الكتاب: تفسير آيات من القرآن الكريم (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الخامس) المؤلف: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي (المتوفى: 1206هـ) المحقق: الدكتور محمد بلتاجي الناشر: جمعة الإمام محمد بن سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية الطبعة: بدون عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- تفسير آيات من القرآن الكريم (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الخامس) محمد بن عبد الوهاب الكتاب: تفسير آيات من القرآن الكريم (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الخامس) المؤلف: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي (المتوفى: 1206هـ) المحقق: الدكتور محمد بلتاجي الناشر: جمعة الإمام محمد بن سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية الطبعة: بدون عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم تقديم تعتمد هذه الطبعة –بصورة أساسية- على مخطوطتين كاملتين ورد في كل منهما ما كتبه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في تفسير آيات من القرآن الكريم، وهما: (أ) بعنوان (استنباط القرآن) وهي برقم 516-86 في مكتبة الرياض السعودية بدخنة. (ب) مخطوطة أخرى وجدت عند الشيخ عبد الرحمن بن سحمان رئيس محكمة الدلم، وقد دون فيها التفسير بخط علي بن سلمان، وتم الفراغ من تدوينها في عام 1276هـ، وجاء في نهايتها ما نصه: "وقع الفراغ من هذه النسخة المباركة في جماد أول باق منه يوم سنة 1276هـ، بقلم علي بن سلمان غفر الله له ولوالديه وللمسلمين والمسلمات آمين". وإلى جانب هاتين المخطوطتين الكاملتين فهناك أجزاء من مخطوطات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 أخرى ورد فيها شيء من هذا التفسير، وقد استعين بذلك كله في مراجعة نصوصه. وقد سبق طبع تفسير الشيخ محمد بن عبد الوهاب للقرآن الكريم -أو طبع أجزاء منه- في ثنايا بعض الكتب، بيد أنه اكتفي في هذه الطبعات السابقة بذكر نص تفسير الشيخ للقرآن الكريم مجردا عن نفس الآيات القرآنية التي جاء التفسير لها. وذلك لأن الشيخ –في الأغلب الأعم- كان يكتفي بالإشارة إلى الآيات التي يفسرها عن ذكر نصوصها كاملة، فيقول مثلا: ومن قوله كذا، ثم يبدأ في تفسيره. وأيضا فإن هذه الطبعات السابقة جاءت مجردة عن تخريج الآيات والأحاديث والترجمة للأعلام وتفسير بعض الكلمات التي تحتاج إلى إيضاح لغوي.. وفي هذا نشير إلى طبعات كتاب (تاريخ ابن غنام) غير المحققة، أو التي حققها الدكتور ناصر الدين الأسد. كما نشير أيضا إلى جـ 10 من (الدرر السنية) الذي ورد فيه التفسير. ومن أجل مزيد النفع بهذا التفسير –في طبعتنا هذه- فقد تم وضع هوامش له تتضمن نصوص الآيات القرآنية المفسرة، كما تتضمن أيضا تخريج الآيات والأحاديث التي وردت في التفسير، وأيضا تتضمن تعريفا ببعض الأعلام الذين وردت لهم أقوال في التفسير، ممن رأيت أنه يحسن التعريف بهم، وذلك إلى جانب التعليق على بعض الكلمات. وينبغي أن ننبه أيضا على أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قد عرض للكلام عن آيات أخرى كثيرة من القرآن الكريم –غير ما ورد في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 هذا التفسير- وذلك في سياق تقريره لبعض مسائل العقيدة وما يتصل بها، ومن ثم جاء كلامه عن هذه الآيات الأخرى في مؤلفاته الأخرى. وبناء على هذا، ولئلا يتكرر نفس الكلام في أكثر من مؤلف – فقد حاولنا قدر الاستطاعة أن لا يرد هنا (تحت عنوان التفسير) إلاّ ما كان منطلقه الأساسي أصلا هو التفسير، وإن توصل به إلى أهداف في العقيدة وتقرير أمور متصلة بها. وفي الهوامش رمزت بحرف (س) للمخطوطة الثانية، أما المخطوطة الأولى فأذكرها برقمها. والله ولي التوفيق وهو حسبنا وإليه المصير ربيع الثاني 1398 هـ محمد بلتاجي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 سورة الفاتحة 1 قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ورضي عنه بمنه وكرمه: اعلم أرشدك الله لطاعته، وأحاطك بحياطته، وتولاك في الدنيا والآخرة، أن مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فيها، فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه، ويدل على هذا قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} 2 ففسر السهو بالسهو عن وقتها - أي إضاعته -، والسهو عمّا يجب فيها، والسهو عن حضور القلب، ويدل على ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق، يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا 3") فوصفه بإضاعة الوقت بقوله: " يرقب   1 روي أن الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود كتب إليه - وهو إذ ذاك في العيينة - يسأله أن يكتب إليه تفسير سورة الفاتحة, فكتبها له. 2 سورة الماعون آية: 4، 5. 3 صحيح مسلم (كتاب المساجد) , وقد رواه أيضا الترمذي (كتاب المواقيت) والنسائي (كتاب المواقيت) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 الشمس " وبإضاعة الأركان بذكره النقر، وبإضاعه حضور القلب بقوله: " لا يذكر الله فيها إلا قليلا ". إذا فهمت ذلك فافهم نوعا واحدا من الصلاة، وهو قراءة الفاتحة لعل الله أن يجعل صلاتك في الصلوات المقبولة المضاعفة المكفرة للذنوب. ومن أحسن ما يفتح لك الباب في فهم الفاتحة حديث أبي هريرة الذي في صحيح مسلم، قال سمعت 1 رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 2 قال الله: حمدني عبدي. فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 3 قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} 4 قال الله: مجدني عبدي. فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 5 قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} 6 قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل " انتهى الحديث. فإذا تأمل العبد هذا، وعلم أنها نصفان: نصف لله وهو أولها إلى قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} 7، ونصف للعبد دعاء يدعو به لنفسه، وتأمل أن الذي علمه هذا هو الله تعالى، وأمره أن يدعو به ويكرره في كل ركعة، وأنه سبحانه من فضله وكرمه ضمن إجابة هذا الدعاء إذا دعاه بإخلاص وحضور قلب، تبين له ما أضاع أكثر الناس.   1 صحيح مسلم (كتاب الصلاة) , وقد رواه أبو داود أيضا (كتاب الصلاة) والترمذي (كتاب التفسير) والنسائي (افتتاح) وابن ماجة (أدب) وهو أيضا في مسند أحمد 2 - 241. 2سورة الفاتحة آية: 2. 3سورة الفاتحة آية: 3. 4سورة الفاتحة آية: 4. 5سورة الفاتحة آية: 5. 6سورة الفاتحة آية: 6 – 7. 7 سورة الفاتحة آية: 5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 قد هيئوك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل وها أنا أذكر لك بعض معاني هذه السورة العظيمة لعلك تصلي بحضور قلب، ويعلم قلبك ما نطق به لسانك، لأن ما نطق به اللسان ولم يعقد عليه القلب ليس بعمل صالح كما قال تعالى: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِم} 1. وأبدأ بمعنى الاستعاذة، ثم البسملة، على طريق الاختصار والإيجاز، فمعنى (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) : ألوذ بالله، وأعتصم بالله، واستجير بجنابه من شر هذا العدو، أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه، لأنه أحرص ما يكون على العبد إذا أراد عمل الخير من صلاة أو قراءة أو غير ذلك، وذلك أنه لا حيلة لك في دفعه إلا بالاستعاذة بالله لقوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} 2؛ فإذا طلبت من الله أن يعيذك منه، واعتصمت به، كان هذا سببا في حضور القلب. فاعرف معنى هذه الكلمة ولا تقلها باللسان فقط كما عليه أكثر الناس. وأما البسملة فمعناها أدخل في هذا الأمر من قراءة أو دعاء أو غير ذلك ((بِسْمِ اللَّهِ) لا بحولي ولا بقوتي، بل أفعل هذا الأمر مستعينا بالله، متبركا باسمه تبارك وتعالى، هذا في كل أمر تسمي في أوله من أمر الدين أو أمر الدنيا، فإذا أحضرت في نفسك أن دخولك في القراءة بالله مستعينا به، متبرئا من الحول والقوة، كان هذا أكبر الأسباب في حضور القلب، وطرد الموانع من كل خير.   1 سورة الفتح آية: 11. 2 سورة الأعراف آية: 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) : اسمان مشتقان من الرحمة أحدهما أبلغ من الآخر، مثل العلام والعالم، قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر، أي أكثر من الآخر رحمة. وأما الفاتحة فهي سبع آيات: ثلاث ونصف لله، وثلاث ونصف للعبد، فأولها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 1 فاعلم أن الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري، فأخرج بقوله الثناء باللسان الثناء بالفعل الذي يسمى لسان الحال، فذلك من نوع الشكر، وقوله: على الجميل الاختياري أي الذي يفعله الإنسان بإرادته، وأما الجميل الذي لا صنع له فيه مثل الجمال ونحوه فالثناء به يسمى مدحا لا حمدا، والفرق بين الحمد والشكر: أن الحمد يتضمن المدح والثناء على المحمود بذكر محاسنه سواء كان إحسانا إلى الحامد أو لم يكن، والشكر لا يكون إلا على إحسان المشكور، فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر، لأنه يكون على المحاسن والإحسان، فإن الله يحمد على ما له من الأسماء الحسنى وما خلقه في الآخرة والأولى، ولهذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً} 2 الآية وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} 3 إلى غير ذلك من الآيات. وأما الشكر فإنه لا يكون إلا على الإنعام; فهو أخص من الحمد من هذا الوجه، لكنه يكون بالقلب واليد واللسان، ولهذا قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً} 4. والحمد إنما يكون بالقلب واللسان، فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه، والحمد أعم من جهة أسبابه.   1 سورة الفاتحة آية: 2. 2 سورة الإسراء آية: 111. 3 سورة الأنعام آية: 1. 4 سورة سبأ آية: 13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 والألف واللام في قوله (الْحَمْدُ) للاستغراق، أي جميع أنواع الحمد لله لا لغيره فأما الذي لا صنع للخلق فيه مثل خلق الإنسان، وخلق السمع والبصر والسماء والأرض والأرزاق وغير ذلك فواضح، وأما ما يحمد عليه المخلوق مثل ما يثنى به على الصالحين والأنبياء والمرسلين، وعلى من فعل معروفا خصوصا إن أسداه إليك، فهذا كله لله أيضا بمعنى أنه، خلق ذلك الفاعل، وأعطاه ما فعل به ذلك، وحببه إليه وقواه عليه، وغير ذلك من أفضال الله الذي لو يختل بعضها لم يحمد ذلك المحمود، فصار الحمد لله كله بهذا الاعتبار. وأما قوله: {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 1 فالله علم على ربنا تبارك وتعالى، ومعناه: الإله أي المعبود لقوله: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} 2 أي المعبود في السموات والمعبود في الأرض {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} 3 الآيتين. وأما الرب فمعناه المالك المتصرف. وأما (العالمين) فهو اسم لكل ما سوى الله تبارك وتعالى؛ فكل ما سواه من ملك ونبي وإنسي وجني وغير ذلك مربوب مقهور يتصرف فيه، فقير محتاج؛ كلهم صامدون إلى واحد لا شريك له في ذلك، وهو الغني الصمد. وذكر بعد ذلك {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} 4 وفي قراءة أخرى (مالك يوم الدين) . فذكر في أول هذه السورة التي هي أول المصحف الألوهية والربوبية والملك. كما ذكره في آخر سورة في المصحف {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} 5 {مَلِكِ النَّاسِ} 6 {إِلَهِ النَّاسِ} 7.   1 سورة الفاتحة آية: 2. 2 سورة الأنعام آية: 3. 3 سورة مريم آية: 93. 4 سورة الفاتحة آية: 4. 5 سورة الناس آية: 1. 6 سورة الناس آية: 2. 7 سورة الناس آية: 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 فهذه ثلاثة أوصاف لربنا تبارك وتعالى ذكرها مجموعة في موضع واحد في أول القرآن; ثم ذكرها مجموعة في موضع واحد في آخر ما يطرق سمعك من القرآن؛ فينبغي لمن نصح نفسه أن يعتني بهذا الموضع ويبذل جهده في البحث عنه، ويعلم أن العليم الخبير لم يجمع بينهما في أول القرآن ثم في آخره إلا لما يعلم من شدة حاجة العباد إلى معرفتها، ومعرفة الفرق بين هذه الصفات; فكل صفة لها معنى غير معنى الصفة الأخرى، كما يقال: محمد رسول الله، وخاتم النبيين، وسيد ولد آدم فكل وصف له معنى غير ذلك الوصف الآخر. إذا عرفت أن معنى الله هو الإله; وعرفت أن الإله هو المعبود، ثم دعوت الله أو ذبحت له أو نذرت له فقد عرفت أنه الله. فإن دعوت مخلوقا طيبا أو خبيثا، أو ذبحت له أو نذرت له فقد زعمت أنه هو الله. فمن عرف أنه قد جعل "شمسان" 1 أو "تاجا" برهة من عمره هو الله، عرف ما عرفت بنو إسرائيل لما عبدوا العجل، فلما تبين لهم ارتاعوا، وقالوا ما ذكر الله عنهم: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 2 وأما الرب فمعناه المالك المتصرف، فالله تعالى مالك كل شيء وهو   1 شمسان وتاج -ومثلهما يوسف- رجال كان الناس في عصر الشيخ يعتقدون فيهم الولاية, ويرفعون لهم من العبادة والدعاء ونحوهما ما لا ينبغي أن يرفع إلا لله عز وجل. راجع مثلا: رسالة (كشف الشبهات) للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص 19 و (تاريخ ابن غنام) ص 245. 2 سورة الأعراف آية: 149. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 المتصرف فيه، وهذا حق، ولكن أقر به عباد الأصنام الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ذكر الله عنهم في القرآن في غير موضع كقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} - إلى قوله - {فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} 1. فمن دعا الله في تفريج كربته وقضاء حاجته، ثم دعا مخلوقا في ذلك، خصوصا إن اقترن بدعائه نسبة نفسه إلى عبوديته مثل قوله في دعائه (فلان عبدك) أو قول (عبد علي) أو (عبد النبي أو الزبير) فقد أقر له بالربوبية. وفي دعائه عليا أو الزبير بدعائه الله تبارك وتعالى وإقراره له بالعبودية، ليأتي له بخير أو ليصرف عنه شرا، مع تسمية نفسه عبدا له، قد أقر له بالربوبية، ولم يقر لله بأنه رب العالمين كلهم، بل جحد بعض ربوبيته. فرحم الله عبدا نصح نفسه، وتفطن لهذه المهمات، وسأل عن كلام أهل العلم، وهم أهل الصراط المستقيم، هل فسروا السورة بهذا أم لا؟ وأما الملك فيأتي الكلام عليه; وذلك أن قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} 2 وفي القراءة الأخرى {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فمعناه عند جميع المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} 3.   1 سورة يونس: 31 ونصها: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون) . 2 سورة الفاتحة آية: 4. 3 سورة الانفطار آية: 17- 19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 فمن عرف تفسير هذه الآية وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم، مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره، عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها، وبسبب الجهل بها دخل النار من دخلها. فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها، فأين هذا المعنى والإيمان بما صرح به القرآن، مع قوله صلى الله عليه وسلم 1: "يا فاطمه بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا" من قول صاحب 2 البردة: ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... فإن لي ذمة منه بتسميتي إن لم تكن في معادي آخذا بيدي محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم ... إذا الكريم تحلى باسم منتقم فضلا وإلا فقل يا زلة القدم ... فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعى أنه من العلماء، واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن:   1 روي في: سنن النسائي, كتاب الوصايا, وفي سنن الدارمي, كتاب الرقاق, وانظر أيضا: صحيح البخاري, كتاب الوصايا, ومسند أحمد 1 - 206. 2 هو شرف الدين محمد بن سعيد الصنهاجي المصري, منسوب إلى بوصير في بني سويف بمصر, شاعر له ديوان مطبوع, وأشهر شعره قصيدة البردة ومطلعها: أمن تذكر أمن تذكّر جيران بذي سلم ... مزجت دمزجت دمعا جرى من مقلة بدم وقد ولد عام 608 هـ وتوفي عام 696 هـ. انظر مثلا: فوات الوفيات 3-362, 369 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} 1 وقوله: "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا" 2 لا والله، لا والله; لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق، وأن فرعون صادق، وأن محمدا صادق على الحق، وأن أبا جهل صادق على الحق. لا والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان. فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة، ومن فتن بها عرف غربة الإسلام، وعرف أن العداوة واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائا، ليس عند التكفير والقتال، بل هم الذين بدؤونا بالتكفير والقتال، بل عند قوله: {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً 3 وعند قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} 4 وقوله {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} 5 فهذا بعض المعاني في قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} 6 بإجماع المفسرين كلهم. وقد فسرها الله سبحانه في سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} 7 كما قدمت لك. واعلم أرشدك الله أن الحق لا يتبين إلا بالباطل كما قيل: ... وبضدها تتبين الأشياء ... فتأمل ما ذكرت لك ساعة بعد ساعة، ويوما بعد يوم وشهرا بعد شهر،   1 سورة الانفطار آية: 19. 2 البخاري: الوصايا (2753) , ومسلم: الإيمان (206) , والنسائي: الوصايا (3646 ,3647) , وأحمد (2/448) , والدارمي: الرقاق (2732) . 3 سورة الجن آية: 18. 4 سورة الإسراء آية: 57. 5 سورة الرعد آية: 14. 6 سورة الفاتحة آية: 4. 7 سورة الانفطار آية: 1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 وسنة بعد سنة لعلك أن تعرف ملة أبيك إبراهيم ودين نبيك فتحشر معهما; ولا تصد عن الحوض يوم الدين، كما يصد عنه من صد عن طريقهما. ولعلك أن تمر على الصراط يوم القيامة، ولا تزل عنه كما زل عن صراطهما المستقيم في الدنيا من زل، فعليك بإدامة دعاء الفاتحة مع حضور قلب وخوف وتضرع. وأما قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 1 فالعبادة كمال المحبة وكمال الخضوع، والخوف والذل. وقدم المفعول وهو إياك، وكرر للاهتمام والحصر أي لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا كمال الطاعة; والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين، فالأول التبرؤ من الشرك، والثاني التبرؤ من الحول والقوة فقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} 2 أي إياك نوحد، ومعناه أنك تعاهد ربك أن لا تشرك به في عبادته أحدا، لا ملكا ولا نبيا ولا غيرهما، كما قال للصحابة: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 3 فتأمل هذه الآية واعرف ما ذكرت لك في الربوبية، أنها التي نسبت إلى "تاج" و"محمد بن شمسان" فإذا كان الصحابة لو يفعلونها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم فكيف بمن لها في تاج وأمثاله؟ وقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 4 هذا فيه أمران: أحدهما سؤال الإعانة من الله، وهو التوكل والتبري من الحول والقوة. وأيضا طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد. وأما قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 5 فهذا هو الدعاء الصريح الذي   1 سورة الفاتحة آية: 5. 2 سورة الفاتحة آية: 5. 3 سورة آل عمران آية: 80. 4 سورة الفاتحة آية: 5. 5 سورة الفاتحة آية: 6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 هو حظ العبد من الله، وهو التضرع إليه والإلحاح عليه أن يرزقه هذا المطلب العظيم، الذي لم يعط أحد في الدنيا والآخرة أفضل منه، كما من الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح قوله: {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} 1 والهداية ها هنا التوفيق والإرشاد. وليتأمل العبد ضرورته إلى هذه المسألة، فإن الهداية إلى ذلك تتضمن العلم والعمل الصالح على وجه الاستقامة والكمال والثبات على ذلك إلى أن يلقى الله. والصراط الطريق الواضح والمستقيم الذي لا عوج فيه، والمراد بذلك الطريق الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 2 وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأنت دائما في كل ركعة تسأل الله أن يهديك إلى طريقهم; وعليك من الفرائض أن تصدق الله أنه هو المستقيم، وكلّ ما خالفه من طريق أو علم أو عبادة، فليس بمستقيم، بل معوج. وهذه أول الواجبات من هذه الآية، وهو اعتقاد ذلك بالقلب. وليحذر المؤمن من خداع الشيطان، وهو اعتقاد ذلك مجملا وتركه مفصلا، فإن أكفر الناس من المرتدين يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق وإنّ ما خالفه باطل، فإذا جاء بما لا تهوى أنفسهم فكما قال تعالى: {فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ} وأما قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} 3 فالمغضوب عليهم هم   1 سورة الفتح آية: 2. 2 سورة الفاتحة آية: 7. 3 سورة الفاتحة آية: 7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم، والضالون العاملون بلا علم، فالأول صفه اليهود والثاني صفة النصارى وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى. ضالون، ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم، وهو يقر أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء، ويتعوذ من طريق أهل هذه الصفات، فيا سبحان الله كيف يعلمه الله ويختار له، ويفرض عليه أن يدعو به دائما مع ظنه أنه لا حذر عليه منه، ولا يتصور أنه يفعله، هذا من ظن السوء بالله. والله أعلم، هذا آخر الفاتحة. أما آمين فليست من الفاتحة، ولكنها تأمين على الدعاء، معناها: "اللهم استجب"، فالواجب تعليم الجاهل لئلا يظن أنها من كلام الله; والله أعلم. وهذه مسائل مستنبطة من سورة الفاتحة; استنبطها شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى. الأولى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 1 فيها التوحيد. الثانية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 2 فيها المتابعة. الثالثة: أركان الدين: الحب والرجاء والخوف، فالحب في الأولى، والرجاء في الثانية، والخوف في الثالثة. الرابعة: هلاك الأكثر في الجهل بالآية الأولى، أعني استغراق الحمد واستغراق ربوبية العالمين. الخامسة: أول المنعم عليهم وأول المغضوب عليهم والضالين. السادسة: ظهور الكرم والحمد في ذكر المنعم عليهم. السابعة: ظهور القدرة والمجد في ذكر المغضوب عليهم والضالين. الثامنة: دعاء الفاتحة مع قوله لا يستجاب الدعاء من قلب غافل. التاسعة: قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 3 فيه حجة الإجماع.   1 سورة الفاتحة آية: 5. 2 سورة الفاتحة آية: 6. 3 سورة الفاتحة آية: 7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 العاشرة: ما في الجملة من هلاك الإنسان إذا وكل إلى نفسه. الحادية عشرة: ما فيها من النص على التوكل. الثانية عشرة: ما فيها من التنبيه على بطلان الشرك. الثالثة عشرة: التنبيه على بطلان البدع. الرابعة عشرة: آيات الفاتحة كل آية منها لو يعلمها الإنسان صار فقيها، وكل آية أفرد معناها بالتصانيف، والله سبحانه وتعالى أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 سورة البقرة وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} 1 إلى قوله - {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} 2 فيه مسائل: الأولى: كون أناس من أهل الكتاب إذا وقعت المسألة وأرادوا إقامة الدليل عليها تركوا كتاب الله كأنهم لا يعلمون، واحتجوا بما في الكتب الباطلة. الثانية: أن من العجب احتجاجهم بذلك على رسول من الرسل. الثالثة: أن الكلام يدل على أنهم يعلمون لقوله: {كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 3.   1 سورة البقرة آية: 102. 2قال تعالى: (واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون) سورة البقرة آية: 102. 3 سورة البقرة آية: 101. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 الرابعة: أن المسائل الباطلة قد تنسب إلى الأنبياء كذبا عليهم. الخامسة: أن الكتب الباطلة قد تضاف إلى بعض الصديقين. السادسة: أن ذلك مما تتلو الشياطين على زمان الأنبياء، كما وقع أشياء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. السابعة: أن الشياطين مزجت به الحق في زمن سليمان. الثامنة: بيان ضلال من ضل ممن يدعي العلم في شأن سليمان ممن نسب ذلك إليه واستحسنه، أو قدح في سليمان، كما ضل أناس كثير في علي لما قتل عثمان. التاسعة: أن من فعل السحر كفر، ولو عرف أنه باطل. العاشرة: أن الشياطين يعلمونه الناس. الحادية عشرة: أن العبد لو بلغ ما بلغ في العلم فلا يأمن مكر الله. الثانية عشرة: لا ينبغي له التعرض للفتن وثوقا بنفسه، بل يسأل الله العافية. الثالثة عشرة: سعة علم الله ومغفرته ورحمته. الرابعة عشرة: يجعل بعض نظره إلى القضاء والقدر. الخامسة عشرة: أن النساء من أكبر الفتن. السادسة عشرة: أن طاعة الهوى جماع الشر كما أن مخالفته جماع الخير. السابعة عشرة: أن الشرك الأكبر مما يخطر بالبال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 الثامنة عشرة: أن التلفظ بالشرك بكلمة واحدة لا يشترط في كفر من تكلم بها عقيدة القلب، ولا عدم الكراهة للشرك. التاسعة عشرة: أن المتكلم لا يعذر، ولو أراد أن يقضي به غرضا مهما. العشرون: أن قتل النفس أعظم من الزنى. الحادية والعشرون: أن المعاصي بريد الكفر. الثانية والعشرون: أن بعضها يجر إلى بعض. الثالثة والعشرون: أن عقوبة المعصية قد تكون أكبر مما يظن العالم. الرابعة والعشرون: أن قبول التوبة بلا عذاب لا يحصل لكل أحد، بل هو فضل من الله. الخامسة والعشرون: أن من النعم تعذيب العبد بذنبه في الدنيا. السادسة والعشرون: حسن الظن بالله. السابعة والعشرون: القاعدة التي هي خاصية العقل، وهو ارتكاب أدنى الشرين لدفع أعلاهما، وتفويت أدنى الخيرين لتحصيل أعلاهما. الثامنة والعشرون: أن السحر نوعان. التاسعة والعشرون: أن له تأثيرا لقوله: {يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} 1. الثلاثون: الإرشاد إلى التوكل بكونه لا يضر أحدا إلا بإذن الله. الحادية والثلاثون: أن في من يدعي العلم من اختار كتب السحر على كتاب الله. الثانية والثلاثون: أنهم يعارضون به كتاب الله.   1 سورة البقرة آية: 102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 الثالثة والثلاثون: أن اتباع كتاب غير كتاب الله ضلال. الرابعة والثلاثون: لا تأمن الكتب ولا من ينتسب إلى العلم على دينك. الخامسة والثلاثون: أن فساد العلماء يفسد الرعية. السادسة والثلاثون: أن السحر وقع في زمن خلافة النبوة حتى أن عمر وغيره أمر بقتل الساحر ولم يستتبه كما استتاب المرتد. السابعة والثلاثون: أن الحسد سبب لرد كتاب الله. الثامنة والثلاثون: أن الحاسد قد يبغض الناصح ويسعى في قتله. التاسعة والثلاثون: أن الحسد يحمله على رد حظه من الله في الدنيا والآخرة. الأربعون: أنه من أخلاق اليهود. الحادية والأربعون: أن المحسود يرفعه الله على الحاسد. الثانية والأربعون: أن بالطاعة خير الدنيا والآخرة، وبالمعصية العكس. الثالثة والأربعون: أن في من ينتسب إلى العلم من يختار الكفر على الإيمان مع علمه أن من اختاره لا حظ له في الآخرة. الرابعة والأربعون: أن الإنسان يجتمع فيه الضدان يعلم ولا يعلم. الخامسة والأربعون: بيان غبنهم والتسجيل على فرط جهلهم في هذا الشراء. السادسة والأربعون: أن السبب في هذا الشرك اشتراء شيء خسيس تافه من الدنيا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 السابعة والأربعون: أنهم لمحبتهم ما هم عليه من الجاهلية وغرامهم به نبذوا كتاب الله الذي عندهم وراء ظهورهم، كأنهم لا يعرفونه. الثامنة والأربعون: أن الذي حملهم على هذه العظائم أنه أتاهم أمر من الله موافق لدينهم لكن مخالف لعادتهم الجاهلية. التاسعة والأربعون: الفرق بين المعجزات والكرامات، وبين ما يفعله الشياطين تشبها بذلك وتشبيها. الخمسون: التنبيه على قول الصحابي: "أويأتي الخير بالشر؟ " 1 وجوابه صلى الله عليه وسلم. الحادية والخمسون: أنه لا ينبغي للإنسان أن ينكر ما لم يحط به علمه، فقد ضل بالتكذيب بهذه القصة فئام 2 من الناس لظنهم أنها تخالف ما علموه من الحق; وتكلم بسببها ناس في نبي الله سليمان بن داود عليه السلام.   1 الحديث رواه البخاري (في الجهاد والزكاة والرقاق) , ورواه مسلم في كتاب الزكاة, والنسائي في كتاب الزكاة, وابن ماجة في الفتن, وأحمد في مسنده جـ 3 ص 7, 21 وفي جواب النبي صلى الله عليه وسلم (إن الخير لا يأتي إلا بالخير ولكن الدنيا خضرة حلوة..) 2 الفئام: الجماعة من الناس. ولا واحد له من لفظه. راجع مثلا: لسان العرب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وقوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} 1 فيه مسائل: الأولى: كون أناس ينتسبون إلى العلم والدين يجري منهم هذا عمدا جراءة على الله. وما أكثر من ينكر هذا! الثانية: التنبيه على كثرة هذا الصنف. الثالثة: كون المنتسب إلى العلم يقتضي إضلال غيره إذا عجز عنه. الرابعة: أن سبب هذا الأمر الغريب هو الحسد، لا خوف مضرة، ولا طلب مصلحة. الخامسة: أن المنتسب إلى العقل والعلم قد يسعى فيما يعلم أنه مصلحة لدنياه ليزيله، وفيما يعلم أنه مضرة لدنياه ليأتي به، فإنهم يعلمون أن زوال المفاسد وحصول المصالح في هذا الدين، وكانوا يستفتحون به قبل مجيئه على من ظلمهم، فلما جاءهم حملهم الحسد على ما ذكر. السادسة: أن الحسد قد يكون سببا للكفر كما وقع لهؤلاء ولإبليس. السابعة: ذكر العفو الذي هو من أسباب العز وقهر الخصم، كما ورد في الحديث.   1 سورة البقرة آية: 109- 110. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 الثامنة: الرفق في الأمر وفعله بالتدريج كما فعل عمر بن عبد العزيز. التاسعة: أنه سبحانه يمهل ولا يهمل. العاشرة: الإشعار بالنسخ قبل وقوعه. الحادية عشرة: تسلية المظلوم المحسود. الثانية عشرة: التنبيه على العلة. الثالثة عشرة: أن الظالم الحاسد يذله الله كما جرى الهؤلاء إلى يوم القيامة. وقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 1 فيه: الرابعة عشرة: وهي الاستدلال بالصفات على الأفعال. الخامسة عشرة: وهي الاستدلال بالقدرة على ما لا يظن وقوعه. السادسة عشرة: وهي الاستدلال بها على جعل العفو سببا لعز العافي وذلة المعفو عنه، عكس ما يظن الأكثر. وأما الاستدلال بها على ما كذب به الجهال استبعادا مثل عذاب القبر وغيره، أو مثل الصراط والميزان وغيرهما، أو ما يجري في الدنيا من تبديل الأحوال من الغنى إلى الفقر وضده، ومن الذل إلى العز وضده، فأكثر من أن يحصر. ولكن من أحسن ما فيها المسألة السابعة عشرة: وهي: تنبيه أعلم الناس على أشكل المسائل بقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 2 والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا; كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.   1 سورة البقرة آية: 20. 2 سورة البقرة آية: 20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 وقال: ذكر بعض ما في قوله تعالى: {قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} 1 إلى قوله: {يَعْمَلُونَ} 2 من بيان الحق وإبطال الباطل. الأولى: إذا كانت المحاجة في الله سبحانه من أقرب ما يكون إليه من المختلفين في مسألة التوحيد، وبيان ذلك بمعرفة الله تعالى فيما اجتمعنا وإياكم عليه، ومعرفة حالنا وحالكم في المسألة، وذلك أنا مجمعون على استوائنا وإياكم في العبودية، بخلاف ملوك الدنيا، فإن بعض الناس يكون أقرب إليهم من بعض بالقرابة وغيرها، ونحن مجمعون أيضا أنه لا يظلم أحدا من عبيده بل كل نفس {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} 3 بخلاف ملوك الدنيا فإنهم يأخذون مال هذا ويعطونه هذا; فإذا كان الأمر كذلك فكيف تدعون أنكم أولى بالله منا، ونحن له مخلصون وأنتم به مشركون؟ وكيف يظن به أنه يساوي بين من قصده وحده لا شريك له، ومن قصد غيره وأعرض عنه؟ وهل يظن عاقل أو سفيه برجل من بني آدم خصوصا إذا كان كريما، أن من قصده وضاف عنده يكرهه ولا يضيفه، ويخص   1 سورة البقرة آية: 139. 2 قال تعالى: (قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) . 3 سورة البقرة آية: 286. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 بالرضى والكرامة والضيافة من أعرض عنه وأضاف عند غيره، مع استواء الجميع في القرب منه والبعد; هذا لا يظن في الآدمي فكيف يظن برب العالمين، فتبين بقضية العقل أن ما جاءت به الرسل من الإخلاص هو الموافق للعقل، وما فعل المشركون هو العجاب المخالف للعقل، فيا لها من حجة ما أعظمها وأبينها، لكن لمن فهمها كما ينبغي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 وقال الشيخ رحمه الله: ذكر بعض ما في قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} 1 إلى الجزء، ففي الآية الأولى مسائل: الأولى: معرفة أنه تعالى حكيم لا يضع الأشياء إلا في مواضعها، لأنه ما جعله إماما إلا بعد ما أتم ما ابتلاه به. وسئل بعضهم: أيما الابتلاء أو التمكين؟ فقال: الابتلاء ثم التمكين. الثانية: إذا كان يبتلي الأنبياء هل يفعلونه أم لا؟ فكيف بغيرهم؟ الثالثة: الثناء على إبراهيم بأنه أتم الكلمات التي ابتلاه بها، وقيل: إن الله لم يبتل أحدا بهذا الدين فأتمه إلا إبراهيم، ولهذا قال: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} 2. الرابعة: أنه سبحانه جازاه على ذلك بأمور، منها: أنه جعله للناس إماما; ولما علم عليه السلام كبر هذه العطية سألها للذرية، وهي الخامسة. السادسة: أن الله أجابه أن هذه المرتبة لا ينالها ظالم ولو من ذرية الأنبياء. السابعة: أن هذا يدل على أن الإمامة في الدين تحصل لغير الظالم، فليست بمختصة. الثامنة: معرفة قدر هذه المرتبة التي أكرم بها، وهي الإمامة في الدين. وأما الآية الثانية 3 ففيها مسائل:   1قال تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) . 2 سورة النجم آية: 37. 3قوله تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) سورة البقرة آية: 125سورة البقرة آية: 125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 الأولى: كونه سبحانه جعل البيت الذي بناه إبراهيم مثابة مع المشاق العظيمة، وذلك من الآيات. الثانية: أنه جعله أمنا عند الكفار، وذلك من أعجب الآيات. الثالثة: أمره أن يتخذ من مقام إبراهيم مصلى، وهذا من الخصائص، فيتفطن المؤمن لشبهة المبتدعة، لأنه لا يجوز أن يتخذ من مقام غيره مصلى. الرابعة: أن فيها الرد على أهل الكتاب الذين لا يعظمونه، مع ما فيه من الآيات، ومع ما عندهم من العلم بذلك. قال: وأما الآية الثالثة 1 ففيها مسائل: الأولى: ذكره أنه عهد إلى إبراهيم وإسماعيل أن يطهراه لهذه الطائفة، ولذلك أنزل الله: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} 2. الثانية: أن فيها الرد على أهل الكتاب والمشركين. الثالثة: العجب العجاب معاكستهم هذا الأمر، فلا يردون عنه إلا الطائفة المأمور بتطهيره لهم. الرابعة: أنه نعتهم بالطواف والركوع والسجود والعكوف، فدل على أن نفس العكوف فيه عبادة. الخامسة: أن التقدم عند الله بالأعمال الصالحة لا بالنسب، فأمره بتطهيره لهم وإن لم يكونوا من ذريته، وأمره بطرد ذريته عنه إذا لم يكونوا كذلك. وأما الآية الرابعة 3 ففيها مسائل:   1 انظر الهامش السابق. 2 سورة التوبة آية: 28. 3قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} سورة البقرة آية: 126. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 الأولى: دعوة إبراهيم أن يجعله آمنا، ولا يناقض تحريمه يوم خلق الله السموات والأرض. الثانية: دعوة إبراهيم للبلد وأهله بالأمن والرزق. الثالثة: الآية العظيمة في إجابة هذه الدعوة. الرابعة: تخصيصه بها من آمن بالله واليوم الآخر. الخامسة: قوله: {وَمَنْ كَفَرَ} فلما دعا بأمر الدين منع الله الظالم من ذريته، ولما خص بالأمر الآخر من آمن قال الله: {وَمَنْ كَفَرَ} ، وذلك للفرق بين الدارين. السادسة: أنه لما أخبر أن ذلك للمؤمن وغيره، فقد يتوهم منه كرامة الجميع، فأخبر أنه لو علم العاصي فيه بالأمن والرزق فإنه يضطره إلى عذاب النار. السابعة: أن المجاورة عنده كما أنها تنفع المطيع فهي تضر العاصي لقوله: {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ} 1، ولذلك انتقل ابن عباس منها إلى الطائف. وأما الآية الخامسة 2 ففيها مسائل: الأولى: التصريح بأن الاثنين بنياه. الثانية: جلال الله وعظمته في قلوب الذين يعرفونه لدعوتهما بالقبول، وكان بعض السلف لما قرأها جعل يبكي ويقول: "ما بال خليل الله يرفع قواعد بيت الله ويخاف أن لا يقبله". الثالثة: توسلهما بالصفات.   1 سورة البقرة آية: 126. 2قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (128 سورة البقرة آية: 127-128. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 الرابعة: طلبهما أن يرزقهما الله الإسلام وهما هما، والغفلة عن هذه الكلمة من العجائب. الخامسة: إشراكهما في الدعوة بعض الذرية، ففيها رغوب المؤمن وحرصه على صلاح ذريته. السادسة: طلبهما ان يعلمهما المناسك، ففيهما حرصهما على العمل بالنص مع عصمتهما. السابعة: طلبهما أن يتوب عليهما وهما هما; ففيهما خوفهما من الذنوب. الثامنة: التوسل بالصفات. التاسعة: التعليل بكونه (التواب الرحيم) ولولا ذلك لاستحقا العقوبة. العاشرة: الرد على المشركين وأهل الكتاب. الحادية عشرة: أن دعوتهما بهذه النعمة التي هي أعظم النعم للذرية جعلها الذريه من أعظم المصائب. وأما الآية السادسة 1 ففيها مسائل: الأولى: دعوتهما للذرية ببعثة الرسول، فكانت عندهم أعظم البلاء مع دعواهم أنهم على ملتهما.   1قوله تعالى: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) سورة البقرة آية: 129. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 الثانية: أنهما أرادا بذلك أن يعلمهم الكتاب والحكمة ويتلو عليهم الآيات ويزكيهم; قيل: إن استماع التلاوة والتزكي بها فرض عين; وأما علم الكتاب والحكمة ففرض كفاية. الثالثة: أن نسبة الزكاة إلى السبب لا بأس بها، مع أن المزكي في الحقيقة هو الله وحده. الرابعة: التوسل بالصفات. وأما الآية السابعة 1 فهي من جوامع الكلم وأظهر البراهين فنذكر شيئا من ذلك: الأولى: أنه بين أن ملة إبراهيم هي الإسلام; ومنه تعظيم البيت وحجه، ومع إقرار علماء أهل الكتاب لذلك يرغبون عنه; وهذه مسألة مهمة يدل عليه قوله: "ومن رغب عن سنتي فليس مني 2") . الثانية: أن أكثر الناس رغبوا عن اسم الإسلام، وعندهم لا فضيلة فيه، ولا بد عندهم من نسبة دين خاصة. الثالثة: أعجب من ذلك أنهم لا يعرفون معنى الإسلام (وعندهم لا فضيلة فيه) 3 بل هذا عندهم صورة لا معنى لها.   1قوله تعالى: (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) سورة البقرة آية: 130. 2 صحيح البخاري, كتاب النكاح, ورواه أيضا مسلم وأبو داود والدارمي وأحمد. 3 زيادة من المخطوطة 516-86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 الرابعة: أعجب من الجميع أنهم إذا بين لهم معناه اشتد إنكارهم لذلك مع قراءة هذه الآية وأمثالها. الخامسة: التي سيق الكلام لأجلها، أنك إذا عرفت ملته فالواجب الاتباع، لا مجرد الإقرار مع المرغوب عنها. السادسة: أن من فعل ذلك 1 لم يضر إلا نفسه. السابعة: أن ذلك في غاية الجهل والسفه الواضح مع ادعائهم الكمال في العلم. الثامنة: كيف يطلب أفضل من طريقه، والله سبحانه هو الذي اصطفاه، ووعده في الآخرة ما وعده بسبب طريقه. وأما الآية الثامنة 2 ففيها مسائل. الأولى: أن مسألة الإسلام الذي هو سبب الكلام والخصومة أن الله سبحانه هو الذي أمره بذلك. الثانية: أنه استجاب لله فيما أمره فقال: {أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} 3. الثالثة: وصفه ربه سبحانه بما يوضح المسألة، وهو الربوبية للعالم كله. فانظر رحمك الله تعالى إلى هذا التقرير والثناء والتوضيح للإسلام، مع حقارته وإنكاره عند من يقرأ هذه الآيات وما بعدها.   1 في س (لا يضر) . 2قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} سورة البقرة آية: 131. 3 سورة البقرة آية: 131. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 وأما الآية التاسعة 1 ففيها العجب العجاب. الأولى: أن الله سبحانه ذكر أن إبراهيم وصى بالإسلام ابنيه وهما هما. الثانية: أن يعقوب وصى بها بنية وهم هم. الثالثة: تحريضه الذرية على ذلك بأن الله الذي اختاره لهم، فلا ترغبوا عن اختيار الله. الرابعة: أن مع هذا التقرير الواضح عند من يدعي كمال العلم، ويدعي اتباع الملة أحقر الطرائق ولا مدح فيه، ولا يصير من المسكوت عنه إلا من رغب عنه إلى اسم غيره، وإلا من اقتصر عليه اتخذوه هزوا، فاعتقدوا غاية جهله، بل أفتوا بكفره وقتله. الخامسة: قوله: {فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 2 فحرضهم على لزوم ذلك إلى الممات، وعدم الزيادة عليه لما في طبع الإنسان من طلب الزيادة خصوصا مع طول الأمل. وأما الآية 3 العاشرة ففيها مسائل: الأولى: وصية يعقوب عند الموت ولم يكتف بما تقدم. الثانية: لبنيه وهم هم.   1 سورة البقرة آية: 132. 2قوله تعالى: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) سورة البقرة آية: 132. 3قوله تعالى: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) سورة البقرة آية: 133. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 الثالثة: أنه لشدة التحريض وكبر الأمر عنده أخرجه مخرج السؤال. الرابعة: أنه قال: {مِنْ بَعْدِي} لأن الغالب أن الأتباع بعد موت كبيرهم ينقصون. الخامسة: جوابهم {نَعْبُدُ إِلَهَكَ} الآية لأن في هذا معنى الحجة، وظهور الأمر أن من اتبع الصالحين يسلك طريقهم، وأما كونه يترك طريقهم بزعمه أنه اتباع لهم فهذا خلاف العقل. السادسة: قولهم: {إِلَهاً وَاحِداً} يعنون للخلائق كلهم، لكن متبع مهتد وضال. السابعة: إخبارهم له بلزومهم الإسلام بعد موته. الثامنة: ذكرهم له أن ذلك الإسلام لله وحده لا شريك له; ليس لك ولا لآبائك منه شيء. التاسعة: أن العم أب لأن إسماعيل عمه لكن مع التغليب. العاشرة: أن ذلك من أوضح الحجج على ذريتهم مع إقرارهم بذلك، ومع هذا يزعمون أنهم على ملتهم مع تركها وشدة العداوة لمن اتبعها. الحادية عشرة: أن فيها ردا عليهم في المسألة الخاصة; وهي اتخاذ الأحبار والرهبان أربابا. وأما الآية الحادية عشرة 1 ففيها مسائل:   1قوله تعالى: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة البقرة آية: 134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 الأولى: المسألة التي ضل بها كثير، وهي ظنهم أن صلاح آبائهم ينفعهم. الثانية: البيان أن الذي ينفع الإنسان عمله. الثالثة: أن الذي يضره عمله، ولا يضره معصية أبيه وابنه. وأما الآية الثانية عشرة 1 ففيها مسائل وهي من جوامع الكلم أيضا: الأولى: أن من دعا إلى أي ملة كانت وهي من الملل الممدوحة السالم أهلها قيل له: بل ملة إبراهيم لأنها إن كانت باطلة فواضح; وإن كانت صحيحة فملة إبراهيم أفضل، كما قال صلى الله عليه وسلم: "أحب الأديان إلى الله الحنيفيةالسمحة 2") . الثانية: وهي مما ينبغي التفطن لها أنه سبحانه وصفها بأن إبراهيم حنيفا بريئا 3 من المشركين، وذلك لأن كلا يدعيها فمن صدق قوله بالفعل وإلا فهو كاذب. الثالثة: أن الحنيف معناه المائل عن كل دين سوى دين الإسلام لله. الرابعة: أن من الناس من يدعي أنه لا يشرك وأنه مخلص، ولكن لا يتبرأ من المشركين، وملة إبراهيم الجمع بين النوعين.   1قوله تعالى: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) سورة البقرة آية: 135. 2 صحيح البخاري (كتاب الإيمان) , ورواه الترمذي وأحمد أيضا. 3 في س (بري) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 وأما الآية الثالثة عشرة 1 ففيها مسائل: الأولى: أمر الله سبحانه أن نقول: ما ذكر في الآية، وليس هذا من إظهار العمل الذي إخفاؤه أفضل. الثانية: الإيمان بجميع المنزَّل. الثالثة: عدم التفريق بينهم. الرابعة: التصريح بالإسلام. الخامسة: التصريح بإخلاص ذلك لله، وليس هذا من الثناء على النفس، بل من بيان الدين الذي أنت عليه، ولهذا قال بعض 2 السلف: ينبغي لكل أحد أن يعلم هذه الآية أهل بيته وخدمه. وأما الآية الرابعة عشرة 3 ففيها مسائل: الأولى: قوله: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} 4 فيها التصريح أن الإيمان هو العمل.   1قوله تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) سورة البقرة آية: 136. 2 في س (قال ابن عباس) . 3قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} سورة البقرة آية: 137. 4 سورة البقرة آية: 137. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 الثانية: أن هذا الكلام في غاية 1 إنصاف الخصم. الثالثة: أن الذي لا ينقاد له ليس داؤه جهالة بل مشاقة. الرابعة: أنك إذا أنصفته وأصر فهو سبب لانتقام الله منه. الخامسة: الاستدلال بالصفات. وأما الآية الخامسة عشرة 2 ففيها مسائل. الأولى: قوله: {صِبْغَةَ اللَّهِ} أي دين الله، فدل على أن ذلك هو العمل. الثانية: الدلالة الواضحة، وهو أنه لا أحسن من الدين الذي تولى الله بيانه والأمر به. الثالثة: أنكم أيها الخصوم إن افتخرتم بإسلامكم للأنبياء والصالحين، فإسلامنا لله وحده؛ ومعنى ذلك لزوم هذا الدين الذي تولى الله بيانه. وأما الآية السادسة عشرة 3 ففيها مسائل: الأولى: أمر الله لنا أن نحاجهم بهذه الحجة القاطعة: فإذا كان الله رب الجميع، وأيضا أنه بإقراركم (أنه) 4 عدل لا يظلم بل كل عامل   1 زيادة من المخطوطة 516-86. 2قوله تعالى: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) سورة البقرة آية: 138. 3قوله تعالى: (قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) سورة البقرة آية: 139. 4 زيادة من المخطوطة 516-86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 فعمله له، وافترقنا في كوننا قاصدينه مخلصين له الدين وأنتم قصدتم غيره; فكيف يساوي بيننا وبينكم أو يخص بكرامته من أعرض عنه دون من قصده؟ هذا لا يدخل عقل عاقل. الثانية: أن الخصوم محاجتهم في الله لا في غيره مع فعلهم هذا في هذه الخصومة. وأما الآية السابعة عشرة 1 ففيها مسائل: الأولى: إن كانت الخصومة في الصالحين ودعواهم أنهم على طريقهم، فهم لا يقدرون أن يدعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على طريقتهم; بل يصرحون أنهم على غيرها ولكن يعتذرون أنهم لا يقدرون عليها، فكيف هذا التناقض؟ يدعون أنهم تابعوهم مع تحريمهم اتباعهم، وزعمهم أن أحدا لا يقدر عليها!. الثانية: قوله: {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} فهذه لا يقدر أحد أن يعارضها، فإذا سلمها وسلم لك أن العلم الذي أنزله الله ليس هو لعدم القدرة فهذا الذي عليه غيره، وهذا إلزام لا محيد عنه. الثالثة: أن منهم من يعرف الحق ويكتمه خوفا من الناس مع كونه لا ينكره، فلا أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله، فكيف بمن جمع مع الكتمان دفعها وسبها وتكفير من آمن بها؟   1قوله تعالى: (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) سورة البقرة آية: 140. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 الرابعة: الوعيد بقوله: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} 1. والله أعلم. وقال أيضا رحمه الله تعالى: وأما قوله: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ} 2 الآية، فهذه حجة أخرى، وبيانها أنا إذا أجمعنا على الإمام والأئمة أنهم ومن اتبعهم على الحق، ومن خالفهم فهو على الباطل، فهذه أيضا مثل التي قبلها. فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والأئمة بعدهم قد أجمعنا أنهم ومن اتبعهم على الحق، ومن خالفهم فهو على الباطل، فنقول: هذه المسألة التي اختلفنا وإياكم فيها هل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على قولنا أو على قولكم؟ فإذا أقروا أن دعاء أهل القبور والبناء عليها وجعل الأوقاف والسدنة عليها من دين الجاهلية، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك كله، وهدم البناء الذي جعلته الجاهلية على القبور، ونهى عن دعاء الصالحين وعن التعلق عليهم، وأمر بإخلاص الدعوة لله، وأمر بإخلاص الاستعانة لله; وبلغنا عن الله أنه يقول: {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 3. ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون وأتباعهم، والأئمة وأصحابهم على ذلك; ولم يحدث هذا إلا بعد ذلك، أعني دعاء غير الله والبناء على القبور، وما يتبع ذلك من المنكرات; فكيف تقرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم   1 سورة البقرة آية: 74. 2 سورة البقرة آية: 140. 3سور الجن: الآية 18, ونصها (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 وأصحابه والأئمة من بعدهم على ما نحن عليه، ثم تنكرونه أعظم من إنكار دين اليهود والنصارى مع إقراركم أنه الدين الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والأئمة؟ أم كيف تنصرون الشرك وما يتبعه، وتبذلون في نصره النفس والمال مع إقراركم أنه دين الجاهلية المشركين؟ هذا هو الشيء العجاب، لا جعل الآلهة إلها واحدا، يا أعداء الله لو كنتم تعقلون!! وليس هذا في هذه المسألة وحدها بل كل مسألة اختلفنا وإياهم فيها، وأقروا أن ما نحن عليه هو الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه; فهذه الخصومة فيها واقعة فاصلة لها. فإن أقروا بذلك، ولكن زعموا أن الناس أحدثوا أمورا تقتضي حسن ما هم عليه، كقولهم: هذه بدعة حسنة فيها من المصالح كذا وكذا; وفي تركها من المفاسد كذا وكذا، فيجاوبون بالمسألة الثالثة، وهي قوله: {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} 1. فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقراركم أوصانا بقوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة 2"، فقد أقررتم أنه أمر بلزوم ما أمرتم بتركه، وأنه نهى عما أمرتم بفعله; مع إقراركم أنه أوصى بهذه الوصية عند وقوع الاختلاف في أمته، مع إقراركم أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فالله سبحانه قد علم ما يحدث في خلقه إلى يوم القيامة، ومع هذا أمر بطاعة رسوله الذي أقررتم به وأنتم تشهدون أنه قاله. فإذا بان لك أن الأولى، في الأمر بالإخلاص والنهي عن الشرك، وأن الثانية في الأمر بلزوم   1 سورة البقرة آية: 140. 2 رواه أبو داود في كتاب السنة, كما رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد, ورواه الدارمي في مقدمة سننه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 السنة والنهي عن البدعة، بان لك أن هذا هو تقرير القاعدتين اللتين عليهما مدار الدين، وهما: لا يعبد إلا الله، والثانية: لا يعبد إلا بما شرع. فالأولى: قوله: "إنما الأعمال بالنيات 1"، والثانية قوله: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد 2 ". فإن كان المحاج لا يقر ببعض ذلك، بل أنكر شيئا من تفاصيل ما ذكرنا، فهي المسألة الرابعة وهو قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} 3. فإن كان هذا في الكاتم مع المحبة وتمنى ظهوره، ولكن أحب الدنيا عليه، فكيف بالكاتم المبغض؟ فإن كان يدعي أنه لم يفعل ذلك وأنه تابع لهذا الحق لكنه يكتم إيمانه كمؤمن آل فرعون مع معرفتك أنه كاذب، فهي المسألة الخامسة، وهي أن تقول له: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} 4. فإن أقر بهذا كله ولكنه استروح إلى أنه من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أنهم جيرانه أو غير ذلك من الأسباب، مثل مدحه الإمام الذي ينتسب إليه، أو أصحابه فهي المسألة السادسة وهي قوله: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 5.   1 رواه البخاري, كتاب الوحي, وكتاب العتق, ومناقب الأنصار, وكتاب الطلاق, كما رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. 2 رواه البخاري, كتاب الاعتصام, وكتاب البيوع, وكتاب الصلح. كما رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد. 3 سورة البقرة آية: 140. 4 سورة البقرة آية: 74. 5 سورة البقرة آية: 134. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 سورة آل عمران وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآيتين 1: إذا عرفت أن سبب نزولها قول أهل الكتاب: نحن مسلمون نعبد الله إلا إن كنت تريد أن نعبدك، عرفت أنها من أوضح ما في القرآن من تقرير الإخلاص، والبراءة من الشرك، ومن أعظم ما يبين لك طريق الأئمة المهديين من الأئمة المضلين؛ وذلك أن الله وصف أئمة الهدى بالنفي والإثبات، فنفى عنهم أن يأمروا أتباعهم بالشرك بهم، أو بالشرك بالملائكة والأنبياء وهم أصلح المخلوقات، وأثبت أنهم يأمرون أتباعهم أن يصيروا ربانيين، فإذا كان من أنزله الله بهذه المنزلة لا يتصور أن يأمر أتباعه بالشرك به ولا بغيره من الأنبياء والملائكة، فغيرهم أظهر وأظهر. وإذا كان الأمر الذي يأمرهم به كونهم ربانيين تبين طريقة الأنبياء وأتباعهم من طريقة أئمة الضلال وأتباعهم. ومعرفة الإخلاص والشرك،   1 قوله تعالى: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) سورة آل عمران: 79-80. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 ومعرفة أئمة الهدى وأئمة الضلال أفضل ما حصل المؤمن، لكن فيه من البيان قول اليهود إلا إن كنت تريد أن نعبدك كما عبدت النصارى عيسى، وقول النصارى تريد ذلك أي إلا إن كنت تريد أن نعبدك كما عبدت اليهود عزيرا! إن عبادة غير الله من أنكر المنكرات ببديهة العقل، ولكن الهوى يعمي ويصم. وفيه معرفة الإنسان بعيب عدوه، ولا يعرف ما فيه من ذلك العيب بعينه ولو كان فيه أضعافا مضاعفة وفيه ما على من قرأ القرآن من الحق من تعلم معانيه. وفيه أن عليه أن يعمل به; وفيه أن يكون ربانيا، وفيه أن ذلك بسبب درس الكتاب وعلمه وتعليمه، وفيه أن المسلم إذا أشرك بالأنبياء والصالحين كفر بعد إسلامه. وفيه معرفة أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو عليه من العدل والتواضع كيف يتفوهون له بهذا الكلام، وهم تحت يده محتاجون له. وفيه أن من أشرك بشيء فقد اتخذه ربا، وفيه أن قوله في القرآن: {من دون الله} ليس كما يقول الجاهلون لأن أهل الكتاب لا يتركون عبادة الله. وقوله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} الآيتين 1 فيه ما هو من أبين الآيات للخاص والعام. وكونه صلى الله عليه وسلم مذكورا مبشرا به في كتب الأنبياء، وفيه حجة على أن دعوته عامة   1 قوله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين. فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) سورة آل عمران: الآيتان 81-82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 في الظاهر والباطن، وفيه أن الإيمان به لا يكفي عن نصرته، بل لا بد من هذا وهذا. وفيه أخذه تعالى الميثاق على الأنبياء بذلك دليل على شدته إلا على من يسره الله عليه، وفيه أن من آتاه الله الكتاب والحكمة أحق بالانقياد للحق إذا جاء به من بعده، بخلاف ما عرف من حال الأكثر من ظنهم أنه لو اتبعه غيرهم فهو نقص في حقهم. وفيه مزيد التأكيد بقوله: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} 1 وفيه إشهادهم مع شهادته سبحانه; وفيه أن من تولى بعد ذلك فجرمه أكبر، وفيه أن الآخر مصدق لما معهم لا مخالف له. فإذا كان هذا في أهل الملل فكيف بأهل الملة الواحدة إذا ضلوا ثم جاءهم من يرشدهم إلى دينهم الذي أنزل الله عليهم، وهو الذي ينتحلونه؟ فإن تولوا بعد معرفته فأولئك هم الفاسقون. فإن جمعوا مع التولي تكذيبه، وإن جمعوا مع التكذيب الاستهزاء; فإن جمعوا مع ذلك عداوته الشديدة، فإن أضافوا إلى ذلك تكفير من صدق كتابهم ونبيهم واستحلال دمه وماله، فإن أضافوا إلى ذلك كله اتباع دين المشركين أعداء نبيهم، ونصروه بما قدروا عليه، وبذلوا النفوس والأموال في نصرته، وعداوة دين نبيهم وإزالته من الأرض، حتى لا يذكر فيها فالله، المستعان. و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} 2.   1 سورة آل عمران آية: 81. 2 سورة الأعراف آية: 43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: ومن قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} - إلى قوله - {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} 1 فيه مسائل: الأولى: معرفة سبب النزول يدل على شدة الحاجة لها فإذا احتاجوا فكيف بغيرهم؟ الثانية: الخوف على مثلهم الردة بذلك، فكيف بمن دونهم؟ الثالثة: أن فيمن أوتي الكتاب من يدعو إلى الردة مثل ما أن فيهم من يدعو إلى الله.   1 قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين) سورة آل عمران 100-108. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 الرابعة: التصريح بأن ذلك بعد الأيمان. الخامسة: لطف الله تعالى بعباده بدعوتهم بهذا الوصف. السادسة: استبعاد الكفر ممن تتلى عليهم آيات الله وفيهم رسوله، فإذا مضت الثانية فالأولى باقية. السابعة: أن آيات الله لا نظير لها في دفع الشر في سائر الكلام، كما أن رسوله لا نظير له في الأشخاص في دفع ذلك. الثامنة: الرد على أعداء الله الذين زعموا أن القرآن لا يفهم معناه. التاسعة: أن الاعتصام بالله جامع. العاشرة: أن الطرق فيها المعوج وفيها المستقيم. الحادية عشرة: ذكر حق تقاته. الثانية عشرة: لطافة الخطاب. الثالثة عشرة: لزوم الإسلام إلى الممات. الرابعة عشرة: فيه التنبيه على قوله: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض 1") لأن ذلك سبب النزول.   1 الحديث رواه البخاري في صحيحه (كتاب العلم, وكتاب الحج, وكتاب المغازي, وكتاب الأدب, وكتاب الحدود, وكتاب الفن) , كما رواه مسلم (كتاب الإيمان) , وأبو داود (سنة) , والترمذي (فتن) , والنسائي (تحريم) , وابن ماجه (فتن) , والدارمي (مناسك) , ومسند أحمد 1- 230. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 الخامسة عشرة: كون الإسلام طاعة الرسول ومعصية أولئك. السادسة عشرة: خوفك من الردة وإن كنت من الصالحين. السابعة عشرة: ذكر الاعتصام بحبل الله وهو القرآن، ففيه دليل على أنه عصمة. الثامنة عشرة: الأمر بالاجتماع على ذلك. التاسعة عشرة: تأكيده ما تقدم بالنهي عن الافتراق، وفيه تذكيرهم بالنعمة التي هم فيها بعد تلك البلية. العشرون: تذكيرهم بالنعمة العظمى، وهي إنقاذهم من النار بعد أن كانوا على شفا حفرة منها. الحادية والعشرون: ذكره هذا البيان الواضح في آياته. الثانية والعشرون: أن الفائدة في تعليم العلم تذكر المتعلم واهتداؤه. الثالثة والعشرون: ذكر الأمر بطائفة متجردة للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الرابعة والعشرون: تخصيصها بالفلاح. الخامسة والعشرون: نهيهم عن مشابهة الذين تفرقوا واختلفوا من بعد مجيء الآيات. السادسة والعشرون: فيه دليل على أن الله ذكر لنا من البينات في دواء هذا الداء ما فيه الشفاء. السابعة والعشرون: وعيد من ارتكب هذا المنهي عنه بالعذاب الأليم. الثامنة والعشرون: بياض الوجوه وسوادها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 التاسعة والعشرون: أن الذين اسودت وجوههم الذين كفروا بعد إيمانهم، ففيه أن الواقعة كفر بعد الإيمان أو تجر إليه. الثلاثون: الوعد الجزيل لمن سلم من ذلك. الحادية والثلاثون: التذكر أن هذه النصائح والمواعظ هي آيات الله. الثانية والثلاثون: أنه سبحانه يتلوها على رسوله، لأجلنا. الثالثة والثلاثون: تذكرنا بأن تلك التلاوة بالحق. الرابعة والثلاثون: الاعتذار بأنه لا يريد ظلم أحد من العالمين. الخامسة والثلاثون: تذكيرنا بأن له ما في السموات وما في الأرض. السادسة والثلاثون: تذكيرنا بالرجوع إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 سورة الأنعام وقال الشيخ محمد أيضا رحمه الله تعالى: وأما قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} 1 فيها من المسائل: الأولى: أمره سبحانه وتعالى بمحاجتهم بهذه الحجة الواضحة للجاهل والبليد، لكن بشرط التفكر والتأمل، فيا سبحان الله ما أقطعها من حجة; وكيف يخالف من أقر بها؟ الثانية: إذا تحققت معنى هذا الكلام مع ذكر الله تعالى له في مواضع من كتابه، عرفت الشرك الأكبر وعبادة الأوثان. وقول بعض أئمة المشركين: "إن الذي يفعل في زماننا شرك لكنه شرك أصغر" في غاية الفساد، فلو نقدر أن في هذا أصغر أو أكبر لكان فعل أهل مكة مع "العزى" وفعل أهل الطائف مع "اللات" وفعل أهل المدينة مع 2   1 سورة الأنعام آية: 40 - 41. 2 العزى واللات ومناة: أصنام من حجارة كان المشركون يعبدونها ويزعمون أنها تشفع لهم عند الله, وقد ورد ذكرها في قوله تعالى: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) سورة النجم 19-20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 "مناة" هو الأصغر، وفعل هؤلاء هو الأكبر ولا يستريب في هذا عاقل إلا أن طبع الله على قلبه. الثالثة: أن إجابة دعاء مثل هؤلاء وكشف الضر عنهم لا يدل على محبته لهم، ولا أن ذلك كرامة; وأنت تفهم لو يجري شيء من هذا في زماننا على يدي بعض الناس ما يظن فيه من أن ما يدعي العلم مع قراءتهم هذا ليلا ونهارا. الرابعة: معرفة العلم النافع والعلم الذي لا ينفع، فمع معرفتهم أن ما يكشفه إلا الله، ومع معرفتهم بعجز معبوداتهم ونسيانهم إياها ذلك الوقت، يعادون الله هذه المعاداة، ويوالون آلهتهم تلك الموالاة، قال تعالى: {أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} 1. وأما قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ} إلى قوله: {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 2 ففيها مسائل:   1 سورة النحل آية: 72. 2 قوله تعالى: (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالباساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) سورة الأنعام: الآيتان 42-45. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 الأولى: ذكر سنته سبحانه في خلقه. الثانية: أن ذلك تسليط البأساء وهو القحط والمجاعة، والضراء وهي الأمراض. الثالثة: أن الله سبحانه أخبرنا بمراده أنه سلط ذلك عليهم ليتوبوا فيحصلون سعادة الدنيا والآخرة، وليس مراده تعذيبهم على عظم جهالتهم وعتوهم كيف لم يتضرعوا لما جاءهم ذلك، يعرفك أن هذا من أعظم الجهالة والعتو. الرابعة: ذكر السبب الذي منعهم من ذلك مع اقتضاء العقل والطبع له، وهو قسوة القلب، وكون عدوهم زين لهم ما أغضب الله عليهم، فلم يعرفوا قبحها، بل استحسنوها. الخامسة: أنهم لما فعلوا هذه العظيمة فتحت عليهم أبواب كل الدنيا. فيا لها من مسألة! السادسة: أنهم استبشروا بعذابهم كما استبشر قوم لوط بمجيء أضيافه. السابعة: أنه لم يأخذهم حتى وقع الفرح. الثامنة: أن ذلك الأخذ بغتة. التاسعة: أنهم بعد ذلك النعمة. العاشرة: أنه سبحانه المحمود على إنعامه على أوليائه ونصرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وأما قوله تعالى: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} إلى قوله: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} 1 ففيها مسائل: الأولى: أمر الله سبحانه رسوله أن يخبرهم بأنه بريء ممن ادعى خزائن الله. الثانية: إخبارهم البراءة ممن ادعى علم الغيب. الثالثة: إخبارهم بالبراءة من دعوى أنه ملك; وأنت ترى من ينتسب إلى العلم كيف اعتقاده في هذه المسائل المعاكسة. الرابعة: اقتصاره على ما يوحى إليه، واليوم العلم عند أكثر الناس هو هو. الخامسة: أن الذي يقتصر على الوحي هو البصير، وضده الأعمى،   1 قوله تعالى: (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) سورة الأنعام 50-55. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 ومن يدعي العلم بالعكس في هذه المسألة والتي قبلها، ولست أعني العمل بل عقيدة القلب. السادسة: حثه سبحانه على التفكر الذي هو باب العلم كما حث عليه سبحانه في غير موضع. السابعة: الإنذار الخاص لهذه الطائفة المنعوتة بهذين الوصفين. الثامنة: أن من فقدهما لم تنفعه النذارة. التاسعة: فائدة الإنذار وثمرته، واحتياج هذه الطائفة له. العاشرة: النهي عن طرد المتصفين بما ذكر. الحادية عشرة: عظم شأن صلاة العصر والصبح. الثانية عشرة: عظمة الإخلاص. الثالثة عشرة: كون الأمر اليسير كثيرا كبيرا مع الإخلاص. الرابعة عشرة: ذكر القاعدة الكلية المأخوذة منها هذه الجزئية وهي: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} 1. الخامسة عشرة: أن طردهم يخاف أن يوصل الرجل الصالح إلى درجة الظالمين، ففيه التحذير من إيذاء الصالحين. السادسة عشرة: حسن النية في ذلك ليس عذرا.   1سورة الأنعام آية: 164، والإسراء 15، وفاطر: 18، والزمر: 7، والنجم: 38. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 السابعة عشرة: أن منعهم الجلوس مع العظماء في مجلس العلم هو الطرد المذكور. الثامنة عشرة: ذكر فتنته سبحانه بعض خلقه ببعض. التاسعة عشرة: ذكر بعض الحكمة في ذلك. العشرون: أن من ذلك رفعة من لا يظن الناس فيه ذلك. الحادية والعشرون: أن الدين إن صح فهو المنة العظيمة التي لا تساويها منن الدنيا. الثانية والعشرون: أن من الفتنة حرمانه سبحانه من لا يظن الناس أنه يحرمه. الثالثة والعشرون: المسألة العظيمة الكبيرة، وهي الاستدلال بصفات الله على ما أشكل عليك من القدرة، لأنه سبحانه رد عليهم ما وقع في أنفسهم من استبعاد كون الله حرمهم، وخص هؤلاء بالكرامة. الرابعة والعشرون: جلالة هذه المسألة، وهي مسألة علم الله لأنه سبحانه رد بها على الملائكة لما قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} 1 الآية، ورد بها على الكفار الجهال في هذه الآية كما ترى. الخامسة والعشرون: أنه متقرر عند الكفار عبدة الأوثان منكري البعث أن الله سبحانه حكيم يضع الأشياء في مواضعها، والأشعرية يزعمون أنه لا يفعل شيئا لشيء.   1سورة البقرة آية: 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: قوله تعالى: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُون َوَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} - إلى قوله - {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} 1 فيه 2 مسائل تجاوب بها من أشار عليك بشيء تصير به مرتدا. الأولى: {أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا} 3 يعني كيف كيف تدبر عن هذا، وتقبل على هذا؟ الثانية: {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} 4 كيف إذا تصور التائه في المَهامِهِ التي تهلك إذا هُدِيَ إلى الطريق ورأى بلده، ينحرف على أثره في المهلكة؟   1قوله تعالى: (وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير) سورة الأنعام: 70- 73. 2 في المخطوطة 516-86 "ففيه أربعة عشر جوابا لمن أشار عليك بموافقة السواد الأعظم على الباطل لما فيه مصالح الدنيا والهرب من مضارها, ولكن ينبغي أن تعرف أولا أن الكلام مأمور به مؤمن فقيه". وفيها أيضا بعض الاختلاف في هذه الأجوبة. وسنوردها بعد الانتهاء مما ورد في المخطوطة الأخرى. 3سورة الأنعام آية: 71. 4سورة الأنعام آية: 71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 الثالثة: مشابهة من استجاب إلى الغيلان إذا دعته مع علمه بأنها ستهلكه. الرابعة: إذا زعم الداعي أنه ناصح مرشد للهدى مع علمك أنه مضاد لهدى الله قولك: {إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} 1 الخامسة: إجابتك إياه أني مأمور بالإسلام لرب العالمين، كيف أوافقك على التبرؤ من ذلك؟ السادسة: أني مأمور بإقام الصلاة، ولا يمكنني إقامتها فيما تدعوني إليه. السابعة: أني مأمور بمخافة الله واتقائه، وأنت تدعوني إلى ترك ذلك. الثامنة: أنك تأمرني بمقاطعة ومعاداة من ليس لي عنه ملاذ. التاسعة: أن المسألة التي تدعوني إلى تركها هي التي لأجل فعلها خلقت السموات والأرض. العاشرة: أن الذي تدعوني إلى التهاون بأمره والاستهزاء به لا بد من يوم يقول له فيه: كن فيكون، مع عظم شأن ذلك اليوم. الحادية عشرة: أن {قَوْلُهُ الْحَقُّ} لا خلاف فيه، وقد قال فيما تأمرني به من الوعيد ما قال، وفيما تنهاني عنه من الوعد ما قال. الثانية عشرة: إن الملك كله له يوم ينفخ في الصور، فكيف تؤثر عليه مالا أو حالا أو جاها أو غير ذلك. الثالثة عشرة: أنه عالم السر وأخفى، فكيف لي بفعل ما تأمرني به وهو لا يخفى عليه.   1 سورة البقرة آية: 120. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 الرابعة عشرة: أنه الحكيم الخبير، فلا يتصور أنه يشتبه عليه من يعصيه بمن يطيعه، ولا يتصور أنه يجعل من أطاعه كمن عصاه، لأنه الحكيم الخبير يضع الأشياء في مواضعها، والله أعلم. ونقل 1 عنه أيضا: وأما قوله تعالى: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا} - إلى قوله- {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} 2 ففيه أربعة عشر جوابا لمن أشار عليك بموافقة السواد الأعظم على الباطل، لما فيه من مصالح الدنيا والهرب من مضارها، ولكن ينبغي أن تعرف أولا أن الكلام مأمور به مؤمن فقيه. فالأول: أن تجيبه بقوله: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا} 3، وهذا تصوره كاف في فساده. الثاني: {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} 4، وهذا أيضا كذلك. الثالث: هذا المثل الذي هو أبلغ ما يرغبك في الثبات، ويبغض إليك موافقته. الرابع: قولك له: إذا زعم أن الهدى في موافقة فلان وفلان بدليل الأكثر فتجيبه بقولك: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} 5. الخامس: أن تجيبه بقوله: {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} 6، فإذا أمرتني بالإسلام لفلان فالله أمرني بما لا أحسن منه. السادس: أن تقول: "وأمرنا بإقامة الصلوات"، وهذه خصلة مسلمة لا جدال فيها، ولا يقيمها إلا الذي أمرتني بتركهم، والذين أمرتني بموافقتهم لا يقيمونها.   1 هذا نص ما ورد في المخطوطة 516-. 86 وما ورد في صلب التفسير قبل ذلك في تفسير هذه الآيات هو ما جاء في المخطوطة س. 2سورة الأنعام آية: 70- 73. 3سورة الأنعام آية: 71. 4سورة الأنعام آية: 71. 5سورة البقرة آية: 120. 6سورة الأنعام آية: 71. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 السابع: أنا مأمورون بتقوى الله، وأنت تأمرني بتقوى الناس. الثامن: أن هذا الذي أمرتني بترك أمره {وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} 1 كما قالوا لفرعون لما دعاهم إلى ذلك: {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقلِبُونَ} 2. التاسع: أنه {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} 3، وهذا مقتضى ما نهيتني عنه، والذي أمرتنى به يقتضي أنه خلقها باطلا. العاشر: أن هذا الذي تأمرني بترك أمره حشر هذا الخلق العظيم ما دونه إلا قوله: {كُنْ فَيَكُونُ} . الحادي عشر: أن هذا الذي أمرتني بترك أمره {قَوْلُهُ الْحَقُّ} ، وقد قال ما لا يخفى عليك; ووعد عليه بالخلود في النعيم، ونهى عما أمرتني به، وتوعد عليه بالخلود في الجحيم، وهو لا يقول إلا الحق؛ فكيف مع هذا أطيعك؟ الثاني عشر: أن {وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} ، فإذا أقررت بذلك اليوم وأن عذابه ونعيمه دائمان، فما ترجوه من الشفاعات كلها باطلة ذلك اليوم. وقد بين تعالى معنى ملكه لذلك اليوم في آخر 4 الانفطار. الثالث عشر: أنه {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} فلا يمكن التلبيس عليه، بخلاف المخلوق ولو أنه نبي. الرابع عشر: أنه {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} فلا يجعل من اتبع أمره ولو فارق الناس، كمن ضيع أمره موافقة للناس، حاشاه من ذلك، ولهذا يقول الموحدون   1سورة الأنعام آية: 72. 2سورة الأعراف آية: 125. 3سورة الأنعام آية: 73. 4 قوله تعالى: ((يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله)) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 يوم القيامة: قد ذهب الناس فارقناهم في الدنيا أحوج ما كنا إليهم. والله أعلم. وقال الشيخ محمد رحمه الله ومن قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} إلى قوله- {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} 1.   1 قوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين) الأنعام: 74-90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الأولى: قوله: {أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً} 1: السؤال عن معنى الآلهة فإنها جمع إله، وهو أعلى الغايات عند المسلم والكافر، فكيف يتخذ جمادا؟ وهذا أعجب وأبعد عن العقل من جعل الحمار قاضيا، لأن الحيوان أكمل من الجماد؛ فإذ كان هذا من خشب أو حجر لم يعص الله، فكيف بمن اتخذ فاسقا إلها مثل نمرود وفرعون، فإن كان اتخذه بعد موته فأعجب وأعجب. الثانية: القدح في حجتهم، لأن السواد الأعظم ليس لهم حجة إلا هي، فيدل على الرسوخ في مخالفتهم بالأدلة اليقينية لقوله: {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 2. الثالثة: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 3 فإن ذلك من أعظم الأدلة على المسألة ببديهة العقل، لأن من رأى نخلا كثيرا لا يتخالجه شك أن المدبر له ليس نخلة واحدة منه. فكيف بملكوت السموات والأرض؟ الرابعة: أن هذا النفي إنما نفي لأجل الإثبات. الخامسة: {وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} 4 فلم يكمل غيره حتى كمل. السادسة: عظم مرتبة اليقين عند الله لجعله التعليم علة لإيصاله إليه. السابعة: براءته من شركهم نفى أولا كونها لا تستحق، ونفى ثانيا عن نفسه الالتفات إليها. الثامنة: نفي النقائص عن ربه.   1سورة الأنعام آية: 74. التفسير هنا أخذ على وجه الخصوص من المخطوطة رقم 516- 86 لأن في المخطوطة س بعض الخطأ في الكتابة في هذا الموضع. 2سورة الأنعام آية: 74. 3سورة الأنعام آية: 75. 4سورة الأنعام آية: 75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 التاسعة: ذكر توجهه الذي هو العمل. العاشرة: ذكر الدليل الذي دله على النفي والإثبات. الحادية عشرة: تحقيقه ذلك بكونه حنيفا، وهذه المسألة التي قال الله في ضدها: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} 1. الثانية عشرة: تصريحه لهم بما ذكر، ولم يدار مع كثرتهم ووحدته. الثالثة عشرة: تصريحه بالبراءة منهم بقوله: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 2. الرابعة عشرة: قوله: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ} 3 ولم يذكر حجتهم، لأن كلامه كاف عن كل ما يقولونه. الخامسة عشرة: أنهم لما خصموا رجعوا إلى التخويف كفعل أمثالهم، فذكر أنه لا يخاف إلا الله، لتفرده بالضر والنفع بخلاف آلهتهم فذكر النفي والإثبات. السادسة عشرة: سعة العلم وما قبله سعة القدرة; وهاتان هما اللتان خلق العالم العلوي والسفلي لأجل معرفتنا لهما. السابعة عشرة: أن من ادعى معرفتهما وأشكل عليه التوحيد فعجب، ولذلك قال: {أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} 4. الثامنة عشرة: قوله: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ} 5 إلى آخره يدل على أنها حجة عقلية تعرفها عقولهم.   1 سورة يوسف آية: 106. 2سورة الأنعام آية: 79. 3سورة الأنعام آية: 80. 4سورة الأنعام آية: 80. 5سورة اية: 81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 التاسعة عشرة: قوله: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 1 يدل على أن من أشكلت عليه هذه الحجة فليس له علم. العشرون: البشارة العظيمة، والخوف الكثير في فصل الله هذه الخصومة، إذا عرف ما جرى للصحابة، وما فسرها لهم به النبي صلى الله عليه وسلم: الحادية والعشرون: تعظيمه سبحانه هذه الحجة بإضافتها إلى نفسه، وأنه الذي أعطاها إبراهيم عليه السلام عليهم. الثانية والعشرون: أن العلم بدلائل التوحيد وبطلان الشبه فيه يرفع الله به المؤمن درجات. الثالثة والعشرون: معرفة أن الرب تبارك وتعالى حكيم يضع الأشياء في مواضعها. الرابعة والعشرون: كونه عليماً بمن هو أهل لها كما قال تعالى: {وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} 2. الخامسة والعشرون: ذكر نعمته على إبراهيم بذريته التي أنعم عليهم بالهداية. السادسة والعشرون: أن العلم والهداية أفضل النعم لقوله: {وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ} 3. السابعة والعشرون: هداية المذكورين أصولهم وفروعهم ومن في درجتهم.   1سورة اية: 81. 2سورة الفتح آية: 26. 3سورة الأنعام آية: 84. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 الثامنة والعشرون: ذكره الذي هداهم الله إليه. وهو الصراط المستقيم، وهو المقصود من القصة. التاسعة والعشرون: التنبيه على الاستقامة. الثلاثون: القاعدة الكلية أن هذا الطريق هو هدى الله يهدي به من يشاء من عباده، ليس للجنة طريق إلا هو. الحادية والثلاثون: التنبيه على أن الهداية إليه بمشيئته ليظهر العجب وتشكر النعمة. الثانية والثلاثون: العظيمة التي لم يعرفها أكثر من يدعي الدين، وهي مسألة تكفير من أشرك وحبوط عمله; ولو كان من أعبد الناس وأزهدهم. الثالثة والثلاثون: ذكره أنه أعطاهم ثلاثة أشياء: الكتاب، والحكم، والنبوة، فلا يرغب عن طريقهم إلا من سفه نفسه. الرابعة والثلاثون: ما في قوله: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ} 1 إلى آخره من العبر والتحريض على الحرص على طلب العلم من طريقهم، وما فيه من النفور من الجهل وتقسيمه. الخامسة والثلاثون: قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} 2 أن دينهم واحد، وأن شرعهم شرع لنا. السادسة والثلاثون: النهي عن البدع، فإن في التحريض عليه نهي عن ضده.   1سورة الأنعام آية: 89. 2سورة الأنعام آية: 90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 السابعة والثلاثون: كون النذير البشير مع مقاساة الشدائد في ذلك لم يطلب منا أجرا عليه. الثامنة والثلاثون: كونه ذكرى، ففيه الرد على من يقرأ بلا تدبر. التاسعة والثلاثون: قوله: {لِلْعَالَمِينَ} فيه تكذيب من قال: لا يعرفه إلا المجتهد. الأربعون: الحصر فيما ذكر. والله سبحانه أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 سورة الأعراف قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: مسائل في سورة الأعراف: الآية الأولى 1. الأولى: فيها وصفه بأنه كتاب. الثانية: كونه منزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: الثالثة: النهي عن الحرج. الرابعة: فاء التفريع. الخامسة: ذكر الحكمة في ذلك، وهي الإنذار العام، والذكرى الخاصة. الآية الثانية 2. الأولى: فيها الأمر باتباعه. الثانية: التحريض على ذلك بأنه منزل إلينا من ربنا. الثالثة: النهي عن اتباع ما سواه. الرابعة: أنه لا بد من هذا وهذا.   1 قوله تعالى: (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) سورة الأعراف: 2. 2 قوله تعالى: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) سورة الأعراف: 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 الخامسة: ذكر أن التذكر منا قليل. الآية الثالثة 1. الأولى: ذكر عقوبات من لم يفعل. الثانية: أن ذلك كثير. الثالثة: أن البأس جاءهم وقت الغفلة. الآية الرابعة 2 فيها: الأولى: ذكر إقرارهم بالظلم عند نزوله. الثانية: أن ذلك الإقرار ليس لهم دعوى غيره. الآية الخامسة 3 فيها: الأولى: أنه لما ذكر عقوبة الدنيا توعد بالحساب. الثانية: أن الحساب متوقف على الرسالة. الثالثة: أنه عام حتى المرسلين. وفي الآية السادسة 4: الأولى: أنه يقص عليهم ما فعلوا بعلمه. الثانية: أنه شهيد على الجزئيات.   1قوله تعالى: (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) سورة الأعراف الآية: 4. 2قوله تعالى: (فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) الآية: 5. 3قوله تعالى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) الآية: 6. 4 قوله تعالى: (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) الآية: 7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 وفي الآية السابعة 1 والثامنة: الأولى: الوعيد بالميزان. الثانية: أنه الحق لتقطع الأطماع. الثالثة: أن الفلاح بسبب ثقله. الرابعة: أن الخسارة بسبب خفته، الخامسة: ذكر سبب الخفة. الآية التاسعة 2 فيها: الأولى: ذكر نعمته بالتمكين في الأرض. الثانية: ذكر نعمته بما فيها من المعايش. الثالثة: ذكر قلة شكرهم. وفي الآية العاشرة 3. الأولى: ذكر نعمة الخلق. الثانية: ذكر نعمة التصوير. الثالثة: ذكر نعمة أمر الملائكة بالسجود لأبينا آدم. الرابعة: أنهم امتثلوا كلهم. الخامسة: إلا إبليس.   1 قوله تعالى: (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ) الآيتان: 8-9. 2 قوله تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) الآية: 10. 3 قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) الآية: 11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 الحادية عشرة 1 فيها. الأولى: سؤال الله إياه عن علة الامتناع. الثانية: تعظيم الفعل بقوله: ? {إِذْ أَمَرْتُكَ} . الثالثة: أن الاستدلال بالعموم صحيح. الرابعة: جواب إبليس أن ذلك لأجل كونه خيرا منه، لأن الفاضل لا يفعله مع المفضول. الخامسة: الاستدلال على فضيلته عليه بالأصل. السادسة: أن أصل الأبوين مما ذكر. الآية الثانية عشرة فيها 2. الأولى: أن كثيرا من شبه أهل الباطل لا يخاض معهم في حلها، بل جوابهم العقوبة. الثانية: قوله: {فَاهْبِطْ مِنْهَا} . الثالثة: ذكر العلة. الرابعة: ذكر فاء التفريع. الخامسة: قوله: {فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} 3. السادسة: تغليظ شأن الكبر. السابعة: معاقبة العاصي بضد قصده.   1 قوله تعالى: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) الآية 12. 2 قوله تعالى: (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) الآية: 13. 3سورة الأعراف آية: 13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 الثامنة: تغليظ رد النص بالرأي. وفي الآية الثالثة عشرة والرابعة عشرة 1. الأولى: سؤاله النظرة ولم ينزع إلى التوبة. الثانية: ليزداد معصية. الثالثة: النظر إلى عجيب القدر، كيف صدر هذا منه مع علمه وعبادته؟ الرابعة: علمه بالبعث وذكره في ذلك الموطن. الخامسة: أن إجابة دعاء الداعي في بعض الأحيان لا يدل على الكرامة. السادسة: أنه قد يكون نقمة. السابعة: أن طول العمر قد يكون نقمة. الآية الخامسة عشرة والسادسة عشرة 2 فيهما. الأولى: الإيمان بالقدر. الثانية: أن الاحتجاج به على المعاصي من طريقة إبليس. الثالثة: ذكر تجرده لهذا الأمر بذكر القعود. الرابعة: أنه قاعد على صراط الله المستقيم. الخامسة: تفصيله ما أراد فعله أنه يأتي من الجهات كلها. السادسة: أن القوة على فعل القبيح والتمدح بذلك من فعله.   1 قوله تعالى: (قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) الآيتان: 14- 15. 2 قوله تعالى: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) الآيتان: 16-17. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 السابعة: أن الفاسق قد يعطَى من الذكاء ما يصير به من أهل الفراسة. الثامنة: ما في هذا السياق من تقبيح المعصية. التاسعة: ما فيه من تقبيح ترك الشكر. العاشرة: أن الاعتراض على الحكمة بمثل هذا من فعله. الحادية عشرة: لو وقع المحذور فالاعتراض به على الحكمة من فعله. وفي الآية السابعة عشرة 1. الأولى: إجابته بهذا الجواب. الثانية: أنه خرج في هذه الحال ضد ما طلب. الثالثة: وعيد من اتبعه بالنار. الرابعة: أنها لا تملأ إلا بهم، ففيه الرد على من زعم أن أطفال المشركين منهم. الخامسة: امتلاؤها مع ما ذكر من عظمتها. الثامنة عشرة 2. الأولى: ما ذكر من إكرام آدم وزوجته. الثانية: إباحته لهما جميع ما في الجنة إلا شجرة واحدة. الثالثة: تأكيد النهي. الرابعة: ظلم دون ظلم.   1 قوله تعالى: (قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) الآية: 18. 2 قوله تعالى: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) الآية: 19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وفي التاسعة عشرة والعشرين 1 والحادية والعشرين: الأولى: ذكر وسوسته لهما. الثانية: ذكر غرضه في ذلك. الثالثة: ذكر تعليله النهي بضده. الرابعة: ذكر حلفه الفاجر. الخامسة: ذكر تدليه إياهما بالغرور. السادسة: أنهما لما فعلا بانت لهما العاقبة. السابعة: رحمة الله بعبده فيما حجره عليه، وأنه لم ينهه إلا عما يضره. الثامنة: أن بدو العورة مستقبح شرعا وعقلا. التاسعة: تكليم الله لهما. العاشرة: أنه ذكر لهما أنه نصحهما عن الأمرين. وفي الآية الثانية والعشرين 2. الأولى: أن الاعتراف بالذنب هو الصواب، وهو من أسباب السلامة.   1 قوله تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ) الآيات 20-22. 2 قوله تعالى: (قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الآية: 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 الثانية: الاستغفار. الثالثة: المبالغة فيه. الرابعة: أن العاصي لم يظلم إلا نفسه. وفي الآية الثالثة والعشرين 1. الأولى: أمره لهم بالهبوط. الثانية: إخباره بعداوة بعضهم لبعض. الثالثة: إخباره لهما بما لهم في الأرض. الرابعة: مضرة المعصية ولو تاب فاعلها منها. الخامسة: الرد على من قال: بالعصمة. وفي الآية السادسة والعشرين 2. الأولى: فيها تذكيره بما يواري السوءات. الثانية: تذكيره بإنزال الريش. الثالثة: تذكيره بإنزال لباس التقوى. الرابعة: إخباره بخير اللباسين. الخامسة: ذكره أن ذلك من آياته. السادسة: ذكره الحكمة في ذلك.   1 قوله تعالى: الآية: 24. 2 في الأصل (الثامنة عشر) , وفي هذا الموضع من المخطوطة شيء من الخطأ في عد الآيات. والمقصود قوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الآية: 26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 وفي الآية السابعة والعشرين 1. الأولى: إخباره وإنذاره عن فتنة الشيطان. الثانية: تمثيله بما لا يستطيع أحد دفعه. الثالثة: ذكر ما جرى في طاعته من التعب العاجل. الرابعة: نزعه عنهما لباسهما. الخامسة: مراده في ذلك. السادسة: تنبيهه على هذا المهم وهو كونهم يروننا ولا نراهم. السابعة: القاعدة الكلية، وهي من مسائل الصفات. وفي الآية الثامنة والعشرين 2: الأولى: فيها إنكاره عليهم الفاحشة. الثانية: الرد على من أنكر التحسين والتقبيح العقلي. الثالثة: إنكارهم حجتهم الأولى والثانية. الرابعة: أمره بالتقوى الذي فيه تنزيه الله عن ذلك. الخامسة: اشتمال هذا الكلام على ما لا يحصى من المسائل. السادسة: أن من معرفة الله نفي ما لا يجوز عليه. السابعة: إنكاره عليهم القول عليه بلا علم.   1 قوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) الآية: 27. 2 قوله تعالى: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الآية: 28. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وفي الآية التاسعة والعشرين 1 والآية الثلاثين: الأولى: أمره أن نقول هذا الإثبات. الثانية: الاستدلال بالصفات على الأفعال. الثالثة: الاستدلال بالعموم. الرابعة: ذكره أمره بالعدل. الخامسة: إقامة الوجه عند كل مسجد. السادسة: دعوته بالإخلاص. السابعة: ذكر المعاد. الثامنة: الاستدلال عليه بالمبدأ. التاسعة: ذكر الإيمان بالقدر بذكر الهداية والإضلال. العاشرة: الإشارة إلى سبب الأمرين. الحادية عشرة: ذكر تعظيم 2 وهو اتحاذهم الشياطين أولياء. الثانية عشرة. ذكر حسبانهم أنهم مهتدون. الثالثة عشرة: ذكر أن ذلك ليس عذرا.   1 قوله تعالى: (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) الآيتان 29-30. 2 يعني: عظم ذلك الأمر وخطورته على فاعليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 وفي الآية الواحدة 1 والثلاثين: الأولى: ذكر الأمر بأخذ الزينة عند كل مسجد. الثانية: ذكر الأكل والشرب. الثالثة: النهي عن السرف. الرابعة: إخباره أنه لا يحب المسرفين. وفي الآية الثانية والثلاثين 2: الأول ى: الإنكار على من حرّم الزينة. الثان ية: إضافتها إلى الله. الثالثة: تنبيه على العلة بقوله: (من الرزق) . الرابعة: أمره أن تقول هذا القول. الخامسة: ذكر تفصيل الآيات. السادسة: ذكر أهل التفصيل. وفي الآية الثالثة والثلاثين 3. الأولى: أمره أن نقول هذا القول.   1 قوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الآية: 31. 2 قوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الآية: 32. 3 قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الآية 33. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 الثانية: حصر المحرمات فيما ذكر. الثالثة: تحريم الفواحش. الرابعة: تحريم الإثم والبغي بغير الحق. الخامسة: تحريم الشرك. السادسة: ذكر هذا القيد العظيم. السابعة: تحريم القول بلا علم. والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 قصة آدم وإبليس تكلم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ورضي عنه على قصة آدم وإبليس فقال: بسم الله الرحمن الرحيم. عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 1: "إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض: جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والحزن والخبيث والطيب" 2. وقوله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ} 3. قال ابن عباس في رواية الوالبي: الصلصال: الطين اليابس، وفي رواية: الذي إذا نقر صوت. والحمأ: الطين الأسود المتغير اللون، والمسنون: المتغير الرائحة، يقال: سنى الماء فهو مسنون إذا تغير.   1 رواه أحمد في مسنده عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه, وقدأخرجه أيضا أبو داود (كتاب السنة) والترمذي (كتاب التفسير) , كماأخرجه الحاكم والبيهقي. 2 الترمذي: تفسير القرآن (2955) , وأبو داود: السنة (4693) , وأحمد (4/400 ,4/406) . 3سورة الحجر آية: 26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وقال سيبويه 1 المسنون المصور على صورة ومثال. وقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} 2: قال ابن القيم 3: قال ابن عباس: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ} يعني: آدم، {ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} لذريته، ومثال هذا ما قاله مجاهد 4: {خَلَقْنَاكُمْ} يعني آدم، {صَوَّرْنَاكُمْ} يعني في ظهر آدم. وفي الحديث المعروف 5 أنه أخرجهم من ظهر آدم في صورة الذر، ونظيره {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} 6، والله سبحانه يخاطب   1 هو عمرو بن عثمان أبو بشر, إمام النحاة وأول من بسط علم النحو, صاحب كتاب سيبويه, ولد سنة 148 وتوفي سنة 180هـ , راجع: وفيات الأعيان 1- 385 وراجع (لسان العرب) في معنى مسنون. 2سورة الأعراف آية: 11. 3 هو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر الدمشقي, العالم الثبت صاحب المؤلفات الكثيرة الشهيرة, منها (أعلام الموقعين) و (الطرق الحكمية) و (زاد المعاد) و (مدارج السالكين) و (شفاء العليل) و (إغاثة اللهفان) . وغيرها, ولد عام 691 وتوفي عام 751هـ. 4 هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي, مولى بني مخزوم, تابعي مفسر, أخذ التفسير عن ابن عباس. ولد عام 21 وتوفي عام 104هـ. راجع مثلا: سير النبلاء جـ 4. 5 راجع في كتب التفسير الموسعة ما ذكر في تفسير قوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا..) سورة الأعراف 172. 6سورة الحج آية: 5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 الموجودين والمراد آباؤهم كقوله: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} 1، وغير ذلك من الآيات، وقد يستطرد سبحانه من الشخص إلى نوع كقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} 2 إلى آخره، فالمخلوق من سلالة آدم، ومن نطفة ذريته، وقيل إن: {صَوَّرْنَاكُمْ} لآدم أيضا. وقوله تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} 3 فأضاف النفخ إلى نفسه، وفي الصحيح - في حديث الشفاعة - "فيقولون أنت آدم خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء 4" فذكروا له أربع خصائص. فالمنفوخ منه الروح المضافة إلى الله إضافة تخصيص وتشريف، والله هو الذي نفخ في طينته من تلك الروح; وهذا الذي دل عليه النص. وأما كون النفخة مباشرة منه سبحانه كما خلقه بيده، أو أنها بأمره كقوله في مريم: {فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} 5 مع قوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} 6.   1سورة البقرة آية: 55. 2سورة المؤمنون آية: 12-13. 3سورة الحجر آية: 29. 4 الحديث رواه البخاري (كتاب التوحيد) ومسلم (كتاب القدر) والترمذي (كتاب القيامة) وابن ماجه (كتاب الزهد) , كما رواه أحمد في مسنده. 5سورة الأنبياء آية: 91. 6 سورة مريم آية: 17. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 إلى آخره فهذا يحتاج إلى دليل، فإنه أضاف النفخ إلى مريم لكونه بأمره; وإلى الملك لكونه المباشر للنفخ. وفي القصة فوائد عظيمة، وعبر لمن اعتبر بها، منها: أن خلق آدم من تراب من أبين الأدلة على المعاد، كما استدل عليه سبحانه في غير موقع، وعلى قدرته سبحانه وعظمته ورحمته وعقوبته، وإنعامه وكرمه، وغير ذلك من صفاته. ومنها أنها من أدلة الرسل عامة، ومن أدلة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة. ومنها الدلالة على الملائكة وعلى بعض صفاتهم. ومنها الدلالة على القدر خيره وشره؛ فقد اشتملت على أصول الإيمان الستة في حديث 1 جبريل. ومنها وهي أعظمها أنها تفيد الخوف العظيم الدائم في القلب; وأن المؤمن لا يأمن حتى تأتيه الملائكة عند الموت تبشره، وذلك من قصة إبليس وما كان فيه أولا من العبادة والطاعة، ففي ذلك شيء من تأويل قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع 2" إلى آخره. ومنها أن لا يأمن عاقبة الذنب، ولو كان قبله طاعات كثيرة، وهو ذنب واحد، فكيف إذا كانت الذنوب بعدد رمل عالج 3، ومن هنا قول بعض السلف: نضحك ولعل الله اطلع على بعض أعمالنا، فقال: اذهبوا   1 رواه البخاري (إيمان) ومسلم (إيمان) والترمذي (إيمان) وأبو داود (سنة) والنسائي (مواقيت) . كما رواه ابن ماجة وأحمد. 2 رواه أصحاب الكتب الستة عن ابن مسعود. 3 رملة بالبادية بين فيد والقُرَيات (راجع: معجم البلدان) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 فلا أقبل منكم عملا - أو كلاما هذا معناه -. وأبلغ منه قوله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليتكلم 1 بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه" قال علقمة 2: كم من كلام منعنيه حديث بلال، يعني هذا. ومنها أنها تخلع من القلب داء العجب الذي هو أشد من الكبائر. ومنها وهي من أعظمها أنها تعرف المؤمن شيئا من كبرياء الله وعظمته وجبروته; ولا يدل عليه ولو بلغ في الطاعة ما بلغ، وقد وقع في هذه الورطة كثير من العباد فمستقل ومستكثر. ومنها التحذير من معارضة القدر بالرأي لقوله: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} 3، وهذه بلية عظيمة لا يتخلص منها إلا من عصمه الله لكل مقل ومكثر. ومنها وهي من أعظمها تأدب المؤمن من معارضة أمر الله ورسوله بالرأي على استدل بها السلف كل هذا الأمر، ولا يتخلص من هذا إلا من سبقت له من الله الحسنى. ومنها عدم الاحتجاج بالقدر عند المعصية لقوله: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} 4 بل يقول كقول أبيه: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} 5 الآية ومنها معرفة قدر المتكبر عند الله خصوصا مع قوله: {فَاهْبِطْ مِنْهَا   1 رواه البخاري (رقاق) والترمذي (زهد) وابن ماجه (فتن) , كما رواه الموطأ ومسند أحمد. 2 هو علقمة بن قيس النخعي الهمداني, التابعي فقيه أهل العراق, كان يشبه بابن مسعود, روى الحديث عن الصحابة (ت 62 هـ) . 3سورة الإسراء آية: 62. 4سورة الحجر آية: 39. 5سورة الأعراف آية: 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا} 1. ومنها الفخر بالأصل، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم التشديد 2 في ذلك; والفخر منهي عنه مطلقا، ولو كان بحق فكيف إذا كان بباطل؟ ومنها الشهادة لما كان عليه السلف أن البدعة أكبر من الكبائر، لأن معصية اللعين كانت بسبب الشبهة، ومعصية آدم بسبب الشهوة. ومنها عدم الاغترار بالعلم; فإن اللعين كان من أعلم الخلق فكان من أمره ما كان. ومنها عدم الاغترار بالرتبة والمنزلة فإنه كان له منزلة رفيعة; وكذلك بلعام 3 وغيره ممن له علم ورتبة، ثم سلب ذلك. ومنها معرفة العداوة التي بين آدم وذريته، وبين إبليس وذريته وأن هذا سببها لما طرد عدو الله ولعن بسبب آدم، لما لم يخضع. وهذه المعرفة مما يغرس في القلب محبة الرب جل جلاله، ويدعوه إلى طاعته وإلى شدة مخالفة الشيطان، لأنه سبحانه ما طرد إبليس ولعنه، وجعله بهذه المنزلة الوضيعة بعد تلك المنزلة الرفيعة إلا لأنه لم يخضع بالسجود لأبينا آدم، فليس   1سورة الأعراف آية: 13. 2 ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم التشديد في النهي عن الفخر بالآباء, مثل إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء وفيه -في بعض رواياته- لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم.. وقد رواه عن أبي هريرة أبو داود والترمذي والبيهقي. وفي معناه أحاديث متعددة. 3 هو بلعام بن باعوراء. راجع تفسير قوله تعالى: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا..) سورة الأعراف 175 في كتب التفسير الموسعة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 من الإنصاف والعدل موالاته، وعصيان المنعم جل جلاله، كما ذكر هذه الفائده بقوله: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} 1. ومنها معرفة شدة عداوة عدو الله لنا، وحرصه على إغوائنا بكل طريق، فيعتد المؤمن لهذا الحرب عدته، ويعلم قوة عدوه وضعفه عن محاربته إلا بمعونة الله، كما قال قتادة 2: إن عدوا يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم إنه لشديد المؤنة إلا من عصمه الله. وقد ذكر الله عداوته في القرآن في غير موضع، وأمرنا باتخاذه عدوا. ومنها وهي من أعظمها معرفة الطرق التي يأتينا منها عدو الله، ذكر الله تعالى عنه في القصة أنه قال: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} 3، وإنما تعرف عظمة هذه الفائدة بمعرفة شيء من معاني هذا الكلام. قال جمهور المفسرين: انتصب صراط بحذف " على "، التقدير: لأقعدن لهم على صراطك قال ابن القيم: والظاهر أن الفعل مضمر، فإن القاعد على الشيء ملازم له، فكأنه قال: لألزمنه ولأرصدنه ونحو ذلك. قال ابن عباس: دينك الواضح {مِنْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} يعني الدنيا والآخرة، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} يعني الآخرة والدنيا، {وَعَنْ   1سورة الكهف آية: 50. 2 هو أبو الخطاب الضرير الأكمه قتادة بن دعامة السدوسي, مفسر الكتاب المحدث, كان آية في الحفظ, إماما في النسب, رأسا في العربية واللغة وأيام العرب. توفي عام 117 هـ, راجع مثلا: المعارف ص 60 وشذرات الذهب 1-153. 3سورة الأعراف آية: 17-18. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 أَيْمَانِهِمْ} قال ابن عباس: أشبّه عليهم أمر دينهم، وعنه أيضا: من قبل الحسنات، وقوله: {وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} الباطل أرغبهم فيه، قال الحسن 1 "السيئات يحثهم عليها ويزينها في أعينهم". قال ابن قتادة: أتاك الشيطان يا ابن آدم من كل وجه، إلا أنه لم يأتك من فوقك، ولم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله؛ وهو يوافق قول من ذكر هذه الأوجه للمبالغة في التوكيد، أي أتصرف لهم في الإضلال من جميع جهاتهم; ولا يناقض ما ذكر السلف، فإن ذلك على جهة التمثيل، فالسبل التي للإنسان أربعة فقط، فإنه تارة يأخذ على جهة شماله، وتارة على يمينه، وتارة أمامه، وتارة يرجع خلفه، فأي سبيل من هذه سلكها وجد الشيطان عليها راصدا له، فإن سلكها في طاعة ثبطه; وإن سلكها بالمعصية حداه. وأنا أمثل لك مثالا واحدا لما ذكر السلف، وهو أن العدو الذي من بني آدم إذا أراد أن يمكر بك لم يستطع أن يمكر إلا في بعض الأشياء، وهي الأشياء الغامضة، والأشياء التي ليست بعالية، فلو أراد أن يمكر بك في أمر واضح بين مثل التردي من جبل أو بئر وأنت ترى ذلك، لم يستطع، خصوصا إذا عرفت أنه قد مكر بك مرات متعددة، ولو أراد ليمكر بك لتتزوج عجوزا شوهاء وأنت تراها لم يستطع ذلك. وأنت ترى أن اللعين أعاذنا الله منه يأتي الآدمي في أشياء واضحة بينة أنها مما حرم الله ورسوله فيحمله عليها حتى يفعله; ويزينها في عينه حتى يفرح بها، ويزعم أن فيها مصلحة ويذم من خالفه; كما قال تعالى: {لا تَحْسَبَنَّ   1 هو أبو سعيد الحسن بن يسار, إمام أهل البصرة في زمانه التابعي الورع (21-110 هـ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} 1 الآية. وقوله: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 2 وقوله: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} 3 وهذا معنى قول من قال: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} من قبل الدنيا فإنهم يعرفونها وعيوبها ومجمعون على ذمها، ثم مع هذا لأجلها قطعوا أرحامهم وسفكوا دماءهم، وفعلوا ما فعلوا، وهذا معنى قول مجاهد {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} : من حيث يبصرون، فهو لم يقنع بإتيانه إياهم من الجهة التي يجهلون أنها معصية مثل ما فسر به مجاهد {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} قال: من حيث لا يبصرون، ولا من جهة الغيب كما قال فيها بعضهم، الآخرة أشككهم فيها، لم يقنع بذلك عدو الله حتى أتاهم في الأمور التي يعرفونها عيانا أنها النافعة وضدها الضار، وفي الأمور التي يعرفون أنها سيئات وضدها حسنات، ومع هذا أطاعوه في ذلك إلا من شاء الله منهم كما قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} 4. وقال تعالى حكاية عنه: {وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ   1سورة ال عمران آية: 188. 2سورة البقرة آية: 42. 3سورة البقرة آية: 102. 4 سورة سبأ آية: 20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 خَلْقَ اللَّهِ} 1 الآية. قال الضحاك 2: مفروضا معلوما، وحقيقة الفرض التقدير، والمعنى أن من اتبعه فهو نصيبه المفروض. فالناس قسمان: نصيب الشيطان ومفروضه، وحزب الله وأولياؤه. قوله: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} يعني عن الحق، {وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} قال ابن عباس: تسويف التوبة وتأخيرها، وقال الزجاج 3: أجمع لهم مع الإضلال أن أوهمهم أنهم ينالون مع ذلك حظهم من الآخرة. وقوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} 4، البتك القطع، وهو ههنا قطع آذان البحيرة. وقوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} ، قال ابن عباس: دين الله، وقاله ابن المسيب 5 والحسن وإبراهيم 6 وغيرهم، ومعنى ذلك أن الله فطر عباده على الفطرة وهي الإسلام كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} 7 الآية، وفي الصحيح: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه 8") الحديث، فجمع صلى الله   1سورة النساء آية: 118-119. 2 هو الضحاك بن مزاحم البلخي الخراساني, كان مفسرا له كتاب في التفسير (ت 105هـ) , راجع مثلا: ميزان الاعتدال 1- 471. 3 هو إبراهيم بن السري عالم النحو واللغة البغدادي, ولد عام 241 وتوفي عام 311هـ. 4سورة النساء آية: 119. 5 هو أبو محمد سعيد بن المسيب المخزومي القرشي, سيد التابعين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة, كان راوية لفقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 6 هو إبراهيم بن يزيد بن قيس, أبو عمران النخعي, كان فقيها من أكابر التابعين, وفقيه أهل العراق في عصره (46-96هـ) . 7سورة الروم آية: 30. 8 رواه البخاري ومسلم والطبراني في الكبير والبيهقي في السنن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 عليه وسلم بين الأمرين: تغيير الفطرة بالتهويد وغيره، وتغيير الخلقة بالجدع، وهما اللذان أخبر إبليس أنه لا بد أن يغيرهما. ثم قال تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ} فوعده ما يصل إلى قلب الإنسان، نحو: سيطول عمرك، وتنال من الدنيا وتعلو، والدنيا دول وستكون لك، ويطول أمله، ويعده الحسنى على شركه ومعاصيه، ويمنيه الأماني الكاذبة على اختلاف وجوهها، فالوعد في الخير، والتمنية في الطلب والإرادة. ومنها أن معرفة هذه القصة تزرع في قلب المؤمن حب الله تعالى الذي هو أعظم النعم على الإطلاق، وذلك من صنعه سبحانه بالإنسان وتشريفه وتفضيله إياه على الملائكة، وفعله بإبليس ما فعل لما أبى أن يسجد له، وخلقه إياه بيده ونفخه فيه من روحه; وإسكانه جنته، وقد خاطب الله سبحانه بني إسرائيل الموجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بما فعل مع آبائهم، وذكرهم بذلك واستدعاهم به، وذكرهم أنه فعله بهم كقوله: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} 1 وغير ذلك، ذكر النعم التي هي أصل الشكر الذي هو الدين، لأن شكرها مبني على معرفتها وذكرها; فمعرفة النعم من الشكر بل هي أم الشكر، كما في الحديث 2: "من أسدي إليه معروف فذكره فقد شكره، فإن كتم فقد كفره" هذا في الأشياء التي تصدر من بني آدم، فكيف بنعم المنعم على الحقيقة والكمال؟   1سورة البقرة آية: 50. 2 روي بمعناه عن ابن عباس, ورواه أحمد في مسنده بمعناه عن عائشة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 واجتمع الصحابة يوما في دار يتذاكرون ما منَّ الله عليهم به من بعثه محمد صلى الله عليه وسلم. ومنها أن التأويل الفاسد في رد النصوص ليس عذرا لصاحبه، كما أنه سبحانه لم يعذر إبليس في شبهته التي أبداها كما يعذر من خالف النصوص متأولا مخطئا، بل كان ذلك التأويل زيادة في كفره. ومنها أن مثل هذا التأويل ليس على أهل الحق أن يناظروا صاحبه، ويبينوا له الحق كما يفعلون مع المخطئ المتأول، بل يبادر إلى عقوبته بالعقوبة التي يستحقها بقدر ذنبه; وإلا أعرض عنه إن لم يقدر عليه; كما كان السلف الصالح يفعلون هذا وهذا. فإنه سبحانه لما أبدى له إبليس شبهته فعل به ما فعل; ولما عتب على الملائكة في قيلهم، أبدى لهم شيئا من حكمته وتابوا. وقد وقعت هذه الثلاث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي فتح الله فيها مكة، فإنه لما أعطى المؤلفة قلوبهم ووجدت عليه الأنصار عاتبهم واعتذروا قبل عذرهم; وبين لهم شيئا من الحكمة، ولما قال له ذلك الرجل العابد: " اعدل "، قال له كلاما غليظا. واستأذنه بعض الصحابة في قتله ولم ينكر عليه 1، لكن ترك قتله لعذر ذكره. ولما فعل خالد بن الوليد ببني جذيمة ما فعل رد عليهم ما أخذ منهم ووداهم، ولا نعلم أنه عاتب 2 خالدا ولا منعه ذلك من تأميره على الناس.   1 راجع: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لابن هشام جـ 4 ص 144 (تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد) - طبع دار الفكر. 2 راجع: المرجع السابق ص 55 وما بعدها, ففيه تفصيل ذلك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 ومنها أن الشبهة إذا كانت واضحة البطلان لا عذر لصاحبها، فإن الخوض معه في إبطالها تضييع للزمان وإتعاب للحيوان، مع أن ذلك لا يردعه عن بدعته، وكان السلف لا يخرجون مع أهل الباطل في رد باطلهم كما عليه المتأخرون، بل يعاقبونهم إن قدروا وإلا أعرضوا عنهم. وقال أحمد لمن أراد أن يرد عليهم: اتق الله ولا تنصب نفسك لهذا، فإن جاءك مسترشدا فأرشده. وهو سبحانه لما قال اللعين: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} 1 قال: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} 2 ولما قالت الملائكة ما قالت: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} 3 ثم بين لهم ما بين حتى أذعنوا. ومنها معرفة قدر الإخلاص عند الله، وحماية لأهله لقول اللعين: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} 4 فعرف عدو الله أنه لا سبيل له على أهل الإخلاص. ومنها أن كشف العورة مستقر قبحه في الفطر والعقول لقوله: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} 5، وقد سماه الله فاحشة. ومنها أنه لا ينبغي للمؤمن أن يغتر بالفجرة، بل يكون على حذر منهم ولو قالوا ما قالوا، خصوصا أولياء الشيطان الذين تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته، فإن اللعين حلف {إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} 6. ومنها أن زخرفة القول قد تخرج الباطل في صورة الحق كما في الحديث: "إن من 7 البيان لسحرا" فإن اللعين زخرف قوله بأنواع منها تسمية   1سورة الأعراف آية: 12. 2سورة الحجر آية: 34. 3سورة البقرة آية: 30. 4سورة الحجر آية: 40. 5سورة الأعراف آية: 20. 6سورة الأعراف آية: 21. 7 رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 الشجرة شجرة الخلد; ومنها تأكيد قوله: {إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} 1 وغير ذلك مما ذكر في القصة; فينبغي للمؤمن أن يكون من زخرف القول على حذر، ولا يقنع بظاهره حتى يعجم العود. ومنها أن في القصة شاهدا لما ذكر في الحديث: "إن من العلم 2 جهلا" أي من بعض العلم ما العلم به جهل، والجهل به هو العلم، فإن اللعين من أعلم الخلق بأنواع الحيل التي لا يعرفها آدم، مع أن الله علمه الأسماء كلها؛ فكان ذلك العلم من إبليس هو الجهل، وفي الحديث: "إن الفاجر خب لئيم 3 وإن المؤمن غر كريم" وأبلغ من ذلك وأعم منه قول الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} 4، فقيل لهم ما قيل وعوتبوا، فكانت توبتهم أن قالوا: {سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} 5 فكان كمالهم ورجوعهم عن العتب وكمال علمهم أن أقروا على أنفسهم بالجهل إلا ما علمهم سبحانه. ففي هذه القصة شاهد للقاعدة الكبرى في الشريعة المنبه عليها في مواضع منها قوله صلى الله عليه وسلم: "وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها 6 ") .   1سورة الأعراف آية: 21. 2 رواه أبو داود عن بريدة, ويروى (إن من البيان سحرا وإن من العلم جهلا) . 3 رواه أبو داود (كتاب الأدب) والترمذي (كتاب البر) , كما رواه أحمد في مسنده 3- 294. 4سورة البقرة آية: 30. 5سورة البقرة آية: 32. 6 راجع في هذا المعنى: الترمذي (كتاب اللباس) وابن ماجه (كتاب الأطعمة) , وصحيح البخاري (كتاب الاعتصام) وصحيح مسلم (كتاب الفضائل) , وراجع تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) سورة المائدة: 101 في كتب التفسير الكبيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 ومنها أنه لا ينبغي للمؤمن أن يغتر بخوارق العادة إذا لم يكن مع صاحبها استقامة على أمر الله، فإن اللعين أنظره الله تعالى ولم يكن ذلك إلا إهانة له وشقاء له، وحكمة بالغة يعلمها الحكيم الخبير، فينبغي للمؤمن أن يميز بين الكرامات وغيرها، ويعلم أن الكرامة هي لزوم الاستقامة. ومنها أن الأمور التي يحرص عليها أهل الدنيا قد تكون عقوبة ومحنة، والجاهل يظنها نعمة، مثل المال والجاه وطول العمر، فإن الله أعطى اللعين من النظرة ما أعطاه. ومنها أن يعلم المؤمن أن الذنوب كثيرة ولا نجاة له منها إلا بمعونة الله وعفوه، وأن كثيرا منها قد لا يعلمه من نفسه، فإن أكثر الكبائر القلبية مثل الرياء والكبر والحسد، وترك التوكل والإخلاص وغير ذلك، قد يتلطخ بها الرجل وهو لا يشعر، ولعله يتورع عن بعض الصغائر الظاهرة، وهو في غفلة عن هذه العظائم. ومنها أن يعرف قدر معصية الحسد وكيف آل باللعين حسده إلى أن فعل به ما فعل. ومنها وهو من أحسنها أن يعرف صحة ما ذكر عن بعض السلف أن من لم يجاهد في سبيل الله ابتلي بالجهاد في سبيل الشيطان، ومن بخل بإنفاقه المال في طاعة الله ابتلي بإنفاقه في المعاصي وفيما لا ينفعه، ومن لم يمش في طاعة الله خطوات، مشى في طاعة الشيطان أميالا وأشباه ذلك، والدليل من القصة أبلغ من هذا بكثير، فإن اللعين أبى أن يسجد لزعمه أن ذلك نقص في حقه، ثم صار بعد ذلك يكدح جهده في القيادة والدياثة وأنواع الرذائل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 ومنها أن في القصة معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه 1") إلى آخره، ومن ذلك قوله حكاية عن إبليس: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} 2، فإنهم ذكروا في معناه أي: آمرهم بتغيير خلق الله، وهي فطرته التي فطر عباده عليها، وهي الإسلام لله وحده لا شريك له. ومنها أن فيها معنى القاعدة الكبرى في الشريعة المذكورة في مواضع، منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" 3 وهي من قوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} 4، فإنهم ذكروا أن معناه قطع آذان البحيرة تقربا إلى الله على عادات الجاهلية. ومنها أنها تفيد المعنى العظيم المذكور في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} 5 وما في معناه من النصوص، وذلك مستفاد من صنع اللعين; فإنه مع علمه بجبروت الله وأليم عذابه، وأنه لا محيص له عنه; ويعرف من الأمور ما لا يعرفه كثير من أهل العلم، ومع ذلك لم يتب ولم يرجع، بل أصر وعاند، وطلب النظرة لأجل المعصية مع علمه بعقابه وعدم مصلحته من فعله. وهذا باب عظيم من معرفة الرب وقدرته، وتقليبه القلوب كيف يشاء، وتيسيره كل عبد لما خلق له فيفعله باختياره. ومنها أن الله سبحانه قد يعاقب العبد إذا غضب عليه بعقوبات باطنة في دينه وقلبه لا يعرفها الناس، مع إمداده إياه في الدنيا كما قال تعالى:   1 رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه وسبق في ص 90. 2سورة النساء آية: 119. 3 البخاري: الصلح (2697) , ومسلم: الأقضية (1718) , وأبو داود: السنة (4606) , وابن ماجه: المقدمة (14) , وأحمد (6/73 ,6/146 ,6/180 ,6/240 ,6/256 ,6/270) . 4سورة النساء آية: 119. 5سورة الأنفال آية: 24. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ} 1 كما فعل إبليس. ومنها أن فيها شهادة لما ذكر عن بعض السلف أن من عقوبة السيئة السيئة بعدها. ومنها أنها تفيد القاعدة المعروفة أن الجزاء من جنس العمل، وذلك أنه قصد الترفع فقيل له: {فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} 2 فقصد العز فأذله الله بأنواع من الذل. ومنها الشهادة لصحة الكلام المذكور عن بعض السلف في قوله: والله إن معالجة التقي التقوى أهون من معالجة غير التقي الناس، وقول من قال: مصانعة وجه واحد أهون من مصانعة ألف وجه. وبيان ذلك أن اللعين لما تخيل أن عليه من أمر الله شيئا من النقص، فلو قدم طاعة الله وآثرها على هواه وسجد لآدم، فلو قدر أن ما تخيله صحيح وأن ذلك غضاضة عليه، لكان في جنب ما أتاه من الشر والهوان والصغار جزءا يسيرا، فالله المستعان، فكيف ولو فعل ذلك لكان فيه شرفه وسعادته، مما هو عادة الله في خلقه أن من تواضع لله رفعه. ومنها أن الفاجر قد يعطيه الله سبحانه كثيرا من القوى والإدراكات في العلوم والأعمال حتى في صحة الفراسة، كما ذكر عن اللعين حين تفرس فيهم أنه يغويهم إلا المخلصين، فصدق الله فراسته في قوله: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} 3. فإن قيل في الحديث:   1سورة التوبة آية: 77. 2سورة الأعراف آية: 13. 3 سورة سبأ آية: 20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله 1 ") فلا يناقض ما ذكرناه، بل يدل على أن المؤمن أتم في هذه الخصلة من غيره وأصدق، كما كان في العلم والإيمان والأعمال والحلم والصبر وغير ذلك، ولو كان للفجار شيء من ذلك. ومنها الشهادة للقاعدة المعروفة في الشريعة أن كل عمل لا يقصد به وجه الله فهو باطل، لاستثنائه المخلصين. ومنها الشهادة للقاعدة الثانية، وهي أن كل عمل على غير اتباع الرسول غير مقبول، لقوله في القصة: {اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً} 2، الآية فقسم الناس إلى قسمين: إلى أهل الجنة، وهم الذين اتبعوا الهدى المنزل من الله، وأهل الشقاق والضلال، وهم من أعرض عنه؛ فانتظمت هذه القصة لهاتين الآيتين العظيمتين اللتين هما أكبر قواعد الشريعة على الإطلاق. القاعدة الأولى: فيها حديث عمر " إنما الأعمال بالنيات 3") . والقاعدة الثانية: حديث عائشة: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد 4") .   1 رواه الطبراني والترمذي من حديث أبي أمامة, وأخرجه الترمذي أيضا من حديث أبي سعيد. وراجع تقريرا موسعا عن تخريجه في (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس) للمفسر المحدث الشيح إسماعيل ابن محمد العجلوني (ت 1162 هـ) جـ 1 ص 40-41. 2سورة البقرة آية: 38. 3 الحديث متفق عليه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, ورواه ابن حبان بدون (إنما) , ولم يصح روايته إلا عن عمر, ولكنه اشتهر بعد ذلك, وقد سبق تخريجه في ص 44. 4 سبق تخريجه في ص 44. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 وقال أيضا: وقوله عز وجل: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} إلى قوله: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} 1. هذه الآية ذكرها الله سبحانه بعدما رد على الكفار عبادات يتقربون بها إليه ولم يشرعها، منها أنهم إذا حجوا طافوا بالبيت عراة يقولون: الثياب التي عصينا الله فيها لا نطوف فيها، فقال الله ردا عليهم: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} 2. والفاحشة في هذا الموضع إخراج العورة للعبادة، مثل ما يفعل كثير من الناس يكشف عورته للاستنجاء، وغيره ينظره، يريد بالاستنجاء في هذه الحالة التقرب إلى الله، فلما رد عليهم الباطل أخبرهم بالحق الذي شرعه فقال: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} 3 وهو العدل، {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} 4 وهو إقامة الصلاة بحقوقها، {وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} 5 يقول: ادعوه بهذا الشرط {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 6. يقول: الأمور التي تعبدونني بها لم آمركم بها، والأمور التي أمرتكم بها لا تفعلونها; فالظلم والبغي   1قوله تعالى: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) سورة الأعراف: الآيات: 28-30. 2 سورة الأعراف آية: 28. 3 سورة الأعراف آية: 29. 4 سورة الأعراف آية: 29. 5 سورة الأعراف آية: 29. 6 سورة الجن آية: 18. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 ضد القسط وهو جاهكم وسمتكم الذي تبذلون فيه الأعمار والأموال، وإقامة الوجه عند كل مسجد لا تفعلونها; إن فعلتم صليتم صلاة لا تجزئ، والإخلاص منكر عندكم، ودينكم الذي ترجون به الثواب هو الشرك. إذا فهمت هذا فتأمل أحوال من تعرف، ونزل هذه الآية على أحوالهم ترى العجب. ثم قال: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} 1 أي لا بد أن يخلقكم للبعث كما بدأ خلقكم من نطفة. ثم قال: {فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} 2 فهذا القدر يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فجمع في هذه الآية الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالشرع والإيمان بالقدر; وذكر فيها تفصيل الشرع الذي أمر به، وذكر حال من عكس الأمر فجعل المنكر معروفا والمعروف منكرا. ثم ختم الآية بهذه المسألة العظيمة، وهي: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} 3 فلا أجهل ممن هرب عن طاعة الله واختار طاعة الشيطان، ومع هذا يحسب أنه مهتد مع هذا الضلال الذي لا ضلال فوقه، والله أعلم.   1 سورة الأعراف آية: 29. 2 سورة الأعراف آية: 30. 3 سورة الأعراف آية: 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وقال أيضا الشيخ محمد بن عبد الوهاب قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ} 1 الآية، فيه مسائل: الأولى: شيء من تفصيل قوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً} 2. الثانية: معنى قوله: "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة 3") . الثالثة: الملاطفة في الدعوة إلى الله لقوله: {يَا قَوْمِ} ، أضافهم إلى نفسه. الرابعة: التي أرسلت الرسل وخلقت الخلق لأجلها. الخامسة: تفسير الآية. السادسة: دعاؤهم بالرغبة. السابعة: دعاؤهم بالتخويف.   1قوله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِينَ) سورة الأعراف: الآيات 59-64. 2 سورة النحل آية: 36. 3 رواه البخاري (كتاب التيمم وكتاب الصلاة) , كما رواه النسائي (في كتاب الغسل) والدارمي (في كتاب الصلاة) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 الثامنة: جواب الملأ لهذا الكلام بهذه الجهالة. التاسعة: كون أهل الباطل ينسبون أهل الحق إلى الجهالة; بل إلى السفاهة بل إلى السحر بل إلى الجنون. العاشرة: حسن جوابه لهم، ومقابلة الإساءة بالتي هي أحسن. الحادية عشرة: تعريفهم بأنهم إنما ردوا وعصوا رب العالمين. الثانية عشرة: تعريفهم بما فيه من الخصال التي لا غناء لهم عنها. الثالثة عشرة: تعريفهم أن تلك الخصال لا تقتضي الحسد، بل تقتضي المحبة والانقياد. الرابعة عشرة: لما عرفهم أن الرسالة التي أتتهم منه، وعظهم بأنه رب العالمين. الخامسة عشرة: تعريفهم أن هذا الذي استغربوا ونسبوا من قاله إلى الجهالة والجنون هو الواجب في العقل; وهو أيضا حظهم ونصيبهم من الله، لأنه سبب الرحمة. ففي هذا الكلام من أوله إلى آخره من تحقيق الحق، وذكر أدلته العقلية على تحقيقه، وإبطال الباطل، وذكر الأدلة العقلية على بطلانه، ما لا يخفى على من له بصيرة. السادسة عشرة: ذكر أنهم كذبوه مع هذا البيان، ففصل الله الخصومة بما ذكر أنه فعل بالفريقين. السابعة عشرة: ذكر أن ذلك السبب التكذيب بآياته، فدل على أنه أتاهم بآيات الله. الثامنة عشرة: أن السبب في ذلك التكذيب هو العمى والجهالة، فهي وصفهم لا وصف خصومهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وأما قصة 1 عاد فنذكر ما فيها من الزوائد خاصة: الأولى: تبيين أن أعظم التقوى اتقاء الشرك. الثانية: وصفه الملأ منهم بالكفر. الثالثة: وصفهم نبيهم بالسفاهة التي هي أبلغ من الجهل. الرابعة: وصفهم إياه بالكذب. الخامسة: استعطافه إياهم بأمانته. السادسة: وعظه إياهم بتلك الآية الواضحة العظيمة. السابعة: فيه ما يدل على أنهم يعلمون ذلك لقوله: {وَاذْكُرُوا} .   1قوله تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ) سورة الأعراف الآيات: 65-72. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 الثامنة: وعظه إياهم بتذكيرهم نعمة الله باستخلافهم في الأرض بعد قوم نوح. التاسعة: وعظه بزيادة النعمة على أهل زمانهم بزيادتهم في الخلق بسطة. العاشرة: ذكر أن ذلك لا يدل على الكرامة، بل قد يكون السبب للإهانة. الحادية عشرة: ذكر أن هذا الذي كرهوه هذه الكراهة هو سبب فلاحهم. الثانية عشرة: ذكر ما أجابوه به عن هذا الكلام الذي هو في غاية الحسن. الثالثة عشرة: ذكر أن هذا الخلاف بينه وبينهم في توحيد العبادة لا في أصل العبادة. الرابعة عشرة: ذكر عمدتهم اتباع السواد الأعظم. الخامسة عشرة: زيادة العتو بقوله: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} 1. السادسة عشرة: ذكر أن الصدق ممدوح عندهم، وكذلك الكذب مذموم عندهم. السابعة عشرة. ذكر المسألة المهمة، وهي إنكاره عليهم الاعتماد على ذلك دليل مع كونه لم ينزل فيه نص من الله.   1 سورة الأعراف آية: 70. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 الثامنة عشرة: كونه بين لهم كبر جهالتهم كيف تجاسروا على الجدال بذلك. التاسعة عشرة: معرفة الأشياء التي لا حقيقة لها من الحقائق. العشرون: كون الشيء معمولا به قرنا بعد قرن من غير نكير لا يدل على صحته. الحادية والعشرون. أمره إياهم بانتظار الوعيد. الثانية والعشرون: إخباره بانتظارهم الوعد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 وأما قصة ثمود 1 فنذكر ما فيها من الزوائد على القصتين أيضا: الأولى: وعظه إياهم بالآية العظيمة. الثانية: استعطافهم بذكر ربوبية من جاءت منه لهم. الثالثة: ذكر إضافة الناقة إلى الله. الرابعة: تفسير البينة بهذا. الخامسة: تخصيص الله إياهم بناقته. السادسة: العجب العجاب من كراهتهم الأمر المطلوب منهم وهو كف   1قوله تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) سورة الأعراف: الآيات 73-79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 الأذى عن ناقة الله التي فيها من نعم الدين والدنيا لمن قبلها ما لا يظنه الظانون. السابعة: أنه مع هذا توعدهم بالوعيد الشديد إن لم يكفوا عنها الأذى. الثامنة: تذكيرهم بنعمة الله عليهم بالقصور في السهل. التاسعة: نعمة الله عليهم في هذه القوة العظيمة، وهي قدرتهم على نحت الجبال بيوتا. العاشرة: تذكيرهم بنعم الله، فدل على أنهم يعرفون ذلك. الحادية عشرة: وعظه إياهم أن الذي ينهاهم عنه هو الفساد في الأرض وهو قبيح بإجماع العقلاء. الثانية عشرة. ذكر قبح جوابهم لهذه الموعظة البليغة التي جمعت لهم خير الدنيا والآخرة، وحذرتهم من عقوبة الدنيا والآخرة. الثالثة عشرة: نعته الملأ منهم بالكبر. الرابعة عشرة: إن الذين استجابوا للحق هم الضعفاء; وأما الملأ المستكبرون فهذا جوابهم وفعلهم. الخامسة عشرة: جمعهم بين هذه الثلاث: عقر الناقة، والعتو عن أمر ربهم، وقولهم لرسولهم هذا. السادسة عشرة: ذكر قولهم: {إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} 1، فلم يذكر إنكارهم الرسل من حيث الجملة.   1 سورة الأعراف آية: 77. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 السابعة عشرة. ذكر توليه عنهم لما وقع عليهم ما استعجلوا به. الثامنة عشرة: ذكره أنه لم يبق من الحرص على دنياهم وعلى آخرتهم ممكنا. التاسعة عشرة: ذكر أن العلة في علم القبول علم المحبة للناصح، لا عدم البيان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وأما قصة لوط 1 فنذكر أيضا ما فيها من الزيادة على القصص الثلاث: الأولى: التصريح أن هذا الفعل لم يفعل قبلهم. الثانية: موعظة نبيهم بذلك; فدل على أنه متقرر عندهم أن أول من ابتدع القبيح ليس كغيره. الثالثة: تعظيم هذه الفاحشة بمخاطبتهم بالاستفهام. الرابعة: تغليظها بالألف واللام، فدل على الفرق بينها وبين الزنى لقوله: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} 2. الخامسة: تنبيههم على مخالفة القول والشهوات لقوله: {لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} 3 فتتركون موضع الشهوة مع حسنه عقلا ونقلا، وتستبدلون به غير المشتهى مع قبحه عقلا ونقلا. السادسة: تنبيههم على العلة أنها ليست للشهوة بل للسرف.   1قوله تعالى: (وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) سورة الأعراف: الآيات 80-84. 2 سورة الإسراء آية: 32. 3 سورة الأعراف آية: 81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 السابعة: هذا الجواب العجاب تلك النصيحة، والبيان بأدلة العقل والنقل. الثامنة: إقرارهم أن آل لوط الطيبون، وأنهم الأخابث. التاسعة: تصريحهم أن هذا هو الذي نقموا عليه، وجعلوه سببا لإخراجهم من البلد. العاشرة: ما في إهلاك امرأته من الدلالة على التوحيد; والدلالة على أن من أحب قوما حشر معهم، وإن لم يعمل عملهم. الحادية عشرة: ذكر الأمر بالنظر في عاقبة المجرمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: وقوله عز وجل: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} 1، فيه مسائل: الأولى: معرفة أن لا إله إلا الله، كما في قصة آدم وإبليس، ويعرف ذلك من عرف أسباب الشرك، وهو الغلو في الصالحين، والجهل بعظمة الله. الثانية: معرفة أن محمدا رسول الله، يعرفه من عرف عداوة علماء أهل الكتاب له. الثالثة: معرفة الدين الصحيح، والدين الباطل، لأنها نزلت في إبطال دينهم الذي نصروا، وتأييد دينه الذي أنكروا. الرابعة: معرفة عداوة الشيطان ومعرفة حيله. الخامسة: أن من انسلخ من الآيات أدركه الشيطان، ومن لم ينسلخ منها حمته منه، ثم صار أكثر من ينتسب إلى العلم يظن العكس. السادسة: خوف الخاتمة كما في حديث ابن مسعود. السابعة: عدم الاغترار بغزارة العلم. الثامنة: عدم الاغترار بصلاح العمل. التاسعة: عدم الاغترار بالكرامات وإجابة الدعاء.   1 سورة الأعراف آية: 175. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 العاشرة: أن الانسلاخ لا يشترط فيه الجهل بالحق أو بغضه. الحادية عشرة: أن من أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلو عرف الحق وأحبه وعرف الباطل وأبغضه. الثانية عشرة: معرفة الفتنة وأنه لا بد منها، فليتأهب، وليسأل الله العافية لقوله: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} 1 الآيتين. الثالثة عشرة: عدم أمن مكر الله. الرابعة عشرة: عقوبة العاصي في دينه ودنياه. الخامسة عشرة: ذكر مشيئة الله وذكر السبب من العبد. السادسة عشرة: أن محبة الدنيا تكون سببا لردة العالم عن الإسلام. السابعة عشرة: تمثيل هذا العالم بالكلب في اللهث على كل حال. الثامنة عشرة: أن هذا مثل لكل من كذب بآيات الله فليس مختصا. التاسعة عشرة: ذكر كونه سبحانه أمر بقص القصص على عباده. العشرون: ذكر الحكمة في الأمر به. الحادية والعشرون: قوله: {سَاءَ مَثَلاً} 2 كقوله {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ} 3. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.   1 سورة العنكبوت آية: 2. 2 سورة الأعراف آية: 177. 3 سورة الجمعة: الآية, ونصها {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 سورة يونس قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ َأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَوَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} 1، فيه ثماني حالات: الحال الأولى: ترك عبادة غير الله مطلقا، ولو حاوله أبوه وأمه بالطمع الجليل والإخافة الثقيلة كما جرى لسعد 2 مع أمه.   1 سورة يونس آية: 104- 106. 2 روى مسلم والترمذي وغيرهما في سبب نزول قوله تعالى ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون سورة العنكبوت: الآية 8 , أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه, قال: كنت بارا بأمي, فأسلمت, فقالت: لتدعن دينك أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت, فتُعيَّر بي ويقال: يا قاتل أمه. وبقيت يوما ويوما فقلت: يا أماه, لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركتُ ديني هذا, فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي, فلما رأت ذلك أكلت, ونزلت هذه) الآية: راجع التفاسير الكبيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 الحال الثانية: أن كثيرا من الناس إذا عرف الشرك وأبغضه وتركه، لا يفطن لما يريد الله من قلبه من إجلاله وإعظامه وهيبته; فذكر هذه الحال: {وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ} 1. الحال الثالثة: إن قدرنا أنه ظن وجود الشرك والفعل منه فلا بد من تصريحه منه بأنه من هذه الطائفة; ولو لم يقض هذا الغرض إلا بالهرب عن بلاد كثير من الطواغيت الذين لا يبلغون الغاية في العداوة، حتى يصرح بأنه من هذه الطائفة المحاربة لهم. الحال الرابعة: إن قدرنا أنه ظن وجود هذه الثلاث، فقد لا يبلغ الجد في العمل بالدين؛ والجد والصدق هو إقامة الوجه للدين. الحال الخامسة: إن قدرنا أنه ظن وجود الحالات الأربع، فلا بد له من مذهب ينتسب إليه، فأمر أن يكون مذهبه الحنيفية، وترك كل مذهب سواها ولو كان صحيحا، ففي الحنيفية عنه غنية. الحال السادسة: إن قدرنا أنه ظن وجود الحالات الخمس، فلا بد أن يتبرأ من المشركي، ن فلا يكثر سوادهم. الحال السابعة: إن قدرنا أنه ظن وجود الحالات الست، فقد يدعو من قلبه نبيا أو غيره لشيء من مقاصده، ولو كان دينا يظن أنه إن نطق بذلك من غير قلبه لأجل كذا وكذا خصوصا عند الخوف أنه لا يدخل في هذا الحال. الحال الثامنة: إن ظن سلامته من ذلك كله، ولكن غيره من إخوانه فعله خوفا أو لغرض من الأغراض، هل يصدق الله أن هذا ولو كان أصلح الناس قد صار من الظالمين; أو يقول: كيف أكفره وهو يحب الدين ويبغض الشرك؟ وما أعز من يتخلص من هذا، بل ما أعز من يفهمه وإن لم يعمل به، بل ما أعز من لا يظنه جنونا! والله أعلم.   1 سورة يونس آية: 104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 سورة هود قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب أجزل الله له الأجر والثواب: ذكر ما في صدر سورة هود 1 من العلوم: الأول: علم معرفة الله:   1 قوله تعالى: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير} سورة يونس: الآيات 1-11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 الأولى: ذكر أنه حكيم. الثانية: أنه خبير. الثالثة: أنه قدير. الرابعة: أنه ذكر شيئا من تفصيل العلم في قوله: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} 1 الآية. الخامسة: ذكر شيئا من تفصيل القدرة في قوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} 2 الآية. السادسة: خلق السموات والأرض في ستة أيام. السابعة: كون عرشه على الماء. الثامنة: ذكر شيء من تفصيل الحكمة في قوله: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} 3. التاسعة: كونه وكيلا على كل شيء. الثاني: 4 الإيمان باليوم الآخر: الأولى: ذكر أنه إليه المرجع. الثانية: {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ} 5. الثالثة: ذكر الجنة والنار. الرابعة: ذكر العرض عليه. الخامسة: كلام الأشهاد. السادسة: ضل عنهم افتراؤهم. السابعة: كونهم الأخسرون في الآخرة.   1 سورة هود آية: 5. 2 سورة هود آية: 6. 3 سورة هود آية: 7. 4 يعني: العلم الثاني. 5 سورة هود آية: 7. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 الثالث: 1 تقرير الرسالة: الأولى: ذكر المسألة الكبرى. الثانية: أنه نذير من الله وبشير لنا. الثالثة: تقرير صحة رسالته باعتراضهم بقولهم: إنها {سِحْرٌ مُبِينٌ} مع موافقتها للعقل. الرابعة: تقريرها بقولهم: {لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ?} 2. الخامسة: تقريرها بمعرفة العلماء بها. السادسة: تقريرها بالتحدي. السابعة: تقريرها بأنها الحق من الله. الرابع: ذكر الوعد والوعيد: الأولى: وذكر المتاع الحسن لمن قبله. الثانية: ذكر عذاب اليوم الكبير لمن أبي. الثالثة: {يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً} 3. الرابعة: وعيد من أراد الدنيا. الخامسة: وعيد من افترى عليه. السادسة: وعد المؤمنين المخبتين. السابعة: وعيد من استهزأ بالقرآن. الخامس: ذكر الأمر والنهي:   1 يعني: العلم الثالث. 2قوله تعالى (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل) الآية 12. 3 سورة هود آية: 8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 الأولى: ذكر النهي عن الشرك والأمر بالإخلاص. الثانية: الأمر بالاستغفار والتوبة. الثالثة: الأمر بالمضي على أمر الله، وإن اعترضوا بالشبهة الفاسدة. الرابعة: أمره 1 بالتحدي. الخامسة: نهيه عن الفرية فيه. السادس: أمور مدحها لنفعها منها. الأولى: الصبر. الثانية: عمل الصالحات. الثالثة: مدح العلم الصادر عن اليقين. الرابعة: مدح معرفة القرآن. الخامسة: ذكر نتيجة الأمرين. السادسة: الإيمان. السابعة: الإخبات إلى الله. السابع: أمور كرهها ذكرها لتترك منها. الأولى: التولي. الثانية: ثني الصدر. الثالثة: الاعتراض على الحق الصريح بالجهل الصريح. الرابعة: استبطاء وعيد الله.   1 قوله تعالى (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) الآية 13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 السادسة: كونه كفورا عندها. السابعة: كونه فرحا عند النعماء. الثامنة: فخورا عندها ولو كانت بعد ضراء والتي قبلها ولو كانت بعد سراء. التاسعة: نتيجة معرفة الآية. العاشرة: فائدة النتيجة. الحادية عشرة: كونه يريد الدنيا. الثانية عشرة: كونه يفتري على الله الكذب. الثالثة عشرة: من المكروه الصد عن سبيل الله. الرابعة عشرة: بغي العوج لها. الثامن: المنثور: الأولى: ذكر أن الأكثر لا يؤمنون. الثانية: ذكر مثل المؤمنين. الثالثة: ذكر مثل الكافرين. الرابعة: التنبيه على التذكير بالحالين. الخامسة: كونهم لا يستطيعون السمع. السادسة: الفرق بين العالم والجاهل. السابعة: كون عرشه على الماء. الثامنة: من الوعد: {أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} 1.   1 سورة هود آية: 11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وقال أيضا الشيخ محمد رحمه الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 1. وقد ذكر عن السلف من أهل العلم فيها أنواع مما يفعل الناس اليوم ولا بعرفون معناه. النوع الأول: من ذلك العمل الصالح الذي يفعل كثير من الناس ابتغاء وجه الله من صدقة وصلاة وإحسان إلى الناس ونحو ذلك، وكذلك ترك ظلم أو كلام في عرض، ونحو ذلك مما يفعله الإنسان أو يتركه خالصا لله، لكنه لا يريد ثوابه في الآخرة، إنما يريد أن الله يجازيه بحفظ ماله وتنميته، وحفظ أهله وعياله وإدامة النعمة عليهم ونحو ذلك، ولا همة له في طلب الجنة ولا الهرب من النار، فهذا يعطى ثواب عمله في الدنيا، وليس له في الآخرة نصيب ; وهذا النوع ذكر عن ابن عباس في تفسير الآية. وقد غلط بعض مشايخنا بسبب عبارة في شرح الإقناع في أول باب النية، لما قسم الإخلاص مراتب، وذكر هذا منها ظن أنه يسميه إخلاصا مدحا له وليس كذلك، وإنما أراد أنه لا يسمى رياء، وإلا فهو عمل حابط في الآخرة. والنوع الثاني: وهو أكبر من الأول وأخوف، وهو الذي ذكر مجاهد أن.   1 سورة هود آية: 15-16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 الآية نزلت فيه، وهو أن يعمل أعمالا صالحة ونيته رئاء الناس، لا طلب ثواب الآخرة; وهو يظهر أنه أراد وجه الله وإنما صلى أو صام أو تصدق أو طلب العلم لأجل أن الناس يمدحونه ويجل في أعينهم، فإن الجاه من أعظم أنواع الدنيا. ولما ذكر لمعاوية حديث أبي هريرة في الثلاثة الذين هم أول من تسعر 1 بهم النار وهم: الذي تعلم العلم ليقال عالم حتى قيل، وتصدق ليقال جواد، وجاهد ليقال شجاع، بكى معاويه بكاء شديدا، ثم قرأ هذه الآية. النوع الثالث: أن يعمل الأعمال الصالحة ومقصده بها مالا، مثل أن يحج لمال يأخذه لا لله، أو مهاجر لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، أو يجاهد لأجل المغنم، فقد ذكر هذا النوع أيضا في تفسير هذه الآية كما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة 2") إلخ. وكما يتعلم العلم لأجل مدرسة أهله أو مكسبهم أو رياستهم، أو يقرأ القرآن ويواظب على الصلاة لأجل وظيفة المسجد كما هو واقع كثيرا. وهؤلاء أعقل من الذين قبلهم، لأنهم عملوا لمصلحة يحصلونها، والذين قبلهم عملوا لأجل المدح والجلالة في أعين الناس ولا يحصل لهم طائل. والنوع الأول أعقل من هؤلاء كلهم، لأنهم عملوا لله وحده لا شريك له، لكن لم يطلبوا منه الخير العظيم وهو الجنة، ولم يهربوا من الشر العظيم وهو العذاب في الآخرة.   1 رواه مسلم (كتاب الإمارة) والنسائي (كتاب الجهاد) وأحمد في مسنده جـ 2 ص 322. 2 رواه البخاري وابن ماجة عن أبي هريرة مرفوعا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 النوع الرابع: أن يعمل الإنسان بطاعة الله مخلصا في ذلك لله وحده لا شريك له، لكنه على عمل يكفره كفرا يخرجه عن الإسلام، مثل اليهود والنصارى إذا عبدوا الله، وتصدقوا أو صاموا ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، ومثل كثير من هذه الأمة الذين فيهم شرك أكبر أو كفر أكبر يخرجهم عن الإسلام بالكلية إذا أطاعوا الله طاعة خالصة يريدون بها ثواب الله في الدار الآخرة، لكنهم على أعمال تخرجهم من الإسلام وتمنع قبول أعمالهم؛ فهذا النوع أيضا قد ذكر في الآية عن أنس بن مالك وغيره. وكان السلف يخافون منه كما قال بعضهم: لو أعلم أن الله تقبل مني سجدة واحدة لتمنيت الموت لأن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} 1. فهذا قصد وجه الله والدار الآخرة، لكن فيه من حب الدنيا والرياسة والمال ما حمله على ترك كثير من أمر الله ورسوله أو أكثره، فصارت الدنيا أكبر قصده; فلذلك قيل قصد الدنيا، وصار ذلك القليل كأنه لم يكن كقوله صلى الله عليه وسلم "صل فإنك لم تصل 2"، والأول أطاع الله ابتغاء وجهه لكن أراد من الله الثواب في الدنيا; وخاف على الحظ والعيال مثل ما يقول الفسقة، فصح أن يقال: قصد الدنيا. والثاني والثالث واضح لكن بقي أن يقال: إذا عمل الرجل الصلوات الخمس والزكاة والصوم.   1 سورة المائدة آية: 27. 2 الحديث رواه البخاري (في كتب الأيمان والأذان والاستئذان) ومسلم (في كتاب الصلاة) وأبو داود (في كتاب الصلاة) والترمذي (كتاب المواقيت) والنسائي (افتتاح) والدارمي (صلاة) , كما رواه أحمد في مسنده جـ 2 ص 437. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 والحج ابتغاء وجه الله طالبا ثواب الآخرة، ثم بعد ذلك عمل أعمالا كثيرة أو قليلة قاصدا بها الدنيا، مثل أن يحج فرضه لله، ثم يحج بعده لأجل الدنيا كما هو الواقع كثيرا، فالجواب أن هذا عمل للدنيا والآخرة ولا ندري ما يفعل الله في خلقه، والظاهر أن الحسنات والسيئات تدافعا وهو لما غلب عليه منهما. وقد قال بعضهم: أن القرآن كثيرا ما يذكر أهل الجنة الخلص وأهل النار الخلص، ويسكت عن صاحب الشائبتين، وهو هذا وأمثاله; ولهذا خاف السلف من حبوط الأعمال، وأما الفرق بين الحبوط والبطلان فلا أعلم بينهما فرقا بينا، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في قوله عز وجل لما ذكر قصة نوح: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} 1 إذا تأمل الإنسان حاله أولا وما تعلم من العلوم من أهله، ثم تفكر في هذه القصة هل علم منها زيادة على ما عنده أو لا، عرف مسائل: الأولى: عظمة الشرك عند الله ولو قصد صاحبه التقرب إلى الله، وذلك مما فعل الله بأهل الأرض لما عبدوا ودا، وسواعا، ويغوث، ويعوق، ونسرا. الثانية: شدة بطش الله وعقوبته حيث أرسل الطوفان فأهلك الطيور والدواب وغير ذلك. الثالثة: معرفة آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث وافق ما قصه مع كونه لم يعلم ولم يأخذ عمن يعلم ما عند أهل الكتاب، فلم يستطيعوا أن يردوا عليه مع شدة العداوة. الرابعة: التحقيق بكون المخلوق ليس له من الأمر شيء ولو كان نبيا مرسلا، بسبب ما فيها من قصة ابن نوح. الخامسة: تبيين الله الحجج الباطلة والتحذير منها، مع أنها عندنا أوهام، وعند أكثر الناس حجج صحيحة. السادسة: تبرؤ الرسل من دعوى أن عندهم خزائن الله وعلم الغيب، مع أن الطواغيت في زمننا ادعوا ذلك; وصدقوا وعبدوا لأجل ذلك.   1 سورة هود آية: 49. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 السابعة: التحذير من استحقار الفقراء والضعفاء لقوله: {وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ} 1 مع أنه سائغ ممن يدعي العلم ويستحسنه الناس منهم. الثامنة: وهي من أعظم الفوائد: التحذير من الشبهة التي أدخلت أكثر الناس النار وهي السواد الأعظم والنفرة من القليل لقوله: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} 2. التاسعة: معرفة شيء من عظمة الله في تأديبه الرسل لما قال لنوح: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} 3 4. العاشرة: وهي من أهمها أن فيها شاهدا لقول الحسن: نضحك ولعل الله اطلع على بعض أعمالنا فقال: لا أغفر لكم، وذلك من قوله: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} 5 مع سخريتهم منه. الحادية عشرة: التحذير من اتباع رؤساء الدنيا وقبول حججهم لقوله: {قَالَ الْمَلَأُ} وهم الأشراف والرؤساء.   1 سورة هود آية: 31. 2 سورة هود آية: 40. 3 سورة هود آية: 46. 4 قوله تعالى: (ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين) سورة هود الآيتان 45-46. 5 سورة هود آية: 36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 الثانية عشرة: بيان الله تعالى لتلك الحجج فقولهم: {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنَا} 1 فيه القياس الفاسد وقولهم: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} 2 احتجاج بما ليس حجة، وقولهم: {بَادِيَ الرَّأْيِ} أي: ليسوا بأهل دقة نظر في أمور الدنيا، احتجاج بما ليس بحجة. وقولهم: {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} 3 احتجاج برؤيتهم، وهو من أفسد الحجج، وقولهم: {بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} 4 احتجاج بالظن. الثالثة عشرة: أنهم لم يصرحوا بأن هذا الذي عليه نوح وأتباعه أمر الله، ثم جاهروا بعصيانه، قالوا: {بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} 5، وقالوا: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً} 6 وغير ذلك، وأنت ترى الذين يكونون من أهل العلم والعبادة كيف يقرون ويجاهرون بالكفر، {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} 7.   1 سورة هود آية: 27. 2 سورة هود آية: 27. 3 سورة هود آية: 27. 4 قوله تعالى {فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين سورة هود) الآية: 27. 5 سورة هود آية: 27. 6 سورة المؤمنون: الآية 24 , وقد وردت فيها أيضا قصة نوح وقومه. 7 سورة الأعراف آية: 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 سورة يوسف . ذكر ما ذكر الشيخ محمد رحمه الله على سورة يوسف من المسائل: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} 1 روى ابن جرير عن سعد بن أبي وقاص قال: "أنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فتلاه زمانا، فقالوا: يا رسول الله لو حدثتنا فنزل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} 2 الآية" وله عن عون بن عبد الله قال: "مل الصحابة ملة فقالوا يا رسول الله: حدثنا فنزل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} 3، ثم ملو ملة فقالوا يا رسول: حدثنا ما فوق الحديث ودون القرآن يعنون القصص، فأنزل الله أول هذه السورة إلى قوله: {لَمِنَ الْغَافِلِينَ} 4. ومما يدل على أن القرآن كاف عما سواه من الكتب أن عمر "أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فقرأ عليه، فغضب فقال: أمتهوكون فيها   1 سورة يوسف آية: 1-3. 2 سورة الزمر الآية: 23. 3 قوله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد سورة الزمر) الآية: 23. 4 سورة يوسف آية: 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية. لا تسألوهم عن شيء فيخبرونكم بحق فتكذبونه، أو بباطل فتصدقونه، والذي نفسي بيده لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي" 1 رواه أحمد. وفي لفظ أنه استكتب جوامع مع التوراة وقال: ألا أعرضها عليك، وفيه: "لو أصبح فيكم موسى حيا ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم. إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين" 2. وقد انتفع عمر بهذا فقال للذي نسخ كتاب دانيال: امحه بالحميم والصوف الأبيض، وقرأ عليه أول هذه السورة، وقال: "لئن بلغني أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنك عقوبة": والمراد بأحسن القصص القرآن، لا قصة يوسف وحدها وقوله: {تِلْكَ} أي هذه {آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} 3 الواضح الذي يوضح الأشياء المبهمة وقوله: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} 4 أي تفهمون معانيه، والقصص مصدر قص الحديث يقصه قصصا، أي بإيحائنا إليك هذا القرآن، وقوله: {لَمِنَ الْغَافِلِينَ} 5 أي الجاهلين به. وهذا مما يبين جلالة القرآن، لأن فيه دلالة على أن علمه صلى الله عليه وسلم من القرآن، وفيه دلالة على جلالة الله وقدرته، ودلالة على عظيم نعمته على نبيه صلى الله عليه وسلم وفيه دلالة على كذب من ادعى أن غيره من الكتب أوضح منه.   1 الحديث رواه أحمد وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنه. راجع: كنز العمال جـ 1 ص 200- 201. 2 أحمد (3/470) . 3 سورة يوسف آية: 1. 4 سورة يوسف آية: 2. 5 سورة يوسف آية: 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 قوله عز وجل: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} 1 أبوه يعقوب بن اسحق بن إبراهيم عليه السلام، والكواكب عبارة عن إخوته، والشمس والقمر عبارة عن أبيه وأمه، ووقع تفسيرها بعد أربعين سنة، وقيل: ثمانين، حين رفع أبويه على العرش وخروا له سجدا. ولما كان تعبيرها خضوعهم له، خشي إن حدثهم أن يحسدوه فيبغون له الغوائل. وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر من رأى ما يحب أن يحدث به، ولا يحدث إلا من يحب; وإذا رأى ما يكره فليتحول إلى جنبه الآخر، ويتفل عن يساره ثلاثا، ويتعوذ بالله من شرها، فإنها لا تضره، وفيها عدم الوثوق بنفسك وبغيرك; قيل للحسن: أيحسد المؤمن؟ قال: "أنسيت إخوة يوسف"؟ وفيها التنبيه على السبب وهو عداوة الشيطان للإنسان. وفيها كتمان النعمة ما لم يؤمر بإظهارها. وفيها كتمان السر. قوله: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} 2 أي كما اختارك لهذه الرؤيا كذلك يختارك لنبوته {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيث} 3. قال مجاهد وغيره: عبارة الرؤيا {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} 4 بإرسالك {كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ} 5. وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} 6 أي عليم بمن يصلح للاجتباء، حكيم يضع الأشياء في مواضعها.   1 سورة يوسف آية: 4-5. 2 سورة يوسف آية: 6. 3 سورة يوسف آية: 6. 4 سورة يوسف آية: 6. 5 سورة يوسف آية: 6. 6 سورة يوسف آية: 6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وهذا من أنفع العلوم يعني معرفة الله تعالى، ولا يعتني به إلا من عرف قدره. وفيها البشارة بالخير، وإنه ليس من مدح الإنسان المنهي عنه. وفيها تولية النعمة مسديها سبحانه وتعالى. وفيها سؤال الله تعالى تمام النعمة، وأن علم التعبير علم صحيح يمن الله به على من يشاء من عباده. وقوله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} 1 يعني أن في ذلك عبرا وفوائد لمن يسأل; فإنه خبر يستحق السؤال {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ} 2 شقيقه أي {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} جماعة. وقوله: {لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي تقديمهما علينا. وقوله: {اطْرَحُوهُ أَرْضاً} أي ألقوه في أرض بعيدة. {يَخْلُ لَكُمْ} وحدكم {وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين} 3 أي تتوبون. وقوله: {فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} أي أسفله. {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ} أي المارة من المسافرين. {إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} أي إن كنتم عازمين على ما تقولون. قال ابن اسحق: لقد اجتمعوا على أمر عظيم يغفر الله لهم {وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} ، وفيها مسائل: منها ما نبه الله تعالى عليه أن هذه القصة فيها عبر، قال بعضهم: فيها   1 سورة يوسف آية: 10. 2 سورة يوسف آية: 8. 3 سورة يوسف آية: 9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 أكثر من ألف مسألة، وفيها أن الذي ينتفع بالعلم هو الذي يهتم به ويسأل عنه; وأعظم ما فيها تقرير الشهادتين بالأدلة الواضحة. وفيها: أن الوالد يعدل بين الأولاد لئلا تقع بينهم القطيعة، وأن ذلك ليس مختصا بالمال. وفيها غلط العالم في الأمر الواضح; وتغليطه من لا ينبغي تغليطه لقولهم: {ونحن عصبة} الآية. وفيها أن الإنسان لا يغتر بالشيطان إذا زين له المعصية ومنَّاه التوبة. وفيها شاهد للمثل المعروف (بعض الشر أهون من بعض) . وفيها شاهد لقوله: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على قدر دينه" 1 2. وسيأتي بعض ما فيها من المسائل في مواضعه إن شاء الله تعالى. {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 3، قال ابن عباس وغيره: {يرتع ويلعب} : يسعى وينبسط، وفي قراءة نرتع ونلعب، فيه الرخصة في بعض اللعب خصوصا للصغار. وفيه التحفظ على الأولاد. وفيه إرسالهم مع الأمناء الناصحين. وفيه عدم الاغترار بحسن الكلام.   1 الترمذي: الزهد (2398) , وابن ماجه: الفتن (4023) , وأحمد (1/172 ,1/173) , والدارمي: الرقاق (2783) . 2 رواه الترمذي وقال: حسن صحيح, كما رواه ابن ماجة وابن حبان والحاكم عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال (الأنبياء, ثم الأمثل - فالأمثل.) كما رواه النسائي وابن ماجه والدارمي وأحمد وابن منيع وأبو يعلى من حديث عاصم.. راجع: كشف الخفاء جـ 1 ص 130. 3 سورة يوسف آية: 11 - 12. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخَاسِرُونَ} 1 قال: إنه ليشق علي مفارقته وقت ذهابكم به لفرط محبته، {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} 2 أي: تشتغلون عنه برميكم ورعيكم، فأخذوها منه وجعلوها عذرهم، ومن الأمثال: (البلاء موكل بالمنطق) . وفيه أنه لم يتهمهم بما أرادوا، ولكن خاف من التقصير في حفظه. {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ} 3 أي: إن عدا عليه فأكله ونحن جماعة إنا إذا لعاجزون، فيه الذم لمن ترك الحزم. وفيه أن العجز هلكة. {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} 4 هذا فيه تعظيم لما فعلوا أنهم اتفقوا على إلقائه في أسفل الجب، وقد أخذوا من أبيه بذلك الكلام. وقوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ} قيل: كان قد أدرك، وقيل: أوحي إليه كما أوحي إلى عيسى ويحيى 5. وقوله: {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} أي: لا يشعرون بأنك يوسف، كذا روي عن ابن عباس. وقيل: لا يشعرون بإيحائنا ذلك إليه. وفيه جواز الذنوب على الصالحين، وفيه رجاء رحمة الله، وفيه أن الله سبحانه وقت البلاء نعما عظيمة.   1 سورة يوسف آية: 14. 2 سورة يوسف آية: 13. 3 سورة يوسف آية: 14. 4 سورة يوسف آية: 15. 5 يشير إلى كلام عيسى في المهد وإعطاء يحيى الحكم صبيا (عليهما السلام) سورة مريم: 12-30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وفيه أن الماكر يصير وبال مكره عليه، ولكن لا يشعر، ولو شعر لما فعل. {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} 1 لما رجعوا إليه باكين إظهارا للحزن على يوسف اعتذروا باستباقهم وهو الترامي {قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} 2، وقوله {عِنْدَ مَتَاعِنَا} أي: ثيابنا وأمتعتنا. وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ} أي لست بمصدقنا ولو كنا صادقين عندك، فكيف مع التهمة. وقوله {بِدَمٍ كَذِبٍ} نسوا أن يخرقوا القميص فعرف كذبهم. قوله {سَوَّلَتْ} أي: زينت أو سهلت، والصبر الجميل الذي لا شكوى معه. وقوله: {تَصِفُونَ} أي تذكرون، وفيه من الفوائد عدم الاغترار ببكاء الخصم، وعدم الاغترار بزخرف القول، وما يجعل الله على الباطل من العلامات. وفيه الاستدلال بالقرائن. وفيه ما ينبغي استعماله عند المصائب وهو الصبر الجميل والاستعانة بالله، وأن التكلم بذلك حسن. {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} 3 السيارة الرفقة السائرون، والوارد الذي يرد   1 سورة يوسف آية: 18. 2 سورة يوسف آية: 17. 3 سورة يوسف آية: 20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 الماء يستسقي للقوم. وقوله: {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} أي: أظهروا أنهم أخذوه بضاعة من أهل الماء. وقوله: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} 1 أي: باعوه في مصر بثمن قليل، لأنهم لم يعلموا حاله. وفيه من الفوائد أن الله يبتلي أحب الناس إليه بمثل هذا البلاء العظيم عليه وعلى أبيه، ومن ذلك البلاء أنه سلط عليه من يبيعه بيع العبد. وفيه أنه لا ينبغي للعاقل أن يستحقر أحدا، فقد يكون زاهدا فيه وهو لا يعلم. {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} 2. "قال ابن مسعود: "أفرس الناس ثلاثة: العزيز حيث تفرس في يوسف، والمرأة حين قالت: يا أبت استأجره، وأبو بكر في عمر" 3. وقوله: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ} أي كما أنجيناه من كيد إخوته ومن الجب وجعلناه عند من يكرمه مكنا له. {وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} أي: إنما فعلنا ذلك لحكمة وهي إعطاؤنا إياه العلم والعمل; وقوله: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} أي: الذي يجري ما أراد، لا ما أراد العباد كما لم يعمل كيدهم في يوسف، وقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ، ما أعظمها من فائدة لمن فهمها!   1 سورة يوسف آية: 20. 2 سورة يوسف آية: 21. 3 يعني: عندما استخلفه فكان عند حسن ظنه. أما قول المرأة عن موسى عليه السلام فهو في سورة القصص الآية: 26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} 1 تقول العرب: بلغ أشده أي: منتهى شبابه قيل: الحلم، وقيل أكثر من ذلك. قوله: {آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} العلم: معرفة الأشياء، والحكم: العمل به وإصابة الحق. وقوله: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} يعنى: أن هذا لبس مختصا بيوسف، بل الله سبحانه يجازي المحسنين بخير الدنيا والآخرة، ومن ذلك أنه يجازي المحسنين بعطائه العلم والحكمة. {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} 2 فيه مسائل: الأولى: قوله: {إِنَّهُ رَبِّي} إن هذا جائز في شريعتهم بخلاف شريعتنا، لأنها لو كانت سمحة في العمل، فهي حنيفية في التوحيد. الثانية: مراعاة حق المخلوق. الثالثة: شكر نعمة المخلوق لقوله: {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} . الرابعة: القاعدة الكلية {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} . الخامسة: التنبيه على عدم مخالطة الخدم للنساء، خصوصا إذا كان في الخادم داعية. السادسة: معرفه كمال يوسف عليه السلام، فإن صبره لا يعرف له نظير.   1 سورة يوسف آية: 22. 2 سورة يوسف آية: 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 السابعة: براءته عليه السلام من الحول والقوة لقوله: {مَعَاذَ اللَّهِ} أعوذ بالله، {إِنَّهُ رَبِّي} أي: سيدي، {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} أي: أكرمني. الثامنة: أن الاعتذار بحق المخلوق لا بأس به; ولو كان في القضية حق الله، ومعنى {هَيْتَ لَكَ} أي: أقبل. {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} 1 فيه مسائل: الأولى: أن الهم الذي لا يقترن به عمل ولا قول لا يعد ذنبا، كما في الحديث: "إن الله تجاوز لهذه الأمة عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم أو تعمل " 2 3. الثانية: أن الذي صرفه عن ذلك فضل تفضل الله عليه به تلك الساعة، غير إيمانه الأول؛ وهذه من أعظم ما يعرف الإنسان نفسه. الثالثة: أن هذا الفضل سببه ما تقدم له من العمل الصالح، فمن ثواب العمل حفظ الله للعبد كما في قوله: "احفظ الله يحفظك" 4 5. الرابعة: معرفة قدر الإخلاص حيث أثنى الله على يوسف أنه من أهله. الخامسة: السابقة التي سبقت من الله، كما قال أبو عثمان: لأنا بأول هذا الأمر أفرح مني بآخره.   1 سورة يوسف آية: 24. 2 البخاري: الطلاق (5269) , ومسلم: الإيمان (127) , والترمذي: الطلاق (1183) , والنسائي: الطلاق (3433) , وأبو داود: الطلاق (2209) , وابن ماجه: الطلاق (2040) , وأحمد (2/393 ,2/425) . 3 رواه البخاري (كتب العتق والطلاق والأيمان) ومسلم (إيمان) والترمذي (طلاق) وأبو داود (طلاق) والنسائي (طلاق) وابن ماجة (طلاق) , كما رواه أحمد في مسنده جـ 2 ص 425. 4 الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (2516) , وأحمد (1/293 ,1/303 ,1/307) . 5 رواه الترمذي (قيامة) وأحمد في مسنده ج1 ص303-307. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 السادسة: أن العباد المضافين إليه غير الذين قال فيهم: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} 1. السابعة: صرف الله عنه السوء والفحشاء، فيه رد على ما ذكر بعض المفسرين. الثامنة: أن الصارف له آية من آيات الله أراه إياها. التاسعة: عطف الفحشاء على السوء، قيل: إن السوء الذنوب كلها. {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 2 تبادرا إلى الباب، إن سبق يوسف خرج، وإن سبقته أغلقته لئلا يخرج. وقوله: {مِنْ دُبُرٍ} أي: من خلف. {وَأَلْفَيَا} أي: وجدا {سَيِّدَهَا} أي: زوجها {لَدَى الْبَابِ} أي: عنده، فيها مسائل: الأولى: حرصه عليه السلام على البعد عن الذنب، كما حرصت على الفعل. الثانية: لطف الله تعالى في تيسيره شق القميص من دبر. الثالثة: كشف الله ستر العاصي فيما يستبعد. الرابعة: شدة مكر النساء كيف قويت على هذا في هذا الموضع. الخامسة: التحرز من تظلم الشخص فربما أنه هو الظالم، والدواء التأني وعدم العجلة.   1 سورة مريم آية: 93. 2 سورة يوسف آية: 25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 السادسة: تسمية الزوج سيدا في كتاب الله. السابعة: ما عليه الكفار من استعظام الفاحشة. الثامنة: الغيرة على الأهل. {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} 1 قوله: {مِنْ أَهْلِهَا} أي من أقاربها، وإن كان مع زوجها، فيه مسائل: الأولى: القيام بالقسط في الشهادة قد يكون من الكفار; والعجب أنه في مثل هذه الحادثة. الثانية: أن الشاهد إذا كان من قرابات الشهود عليه فهو أبلغ. الثالثة: الحكم بالدلالات والقرائن. الرابعة: ذكر الله تعالى ذلك على سبيل التصويب، فيفيد قبول الحق ممن أتى به كائنا من كان. الخامسة: أن مثل هذه القرينة يصح الحكم بها. السادسة: ألطافه تبارك وتعالى في البلوى. السابعة: أن ذكر الخصم مثل هذا عن صاحبه لا يذم بل يحمد. {فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ   1 سورة يوسف الآيتان: 26 - 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 ُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} 1 فيه مسائل: الأولى: كون زوجها قبل الحق، وصار مع يوسف عليها. الثانية: قلة الغيرة على أهله 2: الثالثة: أن قوله هذه القضية الجزئية خارجة عن قضايا كلية. الرابعة: عظمة كيد النساء، وذكره تعالى ذلك غير منكر له مع قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنكن لأنتن صواحب يوسف" 3 4. الخامسة: أنه لم يحكم عليها إلا بعد ما رأى القد. السادسة: أمره ليوسف بكتمان السر مع ما أنزله الله في ذلك من التغليظ إلا أربعة شهداء. السابعة: أمره لها بالاستغفار من الذنب مع عدم الإسلام. الثامنة: حكمه عليها أنها صارت من هؤلاء المذمومين عندهم. {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 5. قوله: {فَتَاهَا} أي: عبدها، وقوله: {شَغَفَهَا} الشغاف: داخل القلب، أي دخل حبه في داخل قلبها، فيه مسائل:   1 سورة يوسف الآيتان: 28- 29. 2 في س " على أهلها ". 3 البخاري: الأذان (664) , ومسلم: الصلاة (418) , والترمذي: المناقب (3672) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (1232 ,1233) وما جاء في الجنائز (1618) , وأحمد (2/52 ,6/34 ,6/38 ,6/96 ,6/117 ,6/159 ,6/202 ,6/210 ,6/224 ,6/228 ,6/231 ,6/249 ,6/251 ,6/270) , ومالك: النداء للصلاة (414) , والدارمي: الصلاة (1257) . 4 كان ذلك حينما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي أبو بكر رضي الله عنه بالناس, فراجعته عائشة رضي الله عنها في ذلك. راجع: سيرة ابن هشام جـ 4 ص 330. 5 سورة يوسف آية: 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الأولى: أن هذا قبيح في عرفهن ولو لم يكن مسلمات. الثانية: حب المرأة حبا عظيما من هو دون مرتبتها مما يعينه. الثال ثة: أنها لم تكتم بل سعت في طلب الفاحشة بالمراودة. الرابعة: أن هذا من مثلها ضلال مبين عندهن. {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} 1 فيه مسائل: الأولى: بيان كمال عقلها الذي ينقص عنه أكثر عقول الرجال. الثانية: ما أعطي يوسف عليه السلام من جمال الصورة التي تبهر الناظر. الثالثة: غيبة عقولهن وعدم إحساسهن بقطع أيديهن، وهذه من أعجب ما سمع. الرابعة: معرفتهن بالملائكة. الخامسة: جلالة الملائكة عندهن، وأنهم أكمل من البشر. السادسة: معنى "حاش لله" في هذا المقام. السابعة: وصفهن الملك بالكرامة. {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ} 2 فيه مسائل:   1 سورة يوسف آية: 31. 2 سورة يوسف آية: 32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 الأولى: إظهار عذرها لما أصابهن ما ذكر. الثانية: إقرارها أنها ستعود. الثالثة: كما أخبرتهن بجماله الظاهر بالحسن، أخبرتهن بجماله الباطن بالعفة. الرابعة: إخبارهن أنها لا صبر لها عنه، فإن لم يفعل سعت في سجنه ومهونته. الخامسة: معنى {اسْتَعْصَمَ} : امتنع وأبى. {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} 1 فيه مسائل: الأولى: فضيلة يوسف عليه السلام كيف اختار السجن على ما ذكر، مع قوه الدواعي وصرف الموانع؛ ولا يعرف لأحد نظير هذا. الثانية: التصريح بأن النسوة دعونه من غير امرأة العزيز. الثالثة: معرفته عليه السلام بنفسه وبربه، وأن القوة التي فيه لا تنفع إلا أن أمده الله بمدد منه. الرابعة: أن هذا الكلام دعاء ولو كان بهذه الصيغة. الخامسة: أن الله سبحانه ذكر أنه استجاب دعاءه؛ فدعاؤه عليه السلام سبب لصرف ذلك عنه.   1 الآيتان: 33 - 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 السادسة: ختمه سبحانه ما ذكر بوصف نفسه بأنه السميع العليم. السابعة: استفتاحه الدعاء بربه، وقوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ} . الثامنة: إثبات المكر أولا، والكيد بعده لهن. {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} 1 الآية قيل: سبب ذلك أن الحديث شاع في الناس فأرادوا إظهار أنه المذنب. {إلى حين} قيل: إلى أن تسكن القضية. فيه مسائل: الأولى: أنهم تمالؤوا على ذلك، ليس رأيا لزوجها خاصة. الثانية: أن تلك الحيلة لم تنفع، بل أظهر الله ما يكرهونه على الرغم منهم. الثالثة: ابتلاء الله أحب الخلق إليه وهم الأنبياء بالسجن. الرابعة: أن السبب الذي أظهروا أكبر بلية من السجن عند أهل المروءات. الخامسة: أن رؤية الآيات والقطع على المسألة لا يستلزم اتباع الحق وترك الباطل. {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} 2 فيه مسائل، ونذكر قصة قبل ذلك: قيل إن الملك بلغه أن الخباز يريد أن يسمه، وأن صاحب شرابه مالأه على ذلك، فحبسهما جميعا، وذلك قوله: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} 3. فقال الساقي:   1 سورة يوسف آية: 35. 2 سورة يوسف آية: 36. 3 سورة يوسف آية: 36. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً} 1 أي: أعصر عنبا خمرا، وقال صاحب الطعام: {إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ} 2 بتفسيره {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} 3 تأتي الأفعال الجميلة، وقيل: ممن يحسن تعبير الرؤيا، فيه مسائل: الأولى: عبارة الرؤيا علم صحيح ذكره الله في القرآن، ولأجل ذلك قيل: لا يعبر الرؤيا إلا من هو من أهل العلم بتأويلها لأنها من أقسام الوحي. الثانية: تعبير أكل الطير من الخبز الذي فوق رأس الرجل بما ذكر. الثالثة: تعبير عصر الخمر بسلامة الذي رآه ورجوعه إلى مرتبته. الرابعة: فيه دلالة على قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأى أحدكم ما يكره فلا يذكرها" 4 5 وقوله: "الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت" 6 7. الخامسة: أن التأويل في كلام الله ولغة العرب غير التأويل في عرف المتأخرين، ومعناه ما يؤول الأمر إليه. السادسة: أنه لا ينبغي للإنسان أن يسأل عن مسائل العلم إلا من رآه يحسن ذلك.   1سورة يوسف آية: 36. 2 سورة يوسف آية: 36. 3 سورة يوسف آية: 36. 4 البخاري: التعبير (6988 ,7017) , ومسلم: الرؤيا (2263) , والترمذي: الرؤيا (2270 ,2280 ,2291) , وأبو داود: الأدب (5019) , وابن ماجه: تعبير الرؤيا (3894 ,3906 ,3917) , وأحمد (2/507) , ومالك: الجامع (1781) , والدارمي: الرؤيا (2143 ,2144 ,2160) . 5 رواه أحمد في مسنده ج2 ص 137. 6 الترمذي: الرؤيا (2278 ,2279) , وأبو داود: الأدب (5020) , وابن ماجه: تعبير الرؤيا (3914) , وأحمد (4/10 ,4/11 ,4/12 ,4/13) , والدارمي: الرؤيا (2148) . 7 رواه أبو داود والترمذي (وصححه) وابن ماجه عن أبي رزين. وقال ابن دقيق العيد: إسناده على شرط مسلم وأخرجه أحمد والدارمي والترمذي بلف ظ (رؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة, وهي على رجل طائر ما لم يحدث بها, فإذا حدث بها وقعت) كشف الخفاء 1-329 ومسند أحمد جـ 4 ص 11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 {قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} 1 يقول عليه السلام إني عليم بتعبير الرؤيا هذه وغيرها {لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ} 2 قبل إتيانه فكيف بغير ذلك؟ ففيه مسائل: الأولى: ذكر العالم أنه من أهل العلم عند الحاجة، ولا يكون من تزكية النفس. الثانية: إضافة هذه النعمة العظيمة إلى معطيها سبحانه وتعالى، لا إلى فهم الإنسان واجتهاده. الثالثة: ذكر سبب إكرام الله له بهذا الفضل وهو الترك والفعل، فترك الشرك الذي هو مسلك الجاهلين، واتبع التوحيد الذي هو سبيل أهل العلم من الأنبياء وأتباعهم. الرابعة: ذكره أنه من هؤلاء الأكرمين، فانتسب إلى البيت الذي هو أشرف بيوت أهل الأرض، وهذا جائز على غير سبيل الافتخار، خصوصا عند الحاجة.   1 سورة يوسف الآيات: 37 – 40. 2 سورة يوسف آية: 37. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 الخامسة: أنه صرح لهم بأنهم إبراهيم وإسحق ويعقوب. السادسة: أن الجد يسمى أبا، كما ذكر ابن عباس، واحتج بالآية على زيد بن ثابت 1. السابعة: قوله: {مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} قيل معناه: إن الله عصمنا. وهذه الفائدة من أكبر الفوائد وأنفعها لمن عقلها، والجهل بها أضر الأشياء وأخطرها. الثامنة: قوله: {مِنْ شَيْءٍ} عام كل ما سوى الله. وهذه المسألة هي التي غلط فيها أذكياء العالم وعقلاء بني آدم، قال تعالى: {كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ} 2. التاسعة: ذكر سبب معرفتهم بالمسألة وعلمهم بها وثباتهم عليها; وهو مجرد فضل الله فقط عليهم. العاشرة: أن فضله سبحانه ليس مخصوصا بنا، بل عام للناس كلهم، لكن منهم من قبله، ومنهم من رده، وذلك أنه أعطى الفطر ثم العقول، ثم بعث الرسل وأنزل الكتب. الحادية عشرة: إزالة الشبهة عن المسألة التي هي أكبر الشبهة، وذلك أن الله إذا تفضل بهذا كله خصوصا البيان، فما بال الأكثر لم يفهم ولم يتبع. فما أكثر الجاهلين بهذا وما أكثر الشاكين فيه! فقد ذكر تعالى أن السبب أن جمهور الناس لم يشكر، فأما من عرف النعمة فلم يلتفت إليها،   1 في ميراث الجد. 2 سورة الشورى آية: 13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 فلا إشكال فيه، وأما من لم يعرف فذلك لإعراضه، ومن أعرض فلم يطلب معرفة دينه فلم يشكر. الثانية عشرة: دعوته إياهما عليه السلام إلى التوحيد في تلك الحال، فلم تشغله عن النصيحة والدعوة إلى الله، فدعاهما أولا بالعقل، ثم بالنقل: وهي الثالثة عشرة. الرابعة عشرة: قوله: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} 1 فهذه حجة عقلية شرحها في قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً} 2 3 الآية. الخامسة عشرة: أن الذي في الجانب الآخر هو الذي جبلت القلوب وأقرت الفطر أنه ليس له كفو. السادسة عشرة: أنه هو القهار مع كونه واحدا، وما سواه لا يحصيهم إلا هو فهذه قولة; وهذا عجزهم. فكيف يعدل به واحد منهم، أو عشرة أو مائة؟ السابعة عشرة: بيان بطلان ما عبدوا من دونه، بأنها أسماء لا حقيقة لها. الثامنة عشرة: التنبيه على بطلانها بكونها بدعة ابتدعها من قبلكم فتبعتموهم. التاسعة عشرة: بيان الواجب على العبد في الأديان السؤال عما أمر الله به.   1 سورة يوسف آية: 39. 2 سورة الزمر آية: 29. (3" الآية: 29 من سورة الزمر, وتكملتها الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 ونهى عنه، وهو السلطان المنزل من السماء، لا يعبد بالظن وما تهوى الأنفس. العشرون: القاعدة الكلية التي تفرع عنها تلك الجزئية، وهي أن أحكام الدنيا إلى الله لا إلى آراء الرجال كما قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} 1 2. الحادية والعشرون: إذا ثبت أن الحكم له وحده دون الظن وما تهوى الأنفس، فإنه سبحانه حكم بأن العبادة كلها محصورة، عليه ليس لأحد من أهل السماء وأهل الأرض منها شيء. الثانية والعشرون: أن هذه المسألة هي الدين القيم وكل ما خالفها أو ليس منها فليس بقيم بل أعوج; فعلامة الحق أن العقول السليمة تعرف اعوجاجه بالفطرة; ومع هذا أنزل الله السلطان من السماء بتحقيق هذا والإلزام به، وتبطيل ذلك وتغليظ الوعيد عليه. الثالثة والعشرون: المسألة الكبيرة العظيمة التي لو تجعلها نصب عينيك ليلا ونهارا لم يكن كثيرا، وأيضا تبين لك كثيرا من المسائل التي أشكلت على الناس، وهي أن الله بين لنا بيانا واضحا أن الأكثر والجمهور الذين يضيقون الديار ويغلون الأسعار من أهل الكتاب والأميين لا يعلمون هذه المسألة، مع إيضاحها بالعقل والنقل والفطرة، والآيات النفسية والأفقية. الرابعة والعشرون: أنه ينبغي للعالم إذا سأله العامي عما لا يحتاج إليه أو سأله عما غيره أهم منه، أن يفتح له بابا إلى المهم.   1 سورة الشورى آية: 10. 2 هذا ما ورد في المخطوطة 516-86, وفي س "أحكام الدين". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 الخامسة والعشرون: أنك لا تحقر عن التعليم من تظنه أبعد الناس عنه، ولا تستبعد فضل الله، فإن الرجلين من خدام الملوك الكفرة، بخلاف من يقول: ليس هذا بأهل للعلم بل تعليمه إضاعة للعلم. وقال رحمه الله تعالى قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} 1 سبق ما في هذا من المسائل، لكن فيه ما لم يذكر: منها أن المفتي يجوز له أو يستحب أن يفتي السائل بما لا يحتاج إليه. ومنها أنه يجيب السائل بما يسوؤه إذا كانت الحال تقتضيه. ومنها تأكيد الفتيا بما يسوء بما ذكر من قضاء الله على 2 ذلك. {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} 3 يعني قال يوسف للساقي الذي ظن نجاته، قيل: الظن هنا هو اليقين، وقوله: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} أي الملك. {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ} يوسف ذكر الله; والبضع ما بين الثلاث إلى التسع. فيه مسائل: الأولى: أن الرب كما يطلق على المالك يطلق على المخدوم. الثانية: أن مثل هذا مما يعاقب به الأنبياء، مع كونه جائزا لغيرهم.   1 سورة يوسف آية: 41. 2 في 516 - 86 " من قضاء الله عليك ذلك. 3 سورة يوسف آية: 42. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 الثالثة: أن المقرب قد يؤاخذ بما لا يؤاخذ به من دونه. الرابعة: أن الشيطان قد يتوصل إلى الأنبياء بمثل هذا. الخامسة: أن ترك هذا القول والاستغناء بالله من التوكل. السادسة: أن من المقامات ما يحسن من شخص، ويلام في تركه ويذم من شخص آخر، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد الاقتداء به في الوصال وقال: "إني لست كهيئتكم" 1 2. السابعة: أن هذا من أبين أدلة التوحيد لمن عرف أسباب الشرك بالمقربين، وهو أبلغ من قوله صلى الله عليه وسلم: "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا" 3 وتمامها بمعرفة الثامنة: الثامنة: وهي أن الله عاقبه باللبث في السجن هذه المدة الطويلة، مع أن لبث الإنسان فيه سنة واحدة من العذاب الأليم، فكيف بشاب ابن نعمة. {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ   1 البخاري: الصوم (1922) , ومسلم: الصيام (1102) , وأبو داود: الصوم (2360) , وأحمد (2/21 ,2/23 ,2/102 ,2/112 ,2/128 ,2/143 ,2/153) , ومالك: الصيام (670) . 2 الحديث رواه البخاري (في كتاب الصوم) ومسلم (كتاب الصيام) والترمذي (صيام) والدارمي (صيام) , كما رواه أحمد في مسنده جـ 2 ص 23. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال في الصوم وقال: "لست كهيئتكم.. يطعمني ربي ويسقيني" 3 البخاري: الوصايا (2753) , ومسلم: الإيمان (206) , والنسائي: الوصايا (3646 ,3647) , وأحمد (2/448) , والدارمي: الرقاق (2732) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعَالِمِينَ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} 1. فيه مسائل: الأولى: تسمية الله ذلك الرجل بالملك. الثانية: أن الذي سأله عنه هو البقر والسنابل. الثالثة: أنه استفتى الملأ وهم الأشراف، ولكن بشرط إن كان عندهم علم. الرابعة: جوابهم بقولهم: {أضغاث أحلام} يدل على أن مما يراه النائم فيه رؤيا حق; وفيه أضغاث أحلام باطلة، وقد صح بذلك الحديث عن النبي 2 صلى الله عليه وسلم: الخامسة: إقرارهم بعدم العلم بالتعبير، ولم يأنفوا مع أنهم الملأ. السادسة: كلام الساقي وحذقه، كونه قطع أنها رؤيا، وأن عند يوسف تعبيرها.   1 سورة يوسف الآيات: 43- 49. 2 روى البخاري عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: " الرؤيا ثلاثة: منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم, ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه, ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة" , ورواه مسلم عن ابن عمر وعن أبي هريرة, ورواه الدارمي في كتاب الرؤيا, وأحمد في مسنده جـ 2 ص 395. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 السابعة: قوله: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} أي: دهر. فيه أن الدهر يسمى أمة. الثامنة: أنه لم يذهب مع تحققه ما طلب الملك إلا بعد الاستئذان. التاسعة: قوله: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} يدل على أنه يعرف معنى الصديقية; وأنه عرف اتصاف يوسف بذلك. العاشرة: أنه ذكر ليوسف العلة، وهي علم الناس بما أشكل عليهم. الحادية عشرة: أنه عبر البقر السمان بالسنين المخصبة، والبقر العجاف بالسنين المجدبة، وأكلها السمان كون غلة السنين المخصبة يأكلها الناس في السنين المجدبة، وكذلك السنابل الخضر واليابسات قيل: إنه رأى سبع سنابل خضر قد انعقد حبها، وسبعا أخر يابسات قد استحصدت، فالتوت اليابسات على الخضر حتى غبن عليهن. الثانية عشرة: أنه أجاب السائل بأكثر مما سأله عنه، خلافا لمن جعل هذا من عدم الأدب. الثالثة عشرة: كرمه وطيب أخلاقه عليه السلام، كما قال بعض السلف: لو كنت المسؤول ما أجبتهم إلا بكذا وكذا. الرابعة عشرة: معرفته عليه السلام بأمور الدنيا، وأن الحب إذا كان في سنبلة لم تأته الآفة ولو لبث سنين. الخامسة عشرة: أنه أمرهم بتدبير المعيشة لأجل السنين الجدب، ولا يأكلون إلا قليلا. السادسة عشرة: أنه فهم من الرؤيا أن الخصب يأتي بعد سبع سنين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 السابعة عشرة: ادخار الطعام للحاجة، وأنه لا يصير من الاحتكار المذموم، وكان صلى الله عليه وسلم يدخر لأهله قوت 1 سنة. الثامنة عشرة: النصيحة ولو لغير المسلمين، كما قال صلى الله عليه وسلم: "في كل كبد رطبة أجر" 2 3 وأما المسلم فنصحه من الفرائض. التاسعة عشرة: أن الرؤيا الصحيحة قد تكون من كافر، كما استدل بها البخاري في صحيحه. العشرون: الفرق بين الحلم والرؤيا، مما قال صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا من الله والحلم من الشيطان" 4. الحادية والعشرون: التعبير عن الماضي بالمضارع، والعجاف ضد السمان، والملأ كبار القوم ورؤساؤهم، و {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} أخلاط وأباطيل {وَادَّكَرَ} تذكر شأن يوسف، {دَأَبًا} متوالية، {تُحْصِنُونَ} تخزنون، {يَعْصِرُونَ} قيل من العنب عصيرا، ومن الزيتون زيتا، ومن السمسم دهنا، للخصب الذي أتاهم. {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ   1 صحيح البخاري (كتاب النفقات) النسائي (فيء) . 2 البخاري: المساقاة (2363) , ومسلم: السلام (2244) , وأبو داود: الجهاد (2550) , وأحمد (2/375 ,2/517 ,2/521) , ومالك: الجامع (1729) . 3 رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعا, وفي رواية (كل ذات كبد رطبة أجر) . 4 البخاري: بدء الخلق (3292) , ومسلم: الرؤيا (2261) , والترمذي: الرؤيا (2277) , وأبو داود: الأدب (5021) , وابن ماجه: تعبير الرؤيا (3909) , وأحمد (5/296 ,5/300 ,5/303 ,5/304 ,5/305 ,5/309 ,5/310) , ومالك: الجامع (1784) , والدارمي: الرؤيا (2141 ,2142) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} 1 فيه مسائل: الأولى: أمر الملك بالإتيان به ليأخذ عنه مشافهة، وكذلك يفعل العقلاء والسفهاء في الأمر الذي يهتمون به. الثانية: أن طلب العلم الذي يزحزح عن النار ويدخل الجنة أحق بالحرص من جميع المهمات. الثالثة: هذا الأمر العظيم الذي لم يُسمح بمثله، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي" 2 3. الرابعة: قوله: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} . الخامسة: قوله: {النِّسْوَةِ} قيل: لم يفرد امرأة العزيز، أدبا وحفظا لحق الصحبه. السادسة: قوله في هذا الموطن: {إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} . السابعة: قوله 4: {حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} فيه رد لبعض الأقوال التي قيلت في الهم.   1 سورة يوسف آية: 53. 2 البخاري: تفسير القرآن (4694) , ومسلم: الإيمان (151) , وابن ماجه: الفتن (4026) , وأحمد (2/326) . 3 رواه البخاري (في كتاب التعبير وكتاب التفسير) , ومسلم (إيمان) والترمذي (تفسير) كما رواه أحمد في مسنده جـ 2 ص 326. 4 في س: " قولهن ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 الثامنة: قوله 1 {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ} . التاسعة: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} هذا علة لما جرى، سواء كان رد الرسول أو إقرارها; فإن كان الأول فالضمير للعزيز زوج المرأة، وإن كان الثاني فالضمير ليوسف. العاشرة: رد هذه المسألة الجزئية إلى القاعدة الكلية وهي: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} أي: لا يرشد كيد من خان أمانته قيل: يفتضح في العاقبة. الحادية عشرة: قوله: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} : ما أجلها من مسألة، وما أصعب فهمها! سواء كان هذا من كلام امرأة العزيز أو من كلام يوسف عليه السلام. الثانية عشرة: رد هذه المسألة الجزئية إلى القاعدة الكلية، وهي أن هذا حال النفس. الثالثة عشرة: الاستثناء من ذلك وهو من رحمة الله، فأجاره من شر نفسه، كذلك ما أجلها من مسألة لمن فهمها!. الرابعة عشرة: رد هذه المسألة الجزئية إلى القاعدة الكلية، وهي {إن ربي غفور رحيم} . قوله: {فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ} قيل معناه: اسأله أن يكشف عن الخبر حتى يعلم الحقيقة، ففيه المسألة:   1 في س: " قولها ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 الخامسة عشرة: وهي حرص المخلص لله على براءة عرضه عند الناس، وإن ذلك لا يناقض الإخلاص، بل قد يكون واجبا، ولم يعتب عليه في هذا كما عتب عليه في قوله: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} . قيل: إن (ما) في هذا الموضع بمعنى عن قوله: {مَا بَالُ} : ما شأن النسوة. {ما خطبكن} : ما أمركن وقصتكن. قوله: {حَصْحَصَ الْحَقُّ} : ظهر وتبين {الْآنَ} أي: هذا الوقت. {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} 1 فيه مسائل: الأولى: {أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} أي: أجعله خالصا لنفسي دون غيري يقال: (الرفيق قبل الطريق) ، وكما قال: "لينظر أحدكم من يخالل" 2. الثانية: وهي أعجب، قوله: {فَلَمَّا كَلَّمَهُ} وبيانه: لما دخل بعض العلماء على بعض الملوك، وكان دميما، فضحك الملك من دمامته، فذكر له هذه الآية واستحسن الملك جوابه، ومعنى هذا أن الملك لم يتمكن من قلبه لما رأى جمال صورته، بل لأجل علمه الذي تبين له لما كلمه. الثالثة: قوله: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا} أي: عندنا {مَكِينٌ} أي: مكنتك من ملكي تصرف فيه، {أَمِينٌ} أي: عرفت صحة أمانتك فأمنتك على ما تحت   1 سورة يوسف آية: 54 - 55. 2 الترمذي: الزهد (2378) , وأبو داود: الأدب (4833) , وأحمد (2/303 ,2/334) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 يدي، وهذا معنى قول أبي العباس: الولاية لها ركنان: القوة، والأمانة في الآية الأخرى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} 1. الرابعة: قوله: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ} ، هذا فيه طلب الولاية كما قال عمر بن الخطاب لبعض الصحابة لما عرض عليه ولاية فأبى فقال: "طلبها من هو خير منك يعني يوسف 2 عليه السلام"، ولا يخالف هذا ما ورد من النهي عن طلب الإمارة لأن هذا في غير شدة الحاجة، كما أن خالدا لما أخذ الراية يوم مؤتة 3 من غير إمرة مدح على ذلك. الخامسة: قوله: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} فليس هذا مما نهي عنه من تزكية النفس، بل يذكر الإنسان ما فيه من الفضائل عند الحاجة إذا لم يقصد التزكية، كما ورد عن جماعة من الصحابة. قوله: {خَزَائِنِ الْأَرْضِ} أي: أرض مصر. وقوله: {إِنِّي حَفِيظٌ} أي: أحفظ ما وليتني عليه، {عَلِيمٌ} بأمره وحسابه واستخراجه. {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ   1 سورة القصص آية: 26. 2 الصحابي هو أبو هريرة رضي الله عنه, وقد دعاه عمر لولاية فأبى, فقال له عمر: لقد طلب العمل من كان خيرا منك. قال أبو هريرة: إنه يوسف نبي الله ابن بني الله, وأنا أبو هريرة ابن أميمة. راجع: الإصابة لابن حجر جـ 4 ص 210. 3 راجع سيرة ابن هشام ج3 ص 435. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} 1 فيه مسائل: الأولى: قوله: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ} ، قيل معنى ذلك: كما أنعمنا عليه بنعم الدين أنعمنا عليه بنعم الدنيا. الثانية: أن ذلك تمكينه في أرض مصر، يحل وينزل منها ما أراد بعد ذلك الحبس والضيق. الثالثة: تسمية الله سبحانه ذلك رحمة في قوله: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ} ، وهذه من أشكل المسائل على أكثر الناس: بعضهم يظن أن هذا كله نقص أو مذموم، وأن التجرد من المال مطلقا هو الصواب، وبعض يظن أن عطاء الدنيا يدل على رضى الله وكلاهما على غير الصواب، وذلك أن من أنعم الله عليه بولاية أو مال فجعلها طريقا إلى طاعة الله فهو ممدوح، وهو أحد الرجلين اللذين 2 يغبطهما المؤمن، وإن كان غير هذا فلا. الرابعة: أن هذه الأمور وإن جلت وصارت أعلى المراتب وأصعبها طريقا، فتحصيلها مردود إلى محض المشيئة لا إلى الأسباب. الخامسة: رد هذه المسألة الجزئية إلى القاعدة الكلية وهي: {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا} 3.   1 سورة يوسف الآيتان: 56 - 57. 2 إشارة إلى حديث لا حسد إلا في اثنتين. رواه الشيخان والترمذي وابن ماجة وأحمد عن ابن عمر. 3 فيه إشارة أيضا إلى قوله تعالى: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا الكهف) الآية: 30. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 السادسة: أن من عدم إضاعته أنه يعجل في الدنيا بعضه لمن أراد الله كما قال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} 1. السابعة: الأجر الثاني لمن أحسن خير من ملك يوسف وسليمان بن داود. الثامنة: قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ، فالإيمان يدخل فيه الدين كله، وأيضا يدخل كله في التقوى، وأما إذا فرق بينهما هنا، فالإيمان الأمور الباطنة والتقوى الأمور الظاهرة. وإذا قلت: الإيمان فعل الواجبات، والتقوى ترك المحرمات، فقد أصبت. {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ} 2 قيل: لما اطمأن يوسف في ملكه ومضت السنون المخصبة، ودخلت السنون المجدبة، وأصاب الشام من القحط ما أصاب غيرهم، فأرسل يعقوب بنيه إلى مصر وأمسك بنيامين عنده {فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ} 3. قيل: كان بين دخولهم عليه وإلقائه في الجب أربعون سنة، فلذلك لم يعرفوه; فقال: أخبروني ما أمركم؟ فقالوا: نحن قوم من أرض   1 سورة النحل آية: 30. 2 سورة يوسف آية: 58. 3 سورة يوسف آية: 58 - 61. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 كنعان جئنا نمتار طعاما قال: كم أنتم؟ قالوا عشرة قال: أخبروني خبركم قالوا: إنا إخوة بنو رجل صديق، وإنا كنا اثني عشر، فذهب أخ لنا منا في البرية فهلك فيها، وكان أحب إلى أبينا منا. فقال: فإلى من يسكن أبوكم بعده؟ قالوا: أخ لنا أصغر منه، فلذلك قوله: {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} يقال: جهزت القوم إذا هيأت لهم جهاز السفر. وحمل لكل رجل منهم بعيرا وقال: {أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} 1 المضيفين، قيل: إنه أحسن ضيافتهم، ثم أوعدهم على ترك الإتيان بالأخ فقال: {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ} 2. وقوله {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} 3. والرحل كل ما يعد للرحيل من وعاء المتاع، ومركب للبعير، وحلس وغير ذلك، قيل: مراده أنهم يعرفون كرمه فيحملهم على العود، وقيل خاف أن لا يكون عندهم ما يرجعون به. فيه مسائل: الأولى: كون القحط عم البلاد لم يكن على مصر خاصة. الثانية: إنكارهم إياه ومعرفته لهم. الثالثة: حيلته في التوصل إلى إتيان أخيه. الرابعة: كونه ما فعل معهم حثهم على الإتيان به. الخامسة: أن هذا ليس من تزكية النفس المذموم.   1 سورة يوسف آية: 59. 2 سورة يوسف آية: 60. 3 قوله تعالى: (وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون) الآية 62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 السادسة: أن هذا ليس من المن والأذى المذموم. السابعة: أن قوله: {فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ} ليس من منع المضطر المذموم. الثامنة: ما صنع الله له من إذلالهم بين يديه، وذلك أنهم وعدوه أنهم يراودون أباه، وأكدوا ذلك له بالعزم على الفعل. التاسعة: أمره الفتيان بجعل بضاعتهم في رحالهم، والحكمة في ذلك أنهم إذا رجعوا إلى أهلهم وفتحوا المتاع ووجدوها ردت إليهم، رجعوا. {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَرضي الله عنهقَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} 1. فيه مسائل: الأولى: أنهم وفوا ليوسف بما وعدوه. الثانية: أنهم ذكروا لأبيهم ما يقتضي الإجابة، وهو منع الكيل. الثالثة: أن هذا مما يدل على أنهم لا غناء لهم عن التردد إلى الميرة. الرابعة: أنهم وعدوه حفظه وأكدوه، بأن، واللام. الخامسة: جوابه عليه السلام لهم فيدل على قوله: "لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين" 2 3.   1 سورة يوسف آية: 63- 64. 2 البخاري: الأدب (6133) , ومسلم: الزهد والرقائق (2998) , وأبو داود: الأدب (4862) , وابن ماجه: الفتن (3982) , وأحمد (2/379) , والدارمي: الرقاق (2781) . 3 رواه الشيخان وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعا. وراجع في سبب قولها: سيرة ابن هشام جـ 3 ص 56. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 السادسة: أن من أساء فعله ساء الظن فيه، ولو لم يكن كذلك. السابعة: أنهم لما ذكروا له أنهم يحفظونه وأكدوا، أجابهم بقوله: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا} . الثامنة: أنه أجابهم أيضا بكون الله أرحم الراحمين. التاسعة: ذكرك للممنوع سبب منعك إياه. العاشرة: أنه فعلكم كقوله: {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} 1. {وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} إلى قوله: {اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} 2. فيه مسائل: الأولى: استعطاف الممتنع بالخصال التي توجب إجابته. الثانية: أنهم لم يعلموا أنها ردت إليهم حتى وصلوا إلى أهلهم وفتحوا المتاع.   1 سورة ال عمران: الآية 165 ونصها (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قال هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير) . 2 قوله تعالى: (ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما أتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل) سورة يوسف 65-66. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 الثالثة: ذكرهم له حاجة الضعفاء والذرية إلى الكيل. الرابعة: أنهم يزدادون حملا آخر على ما أتوا به. الخامسة: ذكرهم الثناء على يوسف بأن الحمل عليه يسير لكرمه مع شدة حاجتنا إليه وغلاء ثمنه. السادسة: أنه عليه السلام لما ذكروا له ذلك رجع عن رأيه الأول، ورأى إجابتهم. السابعة: أنه شرط عليهم هذا الشرط الثقيل. الثامنة: أنهم أعطوه إياه على ثقله. التاسعة: أنهم لما أتوه الموثق، وعظهم وأكده عليهم بقوله: {اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} . العاشرة: أن هذا يدل على أنهم في جوع وضراء عظيمة، وهم أكرم أهل الأرض على الله، وابتلاهم بذلك لا لهوانهم عليه. {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} إلى قوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} 1. فيه مسائل:   1 قوله تعالى: (وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون. ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون) سورة يوسف الآيتان: 67-68. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 الأولى: خوفه عليهم من العين. الثانية: أمره لهم بالسبب الذي يمنع، ونهيهم عما قد يكون سببا لوقوعها. الثالثة: أنه مع فعل السبب تبرأ من الالتفات إليه. الرابعة: أنه دلهم على عدم الالتفات إلى التهمة. الخامسة: أنه دلهم على التوكل على الله. السادسة: أنه أخبرهم أنه توكل عليه وحده لا شريك له، لا على علمه وفطنته، ولا على السبب الذي أمرهم به. السابعة: أنه أخبرهم أن توكل المتوكلين كلهم على الله، فمن توكل على غيره فليس منهم. الثامنة: خبره تعالى أنهم قبلوا وصية أبيهم وعملوا بها، فتفرقوا على الأبواب لما أردوا دخول البلد. التاسعة: أن ذلك لا يغني عنهم شيئا من الله لو يريد بهم شيئا. العاشرة: الاستثناء وهو أن ذلك التعليم من الرجل الحكيم المصيب وقبول المنصوح وعمله بالنصيحة التي هي سبب لو أراد الله أن العين تصيبهم أصابتهم، ولو تفرقوا على الأبواب، حضا للعباد على الاعتماد عليه لا على الأسباب. الحادية عشرة: ثناؤه على يعقوب بأنه {لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاه} ، قيل معناه: عامل بما علمه 1، وهو يدل على أن العلم الذي لا يثمر العمل لا يسمى علما   1 في س (علم) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 الثانية عشرة: ذكره أن {أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} 1 {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ} 2 قيل: إنه قال لهم: يصير كل اثنين جميعا، فبقي أخوه وحده، فآواه إليه، فقال له: {إِنِّي أَنَا أَخُوكَ} قيل: أنه أخبره الخبر، وقيل: المراد أخوة المحبة. وقوله: {مَا نَبْغِي} قيل: أي شيء نريد وقد ردت بضاعتنا. {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} أي: نأتي لهم بالطعام; يقال: مار أهله إذا أتاهم بطعام. قوله: {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} أي: يأتيكم أمر يهلككم كلكم} . {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} إلى قوله: {كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} 3. فيه مسائل: الأولى: كونه عليه السلام احتال بهذه الحيلة، ولا حجة في هذا لأهل الحيل الربوية، لأن ذلك مما أذن الله فيه ليوسف عليه السلام، وإلا لو يفعل ذلك الآن رجل مع أبيه وإخوته حرم إجماعا.   1 سورة يوسف آية: 68. 2 قوله تعالى: (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون) الآية: 69. 3 قوله تعالى: (فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين) الآيات: 70-75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 الثانية: قوله: {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ} المنادي بصوت رفيع يسمى مؤذنا، قوله: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} قيل: فيه جواز المعاريض إن أراد بذلك أنهم سرقوه من أبيه، فإنه لم يقل سرقتم الصواع. الثالثة: قوله: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} فيه جواز بذل الأجرة لمن جاء بالسرقة. الرابعة: قوله: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} استدل به على صحة الضمان ولزومه، وهي الرابعة. الخامسة: قوله: {تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ} 1 فيه جواز الحلف على مثل هذا مع أن العلم في القلب، لكن بعض ما في القلب يعرف بالقرائن، أي ما جئنا بهذا، وما هذا بفعلنا، وما يصلح منا، ولسنا أهلا له. السادسة: أن السرقة ونحوها من الفساد في الأرض. قوله {فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ} قيل: كان في شرعهم استعباد السارق هو لهم كالقطع في شرعنا، فلهذا قَالُوا {جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} . السابعة: بداءته 2 بأوعيتهم إبعادا عن تهمته، وذلك من كيد الله له. الثامنة: قوله: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} أي: حكمه على السارق   1 سورة يوسف آية: 73. 2 قوله تعالى: (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم) الآية: 76. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 غير ذلك، ولكن الله دبر ما جرى نصرة ليوسف، لأنهم ظلموه، فكاد له كما كادوا أباهم. التاسعة: قوله: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} أي: ما جرى على ألسنتهم من ذلك القول الذي حكموا به على أنفسهم، فأخذه بفتياهم، وذلك من مشيئة الله. العاشرة: كونه سبحانه فاوت بين عباده تفاوتا عظيما، حتى الأنبياء، ورفع بعضهم فوق بعضهم درجات. الحادية عشرة: التنبيه على أن ذلك لا يكون إلا بمشيئة الله. الثانية عشرة: إن رفع الدرجات الذي ينافس فيه هو رفعها بالعلم. الثالثة عشرة: أنه ذكر أن كل عالم فوقه أعلم منه، حتى ينتهي العلم إلى الله سبحانه. {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ} 1 إلى قوله: {تَصِفُونَ} 2. فيه مسائل: الأولى: إبطال قياس الشبه. الثانية: أن تعيير غيرك بذنب قد فعلت أكبر منه غير صواب، كما في قوله: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} 3 الآية.   1 سورة يوسف آية: 77. 2 قوله تعالى: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون) الآية: 77. 3 سورة البقرة آية: 217. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 الثالثة: كون المظلوم المرمي بشيء خفي يتعزى بعلم الله تعالى. {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ} 1 إلى قوله: {إِنَّا إِذاً لَظَالِمُونَ} 2 فيه مسائل: الأولى: بيان مبالغتهم في حفظ أخيهم. الثانية: جواب يوسف يدل على أن السرقة تثبت بوجود المسروق عند الرجل. الثالثة: أن من وجب عليه الحد لو بذل غيره نفسه عنه لم يحل. الرابعة: أن الرجل يثبت أنه ظالم بفعلة واحدة. الخامسة: أنهم عرفوا فيه من العدل والإحسان ما فهموا أنه من المحسنين. السادسة: استشفاعك على غيرك بما فيه من الخصال الحميدة. السابعة: المعاريض، فإنه عليه السلام لم يقل إنه سارق. الثامنة: إبطال استدلال أهل الحيل المحرمة، فإن هذا يدل عل أنه إنما أخذه برضاه أو بوحي خاص. التاسعة: أن المظلوم يجوز له أن يعامل من ظلمه بما لا يحل أن يعامل به غيره.   1سورة يوسف آية: 78. 2قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظَالِمُونَ} الآيتان: 78-79. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 العاشرة: أن هذا يدل على أن أهل مصر لم يعرفوا يعقوب معرفة تامة. {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ} إلى قوله: {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} 1. فيه مسائل: الأولى: أنهم بالغوا حتى استيأسوا منه. الثانية: ثقل الأمر عليهم كما فعل كبيرهم. الثالثة: أنه ذكر أنه على هذه الحال إلى أن يأذن له أبوه، أو يحكم الله له، فإنه سبحانه يحكم لك أو عليك. الرابعة: رد هذه المسأله الجزئية إلى القاعدة الكلية، وهي معرفة أن الله خير الحاكمين. الخامسة: الشهادة على الرجل بالسرقة إذا وجد المسروق عنده. السادسة: أن هذه شهادة بعلم، مع كونهم ما علموا إلا القرينة. السابعة: الاعتذار بعدم علم الغيب. الثامنة: الرجوع إلى الجيران وأهل الخبرة في الأمور الخفية.   1 قوله تعالى: (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم) الآيات: 80-83. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 التاسعة: تسميته المدينة قرية. العاشرة: اتهام المتهمين، كما ذكر النعمان بن بشير. الحادية عشرة: التعزي بالعزم على الصبر الجميل عند توالي المصائب. الثانية عشرة: الرجوع إلى الله في تفريج الكرب. الثالثة عشرة: رد هذه المسألة الجزئية إلى القاعدة الكلية، وهي قوله: {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} . {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} إلى قوله: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} 1. فيه مسائل. الأولى: التولي عن مثل هؤلاء كما قال: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ} . الثانية: قوله {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} ، أن الكلام إذا لم يكن فيه جزع لم يناف الشكوى. الثالثة: ذكر الله تعالى كبر مصيبته أنه أبيضت عيناه من البكاء، وابتلي بسنين كثيرة. الرابعة: العبرة فيما ذكر كما قال الحسن: لقد ابتلي بهذه المدة الطويلة; وإنه لأكرم أهل الأرض على الله.   1 قوله تعالى: (وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون) الآيات 84-86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 الخامسة: تسمية البكاء حزنا لأنه نشأ عنه. السادسة: وصفه بأنه كظيم أي أنه كاظم لحرارة المصيبة لا يشكو. السابعة: معاتبتهم له على الحزن مع مصيبة طال العهد بها. الثامنة: جوابه لهم عليه السلام، وهو يدل على أن الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر، بلى هي ممدوحة كما ذكر عن أيوب. التاسعة: إخبار الرجل بنيته الصالحة إذا احتاج أو انتفع السامع، ولا محذور في ذلك. العاشرة: قوله: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} كيف صار هذا جوابا لهم. الحادية عشرة: قيل معناه: أعلم من صفات الله ورحمته ولطفه ما لا تعلمون، وقيل: إن يوسف لم يمت. الثانية عشرة: أن هذا في مثل هذا المقام ليس من الفخر، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أنا سيد ولد آدم ولا فخر" 1 2، {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} 3 الآية. فيه مسائل:   1 مسلم: الفضائل (2278) , وأحمد (2/540) . 2 الحديث رواه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة, وهو عند أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد في حديث بزيادة. ولا فخر, وبيدي لواء الحمد ولا فخر. راجع: كشف الخفاء جـ 1 ص 203. 3 قوله تعالى: (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيئسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون) الآية: 87. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 الأولى: أمره لهم بالتحسس عن يوسف مع استبعادهم ذلك، والتحسس البحث والطلب. الثانية: نهيهم عن اليأس من روح الله. الثالثة: وهي العظيمة: أنه قد يقع اليأس من روح الله في مثل هذه القضية. الرابعة: إخباره بقدر هذا الذنب بأنه لا يصدر من مسلم، بل لا يكون إلا من كافر، وروح الله رحمة الله. {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} إلى قوله: {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} 1. فيه مسائل: الأولى: قولهم {مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} ، أن الإخبار بالحال من غير شكوى لا يذم. الثانية: ما ابتلى الله به أهل هذا البيت من الجوع المضر، وهم أكرم أهل الأرض على الله.   1 قوله تعالى: (فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين) الآيات: 88-93. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 الثالثة: ذكرهم قدر السلعة التي معهم أنها ناقصة رديئة، وليس هذا من ازدراء النعمة المذموم. الرابعة: سؤالهم عند الحاجة فيدل على أن مثل هذه الحال لا يذم. الخامسة: سؤالهم الصدقة فيدل على أنها غير محرمة عليهم. السادسة: رد هذه المسألة الجزئية إلى القاعدة الكلية وهي السابعة: {إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} 1. الثامنة: قوله: {هَلْ عَلِمْتُمْ} الآية، يدل على أن مثل هذا التقريع ليس بمذموم. التاسعة: أنه عليه السلام ذكر في التقريع ما يهون عليهم. العاشرة: استثباتهم أنه يوسف مع رؤيئهم له، وذلك لاستبعادهم ذلك. الحادية عشرة: قوله: {أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي} يدل على أنهم فعلوا مع أخيه ما لا يحسن قوله. {قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} إسناد النعمة إلى مسديها في مثل هذا الموطن، وهي الثانية عشرة. الثالثة عشرة: رد هذه المسأله الجزئية إلى القاعدة الكلية، وهي قوله: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} 2. الرابعة عشرة: الجمع بين التقوى والإيمان، ومعرفة الإيمان ومعرفة الفرق بينهما. الخامسة عشرة: أن من جمع بينهما فهو من المحسنين.   1 سورة يوسف آية: 88. 2 سورة يوسف آية: 90. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 السادسة عشرة: قوله: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} الآية أقروا باثنتين: بفعل الله مع يوسف، وفعلهم مع أنفسهم. السابعة عشرة: انتصار الله له هذا الانتصار العظيم. الثامنة عشرة: إذلاله إياهم هنا الإذلال العجيب. التاسعة عشرة: قوله {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} أي لا تعيير عليكم، يعني أني عفوت، ومن عفوي أني لا أذكر لكم ذنبكم بعد اليوم. العشرون: استغفاره، لهم لما غفر لهم حقه سأل الله لهم المغفرة. الحادية والعشرون: رد هذه المسأله الجزئية إلى القاعدة الكلية، وهي الثانية والعشرون. الثالثة والعشرون: تصديق القلب بأن الله أرحم الراحمين. الرابعة والعشرون: أن الذي خافوا منه واشتد عليهم حتى فعلوا بأخيهم وأبيهم ما فعلوا وظنوا أنه عليهم مضرة كبيرة، وهو كون يوسف أرفع منهم، صار أكبر المصالح لهم في دنياهم وفي دينهم يبينه. 1. الخامسة والعشرون: وهي قوله: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا} الآية. ذكر أنه قميص هبط به جبريل على إبراهيم حين ألقي في النار، فلما ولد إسحق جعله عليه، فجعله إسحق على يعقوب، وجعله يعقوب على يوسف، ونسيه إخوته لما ألقوه في الجب فأمرهم أن يذهبوا به فيلقونه على وجه يعقوب ليرتد إليه بصره.   1 في 516 - 86 " ينبه ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 السادسة والعشرون: ما جعله الله من الأسباب الباطنة في بعض مخلوقاته. السابعة والعشرون: إن التبرك بذلك وإمساكه والتداوي به ليس من الشرك كما كانوا يفعلون بآثار 1 رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ذلك حسن مطلوب. الثامنة والعشرون: أنه أمرهم بالإتيان بأهلهم كلهم والانتقال عنده، فأعطاهم الله هذا الخير والفرج من الشدة بسبب ارتفاعه الذي كرهوه كراهية شديدة. {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} إلى قوله: {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} 2 فيه مسائل: الأولى: كونه أدرك الريح من مكان بعيد. الثانية: أنه عرف أنه ريح يوسف، قيل إنه عرف ريح القميص، وأنه ليس إلا مع يوسف. الثالثة: قوله: {لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ} والفند ذهاب العقل، ففيه الإخبار بما تعلم أن المخبر يكذبك إذا كان في ذلك مصلحة.   1 في س " النبي ". 2 قوله تعالى: (ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم) الآيات 94-98. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 الرابعة: قولهم: {تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} لا ينبغي لمن حدث بغريب أن يغضب إذا كذب أو شتم. الخامسة: الآية في رد بصره عليه بسبب إلقاء القميص. السادسة: تقريره لهم ما أنكروا من تفاصيل القاعدة الكلية. السابعة: طلبهم الاستغفار من المظلوم. الثامنة: عفو المظلوم، ودعاؤه لمن طلب ذلك منه. التاسعة: الاعتراف منهم بالذنب. العاشرة: رد المسأله الجزئية إلى القاعدة الكلية. {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} إلى قوله: {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} 1 فيه مسائل: الأولى: أنهم لما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه كما آوى إليه أخاه، يدل على أنه لم يفعل ذلك بإخوته. الثانية: قوله لهم: {ادْخُلُوا مِصْرَ} الآية.   1 قوله تعالى: (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) الآيات: 99-101. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 الثالثة: تعليقه ذلك بالمشيئة. الرابعة: رفع أبويه على العرش. الخامسة: سجودهم كلهم له. السادسة: قوله لأبيه: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ} 1. السابعة: شكر نعمة الله عليه حيث جعلها حقا. الثامنة: شكر نعمة الله في إخراجه من السجن. التاسعة: شكر نعمة الله في إتيانه بأهله من البدو. العاشرة: شكر نعمة الله أنه بعد ما نزغ الشيطان بينهم، صير الله العاقبة إلى الخير، ولم يضرهم نزغ الشيطان. الحادية عشرة: رد هذه المسألة الجزئية إلى القاعدة الكلية وهي أن ربه تبارك وتعالى لطيف لما يشاء، فلذلك أجرى ما أجرى. الثانية عشرة، والثالثة عشرة: رد ذلك إلى القاعدة الكلية أيضا، وهي: {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} وهي الرابعة عشرة. الخامسة عشرة: كرمه عليه السلام في قوله: {أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} ولم يقل من الجب. السادسة عشرة: كرمه في قوله: {نَزَغَ} ولم يقل: بعد ما ظلموني. السابعة عشرة: أن إخراج الله الآدمي من البدو نعمة تشكر; ففيه فضل الحاضرة على البادية. الثامنة عشرة: دعاؤه بهذا الدعاء، وهو في غاية نعيم الدنيا. التاسعة عشرة: شكره نعمة الملك.   1 سورة يوسف آية: 100. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 العشرون: شكر نعمة التعبير. الحادية والعشرون: ثناؤه على ربه بأنه فاطر السموات والأرض. الثانية والعشرون: إقراره لله بكونه وليه في الدنيا والآخرة. الثالثة والعشرون: توسله بذلك كله إلى هذه الحاجة، وهي وفاته على الإسلام، وإلحاقه بالصالحين. قوله: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} إلى قوله: {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} 1. فيه مسائل: الأولى: تنبيه الله على آية الرسالة بأن هذه القضية غيب لا يتوصل إليه الرسول إلا بالوحي، لكونه لا يقرأ أو لا يخط، ولا أخذ عن عالم. الثانية: تقريره هذه الحجة بقوله: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ} لأن هذا لا سبيل إلى العلم به إلا بالوحي، أو بحضوره. الثالثة: أن مكرهم خفي لو حضرهم أحد لخفي عليه. الرابعة: ذكره سبحانه حقيقة الحال أن الأكثر لا يقبلون الحق ولو تبين لهم بالأدلة.   1 قوله تعالى: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون) الآيات: 102-107. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 الخامسة: ذكر حرصه صلى الله عليه وسلم على إيمان الناس. السادسة: أنه لا مانع مع هذا البيان مثل سؤال الأجر. السابعة: أنه ذكر لهم مع شدة كراهتهم له، كما كره الإخوة ارتفاع يوسف. الثامنة: أن الذي أتاهم من الآيات ليست هذه وحدها، بل كم وكم من آية من الآيات السماوية والأرضية يمرون عليها ويعرضون عن الانتفاع بها، وليس هذا قصورا في البيان فإنه مشاهد، بل القلوب غير قابلة. التاسعة: المسألة العظيمة، وهي إخباره تبارك وتعالى أن أكثر هذا الخلق لو آمن أفسد إيمانه بالشرك، فهذه فساد القوة العملية، والتي قبلها فساد القوة العلمية. العاشرة: التنبيه على الاحتراز من اجتماع الإيمان مع الشرك المفسد له، خصوصا لما ذكر أن هذا حال الجمهور. الحادية عشرة: احتقارهم هذا العصيان العظيم كيف أمنوا عقوبة الدنيا، وهو يدل على جهالة من أمن ذلك. الثانية عشرة: كيف أمنوا أن تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون. {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} إلى قوله: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} 1. فيه مسائل:   1 قوله تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين. وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون) الآيتان 108-109. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 الأولى: أمره سبحانه نبيه بإخبار الناس بدينه مجملا. الثانية: أن هذا أيضا سبيل من اتبعه. الثالثة: أن ذلك هو الدعوة إلى الله وحده لا شريك له. الرابعة: أن ذلك هو الدعوة إلى الله على بصيرة، خلافا لمن اتبع الحق ودعا إلى الله على غير بصيرة. الخامسة: أن دينه الذي أنكره الأكثر هو تنزيه الله من السوء والإنكار في ذلك. السادسة: أن الذي حملهم على إنكاره كونه غريبا مخالفا لما عليه السواد الأعظم، وذلك لا يوجب رده لأن اتباع الحق إذا ظهر هو الحق، وإذا ظهر الباطل لم يزينه فعل الأكثر له مثل الربا والكذب والخيانة. السابعة: رد شبهتهم في كونه بشرا، وذلك واضح لأنهم إن كانوا ممن يقر بالرسالة في الجملة كأهل الكتاب والمشركين فواضح; وإن أنكروها كالمجوس فالنكال الذي أوقع الله بمن خالف الرسل الذي سمعوه وشاهدوه حجة عليهم. الثامنة: الرد عليهم في قولهم: {لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ} أو نحو ذلك، لأن الرسل ما أتوا الأمم إلا بالوحي. التاسعة: أنهم كلهم رجال، ففيه الرد على من يزعم أن في الجن رسلا أو في النساء. العاشرة: قوله: {مِنَ أَهْلُ الْقُرَى} ففيه الرد على من انتقص أهل القرى، أو فضل البدو أو واساهم 1 بهم.   1 الأظهر أنها " ساواهم " لأنه سبق أن قرر فضل الحاضرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 الحادية عشرة: استجهال الله إياهم حيث لم يسيروا في الأرض فيعتبروا بمن قبلهم، فدل على أن فهم ذلك مقدور لهم. الثانية عشرة: إخباره أن ما يعطي الله من أطاع الرسل خير مما أعطى يوسف وسليمان وأيوب وغيرهم من حسن عاقبة الطاعة. الثالثة عشرة: أن سنة الله في الرسل ومن اتبعهم وسنته فيمن خالفهم في الدنيا قبل الآخرة من أظهر البينات للكفار الجهال، فمن لم يفهمها يقال له: كيف زال عقلك؟ {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} 1 إلى آخر السورة 2. فيه مسائل: الأولى: تأخير النصر على الرسل حتى استبطؤوا ولا يعجل الله لعجلة أحد. الثانية: إذا عرف أن هذه سنة فكيف يستعجل من يزعم أنه سميع لهم، كما قال صلى الله عليه وسلم "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل " 3 4. الثالثة: أن ما يقع في القلب من خواطر الشيطان لا يضر، بل هو صريح الإيمان إذا كان مع الكراهة.   1 سورة يوسف آية: 110. 2 قوله تعالى: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين. لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) الآيتان 110-111. 3 البخاري: الدعوات (6340) , ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2735) , والترمذي: الدعوات (3387) , وأبو داود: الصلاة (1484) , وابن ماجه: الدعاء (3853) , وأحمد (2/396 ,2/487) , ومالك: النداء للصلاة (495) . 4 سنن الترمذي (كتاب الدعوات) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 الرابعة: أن العادة أن الشدة إذا تمت وتضايقت جدا، فهو من علامات حضور الفرج. الخامسة: أنه سبحانه ينجي من يشاء، ولو كان مع المهلكين في المكان. السادسة: أنه إذا جاء أمر الله لم يقدر على رفعه أحد من السماء، ولا من أهل الأرض. السابعة: أنه سبحانه لا يظلم أحدا، وأن ذلك بسبب إجرامهم. الثامنة: الثناء على قصص الرسل، وأن فيه عبرة. التاسعة: أن ما يفهم هذه العبرة مع وضوحها إلا أولو الألباب. العاشرة: تعريضه سبحانه بالأحاديث المفتراة، وإقبال الأكثر عليها، واشتراء الكتب المصنفة بغالي الأثمان، وتكبر من اشتغل بها، وظنه أنه أفضل ممن لم يشتغل بها، وزعمه أنها من العلوم الجليلة، ومع هذا معرض عن قصص الأنبياء مستحقر له، زاعم أنه علم العوام الجهال. الحادية عشرة: أن من أكبر آياته تصديقه لما بين يديه من العلوم التي جاءت بها الرسل، التي هي العلم النافع في الحقيقة. الثانية عشرة: أن هذا فيه تفصيل كل شيء يحتاج إليه: ففيه العلم النافع، وفيه الإحاطة بالعلوم الكثيرة، ومع هذا يفصلها أي يبينها. الثالثة عشرة: أنه هدى يعتصم به من الضلالة. الرابعة عشرة: أنه رحمة يعتصم به من الهلكة فلا يضل من اتبعه ولا يشقى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 الخامسة عشرة: أن هذا ليس لكل أحد، بل لقوم مخصوصين. السادسة عشرة: أن سبب ذلك الإيمان، ففيه شاهد لقوله: "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لا يعلم" 1 والحمد لله رب العالمين.   1 رواه أبو نعيم في الحلية جـ 10 ص 14-15, راجع الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني ص 286. وذكر ناصر الدين الألباني أنه موضوع, وقد أخرجه أبو نعيم من طريق أحمد بن حنبل عن يزيد بن هارون, عن حمد الطويل, عن أنس مرفوعا, ثم قال: ذكر أحمد بن حنبل هدا الكلام عن بعض التابعين, عن عيسى ابن مريم عليه السلام, فوهم بعض الرواة أنه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم.. راجع في تفصيل ذلك: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ص 423 (طبع المكتب الإسلامي) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 سورة الحجر وقال أيضا الشيخ محمد رحمه الله: هذه مسائل مستنبطة من سورة الحجر: الآية الأولى: 1. الأولى: فيها الترغب في القرآن بجمعه بين الوصفين. الثانية: وصفه بالبيان. الثالثة: معنى الكتاب المعرف بالألف واللام. الرابعة: معنى القرآن. الآية الثانية: 2. الأولى: فيها الرد على الخوارج. الثانية: الرد على المعتزلة. الثالثة: النظر في العواقب. الرابعة: عدم الاغترار بالحال الحاضرة. الخامسة: إثبات عذاب القبر. الآية الثالثة: 3. الأولى: تعزية المؤمن عما هم فيه من النعيم.   1 قوله تعالى: (الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين) الآية: 1. 2 قوله تعالى: (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) الآية 2. 3 قوله تعالى: (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون) الآية: 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 الثانية: أن الاغترار بذلك من وصف الكفار. الثالثة: أن الأمل سبب ترك الخير. الرابعة: أن ذلك من وصفهم. الخامسة: الوعيد الشديد. الآية الرابعة: 1. الأولى: فيها الآية العظيمة الباهرة وهي إهلاك القرى المكذبة. الثانية: أن ذلك لأجل لا يتقدم ولا يستعجل الله لعجلة أحد. الثالثة: التعزية. الرابعة: أنه إذا جاء لا يؤخر لحظة، ففيه الوعيد. الآية الخامسة: والآيتان 2 بعدها: الأولى: فيها أن الذكر هو القرآن. الثانية: كلامهم على سبيل الاستهزاء. الثالثة: وصفهم أكمل الناس عقلا عندهم بالجنون. الرابعة: أن الذي دلهم على جنونه عدم إتيانه بالملائكة. الخامسة: عدم تصريحهم بالمعاتبة بل تعللوا بتكذيبه. السادسة: أنه سبحانه لا ينزل الملائكة لمثل ذلك.   1 قوله تعالى: (وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم. ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) الآيتان: 4-5. 2 قوله تعالى: (وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين. إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الآيات: 6-9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 السابعة: أنه لا ينزلهم إلا بالحق. الثامنة: أنهم سألوه شيئا لو أجابهم إليه هلكوا 1: التاسعة: فيها تأكيد الضمير المتصل بالمنفصل. العاشرة: أن الذكر هو القرآن. الحادية عشرة: حفظ الله إياه عن شياطين الجن والإنس. الثانية عشرة: كون ذلك الحفظ آية كافية عن إنزال الملائكة. الآية الثامنة: 2 وثلاث بعدها، فيها: الأولى: أن الرسالة عمت بني آدم. الثانية: هذا الخبر العجيب مع انقيادهم للكذابين. الثالثة: لم يكفهم الامتناع والتكذيب حتى استهزؤوا. الرابعة: أن ذلك بسبب إجرامهم. الخامسة: الإيمان بالقدر. السادسة: أن العقوبة بالذنب تكون بذنب أكبر منه.   1 في س (لهلكوا) . 2 قوله تعالى: (ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين. وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون. كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون) . الآيات: 10:15. مع ملاحظة أننا نكتب الآيات هنا بالرجوع إلى المعاني المفسرة في صلب التفسير, وإن أدى ذلك إلى اختلاف في عد الآيات مع ما ذكر في المخطوطات لأن المعاني المفسرة هي الحكم في ذكر الآيات التي تتضمن هذه المعاني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 السابعة: ذكر الآية الكبرى وهي إهلاك أمم لا يحصيهم إلا الله. الثامنة: أن مع هذا الأمر القاطع لم ينتفع به أمة واحدة. التاسعة: خبر الصادق أنهم لو جاءتهم آية ملجئة لم يؤمنوا. العاشرة: مع هذا العتو العظيم يعتذرون تسكيرا وسحرا، ولم يصرحوا بأنه الحق ولكنه باطل. الآية السادسة عشرة، وأربع 1 بعدها. فيها: ما جعل الله في البروج من الآيات، سواء قيل: إنها النجوم أو الكبار منها. الثانية: تزيين السماء. الثالثة: حفظها من الشياطين. الرابعة: ذكر الاستراق. الخامسة: ذكر عقوبته. السادسة: مد الأرض. السابعة: الرواسي. الثامنة: إنبات النبات. التاسعة: كثرته وكونه من كل شيء. العاشرة: كونه موزونا.   1 قوله تعالى: (ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين} الآيات 16-20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 الحادية عشرة: ذكر المعايش. الثانية عشرة: ذكر الأنعام. الثالثة عشرة: كوننا لا نرزقهم مع كونهم لنا. السابعة عشرة:: 1 فيها: الأولى: أن كل شيء خزائنه عنده. الثانية: إنزاله بقدر معلوم. الثامنة عشرة:: 2 وثلاث بعدها، فيها: الأولى: ذكر إنعامه بإرسال الرياح. الثانية: أنها تلقح السحاب والشجر. الثالثة: إنزال الماء من السماء. الرابعة: تسهيل تناوله. الخامسة: عجزهم عن خزانته. السادسة: تفرده بالإحياء والإماتة. السابعة: أنه الوارث. الثامنة: علمه بالمستقدم والمستأخر في الزمان وفي الطاعة. التاسعة: تفرده بحشر الجميع. العاشرة: ذكر حكمه وعلمه مع ذلك.   1 قوله تعالى: (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) الآية: 21. 2 قوله تعالى: (وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم) الآيات: 22-25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 الثانية والعشرون، وتسع عشرة 1 آية بعدها. فيها. الأولى: ذكر المادة التي خلق منها آدم. الثانية: ذكر المادة التي خلق منها إبليس. الثالثة: إخبار الله للملائكه بمادته وأنه بشر. الرابعة: أنه سواه. الخامسة: أنه نفخ فيه من روحه. السادسة: أن السجدة لآدم. السابعة: أنها سجدة وقوع. الثامنة: أنهم سجدوا كلهم، لم يستثن إلا إبليس.   1 قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين قال هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم) الآيات 26-44. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 التاسعة: الدليل على شدة عيبه أنه لم يدخل مع هذا الجمع ولم يتخلف إلا هو. العاشرة: أن اسمه إبليس من ذلك الوقت. الحادية عشرة: تخلف الإنسان عن العمل الصالح وحده أكبر لقوله: {مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} . الثانية عشرة: تعذره بأصله وبكونه بشر. الثالثة عشرة: علم الملائكة بالبعث قبل خلق بني آدم. الرابعة عشرة: لا يسمى المسلم من أتباعه ولو عصى لقوله: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} 1. الخامسة عشرة: كل من اتبعه فهو غاو: السادسة عشرة: التنويه بآدم قبل خلقه. السابعة عشرة: وقوع ما أخبر الله به من قوله: {إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} لأنه لم ينب. الثامنة عشرة: كونه رجيم. التاسعة عشرة: كونه من ساكني الجنة. العشرون: خلق الجنه والنار قبل ذلك الوقت.   1 سورة الحجر آية: 42-43. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 الثامنة والأربعون 1، وخمس بعدها. فيها. الأولى: وعد أهل التقوى. الثانية: ما يقال لهم عند دخولها. الثالثة: أن الغل الذي بينهم لا يُخرج من التقوى. الرابعة: أن من نعيم أهل الجنة الأخوة الصافية. الخامسة: التنبيه على أكبر عيوب الدنيا، وهو النصب والإخراج. السادسة: أمره رسوله بتعليم عباده بهذه المسألة. السابعة: أنه صلى الله عليه وسلم أخبرهم أن المؤمن لو يعلم ما عنده من العقوبة إلى آخره. الثامنة: أن المغفرة والرحمة وصف بها نفسه، وأما العذاب الأليم فوصف به عذابه. التاسعة: تأكيد الضمير المتصل بالمنفصل، وتعريف العذاب. العاشرة: وجوب تعلم هذه المسألة على المؤمن.   1 قوله تعالى: (إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم) الآيات: 45-50. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 الثامنة والأربعون، 1 واحد وثلاثون آية بعدها، فيها: الأولى: أمره رسوله بتعليم عباده بالقصة، فدل على شدة حاجتهم إليها. الثانية: تسمية الملائكة أضيافا. الثالثة: تشريف إبراهيم عليه السلام بضيافتهم. الرابعة: قولهم: (سلاما) استدل به على إجزائه في السلام.   1 قوله تعالى: (ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون وآتيناك بالحق وإنا لصادقون فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين وجاء أهل المدينة يستبشرون قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا أولم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم إن في ذلك لآية للمؤمنين وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين فأخذتهم الصيحة مصبحين فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) الآيات: 51-84. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 الخامسة: جواز مخاطبة الأضياف بمثل هذا عند الحاجة. السادسة: أن مثل هذا الخوف لا يُذَمّ. السابعة: البشارة بالغلام، وبكونه عليماً. الثامنة: أن استبعاد مثل هذا ليس من القنوط. التاسعة: أنه مظنة القنوط لقولهم: {فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ} . العاشرة: مثل هذا لا يخرج من التوكل. الحادية عشرة: لا يخرج من معرفة قدرة الله. الثانية عشرة: معرفة كبر القنوط. الثالثة عشرة: معرفته عليه السلام أن البشارة ليست حاجتهم وحدها. الرابعة عشرة: معرفة نقمة الله لمن خالف الرسل. الخامسة عشرة: معرفة التوحيد من قصة امرأة لوط. السادسة عشرة: لم يعرفهم لوط أول مرة. السابعة عشرة: معرفة جواز قول مثل هذا للأضياف عند الحاجة. الثامنة عشرة: معرفة أنه خوفهم عقوبة الدنيا لقولة: {بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ} . التاسعة عشرة: معرفة أن التأكيد وتكرير المسألة على الطالب ليس نقصا في حقه، لقوله بعده: {وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} 1. العشرون: أن اليقين يتفاضل حتى في حق الأنبياء، يوضحه ما تقدم من قولهم: {بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ} الآية.   1 سورة الحجر آية: 64. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 الحادية والعشرون: معرفة الأمر بالهجرة. الثانية والعشرون: تفضيله عليه السلام بالهجرة مرتين. الثالثة والعشرون: معرفة أنهم أمروا بها إلى مكان معين. الرابعة والعشرون: معرفة قدر كونه آخر الرفقة في السفر، كما كان صلى الله عليه وسلم يتخلف في آخرهم. الخامسة والعشرون: عدم الرأفة على أعداء الله لقوله: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} . السادسة والعشرون: معرفة أخباره أن هذا قُضِيَ فلا مراجعة فيه، كما أخبر إبراهيم عليه السلام. السابعة والعشرون: معرفة قرب وقته. الثامنة والعشرون: معرفة الأمر العظيم، وهو فرح الإنسان بما لعله هلاكه. التاسعة والعشرون: قوله: {إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي} إلخ، يدل على توقيرهم إياه، يوضحه قولهم: {أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} . الثلاثون: أن طلب الستر وخوف الفضيحة من أعمال الأنبياء. الحادية والثلاثون: كونك تأمر بالتقوى ولو أفجر الناس. الثانية والثلاثون: خوف الخزي. الثالثة والثلاثون: شدة مدافعته عن ضيفه بعرض بناته. الرابعة والثلاثون: كرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقسم بحياته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 الخامسة والثلاثون: تأمل ما أخبر الله به من سكر الشهوة. السادسة والثلاثون: الجمع بين قلبها وإمطار الحجارة. السابعة والثلاثون: معرفة تنبيه الله على هذه الآية. الثامنة والثلاثون: تخصيص المتوسمين. التاسعة والثلاثون: توضيح الآية بكونها على الطريق. الأربعون: إقامتها. الحادية والأربعون: تخصيص المؤمنين بالآية. الثانية والأربعون: توضيح الآية بكونها على الطريق الواضح. الثالثة والأربعون: الآية في أصحاب الأيكة. الرابعة والأربعون: ذكر السبب وأنه ظلمهم. الخامسة والأربعون: ذنب أصحاب الحجر. السادسة والأربعون: أن من كذب رسولا فقد كذب الرسل. السابعة والأربعون: ذكر إنعامه عليهم بالآيات. الثامنة والأربعون: ذكر ما عاملوها به من الإعراض. التاسعة والأربعون: ما أعطوا من القوى حتى نحتوا الجبال بيوتا. الخمسون: أمنهم. الحادية والخمسون: ذكر عقوبتهم، وهي أخذ الصيحة صباحا. الثانية والخمسون: ذكر أن ذلك العطاء الذي غرهم ما أغنى عنهم وقت البلاء كما أغنت الأعمال الصالحة عن أهلها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 التاسعة والسبعون 1، وسبع بعدها، فيها: الأولى: التنبيه على تنزيهه 2 عن مضاد الحكمة. الثانية: كونه ما خلق ذلك إلا بالحق; ففيه إثبات الحكمة. الثالثة: أن من الحكمة في ذلك الإيمان به وتوحيده. الرابعة: الإيمان بإتيان الساعة. الخامسة: أن العلم بإتيانها فيه تعزية للمظلوم. السادسة: أن العلم بكونه الخلاق العليم فيه تعزية أيضا. السابعة: أن فيه الوعيد للظالم. الثامنة: المنة بإيتاء السبع المثاني والقرآن العظيم، وفيه التعزية عما أصابه به، وعما صرف عنه. التاسعة: نهيه عن مد العين إلى دنياهم. العاشرة: كون ذلك من نتائج ذلك الإيتاء. الحادية عشرة: نهيه عن الحزن عليهم ولو كانوا الملأ.   1 قوله تعالى: (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل إن ربك هو الخلاق العليم ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين وقل إني أنا النذير المبين كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) الآيات: 85-93. 2 في س " تنزيهه الله ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 الثانية عشرة: أمره بخفض الجناح لمن آمن، ولو كان عندهم حقيرا. الثالثة عشرة: قوله لهم: {إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ} ، وما في هذه الكلمة من التأكيد. الرابعة عشرة: ذكر آياته في انتقامه منهم. الخامسة عشرة: رجاء المؤمن إذا نظر إلى ذلك. السادسة عشرة: وصفهم بالاقتسام، ففيه جدهم في الباطل. السابعة عشرة: وصفهم القرآن بهذه الصفة، ففيه شدة الجراءة، وفيه وضوح ضلالهم. الثامنة عشرة: الإقسام على هذا الأمر العظيم. التاسعة عشرة: معرفة أن لا إله إلا الله عمل. العشرون: أن ذلك شرع للكل. الثمانون، وأربع 1 بعدها إلى آخر السورة. فيها: الأولى: أن الصدع فيه زيادة على الإنذار. الثانية: أنها ناسخة. الثالثة: جمعه بين ذلك وبين الإعراض عنهم.   1 قوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) الآيات: 94-99. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 الرابعة: ذكر الآية في تلك الكفاية. الخامسة: في ذلك تشجيع على الصدع والتوكل. السادسة: وصفهم بالاستهزاء بما لا يستهزأ به. السابعة: وصفهم بالشرك. الثامنة: ذكر أنهم يجعلون مع الله إلها فلم يُتركوا. التاسعة: تقبيح ذلك في جعلهم معه ذلك كائنا من كان. العاشرة: الوعيد. الحادية عشرة: لا يناقضه الإمهال لقوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} . الثانية عشرة: تعزيته بعلم الله. الثالثة عشرة: تنبيهه على الدواء. الرابعة عشرة: أن ذلك بالجمع بين التسبيح والحمد. الخامسة عشرة: تنبيهه على السجود أنه مع ما تقدم هو الدواء. السادسة عشرة: التحريض على ذلك بتذكر عباد الله الساجدين، وكونه منهم. السابعة عشرة: ختم السورة بهذه المسألة الكبيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 سورة النحل. وقال أيضا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم. قوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} 1 أي: الذي يفصل بين المؤمنين والمشركين، فسر بالنصر في الدنيا وبالقيامة، ففيها: الأولى: إتيانه سبحانه بصيغة الماضي للتحقيق والبشارة والنذارة. الثانية: النهي عن الاستعجال به. الثالثة: تسبيحه نفسه، وتعاليه عن شركهم، ففيه التنبيه على عظمة قبحه لكونه مسبة له. الثانية: 2 فيها: الأولى: تنزيله الملائكة. الثانية: تسمية المنزل روحا لكونه يحيي القلوب. الثالثة: أن ذلك الروح من أمره.   1 قال تعالى: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون) الآية الأولى. 2 قوله تعالى: (ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون) الآية 2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 الرابعة: أن التخصيص بمن ينزل عليه بمشيئة، لا بالاقتراح. الخامسة: أن المخصوص بذلك من جملة عباده. السادسة: ذكر الحكمة في هذا، وهو إنذار الخلق عن الشرك. السابعة: أنه إذا ثبت ذلك فخصوه بالتقوى لكونه المتفرد بالضر والنفع. الثالثة: 1 فيها: الأولى: الاستدلال بخلق السموات والأرض. الثانية: أنه بالحق. الثالثة: ذكر تعاليه عن شركهم، ذكره عند بدء الخلق وعند الوعد بالفصل. الرابعة: 2 فيها: الأولى: الاستدلال بخلق الإنسان; ذكر أولا الخلق العام ثم الخاص. الثانية: كونه من نطفة. الثالثة: صيرورته إلى هذا الحال، بعد تلك الحال وهو تفضيله بالعقل والبيان. الرابعة: على تفسير مجاهد ذكر هذا الكفر بعد ما أعطاه من النعمة، وبين له من القدرة.   1 قوله تعالى: (خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون) الآية: 3. 2 قوله تعالى: (خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين) الآية 4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 الخامسة 1، والآيتان 2 بعدها 3. فيها: الأولى: الاستدلال بخلق الأنعام على اختلافها. الثانية: أن ذلك لنا. الثالثة: التنبيه على ما فيها من المصالح، منها الدفء والأكل والجمال، وحمل الأثقال، إلى ما ذكره، وغير ذلك من المنافع. الرابعة: التنبيه على رأفته ورحمته بنا. الثامنة: 4 الأولى: ذكر الخيل والبغال والحمير في الاستدلال. الثانية: ذكر نعمته أن الحكمة في ذلك لركوبنا. الثالثة: زينة لنا. الرابعة: التنبيه على خلق ما لا نعلم. التاسعة: 5فيها: الأولى: أن السبيل منها قاصد.   1 قوله تعالى: (والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون) الآية: 5. 2 قوله تعالى: (ولكم فيا جمال حين تريحون وحين تسرحون) الآية: 6. 3 قوله تعالى: (وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم) الآية: 7. 4 قوله تعالى: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) الآية: 8. 5 قوله تعالى: (وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين) الآية: 9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 الثانية: أنه يوصل إلى الله. الثالثة: أن منها جائر، فيدل على الطلب والنظر. الرابعة: ذكر القدرة بعد ما ذكر الشرع. العاشرة: 1 فيها: {لَكُمْ} . الأولى: الاستدلال بإنزال المطر. الثانية: على أن غيره لا يقدر عليه. الثالثة: التنبيه على النعمة بقوله: (لكم) . الرابعة: ما يحصل به من الشراب والمرعى. الخامسة: إنبات الزرع والأشجار الخاصة. السادسة: من كل الثمرات. السابعة: أن ذلك الإنبات لنا. الثامنة: ذكره أن في هذا لآيات. التاسعة: كونها مخصوصة بالمتفكرين. الحادية عشرة: 2 الأولى: الاستدلال بخلق الليل والنهار والعلويات. الثانية: أن تسخيرها لنا. الثالثة: قوله: {مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} .   1 قوله تعالى: (هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون. ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) الآيتان: 10-11. 2 قوله تعالى: (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) الآية: 12. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 الرابعة: ذكر الآيات في ذلك. الخامسة: أنها مخصوصة بالذين يعقلون. الثانية عشرة: 1 الأولى: الاستدلال بخلق ما في الأرض لنا على اختلافه وكثرته. الثانية: ذكر النعمة في كونه لنا. الثالثة: ذكر الآيات في ذلك. الرابعة: تخصيص المتفكرين بفهمها. الثالثة عشرة: 2 الأولى: تسخير البحر. الثانية: أنه الذي فعله، لا غيره. ال ثالثة: التنبيه على ما فيه من مصالحنا، من أكل اللحم الطري، واستخراج الحلية ولبسها; وجريان الفلك فيه، والابتغاء من فضله. الرابعة: أن الحكمة في ذلك ليستخرج منكم الشكر في هذه الأمور التي فيها الآيات والنعم. الرابعة عشرة: 3 الأولى: الاستدلال بخلق الجبال.   1 قوله تعالى: (وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون) الآية: 13. 2 قوله تعالى: (وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) الآية: 14. 3 قوله تعالى: (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون. وعلامات وبالنجم هم يهتدون) الآيتان: 15-16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 الثانية: ذكر الحكمة. الثالثة: ذكر الأنهار. الرابعة: ذكر السبل. الخامسة: ذكر الحكمة وهي الاهتداء. السادسة: ذكر الحكمة الثانية، وهي العلامات، فالجبال علامات النهار; ثم ذكر حكمة ثالثة وهي الاهتداء بالنجم في الليل. الخامسة عشرة: 1 الأولى: ذكر الدليل القاطع البديهي الفطري الضروري. الثانية: دعاؤهم إلى التذكر. الثالثة: أتى باستفهام الإنكار ولكن لتأمل التذكر ما هو لقوله: {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} 2. الرابعة: دعاؤهم إلى الطاعة بذكر نعمه على الإجمال، وأنها لا تحصى. الخامسة: ختمه الآية بالاسمين. السادسة عشرة: 3. الأولى: ذكر سعة علمه وإحاطته بالسر والجهر.   1 قوله تعالى: (أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون. وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم) الآيتان: 17-18. 2 سورة غافر آية: 13. 3 قوله تعالى: (والله يعلم ما تسرون وما تعلنون. والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون. أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون) الآيات: 19-21. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 الثانية: أن الذين يدعون غيره ليس لهم قدرة ولا لهم علم، فلا يخلقون شيئا ولا يدرى متى يبعثون. الثالثة: أنهم أموات غير أحياء. السابعة عشرة: 1 الأولى: ذكر توحيد الإلهية. الثانية: أنه مع تكاثر هذه الأدلة ووضوحها أنكرته قلوب هؤلاء. الثالثة: أن سببه عدم الإيمان بالآخرة لا خفاء الأدلة. الرابعة: أن الشرك وعدم الإيمان بالآخرة متلازمان. الخامسة: أنهم مع هذا الجهل العظيم الذي لا أخس منه، متكبرون. السادسة: جمعوا بين الإنكار والاستكبار. السابعة: ذكر علمه سرهم وعلانيتهم، وهو صريح في الوعيد. الثامنة: كونه لا يحب المستكبرين. الثامنة عشرة: 2 الأولى: ذكر وصفهم أعظم نعمة جاءتهم من الله. الثانية: إقرارهم بالربوبية. الثالثة: ذكر عاقبة ذلك.   1 قوله تعالى: (إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين) الآيتان: 22-23. 2 قوله تعالى: (وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون) الآيتان: 24-25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 الرابعة: ذكر حملهم أوزار من أضلوا. الخامسة: أنهم جهال، ولو ظن الأتباع غيره. السادسة: تهويل ذكر الجزاء. التاسعة عشرة 1، وأربع آيات بعدها: الأولى: ذكر ما فعل بمن قبلهم لما مكروا. الثانية: أنه أتاه من القواعد. الثالثة: أنهم خرَّ عليهم الذي بنوا. الرابعة: أن الخرور من فوقهم. الخامسة: إتيان العذاب من طريق لم يعلموا بها. السادسة: الخزي يوم القيامة. السابعة: هذا العتاب الشديد. الثامنة: ما فيه من قبح الشرك. التاسعة: ما فيه من فتنة المشرك بالشرك. العاشرة: مشاقتهم الله وأولياءه. الحادية عشرة: ذكره أن ذلك لأجل الشركاء.   1 قوله تعالى: (قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وآتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين) الآيات: 26-29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 الثانية عشرة: ما فيه من تعزية المؤمن وتبشيره. الثالثة عشرة: شرف العلم في الآخرة. الرابعة عشرة: جمعه بين الخزي والسوء. الخامسة عشرة: كونه على من كفر. السادسة عشرة: ذكره موتهم على هذه الحال. السابعة عشرة: كونهم ما ظلموا إلا أنفسهم. الثامنة عشرة: كون ملك الموت له أعوان يتوفّون. التاسعة عشرة: كونهم ألقوا السلم حين لا ينفعهم. العشرون: تفسير ذلك بقولهم: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} . الحادية والعشرون: جوابهم. الثانية والعشرون: عقابهم. الثالثة والعشرون: هؤلاء أهل الأبواب. الرابعة والعشرون: عظمة الكِبْر عند الله. الرابعة والعشرون، 1 وآيتان بعدها: الأولى: قول المتقين في المنزل.   1 قوله تعالى: (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) الآيات: 30-32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 الثانية: الوعد بحسنة الدنيا. الثالثة: أن حسنة الآخرة خير. الرابعة: أنها دار المتقين. الخامسة: وصفها بهذه الصفات العظيمة. السادسة: أن الجزاء بهذا مما يوصف الله به في حق المتقين. السابعة: وصفهم بحالهم عند الوفاة وما يقال لهم. السابعة والعشرون، 1 وآية بعدها: الأولى: الموعظة عن التسويف. الثانية: الفرق بين إتيان الملائكة وأمر الله. الثالثة: أن هذا كفعل من قبلهم. الرابعة: تنزيهه سبحانه عن الظلم. الخامسة: إثبات ظلمهم لأنفسهم. السادسة: أن علمهم هو الذي أصابهم. السابعة: كون الذي استهزؤوا به حاق بهم. الثامنة والعشرون: 2 الأولى: أن الاحتجاج بالقدر من كلام الكفار.   1 قوله تعالى {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) الآيتان: 33-34. 2 قوله تعالى: (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين) الآية: 35. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 الثانية: اعترافهم أنهم يعبدون من دونه، مع قولهم: "هؤلاء شفعاؤنا عنده" 1: الثالثة: اعترافهم أنهم يحرّمون من دونه، مع زعمهم أنهم يتقربون به إليه. الرابعة: ذكره سبحانه أن هذا كفعل المتقدمين. الخامسة: ذكره الواجب على الرسل. التاسعة والعشرون: 2 الأولى: عموم الرسالة لكل أمة. الثانية: أن كل أمة لها رسول يخصها. الثالثة: أن بعثة الكل لأجل هاتين الكلمتين. الرابعة: أنه لا بد من 3 الإثبات مع النفي. الخامسة: ذكر حسن الأولى بالإضافة إليه. السادسة: ذكر قبح الشرك وحسن النهي عنه. السابعة: أنهم افترقوا. الثامنة: أن من أعطي خيرا فالله أعطاه.   1 في س " عند الله ". 2 قوله تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين) الآيتان: 36-37. 3 في 516/86 "مع الإثبات من". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 التاسعة: أن الضلالة حقت على الضالين. العاشرة: ذكر الأمر بالسير في الأرض لأجل النظر في عاقبتهم. الحادية عشرة: ذكر أن حرص الرسول لا يجدي على من أضل الله. الثانية عشرة: ما لهم من ناصرين. الحادية والثلاثون: 1 الأولى: كونهم 2 يقسمون بالله. الثانية: أن القسم بالله عندهم أجلّ من القسم بالآلهة. الثالثة: اجتهادهم في اليمين على ما لا يعلمون. الرابعة: كون هذا على نفي ما قامت الأدلة الواضحة على ثبوته. الخامسة: تأليِّهم على الله أن لا يفعل. السادسة: رده عليهم بقوله: (بلى) . السابعة: أنه لا يخلف الميعاد. الثامنة: أنه جعل ذلك حقا عليه.   1 في س "الثلاثون", وعلى وجه العموم فهناك اختلاف في عد الآيات في المخطوطتين, لكننا نذكر النص القرآني الذي فيه المعاني المفسرة. 2 قوله تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) الآيات: 38-40. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 التاسعة: إخباره أن السواد الأعظم لا يعلمون. العاشرة: ذكره الحكمة في ذلك وهي تبيينه لهم ما اختلفوا فيه، ومعرفة الكافرين أنهم أهل الكذب لا خصومهم. الحادية عشرة: ذكره عظيم قدرته، وأنها على غير القياس، وهم نفوا لمّا نظروا إلى عظمة الأمر، ولم يعرفوا عظمة الله. السادسة والثلاثون: 1 الأولى: ذكر الهجرة. الثانية: ذكر نية أهلها. الثالثة: ذكر الظلم الذي أصابهم وصبروا. الرابعة: الوعيد بحسنة الدنيا. الخامسة: أن أجر الآخرة أعظم. السادسة: أن هذا الخير العظيم لا يعلمه الأكثر، ولو علموه لاستبقوا إليه. السابعة: وصفهم بالصبر. الثامنة: وصفهم بالتوكل. السابعة والثلاثون: 2 الأولى: ذكر الحجة الدامغة لإنكارهم لإرسال البشر مع تسليمهم بنبوة المتقدمين.   1 قوله تعالى: (والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون) الآيتان 41-42. 2 قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) الآيتان: 43-44. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 الثانية: أن الإرسال بالوحي. الثالثة: أن هذا مسلّم عند كل من عرف العلم النازل من الله. الرابعة: تنبيه الجاهل أنه لا يُعذَر لأنه يمكنه السؤال. الخامسة: أن كل الرسل رجال، لا جني فيهم ولا أنثى. السادسة: أن كل رسول لا يرسل إلا ببينات. السابعة: لا يرسل إلا ومعه كتاب. الثامنة: ذكر الحكمة في إنزال القرآن على محمد، وأنها لبيان المنزل ولتفكرهم. التاسعة: تسميته الذكر. الثامنة والثلاثون: 1 الأولى: ذكر مكر السيئات. الثانية: أنهم مستحقون لتعجيل العقوبة. الثالثة: كيف أَمِنُوا ذلك. الرابعة: ذكر أنواع العذاب الأربعة. الخامسة: أنهم لا يعجزون بعد ذكر الثالث. السادسة: ذكر الرأفة والرحمة بعد الرابع.   1 قوله تعالى: (أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم) الآيات: 45-47. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 التاسعة والثلاثون: 1 والآيتان بعدها. فيها: الأولى: ذكر الآية التي في المخلوقات. الثانية: تقرير عدم رؤيتهم ذلك مع وضوحه. الثالثة: تفيُّؤ الظلال يمينا وشمالا. الرابعة: سجودهم لله. الخامسة: حال الدخول. السادسة: ذكر جميع دواب السماء والأرض. السابعة: سجود جميع الملائكة. الثامنة: عدم استكبارهم مع شرفهم. التاسعة: مع ذلك خوفهم منه. العاشرة: ذكر الفوقية. الحادية عشرة: ذكر كونهم مع ذلك الخوف كاملي الانقياد فيما أُمروا. الثانية والأربعون: 2 الأولى: النهي عن اتخاذ إلهين. الثانية: بيان أن الإله واحد.   1 قوله تعالى: (أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) الآيات: 48-50. 2 قوله تعالى: (وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون) الآيتان: 51-52. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 الثالثة: بيان أن من لوازم ذلك إفراده بالرهبة. الرابعة: الاستدلال على ذلك بملك السموات والأرض. الخامسة: الاستدلال بأن دينه واصب. السادسة: الإنكار عليهم في تقوى غيره مع هذه الأدلة. الثالثة والأربعون: 1 فيها: الأولى: التذكير بأن كل ما بنا من نعمة فهو المتفرد بها. الثانية: اللجأ إليه وحده إذا نزل الضر بالجؤور. الثالثة: فعلهم القبيح بعد كشفه، وبعد الإخلاص. الرابعة: ذكر عاقبة فعلهم أنه الكفر بالنعم. الخامسة: ذكر العاقبة الثانية وهي التمتع. السادسة: الوعيد. السابعة والأربعون: 2 الأولى: جعلهم حقا من الذي أعطاهم الله لغيره. الثانية: أنهم لا يعلمون.   1 قوله تعالى: (وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون) الآيتان: 53-55. 2 قوله تعالى: (ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون) الآية: 56. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 الثالثة: الوعيد. الرابعة: أنه بالقسم. الثامنة والأربعون: 1 الأولى: جعلهم الله الأوكس. الثانية: جعلهم لأنفسهم الأعلى. الثالثة: إذا بشروا بما جعلوا لله جرى منهم ما ذكر. الرابعة: أنه لشدته يتوارى. الخامسة: أنه يتردد: هل يمسكه على هون أم يدسه؟ السادسة: التسجيل على سوء هذا الحكم. الخمسون: 2 الأولى: ذكر مثل السوء لمن لا يؤمن بالآخرة. الثانية: إثبات المثل الأعلى لله سبحانه. الثالثة: ذكر عزته. الرابعة: ذكر حكمته.   1 قوله تعالى: (ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) الآيات: 57-59. 2 قوله تعالى: (للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم) الآية: 60. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 الحادية والخمسون: 1 الأولى: ذكر حلمه. الثانية: ذكر استحقاقهم. الثالثة: إهلاك من لا ذنب له بسبب كبر الجريمة. الرابعة: ذكر أنه مع ذلك لا يهمل. الخامسة: أن التأخير إلى أجل مسمى. السادسة: أنه إذا جاء لا يستأخرون ساعة. السابعة: أنهم لا يستقدمون قبله. الثانية والخمسون: 2 الأولى: ذكر فعلهم العجيب. الثانية: ذكر اغترارهم مع ذلك. الثالثة: ذكر الصواب فيما يستحقون. الرابعة: أنهم مفرَطون. الثالثة والخمسون: 3 الأولى: القسم. الثانية: ذكر أنه أرشدهم إلى ما ينفعهم.   1 قوله تعالى: (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) الآية: 61. 2 قوله تعالى {ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون) الآية: 62. 3 قوله تعالى {تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم) الآية: 63. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 الثالثة: ذكر السبب الذي صدَّهم. الرابعة: ذكر الثمرة اليوم. الخامسة: الوعيد بغيره. الرابعة والخمسون: 1 الأولى: ذكر الحكم في إنزال الكتاب عليه. الثانية: الحصر في ذلك. الثالثة: أنها ثلاثة أنواع: الأول عام، والثاني والثالث خاص. الرابعة: ذكر سبب الخصوص. الخامسة والخمسون: 2 الأولى: ذكر الآية الشهيرة. الثانية: أن فيها آية. الثالثة: لقوم مخصوصين. الرابعة: أنهم أهل السمع. السادسة والخمسون: 3 الأولى: ذكر الآية في الأنعام باللبن. الثانية: تفصيل الأنعام.   1 قوله تعالى: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) الآية: 64. 2 قوله تعالى: (والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون) الآية: 65. 3 قوله تعالى: (وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين) الآية: 66. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 السابعة والخمسون: 1 الأولى: ذكر ثمرات النوعين. الثانية: اتخاذ النوعين منها. الثالثة: ذكر الآية التي في ذلك. الرابعة: أنها لأهل العقل خاصة. الثامنة والخمسون: 2 الأولى: ذكر أن الإلهام من أقسام الوحي. الثانية: إلهامها اتخاذ تلك البيوت من تلك الأمكنة. الثالثة: إلهامها مأكولها. الرابعة: سلوك سبل ربها. الخامسة: كونها ذللا. السادسة: خروج تلك الشراب من بطونها. السابعة: اختلاف ألوانه. الثامنة: ما فيه من الشفاء. التاسعة: الآية التي فيه. العاشرة: كونها للمتفكرين.   1 قوله تعالى: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون} الآية: 67. 2 قوله تعالى: (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) الآيتان: 68-69. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 التاسعة والخمسون: 1 الأولى: الآية في خلقهم. الثانية: توفيهم. الثالثة: ردّ من شاء إلى أرذل العمر. الرابعة: لكيلا يعلم من بعد علم شيئا. الخامسة: علمه. السادسة: قدرته. الستون: 2 الأولى: تفضيلهم في الرزق. الثانية: أن المفضلين لا يرضون لأنفسهم بهذا، خصوصا مع التساوي. الثالثة: استفهام الإنكار. الحادية والستون: 3 الأولى: جعل الأزواج من الأنفس. الثانية: جعل منها بنين. الثالثة: حفدة.   1 قوله تعالى: (والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير) الآية: 70. 2 قوله تعالى: (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون) الآية: 71. 3 قوله تعالى: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون) الآية 72. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 الرابعة: الرزق من الطيبات. الخامسة: استفهام الإنكار في هذا الأمر الباهر. الثانية والستون: 1 الأولى: عبادة من لا يملك نفعا. الثانية: أنهم لا يستطيعون. الثالثة: النهي عن ضرب المثل له. الرابعة: التنبيه على علمه وجهلهم. الثالثة والستون، 2 والتي بعدها فيهما: المثلان العظيمان القاطعان. الخامسة والستون: 3 الأولى: ذكر تفرده بعلم الغيب. الثانية: ذكر أمره الآخرة. الثالثة: ذكر قدرته على كل شيء، فلا تستبعد شيئا. السادسة والستون: 4 الأولى: ذكر إخراجنا من البطون هكذا.   1 قوله تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون} الآيتان 73-74. 2 قوله تعالى: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} الآيتان: 75-76. 3 قوله تعالى: (ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير} الآية: 77. 4 قوله تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} الآية: 78. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 الثانية: وهب الآلات. الثالثة: ذكر مراده في ذلك. السابعة والستون: 1 الأولى: ذكر آيات الطير. الثانية: كيف لم يفهموها!. الثالثة: إن فيها آيات. الرابعة: لقوم مخصوصين. الثامنة والستون: 2 الأولى: ذكر السكن من البيوت. الثانية: جعل البيوت من جلود الأنعام. الثالثة: استخفافها ظعنا وإقامة. الرابعة: من الأصواف والأوبار والأشعار أثاثا. الخامسة: المتاع إلى حين. التاسعة والستون: 3 الأولى: ذكر الظلال مما خلق.   1 قوله تعالى: {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون} الآية: 79. 2 قوله تعالى: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين} الآية: 80. 3 قوله تعالى: {والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} الآية: 81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 الثانية: الأكنان من الجبال. الثالثة: سرابيل الحر. الرابعة: سرابيل البأس. الخامسة: إتمام النعمة. السادسة: الحكمة في ذلك. السبعون، 1 والتي بعدها: الأولى: ذكر الوعيد. الثانية: التعزية. الثالثة: التعليم أن ذلك ليس عليه. الرابعة: ذكر ما عليه. الخامسة: نعمته بالبيان. السادسة: العجب العجاب، وهو جمعهم بين الضدين. السابعة: أن أكثرهم عدم القوة العملية. 2 الحادية والسبعون، وآيتان بعدها: الأولى: ذكر بعثة الشهداء. الثانية: أنه من كل أمة شهيدا.   1 قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} الآيتان: 82-83. 2 قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} الآيتان: 86-87. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 الثالثة: تخلف أسباب النجاة في الدنيا، وهو الإذن والاستعتاب. الرابعة: تخلف التخفيف والإنظار. الرابعة والسبعون 1: الأولى: قول المشركين لشركائهم. الثانية: معرفة أنهم يدعون من دونه. الثالثة: تكذيب المعبودين لهم. الرابعة: إلقاء السّلم إلى الله حينئذ. الخامسة: زوال الافتراء. الخامسة والسبعون 2: الأولى: من جمع الكفر والصدَّ جُمع له ما ذكر. الثانية: ذكر الحكمة 3. السادسة والسبعون 4: الأولى: ذكر بعث الشهيد في كل أمة من أنفسهم. الثانية: بعثته صلى الله عليه وسلم على أمته. الثالثة: تنزيل الكتاب عليه.   1 قوله تعالى: {وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون} الآيتان: 86-87 2 قوله تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون} الآية: 88. 3 في س "الحكمة" فقط. 4 قوله تعالى: {ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} الآية: 89. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 الرابعة: بيانه لكل شيء. الخامسة: كونه هدى. السادسة: كونه رحمة. السابعة: كونه بشرى لقوم مخصوصين. الثامنة: الثناء على الإسلام. السابعة والسبعون 1: الأولى: الأمر بالعدل. الثانية: الأمر بالإحسان. الثالثة: الأمر بإيتاء ذي القربى. الرابعة: النهي عن الفحشاء. الخامسة: النهي عن المنكر. السادسة: النهي عن البغي. السابعة: ذكر أن الأمر والنهي موعظة. الثامنة: ذكر الحكمة في ذلك. التاسعة: أن التذكير مستلزم العمل. الثامنة والسبعون: 2 الأولى: الأمر بالوفاء بالعهد.   1 قوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} الآية: 90. 2 قوله تعالى: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون} الآية: 91. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 الثانية: نسبته إلى الله. الثالثة: النهي عن نقض الأيمان بعد توكيدها. الرابعة: التنبيه على قبح ذلك بجعلهم الله كفيلا عليهم. الخامسة: الوعظ بعلمه بأعمالهم. التاسعة والسبعون، 1 وأربع بعدها: الأولى: نهيهم عن مشابهة الخرقاء. الثانية: تبيين ذلك باتخاذ الأيمان دخلا بينهم. الثالثة: أنه لأجل كون أمة أربى من أمة. الرابعة: ذكر أن ذلك اختبار منه سبحانه. الخامسة: وعظهم بالبيان للاختلاف ذلك اليوم. السادسة: أنه لو شاء لجعلهم أمة واحدة. السابعة: بيان المشيئة. الثامنة: الرد على القدرية.   1 قوله تعالى: (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) 92-96. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 التاسعة: الرد على الجبرية. العاشرة: توعده بسؤالهم. الحادية عشرة: نهيه عن اتخاذها دخلا. الثانية عشرة: ذكر العقوبة. الثالثة عشرة: أنها نوعان. الرابعة عشرة: أن ذلك بما صدوا عن سبيله. الخامسة عشرة: ذكر العذاب المهين. السادسة عشرة: نهيهم عن الاشتراء بالعهد ثمنا قليلا. السابعة عشرة: ذكر أن ما عنده على الوفا خير. الثامنة عشرة: ذكر أن من آثر هذا فلجهله. التاسعة عشرة: ذكره بعض الخيرية وهو نفاد هذا وبقاء هذا. العشرون: وعد الصابرين. الحادية والعشرون: أن ذلك بأحسن أعمالهم. الرابعة والثمانون: 1 الأولى: إلزام العمل الإيمان، وبالعكس. الثانية: ذكر الجزاء بالحياة الطيبة، وما بعدها أكبر، هو جزاؤهم بأحسن أعمالهم. الثالثة: أنه عام لمن فعل ذكرا كان أو أنثى.   1 قوله تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) الآية: 97. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 الرابعة: التنبيه على طيب الحياة. الخامسة والثمانون، 1 والتي بعدها: الأولى: الأمر بالاستعاذة من الشيطان عند القراءة. الثانية: أن القراءة غير المقروء. الثالثة: التنبيه على التوحيد. الرابعة: الإخبار أنه لا سلطان له على هؤلاء. الخامسة: عطف التوكل على الإيمان، مع أنه منه. السادسة: أن نفي سلطانه عنهم لا ينافي فعلهم الأسباب، مثل الاستعاذة. السابعة: إثبات سلطانه على هؤلاء. الثامنة: عطف توليهم على شركهم. الثامنة والثمانون: 2 الأولى: ذكر النسخ. الثانية: ذكر الفتنة به. الثالثة: جوابهم.   1 قوله تعالى: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) الآيات 98-100. 2 قوله تعالى: (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين) الآيتان: 101-102. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 الرابعة: سببه عدم العلم. الخامسة: أن روح القدس جبرائيل. السادسة: أنه من ربك. السابعة: أنه لا ينافي كون الله نزله. الثامنة: أنه الحق. التاسعة: ذكر الحكمة، وهي تثبيت هؤلاء. العاشرة: ذكر الحكمة الأخرى، أنه هدى لهؤلاء. الحادية عشرة: ذكر الحكمة الأخرى، أنه بشرى لهم. الثانية عشرة: مدح الإسلام. التاسعة والثمانون: 1 الأولى: ذكر إفكهم. الثانية: ذكر علمه به. الثالثة: بيان فساد إفكهم بأوضح حجة. الرابعة: الرد على الأشعرية. الخامسة: الرد على من زعم أنه لا يمكن معرفته. التسعون: 2 الأولى: ذكر عقوبة من 3 لم يؤمن بآيات الله.   1 قوله تعالى: (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين) الآية:103. 2 قوله تعالى: (إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم) الآية: 104. 3 في س "من يؤمن" وهو خطأ من الناسخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 الثانية: أن ذلك منعهم الخير الذي هو الهداية، وإيصال الشر وهو العذاب. الثالثة: أن الهداية نعمة منه. الحادية والتسعون: 1 الأولى: تعظيم أمر الكذب بكونه ينافي الإيمان. الثانية: أن الإيمان بآيات الله يستلزم العمل، ومنه ترك الكذب. الثالثة: حصر الكذب فيمن لم يؤمن بآيات الله. الثانية والتسعون، 2 وأربع بعدها: الأولى: ذكر تعظيم الكفر بعد الإيمان. الثانية: استثناء المكْرَه المطمئن. الثالثة: أن الرخصة لمن جمع بينهما، خلاف المكره فقط. الرابعة: أن الردَّة المذكورة كلام أو فعل من غير اعتقاد. الخامسة: أنها تكون مع شدة المعرفة بالدين.   1 قوله تعالى: (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون) الآية: 105. 2 قوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) الآيات: 106-110. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 السادسة: أنها تكون مع شدة المعرفة بالباطل. السابعة: أنها تكون مع محبة الدين. الثامنة: أنها تكون مع بغض الباطل. التاسعة: أنها تكون مع شدة الخوف. العاشرة: تكون أيضا مع شدة حاجته لما بُذِلَ له أو لما يرجوه. الحادية عشرة: كون من فعل ذلك كَفَر ولو هو أفضل الأولياء. الثانية عشرة: يكفر بذلك ولو كان في بلد المشركين تحت أيديهم. الثالثة عشرة: من فعل ذلك فقد شرح بالكفر صدرا ولو كره ذلك، لأنه لم يستثن إلا من ذكر. الرابعة عشرة: فيه أنه يُتصوَّر أنه مؤمن ولم يطمئن. الخامسة عشرة: ذكر العقوبة وهي نوعان. السادسة عشرة: ذكر سبب تلك العقوبة، وهي استحباب الدنيا على الآخرة، لا مجرد الاعتقاد أو الشك. السابعة عشرة: ذكر السبب الآخر، وهو من الصفات. الثامنة عشرة: ذكر أن 1 سبب فعلهم للطبع المذكور. التاسعة عشرة: ذكر حصر الغفلة فيهم. العشرون: حصر الخسران في الآخرة فيهم. الحادية والعشرون: ذكر قبول توبة هؤلاء. الثانية والعشرون: ذكر صفة توبتهم، وهي الهجرة والجهاد والصبر.   1 في م "السبب" و "الطبع". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 الثالثة والعشرون: ذكر أن المغفرة لما صدر منهم من الأعمال المذكورة. السابعة والتسعون: 1 الأولى: تعظيم ذلك اليوم. الثانية: ذكر الأمر الهائل في كل نفس. الثالثة: كشف الشبهة بقوله {عَنْ نَفْسِهَا} . الرابعة: توْفية كل نفس عملها. الخامسة: نفي الظلم ولو عن الأشرار. الثامنة والتسعون، 2 والتي بعدها: الأولى: ذكر ما أعطى القرية. الثان ية: الفرق بين الأمان والطمأنينة. الثالثة: إتيان الرزق لها رَغَدًا. الرابعة: من كل مكان. الخامسة: أن النعمة بما خَرَق العادة أظهر. السادسة: أن ترك الشكر له عقوبة عاجلة. السابعة: أن العقوبة تأتي من حيث لا يحتسب. الثامنة: ذكر الجمع بين هاتين 3 العقوبتين.   1 قوله تعالى: (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون) الآية: 111. 2 قوله تعالى: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون) الآيتان: 112-113. 3في س "هؤلاء". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 التاسعة: أن ذلك لباس. العاشرة: كونه بصنيعهم. الحادية عشرة: كون النعمة أتتهم ولم يطلبوها. الثانية عشرة: كونه منهم. الثالثة عشرة: تكذيبه مع هذا. الرابعة عشرة: كون العذاب أخذهم بهذا السبب. الخامسة عشرة: كونهم في تلك الحالة الظالمين. المائة: 1 الأولى: ذكرُ قاعدة الشريعة، وهى أن الأصل الحلّ. الثانية: أمره بالشكر. الثالثة: تنبيهه على ترك الغلوّ. الرابعة: أن كل حلال فهو طيب. الخامسة: الشكر للنعمة من الفرائض، لكونه من شروط العبادة الخاصة. الحادية بعد المائة: 2 الأولى: ذكر تحريم الأربع.   1قوله تعالى: {فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون} الآية: 114. 2 قوله تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم} الآية: 115. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 الثانية: ذكر "إنما" التي تفيد الحصر. الثالثة: الرخصة للمضطر. الرابعة: شروط ذلك. الخامسة: ختم الحكم بالصفتين. الثانية بعد المائة: 1 الأولى: نهيه عن التحليل والتحريم بلا علم. الثانية: أن ذلك وصف الألسنة بالكذب. الثالثة: لام كي في قوله: {لِتَفْتَرُوا} . الرابعة: وعيد الفاعل. الخامسة: إزالة الشبهة بقوله {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} الثالثة بعد المائة: 2 الأولى: ذكر تحريمه على اليهود ما ذكر. الثانية: أنه بسبب ظلمهم. الثالثة: تسمية ما حُرّم عليهم طيبات. الرابعة: تنزيهه نفسه عن الظلم. الخامسة: إثبات الظلم على من ظلم.   1قوله تعالى: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم) الآيتان: 116-117. 2قوله تعالى: (وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) الآية: 118. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 الرابعة بعد المائة: 1 الأولى: ذكر توبته على العاصين. الثانية: قوله {بِجَهَالَةٍ} . الثالثة: ذكره الإصلاح مع التوبة. الرابعة: ذكر الربوبية له في أول الكلمة وآخرها. الخامسة: ختم الحكم بالصفتين. الخامسة بعد المائة: 2 الأولى: ذكر تعظيمه إبراهيم بما لا يُعلم له نظير. الثانية: كونه أمّة. الثالثة: قنوته لله. الرابعة: كونه حنيفا. الخامسة: تنزيهه عن هذه الطائفة. السادسة: كونه شاكرا. السابعة: كونه اجتباه. الثامنة: هداه إلى صراط مستقيم. التاسعة: أعطاه في الدنيا حسنة.   1قوله تعالى: (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) الآية: 119. 2قوله تعالى: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) الآيات 120-123. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 العاشرة: كونه في الآخرة مع هذه الطائفة. الحادية عشرة: كون سيد المرسلين مأمورا باتباع ملته. التاسعة بعد المائة: 1 الأولى: ذكر فرض السبت عليهم. الثانية: ذكر الحصر "بإنما". الثالثة: ذكر اختلافهم فيه. الرابعة: ذكر الوعيد. الخامسة: ذكر فصل جميع الاختلاف ذلك اليوم. العاشرة بعد المائة: 2 الأولى: كونه مأمورا بالدعوة إلى سبيل ربه لا غير. الثانية: كونه بالحكمة. الثالثة: كونه بالموعظة الحسنة. الرابعة: المجادلة بالتي هي أحسن. الخامسة: تعزية المؤمن بعلمه سبحانه بالمهتدي والضال. الحادية عشرة بعد المائة: 3 الأولى: ذكر العدل حتى في حق الكفار.   1قوله تعالى: (إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) الآية 124. 2قوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) الآية 125. 3قوله تعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) 126. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 وتكلم رحمه الله على آخر هذه السورة أيضا فقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} 1 لئلا يستوحش سالك الطريق من قلة السالكين، {قَانِتًا لِلَّهِ} لا للملوك ولا للتجار المترفين، {حَنِيفًا} لا يميل يمينا ولا شمالا كفعل العلماء المفتونين، {ولم يكن من المشركين} 2 خلافا لمن كَثُرَ سوادهم وزعم أنه من المسلمين، {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ} ليس كمن نسي النعم ونسبها إلى نفسه فصار من المتكبرين. {اجْتَبَاهُ} ليعلم أنه المتفرد بالفضل والتمكين، {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 3 لتُعرف الاستقامة من الاعوجاج عن الحق المبين {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} 4 لنعلم أن الدنيا مع الآخرة في اتباع الدين، {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} 5 ترغيبا في زمرة الصالحين. ثم ختم هذا الثناء العظيم بالأمر الكبير والعصمة والقاعدة الكلية فقال: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 6 تبيينا للناجين من الهالكين، وفرقانا بين المحقين والمبطلين، وبيانا للموحدين من المشركين.   1سورة النحل آية: 120. 2سورة النحل آية: 120. 3سورة النحل آية: 121. 4سورة النحل آية: 122. 5سورة البقرة آية: 130. 6سورة النحل آية: 123. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 سورة النحل ... الثانية: ذكر أن الصبر أفضل، ولو على الكفار. الثانية عشرة بعد المائة، 1 والتي بعدها: الأولى: الأمر بالصبر. الثانية: لا يكون إلا بالله. الثالثة: نهيه عن الحزن عليهم. الرابعة: نهيه عن الضيق من مكرهم. الخامسة: 2 تنبيهه على أن الله مع الذين جمعوا بين الوصفين. آخره والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبيا محمد وآله وصحبه أجمعين.   1قوله تعالى: (واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) الآيتان: 127-128. 2في س "تنبيهه أن". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 سورة الكهف قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: ومن أول سورة 1 الكهف ذكر ابن عباس أن سبب نزولها أن قريشا بعثت النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار المدينة فقالوا: سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته فإنهم أهل الكتاب الأول، ففعلوا. فقالوا: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل، وإلا فهو متقوِّل. سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما أمرهم؟ فإن لهم حديثا عجيبا. وسلوه عن طوّاف بلغ مشارق الأرض ومغاربها. وسلوه عن الروح. فأقبلا فقالا: جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، فسألوه عن الثلاث، فقال: (أخبركم) ولم يستثن.   1 قوله تعالى: (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) الآيات: 1-9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 فمكث خمس عشرة ليلة لا يأتيه جبرائيل فشق ذلك عليه، حتى جاءه بالسورة فيها المعاتبة على حزنه عليهم، وخبرُ مسائلهم 1. ففي الآية الأولى مسائل: الأولى: حمده نفسه على إنزال الكتاب الذي هو أكره شيء أتاهم في أنفسهم; مع كونه أجل ما أعطاهم من النعم. الثانية: أن الإنزال على عبده; ففيه بطلان مذهب النصارى والمشركين، وفيه نعمته عليهم حيث أنزل على رجل منهم. الثالثة: أنه أنزله معتدلا لا عوج فيه، ففيه معنى قوله: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ 2. الرابعة: أن الأعداء والمشبّهين لا يجدون فيه مغمزا، بل ليس فيه إلا ما يكسرهم. وقوله: {لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ} 3، ذكر الفائدة في إنزاله فذكر ثلاثا: الأولى: لينذر عذاب الله، فيصير سببا للسلامة منه. الثانية: بشارة من انقاد له بالحظ المذكور. الثالثة: الإنذار على الكلمة 4 العظمى التي تفوّه بها من تفوه تقربا إلى الله بتعظيم الصالحين.   1 سيرة ابن هشام جـ 1 ص 230-232 وتفسير القرطبي وغيره في أول سورة الكهف. 2 سورة المؤمنون آية: 71. 3 سورة الكهف آية: 2. 4 في س "العظيمة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 الرابعة: الدليل على أن كلامهم لم يصدر عن علم، لا منهم ولا ممن قبلهم. الخامسة: تعظيم الكلمة كما قال تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} 1. السادسة: أن الكذب يسمى كذبا، ويسمى صاحبه كاذبا ولو ظن أنه صادق، ويصير من أكبر الكذابين المفترين. وقوله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ} 2 أي: قاتلها أسفا على هلكتهم، ففيه ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشفقة عليهم، وتسلية الله سبحانه له. وقوله: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا} 3. فيه مسائل: الأولى: التسلية للمؤمن عمن أدبر. الثانية: أن حكمة التزيين ليبين الأحسن عملا من غيره. الثالثة: أن جميعها يصير {صَعِيداً جُرُزاً} 4 أي لا نبت فيه. وقوله: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً} 5 يعني أن قصتهم مع كونها عجيبة، فيها مسائل جليلة: أعظمها الدلالة على التوحيد وبطلان الشرك، والدلالة على نبوته صلى الله عليه وسلم ومَنْ قبله، والدلالة على اليوم الآخر. ففي الآيات المشاهدة من خلق السموات والأرض وغير ذلك مما هو أعجب وأدل على المراد من قصتهم مع إعراضهم عن ذلك. فأما دلالتها على التوحيد وبطلان الشرك فظاهر، وأما دلالتها على النبوات فكذلك كما جعلها أحبار يهود آية لنُبوَّته. وأما دلالتها على اليوم   1 سورة مريم آية: 90. 2 سورة الكهف آية: 6. 3 سورة الكهف آية: 7. 4 سورة الكهف آية: 8. 5 سورة الكهف آية: 9. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 الآخر فمن طول لبثهم لم يتغيروا كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا} 1. وقوله: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} 2 3 الآية. فيه مسائل: الأولى: كونهم فعلوا ذلك عند الفتنة، وهذا هو الصواب عند وقوع الفتن، الفرار منها. الثانية: قولهم: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} 4 لا نحصّلها بأعمالنا ولا بحيلتنا. الثالثة: قولهم: {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} 5 طلبوا من الله أن يجعل لهم من ذلك العمل رشدا مع كونه عملا صالحا، فما أكثر ما يقصر الإنسان فيه أو يرجع على عقبيه، أو يثمر له العجب والكبر. وفي الحديث "وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشدا" 6 7. وقوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً} 8 إلى قوله: {مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً} 9 فيه مسائل:   1 سورة الكهف آية: 21. 2 سورة الكهف آية: 10. 3 قوله تعالى: (إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا) سورة الكهف الآية: 10. 4 سورة الكهف آية: 10. 5 سورة الكهف آية: 10. 6 ابن ماجه: الدعاء (3846) , وأحمد (6/146) . 7 رواه أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها جـ 6 ص 146. 8 سورة الكهف آية: 13. 9 قوله تعالى: (نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم) مرفقا الآيات: 13-16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 الأولى: من آيات النبوة وإليه الإشارة بقوله: بِالْحَقِّ. الثانية: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ} وهم الشبان، وهم أقبل للحق من الشيوخ، عكس ما يظن الأكثر. الثالثة: قوله: {آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} فلم يسبقوا إلا بالإيمان بالله. الرابعة: ما في الإضافة إلى ربهم من تقرير التوحيد. الخامسة: في قوله: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} إن من ثواب الحسنة الحسنةُ بعدها، ومن عمل بما يعلم أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم. السادسة: أن المؤمن أحوج شيء إلى أن يربط الله على قلبه، ولولا ذلك الربط افتتنوا. السابعة: قولهم: {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 1 هذه الربوبية هي الألوهية. الثامنة: المسألة الكبرى أن من ذبح لغير الله أو دعا غيره فقد كذّب بقول: لا إله إلا الله، وقد دعا إلهين اثنين واتخذ ربين. التاسعة: المسألة العظيمة المشكلة على أكثر الناس أنه إذا وافقهم بلسانه مع كونه مؤمنا حقا كارها لموافقتهم فقد كَذَبَ في قوله لا إله إلا الله، واتخذ إلهين اثنين، وما أكثر الجهل بهذه والتي قبلها!. العاشرة: أن ذلك لو يصدر منهم، أعني موافقة الحاكم فيما أراد من ظاهرهم مع كراهتهم لذلك، فهو قوله: شَطَطًا، والشطط الكفر.   1 سورة الكهف آية: 14. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 الحادية عشرة: قوله: {لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} 1 فهذه المسألة مفتاح العلم وما أكبر فائدتها لمن فهمها. الثانية عشرة: قوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} 2 ففيه أن مثل هذا من افتراء الكذب على الله، وأنه أعظم أنواع الظلم، ولو كان صاحبه لا يدري، بل قصد رضى الله. الثالثة عشرة: قوله: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} 3 فيه اعتزال أهل الشرك واعتزال معبوديهم، وأن ذلك لا يحرك إلى ترك ما معهم من الحق كما قال تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} 4. الرابعة عشرة: قوله: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} فيه شدة صلابتهم في دينهم، حيث عزموا على ترك الرياسة العظيمة، والنعمة العظيمة، واستبدلوا بها كهفا في رأس جبل. الخامسة عشرة: حسن ظنهم بالله ومعرفتهم ثمرة الطاعة، ولو كان مباديها ذهاب الدنيا حيث قالوا: {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً} 5. السادسة عشرة: الدليل على الكلام المشهور أن التعب يثمر الراحة، والراحة تثمر التعب. السابعة عشرة: عدم الاغترار بصورة العمل الصالح، فربّ عمل صالح في الظاهر لا يثمر خيرا; أو عمل صالح يهيئ لصاحبه منه مرفقا.   1 سورة الكهف آية: 15. 2 سورة الأنعام آية: 144. 3 سورة الكهف آية: 16. 4 سورة المائدة آية: 8. 5 سورة الكهف آية: 16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ} 1 2 فيه مسائل: الأولى: كما أماتهم لحكمة بعثهم لحكمة. الثانية: أن الصواب في المسائل المشكلة عدم الجزم بشيء، بل قول (الله أعلم) ، فالجهل بها هو العلم. الثالثة: التورع في المأكل. الرابعة: كتمان السر. الخامسة: المسألة العظيمة وهي قوله 3: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً} 4 عرفوا أنه لا بد من أحد الأمرين: إما الرجم، وإما الإعادة في الملّة، فإن وافقوا على الثانية لم يفلحوا أبدا، ولو كان في قلوبهم محبة الدين وبغض الكفر. وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} 5 6 فيه مسائل: الأولى: أن الإعثار عليهم لحكمة.   1 سورة الكهف آية: 19. 2 قوله تعالى: (وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا) الآيتان: 19-20. 3 في س "قولهم". 4 سورة الكهف آية: 20. 5 سورة الكهف آية: 21. 6 قوله تعالى: (وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا) الآية: 21. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 الثانية: معرفة المؤمن إذا أعثر عليهم {أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا} 1 كما ردّ سبحانه موسى إلى أمه لتعلم أن وعد الله حق2. فتأمل هذا العلم ما هو. الثالثة: أن الساعة لا ريب فيها لما وقع بينهم النزاع; وذلك أن بعض الناس زعم أن البعث للأرواح خاصة، فأعثر عليهم ليكون دليلا على بعث الأجساد. الرابعة: أن الذين غلبوا على أمرهم قالوا: {لنتخذ عليهم مسجدا} ، فإذا تأملت ما قالوا، وأن الذي حملهم عليه محبة الصالحين، ثم ذكرت قوله صلى الله عليه وسلم "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة 3" عرفت الأمر. وقوله: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} 4 5 الآية. فيه مسائل:   1 سورة الكهف آية: 21. 2 كما ورد في قوله تعالى: (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعملون) سورة القصص الآيه: 13. 3 رواه البخاري (كتاب الصلاة وكتب مناقب الأنصار) ومسلم (كتاب المساجد) والنسائي (مساجد) , كما رواه أحمد في مسنده جـ 1 ص 51. 4 سورة الكهف آية: 22. 5 قوله تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا) الآية: 22. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 الأولى: الإخبار بالغيب. الثانية: بيان الجهل والباطل بالتناقض. الثالثة: الإنكار على المتكلم بلا علم. الرابعة: إسناد الأمر في مثل هذه المسائل إلى علم الله سبحانه. الخامسة: الرد على أهل الباطل بالإسناد إليه. السادسة: أن من العلماء من يعرف عِدَّتهم، لكنهم قليل. السابعة: النهي عن المراء في شأنهم. الثامنة: الاستثناء. التاسعة: النهي عن استفتاء أحد من هؤلاء فيهم. وقوله: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} 12. فيه مسائل: الأولى: النهي عن مثل هذا الكلام. الثانية: الرخصة مع الاستثناء. الثالثة: الأمر بذكر الله عند النسيان. الرابعة: أن الاستثناء ينفع في مثل هذا. الخامسة: هذا الدعاء عند النسيان إن صح التفسير بذلك.   1 سورة الكهف آية: 23. 2 قوله تعالى: (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) الآيتان: 23-24. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 وقوله {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} 1 2 إلى آخر الكلام. فيه مسائل: الأولى: النص على مدة لبثهم. الثانية: الرد على المخالف بقوله: {اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ} 3. الثالثة: الرد عليه بقوله: {لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 4. الرابعة: الرد عليه بقوله: {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} 5. الخامسة: قوله: {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} 6. السادسة: كونه: {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً} . السابعة: النهي عن إشراك مخلوق في حكم الله على قراءة الجزم. الثامنة: الحث على تلاوة الوحي، وإن عارضه شبهة أو شهوة. التاسعة: تقريره ذلك بقوله: {لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} 7. العاشرة: تقرير ذلك بقوله: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} 8.   1 سورة الكهف آية: 25. 2 قوله تعالى: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) الآيات: 25-29. 3 سورة الكهف آية: 26. 4 سورة هود آية: 123. 5 سورة الكهف آية: 26. 6 سورة الكهف آية: 26. 7 سورة الأنعام آية: 115. 8 سورة الكهف آية: 27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 الحادية عشرة: الكبيرة، وهي أمره نبيَه أن يصبر نفسه مع من ذكر. الثانية عشرة: أنه لا يضر المؤمن كراهة نفسه لذلك إذا جاهدها. الثالثة عشرة: أن بلوغهم هذه المرتبة بسبب فعلهم ما ذكر. الرابعة عشرة: أن صلاة البَرْدَيْن 1 بالإخلاص توصل إلى المراتب العالية. الخامسة عشرة: فيه قوله: "رب أشعث أغبر ذي طمرين، لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره 2") . السادسة عشرة: النهي عن طلوع العين عنهم، إرادة لمجالسة الأجلاء. السابعة عشرة: المسألة الكبرى، وهي اختلاف أمر الدنيا والآخرة عند الله. الثامنة عشرة: أنه لما ذكر المحثوث على مجالستهم، ذكر ضدَّهم. التاسعة عشرة: نهيه عن طاعة الضد.   1 إشارة إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم من صلى البردين دخل الجنة رواه البخاري (مواقيت الصلاة) ومسلم (مساجد) والدارمي (صلاة) وأحمد في مسنده جـ 4 ص 80, والبردان والأبردان الغداة والعشي (راجع لسان العرب) . 2 رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة, ورواه الحاكم وأبو نعيم بلفظ (رب أشعث أغبر تنبو عنه أعين الناس.) وروي عن ابن مسعود بالرواية التي وردت في التفسير, وروى الشيخان وابن ماجه ما في معناه.. راجع: كشف الخفاء ومزيل الإلباس جـ 1 ص 425. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 العشرون: سبب ذلك. الحادية والعشرون: ذكر الخصال الثلاث: إغفال القلب عن ذكر الله، واتباع الهوى، وانفراط الأمر. الثانية والعشرون: إثبات القدر، وهو الإغفال. الثالثة والعشرون: لا يخرجه من الذم أن قلبه يفهم غير ذلك فهمًا جيِّدًا. الرابعة والعشرون: قوله: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} 1 الآية. وقال في قوله: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} 2 3. الأولى: تنزيهه عن الفقر والحاجة والجهل والخساسة، ولكونه 4 الغني القوي. الثانية: كونه سبحانه هو الحكيم لنزاهته عن الجهل والنقص، ولكونه 5 القدوس السلام.   1 سورة الكهف آية: 29. 2 سورة الكهف آية: 49. 3 قوله تعالى: (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) الآية: 49. 4 في س "ولكنه". 5 في س "ولكنه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 قصة موسى والخضر وفي قصة موسى والخضر 1 عليهما السلام مسائل:   1 قوله تعالى: (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا) الآيات: 60-82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 فالأولى: ما يتعلق بجلال الله وعظمته، وفيه مسائل: الأولى: معرفة سعة العلم لقوله: "ما نقص علمي وعلمك" 1، وهذا من أعظم ما سمعنا من عظمة الله. الثانية: الأدب مع الله لقوله: "فعتب الله عليه". الثالثة: الأدب معه أيضا في قوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} 2، وقوله: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} 3. الرابعة: معرفة أنواع سعة جود الله تعالى، ومن ذلك العلم اللَّدُنيِّ. الخامسة: الأدب معه تعالى بمعرفة أن له أسرارا في خلقه تخفى على الأنبياء، فلا ينبغي الغفلة عن هذه المهمة. السادسة: الأدب معه في تعليق الوعد بمشيئة الله مع العزم. السابعة: معرفة شيء من عظيم قدرة الله من إحياء الموتى، وجعله سبيل الحوت في الماء طريقا، وغير ذلك; ومعرفة هذه مع الأولى هما اللتان خُلِقَ العالم العلوي والسفلي لأجل معرفتنا بهما. الثاني: ما يتعلق بأحوال الأنبياء وفيه مسائل:   1 سيأتي هذا من كلام الخضر. 2 سورة الكهف آية: 79. 3 سورة الكهف آية: 82. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 الأولى: أن النبي يجوز عليه الخطأ. الثانية: أنه يجوز عليه النسيان. الثالثة: فضيلة نبينا صلى الله عليه وسلم بعموم الدعوة لقوله: (موسى بني إسرائيل) . الرابعة: ما جُبِلَ عليه موسى عليه السلام من الشدة في أمر الله. الخامسة: أنه لا ينكر إصابة الشيطان للأنبياء بما لا يقدح في النبوة لقوله: {نَسِيَا حُوتَهُمَا} مع قوله: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} 1. السادسة: ما عليه الإنسان من البشرية ولو كان نبيا. وذلك من أدلة التوحيد، وذلك من وجوه منها قوله: {اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} . الثالث: مسائل الأصول وفيه مسائل: أعظمها التوحيد، ولكن سبق آنفا فنقول: الأولى: الدليل على اليوم الآخر، لأن من أعظم الأدلة إحياء الموتى في دار الدنيا. الثانية: إثبات كرامات الأولياء على القول بعلم نبوة الخضر. الثالثة: أنه قد يكون عند غير النبي من العلم ما ليس عند النبي. الرابعة: إذا احتمل اللفظ معاني فأظهرها أولاها كما قال الشافعي. الخامسة: إثبات الصفات، كما هو مذهب السلف. الرابع: 2 ما فيها من التفسير:   1 سورة الكهف آية: 63. 2 أي العلم الرابع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 الأولى: أن المذكور هو الخضر، لا كما قال الحرُّ بن قيس 1. الثانية: أن موسى هو المشهور عليه السلام خلافا لنوف 2: الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر لهم ألفاظ القرآن كما بلّغها.   1 روى البخاري بسنده عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى, قال ابن عباس: هو خضر, فمر بهما أُبَيّ بن كعب فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إلى لقيّه, هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه؟ قال: نعم, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينما موسى في ملإ من بني إسرائيل جاءه رجل فقال: هل تعلم أحدا أعلم منك؟ قال موسى: لا, فأوحى الله إلى موسى: بلى, عبدنا خضر. فسأل موسى السبيل إليه, فجعل الله له الحوت آية, وقيل له: إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه.. " صحيح البخاري (كتاب العلم) . 2 روى البخاري بسنده عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى ليس بموسى إسرائيل, إنما هو موسى آخر, فقال: كذب عدو الله, حدثنا أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم: قام موسى النبي خطيبا في بني إسرائيل , فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال; أنا أعلم, فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه, فأوحى الله إليه: أن عبدا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك.. " صحيح البخاري (كتاب العلم) . ونوف هذا هو: نوف بن فضالة البكالي أحد علماء التابعين وإمام دمشق في عهده, توفي حوالي سنة 95 هـ, وكان راويا للقصص, وهو ابن زوجة كعب الأحبار. راجع مثلا: تهذيب التهذيب جـ 10 ص 490. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 الرابعة: أن قوله: {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} أبلغ من قوله: (ألم أقل) . الخامسة: أن قوله: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} 1 المراد سفينة سالمة من العيب. السادسة: أن غداهما هو الحوت. السابعة: أن قوله: {عَجَباً} أي لموسى 2 وفتاه. الثامنة: أنه لا يجوز تفسير القرآن بما يؤخذ من الإسرائيليات، وإن وقع فيه من وقع. التاسعة: أن السلف يشددون في ذلك تشديدا عظيما، لقوله: (كذب عدو الله) . العاشرة: أن الوعد على العمل الصالح ليس مختصا بالآخرة، بل يدخل فيه أمور الدنيا حتى في الذريّة بعد موت العامل. الخامس: آداب العالم والمتعلم: ففيه مسائل: الأولى: تسمية التلميذ الخادم فتى. الثانية: أن تلك الخدمة مما يرفع الله بها كما رفع 3 يوشع. الثالثة: تعلم العالم ممن دونه. الرابعة: اتخاذ ذلك نعمة يبادر إليها، لا نقمة يبغضها. الخامسة: التعلم بعد الرياسة.   1 سورة الكهف آية: 79. 2 في س "موسى". 3 هو يوشع بن نون فتى موسى وتابعه, وقد ورد ذكره في الحديث السابق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 السادسة: الرحلة في طلب العلم. السابعة: رحلة الفاضل إلى المفضول. الثامنة: ركوب البحر لطلب العلم. التاسعة: شروط الشيخ على المتعلم. العاشرة: التزام المتعلم للشروط. الحادية عشرة: الاعتذار بالنسيان. الثانية عشرة: قبول الاعتذار. الثالثة عشرة: أدب المتعلم لقوله: {هَلْ أَتَّبِعُكَ} إلى آخره. الرابعة عشرة: قبول نصيحة الشيخ لعلمه منك ما لا تعلمه من نفسك، وإن كنت أفضل منه. الخامسة عشرة: أن من المسائل ما لا يجوز السؤال عنه. السادسة عشرة: أن من المسائل ما لا ينبغي للمسؤول أن يجيب فيها. السابعة عشرة: إعفاء المعلم مما يكره. الثامنة عشرة: مفارقة المتعلم إذا خالف الشرط. التاسعة عشرة: احتمال المشاق في طلب العلم لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً} 1. السادس: ما فيها من مسائل الفقه: الأولى: عمل الإنسان في مال الغير بغير إذنه إذا خاف عليه الهلاك. الثانية: ليس من شروط الجواز خوف الهلاك، بل قد يجوز للإصلاح لقصة الجدار.   1 سورة الكهف آية: 62. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 الثالثة: أنه ليس من شروط المسكين في الزكاة أنه لا مال له. الرابعة: أنه استدل بها على أنه أحسن حالا من الفقير. الخامسة: أنه لا بأس بالسؤال في بعض الأحوال، لقوله: {اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} . السادسة: أن من لم يُعْطَ يتعز بهذه القصة. وكم ممن هان على الناس وهو جليل عند الله، وقد قيل: وإن رُددت فما في الرد منقصةٌ عليك قد رد موسى قبل والخضر. السابعة: أن الإجارة تجوز بغير بعض الشروط التي شرط بعض الفقهاء. الثامنة: أنه يجوز أخذ الأجرة على العمل الذي لا يكلف، خلاف ما توهمه بعضهم. التاسعة: الترحم على الأنبياء، وأنه لا يغضّ من قدرهم، بل هو من السنّة. العاشرة: أن تمني العلم ليس من التمني 1 المذموم.   1 هذه والتي قبلها مأخوذة من الحديث السابق: حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في ختامه يرحم الله موسى, لوددنا لو صبر حتى يقصَّ علينا من أمرهما. وقد ورد فيه أيضا أنهما لما ركبا السفينة جاء عصفور فوقع على حرفها "فنقره نقرة أو نقرتين في البحر, فقال الخضر: يا موسى, ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 الحادية عشرة: أن السلام ليس من خصائص هذه الأمة. الثانية عشرة: كيف الجواب إذا سئل: أي الناس أعلم؟ الثالثة عشرة: خطأ من قال بخلوّ الأرض من مجتهد. الرابعة عشرة: التعزي باختيار الله وحسن الظن به فيما تكره النفوس. الخامسة عشرة: الخوف من مكر الله عند النعم. السادسة عشرة: أن قوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً} 1 لا يعدّ من الشكوى. السابعة عشرة: الفرق بين المسألة المأمور بها والمنهي عنها; وإن كان فاعلها معذورا بل مأجورا. الثامنة عشرة: سفر الاثنين من غير ثالث للحاجة. التاسعة عشرة: أن الخضر معروف في ذلك الزمان لقوله: لمّا عرفوه حملوه بغير نول. 2. العشرون: أن احتمال المنّة في مثل هذا لا بأس به. الحادية والعشرون: شكره نعمة الخلق. السابع: المنثور والجامع. الأولى: القصة بجملتها من أعجب ما سمع; ولا يعرف في نوعها مثلها. الثانية: عين الحياة وما لله من الأسرار في بعض المخلوقات.   1 سورة الكهف آية: 62. 2 ورد هذا أيضا في الحديث السابق المشار إليه, وهو في صحيح البخاري (كتاب العلم) . النول: جعل السفينة وثمن ركوبها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 الثالثة: ما ابتلي به موسى عليه السلام مما لا يحتمل، مع وعده الصبر وتعليقه بالمشيئة. الرابعة: نسيان الفتى الحوت في ذلك اليوم وتلك الليلة وبعض اليوم الثاني، مع أنه لم يكلف إلا ذلك، ومع أنه زادُهما يُحمل، على الظهر. الخامسة: الآية العظيمة في الماء 1 لما صار طاقا، حتى قيل إن هذا لم يقع إلا له منذ خلقت الدنيا. السادسة: أن الشيطان يتسلط تسلطا لا يعرف، لكونه تسلط على يوشع بالنسيان العجيب. السابعة: الفرق بين العبودية الخاصة والعبودية العامة. الثامنة: الرد على منكري الأسباب لأنه سبحانه قادر على إنجاء السفينة، وتثبيت أبوي الغلام، وإخراج أهل الكنز له بدون ما جرى. التاسعة: الرد على من قال: إن موسى لا يجوز له السكوت لأنه اعتذر بالنسيان، ولأنه لا يعد من نفسه ترك واجب. العاشرة: الحكم بالظاهر لقوله عليه السلام: {نَفْسًا زَكِيَّةً} . الحادية عشرة: تسمية المدينة قرية. الثانية عشرة: التأويل في كلام الله وكلام العرب غير ما يريد المتأخرون.   1 ورد في بعض الآثار: روي أن الماء انجاب عن مسلك الحوت, فصار طاقة مفتوحة فدخلها موسى حتى انتهى إلى الخضر, راجع: فتح الباري جـ 1 ص 154. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 الثالثة عشرة: أن المال قد يكون رحمة 1 من الله وإن كان مكنوزا. الرابعة عشرة: أن فائدة طلب العلم للرشد. الخامسة عشرة: نصيحة المعلم للمتعلم إذا أراد السؤال عمّا لا يحتمله. السادسة عشرة: أن ذلك الممنوع قد يكون أفضل ممن يعرف ذلك. السابعة عشرة: أن الكلام قد يقتصر فيه على المتبوع لقوله: {فَانْطَلَقَا} كما قيل في قوله: {اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً} 2. وقوله عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 3. فيها خمس مسائل: الأولى: كون الله فرض على نبيه أن يخبرنا عن نفسه الخبر الذي تصديقه في قوله {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} 4. الثانية: فرض عليه إخبارنا بتوحيد الألوهية، وإلا فتوحيد الربوبية لم ينكره الكفار الذين كَذَّبوه وقاتلوه. الثالثة: تعظيمه بقوله {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} 5، كما تقول لمن خالفك: كلامي مع من يدَّعي أنه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. الرابعة: أن من شروط الإيمان بالله واليوم الآخر أن لا يشرك بعبادة   1 في س "رحمة الله". 2 سورة البقرة آية: 38. 3 سورة الكهف آية: 110. 4 سورة ال عمران آية: 128. 5 سورة الكهف آية: 110. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 ربه أحدا، ففيه التصريح بأن الشرك في العبادة ليس 1 في الربوبية، وفيه الرد على من قال: أولئك يستشفعون بالأصنام، ونحن نستشفع بالصالحين، لأنه قال: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 2، فليس بعد هذا بيان. وافتتح الآية بذكر براءة النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أقرب الخلق إلى الله وسيلة، وختمها بقوله: {أَحَدًا} : واعلم رحمك الله أنه لا يعرف هذه الآية المعرفة التي تنفعه إلا من يميز بين توحيد الربوبية وتوحيد 3 الألوهية تمييزا تاما، وأيضا يعرف ما عليه غالب الناس، إما طواغيت ينازعون الله في توحيد الربوبية الذي لم يصل شرك المشركين إليه، وإما مصدق لهم تابع لهم، وإما رجل شاك لا يدري ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يميز بين دين الرسول ودين النصارى، والله أعلم.   1 في س وفي 516-86 "ليست". 2 سورة الكهف آية: 110. 3 في س "وبين توحيد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 سورة طه سئل رحمه الله عن معنى هذه الآية: {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً} 1 الآية. 2. فأجاب: اعلم رحمك الله أن الله سبحانه عالم بكل شيء يعلم ما يقع على خلقه، وأنزل هذا الكتاب المبارك الذي جعله تبيانا لكل شيء، وتفصيلا لكل شيء، وجعله هدى لأهل القرن الثاني عشر، ومن بعدهم، كما جعله هدى لأهل القرن الأول ومن بعدهم. ومن أعظم البيان الذي فيه بيان 3 جواب الحجج الصحيحة، والجواب عما يعارضها، وبيان الحجج 4 الفاسدة، ونفيها؛ فلا إله إلا الله، ماذا حُرمه المعرضون عن كتاب الله من الهدى والعلم! ولكن لا معطي لما منع الله.   1 سورة طه آية: 125. 2 قوله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى} سورة طه الآيات: 124-127. 3 في س "بيان الحجج الصحيحة". 4 في س "وبيان بطلان الحجج الفاسدة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 وهذه التي سئلتُ عنها فيها بيان بطلان شبه يحتج بها بعض أهل النفاق والريب في زماننا; وهذا في قضيتنا هذه. وبيان ذلك أن هذه في آخر قصة آدم وإبليس، وفيها من العبر والفوائد العظيمة لذريتهما ما يجل عن الوصف. فمن ذلك أن الله أمر إبليس بالسجود لآدم، ولو فعل لكان فيه طاعة لربه وشرف له; ولكن سوَّلت له نفسه أن ذلك نقص في حقه إذا خضع لواحد دونه في السن ودونه في الأصل على زعمه، فلم يطع الأمر واحتج على فعله بحجة; وهي أن الله خلقه من أَصْلٍ خير من أصل آدم، ولا ينبغي أن الشريف يخضع لمن دونه، بل العكس؛ فعارض النص الصريح بفعل الله الذي هو الخلق، فكان في 1 هذا عبرة عظيمة لمن رد شيئا من أمر الله ورسوله، واحتج بما لا يجدي. فلما فعل لم يعذره الله بهذا التأويل; بل طرده ورفع آدم وأسكنه الجنة. وكان مع عدو الله من الحذق والفطنة ودقة المعرفة ما يجل عن الوصف; فتحيّل على آدم حتى ترك شيئا من أمر الله، وذلك بالأكل من الشجرة، واحتج لآدم بحجج، فلما أكل لم يعذره الله بتلك الحجج، بل أهبطه إلى الأرض وأجلاه 2 عن وطنه. ثم قال: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً} 3 4 يقول تعالى: لّما أجليتكم عن وطنكم فإن بعد هذا الكلام وهو   1 في س " في هذه". 2 في س "وجلّاه". 3 سورة طه آية: 123. 4 قوله تعالى في نهاية قصة آدم: (قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) الآية: 123 وبعدها مباشرة (ومن أعرض عن ذكري ... ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 أني مرسل 1 إليكم هدى من عندي، لا أكَلِكُمْ إلى رأيكم ولا رأي علمائكم، بل أنزل إليكم 2 العلم الواضح الذي يبين الحق من الباطل، والصحيح من الفاسد، والنافع من الضار، {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} 3: ومعلوم أن الهدى هو هذا القرآن، فمن زعم أن القرآن لا يقدر على الهدى منه إلا من بلغ رتبة الاجتهاد، فقد كذب الله في خبره أنه هدى؛ فإنه على هذا القول الباطل لا يكون هدى إلا في حق الواحد من الآلاف المؤلفة، وأما أكثر الناس فليس هدى في حقهم، بل الهدى في حقهم أن كل فرقة تتبع ما وجدت عليه الآباء. فما أبطل هذا من قول! وكيف يصح لمن يدعي الإسلام أن يظن في الله وكتابه هذا الظن؟ ولما عرف الله سبحانه أن هذه الأمة سيجري عليها ما جرى على من قبلها من اختلاف على أكثر من سبعين فرقة، وأن الفرق كلها تترك هدى الله إلا فرقة واحدة، وأن الفرق 4 كلها يقرون بأن كتاب الله هو الحق، لكن يعتذرون بالعجز، وأنهم لو يتعلمون كتاب الله ويعملون به لم يفهموه لغموضه قال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} 5؛ وهذا تكذيب لهؤلاء الذين ظنوا في القرآن ظن السوء. قال ابن عباس: تكفّل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضلّ   1 في س "أرسل إليكم". 2 في س "بل أنزل عليكم". 3 سورة النساء آية: 165. 4 في س "وأن كل الفرق". 5 سورة طه آية: 123. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 في الدنيا ولا يشقى في الآخرة. وبيان هذا أن هؤلاء يزعمون أنهم لو تركوا طريقة الآباء ويقتصرون على الوحي، لم يهتدوا بسبب أنهم لا يفهمون، كما قالوا: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} 1، فرد الله عليهم بقوله: {بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} 2؛ فضمن لمن اتبع القرآن أنه لا يضل كما يضل من اتبع الرأي; فتجدهم في المسألة الواحدة يحكون سبعة أقوال أو ستة ليس منها قول صحيح، والذي ذكر 3 الله في كتابه في تلك المسألة بعينها لا يعرفونه. والحاصل أنهم يقولون: لم نترك القرآن إلا خوفا من الخطإ، ولم نُقْبِلْ على ما نحن فيه إلا للعصمة. فعكس الله كلامهم، وبين أن العصمة في اتباع القرآن إلى يوم القيامة. وأما قوله تعالى: {وَلَا يَشْقَى} فهم يزعمون أن الله يرضى بفعلهم ويثيبهم عليه في الآخرة، ولو تركوه واتبعوا القرآن لغلطوا أو عوقبوا، فذكر الله أن من اتبع القرآن أمن من المحذور الذي هو الخطإ عن الطريق، وهو الضلال، وأمن من عاقبته وهو الشقاء في الآخرة. ثم ذكر الفريق الآخر الذي أعرض عن القرآن فقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} 4 وذكْرُ الله هو القرآن الذي بيَّن الله فيه لخلقه ما يحب ويكره، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} 5 6 الآيتين، فذكر الله لمن أعرض عن القرآن، وأراد الفقه من غيره عقوبتين:   1 قوله تعالى: (وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون) سورة البقرة الآية: 88. 2 سورة البقرة آية: 88. 3 في س "ذكره". 4 سورة طه آية: 124. 5 سورة الزخرف آية: 36. 6 قوله تعالى: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون) سورة الزخرف: 36-37. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 إحداهما: المعيشة الضنك; وفسرها السلف بنوعين: الأول: ضنك الدنيا: وهو أنه كان إنْ غنيا سلط الله عليه خوف الفقر، وتعب القلب والبدن في جمع الدنيا، حتى يأتيه الموت ولم يتهنّ بعيش. والثاني: الضنك في البرزخ وعذاب 1 القبر. وفُسّر الضنك في الدنيا أيضا بالجهل; فإن الشك والحيرة لها من القلق وضيق الصدر ما لها. فصار في هذا مصداق قوله في الحديث عن القرآن: "من ابتغى الهدى من غيره أضله الله" 2 3 عاقبهم بضدِّ قصدهم، فإنهم قصدوا معرفة الفقه فجازاهم الله بأن أضلّهم، وكدّر عليهم معيشتهم بعذاب قلوبهم بخوف الفقر وقلة غناء أنفسهم، وعذاب أبدانهم بأن سلط عليهم الظلمة والحيرة، وأغرى بينهم العداوة والبغضاء؛ فإن أعظم الناس تعاديا هؤلاء الذين ينتسبون إلى المعرفة. ثم قال: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} 4 والعمى نوعان:   1 في س "وهو عذاب القبر". 2 الترمذي: فضائل القرآن (2906) , والدارمي: فضائل القرآن (3331) . 3 روى الترمذي بسنده (في كتاب ثواب القرآن) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم, وخبر من بعدكم, وحكم ما بينكم, هو الفصل ليس بالهزل, من تركه من جبار قصمه الله, ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله.. وذلك في حديث طويل, ثم علق عليه الترمذي بقوله: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه, وإسناده مجهول, وفي الحارث (راويه) مقال". سنن الترمذي (كتاب ثواب القرآن) . 4 سورة طه آية: 124. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 عمى القلب، وعمى البصر. 1 فهذا المعرِض عن القرآن لما عميت بصيرته في الدنيا عن القرآن جازاه الله بأن حشره يوم القيامة أعمى. قال بعض السلف: أعمى عن الحجة، لا يقدر على المجادلة بالباطل، كما كان يصنع في الدنيا. {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً} 2 فذكر الله أنه يقال له: هذا 3 بسبب إعراضك عن القرآن في الدنيا، وطلبك العلم من غيره. قال ابن كثير في الآية 4 {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} 5 أي: خالف أمري وما أنزلته على رسولي، أعرض عنه وتناساه، وأخذ من غيره هداه {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} 6 أي في الدنيا، فلا طمأنينة له ولا انشراح ولا تنعّم. ظاهره أن قوما أعرضوا عن الحق وكانوا في سعة من الدنيا فكانت معيشتهم ضنكا وذلك أنهم كانوا يرون أن الله ليس مخلفا 7 لهم معاشهم مع سوء ظنهم بالله. ثم ذكر كلاما طويلا وذكر ما ذكرته من أنواع الضنك، والله أعلم.   1 في س "وعمى البصيرة". والظاهر أن عمى القلب هو عمى البصيرة. 2 سورة طه آية: 125. 3 في س "إن هذا". 4 راجع: تفسير ابن كثير جـ 3 ص 168 (طبعة المكتبة التجارية) . 5 سورة طه آية: 124. 6 سورة طه آية: 124. 7 في 516-86 "مخالفا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 سورة المؤمنون قال الشيخ محمد رحمه الله تعالى: قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} 1 الآيتين 2 فيه مسائل: الأولى: أن الله أمر الرسل بهذا مع اختلاف أزمنتهم وأمكنتهم، فيدل على أنه من عظيم الأمور. الثانية: أن الرسل إذا أُمروا بذلك فغيرهم أَوْلَى بالحاجة إلى ذلك، فأفاد 3 أن هذا يحتاج إليه أعلم الناس حاجة شديدة. الثالثة: إذا فرض هذا على الرسل مع اختلاف الأزمنة والأمكنة، فكيف بأمة واحدة نبيها واحد وكتابها واحد؟ الرابعة: أن الخطاب للرسل عام للأمم بدليل قوله: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ} .   1 سورة المؤمنون آية: 51. 2 قوله تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون) سورة المؤمنون: الآيات: 51-53. 3 في س "يفيد". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 الخامسة: الأمر بالأكل من الطيبات، ففيه رد على الغلاة الذين يمتنعون عنها، وفيه رد على الجفاة 1 الذين لا يقتصرون عليها. السادسة: الأمر بإصلاح العمل مع الأكل من الطيبات، ففيه رد على ثلاث طوائف: أولاهم: الآكلون الطيبات بلا شكر، والشكر هو العمل المرضي. وثانيتهم: من يعمل العمل غير الخالص، مثل المرائي وقاصد الدنيا. وثالثتهم: الذي يعمل مخلصا لكنه على غير الأمر. السابعة: المسألة العظيمة التي سيق الكلام لأجلها، وهي فرض الاجتماع في المذهب، وتحريم الافتراق: فإذا فرضه على الأنبياء مع اختلاف الأزمنة والأمكنة فكيف بأمة واحدة، ونبيها واحد، وكتابها ودينها واحد؟ الثامنة: ذكره 2 سبحانه فعلهم الذي صدر عنهم بعدما عرفوا الوصية العظيمة بالاجتماع، والنهي عن الافتراق، وأنهم تقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون، فذكر أنهم قابلوا الوصية بعدما سمعوها بما يضادها غاية المضادة، وهو أنهم تركوا الاجتماع وتفرقوا، ثم بعد ذلك كل فرقة صنفت لها كتبها غير كتب الآخرين، ثم كل فرقة فرحت بما تركت من الهدى، وفرحت بما ابتدعته من الضلال كما قال الشاعر: حَلَفَتْ لنا أن لا تخون عهودها ... فكأنها حلفت لنا أن لا تفي   1في 516- 86 "الحفاة", والجفاة أظهر. 2 في س "ذكر". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 سورة النور ومن كلامه رحمه الله على سورة النور1:   1 قوله تعالى: (سورة انزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين) سورة النور: الآيات: 1-25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 فيه مسائل. الأولى: حد الزانية 1: الثانية: النهي عن الرأفة 2: الثالثة: قوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} 3. الرابعة: تحريم نكاح الزانية. الخامسة: ما ذكر الله في رمي المحصنات ما لم يأتوا بالبينة.   1 في س (الزاني) . وفي هذا الموضع من هذه المخطوطة شيء من التحريف في النسخ. 2 في س "الرأفة به". 3 سورة النور آية: 2. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 السادسة: رد شهادتهم. السابعة: كون الله سبحانه استثنى التوبة والإصلاح. الثامنة: ما ذكر الله في رمي الإنسان زوجته، وفيه من الأحكام أنها إذا لم تلاعن تُرجم. التاسعة: قوله: {لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ} 1 أن ما يبتلى به الإنسان قد يكون خيرا له. العاشرة: أن هذه المسألة قد تُشْكل على أعلم الناس حتى يبين له ذلك; كما أشكل 2 على أبي بكر. وقوله {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} 3 إلى آخره، لأن الإنسان يفرح بالشيء وهو شر له. الحادية عشرة: حسن الظن بالمسلم إذا سمع فيه مثل هذا الكلام، وأن يقول السامع: هذا إفك مبين، ولو من 4 تورى الإنسان. الثانية عشرة: ما ذكر الله من الشرط; وهي من أجلّ المسائل أن لا بد من أربعة شهداء. الثالثة عشرة: أنهم إن لم يأتوا بهذا الشرط أنهم عند الله هم الكاذبون. الرابعة عشرة: تعظيم هذا النوع ولو لم يكن فيه إلا التلقي بالألسن. الخامسة عشرة: أنه من القول بما ليس له به علم.   1 سورة النور آية: 11. 2 راجع حديث الإفك في كتب التفسير والحديث, وقد كان أبو بكر قد حلف أن لا ينفق على مسطح بن أثاثة, ثم رجع. 3 سورة النور آية: 11. 4 هكذا في المخطوطتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 السادسة عشرة: أن الذنب قد يكون عند الله عظيما، ويخفى على أكثر الناس. السابعة عشرة: أن الواجب عليهم أن يقولوا: {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} 1. الثامنة عشرة: أن الله عَظَّمَ هذه، وشَرَطَ فيها الإيمان، وخفي على أولئك. التاسعة عشرة: أن الله توعد من أحب تشييع الفاحشة في الذين آمنوا وإن لم يعملوا. العشرون: أنه توعده بعذاب الدنيا قبل الآخرة. الحادية والعشرون: أنه نهى عن اتباع خطوات الشيطان، فيدل على أن المحذور الذي وقعوا فيه من خطوات الشيطان. الثانية والعشرون: أن لا يَأْتَلِ أن لا يعمل معروفا في الظالم إذا كان من أهل هذه الخصال. الثالثة والعشرون: الأمر بالعفو والصفح. الرابعة والعشرون: النهي عن رمي المحصنات 2، وعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات.   1 سورة النور آية: 16. 2 في المخطوطتين "الموصوفات". لكن هذا هو الأظهر, لورود حديث النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر باجتناب السبع الموبقات, ومنها (وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات) . والحديث رواه البخاري (كتاب الوصايا وكتاب الحدود, وكتاب الطب) , ومسلم (إيمان) , وأبو داود (طب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 الخامسة والعشرون: قوله: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} 1 2 الآية، إن فسرت الخبيثات بالكلمات 3 كان هذا من أعظم الخوف. السادسة والعشرون: 4 النهي عن دخول بيت الغير إلا بهذا الشرط، وهو الإذن. السابعة والعشرون: 5 إذا كان البيت خاليا لم يدخل. الثامنة والعشرون: إذا قيل له ارجع فليرجع، وهو أزكى; فلا يجوز له أن يغضب، أو يظنه منقصة. التاسعة والعشرون: 6 الرخصة في دخول البيت إذا كان فيه متاع للمسافر.   1 سورة النور آية: 26. 2 قوله تعالى: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم) الآية: 26. 3 في س "بالكلام". 4 قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون) الآية: 27. قوله تعالى: (فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم) الآية: 28. 6 قوله تعالى: (ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون) الآية: 29 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 الثلاثون: 1 الأمر بغضّ البصر. الحادية والثلاثون: الأمر بحفظ الفرج. الثانية والثلاثون: 2 أمر النساء بغضّ البصر. الثالثة والثلاثون: أمرهن بحفظ الفرج. الرابعة والثلاثون: النهي عن إبداء الزينة إلا للأصناف المذكورة. الخامسة والثلاثون: النهي عن الضرب بالأرجل ليسمع صوت الخلخال. السادسة والثلاثون: الأمر بالتوبة وإن كانت عامة، فهي في هذا الموضع خاصة. السابعة والثلاثون: 3 الأمر بإنكاح الأيامى.   1 قوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) الآية: 30. 2 قوله تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) الآية: 31. 3 قوله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) الآية: 32. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 الثامنة والثلاثون: الأمر بإنكاح الصالحين من العبيد والإماء. التاسعة والثلاثون: الأمر بموافقة العبيد في المكاتبة 1، إذا علمت فيه خيرا. 2. الأربعون: الأمر بمعاونتهم ببعض المال. الحادية والأربعون: النهي عن إكراه الفتيات على البغاء. الثانية والأربعون: إخباره سبحانه أنه غفور رحيم من بعد إكراههن. الثالثة والأربعون: 3 مثل النور الذي أنزله 4 الله في قلوب العبيد بهذا المثل العظيم.   1 في س "من طلب الكتاب". 2 قوله تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم) الآية: 33. 3 قوله تعالى: (ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم) الآيتان: 34-35. 4 في س "الذي أنزل". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 الرابعة والأربعون: 1 قوله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} 2 تعظيما. الخامسة والأربعون: {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} 3. السادسة والأربعون: قوله: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} 4 يبيعون ويشترون، لكن إذا جاء أمر الله قدّموه. السابعة والأربعون: 5 تمثيل أعمال الكافر بالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء. الثامنة والأربعون: ذكر المثل الثاني: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ} الآية. التاسعة والأربعون: قولهم: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا} 6 7، ولم يأتوا بشروطه.   1 قوله تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) الآيتان 36-37. 2 سورة النور آية: 36. 3 سورة النور آية: 36. 4 سورة النور آية: 37. 5 قوله تعالى: (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) الآيتان: 39-40. 6 سورة النور آية: 47. 7 ومن هنا إلى آخر ما فسره من سورة النور: قوله تعالى: (ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) الآيات: 47-54. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 الخمسون: ذكره أنهم إذا دُعُوا إلى الله ورسوله أعرضوا، وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه 1 مذعنين. الحادية والخمسون: ذكر الشرط في قوله: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} 2 الآية. الثانية والخمسون: ذكره 3 النهي عن القسم لقوله: {قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} 4. الثالثة والخمسون: الأمر 5 بطاعته وطاعة رسوله، ومن تولى فإنما على رسوله ما حُمّل وعليكم ما حملتم. الرابعة والخمسون: قوله: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} 6، وذكر أن الهدى في طاعته إلى قوله: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} 7.   1 في س "آتوه". 2 سورة النور آية: 51. 3 في س "ذكره أيضا". 4 سورة النور آية: 53. 5 في س "أنه أمر". 6 سورة النور آية: 54. 7 سورة النور آية: 54. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 سورة القصص وقال أيضا الشيخ محمد رحمه الله تعالى: {طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} 1. فيه مسائل: الأولى: التنبيه على جلالة القرآن وعظمته. الثانية: التنبيه على وضوحه، وقوله: بِالْحَقِّ فيه علامة النبوة. الثالثة: أن العلم بيِّنٌ يعرفه أهل الإيمان، وإن جهله غيرهم. 2. وقوله {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ} 3 4 إلى آخره، فيه: الأولى: ذم العلو في الأرض. الثانية: ذم جعل الرعية شيعا. الثالثة: التنبيه على كبر هذا الظلم. الرابعة: التسجيل عليه أنه من هذه الطائفة، فمن أراد من الرؤساء أن يكون مثله فهذا فعله، ومن أراد اتباع الخلفاء الراشدين فقد بان فعلهم.   1 سورة القصص آية: 1-3. 2 زيادة من 516- 86. 3 سورة القصص آية: 4. 4 قوله تعالى: (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين) الآية: 4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وقوله: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ} 1 2 إلى آخره. الأولى: هذه الإرادة القدرية بخلاف قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} 3 4 وأمثالها، فهي إرادة شرعية. الثانية: أن ابتلاءهم بالاستضعاف سبب للمنّة عليهم، وكونهم أئمة وكونهم الوارثين، والتمكين لهم في الأرض، وتعريف عدوهم بما يحذره. فهذه خمس فوائد نتيجة تلك البلوى. الثالثة: تبيين قدرته العظيمة لعباده. الرابعة: أن الحذر لا يفك من القدر. وقوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} 5 إلى آخره 6. الأولى: هذا وحي إلهام، ففيه إثبات كرامات الأولياء.   1 سورة القصص آية: 5. 2 قوله تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) الآيتان: 5-6. 3 سورة الأحزاب آية: 33. 4 سورة الأحزاب) الآية: 33 وهي قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} . 5 سورة القصص آية: 7. 6 قوله تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين} الآيات: 7-10 من سورة القصص. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 الثانية: أنها أمرت بإلقائه في اليم، وبُشِّرت بأربع. وقوله: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ} ، 1 فيه: الأولى: حكمة هذا الالتقاط2. الثانية: أن اللام لام العاقبة. الثالثة: أن الإنسان قد يختار ما يكون هلاكه فيه. الرابعة: أن ذلك القدر بسبب خطايا سابقة. وقوله: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} 3 إلى آخره، فيه. الأولى: أن المرأة الصالحة قد يتزوجها رجل سوء. الثانية: قوله: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} 4 فيه محبة الفأل. الثالثة: ذكر الترجي. الرابعة: عدم الشعور. وقوله: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً} 5 الآية، فيه: الأولى: ما ابتليت به. الثانية: لولا منة الله عليها بالربط. الثالثة: لتكون من المؤمنين. الرابعة: أن الإيمان يزيد وينقص. وقوله: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} 6 7 الآية، فيه. الأولى: أن التوكل واليقين لا ينافي السبب. الثانية: تسبب الأخت أيضا. الثالثة: عدم شعورهم مع ذكائهم وظهور العلامات.   1 سورة القصص آية: 8. 2 في س "حكمة الالتقاط". 3 سورة القصص آية: 9. 4 سورة القصص آية: 9. 5 سورة القصص آية: 10. 6 سورة القصص آية: 11. 7 قوله تعالى {وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون) الآية: 11. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 وقوله: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} 1 الآية. الأولى: هذا التحريم قَدَري. وأما قوله: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} 2 3 وأمثالها فتحريم شرعي. الثانية: هذه العلامة الظاهرة في كلامها، ولم يفهموا مع فطنتهم. وقوله: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ} 4 5 إلى آخره، فيه: الأولى: الرد لثلاث فوائد. الثانية: تفاوت مراتب العلم لقوله: {وَلِتَعْلَمُ} . الثالثة: أن بعض المعرفة لا يسمى علما، فيصح نفيه من وجه، وإثباته من وجه. الرابعة: المسألة العظيمة الكبيرة: تسجيل الله تبارك وتعالى على الأكثر أنهم لا يعلمون أن وعده حق. وقوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} 6 7، فيه: الأولى: أن ذلك الإيتاء بعد بلوغ الأشد والاستواء. الثانية: الفرق بين العلم والحكم.   1 قوله تعالى: (وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون) الآية: 12. 2 سورة النساء آية: 160. 3 سورة النساء: الآية 160 وتمامها قوله تعالى: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا) . 4 سورة القصص آية: 13. 5 قوله تعالى: (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون) الآية: 13. 6 سورة القصص آية: 14. 7 قوله تعالى: (ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين) الآية: 14. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 الثالثة: ذكره أنه يفعل ذلك بالمحسنين، كما فعل ضده مع الذين كانوا خاطئين. الرابعة: ترغيب عباده في الإحسان. الخامسة: أن من جزاء الحسنة الحسنة بعدها. السادسة: فيه سر 1 من أسرار القدر. وقوله: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ} 2 إلى آخره، فيه: الأولى: أن الرجل الصالح قد يسخّر للفاجر 3، وينشأ في حجره. الثانية: أنه قد ييسر الله الكمال العظيم بسبب أعظم المكروهات. الثالثة: أن قتل الرجل صار ذنبا. الرابعة: نسبة ذلك إلى عمل الشيطان. الخامسة: قوله: {إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} 4. السادسة: 5 ذكر توبته عليه السلام.   1 في س " فيه من أسرار". 2 قوله تعالى: {ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين} الآية: 15. 3 في 516-86 "قد يسخّر له الفاجر". 4 سورة القصص آية: 15. 5 قوله تعالى: {قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين} الآيتان: 16-17. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 السابعة: ذكر مغفرة الله له. الثامنة: ذكر سبب المغفرة. التاسعة: شكر نعمة الخلق. العاشرة: كون شكرها عدم مظاهرة المجرمين. وقوله: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ} 1 إلى آخره، فيه: الأولى: أن هذا الخوف غير المذموم في قوله: {وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ} 2 3. الثانية: أن ذلك الترقب لا يذم. الثالثة: ما جبل عليه صلى الله عليه وسلم من الشدة. الرابعة: قوله لذلك الرجل: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} 4، أن مثل ذلك لا يُذَمُّ. الخامسة: العمل بالقرائن. السادسة: الفرق بين إرادة الصلاح بالقوة، وبين إرادة الفساد في الأرض بالتجبر.   1 قوله تعالى: (فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين) الآيتان: 18-19. 2 سورة الأحزاب آية: 39. 3 سورة الأحزب: الآية: 39, وتمامها (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا) . 4 سورة القصص آية: 18. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 وقوله: {وَجَاءَ رَجُلٌ} 1 إلى آخره، فيه: الأولى: قوة ملكهم. الثانية: ما عليه الرجل من محبة الحق وأهله. الثالثة: تأكيده عليه بالأمر بالخروج، وذكره له أنه له من الناصحين بعد النذارة. وقوله: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} 2 3، فيه: الأولى: أن ذلك الخوف والترقب لا يُذَمُّ. الثانية: استغاثته بالله مع فعله السبب. الثالثة: أن كراهة الموت لا تذم. الرابعة: أن الظالم يوصف بالظلم، وإن كان في تلك القضية غير ظالم. وقوله: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ} 4 إلى آخره، فيه: الأولى: أنه توجه من غير سبب. الثانية: سؤاله الله 5 أن يدله الطريق. الثالثة: أن "عَسَى" في هذا الموضع سؤال.   1 قوله: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين) الآية: 20. 2 سورة القصص آية: 21. 3 قوله تعالى: (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين) الآية: 21. 4 قوله تعالى: (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) الآية: 22. 5 في س "سؤاله أن يدله الطريق". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وقوله: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} 1 2 إلى آخره، فيه: الأولى: ما أُعطي عليه السلام من القوة. الثانية: إحسانه إليهما في هذه الحال. الثالثة: مخاطبة النساء لمثله. الرابعة: ظهور النساء في خدمة أموالهن للحاجة. الخامسة: تأدبهما في عدم مزاحمة الرجال. السادسة: ذكرهما السبب. 3. السابعة: أن المانع له عدم القوة لا الترتيب. الثامنة: سؤاله ربه القوت. التاسعة: تأدبه في السؤال بذكر حاله للاستعطاف. العاشرة: أن الشكوى إلى الله لا تُذَمُّ. وقوله: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا} 4 إلى آخره، فيه: الأولى: التنبيه على الحياء. الثانية: الثناء على المرأة.   1 سورة القصص آية: 23. 2 قوله تعالى: (ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) الآيتان: 23-24. 3 في 516-86 "ذكر إهماله السبب" وهو خطأ من الناسخ. 4 قوله تعالى: (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين) الآية: 25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 الثالثة: إرسالها إلى الرجل المجهول للحاجة. الرابعة: عدم إنكاره للأجرة على العمل الصالح. الخامسة: قوله: {لَا تَخَفْ} 1 لأنه ليس لهم سلطان عليهم. السادسة: كونهم معروفين بالظلم عندهم. وقوله: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا} 2 إلى آخره، فيه: الأولى: أن المرأة قد تصيب وجه الرأي. الثانية: ما أعطيت من الذكاء. الثالثة: أن طاعتها في مثل هذا لا تُذَمُّ. الرابعة: الولاية لها ركنان: القوة والأمانة، فالأمانة ترجع إلى خشية الله، والقوة ترجع إلى تنفيذ الحق. الخامسة: أن الاحتياط للمال لا يذم. وقوله: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ} 3 إلى آخره، فيه: الأولى: أن هذه الإجارة صحيحة بخلاف قول كثير من الفقهاء من منعهم الإجارة بالطعام والكسوة للجهالة. الثانية: أن المنفعة يصح جعلها مهرا للمرأة، خلافا لمن منع ذلك.   1 في س "ليس له". 2 قوله تعالى: (قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) الآية: 26. 3 قوله تعالى: (قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل) الآيتان: 27-28. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 الثالثة: أن هذه المهنة لا نقص فيها، كيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم 1") . الرابعة: أنها صفة كمال لا يكمل الإنسان إلا بها. الخامسة: أن ذكر مثل هذا في الإجارة، وهي قوله: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} 2، لا يُبْطِلُ الإجارة. السادسة: المسألة الكبيرة الدقيقة، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: "قضى أطيب الأجلين 3" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فعل. السابعة: تأكيد العقد بقوله: {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} 4. وقوله: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ} 5 6، فيه: الأولى: أنه أقام هذه المدة أجرته فيها طعام بطنه وعفة فرجه.   1 رواه البخاري: (في كتب: الإجارة - الأطعمة - الأنبياء) ومسلم (إيمان) و (أشربة) والموطأ (استئذان) , وأحمد في مسنده جـ 3 ص 326. 2 سورة القصص آية: 28. 3 المروي في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير قال: سألني يهودي من أهل الحيرة: أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أدري, حتى أقدم على حبر العرب فأسأله, فقدمت فسألت ابن عباس فقال: قضى أكثرهما وأطيبهما, إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فعل. صحيح البخاري (كتاب الشهادات) . 4 سورة القصص آية: 28. 5 سورة القصص آية: 29. 6 قوله تعالى: (فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلما آتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) الآيات: 29-35. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 الثانية: تسمية ذلك النور 1 نارا. الثالثة: هذا الفَرَج بعد الشدة الذي أفرد بالتصنيف، ولم يذكروا لهذه نظيرا ولا ما يقاربها. الرابعة: أنهم مع هذه الشدة بالبرد ولا نار معهم. الخامسة: أنهم ضلوا الطريق. السادسة: جواز مثل هذا السفر للحاجة. السابعة: ذكر الموضع الذي ناداه الله منه. الثامنة: إثبات الصفات. التاسعة: الرد الواضح على الجهمية في قولهم: هذا عبارة. العاشرة: تقريبه نجيا فذكر النداء والمناجاة.   1 في س بدون "نارا". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 الحادية عشرة: اختصاص موسى بهذه المرتبة ولذلك ذكرها إبراهيم عليه السلام إذا طلبت منه الشفاعة. 1. الثانية عشرة: كونه أُمِرَ بإلقاء العصا فصارت آية. الثالثة عشرة: كونه أُمِرَ بإدخال اليد فتكون آية أخرى. الرابعة عشرة: كونه {وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ} 2. الخامسة عشرة: قوله {أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ} . السادسة عشرة: تبشيره أنه من الآمنين. السابعة عشرة: كونه أُمِرَ بضم جناحه من الرهب. الثامنة عشرة: تسميتهما برهانان. التاسعة عشرة: كونه من ربك. العشرون: كونهما إلى فرعون وملئه. الحادية والعشرون: التعليل بأنهم قوم ظالمون. الثانية والعشرون: هذه العطية العظيمة في تلك 3 الشدة العظيمة. الثالثة والعشرون: اعتذاره بقتل النفس، والخوف منهم. الرابعة والعشرون: اعتذاره برثاثة لسانه. الخامسة والعشرون: طلبه الاعتضاد بأخيه. السادسة والعشرون: طلبه الرسالة.   1 ورد هذا في حديث الشفاعة, وقد رواه البخاري (كتاب التفسير و (كتاب التوحيد) ومسلم (إيمان) وابن ماجه (زهد) , وأحمد في مسنده ج 3 ص 116, 244 وفي مسند أحمد أيضا ج 2 ص 392 محاجة آدم لموسى عليهما السلام. 2 سورة النمل آية: 10. 3 زيادة في المخطوطة س. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 السابعة والعشرون: تعليله بخوف تكذيبهم. الثامنة والعشرون: إجابة الله إياه. التاسعة والعشرون: تبشيره أنه يجعل لهما سلطانا؛ فلا يَصِلُون إليهما. الثلاثون: تبشيره بغلبته وغلبة أتباعه. وقوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآياتِنَا} 1 2 إلى آخره، فيه: الأولى: أنه أتاهم بآيات منسوبة إلى الله، وأنها بيِّنَات. الثانية: أنهم قابلوها بما ذكر. الثالثة: أنهم احتجوا لقولهم فيها بعدم سماعهم هذا في آبائهم. الرابعة: جواب موسى عليه السلام. وقوله: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ} 3 4 إلى آخره، فيه: الأولى: هذا الإنكار الذي هو غاية الكفر. الثانية: قوله: {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ} 5 كيف تصرَّف الله في عقول العاصين. الثالثة: استدلَّ بها الأئمة على الجهمية.   1 سورة القصص آية: 36. 2 قوله تعالى: (فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون) الآيتان: 36-37. 3 سورة القصص آية: 38. 4 قوله تعالى: (وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين) الآية: 38. 5 سورة القصص آية: 38. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 وقوله: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ} 1 2. الأولى: وصفهم بأن فيهم المهلك، وأنهم عدموا المنجي، ولذلك أخذهم بما ذكر. الثانية: أمر المؤمن بالنظر في عاقبتهم. الثالثة: أنه أتى بلفظ الظالمين ليبين أن ذلك ليس مختصا بهم. وقوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} 3 4. الأولى: هذا الجعْل القدري، وأما قوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} 5 6 وأمثاله فهذا الجعْلُ الشرعي. الثانية: أن معرفة هذا مما يوجب الحرص على النظر في الأئمة إذا كان منهم من جعله الله يدعو إلى النار، ومنهم من قال فيه: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} 7: الثالثة: ذكر ما لهم في القيامة. الرابعة: ما أبقى لهم على ألسنة الناس في الدنيا. الخامسة: ما لهم في الآخرة.   1 سورة القصص آية: 39. 2 قوله تعالى: (واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) الآيتان: 39-40. 3 سورة القصص آية: 41. 4 قوله تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين) الآيتان: 41-42. 5 سورة المائدة آية: 103. 6 سورة المائدة) الآية: 103, ونصها ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون. 7 سورة الأنبياء آية: 73. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 قصة موسى وفرعون في السور الأخرى وأما 1 الزيادة التي في سورة (طه) . فالأولى: استفهام التقرير الدال على عظمة القصة; والتحريض على فهمِها. الثانية: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً} 2 دليل على أنه ضل الطريق. الثالثة: أمره بخلع النعلين. الرابعة: إخباره أنه في ذلك الوادي. الخامسة: الإخبار بأنه مطهَّر. السادسة: تبشيره بأن الله اختاره. السابعة: أمره بالاستماع. الثامنة: أن أول ذلك أكبر المسائل على الإطلاق، وهو تفرده بالإلهية. التاسعة: أمره بلازم التوحيد، وهو إفراده بالعبادة. العاشرة: أمره بإقامة الصلاة.   1 بعد أن ذكر المفسر رحمه الله قصة موسى عليه السلام كما وردت في سورة القصص , أتبع ذلك بذكر الزيادات في هل القصة التي وردت في السور الأخرى, وبدأ في ذلك بما ورد في سورة طه, وهو قوله تعالى: (وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى فلما آتاها نودي يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى) سورة طه: الآيات: 9-16. 2 سورة طه آية: 10. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 الحادية عشرة: تعليل ذلك. الثانية عشرة: وقت الإقامة. الثالثة عشرة: قوله: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ} 1 إلى آخره: لما ذكر الإيمان بالله ذكر الإيمان باليوم الآخر. الرابعة عشرة: أنه عِلة الإيمان بالله. الخامسة عشرة: مبالغته سبحانه في إخفائها. السادسة عشرة: ذكر الحكمة في إقامتها. السابعة عشرة: تحذيره من صاحب السوء. وقوله: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} 2 3 إلى آخره، فيه: الأولى: سؤاله عنها، وهو أعلم.   1 سورة طه آية: 15. 2 سورة طه آية: 17. 3 قوله تعالى: (وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى لنريك من آياتنا الكبرى اذهب إلى فرعون إنه طغى قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ولقد مننا عليك مرة أخرى إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى واصطنعتك لنفسي اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى) سورة طه: الآيات: 17-46. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 الثانية: جوابه عليه السلام. الثالثة: أمره بأخذها ولا يخاف، فإنه سيعيدها. الرابعة: أن ذلك من الآيات الكبرى. الخامسة: تعليله الذهاب إلى فرعون بطغيانه. السادسة: سؤاله عليه السلام. السابعة: أنه لم يسأل حلَّ لسانه بل عقدة منه. الثامنة: أن مراده ليفقهوا كلامه. التاسعة: أنه علل ما سأله لأجل يسبِّحانه كثيرا أو يذكرانه كثيرا. العاشرة: تعليله بقوله: {إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً} 1. الحادية عشرة: إجابة سؤاله. الثانية عشرة: ذكره منّته عليه من قبل بثمانية أمور. الثالثة عشرة: نهيهما أن يَنِيَا في ذكره. الرابعة عشرة: رفقه سبحانه ومحبته للرفق. الخامسة عشرة: تعليل الرفق. السادسة عشرة: الفرق بين التذكر والخشية. السابعة عشرة: شكواهما إلى الله. الثامنة عشرة: جواب الله لشكواهما.   1 سورة طه آية: 35. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 وقوله: {فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ} 1 2 إلى آخره، فيه من الرفق والتلطف أمور: الأول: أحدها: {إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ} 3 فإن أطعت ما أطعت إلا هو. الثاني: {فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ} 4، فالمطلوب أن يرسل جيرانه ورعيته ولا يعذبهم. الثالث: {قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ} 5 فربك قد قطع عذرك. الرابع: إضافته إلى الله. الخامس: {وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} 6 أي، هذا هو الذي فيه السلامة التي هي مطلوبة لكل أحد، خصوصا الملوك. السادس: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا} 7 أي: كما دللناك على السلامة، بينا لك طريق الهلاك. السابع: لم يقولا: إن العذاب لك إذا توليت، بل كلام عام. الثامن: ذكر سبب العذاب. التاسع: الفرق بين التكذيب والتولي. وقوله: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} 8 9 إلى آخره: الأولى: هذا جواب اللعين لهذا الكلام اللين.   1 سورة طه آية: 47. 2 قوله تعالى: (فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى) الآيتان: 47-48. 3 سورة طه آية: 47. 4 سورة طه آية: 47. 5 سورة طه آية: 47. 6 سورة طه آية: 47. 7 سورة طه آية: 48. 8 سورة طه آية: 49. 9 قوله تعالى: (قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قال فما بال القرون الأولى قال = علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} الآيات: 49-55. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 الثانية: جواب موسى عليه السلام الجواب الباهر. الثالثة: التفكر في الخلق والهداية. الرابعة: جواب اللعين عن هذا. الخامسة: جواب موسى عليه السلام عن شبهته، وهي من أجلّ الفوائد عند المناظرة. السادسة: ذكر العلم والكتاب. السابعة: أن ذلك الكتاب ليس لخوف نسيان أو خطأ. الثامنة: الاستدلال بالآيات الأرضية والسماوية. التاسعة: ذكر إسباغ نعمته. العاشرة: ذكر أن في ذلك لآيات لهذه الطائفة. الحادية عشرة: لما ذكر الأرض ذكر ما جرى لنا، وما يجري لنا فيها. قوله: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى} 1 2، فيه: الأولى: الفرق بين التكذيب والإباء.   1 سورة طه آية: 56. 2 قوله تعالى: (ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى قال موعدكم = يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلا) سورة طه: الآيات: 56-75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 الثانية: ما أكثر الله له ولقومه من الآيات. الثالثة: مكابرته في تسميته ذلك سحرا. الرابعة: رميه موسى بنية طلب المُلْك. الخامسة: معارضته آيات الله بالسحر. السادسة: اهتمامه بذلك الموعد. السابعة: ادعاء الإنصاف بقوله: سُوَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 الثامنة: إجابة موسى إياه. التاسعة: ذكر جمع كيده قبل إتيانه. العاشرة: وعظ موسى إياهم. الحادية عشرة: كونه يقول: {لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً} 1. الثانية عشرة: قوله: {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} 2 كلمة جامعة. الثالثة عشرة: سرّهم بينهم بما ظنوه في موسى وأخيه. الرابعة عشرة: اغترارهم بطريقتهم. الخامسة عشرة: ذكرهم الاجتماع والإتيان صفّاً. السادسة عشرة: قولهم: {وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى} 3. السابعة عشرة: ادعاؤهم الإنصاف في الخصومة. الثامنة عشرة: كونه اختار لقاءهم أولا. التاسعة عشرة: هذا السحر العظيم. العشرون: إيجاس الخيفة في مثل هذا غير مذموم. الحادية والعشرون: بشارة الله إياه. الثانية والعشرون: أمره له 4 بإلقاء العصا. الثالثة والعشرون: ما فعلت العصا. الرابعة والعشرون: القاعدة الكلية {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} 5.   1 سورة طه آية: 61. 2 سورة طه آية: 61. 3 سورة طه آية: 64. 4 في س "أمره بإلقاء". 5 سورة طه آية: 69. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 الخامسة والعشرون: ما فعل السحرة من سرعة انقيادهم لما عرفوا وفعلهم وقولهم. السادسة والعشرون: كون الإيمان برب هارون وموسى. السابعة والعشرون: قوله لهم، وما ذكر أنه يفعل بهم. الثامنة والعشرون: جوابهم لهذا الطاغي القادر، وهي سبع جمل، كل جملة مستقلة. وفي سورة الأعراف 1 من الزيادة. الأولى: قوله عليه السلام: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} 2. الثانية: استعظام الله سحرهم. 3. الثالثة: قوله: {فَوَقَعَ الْحَقّ} الآيتين. 4. الرابعة: قوله لهم: {إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ} 5 لهذا.   1 قوله تعالى: (وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل الأعراف) الآيتان: 104-105. 2 سورة الأعراف آية: 105. 3 قوله تعالى: (فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم سورة الأعراف) الآية: 116. 4 قوله تعالى: (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين سورة الأعراف) الآيتان: 118-119. 5قوله تعالى: (قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين قالوا إنا إلى ربنا منقلبون وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} سورة الأعراف , الآيات: 123-137. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 الخامسة: قولهم: {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقلِبُونَ} 1. السادسة: قولهم: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا} إلى آخره. السابعة: سؤالهم الله هذه المسألة. الثامنة: كلام الملأ له. التاسعة: جوابه لهم.   1 سورة الأعراف آية: 125. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 العاشرة: نصيحة موسى لقومه فيها أمران، وثلاثة أخبار. الحادية عشرة: ردهم على موسى. الثانية عشرة: جوابه لهم. الثالثة عشرة: إخبار الله أنه أخذهم بالسنين ونقص الثمرات. الرابعة عشرة: ذكر الحكمة في ذلك. الخامسة عشرة: أنهم لم يفهموا مراد الله بالحسنة والسيئة التي تأتيهم، بل عكسوا الأمر. السادسة عشرة: قوله: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} 1. السابعة عشرة: كون الأكثر لا يعلمون هذه المسألة. الثامنة عشرة: شدة عنادهم. التاسعة عشرة: ذكره إرسال الآيات عليهم. العشرون: كونهم مع ذلك استكبروا. الحادية والعشرون: قوله: {وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ} 2. الثانية والعشرون: كلامهم لموسى لما وقع عليهم الرجز. الثالثة والعشرون: نكثهم ما قالوا. الرابعة والعشرون: قوله: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} بالفاء. الخامسة والعشرون: ذكره السبب. السادسة والعشرون: ذكر فضله على الضعفاء. السابعة والعشرون: أن ذلك سبب صبرهم. الثامنة والعشرون: تدمير ما صنعوا وما كانوا يعرشون.   1 سورة الأعراف آية: 131. 2 سورة الأعراف آية: 133. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 وأما ما في سورة الشعراء من الزيادة. الأولى: قوله 1، {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً} 2. الثانية: جواب موسى عليه السلام. الثالثة: قوله: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} 3. الرابعة: جواب موسى عليه السلام. الخامسة: قوله: {لِمَنْ حَوْلَهُ} . السادسة: جواب موسى عليه السلام. السابعة: قوله: {إِنَّ رَسُولَكُمُ} إلى آخره. الثامنة: جواب موسى عليه السلام. التاسعة: كونه فزع إلى القدرة لما بهرته الحجة.   1 قوله تعالى: (قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين قال أولو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون سورة الشعراء) الآيات: 18-25. 2 سورة الشعراء آية: 18. 3 سورة الشعراء آية: 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 العاشرة: جواب موسى عليه السلام. الحادية عشرة: جوابه لموسى. الثانية عشرة: عناده لمّا أتته الآيات. الثالثة عشرة: قوله: {هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ} 12. الرابعة عشرة: توسلهم بعزة 3 فرعون. الخامسة عشرة: قولهم: {لَا ضَيْرَ} 4.   1 سورة الشعراء آية: 39. 2 قوله تعالى: (قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون) سورة الشعراء: الآيات: 36-39. 3 قوله تعالى: (فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون) سورة الشعراء الآية: 44. 4 قوله تعالى: (قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم) سورة الشعراء الآيات 50-68. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 السادسة عشرة: قولهم: {إِنَّا نَطْمَعُ} الآية. السابعة عشرة: كونه أمره أن يسري بهم. الثامنة عشرة: كونه ذكر لهم أنهم متَّبَعُون. التاسعة عشرة: إرساله في المدائن حاشرين. العشرون: ذكره لرعيته لما حشرهم. الحادية والعشرون: ذكره المقام والنعيم والكنوز والجنات التي سُلِبُوا. الثانية والعشرون: كونه أورث الجميع بني إسرائيل. الثالثة والعشرون: اتباعهم إياهم مشرقين. الرابعة والعشرون: قولهم: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} 1. الخامسة والعشرون: جواب موسى عليه السلام لهم. السادسة والعشرون: ذكره أنه أمره أن يضربه بعصاه، فكان ما كان. السابعة والعشرون: ذكره صفة نجاة هؤلاء، وهلاك هؤلاء. الثامنة والعشرون: تنبيه العباد على فائدة القصة. التاسعة والعشرون: هذا العجب العجاب عدم إيمان الأكثر مع ذلك. الثلاثون: ذكره: {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} 2. وأما ما في سورة النمل 3 من الزيادة: الأولى: فقوله: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} 4. الثانية: تسبيحه نفسه في هذا المقام. الثالثة: قوله: {إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} 5.   1 سورة الشعراء آية: 61. 2 سورة الدخان آية: 42. 3 قوله تعالى: (فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين. سورة النمل, الآيات: 8-14. 4 سورة النمل آية: 8. 5 سورة النمل آية: 10. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 الرابعة: الاستثناء. الخامسة: ذكره أن اليد في جملة تسع آيات. السادسة: جحدهم الآيات 1 مع اليقين. السابعة: أن سببه الظلم والعلو. وأما ما في سورة يونس 2 من الزيادة: الأولى: قول موسى: {أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ} 3 إلى آخره.   1 زيادة من س. 2 قوله تعالى: (قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون) الآيات 77 - 92. 3 سورة يونس آية: 77. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 الثانية: قولهم: {لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} 1. الثالثة: {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ} 2. الرابعة: قوله: {مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} 3. الخامسة: القاعدة الكلية: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} 4. السادسة: كونه يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ. السابعة: {وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} . الثامنة: ما آمن لموسى إلا من ذكر. التاسعة: أنه على خوف من فرعون وملئهم. العاشرة: وصف فرعون بالعلو والإسراف. الحادية عشرة: نصيحة موسى لقومه. الثانية عشرة: كون التوكل من لوازم الإسلام والإيمان. الثالثة عشرة: جوابهم وقبولهم النصح.   1 سورة يونس آية: 78. 2 سورة يونس آية: 78. 3 سورة يونس آية: 81. 4 سورة يونس آية: 81. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 الرابعة عشرة: دعاؤهم وما فيه من الفوائد. الخامسة عشرة: قوله: {أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا} إلى آخره. السادسة عشرة: دعاء 1 موسى وما فيه من الفوائد. السابعة عشرة: كون المؤمن داعياً. الثامنة عشرة: قوله في هذا المقام {فَاسْتَقِيمَا} إلى آخره. التاسعة عشرة: كلام فرعون عند الغرق. العشرون: ما أجيب به. الحادية والعشرون: ذكر غفلة الكثير عن آياته. وفي سورة هود 2: الأولى: قوله: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} 3. الثانية: كونه يوم القيامة مقدمهم وموردهم. وفي سورة الإسراء: الأولى 4: ذكر أن التسع كلها بينات.   1 في س "دعاهم". 2 قوله تعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود) سورة هود الآيات: 96-98. 3 سورة هود آية: 97. 4 قوله تعالى: (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا) سورة الإسراء: الآيات: 101-104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 الثانية: أمره نبيه عليه السلام بسؤال بني إسرائيل. الثالثة: قول فرعون له. الرابعة: جوابه له. الخامسة: أنه عوقب بنقيض قصده. السادسة: قوله: {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائيلَ} 1 إلى آخره. وفي سورة الحج: {وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} 2 إلى آخره. 3. وفي سورة الصافات كون فعل فرعون معهم كرباً عظيماً. 4. وفي سورة المؤمن: الأولى: قوله 5 {بِآياتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} 6. الثانية: إلى الثلاثة.   1 سورة الإسراء آية: 104. 2 سورة الحج آية: 44. 3 قوله تعالى تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم. (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير) سورة الحج الآيات: 42- 44. 4 قوله تعالى: (ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم سورة الصافات) الآيتان: 114-115. 5 قوله تعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) سورة غافر الآيات: 23-27. 6 سورة غافر آية: 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 الثالثة: جوابهم له. الرابعة: ما قالوه {فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا} 1. الخامسة: أن ذلك الكيد في ضلال مبين. السادسة: قوله: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} 2 الآية. السابعة: قول موسى. الثامنة: كلام المؤمن 3، وما فيه من الفوائد.   1 سورة يونس آية: 76. 2 سورة غافر آية: 26. 3 في س شيء من السقط في هذا الموضوع. والمقصود قوله تعالى: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان آتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار وقال فرعون ياهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) سورة غافر: الآيات: 28-46. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 التاسعة: جواب فرعون. العاشرة: قول المؤمن الثاني وما فيه من الأصول، ووصف القيامة وتذكيرهم برسالة يوسف، وما فعلوا. الحادية عشرة: قوله: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} 1 إلى آخره. الثانية عشرة: كون كيده في تباب. الثالثة عشرة: قول المؤمن الثالث، وما فيه من المعارف. الرابعة عشرة: وقاية الله له مكرهم. الخامسة عشرة: كونهم يُعْرَضُون على النار. السادسة عشرة: استدلال العلماء بها على عذاب القبر.   (سورة غافر آية رقم 36) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وفي سورة الزخرف 1: الأولى: مقابلتهم آيات الله بالضحك منها. الثانية: قوله: {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ} إلى آخره. الثالثة: قوله: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} . الرابعة: خطبة فرعون، وما فيها من استدلاله على النفي والإثبات. الخامسة: قوله {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} 2 إلخ. السادسة: قوله: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا} إلخ. وفي سورة 3 الدخان: الأولى: قوله: {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ} 4.   1 قوله تعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فقال إني رسول رب العالمين فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين) سورة الزخرف الآيات: 46-56. 2 سورة الزخرف آية: 54. 3 قوله تعالى: (ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما آخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين) سورة الدخان الآيات: 17-30. 4 سورة الدخان آية: 18. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 الثانية: وصفه نفسه بالأمانة لله. الثالثة: نهيه إياهم عن العلو على الله. الرابعة: قوله: {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ} 1 إلى آخره. الخامسة: قوله: {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً} 2. السادسة: ذكر العلة في تركه رهوا. السابعة: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} 3. الثامنة: عدم الإنظار. التاسعة: ذكر أن فعله بهم عذاب مهين. وفي سورة 4 المؤمنين: الأولى: كونهم كلهم قوما عالين. الثانية: حجتهم على عدم الإيمان لهما. الثالثة: التنبيه على أنهم من جملة من أهلك ليس مختصا بهم. وفي سورة الذاريات 5: الأولى: قوله: {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} .   1 سورة غافر آية: 27. 2 سورة الدخان آية: 24. 3 سورة الدخان آية: 29. 4 قوله تعالى: (ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون فكذبوهما فكانوا من المهلكين) سورة المؤمنين الآيات: 45-48. 5 قوله تعالى: (وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون. سورة الذاريات) الآيتان: 38-39. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 الثانية: قوله: {سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} . وفي سورة 1 القمر: الأولى: تكذيبهم بالآيات كلها. الثانية: تكذيبهم بالنُّذُرِ. الثالثة: ذكر العبرة لهذه الأمة فيهم. وفي سورة المزمل 2: المسألة الكبيرة لهذه الأمة. وفي النازعات 3: الأولى: قوله: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} 4 إلى آخره. الثانية: قوله: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى} 5. الثالثة: الكلمة العظيمة. الرابعة: الجمع بين نكال الآخرة والأولى. الخامسة: قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} 6.   1 قوله تعالى: (ولقد جاء آل فرعون النذر كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر) سورة القمر الآيات: 41-43. 2 قوله تعالى: (إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا سورة المزمل) الآيات: 15-17. 3 قوله تعالى: (هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى فأراه الآية الكبرى فكذب وعصى ثم أدبر يسعى فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى) سورة النازعات, الآيات: 15-26. 4 سورة النازعات آية: 18. 5 سورة النازعات آية: 22-23. 6 سورة النازعات آية: 26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 سورة الزمر قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: هذه مسائل مستنبطة من سورة الزمر. الآية الأولى 1: فيها: الأولى: منّته بالكتاب. الثانية: إنزاله من السماء. الثالثة: منه سبحانه. الرابعة: ذكر عزته في هذا الموضع. الخامسة: ذكر حكمته فيه. الثانية 2: فيها: الأولى والثانية. الثالثة: إنزاله بالحق، فيفيد الرد على أكثر الناس في مسائل كثيرة. الرابعة: تخصيصه الرسول بإنزاله، فالنعمة عليه أكبر; وعليه من الشكر أكثر 3، وكذلك من خُصَّ بما يشابه ذلك.   1 قوله تعالى: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم} . سورة الزمر: الآية الأولى. 2 قوله تعالى: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين) الآية: 2. 3 زيادة من المخطوطة 516-86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 الخامسة: نتيجة إنزاله بالحق، ونتيجة الإنعام وهو عبادة الله بالإخلاص، وهذه الخامسة هي الدين كله، وجعلها بين الرابعة والسادسة: وهي أن الدين الخالص لله، وغير الخالص ليس له، وهما قاعدتان عظيمتان. الثالثة 1: فيها: الأولى: إبطال 2 اتخاذ الأولياء من دونه. الثانية: إبطال ما غرّهم به الشيطان أن قصدهم وجه الله لا غير; وما أجلّها من مسألة! الثالثة: الوعيد الشديد على ذلك. الرابعة: ذكره تكفير من فعل ذلك. الخامسة: تكذيبه. السادسة: ذكره أنه لا يهدي هذا، وهي من مسائل الصفات. الرابعة 3: فيها: الأولى: نفي اتخاذ الولد على سبيل الاصطفاء. الثانية: ذكر خطئهم في القياس، لأنه لو يفعله لم يكن مما قالوا. الثالثة: أنه مسبّة لله بقوله: (سُبْحَانَهُ) .   1 قوله تعالى: (ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار) الآية: 3. 2 زيادة من المخطوطة: 516-86. 3 قوله تعالى: (لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار) الآية: 4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 الرابعة: ذكره 1 الوحدانية في هذا. الخامسة: ذكره القهر فيه. السادسة: الاستدلال بالأسماء والصفات على النفي والإثبات، وهي مسألة كبيرة عظيمة. الخامسة 2: ذكر البراهين على ما تقدم من الدين الحق وضده: الأولى: خلق السموات والأرض. الثانية: أنه بالحق. الثالثة: تكوير المكوّرين. الرابعة: تسخير 3 النيّرين. الخامس ة: ذكر عزّته في هذا. السادسة: ذكر مغفرته. السادسة: في البراهين أيضا 4:   1 في س "ذكر". (خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار) الآية: 5. 3 في س "النيرين" بدون تسخير. 4 قوله تعالى: (خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون) الآية: 6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 الأولى: خلقنا من نفس واحدة مع هذه الكثرة. الثانية: خلقه منها زوجها. الثالثة: إنزاله لنا من الأنعام هذه النعم العظيمة. الرابعة: خلقنا في البطون. الخامسة: أنه خَلْقٌ من بعد خلق. السادسة: أنه في الظلمات الثلاث. السابعة: كلمة الإخلاص. الثامنة: التعجب من الغلط في هذا، مع كثرة هذه البراهين ووضوحها. السابعة 1: فيها سبع جمل، كل واحدة مستقلة. الثامنة 2: فيها: الأولى: ذكر حال الإنسان مع ربه. الثانية: هذه المسألة العجيبة من حاله. الثالثة: برهان التوحيد. الرابعة: حلمه سبحانه. الخامسة: أن الكافر مقر بتوحيد الربوبية.   1 قوله تعالى: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور) الآية: 7. 2 قوله تعالى: (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار) الآية: 8. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 السادسة: أنه يخلص لله وينيب في الضر. السابعة: أن الإجابة في هذا لا تدل على المحبة. الثامنة: تدل على أن الحق عليه أكبر. التاسعة: أن الذنب بعده أكبر. العاشرة: ومعرفة قدر الدنيا. الحادية عشرة: شدة الوعيد على هذا. الثانية عشرة: أن الحجة عليه 1 أكبر. الثالثة عشرة: ما ابتدع قوم بدعة إلا نُزِعَ عنهم من السنّة مثلها. الرابعة عشرة: ما كفاه النسيان حتى جَعَل الشكر جعْل الأنداد. الخامسة عشرة: أمر المؤمن يعظ الفاعل. التاسعة 2: الأولى: الفرق الظاهر بين النائم واليقظان. الثانية: الفرق بين العالم والجاهل، والسؤال عن المسألتين سؤال تقرير. الثالثة: أن مع شدة الوضوح لا يفطن له إلا من له لب. الرابعة: أن القنوت هو الطاعة، ليس مخصوصا بالدعاء قائما. الخامسة: أن آناء الليل ساعاته 3.   1 في س "عليك". 2 قوله تعالى: (أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب) الآية: 9. 3 في س "ساعات". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 السادسة: أحب العمل إلى الله أدومه. السابعة: الرد على من قال: ما عبدتك 1 خوفا وطمعا. الثامنة: "لن يدخل أحد 2 منكم الجنة بعمله" التاسعة: أشرف الأحوال الصلاة. العاشرة: النظر في العواقب. الحادية عشرة: الرجاء لقوله: {رَحْمَةِ رَبِّهِ} . الثانية عشرة: أمر المؤمن أن يقول هذه الخصومة الواضحة. الثالثة عشرة: مدح التذكر كالتفكر. الرابعة عشرة: ليس هو التذكر في لغتنا. الخامسة عشرة: أنه مقام الخاصة. العاشرة 3: الأولى: وعد المحسنين بتعجيل ثواب الدنيا. الثانية: بيان سهولة 4 ما يظن صعوبته. الثالثة: ما في إضافة الأرض إلى الله من الفائدة.   1 في س "ما عبدتكم". 2 راوه البخارى (رقاق) , ومسلم (منافقين) , وابن ماجة (زهد) والدارمي (رقاق) , ومسند أحمد جـ 2 ص 256. 3 قوله تعالى: (قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) الآية: 10. 4 في س "من". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 الرابعة: ما في ذكر سعتها. الخامسة 1: لا عذر للعاصي في التعلل بالوطن. السادسة: هذا الثواب الجزيل للصبر. السابعة: أن هذا من التقوى. الثامنة: أن إضافة العباد إليه الإضافة الخاصة لا العامة. التاسعة: أن هذا من مقتضيات تلك العبودية. العاشرة: أنه من مقتضى الإيمان. الحادية عشرة: الأمر بوعظهم بهذا. الحادية عشرة 2: الأولى: قوله للخصم أو اللائم: إني أمرتُ بهذا. الثانية: قوله لهما وأمرت بهذا. الثالثة: قوله لهما: إني أخاف هذا. الرابعة: قوله لهما: {اللَّهَ أَعْبُدُ} هكذا فافعلوا ما شئتم من دونه. الخامسة: قوله لهما: {إِنَّ الْخَاسِرِينَ} إلخ.   1 في س "أنه لا عذر". 2 قوله تعالى: (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون) الآيات 11-16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 الثانية عشرة 1: الأولى: تبشير الذين جمعوا بين الترك والفعل. الثانية: التنبيه على أن من شروطه أن يكون إلى الله وحده. الثالثة: الأمر بتبشير هؤلاء، ففيه قوله: "بشروا ولا تنفروا" 2 3. الرابعة: الاستماع ثم الاتباع. الخامسة: صفة الاتباع، ففيه قوله: "يسِّرُوا ولا تعسِّرُوا" 4 5. السادسة: أن فيه حَسَن وأحسن، خلافا لمن منعه. السابعة: الرد على طريقة الذين في قلوبهم زيغ. الثامنة: التحذير من فتنة جدال منافق بالقرآن. التاسعة: التحذير من طريقة المعرضين. العاشرة: تخصيص هؤلاء بالهداية. الحادية عشرة: التحذير من العجب لإضافة الهداية إليه.   1 قوله تعالى: (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب) الآيتان: 17-18. 2 البخاري: العلم (69) , ومسلم: الجهاد والسير (1734) , وأحمد (3/131 ,3/209) . 3 الحديث رواه البخاري (كتاب العلم) و (كتاب الجهاد) , ومسلم (كتاب الجهاد) , وأبو داود (كتاب الأدب) , ورواه أحمد في مسنده جـ 4 ص 412 برواية أنه لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا وأبا موسى إلى اليمن قال: بشروا ولا تنفروا, ويسروا ولا تعسروا, وتطاوعا ولا تختلفا. 4 البخاري: العلم (69) , ومسلم: الجهاد والسير (1734) , وأحمد (3/131 ,3/209) . 5 نفس التخريج السابق. ومن روايات الحديث (يسرا ولا تعسرا.) بالتثنية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 الثانية عشرة: أن أتباع النقل هم أهل العقل، لا غيرهم. الثالثة عشر ة 1: الأولى: فيها الإيمان بالقدر. الثانية: صفة الكلام. الثالثة: تعريف الفرق بين الطائفتين بالعقل. الرابع ة: تقرير التوحيد بقوله: {أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} 2. الخامسة: تعزية المؤمن. السادسة: الوعد الذي لا نظير له في القرآن. السابعة: إضافة الوعد إلى الله. الثامنة: وصف نفسه بأنه لا يخلف الميعاد. الرابعة عشرة 3: الأولى: الدلالة الواضحة على التوحيد. الثانية: الدلالة على سعة الجود. الثالثة: إحاطة العلم. الرابعة: القدرة التامة. الخامسة: استفهام التقرير.   1 قوله تعالى: (أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد) الآيتان: 19-20. 2 سورة الزمر آية: 19. 3 قوله تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب) الآيتان: 19-20. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 السادسة: مع هذا الوضوح البيِّن فمحجوب، إلا عن أولي الألباب. الخامسة عشرة 1: الأولى: استفهام التقرير. الثانية: أنه سبحانه هو الذي يشرحه للإسلام. الثالثة: التنبيه على الأدلة العقلية بالفرق بين العالم والجاهل، والحب والبغض. الرابعة: أن ذلك بالنور المضاف إلى ربه. الخامسة: ذكر الضد، وهم القاسية قلوبهم عن ذكر الله 2. السادسة: أنهم أصحاب الجهل الواضح. السادسة عشرة 3: الأولى: أنه أحسن الحديث، فمن طلب الحديث دُلَّ عليه. الثانية: أن هذا الحديث كتاب. الثالثة: أن ذلك الكتاب متشابه. الرابعة: أنه مثاني. الخامسة: تأثيره هذا الأثر في قلوب هؤلاء وجلودهم.   1 قوله تعالى: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين) الآية: 22. 2 في س "عن ذكره". 3 قوله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد) الآية: 23. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 السادسة: الجمع بين الخوف والرجاء. السابعة: حصر الهدى فيه. الثامنة: أن ذلك الهدى مضاف إلى الله. التاسعة: أن الله سبحانه هو الذي ينفع به بمشيئته وإحسانه، لا بقوة الفهم. العاشرة: إثبات القدر. الحادية عشرة: فيه إشارة إلى قوله: (ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل) 1، ولو كان أفهم الناس وأحرصهم. السابعة عشر ة 2، والآيتان بعدها: الأولى: اتقاء سوء العذاب بالوجه. الثانية: استفهام التقرير مع الحذف. الثالثة: أن عقوبة الشيء تسمى باسمه. الرابعة: الإخبار بعذابهم من حيث لا يشعرون، بضد من يرزقه من حيث لا يحتسب.   1 رواه الترمذي (في كتاب الإيمان) ورواه أحمد في حديث طويل عن عبد الله بن عمرو بن العاص برواية (وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره يومئذ, فمن أصابه من نوره يومئذ اهتدى, ومن أخطأه ضل) المسند جـ 2 ص 176. 2 قوله تعالى: (أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون كذب الذين من قبلهم فآتاهم العذاب من حيث لا يشعرون فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون) الآيات: 24-26. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 الخامسة: التصريح بالعقوبة في الدارين. السادسة: أن العقوبة الأولى ليست من جنس عقوبة المسلم التي لا تعاد عليه. السابعة: نفي العلم عنهم. العشرون 1، والتي بعدها: الأولى: ما ذكر الله أنه ضرب فيه من كل مثل. الثانية: أن ذلك للناس كلهم، لا يُستثنى أحد. الثالثة: أن الحكمة تذكرهم. الرابعة: أنه قرآن. الخامسة: أنه عربي. السادسة: نفي العوج عنه. السابعة: أن الحكمة حصول التقوى منهم. الثانية والعشرون 2، والتي بعدها، فيها: الأولى: ضرب المثل الجليّ في بيان التوحيد. الثانية: بيان الشرك. الثالثة: حمده نفسه على هذا البيان. الرابعة: أن الأكثر جهال، مع وضوح هذ الدليل.   1 قوله تعالى: (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون) الآيتان: 27-28. 2 قوله تعالى: (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون) الآية: 29. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 الرابعة والعشرون 1، والتي بعدها: الأولى: تسلية المحقّ. الثانية: وعظ المبطل. الثالثة: الاختصام فيما وقع من الاختلاف. الرابعة: أن ذلك عنده تبارك وتعالى. السادسة والعشرون 2: الأولى: أن الظلم يتفاوت. الثانية: أن أعظمه الكذب على الله، والتكذيب بالصدق. الثالثة: معرفة الفرق بين النوعين، وأنهما يجتمعان ويفترقان. الرابعة: أن ذلك كفر. السابعة والعشرون 3: الأولى: تفسير التقوى، وهذا أحسن ما فسرت به. الثانية: الإتيان بالصدق إن كان مخبرا. الثالثة: التصديق به إن كان سامعا. الثامنة والعشرون 4: الأولى: بيان أن التقوى هي الإحسان.   1 قوله تعالى: (إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) الآيتان: 30-31. 2 قوله تعالى: (فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين) الآية: 32. 3 قوله تعالى: (والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون) الآية: 33. 4 قوله تعالى: (لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين) الآية: 34. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 الثانية: أن الربوبية عامة وخاصة. الثالثة: الرد على الجبرية. الرابعة: الرد على منكري الأسباب. التاسعة والعشرو ن 1: الأولى: بيان 2 مذهب أهل السنة. الثانية: الرد على الرافضة. الثالثة: الرد على من جعلها خاصة. الرابعة: الرد على الوعيدية من الخوارج والمعتزلة. الثلاثون 3: الأولى: استفهام التقرير. الثانية: العبودية الخاصة هي التي معها الكفاية. الثالثة: التخويف لمن دونه من صفات هؤلاء. الرابعة: التفرد بالهداية والإضلال. الخامسة: ذكر العزة في هذا المقام. السادسة: الوصف بالانتقام فيه.   1 قوله تعالى: (ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون) الآية 35. 2 زيادة من المخطوطة 516-86. 3 قوله تعالى: (أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام) الآيتان 36-37. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 الحادية والثلاثون 1: الأولى: بيان أن عندهم من العلم ما تقوم به الحجة. الثانية: أن المجمع عليه يدل على المختلف فيه. الثالثة: مجادلة المبطل بالحق 2 الذي يسلمه. الرابعة: أنه تسليم لا يجحدونه، بل يقرون به للخصم. الخامسة: التعجب من الإنكار مع هذا الإقرار. السادسة: الإلزام الذي لا محيد عنه. السابعة: أنه كاشف لشبهتهم. الثامنة: قوله لهم {حَسْبِيَ اللَّهُ} . التاسعة: الإخبار بأنه 3 حقيق أن يتوكل عليه كل عاقل. العاشرة: كون التوكل لا يستقيم إلا خالصا. الثانية والثلاثون 4: الأولى: كونه مأمورا بقوله لهم: {اعْمَلُوا} .   1 قوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون) الآية: 38. 2 زيادة من المخطوطة 516-86. 3 في س "حقيق أن يتوكل عليه عاقل", وفي 516-86 "حقيقة" وهو خطأ من الناسخ. 4 قوله تعالى: (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم) الآيتان: 39-40. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 الثانية: مخاطبتهم {يا قوم} . الثالثة: إخبارهم بأنه عامل بما كرهوا. الرابعة: آية النبوة وهي إخبارهم حينئذ بهذا، ثم وقع. الخامسة: ما فيه من الموعظة. السادسة: الفرق بين العذاب المخزي والعذاب المقيم. الثالثة والثلاثون 1: الأولى: ذكر إنزال الكتاب عليه. الثانية: أن ذلك للناس. الثالثة: أن ذلك بالحق. الرابعة: أن من 2 اهتدى فلنفسه. الخامسة: أن ضلاله عليها. السادسة: تعزيته أن الهدى ليس عليه. الرابعة والثلاثون 3: الأولى: ذكر الآيات في التوفِّي. الثانية: أن النوم وفاة. الثالثة: ما في الإمساك والإرسال. الرابعة: أن فيه آيات متعددة.   1 قوله تعالى: (إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل) الآية: 41. 2 في س "إن اهتدى فلنفسه". 3 قوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الآية: 42. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 الخامسة: أن تلك الآيات للمتفكرين. الخامسة والثلاثو ن 1: الأولى: استفهام الإنكار. الثانية: الاتخاذ. الثالثة: من دونه. الرابعة: شفعاء. الخامسة: الأمر له بتبليغهم هذا الجدل. السادسة: أن ذلك تفعلون هذا مع كونهم هكذا. السادسة والثلاثون: الأولى: أن الشفاعة كلها له، ومعرفة هذه بمعرفة صفة الشفاعتين. الثانية: الأمر بتبليغهم هذه الحجة. الثالثة: الاحتجاج على ذلك بملك السموات والأرض. الرابعة: الرجوع إليه. السابعة والثلاثون 2: الأولى: هذه العجيبة وهي: الاشمئزاز من هذا، والاستبشار بذلك. الثانية: أن الشرك وعدم الإيمان بالآخرة متلازمان. الثالثة: أن الثاني أصل الأول.   1 قوله تعالى: (أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون) الآية: 43. 2 قوله تعالى: (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون) الآية: 45. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 الثامنة والثلاثون 1: الأولى: الأمر بهذا الدعاء. الثانية: ما فيه من التسلية للمحق. الثالثة: الموعظة للمبطل. الرابعة: أن كمال الملك وكمال العلم يقتضي ذلك. التاسعة والثلاثون 2، والتي بعدها: الأولى: ذكر هذا الخبر المزعج. الثانية: الإخبار بما بدا لهم، وهذه التي أبكت ابن المنكدر 3 عند الموت. الثالثة: أنهم لا يعرفون قبح أعمالهم الآن، بل لعلهم يستحسنونها. الرابعة: الإخبار بأن ما احتقروه واستهزؤوا به صار هكذا. الخامسة: تسمية العذاب باسم سببه. السادسة: أن هذه أربع جمل، كل جملة مستقلة.   1 قوله تعالى: (قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون) الآية: 46. 2 قوله تعالى: (ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) الآيتان: 47-48. 3 هو محمد بن المنكدر التيمي المدني, زاهد من رجال الحديث من أهل المدينة, وأدرك بعض الصحابة وروى عنهم نحو مائتي حديث. وقال عنه ابن عيينة: ابن المنكدر من معادن الصدق. ولد عام 54 وتوفي عام 130 هـ راجع مثلا: تهذيب التهذيب جـ 9 ص 473. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 الحادية والأربعون 1: الأولى: وصف الإنسان بهذه العجيبة. الثانية: أن هذا من أبطل الباطل. الثالثة: أن الحق أن ذلك فتنة. الرابعة: التسجيل على السواد الأعظم بالجهل. الخامسة: أن الدعاء في الضرورة لا مدح فيه. السادسة: أن الإجابة فيه لا تدل على الإكرام. السابعة: أن عطاء نعمة الدنيا كذلك. الثانية والأربعون 2، وآيتان بعدها. الأولى: كون القلوب إذا اشتبهت، فالأعمال كذلك. الثانية: الاعتبار بمن تقدم. الثالثة: أن كسب غير الطاعات لا يغني من الله شيئا. الرابعة: أن ذلك الكسب قد يكون عند الناس من أعظم الفخار. الخامسة: التصريح بالقياس الجلي أن هؤلاء كمن قبلهم. السادسة: التذكير بضعفك وقوة الطالب. 3. السابعة: الاستدلال بالعموم.   1 قوله تعالى: (فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون) الآية: 49. 2 قوله تعالى: (قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) الآيات: 50-52. 3 في س "الطلب". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 الثامنة: ذكر جهل من لم يفعل هذا الاستدلال. التاسعة: تذكيرك الخصم بالقاعدة المسلمة إذا لم ... 1. العاشرة: ذكر تناقض الخصم. الحادية عشرة: في قبضه وبسطه آيات متعددة. الثانية عشرة: أن تلك الآيات لأهل العلم. الخامسة والأربعون 2: الأولى: قيل أنها أرجى ما في القرآن. الثانية: فيها الرد على من استثنى بعض الكبائر. الثالثة: تعليل ذلك بالأسماء والصفات. الرابعة: النهي عن القنوط. الخامسة: أن إسراف العبد وباله على نفسه. السادسة: الفرق بين المغفرة والرحمة. السادسة والأربعو ن 3، وخمس آيات بعدها. الأولى: الأمر بالإنابة.   1 بياض في هذا الموضع في المخطوطتين. 2 قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) الآية: 53. 3 قوله تعالى: (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين) الآيات 54-59. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 الثانية: الأمر بالإسلام. الثالثة: الفرق بينهما. الرابعة: كون الأولى "بإلى" والثانية "باللام". الخامسة: تفسير الآيات قبلها. السادسة: التنبيه على انتهاز الفرصة. السابعة: الوعيد الشديد. الثامنة: الأمر باتباع المنزَّل خاصة. التاسعة: الأمر باتباع الأحسن. العاشرة: فيه الرد على من أنكر تفاضل كلام الله. 1. الحادية عشرة: إغراء العبد بأن ذلك المنزَّل منزَّل إليه. الثانية عشرة: كونه من ربه 2: الثالثة عشرة: فيه الإنذار عن البغتة. الرابعة عشرة: فيه بيان أنهم لا يشعرون بذلك. الخامسة عشرة: ذكر تحسر النفس على ما كرهت الآن. السادسة عشرة: معرفتها أنه تفريط في جنب الله. السابعة عشرة: معرفتها بأنها سخرت مما لا يُسخر منه. الثامنة عشرة: 3 عرفت أنها من هذه الطائفة.   1 في س "تفاضل كلام". 2 في هذا الموضع سقط في المخطوطة س. 3 في س "معرفة". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 التاسعة عشرة: تحسرها أن لا تكون من هذه الطائفة التي كرهتها وسخرت منها. العشرون: ذكر تمني الكَرَّة. الحادية والعشرون: رؤية العذاب حينئذ. الثانية والعشرون: 1 تمني الكَرَّة لكونها من أولئك. الثالثة والعشرون: أن الإحسان هو التقوى. الرابعة والعشرون: التكذيب بالآيات. الخامسة والعشرون: الاستكبار. السادسة والعشرون: الكفران، وكونه من هذه الطائفة. السابعة والعشرون: أن المعاصي بريد الكفر والتكذيب والاستكبار. الثانية والخمسون 2: الأولى: كبر التكذيب على الله. الثانية: أن أصل ذلك الكبر. الثالثة: الوعيد بهذا الاستفهام. الثالثة والخمسون 3، وآيتان بعدها: الأولى: سبب النجاة. الثانية: الفرق بين الحزن ومس 4 السوء.   1 سقطت (الحادية والعشرون) من المخطوطتين. 2 قوله تعالى: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) الآية: 60. 3 قوله تعالى: (وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون) الآيات: 61-63. 4 في س "وسوء الظن". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 الثالثة: الاستدلال بالقاعدة الكلية، وهي: خلق كل شيء على المسائل الجزئية. الرابعة: كذلك استدل بوكالته على كل شيء. الخامسة: كذلك بأن مقاليدهما له. السادسة: انحصار الخسارة في هؤلاء. السادسة والخمسون 1، وأربع بعدها، فيها أنواع من بطلان الشرك وتقبيحه: الأول: استفهام الإنكار. الثاني: كيف يؤمر بهذا لغير الله. الثالث: التسجيل عليهم بالجهل. الرابع: ما جاء من السمعيات أنه أوحى 2 إليك بهذا الأمر العظيم. الخامس: أنه أوحاه إلى من قبلك. السادس: أن أقرب الخلائق منزلة لو يفعله لم يسامَح. السابع: أن الحسنات وإن كثرت إذا وجد لم يبق منها شيء. الثامن: كون ذلك المقرَّب لو يفعله لم يَكْفِ بطلان عمله، بل صار من أولئك.   1 قوله تعالى: (قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون. الآيات: 64-67. 2 في س "إليه". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 التاسع: الأمر بإخلاص هذا النوع لمن لا يستحقه إلا هو. العاشر: أن كون العبد من الشاكرين مستحسن عقلا وشرعا 1، ولا يصل إليه إلا بذلك. الحادي عشر: كون ذلك جرى لكونهم لم يعرفوا الله. الثاني عشر: تعريف عباده بعظمته بما ذكر في الأرضين السبع. الثالث عشر: تعريفهم ذلك بما ذكر في السموات. الرابع عشر: تسبيحه نفسه عما تقربوا به إليه. الخامس عشر: تعاليه عن ذلك. السادس عشر: نسبته إليهم. الستون 2، وما بعدها إلى آخرها، فيها: الأولى: النفخة الأولى.   1 في س (وعرقا) . 2 قوله تعالى: (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين) الآيات: 68-75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 الثانية: صعق أهل السموات والأرض. الثالثة: المستثنون. الرابعة: النفخة الثانية. الخامسة: "إذا" الفجائية. السادسة: إتيان الرب سبحانه. السابعة: إشراق الأرض بنوره. الثامنة: إضافتها إليه. التاسعة: وضع 1 الكتاب. العاشرة: الإتيان بالنبيين. الحادية عشرة: الإتيان بالشهداء. الثانية عشرة: قضى بينهم بالحق. الثالثة عشرة: تَوْفِيَةُ كل نفس عملها. الرابعة عشرة: بيان أنه لا يقع في الخصومات شيء مما يقع في الدنيا، لكونه أعلم. الخامسة عشرة: سياقه الكفار. السادسة عشرة: كونهم زمرا.   1 في س "وضوح الكتاب" وهو خطأ من الناسخ; لأن المقصود قوله تعالى (ووضع الكتاب) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 السابعة عشرة: فتح أبوابها وقت مجيئهم. الثامنة عشرة: تقريع الخزَنَة: لهم. التاسعة عشرة: كون كل رسول يتلو الآيات. العشرون: كونهُ يُنذر بذلك اليوم. الحادية والعشرون: كون الرسالة عمّت. الثانية والعشرون: اعترافهم بقرب الفهم، وأن الذي منعهم كون كلمة العذاب حقت على من كَفَر. الثالثة والعشرون: قول الخزنة ادخلوها خالدين. الرابعة والعشرون: بيان أن التكبر سبب الكفر. الخامسة والعشرون: سوْق أهل الجنة. السادسة والعشرون: كونهم زُمَرا. السابعة والعشرون: حذف الجواب. الثامنة والعشرون: فتح الأبواب. التاسعة والعشرون: تسليم الملائكة. الثلاثون: قولهم: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا} . الحادية والثلاثون: الخلود. الثانية والثلاثون: قولهم {الْحَمْدُ لِلَّهِ} إلخ: حمدوا على صدق الوعد. الثالثة والثلاثون: حمدوه على أنه أورثهم الأرض. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 الرابعة والثلاثون: التبوّؤ منها حيث شاؤوا. الخامسة والثلاثون: إثبات دخولها بالعمل. السادسة والثلاثون: أنها أجر العاملين. السابعة والثلاثون: رؤية الملائكة حافين من حول العرش. الثامنة والثلاثون: القضاء بالحق. التاسعة والثلاثون: قول الخلائق كلهم: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 1.   1 سورة الزمر آية: 75. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} إلى قوله تعالى: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} 1. فيه مسائل: الأولى: الجواب عن قول المشركين: هذا في الأصنام وأما الصالحون فلا. قوله: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّه} عام فيما سوى الله. الثانية: أن المسلم إذا أطاع من أشار عليه في الظاهر كَفَرَ، ولو كان باطنه يعتقد الإيمان، فإنهم لم يريدوا من النبي صلى الله عليه وسلم تغيير عقيدته، ففيه بيان لما يكثر وقوعه ممن ينتسب 2 إلى الإسلام في إظهار الموافقة للمشركين خوفا منهم، ويظن أنه لا يكفر إذا كان قلبه كارها له. الثالثة: أن الجهل وسخافة العقل هو موافقتهم في الظاهر; وأن العقل والفهم والذكاء هو التصريح بمخالفتهم ولو ذهب مَالُكَ، خلافا لما عليه أهل الجهل من اعتقاد أن بذل دينك لأجل مالك هو العقل، وذلك في آخر الآية: {أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} .   1 هي الآيات: 64- 67 من سورة الزمر, وقد ورد نصها فيما سبق. 2 في س " ينسب ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 أما الآية الثانية 1 ففيها مسائل أيضا: الأولى: شدة الحاجة إلى تعلُّم التوحيد، فإذا 2 كان الأنبياء يحتاجون إلى ذلك ويحرصون عليه فكيف بغيرهم؟ ففيها رد على الجهال الذين يعتقدون أنهم عرفوه، فلا يحتاجون إلى تعلّمه. الثانية: المسألة الكبرى وهي كشف شبهة علماء 3 المشركين الذين يقولون: هذا شرك، ولكن لا يكفر من فعله لكونه يؤدي الأركان الخمسة، فإذا كان الأنبياء لو يفعلونه كفروا فكيف بغيرهم؟!. الثالثة: أن الذي يكفر به المسلم ليس هو عقيدة القلب خاصة، فإن هذا الذي ذكرهم الله لم يريدوا منه صلى الله عليه وسلم تغيير العقيدة كما تقدم، بل إذا أطاع المسلم من أشار عليه بموافقتهم لأجل ماله أو بلده أو أهله مع كونه يعرف كفرهم ويبغضهم، فهذا كافر إلا من أُكره. وأما الآية الثالثة 4 ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها على المنبر وقال: "إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين وتكون السموات بيمينه" 5.   1 قوله تعالى: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) الآيتان: 65-66. 2 في س " فإذا الأنبياء ". 3 في س "كشف شبهة على المشركين" وما في المخطوطة الأخرى هو الصحيح, وهو الذي أثبتناه في التفسير. 4 قوله تعالى: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) الآية: 67. 5 البخاري: التوحيد (7413) , ومسلم: صفة القيامة والجنة والنار (2787) , وأحمد (2/374) , والدارمي: الرقاق (2799) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 ثم ذكر تمجيد الرب تبارك وتعالى نفسه وأنه يقول: "أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز أنا الكريم" 1 2 قال ابن عمر: فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قلنا ليخرّن به. وفيها ثلاث مسائل: الأولى: التنبيه على سبب الشرك; وهو أن المشرك بان له شيء من جلالة الأنبياء والصالحين، ولم يعرف الله سبحانه وتعالى; وإلا لو عرفه لكفاه وشفاه عن المخلوق، وهذا معنى قوله: {وما قدروا الله حق قجدره} 3 الآية. المسألة الثانية: ما ذكر الله تبارك وتعالى من عظمته وجلاله أنه يوم القيامة يفعل هذا، وهذا قَدْر ما تحتمله العقول، وإلا فعظمة الله وجلاله أجلّ من أن يحيط بها عقل كما قال 4: "ما السموات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في كف أحدكم" فَمَنْ هذا بعض عظمته وجلاله كيف يُجعل في رتبته مخلوق لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا؟ هذا هو   1 البخاري: التوحيد (7413) , ومسلم: صفة القيامة والجنة والنار (2788) , وابن ماجه: المقدمة (198) والزهد (4275) , وأحمد (2/72) . 2 رواه مسلم (منافقين) وأبو داود (سنة) وابن ماجه (مقدمة) و (زهد) , كما رواه أحمد بسنده عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية يوما على المنبر (وما قدروا الله حق قدره..) ورسول الله يقول هكذا بيده ويحركها ويقبل بها يمجد الرب نفسه (أنا الجبار, أنا المتكبر, أنا الملك, أنا الكريم) .. المسند حـ 2 ص 72. 3 سورة الأنعام آية: 91. 4 في 516-86 "كما قال تعالى", وهذا تحريف من الناسخ, فليست بآية. وفي س "كما قال ابن عباس" وهذا هو الصحيح المروي, رواه الطبري وغيره بسنده عن ابن عباس من قوله في تفسير قوله تعالى: (وما قدروا الله حق قدره..) راجع: تفسير الطبري جـ 24 ص 25. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 أظلم الظلم وأقبح الجهل، كما قال العبد الصالح لابنه {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} 1 2. الثالثة: أن آخر الآية وهو قوله: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} 3 ينبهك على الحكمة في كونه سبحانه يغفر الكبائر ولا يغفر الشرك، وتزرعُ بُغض الشركِ وأهلِه ومعاداتهم في قلبك. وذلك أن أكبر مسبة بعض الصحابة مثل أبي بكر وعمر، لو يجعل في منزلته بعض ملوك زماننا مثل سليمان 4 أو غيره مع كون الكل منهم آدمياً، والكل ينتسب إلى دين محمد والكل يأتي بالشهادتين، والكل يصلي ويصوم رمضان، فإذا كان من أقبح المسبة لأبي بكر أن يسوَّى بينه وبين بعض الملوك في زماننا، فكيف يجعل للمخلوق من الماء المهين، ولو كان نبيا، بعض حقوق منْ   1 سورة لقمان آية: 13. 2 من وصية لقمان لابنه كما وردت في قوله تعالى: (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا شرك بالله إن الشرك لظلم عظيم سورة لقمان) الآية: 13. 3 سورة يونس آية: 18. 4 لعله يقصد الملك (سليمان العادل) بن غازي الأيوبي صاحب (حصن كيفا) وكان من أطول الملوك مدة حيث حكم خمسين عاما, وهو أبو الملك الأشرف أحمد, وتوفي سليمان سنة 827 هـ أو لعله يقصد (المستكفي الثاني) سليمان بن المتوكل من ملوك الدولة العباسية بمصر ت 855 هـ, أو لعله يقصد سليمان بن المظفر بن سلطان النبهاني من ملوك الدولة النبهانية في عُمان ت 1019 هـ, أو لعله يقصد المولى سليمان بن محمد الشريف العلوي الذي كان من سلاطين دولة الأشراف العلويين في مراكش (1180-1238 هـ) راجع تراجمهم جميعا في الأعلام جـ 3. أو لعله السلطان العثماني سليمان الثاني الذي تولى الخلافة عام 1099 هـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 هذا بعض عظمته وجلاله، من كونه يُدعَى كما يُدْعى، ويُخاف كما يُخاف، ويُعتمد عليه كما يُعتمد عليه؟! هذا أعظم 1 الظلم، وأقبح المسبة لرب العالمين، وذلك معنى قوله في آخر الآية: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} 2. ولكن رحم الله تعالى من تنبّه لسر الكلام، وهو المعنى الذي نزلت فيه هذه الآيات، من كون المسلم يوافقهم في شيء من دينهم الظاهر مع كون القلب بخلاف ذلك، فإن هذا هو الذي أرادوا من النبي صلى الله عليه وسلم، فافهمه فهما حسنا لعلك تعرف شيئا من دين إبراهيم عليه السلام الذي بادر أباه وقومه بالعداوة عنده 3، والله أعلم.   1 في س " من أعظم ". 2 سورة يونس آية: 18. 3 زيادة من المخطوطة: 516 - 86. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 سورة الحجرات هذه مسائل من سورة الحجرات للشيخ رحمه الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} 1 الآية 2. لما قدم وفد بني تميم قال أبو بكر: يا رسول الله، أمّر فلانا وقال عمر: بل فلانا. قال: ما أردتَ إلا خلافي، قال: ما أردتُه. فتجادلا، حتى ارتفعت أصواتهما 3. ففيه مسائل: الأولى: الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيم حرمته. الثانية: إذا كان هذا التغليظ في الشيخين، فكيف بغيرهم. الثالثة: اختلاف كلام المفسرين والمعنى واحد، لكن كل رجل يصف نوعا من التقدم.   1 سورة الحجرات آية: 1-2. 2 قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) الآية: 2. 3 رواه البخاري بسنده, وقد أشار أحدهما بالأقرع بن حابس, وأشار الآخر بالقعقاع بن معبد, فتجادلا حتى ارتفعت أصواتهما.. فنزلت: صحيح البخاري (كتاب التفسير) باب تفسير سورة الحجرات, وانظر: فتح الباري ج 8 ص 453. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 الرابعة: الأمر بالتقوى في هذا الموضع. الخامسة: الاستدلال بالأسماء الحسنى على المسألة. السادسة: مسألة الإحباط وتقريره. السابعة: وجوب طلب العلم، بسبب أن هذا مع كونه سببا للإحباط لا يفطن له، فكيف بما هو أغلظ منه بكثير؟ الثامنة: قوله: {وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} 1 أي: لا تدرون. فإذا كان هذا فيمن لا يدري، دَلَّ على وجوب التعلم والتحرز، وأن الإنسان لا يُعذر بالجهل في كثير من الأمور. التاسعة: ما ترجم عليه البخاري 2 بقوله: باب خوف المؤمن إلخ. قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} 3 الآية 4. فيه مسائل: الأولى: ثناء الله على أهل العمل. الثانية: أن معنى امتحانها هَيَّأها، فقد تبتلى بما تكره ويكون نعمة من الله، يريد امتحان قلبك للتقوى. الثالثة: استدل بها على أن من يكف عن المعصية مع منازعة النفس أفضل ممن لا يشتهيها.   1 سورة الزمر آية: 55. 2 صحيح البخاري -كتاب الرقاق- باب الخوف من الله عز وجل. 3 سورة الحجرات آية: 3. 4 قوله تعالى: (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم) الآية: 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 الرابعة: وعد الله لأهل هذه الخصلة بالمغفرة والأجر العظيم، فيزيل ما يكرهون ويعطيهم ما يحبون. قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} 1. فيه مسائل: الأولى: ذمه لمن أساء الأدب. الثانية: ذكره أن أكثرهم لا يعقلون، مع كونهم من أعقل الناس في ظنهم 2: الثالثة: ذم العجلة، ومدح التأني. الرابعة: رأفة الله ورحمته بالعباد ولو عصوه، لختمه الأدب بهذين الاسمين. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} 3 4 الآية نزلت في.   1 قوله تعالى: (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم) الآيتان: 4-5. 2 روى ابن إسحاق في قدوم وفد تميم على النبي صلى الله عليه وسلم ونزول سورة الحجرات أنهم لما دخلوا المسجد نادوا: أن اخرج إلينا يا محمد, فآذى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من صياحهم, قال ابن إسحاق: "وفيهم نزلت الآية". راجع: سيرة ابن هشام جـ 4 ص 222-223. 3 سورة الحجرات آية: 6. 4 قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) الآية: 6. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 في رجل 1 أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض المسلمين أنهم منعوا الزكاة، فهمّ بغزوهم، وكان كاذبا، فيه مس ائل: الأولى: كبر بهتان المسلم عند الله كيف فضح الله 2 هذا بهذه الفضيحة الباقية إلى يوم القيامة، مع كونه من الصحابة. الثانية: معنى التبين وهو التثبت. الثالثة: الأمر الذي نزلت فيه الآية، وهو أمر المسلمين بعدم العجلة. الرابعة: ذكر علّة الحكم، وهو الندم إذا أصابوا قوما بجهالة. الخامسة: أن الله لم يأمر بتكذيب الفاسق، ولكن أمر بالتثبت. السادسة: استدل بها على أنه إذا عُرِف صدقه عمل به، لانتفاء العلة. السابعة: استدل بها على أن الخبر إذا أتى به أكثر من واحد، فليس في الآية الأمر بالتبيين فيه. الثامنة: أن المؤمن يندم إذا تبين له خطؤه. التاسعة: قتال مانعي الزكاة كما في آية السيف. العاشرة: جباية النبي صلى الله عليه وسلم للزكاة، ولم يجعلها لأهل الأموال.   1 روى الطبري عن أم سلمة أن رسول الله بعث رجلا في صدقات بني المصطلق, فتلقوه يعظمون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم, فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله, فرجع إلى رسول الله فأخبره أن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم, ثم تبين عدم صدقه, وفيه نزلت الآية, وهو الوليد ابن عقبة بن أبي معيط. راجع: تفسير الطبري جـ 26 ص 123-124 وسيرة ابن هشام جـ 3 ص 430-341. 2 في س " هذه بهذه ". وفيها في هذا الوضع سقط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} إلى قوله: {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} 1. فيه مسائل: الأولى: كيف أمرهم بالعلم بأنه رسول الله وهم الصحابة، فما أجلها من مسألة، وأدلها على مسائل كثيرة. الثانية: أنه لو يطيعهم في كثير من الأمر جرى ما جرى وهم الصحابة، ففيها التسليم لأمر الله، ومعرفة أنه 2 هو المصلحة، وتقديم الرأي عليه هو المضرة. الثالثة: معنى العنت: الضيق، أي رأيكم يجر إلى الضيق عليكم. الرابعة: أن ما بكم من الخير والصواب فليس ذلك من أنفسكم; ولو وُكلتم إليها جرى ما جرى؛ فهو الذي حبب إليكم الإيمان، وكرَّه إليكم ضده. الخامسة: فيه أن الأعمال من الإيمان ففيه الرد على الأشعرية. السادسة: أن تزيينه في القلوب نوع آخر غير المحبة. السابعة: أن الكفر نوع والفسوق نوع، والعصيان عام في جميع المعاصي، فمن الكفر شيء لا يُخرج عن الملة كقوله: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" 3 4 ومنه الفسوق بالكبائر، فعلمتَ أنَّ ما أطلق عليه الكفر أكبر من الكبائر، ولو لم يخرج من الملة.   1 قوله تعالى: (واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم) الآيتان: 7-8. 2 في س " أنه المصلحة ". 3 البخاري: الإيمان (48) , ومسلم: الإيمان (64) , والترمذي: البر والصلة (1983) والإيمان (2634 ,2635) , والنسائي: تحريم الدم (4105 ,4106 ,4108 ,4109 ,4110 ,4111 ,4112 ,4113) , وابن ماجه: المقدمة (69) والفتن (3939) , وأحمد (1/385 ,1/411 ,1/417 ,1/433 ,1/439 ,1/446 ,1/454 ,1/460) . 4 رواه البخاري (إيمان) و (أدب) و (فتن) ومسلم (إيمان) والترمذي (بر) و (إيمان) , والنسائي (تحريم) وابن ماجه (فتن) و (مقدمة) كما رواه أحمد عن سعد أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتال المؤمن كفر, وسبابه فسوق, ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث المسند جـ 1 ص 176. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 الثامنة: قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} 1 ففيه أمران: أحدهما: أن الرشد: فعل ما ذكر، وترك ما ذكر. الثانية: أن الرشد من غير حول منهم ولا قوة. التاسعة: ذكره تعالى أن ذلك فضل منه ونعمة، فكرر الأمر لأجل كبر المسألة. العاشرة: الفرق بين الفضل والنعمة. الحادية عشرة: ختم الآية بالاسمين الشريفين. الثانية عشرة: قرنه سبحانه بين العلم والحكمة، ويوضحه المثل: " ما قرن شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم، وما قرن شيء إلى شيء أقبح من جهل إلى خرق ". الثالثة عشرة: أن نتيجة هذا الدلالة على التمسك بالوحي، والتحذير من الرأي المخالف، ولو من أعلم الناس. الرابعة عشرة: التنبيه على لطفه بنا وأنه أرحم بنا، من أنفسنا. {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} 2.   1 سورة الحجرات آية: 7. 2 قوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) الآيتان: 9-10 , وهذا آخر ما وجد من تفسير سورة الحجرات للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 سورة الجن روى 1 الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب. قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة 2 عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء. فهناك حين رجعوا إلى قومهم فَقَالُوا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} الآية. فأنزل 3 الله على نبيه صلى الله عليه وسلم {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ   1 سنستعين في الجزء الباقي من التفسير بالمخطوطة 673- 86 بمكتبة الرياض بدخنة, لأن المخطوطة 516- 86 غير كاملة في هذا الجزء الباقي, حيث سقط منها تفسير بعض السور مثل (سورة الجن) و ( سورة المدثر ) . أما المخطوطة 673-86 فتبدأ من سورة الجن إلى آخر التفسير. وأما المخطوطة س فهي كاملة في التفسير كله. 2 موضع بالحجاز قريب من مكة فيه نخل وكروم: معجم البلدان. 3 راجع: صحيح البخاري (كتاب التفسير) باب (سورة قل أوحي) وصحيح مسلم أيضا في تفسيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 {َفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فقالوا نَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَبا ًيَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} . يعني أنهم لما رجعوا إلى قومهم قالوا لهم هذا. وقوله: {عَجَبًا} أي: بليغا في لفظه ومعناه. {أَنَّهُ اسْتَمَعَ} بالفتح لأنه نائب 1 فاعل أوحي، وإِنَّا سَمِعْنَا بالكسر لأنه محكي بعد القول. وقوله: {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} أي إلى الصواب وقيل: إلى التوحيد. {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً} 2 يقول: تعالى جل جلاله وعظمته وغناه عن اتخاذ الصاحبة والولد; وذلك أنهم لما سمعوا القرآن فهموا التوحيد وتنبهوا على الخطإ في علم تنزيه الله عما لا يليق به، فاستعظموا ذلك ونزهوه عنه. وقوله: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً} 3 سفيههم: إبليس، قاله مجاهد، وقيل هو أو غيره من مردة الجن، والشطط مجاوزة الحد في الظلم أو غيره. وقوله: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً} 4 يعني أن في ظننا أن أحدا من الثقلين لن يفتري على الله ما ليس بحق، فلسنا نصدقهم فيما أضافوا إليه من ذلك فلما سمعنا القرآن تبين لنا افتراؤهم.   1 في س " لأنه فاعل ". 2 سورة الجن آية: 3. 3 سورة الجن آية: 4. 4 سورة الجن آية: 5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} 1 ومعنى هذا أن الرجل من العرب كان إذا أمسى في واد قفر وخاف قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه; يريد الجن وكبيرهم، فلما سمع ذلك الجن استكبروا وقالوا: سُدْنا الجن والإنس; فذلك الرهق، والرهق في كلام العرب غشيان المحارم. {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً} 2 قيل: إنه مما حكى الله عن الجن أي: أن الإنس ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا، وقيل من كلام الله. والضمير في: {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا} للجن، والخطاب في {ظَنَنْتُمْ} للإنس. {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً} 3 يؤخذ من قوله: {مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً} 4 أن الحادث الملأ والكثرة، وكذلك مَقَاعِدَ أي: كنا نجد بعض المقاعد خالية من الحرس، والآن ملئت المقاعد كلها. ومعنى هذا أنهم يذكرون سبب ضربهم في البلاد حتى عثروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلموا أن الله أراد بهم رشدا 5.   1 سورة الجن آية: 6. 2 سورة الجن آية: 7. 3 سورة الجن آية: 7-8. 4 سورة الجن آية: 8. 5 قوله تعالى: (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) الآية: 10. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً} 1 يقولون: منا الصالحون، ومنا قوم دون ذلك، الآية، والقدة من قد، كالقطعة من قطع، وُصفت الطرائق بذلك لدلالتها على القطع والتفرق، قال الحسن: أمثالكم: فمنهم قدرية ومرجئة ورافضة. قال ابن كيسان 2 لكل فرقة هوى كأهواء الناس. {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً} 3 الظن هنا بمعنى اليقين، وهذه صفة أحوال الجن وعقائدهم منهم أخيار وأشرار، وأنهم يعتقدون أن الله عزيز غالب، لا يفوته مطلب، ولا ينجي عنه مهرب. {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً} 4 يقولون: لما سمعنا القرآن آمنا به، وهذا يدل على أن   1 سورة الجن آية: 11. 2 يبدو أنه ابن كيسان أبو الحسن محمد بن أحمد عالم العربية البغدادي تلميذ المبرد وثعلب, وهو صاحب كتاب (معاني القرآن) وكتاب (غريب الحديث) (والمهذب في النحو) ت 299 هـ, راجع: شذرات الذهب ج 2 ص 232, وإن كان هناك أيضا صالح بن كيسان المدني مؤدب أبناء عمر بن عبد العزيز الذي كان من فقهاء المدينة الجامعيين بين الحديث والفقه, وهو أحد الثقات في رواية الحديث ت 140 هـ, راجع: تهذيب التهذيب ج 4 ص 399, لكن الأول هو الأظهر أنه هو المقصود; لأنه لغوي مفسر للقرآن صاحب كتاب فيه, والتفسير المنقول عنه هنا أقرب إلى التفسير اللغوي. 3 سورة الجن آية: 12. 4 سورة الجن آية: 13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 الإيمان بالله هو والإيمان بالقرآن متلازمان. والبخس أن يُبخس من حسناته، والرهق أن يُحمل عليه ذنب غيره. {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} 1 القاسطون: الكافرون، يقال: قسط فهو قاسط إذا ظلم، وأقسط فهو مقسط إذا عدل; وروي أن الحجاج قال لسعيد 2 بن جبير: "ما تقول فيَّ؟ قال: قاسط عادل. فقال القوم: ما أحسن ما قال. قال الحجاج: يا جهلة إنه سماني ظالما مشركا; وتلا هذه الآية: وقوله: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} . {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً} 3 يقول: لو استقاموا على طريقة الإسلام لوسّعنا عليهم في الدنيا، وذكر الماء الغدق وهو الكثير لأنه سبب لسعة الرزق. {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} 4 أي لنختبرهم كيف شكرهم. قال الحسن: "والله إن كان أصحاب محمد لكذلك: كانوا سامعين لله، مطيعين لله، فلما فتحت كنوز كسرى وقيصر وثبوا على إمامهم وقتلوه". وأخرج ابن جرير عن عمر: "حيث كان الماء كان المال، وحيث ما كان المال كانت الفتنة". وقوله: {يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً} 5 "قال ابن عباس: شاقا، وأصله أن الصعود فيه مشقة على الإنسان".   1 سورة الجن آية: 14-15. 2 أعلم التابعين, أخذ العلم عن ابن عباس وابن عمر, قتله الحجاج بواسط عام 95 هـ. 3 سورة الجن آية: 16-17. 4 سورة طه آية: 131. 5 سورة الجن آية: 17. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 1 قال قتادة: "كان اليهود والنصارى إذا دخلوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بالله، فأمرنا أن نخلص لله الدعوة إذا دخلنا المساجد". وقيل 2 المساجد: أعضاء السجود السبعة. {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} 3 معناه: لما قام عبد الله يعبده، كادوا يزدحمون عليه متراكمين تعجبا مما رأوا من عبادته، وإعجابا بما تلا من القرآن، لأنهم رأوا منه ما لم يروا مثله. وعبادة عبد الله ليس بأمر مستبعد عن العقل، ولا مستنكر حتى يكونوا عليه لبدا. وقيل: لما قام عبد الله وحده مخالفا للمشركين، كادوا لتظاهرهم على عدوانه يزدحمون عليه متراكمين. وعن قتادة قال: "لما قام عبد الله للدعوة تلبدت الإنس والجن، وتظاهروا عليه ليبطلوا الحق الذي جاءهم به ويطفئوا نور الله، إلا أن يتم هذا الأمر وينصره على من ناوأه": {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} 4 أي قال للمتظاهرين عليه: {إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} 5 أي: ما أتيتكم بأمر منكر، ولا ما يوجب إطباقكم على عداوتي، إنما التعجب ممن يدعو غير الله، ويجعل له شريكا. {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَدا} 6 المعنى: لا أستطيع أن أضركم أو أن أنفعكم إنما الضار النافع الله عز وجل.   1 سورة الجن آية: 18. 2 هنا نقص في س. 3 سورة الجن آية: 19. 4 سورة الجن آية: 20. 5 سورة الجن آية: 20. 6 سورة الجن آية: 21. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} 1 ومعنى الاستثناء قيل أنه من {لاَ أَمْلِكُ} (أي: لا أملك إلا بلاغا 2 من الله) {وَقُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي} : جملة معترضة لتأكيد نفي الاستطاعة عن نفسه على معنى أن الله إن أراد به سوءا من مرض أو موت أو غيرهما، لم يصح أن يجيره منه أحد، أو يجد من دونه ملاذا يأوي إليه. والملتحد الملتجأ وقيل: {بَلَاغًا} بدلا من {مُلْتَحَدًا} أي لن أجد من دونه مَنْجى إلا أن أبلغ ما أرسلني به. {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً} 3 كان الكفار يستضعفونه ويستقلون أتباعه; وتغرُّهم قوتهم وكثرتهم، حتى إذا رأوا ما يوعدون علموا كيف الحال، فقال المشركون: متى 4 يكون هذا الموعود؟ إنكارا له، فقال: قل إنه كائن لا ريب فيه، وأما وقته فلا أدري متى يكون، لأن الله لم يبينه لما له فيه 5 من الحكمة. {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ   1 سورة الجن آية: 22. 2 قوله تعالى: (إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا) الآية: 23. 3 سورة الجن آية: 24-25. 4 في س " متى هذا ". 5 قوله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) الآيتان: 26-27. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 شَيْءٍ عَدَداً} 1 2. أي: ليعلم الله أن الأنبياء بلَّغُوا الرسالات، كقوله: {حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ} 3 4. {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ} 5 بما عند الرسل من الحكم والشرائع. {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} 6 من القطر والرمل وورق الأشجار وغير ذلك فكيف لا يحيط بما عند الرسل من وحيه؟ والله أعلم. وقال أيضا الشيخ محمد رحمه الله تعالى على قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 7 8: وبعد، فهذه عشر درجات: الأولى: تصديق القلب أن دعوة غير الله باطلة، وقد خالف فيها من خالف. الثانية: أنها منكرٌ يجب فيها البغض; وقد خالف فيها من خالف. الثالثة: أنها من الكبائر والعظائم المستحقة للمقت والمفارقة، وقد خالف فيها من خالف. الرابعة: أن هذا هو الشرك بالله الذي لا يغفره، وقد خالف فيها من خالف. الخامسة: أن المسلم إذا اعتقده أو دان به كفر. وقد خالف فيها من خالف.   1 سورة الجن آية: 28. 2 الآية 28 وهي الآية الأخيرة في سورة الجن. 3 سورة محمد آية: 31. 4 سورة محمد الآية: 31 ونصها (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) . 5 سورة الجن آية: 28. 6 سورة الجن آية: 28. 7 سورة الجن آية: 18. (8" الآية: 18 من سورة الجن, وقد سبق كلام في تفسيرها, وهذا إضافة إليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 السادسة: أن المسلم الصادق إذا تكلم به هازلا أو خائفا أو طامعا كفر بذلك، وأنى ينزل القلب هذه الدرجات ويصدقه بها. السابعة: أنك تعمل معه عملك مع الكفار، من عداوة الأب والابن وغير ذلك. الثامنة: أن هذا معنى "لا إله إلا الله"، والإله المألوه، والإلهية عمل من الأعمال، وكونه منفيا عن غير الله ترك من التروك. التاسعة: القتال على ذلك حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله. العاشرة: أن الفاعل للدعوة لغير الله لا تقبل منه الجزية كما تقبل من اليهود، ولا تنكح نساؤهم كما تنكح نساء اليهود، لأنه أغلظ من اليهود كفرا. وكل درجة من هذه الدرجات إذا نزلتها تخلَّف عنك بعض من كان معك، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 سورة المدثر وأما قوله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} 1 2 الآيات، ففيه مسائل: الأولى: الدعوة إلى الله لا يقتصر على نفسه. الثانية: خطابه بالمدثر. الثالثة: أن الداعي يبدأ بنفسه فيصلح عيوبها. الرابعة: تعظيم الله سبحانه علما وعملا. الخامسة: هجران الرجز. السادسة: قوله: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} 3. السابعة: قوله: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} 4 فأمره بالطريق إلى القوة على ما تقدم، فهو الصبر خالصا. ففيها آداب الداعي لأن الخلل يدخل على رؤساء الدين من ترك هذه الوصايا أو بعضها. ففيها: الحرص على الدنيا فنهى عنه بقوله: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} 5. ومنها: عدم الجد، فنبه عليه بقوله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} 6.   1 سورة المدثر آية: 1. 2 قوله تعالى: (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر) الآيات 1-7. 3 سورة المدثر آية: 6. 4 سورة المدثر آية: 7. 5 سورة المدثر آية: 6. 6 سورة المدثر آية: 1. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 ومنها: رؤية الناس فيه العيوب المنفرة لهم عن الدين، كما هو الواقع. ومنها: التقصير في تعظيم العلم الذي هو من التقصير في تعظيم الله. ومنها: عدم الصبر على مشاق الدعوة. ومنها: عدم الإخلاص. ومنها: عدم هجران الرُّجْز، والتقصير في ذلك، وهو من أضرها على الناس، وهو من تطهير الثياب، لكن أفردت بالذكر كنظائره. الأولى: أول (اقرأ) فيه الأمر بطلب العلم، وأول (المدثر) فيه الأمر بالعمل به. الثانية: أول (اقرأ) فيه معرفة الله، وأول (المدثر) فيه الأدب معه. الثالثة: أول (اقرأ) فيه الاستعانة، وأول (المدثر) فيه الصبر. الرابعة: أول (اقرأ) فيه إخلاص الاستعانة، وأول (المدثر) فيه العبادة. الخامسة: أول (اقرأ) فيه الاستعانة، وأول (المدثر) فيه العبادة. السادسة: أول (اقرأ) فيه فضله عليك، وأول (المدثر) فيه حقه عليك. السابعة: أول (اقرأ) فيه أدب المتعلم، وأول (المدثر) فيه أدب العالِم. الثامنة: أول (اقرأ) فيه معرفة الله ومعرفة النفس، وأول (المدثر) فيه الأمر والنهي 1. التاسعة: أول (اقرأ) فيه معرفتك بنفسك وبربك، وأول (المدثر) فيه العمل المختص والمتعدي.   1 في المخطوطة س في هذا الموضع سقط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 العاشرة: أول (اقرأ) فيه أصل الأسماء والصفات، وهما: العلم والقدرة، وأول (المدثر) فيه أصل الأمر والنهي، وهو الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك. الحادية عشرة: في أول (اقرأ) ذكر القلم الذي لا يستقيم العلم إلا به، وأول (المدثر) فيه ذكر الصبر الذي لا يستقيم العمل إلا به. الثانية عشرة: في أول (اقرأ) ذكر التوكل وأنه يفتح المغلق، وأول (المدثر) فيه الصبر الذي يفتحه. الثالثة عشرة: في أول (اقرأ) العمل المختص، وأول (المدثر) فيه العمل المتعدِّي. الرابعة عشرة: في (اقرأ) ست مسائل من الخبر، وأول (المدثر) ست مسائل من الإنشاء. الخامسة عشرة: في أول (اقرأ) ذكر بدء الخلق، وأول (المدثر) ذكر الحكمة فيه. السادسة عشرة: في أول (اقرأ) ذكر أصل الإنسان، وأول (المدثر) فيه كماله. السابعة عشرة: في أول (اقرأ) الربوبية العامة، وأول (المدثر) الربوبية الخاصة. الثامنة عشرة: في أول (اقرأ) شاهد لقوله: "اعقلها واتكل " 1، وفي أول (المدثر) الصبر الذي هو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد. التاسعة عشرة: في أول (اقرأ) ابتداء النبوة، وأول (المدثر) ابتداء الرسالة. العشرون: في السورتين شاهد لقوله: " العلم قبل القول والعمل " 2.   1 رواه الترمذي (قيامة) . 2 صحيح البخاري (كتاب العلم) باب العلم قبل القول والعمل لقول الله تعالى فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك سورة محمد الآية 19 , فبدأ بالعلم, وأن العلماء هم ورثة الأنبياء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 سورة العلق قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: هذه مسائل مستنبطة من سورة اقرأ 1: الأولى: الأمر بالقراءة. الثانية: الجمع بين التوكل والسبب، خلافا لغلاة المتفقهة وغلاة المتصوّفة. الثالثة: السر الذي في الإضافة في قوله: {بِاسْمِ رَبِّكَ} المقتضي للتوكل. الرابعة: وصفه سبحانه بالخلْق الذي هو أظهر آياته. الخامسة: ذكر خلقه للإنسان خاصة. السادسة: كونه من علق. السابعة: تكرير الأمر بالقراءة. الثامنة: الوصف بأنه الأكرم. التاسعة: ذكر التعليم بالقلم الذي هو في المرتبة الرابعة.   1 قوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم) الآيات: 1-5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 العاشرة: تعليم الإنسان خاصة ما لم يعلم. الحادية عشرة: أن الذكر بالقلب 1 واللسان أفضل من الذكر بالقلب وحده. الثانية عشرة: الحث على التواضع لقوله: {مِنْ عَلَقَ} . الثالثة عشرة: فيه معنى: "اعرف نفسك تعرف ربك". الرابعة عشرة: معنى أن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما إلى يوم القيامة. الخامسة عشرة: رجاء فضله لأجل ما تقدم من فضله. السادسة عشرة: لصفاته لكونه الأكرم. السابعة عشرة: الجمع بين الخلق والتعليم. الثامنة عشرة: الدلالة على التوحيد. التاسعة عشرة: الدلالة على النبوة. العشرون: الرد على الجهمية. الحادية والعشرون: أن الاستحالة تطهر. الثانية والعشرون: الرد على القدرية. الثالثة والعشرون: الرد على الجبرية. الرابعة والعشرون: أن العبرة بكمال النهاية، لا بنقص البداية. الخامسة والعشرون: ذكر شرف العلم.   1 في س " بالقلم ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 وأما آخرها 1 ففيه مسائل: الأولى: أن الغنى من أسباب الطغيان. الثانية: أنه ينشأ عن رؤية الغِنَى لا عن الغنى. الثالثة: التنبيه على الفرق بين طلب العلم وطلب المال. الرابعة: أن هذا وصف للإنسان، فإن خرج عن طبعه فبفضل الله وبرحمته. الخامسة: الإيمان باليوم الآخر. السادسة: الوعظ بذلك اليوم عن الطغيان. السابعة: تسلية المطغي عليه بذلك. الثامنة: كونه إلى رب محمد، ففيه الجزاء على الأعمال. التاسعة: تقرير الشرع بالعقل لقوله: {أَرَأَيْتَ} . العاشرة: كون ذلك النهي من آثار الطغيان. الحادية عشرة: تقرير ذلك بتصوير الحادثة أنها نهي عبد صلى لربه. الثانية عشرة: التوقف عما لا يعلم العبد، وإلا فلا يلوم إلا نفسه. الثالثة عشرة: أن ذلك عام فيمن تنكر عليه فيما يفعله، وفيما يأمر به غيره.   1 قوله تعالى: (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية كلا لا تطعه واسجد واقترب) الآيات: 6-19. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 الرابعة عشرة: الاستدلال على الناهي واستجهاله بقوله: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} 1. الخامسة عشرة: الاستدلال بالقاعدة الكلية على المسائل الجزئية. السادسة عشرة: أن العلم بذلك ليس هو الإقرار. السابعة عشرة: أن العلم بالأسماء والصفات أصل العلوم. الثامنة عشرة: الدلالة على التوحيد. التاسعة عشرة: الدلالة على النبوة. العشرون: أن السورة فيها ذكر الإيمان بالأصول الخمسة. الحادية والعشرون: كون العقوبة قد تُعجَّل في الدنيا. الثانية والعشرون: ما يرجُو المحق من نصر الله للضعفاء على الأقوياء. الثالثة والعشرون: أن المال والقوة قد يكون سببا لشر الدنيا والآخرة. الرابعة والعشرون: إن بعض أعداء الله قد يُكشَفُ له فيرى بعينه من الآيات ما لا يراه المؤمن، كالسامري 2: الخامسة والعشرون: الجمع بين قوله: {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} 3 فوصفه بفساد القول والعمل.   1 سورة العلق آية: 14. 2 إشارة إلى قوله تعالى: (قال فما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي) بعد قوله تعالى: (قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري وقوله فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى) الآيات: 85-96 من سورة طه. والشاهد في كلام المصنف قول السامري (بصرت بما لم يبصروا به) وراجع تفسير هذه الآيات في كتب التفسير الموسعة. فقد روي أن السامري قبض قبضة من تراب أثر حافر جبريل عليه السلام, فألقاها في صورة العجل المصاغ. 3 سورة العلق آية: 16. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 السادسة والعشرون: أنه لو دعا ناديه، أو دنا من النبي صلى الله عليه وسلم لعوجل، ولكن دُفِعَ عنه ذلك لكونه ترك ما في نفسه. السابعة والعشرون: النهي عن طاعة مثل هذا. الثامنة والعشرون: أنه ختمها بالسجود الذي هو أشرف أفعال الصلاة، وافتتحها بالقراءة التي هي أشرف أقوالها. التاسعة والعشرون: الأمر بالاقتراب من الله، ففيه معنى "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" 1: الثلاثو ن 2: تسلية المحق إذا سُلِّط عليه مثل هذا، وأمره بالصلاة.   1 مسلم: الصلاة (482) , والنسائي: التطبيق (1137) , وأبو داود: الصلاة (875) , وأحمد (2/421) . 2 رواه مسلم (كتاب الصلاة) , والنسائي (مواقيت) , والترمذي (دعوات) , كما رواه أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد, فأكثروا الدعاء) المسند جـ 2 ص 421. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 تفسير آيات من السور القصار ومن {اقرأ} إلى آخره: الأولى: أن قريشا 1 صريح آل إبراهيم، وأيضا ولاة البيت الحرام، وأيضا خُصُّوا بنعم مثل الرحلتين ودفع الفيل. وأما أهل الكتاب فأهل العلم، وذرية الأنبياء. وجرى من الكل على رسالة الله ما جرى. الثانية: أن هذين 2 الرئيسين أبي لهب وأبي جهل ذكر عنهما ما ذكر.   1 قوله تعالى: (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) سورة قريش. 2 قوله تعالى: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه) . سورة البينة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 الثالثة: أن أهل الكتاب لم يتفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم. الرابعة: أنهم لم يؤمروا إلا بما تعرفه العقول، وبما ينبغي للعاقل أن يلتزمه، ولا ينبغي به بدلا لحسنه وسهولته. الخامسة: أن الذي استدلوا به من أشق الأشياء وأكثرها عذابا; وينبغي للعاقل البعد عنه لقبحه وصعوبته. السادسة: أن مع سهولة الذي تركوا وحسنه، وقبح الذي انتقلوا إليه ومشقته، أُشربوه في قلوبهم، فلم ينتقلوا عنه إلا بعد كذا وكذا. السابعة: أنه سبحانه توعد بالنار الذين كفروا من أهل الكتاب ومن العامة، وقدم أهل الكتاب في الذكر. الثامنة: أن العامة أُشربوا حبّ دينهم وصبروا على المشقة فيه، مع أنهم لا يعرفون جنة ولا نارا؛ وهذا من العجائب. التاسعة: التنبيه على كبر النعمة بإنزال الكتاب، بذكر 1 الليلة التي أنزل فيها. العاشرة: أن له سبحانه خصائص من الأزمنة، كما له من الأمكنة.   1 قوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر) سورة القدر. وينبغي أن نلاحظ أن المؤلف رحمه الله بعد أن يستنبط بعض المسائل من بعض السور فإنه قد يعود بعد ذلك مرة أخرى إلى استنباط فوائد أخرى منها في موضع آخر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 الحادية عشرة: أن الأعمال تتضاعف وإن تساوت في الظاهر، بما يَجِلُّ عن الوصف. الثانية عشرة: عطف الروح على الملائكة. الثالثة عشرة: أن خشية الله جامعة للدين كله. الرابعة عشرة: النص على العبادة بالإخلاص. الخامسة عشرة: ذكر الحنفاء. السادسة عشرة: عطف العبادتين على ذلك. السابعة عشرة: نصه أنه دين القيّمة. الثامنة عشرة: بيان أن من ساء عمله شر من الجعْلان 1، ولو علم. التاسعة عشرة: كون الضد خير البرية. العشرون: الآية الجامعة الفاذة. الحادية والعشرون: ذكر شيء من تفاصيل القيمة، من شهادة الأرض وغير ذلك. الثانية والعشرون: 2 معاملة الإنسان ربه لقوله: {لَكَنُودٌ} : الثالثة والعشرون: كونه شاهدا بذلك.   1 الجُعَل: "دابة سوداء من دواب الأرض, وجمعه جِعْلان" لسان العرب. 2 قوله تعالى: (والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير) سورة العاديات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 الرابعة والعشرون: نعته بشدة حب المال. الخامسة والعشرون: ما فيها من ذكر الحساب والحوض والميزان ورؤية النار في الموقف. السادسة والعشرون: إخلاص 1 الصلاة. السابعة والعشرون: إخلاص النحر. الثامنة والعشرون: الأمر بختم العمل بالتسبيح والاستغفار. التاسعة والعشرون: الأمر بالتصريح للكفار بالبراءة 2 من معبوديهم. الثلاثون: التصريح لهم ببراءتهم من عبادة الله. الحادية والثلاثون: التصريح لهم بالبراءة من معبوديهم. الثانية والثلاثون: التصريح لهم بالرضى بالله وبالإسلام دينا ومحمد نبيا. الثالثة والثلاثون: بيان العقيدة السلفية. الرابعة والثلاثون: البراءة من عقيدة المتكلمين. الخامسة والثلاثون: الأمر بالاستعاذة مما ذكر في سورة الفلق 3: السادسة والثلاثون: الأمر بالاستعاذة من الشيطان.   1 قوله تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر} سورة الكوثر. 2 قوله تعالى: (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين) سورة الكافرون. 3 سيأتي تفسيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 السابعة والثلاثون: التنبيه على شدة الحاجة إلى ذلك، لكونه أفرد له سورة وختم بها المصحف. التاسعة والثلاثون: النهي عن الهمز 1 واللمز. الأربعون: النهي عن الاغترار بالمال. الحادية والأربعون: النهي 2 عن دعّ اليتيم. الثانية والأربعون: النهي عن عدم الحضّ على طعام المسكين. الثالثة والأربعون: النهي عن السهو عن الصلاة. الرابعة والأربعون: النهي عن الرياء. الخامسة والأربعون: النهي عن البخل. السادسة والأربعون: النهي عن شنآنه صلى الله عليه وسلم. السابعة والأربعون: الاعتبار بأبي لهب في كون المال والولد وشرف البيت والسيادة يُعطاه من هو من أكفر الناس. الثامنة والأربعون: النهي عن حمل الحطب. التاسعة والأربعون: النهي عن النميمة. الخمسون: النهي عن 3 الحسد.   1 قوله تعالى: (ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة) سورة الهمزة. 2 قوله تعالى: (أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون) سورة الماعون. 3 سيأتي تفسير سورتي (الفلق) و (الناس) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 الحادية والخمسون: النهي عن النفث في العقد. الثانية والخمسون: النهي عن الوسوسة في صدور الناس. الثالثة والخمسون: الإخبار 1 برؤية الجحيم ثم رؤيتها. الرابعة والخمسون: السؤال عن النعيم. الخامسة والخمسون: خسران 2 الإنسان إلا المستثنى. وفيها ذكر النار ذات اللهب، وصليها، واطلاعها على الأفئدة، وكونها مؤصدة. وفيها من الأعمال الممدوحة: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والحث على الشكر بذكر الرحلتين. وفيها: أن النعم إذا كانت خاصة فلها شكر خاص، والحث على الاعتبار بأيام الله بقصة الفيل. وفيها من القصص قصة الفيل والرحلتين،. وقصة أبي لهب، وقصة سحر 3 اليهود. وفيها من الوعظ العجب العجاب. وأما أدلة التوحيد ففي مواضع. وأما أدلة النبوة ففي مواضع.   1 قوله تعالى: (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} سورة الكوثر. 2 قوله تعالى: (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا} بالصبر سورة العصر. 3 في صحيح البخاري (بدء الخلق) و (طب) و (أدب) و (دعوات) وصحيح مسلم (سلام) وابن ماجة (طب) وأحمد في مسنده جـ 6 ص 57 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 قصة سبب نزول: {تبت يدا أبي لهب وتب} إلى آخر السورة ... قصة سبب نزول سورة تبت إلى آخرها وقال الشيخ محمد رحمه الله تعالى: قصة سبب نزول (تبت) إلى آخرها فيها مسائل 1. الأولى: ما فيها من دلائل الإلهية. الثانية: ما فيها من دلائل النبوة. الثالثة: ما فيها من فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم، وقوله الحق الذي لا يقدر غيره يقوله. الرابعة: أن هذا هو العقل والصواب، أعني صعود الجبل والصياح في هذه المسألة، ولو عدَّه أكبر الناس سفها بل جنونا. الخامسة: شدة الخطر العظيم فيمن عذل من فعل ذلك. السادسة: لعل الكلمة التي لا يلقي لها بالًا يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه، ولعله يعتقدها نصيحة أو صلة رحم.   1 روي في سبب نزولها أنه لما جهر النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة ودعا قومه فقال: إني نذير لكم بين يدي عذاب أليم, فقال عمه أبو لهب: تبا لك! ألهذا دعوتنا؟! فنزلت. صحيح البخاري (كتاب التفسير) , باب تفسير سورة تبت يدا أبي لهب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 السابعة: مراقبة العواقب في إعطاء الله نعم الدنيا من المال والولد والبيت الرفيع والرياسة. الثامنة: تعظيم أمر النميمة. التاسعة: أن الولد من الكسب، ففيه دليل على أن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وأن أولادكم من كسبكم 1: العاشرة: أن الله سبحانه لم ينزل هذا إلا مصلحة للأمة إلى يوم القيامة، والله أعلم.   1 الجملة الأخيرة زيادة من س. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 سورة الإخلاص وقال أيضا رحمه الله تعالى: تفسير سورة الإخلاص عن عبد الله بن 1 حبيب قال: "خرجنا في ليلة ممطرة وظلمة، فطلبت النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه، فقال: قل، فلم أقل شيئا، قال: قلتُ يا رسول الله، ما أقول؟ قال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء" قال الترمذي 2: حديث حسن صحيح. والأحد: الذي لا نظير له، والصمد: الذي تصمد الخلائق كلها إليه في جميع الحاجات، وهو الكامل في صفات السؤدد; فقوله: {أَحَدٌ} نفي النظير والأمثال، وقوله: {الصَّمَدُ} إثبات صفات الكمال، وقوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} 3 نفي الصاحبة والعيال، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} 4 نفي الشركاء لذي الجلال.   1 راجع: أسد الغابة ج3 ص 141. 2 راجع: سنن الترمذي (كتاب ثواب القرآن وفضائله) . 3 سورة الإخلاص آية: 3. 4 سورة الإخلاص آية: 4. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 سورة الفلق وقال أيضا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى تفسير سورة الفَلَق: بسم الله الرحمن الرحيم. {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} 1 فمعنى أعوذ: أعتصم وألتجئ وأتحرز، وتضمنت هذه الكلمة مستعاذا به ومستعاذا منه، ومستعيذا. فأما المستعاذ به فهو الله وحده رب الفلق الذي لا يستعاذ إلا به، وقد أخبر الله عمن استعاذ بخلقه أن استعاذته زادته رهقا، وهو الطغيان فقال: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} 2. والفلق هو بياض الصبح إذا انفلق من الليل، وهو من أعظم آيات الله الدالة على وحدانيته. وأما المستعيذ فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل من اتبعه إلى يوم القيامة.   1 سورة الفلق آية: 1-5. (2" الآية: 6 من سورة الجن, وقد سبق تفسيرها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 وأما المستعاذ منه فهو أربعة أنواع: الأول: قوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} 1 وهذا يعم شرور الأولى والآخرة، وشرور الدين والدنيا. الثاني: قوله: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} 2 والغاسق الليل إذا وقب أي: أظلم ودخل في كل شيء، وهو محل تسلط الأرواح الخبيثة. الثالث: الثالث: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} 3 وهذا من شر السحر، فإن النفاثات السواحر اللاتي يعقدن الخيوط; وينفثن على كل عقدة حتى ينعقد ما يردْن من السحر والنفاثات مؤنث أي: الأرواح والأنفس، لأن تأثير السحر، إنما هو من جهة الأنفس الخبيثة. الرابع: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} 4 وهذا يعم إبليس وذريته لأنهم أعظم الحساد لبني آدم أيضا. وقوله: {إِذَا حَسَدَ} لأن الحاسد إذا أخفى الحسد، ولم يعامل أخاه إلا بما يحبه الله لم يضره، ولم يضر المحسود.   1 سورة الفلق آية: 2. 2 سورة الفلق آية: 3. 3 سورة الفلق آية: 4. 4 سورة الفلق آية: 5. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 تفسير سورة الناس وقال أيضا الشيخ محمد رحمه الله: بسم الله الرحمن الرحيم. وأما قوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} 1 2 فقد تضمنت أيضا ذكر ثلاثة: الأول: الاستعاذة، وقد تقدمت. الثاني: المستعاذ به. الثالث: المستعاذ منه. فأما المستعاذ به فهو الله وحده لا شريك له، رب الناس الذي خلقهم ورزقهم ودبرهم، وأوصل إليهم مصالحهم، ومنع عنهم مضارهم. {مَلِكِ النَّاسِ} 3 أي المتصرف فيهم وهم عبيده ومماليكه، المدبر لهم كما يشاء، الذي له القدرة والسلطان عليهم، فليس لهم مَلِكٌ يهربون إليه إذا دهمهم أمر; يخفض ويرفع ويصل ويقطع ويعطي ويمنع. {إِلَهِ النَّاسِ} 4 أي معبودهم الذي لا معبود لهم غيره، فلا يُدْعَى ولا يُرْجَى ولا يَخْلُقُ إلا هو، فخلقهم وصوّرهم وأنعم عليهم وحماهم   1 سورة الناس آية: 1. 2 قوله تعالى: (قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) . 3 سورة الناس آية: 2. 4 سورة الناس آية: 3. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 مما يضرهم بربوبيته، وقهرهم وأمرهم ونهاهم، وصَرَّفهم كما يشاء بملكه، واستعبدهم بالهيبة 1 الجامعة لصفات الكمال كلها. وأما المستعاذ منه فهو الوسواس; وهو الخفي الإلقاء في النفس، إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من أُلقي إليه، وإما بصوت كما يوسوس الشيطان إلى العبد. وأما الخناس فهو الذي يخنس 2 ويتأخر ويختفي، وأصل الخنوس الرجوع إلى وراء، وهذان وصفان لموصوف محذوف وهو الشيطان، وذلك أن العبد إذا غفل جثم على قلبه وبذل فيه الوساوس التي هي أصل 3 الشر; فإذا ذكر العبدُ ربه واستعاذ به، خنس. قال قتادة: الخناس له خرطوم كخرطوم الكلب، فإذا ذكر العبد ربه خنس، ويقال: رأسه كرأس الحية يضعه على ثمرة 4 القلب يمنّيه ويحدثه، فإذا ذكر الله خنس; وجاء بناؤه على الفَعَّال الذي يتكرر منه، فإنه كلما ذكر الله انخنس، وإذا غفل عاد. وقوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} 5 يعني أن الوسواس نوعان: إنس وجن؛ فإن الوسوسة الإلقاء الخفي، لكن إلقاء الإنس بواسطة الأذن والجني لا يحتاج إليها، ونظير اشتراكهما في الوسوسة اشتراكهما في الوحي الشيطاني   1 في س " بالإهية ". 2 في س "يخنس ويختفي" فقط. 3 هنا بياض في س. 4 في س "ثغرة". 5 سورة هود آية: 119. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 في قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} 1 والله أعلم. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. آخر ما وجدنا من كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ورضي عنه وكرمه، آمين.   1 سورة الأنعام آية: 112. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 مصادر ومراجع ... مراجع تخريج الأحاديث والهوامش والتعليقات أولا: كتب السنة: 1 – صحيح البخاري: (محمد بن إسماعيل ت 256 هـ) . 2 – صحيح مسلم: (مسلم بن الحجاج ت 261 هـ) . 3 – سنن أبي داود: (سليمان بن الأشعث ت 275 هـ) . 4 – سنن الترمذي: (محمد بن عيسى ت 279 هـ) . 5 – سنن النسائي: (أحمد بن شعيب ت 303 هـ) . 6 – سنن ابن ماجه: (محمد بن يزيد ت 275 هـ) . 7 – موطأ مالك: (مالك بن أنس ت 179 هـ) . 8 – مسند أحمد: (أحمد بن حنبل ت 241 هـ) . 9 – سنن الدارمي: (عبد الله بن عبد الرحمن ت 255 هـ) . 10 – سنن البيهقي: (أحمد بن الحسين ت 458 هـ) . ثانيا: ما يتصل بأحاديث السنة ورجالها: 11 – الأحاديث الضعيفة والموضوعة، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 12 – تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني: (شهاب الدين أحمد بن علي ت 852 هـ) دار صاد. بيروت. 13 – فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، دار المعرفة - بيروت. 14 – الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، للشوكاني: (محمد بن علي ت 1250 هـ) - طبع بيروت. 15 – كشف الخفاء ومزيل الإلباس، لإسماعيل بن محمد العجلوني ت 1162 هـ، دار إحياء التراث العربي بيروت. 16 – كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، لعلاء الدين علي المتقي الهندي ت 975 هـ، مكتبة التراث الإسلامي بحلب. 17 – ميزان الاعتدال في نقد الرجال، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي ت 748 هـ، دار إحياء الكتب العربية. ثالثًا: كتب التفسير: 18 – تفسير الطبري، لأبي جعفر محمد بن جرير ت 310 هـ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر. 19 – تفسير القرطبي، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري (ت 671 هـ) ، مطبعة دار الكتب المصرية. 20 – تفسير ابن كثير، لإسماعيل بن كثير القرشي ت 774 هـ، المكتبة التجارية الكبرى بمصر. رابعًا: كتب السيرة والتاريخ والتراجم: 21 – الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلاني، مكتبة المثنى ببغداد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 22 – تاريخ ابن غنام (روضة الأفكار والأفهام) الشيخ حسين بن غنام (من تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله) ، تحقيق الدكتور ناصر الدين الأسد، مطبعة المدني بمصر. 23 – حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430 هـ) ، مطبعة السعادة بمصر. 24 – سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، لأبي محمد بن عبد الملك بن هشام ت 218 هـ، تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر. بيروت. 25 – المعارف لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ت 276 هـ، المطبعة الشرقية بمصر. 26 – وفيات الأعيان، لأحمد بن محمد بن خلكان ت 681 هـ، مطبعة النهضة المصرية. ( ..... وأيضًا: 27 – فوات الوفيات والذيل عليها، تأليف محمد بن شاكر الكتبي ت 764 هـ، تحقيق الدكتور إحسان عباس، دار صاد بيروت. خامساً: كتب اللغة: 28 – لسان العرب لابن منظور (محمد بن مكرم ت 711 هـ) طبع بيروت. .... وذلك إلى جانب: 29 – معجم البلدان لياقوت الحموي (ت 626 هـ) طبع بيروت. وبعض رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب الأخرى مثل (رسالة كشف الشبهات) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393