِيلُ   1 يعني: "يصح أن تقول: صَمَحْ وَسَمَع" بخلاف كلمة: "سمسم فإنك لا تستطيع حذفُ شيء منها لأنَّ حروفها أصلية".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وقد تكون الزيادة واحدة، واثنتين، وثلاثا، وأربعا، ومواضعها أربعة، لأنها إما قبل الفاء، أو بين الفاء والعين، أو بين العين واللام، أو بعد اللام، ولا يخلو إذا كانت متعددةً من أن تقع متفرقة أو مجتمعة. فالواحدة قبل الفاء نحو أُصبع وأكرم، وبين الفاء والعين، نحو: كاهل وضارب، وبين العين واللام نحو غَزال. وبعد اللام كحُبْلَى. والزيادتان المتفرّقتان بينهما الفاء، نحو أجادل، وبينهما العين كعاقول، وبينهما اللام نحو قَصَيْرَى: أى الضلَع القصيرة، وبينهما الفاء والعين نحو إعصار، وبينهما العين واللام نحو خَيْزَلَى، وهى مِشية فيها تثاقل، وبينهما الفاء والعين واللام، نحو أجْفَلَى للدعوة العامة. والمجتمعتان قبل الفاء، نحو منطلق، وبين الفاء والعين، نحو جواهر، وبين العين واللام، نحو خُطاف، وبعد اللام نحو عِلباء. والثلاث المتفرقات: نحو تماثيل، والمجتمعة قبل الفاء نحو مستخرج، وبين العين واللام نحو سَلاليم، وبعد اللام نحو عنفوان. واجتماع اثنتين وانفراد واحدة نحو أُفْعُوَان. والأربع المتفرقات: نحو احميرار مصدر احمارَّ، ولا توجد الأربع مجتمعة. وأدلة الزيادة تسعة: الأول: سقوط بعض الكلمة من أصلها، كألف ضارب، وألف وتاء تَضَارَبَ من الضرب، فما عدا الضاد والراء والباء: حُكْمه الزيادة. الثانى: سقوط بعض الكلمة من فرع، كنُوني سُنْبل وحَنْظل، من أسبل الزرع، وحَظِلت الإِبل، أى خرج سُنْبُل الزرع، وتأذت الإبل من أكل الحنظل، فنونها زائدة، لسقوطها من الفرعين. الثالث: لزوم خروج الكلمة عن أوزان نوعها لو حكمنا بأصالة حروفها، كنوني نرْجِس بفتح فسكون فكسر، وهُنْدَلِغ بضم فسكون ففتح فكسْر: لبقلة، وتاءى تَنْضُب، بفتح فسكون فضم: اسم شجر، وتَنْفل بفتح فسكون فضم: لولد الثعلب، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 لانتفاء هذه الأوزان فى الرُّباعي المجرَّد1. الرابع: التكلم بالكلمة رباعية مرة وثلاثية أخرى مَثَلًا، كأيْطل بفتحتين بينهما ساكن، وإطْل بكسر فسكون أو بكسرتين: للخاصرة. الخامس: لزوم عدم النظير فى نظير الكلمة التى اعتبرتها أصلاً، كتُتْفُل بضمتين بينهما ساكن، فإنه وإن لم يترتب عليه عدم النظير لوجود فُعْلُل كبُرْثُن لكن يترتب ذلك فى نظير تلك الكلمة، وهى تَنْفُل المفتوحة التاء فى اللغة الأخرى، إذ لا وجود لفَعْلُل بفتح فضم بينهما سكون، فثبوتُ زيادة التاء فى لغة الفتح لعدم النظير، دليلٌ على زيادتها فى لغة الضم، والأصل الاتحاد. السادس: كون الحرف دالاً على معنى، كأحرف المضارعة2 وألفِ اسم الفاعل. السابع: كونه مع عدم الاشتقاق فى موضع يلزم فيه زيادته مع الاشتقاق، كالنون ثالثة ساكنة غير مدغمة، بعدها حرفان، كوَرَنْتَل، بفتحات، بينهما نون ساكنة: للداهية، وشَرَنْبَث بزنته: للغليظ الكفين والرجلين، وعَصَنْصَر بفتح المهملات وسكون النون: اسم جبل، لأنها فى موضع لا تكون فيه مع المشتق إلا زائدة، كجَحَنْفل بزنته أيضًا، وهو الغليظ السفه، من الجَحْفَلة، وهى لذى الحافر كالشفة للإنسان. الثامن: وقوعه منها فى موضع تغلب زيادتُه فيه مع المشتق، كهمزة أرْنب وأفكلَ، بفتحتين بينهما ساكن: للرِّعْدة، لزيادتها فى هذا الموضع مع المشتق، كأَحمر. التاسع: وجوده فى موضع لا يقع فيه إلا زائدًا، كنوناتِ حِنْطَأوٍ بكسر فسكون ففتح فسكون: لعظيم البطن، وكِنْتَأوٍ بزنته، لعظيم اللحية، وسِنْدَأوٍ وَقِنْدَأوٍ بزنة ما تقدم: لخفيفها. وزاد بعضهم عاشرًا، وهو الدخول فى أوسع البابين، عند لزوم الخروج عن النظير   1 راجع "ص26" موضوع: "أوزان الرباعي المجرد".ن 2 وهي "أ-ن-ي-ت".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 فيهما، نحو كَنَهْبُل، بفتحتين فسكون فضم: شجر عظيم، وقد تفتح باؤه، فزنته بتقدير أصالة النون: فَعَلُّل، وبتقدير زيادتها فَنْعْلُل وكلاهما مفقود، غير أن أبنية المزيد أكثر، فيصار إليه. ويُحْكم بزيادة الألف متى صاحبت أكثر من أصلين، كضارب وعِمَاد وحُبْلَى، ويحكم بزيادة الواو متى صحبت أكثر من أصلين، ولم تتصدر ولم تكن كلمتها من باب سِمْسِم، كمحمود وبُويع، بخلاف نحو سَوْط وَوَرَنْتل وَوَعْوَعَة. ويحكم بزيادة الياء متى صَحِبت أكثر من أصلين، ولم تتصدَّر سابقةً أكثَر من ثلاثة أصول، ولم تكن كلمتها من باب سمسم كيضرِبُ فعلا، ويَرْمَعِ اسمًا، بخلاف نحو بيت ويُؤْيُؤْ لطائرْ، ويَسْتَعُور بزنة فَعْلَلُول، كعَضْرَفوط: اسم لدويبة. ويحكم بزيادة الميم متى سبقت أكثَر من أصلين، ولم تلزم فى الاشتقاق، كمحمود، ومسجد، ومنطلق، ومفتاح بخلاف نحو: مهْد ومِرْعَز، بكسرتين بينهما سكون: اسم لما لانَ من الصوف، فَإنّهم قالوا: ثوب مُمَرْعَز فأثبتوها فى الاشتقاق، واستدلوا بذلك على أصالتها، خلافًا لسيبويه القائل بزيادتها. ويحكم بزيادة الهمزة مصدَّرةً متى صحبت أكثر من أصلين، ومتأخرةً بشرط أن تُسبق بألف مسبوقة بأكثر من أصلين كأحْفَظُ فِعلا، وأفضَل اسمًا مشتقًا، وإصبع اسمًا جامدًا، وأفْلُس جمعًا، وكحمراء وصحراء. ويحكم بزيادة النون مُتَطَرِّفةً إن كانت مسبوقة بألف مسبوقةٍ بأكثر من أصلين، كسكران وغَضْبان، ومتوسطة بين أربعة أحرف، إن كانت ساكنة غير مضعفة كغَضَنْفر وقَرَنْفَل، أو كانت من باب الانفعال، كانطَلَق ومُنْطَلِق، أو بدأتْ المضارعَ. ويحكم بزيادة التاء في باب التفعيل كالتدَحْرج، والتفاعل كالتعاون، والافتعال كالاقتراب، والاستفعال كالاستغراب والاستغفار، وهو الموضع الذى يحكم فيه بزيادة السين. أو كانت التاء فى التفعيل أو التفعلل، أو كانت للتأنيث كقائمة، بدأت المضارعَ. وتُزاد التاء سَمَاعًا فى نحو ملكون. وجَبروت ورَهَبُوت وعنكبوت. وتزاد السينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 سماعًا فى قُدْموس بزنة عُصْفور، للإلحاق به. وزيادة الهاء واللام قليلة، ومثَّلوا للهاء بقولهم: أهْراق فى أراق، وبأمهات فى جمع أم. ومَن مثَّل لها بهاء السكت رُدّ عليه بكونها كلمة مستقلة. ومثَّلوا للأَّم بطَيْسَل وزَيْدَل وعَبْدَل، والأصل طَيْس وهو الكثير، وزيد وعبد، ومن مثَّل لها بلام ذلك وتلك، رُدّ عليه ردّ هاء السكت. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 فصل في همزة الوصل همزة الوصل1: هي التى يُتوصل بها إلى النطق بالساكن، وتسقط عند وصل الكلمة بما قبلها. ولا تكون فى حرف غير ألْ، ومثلها أمْ2 فى لغة حِمْيَر، ولا فى فعل مُضارع مطلقًا ولا في ماض ثلاثى كأمَر3 وأخذ، أو رُباعي كأكرم وأعطى، بل فى الخماسىّ كانطلق واقتدر، والسُّداسي كاستخرج واحرنجم، وأمرهما، وأمر الثلاثىّ الساكنُ ثانى مضارعه لفظًا كاضرب، بخلاف نحو هَبْ وعِدْ وقُلْ. ولا في اسم إلا مصادر الخماسىّ والسداسىّ، كانطلاق واستخراج، وفى عشرة أسماء مسموعة، وهى: اسمٌ وَاسْتٌ، وابنٌ، وابنْمٌ، وابنة، وامْرُؤٌ، وامرَأة، واثْنان، واثْنتان، وايُمُن4 المختصة بالقسم، وما عدا ذلك فهمزته همزة قطع. ويجب فتحُ همزةِ الوصل فى أل، وضمُّها في نحو انطُلِق واستُرْج مبينيين للمجهول، وأمر الثلاثى المضموم العين أصالة. كادخُلْ واكتُب، بخلاف امْشُوا واقْضُوا5 مما جُعِلت كسرة عينه ضمة لمناسبة الواو، فتكسر الهمزة بخلاف عكسه، مما جعلت ضمة العين فيه كسرة لمناسبة الياء، كاغزِي، فيترجح الضم على الكسر، كما يترجح الفتح على الكسر فى ايْمُن وايم، والكسر على الضم فى اسم، ويجوزان مع الإشمام فى نحو اختار وانقاد مبنيين للمجهول. ويجب الكسر فيما بقى من الأسماء العشرة6، والمصادر، والأفعال. وتُحذف لفظًا لاخطًّا إن سُبقت بكلام، ولفظًا وخطًّا فى ابن مسبوق بعلَم، وبعده   1 سميت بذلك: لأنها تصل ما قبلها بما بعدها من غير قاطع أو فصل وبعكسه همزة القطع. ن 2 ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ من حِمْيَر: "لَيْسَ من أمْ بِّر أمْ صيامُ في أمْ سَفَرٍ"، رواه البخاري ومسلم بألفاظ مختلفة. 3 لأن الهمزة من بنية الكلمة. ن 4 أما إذا كان "أيمن" اسمًا فهمزته همزة القطع. ن 5 هذه القاعدة ليست عامة فلقد قرِئَ: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنُ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوُ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ..} بضم النون والواو. ن 6 يعني بالعَشر عند الابتداء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 علَم بشرط كونه صفةً للأول، والثانى أبًا له، ما لم يقع أو السطر، وفى بسم الله الرحمن الرَّحِيمِ، قال بعض الشعراء مشيرًا إلى ذلك: أفى الحق يُعْطَى ثلاثون شاعرًا ... ويُحْرَمُ ما دُون الرضا شاعرٌ مِثْلي كما سامحوا عَمْرا بواوٍ مزيدةٍ ... وضُويق باسم الله فى ألفِ الوصلِ وإن وقعت بعد همزة استفهام؟ فإِن كانت مكسورة حذفت نحو: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: 63] {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُم} [المنافقون: 6] أبنك هذا؟ أسمك على؟ بخلاف ما إذا كانت مفتوحة، فإنها تبدل ألفًا، وقد تسهل نحو: {أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} ؟ 1 [يونس: 59] . كما تحذف همزة أل خطًّا ولفظًا إذا دخلت عليها اللام الحرفية، سواء كانت للجر، أو لام القسم والتوكيد، أو الاستغاثة، أو للتعجب، نحو قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] ؛ {وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [البقرة: 149] {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى} [الضحى: 4] . وكقول الشاعر: يا لَلرِّجال عَلَيْكُم حَمْلَتي حُسِبَتْ ونحو يا لَلْماء والعُشْب. ولا تحقق مطلقا إلا فى الضرورة2، كقوله: ألا لا أرَى اثْنَينِ أحسَنَ شِيمَةً ... عَلى حَدَثَانِ الدَّهْرِ مِنِّي ومِنْ جُمْلِ   1 هذه الآية: تقرأ بالاستفهام والقطع: {أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} وتقرأ "ءآللهُ" بالمد، وتقرأ، بالتسهيل "االله". ومعنى التسهيل: أن تقرأ الهمزة الثانية "بينَ بينَ" أيْ بينَ الهمزة والهاء. ن 2 يعني: الضرورة الشعرية: فإنّ كثيرًا من الألفاظ يُتَسامح بها في الشعر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 الإعلال والإبدال الإعلال: هو تغيير حرف العلة للتخفيف، بقلبه، أو إسْكانه، أو حذفه؛ فأنواعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 ثلاثة: القلب، والإسكان، والحذف. وأما الإبدال: فهو جعل مُطْلَق حرف مكان آخر. فخرج بالإطلاق الإعلال بالقلب، لاختصاصه بحروف العلة، فكل إعلال يقال له إبدال ولا عكْسَ، إذ يجتمعان فى نحو قال ورمى، وينفرد الإبدال فى نحو اصْطَبَر وادَّكر. وخرج بالمكان العِوَض، فقد يكون فى غير مكان المعوَّض منه كتاءَى عِدَة واستقامة وهمزتى ابن واسم. وقال الأشمونى: قد يُطلق الإبدال على ما يُعم القلب، إلا أن الإبدال إزالة، والقلب إحالة والإحالة لا تكون إلا بين الأشياء المتماثلة، ومن ثَمَّ1 اختص بحروف العلة والهمزة، لأنها تقاربها بكثرة التغيير. واعلم أن الحروف التى تبدل من غيرها ثلاثة أقسام: ما يُبدل إبدالاً شائعًا للإدغام، وهو جميع الحروف إلا الألف، وما يبدل إبدالًا نادرًا، وهو شبه أحرف: الحاء، والخاء، والعين المهملة، والقاف، والضاد، والذال المعجمتانِ، كقولهم فى وُكْنة، وهى بيت القَطَا فى الجبل: وُقْنة: وفى أغْنّ أخَنّ، وفى رُبَع رُبَح، وفى خَطَر غَطَر، وفى جَلْد جَضْد، وفى تلعثَم تلَعْذَم. وما يُبدل إبدالاً شائعًا لغير إدغام، وهو اثنان وعشرون حرفًا، يجمعها قولك لجد صرف شكس أمن طى ثوب عزته2 والضرورىّ منها فى التصريف تسعة أحرف، يجمعها قولك: هَدَأتُ مُوطِيا وما عداها فإبداله غير ضرورىّ فيه، كقولهم فى أصْلان بالضم، على ما ذهب إليه الكوفيون، جمع أصيل، أو هو تصغير أصيل، وهو الوقت بعد العصر: أصيَلال، وفى اضطجع إذا نام: الطَجع، وفى نحو علىّ علَما، فى الوقف أو ما جرى مجراه: علِج بإِبدال النون لامًا فى الأول، والضاد لامًا فى الثانى والياء جيمًا فى الثالث. قال النابغة: وقَفتُ فِيها أصيْلالًا أُسَائِلُهَا ... أعْيَتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ   1 ثَمَّ: يعني: هناك. ن 2 أو إن شِئتَ قل: "جَلدٌ شَكسٌ ثوابهُ من صرفِ طيٍّ قُعَرُّ".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 وقال منظور بن حَبَّة الأسدى فى ذئب: لَمَّا رَأى أن لا دَعَهْ لا شِبَعْ ... مالَ إلىَ أرْطَاة حَقْفٍ فَالطَجَعْ وقال آخر: خاليِ عُوَيْفٌ وَأبُوا عَلِجّ ... المُطعمانِ اللَّحمَ بِالعَشِجّ يريد أبا علىّ والعشىّ، وتسمّى هذه اللغة عَجْعَجَة قُضاعة. واشترط بعضهم فيها أن تكون الجيم مسبوقة بعين، كما فى البيت، وبعضهم يُطْلِق، مستدلاً بقول بعض أهل اليمن: لا هُمَّ إن كنت قبلتَ حِجَّتِجْ ... فلا يزالُ شاحِجٌ يَأتيكَ بجْ أقْمَرُ نَهَّاتٌ يُنَزِّي وَفْرَتِجْ1   1 الشاحج: البغل إذا صوت. والأقمر: الأبيض. والنهات: النهاق. ينزى: يحرك والوفرة: الشعر إلى شحمة الأذن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 أالإعلال فى الهمزة 1- تقلب الياء والواو همزة وجوباً فى أربعة مواضع: الأول: أن تتطرفا بعد ألف زائدة، كسماء وبناء، أصلهما سَماوٌ وبِنايٌ، بخلاف نحو قال، وباع، وإداوة2، وهى المِطْهرة، وهداية، لعدم التطرف، ونحو دَلْو وظَبْي، لعدم تقدم الألف، ونحو آيةٍ ورايةٍ، لعدم زيادتها. وتشاركهما فى ذلك الألف، فإنها إذا تطرفت بعد ألف زائدة أبدلت همزة، كحمراءَ إذا أصلها حَمْرَى كسَكْرَى، زيدت ألف قبل الآخر للمد، كألف كتاب، فقلبت الأخيرة همزة.   2 وهي ما يحمل بها الماءُ للطهارة والوضوء ومنه قول المغيرة بن شعبة في صحيح مسلم: "بَيْنا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلةٌ إذ نَزَل فقضى حاجتَهُ ثمّ جاء فَصَبَبْتُ عليه مِنْ إدَاوَةٍ كانَتْ مَعِي فَتَوَضّأ ومَسَحَ على خُفَّيه" شرح صحيح مسلم للنووي "3/509".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 الثانى: أن تقعا عينًا لاسم فاعلِ فِعْل أعِلَّتا فيه، نحو قائل وبائع، أصلهما قاوِل وبايع، بخلاف نحو عَينَ فهو عاينَ، وعَوِرَ فهو عاوِر، لأن العين لما صحَّت فى الفعل، خوف الإلباس بعان وعار، وصحت فى اسم الفاعل تبعًا للفعل. الثالث: أن تقعا بعد ألف مَفَاعل وشِبْهه وقد كانت مَدَّتين زائدتين فى المفرد، كعجوز وعجائز، وصحيفة وصحائف، بخلاف نحو قَسْوَر، وهو الأسد، وقساوِر، لأن الواو ليست بمَدَّة، ومَعِيشة ومعايِش، لأن المدة في المفرد أصلية، وشذ في مُصبية مصائب، وفى مَنارة منائر بالقلب، مع أصالة المدة فى المفرد، وسهَّلهُ شَبَهُ الأصليِّ بالزائدِ. وتشاركهما فى ذلك الحكم الألفُ، كَرِسَالة ورسائل، وقِلادَة وقلائد. الرابع: أن تقعا ثانيتى لِينين1 بينهأ ألف مفَاعِل، سواء كان اللِّينان ياءين، كنيائف جمع نيِّف، وهو الزائد على العِقد، أو واوين، كأوائل جمع أوَّل، أو مختلفين، كسيائد جمع سيِّد، أصله سيود، وأما قول جَنْدَل بن المُثَنَّى الطُّهَوِي: وَكَحَّلَ العينين بالعَوَاوِرِ من غير قلب، فلأن أصله بالعواوير كَطَواويس، وقد تقدم جواز حذف ياء مفاعيل. ولذا صُحِّح. وتختص الواو بقلبها همزة إذا تصدرت قبل واوٍ متحركة مطلقًا، أو ساكنة. متأصلَّة الواوية، نحو أواصل وأواق، جمعَىْ واصلة وواقية، ومنه قول مُهَلْهل: ضرَبَتْ صَدْرَهَا إليَّ وقَالَتْ ... يَا عَدِيًّا لَقَدْ وَقَتْكَ الأوَاقِي ونحو الأولى مؤنث الأوّل، وكذا جمعها وهو الأوَلُ، بخلاف نحو هَوَوي ونَوَوي، في   1 راجع ما كَتَبْتُه في هامش "ص94" عن اللّين ومدّه. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 النسبة إلى هَوىً وَنَوَىً، لعدم التصدر، وَوُفِيَ وَوُعِدَ مجهولين، لعدم تأصل الثانية. وتبدل الهمزة من الواو جوازًا فى موضعين: أحدهما: إذا كانت مضمومة ضمًا لازمًا غير مشددة، كوُجوه وأجُوه، ووُقوت وأقُوت: في جمع وقت ووجه، وأدْوُر وأدْؤُر، وأنْوُر أنْؤُر: جمعيْ دار ونار، ووُقوت1 وقَئُول وصَئُول: مبالغة فى قائل وصائل، فخرجت ضمة الإعراب، نحو هذا دلُو، وضمةُ التقاء السكانين، نحو {وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُم} [البقرة: 237] وخرج بغير مشددَّة، نحو التعوُّذ والتحوُّل. ثانيهما: إذا كانت مكسورة فى أول الكلمة، كإشاح وإفادة وإسادة، فى وِشاح، ووِفادة، ووِسادة. وتبديل الهمزة من الياء جوازًا إذا كانت الياء بعد ألف، وقبل ياء مشدَّدة، كغنائي ورائىّ: فى النسبة لغاية وراية. وجاءت الهمزة بدلاً من الهاء فى ماء، بدليل تصغيره على مُويَه، وجمعه على أواه.   1 في الأصل: "قتول" وهو تصحيف والصحيح ما أثبتناه. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 ب فصل فى عكس ما تقدم وهو قلب الهمزة ياء أو واوًا، ولا يكون ذلك إلا فى بابين: أحدهما: باب الجمع الذى على زنة مَفاعِل، إذا وقعت الهمزة بعد ألف، وكانت تلك الهمزة عارضة فيه1، وكانت لامه همزة أو واوًا أو ياء، فخرج باشتراط عروض الهمزة المَرائِي: فى جمع مِرآة، فإن الهمزة موجودة فى المفرد، وبالأخير سلامةُ اللام، فى نحو صحائف وعجائز ورسائل، فلا تغير الهمزة فيما ذُكِر، والذى استوفى الشروط يجب فيه عملان: قلب كسرة الهمزة فتحة، ثم قلب الهمزة ياء فى ثلاثة مواضع، وواوًا فى موضع واحد. فالتى تقلب ياء يشترط فيها أن تكون لام الواحد همزة، أو ياء   1 يعني: أنَّ الهمزة لم تكن في المفرد. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 أصلية، أو واوًا منقلبة ياء، والتى تقلب واوًا يشترط فيها أن تكون لام الواحد واوًا ظاهرة فى اللفظ، سالمة من القلب ياء. فهذه أربعة مواضع، تحتاج إلى أربعة أمثلة: 1مثال ما لامه همزة خطايا جمع خطيئة1، أصلها خَطَاييء، بياء مكسورة، هى ياء المفرد، وهمزة بعدها هي لامه، ثم أبدلت الياء المكسورة همزة، على حد ما تقدم فى صحائف، فصار خطائيء بهمزتين، ثم الهمزة الثانية ياء، لأن الهمزة المتطرفة إثر همزة تقلب ياء مطلقًا، فبعد المكسورة أولى، ثم قلبت كسرة الهمزة الأولى فتحة للتخفيف، كما في المذَاري والعذَاري، ثم قلبت الياء ألفًا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار خَطاءا بألفين بينهما همزة، والهمزة تشبه الألف، فاجتمع شبه ثلاث ألفات، وذلك مستكرَه، فأبدلت الهمزة ياء، فصار خطايا، بعد خمسة أعمال. 2ومثال ما لامه ياء أصلية: قضايا جمع قضية، أصلها قضايي2 بيائين، أبدلت الياء الأولى همزة، على ما تقدم فى نحو صحائف، فصار قضائِيُ، قلبت كسرة الهمزة فتحة، ثم الياء ألفا، فصار قضاءًا، ثم قلبت الهمزة المتوسطة ياء، لما تقدّم، فصار قضايا، بعد أربعة أعمال. 3- ومثال ما لامه واوٌ قلبت ياء فى المفرد: مَطِيّة3، إذ أصلها مَطِيْوة من المَطا، وهو الظهر، أو من المَطْو وهو المدّ، اجتمعت الواو والياء وَسُبقت إحداهما بالسكون، فقلَبت الواو ياء وأدغمتا، كما فى سيِّد وميِّت، وجمعها مطايا، وأصلها: مَطايُو، فقلبت الواو لتطرُّفها إثر كسرة، فصار مَطاييُ، ثم الياء الأولى همزة كما تقدّم، ثم أبدلت الكسرة فتحة، فصار مَطَاءَيُ، ثم الياء ألفا، ثم الهمزة المتوسطة ياء، فصار مطايا بعد خمسة أعمال.   1 هنا تحتاج إلى خمسة أعمال وهي كما يلي: "خَطَايئ= خطائِي=خَطَائَي= خَطاءا= خطايا".ن 2 هكذا: "قضايي=قضائِي=قضائَي=قضاءا=قضايا".ن 3 هكذا: "مَطِيْوَة= مَطِيْيَة= مَطَّية" "مَطَايُو=مطايِي=مطائِي= مطائَي= مطاءا=مطايا".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 4 ومثال ما لامه واو ظاهرة سلمت فى المفرد: هِرَاوَة، وهى العصا، وجمعها هَرَاوَى، أصلها هَرَائِو1. وذلك أن ألف المفرد قلبت فى الجمع همزة، كما فى رسالة ورسائل فصار هَرائوُ، ثم أبدلت الواو ياء، لتطرُّفها إثر كسرة، فصار هَرَائي، ثم فتحت كسرة الهمزة، فصار هَرَاءَيُ، ثم قلبت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار هراءَا، بهمزة بين ألفين، ثم قلبت الهمزة واوًا، ليتشاكل الجمع مع المفرد، فصار هَرَى بعد خمسة أعمال. وشذ من هذا الباب قوله: حَتئ أزيُروا المَنَائِيا2 والقياس المنايا، واللهم اغفِرْ لى خَطَائِئِي والقياس خطاياى، وهَدَاوَى جمع هَدية، والقياس هدايا. ثانيهما: باب الهمزتين الملتقيين فى كلمة واحدة، والتى تُعَل هى الثانية، لأن الثقل لا يحصل إلا بها، فلا تخلو الهمزتان إما أن تكون الأولى متحركة والثانية ساكنة، أو بالعكس، أو تكونا متحركتين. فإن كانت الأولى متحركة والثانية ساكنة، أبدلت الثانية من جنس حركة الأولى، نحو آمنت أومِنُ إيمانًا، والأصل أأمَنْت أؤْمِن إئمَانا، وشذَّ3 قراءة بعضهم: إئلافِهِم، بتحقيق الهمزة الثانية. فإن كانت الأولى ساكنة والثانية متحركة، ولا تكونان إلا فى موضع العين أو اللام، فإِن كانتا فى موضع العين، أدْغمت الأولى فى الثانية، نحو ساال مبالغة السؤآل، ولأاَّل ورألَّس، في النسب لبائع اللُّؤْلؤ والرُّءوس. إن كانتا فى موضع اللام، أبْدِلت الثانية ياء مطلقًا، فتقول فى مثال قِمَطْر مِن قرأ قرَأى، في مثال: سَفَرجَل منه: قَرَأيَا.   1 نفس سابقتها. ن 2 هنا جزء من بيت شعر لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، قاله في غزوة بدر، وهو: فَما بَرِحَتْ أقْدَامُنَا في مُقَامِنَا ... ثَلاثَتِنَا حَتَّى أزيرُوا المَنَائيا 3 لا يعني بقوله: شذَّ: أنّ القراءة شاذَّة!! وإنّما: شَذّ في اللغة. وإلّا فالقراءة صحيحة. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وإن كانتا متحركتين، فإن كانتا فى الطّرَف1، كانت الثانية مكسورة2 أبدلت ياء مطلقًا. وإن لم تكن طَرَفًا وكانت مضمومة3، أبدلت واوًا مطلقا، وإن كانت مفتوحة، فإن انفتح ما قبلها أو انضم4 أبدلت واوًا، وإن انكسر5 أبدلت ياء. ويجوز فى نحو رَأس ولُؤْم وبِئْر، إبقاؤها وقبلها من جنس حركة ما قبلها، وفى نحو وضوء وجيء، يجوز إبقاؤها وقبلها من جنس ما قبلها مع الإدغام.   1 كأن تبنى من قرأ مثل جعفر أو زبرج أو برثن، كقوله تعالى: {أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ} [النمل: 67] ، و {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل: 64] .ن 2 كأن تبنى من أم، بفتح الهمزة وشد الميم. مثل أصبع: بفتح الهمزة أو كسرها أو ضمها، والباء فيهن مكسورة، فتقول في الأول أأمم بهمزة مفتوحة فساكنة، تنقل حركة الميم الأولى إلى واو، الهمزة الثانية، ثم تدغم الميم الأولى في الميم الثانية، ثم تبدل الهمزة ياء، وكذا في الباقي. 3 كأوب: جمع أب، وهو المرعى، أصله أأبب، بوزن أفلس، فنقلوا وأبدلوا الهمزة وادغموا أحد المثلين في الآخر، كقوله تعالى: {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} [ص:8] .ن 4 كأدواه وأويدم، في جمع وتصغير آدم، كما في قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ , أَأَمِنتُمْ} [الملك: 15-16] .ن 5 كأن تبني من أم على وزن إصبع، بكسر الهمزة، وفتح الباء، كما في قوله تعالى: {السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ} [الملك: 16] .ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 الإعلال فى حروف العلة. أ) قلب الألف والواو ياء: تقلب الألف ياء فى مسألتين: الأولى: أن ينكسِر ما قبلها، كما فى تكسير وتصغير نحو مصباح ومفتاح، تقول فيهما مصابيح ومفاتيح، ومُصَيْبيح ومُفَيتيح. الثانية: أن تقع تالية لياء التصغير، كقولك فى غلام غُلَيِّم. وتقلب الواو ياء فى عشرة مواضع: أحدها: أن تقع بعد كسرِة فى الطرف، كَرَضيَ وَقَوِيَ وَعُفِيَ مبنيًا للمجهول، والغازِى والداعِي؛ أو قبل تاء التأنيث كشجِيَة وَأكْسِيَة وغازِية وعُرَيْقِية: تصغير عُرْقُوَة؛ وشذَّ سَوَاسِوة: جمع سواء. أو قبل الألف والنون الزائدتين، كقولك في مثل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 قَطِران، بفتح فكسر، من الغزو: غَزِيان. ثانيها: أن تقع عينًا لمصدر فعلٍ أعِلَّت فيه، وقبلها كسر، وبعدها ألف، كصِيام وقيام انقِياد واعتِياد، فخرج نحو سِوار وسِواك، بكسر أولهما، لانتفاء المصدرية، ولِواذ وجِوار، لعدم إعلال عين الفعل فى لاوَذ وجاوَرَ، وحال حِوَلًا وعاد المريضَ عِوَدًا، لعدم الألف فيها، وراحَ روحًا لعدم الكسر. وقلَّ الإعلال فيما عَدِم الألف، كقراءة بعضهم: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97] . وشذّ التصحيح مع استيفاء الشروط فى قولهم: نَارَت الظِّبية تَنُور نِوَارًا، بكسر النون، أى نفرت، وشار الدابةَ شِوارًا بالكسر: راضها، ولا ثالث لهما. ثالثها: أن تكون عينًا لجمع صحيح اللام، وقبلها كسرة، وهى فى مفرده إما معتلَّة، كدار ودِيار، وحِيلة وحِيل، ودِيمة ودِيَم، وقِيمة وقِيَم، وشذَّ حِوَج بالواو في حاجة؛ وإما شبيهة بالمعتلَّة، وهى الساكنة بشرط أن يليها فى الجمع ألف، كسوط وسِياط، وحَوْض وحِياض، وروض ورِياض. فإن عُدِمت الألف صحت الواو، نحو كُوز وكِوَزة، وشذَّ ثِيَرة جمع ثَوْر. وكذا إن تحركت فى مفرده، كطَوِيل وطِوال، وشذَّ الإعلال في قول أنَيْفِ بن زَيَّان النَّبْهَانيّ الطَّائي: تَبَيَّنَ لِى أنَّ القَمَاءَةَ ذلَّةٌ ... وأنَّ أعِزَّاءَ الرِّجالِ طِيَالُها وتسْلم الواو أيضا إن أعِلَّت لامُ المفرد، كجمع رَيَّان وجَوّ، فيقال فيهما رِوَاء، وجِوَاء، بكسر الفاء وتصحيح العين، لئلا يتوالى فى الجمع إعلالان: قَلْبُ العين ياء، وقلبُ اللام همزة. رابعها: أن تقع طَرفًا، رابعة فصاعدًا بعد فتح، نحو أعْطَيْت وزَكَّيْتُ، ومُعْطَيان ومُزَكَّيان، بصيغة اسم المَفعول، حملوا الماضى المزيد على مضارعه، واسم المفعول على اسم الفاعل.   1 قراءة "قِيَمًا" في قوله تعالى: {دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [الأنعام: 161] ، وهي قراءة حفص عن عاصم أما شعبة عن عاصم فقد قرأها: "قَيِّمًا".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 خامسها: أن تقع متوسطة إثر كَسْرة، وهى ساكنة مفردة، كمِيزان، ومِيقات، فخَرج نحو صِوان، وهو وِعاء الشيء، وسِوار، لتحرك الواو فيهما، ونحو اجْلِوَّذا، وهو إسراع الإبل فى السير، واعْلِوَّاط وهو التعلق بعنق البعير بقصد الركوب؛ لأن الواو فيهما مكررة لا مفردة. سادسها: أن تكون الواو لامًا لِفُعْلَى بضم فسكون وصفا، نحو الدُّنيا والعُلْيا. وقول الحجازيين القُصْوَى شاذ قياسًا، فصيحٌ استعمالاً، نُبِّه به على أن الأصل الواو، كما اسْتَحْوَذَ والقَوَد، إذ القياس الإعلال، ولكنه نُبِّه به على الأصل، وبنو تميم يقولون: القُصْيَا على القياس. فإن كانت فُعْلَى اسمًا لم تُغَيَّر كحُزْوَى: لموضع. سابعها: أن تجتمع هي والياء فى كلمة، والسابق منهما متأصل ذاتا وسكونًا، نحو سيد وميت، وظبيّ وَلَىُّ مصدَرَي طويت ولويت، فخرج نحو يدعو ياسر، ويرمى واقد، لكون كل منهما فى كلمة، ونحو طويل وغيور، لتحرك السابق، ونحو ديوان، إذ أصله دِوَّان بشد الواو وبُويع، إذ أصل الواو ألف فاعَلَ، ونحو قَوْيَ بفتح فسكون مخفف قَوِيَ بالكسر للتخفيف. وشذّ التصحيح مع استيفاء الشروط، كَضَيْوَنِ للسِّنَّور الذكر ويوم أيْوَمُ: حصلت فيه شدَّة، وعَوَى الكلب عَوْية، ورجاء بن حَيْوَة. ثامنها: أن تكون الواو لام مَفْعُول الذى ماضيه على فَعِل بكسر العين، نحو مَرْضي ومَقْوِيّ عليه، فإِن كانت عينُ الفعل مفتوحة صحت الواو، كمدعوّ ومغزوّ. وشذَّ الإعلال فى قول عبدِ يغوثَ الحارثىّ من الجاهليين: وقد عَلِمَتْ عِرْسي مُلَيْكَةُ أنَّني ... أنَا اللَّيْثُ مَعْدِيًّا عَلَيَّ وعادِيا1 تاسعها: أن تكون لام فُعُول بضم الفاء جمعا، كعِصي ودِليِّ وقفيِّ؛ ويقل فيه التصحيح نحو أبُوٌّ وأخُوُّ جمعى أب وأخ، ونُجُو جمع نَجو، وهو السحاب الذى هَرَاق ماءه. وأما المفرد فالأكثر فيه التصحيح، كعُلُوّ وعُتُوّ، ويقلّ فيه الإعلال، نحو عَتَا الشيخ عِتِيًّا: إذا كَبر وقسا قلبه قِسِيًّا.   1 اقرأ ترجمة عبد يغوث بن وقاص الحارثي في خزانة الأدب للبغدادي "1: 313-317". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 عاشرها: أن تكون عينًا لفُعَّل بضم الفاء وتشديد العين، جمعًا صحيح اللام، غير مفصولة منها، كصُيَّم ونُيَّم، والأكثر تصحيحه، كصُوَّم ونُوَّم1. ويجب تصحيحه إن أعلت اللام؛ لئلا يتوالى إعلالان، كشُوّى، جمعى شاوٍ وغاوٍ، أو فصلت من العين، نحو صُوَّام ونُوَّام، وشذ قول ذى الرُّمَّة: ألا طَرَقتْنَا أمَيَّةُ ابْنَةُ مُنْذرٍ ... فَمَا أرَّقَ النُّيَّامَ إلا سَلَامُها   1 ومنه قول الرصافي: "نَامُوا ولا تَسْتَيفضوا= ما فاز إلا النُّوَمُ". ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 ب قلب الألف والياء واوًا 1 وتقلب الألف واوًا إذا انضم ما قبلها كبُويع وضُورب وضُوَيْرِب. 2 وتقلب الياء واوًا إن كانت الياء ساكنة مفردة مضمومًا ما قبلها فى غير جمع، كموقنٍ ومُوسِر. ويُوقِنُ ويُوسِرُ فخرج بساكنة نحو هُيَام، وبمفردة نحو حُيّض جمع حائض، وبمضمومًا ما قبلها: ما إذا كان مفتوحًا أو مكسورًا أو ساكنًا، وبغير جمع: ما الحالة إذا كانت فيه كبيض وهِيم,’ جمعى أبيض وبيضاء, وأهيم وهيماء, ويجب فى هذه الحالة قلب الضمَّة كسرة. وكذا تقلب الياء واوًا إذا انضم ما قبلها، وكانت لام فَعُلَ بفتح فضم كنَهُوَ الرجل وقَضُوَ، أو كان ما هى فيه مختومًا بتاء بنيت الكلمة عليها، كأن تَصُوغ من الرمْى مثل مقْدُرة، فإنك تقول مَرْمُوَة. أو كانت هى لام اسم ختم بألف موضوع، فإنك تقول رَمُوان. تصوغ من الرمْي أيضًا مثل سَبعَان، بفتح فضم: اسم موضع، فإنك تقول رَمُوان. وكذا تقلب واوًا إن كانت لامًا لفَعْلَى، بفتح الفاء اسمًا لا صفة، كتَقْوَى وشَرْوَى، وهوَ المِثل، فَتْوَى. وشذّ التصحيح فى سَعْيا: لمكان، وَرَيَّا: للرائحة. وكذا إن كانت الياء عينًا لفُعْلَى، بضم الفاء اسمًا كطُوبى، أو صفة جارية مجرى الأسماء وكانت مؤنث أفعل، كطُوبى وكُوسَى وخُوْرَى، مؤنثات أطْيَبَ وَأكْيَسَ وأخيَرَ، فإن كانت فُعْلَى صفة محضة، وجب تصحيح الياء، وقلب الضمة كسرة، ولم يسمع منه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 إلا {قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: 22] 1 أى جائزة، ومِشْيَة حِيْكَى: أى يتحرَّك فيها المَنْكِبان. وقال بعضهم: إن كانت فُعْلَى وصفا: فإن سلمت الضمة قلبت الياء واوًا، وإن قلبت كسرة بقيتا لياء، فتقول الطُّوبَى والطَّيَبى، والضُّوقَى والضِّيقى، والكوسَى والكِيسَى.   1 وفي قراءة: "ضِئزى" لابن كثير المكيّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 ج قلب الواو والياء ألفًا تقلب الواو والياء ألفا بعشرة شروط: الأول: أن يتحركا. الثانى: أن تكون الحركة أصلية. الثالث: أن يكون ما قبلها مفتوحًا. الرابع: أن تكون الفتحة متصلة فى كلمتيهما. الخامس: أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين، وألاّ يقع بعدهما ألف ولا ياء مشددة إن كانتا لامين، فخرج بالأول القول والبيع لسكونهما، وبالثانى جَيَل وتَوَم بفتح أولهمها وثانيهما مخففى جَيْأل وتَوءَم بفتح فسكون ففتح فيهما، الأول اسم للضَّبُع، والثاني للولد يولد معه آخر. وبالثالث العِوَض والحِيَل والسُّوَر، بالكسر فى الأوَّلَيْن والضم فى الثالث، وبالرابع ضربَ واقَد، وكتبَ يَاسر، وبالخامس بَيَان وطوَيل وخوَرْنَق: اسم قصر بالعراق، لسكون ما بعدهما، ورَمَيَا وغَزَوا وفَتَيان وعَصَوان، لوجود الألف، وعَلَوِيّ وفَتَويّ، لوجود ياء النسب، المشدَّد. السادس: ألاّ تكونا عينًا لِفَعِلَ بكسر العين، الذى الوصف منه على أفعل، كهَيفَ فهو أهْيَف، وعَوِر فهو أَعْور. وأما إذا كان الوصف منه على غير أفعل، فإنه يُعَلّ، كخاف وهاب. السابع: ألاّ تكونا عينًا لمصدر هذا الفعل، كالهَيف وهو ضُمور البطن، والعَوَر، وهو فقد إحدى العينين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 الثامن: ألاّ تكون الواو عينًا لافتعل الدال على التشارك فى الفعل، كاجْتَوَرُوا واشْتَوَروا، بمعنى تجاوروا وتشاوروا، فإن لم يدل على التشارك وجب إعلاله، كأخْتَان1 بمعنى خان، واختار يمعنى خار. وأما الياء فلا يشترط فيها عدم الدلالة على ذلك، ولذلك أعِلَّت فى استافوا: بمعنى تسايفوا، أى تضاربوا بالسيوف، لقربها من الألف فى المخرج. التاسع: ألاّ تكون إحداهما متلوَّة2 بحرف يستحق هذا الإعلال. فإن كانت كذلك صَحَّت الأولى، وأعلّت الثانية، نحو الحَيَا والهوَى، وربما عكسوا بتصحيح الثانية وإعلال الأولى، كآية أصلها أيَيَة كقَصبَة، تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفًا فصار آية. وإلى ذلك أشار ابن مالك بقوله: وإنْ لحِرْفَيِنِ ذا الإعْلَالُ اسْتُحِقّ ... صُحِّحَ أوَّلٌ وعَكْسٌ قد يَحِقّ العاشر: ألاّ تكونا عينين لما آخره زيادة مختصة بالأسماء، كالألف والنون، وألف التأنيث، نحو الجَوَلان والهَيَمَان3 مَصْدَري جَالَ وهَامَ، والصَّورَى اسم محل، والحَيَدَى: وصف للحمار الحائد عن ظله. وشذّ الإعلال فى مَاهَان4 ودَارَان، والأصل: مَوَهان ودَوَران، بفتحات فيهما.   1 ومنه قوله تعالى: {وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ} [النساء: 107] . ن. 2 مَتلُوَّة: أي يأتي بعدها كما قال تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا} . ن. 3 هذا قول سيبويه: وزعم المبرد أن القياس فيما كان مختومًا بألف ولون الإعلال، وشذ عنده الجولان والهيمان، والصحيح الأول. 4 وقيل: إنهما اسمان أعجميان، فلا يردان على القاعدة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 فصل فى فاء الافتعال وتائه 1 إذا كَانت فاء الافتعال واوًا أو ياء أصلية، أبْدِلت تاء، وأدْغمت فى تاء الافتعال، وكذا ما تَصَرَّف منه، نحو اتَّعَد واتَّصَل واتَّسَر، من الوعد والوصل واليُسر، وإن كانت الياء أو الواو بدلاً من همزة، فلا يجوز إبدالها تاء، وإدماغها في تاء الافتعال، في نحو إيتَزَر من إزار؛ لأن الياء ليست أصلية، ونحو أوتمن من الأمن؛ لأن الواو ليست أصلية. وشذ فى افتعل من الأكل اتَّكَل. 2 وإذا كانت فاؤه صادًا أو ضادًا أو طاء أو ظاء، وتسمى أحرف الإطباق، وجب إبدال تائه طاء فى جميع التصاريف، فتقول فى افتعل من الصبر: اصطبر، ولا يجوز فى الفصيح الإدغام. ومن الضرب: اضطرب، بلاإدغام أيضًا، وجاء قليلًا اصَّلح واضَّرب، بلا إدغام أيضا, وجاء قليلا اصَّلح واضَّرب بقلب الثانى إلى الأوَّل، ثم الإدغام، وتقول من الطُّهر بالطاء المهملة أطَّهَّر وفى هذه الحالة يجب الإِدغام لاجتماع المثلين, وسكون أوَّلهما, ومن الظلم بالمعجمة اظطَلم، بمعجمة فمُهْمَلة. ويجوز لك فيه ثلاثة أوجه: إظهاركل منهما على الأصل، وإبدال الظاء المعجمة طاء مهملة مع الإدغام، فتقول: أطَّلم بالمهملة. وإبدال الطاء المهملة ظاء والإدغام أيضًا، فتقول أظَّلم بالمعجمة. وقد رُوي قول زُهَير يمدح هَرِمَ بن سِنان: هُوَ الجَوَاد الَّذِى يُعْطِيك نَائِلَهُ ... عفْوًا، ويُظْلَمُ أحْيَانًا فَيَظَّلِمُ فَيَظَّلِمُ بتشديد المهملة، ويَظَّلِمُ بتشديد المعجمة، ويَظْطَلِم بالإظهار. 3 وإذا كانت فاؤه دالاً، أو ذالاً، أو زايًا، أبْدِلت تاؤه دالاً مُهملة، فتقول فى افْتَعَل من دان: ادّان بالإبدال والإدغام، لوجود المثلين وسكون أوَّلهما، ومن زَجَر ازْدَجَر، بلا إدغام، ومن دكر اذْدَكَر. ولك فى هذا المثال ثلاثة الأوجه المتقدمة في اظطلم، فتقول أذْدَكَر واذَّكر وَاذَّكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 وقريء شاذاً {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر} [القمر: 15] 1 بالذال المعجمة والإدغام. وسمع إبدال تاء الافتعال صادًا مع الإدغام، وعليه قراءة {وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} [يس: 49] 2 أى يَخْتصِمُون.   1 سورة القمر وتكررت كثيرًا. ن. 2 وقرأها ابن كثير المكي يَخَصِّمُون بفتح الخاء، وكذلك نافع وقرأها عاصم يخِصِّمون. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 فصل إبدال الميم من الواو والنون 1 تُبْدل الميم من الواو وجوبًا فى فم، إذا لم يضف إلى ظاهر أو مضمر؛ ودليل ذلك تكسيره على أفواه، والتكسير يَرُدُّ الأشياء إلى أصولها، وربما بَقِيَ الإبدال مع الإضافة، كقوله صلى الله عليه وسلم: "لَخُلُوفُ فم الصائمِ أطيبُ عندَ اللهِ من ريحِ المسك" 1 وقول رُؤْية: يُصبحُ ظمآنَ وفى البَحْرِ فَمُهُ 2 ومن النون، بشرط سكونها ووقوعها قبل باء من كلمتها أو من غيرها2، نحو قوله تعالى: {إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [الشمس: 12] وقوله: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] ؟. وأبدلت الميم من النون شذوذًا فى قول رُؤْبة: يا هَالَ ذاتَ المنْطِقِ التَّمْتَامِ ... وكفّكَ المخضَّبِ البَنَام أصله البنان. وجاء العكس كقولهم: أسْودَ قَاتِنٌ: أى قاتم، بإبدال الميم نونًا.   1 حديث رواه البخاري ومسلم. ن. 2 ويسمى الإقلاب في اصطلاح القراء. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 الإعلال بالنقل تُنْقَلُ حركة المعتل إلى الساكن الصحيح قبله، مع إبقاء المعتل إن جانس الحركة، كيقُولُ ويَبيع، أصلها يَقوُل كيَنْصُر ، ويَبيع كيضْرِب، وإلا قُلِب حرفاً يجانسها كيَخاف ويُخيف، أصلهما يَخْوَفُ كيعْلم، ويُخْوِف كيُكْرم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 ويمتنع النقل إن كان الساكن معتلاً، كبايع، وعَوَّق، وبَيَّن، بالتشديد فيهما، كما يمتنع أيضًا إن كان فعلَ تعجب، نحو ما أبينَهَ وأقوَمه، أو كان مضعَّفًا، نحو ابْيَضّ واسْوَدّ، أو معتل اللام نحو أحْوَى وأهوى. وينحصر الإعلال بالنقل فى أربعة، مواضع: الأول: الفعل المعتل عينًا كما مُثِّل. الثانى: الاسم المشبه للفعل المضارع وزنًا فقط، بشرط أن يكون فيه زيادة يمتاز بها عن افعل، كالميم فى مَفْعَل، أو زيادة لا يمتاز بها، فالأول كمَقام ومَعاش، أصلهما: مَقْوَم ومَعْيَش على زنة مَذْهب، فقتلوا وقلبوا. وأما مَدْيَنَ ومَرْيَم1 فشاذَّان، والقياس: مَدَان ومَرَام، وعند المبرد لا شذوذ؛ لأنه يُشْترط فى مَفْعَل أن يكون من الأسماء المتصلة بالأفعال. والثانى كأن تَبني من البيع أو القول اسمًا على زنة تِحْلِيء، بكسرتين بينهما ساكن، وآخره همزة: اسم للقشرة الذى على الأديم، مما يلى منبِت الشعر، فإنك تقول تِبيِع وتَقِيل، بكسرتين متواليتين، بعدهما ياء فيهما، فإن أشبهه فى الوزن والزيادة نحو أبيض وأسود، خالفه فيهما نحو مِخْيط، ووجَبَ التصحيح. الثالث: المصدر الموازن للإفعال والاستفعال، نحو إقوام واستقوام. ويجب حذف إحدى الألفين بعد القلب، لالتقاء الساكنين، وهل المحذوف الأولى أو الثانية؟ خِلاف، والصحيح أنها الثانية؛ لقربها من الآخِر، ويؤتى بالتاء عوضًا عنها، فيقال: إقامة واستقامة، وقد تُحْذَف كأجاب إجابًا، وخصوصًا عند الإضافة، نحو: {وَإِقَامِ الصَّلاةِ} [النور: 37] ، ويقتصر فيه على ما سُمِع. وورد تصحيح إفعال واستفعال وفروعهما، نحو أعوَل إعوالا، واستحوذ استِحْواذًا، وهو إذن سماعىّ أيضًا. الرابع: صيغة مفْعُول كمقُول ومَبِيع، بحذف أحد المدَّين فيهما، مع قلب الضمة كسرة فى الثانى؛ لئلا تنقلب الياء واوًا، فيلتبس الواوي باليائي، وبنو تميم تصحيح   1 قال الرضي في شرح الشافية: وأما مريم ومدين فإن جعلتهما فعيلا فلا شذوذ، إذا الياء للإلحاق، وإن جعلتها مفعلًا فشاذان. وقال الأشموني: والمدين ومريم، فقد تقدم في حروف الزقادة أن وزنهما فعلل لا مفعل، وإلا وجب الإعلال، ولا فعيل، لفقده في الكلام. ا. هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 اليائىّ، فيقولون: مَبْيوع ومَدْيون ومَخْيُوط، وعليه قول العبَّاس بن مِرْادس السُّلَميّ: قد كان قَوْمُك يَحْسِبُونَكَ سَيِّدَا ... وإخَالُ أَنَّكَ لسَيِّذ مَغْيُونُ1 وعلى ذلك لغة عامة المصريين، فى قولهم: فلان مَدْيُون لفلان2. وربما صحَّح بعض العرب شيئًا من ذوات الواو، فقد سُمِر، ثوب مَصْوُون، وفرس مَقْوُد، وقول مَقْوُول، ومِسْك مَدْوُوف، أي مبلول.   1 تراجع ولعلها "مديون" لموافقته للاستدلال!! 2 وكذلك العراقيون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 الإعلال بالحذف الحذف قسمان: قياسىّ، وهو ما كان لعلة تصريفية سوى التخفيف؛ كالاسثقال والتقاء ساكنين؛ وغيرُ قياسي، وهو مما ليس لها، ويقال له الحذف اعتباطًا. فالقياسىّ يدخل في ثلاث مسائل: الأول: تتعلق بالحرف الزائد فى الفعل. والثانية: تتعلق بفاء الفعل المثال ومصدره. والثالثة: تتعلق بعين الفعل الثلاثى، الذى عينه ولامه من جنس واحد، عند إسناده لضمير الرفع المتحرك. المسألة الأولى: إذا كان كان الماضى على وزن أَفْعَلَ فإِنه يجب حذف الهمزة من مضارعه ووصْفَيْه، ما لم تُبدل، كرهة اجتماع الهمزتين فى المبدوء بهمزة المتكلم، وحُمِل غيره عليه، نحو أكَرَم ويُكْرِم ونكْرِم وتُكْرِم ومُكْرِم ومُكْرَم؛ وشذّ قولُه: فإنّهُ أهْلٌ لأنْ يُؤَكْرَمَا فلو أبدِلت همزة أفْعَلَ هاءً، كهَرَاقَ فى أراق، أو عينًا كعَنْهَلَ الإبَل: لغة فى أنْهَلَهَا، أى سقاها نَهَلًا، لم تحذف، وتفتح الهاء والعين فى جميعِ تصاريفهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 وأما المسألةُ الثانية: فقد تقدمت فى حكم المثال، فارجع إليها إن شئت1. والمسألة الثالثة: متى كان الفعل الماضى ثلاثيًا مكسور العين، وكانت هى ولامه من جنس واحد، جاز لك فيه عند إسناده للضمير المتحرّك ثلاثةُ أوجه الإتمام، وحذف العين منقولة حركتها للفاء، وغير منقولة كظَلِلْت بالإتمام، وظِلْتُ بحذف اللام الأولى، ونقل حركتها لما قبلها، وظَلْت، محذوف اللام بدون نقل، فإن زاد على ثلاثة تعين الإتمام، نحو أقررت، وشذّ أحَسْتُ فى أحْسَسْتُ، كما كما يتعين الإتمام لو كان ثلاثيًا مفتوح العين، نحو حلَلْتُ، وشذَّ هَمْتُ فى هَمَمْتُ. وأما إن كان الفعل المكسور العين مضارعًا أو أمرًا اتصل بنون نسوة، فيجوز فيه الوجهان الأوَّلان فقط، نحو يَقْرِرْنَ ويقِرْنَ، واقْرِرْنَ وقِرْنَ؛ لأنه لما اجتمع مثلان وأوَّلهما مكسور، حسُن الحذف كالماضى، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُن} [الأحزاب: 33] ، فإِن كان أولُ المثلين مفتوحًا كما فى لغة قرِرت أقَرُّ بالكسر فى الماضى، والفتح فى المضارع، قلّ النقل، كقراءة نافع وعاصم {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] 2. وأما القسم الثانى من القياسىّ، وهو الحذف لالتقاء الساكنين، فسيأتى له باب مستقل إن شاء الله. وأما غير القياسي فحذف الياء من نحو يدٍ ودمٍ، أصلهما يَدَي ودَمَي، والواو من نحو اسم وابن وَشَفة، أصلها: سِمْوٌ وَبَنَو وشَفو، والهاء من نحو الست، أصله سَتَةٌ، والتاء من نحو اسْطَاع3، أصله استطاع في أحد وجهين.   1 راجع صفحة "26" من هذا الكتاب. ن. 2 وينبغي أن يعلم بأن عاصمًا عنده قراءتان الأولى "وَقَرْنَ" والثانية برواية شعبة عنه: "وقِرْن". ن. 3 نحو قوله تعالى: {فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 97] . ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الإدغام 1 بسكون الدال وشدّها، والأولى عبارة الكُوفيين، والثانية عبارة البصريين، وبها عبَّر   1 يقال: "الإدغام والإدغام". ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 سيبويه. وهو لغةً الإدخال1. واصطلاحًا: الإتيان بحرفين ساكن فمتحّرك، من مَخْرج واحد بلا فصل بينهما، بحيث يرتفع اللسان وينحطُّ بهما دفعة واحدة، وهو باب واسع لدخوله فى جميع الحروف، ما عدا الألف اللينة، ولوقوعه فى المتماثلين والمتقاربين، فى كلمة وفى كلمتين. وينقسم إلى ممتنع، وواجب، وجائز. 1 فمن الممتنع ما إذا تحرك أولُ المثلين وسكن الثانى، نحو ظَلِلْت، أو عُكِس وكان الأول هاء سكت، نحو {مَالِيَهْ , هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 27-28] ؛ لأن الوقف مَنْوي، وقد أدغمها ورْش على ضعف2، أو كان مَدّة فى الآخر، كيدعو واقد، ويُعْطَى ياسر، لفوات الغرض المقصود وهو المد، أو كان همزة مفصولة من فاء الكلمة، كلم يقْرَأ أحد. والحقُّ أن الإدغام هنا رديء، أو تحركًا وفات بالإدغام غرض الإلحاق، كقَرْدَد وجَلْبَبَ، أو خفيف اللبس بزنة أخرى، نحو دُرَر كما سيأتى: 2 ويجب إذا سَكَن أولُ المثلين وتحرَك الثانى، ولم يكن الأول مدًّا ولا همزة مفصولة من الفاء كما تقدم، نحو جدّ وحظّ وَسآل ورَآس، بزنة فَعّال، وكذا إذا تحركا معًا بأحد عشر شرطًا. أحدها: أن يكونا كلمة كمدّ ومَلّ وحَبّ، أصلها مَدَد بالفتح، ومَلِلَ بالكسر، وحَبُب بالضم، وأما إذا كانا فى كلمتين، فيكون الإدغام جائزاً، نحو جعلَ لَكم. ثانيها: ألا يَتَصَدَّر أحدهما كدَدَن وهو اللهو. ثالثها: ألا يتَّصل بمدغم كَجُسَّسٍ جمع جاسّ. رابعها: ألاّ يكونا فى وزن مُلحق بغيره كقَردَد: لجبل، فإنه ملحق بجعفر، وجَلْبَبَ فإنه ملحق بدحرجَ، واقعنسَسَ فإنه ملحق باحرنجم.   1 يعني: إدخال الشيء بالشيء. ن. 2 إدغام الهائين هنا قراءة متواترة ورواها ورش عن نافع رحمهما الله تعالى، فلا يقال هنا على ضعف!! ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 خامسها وسادسها وسابعها وثامنها: ألاّ يكونا فى اسم على وزن فَعَلٍ بفتحتين كطَلَل: وهو ما بقى من آثار الديار، أو فُعُل بضمتين كذُلُل جمع ذَلول: ضد الصعْب، أو فِعَل بكسر ففتح كَلِمَم جمع لِمَّة: وهى الشعر المجاوز شحمة الأذن، أو فُعَل بضم ففتح كدُرَر جمع دُرة: وهى اللؤلؤة. فإن تصدر أو اتصل بمدغم، أو كان الوزن ملحقًا، أو كان فى اسم على زنة فَعَل، أو فُعُل، أو فِعَل، أو فُعَل، امتنع الإدغام. الشرط التاسع: ألا تكون إحداهما عارِضة، كاخْصُصَ أبِى واكْففِ الشر. العاشر: ألاّ يكونا ياءين لاَزَما تحريك ثانيهما، كحييَ وعَيي1. الحادى عشر: ألاّ يكونا تاءين فى افتعل كاستتر، واقتتل. 3 وفى الصور الثلاث الأخيرة يجوز الإدغام والفك. كما يجوز أيضًا فى ثلاثٍ أُخَر: إحداها: أولَى التاءين الزائدتين فى أول المضارع، نحو تَتَجَلّى وتتعلم. وإذا أدغمتَ جئت بهمزة وصل فى الأول، للتمكن من النطق، خلافًا لابن هشام فى توضيحه، حيثُ رَدّ على ابن مالك وابنه بعدم وجود همزة وصل في أول المضارع، ولكنها حُجَّة فى اللغة العربية، تقول فى إدغام نحو استْتَر واقتتل وسَتّر وقَتَّل يُسَتِّر سِتّارًا، بنقل حركة التاء الأولى للفاء، وإسقاط همزة الوصل، وهو خماسىّ، بخلاف نحو سَتّر بالتضعيف كفعَّل، فمَصدره التفعيل، وتقول فى نحو تَتَجَلّى، وتَتَعَلم: أتّجلَّى، وأتَّعَلّمُ. وإذا أردت التخفيف فى الابتداء، حذَفْتَ إحدى التاءين وهى الثانية، قال تعالى: {نَاراً تَلَظَّى} [الليل: 14] 2 {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْن الْمَوْتَ} [آل عمران: 143] 3.   1 كما في قراءة بن كثير وشعبة بن عياش عن عاصم "ويحي من حيَيَ عن بينة". ن. 2 وقرأها بالإدغام البزي هكذا: "نارًا تلَّظّى -كنُتُم تَّمَنَّوان- ولا تَّفرقوا". ن. 3 وقرأ البزي بالإدغام "كنتُمُ تَمَنَّونَ". ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 وقد تُحْذَفُ النون الثانية من المضارع أيضًا، وعليه قراءة عاصم، {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] 1 أصله نُنَجِّي بفتح الثاني. ثانيها وثالثها: الفعل المضارع المجزوم بالسكون، والأمر المبنىّ عليه، نحو {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} 2 يُقرَأ بالفك3، وهو لغة الحجازين، والإدغام، وهو لغة التميميين، ونحو قوله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: 19] ، قول جَرير يهجو الراعيَ النُّميريَّ الشاعر: فَغُضّ4 الطرْفَ إنكَ مِنْ نُمَيْرٍ ... فَلا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلا كِلابَا وقد تقدّم ذلك فى حكم المضعّف. والتزموا فك أفْعَل فى التعجُّب، نحو أحبْبْ بزيد، وأشْدِدْ بِبَيَاضِ وَجه المُتقِينَ، وإدغامَ هلُمَّ لثقلها بالتركيب، ولذا التزموا فى آخرها الفتحَ، ولم يجيزوا فيها ما أجازوه فى نحو ردَّ ورشُدَّ، من من الضم للاتباع, والكسر على أصل التخلص من التقاء الساكنين فهما مُستثنيان من فعل الأمر، واستثناؤهما منه فى الأول بحسب الصورة؛ لأنه فى الحقيقة ماض، وفى الثانى على لغة تميم؛ لأنه عندهم فعلُ أمرٍ غيرُ متصرِّف تلحقه الضمائر، بخلاف الحجازيين، فإنه عندهم اسمُ فِعْلِ أمر لا يلحقه شيء، وبلغتهم جاء التنزيل. قال تعالى: {هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18] {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ} [الأنعام:150] .   1 وهنا ملاحظة أصلها في قراءة حفص عن عاصم وابن كثير وغيرهم {نُنْجي} ولكن شعبة عنده هذه القراءة بإرجاعها إلى الأصل هكذا: "وكذلك نُجِّي المؤمنين". ن. 3 الفك هنا يعني: "إرجاع الحرفين اللَّذَين جَمَعَتهُما الشدَّة إلى أصليهما لفظًا وكتابةً". ن. 4 ومثاله قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} . ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 تنبيه إذا وَلِي المدغَمَ حرفُ مدّ، وجب تحريكه بما يناسبه، نحو رَدُّوا1 وَرُدِّي2 وَرُدَّا؛ وإذا وليه هاء غائبة وجب فتحه، لخفاء الهاء، فكأن الألفَ وَليَتْه، ويجب الضم إذا وليه هاء غائب، خلافًا لثلعب. وأما إذا وليه ساكن أو لم يله شيء فيثلث آخره فى المضارع المجزوم والأمر، إذا كانا مضمومَىْ الفاء، نحو رُدَّ القوم. ولم يَغُضَّ الطرْفَ. فإذا كانا مفتوحى الفاء أو مكسوريها نحو عَضَّ وفرَّ، ففيه وجهان فقط: الفتح والكسر، على خلاف فى بعض ذلك بين البصريين والكُوفيين. وإذا اتصل المدغَم بضمير رفع متحرِّك وجب فك الإدغام، نحو {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} [الإنسان: 28] . وقد يُفَكُّ شذوذاً فى غير ذلك، نحو ألِل السِّقاء: أى تغيَّرت رائِحته، وفى الضرورة، نحو قول أبى النجم العِجْليّ: الحمَدُ لله العَليَّ الأجْلَلِ   1 كما في قوله تعالى: {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} [النساء: 91] .ن قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28] .ن 2 كما في قوله صلي الله عليه وسلم: "ردي عليه حديقته" رواه مسلم والحديقة هنا هو: المهر. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 فصل فى إدغام المتقاربين 1حيث إنّ التقاربَ ينقسم إلى تقارب فى المَخْرج، وتقارب فى الصفة، لزم أن نُبيّن أوّلاً مَخارج الحرُوف وصفاتِها، ليكون الطالب على بصيرة، فنقول: مخارج الحروف الأربعة عَشَرَ تقريبًا: 1أقصى الحلق: للألف، والهمزة، والهاء. 2ووسَطُه: للحاء، والعين المهملتين. 3وأدناه: للخاء والغين المعجمتين. 4وأقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك: للقاف والكاف. 5ووسطه مع ما فوقه من الحَنَك: للجيم والشين. 6وإحدى حافتيه مع ما يليه من الأضراس: للضاد. 7وما دون طرَفه إلى منتهاه مع ما فوقه من الحَنَك: للام، فمَخرَج اللَّام قريب من الضاد، وهى أوسع الحروف مخرجًا. 8وللراء من اللسان، وما فوقه وما يليهما، فهى أخرج من اللام. 9وللنُّون ما يليه الخَيْشُوم، وهو أقصى الأنف. 10وللطاء والدال المهملتين والتاء المثناة طرفه، مع أطول الثنايا العليا، وهى الأسنان المتقدمة، ثِنْتان من أعلى، وثنتان من أسفل. 11وطرفه مع الثنايا للصاد، والزاى، والسين. 12وطرفه مع طرف الثنايا: للظاء، والذال، والثاء المثلثة. 13وباطن الشفة السُّفْلى مع الثنايا العليا: للفاء. 14 وما بين الشفتين: للباء، والميم، والواو. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 وصفاتها: جَهْر، هَمْس، ورَخاوة، وشدة، وتوسُّط بينهما، وإطباق، وانفتاح، واستعلاء، واستقبال، وذَلاقة، وإصمات، وصَفِير، ولين. 1 فالجمهور: ما ينجصر جَرْيُ النَّفَس مع تحركه لقوَّته، وقوَّة الاعتماد عليه فى مَخْرجه، فلا يخرج إلا بصوت قَوِيّ، يمنع النَّفَس من الجرى معه. 2 والمهموس: بخلافه، وحروفه مجموعة فى قوله: فَحَثَّهُ شَخص سكَتَ. وما عداها فهو المجهور. 3 والشديد: ما ينحصر جَرْي الصوت عند إسكانه. وأحرفه: أجِدُكَ قَطَّبْت. ومن هذه الأحرف خمسة تسمى أحرف القَلْقَلة، إذا كانت ساكنة، وهى قُطْبُ جُدْ. 4 والرَّخو: ضده. والذي بينهما ما لا يتمّ له الانحصار ولا الجرى، وأحرفه: لم يَرْوعنّا. 5 والمطبَق: ما ينطبق معه اللسان على الحنك، فينحصر الصوت بين اللسان وما يحاذيه من الحنَك. وأحرفه: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء. 6 والمنفتح: بخلافه. 7 والمستعلِى: ما يرتفع به اللسان إلى الحنَك. وأحرفه أحرف الإطباق، والخاء والغين المعجمتان، والقاف. 8 والمُسْتَفِلُ: ما عداها. 9 والذَّلاقة: الفصاحة والخِفة فى الكلام. وحروفها: مُرْ بِنَفَل ولخفة أحرفها لا يخلو رُباعي أو خُماسيّ لثقلهما من أحدها إلا نادراً، كالعسد، وهو الذهب، والزَّهْزَقة، بزايين مفتوحتين، بينهما هاء ساكنة، وهى شدة الضَّحِك. 10 والمُصْمَتة: ما عداها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 11 وأحرف اللين: الألف1، والواو، والياء. والقياس فى إدغام ما يدغم من تلك الحروف: قَلْب الأول إلى الثانى، لا العكس، إلا إذا دعا الحال لذلك، نحو ادَّكَرَ2 وَاذَّكَرَ. 12 ولإدغام الحروف المتقاربة فى بعضها ثلاثة أحكام: الوُجوب، والامتناع، والجواز. فالوجوب فى لام التعريف مع أحد الحروف الشمسية3، وهى: التاء، والثاء، والدال، إلى الظاء، واللام، والنون، وفى اللام الساكنة غيرَها مع الراء، نحو {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ} [النساء: 158] . وفى النون الساكنة مع ستة: أربعة فيها بِغُتَّة: وهى أحرف: ينمو، واثنان بلا غُنّة، وهما اللام والراء. وتقلب ميمًا مع الباء كما تقدَّم، وتظهر مع حروف الحلق، وتختفى مع البَاقي، فلها خمس حالات4: والامتناع فى إدغام أحرف: ضَوِيَ مِشْفَر، فيما يقاربها، لأن استطالة الضاد، ولين الياء والواو، وغُنّة الميم، وتَفَشِّي الشين والفاء، وتكرار الراء، تزول مع الإدغام، وإدغام نحو سيِّد وَمَهْدِيّ لا يَرِد، لأن الإعلال جعلهما مثلين. والجواز فيما عدا ذلك، نحو إدغام النون المتحركة فى حرف من حروف: يرملون، ونحو التاء والثاء والدال والذال والطاء بعضها فى بعض، أو فى الزاى والسين والصاد، كأن تقول سكَت ثَّابِت أو دارم أو ذاكر أو طالب أو ظافر أو زيد أو سالم أو صابر، أو تقول لبثَ تَّاجر أو دارم.. إلخ، أو تقول: حقد تاجر أو دارم.   1 لا يعدّ الألف حرفَ لين عند القرّاء. ن 2 نحو قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ..الآية} [يوسف: 45] .ن 3 ملاحظة: لام التعريف: تدغم فيه جميع الأحرف6 الشمسية وهي: "ط، ث، ص، ر، ت، ض، ذ، ن، د، س، ظ، ز، ش، ل".ن 4 1 الإظهار. 2 الإدغام. 3 الإقلاب. 4 الإخفاء. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 التقاء الساكنين 1 إذا التقى ساكنان فى كلمة أو كلمتين، وجب التخلص منهما: إما بحذف أولهمها، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 أو تحريكه، ما لم يكن على حدِّه، كما سيأتى: فيجب إن كانا فى كلمة حذف الأوّل لفظًا وخطًّا إذا كان مدة، سواء كان الثانى جزءًا من الكلمة أو كالجزء منها، نحو: قُلْ وَبِع وَخَفْ، ونحو أنتم تغزُون، وتقضُون، ولَتَزمُنَّ ولتَغْزُنَّ يا رجال. وأنتِ ترمِين وتغْزِينَ، ولترْمِنَّ ولَتَغَزِنَّ يا هند، ويُحذف لفظًا لا خطًّا إن كانا فى كلمتين؛ وكان الأوّل مدة أيضًا، نحو يغزو الجيش، ويرمي الرجل، "ورَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، {أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] أحدهما: نون التوكيد الخفيفة، فإنها تُحذف إذا وليها ساكن كما تقدم. ثانيهما: تنوين العلَم الموصوفِ بابنِ مضافٍ إلى عَلم، نحو محمدُ بن عبد الله والتحريك إمّا بالكسر على أصل التخلص من التقاء الساكنين، وهو الأكثر، وإما بالضم وجوبًا عند بعضهم فى موضعين: الأول: أمر المضَعَّف المتصل به هاء الغائب، ومضارعُه المجزوم، رُدَّهُ ولم يَرُدَّه؛ والكوفيون يجيزون فيه الفتح والكسر أيضًا، كما تقدم فى الإدغام. الثانى: ميم جماعة الذكور المتصلة بالضمير المضموم، نحو {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] و {لَهُمُ الْبُشْرَى} [يونس: 64] ويترجح الضم على الكسر فى واو الجماعة المفتوح ما قبلها، نحو اخشَوُا الله، {وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُم} [البقرة: 237] ، لخفة الضمة على الواو، بخلاف الكسرة. ويجوز الضم والكسر على السواء: فى ميم الجماعة المتصلة بالضمير المكسور، نحو بهم   1 حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 اليوم، وفيما ضمُّ التالى لثانيهما أصلىّ، وإن كسر للمناسبة، نحو قالتِ اخْرُج1، وقالتِ اغزِي، و {أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ} [النساء: 66] 2. وأما الفتحُ وجوبًا وذلك فى تاء التأنيث إذا وليها ألف الاثنين، نحو قالتا3، وفي نون من الجارَّة إذا دخلَ على ما فيه أل، نحو مِنَ الله، ومِنَ الكتاب، بخلافها مع غير أل، فالكسر أكثر، نحو مِنِ ابْنِك، وفى أمر المضعف المضموم العين، ومضارعه المجزوم مع ضمير الغائب، نحو رُدّها ولم يرُدّها. وأجاز الكوفيون فيه الضم والكسر أيضًا، كما تقدم فى الإدغام. ويترجح الفتح على الكسر فيه نحو: {الم, اللَّهُ} [آل عمران:1] 4، ويجوز الفتح والكسر على السواء فى مضموم العين من أمر المضعف ومضارعه سوى ما مر. 3 ويغتفر التقاء الساكنين فى ثلاثة مواضع: الأول: إذا كان أول الساكنين حرف لين، وثانيهما مدغما فى مثله، وهما فى كلمة واحدة، نحو: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] 5 ومادّة، ودابّة، وخُوَيْصَّة، وُتُموْدَّ الحبل. الثانى: ما قُصِد سرده من الكلمات، نحو جِيْم مِيمْ، قافْ، وَاوْ، وهكذا. الثالث: ما وُقف عليه من الكلمات، نحو قالْ، وزيْدْ، وثوْبْ، وبكْرْ، وعَمْرْو، إلا أن ما قبل آخره حرف صحيح، يكون التقاء الساكنين فيه ظاهريا فقط، وفى الحقيقة أن   1 "وقالتُ اخرُج" بضم التاء قرأها ابن كثير الملكي. وبالكسر أكثرهم. ن 2 وينبغي أن يعلم بأن ابن كثير قرأ بالضمّ بناءً على أن الحرف الثالث من الكلمة مضموم.. وهي قراءة صحيحة متواترة. ن 3 نحو قوله تعالى: {قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص:23] .ن 4 وفي فتح الميم وجهان لابن كثير بالمدّ والقصر في الميم. ن 5 وهكذا في كل مدّ لازم مثقل حرفي سبب الشدة وكذا في كل المدود الطبيعية بما فيها العارض والواجب والجائز. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 الصحيح محرك بكسرة مختلسة جدًا. وأما ما قبل آخره حرف لين، فالتقاء الساكنين فيه حقيقىّ، لإمكانه وإن ثقُلَ. وأخف اللين فى الوقف: الألف، ثم الواو والياء مدّين، ثم اللِّمنان1 بلا مدّ كثَوْب وبيت2.   1 كذا في الأصل ولعلها: "اللّينان" أي حرفا اللّين. والله أعلم. ن 2 وحرفا اللين عند القرّاء يُمدّان: حركتين أو أربعًا أو ستًّا. كلٌّ حَسْب قراءته. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 الإمالة: وتسمى الكسر، والبطح، والإضجاع : هى لغةً مصدر أمَلْت الشيء إمالَة: عَدَلْت به إلى غير الجهة التى هو فيها واصطلاحًا: أن تذهب بالفتحة إلى جهة الياء، إن كان بعدها ألف كالفتى، وإلى جهة اليسار إن لم يكن ذلك كنعمةٍ ورحمة1. وأصحابها: بنو تميم، أسَد، وقَيْس، وعامة نجد؛ ولا يُميل الحجازيون إلا قليلاً. ولها أسباب وموانع، فأسبابها سبعة: أحدها: كون الألف مبدلة من ياء متطرفة حقيقيةً، كالفَتى، واشتَرَى2، أو تقديرًا، كفتاة، لتقدير انفصال تاء التأنيث، لا نحو باب، لعدم التطرف. ثانيها: كون الياء تخلُفها فى بعض التصاريف، كألف مَلْهىً: وَأرْطىّ، وَحُبْلَى وَغَزَا وتَلا وسَجَى3، لقولهم فى تثنيتها: ملْهَيَان، وَأرْطَيان، وَحُبْلَيَان، وفى بناء الباقى للمجهول: غُزِيَ، وَتُلِيَ، وَسُجِيَ. ثالثها: كون الألف مبدلة من عين فِعْل يؤول عند إسناده للتاء إلى لفظ فِلْت بالكَسر، كباعَ وكالَ وهابَ وكادَ وماتَ، إذ تقول: بعتُ، وَكِلْت، وهِبْت، وكِدْت، وَمِتُّ، على لغة من كسر الميم، بخلاف نحو طالَ.   1 في الأصل "وبسَحر" وهو تصحيف وما أثبتناه هو الصحيح لاستدلال المؤلف به في نهاية موضوع الإمالة. 2 كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِين} [التوبة: 111] ، وهي قراءة متواترة. 3 كقوله تعالى: {إِذَا سَجَى} [الضحى: 2] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 رابعها: وقوع الألف قبل الياء، كبايَعْته وسايَرْته. خامسها: وقوعها بعد ياء متصلة أو منفصلة بحرف أو حرفين أحدهما الهاء، نحو: عِيان وشَيْبان، ودخلْت بيْتها. سادسها: وقوع الألف قبل كسرة مباشرة كسالِم، أو بعدها منفصلةً منها بحرف ككِتاب، أو بحرفين كلاهما متحرِّك، وثانيهما هاء، أولهما غير مضموم، كيريد أن يضرِبَها، دون هو يضربُها، أو أوَّلهما ساكن كشِمْلال، أو بهذين وبالهاء كدرْهَماك. سابعها: إرادة التناسب بين كلمتين أميلت إحداهما لسبب متقدِّم، كإمالة {وَالضُّحَى} [الضحى: 1] ، فى قراءة أبى عمرو، لمناسبة سَجَى وَقَلَى، لأن ألف الضُّحَى لا تُمال، إذ هى منقلبة عن واو. ويمنعها شيئان: أحدهما الراء بشرط كونها غير مكسورة، وأن تكون متصلة بالألف كراشد، أو بعدها نحو هذا الجِْدار، وبنيت الجِْدَار، وبعضهم جَعَلَ المؤخَّرة المفصولة بحرف ككافر كالمتصلة. وألا يُجاوَر الألفَ راءٌ أخرى، فإن جاورتها أخرى لم تمنع الأولى، نحو: {إِنَّ الأَبْرَار} [الانفطار: 13] ، و [المطففين: 22] . ثانيهما: حروف الاستعلاء السبعة، وهى: الخاء، والغين، والصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والقاف متقدمة أو متأخرة. ويشترط فى المتقدم منها ألَّا يكون مكسورًا. فخرج نحو طِلَاب وغِلَاب وخِيَام. وأن يكون متصلاً بالألف، أو منفصلاً عنها بحرف واحد، كصالح، وضامن، وطالب، وظالم، وغالب، وخالد، وقاسم، وكغنائم. وألَّا يكون ساكنًا بعد كسرة، فخرجِ نحو مِصباح وإصلاح ومِطواع. وألا يكون هناك راء مكسورة مجاورة، فخرج نحو {وَعَلَى أَبْصَارِهِم} [البقرة: 7] و {إِذْ هُمَا   1 وأمالها ورش أيضًا. ن 2 أمالها ورش. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 فِي الْغَارِ} 1 [التوبة: 40] ويشترط فى المتأخر الاتصال أو الانفصال بحرف أو حرفين كساخِر وخاطِب، وكنافِخ وناعِق، وكمواثيق ومناشيط. تنبيهات الأول: شرط الامالة التى يكفّها المانع ألاّ يكون سببها كسرة مقدَّرة كخاف، فإن ألفه منقلبة عن واو مكسورة، ولا ألفًا منقلبةً عن ياء كطاب، فسبب إمالة الأول الكسرة المقدرة، والثانى الياء التى انقلبت ألفًا، لأن السبب المقدَّر هنا أقوى من السبب الظاهر، لأن الظاهر إما متقدِّم على الألف، كالكسرة فى كتاب، والياء فى بيان، أو متأخر عنها نحو غانم وبايع، والذى فى نفس الألف أقوى من الاثنين، ولذلك أُمِيلَ نحو طابَ وخافَ، مع تقدُّم حرف الاستعلاء، وحاق وزاغ مع تأخره. الثانى: سبب الإمالة لا يؤثر إلا إذا كان مع المُمال فى كلمة، لأن عدم الإمالة هو الأَصل، فيصار إليه بأدنى شيء؛ فلا يُمال نحو لزيد مال، لوجود الألف فى كلمة، والكسرة فى كلمة. وأما المانع فيؤثر مطلقًا، لأنه لا يصار إلى الإمالة التى هى غير الأصل إلا بسبب قوىّ، فلا تُمال ألف كتاب، من نحو كتاب قاسم، لوجود حرف الاستعلاء، وإن كان منفصلاً. الثالث: تُمال الفتحة قبل حرف من ثلاثة: أحدها: الألف وقد تقدَّمت2. وشرطها ألا تكون الفتحة في حرف، ولا في اسم يشبهه، إذ فى الإمالة نوع تصرف، والحرف وشبهه بريء منه، فلا تُمال فتحة إلَّا، ولا عَلَى، ولا إلى، مع السبب المقتضى فى كلّ، وهو الكسرة فى الأول، والرجوع إلى الياء فى الثانى، وكلاهما فى الثالث. واستثْنَوا من ذلك ضميري ها ونا فقد أمالوهما عند   1 أمالها ورش. ن 2 نحو قوله تعالى: {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين} [الجمعة: 6] .ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 سبق الكسرة أو الياء لكثرة استعمالها. ثانيها: الراء، بشرط كونها مكسورة، وكون الفتحة فى غير ياء، وكونهما متصلين، نحو من الكبر، أو منفصلتين بساكن غير باء، نحو مِنْ عمرو، بخلاف نحو أعوذ بالله مِنَ الغِيَر، ومن قبح السِّيَر، ومن غيرك. ثالثها: هاء التأنيث في الوقوف خاصة، كرحمة ونعمة، شبهوا هاء التأنيث بألفها، لاتفاقهما فى المخرج والمعنى والزيادة والتطرف والاختصاص بالأسماء، وأمال الكسائى قبل هاء السكت نحو كتابِيَّهْ، ومنعها بعضهم، وهو الأصحّ1.   1 لا ينبغي أن تقول في القراءات الصحيحة: إن قراءة أصحُّ من قراءة ما دامت كلّها متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم ا. هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 مسائل التمرين مدخل ... مسائل للتمرين التمرين: مصدر مرّن على كذا، مأخوذ من قولهم مَرَنَ على الشيء مُرونًا وَمَرَانَة: إذا اعتاده واستمر عليه، وهو هنا بمعنى تعويد الطالب تطبيق المسائل على القواعد الصرفية التى علمها. وكثيرًا ما يقولون: المطلوب أن تَبْنَى من كذا لفظًا بزنة كذا، فيجب أن نبحث أوّلاً عن معنى هذه العبارة، حتى يعملَ سامعها بمقتضاها، فنقول: إنهم قد اختلفوا فى ذلك على أقوال: أصحها هو أن المعنى: صُغ من لفظ ضرب مثلاً ما هو بزنة جعفر، بمعنى أن تعمل فى هذه الزنة الفرعية ما يقتضيه القياس، من القلب أو الحذف أو الإدغام مثلاً، إن كان فى هذه الزنة الفرعية أسباب تقتضيها. فإذا كان فى الأصل حرف زائد مثلاً، فلا خلاف فى أن يُزاد مثله فى الفرع إلا إذا كان الحرف الزائد عوضًا عن حرف فى الأَصل، كما فى نحو اسم، فإن همزة الوصل فيه عِوَض عن أصل، هو لام الكلمة أو فاؤها، ففيه خلاف، وإذا حصل قلب فى الأصل، فلا خلاف فى حصوله فى الفرع، فإِذا أردنا أن نبنى من الضرب مثالاً بزنة أيسَ قلنا: رَضِبَ. وإنْ وُجِدَ فى الفرع ما يقتضى عدم الإدغام مثلا، عُمِل به، كما إذا لزم عليه لبس أو ثقلَ، لرفض العرب ذلك فى كلامهم، وإن وجد في الأصل بسبب إعلال لحرف لم يوجد فى الفرع، فلا خلاف فى أنه لا يقلَب فى الفرع، فيقال على وزن أوائل من القتل: أقَاتِل. تنبيه يجوز عند سيبويه أن يصاغ على وزن ثبت فى كلام العرب وإن لم ينطقوا به في الفرع المطلوب، فيصح أن يصاغ من ضرب على زنة شَرَنْبَث، فيقال ضَرَنْبَب مع أنهم لم ينطقوا به. ولا محذور فيما قاله سيبويه، إذ الغرض التمرين فقط، ولا يقال إنه يلزم إثبات صيغ لم تنطق بها العرب فى كلامهم، وأما نحو جالينوس وميكائيل فلا يصاغ على زنتهما، لعدم ثبوتهما في كلامهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 تطبيق 1 إذا أردت أن تصوغ من باع وقال على وزن عنسل بمهملتين مفتوحتين، بينهما نون ساكنة: للناقة السريعة، قلتَ فيه: بَنيَع وَقَنْوَل بلا إدغام، مع أن هنا حرفين متقاربين، لأنه يشترط فى إدغام المتقاربين ألاّ يحصل لبس، ووجه اللبس هنا أنك لو أدغمت لقلت قَوَّل وَبَيَّع، فيلتبسان بمضعَّفي. قال وباع1. 2 وإذا أردت أن تصوغ من قال وباع بوزن قِمْفَخْر بكسر فسكون ففتح فسكون: للرجل العظيم الجثة قلتَ: قِنْوَل وبِنْيَعّ بلا إدغام، مع أن هنا حرفين متقاربين، هما النون والواو، والنون والياء، حذرًا من أن يلتبس بنحو عِلْكَدّ، ومعناه البعير الغليظ، فلا يُدْرَى: أهو مثله، أو مثل قِنْفَخْرٍ وأدغم: ولا يجوز أن تصوغ من نحو كَسَرَ وجَعَل على وزن جَحَنْفَلَ، فلا تقول كسَنرَر ولاَ جَعَنْلَل2، فإنك إن لم تدغم حصل الثقل، وإن أدغمتَ التبس بنحو سفَرْجَل، فيظن أنه خماسىّ الأصول. 3 وإذا قيل كيف تبْني منِ نحو ضرَّب مُضَعَّف العين على زنة مُحَويّ، بضم ففتح فكسر فياء مشددة، قلت مُضَرَّبيّ لا مُضَرَبِيّ. وذلك أن لفظ مُحَوِيّ اسم فاعل منسوب إليه، من قولهم حَيي بثلاث ياءات، أدغمَت الأولى فى الثانية، فأصل مُحَوِيّ قبل النسب مُحيِّي بثلاث ياءات، على وزن مُطرِّز، فللنسب إليه يلزم حذف الياء الأخيرة، كما تحذف من نحو المشترى، ثم حذف إحدى الياءين الباقيتين، وقلب الأخرى واوًا، وفتح ما قبلها، فيصير بعد النسب مُحَوِيًّا، وحيث أن هذه الأسباب الموجبة للتغير فى الأصل لم توجد فى الفرع، الذى هو مُضَرِّبِيّ نُطِقَ به على حاله، أى على زنة مُحَوِيّ لو   1 نصَّ علماء الإقراء على عدم جواز إدغام النون الساكنة مع الحرف الذي بعدها إذا كانا في كلمة واحدة نحو صنوان وقنوان ا. هـ. ن 2 ونصُّوا أيضًا على وجوب إظهار اللام الساكنة في الفعل ا. هـ. ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 لم يحصل فيه تغيير. 4 وإذا قيل: صُغ من آءة اسم شجرة أو ثمرة، على زنُة مُسْطار: اسم للخمر، قلت: مُسْتَآة لا مُسْآة؛ لأنه لا يحذف من الفرع إلا ما اقتضاه فى نفسه، لا بالنظر إلى أصله، إذ أصلهُ مُسْتَطَار، من ط ى ر، ولو قدّرأنه من س ط ر لقيل مُؤْواء. 5 وإذا قيل كيف نَبْني من وَأَيْت بزنة كوكب، حال كون المصوغ مخففًا مجموعًا جمع سلامة، مضافًا إلى ياء المتكلم؟ قلت فيه أويَّ بفتح فكسر، فياء مشددة مفتوحة. وذلك أنك أوَّلًا تبنى من وأي بزنة كوكب فنقول: وَوْأي ثم يُعَلُّ إعلال فتى، فيقال ؤوْاى. فإذا خففتَ همزته بنقل حركتها إلى ما قبلها، قلت فيه: وَوَى بزنة فتًى، ثم تقلب الواو الأولى همزة، فيصير أوًى، وجوَّز بعضهم عدم القلب. فإذا جمعته جمع سلامة، قلت فيه: أوَوْن كتَتَوْنَ. فإِذا أضفته إلى ياء المتكلم قلت: أوَوْيَ، ثم تقلب الواو الثانية ياء، وتدغم فى الياء، وتكسِر الواو الأولى لمناسبة الياء، فيصير أويَ. 6 وإذا قيل كيف تبنى من وأيت بزنة أبْلُم، وهو خوص المُقْل، قلطَ فيه أوءٍ بضم أوله، وذلك لأن أصله أوْؤُي، ثم أعِلّ إعلال قاض، فصار أوْءٍ. 7 وإذا قيل صُغ من أوَيْتَ بزنة أبْلُم؟ قلت فيه أوِّ. أصله: أؤوُي قلبت الهمزة الثانية واوًا، وأدغم المثلان. ثم أعلّ قاض، فصار أوِّ. 8 وإذا قيل كيف تبنى من وَأيْتُ بزنة إوَزَة؟ قلت إيئاة بهمزة فياء فهمزة. وذلك لأن أصل إوزة: إوْزَزَة، فحينئذ يكون أصل إيئَاة: إوأية، بهمزة مكسورة، فواو ساكنة، فهمزة مفتوحة. قلبت واوه ياء لوقوعها إثر كسرة، فصار إيْايَة، ساكنة قلبت الياء ألفًا لتحريكها وانفتاح ما قبلها، فصار إيئَاة كسِعلاة. 9 وإذا بنيت من أوَيت مثل إوزّة قلت إيّاة بهمزة مكسورة فياء مشددة. وذلك لأن أصله إئْوَيَة. أما الهمزة الأولى فهى زائدة، وأما الثانية فهى فاء الكلمة، وأما الواو فهى عينها، ولوقوع الهمزة الثانية إثر كسرة تقلب ياء، ثم يقال: اجتمعت الواو والياء, وسُبقت إحداهما بالسكون, قلبت الواو ياء وأدغمتا, وحينئذ اجتمعت ثلاث ياءات، قلبت الأخيرة ألفًا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار إيَّاة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 10 وإذا قيل كيف تَبْني من قال وباع بزنة عَنْكبوت؟ قلت بَيْعَوُوْت وقَوْلَلوت، لا بْنَيعُوت وقَنْوَلُوت؛ لأن الصحيح أن النون لا تزاد ثانية ساكنة إلا بضَعْف. 11 وإذا قيل كيف تبنى من بِعْتُ على زنة اطمأن؟ قلت: ابْيَعَعّ بإدغام العين الثانية فى الثالثة، بعد نقل حركتها إلى العين الأولى. 12 وإذا قيل كيف تبنى من قال وباعَ على زنة اغْدُودِنَ مبنيا للمجهول؟ قلت اقْوُوول وابْيُويع بلا إدغام وجوبًا؛ لأن الواو الثانية فى اقْوُوْول، الواو فى ابيويِع حرفا مدّ زائدان، فلا إدغام فيهما. 13 وإذا قيل كيف تبنى من قَوِيَ بزنة بيقور، وهو اسم جمع البقرة؟ قلت فيه قَيُّوُّ بياء مشدَّدة مضمومة، فواو مشددة. والأصل قَيْوُوْوٌ قلبت الواو الأولى ياء لاجتماعها مع الياء، وسبق إحداهما بالسكون، وأدغمتا، ثم أدغمت الواو الثانية فى الثالثة، ولم تقلبا ياءين مع وقوعهما طرَفا؛ لأن لذلك مواضع قد تقدم ذكرها، وليس هذا منها. ولم تنقل حركة العين التى هى الواو الأولى إلى ما قبلها، كما فى مَبْيوع؛ لأن العين لا تعلُّ إذا كانت هى واللام حَرْفي علة، سواء أعلَّتِ اللام كما فى قَوِيَ أو لم تعلّ كما فى هَوِيَ. وعلى هذا القياس يكون التمرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 الوقف 1 هو قطع النطق عند آخر الكلمة. ويقابله الابتداء الذي هو عمل. فالوقوف استراحة عن ذلك العمل. ويتفرّغ عن قصد الاستراحة فى الوقف ثلاثة مقاصد، فيكون لتمام الغرض من الكلام، ولتمام النظم فى الشعر, ولتمام السجع فى النثر. وهو إما اختيارىّ بالياء المثناة من تحت: أى قُصِدَ لذاته، أو اضطرارىّ عند قطع النَّفَس. أو اختبارىّ بالموحدة، أى قُصِد لاختبار شخص هل يحسن الوقف على نحو يمَ1 و {أَلاَّ يَسْجُدُوا} [النمل:25] ، {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَام   1 راجع هامش "ص160".ن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 الأُنثَيَيْنِ} [الأنعام: 143-144] ، أو لا؟ والأول إما اسثباتي وهو ما وقع فى الاستثبات، والسؤال المقصود به تعيين مبهم، نحو مَنُو، وأيُّون؟ لمن قال: جاءنى رجل أو قوم. وإما إنكارىّ لزيادة مدة الإنكار فيه، وهو الواقع فى سؤال مقصود به إنكار خبر المخبر، أو كون الأمر على خلاف ما ذُكِر فيه، وحينئذ فإِن كانت الكلمة منونة كسر التنوين، وتعينت الياء مدة، نحو أزَيدُنِيه بضم الدال، وأزيدَنيه بفتحها، وأزيدِنَيه بكسرها، وكسر النون فى الجميع، لمن قال: جاء زيدٌ، أو رأيتُ زيدًا، أو مررت بزيد. وإن لم تكن منونة أتى بالمدّ من جنس حركة آخر الكلمة، نحو أعُمَرُوه وأعمرَاه، وأحَذَامِيه، لمن قال جاء عَمَرُ، ورأيتُ عُمَر، ومررت بحَذَام. وإما تذكُّريّ، وهو المقصود به تذكر باقى اللفظ، فيؤتى فى آخر الكلمة بمَدّة مجانسة لحركة آخرها، كقالا، ويقولُوا، وفى الدَّاري. وإما ترنميُّ كالوقف فى قول جَرير: أقّلى اللّوْمَ عاذلَ والعتابَنْ2 ... وإما غير ذلك وهو المقصود هنا. 2 والتغييرات الشائعة فى الوقف سبعة أنواع، نظمها بعضهم فقال: نَقْل وحَذْفٌ وإِسْكَانٌ ويَتْبَعُهَا التَّضْعِيفُ والرَّوْمُ والإشْمَامُ والْبَدَلُ. فيُبدل تنوينُ الاسم بعد فتحه ألفا، كرأيتُ زيدًا، وفَتًى، ونحو ويْهَا وَإيْهَا بكسر الهمزة، وكذلك تبدل نون التوكيد الخفيفة ألفًا، يردّ ما حُذِفَ لأجلها في الوقت كما تقدَّم، وشبّهُوا إذنْ بالمنوَّن، فأبدلوا نونها ألفا فى الوقف مطلقًا، وبعضهم يقف عليها بالنون مطلقًا، لشبهها بأنْ ولنْ، وبعضهم يقف عليها بالألف إن ألْغِيت، وبالنون إن أعْمِلت.   1 وهذه قراءة بعضهم. ن. 2 وعجزه: "وقولي إنْ أصبتُ لقدْ أصابَنْ" أو أصابا بالإطلاق. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 ويُوقَف بعد غير الفتحة بحذف التنوين، وإسكان الآخر، كهذا زيدْ، ومررت بزيدْ، ومطلقا عند ربيعة، وأما الأزدة1 فتقلبه واوًا بعد الضم، وياء بعد الكسر، فيقولون: جاء زيدُو، ومررت بزيدِي، وإن وقف على هاء الضمير حذفت صلته، أى مَدَّته، بعد غير الفتح، نحو بهْ ولهْ، إلا في الضرورة كقول رُؤبة: وَمَهْمَهْ مُغْبَرَّةٍ أرْجَاؤُهُ ... كأنَّ لوْنَ أرضِه سَمَاؤُهُ بخلاف نحو بهَا ومنْها, فتبقى الصلة, وقد تحذف على قلة, كقوله: "وبالكرامة ذات2 أكرمكم الله به". أراد بِها، فحذف الألف، وسكَّن الهاءَ، بعد نقل حركتها إلى ما قبلها. وَإِذا وُقف على المنقوض ثبتت ياؤه، إذا كان محذوف الفاء، كما إذا سَميت بمضارع نحو وَفَي: تقول هذا يَفي، أو كان محذوف العين، كما إذا سميت باسم الفاعل مِن رأى، فإنك تقول هذا يَفي؛ إذ لو حذفت اللام منهما لكان إِجحافًا، وكان إذا كان منصوبًا منوَّنا نحو: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًّا} [آل عمران: 193] ، أو غير منوّن مقرونًا بأل، نحو {كَلاَّ إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ} [القيامة: 26] ، فإن كان غير منصوب جاز الإثبات والحذف، ولكن يترجح فى المنوّن الحذف، نحو هذا قاضْ، ومررت بقاضْ، وقرأ ابن كثير: {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: 11] 3 وفى غير المنوّن يترجَّح الإثبات، كهذا القاضي، ومررت بالمنادي، وقرأ الجمهور: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِي} [الرعد: 9] 4. ويوقف على هاء التأنيث بالسكون، نحو فاطمهْ، وعلى غيرها من المتحرك بالسكون   1 قبيلة أزد. ن. 2 ذات: بمعنى: التي. ن. 3 قرأها ابن كثير في الوقف فقط. من والي. ن. 4 وقرأها ابن كثير "المتعالي" في حالة الوقف فقط. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 فقط، أو مع الرَّوم، وهو إخفاء الصوت بالحركة، والإشارة إليها ولو فتحة، بصوت خفىّ، ومنعه الفَرَّاءُ فيها، أو الإشمام، وهو ضَمُّ الشَّفَتين والإشارة بهما إلى الحركة بدون صوت. ويختص بالمضموم، ولا يُدْركه إلا البصير؛ أو التضعيف، نحو هذا خالدّ، وهو يضربّ، بتشديد الحرف الأخير، وهى لغة سَعْدية. وشرط الوقف بالتضعيف ألاّ يكون الموقوف عليه همزة كرِشاء، ولا ياء كالراعى، ولا واواً كيغزو، ولا ألفًا كيخشى، ولا واقعًا إثر سكون كزيد وبكر، أو مع نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى قبله، كقراءة بعضهم: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر} [العصر: 3] بكسر الباء، وسكون الراء، بشرط أن يكون ما قبل الآخر ساكنا غير متعذر، ولا مستثقل تحريكه، وألاّ تكون الحركة فتحة، وألا يؤدِّيَ النقل إلى عدم النظير. فخرج نحو جعفر، لتحرك ما قبله، ونحو إنسان ويشدّ؛ لأن الألف والمدغم لا يقبلان الحركة، ويقولُ ويبيعُ، لاستثقال الضمة إثرة كسرة أو ضمة، ونحو هذا عِلْم؛ لأنه لا يوجد فِعْل بكسر فضم فى العربية. والشرطان الأخيران مختصان بغير المهموز، فيجوز النقل في نحو يُنْرِجُ الخَبَءُ1 وإِن كانت الحركة فتحة، وفى نحو هذه ردُءْ، وإن أدى إلى عدم النظير؛ لأنهم يغتفرون في الهمزة ما لا يغتفرون في غيرها. ويوقف على تاء التأنيث بدون إن كانت فى حرف، كَثُمَّتْ وَرُبَّتْ، أو في فعل كقامت، أو اسم وقبلها ساكن صحيح، كأخْتْ وبنْتْ، وجاز إبقاؤها على حالها وقبلها هاء، إن كان قبلها حركة كثَمَرَةْ وشَجَرَةْ، أو ساكن معتلّ، كصلاةْ ومسلماتْ، ويترجح إبقاؤها فى الجمع وما سمى به منه، تحقيقًا أو تقديرًا، وفي اسمه وكمسلمات وَأذْرِعاتْ وهيْهَاتْ، فإنها فى التقدير جمع هَيْهَيَةٍ كقَلْقَلَة، سمِّي بها الفعل، ونحو أولاتْ. ومن الوقف بالإبدال قولهم كيف الإخوةُ والأخواهْ. وقولهم: دَفْنْ البناهْ، من المكْرُماهْ، وقُرِىءَ {هَيْهَاتَ} 2. ومن الوقف بتركه وقف بعضهم بالتاء فى قوله   1 "كذا" ولعله: يخرجُ. ن. 2 وذلك في قوله تعالى في سورة المؤمنون: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُون} قُرأتْ "هيهاهْ هيهاهْ" وذلك في قراءة البزي عن ابن كثير في حالة الوقف فقط أمَّا في الوصل فلا. ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 تعالى: {إِنَّ شَجَرَةَ} [الدخان:43] 1. وقولِه: كانَت نفوسُ القومِ عندَ الغَلْصَمَتْ ... وكادَتِ الحَرَّةُ أنْ ْتُدْعَى أمَتْ ويُوقف بهاء السكتَ جَوازًا على الفعل المعلّ لاماً بحذف آخره، نحو لم يَغْزُهْ ولم تَرْمِهْ، ولم يَخْشَهُ. وتجب الهاء إن بقى على حرف واحد، نحو قِهْ، وعِهْ, وقال بعضهم: وكذا إذا بقى على حرفين أحدهما زائد نحو لم يَقِهْ ولم يعِه. ورُدَّ بلَمْ أكْ، ومَنْ تَقْ، بدون هاء عند إرادة الوقف. ويترجح الوقف بها على ما الاستفهامية المجرورة بالحرف، نحو لمهْ، وَعَمَّهْ [النبأ: 1] 2. ويجب إن جُرَّت باسم، نحو مَجِيءَ مَهْ. وعلى كلٍّ فيجب حذف ألفها فى الجر مطلقًا. وأما قولُ حسان رضى الله عنه. عَلى ما3 قامَ يَشْتُمُنى لَئِيمٌ ... كخِنْزِيرِ تَمرّغَ فى تُرَابِ بإثبات الألف، فضرورة. وقال الشاطبىّ: حذف الألف ليس بلازم، فيما جرت باسم، فيجوز مَجِيء مَا جِئْتَ؟ ولكن الأجود الحذف. وكذا يُوقَفُ بها على كلّ كلمة مبنية على حركة بناء لازمًا، وليست فعلاً ماضياً، نحو هُوَ وهِيَ وياء المتكلم عند من فتحها فى الوصل، وكيفَ وثَمَّ، ولحاقها لهذا النوع جائز مستحسن. فلا تلحَقِ اسم لا ولا المنادىِ المضموم، ولا ما قُطِعَ لفظه عن الإضافة، كقبلُ، وبعدُ؛ ولا العددَ المركَّبَ كخمسةَ عشرَ، لشبه حركاتها بحركات الإعراب، لعُروضها عند المقتضى، وزوالها عند عدمه، فيقال فى الوقف على هُوَ: هُوَهْ، قال حسان: إذَا مَا تَرَعْرعَ فِينَا الغُلَامُ ... فَما إنْ يُقَالَ لَهُ مَنْ هُوَهْ   1 ووقف الجمهور بالهاء. ن. 2 ووقف عليهما بالهاء قنبل والبزي وكذلك بمه إلخ. ن. 3 أصلها: علام يشتمني فأثبتت الألف ضرورة!! ن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وفى هِيَ: هيَهْ، ومنه قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} [القارعة: 8] ، وفى كيفَ وثُمَّ: كيفَهْ، وثُمَّهْ. وفى غلاميَ وكتابيَ: وغلاميَهْ، وكتابيَهْ. قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] والله أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد النبيَّ الأميَّ وعلى آله وصحبه وسلم. قَال المؤلّفُ حَفِظَه اللهُ: وكان الفَراغُ من تَبيْيضِهِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، لِعَشْرٍ خَلَتْ من شوّالٍ عامَ أحَدَ عشَرَ بعد ثَلَثِمِائةٍ وألفٍ هجرية، على صاحبها ألفُ الصَّلاةِ وأزكَى التَّحِيةِ. بحمد الله تعالى قد تمّ طبع كتاب شذا العرف في فن الصرف شذا العرف في فن الصرف للشيخ أحمد الحملاوي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 تقاريظ الكتاب قرَّظ هذا الكتاب بعد الاطلاع بعضَ العلماء الأفاضل، فأحببنا إثبات تقاريظهم، اعترافا بفضلهم، وشكرا لعملهم. 1 قال حضرة الأستاذ الجليل، والشاعر الناثر النبيل، رئيس التصحيح بالمطبعة الأميرية سابقا، المرحوم الشيخ طه قَطَريَّة، مقرّظاً ومؤرّخاً عام، طبعه الأول: العِلْمُ أحْسَن مَا بِهِ ظَفِرَتْ يَدُ ... عَظُمَتْ عَلَيَّ بهِ لأُستاذي يَدُ رُوحِي فِدًا لمعلّمٍ تحيا به ... رُوحِي ويَحسُنُ مَصْدَري والموْرِدُ العَلمُ بَيْتٌ والمعلمُ سُلَّمٌ ... من أيْنَ تَرْقَى البَيتَ لوْلاَ المِصْعَدُ فاعْرِفْ له حَقًّا فأَنت به عَرَفْت ... الحَقَّ إذْ غُصْنُ الشّبِيبَة أمْلَدُ والعلم إن أنصفْتَ لا تَعْدِلْ به ... عَرَضًا مِنَ الدُّنيا يَزُولُ وينْفَدُ وَاعْذِرْ بَني الدُّنْيَا فإنَّ زُيُوفَهَا ... جادتْ بِأَعْيُنِهِم وَزَافَ الجيِّدُ لا تَطْلُبِ الشَّهوَاتِ تَقْلِيدًا لَهُمْ ... فَمِن الْبَهائِم مَا تَرَاهُ يُقَلِّدُ يَا جَامِعًا للْمَالِ يُدْعَى سَيِّدًا ... مِنْ غيْر بَذْل أينَ مِنْكَ السُّؤدَدُ المجدُ مَوْقوفٌ عَلَى كَفِّ نَدٍ ... مَنْ كَانَ يَجْمُدُ كَفُّهُ لا يَمْجُدُ فَانْهَضْ إِلَى كَسْب الْعُلُوم مُنَزَّهًا ... للنفْسِ عَنْ خُلُقٍ يَشِينُ ويفْسدُ تَسْعَى فَإذا فَعَلْتَ فأَنْتَ شَهَمٌ سَيِّدٌ ... لخدمته المُلُوك وتجْفِدُ نمَّتْ بِهِ أوْصافُهُ الغَرَّا كمَا ... نَمَّ الشَذَا فينا بفضلك أحْمَدُ هذا الكتاب غنيمة الصَّرْفيّ من ... زَمَن بهِ دار الْعُلُوم تُشيَّدُ لم ألقَ أطْيبَ من شَذَا الْعَرْفِ الذى ... أهدَى إلينَا ذَا الهمامُ الأمجدُ يَا قَوْمُ دُونَكُمُ الشَّذَا فَتَمَسَّكُوا ... بمدَادِهِ وَبهِ إلى الصَّرْفِ اهْتَدُوا وبه افْرِقوا في الصَحيح وما بدَا ... فيه اعْتِلَالٌ وهو منه مجرَّدُ وبه ثقوا، وله اسمعوا قولا، وعُوا ... وإذا قضى أمْراً فلا تَتَردَّدُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 فمباحِث التصريف قد أضْحَت به ... كالشَّمْسِ ضَاحيةٍ عليها فاشْهَدُوا لا تَعْجَبُوا للصَّرْفِ مُجْتَمِعًا بهِ ... شَمْلًا فَأَصْلُ الجمع هذا المفرَدُ فارْغَبْ إِليه وَقِفْ عَلَى أبْوَابِهِ ... تَصْدُرْ أخى عَنْها وأنت مُزَوَّدُ وكأنَّني بفتًى تعرَّض سَائلًا ... من ذا الذى تُثْني عليْه وتَحْمَدُ باللهِ خَبّرْني، فقلت مؤرخا: ... مَنْ فَاحَ طيبُ شَذاه أحْمَدُ أحْمَدُ 53531006218990 سنة 1312هـ 2 وقال التقىّ النقىّ، الورع الذكىّ، مَحْتِد الكمال الأستاذ الفاضل الشيخ على غَزَال، المدرس بالأزهر المعمور، رحمه الله: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحْدَه، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وأصحابه، وجمع أحبابه. وبعدُ: فقد اطلعتُ على الكتاب الموسوم بشذا العرف، فى فن الصرف، الذى ألفه العالم الفاضل، والهمام الكامل، الشيخ أحمد الحملاوىّ، فوجدته كتاباً بديعاً، لكثرة فوائده، وتحرير مقاصده، مع سهولة عباراته، ولطف إشارته، وقد احتوى على مهمات هذا الفن، مع تحرير حَسَن مُتْقَنَ، فجزَى الله مؤلفه أحسن الجزاء، ونفع بالمؤلف والتأليف، إنه سميع الدعاء آمين. وصلى الله على سيدنا محمد النبىِّ الأمىّ، وعلى آله وصحبه وسلم. 3 وقال العلامة الفاضل، العالم العامل، مَظْهَر المجد، الأستاذ الشيخ سليمان العبْد، المدرس بالأزهر المعمور، ومدرسة دار العلوم الخديوية سابقا، رحمه الله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 بسم الله الرحمن الرحيم نحمدُك يا مصدَر الأسماء والأفعال، سُبْحَانَكَ صَحَّحْتَ إيماننا، وخلَّصته من شوائب الاعتلال، ونُثْنِي عليك، صَرَفْتَ قلوبنا إلى التحلِّى بحِلية المعارف، وأسبغْت علينا ظِلَّ إنعامك الوارف، ونُصَلِّي ونُسَلم على سيد العرب والعجم، أفصحِ من نطق بالضاد من حروف المُعْجَم، سيدنا ومولانا محمد، المشهور في الصحف الأولى بأحمد، والداعى إلى الصراط المستقيم والمنهج الأَحمد، وعلى آله وصحبه ما تحلى جيد الزمان العاطل، بوجود العلماء الأَفاضل. وبعد، فإِنه لما زلت عن قلبى الغُصَص، ونالت بُغْيَتي أجلَّ الفُرَص، بمطالعة الكتاب المسمى شذا العرف، فى فن الصرف، فوجدته سِفْرًا كالعَروس تشتاق إليه جميع النفوس، ويُخْجِل قُسَّ الفصاحة بفصاحته، ويرينا نهج البلاغة ببلاغته، فصرت أستخرج من بحاره الدُّرَر، وأشكر فضل جامعه، حيث انتقى فيه أحسن الغُرر، فما زال يُبْدِي من برج سعود فِرْطَاسه بِدُورًا وشُمُوسًا، ويدير علينا من خمر لذة معانيه كُؤوسًا، فاز من كان جليساً له، فإنه لم يُرَ فى فنه مجموعاً عادلَه، فلذلك أرَّخته، ولحسنه قَرَّظْتُه، فَقُلْتُ: كِتَابٌ كَبَدْرِ التِّمّ حُسنًا فَإنَّهُ ... يضيءُ بأنوارٍ عُجَابٍ غَرَائِب فَفَاقَ سِوَاهُ فى المحاسِنِ والبَهَا ... وَسُرَّتْ به الطُّلَّابُ من كلِّ جانِبِ وقَلَّدَ جِيدَ الدَّهْرِ جامعهُ به ... قلائِدَ فَخْرٍ من أجلِّ المَناقِبِ ومن طِيبِ مَبْنَاهُ أَقولُ مؤرِّخًا ... شذا العرفِ نبراسٌ بديعُ المطالِبَ 113863131382 سنة 1894 فلله درّ مؤلفه الذى رُفِعَتْ له بين العلماء الأعْلام، وسجَدت له طوعاً الأقلام، العالم العامل، واللوذعىّ الكامل، الذى هو فى الشعر والنثر، وأعمال القلم، أشهر من نار على عَلَم، من هو لكل فضل وكمالٍ رواي، حضرة الشيخ أحمد الحملاوي، حفظه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 فهرس الموضوعات الموضوع الصفحة مقدمة المحقق ............................................................ 5 تعريف بمؤلف الكتاب ................................................... 7 وللشيخ مؤلفات هي: .................................................... 7 خطبة الكتاب .................................................... 9 مُقَدِّمَة .................................................... 11 تقسيم الكلمة .................................................... 13 الميزان الصرفي .................................................... 14 الباب الأول: في الفعل وفيه عِدَّةُ تقاسيم .................................. 17 التقسيم الأول: إلى ماض ومضارع وأمر ................................... 17 التقسيم الثاني: للفعل .................................................... 19 أقسام الصحيح .................................................... 19 أقسام المعتل .................................................... 19 التقسيم الثالث: للفعل بحسب التَّجَرُّد والزيادة، وتقسيم كل .................. 21 الباب الأول: فَعَلَ يَفْعُل ................................................... 21 الباب الثاني: فَعَلَ يَفْعِل .................................................... 21 الباب الثالث: فَعَلَ يَفْعَل .................................................... 21 الباب الرابع: فَعِلَ يَفْعَل ................................................... 22 الباب الخامس: فَعُلَ يَفْعُل .................................................. 23 الباب السادس: فَعِلَ يَفْعِل ................................................. 23 تنبيهات ................................................................. 23 أوزان الرباعي المجرد وملحقاته ............................................. 26 أوزان الثلاثي المزيد فيه ................................................... 27 أوزان الرباعي المزيد فيه وملحقاته ........................................... 28 تنبيهان .............. .................................................... 29 فصل في معاني صيغ الزوائد ............................................... 29 1- أَفْعَلَ .............................................................. 29 2- فَاعَلَ .................................................... 30 3- فَعَّلَ .................................................... 31 4- انْفَعَل .................................................... 32 5- افْتَعَل .................................................... 32 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 الموضوع الصفحة 6- افْعَلَّ ................................................................ 33 7- تَفَعَّلَ ................................................................ 33 8- تَفَاعَل ................................................................ 34 9- اسْتَفْعَل .............................................................. 34 التقسيم الرابع للفعل بحسب الجمود والتصريف ............................... 36 فصل تصريف الأفعال بعضها من بعض ...................................... 36 التقسيم الخامس للفعل من حيث التعدى واللزوم ............................. 38 التقسيم السادس للفعل من حيث بناؤه للفاعل، أو المفعول ..................... 41 التقسيم السابع للفعل من حيث كونه مُؤَكَّدًا أو غير مُؤَكَّد .................... 44 حكم آخر: للفعل المؤكد بنون التوكيد ...................................... 47 تتمة فى حكم الأفعال عند إسنادها إلى الضمائر ونحوها ........................ 49 الباب الثاني: في الكلام على الاسم وفيه عِدَّة تقاسيم .......................... 53 التقسيم الأول: الاسم، من حيث التجرُّد والزيادة ........................... 53 التقسيم الثانى للاسم من حيث الجمود والاشتقاق ........................... 56 المصدر ................................................................ 57 مصادر الثلاثي ........................................................... 57 مصادر غير الثلاثي ....................................................... 58 تنبيهات ................................................................ 60 اسم الفاعل .............................................................. 61 اسم المفعول .............................................................. 63 الصفة المشبهة باسم الفاعل ................................................. 63 تنبيهان ................................................................ 65 اسم التفضيل ............................................................. 66 تنبيهان ................................................................ 70 اسما الزمان والمكان ...................................................... 71 اسم الآلة ................................................................ 72 التقسيم الثالث للاسم من حيث كونه مذكرًا أو مؤنثًا ......................... 73 التقسيم الرابع للاسم من حيث مونه منقوصا، أو مقصورا، أو ممدودا، او صحيحا ... 77 التقسيم الخامس للاسم من حيث كونه مفردا، أو مثنى، أو مجموعًا .............. 80 كيفية التثنية .............................................................. 82 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 فهرس الموضوعات الموضوع الصفحة كيفية جَمعَ الاسم جمع مذكر سالمًا .......................................... 83 كيفية الاسم جمع مؤنث سالمًا .............................................. 84 جمع التكسير .............................................................. 85 جموع القلة ............................................................... 86 جموع الكثرة ............................................................. 87 خاتمة تشتمل على عدة أسئلة ............................................... 96 التصغير ................................................................... 99 وشرط المصغر ............................................................ 99 تنبيهان .................................................................. 105 النسب .................................................................. 106 خاتمة ................................................................... 113 الباب الثالث فى أحكام تعم الاسم والفعل .................................. 115 فصل في حروف الزيادة ومواضعها وأدلتها .................................. 115 فصل في همزة الوصل ..................................................... 120 الإعلال والإبدال ....................................................... 121 "أ" الإعلال في الهمزة .................................................... 123 "ب" فصل في عكس ما تقدم ............................................. 125 الإعلال فى حروف العلة "أ" قلب الألف والواو ياء .......................... 128 "ب" قلب الواو والياء واوًا ............................................... 131 "ج" قلب الواو والياء ألفًا ................................................ 132 فصل في فاء الافتعال وتائه ............................................... 134 فصل إبدال الميم من الواو والنون .......................................... 136 الإعلال بالنقل ......................................................... 136 الإعلال بالحذف ........................................................ 138 الإدغام ......................................................... 139 تنبيه ......................................................... 143 فصل في إدغام المتقاربين ................................................. 144 التقاء الساكنين ......................................................... 146 الإمالة وتسمى الكسر، والبطح، والإضجاع ............................... 149 تنبيهات ......................................................... 151 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 الموضوع الصفحة مسائل التمرين ........................................................... 153 تنبيه .................................................................... 153 تطبيق ................................................................... 154 الوقف .................................................................. 156 تقاريظ الكتاب ........................................................ 163 1 ...................................................................... 163 2 ...................................................................... 164 3 ...................................................................... 164 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170