الكتاب: تقويم الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية المؤلف: أحمد أبو الوفا عبد الآخر الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- تقويم الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية أحمد أبو الوفا الكتاب: تقويم الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية المؤلف: أحمد أبو الوفا عبد الآخر الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] تقويم الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية تأليف: أحمد أبو الوفا عبد الآخر ال مقدمة : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.. وبعد فقد تنبه علماء الأمة الإسلامية منذ قرون للإعجاز اللغوي والبياني في القرآن الكريم، وأخيرا تنبهوا للإعجاز العلمي في السنة النبوية. وزاد الاهتمام بالإعجاز العلمي في العصر الحديث بعد أن تقدمت العلوم بصفة عامة والعلوم الكونية بصفة خاصة، وجاءت الاكتشافات مطابقة للإشارات والحقائق العلمية الواردة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وأصبح للإعجاز العلمي في القرآن والسنة شأن عظيم في مجال الثقافة الإسلامية وفي مجال الدعوة، ونشط العلماء المسلمون وغير المسلمين في دراسته والبحث فيه، وكثرت المؤلفات والمؤتمرات والندوات المحلية والعالمية، وكذلك المحاضرات والأحاديث في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وتأسست اللجان والجمعيات والهيئات، وكلها تتسابق إلى عرض قضية الإعجاز العلمي للقرآن والسنة، مما يدعو إلى التفاؤل والامتنان، ويبشرنا بأن دعوة الإسلام قد انضم إليها خطاب جديد مهم وهو " الإعجاز العلمي في القرآن والسنة "، مما يؤكد أن وعد الله سبحانه وتعالى قد جاء، وهو قوله سبحانه وتعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فصلت:53) . ومما يدعو إلى التفاؤل والسرور قيام أول هيئة للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة - (أم القرى) مهبط الوحي ومنطلق الدعوة الإسلامية - وذلك منذ ما يقرب من عشرين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 عاما، وكان ذلك حافزاً قوياً على حركة البحث والدراسة والتأليف في الإعجاز العلمي، كما كان مشجعاً على قيام الجمعيات واللجان. وكان لزاماً على مركز السنة والسيرة النبوية بالمدينة المنورة أن يشارك في هذا النشاط العلمي الإسلامي خدمة للسنة النبوية، وبدأ ذلك يتحقق والحمد لله على المستوى العالمي، بعقد ندوة " عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية ". والبحث الذي نقدمه يتكون من ثلاثة فصول: الفصل الأول: التمهيد. الفصل الثاني: تقويم الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية. الفصل الثالث: جهودنا في أعمال الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام الأنبياء والمرسلين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 الفصل الأول: التمهيد تعاريف وتقويمها ... الفصل الأول: التمهيد قبل الدخول إلى صلب الموضوع أرى من المفيد تقديم (تمهيد) وهو يشتمل على موضوعين رئيسين هما: 1 - تعاريف وتقويمها. 2 - أسلوب المطابقة وأسلوب التطبيق وتقويمهما . - 1 - تعاريف وتقويمها · لمصطلح " الإعجاز العلمي في القرآن والسنة " تعاريف متعددة ومنها: 1 - "تأكيد الكشوف الحديثة الثابتة والمستقرة، للحقائق الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية" (1) . ويؤخذ على هذا التعريف قوله " للحقائق الواردة في القرآن والسنة "، فهذا إطلاق لا يقبل، وذلك لأن كثيراً من حقائق القرآن الكريم والسنة النبوية، لا تدخل تحت علوم البشر. 2 – إخبار القرآن الكريم والسنة النبوية بحقائق العلم التجريبي التي ثبت عدم إمكان إدراكها إلا بالوسائل البشرية التي لم تكن في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام، يؤخذ على هذا التعريف أنه استبعد الحقائق غير الكونية، كالإعجاز في علوم التاريخ والاقتصاد والتشريع. والأمر يحتاج إلى تعريف يقع عليه الاتفاق بين المشتغلين بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ولا تكون عليه مآخذ. ولا يخفى أن التعريف الجامع المانع الخالي من المآخذ   (1) مقدمة توصيات المؤتمر الدولي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 والمتفق عليه، يوحِّد الآراء حول (المصطلح) ، وحول مدلوله ليصبح مستقراً في الفكر وفي الثقافة، ويدخل في المعاجم دون غموض أو جدال، وهذا يعجل بجعل "الإعجاز العلمي" علما له منهجه. وفي سبيل التوصل إلى ذلك التعريف، فإنني أشارك بتقديم التعريف التالي "الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية هو الإخبار بحقائق دائمة في شتى العلوم دون الاستعانة بالوسائل البشرية: كالتعليم والمعرفة المكتسبة بوسائلها المختلفة، مما يؤكد أن القائل بالحقائق في شتى أمور الحياة موحى إليه من الله سبحانه وتعالى بما تحدث به؛ ليكون ذلك شاهداً على ألوهية رسالته، وصدق دعوته، وقد تحقق ذلك الإعجاز العلمي لخاتم الرسل والأنبياء سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه". هذا التعريف جعل الإخبار بالحقائق الواردة في القرآن والسنة هو الأصل، وليست الكشوف العلمية، كما أنه لا يقتصر على حقائق العلوم الكونية، بل يشمل حقائق كل العلوم بمفهوم مصطلح (العلم) ومعناه العام والشامل وهو "كل ما يصل إليه الإنسان من معارف على وجه الحقيقة"، فالعلم: كما يشمل الأمور المادية والكونية، فهو يشمل أيضا الأمور المعنوية والإنسانية. وبتعريفنا السابق بأخذ مصطلح "الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية" موقعه بين جميع العلوم، ولا يكون مقصوراً على العلوم المادية والكونية· كما تكون له مصطلحات تفصيلية فتقول مثلاً: الإعجاز العلمي للقرآن والسنة في الفلك، والإعجاز العلمي للقرآن والسنة في الطب، والإعجاز العلمي للقرآن والسنة في الاقتصاد .... إلخ. وقد يكون المأخذ الوحيد على تعريفنا السابق هو الإطالة، وإذا كان ذلك كذلك ففي الإمكان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 اختصاره. ونحن لا نفرق في الإعجاز العلمي للسنة النبوية بين حقائق فيها سَبْقُ الإخبار، وحقائق ليس فيها سبق الإخبار، حيث إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فِعْلَه أو تقريره يُدخل هذه الأمور في السنة النبوية ويجعلها حقائق، وبالتالي يدخلها في موضوعات الإعجاز العلمي. وتأسيسا على ذلك فإن كل ما جاء في السنة النبوية مما كان عند العرب يدخل في باب الإعجاز العلمي، طالما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبِله وتكلم به وأقره، وبهذا نغلق الباب في وجوه الذين جعلوا السنة النبوية (عضين) فقسموها إلى أمور شرعية من الوحي يُعْمَلُ بها، واجتهادات شخصية وأمور عرفية ليست من الوحي، ونقول لهم: إن كل ما جاء بالسنة النبوية وحي، حتى ولو كان من أعمال العادة التي كانت معروفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، طالما أنه أقرها، فالموافقة لم تكن عن هوى أو اجتهاد شخصي، بل كانت بالوحي، وما يمكن أن يقال ويقبل "هو أن السنة النبوية جميعها وحي، وأن الأحاديث النبوية وحي في المعنى ونبوية في اللفظ والتعبير"، وليس بالضرورة أن يكون الوحي من جنس الوحي الذي نزل به القرآن الكريم، لكنه وحي من عند الله فلا ينطق عليه الصلاة والسلام إلا حقا. وألفت النظر إلى أن الإسلام كله معجز، والرسول عليه الصلاة والسلام معجز بذاته وباتصاله الدائم بالوحي. وعلينا نحن المسلمين أن نتجنب الوقوف عند الإعجاز العلمي، ونشغل به عن جوانب الإعجاز في تشريعات الإسلام وتوجيهاته الأخلاقية وعن سيرة سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وعلينا ألا نجعل خطاب الدعوة الإسلامية مركزاً على الإعجاز العلمي بدعوى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 أن العلوم الكونية والتقنيات الحديثة هي لغة العصر وأسلوب التخاطب والإقناع، بل على الدعاة وكل من يدعو إلى دين الإسلام أن يهتموا بجوانب الإعجاز العلمي للقرآن والسنة في العقيدة والأخلاق والتشريع والمعاملات والعبادات، على أن يظل الإعجاز العلمي في مقدمة خطاب الدعوة بجانب تعاليم الإسلام شاهدين على أن مصدر هذا الدين هو الله عز وجل وصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 -2- أسلوب المطابقة وأسلوب التطبيق وتقويمهما تتحرك أعمال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية في اتجاهين: · أحدهما: تكون فيه الاكتشافات العلمية والمعارف الكونية معروفة وتكون مطابقة لما في الآيات القرآنية والسنة النبوية من الحقائق، فيقوم العلماء بإظهار العلاقة بين الكشوف العلمية وتلك الحقائق القرآنية والنبوية، وهذا هو معنى (أسلوب المطابقة) ، وهو يمثل أكثر أعمال الإعجاز العلمي في الوقت الحاضر، وذلك يتماشى مع قول الله سبحانه وتعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فصلت:53) . وحسب سياق الآيات، فإن هذه الآية خطاب للكفار المكذبين، مما يدل على أن ما سيظهر من الاكتشافات في الآفاق وفي الأنفس سيتحقق في معظمه على أيدي من لا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى، ولا بالقرآن ولا باليوم الآخر، حتى يكون ما يتوصلون إليه من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 الاكتشافات والسنن الكونية، برهانا وتبيانا على أن هذا الدين وحي من الله وشاهد على صدق القرآن وإعجازه، وعلى ما جاء به الوحي على سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، ويصبح حجة على الكفار والمكذبين. وما يجري الآن في مجال الاكتشافات على يد غير المسلمين يؤكد ذلك. وقد يكون الخطاب في الآية السابقة عاما لكل البشر. "وأسلوب المطابقة" لا مأخذ عليه إذا توخَّى المشتغلون بالإعجاز العلمي سلامة المطابقة، وتجنبوا التعسف في الاستدلال الذي يقع فيه بعضهم؛ اندفاعا وتحمسا منهم، أو لقصور في البحث والاستدلال. · والاتجاه الآخر، وفيه تكون المعارف العلمية والاكتشافات الكونية التي تطابق ما في القرآن الكريم والسنة النبوية من الحقائق مازالت مجهولة ولم يتم اكتشافها بعد، فيقوم العلماء بالنظر في الإشارات والعبارات العلمية الواردة بالقرآن والسنة والانطلاق منها نحو الدراسات العلمية والبحوث التجريبية التي تقودهم إلى الاكتشافات، وهذا هو المقصود من مصطلح (أسلوب التطبيق) ؛ وذلك ليتماشى مع قول الله سبحانه وتعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (النحل 89) . وأعمال الإعجاز العلمي في اتجاه (أسلوب التطبيق) مازالت ضئيلة، وهى في حاجة إلى مزيد من الاهتمام من جانب هيئات وجمعيات ولجان الإعجاز العلمي بالتنسيق مع مراكز البحوث العلمية، وتوفير الإمكانات للعلماء والباحثين. والعمل "بأسلوب التطبيق" شاق، لكنه ضروري طالما أن هناك اقتناعا لدى علماء المسلمين بأن الآيات القرآنية والسنة النبوية بهما الكثير من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 الحقائق في شتى العلوم. ولقد أصبح من المفيد، بل ومن الواجب التوجه إليهما بالنظر والدراسة والبحث لاستكشاف ما بهما من حقائق لاشك أنها ستزود العلوم والتقنيات - النابعة من العقول العلمانية والفكر المادي المجرد من الإيمان بالله سبحانه وتعالى - اللتين ابتليت بهما الحضارة المعاصرة، من الحقائق العلمية التي تعين وتهدي إلى الدخول في الإسلام وبهذا يصبح "منهج الإعجاز العلمي بالأسلوب التطبيقي" مصدر خير للبشرية، كما أنه يحقق ثلاث فوائد مهمة هي: 1 - يصبح القرآن الكريم والسنة النبوية مصدراً للحقائق العلمية بضوابط أخلاقية ومقاصد إنسانية. 2 - لا يظل فهم آيات القرآن الكريم وما تتضمنه من الحقائق وفهم السنة النبوية والمعارف العلمية تابعاً على الدوام للمعارف التي يتحقق اكتشافها من خارج القرآن الكريم والسنة النبوية. 3 - يصبح الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية أكثر إشراقا وواقعية وإيجابية ومصداقية وعطاء. 4 - يصبح للعلماء مصدران لمعرفة الحقائق والسنن الكونية وهما: "الكون المسطور"، ويمثله القرآن الكريم والسنة النبوية، و"الكون المنظور" في الآفاق وفي الأنفس. · ولتوسيع مفهوم "أسلوب التطبيق"، فإننا ننظر إليه في أمور ثلاثة وهي: 1 - الانطلاق من الإشارات والعبارات العلمية في القرآن والسنة نحو اكتشافات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 جديدة غير معروفة: كالبحث في حديث الذبابة (1) لاكتشاف المواد الضارة والمواد الشافية، وكالبحث عن الصفات المعنوية للقلب على ضوء ما جاء في القرآن والأحاديث النبوية. 2 - الاستقصاء العلمي التجريبي لحقائق جرى التعرف على بعضها وقد طابقت القرآن والسنة، لكنها في حاجة إلى مزيد من البحوث: كأضرار لحم الخنزير، وكأضرار زواج الإخوة من الرضاعة، وكأثر الحبة السوداء في زيادة مناعة الجسم. 3 - ترجيح بعض الآراء العلمية حينما تتعارض كاستخدام الحجامة في العلاج، وكالأبحاث التي تناولت نوع الجنين ذكراً أو أنثى، فهناك أقوال بأن نوع الجنين يتحدد بالحيوانات المنوية من ماء الرجل، وأقوال بأنه يتحدد بماء الرجل وماء المرأة، وهو القول المقبول شرعا، والذي وردت فيه أحاديث نبوية (2) ، وعلى العلماء أن يرجحوا بالأحاديث النبوية أحد القولين، لكن بعد التأكد من دلالة الحديث أو فهمه فهما صحيحاً.   (1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء" رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه وجمع من المحدثين. (2) حديث ثوبان: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنَّث بإذن الله" أخرجه مسلم. وهذا الحديث وغيره يثبت أن مني الرجل ومني المرأة يشتركان في تحقيق الجنين وفي صفاته ومنها الإذكار والتأنيث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 الفصل الثانى: تقويم الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية توضيح 1 - عندما نقول "الإعجاز العلمي والطبي" أو أحدهما، كما هو وارد في دليل المحاور والموضوعات، فقد يفهم بعضهم أن الإعجاز الطبي خارج عن الإعجاز العلمي، وتحريرا للعبارة أقول: إن الإعجاز العلمي أعم وأشمل، ويدخل فيه الإعجاز الطبي. كما أرى تحاشي صيغة المقابلة وهي "أو أحدهما" التي تؤدي إلى الفهم السابق نفسه. 2 - عندما أقول "السنة النبوية" فإنني أقصد كل ما ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، حتى ولو كانت من الأمور المعروفة عند العرب، طالما أنها وردت في السنة النبوية. 3 - "التقويم" قد يكون بمعنى تقدير قيمة الشيء، وقد يكون بمعنى التعديل وإزالة العيوب. وأرى الأخذ بالمعنيين معا، حيث إن إزالة العيوب لا تتحقق إلا بتقدير قيمة الشيء ومعرفة ما به من اعوجاج. ولا يخفى أن "التقويم" موضوع في غاية الأهمية، وهو يحتاج إلى دوام النظر فيه وإلى دراسات موسعة، وذلك لمعرفة السلبيات في أعمال الإعجاز والعمل على تجنبها، ومعرفة الإيجابيات ومراعاتها والالتزام بها، مما يحقق نجاح تلك الأعمال على مستوى الثقافة والدعوة والتطبيق. "وبالتقويم" يتحقق وَضْعُ القواعد والضوابط التي يتوخَّاها المشتغلون بالإعجاز العلمي ويتحقق المنهج السليم الذي يجعل الإعجاز العلمي علما مستقراً ومستقلاً من علوم القرآن الكريم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 وعلوم السنة النبوية. ونعرض موضوعات الفصل الثاني فيما يلي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 أولاً: تقويم نصيب السنة النبوية في الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي والطبي لا يخفى أن نصيب السنة النبوية في أعمال الإعجاز العلمي مازال ضئيلا، وتنحصر الأعمال في الموضوعات الطبية إلى حد كبير، وحظها في باقى العلوم التجريبية قليل، والمطلوب هو زيادة الإقبال على دراسة الإعجاز العلمي في السنة النبوية حتى يأخذ مكانته، ويزداد نصيبه في جميع العلوم، ولا سيما أن السنة النبوية متصلة بكل أمور الحياة، وهى وافرة المعلومات، متنوعة الموضوعات، لذلك فالمتوقع أن تكون عامرة بالحقائق، زاخرة بموضوعات الإعجاز العلمي· ولترغيب العلماء في الإقبال على دراسة تلك الكنوز العلمية التي تمتلئ بها السنة النبوية ولتسهيل مهمتهم وتشجيعهم، أقترح ما يلي: 1 - الإكثار من تأليف المراجع التي تشتمل على الأحاديث النبوية ذات الدلالات العلمية، بحيث تصبح هذه الأحاديث مستقلة عن باقى الأحاديث النبوية، ولا تكون مفرقة في كتب الحديث؛ وبذلك يسهل على الباحثين في الإعجاز العلمي الرجوع إلى تلك المراجع والنظر في الأحاديث ودراستها، على أن تبوب الأحاديث حسب الموضوعات. وقد صدر كتاب عن الإعجاز العلمي في السنة النبوية يعد نموذجا للتأليف في هذا الفن (1) .   (1) "كتاب الإعجاز العلمي في السنة النبوية" – تأليف دكتور صالح بن أحمد رضا وسنتحدث عنه بالتفصيل في موضع "نماذج من كتب المراجع". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 2- إعادة النظر في العمل بالأحاديث الضعيفة في دراسة "الإعجاز العلمي في السنة النبوية". ولا يخفى أن كثرة ترديد مصطلح "الأحاديث الضعيفة" قد أوجد موقفا رافضا لدى المشتغلين بالإعجاز العلمي، فانصرفوا عن تلك الأحاديث. وهذه الأحاديث الضعيفة تحتوي على كثير من الموضوعات التي تصلح لأن تكون مادة علمية لدراسة الإعجاز العلمي؛ ولهذا فإن الانصراف عنها تسبب في نقص المصادر من السنة النبوية. فمثلا ماذا يكون موقف الدارسين للإعجاز العلمي في الطب النبوي من حديث "كلوا السفرجل على الريق فإنه يذهب وغر الصدر" (1) ، وحديث "لو عرف الناس ما في الحلبة لاشتروها بوزنها ذهبا" (2) . ماذا يكون موقف العلماء من هذه الأحاديث وأمثالها التي قيل إنها ضعيفة، وهل يعملون بها كما هو العمل بها في فضائل الأعمال؟ إننى أرجو من علماء الحديث الأفاضل أن ينظروا في هذه القضية على أن يصلوا إلى رأي فيه التيسير للعمل بالأحاديث الضعيفة في دراسات الإعجاز العلمي بالسنة النبوية، كما أنهم مطالبون بتأليف الكتب المشتملة على هذه الأحاديث الضعيفة ذات المدلولات العلمية، ومطالبون بإبداء الرأي بما يساعد على توسيع مصادر البحث في الإعجاز العلمي بالسنة النبوية، وبما يشجع العلماء   (1) انظر "كتاب الكشف الإلهي عن شديد الضعف والموضوع والواهي". (2) عزاه السيوطي في الدرر لابن عدي في حديث معاذ بن جبل، قال الزركشي "ضعيف"، انظر: المرجع السابق 604/ج20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 على الإقبال على الأحاديث الضعيفة لاستخراج ما فيها من الحقائق والتوصل إلى الاكتشافات. والعمل "بالأحاديث الضعيفة" في دراسة الإعجاز العلمي في السنة النبوية يأتي قياساً على العمل بها في فضائل الأعمال الذي يوافق عليه علماء الحديث على مر العصور. أما الأحاديث الموضوعة التي اختلقها الكذابون ونسبوها إلى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فهي مرفوضة رفضا باتاً، ولا يصلح العمل بها على الإطلاق. ولا يخفى أن استخراج الحقائق والمعارف العلمية من الأحاديث الضعيفة قد يصبح من عناصر تعزيزها، فيعاد النظر فيها لإخراجها من حالة الضعف. 3 - تحاشي تقسيم السنة النبوية إلى أمور شرعية من الوحي يعمل بها، واجتهادات شخصية ليست من الوحي، وعلينا أن ننظر إلى كل ما جاء في السنة النبوية بأنه حقائق وأمور صادقة صدرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، ولم يقل إلا حقاً. وقد تحدثنا عن ذلك في الفصل الأول. 4 - الإكثار من الندوات المخصصة لأبحاث الإعجاز العلمي في السنة النبوية، وإقامة المؤتمرات العالمية التي يغلب عليها هذه الأبحاث، أو تكون مقصورة عليها، وذلك على غرار "ندوة عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية"، وذلك بجانب الندوات والمؤتمرات العالمية التي تجمع الإعجازين معاً: إعجاز القرآن الكريم، وإعجاز السنة النبوية، وتكون فيها بحوث إعجاز القرآن الكريم هي الأكثر. 5 - لفت النظر وتأكيد أن الإعجاز العلمي في السنة النبوية أصبح من أهم المطالب الدينية في عصرنا الحاضر بعد أن أصبحت السنة النبوية مستهدفة بشراسة لا من قبل غير المسلمين فحسب، بل من داخل الأمة الإسلامية على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 يد نفر من الضالين الذين يرفعون شعار "القرآن وكفى" دون أن يدركوا خطورة مقولتهم هذه على عقيدتهم، من هنا جاءت خطورة تقسيم السنة النبوية إلى وحي واجتهادات شخصية، وهذه السلبيات هي من أسباب انخفاض نصيب أعمال الإعجاز العلمي في السنة النبوية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 ثانيا: عناصر تقويم الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية لقد اخترت عدة عناصر جعلتها مرجعا لتقويم أعمال الإعجاز العلمي في السنة النبوية ونذكرها فيما يلي: 1 - الالتزام بقواعد الاستشهاد بالأحاديث النبوية في حالة الاستدلال بالأحاديث النبوية يجب الالتزام بهذا العنصر المرتبط بالقواعد الواردة في علم الحديث وفي مقدمتها: تخريج الأحاديث والالتزام بلفظ الحديث. والأخذ بهذا العنصر المهم لم يصل إلى المستوى المطلوب في أعمال الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية، وبخاصة في الأعمال الثقافية، وفي ذلك يقول الدكتور أحمد الحارثي (1) في دراسته (2) : تبين من الدراسة أن كثيراً ممن يعملون في مجال الإعجاز العلمي في السنة النبوية أميون بأكثر مبادئ علم الحديث، والمطلوب نشر علم الحديث ومبادئه بين أكبر قدر ممكن من المثقفين، خاصة أصحاب التخصصات العصرية ... ولهذا أوصى الباحثين في الإعجاز العلمي بتتبع الأحاديث المستدل بها وتخريجها، وأوصى الكاتبين في   (1) أحمد بن حسن بن أحمد الحارثي. (2) موضوع الدراسة "الأحاديث النبوية التي استدل بها على الإعجاز العلمي في الإنسان والأرض والفلك". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 الإعجاز العلمي في السنة النبوية بالرجوع إلى شرح العلماء لتلك الأحاديث (1) . كما يقول الحارثي في مقدمة الدراسة: "بعض الكاتبين والمتحدثين في الإعجاز العلمي في السنة النبوية يستدلون بلفظ من ألفاظ الحديث وقد يكون غيره أولى، لكن لعدم درايتهم بالتخريج يقتصرون على ما وجدوه أمامهم" (2) ، وأسوأ مما قال الحارثي أن تذكر الأحاديث بالمعنى وليس بلفظها، وأن يكون سند الحديث غير صحيح. وحتى يتحرى المشتغلون بدراسة الإعجاز العلمي والطبي الدقة في الاستشهاد بالأحاديث، وحتى يتجنبوا الأخطاء، عليهم أن يرجعوا إلى علماء الحديث. 2 - التوثيق العلمي وهذا عنصر في غاية الأهمية، وهو يراعى في أعمال الإعجاز العلمي بدرجات متفاوتة، وأكثرها توثيقا الأعمال المقدمة إلى المؤتمرات العالمية للإعجاز العلمي، حيث يتقدم بها علماء متخصصون على قدر كبير من العلم والمعرفة، كما أن الكتب الثقافية في الإعجاز العلمي التي يؤلفها المتخصصون يكون توثيقها العلمي أكثر من التي يؤلفها غير المتخصصين. وحتى يتحقق التوثيق العلمي بصورة مرضية أنصح المشتغلين بالإعجاز العلمي من غير المتخصصين بالاستعانة بأصحاب التخصصات أو الرجوع إلى المراجع العلمية الحديثة عند القيام بتأليف تلك الكتب الثقافية، كما أقترح إقامة "قاعدة معلومات" تكون مزودة بمختلف الموضوعات العلمية وبأحدث المعلومات في   (1) المرجع السابق ص 340-341. (2) المرجع السابق ص3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 كل موضوع علمي، على أن تشرف عليها "الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة" بمكة المكرمة بوصفها المؤسسة الأم. ويراعى سهولة التعامل مع قاعدة المعلومات لكل المشتغلين بدراسات الإعجاز العلمي. 3 - سلامة الاستدلال وهذا يتطلب معرفة واعية بالسنة النبوية، ومراعاة التطابق التام بين الأحاديث وما يتصل بها من الموضوعات العلمية. وقد يكون ثمة تعسف في بعض أعمال الإعجاز العلمي في الاستدلال بتطويع مفهوم نصوص الأحاديث لكي: توافق ما جاءت به العلوم والاكتشافات، ويحدث ذلك عند الحماس والاندفاع من جانب بعض من يقومون بهذه الأعمال، أو عندما تكون المعاني غامضة عليهم، والأمر يتطلب الاعتدال في التوجه نحو دراسة الإعجاز العلمي، والتدقيق والتمحيص، كما يتطلب الرجوع إلى علماء اللغة وعلماء السنة النبوية. 4 - المنهج نظرا لعدم استكمال القواعد والضوابط والاتفاق عليها فإن المنهج العلمي غير واضح، وستظل أعمال الإعجاز العلمي خاضعة لوجهات نظر مختلفة إلى أن يتم وضع المنهج، وقد ظهرت الحاجة إليه نظرا لكثرة المشتغلين بالإعجاز العلمي والإقبال عليه. · أسلوب التطبيق وأسلوب المطابقة هذا عنصر مهم، وقد سبق الحديث عن مفهوم مصطلح أسلوب التطبيق، وهو عنصر يعطي لأعمال الإعجاز العلمي أصالة ومصداقية ودواماً، والأعمال ما زالت تفتقر إلى هذا العنصر، ويتبع معظمها حتى الآن "أسلوب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 المطابقة"، الذي سبق الحديث عنه، والذي تظل به أعمال الإعجاز العلمي محسوبة على المعارف والاكتشافات العلمية التي تأتي من خارج الأحاديث وليس انطلاقا منها. ويتطلب الأمر الاهتمام بالأخذ بأسلوب التطبيق، وذلك بترغيب العلماء ومساعدتهم على القيام بأبحاثهم ودراساتهم في الإعجاز العلمي وفق هذا الأسلوب. ولا يخفى أن أعمال الإعجاز العلمي في السنة النبوية التي يتوافر لها أسلوب التطبيق، تكون أفضل من التي تخضع لأسلوب المطابقة التي تمثل الغالبية من دراسات الإعجاز العلمي في الوقت الحاضر. والأعمال التي تخضع "لأسلوب المطابقة" تتفاوت في مستواها العلمي حسب القدرات العلمية للقائمين على هذه الأعمال. وقد تكون "المطابقة جزئية"، حينما يكتفى بذكر بعض المعارف العلمية التي تتطابق مع مدلول الآية القرآنية أو الحديث النبوي وما فيهما من إشارات علمية، وقد تكون "المطابقة استقصائية"، وذلك حين تذكر كل المعارف العلمية، ولا يخفى أن الأعمال التي تخضع للمطابقة الاستقصائية تكون أفضل من الأخرى، وأرى في مقالات الدكتور زغلول النجار عن الإعجاز العلمي بالقرآن المنشورة بجريدة "الأهرام" نموذجا للأعمال الثقافية التي تخضع لأسلوب المطابقة الاستقصائية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 ثالثا: صنوف الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية وتقويمها أعمال الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية، رغم قلتها وتركيزها على الموضوعات الطبية واتجاهها إلى "أسلوب المطابقة"، قد اشتملت على جميع أوجه النشاط الفكري والثقافي مما أوجد تنوعاً لهذه الأعمال التي نقوم بتصنيفها وتقويمها فيما يلي: 1 - أعمال ثقافية وهى الأعمال التي يقصد بها نشر ثقافة الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية، وهى ما بين كتيبات وكتب وكتابات في الصحف وأحاديث إذاعية وتليفزيونية ومحاضرات. والقائمون بهذه الأعمال ما بين متخصصين وغير متخصصين؛ لهذا تكون الأعمال متفاوتة في الأخذ بعناصر التقويم السابق ذكرها، وبالتالي تكون متفاوتة في الجودة. وقد يكون الكتاب مقصوراً على موضوعات في علم واحد (1) ، وقد يتناول موضوعات في علوم مختلفة بإيجاز (2) ، وقد يكون بشكل موسوعات (3) . وقد يكون الكتاب مقصوراً على الإعجاز العلمي في السنة النبوية فحسب، وقد يجمع بين الموضوعات المشتركة في الإعجاز العلمي للقرآن الكريم وللسنة   (1) الحديث النبوي وعلم النفس – تأليف دكتور محمد عثمان نجاتي. (2) كتاب الإعجاز العلمي الإسلامي (السنة) – محمد كامل عبد الصمد. (3) موسوعة الإعجاز العلمي في الحديث النبوي (الجزء الأول) دكتور أحمد شوقي إبراهيم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 النبوية (1) . ويغلب على هذه الأعمال الثقافية تبسيط المادة العلمية كما يوجد بها تقصير في توثيق الأحاديث النبوية أحيانا. ويمكن تلافي السلبيات وذلك بإشراف المتخصصين على هذه الأعمال الثقافية، وبالاستعانة بالمراجع العلمية الحديثة وعدم الاكتفاء بالمعلومات العامة أو الاعتماد على ما في الذاكرة من معارف، كما يلزم الرجوع إلى علماء السنة فيما يتعلق بالأحاديث النبوية. والسلبيات التي ذكرناها لا تقلل من قيمة الأعمال الثقافية في تقديم ثقافة الإعجاز العلمي، ولقد راجت هذه الأعمال ووجدت القبول والإقبال، واهتمت بها وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وحققت الغرض وهو التعريف الواسع بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ونشر تلك الحقيقة بين عامة المسلمين على مختلف المستويات الثقافية. ويا حبذا أن تنتقل أعمال الإعجاز العلمي الثقافية إلى المساجد، وقام الأئمة والدعاة بتناول موضوعاتها في خطبهم ودروسهم الدينية، وانتقلت أيضا إلى مناهج التعليم. ولتحسين مستوى أعمال الإعجاز العلمي الثقافية - كما قلنا من قبل - يجب على القائمين بها مراعاة التوثيق العلمي، وسلامة الاستدلال بالأحاديث النبوية والالتزام بمنهج دراسة الإعجاز العلمي. وننوه بأن كثيراً من هذه الأعمال الثقافية يقوم بها الأفراد، ومما تقدم نلمس الجهد الكبير الذي يقومون به في التعريف بقضية الإعجاز العلمي. ومن أفضل أعمال الإعجاز العلمي الثقافية على مستوى الجهود الفردية ما نشاهده في   (1) رحلة الإيمان في جسم الإنسان – دكتور حامد محمد جمال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 السنوات الأخيرة على الساحة الثقافية (1) . 2 - هيئات الإعجاز العلمي ولجانه هذه هي الجهات المسؤولة عن أعمال الإعجاز العلمي بشكل جماعي، وقد حقق بعضها نجاحا كبيرا، وهى تعمل على محوري الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، وهذا أمر مطلوب لأن القرآن والسنة لا ينفصلان عن بعضهما في الخطاب الديني في عقيدة المسلم. ومن أبرز تلك الجهات التي تتولى حركة الإعجاز أذكر الآتي: 1 - "هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة"، وهي أول هيئة علمية ذات شخصية مستقلة، مهمتها تحمل مسؤولية الكشف عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ومباشرة أعماله بكل أشكالها. تأسست الهيئة منذ عشرين عاماً تقريباً، وباشرت نشاطها منذ اللحظة الأولى وعلى نطاق واسع محلياً وعالمياً، فأقامت الكثير من الندوات والمؤتمرات داخل المملكة العربية السعودية وخارجها وعلى المستوى العالمي، ونشرت الدراسات والأبحاث مكتوبة ومسموعة ومرئية. وكان لها الجهد الأكبر في البزوغ والتعريف بالإعجاز العلمي للقرآن والسنة، وفي رواجه والإقبال عليه في بلدان العالم الإسلامي وعلى المستوى العالمي. وأقرر بأن حركة الاهتمام والبحث والدراسة في الإعجاز العلمي بالقرآن والسنة التي نشاهدها الآن، إنما يرجع   (1) على سبيل المثال ما قدمه ويقدمه: دكتور زغلول النجار والدكتور أحمد شوقي إبراهيم, والمرحوم الدكتور منصور حسب النبي, والدكتور كارم غنيم, والشيخ عبد المجيد الزنداني, والدكتور محمد على البار, وآخرون كثيرون في بلدان العالم الإسلامي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 ظهورها إلى هيئة الإعجاز العلمي بالقرآن والسنة بمكة المكرمة التي أصبحت حالياً هيئة عالمية. 2 - "جمعية الإعجاز العلمي للقرآن والسنة" بمصر، تأسست عام 1409هـ، وتضم نخبة من العلماء في جميع التخصصات. وهى من أنشط الهيئات المعنية بالإعجاز العلمي بمصر، وبعض نشاطها يتمثل فيما يلى: - عقد الندوات وإلقاء المحاضرات من قبل كبار العلماء في مختلف التخصصات. - إجراء المسابقات حول موضوعات الإعجاز العلمي بالقرآن والسنة مع رصد جوائز لها. - إصدار سلسلة بعنوان "كتاب الإعجاز في القرآن والسنة" تحتوى على موضوعات في مختلف العلوم من منظور الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. 3 - "لجنة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة" بمصر: وهى من لجان "المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية" التابعة لوزارة الأوقاف المصرية، وتألفت اللجنة بقرار من وزير الأوقاف منذ ما يقرب من خمس سنوات، وتقوم حالياً بالتفسير العلمي لآيات القرآن الكريم ذات الدلالات العلمية، ضمن "تفسير المنتخب" الصادر عن المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وتقوم بنشر الكتب الثقافية. 4 - "لجنة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة" وهى تابعة لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وهى تقوم بإصدار سلسلة من الكتب عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة· وبإلقاء المحاضرات. 5 - "المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت": ويقوم نشاطها أساسا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 على تقديم البحوث الطبية من منظور إسلامي، والاهتمام بالقضايا الطبية على ضوء الشريعة الإسلامية، كما تقوم بعقد الندوات والمؤتمرات العالمية للطب الإسلامي، إلا أنها تهتم بأعمال الإعجاز الطبي في القرآن والسنة، ولها أثر كبير في تنشيط الأبحاث والدراسات المتعلقة بذلك.. هذه أبرز الجهات التي تتولى أعمال الإعجاز العلمي والموجودة في المملكة العربية السعودية ومصر والكويت. والمطلوب زيادة التنسيق والتعاون بينها، والمشاركة في الأعمال الإستراتيجية الخاصة بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة وفي مقدمتها: إنشاء قاعدة المعلومات التي تخدم المشتغلين بالإعجاز العلمي، وتنشيط الدراسات والبحوث العلمية والتجريبية التي تنطلق من القرآن الكريم والسنة النبوية حسب " أسلوب التطبيق" ووضع منهج لدراسة الإعجاز العلمي، وتبادل الدراسات والمؤلفات، والمشاركة في المؤتمرات العالمية للإعجاز العلمي وتنشيط الأطروحات. 3 - مؤتمرات الإعجاز العلمي والندوات والمحاضرات وهذه الأنشطة هي من أهم أعمال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، حيث يشارك فيها نخبة من العلماء المحليين والعالميين في مختلف التخصصات، ويقدمون الدراسات والأبحاث ذات المستوى العلمي الجيد. وهم يبذلون الجهد في إعداد أعمالهم المشتملة على المادة العلمية الصحيحة وعلى أحدث المعلومات، ولهذا فإن هذه الأنشطة العلمية ذات المستوى العلمي المتميز تعدُّ منابر مهمة للتعريف بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وتقديمه بشكل موضوعي يناسب العلماء والنخبة من المثقفين، ونشير إلى بعض هذه الأنشطة فيما يلي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 1 - "المؤتمر الطبي السعودي الثامن" المنعقد في الرياض سنة 1983م، وكانت به ندوة ناجحة جداً للإعجاز العلمي والطبي في القرآن والسنة، حضرها بعض مشاهير العلماء العالميين، وكان لأبحاثهم صدى طيب في الأوساط العلمية، كما حظيت باهتمام إعلامي واسع. 2 - "المؤتمر الإسلامي الدولى عن الإعجاز الطبي في القرآن والسنة" المنعقد بالقاهرة سنة 1985م، وأشرف على تنظيمه الجمعية الطبية المصرية مع جامعة الأزهر، وكان له صدى إعلامي بوصفه أول مؤتمر عالمي عن الإعجاز الطبي في القرآن والسنة، وقدم فيه العلماء أبحاثا جيدة. 3 - "المؤتمر الدولي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة" المنعقد في إسلام آباد - باكستان (18 - 21 أكتوبر سنة 1987م) وقامت المنظمة بالتنسيق مع رابطة العالم الإسلامي والجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد. وكان من أنجح مؤتمرات الإعجاز العلمي، واشترك فيه مائتان وثمانية وعشرون عالماً من مختلف التخصصات العلمية والشرعية، منتمين إلى اثنتين وخمسين دولة· وحظى باهتمام إعلامي واسع. 4 - "المؤتمر الثاني للإعجاز الطبي في القرآن والسنة" المنعقد بالقاهرة (10 - 13 ربيع الآخر سنة 1409هـ) ، وكان مؤتمراً عالمياً، حضره لفيف من العلماء العالميين، واهتمت به أجهزة الإعلام المصرية· وعُرِضت فيه بحوث جيدة. 5 - "مؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن والسنة" المنعقد في داكار بالسنغال (1 - 2 محرم سنة 1412هـ) تحت إشراف هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة بمكة المكرمة، وهو من المؤتمرات العالمية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 6 - "المؤتمر العالمي الخامس للإعجاز العلمي بالقرآن والسنة" المنعقد بموسكو (3 - 6 سبتمبر سنة 1993م) تحت إشراف هيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة، وبالتعاون مع أكاديمية العلوم الطبية والمركز الإسلامي الثقافي بروسيا. وأقيم المؤتمر بقاعة "فونت جورباتشوف"، وهى من أكبر قاعات المؤتمرات بموسكو، وتابعت وسائل الإعلام الروسية والأجنبية وقائع المؤتمر، وشاركت في توفية جميع جلساته. وقدمت في المؤتمر أبحاث علمية عالية المستوى، وصدرت عنه توصيات مهمة، وكان بحق من أنجح مؤتمرات الإعجاز العلمي العالمية، وسوف نتحدث عنه بشيء من التفصيل، ونقوم بتقويمه عندما نعرض نماذج من أعمال الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية، وذلك نظراً لأهميته. 7 - "ندوة علوم الأرض": تحت إشراف هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة بمكة المكرمة، وذلك بالاشتراك مع جامعة الملك عبد العزيز بجدة (ربيع الأول سنة 1407هـ) ، وهي ندوة متخصصة، والأبحاث المقدمة فيها ذات قيمة علمية - شأنها في ذلك شأن الندوات العلمية المتخصصة - مما يساعد على تأكيد حقيقة الإعجاز العلمي بين العلماء، ولا سيما المتخصصين في علوم الأرض. 8 - "ندوة عن الفلك والفيزياء" في مكة المكرمة عام 1989م، وهى أيضا من الندوات المتخصصة التي تناولت الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. 9 - "ندوة عن الإعجاز الطبي في الصوم" بالرياض سنة 1410هـ تحت إشراف هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة بمكة المكرمة بالاشتراك مع كلية الطب بجامعة الملك سعود، وهى ندوة متخصصة وذات قيمة علمية في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 موضوع الصوم. هذه بعض المؤتمرات العالمية والندوات التي جرى انعقادها، وكان لها أثر كبير في التعريف بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة. أما المحاضرات فهي كثيرة، وفي كل أنحاء العالم، خاصة في مصر والسعودية والكويت، والمطلوب رصدها والإكثار منها بوصفها خطابا للدعوة الإسلامية بلغة العصر، والقيام بها سهل وغير مكلف، لكنها تحتاج إلى حسن اختيار المحاضرين وإلى الإعداد الجيد للموضوعات المطروحة حتى تنال اقتناع وقبول الحاضرين. هذه المحاضرات والمؤتمرات والندوات - كما قلنا - كان لها الأثر العظيم في التعريف بالإعجاز العلمي وفي تنشيط الأبحاث والدراسات ذات المستوى العلمي الجيد، التي يتقدم بها العلماء في مختلف التخصصات، كما أنها تحظى على الدوام باهتمام وسائل الإعلام في البلدان التي تنعقد فيها، كما أن الأبحاث التي تقدم فيها تشمل مجموعة من الدراسات العلمية ذات القيمة المرجعية المهمة لمن يريدون التعرف على الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. كما أن الندوات المتخصصة ذات قيمة علمية تتمثل في حضور عدد كبير من العلماء في تخصص علمي مشترك، فتأتى أبحاثهم على مستوى علمي متميز، وذلك بجانب المناقشات الجادة التي تجرى بينهم حول تلك الأبحاث بحكم تخصصهم المشترك، وهذا يعمق التعرف على جوانب الإعجاز العلمي ويؤكد مصداقيته، ولهذا أرى الإكثار من ندوات الإعجاز العلمي المتخصصة في علم واحد أو في موضوع علمي واحد كما حدث في ندوة "علوم الأرض"، و"ندوة الصوم". ويلاحظ أن نصيب الإعجاز العلمي في السنة النبوية في أعمال المؤتمرات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 والندوات والمحاضرات مازال قليلاً، ونرى زيادة الاهتمام به والإكثار من الأبحاث حوله، كما أن "أسلوب المطابقة" يغلب على "أسلوب التطبيق" في الأبحاث والدراسات، والمطلوب مراعاة الأسلوب الأخير والاهتمام به. أما القصور في الجانب المتعلق بتوثيق الأحاديث، فأرى أن يكون ذلك من عمل اللجان التي تقوم بتسلم البحوث المقدمة، وذلك بإحالتها على فريق من علماء السنة ليقوموا بالتوثيق. 4 - أعمال جامعية وهي مازالت في بدايتها، ومن المتوقع الإقبال عليها بعد أن نال الإعجاز العلمي شهرة، وصارت له منابر، وتناولته أبحاث ودراسات ذات قيمة علمية. والمطلوب اهتمام الهيئات المسؤولة عن الإعجاز العلمي بالتنسيق مع الجامعات والقيام بترغيب أعضاء هيئات التدريس بالجامعات والعاملين بمراكز البحوث في إعداد الأطروحات الجامعية، التي تحقق للإعجاز العلمي المستوى اللائق به بين العلماء والمثقفين، وسوف نتحدث عن نماذج من الأعمال الجامعية في موضع آخر (1) ، ويؤخذ على الأعمال الجامعية في الإعجاز العلمي القصور في الإشراف المشترك، بمعنى أن الأطروحات التي تقدم بالكليات الشرعية تكون مقصورة في الغالب على إشراف أساتذة هذه الكليات، ولا يشاركهم أساتذة متخصصون يشرفون على الجانب العلمي، ولهذا يكون التوثيق العلمي بهذه الأطروحات دون المستوى المطلوب، فتأتي المعلومات العلمية ناقصة أو قديمة أو فيها أخطاء علمية غير مقبولة.   (1) انظر نماذج من أعمال الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية وتقويمها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 وهذا يؤدي إلى انخفاض المستوى العلمي مما يؤدي إلى التشكيك في مصداقية الإعجاز العلمي بسبب تلك الأطروحات غير الموثقة علميا، وبالمثل فإن الأطروحات التي تقدم إلى الكليات التطبيقية لا يشارك فيها علماء السنة، وبذلك تأتى الرسائل وفيها قصور شديد في الأخذ بقواعد الاستشهاد بالأحاديث النبوية وعدم سلامة الاستدلال، لهذا كان من الضروري وجود إشراف مشترك من المتخصصين ومن علماء الحديث، على الأطروحات الجامعية في الكليات الشرعية والكليات التطبيقية. 5 - الأعمال بأسلوب التطبيق وهي قليلة وتحتاج إلى مزيد من الاهتمام، وسوف نتحدث عن نماذج منها في موضع آخر، والأعمال "بأسلوب التطبيق" قريبة المنال، والقيام بها ليس بالعسير إذا ما اهتمت هيئات الإعجاز العلمي بذلك، وقامت بالتنسيق مع مراكز البحث العلمي في هذا الأمر، وقامت بترغيب العلماء وساعدتهم على البحث والاكتشاف بالدعم المادي وبالمراجع التي تعينهم على اختيار موضوعات البحث، وإذا ما أقبل العلماء على تلك الأعمال بإيمان وقناعة بالإعجاز العلمي. 6 - الأعمال بأسلوب المطابقة وقد شرحت من قبل معنى "أسلوب المطابقة" وفيه يجرى البحث في حقائق الإعجاز العلمي على ضوء الاكتشافات العلمية التي تم التعرف عليها من قبل، وذكرت أن معظم الموضوعات في الإعجاز العلمي تخضع لهذا الأسلوب، ولا بأس في ذلك بحيث تكون هناك مطابقة بين المعارف العلمية وبين المعنى الذي تفيده الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ولا يكون هناك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 تعسف في الاستدلال، وتتفاوت الأعمال التي تأخذ بأسلوب المطابقة في التوثيق العلمي - حسب القائمين بهذه الأعمال - فإذا كانوا من المتخصصين أو من يهتمون بالاستعانة بالمراجع ذات القيمة العلمية، فإن أعمال الإعجاز العلمي تكون جيدة من حيث التوثيق العلمي والمطابقة والعكس صحيح. ويلاحظ أنه في أعمال الإعجاز العلمي التي ترتبط بالمعارف غير المستقرة والاحتمالية والتي ليست قطعية، فإن أسلوب المطابقة يؤدي إلى استدلالات ظنية، وعلى المشتغلين بهذه الأعمال أن ينتبهوا لذلك، وأن يطمئنوا إلى أن نصوص الآيات القرآنية والأحاديث النبوية قادرة على استيعاب المتغيرات العلمية. فمثلا عندما يقرؤون قول الله سبحانه وتعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} (الطلاق12) ويطالعون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين" فإنهم يطبقون تلك النصوص على الأبحاث الفلكية التي تميل إلى أن (الأرضين السبع) كلها في الأرض، وهى الطبقات السبع التي تتكون منها الأرض. وقد تأتى البحوث الفلكية في المستقبل لتوضح النص القرآنى "ومن الأرض مثلهن"، والنص الحديثي "سبع أرضين" على نحو علمي آخر، لكنه يطابق تلك النصوص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 رابعا: نماذج من الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي الطبي في السنة النبوية وتقويمها نقدم نماذج من مصنفات أعمال الإعجاز العلمي السابق ذكرها، ونتحدث عنها بشىء من التفصيل، وذلك فيما يلى: 1 - نماذج من الأعمال الثقافية وتقويمها 1 - "كتاب الطب النبوي" (1) : ومؤلفه من أشهر أطباء الجهاز الهضمي بمصر، لهذا فقد جاء الكتاب رغم صغر حجمه عامراً بالمعلومات الطبية في التخصص الذي برع فيه مؤلف الكتاب. ويصلح الكتاب لأن يكون المنهج النبوي للوقاية من أمراض الجهاز الهضمي، وذلك لأن المؤلف من المتخصصين فيها. وهذا يؤكد أهمية التأليف في موضوعات الإعجاز العلمي والطبي عن طريق العلماء المتخصصين. ويقول المؤلف في كتابه "ومما يعمق إيمان الطبيب بإعجاز الطب النبوي أن كل ما وصل إليه الطب الحديث في علاج مرض الكبد ومرض الجهاز الهضمي ابتداء من المعدة إلى القولون - حتى هذه السنوات الأخيرة التي نعيشها - قد سبقه إليها الطب النبوي، لذلك فقد بدأت أعالج مرضاي من خلال هَدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) .أ. هـ. والمأخذ الوحيد على الكتاب عدم التزام المؤلف بتوثيق الأحاديث حسب قواعد علم الحديث، ونلتمس له العذر طالما   (1) صادر عن مؤسسة أخبار اليوم بالقاهرة, ومؤلفه الأستاذ الدكتور "على مؤنس" الذي جاءت شهرته على أنه من المتخصصين في أمراض الجهاز الهضمي. (2) الطب النبوي ص2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 أنه التزم بالنص، ويمكن تلافي القصور في هذه الكتب الثقافية بمراجعة علماء الحديث لها. 2 - كتاب "أحاديث معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم التي ظهرت في زماننا" تأليف أ. د. عبد المهدي عبد القادر، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين. الناشر: مكتبة الإيمان بمصر. يعد الكتاب نموذجا للأعمال الجادة التي تناولت الإعجاز العلمي في السنة النبوية، وترجع أهمية الكتاب إلى عدة أمور: الأمر الأول: تناول الكتاب دراسة الإعجاز العلمي في السنة النبوية من جانب مهم يدخل في باب "النبوءات في العلوم الإنسانية". وهو باب انصرف عنه الدارسون بالانشغال بدراسة وجوه الإعجاز الكوني والطبي. وبهذا يصبح الكتاب نادرا في موضوعه، مهماً في فنه، محققا مقاصده الإنسانية في مجالات التربية والاجتماع والتاريخ ... إلخ. الأمر الثاني: وفرة الأحاديث النبوية التي حرص المؤلف على تخريجها، وبيان حالها، وتوضيح معانيها، وشرحها شرحا موضوعيا لإبراز الأمر الذي يعالجه كل حديث بوضوح تام، وبهذا يرقى الكتاب إلى مستوى الأعمال المرجعية للأحاديث التي تتعلق بالعلوم الإنسانية، ولهذا فإنني أطالب باتخاذه نموذجا يقتدى به في الدراسات والمؤلفات التي تتناول الإعجاز العلمي في السنة النبوية في مجال العلوم الإنسانية. الأمر الثالث: يتبع الكتاب في دراسته للإعجاز العلمي بالسنة النبوية "أسلوب التطبيق" الذي تحدثنا عنه من قبل، وذلك بتقديمه المنهج التربوي الذي تحتاجه البشرية بعامة، والأمة الإسلامية بخاصة، والذي تظهر جوانبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 عصرا بعد عصر، مما يقتضى النظر في الأحاديث واكتشاف وجوه الإعجاز فيها وتطبيق ما بها من التوجيهات في مختلف المجالات. · ومن الأحاديث النبوية الواردة بالكتاب (في الجزأين) والتي تحمل دلائل الإعجاز العلمي تلك الأحاديث التي أخبر بها النبي صلوات الله وسلامه عليه عن الفتوحات الإسلامية، وما أخبر به بمدة الخلافة، وظهور منكري السنة، وغربة الإسلام، والإخبار عن الإقبال على الدنيا وترك الجهاد، والإخبار بظهور المتبرجات والإخبار بكثرة الفتن، والإخبار عن تسمية الخمر بغير اسمها، والإخبار عن شيوع الربا، والإخبار باجتماع الأمم على المسلمين، والإخبار بالقتال بين المسلمين واليهود، والإخبار بتقليد الكفار. هذه الأحاديث وغيرها الواردة في الكتاب وما تظهره من الأخبار التي تقع على مر العصور تؤكد الإعجاز العلمي في السنة النبوية. 3 - "كتاب الإصابة في حديث الذبابة" (1) : والكتاب نموذج جيد للمؤلفات الثقافية ذات الطابع البحثي، وهو يناسب القارئ المثقف غير المتخصص. كما يناسب المتخصصين سواء كانوا من المشتغلين بالبحوث الطبية أو كانوا من علماء الحديث. وركز المؤلف على "حديث الذبابة" الذي يثير اعتراضاً شديداً من أصحاب الفكر العلماني، وجدلاً شديداً بين المسلمين. يقول عليه الصلاة والسلام: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم   (1) الكتاب صادر عن دار القبلة للثقافة الإسلامية – ومؤلفه الدكتور "خليل إبراهيم خاطر. من علماء الحديث" الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 ليطرحه فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء" رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد وأبو عبيد وأبو يعلى وابن خزيمة وجمع من المحدثين. والحديث عن أبى هريرة وأبى سعيد الخدري وأنس بن مالك وعلى ابن أبي طالب رضي الله عنهم. قام المؤلف بدراسة الحديث النبوي دراسة وافية من حيث السند والمتن، وأجاد في تخريجه للأحاديث، وتحدث عن بعض الاكتشافات الحديثة التي تتعلق بوضع الحديث وما فيه من دلالات الإعجاز الطبي. ويعد الكتاب نموذجا جيداً لمن يريد أن يقدم مؤلفا عن الأحاديث النبوية ذات الدلالات العلمية، ولا سيما تلك الأحاديث التي يثير موضوع المتن فيها جدلاً علمياً لتعارضه مع المعارف العلمية المتاحة لدى العلماء. وبالدراسة الجيدة للأحاديث وتوثيقها كما فعل مؤلف كتاب "الإصابة في حديث الذبابة"، تزداد ثقة المسلمين بهذه الأحاديث، رغم تعارضها مع المعارف العلمية ظاهراً، ويتمسكون بها وينشط أهل الاختصاص في القيام بدراستها من الناحية العلمية والتجريبية على ضوء ما فيها من دلالات وإرشادات علمية. وهناك أعمال ثقافية أخرى جيدة تصلح كنماذج ولا يتسع المقام لذكرها (1) .   (1) منها كتاب التداوي بالأعشاب والطب النبوي تأليف الدكتور عبد الباسط محمد سيد: وهو كتاب ثقافي جمع بين المادة العلمية الجيدة وسلامة الاستشهاد بالأحاديث النبوية وتخريجها, وقد جعل " الفصل السابع" من الكتاب خاصا بالأحاديث النبوية الواردة بالكتاب على شكل جدول ذكر فيه نص الحديث وتخريجه, وبوب الأحاديث تبويبا موضوعيا, هذا بالإضافة إلى ذكر الأحاديث مع كل بحث يكون له ارتباط بهذه الأحاديث, وبهذا يكون الكتاب متميزا في توثيقه العلمي وتوثيقه الحديثي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 2 - نماذج من الأعمال الجامعية وتقويمها 1 - "أطروحة ماجستير عنوانها: الطرق غير التقليدية لعلاج الألم المزمن" (1) . Non-Traditional methods for management of chronic pain، وقد أفردت الباحثة في الأطروحة بابا للطب النبوي في علاج الآلام ذكرت فيه عدة وسائل للعلاج منها: الصلاة - الحجامة - الكي - عصابة الرأس - الركض والاغتسال بالماء البارد - الحناء - الحبة السوداء - عسل النحل. وتطالب الباحثة بضرورة القيام بدراسات علمية تجريبية لكل ما ذكرته من علاجات الطب النبوي للوصول إلى أسلوب علاجي يقوم على التقنيات الحديثة مع الاحتفاظ بجوهر العلاج النبوي. والرسالة من أوائل أعمال الإعجاز العلمي في الطب على المستوى العلمي كأطروحة جامعية. وترجع أهميتها إلى أمرين: الأمر الأول: كونها رسالة جامعية توافرت لها شروط البحث العلمي، وفي ذلك تشجيع على القيام بمثل هذه الرسائل الجامعية. الأمر الثاني: هذا العمل أسلوب جيد لتقديم أعمال الإعجاز العلمي من خلال الدراسات العلمية والتجريبية "بأسلوب التطبيق"، وبذلك تتاح الفرص أمام هذا الأسلوب في دراسة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة النبوية. والمطلوب الإكثار من هذا النوع من أعمال الإعجاز العلمي. ويؤخذ على الأطروحة قصورها في الجانب التجريبي، كما يؤخذ عليها قصورها في   (1) إعداد الطالبة " فاطمة هاشم عاشور" تحت إشراف الأستاذ الدكتور فتحي نصر – كلية طب الأسنان – جامعة الأزهر سنة 1994م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 توثيق الأحاديث، لهذا أرى ضرورة مشاركة علماء الحديث في الإشراف على أمثال هذه الأطروحة الجامعية ليتولوا توجيه الباحثين إلى الاستدلال بالأحاديث بطريقة سليمة. 2 - أطروحة ماجستير بعنوان "الأحاديث النبوية التي استدل بها على الإعجاز العلمي في الإنسان والأرض والفلك" (1) : وترجع أهمية الأطروحة إلى الأمور التالية: الأمر الأول: من أوائل الرسائل الجامعية في الإعجاز العلمي بالسنة النبوية، مما يشجع على القيام بمثل هذه الأعمال ذات المستوى العلمي في دراسة الإعجاز العلمي، وثمة مشاركة جادة من قبل علماء الحديث مع المتخصصين في سائر العلوم، ويحدث تحرك نحو تقديم الإعجاز العلمي على أعلى المستويات العلمية الجامعية. الأمر الثاني: تقديم منهج منضبط للاستدلال بالأحاديث النبوية، يستفيد منه كل من يقومون بدراسة الإعجاز العلمي في السنة النبوية، وقد ذكره صاحب الأطروحة في مقدمة رسالته، ونشير إلى بعضه فيما يلي: "تخريج الحديث مع ذكر الطرق والشواهد واختلاف الألفاظ -ذكر اسم الصحابى راوى الحديث وتخريجه عن طريق هذ الصحابى، وتخريج غيره من أحاديث الصحابة إن كانت في الموضوع نفسه- التنبيه على اختلاف الألفاظ إن كان له أثر في الاستدلال".   (1) إعداد الطالب أحمد بن حسن بن أحمد الحارثي: - تحت إشراف فضيلة الأستاذ الدكتور " محمد ضياء الدين الأعظمي – كلية الحديث – الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1413?. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 الأمر الثالث: الدراسة الفاحصة لأوجه الاستدلال بالأحاديث مع ترجيح من هو أحسن بيانا للاستدلال بالحديث، والتعليق على بعض الاستدلالات التي يوجد فيها تعسف، أو تكون خارجة عن مدلول الحديث. وبهذا تكون الرسالة قد عرضت الإعجاز العلمي بمنهجية سليمة. وهي بحق تعد نموذجا يقتدى به في دراسات الإعجاز العلمي في السنة النبوية، ولا سيما في الرسائل الجامعية. 3 - نماذج من كتب المراجع وتقويمها وأقصد بها الكتب ذات القيمة المرجعية والتي هي على مستوى المعاجم ودوائر المعارف، ويحتاجها من يشتغلون بدراسات الإعجاز العلمي في السنة النبوية، ويريدون معرفة الأحاديث ذات الدلالات العلمية، وتكون مبوبة بطريقة موضوعية، وبها من المعلومات ما يعين على الاستدلال بالأحاديث. وليس أمامي حسب ما ذكرت سوى كتاب واحد وهو "كتاب الإعجاز العلمي في السنة النبوية" (1) ، ويقع الكتاب في مجلدين، وعدد صفحاته (1560) صفحة. وترجع أهمية الكتاب إلى ما يلي: 1 - يحتوى الكتاب على قدر كبير من الأحاديث النبوية ذات الدلالات العلمية، هي مرتبة حسب الموضوعات في العلوم التطبيقية والعلوم الإنسانية، فهو بحق موسوعة ضخمة للأحاديث النبوية ذات الدلالات العلمية. 2 - تخريج الأحاديث التي بلغت حوالي (900) حديث، فهو يغنى عن   (1) مؤلف الكتاب هو " الدكتور صالح بن أحمد رضا" أستاذ الحديث وعلومه, وصدر الكتاب عن "مكتبة العبيكان" بالرياض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 الرجوع إلى كتب الحديث لتخريج هذه الأحاديث، وفي ذلك تيسير على الباحثين في الإعجاز العلمي بالسنة النبوية. 3 - وجود عدة أحاديث في الموضوع الواحد مما يساند الاستدلال ويزيد من توثيق الموضوع وربطه بالسنة النبوية، وهذا يؤدي إلى اقتناع الباحثين وإقبالهم على دراسة الأحاديث على ضوء الإعجاز العلمي بالسنة النبوية. 4 - وجود قدر من المعلومات العلمية التي تتناسب مع الموضوع ويستفيد منها الدارسون بصفة مبدئية، فمثلاً في موضوع "التمر غذاء كامل" يرد في الكتاب عدد من الأحاديث في الموضوع ومعها قدر مناسب من المعلومات العلمية العامة، وهكذا في كل موضوعات الكتاب. والكتاب يعد فريداً في فنه، وقد توجه به المؤلف إلى العلماء والباحثين، ودعاهم إلى الاهتمام به قائلاً: "قررت طباعته ليكون ورقة عمل أضعها بين يدي كل الباحثين والناشدين للحقيقة" (1) ، ومن جانبي أنصح بأن يكون الكتاب مرجعاً رئيساً لجميع المشتغلين بدراسة الإعجاز العلمي في السنة النبوية، وأدعو إلى الإكثار من تأليف المراجع على نسق هذا الكتاب ليسهل على الباحثين الاطلاع على الأحاديث النبوية ذات الدلالات العلمية والإلمام بها مما يساعد على الإقبال على دراسة الأحاديث النبوية على ضوء الإعجاز العلمي. 4 - نماذج من الأعمال بأسلوب التطبيق وتقويمها أعمال الإعجاز العلمي في السنة النبوية بأسلوب التطبيق الذي تحدثنا عنه سابقاً، قليلة وتحتاج إلى مزيد من الاهتمام من جانب "هيئات الإعجاز العلمي   (1) الإعجاز العلمي في السنة النبوية ص13 ج1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 في القرآن والسنة"، وذلك بدعوة العلماء إلى دراسة الإعجاز العلمي "بأسلوب التطبيق" وتشجيعهم وتوفير الإمكانات لهم. وسأكتفي بذكر نموذجين حققا نجاحاً علميا وتطبيقيا على المستوى العالمي. النموذج الأول: "الاستغناء عن الكحول في تجهيز المستحضرات الدوائية". وقد تولدت الفكرة على ضوء الأحاديث النبوية الكثيرة التي تحذر من التداوي بالخمر واستعماله في الدواء. وأصبح الاستغناء عن الكحول في الدواء مطلباً طبياً على المستوى العالمي، وصدرت بذلك قرارات من منظمة الصحة العالمية. وكانت لي جهود وراء الاهتمام بهذا الموضوع الطبي المهم، وسأتحدث عن ذلك النموذج بشيء من التفصيل في الفصل الثالث (1) بمشيئة الله. النموذج الثانى: "اكتشاف فاعلية الحبة السوداء في زيادة مناعة الجسم". كان للحبة السوداء استعمالات علاجية منذ عدة قرون، غير أن أثرها في زيادة مناعة الجسم لم يعرف إلا منذ عدة سنوات، وجاء ذلك الاكتشاف الطبي المهم على ضوء الأحاديث النبوية وعلى يد فريق من العلماء المسلمين (2) . وكانت قراءتهم العلمية الدقيقة للأحاديث النبوية عن الحبة السوداء، وكان إيمانهم بالإعجاز الطبي للسنة النبوية هما المدخل إلى هذا الاكتشاف الطبي المهم الذي يفوق أكثر الكشوف العلاجية في العصر الحديث· "عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:   (1) الفصل الثالث "جهودنا في أعمال الإعجاز العلمي والطبي بالسنة النبوية". (2) في مقدمة هؤلاء العلماء الأستاذ الدكتور أحمد القاضي بأمريكا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 "إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام. فقلت وما السام؟ قال: الموت". وهذا حديث له عدة روايات (1) . وكانت عبارة "شفاء من كل داء" تفهم على ظاهرها، أي الشفاء من مختلف الأمراض، لكن كيف ذلك؟ وبفراسة العالم المؤمن أدرك الدكتور أحمد القاضي وزملاؤه من هذه العبارة أن الشفاء من كل داء لا يكون إلا من خلال جهاز المناعة المسؤول الأول عن صحة الجسد ووقايته من الأمراض، وقاموا بالدراسات العلمية وأجروا الأبحاث التجريبية وتأكدوا من صحة النتائج، وأعلنوا عن هذا الكشف المهم الذي كان له وقع عظيم في الأوساط الطبية العالمية. وزاد الاهتمام "بالحبة السوداء"، وأقبل العلماء على دراستها في علاج أمراض أخرى خطيرة مثل تصلب شرايين المخ وضعف الذاكرة. ورغم هذا الكشف المهم عن أثر الحبة السوداء في علاج نقص المناعة، فإنها في حاجة إلى مزيد من الاهتمام ومواصلة الدراسات والأبحاث التجريبية لاستكشاف فوائد علاجية أخرى، لا تقل أهمية عما تحقق اكتشافه، وحتى تأخذ "الحبة السوداء" مكانتها العلاجية ويظهر الإعجاز العلمي على حقيقته كاملاً في قوله صلى الله عليه وسلم: "شفاء من كل داء إلا من السام". وهذا النموذج يعد مثالاً جيداً "لأسلوب التطبيق" في دراسة الإعجاز العلمي والطبي بالسنة النبوية الذي أدعو إليه.   (1) الإعجاز العلمي في السنة النبوية ص 829 ج2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 5 - نماذج من المؤتمرات العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة وتقويمها سأكتفي بتقديم نموذج واحد وهو "المؤتمر العالمي للإعجاز العلمي" المنعقد بموسكو (3 -6سبتمبرسنة 1993م) نظراً لأهميته الفائقة وتميزه عن سائر مؤتمرات الإعجاز العلمي، وأتحدث عنه باختصار في النقاط التالية: 1 - انعقد المؤتمر - كما قلنا من قبل - تحت إشراف هيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة بالتعاون مع أكاديمية العلوم الطبية والمركز الإسلامي الثقافي بروسيا، وكان انعقاده بموسكو - عاصمة أكبر دولة كانت معقلا للكفر والإلحاد على مدى أكثر من خمسة وسبعين عاما - وبهذا يكون قد نجح منذ اللحظة الأولى في اختراق الثقافة الروسية والتوجه بالدعوة الإسلامية إلى المجتمع الروسي، وبهذا يتميز المؤتمر عن باقي مؤتمرات الإعجاز العلمي التي عقدت جميعها في دول إسلامية. 2 - نال المؤتمر وضعاً إعلامياً متميزاً، فقد انعقد في قاعة "فونت جورباتشوف"، وهى أفخم قاعة مؤتمرات بموسكو، وتابعت جلساته وسائل الإعلام الروسية والأجنبية، وحضره مئات من المثقفين الروس، وفي مقدمتهم بعض كبار العلماء الروس، وقد بلغ عددهم أربعة وستين عالماً، وكذلك الممثلون الحكوميون الذين حضروا من جميع جمهوريات روسيا الإسلامية. 3 - كان المؤتمر حافلاً بالأبحاث العلمية ذات المستوى العالمي التي أبهرت العلماء الروس، وقد تأثروا بحقائق الإعجاز العلمي من خلال مناقشاتهم وحواراتهم مع نظرائهم الذين تقدموا بالأبحاث، وتأكد ذلك بإسلام ستة وعشرين عالماً روسيا ممن حضروا المؤتمر، ولا يخفى أهمية ذلك الحدث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ودلالاته وتأكيده مصداقية الإعجاز العلمي وقوة إقناعه، ولا سيما إذا نظرنا إلى من أسلموا باعتبارهم من صفوة الفكر المادي، وإذا نظرنا إلى جمهورية روسيا الاتحادية، ذلك البلد العريق في مجال العلوم والتكنولوجيا. وشملت الأبحاث أحد عشر تخصصا علميا في مجالات: (1) علاقة الأجنة (2) الطب الوقائي (3) الطب النفسي (4) الصيدلة (5) علوم الأرض (6) علم البحار (7) الأرصاد الجوية (8) الفيزياء (9) علاقة العلم بالدين (10) تأصيل البحث في مجال الإعجاز العلمي (11) نظرة في علم الأديان المقارنة. 4 - صدر عن المؤتمر توصيات مهمة لو تحقق تنفيذها لكان للإعجاز العلمي في القرآن والسنة دور مهم في خطاب الدعوة إلى الإسلام، خاصة تلك الدول ذات الثقافات المادية التي تروج فيها لغة العلم والتكنولوجيا، ومن هذه التوصيات: (التوصية الأولى) : يوصى المؤتمر بضرورة التواصل العلمي مع الجامعات والمعاهد والهيئات العلمية الروسية التي أبدت تجاوبا مشكورا مع القضايا العلمية المطروحة في المؤتمر عملاً على استثمار العلوم والمعارف لخير البشرية، وذلك من خلال السعي إلى عقد مؤتمرات مماثلة تضم العلماء المختصين في شتى المجالات العلمية. (التوصية الرابعة) يوصى المؤتمر بتشجيع الباحثين لتقديم أطروحات حول قضايا الإعجاز العلمي في الجامعات الروسية والعالمية. (التوصية الخامسة) يوصي المؤتمر هيئة الإعجاز العلمي بنشر البحوث التي تمت مناقشتها - وذلك بعد مراجعتها - باللغة العربية والروسية والإنجليزية، وتوظيف نتائجها في دعوة العلماء من مختلف الاتجاهات إلى الالتقاء على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 مفهوم نبيل للتقدم العلمي وتسخيره لخدمة الإنسان حتى يعود للحياة وجهها المشرق. هذه نبذة مختصرة عن المؤتمر العالمي للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، الذي انعقد بموسكو، وأرى أفضل تقويم له ما ورد في مقدمة التوصيات التي جاء فيها "وإننا لنحمد الله تعالى، إذ نسجل باعتزاز أن المؤتمر قد تجاوز معايير النجاح المتوقعة إلى اعتباره يمثل أحد المؤشرات التاريخية المهمة في مسيرة المعارف العلمية نظراً لانعقاده في جمهورية روسيا الاتحادية، ذلك البلد العريق في مجال العلوم والتكنولوجيا. الأمر الذي يضفي على هذا المؤتمر أهمية خاصة، خاصة أنه قد عقد في مستهل مرحلة جديدة من مراحل الإصلاح الفكري الذي نتمنى أن يحقق الشعب الروسي من خلاله آماله المرجوة"، وكذلك ما ورد في نهاية التوصيات، وكشف المؤتمر وأكد حقيقة مهمة طالما حاول الشيوعيون تغييبها عن المجتمعات الإنسانية، وأصابها في ذلك فشل ذريع، هذه الحقيقة هي أهمية، بل وضرورة الدور الذي يقوم به الدين في تحقيق النهضة الشاملة للمجتمعات، هذه الحقيقة أكدها كبار المسئولين السابقين والحاليين في روسيا، وكذلك كبار العلماء الذين شاركوا في أعمال المؤتمر أ. هـ. هذا وقد أكد المؤتمر أن الدعوة الإسلامية قادرة على اختراق العقول الواعية دون الحاجة إلى اختراق البطون الخاوية، وهذا ما لفت نظر جميع المسؤولين عن الدعوة الإسلامية إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 الفصل الثالث: جهودنا في أعمال الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية أولا: مشروع الدواء الخالي من الكحول ... الفصل الثالث: جهودنا في أعمال الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية من منطلق الإيمان بعصمة نبينا الهادي سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، وأنه لا يقول ولا يفعل ولا يقرر إلا حقاً، ومن منطلق الاعتقاد بأن السنة النبوية موحى بها من الله سبحانه وتعالى في الأمور الشرعية، وفي أمور الدنيا، ومن منطلق اليقين بالإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية، من هذه القناعات الثلاث فقد أخذت أتعامل مع الأحاديث النبوية مصدراً مهماً للحقائق والمعارف، وبخاصة في الأمور الطبية بحكم تخصصي، وأقبلت عليها أتلمس تلك الحقائق وأبحث عن الكنوز العلمية، وقادني البعض منها -والحمد لله- إلى أمور مهمة، أذكر بعضها فيما يلي: أولاً: مشروع الدواء الخالي من الكحول لقد كانت الأحاديث النبوية الكثيرة التي تنهى عن التداوي بالخمر، وعن وجودها في الدواء، وعن الأدوية الخبيثة، مصدر إلهام لفكرة "المستحضرات الدوائية الخالية من الكحول". عن أبى الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله قد جعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا بحرام". إن النهى الحاسم عن التداوي "بالخمر"، سواء كانت (صرفاً) خالية من الترياق، أو كانت في الدواء، كالمستحضرات الدوائية المحتوية على الكحول، جعلني أسرع في البحث الذي بدأته في أواخر الستينيات، وقد توصلت - والحمد لله - إلى نتائج طيبة بعد دراسات متواصلة، ومنذ عام 1975م، بدأت الدراسات في الدخول إلى مرحلة التطبيق، وذلك عندما كنت أعمل بمستشفى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كما قمت بتقديم الأبحاث إلى عدة مؤتمرات عالمية للطب الإسلامي، ولاقت القبول، وصدرت التوصيات في هذه المؤتمرات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 "بمشروع الدواء الخالي من الكحول"، وأخيراً صدرت عن منظمة الصحة العالمية قرارات بأن تكون المستحضرات الدوائية خالية من الكحول، وأشارت المنظمة في مذكرتها التي تضمنت القرارات الصادرة في أكتوبر سنة 1985م، إلى جهودي، وجاء في المذكرة "يبدو أن هناك اتفاقاً عاماً بين الصيادلة والكيميائيين على أن الكحول في الأدوية يمكن أن تحل محله مواد أخرى غير كحولية تستعمل كمذيب أو حافظ أو سواغات، وقد ذكر الدكتور أحمد أبو الوفاء أمثلة على ذلك في المؤتمر الطبي الإسلامي الثالث المنعقد في إستانبول سنة 1984م"، وبصدور القرارات من منظمة الصحة العالمية دخل"مشروع الدواء الخالي من الكحول" مرحلة التنفيذ على المستوى العالمي. وكانت السنة النبوية والطب النبوي مصدر إلهام قادني إلى التفكير والبحث في هذا الموضوع الطبي المهم الذي انتهى إلى تطبيقات نافعة في صناعة الدواء. وهذا نموذج لأعمال الإعجاز الطبي في السنة النبوية بأسلوب التطبيق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 ثانياً: الطب النبوي منهاج العلاج المتكامل من منطلق قناعتي بالهدي النبوي في الطب كمصدر للحقائق، قمت بدراسة موضوعية للطب النبوي كمنهاج للعلاج المتكامل، وتقدمت بها إلى المؤتمر العالمي للإعجاز العلمي بالقرآن والسنة المنعقد في (باندونج) عام 1993م تحت إشراف هيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة، كما نشرت الدراسة في كتاب بعنوان "الطب النبوي منهاج للعلاج المتكامل: عرض علمى لأصول العلاج النبوي". · وفي سبيل اتباع الهدى النبوي في العلاج دعوت إلى إنشاء "عيادات العلاج المتكامل" التي تجمع بين ممارسة الطب النبوي والطب المعاصر، وقمت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 بطرح "مشروع عيادة العلاج المتكامل"، بالمشاركة مع "الجمعية السعودية لطب الأسرة" بالمدينة المنورة، وبالتعاون مع أخى الأستاذ الدكتور يحيى ناصر خواجي، وتحت إشراف مديرية الشؤون الصحية بالمدينة المنورة التي كان يترأسها سعادة الشيخ عمر بن صالح الزغيبي، وذلك عام 1993م، وقد تركت لهم تنفيذ المشروع. · ولقناعتي بأهمية الجانب الوقائي في الطب النبوي ودخوله في إطار الإعجاز الطبي في السنة النبوية، قمت بالمشاركة مع أخي الأستاذ الدكتور يحيى ناصر خواجي بدراسة عن "تقليم الأظافر على ضوء السنة النبوية والعلوم الطبية"، وتقدمنا بها إلى المؤتمر العالمي الرابع عن الطب الإسلامي المنعقد في باكستان عام 1407هـ. وكل هذه الأعمال تدخل في إطار أعمال الإعجاز العلمي والطبي في السنة النبوية "بأسلوب التطبيق" الذي أدعو إليه وأطالب بالاهتمام به في أعمال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 ثالثاً: الجهود في الأطروحات الجامعية عن الإعجاز العلمي والطبي بالسنة النبوية منذ أن اشتغلت بدراسة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ولدي القناعة بأهمية الأطروحات الجامعية، وأنها من أفضل الأعمال في هذا المجال، وهي كفيلة بترسيخ الإعجاز العلمي واستقراره وتأكيد حقيقته، وذلك بالمنهج العلمي، وبالأسلوب الأكاديمي الذي يولد القناعة لدى العلماء وأصحاب الفكر والمثقفين، وهم صفوة المجتمعات، كما يؤكد لهم أن الإعجاز العلمي بالقرآن والسنة حقيقة لا مراء فيها. وقد وفقني الله سبحانه وتعالى إلى المشاركة في التوجيه للقيام بدراسات جامعية كانت من أوائل الأطروحات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 في الإعجاز العلمي، وقد سبق أن تحدثت عنها في موضوع "نماذج من الأعمال الجامعية"، وهما: 1 - أطروحة الماجستير بعنوان "الطرق غير التقليدية لعلاج الألم المزمن"، وقمت بتزويد صاحبة الرسالة بالمادة العلمية الخاصة بالطب النبوي. 2 - أطروحة ماجستير بعنوان "الأحاديث النبوية التي استدل بها على الإعجاز العلمي في الإنسان والأرض والفلك"، وكان صاحب الرسالة على مقربة منى حينما كنت أعمل بمستشفى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وهو يعمل معيداً بكلية الحديث، وكانت لنا لقاءات ومناقشات حول الإعجاز العلمي بالسنة النبوية. وكنت أشجعه وأشد من أزره للمضي في بحثه، وأبصره بأهمية رسالته، وذلك لقناعتي - كما قلت سابقاً - بأن الأعمال الجامعية من أفضل أعمال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة النبوية، وهذا ما أنبه عليه وأدعو إليه بإلحاح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 رابعاً: مشروع مكتب الإعجاز العلمي بالسنة النبوية لا يخفى على أحد ما يقوم به "مركز السنة والسيرة النبوية" بالمدينة المنورة من أعمال جليلة وفي مقدمتها تحقيق أمهات كتب الحديث والسيرة النبوية، وحتى يستمر المركز في أداء رسالته ودوره الحيوي في خدمة السنة والسيرة النبوية، وحتى يتنوع الأداء على الدوام حسبما يجد من متطلبات، كما يشارك في التعريف بالإعجاز العلمي في السنة النبوية والدعوة إليه، فإنني أتقدم "بمشروع مكتب خدمة الإعجاز العلمي بالسنة النبوية"، وأعرضه باختصار فيما يلي: أولاً: "الفكرة" إنشاء مكتب تحت مسمى "مكتب السنة النبوية للتوجيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 العلمي" تابع "لمركز السنة والسيرة النبوية" بالمدينة المنورة مهمته في المقام الأول تفعيل أعمال الإعجاز العلمي بالسنة النبوية وذلك بما يلي: 1 - جمع أعمال الإعجاز العلمي التي سبق نشرها وضمها في موضوعات مشتركة، وجعلها في دليل، يكون في متناول المشتغلين بالإعجاز العلمي في السنة النبوية. 2 - القيام بجمع الأحاديث النبوية ذات الدلالات العلمية وجعلها في مجموعات حسب الموضوعات، على أن يكون كل حديث مشفوعا بشروح علمية مناسبة، حسبما يوجد به من إشارات وعبارات ذات دلالة علمية، وتؤلف كتب (1) لهذا الغرض، كما تصدر دوريات لهذه الأحاديث مع شروحها العلمية؛ لتكون في متناول المشتغلين بالإعجاز العلمي. 3 - يكون مكتب السنة النبوية للتوجيه العلمي، على اتصال بالمؤسسات العلمية ومراكز البحوث والجامعات للرد على استفساراتهم وتزويدهم بالمعلومات عن شرح الأحاديث وبيان معانيها ودلالتها العلمية وعلاقتها بالإعجاز العلمي. 4 - إجراء الحوارات مع العلماء حول المدلولات العلمية للأحاديث النبوية، وذلك بقصد التوصل إلى افتراضات تكون منطلقا للعلماء في أبحاثهم انطلاقا من الأحاديث، وذلك لتفعيل "أسلوب التطبيق" في أعمال الإعجاز العلمي وتشجيع العلماء على القيام بالبحوث والكشف عما في الأحاديث من الحقائق، مع الدعم المادي والأدبي للعلماء، وتزويدهم بالمعلومات التي تعينهم   (1) انظر كتاب الإعجاز العلمي في السنة النبوية – تأليف الدكتور صالح بن أحمد رضا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 على البدء في دراساتهم وأبحاثهم. 5 - إقامة الندوات وإلقاء المحاضرات والمشاركة في المؤتمرات العالمية للإعجاز العلمي بأبحاث أصيلة تخضع لأسلوب التطبيق. ثانيا: "تشكيل مكتب السنة النبوية للتوجيه العلمي": يتشكل المكتب من فريقين: أحدهما من المتخصصين في علوم السنة النبوية، والفريق الآخر من المتخصصين في سائر العلوم التطبيقية "العلوم الطبيعية"، وكذلك في العلوم الإنسانية، ومن العلماء من يعملون بصفة دائمة (موظفون) وهم قليلون ومنهم من يعملون مستشارين وهم الأكثرية. ويشملون جميع التخصصات العلمية. وبجانب العلماء فئة الإداريين والفنيين والعمال، وذلك حسب حاجة العمل. ثالثا: تأثيث المكتب: لا يحتاج المكتب إلى مبنى مستقل، ويكفي أن يشغل عدة غرف ملحقة بمبنى مركز السنة النبوية، وأهم متطلبات التأثيث بجانب الأثاث التقليدي نذكر الآتي: 1 - مكتبة تضم المراجع وجميع الأبحاث الخاصة بموضوعات الإعجاز العلمي في السنة النبوية، وذلك بالإضافة إلى مختلف المؤلفات في شتى العلوم التي يستفيد منه الباحثون في الإعجاز العلمي، والمعاجم والموسوعات اللازمة. 2 - بعض الأجهزة ووسائل الاتصال ومنها: " ماكينة تصوير " أجهزة كمبيوتر " فيديو وآلة تصوير فيديو " جهاز تصوير المخطوطات " أجهزة تسجيل متنوعة " جهاز ترجمة للغات الأجنبية " دواليب فهارس " قاعدة معلومات وموقع على الإنترنت .... إلخ. هذا عرض مختصر لمشروع "مكتب السنة النبوية للتوجيه العلمي" الذي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 أقترح تأسيسه لتفعيل أعمال الإعجاز العلمي بالسنة النبوية ويكن تابعاً "لمركز السنة والسيرة النبوية" بالمدينة المنورة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 الخاتمة : هذا ما أردت أن أتقدم به عن "تقويم أعمال الإعجاز العلمي والطبي بالسنة النبوية"، مؤكدا أن الإيجابيات أكثر من السلبيات، وبخاصة ونحن في البداية وبإمكانات مازالت متواضعة، فقد أحسنت تلك الأعمال في التعريف بالإعجاز العلمي وأوجدت له مناخاً ثقافياً مناسباً. وأكدت على أنه حقيقة وأدخلته في الخطاب الديني بلغة العصر، وأوجدت له إقبالاً ورواجاً، كما أنها حظيت باهتمام وسائل الإعلام مما انعكس على ظهور قضية الإعجاز العلمي بشكل واضح وبراق. وبهذا تكون "أعمال الإعجاز العلمي والطبي بالسنة النبوية" قد حققت أغراضها وكادت تصل إلى الهدف المطلوب بعون الله وتوفيقه، رغم ما يشوبها من السلبيات التي تحدثت عنها في سياق الحديث عن هذه الأعمال، وأشرت إلى الحلول المناسبة، وبجانب الجهود الجماعية التي تقوم بها هيئات الإعجاز العلمي والجمعيات واللجان فقد شارك الأفراد بجهود طيبة. ورغم رواج الإعجاز العلمي في القرآن والسنة والإقبال عليه، فإنه لم يستقر حتى الآن علماً له قواعده وضوابطه وله منهجه، ونأمل أن يتحقق ذلك في القريب بعون الله. هذا ويدخل في رسالة الإعجاز العلمي كل الأعمال التي تبين مطلق القدرة الإلهية وعظمة الخلق والإبداع فيما يعرف "بآيات الله الكونية" حتى ولو لم تكن هذه الأعمال مرتبطة بالإعجاز العلمي، حيث إنها تشاركه في تعزيز الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وهما معاً - أي - الأعمال التي تبين آيات الله الكونية، والأعمال التي توضح الإعجاز العلمي، يؤكدان بالدليل والبرهان العقلي والحسي وجود الله سبحانه وتعالى، القادر البديع، المهيمن الذي يجب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 الإيمان به والعبودية له. وبهذا تصبح آيات الله الكونية في كتابه المنظور وآياته في القرآن الكريم والسنة النبوية وما بهما من الحقائق محورين أساسيين في الخطاب الإيماني المعاصر وفي الخطاب الديني. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام الأنبياء والمرسلين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 مصادر ومراجع ... فهرس المراجع 1- أطروحة ماجستير "الأحاديث النبوية التي استدل بها على الإعجاز العلمي في الإنسان والأرض والفلك": أحمد بن حسن الحارثي ـ كلية الحديث ـ الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. 2- أطروحة ماجستير "الطرق غير التقليدية لعلاج الألم المزمن": فاطمة هاشم عاشور ـ كلية طب بنات، جامعة الأزهر بالقاهرة. 3- الإصابة في حديث الذبابة: خليل إبراهيم خاطر - دار القبلة للثقافة الإسلامية بجدة. 4- الإعجاز العلمي في السنة النبوية: صالح بن أحمد رضا -جزءان- مكتبة العبيكان بالرياض. 5- الإعجاز العلمي في الإسلام (السنة النبوية) : محمد كامل عبد الصمد - الدار المصرية اللبنانية. 6- التداوي بالأعشاب والطب النبوي: عبد الباسط محمد سيد ـ شركة أبوالهول للنشر ـ القاهرة. 7- تقليم الأظافر على ضوء السنة النبوية والعلوم الطبية: يحيى خواجي، وأبو الوفاء عبد الآخر - مكتبة الآداب بمصر. 8- جامع الأصول في أحاديث الرسول: ابن الأثير الجزري، تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط - مطبعة الملاح. 9- الصيدلة الإسلامية: أبو الوفاء عبد الآخر، أبو الحجاج حافظ. 10- الطب النبوي: علي مؤنس ـ كتاب اليوم، مؤسسة أخبار اليوم بمصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 11- الطب النبوي منهاج للعلاج المتكامل: أبو الوفاء عبد الآخر - مؤسسة دار الصحابة للتراث - طنطا – مصر. 12- الكشف الإلهي عن شديد الضعف والموضوع والواهي: محمد محمد الطرابلسي - تحقيق محمد محمود بكار (جزءان) - دار العليان بجدة. 13 - مباحث في علوم الحديث: محمد محمود بكار - دار الطباعة المحمدية. 14- موسوعة الإعجاز العلمي في الحديث النبوى: أحمد شوقي إبراهيم (الجزء الأول) ـ دار نهضة مصر للطباعة والتوزيع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54